Professional Documents
Culture Documents
تمهيـــــد:
– 2أنــــــواع الجماعـــــــة.
- 5مشكــــالت الجماعـــــــة.
140
دينامية الجماعة الفصل الثاني
تمهيد:
يتناول الفصل الثالث مجاال يحظى باهتمام كبير من الباحثين في علم النفس
االجتماعي ،وهو مجال دينامية الجماعة ،الذي يعنى أساسا بالدراسة النفسية لسلوك
الجماعات ،و ترجع أهمية هذا المجال إلى أن معظم صور السلوك اإلنساني تتم في سياق
التفاعل االجتماعي داخل الجماع ات والتي لها دور بارز في إشباع حاجات نفسية متنوعة
لدى األفراد ،و ال يمكن فهم دينامية الجماعة بدون فهم الجماعة لكونها اإلطار الحيوي
الذي تحدث فيه مفاعيل الدينامية ،و من هذا المنطلق يمكننا في هذا الفصل رسم الخطوط
العريضة التي تتمحور حول الجماعة و أنواعها و نظرياتها و الروابط التي تكون بين
أعضائها و لمراحل تطورها و كذلك المشكالت التي تتعرض لها الجماعة ،كما يهتم
المبحث الثاني بدينامية الجماعة باعتبارها المتغير األساسي لهذه الدراسة بغرض الوصول
إلى فهم صحيح و بشيء من التفصيل ،حيث تتباين تعريفات دينامية الجماعة بتباين
االتجاهات النظرية في مجال علم النفس االجتماعي و تتنوع بتنوع مناهج البحث الموظفة
في دراستها ،و لهذا تناول المبحث الثاني العوامل المحدثة لدينامية الجماعة و لألوضاع
التي تهيمن عليها و إلى الخصائص التي تميزها عن التفاعل االجتماعي الحاصل داخل
ال جماعة ،و لكي يزداد هذا الفهم عمقا اتجه هذا المبحث إلى استعراض أهم المقاربات التي
تصدت لهذا المفهوم من زوايا مختلفة و إلي الدور الذي تلعبه هذه الدينامية في المجال
التربوي ،تلك هي أهم المحاور األساسية التي حاول الفصل الثالث أن يقف حولها بشيء
من التحليل و التفصيل ليشكل اإلطار النظري لموضوع دينامية الجماعة التربوية .
141
دينامية الجماعة الفصل الثاني
ودراسة الجماعة هي دراسة المواقف االجتماعية المختلفة داخل إطار معين من القيم
واالتجاهات واألعمال المشتركة ،ذلك ألن الموقف االجتماعي هو اإلطار العملي للسلوك
االجتماعي ،فالفرد في أي موقف اجتماعي ( ، (Social situationإنما يطبق نوعا أو آخر
من المعاني أو المعايير أو االتجاهات التي تعلمها فتمثلها من اإلطار الثقافي الذي هو جزء
منه أو من بيئة االجتماعية والثقافية القريبة منه مباشرة ،بمعنى إن دراسة الجماعة أو سلوك
الجماعة ليس إال دراسة نوع التفاعل والعالقات القائمة في المواقف االجتماعية المتنوعة
(يونس ،1993 ،ص. )229
حسب لسان العرب نجد أن كلمة جماعة من الجذر "جمع"َ ،ج َم َع الشيء عن تفرقه
وجمعه وأجمعه فاجتمع ،وكذلك تجمع واستجمع والمجموع ،ونقول جمعت
ّ يجمعه جمعا،
وتجمع القوم أي اجتمعوا ،والجمع اسم لجماعة الناس
ّ الشيء إذا جئت به من هنا وهناك،
والجمع مصدر قولك جمعت الشيء ونقول المجتمعون والجماعة والجميع والمجمع والمجمعة
جماعة الشجر وجماعة النبات (ابن وقد استعمل ذلك في غير الناس حتى قالوا
منظور ،2222،ص.) 452
142
دينامية الجماعة الفصل الثاني
إن كلمة جماعة ( (Groupeيأتي لغويا من اللغة األلمانية بكلمة ( ، (kropوالتي تعني
رابطة أو عنصر والتي تولدت عنها كلمة ( (Gruppoباللغة االيطالية ذات المعنى القريب
من المعنى السابق ،باللغة االنجليزية (( " (Communityمسلم ،7002،ص )13ومن
الواضح أننا نستعمل أحيانا في حياتنا العملية وبنفس الداللة ألفاظا مثل زمرة ،عصبة ،حشد
وتجمع وهي ترجمة أيضا أللفاظ (، (Foule ( )Crowd( ، (Bande( ، (Clique
( ، (Rassemblementوكل هذه األلفاظ تدل على مجموعة من األشخاص أو اجتماع عدد
من الناس أو عدد من األشخاص المجتمعين ،غير أن المعنى السيكولوجي أو السيولولوجي
لهذه األلفاظ يمكن أن يحمل اختالفا بين لفظة وأخرى ،إال أننا نرى في لفظة "جماعة" قاسما
مشتركا بين هذه األلفاظ التي تطلق على أنواعا من الجماعات" .فلفظة "زمرة" مثال تحمل
معنى الجماعة و إنما عددها ليس بكبير.
فال يمكن أن يقال على طالب الجامعة أنهم يشكلون زمرة ،أما لفظة "عصبة" فهي
تحمل معنى الجماعة إال أنها إلى جانب معناها االيجابي كرباط ،فهي تدل على معنى سلبي
يشمل على نوع من االنحراف إذ منها تشتق لفظة "عصابة" ،أما لفظة "جمهرة" فتحمل
أيضا معنى جماعة إنما تشمل على معنى التجمع اآلني حول هذه طارئ .أما بالنسبة للفظة
"حشد" فهي تحمل معنى الجماعة أيضا إال أن أعضاء هذه الجماعة يمكن أن يكونوا
مختلفين التوجهات واألهداف ،كما أنها ال تحمل صفة الديمومة ،إذ تزول بزوال السبب
فيقال حشد من الجماهير أو المتظاهرين (عبد النور ،1983 ،ص .)962-684
الشك أنه يوجد تداخل بين التعريفات الخاصة بالجماعة والتي تمثل وجهات نظر
مختلفة ،فالبعض يركز في تعريفه للجماعة على خصائصها دون أن يقدم تعريفا معينا لها،
ويقدم البعض اآلخر تعريفات تؤكد على خاصية واحدة أو مجموعة من خصائص الجماعة،
ولقد تنوعت التعريفات التي تناولت الجماعة ،فهناك من أشار إلى أن الجماعة هي رابطة
143
دينامية الجماعة الفصل الثاني
وعالقة بين أشخاص ،وهناك من اعتبر الجماعة تأثير متبادل نشط وهناك من صورها
كتفاعل اجتماعي متبادل بين مجموعة من األشخاص ،وهناك من عرفها بأنها وحدة
اجتماعية تتحدد فيها أدوار األفراد ومكانتهم ،وهناك من اعتبرها نسق تنظيمي أو مجموعة
أفراد يشتركون في معايير وخصائص متماثلة.
ومن خالل هذه التعريفات ترى الباحثة أن مجرد تجمع لألفراد ال يجعل منهم جماعة ،
إال إذا كان هناك تأثير متبادال بين أفرادها ويالحظ كذلك أن هذه التعريفات لم تتضمن
الخصائص األساسية للجماعة والتي تعد اإلطار العام الذي يمثل العالقات والتفاعالت
الدينامية بين أفرادها ،حيث تتنوع الجماعات تبعا لتنوع أشكال هذه التفاعالت التي تميز كل
جماعة عن األخرى لذا نجد أن "التجمع" يختلف عن "الجماعة" لعدم وجود تفاعل بين
أعضاءه.
144
دينامية الجماعة الفصل الثاني
يقصد بالتفاعل التأثير المتبادل بين طرفين أو أكثر ويشير " التفاعل االجتماعي بوجه
خاص شكل من أشكال التأثير المتبادل وأحد صوره عندما يمثل كل فرد من الجماعة تنيبها
لسلوك اآلخر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة "(السيد ،)69 ،2222 ،ولذلك اعتبر
"ستوجدل" ( )1959( ) Stogdillأن الجماعة نسق متفاعل ،حيث تحدد األفعال بناء
النسق وتنتج التفاعالت المتتالية تأثيرات متساوية" (عبد اللطيف ،2225 ،ص. )37
ولقد نظر "بايلز" للجماعة كونها عدد من األفراد يتفاعل بعضهم مع البعض األخر وجها
لوجه مرة واحدة أو عدد المرات ويدرك كل منهم بصورة متميزة"( .ضياء ،2222 ،ص،)11
ومن خالل هذا التعريف يعتبر "بايلز" أنه ال تعتبر جماعة كل مجموعة من األفراد يتواجدون
في نفس المواقف ولم يحدث بينهم تفاعل بدرجة تمكن كل منهم أن يدرك اآلخرين بصورة
متميزة ،و ينحو "هير" ( )Heirنفس منحى "بايلز" إذ يعرف الجماعة بأنها مجموعة من
األفراد الذين يتفاعلون اجتماعيا وجها لوجه في مقابلة واحدة أو عدة مقابالت متعددة حيث
يؤثر كل عضو في األفراد اآلخرين ويتأثر بهم ،و يمتد عدد الجماعة من اثنين حتى يصل
إلى ما يقارب عشرين فردا" (ضياء ،2222،ص. )13
ويالحظ من خالل تعريف "هير" أنه يركز على التفاعالت االجتماعية المباشرة بين
األعضاء وعلى تفاعلهم وجها لوجه ،وعلى حجم الجماعة وتأثيرها في األعضاء .أما
145
دينامية الجماعة الفصل الثاني
"كروسبي ( )Crosbieفيعرف الجماعة بأنها عدد من األفراد الذين يلتقون في تفاعل يتسم
بالمواجهة المباشرة ،و لديهم غرض مشترك ويشاركون في مجموعة مستويات تحكم
أنشطتهم ( إبراهيم ،1985،ص.)68
كما يتخذ "لوين" التفاعل بين أفراد الجماعة أساسا للجماعة ،وهو يرى كذلك أن التشابه
بين األعضاء قد يكون أساسا صالحا إن كان المقصود هو تشابه االتجاهات أو األهداف
المرتبطة بالتفاعل بين األفراد المشتركين (بركات ،2228 ،ص ،)17وبالتالي فإن ما يحدد
سلوك الفرد داخل الجماعة هو جملة العناصر النفسية واالجتماعية المكونة للمحيط وهو ما
يسميه "كورت لوين" "بالحقل التواصلي" ويقدم "فوريست" ( )3891تعريف آخر و هو أن
"مجموعة من األفراد يؤثرون في بعضهم البعض من خالل التفاعل الجماعة هي
االجتماعي(بركات ،2228،ص. ) 18
اعتبر "بورديو" ( " (Bourdieuأن الجماعة تتحدد بمجموع العالقات المؤقتة أو المستمرة
والعاطفية أو المنظمة والمشروعة بين أعضائها ،أو مجموع العالقات التي تدعى تفاعالت
باعتبارها عالقات عميقة" (أديوان،2221،ص ،)15فالجماعة حسب "بورديو" ليست مجرد
تجمع بشري يكونه عدد من األفراد الذين قد تجمعهم رابطة أو روابط مصلحية مادية فقط ،
وانما هم مجموعة من األفراد الذين تجمعهم روابط ذات أساس عاطفي تقوم عليها عالقات
نفسية بينهم و"يعرف عالم االجتماع األمريكي" ألبين سمايل" (" (Albin Smallالجماعة
على أنها عبارة عن " عدد من األفراد تقوم بينهم عالقات معينة تحتم عليهم التفكير في
بعضهم البعض" (ضياء ،2222،ص ،)13كما عرف "كارترايت وزاندر" ( )3899الجماعة
بوصفها " مجموعة من األفراد توجد بينهم عالقات تجعلهم يعتمدون على بعضهم البعض إلى
درجة جوهرية"( بركات ،2222 ،ص.)18
146
دينامية الجماعة الفصل الثاني
ولقد قامت "مارجريت هارفورد (" (Margret Harfordبوصف هذه العالقات في
تصورها للجماعة مفاده " أن الجماعة فردين أو أكثر التقوا حول اهتمامات متشابهة في
عالقات إدراكية متبادلة ومؤثرة أو عالقات مواجهة ،تكفي لتكوين انطباعات لكل منهم نحو
اآلخر" (ضياء،2222،ص ،)15ويعرف "كرتش" الجماعة بأنها" شخصان فأكثر توجد بينهم
عالقة سيكولوجية صريحة (محمد مصطفى،1986 ،ص ،)22ويؤكد ()1977( (Shaver
ما أشار إليه "كرتش" حول تعريف الجماعة بأن " الجماعة االجتماعية عبارة عن جمع له
مضمون سيكولوجي والذي يعتمد على وعي األفراد وعالقتهم في ما بينهم ،ويعطي (
(R.Mucchielliتعريف آخر للجماعة "بأن مجموعة من األفراد ،ال يكونون جماعة إال حين
تنسج بينهم عالقات أثناء وجودهم في وضعية وجه لوجه "(مسلم ،2227،ص ، )31ويرى
"بليز" ( )1950( (Balesأن الجماعة عبارة عن أي عدد من األشخاص المرتبطين بعالقة
متفاعلة مع بعضهم البعض وهم يتقابلون وجه لوجه (أبو النيل ،1985 ،ص.) 244
- 4.2.1الجماعة هدف:
يذكر "دوتش" ( (Deutschأن وجود حقائق موضوعية مشتركة كالمكان الجغرافي مثل
مكان العمل أو الدراسة ،أو التماثل في اللون أو السن أو الطبقة االجتماعية ،ال يكفي لكي
نطلق على عدد من الناس اسم جماعة ،بل إن وجود الجماعة االجتماعية يتوقف على
وجود أهداف إنسانية مشتركة يتبعها األفراد المكونين للجماعة (فؤاد ،1984 ،ص،)63
ويهتم كذلك "كاتل" بأهداف الجماعة أكثر من اهتمامه بالتفاعل الداخلي بين األفراد ،حيث
عرف الجماعة " بأنها مجموعة من الكائنات يستخدم تواجد الكل فيها في إشباع بعض
حاجات كل منهم (لويس،1989،ص ،)113ولعل هذا التعريف أوسع التعريفات مدى ،إذ
أنه يشمل كل أنواع الجماعات األولية والثانوية " ،ولقد أشار "فرمان" في فترة مبكرة ترجع
إلى سنة ( ،)3817إلى أن األفراد ينضمون إلى الجماعات من أجل تحقيق أهداف مشتركة
عرف ميلز ( )1967( (Millsالجماعة بأنها عبارة عن وحدات مكونة من
،وفي هذا السياق ّ
شخصين أو أكثر والذين يتصلون ببعضهم من أجل غرض أو هدف معين" (عبد اللطيف،
147
دينامية الجماعة الفصل الثاني
،2225ص ،)35ونجد كذلك مظفر شريف" يعرف الجماعة بكونها مجموعة من األفراد
مدفوعين إلى تحقيق هدف مشترك عن طريق أنشطة متفاعلة ومترابطة ومن خالل هذه
األنشطة تتكون هرمية المواقع والحقوق واألدوار وااللتزام تجاه اآلخرين (محمد آيت،
،2225ص ، )29ويرى "مصطفى الخشاب" أن الجماعة هي عدد من األفراد يمتازون
بطابع خاص ويرتبطون بروابط مميزة ويسعون إلى هدف مشترك ويكونون على صلة دائمة"
(محمد ،2226 ،ص. )155
148
دينامية الجماعة الفصل الثاني
الجماعة وظيفتان ،األولى هي اإلطار المرجعي الذي ينسب أفراد الجماعة سلوكهم إليه و
يحدد توقعات كل فرد منهم نحو اآلخر والثانية أنها تحدد مكانة الفرد داخل الجماعة ،وذلك
بمقدار وما يدافع عنها ويتمسك بها ويتخذها أسلوبا وموجها لحياته" (فؤاد ،سعد ،1999
ص.)63-62
ومن خالل ما سبق نجد أن تعريفات الجماعة تناولت األدوار والمعايير المشتركة من قيم
ومعتقدات وتقاليد وأخالق كمحاكات للتعرف على بناءها وتكوينها بالرغم من وجود تصور
آخر يعتبر الجماعة وحدة ( (Unitأساسية في بناء المجتمع باإلضافة إلى أنها أصغر وحدة
مجتمعية تقوم بمختلف الوظائف والعمليات االجتماعية التي تسهم في الحفاظ على البناء
الكلي للمجتمع
من بين الذين ركزوا في تعريفهم للجماعة باعتبارها وحدة ( (Unitاجتماعية مكونة من
األدوار ،المكانة ،المعايير والعالقات نجد "ماك دافيد" و "هارادي" ( (Mc David &Hardi
عرف الجماعة كاآلتي" الجماعة النفسية االجتماعية عبارة على وحدة
( )1968حيث ّ
اجتماعية مكونة من فردين أو أكثر مترابطين معا ،لكي تقوم هذه الوحدة االجتماعية ببعض
وظائفها" (أبو النيل ،1985،ص ،)242ويعرفها "خليل ميخائيل معوض" بأنها "وحدة
اجتماعية تتكون من ثالثة أشخاص فأكثر ،يتم بينهم تفاعل وعالقات اجتماعية وتأثير
اجتماعي ونشاط متبادل على أساسه تتحدد األدوار والمكانة االجتماعية ألفراد الجماعة وفق
معايير وقيم إشباعا لحاجات أفرادها ،وسعيا لتحقيق أهداف المجموعة ذاتها" (خليل،
،1982ص ،)65كما عرف "حامد زهران" الجماعة على" أنها وحدة اجتماعية تتكون من
فردين أو أكثر بينهم تفاعل متبادل وعالقة صريحة لكل فرد دوره االجتماعي ومكانته فيها
ولهذه الوحدة االجتماعية مجموعة من المعايير والقيم الخاصة بها والتي تحدد سلوك أفرادها
لتحقيق هدف مشترك بصورة تشبع بعض حاجات كل منهم"(حامد،1988 ،ص ،)125و
149
دينامية الجماعة الفصل الثاني
يرى "سميث (" (Smithأن الجماعة وحدة اجتماعية تتكون من مجموعة قليلة من األفراد
الذين يتصفون بادراك اجتماعي مشترك أو متشابه ،وبأنهم يتخذون من البيئة المحيطة بهم
موقف موحدا" (فؤاد ،سعد ،1999 ،ص.)62
كما أوضح ذلك "مارفن شو" ( (M. Shawوالذي أشار أيضا أن أكثر الخصائص
أهمية في تعريف الجماعة هو التفاعل االجتماعي الذي يتسع ليشمل كل من اإلدراك
(عبد االجتماعي" والبناء المشتركة والمعايير المتبادل والتأثير واألهداف
اللطيف،2225،ص. )37
وفي هذا اإلطار نجد أن كل هذه التعريفات يمكن تصنيفها إلى ثالث فئات الفئة
األولى من التعاريف ركزت على الناحية الفردية باعتبار الجماعة تجمع من األفراد بينهم
اعتماد متبادل أو يتحدون لتحصل هدف مشترك ،هذا يعني أن الجماعة تقوم كنتيجة
لحاجات األفراد أو دوافعهم أو أهدافهم "وقد سيطر هذا الفهم حتى منتصف السبعينات"(عبد
اللطيف ،2225،ص ، )32ويؤخذ على هذا التصور بعض جوانب القصور حيث أن كثير
من الجماعات يعد انتماء األفراد إليها سابق لوجودهم كأفراد وكثير من هذه الجماعات ال
تنتهي بمجرد تحقيق أهداف األفراد.
150
دينامية الجماعة الفصل الثاني
أما الفئة الثانية فركزت على الجانب البنائي وتشترط هذه التعاريف أن يكون هناك
م عايير وأدوار تحدد تفاعل أعضاء الجماعة فيما بينهم وتحديد األدوار الخاصة بكل فرد ،أما
الفئة الثالثة ركزت على الجانب الذهني والعقلي حيث اعتمدت في تعريفها للجماعة على
إدراك األفراد لعضويتهم أو انتمائهم لجماعة معينة حيث تؤثر الجماعة على أفكار الفرد
وسلوكه ،دون أن يكون هناك تفاعل مباشر بينه وبين أعضاء هذه الجماعة ،و يالحظ أن
هذه التصنيفات لتعريف الجماعة لم يعد يتضمن تصو ار كون الجماعة مجموعة أفراد
متشابهين .
إن من أكبر الصعاب التي يواجها المحلل االجتماعي والنفسي والمشتغل بالبحث
العلمي في الوقت الحاضر أن المصطلحات والمفاهيم التي يستخدمها ليست محددة المعاني،
فهناك عدم إحكام ملحوظ في استخدامها حتى من جانب الهيئات الرسمية واألكاديمية (
ماكيفير ،1968 ،ص ،)45لذلك ارتئ الباحث أن يحدد المعنى الذي تدل عليه
المصطلحات المجاورة للجماعة حتى يمكننا أن نميز بين مفهوم الجماعة و المفاهيم المجاورة
151
دينامية الجماعة الفصل الثاني
لها " ،وتبقى المصطلحات ماهية إال رموز لفظية محايدة تطلق على الظواهر المجردة عن
الواقع" (شتا ،1993 ،ص ،)42ومن المصطلحات المجاورة للجماعة نجد "عصبة" (
(Leagueو "زمرة" ( (cliqueو "حشد" ( (crowdو "تجمع" ( (Poolو "رهط" (
(Entourageو"عشيرة" ( (clanو"جمهرة" ( (Pressو"جمهور" ( (Audienceو"فريق" (
(Teamو"طبقة" ( ،"(Classفي حين أن هذه المصطلحات تدل في معناها عن عدد من
األشخاص المجتمعين وحيز من الحياة المشتركة ،غير أن كل مصطلح يحمل معنى
سيكولوجيا أو سيولوجيا مختلفا على اآلخر ،ومن أهم المصطلحات التي شاع التعبير عن
الجماعة بواسطتها مصطلح "الفريق" ( ،(Teamخاصة الجماعة النظامية ( (groupe
،Formelو التي تخضع لتنظيم خاص يتحكم في سير عملها ،
و" لقد أبدى أحد الدارسين لعلم النفس االجتماعي رأيه في عالقة لفظ "فريق" بمفهوم
الجماعة ،وتبين له معنى كلمة "فريق" قد عرف تطو ار كبيرا ،فهي كلمة قديمة تتصل بفكرة
ركوب البحر ومن ذلك استعمال اصطالح "فريق بحارة السفينة" ،وتتصل أيضا بفكرة العمل
الجماعي و التي تقترب من معنى الجهد الجماعي المشترك" (جان ،1982 ،ص ،)13في
السابق كانت كلمة فريق" تلتصق بحقل العمل المادي أو األلعاب الجماعية ،أما اآلن
فأصبحت تستعمل في عدد كبير من القطاعات المجتمعية مثل "فريق األبحاث" و" الفريق
التعليمي" ،والفريق في النهاية هو وسيلة لتمكين األفراد من العمل الجماعي المنسجم كوحدة
متجانسة ،وغالبا ما يستخدم لفظ الجماعة عندما نتحدث عن دينامية الجماعة ولكن عندما
يك ون الحديث عن التطبيقات العملية فإننا نستخدم لفظ فريق العمل " ،وقد يستعمل لفظ
جماعة العمل ( (Work groupوفريق العمل ( ) Work Teamكمفهومين مترادفين،
ولكنهما من الناحية السلوكية مفهومان مختلفان ،ذلك أن جماعة العمل مكونة من أعضاء
هدفهم األساسي هو االشتراك في معلومات واتخاذ الق اررات و مساعدة كل منهم على تأدية
عمله في المجال الخاص به ،وهو المحدد له كفرد من الجماعة ،أما فريق العمل فإنه يختلف
حيث يكون الهدف األساسي هو إنجاز ما يزيد عن تحقيق الهدف الخاص بالفرد ،وهو هدف
152
دينامية الجماعة الفصل الثاني
الفريق ككل" (القريوتي ،2223،ص ،)142لذلك ال تعتبر جماعة العمل " فريق عمل" بل
هي مجرد تجمع عدد من األفراد لكل واحد منهم أولوياته الخاصة والتي قد ينظر إليها على
أنها أكثر أهمية عنده من أولويات الجماعة ،مع اإلشارة أنه يمكن تحويل جماعة العلم إلى
فريق عمل ولكن ال يمكن تحويل فريق العمل إلى جماعة عمل ،ومن هنا يتضح أن ما يميز
فريق العمل عن جماعة العمل وجود المهارات المتكاملة والروح التعاونية التي تسمى "روح
الفريق" والتي تسعى المؤسسات الواعية على إيجاد هذه الروح من خالل تشكيل عدة فرق
عمل منها" ويوضح الجدول رقم ( )01الفرق بين فريق العمل وجماعة العمل.
اهتم علماء االجتماع بمشكلة تصنيف الجماعات " وذلك لوضع أي جماعة اجتماعية
في واحدة من فئات معينة ،وبصورة تسير للدارس للجماعات تطبيق تعميمات المتعلقة بالفئة
تطبيقا آليا على هذه الجماعة المعينة" (لويس ،1989،ص ،)115والمقصود هنا ليس
التصنيف في حد ذاته إنما هو معرفة العالقات الدينامية بين األفراد وأنماط تفاعلها ،ومن
تأثير الجماعة بأشكالها المختلفة في سلوك الفرد ضمن المجتمع ونشير في هذا السياق إلى
153
دينامية الجماعة الفصل الثاني
وجود عدة تصنيفات والسبب في ذلك يعود إلى غاية المصنف من دراسته واألساس الذي
يعتمده ،وسنعرض في دراستنا بعض هذه التصنيفات مع األساس الذي اعتمد في ذلك
وليس كلها ألن المجال المخصص لهذه الدراسة ال يسمح بذلك ،ومهما يكن من اختالف بين
أنواع الجماعات فإن أعضاء كل جماعة يشعرون بوحدتهم وتشابههم وبتميزهم عن أعضاء
جماعة أخرى ،ويكون لكل جماعة مركز اهتمام خاص مختلف باختالف طبيعة الجماعة.
ورغم أنه من الممكن للجمع بين أكثر من أساس واحد من هذه األسس في تصنيف
الجماعات ،إال أن النزعة الغالية اتجهت إلى التصنيف الثنائي " مع توفر شرطين أساسيان
أولهما وجود كل األعضاء بوصفهم جماعة في المجال السيكولوجي لكل عضو أي إدراكها
واالستجابة لها بوصفها جماعة ،أما الشرط الثاني فهو التفاعل الدينامي بين مختلف
أعضاء الجماعة (لويس ،1989،ص ،) 116إن الجماعة االجتماعية يمكن في أوقات
معينة وفي ظروف معينة أن تكون كل األنواع ،رغم أن بعض الدارسين يربط دراسته
بدين اميات الجماعات وبين جماعة واحدة أو نوع محدد من الجماعات ،وتحاول الحقائق
العلمية أن تستوعب األنواع المختلفة للتجمع اإلنساني في إطارها العلمي ،وتتخلص أهم
التصنيفات المختلفة للجماعات على النحو التالي:
إن الفرد يتأثر ويؤثر بكل الجماعات التي ينتمي إليها إال أن هذه التأثيرات تتفاوت من
جماعة إلى أخرى فبعضها يترك آثا ار عميقة في شخصية الفرد بينما ال يزيد تأثير البعض
اآلخر عن مجرد تزويد الفرد بخبرات عامة ،وقد ميز "كولي" ( )Colleyبين نوعين من
الجماعات وهما:
يرى الفيلسوف وعالم االجتماع األمريكي "شارل هـ .كولي" ( (Charles H. Cooleyبأن
الجماعة األولية تمتاز بالمواجهة ،أي أن العالقات بين أفرادها تتم وجه لوجه ( (Face To
154
دينامية الجماعة الفصل الثاني
تكون العالقات بين األفراد المكونين للجماعة الثانوية غير مباشرة أي االتصاالت تتم عن
طريق أشخاص آخرين ،يمثلون دور الوسيط ويكون الشعور باالنتماء إليها ضعيفا بالنسبة
كما هو عليه في الجماعة األولية ،وتتصف الجماعة الثانوية بالطابع الالشخصي نسبيا بين
أعضائها حيث يتصرف كل منهم وفقا لألدوار االجتماعية التي يؤولها في المجتمع خارج
نطاق الجماعة (عبد اللطيف ،2225،ص ،)44و تتأثر الجماعات الثانوية بالجماعات
األولية ،فكثير من نماذج السلوك التي تظهر في الجماعة الثانوية ترجع جذورها إلى ما
اكتسبته في الجماعة األولية ومن أمثلة الجماعات الثانوية نجد (النقابة ،الحزب ،الهيئات
العلمية).
155
دينامية الجماعة الفصل الثاني
يمثل هذا النوع من الجماعات الصورة التي يتطلبها التنظيم الرسمي من حيث تشكيل
جماعات العمل ضمن الوحدات التنظيمية المختلفة لتحقيق األهداف التنظيمية ،وهي
جماعات تتكون من أفراد يعملون معا نحو تحقيق هدف معين وفقا لقواعد وبتوجيه من
اآلخرين ،وقد يتحدد فيها األدوا ر فيكون دور كل فرد محددا ومكتوبا في بعض األحيان ،
وفي هذه الجماعات يسلك الفرد ما هو متوقع منه كما هو متوقع من اآلخرين ،وتعتبر هذه
الجماعات منظمة ،وتنظيمها يقلل من أثرها في سلوك األفراد بالمقارنة بالجماعات غير
156
دينامية الجماعة الفصل الثاني
الرسمية ،ويتميز هذا النوع من الجماعات بأن له خصائص بنائية معينة تحدد طبيعة
االتصال بين األفراد داخلها( .ضياء ،2222،ص.)46-45
تتصف هذه الجماعة بأن العضوية ال تتشكل وال تتحدد فيها وفقا لمقتضيات التنظيم،
ولكن استجابة لحاجات خاصة باألعضاء ،والتي قد ال تكون بالضرورة منسجمة أو متفقة
مع األهداف التنظيمية ،ومن ذلك مجموعة المصالح ( ، (Interest groupالتي تتشكل
لتنظيم مساعدة األعضاء الذين يتعرضون ألزمات ،وهناك جماعات الصداقة (
(Friendship groupالتي تتشكل ليس بالضرورة لتحقيق أهداف محددة ،وانما للتوافق في
المشاعر والقيم ،وتتميز الجماعات غير الرسمية بانعدامها بناء اجتماعي محدد أو قواعد أو
معايير معروفة ،وهي إما قصيرة أو طويلة األمر ،وقد تنشأ هذه الجماعات داخل الجماعات
الرسمية إلشباع حاجات أعضاءها ،وغالبا ما يتعارض هذا التنظيم غير الرسمي مع
التنظيمات الرسمية ( القريوتي ،2223 ،ص.)113
يقوم أعضاء الجماعة المنظمة بأدوار محددة ،ترتبط باألهداف العامة للجماعة
وتختلف درجة التنظيم في بساطتها وتعقدها تبعا لحجم الجماعة ،وقد تكون درجة التنظيم
منخفضة كما في الجماعات غير الرسمية ،وقد تكون مرتفعة كما في الجماعات الرسمية
وتتصف الجماعات المنظمة بالتعقيد وعدم المرونة فالتعاون بين األعضاء محدد مسبقا.
وهي الجماعة التي يعمل فيها الفرد مستقال عن اآلخرين ،و ال يوجد في هذا النوع من
الجماعات تقسيم للعمل أو تحديد لألدوار وتتزايد فيها مظاهر الفردية واألنانية والتفكك وكلما
157
دينامية الجماعة الفصل الثاني
ازداد تنظيم الجماعة تقل مظاهر الفردية ويتعرض كالعضو ينحرف عن اإلذعان لتوقعات
الجماعة لضغط كبير من طرف الجماعة (عبد اللطيف ،2225،ص. )46-45
وتنقسم الجماعات من حيث طبيعة تكوينها إلى نوعين أيضا جماعات طبيعة وجماعات
مكونة:
وهي الجماعات التي تتكون طبيعيا أي من تلقاء نفسها دون أن تكون هناك عوامل خارجية
تدفع إلى تكوينها ،و تكوينها بهذه الصورة يعتبر ظاهرة طبيعية جدا بالنسبة لإلنسان ،إذ
ينتمي إليها بطبيعته إلى التجمع والشعور باألمان في الجماعة ،و تربط أفراد الجماعة
الطبيعية صفات متجانسة مثل الجنس أو اللغة أو الدين أو الوطن.
تتكون هذه الجماعات تحت تأثير عوامل خارجية كوجود ظروف أو ضغوط أو شخصيات
معينة تدعو إلى تكوينها إما رغم إرادة أعضاء الجماعة واما بطرق استشارية (ضياء،
،2222ص.)45-44
تنقسم الجماعات من الثبات إلى نوعين جماعات ثابتة وجماعات غير ثابتة
تتميز الجماعات الثابتة بالتأثير القوي والعميق الذي يهيمن على سلوك الفرد طول حياته
،ويتميز هذا النوع بدرجة عالية من الثبات وبالذكريات المشتركة وعواطف متبادلة وأهداف
158
دينامية الجماعة الفصل الثاني
بعيدة وعالقات داخلية قوية تربط األعضاء بعضهم البعض ،ومعايير وقوانين تعمل على
تنظيم وتآلف األفراد لتقوية درجة الثبات.
تتميز الجماعات غير الثابتة بإنشائها العارض ،كاجتماع الناس في الطريق العام لمشاهدة
ح ادث ما ،فأفرادها يألفهم شعور واحد في موقف محدد مؤقت لكنه سطحي يتولد بسرعة
ويزول بنفس السرعة ،وليس لهذه الجماعات وحدة اجتماعية قوية تربطهم فأهدافها قريبة
وعواطفها سطحية وذكرياتها معدومة( .فؤاد ،سعد ،1999 ،ص .)67-66
وهي الجماعات التي ينتمي إليها األفراد بدوافع شخصية إلشباع حاجات نفسية ،فأفرادها
تجمعهم ميول و رغبات فردية أو شخصية ،حيث ينتمي األعضاء إلى هذه الجماعات دون
إدراك تام للدوافع الحقيقية إلى االنتماء إليها أو لدوافع أخرى مدعومة ،و يكون االنتماء لهده
الجماعات ذاتيا ،واالنسحاب منها رهن باإلشباع الذي يحققه الفرد من هذه الجماعة مثل
جماعات اللعب وجماعات األصدقاء.
هي الجما عات التي ينتمي إليها الفرد بدوافع موضوعة لتحقيق أهداف اجتماعية عامة و
غير شخصية ،فأعضائها يعملون على حل مشكلة تهم المنطقة أو المجتمع أو اتحاد معين
بتغليب الطابع الموضوعي على رغبات األفراد النفسية ،فاالختالف بين الجماعات ذات
الدافع الذاتي أو الموضوعي لالنتماء هو اختالف في الهدف الذي يحقق إشباعا نفسيا
شخصيا أو إشباعا اجتماعيا ،وقد تكون االنتماء إلي الجماعة الواحدة يحمل دافع ذاتي
159
دينامية الجماعة الفصل الثاني
وموضوعي في آن واحد مثل الجمعيات الخيرية فهي تحقق حاجة نفسية داخلية وأخرى
موضوعية كفعل الخير والمنفعة العامة( .عبد اللطيف ،2225 ،ص)48-47
وتلخيصا لما سبق نضع الجدول رقم ( )04يوضح أنواع الجماعات التي تناولتها هذه
الدراسة رغم وجود عدة تصنيفات أخرى وفق أسس متنوعة مثل الحجم (كبيرة ،صغيرة)،
الجنس (ذكور ،إناث) ،المكان (الجيرة ،المحلية) ،الحرية اختيارية ،إجبارية) .
يسود داخل الجماعة عدة أنواع من الرابط منها الروابط الوجدانية أو المستمدة من
السلطة والقوة ،أو قائمة على االتصال بين األعضاء ،أو المستمدة من وجود هدف
مشترك(.حامد ،3822 ،ص)41-44
160
دينامية الجماعة الفصل الثاني
هي الروابط الخاصة بمشاعر الحب والكره ،والتقبل والنبذ ،السائدة بين أفراد الجماعة
وتظهر ،عادة في انتشار التعاون والمحبة بين أعضاء الجماعة ،حيث يهبون لمعاونة
بعضهم بعضا تلقائيا ،من أجل تسيير حياة الجماعة .وتنتشر بين أعضاء الجماعة روح
المرح والمداعبة ،دون حساسية شديدة تؤدي إلى جرح للمشاعر واألحاسيس .ويتقبل أعضاء
الجماعة اختالف وجهات النظر بصدر رحب ،ما يساعد على تطوير أساليبهم في األداء،
وبمعنى آخر ،ال يكون اختالف وجهات النظر مدعاة للثورة والغضب والتفكك االجتماعي
داخل الجماعة.
وهذا كله يؤدي إلى تماسك الجماعة ،فال يرغب أحدهم في تركها أو مغادرتها ويكون
كل عضو فيها فخو ار بانتسابه إليها .وبصفة عامة ينتشر بين األعضاء الشعور "بالنحن".
للسلطة والقوة داخل الجماعة ستة مصادر ،هي :القوة اإلثابة ،وقوة العقاب ،والقوة
الشرعية الرسمية ،و قوة التوحد (أي التوحد مع شخص له تأثيره على اآلخرين ،مثل االبن
مع األب والتلميذ مع المدرس) ،وأخي ار قوة الخبير ،ويظهر هذا النوع من الروابط في مشاركة
كل عضو من أعض اء الجماعة في مسؤولية تنظيم أنشطة الجماعة وتنفيذيها ،تبعا لما لديه
من مصادر القوة ،فيعرف كل منهم ما يجب عليه عمله ،ومع من يعمل ،ومتى يعمل ،وكيف
يعمل؟ ويكون ذلك من خالل تنظيم شامل تضعه الجماعة بتوجيه من القائد .وبناء على هذه
الروابط يسهل ضبط الجماعة والسيطرة عليها ،دون إفراط أو تفريط ،إذ إن اإلفراط في
الضبط يجعل المحافظة على بنية الجماعة مسؤولية القائد فقط ،كما أن التفريط في الضبط
يؤدي إلى الفوضى واالضطراب ،وتؤدي هذه الروابط إلى سرعة اتخاذ الجماعة للق اررات،
ألن السلطة تكون موزعة وألن الجميع يشارك في اتخاذ القرار ومستعد للمشاركة في تنفيذه،
161
دينامية الجماعة الفصل الثاني
ألن الجميع مستعد لتقبل المخالفة في الرأي بطيب خاطر ،دون قسر أو قهر ،كذلك ،يساند
قائد الجماعة من يوكل إليهم تنفيذ المهام ،وال يتصيد لهم األخطاء.
ال تستمر الجماعة عندما تكون االتصاالت بين أعضائها غير سوية أو غير مناسبة
ويظهر هذا النوع من الروابط في وجود قدر مشترك من المعلومات التي تهم الجماعة بين
أعضائها .فال يحتفظ القائد بكل المعلومات ،كما ال يغرق الجماعة بالمعلومات ،ويحرص كل
فرد على أن يشارك غيره فيما لديه من معلومات تهم الجماعة ،وتساعد في تسيير أمور
حياتها.
أي أن شبكة المعلومات ال تكون من القمة للقاعدة فقط ،بل ومن القاعدة للقمة وبين
األعضاء ،وان هذا من شأنه أن يقلل من مشاعر النبذ والعداوة ،ويزيد فرص تأثير كل عضو
من أعضاء الجماعة.
من المعروف أن وجود هدف مشترك تسعى الجماعة نحو تحقيقه ،أمر يؤدي إلى وحدة
الجماعة وتماسكها ،والى تنظيم العمل وتوزيع األدوار توزيعا مناسبا بداخلها .ويظهر هذا
النوع من الروابط في معرفة أعضاء الجماعة األهداف المشتركة ،التي تسعى الجماعة نحو
تحقيقها وكيفية تحقيقها ،ومن ثم يكون كل فرد مستعدا ألن يتعلم كل ما هو جديد .ويؤدي
ذلك إلى تحقيق أهداف الجماعة ،والى تأدية ما يجب على الفرد أن يؤديه من واجبات ،فال
يسعى إلى التهرب من أدائها ،أو البحث عن طرق وأساليب ملتوية أو منحرفة ألدائها .كما
يكون الفرد من تظما وملتزما ومتفانيا في أدائه للواجبات في مواعيدها ،دون تلكأ أو تسويف،
وفضال عن ذلك يكون كل عضو مستعدا لتحقيق درجة من التوفيق أو التكامل بين أهدافه
الشخصية وأهداف الجماعة ،من أجل أالّ تتعرض أهداف الجماعة للخطر.
162
دينامية الجماعة الفصل الثاني
باعتبار الجماعة ك ائن اجتماعي فهو يمر بمراحل أساسية عند بناءه ،حتى يكون
مركز قوة يساعده في تحقيق أهدافه ،وتطور الجماعات ظاهرة حتمية في حياة الجماعة و
ارتقائها ونضج أعضائها كوحدة ،ودراسة تطور الجماعات ذات أهمية كبيرة لدى قادة هذه
الجماعات حتى يمكنهم توجيهها توجيها سليما ،فلو فرض المسئول على جماعة حديثة
التكوين أعباء كثيرة فإن ذلك سيؤدي إلى انهيارها ألنها لم تصل بعد إلى مرحلة النضج
المناسبة التي تؤلها لتحمل تلك األعباء ،كما يساعد الوقوف على كل مرحلة من مراحل
تطورها القائمين على قيادتها في التنبؤ بما سيكون عليه سلوك أعضائها في المراحل
المختلفة لتطورها .ويعرف " التطور عامة بأنه التقدم نحو شكل ذو تركيب أكثر تعقيد و
اكتمال ،و ال يحدث التطور فجأة أو بصورة عشوائية ،وللتطور مظهران ،هما مظهر
تكويني و مظهر وظيفي ،و يسير كل واحد منهما في مراحل متالحقة متتابعة تعتمد كل
خطوة منها عل ى سابقتها وبناءا عليه يمكن تحديد مواصفات تطور الجماعات في العنصر
الموالي" (فؤاد ،1956 ،ص.)5
إن سلسلة التغيرات التي تمر بها الجماعة أثناء فترة حياتها ،وتكون هذه التغيرات في
شكل حلقات لكل منها خصائصها ومميزاتها ،وتمهد كل حلقة منها لالحقة بها وتتأثر
بالسابقة عليها وتكون هذه التغيرات في خصائص التفاعل داخل الجماعة ،وفي دور قائدها
وأعضائها ،وفي الروابط السائدة بينهم ،ومن ثم في إنتاجيتها ،وتسعى هذه التغيرات عادة إلى
تحقيق أقصى درجات نضج الجماعة ،تحقيقا ألهدافها التي تسعى إليها.
و تكون هذه التغيرات في ضوء الخصائص المميزة للجماعة ،وليست تغيرات في
الخصائص المميزة لألعضاء ،كأفراد مستقلين بعضهم عن بعض ،فمثال تنتقل الجماعة في
نموها من التفاعل العشوائي إلى تفاعل متمركز حول القائد إلى تفاعل متمركز حول العمل
163
دينامية الجماعة الفصل الثاني
أو المهنة .و يختلف نمو الجماعات تبعا لنوعها ،فهناك مراحل نمائية معينة تمر بها
جماعات العالج النفسي ،تختلف عن المراحل التي تمر بها جماعات التدريب ،وتختلف عن
المراحل التي تمر بها الفصول الدراسية وتختلف عن المراحل التي تمر بها جماعات الخدمة
االجتماعية و الجماعات التربوية وهكذا.
إن الجماع ات ال تسير في نموها بسرعة واحدة ،إذ تختلف تلك السرعات تبعا لعدة
عوامل ،مثل :نوع الجماعة وخصائص أعضائها .واألهداف التي تسعى نحو تحقيقها .و قد
تتوقف إحدى الجماعات في نموها عند مرحلة معينة ،وذلك بناء على مقدار ما تحققه
المرحلة ألعضائها من ارتياح وأهداف ،أو بناء على الوقت المتاح لهم لمواجهة المراحل
الحرجة في نمو الجماعة أو بناء على المدة الزمنية التي تستغرقها حياة الجماعة .
و يكون تطور الجماعة في البداية سريعا ،فيحدث الكثير من البناء والتنظيم في تفاعل
خالل الساعات األولى لتكوين الجماعة ،ويتجه قدر كبير من التصور في مرحلته المبكرة
إلى إرساء النظام االجتماعي للجماعة ،ثم يتجه التفاعل إلى االستقرار في ضوء المعايير
التي تضعها الجماعة ،ولكن ليس بالسرعة نفسها للمراحل المبكرة لتطور الجماعة(.محمد
شمس ،1984،ص)126-92
تختلف مراحل تطور الجماعات تبعا لنوع الجماعة والهدف من تكوينها إضافة إلى
خصائص أعضائها وفي ما يلي عرض لبعض النماذج تطور الجماعات:
164
دينامية الجماعة الفصل الثاني
ويسود القلق بين األعضاء ،ويكون األعضاء في الغالب ذا توجه فردي كما يكون مستوى
أداء العمل منخفضا.
165
دينامية الجماعة الفصل الثاني
إذ تمثل لهم الجماعة خبرة جديدة .ويسيطر من حين إلى آخر فرد أو أكثر على الجماعة
في هذه المرحلة ،كما يعيش بعض األعضاء على هامش الجماعة.
166
دينامية الجماعة الفصل الثاني
167
دينامية الجماعة الفصل الثاني
168
دينامية الجماعة الفصل الثاني
169
دينامية الجماعة الفصل الثاني
مشاعر األفراد في المرحلة بالصداقة واالهتمام و سطحية ،ويكون الصراع في ذهن األفراد
فقط و ال وجود له في الواقع العملي
170
دينامية الجماعة الفصل الثاني
الشك أن الجماعات ال تسير دائما بصورة ايجابية ،بل تواجه بعض المشكالت في أثناء
قيامها بالعمل المنوط بها أو في تحقيق أهدافها ،و يعتبر كثير من الباحثين أن هذا أمر
طبيعي لكونها تتكون من أفراد ،و لكل فرد طبيعته السيكولوجية و التي من أهم مظاهرها
المشكالت النفسية و االجتماعية التي تواجهه طيلة حياته سيما حياته المهنية ،و نقصد
بمشكلة الجماعة وضع جديد غير مرغوب فيه نتيجة تغير يط أر على طريقة العمل أو بسبب
ظرف معين ،و لتحديد أي مشكلة داخل الجماعة يجب التساؤل عن النشاط المطلوب الذي
لم يؤد كالمعتاد ،و نحصر هذه المشكالت في األنواع الثالثة.
يختلف سلوك األفراد بالنسبة لبعضهم البعض ،و من المرغوب فيه أن يتصف سلوكهم
باالتزان الذي يقره المجتمع الذي ينتمون إليه ،و ألسباب مختلفة تتعلق باألفراد ،نجد أن
171
دينامية الجماعة الفصل الثاني
بعضهم يستخدم الجماعة لحل مشكالته أو إلشباع رغباته الشخصية التي تتعارض مع
الجماعة وأفرادها ،و يصبحون عوامل تفكك بدال من عوامل بناء و تماسك ،فالفرد السلبي
الذي يشكو دائما من شأنه أن يضعف الروح المعنوية للجماعة و يتشتت أعضائها ،فجد
داخل كل جماعة أفرادا يلعبون أدوا ار سلبية مثل :الفرد الذي ال يتحمل المسؤولية ويماطل
وال يؤدي العمل الذي يطلب منه ،و الفرد غير المتعاون واألناني ،كل هؤالء يسببون
مشكالت في الجماعة تؤدي إلى تعطيلها وعدم تقدمها وعدم تحقيق األهداف المرجوة منها ،
و واجب القيادة الفعالة أن تعمل على مساعدة هؤالء األفراد على التكيف مع الجماعة
ويصبحوا أعضاء صالحين فيها لكي ال يؤثروا في بقية األفراد ذوو السلوك االيجابي .
إن المقصود بالمشكالت الوظيفية كل ما يتعلق بالمشكالت التي تعيق الجماعة على
تحقيق أهدافها و و وظائفها المحددة لها ،ويمكن تلخيص المشكالت الوظيفية للجماعة في
النقاط التالية:
إن أكبر مشكلة تعترض الجماعة و تقف حجر عثرة أمام تماسكها و االحتفاظ بروح
معنوية عالية بين أفرادها ويحقق حاجاتهم ورغباتهم ،هو عدم فهم األعضاء ألهداف
الجماعة ،و تعتبر هذه األهداف بمثابة المحرك ألعضاء الجماعة ومنشطة لفاعليتهم حيث
تتوحد الطاقات يتعزز التفاعل االجتماعي ،إن من واجب قائد الجماعة أن يحدد األهداف مع
أفراد جماعته بشكل تأتي متوافقة وغير متعارضة ،و قد تختلف أهداف األفراد مع أهداف
الجماعة وقد تكون متشابهة ،إال أنه من الضروري أن تكون واضحة و دقيقة ،لذا يجب
التعبير عنها يشكل علني و بصيغة مكتوبة ،تتحدد فيها األولويات والوسائل والمخططات
التي توصل إلى تحقيقها ،وتجدر اإلشارة أنه بقدر ما تكون أهداف الجماعة على صلة
172
دينامية الجماعة الفصل الثاني
بدوافع األفراد و بتوجهاتهم بقدر ما تكون لهذه األهداف تأثير في سلوكهم ،و بالتالي تتعزز
دينامية للجماعة ( .ضياء ،2222 ،ص)91
إن وجود العشيرات ( (Clansفي الجماعة غالبا ما يكون سببا في تفكك الجماعة
والقضاء على تماسكها ،خاصة إذا ما أرادت العشيرة أن تقوم بتأدية أعمال الجماعة دون
السماح لبقية أعضائها باالشتراك في ذلك ،ومن أهم األسباب في حدوث هذه المشكلة هو
حجم الجماعة الذي يؤدي إلى وجود قوى مضادة ألداء الجماعة ،ويؤدي كذلك إلى زيادة
متطلبات دور القائد وبالتالي إلى ظهور قيادات غير رسمية لعشيرات تعمل على تحقيق
أغراضها بغض النظر عن رؤية القيادة الرسمية وبرامج الجماعة ،إن هذه العشيرات كثي ار ما
يكون سلوكها سببا في خلق المشكالت والمتاعب التي تعوق األعضاء و الجماعات على
التطور والتقدم ،وتوجد تلك الظاهرة في معظم الجماعات ،حيث من النادر أن نجد جماعة
يكون لكل أعضائها نفس العالقات تماما من حيث الكم والكيف ببقية أعضاء الجماعة ،
فهذا النموذج ال يكون حتى في الجماعات األولية مثل األسرة ،والقائد الناجح عليه أن يتقبل
ضرورة وجود العشيرات داخل جماعته ،على اعتبار أنها يمكن أن تكون عامل أساسي في
نجاح العمل الجماعي ،وقد تصبح أكثر خطورة عندما يساهم القائد في فصلها على بقية
الجماعة ( .سلمى،1998،ص)178-177
إن المنازعات داخل الجماعة دائما ما تعوقها عن التقدم وتحقيق التماسك إذا ما
استفحل أمرها ،فهي قد تكون أحيانا سببا في انقسام الجماعة تفككها ،ومن أهم أسباب
المنازعات داخل الجماعة ،هو اختالف وجهات النظر والميول والخبرات وفرض اإلرادات
الحتالل أدوار معينة داخل الجماعة للحصول على مزيد من المنفعة ،وتعبر المنازعات
على نفسها بطرق شتى منها عدم صبر األعضاء بعضهم على بعض ،ومهاجمة األفكار
173
دينامية الجماعة الفصل الثاني
قبل التعبير عنها كاملة ،و اختالف األعضاء بواسطة تقديم تعليقات ومقترحات بدرجة كبيرة
من العنف وعلى المستوى الشخصي ،و قد يرجع التشاحن والمنازعات في الجماعة ألسباب
منها أن يلقي على الجماعة عمل صعب ،فيشعر األعضاء نحوه باإلحباط لعدم قدرتهم
على مواجهة ما يلقى عليهم من مطالب ،لذلك يجب معالجة الخالفات والمنازعات التي
تظهر في الجماعة في مراحلها األولى لكي ال تحتاج إلى الوقت الطويل والمجهود الكبير من
قائد الجماعة ،كي يعمل على إزالتها أو استغاللها في عملتي النمو والتطور لكونها إحدى
الوسائل الهامة في إحداث دينامية داخل الجماعة (ضياء،2222 ،ص.)99-98
إن كثرة وتعقد الروتين والتنظيم الزائد عن الحد في الجماعة يسبب الكثير من المتاعب
التي تعوق األعضاء ،وخاصة القادة منهم ،فالتنظيم الوظيفي الزائد عند الحد الذي يشمل
كثرة اللجان وكثرة القواعد والتعليمات ،تستفيد الوقت الطويل من القادة وأعضاء الجماعة في
كثرة الضبط والتنظيم في مقابل وضع المخطط ومناقشة البرامج المتعلقة باألهداف.
إن التنافس الشديد بين الجماعات لتحقيق أغراض شخصية أو اجتماعية كثير ما يكون
سببا في خلق المشكالت التي تعمل على تفككها ،وذلك لمنافسة التي غالبا ما يتحول إلى
صراع وذلك لمحاولة كل جماعة أن تكون هي األقوى ،ولعل هذه الظاهرة تكون بين
المجموعات غير المتكافئة الذين يركزون جهودهم في تحطيم بعضهم البعض بدل التعاون
بينهما.
الشك أن مشكلة قيام عدد قليل من أعضاء الجماعة بأعمال الجماعة على الدوام ،
مشكلة منتشرة في مجتمعنا ،وهي مشكلة خطيرة إذ أنها تعمل على إتاحة الفرص عدد من
174
دينامية الجماعة الفصل الثاني
األفراد باكتساب المهارات والخبرات مقابل أفراد آخرين مغيبين ال يقوم بأي عمل ،من شأنه
تنمية قدراتهم ،وقد نجد أفراد يعتمدون على غيرهم في تأدية أعمالهم دون مشاركتهم فيها
،وهذا غالبا ما يقلل من كفاءة األشخاص في االعتماد على أنفسهم ،كما يقلل شعورهم
بالمسؤولية االجتماعية وهذا من أهم العوامل التي تؤثر في روح الجماعة وتماسكها.
(ضياء ،2222،ص) 97-96
يعد التفاعل االجتماعي شرطا أساسيا في تكوين الجماعة ،إذ ترى نظرية التفاعل أن
الجماعة نسق من األفراد يتفاعل بعضهم مع بعض ،مما يجعلهم يرتبطون معا في عالقات
معينة ويكون كل عضو منهم على وعي بعضويته في الجماعة ،و ينشأ التفاعل من نمطين
من العالقات االجتماعية ( ، (Social relationوهما عالقة ايجابية متبادلة تسمى(عالقة
التجاذب) ،وعالقة سلبية متبادلة تسمى (عالقة تنافر) ،وهذا معناه أن التفاعل االجتماعي،
يحدد درجة التماسك أو التفكك بين أعضاء الجماعة.
وبناءا عليه كان من المفيد استعراض بعض مظاهر هذا التفاعل االجتماعي ،والتي
تمثل أنماطا سلوكية في حياة الجماعة ،و تعرف هذه األنماط بالعمليات االجتماعية (
،(social Processولكي نفرق بين العالقات االجتماعية والعمليات االجتماعية ،نذكر أن
العمليات االجتماعية أوسع نطاقا من العالقة االجتماعية التي هي نتيجة مباشر للتفاعالت
االجتماعية و العمليات االجتماعية ،ومن هذه العمليات ما يؤدي إلى التجاذب و تقوية
( Associative Process العالقات مثل (التعاون ،التكيف) وتسمى العمليات المجمعة
) ،ومنها ما يؤدي إلى التنافر و إضعاف الروابط و العالقات االجتماعية مثل ( الصراع،
التنافس ،المهادنة) و تسمى العمليات الهدامة ) ( ( Destructive Process
إن العمليات االجتماعية هي مجموعة التغيرات و التفاعالت سلمى،1998،ص،)166
التي تؤدي إلى ظهور نمط متكرر من السلوك ،و التي تخلق دينامية تضع الجماعة في
175
دينامية الجماعة الفصل الثاني
حالة تغير مستمر ،وفي ما يلي استعراض ألهم العمليات االجتماعية وأقواها شأنا في
استقرار الجماعة أو تفككها.
- 1.6التنافس ) : ( Compétition
المنافسة عملية اجتماعية يتم بمقتضاها تحديد نمط التطور في الجماعة ،فهي منشطة
للقوى واإلمكانات اإلنسانية شريطة أن يكون في الحدود المعقولة ،أما إذا زاد عن حدودها
انقلبت إلى صراع وليس تنافسا ،و التنافس يتولد عادة من التعاون ألن هذه العملية هي محل
تنافس وتؤدي إلى إطالق القوى الكامنة ومحاولة استغاللها في أرقى صورها ،وهي عملية
دائمة ومستمرة حتى أن األفراد المتنافسون ال يشعرون أحيانا أنهم في حالة تنافس ،ولكي
يؤدي التنافس وظيفته االجتماعية يجب أن يكون بين طرفين متعادلين ،ألن في عدم التكافؤ
قتل للروح المعنوية ألحد الطرفين فتخسر الجماعة عضوا نافعا ضحية المنافسة غير
المشروعة ،و البد أن نشير أن الوضع الثقافي للمجتمع الذي يحتوي الجماعة هو الذي يحدد
اتجاه التعاون والتنافس ،وهو الذي يعين األهداف المتنافس عنها ( .السلمي ،ب ت،
ص)189-188
- 2.6التعاون ) : ( coopération
يعتبر التعاون عملية اجتماعية أو مظهر من مظاهر التفاعل االجتماعي ،و هو بذل
الفرد أقصى جهد مع أعضاء جماعته لتحقيق هدف مشترك يكافأ عليه جميع األعضاء
بالتساوي ،ويكون االعتماد بين أفراد الجماعة متبادال و ايجابيا ،و الشك أن الفرد حين يقرر
التعاون مع اآلخرين لتحقيق هدف معين يكون مدفوعا إلى ذلك إلدراكه أنه ال يستطيع وحده
تحقيق ذلك الهدف منفردا ،ونستنتج من ذلك أن التعاون ظاهرة ليس دائما اختيارية ،بل في
أغلب الوقت يضطر الفرد لممارستها ،و رغم أن التعاون عملية اجتماعية إال أنه يستجيب
مع بعض الدوافع الفطرية الكامنة في الطبيعة البشرية ،وقد يحدث أن يقدم كل عضو عمال
منفردا يختلف عن عمل اآلخرين ،ولكن في داخل الجماعة تعتبر هدف األعمال الجزئية
176
دينامية الجماعة الفصل الثاني
أنها تتجه نحو تحقيق غرض واحد وتتركز نحو موضوع مشترك يؤدي إلى التكامل ،والتعاون
مثله مثل المنافسة ،هو أسلوب للسلوك يتعلمه الفرد بحكم تطور داخل بيئة الجماعة ،و
بفعل تفاعله مع اآلخرين ( .عبد الحافظ ،2227 ،ص.)122-121
-3.6الصراع ) : ( Conflit
يعتبر الصراع من أخطر العمليات االجتماعية وهو يمثل المظهر المتطرف للمنافسة،
فقد يحدث في كثير من المواقف أن تخرج المنافسة عن إطارها حين يحكم األفراد التحدي
واألهواء ومبدأ "تنازع البقاء" ،فالصراع داخل الجماعة يشمل جميع أشكال وأنواع وصور
177
دينامية الجماعة الفصل الثاني
التعارض وعدم االتفاق والتفاعل العدائي ،و يتراوح الصراع داخل الجماعات ما بين ثانوي
ومدمر ،ومن أهم أسباب حدوث الصراع عدم تجانس أعضاء الجماعة ،
وهامشي وجوهري ّ
وذلك في اختالف المعايير والقيم واألهداف و األفضليات باإلضافة إلى تعارض األدوار
وغموضها ويستخدم البعض مصطلحات عديدة مت اردفة للداللة على هذه الظاهرة ،ومن بينها
"االحتكاك" و"النزاع" وهذه حاالت متطرفة ناتجة عن حركية الجماعة وتفاعلها ،و حيثما
هناك تفاعل فإن ظاهرة الصراع حتمية وهي شائعة في الجماعات مثل شيوع باقي العمليات
االجتماعية لذلك يرى كثير من الباحثين أمثال ( (Wrightو ( (Noeسنة ( )3889إن
غياب الصراع كليا في جماعات العمل أمر غير مرغوب فيه ،فغيابه مؤشر على عدم وجود
مشاركة و دينامية جماعة(.حسن ،2224 ،ص.)179-175
يعتبر التكيف عملية اجتماعية ومؤداها أن يتكيف الفرد بالبيئة التي يعيش فيها،
ويصبح عنص ار منسجما مع عناصرها ،فال يشعر بوطأة نظمها وال يضيق ذرعا بأوضاعها
بل يجب أن تساهم هذه النظم في تكوينه وتصبح من أهم مقومات شخصيته ،ومن مظاهر
التكيف بين الفرد والجماعة ،ما يشاهد في تماسك قوى الجماعة حول أهداف واضحة وشعور
الفرد بالمسؤولية االجتماعية بين أفراد الجماعة اآلخرين ،وتتضح قدرة الفرد على التكيف في
ميله إلى مسايرة الجماعة واإلحساس باأللفة والمودة والميل إلى التفاني في كل أمر يهم
الجماعة ،وكذلك في التضحية بمصالحه في سبيل المصلحة العامة للجماعة ،و يتحقق
التكيف االجتماعي عندما تكون أهداف الفرد متمشية مع أهداف الجماعة ،ويعتبر التكيف
االجتماعي مثل باقي العمليات االجتماعية عملية دينامية نظ ار لظروف التغير المطردة في
البيئتين الطبيعية و االجتماعية فما أن يتكيف الفرد مع جماعته حتى تتغير هذه الجماعة
مما يتطلب إعادة تكيفه معها من جديد ويفرق االجتماعيون بين التأقلم )(adaptation
والتكيف ( (Accommodationحيث أن اصطالح التأقلم يستخدم ليدل على تالؤم السلوك
178
دينامية الجماعة الفصل الثاني
اإلنساني مع ظروف البيئة الطبيعية ،أما التكيف فيرتبط مع ظروف البيئة االجتماعية.
(سلمى،998 1 ،ص) 172-169
تعتبر المهادنة من مظاهر التفاعل االجتماعي بين األفراد والجماعات ،وتحدث حين
يتفق المتصارعون على إخفاء صراعاتهم و وقف التنافس بينهم مؤقتا أي حين يتفق العمال
و اإلدارة على تأجيل خالفاتهم لحين التصدي إلى مشكالت خارجية تنافسية معينة ،إن
المهادنة نوع من العمليات االجتماعية يلجأ إليه الفرد أو الجماعة حين يتبين بعد إدراك
للموقف استحالة تحقيق فوز أو نصر ساحق على الطرف األخر أو نتيجة لحدوث تغير في
البيئة المحيطة يجعل من الصراع أم ار خطي ار على المتصارعين جميعا( .السلمي ،ب ت،
ص)192-191
179
دينامية الجماعة الفصل الثاني
هناك العديد من النظريات التي تفسر رغبة األفراد للعضوية في الجماعات ال تحدد
وجودها القوانين واألنظمة وفي هذا المجال يمكن تلخيصها عن النحو التالي:
ترتبط هذه النظرية باسم "نيوكومب" ( ،(Newcombو تنص على أن انجذاب األفراد
لبعضهم البعض يستند إلى اتجاهاتهم المشتركة تجاه أهداف أو أشياء معينة ،وبمجرد تكوين
تلك العالقة بين األفراد ،فإنها تعمل في سبيل الوصول إلى توازن بين االنجذاب (
(Attractionواالتجاهات المشتركة ( ، (commun Attitudesوان لم يوجد ذلك التوازن
فتبدأ المحاوالت إلى تحقيقه ،و إذا فشلت تلك المحاوالت فإن العالقة عادة ما يكون مصيرها
الزوال وعلى هذا األساس يرى "نيوكوم" بأن أساس االنتماء للجماعات هو إيجاد التوازن بين
180
دينامية الجماعة الفصل الثاني
اتجاهات األفراد ،وتأتي حاالت التوازن من االتجاهات االيجابية بين األفراد ونحو أنفسهم
ونحو موضوع معين أو من االتجاهات السلبية وتوافقها نحو موضوع معين كذلك ،أما
حاالت عدم التوازن فهي توافق االتجاهات الفردية تجاه بعضهم رغم اختالفها حول موضوع
معين أو تباين اتجاهاتهم حول الموضوع المعين رغم توافق اتجاهاتهم الشخصية ويبقى أسوأ
حاالت عدم التوازن هو عدم توافق االتجاهات الشخصية على أسس شخصية وكذلك حول
مواضيع ومواقف معينة .والشك أن لكل من عاملي القرب والتفاعل دو ار هاما في نظرية
التوازن.
ترى هذه النظرية أن االنتماء إلى الجماعات هي محصلة ثالث عناصر أساسية هي
و المشاعر (،(Sentiments النشاطات ( (Activitésالتفاعالت ((Interactions
وترتبط هذه النظرية باسم "جورج هومانز" ( ، (George Homansو طبقا لهذه النظرية
فإن هذه العناصر الثالثة تتفاعل مع بعضها البعض بطريقة مباشرة ،فكلما زادت األنشطة
بين أفراد معينين ،كلما زاد تفاعالتهم .وكلما زادت قوة العاطفة التي تربطهم زاد التفاعل
بينهم .و كلما زادت األنشطة التي يشتركون فيها معا زادت العاطفة التي تجمعهم ،و كلما
زادت العاطفة بين أفراد الجماعة زادت األنشطة والتفاعالت فيما بينهم ،ويعتبر التفاعل أقوى
العناصر الثالثة في عملية تكوين الجماعات ،و ال يقصد بالتفاعل هنا القرب المادي (
،(Physical Propinquityولكن ذلك االنتماء الجماعي لحل المشاكل وتحقيق األهداف
وتسهيل التعاون وتخفيض التوتر ،وتعد الجماعات المتكونة حسب هذه النظرية من أقوى
الجماعات( .أبو النيل ،1985 ،ص)262
181
دينامية الجماعة الفصل الثاني
تفسر هذه النظرية انضمام األفراد للعضوية في الجماعات تفسي ار آليا أساسه التقارب
المكاني لألفراد ،فالفرد من وجهة نظر هذه النظرية ينضم إلى الجماعات القريبة منه مكانا ،
و طبقا لهذه النظرية فإن شعور األفراد باالنتماء يظهر كنتيجة للجوار ،فالعاملون في تنظيم
معين ،والمشتركون في نفس الغرفة ،أو في نفس الموقع جماعات متميزة ،و هناك الكثير
من األبحاث التي تؤكد نتائجها هذه النظرية ،ولقد كان النقد األساسي الموجه لهذه النظرية
هو افتقادها للعناصر التحليلية الكافية ،وقصورها في شرح التعقيدات المتعددة الموجودة في
عملية تكوين وتشكيل الجماعات( .القريوتي ،2223 ،ص)129
182
دينامية الجماعة الفصل الثاني
يعرف الدور بأنه "أفعال األعضاء منظور إليها في مالئمتها للتركيب االجتماعي"
(بركات ،7009 ،ص ، )44و هنا يعرف الدور كأنه خاصية الفرد الفاعل أكثر من أن
يكون خاصية البيئة المعيارية ،و ينظر للجماعة باعتبارها وحدة من األعضاء المتفاعلة
والذي يمارس كل منهم دوره الذي حدد له ،و من بين األدوار أو المراتب الرئيسية للجماعة
نذكر ما يلي (حامد ،1977 ،ص) 185-182
-1.8القائد :
هو الدور المهم في الجماعة حيث يقوم بتوجيه جهود األفراد لتحقيق هدف ما ،ويتمثل
الدور الرئيسي له في عمليات تكوين الجماعة وتحديد مميزات ومهارات أعضائها ،تحديد
األهداف و المعايير وتوضيح األدوار الغامضة.
- 2.8المتمثل :
– 3.8المعارض:
من أعضاء الجماعة من يحتل مركز المعارض ،و بالتالي يمثل دور المعارضة ،و
المعارض في الجماعات ذات النمط القيادي الديمقراطي يلعب دو ار مهما في تحقيق التطوير
من خالل تسجيل المواقف الخاطئة أو تقديم مقترحات وأفكار خارجة عن إطار الجماعة ،و
183
دينامية الجماعة الفصل الثاني
المعارض ضمن هذا اإلطار يمثل دو ار ايجابيا ،أما إذا كانت المعارضة من أجل المعارضة
فقط فيأخذ دو ار سلبيا مشككا في جماعته وبكل ما تحمله من قيم وأهداف ،و في هذه الحالة
يقترب من دور المنحرف عن تعاليم الجماعة ويتصف سلوكه بالفردية وأحيانا بالطابع
األناني.
المنحرف في الجماعة هو الذي يخرج على معايير الجماعة وعلى قيمها بصورة تؤثر
سلبا على تماسكها و على استقرارها ،أي هو الفرد أو العضو الذي يتخطى الحدود المسموح
بها ،ألنه ليس كل فرد معارض منحرف ،و المنحرف يكون موضع اهتمام الجماعة ،إذ
تسعى بشتى الوسائل إلعادته إلى الجماعة و االمتثال بمفاهيمها و بمادتها ،ومن هذه
الوسائل أسلوب المنافسة و إظهار مواطن الضعف والخطأ لدى المنحرف و معالجة مسببات
االنحراف و اإلهمال ،و إذا لم يحترم الفرد المنحرف معايير الجماعة تقوم هذه األخيرة
بمعاقبته من خالل العزلة فالنبذ ثم اإلقصاء من عضوية الجماعة.
– 5.8الهامشي :
هو العضو الذي يعيش على هامش الجماعة ،ال يتفاعل و ال يندمج معها ،و ال
يعارض كما أنه ال يتمثل كليا أو يعايش مبادئ الجماعة كما يعايشها األعضاء الفاعلون ،
كما ال يهمه ما يجري داخل الجماعة و إن كان ما يجري يهدد الجماعة ويضعف تماسكها ،
و الهامشية ال تنفي االنتماء إلى جماعة أخرى ،بحيث يكون الفرد هامشيا في جماعة و
ممثال فاعال في جماعة أخرى ،و بذلك فالهامشي في جماعة قد يكون عضوا نشيطا أو
قائدا في جماعة أخرى .
184
دينامية الجماعة الفصل الثاني
185
دينامية الجماعة الفصل الثاني
تتسم الجماعات بطابعها الحركي فهي ليست مواد جامدة فهي تولد وتتطور ،وتتساند
أو تتباعد ،فالجماعة بهذا المعنى ذات طابع تاريخي باعتبارها قابلة للتطور واالنكسار
واالتساع والتق لص ،و تعرف هذه الظاهرة السيكوسيولوجية التي تعيشها الجماعات بدينامية
الجماعة والتي يتجه الباحث في هذه الدراسة العتبارها أحد مظاهر الحياة الجماعية
وموضوعا للدراسات النفسية و االجتماعية في الشكل التطبيقي للمبادئ السيكولوجية أكثر
من كونها دراسة في التنظير األكاديمي أو فرعا من فروع العلوم اإلنسانية ،و توضيحا
للصورة وتحديدا للموضوع الذي تتناوله الدراسة تسوق الباحثة عددا من التعريفات التي
أوردها كبار العلماء والباحثين حول موضوع دينامية الجماعة.
186
دينامية الجماعة الفصل الثاني
و يعرف "خليل ميخائيل معوض" الدينامية في المجال السيكو اجتماعي " بأنها
مختلف القوى االيجابية والسلبية التي تتحكم في الجماعة ،وتساعدها على التوازن والتطور
واالندماج أو االنكماش والتشتت والتناحر ،كما أنها عبارة عن التفاعالت البنيوية الوظيفية
التي تتحكم في نسق الجماعة ،إن كل تغير يمس عنص ار فرديا داخل الجماعة ونسقها فإنه
يؤثر ال محالة على باقي العناصر األخرى إما سلبا أو إيجابا" (خليل ،1982 ،ص ،)92و
يرى "هولنبيك ( )hollenbeckبأن الدينامية هي القوى التي تؤثر في العالقات والتفاعل
داخل الجماعة ،والتي يكون لها األثر في سلوك الجماعة فقد تعمل الدينامية على تطوير
الجماعة وتأخرها وقيام الصراع و التوتر في العالقات بين أفرادها مما يؤدي إلى تدهور
الجماعة وانحاللها"(خليل،1982،ص.)91
أما "انجلش" ( (H.B Englishفيشير إلى عدة معاني لهذا المصطلح منها التغييرات
الدينامية ( ) Dynamic changesالتي تحدث داخل الجماعات االجتماعية ،و يقصد
"انجلش" بالدينامية هنا عالقة العلية أو العلة و المعلول ( ، (Cause- Effectو من
معاني هذا المصطلح أيضا كيفية تكوين الجماعة وطريقة أدائها و وظيفتها "(العيسوي ،ب
ت،ص ،)332و حسب "كيرت لوين (" (Kurt Levinفإن دينامية الجماعة هي مجموع
القوى النفسية واالجتماعي المتعددة والمتحركة و الفاعلة التي تحكم تطور الجماعة و
سيرورتها و هي تشمل القوى الخفية التي تحدث داخل الجماعة ( (Hidden Forcesنتيجة
التفاعل بين أفرادها و القوى الظاهرة ( ،) Visibility forcesالتي تؤثر على سلوكات األفراد
كما تهتم بالسيرورات العالئقية في مستواها الواعي كالتبادالت العقلية و عمليات اتخاذ القرار
،وفي مستواها الالواعي كعمليات التقمص و التوحد و اإلسقاطات الجماعية ،في مختلف
(محمد الجماعة" في تحدث التي االختالالت و االختالفات و المواقف
آيت،2225،ص.) 9394
187
دينامية الجماعة الفصل الثاني
في المواقف المختلفة التي تمر بها الجماعة ،أما "كيب كان (" (Keap Kenفقد اتفق تعريفه
لدينامية الجماعة مع "دوقالس" حيث اعتبرها مجموع التفاعالت التي تحدث في موقف معين
،أو أنها مجموع المثيرات واالستجابات التي ترتبط في موقف معين" (ضياء،7000،
ص ، )791كما نجد أن مصطلح دينامية الجماعة قد استخدم بمعنيين ،فالمعنى األول يشير
إلى مجموع الظواهر التي تنشأ في الجماعات ،وكذلك القوانين الطبيعية التي تحكم في هذه
الظواهر ،أما المعنى الثاني فيعني المناهج التي تأثر في الفرد بواسطة الجماعات (
،2009، Françoise Alainص.(68
188
دينامية الجماعة الفصل الثاني
- 1.2التغير ( : )chenge
تهيمن على الجماعة دينامية تنحو بها الى التغيير أثناء التكوين أو إعادة التكوين ،
و يعمل هذا التغير إلى إعادة التوازن ،و ذلك بإعادة توزيع القوى توزيعا يكفل للجماعة
االستقرار ،و يتخذ التغيير أساليب وطرق مختلفة في إعادة االستقرار الكلي أو الجزئي ،ومن
بين هذه األساليب إبعاد بعض األفراد ،تغير القادة ،إعادة تنظيم األهداف ،تحويل الصراع
الداخلي إلى صراع خاص بين بعض األعضاء ،وقد يؤدي التغير كذلك إلى انحالل
الجماعة ذاتها وذلك عندما تشتد حدة التوتر وتخفق الجماعة في االستقرار الكلي والجزئي.
(فؤاد ،ص )167-165
189
دينامية الجماعة الفصل الثاني
- 2. 2االستمرارية ( :)continuity
إن الدينامية عملية مستمرة في الجماعة تبدأ بمثيرات واستجابات يتحول كل منها إلى
اآلخر ،فالمثير يتحول إلى مستجيب ثم يتحول المستجيب إلى مثير بصورة دائرية وهكذا
تكتسب الدينامية صفة استم اررية.
إن دينامية الجماعة توفر طاقة محركة من خالل األفعال و ردود األفعال (
، )Réactions،Actionsتنشأ مع بدء تشكل الجماعة فهي مسئولة عن تكون ونمو وتغير
الجماعة ،وهي سالح ذو حدين ،إما أن تعمل على نمو الجماعة أو االنحراف بها وفي
كلتا الحالتين كلما زادت الطاقة الناتجة عن التفاعل كلما أمكن تحقيق مزيد من التغير .
(ضياء ،2222،ص) 281-276
إن الجماعة كل أكثر منها تجمع ،والجماعة ليست مجرد مجموع أفراد ،والسلوك
االجتماعي لألفراد أثناء التفاعل االجتماعي يختلف عن سلوكهم إذا كانوا فرادى ،و يكمن
وراء ذلك دينامية الجماعة والتي أحد خصائصها الكلية ،بحيث تصبح الجماعة أكبر من
مجموع أفرادها كما أن شخصية الجماعة ال تمثل مجموع شخصيات أعضائها وانما هي
حصيلة تفاعل هذه الشخصيات.
هناك مستويين أساسيين داخلي وخارجي يمثالن ديناميتين مختلفين للجماعة ،وهما
دينامية داخلية للجماعة و دينامية خارجية للجماعة .وذلك طبقا للمعيار األساسي والمتمثل
في القوى النفسية االجتماعية ذات التأثير الداخلي والخارجي ،وفيما يلي نوضح هذين
المستويين ( .ضياء ،2222 ،ص)288-287
190
دينامية الجماعة الفصل الثاني
والمقصود بها كافة العوامل المؤثرة في الدينامية سواء كانت عوامل سيكولوجية أو
اجتماعية ،عوامل تتعلق باألعضاء لكونهم هم األساس التكويني للجماعة ،و يؤثرون فيها و
يتأثرون بها ،و بالتالي تصبح الخصائص االيجابية أو السلبية من العوامل المؤثرة في
الدينامية ،ومن أهم هذه العوامل المؤثرة في الدينامية الداخلية للجماعة مايلي:
وهو يتضمن الحالة المزاجية للجماعة أو الشعور الذي يتخلل الجماعة ،فالجماعات
التي يسودها جو الود والتسامح تكون الدافعية أكبر للعمل ،و يكون هناك شعور بالرضا ،
ويصبح األفراد أكثر إنتاجا واخالص ا وتعاونا ،و هذا يوفر الجو الديمقراطي مما يسهل لكل
فرد االشتراك في أنشطة الجماعة .وفي المقابل قد يكون الجو مشبعا بالخوف والشك
كالخوف من التعرض لالستهزاء والسخرية ،وقد يكون األفراد ال يثقون ببعضهم أو في
دوافعهم أو إخالصهم للجماعة وقد يكون الجو عدوانيا يحاول كل عضو النيل من العضو
وبناء على الجو الذي يسود الجماع
ً اآلخر ،وقد يكون الجو مشبعا بالالمباالة واإلهمال،
ستكون حركتها وتفاعل أفرادها وسيرها نحو أهدافها.
–2.1.3المشاركة:
هي تفاعل الفرد عقليا وانفعاليا في موقف الجماعة بشكل يشجعه على المساهمة في
تحقيق أهداف الجماعة ،وقد تكون المشاركة رسمية أو غير رسمية .وان في توسيع نطاق
المشاركة إثراء للق اررات ،ويصبح كل مشارك أكثر اهتماما بالموقف والجماعة .إن المشاركة
تدفع الناس إلى التغيير الذي أساسه تفاعل الفرد مع البيئة االجتماعية ،وتتيح للفرد المشارك
فرصة أكبر الكتساب المشاعر و تمكن الفرد من معرفة قدرته ،وهي أسلوب لتنمية روح
المسؤولية بين أعضاء الجماعة ،إن المشاركة هي المبدأ الكامن وراء تحقيق الحياة
191
دينامية الجماعة الفصل الثاني
الديمقراطية وتعمل على تنمية عاطفة تحقيق الذات ،و تزيد من والء الفرد وانتماءه
للجماعة.
يقصد بإجراءات الضبط األساليب التي تتبعها الجماعة لتدفع أفرادها إلى االلتزام
بمعاييرها ومبادئها ،و قد تعتمد بعض الجماعات على الحوافز والمكافآت في حين تعتمد
أخرى على العقاب ،لذا البد من معرفة إجراءات الضبط ومن الضروري تطبيق إجراءات
الضبط على جميع أفراد الجماعة دون تمييز .لكن البد من األخذ بعين االعتبار أنه ال يوجد
التزام تام ألي معيار اجتماعي .وتتوقف درجة الضبط وفاعليته باألهمية التي يعلمها العضو
عن الجماعة ومدى تقلبها له أي كلما كانت الجماعة مهمة له كان لضوابطها أثر أكبر عليه
،وقد يكون سبب انحراف الفرد عن معايير الجماعة كونه عضو في جماعة أخرى أكثر
جاذبية و معاييرها مختلفة ،فهو ينفذ ويسير على معايير تلك الجماعة المرجعية األولى.
- 4.1.3التوحد :
هو أن يشعر الفرد" أنه الجماعة وأن الجماعة هو" فانجازاتها انجازاته واخفاقاتها
إخفاقاته ،فهو أكثر من الوالء و أكثر من الجاذبية إنه التوحد .فيكثر الفرد المتوحد مع
الجماعة من ترديد (نحن) وال يردد (أنا) وقد يوجد هذا التوحد في الجماعات الكبرى
والصغرى الرسمية وغير الرسمية على حد سواء .وهناك عالقة متينة بين التوحد والتماسك
وبين التوحد والمشاركة ،فالقيام بنشاط الجماعة يعتبر مصد ار للتوحد وغالبا ما يكون التوحد
تفاعل قوي مصحوب بشحنات انفعالية عالية .وكلما زاد توحد أعضاء الجماعة كلما كانت
ديناميكية الجماعة عالية وسرعتها نحو تحقيق أهدافها وتحقيق التغيير أكبر.
192
دينامية الجماعة الفصل الثاني
كلما زاد حجم الجماعة كلما كانت فرصة المشاركة أقل ،و تنشأ عن زيادة الحجم
العيوب التالية :يكثر عدم االتفاق .إظهار العداء بشكل أكثر نحو اآلخرين .ازدياد درجة
القلق بين األعضاء والشعور بالتهديد واإلحباط ،قلة المشاركة ،و كما أن حجم الجماعة يحد
من كمية ونوع االتصال ،فكلما زاد الحجم كانت العالقات االجتماعية أكثر تعقيدا .كما أن
زيادة الحجم يجعل الجماعة تميل إلى إجراءات أكثر رسمية.
وجود تجانس بين أعضاء الجماعة يزيد من فعاليتها ،ويساعد على تحقيق التوافق
وسرعة الوصول إلى اتفاق .وال يمكن الوصول إلى تجانس تام ألنه إذا تجانس األعضاء في
ناحية فإنهم يختلفون في ناحية أخرى ،إذ يجب علينا إدراك وجود عدم التجانس في جميع
الجماعات وهذا ليس عيب فالمهم هو فهم هذه االختالفات وكيفية تطويعها لتحقيق أقصى
إنتاجية للجماعة .كما تبين أن األعضاء الذين يعملون مع بعضهم لفترة طويلة يميلون
ليصبحوا أكثر تجانسا في الميول واألهداف وعوامل الرضا.
193
دينامية الجماعة الفصل الثاني
التقويم قوة داخلية فعالة تؤثر في إنتاجية الجماعة ومكانتها الدائمة في الجماعات ،و
يجرى التقويم باستمرار و بطريقة شعورية وال شعورية ،ويسهم األعضاء بأقصى جهد عندما
يرون الجماعة تأخذ بالتقويم وتعدل من مسارها ،و من المفيد أن تضع الجماعة نظاما رسميا
للتقويم مما يساعدها في تصحيح المسار بصورة سريعة ،حيث أن التقويم السريع المستمر
واآلخذ بنتائجه يوفر رضا دائما ألعضاء الجماعة.
ويقصد بها أن هناك عوامل خارج نطاق الكيان االجتماعي الداخلي للجماعة تؤثر في
المجاالت المختلفة الخاصة بالجماعة ،و تتكون الدينامية الخارجية التي هي مؤثرات جديدة
غير المؤثرات الداخلية ،و ذلك ألن الجماعة ال تعيش في فراغ اجتماعي ،بل هناك العديد
من المؤثرات الخارجية التي لها انعكاس على التفاعل والحركة والتغيير داخل الجماعة ،
ومن بين هذه المؤثرات نذكر ما يلي:
كل جما عة لها مكانة في المجتمع المحلي تختلف عن جماعة األخرى ،ويتم تحديد
بناء على موافقة أهدافها ووسائلها لقيم المجتمع وحاجاته.
مكانة الجماعة بالنسبة للمجتمع ً
ويرتبط دور الجماعة بالمكانة التي تحتلها في المجتمع أو بما يتوقعه المجتمع منها ،كما قد
تتنافس جماعتان أو أكثر لتأخذ مكانة اجتماعية معينة.
عندما تضع مؤسسات المجتمع سياسات عامة معينة لخدمة المصلحة الوطنية وال
تقبل الجماعة المحلي ة ذلك تقبال تاما ،حينها تواجه العزلة االجتماعية وتخاطر بمكانتها في
المجتمع ،لذا البد من التكيف بين قيم الجماعة وبين المؤسسات الرئيسة .إن اعتبار
194
دينامية الجماعة الفصل الثاني
الجماعة جزءا متكامال للمجتمع المحلي يمثل قوة دائمة التأثير في نشاطها وسلوكها ،لذا
البد من فهم قيم واتجاهات المجتمع المحلي ومؤسساته.
يشترك الفرد عادة بعضوية عدة جماعات ،فهو عضو في األسرة وعضو في جماعة
األصدقاء وهو كذلك عضو في االتحاد أو النادي أو النقابة .فمشاركة الفرد في أي جماعة
بناء على تقويمه ألهميتها النسبية ومدى جدارة ومدى توافقها مع
من الجماعات تبنى ً
اهتماماته وأهدافه ،ألن كل فرد يرغب في تحقيق األمن والتقدير واالستفادة بالجديد من
الخبرات ،فالجماعة التي تلبي له ذلك بشكل أكبر ينتمي لها بشكل أكبر.
195
دينامية الجماعة الفصل الثاني
إن كل دائرة صغيرة تمثل عضوا من أعضاء الجماعة ،وتمثل األسهم الكبيرة
والصغيرة مختلف القوى النفسية واالجتماعية والتي تمثل الدينامية الداخلية والخارجية والتي
تعمل في إطار هذه الجماعة ،و تمثل األسهم الصغيرة المتواجدة داخل الدائرة الكبيرة
الدوافع الفردية االيجابية أما األسهم الصغيرة المتقطعة فتمثل القوى السلبية التي يحملها الفرد
معه للجماعة مثل المخاوف والنقائض والتحذيرات والمعيقات وعدد مرات اإلخفاق والفشل،
أما األسهم خارج الدائرة الكبيرة فتمثل المؤثرات الخارجية مثل مكانة الجماعة في المجتمع
ومؤسسات المجتمع وجماعات االنتماء األخرى الخاصة باألعضاء.
من خالل التراث النفسي واالجتماعي لموضوع دينامية الجماعة يمكن أن نميز ثالث
تيارات كبرى تعد بمثابة مرتكزات أبستمولوجيا استندت إليها دينامية الجماعات ،ويمكن
حصرها في أبحاث الفالسفة وسيسيولوجيا األوربيين الذين اهتموا بالجماعة وأرسوا أسس
دينامية الجماعات أمثال "شارل فوربية" (بداية القرن التاسع عشر) ،الذي اقترح أفكار تسبق
أفكار "لوين" و"مورينو" ،وال سيما تأليف الجماعات الصغيرة التي تقوم على أساس التعاون
والتوافق ،و إميل دور كأيم بداية القرن العشرين) و"شارل فوريي" ( )3810و"جان بول
سأرتل" و "فرناند طونس" و"جورد ميد" و"شارل كولي" ،فضال عن أبحاث العالم األلماني ذو
الجنسية األمريكية ( ، )1947-1890( )Kurt Lewinالذي أسس علم دينامية الجماعات
عام ( ،)3844حينما طبق منهجية تجريبية سيكو اجتماعية دينامية على مجموعات
اصطناعية من خالل الجمع بين التنظير والتطبيق ،ودراسة بنيات الجماعات ووظائفها مع
التركيز على المنشط وأنواع الزعامة والقيادة( .جان ،1982 ،ص)58
196
دينامية الجماعة الفصل الثاني
بهم "مورينو" لمداواة مرضاة المنعزلين وتحليلهم نفسيا واجتماعيا وتنشيط الجماعات عبر
قواها االندماجية والعالجية واستقراء تفاعالتها الذاتية والموضوعية.
كما استفادت دينامية الجماعة من أبحاث الطب النفسي ومن تحليالت "سيغموند
فوريد ( )1856-1939( )Sigmund Freudالنفسية ،التي ركزت على الجماعة ،و في
3873نشر فوريد" مؤلفه في علم النفس الجماعي وتحليل األنا ،وقدم فيه وجهة نظره في
ديناميت الجماعة ،فكان كتابه بمثابة بداية اهتمام مدارس التحليل النفسي بهذا الموضوع
فضال عن أعمال "بيون" وديدي" و"أنزيو" ،زد على ذلك استفادت دينامية الجماعات من
النظرية المعرفية في إطار علم النفس المعرفي في الستينات من القرن العشرين.
و أهم المقاربات التي تناولت ظاهرة دينامية الجماعات بالدراسة والتحليل فهما وتفسي ار
وتفكيكا وتركيبا قصد معرفة التفاعالت ومجمل القوى التي تتحكم في الجماعات وساهمت
في تفعيل تنظيمها الداخلي الذاتي سلبا وايجابا ومن بين هذه المقاربات سنقتصر على
"تصنيف "أنزيو"و"مارتان" للمقاربات النظرية لدينامية الجماعة"(محمد آيت ،2225،ص)93
و من بينها نذكر ما يلي( :لويس،1989،ص 427ص)435
ترتكز المقاربة الدينامية على أفكار ( (Kurt Lewinوالتي تأسست على مبادئ
نظرية المجال أو نظرية الحقل ،والتي ترى أن السلوك يتشكل وفق كل المجال وليس لبعض
العوامل فيه والذي يعرف بالحقل النفسي للفرد ،لكن "لوين" تكلم عن المجال االجتماعي
للجماعة والذي يمثل برأيه "مجموعة التبعات والعناصر المتداخلة في الجماعة كالمعايير
واألهداف واألدوار والحاالت التي تمثلها هذه الجماعة كما تمثل وضعيتها بالنسبة للمحيط
المتواجدة فيه ،وهذا الحقل يشكل اإلطار الفعلي واألساسي لدينامية الجماعة وعلى هذا
األساس فإن أبحاث " لوين" تشكل المنطق الحيوي لدراسة دينامية الجماعة"
(جان،1982،ص ،)21و في ضوء هذا التصور فدينامية الجماعة ليست مجرد مجموعة
197
دينامية الجماعة الفصل الثاني
أفراد يعتمد كل منهم على اآلخر " ولكنها جماعة من األشخاص الذين يدركون سيكولوجيا
العالقات بينهم ،والذين يتحركون نحو هدف اتفقوا عليه جماعيا " (لويس،1989 ،
فحسب هذه المقاربة ينظر "لوين" إلى الجماعة على أنها كلية تشكل مع ص) 398
محيطها حقال اجتماعيا و ديناميا ،وتتكون عناصرها األساسية من مجموعاتها الفرعية
وأعضائها و قنوات التواصل فيها ،و"يركز في دراسته للجماعة على العالئق الدينامية بين
العناصر والبنيات من منظور الترابط المتبادل بين أعضائها ،وبينها وبين عناصر الحقل
المتمثلة في األهداف والمعايير وتوزيع األدوار ،ذلك ألن أنظمة الترابط هي التي تفسر في
(محمد آيت،2225،ص)94 وقت معين عمل الجماعة وسلوكها وعالقتها بالمحيط.
يتزعم هذا التصور العالم األمريكي ذو األصل الروماني ((Jacob levy Moreno
وأطلق أفكاره األولية في فينا عام ( )3839من خالل استحداثه " المسرح العالجي (
(Therapeutic Theaterالذي خلص إلى أن البعد االجتماعي هو األساس في شخصية
الفرد ولكل جماعة إنسانية بنية عاطفية غير رسمية تحدد سلوك أعضاء هذه الجماعة تجاه
بعضهم البعض (العيسوي،2223،ص ، )85فاألفراد يرتبطون بواسطة عالقة التعاطف
والنفور والالمباالة ،والجماعة في جوهرها حسب "مورينو" مجموعة من الروابط السوسيو
وجدانية تجمع بين األعضاء ،و يمكن تجسيد هذه الروابط بواسطة خريطة العالقات
االجتماعية (سوسيو غرام) وهي روابط تمكن من فهم سلوك ومواقف أفراد الجماعة وتفسيرها
وبقدر تكون عالقات التعاطف سائدة داخل الجماعة ،يسهل التواصل بين أفرادها ،وبالمقابل
تقود سيادة عالقات التنافر إلى الصراع ،فتصور استراتيجية التعامل مع الجماعة من خالل
إعادة توزيع األدوار بين أعضائها وفق نظام جديد وتعزيز لتماسك الجماعة ،فالمقاربة
السوسيوميترية حسب مورينو" هي نظرية وموضوع للبحث وطريقة للتحليل وأداة لجمع
البيانات( .محمد آيت،2225،ص)97
198
دينامية الجماعة الفصل الثاني
قدم "فوريد" وجهة نظره في دينامية الجماعة في كتابة "علم النفس الجمعي وتحليل
األنا" في عام( )3873فكان كتابه هذا بداية اهتمام مدارس التحليل النفسي بهذا الموضوع،
إن المفهومات الدينامية في نظر "فوريد" هي التفاعل وألوان الصراع بين القوى التي تعمل
داخل الفرد واستجابة األف ارد للعالم الخارجي"( .لويس،1989،ص) 435
إن العوامل المؤثرة في دينامية الجماعة بعضها نابع من داخلها وبعضها اآلخر متأثر
بعوامل خارجية عنها ،وسوف نتعرض ألبرز هذه العوامل وتحليل مدى تأثيرها على دينامية
الجماعة.
199
دينامية الجماعة الفصل الثاني
إن اتفاق الجماعة على هدف معين إنما يزيد من تماسكها ،أما الهدف الذي ال يتفق
عليه الجماعة ويختلف عليه فإنه يضعف من تماسك الجماعة ،إن األهداف السهلة تقوم
الجماعة بتحقيقها دون بذل جهد كبير ويكون تأثيرها على الجماعة محدودا ،أما األهداف
التي تكون في متناول الجماعة ولكن تحقيقها يستدعي بذل جهود كبيرة فإن هذه األهداف
تعمل على تحريك الجماعة بدرجة أكبر ،وبالتالي يؤدي هذا إلى تعاون الجماعة لتحقيق هذه
األهداف ( .سلمى،1998 ،ص)161-162
تتأثر شخصية الفرد في الجماعة من خالل الدينامية الدائرة فيها ،كما تؤثر هذه
الشخصية بالتالي على دينامية الجماعة ويظهر ذلك في صور سلوكية مثل :الكبح
والتعويض والتقمص واإلسقاط والتحويل ،وكلما زاد تجانس أعضاء الجماعة من حيث
الخصائص الجسمية والعقلية واالجتماعية واالقتصادية كلما دعا ذلك إلى تماسك الجماعة ،
وتتأثر دينامية الجماعة أيضا بالخبرات الجماعية السابقة لألعضاء في مجاالت غير مجال
األسرة ،فإذا كان العضو قد انضم لجماعات معينة واكتسب خبرات جماعية ناجحة ،كان
تأثيره في الحياة الجماعة تأثي ار ا يجابيا وبالعكس إذا كانت خبراته الجماعية السابقة سيئة .
(ضياء،2222،ص)322-298
إن نظام القيم ( (Values Systemللجماعة يؤثر بال شك في تماسكها ،فإذا كانت
قيم الجماعة متعارفا عليها كانت الجماعة متماسكة أما إذا اختلفت القيم داخل الجماعة ولم
تستطيع الجماعة على وضع قيم معينة ،فإن ذلك يؤدي إلى تفكك الجماعة ،إن قيم الجماعة
مهما كانت مخالفة لقيم المجتمع فإنها تدفع الجماعة إلى التماسك والى الشعور بفرديتها،
ولذلك فإن على القائد أن يعمل على تحديد نظام القيم الخاص بها على أن تكون هذه القيم
200
دينامية الجماعة الفصل الثاني
مرغوب فيها ومتفق عليها ،وتسعى كل جماعة إلى صياغة مجموعة من القيم االجتماعية
التي تحدد اإلطار العام لنشاط الجماعة وكلما ارتبطت هذه القيم باإلطار القيمي للمجتمع
كلما أدى ذلك إلى تماسك الجماعة وزيادة فاعليتها ،بينما إذا تعارضت مع قيم المجتمع
يؤدي ذلك إلى الصراع الذي يؤثر سلبا على تماسك الجماعة( .سلمى،1998،ص-161
)162
كلما كان المكان الذي تشغله الجماعة كبي ار ومترامي األطراف كلما كان تماسكها أقل
،بينما إذا كان المكان أو الحيز المادي صغي ار كمدرسة أو ملعب مثال كان التماسك أقوى
ونالحظ ذلك أثناء عقد االجتماعات أو تجليس التالميذ داخل الصفوف الدراسية فإذا كان
شكل الجلوس على شكل حرف " "Uأو في شكل دائري كان التفاعل قويا بين األعضاء
المكونين لهذا المجلس أما إذا كانت الجماعة منعقدة على صفوف متوازية فإن تفاعلها يكون
أقل ،إن مواجهة األعضاء لبعضهم البعض ماديا يرفع من معدل اتصالهم وبالتالي يؤثر في
دينامية التفاعل الحاصل بينهم ،زيادة على الظروف الفيزيقية الجيدة كاإلضاءة والتهوية
والبعد على الضوضاء( .ضياء ،2222،ص)212
ليست الجماعة وحدة منفصلة ،كما أنها ال تعيش في فراغ ولكن الجماعة جزء من
مجتمع أكبر يتضمن جماعات مختلفة ،ولذلك فال يمكن أن نتجاهل المجتمع الخارجي
للجماعة ،فكل ما زاد تقبل المجتمع الخارجي للجماعة كلما كان ذلك سبيال إلى علو مكانة
الجماعة ،وبالتالي تزيد جاذبية الجماعة لألفراد ،فيزيد تبعا لذلك تماسكها وكلما كانت
الجماعة على اتصال على اتصال دائم بالمجتمع الخارجي فإن ذلك يكسبها خبرات تساعدها
على نضجها وفاعليتها ثم يزداد معدل نموها فيزداد تماسكها .إن أهداف الجماعة تشتق
غالبا من أهداف المجتمع ،فالمجتمع يساعد الجماعة على تحديد أهدافها وبالتالي يوفر لها
201
دينامية الجماعة الفصل الثاني
اإلمكانيات على تحقيق تلك األهداف ،وان لم تستطع الجماعة وحدها تحقيق أهدافها تسعى
إلى الجماعات المجاورة لتحقيق األهداف في إطار التعاون الخارجي والذي يزيد قوة الروابط
التي تربط الجماعات مع بعضها البعض ،وهذا من شأنه أن يؤثر على الدينامية الداخلية
للجماعة بواسطة دينامية خارجية متمثلة في جماعات المجتمع الخارجي كما ذكرنا ذلك
سابقا( .سلمى،1998،ص)163-162
إن نجاح القيادة بوجه عام في رفع معدل التماسك داخل الجماعة مهما كانت األنماط
الممارسة داخل الجماعة يتوقف على مدى إشباع حاجات األعضاء األساسية ،ومهما كانت
كفاءة القائد فإنه ال يمكنه إشباع كافة الحاجات النفسية واالجتماعية واالقتصادية والوجدانية
،و لذلك فال مفر من تقبل القائد بوجود مشاعر عدائية موجهة ضده .رغم هذا فإن في
الجماعات ذات الخبرات الجماعية المنحرفة أو الجماعات ذات الخبرات الجماعية القليلة
يكون االرتباط بالقائد هو المفهوم السياسي لتماسك الجماعة ،حيث تكون الجماعة غير
قادرة على إقامة مثل عليا مشتركة و بالتالي يكون القائد هو موضوع تماسك الجماعة
ومحرك لديناميتها ،أي يحل محل "األنا األعلى" حسب مقاربة" فوريد" لدينامية الجماعة.
ويبقى معرفة القائد للسلوك اإلنساني عامة والسلوك الفردي داخل الجماعة خاصة مطلوبان
لفهم جماعته و ديناميتها الداخلية والخارجية. للقيام بدوره وتح قيق األهداف المطلوبة ،و
(ضياء،2222،ص)327-325
نعني بالبناء الجماعي طبيعة الخصائص التي تمر بها الجماعة في مراحل بنائها
وتطورها وأثر ذلك على ديناميتها ،فعندما تبدأ الجماعة في التجمع حول فكرة أو نشاط أو
ممارسة غالبا ما توصف العالقات بالفردية كل له رغباته الشخصية حتى لو كان هناك
هدف عام معلن للجماعة ،وفي مرحلة تكوين بناء الجماعة تنم العالقات بين األفراد إال أنه
202
دينامية الجماعة الفصل الثاني
رغم توطدها فتبقى معرفة األعضاء ببعضهم البعض غير وثيقة ويبقى األعضاء في مواقف
اتكالية على القيادة ،و تأخذ استجابة كل فرد من الجماعة في المواقف االجتماعية التي يمر
بها شكال مغاي ار إما التقبل أو الرفض أو التجاهل ،وهذا يؤدي إلى بداية تكوين بناء
الجماعة ،أما بالنسبة لمرحلة االستقرار فتوثق عالقات األعضاء ببعضهم البعض و يأخذ
التفاعل الدائري شكال جماعيا على درجة كبيرة من التماسك ،ولهذا فإن التفاعالت ذات
الطابع االستقراري تعطي الشكل المميز للبناء االجتماعي للجماعة ومن خالله تبرز
المكانات واألدوار وهذا من شأنه خلق دينامية داخل الجماعة والتي بدورها تعيد توزيع
األدوار والمكانات أو اضمحاللها وتفككها(.ضياء ،2222،ص)297-295
يستخدم مصطلح الضبط االجتماعي لإلشارة إلى أساليب تحقيق امتثال الجماعة
لتوقعات األعضاء ،وتوافر الضبط االجتماعي داخل الجماعة يؤدي إلى زيادة التفاعل
االجتماعي بالجماعة والعكس صحيح ،ويأخذ الضبط صو ار متعددة ،فقد يكون مكافأة تقدير
للعضو أمام الجماعة أو صورة عق اب يوقع على العضو المنحرف على معايير الجماعة ،
فممارسة الضبط االجتماعي يخلق دينامية للجماعة يتم من خاللها االلتزام بتحقيق األهداف
ومن أهم القواعد التي تساعد على زيادة قدرة الضبط االجتماعي داخل الجماعة إدراك
أعضائها للمعايير االجتماعية السائدة داخل الجماعة ومستوياتها والتعرف على وسائل
الضبط االجتماعي داخل الجماعة مما يوجب عدم فرض هذه الوسائل خارج الجماعة ،
وبالتالي يعتبر الضبط االجتماعي أحد ميكانزمات دينامية الجماعة الموجهة .ومن خالل
التعرف على أهم العوامل المؤثرة في دينامية الجماعة .
203
دينامية الجماعة الفصل الثاني
شكل رقم( )78يلخص فيه هذه المؤثرات في دينامية الجماعة(.ضياء ،2222 ،ص-315
)316
تشكل الجماعة التربوية وحدة دينامية متكاملة والجانب األساسي في بنية المؤسسة
التعليمية ،وتحتل التفاعالت القائمة داخل هذه الجماعة دو ار حيويا في دينامية الحياة
المدرسية وفي ممارسة وظيفتها ،وتشكل دراسة العالقات بين أطراف الجماعة التربوية
موضوعا علميا يجد صداه في نسق اهتمامات الباحثين والمفكرين في مجال التربية ،وتمثل
هذه الجماعة عبر ممثلين من الجماعات األولية األساسية (الهيئة التدريسية ،التالميذ،
اإلداريون ،أولياء التالميذ ) وتقوم بنية هذه الجماعات على أساس العالقة بين نسق من
األدوار والمراكز ،والتي تشكل أولية اتصالية والتي يتم من خاللها عملية التفاعل ممثلة في
التعليمات واألوامر بين طرف آخر.
204
دينامية الجماعة الفصل الثاني
إن المؤسسات التربوية والتي تمثل المجال الدينامي للجماعات التربوية تتكون من
شبكة معقدة من العالقات االجتماعية والثقافية وهي بذلك تعكس نمط الحياة االجتماعية
وطابعها ،وعلى هذ ا األساس ال يمكن أن تنفصل هذه المؤسسات عن الحياة االجتماعية
حيث تتغلل فيها في صور عالقات تربوية قائمة على منظومة من القيم والمفاهيم والتصورات
،و يتحدد مفهوم دينامية الجماعة التربوية في المجال التربوي بجمله من أنساق العالقات
التربية واتجاهاتها ويتمركز هذا المفهوم حول درجة التواصل بين أطراف العملية التربوية ،كما
يشير إلى دينامية العالقات القائمة بين مكونات الحياة التربوية ،لذا فالعالقات التربوية
تشكل مضمون دينامية الجماعة التربوية والتي تمثل مجموع الروابط االجتماعية والعاطفية
القائمة بين األساتذة والتالميذ واإلدارة وأولياء األمور عبر مسارات مختلفة.
وتعد دينامية الجماعة في المؤسسة التربوية بمثابة الدورة الدموية في جسد المؤسسة ،
فهي اإلطار التي تتفاعل فيه كافة أطراف العملية التربوية من أساتذة ومناهج وادارة
وتصورات نظرية تعليمية وتالميذ لتشكل العالقة التربوية نمطا معياريا للسلوك بين القائد
التربوي وعناصر العملية التعليمية واألطراف الخارجية المساعدة على تنشيط العمل التربوي"،
(علي أسعد ،علي جاسم،2224،ص ،)98والجماعة التربوية تعتبر نوعا راقيا من
الجماعات اإلنسانية ذات التأثير السيكولوجي القوي والمباشر بين األفراد فهي جماعة أولية
رسمية وتتميز بالدوام النسبي ،إنها ذات تنظيم اجتماعي و نفسي في آن واحد ،إنها مكان
اجتماعي من حيث إنها منظمة بطريقة رسمية وشكلية ،تتوزع فيها األدوار ذلك كله يعكس
اختالف نوعية أعضائها عن أعضاء غيرها من الجماعات في المجتمع ،ونتيجة هذا
التداخل بي ن ما هو نفسي واجتماعي في الجماعة التربوية أطلق عليها جماعة ذات بنية
سيكواجتماعية.
إن االهتمام بالجماعة التربوية سواء جماعة الفصل الدراسي أو جماعة هيئة التدريس
أو جماعة اإلدارة " صار يشكل اليوم إحدى الموضوعات األساسية في البحث االجتماعي أو
حتى في المجال النف سي ،وهذا االهتمام اتجه أكثر فأكثر في مجال البحث التربوي إلى
205
دينامية الجماعة الفصل الثاني
206
دينامية الجماعة الفصل الثاني
والشكل رقم()10يشرح هاذين النوعين من الدينامية التي تعيشها المؤسسة التربوية السيما
التعليمية منها ،والذي تحاول الباحثة من خالله أن توضح به فكرتها.
207