Professional Documents
Culture Documents
Abstract:
This study addresses symbolic violence and social engineering in the sense that
social reproduction increases symbolic violence. In displaying the most relevant
concepts and theories regarding symbolic violence, the objective from the present work
elucidates how this symbology becomes reflected in people’s everyday practices and
habit. The study concludes that social reproduction influences and even determines
people’s minds and practices. Social media has increased the rate of violence
particularly either through cursing, bullying or through assimilation of foreign mores
and habits.
© 2023ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ .ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ.
Keywords: Symbolic violence, social engineering, reproduction, cultural globalization,
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ،ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ .ﻳﻤﻜﻨﻚ
social ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ ،ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ.ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ
normalizationﻣﻮﺍﻗﻊ
ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ. ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ
__________________________________________
المؤلف المرسل :د.فتح اهلل مسعد ،اإليميلfth.messad@univ-adrar.edu.dz :
268
(جانفي )0002ص 228 -260 مجلـة رفوف -مخبر المخطوطات – جامعة أدرار – الجزائر ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ المجلد / :الع ــدد:
ISSN - EISSN - Legal Deposit -
العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية-عالقة تأثير واعادة انتاج
Symbolic Violence and Social Engineering: Influence and Reproduction
تمحورت ىذه الدراسة حوؿ العنؼ الرمزي والتنشئة االجتماعية وكيؼ يتضاعؼ العنؼ الرمزي نتيجة الممخص :
إعادة اإلنتاج اإلجتماعي ،وقد ىدفنا إلى إبراز أىـ المفاىيـ والنظريات المفسرة لمعنؼ الرمزي ،وكيؼ تنعكس ىذه
الرمزية عمى سموكيات األفراد وأفكارىـ وتنشئتيـ وقد خمصت الدراسة أف التنشئة اإلجتماعية تأثرت بالعنؼ الرمزي
نتاج العولمة الثقافية التي ىيمنت بشكؿ كبير عمى عقوؿ األفراد وسموكيـ مف خبلؿ وسائؿ اإلتصاؿ والتواصؿ
المتاحة لمكبير والصغير ،فقد ساىمت إلى حد ما في غرس بعض األفكار المتطرفة والسموكات العنيفة التي
أصبحت جزء مف السموؾ اإلجتماعي ،فكثير مف مظاىر العنؼ الرمزي سواء مف خبلؿ خطاب الكراىية والقذؼ
والتحرش عبر وسائؿ التواصؿ ،أو عف طريؽ التقميد نتيجة تغيير المفاىيـ الثقافية تحت غطاء الموضة والحضارة
والتفتح وحرية التعبير والذي تجسد في صور ودالالت رمزية تناقض الخصائص الثقافية لمجتمعنا وعززت الطباع
اإلجتماعي بيف األفراد نتيجة التأثر والتأثير عمى ىويتنا وقيمنا وخصائصنا الثقافية.
الكممات المفتاحية 6العنؼ الرمزي ،التنشئة اإلجتماعية ،إعادة اإلنتاج ،العولمة الثقافية ،التطبيع اإلجتماعي.
Abstract:
This study addresses symbolic violence and social engineering in the sense that
social reproduction increases symbolic violence. In displaying the most relevant
concepts and theories regarding symbolic violence, the objective from the present work
elucidates how this symbology becomes reflected in people’s everyday practices and
habit. The study concludes that social reproduction influences and even determines
people’s minds and practices. Social media has increased the rate of violence
particularly either through cursing, bullying or through assimilation of foreign mores
and habits.
Keywords: Symbolic violence, social engineering, reproduction, cultural globalization,
social normalization .
__________________________________________
المؤلف المرسل :د.فتح اهلل مسعد ،اإليميلfth.messad@univ-adrar.edu.dz :
268
الدكتور 6فتح اهلل مسعد – الدكتورة 6زرزورة عبيد
.1مقدمة:
المجتمع دوما يعمؿ ل ممحافظة عمى خصوصياتو ويحارب كؿ شيء دخيؿ ييدد كيانو ،ألف غياب الروابط
بيف أفراد المجتمع يعني تفكؾ المجتمع وزوالو ،ومف أجؿ تعزيز ثقافة الروابط يعمؿ مف خبلؿ مؤسساتو وىيئاتو عمى
مضاعفة الجيود واستحداث األليات والمناىج لنقؿ وتثبيت قيمو وعاداتو وثقافتو لمنشأ واألجياؿ.
مؤسسات التنشئة عديدة ومتعددة كاألسرة والمسجد والمدرسة وجماعة ووسائؿ اإلعبلـ...الخ ،مف المؤسسات
الميمة في المجتمع والتي تسير عمى تربية األفراد وتكوينيـ واعدادىـ وفؽ نمط تربوي يؤدي إلى تطبيع أفراده بطباع
وثقافة واحدة وىذا سبب رئيسي لمتعايش والتفاىـ والوحدة واإلستقرار واإلستمرار.
لكف مجتمع اليوـ ليس ىو مجتمع األمس وىذا نظ ار لمتحوؿ الكبير والتغير عمى مستوى القوة التكنولوجية ،
فالمجتمعات القوية ماديا وتكنولوجيا تعمؿ عمى توحيد ثقافة العالـ وفؽ خصوصياتيا الثقافية وىذا ما يطمؽ عميو
العولمة الثقافية.
فتصدير الثقافة أصبح أم ار سيبل نتيجة وسائؿ اإلتصاؿ المتاحة ،باإلضافة إلى التعبئة اليادفة المنتجة
لمتأثير أصبحت مييمنة ،فأصبحت المجتمعات المحافظة في وضعية دفاع لحماية مجتمعاتيا مف الغزو الثقافي
الذي يستعمؿ مضاميف تربوية ممنيجة تحمؿ في مضمونيا الخطر الحقيقي الذي يزعزع ويصدع المجتمع وييدـ قيـ
أفراده .
التغير اإل جتماعي والثقافي الحاصؿ اليوـ في مجتمعنا عمى مستوى األفكار والممارسات العنيفة التي نراىا
في مجتمعنا كنا نراىا في األفبلـ والمسمسبلت والوثائقيات...الخ ،وبفعؿ تأثير الصورة والصوت وتصديرىا عمى
أساس حقوؽ اإلنساف وحرية التعبير والحضارة والتفتح انتشرت في في جميع األوساط اإلجتماعية بؿ ىيمنت عمى
أصالة المجتمع وثقافتو.
فرمزية العنؼ كاستعماؿ القوة والتحدي والتبخيس واإلذالؿ ولباس الممزؽ برسوـ وكتابات تنادي لمتميع
والتخنث واإللحاد كميا ليا إنعكاسات عمى ثقافة المجتمع ،لذلؾ نجد اليوـ أشكاؿ العنؼ تتوسع ومظاىر المخاطرة
وارتكاب العنؼ ضد الذات وضد األخريف صار في أذىاف الشباب سموؾ سوي وفعؿ طبيعي ،وىذا نتيجة اإلنتشار
الواسع لمظاىرة أصبح كؿ معروؼ مألوؼ وطبيعي ،وىذا ماجعمنا نناقش اإلشكاؿ التالي :كيؼ يؤثر العنؼ الرمزي
في عممية التنشئة اإلجتماعية عف طريؽ إعادة انتاجو اإلجتماعي؟
العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية-عالقة تأثير واعادة انتاج
1.1أهمية الدراسة6
تكمف أىمية ىذه الدراسة في التنبيو إلى مخاطر العنؼ الرمزي الذي يتجسد في شكؿ صور وأشكاؿ وأساليب
ترفيو ،وألعاب...الخ ،وتأثيرىا في التنشئة اإلجتماعية وتشكيؿ شخصية الفرد والتي تترجـ إلى سموؾ والى مخرجات
مماثمة وتكوف أيضا مأثرة مما تؤدي إلى التطبع اإلجتماعي وتشكيؿ عقؿ جمعي عف طريؽ إعادة إنتاج العنؼ
الرمزي والمبالغة فيو وتطويره في أغمب األحياف ،وحتى يتسنى لنا مجابية ىذه الظاىرة أبرزنا تجميات العنؼ الرمزي
عف طريؽ بعض القنوات اإلتصالية بيف الفرد والرمزية كدليؿ مف أجؿ اإلحتياط وحماية األبناء وأفراد المجتمع مف
إنتشار ىذه الظاىرة وتفاقميا وبالتالي يصعب التحكـ فييا.
1.1أهداف الدراسة6
-التعرؼ عمى العنؼ الرمزي وكيؼ يؤثر في التنشئة اإلجتماعية لؤلفراد.
-معرفة أسايب العنؼ الرمزي في التأثير عمى شخصية الفرد.
-معرفة أليات اعادة إنتاج العنؼ الرمزي.
-توضيح نماذج مف صور العنؼ الرمزي في أفبلـ الكرتوف وكيؼ تساىـ في تشكيؿ شخصة الفرد.
1.1منهج الدراسة :في دراستنا ىذه اعتمدنا عمى المنيج الوصفي ،الذي مف خبللو قمنا بتقسيـ البحث حسب
متطمبات المنيج ،وصياغة المحتوى النظري وتركيبو وتحميمو مف أجؿ اإللماـ بأساسيات البحث والخروج بفكرة عامة
تعتبر كنتيجة لمبحث.
1.1تحديد المفاهيم اإلجرائية لمدراسة6
1.1.1العنف الرمزي6ىو العنؼ الذي يروج أو يمارس أو ينشر عف طريؽ الصور والرموز واإلشارت مف أجؿ
السيطرة إذالؿ واستغبلؿ األخريف و التي تتنافى وثقافة المجتمع وخصوياتو القيمية
1.1.1التنشئة اإلجتماعية 6ىي تربية الفرد وفؽ منظومة قيـ مجتمعو وخصوصيتو الثقافية والدينية والعقدية
والعرفية والبيئية ،وىي عممية مستمرة مدى الحياة.
1.1.1إعادة اإلنتاج اإلجتماعي 6ىي جممة الممارسات والرؤى واألفكار والرموز التي يتـ مف خبلليا إنتاج واعادة
انتاج الجماعات.
1.1.1التطبيع اإلجتماعي 6ىي العممية التي يتـ مف خبلليا إعتبار األفكار والسموكيات والممارسات واألفعاؿ التي
تقع خارج األعراؼ والقيـ اإلجتماعية عمى أنيا طبيعية.
الدكتور 6فتح اهلل مسعد – الدكتورة 6زرزورة عبيد
1.1.1العولمة الثقافية :ىي محاولة لنشر وتوحيد أنماط السموؾ والعادات والتقاليد واألفكار والعقائد مف قبؿ قوى
ما بواسطة وسائؿ إعبلمية ومؤسسات إقتصادية وبنى سياسية وتيارات فكرية ،في محاولة لمييمنة والسيطرة عمى
مجتمعات تمتمؾ قيـ ثقافية مختمفة.
.1العنف الرمزي6
1.1التعريف المغوي لمعنف 6معنى عنؼ في لساف العرب العنؼ :العنؼ ،الحرؽ باألمر وقمة الرفؽ بو وىو ضد
الرفؽ ،عنؼ بو وعميو يعنؼ عنفا وعنافة ،ونقوؿ أعنفو وعنفو تعنيفا وىو عنيؼ بمعنى لـ يكف رفيقا في أمره
واعتنؼ األمر بعنؼ (ابف منظور محمد بف مكرـ ،1993 ،صفحة .)231
أما بالنسبة لمقاموس الفرنسي المعاصر ROBERTلسنة :1978يعرؼ العنؼ عمى أنو التأثير عمى الفرد
وارغامو عمى العمؿ رغـ أنفو( ،دوف إرادتو) باستعماؿ القوة أو التيديد ).(RobertM,P, 1978, p. 2009
1.1تعريف العنف إصطالحا 6جاءت تعاريؼ العنؼ مختمفة وذلؾ يرجع إلى وجيات النظر لمعديد مف النظريات
العممية واالتجاىات الفكرية عمى أف العنؼ ىو:
في قاموس العموـ اإلنسانية :تطرؽ لمعنؼ عمى أنو فعؿ خشف (فظ) ييدؼ إلى الضغط وارغاـ اآلخريف
واجبارىـ عمى االمتثاؿ دوف إرادتيـ (خميؿ أحمد خميؿ ،دوف سنة ،صفحة .)84
أما مف وجية نظر التحميؿ النفسي :فػ" فرويػد" لـ يضع تعريفا محددا ليذا النوع مف السموؾ ،ولكف مف خبلؿ
القراءة المتمعنة لكتاباتو وبالخصوص حوؿ الطبيعة البشرية ،يمكننا أف نستخمص التعريؼ الداؿ عميو" ،بأف العنؼ
ىو نمط مف السموؾ المعبر عف غريزة الموت ،فقد وجد أنيا تتخذ سبيميف اثنيف لتحقيؽ أىدافيا :فأما األوؿ فيكوف
اتجاىيا إلى الداخؿ بقصد تدمير الذات ،وأما الثاني فيكوف اتجاىيا إلى الخارج مف أجؿ تدمير األشياء والعالـ
الخارجي بما في ذلؾ األفراد.
وبيذا يتضح أف العنؼ أو العدواف حسب ما أشار إليو "فرويػد" :ىو تعبير عف غريزة الموت التي تيدؼ فيما
تيدؼ إشاعة التدمير والخراب (نبيمة يسمي ،2009-2008 ،الصفحات .)50-49
1.1المعنـى السوسيولوجـي :أما النظرة االجتماعية لظاىرة العنؼ كظاىرة إجتماعية تتميز بتعبير صارـ عف القوة
التي تمارس إلجبار الفرد أو الجماعة عمى القياـ بعمؿ مف األعماؿ المعدة يريدىا الفرد أو جماعة أخرى ،حيث
يعبر العنؼ عف القوة الظاىرة التي تتخذ أسموبا فيزيقيا كالضرب أو تأخذ شكؿ الضغط االجتماعي وتعتمد
مشروعيتو عمى اعتراؼ المجتمع (مجمة الفكر العربي المعاصر ،1983 ،صفحة .)19
العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية-عالقة تأثير واعادة انتاج
كما يميؿ ىذا المنحنى التفاعمي في النظر إلى العنؼ والعدوانية بوصفو سموكا جماعيا تمارسو إحدى
الجماعات التي تدافع عف قيـ خفية تتعارض مع قيـ المجتمع أو تتعارض مع القيـ التي يرعاىا ممثمو السمطة.
ويأتي تعريؼ العنؼ في موسوعة "الجريمة والعدالة" :كتعريؼ عاـ يشير إلى كؿ أشكاؿ السموؾ سواء كانت
واقعية أو مرتبطة بالتيديد الذي يترتب عميو تحطيـ وتدمير الممكية أو إلحاؽ األذى أو الموت بفرد أو النية بفعؿ
ذلؾ (ايياب عيسى المصري ،2014 ،الصفحات .)11-10
باإلضافة إلى تعريفات الباحثيف مثؿ:
تعريؼ "بص" :Buss1961العنؼ ىو سموؾ يصدره الفرد لفظيا أو بدنيا أو ماديا أو ضمنيا مباش ار أو
غير مباشر ،يترتب عنو أداء بدني أو مادي أو معنوي لمشخص نفسو أو لآلخريف (عبد الرحيـ أحمد رشيد ،دوف
سنة ،صفحة .)92
وعرفو "نايبػرغ"" "Nieburg.L.Hبأنو" :فعؿ مباشر أو غير مباشر موجو تحديدا إلصابة
أو تدمي األشخاص أو الممتمكات" (نبيمة يسمي ،2009-2008 ،صفحة .)50
كما عرؼ عمى أنو سموؾ أو فعؿ يتسـ بالعدوانية ،يصدر عف طرؼ قد يكوف فردا أو جماعة ،أو
طبقةاجتماعية أو دولة بيدؼ استغبلؿ واخضاع طرؼ آخر في إطار عبلقة قوة غير متكافئة اقتصاديا واجتماعيا
وسياسيا ،مما يسبب في إحداث أضرار مادية أو معنوية أو نفسية لفرد أو لجماعة ،أو طبقة اجتماعية أو دولة
أخرى" (ليمى عبد الوىاب ،1994 ،صفحة .)14
لذا فالعنؼ كظاىرة فردية أو مجتمعية ،ال يمكف ليا أف تكوف إال كتعبير عف خمؿ ما في سياؽ محدثيا ،إما
عمى المستوى النفسي أو االقتصادي أو االجتماعي أو السياسي دفعو ىذا السياؽ الذي يعانيو نحو استخداـ العنؼ،
متوىما أف ىذ ا الخيار سيوفر لو كؿ متطمباتو أو يحقؽ لو كؿ أىدافو،وفي الحقيقة أف استخداـ العنؼ والقوة في
العبلقات االجتماعية وتحت أي مبرر كاف يعد انتياكا صريحا لمنواميس اإلجتماعية التي حددت نمط التعامؿ في
العبلقات االجتماعية ،فالعنؼ ىو الشكؿ األشد لمعدواف باعتباره استجابة صريحة مدمرة ومنتيكة لمقانوف.
1.1العنف الرمزي 6وي ػراد بػػالعنؼ الرمػػزي اسػػتخداـ الػػدالالت والرمػػوز والمعػػاني لمسػػيطرة عمػػى اآلخر وفػػرض
الييمنػػة عميػػو ،ويأخػػذ ىػػذا النػػوع مف العنؼ صورة رمزية خفية ممتبسة تمكػف ممارسػيا مػف الوصػوؿ إلى غايتػو
وتحقيػؽ مػا يصػبو إليػو مػف سػيطرة وىيمنػة دوف المجػوء إلى القوة الواضحة والمعمنة ،ويتغمغؿ ىػذا النػوع مػف العنػؼ
في مختمػؼ تجميػات الحيػاة السياسػية واإلجتماعيػة والفكريػة منػذ أقػدـ العصػور.
الدكتور 6فتح اهلل مسعد – الدكتورة 6زرزورة عبيد
ويعرؼ " بيير بورديو" و"جاف كمود باسػروف" العنػؼ الرمػزي في كتػابيما "إعػادة اإلنتػاج" إف كػؿ سػمطة عنػؼ
رمػزي ،أي كػؿ سمطة تطاؿ فرض دالالت ،وتطاؿ فرضيا عمى أنيا شرعية وقادرة عمى أف تواري عبلقات القوة
التي ىي مقاـ األساس لقوتيا.
وفي مق ػػاـ آخ ػػر يعرف ػػو "ب بو ردي ػػو" بأن ػػو" :أي نفوذ يفم ػػح في ف ػػرض دالالت معين ػػة ،وفي فرض ػػيا
بوص ػػفيا دالالت ش ػػرعية ،حاجب ػػا عبلقات القوة التي تؤصؿ قوتو" (بورديو بيار ،2007 ،صفحة .)102
أي ىو عنؼ تسمطي كما يسميو عمماء النفس ،وىو يتمتع بيا صاحب ىذا النوع مف العنؼ الذي يصدر
منو مثؿ ىذا العنؼ ،والمتمثؿ في استخداـ بعض الطرؽ الرمزية والتعبيرية تحدث آثار نفسية ،عقمية ،واجتماعية
عمى الشخص الموجو لو العداء ،أو العنؼ ،أو ازدراء ،وتحقيره ،أو أي إشارة غير لفظية ،وانما تدؿ عمى الرمزية
وتعني إثارة الشخص الموجو لو النظر أو اإلشارة أو الرمز (عمي بف نوح ،2009 ،صفحة .)24
1.1الفرق بين العنف المادي والعنف الرمزي 6ومف أجؿ تقديـ تصور بسيط لمعنؼ الرمزي وتحديد سماتو
ودالالتػو ،يمكػف مقارنتػو بػالعنؼ الفيزيػائي أو المػادي مػف حيػث اآلثػار الػػتي يتركيػا كػػؿ منيمػػا ،وفي ىػذا االتجػػاه
يميػػز "عبػد اإللػػو بمقزيػػز" بػيف العنػػؼ المػػادي والعنػؼ الرمػػزي حيػػث يقػوؿ ":ثمػػة حاجػػة التمييػػز بػػيف نػػوعيف مػػف
العنػػؼ ىمػػا العنػؼ المػػادي والعنػػؼ الرمػػزي ،العنػػؼ المػػادي يمحػػؽ الضػػرر بالموضػػوع الػػذي يمػػارس عميػػو العنػػؼ
فيزيائيا في البدف ،أو في الحقوؽ أو في المصالح أو في األمف...الخ ،أمػا العنػؼ الرمػزي فيمحػؽ ذلػؾ الضػرر
بالموضػوع سػيكولوجيا :في الشعور الذاتي بالطمأنينة والكرامة واالعتبار والتوازف" (صفاء شاكو،2016-2015 ،
الصفحات .)09-08
بحيث يتمثؿ مف خبلؿ التحقير باآلخريف واالستيزاء والسخرية بيـ ،والحرماف المادي والعاطفي والنفسي
واالجتماعي ،والنبذ واإلىماؿ والتفرقة والتميز ،وايقاع الظمـ وعدـ المساواة.
2.1النظريات المفسرة لمعنف الرمزي6
1.2.1نظرية "بورديو " Bourdieuلمعنف الرمزي 6توصؿ "بورديو "Bourdieuنتيجة األبحاث التي قاـ بيا في
ستينات وسبعينات القرف العشريف إلى أف العنؼ يمكف أف يظير عمى أنواع وأبعاد متعددة مف السموؾ ،إذ ال يتحدد
العنؼ عمى الوجود المادي والجسمي فحسب بؿ ىناؾ نوع غير مباشر مف العنؼ ويظير بشكؿ صريح في
العبلقات االجتماعية بيف األفراد ،وخاصة لدى الذيف يحتموف وظائؼ اجتماعية ومينية عميا ،وأطمؽ "بورديو" عمى
ىذا (العنؼ بالرمزي) ،والذي يعني توجيو األفراد ممف يتولوف وظائؼ اجتماعية ومينية وسياسية بعض الخطابات
العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية-عالقة تأثير واعادة انتاج
واإلشارات والرموز المغوية واألفكار والصور المبطنة نحو مف ىـ أقؿ مكانة ووظيفة( .عمي حسيف عايد،2016 ،
صفحة )344
أي بشػػكؿ غيػػر مباشػػر عبػػر عبلقػػات األف ػراد ،ويتوقػػؼ تػػأثيره عمػػى الػػدالالت والتصػػورات الرمزيػػة التػػي
توجػػو عبػػر خطابػػات األف ػراد لآلخ ػريف ،مػػف أجػػؿ إخضػػاعيـ والػػتحكـ فػػي سػػموكياتيـ بدرجػػة كبي ػرة ،لػػذا فػػإف ىػػذا
العنػػؼ ال يمحؽ األذى البػػدني بػػاألفراد ،وانما يصػػيبيـ بالض ػػرر النفس ػػي ،ويمك ػػف قياس ػػو م ػػف خ ػػبلؿ إدراؾ األف ػػراد
لم ػػا يواجيون ػػو م ػػف ممارس ػػات عنيف ػػة ،كالحرم ػػاف والتعنيػػؼ فػػي حيػػاتيـ االجتماعيػػة ،ويمارسػػو الغيػػر عبػػر عػػدة
أسػػاليب ،ىػػي تبخػػيس قيمػػة األف ػراد والتعػػالي عمػػييـ ،ومقػػدراتيـ ،واسػػتبلب حقػػوقيـ ،وحرمػػانيـ مػػف التعبيػػر عػػف
أنفسػػيـ (أحمد عادؿ وعبد الفتاح محمد ،2018 ،صفحة .)05
1.2.1نظرية التفكك األخالقي :تشير ىذه النظرية أف العنؼ الرمزي يظير في المؤسسات التعميمية واالجتماعية
التي توجد في مجتمعات تعاني مف التفكؾ واإلنييار في النظاـ األخبلقي السائد ،إذ ترى إنو عندما تغيب العبلقات
اإلنسانية اإليجابية بيف األفراد وتنعدـ مظاىر إحتراـ حقوؽ اإلنساف ،وىيمنة بعض الفئات اإلجتماعية والطبقية في
المجتمع ،فإف ذلؾ يؤدي إلى تآكؿ قيـ المجتمع وانييار أواصره وروابطو األخبلقية التي تؤكد عمى الحب والتسامح
والعيش المشترؾ ،مما يسمح ذلؾ بظيور العنؼ الرمزي بوصفو عنفا مشروعا بيف األفراد في المجتمع ،والتي يتـ
التعبير عنو في ضوء التنافس السمبي ،ومحاولة ىيمنة بعض األفراد أو أصحاب النفوذ عمى مف ىـ أقؿ مكانة
وشيوع ماىر لمعداء والتسمط االجتماعي واالستغبلؿ اإلنساني ،ال فإف العنؼ الرمزي دائما ما يظير بعد ضعؼ
اإلندماج اإلجتماعي.
Jim Sidanius & Felicia Prattoنظرية تيتـ بدراسة 1.2.1نظرية الهيمنة االجتماعية :قدـ كؿ مف
العنؼ الرمزي لدى األفراد في الجماعات(إجتماعية ،مينية ،تعميمية....الخ) ذات المراكز العالية ،إذ يمجأ ىؤالء
األفراد نحو استعماؿ العنؼ الرمزي كوسيمة لتحقيؽ أىدافيـ ومصالحيـ مف خبلؿ بسط سيطرتيـ ونفوذىـ عمى
جماعات األخرى ،لذا يحافظ العنؼ الرمزي عمى سيادة الجماعات المتفوقة ،واإلحتفاظ بمركزىـ اإلجتماعي،
والمحافظة عمى قوتيـ وقيمتيـ اإلجتماعية بمراتب عالية ،وبذلؾ يحقؽ العنؼ ثبلث وظائؼ أساسية وىي:
-وسيمة تحمي األفراد مف تنافس الجماعات األخرى.
-تحافظ عمى سمطة أفراد الجماعة ومركزىـ االجتماعي.
-يشبع حاجات الجماعة المتفوقة مف خبلؿ الييمنة عمى الجماعة المنافسة.
الدكتور 6فتح اهلل مسعد – الدكتورة 6زرزورة عبيد
وبذلؾ يدعـ العنؼ الرمزي الجماعة المتفوقة ويحافظ عمى ىيبتيا ويسيؿ مف بسط نفوذىا وسمطانيا عمى األفػراد فػي
الجماعات األخرى (عمي حسيف عايد ،2016 ،الصفحات .)346-344
3.1مظاهر العنف الرمزي6
-التبخيس :سموؾ يتسـ بالتعالي والتمييز ،وتقميؿ قيمة وشأف األفراد اآلخريف أو ممف ىـ إقؿ مكانة ،ويتمثؿ
ىذا السموؾ باإلزدراء والتصغير واإلبعاد اإلجتماعي والميني.
-اإلنكار القيمي :يتمثؿ بإنكار قدرات وميارات األفراد ،وذلؾ مف أجؿ السيطرة عمييـ وتحديد قدراتيـ وكبت
طاقاتيـ ومواىبيـ التي يتمتعوف بيا.
-اإلستبلب النفسي :يتمثؿ في استبلب حقوؽ األفراد وما يتمتعوف بو مف إمتيازات إجتماعية ومينية مشروعة،
فضبل عف حرمانيـ مف فرصة التعبير عف أفكارىـ وأرائيـ واتجاىاتيـ الخاصة.
-التعبير العدائي المعمف :يتمثؿ في استخداـ الرموز واإلشارات المفظية والتعبيرات الجسمية التي تدؿ عمى قوة
المعتدي ورفضو ،وفرض ىيمنتو الوظيفية واإلجتماعية عمى اآلخريف.
يؤكد "بورديو" أف العنؼ الرمزي ال يقوـ عمى أية معايير أخبلقية أو فكرية ألنو ييدؼ إلى إىانة كرامة الفرد
واشعاره بالدونية وحرمانو مف حقوقو اإلنسانية وتجاىؿ حاجاتو النفسية واالجتماعي (عمي حسيف عايد،2016 ،
صفحة .)346
4.1خصائص العنف الرمزي6
يشترؾ العنؼ الرمزي مع سائر أنواع العنؼ في اليدؼ متمثبل في الحاؽ اإلذى والضرر باآلخريف ،ويختمؼ
عنيا مف حيث أداؤه ألنو خفي وغير واضح تماما ،ومف بيف خصائصو:
-العنؼ الرمزي ذو قوة ،ولو تأثير كبير إستنادا إلى طريقتو والى جممة الرموز والمعاني التي يحمميا.
-العنؼ الرمزي يتخذ عدة أشكاؿ وعدة خصائص وأىميا الترميز.
-العنؼ الرمزي ييدؼ إلى فرض السمطة والنفوذ بطريقة تعسفية واستبدادية.
ويختمؼ العنؼ الرمزي عف باقي إنواع العنؼ الموروثة والمتوارثة بحكـ ميزتو اإلجتماعية ،فيو ينشأ بسبب أحداث
إجتماعية ،ويحدث في المجتمع ذاتو ،ويمارس عميو مف طرؼ مجموعة مف اإلشخاص تجاه بقية المجتمع (عائشة
الصمح ،2016 ،الصفحات .)10-09
العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية-عالقة تأثير واعادة انتاج
الطريقة أو األسموب الذي يتبناه أي مجتمع في بناء الفرد وتربيتو عمى مختمؼ القيـ السائدة في ذلؾ المجتمع" .كما
جاءت تمؾ التعاريؼ عمى النحو التالي:
يرى الباحث فارس بف الشيخ :أنيا عممية تحويؿ الفرد مف كائف بيولوجي إلى فرد إجتماعي عف طريؽ
التفاعؿ اإلجتماعي ليكتسب بذلؾ سموكات ومعايير وقيـ واتجاىات تدخؿ في بناء شخصيتو لتسيؿ لو اإلندماج في
الحياة االجتماعية ،وىي بذلؾ مستمرة تبدأ بالطفولة فالمراىقة فالرشد وتنتيي بالشيخوخة وتشتمؿ عمى كافة أساليب
التنشئة االجتماعية التي تمعب دو ار ميما في بناء شخصية الفرد أو اختبلليا مف جميع الجوانب النفسية
واإلجتماعية(زيف الديف مصمودي ،2007،الصفحة.)136
تعريؼ حامد زىراف :عمى أنيا عممية تعمـ وتعميـ وتربية تقوـ عمى التفاعؿ اإلجتماعي وتيدؼ إلى إكتساب
الفرد (طفبل ،فمراىقا ،فراشدا ،فشيخا) سموكا ومعايير واتجاىات مناسبة ألدوار إجتماعية معينة تمكنو مف مسايرة
جماعتو والتوافؽ اإلجتماعي معيا وتكسبو الطابع اإلجتماعي وتيسر لو اإلندماج في الحياة اإلجتماعية وبمعنى آخر
عممية التشكيؿ اإلجتماعي لخاصة الشخصية....الخ.
وتعرفيا "مارجريت ميد"" :العممية الثقافية والطريقة التي يتحوؿ بيا كؿ طفؿ حديث الوالدة إلى عضو كامؿ
في مجتمع بشري معيف.
فيتبيف مما سبؽ ذكره بأف التنشئة االجتماعية ىي مجموعة العمميات التربوية التي يتمقاىا الفرد مف والدتو
عبر مختمؼ مراحؿ حياتو حتى يندمج ضمف جماعة أو نسؽ اجتماعي معيف ،كما يتمقى التربية مف مجموعة مف
المؤسسات :كاألسرة ودور الحضانة والمدرسة والمسجد ،ومجموعة أخرى مف الفضاءات كالممعب والشارع( .طيب
حمداوي ،2016-2015،الصفحات )17-16
أما التوافؽ اإل جتماعي فيقصد بو تبلؤـ الفرد وسموكو لظروؼ المجتمع ومتطمباتو ،بذلؾ يصبح التكيؼ
اإلجتماعي Social adjustmentحالة تبلؤـ لممجتمع الذي يعيش فيو أو البيئة اإلجتماعية والوفاء وشروطو
ومتطمباتو.
1.1أهم مؤسسات التنشئة االجتماعية6
1.1.1األسرة 6وتعد األسرة مف أقدـ البنيات اإلجتماعية التي عرفتيا المجتمعات اإلنسانية ،وىي أصؿ لكؿ
المجتمعات الغابرة والحديثة ،تضطمع بأىـ وظيفة ليا وىي عممية التنشئة اإلجتماعية ،ولذلؾ ينطوي تعريفيا عمى
أىمية بالغة في حقوؿ المعرفة اإلجتماعية المختمفة ،وقد أورد العمماء مجموعة مف التعريفات ليذه المؤسسة نوردىا
فيما يمي:
العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية-عالقة تأثير واعادة انتاج
يعرفيا "بؿ وفوجؿ"" :بأنيا الوحدة البنائية المكونة مف رجؿ وامرأة يرتبطاف مع أطفاليما بطريقة منظمة
إجتماعيا سواء كاف ىؤالء األطفاؿ مف صمبيما أو بطريقة التبني ،ويعرفيا كذلؾ "لندبرج" :بأنيا النظاـ اإلنساني
األوؿ ومف أىـ وظائفيا إنجاب األطفاؿ والمحافظة عمى النوع اإلنساني( .عبد العاطي السيد واخروف،2002،
الصفحة)35
ومف الناحية السوسيولوجية فاألسرة ىي معيشة رجؿ وامرأة أو أكثر ىما معا ،عمى أساس الدخوؿ في
عبلقات جنسية يقرىما المجتمع ،وما يترتب عمى ذلؾ مف حقوؽ وواجبات كرعاية األطفاؿ وتربيتيـ( .حسف محمد
حسف وأخروف ،2002،الصفحة )08
كما تعرؼ عمى أنيا البيئة اإلجتماعية األولى التي يبدأ فييا الطفؿ تكويف ذاتو والتعرؼ عمى نفسو عف
طريؽ عممية األخذ والعطاء والتعامؿ بينو وبيف أعضائيا ،وفي ىذه البيئة يتمقى أوؿ إحساس بما يجب وما ال يجب
القياـ بو ،واألعماؿ التي إذا قاـ بيا تمقى الذـ واإلستيزاء وبذلؾ تعده لئلشتراؾ في حياة الجماعة بصفة عامة
(حسيف عبد الحمد أحمد رشواف ،2004،الصفحة.)21
1.1.1وظائف األسرة 6تتعدد الوظائؼ الممقاة عمى عاتؽ األسرة كونيا ىي الخمية األولى التي تسير عمى تفعيؿ
كؿ عمميات التربية والتكويف النفسي والجسمي والعقمي واإلجتماعي لمفرد ،ومف بيف تمؾ الوظائؼ نذكر اآلتي:
وظيفة تنظيـ السموؾ الجنسي واإلنجاب :حيث أف الزواج يعتبر اتفاقا تعاقديا يعطي العبلقات الجنسية
واإلجتماعية التي تكوف األسرة طابعا رسميا وثابتا ،فالمجتمع ال يسمح بالعبلقات الجنسية بغير زواج واف كاف ذلؾ
قد يسمح في بعض المجتمعات األخرى.
العناية باألطفاؿ ورعايتيـ :فمف أىـ وظائؼ األسرة إنجاب األطفاؿ واإلشراؼ عمى رعايتيـ وتربيتيـ ولذلؾ
تكوف األسرة مسؤولية تامة في عممية التنشئة االجتماعية التي يتعمـ الطفؿ مف خبلليا خبرات الثقافية وقواعدىا مف
صورة تأىمو وتمكنو مف المشاركة مع غيرىـ مف أعضاء المجتمع.
التعاوف وتقسيـ العمؿ :يكوف داخؿ األسرة بيف الرجؿ والمرأة في المسائؿ المتعمقة براحة األطفاؿ وطمأنينتيـ
النفسية وتربيتو وتوجييو.
اإلشباع :تعتبر األسرة الجماعة األولية التي توفر لمطفؿ إكبر قدر مف الحناف والعطؼ ،وذلؾ يتوفر ليـ مف
إشباع رغباتيـ المتعددة وحتى الكبار يجدوف مسرة في مداعبة األطفاؿ والمعب معيـ.
تييئة أسموب الحياة في المجتمع :تعتبر األسرة مدرسة ألفرادىا فيي التي تقوـ بدور التنشئة اإلجتماعية كما
أنيا تعمؿ عمى نقؿ التراث اإلجتماعي مف جيؿ إلى جيؿ ،وتعودىـ عمى التقاليد المرغوبة في المجتمع خاصة ما
الدكتور 6فتح اهلل مسعد – الدكتورة 6زرزورة عبيد
يتعمؽ بالسموؾ واآلداب العامة لموالديف ومف ثـ فيي النواة األولى لممجتمع وأساس تكوينو (حسف محمد حسف
وآخروف ،2006 ،الصفحات .)13-12
وبجانب األسرة توجد ىيئات اجتماعية أخرى تشترؾ في ىذه التنشئة وتعميؽ مضامينيا في نفسية الفرد ،مثؿ
حمقات المعب والمدرسة والنوادي والجمعيات الثقافية والمجتمع العاـ بما يضيفو مف تجارب وما يضيفو أماـ الفرد مف
مواقؼ ،فالتنشئة اإل جتماعية عممية دينامية مستمرة تبدأ منذ والدة الفرد وتستمر حتى وفاتو ،وفي كؿ مرحمة يتعمـ
الفرد ويكتسب ما لـ يكف قد عرفو أو إدراؾ مراميو عمى نحو أفضؿ ،ويضيؼ المجتمع بإطراد إلى رأس ماؿ الفرد
الثقافي مكاسب جديدة وتجارب مستمرة.
كما تعد األسرة ىيئة تتولى التنشئة االجتماعية فإف نجاحيا يرجع إلييا بقدر كبير ،وتختمؼ األسرة في مبمغ
أدائيا ليذه الميمة فمنيا ما تنجح فييا نجاحا تاما ومنيا ما يعجز عمييا أداؤىا ،ويرجع كثي ار مف حاالت اإلنحراؼ
المبكرة إلى فشؿ األسرة أو عدـ توفيقيا في أداء وظيفتيا التربوية األساسية ،والتثقيؼ اإلجتماعي صورة مف صور
التنشئة االجتماعية.
إف عممية التنشئة االجتماعية تتـ وفقا لقنوات عديدة ومختمفة منيا التفاعؿ الذي يمثؿ العنصر أو الموجو
الرئيسي لسموؾ الفرد ،فيذه العممية ىي بيولوجية دماغية في المقاـ األوؿ ومف ثـ فإنيا عممية نفسيو إجتماعية
يمكنيا أف تكوف إيجابية فتدفع بالفرد نحو "التمثؿ ،"IDENTIFICATIONأو تكوف سمبية فتدفع بالفرد نحو النفور،
ويقسـ "محمد أحمد النابمسي" أشكاؿ التفػاعؿ إلى:
( الصراع –المناقسة-المواءمة -االندماج-المشاركة) ،ووفقا ليذه األشكاؿ المختمفة لمتفاعؿ يكتسب الفرد أنماطا
سموكية متعددة حسب الطريقة التي تـ بيا ىذا التفاعؿ ،فإف تـ ىذا األخير وفقا لطرائؽ سوية طبيعية استطاع الفرد
أف يحقؽ إشباعاتو بما ال يؤثر عمى اآلخريف ،واذا تـ بطرائؽ غير سوية ينتج عنو سموكات مغايرة لمعايير الجماعة
ومتعارضة معيا في كثير مف األحياف ،الشيء الذي قد يؤدي إلى التصادـ والصراع نظ ار لمتعارض المكثؼ لرغباتو
والفضاء اإلجتماعي والنفسي الذي يعيش فيو (زيف الديف مصمودي ،2007 ،الصفحات .)138-137
1.1وظائف التنشئة االجتماعية 6تعد مف أىـ الوظائؼ األساسية لمتنشئة اإلجتماعية ىي نمو الفرد اجتماعيا بحيث
يتكيؼ مع المجتمع ويتشرب عاداتو وسموكياتو ويصبح عضوا منتميا إليو مواليا لو وتتحقؽ ىذه الوظيفة مف خبلؿ
النقاط التالية:
-إكساب الفرد ثقافة المجتمع :مف وظائؼ التنشئة إكساب الفرد المغة ،العادات ،التقاليد ،أنماط السموؾ السائد،
القيـ الخاصة بالمجتمع وبذلؾ تتحدد ىويتو اإلجتماعية ويتحوؿ إلى كائف إجتماعي حامبل لثقافة المجتمع قاد ار عمى
العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية-عالقة تأثير واعادة انتاج
نقميا بعد ذلؾ لؤلجياؿ األخرى كما نقمت إليو ،ثـ يقوـ أفراد المجتمع بتطوير ىذه الثقافة واإلضافة إلييا أو الحذؼ
منيا لتساير التقدـ اإلنساني في كؿ عصر.
-إشباع حاجات الفرد :فما تحويو الثقافة (عادات-سموكيات-أفكار )...يجب أف يشبع حاجات الفرد وطموحو
ورغباتو حتى يكوف منسجما مع نفسو وأفراد مجتمعو ،واذا لـ تمبى التنشئة حاجات الفرد المعرفية والوجدانية
والميارية في ظؿ الثقافة السائدة في المجتمع تظير ىناؾ فجوة بيف الفرد وبيف مجتمعو ،حيث يميؿ بعض األفراد
إلى العزلة واإلغتراب واإلنطواء وحتى اليجرة.
-التكيؼ مع الوسط اإلجتماعي :وىي عممية تكيؼ الفرد مع الوسط المحيط بو سواء أكانت األسرة أو مكاف العمؿ
أو جماعة الرفاؽ (الشمؿ-التقميعات.)...
-تحقيؽ عممية التطبيع اإلجتماعي :ترتبط عممية التطبيع اإلجتماعي بالدور الوظيفي الذي يمعبو الفرد في
المجتمع أو بالوظيفة التي يشغميا ،فكؿ وظيفة أو منصب يكوف ىناؾ قيـ وسموكيات وعادات أقرىا المجتمع تحكـ
ىذه الوظيفة وعمى كؿ مف يشغؿ ىذه الوظيفة أف يكتسبيا (المدرس،الطبيب،الممرضة،الجندي ،)....-وبذلؾ فإف
التطبيع اإلجتماعي يرتبط بنمط السموؾ المرغوب والمتوقع مف أي فرد يشغؿ وظيفة معينة.
1.1تقسيم النمو عمى أساس اجتماعي6
يعتمد ىذا النوع مف التقسيـ عمى مدى تطور عبلقات الطفؿ مع البيئة اإلجتماعية التي يعيش فييا ،وعمى
مدى اتساع الدائرة التي تدور فييا عبلقات الطفؿ اإلجتماعية وتعامبلتو مع اآلخريف ،وعمى التطور النفسي
واإل جتماعي الذي يظير في نشاطو كالمعب مثبل باعتباره عينة مف سموؾ الطفؿ اإلجتماعي ،فيقسـ المعب إلى
األنواع أو المراحؿ اآلتية:
-مرحمة المعب اإلنعزالي حيث يفضؿ المعب بمفرده دوف أف يشارؾ أحدا في ألعابو.
-مرحمة المعب اإلنفرادي ،وفييا يمعب الطفؿ مع جماعة مف أقرانو ،ولكنو يحتفظ بخصائصو الفردية.
-مرحمة المعب الجماعي :وىنا يفضؿ المعب مع زمبلئو ،ويحترـ روح الجماعة ،ومف أمثاؿ ىذه األلعاب
الجماعية كرة القدـ أو السمة.
وواضح أف اإل عتماد عمى المعب في تقسيـ مراحؿ النمو ال يعتد بو ألف المعب ما ىو إال نوع واحد مف
األنشطة العديدة التي يمكف أف يقوـ بيا الطفؿ ،والتقسيـ عمى أساسو يعتبر تقسيما قاص ار البد أف يؤخذ في اإلعتبار
نشاط الطفؿ الجسمي ،والحركي والعقمي واإلجتماعي معا (عبد الرحماف العيسوي ،1985 ،الصفحات .)42-41
الدكتور 6فتح اهلل مسعد – الدكتورة 6زرزورة عبيد
1.1مراحل النمو االجتماعي 6يذىب "ايركسوف "1956 Eriksonإلى القوؿ بإف عممية التطبيع اإلجتماعي تمر
بثماني مراحؿ أو أطوار ،وىو في ذلؾ متأثر بعمؽ باتجاىات "فرويد" في ىذه المراحؿ.
-تعمـ الثقة في مقابؿ عدـ الثقة :Mistrust-trustوتقابؿ ىذه المراحؿ مرحمة الرضاعة ،وتشمؿ العاـ األوؿ
أو الثاني إذ تناولنا الطفؿ تناوال حسنا وتمت تغذيتو وحبو ،فإنو ينمي في نفسو الشعور بالثقة وباألماف والشعور
األساسي بالتفاؤؿ -واذا عومؿ معاممة سيئة –فانو يفقد الثقة واألماف وجدير بالذكر أف "فرويد" أطمؽ عمى ىذه
المرحمة إسـ "المرحمة الفمية".
-تعمـ الذاتية أو اإلستقبللية في مقابؿ الشعور بالعار :ويعتقد "ايركسوف" أف األزمة النفسية الثانية تحدث في
الطفولة المبكرة( ،مف 4-2سنوات) وتقابؿ المرحمة الشرجية عند "فرويد" ،وىي المرحمة التي يحدث فييا أكثر
مظاىر التعميـ وضوحا وضبطا ،وتعنى بيا التدريب عمى عادات اإلخراج ،ويخرج الطفؿ الذي يمقى معاممة والدية
حسنة مف ىذه المرحمة متأكد مف أنو سعيدا مبتسما بتمكنو مف ضبط الجديد القوي ،ويشعر بالفخر أكثر مف شعوره
بالعار.
-تعمـ المبادأة :Learning initativeفي مقابؿ الشعور بالذنب ويعتقد "ايركسوف" أف ىذه األزمة تحدث في
سف المعب أو سنوات ما قبؿ المدرسة ،وتبدأ تقريبا مف سف الثبلث سنوات ونصؼ ،وفي أثناءىا يتعمـ الطفؿ الذي
ينمو نموا صحيحا ،أف يتخيؿ وأف يوسع مياراتو مف خبلؿ المعب النشط مف كؿ األنواع بما في ذلؾ المعب الخيالي،
كما يتعمـ التعاوف مع الغير ،وأف يقود غيره بالمثؿ كما يتبع أو ينقاد لمغير ،أما إذا أعاقو الشعور بالذنب ،فإنو
يصبح ضائعا يقؼ دائما عمى ىامش الجماعات ،ويستمر في اإلعتماد عمى الكبار بدوف حاجة فعمية إلى ذلؾ
ويعاؽ نموه في ميارات المعب Play skllsوفي الخياؿ.
-تعمـ اإلجتياد في مقابؿ الشعور بالنقص :Inferiorوتحدث في سنوات المدرسة اإلبتدائية ،وقد تمتد لتشمؿ
بعض سنوات المدرسة اإلعدادية ،وىنا يتعمـ الطفؿ إتقاف الميارات األكثر رسمية "الزمة لمحياة" ،كالتعامؿ مع
الجماعة تبعا لمقواعد ،وقد يتطمب فريؽ لمعب وكذلؾ إتقاف الدراسات اإلجتماعية والقراءة والحساب ،وىنا يشعر
الطفؿ أف عمؿ الواجبات المنزلية أصبح ضروريا ،وأف التأديب الذاتي يزداد تدريجيا ليصبح الطفؿ الذي فقد الثقة،
شكاكا في المسقبؿ ،والطفؿ الذي يشعر بالذنب مف المراحؿ السابقة يشعر اآلف باليزيمة والنقص.
-تعمـ اليوية Idnetityفي مقابؿ إضطرابات اليوية :وتحدث ىذه األزمة النفسية في نظرة في سف المراىقة
مف حوالي 20-13سنة ،فقد أصبح الطفؿ اآلف مراىقا ،يستطيع أف يجيب إجابة مرضية سعيدة لمتساؤؿ مف أكوف
أنا؟.
العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية-عالقة تأثير واعادة انتاج
-تعمـ الصداقة الحميمة Intimacyفي مقابؿ العزلة :ألوؿ مرة يشعر المراىؽ الناجح بالصداقة الحميمة
والحقة التي يمكف أف يقوـ عمى أساسيا الصداقة المستديمة.
-تعمـ اإلنتاجية generativityفي مقابؿ االستغراؽ في الذات : Self –abiorptionفي مرحمة الشباب
المبكرة يتطمب النمو النفسي تعمـ اإلنتاج سواء في الزواج أو األبوة وفي العمؿ وفي اإلبداع أو االبتكار.
-تعمـ التكامؿ Integrityفي مقابؿ اليأس : Dépnirإذا مرت األزمات السبع الماضية بنجاح فاف الشباب
الناضج يصؿ إلى قمة التكيؼ أي التكامؿ ،فيو اآلف يثؽ في نفسو ،ويشعر باإلستقبلؿ ويعمؿ بجدية ،ويجد لنفسو
دو ار محدودا في الحياة ،وينمى في نفسو مفيوما عف الذات SelfConceptيكوف سعيدا بيذا المفيوـ ،ويصبح
ودودا دوف توت ار أو ذنب أو أسؼ أو بعد عف الواقعية ،ويصبح فخو ار بما يبتكر أو ينتج مف أوالد وبعممو أو ىواياتو
(ىيرش ترافيز ،1992 ،صفحة .)182
2.1آليات التنشئة االجتماعية :تستخدـ األسرة آليات متعددة لتحقيؽ وظائفيا في التنشئة اإلجتماعية ،وىذه اآلليات
تدور حوؿ مفيوـ التعمـ اإلجتماعي الذي يعتبر اآللية المركزية لمتنشئة اإلجتماعية في كؿ المجتمعات ميما اختمفت
نظرياتيا وأساليبيا في التنشئة ،وميما تعددت وتنوعت مضامينيا في التربية.
ولمتنشئة خمس آليات ىي:
-التقميد :فالطفؿ يقمد والديو ومعمميو وبعض الشخصيات اإلعبلمية أو بعض رفاقو.
-المبلحظة :يتـ التعمـ فييا مف خبلؿ المبلحظة لنموذج سموكي وتقميده حرفيا.
-التوحد :يقصد بو التقميد البلشعوري وغير المقصود لسموؾ النموذج.
-الضبط :تنظيـ سموؾ الفرد بما يتفؽ ويتوافؽ مع ثقافة المجتمع ومعاييره.
-الثواب والعقاب :إستخداـ الثواب في تعمـ السموؾ المرغوب ،والعقاب لكؼ السموؾ غير المرغوب.
(ترافيز ىيرش ،1992 ،ترجمة :محمد سبلمة غباري ،ص)182:
3.1أهداف التنشئة االجتماعية6
-غرس النظـ األساسية في الفرد :مسايرة قانوف المجتمع والنظاـ السائد.
-غرس الطموح في النفس :الرغبة في العمؿ والتديف والجد واإلجتياد في كسب الرزؽ.
-غرس اليوية في الفرد :اإلنتماء ليوية اآلباء.
-غرس اليوية القومية :لغة القوـ والعادات والتقاليد واألعراؼ واألنماط السموكية (معف خميؿ العمر،2004 ،
صفحة .)14
الدكتور 6فتح اهلل مسعد – الدكتورة 6زرزورة عبيد
4.1عالقة التنشئة اإلجتماعية بالعنف :يمكف تحديد العوامؿ البيئية المؤثرة في إنتاج ظاىرة العنؼ في ما يمي:
-طبيعة المجتمع :حسب خصائص المجتمع الذي تنتمي إليو المدرسة إذ يقوؿ "ىوربيتس" "إذا كانت البيئة
خارج المدرسة عنيفة فإف المدرسة ستكوف عنيفة".
-العوامؿ األسرية :تعتبر األسرة المسئوؿ األوؿ عف تنشئة الفرد وتكويف نمط شخصيتو فيي "اإلطار العاـ
الذي يغطي جميع األدوار التي يمعبيا الفرد عمى مسرح الحياة" (ىيرش ترافيز ،1992 ،صفحة .)182
-وسائؿ اإلعبلـ :لقد بينت المقاربة اإلعبلمية لمعنؼ أف لوسائؿ اإلعبلـ دور بالغ األىمية في التأثير عمى
شخصية اإلنساف (زيف الديف مصمودي ،2003 ،صفحة .)52
-الظروؼ اإلجتماعية واالقتصادية السائدة في المجتمع :ال يمكف عزؿ ما سبؽ مف الظروؼ اإلجتماعية عف
الظروؼ اإلقتصادية نظ ار لما ليا مف أىمية بالغة عف تأثيرىا المباشر في سموؾ الفرد.
.1العنف الرمزي واعادة إنتاجه6
1.1تشكالت العنف الرمزي:
عرؼ بيار بورديو مفيوـ العنؼ الرمزى فى مقالتو (القوة الرمزية ) 1979ىو"القدرة عمى فرض أدوات
المعرفة والتعبير لمواقع االجتماعي ،وىى تعسفية ولكنيا غير معترؼ بيا عمى ىذا النحو (أحمد عمر عمي حمدي،
،2022صفحة .)69
ِ
ومعاف معينة بوصفيا دالالت ومعاف شرعية ،واخفاء عبلقات كما عرفو بأنو " القدرة عمى فرض دالالت
القوة التي تمثؿ األساس الذي ترتكز عميو ىذه القدرة (أحمد عمر عمي حمدي ،2022 ،صفحة )38
تكمف خطورة ىذا الشكؿ مف أشكاؿ العنؼ في أنو"يتسمؿ بيدوء إلى شتى األنساؽ القيمية ،قبؿ أف يتمفصؿ
في البنية الثقافية والمرتكزات السوسيولوجية ،ويتبدى بعد ذلؾ عمى شكؿ ممارسات يقوـ الفاعموف اإلجتماعيوف
بشرعيتيا باعتبارىا ضرورة لحفظ المجتمع ووقايتو مف الفتف والشرور ،وبشكؿ يأخذ موافقة ضمنية مف الذيف يمارس
عمييـ ،وىو عنؼ إشكالي وظيفي ،وقد يحمؿ في ثناياه نزوعا أيديولوجي ،أو بعدا دينيا يحمؿ في ذاتو طابع
اإليديولوجيا،وىكذا تكوف كؿ سمطة في نظر بورديو تمثؿ عنؼ والمقصود ىنا ىو أف كؿ سمطة تتمكف مف تكريس
دالالت وتطاؿ فرضيا عمى أنيا شرعية لما ليا مف قدرة عمى إخفاء عبلقات القوة وفرض سيطرتيا ،وىو ما يعبر
بشكؿ عاـ عف أي نفوذ يتمكف مف فرض دالالت معينة ،وفي فرضيا بوصفيا دالالت شرعية حاجبة عبلقة القوة
التي تؤصؿ قوتو .وييدؼ العنؼ الرمزي إلى خمؽ حالة مف اإلذعاف عند اآلخر ،والذي غالبا ما يكوف بعيدا عف
السمطة أو يمثؿ أقمية تخضع ليذا النوع مف العنؼ بدرجات متفاوتة وفقا لوزنيا النسبي في المجتمع ،فيحاوؿ الطرؼ
العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية-عالقة تأثير واعادة انتاج
المسيطر فرض نسؽ مف األفكار والمعتقدات ،ويتسـ العنؼ الرمزي بالقدرة الدينامية عمى إنتاج معتقدات جديدة
ورسـ أطر أيديولوجية يمكنيا تكريس خطاب إجتماعي يرتكز عمى قواعد قيمية ويخرج مف منطمقات ثقافية يحددىا
الطرؼ المييمف ويقوـ بتوظيفيا وفقا لقناعاتو وأىدافو (.أحمد عمر عمي حمدي ،2022 ،صفحة )35
األبيتوس(الممكة أو الطبع) :ىو عبارة عف نسؽ اإلستعدادات التي ينشأ عمييا الفرد ويكتسبيا ،وىي تتعمؽ
بأربع مستويات :المعرفي ،الخمقي والجمالي ،وىيئة الجسد.
وعمى العموـ فاألبيتوس كنسؽ مف اإلستعدادات يعمؿ وفؽ آليات داخمية معقدة تكوف حدود النسؽ وتشكمو،
في استقبللية عف محيطو ،وتظير إلى العمف في ممارسات تعبر عف اليوية اإلجتماعية لصاحبيا وانتمائو ويعرؼ
بورديو األبيتوس كاألتي :أنساؽ مف االستعدادات المستدامة والقابمة لمنقؿ وأنيا بنى مبنية قابمة مسبقا لئلشتغاؿ
بوصفيا بنى مبنية ،أي باعتبارىا مبادئ مولدة ومنظمة لممارسات وتماثبلت يمكف ليا موضوعيا أف تتأقمـ مع
ىدفيا ،مف دوف افتراض رؤية واعية لمغايات والتحكـ الصريح في العمميات الضرورية (زىية دباب ،2021 ،صفحة
)141
1.1رأس المال الثقافي واعادة تشكيمه6
يقرر بورديو أف رأس الماؿ الثقافي يتشكؿ مف خبلؿ االلماـ واإلعتياد عمى الثقافة السائدة في المجتمع
وخاصة القدرة عمى الفيـ واستخداـ لغة راقية ويؤكد عمى أف امتبلؾ رأس ماؿ ثقافي يختمؼ باختبلؼ الطبقات وليذا
فإف النظاـ التعميمي يدعـ امتبلؾ ىذا النمط مف رأس الماؿ ...ويوجد لرأس الماؿ الثقافي في أشكاؿ متنوعة حيث
يشمؿ الميوؿ والنزاعات الراسخة والعادات المكتسبة مف التنشئة اإلجتماعية كما يمثؿ إمبريقيا في أشكاؿ موضوعية
مثؿ الكتب األعماؿ الفنية واألدبية والشيادات العممية وفي مجموعة مف الممارسات الثقافية مثؿ زيارة المتاحؼ
وارتياد المسارح وحضور ندوات وغير ذلؾ مف الممارسات المختمفة في مجاؿ الثقافة ومف ثـ ينتج أرس الماؿ
الثقافي ويوزع ويستيمؾ في مجاؿ خاص بو "مجاؿ الثقافة" وىو مجاؿ فكري مخصص لو منطقة خاصة وعممياتو
المميزة ومؤسساتو مثؿ النظـ التعميمية والجمعيات العممية والدورات ولو ىويتو وأيديولوجيتو في التبعية واالستقبللية
عف المجاالت االجتماعية األخرى (زىية دباب ،2021 ،صفحة .)144
بذلؾ يمكف القوؿ أف رأس الماؿ الثقافي ىو اروابط فكرية تتجسد في شكؿ الممارسات بيف أفراد المجتمع
ومف نمط التفاعؿ بيف الفاعميف اإلجتماعييف بمختمؼ مكوناتيـ ،فإذا ما اخترقت ىذه الثقافة ببمارسات دخيمة،
وبأفكار التتوافؽ والبناء الثقافي-خاصة أف العولمة الثقافية وظيفتيا توحيد الثقافات بمبدأ سيطرة ثقافة القوي وازالة
ثقافة الضعيؼ -وىذا مايؤدي تديريجيا الى حدوث اإلنسبلخ الثقافي ،ومف الممارسات الموصمة ليذه النتيجة العنؼ
الدكتور 6فتح اهلل مسعد – الدكتورة 6زرزورة عبيد
الرمزي بمختمؼ أشكالو والذي يتضمف في غالب األحياف فمسفة تربوية وقيـ مناقضة بؿ تشكؿ نواة الصراع القائـ
في مجتمعنا في الوقت الراىف.
يمارس العنؼ الرمزى باستخداـ الرموز والدالالت والمعاني لمسيطرة عمى األخر وفرض الييمنة عميو ،ويأخد
ىذا النوع مف العنؼ صورة رمزية خفية ممتبسة تمكف ممارسيا مف الوصوؿ إلى غايتو وتحقيؽ ما يصبو إليو مف
سيطرة وىيمنة دوف المجوء إلى القوة الواضحة والمعمنة ،مثؿ العنؼ الثقافى والعنؼ األخبلقي والعنؼ المغوى والعنؼ
السياسي والعنؼ اإليديولوجي.
وأوضح ذلؾ المفكر الفرنسي ريكور Ricoeurأف" ىذا العنؼ يتجو فى مساره ،بصورة مباشرة أو غير
مباشرة إلى السيطرة عمى األخر والييمنة عمى مقدرات وجوده ويتغمغؿ ىذا النوع مف العنؼ فى مختمؼ تجميات
الحياة السياسية واإلجتماعية والفكرية منذ أقدـ العصور ،ففى الحياة اليومية ،غالبا ما يتـ استخداـ وسائؿ متعددة فى
السيطرة عمى قموب األخريف واستمالتيـ وكسبيـ مثؿ الكممة الطيبة والموقؼ النبيؿ واإلبتسامة واليدية واليدية
واإلشارة والمعنى والمديح وذلؾ لكسب قموب الناس واستعبداىـ (أحمد عمر عمي حمدي ،2022 ،صفحة .)39
1.1إعادة إنتاج العنف الرمزي6
يعتبر مفيوـ إعادة اإلنتاج مفيوما جوىريا فى نظرية بورديو السوسيولوجية ،بؿ ويشكؿ نقطة إلتقاء مركزي
قد نبالغ إذ قمنا أف ىذا المفيوـ" ،يأخذ مكاف المفاىيـ األخرى فى نظرية بورديو وباسروف السوسيولوجية ،وىذا يعنى
أف مفاىيـ اليابيتوس و أرس الماؿ الثقافي والعنؼ الرمزى واإلقصاء اإلجتماعي وسمطة المغة ،ىى مفاىيـ تتمحور
حوؿ مسألة إعادة اإلنتاج ،مف جية أخرى اليمكف فيـ مقاربة نظرية بورديو حوؿ إعادة اإلنتاج ،أو حتى نمط
اشتغاؿ أي نسؽ ،بمعزؿ عف مفاىيـ أخرى تدخؿ ضمف سياؽ إعادة اإلنتاج و تعتبر آليات يشتغؿ عمييا النسؽ مف
أجؿ إعادة إنتاجو (أحمد عمر عمي حمدي ،2022 ،صفحة .)45
كما قدـ بورديو في نظريتو حوؿ العنؼ الرمزي أليات ميمة تغذي ىذا العنؼ ،منيا كما سبقت اإلشارة،
المدرسة والمغة ،لكنو في ىذا المقاـ يقدـ آلية أخرى ال تقؿ أىمية في المجتمع الحداثي الذي وسـ نفسو بنفسو،
بكونو "مجتمع المعرفة أو المعمومات" ،يتنبو بورديو ليذا الجانب فيقدـ لنا بيذا الخصوص دراسة جادة جاءت
بعنواف :التمفزيوف وآليات التالعب بالعقوؿ ،وىذه العبارة تذكرنا ضمنا بما قدمو "ىاربيرت شيممر" في كتابو "المتالعبوف
بالعقوؿ" ،والذي يقوؿ فيو" يقوـ مديرو أجيزة اإلعبلـ في أمريكا بوضع أسس عممية لتداوؿ"الصور والمعمومات"
ويشرفوف عمى معالجتيا وتنقيحيا واحكاـ السيطرة عمييا ،تمؾ الصور والمعمومات التي تحدد معتقداتنا ومواقفنا ،بؿ
وتحدد سموكنا في النياية (أحمد عمر عمي حمدي ،2022 ،صفحة )46
العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية-عالقة تأثير واعادة انتاج
ىكذا ينظر بورديو إلى وسائؿ اإلعبلـ الجديدة كآلية مف آليات ممارسة نوع مف العنؼ الرمزي ،الذي واف لـ
يتبدى بشكؿ مادي واضح فإنو يكوف عنؼ رمزي موجيا موجيا بالخصوص لمطبقات الدنيا التي تعاني مف ىوة
واسعة ،إذ باستطاعة التمفزيوف إذا ما استعمؿ لتحقيؽ التوازف بيف الطبقات أف يصمح بينيا وأف يقمص ىذا البوف
الميوؿ ،إال أنو واف استعمؿ إلبقاء النظاـ فإنو يكوف وسيمة لمحفاظ عمى الوضع والضغط عمى الفئات اليشة
لضماف الطاعة والخضوع ،كما يرى "بورديو" في كتابو الييمنة الذكورية ،أف الذكورية وىيمنتيا في المجتمع بشكؿ
كبير صورة مف صور العنؼ الرمزي ،لكف بشأف التطبع وتوارث األفكار والممارسات أصبحت تبدوا لممجتمع شيء
طبيعي (أحمد عمر عمي حمدي ،2022 ،صفحة .)46
ومف ىنا يمكننا القوؿ أف كثير مف الممارسات العنيفة قد شكمت في المجتمع وأصبحت جزء مف البناء
اإل جتماعي وصارت مؤلوفة ،وتحمؿ الناس عناء مجابيتيا ،إال أف الحقيقة في األمر أف أنماط العنؼ الرمزي في
المجتمع مرت بمراحؿ عدة وتطورت عبر استعماؿ وسائؿ مختمفة مف أجؿ ترسيخو ،واليدؼ منو ضرب منظومة
القيـ واحداث الصراع داخؿ المجتمع.
فمما نتكمـ عف العنؼ الرمزي نتكمـ عف خطورتو األكثر مف جانب المؤسسات الغير الرسمية التي تعزز
وجودىا واكتسبت قوة مف خبلؿ اإلنفتاح والعولمة الثقافية التي تقوـ بعمميا عف طريؽ ترسانتيا اإلعبلمية بالسيطرة
مف جية واضعاؼ المؤسسات الرسمية لممجتمع مف جية أخرى ،مما جعؿ المؤسسات الرسمية في حالة تأىب
ودفاع بؿ في كثير مف األحياف تتأثر ىي في حد ذاتيا نتيجة الصمود الطويؿ وضعؼ إمكانياتيا المادية والمعرفية
وضعؼ تأثيرىا في الجموع مف خبلؿ انعداـ منيجية االقناع واالحتواء.
فمما نتكمـ عف العنؼ الرمزي نتكمـ عف ظاىرة خطيرة تغزو المجتمع الجزائري ،ظيرت نتائجيا مف خبلؿ
السموؾ الجمعي لؤلفراد والذي يحدد حجـ العنؼ في كؿ حيف ولحظة ،فأشكاؿ العنؼ الرمزي لـ تولد بالصدفة وانما
ىناؾ تطور عمى مستوى التفكير ثـ عمى مستوى الخطاب ثـ عمى مستوى السموؾ ،فكثير مف اآلباء واألجداد
يعترفوف بأف المجتمع كاف مسالما ومتماسكا الى حد بعيد ،لكف في الوقت الراىف نجد ىناؾ إحتقاف كبير وتصدع
وحقد تفسره المغة والمزاج الذي يظير في اإلشارات والرموز والقذؼ والتجريح والتخويف...الخ.
1.1نماذج من العنف الرمزي في الكرتون(تغيير في المفاهيم وزيادة في التأثير)
1.1.1العنف :المتتبع ليذه البرامج يجد أف في غالبيا قائمة عمى العنؼ ،وأنيا تحولت مف برامج تحمؿ في
مضمونيا رسائؿ الحب والتعاوف واالخاء التي يتميز بيا األطفاؿ في براءتيـ ،الى مجاؿ لمعنؼ والخصاـ والشجار،
تحت غطاء البطؿ أو المنتصر لمخير أو قوى الخير وقوى الشر ،رغـ أف ىذه الفمسفة تفوؽ تفكير الطفؿ ،وبالتالي
الدكتور 6فتح اهلل مسعد – الدكتورة 6زرزورة عبيد
تأثر عميو وتجعؿ منو شخص ميتـ بيزيمة الغير والتفوؽ عميو في الشجار ،وىذا أصبح ظاىر في مجتمعنا وذلؾ
مف خبلؿ األ لعاب التي يختارىا الطفؿ لمتسمية فبدؿ ما كاف االطفاؿ يبحثوف عف العاب تتمثؿ في الدمى والسيارات
والحيوانات ،أصبحوا ميتميف بشراء العصي والسيوؼ ،...وىذا إذا دؿ انما يدؿ عمى عمى سموؾ ناتج مف تفكيره
ورغباتو التي تأثرت بالبرامج التي يراىا جيدة خاصة لما تكوف برعاية والدية.
1.1.1إمتالك سالح أو آالت حادة :وىذا العنصر يكمؿ الذي قبمو ويفسره ،فمختمؼ البرامج الكرتونية في ىذه
القناة قمنا فييا عنؼ ،اضافة الى ذلؾ العنؼ الذي يرتكب بسبلح ناري أو أدوات حادة أو طاقات خارقة ناتجة نتيجة
قوى خفية ،وىذا يأثر عمى الطفؿ باعتبار أف األطفاؿ دوما يحتاجوف إلى معمـ ومربي والى قدوة ،ويكوف صاحب
الحظ األوفر ىو مف يممؾ طريقة تتوافؽ و ميوالت األطفاؿ خاصة في التسمية والمعب واإلثارة ،وبالتالي ىذه البرامج
توجو الطفؿ إلى أف القوة والشجاعة والتفوؽ مبني عمى إمتبلؾ سبلح وتدمير الغير وليس عمى المنافسة الشريفة.
وىذه الطباع المميمة مف ىذه البرامج ستكوف جزء مف شخصية الطفؿ في المستقبؿ ،فيصبح ال إراديا لو
رغبة في امتبلؾ سبلح واستعمالو دوف أي حرج أو ذنب.
1.1.1لغة القوة كبديل لمقيم :أيضا مف بيف المبلحظات المسجمة في ىذه البرامج ىو لغة القوة السائدة سواء
الييئة أو األلفاظ أو المواقؼ وحتى األفعاؿ والرموز والتي تروج عمى أنيا قوى السبلـ و أنيا ستيزـ الشر وتنشر
الحب ،لكف الغير واضح ما ىو مفيوـ الخير ومفيوـ الشر في ىذه البرامج ،حقيقة مف أنجع الطرؽ لمتأثير في
األطفاؿ أف تجعؿ منو آ لة ينفذ األوامر التي ستكوف معدة سمفا والتي ستأثر عميو وذلؾ مف خبلؿ طريقة البرمجة
العصبية بعد غسيؿ العقؿ طبعا ،ويتـ غسيؿ العقوؿ بتغييب القيـ والمبادئ وخاصة الديف ،وبالتالي يتكوف لدى
الطفؿ فكرة استعماؿ القوة ليس بدافع قيمي كالدفاع عف األرض والشرؼ والديف والقيـ...الخ ،بؿ لتحقيؽ غايات
صنِعت
مادية أو الحصوؿ عمى ممذات تحقؽ اإلشباع العاطفي أو الروحي كما تمقاىا وشاىدىا ،فيذه األفبلـ قد ُ
أكبر مراسـ الكرتوف ٍ
لغير ببلدنا ،وفي غير بيئتنا ،ولثقافة غير ثقافتنا ،وفي مجتمعات تختمؼ عف مجتمعاتنا ...و َ
ْ
كانت في الياباف ،و ِمف قبميا كانت في شركات (تيرنر ،وورنر ،وحنا بربارة) في أمريكا ،وشركة (والت ديزني) في
الفترة األخيرة (عماد الديف الرشيد.)2022 ،
ىذه الشركات كميا غير عربية ،وأفبلـ الكرتوف تُحاكي ثقافة أصحابيا ...لحاجات البيئة الغربية ،لحاجات
الثقافة الغربية ..وال يخفى أف بيننا وبينيـ خبلفاً ثقافياً ،والسيما في كوف الوحي أحد مصادر المعرفة في ثقافتنا
العممنة في ببلدىـ وأعمنوىا مرجعية ثقافية
اإلسبلمية ،بينما ال نجد لمغيب مكانة في بنائيـ المعرفي ...فابتكروا َ
ألجياليـ.
العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية-عالقة تأثير واعادة انتاج
1.1.1لغة الجسد التي تدعو لمشذوذ والمثمية 6أيضا ما الحظناه في ىذه البرامج ىو طريقة المباس وحبلقة
الشعر والتشابو بيف الذكور واإلناث إضافة إلى الرموز الماسونية كالعيف الواحدة والمثمث والنجمة السداسية وحركات
اإلثارة ،وصوال إلى عرض القبؿ وىذا ماحدث في فيمـ ديزني" اليت يير" والذي أحدث ضجة وغضب في البمداف
العربية وتـ منعو في كثير منيا (سممى نبيؿ.)2022 ،
كذلؾ بالنسبة لمباس المتمثؿ في تنورات قصيرة أولباس ممزؽ وكذا قصات الشعر المموف باألحمر واألصفر
واألزرؽ وأشكاؿ عيوف غريبة وفي بعض األحياف عمى شكؿ عيف القط وأحيانا بعيف واحدة ،باإلضافة إلى إلغاء
خصوصيات الجنس فالبنات والذكور في ىذه البرامج ليـ نفس الخصائص الجسمية والنفسية بؿ أحيانا يصوروف
عمى أف البنات أكثر قوة مف الذكور أو أف البنت تمثؿ الخير والذكور يمثموف الشر ،كؿ ىذه الطرؽ واألساليب
ليست بريئة وانما تعمؿ عمى مسخ القيـ مف المجتمعات االسبلمية وتحطيـ القيـ ،والدفع باألطفاؿ الى البلجنسية
والى الشذوذ والمثمية ،ولؤلسؼ ىذه السموكيات والمظاىر أصبحت مبلزمة لكثير مف أطفاؿ اليوـ وشبابيـ ،في حيف
الى وقت قريب لـ تكف موجودة ،فالعولمة الثقافية والتكنولوجيا كاف ليا تأثير سمبي في ىذا المجاؿ ،وكما قمنا ىذا
راجع الى الطريقة والخطة المدروسة واليادفة الى تحقيؽ غاية معينة.
وقد أشار المقاؿ المنشور في موقع "إسبلـ واي" ( )2005تحت عنواف "أفبلـ الكرتوف نظرة فاحصة" ،اعتبر
أف غالبية أفبلـ الكرتوف التي يمتصؽ بيا صغار العرب "ما ىي إال حكاية عف واقع ينقؿ خزايا المجتمعات الغربية
وعرييا وسقوطيا األخبلقي والديني إلى أذىاف أطفالنا ،مما يدخميـ في دوامة الصراع بيف ما يروف وما يعيشوف مف
مثؿ وقيـ ،وأفكار وحضارات ،وىو ما يجعميـ في حيرة وتذبذب( ".أمينة خيري)2022 ،
خاتمة6
العنؼ الرمزي الذي يمارس في العممية اإلتصالية يؤثر عمى التنشئة اإلجتماعية لمفرد ،ألف كؿ سموؾ
مؤلوؼ فيو طبيعي ،وبما أف اإلنساف مدني بطبعتو وابف بيئتو ،فيو ينشأ عمى مايسمعو ويراه وبالتالي سيصؿ إلى
مستوى إخراج ىذه الننشئة وفؽ المواقؼ والجماعة والسف ،وبالتالي يؤثر في جماعتو ويتفاعؿ ميـ بالتأثير والتأثر،
وىنا يحدث إ عادة انتاج لمعنؼ الرمزي وتتوسع فئاتو وتكثر عواممو وألياتو خاصة مع التطور الباىر في وسائؿ
التواصؿ التي اختصرت المسافة والزمف وبالتالي ينسمخ المجتمع شيئا فشيئا عف قيمو ومعاييره ،ويفقد رأسمالو
الثقافي بؿ األخطر ىو إعادة تشكيمو وفؽ فمسفات دخيمة ،ممنيجة ومدروسة وىادفة لتمييع أفراد المجتمع وىنا نشير
الى حديث النبي صمى اهلل عميو وسمـ الذي رواه أبو سعيد الخدري رضي اهلل عنو قاؿ :قاؿ رسوؿ اهلل صمى اهلل
الدكتور 6فتح اهلل مسعد – الدكتورة 6زرزورة عبيد
عميو وسمـ":لتتبعف سنف مف كاف قبمكـ حذو القذة بالقذة حتى لو دخموا جحر ضب خرب لدخمتموه" (إسبلـ
ويب ،)2000،وىذا فيو داللة عمى قوة المؤثرات التي تستعمؿ مف طرؼ بعض القوى في استمالة الشباب واألطفاؿ
مف أجؿ انسبلخيـ عف دينيـ وىويتيـ وثقافتيـ ،وىذا بطبيعة الحاؿ تحقؽ عندما أصبحت أليات ىذه المؤسسات
وعمى رأسيا وسائؿ اإلعبلـ مؤثرة أكثر مف األسرة والمدرسة ،مما شكؿ صراع وتصدع عمى مستوى منظومة القيـ،
وبرز ىذا في خطاب الكراىية والتنابز والتممؽ والتميع وظيور المثمية والدفاع عنيا...الخ ،وىي أشكاؿ متقدمة مف
العنؼ الرمزي الذي ييدد كياف المجتمعات عامة والمجتمعات المسممة خاصة ،بذلؾ يمكف القوؿ أف الوقاية الفكرية
أولى الحموؿ لمجابيـ العنؼ الرمزي ،فمؤسسات التنشئة االجتماعية بداية مف األسرة والمدرسة وصوال إلى وسائؿ
اإلعبلـ ليا مسؤولية كبيرة في مجابية العنؼ الرمزي وذلؾ مف خبلؿ مراجعة مواطف الخمؿ واصبلح برامجيا
ومنيجيتيا و مضامينيا مف أجؿ حماية األفراد والمجتمع مف التعولـ الثقافي واإلنسبلخ عف قيمنا الدينية الحضارية
والثقافية.
قائمة المراجع6
ابف منظور محمد بف مكرـ ،)1993( ،لساف العرب ،دار الكتب العممية،ج ،1بيروت.
-السيد عبد العاطي واخروف ( ،)2002األسرة والمجتمع ،دار المعرفة الجامعية ،االسكندرية.،
-حسيف عبد الحميد أحمد رشواف ،)2004( ،األسرة والمجتمع ،مؤسسة شباب الجامعة ،مصر .
-4حسف محمد حسف ،وآخروف ،)2006( ،األسرة والمجتمع ،دار المعرفة الجامعية ،القاىرة.
-5ترافيز ىيرش ،)1992( ،أسباب جنوح األحداث ،ترجمة :محمد سبلمة غباري ،ط ،2المكتبة الجامعية الحديثة،
اإلسكندرية.
-6معف خميؿ العمر ،)2004( ،التنشئة االجتماعية ،دار الشروؽ لمنشر والتوزيع ،ط ،1عماف ،األردف.
-07خميؿ أحمد خميؿ ،دس ،المفاىيـ األساسية في عمـ النفس االجتماع ،دار الحداثة لمطباعة ،بيروت.
-08إيياب عيسى المصري ،طارؽ عبد الرؤوؼ محمد ،)2014( ،العنؼ المدرسي ،ط ،1مؤسسة طيبة لمنشر
والتوزيع ،القاىرة.
-09أحمد رشيد عبد الرحيـ زيادة (،دس) ،العنؼ المدرسي بيف النظرية والتطبيؽ ،دار الوراؽ لمنشر والتوزيع،
األردف ،عماف.
) ،العنؼ األسري :الجريمة والعنؼ ضد المرأة ،دار المدى لمثقافة والنشر ،الطبعة -10ليمى عبد الوىاب( ،
األولى ،القاىرة.
العنف الرمزي و التنشئة االجتماعية-عالقة تأثير واعادة انتاج
-11بيير بورديو ،جاف كمود باسروف ،)2007( ،إعادة اإلنتاج :في سبيؿ نظرية عامة لنسؽ التعميـ ،ترجمة ماىر
تريمش ،المنظمة العربية لمترجمة ،بيروت.
-12عمي نوح ،)2009( ،العنؼ اإلعبلمي ،سيكولوجية العدواف نفسيا واجتماعيا،
-13عبد الرحماف العيسوي ،)1985( ،سيكولوجية التنشئة االجتماعية ،دار الفكر الجامعي ،القاىرة.
) )14-Robert(Paul ( ،l’enrober an alphabétique et analogique de la langue
française société ، du nouveau (SNL) paris.
-14حمداوي طيب ،(2016-2015) ،العنؼ في الوسط المدرسي وعبلقتو بالتنشئة األسرية ،شيادة ماجستير
عمـ اجتماع اإلجراـ قسـ عمـ االجتماع ،جامعة وىراف ،الجزائر.
-15يسمي نبيمة ،(2009-2008 )،العنؼ ضد المرأة بيف واقع التربية والرجمة،رسالة ماجستير في عمـ
االجتماع،قسـ عمـ االجتماع ،جامعة الجزائر.
-16أحمد عادؿ عبد الفتاح محمد ،)2018( ،العنؼ الرمزي المدرؾ بوسائؿ اإلعبلـ الجديد وعبلقتو بمفيوـ الذات
واألمف النفسي لدى الشباب المصري ،دراسة ميدانيةarab media & society ،
-17زىية دباب ،)2021( ،قضايا ومفاىيـ سوسيولوجيا التربية في فكر بير بورديو ،مجمة دفاتر المخبر ،المجمد
،16العدد ،01جامعة بسكرة،الجزائر.
-18أحمد عمر عمي حمدي، )2022( ،إعادة إنتاج العنؼ الرمزي عبر أليات شبكات التواصؿ اإلجتماعي ،مجمة
كمية االداب بقنا ،العدد ،54الجزء الثاني ،كمية األداب ،جامعة جنوب الوادي ،مصر.
-19عائشة لصمح ،2016 ،العنؼ الرمزي عبر الشبكات االجتماعية اإلفتراضية ،مؤمنوف ببل حدود ،مؤسسة
دراسات وأبحاث.
– ،27مركز اإلنماء القومي ،بيروت. -20مجمة الفكر العربي المعاصر ،)1983(،العدد
-21عمي حسيف عايد ،2016 ،العنؼ الرمزي المدرؾ وعبلقتو بالعجز المتعمـ لدى طمبة الجامعة ،العدد،41 :
مجمة مركز دراسات الكوفة.
-22زيف الديف مصمودي 10/9( ،مارس ،)2003مدخؿ نقدي لتفسير ظاىرة العنؼ ،مداخمة في الممتقى الدولي
األوؿ حوؿ العنؼ والمجتمع ،جامعة محمد خيضر بسكرة ،الجزائر.
-23أمينة خيري (،األربعاء 22يونيو ،)2022العرب يواجيوف مجتمع الميـ
https://www.independentarabia.com/node/344096/،
الدكتور 6فتح اهلل مسعد – الدكتورة 6زرزورة عبيد
-24سممى نبيؿ ، )2022/06/23(،فيمـ " "light yearىؿ تكتب "المثمية" شيادة وفاة ديزني بمس؟،
https://www.aljazeera.net/midan/art/cinema
-25عماد الديف رشيد ،)2022(،آثار أفبلـ الكرتوف عمى أطفالنا،
http://www.saaid.net/tarbiah/248.htm
-26إسبلـ ويب ،)2000(،شرح حديث(لتتبعف سنف مف قبمكـ)،
https://www.islamweb.net/ar/fatwa/2316/