Professional Documents
Culture Documents
يستلزم قيام المجتمع المدني وجود مجموعة من المنظمات والمؤسسات والهيئات التي تعمل في ميادين مختلفة باستقالل
عن الدولة ،مثل األحزاب السياسية التي تسعى للوصول إلى السلطة والمشاركة في صنع السياسات ،والنقابات التي تدافع
عن مصالح أعضائها االقتصادية وتسعى لرفع مستوى المهنة ،واتحادات الكتاب والجمعيات العلمية والثقافية تسعى إلى
نشر الوعي بأفكار وآراء معينة ،والجمعيات الخيرية التي تسهم في أغراض التنمية االجتماعية ،والمنظمات التي تهتم
بالدفاع عن قضايا الديمقراطية وحقوق اإلنسان وحقوق المرأة ،وغيرها .
هذا الركن المادي في تكوين المجتمع المدني يعكس االنقسامات المختلفة والمتعددة في المجتمع ،كما يسعى إلى تحويلها إلى
عالقات تعاون وتكامل وتنافس سلمي شريف ،بدا ًل من الصراع والتناحر الذي يؤدي إلى تقسيم المجتمع وتفتيت وحدته .
وبناء على ذلك ،فإن المجتمع المدني ليس كتلة واحدة أو متجانسة ال توجد بها أي اختالفات أو انقسامات ،وإنما هو يتكون
من جماعات تتسم بالتعدد والتنوع ،ولكنه يهدف إلى تحقيق التوفيق والتراضي بينها .وتعد الموارد التي تمتلكها المؤسسات
والجمعيات المكونة للمجتمع المدني ،سواء كانت موارد معنوية أم مادية ،من أهم متطلبات قيامه بدوره السياسي
االجتماعي وإدارة عالقته بالدولة بما يضمن استقالله في مواجهتها.
وتتعدد وظائف المجتمع المدني وأدواره ،وهذا التعدد يفسر مدى أهميته عموما وباألخص للمجتمعات النامية بحكم تنوع
هذه الوظائف التي تشمل تحقيق النظام واالنضباط في المجتمع ،فهو أداة لضبط سلوك األفراد والجماعات والتعامل فيما
بينهم .ويكفي في هذا الصدد اإلشارة إلى أن كل منظمة أو جمعية تضع مجموعة من القواعد بخصوص الحقوق والواجبات
التي تترتب على الفرد نتيجة انضمامه إلى عضويتها .ويعتبر التزام األعضاء بهذه القواعد شرطا لقبولهم واستمرارهم في
المنظمة .كما يسهم المجتمع المدني في تحقيق الديمقراطية ،التي تعد من أهم وظائفه من خالل إشاعة ثقافة مدنية ،ترسي
احترام قيم النزوع للعمل الطوعي ،والعمل الجماعي ،وقبول االختالف والتنوع بين الذات واآلخر ،وإدارة الخالف بوسائل
سلمية في ضوء قيم االحترام والتسامح والتعاون والتنافس والصراع السلمي
كما يؤدي المجتمع المدني دورا مهما في مجال التنشئة االجتماعية والسياسية .وهذه الوظيفة تعكس قدرته على غرس
مجموعة من القيم والمبادئ في نفوس األفراد من أعضاء جمعياته ومنظماته ،وعلى تحمل المسؤولية ،وعلى رأسها قيم
االنتماء والتعاون والتضامن واالستعداد والتحمس لمسؤولية الشؤون العامة للمجتمع والمبادرة بالعمل اإليجابي واالهتمام
بما يتجاوز االهتمامات الخاصة والمصالح الشخصية الضيقة ،فانضمام الفرد إلى عضوية جماعة معينة يؤثر في حالته
النفسية ،إذ يشعره باالنتماء إلى الجماعة التي يستمد منها هوية مستقلة محددة ،ويشجعه ذلك على المشاركة مع اآلخرين
داخلها واالستعداد للتضحية وإنكار الذات في سبيل الجماعة ،وتلك شروط نفسية مطلوبة لصحة المجتمع كله .والفرد من
خالل منظمته يشارك في أوجه النشاط العام ويعتاد على االستماع إلى آراء اآلخرين وقبول نتائج الحوار التي تتفق عليها
األغلبية ،مع التعبير عن معارضته بشكل سلمي .
حسام شحادة ،المجتمع المدني ،العدد 6دمشق ،الطبعة أيلول 2015بتصرف
ـ مكون النصوص
4ـ توسع في شرح قول الكاتب" :فانضمام الفرد إلى عضوية جماعة معينة يؤثر في حالته النفسية ،إذ يشعره باالنتماء إلى
الجماعة التي يستمد منها هوية مستقلة محددة ،ويشجعه ذلك على المشاركة مع اآلخرين داخلها واالستعداد للتضحية
وإنكار الذات في سبيل الجماعة".
-5وظف الكاتب أساليب لغوية ومنهجية متنوعة منها :الصلة واإلشارة واالستنتاج والتفسير .استخرج من النص مثاال عن كل
أسلوب من هذه األساليب األربعة.
-6ركب ما توصلت إليه من نتائج ،مبديا رأيك الشخصي في واقع المجتمع المدني المغربي وقدرته على إنجاز وظائفه.
التعبير واإلنشاء:
ورد في النص القول التالي" :هذه الوظيفة تعكس قدرته على غرس مجموعة من القيم والمبادئ في نفوس األفراد من
أعضاء جمعياته ومنظماته ،وعلى تح مل المسؤولية ،وعلى رأسها قيم االنتماء والتعاون والتضامن".
أكتب موضوعا إنشائيا تتطرق فيه إلى دور المجتمع المدني في زرع القيم اإليجابية ،وانعكاس هذه القيم على واقع
األفراد والجماعات.