Professional Documents
Culture Documents
الذ ين ِّ
الد
ُ ُ َ َْ ُ
ُاإلسالَ ُم ِّأم ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّة
ْ أ َُه َو
*** ***
PART-10
!أثرا
ً ت ُِّ ُهل يصح أن تكون الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّة
ْ أخُت َع
Could it be true that «Müslümanlik» was invented for revenge?!
أتليف
فريد صالح اهلامشي
Copyright©2018 by
Feriduddin AYDIN
feriduddin@gmail.com
.م2018-إسطنبول
al_ibar.publishing@yahoo.com
أثرا!
ت ً هل يصح أن تكون الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّةُ ُِّ
أخُت َع ْ
1هناك اختالف كبري يف الرأي بني السنة والشيعة فيما يتعلق بشخصية معاوية بن أيب سفيان .يدعي أهل السنة أنه كان من الصحابة وأحد املقربني من النيب
وحيتجون يف ذلك أبنه كان واح ًدا من كتبة الوحي.
ُ حممد صلى للا عليه وسلم،
واحلروب اليت ثالث وعشرين سنة، ال ٍ أبيه وأمه وهم كارهون ٍ
حملمد طو َ وقوف معاوية جبانب ِّ
َ إن هذا اإلدعاءَ يف الواقع ال يعتمد على أي دليل مقنع .ذلك أن
َ
ظافرا إذ
املقاومة ضد الدعوة اإلسالمية إىل صبيحة اليوم الذي دخل حمم ٌد مكةَ جبيشه العارم ً َ قادها أبوه للقضاء على حممد وأصحابه وإصر َار هذه األسرةِّ على
وأمه مل يفتحوا قلوهبم لالسالم إطالقًا .أما الذين يدَّعون مل يبق ألسرة أيب سفيان خيار سوى اإلستسالم عن كراهية مُبْطَنَ ٍة ،هلو أكرب دليل على َّ
أن معاويةَ وأابه َّ
أن معاويةَ وأبواه قد اطمأنوا ورسخ اإلسالم يف قلوهبم بعد فُتة قصرية ،وأن الرسول عليه السالم اختذ معاوية كاتبًا للوحي ،فإن ذلك حيتاج إىل نظر ،ألن األمر
وم ْن على رأيهم من أعداء الشيعة .إن كون معاوية أنه اختري كاتبًا للوحي وأنه قد
يرو ُجهُ املغرضون طوال قرون وتُبَّاعُهم املعاصرون من الوهابيني َ ليس كما ظل ِّ
خملصا للرسول وصادقًا يف إميانه .بل على عكس ذلك أن يدل على أنه كان ً احتَهُ ،كما ال ر
روى عن النيب عليه السالم ،ال يُ ِّرب ُر ُح َّجةَ الذين حياولون ليُربؤا َس َ
تلخيصهُ يف ذكر نبذة من احلقائق وهي:
ُ الربهان على موقف معاوية من اإلسالم ميكن
ِّ
للحفاظ * كان معاوية طاملا يشعر ابلعداء ألقارب حممد صلى للا عليه وسلم ويتحني الفرصة للقضاء عليهم ،ولكنه يبدو هاد ًًئ يف حياة الرسول عليه السالم،
ينقض عليهم إنقضاض النمر على فريسته.
على مركزه ،ويُتبص أبهل بيته حلني حيالفه احلظ حىت َّ
* لقد ألغى معاويةُ اخلالفة الراشدة فاستبدهلا ابلوراثة املطلقة واالستبداد ،وهكذا أبطل كمالية النظام االسالمي حيث فتح اجملال لتجزئة عناصره املتماسكة مما
شجع أصحاب األ ِّ
هواء على متزيق الدين احلنيف ونشر الزندقة واإلحلاد ،فلم يلبث حىت ظهر بعد فُتة قصرية مجاعات من الزاندقة وامللحدين وكثر أمثاهلم بعد
عهد األمويني ودامت نشاطاهتم إىل يومنا هذا.
مدةً من الزمن إىل أن ألغاها عمر بن عبد العزيز رمحه علي بْ َن أيب ٍ
طالب َّأاي َم اجلمعة من فوق املنابر ،ودامت هذه العادةُ البشعة َّ * أمر معاويةُ الوالةَ أن يلعنوا َّ
ضا من ٍ
فيض. ً غي ر
د عُي معاوية للا .إن هذا القدر من إجراءات
الذين ألغوا النظام الراشدي ودولة الشورى .إن التيار الشيعي ليس مذهبًا يف الواقع ،وإمنا ميثل داينةً مستورةً بوشاح املواالةِّ لعلي بْ ِّن أيب ٍ
طالب ِّ
وأهل بيته
وضراب من الثأر للدولة الساسانية والداينة اجملوسية. وإظهار احلقد ملعاويةَ ٍ
ويزيد مك ًرا وخديعةً وتقيةً،
ً
لكن األترك يعظمون معاوية ويك رفون عن لعن يزيد على عكس الفرس ،مع ذلك مل يسبق أن مسَّى أح ُدهم ابنَه معاويةَ أو يزيد إال القليل النادر من سالطني بين
عثمان مسوا أبنائهم (أاب يزيد) على سبيل الشماتة يف الشعية والتشفي منهم ،ألنه بني الطرفني عداوةٌ قدميةٌ .أما هذا املوقف اإلجيايب لألتراك من معاوية فإن فيه
سر ال يكاد أحد من علمائهم ومورخيهم يبوح به .ذلك أهنم يتوارون مبحبة معاوية على وجه اخلصوص حىت ال يطلع أحد على اجلرائم اليت ارتكبها األمويون
أايم احتالهلم لداير تركستان فيؤدي ذلك إىل ظهور أعمال الزاندقة الذين اختلقوا الداينة املسلمانية Müslümanlıkلضرب اإلسالم وتشويه معامله!
حتق َق وع ُد للا لرسوله املتمثِّ ِّل يف
عنادها إىل أن َّ أبت إالَّ أن تُ ْع ِّرض عن دعوةِّ للا ودامت إصرارها يف ِّ ْ
ُ َ
آمنِّ ِّ ِّ اّلل رسولَه الرْؤاي ِّاب ْحل ِّق لَت ْد ُخلُ َّن الْمس ِّج َد ا ْحلرام إِّ ْن َشاء َّ ِّ
ني
ني ُحمَلق َاّللُ َ َ ََ َ َْ ص َد َق َُّ َ ُ ُ َ َ َ قوله تعاىل" :لََق ْد َ
ك فَ ْت ًحا قَ ِّريبًا 2".دخل حممد ص ِّرين َال َختَافُو َن ،فَعلِّم ما َمل تَ ْعلَموا فَجعل ِّمن ُد ِّ
ون ذَلِّ َ ِّ
َ َ َ ْ ُ ََ َ ْ وس ُك ْم َوُم َق َ
ُرءُ َ
فاضطر أبو سفيان قوامهُ اثىن عشر أل ًفا صبيحة 11يناير 630م. عليه السالم مكةَ ٍ ٍ
َّ جبيش عارم ُ
اإلسالم حتت حد السيف خوفًا .تربهن ظهرواحملمد ،وأن يُ ِّ وزوجتُهُ ِّه ْن ُد وابنُهُ معاويةُ أن يستسلموا ٍ
َ
ضواعاما (من اسالمهم!) ،أهنم كيف أبطنوا كفرهم مبجامع جاهليتهم ،وانق ر أفاعيلُ ُه ْم بعد أربعني ً
على قرابة الرسول وذحبوهم ودامهوا مدينتهم وأرهبوا سكاهنا ،كل ذلك واقع وقد أثبتها التاريخ
دونَهُ املغرضون من طائ َف ِّيت السنة(؟) والشيعة،
الصادق الذي خيتلف عن التاريخ الكاذب الذي َّ
يقدسون شخصية معاوية للتعمية .أما الوهابيون فإهنم ِّ
يقدسونه خاصة الوهابيون والسنيرون األترك ِّ
إلخفاء صلتهم ابخلوارج ،ألهنم كانو يعادون معاوية وأرادوا قتله ،ثبت ذلك يف مصاد التارخ أن
ض عليه ف ُقتِّل .وال ِّ ِّ ِّ احلجاج بن ِّ
اخلارجي شد على معاويةَ بسيفه لكنَّه مل يُفل ْح ،ف ُقبِّ َ
َّ التميم َّي عبد للا َ َ
يتخفون وراءَ أدبيات شك أن الوهابيني هم من امتداد للخوارج .أما السنيرون األتراك ،فإهنم َّ
التقديس لشخصية معاويةَ لصد اإلنتباهِّ عن املذابح اليت ارتكبها جيش األمويِّني َّأاي َم احتالهلم
تركستان (وهي داير آابء األتراك) ،ويف هذا التخفي أسرار رهيبة أمهها تتمثَّل يف حياكة الداينة
ضهم ملعاوية
املسلمانية Müslümanlıkاليت اختلقوها للقضاء على اإلسالم .ألهنم إن أظهروا بُغ َ
انتقاما من اإلسالم.
فستفتضح هذه الداينةُ أبهنم إمنا اختلقوها ً
***
كان الرسول عليه الصالة والسالم على علم ابملوقف السليب هلذه األسرةِّ من دعوته ،وعداوهتا اليت
دائما ،وكان يساحمهم ويتخطَّى ما يرى يف سلوك أهل هذه األسرة من ِّ
تُبطنُها ،ولكنه عاملهم ابلرفق ً
غضي عن املكاره اليت يتلبَّسون هبا ...كل ذلك رجاءَ أن يعتادوا ِّ
واالستخفاف به ،وي ِّ اإلنتهازية
ُ
الرسول عليه السالم مل مينحهم وظيفةً َ اسالمهم مع الزمان ،ولكن ُ التساوي مع إفر ِّاد اجملتمع وحيسن
َ
قواي ِّ
من شئوون الدولة! وهبذه املناسبة ينبغي أن يُ َق َّد َر َّ
رئيسا ً أن حمم ًدا صلى للا عليه وسلم كان ً
أخالقية كنيب .رمبا منٍ مزو ًدا بقدرات روحية ومزااي
ك مبقاليد الدولة يف الوقت الذي كان َّ وفري ًدا ُمي ِّس ُ
عاهتا ،كانأجل استقرار النظام اجلديد ومن أجل سالمة جمتمعه وألسباب سياسية يدرك خطورةَ تبِّ ِّ
ُ
لني اجلانب ُتاه األسرة األموية .وعلى رغم كل ما كان يتوقعه من إفر ِّاد هذه األسرةِّ من فساد النيَّة
ظل معاوية يتنكر لألسرة اهلامشية وراءَ سرية الرجل املخلص إىل أن تويف رسول للا صلى للا عليه
وسلم ،فلما نصبه عمر بن اخلطاب واليًا على املنطقة الشامية عام 640م .بدأ يتخيل أايم تعذيب
أقرهُ اخلليفة الثالث عثمان بن عفان
فرحا .وملا َّ
ط ًقريش للمسلمني إذ كان أبواه يف مقدمتهم فاستشا َ
يف منصبه وهو قريبهُ ،تددت الذكرايت يف خميلته وانتعشت آمالُهُ لتحقيق ما كان يبيِّته ،وحالفه
ب علي بن أيب طالب تسنت ِّ احل ر
ظ عندما استشهد عثمان بن عفان على يد اإلرهابيني .وما إن انتُخ َ
فتمر َد وحدث ما حدث من الشغب والفنت.له الفرصة الذهبية َّ
كانت خالفة أيب بكر الصديق رضي للا عنه سنتان وثالثة أشهر وثالثة عشر يوما من سنة إحدى عشرة من اهلجرة من يوم وفاة النيب صلى للا عليه وسلم. 3
يوما واح ًدا من سنة ثالث عشرةَ من اهلجرة من يوم وفاة أيب بكر الصديق رضي للا
وكانت خالفة عمر بن اخلطاب رضي للا عنه عشر سنني وستة أشهر إال ً
يوما واح ًدا من سنة أربع وعشرين من اهلجرة من يوم وفاة عمر بن اخلطاب رضي للا
عنه .وكانت خالفة عثمان بن عفان رضي للا عنه اثنتا عشرة سنة إال ً
ضا
عنه .وكانت خالفة علي بن أيب طالب كرم للا وجهه أربع سنني وتسعة أشهر من سنة مخس وثالثني من يوم وفاة عثمان بن عفان رضي للا عنه .ويدخل أي ً
القبول يعين أن
َ ِّ
السياسة فلم تصح خالفتهم ،ودونه خرط القتاد! ألن هذا ِّ
خمتلفة من احلِّيَ ِّل بِّطُُر ٍق
النظام الذي بدأ بعد وثوب معاويةَ على السلطة عنوةً مل يعد من املمكن اعتباره إسالميًا .وإذا كان
احلكم السائ َد فإن اجملتمع والدولة اليت يسيطر عليها مثل
َ النظام الذي ال ميكن اعتباره إسالميًا هو
ِّ
اإلسالم أو ِّ
إنقالب ضا اعتبارمها إسالميًا ألبتة .وقد حان أن نقول أن قصةَ هذا نظام ال ميكن أي ً
ٍ
جاهلية (ومنها الداينة املسلمانية ٍ
دايانت يف قِّيَ ِّم ِّه ليتحول إىل ِّ
اإلسالم وحتر َ ابإلحرى تشويهَ
أساسا يف وقت مربك ٍر يف عهد معاوية ،يف أايم حكمه اليت سادت الفوضى )Müslümanlıkبدأت ً
على اجلو السياسي وأفضى إىل املعتقدات والعالقات البشرية وعم الفساد يف كل جماالت احلياة.
وملا اتسعت رقعة الدولة األموية وانتشرت جيوشها على ساحة ما وراء النهر وهي الداير األصلية
ٍ
دايانت خمتلفة أشهرها أوصال اإلسالم وبنوا على أنقاضه
َ اإلعجام آلابء األتراك ،سرعان ما فتك
ُ
املسلمانية ،Müslümanlık
***
ت بني هذه األسرة وبني عنيفة من قِّبَل بين أميةَ عرب احلروب اليت جر ْ
ٍ ٍ
هلجمات اإلسالم
ُ تعرض
ِّ ِّ ِّ
اهلامشيِّني منذ بداية العهد املك ِّي على مدى مائة وأربعني ً
عاما .أساءت الساللةُ األمويةُ إىل هذا
عاما ما بني 750-661م. ٍ ِّ
العداء ِّ ِّ النظام العالَ ِّم ِّي ِّ
القابل للتتأويل طيلةَ مثانية وتسعني ً أشكال بكل
حروهبا على اإلسالم تبدو من ظاهرها ُ وذلك عن طريق محالهتا على األسرة اهلامشية ،فكانت
ِّ
البغض صدور ُه ْم من
ُ كحمالت على اهلامشيِّني تعميةً لكي ال تُرمى ابلكفر .ألهنم لو أظهروا ما تُكِّ رن
مصدر إ ْهلَ ٍام لألعجام َ الناس ابلكفر الصريح الذي ال مساغَ لتأويله .فكان هذا ُ لالسالم الهتمهم
األموي وأخفواِّ ِّ
للنظام ض ُه ْم
حيث أظهروا بُغْ َ الذين اختلقوا الداينةَ الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّةَ ُ ،Müslümanlik
فشو ُهوا ما َش َّو ُهوا من قِّيَ ِّمألهنا عربيَّةٌ َّ اآلايت القرآنيَّ ِّة َّ
ِّ والعجز عن ِّ
فهم ِّ نفاقَهم من ور ِّاء العُ ْج َم ِّة
الدين احلنيف وأضافوا إليها ما أمكنهم من بقااي دايانهتم فبل اإلسالم ،مث مسَّْو َها .Müslümanlik
قرون إىل اليوم يزعمون أهنم إمنا هذا هو الدين األكثر انتشارا بني األتراك ،لكنهم ما زالوا منذ ٍ
ً
ألن القرآن الكرمي ولكن هذا مستحيل ألسباب :أوالًَّ : اإلسالم بكلمة َّ ،Müslümanlık َ يقصدون
اسم قد أطلقهُ للاُ على الدين الذي ِّ متاما ،اثنيًاَّ : ِّ ِّ
اإلسالم) ٌ أن كلمةَ ( خيلو من هذه الكلمة الدخيلة ً
واملرسلني وآخرهم حممح ٌد صلوات للا وسالمه عليهم أمجعني ،لِّيُ بَ لِّغُوهُ إىل ِّ َ ِّ
ِّ األنبياء بعث بِّه َ
مجيع
ألحد أ ْن يُطلِّ َق على األمة مل ي رِّخص ٍ علماء ِِّّ أن أح ًدا من الصحابة أو التابعني أو الناس كافةً .اثلثًاَّ :
َُ ْ
رهاان من براهني
عاما كما ورد ذلك يف حديث الرسول عليه الصالة والسالم ب ً يف عدادهم احلسن بن علي بن أيب طالب رضي للا عنه وهذه املدة كلها ثالثون ً
اّللُ عَل َْي ِّه َو َسلَّ َم ْ
اخلِّ َالفَةُ ِّيف أ َُّم ِّيت ثََالثُو َن َسنَةً ُمثَّ ُملْ ًكا( .مسند أمحد ()256 /36 صلَّى َّ ول َِّّ معجزاته؛ عن َس ِّفينَةُ قَ َ
اّلل َ ال َر ُس ُ
ال قَ َ
اسم ،Müslümanlikاستخفافًا ِّ
يتجاهل َ
ُ ولعل العا َملُ اإلسالم ري
احلنيف امسًا غري االسالمَّ . الدين
الصمت
َ خامسا أن
ً هبذه الداينة ومن يعتن ُقها ،ورمبا يع ردوهنم َزَان ِّدقَةً خارجني عن امللة وللا أعلم.
ِّ
النقاش ،وال يعبؤون الذي يلتزمه األكادمييرون األتراك ،وميتنعون عن طرح هذه القضية على منصة
أن هذه الداينةَ خمت لَ َقةٌ من َّأو ِّل ٍ
يوم أقدم على إنشائِّها من أحس برأي علماء ِّ
األمة ،إمنا يؤكد على َّ
َ
يف نفسه اجلرأة على ارتكاب هذه البدعة.
فعل على السياسة القمعية للدولة األموية ،كما إن هذا التطور يف التاريخ اإلسالمي ال شك هو رد ٍ
نفس ِّه ُم ْل َه ٌم من عودةِّ األمويِّني إىل العهد اجلاهلي ،وارتدادهم عن اإلسالمَّ ،
ألن هو يف الوقت ِّ
ٍ
فجوات عميقةً أحدثت
ْ السياسةَ األمويَّةَ العنصريةَ كان هلا أثر سليبٌّ على احلياة االجتماعية حيث
اإلسالم يف العصر حتو َل
اإلسالم ري يومئذ .فما لبث حىت َِّّ اجملتمع بني خمتلف األعراق اليت تَ َك َّو َن منها
ُ ُ
عناصر فارسيَّ ٍة يكرهون
َ العباسي بفعل الصوفية والشعوبيني والشيعة املستعربني الذين كان ُجلر ُه ْم من
ومه َدت هلم ِّ
لألعجام َّ اجملال
العوامل هي اليت فتحت َ تعاليمهُ .هذه
َ ِّ
ويشوهون واإلسالم
َ العرب
َ
ُ
ِّ
اإلسالم من الساحة. ِّ
ودحر سلُ َمانِّيَّ ِّة Müslümanlik ِّ
يق ليقوموا حبياكة الداينة الْ ُم ْ
الطر َ
ٍ
جاهلية ٍ
دايانت اجملال لظهور
َ األساس ري الذي فتح ِّ العامل أصال هي إن أيديولوجية التشير ِّع ً َّ
ُ
والدرزية ،وغريها ،وليست الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّةُ Müslümanlikإالَّ واحدةً من ِّ ص ِّْرييَِّّة، ِّ
كاإلمساعيلية ،والنر َ
أخبارها يف كثري من مصادر التاريخ، ُ هذه الدايانت .ومن أهم نتائج هذه التطورات اليت وردت
أسفرت عن ٍ
شنيعة يفات لتشويهات ٍ
رهيبة وحتر ٍ ٍ ضت
أن العقيدةَ اإلسالميةَ تعر ْ مقاالت؛ َّ ب حوهلا ِّ
ْ ٌ وُكت َ
أتويالت شاذَّةٍ،
ٍ دايانت ُك ْف ِّريَّةٌ ،كلرها عن طر ِّيق
ٌ مذاهب بدعيَّ ٍة ،بل تفاقمت فانبثقت منها َ ِّ
ظهور
ِّ
اإلسالم الدولة األمويَِّّة املضادَّةِّ ِّ
لروح ِّ ت سياسةُ مه َد ْخمالفة لنصوص الكتاب والسنة .وهكذا َّ ٍ
ومناقشات عقالنية ،وشطحات صوفية أضرت مبفهوم اإلميان، ٍ السبيل لتفسريات كالمية، ِّ
وتعاليمه
َ
أن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ يصح ت مشلهم 4.إذن ال شك َّ ض ِّة املسلمني و َشتَّتَ ْوأربكت الضمائر ،وكسرت بَ ْي َ
ِّ
الصوفية ،عرب التطورات ظهور الطرُر ِّق ِّ
املختلفة ،وأخرياً ِّ ِّ
الصوفية ِّ
مدارس ِّ
وتشكيل ِّ
التصوف، مناهج فكر ِِّّ
صويف ،و ِّ دور يف ِّ
ظهور ال ِّ " َّ
الظروف اليت كانت هلا ٌ
َ إن
ث يف هذه القضااي إىل مستوى متطور للغاية .تربهن كل هذه الدراسات اليت شهدها التارخيي اإلسالمي ،لقد أصبحت معروفة يف عصران .وقد بلغ حجم البحو ُ
أن التيارات الصوفيةَ بدأت يف التَّ َك رو ِّن نتيجةَ انتشار الفوضى على احلياةِّ االجتماعية والسياسية واالقتصادية والثقافية اليت بدأت تظهر يف القرن اإلسالمي
َّ
األول.
َّ
س ِّ
األزمات السياسيةَ واالجتماعيةَ اليت تعرضت هلا اجملتمع اإلسالمي يف الفُتة األخرية من عهد اخللفاء رشيدين ()661-632؛ مث االستبداد الذي ُم ِّ َّ
ور َ إن
احتقارا ،وكوهنم يشعورون ابلضيق واحلرج حتت سيادة النظام الوراثي الذي كان يعتمد على العصبية ِّ
ضد املسلمني غري العرب الذين أُطل ُق عليهم صفةُ املوايل
ً
عقال أن تكون قد ِّحي َك ْ
ت على سبيل اإلنتقام حىت لو مل يكن هناك أي دليل آخر على إثبات هذه
احلقيقة .ألن احلقيقةَ المعةٌ وظاهرةٌ يف ذاهتا أصالً فال حتتاج إىل أي دليل.
القبلية املوروثة من العهد اجلاهلي خالل الفُتة األموية ( )750-661واالنزعاج الناجم عن هذا العوامل ،يبدو أهنا تسببت لظهور الصوفية كرد فعل على ِّ
كل
هذه السلبيات.