Professional Documents
Culture Documents
مقدمة
األمن االجتماعي بمفهومه الشامل هو عبارة عن تفاعل وتجانس وتناغم بين جميع أبعاده وعلى كافة ومستوياته ،ولذا فهو يُعد
المطلب األساسى الذى تسعى جميع الدول والحكومات إلى تحقيقه بين أفرادها بواسطة أجهزتها الرسمية ،وتسعى في
إستراتيجياتها لتحقيق ذلك من خالل خطط التنمية الشاملة التي تتناول كافة مناحى الحياة االجتماعية واالقتصادية والسياسية
الثقافية وغيرها ،كما تقوم المؤسسات التربوية بإعداد النشء إجتماعيا ً ونفسيا ً ومعرفيا ً ليصبحوا أفراد صالحين ويتحقق األمن
االجتماعي لهم ،وفي ضوء ذلك يجب على كل أجهزة الدولة سواء أكانت أجهزة حكومية أو أهلية أن تكرس جهودها وأن
تتكامل وتتعاون مع بعضها البعض من أجل تحقيق األمن االجتماعي في المجتمع ،فمسئولية تحقيق األمن االجتماعي هي من
األمور التي يجب أن يسعى كل مجتمع إلى زرعها وتنميتها في نفوس أبنائه ،وذلك من خالل عملية التنشئة االجتماعية التي
يتلقاها الفرد منذ والدته وحتى وفاته ،وفيما يلى عرض لبعض مؤسسات تحقيق األمن االجتماعي:
األسرة هي الخلية األولى في بناء المجتمع ،بل تُعتبر اللبنة األساسية التي يقوم عليها المجتمع بأكمله ،ففي األسرة يكتسب الطفل
ثقافة المجتمع ويتعلم العادات والقيم االجتماعية ،فلألسرة دور كبير في غرس القيم االجتماعية ،وتوطيد العالقات االجتماعية،
والتأكيد على أهمية صلة الرحم وأهمية القدوة في حياة األبناء وإحترام الغير وعدم اإلعتداء على حقوقهم ،األمر الذى يؤدى
بدوره إلى تحقيق األمن االجتماعي داخل المجتمع ،فالشك في أن األسرة بأدائها لواجباتها هي خط الدفاع األول عن أمن
المجتمع ،أما إذا أخلت األسرة بذلك الواجب ،أو تعرضت للتفكك أو اإلنهيار فسوف يفتح ذلك على المجتمع أبواب الشر
والفساد ،وسيدفع المجتمع كله ثمن ذلك التفكك واإلنهيار ،األمر الذى يؤثر سلبا ً على األمن االجتماعي بداخله.
تأتى المدرسة والجامعة لتكملة ما بدأت به األسرة من إعداد وغرس للقيم والفضائل وتزويد لألجيال بالمعرفة والخبرة من أجل
تحقيق األمن االجتماعي في المجتمع " ،فللمؤسسات التعليمية دورها الكبير في إنشاء جيل صالح متعلم واع برسالته ،فيسمو
بنفسه ويرتفع بمستوى مجتمعه ،جيل قادر على حمل األمانة وتقدير المسئولية حري على أمن أمته ،لذا ينبغى على
المؤسسات التعليمية من خالل مناهجها أن تغرس في أذهان طالبها روح الحر على أمن الوطن والمواطنين ،وتعميق
اإلنتماء للوطن ،والبعد عن العنف والتطرف الفكرى.
يُعد اإلعالم أحد الدعامات األساسية لألمن االجتماعي والتنمية ،فاإلعالم هو األداة التي تستخدم في مختلف المجتمعات
المتطورة والنامية لتطوير وتدريب ورفع الوعى والكفاءة البشرية ،ويساعد اإلعالم على دعم المواقف والتأثير فيها ،وتدعيم
الحوافز نحو التغيير والتطوير لدى الجماهير ،كما أنه يساعد على تدعيم اإلتجاهات أو تغييرها أو تعديلها وتعديل السلوك
اإلنسانى بما يتوافق مع األمن االجتماعي ،ويلعب اإلعالم بإعتباره أحد فنون اإلتصال دورا ً مؤثرا ً في المجتمع إذا أُحسن
إستخدامه وتوجيهه لخدمة أهداف األمن االجتماعي ،ويقع على عاتق وسائل اإلعالم بإعتبارها مؤسسات ذات مسئولية
إجتماعية مسئولة عن تطوير وتحديث المجتمع والحفاظ على أمنه االجتماعي والقومى.
ولقد شهدت السنوات األخيرة تطورا ً مذهالً في وسائل اإلتصال واإلعالم ،سواء كان ذلك من النواحى التقنية ،أو مدى إنتشار
تأثيرها وسرعة وصولها للمواطن ،وأصبحت السماء مفتوحة ،وسيل المعلومات متدفقا ً عبر شبكة المعلومات (اإلنترنت) ،مما
جعل المواطن يتلقى معارفه ويدرك عالمه المحيط به من خالل وسائل معرفية متنوعة ،ولتحقيق األمن االجتماعي بكل جوانبه
ينبغى أن يُعطى مساحة كافية في اإلعالم المقروء والمسموع والمرئى لإلهتمام بالنواحى الدينية واألخالقية واالجتماعية وفق
خطة واضحة تلبى إحتياجات أفراد المجتمع بشكل مدروس ومنظم يركز على الجوانب كافة ،وبمشاركة جميع الجهات ذات
العالقة كاألوقاف والتعليم والجامعات ومؤسسات البحث العلمى ومؤسسات المجتمع المدنى وغيرها ،وبهذا يتم تحصين
المواطن وتوفير األمن االجتماعي له.
لما كانت رسالة اإلسالم السامية تهدف إلى تغيير نمط الحياة من الجهل إلى العلم ،ومن الزيغ والزيف إلى الحق والصالح
واإلستقامة ،وإرساء األخالق النبيلة والخصال الحميدة والسلوك القويم ،وذلك يلزم المعرفة القائمة على العلم ،فكان المسجد هو
أول مؤسسة لتعليم األخالق والتوازن في السلوك والوسطية ،تلك المؤسسة التي إنطلق منها المسلمون في معرفة الحقوق
والواجبات ،ففي المسجد تفقه الناس في أمور دينهم ،ومنه تخرج رواد الحضارة اإلنسانية الزاهرة حاملين معهم لواء العدل
والسالم واألمن واإلستقرار إلى كافة أنحاء المعمورة،
فرسالة المسجد شاملة ومتنوعة ،فباإلضافة إلى تنمية الجوانب الروحية واإليمانية وعالقة الفرد بربه ،فهي تسعى لنشر القيم
اإلسالمية ،وغرس اآلداب واألخالق الحميدة ،وإبراز سمو اإلنسان وكرامته ،والحفاظ على وجوده وحياته ،وتقويم سلوكه
وإشعاره باألمن والطمأنينة من خالل األدوار المتعددة والمجاالت المختلفة التي يضطلع بها المسجد لتحقيق األمن االجتماعي،
التي تخفف عن الناس أعباء الحياة وآالمها ،وتكبح فيهم جموح الغرائز وشهواتها ،وترسيخ أواصر المحبة ،وروابط األلفة بين
األفراد ،وبسط األمن في ربوع المجتمع ،ونشر اإلستقرار واإلطمئنان في أرجائه ،وتوطيد قواعده وتثبيت دعائمه.
-فلقد حثت جميع األديان السماوية الفرد على مساعدة اآلخرين ،ودعت إلى العطف والتراحم وكل القيم اإلنسانية الراقية التي
تحقق الخير ،ويعود العمل الخيري إلي أعمال البر واإلحسان التي تنطلق من منطلقات دينية توجب مساعدة الضعفاء،
وأصحاب الحاجة ،وحتى قبل مجئ اإلسالم ،في العصر الجاهلي إنطلقت أعمال البر واإلحسان والضيافة من منطلق األخالق
الحميدة والكرم ،حتي جاء اإلسالم الذي شجع وحث عليها ،فقال (صلي الله عليه وسلم)" إنما بعثت ألتمم مكارم األخالق".
-فاإلسالم كرسالة خاتمة شاملة أرسي قيم اإلحسان والبر والتراحم والمساواة والتكافل االجتماعي ،ومن هنا بدأت تظهر مالمح
جديدة للرعاية االجتماعية ،مثل الحث علي بر الوالدين ،ورعاية األيتام والفقراء والمساكين ،باإلضافة إلي الحث علي اإلحسان
والصدقات ووجوب الزكاة وتوزيعها علي مستحقيها ،األمر الذي يهدف إلي تحقيق اإلستقرار واألمن االجتماعي للفرد
وللمجتمع علي حد سواء ،فقبل أكثر من 41قرن رسم الدين اإلسالمي الحنيف قواعد للعدالة االجتماعية ،وقدم لإلنسانية
نموذجا ً رائعا ً للتكافل االجتماعي ،برز فيه دور العمل الخيري كترجمة لمعاني الخير في اإلنسان ،هدفه معاونة الغير وسد
حاجاته وحل مشكالته.
-كما أكدت السنة النبوية المطهرة في كثير من األحاديث الشريفة علي أن التعاطف والتراحم والتكافل بين أفراد المجتمع يحمي
المجتمع ويحقق األمن االجتماعي ،فقال (صلي الله عليه وسلم)" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد
الواحد إذا إشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي" رواه البخاري ومسلم في كتاب اآلداب ،كما أكد الرسول
س الله عنه كربه من كرب يوم القيامة ،ومن َيس ََّر س عن مسلم كربه من كرب الدنيا نَفَّ َ
(صلي الله عليه وسلم)علي أنه من نَفَّ َ
علي معسر يَس ََّر الله عليه في الدنيا واآلخرة ....والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" ،رواه مسلم وأبو داود
والترمذي وإبن ماجه وأحمد .وجمع النبي بينه وبين كافل اليتيم فقال(صلي الله عليه وسلم)" أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين
وأشار بإصبعيه السبابة والوسطي".
وهناك إلي جانب اآليات واألحاديث سالف الذكر ،العديد من اآليات واألحاديث النبوية الشريفة التي ال يتسع المجال لحصرها
تحمل نفس المضمون ،وتسعي إلي تجسيد روح اإلخاء والمحبة والرحمة والترابط والتكافل والتعاون والتضامن والتماسك بين
أفراد المجتمع ،والمساعدة والمؤازرة للفقراء والمساكين والمحتاجين واألرامل والمسنين والفئات الضعيفة والمهمشة .....إلخ،
فجميع ما سبق يُعد مجاالً خصبا ً لممارسة العمل الخيري التطوعي ،األمر الذي يحقق األمن االجتماعي للفرد وللمجتمع.
-ولقد ضرب الرسول (صلي الله عليه وسلم ) وصحابته أروع األمثلة في العمل التطوعي والبذل والعطاء إبتغاء مرضاة الله
تعالي وطاعته ،ونصرة الضعفاء واليتامي واألرامل والمساكين ،وبذلك يتضح كيف تجسد األمن االجتماعي في أروع صوره
وأصبح واقعا ً ملموسا ً خالل فترة الحكم اإلسالمي ،فعلي سبيل المثال كان مجتمع المدنية في عهد النبي (صلي الله عليه وسلم)
مثاالً للمجتمع اآلمن الذي توافرت فيه كل مقومات األمن االجتماعي ،بد ًء من تكوين الدولة والمؤخاه بين المهاجرين واألنصار
كمؤثر في الترابط االجتماعي ومقوم أساسي لألمن االجتماعي ،وحتى بناء المسجد النبوي الشريف لممارسة الشعائر الدينية،
وحل المشكالت االجتماعية ،هذا باإلضافة إلي مناقشة األمور السياسية واالقتصادية واالجتماعية الخاصة بالمسلمين ،األمر
الذي عمل علي إرساء دعائم اإلستقرار و األمن االجتماعي لهذا المجتمع الجديد.
-وجدير بالذكر أنه كان لبيت المال في عصر النبوة دورا ً هاما ً في تحقيق األمن االجتماعي" فهو يسعي إلي حد ما إلي تحقيق
نفس األهداف التي تسعي الجمعيات الخيرية إلي تحقيقها حالياً ،وكانت إرادات الدولة اإلسالمية محصورة في بعض الصدقات
التي يجود بها أغنياء الصحابة علي فقرائهم ،باإلضافة إلي قليل من الفئ والغنيمة ،وكان هذا هو الحال بالنسبة للخليفة األول
أبو بكر الصديق رضي الله عنه ،فمنذ توليه الخالفة بعد وفاة الرسول( ) سار علي نفس نهجه في نشر اإلسالم و إجتهد في
تحقيق األمن االجتماعي.
-أما في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد حدث إختالفا ً كبيراً ،فكثرت الفتوحات اإلسالمية وإزداد الفئ
والغنيمة ،وأدخل الخليفة الراشد موارد جديدة لبيت المال منها الخراج والعشور ،فتعددت بذلك موارد بيت المال وكثرت ،وفي
آن واحد ،ومما الشك فيه أنه في عهد الفاروق عمر هذه الفترة كانت النشأة الرسمية لبيت المال كنظام إجتماعي وإقتصادي في ٍ
بن الخطاب تجسد األمن االجتماعي في العدالة االجتماعية التي سادت خالل عهده ،والتي ترجمها رسول قيصر ملك الروم
عندما جاء إلي عمر بن الخطاب وسأل عنه أهل المدينة فأخبروه أنه خارجها ،فذهب إليه فوجده نائما ً في الشمس علي األرض
فوق الرمال ،فلما رآه علي هذه الحالة وقع الخشوع في قلبه ،وتعجب من أن تكون هذه حالة الرجل الذي تخشاه جميع ملوك
ع َد ْلتَ فَأَمِ ْنتَ فَنِ ْمتَ " ،وهكذا إستمرت السياسة العامة لبيت المال في عهد الخليفة عثمان
األرض ،وحينها قال قوله المشهور " َ
بن عفان ،كما سار علي نهجه آخر الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب ،ومن بعدهم األمراء الذين إتصفت واليتهم بالعدالة
االجتماعية إنطالقا ً من الرؤية اإلسالمية الصحيحة.
ثالثًا :منهج اإلسالم في تحقيق األمن االجتماعي
لقد تميز اإلسالم بنظرته الشاملة لألمن عن غيره من النظم الوضعية األخرى ،ويتضح ذلك من المفهوم اإلسالمى لألمن الذى
يسمو إلى غاية ما بعدها غاية ،فلم يقتصر على الفرد وال على الجماعة وال على الدولة ،وإنما على مستوى اإلنسانية كلها ،فهو
ض سا ِبغَي ِْر نَ ْف ٍس أ َ ْو فَ َ
سا ٍد فِي ْاأل َ ْر ِ يمتد ليشمل كل المستويات األفقية والرأسية ،ويتضح ذلك في قوله تعالى ( أَنَّهُ َم ْن قَت َ َل نَ ْف ً
اس َجمِ يعًا ) سورة المائدة :آية ( ،)23وهنا شمل اإلسالم جميع الناس بغض اس َجمِ يعًا َو َم ْن أَحْ يَاهَا فَ َكأَنَّ َما أَحْ يَا النَّ َ
فَ َكأَنَّ َما قَت َ َل النَّ َ
النظر عن عقيدتهم وجنسهم وموطنهم ،وهذا هو البُعد األفقى لألمن يمتد لشمل األرض قاطعة في إتجاه مزدوج ،أما البُعد
الرأسي له يمتد مابين أدنى فرد في المجتمع حتى اإلمام األعظم أو الخليفة في إتجاه مزدوج أيضاً ،والرسول ( ) يوضح لنا
ذلك خير إيضاح ،ثم جاء الخلفاءالراشدين من بعده ( ) فضربوا أروع األمثال في ذلك ،ومواقف سيدنا عمر بن الخطاب في
ذلك مشهورة وواضحة ،عندما قالها مدوية للتاريخ ( إضرب إبن األكرمين ) ،وعندما أعلنها على المأل أن من يُضْرب من قبل
وا ٍل فسوف أقت منه.
كما تجاوزت الرؤية اإلسالمية بأهمية األمن االجتماعي نطاق " الحق اإلنسانى" لتجعله فريضة إلهيه ،وواجبا ً شرعيا ً وضرورة
من ضرورات إستقامة وإقامة العمران اإلنسانى ،وإذا كانت الحضارات غير اإلسالمية ومذاهب اإلصالح منها قد وضعت
مقومات األمن االجتماعي في باب حقوق اإلنسان ،فإن الرؤية اإلسالمية لم تقف بها عند درجة الحقوق ـ التي يحق لصاحبها أن
يتنازل عنها طواعيةً أو إختياراً ،وإنما إرتفعت بها إلى درجة الفرائض والضرورات التي ال يجوز لإلنسان أن يتنازل عنها
وال أن يُفرط فيها ،وقد تبين ذلك جليا ً في الضرورات الخمس أو مقاصد الشريعة اإلسالمية المتمثلة في الحفاظ على الدين،
والحفاظ على النفس ،والحفاظ على العقل ،والحفاظ على العرض ،والحفاظ على المال ،وفيما يلى عرض لتك الضرورات
لبيان أثرها في تحقيق األمن االجتماعي:
يُعد حفظ الدين هو األساس األول في تحقيق األمن للفرد وللمجتمع ،فاإلنسان المؤمن ينأى بنفسه عن األفعال والسلوكيات
السلبية التي تَضُر به وبغيره من أفراد المجتمع ،ومن هنا يُعد تدين الفرد أداة لتحقيق األمن االجتماعي داخل المجتمع ،كما
يتناول حفظ الدين حماية عقيدة اإلنسان وحماية شعائره وأماكن إقامتها ،وعدم إكراهه على تغييرها أو التخلى عنها ،وهذا
ما أكده اإلسالم من حرية العقيدة ،والمبدأ الحاكم في ذلك هو قوله تعالى( َال ِإ ْك َرا َه فِي الد ِ
ِين ) سورة البقرة ،آية (.)352
للحياة اإلنسانية مكانة عظمى في الشريعة اإلسالمية ،ويُعد حفظ النفس أحد أهم مقاصد الشريعة اإلسالمية ،والتي إحتوت
تعاليمها على كثير من النصو لحماية النفس البشرية ،وإقامة الحدود على إنتهاك تلك التعاليم ،ومنذ وقت طويل وقبل
أن تظهر اإلتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان ،أكدت الشريعة اإلسالمية على أن حياة اإلنسان مقدسة ،ال يجوز ألحد أن
يعتدى عليها.
فالشريعة اإلسالمية تستهدف حماية النفس بتأكيد حق الحياة ،وحق اإلنسان في عدم اإلعتداء على جسمه أو نفسه دون
علَ ْي ِه ْم فِي َها أ َ َّن
(و َكت َ ْبنَا َ
حق ،وقد رتبت الشريعة أقصى العقوبات لإلعتداء على النفس وهي جرائم القصا فقال تعالى َ
صا ٌ ) سورة المائدة ،آية ف ِب ْاأل َ ْنفِ َو ْاألُذُنَ ِب ْاألُذُ ِن َوالس َِّن ِبالس ِِن َو ْال ُج ُرو َح قِ َ
س ِبالنَّ ْف ِس َو ْال َعيْنَ ِب ْال َعي ِْن َو ْاأل َ ْن َ
النَّ ْف َ
(.)15وبذلك يتضح مما سبق كيف أن اإلسالم وضع األسس التي تستهدف حماية اإلنسان وحقه في الحياة والعيش بأمان،
األمر الذى يتحقق به األمن االجتماعي.
-3الحفاظ على العقل
العقل هو أساس التقدم والرقى ،وهو الميزة الكبرى التي إخت الله سبحانه وتعالى بها اإلنسان ،وميزه بها عن سائر الكائنات
األخرى ،وقد أكدت الشريعة اإلسالمية على وجوب الحفاظ على العقل من خالل تحريم شرب الخمر وغيرها من المواد التي
تؤدى إلى غياب العقل وتدميره.
لذا فمن الضرورى المحافظة على العقل من أن تناله آفة تُضعف من قدراته أو تؤدى إلى إنحرافه عن التفكير السليم ،فيصبح
صاحبه عبئا ً على المجتمع وعنصرا ً هدَّاما ً فيه ،ومصدر ضرر للناس وللمجتمع ،وهنا يجب على المجتمع أن يضع األساليب
والوسائل التي تمنع تعرض العقل للمخاطر ،فالعقل نعمة أنعم الله بها على اإلنسان ،غير أن عدم الحفاظ عليه أو إستخدامه في
غير صالح الفرد والمجتمع يُعد بال ًء ال يصيب الشخ نفسه فقط ،بل ينعكس أثره على المجتمع بكامله مما يهدد األمن
االجتماعي بداخله.
األسرة هي أساس المجتمع ،وهي مصدر اإلستقرار واألمن االجتماعي والنفسى والمادى ،وهي المؤسسة التربوية األولى التي
تمد المجتمع بأعضاء شرعيين ،والتي تُنَ ْشئهم إجتماعيا ً وتغرس فيهم القيم وتصوغ شخصياتهم طبقا ً للنموذج المتفق عليه في
المجتمع ،ولهذا يحمى اإلسالم حق اإلنسان في تكوين أسرة شرعية ،وأن يكون لإلنسان زوجة مخلصة وأبناء ال يشك في
إنتمائهم إليه ،وتكون هذه الحماية بعدة آليات من بينها تحريم فاحشة الزنا والقذف وترتيب عقوبات شديدة على هاتين الجريمتين
من جرائم الحدود ،وبذلك تهدف الشريعة اإلسالمية إلى إستقرار النظام االجتماعي والمحافظة على اآلداب العامة ،وحماية
األعراض وحفظ األنساب ورعاية األسرة من اإلنهيار ،األمر الذى يؤدى بدوره إلى تحقيق األمن االجتماعي داخل المجتمع.
يقصد بالحفاظ على المال إشعار األفراد باألمن واألمان على أموالهم وتجارتهم ،ومن هنا حر اإلسالم على حماية مال
اإلنسان من اإلعتداء ،حيث تضمنت الشريعة اإلسالمية أحكاما ً تقضى بحمايته من السرقة أو اإلستيالء وغيرها من أوجه
اإلعتداء عليه ،كما تضمنت أيضا ً وجوب اإلعتدال في اإلنفاق ،فال يتجاوز اإلنفاق حد الوسط إلى التبذير أو إلى البخل
والتقطير " ،فاألمن المالى أو اإلقتصادى يتناول حماية مال اإلنسان من اإلعتداء مهما كان مصدر اإلعتداء ،ومهما كانت
طبيعته ،بل هناك ما هو أبعد من ذلك ،إذ يجب أن يأمن اإلنسان في حياته االقتصادية على أن تتاح له كافة الفر لكسب المال
وتنميته المتاحة لغيره فال إحتكار وال تمييز.
وبنا ًء على ماسبق يتضح منهج اإلسالم في تحقيق األمن االجتماعي من خالل حرصه على حماية دين اإلنسان وعقله ونفسه
وماله وعرضه ،تلك الحقوق التي إذا حدث اإلعتداء عليها ،فال مجال للحديث عن األمن واإلستقرار في المجتمع ،فال شك في
أن تحقيق األمن االجتماعي يأتى بنا ًء على التأكيد والتمسك بحقوق اإلنسان في اإلسالم ،كما أن لإلسالم مظاهر كثيرة يمكن من
خاللها تحقيق األمن االجتماعي تلك التي تشمل التكافل االجتماعي والزكاة والوقف والصدقات والكفارات....إلخ ،وفيما يلى
عرض ألهم تلك المظاهر بشيء من التفصيل :
رابعًا :مظاهـر تحقيـق األمـن االجتماعي في اإلسـالم
-1التكافل االجتماعي
يمكن تعريف التكافل االجتماعي بأنه تساند أبناء المجتمع فيما بينهم سواء كانوا أفرادا ً أو جماعات أو منظمات على إتخاذ
مواقف إيجابية كرعاية اليتيم وذوى االحتياجات الخاصة وغيرهم من أفراد المجتمع الذين يحتاجون للرعاة والكفالة والعطف
من القادرين من أفراد المجتمع ومن المؤسسات األهلية أو غير الرسمية.
ويُعتبر التكافل االجتماعي أحد أهم األسس والركائز الجوهرية التي يقوم عليها النظام االجتماعي اإلسالمى ،وذلك من خالل
نظرة اإلسالم للتكافل االجتماعي على إعتبار أنه واجبا ً شرعيا ً وضرورة إجتماعية تقع على عاتق جميع أفراد المجتمع ،من
أجل مساعدة المحتاجين والمعوزين والعجزة على العيش بأمان في المجتمع ،ويبرز مفهوم التكافل االجتماعي واضحا ً في العديد
من األحاديث النبوية الشريفة منها قوله ( ) (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) وفي قوله ( ) (مثل المؤمنين في
توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
فتلك األحاديث النبوية الشريفة تحوى قيما ً إجتماعية نبيلة وسامية ،تؤكد على التكافل االجتماعي ،فهي تجعل الفرد في عالقته
باآلخرين كالجسد الواحد في شدة ترابطه ،حتى أنه إذا إشتكى منه عضو تأثرت به باقى األعضاء ،وال شك في أن التكافل
االجتماعي بما يحويه من جميع أشكال المساعدة لآلخرين ،يُعد بُعدا ً إجتماعيا ً هاما ً يكفل تحقيق األمن االجتماعي داخل
المجتمع ،من خالل أال تصبح تلك الفئات التي يشملهم نظام التكافل االجتماعي عوامل تهديد ألمن المجتمع وإستقراره.
-2الزكـاة
ال تستقيم الحياة االجتماعية مع وجود طبقة من الفقراء والمحتاجين ،وقد عالج اإلسالم ظاهرة الفقر بأسلوب فريد متجدد وهو
أسلوب الزكاة .فالزكاة هي أحد أركان اإلسالم الخمس المفروضة على اإلنسان ،وهدفها تحقيق مبدأ التكافل االجتماعي بين
أفراد المجتمع جميعا ً أغنياء وفقراء ،وهي وسيلة ال نظيـر لها في تحقيق هذا المبدأ" ،وتُعتبر حرب الخليفة أبو بكر الصديق
رضي الله عنه لمانعى الزكاة ،هي أول حرب في التاريخ تخوضها دولة من أجل الضمان االجتماعي وحق الفقراء والمحتاجين
في أموال األغنياء القادرين ،فالزكاة ليست مجرد إحسان متروك إلختيار المسلم ،وإنما هي فريضة إلزامية يستوفيها ولى األمر
من المكلفين بها ،ويصرفها على المستحقين لها " .وقد حدد الله سبحانه وتعالى مصاريف الزكاة لفئات ثمانية في قوله تعالى
ضةً س ِبي ِل اللَّ ِه َواِب ِْن ال َّ
س ِبي ِل فَ ِري َ ب َو ْالغ ِ
َارمِ ينَ َوفِي َ علَ ْي َها َو ْال ُم َؤلَّفَ ِة قُلُوبُ ُه ْم َوفِي ِ
الرقَا ِ ِين َو ْال َعامِ لِينَ َ ص َدقَاتُ ل ِْلفُقَ َراءِ َو ْال َم َ
ساك ِ ( ِإنَّ َما ال َّ
علِي ٌم َحكِي ٌم) مِ نَ اللَّ ِه َوالله ُ َ
َّ
وبالنظر إلى هذا التحديد للفئات المستحقة للزكاة ،يتضح أنها شملت كل فئات المجتمع التي تعانى من عدم األمن أو الخوف،
فجاءت الزكاة لكى تمثل حقا ً للفقراء والمساكين في مال األغنياء ،يحقق لهم األمن على معيشتهم ورعايتهم إجتماعياً ،ولتجعل
للغريب نصيب من الزكاة ينفق منه في الغربة لحين عودته إلى وطنه ،كما جاءت الزكاة لتزيل الهم والمذلة عن المدينين ،وفك
رقبة األسير ورعاية أُسر المسجونين ،باإلضافة من دخلوا في اإلسالم حديثا ً وفقدوا أُسرهم أو فقدوا مصادر دخلهم ،حيث
جاءت الزكاة إلزالة الخوف من نفوس هذه الفئات جميعا ً وتحقيق اإلستقرار واألمن االجتماعي لهم.
-3الوقـف
يُراد بالوقف إخراج المال من ملك صاحبه إلى ملك الله سبحانه وتعالى ،أى حبس أصل العين والتصدق بريعها ألوجه خير
معينة كعون المحتاجين أو لصالح المساجد أو المدارس والمستشفيات وغيره من وجوه الخير ،وال تخرج مختلف تعريفات
فقهاء الشرع اإلسالمى للوقف عن أنه حبس العين على ملك الله تعالى ،والتصدق بالمنفعة حاالً أو ماالً على أى وجه من وجوه
البر.
وينقسم الوقف إلى ثالث أقسام موضحة فيما يلى :
معينين كالفقراء والمساكين الوقف الخيرى :وهو الذى يقصد به الواقف التصدق على وجوه البر ،سواء أكان على أشخا
والعجزة ،أم كان على جهة من جهات البر العامة كالمساجد والمستشفيات والمدارس وغيرها.
الوقف األهلى أو الذُّ ِرى :وهو ما ُجعل إستحقاق الريع فيه أوالً إلى الواقف مثالً ثم أوالده أو أقاربه ،ثم لجهة بر ال تنقطع
حسب إرادة الواقف.
الوقف المشترك (الخيرى واألهلى ) :ويُقصد به الوقف الذى إبتدأ على الذرية وعلى جهة من جهات البر في وقت واحد،
بمعنى أن الواقف قد جمعهما في وقفه ،فجعل لذريته نصيبا ً من العين الموقوفة ،وللبر نصيبا ً محددا ً أو مطلقا ً في الباقى أو
العكس.
ويتضح مما سبق أن الوقف من أهم وأبرز صور التكافل االجتماعي داخل المجتمع وهو بذلك يُعد من أهم دعائم األمن
االجتماعي وأكثر الموارد الفاعلة في تحقيقه ،حيث أصبح الوقف معاون ومشارك للدولة في مواجهة التحديات والمشكالت
االجتماعية كالفقر والبطالة والمرض و العشوائيات وأطفال الشوارع وغيرها من التحديات والمشكالت األخرى ،هذا باإلضافة
إلى دور الوقف في ميدان نشر الثقافة والعلم من خالل المساجد والمدارس والمعاهد والمكتبات.
-4الصدقات
وهي من أهم مظاهر اإلسالم في تحقيق األمن االجتماعي ،حيث أنها تُعطى أو يتم إنفاقها على الفقراء والعجزة والمحتاجين
واألرامل واأليتام وغيرهم من الفئات المستحقة لها ،ويُقدم الفرد الصدقات وهو على قناعة تامة بما وعده الله سبحانه وتعالى به
الر ِازقِينَ ) (و َما أ َ ْنفَ ْقت ُ ْم مِ ْن َ
ش ْيءٍ فَ ُه َو ي ُْخ ِلفُهُ َوه َُو َخي ُْر َّ من زيادة في الرزق وفي المال الذى أنفق منه ،متمثل ذلك في قوله تعالى َ
سورة سبأ ،آية رقم (.)23
-5الكفارات
ال شك أن الكفارات على إختالف أنواعها في الفقه اإلسالمى تساهم بقدر كبير وبدور فعال في تحقيق األمن االجتماعي ،ومن
أنواع هذه الكفارات على سبيل المثال ال الحصر ،كفارة اإلفطار عمدا ً في نهار رمضان ،وكفارة حنث اليمين المنعقدة ،وكفارة
الظهار وكفارة النذر ،فالكفارات يؤديها الفرد للفقراء والمساكين نتيجة إلرتكابه المحظورات أو تركه بعض الواجبات ،وهنا
يمكن أن يكون للكفارات دورا ً في تحقيق األمن االجتماعي في المجتمع.
وهنا يُمكن التأكيد من خالل العرض السابق على حقيقة واحدة لبيان منهج اإلسالم في تحقيق األمن االجتماعي ،وهي شمولية
مفهوم األمن االجتماعي في اإلسالم ،فهو أمن شامل جاء به اإلسالم ضمن مصادره األصلية ليتعدى به حدود الزمان والمكان،
وليشمل المستويين األفقي والرأسي ،وليشمل جميع حقوق اإلنسان ،باإلضافة إلى تعدد مظاهره في تحقيق األمن االجتماعي
داخل المجتمع.
الضمان االجتماعي في عهد الخليفة عمر بن الخطاب
ت مبكر ،فنظام الضمان االجتماعي في اإلسالم يتمتع طبقت المجتمعات اإلسالمية صور ومظاهر األمن االجتماعي منذ وق ٍ
بطبيعة ومدخل مختلف مقارنةً بأنظمة الضمان االجتماعي السائدة في الدول الغربية بأيديولوجياتها المختلفة ،ففلسفة مفهوم
الضمان االجتماعي في اإلسالم ليست رأسمالية وال شيوعية وليست حتى في االشتراكية األوروبية ،لكنها مزيج متناغم للمادة
والروح معاً ،وتعد المفاهيم األخرى لنظم الضمان االجتماعي نتيجة للعقل البشري ،لكن يعد نظام الضمان االجتماعي في
اإلسالم إلهي يعتمد بشكل كلي على القرآن الكريم والسنة النبوية ،لذا فهو نظام لتحقيق معيار مرتفع من األخالق ،وكان الخليفة
عمر بن الخطاب أول حاكم في تاريخ العالم قام بإدخال نظام الضمان االجتماعي في دولته ،وتأسست دائرة الضمان االجتماعي
حسب تعداد وسجل المواطنين ،لضمان توفير المستلزمات األساسية لحياة المعدمين في المجتمع ،ويوجد في سجل توفير
الضمان االجتماعي فئات مختلفة ،وكانت العطايا ثابتة للمجاهدين والمتطوعين من الفيء ،بينما تم دفع مخصصات للمحتاجين
والمعدمين من الزكاة "العٌشر والصدقة".
وال شك أن الضمان االجتماعي حاجة إنسانية رئيسية ،فيعد المرض المفاجئ والوفاة واإلعاقة والمرض والبطالة والحريق
والغرق بسبب العواصف والحوادث المرتبطة بالمواصالت والخسائر المادية الناجمة عنها أسباب ناشئة عن هذه الحاجة،
ويحدث ذلك غالبا ً بسبب هذه المعاناة غير المرغوبة ،حيث ينتقل الضحية والمعالون للفقر ،ويصبح موقفهم االقتصادي غير
سليم لدرجة أنهم يحتاجون لمساعدة اقتصادية ويتطلب هذا الواقع معاملة الضمان االجتماعي كحاجة إنسانية أساسية على سلسلة
واسعة جدا ً من األنشطة والمواقف ،وفيما يلى عرض للمالمح الرئيسية لنظام الضمان االجتماعي أثناء عهد الخليفة عمر بن
الخطاب :
• سادت العدالة االجتماعية واالقتصادية والسياسية.
• شمل نظام الضمان االجتماعي جميع المواطنين بصرف النظر عن طبقتهم وعقيدتهم.
• هدف نظام الضمان االجتماعي في عهد الخليفة عمر بن الخطاب إلى تلبية جميع الحاجات اإلنسانية الممكنة سواء كانت
حاجات أساسية أو ثانوية.
وقد تمثلت الحاجات األساسية في توفير الغذاء ،ورعاية الفقراء والمعدمين ،هذا إلى جانب الرعاية الطبية الالزمة ،حيث أصدر
عمر بن الخطاب أوامره بتوفير كافة أنواع الرعاية والدعم للفقراء ومصابى الحروب ،هذا إلى جانب توفير العالج من بيت
المال وذلك عندما رأى بعض مرضى الجذام من غير المسلمين في طريق عودته من أحد رحالته.
أما بالنسبة للحاجات الثانوية فقد قام عمر بن الخطاب رضى الله عنه بتوفير الضمان االجتماعي من خالل التعليم ،حيث قام
عمر بن الخطاب بتعيين معلمين لتعليم األوالد وتدفع أجورهم من دائرة الخزانة ،والضمان االجتماعي من خالل مخصصات
الزواج ،حيث كان يتم في هذا الوقت مساعدة الفقراء غير المتزوجين من كِال الجنسين ماديا ً من دائرة الخزانة إلعالتهم للزواج،
كما تم إعطاء رواتب للمسلمين وغير المسلمين من الفقراء والمحتاجين ،والضمان االجتماعي من خالل معاش الشيخوخة،
حيث كان يتم إعطاء رواتب سنوية من حكومة عمر بن الخطاب لكبار السن من الرجال والنساء ،بصرف النظر عن ديانتهم،
فلم تفتح دائرة الضمان االجتماعي بابها للمسلمين فقط ولكن لغير المسلمين أيضاً ،وفي واقع األمر كان ذلك بمثابة نظام كامل
للتأمين االجتماعي ،فعندما وجد عمر بن الخطاب رجالً ُمسنا ً وكفيف البصر يتسول سأله ،من أنت ولما تسأل الناس؟ فأجاب أنا
يهودي أجبرني دفع الجزية والحاجات االقتصادية وكبر السن على التسول ،فقال عمر والله ما أنصفناك نأخذ منك شابا ً ثم
نضيعك شيخاً ،وأوقف عمر الجزية عن جميع الناس من هذا الصنف ووضع لهم رواتب من بيت المال.
كما قام عمر بن الخطاب بتوفير الضمان االجتماعي من خالل اإلستثمار للشيخوخة ،حيث إعتاد عمر بن الخطاب أن يطلب من
متلقي الرواتب استثمار أموالهم في شراء القطيع والماشية لبقائها اقتصادياً ،حيث من المحتمل أال تتمكن الدولة في المستقبل من
إعطائهم رواتب ،كما قام الخليفة عمر بن الخطاب بإدخال خدمة القروض بال فائدة ،بضمان ردها ،وذلك لتوفير الضمان
االجتماعي من خالل خدمة القروض ،وكذلك توفير الضمان االجتماعي من خالل تسديد الديون عن غير القادرين ،هذا إلى
جانب سداد الدية عن الشخ غير القادر والمذنب بالقتل غير العمد ،ويُضاف إلى ذلك توفير الضمان االجتماعي العام عن
طريق إنشاء بيوت الضيافة في المدن الهامة لكي تساعد كبيوت للراحة ،وتم تشييد الطرق والكباري لالستخدام العام ،ففي
الطريق من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة ،تم إنشاء المالجئ واآلبار وبيوت الوجبات في كل مرحلة لتوفير تسهيالت
اإلقامة والرجوع لهؤالء المسافرين الذين شعروا بالتعب قبل الوصول لوجهتهم المقصودة ،كما تم حفر الترع لري الحقول
وتوفير مياه الشرب للناس.
ت مبكر، وفي النهاية يتضح مما سبق أن جذور األمن االجتماعي في التاريخ اإلسالمي عرفتها المجتمعات اإلسالمية منذ وق ٍ
وتجسد ذلك في وجود العديد من المؤشرات الهامة التي لم تكن ظرفية أو مؤقتة ،بل رسختها ونظمتها تعاليم الدين اإلسالمي،
وحولتها إلي مؤسسات تُعد من أهم المعالم المميزة للحضارة اإلسالمية ،كالزكاة والتي هي ركن من أركان اإلسالم وتعمل علي
تحقيق األمن االجتماعي للفئات ال ُم ْستَحِ قة لها ،وكاألوقاف اإلسالمية بشتى صورها والتي لعبت دورا ً بارزا ً في التكافل
االجتماعي ،وساهمت بشكل واضح في بناء المدارس والمستشفيات والكتاتيب ودور العبادة ،وإنشاء مؤسسات لرعاية اليتامى
والمسنين وذوي االحتياجات الخاصة ،كما ال يجب أن يُ ْنسي دور األزهر في القيام باألعمال الخيرية الدينية وأعمال البر
والخير والذي كان له عظيم األثر في نفوس المصريين ،فوجود مثل هذه المؤسسات سالفة الذكر يدل وبشك ٍل قاطع علي حيوية
العمل األهلي الخيري في العصر اإلسالمي.
المحاضرة السادسة :الدور التنموي للمنظمات غير الحكومية وعالقته باألمن االجتماعي
تُعد قضية األمن االجتماعي من أبرز القضايا التي أصبحت تفرض نفسها على الرأي العام بكافة شرائحه ،حيث احتلت قضية
األمن االجتماعي مكانة بارزة في كتابات العلماء والمفكرين والباحثين ،وذلك نظرا ً لما لهذه القضية من أهمية وتأثير بالنسبة
لكل جوانب الحياة اإلنسانية ،إذ أنها تتعلق بحياة األفراد داخل المجتمع بكافة شرائحه وأطيافه ،وعلى كافة النواحي المرتبطة
به ،كالنواحي االجتماعية والسياسية والثقافية واالقتصادية واألمنية والصحية والتربوية والدينية ،لذا فاألمن االجتماعي يُعد
مسئولية اجتماعية عظيمة ،تقع على عاتق كافة أفراد المجتمع ،وفي مقدمتها الجهات الحكومية والجهات غير الحكومية ،فينبغي
أن تتضافر جهود كافة مؤسسات المجتمع من أجل تحقيق االستقرار واألمن االجتماعي في المجتمع.
ومن هنا يمكن التأكيد على حقيقة أساسية ذات داللة محورية أنه مع تزايد وتشابك االرتباكات واالختالالت التي يتسم بها
المشهد الراهن ،يتعاظم الحديث عن دور المؤسسات والجمعيات األهلية والمنظمات غير الحكومية ،بما يتطلبه من تأكيد دور
األفراد ومبادراتهم جنبا ً إلى جنب لنشر مبادئ وقيم العمل الجماعي ،وهو ما ارتبط بالكشف عن أهمية الشراكة في تحقيق
التنمية بحيث يمكن القول أن جميعها باتت شريكا ً تنموياً ،خاصةً وأن المسئولية لم تَعُد تقع على كاهل الدولة وحدها ،بل بات
من الواجب على المؤسسات األهلية وخصوصا ً المنظمات غير الحكومية أن تتحمل جانِبَا ً من األعباء.
وفي هذا اإلطار تم طرح مفهوم المجتمع المدني Civil Societyكمحاولة لدفع مجهودات العمل والتنمية ،ولم تكن مصادفةً أن
تلتقى عناصر األمة على هذا المفهوم الذى يعتبرون أنه من أنسب الصيغ وأصلحها لتوجيه حركة المجتمع حاضرا ً ومستقبالً،
فاألفق المفتوح والتطلع للوصول إلى الواقع ال ُحلم هو ما يدفع إلى تغليب الفكر من منطلق إبداعي بَ ْناء ،كي يتواكب ما كان
للجدود واألسالف من اجتهادات مميزة مع ثورة اإلصالح والتحديث ،كما أنها األكثر مناسبة لتحقيق مشاركة األفراد
والجماعات في تعظيم قدرات المجتمع وتحصينه ضد االنفجارات الداخلية وحمايته من االختراقات الخارجية.
والشك أن وجود منظمات المجتمع المدني (بصرف النظر عن حداثة نشأتها) والتي تتكون من النقابات والمؤسسات والجمعيات
االتحادات التي ت َ ْنبَنِي على المشاركة التطوعية ،بمقدورها أن تكون سندا ً داعما ً التجاهات العمل وسياسات التنمية والتطوير
خاصةً إذا كانت انعكا ً
سا حقيقا ً لرغبة الجماهير.
ولكن هذه العملية في غاية التعقيد والتشابك ألنها تضم ثالثة أبعاد أو باألصح ثالث دوائر متداخلة تتبادل األثر والتأثير وهى:
الجماهير التي تقع على عاتقها عمليات التنمية والتطور ،والسلطة التي تنظم التفاعل بين الجماهير ،والتنظيمات التي تتكون
أساسا ً من كيانات طوعية ،هي التي تعمل كجسر بين الجماهير والدولة وتشغل مساحة كبيرة من بناء المجتمع حيث تنمو بينهما
عالقات من نوعٍ معين تقوم على التطوعية والتعددية والتسامح و ُحسن المعاملة والمواطنة.
فالمجتمع المدني يستمد وجوده وفي الوقت نفسه بقاءه وقوته من كونه يُمثل بُعدا ً أفقيا ً يهتم بشئون الفرد والجماعة أينما وحيثما
كانا النتشار والمنظمات والتنظيمات األهلية واالتحادات في طول البالد وعرضها ،ولهذا يرى كثير من الباحثين أن المجتمع
المدني هو البديل الذى يمكن اعتباره البوتقة التي تنصهر فيها كل مكونات المجتمع لت ُ َك ِون كالً متناسقا ً ومتناغما ً ويسعى فيه
الكل إلى خير ونفع الكل دون قسر أو إرغام لقيامه على التعددية والتطوعية.
-2المنظمات غير الحكومية شريك استراتيجي في التنمية
تقوم المنظمات غير الحكومية في الوقت الراهن بدور تنموي كبير ال يمكن انكاره ،دورا ً يتعاظم يوما ً بعد يوم ،هذا هو ما
أكدته وتؤكده المواثيق الدولية المختلفة ،فن اإلعالن العالمي للحق في التنمية في مادته الثامنة على أنه "ينبغي للدول أن
تشجع المشاركة الشعبية في جميع المجاالت بوصفها عامالً هاما ً في التنمية" ،وهو ما يرتبط بشكل مباشر بالمنظمات غير
الحكومية ،ومصدر هذا االرتباط أن المنظمات غير الحكومية أصبحت آلية أساسية لتفعيل المشاركة الشعبية في عملية التنمية
،األمر الذى أبرزته أيضا ً مختلف الوثائق العالمية لألمم المتحدة وأكد عليه الخطاب السياسي لحكومات العالم المتقدم وبعض
الدول النامية ،وعلى الجانب األخر ،فان إعالن الحق في التنمية يفرض التزامات على الحكومات لتشجيع وتعزيز المشاركة
وتوفير الحقوق األساسية من أجل المزيد من المشاركة الشعبية في عملية التنمية،
وخالل العشرين سنة األخيرة ،باتت تلك المنظمات قاسما ًمشتركا ً في الجدل حول عملية التنمية نظرا ً ألنها أصبحت فاعالً له
دوره في قضايا وطنية ودولية هامة ،األمر الذى ساعد من ناحية ثانية على نمو تلك المنظمات سواء كان ذلك على مستوى
العدد أو القوة أو البنيان ،واكتسبت المنظمات غير الحكومية مصداقية وشرعية مع الضغوط التى تعانى منها الميزانيات
الحكومية لدرجة أنها أصبحت الوريث الشرعي لكثير من مسئوليات الحكومة التقليدية ،مما شجع معظم الدول النامية إلفساح
الطريق للمنظمات غير الحكومية لكى تلعب دورا ً هام كشريك في عملية التنمية .
وتشير تجارب الدول المختلفة إلى أهمية االعتماد على المنظمات التطوعية كشريك إستراتيجي لدعم سياسات التنمية بالمجتمع،
فالتطوير المستقبلي يتطلب تفعيل الممارسات التعاونية واألنشطة التطوعية في ضوء السياسات الحكومية ،فأصبحت ثقافة
التطوع جز ًء ال يتجزأ من ثقافة المجتمعات المتطورة ،بما تمثله من منظومة القيم والمبادئ واألخالقيات والمعايير والرموز
والممارسات التي تحث على المبادرة والعمل االيجابي الذى يعود بالنفع على اآلخرين ،فالعمل التطوعي هو استجابة لنداء
الواجب والضمير ويأتي في مقدمة أولويات جهود التنمية ،حيث أن أدبيات التنمية الحديثة تصف المشاركة االجتماعية بأنها
رأس مال الحكومات الذى تستند إليه لمواكبة الطموحات وتحقيق اإلصالحات واإلنجازات ،وهنا تأتى أهمية هذه المنظمات التي
وال شك تلعب دورا ً هاما ً في مجتمعاتها ،سواء من خالل ما تقوم به من أنشطة أو ما تتبناه من قيم ،ومن ثم هي تقوم بطريقة
مباشرة أو غير مباشرة باستغالل موارد مجتمعاتها التي قد تكون معطلة لسبب أو ألخر ،وبالتالي تساهم في تحديث هذه
المجتمعات.
ومن هنا أصبحت هناك حاجة ُملحة لهذه المشاركة ،األمر الذى يتحقق عمليا ً بقيام الجمعيات األهلية بدور أكبر في هذا المجال،
من خالل تعبئة قطاعات واسعة من السكان للمشاركة في التنمية ،فجدي ٌر بالذكر أنه في اآلونة األخيرة حققت الجمعيات األهلية
قفزة كبيرة في حجمها ونوعية نشاطها ومجاالتها ،مستفيدة في ذلك من ثالث عوامل رئيسية هي:
أوالً :ذلك المناخ الدولي الذى أيد حركة المنظمات غير الحكومية في مختلف أنحاء العالم،
ثانياً :توافر مناخ سياسي على مستوى الخطاب والممارسة مشجع ومؤكد لدور المنظمات األهلية في عملية التنمية االقتصادية
واالجتماعية.
ثالثا :وهو ما ترتب على توفر العاملين السابقين من مرونة في تسجيل الجمعيات األهلية والتشجيع على إنشائها.
وتُعد الجمعيات األهلية باعتبارها نمطا ً من أنماط المشاركة الشعبية نموذجا ً العتماد المجتمع على نفسه في حل مشكالته ،حيث
أن إنشاء الجمعيات األهلية إنما هو تأكيد لمسئولية أفراد المجتمع تجاه مجتمعهم الذى ينتمون إليه ،ومسئولية المواطن القادر
تجاه المواطنين الذين يحتاجون إلى المساعدة ،وهو ما يُمثل ظاهرة صحية تتميز بها الشعوب الناضجة التي بلغت مستوى من
الوعى أدركت من خالله أهمية ما تملكه من إمكانيات وطاقات ينبغي استغاللها لتحسين أوضاعهم وتنمية مجتمعهم وتحقيق
األمن االجتماعي فيه ،دون االتكال على ما تبذله الدولة من مجهودات تعجز عن سد الحاجات األساسية للمجتمع ومن ثم تعجز
عن تحقيق األمن االجتماعي ألفراده.
فالجمعيات األهلية وسيلة لسد حاجات المجتمع وحاجات أفراده بواسطة األفراد أنفسهم ،فهي األداة التي يستطيع من خاللها أن
يُعبر هؤالء األفراد عن احتياجاتهم المختلفة التي لم تَعُد تقوم الدولة بتوفيرها لهم ،ويقع على عاتق هذه الجمعيات العديد من
المهام واألنشطة المنوطة بها ،بدءا ً من تلبية احتياجات الفقراء ومناصرة الضعفاء وتقديم الخدمات االجتماعية والرعائية ،وحتى
المشاركة في عملية التنمية وصنع القرار ،وهى بذلك تُعد إحدى الركائز األساسية في تحقيق األمن االجتماعي في المجتمع.
ونرى أنه في ظل اتساع تأثيرات المتغيرات العالمية المعاصرة ونتائجها الخطيرة على األفراد والمجتمعات ،والسيَّما الفئات
الضعيفة منهم ،وفي ظل السياق العالمي الذى ت َ َج َّردت فيه الدولة من مسئولياتها لصالح القطاع الخا دون أي نظام رقابي
يراعى تحقيق األمن االجتماعي ألفراد المجتمع ،تنامت أدوار النشاط األهلي ،وهنا لعبت مؤسسات العمل األهلية دورا ً أساسيا ً
في دعم عملية التنمية وتحقيق االستقرار واألمن االجتماعي في المجتمع ،ذلك األمن االجتماعي الذى يحتل مكانة بارزة نظرا ً
ألهميته في المجتمع ،ومن ثم فالبد وأن توجه كافة اإلمكانات وتتضافر كافة قوى الدولة لتحقيقه والحفاظ عليه ،األمر الذى
يتطلب مشاركة جادة وفعَّالة وواعية من جانب كافة القطاعات والهيئات والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية الموجودة في
المجتمع.
ولتحديد ماهية المنظمات غير الحكومية Non- Governmental Organizationفقد ظهرت تسميات كثيرة ومتنوعة
تعددت بتعدد األطر المعرفية واألنساق الثقافية السائدة مثل القطاع التطوعي ،Voluntary Sectorوالقطاع
المستقل ،Independent Sectorوالقطاع المعفي من الضرائب ،Tax Exempted Sectorأو القطاع األهلي أو المنظمات
األهلية.
ومن الواضح أن المشكلة في التعريف ليست مشكلة نظرية بحتة ،بل إن التعريف ضروري ألنه يحدد السمات األساسية لهذه
المنظمات ومجاالت عملها ونوعية نشاطها ،كما أن له بالغ األثر أيضا ً على صياغة ميثاق أخالقي للمنظمات غير الحكومية،
حيث أنه على ضوء التعريف سيتحدد نوع القيم التي ينبغى لهذه المنظمات أن تعمل في ضوئها والتي من شأنها أن تضبط
تصرفاتها وسلوكها.
فعلى مستوى األدبيات فإن عمل هذه المنظمات ال يقتصر على العمل الخيرى ،Philanthropy Sectorوإنما يمتد للعمل في
مختلف األنشطة الثقافية واالجتماعية واالقتصادية ،أو هي منظمات تعنى باألسباب الرئيسية للقضايا والمشكالت وتحاول
تحسين نوعية الحياة خاصةً بالنسبة للفقراء والمضطهدين والمهمشين في المناطق الريفية والحضرية على ح ٍد سواء ،وبصرف
النظر عن التعدد في التعريفات فإنه في هذا السياق يمكن القول أن هناك اتجاهين في مجال التعريف بهذه المنظمات إحداهما
تعريف واسع النطاق والثاني تعريف ضيق النطاق ،ويذهب التعريف الواسع إلى أن أية منظمة في المجتمع ليست جزءا ً من
الحكومة وتعمل في إطار المجتمع المدني(األهلي) هي منظمة غير حكومية،
وهكذا فإن المنظمات التي تعمل كجماعات سياسية أو نقابية أو دينية أو نوادي رياضية أو جمعيات فنية أو ثقافية أو اتحادات
فكل هذه يمكن اعتبارها منظمات غير حكومية أو تطوعية ،وعلى خالف ذلك فإن التعريف الضيق الذى يتم استخالصه من
الممارسات الفعلية الحديثة يشير إلى نوع محدد من المنظمات التي تعمل في مجال التنمية ،إال أن هذا التعريف ينطوي بدوره
على العديد من المشاكل حيث أنه يعانى من محدودية وضيق النطاق كثيراً ،وعلى العموم فإن هذه التعريفات تشترك جميعها
في بعض السمات األساسية وهى :
-3االستقاللية التي تعنى أنه ال يهيمن على مقدرات المنظمة سوى هؤالء الذين شكلوها أو بواسطة مجالس إدارة فوضها
األعضاء في إداراتها.
-2عدم السعي إلى الربح.
-1عدم القيام بالخدمة الشخصية للقائمين على إدارتها وهذا يعنى أن الهدف األصلي للمنظمات غير الحكومية التطوعية هو
وجدير بالذكر أن البعض يرى أن الدوافع الكامنة وراء قيام المنظمات غير الحكومية تكمن في
ٌ تحسين ظروف غير القادرين،
تحقيق األمن اإلنساني الذى يعنى تطبيق واحترام حقوق اإلنسان ،أي ضمان أمن األفراد والجماعات والشعوب واعتباره غايتها
األولى وليس أمن الدول ذات السيادة فقط.
المحاضرة السابعة :تابع الدور التنموي للمنظمات غير الحكومية وعالقته باألمن االجتماعي
برزت المنظمات غير الحكومية كآلية هامة إلحداث التوازن في مراحل التحول االقتصادى من جهة ،والتعامل مع الفئات
المهمشة من جهة ثانية وكسر مركزية الدولة من جهة ثالثة ،فقد سعت الحكومات في بحث عن بديل لتقديم الخدمات العامة
التقليدية والمساهمة في برامج التنمية ،وقد كانت المنظمات غير حكومية والمؤسسات التابعة لها هى البديل الممكن وخاصة أن
عدد منها استطاع أن يحقق وينجز برامج تنموية على المستوى القومى وتمكنت من التخفيف من األعباء الملقاة على كاهل
الدولة ،فالحكومات خاصة في الدول النامية تشهد ميزانياتها عجز مزمن وتعانى من محدودية الموارد مما يشكل عائقا ً أمام
قدرتها على تقديم الخدمات لكافة المواطنين ،وقد أثبت الواقع العملي أن المنظمات غير الحكومية يمكن أن تكون بديل عن
الدولة في توفير بعض الخدمات مثل الرعاية الصحية والتعليم والمساعدات الفنية ،من ناحية أخرى هذه المنظمات يمكنها القيام
بتقوية دور الدولة ذلك ألنها تجعلها تركز اهتمامها على بعض المجاالت ذات األهمية االستراتيجية وتدفعها إلى تحسين أساليب
أدائها لوظائفها وطرق تقديمها لخدمات المواطنين .
-1القدرة اإلبداعية على إيجاد الحلول المبتكرة للمشكالت غير المألوفة ،وذلك نتيجة صغر حجم هذه المنظمات ومرونتها
اإلدارية والتحرر النسبى من القيود السياسية .
-5أن قدرة القطاع التطوعى في مجال التنمية تبدو واضحة في عدد من منظماته نتيجة التنوع "فهى تضم في هيكلها
المحترفين والمتطوعين والموظفين متنوعى الخلفيات ومتعددى المهارات " مما يتيح لها القدرة المستمرة على التطوير
والتغلغل وإبرام التحالفات وشبكات العمل .
وتُعد الجمعيات والمؤسسات األهلية جزءا ً من المجتمع المدني باعتبارها مؤسسة تطوعية حرة تُسهم في التنمية االجتماعية
واالقتصادية دون أن تستهدف الربح ،كما أنها تُعد أهم منظمات المجتمع المدني التي تهدف إلي تحقيق مستوي معيشي أفضل
لسكان المجتمعات ،بما تقدمه من برامج الرعاية االجتماعية والتنمية الشاملة ،فهي األكثر إحساس باحتياجات األفراد
والمجتمعات ،ومما ال شك فيه أن هناك العديد من التطورات التي تطرح دورا ً متزايد ألهمية هذه الجمعيات والمؤسسات وفي
مقدمتها:
-4سياسة االتجاه نحو الديمقراطية عالميا ً والذي ال يمكن تحققه عمليا ً بدون وجود منظمات أهلية وهيئات شعبية تُعبر عن
درجة النضج ومستوي التطور الذي حققه المجتمع ،أي أن الحديث عن الديمقراطية بدون مشاركة شعبية تنهض بها المنظمات
األهلية سوف يتحول إلي مجرد دعوة ال تتوفر في الواقع إمكانية تحقيقها.
-3فشل عمليات التنمية في معظم البلدان النامية في تحقيق أهدافها ،لما اتسمت به من مركزية شديدة وانفراد البيروقراطيات
الحاكمة لها تماماً ،مما يدعو إلي ضرورة بلورة نموذج جديد للتنمية يجعل الناس هم محور التنمية ،وألن الناس هم محور
التنمية في هذا النموذج الجديد فإنه من الضروري أن يكون لهم دور أساسي فيها ،ومن البديهي أن هذا الدور ال يمكن أن يتحقق
من خالل الناس كأفراد ،بل من خالل نشاطهم الجماعي في إطار تنظيمات شعبية تطوعية تُجسد إرادتهم الحرة وتعبر عن
وعيهم بمشاكل المجتمع وأولويات معالجتها.
-2كما تنامت أدوار القطاع األهلي ،نتيجة التحول االقتصادي نحو نظام السوق ، ،وما استتبع ذلك من تغير في دور الدولة من
كونها المتحكم الرئيسي في األسواق والمسئول األول عن تقديم الخدمات للمواطنين إلى ُمنظم لهذه األسواق و ُمراقب لها ،وتبني
الحكومات لسياسات مالية ونقدية تتوجه نحو تقلي اإلنفاق علي الخدمات العامة ،والتي ازداد معها االهتمام بإدراك قيمة الدور
الذي يمكن أن تقوم به الجمعيات والمؤسسات األهلية كآلية لمواجهة اآلثار السلبية لهذه السياسات خاصةً بالنسبة للفقراء والنساء
واألطفال ،وبالتالي تبلورت رؤية جديدة للقطاع األهلي باعتباره آلية قادرة علي اإلسهام في التنمية االجتماعية واالقتصادية،
وتم طرح مفهوم " الشراكة " بين هذا القطاع الهام مع ك ٍل من القطاع الخا والدولة لتفعيل العملية التنموية.
-4ميدان رعاية الطفولة واألمومة :ويقوم هذا الميدان بتقديم خدمات دور الحضانة وأندية ومكتبات األطفال ،ومكاتب التوجيه
واالستشارات األسرية ،ودور المغتربات ،وما إلى ذلك من الخدمات التي تهدف إلى استقرار األسرة وتماسكها وتوفير الحماية
والرعاية ألفرادها.
-3ميدان رعاية الفئات الخاصة والمعوقين :ويهدف هذا الميدان إلى توفير الخدمات الطبية واالجتماعية والنفسية للمعاقين ،من
خالل مكاتب ومراكز التأهيل االجتماعي ومراكز العالج الطبيعي ومؤسسات رعاية المعاقين .
-2ميدان الخدمات الثقافية والعلمية والدينية :والغرض من هذه الجمعيات النهوض بالعلوم والفنون واآلداب والتوعية الثقافية.
-1ميدان التنمية االقتصادية لألسرة وتنمية الدخل :وترتكز الجمعيات األهلية العاملة في هذا الميدان على النهوض بنوعية حياة
األسرة وتمكينهم اقتصاديًا من خالل األنشطة التي تسعى إلى تنمية الدخل ،فتلك الجمعيات تهدف إلى تنمية موارد األسرة
وت ُ َحول أفرادها إلى وحدات منتجة بدالً من وحدات معتمدة على المساعدات.
-5ميدان المساعدات االجتماعية :وفيه تقوم الجمعيات األهلية بتقديم المساعدات النقدية والعينية للفقراء والمحتاجين واألرامل
واأليتام ،وتعتمد ميزانية هذه الجمعيات على ما يُقدم لها من أموال الزكاة والتبرعات والصدقات ،باإلضافة إلى ما تحصل عليه
من صندوق إعانة الجمعيات والمؤسسات األهلية.
سبل
-2ميدان تنمية المجتمعات المحلية :وفي هذا الميدان تتكامل جهود الجمعيات األهلية مع جهود الحكومة في تحقيق أفضل ال ُ
لتنمية هذه المجتمعات.
-7ميدان رعاية المسجونين وأسرهم :وذلك بتقديم أوجه الرعاية ألسر المسجونين وتنفيذ مشروعات ُمدرة للدخل بعد خروجهم
من السجن.
-8ميدان رعاية الشيخوخة :ويشمل دور المسنين وبرامج رعاية غير القادرين منهم.
-3ميدان الدفاع االجتماعي :وهو يعمل على تقديم خدمات وقائية وعالجية لحماية المجتمع ضد انحراف بعض أفراده ،ويتمثل
هذا الميدان في الجمعيات التي تتولى اإلدارة واإلشراف على أندية الدفاع االجتماعي التي تعمل في مجال عالج المدمنين،
ومؤسسات األحداث المنحرفين أو المعرضين لالنحراف.
-44ميدان أرباب المعاشات :ويهدف إلى تقديم الخدمات االجتماعية للمحالين إلى المعاش.
-43ميدان حماية البيئة والحفاظ عليها :وهو ميدان حديث تم إنشاؤه استجابة الحتياجات المجتمع ومن الحفاظ على البيئة من
كل انواع التلوث.
-42ميدان التنظيم واإلدارة والتدريب :ويقدم مختلف برامج التدريب ألعضاء هذه الجمعيات ،والتدريب على إعداد وإقامة
المشروعات.
-41ميدان حماية المستهلك :وهو يهدف إلى توعية المواطنين وحمايتهم من كافة أشكال االستغالل والغش التجاري ،والتصدي
الرتفاع أسعار السلع األساسية مثل المواد الغذائية واألدوية.
-45ميدان الرعاية الصحية واالجتماعية ورعاية الطالب الفقراء وكفالة الطفل اليتيم.
-42ميدان حقوق اإلنسان والتوعية بالحقوق الدستورية والقانونية ،وتعمل جمعيات حقوق اإلنسان
-ومن المالحظ أن هناك ارتفاع في حجم الخدمات الصحية التي تقدمها الجمعيات والمؤسسات األهلية ،وتجدر اإلشارة هنا إلى
أن هذه الخدمات تُقدم بأسعار وتكلفة رمزية وبكفاءة عالية ،وهى مفيدة جدا ً في الحد نسبيا ً من العبء الكبير ال ُملقى على عاتق
المؤسسات الحكومية العامة ،كما أن مثل هذه المؤسسات الصحية األهلية في امتدادها إلى المناطق أو األحياء الشعبية
والعشوائية غير المنظمة من قبل الدولة ترفع عبئا ً ثقيالً عن كاهل سكان هذه المناطق واألحياء فيما يتعلق بالطبيب ،أو التداوي،
ومع ذلك فإنه يؤخذ على هذه الجمعيات والمؤسسات األهلية ذات النشاط الصحي تركيزها فقط على الجوانب العالجية على
حساب الصحة الوقائية ،وإهمالها للقضايا الصحية بالمنظور الشامل للتنمية البشرية.
-فاألمن الصحي يُعد خطوة من أهم الخطوات في طريق تحقيق األمن االجتماعي ،وهنا يتضح مما سبق مدى أهمية الدور
الذى تلعبه الجمعيات والمؤسسات األهلية في تحقيق األمن االجتماعي من خالل ما تقدمه تلك المؤسسات والجمعيات في مجال
الخدمات الصحية والعالجية والتحاليل الطبية ،سواء كان ذلك بالمجان للمريض أو حتى عن طريق دفع أجر رمزي مقابل
تلقيهم هذه الخدمات ،فمما الشك فيه أن المؤسسات والجمعيات األهلية بأدائها لهذا الدور تخدم فئة كبيرة ممن هم في حاجة لتلك
الخدمات الصحية وال يستطيعون الحصول عليها ،فهي من ناحية تساهم في التخفيف على محدودي الدخل والفقراء ،ومن ناحية
أخرى تساهم في حل مشكلة عدم تواجد الخدمات الطبية في األماكن الشعبية واألحياء والعشوائيات والقرى النائية ،التي
تتقاعس الدولة فيها عن بناء العدد الكافي من المستشفيات.
ويرى البعض أن أحد الرهانات الكبرى إلنعاش الجمعيات األهلية اليوم ،هو الرهان على قيامها بمشروعات لتوليد وزيادة
الدخل ،األمر الذى يُساهم في التنمية االقتصادية وحل العديد من المشكالت أهمها مشكلة الفقر والبطالة ،فالفقر يُعد أحد
المشكالت الرئيسية التي تواجه الفرد في المجتمع ،حيث أن الفقر المادي يتبعه فقر في شتى مجاالت الحياة ،وهناك ارتباط
وثيق بين الفقر وبين نق فر العمل من ناحية وبين تدنى األجر من ناحي ٍة أخرى ،فأعضاء الطبقة الفقيرة غالبا ً ما تنتشر
بينهم األمراض واألمية ،ويعتمدون في دخولهم على العمل المؤقت وغير المستقر المتدني في األجر ،فتلك األمور جميعها تُعد
من ُمهددات األمن االجتماعي للفرد وللمجتمع.
األنشطة التعليمية والتثقيفية ودورها في تحقيق األمن االجتماعي
يُعد تحلى الفرد بالعلم والثقافة الواعية من أهم العوامل التي تحول بينه وبين األفعال السلبية والسلوكيات الغير أخالقية الضارة
بالمجتمع ،تلك األفعال والسلوكيات التي تُعد من أهم أسباب اختالل األمن االجتماعي ،وهنا يبرز دور الجمعيات والمؤسسات
األهلية في تحقيق األمن االجتماعي من خالل تلك الخدمات واألنشطة التي تقدمها في مجال التعليم والثقافة ،وال ُمتمثلة في إنشاء
المدارس ،و ُمحاربة األمية ،وعمل فصول تقوية لمحاربة ظاهرة الدروس الخصوصية ،هذا باإلضافة إلى منح الفُر للطالب
من تكملة دراساتهم بالمدارس والجامعات ،وهذا أيضا ً إلى جانب عمل المسابقات وتقديم الجوائز للفائزين ،فتلك األمور جميعها
تُسهم بشك ٍل فعال في تحقيق األمن االجتماعي من خالل القضاء على ُمهدداته الناجمة عن التسرب من التعليم واألمية.
هذا إلى جانب دور الجمعيات والمؤسسات األهلية في مجال األنشطة الثقافية والتربوية والفكرية من خالل ما تنظمه تلك
الجمعيات والمؤسسات من ندوات ومؤتمرات ومحاضرات تهدف إلى الوصول بالفرد إلى تنشئة اجتماعية وثقافية وفكرية
سليمة ،هذا إلى جانب إصدارها لدوريات ومجالت ثقافية وتربوية وفكرية ،تتناول موضوعات تمس األمن االجتماعي وتؤثر
سلبا ً على المجتمع ،مثل شرب الكحوليات ،وتعاطى المخدرات ،والتفكك األسرى وتشرد األطفال ،وممارسة العنف بجميع
أشكاله ،هذا باإلضافة إلى تناول الموضوعات التي تعمل على تدعيم أسس األمن االجتماعي داخل المجتمع ،كالتسامح
والوسطية في اإلسالم ونبذ العنف ،والحث على العفو واإلحسان ومراعاة حقوق اآلخرين ،ونشر قيم التراحم والتكافل
االجتماعي والتعاون والتحلي باألخالق الحميدة......إلخ.
الماء والهواء والتغذية والطاقة دون أن يؤثر ذلك على احتياجات االستجابة للحاجات اإلنسانية لإلنسان فيما يخ
األجيال القادمة.
توزيع عادل للثروات ،والمزاوجة بين الحق في بيئة نظيفة وواجب المحافظة عليها.
وابتداء من عام 4382م برز اسم الصندوق العالمي للطبيعة الذى اهتم بإيجاد الحلول للمشاكل البيئية من خالل حماية الغابات،
ومحاربة تلوث البحار والمحيطات والسواحل ،والمحافظة على نقاوة المياه العذبة ،والمحافظة على تنوع جميع الكائنات الحية
والنباتية والحيوانية ،ومواجهة عواقب التغيرات المناخية ،ومنذ عام 4383م تحولت منظمة السالم األخضر إلى منظمة دولية،
وركزت في أهدافها على حماية الغابات والمحيطات من كل أشكال التدهور ،وتشجيع استعمال الطاقات المتجددة والنظيفة
كبديل للوقود ،ونزع السالح النووي والحد من انتشار اإلشعاعات النووية وخطر استعمال المواد الكيماوية السامة ومنع انتشار
المواد المعدَّلة وراثياً.
ويتضح مما سبق إن من أهم التحديات التي يواجهها العالم اليوم هى قضية الحفاظ على البيئة وتنميتها ،فالبيئة هى موضوع
حياة الرتباطها الوثيق بحياة اإلنسان والحيوان والنبات ،وبالرغم من أن قضية البيئة وحمايتها قد أخذت حيزا ً كبيرا ً من االهتمام
على الصعيدين الدولي والمحلى ،إال أن اهتمام الجمعيات والمؤسسات األهلية باألنشطة البيئية بشكل مباشر مازال محدوداً ،ولم
يتجه بشكل كبير ليساهم في المحافظة على نظافة البيئة وعدم تلوثها ،وال ينكر ذلك أن هناك اهتمام غير مباشر من جانب
بعض الجمعيات والمؤسسات األهلية بالبيئة والحفاظ على نظافتها ،ويتمثل هذا االهتمام بشكل كبير في القيام بحمالت النظافة
بين فترة وأخرى ،والقيام بتجميل وتشجير المنطقة التي توجد بها تلك الجمعيات والمؤسسات األهلية ،هذا إلى جانب عقد حلقات
وندوات لنشر الوعى البيئي في المدارس والجامعات.
أما فيما يتعلق ببعض األنشطة البيئية كمكافحة الجفاف والتصحر وحماية الثروة الحيوانية وإعادة تصنيع المخلفات والنفايات،
بعض من األنشطة البيئية األخرى
ٍ فهناك قلة قليلة من المنظمات األهلية التي تهتم بتلك األنشطة ،هذا باإلضافة إلى أن هناك
مثل حماية الثروة المعدنية ،أو جمع مياه األمطار مثالً ال توجد أية منظمة أهلية تمارس مثل هذه األنشطة.
األنشطة االجتماعية والرعائية ودورها في تحقيق األمن االجتماعي
تقدم معظم الجمعيات والمؤسسات األهلية خدمات اجتماعية كثيرة ومتنوعة ومهمة بالنسبة لمختلف شرائح المجتمع ،بدايةً من
الخدمات المقدمة لألطفال والشباب والمسنين ،ووصوالً إلى الخدمات المقدمة لألسرة بصف ٍة عامة ،إضافةً إلى وجود خدمات
اجتماعية في مجال الرعاية االجتماعية للمعاقين أو ذوى االحتياجات الخاصة ،وفي مجال رعاية األيتام والتكفل بهم ،وتقدم
الجمعيات والمؤسسات األهلية المساعدات االجتماعية للعديد من األفراد واألسر الفقيرة ،هذا باإلضافة إلى اهتمام بعض من تلك
الجمعيات والمؤسسات بتقديم خدمات العون واإلغاثة للفئات المنكوبة ،خاصةً عند حدوث بعض الكوارث الطبيعية أو البيئية
كالجفاف والقحط أو ما شابه ذلك ،وإلى جانب هذه الخدمات الموجهة إلى بعض الشرائح االجتماعية على وجهه الخصو ،
تقوم الجمعيات والمؤسسات األهلية بتقديم جملة من الخدمات العامة الموجهة إلى كافة شرائح المجتمع على وجهه العموم ،مثل
ما تقدمه بعض الجمعيات األهلية من خدمات صحية ،أو ما تقدمه من خدمات تتعلق بتنظيم األسرة ومسائل الصحة اإلنجابية،
أو خدمات سكنية تتعلق ببناء المساكن والمساجد والمرافق العامة ،هذا باإلضافة إلى تقديم بعض الجمعيات والمؤسسات األهلية
لبعض األنشطة الترفيهية كممارسة النشاط الرياضي والفني وإقامة الرحالت والمعسكرات وغير ذلك من األنشطة الترفيهية
المتنوعة.
وفي النهاية يتضح مما سبق أن كافة األنشطة والخدمات االجتماعية التي تقدمها الجمعيات والمؤسسات األهلية سواء كانت تلك
األنشطة والخدمات عبارة عن أنشطة صحية أو اقتصادية أو تعليمية أو تثقيفية أو بيئية أو سياسية أو حقوقية أو مساعدات
اجتماعية أو خدمات رعائية ،جميعها يمكن أن يُساهم إلى ح ٍد كبير في تحقيق األمن االجتماعي للفرد وللمجتمع ،كما يمكن أن
تُساهم الجمعيات والمؤسسات األهلية في تحقيق األمن االجتماعي عن طريق التخفيف من حدة المشكالت االجتماعية التي
تعانى منها بعض الفئات ،كمشكالت الفقر والبطالة والتسول واألمية ...وغيرها من المشكالت األخرى ،وتقديم الحلول
والمعالجات لها ،حتى ال تتفاقم وتصبح أرضية خصبة لإلجرام ولالنحراف ،األمر الذى يؤثر سلبا ً على أمن واستقرار المجتمع.
تابع المحاضرة السابعة :تابع الدور التنموي للمنظمات غير الحكومية وعالقته باألمن االجتماعي
يمثل األمن االجتماعي أحد أبرز ركائز إحداث التنمية ،وبنفس القدر تعتبر التنمية أحد أهم ركائز األمن االجتماعي ،وهذا يعنى
أن ثمة عالقة تكاملية وتبادلية بين األمن االجتماعي والتنمية ،فالتنمية تُوسع من القاعدة المادية إلشباع حاجات الفرد األساسية
ُمحققة بذلك األمن االجتماعي ،أما األمن االجتماعي فهو من ضرورات التنمية ،حيث ال تتحقق هذه التنمية إال عبر تأسيس
مجتمع معافي ،من خالل االستثمارات في الصحة والتعليم والبنية التحتية ،والعمل على رفع معدالت الدخل القومي ،فهناك
ارتباط مباشر بين قضية األمن االجتماعي والتنمية ،فإن لم يكن األفراد آمنين ،فقلما أن يكون لهم دور فعال في المجتمع،
ويشمل هذا األمن إمكانية الوصول إلى الخدمات الصحية والعيش في مستوى معيشي الئق ،وغيرها من االحتياجات األساسية
لألفراد ،ولذلك فالبد من توفير الحد األدنى من األمن االجتماعي لألفراد حتى نصل في النهاية إلى مجتمع متقدم.
ومما ال شك فيه تهدف التنمية إلى خلق بيئة يستطيع األفراد من خاللها تطوير قدراتهم إلى أقصى حد ممكن واالستغالل األمثل
لها في جميع المجاالت ،وزيادة الفر في الحاضر والمستقبل ،فالتنمية البشرية المستدامة تقدر الحياة اإلنسانية لذاتها ،فهي ال
تقدر حياة اإلنسان ألنه ينتج السلع المادية ،وال تميز بين شخ وآخر ،وال ينبغي أن يعيش أي طفل حياة بائسة لوجوده في بيئة
سيئة ،بل يجب أن تُمكن التنمية جميع األفراد من تطوير قدراتهم إلى أقصى حد ممكن ،ويُعد مبدأ حقوق اإلنسان للجميع هو
الرباط الوثيق بين التنمية البشرية في الحاضر والمستقبل ،حيث أنه ال معنى للتنمية المستدامة إذا كانت تعنى توفير فر
الحياة البائسة أو تهدف إلى زيادة حرمان اإلنسان ،فيجب أن يلقى الفقراء نفس االهتمام الذى يلقاه أجيال المستقبل ،ومن ثَم فإن
التنمية البشرية واالستدامة مكونان أساسيان لمبدأ حقوق اإلنسان للجميع ،فال يوجد توتر بين المفهومين ،وفي هذا اإلطار
المفاهيمي تُمثل االستدامة ـ بالمعنى الواسع ـ العدالة في توزيع فر التنمية بين أجيال الحاضر والمستقبل ،فمن الجور
االهتمام برفاهية المستقبل وتجاهل معاناة الفقراء في الحاضر ،حيث يتطلب مبدأ حقوق اإلنسان للجميع العدالة داخل الجيل
الواحد وبين األجيال.
ومع بداية األلفية الثالثة بدأ يظهر فكر جديد أدى الى العديد من التراكمات الكمية والكيفية العميقة والتحول من التخلف الى
التنمية ،حيث برزت العديد من الجمعيات ومنظمات العمل غير الحكومية كفاعل ُمؤهل لقيادة التحوالت التي وقعت أثناء مرحلة
االستقالل التي شكلت خطا ً فاصالً بين التخلف الذى حاولت القوى االستعمارية ترسيخه وبين التنمية التي حاولت االتجاهات
والقوى الوطنية تأسيسها والتي نضجت ثمارها فيما بعد مع تخليها عن نموذج التنمية التقليدية الذى تتبناه الدولة ،وتتبنى فكرة
أن تبدأ التنمية من القاع التي اعتبرت ركيزة أساسية ضمن نموذج التنمية المتواصلة أو المستدامة Sustainable
Developmentالذى شاع بعدما تجاوز تماما ً مختلف المصطلحات واألفكار القديمة السابقة ،وأصبح يعني في جوهره "
التنمية مع المحافظة على البيئة ،أو التنمية لصالح األجيال الحالية مع المحافظة على البيئة لصالح األجيال في المستقبل.
ومن الطبيعي أن تكون التنمية جهدا ً مقصودا ً للتحرك من القاع في اتجاه القمة وفق تصور جديد للنمو يبدأ من الجماهير وليس
من الدولة كما كان الحال ففشلت تجارب التنمية التقليدية في غالبها ،وإذا كانت الدولة قد ظلت لفترة طويلة ُ تمثل الفاعل الحقيقي
الذى قاد عمليات التنمية بنماذجها التقليدية ،فقد تغير الحال وبرز تأكيد عالمي وإقليمي ومحلى على الدور التنموي الذى ينبغي
أن تلعبه مؤسسات المجتمع األهلي ( المدني ) واالهتمام باإلسهام االقتصادي واالجتماعي للمؤسسات غير الحكومية والجمعيات
األهلية التي أصبح لها أهمية بالغة باعتبارها كتلة متماسكة لها قوتها وفاعليتها في مواجهة كثير من القضايا ،وبخاصةً فيما
يتعلق بتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تقوم باألساس على استنفار مشاركة الجماهير في كل ما يتصل بتطوير واقعهم
وتنمية ،ومن المالحظ في الفترة األخيرة اتساع مساحة تمكين كل هذه الهيئات والمنظمات لشرائح كبيرة من السكان ودفعها
باتجاه المجري الرئيسي للمجتمع بعد أن كانت تعيش على هامشه.
عالقة األمن البشرى بالتنمية البشرية
يتحدث البعض عن األمن البشري باعتباره مرادفا ً للتنمية البشرية ،حيث يتضمن المفهوم أبعادا ً لالرتقاء بأمن للبشر تتشابه مع
األبعاد الخاصة بتحقيق التنمية البشرية ،إال أن النظرة المدققة تكشف عن حقيقة أن المفهومين مختلفين ،فعند تعريف األمن
يجب التمييز بين األمن البشرى والتنمية البشرية ،فالتنمية البشرية هي مفهوم أوسع ،تم تعريفها في تقارير التنمية البشرية
السابقة على أنها زيادة االختيارات المتاحة لدى األفراد ،ويعنى األمن البشرى ممارسة األفراد هذه االختيارات بأمان وحرية
وثقتهم أن الفر المتاحة لهم اليوم لن تضيع غداً.
غير أن هذا االختالف ال يعني أنه ال توجد صالت وثيقة بين األمن البشري والتنمية البشرية ،ألن التقدم في أي من المجالين
يعزز عوائد التنمية :بل إن األمن البشري ال يمكن أن يتحقق إال إذا شملت التنمية جميع المواطنين في المجتمع ،فالطبع توجد
عالقة بين األمن البشرى والتنمية البشرية ،حيث يعزز التقدم في أحدهما فر التقدم في اآلخر ،ويعزز الفشل في أحدهما
فر الفشل في اآلخر ،فالفشل في تحقيق التنمية البشرية يؤدى إلى الفقر والجوع والمرض والعنف والنزاعات المستمرة،
ومن ثم عندما يشعر األفراد بعدم األمن غالبا ً ما يكونوا أقل تسامحا ً ويصبحوا عبئا ً على المجتمع .
ومن الجدير بالذكر أن أدبيات التنمية ومختلف المؤتمرات قد لعبت دورا ً أساسيا ً في إثراء وتحديد مفهوم األمن البشري وعالقته
بالتنمية البشرية ،خاصةً القمة االجتماعية في مارس 4335حيث عبر المجتمع الدولي عن موافقته بأن التنمية االجتماعية
والعدالة االجتماعية هي أمور ال يمكن االستغناء عنها لتحقيق واستمرار السالم واألمن داخل وفيما بين األمم والشعوب.
ويؤكد مفهوم األمن البشرى على أن األفراد لكى يكونوا قادرين على رعاية أنفسهم يجب أن تتاح لهم الفر لتلبية احتياجاتهم
وكسب عيشهم ،وهذا سيؤدى إلى تمتعهم بالحرية وإسهامهم في التنمية ألنفسهم ومجتمعهم وعالمهم ،فاألمن البشرى هو مكون
أساسي للتنمية المشتركة ،ومن ثم فاألمن البشرى ليس مفهوم دفاعي لكنه مفهوم تكاملي ،فهو يعترف بمبدأ حقوق اإلنسان
للجميع ،ويشير إلى التضامن بين الناس ،وال يمكن تحقيقه من خالل القوة ،القوة العسكرية ضد القوة العسكرية ،وإنما يتحقق
فقط عندما نجمع على أن التنمية يجب أن تشمل الجميع.
ولعله من المهم هنا استعادة موقف ورؤية أفالطون عن العدالة ،فالعدالة تمثل عنده التناغم بين الفضائل الثالث أو العالقة
الصحيحة بين الطبقات الثالث التي يقول بها في جمهوريته سواء بالنسبة إلي الفرد أو الدولة ،حيث تتمثل العدالة في قيام كل
طبقة بتنفيذ واجبها األساسي أو كما قال أن يؤدى كل شخ ما علية فالعدالة هي أعظم ثروة إنسانية والهدف االسمي لحكم
الدولة والتي ال وجود للجماعة اإلنسانية بدونها.
والواقع أن هناك العديد من العوامل والظروف التي ساعدت في إنجاح العمل التطوعي والمنظمات غير الحكومية والجمعيات
األهلية ،فالحكومات في كثير من المجتمعات بدت أكثر وعيا ً بأهمية المشاركة الشعبية وبالدور الذي يمكن أن تلعبه المنظمات
الوسيطة من ناحية ،ومن الناحية األخرى أن هذه المنظمات ال تلتزم التزاما ً قاسيا ً بقواعد اإلدارة البيروقراطية ،األمر الذي
يجعلها تتمتع بدرجة عالية من المرونة ،أضف إلي ذلك توافر منظومة قيميه توجه العمل والجهود كاكتشاف الذات في مختلف
المستويات وإدراك األفراد للقوي الكامنة أو المغيبة تاريخياً ،حيث يؤدى اكتشاف هذه القوي إلى إدراك إمكانية االستخدام
وإمكانية تجددها ،مما يؤدي إلى انتعاش فاعلية هذه التكوينات باعتبارها الفاعل الذى يتولى قضية المجتمع ودفعة على طريق
التنمية.
فمما الشك فيه أن أزمة التنمية في العالم الثالث والتي ساعدت الثمانينيات من القرن الماضي على تسليط الضوء عليها ،إنما
تعود في جانب منها إلي إلقاء عبء التنمية علي عاتق الحكومات وحدها ،كذلك أدى االتجاه نحو الخصخصة واالتجاه إلى
سياسات التكيف الهيكلي إلى تحجيم وتقلي دور الدولة في توفير الخدمات االجتماعية والحاجات األساسية للشعب ،مما أدي
بكثير من االتجاهات إلى الدعوة كى تلعب الجمعيات األهلية والمنظمات غير الحكومية دورا ً أكبر من تعبئة البشر للقيام ببعض
األنشطة التنموية ،والشائع أن قطاع المنظمات غير الحكومة قد ظهرت في إطار عدم قدرة الدولة على الوفاء بكافة االحتياجات
المجتمعية في مجاالت التنمية والرفاهية ،وليس ثمة شك في أنه إذا كانت الدولة هي الفاعل الذي قاد عمليات التنمية
بنماذجها التقليدية ،فإن منظمات المجتمع المدني والجمعيات األهلية والمنظمات غير الحكومية هي فاعل التنمية المستدامة
وهذا يتطلب ما يلى:
أوال :أن تقوم الدولة بفتح باب الحوار مع كل هذه المنظمات والجمعيات ،وأن تقبل في الوقت نفسه شراكتها في عمليات التنمية.
ثانياً :حث المواطنين في المحليات على المشاركة واألخذ بالالمركزية ألن اإلطار المحلي هو األقرب من البشر لفهم همومهم
ومشكالتهم الواقعية.
ثالثا :تقوية وتطوير البناءات القانونية التي تحدد الحدود بين الدولة وسائر المنظمات األهلية وغير الحكومية.
ونتيج ة لهذه المميزات السابقة عن المجتمع المدني وما يضمه من تكوينات وجمعيات ومنظمات غير حكومية برزت في مقدمة
وثيقة األهداف اإلنمائية التي وقعت عليها دول العالم فقد تأكدت ثالثة أفكار أساسية
الفكرة االولي :التأكيد على مفهوم المجتمع المدني القوي ،بمعني الفاعلية والكفاءة في تحقيق األهداف والوصول إلي الفئات
المستهدفة ،بدالً من مجرد االعتماد على األرقام التي ال تشير إلي مكامن ومظاهر هذه القوة والفاعلية.
الفكرة الثانية :تتمثل في التأكيد الواضح علي قيمة الشراكة التي برزت في التسعينيات ونصت عليها المواثيق بدءا ً من مؤتمر
القاهرة للسكان والتنمية الذي إنعقد عام 4331م ،حيث أوضح أن الشراكة ليست عالقة غير متكافئة ،وإنما هي عالقة تكامل
وتقدير متبادل ،كما أنها ليست مجرد إسناد بعض المشروعات من الحكومة إلي بعض المؤسسات والجمعيات المنتقاة.
الفكرة الثالثة :هي المشاركة الشعبية الواسعة التي تحرك ِه َم ْم المواطنين في المجتمع المحلي لإلسهام في مواجهة تحديات
التنمية.
خصائص وسمات التنمية المستدامة
والسمات التي تميز التنمية المستدامة عن غيرها من نماذج التنمية وفيما يلي عرض ألبرز في الواقع هناك بعض الخصائ
هذه الخصائ :
-4أنها تنمية ذات طبيعة إيجابية حيث يشارك أعضاء المجتمع من خالل بعض األنشطة مثل التبرع بالمواد أو بالعمل
التطوعي ،وهذه الطبيعة اإليجابية تساعد في تعبئة البشر إطار المشروع التنموي ففي هذا النمط نجد البشر يتعايشون مع
مختلف مراحل المشروع منذ إصدار قراره وحتي تجسيده وتنفيذه.
-3المشاركة الديمقراطية :فالتنمية من خالل هذا النمط قريبة من الناس وتفترض المساواة بينهم إذ أنها تتطلب وعي الجميع
ومشاركة الجميع وفق مرجعية مشتركة وأهداف مشتركة ،ولذا تعتبر التنمية المستدامة بمثابة مدخل للممارسة الديمقراطية
الحقيقية.
-2التنمية المستدامة مدخل الى تمكين المهشمين وتمكين الفقراء حتي يستعيدوا عافيتهم وقدرتهم على المشاركة الفعالة
-1كذلك تتميز التنمية المستدامة بالتنوع وبقبول عدة أنماط متوازية تؤدي كلها إلي التنمية ،كما تتميز أيضا ً بإمكانية إختيار
المنهج التنموي الذي يعتبر أكثر مالئمة لتحقيق األهداف التنموية .
وإزاء هذه المميزات واألفكار األساسية ال يبدو غريبا ً أن يظهر للعيان أن هذه المميزات واألفكار األساسية كانت وراء تعاظم
النجاحات التي حققتها بعض جمعيات ومؤسسات العمل األهلي ،ليست فقط ذات الطابع الخيري والرعائي ولكن ذات الطابع
الثقافي والتنويري وتلك التي قام نشاطها على التوجهات التنموية ،وتضاعف بسببها عدد المؤسسات والجمعيات في مجال
الصحة والبيئة والمنظمات الحقوقية وفي مجال الدفاع عن قضايا المرأة وسائر التنوعات والتصنيفات التي برز توجهها نحو
تحقيق المنفعة الكلية للمجتمع ،أو التوجه لدعم ومساندة الفئات الفقيرة والمهمشة.
فاإلعالم هو منهج وعملية يقوم على هدف التنوير والتثقيف ويهدف إلى نشر األخبار واألنباء والحقائق والمعلومات الصادقة
التي تنساب إلى عقول األفراد ووجدانهم الجماعي فترفع من مستواهم وتدفعهم إلي العمل من أجل المصلحة العامة ،كما أنه
يهدف الي تنوير الرأي الجماهيري وتبصير الجماعات علي اختالف مستوياتها وتنوع اهتماماتها اذ ينطوي على عنصر
التوجيه الذي يقصد به تحقيق هدف عام هو التنمية وتحقيق الصالح سواء في المجاالت الدولية او على المستوى الوطني
والقومي.
ومجمل القول أن اإلعالم هو شريك رئيسي في عملية التنمية ومن الواجب االعتراف بمبدأ اقتسام المسئولية كي يعلب دور
الظهير الواعي الذي يقوم بتوعية المجتمع بقضاياه وقضايا التنمية من ناحية ،ومساندة مؤسسات وجمعيات ومنظمات العمل
غير الحكومية من ناحية أخري لدفع العمل األهلي وتطويره ،وإبراز دور مؤسسات العمل األهلي في تحقيق مظاهر االستقرار
واألمن االجتماعي في المجتمع.
المحاضرة الثامنة :وسائط التنشئة االجتماعية وعالقتها باألمن االجتماعي
مفهوم األسرة:
أوجست كونت عرف األسرة بأنها الخلية األولى في جسم المجتمع ،والنقطة األولى التي يبدأ منها التطور ،والوسط الطبيعي
واالجتماعي الذي يترعرع فيه الفرد .
ميردوك يعرف األسرة بأنها :جماعة اجتماعية تتميز بمكان إقامة مشترك ،وتعاون اقتصادي ووظيفة تكاثرية .
وظائف األسرة
الوظيفة الثقافية :هو ما تقوم به األسرة من تنشئة اجتماعية للطفل ودمجه مع اإلطار الثقافي السائد في مجتمعه و توريثه إياه
توريثا معتمدا حيث يكتسب من األسرة لغته ،عاداته ،عقيدته والفكر السائد في مجتمعه.
الوظيفة النفسية :وتسعى إلى ذلك األسرة عن طريق تنمية الطفل نموا نفسيا سليما واالرتقاء به إلى صحة نفسية سليمة وإشباع
حاجاته ودوافعه األساسية وتزويده بالحب والحنان وإشعاره باألمان ومساعدته على التكيف مع بيئته ومجتمعه على النحو
المطلوب.
الوظيفة االقتصادية :ويقصد بها توفير الدعم المادي بما يضمن توفير حياة كريمة ألفراد األسرة بتوفير االحتياجات
والمتطلبات الالزمة للحياة وتحقيق األمن األسري المادي.
الوظيفة االجتماعية :تتمثل هذه الوظيفة في توفير الدعم االجتماعي ونقل العادات والقيم والتقاليد السائدة إلى األطفال وتزويدهم
بأساليب التكيف ،وإكسابهم المعتقدات والخبرات الالزمة لهم وتنمية الشعور باالنتماء األسري واالجتماعي وتكوين شخصيتهم
الوظيفة البيولوجية :تعد األسرة المجال المشروع اجتماعيا إلشباع الدوافع ومن بينها الدوافع الجنسية حتى يمكن إنجاب
أطفال تتوافر فيهم جميع الشروط الصحية الالزمة وان يكون عدد أفراد األسرة نموذجا يحقق التوازن بين موارد األسرة
واحتياجات أفرادها .
-أسرة تكون السلطة فيها لألب إلى حد كبير على جميع أفراد األسرة .
-أسرة تكون فيها السلطة لألم .
-أسرة تكون فيها السلطة لالبن .
-أسرة تكون فيها السلطة الشرعية للولي أو للجد أو للجدة .
-أسرة ديمقراطية وأسرة تسلطية .
-2التصنيف على اساس الشكل والحجم
األسرة النووية :وهي األسرة الصغيرة المكونة من الزوج والزوجة واألبناء غير المتزوجين و الذين يقيمون تحت سقف واحد
األسرة الممتدة :وتضم الزوج والزوجة وأبناءهما المتزوجين وغير المتزوجين ،وتضم األعمام واألخوال والعمات والخاالت
والجد والجدة من ناحية األم واألب.
األسرة المركبة :وهي األسرة التي يكون فيها الزوج متزوجا من عدة زوجات .
األسرة المشتركة :وهي تتكون في الغالب من أسرتين نوويتين يرتبطان بعضهما البعض.
-3التصنيف على اساس إقامة االسرة :أسرة تقيم مع أهل الزوج و أسرة تقيم مع أهل الزوجة -واسرة تقيم بشكل مستقل
-4التصنيف على اساس شكل العالقات :اسرة تناحرية تطالب أفرادها بالخضوع للتقاليد وأسرة تفاعلية يكسب فيها الفرد
أهميته من خالل توكيد ذاته
-5التصنيف على اساس معاملتها ألطفالها :أسرة نابذة لألطفال وأسرة متسامحة ،وأسرة متسلطة وأسرة ديمقراطية
أسلوب الحب والتقبل :يتمثل في الحذر والحب من قبل الوالدين تجاه الطفل بمقدار التلقي اإليجابي لما يصدر عنه من سلوك
وإحساس بأنه محبوب ،حيث يتصف الوالدين في هذا النمط بتقبل أبنائهم ويعامالنهم بالحب والحنان ودفء العاطفة واحترام
المشاعر ويساعدانهم على احترام ذاتهم.
أسلوب التسامح :يعني احترام رأي الطفل وتقبله على عيوبه وتصحيح أخطائه دون قسوة مع بث الثقة في النفس وقد توصل
العلماء الى أن أسلوب التسامح يرتبط إيجابيا بالقدرة على التفكير اإلبداعي.
الوالدين عل تشجيع األبناء على أداء االعمال الموكلة إليهم وإتقانها ويعد هذا األسلوب من أسلوب التشجيع :يدل على حر
أفضل أساليب التنشئة.
أسلوب الضبط اإليجابي :يعبر عن اهتمام الوالدين بتصحيح تصرفات الطفل وذلك بتعريفه ما له وما عليه ،ويشير الى أهمية
تعلم الطفل مجموعة المعايير والضوابط االجتماعية والحقوق والواجبات داخل البناء االجتماعي.
االيذاء النفسي للطفل :يتحقق هذا اإليذاء عندما يحرم الطفل من إشباع حاجاته النفسية عن طريق والدية ،مثل الحاجة إلى
الحب والحنان والرعاية.
االيذاء االجتماعي للطفل :يتحقق عندما يحرم الطفل من إشباع حاجاته االجتماعية مثل التعلم واللعب وقد ينتج عنه ظروف
مادية تعاني منها األسرة.
االيذاء االنفعالي للطفل :وهو سلوك يقوم به الوالدين ويقصدان منه بشكل الشعوري إلى إيذاء الطفل انفعاليا ،ومن أشكال ذلك
السلوك :التجاهل ،اإلرهاب.
السيطرة :ويعني تحكم األب أو األم في الطفل والوقوف أمام رغباته التلقائية ومنعه من القيام بسلوك معين لتحقيق رغباته التي
يريدها.
اإلهمال :وهو يعني أن يترك الوالدين الطفل دون تشجيع على السلوك المرغوب فيه .
أسلوب التدليل :ويقصد به تلبيه كل ما يريده الطفل مهما كان طلبه شاذا أو غير مشروع
أسلوب التساهل :يعتبر أسلوب التساهل من األساليب التربوية التي تعمل على تشجيع الطفل ليحقق رغباته بشكل الذي يحلو ل،
وعدم الحزم في تطبيق منظومة الثواب والعقاب.
أسلوب التذبذب :يعد هذا األسلوب من أشد األساليب خطورة على الطفل وصحته النفسية ويتضمن التقلب في معاملة الطفل بين
اللين والشدة ،يثاب مره ويعاقب مره .
أسلوب التفرقة :وتتمثل التفرقة أو عدم المساواة بين األبناء على أساس الجنس أ ،ترتيب المولد أو السن ،فما يسمح به لألوالد
ال يسمح به للبنت.
النبذ والرفض :من المخاطر التي يتعرض لها الطفل داخل االسرة وتعتبر من أكبر الصدمات النفسية له هي رفض االسرة له
ونبذه بصورة مستمرة .
آرنولد کلورا و فريدرك هاستن :أنها نظام معقد من السلوك المنظم ،الذي يهدف إلى إلى المدرسة بوصفها انسقا منظما من
العقائد والقيم والتقاليد ،وانماط التفكير والسلوك التي تتجسد في بنية المدرسة ،وفي أيديولوجيتها الخاصة».
اشيبمان :أن المدرسة شبكة من المراكز واألدوار التي يقوم بها المعلمون والتالميذ ؛ حيث يتم اكتساب المعايير التي تحدد لهم
أدوارهم المستقبلية في الحياة االجتماعية
أهمية المدرسة
تساعد المدرسة على اكتساب المهارات اإلجتماعية األساسية التي يحتاجها األطفال في الحياة اليومية ،فمن خالل تفاعلهم مع
األطفال اآلخرين في وقت مبكر يتعلمون تبادل األدوار واإلستمتاع والمشاركة ،مما يساعد في إبراز كل طفل لشخصيته
الخاصة على العلن ،كما يتعلم األطفال داخل المدرسة كيفية التفاوض والتنازل والتحاور والقدرة على التركيز ،فبدون تعلم هذه
المهارات منذ الصغر سالقي األفراد صعوبة في بيئة العمل مستقبالً.
تلعب المدرسة دورا ً حقيقيا في ترسيخ الهوية الثقافية لدى الطالب وتكسبهم عناصر مهمة مثل الدين واللغة والتاريخ.
والمقصود هنا هو غرس هذه العناصر في وعي الطالب ووجدانه وسلوكه ليصبح إنسانا ً ذا هوية ثقافية وواضحة المعالم ،إن
امتالك الطالب لعناصر هويته الثقافية يخلق لديه شعورا ً باإلعتزاز بالنفس ويُكسبه حصانة ثقافية.
خصائص المدرسة
يذهب والر إلى أن المدرسة كوحدة اجتماعية على اختالف أنواعها ومستوياتها تتميز بخصائص وهي:
ان لها أعضاء محدودين -أن لها بنية أو تركيبا ً اجتماعيا واضح المعالم -أن لها ثقافة خاصة بها
أنها تمثل شبكة صغيرة محكمة من التفاعالت االجتماعية
مسؤوليات المدرسة
.-4وضع برامج مرننة إلشباع الحاجات النفسية واإلجتماعية للطالب
الطالب من التوتر والقلق النفسي خاصة وقت اإلختبارات. -3اإلستعانة باألخصائي النفسي واإلجتماعي لتخل
-2توفير بيئة تربوية صحية ،تكتمل فيها كل مقومات الصحة الجسمية والنفسية.
-1التركيز واإلهتمام بدراسة مشكالت الطالب المدرسية كالتأخر الدراسي والتخلف العقلي
-5ارتباط نشاط الحجرة الدراسية ،ومايتعلمه الطالب بواقعه اليومي ،ومايشاهده في المنزل والمجتمع.
-4إعداد القوى البشرية القادرة على اإلنتاج :تتركز أهمية العنصر البشري في إسهامه في كل من التنمية االقتصادية
واالجتماعية
-3حفظ التراث الثقافي للمجتمع :بنقله من جيل إلى جيل.
-2تنقية التراث الثقافي للمجتمع باستبعاد الجوانب غير المرغوب فيها :فالمجتمع نسيج متكامل مستمر ،والمدرسة هي
المسؤولة عن استمرار واتصال ثقافة المجتمعات .
-1إحداث التغير الثقافي المالئم للغة العصر :قد تتوافر لكثير من المجتمعات النامية كل عناصر اإلنتاج إال أنها قد تفشل في
معايشة عصرها والتوصل إلى تحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية المطلوبة
-5تبسيط الخبرة اإلنسانية وترتيبها :تتسم الحياة االجتماعية بالتعقيد والتشابك يقف أمامها الفرد وال يستطيع فهمها أو تعليلها؛
لذا فإن من أهم وظائف المدرسة هو تبسيط الخبرات التي تقدم للتلميذ في المدرسة وتجزئة مكوناتها المختلفة
-2التماسك االجتماعي :كي يصبح الفرد عضوا في المجتمع ويعيش ويتكيف معه فعليه أن يشارك األعضاء اآلخرين
ثقافتهم ،والمدرسة الناجحة هي التي تحقق هذه المشاركة .
-7النمو المتكامل للشخصية :فقد وجهت المدرسة عنايتها واهتمامها إلى الشخصية من الجوانب األربعة :الجسمية والعقلية
والنفسية واالجتماعية بحيث تصل إلى تكوين الشخصية النامية المتكاملة التي تستطيع أن تشارك في عملية التنمية.
-8إعداد المواطن الصالح :أصبحت غاية المدرسة الحديثة خلق المواطن القادر على التفكير والعمل واإلنتاج والمشاركة في
العالقات االجتماعية والمساهمة في بناء المجتمع وتقدمه.
( وظائف الجامعة ) :
تعد الجامعة كمؤسسة تعليمية وتربوية وأكاديمية أحد آليات التنشئة االجتماعية والتطبيع االجتماعي ،ويشير بارسونز إلى أن
الجامعة تؤدي دورا أساسيا في عملية التنشئة االجتماعية ويتضح هذا الدور في تنمية السلوك االستقاللي عند الطلبة ؛ فالجامعة
من وجهة نظره من مظاهر تأصيل العقالنية في المجتمع وتأسيسها ،وهي لذلك تلتزم بقيمتها وتعمل من خالل اشتراك الطلبة
في النشاط األكاديمي الذي يتم في بيئتها التنظيمية على تنمية ذكائهم؛ مما يجعلهم قادرين على التكيف الذكي وحل المشكالت
واتخاذ القرارات .فال شك أن للجامعة أهمية حيوية في تنمية وتحديث السلوك الفردي وتكوين الشخصية العلمية والمثقفة
الواعية بقضايا المجتمع وواقعه ،والعمل على زيادة روح االنتماء والوطنية من أجل تنمية المجتمع والمحافظة على قيمة العليا
و نقل تراثه العلمي والحضاري لألجيال المقبلة
يعتبر التعليم من أهم وظائف الجامعة في إعداد القوى البشرية .ونظرا ألن األستاذ الجامعي هو القائم بعملية التدريس فهو
يؤدي دورا بارزا في تنمية وتعزيز األمن الفكري لدى الطالب إذا ما توافرت لديه سبل االستثمار الواعي لإلمكانات المادية
والبشرية البيئة الجامعية من مناهج وأنشطة طالبية وموارد تکنولوجية وتفاعل نشط بينه وبين الطالب وبين إدارة الجامعة
والمجتمع المحلي ،وفي ظل المتغيرات العالمية المعاصرة يجب على الجامعة أن تقوم بدور حيوي في تنمية قدرات الطالب
على مهارات التفكير اإلبداعي الناقد والخالق ،وتنمية بعض القيم واالتجاهات اإليجابية الالزمة إلعداد جيل قادر على مواجهة
التحديات المرتبطة بتلك المتغيرات.
-ويختلف مفهوم الجريمة كذلك بحسب المنظور الذي ينظر له من خالله ،ومنها :
( الجريمة في الشريعة اإلسالمية ) :
عرف الماوردي الجريمة بأنها محظور شرعي نهى الله عن فعله إما بح ّد أو تعزير ،والمحظور هو عمل أمر نهى الله عنه
أمر أ ً َمر به ومن ثم يقصد بالجريمة هنا إتيان فعل محرم معاقب على فعله ،أو ترك فعل محرم معاقب على تركه
أو عدم عمل ٍ
مع تقرير عقاب لكل من يخالف هذه األوامر والنواهي
أنــــواع الجريـــمــة
-1جرائم سياسية :وهي الجرائم المتعلقة بنظام الحكم أو بالحكام بوصفهم حكاما ،ويمكن تعريفها على أنها الجريمة التي
تحتوي اعتداء على نظام الحكم أو شخوصه ،بوصفهم حكاما ،أو على قادة وحاملي الفكر السياسي بسبب آرائهم السياسية
-2جرائم جنسية :وهي سلوكيات جنسية حرمها قانون الدولة ويعاقب عليها ،وهي تختلف عن االعتداء واالستغالل الجنسي
بأنها أوسع نطاقا منهما .وتعد جريمة متعددة الجوانب إذ ال يكون تأثيرها في جانب واحد فقط ،إنما في الجوانب النفسية
واالقتصادية والدينية واالجتماعية .
-3جرائم اقتصادية :وهي الجرائم المتعلقة بالنظام االقتصادي للدولة وبسياساتها االقتصادية ،وتعتبر أخطر أنواع الجرائم ؛
إذ يشمل تأثيرها أجياال كاملة .
-4جرائم االنتقام :ويمكن تقسيمها لتشمل :جرائم ضد الملكية ،جرائم ضد اآلداب جرائم ضد األشخا
-وفي النهاية يمكن التأكيد على أن غياب أو تراجع معدالت الجريمة واالنحراف يعبر عن حالة األمن االجتماعي ،وأن تفشي
الجرائم وزيادة عددها يعني حالة غياب األمن االجتماعي
ثانيا :الجريمة االلكترونية
تتكون الجريمة اإللكترونية ) ( Cyber crimesأو االفتراضية من مقطعين هما الجريمة) ( crimeواإللكترونية ) ( cyber
ويستخدم مصطلح اإللكترونية لوصف فكرة جزء من الحاسب أو عصر المعلومات ،أما الجريمة فهي السلوكيات واألفعال
الخارجة على القانون ،
والجرائم اإللكترونية هي :المخالفات التي ترتكب ضد األفراد أو المجموعات من األفراد بدافع الجريمة وبقصد إيذاء سمعة
الضحية أو أذى مادي أو عقلي للضحية مباشر أو غير مباشر باستخدام شبكات االتصاالت مثل :اإلنترنت وغرف الدردشة
والبريد اإللكتروني.
سرقة المعلومات :الخاصة بموظفي المؤسسات والشركات وتحريضهم وابتزازهم من أجل تدمير األنظمة الداخلية للمؤسسات ،
وتثبيت أجهزة التجسس على الحسابات واألنظمة والسعي الختراقها والسيطرة عليها لتحقيق مكاسب مادية وسياسية ،وتؤثر
الجرائم اإللكترونية الخاصة باختراق الشبكات والحسابات واألنظمة بشكل سلبي على حالة االقتصاد في البالد ،كما تتسبب في
العديد من مشكالت تتعلق بتهديد األمن القومي للبالد إذا ما لم يتم السيطرة عليهم ومكافحتهم بكل جدارة ،وتزداد نسبة الجرائم
االلكترونية والجرائم المعلوماتية حول العالم يو ًما بعد يوم.
تدمير النظم :يكون هذا النوع من التدمير باستخدام الطرق الشائعة وهي الفيروسات اإللكترونية والتي تنتشر في النظام
وتسبب الفوضى والتدمير ،ويتسبب ذلك في العديد من الخسائر المرتبطة بالملفات المدمرة ومدى أهميتها في إدارة وتنظيم
الشركات والمؤسسات ،أو تدمير الخادم الرئيسي الذي يستخدمه جميع من بالمؤسسة من أجل تسهيل األعمال ،ويتم ذلك من
خالل اختراق حسابات الموظفين بالمؤسسة الخاصة بالشبكة المعلوماتية للمؤسسة والدخول على الحسابات جميعا في الوقت
ذاته ،ويتسبب ذلك في عطل تام للخادم ،مما يؤدي إلى تدميره وبالتالي تعطل األعمال بالشركات والمؤسسات.
-1القرصنة اإللكترونية :يشير هذا المفهوم إلى أي ممارسات غير مشروعة تستهدف التحايل على نظام المعالجة اآللية
للبيانات بغية إتالف المستندات العالمية إلكترونيا ،وذلك من خالل قراصنة الكتابة أو استخدام برامج الكمبيوتر الجاهزة .
-ويختلف سبب القرصنة؛ فبعضها يكون بهدف مهاجمة جهاز الحاسوب لتدميره ،أو لتحقيق مكاسب مالية شخصية ( مثل
سرقة معلومات بطاقات االئتمان ،تحويل األموال من حسابات مصرفية مختلفة إلى حساب المقرصن الخا ) ،وهناك من
يقوم باستهداف المواقع الحكومية الساخنة للحصول على الشهرة من خالل التغطية الصحفية اإلعالمية .
-2استغالل األطفال في المواد اإلباحية :يشير هذا المصطلح إلى ظهور األطفال والقصر( الذين تقل أعمارهم عن 48عاما)
في صور أو أفالم أو مشاهد ذات طبيعة إباحية أو مضمون جنسي ،بما فيها مشاهد أو صور لالعتداء الجنسي على األطفال
وهي جريمة يعاقب عليها قانونيا ً في أغلب دول العالم .
-3المطاردة اإللكترونية :هو استخدام اإلنترنت وغيره من الوسائل اإللكترونية لتعقب أو مطاردة أي فرد ألغراض اإلحراج
العام ،أو المضايقات الشخصية ،أو السرقة المالية وغيرها من األمور بسلوك تهديدي .
-4الفيروسات وطريقة نشرها :هي برامج تتم كتابتها بواسطة مبرمجين محترفين بغرض إلحاق الضرر بمواقع أو أجهزة
أخرى ،أو السيطرة عليها أو سرقة بيانات مهمة ،وتتم كتابتها بطريقة معينة ،يتصف فيروس الحاسب بأنه برنامج قادر على
التناسخ واالنتشار ،وأهم طرق االنتقال اآلن هي الشبكة العنكبوتية ( اإلنترنت ) تكون وسيلة سهلة النتقال الفيروسات من جهاز
آلخر ما لم تستخدم أنظمة الحماية.
-5برامج القرصنة :يقصد بالقرصنة هنا االستخدام أو النسخ غير المشروع لنظم التشغيل أو برامج الحاسب اآللي المختلفة .
-6االحتيال باستخدام بطاقات االئتمان عبر اإلنترنت :ويهدف احتيال اإلنترنت في العادة إلى االحتيال على المستخدمين عن
طريق سلب أموالهم ( إما بسرقة أرقام بطاقات ائتمانهم أو بجعلهم يرسلون حواالت مالية أو شيكات ) لغرض شخصي كالشراء
عبر االنترنت او انتحال الشخصية.
-ويمكن تعريف احتيال بطاقات االئتمان بشكل عام على أنه خداع الشخ وسرقة معلوماته عن طريق االستخدام غير
المصرح به وغير المشروع لبيانات البطاقة االئتمانية .
-7التشهير واالبتزاز :وهي التي تهدف البتزاز األفراد من خالل نشر صورهم دون موافقتهم والقصد منها اإلساءة للسمعة
وتشويهها عن طريق المواقع اإللكترونية والتي تعني الكثير منها في كشف أسرار الناس دون موافقتهم أو نشر صور التقطت
في مناسبات اجتماعية عائلية أو حفالت مدرسية أو جامعية فأصبحت في متناول الجميع عن طريق عرضها في المواقع
اإللكترونية من خالل شبكة اإلنترنت .
-2الحصول على المعلومات السرية للجهات المستخدمة مثل البنوك والجهات الحكومية.
-1الكسب المادي أو المعنوي أو السياسي غير الشرعي عن طريق تقنية المعلومات مثل اإلختراق
العوامل المؤثرة في الجريمة االلكترونية
( العوامل النفسية :رائد مدرسة التحليل النفسي (فرويد) ) :
-4االضطرابات النفسية الناتجة عن التأثيرات في مرحلة الطفولة األولى تسترجع في مرحلتي البلوغ.
-3عقدة أوديب :شعور الطفل بالغيرة والكراهية والعدوانية تجاه ابيه حيث يرى فيه منافسة له في حب امه.
-2الصراع المستمر بين الذات العليا والذات الدنيا ومحاوالت األنا التوفيق بين رغبات وشهوات الذات الدنيا.
-1عقدة الذنب :أن الفرد حينما يرتكب جريمة ما ينمو لديه شعور الذنب.
( العوامل االجتماعية :هي مجموعة من الظروف التي تحيط بشخص معين وتميزه عن غيره: ) .
-4األسرة :هي المؤسسة التربوية األولى التي تتلقى المخلوق البشري منذ أن يفتح عينه على النور
-3المدرسة والتعليم :إن المهام والواجبات التي تضطلع بها المدرسة يمكن أن تجعل منها مؤسسة وقائية تحمي من خاللها
الطفل أو الشاب.
-2أصدقاء السوء :من األسباب المهمة التي تدفع الفرد إلى ارتكاب األفعال السلوكية اإلجرامية اختالطه وتجاوبه وتفاعله مع
رفقاء السوء.
-1البيئة السكنية :إن اغلب الدراسات االجتماعية التي اهتمت بموضوع الجريمة والجنوح تؤكد أهمية البيئة السكنية بوصفها
عمال مساعدا في عملية االجرام.
معظم أوقات فراغه وذلك بممارسته نشاطا ً معين -5البيئة الترويحية وأوقات الفراغ :هي البيئة التي يقضي فيها الشخ
يبعث في روحه البهجه والسرور.
-2بيئة العمل :هي الوسط أو المجتمع الذي ينتقل إليه الفرد لمزاولة مهنة أوحرفة أو وظيفة.
-7ضعف التربية الدينية :إن للجانب الديني األثر الفاعل في تدعيم األمن االجتماعي داخل المجتمع ومحاربة الظواهر
االنحرافية.
أ -عالقة البطالة بالجريمة :قدم العديد من مفكري الجريمة والعلوم االجتماعية تصورات نظرية مختلة للعالقات المحتملة بين
التغيرات االقتصادية واالجتماعية وعلى رأسها البطالة والسلوك االجرامي.
ومن الناحية االقتصادية افترض( كتيليه) أن هناك ارتباطا بين السلوك المنحرف والظروف االقتصادية المختلفة وضمنها
البطالة والفقر ،حيث يجعل هذا المجتمع يقوم بفرض قوانين تحفظ النظام االقتصادي وتوقيع العقوبات على مخالفيها ،وهذا
يؤدي إلى ظهور جرائم جديدة.
ب -الوسط السكني والجريمة :يعاني المجتمع من أزمة سكن حادة نتيجة عدم مالءمة المساكن القديمة التساع عدد أفراد
األسرة رغم المشاريع التي نرى تسليمها هنا وهناك ،ونعني بحالة المسكن هو مدى صالحيته لسكن أفراد األسرة.
أسباب الجريمة اإللكترونية:
-2فرصة :وفرت التقنيات الحديثة واإلنترنت فرصا ً غير مسبوقة النتشار الجريمة اإللكترونية
-3ضبط الذات المنخفض :تؤكد الدراسات أن السلوك الطائش يتحمل انخراط أفراد في فعل إجرامي تحدث بسبب وجود
الفرصة مع توافر سمة شخصية من سمات الضبط الذاتي المنخفض.
-4النشاط الروتيني :يمكن تفسير زيادة ضحايا الجريمة اإللكترونية من خالل التغيرات في أنشطة الناس الروتينية في الحياة
اليومية.
-1التحضر :أحد أسباب الجريمة اإللكترونية العامة حيث الهجرة الكبيرة من الريف إلى المدينة ،وعادة ما يهاجر الشاب غير
المتمكنين من مواجهة متطلبات الحياة الحضرية الباهظة التكاليف.
-2البطالة :ترتبط الجريمة اإللكترونية شأنها شأن الجريمة التقليدية بالبطالة والظروف االقتصادية الصعبة ،وكما يقول(
النيجيري) العقل العاطل عن العمل هو ورشة عمل الشيطان.
-3الضغوط العامة :تعد الضغوط العامة التي يتعرض لها المجتمع من فقر وبطالة وخاصة على قطاع الشباب مما يولد
مشاعر سلبية عند شرائح كبيرة من الناس.
-2العولمة.
-3الترابط الكوني.
طرق مكافحة الجرائم اإللكترونية والحد من انتشارها
ساعد انتشار التقدم التقني في تسهيل الكثير والكثير من أمور حياتنا ولكنه فی الوقت نفسه جلب لنا العديد من المخاطر
واألضرار المتعلقة بالحواسيب والشبكة العنكبوتية ،مما جعل الحكومات والمجتمعات تنتبه إلى ضرورة مكافحة تلك الجرائم
وذلك من خالل اتباع عدة طرق نذكر منها ما يلي:
-نشر التوعية والتعريف بهذه الجرائم عن طريق شرحها وتحليلها للناس وبيان أسباب حدوث الجرائم المعلوماتية و كيفية
التعامل معها والحماية منها .
-دعم الوازع الديني والخلقي وتنميته لدى أفراد المجتمع لمكافحة ومواجهة الجرائم اإللكترونية.
-تجنب فتح أي رسائل إلكترونية مجهولة ،وذلك حتى ال يتم اختراق نظام الحاسوب لديك وسرقة كل ما عليه.
-تجنب استخدام أي برامج مجهولة المصدر ،كما يجب تجنب ادخال أي أكواد أو كلمات مرور مجهولة تجنبا للقرصنة أو
السرقة.
-عدم كشف كلمات المرور الي حساب سواء كان حسابا مصرفيا أو بطاقة ائتمان أو حسابا عل موقع معين في االنترنت.
-تجنب نشر أي صورأو معلومات شخصية على مواقع التواصل االجتماعي أواي مواقع أخرى ،حتى ال تتعرض للسرقة ومن
ثم االبتزاز من قبل مرتكبي الجرائم االلكترونية.
-تطوير طرق ووسائل لتتبع مرتكبي الجرائم اإللكترونية بشكل دقيق و اإلمساك بهم .
-وضع قوانين عقوبات رادعة لمرتكبي الجرائم المعلوماتية ،وذلك للحد من انتشارها .
-تثبيت برامج حماية من الفيروسات واالختراقات من أجل الحفاظ على سالمة الجهاز المستخدم وسرية ما به من معلومات .
المحاضرة العاشرة :تابع مهددات االمن االجتماعي
وحذر الله سبحانه وتعالى من الكذب و بين العقوبة التي يستحقها الكاذب لكذبه فقال تعالى ( :فنجعل لعنة الله على الكاذبين )
( آل عمران .) ۱۵ :
ثانيا :الشائعة في التعريف اللغوي :ذكر معجم لسان العرب ،التعريفات اآلتية:
-وكذلك جاء في القاموس المحيط « ،شاع ،يشيع وشيوعا ومشاع أي ذاع وفشا وذعت بالشيء :أذاعته وأظهرته .
-أما في معجم الوسيط فقد أورد كلمة الشائعة وعرفها على النحو التالي : -الشائعة :خبر ينتشر وال تثبيت فيه.
فيعتمد بصحة ثالثا :الشائعة في االصطالح :نشر خبر قد يكون صادقا فيعرفه من کان يجهله أو كاذبا لتحقيق هدف خا
طبقة من الناس.
رابعا :الشائعات في العلوم االجتماعية
-يحتل مفهوم الشائعات موقع الصدارة في العلوم االجتماعية ،وهذا يرجع إلى كثرة ابعادها و أسبابها واآلثار المترتبة عليها.
-وتعرف الشائعات بأنها رواية مصطنعة عن شخ أو جماعة أو دولة ،يتم تداولها شفهيا أو إعالميا ،وهي مطروحة لكي
يصدقها الجمهور ،دون أن تتضمن مصادرها ،ودون أن تقدم دالئل مؤكدة على كونها واقعية ،وبعضها يشتمل على نواة من
الحقيقة لكن معظمها مختلق ،ودوافعها إما أن نكون نفسية أو سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية ،وأهدافها غالبا سلبية.
-وهي االخبار التي يتناقلها الناس دون امكانية التحقق من صحتها ،ويقوم مصدر الشائعة ببيانها وتشكيلها ونشرها.
-كما أن الشائعات هي كل قول يتم الترويج له إلقناع الناس بذلك القول لتحقيق أهداف معينة ،وتساهم الظروف في انتشار
الشائعات من خالل وسائل وأساليب مخطط لها.
عادة بالكلمة المنطوقة ،دون الى شخ -وهي ( كل قضية أو عبارة نوعية أو موضوعية قابلة للتصديق ،تتناقل من شخ
أن تكون هناك معايير أكيدة للصدق)
-2االنتشار :حيث ان وجود االنترنت والشبكات االجتماعية و الهواتف توفر هذه الخاصية وتجعل االنتشار واسع ويعبر
الحدود وال يتوقف .
-3النوع :تتكون من مزيج تفاعلي من الصوت و الصورة و الكلمة والحركة مما يجعلها ذات جاذبية عالية.
-4الكلفة :ال تحتاج الى أي كلفة لتوزيعها فهي منخفضة جدا ً.
-8قابلة للتعديل والتغيير :يمكن التعديل على الشائعة بإعادة اإلنتاج او وضع صورة والتعديل والتعليق عليها.
أنواع الشائعات:
-4الشائعة الزاحفة (البطيئة) :تروج ببطء وهمس وبطريقة سرية وهذا التكتم يجعل المتلقي يصدقها.
-2الشائعة الراجعة :وهي تروج ثم تختفي ثم تعود وتظهر من جديد اذا تهيئت لها الظروف.
بهدف الحط من مكانة منافس له. -1الشائعة االتهامية (الهجومية) :وهي تطلق من قبل شخ
-5لشائعة االستطالعية :وهي محاولة الستطالع ردة فعل الشارع اتجاه قرار .
اخر و اغلبها متعلقة بالشرف . -2الشائعة االسقاطيه :يهدف مطلقها اسقاط الصفات الذميمة على شخ
او جماعة . -7الشائعة التبريرية :يهدف مطلقها الى تبرير سلوكه غير األخالقي اتجاه شخ
-8شائعة التوقع :وهي التي تنتشر عندما تكون الجماهير مهيأة لتقبل اخبار معينة او احداث خاصة.
-3شائعة الخوف :يكون دافعها الخوف من وقوع حدث مأساوي معين في المستقبل.
خصائص الشائعات:
قد تكون صادقة وكاذبة -التعديل على المحتوى -التناقض -سرعة انتشارها وسهولة تداولها
-صعوبة تعقب الشائعات و التأكد من صحتها
-التغير و التحور في المحتوى كلما انتقلت وحسب اهداف ناشريها
-قد تكون كاذبة وترتكز على معلومات غير مؤكدة وال أساس لها من الصحة مثل التي تطلق على الفنانين و المشاهير بصفة
عامة .
-قد تكون صادقة حيث يميل االفراد لتقبلها وتتفق مع معلوماتهم.
وظائف الشائعات:
وتشرح وتسرد المعلومات باألدلة و البراهين و البيانات المغلوطة من اكثر من جانب للقصة. تشرح :أي انها تق
تفسر :تنطوي على جزء من الحقيقة وتوضح أسبابها و سياقها ونتائجها .
تبرر :يستخدم مروجو االشاعة وظيفة التبرير لمعلومات والبيانات المغلوطة وهي عبارة عن استخدام اعذار وأسباب تبدو
مقنعة ومنطقية ولكنها ليست حقيقة.
تحقق :يعتمد على االستشهاد بالمصدر عند عرض وتداول الشائعة لتبدو صحيحة.
تسقط (االسقاط) :يريد مروجو الشائعة من خاللها الوصول الى احاسيس وعواطف قد تكون مكبوتة ويرى علماء النفس ان
االفراد الذين يستخدمون االسقاط هم اشخا على درجة من السرعة في المالحظة و تجسيم السمات التي يرغبونها في
االخرين وال يعترفون بوجودها في انفسهم.
أسباب انتشار الشائعات :
-4كثرة االحداث األمنية و توسيع دائرة اإلرهاب و الحروب على المجتمعات يساعد على انتشار الشائعات.
-3عدم استقرار األوضاع ووجود أجواء من الترقب و التوقع يخلق بيئة خصبة النتشار الشائعات.
-2غياب الصراحة و الشفافية و الحوار بين الحكام و المحكومين يساعد على انتشار الشائعات بسرعة كبيرة جداً.
-1انعدام األخبار و المعلومات وكون الناس غالبا ً يميلون الى تصديق كل ما يقال دون التأكد من صحة المعلومات.
-1التوقف عن التكهن بما ال تعرفة ألن التكهن قد يتحول الى شائعة تضر من حولك.
-8عدم محاولة احباط شائعة او معلومة غير صحيحة بترويج معلومات مضادة.
-41اذا كنت قادرا ً على تقديم ادلة تفسد الشائعة فافعل ذلك او التزم الصمت .
-44اذا كان لديك فضول سماع أي اخبار فال تتخذ القرار بناء على ما تسمعه فقط .
الدور التشريعي :يجب على المشرع سن قوانين رادعة للجرائم المعلوماتية ونشر الشائعات عبر مواقع التواصل االجتماعي و
تشديد العقوبة.
أجهزة االعالم :دعوة وسائل اإلعالم المختلفة الى تأهيل كوادرها وتدريبهم على سبل التحقق من المصادر .
األحزاب السياسية :لها دور مهم في التثقيف السياسي و التوعية بقضايا الشأن العام .
المؤسسات التعليمية :يقع على عاتق المؤسسات التعليمية مسئولية توعية الطالب حول خطورة الشائعات.
المراكز الثقافية ومراكز الشباب :الثقافة والفن يلعبون دورا مهما في تشكيل وجدان الشعوب .