Professional Documents
Culture Documents
تدافع جميع الكائنات الحية عن نفسها من أجل االستمرار في الحياة والحفاظ على وجودها ،وعند خراب أو انعدام
آليات الدفاع الذاتي فإن هذا الكائن يصبح محكوماً( بالحياة كفريسة .نفس األمر عندما ال يمتلك أي مجتمع نظام
دفاعه الذاتي فإن الكائنات الموجودة ضمن ذلك المجتمع ال تستطيع( االستمرار ،وعليه يجب علينا اعتبار الدفاع
الذاتي للمجتمع ضمانا ً أخالقيا ً سياسيا ً للحماية ،وأيضا ً عندما ال تستطيع النساء ان يدافعن عن أنفسهن فإنهن
يخسرن خصائصهن األخالقية والسياسية .فعملية الدفاع( الذاتي هي رفضٌ ومقاومة لكل أشكال التعديات والظلم
والعنف والمعاملة الالإنسانية ضد النساء.
إن الواقع الخاص بالدفاع( عن النفس واألمن ،والذي( ال غنى عنه لكل شيء حي ،يتسم بأهمية حيوية بالنسبة
للمرأة .والخيار الوحيد ضد المجازر الحاصلة بحق المجتمع والمرأة هو من خالل الفهم الصحيح للدفاع الذاتي
وتشكيل آلياته وتطبيقه.
اليوم ،ونتيجة نظام السلطة والحكم الذكوري( الرأسمالي الشوفيني الفردي الشمولي ،تعيش مجتمعاتنا( أكثر أيامها
وحشية واألكثر( تأثراً في هذا اإلطار( هي المرأة ،فقد كانت ثقافة الخمسة آالف سنة األخيرة من الحكم الذكوري(
ب وعنف ،حيث أنه نظام يحيي ثقافة الحرب والتراجيديا( والمجازر واإلبادة الجماعية ،ومعها حوّ ل ثقافة غص ٍ
مفهوم الفوقية واالستعمار والقمع واالضطهاد ألسلوب حياة يومي ،حيث أن العقلية الحاكمة الذكورية أوصلت
اإلنسانية لحد االنقراض ،وجعلت من ثقافة العنف والقمع أكثر الطرق( فعالية في المحافظة على السلطة والنظام
الحاكم ،وهي تطوّ ر نفسها وتقوّ يها وتستمر( بالحياة على أساس الفروقات( الجنسية المجتمعية من خالل تحديد
اإلطار العام والنموذج لدور وواجب المرأة والرجل ضمن المجتمع.
إن النظام الذكري الحاكم وبغية المحافظة على ذاته فإنه يستعمل المرأة كأداة ،وبهذا المفهوم ر ّكزعلى جعل
عبودية المرأة أساسا ً لثقافته ،الن النظام الحاكم باستعباده للمرأة وهضم حقوقها( ،وكسر إرادتها( واستعمالها كأداة
فإنه يضمن استمراريته ،وبهذا حُكم على المرأة أن تعيش في دوامة من العنف واالستعباد( المفروض عليها.
إن استمرار( المشاكل االجتماعية الهائلة من حروب ومجازر( ومجاعات وفقر هي في األساس نتيجة فرض نظام
وحالة العبودية على المرأة ،وإن العقلية الذكورية الفوقية ال تستطيع حل هذه المشاكل بل أوصلتها لدرجة أن
تكون كالغرغرينا( للمجتمع ،واستعمالها( ألساليب العنف والقمع دفع المجتمعات لدرجة االنقراض واإلبادة ،وفي(
هذه الظروف المعيشية الصعبة فإن المرأة هي من تدفع أكبر األثمان ،كونها معرضة لكل أشكال للقتل
واالستباحة والضرب واالستعمال( واالعتداء والعنف.
في كل يوم آالف النساء تتعرضن للتجاوزات والتعديات( والعنف الجسدي والنفسي ،ومئات النساء يقتلن باسم
الشرف والعادات والحب ،وبسبب النظام اإلشكالي والذهنية الذكورية فإن هذه التعديات تبدو طبيعية ومقبولة
ضمن المجتمع ،فعندما( ُتقتل المرأة باسم العادات والشرف فإن المجتمع والعائلة يراها قد أهانت شرفها ولهذا
يجدنوها مذنبة في هذا اإلطار ،وقد تغلغل هذا المفهوم داخل المجتمعات لمئات السنوات حتى أصبح مقبوالً
وطبيعياً( في المجتمع ،وحتى( من قبل النساء أنفسهن ،وبهذا رسم الرجال حدود األخالق والحياة للمرأة ،وقُبلت
هذه الحدود( ضمن المجتمع بشكل عام.
دائما كانت الذهنية الذكورية والقانون غير المتغير في المجتمع ،والقائم على التفرقة بين الجنس نظاما ً قاسياً(
أحاديا ً وبدون رحمة ،وكمفهوم( ذكوري( مسيطر( للقوة فقد جلب بداية مصطلح امتالك المرأة والذي هو تعبير آخر
للعبودية ،وفي نفس الوقت خلق مفهوم السلطة والهيكلية على نفس جنسه وعلى الطبيعة ،وضمن مفهوم نظام
وذهنية الرجل فإنه ال يوجد مساواة في الحياة ،وهذه يبدأها ويطورها( على المرأة في البداية وكلما ازداد هذا
المفهوم فإن اعتماد الرجل يزداد( على الشدة واالحتالل واالستيالء ،والمرأة التي هي الجنس اآلخر فرض عليها
أن تغير نفسها وُأنزلت للدرجة الثانية من ناحية الجنس ،ولهذا فإنه دائما ً تم اعتبارها شيئا ثانويا ً ضمن نواحي(
الحياة جميعا ً وتقييد حركتها ،وفرضت الالمساواة والقمع ،حيث أن جميع طرق العبودية تمرمن تحطيم الهوية
المجتمعية للمرأة.
إن قوة الدفاع الجوهري هي قوة حماية ،وأهمية الدفاع تزداد عند استمرار المجازر على المجتمع والمرأة ،ومن
الضروري( للمرأة أن تنظم نفسها في كل النواحي وأن تؤسس منظماتها من أجل خلق نظام الدفاع الذاتي ،ويمكن
مواجهة المجازر( واالعتداءات التي تقوم بها الذهنية الذكورية ضد المرأة من خالل الدفاع( الذاتي فقط.
يتم تصويرالنساء( عادة كمواضيع أو أشياء سلبية ،وفي أوقات الحروب يتم تصوير الرجل عادة بارتباطه
بالصراع والمواقف ،بينما المرأة عادة تصور( بصورة ملكية ضعيفة أو ضحية بريئة يجب حمايتها ،وإضافة لذلك
فقد تم استعمال المرأة في الحرب ضد العدو من خالل االعتداء الجنسي المنظم ،فهي وسيلة للحرب من أجل
كسر العدو وتعيير قواته بذلك مثل مقولة " لم تستطيعوا( الدفاع عن نسائكم" ،ولهذا فإن دفاع المرأة عن نفسها
أمر غير متعارف( عليه وغير مقبول من طرف المجتمع .وألن المرأة وفي( كل المراحل والظروف( تم الدفاع
عنها من قبل اآلخرين ،وعلى الرغم من كونها كانت محاربة فعالة في العديد من الحروب إال أنه كان يتم الهجوم(
عليها دائما بشكل جنسي من طرف العدو .
ومع ذلك ،ومع بداية الحرب في سوريا( أصبح أمراً حياتيا ً أن تخلق المرأة ميكانيزما وآليات الدفاع الذاتي،
وتناضل ضد كل جهة تحاول أن تستعملها وتظلمها ،سواء نظام البعث الذي استعملها( ضد معارضيه بأساليب
وسياسات وأفعال االنظمة الحاكمة ،أو الجهاديين مثل داعش الذين حلل االعتداء على المرأة فتمت معاملتها كعبد
وبيعها كسبية للجنس ،ألنه تمت إبادة المرأة ،وأسر روحها وجسدها( وبيعها( كممتلكات في األسواق (.ومن
الطبيعي أن تواجه المرأة الذهنية المتخلفة والالأخالقية من خالل خلق وتأسيس أمنيتها من أجل الدفاع عن نفسها.
إن النموذج الحاكم يص ّغر القوة األساسية للمجتمع والمرأة ،ويستعمل الطبيعة والمرأة من أجل مصلحته ،ولهذا
من أجل الخروج من مفهوم الدفاع األساسي الذي هو ضيق يجب إيجاد مفهوم فلسفي واسع للدفاع الجوهري،
وبهذا الشكل ستسطيع( النساء اتخاذ القرار بما يخصهم( ،وهن من سيقودوا الطريق( لحياة حرة كريمة.
معارضة أو بديلة للدولة ،فعندما( ال تستطيع الدولة تأمين وتوفير أسباب حمايتها
ِ إن قوة الدفاع الذاتي ليست قوة
فإن الحماية الذاتية تأخذ مكانها وتتفعل ضمن المجتمع.
إن ظروف األزمات تزعزع المجتمع ،وتخلق( الفوضى( وتزيدها ،وهذا يجعل من الدفاع الذاتي قضية أساسية
للمحافظة على وجود( المرأة والشعوب واإلدارة الذاتية.
داخل الحدود السياسية للدول يوجد دائما برامج وسياسات( لخلق لغة واحدة وأمة واحدة ودولة واحدة ،وهذا فتح
الطريق إلنكار واقتالع( الثقافات واللغات والشعوب األخرى الموجودة داخل هذه الحدود .وإذا لم تفهم قوة هذا
النظام فإن المجال يصبح مفتوحا ً إلسقاط المرأة والمجتمع وحلها وصهرها( وفي النهاية تصفيتها.
من جهة ،على المرأة تقوية تنظيمها ،وزيادة مشاركتها في الحياة السياسية وخلق اتحاداتها للدفاع الذاتي ،وبناء
مؤسساتها( ومنظماتها( ،ومن جهة أخرى عليها أن تكسر ذهنية الرجل الحاكم التي كانت تبين حياة المجتمع
لسنوات ،وأن تناضل من أجل جعل حرية المرأة قضية مركزية .فيجب أن تتنظم( المرأة لتخلق دفاعها الذاتي
وتشارك( في التعليم وإدارة الحياة االجتماعية ،وهذا سيكون الضمان لدور المرأة في بناء المجتمع ،والنضال من
أجل خلق نظام مساواة بين الرجل والمرأة وخلق ثورة فكرية.
كل إنسان يواجه التهديد والقتل واالقتالع( يؤسس دفاعه الذاتي ،وبشكل خاص من أجل حياة وحماية النساء
لذاتهن ،فإن النساء وفي دول مختلفة خلقوا مجموعاتهن للدفاع( الجوهري( ،وبهذا حاولوا( كتابة تاريخ مقاومتهن
ونضالهن ،فالمرأة ستناضل من خالل دفاعها ومقاومتها( ضد الذهنية الذكورية والنظام( األحادي.
اليوم ،المرأة السريانية أيضا ً في شمال سوريا( ومن أجل الدفاع عن نفسها وعن ترابها والقيم اإلنسانية حاولت أن
تقوي آليات دفاعها الذاتي ،ولهذا فقد وضعت هدفا ً لتنظيم نفسها في كل المجاالت وخلق( مجاالت قوتها ،فخالل
مئات السنوات ونتيجة تعرض الشعب السرياني( ونسائه لإلبادات والمجازر ،وسياسات( الصهر ،والتي تستمر
حتى اآلن فإنه من حقنا المشروع( تشكيل دفاعنا الذاتي .المرأة السريانية ومن أجل الدفاع عن وطنها وشعبها،
وللوقوف في وجه الهجمات المشنة ضد جنسها فإنها تأخذ خلق دفاعها الذاتي أساسا ً لعملها.
في منطقة الخابور( في سوريا ،وفي سهل نينوى( والموصل ونتيجة الهجمات التي شنها مرتزقة إرهابيي( داعش،
تم اختطاف( المئات من أبناء الشعب السرياني اآلشوري ومعظمهم( من النساء واألطفال ،وغيرهم مئات اآلالف
من الشعب الذي أجبر على الهجرة وإفراغ منازله وأراضيه ،والمرأة السريانية اآلشورية كانت االكثر تأثرا بها
كنتيجة لهذه التراجيديا ،ولهذا فإنه في الشرق األوسط عامة وفي( سوريا خاصة فإن كل شعب وهوية واألهم من
ذلك يجب على المرأة أن يلتزموا بحقهم وواجبهم بالدفاع( الذاتي وبتشكيل( تنظيم( قوي نتيجة الظروف( المعاشة،
فعلى الرغم من مرور 100عام على اإلبادة الجماعية " السيفو – ، " 1915فإن الشعب السرياني( اليوم
تعرض لسيفو جديد ،في 1915قتل أكثر من نصف مليون إنسان ،وبشكل خاص تعرضت المرأة السريانية
للخطف ،وأجبرت على تغيير دينها ،وتم االعتداء عليها وقتلت بوحشية ،وكون الشعب السرياني والمرأة في تلك
المرحلة لم يستطيعوا أن يقوموا( بالدفاع عن أنفسهم ،فقد خسروا عددهم وأصبحوا يواجهون خطر االندثار وبقيوا
بدون قوة ،إن ذهنية اإلبادة في النظام الذكوري ال تزال تستمر في الهجوم على الشعوب والمجتمعات( والهويات
المختلفة والمرأة بشكل منظم( وبقسوة ،ولهذا فإن المرأة السريانية بدأت تنظم نفسها وتصبح قوة ضد االنصهار(
واإلنكار والمجازر ومن أجل تأمين الحماية لوطنها (،ومن ناحية أخرى خالل المرحلة الماضية فإن المرأة
اإليزيدية في شنكال وبنفس األسلوب إن لم يكن أكثر قسوة تعرضت لمحاولة كسر إرادتها( من خالل بيعها
واستعمالها( بأشكال ال إنسانية ،إضافة إلى المجازر( التي ارتكبت بحقها وعمليات استعبادها ،وفي( شمال سوريا(
وخالل الثورة التي تعيشها المنطقة نجده واجبا ً أساسيا ً ومهما ً أن تستطيع نساء الشعوب المختلفة أن تجتمع وتوحد
قوتها في سبيل الدفاع( الذاتي ضد العقلية الذكورية الحاكمة ،وضد كل أشكال الخطر الذي يواجهنه ،وبروح(
الوحدة وبرغبة قوية يجب أن تتحد كل نساء المنطقة ضد كل أشكال العنف والظلم( والخطر( الذي يواجهنه من
خالل مشروع الدفاع الذاتي وتأسيسه على مبادئ الشرعية اإلنسانية.