You are on page 1of 26

‫محاضرات‪ :‬مدخل إلى علم اجتماع التنظيم والعمل ‪ /‬األستاذ‪:‬بوقطف محمود‬

‫السنة األولى‪ /‬ماستر تنظيم وعمل ‪2023/2022 ،‬‬

‫أوال ‪ /‬مفهوم علم اجتماع التنظيم والعمل‬


‫لقد سعى العديد من العلماء والمختصين والباحثين لتقديم مساهمات ومحاوالت كثيرة لتعريف علم اجتماع التنظيم والعمل‬
‫وسوف نحاول من خالل هذا العنصر التطرق وإبراز البعض منها بالشرح والتحليل‪.‬‬
‫‪ -1‬تعريف علم اجتماع التنظيم والعمل‪:‬‬
‫يعرف علم اجتماع التنظيم ب أنه‪ '' :‬هو الدراسة العلمية لمختلف أشكال التنظيم االجتماعي من مؤسسات وتنظيمات‬
‫واتحادات في ضوء آلياته التي تعزز وحدته وتماسكه من جهة‪ ،‬وفي ضوء القيم األخالقية والمعايير االجتماعية الضابطة لهذه‬
‫اآلليات في المجتمع األوسع من جهة ثانية‪ .‬والتي من شأنها أن تحدد أشكال التفاعل بين مكونات التنظيم ضمن بنيته العامة‬
‫‪1‬‬
‫وفي سياق عالقته مع المجتمع المحيط ''‪.‬‬
‫كما يعرف أيضا بأنه‪ '':‬العلم الذي يهتم بدراسة الظواهر االجتماعية داخل المنظمات الصناعية واإلدارية والخدماتية في‬
‫ضوء نظريات علم االجتماع العام ونظريات علم االجتماع التنظيم مستفيدا من التخصصات األخرى كاألنتروبولوجيا وعلم‬
‫‪2‬‬
‫النفس وعلوم التسيير وغيرها ''‬
‫ويعرف ( ميتشل) علم اجتماع التنظيم بأنه '' تحليل للنظم الصناعية والتنظيمات‪ ،‬وللعالقات فيما بينها وكذلك للعالقات‬
‫بين الظواهر الصناعية والنظم في المجتمع األكبر''‪ .‬أما( جيسبرت) فيرى بأن علم اجتماع التنظيم هو'' العلم الذي يدرس‬
‫العوامل االجتماعية والتفاعلية‪ ،‬ويهتم بالعالقات اإلنسانية والصناعية‪ ،‬وبالتنظيم الرسمي وغير الرسمي داخل المنظمات‬
‫‪3‬‬
‫الموجودة بالمجتمع ''‪.‬‬
‫من خالل التعاريف السالفة الذكر نصل إلى أن علم اجتماع التنظيم هو ذلك العلم الذي‪:‬‬
‫‪ -‬يقوم بدراسة الظواهر االجتماعية داخل المنظمات بكل أنواعها‪.‬‬
‫‪ -‬السعي للوصول إلى نتائج في هذا المجال من شأنها تعزيز وحدة وتماسك التنظيم‪.‬‬
‫‪ -‬األخذ بعين االعتبار التفاعالت الحاصلة داخل المنظمات‪ ،‬ومعايير وقيم المجتمع التي تأثر بطرق مختلفة على التنظيم‪.‬‬
‫‪ -‬االستفادة من العلوم االجتماعية األخرى ذات الصلة‪.‬‬
‫‪ -‬الدراسة العلمية لمختلف أشكال التنظيم االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬تحليل العالقات بين التنظيمات والمحيط الخارجي‪.‬‬
‫‪ -‬يدرس العوامل االجتماعية والتفاعلية والعالقات اإلنسانية في التنظيم‪.‬‬
‫ويرى الباحث أيضا في هذا الشأن أن علم اجتماع التنظيم والعمل هو '' ذلك العلم الذي يهتم بكافة المنظمات ويستخدم‬
‫األسلوب العلمي للبحث والتقصي والدراسة لكل أشكالها وأنواعها بغض النظر عن مجال نشاطها‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبار كل‬
‫المتغيرات التنظيمية وغير تنظيمي ة سواء تعلق األمر بالمحيط الداخلي لها أو المحيط الخارجي بكل مكوناته''‪ ،‬كما يسعى هذا‬
‫العلم من خالل المهتمين والباحثين إلى معرفة كل الظواهر والعالقات والسلوكيات السائدة بالمنظمات( التنظيمات) والكشف‬
‫عن مختلف العالقات االرتباطية بينها والتأثيرات المتبادلة ونتائجها‪ ،‬والسعي إليجاد الحلول المناسبة للمشاكل التنظيمية‬
‫المطروحة والتي تفرزها الكثير من المتغيرات والتغيرات الحاصلة بطريقة مستمرة على مستوى الوحدات الصغرى‬
‫والوحدات الكبرى والتكيف معها‪ ،‬من أجل الوصول إلى مخرجات تنظيمية ذات نوعية وجودة عالية تعود على الجميع بالفائدة‬
‫والرفاهية‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار دائما نجد األستاذ (رابح كعباش) يقول‪ :‬دراسة الظاهرة التنظيمية من أهم الظواهر االجتماعية التي تمكنت‬
‫من جلب اهتمام العديد من العلماء المتخصصين في العلوم االجتماعية‪ ،‬ألنها مركز التقاء مختلف فروع التخصصات‪ ،‬كعلم‬
‫‪4‬‬
‫اجتماع التنظ يم وعلم اجتماع السياسي وعلم االجتماع اإلداري والصناعي وعلم اجتماع التنمية وغيرهم‪...‬‬

‫‪ - 1‬أحمد األصفر‪ ،‬أديب عقيل‪ ،‬علم اجتماع التنظيم ومشكالت العمل‪ ،‬منشورات جامعة دمشق‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪،2003/2002 ،‬‬
‫ص‪.20‬‬
‫‪ - 2‬قاسيمي ناصر‪ ،‬دليل مصطلحات علم اجتماع التنظيم والعمل‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ،‬الجزائر‪ ،2004 ،‬ص‪.92‬‬
‫‪ - 3‬الموقع االلكتروني‪ ، https://vb.ckfu.org :‬تاريخ االطالع ‪ ، 2018/06/16 :‬الساعة ‪ 23 :‬سا‪.‬‬

‫‪ - 4‬رابح كعباش‪ ،‬علم اجتماع التنظيم‪ ،‬مخبر بحث‪ :‬علم اجتماع االتصال للبحث والترجمة‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،2006 ،‬ص‪.20‬‬
‫ثانيا ‪ /‬التنظيم والمفاهيم المرتبطة به ( ذات الصلة )‪ :‬التنظيم‪ ،‬المنظمة ‪،‬المؤسسة‪ ،‬الشركة‪.‬‬
‫‪ / 1.2‬التنظيم و المنظمة‪:‬‬
‫سيتم من خالل هذا العنصر التطرق بنوع من التفصيل إلى مختلف اآلراء والتعاريف المقدمة من قبل كوكبة من العلماء‬
‫والباحثين والمتعلقة بالتنظيم والمنظمة‪.‬‬
‫لقد كان العالم األمريكي '' تشارلز كولي'' أول من استخدم مفهوم الجماعة األولية '' ‪ '' Primary group‬في كتابه عن‬
‫التنظيم االجتماعي ''‪ '' Social Organization‬الذي أصدره عام ‪ ، 1909‬إال أنه لم يقم بصياغة مفهوم الجماعة الثانوية ''‬
‫‪ ''Secondary group‬وقد ذكر القليل حول هذا المفهوم‪ .‬ومن ثم قام علماء االجتماع بصياغة مفهومات أخرى تناسب طبيعة‬
‫‪1‬‬
‫الجماعة الثانوية‪ ،‬منها مفهوما '' التنظيم '' (‪ )Organization‬و'' البيروقراطية '' (‪.)Bureaucracy‬‬
‫ولإلشارة فهناك الكثير من العلماء والباحثين الذين استخدموا مصطلحات مشابهة لمصطلح '' التنظيم ''‪ ،‬كالمنظمة‬
‫والمؤسسة والبيروقراطية‪ ...‬ولكن على العموم ومن حيث المعنى تبقى كلها متقاربة مع مصطلح التنظيم‪.‬‬
‫فحسب األستاذ ( أحمد رشوان ) '' فكلمة تنظيم ترجمة لكلمة (‪ ،)Organization‬وتعني الشيء ذو البنية العضوية‪،‬‬
‫فهناك إذن مجموعة من األعضاء تنتظم معا في تناغم وانسجام محققة بنية متكاملة تنشد هدفا مشتركا‪ ،‬رغم أهدافها الجزئية‬
‫‪2‬‬
‫''‪.‬‬
‫نالحظ من خالل هذا الكالم بأنه هناك شروط ضرورية لقيام التنظيم‪ ،‬وفي حالة غيابها وعدم توفرها ال يمكن أن يتحقق‬
‫هذا األخير في الواقع‪ ،‬ومن بين هذه الشروط أو الركائز األساسية توفر مجموعة من األعضاء تتكامل وتعمل في توافق‬
‫وانسجام من أجل تحقيق أهداف مشتركة عامة للتنظيم‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬وفي الكالم عن التنظيم نجد كل من ( ماكس فيبر وشيستر برنارد) يعتبران من العلماء الكالسيكيين‬
‫األوائل اللذين قدموا مساهمة فكرية رائدة فيما يتعلق بالتنظيم وتم اعتباره '' كنسق مغلق ''‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس نجد ( ماكس فيبر) يعرف التنظيم '' بالجماعة المتضامنة التي تتصف بعالقات اجتماعية تقوم على‬
‫قواعد منظ مة تحدد شروط العضوية‪ ،‬كما يتم تقوية النظام الملزم ألفراد الجماعة من خالل الدور الذي يقوم به أفراد معينين‬
‫‪3‬‬
‫في وظائف رئاسية وقيادية‪ ،‬وقد تجمع هؤالء جهاز معين يتخذ شكل الجهاز اإلداري ''‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫وتتميز الجماعة المتضامنة عند "ماكس فيبر" بثالث معايير هي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن لهذه الجماعة حدودا ثابتة ومستقرة نسبيا‪ ،‬ويعني ذلك أنها ذات قواعد معروفة بين من هم أعضاء في الجماعة‪ ،‬ومن هم‬
‫خارج عضويتهم‪.‬‬
‫‪ -2‬تعتمد الجماعة العضوية على مجموعة من القواعد والمعايير والقيم التي تحدد ما ينبغي أن يكون عليه سلوك األعضاء‪.‬‬
‫‪ -3‬يتوفر نظام قانو ني يحقق تمايزا في القوة بين المشاركين‪ ،‬ومثل هذا النظام يحدد مسؤولية كل عضو من أعضاء الجماعة‪،‬‬
‫ونطاق قوته‪ ،‬ومقدار قوته على اتخاذ قرارات تتعلق بإنجاز األهداف‪.‬‬
‫إذن وحسب "ماكس فيبر" ومن أجل اكتساب عضوية التنظيم يجب أن تتوفر جملة من الشروط والمعايير والقواعد‬
‫التي تضمن التسيير العقالني والرشيد للتنظيم واألعضاء معا‪ .‬أما " شيستر برنارد " فيرى بأن التنظيم أو التنظيمات عبارة‬
‫عن '' أنساق فرعية تدخل في نطاق ما يعرف بالنسق التعاوني‪ ،‬ويتكون النسق التعاوني من عناصر مركبة‪ ،‬وهي فيزيقية‪،‬‬
‫وبيولوجية‪ ،‬وشخصية‪ ،‬واجتماعية ‪ ،‬تنشأ بينها عالقة منظمة من نوع خاص‪ ،‬كنتيجة للتعاون بين تخصصين أو أكثر من أجل‬
‫‪5‬‬
‫تحقيق هدف واحد على األقل''‪.‬‬
‫حسب " شيستر برنارد " فالتنظيم عبارة عن مجموعة من أنساق فرعية تعمل بطريقة متعاونة‪ ،‬بحيث يعتمد كل نسق‬
‫على النسق اآلخر( تعاون متبادل) من أجل إنجاز وبلوغ األهداف المسطرة للتنظيم أو للمنظمة‪.‬‬
‫وهنا يجب التذكير بأن كل من ( فيبر وبرنارد) وآخرين من نفس المدرسة الكالسيكية ينظرون للمنظمة (التنظيم) كنسق‬
‫مغلق‪ ،‬ورغم مجهوداتهم المبذولة في هذا اإلطار والتي ال يمكن التقليل من شأنها وقيمتها العلمية إال أنهم أهملوا بعض‬
‫الجوانب األساسية التي في الحقيقة لها تأثيراتها المباشرة وغير مباشرة على المنظمة‪ ،‬ومن العوامل والمتغيرات األساسية التي‬

‫‪ -1‬طلعت إبراهيم لطفي‪ ،‬علم اجتماع التنظيم‪ ،‬دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،1993 ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ -2‬حسين عبد الحميد أحمد رشوان‪ ،‬علم اجتماع التنظيم‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة ‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،‬مصر‪ ،2004 ،‬ص‪.5‬‬
‫‪ -3‬اعتماد محمد عالم‪ ،‬دراسات في علم االجتماع التنظيمي‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪ ،‬ط‪ ، 1994 ، 1‬ص‪.31‬‬
‫‪ -4‬علي ليلة‪ ،‬عبد الوهاب جودة‪ ،‬البيروقراطية والتنظيم‪ -‬الفرضيات األساسية وتأمالت الواقع‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،‬مصر‪ ،2001 ،‬ص ص ‪-17‬‬
‫‪.18‬‬
‫‪ - 5‬حسين عبد الحميد أحمد رشوان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪10‬‬
‫لم تأخذ في الحسبان من قبل رواد هذه المدرسة هي البيئة الخارجية أو المحيط الخارجي أو المجتمع الكبير وتأثير ذلك على‬
‫األفراد وعلى عالقاتهم االجتماعية داخل المنظمة‪ ،‬باإلضافة إلى التأثير على مدخالتها ومخرجاتها المادية والبشرية‪.‬‬
‫أما النظرة الحديثة أو( ما بعد الكالسيكية) فترى بأن المنظمة أو التنظيم عبارة عن '' نسق مفتوح'' ‪ ،‬وقد أثرى هذا التوجه‬
‫الجديد العديد من رواد علم االجتماع المحدثين‪ .‬ويمكن أن نشير إلى بعض هؤالء الرواد من أمثال ( تالكوت بارسونز‪ ،‬أميتاي‬
‫اتزيوني‪ ،‬دانيال كاتز‪ ،‬روبرت كان‪ ،‬روبرت ميرتون‪ ،‬أرجيريس‪ ،‬مارش‪ ،‬سيمون‪ ،‬ألفن قولدنر‪ ،‬سكوت‪.)...‬‬
‫وقد عمل هؤالء العلماء المحدثين على تقديم إضافات علمية أخرى مقارنة مع سابقيهم من الكالسيكيين‪ ،‬وتم األخذ بعين‬
‫االعتبار عدة متغيرات وعوامل جديدة كانت مهملة فيما سبق لها التأثير المتفاوت على المنظمة خالل سيرورة عملية‬
‫التفاعالت المتشابكة بين مختلف مكونات ها البشرية والمتمثلة في التفاعالت والعالقات االجتماعية واإلنسانية الناشئة بين األفراد‬
‫العاملين (العمال) في مختلف المستويات التنظيمية من جهة وبينهم وبين الرؤساء من جهة ثانية‪ ،‬وبين كل األعضاء في‬
‫المنظمة والمحيط الخارجي من متعاملين أفراد ومنظمات أخرى وكل أفراد المجتمع من جهة ثالثة‪ ،‬ضف إلى ذلك من جهة‬
‫رابعة التأثير الذي ينشأ من خالل اعتماد واستخدام المنظمة اآلالت والتجهيزات والوسائل التكنولوجية الحديثة التي تعرف‬
‫تطورات مستمرة وانعكاساتها اإليجابية والسلبية على الجوانب النفسية واالجتماعية واإلنسانية ألعضاء المنظمة‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد نجد عالم االجتماع ( أمتاي اتزيوني – ‪ )Amitai Etzioni‬يعرف التنظيم بأنه '' وحدة اجتماعية يتم‬
‫إنشائها من أجل تحقيق هدف معين''‪ ،‬أما عالم االجتماع ( تالكوت بارسونز – ‪ )Talcott Parsons‬فيرى بأن التنظيم أو‬
‫‪1‬‬
‫التنظيمات أو المنظمات عبارة عن‪ ' ' :‬وحدات اجتماعية تقام وفقا لنموذج بنائي معين لكي تحقق أهداف محددة ''‪.‬‬
‫فالتعريفين السابقين يتفقان على أن التنظيم أو المنظمة عبارة عن وحدات اجتماعية بالدرجة األولى وجدت ألجل‬
‫الوصول لغايات معينة ومحددة‪ ،‬ونالحظ بأن بارسونز أضاف مفهوم '' النموذج البنائي'' والذي يقصد به شكل معين من البناء‬
‫الداخلي للمنظمة‪.‬‬
‫كما يعرف (بارسونز) أيضا التنظيم بأنه '' عبارة عن نسق اجتماعي‪ ،‬يتألف من أنساق اجتماعية فرعية مختلفة‬
‫كالجماعات واألقسام واإلدارات‪ ،‬وهو بدوره يعتبر نسقا في النسق االجتماعي األكبر واألشمل وهو المجتمع‪ ،‬إال أن الشيء‬
‫الذي يميز التنظيم عن المجتمع األكبر هو وضوح األهداف وتوافر إجراءات تحقيقها''‪ 2.‬حسب هذا التعريف فالتنظيم (‬
‫المنظمة) يعتبر نسق اجتماعي فرعي من المجتمع‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك فالتنظيم بدوره كنسق اجتماعي يتكون من مجموعة‬
‫أنساق اجتماعية داخلية كالم صالح واألقسام والجماعات‪ ...‬واالختالف بين التنظيم والمجتمع عموما هو أن التنظيم يمتلك قواعد‬
‫وإجراءات واضحة ومتفق عليها بين كل األعضاء تجعل عملية تحقيق األهداف ممكنة مقارنة مع المجتمع كنسق اجتماعي‪.‬‬
‫مثال‪ /‬منظمة أو مؤسسة يتكون هيكلها التنظيمي من مجموعة من األقسام أو المصالح‪ ،‬بحيث يسند لكل قسم من األقسام دور أو‬
‫مجموعة من األدوار وكل قسم يعتمد في إنجاز وتنفيذ مهامه على األقسام األخرى بطريقة منسجمة ومتكاملة‪ ،‬كأن يكون قسم‬
‫مكلف بتسيير الموارد البشرية الذي تسند له مهمة استقطاب وتوظيف وتسيير هذا المورد ومتابعة مساره الوظيفي من كل‬
‫الجوانب‪ ،‬وقسم ثاني يكلف بإدارة وتسيير الشؤون المالية للمنظمة(تسديد أجور ومرتبات العمال والموظفين‪ ،‬تسديد الفواتير‬
‫المختلفة‪ ،)...‬وقسم ثالث يكلف بشراء المواد األولية( المدخالت) وقسم رابع يقوم بتخزينها وقسم خامس يكلف بعملية تحويلها‬
‫وإنتاجها‪ ،‬وقسم سادس يكلف بتسويق هذا المنتوج (المخرجات) للبيئة الخارجية (ألفراد المجتمع أو للمنظمات األخرى)‬
‫وهكذا‪...‬‬
‫إذن يمكن القول بأن كل من األقسام السابقة تعتبر بمثابة أنساق فرعية داخلية (أجزاء) تعمل بانتظام وبأسلوب متكامل‬
‫مع بقية األنساق األخرى‪ ،‬وبعبارة أخرى كل نسق فهو بحاجة ماسة وضرورية جدا لألنساق األخرى‪ ،‬وال يمكن بأي حال من‬
‫األحوال لنسق معين االستغناء أو إهمال أو تجاهل األنساق الفرعية األخرى‪ ،‬وأي خلل في أحدها يمكن أن يسبب شلل كلي‬
‫للمنظمة( حسب روبر ت ميرتون تسمى هذه الوضعية بالخلل الوظيفي )‪ ،‬والمنظمة بدورها تعمل ضمن محيط خارجي أو‬
‫المجتمع الكبير الذي يتكون من العديد من المنظمات المختلفة االهتمام والتخصص والتي تعتمد كل واحدة منها على األخرى‪.‬‬
‫ويجب اإلشارة هنا بأنه ما ينطبق على المنظمات أو التنظيمات اإلنتاجية ينطبق على كل المنظمات ذات الطابع الخدماتي مهما‬
‫كان مجال نشاطها‪.‬‬

‫‪ - 1‬طلعت إبراهيم لطفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.23‬‬


‫‪ - 2‬محمد بومخلوف‪ ،‬التوطين الصناعي وقضاياه المعاصرة ( الفكرية والتنظيمية والعمرانية والتنموية)‪ ،‬التنظيم الصناعي والبيئة‪ ،‬شركة دار‬
‫األمة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪ ، 2001 ،1‬ص‪.21‬‬
‫وفي هذا السياق هناك من يرى بأن النسق االجتماعي يتكون من مجموعة أفراد يجمعهم موقع جغرافي معين ويتفاعلون‬
‫مع بعضهم ألجل تحقيق غايات محددة‪ ،‬ويخضعون للوائح وقواعد معينة التي تضمن ممارسة المهام وتسيير شؤون المنظمة‬
‫وتساعد على البقاء واالستمرارية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ويرى (بارسونز) بأنه لألنساق التنظيمية أربعة وظائف أساسية هي‪:‬‬
‫‪ -1‬تحقيق األهداف والسعي إلى بلوغها من خالل التنسيق بين األنشطة‪.‬‬
‫‪ -2‬التكيف مع متغيرات البيئة وأهدافها‪.‬‬
‫‪ -3‬التكامل بين أجزاء النسق الواحد‪.‬‬
‫‪ -4‬المحافظة على استمرار النسق وصيانته‪.‬‬
‫أما ( كان وكاتز) فلهم وجهة نظر متقاربة مع (بارسونز) للتنظيم أو المنظمة‪ ،‬فالتنظيم بالنسبة لهما هو‪ '' :‬النسق‬
‫االجتماعي المفتوح والرامي لتحقيق أهدافه والمحافظة على بقائه واستمراره من خالل العالقة المتبادلة بينه وبين البيئة‬
‫‪2‬‬
‫الخارجية المحيطة به‪ ،‬ومن ثم تكون سمات التنظيم االجتماعي متماثلة مع السمات العامة للنسق االجتماعي''‪.‬‬
‫ما يمكن أن نالحظه على تعريف ( كان وكاتز) للتنظيم أنه يكاد يكون متطابق مع تعريف ( بارسونز) خاصة من حيث‬
‫التركيز على التنظيم باعتباره نسق اجتماعي مفتوح‪ ،‬باإلضافة إلى اعتماده على عالقات متبادلة وضرورية مع المحيط‬
‫الخارجي من أجل تحقيق األهداف األساسية للتنظيم‪.‬‬
‫وفيما يلي بعض الصفات أو السمات األساسية للتنظيم عند كل من ( كان وكاتز )‪:‬‬
‫‪ -1‬استيراد الطاقة األولية (المدخالت)‪ :‬تعكس سمة استيراد الطاقة األولية اعتماد التنظيم على البيئة في التزود بمصادر الحياة‬
‫الالزمة له من مواد أولية وآالت‪ ،‬وأيدي عاملة‪ ،‬وشرعية قانونية ‪ ...‬كمدخالت‪.‬‬
‫‪ -2‬إجراء التعديالت الالزمة من خالل دورات من األحداث المتتابعة‪ :‬تشير هذه السمة إلى ما يتصف به التنظيم من أنساق‬
‫فرعية مترابطة تتولى تحويل صور الطاقة األولية من خالل عمليات كثيرة داخلية إلى خدمات أوسع ينتفع بها أفراد المجتمع‪.‬‬
‫‪ -3‬تصدير المخرجات‪ :‬يقوم النسق المفتوح بتصدير ما تم تحويله إلى خدمات أو سلع إلى البيئة الخارجية على هيئة تختلف‬
‫تماما ع ن هيئة المدخالت‪ ،‬وتعكس هذه السمة العالقة المتبادلة بين التنظيم والبيئة الخارجية‪.‬‬
‫‪ -4‬الطاقة الذاتية السالبة للنسق‪ :‬تشير هذه السمة إلى اتجاه التنظيم كنسق مفتوح لتوفير مخزون إضافي من المواد األولية‬
‫لتفادي الظروف غير المتوقعة التي قد تهدد استمرار تزويده بالطاقة األولية بشكل منتظم ومستمر‪ ،‬ومعنى ذلك أن على التنظيم‬
‫أن يقاوم عوامل فنائه بالسير في االتجاه المضاد نحو تغليب عوامل بقائه‪.‬‬
‫‪ -5‬التغذية السالبة ( التغذية المرتدة)‪ :‬يقصد بالتغذية السالبة للتنظيم تلقيه مصادر معلومات كأحد أشكال الطاقة األولية تتعلق‬
‫بالبيئة ال خارجية أو بأسلوب أداء وظائفه‪ ،‬وأن بقاء ونجاح التنظيم في تحقيق أهدافه يعتمد بشكل أساسي على كمية المعلومات‬
‫المخزونة لديه وأسلوب تبويبها وسهولة وسرعة االستفادة منها عند اللزوم‪.‬‬
‫‪ -6‬االستقرار والتوازن‪ :‬يسعى التنظيم نحو تحقيق حالة من االستقرار والتوازن يقاوم بها عوامل فنائه‪ ،‬لذلك يحاول التنظيم‬
‫النمو والتطور بما يتالئم مع المستجدات في الظروف البيئية‪.‬‬
‫‪ -7‬التنوع‪ :‬يتصف التنظيم كنسق مفتوح باالتجاه الدائم نحو التنوع في أنشطة العمل والتخصص‪.‬‬
‫‪ -8‬القدرة على إيجاد أكثر من وسيلة تحقق الغاية ذاتها‪ :‬يتصف النسق المفتوح بالقدرة على إيجاد أكثر من طريقة تحقق الهدف‬
‫‪3‬‬
‫ذاته‪ ،‬وفي ظل تباين الظروف البيئية المحيطة يتم اختيار أفضل األساليب وأكثرها مالئمة لتلك الظروف لتحقيق الهدف‪.‬‬
‫مما سبق يتضح ان التنظيم كنسق إجتماعي يجب أن يتوفر على جملة من الصفات التي تمكنه من الوصول الى المبتغى‬
‫الم نشود‪ ،‬وهذه الصفات على الخصوص تتمثل في التخطيط والعمل باستمرار دون توقف من أجل الحصول على الطاقة‬
‫الضرورية من المحيط الخارجي (المدخالت) بمختلف أشكالها ( العمال‪ ،‬الموظفين‪ ،‬اإلطارات‪ ،‬الكفاءات المتخصصة‪ ،‬المواد‬
‫األولية حسب نوعية النشاط‪ ،‬التكنولوجيا‪ ،)...‬والعمل على تحويلها بالطرق المناسبة وبأقل التكاليف وبالنوعية المطلوبة‪ ،‬ومنه‬
‫توزيع وتسويق وتصدير تلك الخدمات أو المنتوج نحو المحيط الخارجي‪ ،‬كما يجب األخذ في الحسبان تنويع األنشطة‬
‫والتخصص واالعتماد على طرق متعددة ومختلفة لتحقيق نفس األهداف المبرمجة‪ ،‬والعمل الدائم على ضمان وتوفير‬

‫‪ - 1‬عامر الكبيسي‪ ،‬التنظيم اإلداري الحكومي بين التقليد والمعاصرة‪ ،‬الفكر التنظيمي‪ ،‬دار الشرق للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬قطر‪ ،‬ط‪،1998 ،1‬‬
‫ص‪.55‬‬
‫‪ - 2‬اعتماد محمد عالم‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫‪ - 3‬اعتماد محمد عالم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪( 40 -39‬السمات من ‪ ( )8-1‬بتصرف)‪.‬‬
‫المخزون اإلضافي من الطاقة االحتياطية من أجل مواجهة الظروف الطارئة وغير متوقعة للمحيط الخارجي‪ ،‬وكذا المحافظة‬
‫على استقرار وتوازن المنظمة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫كما يعرف (سكوت) أيضا التنظيم بأنه '' كل وحدة اجتماعية تقام بطريقة مقصودة لتحقيق أهداف محددة ''‪.‬‬
‫من خالل التعريفين السابقين (سكوت) يتضح بأن التنظيم هو‪:‬‬
‫‪ -‬التنظيم عبارة عن نسق اجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬التنظيم ال يقوم بطريقة عفوية أو تلقائية‪ ،‬إنما يقوم بطريق مقصودة‪.‬‬
‫‪ -‬التنظيم له حيز مكاني أو جغرافي ويسعى لتحقيق هدف أو مجموعة أهداف‪.‬‬
‫‪ -‬التنظيم يتكون من األفراد‪ ،‬حيث كل فرد له مكانة ودور تنظيمي ضمن البناء التنظيمي الكلي‪،‬‬
‫‪ -‬األفراد في التنظيم تربطهم عالقات اجتماعية وتنظيمية متبادلة‪ ،‬سعيا منهم لتنفيذ مختلف النشاطات التنظيمية‪ ،‬مع مراعاة‬
‫البيئة الخارجية‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن للتنظيم تغيير واستبدال ا ألفراد وفقا للمتغيرات والمستجدات الداخلية والخارجية‪.‬‬
‫‪ / 2.2‬المؤسسة والشركة‪:‬‬
‫* بالنسبة للمؤسسة‬
‫يعتبر مصطلح المؤسسة من المصطلحات التي تطرق لها الكثير من العلماء والباحثين بالدراسة والتحليل‪ ،‬ومن خالل‬
‫تتبع هذه األبحاث (البحوث) المتعلقة بمفهوم المؤسسة يصادفنا أحيانا تباين وفي بعض األحيان تطابق وتداخل في وجهات‬
‫النظر‪ ،‬ويعود ذلك إلى العديد من العوامل كالمداخل الدراسية التي يتبناها ويعتمد عليها العلماء والباحثين في الدراسة‬
‫والتحليل‪ ،‬أو طبيعة التخصصات العلمية لهؤالء الباحثين (علم االجتماع‪ ،‬علم النفس‪ ،‬علم االقتصاد‪ )...‬ومن جهة أخرى‪ ،‬نجد‬
‫كذلك بأنه ال يوجد اتفاق مطلق بين المهتمين من حيث االستخدام‪ ،‬فهناك من يستخدم مصطلح المؤسسة وهناك من يستخدم‬
‫المصطلحات ذات الصلة والقريبة منها كالتنظيم والمنظمة والمنشأة والشركة‪ ...‬وهناك من يستخدم أحد هذه المصطلحات‬
‫كمرادف للمؤسسة‪ ،‬وسوف نحاول من خالل هذا العنصر المساهمة قدر اإلمكان في رفع اللبس أو الغموض في هذا الشأن‪.‬‬

‫حيث نجد أحد الباحثين‪ 2‬يقول في هذا الصدد‪ :‬مصطلح ''مؤسسة'' هو ترجمة لكلمة (‪ )Institution‬باإلنجليزية والفرنسية‪،‬‬
‫وتعني قانونا مجموعة الهياكل والقواعد الموضوعية إلرضاء المصالح المشتركة‪ ،‬وباإلنجليزية تعني المؤسسة‪ :‬جمعية أو‬
‫هيئة ذات صفة عامة‪ ،‬أو ممارسة لقانون أو تقليد حاز على االستقرار‪.‬‬
‫وقد ورد في موسوعة علم االجتماع '' إلحسان محمد الحسن'' أن ( هربرت سبنسر) يرى في إحدى كتبه المتعلقة بــــ‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫مبادئ علم االجتماع أن‪ '' :‬المؤسسة يمكن تشبيهها بالعضو أو الجهاز الذي ينجز وظائف مهمة للمجتمع''‪.‬‬
‫يتضح من هذا التعريف األخير أن المؤسسة عبارة عن نسق مفتوح ولها دور هام تقدم من خالله خدماتها ومخرجاتها‬
‫للمحيط الخارجي وفي نفس الوقت تحقق أهدافها من خالل هذا التفاعل مع المجتمع‪.‬‬
‫ويعرف (هكس ‪ ) Hicks‬المنظمة من خالل عملية التفاعل‪ ،‬فيعرفها بأنها كيان يضم في داخله عناصر متفاعلة لتحقيق‬
‫أغراض معينة تستهدف في النهاية تحقيق أهداف المجتمع‪ .‬وهذا ما دفع (سيمون ومارش) إلى وصف المؤسسة بأنها‪ :‬تجمعات‬
‫‪4‬‬
‫من الناس متفاعلين‪.‬‬
‫حسب هذا التعريف نالحظ بأن (هكس) استخدم مصطلح منظمة للداللة على المؤسسة‪ ،‬ويركز على عملية التفاعل بين‬
‫أعضائها كموارد بشرية وبقية الموارد األخرى المادية والمالية‪ ...‬وذلك من أجل تحقيق مجموع األهداف الداخلية والخارجية‬
‫المتعلقة باحتياجات المجتمع‪ .‬وفي نفس السياق ومن نفس المنطلق نالحظ بأن كل من (سيمون ومارش) ال يبتعدان كثيرا عن‬
‫المفهوم األول‪ ،‬حيث يلخصان المؤسسة في كونها عبارة عن مجموعة من التفاعالت التي تحدث باستمرار بين كافة أفرادها ‪،‬‬
‫ويمكن أن نفسر هذا الكالم في االتجاه المعاكس ونقول بدون تفاعل بين األعضاء ال يمكن الحديث عن كيان المؤسسة وبالتالي‬
‫ال يمكن الحديث عن تحقيق األهداف الداخلية والخارجية‪ ،‬كما ال يمكن للمجتمع أن يستفيد من خدماتها‪.‬‬

‫‪ - 1‬على عبد الرازاق جلبي‪ ،‬علم إجتماع التنظيم‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،1999 ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ - 2‬سيف اإلسالم شوية‪ ،‬سلوك المستهلك والمؤسسة الخدماتية‪( ،‬اقتراح نموذج للتطوير)‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬المطبعة الجهوية قسنطينة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2006 ،‬ص‪.4‬‬
‫‪ - 3‬إحسان محمد الحسن‪ ،‬موسوعة علم االجتماع‪ ،‬الدار العربية للموسوعات‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،1999 ،1‬ص‪.621‬‬
‫‪ - 4‬رشاد أحمد عبد المطلب‪ ،‬تنمية المنظمات االجتماعية (مدخل مهني لطريقة تنظيم المجتمع)‪ ،‬دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬ط‪ ،2007 ،1‬ص‪.26‬‬
‫‪1‬‬
‫أما (بارسونز) فيرى بأن المؤسسة هي‪ '' :‬نسق اجتماعي منظم أنشأ من تحقيق أهداف محددة ''‪.‬‬
‫هذا يعني أن بارسونز ينظر للمجتمع الكبير بأنه يتشكل من مجموعة األنساق االجتماعية‪ ،‬والمؤسسة تعتبر واحدة منها‪،‬‬
‫وهي بدورها تتكون من أجزاء داخلية تعمل بأسلوب متكامل ومنظم‪ ،‬ووجدت هذه المؤسسة بطريقة مقصودة وتسعى من خالل‬
‫تفاعل أعضائها إلى تحقيق مجموعة من األهداف‪.‬‬
‫ونجد قاسم القريوتي ينظر للمؤسسة بأنها '' منظمة اقتصادية واجتماعي ة مستقلة نوعا ما‪ ،‬تؤخذ فيها القرارات حول تركيب‬
‫الوسائل البشرية‪ ،‬المالية‪ ،‬المادية‪ ،‬واإلعالمية بغية خلق قيمة مضافة حسب األهداف في نطاق زمكاني''‪.2‬‬
‫كما يعرف محمد أكرم العدلوني المؤسسة على النحو التالي‪ '' :‬المؤسسة هي منظمة تجمع بين أشخاص ذوي كفاءات‬
‫‪3‬‬
‫متنوعة تستعمل رؤوس األموال وقدرات من اجل إنتاج سلعة ما‪ ،‬والتي يمكن أن تباع بسعر أعلى من تكلفته''‪.‬‬
‫أما أحمد زكي بدوي فيرى بأن المؤسسة هي‪ '':‬شخص اعتباري ينشأ بتخصيص مال يجمع من الجمهور أو تديره الحكومة‬
‫‪4‬‬
‫أو تشارك فيه لتحقيق أهداف معينة ''‪.‬‬
‫يعرف( ‪ ) brilman‬المؤسسة بأنها‪ '' :‬منظمة حية متكونة من عاملين منظمين حسب هيكل متميز ومزود بثقافة خاصة‬
‫تكمن في مجموعة قيم‪ ،‬معارف‪ ،‬عادات وإجراءات متراكمة مع الزمن كما تكتسب هذه المنظمة الحية مميزات بطيئة التقبل‬
‫‪5‬‬
‫للتغير''‪.‬‬
‫المؤسسة بنيويا ووظيفيا‪ :‬تتضمن المقاربة البنيوي ة اعتبار المؤسسة القوة التي تعطي لها الديمومة واالستمرار‪ ،‬أما المقاربة‬
‫الوظيفة ففيها يتم البحث عن العالقة بين المؤسسة والحاجات اإلنسانية وارتباطها باألهداف االجتماعية‪ ،‬أما المقاربة القانونية‬
‫فتحلل المؤسسة من خالل القوانين و‪ /‬أو القواعد التي أبرزتها إلى الو جود وأعطتها سمة االعتبارية‪ .‬وأخيرا اجتماعيا‪ ،‬تحلل‬
‫‪6‬‬
‫فيه المؤسسة من خالل األدوار التي يقوم بها الفاعلون االجتماعيون‪ ،‬على الرغم من تداخل الوظيفة والدور‪.‬‬
‫مما سبق وحسب التعريفات السالفة الذكر نستخلص بأنه هناك الكثير من المختصين في هذا المجال العلمي لهم أراء‬
‫ووجهات نظر تحمل الكثير من القواسم المشتركة‪ ،‬إذن يمكن القول بأن المؤسسة هي منظمة‪ ،‬وهذا يدل بأنه هناك وجهات‬
‫نظر كثيرة في هذا الشأن التي ترى بأن المصطلحين يحمالن نفس المعنى باستثناء بعض االختالفات البسيطة التي تتعلق‬
‫بالجانب اللغوي والميداني التي ال تؤثر كثيرا في ذلك‪ ،‬بل بالعكس هذه االختالفات البسيطة تمنح الفرصة أكثر للمهتمين في‬
‫أغلب الحاالت للعمل بجدية أكثر في مجال البحث العلمي والتقصي من أجل إثراء هذا التخصص الذي ال يزال خصبا ويحتاج‬
‫إلى المزيد من الم جهودات لتطويره‪ ،‬هذا فيما يتعلق بالجانب المفاهيمي لمصطلح المؤسسة والمنظمة‪ ،‬أما فيما يتعلق بمضمون‬
‫التعاريف السابقة فيمكن إيجازها على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -‬المؤسسة عبارة عن منظمة اجتماعية واقتصادية‪.‬‬
‫‪ -‬المؤسسة عبارة عن مكان يضم مجموعة األفراد ذوي كفاءات مختلفة‪.‬‬
‫‪ -‬المؤسسة تعتمد على رؤوس المال المختلفة إلنتاج الخدمات والسلع‪.‬‬
‫‪ -‬المؤسسة تسعى دوما إلى تحقيق مجموعة من األهداف‪ ،‬منها الربح والفائدة‪ ،‬ومنها المتعلق بتوفير مختلف الخدمات للمحيط‬
‫الخارجي وال تهدف إلى تحقيق األرباح‪.‬‬
‫‪ -‬المؤسسة تتأثر كثيرا بعامل ا لمكان والزمان( فالمؤسسة في الجزائر ليست كالمؤسسة في اليابان هذا من حيث المكان‪ ،‬ونفس‬
‫المؤسسة في السبعينات ليست كالمؤسسة في السنة الحالية(‪ )2018‬هذا من حيث الزمان‪ ،‬ألنه توجد العديد من المتغيرات‬
‫البشرية والمادية والتكنولوجية والمجتمع والمحيط الخارجي والعالمية التي من شأنها أن تكون عوامل مساعدة أو تؤثر سلبا‬
‫على سيرورتها ومخرجاتها وعلى استمراريتها‪ ،‬وبالتالي يجب التنبيه هنا لدور المسييرين والقادة والمدراء وضرورة األخذ‬
‫بعين االعتبار كل هذه المتغيرات ومراقبتها ووضع فرق متخصصة على مستوى المؤسسة لمتابعتها والتخطيط لها‪ ،‬واخذ‬
‫االحتياطات الالزمة والسبل المالئمة لمواجهة التغيرات الطارئة والمفاجئة والعمل على تجنبها والتكيف المستمر مع البيئة‬
‫الخارجية‪.‬‬

‫‪ - 1‬السيد الحسيني‪ ،‬النظرية االجتماعية ودراسة التنظيم‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،1976 ،‬ص‪.32‬‬
‫‪ - 2‬محمد قاسم القريوتي‪ ،‬اإلدارة المعاصرة بين النظرية والتطبيق‪ ،‬جمعية المطابع التعاونية‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،1985 ،‬ص‪.92‬‬
‫‪ - 3‬محمد أكرم العدلوني‪ ،‬العمل المؤسسي‪ ،‬دار بن حزم‪ ،‬لبنان ‪ ،‬ط‪ ،2002 ،1‬ص‪.14‬‬
‫‪ - 4‬أحمد زكي بدوي‪ ،‬معجم مصطلحات الرعاية والتنمية االجتماعية‪ ،‬دار الكتاب المصري‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬دار الكتاب اللبناني‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1987 ،1‬‬
‫ص ‪.142‬‬
‫‪ - 5‬عبد الرزاق بن حبيب‪ ،‬اقتصاد وتسيير المؤسسة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط ‪ ،2013 ،5‬ص‪.34‬‬
‫‪ - 6‬سيف اإلسالم شوية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.8‬‬
‫‪ -‬المؤسسة تخصص لها موارد موالية من طرف الدولة أو تجد الطريقة المناسبة لجمعها وتحصيلها من المحيط الخارجي‪.‬‬
‫‪ -‬للمؤسسة ثقافتها ا لتنظيمية ( قيم‪ ،‬معايير‪ ،‬أعراف‪ )...‬تساهم في إعطاء صورة واضحة عن مكانتها ودورها وأهدافها‬
‫وأساليب تسييرها على المستوى الداخلي‪ ،‬وسياستها العامة التي تعتمد عليها وتحتكم إليها أثناء مباشرة عالقتها مع كل‬
‫األطراف الخارجية‪.‬‬
‫‪ -‬المؤسسة تعتمد على بناء تنظيمي خاص بها ي سمح لها بتقسيم العمل على مختلف وحداتها وتوزيع األدوار والواجبات على‬
‫أفرادها‪ ،‬ووضع مجموعة من القواعد واإلجراءات التنظيمية التي تساعد بدورها على ديمومتها واستقرارها‪.‬‬
‫** أما بالنسبة للشركة‬
‫تعرف الشركات في القانون التجاري بأنها‪ '' :‬منشآت تزاول نشاطا اقتصاديا معينا‪ ،‬ويمتلك رأسمالها أكثر من شخص واحد‬
‫'' حيث تٌنشأ هذه الشركات بمقتضى '' عقد يلتزم فيه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع مالي بتقديم حصة من‬
‫‪1‬‬
‫رأس المال القتسام ما قد ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو خسارة ''‪.‬‬
‫فمن الواضح أن مصطلح الشركة يعتبر مفهوما اقتصاديا إلى حد كبير‪ ،‬وذلك من خالل أهدافها التي تسعى بالدرجة األولى‬
‫إلى تحقيق الربح والمنفعة المادية لألشخاص المشتركين( هناك شراكة) في هذا المشروع‪ ،‬بل أكثر من ذلك تقاسم حتى‬
‫الخسارة واإلفالس والغلق وما ينجر عن ذلك من تبعات‪.‬‬
‫كما يجب اإلشارة هنا بأن '' الشركة ''من وجهة نظر الباحث باالعتماد على التراث السوسيولوجي خاصة منه المتعلق‬
‫بالجانب التنظيمي‪ ،‬بأنه يمكن القول بأن الشركة عبارة عن تنظيم اجتماعي ( يتكون من أنساق متعددة تعمل بطريقة متكاملة )‪،‬‬
‫وعلى الخصوص يضم هذا التنظيم (ال عنصر البشري) أو مجموعة من األفراد العاملين في حيز مكاني معين يتفاعلون فيما‬
‫بينهم باستمرار من أجل تحقيق مختلف األهداف المشتركة‪ ،‬سواء المتعلقة بالمنظمة أو المتعلقة بالعاملين‪ ،‬مع األخذ بعين‬
‫االعتبار كل المتغيرات الداخلية والخارجية ذات العالقة بالمحيط الخارجي في مختلف المجاالت‪.‬‬
‫‪ / 3.2‬خصائص المنظمات‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫حسب عبد الباسط محمد حسن للمنظمات مجموعة من الخصائص يمكن إيجازها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬وجود تقسيم العمل‪ ،‬ومراكز للسلطة‪ ،‬ونظام لالتصال بين مختلف أجزاء المنظمة بشرط أن يحدث ذلك وفقا لسياسة‬
‫مقصودة‪ ،‬وتخطيط مرسوم يٌعين على تحقيق أهداف المنظمة‪.‬‬
‫‪ -2‬قيام مراكز السلطة بالمنظمة بالعمل على تحقيق األهداف المطلوبة عن طريق توجيه األنشطة القائمة‪ ،‬وتقويم الجهود‬
‫المبذولة‪ ،‬وإعادة بناء الهيكل التنظيمي إذا وجد به جوانب قصور تحول دون تحقيق األهداف المبتغاة‪.‬‬
‫‪ -3‬تجديد القوى البشرية العاملة في المنظمة‪ ،‬عن طريق استبعاد األشخاص غير الصالحين‪ ،‬وتعيين أشخاص جدد‪ ،‬وإعادة‬
‫ترتيب األشخاص في المنظمة عن طريق النقل والترقية‪ ،‬بحيث يساعد ذلك على تحقيق األهداف المرجوة‪.‬‬
‫وينطبق اصطالح المنظمات على الشركات والمصانع والبنوك والمدارس والمستشفيات والكنائس والسجون‪ ،‬على حين‬
‫أن القبائل والطبقات االجتماعية‪ ،‬والجماعات العنصرية‪ ،‬والزمر ال يمكن اعتبارها منظمات حيث ال تتوافر فيها الخصائص‬
‫السابقة‪.‬‬
‫مما سبق يتضح أنه للمنظمات مجموعة من المميزات والخصائص التي تميزها عن غيرها من التجمعات اإلنسانية‬
‫األخرى‪ ،‬لكون أن المنظمات يتم إنشائها بطريقة مقصودة‪ ،‬وتسعى إلى تحقيق جملة من األهداف‪ ،‬وأفرادها يتم اختيارهم‬
‫وانتقائهم وفق شروط معينة ومحددة‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك االعتماد على تقسيم العمل واألدوار بين هؤالء األعضاء وفق‬
‫مؤهالتهم وكفاءتهم وخبرتهم المهنية‪ ،‬وخضوع المنظمة وأفرادها إلى مجموعة من اإلجراءات والقواعد واألنظمة التي تساعد‬
‫على بناء الهيكل التنظيمي وتعديله متى لزم ذلك‪ ،‬وتحديد طرق االتصال والتنسيق والتكامل‪ ،‬وكذا مراكز للسلطة بالمنظمة‬
‫تسهر على التقييم المستمر ألداء أفرادها‪ ،‬ونظام خاص بالترقيات والعقوبات واالستغناء في بعض األحيان على األفراد‬
‫المقصرين أو العاجزين عن أداء مهامهم‪.‬‬
‫ثالثا‪ /‬نشأة وتطور علم اجتماع التنظيم والعمل‬
‫سوف يتم التطرق في هذا العنص ر إلى تاريخ نشأة ومختلف المراحل لتطور علم اجتماع التنظيم أو علم اجتماع‬
‫التنظيم والعمل أو علم اجتماع المنظمات أو علم اجتماع التنظيمات‪ ،‬ويجب اإلشارة هنا إلى أن كل المصطلحات لها نفس‬

‫‪ - 1‬سيف اإلسالم شوية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.6‬‬


‫‪ - 2‬عبد الباسط محمد حسن‪ ،‬علم االجتماع الصناعي‪ ،‬دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،1‬دون سنة‪ ،‬ص‪.160‬‬
‫المدلول ولها نفس المعنى‪ .‬ويجب التذكير هنا بأن المجتمعات واألمم والحضارات القديمة خاصة في أفريقيا وآسيا وأوروبا‬
‫والضاربة في أعماق التاريخ عرفت بدورها الكثير من الطرق واألساليب التنظيمية في مختلف المجاالت( الزراعة‪،‬‬
‫الصناعة‪،‬البناء والمشاريع الكبرى‪ ،‬الجيوش‪ ،)...‬وفي كل هذه المجاالت كان الجانب التنظيمي ذو أهمية كبيرة من أجل تحقيق‬
‫أهدافها ‪ ،‬ومن هذه األساليب التي ساعدت كثيرا على نجاح تلك الحضارات نجد على سبيل المثال ال الحصر التنظيم اإلداري‬
‫والقيادة وممارسة السلطة وتقسيم المهام وتقييم األفراد وتشجيعهم على الجدية والمثابرة والتنافس والترقية والتخصص في‬
‫العمل‪ ...‬وفي هذا السياق يمكن اإلشارة إلى العديد من األمثلة في هذا الشأن‪:‬‬
‫‪ -‬الحضارة الفرعونية‪ :‬ويتضح ذلك على الخصوص من خالل بناء األهرامات وما رافق ذلك من تنظيم للعمل والعمال‬
‫والتنسيق‪ ،‬وتكامل األدوار بين الجنود والقيادات وتوزيع األعمال والرقابة‪...‬‬
‫‪ -‬الحضارة الصينية‪ :‬تعتبر الحضارة الصينية حضارة عظيمة وقوية وذات وزن كبير في المسيرة البشرية‪ ،‬واهتمت هذه‬
‫الحضارة العريقة عبر مختلف مراحل تطورها باإلنسان واألسرة واألخالق والفضائل االجتماعية رغم التعدد الديني وتنوع‬
‫السلطة السياسية بها‪ ،‬األمر الذي ساعد بنسبة كبيرة على التماسك والتنظيم والعمل بشكل جماعي وتعزيز قيم االنتماء من أجل‬
‫مواجهة كل الصعوبات والتحديات‪ ،‬ونتيجة لذلك ولعوامل أخرى حققت الحضارة الصينية الكثير من االنجازات التاريخية‬
‫الكثيرة والضخمة على مستوى جميع األصعدة الحرفية والزراعية واالقتصادية واالجتماعية والسياسية والعسكرية‪...‬‬
‫‪ -‬الحضارة اليونانية‪ :‬وتميزت هذه الحضارة بتفوقها آنذاك في المجال المعماري وفي الفلسفة والرياضيات والعلوم ومن أشهر‬
‫علمائها سقراط وأفالطون وفيتاغورس‪ ...‬وعرفت الحضارة اليونانية الكثير من أشكال التنظيم وما رافقه من توزيع المهام‬
‫واألدوار وا لتخصص في مجاالت متعددة‪ ،‬كالمجال التجاري والصناعي والصيد البحري وصناعة النقود‪ ...‬كل ذلك لم يتحقق‬
‫عن طريق الصدفة أو بطريقة عفوية‪ ،‬بل من خالل نظام مقصود وهادف‪ ،‬مهيكل ومرتب‪ ،‬موزع ومقسم بين مختلف الطبقات‬
‫( طبقة الحرفيين والتجار‪ ،‬طبقة صغار المزارعين‪ ،‬األجانب‪ ،‬العبيد‪ )...‬من أجل تحقيق البقاء والتقدم والتوسع‪.‬‬
‫‪ -‬الحضارة الرومانية‪ :‬تعتبر هذه الحضارة من أهم الحضارات األوروبية إلى جانب الحضارة اليونانية ‪،‬حيث عرفت الجانب‬
‫التنظيمي في الكثير من المجاالت كفن العمارة وتنظيم الجيوش‪ ،‬التعليم‪ ،‬االقتصاد‪ ،‬القانون‪...‬‬
‫‪ -‬حضارة بالد الرافدين‪ :‬نشأت هذه الحضارة في بالد العراق حاليا ‪ ،‬وقد ساعد على بروزها الكثير من الجوانب التنظيمية‬
‫وغيرها‪ ،‬باإلضافة إلى الموقع الجغرافي المتميز والواقع بمحاذاة نهري دجلة والفرات‪ ،‬وقد سمح ذلك بممارسة مختلف‬
‫األنشطة الزراعية والصناعية البسيطة والتبادل التجاري وقيام العديد من الممالك المتعاقبة وما نجم عن ذلك من هيكلة النظام‬
‫السياسي واالقتصادي واالجتماعي وتقسيم العمل‪.‬‬
‫‪ -‬الحضارة اإلسالمية‪ :‬لقد تميزت هذه الحضارة بميزة أساسية وهي أنها ربانية المصدر(وهذه الخاصية التي تنفرد بها‬
‫الحضارة اإلسالمية عن ب قية الحضارات األخرى)‪ ،‬وهي شاملة وكاملة ولم تقتصر على جنس أو عرق أو مكان معين‪ ،‬فهي‬
‫بمثابة إرث مشترك بين كل الشعوب واألمم‪ ،‬وشملت كافة مناحي الحياة( السياسية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬الدينية‪ ،‬في‬
‫التربية والعلوم‪ ،‬العدالة والمساواة‪ ...‬إلى أدق التفاصيل المتعلقة بالمعامالت اليومية بين أفراد األسرة والمجتمع )‪ .‬وفي المجال‬
‫التنظيمي على الخصوص عرفت الكثير من الميادين تطبيق هذا التوجه الذي سمح وساهم كثيرا في تسيير شؤون السياسية‬
‫للحكم‪ ،‬وذلك من خالل تعيين قادة سياسيين وعسكريين‪ ،‬وتعيين وزراء‪ ،‬وإيفاد سفراء للمناطق واألقاليم والشعوب البعيدة‬
‫جغرافيا‪ ،‬وتطبيق مبدأ الالمركزية في التسيير‪ ،‬وتفويض الصالحيات‪ ،‬وعقد اجتماعات لتقييم الوضع‪ ،‬وفي المجال االقتصادي‬
‫بدوره عرف تنظيم محكم ومن أمثلة ذلك إنشاء بيت مال المسلمين‪ ،‬وجمع الزكاة وتوزيعها على الفقراء من المسلمين‪،‬‬
‫وإحصاء المحتاجين منهم‪ ،‬وجمع الضرائب‪ ،‬وتنظيم التجارة واألسواق‪ ،‬وتحريم الغش‪ ...‬إلى غير ذلك من التنظيمات التي تم‬
‫االعتماد عليها في تسيير الشؤون اليومية ألفراد المجتمع‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار نجد (حسين عبد الحميد احمد رشوان) في مؤلفه علم اجتماع التنظيم يقول‪ :‬لقد شهد هذا العصر تحوالت‬
‫‪1‬‬

‫اجتماعية وثقافية واقتصادية هيأت المناخ لنمو التنظيمات وازدهارها‪ ،‬وقبل الفرد التعامل مع التنظيمات المتخصصة التي‬
‫تتولى إشباع حاجاته والوفاء بمتطلبات التطور التقني‪ ،‬وأصبحت الحاجة ماسة لظهور تنظيمات حديثة معقدة تتسم بالعقالنية‪،‬‬
‫واالنجاز والكفاءة‪ ،‬وتعتم د على تقسيم العمل‪ ،‬وتسهم في دفع عمليات التطور والتنمية والتحديث‪ ،‬وتكون مواكبة لزيادة‬
‫الخصوبة والتصنيع والتقدم التكنولوجي‪ ،‬ووسائل االتصال والمواصالت وكافة مجاالت الحياة اإلنسانية‪.‬‬
‫وهكذا تحولت المجتمعات إلى تنظيمات كبيرة تتألف من تنظيمات فرعية متخصصة‪ ،‬تقدم خدماتها في مختلف‬
‫مجاالت الحياة اليومية‪ ،‬وأصبح مفهوم التنظيم يغطي مؤسسات متباينة األهداف‪ :‬كالمستشفيات‪ ،‬والمدارس‪ ،‬والجامعات‬

‫‪ - 1‬حسين عبد الحميد أحمد رشوان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.43 -40‬‬
‫والمصانع‪ ،‬والجيش والشرطة‪ ...‬سواء كانت تلك التنظيمات رسمية أو تطوعية‪ ،‬انطبعت التنظيمات الحديثة بخصائص‬
‫بيروقراطية ومهنية متخصصة تميزها ع ن غيرها من التنظيمات التقليدية التي شهدتها الحضارات اإلنسانية القديمة‪.‬‬
‫وقد أدرك " سان سيمون" (‪ )1760-1857‬ظهور األنماط التنظيمية الحديثة وأهميتها بالنسبة للمجتمع‪ ،‬وتعرف على‬
‫بعض سماتها‪ ،‬وألمح "كونت" ( ‪ )1798-1857‬إلى أن " سان سيمون" اعتقد أن الطرق اإلدارية في مجتمع المستقبل ال‬
‫تستلزم القوة أو القهر أو اإللزام‪ ،‬وأن السلطة اإلدارية لن تقوم على المولد أو الخصائص الوراثية‪ ،‬وإنما تستند اإلدارة الحديثة‬
‫على المهارات العلمية والمعرفة الوضعية‪.‬‬
‫ويضيف كذلك قائال‪ 1:‬ويعتبر " كارل ماركس" (‪ )1818-1883‬أول من قدم تحليالت للتنظيمات البيروقراطية في‬
‫ضوء مفاهيمه وتصوراته عن الصراع الطبقي‪ ،‬وأزمة الرأسمالية‪ ،‬وحتمية المجتمع الشيوعي‪.‬‬
‫ويرجع الفضل في ظهور علم االجتماع التنظيمي والذي هو فرع من فروع علم االجتماع إلى "ماكس فيبر" ( ‪- 1864‬‬
‫‪ ،)1920‬وأشار إلى البيروقراطية والسلطة التي بدأت تأخذ مكانتها في ألمانيا‪ ،‬و اعتبر أن التنظيم البيروقراطي هو شكل أو‬
‫نمط من أنماط التنظيم يتصف بالعمومية‪.‬‬
‫واختصر" ماكس فيبر" ميادين األعمال التي يطبق فيها النموذج من التنظيم في األعمال التي تهدف إلى تحقيق الربح‪،‬‬
‫أو المشروعات الخاصة التي تخدم أغراضا مادية أو مثالية‪ ،‬والتنظيمات الخيرية والدينية والسياسية والعسكرية‪ ،‬وبدأ " ماكس‬
‫فيبر" تحليله بصياغة نموذج السلطة الشرعية المعقولة وأوضح أن العوامل الفيزيقية ال تعتبر بمفردها تفسيرات بمفردها كافية‬
‫لسلوك العمال‪ ،‬واعتبر أن الدافعية عامال هاما في تحديد سلوك العمال وممارستهم للعمل‪ ،‬فبالدافعية يمكن تفسير سلوكهم في‬
‫أي مكان عمل حتى في الحاالت التي تسيطر عليها االعتبارات االقتصادية العقالنية‪.‬‬
‫وينطبق ذلك على حال تفسير سلوك العمال الشبان الذين يغيرون مهنتهم‪ ،‬ويتم ذلك بتحديد نوعية مهارتهم وقيم سوق‬
‫العمل‪ ،‬وعلى ذلك فإن دافعية العمال تكون ظاهرة اجتماعية معقدة‪ ،‬يصعب تفسيرها فقط في ضوء االعتبارات البيولوجية‪،‬‬
‫وينبغي أن نضع في االعتبار أهمية المتغيرات السكانية وحركات الهجرة واستخدامنا لمفهومات التماسك وااللتزام بالتقليد‬
‫والتكيف والمالءمة مع االختراعات‪.‬‬

‫رابعا‪ /‬أنواع أو تصنيف ( تنميط) التنظيمات‪.‬‬


‫يتم من خالل هذا العنصر التطرق إلى مختلف التصنيفات أو األنواع أو األنماط التي يتم تداولها من قبل الكثير من العلماء‬
‫والباحثين‪ ،‬وسوف نبرز في البداية التصنيفات التي أوردها '' طلعت إبراهيم لطفي'' في كتابه علم اجتماع التنظيم‪ ،‬حيث صنف‬
‫المنظمات على العموم إلى أربعة أصناف أو أنماط أساسية(على أساس عالقات االمتثال‪ ،‬على أساس المستفيد األول من‬
‫األنشطة التنظيمية‪ ،‬على أساس التكنولوجيا‪ ،‬على أساس وظائفها) على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ / 1 -4‬تنميط التنظيمات على أساس عالقات االمتثال‬
‫في هذا الصدد نجد أن (إتزيوني) قد وضع نموذجا لتنميط التنظيمات على أساس عالقات االمتثال‪ ،‬أي على أساس‬
‫الطريقة التي يتصرف بها أعضاء المستوى التنظيمي األدنى في مواجهة السلطة داخل التنظيم‪ .‬ويرى (إتزيوني) أن هناك‬
‫ثالثة أنماط من السلطة يقابلها ثالثة أنماط من االمتثال‪ ،‬فهناك نمط السلطة القهرية الذي يستخدم العقاب البدني ويقابله نمط‬
‫االمتثال االغترابي‪ ،‬وهناك نمط السلطة الذي يستخدم المكافآت ويقابله نمط االمتثال الحسابي أو النفعي‪ ،‬وأخيرا هناك نمط‬
‫السلطة الذي يستخدم اإلقناع والمكافآت الرمزية ويقابله نمط االمتثال األخالقي‪.‬‬
‫وفي ضوء ما سبق قام ( إتزيوني) بتصنيف التنظيمات حسب عالقات االمتثال إلى ثالثة أنماط على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -‬التنظيمات القهرية أو الملزمة‪ :‬وهي تلك التنظيمات التي تفرض العضوية فيها على األفراد بالقوة‪ ،‬ومن أمثلة هذه التنظيمات‬
‫السجون والمستشفيات العقلية‪...‬‬
‫‪ -‬التنظيمات النفعية‪ :‬وهي تلك التنظيمات التي يتم إنشائها من أجل تحقيق أهداف وفوائد عملية‪ ،‬ومن أمثلتها التنظيمات‬
‫الصناعية والتجارية والجامعات‪...‬‬
‫‪ -‬التنظيمات االختيارية‪ :‬وهي تلك التنظيمات التي يلتحق بها األفراد باختيارهم ويتركونها بإرادتهم الحرة‪ ،‬ومن أمثلة هذه‬
‫التنظيمات‪ ،‬النوادي‪ ،‬ودور العبادة‪ .. .‬ونالحظ أن التنظيمات النفعية تقع في مركز متوسط بين التنظيمات القهرية والتنظيمات‬
‫االختيارية‪ ،‬وذلك نظرا ألن العضوية في هذه التنظيمات ال تعتبر إجبارية تماما‪ ،‬كما أنها ال تعتبر اختيارية تماما‪.‬‬

‫‪ - 1‬حسين عبد الحميد أحمد رشوان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.43 -42‬‬
‫إن هذه األنماط الثالثة من التنظيمات ال توجد دائما مستقلة عن بعضها البعض‪ ،‬فقد يجمع تنظيم معين بين أكثر من نمط‬
‫‪1‬‬
‫من هذه األنماط التنظيمية السالفة الذكر‪.‬‬
‫‪ / 2 -4‬تنميط التنظيمات على أساس المستفيد األول من األنشطة التنظيمية‬
‫قام ( بالو وسكوت) بوضع تنميط للتنظيمات على أساس سؤال بسيط مؤداه '' من المستفيد؟'' أي من المستفيد األول من‬
‫‪2‬‬
‫األنشطة التنظيمية‪ ،‬وطبقا لإلجابة على هذا السؤال‪ ،‬تم تصنيف التنظيمات إلى أربعة أنماط من التنظيمات على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -‬تنظيمات المنفعة المتبادلة‪ :‬وقد يكون المستفيد األول من أنشطة التنظيم هم األعضاء‪ ،‬ومن أمثلة هذه التنظيمات األحزاب‬
‫السياسية‪ ،‬االتحادات‪ ،‬النوادي‪ ،‬التنظيمات الدينية‪ ...‬ونجد المشكلة األساسية التي تواجه مثل هذه التنظيمات هي مشكلة ضبط‬
‫سلوك األعضاء داخل هذه التنظيمات التي تعتبر العضوية فيها اختيارية‪.‬‬
‫‪ -‬تنظيمات العمل‪ :‬وفيها يكون المستفيد األول هم المالك‪ ،‬ومن أمثلة هذه التنظيمات‪ ،‬المصانع‪ ،‬البنوك‪ ،‬شركات التأمين‪ .‬ونجد‬
‫أهم المشكالت التي تواجه مثل هذه التنظيمات تتمثل في كيفية تحقيق األرباح عن طريق الحصول على أكبر عائد ممكن بأقل‬
‫تكلفة ممكنة‪.‬‬
‫‪ -‬تنظ يمات الخدمة‪ :‬وفيها يكون المستفيد األول هم العمالء‪ ،‬ومن أمثلتها‪ ،‬المستشفيات‪ ،‬مؤسسات الرعاية االجتماعية‪،‬‬
‫المدارس‪ ،‬ومن المشكالت األساسية في هذه التنظيمات مشكلة رفع مستوى الكفاءة المهنية للعاملين فيها حتى يمكنهم االرتفاع‬
‫بمستوى الرعاية التي تقدم للعمالء‪.‬‬
‫‪ -‬تنظيمات المصلحة العامة‪ :‬وفيها يكون المستفيد األول من أنشطة التنظيم هو الجمهور بوجه عام‪ ،‬ومن أمثلتها التنظيمات‬
‫العسكرية‪ ،‬والشرطة واإلطفاء‪...‬‬
‫ومن أوجه النقد التي يمكن أن يتعرض لها هذا النوع‪ ،‬أنه قد يكون من الصعب تحديد المستفيد األول أو األساسي من‬
‫األنشط ة التي يؤديها التنظيم‪ ،‬لذلك قد يصعب أحيانا استخدام مثل هذا النوع‪.‬‬
‫‪ / 3 -4‬تنميط التنظيمات على أساس التكنولوجيا‬
‫ومن أهم العلماء الذين حاولوا تنميط التنظيمات على أساس التكنولوجيا المستخدمة فيها هم ( جوان وود وارد‪ ،‬روبرت‬
‫بلونر‪ ،‬جيمس تومبسون)‪.‬‬
‫وعلى سبيل المثال قامت (وود وارد) بدراسة ‪ 100‬مصنع من المصانع البريطانية‪ ،‬ثم قامت بتنميط هذه التنظيمات على‬
‫‪3‬‬
‫أساس درجة التعقيد في التكنولوجيا المستخدمة فيها إلى ثالثة أنماط على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -‬التنظيمات الصناعية التي تستخدم التكنولوجيا البسيطة‪ :‬وفيها يتم اإلنتاج بالوحدة‪ ،‬ويكون قليال من حيث الكمية‪.‬‬
‫‪ -‬التنظيمات التي تستخدم عمليات اإلنتاج الكبير‪ :‬ونجد أن مثل هذه التنظيمات تعتمد على خطوط التجميع إلنتاج كميات‬
‫ضخمة من الوحدات اإلنتاجية‪ ،‬التلفزيون والسيارات‪ ،‬الثالجات‪...‬‬
‫‪ -‬التنظيمات الصناعية التي تستخدم العمليات اإلنتاجية بالغة التعقيد‪ :‬وفي هذه التنظيمات تكون العمليات اإلنتاجية مستمرة‪،‬‬
‫مثل التنظيمات التي تعمل في صناعة تكرير البترول‪...‬‬
‫‪ / 4 -4‬تنميط التنظيمات على أساس وظائفها‬
‫تأثر بعض المهتمين بشؤون التنظيم بالتحليل البنائي الوظيفي وما أطلق عليه (بارسونز) الشروط أو المتطلبات‬
‫الوظيفية‪ ،‬فقد ذهب ( بارسونز) إلى أن هناك أربعة متطلبات وظيفية أساسية يتعين على كل نسق أن يواجهها إذا ما أراد‬
‫البقاء‪ ،‬وهذه المتطلبات هي‪ :‬الموائمة وت حقيق الهدف‪ ،‬التكامل‪ ،‬والكمون أو ضبط أو خفض التوتر‪ ،‬وعلى التنظيم بوصفه نسقا‬
‫اجتماعيا أن يواجه هذه المتطلبات وأن يضمن لها التحقيق إذا ما أراد تحقيق وظائفه‪ )....( .‬وعليه يمكن تصنيف التنظيمات‬
‫على أساس وظائفها إلى أربعة أنماط على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -‬التنظيمات التي تهدف إلى تحقيق التكيف‪ :‬ومن أمثلتها تنظيمات العمل‪.‬‬
‫‪ -‬التنظيمات التي تواجه متطلب تحقيق الهدف‪ :‬ومن أمثلتها التنظيمات العسكرية‬
‫‪ -‬التنظيمات التي تهدف إلى تحقيق التكامل‪ :‬ومن أمثلتها المستشفيات‬
‫‪ -‬التنظيمات التي تهدف إلى ضبط أو حفظ التوتر‪ :‬ومن أمثلتها التنظيمات الدينية التي تهدف إلى المحافظة على أنماط القيم‬
‫األساسية‪.‬‬

‫‪ -1‬طلعت إبراهيم لطفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.28-27‬‬


‫‪ -2‬نفس المرجع‪ ،‬ص ص ‪ ( 29-28‬بتصرف)‪.‬‬
‫‪ - 3‬طلعت إبراهيم لطفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫من خالل الكالم السابق لألستاذ ''طلعت إبراهيم لطفي'' يمكن الحديث عن أربعة أصناف أساسية لتنميط أو تقسيم‬
‫المنظمات (التنظيمات) وهي‪ :‬التنظيمات التي تم إنشائها على أساس عالقات االمتثال( ويقصد بها العالقة الموجودة بين أنواع‬
‫السلطة في المنظمة والمرؤوسين‪ ،‬فالسلطة القهرية يقابلها االمتثال االغترابي من طرف المرؤوسين‪ ،‬وسلطة المكافآت يقابلها‬
‫االمتثال النفعي‪ ،‬وسلطة اإلقناع والمكافآت الرمزية ويقابلها االمتثال األخالقي )‪ ،‬التنظيمات التي تم إنشائها على أساس‬
‫الم ستفيد األول من األنشطة التنظيمية( في هذا التصنيف تم تحديد أربعة أنواع من المستفيدين وهم على التوالي‪ :‬األعضاء‪،‬‬
‫المالك‪ ،‬العمالء‪ ،‬الجمهور)‪ ،‬التنظيمات التي تم إنشائها على أساس التكنولوجيا المستخدمة( التنظيمات الصناعية التي تستخدم‬
‫التكنولوجيا البسيطة‪ ،‬التنظيمات الصناعية المتوسطة التكنولوجيا والتي تستخدم عمليات اإلنتاج الكبير‪ ،‬التنظيمات الصناعية‬
‫التي تستخدم التكنولوجيا في العمليات اإلنتاجية بالغة التعقيد)‪ ،‬وأخيرا التنظيمات التي تم إنشائها على أساس المتطلبات‬
‫الوظيفية األربعة التي أشار إليها بارسونز‪.‬‬
‫ويجب اإلشارة هنا إلى أن هذا التصنيف الذي تم التطرق إليه ال يعتبر التصنيف الوحيد المعتمد أو المتفق عليه‪ ،‬بل توجد‬
‫هناك تصنيفات وتقسيمات أخرى قدمها العديد من العلماء والباحثين والمهتمين في هذا المجال‪ ،‬ومن أجل االطالع أكثر وإثراء‬
‫هذا العنصر نرى أنه من الضر وري إلقاء نظرة عليها ولو بطريقة موجزة‪ ،‬حتى يتمكن المهتمين من كل الفئات وخاصة‬
‫الطلبة في هذا التخصص االطالع على جميع األفكار والتراث المعرفي المتداول في هذا الشأن‪ .‬ومنه محاولة عقد مقارنات‬
‫بين ما هو نظري وما هو عملي وميداني‪ ،‬والعمل على تقديم القراءات النقدية والموضوعية لذلك‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫وهناك من يقدم تصنيف آخر على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬المنظمات الصناعية‪ :‬حيث تكون األهداف االقتصادية ذات نوعية صناعية سواء استخراجية أو تحويلية‪.‬‬
‫‪ -2‬المنظمات التجارية‪ :‬حيث تكون األهداف االقتصادية ذات نوعية تجارية مثل الشراء والبيع‪.‬‬
‫‪ -3‬المن ظمات الزراعية‪ :‬وتنقسم المنظمات الزراعية بدورها إلى عدة أنواع حيث تكون األهداف االقتصادية ذات طبيعة أو‬
‫نوعية زراعية‪.‬‬
‫‪ -4‬المنظمات المالية‪ :‬ويمكن تقسيم المنظمات المالية إلى عدة أنواع‪ ،‬تجارية‪ ،‬عقارية‪ ،‬بورصة‪ ...‬وتكون األهداف االقتصادية‬
‫ذات طبيعة أو نوعية مالية‪.‬‬
‫‪ -5‬المنظمات الخدمية‪ :‬وعادة تكون األهداف االقتصادية في المنظمات الخدمية ذات نوعية خدمية كالنقل والمواصالت‪،‬‬
‫والصحة‪ ،‬والتعليم‪...‬‬
‫والمالحظ على هذا التصنيف أنه يعتمد بالدرجة األولى على األهداف المراد تحقيقها من قبل المنظمة‪ ،‬وكذا التركيز على‬
‫األبعاد االقتصادية وإهمال األبعاد األخرى‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ما سبق نجد هناك تصنيفات أخرى تعتمد في تقسيمها للمنظمات على أساس األسباب والدوافع المؤدية إلى‬
‫االنتماء لها‪ ،‬كالمنظمات العامة والمنظمات الخاصة‪ ،‬والمنظمات المهنية والرياضية والجمعيات الخيرية‪ ،‬والتجارية‪ ...‬وهناك‬
‫من يعتمد على طريقة تكوين المنظمة في التصنيف‪ ،‬كالمنظمات التي يتم إنشائها بطريقة مقصودة والتي يتم تكوينها بطريقة‬
‫آلية أو تلقائية كاألسرة والمساجد على سبيل الذكر ال الحصر‪.‬‬
‫خامسا ‪ /‬عالقة علم اجتماع التنظيم والعمل بالعلوم األخرى‪.‬‬
‫في هذا ال عنصر سوف نحاول التطرق إلى العالقة الموجودة بين هذا الفرع( علم اجتماع التنظيم) أو التخصص أو‬
‫الميدان من علم االجتماع بالعلوم األخرى‪ ،‬خاصة منها العلوم االجتماعية‪ ،‬وفي ما يلي سنتعرف على تفاصيل العالقة بين علم‬
‫اجتماع التنظيم وعلم االقتصاد وعلم النفس االجتماعي والخدمة االجتماعية‪.‬‬
‫‪ / 1-5‬عالقة علم اجتماع التنظيم بعلم االقتصاد‬
‫ففي مجال العلوم االقتصادية‪ 2‬نجد موضوعات عديدة تستحوذ على اهتمام كل من االقتصاديين وعلماء االجتماع في‬
‫مجال التنظيمات‪ ،‬مثل موضوعات اإلنتاجية‪ ،‬وتنظيم العمل‪ ،‬والتسويق‪ ،‬والموارد البشرية‪ ،‬وإدارة األفراد‪ ،‬وغيرها‪ ،‬غير أن‬
‫ما يميز معالجة علم اجتماع التنظيم عن معالجة العلوم االقتصادية للموضوعات المشار إليها يكمن في المتغيرات األساسية‬
‫التي يلجأ إليها علم االجتماع لتفسير الظواهر المتعددة والمتنوعة‪ ،‬ففي حين تتجه دراسات علم اجتماع التنظيم إلى تفسير‬

‫‪ - 1‬فاروق عبده فليه‪ ،‬السيد محمد عبد المجيد‪ ،‬السلوك التنظيمي في إدارة المؤسسات التعليمية‪ ،‬دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪ ،‬ط‪ ،2005 ،1‬ص ص ‪.88-87‬‬
‫‪ - 2‬أحمد األصفر‪ ،‬أديب عقيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.37-36‬‬
‫الظواهر المرتبطة بقضايا اإلنتاج‪ ،‬والتسويق‪ ،‬والتخطيط لقوة العمل بالعودة إلى طبيعة البنى االجتماعية والنظم التي تحدد‬
‫أشكال التفاعل االجتماعي ضمن التنظيم‪ ،‬وصيغ العالقات القائمة بين األفراد‪ ،‬يلجأ الباحثون في العلوم االقتصادية إلى تفسير‬
‫المشكالت والقضايا المعنية بالدراسة بالعودة إلى جملة من القوانين ذات الطابع االقتصادي‪ ،‬والتي تقوم في مجملها على مبدأ‬
‫التوازن بين العرض والطلب‪ ،‬أو بين األجر واإلنتاج‪ ،‬أو بين الكفاءة واألداء وغير ذلك من االعتبارات‪ .‬مما يشير إلى أن‬
‫االختالف بين علم اجتماع التنظيم والعلوم االقتصادية ال يكمن في الموضوعات المطروحة للدراسة إنما في طريقة المعالجة‬
‫وأساليبها‪ ،‬والمتغيرات المفسرة للمشكالت والقضايا‪.‬‬

‫‪ / 2 -5‬عالقة علم اجتماع التنظيم بعلم النفس االجتماعي‬


‫كما يشترك علم اجتماع التنظيم مع علم النفس االجتماعي في الكثير من القضايا والموضوعات التي يهتم بها هذا‬
‫الميدان من ميادين العلم‪ ،‬فمشكالت اإلدارة‪ ،‬والقيادة‪ ،‬والرأي العام‪ ،‬ومستويات األداء تستحوذ أيضا على اهتمام الباحثين‬
‫والمفكرين في كال الميدانين‪ ،‬وتأتي طريقة معالجتها‪ ،‬وأسلوب تحليلها متباينة نسبيا‪ ،‬ويكمن وجه االختالف أيضا في طبيعة‬
‫االفتراضات التي تفسر واقع المشكالت‪ ،‬فعلم اجتماع التنظيم يميل إلى تفسير الظواهر المعنية بطبيعة النظم االجتماعية‬
‫المحددة ألشكال التفاعل بين األفراد‪ ،‬باإلضافة إلى استعانته بالظواهر االجتماعية المحيطة بالظواهر المدروسة وتتصل بها‬
‫على نحو من األنحاء‪ ،‬بينما تميل دراسات علم النفس االجتماعي إلى تحليل الظواهر بالعودة إلى المتغيرات النفسية االجتماعية‬
‫المتعلقة بحياة األفراد وظروفهم‪ ،‬مثل عوامل التنشئة‪ ،‬وأنماط الجماعات وقضايا االتصال وغيرها من المتغيرات التي تنجم‬
‫عن تفاعل الذات مع الموضوع‪.‬‬
‫‪ / 3-5‬عالقة علم اجتماع التنظيم بعلم الخدمة االجتماعية‬
‫علم اجتماع التنظيم يشترك مع الخدمة االجتماعية في عدد كبير من الموضوعات وخاصة المتصلة منها بالخدمات المقدمة‬
‫للعاملين‪ ،‬حيث يهتم الباحث االجتماعي في مجال الخدمة لتوفير الحاجات األساسية للعاملين من مسكن‪ ،‬وظروف عمل‬
‫مناسبة‪ ،‬وأجور مرتفعة‪ ،‬وخدمات صحية وتعليمية مناسبة بغية تقديم ما يجب تقديمه للعاملين على اعتبار أن ذلك يعد حقا من‬
‫حقوقهم‪ ،‬وواجبا على المؤسسات يجب أن توفره للعاملين بصرف النظر عن طبيعة اإلنتاج‪ ،‬وكفايته ومقداره‪ ،‬أما علم اجتماع‬
‫التنظيم فيضيف إلى العناصر المشار إليها بعدا تفسيريا للمشكالت فيربط إنتاجية العمل مثال‪ ،‬ومشكالت السكن‪ ،‬أو الصحة‪ ،‬أو‬
‫‪1‬‬
‫طبيعة الخدمات األساسية المنتشرة بين العاملين‪.‬‬

‫‪ / 4-5‬عالقة علم اجتماع التنظيم بعلم السياسة والقانون‬


‫علم السياسة من العلوم التي تهتم بمفاهيم السلطة والسيطرة والقوة والنفوذ‪ ،‬وكذا يهتم بالطرق المناسبة والمالئمة‬
‫لممارسة وتطبيق تلك القوة بالمنظمة من طرف القادة ومساعديهم‪ ،‬بينما يهتم علم القانون بالجوانب القانونية للمنظمة ويوضح‬
‫مختلف العالقات بين كل األعضاء‪ ،‬أما علم اجتماع التنظيم فيعتمد على هاذين العلمين ويستعين بهما من أجل فرض السلطة‬
‫الضرورية والرقابة الالزمة لتسيير شؤون المنظمة وذلك من خالل تطبيق مختلف القوانين والقواعد واألنظمة للتحكم في‬
‫عملية االتصال في جميع االتجاهات بين أفرادها وتحديد الصالحيات والمسؤوليات في مختلف المستويات التنظيمية‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى ذلك‪ ،‬وض ع حيز التنفيذ القوانين المتعلقة بتسيير كافة موارد المنظمة البشرية منها والمالية والمادية‪...‬‬
‫سادسا ‪ /‬عالقة علم اجتماع التنظيم بميادين علم االجتماع األخرى ذات الصلة‬
‫سوف نحاول من خالل هذا العنصر بيان العالقة بين هذا الفرع أو الميدان (علم اجتماع التنظيم) ومختلف ميادين علم‬
‫االجتماع خاصة منها القريبة وذات الصلة وتتضمن قواسم مشتركة ونقاط التقاء كثيرة مع هذا الفرع‪.‬‬
‫يعتبر ميدان علم اجتماع التنظيم من الميادي ن المستقلة نسبيا في علم االجتماع إال أن هناك درجة من التقارب واالعتماد‬
‫المتبادل بين هذا الميدان وغيره من ميادين الدراسة في علم االجتماع‪ ،‬وخاصة ميداني علم االجتماع الصناعي وعلم االجتماع‬
‫المهني‪ ،‬وقد أدى هذا التقارب إلى أن قامت الجمعية الدولية لعلم االجتماع بوضع هذه الميادين الثالثة وثيقة الصلة بعضها‬
‫ببعض‪ ،‬تحت عنوان ( العمل والتنظيمات)‪ ،‬كما نجد أن هناك اتجاها قويا بأن تضم هذه الميادين الثالثة تحت عنوان‪ :‬علم‬
‫اجتماع التنظيم‪ ،‬وال شك أن هناك تداخال واضحا بين ميداني علم االجتماع الصناعي وعلم اجتماع التنظيم‪ ،‬ويبدو هذا التداخل‬
‫من خالل بعض التعريفات التي وضعها العلماء لعلم االجتماع الصناعي‪ ،‬وعلى سبيل المثال نجد العالم '' سميث '' يعرف علم‬

‫‪ - 1‬أحمد األصفر‪ ،‬أديب عقيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.38-37‬‬


‫االجتماع الصناعي بأنه دراسة العالقات االجتماعية داخل المصانع والمنظمات إلى جانب دراسة التأثير المتبادل بينها وبين‬
‫المجتمع المحلي‪ ،‬ونال حظ أن هذا التعريف يجعل ميدان علم االجتماع الصناعي أكثر شموال واتساعا‪ ،‬بحيث يشمل دراسة‬
‫العالقات االجتماعية داخل جميع التنظيمات الصناعية وغير الصناعية‪ ،‬كما يرى بعض العلماء مثل '' إتزيوني '' أنه يمكن‬
‫اعتبار أن النظرية التنظيمية على درجة عالية من النمو والتكا مل بحيث تصلح كموجه لبحوث التي تجري على التنظيمات‬
‫الصناعية‪1.‬‬
‫وكذلك نجد أن هناك درجة من التقارب واالعتماد المتبادل بين علم اجتماع التنظيم وعلم االجتماع المهني‪ ،‬مما جعل‬
‫الجمعية األمريكية لعلم االجتماع تخصص قسما مستقال للتنظيمات والمهن‪ ،‬وقد يكون التداخل ناجما عن أن علم االجتماع‬
‫المهني يشكل كما يرى العالمان (نوسو) ‪ S.Nose‬و(فورم ) ‪ H.Form‬مجاال فرعيا مستقال داخل علم االجتماع‬
‫الصناعي(‪ ،)...‬وعلى الرغم من هذا االرتباط الواضح بين علم االجتماع المهني وبين علم االجتماع الصناعي إال انه يمكن‬
‫النظر إلى ميدان علم اال جتماع المهني على اعتبار انه يمثل ميدانا مستقال عن البحث في علم االجتماع الصناعي‪ ،‬ويتحدد‬
‫محور اهتمام علم االجتماع المهني بدراسة العمل كظاهرة اجتماعية تنتشر في كافة المجتمعات اإلنسانية البسيطة والمركبة‪،‬‬
‫وال يقتصر على دراسة العمل في المجتمع الصناعي فقط‪ ،‬ذلك أن علم االجتماع المهني يهتم بدراسة عدد كبير من المهن التي‬
‫ال يتضمنها المجال الصناعي مثل مهنة األطباء والمدرسين وعمال الزراعة‪2.‬‬
‫سابعا‪ /‬أهم االتجاهات المعرفية( النظريات ) في مجال علم اجتماع التنظيم والعمل‪.‬‬
‫‪ /1.7‬االتجاهات الكالسيكية في التنظيم‬
‫وقبل مناقشة هذه االتجاهات الفكرية تجدر اإلشارة إلى أهم االفتراضات الصريحة والضمنية التي اعتمدتها المدرسة‬
‫‪3‬‬
‫التقليدية وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬نظرت لإلنسان نظرة ساذجة مبسطة واعتبرته "كائن اقتصادي" أي أنه يمكن التأثير على سلوكه وأفعاله عن طريق‬
‫األجور والحوافز المادية األخرى‪.‬‬
‫‪ -2‬اعتبرت أن أعمال المنظمات معروفة وذات طبيعة روتينية وبسيطة‪.‬‬
‫‪ -3‬اعتمدت معيار الكفاءة واإلنتاجية فقط للحكم على نجاح المنظمات والمدراء‪.‬‬
‫‪ -4‬رأت أن هنالك أسلوبا أمثل ألداء أي عمل يمكن تطبيقه في كل الظروف‪.‬‬
‫‪ -5‬نظرت للمنظمة على أنها تعمل في محيط مغلق وال تتفاعل مع البيئة الخارجية التي تعمل فيها‪ ،‬وأن هذه البيئة مستقرة‬
‫نسبيا‪.‬‬
‫‪ -6‬اعتبرت أن كل اتصال وتنظيم خارج القنوات الرسمية ال يخدم المنظمة ويضر باإلنتاج‪.‬‬
‫وفيما يلي عرض موجز لكل من اإلدارة العلمية ونظرية المبادئ اإلدارية ونظرية البيروقراطية‪:‬‬
‫‪ /1.1.7‬اإلدارة العلمية‬
‫يعتبر '' فريدريك تايلور''‪ 4‬رائد اإلدارة العلمية ويطلق البعض عليه "األب الروحي" لها‪ ،‬وقد بدأ حياته مراقب عمال‬
‫في شركة الصناعة الصلب والحديد‪ ،‬وتدرج إلى أن أصبح رئيسا للمهندسين‪ ،‬وبحكم عمله فقد ركز اهتمامه وتجاربه على‬
‫مدراء الخط األول وعلى مشكالت العمال اليومية‪ ،‬وكان يعتقد بأن الهدف األساس للمدير هو "وجوب تحقيق أقصى ازدهار‪/‬‬
‫منفعة لص احب العمل‪ ،‬يصاحبها أقصى منفعة لكل عامل‪ ...‬والرسالة التي كان يعبر عنها هي االعتمادية المتبادلة (التعاون)‬
‫بين اإلدارة والعاملين"‪.‬‬
‫لقد الحظ تايلور أثناء العمل تدني إنتاجية العامل‪ ،‬وكان متأكدا بأنه يمكن زيادة وتحسين هذه اإلنتاجية ودفعه تحمسه‬
‫الشديد لل علم إلى تطبيق المنهج العلمي (البحث والتجريب) في محاوالته إليجاد الحلول الصحيحة لمشكالت الكفاءة والتعاون‬
‫والحافزية‪ ،‬واستغرقت أبحاثه وتجاربه سنوات عديدة في مصانع الصلب والفحم التي عمل فيها‪ ،‬بهدف تخفيض وقت العامل‬

‫‪ - 1‬طلعت إبراهيم لطفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ (20 -19‬بتصرف)‪.‬‬


‫‪ - 2‬حسين عبد الحميد أحمد رشوان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ( 21‬بتصرف)‪.‬‬
‫‪ - 3‬حسين حريم‪ ،‬مبادئ اإلدارة الحديثة‪( ،‬النظريات‪ ،‬العمليات اإلدارية‪ ،‬وظائف المنظمة)‪ ،‬دار الحامد للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬األردن ط‪،1‬‬
‫‪ ،2006‬ص ص ‪.52 – 51‬‬

‫‪ -‬فريدريك تايلور (‪ :) 1915-1856( )Frederick Taylor‬عالم أمريكي يعتبر واحد من أبرز المفكرين في مجال اإلداري والتنظيمي‪ ،‬ومن‬ ‫‪4‬‬

‫أهم ما كتبه‪'' :‬مبادئ اإلدارة العلمية ''‪.‬‬


‫وجهده وتقليل التكاليف‪ ،‬مركزا على أساليب وطرق العمل وأدواته والوقت‪ ،‬حيث كانت لديه رغبة شديدة في إيجاد " الطريقة‬
‫‪1‬‬
‫المثلى" ألداء كل عمل‪ ،‬ونتيجة لتلك األبحاث والتجارب توصل إلى المبادئ اآلتية في اإلدارة العلمية‪:‬‬
‫‪ -1‬التخصص الدقيق‪ /‬العالي في العمل‪ ،‬يجب أن يصبح اإلنسان متخصصا ولديه مهارات محددة عالية‪ ،‬ألن التخصص العالي‬
‫يسهم في زيادة اإلنتاجية‪.‬‬
‫‪ -2‬إحالل األسلوب العلمي في أداء جانب‪ /‬عنصر من عناصر العمل الذي يؤديه العامل محل الحدس والتخمين‪.‬‬
‫‪ -3‬اختيار العاملين وتدريبهم وفق أسس علمية‪ ،‬وتحفيزهم باعتماد األجر على أساس القطعة‪.‬‬
‫‪ -4‬تعاون اإلدارة والعاملين على أسس علمية لتحقيق أهداف العمل‪.‬‬
‫‪ -5‬تقسيم العمل وتوزيع المسؤوليات بالتساوي بين اإلدارة والعاملين‪ ،‬بحيث يتولى المدير مسؤولية التخطيط واإلشراف‪،‬‬
‫ويعهد للعاملين مسؤولية التنفيذ‪.‬‬
‫وقام '' تايلور'' في عام (‪ )1911‬بإصدار كتاب ''مبادئ اإلدارة العلمية'' الذي تضمن أبحاثه وتجاربه والمبادئ العلمية‬
‫التي توصل إليها‪ ،‬ومثل هذا الكتاب أول بداية جادة لتطوير نظرية في اإلدارة‪.‬‬
‫لقد تزامنت أبحاث وتجارب الزوجين ''فرانك وليليان جالبيرت'' (‪ )Frank and Lillian Gibreth‬مع دراسات ''‬
‫تايلور''‪ ،‬حيث كونا فريقا هندسيا وأسهما بفاعلية في اإلدارة العلمية‪ ،‬وكان تركيزها على الكفاءة واإلنتاجية‪ ،‬واستخدما في‬
‫أبحاثهما وتجاربهما أفالم الصور المتحركة لتحليل وتحسين حركات العامل في أداء علمه‪ ،‬وقاما باختراع ساعة قادرة على‬
‫تسجيل الوقت حتى ‪ 2000/1‬من الثانية‪ ،‬لقد قام الزوجان بدراسة وممارسة تحسين الكفاءة‪ ،‬وكانا يعتقدان أنه باإلمكان تدريب‬
‫وتطوير الموارد البشرية وتحفيزها لتسهم بكفاءة في المنظمات‪ ،‬وكانت األولوية لديهما هي تطبيق وممارسة البحث والدراسة‬
‫والتحليل العلمي في دراسة وتحليل الحركة والوقت وتبسيط اإلجراءات والكفاءة واالستفادة المثلى من إمكانات العامل‪ ...‬ومثل‬
‫تلك المبادئ واإلجراءات ال تزال تنال اهتمام كبريات المنظمات الناجحة مثل شركة فورد‪ ،‬ونستله‪ ،‬وفولفو‪ ،‬وسوميتومو‪،‬‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫‪ /2.1.7‬نظرية التقسيم اإلداري‬
‫تنسب هذه النظرية‪ 2‬إلى المهندس ''هنري فايول''‪ ،3‬الذي أصبح فيما بعد رئيسا‪ /‬مديرا لمجمع صناعة المعادن والمناجم‬
‫في فرنسا‪ ،‬وكتب العديد من المقاالت عن اإلدارة‪ ،‬وتوجها بكتابة المشهور '' اإلدارة العامة والصناعية '' بالفرنسية والذي‬
‫ترجم إلى اإلنجليزية في عام ‪.1930‬‬
‫وقد تميز عن ''تايلور'' في جانبين هامين‪:‬‬
‫أ‪ -‬اعتمد ''تايلور'' على الدراسة والتجربة العلمية‪ ،‬بينما اعتمد ''فايول'' على خبرته‪ ،‬كمدير ممارس‪.‬‬
‫ب‪ -‬ركز ''تايلور'' على تنظيم العمل على مستوى الورشة‪ ،‬بينما سعى ''فايول'' لتطوير نظرية عامة لإلدارة‪ ،‬من خالل تطوير‬
‫مبادئ تصلح لكل مدير في كل مستوى في جميع المنظمات والظروف‪.‬‬
‫ومن أهم إنجازات ''فايول'' أنه قسم أنشطة المنظمة إلى ستة مجموعات وهي‪:‬‬
‫* فنية (تصنيع وإنتاج)‪.‬‬
‫* تجارية (بيع وشراء)‪.‬‬
‫* مالية (تأمين رأس المال واستخدام األموال)‪.‬‬
‫*حماية وأمان (حماية الممتلكات واألشخاص)‪.‬‬
‫* محاسبة (تقدير التكاليف‪.)...‬‬
‫* إدارية (تخطيط‪ ،‬تنظيم‪ ،‬إعطاء األوامر‪ ،‬تنسيق‪ ،‬ورقابة)‪.‬‬
‫وهذه المجموعات هامة وتتواجد بدرجات متفاوتة في أي منظمة معاصرة‪.‬‬
‫حيث عرف السلوك اإلداري من خالل النشاطات التالية ‪:4‬‬

‫‪ - 1‬حسين حريم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪(54 – 52‬بتصرف)‪.‬‬


‫‪ -2‬حسين حريم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪(55 – 54‬بتصرف)‪.‬‬
‫‪ -3‬هنري فايول ( ‪ :)1925-1841( ) Henrry fayol‬مهندس وعالم فرنسي‪ ،‬عمل في المجال التنظيمي‪ ،‬واهتم كثيرا باإلدارة العليا‪ ،‬ومن أبرز‬
‫كتبه‪ '' :‬اإلدارة العامة والصناعية '' ‪.‬‬
‫‪ -4‬فاروق عبده فليه‪ ،‬السيد محمد عبد المجيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.54‬‬
‫*التنظيم‪ :‬دراسة وترتيب خطة اإلجراءات اإلدارية‪.‬‬
‫*التخطيط‪ :‬إعداد عناصر العمل اإلداري البشرية والمادية في شكل منظم‪.‬‬
‫*إصدار األوامر‪:‬إعطاء إشارة البدء والتنفيذ‪.‬‬
‫*التنسيق‪ :‬توحيد وربط كافة أوجه العمل اإلداري‪.‬‬
‫*الضبط والسيطرة‪ :‬مراقبة انجاز األعمال حسب التعليمات‪.‬‬
‫‪ ‬المبادئ اإلدارية عند '' فايول''‪:‬‬
‫ومن خالل دراسته ومالحظته حاول '' فايول'' أن يستنبط القواعد األساسية لإلدارة الناجحة لجميع هذه األنشطة في‬
‫المؤسسة ولم يدع أنها حتمية في جميع المؤسسات أو في جميع الحاالت وإنما كان يرى أنها قابلة للتغيير وتتضمن قدرا هاما‬
‫من المرونة‪ ،‬لذلك فانه لم يسمها قوانين بل أطلق عليها مبادئ اإلدارة وقد عد منها أربعة عشر هي‪:1‬‬
‫‪ -1‬تقسيم العمل‪ :‬ويعني توزيع العمل المركب من أجزاء متعددة بين متخصصين لكل منهم جزء وكلما زاد التخصص كلما‬
‫كان أكثر اتقانا وكفاءة‪.‬‬
‫‪ -2‬السلطة‪ :‬وتعني أن المسؤول اإلداري يجب أن يصدر األوامر حتى يستمر أداء األعمال وانجاز المهمات‪ ،‬ويقتضي ذلك أن‬
‫يكون لدى اإلداري الصالحيات التي تمكنه من إصدار األوامر‪ ،‬وان تكون لديه شخصية وخبرة تمكنه من تنفيذ أوامره‪.‬‬
‫‪ -3‬االنضباط وااللتزام‪ :‬وتعني أن العاملين يجب أن يحترموا القوانين واألصول في المؤسسة‪ ،‬ويرى '' فايول'' أن االنضباطية‬
‫تنبع من القيادة الجيدة والقوانين واألنظمة العادلة وبخاصة ما يختص منها بالحوافر والعقوبات‪.‬‬
‫‪ -4‬وحدة األمر‪ :‬وتعني أن يتلقى العامل التعليمات الخاصة بالقيام بعمل معين من مسؤول واحد فقط‪ ،‬الن تعدد المسؤولين على‬
‫الشخص الواحد يؤدي إلى االرتباك والتخبط‪.‬‬
‫‪ -5‬وحدة التوجيه‪ :‬وتعني أن العمليات المتشابهة التي تشترك في هدف بالمؤسسة يجب أن تتم تحت إشراف جهة واحدة‬
‫وضمن خطة واحدة كذلك‪ ،‬كالتعيين في المؤسسة الذي يتم عادة من خالل دائرة أو قسم التوظيف فيها فال يصح أن يكون له‬
‫رئيسان أو مديران لكل منهما سياسة تختلف عن سياسة اآلخر‪.‬‬
‫‪ -6‬تقديم المصلحة العامة للمؤسسة على المصالح الشخصية الخاصة لجميع العاملين فيها‪.‬‬
‫‪ -7‬وجود نظام عادل لمكافأة المحسن والمتقن لعمله‪.‬‬
‫‪ -8‬مركزية اتخاذ القرار‪ :‬وذلك ألن القرارات الهامة الرئيسية يجب أن تكون بيد اإلدارة وال يعني ذلك تجريد العاملين من‬
‫جميع الصالحيات بل يجب أن تمنح لكل عامل من الصالحيات ما يمكنه من أداء عمله في نطاق الصالحية الممنوحة له‪.‬‬
‫‪ -9‬المحافظة على التسلسل الهرمي للسلطة في المنظمة‪ :‬وذلك بمراعاة مراتب السلطة من األعلى إلى األدنى كما هي في‬
‫الهيكل التنظيمي للمؤسسة‪.‬‬
‫‪ -10‬االنتظام‪ :‬ويعني ضرورة وجود كل شخص وكل شيء بالمؤسسة في المكان الذي يجب أن يكون فيه‪ ،‬وأن يعتني بشكل‬
‫خاص بوضع كل عامل في العمل الذي يصلح له‪.‬‬
‫‪ -11‬المساواة‪ :‬ويؤكد فايول على ضرورة تحلي اإلدارة إلى جانب المعاملة العادلة باللطف ومحاولة مصادقة العاملين‪.‬‬
‫‪ -12‬االستقرار الوظيفي‪ :‬أي استقرار العاملين ألن التغير السريع يؤثر في كفاءة العمل واإلنتاج‪.‬‬
‫‪ -13‬المبادرة‪ :‬وتعني إتاحة قدر من الحرية لفريق العمل لتجريب خططهم الخاصة وعدم إحباط مبادرتهم وتحمل حدوث‬
‫بعض األخطاء نتيجة لذلك‪.‬‬
‫‪ -14‬المحافظة على روح التعاون والتضامن والفريق في المؤسسة وهذا ما يمنح المؤسسة طابع الوحدة ويزيد من انتماء‬
‫األفراد لها وارتباطهم بها‪ ،‬ويستطيع اإلداري من خالل أمور بسيطة أن يقوي روح التضامن كاستعمال االتصال المباشر مع‬
‫العاملين بالتحدث إليهم بدال من االعتماد على األوامر المكتوبة إذا كان ذلك ممكنا‪.‬‬

‫‪ /3.1.7‬االتجاه ا لبيروقراطي‬
‫يعتبر عالم االجتماع األلماني ''ماكس فيبر'' من الرواد الكالسيكيين األوائل الذين قدموا مصطلح البيروقراطية الذي‬
‫يتكون من شقين ( بيرو‪ ،‬قراطية)‪ ،‬حيث يعني الجزء األول (المكتب) والجزء الثاني ذو األصل اإلغريقي يعني ( السلطة)‪،‬‬

‫‪ - 1‬نفس المرجع‪ ،‬ص ص ‪(56 -54‬بتصرف)‪.‬‬


‫وعليه فكل مة البيروقراطية تعني‪'' :‬سلطة المكتب'' أو '' قوة المكتب''‪ ،‬وقد حاول من خالل هذه النظرية التركيز على نموذجه‬
‫المثالي الذي سعى من خالله إلى تقديم إطار فكري متميز في المجال التنظيمي‪ ،‬والذي يتسم بنوع من الصرامة وإتباع‬
‫مجموعة من القواعد الضرورية من أجل تحقيق أهداف المنظمة وتعظيم اإلنتاجية فيها‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ولقد جاءت البيروقراطية بأفكار عديدة أهمها الخصائص المثالية التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬التسلسل الوظيفي أو ما يسمى بتدرج الوظائف في مستويات السلطة‪.‬‬
‫‪ -2‬تعيين العاملين بناءا على قدراتهم وكفاءاتهم أو بناءا على عنصري التدريب والتعليم‪.‬‬
‫‪ -3‬تقسيم األعمال وتنميطها وضرورة وجود التخصص بالمؤسسة‪.‬‬
‫‪ -4‬تحديد السلطة والمسؤولية لكل عامل من العاملين‪ ،‬وهذه السلطة يجب أن تكون شرعية كالواجبات الرسمية‪.‬‬
‫‪ -5‬عدم التحيز في معاملة األفراد العاملين‪.‬‬
‫‪ -6‬وجود قواعد عمل في المنشأة وعلى العاملين االلتزام بها‪.‬‬
‫‪ -7‬أن يعمل األفراد والعاملين بأجور محددة وثابتة‪.‬‬
‫‪ -8‬يجب أن تراعى السرية وااللتزام بها وأن يحافظ العامل على أسرار المنشأة‪.‬‬
‫‪ -9‬التدوين الكتابي وإصدار األوامر والتعليمات بشكل كتابي ويتم االحتفاظ بها وجميع المستندات الخاصة بالمنشأة وبالتالي‬
‫يمكن الرجوع إليها وقت الحاجة‪.‬‬
‫‪ /2.7‬العالقات اإلنسانية في التنظيم‬
‫لقد ارتبط اتجاه العالقات اإلنسانية في التنظيم بالعالم ( إلتون مايو) ‪ ،‬وذلك بعد الكثير من االنتقادات الموجهة للنظريات‬
‫الكالسيكية‪ ،‬باعتبارها اتجاها فكريا كان يركز أكثر على الجوانب المادية للتنظيم والعمال من أجل تحسين أدائهم وزيادة‬
‫إنتاجية التنظيم‪ ،‬مع إهمال الجوانب االجتماعية والنفسية لهؤالء العاملين‪ ،‬مما سمح لهذا االتجاه الجديد (العالقات اإلنسانية)‬
‫بالظهور والقيام بمجموعة من التجارب بغية الوصول إلى النتائج التي تبين األسباب والعوامل الحقيقية المؤدية إلى زيادة‬
‫اإلنتاجية بالتنظيم‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد نجد األستاذ علي السلمي يقول‪ ... :‬كانت أهم هذه النتائج هي غير المتوقعة أي تلك التي لم تخطر على‬
‫بال " التون مايو وزمالئه" حين بدؤوا دراساتهم‪ ،‬مثال ذلك أنه في تجربة هدفت إلى التعرف على اثر زيادة اإلضاءة على‬
‫مستوى اإلنتاج فقد دهش الباحثون حيث لم تثبت أي عالقة بين المتغيرين على عكس ما تتنبأ به نظرية اإلدارة العلمية من أن‬
‫زيادة اإلضاءة ال بد أن تؤدي إلى زيادة اإلنتاج‪ ،‬وما أثار دهشة الباحثين في بعض مراحل الدراسة أن مستوى اإلنتاج ارتفع‬
‫برغم خفض اإلضاءة إلى مستوى أقل مما كانت عليه قبل بدء الدراسة‪.‬‬
‫وكانت هذه الدراسات بداية الطريق لعدد من الدراسات جعلت نتائجها تثير الشك واحدة بعد األخرى في صحة فروض‬
‫النظرية الكالسيكية (اإلدارة العلمية) عن وجود عالقة مباشرة بين ظروف العمل المادية وبين معدل اإلنتاج‪ ،‬وقد بحث "‬
‫التون مايو" العالقة بين عدد من المتغيرات وبين اإلنتاجية‪ ،‬ومن تلك المتغيرات‪:‬‬
‫‪ -‬كثافة اإلضاءة‬
‫‪ -‬فترات الراحة‬
‫‪ -‬نظام دفع األجور‪.‬‬
‫وفي جميع تلك الدراسات كان فريق الباحثين يصل إلى نفس النتيجة وهي عدم وجود عالقة واضحة أو ثابتة بين أي من‬
‫تلك المتغيرات وبين اإلنتاجية التي كانت تزيد باستمرار بغض النظر عن اتجاه التغيير في تلك المتغيرات‪ ،‬لذلك كان التساؤل‬
‫عن األسباب أو العوامل التي أدت إلى ارتفاع اإلنتاجية؟ وكانت اإلجابة هي أن الزيادة في إنتاج العمال موضع الدراسة كانت‬
‫بسبب‪:‬‬
‫‪ -‬التغير في الموقف االجتماعي للعمال‪.‬‬
‫‪ -‬التغيير في مستوى رضائهم النفسي عن العمل‪.‬‬
‫‪ -‬أنماط التفاعل االجتماعي الجديدة بين العمال بعضهم ببعض وبينهم وبين الباحثين وممثلي اإلدارة‪.‬‬
‫وقد ترتب على تلك التجارب اكتشاف أهمية العوامل االجتماعية في اإلنتاج حيث أن تماسك الجماعة وااللتزام بمبادئها له‬
‫تأثيره الواضح على إنتاجية العمال وسلوكهم أثناء العمل‪.‬‬

‫‪ -1‬ضرار العتيبي وآخرون‪ ،‬العملية اإلدارية مبادئ وأصول وعلم وفن‪ ،‬دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،2007 ،‬ص ص‬
‫‪.66 -65‬‬
‫‪1‬‬
‫وقد استمدت نظرية التنظيم اإلنسانية من تجارب " هاوثورن" بعض المبادئ األساسية وأهمها‪:‬‬
‫‪ -‬أن التنظيم عبارة عن تلك العالقات التي تنشأ بين مجموعات من األفراد وليس مجرد وجود عدد من األفراد المنعزلين غير‬
‫المترابطين‪.‬‬
‫‪ -‬أن السلوك التنظيمي يتحدد وفقا لسلوك أفراد التنظيم الذين يتأثرون بدورهم بضغوط اجتماعية ناشئة من التقاليد والعرف‬
‫التي تؤمن بها الجماعة وتفرضها على أعضائها‪.‬‬
‫‪ -‬أن القيادة اإلدارية تلعب دورا أساسيا في التأثير على تكوين الجماعات وتعديل تقاليدها بما يتناسب مع أهداف التنظيم‪ ،‬كذلك‬
‫فإن القيادة اإلدارية تعمل على تحقيق درجة أكبر من التقارب والتعاون بين التنظيم الرسمي والتنظيم غير الرسمي‪.‬‬
‫‪ -‬أن ال سبيل لتحقيق هذا التقارب هو إدماج التنظيم غير الرسمي في التنظيم الرسمي عن طريق إشراك العمال (العاملين بصفة‬
‫عامة) في عملية اإلدارة وتحميلهم مسؤولية العمل على تحقيق أهداف التنظيم‪.‬‬
‫‪ -‬إن االتصاالت بين أجزاء التنظيم ليست قاصرة على شبكة االتصاالت الرسمية‪ ،‬بل هناك أيضا شبكة االتصاالت غير‬
‫الرسمية‪ ،‬وأن هذه الشبكة غير الرسمية قد تكون أكثر فاعلية في التأثير على سلوك العاملين‪ ،‬لذلك ينبغي النظر إلى عملية‬
‫االتصاالت وتوفير المعلومات باعتبارها من المتغيرات المؤثرة على السلوك التنظيمي‪.‬‬
‫‪ /3.7‬االتجاهات السلوكية في التنظيم‬
‫‪ /1.3.7‬اتجاه الفلسفة اإلدارية ( ‪ '' ) X . Y‬لدوغالس ماك جرجور ''‬
‫جاءت هذه النظريات كوصف أجمالي لالتجاهات واألفكار والنظريات التي ظهرت في مجال اإلدارة والتنظيم حتى‬
‫الثالثينات أو األربعينات من القرن الماضي‪ ،‬وتجدر اإلشارة أوال أن النظريتين ( ‪ ) X‬و( ‪ ) Y‬ليستا نظريات بمعنى الكلمة‬
‫وإنما هي مجرد افتراضات محددة تتعلق بالسلوك اإلنساني في التنظيمات ويترتب عليها مجموعة من المضامين واالنعكاسات‬
‫على الممارسات اإلدارية‪ ،‬حيث تمثل نظرية ( ‪ ) X‬النظرة التقليدية للمنظمة مثل اإلدارة العلمية والمبادئ اإلدارية‬
‫والبيروقراطية‪ ،‬بينما تمثل نظرية ( ‪ ) Y‬االتجاه اإلنساني االجتماعي للمنظمة‪ 2.‬وفيما يلي موجز للمميزات األساسية لهاتين‬
‫‪3‬‬
‫النظريتين‪:‬‬
‫النظرية ( ‪:) X‬‬
‫‪ -‬أن األفراد العاملين يكرهون في المتوسط العمل ويحاولون تجنبه في المنظمة قدر اإلمكان‪ ،‬وتنفيذ العملية اإلنتاجية بأقل من‬
‫طاقاتهم الحقيقية في األداء‪.‬‬
‫‪ -‬نظرا لكراهية العاملين للعمل‪ ،‬فإنه يجب أن يتم إجبارهم على أدائه‪ ،‬وينبغي إخضاعهم للرقابة والتوجيه والتهديد المستمر‬
‫بالعقاب‪ ،‬بغية تحقيق أهداف المنظمة‪ ،‬أي أن دعاة هذا االتجاه التنظيمي يؤكدون على ضرورة ممارسة العنف والقسوة في‬
‫ال تعامل مع األفراد وإرشادهم نحو تحقيق األداء اإلنتاجي األعلى‪ ،‬ويرون أنه من الخطأ التأكيد على أهمية العالقات اإلنسانية‬
‫وتراخي دعاتها في معاملة الفرد‪ ،‬والتساهل الكبير في إطار محاسبة األفراد العاملين ومعاملتهم بشكل يؤثر سلبا في تحقيق‬
‫أهداف المنظمة‪.‬‬
‫‪ -‬يحاول متوس ط األفراد عادة تجنب المسؤولية ويفضلون التوجيه من قبل أشخاص آخرين‪ ،‬كما يرغبون في االستقرار‬
‫واألمن‪ ،‬وتقليص الطموحات الذاتية‪ ،‬لذا فانه البد من وجود إدارة قوية تشرف وتوجه نشاط هؤالء األفراد للوصول إلى‬
‫مستوى اإلنتاجية العالية للمنظمة وتحقيق أهدافها‪.‬‬
‫النظرية ( ‪:) Y‬‬
‫لقد الحظ '' ماك جريجور'' ضرورة إيجاد بديل فكري ونظري يستند إلى انتشال اإلدارة من الضياع الذي سببته‬
‫االتجاهات الفكرية التقليدية ( الكالسيكية) القائمة على النظرية (‪ ،)X‬والبناء البيروقراطي الذي أ ساسه هرمية العالقات بين‬
‫األفراد العاملين‪ ،‬ونظام السيطرة المحكم‪ ،‬مما جعل '' ماك جريجور'' يطرح بالمقابل سمات نظرية ( ‪ ) Y‬على الوجه اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن متوسط األفراد العاملين في المنظمة ال يكرهون العمل‪ ،‬بل يرغبون فيه‪ ،‬أما الكراهية للعمل فتنجم عن عوامل خارجية‬
‫تسببها ظروف العمل ذاتها في المنظمة‪ ،‬لذا فانه إلدارة المنظمة دور أساسي في التعامل مع األفراد وتوجيههم لحب العمل‬
‫واإلبداع فيه‪.‬‬
‫‪ -2‬ال تشكل الرقابة الخارجية والتهديد بالعقاب العنصر األهم في التأثير في السلوك اإلنساني‪ ،‬بل إن الرقابة الذاتية للفرد هي‬
‫أكثر تأثيرا في هذا المجال‪ ،‬فااللتزام باألهداف العامة للمنظمة يرتبط أساسا بمدى الفوائد المتحققة للفرد من االنجاز األفضل‪،‬‬
‫وأهم ما فيها ما يرتبط بإشباع حاجاته في إطار الرغبة في اإلنجاز‪ ،‬وتحقيق الذات‪ ،‬واإلشباع المستمر للحاجات المتنامية‪.‬‬
‫‪ -3‬إن متوس ط األفراد يكررون السلوك الذي يؤدي إلى إشباع الحاجات الذاتية ويتجنبون السلوك الفاشل في إشباعها‪ ،‬ومن هنا‬
‫يتضح أن الفرد ال يتهرب من المسؤولية بل يبحث عنها باستمرار إذا ما توافرت سبل إشباع رغباته‪ ،‬ويتجنبها فقط حينما ال‬
‫تحقق أهدافه وطموحاته‪.‬‬
‫‪ -4‬إن متوسط األفراد يتمتع بطاقات وقدرات عالية من شأنها أن تحقق التطوير واإلبداع‪ ،‬وعليه فالفشل في تحقيق بعض‬
‫أهداف المنظمة ال يعني قصورا في القدرة الذاتية لألفراد‪ ،‬بل إلى مدى تحقيق استثمارها باستمرار وبالشكل المطلوب‪.‬‬
‫‪ /2.3.7‬تدرج الحاجات اإلنسانية‬
‫لقد ساهم المفكر'' إبراهام ماسلو'' بصياغة نظريته شائعة الصيت والتي سميت باسمه ''سلم ماسلو''‪ ،‬حيث تمت اإلشارة‬
‫من خاللها بأن السلوك اإلنساني يتأثر بالحاجات التي يسعى الفرد إلشباعها وهي تشكل بذاتها محور السلوك اإلنساني‬
‫وتوجيهه‪ ،‬كما أن الحاجات تتفاوت في درجات تأثيرها في السلوك اإلنساني بتفاوت نسبي وفقا ألهميتها النسبية إذ أن قوة تأثير‬
‫‪1‬‬
‫الحاجات بشكل عام تأتي من عاملين أساسيين هما‪:‬‬
‫‪ -1‬درجة الحرمان أو مستوى اإلشباع‪ :‬حيث كلما زادت درجة الحرمان أو عدم اإلشباع فان الفرد يشعر بحاجة أكثر إلحاحا‬
‫من غيره‪ ،‬ويسعى بشكل ح ثيث نحو إشباع حاجته‪ ،‬إذ أن درجة الحرمان تعد العامل األساسي في توجيه السلوك اإلنساني‪،‬‬
‫ويتناسب سبل إشباع الحاجات وفقا لهذا االتجاه تناسبا طرديا مع درجة الحرمان‪.‬‬
‫‪ -2‬قوة المنبه ( المؤثر)‪ :‬إن قوة المؤثر أو اإلثارة الخارجية تلعب دورا أساسيا في تحريك الذات اإلنسانية نحو سبل إشباع‬
‫الحاجات اإلنسانية غالبا ما تكون كامنة في الذات‪ ،‬إال إذا توافر بشأنها محركا أو مؤثرا خارجيا‪ ،‬فان هذا المؤثر غالبا ما‬
‫يحرك الدوافع الذاتية نحو الحصول على الحاجة‪ ،‬ويساهم في تنشيط الرغبة وتحريكها نحو اإلشباع‪.‬‬
‫والشكل اآلتي يوضح تدرج الحاجات األساسية لإلنسان '' ألبراهام ماسلو''‪:‬‬

‫شكل رقم ‪ : 01‬يوضح سلم الحاجات اإلنسانية " ألبراهام ماسلو"‬

‫تحقيق‬
‫الذات‬
‫الحاجة للتقدير‬

‫الحاجات االجتماعية‬

‫األمن والطمأنينة‬

‫الحاجات الفسيولوجية‬
‫‪ - 1‬خضير كاظم حمود الفريجات‪ ،‬موسى سالمة اللوزي‪ ،‬أنعام الشهابي‪ ،‬السلوك التنظيمي ( مفاهيم معاصرة)‪ ،‬مكتبة الجامعة‪ ،‬الشارقة‪ ،‬إثراء‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،2009 ، 1‬ص‪ ( 68‬بتصرف)‪.‬‬
‫المصدر ‪ :‬خضير كاظم حمود الفريجات‪ ،‬موسى سالمة اللوزي‪ ،‬أنعام الشهابي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪. 70‬‬

‫إذا حسب وجهة نظر هذا العالم‪ 1‬ووفقا لنظريته التي عادة ما تنسب إلى اسمه ( ماسلو) أو سلم الحاجات اإلنسانية‪ ،‬أو‬
‫هرم ماسلو للحاجات اإلنسانية‪ ...‬التي تصنف (النظرية) ضمن النظريات السلوكية‪ ،‬حيث يتعلق األمر هنا على الخصوص‬
‫بالدافعية لدى اإلنسان وبطبيعة هذه الدوافع التي تجعل اإلنسان يسعى إلى تحقيق مجموعة من الحاجات غير مشبعة سواء‬
‫كانت متعلقة بالحياة اليومية في المجتمع أو ضمن المحيط الداخلي للمنظمة التي يعمل بها‪ ،‬حيث يرى بأن ترتيب مختلف‬
‫الحاجات اإلنسانية يكون بطريقة تصاعدية وبطريق متواصلة ومتزايدة‪ ،‬انطالقا من الحاجات الفسيولوجية‪ ،‬ثم األمن‬
‫والطمأن ينة‪ ،‬وبعدها الحاجات االجتماعية‪ ،‬مرورا بالحاجة للتقدير‪ ،‬وصوال إلى تحقيق الذات‪.‬‬
‫‪ /3.3.7‬اتجاه أو نظرية التوقع لـــ‪ '' :‬فروم فيكتور ''‪.‬‬
‫تعتبر هذه النظرية خطوة متقدمة في تفسير السلوك القائم على الدافعية لدى العاملين واعتبارهم محصلة ثالثة عوامل‬
‫‪2‬‬
‫هي‪:‬‬
‫‪ -‬وجود هدف يحرص الفرد على تحقيقه‪.‬‬
‫‪ -‬تفهم وجود صلة مباشرة بين إنجاز تلك األهداف وفرص الحصول على مكافئة‪.‬‬
‫‪ -‬إدراك العالقة المباشرة بين بذل المجهود وبين إنجاز األهداف‪.‬‬
‫إن الموضوع المهم هنا هو إدراك العامل للعالقة بين الهدف والعمل والمكافئة‪ ،‬ومن ثم الشعور بالرضا‪ ،‬من هنا ال‬
‫يمكن تصور نموذج ثابت إلثارة الدافعية لسبب بسيط هو أن مجرد معرفة العامل باألهداف التي يسعى العامل لتحقيقها ال يعني‬
‫أن يرى أن وسيلة تحقيق هذه األ هداف هو العمل‪ ،‬بل قد يرى أن العمل واإلخالص قد يكون سببا في عدم تحقيق تلك األهداف‪.‬‬
‫إن مغزى هذه النظرية هو التأكيد على الحوافز والمكافآت التي يعطيها العامل األهمية‪ ،‬وذلك من خالل محاولة المديرين‬
‫مساعدة المرؤوسين على تفهم قدراتهم بشكل واقعي‪ ،‬وتحديد توقعات إيجابية لدى العاملين‪ ،‬واإلدراك أن السبيل لتحقيقها هو‬
‫بذل مزيد من العمل‪ .‬إن تشجيع الرؤساء لمرؤوسيهم وبعث الثقة في نفوسهم بأنهم قادرون على تحقيق ما يطمحون إليه يساعد‬
‫فعال على تحقيق ذلك التوقع والعكس صحيح‪.‬‬

‫‪ ‬التقييم واالنتقادات الموجهة لالتجاه السلوكي في التنظيم‬


‫مما سبق يمكن القول بأن االتجاه السلوكي ساهم بدرجة كبيرة في تحليل وفهم الكثير من الظواهر التنظيمية‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل االعتماد على التراث المعرفي والقاعدي الذي أسهمت به المدرسة الكالسيكية والنيوكالسيكية‪ ،‬باإلضافة إلى تقديم‬
‫إضافات علمية بالغة األهم ية‪ ،‬خاصة منها المتعلق بالجوانب االجتماعية والنفسية لألفراد العاملين بالمنظمة ودورها في‬
‫تحسين وتفعيل أغلب المتغيرات التنظيمية األخرى‪ ،‬ومنه تحقيق أهداف هذا النظام االجتماعي( المنظمة)‪ ،‬سواء تعلق األمر‬
‫بالبيئة الداخلية أو البيئة الخارجية‪ .‬هذه االنجازات العلمية والعملية المحققة تعتبر مكسب إيجابي لصالح هذا االتجاه السلوكي‬
‫المتعلق بالتنظيمات‪.‬‬ ‫وقفزة نوعية في مجال البحث العلمي‬
‫‪3‬‬
‫وعلى الرغم من اهتمام المدرسة السلوكية بالعنصر البشري‪ ،‬إال أنه هناك انتقادات وجهت لها أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬بالغت في تعظيم دور العنصر اإلنساني في المؤسسة‪.‬‬
‫‪ -2‬بالغت في تعظيم دور العالقات اإلنسانية‪.‬‬
‫‪ -3‬إهمال المدرسة السلوكية للجوانب المادية في العمل‪.‬‬
‫‪ /4.7‬االتجاهات الحديثة في التنظيم‬

‫‪ - 1‬أبراهام ماسلو(‪ :)Abraham Maslow‬عالم النفس األمريكي ( ‪1908‬بروكلين ‪ ،‬نيويورك‪ 1970 -‬كاليفورنيا)‪.‬‬
‫‪ - 2‬محمد قاسم القريوتي‪ ،‬الوجيز في إدارة الموارد البشرية‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،2010 ،1‬ص ص‪.64 -63‬‬
‫‪ - 3‬ضرار العتيبي وآخرون‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.74‬‬
‫‪ /1.4.7‬اتجاه أو مدخل إدارة النظم( نظرية النظم ) (‪ -1960‬إلى الوقت الراهن)‪:‬‬
‫يعتبر هذا االتجاه النظري في التنظيم من أحدث االتجاهات‪ ،‬حيث تم االعتماد عليه في دراسة التنظيمات وتحليلها منذ‬
‫‪ 1960‬فقط‪ ،‬حيث ينظر إلى المنظمة بأنها عبارة عن نظام (‪ 1)Système‬بطريقة متكاملة وكل جزء يعتمد على اآلخر في‬
‫أداء وظائفه هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة ثانية يجب األخذ بعين ا العتبار كل العوامل والمتغيرات البيئية التي تحدث وتتغير‬
‫باستمرار في المحيط الخارجي والتي تأثر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على مدخالت ومخرجات المنظمة‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار يرى الباحث ''عامر عوض''‪ 2‬أن دراسة أي تنظيم البد أن تكون من منطق النظم‪ ،‬بمعنى تحليل‬
‫المتغيرات وتأثيراتها المتبادلة‪ ،‬فالنظم البشرية تحوي عددا كبيرا من المتغيرات المرتبطة ببعضها‪ ،‬وبالتالي فنظرية النظم‬
‫نقلت منهج التحليل إلى مستوى أعلى مما كان عليه في النظرية الكالسيكية والنظرية السلوكية‪ ،‬فهي تتصدى لتساؤالت لم‬
‫تتصدى لها النظريتين ا لسابقتين‪ ،‬وتقوم هذه النظرية على أجزاء يتكون منها النظام لها عالقة وثيقة ببعضها البعض‪ ،‬هذه‬
‫األجزاء هي‪:‬‬
‫‪ -‬إن الجزء األساسي في النظام هو الفرد(قائدا أو منفذا)‪ ،‬وبصفة أساسية التركيب السيكولوجي أو هيكل الشخصية الذي‬
‫يحضر معه في المنظمة‪ ،‬لذا فمن أهم األمور التي تعالجها النظرية حوافز الفرد واتجاهاته وافتراضاته عن الناس والعاملين‪.‬‬
‫‪ -‬إن الجزء األساسي الثاني في النظام هو الترتيب الرسمي للعمل أو الهيكل التنظيمي وما يتبعه من المناصب‪.‬‬
‫‪ -‬إن الجزء األساسي الثالث في النظام هو التنظيم غير الرسمي‪ ،‬وبصفة خاصة أنماط العالقات بين المجموعات وأنماط‬
‫تفاعلهم مع بعضهم‪ ،‬وعملية تكييف التوقعات المتبادلة‪.‬‬
‫‪ -‬الجزء األساسي الرابع في النظام هو تكنولوجيا العمل ومتطلباتها الرسمية‪ ،‬فاآلالت والعمليات يجب تصميمها بحيث تتماشى‬
‫مع التركيب السيكولوجي والفسيولوجي للبشر‪.‬‬
‫يالحظ أن هذه النظرية لم تركز على متغير واحد على حساب المتغير اآلخر‪ ،‬فكما أشارت إلى أهمية سلوك األفراد‬
‫بالتنظيمين الرسمي وغير الرسمي أشارت كذلك إلى أهمية االهتمام بالتكنولوجيا واآلالت‪ ،‬فنوع وحجم العاملين مهم‪ ،‬كما أن‬
‫نوع وحجم اآلالت مهم أيضا‪ ،‬لذا تعد هذه النظرية من احدث وأدق نظريات التنظيم‪ ،‬إال أن تطبيقها يختلف من منظمة ألخرى‪،‬‬
‫وذلك حسب ظروف كل منظمة‪.‬‬
‫محددات السلوك التنظيمي المرتبطة بالفرد‪:‬‬
‫تتناول محددات السلوك التنظيمي المرتبطة بالفرد مايلي‪:‬‬
‫‪ -‬دوافع العمل‪.‬‬
‫‪ -‬هيكل القيم الشخصية لدى العاملين‪.‬‬
‫‪ -‬ضغوط العمل لدى األفراد والعاملين بالمنظمة‪.‬‬
‫محددات السلوك التنظيمي المرتبطة بالجماعة‪:‬‬
‫تتناول محددات السلوك التنظيمي المرتبطة بالجماعة‪:‬‬
‫‪-‬عملية اإلدراك‪.‬‬
‫‪-‬أنماط القيادة‪.‬‬
‫‪ -‬طبيعية عملية صنع القرارات في المنظمة‪.‬‬
‫محددات السلوك التنظيمي المرتبطة بالبيئة‪:‬‬
‫تتناول محددات السلوك التنظيمي المرتبطة بالبيئة‪:‬‬
‫‪-‬إدارة التكنولوجية وطبيعة الهيكل التنظيمي في المنظمة‪.‬‬
‫‪-‬إدارة عملية التطوير التنظيمي في المنظمة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- le système : Un système est décrit comme un ensemble d’éléments en interaction entre eux et avec‬‬
‫‪l’environnement. Voir : https://www.afis.fr (Association Française d'Ingénierie Système ), date de vue :‬‬
‫‪05/10/2018.à 22 h‬‬
‫‪-2‬عامر عوض‪ ،‬السلوك التنظيمي اإلداري‪ ،‬دار أسامة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،2001 ،1‬ص ص‪(45-44‬بتصرف)‪.‬‬
‫وفي نفس الشأن نجد الباحث حسين حريم يقول‪ 1:‬ينبغي اإلشارة هنا إلى أن الكاتب '' شستر بارنارد'' قد اعتبر المنظمة‬
‫نظاما اجتماعيا يتكون من أجزاء مترابطة ومنسقة‪ ،‬حيث استندت هذه النظرية إلى فكرة مفهوم النظام في العلوم التطبيقية‪،‬‬
‫والنظام هو الكل المنظم أو الوحدة التي تتكون من أجزاء ذات عالقات تفاعلية متبادلة‪ ،‬تشكل في مجموعها ونتيجة تفاعلها‬
‫تركيبا كليا موحدا‪ ،‬وهكذا فاإلنسان نظام والدائرة‪/‬القسم نظام‪ ،‬والمنظمة نظام‪ ،‬والقطاع التعليمي نظام والمجتمع نظام‪ .‬لقد‬
‫اعتبرت مدرسة النظم المنظمة نظاما اجتماعيا مفتوحا مصمما لتحقيق أهداف معينة ويشمل النظام المفتوح العناصر اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬مدخالت‪ :‬وتأخذ المنظمة مدخالت من البيئة الخارجية ومن بينها المواد الخام‪ ،‬الموارد البشرية‪ ،‬المعلومات والطاقة‪...‬الخ‪.‬‬
‫‪ -‬عمليات تحويل‪ :‬وتشمل عمليات التوسع والتسويق والسياسات واألهداف والعمليات‪ ،‬وغيرها‪ ،‬لتحويل المدخالت إلى‬
‫المخرجات‪.‬‬
‫‪ -‬المخرجات‪ :‬وشمل السلع والخدمات واألرباح‪ ،‬ورض المستهلكين ورض العاملين‪ ،‬غيرها والتي توفرها المنظمة للبيئة‪.‬‬
‫‪ -‬التغذية الراجعة‪ :‬وهي رد فعل البنية الخارجية (المستهلكون وغيرهم) وانطباعاتها وتقييمها للسلع والخدمات التي توفرها‬
‫المنظمة‪ ،‬إن كان هذا االنطباع والتقييم إيجابيا أم سلبيا‪ ،‬وتستخدم المعلومات في تعديل المدخالت أو‪/‬وعمليات التحويل‪.‬‬
‫والشكل رقم ‪ : 02‬يوضح عناصر النظام المفتوح‪.‬‬

‫المخرجات‬ ‫عمليات التحويل‬ ‫المدخالت‬

‫التغذية الراجعة‬

‫البيئة الخارجية‬
‫المصدر‪ :‬حسين حريم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪70‬‬

‫‪ ‬تقييم مدرسة النظم‪:‬‬


‫تمثل مدرسة النظم إطارا فكريا مفيدا للمدير في تحليل وفهم المنظمات وإدارتها بشكل أفضل وذلك من خالل األفكار التي‬
‫‪2‬‬
‫تتضمنها وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬اعتبار المنظمة نظام اجتماعي يعمل كوحدة واحدة‪ ،‬وتتكون من أجزاء‪/‬نظم فرعية مترابطة‪ ،‬وهذا المنظور يجعل المدير‬
‫ينظر إلى وحدته ودوره في إطار النظام‪ ،‬وارتباطها مع الوحدات األخرى‪ ،‬وهكذا يتحقق تنسيق أفضل في المنظمة‪.‬‬
‫‪ -2‬أي تغيير في أي جزء من المنظمة يجب أن ينظر إليه من منظور أداء المنظمة ككل وهذا يستدعي األخذ في االعتبار جميع‬
‫جوانب‪/‬أجزاء المنظمة حين إدخال تغييرات في جانب أو أكثر من النظام‪.‬‬
‫‪ -3‬يتضمن منظور النظام مفهوم (التعاون)‪ ،‬وهو أن نتيجة وتأثير التفاعل بين األجزاء وهي تعمل معا‪ ،‬أكبر بكثير من تأثير‬
‫األجزاء منعزلة‪ ،‬إذ أن كل جزء يؤدي دوره وهو في نفس الوقت يساعد األجزاء األخرى‪ ،‬وبالتالي األداء الكلي للمنظمة‪.‬‬
‫‪ -4‬تؤكد المدرسة على تفاعل المنظمة بالبيئة الخارجية‪ ،‬وبالتالي على أهمية رصد وتشخيص البيئة وكيفية إدارتها بنجاح‪ ،‬وال‬
‫سيما في ظل البيئة المضطربة المعاصرة‪.‬‬
‫‪ -5‬تنبه هذه المدرسة المدير إلى وجود مدخالت وعمليات تحويلية بديلة لتحقيق أهدافهم وأهداف منظماتهم‪ ،‬أي أنه يمكن‬
‫تحقيق هدف معين أو حل مشكلة معينة بأكثر من بديل‪.‬‬

‫‪ - 1‬حسين حريم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪(70 – 69‬بتصرف)‪.‬‬

‫‪ - 2‬حسين حريم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪( 71 -70‬بتصرف)‪.‬‬


‫‪ /2.4.7‬اتجاه أو مدخل اإلدارة باألهداف‪:‬‬
‫إن اإلدارة باألهداف‪ 1‬أسلوب إداري حديث لم يعرف إال في بداية الخمسينات على يد '' بيتر درايكر''‪ ،‬وقد أشتهر في‬
‫هذا المجال كل من ''درايكر'' نفسه‪ ،‬و''جورج أوديورن''‪.‬‬
‫ترتكز اإلدارة باألهداف على وضوح األهداف اإلدارية‪ ،‬وتحديدها بحيث تكون واضحة وقابلة للتطبيق‪ ،‬فتوضع األهداف‪،‬‬
‫وتحدد من قبل جميع اإلداريين المعنيين بتحقيقها‪ ،‬ثم توضع الخطط المناسبة لتحقيق هذه األهداف‪ .‬فاألهداف بدون خطة ما هي‬
‫إال حلم أو توقع بسيط‪ ،‬وبالطبع يجب قياس انجاز األهداف للتعرف على مدى تحقيقها األمر الذي يتطلب وجود تغذية عكسية‬
‫مستمرة‪ ،‬وعلى فترات زمنية معينة أثناء عملية التنفيذ‪ ،‬ويكون للتغذية الراجعة انعكاس على الخطة أو األهداف ذاتها‪.‬‬
‫ونظرية اإلدارة باألهداف تقوم على أساس المشاركة في اتخاذ القرار وتحديد األهداف‪ ،‬و هي أن تسطر أهداف ونتائج‬
‫متوقعة يتفق عليها الرئيس والمرؤوس ليعملوا معا على تحقيقها‪ .‬وتعتبر نظرية اإلدارة باألهداف من أفضل النظريات التي‬
‫تمارس مبدأ الديمقراطية وتنمي روح المشاركة وتحمل المسؤولية من األدوات الهامة في التحفيز‪.‬‬
‫‪ ‬خطوات اإلدارة باألهداف‪:‬‬
‫‪ -1‬يتفق الرئيس والمرؤوس على تحديد النتائج المتوقع الوصول إليها خالل فترة زمنية محدودة‪.‬‬
‫‪ -2‬يبقى الرئيس والمرؤوس ملتزمين بتلك األهداف ليسجل الرئيس مدى التزام المرؤوس بتلك األهداف‪.‬‬
‫‪ -3‬في نهاية السنة التخطيطية‪ ،‬يعمد الرئيس إلى مقابلة المرؤوس للتعرف على تلك القرارات وكيفية عدم تكرارها ومكافأة‬
‫المبدعين‪.‬‬

‫‪ ‬سبل تطبيق اإلدارة باألهداف‪:‬‬


‫ليس من السهل أن نضمن نجاح هذا األسلوب اإلداري في التنظيم‪ ،‬ولقد مرت على العاملين العديد من المشاكل والعديد من‬
‫أنماط اإلدارة والنظريات التي عكست بعض النواحي السلبية‪ ،‬لذلك البد من إتباع خطوات معينة ومحددة للتطبيق أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬زيادة التفويض في الصالحيات واالبتعاد عن المركزية‪.‬‬
‫‪ -2‬المزيد من المشاركة من اإلدارة‪.‬‬
‫‪ -3‬اإليمان بالنواحي اإلنسانية في العمل‪.‬‬
‫‪ -4‬إعطاء التنظيم غير الرسمي أهمية أكبر‪.‬‬
‫‪ -5‬تطبيق األسلوب الديمقراطي في اإلدارة‪.‬‬
‫‪ -6‬إغناء العمل وتوفير حرية الحركة وتشجيع اإلبداع‪.‬‬
‫‪ /3.4.7‬االتجاه الياباني و( النظرية ‪:) Z‬‬
‫يعتبر هذا االتجاه بزعامة ''وليام أوشي'' أو ما يسمى النموذج الياباني في التسيير أو النظرية(‪ )Z‬من االتجاهات‬
‫‪2‬‬

‫الفكرية الحديثة في المجال التنظيمي‪ ،‬ومن خالل التطبيق الميداني لمبادئ هذه النظرية بالمنظمات اليابانية خالل بداية‬
‫الثمانينات من القرن الماضي حقق لها المزيد من النجاحات والتفوق في كافة الجوانب التنظيمية‪ ،‬وانعكس ذلك النجاح على‬
‫المجال االقتصادي ل ليابان الذي حقق بدوره قفزة نوعية ونموا متسارعا على المستوى المحلي والقاري والعالمي رغم إمكانياته‬
‫الطبيعية والجغرافية المحدودة مقارنة مع الكثير من دول العالم‪.‬‬
‫يمكن القول بأن نظرية(‪ )A‬هي امتداد لنظرية(‪ ،)X‬بينما نظرية (‪ )Z‬امتداد لنظرية (‪ ،)Y‬كما أن جميع هذه النظريات‬
‫تمثل مجموعة من االفتراضات حول طبيعة اإلنسان وعالقته بالتنظيم ضمن إطار قيمي محدد‪ .‬وقد ظهرت نظرية (‪)Z‬‬
‫كنموذج لإلدارة اليابانية الناجحة في مجال االنجاز الفعال واإلنتاجية المرتفعة واالطمئنان الوظيفي للعاملين‪ .‬وتستند نظرية‬
‫(‪ )Z‬إلى قيم أساسية هي الثقة والمهارة والمودة‪ ،‬حيث تتعامل اإلدارة مع العاملين بناء على الثقة واإلخالص واالنفتاح‬
‫والتعاون وبالتالي التقبل االيجابي للنقد البناء والتفاعل المثمر من أجل زيادة اإلنتاجية وتحقيق النفع المشترك للعاملين‬
‫ومنظمتهم‪ ،‬أما المهارة فتضمن كفاءة العاملين وتطوير قدراتهم الفنية والسلوكية من أجل تحسين األداء الفردي والتنظيمي‪ ،‬أما‬

‫‪ - 1‬ضرار العتيبي وآخرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪ ( 79 -78‬بتصرف)‪.‬‬


‫‪'' - 2‬وليام أوشي'' أستاذ بجامعة كاليفورنيا وعالم من األصول اليابانية من مواليد ‪ 1943‬بجنوب الواليات المتحدة األمريكية (جزر هاواي) يعود له‬
‫الفضل في النظرية ‪. Z‬‬
‫المودة فتقوم على االهتمام والشعور المشترك بين كافة العاملين من رؤساء ومرؤوسين وبالتالي تعزيز العالقات والتعاون‬
‫‪1‬‬
‫المثمر بين مختلف العاملين من أجل المصلحة المشتركة‪.‬‬
‫والجدول اآلتي يتضمن مقارنة بين النظريات ( ‪.) A , J, Z‬‬
‫جدول رقم ‪ :01‬يوضح مقارنة بين النظريات ( ‪.) A , J, Z‬‬
‫نظرية ‪Z‬‬ ‫نظرية ‪J‬‬ ‫نظرية ‪A‬‬
‫(اإلدارة اليابانية مطوعة للبيئة‬ ‫(اإلدارة اليابانية)‬ ‫(اإلدارة األمريكية)‬
‫األمريكية)‬
‫توظيف لمدة طويلة‬ ‫توظيف مدى الحياة‬ ‫توظيف لمدة قصيرة‬

‫الخصــــــــــــائـــــــص‬
‫مسارات وظيفية فيها درجة متوسطة‬ ‫مسار وظيفي عام‬ ‫مسار وظيفي متخصص‬
‫من التخصص‪.‬‬
‫قرارات يتم اتخاذها باإلجماع‬ ‫اتخاذ القرارات باإلجماع‬ ‫فردية في اتخاذ القرارات‬
‫المسؤولية فردية‬ ‫المسؤولية جماعية‬ ‫المسؤولية فردية‬
‫عمليات تقييم وفق مقاييس رسمية‬ ‫تقييم غير رسمي وغير متكرر‬ ‫تقييم رسمي متكرر‬
‫واضحة وأخرى رسمية ضمنية‬
‫ترقيات بطيئة‬ ‫ترقيات بطيئة‬ ‫ترقيات سريعة‬
‫اهتمام شامل بالموظفين‬ ‫اهتمام شامل بالموظفين‬ ‫اهتمام جزئي بالموظفين‬
‫المصدر ‪ :‬صالح بن نوار‪ ،‬فعالية التنظيم في المؤسسات االقتصادية‪ ،‬مخبر علم اجتماع االتصال للبحث والترجمة‪،‬‬
‫قسنطينة‪ ،2006،‬ص‪ (. 187‬نقال عن‪ :‬محمد قاسم القريوتي‪ ،‬نظرية المنظمة والتنظيم)‪.‬‬

‫من خالل الجدول السابق نالحظ بأن النظرية (‪ )Z‬تتميز بالخصائص األساسية اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬توظيف لمدة طويلة‪.‬‬
‫‪ -‬مسارات وظيفية فيها درجة متوسطة من التخصص‪.‬‬
‫‪ -‬قرارات يتم اتخاذها باإلجماع‪.‬‬
‫‪-‬المسؤولية فردية‪.‬‬
‫‪ -‬عمليات تقييم وفق مقاييس رسمية واضحة وأخرى رسمية ضمنية‪.‬‬
‫‪ -‬ترقيات بطيئة‪.‬‬
‫‪ -‬اهتمام شامل بالموظفين‪.‬‬
‫والمالحظ أيضا أن جل هذه الخصائص أو المميزات مرجعيتها تعود للنموذج الياباني (نظرية ‪ )J‬الذي يعتمد بالدرجة‬
‫األولى على الجوانب اإلنسانية والعمل الجماعي بروح الفريق‪ ،‬والحوار والتشاور في كل القضايا المتعلقة بالمنظمة واتخاذ كل‬
‫القرارات بطريقة جماعية والتركيز على سياسة التحفيز على البحث والتطوير‪.‬‬
‫وقد جسدت نظرية (‪ )Z‬معالم الفكر اإلداري وا لتنظيمي الياباني من خالل تأكيدها على ثالث مرتكزات فكرية وفلسفية‬
‫تمثلت برؤوس المثلث وهي (الثقة‪ ،‬المودة‪ ،‬المهارة) والشكل التالي يوضح ذلك ‪:‬‬

‫شكل رقم ‪ : 03‬يوضح مرتكزات نظرية (‪)Z‬‬

‫الثقة‬

‫‪ -1‬نائل عبد الحافظ العوالمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 35‬‬


‫المصدر‪ :‬خضير كاظم حمود الفريجات وآخرون‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.90‬‬

‫ومن هنا يتضح بأن نظرية (‪ ) Z‬استمدت مقوماتها الفكرية والفلسفية من التجربة اليابانية‪ ،‬التي يشكل فيها العنصر البشري‬
‫أهم المصادر الفاعلة في تطوير العملية اإلنتاجية‪ ،‬ولذا فان األبعاد اإلنسانية تشكل لديهم مرتكز التطور المستهدف الذي‬
‫تبلورت معالمه من خالل طبيعة ودور البناء الثقافي والتربوي واالجتماعي للشعب الياباني وتعميق روح العائلة في العمل‬
‫‪1‬‬
‫وتقديسه ولذا فان المجتمع الياباني غالبا ما يطلق عليه مجتمع االتفاق واالنسجام‪.‬‬
‫‪ /4.4.7‬االتجاه الموقفي أو النظرية الموقفية‪:‬‬
‫تعتبر هذه النظرية امتدادا لنظرية النظم‪ ،‬حيث اعتمدت أساس على مفهوم '' النظام المفتوح ''‪ ،‬وهي تمثل اتجاها حديثا‬
‫يقوم على أساس أنه ليست هنالك نظرية أو مدرسة في التنظيم يمكن تطبيقها في مختلف الظروف وفي كل أنواع المنظمات‪،‬‬
‫وإن ما يجب استخدام النظرية بشكل انتقائي بحيث تتالءم مع الظروف واألوضاع التي تعيشها المنظمة‪ ،‬أي أن جوهر هذه‬
‫‪2‬‬
‫النظرية هو أن عالقات المنظمة ككل وأنظمتها الفرعية بالمنظمات األخرى وبالبيئة العامة تعتمد على الموقف‪.‬‬
‫يتضح‪ 3‬أن نظرية اإلدارة الموقفية ذات صفة عامة وطابع عمومي‪ ،‬وهي ال ترفض ما قدمته أية مدرسة من مدارس‬
‫اإلدارة‪ ،‬وتعتمد بشكل أساسي على أن المنظمة نظام مفتوح على البيئة الخارجية‪ ،‬وهي تسعى إلى تطبيق مبدأ السبب والنتيجة‪،‬‬
‫بمعنى أن لكل ظاهرة أسباب تؤدي إليها‪ .‬فعندما تواجه المدير مشكلة ما‪ ،‬عليه عندئذ تحديد وتشخيص األسباب التي أدت إليها‬
‫أوال‪ ،‬ثم يختار الحل المناسب وفق نتائج التشخيص التي توصل إليها‪.‬‬
‫يتضح مما تقدم أن اإلدارة الموقفية تقوم على أساس عدم الثبات في المجاالت التالية‪:‬‬
‫‪ -‬عدم ثبات الشخصية اإلنسانية‪.‬‬
‫‪ -‬عدم ثبات السلوك اإلنساني‪.‬‬
‫‪ -‬عدم ثبات سلوك الجماعة‪.‬‬
‫‪ -‬عدم ثبات العوامل البيئية المحيطة بالمنظمة‪.‬‬
‫‪ -‬عدم ثبات تفاعل األنظمة الفرعية ضمن النظام الكلي‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ولذا فان المفكرين والباحثين في إطار النظرية الموقفية قد ركزوا على حقيقتين أساسيتين هما‪:‬‬
‫‪ -1‬المتغيرات البيئية والتي تتضمن كافة المتغيرات المتعلقة بالبيئة الخارجية كاالقتصادية والسياسية واالجتماعية‬
‫والتكنولوجية والحضارية‪...‬‬
‫‪ -2‬المتغيرات الهيكلية وتتضمن كافة المتغيرات المتعلقة بالهياكل التنظيمية وحجم المنظمة واختيار التصميم التنظيمي‬
‫المناسب وغيرها من المتغيرات المتعلقة بالمنظمة ذاتها‪.‬‬
‫وعليه يمكن القو ل‪ ،‬نظرا لعدم توفر درجة الثبات للعديد من المتغيرات التنظيمية والبيئية‪ ،‬فانه ال توجد نظرية واحدة‬
‫صالحة لجميع الظروف والمواقف وكل المنظمات‪ ،‬بل يجب معالجة كل القضايا التنظيمية واإلشكاليات التنظيمية المطروحة‬

‫‪ -1‬خضير كاظم حمود الفريجات وآخرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.90‬‬


‫‪ -2‬حسين حريم‪ ،‬إدارة المنظمات – منظور كلي‪ ،‬دار الحامد للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ط ‪ ،2003 ،1‬ص‪.33‬‬
‫‪ -3‬عمر وصفي عقيلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.159‬‬
‫‪ -4‬خضير كاظم حمود الفريجات وآخرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.82-81‬‬
‫حالة بحالة‪ ،‬في الوقت المناسب وحسب المعطيات والمعلومات المتوفرة‪ ،‬ووفقا للمتغيرات السائدة داخل المنظمة وكذا األخرى‬
‫المتعلقة بالمحيط الخارجي‪.‬‬

‫قائمـــــة المراجـــــع‬

‫‪ -1‬أحمد األصفر‪ ،‬أديب عقيل‪ ،‬علم اجتماع التنظيم ومشكالت العمل‪ ،‬منشورات جامعة دمشق‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪،‬‬
‫‪.2003/2002‬‬
‫‪ -2‬أحمد زكي بدوي‪ ،‬معجم مصطلحات الرعاية والتنمية االجتماعية‪ ،‬دار الكتاب المصري‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬دار الكتاب اللبناني‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪.1987 ،1‬‬
‫‪ -3‬إحسان محمد الحسن‪ ،‬موسوعة علم االجتماع‪ ،‬الدار العربية للموسوعات‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪.1999 ،1‬‬
‫‪ -4‬اعتماد محمد عالم‪ ،‬دراسات في علم االجتماع التنظيمي‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪ ،‬ط‪.1994 ،1‬‬
‫‪ -5‬حسين حريم‪ ،‬إدارة المنظمات– منظور كلي‪ ،‬دار الحامد للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ط ‪.2003 ،1‬‬
‫‪ -6‬حسين حريم‪ ،‬مبادئ اإلدارة الحديثة‪( ،‬النظريات‪ ،‬العمليات اإلدارية‪ ،‬وظائف المنظمة)‪ ،‬دار الحامد للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪،‬األردن ط‪.2006 ،1‬‬
‫‪ -7‬حسين عبد الحميد أحمد رشوان‪ ،‬علم اجتماع التنظيم‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،‬مصر‪.2004 ،‬‬
‫‪ -8‬خضير كاظم حمود الفريجات‪ ،‬موسى سالمة اللوزي‪ ،‬أنعام الشهابي‪ ،‬السلوك التنظيمي ( مفاهيم معاصرة)‪ ،‬مكتبة‬
‫الجامعة‪ ،‬الشارقة‪ ،‬إثراء للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪.2009 ،1‬‬
‫‪ -9‬رابح كعباش‪ ،‬علم اجتماع التنظيم‪ ،‬مخبر بحث‪ :‬علم اجتماع االتصال للبحث والترجمة‪ ،‬جامعة قسنطينة‪.2006 ،‬‬
‫‪ -10‬رشاد أحمد عبد المطلب‪ ،‬تنمية المنظمات االجتماعية (مدخل مهني لطريقة تنظيم المجتمع)‪ ،‬دار الوفاء لدنيا الطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪.2007 ،1‬‬
‫‪ -11‬حسان ال جيالني‪ ،‬التنظيم والجماعات‪ ،‬دار الفجر للنشر والتوزيع ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬ط‪.2008 ،1‬‬
‫‪ -12‬سيف اإلسالم شوية‪ ،‬سلوك المستهلك والمؤسسة الخدماتية‪( ،‬اقتراح نموذج للتطوير)‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫المطبعة الجهوية قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪.2006 ،‬‬
‫‪ -13‬السيد الحسيني‪ ،‬النظرية االجتماعية ودراسة التنظيم‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪.1976 ،‬‬
‫‪ -14‬طلعت إبراهيم لطفي‪ ،‬علم اجتماع التنظيم‪ ،‬دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.1993 ،‬‬
‫‪ -15‬ضرار العتيبي وآخرون‪ ،‬العملية اإلدارية مبادئ وأصول وعلم وفن‪ ،‬دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪.2007 ،‬‬
‫‪ -16‬عامر عوض‪ ،‬السلوك التنظيمي اإلداري‪ ،‬دار أسامة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪.2001 ،1‬‬
‫‪ -17‬عامر الكبيسي‪ ،‬التنظيم اإلداري الحكومي بين التقليد والمعاصرة‪ ،‬الفكر التنظيمي‪ ،‬دار الشرق للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫قطر‪ ،‬ط‪.1998 ،1‬‬
‫‪ -18‬عبد الباسط محمد حسن‪ ،‬علم االجتماع الصناعي‪ ،‬دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،1‬دون سنة‪.‬‬
‫‪ -19‬عبد الرزاق بن حبيب‪ ،‬اقتصاد وتسيير المؤسسة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط ‪.2013 ،5‬‬
‫‪ -20‬عمر وصفي عقيلي‪ ،‬االدارة المعاصرة (التخطيط – التنظيم‪ -‬الرقابة)‪ ،‬دار زهران للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪.2007‬‬
‫‪ -21‬علي السلمي‪ ،‬تطور الفكر التنظيمي‪ ،‬دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬د ط‪ ،‬د س‪.‬‬
‫‪ -22‬على عبد الرازاق جلبي‪ ،‬علم إجتماع التنظيم‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.1999 ،‬‬
‫‪ -23‬علي ليلة‪ ،‬عبد الوهاب جودة‪ ،‬البيروقراطية والتنظيم‪ -‬الفرضيات األساسية وتأمالت الواقع‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.2001‬‬
‫‪ -24‬فاروق عبده فليه‪ ،‬السيد محمد عبد المجيد‪ ،‬السلوك التنظيمي في إدارة المؤسسات التعليمية‪ ،‬دار المسيرة للنشر والتوزيع‬
‫والطباعة‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪.2005 ،1‬‬
‫‪ -25‬قاسيمي ناصر‪ ،‬دليل مصطلحات علم اجتماع التنظيم والعمل‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ ،‬الجزائر‪.2004 ،‬‬
‫‪ -26‬محمد أكرم العدلوني‪ ،‬العمل المؤسسي‪ ،‬دار بن حزم‪ ،‬لبنان ‪ ،‬ط‪.2002 ،1‬‬
‫‪ -27‬محمد بومخلوف‪ ،‬التوطين الصناعي وقضاياه المعاصرة ( الفكرية والتنظيمية والعمرانية والتنموية)‪ ،‬التنظيم الصناعي‬
‫والبيئة‪ ،‬شركة دار األمة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪.2001 ،1‬‬
‫‪ -28‬محمد قاسم القريوتي‪ ،‬اإلدارة المعاصرة بين النظرية والتطبيق‪ ،‬جمعية المطابع التعاونية‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.1985 ،‬‬
‫‪ -29‬محمد قاسم القريوتي‪ ،‬الوجيز في إدارة الموارد البشرية‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪.2010 ، 1‬‬
‫‪ -30‬نائل عبد الحافظ العوالمة‪ ،‬الهياكل واألساليب في تطوير المنظمات‪ ،‬دار زهران للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.2009،‬‬
‫‪ -31‬نورالدين بشير تاوريريت‪ ،‬نظرية المنظمة والتنظيم‪ ،‬عالم الكتب الحديث‪ ،‬إربد‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪.2015 ،1‬‬
‫‪ -32‬الموقع االلكتروني‪date de ،)Association Française d'Ingénierie Système( https://www.afis.fr :‬‬
‫‪vue : 05/10/2018.à 22 h‬‬
‫‪ -33‬الموقع االلكتروني‪ ،https://vb.ckfu.org :‬تاريخ االطالع‪ ،2018/06/16 :‬الساعة‪ 23 :‬سا‪.‬‬

You might also like