Professional Documents
Culture Documents
*** ***
PART-27
اإلسالم وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة
ِّ الفوارق الصارخة بني
The stark differences between Islam and Müslümanlik
أتليف
فريد صالح اهلامشي
Copyright©2018 by
Feriduddin AYDIN
feriduddin@gmail.com
إسطنبول2022-م.
al_ibar.publishing@yahoo.com
اإلسالم وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة
ِّ الفوارق الصارخة بني
نفسهُ؟!" ِّ
اإلسالم َوال ُْم ْسلُ َمانيَّةُ ( )Müslümanlikمها الشيءٌ ُ
ُ "هل
ِّ
اإلسالم -قد استيقنوا ،أو ابألحرى أغَ َّرْتُ ْم من الغريب أن األتراك -وهم يف بداية تعرفهم على
اإلسالم َوال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ ( )Müslümanlikمها
َ عصاابت صوفيةٌ بدعاايتم اخلادعة لفرتة طويلة أب َّن
ٌ
املعتقدات الباطلهُ عالقةً بضمائرهم ورسخت فيها مع الزمان ،فظنوا أهنا ُ نفسهُ ،فباتت هذه
الشيءُ ُ
من صميم اإلسالم ،فتصلبت ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ ( )Müslümanlikهكذا يف نفوسهم حبكم اإلصرار على
فممارسة طقوسها وخرافياتا لقرون .هذه الداينةُ املختَ لَ َقةُ هي يف الواقع نتاج حركة انتقامية استُ ْه ِّد َ
ت مالبساتُا مبهارة عن اجلمهور طوال عصور الظالم .هذه احلركة- ،على هبا اإلسالم ،وقد ِّ
أخفيَ ْ ُ
رس الذين انتقموا من اإلسالم ،فامتثل هبم القياديون األتراك حق ًدا األرجح -قد استُلهمت من ال ُف ِّ
اعتناق اإلسالم ،فلم يلبث حىت أغضوا عن ِّ وإجبارِّه ْم على
ِّ بالدهم،
احتالل األمويني َِّ وسخطًا على
احلنيف ومسوه ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ .Müslümanlikهكذا مت اختالق هذه الداينة َ الصوفية الذين زوروا الدين
اعتقادهم) كرد فعل على احتالل األمويني ملنطقة تركستان ِّ بعزهلا عن "اإلسالم العريب" (على حد
الفارسي" يف الوقت ذاته ،فانتظمت هي يف النهاية
ِّ متمييزا هلا عن "التشيُّع
عام 707م .وكان ذلك ً
كداينة قومية خاصة ابألتراك.
***
ٍ
ورصينة وضعها للا حمكمةٍ ،
وثيقة، ٍ ونظام عاملي يقوم على ٍ
أسس دين، إ َّن
ٌ اإلسالم رسالةٌ خالدةٌ ،و ٌ
َ
سبحانه وحددها يف القرآن الكرمي بطريق وحيه إل حممد عليه الصالة والسالم ،يدعو إل التعاون
على الرب والتقوى ،يهدي لليت هي أقوم ،وينشد من أجل السالم والوائم واحلياة الطيبة .وجتدر التأكيد
اإلسالم ،ليس هو بداين ٍة روحانية حمصورة بني املقربة واملَعبَ ِّد كما تتصوره
َ هنا مبسؤولية كبية على َّ
أن
وتعتاده اجملتمعات يف عصران -بل على عكس ذلك ،إنه دين يشمل كل جماالت احلياة اإلنسانية
ِّ
املبادئ والقوانني .هلذا السبب ،من ٍ
سلسلة من بتشريعاته وتعليماته وإرشاداته وإصالحاته ،قائم على
الضروري دراسة املقارانت التالية بعناية وجدية من أجل استيعاب مفهوم اإلسالم على حقيقته
والتمك ِّن من التفريق بينه وبني الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة املُختَ لَ َق ِّة .وملتابعة هذه املقارنة برتتيب علمي ،فقد
ُّ
مت فرز عملية املقارنة حسب أمهية املوضوعات على النحو التايل:
)1أوالً؛ اإلسالم هو دين التوحيد (مبين على أساس اإلميان بوحدانية للا تعال وابليوم اآلخر.).
االسالم فحسب ،وليس هو ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ " "Müslümanlikعلى اإلطالق" .إِّ َّن
ُ واسم هذا الدين هو
دين الفطرة اليت الدين ِّعْن َد َِّّ
اّلل ِّْ ِّ
اإل ْس َال ُم "...كان هذا هو امسَهُ عرب اتريخ البشرية ومل يتغي أب ًدا ،فهو ُ
1
َ
للا من آدم إل ٍ
حممد عليهم الصالةُ والسالم، مجيع رس ِّل ِّ
َ فطر للا الناس عليها ،فقد كانت دعوةُ ِّ ُ ُ
2
كانت دعوتُم إل اإلسالم احلنيفَ .مثَّ أدلةٌ على هذه احلقيقة يف مواطن كثية من القرآن الكرمي،
وهي يف الوقت ذاته من أقوى الرباهني على أن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ " "Müslümanlikال متت أبي صلة إل
اإلسالم أب ًدا.
أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ " ،"Müslümanlikفإهنا على عكس اإلسالم داينةٌ روحانيَّةٌ قوميةٌ ُُمتَ لَ َقةٌ ،معتنقوها
(أي ال ُْم ْسلُ َمانِّيُّون) يعبدون آهلةً من دون للا ،وإن مل يصفوها ابأللوهية ،إالَّ أهنم حيافظون على
اعتقادهم ابآلهلة مما يدل على أهنم مشركون ابهلل يلجئون إل ضروب من احليل يستحيل لغي الباحث
أن الفوضى السائدة على معتقدات ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني تكشف احملرتف أن يدرك مقاصدهم بسهولة؛ إالَّ َّ
يسمى "ال ُقبُوريةَ" يف أدب أهل
َّ كبيا من أسرار نزاعهم خاصة منها ما يتعلق ابمليت .وهذا ما
جزءًا ً
التوحيد املعاصرين .وقد تناوهلا كثي من الكتاب والباحثني يف مؤلفاتم ومقاالتم لكنهم جتاهلوا نسبتها
إل الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة رمبا ُّ
حتفظًا ملا قد تناهلم مساءةٌ من ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني.
ول َش ِّهي ًدا ني ِّم ْن قَ ْب ُل َوِّيف َه َذا لِّيَ ُكو َن َّ
الر ُس ُ ِّ
يم ُه َو َمسَّا ُك ُم ال ُْم ْسل ِّم َ
ِّ ِّ َّ ِّ الد ِّ ِّ
ين م ْن َح َر ٍج ملةَ أَبي ُك ْم إِّبْ َراه َ
ادهِّ ُهو اجتَ با ُكم وما جعل عَلَي ُكم ِّيف ِّ
َ ْ َ ْ ََ َ َ َ ْ ْ
ِّ
اّلل ح َّق ِّج َه ِّ ِّ
* َو َجاه ُدوا ِّيف َّ َ
ّلل ُهو موَال ُكم فَنِّ ْعم الْمو َل ونِّ ْعم الن ِّ ِّ ِّ عَلَي ُكم وتَ ُكونُوا ُشه َداء عَلَى الن ِّ ِّ
َّصيُ[ ".احلج]78 : الزَكاةَ َوا ْعتَص ُموا ِّاب َّ َ َ ْ ْ َ َ ْ َ َ َّالةَ َوآتُوا َّ
يموا الص َ
َّاس فَأَق ُ َ َ ْ َْ
ِّ ِّ ِّ ِّ ض أَنْ َ ِّ السماو ِّ يل ْاأل ِّ ِّ ِّ ِّ ب قَ ْد آتَ ْي تَ ِّين ِّمن ال ِّ
ت َوليِّي ِّيف الدُّنْ يَا َو ْاآلخ َرة تَ َوفَِّّين ُم ْسل ًما َوأَ ْحلِّْق ِّين ِّابلصَّاحلِّ َ
ني[ ".يوسف: ات َو ْاأل َْر ِّ ْملْك َو َعلَّ ْمتَ ِّين م ْن َأت ِّْو ِّ َ
َحاديث فَاط َر َّ َ َ َ ُ * " َر ِّ
]101
اّلل أَ ْن ي ْه ِّديهُ ي ْشرح ص ْدرهُ لِّ ْ ِّْل ْس َالِّم ومن ي ِّر ْد أَ ْن ي ِّ
ضلَّهُ ََْي َع ْل ِّ ٍ ٍ
ُ ََ ْ ُ املؤمن املوح ُد بسهولة ابلغة " .فَ َم ْن يُ ِّرد َُّ َ َ َ َ ْ َ َ
ين َال يُ ْؤِّمنُو َن". َّ ِّ اّللُ ِّ الس َم ِّاء َك َذلِّ َ
ك ََْي َع ُل َّ ضيِّ ًقا َح َر ًجا َكأَََّّنَا يَ َّ
صعَّ ُد ِّيف َّ
3
س َعلَى الذ َ الر ْج َ ص ْد َرهُ َ
َ
إن مستوى التعليم يف اجملتمعات ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة منخفض للغاية؛ ال ننس أن هذه احلشود اليت تقيم َّ )3
املدن املزدمحة ،بينما كانت يف ماضيها قبائل من الرحل تعيش حياة ط ِّ اليوم يف املبان الفاخرة َو َس َ
تتنقل من ٍ
واحة إل أخرى عرب السهوب ،تنتجع منابت الكل وتراتد مواقع الْ َقطْ ِّر ...فال البدوُ َّ ،
اإلسالمي
ِّ ستبع ُد أن يكون أحد منهم قد مل يسمع حىت كلمة (الوحي) يف كل حياته على مدى العهد يُ َ
لعدة قرون .لذلك فإن الْ ُم ْسلُ َمانِّيني اليوم ،رغم ما يشهدون من قفزات هائلة يف العلوم والتكنولوجيا،
وتغيات وتطورات وتوسعات مبهرة ،يعانون من عجز شديد يف التغلب على طابعهم اجلاهلي وعقليتم
البدوية وهجر معتقداتم املوروثة من عهد ما قبل اإلسالم.
أن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ " "Müslümanlikال أساس هلا من الوحي. وإذ نقارن بني اإلسالم و ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ،نرى َّ
بل إهنا كما ذكران عدة مرات على سبيل التنبيه فيما سبق ،هي بنيةٌ صوفيةٌ تَ ْوفِّ ِّيقيَّةٌ (مضادةٌ للت َّْوقِّ ِّيفيَّ ِّة)
سةٌ من ِّ
جتميع أجزائها من دايانت وفلسفات وأفكار عديدة ،وأكثر مصطلحاتا وآداهبا مقتَ بَ َ ُ قد مت
اإلسالم.
ٍ
عظيمة ٍ
مفرطة من تعاليم اإلسالم عرب قرون ،قد أدت إل مشاكل إن تغذية هذه الداينة ابقتباس ٍ
ات َّ
يف عصران .هذه الداينة اليت ورثت العدي َد من رواثب البوذية والشامانية والزرادشتية واليهودية
قروان وراء ستار متضافرة من شعائر الدين احلنيف،
واملسيحية وتقاليد ما قبل اإلسالم ،قد اختفت ً
مثل الصالة والصوم واحلج وتالوة القرآن وغيها ...فال يكاد اليوم أحد مييزها عن اإلسالم .ومن
اخلطر مبكان ظهور ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّة " "Müslümanlikحتت هذا الستار الزائف واخلادع ،ألهنا تلتبس
على الناس يف هذه الصورة الكاذبة فال ينجو أحد من الوقوع يف طينها إالَّ من رحم ريب.
ٍ
جامعة ،تنعكس يف مجيع أشكال السلوك يف احلياة االجتماعية لْلنسان. )4لْلسالم نزاهة بِّ ُكلِّيَّ ٍة
وقد ورد التعريف حلدود هذه النزاهة الفريدة ضمن شرح مصطلح هام يف مصنفات اجملتهدين األوائل.
كل ما
عىن بهُّ :
وقد اتفقت كلمةُ مجيع اجملتهدين على تسمية ذلك املصطلح ب "أفعال املكلفني" ،ويُ َ
عمل أو اعتقاد؛ تنحصر يف تسعة مفاهيم حامسة يف احلكم على كلقول أو ٍ يصدر عن ِّ
العباد من ٍ
هذه املفاهيم األساسية لْلسالم ال عالقة هلا ابل ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة إطالقًا ،ويتم تنفيذها وفق قانون «التوقيفية»
متاما .وعلى رغم ما قد يدافع ِّ
َّأما ال ُْم ْسلُ َمانيَّةُ " "Müslümanlikفإهنا خالية من مبدأ «التوقيفية» ً
معرتف هبا يف ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ،فإن ذلك ال يقوم على أساس من الصحة .يدل ٌ البعض أن «التوقيفيةَ»
ني َيهلون هذا القانون وينتهكون حدوه بتجاوزات متكررة على هذه احلقيقة أن ماليني الْ ًم ْسلُ َمانِّيِّ َ
ودون مباالت يف كل حياتم ،وذلك رغم ما يستمد هذا القانون الصارم قوته من نصوص الكتاب
والسنة وف ًقا ملا استنبطه من أحكامها اجملتهدون.
إن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ " "Müslümanlikداينةٌ عفوية عشوائيةٌ غي مكتسب ٍة ابلتَّعليم ،ال تتميز أبي مبدأٍ وال
ِّ ٍ
يف هلا .لذلك فإن الْ ًم ْسلُ َمانيِّني وخاصةً رجال الدين منهم ال يرون ً
مانعا من أن يضيفوا حدود ،وال تعر َ
شكل من أشكال العبادة مىت سولتها هلم نفوسهم وكيفما طابت هلم. أي ٍ وطقوسا و َّ إليها معتقد ٍ
ات
ً
وأدعية ُُمتَ لَ َق ٍة ال أساس هلا من الكتاب
ٍ على سبيل املثال؛ يتعبَّد الشخص الْمسلُم ِّانُّ بقراءة صل ٍ
وات ًْ َ
والسنة ،مثل كتاب "دليالئل احليات" ،و"املولد النبوي" ،ورسالة "اجلوشن" ،والصالة التفرَيية،
وصالة النجاة ،وإألوراد البهائية ،على افرتاض أهنا شرعية .يربهن على ذلك ما نشرها النورجيون منذ
ور من القرآن الكرمي تضليالً آايت قرآنيةٌ و ُس ٌ
قرن تقريبًا من آالف الكتب والرسائل ،تتناثر يف ثناايها ٌ
لل ُقر ِّاء أبهنا شرعية وهي شائعة يف تركيا .من املثي أن رائسة الشئون الدينية تتجاهل كل هذه
النشاطات .هناك أمثلة ال حصر هلا من هذه األنشطة املضللة .وهذا يدل على أن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ
" "Müslümanlikداينةٌ ُمتلقةٌ ابطلةٌ ،ال متت أبي صلة إل الدين اإلسالمي احلنيف.
ٍ
مجاعة أن جل ُسلطانه ،فال َيوز -إطالقًا -ألي إنسان أو
)5التشريع يف اإلسالم حق خاص ابهلل َّ
دستورا للحكم به بدال مما شرعه للا ورسوله .فال بد هنا من يضع ع ً ِّ ش ِّر َ
ً قانوان ُحي ُّل به وحيرُم به؛ أو َ يُ َ
أعضاء جمالسهم الربملانية أن أما الْمسلُمانِّيَّةُ ""Müslümanlik؛ فإهنا تبيح ملنتسبيها من السياسيني و ِّ
ُْ َ
وحت ِّرُم ما أحله للا؛ على سبيل حرمه للا ُأحكام ُِّحت ُّل ما َّ ٌ شرعوا القوانني ،بينما فيها قرروا الدساتي ويُ ِّ يُ ِّ
رجل من ابنتِّ ِّه ابلتبين ،رغم أن زواج ال ِّ ابلتبين ،و َ زواج املرأةِّ من ابنِّها ِّ املثال؛ ُحيَ ِّرُم القانو ُن -يف تركياَ -
التبين بنص قاطع يف القرآن الكرمي ،قال تعالَ " :ما َج َع َل ٱ َّّللُ لَِّر ُج ٍل ِّمن أابح ذلك ،وحرم ِّ اإلسالم قد َ
ۡ ۡ َّٰٓ
َٰج ُك ُم ٱ َٰلَِّّي تُ َٰظَ ِّه ُرو َن ِّمن ُه َّن أ َُّم ََٰهتِّ ُك ْم َوَما َج َع َل أَد ِّعيَآَّٰءَ ُك ْم أ َۡب نَآَّٰءَ ُك ْم َٰذَلِّ ُك ْم و
ۡ
َز أ لع ج ا م و ، ني ِّيف ج ۡوفِّ ِّ
ه ِّ ق ۡلب ۡ
ََ َ َ َ َ َ َ ََ
ۡ ۡ ۡ ِّ ۡ ۡ
لسبِّيل * أُد ُعوهم ِّألَّٰٓابَّٰٓئِّ ِّهم هو أَقس ُ ِّ ِّ
ط عن َد ٱ َّّلل ،فَِّإ ْن َّملْ ُ ْ َ ْ َُ َ ول ٱحلَ َّق َو ُه َو يَهدي ٱ َّ َ قَ ۡولُ ُك ْم ِّأبَف ََٰو ِّه ُك ْمَ ،وٱ َّّللُ يَ ُق ُ
ۡ ۡ ۡ
ت ْمت بِّ ِّهَ ،وَٰلَكِّن َّما تَ َع َّم َد ْ يمآَّٰ أَخطَأ ُْين وم َٰولِّي ُكم ،ولَيس َعلَي ُكم جنَا ِّ
حف َ
ِّ
تَعلَ ُمَّٰٓواْ ءَ َاابَّٰٓءَ ُه ْم فَِّإخ ََٰونُ ُك ْم ِّيف ٱلد ِّ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ ْ ُ ٌ
ِّ
قُلُوبُ ُك ْمَ ،وَكا َن ٱ َّّللُ غَ ُفوًرا َّرح ً
5
يما".
ِّ
الرضاعة ،بينما اإلسالم قد حرم الزواج من األخت ِّ
واألم من كما َّ
أن القانو َن -يف تركيا -قد أابح
َ
نكاح احملارم من الرضاعة ،وال فرق بني احملارم بسبب النسب أو بسبب الرضاع مىت ثبت الرضاع من
ت َعلَْي ُك ْم أ َُّم َهاتُ ُك ْم َوبَنَاتُ ُك ْم اشرتطت يف الفقه اإلسالمي؛ قال تعالُ « :ح ِّرَم ْ حيث عدد الرضعات اليت ُِّ
ض ْعنَ ُك ْم َوأَ َخ َواتُ ُك ْم ِّم َن ت َوأ َُّم َهاتُ ُك ُم َّ
الالِّيت أ َْر َ ات ْاألُ ْخ ِّ َخ َوبَنَ ُ ات ْاأل َِّوأَ َخ َواتُ ُك ْم َو َع َّماتُ ُك ْم َو َخ َاالتُ ُك ْم َوبَنَ ُ
ن ،إِّنَّهُ اع ِّة 6...ومما أبيح من احملرمات -يف تركيا -الزان والراب .وللا تعال يقولَ " :وَال تَ ْق َربُواْ ٱ ِّ
لز ََٰ ضَ الر َ
َّ
الزانِّيَةُ
شةً َو َسآَّٰءَ َسبِّيالً 7".وقد نص القرآن الكرمي على عقوبة الزانية والزان يف اآلية الكرميةَّ " : َكا َن َٰفَ ِّح َ
اّلل إِّ ْن ُك ْن تم تُ ْؤِّمنُو َن ِّاب َِّّ
ّلل ين َِّّاح ٍد ِّم ْن ُه َما ِّمائَةَ َج ْل َدةٍ َوَال َأتْ ُخ ْذ ُك ْم ِّهبِّ َما َرأْفَةٌ ِّيف ِّد ِّ
الز ِّان فَاجلِّ ُدوا ُك َّل و ِّ َو َّ
ُْ َ ْ
ِّ ِّ ِّ ِّ
ني 8".أما الراب ،فقد ورد حترمي التعامل به يف قوله َوالْيَ ْوم ْاآلخ ِّرَ ،ولْيَ ْش َه ْد َع َذ َاهبُ َما طَائَِّفةٌ م َن ال ُْم ْؤمنِّ َ
س ذَلِّ َ
ك ِّأب ََّهنُ ْم قَالُوا الش ْيطَا ُن ِّم َن ال َْم ِّ
وم الَّ ِّذي يَتَ َخبَّطُهُ َّ ومو َن إَِّّال َك َما يَ ُق ُ ين َأيْ ُكلُو َن ِّ
الرَاب َال يَ ُق ُ
َّ ِّ
تعال" :الذ َ
9
الرَاب"...اّللُ الْبَ ْي َع َو َح َّرَم ِّ
َح َّل َّ إِّ ََّّنَا الْبَ ْي ُع ِّمثْ ُل ِّ
الرَاب َوأ َ
6النساء23:
إن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ " "Müslümanlikيف الواقع هي نتاج الصر ٍاع السياسي بني العرب والرتك على مدى
قرون ،فانتهج كل من الطرفني داينةً صنعها وف ًقا لطبيعته ،ليتميَّز به عن الطرف اآلخر؛ فصنع األتراك ٍ
الديين حىت ال يلتبسوا ابلعرب حتت مظلة اإلسالم َّ ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ " "Müslümanlikلِّيُعلنوا هبا استقالهلَم
الذي حيدده القرآن الكرمي ،وهذه التناقضات املذكورة آن ًفا هي أبرز مسات ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة اليت تُثبت أنه
ضا صنعو ألنفسهم داينةً مستقلةً بطريق التشويه ال عالقة هلا ابإلسالم إطالقًا .كما أن العرب أي ً
ِّ
احملمدي (وهي اإلسالميةُ) ،ارتكبوه َك ْي ال يلتبسوا أبهل التوحيد اخلالص ،ولتكون لْلسالم ِِّّ
القرآن
رمزا على أهنم مل ُّ
ينفكوا أصالً عن جاهليتهم. هذه الداينةُ املشوهةُ ً
نظام ٍ
خاص الكتاب والسنة يف إطار ٍ ِّ
اإلسالم ،قد رمسها الذكر والدعاءَ يف )6معلوم َّ
ُ أن العبادةَ و َ
يذكره،
املؤمن الذي يريد أن يدعو للا ويتضرع إليه تعال أو َ
َ الشخص
َّ يسمى "التوقيفية" يعين ذلك أن
َّ
يتجاوزها .مثالً:
َ الكتاب والسنةُ فال
ُ الوقوف عند احلدود اليت جاء هبا
َ أو يعب َدهُ؛ َيب عليه أ ْن يلتزم
كعات عم ًدا ولكن عن ٍ
جهل ،أي العشاء مخس ر ٍ ِّ لو أنه أراد أ ْن يصلِّ َي فريضةَ الظهر ،أو العصر ،أو
َ
السنة وخالف الرسول عليه السالمكعات) فإنه قد جتاوز حدود ِّ كعة على أصلها (وهي أربع ر ٍ بزايدةٍ ر ٍ
10النساء61 ،60/
ِّ
أجرهُ ،وقد يؤدي به
ف ُ اع َ
ضَ وأمثَ بذلك ،وصالتُهُ فاسدةٌ ال حمالة ،وإ ْن كان قص ُدهُ هبذه الزايدةِّ أن يُ َ
ط معينةٌ
أيصا هلما شرو ٌ
علم مبخالفته للشرع ..والدعاءُ والذكر ً ذلك إل الكفر ،إن كان متعم ًدا ،وعن ٍ
قد ذكرها و َّ
عددها العلماءُ يف تصانيفهمَ ،يدها املتباحث يف مظاهنا.
أما ل ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ ""Müslümanlik؛ فإهنا داينةٌ من نِّتاج فكر اإلنسان ،ال تقوم على ٍ
أساس من الوحي،
ذكرها آن ًفا ،وحشرو فيها أشكاال من طقوس مر ُ بل ابتكرها واختلقها عصابةٌ من الصوفية ،كما َّ
أكثر مصطلحات تلك الدايانت إل الدايانت اهلندية كذلك من الداينة الشامانية ومناسكها ،وترمجوا َ
ت َد ْر ْأْنُ َم ْنَ ،و َخ ْت ِّم ُخواجگان )...ليدفعوا
ض َها إل الفارسية( ،مثل :نَظَْر بَ ْر قَ َد ْمَ ،و َخل َْو ْ
العربية وبع َ
اعتادت
ْ الناس حىت يعتقدوا أهنا من اإلسالمَّ ،
ألن لغة اإلسالم العربيةٌ .ولَ َّما الشك ولِّيُلبِّسوها على ِّ
هبا َّ
انتشارا انتشرت ٍ
ً الناس هذه الداينةَ مع الزمان حبكم دعاايت الصوفية وحماوالتم التبشييةَ ، كثرةٌ من ُ
أحد من األتراك أبن ل ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ ذريعا حىت اعتنقها عامةُ اجملتمع حبيث يستحيل اليوم إقناع ٍ
ً
" "Müslümanlikليست هي اإلسالم!
Hasan Lûtfi Şuşud, İslâm Tasavvufunda MENAKIBI EVLİYA, İstanbul -1958. 11
لتمنع
ني قد أقاموا حواجز رادعةً هبذه األشكال من الزندقة َ تكشف هذه األدلة أن الصوفية ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّ َ
اإلسالم من القفز إل املناطق اليت انتشرت فيها ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ " ،"Müslümanlikذلك واضح ،حىت َ
متاما عن اإلسالم. ِّ
لو مل يتفوهوا به عالنية .وهذا يربهن بصورة قطعية أن ال ُْم ْسلُ َمانيَّةُ داينةٌ منفصلةٌ ً
اإلسالم دين عاملي ميتاز ابلواقعية والوضوح والوسطية ...ال سر فيه ،وال كهنوتية ،وال الرتاتيبية َ َّ )7
إن
اجتماعية متميِّزةٍ.
ٍ ٍ
طبقات اجملتمع إل
َ اإلسالم
ُ الدينية ،وال رجال دين ،وال أزايء دينية خاصة ،وال يقسم
وقد يعرتف هبذه احلقيقة كثيٌ من األكادمييني املُ ْسلُ َمانِّيِّ َ
ني.
هذه الداينية الوثنية تضم أشكاالً من طقوس البوذية والشامانية؛ فيها السريةُ ،والكهنوتيةُ ،والرتاتيبيةُ
ختتلف أمسا ُؤها؛ مجاعات ٍ
دينية ٍ اجملتمع إل س ُم رجال ال ِّ
ُ ُ دين ،وأزايءٌ دينيةٌ خاصةٌ ،ويُ ْق َ الدينيةُ ،و ُ
ِّ
والعلوية، والشاذلية ،واألمسر ِّية،
ِّ ِّ
واجلشتية، الس ْه َرَوْرِّديَِّّة، ِّ ِّ ِّ
كالنقشبندية ،والقادرية ،والرفاعية ،و ُ
والبكتاشية ،والي ِّ
ِّ
وم ْن دوهنم من س ِّويَّة ،واجلراحية ...وكثي غيها .وهناك تراتيبيةٌ دينيةٌ بني الشيوخ َ ََ
كالء ،والدراويش ،واجملذوبني ،واحملبِّني ،واملريدين... اخللفاء ،والو ِّ
ِّ
إن مصدر الغموض والعبث يف ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ،هو التوغل يف البحث عن عامل موهوم ،يُطلق عليه
َّ
ضا" :الباطنية" وهي ركام من هذايانت وشطحات ،وأسرارا ،ودعاوي مصطلح "التصوف" ويسمى أي ً
ٍ
ُمتلقة كالبوذية ٍ
أداين ٍ
حمرفة ،كاملسيحية واليهودية ،ومن ٍ
أداين ابطلة ،وأكاذيب من رسوابت
والشامانية ،والزرادشتية ...فأفرزت ضرواب من بدع ،وخر ٍ
افات وفلسفات إحلادية ومعتقدات ابطلة ً
ِّ
والفناء يف للا ،وإنكار حياة اآلخرة إل غي ذلك ...وهلذ كفلسفة وحدة الوجود ،ووحدة الشهود،
قد ورد على لسان السلفيني تسميةُ التصوف ب "الفلسفة اإلبليسية".
ِّ
واخلطباء، ِّ
األئمة ِّ
مدارس رجال الدين الرمسيني من أئمة املساجد ،ومعلِّ ِّمي أن َ ينبغي هنا التنبيه على َّ
َّاب التمائم ،والوسطاءَ
ِّ
خ الطُُّرقِّ الصوفية ،وُكت َ ومعلِّ ِّمي املدارس القرآنية ،وكثرةً من األكادمييني ،وشيو َ
القرآن يف ربوع اجملتمع الرتكي،
ِّ ضد انتشار اإلسالم املتَّجرين ابلدين ،كلُّهم متواطؤون فيما بينهم َّ
ومتَّفقون على دعم الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة " ،"Müslümanlikوتقويتها وإثرائها ابملصطلحات القومية
ومعتقدات الصوفية ورموزها ...هذا ،ومن أجل احلفاظ على ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة الرتكيَّ ِّة "الشامانو-بوذية" إل
ِّ
املؤسسات ِّ
املمحمدي ،تبذل العدي ُد من القرآن-
ِّ األبد ،ومنع اإلنسان الرتكي من التفكي يف اإلسالم
جهودا كبية يف التعاون. ً واملنظمات ،والقطاع النقشبندي على وجه اخلصوص ،تبذل ِّ ِّ
واجلمعيات
لكن يف طليعة هذه املؤسسات واملنظمات القائمة بنشاطاتا الدعائية املكثفةَّ ،
فإن مراكز النقشبنديني
ِّ
نشاطات أحد املاليل النقشبندية خباصة ختوض حرابً شرسة ضد اإلسالم .من املمكن اإلطالع علىٍ
13
من خالل الروابط التالية كيف أنه يستفز الناس هلذا الغرض.
إن الفوارق بني اإلسالم وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ال تقتصر يف احلقيقة على املقارانت املذكورة وحسب .وإَّنا
ِّ
سحيقة بني الداينتني.اهلوةِّ ال
ص وجي ٍز للمثلة ،من أجل إعطاء فكرةٍ عن َّ ملخ ٍ
جمرد َّ
كانت هذه َ
واضحا) بني اإلسالم ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة يف الوهلة األول ،من
ً ولتوضيح صورة اخلط األمحر (الذي ال يبدو
13 https://tr.sputniknews.com/turkiye/202009221042893436-selefi-dernekleri-silahlaniyor-diyen-cubbeli-ahmet-ifadeye-cagrildi-
;/; https://www.haberturk.com/ahmet-mahmut-unlu-selefi-dernekler-hakkinda-bilgi-verecek-haberler-2811304
https://www.msn.com/tr-tr/haber/gundem/son-dakika-haberler-c%C3%BCbbeli-ahmet-ifadeye-
%C3%A7a%C4%9Fr%C4%B1ld%C4%B1-selefi-dernekleri-silahlan%C4%B1yor-iddias%C4%B1/ar-
BB19hX27?ocid=msedgdhp
مهم ٍة ج ًدا ،يستخدمها ال ُْم ْسلُ َمانِّيُّون ابلفعل؛ وهي" :احلمد هلل أان
كلمة جفر ٍية َّ
الضروري اإلشارةُ إل ٍ
ُم ْسلُمان! ."Elhamdülillâh ben Müslümanımنعم ،يعرب ال ُْم ْسلُ َمانِّيُّون عن انتمائهم الديين يف
وتزوير وخدعةٌ على غرار الرافضة اجملوس، ٌ أي مناسبة ابستخدام هذه الكلمة اجلفرية .ألن فيها تقيةٌ
اإلسالم وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ مها شيءٌ واحد.
َ انطباعا أبن
ً ِّ
خاطبذلك إلعطاء الْ ُم
كي ،ال يوجد وجتدر اإلشارة إل أنه بسبب هذا اخلداع الذي كانت وال تزال عادةً يف اجملتمع الرت ِّ
ِِّّ
مثل املسلمني يف ُم ْسلُ َم ِّان يقول "احلمد هلل أان مسلم" أو "أان مسلمة" .مع أن ال ُْم ْسلُ َمانينيَ ،مثَ لُ ُه ْم ُ
يف استخدام مصطلح "غي مسلم" ملن يعتنق داينةً أخرى غي اإلسالم ،كما ال أحد من ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني
يُطلِّ ُق صفة "غي ُم ْسلُ َم ِّان" بدل "غي مسلم" .فال خيفى أن نقيض هذا الوصف هو "مسلم" ،مع
ذلك ال يُقرون ابإلسالم يف التعبي عن انتمائهم الديين.
يعربُ عن انتمائه الديين ب كلمة "أان ُم ْسلُ َم ِّان" شخص أن يسأل أح ًدا من املُ ْسلُ َمانِِّّني ملاذا ِّ ٌ أما إذا جترأ
برد فعل عنيف ،إدانه أن يقول مبلء شدقيه" :أهذه بدالً من أن َييب" :أان مسلم" ،فإنه سي َفاجأ ِّ
ُ َ
وجههُ ،وامتل غيظًا ،يكاد ينقض ِّ
عادة جديدة يف القرية القدمية؟!" تراه قد انتفش انتفاش اهلرة ،وامحر ُ
ابء" فهي مقدسةٌ وال غىن عنها .أما على السائل .ألن الْمسلُمانِّيَّةَ " "Müslümanlikهي "دين اآل ِّ
ُْ َ
يل ِّ ِّ
الوحشي ،فقد وردت فيها العديد من آايت القرآن الكرمي .وللا تعال يقولَ " :وإذَا ق َ ُّ هذا التصرف
آاب ُؤ ُه ْم َال يَ ْع ِّقلُو َن َش ْي ئًا َوَال ِّ
اّللُ قَالُوا بَ ْل نَتَّبِّ ُع َما أَلْ َف ْي نَا َعلَْيه َ
آابءَ َان ،أ ََول َْو َكا َن َ َهلُ ُم اتَّبِّعُوا َما أَنْ َز َل َّ
ِّ ِّ ِّ
اّللُ قَالُوا بَ ْل نَتَّبِّ ُع َما َو َج ْد َان َعلَْيه َ
آابءَ َان يل َهلُ ُم اتَّبِّعُوا َما أَنْ َز َل َّ
يَ ْهتَ ُدو َن ".ومن قوله تعالَ " :وإذَا ق َ
14
اإلسالم
َ احلجاب عن خدعة ال ُْم ْسلُ َمانِّي ِّني وتُثبت يف الوقت ذاته أن
َ هذه احليلة هي اليت تكشف
وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ " "Müslümanlikمها داينتان منفصلتان عن بعضهما البعض ،وال عالقة بينهما إطالقًا.
***
14البقرة170 :
15لقمان21 :