You are on page 1of 4

‫الجماعة من منظور نفسي ‪ -‬اجتماعي‬

‫‪-1‬مفهوم الجماعة‪ :‬ال يوجد اتفاق بين العاملين في الميدان على معنى محدد لمفهوم الجماعة‪ .‬لذلك يرى‬
‫بعض الباحثين أن تحديد هذا المفهوم يكون أكثر مالئمة من تقديم تعريف واحد لها‪ .‬لذلك ال بد من‬
‫استعراض بعض من هذه التعاريف ومناقشتها كما يلي‪ :‬تعريف ‪" :Bales‬الجماعة هي عدد من األشخاص‬

‫ممن يتفاعل كل منهم مع اآلخر في أحد مواقف المواجهة أو عدد من هذه المواقف تفاعال يتلقى فيه كل‬
‫عضو من األعضاء انطباعا أو إدراكا متمي از للغاية عن كل عضو آخر بالقدر الذي يمكنه من أن يصدر‬
‫رد فعل معين تجاه كل فرد من هؤالء‪ ،‬حتى وإن اقتصر ذلك على مجرد تذكر أن اآلخر‬

‫كان موجودا" ‪( .‬معتز سيد عبد هللا‪ ،‬عبد اللطيف محمد خليفة‪ - )2001 ،‬تعريف ماكراث (‪،McGrath‬‬
‫‪" :)1984‬الجماعة هي مجموعة من األفراد يرتبطون مع بعضهم‬

‫البعض بعالقات تفاعلية ووعي بوجود المجموعة وماضيها ومستقبلها" ‪( .‬عدنان يوسف العتوم‪)2008 ،‬‬

‫يشير هذين التعريفين إلى أهمية توفر الوعي واإلدراك بوجود الجماعة وأعضائها‪ .‬لذلك يرى البعض أن‬
‫اإلحساس المشترك بالهوية الجماعية ‪ Collective Identity‬يعد عنص ار أساسيا في تعريف الجماعة‪ ،‬حيث‬
‫يميل في الجماعة ألن يكون لديه نفس الهوية الجماعية‪( .‬معتز سيد عبد هللا‪ ،‬عبد اللطيف محمد خليفة‪،‬‬
‫‪.)2001‬‬

‫‪ -‬تعريف شاو (‪" :)Shaw,1983‬الجماعة هي شخصين أو أكثر يتفاعلون مع بعضهم البعض بالطريقة‬
‫التي تجعل كل شخص يؤثر في اآلخرين ويتأثر بهم"‪.‬‬

‫تعريف فورسيث (‪" :)Forsith, 1983‬الجماعة هي فرد أو أكثر يؤثرون في بعضهم من خالل التفاعل‬
‫االجتماعي"‪( .‬برکات حمزة حسن‪.)2008 ،‬‬

‫نالحظ من خالل هذين التعريفين‪ ،‬وانطالقا من تركيزهما على التفاعل االجتماعي كأكثر الخصائص أهمية‬
‫في تعريف الجماعة‪ ،‬أن الجماعة ال تعني مجرد تجمع ‪ Aggregate‬األفراد أو تقاربهم المكاني‪ ،‬بل تعني‬
‫إطا ار عاما يتضمن عالقات وتفاعال ديناميا بين عدد من األفراد‪( .‬معتز سيد عبد هللا‪ ،‬عبد اللطيف محمد‬
‫خليفة‪.)2001 ،‬‬

‫وهذا الذي أكد عليه كل من بونر (‪)1959‬؛ الذي يرى أن الجماعة عدد من األفراد في حالة تفاعل مع‬
‫بعضهم البعض وهذا التفاعل‬
‫هو الذي يميز بين الجماعة والتجمع‪ ،‬وهار ‪)1976( Hare‬؛ الذي يشير إلى أنه بالنسبة للمجموعة التي‬
‫تعتبر جماعة يجب أن يوجد فيها نوعا من التفاعل‪( .‬برکات حمزة حسن‪.)2008 ،‬‬

‫كما وتبدو التعريفات التي قدمت من منظور التفاعل االجتماعي بين األعضاء متماثلة في جوهرها مع تلك‬
‫التعريفات القائمة على مفهوم االعتماد المتبادل والذي نعرض له على النحو التالي‪( :‬معتز سيد عبد هللا‪،‬‬
‫عبد اللطيف محمد خليفة‪ - )2001 ،‬تعريف كارترايت وزاندر (‪" :)1968‬الجماعة بوصفها مجموعة من‬
‫األفراد توجد بينهم عالقات‬

‫تجعلهم يعتمدون على بعضهم البعض إلى درجة جوهرية"‪( .‬برکات حمزة حسن‪)2008 ،‬‬

‫ويقصد بالجماعة من خالل هذا التوجه‪ ،‬هو أنه إذا أثرت حادثة مثال على واحد من األعضاء تبدي احتمال‬
‫تأثيرها على الكل‪ .‬وهذا الذي أشار إليه كيرت لفين ‪ Levin‬في نقده التعاريف الجماعة الذي يرى أنها أهملت‬
‫إدراك الجماعة ككل دينامي يقوم على االعتماد المتبادل بين األعضاء‪( .‬معتز سيد عبد هللا‪ ،‬عبد اللطيف‬
‫محمد خليفة‪ .)2001 ،‬أي أن تعريف الجماعة لم يعد يتضمن تصو ار لتجمع أفراد متشابهين بقدر كبير أو‬
‫صغير‪ ،‬بل هم مختلفون ولكنهم يشعرون أن كل منهم مفيد لآلخر‪( .‬برکات حمزة حسن‪ ،)2008 ،‬فسلوك‬
‫الجماعة ليس فحسب هو مجرد حاصل جمع سلوك أفرادها‪ ،‬حيث أن الجماعة كجماعة متميزة عن األفراد‪،‬‬
‫وسلوكها كجماعة (جشتالت) متمايز عن سلوك األفراد‪.‬‬

‫ولكن الذي يالحظ على التعريفات السابقة هو أنها لم تتضمن بعض الخصائص األساسية للجماعة مثل‬
‫وجود أهداف مشتركة‪ ،‬أو تمايز أدوار األعضاء‪ ،...‬وهذا ما سيتم توضيحه في التعاريف التالية‪:‬‬

‫‪ -‬تعريف ملز ‪" :Mills‬الجماعة عبارة عن وحدات مكونة من شخصين أو أكثر‪ ،‬والذين يتصلون ببعضهم‬
‫من أجل غرض أو هدف معين" (معتز سيد عبد هللا‪ ،‬عبد اللطيف محمد خليفة‪،‬‬

‫(‪2001‬‬

‫‪ -‬تعريف جيب‪" :‬تشير الجماعة إلى كائنين أو أكثر في تفاعل لتحقيق هدف مشترك‪.‬‬

‫وبصورة يكون فيها وجود األفراد مشبعا لبعض حاجات كل منهم"‪( .‬برکات حمزة حسن‪.)2008 ،‬‬

‫نالحظ من خالل هذين التعريفين أن الجماعة عبارة عن مجموعة من األفراد يرون في وجود الجماعة قدرة‬
‫على تحقيق دوافعهم وحاجاتهم وأهدافهم الخاصة‪( .‬عدنان يوسف العتوم‪،‬‬

‫(‪2008‬‬
‫‪ -‬تعريف ماك دافيد وهاردي ‪" :) Mc David , Hardi‬الجماعة هي نسق تنظيمي مكون من‬

‫فردي ن أو أكثر مترابطين معا‪ ،‬لكي يقوم هذا النسق التنظيمي ببعض وظائفه‪ ،‬وله مجموعة محددة من‬
‫األدوار والمعايير المنظمة للجماعة وأعضائها"‪.‬‬

‫من المالحظ من خالل هذا التعريف أنه بينما ركزت التعاريف السابقة للجماعة على األفراد سواء في تفاعلهم‬
‫أو إشباع حاجاتهم ودوافعهم وأهدافهم أو في إطار وعيهم بوجود آخرين ضمن الجماعة كوحدة كلية‪ ،‬نجد‬
‫أن هذا التعريف ركز على خصائص تنظيمية والعناصر البنائية للجماعة‪( .‬معتز سيد عبد هللا‪ ،‬عبد اللطيف‬
‫محمد خليفة‪ .)2001 ،‬وقد أوضح مارفن شاو "‪ "shaw‬أنه على الرغم من وجود بعض‬

‫أوجه االختالف بين التعاريف السابقة‪ ،‬فان جميعها صحيحة ومكملة لبعضها البعض‪ .‬وأشار إلى أن أكثر‬
‫الخصائص أهمية في تعريف الجماعة هو التفاعل االجتماعي الذي يتسع ليشمل كل من اإلدراك والدافعية‬
‫واألهداف والتأثير المتبادل والتنظيم‪ .‬وفي هذا اإلطار عرف‬

‫شاو "‪ "Shaw‬الجماعة بأنها عبارة عن شخصين أو أكثر يتفاعل كل منهم مع اآلخر بشكل يفضي إلى أن‬
‫يؤثر كل فرد في اآلخر ويتأثر به"‪ .‬وأوضح أنه‬

‫على الرغم من أن التفاعل يمثل الخاصية األساسية التي تميز الجماعة عن التجمع فإن هناك جوانب أخرى‬
‫لها أهميتها‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪ -1‬الدوام واالستمرار لفترة زمنية معقولة‪ -2 .‬وجود أهداف مشتركة‪.‬‬

‫‪ -3‬وجود قدر من التنظيم أو البناء االجتماعي يعكس التمايز بين أدوار األفراد‪ -4 .‬توافر مجموعة من‬
‫المعايير أو القواعد المنظمة للسلوك‪ -5 .‬بروز شبكة من العالقات فيما بين أعضاء الجماعة مما يشير إلى‬
‫تفاوت درجة‬

‫التجاذب أو التنافر فيما بينهم‪( .‬معتز سيد عبد هللا‪ ،‬عبد اللطيف محمد خليفة‪ .)2001 ،‬إذن يتبين من‬
‫خالل التعريفات التي أدرجت لتوضيح مفهوم الجماعة أنها تركز على جوانب معينة من الجماعة أو‬
‫خصائصها لتعكس بذلك وجهات نظر أصحابها‪ .‬وفي إطار ما تم عرضه منها يمكن اعتماد التعريف التالي‪:‬‬

‫الجماعة هي وحدة اجتماعية تتكون من شخصين فأكثر‪ ،‬لهم درجة من الوعي المشترك بوجود الجماعة‪،‬‬
‫ويم بينهم تفاعل اجتماعي واتصال مباشر وقابلية التأثير والتأثر ونشاط متبادل على أساسه تحدد األدوار‬
‫والمكانة االجتماعية ألفراد الجماعة وفق معايير وقيم تهدف إلى إشباع حاجات أفرادها ورغباتهم وسعيا‬
‫لتحقيق أهداف الجماعة ذاتها‪( .‬خليل ميخائيل معوض‪.)1999 ،‬‬

You might also like