You are on page 1of 38

‫"محاضرات علم االجتماع التنظيم"‬

‫اللهم إني أسألك فهم النبيين وحفظ المالئكة المقربين‪ ،‬اللهم اجعل لساني‬
‫عامرا ً بذكرك وقلبي بخشيتك‪ ،‬وسري بطاعتك‪ ،‬إنك على كل شيء قدير‬
‫وحسبنا هللا ونعم الوكيل‪.‬‬

‫اللهم إني أستودعك ما قرأت وما حفظت‪ ،‬وما تعلمت‪ ،‬فرده عند حاجتي‬
‫إليه‪ ،‬إنك على كل شيء قدير‪ ،‬حسبنا هللا ونعم الوكيل‪.‬‬
‫المحاضرة الخامسة‪ :‬مدخل األنساق االجتماعية في دراسة التنظيم‬

‫مقدمة‬

‫عندما نتحدث عن مدخل األنساق عند علماء البنائية الوظيفية‪ ،‬سوف نجد أنفسنا نغوص في‬
‫خضم اإلسهامات النظرية والدراسات الميدانية التي تهتم بنظاميات من األنشطة المتنوعة‬
‫كالمهام التنظيمية‪ ،‬وممارسة السلطة والتنسيق بين الوظائف‪ ،‬وانتشارها جميعا ً عبر قنوات‬
‫وخطوط متباين ة مع وجود أفراد يعملون ضمن أوضاع اجتماعية ورسمية تؤثر على عالقات‬
‫الدور‪ .‬وذلك ضمن بنية تنظيمية تؤدي نوعين أساسيين من الوظائف‪ :‬أولهما‪ ،‬التأكيد على‬
‫التزام األفراد بمتطلبات التنظيم وليس العكس‪ .‬وثانيهما‪ :‬ممارسة عالقات القوة التي من خاللها‬
‫يتم صنع القرارات‪ ،‬وأداء مختلف النشاطات التنظيمية‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬إسهامات تالكوت بارسونز في مجال التنظيم‬


‫قدم بارسونر إسهاما ً متميزاً في تفهم التنظيمات من خالل نظريته في األنساق االجتماعية التي يبدو‬
‫فيها تأثره الواضح بأفكار ماكس فيبر‪ ،‬و إميل دوركايم في تأكيد الوظائف المعيارية كالقيم والمثل‬
‫في الحياة االجتماعية‪ .‬ولكي نعرض لرؤية بارسونز التحليلية للتنظيم كنسق اجتماعي مفتوح‪.‬‬

‫أهم المقوالت التي تنهض عليها نظريته في النسق االجتماعي‪ .‬يري بارسونز أن النسق‬
‫االجتماعي يتألف من مجموعة فاعلين ‪ Actors‬تنشأ بينهم عالقات تفاعل في موقف يتخذ‬
‫مظهرا ً فيزيقيا ً أو بيئيًا‪ .‬كما يدفع الميل من قبل هؤالء الفاعلين إلى تحقيق الحد األمثل من‬
‫اإلشباعات ‪.Gratifications‬‬

‫فيمكن تحديده من خالل ثالثة عناصر أساسية هي‪:‬‬

‫الفاعل ‪ :The actor‬يمكن رؤية الفاعل كوحدة أساسية محددة تعمل داخل النسق التنظيمي‬
‫‪ ،The Organizational system‬وأن الفاعل تشكله مجموعة من الحوافز‪ ،‬والدوافع‪،‬‬
‫والقابلية‪ ،‬والطموحات‪.‬‬

‫المكانة ‪ :The Status‬يمكن التعبير عن المكانة بالوضع الخاص داخل النسق القائم على تقسيم‬
‫العمل‪ .‬وترتبط المكانة بالتوقعات ‪ ،Expectations‬والتحديد الواضح للحقوق والواجبات في‬
‫ضوء أهداف التنظيم‪.‬‬
‫الدور ‪ :The role‬يعتبر الدور الجانب الدينامي بقدر متكافئ لكل من المكانة والفاعل‪ ،‬ألن كالً‬
‫من الدور والمكانة يقعان على عاتق الفاعل وإن تباينت أساليهما في االرتباط به‪.‬‬

‫ويري بارسونز أن طبيعة الفعل االجتماعي وهي نقطة البداية األساسية في دراسة النسق‬
‫االجتماعي الذي يمكن رؤيته من جانبين‪،‬‬
‫أولهما‪ :‬مشكلة النظام االجتماعي أو طبيعة القوى التي تعمل على إيجاد أشكال مستقرة نسبيا ً للتفاعل‪.‬‬

‫وثانيهما‪ :‬محاولة تطوير مفاهيم مجردة للنسق االجتماعي ضمن إطار نظري مرجعي لتوقعات‬
‫الفاعلين في المواقف االجتماعية العديدة‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪1‬‬


‫وبعد تحديد مفهوم النسق واختالف التنظيم عن باقي األنساق الفرعية األخرى من حيث إنجازه لهدف أو‬
‫لمجموعة أهداف محددة بشكل مسبق‪ ،‬ينتقل بارسونز إلى خطوة ثانية في التحليل الوظيفي بدراسة‬
‫العالقة بين األنساق الفرعية والنسق العام‪ .‬وتكاملية النسق مع األنساق األخرى‪ .‬ولتحقيق هذه الغاية‪،‬‬
‫استخدم بارسونز عدة مفهومات مهمة لعل من أبرزها مفهومات ثالثة رئيسية هي النظام العام‪،‬‬
‫والتكاملية ‪ ،Integration‬والتوازن‪.‬‬

‫استخدم بارسونز أيضا ً مفهوم الوظيفة "‪ "The function‬ليتضمن رؤية النوعيات النسقية للمجتمع‬
‫وأجزاءه األساسية بما في ذلك التنظ يمات‪ .‬كما استخدم مصطلح النسق المركزي للقيمة " ‪Central‬‬
‫‪ " value system‬ليدل على ما يتصف به النسق االجتماعي من تماسك أو توجيهات مشتركة نحو‬
‫الفعل‪ .‬ويعتبر النسق المركزي للقيمة أساس أي مجتمع‪.‬‬

‫وأشار بارسونز إلى أنه كي يحقق التنظيم‪ ،‬كنسق اجتماعي‪ ،‬وظائفه وأهدافه ينبغي أن يحقق أربعة‬
‫متطلبات أساسية يرتبط اثنان منها بالبيئة الداخلية للنسق هما التكامل‪ ،‬والكمون ‪( Latency‬أو المحافظة‬
‫على استمرارية النمط‪ ،‬واحتواء التوترات)‪ .‬ويرتبط االثنان اآلخران بالبينة الخارجية وهما‪ :‬التكيف أو‬
‫المواءمة ‪ ،Adaptation‬وإنجاز الهدف ‪The Goal - attainment‬‬

‫التكامل‪ :‬يعني هذا المطلب تأسيس مستوى من التضامن داخل النسق حتي يتمكن من أداء وظيفته كما‬
‫ينبغي‪.‬‬

‫الكمون أو المحافظة على النمط واحتواء التوترات‪ :‬وتشير المحافظة على النمط إلى مشكلة التطابق بين‬
‫نوعي األدوار التي يؤديها الفرد داخل التنظيم وخارجه‪ .‬وتتطلب المطابقة وجود آليات تحقق التناغم أو‬
‫االنسجام بين التوقعات داخل التنظيم وخارجه‪.‬‬

‫التكيف أو المواءمة‪ :‬يعتبر التكيف مطلبا ً يتم من خالله تدبير متطلبات التنظيم من موارد بشرية ومادية‬
‫ومهارات متنوعة تُعد ضرورية لتحقيق األهداف التنظيمية وذلك من خالل التفاعل بين التنظيم والبيئة‬
‫الخارجية‪.‬‬

‫تحقيق األهداف‪ :‬يشتمل هذا المطلب على التنسيق بين األنشطة إلنجاز األهداف التنظيمي‪ .‬ويتوقف‬
‫نجاح تحقيق األهداف على مالءمة الوسائل لألهداف‪.‬‬

‫أيضا ً صنف بارسونز األنساق الفرعية داخل النسق التنظيمي الكلى إلى ثالثة أنساق أساسية‪:‬‬

‫األول‪ :‬النسق التقني ‪ Technical‬ويختص بالنشاطات ذات الطبيعة التقنية التي تسهم في إنجاز أهداف‬
‫التنظيم بشكل مباشر‪.‬‬

‫والثاني‪ :‬النسق اإلداري ‪ Managerial‬الذي يختص بالشئون الداخلية للتنظيم من حيث تدبير الموارد‬
‫البشرية والمادية وتسويق المنتج‬

‫والثالث النسق النظامي ‪ Institutional‬الذي يختص بالربط بين النسقين التقني واإلداري في عالقتهما‬
‫بالبيئة الخارجية‪.‬‬

‫وهناك حقيقة أساسية مفادها أن لكل نسق فرعي وظائفه التي يؤديها ويتضمن ترتيبات بنائية يحاول من‬
‫خاللها مواجهة متطلباته الوظيفية‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪2‬‬


‫ثانياً‪ :‬روبرت ميرتون والمعوقات الوظيفية‬
‫يعتبر روبرت ميرتون من علماء البنائية الوظيفية‪ .‬بيد أنه لم ينتهج نهجهم في استخدام المماثلة‬
‫العضوية في الدراسة التحليلية للتنظيم‪ ،‬بل قدم تصورا ً نظريا ً مهماً‪ ،‬تمثل في تطوير نظرية‬
‫متوسطة المدي‪ .‬وتقوم النظرية على ثالثة مفاهيم في تحليل التنظيم هي‪:‬‬

‫‪ -1‬الوظائف الكامنة ‪ Latent or unintended function‬مقابل الوظائف الظاهرة‪.‬‬

‫‪ -2‬المعوقات الوظيفية ‪ Dysfunctions‬مقابل الوظائف ‪.Functions‬‬

‫‪ -3‬البدائل الوظيفية ‪ Functional alternatives‬مقابل الفرضية التقليدية التي تزعم أن أي‬


‫مجتمع ال يستطيع أداء وظائفه بشكل أفضل مما هو قائم إال في ظل أنماط جديدة من العالقات‪.‬‬

‫حاول ميرتون أن يربط بين الفعل واالستجابة ألفراد التنظيم في ظل ظروف متغيرة‪ ،‬واستخلص‬
‫من ذلك الفكرة الرئيسية األولى لنموذج المعوقات الوظيفية‪ ،‬وباختصار تنهض الفكرة األساسية‬
‫للنموذج على أن أعضاء التنظيم يستجيبون بطريقة ثابتة في المواقف المماثلة دون مراعاة‬
‫للتغير بين موقف وآخر‪ .‬ونتيجة لهذا الجمود وعدم المرونة في عالقة الفعل واالستجابة‪ ،‬تنشأ‬
‫نتائج غير رشيدة وعلى مستوى التنظيم‪ ،‬أوضح ميرتون أن األفعال الناجحة في الماضي على‬
‫أساس من التدريب والمهارة‪.‬‬

‫انتقد ميرتون قصور مناقشات فيبر بشأن الترشيد والكفاءة التنظيمية في توضيح الحد الذي يمكن‬
‫أن يبلغه التنظيم في تحقيقها‪ .‬وهذا أمر غير مقبول إذ إن واقع التنظيم يقتضي وجود حدود لكل‬
‫من الكفاية‪ ،‬والخبرة‪ ،‬والدقة‪ ،‬والصدق‪ ،‬وكما ينسحب هذا القول على التنظيم ككل‪.‬‬
‫من هنا تبرز أهمية الضبط وحاجة اإلدارة الماسة إليه حتي تضمن ثبات السلوك التنظيمي مع‬
‫إمكانية التنبؤ به‪ .‬وبناء على ذلك فإن تحقيق المط لبين يستلزم استمرار الرقابة والمتابعة في تنفيذ‬
‫القواعد الرسمية واإلجراءات المقننة نظامياً‪ ،‬التي سوف تفضي إلى النتائج التالية كما رتبها‬
‫ميرتون‪:‬‬

‫‪ -‬انحسار العالقات غير الرسمية‪ ،‬ألن التنظيم البيروقراطي يمثل مجموعة من العالقات القائمة‬
‫بين الوظائف أو األدوار‪ ،‬و تكون االستجابة بين األفراد أساس األوضاع الرسمية التي يشغلونها‬
‫داخل التنظيم‪ ،‬ويحدث الصراع داخل التنظيم ضمن إطار محدد تماماً‪.‬‬

‫‪ -‬ازدياد استدماج ‪ Internalization‬أعضاء التنظيم لقواعد وتعليمات التنظيم التي تقنن‬


‫كوسائل لتحقيق أهدافه ومن ثم فإن ذلك يجعل لها قيمة إيجابية مستقلة عن أهداف التنظيم ذاته‪.‬‬
‫ويقصد باالستدماج هنا أنه في ظل استمرارية التأكيد على االلتزام بالنظام والشعور القوي به‪ .‬قد‬
‫يحدث تحول في مشاعر األفراد نحو التنظيم إلى االهتمام بتفصيالت ما يقومون به من عمل‬
‫وفق ما تحدده القواعد الرسمية‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪3‬‬


‫من خالل ذلك التحليل الواعي پري ميرتون أن البنية التنظيمية تحمل في داخلها مثيرات الخلل الوظيفي‬
‫‪ -‬كما تؤدي إلى انخفاض الكفاءة التنظيمية‪ .‬ويبدو هذا االستخالص لميرتون من خالل تحليله الوظيفي‬
‫لبعض الخصائص البيروقراطية عند ماكس فيبر‪ ،‬على النحو التالي‪:‬‬

‫تقسيم العمل‪ :‬قد يؤدي تقسيم العمل إلى أن يصبح الفرد غير قادر على معرفة ما هو الهدف الفعلي‬
‫األمثل للتنظيم‪ .‬األمر الذي يفضي إلى إحساس الفرد باالغتراب ليس فقط عما يقوم به من عمل بل عن‬
‫التنظيم ككل‪.‬‬

‫تدرج السلطة‪ :‬تستخدم هذه الخاصية داخل البيروقراطية لتؤكد على تحكم المكتب األعلى في المكتب‬
‫األدنى وتوجيهه من قبل المستويات األعلى‪ .‬كما توضح التنسيق بين األنشطة داخل التنظيم إلنجاز‬
‫أهدافه‪ .‬وتتمثل مظاهرها في تركز المعرفة الفنية والخبرة المتخصصة عند قمة التنظيم (اإلدارة العليا)‬
‫في ظروف بيئية مستقرة‪ .‬أما إذا كانت الظروف غير مستقرة فقد ال تتحقق الكفاءة التنظيمية في حالة‬
‫تركز الخبرة المتخصصة عند قمة التنظيم‪ .‬في هذه الحالة قد يحدث خلل وظيفي من خالل إصرار من‬
‫هم في قمة التنظيم على وجوب االمتثال ألوامرهم من جانب المرؤوسين‪.‬‬

‫القواعد المجردة‪ :‬من فرضيات نمط فيبر المثالي للبيروقراطية‪ ،‬أن القواعد تتواجد لتغطي جميع‬
‫المواقف الممكنة التي قد تظهر فيما بعد‪ .‬وأن لكل موقف أساليبه المفروضة نظاميا ً بحيث تقلل من‬
‫فرص اتخاذ األفراد لقرارات غير رشيدة‪ ،‬إال أنه قد تظهر مواقف يطوع فيها الفرد القواعد وفقا ً لما‬
‫تتيحه له حرية التصرف في تلك المواقف‪ ،‬فقد يستخدم الفر د تلك القواعد كمظلة واقية له يدافع بها عن‬
‫موقفه‪ ،‬أو قد يلتزم بها حرفيا ً إذا اقتضت الضرورة ذلك‪.‬‬

‫في هذه الحالة‪ ،‬يكون الفرد أمام ثالث بدائل في مواجهة الموقف‪ ،‬البديل األول‪ :‬أن يستخدم الفرد من‬
‫القواعد ما قد يناسب الموقف‪ .‬والبديل الثاني‪ :‬أن يحيل الفرد المشكلة إلى رئيسه المباشر‪ .‬أما البديل‬
‫األخير‪ :‬فهو أن يبادر الفرد باتخاذ القرار ‪ -‬المناسب من وجه نظره ‪ -‬لمواجهة الموقف‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪4‬‬


‫المحاضرة السادسة‪ :‬مدخل األنساق االجتماعية في دراسة التنظيم‬

‫مدخل النسق االجتماعي التقني ونماذج من الدراسات الميدانية‬

‫الفرضيات األساسية لمدخل النسق االجتماعي ‪ -‬التقني‪:‬‬

‫‪ -1‬تقوم الفكرة األساسية لهذا المدخل ‪ -‬وببساطة شديدة على افتراض أن الفرد ال يعيش في عالم‬
‫اجتماعي تقني داخل التنظيم الرسمي فقط بل وخارجه‪ .‬لذلك يجب أن يوجد توازن مناسب بين البيئتين‬
‫(الداخلية والخارجية) بما يحقق للفرد اإلحساس بالرضا والضبط‪.‬‬

‫‪ -2‬تمثل مقولة إنجاز المهمة األساسية للتنظيم الفرضية األساسية الثانية التي يجب أن تصمم من أجلها‬
‫المكونات التقنية االجتماعية للنسق الكلى (التنظيم)‪ .‬وبالتالي يعتبر النمط التقني الدقيق والمالئم لتحقيق‬
‫المهمة األساسية متغيراً كما هو الحال بالنسبة للبنية االجتماعية التي تتواءم معه في شكل اندماجي‪،‬‬
‫بحيث يقوم تصميم العمل عليها دون أفضلية أو أسبقية ألحدهما على اآلخر‪.‬‬

‫‪ -3‬ويقوم النسق االجتماعي التقني على دور الجماعات المستقلة نسبيا ً في األداء الكلي للمهمة األساسية‬
‫للتنظيم بأقل قدر من التداخل بين أفراد المجموعة الذين يجمعهم حيز مكاني معين (سواء على مستوى‬
‫اإلدارة أو في موقع اإلنتاج بين العمال)‪.‬‬

‫‪ -4‬تشبيه التنظيمات بالكائنات العضوية الحية (المماثلة العضوية)‪.‬‬

‫تأسيسا ً على الفرضيات السابقة‪ ،‬تتبلور المشكلة البحثية الرئيسية لمدخل النسق االجتماعي التقني في‬
‫دراسة األداء الكفء ألي مهمة أساسية للتنظيم في ارتباطها بمتطلبات التقنية واألفراد كأعضاء في‬
‫التنظيم فضالً عن البيئة الخارجية‪ .‬ويفترض علماء هذا المدخل ضرورة االرتباط القوي بين متغيرات‬
‫ثالثة جوهرية هي‪ :‬التقنية‪ ،‬والسوق (البيئة الخارجية) وحاجات األفراد‪.‬‬

‫نماذج من الدراسات الميدانية العالمية الرائدة ‪:‬‬

‫قدم علماء مدخل النسق االجتماعي التقني إسهامات عديدة تشكل ما يعرف في نظرية التنظيم بالمدخل‬
‫التوافقي‪.‬‬

‫وقامت االنطالقات األساسية لهذا المدخل من خالل تطور الرؤية العلمية في مجال تأثير التقنية كمتغير‬
‫بيني على شكل البنية التنظيمية‪.‬‬

‫وتبرز في هذا دراستان لهما الريادة في تطوير مضمون األنساق االجتماعية التقنية‪.‬‬

‫‪ -‬قامت بالدراسة األولى جوان وودوارد‪ ،‬وتم إنجاز الدراسة الثانية بجهد مشترك لتوم بيرنز وستوكر‪.‬‬
‫وسوف نركز فيما يلي على هاتين الدراستين واالستخالصات النظرية لكل منهما‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪5‬‬


‫‪ -1‬دراسة جوان وودوارد‪:‬‬

‫في عام ‪ 1953‬حاولت وودوارد فحص العملية اإلدارية لمعرفة إلى أي مدى ترتبط الممارسات اإلدارية‬
‫التي تقوم على أفكار وأساسيات النظرية اإلدارية في نجاح المشروع الصناعي اقتصادياً‪ ،‬وکونت‬
‫وودوارد فريقا ً من الباحثين ووقع اختيارهم على منطقة جغرافية في جنوب إسكز ‪ South Essex‬حيث‬
‫مجتمع البحث الذي شمل جميع الشركات الصناعية بها‪ ،‬وقد استبعد فريق البحث الشركات التي يقل‬
‫عدد العمال بها من ‪ ۱۰۰‬مشتغل وبذلك أصبحت العينة التي اشتملها المسح االجتماعي من (‪.)%91‬‬

‫كان الهدف األساسي من المسح االجتماعي الذي قامت به وودوارد هو اختيار مدى صالحية األسس‬
‫واألفكار التي تضمنتها دورات التدريب اإلدارية للتطبيق العملي‪ ،‬والممارسة اإلدارية الفعلية؟ وإلى أي‬
‫حد تحقق تلك األسس واألفكار نجاح المشروع الصناعي في ظل استخدام التقنية في العملية اإلنتاجية‪،‬‬
‫واألفكار نجاح المتغيرات األساسية التي اهتمت بها وودوارد ثالثة هي‪:‬‬

‫التقنية‪ ،‬نطاق الضبط ‪ ،Span of Control‬ونجاح ‪ Success‬المشروع الصناعي‪.‬‬

‫المرحلة األولي من المسح‪:‬‬

‫لتحقيق الهدف األول‪ ،‬بدأت المرحلة األولى من المسح بدراسة استطالعية للتنظيمات الصناعية لرصد‬
‫األسس واألفكار اإلدارية في البنية والعمليات الداخلية للتنظيم وعالقة ذلك بتحقيق النجاح االقتصادي‬
‫للمشروع‪.‬‬

‫وأجرى المسح في هذه المرحلة على عشرين منشأة صناعية‪ .‬واستغرقت هذه المرحلة عاما ً تقريباً‪ .‬قام‬
‫خاللها الفريق البحثي بزيارة المنشآت الصناعية مرتين بفاصل زمني مدته عام‪.‬‬

‫خلصت وودوارد من نتائج المرحلة األولي من المسح إلى التشكك في مقولة "إن ركائز اإلدارة ومبادئها‬
‫تصلح لجميع األنماط اإلنتاجية" لذلك بدأ فريق البحث في صياغة ركائز بديلة ينهض عليها التباين القائم‬
‫في الممارسات اإلدارية داخل التنظيمات الصناعية الممثلة لعينة المسح‪.‬‬

‫وكان االقتراح المتميز من جانب الفريق محاولة تقسيم المصانع ‪ -‬قيد المسح – إلى مجموعات وفق‬
‫نمط التقنية المستخدم في العملية اإلنتاجية إلى ثالث مجموعات أساسية هي ‪:‬‬

‫مصانع اإلنتاج الصغير أو بالقطعة ‪ Small batch and unit production‬وضمت هذه المجموعة‬
‫الشركات الصن اعية العاملة في مجال األجهزة اإللكترونية وشركات صناعة المالبس‪.‬‬

‫مصانع اإلنتاج الكبير ‪ .Large - batch and mass production‬واشتملت على مكونات أو أجزاء‬
‫األجهزة اإللكترونية وفق القياسات المتعارف عليها في السوق‪( .‬إنتاج محركات البنزين)‪.‬‬

‫مصانع اإلنتاج المستمر ‪( Process or Continuous‬الصناعات الكيماوية وتكرير النفط)‪.‬‬

‫المرحلة الثانية من المسح‪:‬‬

‫انطلقت هذه المرحلة من نتائج المرحلة األولى حيث رأى فريق البحث أنه من المفيد إعادة الدراسة‬
‫التحليلية برؤية جديدة تركز على دراسة الخصائص التنظيمية للمنشآت بعد تصنيفها وفق مؤشرات‬
‫النجاح (األعلى نجاحا ً فاألقل وهكذا)‪ .‬وذلك داخل كل نمط من أنماط اإلنتاج الثالثة‪.‬‬

‫وكان هدف الدراسة في المرحلة الثانية الحصول على تفصيالت أكثر حول العالقة التقنية بالبنية التنظيمية‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪6‬‬


‫نموذج لدراسة عربية‪:‬‬
‫دراسة ليديا صفوت حول دور تقنيات االتصال في المؤسسات اإلعالمية " الهيئة العامة‬
‫لالستعالمات نموذجا ً ‪.۲۰۰۸‬‬
‫أوال‪ :‬موضوع الدراسة‪ :‬تهتم هذه الدراسة بالكشف عن آثار تقنيات االتصال الحديثة في أداء‬ ‫ً‬
‫العمل وأنماط االتصال بالهيئة العامة لالستعالمات سواء داخل تنظيم الهيئة أو في عالقتها‬
‫بالمؤسسات والهيئات التي تتعامل معها في البيئة الخارجية‬
‫دراسة آثار هذه التقنيات على بعض عناصر البيئة التنظيمية مثل تقسيم العمل‪ ،‬واستحداث‬
‫إدارات جديدة وعملية اتخاذ القرار‪.‬‬

‫اإلطار النظري والمفاهيم األساسية‪ :‬سعت الدراسة إلى المزج بين المداخل االجتماعية والمداخل‬
‫اإلعالمية التي تناول ت تأثير التقنية في البنية التنظيمية وأنماط االتصال بالمنظمات‪ ،‬حيث‬
‫اعتمدت في الشق األول من اإلطار النظري على اختبار مقوالت مدخل النسق االجتماعي‬
‫التقني‪ ،‬مشيرة أو ً‬
‫ال إلى إسهامات االتجاه البنائي الوظيفي في دراسة التنظيم ألنه يمثل الجذور‬
‫التي أسهمت في تشكيل مدخل النسق االجتماعي التقني ومن ثم تم االستفادة منه في صياغة‬
‫بعض مفاهيم هذا المدخل وتحديد خصائصه والعوامل المؤثرة فيه‪.‬‬

‫وفيما يلى عرض لهذه المقوالت ومبررات اختيارها‪ :‬يتخذ هذا المدخل منهجا ً خاصا ً في دراسة‬
‫التنظيم‪ ،‬ويقوم على دراسة العالقة بين الفرد والتقنية والمجتمع‪ ،‬وتتناقض هذه الرؤية تماما ً مع‬
‫الرؤية العلمية السابقة الداعية إلى إغفال العامل اإلنساني‪ ،‬باعتباره جزءا ً من اآللة‪.‬‬
‫دراسة العالقات المتبادلة بين التنظيم والبيئة الخارجية‪ ،‬باعتبار أن التنظيم يعد نسقا ً مفتوحاً‪،‬‬
‫وبذلك فقد أجاب عن التساؤل الذي أغفلته المداخل النظرية التي أدخلت البُعد التكنولوجي في‬
‫اعتبارها‪ .‬ويتمثل هذا التساؤل في كيفية تنظيم النسق عالقته بالبيئة المحيطة به؟‬

‫وتستفيد الدراسة من هذه الفرضية في التعرف على عالقة المؤسسة محل الدراسة ‪ -‬الهيئة‬
‫العامة لالستعالمات ‪ -‬بالمؤسسات األخرى التي تتعامل معها‪ ،‬على المستويين المحلي والعالمي‪،‬‬
‫وأثر التقنية في هذه العملية‪.‬‬

‫‪ -3‬يرى هذا المدخل أن هناك عالقة ديناميكية بين األنساق الفرعية المكونة للتنظيم كنسق‬
‫اجتماعي‪ ،‬ويستفيد البحث من هذه الفرضية في التعرف على العالقة التبادلية بين القطاعات‬
‫المختلفة للهيئة العامة لالستعالمات وكذلك العالقة بين اإلدارات المختلفة داخل كل قطاع‬
‫باعتبارها األنساق الفرعية المكونة لتنظيم الهيئة‪.‬‬

‫‪ -4‬أوضحت بعض الدراسات التي تناولت هذا المدخل آثار التقنية في البنية التنظيمية‪ ،‬وخاصة‬
‫عملية االتصال الرسمي و غير الرسمي بين األفراد في التنظيم‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪7‬‬


‫وقد تم تحديد المفاهيم األساسية للدراسة في ضوء إطارها النظري كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -۱‬المؤسسة ‪Institution‬‬

‫هي الشكل القانوني للتنظيم ‪ ، Organization‬وتنطلق الدراسة الحالية في تعريفها للتنظيم من‬
‫مدخل النسق االجتماعي التقني ‪ ،Socio Technical System‬الذي يندرج ضمن التعريفات‬
‫التي تركز على رؤية التنظيم کنسق وبقائه وتفاعله المستمر مع البيئة المحيطة به‪ ،‬فيؤثر فيها‬
‫ويتأثر بها‪ ،‬مثل تعريف تالكوت بارسونز الذي أوضح "أن التنظيم نسق اجتماعي له اتجاه‬
‫أساسي‪ ،‬هو تحقيق هدف أو مجموعة أهداف‪ ،‬ويمثل هذا االتجاه سمة أساسية من سمات التنظيم‪،‬‬
‫كما يشمل في الوقت ذاته جانبين‪ ،‬أولهما العالقات الخارجية التي تشير إلى عالقة التنظيم‬
‫بالمجتمع‪ ،‬والثاني البناء الداخلي للتنظيم کنسق اجتماعي‪.‬‬

‫‪ -2‬النسق التقني‪:‬‬

‫ال يقتصر مفهوم التقنية على اآلالت والوسائل المستخدمة في العمل فقط‪ ،‬وإنما يتعلق باألنشطة‬
‫والترتيبات المادية التي تسهم في تحقيق أهداف التنظيم‪ ،‬ولذلك فهو يضم العناصر التالية‪:‬‬

‫‪ -‬تقنيات اإلنتاج المرتبطة بالعمل المطلوب تنفيذه بواسطة هذه التقنيات‪.‬‬

‫‪ -‬تنظيم اإلنتاج‪ ،‬ويختص بتصنيف وظائف اإلنتاج وتنسيقها‪.‬‬

‫‪ -‬تنظيم العمل‪ ،‬ويقصد به تقسيم الوظائف والمهام على المستوى الفردي‪ ،‬وهو ما يعني وجود‬
‫نمط من العالقة االجتماعية يفوضه التنظيم التقني للعمل أو اعتماده على اآلالت‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬منهجية الدراسة‪:‬‬


‫مجتمع الدراسة ومبررات اختياره‪ :‬تم اختيار الهيئة العامة لالستعالمات كمجتمع للدراسة نظرا ً‬
‫ألهمية الدور الذي تلعبه الهيئة داخل المجتمع المصري وخارجه‪ ،‬باعتبارها جهاز اإلعالم‬
‫عينة الدراسة‪ :‬تندرج هذه العينة ضمن العينات العمدية في اختيار مفردات العينة‪ .‬فقد بلغ حجم‬
‫العينة ‪ 155‬مبحوثا ً من العاملين بقطاع المعلومات البالغ عددهم ‪ 1200‬موظف‪ ،‬وقد استخدمت‬
‫الباحثة أسلوب المسح الشامل لإلدارة العليا والوسطى بالقطاع‪ ،‬حيث ضمت العينة جميع‬
‫العاملين بهذه المستويات اإلدارية‪.‬‬

‫أدوات جمع البيانات‪ :‬اعتمدت الدراسة في جمع بياناتها على الجمع بين األدوات الكمية المتمثلة‬
‫في صحيفة االستبانة واألدوات الكيفية المتمثلة في دليل المقابلة بهدف جمع بيانات تفصيلية عن‬
‫بعض الموضوعات التي ال يتوقع ان تغطيها االستبانة بشكل كمي‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪8‬‬


‫نتائج الدَراسة‪ :‬تم تقسيم نتائج الدراسة إلى‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬نتائج تتعلق بدور تقنيات االتصال في أداء المهام بقطاع المعلومات‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫ارتفاع درجة االعتماد على الحاسب اآللي وشبكة اإلنترنت بقطاع المعلومات‪ ،‬لتعدد مجاالت‬
‫استخدامهما باإلدارات محل الدراسة مقارنة بوسائل االتصال األخرى بالقطاع‪.‬‬
‫‪ -۲‬تأثير السن في معدل استخدام الحاسب اآللي وشبكة اإلنترنت‪ ،‬فصغار السن هم أكثر الفئات تعامالً‬
‫مع هذه الوسائل مقارنة بكبار السن‪.‬‬

‫‪ -3‬عدم ارتباط المستوى اإلداري بإدراك أفراد العينة ألهمية استخدام تقنيات االتصال في مجال العمل‪.‬‬

‫‪ -4‬تأثير العوامل الشخصية والثقافية المرتبطة بالمعايير والقيم في تبنى العاملين لتقنيات االتصال‬
‫الحديثة في العمل‪.‬‬

‫‪ -5‬إمكانية مواجهة القطاع محل الدراسة ‪ -‬إلى حد كبير ‪ -‬للمشكالت الناتجة عن التوسع في استخدام‬
‫تقنيات االتصال الحديثة سواء المتعلقة بمقاومة بعض العاملين التعامل مع هذه التقنيات أو المرتبطة‬
‫بنقص عدد األجهزة وصيانتها‪.‬‬

‫‪ -6‬يتم إعداد العاملين وتدريبهم لتمكينهم استخدام تقنيات االتصال الحديثة عن طريق الدورات‬
‫التدريبية‪.‬‬

‫‪ -7‬إغفال أهمية تأهيل العاملين نفسيا ً الستقبال التقنيات الحديثة‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬نتائج تتعلق بأشكال االتصال في قطاع المعلومات‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫أن عالقة قطاع المعلومات بباقي القطاعات في الهيئة العامة لالستعالمات‪ ،‬وكذلك عالقته بالبيئة‬
‫الخارج ية المتمثلة في الهيئات والمؤسسات التي يتعامل معها‪ ،‬تشير إلى توفر خصائص النسق المفتوح‪،‬‬
‫الذي يتسم بعالقة تبادلية بينه وبين البيئة الخارجية وبديناميكية عالية بين مكوناته الفرعية‪ ،‬بقطاع‬
‫المعلومات‪ ،‬ومن ثم بالهيئة العامة لالستعالمات‪.‬‬

‫توثر الوظيفة التي تؤديها اإل دارات محل الدراسة في تحديد عالقتها في باقی قطاعات الهيئة العامة‬
‫لالستعالمات ومؤسسات المجتمع الخارجي‪.‬‬

‫يأتي االتصال المباشر في مقدمة الوسائل المستخدمة في عملية االتصال الرسمي داخل تنظيم القطاع‪،‬‬
‫وكذلك في اتصال القطاع بباقي قطاعات الهيئة وبالبيئة الخارجية‪ ،‬مما يعكس ارتفاع درجة الثراء‬
‫والتواجد االجتماعي لهذا النمط االتصالي‪ ،‬الذي يعتمد عليه العاملون في الموضوعات التي من شأنها‬
‫أن تحد لبسا ً أو غموضا ً في فهمها‪.‬‬

‫يزداد استخدام اإلنترنت نسبيا ً بين العاملين كوسيلة لالتصال غير الرسمي‪ ،‬مقارنة باستخدامه في‬
‫االتصال الرسمي‪ ،‬ويستخدم بدرجة أكبر في التواصل بين األصدقاء‪ ،‬أكثر من االعتماد عليه في تكوين‬
‫صداقات جديدة‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪9‬‬


‫المحاضرة السابعة‪ :‬االتصال التنظيمي‬

‫مقدمة‬

‫االتصال عملية سلوكية تنطوي على انتقال المعلومات وتبادل األفكار واآلراء من أجل فهم الكثير من‬
‫األمور بين شخص وآخر أو بين شخص وآخرين‪ ،‬وتعتبر االتصاالت أساس حياتنا اليومية‪ ،‬فنحن‬
‫نتبادل الكثير من البيانات والمعلومات‪ ،‬ونتناقل األفكار واألخبار ‪ ...‬إلخ‪ .‬إذ يقوم االتصال على مشاركة‬
‫المعلومات والصور الذهنية واآلراء‪.‬‬

‫ويتطلب ذلك ثالثة عناصر لتحقيق التواصل‪ :‬طرف مرسل‪ ،‬وطرف مستقبل‪ ،‬وقناة اتصال‪.‬‬

‫فاالتصال هو العمود الفقري للتواصل بين األفراد فيما بينهم أو بين األفراد والجماعات والمؤسسات‪ ،‬أو‬
‫بين التنظيمات بعضها ببعض سواء على المستوى المحلي أو العالمي‪.‬‬

‫ويُعد أرسطو من أقدم من حاول تحليل عملية االتصال التي تمثلت في ثالثة عناصر أساسية هي‪:‬‬
‫المتحدث واللغة والجمهور‪.‬‬

‫وبالرغم من بساطة هذا النموذج إال أنه يتفق إلى حد ما مع ما أكدته النماذج الحديثة‪.‬‬

‫وفي المنظمات واإلدارات قد يتم االتصال اإلداري‪:‬‬

‫من أعلى إلى أسفل في شكل أوامر وتعليمات‪ ،‬أو تقارير وقرارات وغيرها‪.‬‬

‫كما يتم االتصال من أسفل إلى أعلى على شكل اقتراحات وتقارير ومقابالت وطلبات وشكاوى وما إلى‬
‫ذلك‪.‬‬

‫ويقوم االتصال التنظيمي على شبكات مصممة من أجل ن قل المعلومات داخل البناء التنظيمي على‬
‫مختلف مستوياته‪ ،‬فهي قنوات رسمية تحدد أوضاع األشخاص و ادوارهم في استقبال و ارسال‬
‫المعلومات والتوجيهات‪.‬‬

‫ويقول دافيز وسكوت إنه بدون االتصال يتعذر أن يوجد التنظيم ويتقدم اإلنتاج الجماعي‪ ،‬ذلك ألن‬
‫االتصال هو العملية الوحيدة التي تربط األفراد بعضهم ببعض داخل جماعة العمل‪ ،‬وبدون االتصال ال‬
‫يوجد تنظيم‪ .‬كما أن شبكات االتصال الرسمي في أية منظمة تكمن داخل بناء السلطة وتنطوي على‬
‫قنوات صاعدة وهابطة رأسية واقفية بين األقسام داخل التنظيم بصفة عامة‪ .‬وإلى جانب هذه الشبكات‬
‫الرسمية توجد شب كات أخرى لالتصال غير الرسمي تعبر عن العالقات الشخصية المتبادلة بين أعضاء‬
‫التنظيم‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪10‬‬


‫ً‬
‫أوال‪ :‬االتصال التنظيمي‪ :‬التعريف واألهمية‬

‫‪ -‬تعريف مفهوم االتصال لغة واصطالحا ً‪:‬‬

‫يعود أصل كلمة ‪ Communication‬في اللغات األوروبية إلى جذور الكلمة الالتينية ‪Communes‬‬
‫التي تعني "الشيء المشترك"‪ ،‬ومن هذه الكلمة اشتقت كلمة ‪ Commune‬التي كانت تعني في القرنين‬
‫العاشر والحادي عشر "الجماعة المدنية" بعد انتزاع الحق في اإلدارة الذاتية للجماعات في كل من‬
‫فرنسا وإيطاليا‪ ،‬قبل أن تكتسب الكلمة المغزى السياسي واأليديولوجي فيما عرف بـ "كومونة باريس"‪،‬‬
‫في القرن الثامن عشر‪ ،‬أما الفعل الالتيني لجذر الكلمة ‪ Communicare‬فمعناه ”يذيع أو يشيع"‪.‬‬

‫ومع تعدد التعريفات التي وضعت من قبل الباحثين لمفهوم االتصال (‪ )Communication‬قدم محمد‬
‫موسوی (‪ )۲۰۰۲‬تعريفا ً شامالً لالتصال هو‪" :‬أن االتصال عملية يتم بمقتضاها تفاعل بين مرسل‬
‫ومستقبل ورسالة في مضامين اجتماعية معينة‪ ،‬وفي هذا التفاعل يتم نقل أفكار ومعلومات ومنبهات بين‬
‫األفراد عن قضية‪ ،‬أو معني مجرد أو واقع معين"‪.‬‬

‫وفي علم االجتماع تعني عملية االتصال‪ :‬ت بادل األفكار والمعلومات عن طريق اللغة التي تعد أداة‬
‫االتصال الرئيسية‪ .‬كما أن التفاعل االجتماعي بين الجماعات البشرية في معظم أشكاله عملية اتصال‬
‫بين األفراد والجماعات البشرية لتبادل الخبرات واألفكار والعالقات االجتماعية‪ ،‬وتنشرها بين‬
‫أعضائها‪ ،‬وأن تكون ما يشبه العقل الجمعي بالمفهوم الدور كايمی‪ .‬فالعقل الجمعي السائد في المجتمع‬
‫ليس إال نتيجة لما يحدث بين أفراد المجتمع من اتصال يؤدي إلى تبادل األفكار والتصورات والمشاعر‬
‫وغيرها‪.‬‬

‫وتعني عمليات االتصال انتقال المعلومات أو األفكار أو االتجاهات من شخص أو جماعة إلى شخص‬
‫أو جماعة أخرى من خالل الرموز المستمدة من الثقافة التي يرتبط بها الشخص أو يتعلمها من خالل‬
‫الخبرة الشخصية‪ .‬ويكون االتصال فعاالً حينما يصل المعنى الذي يقصده المرسل بالفعل إلى المستقبل‪،‬‬
‫واالتصال هو أساس كل تفاعل اجتماعي من خالل نقل معارفنا وتيسير التفاهم بين األفراد‪.‬‬

‫تعريف االتصال التنظيمي‪:‬‬

‫تعددت المفاهيم التي طرحت لتحديد معنى االتصال بتعدد المدارس العلمية والفكرية للباحثين في هذا‬
‫المجال‪ ،‬وبتعدد الزوايا والجوانب التي يأخذها هؤالء الباحثون في االعتبار‪ ،‬عند النظر إلى هذه العملية‪.‬‬

‫فيما يتعلق باالتصال داخل منظمات األعمال والشركات والمصانع والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة‬
‫بمختلف أنشطتها‪ ،‬فإن المصطلح المالئم هو "االتصال التنظيمي"‪ ،‬حيث يرى بعض الباحثين‪ ،‬مثل‬
‫"كولد هيبس" و"بورتز" و"يتسن" و"لزنياك" (‪ )1978‬بأن البحوث الميدانية أثبتت إسهام االتصال‬
‫التنظيمي في حل مشاكل التنسيق‪ ،‬والتخطيط والعالقات اإلنسانية‪ ،‬إلى جانب تنمية الموارد البشرية‬
‫للمنظمة‪.‬‬

‫من هذا المنطلق‪ ،‬يعرف االتصال بأنه عملية هادفة‪ ،‬تتم بين طرفين أو أكثر‪ ،‬لتبادل المعلومات واآلراء‪.‬‬
‫وللتأثير في المواقف المختلفة‪،‬‬

‫كما يقصد باالتصال التنظيمي عموما ً تلك العملية التي تهدف إلى تدفق البيانات والمعلومات الالزمة‬
‫الستمرار العملية اإلدارية عن طريق تجميعها ونقلها في مختلف االتجاهات (هابطة‪ ،‬صاعدة‪ ،‬أفقية)‬
‫داخل الهيكل التنظيمي وخارجه بحيث تتيسر عملية التواصل المطلوبة بين مختلف المتعاملين (رؤساء‬
‫ومرؤوسين)‪ ،‬سواء أكان اتصاالً رسميا ً أو غير رسمي‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪11‬‬


‫ومن أهم وسائله التقليدية‪ :‬الوثائق المكتوبة (المذكرات المصلحية – التعليمات اإلدارية ‪ -‬لوحة‬
‫اإلعالنات ‪ -‬جريدة المؤسسة‪ ،)..‬باإلضافة إلى االجتماعات المباشرة الدورية والطارئة‪.‬‬

‫أما وسائله الحديثة فتتمثل في الهاتف والتلكس وهو (نظام إعالمي يتم بواسطته بث متجدد ومتواصل‬
‫للمعلومات على شاشة التلفزيون بشكل صفحات إلكترونية)‪ ،‬االجتماعات بالهاتف‪ -‬االجتماعات‬
‫بالحاسوب ‪ -‬المحاضرة عن بعد ‪ ...‬اإلنترنت (شبكة معلوماتية خاصة بالمؤسسة) واإلكسترانت (مع‬
‫متعامليها المباشرين) اإلنترنت‪.‬‬

‫ومن مزايا تكنولوجيا االتصاالت اإللكترونية السرعة والكفاءة في تقديم الرسائل الروتينية إلى أكبر عدد‬
‫ممكن من الناس عبر مساحات جغرافية شاسعة‪.‬‬

‫أما أكثر عيوب هذه الوسائل اإللكترونية فتشمل صعوبة استخدام هذه الوسائل في حل المشكالت‬
‫المعقدة‪.‬‬

‫ويعد البريد اإللكتروني مناسب بالنسبة للرسائل الروتينية التي ال تتطلب تبادل كميات كبيرة من‬
‫المعلومات المعقدة‪ ،‬وهو غير مناسب بالنسبة للمعلومات التي تتميز بالسرية‪ ،‬وفي حاالت حل‬
‫الصراعات أو التفاوض‪.‬‬

‫أنواع شبكات االتصال‪:‬‬

‫أظهرت بعض األدبيات والبحوث تعدد أنماط االتصاالت داخل التنظيم وتستد جميعها تقريبا ً إلى أربعة‬
‫أنواع من شبكات االتصال‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫العجلة والسلسلة والدائرة وحرف ‪Y‬‬

‫وأعلى درجات النظام تكون في العجلة حيث فرص الرد وإبداء االستجابات تكون أكبر‪ ،‬وأقلها هي‬
‫النجمة‪.‬‬

‫يقصد باصطالح بناء او شبكات االتصال ‪ Network‬كيفية تركيب عالقات االتصال بين األفراد‪ ،‬التي‬
‫تتوزع بين أربعة أبنية مختلفة من هذه الشبكات ‪.‬‬

‫ونعرض لهذه النماذج فيما يأتي‪:‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪12‬‬


‫أن كل من هذه النماذج األربعة تتكون من خمسة أفراد وإن اختلفت عالقات االتصال في كل منها‪.‬‬
‫وتشير نتائج بعض الدراسات التي أجريت على هذه األشكال إلى أنها تتفاوت في العديد من المظاهر‬
‫لعل أبرزها ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬يتصف (نموذج العجلة) وهو أكثر شبكات االتصال مركزية بسرعة ودقة أداء أفراده لمهام عملهم‪،‬‬
‫ويأتي (نموذج حرف ‪ )Y‬في المرتبة الثانية‪ ،‬ثم (نموذج السلسلة) وأخيراً (نموذج الدائرة)‪.‬‬

‫‪ -2‬يتفوق (نموذج الدائرة) وهو أكثر شبكات االتصال ال مركزية فيما عن ما عداه فيما يتعلق برضا‬
‫األفراد عن العمل‪ ،‬بينما يأتي (نموذج السلسلة) في المرتبة الثانية‪ ،‬يليه (نموذج حرف ‪ )Y‬و أخيراً‬
‫(نموذج العجلة)‪.‬‬

‫‪ -3‬ويتميز (نموذج العجلة) عن كافة النماذج األخرى بإمكانية التعرف على رئيس المجموعة الذي‬
‫تتمركز حوله عالقات االتصال‬

‫معايير األخذ بنموذج االتصال المناسب‪:‬‬

‫يتضمن كل نموذج من شبكات االتصال سمات وخصائص مختلفة وتتوقف إمكانية نجاح أي منها على‬
‫طبيعة الظروف واألساليب الداعية إلى تطبيقه‪ ،‬وهناك العديد من الشروط والمتغيرات ذات األثر البالغ‬
‫على بناء االتصال المناسب األخذ به‪.‬‬

‫إن شبكة االتصال عموما ً تتحدد بناء على نمط الممارسة اإلدارية لدى الرئاسات العليا ونمط السلطة‬
‫السائد في المنظمة‪ ،‬كما ترتبط بوسائله وأدواته‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬أشكال االتصال داخل التنظيم وأنواعه‬

‫تتعدد أشكال االتصال وأنواعها وفقا ً لنوع المعلومة ومن يتخذها واتجاهها‪ ،‬ونركز هنا على التنوع في‬
‫وجهة المعلومة‪ :‬فهناك المعلومات التي يتم إيصالها من القاعدة إلى القمة عن طريق السلم اإلداري‪،‬‬
‫واألوامر التي تأتي من أعلى إلى أسفل‪ ،‬واالتصاالت المتوازنة‪ ،‬أي التي تتم بين اإلدارات التي هي في‬
‫مستوى واحد‪ ،‬وال تخضع لسلطة واحدة‪.‬‬

‫‪ -‬أنواع اتصاالت‪ :‬هناك نوعان من االتصاالت اإلدارية في التنظيمات الحديثة هما‪:‬‬

‫أ‪ -‬االتصال الرسمي ‪ :Formal Communication‬هي االتصاالت التي تحصل من خالل خطوط‬
‫السلطة الرسمية والمعتمدة بموجب اللوائح والقرارات المكتوبة‪ ،‬وتقسم على النحو التالي‪ :‬االتصال‬
‫الرأسي‪ :‬الصاعد أو الهابط واالتصال األفقي‪.‬‬

‫ب‪ -‬اتصال غير الرسمي ‪ :Non Formal Communication‬هي االتصاالت التي تنشأ بوسائل غير‬
‫رسمية وال تتضمنها اللوائح واإلجراءات الرسمية‪ ،‬وإنما تحددها الصالت الشخصية والعالقات‬
‫االجتماعية (تبادل المعلومات في المناسبات واللقاءات داخل التنظيم أو خارجه‪ ،‬والشكاوي وغيرها)‪،‬‬
‫ويمتاز هذا النوع من االتصاالت بسرعته قياسا ً باالتصاالت الرسمية وقد أشارت بعض البحوث إلى أنه‬
‫يختصر أكثر من ‪ % 75‬من الوقت في نقل المعلومات‪ ،‬ويتسم باعتماده على وسائل االتصال الشفهية ‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪13‬‬


‫وفيما يتعلق بالنوع األول من االتصال الرسمي الذي يكون اتجاه االتصال من األعلى إلى أسفل ويطلق‬
‫عليه "االتجاه الراسي" إليصال األوامر والتعليمات والتوجيهات من أصحاب السلطة في المستويات‬
‫اإلدارية العليا إلى العاملين في المستويات المنخفضة‪ ،‬وبخاصة في إعطاء التعليمات الالزمة لتنفيذ ما‬
‫ورد في الخطط من أعمال أو نقل المعلومات التي تفسر أهداف المشروع وتوضح سياساته ونظمه إلى‬
‫العاملين على المستويات اإلشرافية والتنفيذية‪ ،‬وتكمن أهميته في كونه يعبر عن المنبع الذي تصدر منه‬
‫التوجيهات والتعليمات‪ ،‬وهذا معناه أن مركز اتخاذ القرارات هو الذي يجسم السلطة القانونية أو‬
‫الرسمية‪ ،‬ألن القيادة هي التي تطلع العاملين على نوعية المهمات التي يقومون بها‪ ،‬والتغييرات التي‬
‫يمكن إدخالها على برامج العمل‪ ،‬وطرق العمل التي ينبغي إتباعها عند تطبيق التعليمات الواردة من‬
‫أعلى‪ ،‬وتقديم االقتراحات المتعلقة بمعالجة المشاكل التي تبرز من حين آلخر‪.‬‬

‫وفيما يخص النوع الثاني من االتصال الرسمي والمتمثل في إيصال المعلومات إلى القمة من القاعدة‪،‬‬
‫فإن جودته تعكس الوضعية الحقيقية ألية منظمة ناجحة ألن المشكل األساسي هو أن مختلف المسئولين‬
‫في مستويات متعددة يتجاهل آراء الفئات العاملة البسيطة والخاضعة لهم‪ ،‬وال يأخذون بعين االعتبار‬
‫وجهات نظر من هم أدنى من هم رتبة‪ ،‬ولهذا فإن ارتباط إيصال المعلومات واتخاذ القرارات بالمناصب‬
‫أو مراكز القوة كثيراً ما يتسبب في إيقاف المعلومات وغربلتها على مختلف المستويات بحيث تبرز في‬
‫النهاية التأثيرات والتغييرات المجندة من طرف األقوياء في األجهزة اإلدارية فقط ‪ .‬أما البسطاء فعليهم‬
‫أن يعملوا فقط‪ .‬لقد أصبح من المسلم به أن نظام االتصال الفعال يجب أن يكفل إيصال البيانات من‬
‫أسفل المستويات التنظيمية واإلدارية إلى أعالها‪.‬‬

‫ويوجد نوع ثالث من االتصاالت هو (االتصال العرضي أو األفقي) ويتم بين العاملين الذين يشغلون‬
‫مستويات إدارية متكافئة (أو متساوية)‪ ،‬كما يحدث في اتصال المديرين أو رؤساء األقسام بعضهم‬
‫ببعض كل على مستواه‪ .‬ووفقا ً لهذا النوع من االتصال يتم إرسال واستقبال المعلومات والبيانات بين‬
‫اإلدارات واألفراد على نفس المستويات األفقية داخل الهيكل التنظيمي للمشروع‪ ،‬مما يحقق التنسيق‬
‫والترابط بين م ختلف األنشطة التي تمارسها وحدات هذا التنظيم وبما يبسط من إجراءات العمل‪ ،‬حتى‬
‫يكتسب صفة المرونة والسهولة في األداء‪ ،‬وبذلك يقضي على ضياع الوقت والجهد‪ ،‬ويمنع ازدواجية‬
‫العمل وتداخله‪ .‬كما يخفف من حدة التعقيدات المكتبية وروتينية العمل مما يحقق االنتظام في العمل‬
‫و استقراره‪ .‬وتحدث االتصاالت العرضية بين سالسل القيادة وتوجيه األوامر المنفصلة‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪14‬‬


‫فإذا ما تصورنا في هذا التنظيم أن هناك نظما ً تتبع لتفويض السلطة وتحميل المسئولية وتطبيق المسألة‪،‬‬
‫وحدث أن كان الموظف (و) في حجة إلى مساعدة ما الخاصة بالعمل من الموظف (ز) كان لزاما ً عليه‬
‫أن يسلك طريق كل من الموظفين د‪ ،‬ب‪ ،‬أ‪ ،‬جـ‪ ،‬هـ‪.‬‬

‫وكما يتضح في الشكل السابق فأن االتصال المباشر بين (ز) َو (و) يوفر الكثير من الوقت والجهد‪.‬‬

‫وتحدث مثل هذه االتصاالت المباشرة غالبا ً بصفة غير رسمية‪ ،‬ومن ثم كان من األفضل أن تعمل‬
‫اإلدارة على تخطيطها وضبطها وبخاصة أنها تحدث دون علم الرؤساء‪ ،‬مما قد يهدد سالمة التنظيم‬
‫وعالقاته‪.‬‬

‫االتصال العكسي ‪:Riversed Upward Communication‬‬

‫نظراً ألهمية االتصال العكسي في ممارسة أعمال اإلدارة في العصر الحديث سنتناوله فيما يلي بشيء‬
‫من التفصيل كما وضحه فرانك كورادو (‪)1984‬‬

‫بالنسبة للعاملين (المرؤوسين)‪:‬‬

‫‪ -‬تهيئة الفرصة لهؤالء العاملين لحرية التعبير عن آرائهم وافكارهم‪.‬‬

‫‪ -‬إفساح المجال للمرؤوسين للمساهمة في تطوير السياسات واتخاذ القرارات المنفذة لهذه السياسات‪.‬‬

‫‪ -‬يساعد على إشاعة جو من “الديمقراطية اإلدارية” في المشروع‪.‬‬

‫بالنسبة لإلدارة‪:‬‬

‫يساعد اإلدارة على التأكد من صحة تقبل وتجاوب المرؤوسين لسياساتها‪.‬‬

‫يساعد على الوقوف على طبيعة العمل من واقع انجازه وكذلك على حقيقة مراحل تنفيذه‪.‬‬

‫كما يساعد على تحديد األوقات المناسبة التصاالتها الهابطة‪.‬‬

‫نقل انطباعات المرؤوسين عن سلوك وتصرفات اإلدارة نحوهم وذلك عن طريق االستماع الجاد‬
‫للمرؤوسين‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪15‬‬


‫أما الصعوبات التي تقف في طريق االتصال العكسي كما ذكرها محمد عليش فهی‪:‬‬

‫‪ -1‬صعوبات من جانب الرؤساء تتمثل في‪:‬‬

‫‪ -‬عدم المباالة لطبيعة (االتصال العكسي) وبالتالي عدم العناية أو االهتمام باإلصغاء لتعقيبات‬
‫المرؤوسين على القرارات واألوامر والتوجيهات‬

‫‪ -‬قد تميل اإلدارة فعالً إلى تعقيد عملية "االتصال المرتد" عن طريق استخدام سلطة توقيع الجزاء على‬
‫كل محاولة لتوجيه النقد أو اللوم لقراراتها‪.‬‬

‫‪ -‬اعتقاد بعض اإلداريين بعدم وجود أية مبررات لشكوى المرؤوسين‪.‬‬

‫‪ -2‬صعوبات تتعلق بالمرؤوسين‪:‬‬

‫‪ -‬افتقار المرؤوسين إلى التيسير ات العملية الالزمة التباع أسلوب االتصال المرتد الصاعد‪.‬‬

‫‪ -‬عدم توفر الحرية الكافية لتحرك المرؤوس في إطار االتصال المرتد فليس من السهل عليه معارضة‬
‫رئيسه‪.‬‬

‫‪ -‬أن المرؤوس مقيد بأحكام "التنظيم الرسمي" في العمل‪ ،‬بمعنى أنه ال يجوز له تخطي رئيسة المباشر‬
‫وااللتجاء إلى سلطة تعلو هذا الرئيس‪.‬‬

‫‪ -‬صعوبة عملية االتصال للمرؤوس حديث الخبرة نظراً لعدم استكمال معلوماته‪.‬‬

‫‪ -‬أن يشوب آراء وتعليقات بعض المرؤوسين التزمت أو التحيز لوجهة نظرهم الشخصية‪.‬‬

‫‪ -3‬صعوبات في التنظيم‪:‬‬

‫‪ -‬تعذر عملية االتصال بسبب كبر حجم المشروعات واتساع الفجوة التنظيمية بين اإلدارة العليا والقاعدة‬
‫التنفيذية‪ .‬كذلك البعد الجغرافي بين أماكن جهاز االستقبال ومواقع العمل‪.‬‬

‫‪ -‬أن التصميم الهيراركي للتنظيم ذاته يقتضي تقسيم الهيكل التنظيمي إلى مستويات أشبه ما تكون بالهرم‬
‫تحتل قمته اإلدارة العليا للمشروع ممثلة للملكي ة فيه‪ ،‬ويمثل وسطه مستوى اإلدارة الوسطى المنخفضة‬
‫األجيرة‪ ،‬وأخيراً نجد القاعدة الهرمية العريضة التي تمثل مواقع التنفيذ بل أحيانا ً كثيرة ما يشكل عقبة‬
‫كبيرة في نجاحه بسبب التقيد بأحكام التنظيم‪.‬‬

‫‪ -‬هذا باإلضافة إلى أنه كلما اتسعت رقعة االنفصال بين اإلدارة العليا والقاعدة التنفيذية كلما كان ذلك‬
‫داعيا ً إلى تشويه حقيقة المعلومات نظراً لتعرضها في رحلتها الطويلة من القاعدة للقمة إلى كثير من‬
‫الحذف واإلضافة‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪16‬‬


‫ثالثا ً‪ :‬دراسات ميدانية في مجال االتصال التنظيمي‬

‫الدراسة األولى‪ :‬دراسة عبد السالم أبو قحف (‪ )۱۹۷۹‬وموضوعها تأثير بعض المتغيرات التنظيمية‬
‫على وسائل االتصال الرسمي في المجتمع المصري‪.‬‬

‫اإلطار العام للدراسة‪ :‬تمثل هذه الدراسة محاولة لدراسة وسائل االتصال المستخدمة في تبادل‬
‫المعلومات داخل المنظمات المصرية وتوصيف المشكالت التنظيمية والسلوكية التي تواجه عملية‬
‫االتصال‪ ،‬واستخدام وسائله المختلفة في ضوء عالقتها ببعض المتغيرات التنظيمية داخل هذه المنظمات‬
‫كخطوة مبدئية في سبيل وصف وبناء االتصال التنظيمي داخل المنظمات الرسمية‪.‬‬

‫الهدف من الدراسة‪ :‬التعرف على أنواع وسائل االتصال المستخدمة في تبادل المعلومات ما الوسائل‬
‫األكثر استخدا ما في المنظمات محل الدراسة؟ وهل يختلف استخدام الوسائل باختالف المركز الوظيفي‪،‬‬
‫وباختالف حجم التنظيمات؟‬

‫ومعرفة طبيعة العالقة بين درجة االستقالل في أداء العمل واستخدام وسائل االتصال‪ .‬التعرف على‬
‫المشكالت التي تواجه االتصال التنظيمي في المنظمات‪ ،‬وهل تختلف هذه المشاكل باختالف حجم هذه‬
‫المنظمات؟ وما هي المشاكل األكثر شيوعا التي تواجه عملية االتصال ووسائله المختلفة داخل‬
‫المنظمات؟‬

‫فروض الدراسة‪:‬‬

‫الفرض األول‪ :‬توجد عالقة بين االختالف في المركز الوظيفي واستخدام وسائل االتصال في إرسال‬
‫واستقبال المعلومات داخل المنظمة‪.‬‬

‫الفر ض الثاني‪ :‬توجد عالقة بين اختالف حجم المنظمة ككل وبين استخدام وسائل االتصال في إرسال‬
‫واستقبال المعلومات‪.‬‬

‫الفرض الثالث‪ :‬توجد عالقة بين مشاكل االتصال الرسمية وغير الرسمية التي تواجه عملية إرسال‬
‫واستقبال المعلومات في األبعاد التنظيمية المختلفة لالتصال‪.‬‬

‫أجريت ه ذه الدراسة على منظمات الغزل والنسيج التابعة للقطاع العام بمنطقة اإلسكندرية وتم اختيار‬
‫العينة باستخدام أسلوب العينة العشوائية الطبقية‪.‬‬

‫أدوات جمع البيانات‪ :‬تم استخدام أسلوب المقابلة الموجهة في جمع بيانات الدراسة‪ ،‬وقد استلزم هذا‬
‫ضرورة االعتماد على قائمة استقصاء تحتوي على عدد من األسئلة‪ .‬تستخدم کمرشد للمقابلة‪ .‬وقد تم‬
‫ترتيب المقابالت الشخصية مع أفراد عينة الدراسة بما يتناسب مع ظروف كل منهم‪ ،‬مع تقديم‬
‫المستندات الرس مية التي تتيح إجراء الدراسة وشرح الهدف منها‪.‬‬

‫وقد أعطيت الحرية ألفراد عينة الدراسة في أن يقوموا بملء القائمة أو أن يقوم الباحث بتدوين اإلجابات‬
‫التي يدلون بها‪ ،‬وقد كان البديل األول هو األكثر تفضيالً لديهم وبعد انتهاء المبحوث من اإلجابة كان‬
‫الباحث يقوم بمراجع ة اإلجابات لضمان استيفاء اإلجابة عن جميع األسئلة‪ ،‬وقد تم الحصول على عدد‬
‫‪ 105‬استمارة مستوفاة اإلجابة بنسبة ‪ %100‬من حجم العينة‪.‬‬

‫أهم نتائج الدراسة‪ :‬إ ن محتوى المعلومات المرسلة و المستقبلة ال تختلف االختالف المركز الوظيفي‬
‫وال تختلف أيضا ً الختالف أبعاد االتصال التنظيمية أو حجم المنظمات‪.‬‬

‫إن استخدام وسائل االتصال الشخصية أو غير الشخصية ال يرتبط بإرسال أو استقبال محتوى معين من‬
‫المعلومات بين أطراف االتصال داخل المنظمة‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪17‬‬


‫ترجع صعوبة عملية االتصال التنظيمي للعوامل اآلتية‪:‬‬

‫‪ -1‬زيادة عدد المشتركين في عملية االتصال‪.‬‬

‫‪ -2‬طول الوقت الالزم الذي يتطلبه استخدام وسيلة االتصال‪.‬‬

‫‪ -3‬تعدد الجهات المستفيدة من المعلومات‪.‬‬

‫‪ -4‬الموقف السلبي للرؤساء من العاملين‪.‬‬

‫‪ -5‬أن اختالف حجم المنظمات يؤدي إلى تنوع المشاكل التي تواجه استخدام وسائل االتصال‬
‫الشخصية‪.‬‬

‫‪ -6‬إنه ال توجد عالقة ارتباط بين درجة استقالل العمل بالمنظمة واستخدام وسائل االتصال الشخصية‬
‫أو غير الشخصية‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪18‬‬


‫المحاضرة الثامنة‪ :‬الفاعلية التنظيمية وجودة األداء‬

‫مقدمة‬

‫يُعد مفهوم الفاعلية نقطة ارتكاز أساسية في نظريات التنظيم‪ ،‬حيث تحدد معيار التقدم االقتصادي‬
‫واالجتماعي بوجه عام‪ ،‬خاصة أن دراسة مكونات الهيكل التنظيمي ال يمكن أن تتم بشكل مستقل عن‬
‫مفهوم الفاعلية‪ ،‬ولتحديد طبيعة العالقة بينهما يجب تحديد محتوى الفاعلية‪ ،‬وعالقتها بالكفاءة واألداء‬
‫ومؤشرات قياسها‪.‬‬

‫كما تعني الفاعلية التنظيمية باختصار قيام األفراد بتحقيق أهداف التنظيم وغاياته خصوصا ً إذا كانت‬
‫تلك األهداف والغايات يصعب قياسها بدقة‪ ،‬وتعتمد الفاعلية علي أداء أفراد التنظيم‪ ،‬حيث يشير أداء‬
‫الفرد العامل إلى سيرة في خطوات وإجراءات المهام الموكلة إليه حتى إنجازها على الوجه المأمول‪.‬‬

‫تفيد العديد من الدراسات أن هناك ارتباطا ً طرديا ً بين مستويات األداء العالي وبين ممارسة العاملين‬
‫لنوعين من السلوك التنظيمي هما‪ :‬الوالء التنظيمي‪ ،‬والمواطنة التنظيمية‪ ،‬باعتبارهما دليالً على ارتفاع‬
‫مستوى األداء التنظيمي‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬الفاعلية التنظيمية والتعريف واألهمية‬

‫اقترن مفهوم فاعلية التنظيم أو الفاعلية التنظيمية بالجوانب االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ويعد علماء‬
‫االقتصاد وعلماء االجتماع هم أول من تناولوا هذا المفهوم بالتحليل والدراسة‪.‬‬

‫ومنذ منتصف القرن الماضي زاد اهتمام الباحثين في مجال السلوك التنظيمي وعلم النفس الصناعي‪،‬‬
‫وعلم االجتماع التنظيمي بدراسة العوامل المؤثرة في األداء الوظيفي والفاعلية التنظيمية‪ ،‬التي تشتمل‬
‫على متغيرات مثل الوالء والرضا والضغوط‪ ،‬حيث تعد تلك المتغيرات من المداخل الحديثة التي نالت‬
‫االهتمام من قبل العلماء لدراسة المنظمات االجتماعية الحديثة‪ ،‬لما تتركه هذه المتغيرات من آثار علي‬
‫سلوك األفراد ومواقفهم تجاه وظائفهم ومنظماتهم‪ ،‬خاصة وأن تحسين مستوى األداء الوظيفي مطلب‬
‫أساسي تسعى إليه كل منظمة لتعزيز وتدعيم الرضا الوظيفي وترسيخ الوالء لديهم بهدف تحقيق‬
‫مستوى عال من األداء الوظيفي لألفراد وبالتالي تحقيق قدر كبير من الفاعلية التنظيمية‪.‬‬

‫وكان ينظر إلى الفاعلية التنظيمية طوال فترة الخمسينات علي أنها (الدرجة التي يبلغها التنظيم في‬
‫تحقيق أهدافه)‪ ،‬ورغم بساطة هذا التعريف إال أنه يثير عدة تساؤالت وهي‪:‬‬

‫ما أهداف التنظيم؟ هل هي األهداف الرسمية أم الواقعية؟ ومن الذي يحدد هذه األهداف؟ اإلدارة أم‬
‫المجتمع"‪.‬‬

‫والمتتبع للتراث السوسيو ‪ -‬اقتصادي يجد أن مفهوم فاعلية التنظيم قد تغير حسب مراحل التطور التي‬
‫مرت بها المؤسسة‪ ،‬ففي البداية كانت المؤسسة ترى أن تحقيق الفاعلية مرهون بقدرة التنظيم على‬
‫تحقيق األهداف المتوقعة من إنشائه‪ ،‬وهذا المفهوم البسيط ساد في الخمسينات من القرن الماضي‪،‬‬
‫وكانت مجرد قدرة التنظيم على البقاء يعتبر مؤشراً كافيا ً علي فاعليته‬

‫وكان تايلور أول من جعل غاية نظريته في اإلدارة العلمية للعمل هو الفاعلية‪ ،‬ألن استمرار المؤسسة‬
‫يعتمد على مدى فاعليتها وفاعلية أداء أفرادها‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪19‬‬


‫يرجع تنامي االهتمام بموضوع الفاعلية التنظيمية إلى العوامل االتية‪:‬‬

‫‪ -۱‬المنافسة الشديدة بين المنظمات‪ ،‬التي ازدادت حدتها في إطار العولمة‪ ،‬والذي وضعت تحديات كبيرة أمام‬
‫المنظمات أهمها الحرص على اإلنتاجية والجودة‪.‬‬

‫‪ -۲‬أنه لم يعد من المقبول الحكم على الفاعلية التنظيمية على أساس معيار واحد فقط كالربحية‪ ،‬أو الكفاءة‪ ،‬أو‬
‫االنتاجية وغيرها‪.‬‬

‫‪ -٣‬االعتقاد المتزايد بعدم وجود التنظيم األمثل الذي يناسب جميع األعمال والظروف‪.‬‬

‫‪ -٤‬أن لكل نوع من التنظيم نتائج جيدة وفاعلة تحت ظروف معينة مثل‪ :‬نوع النشاط‪ ،‬والعاملين‪ ،‬والبيئة‪.‬‬

‫وألن المجتمع الحديث هو المجتمع المنظمات‪ ،‬وعليه فإن فاعلية هذه المنظمات ونجاحها يعني تقدم المجتمع‬
‫ونموه وتطوره‪ ،‬من هنا تأتي أهمية دراسة الفاعلية التنظيمية من خالل توضيح التعريفات المتعددة لمفهوم‬
‫الفاعلية‪ ،‬ومقارنته بمفهومي الكفاءة واألداء‪ ،‬وبيان أهميتها‪ ،‬وخصائصها‪ ،‬واستعراض أهم المداخل النظرية في‬
‫دراستها‪ ،‬ومؤشراتها وأساليب قياسها‪.‬‬

‫تعريف الفاعلية التنظيمية‪:‬‬

‫‪ -1‬المنطلقات الكالسيكية في تعريف مفهوم الفاعلية التنظيمية‪ :‬اختلف الكتاب والباحثون في تعريف الفاعلية من‬
‫الناحية االصطالحية ويرجع هذا االختالف إلى وجود تباين في وجهات نظر القائمين عليها كما يرجع إلى وجود‬
‫تباين واختالف في المنطلقات العلمية للباحثين‪ ،‬مما أدى إلى صعوبة تحديد أهداف المنظمة‪ ،‬وبالتالي عدم‬
‫االتفاق على تعريف محدد لمصطلح الفاعلية‪.‬‬

‫يعتبر (‪ (Barnard) (1938‬أول من حاول صياغة تعريفا ً للفاعلية بأنها تحقيق الهدف المحدد‪.‬‬

‫أما (‪ (Etzion) (1964‬فقد عرفها‪ :‬على أنها النجاح في تحقيق األهداف المحددة من خالل االستغالل األمثل‬
‫والمتوازن للموارد المتاحة في البيئة الخارجية‪.‬‬

‫ويعرفها كاتز ووكهان ‪ :‬بأنها مضاعفة النتائج النهائية للمؤسسة من خالل االستخدام االمثل لكافة الوسائل‬
‫المتاحة في البيئة الداخلية والخارجية‪ ،‬وهي القدرة على البقاء واالستمرار والتحكم‪.‬‬

‫كما يعرف موهاني ووسترس ‪ :‬على أنها االنتاجية المرتفعة والمرونة والقدرة علي التكيف مع البيئة والقدرة‬
‫على االستقرار واإلبداع‪.‬‬

‫‪ -2‬المنطلقات المعاصرة في تعريف مفهوم الفاعلية التنظيمية‪:‬‬

‫يعرف )‪ Price (1972‬الفاعلية التنظيمية بأنها الدرجة التي عندها يتم تحقيق أهداف متعددة‪.‬‬

‫بينما يعرفها )‪ :Pennings (1977‬أنها حالة االنسجام بين متغيرات الهيكل التنظيمي والبيئة‪.‬‬

‫ويتفق )‪ Hannan & freeman (1977‬مع ‪ Price‬في تعريفهما للفاعلية بأنها درجة التطابق بين األهداف‬
‫التنظيمية والنتائج المتحققة‪.‬‬

‫أما كاتز وروبرت ‪ Katz & Robert‬فيعرفها بأنها قدرة المنظمة على الحصول على الموارد الالزمة لتحقيق‬
‫أهدافها‪.‬‬

‫ويعرف كيل واخرون ( ‪ ,.Keel et al )9 :1999‬الفاعلية بأنها قدرة المنظمة على االستفادة من الموارد المتاحة‬
‫لها‪.‬‬

‫بينما يرى كل من بوالند وفولر (‪ "Boland & fowler" )2000‬أن الفاعلية تركز على النتائج‪ ،‬وعلى قدرة‬
‫المنظمة على االستخدام األمثل للموارد المتاحة لها في تحقيق هذه النتائج‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪20‬‬


‫يتبين مما سبق أن الباحثين في تعريفهم لمفهوم الفاعلية التنظيمية كانوا منطلقين من مداخل ومناهج‬
‫متعددة ترتبط في مجال التخصص مما أدى بدوره إلى مزيد من االختالف حول تعريف هذا المفهوم‪،‬‬
‫ففي حيث نظر إليها بعض الباحثين من خالل مدخل األهداف ‪ ،‬نظر إليها آخرون من خالل مدخل‬
‫النظم‪ /‬الموارد‪ ،‬بينما ركز فريق ثالث على العمليات التنظيمية‪ ،‬في مقابل فريق رابع اهتم بمدخل‬
‫"جمهور المستفيدين"‪.‬‬

‫ويمكن تعريف الفاعلية التنظيمية بأنها‪ :‬قدرة المنظمة على تحقيق أهداف واالستفادة من امكاناتها‬
‫البشرية والمادية (الداخلية والخارجية) ومن خبراتها السابقة‪ ،‬اإليجابي منها والسلبي‪.‬‬

‫ثان ًيا‪ :‬المفاهيم المرتبطة بالفاعلية‬

‫العالقة بين الكفاءة والفاعلية‪ :‬يختلف مصطلح الفاعلية (‪ )Effectiveness‬عن مصطلح الكفاءة‬
‫(‪ ) Efficiency‬ألنه بالرغم من وجود ارتباط بينهما‪ ،‬إال أن هناك بعض المنظمات الزالت تستخدم‬
‫الكفاءة كمراد ف للفاعلية التنظيمية في حين أن الفاعلية تعني ما هو أكثر من الكفاءة‪ ،‬ويحدد ايتزوني‬
‫الفاعلية بأنها درجة تحقيق المنظمة ألهدافها (مخرجاتها) أما الكفاءة فإنها تقاس بكمية المواد المستخدمة‬
‫إلنتاج وحدة مخرجات‪ ،‬فالكفاءة إذن تعني تحقيق نفس المستوى من المخرجات والنتائج ولكن بنفس‬
‫التكلفة‪ .‬لذا يمكن استخالص‪:‬‬

‫‪ -‬إن الكفاءة ال تعادل الفاعلية بل تعد احد عناصرها‪.‬‬

‫‪ -‬إن الكفاءة ليست شرطا ً كافيا ً للفاعلية ولكنها مطلبا ً ضروريا ً لها‪.‬‬

‫الفرق بين الكفاءة والفاعلية‪ :‬إن إظهار الفرق بين الكفاءة والفاعلية يكون من خالل إبراز المعنى الذي‬
‫يأخذه كالهما‪" ،‬فالفاعلية عادة ما ينظر إليها من زاوية النتائج التي يصل إليها المديرون‪ ،‬ومن ثم‬
‫توصف اإلدارة بأنها فاعلية إذا حققت األهداف المحددة‪ ،‬وبأنها أقل فاعلية إذا لم تستطع تحقيقها"‪،‬‬
‫وانطالقا ً من هذا المفهوم يمكن التمييز بين الفاعلية والكفاءة‪ ،‬فالفاعلية هي استغالل الموارد المتاحة في‬
‫تحقيق األهداف المحددة أي أنها تختص ببلوغ النتائج بينما الكفاءة هي الوسيلة أو الطريقة التي اتبعت‬
‫في الوصول إلى النتائج أو تحقيق األهداف‪ ،‬كما يتضح من الشكل التالي‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪21‬‬


‫ويعتبر مفهوم الكفاءة مالزما ً لمفهوم الفاعلية ولكن يجب أن ال يستخدمه بالتبادل فقد تكون المنظمة فاعلة‬
‫ولكنها ليست كفاءة أي أنها تحقق أهدافها ولكن بخسارة‪ ،‬وعدم كفاءة المنظمة يؤثر سلبا ً على فاعليتها فكلما‬
‫ارتفعت تكاليف قلت احتمالية المنظمة على البقاء‪.‬‬

‫ويجب أن يؤخذ في االعتبار ضمن مقاييس نجاح أي منظمة‪ ،‬فالفاعلية هي إنجازالعمل الصحيح‪ ،‬أما الكفاءة‬
‫فهي إنجاز عمل المظمة بشكل صحيح‪.‬‬

‫وقد تتسم المنظمة بالكفاءة ولكنها غير فاعلة كما هي حالة قيام المنظمة بانتجا سلع ال يوجد طلب عليها‪.‬‬

‫وبالتالي قد تنجح المنظمة في تحقيق كل من الكفاءة والفاعلية معاً‪ ،‬أو قد تنجح في تحقيق أحدهما دون‬
‫األخرى‪ ،‬أي قد تتحقق الكفاءة وال تتحقق الفاعلية والعكس صحيح أي قد تتحقق الفاعلية وال تتحقق الكفاءة‪.‬‬

‫ب‪ -‬العالقة بين األداء والفاعلية‪:‬‬

‫تعني كلمة األداء ‪ Performance‬كيفية إنجاز وإحراز نشاط ما وتحديد طريقة تنفيذه‪ ،‬أي أنه يشير إلى‬
‫كفاية المؤسسة في إحراز أهدافها‪ ،‬وكيفية استخدامها لمواردها في ضوء معايير الفاعلية والكفاية‪.‬‬

‫ويشير سيزالقي وواالس إلى األداء بأنه أداة للحكم على فاعلية الفرد‪.‬‬

‫بينما يعرف محمد عشوش األداء‪ :‬بأنه السلوك االنساني في مجال العمل أي اإلنجاز المحقق نتيجة بذل‬
‫الفرد للجهد سواء كان بدنيا ً او ذهنياً‪.‬‬

‫ويرى (‪ ) Becker‬أن األداء من أهم محاور فاعلية األداء الكلي للمنظمة‪ ،‬مما يتطلب ضرورة أن يهتم‬
‫المديرون في جميع المستويات التنظيمية بتطوير وتنمية أداء المرؤوسين من حيث الكمية والجودة‪.‬‬

‫تتعدد المداخل النظرية التي يمكن استخدامها لقياس الفاعلية التنظيمية في ضوء عدد من المعايير القياسية‬
‫للفاعلية وعلى رأسها األهداف‪ ،‬ويالحظ اتساع المفهوم ومجاالت قياسه‪ ،‬حيث امتدت معايير القياس إلى‬
‫جوانب أخرى مثل‪:‬‬

‫الجوانب االقتصادية (الع وائد والتكاليف واالستثمارات وغيرها من المقاييس المالية)‪.‬‬

‫الجوانب االنسانية (القيم – الثقافة التنظيمية – األخالق – الشعور بالملكية – العواطف – ردود االفعال –‬
‫التعامالت – الحوافز – التكيف وغيرها)‪.‬‬

‫الجوانب اإلدارية والتنظيمية (اإلداريون – العمليات – الهياكل التنظيمية – الرقابة – المرونة وغيرها)‪.‬‬

‫الجوانب االجتماعية والبيئة (التفاعل بين المنظمات والمجتمع المحيط بها‪ ،‬الخدمات االجتماعية‪ ،‬العدالة‬
‫االجتماعية‪ ،‬الفرص االجتماعية‪ ....‬وغيرها)‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪22‬‬


‫ويمكن تصنيف المداخل األساسية للفاعلية التنظيمية حسب تطورها إلى مدخلين رئيسيين‪:‬‬

‫‪ -1‬المداخل الكالسيكية لدراسة الفاعلية‪:‬‬

‫وقد ركزت على أجزاء مختلفة‪ ،‬فالمنظمة تحصل على مواردها من البيئة الخارجية ثم تقوم بتحويل هذه‬
‫الموارد (أي المدخالت) إلى سلع وخدمات (مخرجات) تعيدها إلى البيئة الخارجية مرة أخرى‪ ،‬إذ يمكن‬
‫قياس فاعلية المنظمات انطالقا ً من اهتمامات مختلف أطرافها من مساهمين وعمال وإدارة من خالل‬
‫التعرف على مدى قدرتها على القيام بهذه العمليات الثالثة‪:‬‬

‫‪ -‬الحصول على الموارد‪.‬‬

‫‪ -‬تحويل هذه الموارد والحصول على مخرجات‬

‫‪ -‬ثم إعادة هذه المخرجات إلى البيئة الخارجية من أجل تسويقها‪ ،‬وذلك علي النحو التالي‪:‬‬

‫أ‪ -‬مدخل تحقيق األهداف (‪:)The Goal Attainment Approach‬‬

‫وهو يمثل وجهة نظر إدارة المنظمة التي تهتم أساسا ً بالمخرجات في تقييم فاعلية المنظمة‪ ،‬ألن هذا المدخل‬
‫يركز على التعرف على ا ألهداف التنظيمية المعلنة ثم يقيس مدة قدرة المنظمة على تحقيق مستوى مرضي‬
‫منها‪ ،‬وهو بهذا يعتبر مدخالً منطقيا ً ألنه يقيس مدى تقدم هذه المنظمة في تحقيق أهدافها‪ ،‬وتعني الفاعلية هنا‬
‫تحقيق الهدف والوصول إلى النتائج التي يتم تحديدها مسبقاً‪ ،‬وبالتالي فإن نقطة التركيز هي‪ :‬ما الذي يحققه‬
‫المدير‪ ،‬وليس ما الذي يفعله المدير اآلن؟ فما يفعله المدير قد ال يكون بالضرورة محقق ا ً للهدف المراد‬
‫بلوغه‪.‬‬
‫كما يعتمد هذا المدخل على األهداف التشغيلية كمؤشرات كمية لقياس الفاعلية واألهداف الرسمية التي غالبا ً‬
‫ما تكون تجريدية وغير قابلة للقياس‪.‬‬

‫ومن أكثر األهداف شيوعا ً في قياس فاعلية منظمات األعمال‪ :‬الربحية‪ ،‬والنمو‪ ،‬ومعدل العائد على‬
‫االستثمار وحصة المنظمة من السوق‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد قد تبدأ المنظمات باألهداف التي من السهل قياسها‪ ،‬على حساب تلك التي يصعب قياسها‪،‬‬
‫فالجامعات مثالً تنظر إلى عدد ما نشره األساتذة من بحوث‪ ،‬أكثر من النظر إلى هدف صعب القياس مثل‪:‬‬
‫التدريس‪ ،‬وفي المقابل تنظر الشركات إلى المخرج لكل عامل‪ ،‬أكثر مما تنظر إلى االجتهاد والتعاون ودقة‬
‫المواعيد والوالء والمسئولية‪.‬‬

‫ب‪ -‬مدخل موارد النظام‪:)System Resources Approach( :‬‬

‫يمثل هذا المدخل وجهة نظر المالكين أو المساهمين في المنظمة‪ ،‬ويهتم بجانب المدخالت في تقييم‬
‫فاعلية المنظمات‪ ،‬فهو يفترض أن المنظمة تكون فاعلة إذا استطاعت أن تحصل على ما تحتاج إليه من‬
‫موارد‪.‬‬

‫قدم هذا المدخل كل من يشتمان وسيشور وركزا على تفاعل المنظمة مع بيئتها للحصول على الموارد‬
‫(ال مدخالت)‪ ،‬وتتحدد الفاعلية بقدرة المنظمة على استغالل الفرص المتوفرة في بيئتها القتناء الموارد‬
‫النادرة وذات القيمة‪.‬‬

‫وفي ظل هذا المدخل تحل المدخالت التنظيمية واقتناء الموارد محل األهداف والمخرجات كمعايير‬
‫للفاعلية‪ ،‬وتمثل الفاعلية في ظل هذا المدخل تنظيراً أكثر ديناميكية لكيفية اقتناء المنظمة لمواردها‬
‫واستخدامها لهذه الموارد بكفاءة في بيئة متغيرة‪ ،‬تهدف إلى تحقيق التوازن في توزيع تلك الموارد‬
‫للوفاء باحتياجات األنظمة الفرعية داخل المنظمة كما ذهب تلك الموارد للوفاء باحتياجات األنظمة‬
‫الفرعية داخل المنظمة كما ذهب كننجام‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪23‬‬


‫‪ -2‬مداخل النظرية المعاصرة لدراسة الفاعلية التنظيمية‬

‫نتيجة للقصور الذي تعاني منه المداخل التقليدية‪ ،‬اتجهت الكتابات الحديثة إلى تقديم مداخل أكثر شمولية‬
‫لتحديد فاعلية المنظمات‪ ،‬واعترفت هذه المداخل بتعدد أهداف المنظمات وتعدد عملياتها وتعدد أطراف‬
‫التعامل معها ومن أهم هذه المداخل ما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬مدخل اطراف التعامل‪ :‬هو يركز على األخذ في االعتبار رغبات وأهداف أصحاب المصلحة من‬
‫المتعاملين وصاحب المصلحة في بقاء المنظمة ونموها‪ ،‬ومن أهم أصحاب المصالح المتعاملين مع‬
‫المنظمة‪:‬‬

‫الموردون‪ :‬هدفهم التزام المنظمة بسداد قيمة الموارد المباعة لها‪.‬‬

‫المستهلكون‪ :‬هدفهم الحصول على أعلى جودة بأقل األسعار‪.‬‬

‫العمال‪ :‬هدفهم الحصول على أعلى أجور وأفضل ظروف عمل ممكنة‪.‬‬

‫المالك‪ :‬هدفهم تحقيق أعلى معدالت عائد على استثماراتهم‪.‬‬

‫المديرون‪ :‬هدفهم الحصول على أعلى مرتبات وأكبر قدر من السلطة والنفوذ‪.‬‬

‫الحكومة‪ :‬هدفها االلتزام بالقوانين واللوائح‪.‬‬

‫المجتمع‪ :‬هدفه مشاركة المنظمة في عمليات التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وحماية البيئة من التلوث‬
‫وزيادة رفاهية المواطنين‪.‬‬

‫والمشكلة األساسية في هذا المدخل هو تعارض أهداف أصحاب المصالح المختلفة مما يصعب عملية‬
‫قياس الفاعلية‪ ،‬لذلك غالبا ً ما يثار سؤال‪:‬‬

‫من هو الطرف الذي يجب أن تسعى المنظمة إلى تحقيق أهدافه أوالً؟‬

‫وقد قدم هذا المدخل عدداً من النماذج التي يمكن أن تساعد المنظمة في اإلجابة عن هذا السؤال نذكرها‬
‫بإيجاز وهي‪ :‬النموذج النسبي‪ ،‬ونموذج القوة‪ ،‬ونموذج العدالة االجتماعية‪ ،‬والنموذج التطوري‪.‬‬

‫وبناءاً على ما سبق‪ ،‬يجب على المنظمة أن تختار النموذج المناسب لظروفها في تحديد أطراف التعامل‬
‫األكثر أهمية‪ ،‬ثم تقاس فاعلية المنظمة على حسب مدى تحقيقها ألهداف هذا الطرف ومدى إشباعها‬
‫لحاجاته‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪24‬‬


‫ب‪ -‬مدخل القيم المتنافسة (‪ :)Competing Values Approach‬ينطلق هذا النموذج من افتراض أساسي‪،‬‬
‫مؤداه عدم وجود مقياس واحد يمكن االعتماد عليه في تقييم فاعلية المنظمة‪ ،‬وأن اختيار النموذج المناسب‬
‫لقياس هذه الفاعلية يعتمد على متغيرين أساسيين هما‪:‬‬

‫هل تركز المنظمة على بيئتها الداخلية واالهتمام بالعاملين أم تركز على بيئتها الخارجية والتكيف مع‬
‫التغيرات التي تطرأ عليها؟‬

‫هل ترغب المنظمة في تحقيق السيطرة أم المرونة؟‬

‫وإن عدم وجود معيار مثالي وحيد يتفق عليه الجميع لقياس الفاعلية التنظيمية‪ ،‬يعني أيضا ً أنه ليس هناك‬
‫إجماع على األهداف التي يهدف التنظيم إلى تحقيقها وال على أولوية بعضها على البعض االخر‪.‬‬

‫وقد قام ‪ Rohrbaugh & Quinn‬كوين وروهربو (‪ ) 1983‬بدراسة توجيهات المديرين في العديد من‬
‫المنظمات وأمكنها التمييز بين نوعين من التوجهات هما‪:‬‬

‫التوجه الداخلي‪ :‬ويعني اهتمام إدارة المنظمة برضا العاملين ورفاهيتهم‪ ،‬والعمل على زيادة كفاءتهم‬
‫ومهاراتهم في العمل‪.‬‬

‫التوجه الخارجي‪ :‬ويعني اهتمام إدارة المنظمة بدعم مركز المنظمة في تعامالتها مع البيئة الخارجية‪،‬‬
‫والعمل على تنمية عالقات قوية مع أطراف التعامل الخارجيين‪.‬‬

‫كما قاما بالتمييز بين نوعين من الهياكل التنظيمية التي تعكس أنماطا ً مختلفة لإلدارة وهي‪:‬‬

‫الهيكل الجامد‪ :‬ويعكس اهتمام اإلدارة بعمليات بإحكام الرقابة‪ ،‬وااللتزام بإجراءات ونظم العمل‪.‬‬

‫الهيكل المرن ‪ :‬يعكس اهتمام اإلدارة بعمليات التكيف والتغير من فترة إلى أخرى‪.‬‬

‫ويقدم مدخل القيم المتنافسة بناءاً على توجه اإلدارة ونوع الهيكل أربعة نماذج مختلفة لقياس الفاعلية‪:‬‬

‫نموذج العالقات االنسانية‪ :‬ويعكس التوجه الداخلي لإلدارة مع استخدام هيكل مرن‪ ،‬وفيه يكون هدف اإلدارة‬
‫هو تنمية وتطوير العاملين ورفع رضاهم عن العمل‪ ،‬وتكون وسيلتهم في ذلك االهتمام بتدريب العاملين‬
‫وزيادة عوائدهم المالية‪.‬‬

‫نموذج النظام المفتوح‪ :‬ويعكس التوجه الخارجي لإلدارة مع استخدام هيكل مرن‪ ،‬وتهدف المنظمة فيه إلى‬
‫تحقيق النمو والحصول على الموارد الالزمة من البيئة الخارجية من خالل تنمية عالقات طبية مع أطراف‬
‫التعامل في البيئة الخارجية‪.‬‬

‫نموذج الهدف الرشيد‪ :‬ويعكس التوجه الخارجي لإلدارة مع استخدام هيكل جامد‪ ،‬وتهدف المنظمة وفقا ً لهذا‬
‫النموذج إلى زيادة اإلنتاجية والكفاءة والربحية من خالل وضع خطط واستراتيجيات لتحقيق األهداف‪.‬‬

‫نموذج العمليات الداخلية‪ :‬ويعكس التوجه الداخلي لإلدارة مع استخدام هيكل جامد‪ ،‬وتهدف المنظمة وفقا ً‬
‫لهذا النموذج إلى تحقيق االستقرار الداخلي من خالل وضع نظم جيدة لالتصال والمعلومات وصنع‬
‫القرارات‬

‫وتعكس النماذج االربعة بهذه الصورة تعارض في القيم التنظيمية‪ ،‬وتعتمد الفكرة األساسية لهذا المدخل على‬
‫أن المدير يجب ان يحتفظ لنفسه بمكانة وسط بين هذه النماذج المتعارضة‪ ،‬كما يوضح خطورة االفراط في‬
‫االهتمام بنموذج واحد‪ ،‬فقد يؤدي الي عدم فاعلية المنظمة‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪25‬‬


‫جـ‪ -‬مدخل جمهور المستفيدين‪:‬‬

‫ويطلق عليه أيضا ً المدخل األيكولوجي أو نموذج الرضا‪ ،‬والمشاركة‪ ،‬أو مدخل الرضا الفردي‪ ،‬أو‬
‫مدخل المستفيدين‪ ،‬فجميعها مسميات بمفهوم واحد‪ ،‬وتعرف التفاعلية بموجبه بأنها قدرة المنظمة على‬
‫مواجهة حاجات وم تطلبات أعضاء التنظيم والجماعات االستراتيجية المستفيدة من المنظمة‪ ،‬فكلما كانت‬
‫اإلدارة العليا قادرة علي صياغة أهداف تلبي مصالح هذه الجماعات‪ ،‬وتحقق نوعا ً من التوازن في‬
‫المصالح فإنها تتمكن من تحقيق أداء أفضل‪.‬‬

‫وقد تم قياس فاعلية المنظمة باستخدام أكثر من مدخل‪ ،‬ل عل من أبرزها مناسبة للتعليم الجامعي ما‬
‫يعرف باسم إطار القيم المتصارعة (أو المتنافسة) ‪ The Competing Values Framework‬الذي‬
‫يمثل رسما ً منظوريا ً رئيسيا ً وواضحا ً للفاعلية التنظيمية التي تم التوصل إليه بواسطة مجموعة من‬
‫الخبراء المهتمين بهذا المجال على مستوى العالم‪.‬‬

‫تختلف معايير قياس الفاعلية التنظيمية باختالف الباحثين وكذلك باختالف المدخل المستخدم في‬
‫دراسة الفاعلية‪ ،‬وقد حدد دافت (‪ )Daft‬ثالثة طرق محتملة لقياس الفاعلية التنظيمية‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫أ‪ -‬الطريقة المعتمدة على المصادر‪ :‬وهي تُقيم الفاعلية عن طريق مالحظة بداية العمليات‪ ،‬وتقدير مدى‬
‫فاعلية حصول المنظمة على المصادر الالزمة لتحقيق أعلى مستوى من األداء‪ ،‬وتعرف الفاعلية‬
‫التنظيمية بكونها قدرة المنظمات على الحصول على المصادر النادرة‪ ،‬والقيمة‪ .‬مثال‪ :‬مدخالت قليلة‬
‫التكلفة‪ ،‬ومواد أولية عالية الجودة (ولكن يصعب قياس أهداف اإلنتاج‪ ،‬أو الكفاءة الداخلية في العديد من‬
‫المنظمات غير الربحية)‪.‬‬

‫ب‪ -‬طريقة العمليات الداخلية‪ :‬وهي تهتم باألنشطة الداخلية‪ ،‬حيث تقاس الفاعلية التنظيمية باعتبارها‬
‫الكفاءة‪ ،‬والصحة الداخلية للمنظمات‪ ،‬مثال‪ :‬ثقافة الشركات القوية‪.‬‬

‫جـ‪ -‬طريقة األهداف‪ :‬وهي تعني باإلنتاج‪ ،‬ومدى تحقيق المنظمات ألهدافها على أساس مستوى اإلنتاج‬
‫المنشود‪ .‬وبما أن المنظمات لها أهداف عديدة‪ ،‬ومتضاربة‪ ،‬يصعب قياس الفاعلية عن طريق مؤشر‬
‫واحد‪ ،‬مثل‪ :‬األهداف التعاونية‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪26‬‬


‫المحاضرة التاسعة‪ :‬العنف المؤسسي‬

‫مقدمة‬

‫العنف ضد األخر ظاهرة قديمة ومستمرة يكاد ال يخلو منها أي من المجتمعات مهما بلغت درجة‬
‫تحضره أو تقدمه‪ ،‬و تتزايد مظاهر ممارسة العنف ويتوالى انتشارها في مختلف مناطق العالم حتى‬
‫صار العنف وكأنه لغة االنتقال إلى القرن الواحد والعشرين‪ .‬وقد أسهمت حادثة إطالق النار في مدرسة‬
‫دنبلين في المملكة المتحدة في توجيه اهتمام العالم إلى مشكلة العنف في مكان العمل الذي كان يعتبر‪،‬‬
‫على مدى الزمن‪ ،‬بيئة خالية من العنف يشكل فيها الحوار جزءا من العمل اليومي‪ .‬فكثيرا ما يواجه‬
‫العمال وأصحاب العمل مشكالت شخصية وأخرى متصلة بالعمل‪ ،‬إال أنه كان يجري حلها دائما ً من‬
‫خالل الحوار‪.‬‬

‫وينطوي مفهوم العنف على مشكلة تتعدد أبعادها ويتداخل فيها العامل النفسي والبيولوجي واالجتماعي‪،‬‬
‫كما يضم سلسلة من األفعال التي تتراوح ما بين الضرر المادي والجسدي واإلهانات النفسية وغيرها‬
‫من أشكال اإليذاء التي تتبسط على متصل يبدأ بالتهديد والمساومة ماراً بالتجريح واإلهانة والكسر‬
‫والسب ومنتهيا ً بالقتل‪.‬‬

‫ومع أن العنف قديم قدم البشرية‪ ،‬إال أن ظهوره بالمستوى و الشدة التي نشهدها اليوم‪ ،‬إنما يأتي نتيجة‬
‫لسياقات وظروف اجتماعية واقتصادية معينة سمحت بذلك‪ ،‬ولعل األزمات التي تمر بها بعض‬
‫المجتمعات وما يتبعها من تغيرات تركت آ ثارها في بنية المجتمع ومنظومته القيمية والمعيارية ما يمثل‬
‫بيئة مناسبة لتنامي العنف بكل مستوياته‪ ،‬ابتداء من األسرة وانتهاء بالمجتمع‪ .‬وبات اللجوء إليه أو‬
‫التهديد به لفض المشكالت البسيطة أو المعقدة أمراً محتوماً‪.‬‬

‫و قد ظهر مفهوم العنف الوظيفي في سياق مواءمة بين علم االجتماع والعلوم اإلدارية‪ ،‬وارتبطت‬
‫بداياته بدراسات العنف الوظيفي الذي تعرض له المرأة العاملة‪ .‬ثم انتقلت إلى دراسة السلوك العدواني‬
‫الذي يتعرض له العاملون بجميع تخصصاتهم المهنية ومراكزهم اإلدارية (بين العمال واإلدارة‬
‫والعمالء والجمهور)‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬العنف في التراث السوسيولوجي‬

‫اتسم التفكير المبكر في السلوك العنيف بطابع فلسفي ميتافيزيقي غيبي اتخذ انطباعات فردية شخصية‬
‫في غالب األحوال‪ ،‬وقد تلى ذلك انتقال التفكير في ظاهرة العنف وتفسيرها إلى األسلوب العلمي‬
‫الموضوعي‪ ،‬تأثراً بنمو العلوم اإلنسانية‪.‬‬

‫ولقد ارتكزت أولى النظريات المفسرة للسلوك العنيف على أساس ديني‪ ،‬في العصور الوسطى مرجعة‬
‫إياه إلى تأثير األرواح الشريرة وانتهاكه لقانون اآللهة‪ ،‬حيث كان يعتبر القيام بالسلوك العنيف أو‬
‫بالجريمة مرادفا للخطيئة‪.‬‬

‫وخالل القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميالدي‪ ،‬أصبحت األخالق هي محور االهتمام في تفسير‬
‫السلوك العنيف‪ ،‬وكان العنف محور اهتمام الفالسفة والمصلحين االجتماعين‪ ،‬أمثال‪ :‬فولتير وروسو‬
‫ومنتوسكيو وغيرهم‪ ،‬حيث طرحت مفاهيم قانونية واجتماعية‪ ،‬مثل فلسفة الحرية‪ ،‬أو اإلرادة الحرة‪،‬‬
‫وأصبحت هذه المفاهيم توجه السلوك البشري على أساس مبدأ اللذة‪ ،‬ومبدأ التعاقد االجتماعي‬

‫وحظى موضوع العنف باهتمام الكثير من رواد الفكر االجتماعي‪ ،‬وهل هو متأصل في الطبيعة البشرية‬
‫أم أنه سلوك مكتسب؟ ابتدا ًء من ابن خلدون ‪ -‬مؤسس علم العمران ‪ -‬وانتهاء باللحظة العلمية الراهنة‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪27‬‬


‫لقد اعتقد ابن خلدون أن العنف نزعة طبيعية "ومن أخالق البشر فيهم الظلم والعدوان‪ ،‬وقد تعرض له‬
‫في نظريته عن الصراع عندما عرفه بأنه هجوم البدو على الحضر وتأسيس الدولة‪ ،‬أما أسبابه‪ ،‬فيردها‬
‫إلى العصبية‪.‬‬

‫أساس العصبية عند ابن خلدون هو االستعداد الفطري الذي يدفع الفرد إلى نصرة قريبة بالدم والدفاع‬
‫عنه‪ .‬كما ورد العنف في شكله المؤسسي في الخطاب السياسي الخلدوني‪ ،‬إذ يالحظ أن هناك حضوراً‬
‫مكثفا ً لمفاهيم العنف‪ ،‬والمفاهيم الدالة على االستبداد‪.‬‬

‫وفي أوربا‪ ،‬عكست األفكار التي سادت في القرون الثالثة األخيرة اهتماما ً واضحا ً بالطبيعة البشرية‬
‫للفرد‪ ،‬وبالدولة لتشمل ضمنا ً موضوع العنف و الطبيعة الفزاعية لإلنسان‪.‬‬

‫ويُعد (هوبز) أبرز المعبرين عن أن الطبيعة اإلنسانية مشبعة بالعنف‪ ،‬فالناس يتحركون بواسطة رغبات‬
‫عادة ما تكون مستبدة وملحة‪ ،‬إما ألنها البديل الذاتي للحاجات البيولوجية الجامحة وإما ألن إشباعها‬
‫يشكل بحد ذاته سببا ً كافيا ً للسعي إلى تجديدها‪ ،‬غير أن اإلشباع الشخصي أو الجماعي محدود دائماً؛‬
‫ويترتب عليه تنافس دائم بين الناس‪ ،‬وبما أن أيا ً من األفراد ليس قويا ً بما فيه الكفاية ليفرض هيمنته‬
‫بصورة دائمة فإن عدم استقرار التنافس بين الناس يعرضهم للتصارع والحروب المتبادلة ‪ ،‬بينما وجد‬
‫مارکس أن ا لعنف هو سمة للحالة االجتماعية التي أفسدها االستئثار بوسائل اإلنتاج‪ ،‬فالتنافس بين الناس‬
‫له أصل اجتماعي‪ ،‬يتعلق بملكية وسائل اإلنتاج‪ ،‬لذلك فإن الصراع ليس بين الجميع ضد الجميع كما‬
‫ذهب هوبز وإنما هو صراع بين الطبقات‪.‬‬

‫أما دوركايم فقد وجد في أثناء بحثه في إشكالي ات القهر والتسلط في الحياة االجتماعية أن العنف ظاهرة‬
‫ثقافية أتت مع رياح التطور االجتماعي‪ ،‬ومع تحول المجتمعات اإلنسانية من مجتمعات بسيطة إلى‬
‫مجتمعات مركبة وال يختلف العنف عن الظواهر األخرى كالنزاع والخصام‪ ،‬فهی ظاهرة عدائية تتسم‬
‫بالعديد من الخواص التي حددها عالم االجتماع الفرنسي "إميل دوركايم" في كتابه‪" :‬قواعد المنهج"‪،‬‬
‫ومنها‪:‬‬

‫‪ -1‬أن العنف ظاهرة موضوعية لها وجود خارج شعور األفراد الذين يالحظونها ويحسون بها ألنها‬
‫ليست من صنعهم بل من صنع البيئة التي يعيشون فيها فهي التي تعلمهم وتدربهم على استعمال القوة‬
‫والعنف ضد اآلخرين‪.‬‬

‫‪ -۲‬إن هذه الظاهرة ليست وليدة تفكير اإلنسان الذاتي بل إن تفكيرهم الذاتي ينبع من طبيعة الظواهر‬
‫االجتماعية المحيطة بهم كالخصام‪ ،‬والمنافسة واإلذالل والقهر ابتداءاً منذ والدتهم وحتى وفاتهم‪.‬‬

‫‪ -3‬أن ظاهرة العنف من الظواهر التي يعترف بوجودها المجتمع‪.‬‬

‫‪ -4‬أن العنف الذي يستعمله األقوى أو المجتمع ضد اآلخر الضعيف ظاهرة متكررة يستسلم لها األفراد‬
‫وال يستطيعون التخلي عنها‪ ،‬طالما أنها تخدم طموحاتهم وتساعد على تحقيق مطالبهم‪.‬‬

‫وأكد سمنر في تصوره للنزاع والعنف‪ :‬أنه قائم بين الجماعات بسبب االختالف في طرائقها الشعبية‬
‫وأعرافها‪.‬‬

‫في حين اختلف کمبلوفتش عن سمنر في اعتقاده بأن النزاع متأصل في طبيعة المجتمع اإلنساني‪ ،‬وهو‬
‫يبدأ من الجذور األولى للنشأة اإلنسانية؛ إذ إن األجناس ‪ Races‬ذات نشأة جينية متعددة‪ ،‬وهذا يعني‬
‫وجود عدائية موروثة ف ي األجناس البشرية ضد بعضها مما يحول هذه الحالة إلى وضع مستمر وصيغة‬
‫للتعامل على المستوى اإلنساني‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪28‬‬


‫ثانيا ً‪ :‬تعريف العنف المؤسسي‬

‫يمكن تناول مفهوم العنف من منطلقات مختلفة سواء من حيث السياق اللغوي أو من حيث مدى شرعيته‬
‫أو من حيث آثاره النفسية واللفظية والمادية‪ ،‬كما يمكن التفرقة بين مفهومي العنف والعدوان‪ .‬وكما‬
‫سيتضح لنا تعكس تعريفات العنف مجاالت اهتمام المتخصصين في العلوم اإلنسانية بعامة وعلم‬
‫االجتماع التنظيمي بخاصة‪ .‬إال أن قليالً من الباحثين هم الذين طوروا ما يسمى إطار المفاهيم‬
‫‪ Conceptual Framework‬الذي يسترشد به الباحث عند جمعه للحقائق في العنف بين أفراد التنظيم‬
‫بدرجاته المختلفة‪ .‬وكان التركيز دائما ً على المصطلحات التي تعبر عن العنف باقترابه واختالفاته‪،‬‬
‫فالبعض يركز على كلمة ايذاء ‪( Abuse‬وهي األكثر استخداماً)‪ ،‬والبعض استخدم مصطلح االعتداء‬
‫‪ Aggression‬واألغلبية استخدمت مصطلح العنف ‪ Violence‬بالتبادل مع مصطلح اإليذاء في كثير‬
‫من األحيان‪ .‬وهذه المصطلحات استخدمت أحيانا ً باعتبارها متغيراً مستقالً من المتغيرات من القوة‬
‫‪ Power‬والسيطرة ‪ Dominance‬والضبط أو التحكم ‪ .Control‬ومن ناحية أخرى استخدمت هذه‬
‫المصطلحات كمتغيرات نابعة لمتغيرات مستقلة مثل الموارد االجتماعية ‪ Social Resources‬والتأييد‬
‫االجتماعي‪.‬‬

‫معنى العنف في اللغة العربية "هو الفرق باألمر وقلة الرفق به‪ ،‬وهو ضد الرفق‪ ،‬ويقال‪ :‬عنفة تعنيفاً‪ ،‬إذا لم‬
‫يكن رفيق ا ً به أو في أمره‪ ،‬وهو الشدة والثقة‪ ،‬وكل ما في الرفق من الخير‪ ،‬ففي العنف من الشر منه‪.‬‬

‫ويعرف أحمد زکي بدوى العنف بأنه استخدام الضغط أو القوة استخداما ً غير مشروع أو غير مطابق‬
‫للقانون من شأنه التأثير على إرادة فرد ما‪.‬‬

‫ويمكن تعريف العنف من الناحية االصطالحية على أنه‪ :‬غلظة في القول أو الفعل تؤدي في الغالب إلى‬
‫إساءة معنوية أو مادية للذات أو لآلخرين‪.‬‬

‫وتعرف منظمة الصحة العالمية العنف بأنه االستعمال المتعمد للقوة المادية أو القدرة سواء بالتهديد أو‬
‫االستعمال ا لفعلي لها من قبل الشخص ضد نفسه أو ضد شخص آخر أو ضد مجموعة أو مجتمع‪،‬‬
‫بحيث يؤدي إلى حدوث إصابة أو موت أو إصابة نفسية‪ ،‬أو سوء النماء أو الحرمان‪.‬‬

‫ومن المنظور االجتماعي يعرف العنف بأنه "سلوك أو فعل يتسم بالعدوانية‪ ،‬يصدر عن طرف قد يكون‬
‫فرداً أو جماعة أو طبقة اجت ماعية أو دولة‪ ،‬بهدف إخضاع أو استغالل طرف آخر في إطار عالقة قوة‬
‫غير متكافئة‪ ،‬مما يتسبب في إحداث أضرار مادية أو معنوية أو نفسية لفرد أو جماعة أو طبقة‬
‫اجتماعية أو دولة أخرى‪.‬‬

‫والتعريف النفسي للعنف هو "نمط من أنماط السلوك ينتج عن حالة إحباط ويكون مصحوبا ً بعالمات التوتر‪،‬‬
‫ويحتوي على نية مبيته إللحاق ضرر مادي أو معنوي بكائن حي" وهذا يعني أن العنف عادة ما يحدث‬
‫كاستجابة لمواقف إحباط يتعرض لها الفرد ويعبر عنها بانفعاالت غاضبة تسعى إلى إلحاق األذى باآلخرين‪.‬‬

‫ويأخذ العنف مستويات مختلفة تبدأ بالعنف اللفظي الذي يتمثل في السب والتوبيخ‪ ،‬والعنف البدني الذي‬
‫يتمثل في الضرب والمشاجرة والتعدي على اآلخرين‪ ،‬وأخيراً العنف التنفيذي ويتمثل في التفكير في‬
‫القتل والتعدي على اآلخرين أو على ممتلكاتهم بالقوة‪.‬‬

‫ولقد قدم جالتنج (‪ ) 1978‬تصنيفات عديدة للعنف‪ :‬منها العنف الهيكلي والعنف الكامن والعنف الواضح‬
‫والعنف المقصود والعنف غير المباشر أي الذي يرجع إلى الظلم االجتماعي‪ ،‬والعنف الشخصي أو‬
‫المباشر الذي يقصد به أن مرتكب العنف يكون دائما ً له هدف‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪29‬‬


‫ويشير العنف إلى مدى واسع من السلوك الذي يعبر عن حالة انفعالية تنتهي بإيقاع األذى أو الضرر‬
‫باآلخر‪ ،‬سواء كان هذا اآلخر فرداً أو شيئاً‪ .‬فهو يتضمن اإليذاء البدني‪ ،‬والهجوم اللفظي وتحطيم‬
‫الممتلكات‪ ،‬وقد يصل إلى حد التهديد بالقتل أو بالقتل‪.‬‬

‫تعريف العنف المؤسسي‪ :‬لم يعد العنف ظاهرة مقصورة على مجتمع بعينه‪ ،‬أو طبقة محددة‪ ،‬أو حتى فئة‬
‫عمرية معينة‪ ،‬كما أن األمر لم يقتصر على أنماط وأشكال تقليدية للعنف‪ ،‬بل أصبح هناك العديد من أشكال‬
‫العنف الجديدة والمستحدثة‪ ،‬حتى إن البعض ذهب إلى أن العنف أصبح سمة مميزة لنمط التفاعل في الحياة‬
‫العادية لألفراد ؛ متخلالً في العديد من المستويات بدءاً من األسرة‪ ،‬مروراً بالتفاعالت اليومية في مؤسسات‬
‫التعليم‪ ،‬واألسواق‪ ،‬والشوارع‪ ،‬ووسائل المواصالت‪ ،‬وانتهاء بالتعامل مع مؤسسات الدولة المختلفة‪.‬‬

‫وتقول‪ :‬سامية جابر ‪ -‬في هذا الصدد ‪ -‬في كتابها (االنحراف والمجتمع)‪ :‬إن أكثر نظمنا االقتصادية‬
‫والس ياسية تقوم وتزدهر باالعتماد على العنف‪ .‬وفي العنف ‪ Violence‬ينتهك شخص "‪" is violated‬‬
‫أو يضار في شخصه‪ ،‬أو عقله‪ ،‬أو نفسه‪ ،‬أو جسده‪ ،‬أو كرامته‪ ،‬أو قدرته على تولي أمور ذاته‪ ،‬وبذلك‬
‫يمكن أن يكون الشخص عرضة لالنتهاك أو لممارسة العنف تجاهه بوسائل عديدة‪ ،‬وليست القوة‬
‫الفيزيقية (االعتداء البدني المباشر) إال وسيلة واحدة منها فقط‪ ،‬أو شكالً من أشكالها العديدة‪ ،‬حيث يمكن‬
‫أن ينتهك الشخص بواسطة نظام يحرمه من االلتحاق بعمل شريف‪ ،‬أو يزج به إلى المناطق المتخلفة‬
‫(الالواعية)‪ ،‬أو يسبب له تلفا ً في خاليا مخه بسبب تعرضه للفقر والمرض والجوع أثناء مرحلة‬
‫طفولته‪ ،‬أو يحتكره ويضلله ويزيف وعيه من خالل وسائل اإلعالم‪ ،‬وما إلى ذلك من انتهاكات مؤسسية‬
‫عديدة‪ ،‬كما تشير إلى أنه يتعين علينا أن ننظر إلى (العنف المؤسسي المستتر) على أنه أكثر قوة‬
‫وضراوة‪ ،‬وبالتالى أكثر تدميراً من (العنف الفردي المكشوف) "‬

‫وفي دراستها للعنف المؤسسي في الكويت ذكرت مها ناجی ‪ 1998‬في تعريفها ألنماط العنف‪ :‬أن هناك‬
‫"عنف العمل"‪ ،‬والمقصود به حاالت العنف التي تقع داخل محيط العمل‪ ،‬كنوع من الخالفات و المشاكل‬
‫بين العاملين أنفسهم‪ ،‬أو بينهم وبين أحد المراجعين لجهة العمل سواء كانت هذه الجهة مؤسسة حكومية‬
‫أو خاصية ‪ -‬وانتشر هذا النمط في المجتمع الكويتي مؤخراً ‪ -‬ومظاهر هذا العنف االعتداء بالضرب‬
‫المبرح على الموظف أثناء تأدية عمله؛ محدثا ً له إصابات واضحة سواء كان الضرب باليد‪ ،‬أو‬
‫باستخدام العقال‪ ،‬أو العصا‪ ،‬أو آلة حادة‪.‬‬

‫وتؤيد شادية قناوي (‪ )1996‬تعريف العنف بأنه ممارسة للقوة للتحكم في اآلخر "يسير في خطين‪ :‬يتجه‬
‫األول من األقوى إلى األضعف‪ ،‬وهو عادة ما يكون المتسبب في ظهور أشكال "العنف المضاد"‬
‫‪ Counter Violence‬بينما يكون األخير رد فعل على العنف المشروع كميكانيزم دفاعي عن الكيان‬
‫أو الوجود أو الهوية بسبب الو اقع المجتمعي الذي وأد لديهم حقهم اإلنساني في الحلم والمستقبل‪ ،‬بل‬
‫وحرمهم من إشباع حاجاتهم األساسية‪.‬‬

‫نستخلص مما سبق أن العنف المسلط على اآلخر في بيئة العمل ال يكون على نمط واحد‪ ،‬بل يكون على‬
‫أنواع مختلفة‪ ،‬وقد يكون متبادالً وينتج أضراراً نفسية واجتماعية ومعنوية تحطم شخصية الضحية أو‬
‫المجني عليه‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪30‬‬


‫ثالثًا‪ :‬أشكال العنف‬

‫العنف اللفظي ‪ :verbal violence‬ويتمثل في الكلمات الجارحة و اللوم والعتاب الجارح الذي يحط من‬
‫كرامة اآلخر ومكانته داخل جماعة العمل‪ ،‬وأحيانا ً يكون العنف اللفظي في المؤسسة والمجتمع كان يقوم‬
‫الرجل بخدش سمعة آخر وكسر معنوياته وهيبته أمام المجتمع واستعمال بعض الكلمات غير المهذبة‬
‫التي تضر سمعته وتحطم العالقات اإلنسانية في بيئة العمل‪.‬‬

‫العنف الجسدي ‪ : physical violence‬وهو أشد أنواع العنف وأبرزها وهو الذي يتعلق باألذى‬
‫الجسدي‪ ،‬واستخدام القوة ويتراوح من أبسط األشكال إلى أخطرها وأشدها ومن مظاهره (الضرب‪،‬‬
‫والصفع‪ ،‬والدفع‪ ،‬والرمي أرضاً‪ ،‬واللكم‪ ،‬والخنق ‪.....‬إلخ)‬

‫كما أنه نمط قاس من أنماط العنف يأخذ شكل الضرب‪ ،‬ويترك آثاره الجسمية الواضحة على اآلخر‪،‬‬
‫بحيث ال يمكن أن ينساه الضحية أو يتجاهله‪ ،‬وأحيانا ً يؤدي الضرب إلى إحداث عاهة أو إعاقة وأحيانا ً‬
‫الوفاة‪ ،‬مما يعرض الجاني ألن يقع تحت طائلة القانون والعقاب الشديد‪.‬‬

‫العنف االعتباري ‪ :Moral violence‬وهو أي فعل مؤ ِذ لنفسية المعنف ولعواطفه بدون أن تكون له أية‬
‫آثار جسدية‪ ،‬ولكنه يحطم شخصية اإلنسان ويزعزع ثقته بنفسه‪ ،‬ويؤثر على حياته في المستقبل‪ ،‬ومن‬
‫مظاهر هذا العنف‪( :‬الشتم‪ ،‬وعدم تقدير الذات‪ ،‬والنعت بألفاظ بذيئة‪ ،‬واإلحراج‪ ،‬والمعاملة السيئة‪،‬‬
‫االتهام بالسوء‪ ،‬إساءة الظن‪ ...‬إلخ) (زينات المنصوري‪ .)2004 ،‬كما يقصد به العنف الذي يحط من‬
‫معنويات اآلخر ويثبط حالته االعتبارية ويفقده عزته وكرامته‪ ،‬ويصبح غير قادر على مواجهة زمالئه‬
‫أو عمالئه داخل بيئة عمل تتطلب معنوية عالية وكرامة محترمة‪ .‬مثل هذا الموقف العنيف يكشف نقاط‬
‫ض عفه أمام اآلخرين وعجزه عن مواجهة المشكالت والصعوبات التي قد تواجهه ويؤكد له أنه غير‬
‫قادر على أداء عمله بالكفاءة المرجوة‪.‬‬

‫العنف االجتماعي ‪ :social violence‬يعد من أقوى أنماط العنف ويبدأ بتقريع وتوبيخ اآلخر أمام‬
‫اآلخرين مروراً بمقاطعته والتهجم عليه بتهم باطلة وانتهاء بتقييد حريته وتجميد أنشطته أو حرمانه من‬
‫فرص الترقي والتدريب لتطوير مهاراته المهنية‪.‬‬

‫العنف اإلداري ‪ :Administrative violence‬نعني به العنف أو ممارسة القوة والتسلط المستخدم ضد‬
‫األخر داخل اإلطار الوظيفي‪ ،‬وهو على نوعين‪:‬‬

‫(أ) منعه عن أشغال المهن واألعمال اإلدارية الحساسة والبارزة‪.‬‬

‫(ب) فرض العقوبات اإلدارية الصارمة عليها إذا أخطأ أو قصر في عمله‪ ،‬مما يفقده الثقة بنفسه‬
‫وانخفاض الروح المعنوية و اإلنتاجية‪.‬‬

‫العنف الجنسي ‪ :Sexual Violence‬وهو االستدراج بالقوة والتهديد إما لتحقيق االتصال الجنسي أو‬
‫الستخدام المجال الجنسي في اإليذاء كالتحرش‪ ،‬أو الشتم بألفاظ بذيئة‪ ،‬أو اإلجبار على ممارسة الجنس‪،‬‬
‫أو اإلجبار على القيام بأفعال جنسية ال يقبلها رجل أو مرأة‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪31‬‬


‫رابعًا‪ :‬الدراسات الميدانية الخاصة بالعنف المؤسسي‬

‫الدراسة األولى‪ :‬دراسة ميدانية عن مواقف الممرضات وردود أفعالهن تجاه العنف في مكان العمل‬
‫في أقسام الوالدة وطب النساء في مستشفيات القاهرة (نيفين سمير‪ ،‬وآخرون)‪.‬‬

‫استهدفت هذه الدراسة التعرف على أشكال العنف الواقع في مكان العمل تجاه الممرضات الالتي يعملن‬
‫في أقسا م الوالدة وطب النساء‪ ،‬وتقييم تفاعلهن ومواقفهن من ذلك‪.‬‬

‫وقد أجرى الباحثون عام ‪ 2009‬دراسة وصفية شملت ‪ 416‬ممرضة تم اختيارهن ممن يعملن في أقسام‬
‫الوالدة وطب النساء في ثمانية مستشفيات في القاهرة‪ ،‬بمصر‪ .‬وجمع الباحثون المعطيات باستخدام‬
‫استبيان يمال ذاتياً‪ ،‬وباستخدام طريقة ليكرت للقياس‪.‬‬

‫تهدف هذه الدراسة إلى التأكد من عدم شعور أي فرد مرتبط بهذا العمل‪ ،‬بما في ذلك الموظفين‬
‫والعمالء‪ ،‬بالتهديد من سلوك أو تصرف أي موظف‪.‬‬

‫تضمنت أداة البحث أسئلة تتعلق بتسجيل الخصائص االجتماعية والديموغرافية‪ ،‬ومدى التعرض للعنف‬
‫في مكان العمل‪ ،‬ونمط العنف‪ ،‬وردود األفعال الممرضات ومواقفهن منه‪.‬‬

‫أهم نتائج الدراسة‪:‬‬

‫‪ -1‬اتضح أن معظم الممرضات قد تعرضن للعنف في مكان العمل‪ .‬ومثل أقارب المرضى المصدر‬
‫األكبر للعنف‪.‬‬

‫‪ -2‬كما كان العنف النفسي أكثر أشكال العنف شيوعاً‪ ،‬وذلك بدعوى اإلهمال‪ ،‬وسوء ممارسة‬
‫الممرضات ل عملهن‪.‬‬

‫‪ -3‬ويشمل "العنف المؤسسي" في هذه الدراسة‪ :‬إيقاع الضرر الجسدي على اآلخرين والتشاحن والتدافع‬
‫والتحرش وإثارة الذعر والغصب بالقوة وحمل األسلحة والتهديد أو الحديث عن االشتراك في هذه‬
‫األنشطة‪.‬‬

‫‪ -4‬وقد استخدم ما ال يزيد على نصف العينة من الممرضات النظام الرسمي لإلبالغ عن التعنيف‪.‬‬

‫‪ -5‬اعتبرت غالبية الممرضات أن للعنف في مكان العمل تأثيراً سلبيا ً عليهن‪ .‬وأن هناك حاجة ملحة‬
‫إلعداد دالئل إرشادية لحماية من يعمل في مجال التمريض‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪32‬‬


‫المحاضرة العاشرة‪ :‬أشكال التحول في البنية التنظيمية في التنظيمات المستحدثة‬

‫مقدمة‬

‫تهدف هذه المحاضرة إلى التعرف على أشكال التحول الحديثة للبنية التنظيمية مع مطلع األلفية الثالثة‬
‫كضرورة ملحة‪ .‬فالعولمة تدعو بقوة إلى تحويل التنظيمات الرسمية من النمط البيروقراطي التقليدي إلى‬
‫نمط يتصف بدرجة عالية من المرونة ويسعى لتحقيق االندماجية بالكيفية التي تسهم في تقوية األوضاع‬
‫التنافسية ومضاعفة اإلنتاجية‪ .‬ونظراً ألن الجهود العلمية من جانب العلوم االجتماعية المهتمة‬
‫بالتنظيمات لم تتوصل بعد إلى نظرية عامة تالئم خصوصية العالقة بين التنظيمات وبيئتها الخارجية‬
‫التي تتصف بالغموض وعدم التأكد‪ .‬فإن ما يقدم من إسهامات ال تعدو أن تكون نماذج ودراسات‬
‫ميدانية‪ ،‬تعكس في مجملها السعي نحو نظرية عامة‪.‬‬

‫ولذا سيهتم هذه المحاضرة بعرض دراستين األولى عالمية والثانية أجريت في المجتمع المصري تعكس‬
‫التحول الكبير في البنية التنظيمية بتخليها عن البيروقراطية كنمط تقليدي والتحلي بإتباع سياسات إدارية‬
‫تعظم االنتمائية للعمل‪ ،‬السيما داخل المؤسسات العالمية الكبرى المتخصصة في صناعة السيارات‪.‬‬
‫واالعتماد على فرق عمل ‪ Work Teams‬سواء في مواقع اإلنتاج كما في خطوط تجميع السيارات‪.‬‬
‫وفي شركات تعتمد بشكل كلي على فرق عمل وليس عند مستوى اإلنتاج فقط‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬تعريف البنية االجتماعية ومؤشراتها األساسية‬

‫يشير تعريف البنية االجتماعية إلى الجوانب المنظمة للعالقات القائمة المشاركين داخل البنية‪ .‬ومن‬
‫منظور تحليلي‪ ،‬تتألف البنية االجتماعية مكونين أساسيين ال يمكن الفصل بينهما على أرض الواقع‪:‬‬

‫‪ -1‬البنية المعيارية ‪ The Normative Structure‬تشمل هذه البنية القيم‪ ،‬المعايير‪ ،‬وتوقعات‬
‫الدور‪. The Role Expectations‬‬

‫‪ -2‬البنية السلوكية ‪ Behavioral Structure‬ونعني بالسلوك الفعلي وليس توصيفه‪.‬‬

‫ويصنف هومانز السلوك االجتماعي إلى أنشطة ‪ ،Activities‬وتفاعالت ‪ ،Interactions‬وعواطف‬


‫‪Sentiments‬‬

‫البنية التنظيمية ‪ The Organizational Structure‬من المنظور الكالسيكي‪ :‬يمكن فهم البنية ألي‬
‫تنظيم أو مؤسسة على كونها منقسمة إلى وحدات‪ Units‬يطلق عليها أقسام ‪ ،Departments‬وكانت‬
‫عملية تقسيم البنية إلى أقسام وإدارات وقطاعات ترتبط فيما بينها في عالقات عمل تحكمها قواعد‬
‫رسمية‪ .‬ولكل قسم من األقسام وظائف ومنتج ونطاق تعامل داخلي وخارجي‪.‬‬

‫وقد أخذت العالقة الرسمية بين هذه األقسام خطأ واحداً للعالقة أو عالقات متعددة ومتشابكة في أحوال‬
‫أخرى‪ .‬لهذا تعتبر الوظائف ‪ Functions‬والمنتجات والعمالء والمناطق وعمليات سير العمل داخل‬
‫التنظيم خصائص لعملية تقسيم البنية التنظيمية إلى أقسام ‪.Departmentalization‬‬

‫كذلك تقوم البنية التقليدية للتنظيم على التدرج الهرمي للسلطة أو ما يعرف (بالهيراركية) ‪Hierarchy‬‬
‫كخاصية جوهرية‪ .‬ويعتبر طول خط التدرج الهرمي دليالً على تعقيد البنية التنظيمية‪ .‬ويشغل األفراد‬
‫أوضاع وظيفية على امتداد نطاق السلطة (أو خط التسلسل الرئاسي) ‪ Chain of Command‬ويعبر‬
‫عن البنية بخطوط وأشكال هندسية عبر مستويات مختلفة‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪33‬‬


‫على النقيض من البنية التقليدية‪ ،‬ظهرت بناءات تنظيمية بديلة ‪Alternative Organizational‬‬
‫‪ Structures‬بعضها اليزال يتصف بنوع من التدرج الرأسي للسلطة والتي قال عدد مستوياتها‬
‫اإلدارية الرأسية لحساب توسعها أفقيا ً (‪ )Flat organizations‬وتنظيمات أخرى تنهض على فرق‬
‫عمل ‪ Team - Based Organizations‬وال بنيتها بخصائص البنية التقليدية وتفتقد في الوقت ذاته‬
‫إلى خريطة تنظيمية تتألف خطوط وأقسام وإدارات كما هو حال البنية التقليدية (البيروقراطية)‪.‬‬

‫ولعل توجه المؤسسات الكبرى‪ Corporations‬للتحول في بنيتها إلى نمط تنظيمات فرق العمل يأتي‬
‫استجابة للتحديات والمنافسة في السوق العالمي فتحقيق مستوى أعلى الجودة‪ ،‬وتحسين االبتكارات‬
‫والحاجة لتسريع دورات العمل واإلنتاج والخدمات ال يمكن أن تحققه البنية البيروقراطية‪ ،‬ومن أهم ما‬
‫يساعد ال مؤسسات للتحول البنية فرق العمل الطفرة العالية في تقنية المعلومات ‪Information‬‬
‫)‪Technology, (IT‬‬

‫وتعتبر الفرق ‪ Teams‬وحدات األداء الرئيسية داخل التنظيمات الحديثة في القرن الواحد والعشرين‪.‬‬
‫وتوجد أنواع مختلفة من هذه الفرق تؤدي كل منها أدوارا مختلفة عن األخرى‪ .‬فهناك فرق عمل‬
‫‪ Work Teams‬تختص بعمليات التحول ‪ Transformation‬داخل التنظيم‪ .‬أي المسئولة عن تحويل‬
‫المدخالت ‪ Inputs‬إلى مخرجات ‪ Outputs‬وخدمات ذات قيمة لدى العمالء‪ .‬ومن هذه فرق العمل في‬
‫مواقع اإلنتاج على خطوط تجميع السيارات ‪Assembly Lines of Automobiles‬‬

‫النوع الثاني من الفرق يطلق عليها فرق تكاملية ‪ Integrating Teams‬ويكون دورها الرئيسي أداء‬
‫مهمة التكامل بين األجزاء الداخلية للتنظيم‪ ،‬وكمثال تحقيق التكاملية في أداء الخدمة للعميل جغرافيا‬
‫ونوعيا وكميا بما يحقق رضاءه كامال عن الخدمة أو جودة المنتج‪.‬‬

‫النوع الثالث من الفرق ما يعرف بفرق اإلدارة ‪ Management Teams‬وهذا نوع تكاملي خاص من‬
‫الفرق تتركز مهمته في تحقيق اتجاه تكاملي للتنظيم والتأكد من جودة تصميمه لتحقيق الرؤية ‪Vision‬‬
‫وتقديم تغذية عكسية ألداء الوحدات التنظيمية وتماسكها فيما بينها لتحقيق أهدافها‪.‬‬

‫ال نوع الرابع من الفرق يطلق عليه فرق التحسين ‪ Improvement Teams‬وتكون مهمتها الرئيسية‬
‫اختيار وتصميم التحسينات في وظائف التنظيم‪ .‬وتوجد فرق أخرى مثل فرق تحسين الجودة‪.‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬مؤشرات التغير التنظيمي لمواكبة التنافسية في القرن الواحد والعشرين‬

‫بدءاً من عقد الثمانينات من القرن العشرين بدأ االهتمام من جانب علماء العلوم االجتماعية المهتمين‬
‫بالتنظيمات تقديم االستشارات ووضع تصورات لتطوير التنظيمات لتواكب التطورات التقنية و‬
‫المعلوماتية العالية ومواجهة التنافسية وبالفعل بدأت اإلدارة في االستعانة بإستشارين لتحقيق هذا‬
‫الغرض‪ ،‬وتم وضع خطوط أساسية الستراتيجية التطوير تتمثل في‪:‬‬

‫‪ -1‬إن أي تنظيم يصنعه الناس‪ ،‬ومن ثم ال يمكن إنكار أهمية دورهم‪ .‬ومهما كان نوع القيادة الناجحة إال‬
‫أنها ال تستطيع أن تبني رؤيتها على اآلالت واألدوات واإللكترونيات بأنواعها‪ ،‬ولكي تقود األفراد يجب‬
‫أن تتوفر لديك مهارات المهم وکی تقود أي تنظيم فأنت بحاجة إلى تطوير تنظيمي‪،‬‬

‫يهتم بالبعد اإلنساني أو ما يعرف اآلن "بأنسنة اإلدارة ‪ Human Management‬ومن ثم‪ ،‬فإن رؤية‬
‫التنظيم كنسق من منظور مدرسة العالقات االنسانية‪ ،‬التي تلقی بالالئمة على العمال وحدهم لتقليل‬
‫اإلنتاج ونقص معدالت األداء لم يعد مقبوالً‪ .‬ومن ثم فإن التوجه الحالي للتغير التنظيمي يجمع بين‬
‫مدخلي العالقات اإلنسانية ومدخل أنسنة اإلدارة‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪34‬‬


‫الدراسات الميدانية حول أشكال التحول في البنية التنظيمية‬

‫دراسة حول الخصائص البنائية للشركات متعددة الجنسيات دراسة حالة الحدي الشركات العاملة في‬
‫القرية الذكية بالمجتمع المصري"‪ ،‬عام ‪2009‬م‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬مشكلة الدراسة‪ :‬تتبلور مشكلة البحث في محاولة التعرف على أهداف الشركة والسياسات‬
‫المنظمة للعمل داخل الشركة‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك رصد الخصائص البنائية للشركة من خالل مستويين‬
‫من التحليل هما‪ :‬مستوى التنظيم الرسمي للشركة‪ ،‬ومستوى التنظيم غير الرسمي‪.‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬اإلطار النظري والمفاهيم األساسية‪ :‬لقد تبنت الدراسة منحى نظريا ً تكامليا ً يعتمد في األساس‬
‫على النظريات الحديثة في دراسة التنظيمات متعددة الجنسيات وبخاصة نظريتي تشكل البنية لجيدنز‬
‫‪ Giddens‬ومجتمع المعلومات الكاستل ‪ .Castells‬وذلك للمبررات التالية‪:‬‬

‫يري جيدنز أن هناك ثنائية البنية من خالل العالقة المتبادلة بين البناء و الفعل‪ ،‬ويستفيد البحث من هذه‬
‫الفرضية في دراسة عالقة الشركة محل الدراسة ‪ -‬فودافون مصر ‪ -‬بالعاملين بها‪ ،‬سواء على‬
‫المستويين الرسمي و غير الرسمي باعتبار أن الشركة هى البناء الذي يحتوي على القواعد التي تنظم‬
‫أنماط التفاعل بين العاملين في صورة نظامية محددة‪.‬‬

‫تؤكد نظرية جيدنز دور ممارسات األفراد في حياتهم اليومية والطريقة التي تشكل بها هذه الممارسات‬
‫في أبنية اجتماعية‪ ،‬قابلة للتشكل والتحول الدائم‪ .‬ومن ثم تتحول ممارسات األفراد إلى ممارسات‬
‫مفتوحة األفق‪ ،‬تحددها حدود القواعد البنائية الصارمة‪ ،‬بقدر ما تحددها حدود مكانة األفراد وقدراتهم‬
‫على اختيار بدائل سلوكية وأنماط فعل تتالءم مع أهدافهم‪ .‬ويستفيد البحث من هذه الفرضية في التعرف‬
‫على ممارسات األفراد داخل الشركة محل الدراسة ‪ -‬فودافون مصر ‪ -‬سواء على المستوى الرسمي‬
‫وغير الرسمي للشركة من أجل تحقيق األهداف التنظيمية‪.‬‬

‫لقد أكد كاستل أن هناك نوعا ً من االقتصاد الجديد يسمى باقتصاد العولمة ويفرز مرونة في إنتاج‬
‫المعلومات بواسطة وسائل االتصال الحديثة المستخدمة داخل التنظيمات‪ .‬وتستفيد الدراسة الراهنة من‬
‫هذه الفرضية في دراسة أشكال االتصال المستخدمة داخل الشركة مجال الدراسة‪.‬‬

‫أن التنظيم کنسق اجتماعي مفتوح ال يمكن فهمه بمعزل عن البيئة المحيطة به‪ ،‬ففي إطار المنظومة‬
‫المجتمعية يمكن أن نتوقع تفاعل التنظيم مع ثقافة المجتمع المحيط (كتأثير ثقافة المجتمع المصرى على‬
‫التنظيم المؤسسي)‪.‬‬

‫دور التقنية ومدى ارتباطها بالجوانب المختلفة للتنظيم‪ ،‬من خالل تشكيل السلوك والعالقات االجتماعية‬
‫كوسائل االتصال داخل التنظيم‪.‬‬

‫مرونة البناء ال تنظيمى سواء الرسمي أو غير الرسمي من خالل شبكات االتصاالت العالمية بين‬
‫مكونات التنظيم‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪35‬‬


‫وفيما يلي التعريفات اإلجرائية لمفاهيم الدراسة‪:‬‬

‫‪ -۱‬التنظيم ‪:Organization‬‬

‫يمكن تعريف التنظيم في الدراسة الراهنة بأنه‪ :‬کيان مؤسسي عالمي منظم يحقق أهدافا ً محددة من خالل‬
‫إجراءات واضحة‪ ،‬يعمل هذا الكيان في ضوء قواعد ولوائح خاصة بمنظومة العمل مثل‪ :‬تعيين العاملين‬
‫الجدد ومالءمة هذا العمل مع مؤهلهم الدراسي ومهاراتهم‪ ،‬ومن ثم متابعة األدوار والمهام المكلف بها‬
‫العاملون داخل المؤسسة‪ ،‬ومعرفة معايير الترقية من منصب إلى منصب آخر‪ ،‬وطرق فصل العاملين‬
‫من خالل فرض جزاءات معينة داخل المؤسسة‪ ،‬باإلضافة إلى العالقات غير الرسمية بين العاملين‬
‫وتكوين الصداقات من خالل وسائل االتصال اإللكترونية‪.‬‬

‫‪ -2‬الشركات متعددة الجنسيات‪:‬‬

‫ويقصد بالشركات متعددة الجنسيات بأنها نتاج تنظيمي للقوانين األساسية للتطور الرأسمالي في حقبته‬
‫الراهنة‪ ،‬وهي آلية من آليات العولمة الصناعية التي تجعلها تعمل في إطار استراتيجية عالمية موحدة‪،‬‬
‫وبالطبع لهذه الشركات فروع عديدة داخل البلدان المختلفة‪ ،‬ولكن مركزية السيطرة من قبل الشركة األم‬
‫التي تقوم بتوزيع عملياتها داخل البلدان المضيفة وتديرها مما يترتب على ذلك أن تتسم هذه الشركات‬
‫ببنية تنظيمية محددة لها خصائص مميزة مثل‪ :‬تسطيح في السلطة‪ ،‬وتقسيم عمل متغير‪ ،‬والعمل‬
‫الفريقي‪ ،‬والوالء نحو العمالء والمهنة‪ ،‬استخدامات تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬والثقة اإليجابية‪ ،‬مرونة‬
‫عمليات االتصال وأساليبها‪ ،‬وارتباطها بنمط القيادة التنظيمية‪ ،‬نسق موضوعي ومفتوح للجزاءات‬
‫والعمل فيما وراء التعاقد‪ ،‬ووجود عالقات عمل رسمية وغير رسمية (الشللية‪ ،‬وتكوين صداقات داخل‬
‫بيئة العمل)‪ ،‬وضوح األدوار والتنافسية‪.‬‬

‫مجتمع الدراسة‪ :‬شركة فودافون مصر‪:‬‬

‫وقد وقع اختيار الباحثة لشركة فودافون مصر العاملة بالقرية الذكية لكي تكون مجاالً للدراسة ألنها‬
‫تعمل في قطاع االتصاالت داخل القرية الذكية كتنظيم ممثل للشركات متعددة الجنسيات‪ ،‬وهي شركة‬
‫مساهمة خاضعة لقانون ‪ ۸‬لسنة ‪ ۱۹۹۷‬ومسجلة بدائرة السجل المدني التجارية لالستثمار‪ ،‬وتعتبر‬
‫شركة فودافون مصر نموذجا ً لشركا ت متعددة الجنسيات‪ ،‬وهذه الشركة هي فرع من فروع الشركة األم‬
‫بإنجلترا‪ ،‬وتعمل عبر ست وعشرين دولة على مدى القارات الست‪ ،‬ويعمل داخل شركة فودافون مصر‬
‫حوالي ثالثة آالف وخمسمائة عامل من جنسيات مختلفة ولكن معظمهم مصريون‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪36‬‬


‫لقد توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج هي‪:‬‬

‫‪ -1‬تحقيق الريادة في خدمة تكنولوجيا االتصاالت حول العالم من خالل الهواتف النقالة‪ ،‬أيضا ً تنمية‬
‫المنتجات المحلية داخل الثقافة المصرية‪ ،‬باإلضافة إلى استقطاب عمالة من داخل البلد المضيف ذات‬
‫مهارات فنية في مجال الحاسب اآل لي وإلى جانب ذلك مهارة اللغة ألنها شركة أجنبية‪ ،‬والقيام‬
‫بمسئوليتها االجتماعية من خالل اإلسهام في تحسين ظروف المجتمع المصري والمجتمعات العربية‬
‫األخرى كبلدان مضيفة وذلك من خالل األعمال الخيرية مثل المشاركة في يوم اليتيم‪ ،‬وبنك الطعام‪،‬‬
‫وتقديم مساعدات مادية لمدينة غزة‪ ،‬أيضا ً المساهمة في بعض األنشطة الرياضية وخاصة كرة القدم‪.‬‬

‫‪ -2‬بساطة في الهيكل التنظيمي للشركة‪ ،‬ومن ثم تتسم البنية التنظيمية لها بالتسطيح ‪Flat‬‬
‫‪ Organization‬أي اتجاه البنية التنظيمية للتوسع األفقي‪ ،‬وتقلص في عدد المستويات اإلدارية بالشركة‬
‫مما يؤدي إلى سرعة تدفق المعلومات وتداولها من أعلى إلى أسفل وأيضا ً سرعة صعود المقترحات‬
‫ومشكالت العمل من المرؤوسين إلى المستويات األعلى‪.‬‬

‫‪ -3‬كما كشفت الدراسة عن صغر حجم قوة العمل ‪ Down Sizing‬داخل الشركة بالمقارنة بنوعية‬
‫الخدمات وعدد الجمهور المتلقى لهذه الخدمات‪ ،‬وهذا يعكس دور التكنولوجيا المتقدمة في سرعة األداء‪،‬‬
‫وربما يمكن أن يكون االنخفاض في عدد المستويات اإلدارية داخل الشركة دور في سرعة الحصول‬
‫على المعلومات الخاصة بمنظومة العمل‪.‬‬

‫‪ -4‬هناك معايير محددة لتعيين األفراد الجدد داخل الشركة‪ ،‬فالبد من وجود مهارات أساسية كاستخدام‬
‫الحاسب اآللي وإتقان لغة أجنبية وبخاصية اإلنجليزية‪ ،‬باإلضافة إلى وجود مهارات سلوكية من خاللها‬
‫يتم قياس مدى قدرة الموظف على التعامل مع زمالئه ورؤسائه المباشرين وأيضا ً عمالء الشركة‪.‬‬

‫‪ -5‬أشارت نتائج الدراسة إلى أن كل إدارة بالشركة تضع توصيفات لوظائفها‪ ،‬في ضوء طبيعة عمل‬
‫كل إدارة مما يؤدي إلى فاعلية أداء الشركة‪.‬‬

‫‪ -6‬زيادة درجة الالمركزية من خالل تفويض بعض أعمال الرؤساء المباشرين إلى بعض العاملين‬
‫باإلدارات المختلفة‪ ،‬ومن ثم تقلص نطاق اإلشراف داخل اإلدارات المختلفة نتيجة تقارب المستوى‬
‫المعرفي لجميع المشتغلين بالشركة مما يؤدي إلى المرونة في اتخاذ القرارات في أداء المهمة التنظيمية‬
‫المكلف بها‪.‬‬

‫‪ -7‬يتم إنجاز العمل من خالل تكوين مجموعات عمل إلنجاز هدف محدد‪ ،‬مع تنوع األدوار وتكاملها‬
‫وتوزيعها على أعضاء كل مجموعة حسب تخصصاتهم المختلفة‪.‬‬

‫‪ -8‬تراجع ارتباط العمل بالمكتب في هذا التنظيم‪ ،‬وإحالل وسائل إلكترونية نتيجة تدفق المعلومات من‬
‫خالل قاعدة البيانات بالشركة‪.‬‬

‫لطيفه الراجح‬ ‫‪37‬‬

You might also like