You are on page 1of 20

‫العدد ‪18‬‬ ‫مجلة حقائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫ديناميكية الجماعة ودورها في بناء الثقافة التنظيمية من جانب االتصال داخل املؤسسة‬

‫دودو نوري نور الدين طالب دكتوراه جامعة الجزائر‪-2-‬‬

‫طالب دكتوراه جامعة الجلفة‬ ‫قاسمي فتيحة‬

‫امللخص‪:‬‬

‫إن االتصال السائد داخل املؤسسة من شأنه التأثير في خلق املناخ التنظيمي املالئم لإلبداع و االبتكار و‬
‫املساهمة في اتخاذ القرارات ‪ ،‬و ذلك لن االتصال وسيلة اجتماعية يتم من خاللها التفاعل بين الفراد و‬
‫خلق ديناميكية الجماعة و التناغم املستمر بين الفرد و الجماعة على حد سواء ‪ ،‬إذ يتم من خاللها نقل‬
‫املعلومات و البيانات و اآلراء و الفكار لغرض تحقيق الداء املستهدف للمؤسسة ‪ ،‬و تعتمد كفاءة االتصال‬
‫على العديد من العوامل التي تتعلق عادة بطبيعة العمل والبيئة التنظيمية السائدة إذ أنها تؤثر و تتأثر بها‬
‫دائما ‪ ،‬فهو املكان املادي لألفراد وما ترتبط بذلك من جماعات العمل الرسمية و العالقات غير الرسمية من‬
‫شأنها أن تخلق مناخا تنظيميا مالئما من خالل التفاعالت و العالقات االجتماعية الهادفة بين الفراد و‬
‫تحسين أدائهم في املؤسسة‪ .‬إن االتصال الفعال يؤدي إلى تحسين أداء العامل وحصوله على رضا أكبر في‬
‫العمل‪ ،‬أما الجماعات غير املتماسكة فإن التشويش يلعب دورا واضحا في تفككها‪ ،‬وخلق الصراعات‬
‫واملنافسة املستمرة بين أعضائها‪ .‬ولذا فإن االتصاالت هي نشاط إنساني يستهدف تحقيق مستلزمات التوازن‬
‫واالستقرار للفرد والجماعة واملنظمة على حد سواء والتي من خاللها تبنى ثقافة املؤسسة‪.‬‬

‫كلمات مفتاحية‪ :‬ديناميكية الجماعة‪ ،‬بناء الثقافة التنظيمية ‪،‬املؤسسة‬

‫‪Abstract:‬‬

‫‪The communication within the organization can influence the creation of a regulatory‬‬
‫‪climate suitable for creativity, innovation and decision-making, because communication is a‬‬
‫‪social means through which individuals interact and create a dynamic community and a‬‬
‫‪continuous harmony between the individual and the community alike. It transfers‬‬
‫‪information, data, opinions and ideas for the purpose of achieving the targeted performance‬‬
‫‪of the enterprise, and the efficiency of communication depends on many factors that are‬‬
‫‪usually related to the nature of work and the prevailing organizational environment as it‬‬
‫‪affects and is always affected by it. It is the physical place of individuals and the associated‬‬
‫العدد ‪18‬‬ ‫مجلة حقائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫‪formal working groups and informal relationships that create an appropriate organizational‬‬
‫‪environment through meaningful interactions and social relationships between individuals‬‬
‫‪and improving their performance in the institution. Communication is therefore a‬‬
‫‪humanitarian activity aimed at achieving the balance and stability of both the individual, the‬‬
‫‪community and the organization through which the institution's culture is built.‬‬

‫مقدمة ‪:‬‬

‫یرتكز نجاح أو فشل املنظمات املعاصرة على مدى تحكمها واهتمامها وتأطيرها الصحیح لهم مورد‬
‫تملكه وهو الرأسمال البشري ‪ ،‬والذي یعتبر الثروة النادرة التي تتسابق املنظمات لتوفيرها كما ونوعا‬
‫بالشكل الذي یزید من فعالیتها‪ .‬و الذي يزيد و يحسن من هذه الخيرة هو عملية االتصال حيث يعد هذا‬
‫التفاعل والتواصل سمة الحياة البشرية في جميع املجاالت والطر ‪ -‬وال يتحققان إال بوجود االتصال ‪ -‬والذي‬
‫يعتبر ضرورة قصوى في الحياة ‪ ،‬ونظرا لألهمية الكبيرة التي يحتلها موضوع االتصال إهتم به الباحثون عند‬
‫دراسة السلوك البشري في املنظمات ذلك لنه ال يمكن تصور أي سلوك منظم دون اتصال سواء كان لفظيا‬
‫أو غير لفظي ‪.‬‬

‫ولذلك تشكلت منظومات متكاملة لالتصال تقوم على اإلشارات والرموز ذات الدالالت واملعاني املشتركة‬
‫والتي تيسر فهم وإدراك أهداف االتصال وأبعاده ‪ ،‬ومن خاللها يمكن أن تكون لنا القدرة على التعامل مع‬
‫الغير ‪ ،‬ويحدث التأثير بين طرفين وأكثر ‪ ،‬هذا التأثير يكون بهدف تبادل املعلومات واآلراء أو التأثير في املواقف‬
‫واالتجاهات ‪ ،‬كما أن االتصال يكون متغيرا حسب تأثيره ‪ ،‬كالتأثير بنمط القيادة أو السلطة التنظيمية أو‬
‫أنماط القوة السائدة في املنظمة و التي من بين أسسها و مرتكزاتها الجماعة حيث لهذه الخيرة ديناميكية‬
‫والتي من خاللها يتم و تجرى عملية االتصال ضمنها و داخل نسق املؤسسة املتأثر بالبيئة الخارجية و‬
‫الداخلية للمؤسسة و التي بدورها تخلق ثقافة اتصال للمؤسسة‪.‬‬

‫و مما سبق يتبادر لنا التساؤل ما دور ديناميكية الجماعة في بناء ثقافة االتصال داخل املؤسسة ؟‬

‫أوال ‪ .‬ديناميكية الجماعة ‪:‬‬

‫‪ .1‬جماعات العمل‪:‬‬

‫‪ .1 . 1‬ماهية الجماعة وأهم خصائصها‪:‬‬


‫يحقق العمل الجماعي غالبا نتائج أفضل من تلك التي يحققها العمل الفردي‪ ،‬ولقد انتبه اإلنسان إلى ذلك‬
‫منذ العصور القديمة فعملوا ضمن جماعات في الزراعة والصيد وصناعة السفن‪ ،‬وملا تطورت حياة‬
‫العدد ‪18‬‬ ‫مجلة حقائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫االنسان أصبح االعتماد على الجماعات أمر ضروري داخل املؤسسات بشتى أنواعها‪ ،‬ومن الواضح أن العمل‬
‫الجماعي ال يقتصر على االنسان فحسب بل يتعدى إلى الحيوانات كذلك‪ ،‬كالنحل والنمل وكذلك الطيور‬
‫وحيوانات عدة‪ .‬فعند تطرقنا إلى مختلف التعاريف التي اهتمت بمفهوم الجماعة كان هناك شبه اجماع بين‬
‫الباحثين حول مجموعة من النقاط والخصائص العامة التي تتميز بها جماعات العمل‪ ،‬إال أن هذا ال ينفي‬
‫تباين بعض الخصائص واختالفها باختالف طبيعة الجماعة أو نوعها‪ ،‬وسنحاول عرض أهم الخصائص‬
‫العامة التي تشترك فيها كل الجماعات‪ ،‬وأهم الخصائص التي تتميز بها هذا ال ينفي تباين بعض الخصائص‬
‫واختالفها باختالف طبيعة الجماعة أو نوعها‪ ،‬وسنحاول عرض أهم الخصائص العامة التي تشترك فيها كل‬
‫الجماعات‪ ،‬وأهم الخصائص التي تتميز بها جماعة العمل الفعالة‪ ،‬أما الولى نجد في مقدمتها أن الجماعة‬
‫تتكون من شخصين أو أكثر يتفاعلون فيما بينهم‪ ،‬بمعنى أنه يوجد بعض التأثير بين أفراد الجماعة على‬
‫بعضهم البعض‪.‬‬

‫كما يتوجب على الجماعة وجود هيكل ثابت بالرغم من أن الكثير من الجماعات تتغير باستمرار‪ ،‬إال أن‬
‫وجود العالقات املستقرة التي تبقي العضاء معا ويعملون كوحدة أمر ضروري‪ ،‬هذا بالطبع من أجل تحقيق‬
‫الهداف املشتركة للجماعة وكذا وصول كل عضو الهدافه واهتماماته الشخصية في ظل العمل‬
‫الجماعي‪ )1(.‬كذلك يجب على العضاء إدراك أنفسهم كمجموعة‪ ،‬إذ أنه من الواجب على العضاء التعرف‬
‫على بعضهم البعض‪ ،‬بحيث يمكنهم تمييز هؤالء الفراد عن غير العضاء‪.‬‬

‫وعن أهم خصائص الجماعة الفعالة أو نقول الجماعة املثالية‪ ،‬فيمكن حصرها في مجموعة من النقاط‬
‫طبعا دون إعادة ذكر الخصائص العامة وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪ -‬تتميز العالقات التي تنشأ بين الفراد باالستمرارية‪ ،‬االنتظام والقابلية ‪ -‬تقوم الجماعة بتطوير قواعد‬
‫ومعايير تنظم وتضبط سلوك الفراد داخل الجماعة‪ - .‬القائد ال يهيمن على العضاء بل يعطيهم الحرية في‬
‫النقاش والتعبير عن أفكارهم‪ ،‬كذلك النقد البناء واملشاركة في اتخاذ القرار‪ ،‬و قد اقترح " ليكرت " "‬
‫‪ " Likkert‬مجموعة من السمات والخصائص التي تتميز بها الجماعة املثالية نذكر منها‪ ،‬وجود مهارات‬
‫متنوعة لدى العضاء حيث يلعب القائد أو الرئيس دور املوجه واملرشد‪ ،‬كما أن العضاء يتقاسمون‬
‫مجموعة من القيم فيما بينهم أهمها التقة‪ ،‬االلتزام‪ ،‬التعاون والتآزر‪ ،‬كذلك الدافعية والرغبة في العمل‬
‫ضمن الجماعة(‪.)2‬‬

‫‪ 2.1‬أنواع الجماعات (‪:)3‬‬

‫* الجماعات الوظيفية‪ :‬هي جماعات رسمية تنشا داخل املنظمة وتحدد العالقات بين أعضاءها من خالل‬
‫الهيكل التنظيمي أو الوصف الوظيفي وتتكون هذه الجماعات من الرئيس و املرؤوس‪ ،‬ويكون هدفها هو أداء‬
‫العدد ‪18‬‬ ‫مجلة حقائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫العمل الوظيفي للجماعة‪ ،‬ومن أمثلة هذه الجماعات اإلدارات و القسام التي تضم رئيس ومجموعة من‬
‫العاملين‪.‬‬

‫* جماعات املهام الخاصة ‪ :‬فهي جماعات يتم تشكيلها بواسطة الوصف التنظيمي أو طبقا االحتياجات‬
‫العمل‪ ،‬وهي قد تكون دائمة أو مؤقتة و تتكون أيضا من رئس ومرؤوسين‪ ،‬ويكون هدفها هو أداء عمل وظيفي‬
‫دائم و أداء مهام مؤقتة ومن أمثلة هذه الجماعات اللجان العادية كاملشتريات والعقود إلى أخره‪.‬‬

‫* جماعات الصداقة واالهتمامات الخاصة‪ :‬و تنشأ هذه الجماعات بسبب تشابه في خصائص الفراد‬
‫کاهتمامات املشتركة والسن واملعتقدات السياسية وقد تكون هذه الجماعات رسمية ولها أهداف تتماش ى‬
‫مع أهداف املنظمة وقد تكون العكس ولها أهداف تتعارض مع أهداف املنظمة ومن أمثلة هذه الجماعات‬
‫الرسمية نقابة العمال‪ ،‬ونادي الشركة وصناديق الزمالة‪ ،‬أما الجماعات الخاصة غير الرسمية فمن أمثلتها‬
‫جماعة الصدقاء والتحالفات و العصابات ‪.‬‬

‫‪ 2‬مفهوم الجماعة‪:‬‬

‫تتميز الجماعة بعدة خصائص كالتجمع والتماسك واالنسجام ويزيد أفرادها عن اثنين فما فوق حتى‬
‫تصبح حشدا و عصبة و تجمعا فضال عن خاصية االنتماء والعمل الجماعي من أجل تحقيق هدف مشترك‬
‫وتبادل التفاعالت والدوار و الوظائف ‪ ،‬و بالتالي تنطلق الجماعة في أداء مهماتها ومسؤولياتها من أهداف‬
‫مسطرة ومضبوطة لتحقيقها في مجاالت معينة بوسائل محددة مع تقويمها وتحديد نقاط الضعف والقوة‬
‫قصد الخذ بمبدأ التغذية الراجعة‪.‬‬

‫‪ 3‬مفهوم ديناميكية ‪:‬‬

‫تتكون عبارة ديناميكية الجماعة من مفهومين أساسيين وهما‪ :‬الديناميكية و الجماعات‪.‬‬

‫أ‪ .‬مفهوم الديناميكية‪:‬‬

‫لغة‪ :‬تعني الديناميكية لغة الحركة نحو تحقيق هدف معين‪.‬‬

‫اصطالحا ‪ :‬ديناميكية الجماعة هي مجموعة املثيرات واالستجابات التي تحدث داخل الجماعة وتفاعل هذه‬
‫املثيرات واالستجابات مع بعضها في املواقف املختلفة التي تمر بها الجماعة وتأثيرها في سلوك الفراد‪.‬‬

‫يرى " رونلد لويس ‪ " Ronold lewis‬بأن ديناميكية الجماعة هي عبارة عن بحث في عمليات التفاعل‬
‫داخل الجماعات الصغيرة ‪ ،‬حيث أن البحث في هذا امليدان يهدف إلى إيجاد املبادئ التي يقوم عليها سلوك‬
‫الجماعة والقوانين التي تتحكم في تكوينها وعالقة الفراد ببعضهم البعض وعالقة الجماعة بغيرها من‬
‫العدد ‪18‬‬ ‫مجلة حقائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫الجماعات والنظم السائدة ‪ ،‬وتفسير التغيرات التي تحدث بها ‪ ،‬وكل ما يتعلق بالجوانب الديناميكية أو‬
‫املتغيرة في الجماعة ‪ ،‬ومن ثم ابتداع التقنيات التي تساعد على جعل قرارات الجماعة ذات فاعلية ‪(4).‬‬

‫إن مفهوم الديناميكية يرتبط بمفهوم الجهد و مفهوم الجهد ينحدر من أصل اجتماعي للنشاط اليومي‬
‫البشري‪ .‬ويتم التمييز في الديناميكية من الناحية اإلجرائية بين نوعين من الجهود ‪ :‬الجهود الداخلية و‬
‫الجهود الخارجية ‪ ،‬ويؤدي تطبيق املبدأ الساس ي للديناميكية إلى دراسة مفهوم التوازن وتحليل قاعدة‬
‫الفعل و رد الفعل‪.‬‬

‫ولقد استعير مفهوم الديناميك من املجال الفيزيائي والذي يقصد به في مجال امليكانيكا مختلف‬
‫العالقات التي تكون بين القوى والحركات الناتجة عن هذه الخيرة ‪ ،‬ويدل املصطلح على القوة والحركة‬
‫والحيوية ونقيضه الثبات والسكون و تعني الديناميكية في املجال السيكو اجتماعي مختلف القوى‬
‫اإليجابية والسلبية التي تتحكم في الجماعة وتساعدها على التوازن والتطور واالندماج أو االنكماش‬
‫والتشتت والتناحر ‪ ،‬كما أنها عبارة عن التفاعالت البنيوية الوظيفية التي تتحكم في نسق الجماعة إذ كل‬
‫تغيير يمس عنصرا فرديا داخل شبكة الجماعة ونسقها البنيوي فإنه يؤثر ال محالة على باقي العناصر‬
‫الخرى إما سلبا أو إيجابا‪(5).‬‬

‫ويرى " هولنبك " ‪ " Hollenbek‬بأن الديناميكية هي القوى التي تؤثر في العالقات والتفاعل داخل‬
‫الجماعة ‪ ،‬والتي يكون لها تأثير في سلوك الجماعة ‪ ،‬فقد تعمل الديناميكية على تطور الجماعة وتقدمها‬
‫وتنظم العالقات داخلها مما يحقق النمو في الجماعة أو قد تعمل على جمودها وتأخرها وقيام الصراع‬
‫والتوتر في العالقات بين أفرادها مما يؤدي إلى تدهور الجماعة وانحاللها‪.‬‬

‫تعرف الديناميكية على أنها مجموعة من املثيرات واالستجابات التي تحدث داخل الجماعة في املواقف‬
‫املختلفة التي تمر بها ‪ ،‬فالفرد إذ يصدر سلوكا معينا داخل الجماعة فإنه يقابل بالعديد من االستجابات‬
‫من باقي الفراد وبذلك يحصل تفاعل اجتماعي ونفس ي أشبه ما يكون بتفاعل كيماوي‪.‬‬

‫ويرى " كولي " أن هذه القوى املؤثرة في العالقات على شكل تفاعالت تؤدي إلى تغيير يحدث تأثيرا في‬
‫اتجاهات الجماعة ‪،‬ويمتد هذا لتغيير إلى اتجاهات الفراد وسماتهم الشخصية واهتماماتهم ومهاراتهم وإلى‬
‫غير ذلك خالل عمليات التفاعل االجتماعي‪.‬‬

‫ويعرف " بوهلن " وزمالءه في كتابهم القيادة وديناميكيات الجماعات مفهوم الديناميكيات بأنها تعني‬
‫الطاقات والقوى املحركة املشتقة من كل فرد من أفراد املجموعة ‪ ،‬ومن تفاعل هؤالء الفراد مع بعضهم‬
‫العدد ‪18‬‬ ‫مجلة حقائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫لتصبح تعبيرا عن محصلة جميع القوى في الجماعة املعنية ‪ ،‬وتتمثل هذه املحركات في النهاية في صورة‬
‫سلوك عام ونشط للجماعة في اتجاه أهدافها ومعايرها التي حددتها لنفسها‪(6).‬‬

‫‪ .4‬مفهوم ديناميكية الجماعة ‪:‬‬


‫أنتشر استخدام اصطالح ديناميكيات الجماعة مند الحرب العاملية الثانية ‪ ،‬وتعددت معانيه وطرق‬
‫استخدامه ‪ ،‬فالبعض يعتبره علم اإليديولوجية السياسية لتنظيم الجماعات ويركز على القيادة الجماعية‬
‫الديمقراطية ومشاركة العضاء في اتخاذ القرارات والعمل التعاوني بين أفراد هذه الجماعات وبعضهم‬
‫يعرف ديناميكيات الجماعة على أنه " مجموعة من الساليب مثل العملية الجماعية أو الحل الجماعي‬
‫للمشكلة أو قرار الجماعة " ‪،‬كما ينظر البعض إلى علم ديناميكيات الجماعة على أنه ميدان للدراسة في‬
‫طبيعة الجماعات وفي قوانين نموها وارتباطها بالفراد والجماعات الخرى في املجتمع‪(7).‬‬

‫‪ .5‬مقاربة التفاعل‪ ،‬األنشطة و العاطفة ‪:‬‬

‫يعد "جورج هومانس" مؤسس هذه النظرية العالم الذي أكد أن الواقع االجتماعي كنظام عام في تكامل‬
‫وتفاعل مستمر‪ ،‬وتضفي عليه طابع االستقرار والثبات حيث يتعالى هذا التكامل وذلك االستقرار باملجتمع‬
‫إلى حالة من التساند الوظيفي‪ ،‬يعتبر فيها الصراع شيئا شاذا أو تیارا منحرفا داخل املجتمع‪ ،‬ومن جهة يظهر‬
‫االهتمام بمفاهيم معينة على حساب مفاهيم أخرى‪ ،‬فنجد مفاهيم السلطة‪ ،‬الجماعة‪ ،‬املجتمع املقدس‪،‬‬
‫الوظيفة من املفاهيم الكثر شيوعا في علم االجتماع الغربي‪)8(.‬‬

‫انطلق الباحث قبل وضع السس لنظريته إلى تحليل العالقة بين عناصر ثالثة‪ ،‬حيث أن ممارسة النشطة‬
‫والتي تمثل مجموعة املهام التي يقوم بها أعضاء الجماعة‪ ،‬يخلق بينهم جو من التفاعل واالحتكاك عن طريق‬
‫مختلف قنوات التواصل‪ ،‬مما يؤدي إلى تقوية عالقات الصداقة واملحبة‪ ،‬أيضا تبادل املشاعر والحاسيس‬
‫فيما بينهم‪ ،‬ولعل إقامة عالقات طيبة بين الفراد سيؤدي إلى تقليص حدة التوتر والخالف بينهم ومن ثم‬
‫تماسك الجماعة‪ ،‬وإدراك البيئة املحيطة بجماعتهم‪ ،‬أي أن أساس بناء "جورج هومانس" لنظريته كان‬
‫قائما على التفاعل الذي يقصد به مختلف مظاهر التعاون والتواصل‪ ،‬كذلك التعارض في الفكار والتشاور‪،‬‬
‫فكل هذه العناصر تدفع نحو الحركة الدائمة للجماعة‪.‬‬

‫ويعتبر "هومانس" أن صور التفاعل بين العضاء هو عبارة عن نظام متكامل من العالقات التي تتأثر‬
‫بجملة من املتغيرات داخلية تتمثل في الجماعة نفسها وخارجية تشتمل على البيئة التي تحيط بالجماعة‪،‬‬
‫وكل من النظامين هو عبارة عن عالقات من التفاعل قائمة على الفعل و رد الفعل(‪)9‬‬
‫العدد ‪18‬‬ ‫مجلة حقائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫وتجدر بنا اإلشارة إلى أن بعض العلوم الخرى التي نعدها قريبة من العلوم االجتماعية قد أولت اهتمامها‬
‫بجماعات العمل‪ ،‬السيما علم النفس االجتماعي من خالل بعض النظريات التي قام بصياغتها علماء وأطباء‪،‬‬
‫مثل نظرية تحليل املعامالت للباحث "إريك بارن" ونظرية االتصال الفعال للعالم "توماس غوردون" الذي‬
‫يعد أحد أبرز طلبة العالم "كارل روجر" ‪.‬‬

‫تقوم نظرية "بارن" على تحليل أسلوب االتصاالت أو "املعامالت الخاصة بشخص ما‪ ،‬والتي يتم تنفيذها‬
‫وفق مجموعة من املخططات بحيث يتم تحديد حاالت النا والغرور لدى الشخص‪ ،‬كما تبرز أيضا قدرة كل‬
‫شخص على التغيير‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬أنه من خالل الوعي والبصيرة يمكن إعادة تعريف أحداث الطفولة‬
‫املبكرة من قبل الفرد وأنماط السلوك املهزومة ذاتية التي تتغير‪ ،‬حيث ينصب التركيز أيضا على تجربة‬
‫الطفولة وإمكانية التغيير من خالل التدخل العالجي في الحياة املستقبلية(‪.)10‬‬

‫أما نظرية "غوردون" فهي تقوم على مجموعة من القواعد تساهم في الوصول إلى اتصاالت فعالة‪ ،‬حيث‬
‫أن عالم النفس "غوردون" قد اهتم بموضوع القيادة فهو يدعو ويدعم الحوار‪ ،‬ينبذ الوعيد والتهديد وكل‬
‫أساليب التحريض واللوم‪ ،‬ويدعو القادة إلى تشجيع العضاء وتحفيزهم‪ ،‬واعطاء الحجج املنطقية واالبتعاد‬
‫عن التجريح‪ ،‬فعلى سبيل املثال إذا عرضت فكرة ما‪ ،‬على العضو أن يبتعد عن قول هذه فكرة سيئة وأن‬
‫يقول أنا أجد صعوبة في فهم هذه الفكرة(‪.)11‬‬

‫ثانيا ‪ .‬مفهوم اإلتصال ‪:‬‬

‫لالتصال تعاريف متعددة ومتنوعة نظرا الستخدامه في العلوم السلوكية املختلفة‪ ،‬علم االجتماع‪ ،‬علم‬
‫النفس االجتماعي‪ ،‬العلوم اإلدارية‪ ،‬الخدمة االجتماعية‪ ،‬وغيرها من امليادين الخرى‪ ،‬أي أن كل باحث يعرفه‬
‫من زاويته الخاصة‪ ،‬ولذلك ال يوجد تعريف متفق عليه ‪.‬ويمكن أن أقدم بعض التعريفات لالتصال فيما‬
‫يلي‪:‬‬

‫أ‪ .‬االتصال لغة‪:‬‬

‫في اللغة العربية االتصال كلمة مشتقة من مصدر وصل‪ ،‬الذي يحمل معنيين ‪ :‬الصلة و البلوغ‪.‬‬

‫فالولى تعني الربط بين شخصين و إيجاد عالقة معينة تربط بين الطرفين‪ ،‬أما الثاني فهي البلوغ أو االنتهاء‬
‫إلى غاية ما‪.‬‬

‫بمعنى عمومي أو شائع‪ ،‬ويعني في اللغة ‪ Communis‬وكلمة إتصال مشتقة من الصل الالتيني مشتركة أو‬
‫اشتراكي (‪ . )12‬وبذلك فإن الصل الالتيني للكلمة يمكن أن يعبر عن ‪ Communism‬اإلنجليزية ما يؤول إلى‬
‫املجموع أو ينتقل إليهم أو منهم بصورة مشتركة‪.‬‬
‫العدد ‪18‬‬ ‫مجلة حقائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫ب‪ .‬االتصال اصطالحا‪:‬‬

‫إن االتصال عملية اجتماعية‪ ،‬يتم من خاللها نقل و تبادل املعلومات أو اآلراء بين طرفين أو أكثر‪ ،‬بطريقة‬
‫مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬و باستخدام أداة أو أكثر من أدوات بغرض أن تصير الخبرة مشتركة بين أطراف‬
‫العملية‪(13).‬‬

‫معنى أن االتصال حسب هذا التعريف ال يمكن أن يكون بين اإلنسان وذاته‪ ،‬وذلك بوصفه عملية اجتماعية‬
‫يتم من خاللها تبادل ونقل املعلومات‪ ،‬كذلك يشير هذا التعريف إلى استخدام الداة أو الوسيلة في عملية‬
‫االتصال‪.‬‬

‫االتصال عملية اجتماعية ذات خطوات مترابطة مستمرة‪ ،‬يتم فيها التفاعل بين شخصين أو أكثر‪،‬‬
‫لتحقيق هدف واضح محدد‪ ،‬وهذه العملية تتم من خالل عالقة إنسانية قد تكون ثنائية بين فردين أو بين‬
‫جماعة صغيرة أو مجتمع محلي‪ ،‬قومي‪ ،‬دولي‪ ،...‬ويتم االتصال بوسائل وأساليب كثيرة ومتنوعة بغرض أن‬
‫تصير الخبرة مشتركة بين أطراف العملية‪(14).‬‬

‫هذا التعريف يشبه أو يتفق مع التعريف السابق له‪ ،‬إال أن الول تناول موضوع الهدف من اإلتصال‪.‬‬

‫اإلتصال هو نقل انطباع أو تأثير من منطقة إلى أخرى دون النقل الفعلي ملادة ما‪ ،‬وقد يشير إلى نقل‬
‫اإلنطباعات من البيئة إلى الكائن أو بالعكس من فرد إلى آخر(‪.)15‬‬

‫‪ .1‬االتصال الرسمي ‪:‬‬

‫هو اتصال يتم عبر طرق وقنوات االتصال التي تحددها املؤسسة بصفة رسمية ‪ ،‬ملزمة بجميع الطراف‬
‫العاملة بها ‪ ،‬لكي يتبعوها في جميع اتصاالتهم أثناء ممارستهم لعملهم اليومي ‪ ،‬ويتم االتصال الرسمي بصفة‬
‫عامة عبر التسلسل التنظيمي للمؤسسة‪ ،‬وهو مبدأ من مبادئ التنظيم اإلداري الذي يتضمن التسيير‬
‫الفعال واملنظم للمؤسسة‪ ،‬ويأخذ االتصال الرسمي في أغلب الحاالت الشكل الكتابي مثل التقارير‬
‫والتعليمات والتوجيهات واالقتراحات والشكاوي واملراسالت الرسمية وغيرها ‪ ،‬ومع ذلك ال يأخذ االتصال‬
‫الرسمي الشكل الكتابي بالضرورة دائما فقد يكون شفهيا ومن ذلك ‪ :‬االجتماعات الدورية التي يعقدها املدير‬
‫و اإلدارات املركزية والفرعية والقسام مع معاونيهم مرة على القل كل أسبوع لتلقي املعلومات(‪. )16‬‬

‫يرى الدكتور" عزي عبد الرحمان" " أن االتصال الرسمي يكون حسب السلم اإلداري للمؤسسة ويشمل‬
‫الوامر والتعليمات التي يصدرها الرؤساء واملسؤولين ملرؤوسيهم املتعلقة بالعمل واملعلومات املرتبطة‬
‫باإلجراءات والتطبيقات التنظيمية‪.‬‬
‫العدد ‪18‬‬ ‫مجلة حقائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫يرى الستاذ " فهمي العطروزي" ‪ " :‬أنه كلما زاد حجم املؤسسة ‪ ،‬كلما كانت الحاجة إلى االتصال الرسمي‬
‫أكبر " (‪)17‬‬

‫ـ تنظيم قنوات االتصال ووضوحها وصالحيتها و وفقا التجاه سيران املعلومات يصنف علماء اإلدارة شبكة‬
‫االتصال الرسمي إلى ثالثة أنواع ‪:‬‬

‫أ ـ االتصال النازل ‪ :‬يعد هذا النوع من االتصال الكثر انتشارا ومن أبرز النواع االتصالية في املؤسسات ‪،‬‬
‫حيث في هذا االتصال تنتقل التعليمات واملعلومات والبيانات من قمة التنظيم إلى أدنى املستويات اإلدارية‬
‫أي أن عملية التفاعل تبدأ من الرؤساء أو القيادات املسؤولة وتتجه إلى املوظفين من أجل تحقيق الهداف‬
‫املسطرة وذلك دون معرفة إقتراحاتهم وآرائهم وفي هذا الصدد أشار " كاتروكاهن" إلى بعض مضامينه اآلتية‬
‫وهي ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ توجيهات محددة حول تعليمات ومهمات حول العمل ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ املعلومات املتعلقة بفهم العمل وارتباطاته بالعمال الخرى ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ معلومات حول إجراءات املؤسسة التنظيمية وممارساتها وتتضمن سياسات وقوانين ولوائح خاصة‬
‫باملؤسسة ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ التغذية العكسية املرتبطة بتنفيذ العمال ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ اإلجابة على شكاوي املوظفين ‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ تحديد سياسات وأهداف العمل للمرؤوسين(‪. )18‬‬

‫ويساهم االتصال النازل في تكوين إتجاهات إيجابية وتعزيز السلوك اإليجابي بنظام واضح للمكافئات‬
‫والعقوبات التي يمكن أن تطبق في مختلف الحوال وفي وضع برنامج تقويمي لداء املرؤوسين يمكنهم من‬
‫إدراك تقويم الرؤساء لدائهم ويستخدم في هذا النوع االتصال الشفهي وذلك من خالل اإلجتماعات ‪،‬‬
‫واملقابالت ‪،‬و الهاتف باإلضافة إلى الوسائل املكتوبة كإعالنات اإلدارة امللصقات جريدة داخلية ويتمثل دور‬
‫االتصال النازل في التسيير والتوجيه وإعالم العمال (‪. )19‬‬

‫ب ـ االتصال الصاعد(‪ :)20‬يعمل االتصال الصاعد على إبالغ املسؤولين باملعلومات والبيانات واملشاكل‬
‫والصعوبات التي تعترض تحقيق أهداف املؤسسة و قراراتها ‪ .‬ولهذا يعتبر االتصال الصاعد بمثابة املصدر‬
‫الذي يستقي منه مسؤولو املؤسسة مختلف املعلومات املتعلقة بمؤسساتهم إذ يمكن القول أن االتصال‬
‫العدد ‪18‬‬ ‫مجلة حقائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫الصاعد هو الشكل الوحيد الذي يسمح للموظف بإعالم املسير وتعريفه بنشاطاته وإقتراحاته ومشاكله‬
‫حول مختلف القضايا ذات العالقة باملؤسسة ويمكن تلخيص مضمون االتصال الصاعد فيما يلي ‪:‬‬

‫* تقديم تقارير عن الداء الوظيفي‬

‫* رفع الشكاوي خاصة ببعض املشاكل املهنية التي يعاني منها املوظف و التي تؤثر على مستوى الداء‬
‫الوظيفي ‪.‬‬

‫* طلب توضيحات و استفسارات عن بعض القضايا الغامضة ذات العالقة لتسيير املؤسسة ‪.‬‬

‫وهناك إجماع لدى املتخصصين في مجال اتصال املؤسسة على أن االتصال الصاعد يؤخذ كمقياس ملدى‬
‫ديمقراطية إدارة املؤسسة وتفتحها على موظفيها حيث يعتبر وجوده دليل على انفتاح املسيرين واهتماماتهم‬
‫باقتراحاتهم و االستفادة منها ملعالجتها وخلق جو من الثقة داخل املؤسسة داخل املؤسسة مما يؤدي إلى‬
‫تحقيق أهدافها بانتهاج طريقة تسييرية راشدة قائمة على أسس اتصالية جيدة ‪.‬‬

‫جـ ـ االتصال األفقي(‪ :)21‬يقصد باالتصال الفقي إرسال واستقبال معلومات وبيانات بين مختلف املصالح‬
‫والعمال الذين يشغلون نفس املركز ومناصب العمل في التنظيم الرسمي للمؤسسة ويشكل هذا االتصال‬
‫وسيلة هامة لتحقيق التنسيق بين مختلف القسام اإلدارية ويوفر مشقة االتصال عبر التسلسل الهرمي‬
‫وغالبا ما يؤدي هذا النوع من الوسائل إلى نشوء عالقات صداقة قوية بين الزمالء وتمتد إلى خارج املؤسسة‬
‫ويرى " هنري فايول " ضرورة تشجيع االتصال الفقي كوسيلة لتحقيق اإلدارة الفعالة واالتصاالت‬
‫اإلنسانية السليمة إذ يلعب دورا هاما فهة يساعد في ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ تقسيم فعاليات التقسيمات املختلفة من خالل انتشار املعلومات و االنتشار فيها‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ معالجة الصراعات واملشكالت بين التقسيمات بسبب تأمين وسائل االتصال املباشرة ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ توفير اإلسناد العاطفي واالجتماعي للمرؤوسين من خالل التفاعل املنصب على املهمات املشتركة ‪.‬‬

‫‪ .2‬االتصال غيرالرسمي(‪: )22‬‬

‫إلى جانب االتصال الرسمي الذي يعتمد عليه املؤسسة بصفة رئيسية في نقل املعلومات والقرارات إلى‬
‫جمهورها الداخلي نجدها تعتمد أيضا على االتصال غير رسمي ‪.‬‬

‫فاالتصال غير الرسمي يحقق جزء مهم من االتصال في املنظمات في شكل غير رسمي إذ يؤلف نقل الرسائل‬
‫غير رسمية منظومة اتصال غير رسمية غالبا ما تسمى ‪ :‬املصدر السري للمعلومات ‪.‬‬
‫العدد ‪18‬‬ ‫مجلة حقائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫وهذا االتصال يحدث خارج املسارات الرسمية املحددة لالتصال يعتبر جزء طبيعي من حيث املؤسسات وال‬
‫يمكن لإلدارة إخفاء وجوده فاالتصال غير الرسمي ال يخضع ملراقبة اإلدارة فهو غير مضبوط وغير مقنن‬
‫يساهم في تسريب املعلومات والنباء واإلشاعات عن العمل و أمور تتعلق بالعمال و اتجاهات اإلدارة و هذا‬
‫دون التمكن من تحديد مصدر هذه اإلشاعات ‪.‬‬

‫و رغم ما يسببه هذا االتصال من مشاكل و مضايقات لإلدارة إال أن لهذا االتصال إيجابيات عديدة نورد‬
‫من بينها ما يلي ‪:1‬‬

‫‪ 1‬ـ استكمال العديد من املعلومات التي يتعذر أحيانا على االتصال الرسمي استفاؤها ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ يمتاز بسرعة وسهولة االنتشار فقد ينشر الخبر قبل بثه في قنوات االتصال الرسمي ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ يساعد على تسيير عملية التفاوض مع النقابات العمالية ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ ينمي الشعور باالنتماء لدى العاملين عن طريق تفاهم لدقائق العمل ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ يمهد الطريق إلى تذليل الصعوبات أو العراقيل التي تقف في طريق الداء و التطوير ‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ االتصال الغير الرسمي يمد الرؤساء باملعلومات عن املرؤوسين وتجاربهم مما يزيد في فهمهم لها وبين‬
‫فاعلية االتصال ككل ‪.‬‬

‫أما عن أمثلة االتصال الغير الرسمي تتمثل في (‪:)23‬‬

‫‪ 1‬ـ ما يدور بين زمالء العمل من أحاديث عن مشكالتهم الخاصة أو عن آمالهم وأمانيهم و تمنياتهم ‪ ،‬أو عن‬
‫الحوال العامة التي تستدعي اهتماماتهم وتحاورهم ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ ما ينقل بين الرؤساء واملديرين في ندواتهم الخاصة من معلومات ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ الشكاوي والتظلمات التي تصل من صغار املوظفين مباشرة إلى القيادة ومن في حكمهم متخطين في ذلك‬
‫املستويات الرئاسية البينية ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ الحاديث الخاصة التي تتم بين كبار املديرين و السكاترة التابعين لهم والتي ترمي في أحيان كثيرة إلى تفريغ‬
‫بعض الشحنات االنفعالية عند املديرين وإلى ظروفهم النفسية التي تفرضها عليهم قيود وظائفهم فيما‬
‫يتعلق باالتصاالت ‪.‬‬
‫العدد ‪18‬‬ ‫مجلة حقائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫ثالثا ‪ .‬ديناميكية الجماعة و أداء املؤسسة ‪:‬‬


‫إن جميع الفراد محاطون بعدة عالقات تجمعهم مع آخرين‪ ،‬كالصداقة‪ ،‬الزمالة‪ ،‬القرابة وعالقات أخرى‬
‫من شأنها أن تكون جماعة‪ ،‬فالسرة تمثل مجموعة مهمة‪ ،‬كذلك الجمعيات والحزاب‪ ،‬أيضا جماعات‬
‫العمل داخل املؤسسات التي تهدف إلى تحقيق أهداف مشتركة‪ ،‬أين يمكن اعتبار سلوك الجماعة نتيجة‬
‫لعدة خيارات وإجراءات يقوم بها العضاء‪ ،‬إال أن هذه االختيارات تتأثر بعوامل عديدة كالقوانين والنظمة‬
‫التي تحكم املؤسسة‪ ،‬أيضا ثقافتها التنظيمية‪ ،‬ويتولد عن تواتر هذه السلوكيات ديناميكية قد تفسر‬
‫املقاومة أو الرغبة في التغيير داخل الجماعة مما يوحي بوجود تأثير متبادل بين الفرد والجماعة‪.‬‬

‫وقد بينت الدراسات أن هناك أثر واضح لتأثير الجماعة على الفراد‪ ،‬حيث أنها تفرض عليه عدد من‬
‫التعليمات والتوجيهات من أجل اتباع سلوك معين‪ ،‬ومن بين هذه الدراسات دراسة "التون مايو" حول مدى‬
‫ضبط معايير الجماعة وقوة تأثيرها على الفرد‪ ،‬و يرى رينسيس ليكرت ‪ R . Likert‬أنه من أجل تحقيق أداء‬
‫أفضل للتنظيم‪ ،‬يجب خلق جماعات عمل متماسكة لتنسجم أهدافها مع أهداف إدارة التنظيم ‪ ،‬ويتم ذلك‬
‫وفقا لليكرت – بواسطة منسقين أكفاء‪ ،‬أطلق عليهم " محاور اتصال وربط " يكونون أعضاء في أكثر من‬
‫جماعة من هذه الجماعات وتربط محاور الربط أو االتصال هذه بين التفصيالت املحددة إلحدى الجماعات‬
‫بأعضاء جماعات أخرى لها عمل مشترك أو متداخل مع الجماعة الولى كما يمكن أن تتعرف الجماعة الولى‬
‫على تفصيالت الجماعات الخرى من خالل هذه املحاور ‪ .‬وظائف القائم بمحور الربط‪:‬‬

‫ويرى ليكرت أن القائم بدور محور الربط يؤدي ثالثة وظائف‪ - :‬فهو يساعد الجماعة على تحقيق إجماع‬
‫على مسألة ما‪ ،‬ثم ينقل هذا اإلجماع إلى جماعة أخرى ينتمي إليها وأخيرا يحاول في حاالت الصراع داخل‬
‫الجماعة أن يسهل حسم أو تسوية هذا الصراع ‪ -‬ومن منظور إلدارة فإنه قد يبدو دائما من املرغوب فيه‬
‫زيادة درجة تماسك مجموعات العمل ‪,‬‬

‫رابعا‪ .‬املحركات ) الديناميكيات ( الداخلية للجماعات ‪:‬‬

‫من أهم العوامل التي تحدد درجة حركية الجماعة ) ديناميكيتها ( ما يلي‪:‬‬

‫أ ‪ .‬حجم الجماعة ‪ :‬يلعب هذا الحجم دورا مهما في تحديد عالقات الفراد داخل الجماعة فكلما زاد حجم‬
‫الجماعة يصبح على كل عضو تحقيق مجموعة من العالقات الكثر تعقيدا‪ ،‬ويكون الوقت املتاح له‬
‫للحفاظ على هذه العالقات أو تعميقها وقتا محدودا وذلك عكس الوضع فيما لو كان حجم الجماعة صغيرا‬

‫يؤدي هذا الوضع ) كبر الحجم ( إلى ما يلي‪:‬‬


‫العدد ‪18‬‬ ‫مجلة حقائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫* تزايد إحساس أفراد الجماعة بالتهديد والتوتر واإلحساس بضعف املشاركة مما قد يؤدي إلى إضعاف‬
‫العالقة بالجماعة وربما الخروج منها ‪ ،‬أو عدم االلتزام الكافي بأهدافها وأنشطتها‪.‬‬

‫* يحول دون مناقشة المور املطروحة على جدول أعمال الجماعة بصورة معمقة مما يجعل القرارات تأتي‬
‫سطحية‪.‬‬

‫* يقلل فرص اإلجماع حول القرارات مما يجعلها قرارات وسطية إلى حد كبير لن ضيق الوقت ال يسمح‬
‫للجميع بالحوار التام والشامل ن كما أنه يحول دون تحقيق رغبات الجميع أو تجسيد تصوراتهم وآرائهم‬
‫عند محاولة الوصول إلى قرار نهائي‪.‬‬

‫‪ -‬ال يوجد أي إجماع حول الحجم المثل للجماعة حتى تكون حركتها فعالة وأدوارها مؤثرة إال أن هناك‬
‫اتجاها يشير إلى أن الحجم الفضل هو خمسة أشخاص ‪ ،‬فال يمكن تحديد حجم الجماعات إال في حالة‬
‫الجماعات الرسمية وبذلك يتوقع وجود جماعات غير رسمية كبيرة الحجم ‪ ،‬وهنا فإن على املنظمات‬
‫اإلدارية وقيادتها أن تعي طبيعة هذه الجماعات وأساليب عملها وتفاعالتها لتضمن االستفادة من طاقاتها‬
‫ملصلحة العمل وأهدافه‪.‬‬

‫ب ‪ .‬بيئة الجماعة‪ :‬و يقصد به مشاعر وأمزجة أفراد الجماعة و أسلوب تفاعلهم وظروف االجتماع‬
‫النفسية و البيئية) التهوية ‪ ،‬اإلضاءة ‪ ،‬الضوضاء (‪ ......‬ونمط القيادة ‪ ،‬وموضوع االجتماع‪ .....‬إلخ وطريقة‬
‫الحوار ‪ ،‬وهل تقوم على أسس منطقية وموضوعية أم على أسس انفعالية وعاطفية‪ ....‬إلخ‬

‫يلعب جو االجتماع دورا حاسما في كثير من الحيان بحيث تتحدد املناقشات والنتائج على ضوئه إلى حد‬
‫كبير ‪ ،‬ولذلك تجدر مراعاة جميع هذه العوامل وترتيبها بصورة تسمح بإنجاح الجماعة واجتماعاتها‬
‫وإحداث التفاعالت املطلوبة‪.‬‬

‫ج ‪ .‬أنماط وفرص االتصال بين أفراد الجماعة ‪ :‬فاالتصال بجميع وسائله وفنونه ومهاراته يمثل أهم‬
‫محرك أو معطل لتفاعالت الجماعة ‪ ،‬فكلما كانت قنوات االتصال ووسائله فعالة ومتاحة ومفتوحة كلما‬
‫كان التفاعل املتوقع فعاال ‪ ،‬وكلما كانت حركية الجماعة عالية والعكس بالعكس‪.‬‬

‫د ‪ .‬املشاركة ‪ :‬يعتبر االندماج العضوي والنفس ي) السيكولوجي ( لفراد الجماعة من أهم مقومات فعالية‬
‫الجماعة وحركيتها ‪ ،‬لن ذلك يضمن املشاركة ويعمقها وبذلك تتضاعف الطاقات املشتركة وتزداد فعاليتها‬
‫‪ ،‬لذلك يجب العناية بتوسيع فرص املشاركة وبخاصة في الدورات الجادة املتعلقة بشؤون الجماعة‬
‫وقراراتها الساسية ‪ ،‬وتنظيم الحوار على قواعد ديمقراطية وموضوعية وإعطاء الوقت الكافي حتى ال ينظر‬
‫إليه على أنه حوار شكلي ‪ ،‬وأن القيادة ستتخذ في النهاية ما تراه مناسبا قد يستنزف ذلك كثيرا من الوقت‬
‫العدد ‪18‬‬ ‫مجلة حقائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫والجهد ‪ ،‬إال أن نتائجه ستكون عظيمة على الجماعة وفعاليتها ‪ ،‬كما يكون مهما لترشيد قرارات الجماعة‬
‫ومساعدا كبيرا يضاعف درجة التزام أعضاء الجماعة بهذه القرارات وبوعيهم لها ‪ ،‬واستعدادهم لتنفيذها‪.‬‬

‫ه ‪ .‬مستوى الجماعة وشروط القبول في عضويتها ‪ :‬و يقصد بذلك املستوى االجتماعي أو االقتصادي‬

‫الذي تضعه الجماعة كشرط لالنخراط فيها ‪ ،‬ويصبح بذلك معيارا من معاييرها ‪ ،‬أو يقصد به مستوى الداء‬
‫الذي تتوقعه الجماعات من أعضائها وتفترض فيهم عدم االنحراف عنه بالزيادة أو النقصان أو مستويات‬
‫السلوك الخرى التي قد تحددها الجماعة بصورة أو بأخرى وتنتظر من أعضائها االلتزام بها كشرط‬
‫لدخولهم إلى الجماعة أو الستمرارهم فيها‪.‬‬

‫تعتمد حركية الجماعة وحركية كل عضو فيها على هذا المر كثيرا لنه يبدو كمعيار رئيس ي لسلوك‬
‫الجماعة ‪ ،‬لذلك يفترض أن تكون مستويات الجماعة وبخاصة مستويات الداء ومستويات السلوك الخرى‬
‫محددة بوضوح ومفهومة من جميع العضاء حتى يتعاملوا معها تعامال معياريا فعاال وتنصح الجماعات‬
‫بالعمل على مشاركة جميع العضاء في وضع هذه املعايير حتى يتعرفوا على أبعادها ويعملوا على تنفيذها‬
‫وااللتزام بها بصورة تتفق مع أهداف الجماعة وتطلعاتها ‪ ،‬كما يفترض أن تعمل الجماعة على تعديل وتغيير‬
‫مستوياتها التي تحددها لعضائها مع التغيرات في الظروف الزمانية أو املوضوعية حتى تحافظ على تماسكها‬
‫و جاذبيتها وفعاليتها‪.‬‬

‫و ‪ .‬الضبط االجتماعي ‪ :‬فالجماعة حتى تضمن استمرار تماسكها وفعالياتها تحتاج لتوفير قدر كاف‬

‫من الضبط االجتماعي لعضائها ‪ ،‬ويقصد بذلك أمرين‪:‬‬

‫األول ‪ :‬أن تكون قادرة على تحقيق أعضائها وأهدافهم التي يسعون إليها بارتباطهم بهذه الجماعة‪.‬‬

‫و الثاني ‪ :‬أن تكون قادرة على إلزام أعضائها باملستويات التي تحددها وباملعايير التي تضعها ‪ ،‬وذلك عن طريق‬
‫تقوية عوامل الجذب تارة وعن طريق عوامل الحساب واملعاقبة بأشكالها املختلفة املمكنة تارة أخرى‪ ....‬إلخ‬
‫وذلك حسب ما يقتضيه الحال ‪ ،‬وبشكل عام فإن قوة الضبط تزداد بازدياد جاذبية الجماعة والعكس‬
‫بالعكس ‪ ،‬ومن املهم هنا أن تكون الضوابط معروفة ومفهومة لدى العضاء ‪ ،‬كما أنه يجب تطبيقها بعدالة‬
‫دونما تمييز وإال كان ذلك أساسا في تفكك الجماعة وعدم فعاليتها وربما انهيارها‪.‬‬

‫ي ‪ .‬الشعور باإلتحاد داخل الجماعة ‪ :‬يعتبر هذا العامل من أهم عوامل تماسك الجماعة وفعاليتها ‪ ،‬لن‬
‫هذا الشعور هو الذي يمكن الجماعة من التحرك كالجسد الواحد وبقوة متحدة نحو أهدافها ‪،‬مما ال يسهل‬
‫على إدارة املنظمة مواجهتها أو تفكيكها ‪ ،‬وبالتالي تصبح مضطرة في‬
‫العدد ‪18‬‬ ‫مجلة حقائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫أحيا ن كثيرة لالنصياع لرغبات ومطالب مثل هذه الجماعات ‪ ،‬وبخاصة إذا كانت الجماعة كبيرة ودرجة‬
‫تأثيرها عالية في حياة املنظمة املعنية ومسيرتها ‪ ،‬وغالبا ما يتعزز هذا التوحد بالترابط بين أهداف العضو‬
‫مع أهداف الجماعة التي تعمل فعال على تحقيقها أو بالترابط بين فكر العضو وفلسفة الجماعة أو‬
‫بالتجانس العضوي الذي يتعزز بين العضاء بحكم الخبرات والتفاعالت املباشرة في عالقاتهم الشخصية‬
‫والرسمية‪.‬‬

‫ر ‪.‬أدوار الجماعة ‪ :‬تعتبر الدوار عامال أساسيا للتحكم في ديناميكية الجماعة ‪ ،‬فإذا كلفت الجماعة‬
‫)الجماعات الرسمية ( بدور ما ‪ ،‬أو إذا وضعت الجماعة لنفسها أدوار ا محددة ) الجماعات غير الرسمية (‬
‫وكانت هذه الدوار أساسية وهامة في حياة املنظمة أو أعضاء املنظمة ‪ ،‬تزداد مكانة الجماعة ويصبح الدور‬
‫عامال منشطا جدا لحركيتها ‪ ،‬والعكس بالعكس‪.‬‬

‫وتزداد أهمية الدوار على هذا املستوى مع ارتفاع مستوياتها ‪ ،‬وكذلك مع درجة وضوحها لعضاء الجماعة‬
‫‪ ،‬ومع درجة استيعابهم لها وقدرتهم على ممارستها ‪ ،‬ومع عدم التصارع بين هذه الدوار مع أية أدوار أخرى‬
‫تحددها الجماعة لعضائها أو يحددها العضاء لنفسهم في عالقاتهم الخرى أو تحددها لهم جماعاتهم‬
‫الخرى التي هم أعضاء فيها ‪ ،‬فتصارع الدوار يمثل عامال مثبطا ومحبطا لحركية العضاء والجماعات ‪،‬‬
‫لذلك تجدر مالحظته والتنبيه والتحوط له دائما ضمانا الستمرار فعالية الجماعات وقوتها‪.‬‬

‫ز ‪ .‬مهارات العمل الجماعي ‪ :‬فإذا كان الصل في وجود الجماعة وفعاليتها هو قوة تماسكها وتوحدها‬
‫وجاذبيتها فإن تحقيق المر يقوى بتوافر مهارات العمل الجماعي لدى أعضاء الجماعة ويضعف بضعفها ‪،‬‬
‫أي طريقة تعامل العضاء مع بعضهم ‪ ،‬ومدى قيام ذلك على أساس من الوعي واالحترام املتبادل بين‬
‫العضاء على املستوى الشخص ي أو الوظيفي ‪ ،‬فالحوار املوضوعي واحترام وجهات النظر والعمل على‬
‫االستفادة من خبرات وأفكار الجميع واملشاركة اإليجابية والتعاون الجاد ‪ ،‬وإدراك أن إثراء أي موضوع أو‬
‫فكرة وتكامل بحثه يفترض وجود تباين بين وجهات النظر كل ذلك يحتاج إلى تنمية مهارات التعامل اإلنساني‬
‫‪ ،‬ويؤدي تحقيقه إلى تنمية روح الجماعة والعقل الجماعي الذي يمثل أساس وجود الجماعة وحركيتها‪.‬‬

‫م ‪ .‬التجانس وعدم التجانس ‪ :‬فالجماعة املتماسكة الفعالة تحتاج إلى وجود تجانس بين أفرادها وبخاصة‬
‫من حيث أهدافهم وأفكارهم الرئيسية وانسجامها مع أهداف الجماعة وفلسفتها ‪ ،‬إال أنه ينبغي لتكامل‬
‫الجماعة أن تتنوع مهارات وخبرات وقدرات أعضائها وإلى املدى الذي يجعلها تبدو غير متجانسة من هذه‬
‫الناحية‪ ،‬وذلك حتى يتم تطويع الفروق في هذه املجاالت لخدمة تكامل الجماعة وحركيتها ‪ ،‬وبدون ذلك تقع‬
‫الجماعة في حالة من املحافظة و السكونية التي تعطل فعاليتها وحركيتها‪.‬‬
‫العدد ‪18‬‬ ‫مجلة حقائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫ن ‪ .‬تقويم الجماعة ‪ :‬وذلك لتقويم الدوار التي تقوم بها الجماعة أو يقوم بها كل عضو فيه ‪ ،‬ومدى فعالية‬
‫هذا الدور ‪ ،‬وما هي مثبطاته ومحفزاته وكيفية تنشيطه‪ ...‬إلخ ‪ ،‬فالتقويم الفعال املنظم له أهمية عظيمة‬
‫في دفع العضاء والجماعات نحو االرتقاء بمستويات أدائهم ونشاطهم)‪ ، (24‬وبرغم اختالف أساليب التقويم‬
‫إال أن أكثرها فعالية تلك التي تقوم على تقاليد املشاركة ‪ ،‬حيث يشارك العضاء في تقويم أنفسهم ‪ ،‬وفي‬
‫تقويم الجماعة التي يعملون فيها ‪ ،‬وبخاصة إذا نما الوعي بينهم على أسس تجعل سلوكهم محكوما بقاعدة‬
‫أننا ال نسعى إلى كشف عورات بعضنا ‪ ،‬وكلنا نريد سد هذه العورات وعالجها ‪ ،‬وأننا ال نريد أن نحبط بعضنا‬
‫‪ ،‬ولكننا نريد أن نأخذ بأيدي بعضنا نحو مزيد من املجد ‪...‬وأننا ال نريد أن" نعاير "بعضنا ‪ ،‬ولكننا نريد أن‬
‫نعمق وعينا بأنفسنا ونرشد سلوكنا‪.‬‬

‫خامسا‪ .‬ديناميكية الجماعة و البيئة الخارجية للمنظمة ‪ :‬تتأثر الجماعات بالعوامل املوضوعية‬
‫املتواجدة في البيئة الخارجية التي تحيط بها وال تستطيع االنعزال عنها ‪ ،‬فالداخل والخارج لي منظمة أو‬
‫جماعة تعبير عن ثنائية تالزمية وال بد أن تحتكم هذه الثنائية إلى شكل من العالقة التكيفية التي تضمن‬
‫لية جماعة قوتها وفعاليتها ‪ ،‬كما تضمن للبيئة الخارجية سالمتها وشروطها ‪ ،‬ومن أهم العوامل الخارجية‬
‫التي تؤخذ بعين االعتبار في هذا املجال‪:‬‬

‫أ نظام القيم السائدة في املجتمع املحيط ومدى انسجام الجماعات مع هذه القيم ‪ ،‬فكلما كانت درجة‬
‫االنسجام عالية كلما ساعد ذلك على فعاليتها وحركيتها والعكس بالعكس‪.‬‬

‫ب نظام أهداف الجماعة ومدى انسجامها أو ترابطها مع أهداف املجتمع من حولها فالترابط بين الهداف‬
‫هو أساس فعالية الجماعات واملنظمات التي يمثل املجتمع الخارجي لها ما يمثله املاء بالنسبة لألسماك‪.‬‬

‫ج االرتباطات الخرى لعضاء الجماعة مع أية جماعات أخرى في املجتمع الخارجي ومدى التصارع أو‬
‫التنافس بين الدوار التي تحددها كل جماعة لعضائها ‪ ،‬فكلما اتسعت هذه االرتباطات وتعمقت التصارعات‬
‫بين الدوار ضعفت الجماعات وشلت فعاليتها والعكس بالعكس)‪ (25‬وعموما فإن حركة الجماعة تتحقق عن‬
‫طريق القيام بسلسلة من العمال الجماعية التي يجب وصفها على املستوى الجماعي‪.‬‬

‫تحدث كل من" مارش "و " سيمون " عن الهدف اإلجرائي وبينا أنه " كلما أمكن أن نعرف إلى أي‬

‫حد يمكن تحقيق الهدف عن طريق خط سير معين للنشاط الجماعي ‪ ،‬كان الهدف إجرائيا " ويعد بناء‬
‫مستشفى في تاريخ محدد هدفا جماعيا إجرائيا لنه يمكن تحديد العمال الجماعية املناسبة التي تتوقع‬

‫أن تحرك الجماعة نحو هدفها‪.‬‬


‫العدد ‪18‬‬ ‫مجلة حقائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫أما الهداف غير اإلجرائية مثل" تحقيق رفاهية املجتمع " أو " رفع املستوى الثقافي في املجتمع الذي تعمل‬
‫فيه الجمعية "فإنه من املالحظ أن الكثير من الهيئات واملنظمات لها أهداف غير إجرائية يصعب بالنسبة‬
‫لها تقويم العمال الجماعية على أساس مساهمتها النسبية في تحقيق هذه الهداف غير اإلجرائية مأمونة‬
‫لنه يصعب معها الحكم على النشاط الجماعي بالفشل ‪ ،‬ولذلك فإن الجماعة التي تحدد أهدافا جماعية‬
‫إجرائية تكون أقدر من تلك الجماعات التي تتجنب الهداف اإلجرائية)‪(26‬‬

‫سادسا ‪ .‬عالقة ثقافة االتصال بتماسك و ديناميكية الجماعة ‪:‬‬

‫تعتبر املنظمة نظام اجتماعي يتكون نتيجة تفاعل مجموعة أنظمة فرعية‪ ،‬داخل نظام أكبر‪ ،‬مستخدمة‬
‫قيم أو مدركات إلى تماسك النظام و تحقيق أهدافه وأهم خاصية تتميز بها املنظمة هي طابعها حيث تعتبر‬
‫کیان اجتماعي ذا حدود مميزة و شفافة تسمح للمنظمة بالتفاعل مع بيئتها التنظيمية والسيما الثقافية منها‬
‫إذ تعتبر املتغيرات الثقافية من أهم املتغيرات التنظيمية فاالتجاه الحالي ملنظري املنظمات هو اعتبارها نظام‬
‫ثقافي فرعي عن نظام الثقافي للمجتمع بكل ما يحمله من قيم وافتراضات تؤثر في خصائص املنظمة من خالل‬
‫مفهوم الثقافة التنظيمية العام و التي بدورها تحوي ثقافة االتصال‪ ،‬و التي تلعب دورا هاما في صياغة قيم‬
‫العامل و تحديد طبيعة سلوكياته في مختلف مواقف العمل‪ ،‬الرأسمال البشري هو املورد الحقيقي املعتمد‬
‫عليه في تحقيق أهداف وأساس استمرارية و نجاح أي منظمة و املسؤول عن إدارة جميع عملياتها‪ ،‬فهو‬
‫الذي اجتهد في إنشائها ويبذل جهدا فيها ملا يتميز به من قابلية التغير و القدرة على إحداثه تفاعال مع‬
‫املدخالت و املخرجات البيئية من خالل النسق وما يحمله من قيم ثقافية تصيغ أنماط التفكير والسلوك‪،‬‬
‫و التي تؤثر في ثقافة االتصال على شكل التنظيم وما يؤديه من أنشطة و مهام ‪،‬كما تتفاعل مع إدارة املنظمة‬
‫وتؤثر في صياغة وتحديد توجهاتها املستقبلية ‪.‬‬

‫فكلما كانت الثقافة واسعة التأثير و يعتقد أن بها عددا كبيرا من العاملين كلما كبر تأثيرها مقارنة بالثقافات‬
‫التي ال تتمتع بهذه الصفة لهذا فاالتجاهات الجديدة في منظمات العمال والخدمات مغايرة لألنماط‬
‫التنظيمية التقليدية شكال ومضمونا و وظيفيا حيث أصبح التركيز على رسالة إدارة املوارد البشرية‬
‫والعاملين فيها و ذلك بمشاركة اآلخرين في النجاح والفوائد الناتجة عن التغيرات االيجابية والتركيز على‬
‫املهارات االتصال الفعال للمستويات اإلدارية لهذا فهي تلعب دور فعال في توحيد الرؤى وتحقق التماسك‬
‫و ديناميكية الجماعة بالتأثير االيجابي للثقافة املنتشرة في أي مؤسسة سواء كانت اقتصادية أو خدماتية‬
‫حيث يستطيع العامل فيها العمل بحرية وبروح معنوية عالية تتيح له تحقيق التوافق بين الثقافة ومتطلبات‬
‫التنظيم‪.‬‬
‫العدد ‪18‬‬ ‫مجلة حقائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫سابعا‪ .‬املعوقات املتعلقة بالفئات االجتماعية‪:‬‬

‫ترتبط هذه العقبة في االتصال بالحاالت الناشئة عن تكوين االتجاهات الفكرية بين جماعات العمل‬
‫املختلفة‪ .‬فالعاملون قد يشكلون فئة نتعارض وفئة املدراء ‪ ،‬مثال أو أن الفراد في املستويات اإلدارية العليا‬
‫ينظرون إلى املستويات التنفيذية أو اإلشرافية بمستوى أدني ‪ .‬وهكذا بالنسبة للعمال املاهرين وغير‬
‫املاهرين‪ ،‬وكذلك بالنسبة للعاملين في االمور املكتبية والعاملين في الخطوط االنتاجية واالدارة الهادفة‬
‫لتحقيق االتصال الكفوء والفاعل ال بد أن تأخذ الشكال املتباينة للتكوين الشرائحي في جماعات العمل‬
‫بنظر االعتبار‪ ،‬واالتجاه بجهد واسع لتذليل املشكالت الناتجة عن ذلك حيث ال مبرر لإلدارة اطالقا من‬
‫تعزيز التنافر والصراع بين جماعات العمل أو خلفها لوالئات أو عداءات متباينة داخل املنظمة الواحدة‪.‬‬
‫سيما وأن طرق التغيير قد تخلق اتصاالت‪ .‬متنافرة وغير هادفة لتحقيق نجاح املنظمة(‪.)27‬‬

‫خاتمة ‪:‬‬

‫املنظمة عبارة عن نسق إجتماعي مفتوح يضم أفرادا وجماعات تعمل معا لتحقيق رغبات وأهداف‬
‫مشتركة‪ ،‬ويمثل االتصال روح املنظمة والعصب املحرك في ديناميكية جماعة العمل‪ ،‬وعليه يتوقف‬
‫بقاؤها‪ ،‬إضافة إلى أن أي عمل في االتصال يؤثر على املنظمة بطريقة ما‪ ،‬فهو يعمل على الربط بين أهداف‬
‫الفرد و الجماعات وأهداف املنضمة‪ ،‬فهناك عالقة طردية بين اإلتصال من ناحية‪ ،‬و بين ديناميكية‬
‫الجماعة و عليه يجب على اإلدارة خلق مناخ و ثقافة اتصال للمؤسسة من أجل استمراريتها‪.‬‬

‫‪(1) - J.M. George and G.R. Jones, Understanding and managing organizational‬‬
‫‪behavior, delta-publishing company, 2006, P 68.‬‬

‫)‪ - (2‬حسين حريم‪ ،‬السلوك التنظيمي لألفراد والجماعات في منظمات األعمال‪ ،‬دار الحامد للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،2004 ،‬ص‪.163‬‬
‫)‪ - (3‬حمد ماهر‪ :‬السلوك التنظيمي مدخل بناء المهارات دار الجامعية للطبع و النشر و التوزيع‬
‫األسكندرية‪،2002 ،‬ص‬
‫)‪ - (4‬لطفي الدنبري ‪ :‬مفاتيح إدارة جماعة العمل في التنظيم " ‪ ،‬مجلة الباحث االجتماعي ‪ ،‬العدد‬
‫‪ 10‬سبتمبر ‪ ،2010‬جامعة أم البواقي ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ص‪.843،843‬‬
‫)‪ - (5‬محمد أديون ‪ :‬المدخل إلى دينامية الجماعة التربوية ‪،‬أفريقيا الشرق للنشر والتوزيع ‪،‬بيرو‪،‬‬
‫لبنان‪،2001،‬ص ‪.11‬‬
‫العدد ‪18‬‬ ‫مجلة حقائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫)‪ - (6‬عبد المعطي محمد عساف ‪ :‬السلوك اإلداري " التنظيمي " في المنظمات المعاصرة ‪ ،‬دار زهران‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان ‪ ،‬األردن ‪ ، 1999 ،‬ص ‪.165‬‬
‫)‪ - (7‬حسن منسي ‪ :‬ديناميات الجماعة والتفاعل الصفي ‪ ،‬دار الكندي للنشر والتوزيع ودار طارق‬
‫للنشر والتوزيع ‪ ،‬ط‪1‬‬
‫عمان ‪ ،‬األردن ‪، 1998 ،‬ص ‪. 22‬‬
‫)‪ - (8‬أحمد زايد‪ ،‬علم االجتماع النظريات الكالسيكية التقليدية‪ ،‬دار الكتب المصرية‪ ،‬مصر‪،1985 ،‬‬
‫ص ‪.38‬‬
‫)‪ - (9‬خضير كاظم‪ ،‬السلوك التنظيمي‪ ،‬ط‪ ،1‬دار صفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،2002 ،‬‬
‫ص‪.86‬‬
‫‪(10) - D.B. Egolf, forming storming norming performing: successful communication‬‬
‫‪in group and teams, writers club press, 2001, P 36.‬‬
‫‪(11) - IBID, P 39.‬‬
‫)‪ - (12‬هالة منصور ‪:‬اإلتصال الفعال‪ ،‬مفاهيمه‪ ،‬أساليبه‪ ،‬مهاراته‪ ،‬المكتبة الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‬
‫‪ ،2000‬ص‪. 11‬‬
‫)‪ (13‬غريب عبد السميع غريب ‪ :‬اإلتصال والعالقات العامة في المجتمع المعاصر‪ ،‬مؤسسة شباب‬
‫الجامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪،. 2004 ،‬ص‪. 14‬‬
‫)‪ - (14‬أحمد محمد عليق وآخرون‪ :‬وسائل اإلتصال والخدمة االجتماعية‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪، 2004،‬ص‪. 16‬‬
‫)‪ - (15‬عبد الفتاح عبد النبي ‪:‬تكنولوجيا اإلتصال والثقافة بين النظرية والتطبيق‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1999‬ص‬
‫‪.11‬‬
‫)‪ - (16‬محمد مصطفى محمد ‪ :‬االتصال في الخدمة اإلجتماعية ‪ ،‬المكتب العلمي للكمبيوتر والنشر‬
‫والتوزيع ‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ، 1990،‬ص ‪. 46‬‬
‫)‪ - (17‬إبراهيم عبد العزيز شيخة ‪ ،‬اإلدارة العامة ‪ ،‬الدار الجامعية للطباعة والنشر ‪ ،‬مصر ‪،‬‬
‫‪ ، 1967‬ص ‪. 312‬‬
‫)‪ - (18‬كمال الغزالي ‪ :‬اإلدارة العامة ‪ ،‬منشورات مطبعة الدوري ‪ ،‬دمشق ‪ ، 1974 ، ،‬ص ‪.294‬‬
‫)‪ - (19‬عبد الرحمان عزي وآخرون ‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪. 121‬‬
‫)‪ - (20‬علي منصور محمد ‪ :‬أسس ومبادئ اإلدارة ‪ ،‬دار مجموعة النيل المصري ‪ ،‬طبعة أولى ‪،‬‬
‫مصر‪. 225 ، 1999 ،‬‬
‫)‪ - (21‬عبد الغني بسيوني عبد هللا ‪ :‬أصول علم اإلدارة العامة ‪ ،‬الدار الجامعية للطباعة‬
‫والنشر‪،‬مصر‪ ، 1983،‬ص ‪.130‬‬
‫العدد ‪18‬‬ ‫مجلة حقائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫)‪ - (22‬جميل أحمد توفيق ‪ :‬إدارة األعمال (مدخل وظيفي ) ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬بيروت ‪،‬‬
‫‪ ، 1986‬ص ‪.284 ، 283‬‬
‫)‪ - (23‬محمد لعقاب ‪ :‬دعائم االتصال في المؤسسة ‪ ،‬اإلعالم واالتصال في الوسط الجامعي ‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪،‬الجزائر ‪، 2004 ،‬ص ‪.31‬‬
‫)‪ - (24‬عبد المعطي محمد عساف ‪ ،‬السلوك اإلداري " التنظيمي " في المنظمات المعاصرة ‪ ،‬دار‬
‫زهران للنشر والتوزيع ‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن ‪، 1999 ،‬ص ‪.171-169‬‬
‫)‪ - (25‬عبد المعطي محمد عساف ‪،‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.172-171‬‬
‫)‪ - (26‬بركات حمزة حسن ‪ :‬علم النفس و ديناميات الجماعة ‪ ،‬الدار الدولية لالستثمارات الثقافية ‪ ،‬ط‬
‫‪،7‬القاهرة ‪ ،‬مصر ‪ ،2008 ،‬ص ‪.56-55‬‬
‫)‪ - (27‬خليل محمد حسن‪ :‬نظرية المنظمة‪ ،‬دار المسيرة للنشر و التوزيع‪ ،‬عمان ‪ ،‬األردن‪،‬ط‪،3‬‬
‫‪ ،2007‬ص ‪.215‬‬

You might also like