You are on page 1of 12

‫للا‬ ‫اه‬‫ض‬ ‫ت‬‫ار‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬

‫الذ‬ ‫ين‬ ‫ِّ‬


‫الد‬
‫َْ َ ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫اإلسالَ ُم ِّأم ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ‬
‫أ َُه َو ْ‬

‫***‬ ‫***‬

‫‪PART-27‬‬
‫اإلسالم وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة‬
‫ِّ‬ ‫الفوارق الصارخة بني‬
‫‪The stark differences between Islam and Müslümanlik‬‬
‫أتليف‬
‫فريد صالح اهلامشي‬
‫‪Copyright©2018 by‬‬
‫‪Feriduddin AYDIN‬‬
‫‪feriduddin@gmail.com‬‬

‫إسطنبول‪2022-‬م‪.‬‬

‫دار العِرَب للطباعة والنشر‬

‫‪al_ibar.publishing@yahoo.com‬‬
‫اإلسالم وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة‬
‫ِّ‬ ‫الفوارق الصارخة بني‬

‫نفسهُ؟!"‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالم َوال ُْم ْسلُ َمانيَّةُ (‪ )Müslümanlik‬مها الشيءٌ ُ‬
‫ُ‬ ‫"هل‬

‫يجيب على هذا السؤال بتعبي واقعي‪ .‬إالَّ أن‬‫ِّ‬


‫ال يكاد اليوم أحد يف تركيا يشعر يف نفسه ابجلرأة ل َ‬
‫هناك كثي من املعطيات تسهل القيام إبجاابت ٍ‬
‫شافية عليها‪ ،‬وذلك من خالل االستطالعات والبحوث‬ ‫َ‬
‫اإلجاابت احملدودةُ التاليةُ احلاجةَ لتوضيح الفوارق بني اإلسالم‬
‫ُ‬ ‫اجلادة والدراسات امليدانية‪ .‬وقد ُّ‬
‫تسد‬
‫َوال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (‪ )Müslümanlik‬دون أي تكلف‪.‬‬

‫ِّ‬
‫اإلسالم‪ -‬قد استيقنوا‪ ،‬أو ابألحرى أغَ َّرْتُ ْم‬ ‫من الغريب أن األتراك ‪-‬وهم يف بداية تعرفهم على‬
‫اإلسالم َوال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ (‪ )Müslümanlik‬مها‬
‫َ‬ ‫عصاابت صوفيةٌ بدعاايتم اخلادعة لفرتة طويلة أب َّن‬
‫ٌ‬
‫املعتقدات الباطلهُ عالقةً بضمائرهم ورسخت فيها مع الزمان‪ ،‬فظنوا أهنا‬ ‫ُ‬ ‫نفسهُ‪ ،‬فباتت هذه‬
‫الشيءُ ُ‬
‫من صميم اإلسالم‪ ،‬فتصلبت ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ (‪ )Müslümanlik‬هكذا يف نفوسهم حبكم اإلصرار على‬
‫ف‬‫ممارسة طقوسها وخرافياتا لقرون‪ .‬هذه الداينةُ املختَ لَ َقةُ هي يف الواقع نتاج حركة انتقامية استُ ْه ِّد َ‬
‫ت مالبساتُا مبهارة عن اجلمهور طوال عصور الظالم‪ .‬هذه احلركة‪- ،‬على‬ ‫هبا اإلسالم‪ ،‬وقد ِّ‬
‫أخفيَ ْ‬ ‫ُ‬
‫رس الذين انتقموا من اإلسالم‪ ،‬فامتثل هبم القياديون األتراك حق ًدا‬ ‫األرجح ‪ -‬قد استُلهمت من ال ُف ِّ‬
‫اعتناق اإلسالم‪ ،‬فلم يلبث حىت أغضوا عن‬ ‫ِّ‬ ‫وإجبارِّه ْم على‬
‫ِّ‬ ‫بالدهم‪،‬‬
‫احتالل األمويني َ‬‫ِّ‬ ‫وسخطًا على‬
‫احلنيف ومسوه ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ ‪ .Müslümanlik‬هكذا مت اختالق هذه الداينة‬ ‫َ‬ ‫الصوفية الذين زوروا الدين‬
‫اعتقادهم) كرد فعل على احتالل األمويني ملنطقة تركستان‬ ‫ِّ‬ ‫بعزهلا عن "اإلسالم العريب" (على حد‬
‫الفارسي" يف الوقت ذاته‪ ،‬فانتظمت هي يف النهاية‬
‫ِّ‬ ‫متمييزا هلا عن "التشيُّع‬
‫عام ‪707‬م‪ .‬وكان ذلك ً‬
‫كداينة قومية خاصة ابألتراك‪.‬‬

‫إن خلفيةَ هذه احلادثة تتسم ٍ‬


‫أبمهية كبية‪ .‬ال ينبغي أن نتجاهل أن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ "‪ "Müslümanlik‬هي‬
‫ِّ‬
‫والقضاء على دولتهم‪ .‬مث كانت‬ ‫أثرا لدينهم‬
‫يف األساس مشروع أبتكره الفرس وشرعوا يف اختالقها ً‬
‫مسامهةُ األتراك يف هذا املشروع ‪ -‬مبا يتماشى مع معتقداتم القدمية – كبيةً‪ .‬إن االعتقاد أبن كلمة‬
‫نفسهُ‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫"‪ "Müslümanlik‬تعين اإلسالم‪ ،‬أو أن هذين االمسني (اإلسالم و ال ُْم ْسلُ َمانيَّةَ) يعنيان الشيءَ َ‬
‫انتشر بني اجملتمعات الرتكية على مر القرون نتيجة احملاوالت التبشيية اليت قام هبا كهنةُ اهلي ِّ‬
‫اطلة الذين‬
‫يسي خراسان ‪."Horasah Erenleri‬‬ ‫قد ِّ‬
‫يفخر هبم األتراك ويسموهنم " ِّ‬
‫ت الداينةُ ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ "‪ "Müslümanlik‬ابالسالم يف اجملتمع الرتكي على مدى قرون جبهود‬ ‫س ْ‬
‫الْتَ بَ َ‬
‫أدى ذلك إل مآسي رهيبة وصراعات بني الطوائف حيث أسفر عن الشقاق‬ ‫الصوفية النقشبنديني ف َّ‬
‫واملذهبية دام إل يومنا‪ .‬أييت يف مقدمة املخاصمات املذهبية النامجة عن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ‪ -‬على الساحة‬
‫كي‪،‬‬
‫اجملتمع الرت ِّ‬
‫ِّ‬ ‫والسنِّيَانِّيَانِّيَّ ِّة (الذين تتألف منهم أكثريةُ‬ ‫ِّ‬
‫العلوية ُّ‬ ‫ِّ‬
‫الطائفة‬ ‫الرتكية ‪ -‬العداوةُ الدائرةُ بني‬
‫إن الفوضى السائدةَ‬ ‫أن أكثرهم عنصريون زاندقةٌ)‪َّ .‬‬ ‫والذين يزعمون أهنم من أهل السنة واجلماعة‪ ،‬مع َّ‬
‫على احلياة الدينية والفكرية اليت حتدث اليوم (ليست يف تركيا وحسب)‪ ،‬ولكن على مستوى الشرق‬
‫األوسط أبكمله‪ ،‬تربهن على هذه احلقيقة‪ .‬هناك العديد من األسباب التارخيية واالجتماعية والثقافية‬
‫هلذه املشكلة اليت تسببت يف تعثر اجملتمع واحنالله وتراجعه عرب التاريخ‪ .‬فأسفرت عن نشوب ف ٍ‬
‫نت‬
‫ٍ‬
‫فادحة يف األرواح‬ ‫واندالع حروب دامية مهدت الطريق يف النهاية لدما ٍر شامل‪ ،‬وخسارات‬
‫واملمتلكات‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن الكشف عن التناقضات واالختالفات القائمة بني هاتني الداينتني (اإلسالم‬
‫خفية هلذه القضية‪ ،‬كما قد يفيد يف الوقت ذاته لفتح‬‫والْمسلُمانِّيَّ ِّة) قد يساعد للكشف عن أسرا ٍر ٍ‬
‫ُْ َ‬
‫الباب أمام جهود مستقبلية لوضع حد للفوضى احلالية‪.‬‬

‫***‬

‫ٍ‬
‫ورصينة وضعها للا‬ ‫حمكمة‪ٍ ،‬‬
‫وثيقة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ونظام عاملي يقوم على ٍ‬
‫أسس‬ ‫دين‪،‬‬ ‫إ َّن‬
‫ٌ‬ ‫اإلسالم رسالةٌ خالدةٌ‪ ،‬و ٌ‬
‫َ‬
‫سبحانه وحددها يف القرآن الكرمي بطريق وحيه إل حممد عليه الصالة والسالم‪ ،‬يدعو إل التعاون‬
‫على الرب والتقوى‪ ،‬يهدي لليت هي أقوم‪ ،‬وينشد من أجل السالم والوائم واحلياة الطيبة‪ .‬وجتدر التأكيد‬
‫اإلسالم‪ ،‬ليس هو بداين ٍة روحانية حمصورة بني املقربة واملَعبَ ِّد كما تتصوره‬
‫َ‬ ‫هنا مبسؤولية كبية على َّ‬
‫أن‬
‫وتعتاده اجملتمعات يف عصران‪ -‬بل على عكس ذلك‪ ،‬إنه دين يشمل كل جماالت احلياة اإلنسانية‬
‫ِّ‬
‫املبادئ والقوانني‪ .‬هلذا السبب‪ ،‬من‬ ‫ٍ‬
‫سلسلة من‬ ‫بتشريعاته وتعليماته وإرشاداته وإصالحاته‪ ،‬قائم على‬
‫الضروري دراسة املقارانت التالية بعناية وجدية من أجل استيعاب مفهوم اإلسالم على حقيقته‬
‫والتمك ِّن من التفريق بينه وبني الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة املُختَ لَ َق ِّة‪ .‬وملتابعة هذه املقارنة برتتيب علمي‪ ،‬فقد‬
‫ُّ‬
‫مت فرز عملية املقارنة حسب أمهية املوضوعات على النحو التايل‪:‬‬

‫‪ )1‬أوالً؛ اإلسالم هو دين التوحيد (مبين على أساس اإلميان بوحدانية للا تعال وابليوم اآلخر‪.).‬‬
‫االسالم فحسب‪ ،‬وليس هو ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ "‪ "Müslümanlik‬على اإلطالق‪" .‬إِّ َّن‬
‫ُ‬ ‫واسم هذا الدين هو‬
‫دين الفطرة اليت‬ ‫الدين ِّعْن َد َِّّ‬
‫اّلل ِّْ‬ ‫ِّ‬
‫اإل ْس َال ُم‪ "...‬كان هذا هو امسَهُ عرب اتريخ البشرية ومل يتغي أب ًدا‪ ،‬فهو ُ‬
‫‪1‬‬
‫َ‬
‫للا من آدم إل ٍ‬
‫حممد عليهم الصالةُ والسالم‪،‬‬ ‫مجيع رس ِّل ِّ‬
‫َ‬ ‫فطر للا الناس عليها‪ ،‬فقد كانت دعوةُ ِّ ُ ُ‬
‫‪2‬‬
‫كانت دعوتُم إل اإلسالم احلنيف‪َ .‬مثَّ أدلةٌ على هذه احلقيقة يف مواطن كثية من القرآن الكرمي‪،‬‬
‫وهي يف الوقت ذاته من أقوى الرباهني على أن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ "‪ "Müslümanlik‬ال متت أبي صلة إل‬
‫اإلسالم أب ًدا‪.‬‬

‫أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ "‪ ،"Müslümanlik‬فإهنا على عكس اإلسالم داينةٌ روحانيَّةٌ قوميةٌ ُُمتَ لَ َقةٌ‪ ،‬معتنقوها‬
‫(أي ال ُْم ْسلُ َمانِّيُّون) يعبدون آهلةً من دون للا‪ ،‬وإن مل يصفوها ابأللوهية‪ ،‬إالَّ أهنم حيافظون على‬
‫اعتقادهم ابآلهلة مما يدل على أهنم مشركون ابهلل يلجئون إل ضروب من احليل يستحيل لغي الباحث‬
‫أن الفوضى السائدة على معتقدات ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني تكشف‬ ‫احملرتف أن يدرك مقاصدهم بسهولة؛ إالَّ َّ‬
‫يسمى "ال ُقبُوريةَ" يف أدب أهل‬
‫َّ‬ ‫كبيا من أسرار نزاعهم خاصة منها ما يتعلق ابمليت‪ .‬وهذا ما‬
‫جزءًا ً‬
‫التوحيد املعاصرين‪ .‬وقد تناوهلا كثي من الكتاب والباحثني يف مؤلفاتم ومقاالتم لكنهم جتاهلوا نسبتها‬
‫إل الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة رمبا ُّ‬
‫حتفظًا ملا قد تناهلم مساءةٌ من ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني‪.‬‬

‫أن مفهوم االسالم‬ ‫اإلهلي‪ .‬ولِّ َما َّ‬


‫‪ )2‬يقوم اإلسالم على مصدر قوي وعميق اجلذور‪ ،‬أال وهو الوحي ُّ‬
‫الناضج والفطرة السليمةَ‪ ،‬يستعصب إدرا ُكهُ على الشخص ال ُْم ْسلُ َم ِِّّ‬
‫ان‬ ‫العقل‬ ‫ِّ‬
‫َ‬ ‫له معىن روحي يستقطب َ‬
‫ملا يف صدره من الضيق واحلرج وإن كان مثق ًفا ذا نصيب من العلوم واملعارف‪ ،‬يف احلني الذي يتلقاه‬

‫‪ 1‬آل عمران‪.19 :‬‬

‫‪ 2‬هذه أمثلة من تلك الدالئل‪:‬‬


‫ْت فَأ ِّْ‬ ‫اّلل فَعلَى َِّّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫وح إِّ ْذ قَ َ ِّ ِّ ِّ‬
‫اء ُك ْم ُمثَّ َال يَ ُك ْن أ َْم ُرُك ْم َعل َْي ُك ْم‬
‫َمجعُوا أ َْم َرُك ْم َو ُش َرَك َ‬ ‫اّلل تَ َوَّكل ُ‬ ‫رب َعل َْي ُك ْم َم َقامي َوتَذْك ِّيي ِِّب َايت َّ َ‬ ‫ال ل َق ْومه َايقَ ْوم إِّ ْن َكا َن َك َُ‬ ‫* " َواتْ ُل َعل َْي ِّه ْم نَبَأَ نُ ٍ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫اّلل َوأ ُِّم ْر ُ‬
‫ون * فَِّإ ْن تَولَّي تم فَما سأَلْت ُكم ِّمن أَج ٍر إِّ ْن أَج ِّري إَِّّال َعلَى َِّّ‬ ‫يل وَال تُ ْن ِّظر ِّ‬
‫ني‪[ ".‬يونس‪]72 ،71 :‬‬ ‫ت أَ ْن أَ ُكو َن م َن ال ُْم ْسل ِّم َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ُْْ َ َ ُ ْ ْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ضوا إِّ ََّ َ‬ ‫غُ َّمةً ُمثَّ اقْ ُ‬

‫ول َش ِّهي ًدا‬ ‫ني ِّم ْن قَ ْب ُل َوِّيف َه َذا لِّيَ ُكو َن َّ‬
‫الر ُس ُ‬ ‫ِّ‬
‫يم ُه َو َمسَّا ُك ُم ال ُْم ْسل ِّم َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ َّ ِّ‬ ‫الد ِّ ِّ‬
‫ين م ْن َح َر ٍج ملةَ أَبي ُك ْم إِّبْ َراه َ‬
‫ادهِّ ُهو اجتَ با ُكم وما جعل عَلَي ُكم ِّيف ِّ‬
‫َ ْ َ ْ ََ َ َ َ ْ ْ‬
‫ِّ‬
‫اّلل ح َّق ِّج َه ِّ‬ ‫ِّ‬
‫* َو َجاه ُدوا ِّيف َّ َ‬
‫ّلل ُهو موَال ُكم فَنِّ ْعم الْمو َل ونِّ ْعم الن ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫عَلَي ُكم وتَ ُكونُوا ُشه َداء عَلَى الن ِّ ِّ‬
‫َّصيُ‪[ ".‬احلج‪]78 :‬‬ ‫الزَكاةَ َوا ْعتَص ُموا ِّاب َّ َ َ ْ ْ َ َ ْ َ َ‬ ‫َّالةَ َوآتُوا َّ‬
‫يموا الص َ‬
‫َّاس فَأَق ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َْ‬

‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬


‫ص َرانِّيًا َولَكِّ ْن َكا َن َحنِّي ًفا ُم ْسل ًما َوَما َكا َن م َن ال ُْم ْش ِّركِّ َ‬
‫ني‪[ ".‬آل عمران‪]67 :‬‬ ‫اهيم ي ُه ِّ‬
‫ود ًاي َوَال نَ ْ‬ ‫* " َما َكا َن إِّبْ َر ُ َ‬

‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ض أَنْ َ ِّ‬ ‫السماو ِّ‬ ‫يل ْاأل ِّ ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ب قَ ْد آتَ ْي تَ ِّين ِّمن ال ِّ‬
‫ت َوليِّي ِّيف الدُّنْ يَا َو ْاآلخ َرة تَ َوفَِّّين ُم ْسل ًما َوأَ ْحلِّْق ِّين ِّابلصَّاحلِّ َ‬
‫ني‪[ ".‬يوسف‪:‬‬ ‫ات َو ْاأل َْر ِّ‬ ‫ْملْك َو َعلَّ ْمتَ ِّين م ْن َأت ِّْو ِّ َ‬
‫َحاديث فَاط َر َّ َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫* " َر ِّ‬
‫‪]101‬‬
‫اّلل أَ ْن ي ْه ِّديهُ ي ْشرح ص ْدرهُ لِّ ْ ِّْل ْس َالِّم ومن ي ِّر ْد أَ ْن ي ِّ‬
‫ضلَّهُ ََْي َع ْل‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ ٍ‬
‫ُ‬ ‫ََ ْ ُ‬ ‫املؤمن املوح ُد بسهولة ابلغة‪ " .‬فَ َم ْن يُ ِّرد َُّ َ َ َ َ ْ َ َ‬
‫ين َال يُ ْؤِّمنُو َن‪".‬‬ ‫َّ ِّ‬ ‫اّللُ ِّ‬ ‫الس َم ِّاء َك َذلِّ َ‬
‫ك ََْي َع ُل َّ‬ ‫ضيِّ ًقا َح َر ًجا َكأَََّّنَا يَ َّ‬
‫صعَّ ُد ِّيف َّ‬
‫‪3‬‬
‫س َعلَى الذ َ‬ ‫الر ْج َ‬ ‫ص ْد َرهُ َ‬
‫َ‬

‫إن مستوى التعليم يف اجملتمعات ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة منخفض للغاية؛ ال ننس أن هذه احلشود اليت تقيم‬ ‫‪َّ )3‬‬
‫املدن املزدمحة‪ ،‬بينما كانت يف ماضيها قبائل من الرحل تعيش حياة‬ ‫ط ِّ‬ ‫اليوم يف املبان الفاخرة َو َس َ‬
‫تتنقل من ٍ‬
‫واحة إل أخرى عرب السهوب‪ ،‬تنتجع منابت الكل وتراتد مواقع الْ َقطْ ِّر‪ ...‬فال‬ ‫البدو‪ُ َّ ،‬‬
‫اإلسالمي‬
‫ِّ‬ ‫ستبع ُد أن يكون أحد منهم قد مل يسمع حىت كلمة (الوحي) يف كل حياته على مدى العهد‬ ‫يُ َ‬
‫لعدة قرون‪ .‬لذلك فإن الْ ُم ْسلُ َمانِّيني اليوم‪ ،‬رغم ما يشهدون من قفزات هائلة يف العلوم والتكنولوجيا‪،‬‬
‫وتغيات وتطورات وتوسعات مبهرة‪ ،‬يعانون من عجز شديد يف التغلب على طابعهم اجلاهلي وعقليتم‬
‫البدوية وهجر معتقداتم املوروثة من عهد ما قبل اإلسالم‪.‬‬

‫أن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ "‪ "Müslümanlik‬ال أساس هلا من الوحي‪.‬‬ ‫وإذ نقارن بني اإلسالم و ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة‪ ،‬نرى َّ‬
‫بل إهنا كما ذكران عدة مرات على سبيل التنبيه فيما سبق‪ ،‬هي بنيةٌ صوفيةٌ تَ ْوفِّ ِّيقيَّةٌ (مضادةٌ للت َّْوقِّ ِّيفيَّ ِّة)‬
‫سةٌ من‬ ‫ِّ‬
‫جتميع أجزائها من دايانت وفلسفات وأفكار عديدة‪ ،‬وأكثر مصطلحاتا وآداهبا مقتَ بَ َ‬ ‫ُ‬ ‫قد مت‬
‫اإلسالم‪.‬‬

‫ٍ‬
‫عظيمة‬ ‫ٍ‬
‫مفرطة من تعاليم اإلسالم عرب قرون‪ ،‬قد أدت إل مشاكل‬ ‫إن تغذية هذه الداينة ابقتباس ٍ‬
‫ات‬ ‫َّ‬
‫يف عصران‪ .‬هذه الداينة اليت ورثت العدي َد من رواثب البوذية والشامانية والزرادشتية واليهودية‬
‫قروان وراء ستار متضافرة من شعائر الدين احلنيف‪،‬‬
‫واملسيحية وتقاليد ما قبل اإلسالم‪ ،‬قد اختفت ً‬
‫مثل الصالة والصوم واحلج وتالوة القرآن وغيها‪ ...‬فال يكاد اليوم أحد مييزها عن اإلسالم‪ .‬ومن‬
‫اخلطر مبكان ظهور ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّة "‪ "Müslümanlik‬حتت هذا الستار الزائف واخلادع‪ ،‬ألهنا تلتبس‬
‫على الناس يف هذه الصورة الكاذبة فال ينجو أحد من الوقوع يف طينها إالَّ من رحم ريب‪.‬‬

‫ٍ‬
‫جامعة‪ ،‬تنعكس يف مجيع أشكال السلوك يف احلياة االجتماعية لْلنسان‪.‬‬ ‫‪ )4‬لْلسالم نزاهة بِّ ُكلِّيَّ ٍة‬
‫وقد ورد التعريف حلدود هذه النزاهة الفريدة ضمن شرح مصطلح هام يف مصنفات اجملتهدين األوائل‪.‬‬
‫كل ما‬
‫عىن به‪ُّ :‬‬
‫وقد اتفقت كلمةُ مجيع اجملتهدين على تسمية ذلك املصطلح ب "أفعال املكلفني"‪ ،‬ويُ َ‬
‫عمل أو اعتقاد؛ تنحصر يف تسعة مفاهيم حامسة يف احلكم على كل‬‫قول أو ٍ‬ ‫يصدر عن ِّ‬
‫العباد من ٍ‬

‫األنعام‪125 :‬‬ ‫‪3‬‬


‫شكل من أشكال السلوك البشري؛ وهي‪ :‬الفرض‪ ،‬والواجب‪ ،‬والسنة‪ ،‬واملستحب‪ ،‬واملباح‪ ،‬واحلرام‪،‬‬
‫واملكروه‪ ،‬والصحيح‪ ،‬والباطل‪ .4‬إنه قانون أساسي يف املنهج اإلسالمي‪ .‬وف ًقا هلذا‪ ،‬فإن كل ٍ‬
‫فعل من‬
‫نطاق ٍ‬
‫واحد من هذه املفاهيم‪ ،‬ويدخل حتت طائلة الكحم‬ ‫ف مهما كان؛ يدخل يف ِّ‬ ‫أفعال اإلنسان املكلَّ ِّ‬
‫الشرعي حبسبه‪ ،‬فيتم بعد ذلك حتديد مسؤوليته‪.‬‬
‫ِّ‬

‫هذه املفاهيم األساسية لْلسالم ال عالقة هلا ابل ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة إطالقًا‪ ،‬ويتم تنفيذها وفق قانون «التوقيفية»‬
‫متاما‪ .‬وعلى رغم ما قد يدافع‬ ‫ِّ‬
‫َّأما ال ُْم ْسلُ َمانيَّةُ "‪ "Müslümanlik‬فإهنا خالية من مبدأ «التوقيفية» ً‬
‫معرتف هبا يف ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة‪ ،‬فإن ذلك ال يقوم على أساس من الصحة‪ .‬يدل‬ ‫ٌ‬ ‫البعض أن «التوقيفيةَ»‬
‫ني َيهلون هذا القانون وينتهكون حدوه بتجاوزات متكررة‬ ‫على هذه احلقيقة أن ماليني الْ ًم ْسلُ َمانِّيِّ َ‬
‫ودون مباالت يف كل حياتم‪ ،‬وذلك رغم ما يستمد هذا القانون الصارم قوته من نصوص الكتاب‬
‫والسنة وف ًقا ملا استنبطه من أحكامها اجملتهدون‪.‬‬

‫إن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ "‪ "Müslümanlik‬داينةٌ عفوية عشوائيةٌ غي مكتسب ٍة ابلتَّعليم‪ ،‬ال تتميز أبي مبدأٍ وال‬
‫ِّ‬ ‫ٍ‬
‫يف هلا‪ .‬لذلك فإن الْ ًم ْسلُ َمانيِّني وخاصةً رجال الدين منهم ال يرون ً‬
‫مانعا من أن يضيفوا‬ ‫حدود‪ ،‬وال تعر َ‬
‫شكل من أشكال العبادة مىت سولتها هلم نفوسهم وكيفما طابت هلم‪.‬‬ ‫أي ٍ‬ ‫وطقوسا و َّ‬ ‫إليها معتقد ٍ‬
‫ات‬
‫ً‬
‫وأدعية ُُمتَ لَ َق ٍة ال أساس هلا من الكتاب‬
‫ٍ‬ ‫على سبيل املثال؛ يتعبَّد الشخص الْمسلُم ِّانُّ بقراءة صل ٍ‬
‫وات‬ ‫ًْ َ‬
‫والسنة‪ ،‬مثل كتاب "دليالئل احليات"‪ ،‬و"املولد النبوي"‪ ،‬ورسالة "اجلوشن"‪ ،‬والصالة التفرَيية‪،‬‬
‫وصالة النجاة‪ ،‬وإألوراد البهائية‪ ،‬على افرتاض أهنا شرعية‪ .‬يربهن على ذلك ما نشرها النورجيون منذ‬
‫ور من القرآن الكرمي تضليالً‬ ‫آايت قرآنيةٌ و ُس ٌ‬
‫قرن تقريبًا من آالف الكتب والرسائل‪ ،‬تتناثر يف ثناايها ٌ‬
‫لل ُقر ِّاء أبهنا شرعية وهي شائعة يف تركيا‪ .‬من املثي أن رائسة الشئون الدينية تتجاهل كل هذه‬
‫النشاطات‪ .‬هناك أمثلة ال حصر هلا من هذه األنشطة املضللة‪ .‬وهذا يدل على أن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ‬
‫"‪ "Müslümanlik‬داينةٌ ُمتلقةٌ ابطلةٌ‪ ،‬ال متت أبي صلة إل الدين اإلسالمي احلنيف‪.‬‬

‫ٍ‬
‫مجاعة أن‬ ‫جل ُسلطانه‪ ،‬فال َيوز ‪ -‬إطالقًا ‪ -‬ألي إنسان أو‬
‫‪ )5‬التشريع يف اإلسالم حق خاص ابهلل َّ‬
‫دستورا للحكم به بدال مما شرعه للا ورسوله‪ .‬فال بد هنا من‬ ‫يضع‬ ‫ع ً ِّ‬ ‫ش ِّر َ‬
‫ً‬ ‫قانوان ُحي ُّل به وحيرُم به؛ أو َ‬ ‫يُ َ‬

‫‪ 4‬ملزيد من املعرفة عن هذه املفاهيم راجع مصادر أصول الفقه‪.‬‬


‫كفر‬
‫التصريح أبن تشريع األحكام يف الدماء واألعراض واألموال خالفًا ملا ورد يف الكتاب والسنة‪ٌ ،‬‬
‫ين َما َملْ َأيْذَ ْن بِّ ِّه َّ‬
‫اّللُ‪".‬‬ ‫ُمرج عن امللة مطل ًقا‪ .‬قال تعال استنكارا‪" :‬أ َْم َهلُم ُشرَكاء َشر ُعوا َهلُم ِّمن ِّ‬
‫الد ِّ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ َ ُ َ‬ ‫ً‬ ‫ِّ ٌ‬

‫أعضاء جمالسهم الربملانية أن‬ ‫أما الْمسلُمانِّيَّةُ "‪"Müslümanlik‬؛ فإهنا تبيح ملنتسبيها من السياسيني و ِّ‬
‫ُْ َ‬
‫وحت ِّرُم ما أحله للا؛ على سبيل‬ ‫حرمه للا ُ‬‫أحكام ُِّحت ُّل ما َّ‬ ‫ٌ‬ ‫شرعوا القوانني‪ ،‬بينما فيها‬ ‫قرروا الدساتي ويُ ِّ‬ ‫يُ ِّ‬
‫رجل من ابنتِّ ِّه ابلتبين‪ ،‬رغم أن‬ ‫زواج ال ِّ‬ ‫ابلتبين‪ ،‬و َ‬ ‫زواج املرأةِّ من ابنِّها ِّ‬ ‫املثال؛ ُحيَ ِّرُم القانو ُن ‪-‬يف تركيا‪َ -‬‬
‫التبين بنص قاطع يف القرآن الكرمي‪ ،‬قال تعال‪َ " :‬ما َج َع َل ٱ َّّللُ لَِّر ُج ٍل ِّمن‬ ‫أابح ذلك‪ ،‬وحرم ِّ‬ ‫اإلسالم قد َ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َّٰٓ‬
‫َٰج ُك ُم ٱ َٰلَِّّي تُ َٰظَ ِّه ُرو َن ِّمن ُه َّن أ َُّم ََٰهتِّ ُك ْم َوَما َج َع َل أَد ِّعيَآَّٰءَ ُك ْم أ َۡب نَآَّٰءَ ُك ْم َٰذَلِّ ُك ْم‬ ‫و‬
‫ۡ‬
‫َز‬ ‫أ‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ج‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ني ِّيف ج ۡوفِّ ِّ‬
‫ه‬ ‫ِّ‬ ‫ق ۡلب ۡ‬
‫ََ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ ِّ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫لسبِّيل * أُد ُعوهم ِّألَّٰٓابَّٰٓئِّ ِّهم هو أَقس ُ ِّ ِّ‬
‫ط عن َد ٱ َّّلل‪ ،‬فَِّإ ْن َّملْ‬ ‫ُ ْ َ ْ َُ َ‬ ‫ول ٱحلَ َّق َو ُه َو يَهدي ٱ َّ َ‬ ‫قَ ۡولُ ُك ْم ِّأبَف ََٰو ِّه ُك ْم‪َ ،‬وٱ َّّللُ يَ ُق ُ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ت‬ ‫ْمت بِّ ِّه‪َ ،‬وَٰلَكِّن َّما تَ َع َّم َد ْ‬ ‫يمآَّٰ أَخطَأ ُْ‬‫ين وم َٰولِّي ُكم‪ ،‬ولَيس َعلَي ُكم جنَا ِّ‬
‫حف َ‬
‫ِّ‬
‫تَعلَ ُمَّٰٓواْ ءَ َاابَّٰٓءَ ُه ْم فَِّإخ ََٰونُ ُك ْم ِّيف ٱلد ِّ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ ْ ُ ٌ‬
‫ِّ‬
‫قُلُوبُ ُك ْم‪َ ،‬وَكا َن ٱ َّّللُ غَ ُفوًرا َّرح ً‬
‫‪5‬‬
‫يما‪".‬‬

‫ِّ‬
‫الرضاعة‪ ،‬بينما اإلسالم قد حرم‬ ‫الزواج من األخت ِّ‬
‫واألم من‬ ‫كما َّ‬
‫أن القانو َن ‪-‬يف تركيا‪ -‬قد أابح‬
‫َ‬
‫نكاح احملارم من الرضاعة‪ ،‬وال فرق بني احملارم بسبب النسب أو بسبب الرضاع مىت ثبت الرضاع من‬
‫ت َعلَْي ُك ْم أ َُّم َهاتُ ُك ْم َوبَنَاتُ ُك ْم‬ ‫اشرتطت يف الفقه اإلسالمي؛ قال تعال‪ُ « :‬ح ِّرَم ْ‬ ‫حيث عدد الرضعات اليت ُِّ‬
‫ض ْعنَ ُك ْم َوأَ َخ َواتُ ُك ْم ِّم َن‬ ‫ت َوأ َُّم َهاتُ ُك ُم َّ‬
‫الالِّيت أ َْر َ‬ ‫ات ْاألُ ْخ ِّ‬ ‫َخ َوبَنَ ُ‬ ‫ات ْاأل ِّ‬‫َوأَ َخ َواتُ ُك ْم َو َع َّماتُ ُك ْم َو َخ َاالتُ ُك ْم َوبَنَ ُ‬
‫ن‪ ،‬إِّنَّهُ‬ ‫اع ِّة‪ 6...‬ومما أبيح من احملرمات ‪-‬يف تركيا‪ -‬الزان والراب‪ .‬وللا تعال يقول‪َ " :‬وَال تَ ْق َربُواْ ٱ ِّ‬
‫لز ََٰ‬ ‫ضَ‬ ‫الر َ‬
‫َّ‬
‫الزانِّيَةُ‬
‫شةً َو َسآَّٰءَ َسبِّيالً‪ 7".‬وقد نص القرآن الكرمي على عقوبة الزانية والزان يف اآلية الكرمية‪َّ " :‬‬ ‫َكا َن َٰفَ ِّح َ‬
‫اّلل إِّ ْن ُك ْن تم تُ ْؤِّمنُو َن ِّاب َِّّ‬
‫ّلل‬ ‫ين َِّّ‬‫اح ٍد ِّم ْن ُه َما ِّمائَةَ َج ْل َدةٍ َوَال َأتْ ُخ ْذ ُك ْم ِّهبِّ َما َرأْفَةٌ ِّيف ِّد ِّ‬
‫الز ِّان فَاجلِّ ُدوا ُك َّل و ِّ‬ ‫َو َّ‬
‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫ني‪ 8".‬أما الراب‪ ،‬فقد ورد حترمي التعامل به يف قوله‬ ‫َوالْيَ ْوم ْاآلخ ِّر‪َ ،‬ولْيَ ْش َه ْد َع َذ َاهبُ َما طَائَِّفةٌ م َن ال ُْم ْؤمنِّ َ‬
‫س ذَلِّ َ‬
‫ك ِّأب ََّهنُ ْم قَالُوا‬ ‫الش ْيطَا ُن ِّم َن ال َْم ِّ‬
‫وم الَّ ِّذي يَتَ َخبَّطُهُ َّ‬ ‫ومو َن إَِّّال َك َما يَ ُق ُ‬ ‫ين َأيْ ُكلُو َن ِّ‬
‫الرَاب َال يَ ُق ُ‬
‫َّ ِّ‬
‫تعال‪" :‬الذ َ‬
‫‪9‬‬
‫الرَاب‪"...‬‬‫اّللُ الْبَ ْي َع َو َح َّرَم ِّ‬
‫َح َّل َّ‬ ‫إِّ ََّّنَا الْبَ ْي ُع ِّمثْ ُل ِّ‬
‫الرَاب َوأ َ‬

‫األحزاب‪5-4 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ 6‬النساء‪23:‬‬

‫اإلسراء‪32 :‬‬ ‫‪7‬‬

‫النور‪2 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫البقرة‪275 :‬‬ ‫‪9‬‬


‫عرب الْمسلُمانِّيُّون عن احرتامهم للقرآن الكرمي‪ ،‬وي ِّ‬
‫بجلون شخصيةَ الرسول‬ ‫ُ‬ ‫رغم كل هذه األدلة القاطعة يُ ِّ ُ ُ ْ َ‬
‫ين يَ ْز ُع ُمو َن أ ََّهنُ ْم آ ََمنُوا‬ ‫َّ ِّ‬
‫عليه السالم‪ ،‬وهذا نفا ٌق ال شك فيه‪ ،‬كما ورد يف اآلية الكرمية‪" :‬أََملْ تَ َر إِّ َل الذ َ‬
‫وت َوقَ ْد أ ُِّم ُروا أَ ْن يَ ْك ُف ُروا بِّ ِّه َويُ ِّري ُد‬
‫ك ي ِّري ُدو َن أَ ْن ي تَحا َكموا إِّ َل الطَّاغُ ِّ‬
‫َ َ ُ‬
‫ِّ ِّ‬
‫ك َوَما أُنْ ِّز َل م ْن قَ ْبل َ ُ‬ ‫ِّمبَا أُنْ ِّز َل إِّل َْي َ‬
‫ني‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫الر ُس ِّ‬
‫اّللُ َوإِّ َل َّ‬ ‫يل َهلُ ْم تَ َعال َْوا إِّ َل َما أَنْ َز َل َّ‬‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ضلَّ ُه ْم َ‬‫الش ْيطَا ُن أَ ْن ي ِّ‬ ‫َّ‬
‫ت ال ُْمنَافق َ‬ ‫ول َرأَيْ َ‬ ‫ض َال ًال بَعي ًدا‪َ .‬وإذَا ق َ‬ ‫ُ‬
‫ودا‪ 10".‬نستنتج هنا ابالستقراء ويف ضوء هذه الرباهني " أن الداينةَ ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ‬ ‫ص ُد ً‬ ‫ك ُ‬ ‫صدُّو َن َعْن َ‬ ‫يَ ُ‬
‫بيح النفا َق يف الوقت ذاته!‬
‫"‪ "Müslümanlik‬تُ ُ‬

‫ايف ُمتَ لَ ٍق وضع لَبِّنَاتِِّّه األول‬


‫هذه التناقضات الرهيبة ال يُستَبع ُد ظهورها يف جمتم ٍع ابتلى بدي ٍن خر ٍِّ‬
‫انتقاما من الدولة األموية اليت احتلت بالد األتراك وسحقتهم‬ ‫ِّ‬
‫شحصان أحدمها شامان‪ ،‬واآلخر بوذي‪ً ،‬‬
‫اإلسالم‬ ‫العارمة وارتكبت مذابح داميةً يف املدن الرتكية وحرقت أصنامهم‪ ،‬وفرضت عليهم‬ ‫ٍ‬ ‫جبيوشها‬
‫َ‬
‫عنوةً‪...‬‬

‫إن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ "‪ "Müslümanlik‬يف الواقع هي نتاج الصر ٍاع السياسي بني العرب والرتك على مدى‬
‫قرون‪ ،‬فانتهج كل من الطرفني داينةً صنعها وف ًقا لطبيعته‪ ،‬ليتميَّز به عن الطرف اآلخر؛ فصنع األتراك‬ ‫ٍ‬
‫الديين حىت ال يلتبسوا ابلعرب حتت مظلة اإلسالم‬ ‫َّ‬ ‫ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ "‪ "Müslümanlik‬لِّيُعلنوا هبا استقالهلَم‬
‫الذي حيدده القرآن الكرمي‪ ،‬وهذه التناقضات املذكورة آن ًفا هي أبرز مسات ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة اليت تُثبت أنه‬
‫ضا صنعو ألنفسهم داينةً مستقلةً بطريق التشويه‬ ‫ال عالقة هلا ابإلسالم إطالقًا‪ .‬كما أن العرب أي ً‬
‫ِّ‬
‫احملمدي (وهي اإلسالميةُ)‪ ،‬ارتكبوه َك ْي ال يلتبسوا أبهل التوحيد اخلالص‪ ،‬ولتكون‬ ‫لْلسالم ِِّّ‬
‫القرآن‬
‫رمزا على أهنم مل ُّ‬
‫ينفكوا أصالً عن جاهليتهم‪.‬‬ ‫هذه الداينةُ املشوهةُ ً‬

‫نظام ٍ‬
‫خاص‬ ‫الكتاب والسنة يف إطار ٍ‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالم‪ ،‬قد رمسها‬ ‫الذكر والدعاءَ يف‬ ‫‪ )6‬معلوم َّ‬
‫ُ‬ ‫أن العبادةَ و َ‬
‫يذكره‪،‬‬
‫املؤمن الذي يريد أن يدعو للا ويتضرع إليه تعال أو َ‬
‫َ‬ ‫الشخص‬
‫َّ‬ ‫يسمى "التوقيفية" يعين ذلك أن‬
‫َّ‬
‫يتجاوزها‪ .‬مثالً‪:‬‬
‫َ‬ ‫الكتاب والسنةُ فال‬
‫ُ‬ ‫الوقوف عند احلدود اليت جاء هبا‬
‫َ‬ ‫أو يعب َدهُ؛ َيب عليه أ ْن يلتزم‬
‫كعات عم ًدا ولكن عن ٍ‬
‫جهل‪ ،‬أي‬ ‫العشاء مخس ر ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫لو أنه أراد أ ْن يصلِّ َي فريضةَ الظهر‪ ،‬أو العصر‪ ،‬أو‬
‫َ‬
‫السنة وخالف الرسول عليه السالم‬‫كعات) فإنه قد جتاوز حدود ِّ‬ ‫كعة على أصلها (وهي أربع ر ٍ‬ ‫بزايدةٍ ر ٍ‬

‫‪ 10‬النساء‪61 ،60/‬‬
‫ِّ‬
‫أجرهُ‪ ،‬وقد يؤدي به‬
‫ف ُ‬ ‫اع َ‬
‫ضَ‬ ‫وأمثَ بذلك‪ ،‬وصالتُهُ فاسدةٌ ال حمالة‪ ،‬وإ ْن كان قص ُدهُ هبذه الزايدةِّ أن يُ َ‬
‫ط معينةٌ‬
‫أيصا هلما شرو ٌ‬
‫علم مبخالفته للشرع‪ ..‬والدعاءُ والذكر ً‬ ‫ذلك إل الكفر‪ ،‬إن كان متعم ًدا‪ ،‬وعن ٍ‬
‫قد ذكرها و َّ‬
‫عددها العلماءُ يف تصانيفهم‪َ ،‬يدها املتباحث يف مظاهنا‪.‬‬

‫أما ل ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ "‪"Müslümanlik‬؛ فإهنا داينةٌ من نِّتاج فكر اإلنسان‪ ،‬ال تقوم على ٍ‬
‫أساس من الوحي‪،‬‬
‫ذكرها آن ًفا‪ ،‬وحشرو فيها أشكاال من طقوس‬ ‫مر ُ‬ ‫بل ابتكرها واختلقها عصابةٌ من الصوفية‪ ،‬كما َّ‬
‫أكثر مصطلحات تلك الدايانت إل‬ ‫الدايانت اهلندية كذلك من الداينة الشامانية ومناسكها‪ ،‬وترمجوا َ‬
‫ت َد ْر ْأْنُ َم ْن‪َ ،‬و َخ ْت ِّم ُخواجگان‪ )...‬ليدفعوا‬
‫ض َها إل الفارسية‪( ،‬مثل‪ :‬نَظَْر بَ ْر قَ َد ْم‪َ ،‬و َخل َْو ْ‬
‫العربية وبع َ‬
‫اعتادت‬
‫ْ‬ ‫الناس حىت يعتقدوا أهنا من اإلسالم‪َّ ،‬‬
‫ألن لغة اإلسالم العربيةٌ‪ .‬ولَ َّما‬ ‫الشك ولِّيُلبِّسوها على ِّ‬
‫هبا َّ‬
‫انتشارا‬ ‫انتشرت‬ ‫ٍ‬
‫ً‬ ‫الناس هذه الداينةَ مع الزمان حبكم دعاايت الصوفية وحماوالتم التبشيية‪َ ،‬‬ ‫كثرةٌ من ُ‬
‫أحد من األتراك أبن ل ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ‬ ‫ذريعا حىت اعتنقها عامةُ اجملتمع حبيث يستحيل اليوم إقناع ٍ‬
‫ً‬
‫"‪ "Müslümanlik‬ليست هي اإلسالم!‬

‫ُمتلفة‪ ،‬وحشدوها يف رسائِّلِّ ِّه ْم‬


‫دايانت ٍ‬
‫ٍ‬ ‫س ِّة من‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫قام عدد من الصوفية جبمع املصطلحات واآلداب الْ ُم ْقتَ بَ َ‬
‫األولياء"‪ ،‬كتبه صويف امسُهُ‪ :‬حسن لطفي‬ ‫ِّ‬ ‫أسها كتاب حيمل عنوان "مناقب‬ ‫ومدوَان ِّتِّم‪ ،‬أييت على ر ِّ‬
‫َّ ْ‬
‫الكتاب عام ‪1958‬م‪ .‬يف أنقره‪ ،‬وهو من أواخر ما ألفه‬ ‫ُ‬ ‫شوشود ‪ 11،Hasan Lutfi Şuşud‬ونُ ِّش َر‬
‫اإلسالم من أساسها‪ .‬منها ما زعم فريد الدين العطار‬ ‫ِّ‬ ‫يهدف هدم أر ِّ‬
‫كان‬ ‫يضم من الزندقة ما‬
‫الصوفية‪ُّ :‬‬
‫ُ َ‬
‫"أن األولياء أعظم مكانةً من األنبياء!"‪ 12‬أما أوائل‬ ‫(شيخ صوفية خرسان ‪1221-1146‬م‪َّ :).‬‬
‫املؤلفني من الصوفية األتراك أييت يف مقدمتهم‪ :‬أمحد اليسوي (‪1166-1093‬م‪ ،).‬الذي اشتهر يف‬
‫أوساط اجملتمع الرتكي‪ ،‬ودامت شهرته عرب القرون إل اليوم‪ ،‬اهتم بضبط مناقبه وآاثره أمراء األتراك‬
‫كبار صوفية هذا القوم‪ .‬أقيمت جامعةٌ يف مدينة تركستان‬ ‫وزعماؤهم‪ ،‬واحتفظ بديوانه ومدوانته ُ‬
‫الكازاخستانية عام ‪1991‬م‪ .‬حتمل اسم جامعة أمحد اليسوي‪ ،‬للرجل ديوا ٌن كتبه ابللغة الرتكية‬
‫اجلغتائية‪ ،‬وقد نُقل إل اللغة الرتكية األانضولية‪ُ ،‬ح ِّش َد بني طياته ما يطول الكالم عن وصفه من الغث‬
‫والسمني‪.‬‬

‫‪Hasan Lûtfi Şuşud, İslâm Tasavvufunda MENAKIBI EVLİYA, İstanbul -1958. 11‬‬

‫‪ 12‬هذه كلماته ابللغة الرتكية‪:‬‬


‫‪«Velâyet, fenâya varmış kimsenin halidir. Nübuvvet mertebesinden uludur. Bazı enbiya hazerâtı‬‬
‫‪velâyete de sahip olmuşlardır. Lakin her velîdenübuvvet-i tarifiyye veya tebliğiyyemevcûd‬‬
‫)‪olagelmiştir.» (Hasan Lütfü Şuşud, İslâm Tasavvufunda Menakıb-ı Evliyâ, s, 163 İstanbul-1958.‬‬
‫الصوفية قدميًا بتأسيس تيارات روحيَّ ٍة وتنظيم مجاعات من الدراويش واملريدين‪،‬‬‫ِّ‬ ‫عصاابت من‬
‫ٌ‬ ‫قامت‬
‫ٍ‬
‫منسجمة مصحوبةً‬ ‫ٍ‬
‫بنغمات‬ ‫الطقوس واألذكا ِّر واألانشيد والرتانيم‪ ،‬تُ َؤدى‬
‫ِّ‬ ‫واختلقوا هلم أشكاالً من‬
‫كالرقص واإلهتز ِّاز والتهيُّ ِّج واإلضراب؛ تقام هذه‬
‫ِّ‬ ‫انفعاالت‬
‫ٌ‬ ‫ابلعزف على آالت املوسيقى؛ فيها‬
‫الطقوس واحلفالت بشكل دوري ويف أوقات معي ٍنة‪ ،‬كما يف الطريقة القادرية‪ ،‬والرفاعية‪ ،‬واملولوية‪.‬‬ ‫ُ‬
‫النور‪ ،‬وال يُسمح‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬
‫وقد يتم أجراءُ بعضها يف حجرات خاصة بعد أن تُرخى الستائر على النوافذ وتُطفأ ُ‬
‫لغي املريدين ابلدخول فيها كما يف الطريقة النقشبندية‪ .‬كل ذلك على حساب الدين ودون مباالت‬
‫مبا فيها من التزوير والتشويه واخلروج عن حدود اإلسالم‪.‬‬

‫لتمنع‬
‫ني قد أقاموا حواجز رادعةً هبذه األشكال من الزندقة َ‬ ‫تكشف هذه األدلة أن الصوفية ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّ َ‬
‫اإلسالم من القفز إل املناطق اليت انتشرت فيها ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ "‪ ،"Müslümanlik‬ذلك واضح‪ ،‬حىت‬ ‫َ‬
‫متاما عن اإلسالم‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫لو مل يتفوهوا به عالنية‪ .‬وهذا يربهن بصورة قطعية أن ال ُْم ْسلُ َمانيَّةُ داينةٌ منفصلةٌ ً‬

‫اإلسالم دين عاملي ميتاز ابلواقعية والوضوح والوسطية‪ ...‬ال سر فيه‪ ،‬وال كهنوتية‪ ،‬وال الرتاتيبية‬ ‫َ‬ ‫‪َّ )7‬‬
‫إن‬
‫اجتماعية متميِّزةٍ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫طبقات‬ ‫اجملتمع إل‬
‫َ‬ ‫اإلسالم‬
‫ُ‬ ‫الدينية‪ ،‬وال رجال دين‪ ،‬وال أزايء دينية خاصة‪ ،‬وال يقسم‬
‫وقد يعرتف هبذه احلقيقة كثيٌ من األكادمييني املُ ْسلُ َمانِّيِّ َ‬
‫ني‪.‬‬

‫شطَاءُ الصوفية من‬


‫عناصر كثية اقتبسها نُ َ‬
‫َ‬ ‫أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ "‪"Müslümanlik‬؛ فإهنا داينةٌ ُجمَ َّم َعةٌ من‬
‫ُمتلفة جبهود متضافرةٍ‪ ،‬صنعوها يف عصور الظالم إلرابك العقول إذ كان اجلهل يعم اجملتمعات‬ ‫ٍ‬ ‫دايانت‬
‫أثرا‬ ‫ِّ‬
‫الداخل‪ً ،‬‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالم من‬ ‫يف آسيا الوسطى‪ ،‬فوجدوا الفرصةَ ساحنةً فارتكبوا هذه املؤمرة لضرب‬
‫للداينة البوذية والشامانية اللتني قضى عليهما القياديون العرب ٍ‬
‫يومئذ فور احتالهلم لتلك املنطقة‪.‬‬

‫هذه الداينية الوثنية تضم أشكاالً من طقوس البوذية والشامانية؛ فيها السريةُ‪ ،‬والكهنوتيةُ‪ ،‬والرتاتيبيةُ‬
‫ختتلف أمسا ُؤها؛‬ ‫مجاعات ٍ‬
‫دينية‬ ‫ٍ‬ ‫اجملتمع إل‬ ‫س ُم‬ ‫رجال ال ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫دين‪ ،‬وأزايءٌ دينيةٌ خاصةٌ‪ ،‬ويُ ْق َ‬ ‫الدينيةُ‪ ،‬و ُ‬
‫ِّ‬
‫والعلوية‪،‬‬ ‫والشاذلية‪ ،‬واألمسر ِّية‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫واجلشتية‪،‬‬ ‫الس ْه َرَوْرِّديَِّّة‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫كالنقشبندية‪ ،‬والقادرية‪ ،‬والرفاعية‪ ،‬و ُ‬
‫والبكتاشية‪ ،‬والي ِّ‬
‫ِّ‬
‫وم ْن دوهنم من‬ ‫س ِّويَّة‪ ،‬واجلراحية‪ ...‬وكثي غيها‪ .‬وهناك تراتيبيةٌ دينيةٌ بني الشيوخ َ‬ ‫ََ‬
‫كالء‪ ،‬والدراويش‪ ،‬واجملذوبني‪ ،‬واحملبِّني‪ ،‬واملريدين‪...‬‬ ‫اخللفاء‪ ،‬والو ِّ‬
‫ِّ‬
‫إن مصدر الغموض والعبث يف ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة‪ ،‬هو التوغل يف البحث عن عامل موهوم‪ ،‬يُطلق عليه‬
‫َّ‬
‫ضا‪" :‬الباطنية" وهي ركام من هذايانت وشطحات‪ ،‬وأسرارا‪ ،‬ودعاوي‬ ‫مصطلح "التصوف" ويسمى أي ً‬
‫ٍ‬
‫ُمتلقة كالبوذية‬ ‫ٍ‬
‫أداين‬ ‫ٍ‬
‫حمرفة‪ ،‬كاملسيحية واليهودية‪ ،‬ومن‬ ‫ٍ‬
‫أداين‬ ‫ابطلة‪ ،‬وأكاذيب من رسوابت‬
‫والشامانية‪ ،‬والزرادشتية‪ ...‬فأفرزت ضرواب من بدع‪ ،‬وخر ٍ‬
‫افات وفلسفات إحلادية ومعتقدات ابطلة‬ ‫ً‬
‫ِّ‬
‫والفناء يف للا‪ ،‬وإنكار حياة اآلخرة إل غي ذلك‪ ...‬وهلذ‬ ‫كفلسفة وحدة الوجود‪ ،‬ووحدة الشهود‪،‬‬
‫قد ورد على لسان السلفيني تسميةُ التصوف ب "الفلسفة اإلبليسية"‪.‬‬

‫عمائم وأرديةً خاصةً‪ ،‬رمبا هي مستوحاةٌ‬


‫َ‬ ‫الشيوخ واألعيان والدراويش من هذه الفئات الصوفية يرتدون‬
‫ٍ‬
‫جمموعة‬ ‫كل‬
‫أعطت ُّ‬
‫ْ‬ ‫ِّ‬
‫اجملوس لكنهم قد طوروها وغيوا أشكاهلَا‪ ،‬وقد‬ ‫رهبان اهلندوس‪ ،‬أو‬ ‫أصالً من ِّ‬
‫أزايء ِّ‬
‫هذه األزايءَ شكالً معينًا ليتميزوا هبا عن غيهم‪.‬‬

‫ِّ‬
‫واخلطباء‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫األئمة‬ ‫ِّ‬
‫مدارس‬ ‫رجال الدين الرمسيني من أئمة املساجد‪ ،‬ومعلِّ ِّمي‬ ‫أن َ‬ ‫ينبغي هنا التنبيه على َّ‬
‫َّاب التمائم‪ ،‬والوسطاءَ‬
‫ِّ‬
‫خ الطُُّرقِّ الصوفية‪ ،‬وُكت َ‬ ‫ومعلِّ ِّمي املدارس القرآنية‪ ،‬وكثرةً من األكادمييني‪ ،‬وشيو َ‬
‫القرآن يف ربوع اجملتمع الرتكي‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ضد انتشار اإلسالم‬ ‫املتَّجرين ابلدين‪ ،‬كلُّهم متواطؤون فيما بينهم َّ‬
‫ومتَّفقون على دعم الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة "‪ ،"Müslümanlik‬وتقويتها وإثرائها ابملصطلحات القومية‬
‫ومعتقدات الصوفية ورموزها‪ ...‬هذا‪ ،‬ومن أجل احلفاظ على ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة الرتكيَّ ِّة "الشامانو‪-‬بوذية" إل‬
‫ِّ‬
‫املؤسسات‬ ‫ِّ‬
‫املمحمدي‪ ،‬تبذل العدي ُد من‬ ‫القرآن‪-‬‬
‫ِّ‬ ‫األبد‪ ،‬ومنع اإلنسان الرتكي من التفكي يف اإلسالم‬
‫جهودا كبية يف التعاون‪.‬‬ ‫ً‬ ‫واملنظمات‪ ،‬والقطاع النقشبندي على وجه اخلصوص‪ ،‬تبذل‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫واجلمعيات‬
‫لكن يف طليعة هذه املؤسسات واملنظمات القائمة بنشاطاتا الدعائية املكثفة‪َّ ،‬‬
‫فإن مراكز النقشبنديني‬
‫ِّ‬
‫نشاطات أحد املاليل النقشبندية‬ ‫خباصة ختوض حرابً شرسة ضد اإلسالم‪ .‬من املمكن اإلطالع على‬‫ٍ‬
‫‪13‬‬
‫من خالل الروابط التالية كيف أنه يستفز الناس هلذا الغرض‪.‬‬

‫إن الفوارق بني اإلسالم وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ال تقتصر يف احلقيقة على املقارانت املذكورة وحسب‪ .‬وإَّنا‬
‫ِّ‬
‫سحيقة بني الداينتني‪.‬‬‫اهلوةِّ ال‬
‫ص وجي ٍز للمثلة‪ ،‬من أجل إعطاء فكرةٍ عن َّ‬ ‫ملخ ٍ‬
‫جمرد َّ‬
‫كانت هذه َ‬
‫واضحا) بني اإلسالم ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة يف الوهلة األول‪ ،‬من‬
‫ً‬ ‫ولتوضيح صورة اخلط األمحر (الذي ال يبدو‬

‫‪13 https://tr.sputniknews.com/turkiye/202009221042893436-selefi-dernekleri-silahlaniyor-diyen-cubbeli-ahmet-ifadeye-cagrildi-‬‬
‫;‪/; https://www.haberturk.com/ahmet-mahmut-unlu-selefi-dernekler-hakkinda-bilgi-verecek-haberler-2811304‬‬
‫‪https://www.msn.com/tr-tr/haber/gundem/son-dakika-haberler-c%C3%BCbbeli-ahmet-ifadeye-‬‬
‫‪%C3%A7a%C4%9Fr%C4%B1ld%C4%B1-selefi-dernekleri-silahlan%C4%B1yor-iddias%C4%B1/ar-‬‬
‫‪BB19hX27?ocid=msedgdhp‬‬
‫مهم ٍة ج ًدا‪ ،‬يستخدمها ال ُْم ْسلُ َمانِّيُّون ابلفعل؛ وهي‪" :‬احلمد هلل أان‬
‫كلمة جفر ٍية َّ‬
‫الضروري اإلشارةُ إل ٍ‬
‫ُم ْسلُمان! ‪ ."Elhamdülillâh ben Müslümanım‬نعم‪ ،‬يعرب ال ُْم ْسلُ َمانِّيُّون عن انتمائهم الديين يف‬
‫وتزوير وخدعةٌ على غرار الرافضة اجملوس‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫أي مناسبة ابستخدام هذه الكلمة اجلفرية‪ .‬ألن فيها تقيةٌ‬
‫اإلسالم وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ مها شيءٌ واحد‪.‬‬
‫َ‬ ‫انطباعا أبن‬
‫ً‬ ‫ِّ‬
‫خاطب‬‫ذلك إلعطاء الْ ُم‬

‫كي‪ ،‬ال يوجد‬ ‫وجتدر اإلشارة إل أنه بسبب هذا اخلداع الذي كانت وال تزال عادةً يف اجملتمع الرت ِّ‬
‫ِِّّ‬
‫مثل املسلمني يف‬ ‫ُم ْسلُ َم ِّان يقول "احلمد هلل أان مسلم" أو "أان مسلمة"‪ .‬مع أن ال ُْم ْسلُ َمانيني‪َ ،‬مثَ لُ ُه ْم ُ‬
‫يف استخدام مصطلح "غي مسلم" ملن يعتنق داينةً أخرى غي اإلسالم‪ ،‬كما ال أحد من ال ُْم ْسلُ َمانِّيِّني‬
‫يُطلِّ ُق صفة "غي ُم ْسلُ َم ِّان" بدل "غي مسلم"‪ .‬فال خيفى أن نقيض هذا الوصف هو "مسلم"‪ ،‬مع‬
‫ذلك ال يُقرون ابإلسالم يف التعبي عن انتمائهم الديين‪.‬‬

‫يعربُ عن انتمائه الديين ب كلمة "أان ُم ْسلُ َم ِّان"‬ ‫شخص أن يسأل أح ًدا من املُ ْسلُ َمانِِّّني ملاذا ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫أما إذا جترأ‬
‫برد فعل عنيف‪ ،‬إدانه أن يقول مبلء شدقيه‪" :‬أهذه‬ ‫بدالً من أن َييب‪" :‬أان مسلم"‪ ،‬فإنه سي َفاجأ ِّ‬
‫ُ َ‬
‫وجههُ‪ ،‬وامتل غيظًا‪ ،‬يكاد ينقض‬ ‫ِّ‬
‫عادة جديدة يف القرية القدمية؟!" تراه قد انتفش انتفاش اهلرة‪ ،‬وامحر ُ‬
‫ابء" فهي مقدسةٌ وال غىن عنها‪ .‬أما‬ ‫على السائل‪ .‬ألن الْمسلُمانِّيَّةَ "‪ "Müslümanlik‬هي "دين اآل ِّ‬
‫ُْ َ‬
‫يل‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الوحشي‪ ،‬فقد وردت فيها العديد من آايت القرآن الكرمي‪ .‬وللا تعال يقول‪َ " :‬وإذَا ق َ‬ ‫ُّ‬ ‫هذا التصرف‬
‫آاب ُؤ ُه ْم َال يَ ْع ِّقلُو َن َش ْي ئًا َوَال‬ ‫ِّ‬
‫اّللُ قَالُوا بَ ْل نَتَّبِّ ُع َما أَلْ َف ْي نَا َعلَْيه َ‬
‫آابءَ َان‪ ،‬أ ََول َْو َكا َن َ‬ ‫َهلُ ُم اتَّبِّعُوا َما أَنْ َز َل َّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫اّللُ قَالُوا بَ ْل نَتَّبِّ ُع َما َو َج ْد َان َعلَْيه َ‬
‫آابءَ َان‬ ‫يل َهلُ ُم اتَّبِّعُوا َما أَنْ َز َل َّ‬
‫يَ ْهتَ ُدو َن‪ ".‬ومن قوله تعال‪َ " :‬وإذَا ق َ‬
‫‪14‬‬

‫ِّ ِّ ‪15‬‬ ‫وه ْم إِّ َل َع َذ ِّ‬ ‫أ ََول َْو َكا َن َّ‬


‫السعي‪".‬‬ ‫اب َّ‬ ‫الش ْيطَا ُن يَ ْد ُع ُ‬

‫اإلسالم‬
‫َ‬ ‫احلجاب عن خدعة ال ُْم ْسلُ َمانِّي ِّني وتُثبت يف الوقت ذاته أن‬
‫َ‬ ‫هذه احليلة هي اليت تكشف‬
‫وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ "‪ "Müslümanlik‬مها داينتان منفصلتان عن بعضهما البعض‪ ،‬وال عالقة بينهما إطالقًا‪.‬‬

‫***‬

‫‪ 14‬البقرة‪170 :‬‬

‫‪ 15‬لقمان‪21 :‬‬

You might also like