Professional Documents
Culture Documents
من المعروف أن علم النفس الفردي الذي بلوره فرويد ويونغ وأدلر يتناول الظواهر النفسية
الفردية الشعورية والالشعورية ،بينما علم االجتماع الذي تأسس مع أوجست كونت ودوركايم
وليفي برول يهتم بالظواهر االجتماعية .أما علم النفس االجتماعي الذي هو في الحقيقة جزء
من علم النفس فإنه يعنى بدراسة أثر الفرد في الجماعة وأثر الجماعة في الفرد ،كما يرتكز
على دراسة الجماعة وتصنيفها وتبيان أدوارها وتفاعالتها ووظائفها داخل المجتمع .وبالتالي،
فهو بمثابة الدراسة العلمية لإلنسان ككائن اجتماعي يعيش في مجتمع يتخذ له أصدقاء يتفاعل
معهم ويتأثر بهم ويؤثر فيهم.
ومن أهم المعارف والشعب التي تفرعت عن علم النفس االجتماعي نجد بكل تأكيد مسلك
ديناميكية الجماعات .فما هو مفهوم ديناميكية الجماعات وموضوعه؟ وماهي مرتكزات هذا
العلم الجديد ؟ وماهي أهم المقاربات والدراسات التي رصدت ديناميكية الجماعات؟ وكيف
يمكن االستعانة بهذا العلم في مجال التنشيط التربوي والتأطير الديداكتيكي؟هذه هي األسئلة
التي سوف نحاول اإلجابة عنها قدر اإلمكان.
-1مفهوم الديناميكية:
-2مفهوم الجماعة:
-3صفات الجماعة:
والبد للجماعة أن تتوفر فيها مجموعة من الصفات البارزة التي تجعلها تحقق التوازن
الحقيقي على مستوى التنظيم الداخلي والتسيير الذاتي ،وهذه الصفات هي:
• وحدة األهداف واألغراض والترابط بين األفراد تماسكا وانسجاما.
• أال يقل عدد أفراد الجماعة عن ثالثة أفراد؛ ألن الفردين يمكن أن يتعايشا دون بغض أو
تنافر.
• أن تهيئ الجماعة ألفرادها فرص النمو والتطور والتفاعل اإليجابي وإمكانيات إشباع
احتياجاتهم.
• أن تكون العالقة بين أفراد الجماعة قائمة على التراضي والمودة والتعاون والتسامح.
• أن يكون الهدف الذي تعمل من أجله الجماعة متفقا مع أعراف المجتمع وتقاليده وقوانين
البالد ونظمه الدستورية وشرائعه الدينية.
• أن يكون للجماعة قيادة مهما كان عددها.
• أن تخضع الجماعة لنوع من التنظيم والتسيير الذاتي.
من المعروف أن للجماعة فوائد جمة وثمارا مرجوة وآثارا كثيرة على األفراد .ومن هذه
اآلثار اإليجابية نجد أن الجماعة تساعد الفرد على التعلم والتكوين ،وتساهم في خلق مجموعة
من الصداقات المتينة والعالقات الحميمية وتعمل على ازدهارها أثناء العمل في فرق أو
جماعات ،وتبرز بشكل واقعي وصادق مميزات األفراد المستحسنة ونقائصهم السلبية.
وتساعد الجماعة األفراد على تمثل اتجاهات وقيم ومعايير واتخاذ مواقف سلوكية ،والتعبير
عن تجاربهم الشخصية الذاتية والجماعية ورؤاهم للعالم من خالل االندماج في حضن
الجماعة مع اكتساب روح المغامرة والعمل والكفاح والمثابرة والطموح .وتساهم الجماعة
أيضا في تعديل السلوكيات الفردية وتغييرها خاصة القيم السلبية المستهجنة كاألنانية والحقد
والتنافس غير المشروع .كما تعمل الجماعة على منح الفرص لألفراد إلظهار كفاءاتهم
وقدراتهم الذاتية وميوالتهم ومواهبهم وإبداعاتهم الشخصية وابتكاراتهم الفردية .أضف إلى
ذلك أن الجماعة تعلم األفراد التعامل الديمقراطي مع اآلخرين ،وإظهار المهارات القيادية
المرنة والفعالة والمناسبة خالل العمل والتدريب والتأطير والتكوين ،عالوة على اإلحساس
داخل الجماعة المتوازنة بمشاعر األمن والطمأنينة وإشباع الحاجات إلى االنتماء والتحرر
من الخوف.
-5أنواع الجماعات:
من المعروف أن الجماعات أنواع :فهناك الجماعة الكبرى والجماعة الصغرى ،والجماعة
المنغلقة والجماعة المنفتحة ،والجماعة األولية (مثل :جماعة األسرة) والجماعة الثانوية
(الجماعات السياسية والدينية والمهنية والمجتمع المدرسي والنقابات) ،والجماعة الثابتة
والجماعة الديناميكية ،والجماعة الفاعلة والجماعة المنفعلة ،وجماعة ذات الدوافع الشخصية
وجماعة ذات الدوافع الجماعية ،والجماعة الطبيعية التلقائية (تتكون بشكل طبيعي تلقائي)
والجماعة المكونة المنظمة ( تتكون وفق شروط وأهداف معينة) ،والجماعة اإلجبارية
( االنتماء إلى جماعة األسرة إجباريا وال اختيار لإلنسان في ذلك) والجماعة االختيارية
(االنتماء إلى جماعة بمحض االختيار واإلرادة كجماعة األصدقاء والجمعيات التعاونية) .
-7مشكالت الجماعة:
إذا كان األفراد يعرفون العديد من المشاكل الذاتية والموضوعية ،فإن الجماعات هي بدورها
لديها مشكالت مشتركة عامة ،وتتمثل في مشكالت السلوك والعالقات الشخصية ،وتكمن
أيضا في المشكالت الوظيفية الناتجة عن عدم فهم األفراد ألهداف الجماعة وأغراضها ،بله
عن وجود منازعات داخل الجماعة تعيق نمو المهارات القيادية وتساهم في ظهور العشيرات
داخل الجماعة ،ناهيك عن مشكل الروتين اإلداري والبيروقراطية والتنافس الشديد بين
الجماعات ألغراض شخصية أو اجتماعية حول الزعامة والتفوق والتميز؛ مما يسبب هذا في
توليد الصراع وتأجيج النزاع وخلق التوتر وبروز التنافر بين الجماعات.
يمكن تعريف ديناميكية الجماعات بصفة عامة بأنها مجموعة من التفاعالت والقوى الحركية
الفعالة والعالقات البنيوية الوظيفية التي تتحكم في الجماعات البشرية بشكل سلبي أو إيجابي
والتي تعمل على تطوير الجماعات وتحسين أجوائها ومجاالت عملها لتحقيق أغراضها
وأهدافها سواء أكانت شخصية أم جماعية.
ويعرف جان ميزونوف Jean Maisonneuveديناميكية الجماعات بقوله ":تهتم دينامية
الجماعات في معناها الواسع بمجموع المكونات والسيرورات التي تتدخل في حياة
الجماعات ،وعلى األخص الجماعات التي يكون أفرادها في وضع وجه لوجه؛ بمعنى أن
وجود األفراد يكون نفسيا ويرتبطون فيما بينهم ،ووجود تفاعل ممكن فيما بينهم".
ويعني هذا أن ديناميكية الجماعات تهتم ببناء الجماعة ومراقبة سيرورتها النمائية ورصد
التفاعالت النفسية واالجتماعية التي توجد بين األفراد داخل الكل الجماعي.
تستند دينامكية الجماعات إلى عدة مرتكزات إبستمولوجية يمكن حصرها في أبحاث االفالسفة
والسوسيولوجيين األوروبيين الذين اهتموا بالجماعة وأرسوا أسس دينامكية الجماعات كما
عند إميل دوركايم ،وشارل فوريي ،وجان بول سارتر ،وفرناند طونس ،وسمالينباش،
وجورج ميد ،وشارل كولي ...فضال عن أبحاث العالم األلماني كورت لوين Kurt Lewin
الذي أسس علم دينامكية الجماعات سنة 1944م حينما طبق منهجية تجريبية سيكواجتماعية
ديناميكية على مجموعات اصطناعية من خالل الجمع بين التنظير والتطبيق ،ودراسة بنيات
الجماعات ووظائفها مع التركيز على المنشط وأنواع الزعامة والقيادة.
كما كانت السوسيوميترية Sociométrieالتي وضعها جاكوب لفي مورينو(-1889
1971م) سنة 1959م من اآلليات اإلجرائية لفهم الجماعات وتفسير تفاعالتها البنيوية
الوظيفية دون أن ننسى تقنيتي السوسيوغرام والسيكودراما اللتين استعان بهما مورينو
لمداواة مرضاه المنعزلين وتحليلهم نفسانيا واجتماعيا ،وتنشيط الجماعات عبر استكناه قواها
االندماجية والعالجية واستقراء تفاعالتها الذاتية والموضوعية.
كما استفادت دينامكية الجماعات من أبحاث الطب النفسي ومن تحليالت سيغموند فرويد
النفسية التي ركزت على الجماعة وخاصة في كتبه":الطوطم والطابو"( ، )1913و" موسى
والتوحيد" (1913م) و"علم نفس الحشود وتحليل األنا" (1921م) ،فضال عن أعمال بيون،
وديديي ،وأنزيو ، Anzieuوفولكس .زد على ذلك استفادة ديناميكية الجماعات من
النظريات المعرفية في إطار علم النفس المعرفي منذ الستينيات من القرن العشرين ،
واالنطالق من نتائج البيداغوجيا المؤسساتية مع جورج الباساد ،واالستفادة من نتائج
النظرية الالتوجيهية مع كارل روجرز .Karl Rogers
يمكن الحديث عن مقاربات عدة تناولت ظاهرة دينامكية الجماعات بالدراسة والتحليل فهما
وتفسيرا ،تفكيكا وتركيبا قصد معرفة التفاعالت ومجمل القوى التي تتحكم في الجماعات
وتساهم في تفعيل تنظيمها الداخلي الذاتي سلبا وإيجابا.
ومن هذه المقاربات يمكن الحديث عن المقاربة الدينامية مع كارل لوين ، Lewinولبيت
،Lipittوويت ،Whyteوالمقاربة التفاعلية مع مورينو ،وباليس ،وهومانس ،والمقاربة
السيكولوجية مع بيون ، Bionوأنزيو ،وفرويد ،وكالين ،وباجيس ،Pagèsوالمقاربة
السوسيولوجية مع موسكوفيسي ،وتاجفيل ،وأولمستبد ،والمقاربة المؤسساتية مع جورج
الباساد .Lapassade
ويتضح من خالل المقاربات السابقة أن ثمة ثالثة أصناف من المناهج طبقت على دينامكية
الجماعات وهي :المناهج التجريبية ،والمناهج اإلكلينيكية ،ومناهج التحليل النفسي .كما طبقت
األبحاث والنظريات السيكواجتماعية في مجال ديناميكية الجماعات إما على جماعات طبيعية
واقعية وإما جماعات اصطناعية مشكلة بشكل انتقائي من أجل البحث وتطبيق الفرضيات كما
هو الحال مع كورت لوين.
إن ديناميكية الجماعة منهجية مهمة في عالج الكثير من الظواهر النفسية الشعورية
والالشعورية ،كما أنها تقنية تنشيطية هامة يمكن االستعانة بها أثناء العملية التعليمية-
التعلمية ،وطريقة فعالة في التنشيط التربوي والفني وإجراء منهجي للتحكم في التنظيم الذاتي
للمؤسسة .
ومن المعلوم ،أن المدرسة تضم جماعات الفصول التي قد تكون جماعات صغرى من
التالميذ التتجاوز 12فردا أو جماعات كبرى تتجاوز الثالثين فردا .كما تحوي جماعة
التكوين أو التأطير التي تتكون من المربين والمدرسين الذين يقومون بمهمة التعليم واإلرشاد
التربوي ،وتضم أيضا جماعة المهمة أو التسيير اإلداري التي تتكون من المدير والناظر
والحراس العامين ومساعديهم واألعوان وهيئة االقتصاد والملحقين التربويين الذين يشرفون
على تسيير المؤسسة وتفعيلها إداريا وتنفيذ التعليمات الوزارية في مجال التوجيه اإلداري.
ويعني هذا أن المدرسة خاضعة لقوانين ديناميكية الجماعات؛ لوجود عالقات إنسانية
وتفاعالت مضمرة وبارزة داخل النسق المدرسي بين اإلدارة والمدرسين والتالميذ .وقد
تكون العالقات داخل هذا النسق إيجابية قائمة على التوافق والتعاون والتشارك قصد اإلبداع
واالبتكار وتطوير الكفاءات الشخصية وتنمية القدرات الذاتية للفاعلين الديناميكيين قصد
التكيف مع الواقع الموضوعي واإلجابة عن الوضعيات والمشاكل المطروحة خارجيا
وداخليا ،وقد تكون العالقات سلبية مبنية على الصراع والنبذ والتناحر والتنافس غير
المشروع.
ومن هنا ،يخضع النسق الجماعي في عملياته التواصلية لثالث قيادات أو سلط حسب كورت
لوين :قيادة ديمقراطية تساعد على اإلبداعية واالبتكار وتحقيق المردودية واإلنتاجية سواء
أكان ذلك في غياب األستاذ المؤطر أو المشرف اإلداري أو في حضوره في الميدان ،
وتساهم هذه القيادة كذلك في بروز تفاعالت إيجابية بناءة كالتعاون والتوافق واالندماج .أما
القيادة األوتوقراطية فهي ترتكن إلى استعمال العنف والقهر والتشديد في أساليب التعامل ؛
فينضبط الجميع في حضور القائد ولكنهم يتمردون في حالة غيابه ،وفي هذه الحالة تقل
اإلنتاجية والمردودية وتتحول المؤسسة إلى ثكنة عسكرية ويصعب تطبيق مبادئ نظرية
تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها لوجود قيم سلبية كالتنافر والنبذ والتناحر والتوتر .أما القيادة
السائبة فهي قائمة على فلسفة" دعه يعمل" .وبالتالي ،فهي قيادة فوضوية التساعد على
تحقيق المردودية واإلنتاجية في غياب القائد أو حضوره ،وتزرع في نفوس المتعلمين قيم
االتكال والعبث والالمسؤولية.
وبناء على هذا ،نستشف أن النهج الديمقراطي يساعد على نمو الجماعة وتطورها بشكل
إيجابي فعال .لذا ،على رجال اإلدارة والمدرسين األخذ بالقيادة الديمقراطية لتحقيق النجاح
الحقيقي والجودة البناءة وإضفاء النجاعة على أنشطة التسيير والتأطير.
وإذا عدنا إلى القسم ،فمن األفضل أن يقسم األستاذ تالميذ الفصل إلى جماعات منذ بداية
السنة الدراسية فيسميها باسم معين ،ويوزع عليها الئحة مكونة من العروض ومجموعة من
األنشطة واإلنجازات واألبحاث قصد تنفيذها بطريقة جماعية قصد إدماج جميع التالميذ في
جماعات دراسية صغرى لحل المشكالت وإنجاز األعمال ضمن وضعيات متدرجة من
السهولة إلى الصعوبة مع تسطير مجموعة من المدخالت والمخرجات عبر مجموعة من
العمليات والسيرورات البيداغوجية والديداكتيكية.
وإليكم جدوال توضيحيا نبين فيه مجموعة من الخطوات التي ينبغي أن يلتجئ إليها المدرس
أثناء تكوين جماعات الفصل وتأطيرها وتنشيطها ديداكتيكيا:
يتبين لنا من خالل هذا الجدول أنه من المستحسن تقسيم تالميذ الفصل إلى جماعات منسجمة
متماسكة من أجل استثمار قدرات التالميذ وتفتيق مهاراتهم واكتشاف مواهبهم وتحسين
أجواء القسم والقضاء على الصراعات السيكولوجية الدفينة والحد من التوترات واألحقاد
المشحونة عن طريق إدماج التالميذ داخل أنساق جماعية من أجل خلق صداقات حميمية
والعمل في إطار فريق؛ ألن العمل في إطار فريق هي أداة ناجعة من أجل تطوير البحث
العلمي وتقدم األمة في الدول الغربية كالواليات المتحدة األمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.
فمن خالل العمل داخل فريق يمكن حل المشكالت بسهولة وإنجاز األعمال بشكل فعال
وعالج الكثير من اآلفات النفسية الفردية الشعورية والالشعورية كاألنانية والنبذ والكراهية
والنفور واستبدالها بمشاعر أكثر نبال كاالنسجام والتوافق والتشارك والتعاون واالبتكار
الجماعي واإلبداع الهادف.
ويعني هذا أن تطبيق ديناميكية الجماعات داخل الفصل الدراسي تقنية عالجية وأداة
بيداغوجية وديداكتيكية ناجحة .ومن ثم ،فعلى المدرس أن يحدد رقم الجماعة واسمها أو لقبها
ويختار لها قائدا أو زعيما ديمقراطيا يحبه الجميع ،ويقدم لكل جماعة نشاطا أو عمال إلنجازه
أو حل مشاكله من خالل أهداف وكفايات محددة.
وتستوجب هذه األنشطة كما هو معلوم مجموعة من الوسائل والموارد المادية والمالية
والمعنوية لتنفيذها مع ضرورة انتقاء أمكنة اإلنجاز المناسبة واختيار أزمنتها بدقة مطلوبة.
وبعد اإلنجاز ينتقل المدرس إلى مرحلة التقويم أو التقييم للتأكد من عمليات تنفيذ العمل
المطلوب ومدى نجاح التالميذ في حل الوضعيات أو اإلجابة عن المشكالت المطروحة .وإذا
كان هناك فشل ملحوظ أو إخفاق مرصود البد أن يستعمل المدرس تقنية الفيدباك لتصحيح
التعثرات واألخطاء.
وهناك تقنيات عديدة يمكن االستعانة بها في مجال التنشيط التربوي وتفعيل التالميذ
وتحريكهم داخل الفصل الدراسي مثل :العرض ،والنقاش الجماعي العام ،وتمثيل األدوار،
واالستعراض ،والمحاضرات ،والندوات ،واالستجواب الحواري ،والمناقشة ،واعتماد
مجموعة التشخيص -GROUPE Tلمعرفة مضامين التعلم ومحتوياته وكيفية التعلم من
خالل إشراك عدد محدود من التالميذ ،وتطبيق طريقة جماعة البوز التي تنبني على تنشيط
نقاش من 13إلى 15دقيقة لتفادي الملل ورتابة العرض لكي يشارك الجميع في إبداء
آرائهم حول الموضوع المقترح ،وتقنية فليبس 6/6التي وضعها األمريكي دونالد فليبس سنة
1948م ،وقد طورها كل من الباحثين البيداغوجيين :ديديي وأنزيو في فرنسا .وتعتمد هذه
التقنية على تشكيل مجموعات صغرى من 6أفراد من أجل إعطاء مجموعة من األفكار
الموحدة حول موضوع أو دراسة أو حالة أو فكرة ما وذلك في ست دقائق.
وهناك تقنيات أخرى في مجال تنشيط الجماعة كدراسة الحالة ،وتقنية االكتشاف الدوراني
التي ينتقل فيها األفراد من جماعة إلى أخرى لتبادل اآلراء واألفكار فضال عن تقنية الجدل
والحجاج والمناظرة وتقنية العصف الذهني BRAINSTORMINGالتي تقوم على
إشراك جميع األفراد في المناقشة قصد إيجاد األفكار والحلول الجماعية المناسبة لموقف أو
لمجموعة من المواقف والوضعيات.
وتعتبر تقنية التنشيط الجماعي من التقنيات التي تساهم في خلق المنافسة المشروعة بين
جماعات الفصل أو جماعات المؤسسة في إطار المسابقات والتصفيات الثقافية والعلمية
والرياضية لتطوير القدرات الذاتية للتالميذ واكتشاف المواهب المهمشة والكفاءات الحقيقية
وتجويد التعليم والرفع من مستوى التكوين والتأطير.
وتعتبر طريقة لعب األدوار أو السيكودراما من أهم التقنيات في مجال تنشيط الجماعة
وتفعيلها ،كما تعد من أهم الوسائل العالجية إلدماج التالميذ المنطوين على أنفسهم أو
المنكمشين أو المعقدين نفسيا داخل جماعات لتحريرهم من العقد المترسبة في الشعورهم
وتطهيرهم ذهنيا ووجدانيا وحركيا وإخراجهم من العزلة والوحدة واالغتراب الذاتي والمكاني
إلى عالم مجتمعي أرحب يعتمد على المشاركة والتعاون واألخوة واالنسجام وتفتيق
المواهب .ومن ثم ،فالسيكودراما طريقة مسرحية يعتمد فيها الفرد على القيام بمجموعة من
األدوار المسرحية التي يبرز فيها طاقاته ومواهبه ويعبر عن مكبوتاته وطاقاته الدفينة قصد
االنتقال من مرحلة االنكماش إلى المرحلة النفسية السوية و التوازن السيكواجتماعي .وعلى
العموم ،فالسيكودراما هي " تقنية سيكولوجية وضعها العالم السيكولوجي مورينو تعتمد على
التلقائية الدرامية ،حيث يطلب من األشخاص أداء أدوار مسرحية دون ارتباط بكتابة سابقة أو
تحديد للنص ،قصد تنمية التلقائية لديهم.غير أنه مالبث أن تحولت هذه التقنية إلى أسلوب
للتكوين والعالج النفسي التحليلي الفردي والجماعي؛ وتنمية االبتكار لدى األطفال في المجال
التربوي التعليمي...
تجد طريقة السيكودراما أصولها لدى اليونانيين القدماء ،فقد أشار أريسطوفان في القرن
الرابع قبل الميالد إلى أن الشخص يظل سجين أدواره االجتماعية ويمكن التحرر منها ،وفهم
دوافعها ،عند التعبير عنها على خشبة المسرح .كما أن أرسطو أشار بدوره إلى األهمية
األساسية التي يلعبها المسرح في التخفيف من المعاناة النفسية ،خالل التوحد مع الممثلين في
أدوار معينة ،مما يساعد على التطهير النفسي".
ويمكن لألستاذ أيضا االستعانة بالسوسيوميترية لتحليل العالقات العاطفية غير الشكلية
(غيرالرسمية) داخل الجماعات الصغرى وتطبيق السوسيوغرام لمعرفة مجمل التفاعالت
الوجدانية والقيمية التي تتحكم في جماعات القسم وتحديد أدوار التالميذ وأوضاعهم في القسم
قصد تحسين مناخ القسم و تهذيب العالقات التفاعلية الموجودة بين عناصر النسق الدراسي
من أجل تحقيق نتائج جيدة كما وكيفا في آخر السنة الدراسية.
ومن هنا البد للمدرس من إجراء اختبار أولي لمعرفة مكونات الجماعة وسيرورتها العملية
من خالل توزيع االستمارة التفاعلية على تالميذ الفصل الدراسي ليجيبوا عنها متتبعين
التعليمات التالية :
-1عدم نشر اإلجابات.
-2ستمكن اإلجابات من تكوين جماعات.
-3مع من تريد أن تلعب أو تعمل؟
-4من الذي تعتقد أنه سيختارك؟
-5من الذي التحب اللعب والعمل معه؟
-6من تعتقد أنه سيرفضك؟
وبعد دراسة االستمارة وغربلتها بشكل علمي وموضوعي ،يضع المدرس أسماء التالميذ
على خط الدائرة ويقوم بوضع السهم الذي يتجه من شخص إلى آخر في شكل مبيان تمثيلي
لمختلف العالقات التفاعلية ،ويسمى هذا المبيان بالسوسيوغرام .SOCIOGRAMME
وبعد مرحلة التمثيل وتشكيل دائرة التفاعالت السيكواجتماعية ،يلتجئ المدرس إلى تصنيف
التالميذ حسب منطق التفاعالت النفسية -الوجدانية ،ويرتبهم من األكثر شعبية وتواصال
إلى األقل شعبية وإقباال حتى يعرف العالقات النفسية االجتماعية داخل فصله الدراسي.
وبالتالي ،يبحث عن أسباب اإلقبال والنبذ على مستوى التفاعل التواصلي ،ويصحح ما يمكن
تصحيحه أو يعالج ما يمكن معالجته نفسيا واجتماعيا.
خاتمـــة:
نستنتج ،مما سبق ،أن ديناميكية الجماعات دراسة علمية تهتم بالبحث في كيفية ظهور
الجماعات وبروز بنياتها ووظائفها مع اكتشاف المبادئ الضمنية التي تتحكم في تصرفاتها
التفاعلية اإلنسانية الداخلية .ويعني هذا أن ديناميكية الجماعات طريقة في تشخيص مختلف
القوى الخفية والتفاعالت الظاهرة والضمنية التي تتحكم في تسيير الجماعات البشرية
وتنظيمها تنظيما ذاتيا ومؤسساتيا .وتترجم لنا هذه التفاعالت البنيوية الوظيفية العالقات
الموجودة بين أفراد الجماعات والتي قد تكون سلبية قائمة على الصراع والنفور والنبذ
والكراهية أو إيجابية قائمة على االنسجام والتفاهم والتعاون والتوافق والتسامح.
ولديناميكية الجماعات كما هو معروف أدوار عدة تتمثل بالخصوص في تطوير الجماعات
والعمل على تقدمها بشكل مستمر ،وتنمية بنياتها األساسية ،وتوسيع وظائفها البنيوية داخليا
وخارجيا ،وتحسين مناخ عملها ،وتهذيب عالقاتها التفاعلية ،وتحقيق التوازن المنشود،
والرفع من مستوى إنجازاتها قصد الوصول إلى مرحلة اإلبداع واالبتكار .كما أن هذه
الطريقة وسيلة هامة في مجال التنشيط التربوي ومعالجة التالميذ المرضى النفسانيين
والمعوقين والمنكمشين على أنفسهم .ويمكن توظيف هذه الطريقة في مجاالت أخرى كاإلدارة
والتعليم والرياضة البدنية والخدمة االجتماعية والمصحات الطبية والعيادات النفسية و دراسة
الجماعات العمالية داخل المصانع والمعامل والمقاوالت ،وتحسين أداء الحكومة ذات الفرق
الوزارية...
الهوامش:
-الدكتور خليل ميخائيل معوض :علم النفس االجتماعي،دار النشر المغربية ،الدار البيضاء،
الطبعة األولى سنة 1982م ،ص90:؛
-الدكتور خليل ميخائيل معوض :علم النفس االجتماعي ،ص90:؛
-الدكتور خليل ميخائيل معوض :نفس المرجع ،ص91:؛
-الدكتور خليل ميخائيل معوض :نفس المرجع ،ص74:؛