You are on page 1of 10

‫التربية على المواطنة وحقوق اإلنسان‬

‫تتوخى التربية على المواطنة تنمية الوعي بالحقوق والمسؤوليات الفردية والجماعية‪ ،‬والتدرب على ممارستها‪ ،‬وتستمد‬
‫وظيفتها المجتمعية من مساهمتها في تكوين اإلنسان‪/‬المواطن القادر على السير بالمجهود التحديثي والتنموي لبالده إلى‬
‫األمام‪ ،‬في وقت تزايدت فيه انتظارات المواطنين‪ ،‬ومستلزمات العالم الذي نعيش فيه‪ .‬وقبل المضي في تحليل غايات‬
‫التربية على المواطنة وعالقتها بالتربية على حقوق اإلنسان ال بد من الجواب عن السؤال المركزي المتعلق بمفهوم التربية‬
‫على المواطنة‪.‬‬
‫‪ -1‬مفهوم التربية على المواطنة‬
‫يتفق المختصون على اعتبار التربية على المواطنة هدفا أسمى لكل نظام تربوي‪ ،‬ويختلفون حول تعريف التربية على‬
‫المواطنة فبينما عرفها(‪ )Sherley Engle ,1960‬على أنها "عملية صنع القرار"‪ ،‬أشار (‪James P.‬‬
‫‪ )Shaver ,1967‬إلى أنها " إعداد المواطن لالشتراك الفعال في المجتمع الديموقراطي" في حين ذهب (‪Richard‬‬
‫‪ )C. Remeg ,1979‬إلى أنها تتمثل في الحقوق والمسؤوليات والواجبات المصاحبة لحكم مجموعات بشرية‬
‫مختلفة ينتمي إليها الفرد نفسه(‪ .)1‬أما (‪ )Philippe Meirieu ,2005‬فيرى أن الدولة يجب أن تضمن من خالل‬
‫التربية على المواطنة لكل من يغادر المدرسة القدرة على فهم العالم والمجتمع اللذين سيكون مطالبا بأداء أدواره فيهما‬
‫سواء أكان ذلك على المستوى الفردي أم المهني أو السياسي(‪.)2‬‬
‫وفي تعريف لمنظمة اليونسكو‪ :‬المواطنة "هي مجموع عملّية الحياة االجتماعّية التي عن طريقها يتعّلم األفراد والجماعات‪،‬‬
‫داخل مجتمعاتهم الوطنّية والدولية‪ ،‬أن ينّم وا بوعي كاّفة قدراتهم الّش خصّية واّتجاهاتهم واستعداداتهم ومعارفهم‪.)3( "...‬‬
‫أما (ذ‪ .‬عمارة بن رمضان ‪ )2007‬مدير المعهد العربّي لحقوق اإلنسان فيرى أن المدلول الحديث للمواطنة يحيلنا على‬
‫ثالثة مفاهيم وهي ‪ :‬المفهوم الّس ياسّي ويقترن بحقوق المواطن في المشاركة في الحياة العاّمة؛ المفهوم القانونّي ويهم‬
‫الحقوق المدنية واالقتصادية للمواطن كالحّق في الحياة والحّر ّية واألمن والمساواة والملكّية دون إغفال واجبات المواطن‬
‫كحماية الوطن وأداء الّض رائب واحترام القوانين‪ .‬أما المفهوم اإلداري للمواطنة فيفيد أمرين أساسّيين هما‪ :‬المشاركة في‬
‫اّتخاذ القرارات اإلدارية وحماية المعطيات الّش خصّية للمواطن كاألصل العرقّي واالجتماعّي واالنتماء الّس ياسّي والمعتقدات‬
‫الّد ينية‪ ،‬واحترامها (‪.)4‬‬
‫قام ذ‪.‬الصدوقي محمد(‪ )2007‬بمقاربة المفهوم من خالل ثالثة أبعاد أساسية وهي‪:‬‬
‫البعد الفلسفي والقَّيمي‪ :‬للمواطنة مرجعية فلسفية وقيمية تستمد دالالتها من مفاهيم الحرية‪ ،‬والعدل‪ ،‬والحق‪ ،‬والخير‪،‬‬
‫والهوية‪ ،‬والمصير والوجود المشترك‪ ،‬وذلك ألنها إنتاج ثقافي؛‬
‫البعد السياسي والقانوني‪ :‬تحدد المواطنة كمجموعة من القواعد والمعايير التنظيمية والسلوكية والعالئقية داخل المجتمع‬
‫ويتضمن هذا البعد التمتع بحقوق المواطنة الكاملة كحق المشاركة في التدبير واتخاد القرارات وتحمل المسؤوليات ثم‬
‫القيام بواجبات المواطنة؛‬
‫البعد االجتماعي والثقافي‪ :‬وهو كون المواطنة محدد لمنظومة التمثالت والسلوكات والعالقات والقيم االجتماعية‪ ،‬أي‬
‫كمرجعية معيارية وقيمة اجتماعية‪ ،‬وكثقافة وناظم مجتمعي‪ .‬ويخلص الباحث إلى اعتبار المواطنة مجموعة من القيم‬
‫والنواظم لتدبير الفضاء العمومي المشترك‪ ،‬تتحدد أهم تجلياتها في االنتماء للوطن‪ ،‬والتمتع بحقوق المواطنة وااللتزام‬
‫بواجباتها‪ ،‬والمشاركة في تدبير الفضاء العام‪ .‬ثم يحصر التربية على المواطنة في التنشئة االجتماعية التي تحاول تربية‬
‫الفرد‪/‬المواطن على تمثل وتبني كل تلك القيم والنواظم السياسية والقانونية والمعرفية لمفهوم المواطنة‪ ،‬لتنعكس في‬
‫مؤسساته وسلوكاته وعالقاته المجتمعية داخل الفضاء العام المشترك (الوطن)(‪.)5‬‬
‫انطالقا مما سبق يمكن القول أن المواطنة هي ذلك الشعور باالنتماء للوطن كفضاء مشترك‪ ،‬والذي يوحد بين أفراد ينتمون‬
‫إلى مجموعة بشرية واحدة‪ ،‬يمكنهم ذلك االنتماء من التمتع بحقوق فردية ومدنية واقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية‬
‫ويلتزمون بواجبات تتلخص في خدمة وطنهم بما يضمن نماءه ورقيه بين األمم‪ ،‬ويشاركون في تدبيره مما يجعلهم‬
‫يكتسبون صفة مواطنين‪ ،‬أما التربية على المواطنة فهي التنشئة االجتماعية التي تستهدف تكوين المواطن الصالح‪.‬‬
‫إن دراسة مفهومي المواطنة والتربية على المواطنة ال يمكن أن تكتمل بدون الرجوع إلى الوثائق الُم وِّج هة للمنظومة التربوية‬
‫ببالدنا‪ ،‬وخاصة منها الميثاق الوطني للتربية والتكوين‪ ،‬و"الوثيقة اإلطار لالختيارات والتوجهات التربوية" الواردة في‬
‫الكتاب األبيض للوقوف على مواصفات المواطن المرغوب في تكوينه‪.‬‬
‫‪ -2‬مواصفات المواطن الصالح‬
‫في الميثاق الوطني للتربية والتكوين‬
‫تضمنت هذه الوثيقة في موادها الخمس األولى التي اصطلح على تسميتها بالمرتكزات الثابتة؛ الخطوط العريضة للفلسفة‬
‫التربوية الُم وِّج هة للمنظومة الوطنية للتربية والتكوين‪ ،‬وحددت بذلك مالمح شخصية المواطن المرغوب في تكوينه في‬
‫الغايات والمثل العليا التالية‪ :‬التحلي باالستقامة والصالح واالعتدال والتسامح؛ الشغف بطلب العلم والمعرفة والتوقد‬
‫لالطالع واإلبداع؛ التطبع بروح المبادرة اإليجابية واإلنتاج الفعال؛ التمسك بثوابت وبمقدسات البالد (اإليمان باهلل‪ ،‬حب‬
‫الوطن‪ ،‬التمسك بالملكية الدستورية)؛ التشبع بالرغبة في المشاركة اإليجابية في الشأن العام والخاص؛ الوعي بالواجبات‬
‫والحقوق وتبني الممارسة الديمقراطية؛ االنفتاح على اآلخر والتشبع بروح الحوار وقبول االختالف؛ التشبث بالتراث‬
‫الحضاري والثقافي للبالد بتنوع روافده وحمولته من القيم الخلقية والثقافية؛ التوفيق اإليجابي بين الوفاء لألصالة والتطلع‬
‫الدائم للمعاصرة‪ ،‬في تفاعل مع مقومات الهوية الوطنية وفي انفتاح على الحضارة اإلنسانية العصرية؛ المساهمة في رقي‬
‫البالد وتقدمها العلمي واالقتصادي واالجتماعي واإلنساني واالنفتاح على العالم(‪.)6‬‬
‫في الكتاب األبيض‬
‫انطالقا من القيم التي تم إعالنها كمرتكزات ثابتة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين والتي يمكن تصنيفها إلى أربعة أقسام‬
‫كبرى وهي‪:‬‬
‫قيم العقيدة اإلسالمية؛ قيم الهوية الحضارية ومبادئها األخالقية والثقافية؛ قيم المواطنة؛ قيم حقوق اإلنسان ومبادئها‬
‫الكونية؛‬
‫وانسجاما مع هذه القيم فإن "الوثيقة اإلطار لالختيارات والتوجهات التربوية" رسمت الغايات الكبرى للتربية على المواطنة‬
‫والتي عملت المناهج التربوية على أجرأتها وترجمتها إلى كفايات معرفية ومنهجية‪ ،‬وإلى اتجاهات ومواقف ينتظر أن‬
‫يكتسبها المتعلمون‪ .‬وتنبع هذه الغايات والمواقف من الحاجات المتجددة للمجتمع المغربي‪ ،‬ومن الحاجيات الشخصية‬
‫للمتعلمين وهي‪ :‬ترسيخ الهوية الحضارية المغربية والوعي بتنوع وتفاعل وتكامل روافدها؛ التفتح على مكاسب ومنجزات‬
‫الحضارة اإلنسانية المعاصرة؛ تكريس حب الوطن وتعزيز الرغبة في خدمته؛ تكريس حب المعرفة وطلب العلم والبحث‬
‫واالكتشاف وتطوير العلوم والتكنولوجيا الجديدة ؛ تنمية الوعي بالواجبات والحقوق؛ التربية على المواطنة وممارسة‬
‫الديمقراطية؛ التشبع بروح الحوار والتسامح وقبول االختالف؛ ترسيخ قيم الحداثة والمعاصرة؛ التمكن من التواصل‬
‫بمختلف أشكاله وأساليبه والتفتح على التكوين المهني المستمر؛ تنمية الذوق الجمالي واإلنتاج الفني والتكوين الحرفي في‬
‫مجاالت الفنون والتقنيات؛ تنمية القدرة على المشاركة في الشأن المحلي والوطني؛ تنمية الثقة بالنفس والتفتح على الغير؛‬
‫االستقاللية في التفكير والممارسة؛ التفاعل اإليجابي مع المحيط االجتماعي؛ التحلي بروح المسؤولية واالنضباط؛ إعمال‬
‫العقل واعتماد الفكر النقدي؛ تثمين العمل واالجتهاد والمثابرة واإلنتاجية والمردودية؛ المبادرة واالبتكار واإلبداع؛‬
‫التنافسية اإليجابية؛ الوعي بالزمن والوقت كقيمة أساسية في المدرسة وفي الحياة؛ احترام البيئة الطبيعية والتعامل اإليجابي‬
‫مع الموروث الثقافي الوطني(‪.)7‬‬
‫انطالقا من هذه المرجعية نستطيع طرح السؤال التالي ومحاولة اإلجابة عنه‪:‬‬
‫من هو المواطن الصالح الذي تسعى المدرسة إلى تكوينه؟‬
‫يمكن حصر مواصفاته كاآلتي‪:‬‬
‫إنه اإلنسان الفعال في بيئته المحلية ومجتمعه الوطني والمجتمع اإلنساني كله؛ الشخص الذي يؤمن بحريات األفراد‬
‫وبالمساواة بين الجميع التي تكفلها الشرائع والقوانين واألنظمة التي يعيش في ظلها المجتمع؛ الشخص الذي يعتقد بأننا‬
‫نعيش في عالم متغير ويتقبل الحقائق واألفكار واألنماط الجديدة للمعيشة والتي تتماشى مع األهداف والقيم االجتماعية‬
‫السائدة؛ هو الشخص الذي يصدر األحكام واآلراء البناءة التي تمكنه من العمل بفاعلية في العالم المتغير الذي يعيش فيه؛‬
‫هو الشخص الذي يقبل تحمل المسؤولية لالشتراك في عملية صنع القرارات العامة عن طريق التمثيل السليم؛ هو الذي‬
‫ينمي لديه المهارات‪ ،‬ويكتسب المعارف التي تساعده على حل المشكالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية والحضارية‬
‫التي تواجه المجتمع الذي يعيش فيه؛ الشخص الذي يفتخر بانتمائه ألمته ووطنه‪ ،‬ويقدر في الوقت نفسه ما قدمته وتقدمه‬
‫الشعوب األخرى في سبيل صنع الحضارة اإلنسانية؛ الشخص الذي يبقى على دراية تامة بأثر التطورات والمكتشفات‬
‫العلمية مع تقديرها ومعرفة أثرها على تقدم البشرية جمعاء؛ الذي يرى في استخدام الفنون اإلبداعية وسائل للتعبير اإلنساني‬
‫وتنمية الشخصية السوية ؛ يعي أهمية الفرص االقتصادية في حياة الناس كافة؛ يعتز بأمته وبثقافتها وحضارتها‬
‫وبقضاياها(التنمية‪ ،‬التحرر‪)...‬؛ يؤمن بضرورة التعايش بين الدول والحد من المنافسة والصراعات‪ ،‬وبضرورة تشجيع‬
‫التعاون الدولي؛ يكتسب المبادئ الديمقراطية السلمية‪ ،‬ويحاول تطبيقها في حياته اليومية؛ يعي المشكالت والقيم السائدة‬
‫في مجتمعه وأمته؛ يعرف شؤون مجتمعه ويهتم بها‪ ،‬ويبرهن على هذا االهتمام عمليا؛ يؤمن بأن له حقوقا ينبغي الحصول‬
‫عليها وواجبات ينبغي عليه القيام بها؛ يعتز بكرامته؛ يؤمن بقيم التسامح والتعايش؛‬
‫إن تحقيق تلك المواصفات يتم من خالل تعليم التالميذ كيف يصنعون القرارات بأنفسهم أثناء مناقشتهم للمشكالت من‬
‫حولهم‪ ،‬ويحولون هذه القرارات إلى أعمال بعد استقصاء اجتماعي واستقصاء القيم وتنقيحها وتفسيرها ثم صنع القرار‬
‫وتطبيقه‪ .‬فهم بذلك يصنعون قرارات فعالة في خدمة أنفسهم ومجتمعهم‪ ،‬تمكنهم من امتالك مهارات البحث الضرورية‬
‫للحياة‪ ،‬ولتحمل المسؤولية االجتماعية‪ ،‬والمشاركة الفعالة في الشؤون االجتماعية والبشرية من حولهم‪.‬‬
‫إن المواطن الصالح ‪ -‬كهدف أسمى لكل تربية – هو ذلك المواطن الفعال في خدمة نفسه وبيئته المحلية ووطنه‬
‫والمجتمع اإلنساني من حوله‪ ،‬وبالتالي فهو أيضا اإلنسان الصالح(‪.)8‬‬
‫‪ -3‬غايات التربية على المواطنة‪:‬‬
‫تتلخص غايات التربية على المواطنة في المجهود الذي تساهم به المدرسة لتكوين المواطن ‪/‬اإلنسان الواعي والممارس‬
‫لحقوقه وواجباته تجاه ذاته وتجاه الجماعة التي ينتمي إليها‪ .‬والتربية على المواطنة هي باألساس تربية على المبادرة‬
‫والمسؤولية واالستقاللية‪ ،‬وهي ال تعد فقط الجيل الصاعد لممارسة مواطنة نشيطة متى بلغ سن الرشد‪ ،‬بل تنمي لديه‪ ،‬إذا‬
‫ما عبئت الوسائل المناسبة (طبيعة المناهج‪ ،‬نوعية األنشطة التربوية‪ ،‬نوعية االستراتيجيات التعلمية‪ )...‬القدرة على أن يكون‬
‫في كل سن‪ ،‬وفي كل لحظة مواطنا بكل المقاييس(‪.)9‬‬
‫ولعل من المفيد التذكير بأن ممارسة المواطنة ‪ -‬كما جاء في منهاج مادة التربية على المواطنة ‪ -‬ليست مرهونة "بالرشد‬
‫القانوني" الذي يخول المشاركة في الحياة السياسية وخاصة العمليات االنتخابية‪ ،‬بل إن لكل مرحلة‪ ،‬بدءا بالسنوات‬
‫األولى من الحياة‪ ،‬أشكال وتعابير وصيغ لتلك الممارسة متى تم تحسيس األطفال بها‪ .‬وبناء على ذلك‪ ،‬فإن تصور التربية‬
‫على المواطنة من هذا المنظار‪ ،‬أي من زاوية ما يمكن أن تنميه حاليا من سلوكات مواطنة يومية متكيفة مع كل سن‪ ،‬من‬
‫شأنه أن يحدث – مع مرور الزمن وتضافر جهود قنوات أخرى – ذلك التراكم الذي يغرس قيم المواطنة في الفكر‬
‫والوجدان ويجعل من بلورتها وتفعيلها أمرا طبيعيا‪ ،‬إراديا متسما بالديمومة(‪.)10‬‬
‫‪ -4‬أهداف التربية على المواطنة‬
‫حددت الوثيقة اإلطار لمادة التربية على المواطنة األهداف التالية وهي متصلة ومترابطة فيما بينها‪ .‬وتبقى الممارسة‬
‫والمستوى العملي المبتغى والمعيار الذي يمكن من خالله تقدير مدى تحقق األهداف المرصودة‪ ،‬وقبل التطرق لهذه‬
‫األهداف ال بد من توضيح مسار التعلم في مجال التربية على المواطنة (‪:)11‬‬
‫التربية على المواطنة مسار تعليمي ‪ -‬تعلمي يكتشف في أثنائه المتعلم معارفا ويكتسب مهارات ويتخذ مواقف واتجاهات‬
‫إيجابية وتصدر عنه ردود فعل وأفعال إيجابية تجاه نفسه ونحو مجتمعه ووطنه‪ ،‬وإزاء اإلنسانية جمعاء‪ .‬أي أنه يقوم‪ -‬وفق‬
‫أدبيات بيداغوجيا اإلدماج‪ -‬بإدماج المعارف والمهارات والقيم التي تعلمها واكتسبها حول المواطنة في ممارساته وحياته‬
‫اليومية‪.‬‬
‫يمكن شرح مسار التعلم في مجال التربية على المواطنة من خالل األبعاد الثالثة التالية‪:‬‬
‫‪ - 1‬االكتشاف‪ :‬هو مرحلة تعريفية تحسيسية بحيث يقوم التالميذ بالتعرف على مفاهيم أو أحداث والبحث عن معطيات‪،‬‬
‫ويقومون بعمليات مختلفة كالتحليل والتركيب والمقارنة‪...‬؛ وينتهي االكتشاف بالفهم والتحسيس كأساس لمرحلة رد‬
‫الفعل‪.‬‬
‫‪ - 2‬رد فعل‪ :‬مرحلة تكوين رد فعل تقوم على سابقتها في اتجاه البحث عن زوايا لتناول الموضوع؛ بناء إجابة شخصية‬
‫على المشكل المطروح؛ تكوين رأي على أساس البعد الحقوقي ‪ /‬المدني للموضوع؛ بناء مواقف مما يؤدي إلى نشوء‬
‫وعي باألبعاد الحقوقية ‪/‬المدنية للمشكل عند المتعلم كخطوة نحو االلتزام بقيم المواطنة‪.‬‬
‫‪ - 3‬الفعل‪ :‬ليس المقصود بالفعل "وضع الئحة توصيات لحل مشكل من طرف آخرين" بل جعل التالميذ على مستواهم‪،‬‬
‫ومهما كان سنهم‪ ،‬يبادرون بأنشطة ومشاريع يقومون بالتخطيط لها وتنفيذها وتقويمها‪ .‬المهم ليس نوعية األنشطة فحسب‪،‬‬
‫بل المسلسل الفكري والوجداني المرتبط بها والذي يتميز بقيمة تكوينية عالية‪ ،‬وإبداع التلميذ وما يختزنه من طاقات ال‬
‫حدود لها عندما يتوفر التحفيز والتشجيع والمناخ الداعم‪ .‬فالفعل هو أن يكون المتعلم على المدى القريب والبعيد مواطنا‬
‫نشيطا محليا‪ ،‬وطنيا‪ ،‬وعالميا(‪.)12‬‬
‫بناء على الغايات المتوخاة من التربية على المواطنة‪ ،‬وعلى دورة التعلم المشار إليها أعاله‪ ،‬ينتظر من التربية على المواطنة‬
‫أن تحقق األهداف التالية‪:‬‬
‫على المستوى المعرفي‪ :‬اكتساب رصيد معرفي ذو طابع وظيفي في مجال المواطنة ومعرفة أساليب وتقنيات وأشكال‬
‫تواصل تساعد على االشتغال بطريقة منهجية‪.‬‬
‫على المستوى الوجداني‪ :‬التشبع بقيم المواطنة بشقيها المتمثالن في الحقوق والواجبات ثم تكوين مواقف إيجابية تخدم‬
‫المواطنة النشيطة ‪.‬‬
‫على المستوى العملي‪ :‬القيام بأعمال ملموسة‪ ،‬مهما كانت بسيطة‪ ،‬تعبيرا عن بلوغ الهدف من التعلم في مجال التربية على‬
‫المواطنة‪.‬‬
‫على أن بلوغ أهداف التربية على المواطنة يتعين أن تساهم فيه مواد وأنشطة أخرى (مؤسساتية وغير مؤسساتية) بما في‬
‫ذلك المقررة في التعليم التأهيلي‪ ،‬خاصة وأن المقرر الرسمي للمادة ينتهي في متم المرحلة اإلعدادية(‪.)31‬‬
‫يرى بعض المربين أن التربية على المواطنة تعمل على توجيه طاقات الشباب نحو المشاركة البناءة في العمل داخل‬
‫المجتمع المحلي‪ ،‬وتدريب القيادات‪ ،‬وتقوية الحساسية لدى التالميذ والمواطنين نحو المشكالت والقضايا اإلنسانية‪،‬‬
‫وتدعيم الثقة في النظم السياسية النظامية‪ ،‬ويتطرق آخرون للعديد من األهداف تتلخص في تزويد التالميذ بفهم إيجابي‬
‫وواقعي للنظام السياسي الذي يعيشون فيه؛ تعليم التالميذ القيم وضرورة مشاركتهم في القرارات السياسية التي تؤثر في‬
‫مجرى حياتهم في البيئة المحلية؛ فهم التالميذ لحقوق األفراد وواجباتهم؛ فهم النظام التشريعي للقطر الذي يعيشون فيه‬
‫واحترام وتقدير تلك التشريعات؛ التعرف على القضايا الراهنة التي يعاني منها المجتمع الذي يعيشون فيه؛ فهم التعاون‬
‫الدولي بين المجتمعات وطبيعة النشاطات السياسية الدولية؛ فهم وسائل اشتراك التالميذ في النشاطات الوطنية والقومية‬
‫محليا وإقليميا‪ ،‬والدفاع عن قضايا األمة؛ فهم الحاجة الماسة للخدمات الحكومية واالجتماعية والعمل على الحفاظ على‬
‫تلك الخدمات والمرافق والمساهمة فيها(‪.)14‬‬
‫‪ - 5‬الكفايات المرجعية المرتبطة بالتربية على المواطنة بحسب الوثيقة اإلطار‬
‫قسمت "الوثيقة اإلطار لالختيارات والتوجهات التربوية" الكفايات المرجعية المرتبطة بالتربية على المواطنة إلى ثالثة أقسام‬
‫كبرى هي‪ - :‬اكتساب معارف ‪ -‬اكتساب منهجية ‪ -‬التشبع بقيم واتخاذ مواقف‪.‬‬
‫اكتساب معارف‪ :‬معرفة أحداث‪ ،‬مفاهيم‪ ،‬عالقات تساعد على تعلم قيم المواطنة وتمكن من التعرف على المؤسسات‬
‫المحلية والجهوية والوطنية؛ تكوين وتنمية رصيد ثقافي إيجابي يكرس قيم المواطنة الفاعلة؛ معرفة التنظيمات المحلية‬
‫واإلقليمية واالجتماعية؛ معرفة أهم حقوق الطفل وحقوق اإلنسان؛ إدراك العالقة بين فهم حقوق الطفل وحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫اكتساب منهجية‪ :‬التمكن من منهجية البحث؛ اكتساب كيفية التعامل مع المرفق العمومي والمحافظة عليه؛ اكتساب آليات‬
‫التفكير التي تساعد على التمييز بين قيم المواطنة وحقوق اإلنسان وحقوق الطفل وما ينافيها؛ تملك القدرة على التفكير‬
‫المنظم تصورا وتخطيطا وإنجازا وتوظيف ذلك في خدمة الذات والجماعة والوطن؛ التمكن من أشكال التواصل مع‬
‫المحيط وتوظيفها في التفعيل اإليجابي لمفاهيم المواطنة وحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫التشبع بقيم واتخاذ مواقف‪ :‬التشبع بروح القوانين واحترامها والحرص على تطبيقها في الحياة اليومية؛ بلورة قيم المواطنة‬
‫ومبادئ حقوق اإلنسان وحقوق الطفل في مواقف وسلوكات داخل المحيط المدرسي وخارجه؛ اتخاذ مواقف وتصرفات‬
‫وسلوكات تتماشى وقيم المواطنة وقيم حقوق الطفل واإلنسان(‪.)15‬‬
‫‪ -6‬وسائل وطرق تحقيق هذه األهداف‬
‫يمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬
‫التدريس المبكر لمبادئ التربية على المواطنة؛ تطوير مشاريع اجتماعية واقتصادية وسياسية في البيئة المحلية وتشجيع‬
‫التالميذ على المشاركة فيها؛ تشجيع التالميذ على االشتراك في العمل التطوعي مع مؤسسات المجتمع المحلي؛ اللجوء‬
‫إلى المختصين لتوضيح بعض الجوانب االجتماعية واالقتصادية والسياسية‪ ،‬أوالقيام برحالت ميدانية أو إقامة حلقات‬
‫البحث أو البرامج الخاصة حول قضايا معينة وإصدار نشرة مدرسية توضح نشاطات التالميذ؛ قيام التالميذ بدور إيجابي‬
‫وفعال في تطبيق المبادئ الديمقراطية ومناقشتها داخل المدرسة‪ ،‬واتخاذهم لبعض القرارات التي تهم الحياة المدرسية‪ ،‬مما‬
‫يكسبهم التفكير الناقد والبناء‪ ،‬واحترام آراء اآلخرين(‪)16‬؛ تفعيل األندية التربوية داخل المؤسسات التربوية وذلك‬
‫ألهميتها في التربية على قيم المواطنة وترسيخ السلوك المدني‪ ،‬مع تحميل المتعلمين المنخرطين فيها القسط األوفر ضمن‬
‫مسؤوليات تخطيط وبرمجة وإنجاز وتتبع وتقييم األنشطة والمشاريع التربوية المتمحورة حول ثقثافة المواطنة والتربية على‬
‫حقوق اإلنسان‪ ،‬وتحفيز عموم المتعلمين على المشاركة في وضع وتنفيذ البرنامج العام لألنشطة التربوية المندمجة‬
‫للمؤسسات التربوية من خالل المساهمة الفعلية في هيكلة نوادي المؤسسة ومناقشة البرنامج العام ألنشطتها والمساهمة‬
‫في تنظيم أنشطتها وبصفة خاصة أنشطة أندية التربية على حقوق اإلنسان والمواطنة‪ .‬وتنبع أهمية المشاركة في أنشطة‬
‫األندية التربوية عامة سواء أكانت فنية أم ثقافية أو رياضية أو اجتماعية من دورها في تحبيب فضاءات المؤسسة إلى‬
‫المتعلم وبالتالي الحد من ظاهرة الهدر المدرسي واحتواء ومعالجة االتجاهات والمواقف والسلوكات السلبية التي تظهر‬
‫في الوسط المدرسي والتي يكون المتعلمون في كثير من األحيان أطرافا مباشرة فيها‪ ،‬والسماح للمتعلمين بتنمية قدراتهم‬
‫وتطوير كفاياتهم‪.‬‬
‫‪ -7‬عالقة التربية على المواطنة بالتربية على حقوق اإلنسان‬
‫قبل دراسة هذه العالقة البد من التساؤل حول مفهوم التربية على حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫التربية على حقوق اإلنسان صيرورة يتعرف المتعلمون من خاللها على حقوقهم وحقوق اآلخرين ضمن إطار من التعلم‬
‫الذي يقوم على المشاركة والتفاعل‪ .‬والتربية على حقوق اإلنسان تعنى بتغيير المواقف والسلوك وتعلم مهارات جديدة‬
‫وتعزيز تبادل المعارف والمعلومات‪ .‬وهي عملية طويلة األجل‪ ،‬تهدف إلى خلق فهم للقضايا وتسليح األشخاص بالمهارات‬
‫للتعبير عن حقوقهم ونقل هذه المعرفة إلى اآلخرين‪.‬‬
‫إن التربية على حقوق اإلنسان‪ :‬تعترف بشمولية حقوق اإلنسان وعدم قابليتها للتجزيء؛ تؤدي إلى زيادة المعرفة بحقوق‬
‫اإلنسان وتفهمها؛ تمِّك ن األشخاص من المطالبة بحقوقهم؛ تساعد األشخاص على استخدام المواثيق واآلليات القانونية التي‬
‫ُو ضعت لحماية حقوق اإلنسان؛ تستخدم المنهجية التي تقوم على التفاعل والمشاركة لتكوين مواقف تنطوي على احترام‬
‫حقوق اإلنسان؛ تطور المهارات الالزمة للدفاع عن حقوق اإلنسان؛ تدمج مبادئ حقوق اإلنسان في الحياة اليومية؛‬
‫تخلق مجاًال للحوار والتغيير؛ تشجع على االحترام والتسامح(‪.)17‬‬
‫إن احترام حقوق اإلنسان هو مصلحة عليا لكل فرد وجماعة وشعب ولإلنسانية جمعاء‪ ،‬باعتبار أن تمتع كل فرد بالكرامة‬
‫والحرية والمساواة هو عامل حاسم في ازدهار الشخصية اإلنسانية وفي النهوض باألوطان وتنمية ثرواتها المادية والبشرية‬
‫وفي تعزيز الشعور بالمواطنة كاملة غير منقوصة‪ .‬فال يكفي ترديد مبادئ حقوق اإلنسان واالنتظار من الوسط االجتماعي أن‬
‫يتبناها‪ ،‬بل يجب ربط هذه المبادئ بالحياة اليومية وبالثقافات المحلية لتبيان أن تبنيها سيساعد في تحسين التواصل‬
‫والتفاهم والتسامح والمساواة واالستقامة‪ ،‬فال يمكن تعليم حقوق اإلنسان في فراغ‪ ،‬بل ال مناص من تعليمها من خالل‬
‫تطبيقها وتكريسها مباشرة على أرض الواقع وفي هذا الصدد إن تعليم حقوق اإلنسان كمعارف نظرية مجردة دون ربطه‬
‫بالواقع المعيش وبالممارسة اليومية لمنظومة حقوق المواطنة وواجباتها من شأنه أن يؤدي إلى التعرف السطحي على حقوق‬
‫ال يمكن تحقيقها حاليا الشيء الذي قد يؤدي بدوره إلى عكس المنتظر(‪.)18‬‬
‫إن الّتربية على المواطنة وعلى حقوق اإلنسان هي أنشطة تربوية تعّز ز المواطنة وحقوق اإلنسان بواسطة الّتربية والّتعليم‪.‬‬
‫وتتأّس س هذه الّتربية على ترسيخ ثقافة المواطنة وحقوق اإلنسان‪ ،‬وتكرسيها كسلوك وممارسة يومية‪ .‬وهي بذلك مدخل‬
‫ضروري لتنمية المجتمع وتحديثه‪ ،‬إذ هي شرط لكل ممارسة ديمقراطّية ولكل تنمية تستهدف العنصر البشري‪ .‬وهي أيضا‬
‫مسلسل تربوي يقوم على اكتشاف منظومة المعارف والمفاهيم التي تقوم عليها ثقافة المواطنة وحقوق اإلنسان من قبل‬
‫الناشئة من أجل إدماجها في حياتهم اليومية كسلوكات ومواقف واتجاهات إيجابية إزاء أنفسهم وإزاء مجتمعهم والمجتمع‬
‫اإلنساني‪.‬‬
‫تتأكد أهمية التربية على المواطنة و حقوق اإلنسان باعتبارها من القنوات األساسية التي تعزز اإلجراءات ذات الطابع‬
‫القانوني والمؤسساتي لمعرفة ثقافة المواطنة وحقوق اإلنسان وإشاعتها‪ ،‬وجعلها سلوكا يوميا لألفراد والجماعات بهدف‬
‫تجاوز طابعها النخبوي‪ .‬وتأتي هذه األهمية أيضا استحضارا لعالقة المواطنة و حقوق اإلنسان بالتنمية البشرية المستدامة في‬
‫مفهومها الشامل االجتماعي واالقتصادي والسياسي والثقافي‪ ،‬إذ تبقى خطط التنمية عديمة الفعالية ما لم تأخذ في اعتبارها‬
‫اإلنسان كرأسمال أساسي تتوجه إليه التنمية وتعتمده وسيلة وغاية يصنعها ويساهم في إنجاحها في مجتمع يتمتع أفراده‬
‫بكافة حقوقهم ويلتزمون بالواجبات التي تترتب عن صفة المواطنة‪.‬‬
‫تتم التربية على المواطنة و حقوق اإلنسان بواسطة ثالث قنوات أساسية‪ ،‬تتعاضد في ما بينها وتتكامل أهدافها وهي‪- :‬‬
‫العائلة‪ -‬البيئة االجتماعية والسياسية‪ -‬المدرسة‪.‬‬
‫العائلة أو الوسط العائلي باعتبارها المجال األول حيث تتحدد مالمح شخصية الفرد وتدرك فيه قيم المواطنة و مبادئ‬
‫حقوق اإلنسان ألول مرة‪.‬‬
‫البيئة االجتماعية والسياسية ومؤسسات المجتمع المدني حيث تنشط التنظيمات المدنية ومختلف الهيئات العامة ووسائل‬
‫اإلعالم وغيرها‪ ،‬وكلها منابر تؤدي وظائف تبليغ المعارف‪ ،‬وتكوين السلوكات‪ ،‬وتنمية المواقف‪ ،‬والتدرب على الممارسة‬
‫والبناء ضمن الحياة االجتماعية‪.‬‬
‫المدرسة باعتبارها الوسيلة التي تكاد تكون الوحيدة التي بواسطتها تتحقق غايات التربية وفق منظور منهجي مدروس‬
‫يستجيب للطرق الحديثة في التعليم والتعلم‪ .‬غير أن ضرورة مجاراة نسق التحوالت العلمية المتسارعة وبصفة خاصة في‬
‫مجال تكنولوجيات المعلوميات واالتصال وظهور أنماط إنتاج جديدة تستند أكثر فأكثر إلى كفايات ومؤهالت لم تعد‬
‫أنماط التكوين التقليدية قادرة على تحقيقها حتمت على المدرسة إعادة النظر في مهامها وأهدافها ومناهجها‪ ،‬وفي‬
‫المسالك التي توفرها للمتعلمين بما في ذلك مناهج التربية على حقوق اإلنسان والمواطنة واإلعداد لالنخراط في ما يسمى‬
‫"المواطنة العالمّية " وإعادة النظر في مرجعية المؤهالت والكفايات التي اعتادت تنشئة المتعلمين عليها‪ .‬ومن هنا أضحت‬
‫المدرسة أمام رهانات جديدة أهمها التربية على القيم المتصلة بالمواطنة العالمية والتربية على قيم حقوق اإلنسان القائمة‬
‫على الحرية‪ ،‬والعدالة‪ ،‬والمساواة‪ ،‬والسلم‪ ،‬والتسامح‪ ،‬والديمقراطية‪ ،‬واالعتدال‪ .‬وبهذا المعنى تقدم المدرسة مساهمة‬
‫أساسية في إقامة مجتمع وطني ودولي يحظى فيه الجميع بالتقدير واالحترام(‪.)19‬‬
‫إن التربية على المواطنة وحقوق اإلنسان نسق ال يتجزأ وصيرورة يتم فيها تنمية الذات والجماعة بواسطة المشاركة‬
‫المواِط نة من خالل التربية على إدراك الحقوق والمسؤوليات وممارستها‪ .‬تتفاعل مكونات التربية على حقوق اإلنسان‬
‫والمواطنة ألن المواطنة تمارس بالضرورة في مجتمع ديمقراطي‪ ،‬وتحيل بالضرورة على الحقوق والواجبات في كل‬
‫المجاالت‪ ،‬وتشترط بالضرورة المساواة بين كافة المواطنين والمواطنات‪ ،‬وبالتالي فالمواطنة صيرورة تعلم في أفق‬
‫ممارسة(‪.)20‬‬
‫خاتمة‬
‫هناك عالقة وثيقة بين التربية على حقوق اإلنسان والتربية على المواطنة‪ ،‬إذ ال يمكن ألي منهما أن تستقيم دون األخرى‪،‬‬
‫وذلك ألن المواطن الصالح ‪ -‬الذي يبقى الهدف األسمى لكل نظام تربوي‪ -‬ال يمكن تكوينه دون تربية حقوقية تجعل منه‬
‫مواطنا وإنسانا يعي كافة حقوقه وواجباته بما ينفعه وينفع مجتمعه المحلي والوطني والمجتمع اإلنساني ككل‪.‬‬
‫الهوامش‪:‬‬
‫(*) أصل هذا المقال مداخلة بعنوان‪ :‬التربية على المواطنة والتربية على جقوق اإلنسان‪ ،‬أية عالقة؟ ضمن ندوة دراسية من‬
‫تنظيم نادي التربية على المواطنة وحقوق اإلنسان في موضوع "قضايا حقوق اإلنسان والتربية على المواطنة‪ :‬حقوق المرأة‬
‫بين الكونية والخصوصية"‪ ،‬بثانوية صالح الدين األيوبي التأهيلية بمدينة تاوريرت‪ ،‬أكاديمية الجهة الشرقية‪ ،‬بالمملكة‬
‫المغربية‪ ،‬وذلك يوم الجمعة ‪ 07‬مارس ‪ 2008‬ابتداء من الساعة الثانية والنصف‪ ،‬في إطار المساهمة في تنمية وترسيخ قيم‬
‫السلوك المدني وتفعيل األنشطة الثقافية داخل المؤسسة‪ ،‬وقد تكلف التالميذ والتلميذات أعضاء النادي ‪ -‬الذي كنت‬
‫منسقا له آنذاك ‪ -‬بتسيير الندوة وتنشيطها‪ ،‬وشارك بعضهم بمداخالت قيمة ضمن فعاليات الندوة مما ساهم في إنجاحها‪.‬‬

You might also like