You are on page 1of 68

‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفصل الثاني‪ :‬دينامية الجماعــة‬

‫تمهيـــــد‪:‬‬

‫المبحــــث األول ‪:‬الجماعــــــة من منظـــــــور نفســــــــــــي اجتماعـــــــــي‬

‫‪ - 1‬مفهوم الجماعــــة ‪.‬‬

‫‪ – 2‬أنــــــواع الجماعـــــــة‪.‬‬

‫‪ - 3‬الروابط الداخلية للجماعـــــــة‪.‬‬

‫‪ – 4‬مراحــــــــل تطـــــور الجماعــــــة‪.‬‬

‫‪ - 5‬مشكــــالت الجماعـــــــة‪.‬‬

‫‪ - 6‬العمليات االجتماعية داخل الجماعــــة‪.‬‬

‫‪ - 7‬نظريات تكويــــن الجماعـــات‪.‬‬

‫‪ - 8‬األدوار الرئيسية ألعضاء الجماعـة‪.‬‬

‫المبحـــــث الثانــــــي ‪ :‬ديناميــــــــــة الجماعـــــــــــة التربـــــــويــــــة‬

‫‪ – 1‬مفهـــــوم دينامية الجماعـــــــــــة‪.‬‬

‫‪ - 2‬خصائص دينامية الجماعــــــة‪.‬‬

‫‪ - 3‬مستويات دينامية الجماعة‪.‬‬

‫‪ - 4‬مقاربات دراسة دينامية الجماعة‪.‬‬

‫‪ - 5‬العوامل المؤثرة في حدوث دينامية الجماعة‪.‬‬

‫‪ - 6‬دينامية الجماعة في المجال التربوي‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫يتناول الفصل الثالث مجاال يحظى باهتمام كبير من الباحثين في علم النفس‬
‫االجتماعي ‪ ،‬وهو مجال دينامية الجماعة ‪ ،‬الذي يعنى أساسا بالدراسة النفسية لسلوك‬
‫الجماعات ‪ ،‬و ترجع أهمية هذا المجال إلى أن معظم صور السلوك اإلنساني تتم في سياق‬
‫التفاعل االجتماعي داخل الجماع ات والتي لها دور بارز في إشباع حاجات نفسية متنوعة‬
‫لدى األفراد ‪ ،‬و ال يمكن فهم دينامية الجماعة بدون فهم الجماعة لكونها اإلطار الحيوي‬
‫الذي تحدث فيه مفاعيل الدينامية ‪ ،‬و من هذا المنطلق يمكننا في هذا الفصل رسم الخطوط‬
‫العريضة التي تتمحور حول الجماعة و أنواعها و نظرياتها و الروابط التي تكون بين‬
‫أعضائها و لمراحل تطورها و كذلك المشكالت التي تتعرض لها الجماعة ‪ ،‬كما يهتم‬
‫المبحث الثاني بدينامية الجماعة باعتبارها المتغير األساسي لهذه الدراسة بغرض الوصول‬
‫إلى فهم صحيح و بشيء من التفصيل ‪ ،‬حيث تتباين تعريفات دينامية الجماعة بتباين‬
‫االتجاهات النظرية في مجال علم النفس االجتماعي و تتنوع بتنوع مناهج البحث الموظفة‬
‫في دراستها ‪ ،‬و لهذا تناول المبحث الثاني العوامل المحدثة لدينامية الجماعة و لألوضاع‬
‫التي تهيمن عليها و إلى الخصائص التي تميزها عن التفاعل االجتماعي الحاصل داخل‬
‫ال جماعة ‪ ،‬و لكي يزداد هذا الفهم عمقا اتجه هذا المبحث إلى استعراض أهم المقاربات التي‬
‫تصدت لهذا المفهوم من زوايا مختلفة و إلي الدور الذي تلعبه هذه الدينامية في المجال‬
‫التربوي ‪ ،‬تلك هي أهم المحاور األساسية التي حاول الفصل الثالث أن يقف حولها بشيء‬
‫من التحليل و التفصيل ليشكل اإلطار النظري لموضوع دينامية الجماعة التربوية ‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -1‬مفهوم الجماعة ‪:‬‬

‫إن مفهوم الجماعة واسع واشكالي (‪ ، (Problématique‬تناوله عدد كبير من الباحثين‬


‫في علم النفس االجتماعي ‪ ،‬وذلك ألن الجماعة بالنسبة للموقف االجتماعي "كالشخصية‬
‫بالنسبة لسلوك الفرد‪ ،‬فبينما تشير كلمة الشخصية إلى نموذج كلي لمجموع األنماط السلوكية‬
‫التي تصدر عن الفرد‪ ،‬تشير الجماعة إلى نموذج كلي ألشكال التفاعل في مواقف اجتماعية‬
‫معينة (يونس‪،1993،‬ص‪ ، )212‬يتضمنها نشاط الجماعة‪ .‬ومعنى ذلك أن كلمة جماعة‬
‫ال تعني مجرد تجمع لألفراد أو تقاربهم المكاني بل تعني إطا ار عاما يمثل عالقات وتفاعال‬
‫ديناميا لعدد من األفراد ‪.‬‬

‫ودراسة الجماعة هي دراسة المواقف االجتماعية المختلفة داخل إطار معين من القيم‬
‫واالتجاهات واألعمال المشتركة‪ ،‬ذلك ألن الموقف االجتماعي هو اإلطار العملي للسلوك‬
‫االجتماعي‪ ،‬فالفرد في أي موقف اجتماعي (‪ ، (Social situation‬إنما يطبق نوعا أو آخر‬
‫من المعاني أو المعايير أو االتجاهات التي تعلمها فتمثلها من اإلطار الثقافي الذي هو جزء‬
‫منه أو من بيئة االجتماعية والثقافية القريبة منه مباشرة‪ ،‬بمعنى إن دراسة الجماعة أو سلوك‬
‫الجماعة ليس إال دراسة نوع التفاعل والعالقات القائمة في المواقف االجتماعية المتنوعة‬
‫(يونس‪ ،1993 ،‬ص‪. )229‬‬

‫‪ - 1.1‬تعريف الجماعة لغة ‪:‬‬

‫حسب لسان العرب نجد أن كلمة جماعة من الجذر "جمع"‪َ ،‬ج َم َع الشيء عن تفرقه‬
‫وجمعه وأجمعه فاجتمع‪ ،‬وكذلك تجمع واستجمع والمجموع‪ ،‬ونقول جمعت‬
‫ّ‬ ‫يجمعه جمعا‪،‬‬
‫وتجمع القوم أي اجتمعوا‪ ،‬والجمع اسم لجماعة الناس‬
‫ّ‬ ‫الشيء إذا جئت به من هنا وهناك‪،‬‬
‫والجمع مصدر قولك جمعت الشيء ونقول المجتمعون والجماعة والجميع والمجمع والمجمعة‬
‫جماعة الشجر وجماعة النبات (ابن‬ ‫وقد استعمل ذلك في غير الناس حتى قالوا‬
‫منظور‪ ،2222،‬ص‪.) 452‬‬

‫‪142‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫إن كلمة جماعة (‪ (Groupe‬يأتي لغويا من اللغة األلمانية بكلمة (‪ ، (krop‬والتي تعني‬
‫رابطة أو عنصر والتي تولدت عنها كلمة (‪ (Gruppo‬باللغة االيطالية ذات المعنى القريب‬
‫من المعنى السابق ‪ ،‬باللغة االنجليزية (‪( " (Community‬مسلم‪ ،7002،‬ص‪ )13‬ومن‬
‫الواضح أننا نستعمل أحيانا في حياتنا العملية وبنفس الداللة ألفاظا مثل زمرة‪ ،‬عصبة‪ ،‬حشد‬
‫وتجمع وهي ترجمة أيضا أللفاظ (‪، (Foule ( )Crowd( ، (Bande( ، (Clique‬‬
‫(‪ ، (Rassemblement‬وكل هذه األلفاظ تدل على مجموعة من األشخاص أو اجتماع عدد‬
‫من الناس أو عدد من األشخاص المجتمعين‪ ،‬غير أن المعنى السيكولوجي أو السيولولوجي‬
‫لهذه األلفاظ يمكن أن يحمل اختالفا بين لفظة وأخرى ‪ ،‬إال أننا نرى في لفظة "جماعة" قاسما‬
‫مشتركا بين هذه األلفاظ التي تطلق على أنواعا من الجماعات‪" .‬فلفظة "زمرة" مثال تحمل‬
‫معنى الجماعة و إنما عددها ليس بكبير‪.‬‬

‫فال يمكن أن يقال على طالب الجامعة أنهم يشكلون زمرة ‪ ،‬أما لفظة "عصبة" فهي‬
‫تحمل معنى الجماعة إال أنها إلى جانب معناها االيجابي كرباط‪ ،‬فهي تدل على معنى سلبي‬
‫يشمل على نوع من االنحراف إذ منها تشتق لفظة "عصابة" ‪ ،‬أما لفظة "جمهرة" فتحمل‬
‫أيضا معنى جماعة إنما تشمل على معنى التجمع اآلني حول هذه طارئ‪ .‬أما بالنسبة للفظة‬
‫"حشد" فهي تحمل معنى الجماعة أيضا إال أن أعضاء هذه الجماعة يمكن أن يكونوا‬
‫مختلفين التوجهات واألهداف‪ ،‬كما أنها ال تحمل صفة الديمومة ‪ ،‬إذ تزول بزوال السبب‬
‫فيقال حشد من الجماهير أو المتظاهرين (عبد النور‪ ،1983 ،‬ص ‪.)962-684‬‬

‫‪ - 2.1‬التعريف االصطالحي للجماعة‪:‬‬

‫الشك أنه يوجد تداخل بين التعريفات الخاصة بالجماعة والتي تمثل وجهات نظر‬
‫مختلفة‪ ،‬فالبعض يركز في تعريفه للجماعة على خصائصها دون أن يقدم تعريفا معينا لها‪،‬‬
‫ويقدم البعض اآلخر تعريفات تؤكد على خاصية واحدة أو مجموعة من خصائص الجماعة‪،‬‬
‫ولقد تنوعت التعريفات التي تناولت الجماعة‪ ،‬فهناك من أشار إلى أن الجماعة هي رابطة‬

‫‪143‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وعالقة بين أشخاص ‪ ،‬وهناك من اعتبر الجماعة تأثير متبادل نشط وهناك من صورها‬
‫كتفاعل اجتماعي متبادل بين مجموعة من األشخاص‪ ،‬وهناك من عرفها بأنها وحدة‬
‫اجتماعية تتحدد فيها أدوار األفراد ومكانتهم ‪ ،‬وهناك من اعتبرها نسق تنظيمي أو مجموعة‬
‫أفراد يشتركون في معايير وخصائص متماثلة‪.‬‬

‫‪ 1.2.1‬الجماعة تأثير ‪:‬‬

‫عرف "فدلر" ( ‪ )1967( (Fiedler‬الجماعة بأنها "مجموعة األفراد يشتركون في‬


‫لقد ّ‬
‫مصير مشترك ويتأثرون ببعضهم البعض ‪ ،‬بمعنى أن أي حادثة تؤثر على أي عضو من‬
‫المحتمل أن تؤثر على الجميع" (أبو النيل‪ ،3891 ،‬ص‪ ،)741‬أو يمكن تعريف الجماعة‬
‫بكلمة مختصرة كما جاءت في معجم علم النفس"هي مجموعة إنسانية منظمة يكون التأثير‬
‫بين عناصرها متبادال (‪،1967،" Sillamy‬ص‪ ، )312‬ويدعم هذا كذلك "كيرت لوين"‬
‫بقوله "أن تصور الجماعة ككل دينامي البد أن‬ ‫(‪)3880-3842‬‬ ‫(‪(Kurt Lewin‬‬
‫يتضمنه تعريفا للجماعة يعتمد على التأثير المتبادل ‪ ،‬ويبرر ذلك كون معظم التعريفات‬
‫ركزت على التشابه بين أعضاء الجماعة أكثر من استخدامها للتأثير المتبادل الدينامي‬
‫للجماعة كعامل أساسي في الجماعة (السيد‪ ،2222،‬ص‪.)43‬‬

‫ومن خالل هذه التعريفات ترى الباحثة أن مجرد تجمع لألفراد ال يجعل منهم جماعة ‪،‬‬
‫إال إذا كان هناك تأثير متبادال بين أفرادها ويالحظ كذلك أن هذه التعريفات لم تتضمن‬
‫الخصائص األساسية للجماعة والتي تعد اإلطار العام الذي يمثل العالقات والتفاعالت‬
‫الدينامية بين أفرادها ‪ ،‬حيث تتنوع الجماعات تبعا لتنوع أشكال هذه التفاعالت التي تميز كل‬
‫جماعة عن األخرى لذا نجد أن "التجمع" يختلف عن "الجماعة" لعدم وجود تفاعل بين‬
‫أعضاءه‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ - 2.2.1‬الجماعة تفاعل ‪:‬‬

‫يقصد بالتفاعل التأثير المتبادل بين طرفين أو أكثر ويشير " التفاعل االجتماعي بوجه‬
‫خاص شكل من أشكال التأثير المتبادل وأحد صوره عندما يمثل كل فرد من الجماعة تنيبها‬
‫لسلوك اآلخر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة "(السيد‪ ،)69 ،2222 ،‬ولذلك اعتبر‬
‫"ستوجدل" ( ‪ )1959( ) Stogdill‬أن الجماعة نسق متفاعل ‪ ،‬حيث تحدد األفعال بناء‬
‫النسق وتنتج التفاعالت المتتالية تأثيرات متساوية" (عبد اللطيف‪ ،2225 ،‬ص‪. )37‬‬

‫ويعرف "شو" (‪ )3893‬الجماعة بأنها "شخصين أو أكثر يتفاعلون مع بعضهم البعض‬


‫بالطريقة التي تجعل كل شخص يؤثر في اآلخرين و يتأثر بهم" (بركات‪ ،2228،‬ص‪،)18‬‬
‫كما ميز "بونر" (‪ )3818‬بين الجماعة والتجمع (‪ (Aggregate‬بحالة التفاعل التي تكون‬
‫بين أف ارد الجماعة التي تغيب في التجمع ‪ ،‬وأكد هذا التصور "هار" (‪)1976( (Hare‬‬
‫عندما اعتبر " أنه ال تكون مجموعة األفراد جماعة إال ن وجد نوعا من التفاعل بين‬
‫أعضاءها‪.‬‬

‫ولقد نظر "بايلز" للجماعة كونها عدد من األفراد يتفاعل بعضهم مع البعض األخر وجها‬
‫لوجه مرة واحدة أو عدد المرات ويدرك كل منهم بصورة متميزة"‪( .‬ضياء‪ ،2222 ،‬ص‪،)11‬‬
‫ومن خالل هذا التعريف يعتبر "بايلز" أنه ال تعتبر جماعة كل مجموعة من األفراد يتواجدون‬
‫في نفس المواقف ولم يحدث بينهم تفاعل بدرجة تمكن كل منهم أن يدرك اآلخرين بصورة‬
‫متميزة ‪ ،‬و ينحو "هير" (‪ )Heir‬نفس منحى "بايلز" إذ يعرف الجماعة بأنها مجموعة من‬
‫األفراد الذين يتفاعلون اجتماعيا وجها لوجه في مقابلة واحدة أو عدة مقابالت متعددة حيث‬
‫يؤثر كل عضو في األفراد اآلخرين ويتأثر بهم ‪ ،‬و يمتد عدد الجماعة من اثنين حتى يصل‬
‫إلى ما يقارب عشرين فردا" (ضياء‪ ،2222،‬ص‪. )13‬‬

‫ويالحظ من خالل تعريف "هير" أنه يركز على التفاعالت االجتماعية المباشرة بين‬
‫األعضاء وعلى تفاعلهم وجها لوجه‪ ،‬وعلى حجم الجماعة وتأثيرها في األعضاء‪ .‬أما‬

‫‪145‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫"كروسبي (‪ )Crosbie‬فيعرف الجماعة بأنها عدد من األفراد الذين يلتقون في تفاعل يتسم‬
‫بالمواجهة المباشرة ‪ ،‬و لديهم غرض مشترك ويشاركون في مجموعة مستويات تحكم‬
‫أنشطتهم ( إبراهيم‪ ،1985،‬ص‪.)68‬‬

‫كما يتخذ "لوين" التفاعل بين أفراد الجماعة أساسا للجماعة ‪ ،‬وهو يرى كذلك أن التشابه‬
‫بين األعضاء قد يكون أساسا صالحا إن كان المقصود هو تشابه االتجاهات أو األهداف‬
‫المرتبطة بالتفاعل بين األفراد المشتركين (بركات‪ ،2228 ،‬ص‪ ،)17‬وبالتالي فإن ما يحدد‬
‫سلوك الفرد داخل الجماعة هو جملة العناصر النفسية واالجتماعية المكونة للمحيط وهو ما‬
‫يسميه "كورت لوين" "بالحقل التواصلي" ويقدم "فوريست" (‪ )3891‬تعريف آخر و هو أن‬
‫"مجموعة من األفراد يؤثرون في بعضهم البعض من خالل التفاعل‬ ‫الجماعة هي‬
‫االجتماعي(بركات‪ ،2228،‬ص‪. ) 18‬‬

‫‪ - 3.2.1‬الجماعة عالقة ‪:‬‬

‫اعتبر "بورديو" (‪ " (Bourdieu‬أن الجماعة تتحدد بمجموع العالقات المؤقتة أو المستمرة‬
‫والعاطفية أو المنظمة والمشروعة بين أعضائها‪ ،‬أو مجموع العالقات التي تدعى تفاعالت‬
‫باعتبارها عالقات عميقة" (أديوان‪،2221،‬ص‪ ،)15‬فالجماعة حسب "بورديو" ليست مجرد‬
‫تجمع بشري يكونه عدد من األفراد الذين قد تجمعهم رابطة أو روابط مصلحية مادية فقط ‪،‬‬
‫وانما هم مجموعة من األفراد الذين تجمعهم روابط ذات أساس عاطفي تقوم عليها عالقات‬
‫نفسية بينهم و"يعرف عالم االجتماع األمريكي" ألبين سمايل" (‪" (Albin Small‬الجماعة‬
‫على أنها عبارة عن " عدد من األفراد تقوم بينهم عالقات معينة تحتم عليهم التفكير في‬
‫بعضهم البعض" (ضياء‪ ،2222،‬ص‪ ،)13‬كما عرف "كارترايت وزاندر" (‪ )3899‬الجماعة‬
‫بوصفها " مجموعة من األفراد توجد بينهم عالقات تجعلهم يعتمدون على بعضهم البعض إلى‬
‫درجة جوهرية"( بركات‪ ،2222 ،‬ص‪.)18‬‬

‫‪146‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ولقد قامت "مارجريت هارفورد (‪" (Margret Harford‬بوصف هذه العالقات في‬
‫تصورها للجماعة مفاده " أن الجماعة فردين أو أكثر التقوا حول اهتمامات متشابهة في‬
‫عالقات إدراكية متبادلة ومؤثرة أو عالقات مواجهة ‪ ،‬تكفي لتكوين انطباعات لكل منهم نحو‬
‫اآلخر" (ضياء‪،2222،‬ص‪ ،)15‬ويعرف "كرتش" الجماعة بأنها" شخصان فأكثر توجد بينهم‬
‫عالقة سيكولوجية صريحة (محمد مصطفى‪،1986 ،‬ص‪ ،)22‬ويؤكد (‪)1977( (Shaver‬‬
‫ما أشار إليه "كرتش" حول تعريف الجماعة بأن " الجماعة االجتماعية عبارة عن جمع له‬
‫مضمون سيكولوجي والذي يعتمد على وعي األفراد وعالقتهم في ما بينهم‪ ،‬ويعطي (‬
‫‪(R.Mucchielli‬تعريف آخر للجماعة "بأن مجموعة من األفراد‪ ،‬ال يكونون جماعة إال حين‬
‫تنسج بينهم عالقات أثناء وجودهم في وضعية وجه لوجه "(مسلم‪ ،2227،‬ص‪ ، )31‬ويرى‬
‫"بليز" (‪ )1950( (Bales‬أن الجماعة عبارة عن أي عدد من األشخاص المرتبطين بعالقة‬
‫متفاعلة مع بعضهم البعض وهم يتقابلون وجه لوجه (أبو النيل‪ ،1985 ،‬ص‪.) 244‬‬

‫‪ - 4.2.1‬الجماعة هدف‪:‬‬

‫يذكر "دوتش" (‪ (Deutsch‬أن وجود حقائق موضوعية مشتركة كالمكان الجغرافي مثل‬
‫مكان العمل أو الدراسة‪ ،‬أو التماثل في اللون أو السن أو الطبقة االجتماعية‪ ،‬ال يكفي لكي‬
‫نطلق على عدد من الناس اسم جماعة ‪ ،‬بل إن وجود الجماعة االجتماعية يتوقف على‬
‫وجود أهداف إنسانية مشتركة يتبعها األفراد المكونين للجماعة (فؤاد‪ ،1984 ،‬ص‪،)63‬‬
‫ويهتم كذلك "كاتل" بأهداف الجماعة أكثر من اهتمامه بالتفاعل الداخلي بين األفراد ‪ ،‬حيث‬
‫عرف الجماعة " بأنها مجموعة من الكائنات يستخدم تواجد الكل فيها في إشباع بعض‬
‫حاجات كل منهم (لويس‪،1989،‬ص‪ ،)113‬ولعل هذا التعريف أوسع التعريفات مدى ‪ ،‬إذ‬
‫أنه يشمل كل أنواع الجماعات األولية والثانوية ‪ " ،‬ولقد أشار "فرمان" في فترة مبكرة ترجع‬
‫إلى سنة (‪ ،)3817‬إلى أن األفراد ينضمون إلى الجماعات من أجل تحقيق أهداف مشتركة‬
‫عرف ميلز (‪ )1967( (Mills‬الجماعة بأنها عبارة عن وحدات مكونة من‬
‫‪ ،‬وفي هذا السياق ّ‬
‫شخصين أو أكثر والذين يتصلون ببعضهم من أجل غرض أو هدف معين" (عبد اللطيف‪،‬‬

‫‪147‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ ،2225‬ص‪ ،)35‬ونجد كذلك مظفر شريف" يعرف الجماعة بكونها مجموعة من األفراد‬
‫مدفوعين إلى تحقيق هدف مشترك عن طريق أنشطة متفاعلة ومترابطة ومن خالل هذه‬
‫األنشطة تتكون هرمية المواقع والحقوق واألدوار وااللتزام تجاه اآلخرين (محمد آيت‪،‬‬
‫‪ ،2225‬ص‪ ، )29‬ويرى "مصطفى الخشاب" أن الجماعة هي عدد من األفراد يمتازون‬
‫بطابع خاص ويرتبطون بروابط مميزة ويسعون إلى هدف مشترك ويكونون على صلة دائمة"‬
‫(محمد‪ ،2226 ،‬ص‪. )155‬‬

‫‪ - 5.2.1‬الجماعة معايير مشتركة ‪:‬‬

‫حدد كل من (‪ (Harari‬و (‪ (Me David‬سنة (‪ )3899‬تعريفا للجماعة بأنها "عبارة‬


‫عن أفراد مترابطين معا لهم مجموعة من األدوار ومجموعة من المعايير و القيم التي تنظم‬
‫وظيفة تواجدهم مع بعضهم البعض" (السيد‪ ،2222 ،‬ص‪ ، )53‬أما "بروشانسي" و "سيد‬
‫بنرج" فيعرف الجماعة تعريفا أكثر تفصيال وذلك باعتباره "فردين أو أكثر ويمكن وصفهما‬
‫معا بالخصائص التالية‪ :‬المشاركة في مجموعة من المعايير والمعتقدات والقيم وقيام عالقات‬
‫معروفة من طرف كل منهم بالنسبة لآلخر ويكون لها عواقبها نتيجة تفاعل األفراد الذين‬
‫يتشابهون في دوافعهم"‪(.‬بركات‪ ،2228،‬ص‪ ،)1718‬ولقد عرف "نيوكمب ( "‬
‫‪ (Newcomb‬الجماعة بصورة أكثر وضوحا مبر از دور المعايير المشتركة في تكوينها من‬
‫خالل اعتبار " أن الجماعة شخصان أو أكثر يشتركون في المعايير المتصلة بموضوعات‬
‫معينة وتتشابك أدوارهم االجتماعية تشابكا وثيقا" (بركات‪،2228،‬ص‪ ،)17‬ومعنى هذا أن‬
‫مجرد عدد من األفراد وجدوا في مكان واحد بسبب عارض ال يشكلون جماعة‪ ،‬إال إذا تفاعلوا‬
‫وفق معايير مشتركة من القيم لينتجوا معايير جديدة نتاجا لهذا التفاعل ‪ ،‬تضع لكل فرد من‬
‫أعضائها دور يؤديه في الجماعة مع تداخل هذه األدوار بعضها مع بعض ‪ ،‬والسعي دوما‬
‫إلى تحقيق الهدف المشترك‪ ،‬أما "فرويد" (‪ (Freud‬فقد اعتبر أن القيم والمعايير المشتركة‬
‫بين أفراد الجماعة توجه سلوك كل فرد من أفراد الجماعة مع اآلخرين ‪ ،‬ومع البيئة المحيطة‬
‫به وبهم أيضا ‪ ،‬وأكد "فوريد" كذلك على أن للقيم وللمعايير المشتركة التي تهيمن على أفراد‬

‫‪148‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الجماعة وظيفتان‪ ،‬األولى هي اإلطار المرجعي الذي ينسب أفراد الجماعة سلوكهم إليه و‬
‫يحدد توقعات كل فرد منهم نحو اآلخر والثانية أنها تحدد مكانة الفرد داخل الجماعة ‪ ،‬وذلك‬
‫بمقدار وما يدافع عنها ويتمسك بها ويتخذها أسلوبا وموجها لحياته" (فؤاد‪ ،‬سعد ‪،1999‬‬
‫ص‪.)63-62‬‬

‫ومن خالل ما سبق نجد أن تعريفات الجماعة تناولت األدوار والمعايير المشتركة من قيم‬
‫ومعتقدات وتقاليد وأخالق كمحاكات للتعرف على بناءها وتكوينها بالرغم من وجود تصور‬
‫آخر يعتبر الجماعة وحدة (‪ (Unit‬أساسية في بناء المجتمع باإلضافة إلى أنها أصغر وحدة‬
‫مجتمعية تقوم بمختلف الوظائف والعمليات االجتماعية التي تسهم في الحفاظ على البناء‬
‫الكلي للمجتمع‬

‫‪ - 6.2.1‬الجماعة وحدة اجتماعية ‪:‬‬

‫من بين الذين ركزوا في تعريفهم للجماعة باعتبارها وحدة (‪ (Unit‬اجتماعية مكونة من‬
‫األدوار‪ ،‬المكانة‪ ،‬المعايير والعالقات نجد "ماك دافيد" و "هارادي" ( ‪(Mc David &Hardi‬‬
‫عرف الجماعة كاآلتي" الجماعة النفسية االجتماعية عبارة على وحدة‬
‫(‪ )1968‬حيث ّ‬
‫اجتماعية مكونة من فردين أو أكثر مترابطين معا‪ ،‬لكي تقوم هذه الوحدة االجتماعية ببعض‬
‫وظائفها" (أبو النيل‪ ،1985،‬ص‪ ،)242‬ويعرفها "خليل ميخائيل معوض" بأنها "وحدة‬
‫اجتماعية تتكون من ثالثة أشخاص فأكثر ‪ ،‬يتم بينهم تفاعل وعالقات اجتماعية وتأثير‬
‫اجتماعي ونشاط متبادل على أساسه تتحدد األدوار والمكانة االجتماعية ألفراد الجماعة وفق‬
‫معايير وقيم إشباعا لحاجات أفرادها ‪ ،‬وسعيا لتحقيق أهداف المجموعة ذاتها" (خليل‪،‬‬
‫‪ ،1982‬ص‪ ،)65‬كما عرف "حامد زهران" الجماعة على" أنها وحدة اجتماعية تتكون من‬
‫فردين أو أكثر بينهم تفاعل متبادل وعالقة صريحة لكل فرد دوره االجتماعي ومكانته فيها‬
‫ولهذه الوحدة االجتماعية مجموعة من المعايير والقيم الخاصة بها والتي تحدد سلوك أفرادها‬
‫لتحقيق هدف مشترك بصورة تشبع بعض حاجات كل منهم"(حامد‪،1988 ،‬ص‪ ،)125‬و‬

‫‪149‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫يرى "سميث (‪" (Smith‬أن الجماعة وحدة اجتماعية تتكون من مجموعة قليلة من األفراد‬
‫الذين يتصفون بادراك اجتماعي مشترك أو متشابه‪ ،‬وبأنهم يتخذون من البيئة المحيطة بهم‬
‫موقف موحدا" (فؤاد‪ ،‬سعد‪ ،1999 ،‬ص‪.)62‬‬

‫ونجد تعريف "دالماتير" (‪ )1974( (Delamater‬والذي يقول في تعريفه "أن التعريف‬


‫الشامل للجماعة يمكن أن يصاغ من مفاهيم تتضمن الخصائص اآلتية‪ :‬التفاعل بين األفراد‪،‬‬
‫إدراك األعضاء اآلخرين‪ ،‬النمو في اإلدراكات المشتركة وفي الروابط المؤثرة وفي األدوار‬
‫ذات التأثير المتبادل كما أكد تعريف "شيفر" (‪ )1977( (Shaver‬على النواحي السابقة ‪،‬‬
‫باعتبار الجماعة عبارة عن جمع له مضمونه السيكولوجي الخاص باألفراد‪ ،‬والذي يعتمد‬
‫على وعي الفرد بأعضاء الجماعات األخرى وعلى عضويته في الجماعة وعلى المعنى‬
‫االنفعالي للجماعة (أبو النيل‪ ،1985 ،‬ص ‪. )244-243‬‬

‫كما أوضح ذلك "مارفن شو" (‪ (M. Shaw‬والذي أشار أيضا أن أكثر الخصائص‬
‫أهمية في تعريف الجماعة هو التفاعل االجتماعي الذي يتسع ليشمل كل من اإلدراك‬
‫(عبد‬ ‫االجتماعي"‬ ‫والبناء‬ ‫المشتركة‬ ‫والمعايير‬ ‫المتبادل‬ ‫والتأثير‬ ‫واألهداف‬
‫اللطيف‪،2225،‬ص‪. )37‬‬

‫وفي هذا اإلطار نجد أن كل هذه التعريفات يمكن تصنيفها إلى ثالث فئات الفئة‬
‫األولى من التعاريف ركزت على الناحية الفردية باعتبار الجماعة تجمع من األفراد بينهم‬
‫اعتماد متبادل أو يتحدون لتحصل هدف مشترك‪ ،‬هذا يعني أن الجماعة تقوم كنتيجة‬
‫لحاجات األفراد أو دوافعهم أو أهدافهم "وقد سيطر هذا الفهم حتى منتصف السبعينات"(عبد‬
‫اللطيف‪ ،2225،‬ص‪ ، )32‬ويؤخذ على هذا التصور بعض جوانب القصور حيث أن كثير‬
‫من الجماعات يعد انتماء األفراد إليها سابق لوجودهم كأفراد وكثير من هذه الجماعات ال‬
‫تنتهي بمجرد تحقيق أهداف األفراد‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أما الفئة الثانية فركزت على الجانب البنائي وتشترط هذه التعاريف أن يكون هناك‬
‫م عايير وأدوار تحدد تفاعل أعضاء الجماعة فيما بينهم وتحديد األدوار الخاصة بكل فرد‪ ،‬أما‬
‫الفئة الثالثة ركزت على الجانب الذهني والعقلي حيث اعتمدت في تعريفها للجماعة على‬
‫إدراك األفراد لعضويتهم أو انتمائهم لجماعة معينة حيث تؤثر الجماعة على أفكار الفرد‬
‫وسلوكه‪ ،‬دون أن يكون هناك تفاعل مباشر بينه وبين أعضاء هذه الجماعة ‪ ،‬و يالحظ أن‬
‫هذه التصنيفات لتعريف الجماعة لم يعد يتضمن تصو ار كون الجماعة مجموعة أفراد‬
‫متشابهين ‪.‬‬

‫والشكل رقم (‪ )38‬يلخص تصنيف تعريفات الجماعة‬

‫المصد ر‪( :‬من إعداد الباحثة)‬

‫‪ -3.1‬الجماعة وبعض المفاهيم المجاورة ‪:‬‬

‫إن من أكبر الصعاب التي يواجها المحلل االجتماعي والنفسي والمشتغل بالبحث‬
‫العلمي في الوقت الحاضر أن المصطلحات والمفاهيم التي يستخدمها ليست محددة المعاني‪،‬‬
‫فهناك عدم إحكام ملحوظ في استخدامها حتى من جانب الهيئات الرسمية واألكاديمية (‬
‫ماكيفير‪ ،1968 ،‬ص‪ ،)45‬لذلك ارتئ الباحث أن يحدد المعنى الذي تدل عليه‬
‫المصطلحات المجاورة للجماعة حتى يمكننا أن نميز بين مفهوم الجماعة و المفاهيم المجاورة‬

‫‪151‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫لها ‪ " ،‬وتبقى المصطلحات ماهية إال رموز لفظية محايدة تطلق على الظواهر المجردة عن‬
‫الواقع" (شتا‪ ،1993 ،‬ص‪ ،)42‬ومن المصطلحات المجاورة للجماعة نجد "عصبة" (‬
‫‪ (League‬و "زمرة" (‪ (clique‬و "حشد" (‪ (crowd‬و "تجمع" (‪ (Pool‬و "رهط" (‬
‫‪ (Entourage‬و"عشيرة" (‪ (clan‬و"جمهرة" (‪ (Press‬و"جمهور" (‪ (Audience‬و"فريق" (‬
‫‪(Team‬و"طبقة" (‪ ،"(Class‬في حين أن هذه المصطلحات تدل في معناها عن عدد من‬
‫األشخاص المجتمعين وحيز من الحياة المشتركة‪ ،‬غير أن كل مصطلح يحمل معنى‬
‫سيكولوجيا أو سيولوجيا مختلفا على اآلخر‪ ،‬ومن أهم المصطلحات التي شاع التعبير عن‬
‫الجماعة بواسطتها مصطلح "الفريق" (‪ ،(Team‬خاصة الجماعة النظامية ( ‪(groupe‬‬
‫‪ ،Formel‬و التي تخضع لتنظيم خاص يتحكم في سير عملها ‪،‬‬

‫و" لقد أبدى أحد الدارسين لعلم النفس االجتماعي رأيه في عالقة لفظ "فريق" بمفهوم‬
‫الجماعة‪ ،‬وتبين له معنى كلمة "فريق" قد عرف تطو ار كبيرا‪ ،‬فهي كلمة قديمة تتصل بفكرة‬
‫ركوب البحر ومن ذلك استعمال اصطالح "فريق بحارة السفينة" ‪ ،‬وتتصل أيضا بفكرة العمل‬
‫الجماعي و التي تقترب من معنى الجهد الجماعي المشترك" (جان‪ ،1982 ،‬ص‪ ،)13‬في‬
‫السابق كانت كلمة فريق" تلتصق بحقل العمل المادي أو األلعاب الجماعية ‪ ،‬أما اآلن‬
‫فأصبحت تستعمل في عدد كبير من القطاعات المجتمعية مثل "فريق األبحاث" و" الفريق‬
‫التعليمي" ‪ ،‬والفريق في النهاية هو وسيلة لتمكين األفراد من العمل الجماعي المنسجم كوحدة‬
‫متجانسة ‪ ،‬وغالبا ما يستخدم لفظ الجماعة عندما نتحدث عن دينامية الجماعة ولكن عندما‬
‫يك ون الحديث عن التطبيقات العملية فإننا نستخدم لفظ فريق العمل ‪" ،‬وقد يستعمل لفظ‬
‫جماعة العمل (‪ (Work group‬وفريق العمل (‪ ) Work Team‬كمفهومين مترادفين‪،‬‬
‫ولكنهما من الناحية السلوكية مفهومان مختلفان ‪ ،‬ذلك أن جماعة العمل مكونة من أعضاء‬
‫هدفهم األساسي هو االشتراك في معلومات واتخاذ الق اررات و مساعدة كل منهم على تأدية‬
‫عمله في المجال الخاص به‪ ،‬وهو المحدد له كفرد من الجماعة ‪،‬أما فريق العمل فإنه يختلف‬
‫حيث يكون الهدف األساسي هو إنجاز ما يزيد عن تحقيق الهدف الخاص بالفرد‪ ،‬وهو هدف‬

‫‪152‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفريق ككل" (القريوتي‪ ،2223،‬ص‪ ،)142‬لذلك ال تعتبر جماعة العمل " فريق عمل" بل‬
‫هي مجرد تجمع عدد من األفراد لكل واحد منهم أولوياته الخاصة والتي قد ينظر إليها على‬
‫أنها أكثر أهمية عنده من أولويات الجماعة ‪ ،‬مع اإلشارة أنه يمكن تحويل جماعة العلم إلى‬
‫فريق عمل ولكن ال يمكن تحويل فريق العمل إلى جماعة عمل‪ ،‬ومن هنا يتضح أن ما يميز‬
‫فريق العمل عن جماعة العمل وجود المهارات المتكاملة والروح التعاونية التي تسمى "روح‬
‫الفريق" والتي تسعى المؤسسات الواعية على إيجاد هذه الروح من خالل تشكيل عدة فرق‬
‫عمل منها" ويوضح الجدول رقم (‪ )01‬الفرق بين فريق العمل وجماعة العمل‪.‬‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحثة‬

‫‪ - 2‬أنواع الجماعة ‪:‬‬

‫اهتم علماء االجتماع بمشكلة تصنيف الجماعات " وذلك لوضع أي جماعة اجتماعية‬
‫في واحدة من فئات معينة‪ ،‬وبصورة تسير للدارس للجماعات تطبيق تعميمات المتعلقة بالفئة‬
‫تطبيقا آليا على هذه الجماعة المعينة" (لويس‪ ،1989،‬ص‪ ،)115‬والمقصود هنا ليس‬
‫التصنيف في حد ذاته إنما هو معرفة العالقات الدينامية بين األفراد وأنماط تفاعلها ‪ ،‬ومن‬
‫تأثير الجماعة بأشكالها المختلفة في سلوك الفرد ضمن المجتمع ونشير في هذا السياق إلى‬

‫‪153‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وجود عدة تصنيفات والسبب في ذلك يعود إلى غاية المصنف من دراسته واألساس الذي‬
‫يعتمده ‪ ،‬وسنعرض في دراستنا بعض هذه التصنيفات مع األساس الذي اعتمد في ذلك‬
‫وليس كلها ألن المجال المخصص لهذه الدراسة ال يسمح بذلك‪ ،‬ومهما يكن من اختالف بين‬
‫أنواع الجماعات فإن أعضاء كل جماعة يشعرون بوحدتهم وتشابههم وبتميزهم عن أعضاء‬
‫جماعة أخرى ‪ ،‬ويكون لكل جماعة مركز اهتمام خاص مختلف باختالف طبيعة الجماعة‪.‬‬

‫ورغم أنه من الممكن للجمع بين أكثر من أساس واحد من هذه األسس في تصنيف‬
‫الجماعات‪ ،‬إال أن النزعة الغالية اتجهت إلى التصنيف الثنائي " مع توفر شرطين أساسيان‬
‫أولهما وجود كل األعضاء بوصفهم جماعة في المجال السيكولوجي لكل عضو أي إدراكها‬
‫واالستجابة لها بوصفها جماعة ‪ ،‬أما الشرط الثاني فهو التفاعل الدينامي بين مختلف‬
‫أعضاء الجماعة (لويس‪ ،1989،‬ص‪ ،) 116‬إن الجماعة االجتماعية يمكن في أوقات‬
‫معينة وفي ظروف معينة أن تكون كل األنواع ‪ ،‬رغم أن بعض الدارسين يربط دراسته‬
‫بدين اميات الجماعات وبين جماعة واحدة أو نوع محدد من الجماعات‪ ،‬وتحاول الحقائق‬
‫العلمية أن تستوعب األنواع المختلفة للتجمع اإلنساني في إطارها العلمي ‪ ،‬وتتخلص أهم‬
‫التصنيفات المختلفة للجماعات على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -1.2‬تقسيم الجماعات على أساس التأثير ‪:‬‬

‫إن الفرد يتأثر ويؤثر بكل الجماعات التي ينتمي إليها إال أن هذه التأثيرات تتفاوت من‬
‫جماعة إلى أخرى فبعضها يترك آثا ار عميقة في شخصية الفرد بينما ال يزيد تأثير البعض‬
‫اآلخر عن مجرد تزويد الفرد بخبرات عامة‪ ،‬وقد ميز "كولي" (‪ )Colley‬بين نوعين من‬
‫الجماعات وهما‪:‬‬

‫‪ - 1.1.2‬الجماعات األولية (‪: (Primary group‬‬

‫يرى الفيلسوف وعالم االجتماع األمريكي "شارل هـ‪ .‬كولي" (‪ (Charles H. Cooley‬بأن‬
‫الجماعة األولية تمتاز بالمواجهة ‪ ،‬أي أن العالقات بين أفرادها تتم وجه لوجه ( ‪(Face To‬‬

‫‪154‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪(Face‬محمد‪،2226 ،‬ص‪ ، )155‬وتتميز بالوحدة والترابط القوى والهدف المشترك‬


‫والعادات والتقاليد التي تتحكم في أفراد الجماعة ‪ ،‬وتحدد لكل منهم مكانته ومسؤولياته‬
‫واألعمال التي تجب عليه كما تكون الجماعة األولية قليلة األعضاء وبدرجة تسمح للفرد أن‬
‫يكون في عالقة مباشرة وقوية ومالزمة للفرد طيلة فترة حياته أو جزء كبير من‬
‫حياته(ضياء‪ ،2222،‬ص‪ ، )43-42‬مثل (األسرة‪ ،‬الرفاق‪ ،‬جماعة العمل)‪.‬‬

‫‪ -2.1.2‬الجماعة الثانوية (‪: (Secondary Group‬‬

‫تكون العالقات بين األفراد المكونين للجماعة الثانوية غير مباشرة أي االتصاالت تتم عن‬
‫طريق أشخاص آخرين‪ ،‬يمثلون دور الوسيط ويكون الشعور باالنتماء إليها ضعيفا بالنسبة‬
‫كما هو عليه في الجماعة األولية ‪ ،‬وتتصف الجماعة الثانوية بالطابع الالشخصي نسبيا بين‬
‫أعضائها حيث يتصرف كل منهم وفقا لألدوار االجتماعية التي يؤولها في المجتمع خارج‬
‫نطاق الجماعة (عبد اللطيف‪ ،2225،‬ص‪ ،)44‬و تتأثر الجماعات الثانوية بالجماعات‬
‫األولية ‪ ،‬فكثير من نماذج السلوك التي تظهر في الجماعة الثانوية ترجع جذورها إلى ما‬
‫اكتسبته في الجماعة األولية ومن أمثلة الجماعات الثانوية نجد (النقابة‪ ،‬الحزب‪ ،‬الهيئات‬
‫العلمية)‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫والشكل رقم (‪ )70‬يبين خصائص الجماعة األولية و الجماعة الثانوية ‪.‬‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحثة‬


‫‪ -2.2‬تقسيم الجماعات على أساس الرسمية ‪:‬‬

‫توجد في كل منظمة اجتماعية نوعان من الجماعات نتيجة التفاوت في مدى االلتزام‬


‫باللوائح والقوانين والقواعد فهناك جماعات رسمية وجماعات غير رسمية‪.‬‬

‫‪ -1.2.2‬الجماعات الرسمية ( ‪: (Formal group‬‬

‫يمثل هذا النوع من الجماعات الصورة التي يتطلبها التنظيم الرسمي من حيث تشكيل‬
‫جماعات العمل ضمن الوحدات التنظيمية المختلفة لتحقيق األهداف التنظيمية ‪ ،‬وهي‬
‫جماعات تتكون من أفراد يعملون معا نحو تحقيق هدف معين وفقا لقواعد وبتوجيه من‬
‫اآلخرين ‪ ،‬وقد يتحدد فيها األدوا ر فيكون دور كل فرد محددا ومكتوبا في بعض األحيان ‪،‬‬
‫وفي هذه الجماعات يسلك الفرد ما هو متوقع منه كما هو متوقع من اآلخرين‪ ،‬وتعتبر هذه‬
‫الجماعات منظمة ‪ ،‬وتنظيمها يقلل من أثرها في سلوك األفراد بالمقارنة بالجماعات غير‬

‫‪156‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الرسمية‪ ،‬ويتميز هذا النوع من الجماعات بأن له خصائص بنائية معينة تحدد طبيعة‬
‫االتصال بين األفراد داخلها‪( .‬ضياء‪ ،2222،‬ص‪.)46-45‬‬

‫‪ -7.7.7‬الجماعات غير الرسمية ( ‪: (Informal group‬‬

‫تتصف هذه الجماعة بأن العضوية ال تتشكل وال تتحدد فيها وفقا لمقتضيات التنظيم‪،‬‬
‫ولكن استجابة لحاجات خاصة باألعضاء ‪ ،‬والتي قد ال تكون بالضرورة منسجمة أو متفقة‬
‫مع األهداف التنظيمية ‪ ،‬ومن ذلك مجموعة المصالح (‪ ، (Interest group‬التي تتشكل‬
‫لتنظيم مساعدة األعضاء الذين يتعرضون ألزمات ‪ ،‬وهناك جماعات الصداقة (‬
‫‪(Friendship group‬التي تتشكل ليس بالضرورة لتحقيق أهداف محددة ‪ ،‬وانما للتوافق في‬
‫المشاعر والقيم ‪ ،‬وتتميز الجماعات غير الرسمية بانعدامها بناء اجتماعي محدد أو قواعد أو‬
‫معايير معروفة ‪ ،‬وهي إما قصيرة أو طويلة األمر‪ ،‬وقد تنشأ هذه الجماعات داخل الجماعات‬
‫الرسمية إلشباع حاجات أعضاءها ‪ ،‬وغالبا ما يتعارض هذا التنظيم غير الرسمي مع‬
‫التنظيمات الرسمية ( القريوتي‪ ،2223 ،‬ص‪.)113‬‬

‫‪ -3.2‬تقسيم الجماعات على أساس التنظيم‪:‬‬

‫‪ - 1.3.2‬الجماعة المنظمة ) ‪: (Organised group‬‬

‫يقوم أعضاء الجماعة المنظمة بأدوار محددة ‪ ،‬ترتبط باألهداف العامة للجماعة‬
‫وتختلف درجة التنظيم في بساطتها وتعقدها تبعا لحجم الجماعة‪ ،‬وقد تكون درجة التنظيم‬
‫منخفضة كما في الجماعات غير الرسمية‪ ،‬وقد تكون مرتفعة كما في الجماعات الرسمية‬
‫وتتصف الجماعات المنظمة بالتعقيد وعدم المرونة فالتعاون بين األعضاء محدد مسبقا‪.‬‬

‫‪ - 2.3.2‬الجماعة غير المنظمة (‪: (Unregulated group‬‬

‫وهي الجماعة التي يعمل فيها الفرد مستقال عن اآلخرين‪ ،‬و ال يوجد في هذا النوع من‬
‫الجماعات تقسيم للعمل أو تحديد لألدوار وتتزايد فيها مظاهر الفردية واألنانية والتفكك وكلما‬

‫‪157‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ازداد تنظيم الجماعة تقل مظاهر الفردية ويتعرض كالعضو ينحرف عن اإلذعان لتوقعات‬
‫الجماعة لضغط كبير من طرف الجماعة (عبد اللطيف‪ ،2225،‬ص‪. )46-45‬‬

‫‪ -4.2‬تقسيم الجماعات على أساس التكوين‪:‬‬

‫وتنقسم الجماعات من حيث طبيعة تكوينها إلى نوعين أيضا جماعات طبيعة وجماعات‬
‫مكونة‪:‬‬

‫‪ - 1.4.2‬الجماعات الطبيعية ( ‪: ( Natural group‬‬

‫وهي الجماعات التي تتكون طبيعيا أي من تلقاء نفسها دون أن تكون هناك عوامل خارجية‬
‫تدفع إلى تكوينها ‪ ،‬و تكوينها بهذه الصورة يعتبر ظاهرة طبيعية جدا بالنسبة لإلنسان ‪ ،‬إذ‬
‫ينتمي إليها بطبيعته إلى التجمع والشعور باألمان في الجماعة ‪ ،‬و تربط أفراد الجماعة‬
‫الطبيعية صفات متجانسة مثل الجنس أو اللغة أو الدين أو الوطن‪.‬‬

‫‪ - 2.4.2‬الجماعات المكونة ) ‪: ( constituents group‬‬

‫تتكون هذه الجماعات تحت تأثير عوامل خارجية كوجود ظروف أو ضغوط أو شخصيات‬
‫معينة تدعو إلى تكوينها إما رغم إرادة أعضاء الجماعة واما بطرق استشارية (ضياء‪،‬‬
‫‪ ،2222‬ص‪.)45-44‬‬

‫‪ -5.2‬تقسيم الجماعات على أساس الثبات‪:‬‬

‫تنقسم الجماعات من الثبات إلى نوعين جماعات ثابتة وجماعات غير ثابتة‬

‫‪ - 1.5.2‬الجماعات الثابتة )‪: (Established group‬‬

‫تتميز الجماعات الثابتة بالتأثير القوي والعميق الذي يهيمن على سلوك الفرد طول حياته‬
‫‪ ،‬ويتميز هذا النوع بدرجة عالية من الثبات وبالذكريات المشتركة وعواطف متبادلة وأهداف‬

‫‪158‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫بعيدة وعالقات داخلية قوية تربط األعضاء بعضهم البعض ‪ ،‬ومعايير وقوانين تعمل على‬
‫تنظيم وتآلف األفراد لتقوية درجة الثبات‪.‬‬

‫‪ - 2.5.2‬الجماعات غير الثابتة ) ‪: (Unstable group‬‬

‫تتميز الجماعات غير الثابتة بإنشائها العارض‪ ،‬كاجتماع الناس في الطريق العام لمشاهدة‬
‫ح ادث ما‪ ،‬فأفرادها يألفهم شعور واحد في موقف محدد مؤقت لكنه سطحي يتولد بسرعة‬
‫ويزول بنفس السرعة‪ ،‬وليس لهذه الجماعات وحدة اجتماعية قوية تربطهم فأهدافها قريبة‬
‫وعواطفها سطحية وذكرياتها معدومة‪( .‬فؤاد‪ ،‬سعد‪ ،1999 ،‬ص ‪.)67-66‬‬

‫‪ - 6.2‬تقسم الجماعات على أساس دافع االنتماء‪:‬‬

‫‪ - 1.6.2‬جماعات الدوافع الذاتية ) ‪: ( Self- Motivated group‬‬

‫وهي الجماعات التي ينتمي إليها األفراد بدوافع شخصية إلشباع حاجات نفسية ‪ ،‬فأفرادها‬
‫تجمعهم ميول و رغبات فردية أو شخصية ‪ ،‬حيث ينتمي األعضاء إلى هذه الجماعات دون‬
‫إدراك تام للدوافع الحقيقية إلى االنتماء إليها أو لدوافع أخرى مدعومة ‪ ،‬و يكون االنتماء لهده‬
‫الجماعات ذاتيا ‪ ،‬واالنسحاب منها رهن باإلشباع الذي يحققه الفرد من هذه الجماعة مثل‬
‫جماعات اللعب وجماعات األصدقاء‪.‬‬

‫‪ - 2.6.2‬جماعات الدوافع الموضوعية ) ‪: ( motivation objective group‬‬

‫هي الجما عات التي ينتمي إليها الفرد بدوافع موضوعة لتحقيق أهداف اجتماعية عامة و‬
‫غير شخصية ‪ ،‬فأعضائها يعملون على حل مشكلة تهم المنطقة أو المجتمع أو اتحاد معين‬
‫بتغليب الطابع الموضوعي على رغبات األفراد النفسية ‪ ،‬فاالختالف بين الجماعات ذات‬
‫الدافع الذاتي أو الموضوعي لالنتماء هو اختالف في الهدف الذي يحقق إشباعا نفسيا‬
‫شخصيا أو إشباعا اجتماعيا ‪ ،‬وقد تكون االنتماء إلي الجماعة الواحدة يحمل دافع ذاتي‬

‫‪159‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وموضوعي في آن واحد مثل الجمعيات الخيرية فهي تحقق حاجة نفسية داخلية وأخرى‬
‫موضوعية كفعل الخير والمنفعة العامة‪( .‬عبد اللطيف‪ ،2225 ،‬ص‪)48-47‬‬

‫وتلخيصا لما سبق نضع الجدول رقم (‪ )04‬يوضح أنواع الجماعات التي تناولتها هذه‬
‫الدراسة رغم وجود عدة تصنيفات أخرى وفق أسس متنوعة مثل الحجم (كبيرة‪ ،‬صغيرة)‪،‬‬
‫الجنس (ذكور‪ ،‬إناث)‪ ،‬المكان (الجيرة‪ ،‬المحلية)‪ ،‬الحرية اختيارية‪ ،‬إجبارية) ‪.‬‬

‫جدول رقم (‪ )24‬أنواع الجماعات‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحثة‬

‫‪ - 3‬الروابط الداخلية للجماعة ‪:‬‬

‫يسود داخل الجماعة عدة أنواع من الرابط منها الروابط الوجدانية أو المستمدة من‬
‫السلطة والقوة‪ ،‬أو قائمة على االتصال بين األعضاء‪ ،‬أو المستمدة من وجود هدف‬
‫مشترك‪(.‬حامد‪ ،3822 ،‬ص‪)41-44‬‬

‫‪160‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ - 1.3‬الروابط الوجدانية )‪: (Affect linkage‬‬

‫هي الروابط الخاصة بمشاعر الحب والكره‪ ،‬والتقبل والنبذ‪ ،‬السائدة بين أفراد الجماعة‬
‫وتظهر‪ ،‬عادة في انتشار التعاون والمحبة بين أعضاء الجماعة‪ ،‬حيث يهبون لمعاونة‬
‫بعضهم بعضا تلقائيا‪ ،‬من أجل تسيير حياة الجماعة‪ .‬وتنتشر بين أعضاء الجماعة روح‬
‫المرح والمداعبة‪ ،‬دون حساسية شديدة تؤدي إلى جرح للمشاعر واألحاسيس‪ .‬ويتقبل أعضاء‬
‫الجماعة اختالف وجهات النظر بصدر رحب‪ ،‬ما يساعد على تطوير أساليبهم في األداء‪،‬‬
‫وبمعنى آخر‪ ،‬ال يكون اختالف وجهات النظر مدعاة للثورة والغضب والتفكك االجتماعي‬
‫داخل الجماعة‪.‬‬

‫وهذا كله يؤدي إلى تماسك الجماعة‪ ،‬فال يرغب أحدهم في تركها أو مغادرتها ويكون‬
‫كل عضو فيها فخو ار بانتسابه إليها‪ .‬وبصفة عامة ينتشر بين األعضاء الشعور "بالنحن"‪.‬‬

‫‪ - 2.3‬الروابط المستمدة من السلطة والقوة )‪: (Power linkage‬‬

‫للسلطة والقوة داخل الجماعة ستة مصادر‪ ،‬هي‪ :‬القوة اإلثابة‪ ،‬وقوة العقاب‪ ،‬والقوة‬
‫الشرعية الرسمية‪ ،‬و قوة التوحد (أي التوحد مع شخص له تأثيره على اآلخرين‪ ،‬مثل االبن‬
‫مع األب والتلميذ مع المدرس)‪ ،‬وأخي ار قوة الخبير‪ ،‬ويظهر هذا النوع من الروابط في مشاركة‬
‫كل عضو من أعض اء الجماعة في مسؤولية تنظيم أنشطة الجماعة وتنفيذيها‪ ،‬تبعا لما لديه‬
‫من مصادر القوة‪ ،‬فيعرف كل منهم ما يجب عليه عمله‪ ،‬ومع من يعمل‪ ،‬ومتى يعمل‪ ،‬وكيف‬
‫يعمل؟ ويكون ذلك من خالل تنظيم شامل تضعه الجماعة بتوجيه من القائد‪ .‬وبناء على هذه‬
‫الروابط يسهل ضبط الجماعة والسيطرة عليها‪ ،‬دون إفراط أو تفريط‪ ،‬إذ إن اإلفراط في‬
‫الضبط يجعل المحافظة على بنية الجماعة مسؤولية القائد فقط‪ ،‬كما أن التفريط في الضبط‬
‫يؤدي إلى الفوضى واالضطراب ‪ ،‬وتؤدي هذه الروابط إلى سرعة اتخاذ الجماعة للق اررات‪،‬‬
‫ألن السلطة تكون موزعة وألن الجميع يشارك في اتخاذ القرار ومستعد للمشاركة في تنفيذه‪،‬‬

‫‪161‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ألن الجميع مستعد لتقبل المخالفة في الرأي بطيب خاطر‪ ،‬دون قسر أو قهر‪ ،‬كذلك‪ ،‬يساند‬
‫قائد الجماعة من يوكل إليهم تنفيذ المهام‪ ،‬وال يتصيد لهم األخطاء‪.‬‬

‫‪ - 3.3‬روابط االتصال ( ‪: (Communication linkage‬‬

‫ال تستمر الجماعة عندما تكون االتصاالت بين أعضائها غير سوية أو غير مناسبة‬
‫ويظهر هذا النوع من الروابط في وجود قدر مشترك من المعلومات التي تهم الجماعة بين‬
‫أعضائها‪ .‬فال يحتفظ القائد بكل المعلومات‪ ،‬كما ال يغرق الجماعة بالمعلومات‪ ،‬ويحرص كل‬
‫فرد على أن يشارك غيره فيما لديه من معلومات تهم الجماعة‪ ،‬وتساعد في تسيير أمور‬
‫حياتها‪.‬‬

‫أي أن شبكة المعلومات ال تكون من القمة للقاعدة فقط‪ ،‬بل ومن القاعدة للقمة وبين‬
‫األعضاء‪ ،‬وان هذا من شأنه أن يقلل من مشاعر النبذ والعداوة‪ ،‬ويزيد فرص تأثير كل عضو‬
‫من أعضاء الجماعة‪.‬‬

‫‪ - 4.3‬الروابط المستمدة من وجود هدف مشترك )‪: ) Goal Linkage‬‬

‫من المعروف أن وجود هدف مشترك تسعى الجماعة نحو تحقيقه‪ ،‬أمر يؤدي إلى وحدة‬
‫الجماعة وتماسكها‪ ،‬والى تنظيم العمل وتوزيع األدوار توزيعا مناسبا بداخلها‪ .‬ويظهر هذا‬
‫النوع من الروابط في معرفة أعضاء الجماعة األهداف المشتركة‪ ،‬التي تسعى الجماعة نحو‬
‫تحقيقها وكيفية تحقيقها ‪ ،‬ومن ثم يكون كل فرد مستعدا ألن يتعلم كل ما هو جديد‪ .‬ويؤدي‬
‫ذلك إلى تحقيق أهداف الجماعة‪ ،‬والى تأدية ما يجب على الفرد أن يؤديه من واجبات‪ ،‬فال‬
‫يسعى إلى التهرب من أدائها‪ ،‬أو البحث عن طرق وأساليب ملتوية أو منحرفة ألدائها‪ .‬كما‬
‫يكون الفرد من تظما وملتزما ومتفانيا في أدائه للواجبات في مواعيدها‪ ،‬دون تلكأ أو تسويف‪،‬‬
‫وفضال عن ذلك يكون كل عضو مستعدا لتحقيق درجة من التوفيق أو التكامل بين أهدافه‬
‫الشخصية وأهداف الجماعة‪ ،‬من أجل أالّ تتعرض أهداف الجماعة للخطر‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ - 4‬مراحل تطور الجماعة ‪:‬‬

‫باعتبار الجماعة ك ائن اجتماعي فهو يمر بمراحل أساسية عند بناءه ‪ ،‬حتى يكون‬
‫مركز قوة يساعده في تحقيق أهدافه ‪ ،‬وتطور الجماعات ظاهرة حتمية في حياة الجماعة و‬
‫ارتقائها ونضج أعضائها كوحدة‪ ،‬ودراسة تطور الجماعات ذات أهمية كبيرة لدى قادة هذه‬
‫الجماعات حتى يمكنهم توجيهها توجيها سليما ‪ ،‬فلو فرض المسئول على جماعة حديثة‬
‫التكوين أعباء كثيرة فإن ذلك سيؤدي إلى انهيارها ألنها لم تصل بعد إلى مرحلة النضج‬
‫المناسبة التي تؤلها لتحمل تلك األعباء‪ ،‬كما يساعد الوقوف على كل مرحلة من مراحل‬
‫تطورها القائمين على قيادتها في التنبؤ بما سيكون عليه سلوك أعضائها في المراحل‬
‫المختلفة لتطورها‪ .‬ويعرف " التطور عامة بأنه التقدم نحو شكل ذو تركيب أكثر تعقيد و‬
‫اكتمال‪ ،‬و ال يحدث التطور فجأة أو بصورة عشوائية ‪ ،‬وللتطور مظهران ‪ ،‬هما مظهر‬
‫تكويني و مظهر وظيفي ‪ ،‬و يسير كل واحد منهما في مراحل متالحقة متتابعة تعتمد كل‬
‫خطوة منها عل ى سابقتها وبناءا عليه يمكن تحديد مواصفات تطور الجماعات في العنصر‬
‫الموالي" (فؤاد‪ ،1956 ،‬ص‪.)5‬‬

‫‪ -1.4‬مواصفات تطور الجماعات ‪:‬‬

‫إن سلسلة التغيرات التي تمر بها الجماعة أثناء فترة حياتها‪ ،‬وتكون هذه التغيرات في‬
‫شكل حلقات لكل منها خصائصها ومميزاتها‪ ،‬وتمهد كل حلقة منها لالحقة بها وتتأثر‬
‫بالسابقة عليها وتكون هذه التغيرات في خصائص التفاعل داخل الجماعة‪ ،‬وفي دور قائدها‬
‫وأعضائها‪ ،‬وفي الروابط السائدة بينهم‪ ،‬ومن ثم في إنتاجيتها‪ ،‬وتسعى هذه التغيرات عادة إلى‬
‫تحقيق أقصى درجات نضج الجماعة‪ ،‬تحقيقا ألهدافها التي تسعى إليها‪.‬‬

‫و تكون هذه التغيرات في ضوء الخصائص المميزة للجماعة‪ ،‬وليست تغيرات في‬
‫الخصائص المميزة لألعضاء‪ ،‬كأفراد مستقلين بعضهم عن بعض‪ ،‬فمثال تنتقل الجماعة في‬
‫نموها من التفاعل العشوائي إلى تفاعل متمركز حول القائد إلى تفاعل متمركز حول العمل‬

‫‪163‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أو المهنة‪ .‬و يختلف نمو الجماعات تبعا لنوعها‪ ،‬فهناك مراحل نمائية معينة تمر بها‬
‫جماعات العالج النفسي‪ ،‬تختلف عن المراحل التي تمر بها جماعات التدريب‪ ،‬وتختلف عن‬
‫المراحل التي تمر بها الفصول الدراسية وتختلف عن المراحل التي تمر بها جماعات الخدمة‬
‫االجتماعية و الجماعات التربوية وهكذا‪.‬‬

‫إن الجماع ات ال تسير في نموها بسرعة واحدة‪ ،‬إذ تختلف تلك السرعات تبعا لعدة‬
‫عوامل‪ ،‬مثل‪ :‬نوع الجماعة وخصائص أعضائها‪ .‬واألهداف التي تسعى نحو تحقيقها‪ .‬و قد‬
‫تتوقف إحدى الجماعات في نموها عند مرحلة معينة‪ ،‬وذلك بناء على مقدار ما تحققه‬
‫المرحلة ألعضائها من ارتياح وأهداف‪ ،‬أو بناء على الوقت المتاح لهم لمواجهة المراحل‬
‫الحرجة في نمو الجماعة أو بناء على المدة الزمنية التي تستغرقها حياة الجماعة ‪.‬‬

‫و يكون تطور الجماعة في البداية سريعا‪ ،‬فيحدث الكثير من البناء والتنظيم في تفاعل‬
‫خالل الساعات األولى لتكوين الجماعة‪ ،‬ويتجه قدر كبير من التصور في مرحلته المبكرة‬
‫إلى إرساء النظام االجتماعي للجماعة‪ ،‬ثم يتجه التفاعل إلى االستقرار في ضوء المعايير‬
‫التي تضعها الجماعة‪ ،‬ولكن ليس بالسرعة نفسها للمراحل المبكرة لتطور الجماعة‪(.‬محمد‬
‫شمس‪ ،1984،‬ص‪)126-92‬‬

‫‪ - 2.4‬بعض نماذج تطور الجماعات‪:‬‬

‫تختلف مراحل تطور الجماعات تبعا لنوع الجماعة والهدف من تكوينها إضافة إلى‬
‫خصائص أعضائها وفي ما يلي عرض لبعض النماذج تطور الجماعات‪:‬‬

‫‪ - 1.2.4‬نموذج لمراحل تطور الجماعات حسب "نورثين" ) ‪:) Northen‬‬

‫) ‪ : ( Initial phase‬تتميز بالتوجه نحو السلطة في‬ ‫‪ - 1.1.2.4‬المرحلة األولية‬


‫جميع الموضوعات‪ ،‬وتظهر حاجة الجماعة إلى توطيد وترسيخ مراكزهم الهرمي للجماعة‪،‬‬

‫‪164‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ويسود القلق بين األعضاء‪ ،‬ويكون األعضاء في الغالب ذا توجه فردي كما يكون مستوى‬
‫أداء العمل منخفضا‪.‬‬

‫‪ - 2.1.2.4‬المرحلة المتوسطة ) ‪ : ( Middle phase‬تتميز هذه المرحلة بظهور‬


‫التفاعالت‪ ،‬سواء بين األعضاء أو مع السلطة‪ ،‬في محاولة لتكوين رأي أو اتفاق بين‬
‫األعضاء على نظم المكافآت والعقوبات‪ ،‬التي تحدد بناء على مختلف أنواع السلوك‪.‬‬
‫ويظهر في هذه المرحلة العداء والخصومات بين األعضاء‪ .‬وعندما يصبح التسلسل الهرمي‬
‫في القيادة ثابتا وراسخا‪ ،‬تظهر الثنائيات والشلل في داخل الجماعة‪ .‬ويمكن أن يظهر‬
‫التنافس بين الثنائيات والشلل من أجل إثبات قوتهم‪ .‬ونظ ار لما تتميز به هذه المرحلة ‪ ،‬فإن‬
‫نهايتها تكون بمثابة راحة ألعضائها‪.‬‬

‫تنمو المشاعر الودية بين‬ ‫) ‪: ( Final phase‬‬ ‫‪ - 3.1.2.4‬المرحلة النهائية‬


‫األعضاء‪ ،‬وتتوطد المعايير‪ ،‬ويزداد تماسك الجماعة‪ ،‬وتمارس ضغوطا على المنحرفين عن‬
‫معاييرها لالنصياع لتلك المعايير‪ .‬وتصبح الجماعة في هذه المرحلة أكثر قدرة على تأدية‬
‫العمل بأمان‪ ،‬ويكون مستوى جودة العمل عاليا‪ ،‬كما يحظى بقبول األعضاء ورضاهم‪،‬‬
‫وتتميز هذه المرحلة ب انتهاء الصراع والعدوانية بين األعضاء‪ ،‬ويزداد معدل الثقة بينهم‪،‬‬
‫وتزداد الجماعة تكامال ومرونة‪ ،‬كما تزداد حرية الفرد في التعبير عن مشاعره‪( .‬إبراهيم‪،‬‬
‫‪ ،1985‬ص ‪)87-86‬‬

‫‪ - 2.2.4‬نموذج لمراحل تطور جماعات حسب" تريكر" ) ‪:(H. Trecker‬‬

‫) ‪ : ( Pre- Goup phase‬تظهر الجماعة‬ ‫‪ - 1.2.2.4‬مرحلة ما قبل الجماعة‬


‫في هذه المرحلة في شكل تجمع من األفراد أكثر في كونها جماعة بالمعنى المعروف‪ ،‬أما‬
‫خصائص ذلك التجمع فتظهر في نقل المشاركة والحماس بين األفراد ‪ ،‬وفي عجز‬
‫األعضاء عند اتخاذ قرار بالنسبة لألهداف أو البرامج‪ ،‬يظهر على األعضاء قلق وتوتر ‪،‬‬

‫‪165‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫إذ تمثل لهم الجماعة خبرة جديدة‪ .‬ويسيطر من حين إلى آخر فرد أو أكثر على الجماعة‬
‫في هذه المرحلة‪ ،‬كما يعيش بعض األعضاء على هامش الجماعة‪.‬‬

‫) ‪ : ( Transformation phase‬تتميز هذه المرحلة‬ ‫‪ - 2.2.2.4‬مرحلة التحول‬


‫من ارتفاع نسبة حضور األعضاء ‪ ،‬مع ترحيب أغلبية األعضاء بتحمل مسؤولية القيام‬
‫ببعض األعمال التي تتطلبها الحياة الجماعية‪ ،‬كما يستخدم في هذه المرحلة صيغة الجمع‬
‫في اتصال األعضاء مع بعضهم البعض ‪ ،‬مع انخفاض مستوى التوتر ومشاعر عدم‬
‫األمن‪ ،‬وتبدأ األدوار في التمايز و مكانة كل فرد بالظهور لحد ما‪ .‬كما تظهر المواهب‬
‫الفردية لبعض األعضاء‪.‬‬

‫) ‪ :( Maturity phase‬في هذه المرحلة تصل الجماعة‬ ‫‪ - 3.2.2.4‬مرحلة النضج‬


‫إلى االستقرار ويبرز في هذه المرحلة تمسك األعضاء بالقيم المعايير المتشكلة مثل احترام‬
‫المواعيد‪ ،‬المواظبة‪ ،‬تحديد الحجم األمثل للعمل قصد تحقيق األهداف‪ ،‬المشاركة والتعاون‬
‫حيث تستطيع الجماعة أن تتحمل مسؤوليات أكبر بتطوير أهدافها والعمل على تحقيقها‪.‬‬

‫بعد أن تصل‬ ‫‪ -4.2.2.4‬مرحلة ما بعد النضج ) ‪: ( post-Maturity phase‬‬


‫الجماعة إلى تحقيق أهدافها‪ ،‬وتصل إلى مرحلة النضج تظهر مؤشرات تؤثر في بنائها‬
‫ووظائفها مثل انسحاب بعض األعضاء‪ ،‬و رغبتهم في االنضمام لجماعات أخرى رغم‬
‫تمسك البعض بالجماعة و رغبتهم في االستمرار ‪ ،‬ينخفض حماس األعضاء وترددهم على‬
‫الجماعة ‪ ،‬وذلك سببه قلة التنشيط من طرف القيادة ‪ ،‬و روتينية األهداف وبروز التكاسل‬
‫االجتماعي وذلك من خالل ضعف الجهد الفردي في مواصلة العمل الجماعي‬
‫(ضياء‪ ،2222،‬ص‪.)87-83‬‬

‫‪166‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫والشكل رقم(‪ )21‬يوضح تصور الباحثة لهذه المراحل‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحثة‬

‫‪ -3.2.4‬نموذج لمراحل تطور الجماعات حسب" توكمان" ) ‪ (Tuckman‬و" جنس" (‬


‫) ‪:Jenesn‬‬

‫‪ : ( Forming‬تتميز هذه المرحلة بأن‬ ‫‪ - 1.3.2.4‬مرحلة التشكيل ) ‪phase‬‬


‫أعضاء الجماعة يكونون في بداية الطريق ويحاولون التعرف على بعضهم البعض‪ ،‬وفي‬
‫مرحلة تكوين االنطباعات ومعرفة الوظائف المطلوبة منهم و األهداف المرغوب تحقيقها‬
‫ويكون هناك ضرورة لوجود قائد يحدد القواعد األساسية التي تستعمل في هيكلة الجماعة‬
‫وعملها‪.‬‬

‫‪ - 2.3.2.4‬مرحلة العصف ) ‪ : ( stormig phase‬تتميز هذه المرحلة وكما يستدل‬


‫على تسميتها بنوع التنافس بين األعضاء في محاولة للوصول ألهداف محددة ‪ ،‬إذ يتعرف‬
‫األعضاء على ما ال يتوافقون عليه وعلى الرغبات واالتجاهات التي يختلفون فيها‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ - 3.3.2.4‬مرحلة وضع المعايير ) ‪ : ( Norming phase‬تمثل هذه المرحلة مرحلة‬


‫االتفاق على القواعد األساسية للعمل ‪ ،‬حيث يتم توزيع األدوار ويتم التأكيد على التماسك‬
‫والتوافق كأساس الزم للعمل الجماعي‪.‬‬

‫‪ - 4.3.2.4‬مرحلة العمل )‪ : ( Performig phase‬تمثل هذه المرحلة بداية عمل‬


‫المجموعة لتحقيق األهداف التي تتفق عليها‪ ،‬حيث تشهد هذه المرحلة حاالت التعاون‬
‫والتنافس وااللتزام‪.‬‬

‫) ‪ : ( Adjourning phase‬تمثل هذه المرحلة مرحلة‬ ‫‪ - 5.3.2.4‬مرحلة التفكك‬


‫انحالل الجماعة ‪ ،‬إما بسبب تحقيقها ألهدافها أو تفرق أعضائها (القريوني‪،2223 ،‬‬
‫ص‪.)135-134‬‬

‫‪168‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫والشكل رقم (‪ )77‬يبين تصور "توكمان" و"جنس" لمراحل تطور الجماعات‪.‬‬

‫‪ -4.2.4‬نموذج لمراحل تطور الجماعات حسب" سولتز " ‪:‬‬

‫‪ -1.4.2.4‬مرحلة االحتواء ) ‪ :( Inclusion phase‬تزايد كفاءة الجماعة مع مرور‬


‫الوقت تتميز مشاعر األعضاء في هذه المرحلة بالتأرجح‪ ،‬حيث يحاول كل عضو أن‬
‫يكون انطباعا مبدئيا عن األعضاء اآلخرين لكي يحدد ما ينبغي عليه أدائه‪ ،‬وتتميز‬

‫‪169‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫مشاعر األفراد في المرحلة بالصداقة واالهتمام و سطحية ‪ ،‬ويكون الصراع في ذهن األفراد‬
‫فقط و ال وجود له في الواقع العملي‬

‫) ‪ : ( Control phase‬بعد اختيار األفراد لمراكزهم‬ ‫‪ -2.4.2.4‬مرحلة الضبط‬


‫ويكونون فكرة على نوايا اآلخرين ‪ ،‬تبدأ المعركة لتغيير المراكز‪ ،‬فيحاول بعضهم تحقيق‬
‫المكانة عن طريق وضع االقتراحات أو تعديل اتجاه األهداف ‪ ،‬بينما يحاول البعض اآلخر‬
‫عرقلة هذه المواقف‪ ،‬وفي هذا النوع من المواجهة تقل أهمية المحتوى ‪ ،‬إذ يكون الهدف هو‬
‫تحقيق األفراد للمكانة داخل الجماعة‬

‫‪ -3.4.2.4‬مرحلة التواد ) ‪ :( Mutual affection phase‬عندما تتحدد مراكز‬


‫أعضاء الجماعة ‪ ،‬تدخل في مرحلة التواد والتآلف والتي يتم فيها بتحويل االنتباه من‬
‫الصراع حول المراكز إلى تركيز االنتباه على المهمة ذاتها ‪ ،‬وبذلك تظهر اختالفات في‬
‫وجهات النظر حول الموضوع ذاته ‪ ،‬و بالتالي تكون هذه المرحلة من أعلى مراحل‬
‫الجماعة إنتاجية‪ ،‬وال تستمر مرحلة التواد فترة طويلة‪ ،‬إذ تعاود مشاعر التنافس والصراع‬
‫للظهور ثانية‪ ،‬كما قد تنمو لدى بعض األعضاء الحاجة إلى مزيد من التعاون مما يستدعي‬
‫تغيير مراكز األعضاء مما تؤول الجماعة مرة ثانية إلى مرحلة االحتواء ثم الضبط ‪ ،‬و‬
‫يتضح من خالل ذلك أن تطور الجماعة ليسا خطيا بل لولبي دائري‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫والشكل رقم (‪ )71‬يوضح طريقة تطور الجماعات حسب "سولتز" (محمد‬


‫سيد‪،1997،‬ص‪.)144-142‬‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحثة‬

‫‪ - 5‬مشكالت الجماعة ‪:‬‬

‫الشك أن الجماعات ال تسير دائما بصورة ايجابية ‪ ،‬بل تواجه بعض المشكالت في أثناء‬
‫قيامها بالعمل المنوط بها أو في تحقيق أهدافها ‪ ،‬و يعتبر كثير من الباحثين أن هذا أمر‬
‫طبيعي لكونها تتكون من أفراد ‪ ،‬و لكل فرد طبيعته السيكولوجية و التي من أهم مظاهرها‬
‫المشكالت النفسية و االجتماعية التي تواجهه طيلة حياته سيما حياته المهنية ‪ ،‬و نقصد‬
‫بمشكلة الجماعة وضع جديد غير مرغوب فيه نتيجة تغير يط أر على طريقة العمل أو بسبب‬
‫ظرف معين ‪ ،‬و لتحديد أي مشكلة داخل الجماعة يجب التساؤل عن النشاط المطلوب الذي‬
‫لم يؤد كالمعتاد ‪ ،‬و نحصر هذه المشكالت في األنواع الثالثة‪.‬‬

‫‪ - 1.5‬مشكالت السلوك والعالقات الشخصية ‪:‬‬

‫يختلف سلوك األفراد بالنسبة لبعضهم البعض‪ ،‬و من المرغوب فيه أن يتصف سلوكهم‬
‫باالتزان الذي يقره المجتمع الذي ينتمون إليه ‪ ،‬و ألسباب مختلفة تتعلق باألفراد‪ ،‬نجد أن‬

‫‪171‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫بعضهم يستخدم الجماعة لحل مشكالته أو إلشباع رغباته الشخصية التي تتعارض مع‬
‫الجماعة وأفرادها ‪ ،‬و يصبحون عوامل تفكك بدال من عوامل بناء و تماسك ‪ ،‬فالفرد السلبي‬
‫الذي يشكو دائما من شأنه أن يضعف الروح المعنوية للجماعة و يتشتت أعضائها‪ ،‬فجد‬
‫داخل كل جماعة أفرادا يلعبون أدوا ار سلبية مثل‪ :‬الفرد الذي ال يتحمل المسؤولية ويماطل‬
‫وال يؤدي العمل الذي يطلب منه ‪ ،‬و الفرد غير المتعاون واألناني ‪ ،‬كل هؤالء يسببون‬
‫مشكالت في الجماعة تؤدي إلى تعطيلها وعدم تقدمها وعدم تحقيق األهداف المرجوة منها ‪،‬‬
‫و واجب القيادة الفعالة أن تعمل على مساعدة هؤالء األفراد على التكيف مع الجماعة‬
‫ويصبحوا أعضاء صالحين فيها لكي ال يؤثروا في بقية األفراد ذوو السلوك االيجابي ‪.‬‬

‫‪ - 2.5‬المشكالت الوظيفية ‪:‬‬

‫إن المقصود بالمشكالت الوظيفية كل ما يتعلق بالمشكالت التي تعيق الجماعة على‬
‫تحقيق أهدافها و و وظائفها المحددة لها ‪ ،‬ويمكن تلخيص المشكالت الوظيفية للجماعة في‬
‫النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ -1.2.5‬عدم فهم أهداف الجماعة‪:‬‬

‫إن أكبر مشكلة تعترض الجماعة و تقف حجر عثرة أمام تماسكها و االحتفاظ بروح‬
‫معنوية عالية بين أفرادها ويحقق حاجاتهم ورغباتهم ‪ ،‬هو عدم فهم األعضاء ألهداف‬
‫الجماعة‪ ،‬و تعتبر هذه األهداف بمثابة المحرك ألعضاء الجماعة ومنشطة لفاعليتهم حيث‬
‫تتوحد الطاقات يتعزز التفاعل االجتماعي‪ ،‬إن من واجب قائد الجماعة أن يحدد األهداف مع‬
‫أفراد جماعته بشكل تأتي متوافقة وغير متعارضة‪ ،‬و قد تختلف أهداف األفراد مع أهداف‬
‫الجماعة وقد تكون متشابهة ‪ ،‬إال أنه من الضروري أن تكون واضحة و دقيقة ‪ ،‬لذا يجب‬
‫التعبير عنها يشكل علني و بصيغة مكتوبة ‪ ،‬تتحدد فيها األولويات والوسائل والمخططات‬
‫التي توصل إلى تحقيقها ‪ ،‬وتجدر اإلشارة أنه بقدر ما تكون أهداف الجماعة على صلة‬

‫‪172‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫بدوافع األفراد و بتوجهاتهم بقدر ما تكون لهذه األهداف تأثير في سلوكهم ‪ ،‬و بالتالي تتعزز‬
‫دينامية للجماعة ‪( .‬ضياء‪ ،2222 ،‬ص‪)91‬‬

‫‪ -2.2.5‬وجود العشيرات في الجماعة ‪:‬‬

‫إن وجود العشيرات (‪ (Clans‬في الجماعة غالبا ما يكون سببا في تفكك الجماعة‬
‫والقضاء على تماسكها‪ ،‬خاصة إذا ما أرادت العشيرة أن تقوم بتأدية أعمال الجماعة دون‬
‫السماح لبقية أعضائها باالشتراك في ذلك‪ ،‬ومن أهم األسباب في حدوث هذه المشكلة هو‬
‫حجم الجماعة الذي يؤدي إلى وجود قوى مضادة ألداء الجماعة ‪ ،‬ويؤدي كذلك إلى زيادة‬
‫متطلبات دور القائد وبالتالي إلى ظهور قيادات غير رسمية لعشيرات تعمل على تحقيق‬
‫أغراضها بغض النظر عن رؤية القيادة الرسمية وبرامج الجماعة‪ ،‬إن هذه العشيرات كثي ار ما‬
‫يكون سلوكها سببا في خلق المشكالت والمتاعب التي تعوق األعضاء و الجماعات على‬
‫التطور والتقدم‪ ،‬وتوجد تلك الظاهرة في معظم الجماعات ‪ ،‬حيث من النادر أن نجد جماعة‬
‫يكون لكل أعضائها نفس العالقات تماما من حيث الكم والكيف ببقية أعضاء الجماعة ‪،‬‬
‫فهذا النموذج ال يكون حتى في الجماعات األولية مثل األسرة‪ ،‬والقائد الناجح عليه أن يتقبل‬
‫ضرورة وجود العشيرات داخل جماعته‪ ،‬على اعتبار أنها يمكن أن تكون عامل أساسي في‬
‫نجاح العمل الجماعي ‪ ،‬وقد تصبح أكثر خطورة عندما يساهم القائد في فصلها على بقية‬
‫الجماعة ‪( .‬سلمى‪،1998،‬ص‪)178-177‬‬

‫‪ -3.2.5‬وجود المنازعات في الجماعة ‪:‬‬

‫إن المنازعات داخل الجماعة دائما ما تعوقها عن التقدم وتحقيق التماسك إذا ما‬
‫استفحل أمرها‪ ،‬فهي قد تكون أحيانا سببا في انقسام الجماعة تفككها‪ ،‬ومن أهم أسباب‬
‫المنازعات داخل الجماعة‪ ،‬هو اختالف وجهات النظر والميول والخبرات وفرض اإلرادات‬
‫الحتالل أدوار معينة داخل الجماعة للحصول على مزيد من المنفعة ‪ ،‬وتعبر المنازعات‬
‫على نفسها بطرق شتى منها عدم صبر األعضاء بعضهم على بعض‪ ،‬ومهاجمة األفكار‬

‫‪173‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫قبل التعبير عنها كاملة‪ ،‬و اختالف األعضاء بواسطة تقديم تعليقات ومقترحات بدرجة كبيرة‬
‫من العنف وعلى المستوى الشخصي ‪ ،‬و قد يرجع التشاحن والمنازعات في الجماعة ألسباب‬
‫منها أن يلقي على الجماعة عمل صعب ‪ ،‬فيشعر األعضاء نحوه باإلحباط لعدم قدرتهم‬
‫على مواجهة ما يلقى عليهم من مطالب ‪ ،‬لذلك يجب معالجة الخالفات والمنازعات التي‬
‫تظهر في الجماعة في مراحلها األولى لكي ال تحتاج إلى الوقت الطويل والمجهود الكبير من‬
‫قائد الجماعة ‪ ،‬كي يعمل على إزالتها أو استغاللها في عملتي النمو والتطور لكونها إحدى‬
‫الوسائل الهامة في إحداث دينامية داخل الجماعة (ضياء‪،2222 ،‬ص‪.)99-98‬‬

‫‪ - 4.2.5‬مشكالت الروتين والتنظيم ‪:‬‬

‫إن كثرة وتعقد الروتين والتنظيم الزائد عن الحد في الجماعة يسبب الكثير من المتاعب‬
‫التي تعوق األعضاء ‪ ،‬وخاصة القادة منهم‪ ،‬فالتنظيم الوظيفي الزائد عند الحد الذي يشمل‬
‫كثرة اللجان وكثرة القواعد والتعليمات‪ ،‬تستفيد الوقت الطويل من القادة وأعضاء الجماعة في‬
‫كثرة الضبط والتنظيم في مقابل وضع المخطط ومناقشة البرامج المتعلقة باألهداف‪.‬‬

‫‪ - 3.5‬المشكالت التي تقوم بين الجماعات ‪:‬‬

‫إن التنافس الشديد بين الجماعات لتحقيق أغراض شخصية أو اجتماعية كثير ما يكون‬
‫سببا في خلق المشكالت التي تعمل على تفككها ‪ ،‬وذلك لمنافسة التي غالبا ما يتحول إلى‬
‫صراع وذلك لمحاولة كل جماعة أن تكون هي األقوى ‪ ،‬ولعل هذه الظاهرة تكون بين‬
‫المجموعات غير المتكافئة الذين يركزون جهودهم في تحطيم بعضهم البعض بدل التعاون‬
‫بينهما‪.‬‬

‫‪ - 4.5‬قيام عدد قليل من أعضاء الجماعة بأعمالها على الدوام ‪:‬‬

‫الشك أن مشكلة قيام عدد قليل من أعضاء الجماعة بأعمال الجماعة على الدوام ‪،‬‬
‫مشكلة منتشرة في مجتمعنا‪ ،‬وهي مشكلة خطيرة إذ أنها تعمل على إتاحة الفرص عدد من‬

‫‪174‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫األفراد باكتساب المهارات والخبرات مقابل أفراد آخرين مغيبين ال يقوم بأي عمل ‪ ،‬من شأنه‬
‫تنمية قدراتهم ‪،‬وقد نجد أفراد يعتمدون على غيرهم في تأدية أعمالهم دون مشاركتهم فيها‬
‫‪،‬وهذا غالبا ما يقلل من كفاءة األشخاص في االعتماد على أنفسهم ‪،‬كما يقلل شعورهم‬
‫بالمسؤولية االجتماعية وهذا من أهم العوامل التي تؤثر في روح الجماعة وتماسكها‪.‬‬
‫(ضياء‪ ،2222،‬ص‪) 97-96‬‬

‫‪ - 6‬العمليات االجتماعية داخل الجماعة ‪:‬‬

‫يعد التفاعل االجتماعي شرطا أساسيا في تكوين الجماعة ‪ ،‬إذ ترى نظرية التفاعل أن‬
‫الجماعة نسق من األفراد يتفاعل بعضهم مع بعض ‪ ،‬مما يجعلهم يرتبطون معا في عالقات‬
‫معينة ويكون كل عضو منهم على وعي بعضويته في الجماعة ‪ ،‬و ينشأ التفاعل من نمطين‬
‫من العالقات االجتماعية (‪ ، (Social relation‬وهما عالقة ايجابية متبادلة تسمى(عالقة‬
‫التجاذب)‪ ،‬وعالقة سلبية متبادلة تسمى (عالقة تنافر)‪ ،‬وهذا معناه أن التفاعل االجتماعي‪،‬‬
‫يحدد درجة التماسك أو التفكك بين أعضاء الجماعة‪.‬‬

‫وبناءا عليه كان من المفيد استعراض بعض مظاهر هذا التفاعل االجتماعي ‪ ،‬والتي‬
‫تمثل أنماطا سلوكية في حياة الجماعة ‪ ،‬و تعرف هذه األنماط بالعمليات االجتماعية (‬
‫‪ ،(social Process‬ولكي نفرق بين العالقات االجتماعية والعمليات االجتماعية ‪ ،‬نذكر أن‬
‫العمليات االجتماعية أوسع نطاقا من العالقة االجتماعية التي هي نتيجة مباشر للتفاعالت‬
‫االجتماعية و العمليات االجتماعية ‪ ،‬ومن هذه العمليات ما يؤدي إلى التجاذب و تقوية‬
‫‪( Associative Process‬‬ ‫العالقات مثل (التعاون‪ ،‬التكيف) وتسمى العمليات المجمعة‬
‫)‪ ،‬ومنها ما يؤدي إلى التنافر و إضعاف الروابط و العالقات االجتماعية مثل ( الصراع‪،‬‬
‫التنافس‪ ،‬المهادنة) و تسمى العمليات الهدامة ) ‪( ( Destructive Process‬‬
‫إن العمليات االجتماعية هي مجموعة التغيرات و التفاعالت‬ ‫سلمى‪،1998،‬ص‪،)166‬‬
‫التي تؤدي إلى ظهور نمط متكرر من السلوك ‪ ،‬و التي تخلق دينامية تضع الجماعة في‬

‫‪175‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫حالة تغير مستمر ‪ ،‬وفي ما يلي استعراض ألهم العمليات االجتماعية وأقواها شأنا في‬
‫استقرار الجماعة أو تفككها‪.‬‬

‫‪ - 1.6‬التنافس ) ‪: ( Compétition‬‬

‫المنافسة عملية اجتماعية يتم بمقتضاها تحديد نمط التطور في الجماعة ‪ ،‬فهي منشطة‬
‫للقوى واإلمكانات اإلنسانية شريطة أن يكون في الحدود المعقولة‪ ،‬أما إذا زاد عن حدودها‬
‫انقلبت إلى صراع وليس تنافسا‪ ،‬و التنافس يتولد عادة من التعاون ألن هذه العملية هي محل‬
‫تنافس وتؤدي إلى إطالق القوى الكامنة ومحاولة استغاللها في أرقى صورها‪ ،‬وهي عملية‬
‫دائمة ومستمرة حتى أن األفراد المتنافسون ال يشعرون أحيانا أنهم في حالة تنافس‪ ،‬ولكي‬
‫يؤدي التنافس وظيفته االجتماعية يجب أن يكون بين طرفين متعادلين ‪ ،‬ألن في عدم التكافؤ‬
‫قتل للروح المعنوية ألحد الطرفين فتخسر الجماعة عضوا نافعا ضحية المنافسة غير‬
‫المشروعة‪ ،‬و البد أن نشير أن الوضع الثقافي للمجتمع الذي يحتوي الجماعة هو الذي يحدد‬
‫اتجاه التعاون والتنافس‪ ،‬وهو الذي يعين األهداف المتنافس عنها ‪( .‬السلمي‪ ،‬ب ت‪،‬‬
‫ص‪)189-188‬‬

‫‪ - 2.6‬التعاون ) ‪: ( coopération‬‬

‫يعتبر التعاون عملية اجتماعية أو مظهر من مظاهر التفاعل االجتماعي ‪ ،‬و هو بذل‬
‫الفرد أقصى جهد مع أعضاء جماعته لتحقيق هدف مشترك يكافأ عليه جميع األعضاء‬
‫بالتساوي ‪ ،‬ويكون االعتماد بين أفراد الجماعة متبادال و ايجابيا‪ ،‬و الشك أن الفرد حين يقرر‬
‫التعاون مع اآلخرين لتحقيق هدف معين يكون مدفوعا إلى ذلك إلدراكه أنه ال يستطيع وحده‬
‫تحقيق ذلك الهدف منفردا ‪ ،‬ونستنتج من ذلك أن التعاون ظاهرة ليس دائما اختيارية ‪ ،‬بل في‬
‫أغلب الوقت يضطر الفرد لممارستها‪ ،‬و رغم أن التعاون عملية اجتماعية إال أنه يستجيب‬
‫مع بعض الدوافع الفطرية الكامنة في الطبيعة البشرية‪ ،‬وقد يحدث أن يقدم كل عضو عمال‬
‫منفردا يختلف عن عمل اآلخرين ‪ ،‬ولكن في داخل الجماعة تعتبر هدف األعمال الجزئية‬

‫‪176‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أنها تتجه نحو تحقيق غرض واحد وتتركز نحو موضوع مشترك يؤدي إلى التكامل‪ ،‬والتعاون‬
‫مثله مثل المنافسة ‪ ،‬هو أسلوب للسلوك يتعلمه الفرد بحكم تطور داخل بيئة الجماعة ‪ ،‬و‬
‫بفعل تفاعله مع اآلخرين ‪( .‬عبد الحافظ‪ ،2227 ،‬ص‪.)122-121‬‬

‫و الشكل رقم (‪ )24‬يوضح الفرق بين المواقف التعاونية والمواقف التنافسية‪.‬‬

‫‪ -3.6‬الصراع ) ‪: ( Conflit‬‬

‫يعتبر الصراع من أخطر العمليات االجتماعية وهو يمثل المظهر المتطرف للمنافسة‪،‬‬
‫فقد يحدث في كثير من المواقف أن تخرج المنافسة عن إطارها حين يحكم األفراد التحدي‬
‫واألهواء ومبدأ "تنازع البقاء"‪ ،‬فالصراع داخل الجماعة يشمل جميع أشكال وأنواع وصور‬

‫‪177‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫التعارض وعدم االتفاق والتفاعل العدائي‪ ،‬و يتراوح الصراع داخل الجماعات ما بين ثانوي‬
‫ومدمر ‪ ،‬ومن أهم أسباب حدوث الصراع عدم تجانس أعضاء الجماعة ‪،‬‬
‫وهامشي وجوهري ّ‬
‫وذلك في اختالف المعايير والقيم واألهداف و األفضليات باإلضافة إلى تعارض األدوار‬
‫وغموضها ويستخدم البعض مصطلحات عديدة مت اردفة للداللة على هذه الظاهرة ‪ ،‬ومن بينها‬
‫"االحتكاك" و"النزاع" وهذه حاالت متطرفة ناتجة عن حركية الجماعة وتفاعلها‪ ،‬و حيثما‬
‫هناك تفاعل فإن ظاهرة الصراع حتمية وهي شائعة في الجماعات مثل شيوع باقي العمليات‬
‫االجتماعية لذلك يرى كثير من الباحثين أمثال (‪ (Wright‬و (‪ (Noe‬سنة (‪ )3889‬إن‬
‫غياب الصراع كليا في جماعات العمل أمر غير مرغوب فيه‪ ،‬فغيابه مؤشر على عدم وجود‬
‫مشاركة و دينامية جماعة‪(.‬حسن‪ ،2224 ،‬ص‪.)179-175‬‬

‫‪ -4.6‬التكيف ) ‪:( Accommodation‬‬

‫يعتبر التكيف عملية اجتماعية ومؤداها أن يتكيف الفرد بالبيئة التي يعيش فيها‪،‬‬
‫ويصبح عنص ار منسجما مع عناصرها‪ ،‬فال يشعر بوطأة نظمها وال يضيق ذرعا بأوضاعها‬
‫بل يجب أن تساهم هذه النظم في تكوينه وتصبح من أهم مقومات شخصيته‪ ،‬ومن مظاهر‬
‫التكيف بين الفرد والجماعة‪ ،‬ما يشاهد في تماسك قوى الجماعة حول أهداف واضحة وشعور‬
‫الفرد بالمسؤولية االجتماعية بين أفراد الجماعة اآلخرين‪ ،‬وتتضح قدرة الفرد على التكيف في‬
‫ميله إلى مسايرة الجماعة واإلحساس باأللفة والمودة والميل إلى التفاني في كل أمر يهم‬
‫الجماعة ‪ ،‬وكذلك في التضحية بمصالحه في سبيل المصلحة العامة للجماعة ‪ ،‬و يتحقق‬
‫التكيف االجتماعي عندما تكون أهداف الفرد متمشية مع أهداف الجماعة‪ ،‬ويعتبر التكيف‬
‫االجتماعي مثل باقي العمليات االجتماعية عملية دينامية نظ ار لظروف التغير المطردة في‬
‫البيئتين الطبيعية و االجتماعية فما أن يتكيف الفرد مع جماعته حتى تتغير هذه الجماعة‬
‫مما يتطلب إعادة تكيفه معها من جديد ويفرق االجتماعيون بين التأقلم )‪(adaptation‬‬
‫والتكيف (‪ (Accommodation‬حيث أن اصطالح التأقلم يستخدم ليدل على تالؤم السلوك‬

‫‪178‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫اإلنساني مع ظروف البيئة الطبيعية‪ ،‬أما التكيف فيرتبط مع ظروف البيئة االجتماعية‪.‬‬
‫(سلمى‪،998 1 ،‬ص‪) 172-169‬‬

‫‪ -5.6‬المهادنة )‪: ( Appeasement‬‬

‫تعتبر المهادنة من مظاهر التفاعل االجتماعي بين األفراد والجماعات‪ ،‬وتحدث حين‬
‫يتفق المتصارعون على إخفاء صراعاتهم و وقف التنافس بينهم مؤقتا أي حين يتفق العمال‬
‫و اإلدارة على تأجيل خالفاتهم لحين التصدي إلى مشكالت خارجية تنافسية معينة ‪ ،‬إن‬
‫المهادنة نوع من العمليات االجتماعية يلجأ إليه الفرد أو الجماعة حين يتبين بعد إدراك‬
‫للموقف استحالة تحقيق فوز أو نصر ساحق على الطرف األخر أو نتيجة لحدوث تغير في‬
‫البيئة المحيطة يجعل من الصراع أم ار خطي ار على المتصارعين جميعا‪( .‬السلمي‪ ،‬ب ت‪،‬‬
‫ص‪)192-191‬‬

‫والشكل رقم(‪) 71‬يلخص العمليات االجتماعية للجماعة‪.‬‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحثة‬

‫‪179‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ - 7‬نظريات تكوين الجماعات‪:‬‬

‫هناك العديد من النظريات التي تفسر رغبة األفراد للعضوية في الجماعات ال تحدد‬
‫وجودها القوانين واألنظمة وفي هذا المجال يمكن تلخيصها عن النحو التالي‪:‬‬

‫‪ - 1.7‬نظرية التبادل ) ‪: ( Exchange Theory‬‬

‫وضع كل من "تيبوت" (‪ (Thibaut‬و"كيللي" (‪ (Kelly‬عام (‪ )3818‬نظرية تهدف‬


‫إلى توضيح السلوك بين األشخاص وبين الجماعة‪ ،‬وتؤكد هذه النظرية على عنصر تبادل‬
‫المنافع كأساس لعضوية الفرد في الجماعات‪ ،‬إذ يسعى الفرد عن طريق العضوية إلى تحقيق‬
‫المنفعة القصوى وتجنب الخسارة ‪ ،‬و تقوم هذه النظرية على افتراض أن تكوين الجماعة يقوم‬
‫على مشاركة ورضا األفراد في الجماعة من خالل التوافق الذي يحققه الفرد في محاولته حل‬
‫المشاكل التي تعتمد على بعضها البعض ‪ ،‬وتعتمد هذه النظرية على فكرة المقارنة حتى‬
‫يمكن ظهور االنجذاب أو االنتماء‪ ،‬ويشبع العائد من التبادل حاجات معينة‪ ،‬في حين يترتب‬
‫على التكلفة توتر أو إحباط أو إجهاد أو حرج‪ ،‬فالفرد الماهر في أداء عمله يجد المتعة في‬
‫أداء نتاج السلوك في حضور الجماعة‪ ،‬و بالنسبة لفرد آخر ال يكون ماه ار فإن أداء نفس‬
‫السلوك قد يكون فيه تكلفة‪ ،‬وتلعب عناصر القرب والتفاعل واالتجاهات المشتركة أدوا ار‬
‫تختلف في أهميتها في نظرية التبادل‪( .‬أبو النيل‪،1985،‬ص‪)257-255‬‬

‫‪ - 2.7‬نظرية التوازن ) ‪: ( Balance Theory‬‬

‫ترتبط هذه النظرية باسم "نيوكومب" (‪ ،(Newcomb‬و تنص على أن انجذاب األفراد‬
‫لبعضهم البعض يستند إلى اتجاهاتهم المشتركة تجاه أهداف أو أشياء معينة‪ ،‬وبمجرد تكوين‬
‫تلك العالقة بين األفراد‪ ،‬فإنها تعمل في سبيل الوصول إلى توازن بين االنجذاب (‬
‫‪(Attraction‬واالتجاهات المشتركة (‪ ، (commun Attitudes‬وان لم يوجد ذلك التوازن‬
‫فتبدأ المحاوالت إلى تحقيقه ‪ ،‬و إذا فشلت تلك المحاوالت فإن العالقة عادة ما يكون مصيرها‬
‫الزوال وعلى هذا األساس يرى "نيوكوم" بأن أساس االنتماء للجماعات هو إيجاد التوازن بين‬

‫‪180‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫اتجاهات األفراد ‪ ،‬وتأتي حاالت التوازن من االتجاهات االيجابية بين األفراد ونحو أنفسهم‬
‫ونحو موضوع معين أو من االتجاهات السلبية وتوافقها نحو موضوع معين كذلك ‪ ،‬أما‬
‫حاالت عدم التوازن فهي توافق االتجاهات الفردية تجاه بعضهم رغم اختالفها حول موضوع‬
‫معين أو تباين اتجاهاتهم حول الموضوع المعين رغم توافق اتجاهاتهم الشخصية ويبقى أسوأ‬
‫حاالت عدم التوازن هو عدم توافق االتجاهات الشخصية على أسس شخصية وكذلك حول‬
‫مواضيع ومواقف معينة‪ .‬والشك أن لكل من عاملي القرب والتفاعل دو ار هاما في نظرية‬
‫التوازن‪.‬‬

‫‪ - 3.7‬نظرية التفاعل ) ‪: ( Intevactional Theory‬‬

‫ترى هذه النظرية أن االنتماء إلى الجماعات هي محصلة ثالث عناصر أساسية هي‬
‫و المشاعر (‪،(Sentiments‬‬ ‫النشاطات (‪ (Activités‬التفاعالت (‪(Interactions‬‬
‫وترتبط هذه النظرية باسم "جورج هومانز" (‪ ، (George Homans‬و طبقا لهذه النظرية‬
‫فإن هذه العناصر الثالثة تتفاعل مع بعضها البعض بطريقة مباشرة‪ ،‬فكلما زادت األنشطة‬
‫بين أفراد معينين‪ ،‬كلما زاد تفاعالتهم‪ .‬وكلما زادت قوة العاطفة التي تربطهم زاد التفاعل‬
‫بينهم ‪ .‬و كلما زادت األنشطة التي يشتركون فيها معا زادت العاطفة التي تجمعهم ‪ ،‬و كلما‬
‫زادت العاطفة بين أفراد الجماعة زادت األنشطة والتفاعالت فيما بينهم‪ ،‬ويعتبر التفاعل أقوى‬
‫العناصر الثالثة في عملية تكوين الجماعات ‪ ،‬و ال يقصد بالتفاعل هنا القرب المادي (‬
‫‪ ،(Physical Propinquity‬ولكن ذلك االنتماء الجماعي لحل المشاكل وتحقيق األهداف‬
‫وتسهيل التعاون وتخفيض التوتر ‪ ،‬وتعد الجماعات المتكونة حسب هذه النظرية من أقوى‬
‫الجماعات‪( .‬أبو النيل‪ ،1985 ،‬ص‪)262‬‬

‫‪181‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ - 4.7‬نظرية القرب ) ‪:( Propinquity Theory‬‬

‫تفسر هذه النظرية انضمام األفراد للعضوية في الجماعات تفسي ار آليا أساسه التقارب‬
‫المكاني لألفراد‪ ،‬فالفرد من وجهة نظر هذه النظرية ينضم إلى الجماعات القريبة منه مكانا ‪،‬‬
‫و طبقا لهذه النظرية فإن شعور األفراد باالنتماء يظهر كنتيجة للجوار‪ ،‬فالعاملون في تنظيم‬
‫معين‪ ،‬والمشتركون في نفس الغرفة‪ ،‬أو في نفس الموقع جماعات متميزة ‪ ،‬و هناك الكثير‬
‫من األبحاث التي تؤكد نتائجها هذه النظرية ‪ ،‬ولقد كان النقد األساسي الموجه لهذه النظرية‬
‫هو افتقادها للعناصر التحليلية الكافية‪ ،‬وقصورها في شرح التعقيدات المتعددة الموجودة في‬
‫عملية تكوين وتشكيل الجماعات‪( .‬القريوتي‪ ،2223 ،‬ص‪)129‬‬

‫والشكل رقم (‪ )79‬يوضح النظريات األربعة المفسرة لتكوين ونشوء الجماعات‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحثة‬

‫‪182‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ - 8‬األدوار الرئيسية ألعضاء الجماعة ‪:‬‬

‫يعرف الدور بأنه "أفعال األعضاء منظور إليها في مالئمتها للتركيب االجتماعي"‬
‫(بركات‪ ،7009 ،‬ص‪ ، )44‬و هنا يعرف الدور كأنه خاصية الفرد الفاعل أكثر من أن‬
‫يكون خاصية البيئة المعيارية‪ ،‬و ينظر للجماعة باعتبارها وحدة من األعضاء المتفاعلة‬
‫والذي يمارس كل منهم دوره الذي حدد له ‪ ،‬و من بين األدوار أو المراتب الرئيسية للجماعة‬
‫نذكر ما يلي (حامد‪ ،1977 ،‬ص‪) 185-182‬‬

‫‪ -1.8‬القائد ‪:‬‬

‫هو الدور المهم في الجماعة حيث يقوم بتوجيه جهود األفراد لتحقيق هدف ما‪ ،‬ويتمثل‬
‫الدور الرئيسي له في عمليات تكوين الجماعة وتحديد مميزات ومهارات أعضائها‪ ،‬تحديد‬
‫األهداف و المعايير وتوضيح األدوار الغامضة‪.‬‬

‫‪ - 2.8‬المتمثل ‪:‬‬

‫المتمثل أو الخاضع أو المؤيد لقواعد الجماعة هو الذي يتوحد مع أفكار الجماعة‬


‫وعاداتها وتقاليدها‪ ،‬و المتمثل في هذا السياق ال يحمل المعنى السلبي للكلمة إنما يحمل‬
‫معنى التفاعل وعدم الخروج عن قواعد الجماعة‪ ،‬كما بإمكانه أن يتقدم بأفكار ومقترحات‬
‫جديدة ‪ ،‬لكنه يلتزم بما تقرره الجماعة سواء بالموافقة أو الرفض لهذه االقتراحات‪ ،‬ونشير هنا‬
‫أن االمتثال األعمى للجماعة يشكل عقبة في تطور الجماعة نحو األحسن‪ ،‬أما ضعف‬
‫االمتثال ففيه تهديد لتماسك الجماعة فيصبح ضعيفا و يكون التأثير الخارجي قوي‪.‬‬

‫‪ – 3.8‬المعارض‪:‬‬

‫من أعضاء الجماعة من يحتل مركز المعارض ‪ ،‬و بالتالي يمثل دور المعارضة ‪ ،‬و‬
‫المعارض في الجماعات ذات النمط القيادي الديمقراطي يلعب دو ار مهما في تحقيق التطوير‬
‫من خالل تسجيل المواقف الخاطئة أو تقديم مقترحات وأفكار خارجة عن إطار الجماعة ‪ ،‬و‬

‫‪183‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المعارض ضمن هذا اإلطار يمثل دو ار ايجابيا ‪ ،‬أما إذا كانت المعارضة من أجل المعارضة‬
‫فقط فيأخذ دو ار سلبيا مشككا في جماعته وبكل ما تحمله من قيم وأهداف ‪ ،‬و في هذه الحالة‬
‫يقترب من دور المنحرف عن تعاليم الجماعة ويتصف سلوكه بالفردية وأحيانا بالطابع‬
‫األناني‪.‬‬

‫‪. 4.8‬المنحرف ‪:‬‬

‫المنحرف في الجماعة هو الذي يخرج على معايير الجماعة وعلى قيمها بصورة تؤثر‬
‫سلبا على تماسكها و على استقرارها ‪ ،‬أي هو الفرد أو العضو الذي يتخطى الحدود المسموح‬
‫بها ‪ ،‬ألنه ليس كل فرد معارض منحرف‪ ،‬و المنحرف يكون موضع اهتمام الجماعة ‪ ،‬إذ‬
‫تسعى بشتى الوسائل إلعادته إلى الجماعة و االمتثال بمفاهيمها و بمادتها‪ ،‬ومن هذه‬
‫الوسائل أسلوب المنافسة و إظهار مواطن الضعف والخطأ لدى المنحرف و معالجة مسببات‬
‫االنحراف و اإلهمال ‪ ،‬و إذا لم يحترم الفرد المنحرف معايير الجماعة تقوم هذه األخيرة‬
‫بمعاقبته من خالل العزلة فالنبذ ثم اإلقصاء من عضوية الجماعة‪.‬‬

‫‪ – 5.8‬الهامشي ‪:‬‬

‫هو العضو الذي يعيش على هامش الجماعة‪ ،‬ال يتفاعل و ال يندمج معها ‪ ،‬و ال‬
‫يعارض كما أنه ال يتمثل كليا أو يعايش مبادئ الجماعة كما يعايشها األعضاء الفاعلون ‪،‬‬
‫كما ال يهمه ما يجري داخل الجماعة و إن كان ما يجري يهدد الجماعة ويضعف تماسكها ‪،‬‬
‫و الهامشية ال تنفي االنتماء إلى جماعة أخرى ‪ ،‬بحيث يكون الفرد هامشيا في جماعة و‬
‫ممثال فاعال في جماعة أخرى ‪ ،‬و بذلك فالهامشي في جماعة قد يكون عضوا نشيطا أو‬
‫قائدا في جماعة أخرى ‪.‬‬

‫‪184‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ .1‬مفهوم دينامية الجماعة‬

‫‪ - 1.1‬تعريف الدينامية ) ‪: ( Dynamic‬‬

‫هو مصطلح معرف ألصل كلمة (‪ (Dynamique‬في اللغة الفرنسية و (‬


‫‪(Dynamic‬باللغة االنجليزية و (‪ (Dynamik‬باللغة األلمانية‪" .‬وتشير الكلمة في األصل‬
‫االشتقاقي إلى معنى القوة عند اليونان" (مربوحة‪،7001،‬ص‪ ،)319‬و لقد استعير هذا‬
‫المفهوم من المجال الفيزيائي والذي يقصد به في مجال الميكانيكا مختلف العالقات التي‬
‫تكون بين القوى والحركات الناتجة عن هذه األخيرة ‪ ،‬و لقد أثار المعجم الفلسفي إلى معنى‬
‫كلمة الدينامية بكونها "اتجاه يقابل الميكانيكية (‪ ، )Mechanics‬و يفسر جميع الظواهر‬
‫بردها إلى القوى‪ ، ،‬و يذهب "برجسون" إلى أن حقيقة المادة هي الحركة و أن األشياء ليست‬
‫سوى مرحلة من مراحل التغيير ‪ ،‬و هي كلمة مناقضة للستاتيكية (‪( (static‬مدكور‪،‬‬
‫‪ ،1983‬ص‪ ،)86‬ويعتبر "محمد أديون" أن "مفهوم الدينامية مرتبط بمفهوم الجهد (‬
‫‪ ،(Effort‬ومفهوم الجهد ينحدر من أصل اجتماعي للنشاط اليومي البشري"‬
‫(أديوان‪،2221،‬ص‪ ، )11‬و تقال الدينامية كصفة مقابلة للسكون وانعدام الحركة و الجمود‬
‫والتحجر فالدينامية إذن تعني التغيير و التعديل والحراك والتبديل والنمو والتقدم والتفاعل أو‬
‫التي تؤدي إلى حدوث التغيير‪ ،‬وقد يقصد بلفظ "الديناميات‬ ‫تشير إلى األسباب‬
‫(‪ )Dynamics‬توفر القوى (‪ (Forces‬كما هو الحال في الفيزياء وتأثيرها على الجسم‬
‫ووظائفه‪ ،‬ويشير " الحفني عبد المنعم" إلى عدة مصطلحات المتصلة بفكرة الدينامية لعلها‬
‫توضح المقصود بهذا اللفظ "ومن ذلك إشارته إلى (‪ (Dynamic‬أي دينامي أو ديناميكي أي‬
‫متعلق بالدينامية ‪ ،‬و ذو عالقة بالقوة والطاقة الطبيعية أو المتميز بالفاعلية والتغيير‬
‫المستمرين ‪ ،‬كما يشير إلى التوازن الدينامي (‪ ، (Dynamic equilibrium‬ومعناه تنظيم‬
‫الطاقة بشكل مستقر (العيسوي‪ ،2226،‬ص‪ ،)11‬بمعنى أي تغير يعتري أي جزء من‬
‫النظام المتوازن ينعكس على النظام كله ‪ ،‬وهذا يحتم إعادة توزيع الطاقة الذي يؤدي إلى‬
‫استمرار التغيير والنشاط ‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ - 2.1‬تعريف دينامية الجماعة‪:‬‬

‫تتسم الجماعات بطابعها الحركي فهي ليست مواد جامدة فهي تولد وتتطور‪ ،‬وتتساند‬
‫أو تتباعد‪ ،‬فالجماعة بهذا المعنى ذات طابع تاريخي باعتبارها قابلة للتطور واالنكسار‬
‫واالتساع والتق لص‪ ،‬و تعرف هذه الظاهرة السيكوسيولوجية التي تعيشها الجماعات بدينامية‬
‫الجماعة والتي يتجه الباحث في هذه الدراسة العتبارها أحد مظاهر الحياة الجماعية‬
‫وموضوعا للدراسات النفسية و االجتماعية في الشكل التطبيقي للمبادئ السيكولوجية أكثر‬
‫من كونها دراسة في التنظير األكاديمي أو فرعا من فروع العلوم اإلنسانية ‪ ،‬و توضيحا‬
‫للصورة وتحديدا للموضوع الذي تتناوله الدراسة تسوق الباحثة عددا من التعريفات التي‬
‫أوردها كبار العلماء والباحثين حول موضوع دينامية الجماعة‪.‬‬

‫يعتبر "جان ميزونوف( ‪ ) Jean Maisonneuve‬دينامية الجماعة مجموع المركبات‬


‫التطورات التي تدخل في حياة الجماعات ‪ ،‬وخاصة جماعات وجها لوجه أي الحضور‬
‫السيكولوجي لألعضاء و يجدون أنفسهم على عالقة متبادلة و تفاعل تقديري"‪( .‬جان‪،‬‬
‫‪ ،1982‬ص‪ ، )32‬أما بالنسبة " لسعد جالل" فقد عرفها في كتابة علم النفس االجتماعي‬
‫بأنها "المصطلح العام الذي يدلل على العمليات التي تتم في الجماعات ونتائج هذه العمليات‬
‫مع استخدام المنهج التجريبي‪ ،‬كما فعل (‪ (Lewin‬إضافة لدراسة التغيرات المستمرة في‬
‫الجماعات من نمو واضمحالل وحركة ومرونة" (سعد‪ ،1984 ،‬ص‪ ،)227‬و من جهة‬
‫أخرى اعتبر "حامد زهران" أن ديناميات الجماعة تعني في جوهرها دراسة التفاعل مضافا إليه‬
‫عنصر التغير (حامد‪،1977،‬ص‪ ،)93‬و يطلق "أسعد رزق" على مصطلح دينامية الجماعة‬
‫اصطالح "حركية الجماعات ‪،‬و يرى أن المصطلح يشير إلى العوامل الداخلية التي يستند‬
‫عرف "محمد شمس الدين" دينامية‬
‫إليها سلوك الجماعة (العيسوي‪،2226،‬ص‪ ،)12‬و لقد ّ‬
‫الجماعة بأنها "تعني القوى االجتماعية والسيكولوجية التي تؤثر في العالقات داخل الجماعة‬
‫وتعمل على جمود الجماعة أو تطورها الذي قد يكون تقدما أحيانا وتقهقر أحيانا أخرى‪.‬‬
‫(محمد شمس الدين‪،1984،‬ص‪) 87‬‬

‫‪186‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و يعرف "خليل ميخائيل معوض" الدينامية في المجال السيكو اجتماعي " بأنها‬
‫مختلف القوى االيجابية والسلبية التي تتحكم في الجماعة ‪ ،‬وتساعدها على التوازن والتطور‬
‫واالندماج أو االنكماش والتشتت والتناحر‪ ،‬كما أنها عبارة عن التفاعالت البنيوية الوظيفية‬
‫التي تتحكم في نسق الجماعة ‪ ،‬إن كل تغير يمس عنص ار فرديا داخل الجماعة ونسقها فإنه‬
‫يؤثر ال محالة على باقي العناصر األخرى إما سلبا أو إيجابا" (خليل‪ ،1982 ،‬ص‪ ،)92‬و‬
‫يرى "هولنبيك (‪ )hollenbeck‬بأن الدينامية هي القوى التي تؤثر في العالقات والتفاعل‬
‫داخل الجماعة‪ ،‬والتي يكون لها األثر في سلوك الجماعة فقد تعمل الدينامية على تطوير‬
‫الجماعة وتأخرها وقيام الصراع و التوتر في العالقات بين أفرادها مما يؤدي إلى تدهور‬
‫الجماعة وانحاللها"(خليل‪،1982،‬ص‪.)91‬‬

‫أما "انجلش" (‪ (H.B English‬فيشير إلى عدة معاني لهذا المصطلح منها التغييرات‬
‫الدينامية (‪ ) Dynamic changes‬التي تحدث داخل الجماعات االجتماعية ‪ ،‬و يقصد‬
‫"انجلش" بالدينامية هنا عالقة العلية أو العلة و المعلول (‪ ، (Cause- Effect‬و من‬
‫معاني هذا المصطلح أيضا كيفية تكوين الجماعة وطريقة أدائها و وظيفتها "(العيسوي‪ ،‬ب‬
‫ت‪،‬ص‪ ،)332‬و حسب "كيرت لوين (‪" (Kurt Levin‬فإن دينامية الجماعة هي مجموع‬
‫القوى النفسية واالجتماعي المتعددة والمتحركة و الفاعلة التي تحكم تطور الجماعة و‬
‫سيرورتها و هي تشمل القوى الخفية التي تحدث داخل الجماعة (‪ (Hidden Forces‬نتيجة‬
‫التفاعل بين أفرادها و القوى الظاهرة (‪ ،) Visibility forces‬التي تؤثر على سلوكات األفراد‬
‫كما تهتم بالسيرورات العالئقية في مستواها الواعي كالتبادالت العقلية و عمليات اتخاذ القرار‬
‫‪ ،‬وفي مستواها الالواعي كعمليات التقمص و التوحد و اإلسقاطات الجماعية ‪ ،‬في مختلف‬
‫(محمد‬ ‫الجماعة"‬ ‫في‬ ‫تحدث‬ ‫التي‬ ‫االختالالت‬ ‫و‬ ‫االختالفات‬ ‫و‬ ‫المواقف‬
‫آيت‪،2225،‬ص‪.) 9394‬‬

‫و يعرف "دوقالس توم" (‪ (Douglas Tom‬دينامية الجماعة بأنها مجموعة المثيرات‬


‫واالستجابات التي تحدث داخل الجماعة ‪ ،‬وتتفاعل هذه االستجابات والمثيرات مع بعضها‬

‫‪187‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫في المواقف المختلفة التي تمر بها الجماعة‪ ،‬أما "كيب كان (‪" (Keap Ken‬فقد اتفق تعريفه‬
‫لدينامية الجماعة مع "دوقالس" حيث اعتبرها مجموع التفاعالت التي تحدث في موقف معين‬
‫‪ ،‬أو أنها مجموع المثيرات واالستجابات التي ترتبط في موقف معين" (ضياء‪،7000،‬‬
‫ص‪ ، )791‬كما نجد أن مصطلح دينامية الجماعة قد استخدم بمعنيين‪ ،‬فالمعنى األول يشير‬
‫إلى مجموع الظواهر التي تنشأ في الجماعات ‪ ،‬وكذلك القوانين الطبيعية التي تحكم في هذه‬
‫الظواهر‪ ،‬أما المعنى الثاني فيعني المناهج التي تأثر في الفرد بواسطة الجماعات (‬
‫‪ ،2009، Françoise Alain‬ص‪.(68‬‬

‫و يعتبر آخر أن دينامية الجماعة عبارة عن مثيرات واستجابات بالمفهوم السلوكي‬


‫للتفاعل داخل الجماعة‪ ،‬فعندما يصدر عن فرد ما سلوك معين داخل الجماعة الواحدة يكون‬
‫هذا السلوك است جابات فورية من باقي أفراد الجماعة‪ ،‬وهذا يعني أن دينامية الجماعة عبارة‬
‫عن قوى تفاعلية كيماوية تساهم في تحريك الجماعة وتغيير اتجاهات أفرادها و ميولتهم‬
‫الشخصية و تطوير رؤاهم و نوازعهم الذاتية ايجابيا أو شحنها بمكونات سلبية تهدد تماسك‬
‫الجماعة وانسجامها واتساقها الوظيفي ‪ ،‬كما هو شأن تفاعل عناصر الدارة الكهربائية‪.‬‬
‫(خليل‪ ،1982،‬ص‪)92‬‬

‫‪188‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و الشكل رقم (‪ )72‬يوضح هذا المعنى‪.‬‬

‫‪ - 2‬خصائص دينامية الجماعة ‪:‬‬

‫‪ - 1.2‬التغير ( ‪: )chenge‬‬

‫تهيمن على الجماعة دينامية تنحو بها الى التغيير أثناء التكوين أو إعادة التكوين ‪،‬‬
‫و يعمل هذا التغير إلى إعادة التوازن ‪ ،‬و ذلك بإعادة توزيع القوى توزيعا يكفل للجماعة‬
‫االستقرار‪ ،‬و يتخذ التغيير أساليب وطرق مختلفة في إعادة االستقرار الكلي أو الجزئي‪ ،‬ومن‬
‫بين هذه األساليب إبعاد بعض األفراد‪ ،‬تغير القادة‪ ،‬إعادة تنظيم األهداف‪ ،‬تحويل الصراع‬
‫الداخلي إلى صراع خاص بين بعض األعضاء ‪،‬وقد يؤدي التغير كذلك إلى انحالل‬
‫الجماعة ذاتها وذلك عندما تشتد حدة التوتر وتخفق الجماعة في االستقرار الكلي والجزئي‪.‬‬
‫(فؤاد‪ ،‬ص ‪)167-165‬‬

‫‪189‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ - 2. 2‬االستمرارية ( ‪:)continuity‬‬

‫إن الدينامية عملية مستمرة في الجماعة تبدأ بمثيرات واستجابات يتحول كل منها إلى‬
‫اآلخر ‪ ،‬فالمثير يتحول إلى مستجيب ثم يتحول المستجيب إلى مثير بصورة دائرية وهكذا‬
‫تكتسب الدينامية صفة استم اررية‪.‬‬

‫‪ – 3. 2‬الطاقة )‪:( Energy‬‬

‫إن دينامية الجماعة توفر طاقة محركة من خالل األفعال و ردود األفعال (‬
‫‪ ، )Réactions،Actions‬تنشأ مع بدء تشكل الجماعة فهي مسئولة عن تكون ونمو وتغير‬
‫الجماعة ‪ ،‬وهي سالح ذو حدين‪ ،‬إما أن تعمل على نمو الجماعة أو االنحراف بها وفي‬
‫كلتا الحالتين كلما زادت الطاقة الناتجة عن التفاعل كلما أمكن تحقيق مزيد من التغير ‪.‬‬
‫(ضياء‪ ،2222،‬ص‪) 281-276‬‬

‫‪ – 4. 2‬الكلية ( ‪:) Collective‬‬

‫إن الجماعة كل أكثر منها تجمع‪ ،‬والجماعة ليست مجرد مجموع أفراد‪ ،‬والسلوك‬
‫االجتماعي لألفراد أثناء التفاعل االجتماعي يختلف عن سلوكهم إذا كانوا فرادى‪ ،‬و يكمن‬
‫وراء ذلك دينامية الجماعة والتي أحد خصائصها الكلية ‪ ،‬بحيث تصبح الجماعة أكبر من‬
‫مجموع أفرادها كما أن شخصية الجماعة ال تمثل مجموع شخصيات أعضائها وانما هي‬
‫حصيلة تفاعل هذه الشخصيات‪.‬‬

‫‪ - 3‬مستويات دينامية الجماعة ‪:‬‬

‫هناك مستويين أساسيين داخلي وخارجي يمثالن ديناميتين مختلفين للجماعة ‪ ،‬وهما‬
‫دينامية داخلية للجماعة و دينامية خارجية للجماعة‪ .‬وذلك طبقا للمعيار األساسي والمتمثل‬
‫في القوى النفسية االجتماعية ذات التأثير الداخلي والخارجي ‪ ،‬وفيما يلي نوضح هذين‬
‫المستويين ‪( .‬ضياء‪ ،2222 ،‬ص‪)288-287‬‬

‫‪190‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -1.3‬الدينامية الداخلية للجماعة ( ‪:)Internal dynamics‬‬

‫والمقصود بها كافة العوامل المؤثرة في الدينامية سواء كانت عوامل سيكولوجية أو‬
‫اجتماعية‪ ،‬عوامل تتعلق باألعضاء لكونهم هم األساس التكويني للجماعة ‪ ،‬و يؤثرون فيها و‬
‫يتأثرون بها ‪ ،‬و بالتالي تصبح الخصائص االيجابية أو السلبية من العوامل المؤثرة في‬
‫الدينامية‪ ،‬ومن أهم هذه العوامل المؤثرة في الدينامية الداخلية للجماعة مايلي‪:‬‬

‫‪ -1.1.3‬جو الجماعة ‪:‬‬

‫وهو يتضمن الحالة المزاجية للجماعة أو الشعور الذي يتخلل الجماعة‪ ،‬فالجماعات‬
‫التي يسودها جو الود والتسامح تكون الدافعية أكبر للعمل ‪ ،‬و يكون هناك شعور بالرضا ‪،‬‬
‫ويصبح األفراد أكثر إنتاجا واخالص ا وتعاونا ‪ ،‬و هذا يوفر الجو الديمقراطي مما يسهل لكل‬
‫فرد االشتراك في أنشطة الجماعة‪ .‬وفي المقابل قد يكون الجو مشبعا بالخوف والشك‬
‫كالخوف من التعرض لالستهزاء والسخرية ‪ ،‬وقد يكون األفراد ال يثقون ببعضهم أو في‬
‫دوافعهم أو إخالصهم للجماعة وقد يكون الجو عدوانيا يحاول كل عضو النيل من العضو‬
‫وبناء على الجو الذي يسود الجماع‬
‫ً‬ ‫اآلخر ‪ ،‬وقد يكون الجو مشبعا بالالمباالة واإلهمال‪،‬‬
‫ستكون حركتها وتفاعل أفرادها وسيرها نحو أهدافها‪.‬‬

‫‪ –2.1.3‬المشاركة‪:‬‬

‫هي تفاعل الفرد عقليا وانفعاليا في موقف الجماعة بشكل يشجعه على المساهمة في‬
‫تحقيق أهداف الجماعة‪ ،‬وقد تكون المشاركة رسمية أو غير رسمية‪ .‬وان في توسيع نطاق‬
‫المشاركة إثراء للق اررات ‪ ،‬ويصبح كل مشارك أكثر اهتماما بالموقف والجماعة‪ .‬إن المشاركة‬
‫تدفع الناس إلى التغيير الذي أساسه تفاعل الفرد مع البيئة االجتماعية ‪ ،‬وتتيح للفرد المشارك‬
‫فرصة أكبر الكتساب المشاعر و تمكن الفرد من معرفة قدرته ‪ ،‬وهي أسلوب لتنمية روح‬
‫المسؤولية بين أعضاء الجماعة‪ ،‬إن المشاركة هي المبدأ الكامن وراء تحقيق الحياة‬

‫‪191‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الديمقراطية وتعمل على تنمية عاطفة تحقيق الذات ‪ ،‬و تزيد من والء الفرد وانتماءه‬
‫للجماعة‪.‬‬

‫‪ -3.1.3‬إجراءات الضبط (قوانين الجماعة) ‪:‬‬

‫يقصد بإجراءات الضبط األساليب التي تتبعها الجماعة لتدفع أفرادها إلى االلتزام‬
‫بمعاييرها ومبادئها ‪ ،‬و قد تعتمد بعض الجماعات على الحوافز والمكافآت في حين تعتمد‬
‫أخرى على العقاب ‪ ،‬لذا البد من معرفة إجراءات الضبط ومن الضروري تطبيق إجراءات‬
‫الضبط على جميع أفراد الجماعة دون تمييز‪ .‬لكن البد من األخذ بعين االعتبار أنه ال يوجد‬
‫التزام تام ألي معيار اجتماعي‪ .‬وتتوقف درجة الضبط وفاعليته باألهمية التي يعلمها العضو‬
‫عن الجماعة ومدى تقلبها له أي كلما كانت الجماعة مهمة له كان لضوابطها أثر أكبر عليه‬
‫‪ ،‬وقد يكون سبب انحراف الفرد عن معايير الجماعة كونه عضو في جماعة أخرى أكثر‬
‫جاذبية و معاييرها مختلفة ‪ ،‬فهو ينفذ ويسير على معايير تلك الجماعة المرجعية األولى‪.‬‬

‫‪ - 4.1.3‬التوحد ‪:‬‬

‫هو أن يشعر الفرد" أنه الجماعة وأن الجماعة هو" فانجازاتها انجازاته واخفاقاتها‬
‫إخفاقاته ‪ ،‬فهو أكثر من الوالء و أكثر من الجاذبية إنه التوحد‪ .‬فيكثر الفرد المتوحد مع‬
‫الجماعة من ترديد (نحن) وال يردد (أنا) وقد يوجد هذا التوحد في الجماعات الكبرى‬
‫والصغرى الرسمية وغير الرسمية على حد سواء‪ .‬وهناك عالقة متينة بين التوحد والتماسك‬
‫وبين التوحد والمشاركة ‪ ،‬فالقيام بنشاط الجماعة يعتبر مصد ار للتوحد وغالبا ما يكون التوحد‬
‫تفاعل قوي مصحوب بشحنات انفعالية عالية‪ .‬وكلما زاد توحد أعضاء الجماعة كلما كانت‬
‫ديناميكية الجماعة عالية وسرعتها نحو تحقيق أهدافها وتحقيق التغيير أكبر‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -5.1.3‬دور عضو الجماعة ‪:‬‬

‫يحتل كل عضو في الجماعة دو ار تبعا لشخصيته وقدراته‪ ،‬فالبعض يحتل مراكز‬


‫قيادية والبعض يحتل مراكز المساندين والتابعين‪ ،‬ولكي نفهم سلوك العضو في الجماعة‬
‫يجب أن نتعرف على الدور الذي يقوم به‪ .‬وكما أن فهم العضو للدور الذي يقوم به وشعوره‬
‫بناء على‬
‫بمدى أهميته للجماعة يحدد درجة إحساسه‪ ،‬وقد وجد الدارسون أن تحديد الدور ً‬
‫االنتخاب يؤدي إلى إنتاجية أكثر من أن يتم ذلك من خالل التعيين‪.‬‬

‫‪ -6.1.3‬حجم الجماعة ‪:‬‬

‫كلما زاد حجم الجماعة كلما كانت فرصة المشاركة أقل ‪ ،‬و تنشأ عن زيادة الحجم‬
‫العيوب التالية‪ :‬يكثر عدم االتفاق‪ .‬إظهار العداء بشكل أكثر نحو اآلخرين‪ .‬ازدياد درجة‬
‫القلق بين األعضاء والشعور بالتهديد واإلحباط‪ ،‬قلة المشاركة‪ ،‬و كما أن حجم الجماعة يحد‬
‫من كمية ونوع االتصال‪ ،‬فكلما زاد الحجم كانت العالقات االجتماعية أكثر تعقيدا‪ .‬كما أن‬
‫زيادة الحجم يجعل الجماعة تميل إلى إجراءات أكثر رسمية‪.‬‬

‫‪ -7.1.3‬التجانس وعدم التجانس‪:‬‬

‫وجود تجانس بين أعضاء الجماعة يزيد من فعاليتها ‪ ،‬ويساعد على تحقيق التوافق‬
‫وسرعة الوصول إلى اتفاق‪ .‬وال يمكن الوصول إلى تجانس تام ألنه إذا تجانس األعضاء في‬
‫ناحية فإنهم يختلفون في ناحية أخرى‪ ،‬إذ يجب علينا إدراك وجود عدم التجانس في جميع‬
‫الجماعات وهذا ليس عيب فالمهم هو فهم هذه االختالفات وكيفية تطويعها لتحقيق أقصى‬
‫إنتاجية للجماعة‪ .‬كما تبين أن األعضاء الذين يعملون مع بعضهم لفترة طويلة يميلون‬
‫ليصبحوا أكثر تجانسا في الميول واألهداف وعوامل الرضا‪.‬‬

‫‪193‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -8.1.3‬تقويم الجماعة ‪:‬‬

‫التقويم قوة داخلية فعالة تؤثر في إنتاجية الجماعة ومكانتها الدائمة في الجماعات‪ ،‬و‬
‫يجرى التقويم باستمرار و بطريقة شعورية وال شعورية‪ ،‬ويسهم األعضاء بأقصى جهد عندما‬
‫يرون الجماعة تأخذ بالتقويم وتعدل من مسارها‪ ،‬و من المفيد أن تضع الجماعة نظاما رسميا‬
‫للتقويم مما يساعدها في تصحيح المسار بصورة سريعة‪ ،‬حيث أن التقويم السريع المستمر‬
‫واآلخذ بنتائجه يوفر رضا دائما ألعضاء الجماعة‪.‬‬

‫‪ -2.3‬الدينامية الخارجية للجماعة ( ‪: )External dynamics‬‬

‫ويقصد بها أن هناك عوامل خارج نطاق الكيان االجتماعي الداخلي للجماعة تؤثر في‬
‫المجاالت المختلفة الخاصة بالجماعة‪ ،‬و تتكون الدينامية الخارجية التي هي مؤثرات جديدة‬
‫غير المؤثرات الداخلية ‪ ،‬و ذلك ألن الجماعة ال تعيش في فراغ اجتماعي ‪ ،‬بل هناك العديد‬
‫من المؤثرات الخارجية التي لها انعكاس على التفاعل والحركة والتغيير داخل الجماعة ‪،‬‬
‫ومن بين هذه المؤثرات نذكر ما يلي‪:‬‬

‫‪ - 1.2.3‬المجتمع المحلي ‪:‬‬

‫كل جما عة لها مكانة في المجتمع المحلي تختلف عن جماعة األخرى‪ ،‬ويتم تحديد‬
‫بناء على موافقة أهدافها ووسائلها لقيم المجتمع وحاجاته‪.‬‬
‫مكانة الجماعة بالنسبة للمجتمع ً‬
‫ويرتبط دور الجماعة بالمكانة التي تحتلها في المجتمع أو بما يتوقعه المجتمع منها‪ ،‬كما قد‬
‫تتنافس جماعتان أو أكثر لتأخذ مكانة اجتماعية معينة‪.‬‬

‫‪ -2.2.3‬المؤسسات الموجودة في المجتمع ‪:‬‬

‫عندما تضع مؤسسات المجتمع سياسات عامة معينة لخدمة المصلحة الوطنية وال‬
‫تقبل الجماعة المحلي ة ذلك تقبال تاما ‪ ،‬حينها تواجه العزلة االجتماعية وتخاطر بمكانتها في‬
‫المجتمع ‪ ،‬لذا البد من التكيف بين قيم الجماعة وبين المؤسسات الرئيسة‪ .‬إن اعتبار‬

‫‪194‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الجماعة جزءا متكامال للمجتمع المحلي يمثل قوة دائمة التأثير في نشاطها وسلوكها ‪ ،‬لذا‬
‫البد من فهم قيم واتجاهات المجتمع المحلي ومؤسساته‪.‬‬

‫‪ -3.2.3‬ارتباط أعضاءها بعضوية جماعات أخرى ‪:‬‬

‫يشترك الفرد عادة بعضوية عدة جماعات ‪ ،‬فهو عضو في األسرة وعضو في جماعة‬
‫األصدقاء وهو كذلك عضو في االتحاد أو النادي أو النقابة‪ .‬فمشاركة الفرد في أي جماعة‬
‫بناء على تقويمه ألهميتها النسبية ومدى جدارة ومدى توافقها مع‬
‫من الجماعات تبنى ً‬
‫اهتماماته وأهدافه‪ ،‬ألن كل فرد يرغب في تحقيق األمن والتقدير واالستفادة بالجديد من‬
‫الخبرات‪ ،‬فالجماعة التي تلبي له ذلك بشكل أكبر ينتمي لها بشكل أكبر‪.‬‬

‫والشكل رقم (‪ )79‬يوضح فكرة الباحثة لهذين المستويين لدينامية الجماعة‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحثة‬

‫‪195‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫إن كل دائرة صغيرة تمثل عضوا من أعضاء الجماعة ‪ ،‬وتمثل األسهم الكبيرة‬
‫والصغيرة مختلف القوى النفسية واالجتماعية والتي تمثل الدينامية الداخلية والخارجية والتي‬
‫تعمل في إطار هذه الجماعة ‪ ،‬و تمثل األسهم الصغيرة المتواجدة داخل الدائرة الكبيرة‬
‫الدوافع الفردية االيجابية أما األسهم الصغيرة المتقطعة فتمثل القوى السلبية التي يحملها الفرد‬
‫معه للجماعة مثل المخاوف والنقائض والتحذيرات والمعيقات وعدد مرات اإلخفاق والفشل‪،‬‬
‫أما األسهم خارج الدائرة الكبيرة فتمثل المؤثرات الخارجية مثل مكانة الجماعة في المجتمع‬
‫ومؤسسات المجتمع وجماعات االنتماء األخرى الخاصة باألعضاء‪.‬‬

‫‪ -4‬مقاربات دراسة دينامية الجماعة ‪:‬‬

‫من خالل التراث النفسي واالجتماعي لموضوع دينامية الجماعة يمكن أن نميز ثالث‬
‫تيارات كبرى تعد بمثابة مرتكزات أبستمولوجيا استندت إليها دينامية الجماعات ‪ ،‬ويمكن‬
‫حصرها في أبحاث الفالسفة وسيسيولوجيا األوربيين الذين اهتموا بالجماعة وأرسوا أسس‬
‫دينامية الجماعات أمثال "شارل فوربية" (بداية القرن التاسع عشر)‪ ،‬الذي اقترح أفكار تسبق‬
‫أفكار "لوين" و"مورينو" ‪ ،‬وال سيما تأليف الجماعات الصغيرة التي تقوم على أساس التعاون‬
‫والتوافق ‪ ،‬و إميل دور كأيم بداية القرن العشرين) و"شارل فوريي" (‪ )3810‬و"جان بول‬
‫سأرتل" و "فرناند طونس" و"جورد ميد" و"شارل كولي" ‪ ،‬فضال عن أبحاث العالم األلماني ذو‬
‫الجنسية األمريكية (‪ ، )1947-1890( )Kurt Lewin‬الذي أسس علم دينامية الجماعات‬
‫عام (‪ ،)3844‬حينما طبق منهجية تجريبية سيكو اجتماعية دينامية على مجموعات‬
‫اصطناعية من خالل الجمع بين التنظير والتطبيق‪ ،‬ودراسة بنيات الجماعات ووظائفها مع‬
‫التركيز على المنشط وأنواع الزعامة والقيادة‪( .‬جان‪ ،1982 ،‬ص‪)58‬‬

‫كما كانت السوسيوميترية (‪ (sociométry‬التي وضعها "جاكوب مورينو " ( ‪(Jacob‬‬


‫‪ ،)1974-1889( Levy Moreno‬و من اآلليات اإلجرائية لفهم الجماعات و تفسير‬
‫تفاعالتها البنيوية والوظيفية دون أن ننسى تقنيتي السوسيوغرام و السيكو دراما اللتين استعان‬

‫‪196‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫بهم "مورينو" لمداواة مرضاة المنعزلين وتحليلهم نفسيا واجتماعيا وتنشيط الجماعات عبر‬
‫قواها االندماجية والعالجية واستقراء تفاعالتها الذاتية والموضوعية‪.‬‬

‫كما استفادت دينامية الجماعة من أبحاث الطب النفسي ومن تحليالت "سيغموند‬
‫فوريد (‪ )1856-1939( )Sigmund Freud‬النفسية ‪ ،‬التي ركزت على الجماعة ‪ ،‬و في‬
‫‪ 3873‬نشر فوريد" مؤلفه في علم النفس الجماعي وتحليل األنا ‪ ،‬وقدم فيه وجهة نظره في‬
‫ديناميت الجماعة ‪ ،‬فكان كتابه بمثابة بداية اهتمام مدارس التحليل النفسي بهذا الموضوع‬
‫فضال عن أعمال "بيون" وديدي" و"أنزيو"‪ ،‬زد على ذلك استفادت دينامية الجماعات من‬
‫النظرية المعرفية في إطار علم النفس المعرفي في الستينات من القرن العشرين‪.‬‬

‫و أهم المقاربات التي تناولت ظاهرة دينامية الجماعات بالدراسة والتحليل فهما وتفسي ار‬
‫وتفكيكا وتركيبا قصد معرفة التفاعالت ومجمل القوى التي تتحكم في الجماعات وساهمت‬
‫في تفعيل تنظيمها الداخلي الذاتي سلبا وايجابا ومن بين هذه المقاربات سنقتصر على‬
‫"تصنيف "أنزيو"و"مارتان" للمقاربات النظرية لدينامية الجماعة"(محمد آيت‪ ،2225،‬ص‪)93‬‬
‫و من بينها نذكر ما يلي‪( :‬لويس‪،1989،‬ص ‪ 427‬ص‪)435‬‬

‫‪ -1.4‬المقاربة الدينامية ( ‪: (Dynamic approach‬‬

‫ترتكز المقاربة الدينامية على أفكار (‪ (Kurt Lewin‬والتي تأسست على مبادئ‬
‫نظرية المجال أو نظرية الحقل ‪ ،‬والتي ترى أن السلوك يتشكل وفق كل المجال وليس لبعض‬
‫العوامل فيه والذي يعرف بالحقل النفسي للفرد‪ ،‬لكن "لوين" تكلم عن المجال االجتماعي‬
‫للجماعة والذي يمثل برأيه "مجموعة التبعات والعناصر المتداخلة في الجماعة كالمعايير‬
‫واألهداف واألدوار والحاالت التي تمثلها هذه الجماعة كما تمثل وضعيتها بالنسبة للمحيط‬
‫المتواجدة فيه ‪ ،‬وهذا الحقل يشكل اإلطار الفعلي واألساسي لدينامية الجماعة وعلى هذا‬
‫األساس فإن أبحاث " لوين" تشكل المنطق الحيوي لدراسة دينامية الجماعة"‬
‫(جان‪،1982،‬ص‪ ،)21‬و في ضوء هذا التصور فدينامية الجماعة ليست مجرد مجموعة‬

‫‪197‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أفراد يعتمد كل منهم على اآلخر " ولكنها جماعة من األشخاص الذين يدركون سيكولوجيا‬
‫العالقات بينهم ‪ ،‬والذين يتحركون نحو هدف اتفقوا عليه جماعيا " (لويس‪،1989 ،‬‬
‫فحسب هذه المقاربة ينظر "لوين" إلى الجماعة على أنها كلية تشكل مع‬ ‫ص‪) 398‬‬
‫محيطها حقال اجتماعيا و ديناميا ‪ ،‬وتتكون عناصرها األساسية من مجموعاتها الفرعية‬
‫وأعضائها و قنوات التواصل فيها ‪ ،‬و"يركز في دراسته للجماعة على العالئق الدينامية بين‬
‫العناصر والبنيات من منظور الترابط المتبادل بين أعضائها ‪ ،‬وبينها وبين عناصر الحقل‬
‫المتمثلة في األهداف والمعايير وتوزيع األدوار ‪ ،‬ذلك ألن أنظمة الترابط هي التي تفسر في‬
‫(محمد آيت‪،2225،‬ص‪)94‬‬ ‫وقت معين عمل الجماعة وسلوكها وعالقتها بالمحيط‪.‬‬

‫‪ - 2.4‬المقاربة السوسيوميترية (‪: (Sociométry approach‬‬

‫يتزعم هذا التصور العالم األمريكي ذو األصل الروماني (‪(Jacob levy Moreno‬‬
‫وأطلق أفكاره األولية في فينا عام (‪ )3839‬من خالل استحداثه " المسرح العالجي (‬
‫‪(Therapeutic Theater‬الذي خلص إلى أن البعد االجتماعي هو األساس في شخصية‬
‫الفرد ولكل جماعة إنسانية بنية عاطفية غير رسمية تحدد سلوك أعضاء هذه الجماعة تجاه‬
‫بعضهم البعض (العيسوي‪،2223،‬ص‪ ، )85‬فاألفراد يرتبطون بواسطة عالقة التعاطف‬
‫والنفور والالمباالة ‪ ،‬والجماعة في جوهرها حسب "مورينو" مجموعة من الروابط السوسيو‬
‫وجدانية تجمع بين األعضاء ‪ ،‬و يمكن تجسيد هذه الروابط بواسطة خريطة العالقات‬
‫االجتماعية (سوسيو غرام) وهي روابط تمكن من فهم سلوك ومواقف أفراد الجماعة وتفسيرها‬
‫وبقدر تكون عالقات التعاطف سائدة داخل الجماعة‪ ،‬يسهل التواصل بين أفرادها ‪ ،‬وبالمقابل‬
‫تقود سيادة عالقات التنافر إلى الصراع ‪ ،‬فتصور استراتيجية التعامل مع الجماعة من خالل‬
‫إعادة توزيع األدوار بين أعضائها وفق نظام جديد وتعزيز لتماسك الجماعة‪ ،‬فالمقاربة‬
‫السوسيوميترية حسب مورينو" هي نظرية وموضوع للبحث وطريقة للتحليل وأداة لجمع‬
‫البيانات‪( .‬محمد آيت‪،2225،‬ص‪)97‬‬

‫‪198‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -3.4‬مقاربة التحليل النفسي ( ‪: (Psychoanalysis approach‬‬

‫قدم "فوريد" وجهة نظره في دينامية الجماعة في كتابة "علم النفس الجمعي وتحليل‬
‫األنا" في عام(‪ )3873‬فكان كتابه هذا بداية اهتمام مدارس التحليل النفسي بهذا الموضوع‪،‬‬
‫إن المفهومات الدينامية في نظر "فوريد" هي التفاعل وألوان الصراع بين القوى التي تعمل‬
‫داخل الفرد واستجابة األف ارد للعالم الخارجي"‪( .‬لويس‪،1989،‬ص‪) 435‬‬

‫و تدور مقاربة التحليل النفسي في تكوين الجماعة حول العناصر االنفعالية‬


‫الالشعورية ‪ ،‬وطبقا لهذا التصور فإن فردان أو أكثر يكونان جماعة سيكولوجية إذا كان لكل‬
‫منها نفس الموضوع النموذج (القائد) أو نفس مثل األنا األعلى أو إذا كان لكل منهما نفس‬
‫الموضوع ونفس المثل ‪،‬وبذلك يتوحد كل منهما مع اآلخر ويحدث التماسك داخل الجماعة‬
‫بواسطة القوى االيجابية التي تتكون من الروابط االيجابية من مختلف صنوف التوحد ‪ ،‬ومن‬
‫الروابط الموضوعات الليبدية التي تعمل بدرجات متفاوتة من الشدة ‪ ،‬أما العوامل التي تهدد‬
‫تماسك الجماعة هي تمركز لألفراد كل واحد حول ذاته وانحالل الروابط الجماعية الليبدية‬
‫إن التوحد (‪ (Autism‬هو‬ ‫والتغيير دون قيد عن الدوافع الجماعية أو العدوانية أو كليهما‪.‬‬
‫المفهوم األساس في مقاربة "فوريد" في دينامية الجماعة "فالجماعة األولية طبقا لـ"فوريد" هي‬
‫عدد من األشخاص اتخذوا نفس الفرد (القائد) نموذجا ومثاال لهم ونظ ار الشتراكهم في هذا‬
‫النموذج أو المثال يتوحد كل منهم مع اآلخر وهكذا تتكون الروابط االنفعالية بين األعضاء‬
‫الجماعة واذا انقطعت روابط األعضاء مع القائد‪ ،‬انحلت الجماعة إال إذا اتخذت من شخص‬
‫آخر مثاال ونموذجا"‪( .‬لويس‪،1989،‬ص‪)468‬‬

‫‪ -5‬العوامل المؤثرة في حدوث دينامية الجماعة ‪:‬‬

‫إن العوامل المؤثرة في دينامية الجماعة بعضها نابع من داخلها وبعضها اآلخر متأثر‬
‫بعوامل خارجية عنها‪ ،‬وسوف نتعرض ألبرز هذه العوامل وتحليل مدى تأثيرها على دينامية‬
‫الجماعة‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -1.5‬أهداف الجماعة (‪: (Objectives of the Community‬‬

‫إن اتفاق الجماعة على هدف معين إنما يزيد من تماسكها‪ ،‬أما الهدف الذي ال يتفق‬
‫عليه الجماعة ويختلف عليه فإنه يضعف من تماسك الجماعة‪ ،‬إن األهداف السهلة تقوم‬
‫الجماعة بتحقيقها دون بذل جهد كبير ويكون تأثيرها على الجماعة محدودا‪ ،‬أما األهداف‬
‫التي تكون في متناول الجماعة ولكن تحقيقها يستدعي بذل جهود كبيرة فإن هذه األهداف‬
‫تعمل على تحريك الجماعة بدرجة أكبر‪ ،‬وبالتالي يؤدي هذا إلى تعاون الجماعة لتحقيق هذه‬
‫األهداف ‪( .‬سلمى‪،1998 ،‬ص‪)161-162‬‬

‫‪ -2.5‬خصائص أعضاء الجماعة (‪: (Properties of Membres of the Group‬‬

‫تتأثر شخصية الفرد في الجماعة من خالل الدينامية الدائرة فيها ‪ ،‬كما تؤثر هذه‬
‫الشخصية بالتالي على دينامية الجماعة ويظهر ذلك في صور سلوكية مثل ‪ :‬الكبح‬
‫والتعويض والتقمص واإلسقاط والتحويل‪ ،‬وكلما زاد تجانس أعضاء الجماعة من حيث‬
‫الخصائص الجسمية والعقلية واالجتماعية واالقتصادية كلما دعا ذلك إلى تماسك الجماعة ‪،‬‬
‫وتتأثر دينامية الجماعة أيضا بالخبرات الجماعية السابقة لألعضاء في مجاالت غير مجال‬
‫األسرة ‪ ،‬فإذا كان العضو قد انضم لجماعات معينة واكتسب خبرات جماعية ناجحة‪ ،‬كان‬
‫تأثيره في الحياة الجماعة تأثي ار ا يجابيا وبالعكس إذا كانت خبراته الجماعية السابقة سيئة ‪.‬‬
‫(ضياء‪،2222،‬ص‪)322-298‬‬

‫‪ -3.5‬قيم الجماعة ( ‪: (Community Values‬‬

‫إن نظام القيم (‪ (Values System‬للجماعة يؤثر بال شك في تماسكها ‪ ،‬فإذا كانت‬
‫قيم الجماعة متعارفا عليها كانت الجماعة متماسكة أما إذا اختلفت القيم داخل الجماعة ولم‬
‫تستطيع الجماعة على وضع قيم معينة‪ ،‬فإن ذلك يؤدي إلى تفكك الجماعة‪ ،‬إن قيم الجماعة‬
‫مهما كانت مخالفة لقيم المجتمع فإنها تدفع الجماعة إلى التماسك والى الشعور بفرديتها‪،‬‬
‫ولذلك فإن على القائد أن يعمل على تحديد نظام القيم الخاص بها على أن تكون هذه القيم‬

‫‪200‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫مرغوب فيها ومتفق عليها‪ ،‬وتسعى كل جماعة إلى صياغة مجموعة من القيم االجتماعية‬
‫التي تحدد اإلطار العام لنشاط الجماعة وكلما ارتبطت هذه القيم باإلطار القيمي للمجتمع‬
‫كلما أدى ذلك إلى تماسك الجماعة وزيادة فاعليتها ‪ ،‬بينما إذا تعارضت مع قيم المجتمع‬
‫يؤدي ذلك إلى الصراع الذي يؤثر سلبا على تماسك الجماعة‪( .‬سلمى‪،1998،‬ص‪-161‬‬
‫‪)162‬‬

‫‪ -4.5‬الهيكل المادي للجماعة ( ‪: (Physical structure of the Group‬‬

‫كلما كان المكان الذي تشغله الجماعة كبي ار ومترامي األطراف كلما كان تماسكها أقل‬
‫‪ ،‬بينما إذا كان المكان أو الحيز المادي صغي ار كمدرسة أو ملعب مثال كان التماسك أقوى‬
‫ونالحظ ذلك أثناء عقد االجتماعات أو تجليس التالميذ داخل الصفوف الدراسية فإذا كان‬
‫شكل الجلوس على شكل حرف "‪ "U‬أو في شكل دائري كان التفاعل قويا بين األعضاء‬
‫المكونين لهذا المجلس أما إذا كانت الجماعة منعقدة على صفوف متوازية فإن تفاعلها يكون‬
‫أقل‪ ،‬إن مواجهة األعضاء لبعضهم البعض ماديا يرفع من معدل اتصالهم وبالتالي يؤثر في‬
‫دينامية التفاعل الحاصل بينهم‪ ،‬زيادة على الظروف الفيزيقية الجيدة كاإلضاءة والتهوية‬
‫والبعد على الضوضاء‪( .‬ضياء‪ ،2222،‬ص‪)212‬‬

‫‪ -5.5‬المجتمع الخارجي للجماعة ( ‪:Community Outside of the Group‬‬

‫ليست الجماعة وحدة منفصلة‪ ،‬كما أنها ال تعيش في فراغ ولكن الجماعة جزء من‬
‫مجتمع أكبر يتضمن جماعات مختلفة‪ ،‬ولذلك فال يمكن أن نتجاهل المجتمع الخارجي‬
‫للجماعة‪ ،‬فكل ما زاد تقبل المجتمع الخارجي للجماعة كلما كان ذلك سبيال إلى علو مكانة‬
‫الجماعة ‪ ،‬وبالتالي تزيد جاذبية الجماعة لألفراد ‪ ،‬فيزيد تبعا لذلك تماسكها وكلما كانت‬
‫الجماعة على اتصال على اتصال دائم بالمجتمع الخارجي فإن ذلك يكسبها خبرات تساعدها‬
‫على نضجها وفاعليتها ثم يزداد معدل نموها فيزداد تماسكها‪ .‬إن أهداف الجماعة تشتق‬
‫غالبا من أهداف المجتمع ‪ ،‬فالمجتمع يساعد الجماعة على تحديد أهدافها وبالتالي يوفر لها‬

‫‪201‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫اإلمكانيات على تحقيق تلك األهداف ‪ ،‬وان لم تستطع الجماعة وحدها تحقيق أهدافها تسعى‬
‫إلى الجماعات المجاورة لتحقيق األهداف في إطار التعاون الخارجي والذي يزيد قوة الروابط‬
‫التي تربط الجماعات مع بعضها البعض ‪ ،‬وهذا من شأنه أن يؤثر على الدينامية الداخلية‬
‫للجماعة بواسطة دينامية خارجية متمثلة في جماعات المجتمع الخارجي كما ذكرنا ذلك‬
‫سابقا‪( .‬سلمى‪،1998،‬ص‪)163-162‬‬

‫‪ -6.5‬القيادة داخل الجماعة ( ‪: (Leadership in the group‬‬

‫إن نجاح القيادة بوجه عام في رفع معدل التماسك داخل الجماعة مهما كانت األنماط‬
‫الممارسة داخل الجماعة يتوقف على مدى إشباع حاجات األعضاء األساسية ‪ ،‬ومهما كانت‬
‫كفاءة القائد فإنه ال يمكنه إشباع كافة الحاجات النفسية واالجتماعية واالقتصادية والوجدانية‬
‫‪ ،‬و لذلك فال مفر من تقبل القائد بوجود مشاعر عدائية موجهة ضده‪ .‬رغم هذا فإن في‬
‫الجماعات ذات الخبرات الجماعية المنحرفة أو الجماعات ذات الخبرات الجماعية القليلة‬
‫يكون االرتباط بالقائد هو المفهوم السياسي لتماسك الجماعة ‪ ،‬حيث تكون الجماعة غير‬
‫قادرة على إقامة مثل عليا مشتركة و بالتالي يكون القائد هو موضوع تماسك الجماعة‬
‫ومحرك لديناميتها ‪ ،‬أي يحل محل "األنا األعلى" حسب مقاربة" فوريد" لدينامية الجماعة‪.‬‬
‫ويبقى معرفة القائد للسلوك اإلنساني عامة والسلوك الفردي داخل الجماعة خاصة مطلوبان‬
‫لفهم جماعته و ديناميتها الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫للقيام بدوره وتح قيق األهداف المطلوبة‪ ،‬و‬
‫(ضياء‪،2222،‬ص‪)327-325‬‬

‫‪ -7.5‬بناء الجماعة (‪: (Structure of the Group‬‬

‫نعني بالبناء الجماعي طبيعة الخصائص التي تمر بها الجماعة في مراحل بنائها‬
‫وتطورها وأثر ذلك على ديناميتها‪ ،‬فعندما تبدأ الجماعة في التجمع حول فكرة أو نشاط أو‬
‫ممارسة غالبا ما توصف العالقات بالفردية كل له رغباته الشخصية حتى لو كان هناك‬
‫هدف عام معلن للجماعة ‪ ،‬وفي مرحلة تكوين بناء الجماعة تنم العالقات بين األفراد إال أنه‬

‫‪202‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫رغم توطدها فتبقى معرفة األعضاء ببعضهم البعض غير وثيقة ويبقى األعضاء في مواقف‬
‫اتكالية على القيادة‪ ،‬و تأخذ استجابة كل فرد من الجماعة في المواقف االجتماعية التي يمر‬
‫بها شكال مغاي ار إما التقبل أو الرفض أو التجاهل‪ ،‬وهذا يؤدي إلى بداية تكوين بناء‬
‫الجماعة‪ ،‬أما بالنسبة لمرحلة االستقرار فتوثق عالقات األعضاء ببعضهم البعض و يأخذ‬
‫التفاعل الدائري شكال جماعيا على درجة كبيرة من التماسك ‪ ،‬ولهذا فإن التفاعالت ذات‬
‫الطابع االستقراري تعطي الشكل المميز للبناء االجتماعي للجماعة ومن خالله تبرز‬
‫المكانات واألدوار وهذا من شأنه خلق دينامية داخل الجماعة والتي بدورها تعيد توزيع‬
‫األدوار والمكانات أو اضمحاللها وتفككها‪(.‬ضياء‪ ،2222،‬ص‪)297-295‬‬

‫‪ -8.5‬الضبط االجتماعي ( ‪: (Social control‬‬

‫يستخدم مصطلح الضبط االجتماعي لإلشارة إلى أساليب تحقيق امتثال الجماعة‬
‫لتوقعات األعضاء ‪ ،‬وتوافر الضبط االجتماعي داخل الجماعة يؤدي إلى زيادة التفاعل‬
‫االجتماعي بالجماعة والعكس صحيح ‪ ،‬ويأخذ الضبط صو ار متعددة‪ ،‬فقد يكون مكافأة تقدير‬
‫للعضو أمام الجماعة أو صورة عق اب يوقع على العضو المنحرف على معايير الجماعة ‪،‬‬
‫فممارسة الضبط االجتماعي يخلق دينامية للجماعة يتم من خاللها االلتزام بتحقيق األهداف‬
‫ومن أهم القواعد التي تساعد على زيادة قدرة الضبط االجتماعي داخل الجماعة إدراك‬
‫أعضائها للمعايير االجتماعية السائدة داخل الجماعة ومستوياتها والتعرف على وسائل‬
‫الضبط االجتماعي داخل الجماعة مما يوجب عدم فرض هذه الوسائل خارج الجماعة ‪،‬‬
‫وبالتالي يعتبر الضبط االجتماعي أحد ميكانزمات دينامية الجماعة الموجهة‪ .‬ومن خالل‬
‫التعرف على أهم العوامل المؤثرة في دينامية الجماعة ‪.‬‬

‫‪203‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫شكل رقم(‪ )78‬يلخص فيه هذه المؤثرات في دينامية الجماعة‪(.‬ضياء‪ ،2222 ،‬ص‪-315‬‬
‫‪)316‬‬

‫المصد ر‪( :‬من إعداد الباحثة)‬

‫‪ -6‬دينامية الجماعة في المجال التربوي ‪:‬‬

‫تشكل الجماعة التربوية وحدة دينامية متكاملة والجانب األساسي في بنية المؤسسة‬
‫التعليمية‪ ،‬وتحتل التفاعالت القائمة داخل هذه الجماعة دو ار حيويا في دينامية الحياة‬
‫المدرسية وفي ممارسة وظيفتها ‪ ،‬وتشكل دراسة العالقات بين أطراف الجماعة التربوية‬
‫موضوعا علميا يجد صداه في نسق اهتمامات الباحثين والمفكرين في مجال التربية ‪ ،‬وتمثل‬
‫هذه الجماعة عبر ممثلين من الجماعات األولية األساسية (الهيئة التدريسية‪ ،‬التالميذ‪،‬‬
‫اإلداريون‪ ،‬أولياء التالميذ ) وتقوم بنية هذه الجماعات على أساس العالقة بين نسق من‬
‫األدوار والمراكز‪ ،‬والتي تشكل أولية اتصالية والتي يتم من خاللها عملية التفاعل ممثلة في‬
‫التعليمات واألوامر بين طرف آخر‪.‬‬

‫‪204‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫إن المؤسسات التربوية والتي تمثل المجال الدينامي للجماعات التربوية تتكون من‬
‫شبكة معقدة من العالقات االجتماعية والثقافية وهي بذلك تعكس نمط الحياة االجتماعية‬
‫وطابعها ‪ ،‬وعلى هذ ا األساس ال يمكن أن تنفصل هذه المؤسسات عن الحياة االجتماعية‬
‫حيث تتغلل فيها في صور عالقات تربوية قائمة على منظومة من القيم والمفاهيم والتصورات‬
‫‪ ،‬و يتحدد مفهوم دينامية الجماعة التربوية في المجال التربوي بجمله من أنساق العالقات‬
‫التربية واتجاهاتها ويتمركز هذا المفهوم حول درجة التواصل بين أطراف العملية التربوية‪ ،‬كما‬
‫يشير إلى دينامية العالقات القائمة بين مكونات الحياة التربوية ‪ ،‬لذا فالعالقات التربوية‬
‫تشكل مضمون دينامية الجماعة التربوية والتي تمثل مجموع الروابط االجتماعية والعاطفية‬
‫القائمة بين األساتذة والتالميذ واإلدارة وأولياء األمور عبر مسارات مختلفة‪.‬‬

‫وتعد دينامية الجماعة في المؤسسة التربوية بمثابة الدورة الدموية في جسد المؤسسة ‪،‬‬
‫فهي اإلطار التي تتفاعل فيه كافة أطراف العملية التربوية من أساتذة ومناهج وادارة‬
‫وتصورات نظرية تعليمية وتالميذ لتشكل العالقة التربوية نمطا معياريا للسلوك بين القائد‬
‫التربوي وعناصر العملية التعليمية واألطراف الخارجية المساعدة على تنشيط العمل التربوي"‪،‬‬
‫(علي أسعد‪ ،‬علي جاسم‪،2224،‬ص‪ ،)98‬والجماعة التربوية تعتبر نوعا راقيا من‬
‫الجماعات اإلنسانية ذات التأثير السيكولوجي القوي والمباشر بين األفراد فهي جماعة أولية‬
‫رسمية وتتميز بالدوام النسبي‪ ،‬إنها ذات تنظيم اجتماعي و نفسي في آن واحد‪ ،‬إنها مكان‬
‫اجتماعي من حيث إنها منظمة بطريقة رسمية وشكلية‪ ،‬تتوزع فيها األدوار ذلك كله يعكس‬
‫اختالف نوعية أعضائها عن أعضاء غيرها من الجماعات في المجتمع ‪ ،‬ونتيجة هذا‬
‫التداخل بي ن ما هو نفسي واجتماعي في الجماعة التربوية أطلق عليها جماعة ذات بنية‬
‫سيكواجتماعية‪.‬‬

‫إن االهتمام بالجماعة التربوية سواء جماعة الفصل الدراسي أو جماعة هيئة التدريس‬
‫أو جماعة اإلدارة " صار يشكل اليوم إحدى الموضوعات األساسية في البحث االجتماعي أو‬
‫حتى في المجال النف سي ‪ ،‬وهذا االهتمام اتجه أكثر فأكثر في مجال البحث التربوي إلى‬

‫‪205‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫مقاربة الجماعة التربوية"(أديوان محمد‪ ،2221،‬ص‪ ،)88‬وهي الجماعة المسئولة على‬


‫العملية التربوية داخل المؤسسات التعليمية والتي يكون فيها التالميذ محور هذه العملية‪ ،‬إن‬
‫توعية الجماعة التربوية يخضع إلى نوعين من الدينامية تعمل األولى على التجاذب‬
‫والتماسك بين األفراد وتنظيم العالقات التربوية تنظيما يتفق مع وأهداف وحاجات واتجاهات‬
‫الجماعة ‪ ،‬وتعمل الدينامية الثانية على التنافر والتفكك بين األفراد و إلى التوتر والصراع ‪،‬‬
‫فبقاء الجماعة التربوية مؤدية ألهدافها بكل فعالية رهن بازدياد قوى التماسك بين الهيئة‬
‫التدريسية وفاعلية العالقات التربوية بين القيادة التربوية وأطراف العملية التربوية‪ ،‬إن حركية‬
‫أو تغير التفاعل التربوي وفق مجريات المواقف التربوية داخل الجماعة ليس خيا ار مبني على‬
‫رغبات أعضاء الجماعة وانما هي دينامية مفروضة على الجماعة ال من طرف القائد‬
‫التربوي وال من طرف أفراد معنيين في الجماعة وانما هي دينامية يستلزمها فعل التبادل الواقع‬
‫في الجماعة في حد ذاتها والذي يسمح بتحقيق حاجات كل فرد فيها‪ ،‬إن محصلة هذه‬
‫التفاعالت والعالقات بين أعضاء الجماعة التربوية تتمظهر في صورتين " إما في دينامية‬
‫انفتاحيه تعمل على تجاذب وتماسك و تسير بالمؤسسة التربوية نحو االنفتاح على ذاتها‬
‫وعلى المجتمع وما يمثله من جماعات مساندة وهيئات مختلفة تقوى هذه الدينامية وتعمل‬
‫على تنشيطها ودعمها على تجاوز مختلف الصعاب والمعوقات التي تواجه العمل التربوي‬
‫من أجل تحقيق أعلى مردود بيداغوجي و إما دينامية انغالقيه تعمل على تنافر واالنفكاك و‬
‫تنحوا بالمؤسسة التربوية نحو االنغالق وقطع كافة الروابط والعالقات بالمجتمع الخارجي‬
‫وتؤدي بالمؤسسة إلى حالة من التصدع وفقدان االتزان"(محمد آيت‪ ،2225،‬ص‪ ،)127‬و‬
‫بالتالي عدم القدرة على تحقيق األهداف التي تكونت ألجل تحقيقها‪.‬‬

‫‪206‬‬
‫دينامية الجماعة‬ ‫الفصل الثاني‬

‫والشكل رقم(‪)10‬يشرح هاذين النوعين من الدينامية التي تعيشها المؤسسة التربوية السيما‬
‫التعليمية منها‪ ،‬والذي تحاول الباحثة من خالله أن توضح به فكرتها‪.‬‬

‫المصد ر‪( :‬من إعداد الباحثة)‬

‫‪207‬‬

You might also like