Professional Documents
Culture Documents
اللهم إني أسألك فهم النبيين وحفظ المالئكة المقربين ،اللهم اجعل لساني
عامرا ً بذكرك وقلبي بخشيتك ،وسري بطاعتك ،إنك على كل شيء قدير
وحسبنا هللا ونعم الوكيل.
اللهم إني أستودعك ما قرأت وما حفظت ،وما تعلمت ،فرده عند حاجتي
إليه ،إنك على كل شيء قدير ،حسبنا هللا ونعم الوكيل.
المحاضرة األولى :علم االجتماع التنظيمي -النشأة والمجاالت والمفهومات األساسية
مقدمة
سوف نركز في هذه المحاضرة على مناقشة نشأة علم االجتماع التنظيمي وتحديد مجاالت
اهتمامه األساسية والتي تبلورت من خالل االسهامات البحثية والنظرية لعلماء من مختلف
التخصصات (االدارة – علم النفس االجتماعي -علم االجتماع-األنثروبولوجيا -علماء
االقتصاد والسياسة) بالواليات المتحدة األمريكية ودول أوروبية ال سيما انجلترا -مهد
الثورة الصناعية -وألمانيا وفرنسا وذلك خالل مراحل تطوره من أوائل القرن العشرين
حتى بداية األلفية الثالثة والجدير بالذكر أن علم االجتماع التنظيمي يتميز بوجود عالقة
عضوية بين البحث والنظرية بمعنى أن نتائج الدراسات االمبريقية تصبح مقدمات أو
فروض بحثية توجه سلسلة من الدراسات االمبريقية للتحقق من مدى صدقها .وسوف
نتناول أيضا ً تعريفا ً لعدد من المفاهيم األساسية في مجال علم االجتماع التنظيمي الذى يأخذ
مسميات مختلفة في األدبيات الغربية منها التنظيمات المركبة أو التنظيمات البيروقراطية
أو التنظيمات الرسمية أو التنظيمات كبيرة الحجم.
1
لطيفه الراجح
ثانياً :تعريف علم االجتماع التنظيمي ومجاالته األساسية
يعتبر علم االجتماع التنظيمي أحد فروع علم االجتماع الذى يهتم بدراسة وفهم التنظيمات
االقتصادية (االنتاجية والتجارية والخدمية) وتنظيمات المجتمع المدني غير الهادفة للربح
(مثل النقابات واألندية واالحزاب السياسية والجمعيات األهلية) بأشكالها المختلفة وأحجامها
المتباينة وينصب اهتمام علم االجتماع التنظيمي على فهم البناء االجتماعي (الرسمي وغير
الرسمي) والعمليات مثل التعاون والصراع والتنافس وعملية صنع القرار وديناميته كما
يعطى قدرا ً متساويا ً من االهتمام بالعالقة المتبادلة بين التنظيم وبيئته الخارجية المحلية أو
العالمية محاوالً التكيف معها بصورة مستمرة من خالل ميكانزمات داخلية ويطور من
خصائصه البنائية في ضوء التحوالت التكنولوجية وثورة االتصاالت.
4ـ مشكالت العمل (دوران العمل -التغيب عن العمل -االغتراب االجتماعي -انخفاض
االنتاجية -ضغوط العمل -عدم الرضا عن العمل).
5ـ دراسة القضايا التنظيمية المختلفة مثل :المناخ التنظيمي والفاعلية التنظيمية والقضايات
التنظيمية والثقافة التنظيمية واالنتماء التنظيمي وصناعة القرار والتطور التنظيمي لمواكبة
المستجدات في سوق العمل المحلى والكوكبي وادارة الصراع.
8ـ االنماط المختلفة لعالقات العمل على المستوى الرأسي (عبر المستويات المختلفة
للسلطة) والمستوى األفقي سواء داخل التنظيم أو بينه واألطراف المعنية في البيئة
الخارجية
2
لطيفه الراجح
ثالثاً :تعريف المفهومات األساسية
أ -تعريف التنظيم :التنظيم في إطار الجودة وخصائصه ،التنظيم باعتباره نسقا ً اقتصاديا،
التنظيم باعتباره نسقا تعاونيا ،التنظيم باعتباره نسقا اقتصاديا وتعاونيا ،التنظيم باعتباره
نسقا ً اجتماعيا مفتوحا.
التنظيم في إطار الجودة وخصائصه :يعرف التنظيم بصورة مبسطة بأنه بناء اجتماعي
(رسمي وغير رسمي) يضم مجموعة من األفراد موجهين بصورة منظمة وواعية نحو تحقيق
هدف محدد أو مجموعة أهداف بعينها وله خصائص بنائية تتمثل في وجود لوائح منظمة
للعمل وتقسيم العمل وتوزيع األدوار الرسمية على أعضاءه وتدرج هرمى للسلطة ونسق
لالتصاالت يحدد مسار االوامر والتعليمات وتدفق المعلومات على المستويات الرأسية
واألفقية وله معايير حاكمة للتعيين والترقية والجزاءات ويتفاعل مع البيئة المحلية والعالمية
مثل المستشفيات والجامعات والمؤسسات العسكرية وأيضا ً مؤسسات المجتمع المدني.
ويمكن تعريف التنظيم في إطار الجودة بأنه نسقا فرعيا في إطار نسق أكبر وهو كذلك
نسق مفتوح على األنساق األخرى ويتفاعل معها كما يتفاعل مع بيئته الخارجية وله رؤية
ورسالة وأهداف استراتيجية يحاول أن يحققها وهو يتكون من وحدات وأقسام وإدارات
توضحه جميعا ً الخريطة التنظيمية الخاصة به كما توضح هذه الخريطة خطوط نسق
االتصال ومساراته بين هذه االدارات بأقسامها ووحداتها المختلفة وتتسم هذه الخريطة
بالمرونة لمواكبة المستجدات ومتطلبات سوق العمل من خالل استحداث بعض االدارات
مثل ادارة تكنولوجيا المعلومات وتنمية الموارد البشرية أو دمج بعض االدارات أو إلغاء
بعضها .كما توجد بالتنظيم منظومة من القيم واألخالقيات والمعايير الحاكمة لسلوك
األعضاء وتوجيههم في نفس الوقت لتحقيق أهدافه
ويتسم التنظيم في إطار الجودة بالخصائص االتية
-1وجود خطة استراتيجية تهدف إلى التطوير المستمر والتنافسية لتحقيق الجودة الشاملة من
خالل آليات تتمثل في تقرير نقاط القوة التي يتميز بها التنظيم مع اقتناص الفرص المتاحة في
البيئة الخارجية ومحاولة التغلب على نقاط الضعف التي يعانى منها التنظيم مستغالً في ذلك
نقاط القوة والفرص المتاحة كما يحاول جاهدا ً التكيف مع التهديدات الخارجية أو الحد من
تأثيرها السلبى عليه بهدف المحافظة على تحقيق أهدافه االستراتيجية واستمرار بقائه ومن ثم
تتضمن الخطة االستراتيجية للتنظيم الخطط والبرامج لتحقيق األهداف .
-2وجود منظومة من اللوائح والقوانين لتحديد معايير التعيين أو االلتحاق أو الترقية
وكذلك لتنظيم سير العمل ومتابعة وتفعيل المحاسبة كما يتم من خاللها تقييم أداء العاملين
من خالل تقارير دورية لتحقيق الشفافية والعدالة االجتماعية.
-3توصيف دقيق وواضح للوظائف والمناصب والمهام التنظيمية.
-4تعظيم استخدام التكنولوجيا في انجاز المهام التنظيمية وعملية االتصال سواء على
مستوى وحدات التنظيم وأعضائه أو بينه وبين المؤسسات الخارجية محليا ً وعالميا.
3
لطيفه الراجح
التنظيم باعتباره نسقا ً اقتصاديًا :تركز المجموعة األولى من التعريفات على الجوانب
الرسمية للتنظيم كما تغفل في مضمونها الجوانب غير الرسمية والعالقة المتبادلة بينه وبين
البيئة المحيطة به واقتصرت هذه التعريفات على الرؤية المجردة للتنظيم كنسق مغلق ال
يتعرض لضغوط ومؤثرات خارجية .من تعريفات هذه المجموعة تعريف كل من فردريك
تايلور وماكس فيبر وفيما يأتي تعريف ماكس فيبر كنموذج لتعريفات هذه المجموعة –
وتعبر ركائز قامت عليها غالبية التعريفات التي تناولت التنظيم بعد ذلك وتتمثل هذه
العناصر في اآلتي:
-1توجد ضوابط حاكمة لتفاعل الفرد مع التنظيم وللعالقات بين األفراد كما تضع هذه
الضوابط شروط االلتحاق بالجماعة المتضامنة.
-2تحدد عضوية الجماعة المتضامنة عددا ً من القواعد ويخضع أفرادها لعملية اختيار وفق
معايير معينة لخدمة أهداف التنظيم.
-3وجود حدود واضحة للجماعة المتضامنة.
-4وجود نظام ملزم يمكن على أساسه التمييز بين الشكل التنظيمي وغيره من االشكال
االجتماعية األخرى
-5اتصاف التنظيم بتدرج هرمى للسلطة وتقسيم تخصصي للعمل وتأثير االثنين في طرق
أداء الوظائف والمهام التنظيمية.
-6قيام أفراد معينين بإصدار األوامر والتعليمات من خالل مناصبهم الرئاسية داخل
التنظيم مع استخدامهم للسلطة التي تلزم قيام باقي المرؤوسين باتباع وتنفيذ األوامر بما
يخدم اهداف التنظيم.
4
لطيفه الراجح
التنظيم باعتباره نسقا ً تعاونياً :من أمثلة هذه التعريفات تعريف شستر برنارد حيث يعرف
التنظيم بأنه نسق تعاوني متوازن ينهض على جهود واعية من جانب األفراد تقوم عليها
المشاركة فيما بينهم بقصد تحقيق هدف معين أو مجموعة أهداف محددة وأن تتحقق
المشاركة على أساس دوافع األفراد ورغبتهم الذاتية وتعد عملية االتصاالت بالغة األهمية
لضمان استمرار التنظيم واتصافه بالفاعلية التنظيمية.
ويرتكز التعريف السابق للتنظيم عند برنارد على العناصر التالية التي يراها ضرورية
لوجود التنظيم.
-1انجاز هدف أو مجموعة من األهداف.
-2وجود أشخاص كأعضاء للتنظيم لديهم القدرة على تحقيق االتصال بين بعضهم البعض
ويشتركون في أداء المهام التنظيمية.
-3بنية صنع القرار وتشتمل على قرارات تنظيمية تقبل تفويضا ً للسلطة وقرارات شخصية
ال يقبل فيها تفويض السلطة.
وعندما نقارن تعريف التنظيم عند برنارد وماكس فيبر نخلص إلى االتفاق الواضح بين
التعريفين في الكثير من العناصر المشتركة كتحقيق األهداف واتخاذ القرارات ومتابعة
تنفيذها مع مالحظة ما يلى:
-1وجود اختالف بين التعريفين من حيث مجال االهتمام والرؤية النظرية فبينما يركز
ماكس فيبر على البنية الرسمية للتنظيم يعطى برنارد معظم اهتمامه ألعضاء التنظيم ودور
الفرد ألنه محور عملية االتصاالت ويتم تحفيزه لألداء وتولى مسئولية اتخاذ القرار وتنفيذه
من أجل تحقيق أهداف التنظيم.
-2من المنظور البنائي وجود اختالف في الرؤية التحليلية للبنية التنظيمية بين فيبر
وبرنارد حيث ركز فيبر اهتمامه على التقسيم النمطي للواجبات والضبط الرشيد لألداء
والسلطة وأن البنية التنظيمية تأخذ ثالثة أشكال من السلطة تتمثل في السلطة التقليدية
والسلطة الملهمة والسلطة البيروقراطية وتستمد األخيرة شرعيتها من القوانين بينما اهتم
برنارد بالجوانب غير الرشيدة في األداء والدافعية للسلوك حيث يتولد لدى الفرد الحافز
والدافعية للمشاركة واالمتثال في االداء.
وقد جاء اهتمام العلماء بالعنصر االنساني بعدما اشارت إلى أهميته نتائج الدراسات التي
أجراها التون مايو
5
لطيفه الراجح
التنظيم باعتباره نسقا اقتصاديا تعاونياً :اهتمت هذه المجموعة بتعريف التنظيم من خالل
الجوانب الرسمية وغير الرسمية له باإلضافة إلى تأثير العوامل البيئية على التنظيم مثل
تعريف التنظيم عند فيليب سيلزنيك ألنه جمع بين تعريفي فيبر وبرنارد في قالب واحد
فيري سيلزنيك أن التنظيم ليس فقط بناءات اقتصادية أو متكيفة بل يعد نسقا ً اقتصاديا
تعاونيا ً وقد ساعدت عملية المزج بين التعريفين على اتساع مجال الرؤية التحليلية أمام
سيلزنيك لدراسة األدوار الرسمية لألفراد المتعاونين وتحليل سماتهم الشخصية وتأثير ذلك
على القيادة التنظيمية.
ومن المنظور التحليلي قام تعريف التنظيم عند سيلزنيك كنسق اقتصادي تعاوني على
العناصر االساسية التالية
-1اتصاف التنظيم بتدرج السلطة والوظائف التي تربط بينها االتصاالت الرسمية من أجل
تحقيق مجموعة من األهداف المحددة.
-2محاولة النسق التنظيمي المحافظة على استمراريته وتحقيق التكاملية بين مكوناته.
-3ارتباط التكاملية بمدى تعبئة المهارات الفنية واالدارية المتخصصة داخل التنظيم
وضرورة التنسيق بين الواجبات التنظيمية وتوفر التعليمات الرسمية المنظمة لها.
-4إن التنظيم كنسق اجتماعي تعاوني تتباين بداخله المصالح بين األفراد وبينه وبين
مصالح التنظيم من جهة ثانية ومن ثم ال مفر من وجود عالقات غير رسمية لبقاء التنظيم
والمحافظة على استقراره .
-5االهتمام بدور الفرد ومدى المامه باللوائح والتعليمات الرسمية التي تنظم الضبط
الرسمي واختيار أدواته المالئمة داخل التنظيم للتغلب على المشكالت التي تواجه االدارات
المختلفة
6
لطيفه الراجح
التنظيم باعتباره نسقا اجتماعيا مفتوحاً :انطلقت تعريفات هذه المجموعة بأن التنظيم نسق
مفتوح من خالل محصلة األطر التصورية للمدرسة التفاعلية ونتائج المراحل األخيرة من
دراسات هوثورن حيث جاءت االهتمامات بأيكولوجيا التنظيم من جانب عدد من العلماء
في مقدمتهم بارسونز وكانز وروبرت كان وقد أعطى هؤالء الرواد في دراستهم للتنظيم
كنسق اجتماعي خاصا ً بالعالقة المتبادلة بينه وبين بيئته الخارجية وتأثير األخيرة على ما
يتصف به التنظيم من دينامية وما يحتويه من عمليات ويقوم التعريف الحديث للتنظيم على
أربعة عناصر تتمثل في التكنولوجيا والفرد والجماعة واستجابة التنظيم للتحديات الداخلية
والخارجية.
تعريف التنظيم عند تالكوت بارسونز :رغم أن بارسونز لم يقدم نظرية عن التنظيم إال أن
اسهاماته الرائعة في دراسة األنساق االجتماعية أضافت الكثير من األبعاد إلى التعريفات
الكالسيكية للتنظيم فلقد أوضح أن التنظيم نسق اجتماعي له اتجاه أساسي هو تحقيق هدف
ما أو مجموعة أهداف ومكون من أقسام وادارات بمثابة انساق فرعية لكل منها هدف محدد
إال أنها تتساند وتتكامل وظيفيا ً لتحقيق الهدف العام للتنظيم وأن هذا الهدف يمثل سمة
أساسية من سمات التنظيم كما يشمل في الوقت ذاته جانبين أولهما العالقات الخارجية التي
تشير إلى عالقة التنظيم بالمجتمع وثانيهما البناء الداخلي للتنظيم كنسق اجتماعي يتشكل من
ثالثة أنساق فرعية :النسق االداري والنسق التقني والنسق المؤسسي والتنظيم من ناحية
كونه نسقا ً اجتماعيا يواجه أربعة متطلبات أساسية هي تحقيق الهدف والتكامل والتكيف
والمحافظة على النمط ومن ثم يعد التنظيم نسقا ً غير مستقل بل يعتمد على بيئته الخارجية
في ضمان حيويته ونجاحه ألنه يستمد موارده المادية والبشرية منها.
7
لطيفه الراجح
المحاضرة الثانية :تابع علم االجتماع التنظيمي -النشأة والمجاالت والمفهومات األساسية
وتتألف البنية الرسمية للتنظيم من شكل هرمي تمثل فئة العمال قاعدته الضخمة وتمثل قمته
اإلدارة العليا للتنظيم .وبين القمة والقاع توجد مستويات عديدة تشكل البنية اإلشرافية التي
تعد في الوقت ذاته النسق األساسي للمكانة ،الذي يضم عاملين بحيث أن كل من يوجد
داخل مستوى معين يشارك أقرانه مكانة وظيفية واحدة .ويرتبط هذا البناء من قمته إلى
قاعدته بسلسلة من العالقات بين الرئيس والمرؤوس في العمل وتمثل االتصاالت الرأسية
من القمة المتجهة إلى أسفل ،خطوط السلطة Lines of Authorityومن خاللها ،توجه
اإلدارة العليا التنظيم ككل وتسيطر عليه وإلى جانب الهيراركية اإلشرافية وخطوط
السلطة ،يوجد تقسيم رأسي للوحدات األساسية مؤلفة من جماعات تمثل وحدات فرعية
تنقسم إليها البنية التنظيمية .وتظهر هذه الوحدات في الخريطة التنظيمية للتنظيم ولكل منها
وظيفة واسم يدل على طبيعة نشاطاتها .مثل إدارة المشتريات ،وإدارة اإلنتاج ،وإدارة
الموارد البشرية ،وإدارة الصيانة وهكذا.
أما الخريطة التنظيمية فعبارة عن هيكل يضم اإلدارات واألقسام ويحدد طرق االتصال
بينها ،على أن يكفل التعاون عند بذل الجهود المشتركة لتحقيق أهداف التنظيم .ومن ثم ال
نجد في الخريطة التنظيمية أفرادا بل وحدات رئيسية تأخذ مسميات متباينة لتعكس تباين
األنشطة داخل التنظيم ،وقد تنقسم الوحدات الرئيسية إلى وحدات تابعة أصغر حجما مثل
األقسام Departmentsوكلما ازداد عدد المستويات اإلشرافية في الخريطة التنظيمية دل
ذلك على زيادة تعقيد Complexityالبنية التنظيمية .وتتدرج خطوط السلطة من أعلى
إلى أسفل وخالل هذا االتجاه تتشعب هذه الخطوط عند كل مستوى من مستويات السلطة
حتى تصل إلى عامل الماكينة .أما االتجاه الرأسي العكسي أي من أسفل إلى أعلى أو من
المرؤوس إلى رؤسائهم فليست خطوط سلطة بل خطوط اتصال Communication
Linesلنقل المعلومات ورفع التقارير ،والمقترحات .ويعد االتصال ظاهرة اساسية
للتنظيم ألنها الوسيلة التي تربط بين األقسام واإلدارات وبين الرؤساء والمرؤوسين .وأيضا ً
قد تشتمل البنية الرسمية للسلطة داخل التنظيم على بنية فرعية للسلطة أو أكثر ،تبعا ً لدرجة
تعقيد البنية التنظيمية.
8
لطيفه الراجح
التنظيم غير الرسمي
ينشأ بصورة تلقائية حيث تتدخل عوامل كثيرة في تواجده وتفاعله مع التنظيم الرسمي في
شكل تكاملي يصف البنية االجتماعية للتنظيم .وال تقتصر نشأة الجماعات غير الرسمية
على مستوى تنظيمي معين بل تنشا داخل المستويات التنظيمية للبنية االجتماعية للمصنع.
فمثالً على مستوى اإلدارة ،تنشأ جماعة الرفقاء The Peer Groupبين األفراد من
موظفي الشؤون اإلدارية أو الحسابات حيث يجمعهم مكان واحد هو المكتب ويتماثلون فيما
بينهم من حيث المنصب الوظيفي ،ومدة الخبرة ،والتخصص في العمل ،ومن خالل
عالقاتهم الرسمية في العمل وتفاعلهم اليومي والعالقات المباشرة قد تكون جماعة الرفقاء.
مثال آخر ،تنشأ جماعات عمل غير رسمية أو (شلل) في مواقع العمل داخل التنظيم بفعل
التماثل في بعض الخصائص االقتصادية واالجتماعية مثل التماثل في النوع ،والمستوى
التعليمي ،ومعايير ثقافية يحملها العامل معه من المجتمع الخارجي إلى موقع العمل.
وتنشأ الجماعة غير الرسمية كرد فعل طبيعي لعدم التطابق بين مصالح الفرد ومصالح
التنظيم الرسمي وأهدافه .وألن الفرد ال يستطيع أن يحقق كل ما يصبو إليه مع حاجته
الماسة للعمل ،يسعى الفرد إلى محاولة التكيف مع األوضاع القائمة وطبيعة العمل داخل
التنظيم في الوقت ذاته يسعي الفرد إلي أن يعوض إحساسه بعدم تحقيق أهدافه الخاصة من
خالل التفاعل مع عدد من زمالئه في العمل وتجمعهم به خصائص ثقافية وديموغرافية
معينة في شكل جماعة غير رسمية
وتتشكل الجماعات غير الرسمية على المستويين األفقي والرأسي ،وعلى المستوى الرأسي
قد تنشأ هذه الجماعات بين موظفي اإلدارة من اإلناث ،حيث يلعب متغير النوع دورا مؤثرا
في تشكيل هذه الجماعات .ومن أشكال هذه الجماعات ما يوجد في فئة السكرتارية المتناثرة
عبر المستويات اإلدارية المختلفة .فقد تنشأ جماعة غير رسمية تضم فتاتين أو أكثر من
المشتغالت بأعمال السكرتارية .ويكون جميع أعضاء الجماعة غير الرسمية من الفتيات.
بالمثل قد تنشأ هذه الجماعة في االتجاه الرأسي بحيث تتألف عضويتها من مشرف العمال
وعدد من العمال تحت إشرافه .بينما على المستوى األفقي تتعدد أشكال جماعات العمل
غير الرسمية عدد كل مستوى تنظيمي وقد تتباين في أهدافها وفي عدد أعضائها .ويتراوح
عدد أعضاء الجماعة غير الرسمية من فردين أو أكثر إال إنها ال تكون كبيرة الحجم عادة،
وتتصف بالعالقات المباشرة وجها ً لوجه .Face to Face relations
9
لطيفه الراجح
ويتسم التنظيم غير الرسمي بخصائص محددة هي:
يتصف التنظيم غير الرسمي بثقافة فرعية ممثلة بالمعتقدات والمعايير والقيم كقواعد
تنظم سلوك أفراد الجماعة ،وتحدد شروط العضوية وحدود العالقات مع المستويات
التنظيمية األخرى ومع أعضاء الجماعة ذاتها .ويسعى أفراد الجماعة غير الرسمية
للحفاظ على الثقافة الفرعية واالعتزاز بها ،واستخدام الوسائل التي تكفل لها الحماية .
يتصف التنظيم غير الرسمي بأساليب للضبط وأساليب للثواب والعقاب .فمن نماذج
أساليب الثواب ،المدح والثناء في حالة التزام عضو الجماعة غير الرسمية بمعاييرها
وتقاليدها وعدم إفشاء أسرارها .بينما يتخذ العقاب أشكاالً متعددة كالسخرية،
واإلهمال لكل من ال يحترم معايير الجماعة ويلتزم بها .وقد يصل حد العقاب إلى
الضرب والتهديد والنبذ .
يتصف التنظيم غير الرسمي بنمط من االتصاالت يختلف عنه داخل التنظيم الرسمي
من حيث الشكل واالتجاهات .وإذا كانت االتصاالت الرسمية تستخدم وسائل متعددة
كالمكاتبات والمعلومات المنقولة بالكمبيوتر ،والتليفون ،واالتصال المباشر ،فإن
االتصاالت داخل التنظيم غير الرسمي تأخذ أشكاالً خاصة كاللقاءات السرية ،ونشر
الشائعات وأن الشخص الذي يمثل مركز االتصاالت داخل الجماعة هو صاحب
المكانة األعلى الممنوحة له من جماعته .وتتمثل وظائف االتصال داخل التنظيم غير
الرسمي في السعي بنائه سلبا ً وإيجاباً ،كالقرارات اإلدارية والخطط والتعليمات
الخاصة باألجور أو ساعات العمل ،أو إدخال تقنية متطورة على العملية الصناعية،
وذلك حتى تستطيع الجماعة غير الرسمية أن تتخذ موقفا ً أو أسلوبا للتعامل مع هذه
القرارات بما ال يضر بمصالح أفراد الجماعة .ويكون نشر المعلومة سريعا ً داخل
شبكة االتصال غير الرسمية .ويعتبر هذا األسلوب مفيدا ً في تحقيق الترابط والتماسك
داخل التنظيم غير الرسمي.
10
لطيفه الراجح
التنظيم االفتراضي
في بدايات القرن الواحد والعشرين ،ظهرت ما يعرف بالتنظيمات االفتراضية Virtual
organizationsحول العالم نتيجة للزيادة الكونية للمشروعات االقتصادية واألسواق.
ويمكن وصف هذا النوع من التنظيمات بانها مشروعات اإلدارة باألهداف .وتتكون هذه
التنظيمات من أعضاء ينتمون إلى مناطق جغرافية مشتتة ومتباعدة حول العالم ويستخدم
هؤالء األفراد تكنولوجيا المعلومات ) Information Technology (ITواالتصاالت
والتنسيق فيما بينهم ،ومع التقدم الهائل في تقنيات المعلومات واالتصاالت الرقمية ستزداد
أهمية دور التنظيمات االفتراضية في االقتصاد الكوني .وليس أدل على هذا التوقع من أن
الفترة ما بين نهاية القرن العشرين ومطلع األلفية الثالثة تشهد انتشارا ً للتنظيمات
االفتراضية في مجاالت صناعة المعلومات واالتصاالت في المجتمعات المتقدمة على وجه
الخصوص وقد تكون التنظيمات االفتراضية لتحقيق أهداف مشروع ما وبعد االنتهاء منه
تتوقف شبكة االتصاالت بين الوكاالت المسئولة عن تنفيذ المشروع للعمل في مشروعات
أخرى.
وال يتم العمل داخل مكاتب فيزيقية تقليدية -كما هو الحال في التنظيمات البيروقراطية
وإنما يتم استخدام اإلنترنت وتقنية المعلومات وما يعرف بمحطات العمل Work
stationsوتتسم التنظيمات االفتراضية بالخصائص اآلتية:
ـ أن يعتمد العمل علي فرق عمل افتراضية Virtual work teamsإلنجاز األنشطة
بأسلوب يتصف بالشمولية والتكامل .
ـ يتم التشغيل والتوزيع للمعلومة في الوقت المناسب عبر شبكة اإلنترنت .
ـ قد تتنوع الشركات في المنتجات داخل شبكة العالقات ،وكمثال شركات متخصصة في
التصميم وأخرى في التصنيع والثالثة في التسويق.
ـ تقوم العالقات البيئية للشركات عبر الشبكة اإللكترونية على االعتماد وليست االستقاللية
كما كانت عليه من قبل وأن تبنى هذه العالقات ،الشبكية على درجة عالية من الصدق
والشفافية .
ـ تتصف بناءات التنظيمات االفتراضية بالمرونة التي تجعلها دائما ً ولحظيا ً تستجيب
لمتطلبات السوق والفرص المتاحة .
ـ ضرورة التعريف الواضح للعمليات وأدوار العمل .إن تنظيمات وتتحقق من خالل
وضوح الهدف الذي يجعل المشاركون جزءا ً من الرؤية . The vision
11
لطيفه الراجح
القيادة التنظيمية
تُعد القيادة التنظيمية Organizational Leadershipعملية التأثير على اآلخرين من أجل
تنفيذ األهداف التنظيمية .وتختلف القيادة عن اإلدارة ،حيث إن األخيرة تشتمل على التخطيط
والتنظيم والتنسيق والضبط وفقا ً للقواعد الرسمية والقوانين واللوائح المعمول بها داخل
التنظيم .ويمكن للمدير أن يمارس هذه الوظائف من خالل المكتب .أما القيادة فهي عملية يتم
من خاللها التأثير على األفراد باألسلوب الذي يجعلهم ينجزون مهام التنظيم بفاعلية .ومن ثم
ال يعمل القائد في فراغ وإنما من خالل تفاعالت مع أعضاء التنظيم .
) (1قائد يركز على إنجاز المهام التنظيمية The Task Centered Leaderمع إغفال
الجوانب اإلنسانية في تعامله مع المرؤوسين وال يهتم بآرائهم ويعرف هذا األسلوب من القيادة
باألوتوقراطي . Autocratic Leadership
) (2يركز األسلوب الثاني من القيادة على األفراد The People Centered Leader.
حيث يهتم القائد بالعالقات اإلنسانية ويستمد قوته من مرؤوسيه الذين يشاركوه في اتخاذ
القرارات ويتسم أسلوبه بالمرونة.
هذان األسلوبان من القيادة يمثالن القيادة النموذجية أما واقع الممارسة الفعلية داخل البيئة
التنظيمية فتشير إلى أن القيادة تكون خليطا ً بينهما وحسب طبيعة الموقف .في هذا الصدد أكد
بعض الباحثين أن فهم أسلوب القيادة التنظيمية يتشكل -وعلى حسب رؤية فرد فيدلر Fred
Fiedlerـ وفقا ً لـ )1( :عالقة القائد بمرؤوسيه )2( ،القوة الممنوحة لمنصب القائد.
أما عن مصادر القوة والنفوذ التي يتمتع بها القائد داخل التنظيم قد حددها فرينش وريفن
French and Ravenفي ستة مصادر هي:
1ـ القوة الشرعية Legitimate Power.ويقصد بها القوة المستندة على سند قانوني وهي
سلطة رسمية تستمد شرعيتها من المركز الرسمي داخل التنظيم .
2ـ قوة المكافآت Reward Powerويكون مصدرها توقعات الفرد بما يتوقع حصوله على
مكافأة مادية أو معنوية نظير قيامه بمهامه على الوجه المطلوب واالمتثال ألوامر القائد .
3ـ قوة العقاب Coercive Powerوتكون مرتبطة بتوقعات الفرد فيما سيتعرض اله من
عقوبات عندما يقصر في تأدية واجباته أو عدم امتثاله ألوامر القائد.
- 4قوة الخبرة ، Expert Powerالتي تستند إلى ما يمتلكه القائد من قدرات مهنية وإدارية
في مجال عمله .
- 6قوة اإلعجاب واالقتداء Referent Powerوهي القوة المستندة إلى إعجاب المرؤوسين
بالقائد ،نظرا ً لما يتمتع به من خصائص .
12
لطيفه الراجح
وهناك أساليب قياسية للقيادة تتمثل فيما يلي:
األسلوب الفردي في القيادة .حيث يعد الفرد هو مركز اتخاذ القرار .ويطلق على هذا النوع من
القيادة :القيادة األتوقراطية Autocratic Leadership
األسلوب المتساهل Loose Leadershipفي القيادة .ويعتمد هذا األسلوب على التساهل
والتهاون وعدم الحسم.
الثقافة التنظيمية
يمكن القول إن بداية االهتمام بدراسة الثقافة التنظيمية كان في عقد الستينات من القرن
العشرين ويرجع الفضل في إثارة هذه القضية إلى إسهام عالمي االجتماع األمريكيين ترينس
ديل Terrence Dealواآلن كيندي Allan Kennedyبإصدار مؤلف يحمل عنوان The
Equivalent Corporate Cultureفي عام 1۹82جاء استخدام تعريف الثقافة التنظيمية
مماثالً لتعريف المناخ التنظيمي Organizational Climateفي مناقشات علماء االجتماع
منذ بداية الستينيات ولم يؤخذ مفهوم الثقافة التنظيمية بعده الحق في األدبيات اإلدارية إال في
بداية الثمانينات وذلك عندما اهتم عدد كبير من الباحثين اإلداريين بشرح هذا المفهوم وكيفية
استخدامه لمواجه المشكالت االدارية والعمل على حلها.
وفي النموذج الوظيفي يكون التعامل مع الثقافة التنظيمية بداللة محتوى القيم والمعايير
المشتركة داخل التنظيم والتنظيم وثقافته يتشكالن وبشكل مستمر بواسطة البيئة المحيطة
بهما في عملية ال تنتهي من التكيف.
ويُعرف شاين الثقافة التنظيمية بأنها نمط من الفروض األساسية التي توجدها جماعة ما أو
تنميها من خالل عملية التعلم ،بحيث تتواءم مع مشكالتها في مجال تحقيق التكيف الخارجي
والتكامل الداخلي .مع ضرورة تعليمها لألفراد الجدد باعتبار هذا ضرورة حيوية وأسلوبا ً
صحيحا ً في إكساب هؤالء الجدد الفكر ذاته تجاه هذه المشكالت.
كما أن الثقافة ليست السلوك المرئي على مسرح األحداث داخل التنظيم ،الذي يسمح ألي فرد
بمالحظته .إضافة إلى أن الثقافة ليست الفلسفة أو نسق القيم التي يشكلها أو يضعها مؤسسو
التنظيم في تشريعات بل تمتد هذه الفروض إلى ما وراء هذا كله إلى حيث القيم التي تحدد
أنماط السلوك وكل ما يمكن رؤيته وسماعه واإلحساس به ابتدا ًء من التخطيط الهندسي للتنظيم
والمكتب وتوحيد الزي .وتعرف الثقافة التنظيمية بالقيم valuesاألساسية والمعتقدات
Beliefsالتي تتبناها المنظمة التي يلتزم بها العاملون في سلوكياتهم وتوجه هذه السلوكيات
في المواقف االجتماعية المختلفة وتحكم عالقاتهم داخل المنظمة وخارجها .لتكون بمثابة
معايير تحدد ما هو مرغوب أو غير مرغوب من السلوك وما هو صحيح وما هو خطا
وتشتمل أيضا ً على الفلسفة التي تحكم سياستها تجاه العاملين والعمالء والطريقة التي يتم بها
إنجاز المهام واالفتراضات والمعتقدات التي يتشارك في االلتفات حولها أعضاء المنظمة.
13
لطيفه الراجح
وتُعد الثقافة التنظيمية ميزة تميز المنظمة عن غيرها من المنظمات وفي الوقت ذاته تعتبر
مكملة للجوانب الرسمية والممثلة في اللوائح واإلجراءات والتعليمات وليست بديلة عنها.
ومن ثم ،فإن سلوكيات العاملين تعتبر -على حد قول شاين )1۹۹2( -انعكاسا واضحا
للثقافة التنظيمية .ويجب المواءمة أو التنسيق بين جوهر الثقافة (القيم والمعتقدات) والقواعد
والممارسات اليومية لألنشطة بها العاملون.
- 1الثقافة االصطناعية :وتكون من صنع اإلنسان وذات مكونات ثالثة :
أ -الثقافة الظاهرة :وتشمل كل ما يمكن رؤيته وسماعه واإلحساس به کالزی وتخطيط
المنشأة والمكاتب .
ج -ما يسهل مالحظته :ويصعب تحديد هذا المستوى من الثقافة؛ نظرا ألنه يتصف بالتنوع
الشديد والكم الضخم من المكونات الرمزية التي يصعب فهمها وتفسيرها .
وتتأسس هذه القيم من خالل القيادة التنظيمية باعتبارها مصدرا ً أساسيا ً وأوليا ً لنقل هذه القيم
الجماعات العمل من خالل عملية التعلم ،ومن ثم يتم اكتساب القيم األصيلة وتتحقق
المصداقية االجتماعية عندما يحرص الجميع على اكتساب هذه القيم من خالل عملية التعلم
ومحاكاتهم للقادة .
- 3مستوى القيم الجوهرية األساسية ) :(Core valuesوتشير الثقافة عند هذا المستوى
إلى ما يأتي :
د -أن األفعال التي يؤدونها يجب أن تشبع حاجاتهم وعالقاتهم االجتماعية وأنشطتهم
بصورة مستقرة ومستمرة
14
لطيفه الراجح
المحاضرة الثالثة :االتجاهات الكالسيكية في دراسة التنظيم
المقدمة
نتناول في هذه المحاضرة النظريات الكالسيكية والكالسيكية المتطورة في دراستها للتنظيم ،مع إشارة
خاصة إلى نماذج من الدراسات الرائدة
اقترنت حركة اإلدارة العلمية بفردريك تيلور ( )1۹11وتوصف بنظرية اآللة ألنها أغفلت أدمية الفرد أو
العامل اإلنساني داخل التنظيم ،واعتبرت الفرد كاآللة من منظور اقتصادي محض يقوم على استغالل
أقصى طاقة فيزيقية لديه في العمل .ويتحقق االستغالل األمثل لهذه الطاقة من خالل تصميم اآللة ليكون
بالكيفية التي تحقق هذا االستغالل .لذلك اهتم تيلور وأتباعه بدراسة الوقت والحركة .ووضع أفضل فنون
الحركة الفيزيقية لأللة ذاتها لتحقيق االستغالل األمثل للطاقة الفيزيقية من الفرد.
1ـ تجريد الفرد في موقع العمل من كل إحساس باالستقاللية Autonomyأو المشاركة بالرأي في
العملية اإلنتاجية .ويتحدد أداء الواجب التنظيمي للفرد (العامل) بثالث ممارسات تعتمد على ما تلقاه من
تدريبات مسبقة على أدائها والممارسات الثالث لدور العامل هي( :أ) المتابعة الفنية لسير العمليات
اإلنتاجية بواسطة اآللة ومن خالل الجداول الخاصة بذلك( .ب) التعرف على ما ترسله اآللة من إشارات
أو عالمات أثناء تشغيل المادة الخام ،والتصرف حيالها وفق ما تعلمه العامل وتدرب عليه( .ج) القيام
بتغذية Feedbackاآللة قبل بدء مرحلة التشغيل األولي وعقب انتهاء كل مرحلة او عملية تشغيل .
3ـ ربط الحوافز والمكاسب المادية التي يجنيها العامل باإلنتاج ،وأن الفرد قد يترك العمل إذا ما تهيأت له
ظروف مادية أفضل .ولكي يضمن التنظيم بقاءه واستمراره ،يلزم أن يجد -قدر االستطاعة -من فرص
إقامة عالقات إنسانية في موقع العمل ،مع االلتزام بفكرة الحتمية التقنية Determinism Technological
كضرورة لبقاء التنظيم االجتماعي .لذلك أوصت نظرية اإلدارة العلمية بضرورة التحكم في جوانب العالقة
االعتمادية بين الواجب التنظيمي والفرد المكلف به من خالل مقترحات خاصة بترتيبات إدارية ونظم مالية
لألجور والحوافز .وأن يكون للتنظيم بنية فوقية تتصف بتدرج هرمی للسلطة تنهض على تصميم يحقق
التنسيق بين العناصر المسئولة عن أداء العمل مع الربط فيما بينها ومقاومة التباينات المتوقع حدوثها بين
العناصر بعضها البعض ،ومقاومة قنوات الربط االجتماعية التي قد يحدثها األفراد فيما بينهم.
4ـ قيام التنظيم على األعمال والمهام الرسمية ويعتبر المركز Positionداخل التنظيم الوحدة األساسية
للتنظيم .
5ـ ضرورة أن يتكيف األفراد مع متطلبات التنظيم ،ويتم االستغناء عن كل من لم يستطع تلبية تلك
المتطلبات .
6ـ اختيار القيادات التنظيمية من خالل المنافسة القائمة على الجدارة واالستحقاق .واتجاه األوامر
والتعليمات من أعلى إلى أسفل للعامل دون أن ترجع عكسياً .وتعتبر التقارير الخاصة بإنجاز
العمل ،الشكل األوحد لالتصال الرأسي من أسفل إلى أعلى.
15
لطيفه الراجح
ولكي نُجمل األسس السابقة نقول إنها تعتبر الفرد كاآللة حيث ارتبط بنظرية اإلدارة العلمية
بمصطلح "الرجل االقتصادي "" "Economic manوهو اصطالح يغفل تماما ً البُعد اإلنساني
للشخصية بينما يركز على البُعد الفيزيقي بشكل كامل.
قدم رواد المدرسة الكالسيكية في اإلدارة مقترحات عديدة هدفها تحقيق المستوي األمثل من
اإلنتاجية والكفاءة التنظيمية .وتتمثل القضايا محور االهتمام الرئيسي في النظرية اإلدارية في:
التخصص وتقسيم العمل ،والتدرج الهرمي للسلطة التنظيمية ،وتفويض السلطة ،ونطاق الضبط،
وترتيب الوحدات الفرعية التي يتألف منها التنظيم.
تجاهل عوامل خارجية مؤثرة عند الحديث عن الكفاية واإلنتاجية مثل العمالة التنظيمية ومدى
توافرها في البيئة الخارجية ،والقيود المفروضة من قبل تشريعات العمل واتفاقيات النقابات
العمالية .
تتأثر التخصصية داخل أي تنظيم بالثقافة العامة للبيئة المحيطة به .وهذا ما لم تتعرض له النظرية
اإلدارية .
تجاهل دوافع األفراد ومشاعرهم في كل مستويات العمالة التنظيمية ،على افتراض أن العمال
يمثلون امتدادا ً للماكينات التي يعملون عليها وأنهم مجرد أدوات ينفذون العمل المطلوب منهم وفق
تعليمات مفصلة وواضحة من قبل المستويات اإلشرافية .
وجود نمط رسمي متدرج من السلطة يبدأ من أعلي مستوى إداري عبر مستويات إشرافية متتالية
وفي هذا تجاهل للقيادات غير الرسمية.
تنهض النظرية الكالسيكية لإلدارة على رؤية التنظيم باعتبارها نسقا ً مغلقاً ،ومن ثم فإن اإلطار
التصوري لها يشوبه الكثير من نقاط الضعف التي تتصف بها مداخل النسق المغلق.
16
لطيفه الراجح
ثانيًا :المداخل الكالسيكية المتطورة والحديثة في دراسة التنظيم
أيضا ً من المؤثرات المهمة في تحديد مجاالت اهتمام النظريات الكالسيكية ظهور ترجمات
ألعمال ماكس فيبر Max Weberحول البيروقراطية Bureaucracyمن خالل نمطه
المثالي الذي يتناول خصائصها البنائية والسلطة التنظيمية واألدوار والمناصب الوظيفية
داخل التنظيم وأهدافه.
تأسيسا ً على ما سبق ،يمكن القول إن المزج بين نتائج الدراسات الميدانية والتطور الذي
طرأ على الرؤية النظرية في دراسة التنظيم قد أحدث نقلة مؤثرة في الفكر اإلداري .فبعد
أن كان اهتمام نظرية تيلور قاصرا ً على البُعد االقتصادي في موقع العمل ،اهتمت
النظريات الكالسيكية المتطورة لإلدارة بالبُعد االقتصادي واإلنساني معا ً واالستفادة من
إسهامات كل من ماكس فيبر ونظرية تيلور في زيادة االهتمام بالبنية اإلدارية للتنظيم مع
إعطاء قدر من االهتمام بالمؤثرات البيئية على التنظيم ،التي أغفلتها النظريات الكالسيكية،
إال أن هذا االهتمام كان محدودا ً جدا ً كما جاءت المعالجة للعالقة بين التنظيم والبيئة من
قبيل الوصيف دون التعمق أو التحليل المتأني لتلك العالقة وتتمثل النظريات الكالسيكية
المتطورة في دراسة التنظيم بإسهامات ابروزي ،)1۹52( Abruzziومينار وآخرين.
،)1۹48( Maynar et. Alوشو )Show (1952). (Lupton, 1976: 190
وإذا كان لنا أن نعقب على مجال اهتمامات النظريات الكالسيكية والكالسيكية المتطورة في
دراسة التنظيم ،فنقول إنها حاولت دراسة البنية التنظيمية وعمليات التنظيم كمتغيرين
مستقلين يمكن تفسيرهما من خالل مداخل إدارية تركزت على المديرين وخبراتهم
وسلوكهم وقراراتهم .ومن الناحية المنهجية نقول إن نمط دراسة الحالة كان األكثر شيوعا ً
والتركيز على التنظيم مع إغفال عالقته بالبيئة الخارجية واتخاذ الوضع التنظيمي كوحدة
أساسية للتحليل.
أن النظريات الكالسيكية وما اتصفت به من قصور من حيث محدودية المعالجة النظرية
للتنظيم باعتباره يعمل في بيئة إستاتيكية ،فإن تلك النظريات أفسح مجاالً رحبا ً لمداخل
نظرية الحقة تناولت التنظيم بشكل أكثر واقعية وعمقا ً في تحليالتها ومعالجاتها ،وهذا ما
تتصف به النظريات اإلدارية الحديثة في دراسات التنظيمات .
17
لطيفه الراجح
يمكن تصنيف النظريات اإلدارية الحديثة في دراسة التنظيم وفق الرؤية التحليلية لعالقته
المتبادلة بالبيئة إلى مجموعتين.
تعمقت المجموعة األولى من النظريات الحديثة منذ بداية الخمسينات وأوائل الستينات ،في
دراسة الجوانب الداخلية للتنظيم وعالقاتها بالبيئة المحيطة .وتحديد أفضل أداة منهجية
مالئمة لدراسة هذه العالقة المتبادلة بين التنظيم والبيئة وتأثيرها على العمليات التنظيمية.
ويبرز في هذا الصدد إسهامات إميري وتريست) ، Emry and Trist (1965دراسة دل
)W. R. Dill (1958وال تزال اهتمامات علماء اإلدارة المحدثين حول العوامل البيئية
المحتملة ذات التأثير على التنظيم وعملياته ،قائمة إلى وقتنا الراهن.
وتتداخل زمنيا ً المجموعة الثانية مع المجموعة األولى السابقة من نظريات اإلدارة الحديثة في
دراسة التنظيمات .فقد اهتمت نظريات المجموعة الثانية بدراسة التأثير المتغير من جانب
التنظيم على البيئة ،حيث لعبت نتائج العديد من الدراسات اإلمبيريقية الدور الرئيس في ظهور
االتجاه التحليلي لعالقة التنظيم بالبيئة .ومن أوائل تلك الدراسات دراسة هرش Hirsh
( )1۹7۰لعدد من التنظيمات الصناعية وستجلر )1۹71( Stiglerعلى تنظيمات حكومية،
ودراسة بتز )1۹77( Pittzوكشفت تلك الدراسات عن عوامل بيئية وليدة ظروف معينة أو
طارئة.
مدرسة ألتون مايو وتجارب هورثورن( :يتبع هذا المصنع شركة وسترن الكتريك Western
Electricفي شيكاغو وتتبع الشركة بدورها لمؤسسة بل Bellالهاتف والتلغراف .وتحظي تلك المؤسسة بتقدير
كبير من األمريكيين لما تقدمه من خدمات)
لم يبدأ إلتون مايو أبحاثه الميدانية في مصنع هوثورن .بل قام بأبحاث سابقة في مصنع
نسيج في مدينة فيالديلفيا وذلك في عام .1۹23وكان الهدف الرئيس من إجراء األبحاث
محاولة دراسة مشكالت دوران العمل ،وزيادة معدل تنقل العمال ،ثم تقديم حلول مناسبة
للحد من تلك المشكالت .وخرجت الدراسة بتوصيات مهمة تتعلق بالعمال كضرورة
االهتمام برفع روحهم المعنوية ،وأن تتخلل ساعات العمل اليومي فترات راحة للعمال مع
وضع نظام للحوافز المالية لتشجيعهم على زيادة اإلنتاج ،وقد أمكن التغلب على مشكالت
العمل وزيادة اإلنتاجية إثر وضع توصيات مايو موضع التنفيذ.
وتعتبر نتائج دراسة مصنع النسيج ومنهج ألتون مايو في دراسة مشكالت العمل بمثابة
انطالقة فكرية مهدت لنقد الفرضيات السائدة الخاصة ببيئة العمل ،سواء من جانب علماء
علم النفس التطبيقي في الصناعة ،أو من جانب اإلدارة العلمية عند تيلور ،التي قننت آليا ً
شروط تقدير كفاية العامل وكيفية دراستها ،بعد أن كان تقدير الكفاية وفقا ً لشروط
وحسابات معينة للوقت الضائع في العمل من جراء سوء تنظيم موقعه.
وسوء أحوال موقع العمل من حيث توزيع اإلضاءة وسوء التهوية ،ونقص التدفئة وارتفاع
نسبة الرطوبة ،وتأثير ذلك كله في خلق مشكالت نفسية وجسدية للعمال كانت مجاالً
لتجارب علم النفس التطبيقي في الصناعة.
18
لطيفه الراجح
أيضا ً كان لنجاح توصيات دراسة مصنع النسيج في التغلب على مشكالت العمل وزيادة
اإلنتاجية ،فضالً عن المنهج العلمي الذي اتبعه مايو -كباحث أكاديمي -األثر األكبر في
بداية تجاربه على مصنع هوثورن عقب التجارب التي حاولت دراسة تأثير اإلضاءة
وتوزيعها في موقع العمل على إنتاجية العامل وأدائه في العمل.
تأتي أهمية دراسات هوثورن كمنطلق رئيسي ومصدر أساسي لمدرسة العالقات
اإلنسانية خاصة ولنظرية التنظيم عامة لالعتبارات التالية :
ـ تعد دراسات هوثورن األولى من نوعها التي تم إجراؤها في بيئة عمل داخل التنظيمات .
ـ يرجع إلى دراسات هوثورن الفضل في اكتشاف جماعة العمل The Working
Groupداخل التنظيم الصناعي .
ـ تقديم تصور جديد للمصنع كتنظيم اجتماعي .وقد وضح ذلك من خالل ما تم نشره من
نتائج لدراسات هوثورن في مؤلفين أولهما لديسكون وروثلز برجر والثاني أللتون مايو
وقد تضمن المؤلفان نتائج تجارب هوثورن ،والرؤية المتطورة للنظرية االجتماعية عالوة
على الرؤى الفلسفية المتنوعة ذات الصلة بالنتائج.
ـ تعد دراسات هوثورن األولى من نوعها من حيث البحث الهادف إلى تغيير الممارسات
اإلدارية القائمة .فقد أسفرت نتائج تلك الدراسات عن وجود فجوة كبيرة بين العمال
واإلدارة وما يحدث من جراء تلك االنعزالية من مشكالت في االتصاالت الرأسية (ألعلى
وألسفل) عبر التدرج الهرمي للمستويات التنظيمية.
ـ منذ تجارب هوثورن ،بدأ اهتمام علماء النفس في الواليات المتحدة األمريكية بدراسة
العالقات االجتماعية بين أعضاء الجماعة وبنيتها وثقافتها وحجمها فضالً عن دراسات
معنويات واحتياجات األفراد.
ويبرز في هذا الصدد إسهامات مدرسة علم النفس الكالسيكية المتطورة فيما قدمته من
تجارب ودراسات حول الفعل وما يرتبط به من مفهومات الدقة في تطبيق المنهج اإلجرائي
عند إجراء التجارب النفسية .ويرى بعض الباحثين أن مدرسة علم النفس التنظيمي تمثل
في جوهرها متطورة للعالقات اإلنسانية.
19
لطيفه الراجح
نقد مدرسة العالقات اإلنسانية:
- 1لم تشير إسهامات مدرسة العالقات اإلنسانية إلى وجود صراع مصالح حقيقي بين األفراد
وصاحب العمل .ومن ثم فإن ما قدمته تلك المدرسة من عالج لمشكالت التنظيم لم يكن بالقدر
الشامل للمشتغلين باإلدارة .
- 2ان االنطالقات األساسية لمدرسة العالقات اإلنسانية ممثلة بإسهامات مايو ومساعديه قد
اهتمت ببعض جوانب قضية حاجة الفرد لالنتماء ،بينما أغفلت باقي الجوانب المهمة التي
تعتبر دعائم لبنية الدوافع
-3انصب اهتمام مدرسة العالقات اإلنسانية على دراسة العنصر اإلنساني في العمل وأغفلت
الجانب الرسمي للتنظيم.
- 4رغم إجراء الكثير من دراسات العالقات اإلنسانية على الجماعات غير الرسمية فال توجد
سوى دراسات محدودة حاولت اإلجابة على تساؤل عن مدى عمومية أو انتشار هذه
الجماعات وأهميتها الحقيقية .وجدير بنا التنويه إلى أن هذا القصور بدأ في االنحسار خالل
فترة الثمانينات وبخاصة من جانب علماء اإلدارة واالجتماع ،نتيجة إلجراء مزيد من
الدراسات حول أشكال متنوعة من الجماعات الرسمية وغير الرسمية داخل التنظيم الرسمي
ومن خارجه .
-5التحيز الواضح من جانب علماء النفس االجتماعيين لدراسة الجوانب النفسية االجتماعية
دون توفر أدوات بحثية لدراسة التنظيم ككل ،ومن ثم ال تتصف إسهامات هؤالء بالتكاملية
التي تحقق نظرية عامة اجتماعية نفسية في دراسة التنظيم وينتقد علماء الصراع مدرسة
العالقات اإلنسانية من حيث رؤيتها للتنظيم كبيئة تتصف بالسالم والتناغم الداخلي بين مكوناته
إذا ما تحقق للجماعات غير الرسمية اإلحساس باالنتمائية
وتكمن أهمية أعمال فيبر في تجاوزها لألساليب التي كانت متبعة في دراسة البيروقراطية وما
يرتبط بها من تعريفات .إذ أضاف فيبر إليها بُعدا ً سوسيولوجيا ً مهماً ،فضالً عن تجاوزه
ألسلوب الوثائق وارتباط البيروقراطية بالخدمات المدنية ،إذ استخدم فيبر أسلوبا ً آخر يقوم
على المسح التاريخي للبيروقراطية عبر العصور الوسطى والحديثة .وأسفر االستقراء
التاريخي المعتمد على المقارنة عن دالالت أشارت إلى توجه المجتمعات الحديثة نحو اكتساب
الخصائص البيروقراطية .Bureaucratizationكما مكن هذا األسلوب ماكس فيبر أن
يصوغ نموذجا ً وظيفيا ً A Functional modelيقوم على قاعدة ثنائية االرتكاز :الرشادة
والقانون ،Legal Rational baseويربط في الوقت ذاته بين الخصائص البنائية والكفاءة
.Efficiencyويمكن تصنيف المداخل البنائية المنطلقة من نمط ماكس فيبر إلى مجموعتين:
- 2مداخل ودراسات امبيريقية ترك اهتمامها على النمط المثالي للبيروقراطية
20
لطيفه الراجح
وفهم هذا النموذج يجب أن يكون ضمن تفسيرات فيبر للقوة ، Powerوالسيادة
،Dominanceويقترن هذا النموذج باسم ماكس فيبر ويعرف بالنمط المثالي
للبيروقراطية . Ideal type of bureaucracy
ينطلق النمط المثالي للبيروقراطية عند فيبر من مفهومي السلطة والشرعية ويصنف فيبر
السلطة إلى أنماط ثالثة أساسية يستند كل منها على أسس معينة للشرعية ،وذلك على النحو
التالي :
ويرى اميتاي إتزيونی A. Etzioniصعوبة وضع حدود فاصلة بين األنماط الثالثة في
الممارسة الفعلية للسلطة ،كما توجد بعض أشكال من التنظيمات شبه تقليدية أو شبه
بيروقراطية تتواجد فيها هذه األنماط مجتمعة ،كما هو الحال في مصر الفرعونية
وإمبراطورية الصين .في الوقت ذاته يضيف إتزيوني أن أي شكل بيروقراطي يكون
عرضه للتحول من نمط بيروقراطي للسلطة إلى نمط كاريزمی ،كتنظيمات الجيش التي
تتسم بالبيروقراطية وقت السلم ،بينما تتسم أثناء الحرب بخصائص قائدها ومدى تحكمه
وسيطرته على أفراده ،وقد تنخفض درجة البيروقراطية أو تتالشي.
21
لطيفه الراجح
المحاضرة الرابعة :تابع االتجاهات الكالسيكية في دراسة التنظيم
من خالل ما أثاره ألفن جولدنر من تساؤالت حول مدى صالحية األخذ بعمومية
تطبيق النمط المثالي .أشار إلى عدم األخذ بذلك ،وأنه ليس شرطا ً أن تتوفر جميع
خصائص هذا النمط في كل بنية تنظيمية ،وإن النمط المثالي بمقياس يتألف من عدة
عناصر.
وضمن هذا اإلطار وفي محاولة علمية جادة قام ستانلي أودی ( )1۹5۹بدراسة
أجراها على عدد كبير من التنظيمات الرسمية في 15۰مجتمع غير صناعي ،في
محاولة لالختبار اإلمبيريقي لمفهوم البيروقراطية ،كما تعكسها األبعاد التي يتضمنها
نمط فيبر ،واستخدم أودي سبع خصائص للبيروقراطية قسمها إلى عناصر
بيروقراطية ، Bureaucraticوأخرى رشيدة ، Rationalوقام بدراسة
االرتباطات بينها .ثم درس كل خاصية من الخصائص السبع من منظور ثنائية
الظهور أو االختفاء بين تنظيم وآخر.
وتوصل أودي من تحليل نتائج دراسته إلى عدم االتفاق في تواجد تلك الخصائص
بشكل ثابت في مختلف األشكال التنظيمية .واتفق مع ما أشار إليه جولدنر من
افتراض وجود البيروقراطية على متصل مع افتراض ظهور بعض أبعادها األساسية
واختفاء البعض اآلخر من تنظيم آلخر .وأن ينظر إلى البيروقراطية كشكل تنظيمي
يتصف بعدد من األبعاد.
22
لطيفه الراجح
- 2دراسة ريتشارد هال ()1۹۹۳
إن االتجاه التحليلي المتميز ألودي في محاولة دراسة الخصائص البيروقراطية كأبعاد يمكن
قياسها كان موضع اهتمام كبير لدى عالم االجتماع األمريكي ريتشارد هال الذي طور هذه الرؤية
في محاولة التقييم اإلمبيريقي لنمط فيبر .واستخلص مقياسا ً يعتمد على العالقات االرتباطية بين
الخصائص البيروقراطية كأبعاد يمكن قياس مدى ارتباطها من عدمه من خالل استخدام
المعامالت اإلحصائية.
تهدف دراسة هال إلى اختبار خصائص النمط المثالي للبيروقراطية وأبعاد التنظيم التي تعد أبعادا
بيروقراطية من خالل قياس الدرجة التي توجد عليها داخل تنظيمات متباينة بالواليات المتحدة
األمريكية ولتحقيق هذا الهدف ،اختار هال ست خصائص شائعة داخل التنظيمات منها خمس
خصائص بيروقراطية وخاصية واحدة رشيدة هي المؤهالت الفنية ،وهذه األبعاد هي :
نسق القواعد الذي يغطي مجال الحقوق والواجبات للشاغلين للمناصب الرسمية.
تتمثل أهمية دراسة هال في محاولته قياس درجة البيروقراطية للتنظيمات من خالل تصميم
مقياس فرعي لكل خاصية من الخصائص الست .ويتضمن كل مقياس فرعي لألبعاد
البيروقراطية عشرة بنود ،بينما يحتوي المقياس السادس على اثنى عشر بندا ً لقياس البُعد الرشيد.
ولقياس الخصائص الفعلية للبنية التنظيمية بدقة كبيرة في عالقتها باألبعاد البيروقراطية ،قامت
الدراسة على فرضية أساسية مفادها أن البيروقراطية عادة ما تتواجد بدرجات متفاوتة بالنظر إلى
كل بُعد من األبعاد الستة في المقياس على حده ،وأن التنظيمات التي تتصف بدرجة عالية في أي
بُعد ليس ضروريا ً أن يكون هذا حالها عند بعد آخر من أبعاد المقياس .وتم تصميم مقياس درجة
البيروقراطية على أساس اختيار المبحوث إلحدى اإلجابات المناسبة على مقياس ليكرت
.Likert Scale
مجال الدراسة :تم اختيار عينة عمدية تضم عشرة تنظيمات متباينة فيما بينها من حيث الحجم،
والهدف ،وال ِقدم /الحداثة ،وذلك لدراسة مدى تأثير تلك التباينات في درجة البيروقراطية وتباينها
من تنظيم آلخر .وتراوح الحجم التنظيمي داخل عينة الدراسة من 65إلى 3۰۹6مشتغل .كما
تراوحت درجة حداثة أو قِدم التنظيمات من أربع سنوات إلى 36سنة من الممارسة التنظيمية
المستمرة .فيما يختص بالعينة البحثية ،تم اختيار األفراد بطريقة عشوائية من العاملين داخل
التنظيمات .وضمت العينة من اإلدارة والعمال.
23
لطيفه الراجح
روزابيث كانتر ومدخل دراسة القوة -الفرصة :
يركز المدخل البنائي عند كانتر على بنية التنظيم بوصفه نسقا ً كلياً .فالتنظيمات
المركبة بخصائصها المختلفة تشكل بوضوح مختلف جوانب حياة العمل لألفراد.
ومن ثم كان تركيز هذا المدخل على فحص وتفهم البيئة التنظيمية ،التي تعتبر أكثر
تعقيدا ً فيما تختص ببناءات القوة الفرص المتاحة ،ويقوم هذا المدخل على خمس
فرضيات أساسية هي :
أن يفهم العمل في ضوء األنساق التنظيمية التي تتضمن عمليات تقسيم العمل
بأنماطها الحديثة .وأن تفهم التنظيمات من خالل دراسة كيفية قيام األفراد باستثمار
خبراتهم في إدارة شئون أعمالهم داخل هذه التنظيمات .ومن ثم ،فإن دراسة وتحليل
العمل وحده ال يكفي دون األخذ في االعتبار تفهم إستراتيجية توزيع التنظيم للفرص
والقوة عبر التدرج الهرمي للسلطة التنظيمية .
يعكس السلوك التنظيمي ما يحمله األفراد من مشاعر وما يمكن أن يتصفوا به من
مكانة في مواقع العمل .ففي داخل النسق الرسمي للتنظيم يحظى بعض األفراد بمكانة
رفيعة تخولها لهم األعمال المتميزة التي تسند إليهم إدارتها ويكونوا ضمن بناءات
القوة .ومثل هؤالء األفراد يتمتعون بنوع من االستقالل الذاتي المتكيف غير مقيد
بضوابط رشيدة مثل المفروضة على المرؤوسين.
إن البناءات التنظيمية ال تمتلك قدرة التحكم في سلوك األفراد بمقدار قدرتها على
تحديد االختيارات المسموح بها رسميا لمواجهة متطلبات التنظيم.
يتصل السلوك التنظيمي مباشرة بالواجبات الرسمية ضمن عملية تقسيم العمل
التنظيمي .وكما يذكر ولبرت مور W. Mooreفإن بيئة العمل التي يتعرض لها
الفرد تعتبر من أفضل المؤشرات المحدودة لسلوكه ذكرا ً كان أم أنثى .كذلك فإن
العمل الرسمي وتدرج السلطة التنظيمية يعتمدان على عملية توازن القوة في
العالقات بينهما.
إن افتراض العالقة بين الواجب /الوظيفة الرسمية ،والوضع الرسمي واالستجابات
السلوكية ،قد يقود إلى االهتمام بالكفاءات .وأن ارتباط الفرصة بالكفاءة يعكس عدم
التساوي بين الوظائف المختلفة داخل التنظيم .بمعنى آخر أن الفرصة ال تكون متاحة
لكل الوظائف بالتساوي.
يتضح من الفرضيات الخمس التي قام عليها المدخل البنائي عند كانتر أنها تركزت
على بعض الخصائص البنائية التي تؤثر على سلوك ودوافع األفراد داخل البنية
التنظيمية ،وتضمن هذا المدخل ثالث خصائص أساسية هي بناء الفرصة ،القوة،
والنسبة النوعية للعمالة التنظيمية على أساس تباين النوع (ذكورا ً وإناثاً).
24
لطيفه الراجح
وفيما يلي يمكن أن نحدد القضايا الرئيسية التي ناقشها المدخل البنائي عند كانتر من
خالل دراستها للمتغيرات الثالثة التي ذكرناها وكيف أنها تفسر أوضاع المرأة
والرجل داخل التنظيمات الرسمية :
-1يتحدد المدى المتاح للفرص أمام الفرد داخل التنظيم بعوامل بنائية مثل معدالت
الحراك التي تفرزها وظائف معينة ،وسيرة الحياة التنظيمية ،والتعاقب في المراكز
التنظيمية المختلفة ،والمهارات ،واالستعداد للتحدي والمنافسة ،والحوافز المادية
والمعنوية.
وفي هذا الصدد أظهرت دراسة كانتر أن المرأة تفوق الرجل في شغلها للوظائف
محدودة الفرص .ومن ثم تواجه المرأة صعوبات في الحراك داخل التنظيم بغية
الوصول إلى المناصب اإلدارية العليا .ويرجع سبب االنخفاض النسبي لطموحات
المرأة بالنسبة لنظائرها من الرجال إلى اشتغالها بالوظائف قليلة الحراك التي ال
تخول لها السلطة والسيطرة والمكانة الوظيفية المرموقة.
-2لما كان للقوة تعريفات عدة في أدبيات علم االجتماع ،وأن التنظيمات المركبة
بناءات للقوة والفرصة معاً ،فقد استخدمت كانتر مفهوم القوة الذي يعني االستعداد
والقدرة على إنجاز األفعال والواجبات وتحريك المصادر والحصول على ما يلزم
الفرد بما يحقق إنجاز األهداف .وركزت على تناولها لمفهوم القوة من منظور التنظيم
ككل أكثر من كونها قوة على مستوى األفراد .واهتمت بالفرصة التي يتيحها العمل
لألنشطة المتميزة .ومن هذا المفهوم صنفت كانتر الوظائف إلى مجموعتين :األولى
تضم الوظائف عديمة القوة Powerlessnessأي التي ال تحقق لشاغلها قوة
تنظيمية .وال يقدم هذا الصنف من الوظائف سوى فرص قليلة للحراك الوظيفي.
وتضم المجموعة الثانية الوظائف التي تضفي القوة على شاغلها .وتتصف تلك
الوظائف بالفرص العديدة للترقي والحراك.
-3رغم ازدياد أعداد النساء المشتغالت في التنظيمات المركبة أي كبيرة الحجم إال
أن نسبتهن تعد منخفضة جدا ً في المستويات اإلدارية العليا ،إذا ما قورنت سواء
بنسبتهن في العمالة الكلية أو بنسبة الرجال في المستويات اإلدارية .ويرجع هذا
االنخفاض -في تفسيرات المدخل البنائی -إلى القيود التنظيمية المحددة للسلوك.
25
لطيفه الراجح