You are on page 1of 9

‫مقياس ‪ :‬األطر النظرية في تفسير االضطرابات النفسية‬

‫عنوان الدرس السادس ‪ :‬النموذج السلوكي و المعرفي و تفسير االضطرابات النفسية‬


‫الحصة االولى‪ :‬النموذج السلوكي‬
‫الفئة المستهدفة‪ :‬طلبة السنة االولى ماستر‪ ،‬تخصص علم النفس العيادي‬
‫االستاذة ‪ :‬نادية شرادي‬
‫‪dr.cheradi.univ@gmail.com‬‬

‫اوال‪ :‬النموذج السلوكي‪:‬‬

‫تمهيد ‪:‬‬
‫يقوم النموذج السلوكي ‪،‬على أن السلوك المالحظ من قبل الشخص ‪،‬هو ما يحدد السواء او‬
‫الشذوذ‪، ،‬حيث يبقى السلوك الالسوي ‪ ،‬نتيجة التعلم و بالتالي يمكن تغييره‪ .‬نقدم في ما يلي‬
‫هذا اإلطار النظري مبلورين أهم االفكار التي ينطلق منها في تفسير االضطرابات النفسية‪.‬‬

‫*األفكار االساسية لالتجاه السلوكي ‪:‬‬

‫بين النظرة البنائية ودراستها للشعور بالتأمل الباطني و التحليلية وحتميتها البيولوجية للسلوك‬
‫وطرق دراستها من تداعي وإخراج ما في مخازن الالشعور ‪ ،‬كان هناك صوت يُنادي بعدم‬
‫واقعية هذه المدارس وطرقها طالبا ً ومشدداً على انتهاج طرق موضوعية وأكثر علمية بعيداً‬
‫عن ما سبق من أمور فلسفية ال تستطيع مالحظة السلوك وقياسه ‪.‬سواء كان شعوريا ً بنائيا ً أو‬
‫ال شعوريا ً تحليليا ً ‪ ...‬من هنا انطلقت مسيرة السلوكية حامال رايتها مؤسسها المتطرف األول‬
‫واطسن – أي المتشدد لمبادئها ‪ -‬الذي كان يرى بأن الفرد كائن يستقي سلوكه بحتمية بيئية‬
‫وال ير ى أن هناك ما يسمى عوامل داخلية أو باألحرى فإنه ليس هناك أي داعي لدراسة أي‬

‫‪1‬‬
‫عوامل أخرى باعتبارها مؤثرة أو صانعة للسلوك – هذا من وجهة نظره – حيث يصف علم‬
‫النفس بأنه علم السلوك الموضوعي ‪ ...‬وتُعد السلوكية أشهر المدارس األمريكية ‪.‬‬

‫من أهم روادها‪:‬‬


‫‪ -1‬جون واطسن ‪:‬‬
‫ولد واطسون في (كارولينا ) الشمالية وحصل على شهادة الماجستير من جامعة ( فورمان )‬
‫عام ‪1900‬م ثم جذبته الدراسة في جامعة شيكاغو متأثراً بـــ ( جون ديوي ) ‪ ،‬ثم درس علم‬
‫النفس التجريبي ‪ ،‬كان في شيكاغو يجري تجاربه على الحيوانات ‪ ،‬وقد قدم رسالة الدكتوراه‬
‫عن تطبيقات في مجال علم نفس الحيوان ‪ ،‬نشر مقالة بعنوان ( علم النفس من وجهة نظر‬
‫السلوكية ) وقد أشار إلى أن علم النفس هو فرع تجريبي بحت من العلوم الطبيعية ‪ ،‬وفي عام‬
‫‪1914‬م أصدر واطسن كتابه األول ( السلوك ‪ :‬مقدمة في علم النفس المقارن ) وقد تجاهل‬
‫بافلوف في الطبعة األولى ثم عاد وأشار إليه في طبعة تالية ‪ .‬ورأى بأن علم النفس ال بد أن‬
‫يدفن الماضي أسوة ً بالعلوم األخرى ‪.‬‬

‫‪ - 2‬إيفان بافلوف ‪:‬‬


‫يُعد بافلوف تاريخيا ً مؤثرا ً في أفكار واطسون مؤسس السلوكية ‪ ...‬وكان بافلوف الروسي‬
‫أول من درس العالقة بين المخ والسلوك والتي تُعتبر من أعقد مشكالت علم النفس ‪ ،‬ولد‬
‫بافلوف عام ‪1849‬م بالقرب من موسكو ‪ ،‬كان لديه ميل شديد إلى البحث العلمي ‪ ...‬وخالل‬
‫حياته اهتم بمشكالت ثالث ‪:‬‬

‫أ‪ -‬دراسة وظيفة أعصاب الكلب ‪.‬‬


‫ب‪ -‬عملية إفراز اللعاب – حاز بسببها على جائزة نوبل عام ‪1904‬م –‬
‫ت‪ -‬دراسة المراكز العصبية العليا في الدماغ مما زاد من شهرته ‪.‬‬
‫• وكان جل اهتمامه نحو دراسة األشراط ‪ ،‬وذلك عن طريق كالب مفحوصة بعد أن عمل لها‬
‫عمليات جراحية لتحويل مسار اللعاب عن طريق أنابيب من خالل فتحات في الرقبة ‪ ،‬إلى‬
‫خارج الجسم ‪ .‬حيث كان عمله منصبا ً على دراسة االفرازات التي يحدثها الكلب عند تناول‬
‫الطعام حيث الحظ أن الكلب يُفرز اللعاب قبل تناول الطعام أو بمجرد حضور الشخص الذي‬
‫‪2‬‬
‫يحمل الطعام إلى أن وصل إلى أن الشخص الذي يعده مثير شرطي ( أو الجرس أو البالطو )‬
‫أصبحت مثيرات تفرز لعاب الكلب ‪ .‬وذلك بعد عدد من تكرارات اقتران المثير الطبيعي‬
‫بالمثير الشرطي‪ .‬وعقب ذلك اكتشف بافلوف أن أي مثير يمكن أن يؤدي إلى استجابة لعاب (‬
‫اشراطية ) ‪.‬طبعا ً مع التكرار ‪.‬‬
‫• ومن أهم المبادئ التي توصل إليها بافلوف ‪:‬‬

‫أ‪ -‬مبدأ التدعيم ‪ :‬أي أن االستجابة ال تحدث إال إذا اقترن المثير الطبيعي بالمثير الشرطي‬
‫لعدد من المرات ‪.‬‬
‫ب‪ -‬مبدأ االنطفاء‪ :‬ويحدث عند ظهور المثير الشرطي دون أن يعقبه المثير الطبيعي عددا ً من‬
‫المرات مما يُطفئ االستجابة ‪.‬‬
‫ت‪ -‬مبدأ التعميم ‪ :‬حيث أن تستجيب الكالب للمثيرات المتشابهة ‪.‬‬
‫ث‪ -‬مبدأ التمييز ‪ :‬حيث يستجيب الكلب للمثير الذي لحقه تدعيم بالطعام دون اآلخر ‪.‬‬

‫‪ -3‬إدوارد ثورندايك ‪:‬‬


‫يُعد من أهم الباحثين في علم نفس الحيوان ‪ ،‬ويعتبر من أوائل علماء النفس األمريكيين الذين‬
‫تلقوا تعليمهم في أمريكا ‪ ،‬وقد تأثر ثورندايك بـكتاب (وليم جيمس ) عن (( مبادئ علم‬
‫النفس) ثم درس على يده فيما بعد ‪ ،‬وكانت بحوث ثورندايك األولى على األفراخ التي دربها‬
‫على المرور في المتاهات ‪ ،‬ومن أهم كتبه ((ذكاء الحيوان ) ‪ ،‬كان يرى أنه لكي ندرس‬
‫السلوك فإن هذا السلوك يجب أن يُجزأ إلى عناصر بسيطة ‪ ،‬وهذه العناصر البسيطة هي‬
‫وحدات من المثير واالستجابة ‪ ،‬وهي عناصر السلوك ‪ ،‬بمثابة لبنات تتكون منها عناصر‬
‫سلوكية أعقد ‪.‬‬

‫توصل ث ورندايك لمعظم نتائجه باستخدام جهاز جديد في عهده عبارة عن ( القفص المحير)‬
‫بحيث يُوضع الحيوان في هذا القفص المحير ويطلب منه الخروج ‪ .‬حيث أن خارج القفص‬
‫طعام ( مكافأة ) على سبيل اإلغراء لهذا القط الجائع ‪ ،‬ويكون باب القفص مغلقا ً بالمزالج ‪،‬‬
‫حيث أن مهمة القط التو صل إلى فتح المزالج ومن ثم الخروج إلى الطعام ‪ ،‬وفي البداية كان‬
‫سلوك القط عشوائيا ً متعثراً متخبطا ً ‪ ،‬وبالمصادفة تصطدم يده بالمزالج فينفتح الباب فيخرج‬
‫‪3‬‬
‫اللتهام الطعام ومن ثم في المحاوالت التالية تقل العشوائية تدريجيا ً إلى أن تزول ويتجه القط‬
‫إلى إلى فتح المزالج مباشرةً ‪.‬‬

‫‪ -4‬إدوارد تولمان ‪:‬‬


‫وهو أمريكي ينتمي إلى السلوكيين الجدد‪ ،‬ويُعتبر أحد أعمدة المدرسة السلوكية ‪.‬‬
‫ويمكن إيجاز موقف تولمان في التالي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬سلوكية تولمان القصدية ‪ :‬حيث زاوج بين السلوك والقصد وهذا يتعارض مع رفض‬
‫السلوكية الشعور ‪.‬‬
‫ب‪ -‬العوامل المتداخلة ‪ :‬حيث يرى أن هناك خمسة متغيرات تُمثل أسبابا ً للسلوك هي ‪:‬‬

‫( المثيرات البيئية – الحوافز الفسيولوجية – الوراثة – التدريب السابق – السن ) ‪.‬‬


‫ت‪ -‬نظرية التعلم ‪ :‬حيث أن سلوك اإلنسان والحيوان يمكن تعديلها من خالل الخبرة ‪.‬‬

‫‪ -5‬ادوين جوثري‪:‬‬
‫أمريكي حصل على الدكتوراة من جامعة بنسلفانيا عام ‪1912‬م ‪ ،‬كان إسهامه األساسي في‬
‫علم النفس توصله لنظرية بسيطة في التعلم عرضها في ( مبادئ التعلم) وتقوم نظريته على‬
‫مبدأ أسماه األشراط المتزامن‪ ،‬حيث يرى أن كل أشكال التعلم تعتمد على االقتران بين المثير‬
‫واالستجابة ‪.‬إذ عندما يؤدي مثير معين إلى استجابة معينة يحدث االرتباط بين ذلك المثير‬
‫وتلك االستجابة ‪ ،‬وهذا موقف تعليمي يُسمى التعلم بالمحاولة الواحدة وهو من أشهر مبادئ‬
‫جوثري ‪.‬‬

‫‪ -6‬كالرك هل ‪:‬‬
‫أمريكي ويلقى ( هل ) تقديراً كبيراً في علم النفس المعاصر ‪ ،‬وهو من العلماء الذين اهتموا‬
‫باستخدام المنهج العلمي في علم النفس ‪ ،‬كان في طفولته وشبابه مريضاً‪ ،‬كما أنه عانى من‬
‫ضعف اإلبصار طوال حياته ‪.‬‬

‫‪ -7‬سكنر ‪:‬‬
‫يُعتبر سكينر‪ ،‬أشهر وأكثر العلماء تأثيراً في علم النفس األمريكي ‪ ،‬ولد في بنسلفانيا بأمريكا‬
‫‪4‬‬
‫عام ‪1904‬م ‪ .‬ومن أهم مؤلفاته ( سلوك الكائن الحي ) و ( السلوك اللفظي ) و( الحرية‬
‫والكرامة ) ‪ .‬ويمكن القول بأن سكينر تأثركثيراً بواطسون ورديكاليته القديمة مظهرا توأمةً‬
‫جديدة لها تُسمى الرديكالية الجديدة ‪ ،‬فهو صاحب المواقف المثيرة للنقاش حيث قال في كتابه‬
‫( العلم والسلوك اإلنساني ) إن الكائن الحي اإلنساني هو عبارة عن آلة مثله مثل أي آلة‬
‫أخرى ‪ ،‬إذن فسكينر ال يهتم أبداً بتنظير أو تأمل ما يحدث داخل الكائن الحي ‪.‬‬

‫‪ -8‬البرت بندورا ‪:‬‬


‫سميت نظرية التعلم‬
‫أمريكي بدأ في الستينات من القرن الماضي ‪ ،‬حيث تبنى نظرية ُ‬
‫االجتماعي ‪ ،‬التي تتخذ اتجاها ً سلوكيا ً اجتماعيا ً ‪ ،‬وتعكس أهمية النظرية المعرفية ‪ ،‬ولكن‬
‫رغم ذلك يبقى بندورا ضمن اإلطار السلوكي ‪ .‬ونظرية بندورا إلى جانب أنها نظرية سلوكية‬
‫فهي نظرية معرفية ‪ ،‬ففي رأي بندورا أن االستجابات ال تتأثر آليا ً بواسطة المثيرات‬
‫الخارجية بأسلوب ميكانيكي آلي ‪ ،‬بل إن االستجابات للمثيرات إنما يتم تنشيطها ذاتيا ً ‪،‬‬
‫وعندما يتم تغيير السلوك بواسطة تدعيمات خارجية فإن ذلك يحدث ألن الفرد يكون واعيا ً‬
‫وشاعراً بما يتم تدعيمه ‪ ،‬وفي حالة تهيؤ لقبول هذا التدعيم المؤدي إلى تغيير للسلوك ‪.‬‬

‫وبالرغم من أن بندورا يتفق مع سكينر في أن سلوكنا يمكن أن يتغير نتيجة للتدعيم إال أنه‬
‫يرى بناء على دراساته التجريبية ‪ ،‬أن كل األنماط السلوكية يمكن أن يتم تعلمها في غياب‬
‫التدعيم المباشر ‪ ،‬وذلك بمالحظة سلوك اآلخرين ‪ ،‬ومالحظة النتائج التي يؤدي إليها هذا‬
‫السلوك ‪ .‬وهي ما يُسمى التعلم بالمثال أو التدعيم البديل ‪ .‬كما يشير بندورا إلى التعلم من‬
‫خالل النماذج وذلك أننا نالحظ األفراد اآلخرين ثم نتصرف متخذين أنماطهم السلوكية نماذج‬
‫‪ .‬ومن هنا نالحظ الفرق بين سكنر وبندورا في أن التعزيز يتحكم في السلوك عند سكينر بينما‬
‫النماذج التي في المجتمع هي التي تتحكم في السلوك عند بندورا ‪.‬‬

‫أخيرأ ً يمكن القول أن السلوكية قد توسعت قاعدتها وقوية بإدخال نظرية بندورا ‪.‬التي تهتم‬
‫بالجوانب االجتماعية والمعرفية في التعلم وتغيير السلوك ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫نستنبط من كل ما سبق أن المدرسة السلوكية بدأت مسيرتها‪ ،‬ابتداء من تجارب العالم‬
‫الفسيولوجي الروسي "ايفان بافلوف‪ ،‬الذي " يرى أن الشخصية ال تورث ‪ ,‬بل تتشكل‬
‫من عادات مكتسبة تبعا ً لالرتباط الشرطي بين المثيرات و االستجابات ‪ ,‬فليس هناك‬
‫ذكاء موروث أو غرائز موروثة ‪ ,‬ويؤكد أنه بامكان تدريب الطفل و تعليمه لنجعل منه‬
‫الشخص الذي نريده أن يكون و تبعه سكنر و غيرهم ‪.‬‬
‫تعتبر النظرية السلوكية أن السلوك اإلنساني فطري منعكس‪ ،‬أي أنه عبارة عن مثير‬
‫استجابة‪ ،‬لقد ربطت بين المنبه واالستجابة بصورة آلية محضة دون النظر إلى طبيعة المنبه‬
‫ودون االخذ بعين االعتبار‪ ،‬شعور الفرد وحالته النفسية‪ .‬رغم أن المنبه الواحد قد يثير‬
‫استجابات مختلفة في أشخاص مختلفين أو في الفرد نفسه من حين آلخر (ملحم‪،2001،‬‬
‫ص‪.)44.‬‬
‫وتؤكد النظرية السلوكية على أن كال من أنماط السلوك السوية والشاذة يتم اكتسابها من‬
‫خالل التعلم‪ ،‬وأن السلوك يتحدد بواسطة البيئة التي يعيش فيها الشخص ويكتسب منها سمات‬
‫سلوكية معينة‪ ،‬وعلى سبيل المثال نجد أن هناك عوامالً تحدد ما إذا كان الشخص سوف‬
‫يصبح مجرما ً أو رجل دين‪ ،‬وهذه العوامل هي خبرات التعلم التي يكتسبها الفرد من البيئة‪،‬‬
‫والسلوك المضطرب يظهر من عمليتي تعلم أساسيتين هما‪:‬اإلشراط الكالسيكي واإلشراط‬
‫اإلجرائي‪.‬‬
‫والجدير بالذكر هنا أن النظرية السلوكية تركز في تفسيرها للسلوك المضطرب على الكيفية‬
‫التي تم بها تعلم هذا السلوك المضطرب‪ ،‬و ال تركز على السبب(فايد‪،2004،‬ص‪.)44-43.‬‬
‫تفسر النظرية السلوكية االضطرابات السلوكية وفق ما يلي‪:‬‬
‫‪ – 1‬االضطراب السلوكي هو نتيجة تعلم سلبي ولهذا ال يجب اعتباره مرضاً‪.‬‬
‫‪ – 2‬التركيز على خبرات الفرد وتاريخه‪.‬‬
‫‪ – 3‬أصحاب النظرية السلوكية‪ ،‬عند التعامل مع االضطراب السلوكي ال يعطون حكما ً على‬
‫األشخاص وإنما يوصون بالعالج فقط‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ – 4‬يفترض أصحاب هذه النظرية أن االضطراب السلوكي تسببه عوامل بيئية‪ ،‬ونتيجة لهذا‬
‫فإن الشخص المضطرب سلوكيا ليس مسؤوال عن هذا االضطراب (الريماوي‬
‫وآخرون‪،2004،‬ص‪.)45.‬‬
‫يرى هذا النموذج أن العوامل البيولوجية والجينات تزود الفرد بالتراكيب الجسدية األساسية‬
‫وباالستعدادات العامة للسلوك ‪ ،‬ولكن السلوكيات المحددة ‪ ،‬سواء كانت سوية أو غير‬
‫سوية‪ ،‬تتشكل بواسطة تجارب الفرد في بيئته‪ .‬وتختلف النظريات السلوكية وفقا ً لعمليات‬
‫التعلم التي تركز عليها‪ .‬فالتعلم اإلجرائي يركز على العالقات الوظيفية التي تنشأ بين السلوك‬
‫والنتائج البيئية المترتبة عليه‪ ،‬وبخاصة التعزيز والعقاب‪ .‬في حين يركز التعلم اإلشراطي‬
‫على االرتباطات التي تتكون بين المثيرات واالستجابات‪ .‬وتركز نظرية ‪ .‬وقد أظهرت كثير‬
‫من الدراسات امكانية إشراط الكثير من االضطرابات النفسية كالقلق والعجز ويعتبر جون‬
‫واطسون هو مؤسس هذه المدرسة ولقد عرف السلوكية بأنها توجه نظري قائم على مبدأ أن‬
‫علم النفس العلمي يجب أن يدرس فقط السلوك القابل للمالحظة‪ ،‬و قد اقترح واطسون عام‬
‫‪ ١٩١٣‬على علماء النفس أن يتركوا لألبد دراسة الوعي و الخبرات الشعورية و التركيز فقط‬
‫على السلوكيات التي نستطيع مالحظتها مباشرة و قد تمسك بهذا المبدأ بناء على اقتناعه بأن‬
‫قوة الطريقة العلمية قائمة على كونها قابلة للفحص أي أن اإلبداعات العلمية يمكن إما فحصها‬
‫أو رفضها و ذلك عن طريق القيام بالمالحظة المطلوبة‪ ،‬و أن استعمال أي أسلوب سيعيدنا‬
‫إلى عصر اآلراء الشخصية حيث تضيع المعرفة‪ .‬و ترى هذه المدرسة بأن السلوك هو أي‬
‫استجابة أو نشاط قابل للمالحظة تقوم به العضوية‪ ،‬و يصر واطسون أن علماء النفس البد‬
‫وأن يدرسوا ما يقوله الناس أو يفعلونه مثل التسوق‪ ،‬لعب الشطرنج‪ ،‬األكل‪ ،‬مجاملة صديق‪.‬‬
‫كما تطرق واطسون إلى موضوع أصل السلوك و هل هو وراثي أم بيئي‪ ،‬و قد بسط هذه‬
‫القضية المعقدة أنه طرح سؤال بسيط حول العب شطرنج مشهور‪ :‬هل الذي أوصله إلى‬
‫الشهرة الوراثة أم البيئة؟ و كان رأي واطسون أن كل شيء بيئة‪ ،‬لقد أهمل عامل الوراثة و‬
‫ركز على أن السلوك محكوم كليا بالبيئة ومن هنا جاءت المعادلة الرئيسية في المدرسة‬
‫السلوكية ‪:‬‬

‫المثير ‪ >-‬استجابة‬
‫‪7‬‬
‫وبالرغم من الجدل والنقاشات والتي أثارتها أفكار واطسون إال أن المدرسة أثبتت أقوالها‬
‫وازدهرت‪ ،‬ومما ساعد في تطور هذه المدرسة هي دراسات عالم الفسيولوجيا الروسي إيفان‬
‫بافلوف ‪(.‬حقي ‪ ,1995 ,‬ص‪،)172-169 .‬‬

‫تركز هذه ال نظرية دراسة السلوك الظاهر المتعلم و ترفض دراسة العمليات العقلية و‬
‫الالشعورية ‪.‬‬

‫خالصة ‪:‬‬

‫نستخلص من كل ما سبق‪ ،‬أن النموذج السلوكي يفسراالضطرابات النفسية على أنها سلوك‬
‫متعلم مثلها مثل السلوك السوي ‪ ،.‬فالسلوك من وجهة نظرهم عبارة عن استجابة لمثيرات‪،‬‬
‫والشخصية لديهم ‪،‬عبارة عن أساليب سلوكية متعلمة و مكتسبة ‪ ،‬ثابتة نسبيا تميز الفرد عن‬
‫غيره ‪ ,‬والتعلم لديهم بصورة عامة عبارة عن ارتباط بين مثير شرطي و استجابة شرطية‪ ,‬و‬
‫وضعوا شروط و قوانين للتعلم‪ ،‬يفسر وفقها السلوك االنساني‪.‬‬

‫المراجع‪:‬‬
‫‪ -‬أبو نجيلة‪ ،‬سفيان محمد‪ ,‬مقاالت في الشخصية والصحة النفسية‪ ,‬مطبعة منصور‪ ,‬غزة ‪,‬‬
‫‪.2001‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ -‬حقي الفت ‪ ,‬االضطراب النفسي التشخيص والعالج والوقاية ‪ ,‬مركز اإلسكندرية للكتاب‪,‬‬
‫االسكندرية ‪.1995 ,‬‬

‫‪ -‬عبد الرحمن ‪ ،‬محمد السيد ‪ ،‬نظريات الشخصية ‪ ،‬دار قباء ‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬

‫‪ -‬يوسف جمعة ‪ ,‬النظريات الحديثة في تفسير األمراض النفسية ‪ ,‬دار غريب ‪ ,‬القاهرة ‪,‬‬
‫‪.2001‬‬

‫‪9‬‬

You might also like