You are on page 1of 24

‫أخالقيات المهنة والسلوك المدني‬

‫الفوج ‪ :‬الثالث‬
‫أخالقيات المهنة في المجال التربوي‬

‫تندرج الوضعية في سياق االهتمام بتخليق الحياة العامة‬


‫عموما لما أصبح يعتريها من اختالالت وانحرافات همت أيضا‬
‫فضاء المؤسسة التربوية‪ ،‬ومن هنا أصبحت الضرورة تفرض‬
‫بناء أخالقيات مهنية واضحة ومقننة تحكم سلوك المدرس‬
‫وتنظم عالقاته بفرقائه التربويين وبالمتعلمين والمجتمع‪،‬‬
‫وتسعى إلى تطوير مهنته واالرتقاء بها شكال ومضمونا۔‬
‫مفهوم أخالقيات المهنة وإدراك أهميتها في‬
‫المجال التربوي‪:‬‬

‫أخالقيات المهنة هي كل ما يتبادر إلى الذهن‬


‫من سلوكيات ومواقف وقيم أخالقية‪ ،‬يجب أن‬
‫يتحلى بها المدرس أثناء مزاولة مهمته‬
‫التربوية والتعليمية ودوره الوظيفي بشكل عام‪.‬‬
‫ا‪-1‬القتناع والرضى عن‬
‫المهنة؛‬

‫‪-4‬التواضع‬ ‫مواصفات‬ ‫‪-2‬اإلخالص لها‬


‫والقدوة‬ ‫أخالقيات‬ ‫والتحلي بالمروءة‬
‫الحسنة‪..‬‬ ‫والضمير المهني‬
‫المهنة‬

‫‪-3‬التضحية والحلم‬
‫مفهوم أخالقيات المهنة وإدراك أهميتها في‬
‫المجال التربوي‪:‬‬

‫إن أخالقيات المهنة تتجلى باألساس في تأسيس عالقات إيجابية مع المهنة‪ ،‬ومع‬
‫المتعلمين وأوليائهم‪ ،‬واحترام آراء المتعلمين‪ ،‬وتشجيعهم على االستقالل في اتخاذ‬
‫القرارات المرتبطة بمصيرهم التربوي و التعليمي ‪...‬‬
‫إن أخالقيات المهنة تتجاوز رهانات التربية بمعناها العام‪ ،‬سواء ما ارتبط منها‬
‫بمجال المعرفة الخالصة (نتعلم لنعرف)‪ ،‬أو بمجال الوجود (نتعلم لنكون)‪ ،‬أو‬
‫بمجال العمل (نتعلم لنفعل)‪ ،‬أو بمجال الوجود مع اآلخر (نتعلم لنكون مع األخر)‪.‬‬
‫لذا تتجلى الغاية من وراء أخالقيات المهنة في تعزيز وترسيخ القيم؛ قيم المواطنة‪،‬‬
‫قيم الدين اإلسالمي‪ ،‬قيم األخالق السامية‪ ،‬قيم الديموقراطية‪ ،‬قيم حقوق اإلنسان‪،‬‬
‫وحقوق الطفل واألسرة‪ ،‬قيم الفئات البشرية المختلفة‪ .‬فضال عن توعية الشغيلة‬
‫التعليمية بأبعاد الرسالة التربوية والتعليمية تجاه الفرد والمجتمع‪ ،‬بغية بروز‬
‫سلوك أخالقي يلعب فيه الضمير المهني دورا فعاال وإيجابيا‪| .‬‬
‫تشخيص دواعي االهتمام بأخالقيات المهنة في المجال‬
‫التربوي‪:‬‬

‫اقترنت التربية بتنشئة األطفال وفق القواعد األخالقية والقيم‬


‫التي يقرها المجتمع‪ ،‬إال أن البعد األخالقي بدأ يضمحل‪ ...‬كما‬
‫أن ظروف العيش لم تعد تضمن للمدرس االطمئنان على‬
‫مستقبله ومستقبل أسرته‪ ،‬فبدأ مركزه يتقلص بفعل عدة‬
‫عوامل وضغوط‪ ،‬واهتزت مكانته؛ حيث انتقلت من التقدير‬
‫واالحترام إلى الحذر والالمباالة واالحتقار‪.‬‬
‫وتتجلى هذه العوامل والضغوط في‪:‬‬

‫‪-1‬تراجع التوجه المثالي األخالقي أمام طغيان التوجه المادي‬


‫النفعي؛‬
‫‪ -2‬صعوبة الجمع بين المبادئ والمصالح؛‬
‫‪ -3‬تزايد الحاجة إلى المدرسين نتيجة االنفجار الديموغرافي‪،‬‬
‫وتشجيع التمدرس‪ ،‬مع اختالل في عملية انتقاء المدرسين؛‬
‫‪ -4‬انتشار بعض الممارسات المنحرفة بين رجال التعليم‪،‬‬
‫غش‪ ،‬عقوبات بدنية‪ ،‬عنف‪ ،‬تغيبات متكررة‪ ،‬اغتصاب‪...‬؛‬
‫‪ -5‬ظاهرة الساعات اإلضافية وما تشكله من استغالل بشع‬
‫للتالميذ وأوليائهم‬
‫وتتجلى هذه العوامل والضغوط في‪:‬‬

‫‪-6‬الشعور بخطورة الحالة على أكثر من صعيد‪ ،‬مما أدى إلى انشغال منظمة‬
‫اليونسكو باألمر وتحركها بكل إمكانياتها لتجعل موضوع "دعم أخالقيات رجال‬
‫التعليم" أحد انشغاالتها البالغة األهمية‪ ،‬بغاية تطوير عطائه وإلعادة االعتبار‬
‫إليه؛‬
‫‪ -7‬الوعي المتنامي واإلجماع الموضوعي لكافة مكونات المجتمع على ضرورة‬
‫بعث ثقافة أخالقية جديدة‪ ،‬مبنية على مبادئ النزاهة واالستقامة والتفاني‬
‫واإلخالص في خدمة الصالح العام؛‬
‫‪ -8‬صدور مذكرات وقرارات وزارية حول إدراج موضوع "أخالقيات المهنة‬
‫ضمن مقررات التكوين"‪.‬‬
‫تحديد مواصفات المدرس األخالقية‪:‬‬

‫التعليم رسالة تستمد أخالقياتها من هدي شريعتنا‬


‫ومبادئ حضارتنا‪ ،‬وتوجب على القائمين بها أداء حق‬
‫االنتماء إليها إخالصا في العمل‪ ،‬وصدقا مع النفس‬
‫والناس‪ ،‬وعطاء مستمرا لنشر العلم وفضائله‪.‬‬
‫ومن المواصفات التي يجب أن يتحلى بها المدرس‪:‬‬

‫‪-1‬إعطاء المتعلمين المثال والقدوة في المظهر والسلوك القويم‬


‫واالجتهاد والفضول الفكري والروح النقدية البناءة؛‬
‫‪-2‬التزام الموضوعية واإلنصاف في التقويمات واالمتحانات‬
‫ومعاملة الجميع على قدم المساواة؛‬
‫‪-3‬إمداد آباء التالميذ بالمعلومات والبيانات المتعلقة بتمدرس‬
‫أبنائهم؛‬
‫‪-4‬القدرة على اتخاذ القرار المناسب‪ ،‬والقدرة على التغيير‬
‫واإلقناع؛‬
‫‪-5‬القدرة على اإلبداع واالبتكار في حل اإلشكاالت ذات الصلة‬
‫بالقضايا التربوية‪ ،‬وتشجيع التالميذ على اإلقناع واالبتكار؛‬
‫ومن المواصفات التي يجب أن يتحلى بها المدرس‪:‬‬

‫‪-6‬مواكبة المستجدات العلمية والتكنولوجية وتوظيفها في أداء مهمته‬


‫وتوجيه تالميذه؛‬
‫‪ -7‬التخلق باألخالق الحسنة ونشرها بين التالميذ‪ ،‬وأداء المهام في‬
‫إطار الواجب الديني والضمير المهني؛‬
‫‪ -8‬اإلسهام في ترسيخ مفهوم المواطنة لدى الطالب‪ ،‬وغرس أهمية‬
‫االعتدال والتسامح والتعايش بعيدا عن الغلو والتطرف؛‬
‫‪ -9‬السعي إلكساب الطالب المهارات العقلية والعلمية‪ ،‬التي تنمي لديه‬
‫التفكير العلمي الناقد‪ ،‬وحب التعلم الذاتي المستمر وممارسته؛‬
‫‪ -10‬ترسيخ الثقة المتبادلة والعمل بروح الفريق الواحد مع زمالئه‪،‬‬
‫وترسيخ هذه الثقة أيضا بين المدرسين واإلدارة التربوية‪ ،‬وبين‬
‫المدرسة واألسر‪.‬‬
‫السلوك المدني‬

‫تندرج الوضعية ضمن استراتيجية ترسيخ قيم المواطنة والسلوك المدني ضمن‬
‫الممارسة اليومية لألفراد والجماعات والمؤسسات‪ ،‬والوعي المتنامي بدور المنظومة‬
‫التربوية والمؤسسة تحديدا في مجال تنمية السلوك المدني باعتبارها فضاء للعمل‬
‫الجماعي والتعاون والتفاهم والتسامح واحترام اآلخر لتجاوز كل مظاهر اإلخالل‬
‫بالقانون والتعصب والتطرف واالنغالق‪.‬‬
‫مفهوم السلوك المدني‪:‬‬

‫يصعب تحديد مفهوم السلوك المدني بدقة فهو يشمل عدة‬


‫مجاالت؛ القانون‪ ،‬األخالق‪ ،‬قواعد السلوك‪ ،‬أنماط التربية‪ ...‬إال‬
‫أن هناك مجموعة من التحديدات األولية تمكن من تشخيص‬
‫هذا المفهوم في عمليات أساسية لها بعدها التربوي‪.‬‬
‫أمثلة للسلوك المدني‪:‬‬

‫‪.1‬ترسيخ مبادئ وقيم المجتمع في انفتاحها على القيم الكونية‪.‬‬


‫‪.2‬معرفة المؤسسات والقوانين والمعايير الوطنية وااللتزام‬
‫بقواعدها‪.‬‬
‫‪.3‬فهم قواعد الحياة المجتمعية بمعناها الواسع‪ ،‬واكتساب حس‬
‫المسؤولية الفردية والجماعية‪.‬‬
‫‪.4‬الوعي بالحرية في التفكير والتعبير في ممارسة الحياة‬
‫العامة والخاصة مع احترام حرية اآلخرين‪.‬‬
‫‪.5‬إعمال الفكر النقدي والدفاع عن الرأي‪.‬‬
‫تجليات ومعنى تنمية السلوك المدني‪:‬‬

‫‪.1‬احترام الفرد لمبادئ ومقومات وثوابت مجتمعه ووطنه وهويته‬


‫وأرضه وبيئته‪.‬‬
‫‪.2‬إدراك الفرد لوجوده كعضو داخل جماعة‪.‬‬
‫‪.3‬استحضار الوازع األخالقي‪.‬‬
‫‪.4‬االلتزام بالواجبات واحترام الحقوق‪.‬‬
‫‪.5‬اعتماد مبادئ العدالة والديموقراطية واإلنتاجية والتضامن‬
‫اجتماعيا وسياسيا وتربويا‪.‬‬
‫‪.6‬ممارسة الحرية في إطار المسؤولية‪.‬‬
‫‪.7‬احترام األفراد والجماعة لمبادئ وقيم اإلنسان‪.‬‬
‫‪.8‬المشاركة في الحياة العامة واالهتمام بالشأن العام‪.‬‬
‫وتتجلى تنمية السلوك المدني في اكتساب أفراد المجتمع‬
‫بطريقة عملية وفعالة مبادئ السلوك االجتماعي في‬
‫البيت والمدرسة والشارع واألماكن العامة وعند‬
‫ممارسة المهنة‪ ،‬وكذلك مبادئ احترام الغير وتقبل رأيه‬
‫ومساعدته والتضامن معه وتجنب إلحاق الضرر به‪،‬‬
‫وذلك بخلق ضمير لدى كل مواطن يستند إلى قيم‬
‫التعاون والعدالة والديموقراطية وحب الوطن والغيرة‬
‫عليه وتوظيف كل الطاقات لبنائه ورفعته ألداء رسالته‬
‫الحضارية كجزء من الحضارة اإلنسانية‪.‬‬
‫استيعاب أهداف تنمية السلوك المدني في ميدان التربية‬
‫والتكوين‪:‬‬

‫ترتبط أهداف تنمية السلوك المدني عامة بالغايات الكبرى للتربية‬


‫بمفهومها الشامل من جهة‪ ،‬وبوظائف المدرسة كمؤسسة من‬
‫مؤسسات التربية من جهة ثانية‪.‬‬
‫فالغاية الكبرى للتربية الحديثة هي السعي إلى تحقيق التوازن النفسي‬
‫للفرد سواء في مظهره الخارجي المتجسد في العالقات مع األفراد‬
‫والجماعات‪ ،‬أو في مظهره الداخلي أي التوازن بين المكون النفسي‬
‫للشخصية اإلنسانية‪ ،‬بما يتطلبه ذلك من النظر الشمولي إلى الفرد‬
‫كإنسان‪ ،‬وتنمية حسة النقدي واحترام حريته في التفكير والتعبير‪،‬‬
‫واالعتراف بحقه في االختالف واستقالليته‪...‬‬
‫أما الوظائف األساسية للمدرسة كمؤسسة اجتماعية فتتحدد‬
‫بشكل عام فيما يلي‪:‬‬

‫‪.1‬الوظيفة البيداغوجية‪ :‬وتعتبر علة وجود المدرسة‪ ،‬فهي توفر‬


‫التعليم ونقل المعرفة‪.‬‬
‫‪.2‬الوظيفة االجتماعية وتقدم المبادئ األساسية للحياة داخل‬
‫مجموعة أو جماعة‪.‬‬
‫‪.3‬الوظيفة التربوية وتوجه الطفل نحو احترام القواعد والقوانين‬
‫التي تنظم وتحكم المجتمع‪.‬‬
‫‪.4‬الوظيفة السيكولوجية‪ :‬إذ أنها مجال للحياة يعبر الطفل من‬
‫خالله عن رغباته وحاجاته العاطفية‪.‬‬
‫إن استحضار غاية التربية ووظائف المدرسة عامة يمكن من‬
‫تحديد واسع األهداف تنمية السلوك المدني المتمثلة فيما يلي‪:‬‬

‫‪.1‬تنمية المعارف حول مبادئ الديموقراطية والمواطنة‬


‫وحقوق اإلنسان والقيم المجتمعية‪.‬‬
‫‪.2‬تنمية ممارسة المواطنة ومهارات المشاركة والتفكير‬
‫اإليجاد الحلول للقضايا العامة‪.‬‬
‫‪.3‬تعزيز قيم المواطنة واحترام الثوابت الوطنية ومقومات‬
‫الهوية‪.‬‬
‫تحديد المقومات األساسية في مقاربة ورش تنمية السلوك‬
‫المدني وحسن المواطنة‪:‬‬

‫المنظومة التربوية مسؤولة عن النهوض بالسلوك المدني‪،‬‬


‫والمدرسة مدعوة ألن تكون منفتحة باستمرار على محيطها‬
‫باعتماد نهج تربوي قوامه جعل المجتمع في صلب اهتمامها‬
‫لتنمية السلوك المدني‪.‬‬
‫ولتحقيق ذلك يستوجب استحضار خمسة مقومات أساسية هي‪:‬‬

‫‪.1‬اإلقتناع الجماعي بكون المدرسة هي مرآة متجددة لمعالم‬


‫مجتمع الغد‪ ،‬وبأن تحصين المجتمع يبدأ بتحصين المؤسسة؛‬
‫‪.2‬اعتبار السلوك المدني باألساس منظومة قيمية أخالقية‬
‫متكاملة ال تقبل التجزيء‪ ،‬وتتخذ مسارين متوازيين‪:‬‬
‫‪ -‬مسار التشبع بقيم المواطنة الكاملة وإشاعتها‪ ،‬حيث إنها تقوم‬
‫على التمتع بالحقوق األساسية‪ ،‬وااللتزام بالواجبات؛‬
‫‪ -‬مسار التصدي الحازم للسلوكيات المدنية المتمثلة في العنف‬
‫والغش والرشوة وسوء المعاملة‪...‬‬
‫ولتحقيق ذلك يستوجب استحضار خمسة مقومات‬
‫أساسية هي‪:‬‬

‫‪.3‬التزام المدرسة بتجسيد السلوك المدني ثقافة وممارسة؛‬


‫‪.4‬اإلقرار بكون النهوض بالسلوك المدني يعد مسؤولية‬
‫مجتمعية متقاسمة بين المنظومة التعليمية واألسرة ووسائل‬
‫اإلعالم والمؤسسات ذات الوظائف التربوية والثقافية‬
‫والتأطيرية؛‬
‫‪.5‬اإلنشغال الدائم بتربية السلوك المدني ووضع آليات لرصده‬
‫وتتبعه‪ ،‬وعلى تثمين المبادرات المتميزة‪ ،‬وتعميم الممارسات‬
‫الناجحة‪ ،‬وتشجيع االبتكار والبحث التربوي في هذا المجال‪.‬‬
‫المراجع‬
‫المواطنة المسؤولة دليل المفاهيم والمواضيع اعداد‪:‬جمال بندحمان‬ ‫•‬
‫أرضية الندوة الوطنية حول ”المدرسة والسلوك المدني“المنظمة من طرف المجلس‬ ‫•‬
‫األعلى للتعليم الرباط ‪23‬و‪ 24‬ماي ‪2007‬‬
‫ميثاق حسن تدبير أخالقيات المهنة‪.‬محمد عزيز الوكيلي أكتوبر‪2001‬‬ ‫•‬
‫دليل حقوق اإلنسان بقطاع التربية الوطنية ‪2007‬‬ ‫•‬
‫دليل المدرسة والسلوك المدني ‪2008‬‬ ‫•‬
‫دليل الحياة المدرسية ‪2007‬‬ ‫•‬
‫استراتيجية قطاع التربية الوطنية في محاربة العنف المدرسي‬ ‫•‬
‫الوثائق المرجعية للندوة الوطنية األولى حول المدرسة ‪2010‬‬ ‫•‬
‫مذكرة ‪ 46‬ميثاق حسن سلوك الموظف العمومي‬ ‫•‬
‫مذكرة ‪ 75‬استثمار مواد اإلتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الطفل‬ ‫•‬
‫المذكرة ‪ 9‬بتاريخ‪ 6‬فبراير ‪ 2008‬حول تنمية السلوك المدني‬ ‫•‬

You might also like