You are on page 1of 42

‫المحاضرة الخامسة‪ :‬تابع قراءة سوسيولوجية حول محددات األمن االجتماعي "مؤسساته‪ ،‬منهج اإلسالم في تحقيقه‬

‫مقدمة‬
‫األمن االجتماعي بمفهومه الشامل هو عبارة عن تفاعل وتجانس وتناغم بين جميع أبعاده وعلى كافة ومستوياته‪ ،‬ولذا فهو يُعد‬
‫المطلب األساسى الذى تسعى جميع الدول والحكومات إلى تحقيقه بين أفرادها بواسطة أجهزتها الرسمية‪ ،‬وتسعى في‬
‫إستراتيجياتها لتحقيق ذلك من خالل خطط التنمية الشاملة التي تتناول كافة مناحى الحياة االجتماعية واالقتصادية والسياسية‬
‫الثقافية وغيرها‪ ،‬كما تقوم المؤسسات التربوية بإعداد النشء إجتماعيا ً ونفسيا ً ومعرفيا ً ليصبحوا أفراد صالحين ويتحقق األمن‬
‫االجتماعي لهم‪ ،‬وفي ضوء ذلك يجب على كل أجهزة الدولة سواء أكانت أجهزة حكومية أو أهلية أن تكرس جهودها وأن‬
‫تتكامل وتتعاون مع بعضها البعض من أجل تحقيق األمن االجتماعي في المجتمع‪ ،‬فمسئولية تحقيق األمن االجتماعي هي من‬
‫األمور التي يجب أن يسعى كل مجتمع إلى زرعها وتنميتها في نفوس أبنائه‪ ،‬وذلك من خالل عملية التنشئة االجتماعية التي‬
‫يتلقاها الفرد منذ والدته وحتى وفاته‪ ،‬وفيما يلى عرض لبعض مؤسسات تحقيق األمن االجتماعي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬مؤسسات تحقيق األمن االجتماعي‬


‫‪ -1‬دور األسرة في تحقيق األمن االجتماعي‪:‬‬

‫األسرة هي الخلية األولى في بناء المجتمع‪ ،‬بل تُعتبر اللبنة األساسية التي يقوم عليها المجتمع بأكمله‪ ،‬ففي األسرة يكتسب الطفل‬
‫ثقافة المجتمع ويتعلم العادات والقيم االجتماعية‪ ،‬فلألسرة دور كبير في غرس القيم االجتماعية‪ ،‬وتوطيد العالقات االجتماعية‪،‬‬
‫والتأكيد على أهمية صلة الرحم وأهمية القدوة في حياة األبناء وإحترام الغير وعدم اإلعتداء على حقوقهم‪ ،‬األمر الذى يؤدى‬
‫بدوره إلى تحقيق األمن االجتماعي داخل المجتمع‪ ،‬فالشك في أن األسرة بأدائها لواجباتها هي خط الدفاع األول عن أمن‬
‫المجتمع‪ ،‬أما إذا أخلت األسرة بذلك الواجب‪ ،‬أو تعرضت للتفكك أو اإلنهيار فسوف يفتح ذلك على المجتمع أبواب الشر‬
‫والفساد‪ ،‬وسيدفع المجتمع كله ثمن ذلك التفكك واإلنهيار‪ ،‬األمر الذى يؤثر سلبا ً على األمن االجتماعي بداخله‪.‬‬

‫‪ -2‬دور المدرسة والجامعة في تحقيق األمن االجتماعي‪:‬‬

‫تأتى المدرسة والجامعة لتكملة ما بدأت به األسرة من إعداد وغرس للقيم والفضائل وتزويد لألجيال بالمعرفة والخبرة من أجل‬
‫تحقيق األمن االجتماعي في المجتمع‪ " ،‬فللمؤسسات التعليمية دورها الكبير في إنشاء جيل صالح متعلم واع برسالته‪ ،‬فيسمو‬
‫بنفسه ويرتفع بمستوى مجتمعه‪ ،‬جيل قادر على حمل األمانة وتقدير المسئولية حري على أمن أمته‪ ،‬لذا ينبغى على‬
‫المؤسسات التعليمية من خالل مناهجها أن تغرس في أذهان طالبها روح الحر على أمن الوطن والمواطنين‪ ،‬وتعميق‬
‫اإلنتماء للوطن‪ ،‬والبعد عن العنف والتطرف الفكرى‪.‬‬

‫‪ -3‬دور وسائل االتصال واإلعالم في تحقيق األمن االجتماعي‪:‬‬

‫يُعد اإلعالم أحد الدعامات األساسية لألمن االجتماعي والتنمية‪ ،‬فاإلعالم هو األداة التي تستخدم في مختلف المجتمعات‬
‫المتطورة والنامية لتطوير وتدريب ورفع الوعى والكفاءة البشرية‪ ،‬ويساعد اإلعالم على دعم المواقف والتأثير فيها‪ ،‬وتدعيم‬
‫الحوافز نحو التغيير والتطوير لدى الجماهير‪ ،‬كما أنه يساعد على تدعيم اإلتجاهات أو تغييرها أو تعديلها وتعديل السلوك‬
‫اإلنسانى بما يتوافق مع األمن االجتماعي‪ ،‬ويلعب اإلعالم بإعتباره أحد فنون اإلتصال دورا ً مؤثرا ً في المجتمع إذا أُحسن‬
‫إستخدامه وتوجيهه لخدمة أهداف األمن االجتماعي‪ ،‬ويقع على عاتق وسائل اإلعالم بإعتبارها مؤسسات ذات مسئولية‬
‫إجتماعية مسئولة عن تطوير وتحديث المجتمع والحفاظ على أمنه االجتماعي والقومى‪.‬‬
‫ولقد شهدت السنوات األخيرة تطورا ً مذهالً في وسائل اإلتصال واإلعالم‪ ،‬سواء كان ذلك من النواحى التقنية‪ ،‬أو مدى إنتشار‬
‫تأثيرها وسرعة وصولها للمواطن‪ ،‬وأصبحت السماء مفتوحة‪ ،‬وسيل المعلومات متدفقا ً عبر شبكة المعلومات (اإلنترنت)‪ ،‬مما‬
‫جعل المواطن يتلقى معارفه ويدرك عالمه المحيط به من خالل وسائل معرفية متنوعة‪ ،‬ولتحقيق األمن االجتماعي بكل جوانبه‬
‫ينبغى أن يُعطى مساحة كافية في اإلعالم المقروء والمسموع والمرئى لإلهتمام بالنواحى الدينية واألخالقية واالجتماعية وفق‬
‫خطة واضحة تلبى إحتياجات أفراد المجتمع بشكل مدروس ومنظم يركز على الجوانب كافة‪ ،‬وبمشاركة جميع الجهات ذات‬
‫العالقة كاألوقاف والتعليم والجامعات ومؤسسات البحث العلمى ومؤسسات المجتمع المدنى وغيرها‪ ،‬وبهذا يتم تحصين‬
‫المواطن وتوفير األمن االجتماعي له‪.‬‬

‫‪ -4‬دور المسجد في تحقيق األمن االجتماعي‬

‫لما كانت رسالة اإلسالم السامية تهدف إلى تغيير نمط الحياة من الجهل إلى العلم‪ ،‬ومن الزيغ والزيف إلى الحق والصالح‬
‫واإلستقامة‪ ،‬وإرساء األخالق النبيلة والخصال الحميدة والسلوك القويم‪ ،‬وذلك يلزم المعرفة القائمة على العلم‪ ،‬فكان المسجد هو‬
‫أول مؤسسة لتعليم األخالق والتوازن في السلوك والوسطية‪ ،‬تلك المؤسسة التي إنطلق منها المسلمون في معرفة الحقوق‬
‫والواجبات‪ ،‬ففي المسجد تفقه الناس في أمور دينهم‪ ،‬ومنه تخرج رواد الحضارة اإلنسانية الزاهرة حاملين معهم لواء العدل‬
‫والسالم واألمن واإلستقرار إلى كافة أنحاء المعمورة‪،‬‬

‫فرسالة المسجد شاملة ومتنوعة‪ ،‬فباإلضافة إلى تنمية الجوانب الروحية واإليمانية وعالقة الفرد بربه‪ ،‬فهي تسعى لنشر القيم‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وغرس اآلداب واألخالق الحميدة‪ ،‬وإبراز سمو اإلنسان وكرامته‪ ،‬والحفاظ على وجوده وحياته‪ ،‬وتقويم سلوكه‬
‫وإشعاره باألمن والطمأنينة من خالل األدوار المتعددة والمجاالت المختلفة التي يضطلع بها المسجد لتحقيق األمن االجتماعي‪،‬‬
‫التي تخفف عن الناس أعباء الحياة وآالمها‪ ،‬وتكبح فيهم جموح الغرائز وشهواتها‪ ،‬وترسيخ أواصر المحبة‪ ،‬وروابط األلفة بين‬
‫األفراد‪ ،‬وبسط األمن في ربوع المجتمع‪ ،‬ونشر اإلستقرار واإلطمئنان في أرجائه‪ ،‬وتوطيد قواعده وتثبيت دعائمه‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬الجذور التاريخية للعمل الخيري في العصر اإلسالمي‬


‫‪ -‬تلعب القيم االجتماعية وخاصةً الدينية المتأصلة في المجتمع دورا ً هاما ً في تعميق روح العمل الخيري التطوعي‪ ،‬حيث تشير‬
‫المشاهدات في المجتمعات المختلفة إلى أن العمل الخيري يُشكل شبكة األمان األبسط والتي ال بديل عنها لحماية من ال قوة لهم‪،‬‬
‫فالعمل الخيري بأسمائه وأشكاله الكثيرة له جذور عميقة وقديمة في معظم الثقافات‪ ،‬وهو ظاهرة إجتماعية مستمرة علي مر‬
‫العصور منذ بدء الخلق‪ ،‬ولكنها تختلف في أشكالها ومجاالتها وطريقة أدائها وفق توجيهات وعادات وتقاليد تنسجم مع الثقافات‬
‫عصر ودولة‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫والمعتقدات الدينية لك ِل‬

‫‪ -‬فلقد حثت جميع األديان السماوية الفرد على مساعدة اآلخرين‪ ،‬ودعت إلى العطف والتراحم وكل القيم اإلنسانية الراقية التي‬
‫تحقق الخير‪ ،‬ويعود العمل الخيري إلي أعمال البر واإلحسان التي تنطلق من منطلقات دينية توجب مساعدة الضعفاء‪،‬‬
‫وأصحاب الحاجة‪ ،‬وحتى قبل مجئ اإلسالم‪ ،‬في العصر الجاهلي إنطلقت أعمال البر واإلحسان والضيافة من منطلق األخالق‬
‫الحميدة والكرم‪ ،‬حتي جاء اإلسالم الذي شجع وحث عليها‪ ،‬فقال (صلي الله عليه وسلم)" إنما بعثت ألتمم مكارم األخالق"‪.‬‬

‫‪ -‬فاإلسالم كرسالة خاتمة شاملة أرسي قيم اإلحسان والبر والتراحم والمساواة والتكافل االجتماعي‪ ،‬ومن هنا بدأت تظهر مالمح‬
‫جديدة للرعاية االجتماعية‪ ،‬مثل الحث علي بر الوالدين‪ ،‬ورعاية األيتام والفقراء والمساكين‪ ،‬باإلضافة إلي الحث علي اإلحسان‬
‫والصدقات ووجوب الزكاة وتوزيعها علي مستحقيها‪ ،‬األمر الذي يهدف إلي تحقيق اإلستقرار واألمن االجتماعي للفرد‬
‫وللمجتمع علي حد سواء‪ ،‬فقبل أكثر من ‪ 41‬قرن رسم الدين اإلسالمي الحنيف قواعد للعدالة االجتماعية‪ ،‬وقدم لإلنسانية‬
‫نموذجا ً رائعا ً للتكافل االجتماعي‪ ،‬برز فيه دور العمل الخيري كترجمة لمعاني الخير في اإلنسان‪ ،‬هدفه معاونة الغير وسد‬
‫حاجاته وحل مشكالته‪.‬‬
‫‪ -‬كما أكدت السنة النبوية المطهرة في كثير من األحاديث الشريفة علي أن التعاطف والتراحم والتكافل بين أفراد المجتمع يحمي‬
‫المجتمع ويحقق األمن االجتماعي‪ ،‬فقال (صلي الله عليه وسلم)" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد‬
‫الواحد إذا إشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي" رواه البخاري ومسلم في كتاب اآلداب‪ ،‬كما أكد الرسول‬
‫س الله عنه كربه من كرب يوم القيامة‪ ،‬ومن َيس ََّر‬ ‫س عن مسلم كربه من كرب الدنيا نَفَّ َ‬
‫(صلي الله عليه وسلم)علي أنه من نَفَّ َ‬
‫علي معسر يَس ََّر الله عليه في الدنيا واآلخرة‪ ....‬والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"‪ ،‬رواه مسلم وأبو داود‬
‫والترمذي وإبن ماجه وأحمد‪ .‬وجمع النبي بينه وبين كافل اليتيم فقال(صلي الله عليه وسلم)" أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين‬
‫وأشار بإصبعيه السبابة والوسطي"‪.‬‬

‫وهناك إلي جانب اآليات واألحاديث سالف الذكر‪ ،‬العديد من اآليات واألحاديث النبوية الشريفة التي ال يتسع المجال لحصرها‬
‫تحمل نفس المضمون‪ ،‬وتسعي إلي تجسيد روح اإلخاء والمحبة والرحمة والترابط والتكافل والتعاون والتضامن والتماسك بين‬
‫أفراد المجتمع‪ ،‬والمساعدة والمؤازرة للفقراء والمساكين والمحتاجين واألرامل والمسنين والفئات الضعيفة والمهمشة‪ .....‬إلخ‪،‬‬
‫فجميع ما سبق يُعد مجاالً خصبا ً لممارسة العمل الخيري التطوعي‪ ،‬األمر الذي يحقق األمن االجتماعي للفرد وللمجتمع‪.‬‬

‫‪ -‬ولقد ضرب الرسول (صلي الله عليه وسلم ) وصحابته أروع األمثلة في العمل التطوعي والبذل والعطاء إبتغاء مرضاة الله‬
‫تعالي وطاعته‪ ،‬ونصرة الضعفاء واليتامي واألرامل والمساكين‪ ،‬وبذلك يتضح كيف تجسد األمن االجتماعي في أروع صوره‬
‫وأصبح واقعا ً ملموسا ً خالل فترة الحكم اإلسالمي‪ ،‬فعلي سبيل المثال كان مجتمع المدنية في عهد النبي (صلي الله عليه وسلم)‬
‫مثاالً للمجتمع اآلمن الذي توافرت فيه كل مقومات األمن االجتماعي‪ ،‬بد ًء من تكوين الدولة والمؤخاه بين المهاجرين واألنصار‬
‫كمؤثر في الترابط االجتماعي ومقوم أساسي لألمن االجتماعي‪ ،‬وحتى بناء المسجد النبوي الشريف لممارسة الشعائر الدينية‪،‬‬
‫وحل المشكالت االجتماعية‪ ،‬هذا باإلضافة إلي مناقشة األمور السياسية واالقتصادية واالجتماعية الخاصة بالمسلمين‪ ،‬األمر‬
‫الذي عمل علي إرساء دعائم اإلستقرار و األمن االجتماعي لهذا المجتمع الجديد‪.‬‬

‫‪ -‬وجدير بالذكر أنه كان لبيت المال في عصر النبوة دورا ً هاما ً في تحقيق األمن االجتماعي" فهو يسعي إلي حد ما إلي تحقيق‬
‫نفس األهداف التي تسعي الجمعيات الخيرية إلي تحقيقها حالياً‪ ،‬وكانت إرادات الدولة اإلسالمية محصورة في بعض الصدقات‬
‫التي يجود بها أغنياء الصحابة علي فقرائهم‪ ،‬باإلضافة إلي قليل من الفئ والغنيمة‪ ،‬وكان هذا هو الحال بالنسبة للخليفة األول‬
‫أبو بكر الصديق رضي الله عنه‪ ،‬فمنذ توليه الخالفة بعد وفاة الرسول( ) سار علي نفس نهجه في نشر اإلسالم و إجتهد في‬
‫تحقيق األمن االجتماعي‪.‬‬

‫‪ -‬أما في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد حدث إختالفا ً كبيراً‪ ،‬فكثرت الفتوحات اإلسالمية وإزداد الفئ‬
‫والغنيمة‪ ،‬وأدخل الخليفة الراشد موارد جديدة لبيت المال منها الخراج والعشور‪ ،‬فتعددت بذلك موارد بيت المال وكثرت‪ ،‬وفي‬
‫آن واحد‪ ،‬ومما الشك فيه أنه في عهد الفاروق عمر‬ ‫هذه الفترة كانت النشأة الرسمية لبيت المال كنظام إجتماعي وإقتصادي في ٍ‬
‫بن الخطاب تجسد األمن االجتماعي في العدالة االجتماعية التي سادت خالل عهده‪ ،‬والتي ترجمها رسول قيصر ملك الروم‬
‫عندما جاء إلي عمر بن الخطاب وسأل عنه أهل المدينة فأخبروه أنه خارجها‪ ،‬فذهب إليه فوجده نائما ً في الشمس علي األرض‬
‫فوق الرمال‪ ،‬فلما رآه علي هذه الحالة وقع الخشوع في قلبه‪ ،‬وتعجب من أن تكون هذه حالة الرجل الذي تخشاه جميع ملوك‬
‫ع َد ْلتَ فَأَمِ ْنتَ فَنِ ْمتَ "‪ ،‬وهكذا إستمرت السياسة العامة لبيت المال في عهد الخليفة عثمان‬
‫األرض‪ ،‬وحينها قال قوله المشهور " َ‬
‫بن عفان‪ ،‬كما سار علي نهجه آخر الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب‪ ،‬ومن بعدهم األمراء الذين إتصفت واليتهم بالعدالة‬
‫االجتماعية إنطالقا ً من الرؤية اإلسالمية الصحيحة‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬منهج اإلسالم في تحقيق األمن االجتماعي‬
‫لقد تميز اإلسالم بنظرته الشاملة لألمن عن غيره من النظم الوضعية األخرى‪ ،‬ويتضح ذلك من المفهوم اإلسالمى لألمن الذى‬
‫يسمو إلى غاية ما بعدها غاية‪ ،‬فلم يقتصر على الفرد وال على الجماعة وال على الدولة‪ ،‬وإنما على مستوى اإلنسانية كلها‪ ،‬فهو‬
‫ض‬ ‫سا ِبغَي ِْر نَ ْف ٍس أ َ ْو فَ َ‬
‫سا ٍد فِي ْاأل َ ْر ِ‬ ‫يمتد ليشمل كل المستويات األفقية والرأسية‪ ،‬ويتضح ذلك في قوله تعالى ( أَنَّهُ َم ْن قَت َ َل نَ ْف ً‬
‫اس َجمِ يعًا ) سورة المائدة ‪ :‬آية (‪ ،)23‬وهنا شمل اإلسالم جميع الناس بغض‬ ‫اس َجمِ يعًا َو َم ْن أَحْ يَاهَا فَ َكأَنَّ َما أَحْ يَا النَّ َ‬
‫فَ َكأَنَّ َما قَت َ َل النَّ َ‬
‫النظر عن عقيدتهم وجنسهم وموطنهم‪ ،‬وهذا هو البُعد األفقى لألمن يمتد لشمل األرض قاطعة في إتجاه مزدوج‪ ،‬أما البُعد‬
‫الرأسي له يمتد مابين أدنى فرد في المجتمع حتى اإلمام األعظم أو الخليفة في إتجاه مزدوج أيضاً‪ ،‬والرسول ( ) يوضح لنا‬
‫ذلك خير إيضاح‪ ،‬ثم جاء الخلفاءالراشدين من بعده ( ) فضربوا أروع األمثال في ذلك‪ ،‬ومواقف سيدنا عمر بن الخطاب في‬
‫ذلك مشهورة وواضحة‪ ،‬عندما قالها مدوية للتاريخ ( إضرب إبن األكرمين )‪ ،‬وعندما أعلنها على المأل أن من يُضْرب من قبل‬
‫وا ٍل فسوف أقت منه‪.‬‬
‫كما تجاوزت الرؤية اإلسالمية بأهمية األمن االجتماعي نطاق " الحق اإلنسانى" لتجعله فريضة إلهيه‪ ،‬وواجبا ً شرعيا ً وضرورة‬
‫من ضرورات إستقامة وإقامة العمران اإلنسانى‪ ،‬وإذا كانت الحضارات غير اإلسالمية ومذاهب اإلصالح منها قد وضعت‬
‫مقومات األمن االجتماعي في باب حقوق اإلنسان‪ ،‬فإن الرؤية اإلسالمية لم تقف بها عند درجة الحقوق ـ التي يحق لصاحبها أن‬
‫يتنازل عنها طواعيةً أو إختياراً‪ ،‬وإنما إرتفعت بها إلى درجة الفرائض والضرورات التي ال يجوز لإلنسان أن يتنازل عنها‬
‫وال أن يُفرط فيها‪ ،‬وقد تبين ذلك جليا ً في الضرورات الخمس أو مقاصد الشريعة اإلسالمية المتمثلة في الحفاظ على الدين‪،‬‬
‫والحفاظ على النفس‪ ،‬والحفاظ على العقل‪ ،‬والحفاظ على العرض‪ ،‬والحفاظ على المال‪ ،‬وفيما يلى عرض لتك الضرورات‬
‫لبيان أثرها في تحقيق األمن االجتماعي‪:‬‬

‫‪ -1‬الحفاظ على الدين‬

‫يُعد حفظ الدين هو األساس األول في تحقيق األمن للفرد وللمجتمع‪ ،‬فاإلنسان المؤمن ينأى بنفسه عن األفعال والسلوكيات‬
‫السلبية التي تَضُر به وبغيره من أفراد المجتمع‪ ،‬ومن هنا يُعد تدين الفرد أداة لتحقيق األمن االجتماعي داخل المجتمع‪ ،‬كما‬
‫يتناول حفظ الدين حماية عقيدة اإلنسان وحماية شعائره وأماكن إقامتها‪ ،‬وعدم إكراهه على تغييرها أو التخلى عنها‪ ،‬وهذا‬
‫ما أكده اإلسالم من حرية العقيدة‪ ،‬والمبدأ الحاكم في ذلك هو قوله تعالى( َال ِإ ْك َرا َه فِي الد ِ‬
‫ِين ) سورة البقرة‪ ،‬آية (‪.)352‬‬

‫‪ -2‬الحفاظ على النفس‬

‫للحياة اإلنسانية مكانة عظمى في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬ويُعد حفظ النفس أحد أهم مقاصد الشريعة اإلسالمية‪ ،‬والتي إحتوت‬
‫تعاليمها على كثير من النصو لحماية النفس البشرية‪ ،‬وإقامة الحدود على إنتهاك تلك التعاليم‪ ،‬ومنذ وقت طويل وقبل‬
‫أن تظهر اإلتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬أكدت الشريعة اإلسالمية على أن حياة اإلنسان مقدسة‪ ،‬ال يجوز ألحد أن‬
‫يعتدى عليها‪.‬‬
‫فالشريعة اإلسالمية تستهدف حماية النفس بتأكيد حق الحياة‪ ،‬وحق اإلنسان في عدم اإلعتداء على جسمه أو نفسه دون‬
‫علَ ْي ِه ْم فِي َها أ َ َّن‬
‫(و َكت َ ْبنَا َ‬
‫حق‪ ،‬وقد رتبت الشريعة أقصى العقوبات لإلعتداء على النفس وهي جرائم القصا فقال تعالى َ‬
‫صا ٌ ) سورة المائدة‪ ،‬آية‬ ‫ف ِب ْاأل َ ْنفِ َو ْاألُذُنَ ِب ْاألُذُ ِن َوالس َِّن ِبالس ِِن َو ْال ُج ُرو َح قِ َ‬
‫س ِبالنَّ ْف ِس َو ْال َعيْنَ ِب ْال َعي ِْن َو ْاأل َ ْن َ‬
‫النَّ ْف َ‬
‫(‪.)15‬وبذلك يتضح مما سبق كيف أن اإلسالم وضع األسس التي تستهدف حماية اإلنسان وحقه في الحياة والعيش بأمان‪،‬‬
‫األمر الذى يتحقق به األمن االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -3‬الحفاظ على العقل‬

‫العقل هو أساس التقدم والرقى‪ ،‬وهو الميزة الكبرى التي إخت الله سبحانه وتعالى بها اإلنسان‪ ،‬وميزه بها عن سائر الكائنات‬
‫األخرى‪ ،‬وقد أكدت الشريعة اإلسالمية على وجوب الحفاظ على العقل من خالل تحريم شرب الخمر وغيرها من المواد التي‬
‫تؤدى إلى غياب العقل وتدميره‪.‬‬
‫لذا فمن الضرورى المحافظة على العقل من أن تناله آفة تُضعف من قدراته أو تؤدى إلى إنحرافه عن التفكير السليم‪ ،‬فيصبح‬
‫صاحبه عبئا ً على المجتمع وعنصرا ً هدَّاما ً فيه‪ ،‬ومصدر ضرر للناس وللمجتمع‪ ،‬وهنا يجب على المجتمع أن يضع األساليب‬
‫والوسائل التي تمنع تعرض العقل للمخاطر‪ ،‬فالعقل نعمة أنعم الله بها على اإلنسان‪ ،‬غير أن عدم الحفاظ عليه أو إستخدامه في‬
‫غير صالح الفرد والمجتمع يُعد بال ًء ال يصيب الشخ نفسه فقط‪ ،‬بل ينعكس أثره على المجتمع بكامله مما يهدد األمن‬
‫االجتماعي بداخله‪.‬‬

‫‪ -4‬الحفاظ على العرض‬

‫األسرة هي أساس المجتمع‪ ،‬وهي مصدر اإلستقرار واألمن االجتماعي والنفسى والمادى‪ ،‬وهي المؤسسة التربوية األولى التي‬
‫تمد المجتمع بأعضاء شرعيين‪ ،‬والتي تُنَ ْشئهم إجتماعيا ً وتغرس فيهم القيم وتصوغ شخصياتهم طبقا ً للنموذج المتفق عليه في‬
‫المجتمع‪ ،‬ولهذا يحمى اإلسالم حق اإلنسان في تكوين أسرة شرعية‪ ،‬وأن يكون لإلنسان زوجة مخلصة وأبناء ال يشك في‬
‫إنتمائهم إليه‪ ،‬وتكون هذه الحماية بعدة آليات من بينها تحريم فاحشة الزنا والقذف وترتيب عقوبات شديدة على هاتين الجريمتين‬
‫من جرائم الحدود‪ ،‬وبذلك تهدف الشريعة اإلسالمية إلى إستقرار النظام االجتماعي والمحافظة على اآلداب العامة‪ ،‬وحماية‬
‫األعراض وحفظ األنساب ورعاية األسرة من اإلنهيار‪ ،‬األمر الذى يؤدى بدوره إلى تحقيق األمن االجتماعي داخل المجتمع‪.‬‬

‫‪ -5‬الحفاظ على المال‬

‫يقصد بالحفاظ على المال إشعار األفراد باألمن واألمان على أموالهم وتجارتهم‪ ،‬ومن هنا حر اإلسالم على حماية مال‬
‫اإلنسان من اإلعتداء‪ ،‬حيث تضمنت الشريعة اإلسالمية أحكاما ً تقضى بحمايته من السرقة أو اإلستيالء وغيرها من أوجه‬
‫اإلعتداء عليه‪ ،‬كما تضمنت أيضا ً وجوب اإلعتدال في اإلنفاق‪ ،‬فال يتجاوز اإلنفاق حد الوسط إلى التبذير أو إلى البخل‬
‫والتقطير‪ " ،‬فاألمن المالى أو اإلقتصادى يتناول حماية مال اإلنسان من اإلعتداء مهما كان مصدر اإلعتداء‪ ،‬ومهما كانت‬
‫طبيعته‪ ،‬بل هناك ما هو أبعد من ذلك‪ ،‬إذ يجب أن يأمن اإلنسان في حياته االقتصادية على أن تتاح له كافة الفر لكسب المال‬
‫وتنميته المتاحة لغيره فال إحتكار وال تمييز‪.‬‬

‫وبنا ًء على ماسبق يتضح منهج اإلسالم في تحقيق األمن االجتماعي من خالل حرصه على حماية دين اإلنسان وعقله ونفسه‬
‫وماله وعرضه‪ ،‬تلك الحقوق التي إذا حدث اإلعتداء عليها‪ ،‬فال مجال للحديث عن األمن واإلستقرار في المجتمع‪ ،‬فال شك في‬
‫أن تحقيق األمن االجتماعي يأتى بنا ًء على التأكيد والتمسك بحقوق اإلنسان في اإلسالم‪ ،‬كما أن لإلسالم مظاهر كثيرة يمكن من‬
‫خاللها تحقيق األمن االجتماعي تلك التي تشمل التكافل االجتماعي والزكاة والوقف والصدقات والكفارات‪....‬إلخ‪ ،‬وفيما يلى‬
‫عرض ألهم تلك المظاهر بشيء من التفصيل ‪:‬‬
‫رابعًا‪ :‬مظاهـر تحقيـق األمـن االجتماعي في اإلسـالم‬

‫‪ -1‬التكافل االجتماعي‬

‫يمكن تعريف التكافل االجتماعي بأنه تساند أبناء المجتمع فيما بينهم سواء كانوا أفرادا ً أو جماعات أو منظمات على إتخاذ‬
‫مواقف إيجابية كرعاية اليتيم وذوى االحتياجات الخاصة وغيرهم من أفراد المجتمع الذين يحتاجون للرعاة والكفالة والعطف‬
‫من القادرين من أفراد المجتمع ومن المؤسسات األهلية أو غير الرسمية‪.‬‬
‫ويُعتبر التكافل االجتماعي أحد أهم األسس والركائز الجوهرية التي يقوم عليها النظام االجتماعي اإلسالمى‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫نظرة اإلسالم للتكافل االجتماعي على إعتبار أنه واجبا ً شرعيا ً وضرورة إجتماعية تقع على عاتق جميع أفراد المجتمع‪ ،‬من‬
‫أجل مساعدة المحتاجين والمعوزين والعجزة على العيش بأمان في المجتمع‪ ،‬ويبرز مفهوم التكافل االجتماعي واضحا ً في العديد‬
‫من األحاديث النبوية الشريفة منها قوله ( ) (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) وفي قوله ( ) (مثل المؤمنين في‬
‫توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)‪.‬‬

‫فتلك األحاديث النبوية الشريفة تحوى قيما ً إجتماعية نبيلة وسامية‪ ،‬تؤكد على التكافل االجتماعي‪ ،‬فهي تجعل الفرد في عالقته‬
‫باآلخرين كالجسد الواحد في شدة ترابطه‪ ،‬حتى أنه إذا إشتكى منه عضو تأثرت به باقى األعضاء‪ ،‬وال شك في أن التكافل‬
‫االجتماعي بما يحويه من جميع أشكال المساعدة لآلخرين‪ ،‬يُعد بُعدا ً إجتماعيا ً هاما ً يكفل تحقيق األمن االجتماعي داخل‬
‫المجتمع‪ ،‬من خالل أال تصبح تلك الفئات التي يشملهم نظام التكافل االجتماعي عوامل تهديد ألمن المجتمع وإستقراره‪.‬‬

‫‪ -2‬الزكـاة‬

‫ال تستقيم الحياة االجتماعية مع وجود طبقة من الفقراء والمحتاجين‪ ،‬وقد عالج اإلسالم ظاهرة الفقر بأسلوب فريد متجدد وهو‬
‫أسلوب الزكاة ‪.‬فالزكاة هي أحد أركان اإلسالم الخمس المفروضة على اإلنسان‪ ،‬وهدفها تحقيق مبدأ التكافل االجتماعي بين‬
‫أفراد المجتمع جميعا ً أغنياء وفقراء‪ ،‬وهي وسيلة ال نظيـر لها في تحقيق هذا المبدأ‪" ،‬وتُعتبر حرب الخليفة أبو بكر الصديق‬
‫رضي الله عنه لمانعى الزكاة‪ ،‬هي أول حرب في التاريخ تخوضها دولة من أجل الضمان االجتماعي وحق الفقراء والمحتاجين‬
‫في أموال األغنياء القادرين‪ ،‬فالزكاة ليست مجرد إحسان متروك إلختيار المسلم‪ ،‬وإنما هي فريضة إلزامية يستوفيها ولى األمر‬
‫من المكلفين بها‪ ،‬ويصرفها على المستحقين لها "‪ .‬وقد حدد الله سبحانه وتعالى مصاريف الزكاة لفئات ثمانية في قوله تعالى‬
‫ضةً‬ ‫س ِبي ِل اللَّ ِه َواِب ِْن ال َّ‬
‫س ِبي ِل فَ ِري َ‬ ‫ب َو ْالغ ِ‬
‫َارمِ ينَ َوفِي َ‬ ‫علَ ْي َها َو ْال ُم َؤلَّفَ ِة قُلُوبُ ُه ْم َوفِي ِ‬
‫الرقَا ِ‬ ‫ِين َو ْال َعامِ لِينَ َ‬ ‫ص َدقَاتُ ل ِْلفُقَ َراءِ َو ْال َم َ‬
‫ساك ِ‬ ‫( ِإنَّ َما ال َّ‬
‫علِي ٌم َحكِي ٌم)‬ ‫مِ نَ اللَّ ِه َوالله ُ َ‬
‫َّ‬

‫وبالنظر إلى هذا التحديد للفئات المستحقة للزكاة‪ ،‬يتضح أنها شملت كل فئات المجتمع التي تعانى من عدم األمن أو الخوف‪،‬‬
‫فجاءت الزكاة لكى تمثل حقا ً للفقراء والمساكين في مال األغنياء‪ ،‬يحقق لهم األمن على معيشتهم ورعايتهم إجتماعياً‪ ،‬ولتجعل‬
‫للغريب نصيب من الزكاة ينفق منه في الغربة لحين عودته إلى وطنه‪ ،‬كما جاءت الزكاة لتزيل الهم والمذلة عن المدينين‪ ،‬وفك‬
‫رقبة األسير ورعاية أُسر المسجونين‪ ،‬باإلضافة من دخلوا في اإلسالم حديثا ً وفقدوا أُسرهم أو فقدوا مصادر دخلهم‪ ،‬حيث‬
‫جاءت الزكاة إلزالة الخوف من نفوس هذه الفئات جميعا ً وتحقيق اإلستقرار واألمن االجتماعي لهم‪.‬‬
‫‪ -3‬الوقـف‬

‫يُراد بالوقف إخراج المال من ملك صاحبه إلى ملك الله سبحانه وتعالى‪ ،‬أى حبس أصل العين والتصدق بريعها ألوجه خير‬
‫معينة كعون المحتاجين أو لصالح المساجد أو المدارس والمستشفيات وغيره من وجوه الخير‪ ،‬وال تخرج مختلف تعريفات‬
‫فقهاء الشرع اإلسالمى للوقف عن أنه حبس العين على ملك الله تعالى‪ ،‬والتصدق بالمنفعة حاالً أو ماالً على أى وجه من وجوه‬
‫البر‪.‬‬
‫وينقسم الوقف إلى ثالث أقسام موضحة فيما يلى ‪:‬‬
‫معينين كالفقراء والمساكين‬ ‫الوقف الخيرى ‪ :‬وهو الذى يقصد به الواقف التصدق على وجوه البر‪ ،‬سواء أكان على أشخا‬
‫والعجزة‪ ،‬أم كان على جهة من جهات البر العامة كالمساجد والمستشفيات والمدارس وغيرها‪.‬‬
‫الوقف األهلى أو الذُّ ِرى ‪ :‬وهو ما ُجعل إستحقاق الريع فيه أوالً إلى الواقف مثالً ثم أوالده أو أقاربه‪ ،‬ثم لجهة بر ال تنقطع‬
‫حسب إرادة الواقف‪.‬‬
‫الوقف المشترك (الخيرى واألهلى ) ‪ :‬ويُقصد به الوقف الذى إبتدأ على الذرية وعلى جهة من جهات البر في وقت واحد‪،‬‬
‫بمعنى أن الواقف قد جمعهما في وقفه‪ ،‬فجعل لذريته نصيبا ً من العين الموقوفة‪ ،‬وللبر نصيبا ً محددا ً أو مطلقا ً في الباقى أو‬
‫العكس‪.‬‬

‫ويتضح مما سبق أن الوقف من أهم وأبرز صور التكافل االجتماعي داخل المجتمع وهو بذلك يُعد من أهم دعائم األمن‬
‫االجتماعي وأكثر الموارد الفاعلة في تحقيقه‪ ،‬حيث أصبح الوقف معاون ومشارك للدولة في مواجهة التحديات والمشكالت‬
‫االجتماعية كالفقر والبطالة والمرض و العشوائيات وأطفال الشوارع وغيرها من التحديات والمشكالت األخرى‪ ،‬هذا باإلضافة‬
‫إلى دور الوقف في ميدان نشر الثقافة والعلم من خالل المساجد والمدارس والمعاهد والمكتبات‪.‬‬

‫‪ -4‬الصدقات‬

‫وهي من أهم مظاهر اإلسالم في تحقيق األمن االجتماعي‪ ،‬حيث أنها تُعطى أو يتم إنفاقها على الفقراء والعجزة والمحتاجين‬
‫واألرامل واأليتام وغيرهم من الفئات المستحقة لها‪ ،‬ويُقدم الفرد الصدقات وهو على قناعة تامة بما وعده الله سبحانه وتعالى به‬
‫الر ِازقِينَ )‬ ‫(و َما أ َ ْنفَ ْقت ُ ْم مِ ْن َ‬
‫ش ْيءٍ فَ ُه َو ي ُْخ ِلفُهُ َوه َُو َخي ُْر َّ‬ ‫من زيادة في الرزق وفي المال الذى أنفق منه‪ ،‬متمثل ذلك في قوله تعالى َ‬
‫سورة سبأ‪ ،‬آية رقم (‪.)23‬‬

‫‪ -5‬الكفارات‬

‫ال شك أن الكفارات على إختالف أنواعها في الفقه اإلسالمى تساهم بقدر كبير وبدور فعال في تحقيق األمن االجتماعي‪ ،‬ومن‬
‫أنواع هذه الكفارات على سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬كفارة اإلفطار عمدا ً في نهار رمضان‪ ،‬وكفارة حنث اليمين المنعقدة‪ ،‬وكفارة‬
‫الظهار وكفارة النذر‪ ،‬فالكفارات يؤديها الفرد للفقراء والمساكين نتيجة إلرتكابه المحظورات أو تركه بعض الواجبات‪ ،‬وهنا‬
‫يمكن أن يكون للكفارات دورا ً في تحقيق األمن االجتماعي في المجتمع‪.‬‬

‫وهنا يُمكن التأكيد من خالل العرض السابق على حقيقة واحدة لبيان منهج اإلسالم في تحقيق األمن االجتماعي‪ ،‬وهي شمولية‬
‫مفهوم األمن االجتماعي في اإلسالم‪ ،‬فهو أمن شامل جاء به اإلسالم ضمن مصادره األصلية ليتعدى به حدود الزمان والمكان‪،‬‬
‫وليشمل المستويين األفقي والرأسي‪ ،‬وليشمل جميع حقوق اإلنسان‪ ،‬باإلضافة إلى تعدد مظاهره في تحقيق األمن االجتماعي‬
‫داخل المجتمع‪.‬‬
‫الضمان االجتماعي في عهد الخليفة عمر بن الخطاب‬
‫ت مبكر ‪ ،‬فنظام الضمان االجتماعي في اإلسالم يتمتع‬ ‫طبقت المجتمعات اإلسالمية صور ومظاهر األمن االجتماعي منذ وق ٍ‬
‫بطبيعة ومدخل مختلف مقارنةً بأنظمة الضمان االجتماعي السائدة في الدول الغربية بأيديولوجياتها المختلفة‪ ،‬ففلسفة مفهوم‬
‫الضمان االجتماعي في اإلسالم ليست رأسمالية وال شيوعية وليست حتى في االشتراكية األوروبية‪ ،‬لكنها مزيج متناغم للمادة‬
‫والروح معاً‪ ،‬وتعد المفاهيم األخرى لنظم الضمان االجتماعي نتيجة للعقل البشري‪ ،‬لكن يعد نظام الضمان االجتماعي في‬
‫اإلسالم إلهي يعتمد بشكل كلي على القرآن الكريم والسنة النبوية‪ ،‬لذا فهو نظام لتحقيق معيار مرتفع من األخالق ‪ ،‬وكان الخليفة‬
‫عمر بن الخطاب أول حاكم في تاريخ العالم قام بإدخال نظام الضمان االجتماعي في دولته‪ ،‬وتأسست دائرة الضمان االجتماعي‬
‫حسب تعداد وسجل المواطنين‪ ،‬لضمان توفير المستلزمات األساسية لحياة المعدمين في المجتمع‪ ،‬ويوجد في سجل توفير‬
‫الضمان االجتماعي فئات مختلفة‪ ،‬وكانت العطايا ثابتة للمجاهدين والمتطوعين من الفيء‪ ،‬بينما تم دفع مخصصات للمحتاجين‬
‫والمعدمين من الزكاة "العٌشر والصدقة"‪.‬‬

‫وال شك أن الضمان االجتماعي حاجة إنسانية رئيسية‪ ،‬فيعد المرض المفاجئ والوفاة واإلعاقة والمرض والبطالة والحريق‬
‫والغرق بسبب العواصف والحوادث المرتبطة بالمواصالت والخسائر المادية الناجمة عنها أسباب ناشئة عن هذه الحاجة‪،‬‬
‫ويحدث ذلك غالبا ً بسبب هذه المعاناة غير المرغوبة‪ ،‬حيث ينتقل الضحية والمعالون للفقر‪ ،‬ويصبح موقفهم االقتصادي غير‬
‫سليم لدرجة أنهم يحتاجون لمساعدة اقتصادية ويتطلب هذا الواقع معاملة الضمان االجتماعي كحاجة إنسانية أساسية على سلسلة‬
‫واسعة جدا ً من األنشطة والمواقف ‪ ،‬وفيما يلى عرض للمالمح الرئيسية لنظام الضمان االجتماعي أثناء عهد الخليفة عمر بن‬
‫الخطاب ‪:‬‬
‫• سادت العدالة االجتماعية واالقتصادية والسياسية‪.‬‬
‫• شمل نظام الضمان االجتماعي جميع المواطنين بصرف النظر عن طبقتهم وعقيدتهم‪.‬‬
‫• هدف نظام الضمان االجتماعي في عهد الخليفة عمر بن الخطاب إلى تلبية جميع الحاجات اإلنسانية الممكنة سواء كانت‬
‫حاجات أساسية أو ثانوية‪.‬‬

‫وقد تمثلت الحاجات األساسية في توفير الغذاء‪ ،‬ورعاية الفقراء والمعدمين‪ ،‬هذا إلى جانب الرعاية الطبية الالزمة‪ ،‬حيث أصدر‬
‫عمر بن الخطاب أوامره بتوفير كافة أنواع الرعاية والدعم للفقراء ومصابى الحروب‪ ،‬هذا إلى جانب توفير العالج من بيت‬
‫المال وذلك عندما رأى بعض مرضى الجذام من غير المسلمين في طريق عودته من أحد رحالته‪.‬‬

‫أما بالنسبة للحاجات الثانوية فقد قام عمر بن الخطاب رضى الله عنه بتوفير الضمان االجتماعي من خالل التعليم‪ ،‬حيث قام‬
‫عمر بن الخطاب بتعيين معلمين لتعليم األوالد وتدفع أجورهم من دائرة الخزانة‪ ،‬والضمان االجتماعي من خالل مخصصات‬
‫الزواج‪ ،‬حيث كان يتم في هذا الوقت مساعدة الفقراء غير المتزوجين من كِال الجنسين ماديا ً من دائرة الخزانة إلعالتهم للزواج‪،‬‬
‫كما تم إعطاء رواتب للمسلمين وغير المسلمين من الفقراء والمحتاجين‪ ،‬والضمان االجتماعي من خالل معاش الشيخوخة‪،‬‬
‫حيث كان يتم إعطاء رواتب سنوية من حكومة عمر بن الخطاب لكبار السن من الرجال والنساء‪ ،‬بصرف النظر عن ديانتهم‪،‬‬
‫فلم تفتح دائرة الضمان االجتماعي بابها للمسلمين فقط ولكن لغير المسلمين أيضاً‪ ،‬وفي واقع األمر كان ذلك بمثابة نظام كامل‬
‫للتأمين االجتماعي‪ ،‬فعندما وجد عمر بن الخطاب رجالً ُمسنا ً وكفيف البصر يتسول سأله‪ ،‬من أنت ولما تسأل الناس؟ فأجاب أنا‬
‫يهودي أجبرني دفع الجزية والحاجات االقتصادية وكبر السن على التسول‪ ،‬فقال عمر والله ما أنصفناك نأخذ منك شابا ً ثم‬
‫نضيعك شيخاً‪ ،‬وأوقف عمر الجزية عن جميع الناس من هذا الصنف ووضع لهم رواتب من بيت المال‪.‬‬
‫كما قام عمر بن الخطاب بتوفير الضمان االجتماعي من خالل اإلستثمار للشيخوخة‪ ،‬حيث إعتاد عمر بن الخطاب أن يطلب من‬
‫متلقي الرواتب استثمار أموالهم في شراء القطيع والماشية لبقائها اقتصادياً‪ ،‬حيث من المحتمل أال تتمكن الدولة في المستقبل من‬
‫إعطائهم رواتب‪ ،‬كما قام الخليفة عمر بن الخطاب بإدخال خدمة القروض بال فائدة‪ ،‬بضمان ردها‪ ،‬وذلك لتوفير الضمان‬
‫االجتماعي من خالل خدمة القروض‪ ،‬وكذلك توفير الضمان االجتماعي من خالل تسديد الديون عن غير القادرين‪ ،‬هذا إلى‬
‫جانب سداد الدية عن الشخ غير القادر والمذنب بالقتل غير العمد‪ ،‬ويُضاف إلى ذلك توفير الضمان االجتماعي العام عن‬
‫طريق إنشاء بيوت الضيافة في المدن الهامة لكي تساعد كبيوت للراحة‪ ،‬وتم تشييد الطرق والكباري لالستخدام العام‪ ،‬ففي‬
‫الطريق من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة‪ ،‬تم إنشاء المالجئ واآلبار وبيوت الوجبات في كل مرحلة لتوفير تسهيالت‬
‫اإلقامة والرجوع لهؤالء المسافرين الذين شعروا بالتعب قبل الوصول لوجهتهم المقصودة‪ ،‬كما تم حفر الترع لري الحقول‬
‫وتوفير مياه الشرب للناس‪.‬‬

‫ت مبكر‪،‬‬ ‫وفي النهاية يتضح مما سبق أن جذور األمن االجتماعي في التاريخ اإلسالمي عرفتها المجتمعات اإلسالمية منذ وق ٍ‬
‫وتجسد ذلك في وجود العديد من المؤشرات الهامة التي لم تكن ظرفية أو مؤقتة‪ ،‬بل رسختها ونظمتها تعاليم الدين اإلسالمي‪،‬‬
‫وحولتها إلي مؤسسات تُعد من أهم المعالم المميزة للحضارة اإلسالمية‪ ،‬كالزكاة والتي هي ركن من أركان اإلسالم وتعمل علي‬
‫تحقيق األمن االجتماعي للفئات ال ُم ْستَحِ قة لها‪ ،‬وكاألوقاف اإلسالمية بشتى صورها والتي لعبت دورا ً بارزا ً في التكافل‬
‫االجتماعي‪ ،‬وساهمت بشكل واضح في بناء المدارس والمستشفيات والكتاتيب ودور العبادة‪ ،‬وإنشاء مؤسسات لرعاية اليتامى‬
‫والمسنين وذوي االحتياجات الخاصة‪ ،‬كما ال يجب أن يُ ْنسي دور األزهر في القيام باألعمال الخيرية الدينية وأعمال البر‬
‫والخير والذي كان له عظيم األثر في نفوس المصريين‪ ،‬فوجود مثل هذه المؤسسات سالفة الذكر يدل وبشك ٍل قاطع علي حيوية‬
‫العمل األهلي الخيري في العصر اإلسالمي‪.‬‬
‫المحاضرة السادسة‪ :‬الدور التنموي للمنظمات غير الحكومية وعالقته باألمن االجتماعي‬

‫‪ -1‬األمن االجتماعي مسئولية الجميع‬

‫تُعد قضية األمن االجتماعي من أبرز القضايا التي أصبحت تفرض نفسها على الرأي العام بكافة شرائحه‪ ،‬حيث احتلت قضية‬
‫األمن االجتماعي مكانة بارزة في كتابات العلماء والمفكرين والباحثين‪ ،‬وذلك نظرا ً لما لهذه القضية من أهمية وتأثير بالنسبة‬
‫لكل جوانب الحياة اإلنسانية‪ ،‬إذ أنها تتعلق بحياة األفراد داخل المجتمع بكافة شرائحه وأطيافه‪ ،‬وعلى كافة النواحي المرتبطة‬
‫به‪ ،‬كالنواحي االجتماعية والسياسية والثقافية واالقتصادية واألمنية والصحية والتربوية والدينية‪ ،‬لذا فاألمن االجتماعي يُعد‬
‫مسئولية اجتماعية عظيمة‪ ،‬تقع على عاتق كافة أفراد المجتمع‪ ،‬وفي مقدمتها الجهات الحكومية والجهات غير الحكومية‪ ،‬فينبغي‬
‫أن تتضافر جهود كافة مؤسسات المجتمع من أجل تحقيق االستقرار واألمن االجتماعي في المجتمع‪.‬‬

‫ومن هنا يمكن التأكيد على حقيقة أساسية ذات داللة محورية أنه مع تزايد وتشابك االرتباكات واالختالالت التي يتسم بها‬
‫المشهد الراهن ‪ ،‬يتعاظم الحديث عن دور المؤسسات والجمعيات األهلية والمنظمات غير الحكومية‪ ،‬بما يتطلبه من تأكيد دور‬
‫األفراد ومبادراتهم جنبا ً إلى جنب لنشر مبادئ وقيم العمل الجماعي‪ ،‬وهو ما ارتبط بالكشف عن أهمية الشراكة في تحقيق‬
‫التنمية بحيث يمكن القول أن جميعها باتت شريكا ً تنموياً‪ ،‬خاصةً وأن المسئولية لم تَعُد تقع على كاهل الدولة وحدها‪ ،‬بل بات‬
‫من الواجب على المؤسسات األهلية وخصوصا ً المنظمات غير الحكومية أن تتحمل جانِبَا ً من األعباء‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار تم طرح مفهوم المجتمع المدني‪ Civil Society‬كمحاولة لدفع مجهودات العمل والتنمية‪ ،‬ولم تكن مصادفةً أن‬
‫تلتقى عناصر األمة على هذا المفهوم الذى يعتبرون أنه من أنسب الصيغ وأصلحها لتوجيه حركة المجتمع حاضرا ً ومستقبالً‪،‬‬
‫فاألفق المفتوح والتطلع للوصول إلى الواقع ال ُحلم هو ما يدفع إلى تغليب الفكر من منطلق إبداعي بَ ْناء‪ ،‬كي يتواكب ما كان‬
‫للجدود واألسالف من اجتهادات مميزة مع ثورة اإلصالح والتحديث‪ ،‬كما أنها األكثر مناسبة لتحقيق مشاركة األفراد‬
‫والجماعات في تعظيم قدرات المجتمع وتحصينه ضد االنفجارات الداخلية وحمايته من االختراقات الخارجية‪.‬‬

‫والشك أن وجود منظمات المجتمع المدني (بصرف النظر عن حداثة نشأتها) والتي تتكون من النقابات والمؤسسات والجمعيات‬
‫االتحادات التي ت َ ْنبَنِي على المشاركة التطوعية‪ ،‬بمقدورها أن تكون سندا ً داعما ً التجاهات العمل وسياسات التنمية والتطوير‬
‫خاصةً إذا كانت انعكا ً‬
‫سا حقيقا ً لرغبة الجماهير‪.‬‬
‫ولكن هذه العملية في غاية التعقيد والتشابك ألنها تضم ثالثة أبعاد أو باألصح ثالث دوائر متداخلة تتبادل األثر والتأثير وهى‪:‬‬
‫الجماهير التي تقع على عاتقها عمليات التنمية والتطور‪ ،‬والسلطة التي تنظم التفاعل بين الجماهير‪ ،‬والتنظيمات التي تتكون‬
‫أساسا ً من كيانات طوعية‪ ،‬هي التي تعمل كجسر بين الجماهير والدولة وتشغل مساحة كبيرة من بناء المجتمع حيث تنمو بينهما‬
‫عالقات من نوعٍ معين تقوم على التطوعية والتعددية والتسامح و ُحسن المعاملة والمواطنة‪.‬‬

‫فالمجتمع المدني يستمد وجوده وفي الوقت نفسه بقاءه وقوته من كونه يُمثل بُعدا ً أفقيا ً يهتم بشئون الفرد والجماعة أينما وحيثما‬
‫كانا النتشار والمنظمات والتنظيمات األهلية واالتحادات في طول البالد وعرضها‪ ،‬ولهذا يرى كثير من الباحثين أن المجتمع‬
‫المدني هو البديل الذى يمكن اعتباره البوتقة التي تنصهر فيها كل مكونات المجتمع لت ُ َك ِون كالً متناسقا ً ومتناغما ً ويسعى فيه‬
‫الكل إلى خير ونفع الكل دون قسر أو إرغام لقيامه على التعددية والتطوعية‪.‬‬
‫‪ -2‬المنظمات غير الحكومية شريك استراتيجي في التنمية‬

‫تقوم المنظمات غير الحكومية في الوقت الراهن بدور تنموي كبير ال يمكن انكاره ‪ ،‬دورا ً يتعاظم يوما ً بعد يوم‪ ،‬هذا هو ما‬
‫أكدته وتؤكده المواثيق الدولية المختلفة ‪ ،‬فن اإلعالن العالمي للحق في التنمية في مادته الثامنة على أنه "ينبغي للدول أن‬
‫تشجع المشاركة الشعبية في جميع المجاالت بوصفها عامالً هاما ً في التنمية"‪ ،‬وهو ما يرتبط بشكل مباشر بالمنظمات غير‬
‫الحكومية ‪ ،‬ومصدر هذا االرتباط أن المنظمات غير الحكومية أصبحت آلية أساسية لتفعيل المشاركة الشعبية في عملية التنمية‬
‫‪ ،‬األمر الذى أبرزته أيضا ً مختلف الوثائق العالمية لألمم المتحدة وأكد عليه الخطاب السياسي لحكومات العالم المتقدم وبعض‬
‫الدول النامية‪ ،‬وعلى الجانب األخر ‪ ،‬فان إعالن الحق في التنمية يفرض التزامات على الحكومات لتشجيع وتعزيز المشاركة‬
‫وتوفير الحقوق األساسية من أجل المزيد من المشاركة الشعبية في عملية التنمية‪،‬‬

‫وخالل العشرين سنة األخيرة ‪ ،‬باتت تلك المنظمات قاسما ًمشتركا ً في الجدل حول عملية التنمية نظرا ً ألنها أصبحت فاعالً له‬
‫دوره في قضايا وطنية ودولية هامة ‪ ،‬األمر الذى ساعد من ناحية ثانية على نمو تلك المنظمات سواء كان ذلك على مستوى‬
‫العدد أو القوة أو البنيان ‪ ،‬واكتسبت المنظمات غير الحكومية مصداقية وشرعية مع الضغوط التى تعانى منها الميزانيات‬
‫الحكومية لدرجة أنها أصبحت الوريث الشرعي لكثير من مسئوليات الحكومة التقليدية‪ ،‬مما شجع معظم الدول النامية إلفساح‬
‫الطريق للمنظمات غير الحكومية لكى تلعب دورا ً هام كشريك في عملية التنمية ‪.‬‬

‫وتشير تجارب الدول المختلفة إلى أهمية االعتماد على المنظمات التطوعية كشريك إستراتيجي لدعم سياسات التنمية بالمجتمع‪،‬‬
‫فالتطوير المستقبلي يتطلب تفعيل الممارسات التعاونية واألنشطة التطوعية في ضوء السياسات الحكومية‪ ،‬فأصبحت ثقافة‬
‫التطوع جز ًء ال يتجزأ من ثقافة المجتمعات المتطورة‪ ،‬بما تمثله من منظومة القيم والمبادئ واألخالقيات والمعايير والرموز‬
‫والممارسات التي تحث على المبادرة والعمل االيجابي الذى يعود بالنفع على اآلخرين‪ ،‬فالعمل التطوعي هو استجابة لنداء‬
‫الواجب والضمير ويأتي في مقدمة أولويات جهود التنمية‪ ،‬حيث أن أدبيات التنمية الحديثة تصف المشاركة االجتماعية بأنها‬
‫رأس مال الحكومات الذى تستند إليه لمواكبة الطموحات وتحقيق اإلصالحات واإلنجازات‪ ،‬وهنا تأتى أهمية هذه المنظمات التي‬
‫وال شك تلعب دورا ً هاما ً في مجتمعاتها ‪ ،‬سواء من خالل ما تقوم به من أنشطة أو ما تتبناه من قيم‪ ،‬ومن ثم هي تقوم بطريقة‬
‫مباشرة أو غير مباشرة باستغالل موارد مجتمعاتها التي قد تكون معطلة لسبب أو ألخر‪ ،‬وبالتالي تساهم في تحديث هذه‬
‫المجتمعات‪.‬‬

‫ومن هنا أصبحت هناك حاجة ُملحة لهذه المشاركة‪ ،‬األمر الذى يتحقق عمليا ً بقيام الجمعيات األهلية بدور أكبر في هذا المجال‪،‬‬
‫من خالل تعبئة قطاعات واسعة من السكان للمشاركة في التنمية‪ ،‬فجدي ٌر بالذكر أنه في اآلونة األخيرة حققت الجمعيات األهلية‬
‫قفزة كبيرة في حجمها ونوعية نشاطها ومجاالتها‪ ،‬مستفيدة في ذلك من ثالث عوامل رئيسية هي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬ذلك المناخ الدولي الذى أيد حركة المنظمات غير الحكومية في مختلف أنحاء العالم‪،‬‬
‫ثانياً‪ :‬توافر مناخ سياسي على مستوى الخطاب والممارسة مشجع ومؤكد لدور المنظمات األهلية في عملية التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬وهو ما ترتب على توفر العاملين السابقين من مرونة في تسجيل الجمعيات األهلية والتشجيع على إنشائها‪.‬‬
‫وتُعد الجمعيات األهلية باعتبارها نمطا ً من أنماط المشاركة الشعبية نموذجا ً العتماد المجتمع على نفسه في حل مشكالته‪ ،‬حيث‬
‫أن إنشاء الجمعيات األهلية إنما هو تأكيد لمسئولية أفراد المجتمع تجاه مجتمعهم الذى ينتمون إليه‪ ،‬ومسئولية المواطن القادر‬
‫تجاه المواطنين الذين يحتاجون إلى المساعدة‪ ،‬وهو ما يُمثل ظاهرة صحية تتميز بها الشعوب الناضجة التي بلغت مستوى من‬
‫الوعى أدركت من خالله أهمية ما تملكه من إمكانيات وطاقات ينبغي استغاللها لتحسين أوضاعهم وتنمية مجتمعهم وتحقيق‬
‫األمن االجتماعي فيه‪ ،‬دون االتكال على ما تبذله الدولة من مجهودات تعجز عن سد الحاجات األساسية للمجتمع ومن ثم تعجز‬
‫عن تحقيق األمن االجتماعي ألفراده‪.‬‬

‫فالجمعيات األهلية وسيلة لسد حاجات المجتمع وحاجات أفراده بواسطة األفراد أنفسهم‪ ،‬فهي األداة التي يستطيع من خاللها أن‬
‫يُعبر هؤالء األفراد عن احتياجاتهم المختلفة التي لم تَعُد تقوم الدولة بتوفيرها لهم‪ ،‬ويقع على عاتق هذه الجمعيات العديد من‬
‫المهام واألنشطة المنوطة بها‪ ،‬بدءا ً من تلبية احتياجات الفقراء ومناصرة الضعفاء وتقديم الخدمات االجتماعية والرعائية‪ ،‬وحتى‬
‫المشاركة في عملية التنمية وصنع القرار‪ ،‬وهى بذلك تُعد إحدى الركائز األساسية في تحقيق األمن االجتماعي في المجتمع‪.‬‬

‫ونرى أنه في ظل اتساع تأثيرات المتغيرات العالمية المعاصرة ونتائجها الخطيرة على األفراد والمجتمعات‪ ،‬والسيَّما الفئات‬
‫الضعيفة منهم‪ ،‬وفي ظل السياق العالمي الذى ت َ َج َّردت فيه الدولة من مسئولياتها لصالح القطاع الخا دون أي نظام رقابي‬
‫يراعى تحقيق األمن االجتماعي ألفراد المجتمع‪ ،‬تنامت أدوار النشاط األهلي‪ ،‬وهنا لعبت مؤسسات العمل األهلية دورا ً أساسيا ً‬
‫في دعم عملية التنمية وتحقيق االستقرار واألمن االجتماعي في المجتمع‪ ،‬ذلك األمن االجتماعي الذى يحتل مكانة بارزة نظرا ً‬
‫ألهميته في المجتمع‪ ،‬ومن ثم فالبد وأن توجه كافة اإلمكانات وتتضافر كافة قوى الدولة لتحقيقه والحفاظ عليه‪ ،‬األمر الذى‬
‫يتطلب مشاركة جادة وفعَّالة وواعية من جانب كافة القطاعات والهيئات والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية الموجودة في‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫‪ -3‬ماهية المنظمات غير الحكومية‬

‫ولتحديد ماهية المنظمات غير الحكومية ‪ Non- Governmental Organization‬فقد ظهرت تسميات كثيرة ومتنوعة‬
‫تعددت بتعدد األطر المعرفية واألنساق الثقافية السائدة مثل القطاع التطوعي ‪ ،Voluntary Sector‬والقطاع‬
‫المستقل‪ ،Independent Sector‬والقطاع المعفي من الضرائب‪ ،Tax Exempted Sector‬أو القطاع األهلي أو المنظمات‬
‫األهلية‪.‬‬
‫ومن الواضح أن المشكلة في التعريف ليست مشكلة نظرية بحتة‪ ،‬بل إن التعريف ضروري ألنه يحدد السمات األساسية لهذه‬
‫المنظمات ومجاالت عملها ونوعية نشاطها‪ ،‬كما أن له بالغ األثر أيضا ً على صياغة ميثاق أخالقي للمنظمات غير الحكومية‪،‬‬
‫حيث أنه على ضوء التعريف سيتحدد نوع القيم التي ينبغى لهذه المنظمات أن تعمل في ضوئها والتي من شأنها أن تضبط‬
‫تصرفاتها وسلوكها‪.‬‬

‫فعلى مستوى األدبيات فإن عمل هذه المنظمات ال يقتصر على العمل الخيرى ‪ ،Philanthropy Sector‬وإنما يمتد للعمل في‬
‫مختلف األنشطة الثقافية واالجتماعية واالقتصادية‪ ،‬أو هي منظمات تعنى باألسباب الرئيسية للقضايا والمشكالت وتحاول‬
‫تحسين نوعية الحياة خاصةً بالنسبة للفقراء والمضطهدين والمهمشين في المناطق الريفية والحضرية على ح ٍد سواء‪ ،‬وبصرف‬
‫النظر عن التعدد في التعريفات فإنه في هذا السياق يمكن القول أن هناك اتجاهين في مجال التعريف بهذه المنظمات إحداهما‬
‫تعريف واسع النطاق والثاني تعريف ضيق النطاق‪ ،‬ويذهب التعريف الواسع إلى أن أية منظمة في المجتمع ليست جزءا ً من‬
‫الحكومة وتعمل في إطار المجتمع المدني(األهلي) هي منظمة غير حكومية‪،‬‬
‫وهكذا فإن المنظمات التي تعمل كجماعات سياسية أو نقابية أو دينية أو نوادي رياضية أو جمعيات فنية أو ثقافية أو اتحادات‬
‫فكل هذه يمكن اعتبارها منظمات غير حكومية أو تطوعية‪ ،‬وعلى خالف ذلك فإن التعريف الضيق الذى يتم استخالصه من‬
‫الممارسات الفعلية الحديثة يشير إلى نوع محدد من المنظمات التي تعمل في مجال التنمية‪ ،‬إال أن هذا التعريف ينطوي بدوره‬
‫على العديد من المشاكل حيث أنه يعانى من محدودية وضيق النطاق كثيراً‪ ،‬وعلى العموم فإن هذه التعريفات تشترك جميعها‬
‫في بعض السمات األساسية وهى ‪:‬‬

‫‪ -4‬الطابع التطوعي لنشأة المنظمة‪.‬‬

‫‪ -3‬االستقاللية التي تعنى أنه ال يهيمن على مقدرات المنظمة سوى هؤالء الذين شكلوها أو بواسطة مجالس إدارة فوضها‬
‫األعضاء في إداراتها‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم السعي إلى الربح‪.‬‬

‫‪ -1‬عدم القيام بالخدمة الشخصية للقائمين على إدارتها وهذا يعنى أن الهدف األصلي للمنظمات غير الحكومية التطوعية هو‬
‫وجدير بالذكر أن البعض يرى أن الدوافع الكامنة وراء قيام المنظمات غير الحكومية تكمن في‬
‫ٌ‬ ‫تحسين ظروف غير القادرين‪،‬‬
‫تحقيق األمن اإلنساني الذى يعنى تطبيق واحترام حقوق اإلنسان‪ ،‬أي ضمان أمن األفراد والجماعات والشعوب واعتباره غايتها‬
‫األولى وليس أمن الدول ذات السيادة فقط‪.‬‬
‫المحاضرة السابعة‪ :‬تابع الدور التنموي للمنظمات غير الحكومية وعالقته باألمن االجتماعي‬

‫‪ -1‬الدور التنموي للمنظمات غير الحكومية‬

‫برزت المنظمات غير الحكومية كآلية هامة إلحداث التوازن في مراحل التحول االقتصادى من جهة‪ ،‬والتعامل مع الفئات‬
‫المهمشة من جهة ثانية وكسر مركزية الدولة من جهة ثالثة ‪ ،‬فقد سعت الحكومات في بحث عن بديل لتقديم الخدمات العامة‬
‫التقليدية والمساهمة في برامج التنمية ‪ ،‬وقد كانت المنظمات غير حكومية والمؤسسات التابعة لها هى البديل الممكن وخاصة أن‬
‫عدد منها استطاع أن يحقق وينجز برامج تنموية على المستوى القومى وتمكنت من التخفيف من األعباء الملقاة على كاهل‬
‫الدولة‪ ،‬فالحكومات خاصة في الدول النامية تشهد ميزانياتها عجز مزمن وتعانى من محدودية الموارد مما يشكل عائقا ً أمام‬
‫قدرتها على تقديم الخدمات لكافة المواطنين ‪ ،‬وقد أثبت الواقع العملي أن المنظمات غير الحكومية يمكن أن تكون بديل عن‬
‫الدولة في توفير بعض الخدمات مثل الرعاية الصحية والتعليم والمساعدات الفنية ‪ ،‬من ناحية أخرى هذه المنظمات يمكنها القيام‬
‫بتقوية دور الدولة ذلك ألنها تجعلها تركز اهتمامها على بعض المجاالت ذات األهمية االستراتيجية وتدفعها إلى تحسين أساليب‬
‫أدائها لوظائفها وطرق تقديمها لخدمات المواطنين ‪.‬‬

‫نقاط قوة تتمتع بها المنظمات غير الحكومية‪:‬‬


‫‪ -4‬القدرة على الوصول إلى الفقراء وغير المشمولين بنطاق الخدمات الحكومية وتعتبر هذه القدرة هى إحدى وظائف هذه‬
‫المنظمات التي تساعد الفقراء والمهمشين ‪.‬‬
‫‪ -3‬القدرة على حشد الموارد المحلية وتنمية األسر الصغيرة والمجتمعات المحلية ‪ ،‬إلتاحة الفرصة لهم في تنمية مجتمعاتهم‬
‫‪،‬خاصة وأن لديها القدرة على تحديد الحاجات االجتماعية والمحلية بشكل دقيق نتيجة لقربها من الجمهور‬
‫‪ -2‬قدرة هذه المنظمات على تقديم الخدمات بتكلفة نسبية أقل في ظل قدرتها على تعبئة الموارد وتنظيم الجهود التطوعية‪.‬‬

‫‪ -1‬القدرة اإلبداعية على إيجاد الحلول المبتكرة للمشكالت غير المألوفة ‪ ،‬وذلك نتيجة صغر حجم هذه المنظمات ومرونتها‬
‫اإلدارية والتحرر النسبى من القيود السياسية ‪.‬‬
‫‪ -5‬أن قدرة القطاع التطوعى في مجال التنمية تبدو واضحة في عدد من منظماته نتيجة التنوع "فهى تضم في هيكلها‬
‫المحترفين والمتطوعين والموظفين متنوعى الخلفيات ومتعددى المهارات " مما يتيح لها القدرة المستمرة على التطوير‬
‫والتغلغل وإبرام التحالفات وشبكات العمل ‪.‬‬

‫دور المؤسسات األهلية في تحقيق األمن االجتماعي‬


‫لما كان األمن االجتماعي ال يقتصر فقط على فرد أو جزء أو فئة أو طبقة من المجتمع‪ ،‬بل يَ ُهم ويشمل الجميع‪ ،‬وكان من‬
‫الضروري السعي نحو تحقيقه على جميع المستويات وأن يشمل جميع جوانب الحياة اإلنسانية‪ ،‬األمر الذى يؤكد أن مسئولية‬
‫تحقيقه تقع على عاتق الجميع‪ ،‬فهي ليست مهمة األجهزة الحكومية فقط‪ ،‬بل أصبحت واجب مشترك تساهم مؤسسات المجتمع‬
‫المدني في تحقيقه‪ ،‬بما تشمله تلك المؤسسات من جمعيات أهلية ونقابات وجماعات ضغط وأحزاب سياسية‪ ،‬فمما الشك فيه أن‬
‫كل ثغرة من ثغرات األمن االجتماعي تحتاج إلى تكاتف وتعاون وتنسيق بين جميع الجهود الرسمية وغير الرسمية‪ ،‬لوضع‬
‫الخطط والبرامج لمعالجتها من أجل تحقيق األمن االجتماعي داخل المجتمع‪.‬‬

‫وتُعد الجمعيات والمؤسسات األهلية جزءا ً من المجتمع المدني باعتبارها مؤسسة تطوعية حرة تُسهم في التنمية االجتماعية‬
‫واالقتصادية دون أن تستهدف الربح‪ ،‬كما أنها تُعد أهم منظمات المجتمع المدني التي تهدف إلي تحقيق مستوي معيشي أفضل‬
‫لسكان المجتمعات‪ ،‬بما تقدمه من برامج الرعاية االجتماعية والتنمية الشاملة‪ ،‬فهي األكثر إحساس باحتياجات األفراد‬
‫والمجتمعات‪ ،‬ومما ال شك فيه أن هناك العديد من التطورات التي تطرح دورا ً متزايد ألهمية هذه الجمعيات والمؤسسات وفي‬
‫مقدمتها‪:‬‬
‫‪ -4‬سياسة االتجاه نحو الديمقراطية عالميا ً والذي ال يمكن تحققه عمليا ً بدون وجود منظمات أهلية وهيئات شعبية تُعبر عن‬
‫درجة النضج ومستوي التطور الذي حققه المجتمع‪ ،‬أي أن الحديث عن الديمقراطية بدون مشاركة شعبية تنهض بها المنظمات‬
‫األهلية سوف يتحول إلي مجرد دعوة ال تتوفر في الواقع إمكانية تحقيقها‪.‬‬

‫‪ -3‬فشل عمليات التنمية في معظم البلدان النامية في تحقيق أهدافها‪ ،‬لما اتسمت به من مركزية شديدة وانفراد البيروقراطيات‬
‫الحاكمة لها تماماً‪ ،‬مما يدعو إلي ضرورة بلورة نموذج جديد للتنمية يجعل الناس هم محور التنمية‪ ،‬وألن الناس هم محور‬
‫التنمية في هذا النموذج الجديد فإنه من الضروري أن يكون لهم دور أساسي فيها‪ ،‬ومن البديهي أن هذا الدور ال يمكن أن يتحقق‬
‫من خالل الناس كأفراد‪ ،‬بل من خالل نشاطهم الجماعي في إطار تنظيمات شعبية تطوعية تُجسد إرادتهم الحرة وتعبر عن‬
‫وعيهم بمشاكل المجتمع وأولويات معالجتها‪.‬‬

‫‪ -2‬كما تنامت أدوار القطاع األهلي‪ ،‬نتيجة التحول االقتصادي نحو نظام السوق‪ ، ،‬وما استتبع ذلك من تغير في دور الدولة من‬
‫كونها المتحكم الرئيسي في األسواق والمسئول األول عن تقديم الخدمات للمواطنين إلى ُمنظم لهذه األسواق و ُمراقب لها‪ ،‬وتبني‬
‫الحكومات لسياسات مالية ونقدية تتوجه نحو تقلي اإلنفاق علي الخدمات العامة‪ ،‬والتي ازداد معها االهتمام بإدراك قيمة الدور‬
‫الذي يمكن أن تقوم به الجمعيات والمؤسسات األهلية كآلية لمواجهة اآلثار السلبية لهذه السياسات خاصةً بالنسبة للفقراء والنساء‬
‫واألطفال‪ ،‬وبالتالي تبلورت رؤية جديدة للقطاع األهلي باعتباره آلية قادرة علي اإلسهام في التنمية االجتماعية واالقتصادية‪،‬‬
‫وتم طرح مفهوم " الشراكة " بين هذا القطاع الهام مع ك ٍل من القطاع الخا والدولة لتفعيل العملية التنموية‪.‬‬

‫دور أنشطة وخدمات الجمعيات األهلية في تحقيق األمن االجتماعي‬


‫تعد الجمعيات األهلية من أهم الوسائل الفعالة إلشباع احتياجات المجتمع وحل العديد من مشكالته بواسطة األفراد أنفسهم بعيدا ً‬
‫عن المؤسسات الرسمية للدولة‪ ،‬وذلك لما تتميز به تلك الجمعيات من مرونة تتيح لها حرية التصرف بصورة أكثر كفاءة في‬
‫تحقيق أهدافها‪ ،‬األمر الذى يُميزها بالسرعة في تقديم أنشطتها وخدماتها بعيدا ً عن اإلجراءات الروتينية الطويلة التي تتبعها‬
‫الحكومات‪ ،‬مما يجعلها األسرع واألقرب في الوصول للفئات المستهدفة من أجل تحقيق األمن االجتماعي لهم بكافة أبعاده‪ ،‬ولذا‬
‫كان نشاط الجمعيات األهلية متنوعا ً ومتغيرا ً ومتسعا ً ليشمل العديد من الميادين والمجاالت من أجل تحقيق األمن االجتماعي في‬
‫المجتمع‪ ،‬وفيما يلى عرض لميادين ومجاالت عمل الجمعيات األهلية والتي تتمثل فيما يلى ‪:‬‬

‫‪ -4‬ميدان رعاية الطفولة واألمومة‪ :‬ويقوم هذا الميدان بتقديم خدمات دور الحضانة وأندية ومكتبات األطفال‪ ،‬ومكاتب التوجيه‬
‫واالستشارات األسرية‪ ،‬ودور المغتربات‪ ،‬وما إلى ذلك من الخدمات التي تهدف إلى استقرار األسرة وتماسكها وتوفير الحماية‬
‫والرعاية ألفرادها‪.‬‬

‫‪ -3‬ميدان رعاية الفئات الخاصة والمعوقين‪ :‬ويهدف هذا الميدان إلى توفير الخدمات الطبية واالجتماعية والنفسية للمعاقين‪ ،‬من‬
‫خالل مكاتب ومراكز التأهيل االجتماعي ومراكز العالج الطبيعي ومؤسسات رعاية المعاقين ‪.‬‬

‫‪ -2‬ميدان الخدمات الثقافية والعلمية والدينية‪ :‬والغرض من هذه الجمعيات النهوض بالعلوم والفنون واآلداب والتوعية الثقافية‪.‬‬

‫‪ -1‬ميدان التنمية االقتصادية لألسرة وتنمية الدخل‪ :‬وترتكز الجمعيات األهلية العاملة في هذا الميدان على النهوض بنوعية حياة‬
‫األسرة وتمكينهم اقتصاديًا من خالل األنشطة التي تسعى إلى تنمية الدخل‪ ،‬فتلك الجمعيات تهدف إلى تنمية موارد األسرة‬
‫وت ُ َحول أفرادها إلى وحدات منتجة بدالً من وحدات معتمدة على المساعدات‪.‬‬
‫‪ -5‬ميدان المساعدات االجتماعية‪ :‬وفيه تقوم الجمعيات األهلية بتقديم المساعدات النقدية والعينية للفقراء والمحتاجين واألرامل‬
‫واأليتام‪ ،‬وتعتمد ميزانية هذه الجمعيات على ما يُقدم لها من أموال الزكاة والتبرعات والصدقات‪ ،‬باإلضافة إلى ما تحصل عليه‬
‫من صندوق إعانة الجمعيات والمؤسسات األهلية‪.‬‬
‫سبل‬
‫‪ -2‬ميدان تنمية المجتمعات المحلية‪ :‬وفي هذا الميدان تتكامل جهود الجمعيات األهلية مع جهود الحكومة في تحقيق أفضل ال ُ‬
‫لتنمية هذه المجتمعات‪.‬‬
‫‪ -7‬ميدان رعاية المسجونين وأسرهم‪ :‬وذلك بتقديم أوجه الرعاية ألسر المسجونين وتنفيذ مشروعات ُمدرة للدخل بعد خروجهم‬
‫من السجن‪.‬‬

‫‪ -8‬ميدان رعاية الشيخوخة‪ :‬ويشمل دور المسنين وبرامج رعاية غير القادرين منهم‪.‬‬

‫‪ -3‬ميدان الدفاع االجتماعي‪ :‬وهو يعمل على تقديم خدمات وقائية وعالجية لحماية المجتمع ضد انحراف بعض أفراده‪ ،‬ويتمثل‬
‫هذا الميدان في الجمعيات التي تتولى اإلدارة واإلشراف على أندية الدفاع االجتماعي التي تعمل في مجال عالج المدمنين‪،‬‬
‫ومؤسسات األحداث المنحرفين أو المعرضين لالنحراف‪.‬‬

‫‪ -41‬ميدان النشاط األدبي‪ :‬ويهدف إلى النهوض بالحركة األدبية‪.‬‬

‫‪ -44‬ميدان أرباب المعاشات‪ :‬ويهدف إلى تقديم الخدمات االجتماعية للمحالين إلى المعاش‪.‬‬

‫‪ -43‬ميدان حماية البيئة والحفاظ عليها‪ :‬وهو ميدان حديث تم إنشاؤه استجابة الحتياجات المجتمع ومن الحفاظ على البيئة من‬
‫كل انواع التلوث‪.‬‬
‫‪ -42‬ميدان التنظيم واإلدارة والتدريب‪ :‬ويقدم مختلف برامج التدريب ألعضاء هذه الجمعيات‪ ،‬والتدريب على إعداد وإقامة‬
‫المشروعات‪.‬‬
‫‪ -41‬ميدان حماية المستهلك‪ :‬وهو يهدف إلى توعية المواطنين وحمايتهم من كافة أشكال االستغالل والغش التجاري‪ ،‬والتصدي‬
‫الرتفاع أسعار السلع األساسية مثل المواد الغذائية واألدوية‪.‬‬
‫‪ -45‬ميدان الرعاية الصحية واالجتماعية ورعاية الطالب الفقراء وكفالة الطفل اليتيم‪.‬‬

‫‪ -42‬ميدان حقوق اإلنسان والتوعية بالحقوق الدستورية والقانونية‪ ،‬وتعمل جمعيات حقوق اإلنسان‬

‫في ثالث مجاالت أساسية هي‪:‬‬

‫الرقابة والرصد لحاالت انتهاكات حقوق اإلنسان ‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫تعزيز ثقافة حقوق اإلنسان من خالل التوعية وعمل الندوات والبحوث والمؤتمرات والتقارير‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تقديم المساعدة القانونية المباشرة للمتضررين من انتهاكات حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫األنشطة الصحية ودورها في تحقيق األمن االجتماعي (إلى هنا في االختبار)‬


‫‪ -‬دعا تقرير التنمية البشرية عام‪3113‬م إلى اعتبار الصحة حقا ً من حقوق اإلنسان‪ ،‬وسلعة عامة يجب أن تكون في متناول‬
‫الجميع‪ ،‬وأن من واجبات الدولة ومن مصلحتها أن تضمن هذا الحق األساسي‪ ،‬الذى يُمثل بالنسبة لها التزاما ً أخالقيا ً وشرطا ً‬
‫آن واحد‪ ،‬لذا يُشكل موضوع األمن الصحي تحديا ً كبيرا ً أمام دور الدولة المنوط بها‪ ،‬بغرض تحقيق األمن‬ ‫الزما ً لبقائها في ٍ‬
‫االجتماعي لألفراد‪ ،‬وبصف ٍة خاصة بعدما بدت الدولة عاجزة عن تلبية جميع االحتياجات الصحية الضرورية لألفراد على‬
‫الوجه المطلوب‪ ،‬فبالرغم من وجود العديد من المراكز الطبية والمستشفيات الحكومية والخاصة‪ ،‬وبالرغم من وجود وفرة في‬
‫عدد األطباء والمختبرات‪ ،‬إال أنه هناك العديد من أفراد المجتمع ال يشعرون باألمن في المجال الصحي‪ ،‬نتيجة لعجز الدولة عن‬
‫توفيره لألفراد الذين هم في حاجة إليه‪ ،‬إضافةً إلى عدم قدرة هؤالء األفراد عن توفيره ألنفسهم بعيدا ً عن أجهزة الدولة‬
‫الرسمية‪ ،‬في ظل ارتفاع أجور األطباء في العيادات الخاصة وارتفاع أسعار الدواء والتكلفة العالية لعمل األشعة والتحاليل‬
‫الطبية التي تلزم المريض في بعض األحيان‪.‬‬
‫‪ -‬ومما ال شك فيه أن الجمعيات والمؤسسات األهلية قد أسهمت بشك ٍل فَعَّال في تقديم الخدمات الصحية بأشكالها المختلفة‬
‫لقطاعات كثيرة من المواطنين‪ ،‬فقد تم إنشاء العديد من المستشفيات العريقة الكبيرة ذات السمعة الطبية بواسطة جمعيات أهلية‪،‬‬
‫وقد أسهمت تلك المستشفيات والمستوصفات في تقديم منافذ للخدمة الصحية للمواطنين في المناطق التي تعانى من نق الخدمة‬
‫الصحية‪ ،‬إلى جانب أنها وفرت فر عمل عديدة للفئات العاملة في مجاالت الخدمة الطبية بمختلف نوعياتها‪.‬‬

‫‪ -‬ومن المالحظ أن هناك ارتفاع في حجم الخدمات الصحية التي تقدمها الجمعيات والمؤسسات األهلية‪ ،‬وتجدر اإلشارة هنا إلى‬
‫أن هذه الخدمات تُقدم بأسعار وتكلفة رمزية وبكفاءة عالية‪ ،‬وهى مفيدة جدا ً في الحد نسبيا ً من العبء الكبير ال ُملقى على عاتق‬
‫المؤسسات الحكومية العامة‪ ،‬كما أن مثل هذه المؤسسات الصحية األهلية في امتدادها إلى المناطق أو األحياء الشعبية‬
‫والعشوائية غير المنظمة من قبل الدولة ترفع عبئا ً ثقيالً عن كاهل سكان هذه المناطق واألحياء فيما يتعلق بالطبيب‪ ،‬أو التداوي‪،‬‬
‫ومع ذلك فإنه يؤخذ على هذه الجمعيات والمؤسسات األهلية ذات النشاط الصحي تركيزها فقط على الجوانب العالجية على‬
‫حساب الصحة الوقائية‪ ،‬وإهمالها للقضايا الصحية بالمنظور الشامل للتنمية البشرية‪.‬‬

‫‪ -‬فاألمن الصحي يُعد خطوة من أهم الخطوات في طريق تحقيق األمن االجتماعي‪ ،‬وهنا يتضح مما سبق مدى أهمية الدور‬
‫الذى تلعبه الجمعيات والمؤسسات األهلية في تحقيق األمن االجتماعي من خالل ما تقدمه تلك المؤسسات والجمعيات في مجال‬
‫الخدمات الصحية والعالجية والتحاليل الطبية‪ ،‬سواء كان ذلك بالمجان للمريض أو حتى عن طريق دفع أجر رمزي مقابل‬
‫تلقيهم هذه الخدمات‪ ،‬فمما الشك فيه أن المؤسسات والجمعيات األهلية بأدائها لهذا الدور تخدم فئة كبيرة ممن هم في حاجة لتلك‬
‫الخدمات الصحية وال يستطيعون الحصول عليها‪ ،‬فهي من ناحية تساهم في التخفيف على محدودي الدخل والفقراء‪ ،‬ومن ناحية‬
‫أخرى تساهم في حل مشكلة عدم تواجد الخدمات الطبية في األماكن الشعبية واألحياء والعشوائيات والقرى النائية‪ ،‬التي‬
‫تتقاعس الدولة فيها عن بناء العدد الكافي من المستشفيات‪.‬‬

‫األنشطة االقتصادية والتنموية ودورها في تحقيق األمن االجتماعي‬


‫ترتكز جهود الجمعيات والمؤسسات األهلية على محور رئيسي هو تعبئة جهود األفراد والجماعات إلحداث التنمية في المجتمع‬
‫والعمل على حل مشكالته‪ ،‬واإلسهام في مؤازرة جهود الدولة في تلبية االحتياجات اإلنسانية واالجتماعية واالقتصادية للمجتمع‪،‬‬
‫وذلك من خالل ما تقوم به من أنشطة وخدمات متنوعة‪ ،‬وتقوم الجمعيات والمؤسسات األهلية بتقديم العديد من األنشطة‬
‫والخدمات االقتصادية بغرض تحقيق األمن االجتماعي ألفراد المجتمع‪ ،‬ويتمثل ذلك على سبيل المثال في تقديم القروض‬
‫للشباب من أجل إقامة مشاريع صغيرة ُمدرة للدخل‪ ،‬باإلضافة إلى إقامة مشاريع لزيادة دخل الفئات الفقيرة والقادرة على‬
‫العمل‪ ،‬األمر الذى يوفر العديد من فر العمل للعديد من العاطلين‪ ،‬وهنا يتحقق بُعد من أهم أبعاد األمن االجتماعي وهو األمن‬
‫االقتصادي‪.‬‬

‫ويرى البعض أن أحد الرهانات الكبرى إلنعاش الجمعيات األهلية اليوم‪ ،‬هو الرهان على قيامها بمشروعات لتوليد وزيادة‬
‫الدخل‪ ،‬األمر الذى يُساهم في التنمية االقتصادية وحل العديد من المشكالت أهمها مشكلة الفقر والبطالة‪ ،‬فالفقر يُعد أحد‬
‫المشكالت الرئيسية التي تواجه الفرد في المجتمع‪ ،‬حيث أن الفقر المادي يتبعه فقر في شتى مجاالت الحياة‪ ،‬وهناك ارتباط‬
‫وثيق بين الفقر وبين نق فر العمل من ناحية وبين تدنى األجر من ناحي ٍة أخرى‪ ،‬فأعضاء الطبقة الفقيرة غالبا ً ما تنتشر‬
‫بينهم األمراض واألمية‪ ،‬ويعتمدون في دخولهم على العمل المؤقت وغير المستقر المتدني في األجر‪ ،‬فتلك األمور جميعها تُعد‬
‫من ُمهددات األمن االجتماعي للفرد وللمجتمع‪.‬‬
‫األنشطة التعليمية والتثقيفية ودورها في تحقيق األمن االجتماعي‬
‫يُعد تحلى الفرد بالعلم والثقافة الواعية من أهم العوامل التي تحول بينه وبين األفعال السلبية والسلوكيات الغير أخالقية الضارة‬
‫بالمجتمع‪ ،‬تلك األفعال والسلوكيات التي تُعد من أهم أسباب اختالل األمن االجتماعي‪ ،‬وهنا يبرز دور الجمعيات والمؤسسات‬
‫األهلية في تحقيق األمن االجتماعي من خالل تلك الخدمات واألنشطة التي تقدمها في مجال التعليم والثقافة‪ ،‬وال ُمتمثلة في إنشاء‬
‫المدارس‪ ،‬و ُمحاربة األمية‪ ،‬وعمل فصول تقوية لمحاربة ظاهرة الدروس الخصوصية‪ ،‬هذا باإلضافة إلى منح الفُر للطالب‬
‫من تكملة دراساتهم بالمدارس والجامعات‪ ،‬وهذا أيضا ً إلى جانب عمل المسابقات وتقديم الجوائز للفائزين‪ ،‬فتلك األمور جميعها‬
‫تُسهم بشك ٍل فعال في تحقيق األمن االجتماعي من خالل القضاء على ُمهدداته الناجمة عن التسرب من التعليم واألمية‪.‬‬

‫هذا إلى جانب دور الجمعيات والمؤسسات األهلية في مجال األنشطة الثقافية والتربوية والفكرية من خالل ما تنظمه تلك‬
‫الجمعيات والمؤسسات من ندوات ومؤتمرات ومحاضرات تهدف إلى الوصول بالفرد إلى تنشئة اجتماعية وثقافية وفكرية‬
‫سليمة‪ ،‬هذا إلى جانب إصدارها لدوريات ومجالت ثقافية وتربوية وفكرية‪ ،‬تتناول موضوعات تمس األمن االجتماعي وتؤثر‬
‫سلبا ً على المجتمع‪ ،‬مثل شرب الكحوليات‪ ،‬وتعاطى المخدرات‪ ،‬والتفكك األسرى وتشرد األطفال‪ ،‬وممارسة العنف بجميع‬
‫أشكاله‪ ،‬هذا باإلضافة إلى تناول الموضوعات التي تعمل على تدعيم أسس األمن االجتماعي داخل المجتمع‪ ،‬كالتسامح‬
‫والوسطية في اإلسالم ونبذ العنف‪ ،‬والحث على العفو واإلحسان ومراعاة حقوق اآلخرين‪ ،‬ونشر قيم التراحم والتكافل‬
‫االجتماعي والتعاون والتحلي باألخالق الحميدة‪......‬إلخ‪.‬‬

‫األنشطة البيئية ودورها في تحقيق األمن االجتماعي‬


‫ظهرت في العقود األخيرة العديد من المنظمات الدولية ذات البعد البيئي‪ ،‬ففي عام ‪4374‬م تأسست الفدرالية الدولية ألصدقاء‬
‫األرض التي تستهدف بناء عالم يقوم على ما يلى‪:‬‬

‫الماء والهواء والتغذية والطاقة دون أن يؤثر ذلك على احتياجات‬ ‫االستجابة للحاجات اإلنسانية لإلنسان فيما يخ‬ ‫‪‬‬
‫األجيال القادمة‪.‬‬
‫توزيع عادل للثروات‪ ،‬والمزاوجة بين الحق في بيئة نظيفة وواجب المحافظة عليها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وابتداء من عام ‪4382‬م برز اسم الصندوق العالمي للطبيعة الذى اهتم بإيجاد الحلول للمشاكل البيئية من خالل حماية الغابات‪،‬‬
‫ومحاربة تلوث البحار والمحيطات والسواحل‪ ،‬والمحافظة على نقاوة المياه العذبة‪ ،‬والمحافظة على تنوع جميع الكائنات الحية‬
‫والنباتية والحيوانية‪ ،‬ومواجهة عواقب التغيرات المناخية‪ ،‬ومنذ عام ‪4383‬م تحولت منظمة السالم األخضر إلى منظمة دولية‪،‬‬
‫وركزت في أهدافها على حماية الغابات والمحيطات من كل أشكال التدهور‪ ،‬وتشجيع استعمال الطاقات المتجددة والنظيفة‬
‫كبديل للوقود‪ ،‬ونزع السالح النووي والحد من انتشار اإلشعاعات النووية وخطر استعمال المواد الكيماوية السامة ومنع انتشار‬
‫المواد المعدَّلة وراثياً‪.‬‬

‫ويتضح مما سبق إن من أهم التحديات التي يواجهها العالم اليوم هى قضية الحفاظ على البيئة وتنميتها‪ ،‬فالبيئة هى موضوع‬
‫حياة الرتباطها الوثيق بحياة اإلنسان والحيوان والنبات‪ ،‬وبالرغم من أن قضية البيئة وحمايتها قد أخذت حيزا ً كبيرا ً من االهتمام‬
‫على الصعيدين الدولي والمحلى‪ ،‬إال أن اهتمام الجمعيات والمؤسسات األهلية باألنشطة البيئية بشكل مباشر مازال محدوداً‪ ،‬ولم‬
‫يتجه بشكل كبير ليساهم في المحافظة على نظافة البيئة وعدم تلوثها‪ ،‬وال ينكر ذلك أن هناك اهتمام غير مباشر من جانب‬
‫بعض الجمعيات والمؤسسات األهلية بالبيئة والحفاظ على نظافتها‪ ،‬ويتمثل هذا االهتمام بشكل كبير في القيام بحمالت النظافة‬
‫بين فترة وأخرى‪ ،‬والقيام بتجميل وتشجير المنطقة التي توجد بها تلك الجمعيات والمؤسسات األهلية ‪،‬هذا إلى جانب عقد حلقات‬
‫وندوات لنشر الوعى البيئي في المدارس والجامعات‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق ببعض األنشطة البيئية كمكافحة الجفاف والتصحر وحماية الثروة الحيوانية وإعادة تصنيع المخلفات والنفايات‪،‬‬
‫بعض من األنشطة البيئية األخرى‬
‫ٍ‬ ‫فهناك قلة قليلة من المنظمات األهلية التي تهتم بتلك األنشطة‪ ،‬هذا باإلضافة إلى أن هناك‬
‫مثل حماية الثروة المعدنية‪ ،‬أو جمع مياه األمطار مثالً ال توجد أية منظمة أهلية تمارس مثل هذه األنشطة‪.‬‬
‫األنشطة االجتماعية والرعائية ودورها في تحقيق األمن االجتماعي‬
‫تقدم معظم الجمعيات والمؤسسات األهلية خدمات اجتماعية كثيرة ومتنوعة ومهمة بالنسبة لمختلف شرائح المجتمع‪ ،‬بدايةً من‬
‫الخدمات المقدمة لألطفال والشباب والمسنين‪ ،‬ووصوالً إلى الخدمات المقدمة لألسرة بصف ٍة عامة‪ ،‬إضافةً إلى وجود خدمات‬
‫اجتماعية في مجال الرعاية االجتماعية للمعاقين أو ذوى االحتياجات الخاصة‪ ،‬وفي مجال رعاية األيتام والتكفل بهم‪ ،‬وتقدم‬
‫الجمعيات والمؤسسات األهلية المساعدات االجتماعية للعديد من األفراد واألسر الفقيرة‪ ،‬هذا باإلضافة إلى اهتمام بعض من تلك‬
‫الجمعيات والمؤسسات بتقديم خدمات العون واإلغاثة للفئات المنكوبة‪ ،‬خاصةً عند حدوث بعض الكوارث الطبيعية أو البيئية‬
‫كالجفاف والقحط أو ما شابه ذلك‪ ،‬وإلى جانب هذه الخدمات الموجهة إلى بعض الشرائح االجتماعية على وجهه الخصو ‪،‬‬
‫تقوم الجمعيات والمؤسسات األهلية بتقديم جملة من الخدمات العامة الموجهة إلى كافة شرائح المجتمع على وجهه العموم‪ ،‬مثل‬
‫ما تقدمه بعض الجمعيات األهلية من خدمات صحية‪ ،‬أو ما تقدمه من خدمات تتعلق بتنظيم األسرة ومسائل الصحة اإلنجابية‪،‬‬
‫أو خدمات سكنية تتعلق ببناء المساكن والمساجد والمرافق العامة‪ ،‬هذا باإلضافة إلى تقديم بعض الجمعيات والمؤسسات األهلية‬
‫لبعض األنشطة الترفيهية كممارسة النشاط الرياضي والفني وإقامة الرحالت والمعسكرات وغير ذلك من األنشطة الترفيهية‬
‫المتنوعة‪.‬‬

‫وفي النهاية يتضح مما سبق أن كافة األنشطة والخدمات االجتماعية التي تقدمها الجمعيات والمؤسسات األهلية سواء كانت تلك‬
‫األنشطة والخدمات عبارة عن أنشطة صحية أو اقتصادية أو تعليمية أو تثقيفية أو بيئية أو سياسية أو حقوقية أو مساعدات‬
‫اجتماعية أو خدمات رعائية‪ ،‬جميعها يمكن أن يُساهم إلى ح ٍد كبير في تحقيق األمن االجتماعي للفرد وللمجتمع‪ ،‬كما يمكن أن‬
‫تُساهم الجمعيات والمؤسسات األهلية في تحقيق األمن االجتماعي عن طريق التخفيف من حدة المشكالت االجتماعية التي‬
‫تعانى منها بعض الفئات‪ ،‬كمشكالت الفقر والبطالة والتسول واألمية‪ ...‬وغيرها من المشكالت األخرى‪ ،‬وتقديم الحلول‬
‫والمعالجات لها‪ ،‬حتى ال تتفاقم وتصبح أرضية خصبة لإلجرام ولالنحراف‪ ،‬األمر الذى يؤثر سلبا ً على أمن واستقرار المجتمع‪.‬‬
‫تابع المحاضرة السابعة‪ :‬تابع الدور التنموي للمنظمات غير الحكومية وعالقته باألمن االجتماعي‬

‫‪ -1‬الجمعيات األهلية على خلفية المجتمع المدني والتنمية المستدامة‬

‫يمثل األمن االجتماعي أحد أبرز ركائز إحداث التنمية‪ ،‬وبنفس القدر تعتبر التنمية أحد أهم ركائز األمن االجتماعي‪ ،‬وهذا يعنى‬
‫أن ثمة عالقة تكاملية وتبادلية بين األمن االجتماعي والتنمية‪ ،‬فالتنمية تُوسع من القاعدة المادية إلشباع حاجات الفرد األساسية‬
‫ُمحققة بذلك األمن االجتماعي‪ ،‬أما األمن االجتماعي فهو من ضرورات التنمية‪ ،‬حيث ال تتحقق هذه التنمية إال عبر تأسيس‬
‫مجتمع معافي‪ ،‬من خالل االستثمارات في الصحة والتعليم والبنية التحتية‪ ،‬والعمل على رفع معدالت الدخل القومي‪ ،‬فهناك‬
‫ارتباط مباشر بين قضية األمن االجتماعي والتنمية‪ ،‬فإن لم يكن األفراد آمنين‪ ،‬فقلما أن يكون لهم دور فعال في المجتمع‪،‬‬
‫ويشمل هذا األمن إمكانية الوصول إلى الخدمات الصحية والعيش في مستوى معيشي الئق‪ ،‬وغيرها من االحتياجات األساسية‬
‫لألفراد‪ ،‬ولذلك فالبد من توفير الحد األدنى من األمن االجتماعي لألفراد حتى نصل في النهاية إلى مجتمع متقدم‪.‬‬

‫ومما ال شك فيه تهدف التنمية إلى خلق بيئة يستطيع األفراد من خاللها تطوير قدراتهم إلى أقصى حد ممكن واالستغالل األمثل‬
‫لها في جميع المجاالت‪ ،‬وزيادة الفر في الحاضر والمستقبل‪ ،‬فالتنمية البشرية المستدامة تقدر الحياة اإلنسانية لذاتها‪ ،‬فهي ال‬
‫تقدر حياة اإلنسان ألنه ينتج السلع المادية‪ ،‬وال تميز بين شخ وآخر‪ ،‬وال ينبغي أن يعيش أي طفل حياة بائسة لوجوده في بيئة‬
‫سيئة‪ ،‬بل يجب أن تُمكن التنمية جميع األفراد من تطوير قدراتهم إلى أقصى حد ممكن‪ ،‬ويُعد مبدأ حقوق اإلنسان للجميع هو‬
‫الرباط الوثيق بين التنمية البشرية في الحاضر والمستقبل‪ ،‬حيث أنه ال معنى للتنمية المستدامة إذا كانت تعنى توفير فر‬
‫الحياة البائسة أو تهدف إلى زيادة حرمان اإلنسان‪ ،‬فيجب أن يلقى الفقراء نفس االهتمام الذى يلقاه أجيال المستقبل‪ ،‬ومن ثَم فإن‬
‫التنمية البشرية واالستدامة مكونان أساسيان لمبدأ حقوق اإلنسان للجميع‪ ،‬فال يوجد توتر بين المفهومين‪ ،‬وفي هذا اإلطار‬
‫المفاهيمي تُمثل االستدامة ـ بالمعنى الواسع ـ العدالة في توزيع فر التنمية بين أجيال الحاضر والمستقبل‪ ،‬فمن الجور‬
‫االهتمام برفاهية المستقبل وتجاهل معاناة الفقراء في الحاضر‪ ،‬حيث يتطلب مبدأ حقوق اإلنسان للجميع العدالة داخل الجيل‬
‫الواحد وبين األجيال‪.‬‬

‫ومع بداية األلفية الثالثة بدأ يظهر فكر جديد أدى الى العديد من التراكمات الكمية والكيفية العميقة والتحول من التخلف الى‬
‫التنمية‪ ،‬حيث برزت العديد من الجمعيات ومنظمات العمل غير الحكومية كفاعل ُمؤهل لقيادة التحوالت التي وقعت أثناء مرحلة‬
‫االستقالل التي شكلت خطا ً فاصالً بين التخلف الذى حاولت القوى االستعمارية ترسيخه وبين التنمية التي حاولت االتجاهات‬
‫والقوى الوطنية تأسيسها والتي نضجت ثمارها فيما بعد مع تخليها عن نموذج التنمية التقليدية الذى تتبناه الدولة‪ ،‬وتتبنى فكرة‬
‫أن تبدأ التنمية من القاع التي اعتبرت ركيزة أساسية ضمن نموذج التنمية المتواصلة أو المستدامة ‪Sustainable‬‬
‫‪ Development‬الذى شاع بعدما تجاوز تماما ً مختلف المصطلحات واألفكار القديمة السابقة‪ ،‬وأصبح يعني في جوهره "‬
‫التنمية مع المحافظة على البيئة‪ ،‬أو التنمية لصالح األجيال الحالية مع المحافظة على البيئة لصالح األجيال في المستقبل‪.‬‬

‫ومن الطبيعي أن تكون التنمية جهدا ً مقصودا ً للتحرك من القاع في اتجاه القمة وفق تصور جديد للنمو يبدأ من الجماهير وليس‬
‫من الدولة كما كان الحال ففشلت تجارب التنمية التقليدية في غالبها‪ ،‬وإذا كانت الدولة قد ظلت لفترة طويلة ُ تمثل الفاعل الحقيقي‬
‫الذى قاد عمليات التنمية بنماذجها التقليدية‪ ،‬فقد تغير الحال وبرز تأكيد عالمي وإقليمي ومحلى على الدور التنموي الذى ينبغي‬
‫أن تلعبه مؤسسات المجتمع األهلي ( المدني ) واالهتمام باإلسهام االقتصادي واالجتماعي للمؤسسات غير الحكومية والجمعيات‬
‫األهلية التي أصبح لها أهمية بالغة باعتبارها كتلة متماسكة لها قوتها وفاعليتها في مواجهة كثير من القضايا‪ ،‬وبخاصةً فيما‬
‫يتعلق بتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تقوم باألساس على استنفار مشاركة الجماهير في كل ما يتصل بتطوير واقعهم‬
‫وتنمية‪ ،‬ومن المالحظ في الفترة األخيرة اتساع مساحة تمكين كل هذه الهيئات والمنظمات لشرائح كبيرة من السكان ودفعها‬
‫باتجاه المجري الرئيسي للمجتمع بعد أن كانت تعيش على هامشه‪.‬‬
‫عالقة األمن البشرى بالتنمية البشرية‬
‫يتحدث البعض عن األمن البشري باعتباره مرادفا ً للتنمية البشرية‪ ،‬حيث يتضمن المفهوم أبعادا ً لالرتقاء بأمن للبشر تتشابه مع‬
‫األبعاد الخاصة بتحقيق التنمية البشرية‪ ،‬إال أن النظرة المدققة تكشف عن حقيقة أن المفهومين مختلفين‪ ،‬فعند تعريف األمن‬
‫يجب التمييز بين األمن البشرى والتنمية البشرية‪ ،‬فالتنمية البشرية هي مفهوم أوسع‪ ،‬تم تعريفها في تقارير التنمية البشرية‬
‫السابقة على أنها زيادة االختيارات المتاحة لدى األفراد‪ ،‬ويعنى األمن البشرى ممارسة األفراد هذه االختيارات بأمان وحرية‬
‫وثقتهم أن الفر المتاحة لهم اليوم لن تضيع غداً‪.‬‬

‫غير أن هذا االختالف ال يعني أنه ال توجد صالت وثيقة بين األمن البشري والتنمية البشرية‪ ،‬ألن التقدم في أي من المجالين‬
‫يعزز عوائد التنمية ‪ :‬بل إن األمن البشري ال يمكن أن يتحقق إال إذا شملت التنمية جميع المواطنين في المجتمع‪ ،‬فالطبع توجد‬
‫عالقة بين األمن البشرى والتنمية البشرية‪ ،‬حيث يعزز التقدم في أحدهما فر التقدم في اآلخر‪ ،‬ويعزز الفشل في أحدهما‬
‫فر الفشل في اآلخر‪ ،‬فالفشل في تحقيق التنمية البشرية يؤدى إلى الفقر والجوع والمرض والعنف والنزاعات المستمرة‪،‬‬
‫ومن ثم عندما يشعر األفراد بعدم األمن غالبا ً ما يكونوا أقل تسامحا ً ويصبحوا عبئا ً على المجتمع ‪.‬‬

‫ومن الجدير بالذكر أن أدبيات التنمية ومختلف المؤتمرات قد لعبت دورا ً أساسيا ً في إثراء وتحديد مفهوم األمن البشري وعالقته‬
‫بالتنمية البشرية‪ ،‬خاصةً القمة االجتماعية في مارس ‪ 4335‬حيث عبر المجتمع الدولي عن موافقته بأن التنمية االجتماعية‬
‫والعدالة االجتماعية هي أمور ال يمكن االستغناء عنها لتحقيق واستمرار السالم واألمن داخل وفيما بين األمم والشعوب‪.‬‬

‫ويؤكد مفهوم األمن البشرى على أن األفراد لكى يكونوا قادرين على رعاية أنفسهم يجب أن تتاح لهم الفر لتلبية احتياجاتهم‬
‫وكسب عيشهم‪ ،‬وهذا سيؤدى إلى تمتعهم بالحرية وإسهامهم في التنمية ألنفسهم ومجتمعهم وعالمهم‪ ،‬فاألمن البشرى هو مكون‬
‫أساسي للتنمية المشتركة‪ ،‬ومن ثم فاألمن البشرى ليس مفهوم دفاعي لكنه مفهوم تكاملي‪ ،‬فهو يعترف بمبدأ حقوق اإلنسان‬
‫للجميع‪ ،‬ويشير إلى التضامن بين الناس‪ ،‬وال يمكن تحقيقه من خالل القوة‪ ،‬القوة العسكرية ضد القوة العسكرية‪ ،‬وإنما يتحقق‬
‫فقط عندما نجمع على أن التنمية يجب أن تشمل الجميع‪.‬‬

‫ولعله من المهم هنا استعادة موقف ورؤية أفالطون عن العدالة‪ ،‬فالعدالة تمثل عنده التناغم بين الفضائل الثالث أو العالقة‬
‫الصحيحة بين الطبقات الثالث التي يقول بها في جمهوريته سواء بالنسبة إلي الفرد أو الدولة‪ ،‬حيث تتمثل العدالة في قيام كل‬
‫طبقة بتنفيذ واجبها األساسي أو كما قال أن يؤدى كل شخ ما علية فالعدالة هي أعظم ثروة إنسانية والهدف االسمي لحكم‬
‫الدولة والتي ال وجود للجماعة اإلنسانية بدونها‪.‬‬

‫والواقع أن هناك العديد من العوامل والظروف التي ساعدت في إنجاح العمل التطوعي والمنظمات غير الحكومية والجمعيات‬
‫األهلية ‪ ،‬فالحكومات في كثير من المجتمعات بدت أكثر وعيا ً بأهمية المشاركة الشعبية وبالدور الذي يمكن أن تلعبه المنظمات‬
‫الوسيطة من ناحية‪ ،‬ومن الناحية األخرى أن هذه المنظمات ال تلتزم التزاما ً قاسيا ً بقواعد اإلدارة البيروقراطية‪ ،‬األمر الذي‬
‫يجعلها تتمتع بدرجة عالية من المرونة‪ ،‬أضف إلي ذلك توافر منظومة قيميه توجه العمل والجهود كاكتشاف الذات في مختلف‬
‫المستويات وإدراك األفراد للقوي الكامنة أو المغيبة تاريخياً‪ ،‬حيث يؤدى اكتشاف هذه القوي إلى إدراك إمكانية االستخدام‬
‫وإمكانية تجددها‪ ،‬مما يؤدي إلى انتعاش فاعلية هذه التكوينات باعتبارها الفاعل الذى يتولى قضية المجتمع ودفعة على طريق‬
‫التنمية‪.‬‬
‫فمما الشك فيه أن أزمة التنمية في العالم الثالث والتي ساعدت الثمانينيات من القرن الماضي على تسليط الضوء عليها‪ ،‬إنما‬
‫تعود في جانب منها إلي إلقاء عبء التنمية علي عاتق الحكومات وحدها‪ ،‬كذلك أدى االتجاه نحو الخصخصة واالتجاه إلى‬
‫سياسات التكيف الهيكلي إلى تحجيم وتقلي دور الدولة في توفير الخدمات االجتماعية والحاجات األساسية للشعب‪ ،‬مما أدي‬
‫بكثير من االتجاهات إلى الدعوة كى تلعب الجمعيات األهلية والمنظمات غير الحكومية دورا ً أكبر من تعبئة البشر للقيام ببعض‬
‫األنشطة التنموية‪ ،‬والشائع أن قطاع المنظمات غير الحكومة قد ظهرت في إطار عدم قدرة الدولة على الوفاء بكافة االحتياجات‬
‫المجتمعية في مجاالت التنمية والرفاهية‪ ،‬وليس ثمة شك في أنه إذا كانت الدولة هي الفاعل الذي قاد عمليات التنمية‬
‫بنماذجها التقليدية‪ ،‬فإن منظمات المجتمع المدني والجمعيات األهلية والمنظمات غير الحكومية هي فاعل التنمية المستدامة‬
‫وهذا يتطلب ما يلى‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أن تقوم الدولة بفتح باب الحوار مع كل هذه المنظمات والجمعيات‪ ،‬وأن تقبل في الوقت نفسه شراكتها في عمليات التنمية‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬حث المواطنين في المحليات على المشاركة واألخذ بالالمركزية ألن اإلطار المحلي هو األقرب من البشر لفهم همومهم‬
‫ومشكالتهم الواقعية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬تقوية وتطوير البناءات القانونية التي تحدد الحدود بين الدولة وسائر المنظمات األهلية وغير الحكومية‪.‬‬

‫ونتيج ة لهذه المميزات السابقة عن المجتمع المدني وما يضمه من تكوينات وجمعيات ومنظمات غير حكومية برزت في مقدمة‬
‫وثيقة األهداف اإلنمائية التي وقعت عليها دول العالم فقد تأكدت ثالثة أفكار أساسية‬

‫الفكرة االولي‪ :‬التأكيد على مفهوم المجتمع المدني القوي‪ ،‬بمعني الفاعلية والكفاءة في تحقيق األهداف والوصول إلي الفئات‬
‫المستهدفة‪ ،‬بدالً من مجرد االعتماد على األرقام التي ال تشير إلي مكامن ومظاهر هذه القوة والفاعلية‪.‬‬

‫الفكرة الثانية‪ :‬تتمثل في التأكيد الواضح علي قيمة الشراكة التي برزت في التسعينيات ونصت عليها المواثيق بدءا ً من مؤتمر‬
‫القاهرة للسكان والتنمية الذي إنعقد عام ‪4331‬م‪ ،‬حيث أوضح أن الشراكة ليست عالقة غير متكافئة‪ ،‬وإنما هي عالقة تكامل‬
‫وتقدير متبادل‪ ،‬كما أنها ليست مجرد إسناد بعض المشروعات من الحكومة إلي بعض المؤسسات والجمعيات المنتقاة‪.‬‬

‫الفكرة الثالثة‪ :‬هي المشاركة الشعبية الواسعة التي تحرك ِه َم ْم المواطنين في المجتمع المحلي لإلسهام في مواجهة تحديات‬
‫التنمية‪.‬‬
‫خصائص وسمات التنمية المستدامة‬
‫والسمات التي تميز التنمية المستدامة عن غيرها من نماذج التنمية وفيما يلي عرض ألبرز‬ ‫في الواقع هناك بعض الخصائ‬
‫هذه الخصائ ‪:‬‬
‫‪ -4‬أنها تنمية ذات طبيعة إيجابية حيث يشارك أعضاء المجتمع من خالل بعض األنشطة مثل التبرع بالمواد أو بالعمل‬
‫التطوعي‪ ،‬وهذه الطبيعة اإليجابية تساعد في تعبئة البشر إطار المشروع التنموي ففي هذا النمط نجد البشر يتعايشون مع‬
‫مختلف مراحل المشروع منذ إصدار قراره وحتي تجسيده وتنفيذه‪.‬‬

‫‪ -3‬المشاركة الديمقراطية ‪ :‬فالتنمية من خالل هذا النمط قريبة من الناس وتفترض المساواة بينهم إذ أنها تتطلب وعي الجميع‬
‫ومشاركة الجميع وفق مرجعية مشتركة وأهداف مشتركة‪ ،‬ولذا تعتبر التنمية المستدامة بمثابة مدخل للممارسة الديمقراطية‬
‫الحقيقية‪.‬‬
‫‪ -2‬التنمية المستدامة مدخل الى تمكين المهشمين وتمكين الفقراء حتي يستعيدوا عافيتهم وقدرتهم على المشاركة الفعالة‬

‫‪ -1‬كذلك تتميز التنمية المستدامة بالتنوع وبقبول عدة أنماط متوازية تؤدي كلها إلي التنمية‪ ،‬كما تتميز أيضا ً بإمكانية إختيار‬
‫المنهج التنموي الذي يعتبر أكثر مالئمة لتحقيق األهداف التنموية ‪.‬‬

‫وإزاء هذه المميزات واألفكار األساسية ال يبدو غريبا ً أن يظهر للعيان أن هذه المميزات واألفكار األساسية كانت وراء تعاظم‬
‫النجاحات التي حققتها بعض جمعيات ومؤسسات العمل األهلي‪ ،‬ليست فقط ذات الطابع الخيري والرعائي ولكن ذات الطابع‬
‫الثقافي والتنويري وتلك التي قام نشاطها على التوجهات التنموية‪ ،‬وتضاعف بسببها عدد المؤسسات والجمعيات في مجال‬
‫الصحة والبيئة والمنظمات الحقوقية وفي مجال الدفاع عن قضايا المرأة وسائر التنوعات والتصنيفات التي برز توجهها نحو‬
‫تحقيق المنفعة الكلية للمجتمع‪ ،‬أو التوجه لدعم ومساندة الفئات الفقيرة والمهمشة‪.‬‬

‫أهمية الشراكة مع اإلعالم‬


‫جدير بالذكر أن النجاحات التي حققتها بعض جمعيات ومؤسسات العمل األهلي من منظور التنمية المستدامة لم تكن لتتهيأ‬ ‫ٌ‬
‫وتصبح حقيقة واقعية ما لم تكن جمعيات التنمية قد انتبهت الي أهمية تفعيل الشراكة ‪ Partnership‬بينها وبين اإلعالم‬
‫واالتصال عموماً‪ ،‬وإلى أهمية قدرات هذه الشراكة لإلسهام في مواجهة كل تحديات التنمية البشرية‪ ،‬خاصةً وأن مفهوم الشراكة‬
‫ينقلنا تلقائيا ً إلى العملية التي يتم فيها توزيع األدوار وتحديد المهام والمسئوليات بين الشركاء وكذلك التوافق بين مختلف‬
‫األطراف‪ ،‬ومن ثم تعميق التفاهم حول القضايا األساسية التي تتعلق بالتنمية البشرية والحقوق والواجبات والحريات‬
‫والديمقراطية‪ ،‬كما يؤكد مفهوم الشراكة تأكيدا ً واضحا ً وصريحا ً على أطر العمل والتنمية بين األطراف مثلما يؤكد على أهمية‬
‫تدفق المعلومات وانسيابها في ضوء من الشفافية واإلفصاح واإلعالن عن كل الحقائق وحقوق الشركاء في اقتسام المعارف‬
‫وتبادل المعلومات‪ ،‬مما يسمح للرأي العام باالطالع على الخبرات المتنوعة واألدوار التي تقوم بها الجمعيات األهلية‬
‫والمنظمات غير الحكومية‪ ،‬بما يزيد من الجدوى والقيمة المضافة لما تقوم به من أدوار ومشروعات‪.‬‬

‫فاإلعالم هو منهج وعملية يقوم على هدف التنوير والتثقيف ويهدف إلى نشر األخبار واألنباء والحقائق والمعلومات الصادقة‬
‫التي تنساب إلى عقول األفراد ووجدانهم الجماعي فترفع من مستواهم وتدفعهم إلي العمل من أجل المصلحة العامة‪ ،‬كما أنه‬
‫يهدف الي تنوير الرأي الجماهيري وتبصير الجماعات علي اختالف مستوياتها وتنوع اهتماماتها اذ ينطوي على عنصر‬
‫التوجيه الذي يقصد به تحقيق هدف عام هو التنمية وتحقيق الصالح سواء في المجاالت الدولية او على المستوى الوطني‬
‫والقومي‪.‬‬
‫ومجمل القول أن اإلعالم هو شريك رئيسي في عملية التنمية ومن الواجب االعتراف بمبدأ اقتسام المسئولية كي يعلب دور‬
‫الظهير الواعي الذي يقوم بتوعية المجتمع بقضاياه وقضايا التنمية من ناحية‪ ،‬ومساندة مؤسسات وجمعيات ومنظمات العمل‬
‫غير الحكومية من ناحية أخري لدفع العمل األهلي وتطويره‪ ،‬وإبراز دور مؤسسات العمل األهلي في تحقيق مظاهر االستقرار‬
‫واألمن االجتماعي في المجتمع‪.‬‬
‫المحاضرة الثامنة‪ :‬وسائط التنشئة االجتماعية وعالقتها باألمن االجتماعي‬

‫دور األسرة في التنشئة االجتماعية‬


‫يمثل األمن االجتماعي لألسرة مطلبا ملحا ودورا حيويا في آن واحد ؛ من أجل إعداد أفرادها لتحمل أدوارهم والمشاركة في‬
‫بناء المجتمع ‪ ،‬وتعد عملية التنشئة االجتماعية من أهم العمليات التي تؤثر على األبناء في مختلف مراحلهم العمرية وتتم عملية‬
‫التنشئة االجتماعية من خالل وسائط متعددة كاألسرة والمؤسسات التعليمية والدينية واإلعالمية وغيرها‬
‫األسرة من أهم الوسائط وأعظمها تأثيرا في حياة األفراد ‪ ،‬فهي أول جماعة ينتمي إليها الفرد ‪ ،‬وهي الخلية األولى التي تقوم‬
‫بإشباع حاجاته البيولوجية وما يرتبط بها من حاجات سيكولوجية واجتماعية خالل مراحل حياته األولى‪.‬‬

‫مفهوم األسرة‪:‬‬

‫أوجست كونت عرف األسرة بأنها الخلية األولى في جسم المجتمع ‪ ،‬والنقطة األولى التي يبدأ منها التطور ‪ ،‬والوسط الطبيعي‬
‫واالجتماعي الذي يترعرع فيه الفرد ‪.‬‬

‫ميردوك يعرف األسرة بأنها ‪ :‬جماعة اجتماعية تتميز بمكان إقامة مشترك ‪ ،‬وتعاون اقتصادي ووظيفة تكاثرية ‪.‬‬

‫وظائف األسرة‬
‫الوظيفة الثقافية‪ :‬هو ما تقوم به األسرة من تنشئة اجتماعية للطفل ودمجه مع اإلطار الثقافي السائد في مجتمعه و توريثه إياه‬
‫توريثا معتمدا حيث يكتسب من األسرة لغته ‪ ،‬عاداته ‪ ،‬عقيدته والفكر السائد في مجتمعه‪.‬‬
‫الوظيفة النفسية‪ :‬وتسعى إلى ذلك األسرة عن طريق تنمية الطفل نموا نفسيا سليما واالرتقاء به إلى صحة نفسية سليمة وإشباع‬
‫حاجاته ودوافعه األساسية وتزويده بالحب والحنان وإشعاره باألمان ومساعدته على التكيف مع بيئته ومجتمعه على النحو‬
‫المطلوب‪.‬‬
‫الوظيفة االقتصادية ‪ :‬ويقصد بها توفير الدعم المادي بما يضمن توفير حياة كريمة ألفراد األسرة بتوفير االحتياجات‬
‫والمتطلبات الالزمة للحياة وتحقيق األمن األسري المادي‪.‬‬
‫الوظيفة االجتماعية‪ :‬تتمثل هذه الوظيفة في توفير الدعم االجتماعي ونقل العادات والقيم والتقاليد السائدة إلى األطفال وتزويدهم‬
‫بأساليب التكيف ‪ ،‬وإكسابهم المعتقدات والخبرات الالزمة لهم وتنمية الشعور باالنتماء األسري واالجتماعي وتكوين شخصيتهم‬
‫الوظيفة البيولوجية ‪ :‬تعد األسرة المجال المشروع اجتماعيا إلشباع الدوافع ومن بينها الدوافع الجنسية حتى يمكن إنجاب‬
‫أطفال تتوافر فيهم جميع الشروط الصحية الالزمة وان يكون عدد أفراد األسرة نموذجا يحقق التوازن بين موارد األسرة‬
‫واحتياجات أفرادها ‪.‬‬

‫أشكال األسرة وتصنيفاتها‪:‬‬


‫‪ -1‬التصنيف على اساس السلطة في االسرة‬

‫‪ -‬أسرة تكون السلطة فيها لألب إلى حد كبير على جميع أفراد األسرة ‪.‬‬
‫‪ -‬أسرة تكون فيها السلطة لألم ‪.‬‬
‫‪ -‬أسرة تكون فيها السلطة لالبن ‪.‬‬
‫‪ -‬أسرة تكون فيها السلطة الشرعية للولي أو للجد أو للجدة ‪.‬‬
‫‪ -‬أسرة ديمقراطية وأسرة تسلطية ‪.‬‬
‫‪ -2‬التصنيف على اساس الشكل والحجم‬

‫األسرة النووية ‪:‬وهي األسرة الصغيرة المكونة من الزوج والزوجة واألبناء غير المتزوجين و الذين يقيمون تحت سقف واحد‬
‫األسرة الممتدة‪ :‬وتضم الزوج والزوجة وأبناءهما المتزوجين وغير المتزوجين ‪،‬وتضم األعمام واألخوال والعمات والخاالت‬
‫والجد والجدة من ناحية األم واألب‪.‬‬
‫األسرة المركبة ‪:‬وهي األسرة التي يكون فيها الزوج متزوجا من عدة زوجات ‪.‬‬
‫األسرة المشتركة‪ :‬وهي تتكون في الغالب من أسرتين نوويتين يرتبطان بعضهما البعض‪.‬‬

‫‪ -3‬التصنيف على اساس إقامة االسرة ‪ :‬أسرة تقيم مع أهل الزوج و أسرة تقيم مع أهل الزوجة ‪ -‬واسرة تقيم بشكل مستقل‬

‫‪ -4‬التصنيف على اساس شكل العالقات‪ :‬اسرة تناحرية تطالب أفرادها بالخضوع للتقاليد وأسرة تفاعلية يكسب فيها الفرد‬
‫أهميته من خالل توكيد ذاته‬
‫‪ -5‬التصنيف على اساس معاملتها ألطفالها‪ :‬أسرة نابذة لألطفال وأسرة متسامحة‪ ،‬وأسرة متسلطة وأسرة ديمقراطية‬

‫خصائص التنشئة األسرية‬


‫عملية تتسم بالشمول والتكامل‪ :‬تشمل جميع أفراد ومؤسسات المجتمع‪.‬‬
‫عملية تتأثر بثقافة وفلسفة المجتمع‪ :‬ومن ثم فهي عملية متغيرة تختلف من مجتمع آلخر ومن جيل آلخر‬
‫عملية إيجابية بنائية متدرجة‪ :‬تغرس في افرادها المعايير والقيم‪.‬‬
‫عملية اجتماعية أساسية‪ :‬تعمل على تكامل الفرد في جماعة األسرة ثم الجماعات األسرية األخرى‪.‬‬
‫عملية تعليم وتعلم وتربية‪ :‬تقوم على التفاعل االجتماعي والعائلي وتستهدف إكساب الفرد سلوكا ً ومعايير واتجاهات مناسبة‬
‫لألدوار االجتماعية‪.‬‬

‫أساليب التنشئة االجتماعية األسرية‪:‬‬


‫( األساليب السوية ) ‪:‬‬
‫أسلوب الحرية في المعاملة‪ :‬أي اتاحة الفرصة للطفل للتعبير عن رأيه وتشجعيه على المشاركة بالرأي في أتخاذ القرارات في‬
‫شئونه الخاصة‪ .‬يتصف هذا األسلوب بأن األمور بين الوالدين واالبناء تسير بشكل تعاوني‪ ،‬بحيث تعلم األبناء أنهم مطالبون‬
‫ببعض الواجبات لتأديتها‪ ،‬كما أنهم يعلمون أن لألبوين حقوق وامتيازات خاصة‪ ،‬قد تقع خالفات بين أفراد األسرة التي تطبق‬
‫هذا األسلوب لكنها تحل بالنقاش‪ .‬من أهم مظاهر هذا األسلوب النظام واالنضباط والحزم المقترن باللين حيث يبذل اآلباء‬
‫واالبناء جهودهم للمحافظة على النظام الذاتي والتفكير السليم في جميع أعمالهم‪.‬‬

‫أسلوب الحب والتقبل‪ :‬يتمثل في الحذر والحب من قبل الوالدين تجاه الطفل بمقدار التلقي اإليجابي لما يصدر عنه من سلوك‬
‫وإحساس بأنه محبوب‪ ،‬حيث يتصف الوالدين في هذا النمط بتقبل أبنائهم ويعامالنهم بالحب والحنان ودفء العاطفة واحترام‬
‫المشاعر ويساعدانهم على احترام ذاتهم‪.‬‬
‫أسلوب التسامح‪ :‬يعني احترام رأي الطفل وتقبله على عيوبه وتصحيح أخطائه دون قسوة مع بث الثقة في النفس وقد توصل‬
‫العلماء الى أن أسلوب التسامح يرتبط إيجابيا بالقدرة على التفكير اإلبداعي‪.‬‬
‫الوالدين عل تشجيع األبناء على أداء االعمال الموكلة إليهم وإتقانها ويعد هذا األسلوب من‬ ‫أسلوب التشجيع‪ :‬يدل على حر‬
‫أفضل أساليب التنشئة‪.‬‬
‫أسلوب الضبط اإليجابي‪ :‬يعبر عن اهتمام الوالدين بتصحيح تصرفات الطفل وذلك بتعريفه ما له وما عليه‪ ،‬ويشير الى أهمية‬
‫تعلم الطفل مجموعة المعايير والضوابط االجتماعية والحقوق والواجبات داخل البناء االجتماعي‪.‬‬

‫(األساليب الغير سوية ) ‪:‬‬


‫أسلوب التسلط الديكتاتوري‪ :‬اإلفراط في ممارسة القهر والضعف من أجل الهيمنة والتسلط‪ ،‬ويتمثل في فرض األم أو األب‬
‫رأيه على الطفل‪ ،‬لمنعه من سلوك يرغب به‪.‬‬
‫أهم مبادئ األسلوب التسلطي‪ :‬مبدأ العنف بأشكاله المختلفة‪ :‬الرمزية والنفسية والمادية ‪ ،‬مبدأ المجافاة االنفعالية والعاطفية بين‬
‫األبناء واالباء‪ ،‬ال يسمح لألبناء داخل االسرة بإبداء آرائهم وتوجيه انتقاداتهم واال كانت محل سخرية‪.‬‬
‫أسلوب الحماية الزائدة‪ :‬فرض حماية مفرطة على الطفل تتمثل في االلتصاق به‪ ،‬واإلشباع الفوري لرغباته وحمايته من‬
‫مواقف المناقشة أو التحدي‪ ،‬فيحر الوالدين على التدخل في شئون الطفل لدرجة انجاز المهام التي يستطيع إنجازها والمبالغة‬
‫في االهتمام والرعاية‪.‬‬

‫أساليب إساءة المعاملة‬


‫( اإليذاء الجسدي للطفل )‬
‫اإليذاء المباشر‪ :‬هو الذي يستخدم فيه القوة الطبيعية ‪ ،‬وهو مجموعة من األفعال التي تتسم بالعنف وتتفاوت درجة جسامته‬
‫مابين الضرب الخفيق أو القتل‬
‫اإليذاء غير المباشر‪ :‬وينتج عن فعل غير مباشر من الوالدين تجاه الطفل يؤدي إلى إلحاق الضرر الجسدي مثل سوء الرعاية‬
‫الصحية‪.‬‬

‫االيذاء النفسي للطفل‪ :‬يتحقق هذا اإليذاء عندما يحرم الطفل من إشباع حاجاته النفسية عن طريق والدية‪ ،‬مثل الحاجة إلى‬
‫الحب والحنان والرعاية‪.‬‬

‫االيذاء االجتماعي للطفل‪ :‬يتحقق عندما يحرم الطفل من إشباع حاجاته االجتماعية مثل التعلم واللعب وقد ينتج عنه ظروف‬
‫مادية تعاني منها األسرة‪.‬‬

‫االيذاء االنفعالي للطفل‪ :‬وهو سلوك يقوم به الوالدين ويقصدان منه بشكل الشعوري إلى إيذاء الطفل انفعاليا‪ ،‬ومن أشكال ذلك‬
‫السلوك‪ :‬التجاهل ‪ ،‬اإلرهاب‪.‬‬

‫السيطرة‪ :‬ويعني تحكم األب أو األم في الطفل والوقوف أمام رغباته التلقائية ومنعه من القيام بسلوك معين لتحقيق رغباته التي‬
‫يريدها‪.‬‬

‫اإلهمال‪ :‬وهو يعني أن يترك الوالدين الطفل دون تشجيع على السلوك المرغوب فيه ‪.‬‬
‫أسلوب التدليل‪ :‬ويقصد به تلبيه كل ما يريده الطفل مهما كان طلبه شاذا أو غير مشروع‬
‫أسلوب التساهل‪ :‬يعتبر أسلوب التساهل من األساليب التربوية التي تعمل على تشجيع الطفل ليحقق رغباته بشكل الذي يحلو ل‪،‬‬
‫وعدم الحزم في تطبيق منظومة الثواب والعقاب‪.‬‬
‫أسلوب التذبذب‪ :‬يعد هذا األسلوب من أشد األساليب خطورة على الطفل وصحته النفسية ويتضمن التقلب في معاملة الطفل بين‬
‫اللين والشدة‪ ،‬يثاب مره ويعاقب مره ‪.‬‬
‫أسلوب التفرقة‪ :‬وتتمثل التفرقة أو عدم المساواة بين األبناء على أساس الجنس أ‪ ،‬ترتيب المولد أو السن ‪ ،‬فما يسمح به لألوالد‬
‫ال يسمح به للبنت‪.‬‬
‫النبذ والرفض ‪ :‬من المخاطر التي يتعرض لها الطفل داخل االسرة وتعتبر من أكبر الصدمات النفسية له هي رفض االسرة له‬
‫ونبذه بصورة مستمرة ‪.‬‬

‫دور المدرسة في التنشئة االجتماعية‬


‫بالرغم من أن عملية التنشئة االجتماعية تبدأ وتترعرع في جو األسرة ‪ ،‬إال أن األسرة وتعد تستأثر وحدها بتلك التنشئة في‬
‫عالمنا المعاصر ؛ وذلك نتيجة النمو المتزايد األبحاث والتكنولوجيا ؛ مما أدى إلى االهتمام بالتعليم عن طريق المدارس التي‬
‫أوجد ها المجتمع وأصبحت بناء أساسيا من أبنيته ‪ ،‬تقوم بتربية أبنائه وتنشتهم ؛ حيث ال يوجد أي مؤسسة اجتماعية أخرى‬
‫تمتلك من الفر ما تمتلكه المدرسة‬
‫تعريف المدرسة ‪ :‬تتباين تعريفات المدرسة وتحدياتها ‪ ،‬بتباين االتجاهات النظرية ‪ ،‬وبتنوع مناهج البحث الموظفة في دراستها‬
‫‪ ،‬ويميل أغلب الباحثين اليوم إلى تعريف المدرسة بوصفها نظام اجتماعيا وعرفوا المدرسة أنها ‪ :‬مؤسسة اجتماعية ضرورية‬
‫تهدف إلى ضمان عملية التواصل بين العائلة والدولة من أجل إعداد األجيال الجديدة ‪ ،‬ودمجها في اطار الحياة االجتماعية‬
‫تحقيق جملة من الوظائف في إطار النظام االجتماعي القائم‪.‬‬

‫آرنولد کلورا و فريدرك هاستن‪ :‬أنها نظام معقد من السلوك المنظم ‪ ،‬الذي يهدف إلى إلى المدرسة بوصفها انسقا منظما من‬
‫العقائد والقيم والتقاليد ‪ ،‬وانماط التفكير والسلوك التي تتجسد في بنية المدرسة ‪ ،‬وفي أيديولوجيتها الخاصة‪».‬‬

‫اشيبمان ‪ :‬أن المدرسة شبكة من المراكز واألدوار التي يقوم بها المعلمون والتالميذ ؛ حيث يتم اكتساب المعايير التي تحدد لهم‬
‫أدوارهم المستقبلية في الحياة االجتماعية‬

‫أهمية المدرسة‬
‫تساعد المدرسة على اكتساب المهارات اإلجتماعية األساسية التي يحتاجها األطفال في الحياة اليومية‪ ،‬فمن خالل تفاعلهم مع‬
‫األطفال اآلخرين في وقت مبكر يتعلمون تبادل األدوار واإلستمتاع والمشاركة‪ ،‬مما يساعد في إبراز كل طفل لشخصيته‬
‫الخاصة على العلن‪ ،‬كما يتعلم األطفال داخل المدرسة كيفية التفاوض والتنازل والتحاور والقدرة على التركيز‪ ،‬فبدون تعلم هذه‬
‫المهارات منذ الصغر سالقي األفراد صعوبة في بيئة العمل مستقبالً‪.‬‬

‫تلعب المدرسة دورا ً حقيقيا في ترسيخ الهوية الثقافية لدى الطالب وتكسبهم عناصر مهمة مثل الدين واللغة والتاريخ‪.‬‬
‫والمقصود هنا هو غرس هذه العناصر في وعي الطالب ووجدانه وسلوكه ليصبح إنسانا ً ذا هوية ثقافية وواضحة المعالم‪ ،‬إن‬
‫امتالك الطالب لعناصر هويته الثقافية يخلق لديه شعورا ً باإلعتزاز بالنفس ويُكسبه حصانة ثقافية‪.‬‬
‫خصائص المدرسة‬
‫يذهب والر إلى أن المدرسة كوحدة اجتماعية على اختالف أنواعها ومستوياتها تتميز بخصائص وهي‪:‬‬
‫ان لها أعضاء محدودين ‪ -‬أن لها بنية أو تركيبا ً اجتماعيا واضح المعالم ‪ -‬أن لها ثقافة خاصة بها‬
‫أنها تمثل شبكة صغيرة محكمة من التفاعالت االجتماعية‬
‫مسؤوليات المدرسة‬
‫‪ .-4‬وضع برامج مرننة إلشباع الحاجات النفسية واإلجتماعية للطالب‬

‫الطالب من التوتر والقلق النفسي خاصة وقت اإلختبارات‪.‬‬ ‫‪ -3‬اإلستعانة باألخصائي النفسي واإلجتماعي لتخل‬

‫‪ -2‬توفير بيئة تربوية صحية‪ ،‬تكتمل فيها كل مقومات الصحة الجسمية والنفسية‪.‬‬

‫‪ -1‬التركيز واإلهتمام بدراسة مشكالت الطالب المدرسية كالتأخر الدراسي والتخلف العقلي‬

‫‪ -5‬ارتباط نشاط الحجرة الدراسية‪ ،‬ومايتعلمه الطالب بواقعه اليومي‪ ،‬ومايشاهده في المنزل والمجتمع‪.‬‬

‫وظائف المدرسة والجامعة كأحد آليات التنشئة االجتماعية‬


‫( وظائف المدرسة ) ‪:‬‬
‫تتباين وظائف المدرسة بتباين المجتمعات وتباين المراحل التاريخية المختلفة ‪،‬فتعد المدرسة بحق المؤسسة االجتماعية الثانية‪،‬‬
‫بعد األسرة؛ للقيام بوظيفة التنشئة االجتماعية لألطفال‪ ،‬واألجيال الشابة ؛ حيث تقوم المدرسة بإعداد األجيال الجديدة روحيا‬
‫ومعرفيا وسلوكيا وبدنيا وأخالقيا ومهنيا؛ وذلك من أجل أن تحقق لألفراد اکتساب عضوية الجماعة‪ ،‬والمساهمة في نشاطات‬
‫الحياة االجتماعية المختلفة‪ ،‬وتعمل المدرسة اليوم على تحقيق عدد كبير من المهام التربوية‪ ،‬وأهم الوظائف االجتماعية التي‬
‫تقوم بها هي ‪:‬‬

‫‪ -4‬إعداد القوى البشرية القادرة على اإلنتاج‪ :‬تتركز أهمية العنصر البشري في إسهامه في كل من التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية‬
‫‪ -3‬حفظ التراث الثقافي للمجتمع‪ :‬بنقله من جيل إلى جيل‪.‬‬

‫‪ -2‬تنقية التراث الثقافي للمجتمع باستبعاد الجوانب غير المرغوب فيها‪ :‬فالمجتمع نسيج متكامل مستمر‪ ،‬والمدرسة هي‬
‫المسؤولة عن استمرار واتصال ثقافة المجتمعات ‪.‬‬
‫‪ -1‬إحداث التغير الثقافي المالئم للغة العصر‪ :‬قد تتوافر لكثير من المجتمعات النامية كل عناصر اإلنتاج إال أنها قد تفشل في‬
‫معايشة عصرها والتوصل إلى تحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية المطلوبة‬
‫‪ -5‬تبسيط الخبرة اإلنسانية وترتيبها‪ :‬تتسم الحياة االجتماعية بالتعقيد والتشابك يقف أمامها الفرد وال يستطيع فهمها أو تعليلها؛‬
‫لذا فإن من أهم وظائف المدرسة هو تبسيط الخبرات التي تقدم للتلميذ في المدرسة وتجزئة مكوناتها المختلفة‬
‫‪ -2‬التماسك االجتماعي ‪ :‬كي يصبح الفرد عضوا في المجتمع ويعيش ويتكيف معه فعليه أن يشارك األعضاء اآلخرين‬
‫ثقافتهم‪ ،‬والمدرسة الناجحة هي التي تحقق هذه المشاركة ‪.‬‬
‫‪ -7‬النمو المتكامل للشخصية‪ :‬فقد وجهت المدرسة عنايتها واهتمامها إلى الشخصية من الجوانب األربعة‪ :‬الجسمية والعقلية‬
‫والنفسية واالجتماعية بحيث تصل إلى تكوين الشخصية النامية المتكاملة التي تستطيع أن تشارك في عملية التنمية‪.‬‬
‫‪ -8‬إعداد المواطن الصالح ‪ :‬أصبحت غاية المدرسة الحديثة خلق المواطن القادر على التفكير والعمل واإلنتاج والمشاركة في‬
‫العالقات االجتماعية والمساهمة في بناء المجتمع وتقدمه‪.‬‬
‫( وظائف الجامعة ) ‪:‬‬

‫تعد الجامعة كمؤسسة تعليمية وتربوية وأكاديمية أحد آليات التنشئة االجتماعية والتطبيع االجتماعي‪ ،‬ويشير بارسونز إلى أن‬
‫الجامعة تؤدي دورا أساسيا في عملية التنشئة االجتماعية ويتضح هذا الدور في تنمية السلوك االستقاللي عند الطلبة ؛ فالجامعة‬
‫من وجهة نظره من مظاهر تأصيل العقالنية في المجتمع وتأسيسها‪ ،‬وهي لذلك تلتزم بقيمتها وتعمل من خالل اشتراك الطلبة‬
‫في النشاط األكاديمي الذي يتم في بيئتها التنظيمية على تنمية ذكائهم؛ مما يجعلهم قادرين على التكيف الذكي وحل المشكالت‬
‫واتخاذ القرارات‪ .‬فال شك أن للجامعة أهمية حيوية في تنمية وتحديث السلوك الفردي وتكوين الشخصية العلمية والمثقفة‬
‫الواعية بقضايا المجتمع وواقعه‪ ،‬والعمل على زيادة روح االنتماء والوطنية من أجل تنمية المجتمع والمحافظة على قيمة العليا‬
‫و نقل تراثه العلمي والحضاري لألجيال المقبلة‬
‫يعتبر التعليم من أهم وظائف الجامعة في إعداد القوى البشرية‪ .‬ونظرا ألن األستاذ الجامعي هو القائم بعملية التدريس فهو‬
‫يؤدي دورا بارزا في تنمية وتعزيز األمن الفكري لدى الطالب إذا ما توافرت لديه سبل االستثمار الواعي لإلمكانات المادية‬
‫والبشرية البيئة الجامعية من مناهج وأنشطة طالبية وموارد تکنولوجية وتفاعل نشط بينه وبين الطالب وبين إدارة الجامعة‬
‫والمجتمع المحلي‪ ،‬وفي ظل المتغيرات العالمية المعاصرة يجب على الجامعة أن تقوم بدور حيوي في تنمية قدرات الطالب‬
‫على مهارات التفكير اإلبداعي الناقد والخالق‪ ،‬وتنمية بعض القيم واالتجاهات اإليجابية الالزمة إلعداد جيل قادر على مواجهة‬
‫التحديات المرتبطة بتلك المتغيرات‪.‬‬

‫دور المسجد في عملية التنشئة االجتماعية‪:‬‬


‫ال يقف الدين بمؤسساته عند حدود العبادة وإقامة الشعائر الدينية فقط‪ ،‬بل انه يؤثر في عملية التنشئة االجتماعية وتعليم االفراد‬
‫التعاليم الدينية والمعايير السماوية التي تحكم السلوك بما يضمن سعادة الفرد والمجتمع‪ .‬ومن أهدافه‪:‬‬

‫‪ -‬توحيد السلوك االجتماعي والتقريب بين مختلف الطبقات االجتماعية‪.‬‬


‫‪ -‬يربي الناس على الفضيلة و حب العلم‪ ،‬وعلى الوعي االجتماعي‪ ،‬ومعرفة حقوقهم وواجباتهم‪.‬‬
‫‪ -‬يعمل على غرس القيم الدينية والوطنية‪ ،‬ويسعى الى ترسيخ مبادئ االخرة والفضيلة واحترام الوطن‪ ،‬واحترام االنسان‬
‫وقيمته‪ .‬وحماية المجتمع من األفكار المتطرفة‬
‫‪ -‬كل ذلك ينعكس اثاره على االمن االجتماعي للفرد والمجتمع‪.‬‬
‫وسائل االتصال واإلعالم إحدى وسائل وسائط التنشئة االجتماعية‪:‬‬
‫تعد وسائل االعالم في العصر الحديث من أهم الوسائل التربوية‪ ،‬حيث تقدم مواد علمية وثقافية متنوعة من وسائلها المختلفة‪.‬‬

‫آثار وسائل اإلعالم في عملية التنشئة االجتماعية‪:‬‬


‫‪ -‬تيسير التأثر بالسلوك االجتماعي في الثقافات األخرى بما تقدمه من أفالم ومسلسالت وغيرها‪.‬‬
‫‪ -‬إشباع الحاجات النفسية مثل الحاجة إلى المعلومات والتسلية والترفيه واألخبار والمعارف والثقافة العامة‪.‬‬
‫‪ -‬نشر معلومات متنوعة في جميع المجاالت تناسب كل االعمار‪.‬‬

‫أساليب اإلعالم في حماية التنشئة االجتماعية‪:‬‬


‫‪ -‬عرض النماذج الشخصية واألدوار االجتماعية اإليجابية حتى يقلدها الطفل ويحذو حذوها‪.‬‬
‫‪ -‬الدعوة الى المشاركة الفعلية إلبداء الرأي ومنح الجوائز‪.‬‬
‫‪ -‬الجاذبية وتنوع أساليب العرض بزيادة التقدم التكنولوجي‪.‬‬
‫‪ -‬التكرار وتأثيره في عملية االستيعاب للطفل‪.‬‬

‫العوامل التي يتوقف عليها تأثير وسائل اإلعالم‪:‬‬


‫بما يحققه من إشباع أو عدم اشباع لحاجاته في مدى ودرجة تأثره بما‬ ‫‪ -‬خصائ الطفل الشخصية‪ :‬تؤثر هذه الخصائ‬
‫يتعرض له من وسائل اإلعالم‪.‬‬
‫‪ -‬عامل السن‪ :‬ردا تتوقف ردود فعل الطفل على ما يتعرض له من وسائل اإلعالم المختلفة على سنه‪.‬‬
‫‪ -‬المستوى االجتماعي الثقافي للطفل‪ :‬يتحدد مدى ونوع تأثر الطفل بما يتعرض له من وسائل اإلعالم بالمستوى االجتماعي و‬
‫الثقافي الذى ينتمي إليه‪ ،‬حيث تحدث أثار األفكار المختلفة عليه‪.‬‬
‫‪ -‬في النهاية يمكننا التأكد أن وسائل اإلعالم سالح ذو حدين ‪،‬فهو خير اذا احسن استخدامها‪ ،‬وهي شر أذا أس ْي أستخدامها‪.‬‬
‫المحاضرة التاسعة‪ :‬مهددات االمن االجتماعي‬

‫أوال‪ :‬مهددات األمن االجتماعي‬


‫يعد األمن حاجة أساسية للمجتمعات اإلنسانية كافة ‪ ،‬ومؤشرا ً على االستقرار واالزدهار والتقدم والتنمية ‪ ،‬فاألمن االجتماعي‬
‫في ابسط معانيه هو سالمة األفراد والجماعات من األخطار الداخلية والخارجية ‪ ،‬المتمثلة في العديد من اآلفات واألمراض‬
‫التي تهدد األمن االجتماعي كالمشكالت االجتماعية واالنحراف والمخدرات والفقر والبطالة التي تؤدي الى انتشار الجريمة؛‬
‫مما يعد مؤشرا خطيرا الفتقاد األمن االجتماعي‪.‬‬

‫الجريمة كأحد مهددات األمن االجتماعي‪:‬‬


‫‪ -‬الجريمة من أقدم وأخطر الظواهر االجتماعية السلبية على المجتمعات كافة بكل أبعادها وآثارها ‪ ،‬التي رافقت المجتمع‬
‫البشري منذ بداية نشأته وستظل مرافقة له بأشكال وصور عديدة ‪ ،‬فهناك جرائم جنسية ‪ ،‬جرائم اقتصادية ‪ ،‬جرائم سياسية ‪،‬‬
‫وكذلك جرائم االنتقام ‪ ،‬فالجريمة هي آفة خطيرة تصيب المجتمع وتؤثر عليه بأكمله‬
‫‪ -‬يختلف مفهوم الجريمة تبعا لوجهات النظر المختلفة التي تعتمد هذا المفهوم فمفهوم الجريمة لدى علماء القانون يختلف عن‬
‫غيره لدى علماء االجتماع ‪ ،‬كما يختلف أيضا عن المفهوم المعتمد من قبل علماء النفس‪.‬‬

‫وفيما يلي عرضا البعض تعريفات الجريمة ‪:‬‬


‫‪ -‬تعرف الجريمة باإلنجليزية (‪ : )Crime‬بأنها أي انحراف عن مسار المقاييس الجمعية ‪ ،‬التي تتميز بدرجة عالية من النوعية‬
‫والجبرية والكلية ؛ ومعناه أنه ال يمكن للجريمة أن تكون إال في حالة وجود قيمة تحترمها الجماعة فيها ‪ ،‬كما أنها توجه‬
‫عدواني من قبل األشخا الذين يحترمون القيمة الجمعية ‪ ،‬تجاه األشخا الذين ال يحترمونها ‪.‬‬
‫القانون عليه ‪ ،‬ويجازي فاعله بعقوبة جنائية‬ ‫‪ -‬كما عرفها البعض بأنها عمل أو امتناع عن عمل شيء ين‬

‫‪ -‬ويختلف مفهوم الجريمة كذلك بحسب المنظور الذي ينظر له من خالله ‪ ،‬ومنها ‪:‬‬
‫( الجريمة في الشريعة اإلسالمية ) ‪:‬‬
‫عرف الماوردي الجريمة بأنها محظور شرعي نهى الله عن فعله إما بح ّد أو تعزير ‪ ،‬والمحظور هو عمل أمر نهى الله عنه‬
‫أمر أ ً َمر به ومن ثم يقصد بالجريمة هنا إتيان فعل محرم معاقب على فعله ‪،‬أو ترك فعل محرم معاقب على تركه‬
‫أو عدم عمل ٍ‬
‫مع تقرير عقاب لكل من يخالف هذه األوامر والنواهي‬

‫( الجريمة من الناحية القانونية ) ‪:‬‬


‫هي عمل غير مشروع ناتج عن إرادة جنائية ‪ ،‬ويقرر القانون لها عقوبة أو تصرفا احتياطيا ‪ ،‬فالجريمة هنا هي سلوك‬
‫إنساني منحرف يمثل اعتداء على حق أو مصلحة من الحقوق أو المصالح التي يحملها الشرع والقانون‪.‬‬

‫( الجريمة من الناحية االجتماعية والنفسية ) ‪:‬‬


‫هي عمل يخترق األسس األخالقية التي وضعت من قبل المجتمع ‪ ،‬وجعل المجتمع الختراقها جزا ًء رسميا ً ‪.‬‬
‫مفهوم السلوك االجرامي‬
‫هو أي سلوك مضاد للمجتمع ‪ ،‬وموجه ضد المصلحة العامة ‪ ،‬أو هو أي شكل من أشكال مخالفة المعايير األخالقية التي‬
‫يرتضيها المجتمع ويعاقب عليها القانون ‪ ،‬وإذا كانت الجريمة هي مسمى الفعل اإلجرامي فإن السلوك اإلجرامي هو ممارسة‬
‫هذا الفعل ‪.‬‬

‫أسباب ارتكاب الجريمة‬


‫‪ -‬انعدام أو ضعف الوازع الديني‪ :‬حيث تعد القوانين الدينية والمحظورات التي تحرم الجرائم رادعا قويا يمثله االفراد‬
‫‪ -‬ضعف الوازع األخالقي‪ :‬وهو ركن مهم من أركان اإلصالح االجتماعي ولذلك يجب ان تمارس جميع المؤسسات التربوية‬
‫دورها في غرس القيم و االخالق لدى األبناء لمنع انتشار السلوك االجرامي‬
‫‪ -‬البيئة الفاسدة‪ :‬حيث يتأثر اإلنسان بمن حوله سواء أكانوا صالحين أم فاسدين‬
‫‪ -‬البطالة والظروف االقتصادية الصعبة‪ :‬حيث يقوم الكثير من الشباب بارتكاب الجرائم لتحصيل األموال بأسلوب غير مشروع‬
‫نظرا لحاجتهم المسكرات والمخدرات‬
‫‪ -‬تعاطي المسكرات والمخدرات‬

‫أنــــواع الجريـــمــة‬
‫‪ -1‬جرائم سياسية ‪ :‬وهي الجرائم المتعلقة بنظام الحكم أو بالحكام بوصفهم حكاما ‪ ،‬ويمكن تعريفها على أنها الجريمة التي‬
‫تحتوي اعتداء على نظام الحكم أو شخوصه ‪ ،‬بوصفهم حكاما ‪ ،‬أو على قادة وحاملي الفكر السياسي بسبب آرائهم السياسية‬
‫‪ -2‬جرائم جنسية ‪ :‬وهي سلوكيات جنسية حرمها قانون الدولة ويعاقب عليها ‪ ،‬وهي تختلف عن االعتداء واالستغالل الجنسي‬
‫بأنها أوسع نطاقا منهما ‪ .‬وتعد جريمة متعددة الجوانب إذ ال يكون تأثيرها في جانب واحد فقط ‪ ،‬إنما في الجوانب النفسية‬
‫واالقتصادية والدينية واالجتماعية ‪.‬‬
‫‪ -3‬جرائم اقتصادية ‪ :‬وهي الجرائم المتعلقة بالنظام االقتصادي للدولة وبسياساتها االقتصادية ‪ ،‬وتعتبر أخطر أنواع الجرائم ؛‬
‫إذ يشمل تأثيرها أجياال كاملة ‪.‬‬
‫‪ -4‬جرائم االنتقام ‪ :‬ويمكن تقسيمها لتشمل ‪ :‬جرائم ضد الملكية ‪ ،‬جرائم ضد اآلداب جرائم ضد األشخا‬

‫‪ -‬وفي النهاية يمكن التأكيد على أن غياب أو تراجع معدالت الجريمة واالنحراف يعبر عن حالة األمن االجتماعي ‪ ،‬وأن تفشي‬
‫الجرائم وزيادة عددها يعني حالة غياب األمن االجتماعي‬
‫ثانيا‪ :‬الجريمة االلكترونية‬
‫تتكون الجريمة اإللكترونية ) ‪ ( Cyber crimes‬أو االفتراضية من مقطعين هما الجريمة) ‪ ( crime‬واإللكترونية ) ‪( cyber‬‬
‫ويستخدم مصطلح اإللكترونية لوصف فكرة جزء من الحاسب أو عصر المعلومات ‪ ،‬أما الجريمة فهي السلوكيات واألفعال‬
‫الخارجة على القانون ‪،‬‬
‫والجرائم اإللكترونية هي ‪ :‬المخالفات التي ترتكب ضد األفراد أو المجموعات من األفراد بدافع الجريمة وبقصد إيذاء سمعة‬
‫الضحية أو أذى مادي أو عقلي للضحية مباشر أو غير مباشر باستخدام شبكات االتصاالت مثل ‪ :‬اإلنترنت وغرف الدردشة‬
‫والبريد اإللكتروني‪.‬‬

‫االتفاق واالختالف بين الجريمة اإللكترونية والجريمة التقليدية ‪:‬‬

‫أنواع الجرائم اإللكترونية ‪:‬‬


‫اختلفت الصور اإلجرامية لظاهرة الجريمة المعلوماتية وتشعبت أنواعها ‪ ،‬فلم تعد تهدد العديد من المصالح التقليدية التي تحميها‬
‫القوانين والتشريعات منذ عصور قديمة ‪ ،‬بل أصبحت تهدد العديد من المصالح والمراكز القانونية التي استحدثتها التقنية‬
‫المعلوماتية بعد اقترانها بثورتي االتصاالت والمعلومات الحالية ‪ ،‬وفيما يلي عرضًا ألنواع وصور الجرائم اإللكترونية ‪.‬‬
‫أوالً ‪ :‬جرائم تسبب األذى لألفراد ‪:‬‬
‫حساباتهم سواء البنكية أو‬ ‫ومن خاللها يتم استهداف فئة من األفراد أو فرد بعينه من أجل الحصول على معلومات مهمة تخ‬
‫على اإلنترنت ‪ ،‬وتتمثل هذه الجرائم في ‪:‬‬
‫انتحال الشخصية ‪ :‬وفيها يستدرج المجرم الضحية ويستخل منها المعلومات بطرق غير مباشرة ‪ ،‬ويستهدف فيها معلومات‬
‫خاصة من أجل االستفادة منها واستغاللها التحقيق مكاسب مادية ‪ ،‬أو التشهير بسمعة أشخا بعينهم وقلب الوسط رأسا على‬
‫عقب ‪ ،‬وإفساد العالقات سواء االجتماعية أو عالقات العمل ‪.‬‬
‫تهديد األفراد ‪ :‬يصل المجرم من خالل القرصنة وسرقة المعلومات إلى معلومات شخصية خاصة جدا بالنسبة للضحية ‪ ،‬ثم‬
‫يقوم بابتزازه من أجل كسب األموال وتحريضه للقيام بأفعال غير مشروعة قد يصاب فيها بأذى ‪.‬‬
‫تشويه السمعة ‪ :‬يقوم المجرم باستخدام المعلومات المسروقة وإضافة بعض المعلومات المغلوطة ‪ ،‬ثم يقوم بإرسالها عبر‬
‫الوسائط االجتماعية أو عبر البريد اإللكتروني للعديد من األفراد بغرض تشويه سمعة الضحية وتدميرهم نفسيا ‪.‬‬
‫تحريض على أعمال غير مشروعة ‪ :‬يقوم المجرم باستخدام المعلومات المسروقة عن أفراد بعينهم واستغاللها في ابتزاز‬
‫الضحايا بالقيام بأعمال غير مشروعة تتعلق بالدعارة وتجارة المخدرات وغسيل األموال والعديد من الجرائم اإللكترونية‬
‫األخرى ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬جرائم تسبب األذى للمؤسسات ‪:‬‬
‫اختراق األنظمة ‪ :‬تتسبب الجرائم اإللكترونية بخسائر كبيرة للمؤسسات والشركات المتمثلة في الخسائر المادية والخسائر في‬
‫النظم ‪ ،‬بحيث يقوم المجرم باختراق أنظمة الشبكات الخاصة بالمؤسسات والشركات والحصول على معلومات قيمة خاصة‬
‫بأنظمة الشركات ‪ ،‬ومن ثم يقوم باستخدام المعلومات من أجل خدمة مصالحه الشخصية والتي تتمثل في سرقة األموال وتدمير‬
‫أنظمة الشركة الداعمة في عملية اإلدارة مما يسبب خسائر جسيمة للشركة أو المؤسسة ‪.‬‬

‫سرقة المعلومات‪ :‬الخاصة بموظفي المؤسسات والشركات وتحريضهم وابتزازهم من أجل تدمير األنظمة الداخلية للمؤسسات ‪،‬‬
‫وتثبيت أجهزة التجسس على الحسابات واألنظمة والسعي الختراقها والسيطرة عليها لتحقيق مكاسب مادية وسياسية ‪ ،‬وتؤثر‬
‫الجرائم اإللكترونية الخاصة باختراق الشبكات والحسابات واألنظمة بشكل سلبي على حالة االقتصاد في البالد ‪ ،‬كما تتسبب في‬
‫العديد من مشكالت تتعلق بتهديد األمن القومي للبالد إذا ما لم يتم السيطرة عليهم ومكافحتهم بكل جدارة ‪ ،‬وتزداد نسبة الجرائم‬
‫االلكترونية والجرائم المعلوماتية حول العالم يو ًما بعد يوم‪.‬‬

‫تدمير النظم ‪ :‬يكون هذا النوع من التدمير باستخدام الطرق الشائعة وهي الفيروسات اإللكترونية والتي تنتشر في النظام‬
‫وتسبب الفوضى والتدمير ‪ ،‬ويتسبب ذلك في العديد من الخسائر المرتبطة بالملفات المدمرة ومدى أهميتها في إدارة وتنظيم‬
‫الشركات والمؤسسات ‪ ،‬أو تدمير الخادم الرئيسي الذي يستخدمه جميع من بالمؤسسة من أجل تسهيل األعمال ‪ ،‬ويتم ذلك من‬
‫خالل اختراق حسابات الموظفين بالمؤسسة الخاصة بالشبكة المعلوماتية للمؤسسة والدخول على الحسابات جميعا في الوقت‬
‫ذاته ‪ ،‬ويتسبب ذلك في عطل تام للخادم ‪ ،‬مما يؤدي إلى تدميره وبالتالي تعطل األعمال بالشركات والمؤسسات‪.‬‬

‫ثالثا ً ‪ :‬جرائم األموال‪:‬‬


‫• انتهاك حقوق الملكية الفكرية واألدبية ‪ :‬وهي صناعة نسخ غير أصلية من البرامج وملفات المالتي ميديا ونشرها من خالل‬
‫اإلنترنت ‪ ،‬ويتسبب ذلك في خسائر فادحة في مؤسسات صناعة البرامج والصوتيات ‪.‬‬
‫• االستيالء على حسابات البنوك‪ :‬وهو اختراق الحسابات البنكية والحسابات المتعلقة مؤسسات الدولة وغيرها من المؤسسات‬
‫الخاصة ‪ ،‬كما يتم أيضا سرقة البطاقات االئتمانية ‪ ،‬ومن ثم االستيالء عليها وسرقة ما بها من أموال ‪.‬‬

‫رابعا ً ‪ :‬الجرائم التي تستهدف أمن الدولة ‪:‬‬


‫برامج التجسس ‪ :‬تنتشر العديد من برامج التجسس والمستخدمة في أسباب سياسية والتي تهدد أمن وسالمة الدولة ‪ ،‬ويقوم‬
‫المجرم بزرع برنامج التجسس داخل األنظمة اإللكترونية للمؤسسات ‪ ،‬فيقوم أعداء الوطن بهدم واالطالع على مخططات‬
‫عسكرية تخ أمن البالد ؛ لذلك فهي تعتبر من أخطر الجرائم المعلوماتية ‪.‬‬
‫جرائم اإلرهاب المعلوماتی ‪ :‬وهو القيام بإرهاب اآلمنين أو التهديد به بدون وجه حق وبأي صورة كانت باستخدام المعلوماتية‬
‫كوسيلة الرتكابها أو أن تكون محلها المعلوماتية كقطاع مستهدف ‪ ،‬وموجها ضد الدولة ‪ ،‬كتدمير شبكات المعلومات ‪ ،‬أو‬
‫تعطيل المرافق العامة عن أداء مهامها تجاه المجتمع وأفراده‪ ،‬مثل تلك البرامج اإللكترونية المسؤولة عن تنظيم خطوط سير‬
‫الطائرات ومواعيد الهبوط واإلقالع ‪.‬‬
‫استخدام المنظمات اإلرهابية ألسلوب التضليل ‪ :‬يعتمد اإلرهابيون على استخدام وسائل االتصال الحديثة وشبكة اإلنترنت من‬
‫أجل بث ونشر معلومات مغلوطة ‪ ،‬والتي قد تؤدي لزعزعة االستقرار في البالد وإحداث الفوضى من أجل تنفيذ مصالح‬
‫سياسية ومخططات إرهابية ‪ ،‬وتضليل عقول الشباب من أجل االنتفاع مصالح شخصية ‪.‬‬
‫صور الجرائم اإللكترونية ‪:‬‬

‫‪ -1‬القرصنة اإللكترونية ‪ :‬يشير هذا المفهوم إلى أي ممارسات غير مشروعة تستهدف التحايل على نظام المعالجة اآللية‬
‫للبيانات بغية إتالف المستندات العالمية إلكترونيا ‪ ،‬وذلك من خالل قراصنة الكتابة أو استخدام برامج الكمبيوتر الجاهزة ‪.‬‬
‫‪ -‬ويختلف سبب القرصنة؛ فبعضها يكون بهدف مهاجمة جهاز الحاسوب لتدميره ‪ ،‬أو لتحقيق مكاسب مالية شخصية ( مثل‬
‫سرقة معلومات بطاقات االئتمان ‪ ،‬تحويل األموال من حسابات مصرفية مختلفة إلى حساب المقرصن الخا )‪ ،‬وهناك من‬
‫يقوم باستهداف المواقع الحكومية الساخنة للحصول على الشهرة من خالل التغطية الصحفية اإلعالمية ‪.‬‬
‫‪ -2‬استغالل األطفال في المواد اإلباحية ‪ :‬يشير هذا المصطلح إلى ظهور األطفال والقصر( الذين تقل أعمارهم عن ‪ 48‬عاما)‬
‫في صور أو أفالم أو مشاهد ذات طبيعة إباحية أو مضمون جنسي ‪ ،‬بما فيها مشاهد أو صور لالعتداء الجنسي على األطفال‬
‫وهي جريمة يعاقب عليها قانونيا ً في أغلب دول العالم ‪.‬‬
‫‪ -3‬المطاردة اإللكترونية ‪ :‬هو استخدام اإلنترنت وغيره من الوسائل اإللكترونية لتعقب أو مطاردة أي فرد ألغراض اإلحراج‬
‫العام ‪ ،‬أو المضايقات الشخصية ‪ ،‬أو السرقة المالية وغيرها من األمور بسلوك تهديدي ‪.‬‬
‫‪ -4‬الفيروسات وطريقة نشرها ‪ :‬هي برامج تتم كتابتها بواسطة مبرمجين محترفين بغرض إلحاق الضرر بمواقع أو أجهزة‬
‫أخرى ‪ ،‬أو السيطرة عليها أو سرقة بيانات مهمة ‪ ،‬وتتم كتابتها بطريقة معينة‪ ،‬يتصف فيروس الحاسب بأنه برنامج قادر على‬
‫التناسخ واالنتشار‪ ،‬وأهم طرق االنتقال اآلن هي الشبكة العنكبوتية ( اإلنترنت ) تكون وسيلة سهلة النتقال الفيروسات من جهاز‬
‫آلخر ما لم تستخدم أنظمة الحماية‪.‬‬
‫‪ -5‬برامج القرصنة ‪ :‬يقصد بالقرصنة هنا االستخدام أو النسخ غير المشروع لنظم التشغيل أو برامج الحاسب اآللي المختلفة ‪.‬‬

‫‪ -6‬االحتيال باستخدام بطاقات االئتمان عبر اإلنترنت ‪ :‬ويهدف احتيال اإلنترنت في العادة إلى االحتيال على المستخدمين عن‬
‫طريق سلب أموالهم ( إما بسرقة أرقام بطاقات ائتمانهم أو بجعلهم يرسلون حواالت مالية أو شيكات ) لغرض شخصي كالشراء‬
‫عبر االنترنت او انتحال الشخصية‪.‬‬
‫‪ -‬ويمكن تعريف احتيال بطاقات االئتمان بشكل عام على أنه خداع الشخ وسرقة معلوماته عن طريق االستخدام غير‬
‫المصرح به وغير المشروع لبيانات البطاقة االئتمانية ‪.‬‬
‫‪ -7‬التشهير واالبتزاز ‪ :‬وهي التي تهدف البتزاز األفراد من خالل نشر صورهم دون موافقتهم والقصد منها اإلساءة للسمعة‬
‫وتشويهها عن طريق المواقع اإللكترونية والتي تعني الكثير منها في كشف أسرار الناس دون موافقتهم أو نشر صور التقطت‬
‫في مناسبات اجتماعية عائلية أو حفالت مدرسية أو جامعية فأصبحت في متناول الجميع عن طريق عرضها في المواقع‬
‫اإللكترونية من خالل شبكة اإلنترنت ‪.‬‬

‫أهداف الجرائم االلكترونية‬


‫‪ -4‬التمكن من الوصول إلى معلومات بشكل غير شرعي كسرقة المعلومات‪.‬‬

‫‪ -3‬التمكن من الوصول عن طريق الشبكة العنكبوتية إلى األجهزة الخادمة‪.‬‬

‫‪ -2‬الحصول على المعلومات السرية للجهات المستخدمة مثل البنوك والجهات الحكومية‪.‬‬

‫‪ -1‬الكسب المادي أو المعنوي أو السياسي غير الشرعي عن طريق تقنية المعلومات مثل اإلختراق‬
‫العوامل المؤثرة في الجريمة االلكترونية‬
‫( العوامل النفسية‪ :‬رائد مدرسة التحليل النفسي (فرويد) ) ‪:‬‬
‫‪ -4‬االضطرابات النفسية الناتجة عن التأثيرات في مرحلة الطفولة األولى تسترجع في مرحلتي البلوغ‪.‬‬

‫‪ -3‬عقدة أوديب‪ :‬شعور الطفل بالغيرة والكراهية والعدوانية تجاه ابيه حيث يرى فيه منافسة له في حب امه‪.‬‬

‫‪ -2‬الصراع المستمر بين الذات العليا والذات الدنيا ومحاوالت األنا التوفيق بين رغبات وشهوات الذات الدنيا‪.‬‬

‫‪ -1‬عقدة الذنب‪ :‬أن الفرد حينما يرتكب جريمة ما ينمو لديه شعور الذنب‪.‬‬

‫( العوامل االجتماعية‪ :‬هي مجموعة من الظروف التي تحيط بشخص معين وتميزه عن غيره‪: ) .‬‬
‫‪ -4‬األسرة‪ :‬هي المؤسسة التربوية األولى التي تتلقى المخلوق البشري منذ أن يفتح عينه على النور‬

‫‪ -3‬المدرسة والتعليم‪ :‬إن المهام والواجبات التي تضطلع بها المدرسة يمكن أن تجعل منها مؤسسة وقائية تحمي من خاللها‬
‫الطفل أو الشاب‪.‬‬

‫‪ -2‬أصدقاء السوء‪ :‬من األسباب المهمة التي تدفع الفرد إلى ارتكاب األفعال السلوكية اإلجرامية اختالطه وتجاوبه وتفاعله مع‬
‫رفقاء السوء‪.‬‬

‫‪ -1‬البيئة السكنية‪ :‬إن اغلب الدراسات االجتماعية التي اهتمت بموضوع الجريمة والجنوح تؤكد أهمية البيئة السكنية بوصفها‬
‫عمال مساعدا في عملية االجرام‪.‬‬
‫معظم أوقات فراغه وذلك بممارسته نشاطا ً معين‬ ‫‪ -5‬البيئة الترويحية وأوقات الفراغ‪ :‬هي البيئة التي يقضي فيها الشخ‬
‫يبعث في روحه البهجه والسرور‪.‬‬

‫‪ -2‬بيئة العمل‪ :‬هي الوسط أو المجتمع الذي ينتقل إليه الفرد لمزاولة مهنة أوحرفة أو وظيفة‪.‬‬

‫‪ -7‬ضعف التربية الدينية‪ :‬إن للجانب الديني األثر الفاعل في تدعيم األمن االجتماعي داخل المجتمع ومحاربة الظواهر‬
‫االنحرافية‪.‬‬

‫) العوامل االقتصادية ( ‪:‬‬

‫أ‪ -‬عالقة البطالة بالجريمة‪ :‬قدم العديد من مفكري الجريمة والعلوم االجتماعية تصورات نظرية مختلة للعالقات المحتملة بين‬
‫التغيرات االقتصادية واالجتماعية وعلى رأسها البطالة والسلوك االجرامي‪.‬‬

‫ومن الناحية االقتصادية افترض( كتيليه) أن هناك ارتباطا بين السلوك المنحرف والظروف االقتصادية المختلفة وضمنها‬
‫البطالة والفقر‪ ،‬حيث يجعل هذا المجتمع يقوم بفرض قوانين تحفظ النظام االقتصادي وتوقيع العقوبات على مخالفيها ‪ ،‬وهذا‬
‫يؤدي إلى ظهور جرائم جديدة‪.‬‬
‫ب‪ -‬الوسط السكني والجريمة‪ :‬يعاني المجتمع من أزمة سكن حادة نتيجة عدم مالءمة المساكن القديمة التساع عدد أفراد‬
‫األسرة رغم المشاريع التي نرى تسليمها هنا وهناك‪ ،‬ونعني بحالة المسكن هو مدى صالحيته لسكن أفراد األسرة‪.‬‬
‫أسباب الجريمة اإللكترونية‪:‬‬

‫(أسباب الجريمة على المستوى الفردي) ‪:‬‬


‫‪ -1‬البحث عن التقدير‪ :‬بعض الجرائم االلكترونية التي يرتكبها شباب طائش وصغار السن وذلك من باب التحدي وحب‬
‫الظهور في اإلعالم‪.‬‬

‫‪ -2‬فرصة‪ :‬وفرت التقنيات الحديثة واإلنترنت فرصا ً غير مسبوقة النتشار الجريمة اإللكترونية‬

‫‪ -3‬ضبط الذات المنخفض‪ :‬تؤكد الدراسات أن السلوك الطائش يتحمل انخراط أفراد في فعل إجرامي تحدث بسبب وجود‬
‫الفرصة مع توافر سمة شخصية من سمات الضبط الذاتي المنخفض‪.‬‬

‫‪ -4‬النشاط الروتيني‪ :‬يمكن تفسير زيادة ضحايا الجريمة اإللكترونية من خالل التغيرات في أنشطة الناس الروتينية في الحياة‬
‫اليومية‪.‬‬

‫( أسباب الجريمة على المستوى المجتمعي ) ‪:‬‬

‫‪ -1‬التحضر‪ :‬أحد أسباب الجريمة اإللكترونية العامة حيث الهجرة الكبيرة من الريف إلى المدينة ‪ ،‬وعادة ما يهاجر الشاب غير‬
‫المتمكنين من مواجهة متطلبات الحياة الحضرية الباهظة التكاليف‪.‬‬

‫‪ -2‬البطالة‪ :‬ترتبط الجريمة اإللكترونية شأنها شأن الجريمة التقليدية بالبطالة والظروف االقتصادية الصعبة‪ ،‬وكما يقول(‬
‫النيجيري) العقل العاطل عن العمل هو ورشة عمل الشيطان‪.‬‬

‫‪ -3‬الضغوط العامة‪ :‬تعد الضغوط العامة التي يتعرض لها المجتمع من فقر وبطالة وخاصة على قطاع الشباب مما يولد‬
‫مشاعر سلبية عند شرائح كبيرة من الناس‪.‬‬

‫‪ -4‬البحث عن الثراء‪ :‬يسعى اإلنسان إلى المتعة ويتجنب األلم ‪.‬‬

‫( أسباب الجريمة على المستوى الكوني ) ‪:‬‬

‫‪ -1‬التحول للمجتمع الرقمي ‪:‬‬

‫‪ -‬تغيرات كمية في مقدار المعلومات المتدفقة ونوعيها‬


‫‪-‬إرسال المعلومات إلى العديد من األطراف (البشر والمعدات)‬
‫‪-‬وجود شبكات يتم التداول المعلومات بين جميع األطراف مثل البريد اإللكتروني‪.‬‬

‫‪ -2‬العولمة‪.‬‬

‫‪ -3‬الترابط الكوني‪.‬‬
‫طرق مكافحة الجرائم اإللكترونية والحد من انتشارها‬
‫ساعد انتشار التقدم التقني في تسهيل الكثير والكثير من أمور حياتنا ولكنه فی الوقت نفسه جلب لنا العديد من المخاطر‬
‫واألضرار المتعلقة بالحواسيب والشبكة العنكبوتية ‪ ،‬مما جعل الحكومات والمجتمعات تنتبه إلى ضرورة مكافحة تلك الجرائم‬
‫وذلك من خالل اتباع عدة طرق نذكر منها ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬نشر التوعية والتعريف بهذه الجرائم عن طريق شرحها وتحليلها للناس وبيان أسباب حدوث الجرائم المعلوماتية و كيفية‬
‫التعامل معها والحماية منها ‪.‬‬

‫‪ -‬دعم الوازع الديني والخلقي وتنميته لدى أفراد المجتمع لمكافحة ومواجهة الجرائم اإللكترونية‪.‬‬
‫‪ -‬تجنب فتح أي رسائل إلكترونية مجهولة ‪ ،‬وذلك حتى ال يتم اختراق نظام الحاسوب لديك وسرقة كل ما عليه‪.‬‬
‫‪ -‬تجنب استخدام أي برامج مجهولة المصدر‪ ،‬كما يجب تجنب ادخال أي أكواد أو كلمات مرور مجهولة تجنبا للقرصنة أو‬
‫السرقة‪.‬‬
‫‪ -‬عدم كشف كلمات المرور الي حساب سواء كان حسابا مصرفيا أو بطاقة ائتمان أو حسابا عل موقع معين في االنترنت‪.‬‬
‫‪ -‬تجنب نشر أي صورأو معلومات شخصية على مواقع التواصل االجتماعي أواي مواقع أخرى‪ ،‬حتى ال تتعرض للسرقة ومن‬
‫ثم االبتزاز من قبل مرتكبي الجرائم االلكترونية‪.‬‬
‫‪ -‬تطوير طرق ووسائل لتتبع مرتكبي الجرائم اإللكترونية بشكل دقيق و اإلمساك بهم ‪.‬‬
‫‪ -‬وضع قوانين عقوبات رادعة لمرتكبي الجرائم المعلوماتية ‪ ،‬وذلك للحد من انتشارها ‪.‬‬
‫‪ -‬تثبيت برامج حماية من الفيروسات واالختراقات من أجل الحفاظ على سالمة الجهاز المستخدم وسرية ما به من معلومات ‪.‬‬
‫المحاضرة العاشرة‪ :‬تابع مهددات االمن االجتماعي‬

‫الشائعات كأحد مهددات األمن االجتماعي‬


‫تعد الشائعات من أخطر الظواهر السلبية المدمرة لألفراد والمجتمعات والدول‪ ،‬فهي تعمل على زعزعة األمن المجتمعي كجزء‬
‫من االمن الشامل وتعمل على اثارة الفوضى في المجتمع واضعاف الروح المعنوية ألفراده‪ ،‬ومن ثم إعاقة رقي المجتمع و‬
‫تقدمه‪ ،‬وتوصف الشائعات بأنها من أخطر األمراض االجتماعية التي تهدد بنية أي مجتمع وتماسكه خاصة في ظل ثورة‬
‫المعلومات والتكنولوجيا‪ .‬وجدت الشائعة في الكثير من الثقافات والحضارات على مر التاريخ‪ ،‬وظلت مالزمة لتطور‬
‫المجتمعات والدول على مر العصور‪.‬‬
‫مفهوم الشائعات‬
‫يعد من المفاهيم ذات الداللة الواسعة‪ ،‬نظرا التصاله بتخصصات متعددة مثل‪ :‬علم االجتماع و علم النفس والقانون‬
‫واألنثروبولوجيا واالقتصاد والعلوم السياسية ‪ ،‬ستتناول مصطلح الشائعات ‪ ،‬من عدة زوايا هي ‪ :‬الشائعة في القرآن الكريم‬
‫والسنة النبوية ‪ ،‬والشائعة في التعريف اللغوي واالصطالح ‪ ،‬ثم الشائعات في العلوم االجتماعية ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الشائعة في القرآن الكريم والسنة النبوية‬


‫حذر اإلسالم من إشاعة الخبر الكاذب ‪ ،‬ووصف الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم مبتدع الشائعة ‪ ،‬ومروجها بأقبح‬
‫األوصاف ؛ فقد وصف بالفاسق في قوله تعالی‪( :‬يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) [ الحجرات ‪ ) 4 :‬والكاذب‬
‫في قوله تعالى ( إنما يفتري الكذب الذين ال يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون ) النحل ‪ ، ] ۵۰۱ :‬والمنافق كما جاء في‬
‫السنة النبوية ‪ ،‬عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال ‪ « :‬آية المنافق ثالث وإن صلی ‪ ،‬وصام ‪ ،‬وزعم أنه‬
‫مسلم ‪ :‬إذا حدث كذب ‪ ،‬وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان‪».‬‬

‫وحذر الله سبحانه وتعالى من الكذب و بين العقوبة التي يستحقها الكاذب لكذبه فقال تعالى ‪ ( :‬فنجعل لعنة الله على الكاذبين )‬
‫( آل عمران ‪.) ۱۵ :‬‬

‫ثانيا‪ :‬الشائعة في التعريف اللغوي ‪ :‬ذكر معجم لسان العرب ‪ ،‬التعريفات اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬اشاع الخبر ‪ :‬انتشر وذاع وظهر وافترق ‪.‬‬

‫‪ -‬رجل مشياع ‪ :‬مذياع ال يكتم سرا ‪.‬‬

‫‪ -‬الشاعة ‪ :‬األخبار المنتشرة ‪.‬‬

‫‪ -‬وكذلك جاء في القاموس المحيط ‪ « ،‬شاع ‪ ،‬يشيع وشيوعا ومشاع أي ذاع وفشا وذعت بالشيء ‪ :‬أذاعته وأظهرته ‪.‬‬

‫‪ -‬أما في معجم الوسيط فقد أورد كلمة الشائعة وعرفها على النحو التالي ‪ : -‬الشائعة‪ :‬خبر ينتشر وال تثبيت فيه‪.‬‬

‫فيعتمد بصحة‬ ‫ثالثا‪ :‬الشائعة في االصطالح ‪ :‬نشر خبر قد يكون صادقا فيعرفه من کان يجهله أو كاذبا لتحقيق هدف خا‬
‫طبقة من الناس‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الشائعات في العلوم االجتماعية‬
‫‪ -‬يحتل مفهوم الشائعات موقع الصدارة في العلوم االجتماعية ‪ ،‬وهذا يرجع إلى كثرة ابعادها و أسبابها واآلثار المترتبة عليها‪.‬‬

‫‪ -‬وتعرف الشائعات بأنها رواية مصطنعة عن شخ أو جماعة أو دولة ‪ ،‬يتم تداولها شفهيا أو إعالميا ‪ ،‬وهي مطروحة لكي‬
‫يصدقها الجمهور ‪ ،‬دون أن تتضمن مصادرها ‪ ،‬ودون أن تقدم دالئل مؤكدة على كونها واقعية ‪ ،‬وبعضها يشتمل على نواة من‬
‫الحقيقة لكن معظمها مختلق ‪ ،‬ودوافعها إما أن نكون نفسية أو سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية ‪ ،‬وأهدافها غالبا سلبية‪.‬‬
‫‪ -‬وهي االخبار التي يتناقلها الناس دون امكانية التحقق من صحتها ‪ ،‬ويقوم مصدر الشائعة ببيانها وتشكيلها ونشرها‪.‬‬

‫‪ -‬كما أن الشائعات هي كل قول يتم الترويج له إلقناع الناس بذلك القول لتحقيق أهداف معينة‪ ،‬وتساهم الظروف في انتشار‬
‫الشائعات من خالل وسائل وأساليب مخطط لها‪.‬‬

‫عادة بالكلمة المنطوقة ‪ ،‬دون‬ ‫الى شخ‬ ‫‪ -‬وهي ( كل قضية أو عبارة نوعية أو موضوعية قابلة للتصديق ‪ ،‬تتناقل من شخ‬
‫أن تكون هناك معايير أكيدة للصدق)‬

‫مفهوم الشائعة االلكترونية‬


‫الخبر او القضية التي يتم تداولها من خالل االنترنت او شبكات التواصل االجتماعي و الهاتف الجوال وتختلف عن التقليدية من‬
‫حيث المحتوى و البناء حيث يعبر عنها بالن المكتوب والمنطوق و الصور المرفقة و الرسوم والفيديو‪.‬‬

‫سمات الشائعة االلكترونية‪:‬‬


‫‪ -1‬السرعة‪ :‬حيث انها تستغرق وقتا ً قصيرا ً لتنتقل‪.‬‬

‫‪ -2‬االنتشار‪ :‬حيث ان وجود االنترنت والشبكات االجتماعية و الهواتف توفر هذه الخاصية وتجعل االنتشار واسع ويعبر‬
‫الحدود وال يتوقف ‪.‬‬

‫‪ -3‬النوع ‪ :‬تتكون من مزيج تفاعلي من الصوت و الصورة و الكلمة والحركة مما يجعلها ذات جاذبية عالية‪.‬‬

‫‪ -4‬الكلفة ‪ :‬ال تحتاج الى أي كلفة لتوزيعها فهي منخفضة جدا ً‪.‬‬

‫‪ -5‬التأثير‪ :‬تأثيرها قوي بسبب السمات السابقة ‪.‬‬

‫‪ -6‬التفاعل عن بعد ‪ :‬يستطيع االفراد التفاعل مع الشائعة من خالل‬

‫المواقع و الدردشات ‪.‬‬

‫‪ -7‬العالمية ‪ :‬يمكن نشر الشائعة االلكترونية على مستوى العالم‪.‬‬

‫‪ -8‬قابلة للتعديل والتغيير ‪ :‬يمكن التعديل على الشائعة بإعادة اإلنتاج او وضع صورة والتعديل والتعليق عليها‪.‬‬
‫أنواع الشائعات‪:‬‬
‫‪ -4‬الشائعة الزاحفة (البطيئة) ‪ :‬تروج ببطء وهمس وبطريقة سرية وهذا التكتم يجعل المتلقي يصدقها‪.‬‬

‫‪ -3‬الشائعة السريعة (الطائرة) ‪ :‬وهي سريعة االنتشار و االختفاء ‪.‬‬

‫‪ -2‬الشائعة الراجعة ‪:‬وهي تروج ثم تختفي ثم تعود وتظهر من جديد اذا تهيئت لها الظروف‪.‬‬

‫بهدف الحط من مكانة منافس له‪.‬‬ ‫‪ -1‬الشائعة االتهامية (الهجومية) ‪ :‬وهي تطلق من قبل شخ‬

‫‪ -5‬لشائعة االستطالعية ‪ :‬وهي محاولة الستطالع ردة فعل الشارع اتجاه قرار ‪.‬‬

‫اخر و اغلبها متعلقة بالشرف ‪.‬‬ ‫‪ -2‬الشائعة االسقاطيه ‪ :‬يهدف مطلقها اسقاط الصفات الذميمة على شخ‬

‫او جماعة ‪.‬‬ ‫‪ -7‬الشائعة التبريرية ‪ :‬يهدف مطلقها الى تبرير سلوكه غير األخالقي اتجاه شخ‬

‫‪ -8‬شائعة التوقع ‪ :‬وهي التي تنتشر عندما تكون الجماهير مهيأة لتقبل اخبار معينة او احداث خاصة‪.‬‬

‫‪ -3‬شائعة الخوف ‪ :‬يكون دافعها الخوف من وقوع حدث مأساوي معين في المستقبل‪.‬‬

‫‪ -41‬شائعة األمل ‪ :‬وهي دافعها االمل في وقوع حدث سار في المستقبل‪.‬‬

‫او جماعة ‪.‬‬ ‫‪ -44‬شائعة الكراهية ‪ :‬وهي دافعها كراهية شخ‬

‫خصائص الشائعات‪:‬‬
‫قد تكون صادقة وكاذبة ‪ -‬التعديل على المحتوى ‪ -‬التناقض ‪ -‬سرعة انتشارها وسهولة تداولها‬
‫‪ -‬صعوبة تعقب الشائعات و التأكد من صحتها‬
‫‪ -‬التغير و التحور في المحتوى كلما انتقلت وحسب اهداف ناشريها‬
‫‪ -‬قد تكون كاذبة وترتكز على معلومات غير مؤكدة وال أساس لها من الصحة مثل التي تطلق على الفنانين و المشاهير بصفة‬
‫عامة ‪.‬‬
‫‪ -‬قد تكون صادقة حيث يميل االفراد لتقبلها وتتفق مع معلوماتهم‪.‬‬

‫وظائف الشائعات‪:‬‬
‫وتشرح وتسرد المعلومات باألدلة و البراهين و البيانات المغلوطة من اكثر من جانب للقصة‪.‬‬ ‫تشرح ‪ :‬أي انها تق‬

‫تفسر ‪ :‬تنطوي على جزء من الحقيقة وتوضح أسبابها و سياقها ونتائجها ‪.‬‬

‫تبرر ‪ :‬يستخدم مروجو االشاعة وظيفة التبرير لمعلومات والبيانات المغلوطة وهي عبارة عن استخدام اعذار وأسباب تبدو‬
‫مقنعة ومنطقية ولكنها ليست حقيقة‪.‬‬

‫تحقق‪ :‬يعتمد على االستشهاد بالمصدر عند عرض وتداول الشائعة لتبدو صحيحة‪.‬‬

‫تسقط (االسقاط) ‪ :‬يريد مروجو الشائعة من خاللها الوصول الى احاسيس وعواطف قد تكون مكبوتة ويرى علماء النفس ان‬
‫االفراد الذين يستخدمون االسقاط هم اشخا على درجة من السرعة في المالحظة و تجسيم السمات التي يرغبونها في‬
‫االخرين وال يعترفون بوجودها في انفسهم‪.‬‬
‫أسباب انتشار الشائعات ‪:‬‬
‫‪ -4‬كثرة االحداث األمنية و توسيع دائرة اإلرهاب و الحروب على المجتمعات يساعد على انتشار الشائعات‪.‬‬

‫‪ -3‬عدم استقرار األوضاع ووجود أجواء من الترقب و التوقع يخلق بيئة خصبة النتشار الشائعات‪.‬‬

‫‪ -2‬غياب الصراحة و الشفافية و الحوار بين الحكام و المحكومين يساعد على انتشار الشائعات بسرعة كبيرة جداً‪.‬‬

‫‪ -1‬انعدام األخبار و المعلومات وكون الناس غالبا ً يميلون الى تصديق كل ما يقال دون التأكد من صحة المعلومات‪.‬‬

‫طرق و أساليب مواجهة الشائعات على المستوى الفردي‪:‬‬


‫‪ -4‬التأكد من صحة المعلومات و االخبار قبل نشرها‪.‬‬

‫‪ -3‬تجنب ترويج اخبار ومعلومات من مصادر غير موثوقة‪.‬‬

‫‪ -2‬التحلي بالتفكير المنطقي و النقدي عند معرفة أي خبر‪.‬‬

‫‪ -1‬التوقف عن التكهن بما ال تعرفة ألن التكهن قد يتحول الى شائعة تضر من حولك‪.‬‬

‫‪ -5‬التحلي بشفافية كبيرة لقتل الشائعات‪.‬‬

‫‪ -2‬نشر االخبار الدقيقة و الموضوعية‪.‬‬

‫‪ -7‬عدم االستجابة الي اقوال تتردد من حولك‪.‬‬

‫‪ -8‬عدم محاولة احباط شائعة او معلومة غير صحيحة بترويج معلومات مضادة‪.‬‬

‫‪ -3‬التعامل مع أصحاب الصلة بموضوع الشائعة عند االستفسار عن أي معلومات تخصها‪.‬‬

‫‪ -41‬اذا كنت قادرا ً على تقديم ادلة تفسد الشائعة فافعل ذلك او التزم الصمت ‪.‬‬

‫‪ -44‬اذا كان لديك فضول سماع أي اخبار فال تتخذ القرار بناء على ما تسمعه فقط ‪.‬‬

‫طرق و أساليب مواجهة الشائعات على المستوى المجتمعي‪:‬‬

‫الدور التشريعي‪ :‬يجب على المشرع سن قوانين رادعة للجرائم المعلوماتية ونشر الشائعات عبر مواقع التواصل االجتماعي و‬
‫تشديد العقوبة‪.‬‬

‫أجهزة االعالم‪ :‬دعوة وسائل اإلعالم المختلفة الى تأهيل كوادرها وتدريبهم على سبل التحقق من المصادر ‪.‬‬

‫األحزاب السياسية‪ :‬لها دور مهم في التثقيف السياسي و التوعية بقضايا الشأن العام ‪.‬‬

‫المؤسسات التعليمية‪ :‬يقع على عاتق المؤسسات التعليمية مسئولية توعية الطالب حول خطورة الشائعات‪.‬‬

‫المراكز الثقافية ومراكز الشباب ‪ :‬الثقافة والفن يلعبون دورا مهما في تشكيل وجدان الشعوب ‪.‬‬

‫المؤسسات الدينية‪ :‬تلعب دورا محوريا في مواجهة الشائعات و الحد منها‪.‬‬

You might also like