You are on page 1of 26

‫(جانفي ‪ )0002‬ص ‪228 -260‬‬ ‫مجلـة رفوف ‪ -‬مخبر المخطوطات – جامعة أدرار – الجزائر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ المجلد‪ / :‬الع ــدد‪:‬‬

‫‪ISSN‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪EISSN‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪Legal Deposit‬‬ ‫‪-‬‬


‫العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية‪-‬عالقة تأثير واعادة انتاج‬
‫‪Symbolic Violence and Social Engineering: Influence and Reproduction‬‬

‫الدكتور‪ :‬فتح اهلل مسعد ‪ ،‬الدكتورة‪ :‬زرزورة عبيد‬


‫‪Messad Fathallah ، Zarzoura Abid‬‬
‫‪ 1‬جامعة أدرار (الجزائر)‪fth.messad@univ-adrar.edu.dz ،‬‬
‫ﺍﻟﻌﻨﻒ ﺍﻟﺮﻣﺰﻱ ﻭﺍﻟﺘﻨﺸﺌﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‪ :‬ﻋﻼﻗﺔ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺇﻧﺘﺎﺝ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬
‫جامعة أدرار (الجزائر)‪abidzerzoura@univ-adrar.edu.dz ،‬‬
‫ﺭﻓﻮﻑ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫ﻓﻲ‪1110/11‬‬
‫ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮﻳﺔ‪/11‬‬
‫ﺍﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎﺕريخ النشر‪:‬‬
‫تا‬ ‫‪1111‬‬ ‫‪/11-/10‬‬
‫ﻣﺨﺒﺮ‬ ‫القبوؿ‪:‬ﺃﺩﺭﺍﺭ‬
‫ﺃﺣﻤﺪيخﺩﺭﺍﻳﺔ‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ تار‬
‫االستبلـ‪1111/11/11 :‬‬ ‫تاريخ‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ‬
‫ﻣﺴﻌﺪ‪ ،‬ﻓﺘﺢ ﺍﷲ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫تمحورت ىذه الدراسة حوؿ العنؼ الرمزي والتنشئة االجتماعية وكيؼ يتضاعؼ العنؼ الرمزي نتيجة‬ ‫الممخص ‪:‬‬
‫ﻋﺒﻴﺪ‪ ،‬ﺯﺭﺯﻭﺭة)ﻡ‪ .‬ﻣﺸﺎﺭﻙ(‬ ‫ﻣؤﻟﻔﻴﻦ ﺁﺧﺮﻳﻦ‪:‬‬
‫إعادة اإلنتاج اإلجتماعي‪ ،‬وقد ىدفنا إلى إبراز أىـ المفاىيـ والنظريات المفسرة لمعنؼ الرمزي‪ ،‬وكيؼ تنعكس ىذه‬
‫ﻣﺞ‪ ,11‬ﻉ‪1‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫الرمزية عمى سموكيات األفراد وأفكارىـ وتنشئتيـ وقد خمصت الدراسة أف التنشئة اإلجتماعية تأثرت بالعنؼ الرمزي‬
‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫نتاج العولمة الثقافية التي ىيمنت بشكؿ كبير عمى عقوؿ األفراد وسموكيـ مف خبلؿ وسائؿ اإلتصاؿ والتواصؿ‬
‫‪2023‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫المتاحة لمكبير والصغير‪ ،‬فقد ساىمت إلى حد ما في غرس بعض األفكار المتطرفة والسموكات العنيفة التي‬
‫ﺟﺎﻧﻔﻲ‬ ‫ﺍﻟﺸﻬﺮ‪:‬‬
‫أصبحت جزء مف السموؾ اإلجتماعي‪ ،‬فكثير مف مظاىر العنؼ الرمزي سواء مف خبلؿ خطاب الكراىية والقذؼ‬
‫‪862 - 885‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫والتحرش عبر وسائؿ التواصؿ‪ ،‬أو عف طريؽ التقميد نتيجة تغيير المفاىيـ الثقافية تحت غطاء الموضة والحضارة‬
‫‪10.37163/2031-011-001-046‬‬ ‫‪:DOI‬‬
‫والتفتح وحرية التعبير والذي تجسد في صور ودالالت رمزية تناقض الخصائص الثقافية لمجتمعنا وعززت الطباع‬
‫‪1355039‬‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬
‫اإلجتماعي بيف األفراد نتيجة التأثر والتأثير عمى ىويتنا وقيمنا وخصائصنا الثقافية‪.‬‬
‫ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬ ‫ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬
‫الكممات المفتاحية‪ 6‬العنؼ الرمزي‪ ،‬التنشئة اإلجتماعية‪ ،‬إعادة اإلنتاج‪ ،‬العولمة الثقافية‪ ،‬التطبيع اإلجتماعي‪.‬‬
‫‪Arabic‬‬ ‫ﺍﻟﻠﻐﺔ‪:‬‬
‫‪Abstract:‬‬ ‫‪HumanIndex‬‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬
‫‪This study addresses symbolic violence and social engineering in the sense that‬‬
‫ﻭﺳﺎﺋﻞ‪social‬‬ ‫ﺍﻟﺪﻻﻻﺕ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ‪،‬‬
‫‪reproduction‬‬ ‫‪increases‬‬‫ﺍﻟﻌﻨﻴﻔﺔ‪،‬‬ ‫ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎﺕ‬
‫‪symbolic‬‬ ‫ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‪،‬‬
‫‪violence.‬‬ ‫ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ‬
‫‪In displaying‬‬ ‫‪the most‬‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫‪relevant‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ‬
‫‪concepts and theories regarding symbolic violence, the objective from the present work‬‬
‫‪elucidates howhttp://search.mandumah.com/Record/1355039‬‬
‫‪this symbology becomes reflected in people’s everyday practices‬‬ ‫‪ and‬ﺭﺍﺑﻂ‪:‬‬
‫‪habit. The study concludes that social reproduction influences and even determines‬‬
‫‪people’s minds and practices. Social media has increased the rate of violence‬‬
‫‪particularly either through cursing, bullying or through assimilation of foreign mores‬‬
‫‪and habits.‬‬
‫© ‪ 2023‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬
‫‪Keywords:‬‬ ‫‪Symbolic violence, social engineering, reproduction,‬‬ ‫‪cultural globalization,‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ‬
‫‪social‬‬ ‫ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪.‬ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ‬
‫‪normalization‬ﻣﻮﺍﻗﻊ‬
‫ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬ ‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ‬
‫__________________________________________‬
‫المؤلف المرسل‪ :‬د‪.‬فتح اهلل مسعد‪ ،‬اإليميل‪fth.messad@univ-adrar.edu.dz :‬‬
‫‪268‬‬
‫(جانفي ‪ )0002‬ص ‪228 -260‬‬ ‫مجلـة رفوف ‪ -‬مخبر المخطوطات – جامعة أدرار – الجزائر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ المجلد‪ / :‬الع ــدد‪:‬‬
‫‪ISSN‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪EISSN‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪Legal Deposit‬‬ ‫‪-‬‬
‫العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية‪-‬عالقة تأثير واعادة انتاج‬
‫‪Symbolic Violence and Social Engineering: Influence and Reproduction‬‬

‫الدكتور‪ :‬فتح اهلل مسعد ‪ ،‬الدكتورة‪ :‬زرزورة عبيد‬


‫‪Messad Fathallah ، Zarzoura Abid‬‬
‫‪ 1‬جامعة أدرار (الجزائر)‪fth.messad@univ-adrar.edu.dz ،‬‬
‫ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ‬
‫جامعة أدرار (الجزائر)‪abidzerzoura@univ-adrar.edu.dz ،‬‬ ‫ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ‪:‬‬

‫تاريخ النشر‪1110/11/11 :‬‬ ‫تاريخ القبوؿ‪1111/11/10 :‬‬ ‫االستبلـ‪1111/11/11 :‬‬


‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪APA‬‬‫تاريخ‬
‫ﻣﺴﻌﺪ‪ ،‬ﻓﺘﺢ ﺍﷲ‪ ،‬ﻭ ﻋﺒﻴﺪ‪ ،‬ﺯﺭﺯﻭﺭﺓ‪ .(2023) .‬ﺍﻟﻌﻨﻒ ﺍﻟﺮﻣﺰﻱ ﻭﺍﻟﺘﻨﺸﺌﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‪:‬‬
‫ﻋﻼﻗﺔ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺇﻧﺘﺎﺝ‪.‬ﺭﻓﻮﻑ‪ ،‬ﻣﺞ‪ ,11‬ﻉ‪ .885 - 862 ،1‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ‬
‫الممخص ‪ :‬تمحورت ىذه الدراسة حوؿ العنؼ الرمزي والتنشئة االجتماعية‬
‫‪ http://search.mandumah.com/Record/1355039‬وكيؼ يتضاعؼ العنؼ الرمزي نتيجة‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪MLA‬‬
‫ﻋﻼﻗﺔتنعكس ىذه‬
‫ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‪:‬وكيؼ‬
‫لمعنؼ الرمزي‪،‬‬ ‫يات المفسرة‬
‫ﻭﺍﻟﺘﻨﺸﺌﺔ‬ ‫"ﺍﻟﻌﻨﻒوالنظر‬
‫ﺍﻟﺮﻣﺰﻱ‬ ‫ﻋﺒﻴﺪ‪.‬المفاىيـ‬
‫ﺯﺭﺯﻭﺭﺓاز أىـ‬
‫ىدفنا ﻭإلى إبر‬
‫وقدﺍﷲ‪،‬‬‫اإلجتماعي‪،‬ﻓﺘﺢ‬
‫إعادة اإلنتاج ﻣﺴﻌﺪ‪،‬‬
‫تأثرت بالعنؼ الرمزي‬
‫اإلجتماعيةﻣﻦ‬
‫التنشئةﻣﺴﺘﺮﺟﻊ‬
‫‪862‬أف‪.885 -‬‬
‫)‪:(2023‬راسة‬
‫ﻣﺞ‪,11‬وقدﻉ‪1‬خمصت الد‬
‫وتنشئتيـ‬
‫ﺭﻓﻮﻑ‬‫أفكارىـ‬‫ﻭﺇﻋﺎﺩﺓراد و‬
‫ﺇﻧﺘﺎﺝ‪".‬‬ ‫سموكيات األف‬
‫الرمزية عمى ﺗﺄﺛﻴﺮ‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/1355039‬‬
‫نتاج العولمة الثقافية التي ىيمنت بشكؿ كبير عمى عقوؿ األفراد وسموكيـ مف خبلؿ وسائؿ اإلتصاؿ والتواصؿ‬
‫المتاحة لمكبير والصغير‪ ،‬فقد ساىمت إلى حد ما في غرس بعض األفكار المتطرفة والسموكات العنيفة التي‬
‫أصبحت جزء مف السموؾ اإلجتماعي‪ ،‬فكثير مف مظاىر العنؼ الرمزي سواء مف خبلؿ خطاب الكراىية والقذؼ‬
‫والتحرش عبر وسائؿ التواصؿ‪ ،‬أو عف طريؽ التقميد نتيجة تغيير المفاىيـ الثقافية تحت غطاء الموضة والحضارة‬
‫والتفتح وحرية التعبير والذي تجسد في صور ودالالت رمزية تناقض الخصائص الثقافية لمجتمعنا وعززت الطباع‬
‫اإلجتماعي بيف األفراد نتيجة التأثر والتأثير عمى ىويتنا وقيمنا وخصائصنا الثقافية‪.‬‬
‫الكممات المفتاحية‪ 6‬العنؼ الرمزي‪ ،‬التنشئة اإلجتماعية‪ ،‬إعادة اإلنتاج‪ ،‬العولمة الثقافية‪ ،‬التطبيع اإلجتماعي‪.‬‬

‫‪Abstract:‬‬
‫‪This study addresses symbolic violence and social engineering in the sense that‬‬
‫‪social reproduction increases symbolic violence. In displaying the most relevant‬‬
‫‪concepts and theories regarding symbolic violence, the objective from the present work‬‬
‫‪elucidates how this symbology becomes reflected in people’s everyday practices and‬‬
‫‪habit. The study concludes that social reproduction influences and even determines‬‬
‫‪people’s minds and practices. Social media has increased the rate of violence‬‬
‫‪particularly either through cursing, bullying or through assimilation of foreign mores‬‬
‫‪and habits.‬‬
‫© ‪ 2023‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬
‫‪Keywords:‬‬ ‫‪Symbolic violence, social engineering, reproduction,‬‬ ‫‪cultural globalization,‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ‬
‫‪social‬‬ ‫ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪.‬ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ‬
‫‪normalization‬ﻣﻮﺍﻗﻊ‬
‫ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬ ‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ‬
‫__________________________________________‬
‫المؤلف المرسل‪ :‬د‪.‬فتح اهلل مسعد‪ ،‬اإليميل‪fth.messad@univ-adrar.edu.dz :‬‬
‫‪268‬‬
‫(جانفي ‪ )0002‬ص ‪228 -260‬‬ ‫مجلـة رفوف ‪ -‬مخبر المخطوطات – جامعة أدرار – الجزائر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ المجلد‪ / :‬الع ــدد‪:‬‬
‫‪ISSN‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪EISSN‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪Legal Deposit‬‬ ‫‪-‬‬
‫العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية‪-‬عالقة تأثير واعادة انتاج‬
‫‪Symbolic Violence and Social Engineering: Influence and Reproduction‬‬

‫الدكتور‪ :‬فتح اهلل مسعد ‪ ،‬الدكتورة‪ :‬زرزورة عبيد‬


‫‪Messad Fathallah ، Zarzoura Abid‬‬
‫‪ 1‬جامعة أدرار (الجزائر)‪fth.messad@univ-adrar.edu.dz ،‬‬
‫جامعة أدرار (الجزائر)‪abidzerzoura@univ-adrar.edu.dz ،‬‬

‫تاريخ النشر‪1110/11/11 :‬‬ ‫تاريخ القبوؿ‪1111/11/10 :‬‬ ‫تاريخ االستبلـ‪1111/11/11 :‬‬

‫تمحورت ىذه الدراسة حوؿ العنؼ الرمزي والتنشئة االجتماعية وكيؼ يتضاعؼ العنؼ الرمزي نتيجة‬ ‫الممخص ‪:‬‬
‫إعادة اإلنتاج اإلجتماعي‪ ،‬وقد ىدفنا إلى إبراز أىـ المفاىيـ والنظريات المفسرة لمعنؼ الرمزي‪ ،‬وكيؼ تنعكس ىذه‬
‫الرمزية عمى سموكيات األفراد وأفكارىـ وتنشئتيـ وقد خمصت الدراسة أف التنشئة اإلجتماعية تأثرت بالعنؼ الرمزي‬
‫نتاج العولمة الثقافية التي ىيمنت بشكؿ كبير عمى عقوؿ األفراد وسموكيـ مف خبلؿ وسائؿ اإلتصاؿ والتواصؿ‬
‫المتاحة لمكبير والصغير‪ ،‬فقد ساىمت إلى حد ما في غرس بعض األفكار المتطرفة والسموكات العنيفة التي‬
‫أصبحت جزء مف السموؾ اإلجتماعي‪ ،‬فكثير مف مظاىر العنؼ الرمزي سواء مف خبلؿ خطاب الكراىية والقذؼ‬
‫والتحرش عبر وسائؿ التواصؿ‪ ،‬أو عف طريؽ التقميد نتيجة تغيير المفاىيـ الثقافية تحت غطاء الموضة والحضارة‬
‫والتفتح وحرية التعبير والذي تجسد في صور ودالالت رمزية تناقض الخصائص الثقافية لمجتمعنا وعززت الطباع‬
‫اإلجتماعي بيف األفراد نتيجة التأثر والتأثير عمى ىويتنا وقيمنا وخصائصنا الثقافية‪.‬‬
‫الكممات المفتاحية‪ 6‬العنؼ الرمزي‪ ،‬التنشئة اإلجتماعية‪ ،‬إعادة اإلنتاج‪ ،‬العولمة الثقافية‪ ،‬التطبيع اإلجتماعي‪.‬‬

‫‪Abstract:‬‬
‫‪This study addresses symbolic violence and social engineering in the sense that‬‬
‫‪social reproduction increases symbolic violence. In displaying the most relevant‬‬
‫‪concepts and theories regarding symbolic violence, the objective from the present work‬‬
‫‪elucidates how this symbology becomes reflected in people’s everyday practices and‬‬
‫‪habit. The study concludes that social reproduction influences and even determines‬‬
‫‪people’s minds and practices. Social media has increased the rate of violence‬‬
‫‪particularly either through cursing, bullying or through assimilation of foreign mores‬‬
‫‪and habits.‬‬
‫‪Keywords: Symbolic violence, social engineering, reproduction, cultural globalization,‬‬
‫‪social normalization .‬‬
‫__________________________________________‬
‫المؤلف المرسل‪ :‬د‪.‬فتح اهلل مسعد‪ ،‬اإليميل‪fth.messad@univ-adrar.edu.dz :‬‬
‫‪268‬‬
‫الدكتور‪ 6‬فتح اهلل مسعد – الدكتورة‪ 6‬زرزورة عبيد‬

‫‪.1‬مقدمة‪:‬‬
‫المجتمع دوما يعمؿ ل ممحافظة عمى خصوصياتو ويحارب كؿ شيء دخيؿ ييدد كيانو‪ ،‬ألف غياب الروابط‬
‫بيف أفراد المجتمع يعني تفكؾ المجتمع وزوالو‪ ،‬ومف أجؿ تعزيز ثقافة الروابط يعمؿ مف خبلؿ مؤسساتو وىيئاتو عمى‬
‫مضاعفة الجيود واستحداث األليات والمناىج لنقؿ وتثبيت قيمو وعاداتو وثقافتو لمنشأ واألجياؿ‪.‬‬
‫مؤسسات التنشئة عديدة ومتعددة كاألسرة والمسجد والمدرسة وجماعة ووسائؿ اإلعبلـ‪...‬الخ‪ ،‬مف المؤسسات‬
‫الميمة في المجتمع والتي تسير عمى تربية األفراد وتكوينيـ واعدادىـ وفؽ نمط تربوي يؤدي إلى تطبيع أفراده بطباع‬
‫وثقافة واحدة وىذا سبب رئيسي لمتعايش والتفاىـ والوحدة واإلستقرار واإلستمرار‪.‬‬
‫لكف مجتمع اليوـ ليس ىو مجتمع األمس وىذا نظ ار لمتحوؿ الكبير والتغير عمى مستوى القوة التكنولوجية ‪،‬‬
‫فالمجتمعات القوية ماديا وتكنولوجيا تعمؿ عمى توحيد ثقافة العالـ وفؽ خصوصياتيا الثقافية وىذا ما يطمؽ عميو‬
‫العولمة الثقافية‪.‬‬
‫فتصدير الثقافة أصبح أم ار سيبل نتيجة وسائؿ اإلتصاؿ المتاحة‪ ،‬باإلضافة إلى التعبئة اليادفة المنتجة‬
‫لمتأثير أصبحت مييمنة ‪،‬فأصبحت المجتمعات المحافظة في وضعية دفاع لحماية مجتمعاتيا مف الغزو الثقافي‬
‫الذي يستعمؿ مضاميف تربوية ممنيجة تحمؿ في مضمونيا الخطر الحقيقي الذي يزعزع ويصدع المجتمع وييدـ قيـ‬
‫أفراده ‪.‬‬
‫التغير اإل جتماعي والثقافي الحاصؿ اليوـ في مجتمعنا عمى مستوى األفكار والممارسات العنيفة التي نراىا‬
‫في مجتمعنا كنا نراىا في األفبلـ والمسمسبلت والوثائقيات‪...‬الخ‪ ،‬وبفعؿ تأثير الصورة والصوت وتصديرىا عمى‬
‫أساس حقوؽ اإلنساف وحرية التعبير والحضارة والتفتح انتشرت في في جميع األوساط اإلجتماعية بؿ ىيمنت عمى‬
‫أصالة المجتمع وثقافتو‪.‬‬
‫فرمزية العنؼ كاستعماؿ القوة والتحدي والتبخيس واإلذالؿ ولباس الممزؽ برسوـ وكتابات تنادي لمتميع‬
‫والتخنث واإللحاد كميا ليا إنعكاسات عمى ثقافة المجتمع‪ ،‬لذلؾ نجد اليوـ أشكاؿ العنؼ تتوسع ومظاىر المخاطرة‬
‫وارتكاب العنؼ ضد الذات وضد األخريف صار في أذىاف الشباب سموؾ سوي وفعؿ طبيعي‪ ،‬وىذا نتيجة اإلنتشار‬
‫الواسع لمظاىرة أصبح كؿ معروؼ مألوؼ وطبيعي‪ ،‬وىذا ماجعمنا نناقش اإلشكاؿ التالي‪ :‬كيؼ يؤثر العنؼ الرمزي‬
‫في عممية التنشئة اإلجتماعية عف طريؽ إعادة انتاجو اإلجتماعي؟‬
‫العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية‪-‬عالقة تأثير واعادة انتاج‬

‫‪1.1‬أهمية الدراسة‪6‬‬
‫تكمف أىمية ىذه الدراسة في التنبيو إلى مخاطر العنؼ الرمزي الذي يتجسد في شكؿ صور وأشكاؿ وأساليب‬
‫ترفيو‪ ،‬وألعاب‪...‬الخ‪ ،‬وتأثيرىا في التنشئة اإلجتماعية وتشكيؿ شخصية الفرد والتي تترجـ إلى سموؾ والى مخرجات‬
‫مماثمة وتكوف أيضا مأثرة مما تؤدي إلى التطبع اإلجتماعي وتشكيؿ عقؿ جمعي عف طريؽ إعادة إنتاج العنؼ‬
‫الرمزي والمبالغة فيو وتطويره في أغمب األحياف‪ ،‬وحتى يتسنى لنا مجابية ىذه الظاىرة أبرزنا تجميات العنؼ الرمزي‬
‫عف طريؽ بعض القنوات اإلتصالية بيف الفرد والرمزية كدليؿ مف أجؿ اإلحتياط وحماية األبناء وأفراد المجتمع مف‬
‫إنتشار ىذه الظاىرة وتفاقميا وبالتالي يصعب التحكـ فييا‪.‬‬
‫‪1.1‬أهداف الدراسة‪6‬‬
‫‪-‬التعرؼ عمى العنؼ الرمزي وكيؼ يؤثر في التنشئة اإلجتماعية لؤلفراد‪.‬‬
‫‪-‬معرفة أسايب العنؼ الرمزي في التأثير عمى شخصية الفرد‪.‬‬
‫‪-‬معرفة أليات اعادة إنتاج العنؼ الرمزي‪.‬‬
‫‪-‬توضيح نماذج مف صور العنؼ الرمزي في أفبلـ الكرتوف وكيؼ تساىـ في تشكيؿ شخصة الفرد‪.‬‬
‫‪1.1‬منهج الدراسة ‪ :‬في دراستنا ىذه اعتمدنا عمى المنيج الوصفي‪ ،‬الذي مف خبللو قمنا بتقسيـ البحث حسب‬
‫متطمبات المنيج‪ ،‬وصياغة المحتوى النظري وتركيبو وتحميمو مف أجؿ اإللماـ بأساسيات البحث والخروج بفكرة عامة‬
‫تعتبر كنتيجة لمبحث‪.‬‬
‫‪1.1‬تحديد المفاهيم اإلجرائية لمدراسة‪6‬‬
‫‪1.1.1‬العنف الرمزي‪6‬ىو العنؼ الذي يروج أو يمارس أو ينشر عف طريؽ الصور والرموز واإلشارت مف أجؿ‬
‫السيطرة إذالؿ واستغبلؿ األخريف و التي تتنافى وثقافة المجتمع وخصوياتو القيمية‬
‫‪1.1.1‬التنشئة اإلجتماعية‪ 6‬ىي تربية الفرد وفؽ منظومة قيـ مجتمعو وخصوصيتو الثقافية والدينية والعقدية‬
‫والعرفية والبيئية‪ ،‬وىي عممية مستمرة مدى الحياة‪.‬‬
‫‪1.1.1‬إعادة اإلنتاج اإلجتماعي‪ 6‬ىي جممة الممارسات والرؤى واألفكار والرموز التي يتـ مف خبلليا إنتاج واعادة‬
‫انتاج الجماعات‪.‬‬
‫‪1.1.1‬التطبيع اإلجتماعي‪ 6‬ىي العممية التي يتـ مف خبلليا إعتبار األفكار والسموكيات والممارسات واألفعاؿ التي‬
‫تقع خارج األعراؼ والقيـ اإلجتماعية عمى أنيا طبيعية‪.‬‬
‫الدكتور‪ 6‬فتح اهلل مسعد – الدكتورة‪ 6‬زرزورة عبيد‬

‫‪1.1.1‬العولمة الثقافية‪ :‬ىي محاولة لنشر وتوحيد أنماط السموؾ والعادات والتقاليد واألفكار والعقائد مف قبؿ قوى‬
‫ما بواسطة وسائؿ إعبلمية ومؤسسات إقتصادية وبنى سياسية وتيارات فكرية‪ ،‬في محاولة لمييمنة والسيطرة عمى‬
‫مجتمعات تمتمؾ قيـ ثقافية مختمفة‪.‬‬
‫‪ .1‬العنف الرمزي‪6‬‬
‫‪1.1‬التعريف المغوي لمعنف‪ 6‬معنى عنؼ في لساف العرب العنؼ‪ :‬العنؼ‪ ،‬الحرؽ باألمر وقمة الرفؽ بو وىو ضد‬
‫الرفؽ‪ ،‬عنؼ بو وعميو يعنؼ عنفا وعنافة‪ ،‬ونقوؿ أعنفو وعنفو تعنيفا وىو عنيؼ بمعنى لـ يكف رفيقا في أمره‬
‫واعتنؼ األمر بعنؼ (ابف منظور محمد بف مكرـ‪ ،1993 ،‬صفحة ‪.)231‬‬
‫أما بالنسبة لمقاموس الفرنسي المعاصر‪ ROBERT‬لسنة ‪ :1978‬يعرؼ العنؼ عمى أنو التأثير عمى الفرد‬
‫وارغامو عمى العمؿ رغـ أنفو‪( ،‬دوف إرادتو) باستعماؿ القوة أو التيديد )‪.(RobertM,P, 1978, p. 2009‬‬
‫‪1.1‬تعريف العنف إصطالحا‪ 6‬جاءت تعاريؼ العنؼ مختمفة وذلؾ يرجع إلى وجيات النظر لمعديد مف النظريات‬
‫العممية واالتجاىات الفكرية عمى أف العنؼ ىو‪:‬‬
‫في قاموس العموـ اإلنسانية‪ :‬تطرؽ لمعنؼ عمى أنو فعؿ خشف (فظ) ييدؼ إلى الضغط وارغاـ اآلخريف‬
‫واجبارىـ عمى االمتثاؿ دوف إرادتيـ (خميؿ أحمد خميؿ‪ ،‬دوف سنة‪ ،‬صفحة ‪.)84‬‬
‫أما مف وجية نظر التحميؿ النفسي‪ :‬فػ" فرويػد" لـ يضع تعريفا محددا ليذا النوع مف السموؾ‪ ،‬ولكف مف خبلؿ‬
‫القراءة المتمعنة لكتاباتو وبالخصوص حوؿ الطبيعة البشرية‪ ،‬يمكننا أف نستخمص التعريؼ الداؿ عميو‪" ،‬بأف العنؼ‬
‫ىو نمط مف السموؾ المعبر عف غريزة الموت‪ ،‬فقد وجد أنيا تتخذ سبيميف اثنيف لتحقيؽ أىدافيا‪ :‬فأما األوؿ فيكوف‬
‫اتجاىيا إلى الداخؿ بقصد تدمير الذات‪ ،‬وأما الثاني فيكوف اتجاىيا إلى الخارج مف أجؿ تدمير األشياء والعالـ‬
‫الخارجي بما في ذلؾ األفراد‪.‬‬
‫وبيذا يتضح أف العنؼ أو العدواف حسب ما أشار إليو "فرويػد"‪ :‬ىو تعبير عف غريزة الموت التي تيدؼ فيما‬
‫تيدؼ إشاعة التدمير والخراب (نبيمة يسمي‪ ،2009-2008 ،‬الصفحات ‪.)50-49‬‬
‫‪1.1‬المعنـى السوسيولوجـي‪ :‬أما النظرة االجتماعية لظاىرة العنؼ كظاىرة إجتماعية تتميز بتعبير صارـ عف القوة‬
‫التي تمارس إلجبار الفرد أو الجماعة عمى القياـ بعمؿ مف األعماؿ المعدة يريدىا الفرد أو جماعة أخرى‪ ،‬حيث‬
‫يعبر العنؼ عف القوة الظاىرة التي تتخذ أسموبا فيزيقيا كالضرب أو تأخذ شكؿ الضغط االجتماعي وتعتمد‬
‫مشروعيتو عمى اعتراؼ المجتمع (مجمة الفكر العربي المعاصر‪ ،1983 ،‬صفحة ‪.)19‬‬
‫العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية‪-‬عالقة تأثير واعادة انتاج‬

‫كما يميؿ ىذا المنحنى التفاعمي في النظر إلى العنؼ والعدوانية بوصفو سموكا جماعيا تمارسو إحدى‬
‫الجماعات التي تدافع عف قيـ خفية تتعارض مع قيـ المجتمع أو تتعارض مع القيـ التي يرعاىا ممثمو السمطة‪.‬‬
‫ويأتي تعريؼ العنؼ في موسوعة "الجريمة والعدالة"‪ :‬كتعريؼ عاـ يشير إلى كؿ أشكاؿ السموؾ سواء كانت‬
‫واقعية أو مرتبطة بالتيديد الذي يترتب عميو تحطيـ وتدمير الممكية أو إلحاؽ األذى أو الموت بفرد أو النية بفعؿ‬
‫ذلؾ (ايياب عيسى المصري‪ ،2014 ،‬الصفحات ‪.)11-10‬‬
‫باإلضافة إلى تعريفات الباحثيف مثؿ‪:‬‬
‫تعريؼ "بص" ‪ :Buss1961‬العنؼ ىو سموؾ يصدره الفرد لفظيا أو بدنيا أو ماديا أو ضمنيا مباش ار أو‬
‫غير مباشر‪ ،‬يترتب عنو أداء بدني أو مادي أو معنوي لمشخص نفسو أو لآلخريف (عبد الرحيـ أحمد رشيد‪ ،‬دوف‬
‫سنة‪ ،‬صفحة ‪.)92‬‬
‫وعرفو "نايبػرغ""‪ "Nieburg.L.H‬بأنو‪" :‬فعؿ مباشر أو غير مباشر موجو تحديدا إلصابة‬
‫أو تدمي األشخاص أو الممتمكات" (نبيمة يسمي‪ ،2009-2008 ،‬صفحة ‪.)50‬‬
‫كما عرؼ عمى أنو سموؾ أو فعؿ يتسـ بالعدوانية‪ ،‬يصدر عف طرؼ قد يكوف فردا أو جماعة‪ ،‬أو‬
‫طبقةاجتماعية أو دولة بيدؼ استغبلؿ واخضاع طرؼ آخر في إطار عبلقة قوة غير متكافئة اقتصاديا واجتماعيا‬
‫وسياسيا‪ ،‬مما يسبب في إحداث أضرار مادية أو معنوية أو نفسية لفرد أو لجماعة‪ ،‬أو طبقة اجتماعية أو دولة‬
‫أخرى" (ليمى عبد الوىاب‪ ،1994 ،‬صفحة ‪.)14‬‬
‫لذا فالعنؼ كظاىرة فردية أو مجتمعية‪ ،‬ال يمكف ليا أف تكوف إال كتعبير عف خمؿ ما في سياؽ محدثيا‪ ،‬إما‬
‫عمى المستوى النفسي أو االقتصادي أو االجتماعي أو السياسي دفعو ىذا السياؽ الذي يعانيو نحو استخداـ العنؼ‪،‬‬
‫متوىما أف ىذ ا الخيار سيوفر لو كؿ متطمباتو أو يحقؽ لو كؿ أىدافو‪،‬وفي الحقيقة أف استخداـ العنؼ والقوة في‬
‫العبلقات االجتماعية وتحت أي مبرر كاف يعد انتياكا صريحا لمنواميس اإلجتماعية التي حددت نمط التعامؿ في‬
‫العبلقات االجتماعية‪ ،‬فالعنؼ ىو الشكؿ األشد لمعدواف باعتباره استجابة صريحة مدمرة ومنتيكة لمقانوف‪.‬‬
‫‪1.1‬العنف الرمزي‪ 6‬وي ػراد بػػالعنؼ الرمػػزي اسػػتخداـ الػػدالالت والرمػػوز والمعػػاني لمسػػيطرة عمػػى اآلخر وفػػرض‬
‫الييمنػػة عميػػو‪ ،‬ويأخػػذ ىػػذا النػػوع مف العنؼ صورة رمزية خفية ممتبسة تمكػف ممارسػيا مػف الوصػوؿ إلى غايتػو‬
‫وتحقيػؽ مػا يصػبو إليػو مػف سػيطرة وىيمنػة دوف المجػوء إلى القوة الواضحة والمعمنة‪ ،‬ويتغمغؿ ىػذا النػوع مػف العنػؼ‬
‫في مختمػؼ تجميػات الحيػاة السياسػية واإلجتماعيػة والفكريػة منػذ أقػدـ العصػور‪.‬‬
‫الدكتور‪ 6‬فتح اهلل مسعد – الدكتورة‪ 6‬زرزورة عبيد‬

‫ويعرؼ " بيير بورديو" و"جاف كمود باسػروف" العنػؼ الرمػزي في كتػابيما "إعػادة اإلنتػاج" إف كػؿ سػمطة عنػؼ‬
‫رمػزي‪ ،‬أي كػؿ سمطة تطاؿ فرض دالالت‪ ،‬وتطاؿ فرضيا عمى أنيا شرعية وقادرة عمى أف تواري عبلقات القوة‬
‫التي ىي مقاـ األساس لقوتيا‪.‬‬
‫وفي مق ػػاـ آخ ػػر يعرف ػػو "ب بو ردي ػػو" بأن ػػو‪" :‬أي نفوذ يفم ػػح في ف ػػرض دالالت معين ػػة‪ ،‬وفي فرض ػػيا‬
‫بوص ػػفيا دالالت ش ػػرعية‪ ،‬حاجب ػػا عبلقات القوة التي تؤصؿ قوتو" (بورديو بيار‪ ،2007 ،‬صفحة ‪.)102‬‬
‫أي ىو عنؼ تسمطي كما يسميو عمماء النفس‪ ،‬وىو يتمتع بيا صاحب ىذا النوع مف العنؼ الذي يصدر‬
‫منو مثؿ ىذا العنؼ‪ ،‬والمتمثؿ في استخداـ بعض الطرؽ الرمزية والتعبيرية تحدث آثار نفسية‪ ،‬عقمية‪ ،‬واجتماعية‬
‫عمى الشخص الموجو لو العداء‪ ،‬أو العنؼ‪ ،‬أو ازدراء‪ ،‬وتحقيره‪ ،‬أو أي إشارة غير لفظية‪ ،‬وانما تدؿ عمى الرمزية‬
‫وتعني إثارة الشخص الموجو لو النظر أو اإلشارة أو الرمز (عمي بف نوح‪ ،2009 ،‬صفحة ‪.)24‬‬
‫‪1.1‬الفرق بين العنف المادي والعنف الرمزي‪ 6‬ومف أجؿ تقديـ تصور بسيط لمعنؼ الرمزي وتحديد سماتو‬
‫ودالالتػو‪ ،‬يمكػف مقارنتػو بػالعنؼ الفيزيػائي أو المػادي مػف حيػث اآلثػار الػػتي يتركيػا كػػؿ منيمػػا‪ ،‬وفي ىػذا االتجػػاه‬
‫يميػػز "عبػد اإللػػو بمقزيػػز" بػيف العنػػؼ المػػادي والعنػؼ الرمػػزي حيػػث يقػوؿ‪ ":‬ثمػػة حاجػػة التمييػػز بػػيف نػػوعيف مػػف‬
‫العنػػؼ ىمػػا العنػؼ المػػادي والعنػػؼ الرمػػزي‪ ،‬العنػػؼ المػػادي يمحػػؽ الضػػرر بالموضػػوع الػػذي يمػػارس عميػػو العنػػؼ‬
‫فيزيائيا في البدف‪ ،‬أو في الحقوؽ أو في المصالح أو في األمف‪...‬الخ‪ ،‬أمػا العنػؼ الرمػزي فيمحػؽ ذلػؾ الضػرر‬
‫بالموضػوع سػيكولوجيا‪ :‬في الشعور الذاتي بالطمأنينة والكرامة واالعتبار والتوازف" (صفاء شاكو‪،2016-2015 ،‬‬
‫الصفحات ‪.)09-08‬‬
‫بحيث يتمثؿ مف خبلؿ التحقير باآلخريف واالستيزاء والسخرية بيـ‪ ،‬والحرماف المادي والعاطفي والنفسي‬
‫واالجتماعي‪ ،‬والنبذ واإلىماؿ والتفرقة والتميز‪ ،‬وايقاع الظمـ وعدـ المساواة‪.‬‬
‫‪2.1‬النظريات المفسرة لمعنف الرمزي‪6‬‬
‫‪1.2.1‬نظرية "بورديو ‪ " Bourdieu‬لمعنف الرمزي‪ 6‬توصؿ "بورديو ‪ "Bourdieu‬نتيجة األبحاث التي قاـ بيا في‬
‫ستينات وسبعينات القرف العشريف إلى أف العنؼ يمكف أف يظير عمى أنواع وأبعاد متعددة مف السموؾ‪ ،‬إذ ال يتحدد‬
‫العنؼ عمى الوجود المادي والجسمي فحسب بؿ ىناؾ نوع غير مباشر مف العنؼ ويظير بشكؿ صريح في‬
‫العبلقات االجتماعية بيف األفراد‪ ،‬وخاصة لدى الذيف يحتموف وظائؼ اجتماعية ومينية عميا‪ ،‬وأطمؽ "بورديو" عمى‬
‫ىذا (العنؼ بالرمزي)‪ ،‬والذي يعني توجيو األفراد ممف يتولوف وظائؼ اجتماعية ومينية وسياسية بعض الخطابات‬
‫العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية‪-‬عالقة تأثير واعادة انتاج‬

‫واإلشارات والرموز المغوية واألفكار والصور المبطنة نحو مف ىـ أقؿ مكانة ووظيفة‪( .‬عمي حسيف عايد‪،2016 ،‬‬
‫صفحة ‪)344‬‬
‫أي بشػػكؿ غيػػر مباشػػر عبػػر عبلقػػات األف ػراد‪ ،‬ويتوقػػؼ تػػأثيره عمػػى الػػدالالت والتصػػورات الرمزيػػة التػػي‬
‫توجػػو عبػػر خطابػػات األف ػراد لآلخ ػريف‪ ،‬مػػف أجػػؿ إخضػػاعيـ والػػتحكـ فػػي سػػموكياتيـ بدرجػػة كبي ػرة‪ ،‬لػػذا فػػإف ىػػذا‬
‫العنػػؼ ال يمحؽ األذى البػػدني بػػاألفراد‪ ،‬وانما يصػػيبيـ بالض ػػرر النفس ػػي‪ ،‬ويمك ػػف قياس ػػو م ػػف خ ػػبلؿ إدراؾ األف ػػراد‬
‫لم ػػا يواجيون ػػو م ػػف ممارس ػػات عنيف ػػة‪ ،‬كالحرم ػػاف والتعنيػػؼ فػػي حيػػاتيـ االجتماعيػػة‪ ،‬ويمارسػػو الغيػػر عبػػر عػػدة‬
‫أسػػاليب‪ ،‬ىػػي تبخػػيس قيمػػة األف ػراد والتعػػالي عمػػييـ‪ ،‬ومقػػدراتيـ‪ ،‬واسػػتبلب حقػػوقيـ‪ ،‬وحرمػػانيـ مػػف التعبيػػر عػػف‬
‫أنفسػػيـ (أحمد عادؿ وعبد الفتاح محمد‪ ،2018 ،‬صفحة ‪.)05‬‬
‫‪1.2.1‬نظرية التفكك األخالقي ‪ :‬تشير ىذه النظرية أف العنؼ الرمزي يظير في المؤسسات التعميمية واالجتماعية‬
‫التي توجد في مجتمعات تعاني مف التفكؾ واإلنييار في النظاـ األخبلقي السائد‪ ،‬إذ ترى إنو عندما تغيب العبلقات‬
‫اإلنسانية اإليجابية بيف األفراد وتنعدـ مظاىر إحتراـ حقوؽ اإلنساف‪ ،‬وىيمنة بعض الفئات اإلجتماعية والطبقية في‬
‫المجتمع‪ ،‬فإف ذلؾ يؤدي إلى تآكؿ قيـ المجتمع وانييار أواصره وروابطو األخبلقية التي تؤكد عمى الحب والتسامح‬
‫والعيش المشترؾ‪ ،‬مما يسمح ذلؾ بظيور العنؼ الرمزي بوصفو عنفا مشروعا بيف األفراد في المجتمع‪ ،‬والتي يتـ‬
‫التعبير عنو في ضوء التنافس السمبي‪ ،‬ومحاولة ىيمنة بعض األفراد أو أصحاب النفوذ عمى مف ىـ أقؿ مكانة‬
‫وشيوع ماىر لمعداء والتسمط االجتماعي واالستغبلؿ اإلنساني‪ ،‬ال فإف العنؼ الرمزي دائما ما يظير بعد ضعؼ‬
‫اإلندماج اإلجتماعي‪.‬‬
‫‪ Jim Sidanius & Felicia Pratto‬نظرية تيتـ بدراسة‬ ‫‪1.2.1‬نظرية الهيمنة االجتماعية‪ :‬قدـ كؿ مف‬
‫العنؼ الرمزي لدى األفراد في الجماعات(إجتماعية‪ ،‬مينية‪ ،‬تعميمية‪....‬الخ) ذات المراكز العالية‪ ،‬إذ يمجأ ىؤالء‬
‫األفراد نحو استعماؿ العنؼ الرمزي كوسيمة لتحقيؽ أىدافيـ ومصالحيـ مف خبلؿ بسط سيطرتيـ ونفوذىـ عمى‬
‫جماعات األخرى ‪ ،‬لذا يحافظ العنؼ الرمزي عمى سيادة الجماعات المتفوقة‪ ،‬واإلحتفاظ بمركزىـ اإلجتماعي‪،‬‬
‫والمحافظة عمى قوتيـ وقيمتيـ اإلجتماعية بمراتب عالية‪ ،‬وبذلؾ يحقؽ العنؼ ثبلث وظائؼ أساسية وىي‪:‬‬
‫‪-‬وسيمة تحمي األفراد مف تنافس الجماعات األخرى‪.‬‬
‫‪-‬تحافظ عمى سمطة أفراد الجماعة ومركزىـ االجتماعي‪.‬‬
‫‪-‬يشبع حاجات الجماعة المتفوقة مف خبلؿ الييمنة عمى الجماعة المنافسة‪.‬‬
‫الدكتور‪ 6‬فتح اهلل مسعد – الدكتورة‪ 6‬زرزورة عبيد‬

‫وبذلؾ يدعـ العنؼ الرمزي الجماعة المتفوقة ويحافظ عمى ىيبتيا ويسيؿ مف بسط نفوذىا وسمطانيا عمى األفػراد فػي‬
‫الجماعات األخرى (عمي حسيف عايد‪ ،2016 ،‬الصفحات ‪.)346-344‬‬
‫‪3.1‬مظاهر العنف الرمزي‪6‬‬
‫‪-‬التبخيس‪ :‬سموؾ يتسـ بالتعالي والتمييز‪ ،‬وتقميؿ قيمة وشأف األفراد اآلخريف أو ممف ىـ إقؿ مكانة‪ ،‬ويتمثؿ‬
‫ىذا السموؾ باإلزدراء والتصغير واإلبعاد اإلجتماعي والميني‪.‬‬
‫‪-‬اإلنكار القيمي‪ :‬يتمثؿ بإنكار قدرات وميارات األفراد‪ ،‬وذلؾ مف أجؿ السيطرة عمييـ وتحديد قدراتيـ وكبت‬
‫طاقاتيـ ومواىبيـ التي يتمتعوف بيا‪.‬‬
‫‪-‬اإلستبلب النفسي‪ :‬يتمثؿ في استبلب حقوؽ األفراد وما يتمتعوف بو مف إمتيازات إجتماعية ومينية مشروعة‪،‬‬
‫فضبل عف حرمانيـ مف فرصة التعبير عف أفكارىـ وأرائيـ واتجاىاتيـ الخاصة‪.‬‬
‫‪ -‬التعبير العدائي المعمف‪ :‬يتمثؿ في استخداـ الرموز واإلشارات المفظية والتعبيرات الجسمية التي تدؿ عمى قوة‬
‫المعتدي ورفضو‪ ،‬وفرض ىيمنتو الوظيفية واإلجتماعية عمى اآلخريف‪.‬‬
‫يؤكد "بورديو" أف العنؼ الرمزي ال يقوـ عمى أية معايير أخبلقية أو فكرية ألنو ييدؼ إلى إىانة كرامة الفرد‬
‫واشعاره بالدونية وحرمانو مف حقوقو اإلنسانية وتجاىؿ حاجاتو النفسية واالجتماعي (عمي حسيف عايد‪،2016 ،‬‬
‫صفحة ‪.)346‬‬
‫‪4.1‬خصائص العنف الرمزي‪6‬‬
‫يشترؾ العنؼ الرمزي مع سائر أنواع العنؼ في اليدؼ متمثبل في الحاؽ اإلذى والضرر باآلخريف‪ ،‬ويختمؼ‬
‫عنيا مف حيث أداؤه ألنو خفي وغير واضح تماما‪ ،‬ومف بيف خصائصو‪:‬‬
‫‪-‬العنؼ الرمزي ذو قوة‪ ،‬ولو تأثير كبير إستنادا إلى طريقتو والى جممة الرموز والمعاني التي يحمميا‪.‬‬
‫‪-‬العنؼ الرمزي يتخذ عدة أشكاؿ وعدة خصائص وأىميا الترميز‪.‬‬
‫‪-‬العنؼ الرمزي ييدؼ إلى فرض السمطة والنفوذ بطريقة تعسفية واستبدادية‪.‬‬
‫ويختمؼ العنؼ الرمزي عف باقي إنواع العنؼ الموروثة والمتوارثة بحكـ ميزتو اإلجتماعية‪ ،‬فيو ينشأ بسبب أحداث‬
‫إجتماعية‪ ،‬ويحدث في المجتمع ذاتو‪ ،‬ويمارس عميو مف طرؼ مجموعة مف اإلشخاص تجاه بقية المجتمع (عائشة‬
‫الصمح‪ ،2016 ،‬الصفحات ‪.)10-09‬‬
‫العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية‪-‬عالقة تأثير واعادة انتاج‬

‫‪5.1‬أخطار العنف الرمزي‪6‬‬


‫تكمف خطورة ىػػذا العنػػؼ فػػي أنػػو يسػػتيدؼ بالدرجػػة األولػػى مفيػػوـ الػػذات التػػي تمجػػو بوصػػفو أحػػد العوام ػػؿ‬
‫الرئيسػػة الموجي ػػة لس ػػموكيات األفػ ػراد‪ ،‬في ػػي بمثاب ػػة الص ػػورة المركب ػػة م ػػف تفكي ػػر الف ػػرد نح ػػو نفس ػػو وخصائصو‪،‬‬
‫وتتمثؿ أبعادىا في (الػذات الجسػمية وىػي صػورة الفػرد عػف جسػمو‪ ،‬والػذات اإلجتماعيػة التػي ي ارىػا اآلخػروف ‪،‬‬
‫والػذات األخبلقيػة وتعنػي إدراؾ الفػرد لمقػيـ والمثؿ‪ ،‬والػذات الشخصػية وىػي إحسػاس الشػخص بقيمتػو الذاتيػة ػ ػ والػذات‬
‫األسػرية وىػي قيمػة الفػرد بوصػفو عضػوا فػي أسػرة)‪.‬‬
‫ومػػا زاد مػػف خطورتػػو أيضػػا أف األف ػراد يعدونػػو فعػػبل عاديػػا‪ ،‬بوصػػفو عنفػػا ىادئػػا خفيػػا يسػتيدؼ شػعورىـ‬
‫بػاألمف النفسػي‪ ،‬فيػو أبػرز احتياجػاتيـ التػي يجػب أف تشبع‪ ،‬وتتمثػؿ أبعػاده فػي (شػعور الف ػػرد بالقناع ػػة والرض ػػا ع ػػف‬
‫حيات ػػو ومس ػػتقبمو ‪ -‬الش ػػعور بالطمأنين ػػة وال ارح ػػة النفس ػػية والتح ػػرر م ػػف مش ػػاعر الخػوؼ ػ ػ ػ اإلسػتقرار اإلجتمػاعي‬
‫واالنتمػاء لممجتمػع ػ ػ ػ وكػذا شػعور الفػرد بأنػو موضػع حػب وتقػدير مػف اآلخريف (أحمد عادؿ وعبد الفتاح محمد‪،‬‬
‫‪ ،2018‬صفحة ‪.)05‬‬
‫‪ 1‬التنشئة االجتماعية‪6‬‬
‫يعد "دوركايـ" ‪ DURKHEIM‬أوؿ مف استخداـ مفيوـ التنشئة اإلجتماعية بمعناه التربوي‪ ،‬وأوؿ مف عمؿ‬
‫عمى صوغ المبلمح العممية لنظرية التنشئة االجتماعية‪ ،‬يقوؿ "دوركايـ" بصدد تعريفو لغاية التربية أف اإلنساف الذي‬
‫تريد التربية أف تحققو فينا ليس ىو اإلنساف عمى غرار ما أودعتو الطبيعة‪ ،‬بؿ اإلنساف عمى غرار ما يريده‬
‫المجتمع‪ ،‬فالتربية ىي التأثير الذي تمارسو األجياؿ الراشدة في األجياؿ التي لـ ترشد بعد‪ ،‬وتكمف وظيفتيا في إزاحة‬
‫الجانب البيولوجي مف نفسيو الطفؿ لصالح نماذج مف السموؾ االجتماعي المنظـ فالتنشئة ىي العممية التي يتـ فييا‬
‫ومف خبلليا دمج ثقافة المجتمع في الفرد ودمج الفرد في ثقافة المجتمع‪ ،‬وىي وفقا ليذا المعنى العممية التي تربط‬
‫بيف الفرد وبيف ثقافة المجتمع‪ ،‬وىي مف جية إزاحة الجانب البيولوجي في اإلنساف لصالح الجانب اإلجتماعي‪ ،‬أو‬
‫اإلنتقاؿ باإلنساف مف حالتو البيولوجية إلى حالتو اإلجتماعية‪ ،‬ويعرؼ "غي روشيو"‪ ROCHER GUY‬التنشئة‬
‫االجتماعية‪ :‬بأ نيا منظومة األولويات التي تمكف الفرد عمى مدى حياتو مف تعمـ واستبطاف القيـ اإلجتماعية الثقافية‬
‫السائدة في وسطو اإلجتماعي (زيف الديف مصمودي‪ ،2007،‬الصفحة‪.)136‬‬
‫‪1.1‬مفهوم التنشئة االجتماعية‪ 6‬لـ يختمؼ مفيوـ التنشئة اإلجتماعية بشكؿ عاـ عف الكثير مف وجيات النظر‬
‫والنظريات مختمفة التخصصات العممية‪ ،‬بحيث أجمعت المفاىيـ حوؿ التنشئة اإلجتماعية ما ىي إال أنيا تعد‬
‫الدكتور‪ 6‬فتح اهلل مسعد – الدكتورة‪ 6‬زرزورة عبيد‬

‫الطريقة أو األسموب الذي يتبناه أي مجتمع في بناء الفرد وتربيتو عمى مختمؼ القيـ السائدة في ذلؾ المجتمع"‪ .‬كما‬
‫جاءت تمؾ التعاريؼ عمى النحو التالي‪:‬‬
‫يرى الباحث فارس بف الشيخ‪ :‬أنيا عممية تحويؿ الفرد مف كائف بيولوجي إلى فرد إجتماعي عف طريؽ‬
‫التفاعؿ اإلجتماعي ليكتسب بذلؾ سموكات ومعايير وقيـ واتجاىات تدخؿ في بناء شخصيتو لتسيؿ لو اإلندماج في‬
‫الحياة االجتماعية‪ ،‬وىي بذلؾ مستمرة تبدأ بالطفولة فالمراىقة فالرشد وتنتيي بالشيخوخة وتشتمؿ عمى كافة أساليب‬
‫التنشئة االجتماعية التي تمعب دو ار ميما في بناء شخصية الفرد أو اختبلليا مف جميع الجوانب النفسية‬
‫واإلجتماعية(زيف الديف مصمودي‪ ،2007،‬الصفحة‪.)136‬‬
‫تعريؼ حامد زىراف‪ :‬عمى أنيا عممية تعمـ وتعميـ وتربية تقوـ عمى التفاعؿ اإلجتماعي وتيدؼ إلى إكتساب‬
‫الفرد (طفبل‪ ،‬فمراىقا‪ ،‬فراشدا ‪ ،‬فشيخا) سموكا ومعايير واتجاىات مناسبة ألدوار إجتماعية معينة تمكنو مف مسايرة‬
‫جماعتو والتوافؽ اإلجتماعي معيا وتكسبو الطابع اإلجتماعي وتيسر لو اإلندماج في الحياة اإلجتماعية وبمعنى آخر‬
‫عممية التشكيؿ اإلجتماعي لخاصة الشخصية‪....‬الخ‪.‬‬
‫وتعرفيا "مارجريت ميد"‪" :‬العممية الثقافية والطريقة التي يتحوؿ بيا كؿ طفؿ حديث الوالدة إلى عضو كامؿ‬
‫في مجتمع بشري معيف‪.‬‬
‫فيتبيف مما سبؽ ذكره بأف التنشئة االجتماعية ىي مجموعة العمميات التربوية التي يتمقاىا الفرد مف والدتو‬
‫عبر مختمؼ مراحؿ حياتو حتى يندمج ضمف جماعة أو نسؽ اجتماعي معيف‪ ،‬كما يتمقى التربية مف مجموعة مف‬
‫المؤسسات‪ :‬كاألسرة ودور الحضانة والمدرسة والمسجد‪ ،‬ومجموعة أخرى مف الفضاءات كالممعب والشارع‪( .‬طيب‬
‫حمداوي‪ ،2016-2015،‬الصفحات ‪)17-16‬‬
‫أما التوافؽ اإل جتماعي فيقصد بو تبلؤـ الفرد وسموكو لظروؼ المجتمع ومتطمباتو‪ ،‬بذلؾ يصبح التكيؼ‬
‫اإلجتماعي ‪ Social adjustment‬حالة تبلؤـ لممجتمع الذي يعيش فيو أو البيئة اإلجتماعية والوفاء وشروطو‬
‫ومتطمباتو‪.‬‬
‫‪1.1‬أهم مؤسسات التنشئة االجتماعية‪6‬‬
‫‪1.1.1‬األسرة‪ 6‬وتعد األسرة مف أقدـ البنيات اإلجتماعية التي عرفتيا المجتمعات اإلنسانية‪ ،‬وىي أصؿ لكؿ‬
‫المجتمعات الغابرة والحديثة‪ ،‬تضطمع بأىـ وظيفة ليا وىي عممية التنشئة اإلجتماعية‪ ،‬ولذلؾ ينطوي تعريفيا عمى‬
‫أىمية بالغة في حقوؿ المعرفة اإلجتماعية المختمفة‪ ،‬وقد أورد العمماء مجموعة مف التعريفات ليذه المؤسسة نوردىا‬
‫فيما يمي‪:‬‬
‫العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية‪-‬عالقة تأثير واعادة انتاج‬

‫يعرفيا "بؿ وفوجؿ"‪" :‬بأنيا الوحدة البنائية المكونة مف رجؿ وامرأة يرتبطاف مع أطفاليما بطريقة منظمة‬
‫إجتماعيا سواء كاف ىؤالء األطفاؿ مف صمبيما أو بطريقة التبني‪ ،‬ويعرفيا كذلؾ "لندبرج"‪ :‬بأنيا النظاـ اإلنساني‬
‫األوؿ ومف أىـ وظائفيا إنجاب األطفاؿ والمحافظة عمى النوع اإلنساني‪( .‬عبد العاطي السيد واخروف‪،2002،‬‬
‫الصفحة‪)35‬‬
‫ومف الناحية السوسيولوجية فاألسرة ىي معيشة رجؿ وامرأة أو أكثر ىما معا‪ ،‬عمى أساس الدخوؿ في‬
‫عبلقات جنسية يقرىما المجتمع‪ ،‬وما يترتب عمى ذلؾ مف حقوؽ وواجبات كرعاية األطفاؿ وتربيتيـ‪( .‬حسف محمد‬
‫حسف وأخروف‪ ،2002،‬الصفحة ‪)08‬‬
‫كما تعرؼ عمى أنيا البيئة اإلجتماعية األولى التي يبدأ فييا الطفؿ تكويف ذاتو والتعرؼ عمى نفسو عف‬
‫طريؽ عممية األخذ والعطاء والتعامؿ بينو وبيف أعضائيا‪ ،‬وفي ىذه البيئة يتمقى أوؿ إحساس بما يجب وما ال يجب‬
‫القياـ بو‪ ،‬واألعماؿ التي إذا قاـ بيا تمقى الذـ واإلستيزاء وبذلؾ تعده لئلشتراؾ في حياة الجماعة بصفة عامة‬
‫(حسيف عبد الحمد أحمد رشواف‪ ،2004،‬الصفحة‪.)21‬‬
‫‪1.1.1‬وظائف األسرة‪ 6‬تتعدد الوظائؼ الممقاة عمى عاتؽ األسرة كونيا ىي الخمية األولى التي تسير عمى تفعيؿ‬
‫كؿ عمميات التربية والتكويف النفسي والجسمي والعقمي واإلجتماعي لمفرد‪ ،‬ومف بيف تمؾ الوظائؼ نذكر اآلتي‪:‬‬
‫وظيفة تنظيـ السموؾ الجنسي واإلنجاب‪ :‬حيث أف الزواج يعتبر اتفاقا تعاقديا يعطي العبلقات الجنسية‬
‫واإلجتماعية التي تكوف األسرة طابعا رسميا وثابتا‪ ،‬فالمجتمع ال يسمح بالعبلقات الجنسية بغير زواج واف كاف ذلؾ‬
‫قد يسمح في بعض المجتمعات األخرى‪.‬‬
‫العناية باألطفاؿ ورعايتيـ‪ :‬فمف أىـ وظائؼ األسرة إنجاب األطفاؿ واإلشراؼ عمى رعايتيـ وتربيتيـ ولذلؾ‬
‫تكوف األسرة مسؤولية تامة في عممية التنشئة االجتماعية التي يتعمـ الطفؿ مف خبلليا خبرات الثقافية وقواعدىا مف‬
‫صورة تأىمو وتمكنو مف المشاركة مع غيرىـ مف أعضاء المجتمع‪.‬‬
‫التعاوف وتقسيـ العمؿ‪ :‬يكوف داخؿ األسرة بيف الرجؿ والمرأة في المسائؿ المتعمقة براحة األطفاؿ وطمأنينتيـ‬
‫النفسية وتربيتو وتوجييو‪.‬‬
‫اإلشباع‪ :‬تعتبر األسرة الجماعة األولية التي توفر لمطفؿ إكبر قدر مف الحناف والعطؼ‪ ،‬وذلؾ يتوفر ليـ مف‬
‫إشباع رغباتيـ المتعددة وحتى الكبار يجدوف مسرة في مداعبة األطفاؿ والمعب معيـ‪.‬‬
‫تييئة أسموب الحياة في المجتمع‪ :‬تعتبر األسرة مدرسة ألفرادىا فيي التي تقوـ بدور التنشئة اإلجتماعية كما‬
‫أنيا تعمؿ عمى نقؿ التراث اإلجتماعي مف جيؿ إلى جيؿ‪ ،‬وتعودىـ عمى التقاليد المرغوبة في المجتمع خاصة ما‬
‫الدكتور‪ 6‬فتح اهلل مسعد – الدكتورة‪ 6‬زرزورة عبيد‬

‫يتعمؽ بالسموؾ واآلداب العامة لموالديف ومف ثـ فيي النواة األولى لممجتمع وأساس تكوينو (حسف محمد حسف‬
‫وآخروف‪ ،2006 ،‬الصفحات ‪.)13-12‬‬
‫وبجانب األسرة توجد ىيئات اجتماعية أخرى تشترؾ في ىذه التنشئة وتعميؽ مضامينيا في نفسية الفرد‪ ،‬مثؿ‬
‫حمقات المعب والمدرسة والنوادي والجمعيات الثقافية والمجتمع العاـ بما يضيفو مف تجارب وما يضيفو أماـ الفرد مف‬
‫مواقؼ‪ ،‬فالتنشئة اإل جتماعية عممية دينامية مستمرة تبدأ منذ والدة الفرد وتستمر حتى وفاتو‪ ،‬وفي كؿ مرحمة يتعمـ‬
‫الفرد ويكتسب ما لـ يكف قد عرفو أو إدراؾ مراميو عمى نحو أفضؿ‪ ،‬ويضيؼ المجتمع بإطراد إلى رأس ماؿ الفرد‬
‫الثقافي مكاسب جديدة وتجارب مستمرة‪.‬‬
‫كما تعد األسرة ىيئة تتولى التنشئة االجتماعية فإف نجاحيا يرجع إلييا بقدر كبير‪ ،‬وتختمؼ األسرة في مبمغ‬
‫أدائيا ليذه الميمة فمنيا ما تنجح فييا نجاحا تاما ومنيا ما يعجز عمييا أداؤىا‪ ،‬ويرجع كثي ار مف حاالت اإلنحراؼ‬
‫المبكرة إلى فشؿ األسرة أو عدـ توفيقيا في أداء وظيفتيا التربوية األساسية‪ ،‬والتثقيؼ اإلجتماعي صورة مف صور‬
‫التنشئة االجتماعية‪.‬‬
‫إف عممية التنشئة االجتماعية تتـ وفقا لقنوات عديدة ومختمفة منيا التفاعؿ الذي يمثؿ العنصر أو الموجو‬
‫الرئيسي لسموؾ الفرد‪ ،‬فيذه العممية ىي بيولوجية دماغية في المقاـ األوؿ ومف ثـ فإنيا عممية نفسيو إجتماعية‬
‫يمكنيا أف تكوف إيجابية فتدفع بالفرد نحو "التمثؿ‪ ،"IDENTIFICATION‬أو تكوف سمبية فتدفع بالفرد نحو النفور‪،‬‬
‫ويقسـ "محمد أحمد النابمسي" أشكاؿ التفػاعؿ إلى‪:‬‬
‫( الصراع –المناقسة‪-‬المواءمة‪ -‬االندماج‪-‬المشاركة)‪ ،‬ووفقا ليذه األشكاؿ المختمفة لمتفاعؿ يكتسب الفرد أنماطا‬
‫سموكية متعددة حسب الطريقة التي تـ بيا ىذا التفاعؿ‪ ،‬فإف تـ ىذا األخير وفقا لطرائؽ سوية طبيعية استطاع الفرد‬
‫أف يحقؽ إشباعاتو بما ال يؤثر عمى اآلخريف‪ ،‬واذا تـ بطرائؽ غير سوية ينتج عنو سموكات مغايرة لمعايير الجماعة‬
‫ومتعارضة معيا في كثير مف األحياف‪ ،‬الشيء الذي قد يؤدي إلى التصادـ والصراع نظ ار لمتعارض المكثؼ لرغباتو‬
‫والفضاء اإلجتماعي والنفسي الذي يعيش فيو (زيف الديف مصمودي‪ ،2007 ،‬الصفحات ‪.)138-137‬‬
‫‪1.1‬وظائف التنشئة االجتماعية‪ 6‬تعد مف أىـ الوظائؼ األساسية لمتنشئة اإلجتماعية ىي نمو الفرد اجتماعيا بحيث‬
‫يتكيؼ مع المجتمع ويتشرب عاداتو وسموكياتو ويصبح عضوا منتميا إليو مواليا لو وتتحقؽ ىذه الوظيفة مف خبلؿ‬
‫النقاط التالية‪:‬‬
‫‪-‬إكساب الفرد ثقافة المجتمع‪ :‬مف وظائؼ التنشئة إكساب الفرد المغة‪ ،‬العادات‪ ،‬التقاليد‪ ،‬أنماط السموؾ السائد‪،‬‬
‫القيـ الخاصة بالمجتمع وبذلؾ تتحدد ىويتو اإلجتماعية ويتحوؿ إلى كائف إجتماعي حامبل لثقافة المجتمع قاد ار عمى‬
‫العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية‪-‬عالقة تأثير واعادة انتاج‬

‫نقميا بعد ذلؾ لؤلجياؿ األخرى كما نقمت إليو‪ ،‬ثـ يقوـ أفراد المجتمع بتطوير ىذه الثقافة واإلضافة إلييا أو الحذؼ‬
‫منيا لتساير التقدـ اإلنساني في كؿ عصر‪.‬‬
‫‪-‬إشباع حاجات الفرد‪ :‬فما تحويو الثقافة (عادات‪-‬سموكيات‪-‬أفكار‪ )...‬يجب أف يشبع حاجات الفرد وطموحو‬
‫ورغباتو حتى يكوف منسجما مع نفسو وأفراد مجتمعو‪ ،‬واذا لـ تمبى التنشئة حاجات الفرد المعرفية والوجدانية‬
‫والميارية في ظؿ الثقافة السائدة في المجتمع تظير ىناؾ فجوة بيف الفرد وبيف مجتمعو‪ ،‬حيث يميؿ بعض األفراد‬
‫إلى العزلة واإلغتراب واإلنطواء وحتى اليجرة‪.‬‬
‫‪-‬التكيؼ مع الوسط اإلجتماعي‪ :‬وىي عممية تكيؼ الفرد مع الوسط المحيط بو سواء أكانت األسرة أو مكاف العمؿ‬
‫أو جماعة الرفاؽ (الشمؿ‪-‬التقميعات‪.)...‬‬
‫‪-‬تحقيؽ عممية التطبيع اإلجتماعي‪ :‬ترتبط عممية التطبيع اإلجتماعي بالدور الوظيفي الذي يمعبو الفرد في‬
‫المجتمع أو بالوظيفة التي يشغميا‪ ،‬فكؿ وظيفة أو منصب يكوف ىناؾ قيـ وسموكيات وعادات أقرىا المجتمع تحكـ‬
‫ىذه الوظيفة وعمى كؿ مف يشغؿ ىذه الوظيفة أف يكتسبيا (المدرس‪،‬الطبيب‪،‬الممرضة‪،‬الجندي‪ ،)....-‬وبذلؾ فإف‬
‫التطبيع اإلجتماعي يرتبط بنمط السموؾ المرغوب والمتوقع مف أي فرد يشغؿ وظيفة معينة‪.‬‬
‫‪1.1‬تقسيم النمو عمى أساس اجتماعي‪6‬‬
‫يعتمد ىذا النوع مف التقسيـ عمى مدى تطور عبلقات الطفؿ مع البيئة اإلجتماعية التي يعيش فييا‪ ،‬وعمى‬
‫مدى اتساع الدائرة التي تدور فييا عبلقات الطفؿ اإلجتماعية وتعامبلتو مع اآلخريف‪ ،‬وعمى التطور النفسي‬
‫واإل جتماعي الذي يظير في نشاطو كالمعب مثبل باعتباره عينة مف سموؾ الطفؿ اإلجتماعي‪ ،‬فيقسـ المعب إلى‬
‫األنواع أو المراحؿ اآلتية‪:‬‬
‫‪-‬مرحمة المعب اإلنعزالي حيث يفضؿ المعب بمفرده دوف أف يشارؾ أحدا في ألعابو‪.‬‬
‫‪-‬مرحمة المعب اإلنفرادي‪ ،‬وفييا يمعب الطفؿ مع جماعة مف أقرانو‪ ،‬ولكنو يحتفظ بخصائصو الفردية‪.‬‬
‫‪-‬مرحمة المعب الجماعي‪ :‬وىنا يفضؿ المعب مع زمبلئو‪ ،‬ويحترـ روح الجماعة‪ ،‬ومف أمثاؿ ىذه األلعاب‬
‫الجماعية كرة القدـ أو السمة‪.‬‬
‫وواضح أف اإل عتماد عمى المعب في تقسيـ مراحؿ النمو ال يعتد بو ألف المعب ما ىو إال نوع واحد مف‬
‫األنشطة العديدة التي يمكف أف يقوـ بيا الطفؿ‪ ،‬والتقسيـ عمى أساسو يعتبر تقسيما قاص ار البد أف يؤخذ في اإلعتبار‬
‫نشاط الطفؿ الجسمي‪ ،‬والحركي والعقمي واإلجتماعي معا (عبد الرحماف العيسوي‪ ،1985 ،‬الصفحات ‪.)42-41‬‬
‫الدكتور‪ 6‬فتح اهلل مسعد – الدكتورة‪ 6‬زرزورة عبيد‬

‫‪1.1‬مراحل النمو االجتماعي‪ 6‬يذىب "ايركسوف ‪ "1956 Erikson‬إلى القوؿ بإف عممية التطبيع اإلجتماعي تمر‬
‫بثماني مراحؿ أو أطوار‪ ،‬وىو في ذلؾ متأثر بعمؽ باتجاىات "فرويد" في ىذه المراحؿ‪.‬‬
‫‪-‬تعمـ الثقة في مقابؿ عدـ الثقة ‪ :Mistrust-trust‬وتقابؿ ىذه المراحؿ مرحمة الرضاعة‪ ،‬وتشمؿ العاـ األوؿ‬
‫أو الثاني إذ تناولنا الطفؿ تناوال حسنا وتمت تغذيتو وحبو‪ ،‬فإنو ينمي في نفسو الشعور بالثقة وباألماف والشعور‬
‫األساسي بالتفاؤؿ‪ -‬واذا عومؿ معاممة سيئة –فانو يفقد الثقة واألماف وجدير بالذكر أف "فرويد" أطمؽ عمى ىذه‬
‫المرحمة إسـ "المرحمة الفمية"‪.‬‬
‫‪-‬تعمـ الذاتية أو اإلستقبللية في مقابؿ الشعور بالعار‪ :‬ويعتقد "ايركسوف" أف األزمة النفسية الثانية تحدث في‬
‫الطفولة المبكرة‪( ،‬مف ‪ 4-2‬سنوات) وتقابؿ المرحمة الشرجية عند "فرويد"‪ ،‬وىي المرحمة التي يحدث فييا أكثر‬
‫مظاىر التعميـ وضوحا وضبطا‪ ،‬وتعنى بيا التدريب عمى عادات اإلخراج‪ ،‬ويخرج الطفؿ الذي يمقى معاممة والدية‬
‫حسنة مف ىذه المرحمة متأكد مف أنو سعيدا مبتسما بتمكنو مف ضبط الجديد القوي‪ ،‬ويشعر بالفخر أكثر مف شعوره‬
‫بالعار‪.‬‬
‫‪-‬تعمـ المبادأة ‪ :Learning initative‬في مقابؿ الشعور بالذنب ويعتقد "ايركسوف" أف ىذه األزمة تحدث في‬
‫سف المعب أو سنوات ما قبؿ المدرسة‪ ،‬وتبدأ تقريبا مف سف الثبلث سنوات ونصؼ‪ ،‬وفي أثناءىا يتعمـ الطفؿ الذي‬
‫ينمو نموا صحيحا‪ ،‬أف يتخيؿ وأف يوسع مياراتو مف خبلؿ المعب النشط مف كؿ األنواع بما في ذلؾ المعب الخيالي‪،‬‬
‫كما يتعمـ التعاوف مع الغير‪ ،‬وأف يقود غيره بالمثؿ كما يتبع أو ينقاد لمغير‪ ،‬أما إذا أعاقو الشعور بالذنب‪ ،‬فإنو‬
‫يصبح ضائعا يقؼ دائما عمى ىامش الجماعات‪ ،‬ويستمر في اإلعتماد عمى الكبار بدوف حاجة فعمية إلى ذلؾ‬
‫ويعاؽ نموه في ميارات المعب ‪ Play sklls‬وفي الخياؿ‪.‬‬
‫‪-‬تعمـ اإلجتياد في مقابؿ الشعور بالنقص ‪ :Inferior‬وتحدث في سنوات المدرسة اإلبتدائية‪ ،‬وقد تمتد لتشمؿ‬
‫بعض سنوات المدرسة اإلعدادية‪ ،‬وىنا يتعمـ الطفؿ إتقاف الميارات األكثر رسمية "الزمة لمحياة"‪ ،‬كالتعامؿ مع‬
‫الجماعة تبعا لمقواعد‪ ،‬وقد يتطمب فريؽ لمعب وكذلؾ إتقاف الدراسات اإلجتماعية والقراءة والحساب‪ ،‬وىنا يشعر‬
‫الطفؿ أف عمؿ الواجبات المنزلية أصبح ضروريا‪ ،‬وأف التأديب الذاتي يزداد تدريجيا ليصبح الطفؿ الذي فقد الثقة‪،‬‬
‫شكاكا في المسقبؿ‪ ،‬والطفؿ الذي يشعر بالذنب مف المراحؿ السابقة يشعر اآلف باليزيمة والنقص‪.‬‬
‫‪-‬تعمـ اليوية ‪ Idnetity‬في مقابؿ إضطرابات اليوية‪ :‬وتحدث ىذه األزمة النفسية في نظرة في سف المراىقة‬
‫مف حوالي ‪ 20-13‬سنة‪ ،‬فقد أصبح الطفؿ اآلف مراىقا‪ ،‬يستطيع أف يجيب إجابة مرضية سعيدة لمتساؤؿ مف أكوف‬
‫أنا؟‪.‬‬
‫العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية‪-‬عالقة تأثير واعادة انتاج‬

‫‪-‬تعمـ الصداقة الحميمة ‪ Intimacy‬في مقابؿ العزلة‪ :‬ألوؿ مرة يشعر المراىؽ الناجح بالصداقة الحميمة‬
‫والحقة التي يمكف أف يقوـ عمى أساسيا الصداقة المستديمة‪.‬‬
‫‪-‬تعمـ اإلنتاجية ‪ generativity‬في مقابؿ االستغراؽ في الذات ‪ : Self –abiorption‬في مرحمة الشباب‬
‫المبكرة يتطمب النمو النفسي تعمـ اإلنتاج سواء في الزواج أو األبوة وفي العمؿ وفي اإلبداع أو االبتكار‪.‬‬
‫‪-‬تعمـ التكامؿ ‪ Integrity‬في مقابؿ اليأس ‪ : Dépnir‬إذا مرت األزمات السبع الماضية بنجاح فاف الشباب‬
‫الناضج يصؿ إلى قمة التكيؼ أي التكامؿ‪ ،‬فيو اآلف يثؽ في نفسو‪ ،‬ويشعر باإلستقبلؿ ويعمؿ بجدية‪ ،‬ويجد لنفسو‬
‫دو ار محدودا في الحياة‪ ،‬وينمى في نفسو مفيوما عف الذات ‪ SelfConcept‬يكوف سعيدا بيذا المفيوـ‪ ،‬ويصبح‬
‫ودودا دوف توت ار أو ذنب أو أسؼ أو بعد عف الواقعية‪ ،‬ويصبح فخو ار بما يبتكر أو ينتج مف أوالد وبعممو أو ىواياتو‬
‫(ىيرش ترافيز‪ ،1992 ،‬صفحة ‪.)182‬‬
‫‪2.1‬آليات التنشئة االجتماعية‪ :‬تستخدـ األسرة آليات متعددة لتحقيؽ وظائفيا في التنشئة اإلجتماعية‪ ،‬وىذه اآلليات‬
‫تدور حوؿ مفيوـ التعمـ اإلجتماعي الذي يعتبر اآللية المركزية لمتنشئة اإلجتماعية في كؿ المجتمعات ميما اختمفت‬
‫نظرياتيا وأساليبيا في التنشئة‪ ،‬وميما تعددت وتنوعت مضامينيا في التربية‪.‬‬
‫ولمتنشئة خمس آليات ىي‪:‬‬
‫‪-‬التقميد‪ :‬فالطفؿ يقمد والديو ومعمميو وبعض الشخصيات اإلعبلمية أو بعض رفاقو‪.‬‬
‫‪-‬المبلحظة‪ :‬يتـ التعمـ فييا مف خبلؿ المبلحظة لنموذج سموكي وتقميده حرفيا‪.‬‬
‫‪-‬التوحد‪ :‬يقصد بو التقميد البلشعوري وغير المقصود لسموؾ النموذج‪.‬‬
‫‪-‬الضبط‪ :‬تنظيـ سموؾ الفرد بما يتفؽ ويتوافؽ مع ثقافة المجتمع ومعاييره‪.‬‬
‫‪-‬الثواب والعقاب‪ :‬إستخداـ الثواب في تعمـ السموؾ المرغوب‪ ،‬والعقاب لكؼ السموؾ غير المرغوب‪.‬‬
‫(ترافيز ىيرش‪ ،1992 ،‬ترجمة‪ :‬محمد سبلمة غباري‪ ،‬ص‪)182:‬‬
‫‪3.1‬أهداف التنشئة االجتماعية‪6‬‬
‫‪-‬غرس النظـ األساسية في الفرد‪ :‬مسايرة قانوف المجتمع والنظاـ السائد‪.‬‬
‫‪-‬غرس الطموح في النفس‪ :‬الرغبة في العمؿ والتديف والجد واإلجتياد في كسب الرزؽ‪.‬‬
‫‪-‬غرس اليوية في الفرد‪ :‬اإلنتماء ليوية اآلباء‪.‬‬
‫‪-‬غرس اليوية القومية‪ :‬لغة القوـ والعادات والتقاليد واألعراؼ واألنماط السموكية (معف خميؿ العمر‪،2004 ،‬‬
‫صفحة ‪.)14‬‬
‫الدكتور‪ 6‬فتح اهلل مسعد – الدكتورة‪ 6‬زرزورة عبيد‬

‫‪4.1‬عالقة التنشئة اإلجتماعية بالعنف‪ :‬يمكف تحديد العوامؿ البيئية المؤثرة في إنتاج ظاىرة العنؼ في ما يمي‪:‬‬
‫‪-‬طبيعة المجتمع‪ :‬حسب خصائص المجتمع الذي تنتمي إليو المدرسة إذ يقوؿ "ىوربيتس" "إذا كانت البيئة‬
‫خارج المدرسة عنيفة فإف المدرسة ستكوف عنيفة"‪.‬‬
‫‪-‬العوامؿ األسرية‪ :‬تعتبر األسرة المسئوؿ األوؿ عف تنشئة الفرد وتكويف نمط شخصيتو فيي "اإلطار العاـ‬
‫الذي يغطي جميع األدوار التي يمعبيا الفرد عمى مسرح الحياة" (ىيرش ترافيز‪ ،1992 ،‬صفحة ‪.)182‬‬
‫‪-‬وسائؿ اإلعبلـ‪ :‬لقد بينت المقاربة اإلعبلمية لمعنؼ أف لوسائؿ اإلعبلـ دور بالغ األىمية في التأثير عمى‬
‫شخصية اإلنساف (زيف الديف مصمودي‪ ،2003 ،‬صفحة ‪.)52‬‬
‫‪-‬الظروؼ اإلجتماعية واالقتصادية السائدة في المجتمع‪ :‬ال يمكف عزؿ ما سبؽ مف الظروؼ اإلجتماعية عف‬
‫الظروؼ اإلقتصادية نظ ار لما ليا مف أىمية بالغة عف تأثيرىا المباشر في سموؾ الفرد‪.‬‬
‫‪.1‬العنف الرمزي واعادة إنتاجه‪6‬‬
‫‪1.1‬تشكالت العنف الرمزي‪:‬‬
‫عرؼ بيار بورديو مفيوـ العنؼ الرمزى فى مقالتو (القوة الرمزية‪ ) 1979‬ىو"القدرة عمى فرض أدوات‬
‫المعرفة والتعبير لمواقع االجتماعي ‪ ،‬وىى تعسفية ولكنيا غير معترؼ بيا عمى ىذا النحو (أحمد عمر عمي حمدي‪،‬‬
‫‪ ،2022‬صفحة ‪.)69‬‬
‫ِ‬
‫ومعاف معينة بوصفيا دالالت ومعاف شرعية‪ ،‬واخفاء عبلقات‬ ‫كما عرفو بأنو " القدرة عمى فرض دالالت‬
‫القوة التي تمثؿ األساس الذي ترتكز عميو ىذه القدرة (أحمد عمر عمي حمدي‪ ،2022 ،‬صفحة ‪)38‬‬
‫تكمف خطورة ىذا الشكؿ مف أشكاؿ العنؼ في أنو"يتسمؿ بيدوء إلى شتى األنساؽ القيمية‪ ،‬قبؿ أف يتمفصؿ‬
‫في البنية الثقافية والمرتكزات السوسيولوجية‪ ،‬ويتبدى بعد ذلؾ عمى شكؿ ممارسات يقوـ الفاعموف اإلجتماعيوف‬
‫بشرعيتيا باعتبارىا ضرورة لحفظ المجتمع ووقايتو مف الفتف والشرور‪ ،‬وبشكؿ يأخذ موافقة ضمنية مف الذيف يمارس‬
‫عمييـ‪ ،‬وىو عنؼ إشكالي وظيفي‪ ،‬وقد يحمؿ في ثناياه نزوعا أيديولوجي ‪ ،‬أو بعدا دينيا يحمؿ في ذاتو طابع‬
‫اإليديولوجيا‪،‬وىكذا تكوف كؿ سمطة في نظر بورديو تمثؿ عنؼ والمقصود ىنا ىو أف كؿ سمطة تتمكف مف تكريس‬
‫دالالت وتطاؿ فرضيا عمى أنيا شرعية لما ليا مف قدرة عمى إخفاء عبلقات القوة وفرض سيطرتيا‪ ،‬وىو ما يعبر‬
‫بشكؿ عاـ عف أي نفوذ يتمكف مف فرض دالالت معينة‪ ،‬وفي فرضيا بوصفيا دالالت شرعية حاجبة عبلقة القوة‬
‫التي تؤصؿ قوتو‪ .‬وييدؼ العنؼ الرمزي إلى خمؽ حالة مف اإلذعاف عند اآلخر‪ ،‬والذي غالبا ما يكوف بعيدا عف‬
‫السمطة أو يمثؿ أقمية تخضع ليذا النوع مف العنؼ بدرجات متفاوتة وفقا لوزنيا النسبي في المجتمع‪ ،‬فيحاوؿ الطرؼ‬
‫العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية‪-‬عالقة تأثير واعادة انتاج‬

‫المسيطر فرض نسؽ مف األفكار والمعتقدات‪ ،‬ويتسـ العنؼ الرمزي بالقدرة الدينامية عمى إنتاج معتقدات جديدة‬
‫ورسـ أطر أيديولوجية يمكنيا تكريس خطاب إجتماعي يرتكز عمى قواعد قيمية ويخرج مف منطمقات ثقافية يحددىا‬
‫الطرؼ المييمف ويقوـ بتوظيفيا وفقا لقناعاتو وأىدافو ‪(.‬أحمد عمر عمي حمدي‪ ،2022 ،‬صفحة ‪)35‬‬
‫األبيتوس(الممكة أو الطبع)‪ :‬ىو عبارة عف نسؽ اإلستعدادات التي ينشأ عمييا الفرد ويكتسبيا‪ ،‬وىي تتعمؽ‬
‫بأربع مستويات ‪:‬المعرفي‪ ،‬الخمقي والجمالي‪ ،‬وىيئة الجسد‪.‬‬
‫وعمى العموـ فاألبيتوس كنسؽ مف اإلستعدادات يعمؿ وفؽ آليات داخمية معقدة تكوف حدود النسؽ وتشكمو‪،‬‬
‫في استقبللية عف محيطو‪ ،‬وتظير إلى العمف في ممارسات تعبر عف اليوية اإلجتماعية لصاحبيا وانتمائو ويعرؼ‬
‫بورديو األبيتوس كاألتي‪ :‬أنساؽ مف االستعدادات المستدامة والقابمة لمنقؿ وأنيا بنى مبنية قابمة مسبقا لئلشتغاؿ‬
‫بوصفيا بنى مبنية‪ ،‬أي باعتبارىا مبادئ مولدة ومنظمة لممارسات وتماثبلت يمكف ليا موضوعيا أف تتأقمـ مع‬
‫ىدفيا‪ ،‬مف دوف افتراض رؤية واعية لمغايات والتحكـ الصريح في العمميات الضرورية (زىية دباب‪ ،2021 ،‬صفحة‬
‫‪)141‬‬
‫‪1.1‬رأس المال الثقافي واعادة تشكيمه‪6‬‬
‫يقرر بورديو أف رأس الماؿ الثقافي يتشكؿ مف خبلؿ االلماـ واإلعتياد عمى الثقافة السائدة في المجتمع‬
‫وخاصة القدرة عمى الفيـ واستخداـ لغة راقية ويؤكد عمى أف امتبلؾ رأس ماؿ ثقافي يختمؼ باختبلؼ الطبقات وليذا‬
‫فإف النظاـ التعميمي يدعـ امتبلؾ ىذا النمط مف رأس الماؿ ‪ ...‬ويوجد لرأس الماؿ الثقافي في أشكاؿ متنوعة حيث‬
‫يشمؿ الميوؿ والنزاعات الراسخة والعادات المكتسبة مف التنشئة اإلجتماعية كما يمثؿ إمبريقيا في أشكاؿ موضوعية‬
‫مثؿ الكتب األعماؿ الفنية واألدبية والشيادات العممية وفي مجموعة مف الممارسات الثقافية مثؿ زيارة المتاحؼ‬
‫وارتياد المسارح وحضور ندوات وغير ذلؾ مف الممارسات المختمفة في مجاؿ الثقافة ومف ثـ ينتج أرس الماؿ‬
‫الثقافي ويوزع ويستيمؾ في مجاؿ خاص بو "مجاؿ الثقافة" وىو مجاؿ فكري مخصص لو منطقة خاصة وعممياتو‬
‫المميزة ومؤسساتو مثؿ النظـ التعميمية والجمعيات العممية والدورات ولو ىويتو وأيديولوجيتو في التبعية واالستقبللية‬
‫عف المجاالت االجتماعية األخرى (زىية دباب‪ ،2021 ،‬صفحة ‪.)144‬‬
‫بذلؾ يمكف القوؿ أف رأس الماؿ الثقافي ىو اروابط فكرية تتجسد في شكؿ الممارسات بيف أفراد المجتمع‬
‫ومف نمط التفاعؿ بيف الفاعميف اإلجتماعييف بمختمؼ مكوناتيـ‪ ،‬فإذا ما اخترقت ىذه الثقافة ببمارسات دخيمة‪،‬‬
‫وبأفكار التتوافؽ والبناء الثقافي‪-‬خاصة أف العولمة الثقافية وظيفتيا توحيد الثقافات بمبدأ سيطرة ثقافة القوي وازالة‬
‫ثقافة الضعيؼ‪ -‬وىذا مايؤدي تديريجيا الى حدوث اإلنسبلخ الثقافي‪ ،‬ومف الممارسات الموصمة ليذه النتيجة العنؼ‬
‫الدكتور‪ 6‬فتح اهلل مسعد – الدكتورة‪ 6‬زرزورة عبيد‬

‫الرمزي بمختمؼ أشكالو والذي يتضمف في غالب األحياف فمسفة تربوية وقيـ مناقضة بؿ تشكؿ نواة الصراع القائـ‬
‫في مجتمعنا في الوقت الراىف‪.‬‬
‫يمارس العنؼ الرمزى باستخداـ الرموز والدالالت والمعاني لمسيطرة عمى األخر وفرض الييمنة عميو‪ ،‬ويأخد‬
‫ىذا النوع مف العنؼ صورة رمزية خفية ممتبسة تمكف ممارسيا مف الوصوؿ إلى غايتو وتحقيؽ ما يصبو إليو مف‬
‫سيطرة وىيمنة دوف المجوء إلى القوة الواضحة والمعمنة‪ ،‬مثؿ العنؼ الثقافى والعنؼ األخبلقي والعنؼ المغوى والعنؼ‬
‫السياسي والعنؼ اإليديولوجي‪.‬‬
‫وأوضح ذلؾ المفكر الفرنسي ريكور ‪ Ricoeur‬أف" ىذا العنؼ يتجو فى مساره‪ ،‬بصورة مباشرة أو غير‬
‫مباشرة إلى السيطرة عمى األخر والييمنة عمى مقدرات وجوده ويتغمغؿ ىذا النوع مف العنؼ فى مختمؼ تجميات‬
‫الحياة السياسية واإلجتماعية والفكرية منذ أقدـ العصور‪ ،‬ففى الحياة اليومية‪ ،‬غالبا ما يتـ استخداـ وسائؿ متعددة فى‬
‫السيطرة عمى قموب األخريف واستمالتيـ وكسبيـ مثؿ الكممة الطيبة والموقؼ النبيؿ واإلبتسامة واليدية واليدية‬
‫واإلشارة والمعنى والمديح وذلؾ لكسب قموب الناس واستعبداىـ (أحمد عمر عمي حمدي‪ ،2022 ،‬صفحة ‪.)39‬‬
‫‪1.1‬إعادة إنتاج العنف الرمزي‪6‬‬
‫يعتبر مفيوـ إعادة اإلنتاج مفيوما جوىريا فى نظرية بورديو السوسيولوجية‪ ،‬بؿ ويشكؿ نقطة إلتقاء مركزي‬
‫قد نبالغ إذ قمنا أف ىذا المفيوـ"‪ ،‬يأخذ مكاف المفاىيـ األخرى فى نظرية بورديو وباسروف السوسيولوجية‪ ،‬وىذا يعنى‬
‫أف مفاىيـ اليابيتوس و أرس الماؿ الثقافي والعنؼ الرمزى واإلقصاء اإلجتماعي وسمطة المغة‪ ،‬ىى مفاىيـ تتمحور‬
‫حوؿ مسألة إعادة اإلنتاج‪ ،‬مف جية أخرى اليمكف فيـ مقاربة نظرية بورديو حوؿ إعادة اإلنتاج‪ ،‬أو حتى نمط‬
‫اشتغاؿ أي نسؽ‪ ،‬بمعزؿ عف مفاىيـ أخرى تدخؿ ضمف سياؽ إعادة اإلنتاج و تعتبر آليات يشتغؿ عمييا النسؽ مف‬
‫أجؿ إعادة إنتاجو (أحمد عمر عمي حمدي‪ ،2022 ،‬صفحة ‪.)45‬‬
‫كما قدـ بورديو في نظريتو حوؿ العنؼ الرمزي أليات ميمة تغذي ىذا العنؼ‪ ،‬منيا كما سبقت اإلشارة‪،‬‬
‫المدرسة والمغة‪ ،‬لكنو في ىذا المقاـ يقدـ آلية أخرى ال تقؿ أىمية في المجتمع الحداثي الذي وسـ نفسو بنفسو‪،‬‬
‫بكونو "مجتمع المعرفة أو المعمومات" ‪ ،‬يتنبو بورديو ليذا الجانب فيقدـ لنا بيذا الخصوص دراسة جادة جاءت‬
‫بعنواف‪ :‬التمفزيوف وآليات التالعب بالعقوؿ‪ ،‬وىذه العبارة تذكرنا ضمنا بما قدمو "ىاربيرت شيممر" في كتابو "المتالعبوف‬
‫بالعقوؿ"‪ ،‬والذي يقوؿ فيو" يقوـ مديرو أجيزة اإلعبلـ في أمريكا بوضع أسس عممية لتداوؿ"الصور والمعمومات"‬
‫ويشرفوف عمى معالجتيا وتنقيحيا واحكاـ السيطرة عمييا‪ ،‬تمؾ الصور والمعمومات التي تحدد معتقداتنا ومواقفنا‪ ،‬بؿ‬
‫وتحدد سموكنا في النياية (أحمد عمر عمي حمدي‪ ،2022 ،‬صفحة ‪)46‬‬
‫العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية‪-‬عالقة تأثير واعادة انتاج‬

‫ىكذا ينظر بورديو إلى وسائؿ اإلعبلـ الجديدة كآلية مف آليات ممارسة نوع مف العنؼ الرمزي‪ ،‬الذي واف لـ‬
‫يتبدى بشكؿ مادي واضح فإنو يكوف عنؼ رمزي موجيا موجيا بالخصوص لمطبقات الدنيا التي تعاني مف ىوة‬
‫واسعة‪ ،‬إذ باستطاعة التمفزيوف إذا ما استعمؿ لتحقيؽ التوازف بيف الطبقات أف يصمح بينيا وأف يقمص ىذا البوف‬
‫الميوؿ‪ ،‬إال أنو واف استعمؿ إلبقاء النظاـ فإنو يكوف وسيمة لمحفاظ عمى الوضع والضغط عمى الفئات اليشة‬
‫لضماف الطاعة والخضوع‪ ،‬كما يرى "بورديو" في كتابو الييمنة الذكورية ‪ ،‬أف الذكورية وىيمنتيا في المجتمع بشكؿ‬
‫كبير صورة مف صور العنؼ الرمزي‪ ،‬لكف بشأف التطبع وتوارث األفكار والممارسات أصبحت تبدوا لممجتمع شيء‬
‫طبيعي (أحمد عمر عمي حمدي‪ ،2022 ،‬صفحة ‪.)46‬‬
‫ومف ىنا يمكننا القوؿ أف كثير مف الممارسات العنيفة قد شكمت في المجتمع وأصبحت جزء مف البناء‬
‫اإل جتماعي وصارت مؤلوفة‪ ،‬وتحمؿ الناس عناء مجابيتيا‪ ،‬إال أف الحقيقة في األمر أف أنماط العنؼ الرمزي في‬
‫المجتمع مرت بمراحؿ عدة وتطورت عبر استعماؿ وسائؿ مختمفة مف أجؿ ترسيخو‪ ،‬واليدؼ منو ضرب منظومة‬
‫القيـ واحداث الصراع داخؿ المجتمع‪.‬‬
‫فمما نتكمـ عف العنؼ الرمزي نتكمـ عف خطورتو األكثر مف جانب المؤسسات الغير الرسمية التي تعزز‬
‫وجودىا واكتسبت قوة مف خبلؿ اإلنفتاح والعولمة الثقافية التي تقوـ بعمميا عف طريؽ ترسانتيا اإلعبلمية بالسيطرة‬
‫مف جية واضعاؼ المؤسسات الرسمية لممجتمع مف جية أخرى‪ ،‬مما جعؿ المؤسسات الرسمية في حالة تأىب‬
‫ودفاع بؿ في كثير مف األحياف تتأثر ىي في حد ذاتيا نتيجة الصمود الطويؿ وضعؼ إمكانياتيا المادية والمعرفية‬
‫وضعؼ تأثيرىا في الجموع مف خبلؿ انعداـ منيجية االقناع واالحتواء‪.‬‬
‫فمما نتكمـ عف العنؼ الرمزي نتكمـ عف ظاىرة خطيرة تغزو المجتمع الجزائري‪ ،‬ظيرت نتائجيا مف خبلؿ‬
‫السموؾ الجمعي لؤلفراد والذي يحدد حجـ العنؼ في كؿ حيف ولحظة‪ ،‬فأشكاؿ العنؼ الرمزي لـ تولد بالصدفة وانما‬
‫ىناؾ تطور عمى مستوى التفكير ثـ عمى مستوى الخطاب ثـ عمى مستوى السموؾ‪ ،‬فكثير مف اآلباء واألجداد‬
‫يعترفوف بأف المجتمع كاف مسالما ومتماسكا الى حد بعيد‪ ،‬لكف في الوقت الراىف نجد ىناؾ إحتقاف كبير وتصدع‬
‫وحقد تفسره المغة والمزاج الذي يظير في اإلشارات والرموز والقذؼ والتجريح والتخويف‪...‬الخ‪.‬‬
‫‪1.1‬نماذج من العنف الرمزي في الكرتون(تغيير في المفاهيم وزيادة في التأثير)‬
‫‪1.1.1‬العنف‪ :‬المتتبع ليذه البرامج يجد أف في غالبيا قائمة عمى العنؼ‪ ،‬وأنيا تحولت مف برامج تحمؿ في‬
‫مضمونيا رسائؿ الحب والتعاوف واالخاء التي يتميز بيا األطفاؿ في براءتيـ‪ ،‬الى مجاؿ لمعنؼ والخصاـ والشجار‪،‬‬
‫تحت غطاء البطؿ أو المنتصر لمخير أو قوى الخير وقوى الشر‪ ،‬رغـ أف ىذه الفمسفة تفوؽ تفكير الطفؿ‪ ،‬وبالتالي‬
‫الدكتور‪ 6‬فتح اهلل مسعد – الدكتورة‪ 6‬زرزورة عبيد‬

‫تأثر عميو وتجعؿ منو شخص ميتـ بيزيمة الغير والتفوؽ عميو في الشجار‪ ،‬وىذا أصبح ظاىر في مجتمعنا وذلؾ‬
‫مف خبلؿ األ لعاب التي يختارىا الطفؿ لمتسمية فبدؿ ما كاف االطفاؿ يبحثوف عف العاب تتمثؿ في الدمى والسيارات‬
‫والحيوانات‪ ،‬أصبحوا ميتميف بشراء العصي والسيوؼ ‪ ،...‬وىذا إذا دؿ انما يدؿ عمى عمى سموؾ ناتج مف تفكيره‬
‫ورغباتو التي تأثرت بالبرامج التي يراىا جيدة خاصة لما تكوف برعاية والدية‪.‬‬
‫‪1.1.1‬إمتالك سالح أو آالت حادة‪ :‬وىذا العنصر يكمؿ الذي قبمو ويفسره‪ ،‬فمختمؼ البرامج الكرتونية في ىذه‬
‫القناة قمنا فييا عنؼ‪ ،‬اضافة الى ذلؾ العنؼ الذي يرتكب بسبلح ناري أو أدوات حادة أو طاقات خارقة ناتجة نتيجة‬
‫قوى خفية‪ ،‬وىذا يأثر عمى الطفؿ باعتبار أف األطفاؿ دوما يحتاجوف إلى معمـ ومربي والى قدوة‪ ،‬ويكوف صاحب‬
‫الحظ األوفر ىو مف يممؾ طريقة تتوافؽ و ميوالت األطفاؿ خاصة في التسمية والمعب واإلثارة‪ ،‬وبالتالي ىذه البرامج‬
‫توجو الطفؿ إلى أف القوة والشجاعة والتفوؽ مبني عمى إمتبلؾ سبلح وتدمير الغير وليس عمى المنافسة الشريفة‪.‬‬
‫وىذه الطباع المميمة مف ىذه البرامج ستكوف جزء مف شخصية الطفؿ في المستقبؿ‪ ،‬فيصبح ال إراديا لو‬
‫رغبة في امتبلؾ سبلح واستعمالو دوف أي حرج أو ذنب‪.‬‬
‫‪1.1.1‬لغة القوة كبديل لمقيم‪ :‬أيضا مف بيف المبلحظات المسجمة في ىذه البرامج ىو لغة القوة السائدة سواء‬
‫الييئة أو األلفاظ أو المواقؼ وحتى األفعاؿ والرموز والتي تروج عمى أنيا قوى السبلـ و أنيا ستيزـ الشر وتنشر‬
‫الحب‪ ،‬لكف الغير واضح ما ىو مفيوـ الخير ومفيوـ الشر في ىذه البرامج‪ ،‬حقيقة مف أنجع الطرؽ لمتأثير في‬
‫األطفاؿ أف تجعؿ منو آ لة ينفذ األوامر التي ستكوف معدة سمفا والتي ستأثر عميو وذلؾ مف خبلؿ طريقة البرمجة‬
‫العصبية بعد غسيؿ العقؿ طبعا‪ ،‬ويتـ غسيؿ العقوؿ بتغييب القيـ والمبادئ وخاصة الديف ‪ ،‬وبالتالي يتكوف لدى‬
‫الطفؿ فكرة استعماؿ القوة ليس بدافع قيمي كالدفاع عف األرض والشرؼ والديف والقيـ‪...‬الخ‪ ،‬بؿ لتحقيؽ غايات‬
‫صنِعت‬
‫مادية أو الحصوؿ عمى ممذات تحقؽ اإلشباع العاطفي أو الروحي كما تمقاىا وشاىدىا‪ ،‬فيذه األفبلـ قد ُ‬
‫أكبر مراسـ الكرتوف‬ ‫ٍ‬
‫لغير ببلدنا‪ ،‬وفي غير بيئتنا‪ ،‬ولثقافة غير ثقافتنا‪ ،‬وفي مجتمعات تختمؼ عف مجتمعاتنا‪ ...‬و َ‬
‫ْ‬
‫كانت في الياباف‪ ،‬و ِمف قبميا كانت في شركات (تيرنر‪ ،‬وورنر‪ ،‬وحنا بربارة) في أمريكا‪ ،‬وشركة (والت ديزني) في‬
‫الفترة األخيرة (عماد الديف الرشيد‪.)2022 ،‬‬
‫ىذه الشركات كميا غير عربية‪ ،‬وأفبلـ الكرتوف تُحاكي ثقافة أصحابيا‪ ...‬لحاجات البيئة الغربية‪ ،‬لحاجات‬
‫الثقافة الغربية‪ ..‬وال يخفى أف بيننا وبينيـ خبلفاً ثقافياً‪ ،‬والسيما في كوف الوحي أحد مصادر المعرفة في ثقافتنا‬
‫العممنة في ببلدىـ وأعمنوىا مرجعية ثقافية‬
‫اإلسبلمية‪ ،‬بينما ال نجد لمغيب مكانة في بنائيـ المعرفي‪ ...‬فابتكروا َ‬
‫ألجياليـ‪.‬‬
‫العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية‪-‬عالقة تأثير واعادة انتاج‬

‫‪1.1.1‬لغة الجسد التي تدعو لمشذوذ والمثمية‪ 6‬أيضا ما الحظناه في ىذه البرامج ىو طريقة المباس وحبلقة‬
‫الشعر والتشابو بيف الذكور واإلناث إضافة إلى الرموز الماسونية كالعيف الواحدة والمثمث والنجمة السداسية وحركات‬
‫اإلثارة ‪ ،‬وصوال إلى عرض القبؿ وىذا ماحدث في فيمـ ديزني" اليت يير" والذي أحدث ضجة وغضب في البمداف‬
‫العربية وتـ منعو في كثير منيا (سممى نبيؿ‪.)2022 ،‬‬
‫كذلؾ بالنسبة لمباس المتمثؿ في تنورات قصيرة أولباس ممزؽ وكذا قصات الشعر المموف باألحمر واألصفر‬
‫واألزرؽ وأشكاؿ عيوف غريبة وفي بعض األحياف عمى شكؿ عيف القط وأحيانا بعيف واحدة ‪ ،‬باإلضافة إلى إلغاء‬
‫خصوصيات الجنس فالبنات والذكور في ىذه البرامج ليـ نفس الخصائص الجسمية والنفسية بؿ أحيانا يصوروف‬
‫عمى أف البنات أكثر قوة مف الذكور أو أف البنت تمثؿ الخير والذكور يمثموف الشر‪ ،‬كؿ ىذه الطرؽ واألساليب‬
‫ليست بريئة وانما تعمؿ عمى مسخ القيـ مف المجتمعات االسبلمية وتحطيـ القيـ‪ ،‬والدفع باألطفاؿ الى البلجنسية‬
‫والى الشذوذ والمثمية‪ ،‬ولؤلسؼ ىذه السموكيات والمظاىر أصبحت مبلزمة لكثير مف أطفاؿ اليوـ وشبابيـ‪ ،‬في حيف‬
‫الى وقت قريب لـ تكف موجودة‪ ،‬فالعولمة الثقافية والتكنولوجيا كاف ليا تأثير سمبي في ىذا المجاؿ‪ ،‬وكما قمنا ىذا‬
‫راجع الى الطريقة والخطة المدروسة واليادفة الى تحقيؽ غاية معينة‪.‬‬
‫وقد أشار المقاؿ المنشور في موقع "إسبلـ واي" (‪ )2005‬تحت عنواف "أفبلـ الكرتوف نظرة فاحصة"‪ ،‬اعتبر‬
‫أف غالبية أفبلـ الكرتوف التي يمتصؽ بيا صغار العرب "ما ىي إال حكاية عف واقع ينقؿ خزايا المجتمعات الغربية‬
‫وعرييا وسقوطيا األخبلقي والديني إلى أذىاف أطفالنا‪ ،‬مما يدخميـ في دوامة الصراع بيف ما يروف وما يعيشوف مف‬
‫مثؿ وقيـ‪ ،‬وأفكار وحضارات‪ ،‬وىو ما يجعميـ في حيرة وتذبذب‪( ".‬أمينة خيري‪)2022 ،‬‬

‫خاتمة‪6‬‬
‫العنؼ الرمزي الذي يمارس في العممية اإلتصالية يؤثر عمى التنشئة اإلجتماعية لمفرد‪ ،‬ألف كؿ سموؾ‬
‫مؤلوؼ فيو طبيعي‪ ،‬وبما أف اإلنساف مدني بطبعتو وابف بيئتو‪ ،‬فيو ينشأ عمى مايسمعو ويراه وبالتالي سيصؿ إلى‬
‫مستوى إخراج ىذه الننشئة وفؽ المواقؼ والجماعة والسف‪ ،‬وبالتالي يؤثر في جماعتو ويتفاعؿ ميـ بالتأثير والتأثر‪،‬‬
‫وىنا يحدث إ عادة انتاج لمعنؼ الرمزي وتتوسع فئاتو وتكثر عواممو وألياتو خاصة مع التطور الباىر في وسائؿ‬
‫التواصؿ التي اختصرت المسافة والزمف وبالتالي ينسمخ المجتمع شيئا فشيئا عف قيمو ومعاييره‪ ،‬ويفقد رأسمالو‬
‫الثقافي بؿ األخطر ىو إعادة تشكيمو وفؽ فمسفات دخيمة‪ ،‬ممنيجة ومدروسة وىادفة لتمييع أفراد المجتمع وىنا نشير‬
‫الى حديث النبي صمى اهلل عميو وسمـ الذي رواه أبو سعيد الخدري رضي اهلل عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صمى اهلل‬
‫الدكتور‪ 6‬فتح اهلل مسعد – الدكتورة‪ 6‬زرزورة عبيد‬

‫عميو وسمـ‪":‬لتتبعف سنف مف كاف قبمكـ حذو القذة بالقذة حتى لو دخموا جحر ضب خرب لدخمتموه" (إسبلـ‬
‫ويب‪ ،)2000،‬وىذا فيو داللة عمى قوة المؤثرات التي تستعمؿ مف طرؼ بعض القوى في استمالة الشباب واألطفاؿ‬
‫مف أجؿ انسبلخيـ عف دينيـ وىويتيـ وثقافتيـ‪ ،‬وىذا بطبيعة الحاؿ تحقؽ عندما أصبحت أليات ىذه المؤسسات‬
‫وعمى رأسيا وسائؿ اإلعبلـ مؤثرة أكثر مف األسرة والمدرسة‪ ،‬مما شكؿ صراع وتصدع عمى مستوى منظومة القيـ‪،‬‬
‫وبرز ىذا في خطاب الكراىية والتنابز والتممؽ والتميع وظيور المثمية والدفاع عنيا‪...‬الخ‪ ،‬وىي أشكاؿ متقدمة مف‬
‫العنؼ الرمزي الذي ييدد كياف المجتمعات عامة والمجتمعات المسممة خاصة‪ ،‬بذلؾ يمكف القوؿ أف الوقاية الفكرية‬
‫أولى الحموؿ لمجابيـ العنؼ الرمزي‪ ،‬فمؤسسات التنشئة االجتماعية بداية مف األسرة والمدرسة وصوال إلى وسائؿ‬
‫اإلعبلـ ليا مسؤولية كبيرة في مجابية العنؼ الرمزي وذلؾ مف خبلؿ مراجعة مواطف الخمؿ واصبلح برامجيا‬
‫ومنيجيتيا و مضامينيا مف أجؿ حماية األفراد والمجتمع مف التعولـ الثقافي واإلنسبلخ عف قيمنا الدينية الحضارية‬
‫والثقافية‪.‬‬

‫قائمة المراجع‪6‬‬
‫ابف منظور محمد بف مكرـ‪ ،)1993( ،‬لساف العرب‪ ،‬دار الكتب العممية‪،‬ج‪ ،1‬بيروت‪.‬‬

‫‪-‬السيد عبد العاطي واخروف (‪ ،)2002‬األسرة والمجتمع‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪.،‬‬
‫‪-‬حسيف عبد الحميد أحمد رشواف‪ ،)2004( ،‬األسرة والمجتمع‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬مصر ‪.‬‬
‫‪-4‬حسف محمد حسف‪ ،‬وآخروف‪ ،)2006( ،‬األسرة والمجتمع‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬القاىرة‪.‬‬
‫‪-5‬ترافيز ىيرش‪ ،)1992( ،‬أسباب جنوح األحداث‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد سبلمة غباري‪ ،‬ط‪ ،2‬المكتبة الجامعية الحديثة‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.‬‬
‫‪-6‬معف خميؿ العمر‪ ،)2004( ،‬التنشئة االجتماعية‪ ،‬دار الشروؽ لمنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬عماف‪ ،‬األردف‪.‬‬
‫‪-07‬خميؿ أحمد خميؿ‪ ،‬دس‪ ،‬المفاىيـ األساسية في عمـ النفس االجتماع‪ ،‬دار الحداثة لمطباعة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -08‬إيياب عيسى المصري‪ ،‬طارؽ عبد الرؤوؼ محمد‪ ،)2014( ،‬العنؼ المدرسي‪ ،‬ط‪ ،1‬مؤسسة طيبة لمنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬القاىرة‪.‬‬
‫‪ -09‬أحمد رشيد عبد الرحيـ زيادة‪ (،‬دس)‪ ،‬العنؼ المدرسي بيف النظرية والتطبيؽ‪ ،‬دار الوراؽ لمنشر والتوزيع‪،‬‬
‫األردف‪ ،‬عماف‪.‬‬
‫)‪ ،‬العنؼ األسري‪ :‬الجريمة والعنؼ ضد المرأة‪ ،‬دار المدى لمثقافة والنشر‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪ -10‬ليمى عبد الوىاب‪( ،‬‬
‫األولى‪ ،‬القاىرة‪.‬‬
‫العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية‪-‬عالقة تأثير واعادة انتاج‬

‫‪-11‬بيير بورديو‪ ،‬جاف كمود باسروف‪ ،)2007( ،‬إعادة اإلنتاج‪ :‬في سبيؿ نظرية عامة لنسؽ التعميـ‪ ،‬ترجمة ماىر‬
‫تريمش‪ ،‬المنظمة العربية لمترجمة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪-12‬عمي نوح‪ ،)2009( ،‬العنؼ اإلعبلمي‪ ،‬سيكولوجية العدواف نفسيا واجتماعيا‪،‬‬
‫‪-13‬عبد الرحماف العيسوي‪ ،)1985( ،‬سيكولوجية التنشئة االجتماعية‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬القاىرة‪.‬‬
‫) )‪14-Robert(Paul‬‬ ‫‪( ،l’enrober an alphabétique et analogique de la langue‬‬
‫‪française société ، du nouveau (SNL) paris.‬‬
‫‪ -14‬حمداوي طيب‪ ،(2016-2015) ،‬العنؼ في الوسط المدرسي وعبلقتو بالتنشئة األسرية‪ ،‬شيادة ماجستير‬
‫عمـ اجتماع اإلجراـ قسـ عمـ االجتماع‪ ،‬جامعة وىراف‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪-15‬يسمي نبيمة‪ ،(2009-2008 )،‬العنؼ ضد المرأة بيف واقع التربية والرجمة‪،‬رسالة ماجستير في عمـ‬
‫االجتماع‪،‬قسـ عمـ االجتماع‪ ،‬جامعة الجزائر‪.‬‬
‫‪-16‬أحمد عادؿ عبد الفتاح محمد‪ ،)2018( ،‬العنؼ الرمزي المدرؾ بوسائؿ اإلعبلـ الجديد وعبلقتو بمفيوـ الذات‬
‫واألمف النفسي لدى الشباب المصري‪ ،‬دراسة ميدانية‪arab media & society ،‬‬
‫‪-17‬زىية دباب‪ ،)2021( ،‬قضايا ومفاىيـ سوسيولوجيا التربية في فكر بير بورديو‪ ،‬مجمة دفاتر المخبر‪ ،‬المجمد‬
‫‪ ،16‬العدد‪ ،01‬جامعة بسكرة‪،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪-18‬أحمد عمر عمي حمدي‪، )2022( ،‬إعادة إنتاج العنؼ الرمزي عبر أليات شبكات التواصؿ اإلجتماعي‪ ،‬مجمة‬
‫كمية االداب بقنا‪ ،‬العدد ‪ ،54‬الجزء الثاني‪ ،‬كمية األداب ‪ ،‬جامعة جنوب الوادي‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪-19‬عائشة لصمح‪ ،2016 ،‬العنؼ الرمزي عبر الشبكات االجتماعية اإلفتراضية‪ ،‬مؤمنوف ببل حدود‪ ،‬مؤسسة‬
‫دراسات وأبحاث‪.‬‬
‫– ‪ ،27‬مركز اإلنماء القومي‪ ،‬بيروت‪.‬‬ ‫‪ -20‬مجمة الفكر العربي المعاصر‪ ،)1983(،‬العدد‬
‫‪-21‬عمي حسيف عايد‪ ،2016 ،‬العنؼ الرمزي المدرؾ وعبلقتو بالعجز المتعمـ لدى طمبة الجامعة‪ ،‬العدد‪،41 :‬‬
‫مجمة مركز دراسات الكوفة‪.‬‬
‫‪-22‬زيف الديف مصمودي‪ 10/9( ،‬مارس ‪ ،)2003‬مدخؿ نقدي لتفسير ظاىرة العنؼ‪ ،‬مداخمة في الممتقى الدولي‬
‫األوؿ حوؿ العنؼ والمجتمع‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪-23‬أمينة خيري ‪(،‬األربعاء ‪ 22‬يونيو ‪ ،)2022‬العرب يواجيوف مجتمع الميـ‬
‫‪https://www.independentarabia.com/node/344096/،‬‬
‫الدكتور‪ 6‬فتح اهلل مسعد – الدكتورة‪ 6‬زرزورة عبيد‬

‫‪-24‬سممى نبيؿ‪ ، )2022/06/23(،‬فيمـ "‪ "light year‬ىؿ تكتب "المثمية" شيادة وفاة ديزني بمس؟‪،‬‬
‫‪https://www.aljazeera.net/midan/art/cinema‬‬
‫‪-25‬عماد الديف رشيد‪ ،)2022(،‬آثار أفبلـ الكرتوف عمى أطفالنا‪،‬‬
‫‪http://www.saaid.net/tarbiah/248.htm‬‬
‫‪-26‬إسبلـ ويب‪ ،)2000(،‬شرح حديث(لتتبعف سنف مف قبمكـ)‪،‬‬
‫‪https://www.islamweb.net/ar/fatwa/2316/‬‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like