Professional Documents
Culture Documents
تمهيد :
يقوم النموذج السلوكي ،على أن السلوك المالحظ من قبل الشخص ،هو ما يحدد السواء او
الشذوذ، ،حيث يبقى السلوك الالسوي ،نتيجة التعلم و بالتالي يمكن تغييره .نقدم في ما يلي
هذا اإلطار النظري مبلورين أهم االفكار التي ينطلق منها في تفسير االضطرابات النفسية.
بين النظرة البنائية ودراستها للشعور بالتأمل الباطني و التحليلية وحتميتها البيولوجية للسلوك
وطرق دراستها من تداعي وإخراج ما في مخازن الالشعور ،كان هناك صوت يُنادي بعدم
واقعية هذه المدارس وطرقها طالبا ً ومشدداً على انتهاج طرق موضوعية وأكثر علمية بعيداً
عن ما سبق من أمور فلسفية ال تستطيع مالحظة السلوك وقياسه .سواء كان شعوريا ً بنائيا ً أو
ال شعوريا ً تحليليا ً ...من هنا انطلقت مسيرة السلوكية حامال رايتها مؤسسها المتطرف األول
واطسن – أي المتشدد لمبادئها -الذي كان يرى بأن الفرد كائن يستقي سلوكه بحتمية بيئية
وال ير ى أن هناك ما يسمى عوامل داخلية أو باألحرى فإنه ليس هناك أي داعي لدراسة أي
1
عوامل أخرى باعتبارها مؤثرة أو صانعة للسلوك – هذا من وجهة نظره – حيث يصف علم
النفس بأنه علم السلوك الموضوعي ...وتُعد السلوكية أشهر المدارس األمريكية .
أ -مبدأ التدعيم :أي أن االستجابة ال تحدث إال إذا اقترن المثير الطبيعي بالمثير الشرطي
لعدد من المرات .
ب -مبدأ االنطفاء :ويحدث عند ظهور المثير الشرطي دون أن يعقبه المثير الطبيعي عددا ً من
المرات مما يُطفئ االستجابة .
ت -مبدأ التعميم :حيث أن تستجيب الكالب للمثيرات المتشابهة .
ث -مبدأ التمييز :حيث يستجيب الكلب للمثير الذي لحقه تدعيم بالطعام دون اآلخر .
توصل ث ورندايك لمعظم نتائجه باستخدام جهاز جديد في عهده عبارة عن ( القفص المحير)
بحيث يُوضع الحيوان في هذا القفص المحير ويطلب منه الخروج .حيث أن خارج القفص
طعام ( مكافأة ) على سبيل اإلغراء لهذا القط الجائع ،ويكون باب القفص مغلقا ً بالمزالج ،
حيث أن مهمة القط التو صل إلى فتح المزالج ومن ثم الخروج إلى الطعام ،وفي البداية كان
سلوك القط عشوائيا ً متعثراً متخبطا ً ،وبالمصادفة تصطدم يده بالمزالج فينفتح الباب فيخرج
3
اللتهام الطعام ومن ثم في المحاوالت التالية تقل العشوائية تدريجيا ً إلى أن تزول ويتجه القط
إلى إلى فتح المزالج مباشرةً .
-5ادوين جوثري:
أمريكي حصل على الدكتوراة من جامعة بنسلفانيا عام 1912م ،كان إسهامه األساسي في
علم النفس توصله لنظرية بسيطة في التعلم عرضها في ( مبادئ التعلم) وتقوم نظريته على
مبدأ أسماه األشراط المتزامن ،حيث يرى أن كل أشكال التعلم تعتمد على االقتران بين المثير
واالستجابة .إذ عندما يؤدي مثير معين إلى استجابة معينة يحدث االرتباط بين ذلك المثير
وتلك االستجابة ،وهذا موقف تعليمي يُسمى التعلم بالمحاولة الواحدة وهو من أشهر مبادئ
جوثري .
-6كالرك هل :
أمريكي ويلقى ( هل ) تقديراً كبيراً في علم النفس المعاصر ،وهو من العلماء الذين اهتموا
باستخدام المنهج العلمي في علم النفس ،كان في طفولته وشبابه مريضاً ،كما أنه عانى من
ضعف اإلبصار طوال حياته .
-7سكنر :
يُعتبر سكينر ،أشهر وأكثر العلماء تأثيراً في علم النفس األمريكي ،ولد في بنسلفانيا بأمريكا
4
عام 1904م .ومن أهم مؤلفاته ( سلوك الكائن الحي ) و ( السلوك اللفظي ) و( الحرية
والكرامة ) .ويمكن القول بأن سكينر تأثركثيراً بواطسون ورديكاليته القديمة مظهرا توأمةً
جديدة لها تُسمى الرديكالية الجديدة ،فهو صاحب المواقف المثيرة للنقاش حيث قال في كتابه
( العلم والسلوك اإلنساني ) إن الكائن الحي اإلنساني هو عبارة عن آلة مثله مثل أي آلة
أخرى ،إذن فسكينر ال يهتم أبداً بتنظير أو تأمل ما يحدث داخل الكائن الحي .
وبالرغم من أن بندورا يتفق مع سكينر في أن سلوكنا يمكن أن يتغير نتيجة للتدعيم إال أنه
يرى بناء على دراساته التجريبية ،أن كل األنماط السلوكية يمكن أن يتم تعلمها في غياب
التدعيم المباشر ،وذلك بمالحظة سلوك اآلخرين ،ومالحظة النتائج التي يؤدي إليها هذا
السلوك .وهي ما يُسمى التعلم بالمثال أو التدعيم البديل .كما يشير بندورا إلى التعلم من
خالل النماذج وذلك أننا نالحظ األفراد اآلخرين ثم نتصرف متخذين أنماطهم السلوكية نماذج
.ومن هنا نالحظ الفرق بين سكنر وبندورا في أن التعزيز يتحكم في السلوك عند سكينر بينما
النماذج التي في المجتمع هي التي تتحكم في السلوك عند بندورا .
أخيرأ ً يمكن القول أن السلوكية قد توسعت قاعدتها وقوية بإدخال نظرية بندورا .التي تهتم
بالجوانب االجتماعية والمعرفية في التعلم وتغيير السلوك .
5
نستنبط من كل ما سبق أن المدرسة السلوكية بدأت مسيرتها ،ابتداء من تجارب العالم
الفسيولوجي الروسي "ايفان بافلوف ،الذي " يرى أن الشخصية ال تورث ,بل تتشكل
من عادات مكتسبة تبعا ً لالرتباط الشرطي بين المثيرات و االستجابات ,فليس هناك
ذكاء موروث أو غرائز موروثة ,ويؤكد أنه بامكان تدريب الطفل و تعليمه لنجعل منه
الشخص الذي نريده أن يكون و تبعه سكنر و غيرهم .
تعتبر النظرية السلوكية أن السلوك اإلنساني فطري منعكس ،أي أنه عبارة عن مثير
استجابة ،لقد ربطت بين المنبه واالستجابة بصورة آلية محضة دون النظر إلى طبيعة المنبه
ودون االخذ بعين االعتبار ،شعور الفرد وحالته النفسية .رغم أن المنبه الواحد قد يثير
استجابات مختلفة في أشخاص مختلفين أو في الفرد نفسه من حين آلخر (ملحم،2001،
ص.)44.
وتؤكد النظرية السلوكية على أن كال من أنماط السلوك السوية والشاذة يتم اكتسابها من
خالل التعلم ،وأن السلوك يتحدد بواسطة البيئة التي يعيش فيها الشخص ويكتسب منها سمات
سلوكية معينة ،وعلى سبيل المثال نجد أن هناك عوامالً تحدد ما إذا كان الشخص سوف
يصبح مجرما ً أو رجل دين ،وهذه العوامل هي خبرات التعلم التي يكتسبها الفرد من البيئة،
والسلوك المضطرب يظهر من عمليتي تعلم أساسيتين هما:اإلشراط الكالسيكي واإلشراط
اإلجرائي.
والجدير بالذكر هنا أن النظرية السلوكية تركز في تفسيرها للسلوك المضطرب على الكيفية
التي تم بها تعلم هذا السلوك المضطرب ،و ال تركز على السبب(فايد،2004،ص.)44-43.
تفسر النظرية السلوكية االضطرابات السلوكية وفق ما يلي:
– 1االضطراب السلوكي هو نتيجة تعلم سلبي ولهذا ال يجب اعتباره مرضاً.
– 2التركيز على خبرات الفرد وتاريخه.
– 3أصحاب النظرية السلوكية ،عند التعامل مع االضطراب السلوكي ال يعطون حكما ً على
األشخاص وإنما يوصون بالعالج فقط.
6
– 4يفترض أصحاب هذه النظرية أن االضطراب السلوكي تسببه عوامل بيئية ،ونتيجة لهذا
فإن الشخص المضطرب سلوكيا ليس مسؤوال عن هذا االضطراب (الريماوي
وآخرون،2004،ص.)45.
يرى هذا النموذج أن العوامل البيولوجية والجينات تزود الفرد بالتراكيب الجسدية األساسية
وباالستعدادات العامة للسلوك ،ولكن السلوكيات المحددة ،سواء كانت سوية أو غير
سوية ،تتشكل بواسطة تجارب الفرد في بيئته .وتختلف النظريات السلوكية وفقا ً لعمليات
التعلم التي تركز عليها .فالتعلم اإلجرائي يركز على العالقات الوظيفية التي تنشأ بين السلوك
والنتائج البيئية المترتبة عليه ،وبخاصة التعزيز والعقاب .في حين يركز التعلم اإلشراطي
على االرتباطات التي تتكون بين المثيرات واالستجابات .وتركز نظرية .وقد أظهرت كثير
من الدراسات امكانية إشراط الكثير من االضطرابات النفسية كالقلق والعجز ويعتبر جون
واطسون هو مؤسس هذه المدرسة ولقد عرف السلوكية بأنها توجه نظري قائم على مبدأ أن
علم النفس العلمي يجب أن يدرس فقط السلوك القابل للمالحظة ،و قد اقترح واطسون عام
١٩١٣على علماء النفس أن يتركوا لألبد دراسة الوعي و الخبرات الشعورية و التركيز فقط
على السلوكيات التي نستطيع مالحظتها مباشرة و قد تمسك بهذا المبدأ بناء على اقتناعه بأن
قوة الطريقة العلمية قائمة على كونها قابلة للفحص أي أن اإلبداعات العلمية يمكن إما فحصها
أو رفضها و ذلك عن طريق القيام بالمالحظة المطلوبة ،و أن استعمال أي أسلوب سيعيدنا
إلى عصر اآلراء الشخصية حيث تضيع المعرفة .و ترى هذه المدرسة بأن السلوك هو أي
استجابة أو نشاط قابل للمالحظة تقوم به العضوية ،و يصر واطسون أن علماء النفس البد
وأن يدرسوا ما يقوله الناس أو يفعلونه مثل التسوق ،لعب الشطرنج ،األكل ،مجاملة صديق.
كما تطرق واطسون إلى موضوع أصل السلوك و هل هو وراثي أم بيئي ،و قد بسط هذه
القضية المعقدة أنه طرح سؤال بسيط حول العب شطرنج مشهور :هل الذي أوصله إلى
الشهرة الوراثة أم البيئة؟ و كان رأي واطسون أن كل شيء بيئة ،لقد أهمل عامل الوراثة و
ركز على أن السلوك محكوم كليا بالبيئة ومن هنا جاءت المعادلة الرئيسية في المدرسة
السلوكية :
المثير >-استجابة
7
وبالرغم من الجدل والنقاشات والتي أثارتها أفكار واطسون إال أن المدرسة أثبتت أقوالها
وازدهرت ،ومما ساعد في تطور هذه المدرسة هي دراسات عالم الفسيولوجيا الروسي إيفان
بافلوف (.حقي ,1995 ,ص،)172-169 .
تركز هذه ال نظرية دراسة السلوك الظاهر المتعلم و ترفض دراسة العمليات العقلية و
الالشعورية .
خالصة :
نستخلص من كل ما سبق ،أن النموذج السلوكي يفسراالضطرابات النفسية على أنها سلوك
متعلم مثلها مثل السلوك السوي ،.فالسلوك من وجهة نظرهم عبارة عن استجابة لمثيرات،
والشخصية لديهم ،عبارة عن أساليب سلوكية متعلمة و مكتسبة ،ثابتة نسبيا تميز الفرد عن
غيره ,والتعلم لديهم بصورة عامة عبارة عن ارتباط بين مثير شرطي و استجابة شرطية ,و
وضعوا شروط و قوانين للتعلم ،يفسر وفقها السلوك االنساني.
المراجع:
-أبو نجيلة ،سفيان محمد ,مقاالت في الشخصية والصحة النفسية ,مطبعة منصور ,غزة ,
.2001
8
-حقي الفت ,االضطراب النفسي التشخيص والعالج والوقاية ,مركز اإلسكندرية للكتاب,
االسكندرية .1995 ,
-عبد الرحمن ،محمد السيد ،نظريات الشخصية ،دار قباء ،القاهرة .
-يوسف جمعة ,النظريات الحديثة في تفسير األمراض النفسية ,دار غريب ,القاهرة ,
.2001
9