You are on page 1of 14

‫مجلة الراصد لدراسات العلوم االجتماعية‬ ‫المجلد‪)1( :‬‬

‫‪The Observer Journal for Social‬‬ ‫العدد‪)1( :‬‬


‫‪Studies Sciences‬‬ ‫جانفي ‪2021‬‬

‫تماسك جماعات العمل كضرورة حتمية لفعاليتها‬


‫‪Work group cohesion as an imperative for their effectiveness (Time‬‬

‫د‪ .‬براخلية عبد الغني ‪2‬‬ ‫د‪ .‬حاتم سماتي ‪* 1‬‬

‫‪ 1‬املركزالجامعي س ي الحواس بريكة ‪smati.7tm@gmail.com‬‬


‫‪ 2‬جامعة محمد بوضياف – املسيلة ‪brakhliaabdelghani@yahoo.fr‬‬
‫تاريخ النشر‪:‬‬ ‫تاريخ القبول‪:‬‬ ‫تاريخ االستالم ‪:‬‬
‫‪2021/01/25‬‬ ‫‪2021/01/13‬‬ ‫‪2020/12/26‬‬

‫‪ -‬امللخص‪:‬‬
‫تعتبر الجماعة وديناميكية االنضمام للجماعات على درجة كبيرة من األهمية‪ ،‬ذلك‬
‫ألن العمل في املنظمات املختلفة يتم في معظم األحيان في إطار الجماعات‪ .‬ومن املعروف أن‬
‫سلوك اإلنسان كفرد يختلف عن سلوكه كعضو في جماعة‪ .‬فالجماعة أداة فعالة ملساعدة‬
‫األفراد ونموهم‪ ،‬وتعديل اتجاهاتهم عن طريق تفاعالتهم وعالقاتهم مع اآلخرين‪،‬‬
‫فالجماعات االجتماعية تقوم وتدوم بقصد إشباع حاجات أعضائها من خالل تفاعلهم‬
‫وتعاونهم‪ .‬وال يتحقق لإلنسان الشعور باألمن والحب والصداقة إال في جماعاتها‪ .‬كما أنه‬
‫عن طريق تعاونه مع اآلخرين يمكن أن يحقق أهداف قد يعجز عن تحقيقها بمفرده‪.‬‬
‫‪ -‬الكلمات املفتاحية‪ :‬الجماعة‪ ،‬التماسك‪ ،‬جماعة العمل‪ ،‬الفاعلية‪.‬‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪The group and the dynamics of joining groups are of great importance,‬‬
‫‪because the work in the different organizations is mostly carried out within the‬‬
‫‪framework of groups. It is well known that the behavior of a person as an‬‬
‫‪individual differs from his behavior as a member of a group. The group is an‬‬
‫‪effective tool for helping individuals and their growth, and adjusting their‬‬
‫‪attitudes through their interactions and relationships with others. Social groups‬‬

‫*‪-‬المؤلف المرسل‪ :‬االسم الكامل‪ ،‬االيميل‪smati.7tm@gmail.com :‬‬


‫براخلية عبد الغني‬ ‫سماتي حاتم‬

‫‪exist and last with the intention of satisfying the needs of their members‬‬
‫‪through their interaction and cooperation. The feeling of security, love and‬‬
‫‪friendship is not achieved for a person except in their groups. Also, by‬‬
‫‪cooperating with others, he can achieve goals that he may not be able to‬‬
‫‪achieve on his own.‬‬
‫‪Keywords: group, cohesion, work group, effectiveness.‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫ينظم الشخص عادة إلى الجماعة التي يرى أنها سوف تحقق آماله وطموحاته‬
‫وأهدافه الشخصية التي يسعى إلى تحقيقها‪ ،‬وقد يكون الفرد منظما إلى جماعة معينة إلى‬
‫أنه يسعى إلى االنضمام إلى جماعة أخرى بسبب جاذبية أهدافها‪ ،‬ورغبته في تكوين عالقات‬
‫اجتماعية أوسع تحقق مصالحه الشخصية‪ .‬ويذكر بعض الباحثين مجموعة من العوامل‬
‫التي تؤدي إلى تكوين الجماعات مثل تعزيز البقاء وتحقيق األهداف‪ ،‬حيث يعتقد أن‬
‫االنتماء إلى مجموعات كان أمرا حاسما لتطور وبقاء البشر كنوع‪ ،‬فقد نجا البشر منذ‬
‫القديم وحتى اليوم ألنهم اعتمدوا على الشبكات االجتماعية للحصول على الطعام‬
‫ومشاركته‪ ،‬ونقل املعلومات‪ ،‬وتربية األطفال‪ ،‬وتجنب مختلف التهديدات التي تواجههم‪.‬‬
‫ووفقا لنظرية الهوية االجتماعية‪ ،‬يعد االنتماء إلى الجامعة مصدرا مهما لتقدير‬
‫الذات‪ ،‬كما تؤكد هذه النظرية‪ ،‬فإن الهوية الشخصية تتشكل من خالل عضوية‬
‫الجماعات‪ ،‬وإذا كانت الجماعة مصدرا للهوية‪ ،‬وإذا كان الناس لديهم الحافز للنظر إلى‬
‫أنفسهم من منظور إيجابي‪ ،‬فإن ذلك يعني أن الناس سيكونون متحمسين لرؤية جماعتهم‬
‫بشكل إيجابي أيضا‪ ،‬وبشكل عام يظهر األشخاص تحيزا قويا الجماعة التي ينتمون إليها‪،‬‬
‫ويتصرفون بشكل أفضل اتجاهها أكثر من تلك التي ال ينتمون إليها‪ ،‬وبشكل مبسط يمكن‬
‫القول أن الجماعة تلبي حاجة الشخص إلى إحساس واضح وإيجابي بالذات‪.‬‬
‫تتعدد املعاني التي تفسر وتشرح مصطلح أو مفهوم تماسك الجماعة فالبعض‬
‫يعرفه على انه محصلة القوى الناتجة والتي تجذب األفراد تجاه الجماعة‪ ،‬ويؤكد البعض‬
‫على أن التماسك يشير إلى جاذبية الجماعة وأعضائها‪ ،‬ويرى آخرون أن التماسك هو‬
‫القوى التي تمارسها الجماعة لكي تحافظ على عضوية أفرادها‪ ( .‬فلية‪ ،‬عبد املجيد‪،2005،‬‬
‫ص‪.)116‬‬

‫مجلة الراصد لدراسات العلوم االجتماعية‪ :‬املجلد ‪2021 ،)1( 1‬‬


‫‪34‬‬
‫تماسك جماعات العمل كضرورة حتمية لفعاليتها‬

‫وكذلك يعرف التماسك بقوة الروابط بين أفراد الجماعة ومدى تكاتفهم واتحادهم‬
‫ويعتبر تماسك الجماعة من املقومات األساسية التي تعطي للجماعة وجودا أو كيانا‬
‫ألفرادها‪ ،‬وأهمية التماسك القتصر فقط على كونه من أهم مقوماتها وإنما تتعداه إلى‬
‫اآلثار السلوكية التي تترتب عنه‪.‬‬
‫أما من الناحية االجتماعية فيقصد بالتماسك زيادة العالقات املوجبة التي تدور في‬
‫املحيط الداخلي للجماعة فكلما ازدادت هذه العالقات ازداد تماسك الجماعة وكلما تشتت‬
‫هذه العالقات ضعف تماسكها‪ ( .‬لوكيا‪ ،2006 ،‬ص‪)116‬‬
‫كما يعبر مفهوم تماسك الجماعة أيضا عن قوة جاذبية الجماعة ألفرادها وتنش ئ‬
‫حالة تماسك الجماعة نتيجة لرغبة األعضاء في البقاء داخلها من ناحية ونتيجة للضغوط‬
‫التي تتعرض لها الجماعة من ناحية اخرى (ماهر‪ ،2004 ،‬ص‪)248‬‬
‫ومن مؤشرات تماسك الجماعة‪ ،‬ان تنمو عالقات الصداقة بين أفرادها ‪،‬ويصبح‬
‫كل منهم يتحدث بكلمة "نحن" بدال من "أنا" وانصياع جميع األفراد ملعايير الجماعة بصورة‬
‫طوعية وراضية ‪ ،‬واملشاركة الفعالة في أنشطة الجماعة ‪..‬الخ‪ ،‬ويكون للتماسك بين أفراد‬
‫الجماعة دور مهم في تحديد عالقة الجماعة باملنظمة اإلدارية ‪،‬وفي تحقيق أهداف هذه‬
‫املنظمة‪ ،‬فكلما تمكنت القيادات اإلدارية من استثمار روح الجماعة‪ ،‬وتعاضد أفرادها‪،‬‬
‫وتوجيهها لتحقيق زيادة في اإلنتاجية ولتحقيق الفعالية اإلدارية املطلوبة ‪ ،‬كلما نجحت‬
‫املنظمة في الوصول إلى غايتاها‪ ،‬أما إذا فشلت املنظمة وأهدافها وسياستها ‪ ،‬كلما كان ذلك‬
‫مبررا إلخفاق املنظمة ووضعها في وضع معقد ال يسهل عليها عالجه‪ ،‬الن تذليل الصعوبات‬
‫واملشكالت املتصلة بالجماعات اعقد وأصعب بكثير مما لو كانت العقبات أو املشكالت‬
‫متصلة باألفراد (عساف‪ ،1999 ،‬ص‪124‬ص‪)125‬‬
‫مفهوم الجماعة‪:‬‬
‫أثار تعريف الجماعة جدال كبيرا بين الباحثين واملختصين وبشكل خاص في مجالي‬
‫علم النفس وعلم االجتماع‪ ،‬وموضوع الجدل هو فيما إذا كانت الجماعة عبارة عن عدد‬
‫معين من األفراد‪ ،‬أم أنها عبارة عن نظام معين من العالقات املتبادلة‪ ،‬وفيما يلي نورد‬
‫بعض التعريفات للجماعة‪:‬‬
‫يعرفها )‪ Delamater & Mayers (2011, p 277‬على أنها وحدة اجتماعية تتميز‬
‫بمجموعة من الخصائص هي العضوية‪ ،‬والتفاعل بين األعضاء‪ ،‬واألهداف واملعايير‬
‫املشتركة‪.‬‬

‫مجلة الراصد لدراسات العلوم االجتماعية‪ :‬املجلد ‪2021 )1(1‬‬


‫‪35‬‬
‫براخلية عبد الغني‬ ‫سماتي حاتم‬

‫هذا التعريف وفق الخصائص املذكورة يعني أن الجماعة ليست مجرد تجمع‬
‫لألفراد‪ ،‬بل هو عبارة عن نظام من العالقات املتبادلة بحيث يتفاعل األعضاء فيما بينهم‬
‫ويؤثر بعضهم على بعض‪.‬‬
‫ويعرفها )‪ Gençer (2019, p.223‬بأنها عبارة عن تكوين من شخصين على األقل‬
‫يجتمعان في هدف معين‪ ،‬ويتواصالن مع بعضهما البعض‪ ،‬ويؤثران في بعضهما البعض‪،‬‬
‫ويعتمدان على بعضهما البعض‪ ،‬ولكي تكون جماعة‪ ،‬يجب أن يكون لدى األفراد أهداف‬
‫ومعايير مشتركة‪ ،‬ولكن أيضا يجب أن يشعروا بأنهم جماعة‪.‬‬
‫وتعرفها سهير أحمد على أنها وحدة اجتماعية مكونة من فردين أو أكثر تربط بينهم‬
‫عالقات اجتماعية ويحدث بينهم تفاعل اجتماعي متبادل فيؤثر بعضهم في بعض (أحمد‪،‬‬
‫‪ ،2001‬ص‪.)41‬‬
‫خصائص الجماعة‪:‬‬
‫‪ -‬العضوية‪ :‬واملقصود بها اعتراف األعضاء بعضوية الفرد وانتمائه إلى الجماعة‪.‬‬
‫‪ -‬التفاعل بين األعضاء‪ :‬بمعنى أن األعضاء يتواصلون فيما بينهم ويؤثرون على‬
‫بعضهم البعض‪.‬‬
‫‪ -‬األهداف املشتركة بين األعضاء‪ :‬ويعني هذا أن األعضاء مترابطون فيما يتعلق‬
‫بتحقيق الهدف‪ ،‬بحيث إذا تقدم أحدهم إلى تحقيق هدفه يجعل من املحتمل أن يصل‬
‫عضو آخر إلى تحقيق هدفه‪.‬‬
‫‪ -‬املعايير املشتركة‪ :‬بمعنى أن األعضاء يحملون مجموعة من املبادئ والقواعد التي‬
‫تضع حدودا لسلوك األعضاء‪.‬‬
‫‪ -‬الدوام واالستمرارية ملدة زمنية معقولة‪.‬‬
‫أهمية الجماعة بالنسبة للفرد‪:‬‬
‫تكمن أهمية الجماعة بالنسبة للفرد في نموه االجتماعي‪ ،‬فمن خالل الجماعة‬
‫يكتسب املعايير االجتماعية للسلوك‪ ،‬ويكون الصدقات‪ ،‬وخالل تفاعله مع أعضاء‬
‫جماعته‪ ،‬يتعلم الفرد السلوك االجتماعي املناسب‪ ،‬ويتعلم الكثير عن غيره‪ ،‬وتنمو مهاراته‬
‫االجتماعية ومهارات االتصال بشكل أكبر‪ ،‬كما يكون الفرد من خالل تفاعله مع أعضاء‬
‫جماعته اتجاهاته نحو املواضيع والقضايا األساسية‪ ،‬وفي األخير يحقق الفرد من خالل‬
‫عضويته في جماعة معينة الشعور باالنتماء‪ ،‬أو ما يعرف في سلم ماسلو للحاجات بالحاجة‬
‫لالنتماء‪.‬‬

‫مجلة الراصد لدراسات العلوم االجتماعية‪ :‬املجلد ‪2021 ،)1( 1‬‬


‫‪36‬‬
‫تماسك جماعات العمل كضرورة حتمية لفعاليتها‬

‫مفهوم جماعة العمل‪:‬‬


‫يقض ي األفراد الكثير من ساعات يومهم في العمل في منظمات متنوعة‪ ،‬ومثلها مثل‬
‫أي سياق اجتماعي آخر هناك مجموعة متنوعة من آليات التأثير االجتماعي ‪ -‬التي يدركها‬
‫األفراد أحيانا وأحيانا أخرى ال – تؤثر عليهم في العمل‪ .‬وتؤثر سياقات العمل االجتماعي على‬
‫عقولنا ومشاعرنا وسلوكياتنا وقراراتنا‪ ،‬ومحاولة فهم كيف تؤثر سياقات العمل االجتماعي‬
‫على املوظفين واملديرين واملنظمة بصفة عامة يفتح مجموعة متنوعة من األسئلة‬
‫الديناميكية املهمة‪ ،‬وكعلماء ومختصين وباحثين في مجال العلوم االجتماعية يتوجب علينا‬
‫أن نفهم كيف تؤثر العناصر االجتماعية على األفراد‪ ،‬وكيف يؤثر األفراد في عالقاتهم‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫ال يختلف مفهوم جماعة العمل عن مفهوم الجماعة بشكل عام‪ ،‬فهي أيضا عبارة‬
‫عن مجموعة تتكون من شخصين أو أكثر يحدث بينهم تفاعل متبادل في إطار معايير‬
‫مشتركة تضعها املنظمة ومن أجل تحقيق أهداف محددة‪.‬‬
‫ويرى تشامبو (‪ Champoux )2011‬أن الجماعة الرسمية هي إما جماعة وظيفية‬
‫داخل مؤسسة أو جماعة مهام‪ ،‬والجماعة الوظيفية هي مجموعة من األشخاص تم‬
‫تشكيلها من خالل تصميم املؤسسة‪ ،‬مثل األقسام واإلدارات واملصالح ووحدات العمل‪،‬‬
‫إنها نتاج تقسيم عمل املنظمة‪ ،‬أو الطريقة التي قسمت بها املنظمة عملها اإلجمالي للوصول‬
‫إلى أهدافها‪ ،‬وغالبا ما تكون هذه الجماعات دائمة‪ ،‬ولكن يمكن أن تتغير إذا أعادت‬
‫املنظمة تصميم هيكلها‬
‫وإذا تحدثنا عن جماعة العمل فنحن نقصد بشكل أكبر فرق العمل التي تتكون من‬
‫أجل أداء مهام محددة باعتبارها جماعة رسمية تسعى لتحقيق أهداف تحددها املنظمة‪،‬‬
‫وتسير وفق قوانين ومعايير املنظمة‪ ،‬كما نقصد بدرجة أقل الجماعة غير الرسمية‪ ،‬وهي‬
‫تلك العالقات التي تنشأ بين العمال خارج إطار العمل ولها معاييرها وقوانينها الخاصة‪.‬‬
‫مراحل تشكل جماعة العمل‪:‬‬
‫تنشأ وتتكون جميع أنواع الجماعات من خالل سلسلة من املراحل‪ ،‬ولكل مرحلة‬
‫آثارها املختلفة على سلوك األعضاء وأداء الجماعة وعموما تمر عملية تشكل جماعة‬
‫العمل بخمسة مراحل أساسية ذكرها تشامبو (‪ Champoux )2011‬واملغربي (‪ )2016‬كما‬
‫يلي‪:‬‬

‫مجلة الراصد لدراسات العلوم االجتماعية‪ :‬املجلد ‪2021 )1(1‬‬


‫‪37‬‬
‫براخلية عبد الغني‬ ‫سماتي حاتم‬

‫مرحلة التكوين‪ :‬وتعتبر هذه املرحلة مرحلة اختبار‪ ،‬حيث يكتشف فيها الفرد العالقات‬
‫املالئمة مع أعضاء الجماعة الذي ينتمي إليه‪ ،‬ويكتشف الخصائص االجتماعية والنفسية‬
‫لبقية أعضاء الفريق أو جماعة العمل ‪ ،‬وتحدد الجماعة في هذه املرحلة حدودها‬
‫االجتماعية واملهام املوكلة إليها‪ ،‬ويناقش أعضاء الجماعة في هذه املرحلة األفكار األولية‬
‫حول كيفية القيام بهذه املهام‪.‬‬
‫مرحلة الصراع‪ :‬تعتبر أصعب مراحل تكوين جماعة العمل‪ ،‬حيث يبحث فيها كل عضو‬
‫عن مكانه ومكانته‪ ،‬ويبدأ القادة غير الرسميين في الظهور حتى في حالة وجود قائد رسمي‪،‬‬
‫كما هو الحال غالبا في جماعات العمل الرسمية‪ ،‬وقد تندلع صراعات على السلطة بين‬
‫القادة غير الرسميين املتنافسين‪ ،‬وربما ينشأ الخالف حول كيفية قيام الجماعة بمهامها‪،‬‬
‫وفي هذه املرحلة غالبا ما يكافح األعضاء للحفاظ على هويتهم واستقالليتهم حيث تحاول‬
‫الجماعة إعطاء هوية للفرد‪ ،‬وتبدو فيها األهداف صعبة أو غير قابلة لإلنجاز‪ ،‬وقد ينفذ‬
‫فيها صبر األعضاء‪ ،‬فيجادلون ويعترضون ويقاومون‪ ،‬وينشأ الصراع بينهم‪ ،‬وقد يترك‬
‫بعضهم الفريق‪ ،‬وربما ينحصر الفريق في هذه املرحلة وال يحقق أي إنجازات‪.‬‬
‫مرحلة وضع القواعد‪ :‬بعد انتهاء مرحلة الصراع بنجاح‪ ،‬تبدأ مرحلة قبول األعضاء‬
‫لبعضهم البعض ولألدوار التي سيلعبونها‪ ،‬وللفريق ككل‪ ،‬تتميز هذه املرحلة بانخفاض حدة‬
‫النزاع وبدء التعاون وتزايده تدريجيا‪ ،‬وهي مرحلة وسيطة تمهد للمرحلة التالية وهي مرحلة‬
‫أداء املهام‪ ،‬لذلك يجب أال تطول هذه املرحلة أو يتوقف فيها الفريق‪ ،‬بل يجب أن يبدأ‬
‫التعاون الفعلي واالتفاق بين األعضاء للوصول إلى الهدف املشترك‪ ،‬وفي هذه املرحلة يتم‬
‫وضع القواعد للعالقات واملعامالت بين أعضاء الجماعة‪ ،‬ويصبح الهدف املشترك هو‬
‫الرباط أو العقد غير املكتوب الذي يجمع الفريق‪.‬‬
‫يسمي تشامبو ‪ Champoux‬هذه املرحلة بمرحلة التماسك ووضع املعايير‪ ،‬وفيها‬
‫تحدد الجامعة أدوارها وعالقات األدوار‪ ،‬توافق املجموعة على سلوك األعضاء الصحيح‪،‬‬
‫وتظهر ثقافة جماعية محددة‪ ،‬ويكون الصراع أقل حدة في هذه املرحلة مما كان عليه خالل‬
‫املرحلة السابقة‪.‬‬
‫مرحلة األداء‪ :‬يصبح أعضاء الجماعة مرتاحين لبعضهم البعض في هذه املرحلة‪،‬‬
‫ويقبلون معايير الجماعة‪ ،‬ويستقرون على أهدافهم كما يبدأ األعضاء في القيام بأدوارهم‪،‬‬
‫ويمارسون تخصصاتهم املهنية أو الوظيفية كل في مجاله‪ ،‬ويمارسون عالقات التعاون‬
‫والترابط‪ ،‬ويتعرف كل عضو على دوره وتوقعات اآلخرين‪ ،‬ويتفهم كل عضو نواحي القوة‬

‫مجلة الراصد لدراسات العلوم االجتماعية‪ :‬املجلد ‪2021 ،)1( 1‬‬


‫‪38‬‬
‫تماسك جماعات العمل كضرورة حتمية لفعاليتها‬

‫والضعف لديه ولدى اآلخرين‪ ،‬ويفكر أعضاء الجماعة أو الفريق في طرق اإلنجاز وزيادة‬
‫الفاعلية‪ ،‬ويمارس القائد دوره كموجه ومدرب وناصح‪ ،‬ويساعد األعضاء على تقييم أدائهم‪.‬‬
‫مرحلة اإلنهاء‪ :‬تصل بعض الجماعات إلى أهدافها وتفككها وتنهي وجودها كجماعة‬
‫محددة‪ ،‬كما أن هناك جماعات أخرى تعيد تحديد مهمتها وعضويتها‪ ،‬وفي حالة حدوث أي‬
‫من الحدثين‪ ،‬اإلنهاء أو إعادة التحديد‪ ،‬تعود الجماعة إلى املرحلة األولى من التكوين وتعيد‬
‫بدء العملية‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أن الجماعة قد تنجح أو تفشل في أداء املهمة الوكلة إليها‪.‬‬
‫عوامل تشكل الجماعة‪:‬‬
‫قرر الفالسفة وعلماء االجتماع منذ القدم أن اإلنسان مدني بطبعه‪ ،‬فهو ال‬
‫يستطيع العيش بمفرده‪ ،‬فاإلنسان يولد مزودا بميل اجتماعي فطري‪ ،‬وهذه الفطرة نجدها‬
‫حتى عند الحيوانات‪ ،‬فهي أيضا تميل إلى التجمع مع أقرانها من نفس النوع‪ ،‬وحسب عطية‬
‫(بدون سنة) يوجد العديد من التفسيرات التي توضح األسباب والعوامل التي تؤدي إلى‬
‫تكوين الجماعة‪ ،‬ولعل من أشهر هذه التفسيرات هي‪:‬‬
‫التجاذب بين أعضاء الجماعة‪ :‬يقصد بالتجاذب بين أعضاء الجماعة هو أن‬
‫األشخاص ينجذبون إلى من يتشابهون معهم في الثقافة املتمثلة في القيم والعادات‬
‫والتقاليد واالتجاهات‪ ،‬واملستوى االجتماعي واالقتصادي‪ ،‬والسمات النفسية وفي بعض‬
‫األحيان الجسمية‪.‬‬
‫أهداف الجماعة‪ :‬حيث ينظم الشخص عادة إلى الجماعة التي يرى أنها سوف تحقق‬
‫آماله وطموحاته وأهدافه الشخصية التي يسعى إلى تحقيقها‪ ،‬وقد يكون الفرد منظما إلى‬
‫جماعة معينة إلى أنه يسعى إلى االنضمام إلى جماعة أخرى بسبب جاذبية أهدافها‪ ،‬ورغبته‬
‫في تكوين عالقات اجتماعية أوسع تحقق مصالحه الشخصية‪.‬‬
‫أما )‪ Greenberg et all (2015‬فيذكر مجموعة من العوامل التي تؤدي إلى تكوين‬
‫الجماعات مثل تعزيز البقاء وتحقيق األهداف‪ ،‬حيث يعتقد أن االنتماء إلى مجموعات كان‬
‫أمرا حاسما لتطور وبقاء البشر كنوع‪ ،‬فقد نجا البشر منذ القديم وحتى اليوم ألنهم‬
‫اعتمدوا على الشبكات االجتماعية للحصول على الطعام ومشاركته‪ ،‬ونقل املعلومات‪،‬‬
‫وتربية األطفال‪ ،‬وتجنب مختلف التهديدات التي تواجههم‪.‬‬
‫ووفقا لنظرية الهوية االجتماعية‪ ،‬يعد االنتماء إلى الجامعة مصدرا مهما لتقدير‬
‫الذات‪ ،‬كما تؤكد هذه النظرية‪ ،‬فإن الهوية الشخصية تتشكل من خالل عضوية‬
‫الجماعات‪ ،‬وإذا كانت الجماعة مصدرا للهوية‪ ،‬وإذا كان الناس لديهم الحافز للنظر إلى‬

‫مجلة الراصد لدراسات العلوم االجتماعية‪ :‬املجلد ‪2021 )1(1‬‬


‫‪39‬‬
‫براخلية عبد الغني‬ ‫سماتي حاتم‬

‫أنفسهم من منظور إيجابي‪ ،‬فإن ذلك يعني أن الناس سيكونون متحمسين لرؤية جماعتهم‬
‫بشكل إيجابي أيضا‪ ،‬وبشكل عام يظهر األشخاص تحيزا قويا الجماعة التي ينتمون إليها‪،‬‬
‫ويتصرفون بشكل أفضل اتجاهها أكثر من تلك التي ال ينتمون إليها‪ ،‬وبشكل مبسط يمكن‬
‫القول أن الجماعة تلبي حاجة الشخص إلى إحساس واضح وإيجابي بالذات‪.‬‬
‫أما )‪ Delamater & Myers (2011‬فيعتقدان أن الجماعة تتكون بسبب أن‬
‫االنضمام إلى املجموعات يمنح فوائد مهمة لألعضاء‪ ،‬بما في ذلك زيادة املعرفة الذاتية‪،‬‬
‫والتقدم نحو أهداف مهمة‪ ،‬وتعزيز املكانة‪ ،‬وتشكيل الهوية الجماعية السياسية كوسيلة‬
‫لتحقيق التغيير االجتماعي‪.‬‬
‫عوامل تماسك الجماعة‪:‬‬
‫هناك عوامل عديدة داخلية في الجماعة أو خارجية يمكن أن تساعد على زيادة او‬
‫انخفاض درجة تماسكها وهي كما يلي‪:‬‬
‫املكانة‪ :‬كلما زادت مكانة الفرد داخل الجماعة كلما زادت املكانة التي يحتمل أن يحصل‬
‫عليها الفرد إذا انضم للجماعة‪ ،‬وكلما زادت القوى التي قد تدفعه الى االنضمام إلى الجماعة‬
‫وقد توصل كيلي ‪ kulue‬في إحدى تجاربه إلى نتيجة مؤداها اقل املكانات في الجماعات‬
‫جاذبية لألفراد املهددة بالتنزيل واملكانات املنخفضة غير القابلة للترقية‪ ،‬أي أن هذين‬
‫النوعين من املكانات اشد املكانات خطرا على تماسك الجماعة‪ ،‬كما أن األفراد اآلمنين على‬
‫مراكزهم في املكانات العالية هم أكثر األفراد إقباال على الجماعة (عطية‪ ،2004 ،‬ص‪.)141‬‬
‫االتفاق حول أهداف الجماعة‪ :‬يساعد اتفاق الجماعة حول هدف ومسار نشاطها في‬
‫ربط الجماعة وتعزيز وتوجيه انماط التفاعل بين بين أفرادها نحو تحقيق الهدف (أندروا و‬
‫مارك‪ ،1991 ،‬ص‪.)222‬‬
‫العالقات التعاونية‪ :‬تؤدي العالقات التعاونية الى تماسك الجماعة وزيادة‬
‫جاذبيتها‪،‬فيصعب أن تقوم جماعة وتبقى إال إذا كان هناك قاسم مشترك بين أفرادها‬
‫وذلك عن طريق مشاركة في تحديد األهداف وإقامة املعايير التي يلتزمون بها في حدود‬
‫معقولة ‪،‬وفي تجربة قام بها دويتش ‪، Deutsch‬ووجد أن الجماعات التعاونية اظهرت الكثير‬
‫من عالقات التماسك ‪،‬وساد الود بين أفرادها ‪،‬وحاول كل منهم التأثير على اآلخرين وتقبل‬
‫كل منهم محاوالت اآلخرين للتأثير فيه بعكس الجماعات التنافسية‪.‬‬
‫ازدياد التفاعل بين اعضاء الجماعة‪ :‬يتضح أن الجماعات األصغر حجما يغلب ان‬
‫تكون أكثر تماسكا من الجماعات األكبر حجما‪ ،‬وقد يرجع ذلك الى نقص التجانس( نتيجة‬

‫مجلة الراصد لدراسات العلوم االجتماعية‪ :‬املجلد ‪2021 ،)1( 1‬‬


‫‪40‬‬
‫تماسك جماعات العمل كضرورة حتمية لفعاليتها‬

‫لزيادة الحجم ) في اتجاهات وقيم األعضاء ومن ثم نقص الشعور بتوثيق الصلة ‪،‬وكذلك‬
‫يغلب أن تزداد جاذبية الجماعة بالنسبة لألعضاء الذين يشعرون بأنهم موضع اهتمام‬
‫وتقدير وتقبل من الجماعة (عطية‪ ،2004 ،‬ص‪.)141‬‬
‫التنافس بين الجماعات‪ :‬يؤدي التنافس مع الجماعات االخرى‪ ،‬داخل املنظمة‬
‫وخارجها إلى تضامن األعضاء لتحقيق الهدف املشترك‪ ،‬وقد ادى تطبيق المركزية اإلدارة في‬
‫املنظمات إلى التقاء الجماعات الكبيرة الحجم ودخولها في منافسة مع الجماعات االخرى‪.‬‬
‫التقويم االيجابي‪ :‬إذا ما أدت الجماعة عملها بصورة مشرفة‪ ،‬فان تقدير أدائها من‬
‫قبل اإلدارة يؤدي إلى رفع مقام الجماعة في عيون أعضائها وأعضاء املنظمة اآلخرين‪،‬‬
‫ويساعد التقويم االيجابي في أن يجعل أعضاء الجماعة يحسون بالفخر النتمائهم لها‬
‫(أندروا ومارك‪ ،1991 ،‬ص ‪)222‬‬
‫األحداث االجتماعية‪ :‬وقد تعمل بعض الظروف االجتماعية العامة على تغيير عدد‬
‫كبير من األفراد فتتأثر تبعا لذلك جاذبية انواع معينة من الجماعات‪ ،‬ويبدو انه يزداد في‬
‫بعض الحاالت نتيجة الضغوط عليها من مصادر خارجية‪ ،‬كما أن النقد الذي يوجه من‬
‫خارج الجماعة قد يزيد من تماسكها إذا أدرك أفراد الجماعة ذلك‪.‬‬
‫التشابه بين أعضاء الجماعة‪ :‬قد تؤدي أنواع معينة من التشابه بين أعضاء الجماعة‬
‫إلى زيادة تماسكها ولسبب ذلك ان الكثير من الناس ينضمون إلى الجماعة كي يفهموا‬
‫أنفسهم فهما أفضل عن طريق مقارنة أنفسهم باآلخرين‪ .‬وبالطبع ال تكون لهذه املقارنة‬
‫قيمة اال اذا أجريت بين الشخص وبين من يقربون منه في القدرة (عطية‪ ،2004،‬ص‪.)142‬‬
‫هناك العديد من العوامل التي تساعد على زيادة تماسك الجماعة‪ ،‬و تقوي ارتباط‬
‫أعضائها ببعضهم البعض‪ ،‬فالفرد إذا كانت مكانته داخل هذه الجماعة جيدة‪ ،‬و يتفق مع‬
‫أفرادها في األهداف‪ ،‬و تسود بينهم العالقات التعاونية‪ ،‬والتحام األفراد في املنافسات مع‬
‫الجماعات األخرى‪ ،‬كل هذه العوامل قد تزيد من تماسك هذه الجماعة‪.‬‬
‫عوامل إضعاف تماسك الجماعة‪:‬‬
‫إذا كانت هناك إذا كانت هناك عوامل تساعد على تماسك الجماعة فباملقابل هناك‬
‫عوامل اخرى قد تضعف من تماسك هذه الجماعة ونذكر منها‪:‬‬
‫االختالف حول األهداف‪ :‬مثلما يؤدي االتفاق حول األهداف ومسارات املجموعة إلى‬
‫تالحم الجماعة يؤدي االختالف إلى الصراع والعراك مما يضعف درجة تماسكها (أندروا‬
‫ومارك‪ ،1991 ،‬ص‪.)223‬‬

‫مجلة الراصد لدراسات العلوم االجتماعية‪ :‬املجلد ‪2021 )1(1‬‬


‫‪41‬‬
‫براخلية عبد الغني‬ ‫سماتي حاتم‬

‫حجم الجماعة‪ :‬يلعب هذا الحجم دورا مهما في تحديد عالقات األفراد داخل الجماعة‪.‬‬
‫فكلما زاد حجم الجماعة يصبح كل عضو يسعى إلى تحقيق مجموعة من العالقات األكثر‬
‫تعقيدا ويكو الوقت متاح له للحفاظ على هذه العالقات او تعميقها وقتا محدودا‪ ،‬وذلك‬
‫على عكس الوضع فيما لوكان حجم الجماعة صغيرا‪.‬‬
‫يؤدي هذا الوضع (أكبر حجما) إلى تزايد إحساس أفراد الجماعة بالتهديد والتوتر‬
‫واإلحساس بضعف املشاركة‪ ،‬ويحول كذلك على مناقشة األمور املطروحة على جدول‬
‫أعمال الجماعة بصورة معمقة‪ ،‬وال يسمح للجميع بالحوار التام والشامل (عساف‪،1999 ،‬‬
‫ص‪.)165.‬‬
‫اكتساب الجماعة خواص سيئة‪ :‬إذا أصبحت الجماعة ذات خواص سيئة أو غير‬
‫سارة بالنسبة للفرد‪ ،‬هنا يحاول الفرد ترك الجماعة لنقص جاذبيتها‪.‬‬
‫اختفاء حاجة االنتماء لهذه الجماعة‪ :‬إن اختفاء الحاجات التي يريد الفرد تحقيقها‬
‫من الجماعة وإذا كانت وسائل تحقيق هذه الحاجات غير مناسبة قد تدفع الفرد الى ترك‬
‫هذه الجماعة والبحث عن جماعة اخرى تحقق له حاجاته (عطية‪ ،2004 ،‬ص‪.)143‬‬
‫التجارب غير السارة في الجماعة‪ :‬حينما ينعدم التقارب أو الثقة بين أفراد الجماعة أو‬
‫يسود القهر في محيطها‪ ،‬يصبح االتصال أو التفاعل بين األفراد تجربة مؤملة ومريرة مما‬
‫يؤدي الى فك روابط الجماعة‪.‬‬
‫التنافس داخل الجماعة‪ :‬مع إن التنافس بين الجماعات يؤدي إلى التقارب بينهما‪ ،‬لكن‬
‫يسبب التنافس داخل الجماعة الواحدة الصراع والتناحر وظهور عوامل الشقاق‪ ،‬وينبغي‬
‫على املديرين تجنب بعض املمارسات مثل محابات بعض االعضاء‪ ،‬والحصول على‬
‫مكافئات ال تقدم على أساس االداء‪ ،‬حيث ان ذلك يؤدي الى وجود التنافس بين أفراد‬
‫الجماعة‪.‬‬
‫السيطرة ‪ :‬حينما يسيطر واحد او اكثر على الجماعة يتجهون نحو عدم التفاعل مع‬
‫االعضاء االخرين‪ ،‬ملا لهم من سمات شخصية معينة‪ ،‬فال يظهر اي تماسك للجماعة وقد‬
‫يؤدي هذا االتجاه إلى تكوين(شلل) صغير داخل الجماعة او الى وجود انعزاليين أو‬
‫انشقاقيين‪ (.‬أندروا و مارك ‪،1991 ،‬ص‪.)223‬‬
‫عدم انتظام االتصال‪ :‬طاملا كان املوظفون متفاعلين فيما بينهم بانتظام عند أي‬
‫مستوى في الشركة‪ ،‬فإنهم سوف يطورون في العادة طرقا للقيام بأعمالهم‪ .‬وباستثناء‬

‫مجلة الراصد لدراسات العلوم االجتماعية‪ :‬املجلد ‪2021 ،)1( 1‬‬


‫‪42‬‬
‫تماسك جماعات العمل كضرورة حتمية لفعاليتها‬

‫النزاعات الشخصية التي تحدث بين الحين واآلخر فإن أفراد الشركة يتعلمون تبني الصيغ‬
‫الروتينية املريحة لألخذ والعطاء‪ ،‬ولتبادل األفكار واملساعدة أثناء عملهم معا‪.‬‬
‫التناسق بين األعمال الفرعية واألهداف الروتينية‪ :‬عندما يعبر العمل الحواجز بين‬
‫االدارات‪ ،‬فإن االختالفات الحتمية في القيم سوف تأثر على ما تم انجازه وكيفية ووقت‬
‫انجازه‪ .‬إن الخالفات التقليدية بين أفراد التصنيع خالفات عديدة‪ .‬فمهندسو التطوير‬
‫يعون املشروع الجديد باملفاهيم املتوافقة مع معاييرهم املهنية التي من املحتمل ان تشتمل‬
‫على إنجازات فنية هامة وأمور فنية معقدة جديرة بابتكار منتج رئيس‪ .‬ولكن من الناحية‬
‫األخرى نجد أن مديري التصنيع حساسون اتجاه ترجمة املفاهيم املعقدة إلى إنتاج‬
‫منخفض التكاليف وروتيني ويمكن التحكم في جودته‪ .‬ومن الطبيعي أن تكون هناك بعض‬
‫االهتمامات أو انقطاع االتصال‪ ،‬إذ إن كل إدارة تشك في استعداد اإلدارة األخرى في‬
‫التعاون‪( .‬نورمان‪ ،1996 ،‬ص‪.)34‬‬
‫اآلثارالسلبية للتماسك الشديد‪:‬‬
‫حذر عدد من الباحثين والكتاب من املغاالة واالفراط في درجة تماسك الجماعة‬
‫ونوهو الى بعض اآلثار السلبية التي يمكن ان تنشا نتيجة التماسك العالي جدا في الجماعة‪،‬‬
‫ومن بين أهم النتائج السلبية‪:‬‬
‫التفكير الجماعي‪ :‬الجماعة املتماسكة جدا تشدد على االمتثال وااللتزام باملعايير‬
‫والقرارات االجتماعية نتيجة للضغط املتزايد على الفرد‪ ،‬يتولد لدى الفرد الخضوع الزائد‬
‫ويتدنى الى حد كبير التفكير املستقل وروح االبداع لديه‪ ،‬وال تسعى الجماعة لتقييم حقيقي‬
‫للبدائل املتاحة‪ .‬ويرى كريتنر ‪ Kreitner‬وكينتيش ي ‪ Kinichi‬بأن نمط التفكير الجماعي يؤدي‬
‫الى غيوب في عملية صنع القرارات وأهمها ‪:‬‬
‫• بدائل قليلة‪.‬‬
‫• عدم اعادة النظر في البدائل املفضلة‪.‬‬
‫• عدم النظر في البدائل املرفوضة‪.‬‬
‫• رفض اراء ذوي الخبرة‪.‬‬
‫• انتقاء متحيز للمعلومات‪.‬‬
‫تصاعد االلتزام‪ :‬وهذه النتيجة ترتبط بالتفكير الجماعي‪ ،‬حيث من املحتمل جدا ان‬
‫يستمر افراد الجماعة في تطبيق اجراء ما على الرغم من ان الدالئل تشير الى امكانية فشله‪.‬‬

‫مجلة الراصد لدراسات العلوم االجتماعية‪ :‬املجلد ‪2021 )1(1‬‬


‫‪43‬‬
‫براخلية عبد الغني‬ ‫سماتي حاتم‬

‫العالقة مع الجماعات األخرى‪ :‬إن النتائج السلبية التي تترتب على التماسك الشديد في‬
‫الجماعة ال تقتصر على افراد الجماعة وعلى عملية صنع القرارات بل تمتد للمنظمة‬
‫بكاملها فالجماعات املتماسكة جدا تميل نحو عدم التعاون وعدم التنسيق مع الجماعات‬
‫االخرى‪ ،‬وتطوير معايير وقواعد انعزالية عن الجماعات االخرى‪ ،‬وتركيز اهتمامها على‬
‫قضايا الجماعة دون االخذ في االعتبار الجماعات االخرى في املنظمة‪ ،‬وهو كله يؤثر سلبا‬
‫على مستوى االداء العام للمنظمة(حريم‪ ،2004،‬ص‪)169‬‬
‫املشكالت التي تواجه الجماعة‪:‬‬
‫تتعدد املشكالت التي تواجه الجماعات وأعضائها وسنتطرق لبعضها فيما يلي‪:‬‬
‫مشكالت االنحراف‪ :‬تضع الجماعات قدر من املعايير للتوحيد بين سلوك أعضائها‬
‫ولكن نجد أن هناك بعض األعضاء ينحرفون عن تلك املعايير التي تضعها الجماعة وهذا‬
‫يؤدي إلى ظهور املشكالت في الجماعة‪ ،‬كما أن هناك بعض األعضاء يحاولون أن يستخدموا‬
‫الجماعة لحل مشاكلهم الخاصة من خالل عضويتهم في الجماعة‪ ،‬وهذا قد يؤدي إلى شيوع‬
‫املسؤولية بين األعضاء هذا قد يؤدي بدوره إلى وجود مشكالت داخل الجماعة‬
‫(عطية‪ ،2004،‬ص‪.)237‬‬
‫والشخص الذي ال يتحمل املسؤولية ويماطل وال يؤدي العمل الذي يطلب منه‬
‫والشخص الذي يتدخل فيما ال يعنيه والشخص األناني الذي ال يتعاون مع باقي أفراد‬
‫الجماعة وكل املرغوب فيه نحو تحقيق أهدافها املرجوة‪ ،‬والواجب أننا نعمل على مساعدة‬
‫هؤالء األشخاص ليتكيفوا مع الجماعة ويصبحوا أعضاء صالحين فيها‪.‬‬
‫املشكالت الوظيفية‪ :‬املقصود باملشكالت الوظيفية هنا املشكالت التي تتعلق بقيام‬
‫الجماعة بوظائفها كجماعة تعمل على تحقيق أهدافها ويمكن تلخيص املشكالت الوظيفية‬
‫للجماعة في اآلتي‪:‬‬
‫• عدم فهم أهداف وأغراض الجماعة‪.‬‬
‫• وجود العشيرات (الشلة) في الجماعة‪.‬‬
‫• وجود املنازعات في الجماعة‪.‬‬
‫• مشكالت التنظيم والروتين‪(.‬جابر ‪ ،2007،‬ص‪150‬ص‪)151‬‬
‫• القيادة املتسلطة‪.‬‬
‫• عدم توفر الوقت الكافي التخاذ القرارات الالزمة‪.‬‬

‫مجلة الراصد لدراسات العلوم االجتماعية‪ :‬املجلد ‪2021 ،)1( 1‬‬


‫‪44‬‬
‫تماسك جماعات العمل كضرورة حتمية لفعاليتها‬

‫املشكالت التي تقوم بين الجماعات‪ :‬أن تنافس الجماعات لتحقيق األغراض‬
‫الشخصية واالجتماعية كثيرا ما يكون سببا في خلق املشكالت التي تعمل على تفككها وذلك‬
‫للمنافسة التي غالبا ما تتحول إلى صراع بينها‪ ،‬ألن كل جماعة تحاول أن تفوز وتسبق‬
‫األخرى (عطية‪ ،2004،‬ص‪.)239‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫توجد العديد من العوامل والخصائص التي تساعد على زيادة تماسك جماعة العمل‬
‫في أي مؤسسة وأخرى تؤدي إلى انخفاض تماسك الجماعة لهذا فأننا نوص ي باالهتمام‬
‫بالعوامل التي تساعد على زيادة تماسك الجماعة مثل‪:‬‬
‫• املشاركة في اتخاذ القرارات‪.‬‬
‫• زيادة التفاعل بين القادة واملرؤوسين‪.‬‬
‫• مشاركة املوظفين في مناسباتهم الشخصية ملا له من ايجابيات من الناحية‬
‫النفسية‪.‬‬
‫• تقبل القادة ملقترحات املرؤوسين وتفهمهم ملشاعر و احتياجات و رغبات العمال‪.‬‬
‫• عدالة نظام الحوافز وتشجيع العاملين على بذل املزيد من الجهد لزيادة تماسك‬
‫الجماعة‪.‬‬
‫• حرص القادة على تنمية الرقابة الذاتية و تشجيع العاملين و الثناء على مجهوداتهم‪.‬‬
‫قائمة املراجع‪:‬‬
‫أحمد‪ ،‬سهير كامل‪ .)2001( ،‬علم النفس االجتماعي بين النظرية والتطبيق‪ ،‬مصر‪ ،‬مركز‬
‫اإلسكندرية للكتاب‪.‬‬
‫أندروا ‪ ،‬سيزالقي و مارك جي واالس‪ .)1991( ،‬السلوك التنظيمي و األداء‪ .‬ترجمة جعفر أبو‬
‫القاسم أحمد‪ ،‬السعودية‪ ،‬االدارة العامة للبحوث‪.‬‬
‫جابر‪ ،‬عوض سيد حسن (‪ .)2007‬العمل مع الجماعات أسس و نماذج نظرية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫املكتب الجامعي الحديث‪.‬‬
‫حريم‪ ،‬حسين (‪ .)2004‬السلوك التنظيمي ‪ -‬سلوك األفراد و الجماعات في منظمات‬
‫األعمال‪ ،‬األردن‪ ،‬دار ومكتبة الحامد‪.‬‬
‫عساف‪ ،‬عبد املعطي محمد (‪ .)1999‬السلوك اإلداري التنظيمي في املنظمات املعاصرة‪،‬‬
‫األردن‪ ،‬دار زهران‪.‬‬

‫مجلة الراصد لدراسات العلوم االجتماعية‪ :‬املجلد ‪2021 )1(1‬‬


‫‪45‬‬
‫براخلية عبد الغني‬ ‫سماتي حاتم‬

‫عطية‪ ،‬السيد عبد الحميد (‪ .)2004‬نظريات و نماذج تطبيقية في طريقة العمل مع‬
‫الجماعات‪ ،‬مصر‪ ،‬دار املعرفة الجامعية‪.‬‬
‫فلية‪ ،‬فاروق عبده و محمد‪ ،‬عبد املجيد (‪ .)2005‬السلوك التنظيمي في إدارة املؤسسات‬
‫التعليمية‪،‬ط‪ 1‬دار املسيرة للنشر و التوزيع‪.‬‬
‫لوكيا‪ ،‬الهاشمي (‪ .)2006‬السلوك التنظيمي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬عين مليلة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دار الهدى‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫ماهر‪ ،‬أحمد (‪ .)2004‬اإلدارة املبادئ واملهارات‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬الدار الجامعية‪.‬‬
‫املغربي‪ ،‬محمد محمود (‪ .)2016‬السلوك التنظيمي‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬دار الجنان للنشر‬
‫والتوزيع‪.‬‬
‫املغربي‪ ،‬محمد محمود (‪ .)2016‬السلوك التنظيمي‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬دار الجنان للنشر‬
‫والتوزيع‪.‬‬
‫نورمان‪ ،‬س ي هيل (‪ .)1996‬فن التعامل مع الزمالء‪ ،‬ترجمة ابراهيم بن حمد القعيد‪،‬‬
‫السعودية‪ ،‬دار املعرفة للتنمية البشرية‪.‬‬
‫‪Champoux, Joseph E. (2011). Organizational Behavior: Integrating Individuals,‬‬
‫& ‪Groups, And Organizations, 4th ed, New York, Routledge (Taylor‬‬
‫‪Francis Group).‬‬
‫‪Delamater, John & Myers, Daniel (2011). Social psychology, 7th ed, USA,‬‬
‫‪Wadsworth, Cengage Learning.‬‬
‫‪Gençer, Hüseyin (2019), Group Dynamics and Behaviour, Universal Journal of‬‬
‫‪Educational Research 7(1), pp223-229.‬‬
‫‪Greenberg et all (2015). Social Psychology The Science of Everyday Life, United‬‬
‫‪States of America, Worth Publishers.‬‬

‫مجلة الراصد لدراسات العلوم االجتماعية‪ :‬املجلد ‪2021 ،)1( 1‬‬


‫‪46‬‬

You might also like