You are on page 1of 16

ISSN :1112-4377 ‫مجلة المعيار‬

6266:‫السنة‬ 26 :‫عدد‬ 62:‫مجلد‬

‫التخوم بين إيالتي الجزائر وتونس من خالل معاهدة‬


-‫ مالمح التقارب والتباعد‬-‫م‬8261 ‫وادي سراط سنة‬
The frontier Between the provinces of Algeria and Tunisia through the Treaty of Wadi
Sirat in 1628-Convergence and divergence features-

1
‫ مشوشة سمير‬.‫د‬
‫الجزائر‬-‫جامعة األمير عبد القادر للعلوم االسالمية قسنطينة‬
samirmechoucha@gmail.com

2322/31/11 ‫ النشر على الخط‬2321/30/11 ‫ القبول‬2323/11/03 ‫تاريخ الوصول‬


Received 03/11/2023 Accepted 11/30/2021 Published online 15/01/2022
:‫ملخص‬
‫ وخالل إحدى الرحالت العلمية إىل األرشيف‬،‫انطالقا من مبدأ أن أبرز الدراسات التارخيية القيمة ترتكز على الوثائق األرشيفية املختلفة‬
،414 ‫ ويف الصندوق رقم‬442 ‫ من امللف رقم‬-‫يف اجلهة العليا يسار‬- 42 ‫ لفت انتباهي وثيقة تارخيية هامة حتمل ترقيم‬،‫الوطين التونسي‬
‫ وبعد التأمل‬.‫ معاهدة وادي سراط‬:‫وهذه الوثيقة حتوي معلومات تارخيية هامة حول اتفاق بني والة اجلزائر ووالة مملكة تونس حتت مسمى‬
‫ التخوم بين إيالتي الجزائر‬:‫ جاءتين فكرة توسيع معلوماهتا ومعطياهتا القيمة إىل ورقة حبثية تارخيية ومستها بـ ـ‬،‫فيها وقراءهتا عديد املرات‬
‫ وهذا بداية من تشخيص املدلوالت التارخيية للحدود‬،-‫مالمح التقارب والتباعد‬-‫م‬8261 ‫وتونس من خالل معاهدة وادي سراط سنة‬
‫ فهل يمكننا القول أن‬.‫بني اإليالتني وآثارها على التواصل التجاري وصوال إىل عالقة الرتابط التارخيي بني اإليالتني‬-‫املتحركة –غري الثابتة‬
‫االنصهار االقتصادي واالجتماعي المشترك خالل العهد العثماني أدى إلى تغليب منطق التقارب والتكامل على منطق التباعد‬
.‫والتنافر؟‬
.‫ التخوم‬،‫ معاهدة وادي سراط‬،‫ تونس‬،‫ اجلزائر‬،‫ اإليالة‬:‫الكلمات المفتاحية‬
Abstract:
Beganing of the principle that the most valuable historical studies are based on the various archival
documents, and during one of the scientific trips to the Tunisian National Archives, an important historical
document bearing the numbering 24 - in the top left - came to my attention from file No 229 and in box No
212, and this document contains information An important historical fact about an agreement between the
governors of Algeria and the governorate of Tunisia under the name: Treaty of Wadi Sarat. After
contemplating it and reading it many times, the idea of expanding its valuable information and data came to
a historical research paper and called it: ''The frontier Between the provinces of Algeria and Tunisia
through the Treaty of Wadi Sirat in 1628-Convergence and divergence features'' -and this starts with a
diagnosis of the historical implications of the frontiers between the two economies and their effects on
commercial communication Up to the relationship of historical interconnectedness between the two ayalat.
Can we say that the common economic and social fusion during the Ottoman era led to the prevalence
of the logic of convergence and complementarity over the logic of divergence and disharmony?.
Keywords: -the Regence -Algeria- Tunisia- The Treaty of Wadi Sirat- The frontier.

samirmechoucha@gmail.com :‫الربيد اإللكرتوي‬ ‫مشوشة مسري‬.‫ د‬:‫ املؤلف املراسل‬1


657
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪6266:‬‬ ‫عدد‪26 :‬‬ ‫مجلد‪62:‬‬

‫‪ .1‬مقدمة‪:‬‬
‫عرفت بالد املغرب بعد املوحدين تفككا جغرا‪-‬سياسيا فظهرت ثالث دويالت باملغارب الثالث‪ ،‬فأهم ما ميز عالقاهتا هو الصراع‬
‫السياسي والعسكري هبدف توسيع جماهلا اجلغرايف على حساب بعضها‪ ،‬وإذا ما أمعنا النظر يف الوحدة السياسية داخل الدولة الواحدة فهي‬
‫األخرى مقسمة إىل إمارات صغرية متصارعة فيما بينها وهذا ما جنده مثال يف اجلزائر من خالل إمارات‪ :‬كوكو مبنطقة القبائل واحلفصية‬
‫بإقليم قسنطينة وبين جالب بتقرت ووادي ريغ والثعالبة جبزائر بين مزغنة‪ ،‬وهو ما جعل قدراهتا الدفاعية ضعيفة وجعلها مستهدفة من طرف‬
‫احلمالت الصليبية األوروبية خاصة اإلسبانية والربتغالية(‪ .)1‬فبعد سقوط غرناطة سنة ‪1224‬م نقل اإلسبان حروهبم ضد املسلمني إىل امال‬
‫إفريقيا‪ -‬يف إطار ما يسمى حروب االسرتداد‪ -‬ومت خالله احتالل أغلب سواحل املغرب األوسط)‪ ،(2‬فاحتلوا املرسى الكبري سنة ‪1151‬م‬
‫ووهران عام ‪1152‬م وجباية سنة ‪1115‬م ووجهوا محالهتم بعد ذلك إىل مدينة اجلزائر وجيجل ودلس واحتلوها سنة ‪1111‬ه(‪ ،)3‬فما كان‬
‫على أهايل اجلزائر إال االستنجاد بالسلطان العثماي سليم األول سنة ‪1112‬م (‪.)4‬‬
‫وقد عرفت تونس هي األخرى أوضاعا مشاهبة للجزائر وهذا من منطلق املوقع اجلغرايف اإلسرتاتيجي الذي تتمتع به هي أيضا‪ ،‬فقد مت‬
‫احتالل أغلب سواحلها سنة ‪1151‬م‪ ،‬وبعدها مت اسرتجاعها من قبل حاكم اجلزائر سنة ‪1152‬م‪ ،‬ولكن اإلسبان عاودوا احتالهلم هلا سنة‬
‫‪1155‬م‪ .‬وباملقابل هلذه األحداث عرفت سيطرة القبائل على خمتلف املناطق التونسية وزادت من نفوذها فيها(‪ ،)5‬مما أدى إىل توتر تارخيي‬
‫جغرايف مشرتك بني اإليالتني استمر لسنوات طويلة ونتج عنه حدود غري ثابتة يف شكل ''ختوم''(‪.)6‬‬
‫وانطالقا من هذه املعطيات التارخيية وأخرى‪ ،‬تأيت هذه الورقة البحثية واليت هندف من خالهلا اخلو والبح يف إشكالية تارخيية هامة‬
‫تعود إىل سنة ‪1541‬م تتعلق أساسا مبحاولة ترسيم وتثبيت احلدود بني اجلزائر وتونس يف ظل احلكم العثماي‪ ،‬وقد ارتكزنا يف ذلك على‬
‫املنهم التحليلي‪ ،‬والتساؤل املطروح يف هذا السياق‪ - :‬هل كانت الحدود بين اإليالتين ثابتة ومعلومة؟ ولماذا كانت ميزة الصراع‬
‫الحدودي السمة البارزة في عالقات اإليالتين خالل العهد العثماني؟ وما هي آثار ذلك على الحركية التجارية بين اإليالتين؟‪.‬‬

‫(‪ )1‬حيي بوعزيز‪ ،‬املوجز يف تاريخ اجلزائر(‪ )4-1‬اجلزائر القدمية والوسيطة واجلزائر احلديثة‪ ،‬ج‪ ،1‬دار البصائر للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،4552 ،‬ص‪-‬ص ‪.2-5‬‬
‫‪)2( H.D.De Gramment, Histoire D’Alger sous la domination Turque (1515-1830), Editeur Ernest Leroux,‬‬
‫‪Paris, 1887, p-p 1-4.‬‬
‫(‪ )3‬خليفة محاش‪ ،‬العالقة بني إيالة اجلزائر والباب العايل (‪ ،)1155-1521‬رسالة ماجيسرت‪ ،‬إشراف‪ :‬خليل عبد احلميد عبد العال‪ ،‬كلية اآلداب‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪ ،1211‬ص ‪.45‬‬
‫(‪ )4‬عن تفاصيل هذا االستنجاد ينظر‪ :‬عبد اجلليل التميمي‪ ،‬رسالة من أهايل مدينة اجلزائر إىل السلطان العثماي سنة ‪1112‬م ‪ ،‬اجمللة التارخيية املغربية‪ ،‬العدد ‪،1255 ،5‬‬
‫»‬ ‫«‬

‫ص‪-‬ص ‪.145 -116‬‬


‫(‪ )5‬حممد اهلادي الشريف‪ ،‬تاريخ تونس من عصور ما قبل التاريخ إىل االستقالل‪ ،‬تر‪ :‬حممد الشاوش وحممد عجينة‪ ،‬دار سراس للنشر‪ ،‬تونس‪ ،‬ط‪ ،1225 ،5‬ص‪-‬ص ‪-51‬‬
‫‪.55‬‬
‫(‪ )6‬التخوم‪ :‬نعين هبا احلدود املتحركة وغري الثابتة بني التشكيالت االجتماعية‪ ،‬ويفرت أن يكون التُخم خطا مرسوما حيدد وجود جمال سياسي معني‪ .‬فعلى هذا تكون‬
‫التخوم أو احلدود املتحركة شكال من أشكال املمارسة للسلطة‪ ،‬للمزيد عن هذا املصطلح ينظر‪ :‬امحيدة عمرياوي‪ ،‬عالقات بايلك الشرق اجلزائري بتونس أواخر العهد العثماي‬
‫وبداية االحتالل الفرنسي‪ ،‬دار البع للطباعة والنشر‪ ،‬اجلزائر‪ ،4554 ،‬ص‪-‬ص ‪.11-11‬‬
‫‪658‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪6266:‬‬ ‫عدد‪26 :‬‬ ‫مجلد‪62:‬‬

‫‪ .6‬التقارب التاريخي في إطار العثمنة‪:‬‬


‫باملقابل لكل األحداث اليت عرفتها بالد املغرب وخاصة اجلزائر‪ ،‬برز األخوان عروج وخري الدين بربروس(‪ )1‬املشهوران باجلهاد البحري ضد‬
‫القراصنة األروبيني وهذا انطالقا من قاعدهتما العسكرية جبزيرة جربة التونسية‪ ،‬فبعد خالفات كبرية مع السلطان احلفصي بتونس مت حتويلها‬
‫إىل جيجل(‪ )2‬واليت اعتربت مبثابة قاعدة انطالق لتحرير سواحل اجلزائر من اإلسبان‪ ،‬فتم ذلك ألغلب سواحلها(‪ ،)3‬وكان هذا كله بني سنيت‬
‫‪1112-1112‬م‪ ،‬وآخرها املرسى الكبري سنة ‪1524‬م(‪ )4‬وأعلن بعدها أهايل اجلزائر رغبتهم يف االنضمام إىل الدولة العثمانية‪ ،‬فأرسلوا‬
‫وفدا لطلب ذلك وكان رد فعل السلطان العثماي إعالن القبول‪ ،‬وبداية من سنة ‪1112‬م أصبحت اجلزائر إيالة عثمانية(‪ )5‬وعني خري الدين‬
‫الدين بربروس بايلربايا هلا‪ ،‬وبعدها حتققت الوحدة اإلقليمية والسياسية للجزائر ودخلت فيما بعد مرحلة جديدة من تارخيها احلدي (‪،)6‬‬
‫وباملقابل هلذا التطور التارخيي يف اجلزائر‪ ،‬عقدت السلطة العثمانية عزمها لتحرير تونس من اإلسبان فتم توجيه محلة عسكرية لتحرير سواحلها‬
‫ودارت معارك كبرية بينهما وعلى حماور عديدة‪ ،‬انتهت باسرتجاع تونس سنة ‪1152‬م(‪ )7‬فأصبحت حتمل لقب إيالة عثمانية(‪ ،)8‬فدخلت‬

‫(‪ )1‬للمزيد حول األخوين بربروس ينظر‪ :‬خري الدين بربروس‪ ،‬مذكرات خري الدين بربروس‪ ،‬تر‪ :‬حممد دراج‪ ،‬شركة األصالة للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،4515 ،‬وكذلك ينظر‪:‬‬
‫‪- Roy (J.J.E), Histoire de L’Algérie depuis les temps les plus anciens jusqu'a nos jours, Alfred Mame et Fils-‬‬
‫‪Editeurs, Tours, 1880, p-p 91-107.‬‬
‫‪- F.D.Haédo, Histoire des Rois D’Alger, traduite :Grammont, Adolphe Jourdan Libraire-Editeur, Alger,‬‬
‫‪1881, p-p 3-61.‬‬
‫(‪ )2‬للمزيد حول الصراع احلفصي العثماي ينظر‪ :‬ابن قنفذ القسنطيين‪ ،‬الفارسية يف مبادئ الدولة احلفصية‪ ،‬تح‪ :‬حممد الشاذيل النيفر و عبد اجمليد الرتكي‪ ،‬الدار التونسية للنشر‪،‬‬
‫تونس‪ ،1251 ،‬وكذلك‪ :‬هنري دونان‪ ،‬اإليالة التونسية‪ ،‬تر‪ :‬حممد فريد الشريف‪ ،‬املطبعة العصرية‪ ،‬تونس‪ ،4514 ،‬ص‪-‬ص ‪ ،11-15‬وأيضا‪ :‬بوعزيز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪،4‬‬
‫ص‪-‬ص ‪. 11-15‬‬
‫‪3‬‬
‫‪( ) De Grammont, Op.cit, p-p 22-25 .‬‬
‫(‪ )4‬دلندة األرقش وآخرون‪ ،‬املغرب العريب احلدي من خالل املصادر‪ ،‬مركز النشر اجلامعي ميديا كوم‪ ،‬تونس‪ ،4555 ،‬ص‪-‬ص ‪.52-51‬‬
‫(‪ )5‬عبد اجلليل التميمي‪ ،‬دراسات يف التاريخ العثماي املغاريب خالل القرن السادس عشر‪ ،‬السلسة (‪ : )51‬الواليات العربية أثناء العهد العثماي‪ ،‬منشورات مؤسسة التميمي‬
‫للبح العلمي و املعلومات‪ ،‬تونس ‪ ،‬ص‪-‬ص ‪ ،45-11‬وكذلك‪ :‬آرمجنت كوران‪ ،‬السياسة العثمانية جتاه اإلحتالل الفرنسي للجزائر‪ ،‬تر‪ :‬عبد اجلليل التميمي‪ ،‬منشورات‬
‫اجلامعة التونسية‪ ،‬تونس‪ ،1255 ،‬ص ‪. 41‬‬
‫‪6‬‬
‫‪( ) Haédo, Op.cit, p-p 35-37 .‬‬
‫(‪ )7‬هناك جدل تارخيي كبري يف عديد املصادر حول االحتالل اإلسباي لتونس للمرة الثانية بعد حماولة سنة ‪1151‬م‪ ،‬فابن عظوم يف إحدى الوثائق التارخيية يشري'' بصورة‬
‫مباشرة إىل تاريخ الغزو اإلسباي لتونس وهو املعروف بوقيعة النصارى ووقيعة اجلمعة أو وقيعة الدواميس‪ ،‬وتذكر الوثيقة شهر رجب من سنة ‪215‬ه‪ /‬أكتوبر ‪ 1151‬وتقوا أن‬
‫بينه وبني وقيعة النصارى حنو عامني وشهرين ويف ذلك بيان له شأنه وقع م شخص كان قد عاصر األحداث‪ .‬ويبني بصورة واضحة أن االحتالل اإلسباي كان يف سنة‬
‫‪1155‬م و‪ 211‬ه وهو ما يؤكد الفتح العثماي بتونس مل يقع يف هذه السنة كما ادعى ذلك صاحب املؤنس‪...‬وهناك وثيقة ثالثة البن عظوم تؤكد أن الفتح العثماي حصل‬
‫سنة ‪...214‬ويزيد التمكرويت تأكيدا مل ا ورد يف ابن عظوم‪ ،‬فيذكر أن سنة تغلب العثمانيني على اإلسبان هي سنة ‪ 214‬ه‪ ،‬وأن ذلك كان بعد حصار دام أربعني يوما‪ ،‬للمزيد‬
‫ينظر‪ ،‬أمحد قاسم‪ ،‬إيالة تونس العثمانية على ضوء فتاوى ابن عظوم (‪1555-1152‬م)‪ ،‬تقدمي‪ :‬عبد اجلليل التميمي‪ ،‬منشورات مؤسسة التميمي للبح العلمي واملعلومات‪،‬‬
‫تونس‪ ،4552 ،‬ص ‪.52‬‬
‫(‪ )8‬قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪-‬ص ‪. 55- 54‬‬
‫‪659‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪6266:‬‬ ‫عدد‪26 :‬‬ ‫مجلد‪62:‬‬

‫هي األخرى مرحلة جديدة من تارخيها احلدي (‪ ،)1‬ومن منطلق ما قام به العثمانيون يف بالد املغارب تشكلت إحدى اجملاالت اجلغرافية‬
‫العثمانية الواسعة ويبقى أن الفرق املالحظ هو االختالف يف درجة احلضور اجلغرايف والزماي يف هذه اإلياالت وتباينت معها درجات‬
‫عثمنتها(‪.)2‬‬
‫‪ .3‬القطيعة السياسية وبداية التباعد‪:‬‬
‫بعد تنصيب احلكم العثماي باجلزائر وتونس تباعا‪ ،‬حاول سالطني آل عثمان تكوين تكتل سياسي وجغرايف واحد ببالد املغرب(‪ )3‬يكون‬
‫يكون مبثابة امتداد ملشروع اإلمرباطورية العثمانية وتوسيع نفوذها فيه‪ ،‬ولكنهم مل يتمكنوا من ذلك فاصطدموا بواقع آخر أساسه التوتر‬
‫واخلالفات والصراعات‪ ،‬وقد بدأت مالمح الصراع بني اإليالتني يف بدايات القرن ‪15‬م خاصة يف ظل حكم احلفصيني لتونس والذين عجزوا‬
‫عن مواجهة األطماع اإلسبانية‪ ،‬وكان من الطبيعي أن يتجه تفكري خري الدين بربروس ‪-‬حاكم اجلزائر‪ -‬إىل حتريرها وضمها إىل املمتلكات‬
‫العثمانية‪ ،‬فكان رد فعله جتاه ما جيري يف تونس االستيالء عليها وقام بضمها إىل إيالة اجلزائر سنة ‪1152‬م‪ ،‬لكن ذلك مل يدم طويال فتم‬
‫احتالهلا من طرف اإلسبان سنة ‪1151‬م(‪ ،)4‬وأمام هذه الظروف أعدت محلة عسكرية ضخمة بقيادة حاكم اجلزائر العلج علي وحاكم‬
‫طرابلس سنان باشا قائد األسطول البحري العثماي(‪ )5‬ومت خالهلا دحر الوجود اإلسباي واحلفصي بتونس سنة ‪1152‬م وإخضاعها من‬
‫جديد للحكم العثماي(‪ )6‬فأصبحت أمورها اإلدارية والسياسية مرتبطة باجلزائر والدولة العثمانية(‪ ،)7‬وقد كان الداي عثمان هو أهم داياهتا‬
‫من خالل ممارسة سيادته املطلقة على البالد التونسية(‪.)8‬‬
‫وانتهجت بعد هذا االنتقال السياسي اهلام منهج توسيع جماهلا اجلغرايف حىت وإن كان على حساب الدول اجملاورة‪ ،‬نفس السياسة اتبعتها‬
‫اجلزائر بعد اإلعالن عن عثمنتها‪ ،‬ومن هذا املنطلق الحت مشكلة يف األفق متثلت أساسا يف الصراعات احلدودية بني اإليالتني وهذا يف ظل‬
‫الظروف السائدة خالل هذه الفرتة واليت متيزت جغرافيا بعدم وضوح معامل احلدود السياسية بينهما سواء كانت برية أو حبرية(‪ ،)9‬وقد كانت‬
‫القبائل احلدودية هي السبب الرئيس يف ذلك‪ ،‬وهنا طرح األستاذ أمحد قاسم إشكالية مفادها "هل كانت اجلزائر هي اليت تتحرش بتونس أم‬
‫العكس؟‪ ،‬وقد علل وأجاب عن ذلك من خالل ما جاء يف إحدى الوثائق اليت وردت عند ابن عظوم من طرف اجليش التونسي سنة‬

‫‪(1) Sadek Boubaker, La Régence de Tunis aux XIIé siécle : ses relations commerciales avec les ports de‬‬
‫‪L’Europe méditerranéenne, Merseille et Livourne, publications de .la R.H.M et de C.E.R.O.M.A,‬‬
‫‪Zaghouan,1987, p 38.‬‬
‫(‪ )2‬للمزيد ينظر تقدمي كتاب‪ :‬العثمانيون يف املغارب من خالل األرشيفات احمللية واملتوسطية‪ ،‬تنسيق‪ :‬عبد الرمحن املودن وعبد الرحيم بنحادة‪ ،‬سلسلة ندوات ومناظرات رقم‬
‫‪ ،145‬منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬الرباط‪ ،2005 ،‬ص‪. 5‬‬
‫(‪ )3‬إمساعيل أمحد ياغي‪ ،‬الدولة العثمانية يف التاريخ اإلسالمي احلدي ‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ ،‬الريا ‪ ،1221 ،‬ص ‪.451‬‬
‫(‪ )4‬عبد الرحيم بنحادة‪ ،‬املغرب والباب العايل من منتصف القرن السادس عشر إىل هناية القرن الثامن عشر‪ ،‬منشورات مؤسسة التميمي للبح العلمي واملعلومات‪ ،‬زغوان‪،‬‬
‫‪ ،1221‬ص‪-‬ص ‪.55-55‬‬
‫(‪ )5‬حممد بريم اخلامس التونسي‪ ،‬صفوة اإلعتبار مبستودع األمصار واألقطار‪ ،‬املطبعة اإلعالمية‪ ،‬القاهرة‪ ،1112 ،‬ص‪-‬ص ‪.151-155‬‬
‫(‪ )6‬للمزيد ينظر‪ :‬أندريه بيسونال‪ ،‬الرحلة إىل تونس‪ ،‬تر‪ :‬حممد العريب السنوسي‪ ،‬مركز النشر اجلامعي‪ ،‬تونس‪ ،4555 ،‬ص ‪ ،115‬وأيضا ‪ :‬حممد اهلادي الشريف‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.55-52‬‬
‫(‪ )7‬عزيز سامح ألرت‪ ،‬األتراك العثمانيون يف إفريقيا الشمالية‪ ،‬تر‪ :‬حممد علي عامر‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر‪ ،‬بريوت‪ ،1212 ،‬ص ‪.455‬‬
‫(‪ )8‬رشاد االمام‪ ،‬سياسة محودة باشا يف تونس(‪ ،)1112-1514‬رسالة دكتوراة‪ ،‬دائرة التاريخ‪ ،‬اجلامعة األمريكية‪ ،‬بريوت‪ ،‬دت‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.25-22‬‬
‫‪(9) Berbrugger (A), «Des frontiéres de L’Algérie», R.A, Vol nº4, Alger, 1860, p-p 401-438.‬‬
‫‪660‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪6266:‬‬ ‫عدد‪26 :‬‬ ‫مجلد‪62:‬‬

‫‪1112‬م أن عسكر تونس كان يهدف إىل اتقاء عسكر اجلزائر ويعمل على تفادي االصطدام معه وأن دوره –اجليش التونسي‪ -‬يكمن يف‬
‫احملافظة على العالقات احلسنة وهذا عكس عسكر اجلزائر الذي إن شهد على واقعة يكون أحد أطرافها تونسيني فسيقابلها بالتقتيل‬
‫والتعذيب"(‪ )1‬لكن التساؤل الذي يطرح نفسه يف كل هذا‪ :‬هل أن هذا المؤرخ ‪ -‬ابن عظوم‪ -‬بهذا الموقف كان حياديا في سرد هذه‬
‫األحداث التاريخية؟ ‪.‬‬
‫أغلب الدراسات التارخيية تذكر عكس ذلك‪ ،‬فاحلروب اليت قامت بني اإليالتني جاءت بسبب القبائل احلدودية(‪ )2‬املتمردة على نظام‬
‫احلكم السائد وأبرزها قبيلة احلنانشة(‪ )3‬اليت كان ميثلها "حنانشة تونس (أوالد شنوف) وحنانشة اجلزائر كله بسبب أراضي الرعي‪ ،‬باإلضافة‬
‫إىل عامل هروب بعض املطلوبني من إيالة اجتاه أخرى ورفض تسليمهم من الطرفني" فكان نفوذها قوي داخل ختوم اإليالتني‪ ،‬باإلضافة إىل‬
‫قبيلة النمامشة هي األخرى من القبائل اليت كان هلا نفوذ كبري يف شرق اجلزائر(‪ ،)4‬وبعد كل اخلالفات اليت عرفتها إياليت اجلزائر وتونس توصلوا‬
‫توصلوا سنة ‪1512‬م إىل اتفاق بينهما(‪ ،)5‬لكن هذا التقارب مل يستمر طويال وعادت العالقات إىل حالة التأزم من خالل خرق التونسيني‬
‫لبنود املعاهدة املربمة بينهما بعد قيام جيش مراد باي تونس شن محلة عسكرية ضد اجلزائر سنة ‪1541‬م ووقعت معركة كبرية بينهما قرب‬
‫مدينة الكاف التونسية(‪ )6‬انتهت هبزمية التونسيني لكن هذا مل يكن عائقا أمام إبرام معاهدة صلح جديدة بني اإليالتني سنة ‪1541‬م‪.‬‬
‫(‪)7‬‬
‫ورغم ما عرفته احلدود اجلزائرية –التونسية من جتاذبات عنيفة هناية القرن ‪15‬م‪ ،‬الشيء الذي أسفر عن صياغة معاهدة تضبط احلد‬
‫بني '' والة اجلزائر ووالة اململكة التونسية بتاريخ ‪ 2‬ذي القعدة احلرام من عام ‪1555‬ه‪ 1( /‬جويلية ‪ )1541‬حي اتفقوا على أن اخلط‬
‫الفاصل بني اإليالتني وادي سراط‪ ،...‬وأن احلد من ناحية القبلة وادي مالق واالحريش وقلوب الثريان إىل رأس جبل احلفا اىل البحر وكما‬
‫اتفقوا على أن من دخل من التونسيني إىل عمالة اجلزاير وحل غرب وادي سراط يكون خراجه إىل قسنطينة ومن دخل من اجلزايريني اىل‬
‫العمالة التونسية واجتاز الوادي املذكور وكان شرقه فخراجه هلا وال يطالبه أهل اجلزاير بشيء‪ .)8(''...‬فقد جاء يف "منشور اهلداية" أن املكان‬

‫(‪ )1‬للمزيد ينظر‪ :‬قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.145‬‬


‫(‪ )2‬فيه دراسات قيمة حول القبائل احلدودية اجلزائرية والتونسية خالل العهد العثماي وبدايات اإلحتالل الفرنسي للجزائر منها==‬
‫== إدريس رائسي‪ ،‬القبائل احلدودية التونسية‪-‬اجلزائرية‪ ،‬بني اإلجارة واإلغارة (‪ ،)1111-1155‬الدار املتوسطية للنشر‪ ،‬تونس‪.4515 ،‬‬
‫‪ -‬توفيق بن زردة‪ ،‬الكنفدراليات القبلية احلدودية ودورها يف العالقات االقتصادية والثقافية بني اجلزائر وتونس خالل العهد العثماي‪-‬احلنانشة أمنوذجا‪ ،-‬مذكرة ماجيسرت‪،‬‬
‫إشراف‪ :‬عالوة عمارة‪ ،‬جامعة األمري عبد القادر‪ ،‬قسنطينة‪.4512 ،‬‬
‫(‪ )3‬تنسب إىل اجلد حناش من قبيلة هوارة الرببرية‪ ،‬ينظر‪ :‬عبد الرمحن بن خلدون‪ ،‬العرب وديوان املبتدأ واخلرب‪ ،‬دار الكتاب اللبناي‪ ،‬بريوت‪ ،‬ج‪ ،5‬ط‪ ،1215 ،5‬ص ‪.251‬‬
‫وكذلك يراجع ‪:‬‬
‫«‬ ‫»‬
‫‪-Féraud (Ch), Les Harars Seigneurs Des Hanancha , R.A, Vol.nº 18, Alger, 1874, p-p11-32 .‬‬
‫(‪ )4‬قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.141‬‬
‫(‪ )5‬أرزقي شويتام‪ ،‬اجملتمع اجلزائري وفعالياته يف العهد العثماي (‪1425-245‬ه‪1155-1112/‬م)‪ ،‬دار الكتاب العريب للطباعة والنشر والتوزيع والرتمجة‪ ،‬اجلزائر‪،4552 ،‬‬
‫ص ‪.12‬‬
‫(‪ )6‬حممد الباجي املسعودي‪ ،‬اخلالصة النقية يف أمراء إفريقية‪ ،‬مطبعة بيكار وشركائه‪ ،‬تونس‪ ،‬ط‪ ،1211 ،4‬ص ‪.24‬‬
‫(‪ )7‬رائسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫(‪ )8‬األرشيف الوطين التونسي‪ ،‬السلسلة التارخيية‪ ،‬صندوق ‪ ،414‬ملف ‪ ،442‬الوثيقة رقم ‪ (.42‬أنظر امللحق رقم ‪.)51‬‬
‫‪661‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪6266:‬‬ ‫عدد‪26 :‬‬ ‫مجلد‪62:‬‬

‫املكان الذي عقد فيه الصلح هو ''قصر أو منزل جابر'' وعن أعضاء الوفد التونسي الذين حضروا منهم‪ :‬حممد العامري‪ ،‬علي الشرقي‪ ،‬حممد‬
‫األندلسي‪ ،‬احلاج عون اهلل وإبراهيم الغرياي وباملقابل يذكر من حضر من الوفد اجلزائري إال أمحد بن احلاجة"(‪.)1‬‬
‫ويف هناية القرن‪ 15‬م أصبحت اإليالة التونسية متلك نفوذا مستقال يف تسيري أمورها بنفسها بعيدة عن أوامر الباب العايل وخالله عرفت‬
‫أيضا صراعات كبرية على احلكم(‪ ،)2‬وقد عرفت اجلزائر أيضا تدهورا ألوضاعها السياسية الداخلية خاصة ظاهرة اغتياالت البايات والدايات‬
‫وعلى رأسهم الداي مصطفى الذي خسر حربه ضد تونس عام ‪1551‬م(‪ ،)3‬ومن هذا يتضح لنا أن أوضاع اإليالتني سياسيا وعسكريا‬
‫كانت من أهم العوامل اليت أدت إىل زيادة التباعد والتنافر بينهما(‪ ،)4‬مما جعلها تؤثر وبطريقة سلبية على اقتصاد البلدين وتواصلهما‬
‫التجاري(‪.)5‬‬
‫‪ .4‬اقتصاد اإليالتين وتجليات الصراعات الحدودية على الحركية التجارية‪:‬‬
‫‪.8.1‬جوانب من الواقع االقتصادي لإليالتين‪:‬‬
‫كان اهلدف من التدخل العثماي ببالد املغرب هو دحر األطماع الصليبية خاصة اإلسبانية منها وكذلك حتصني نفوذها يف هذه املنطقة‪،‬‬
‫فجعلوا من اجلزائر منطلق لبدايات تواجدهم يف هذا اجملال اجلغرايف من خالل ضمها وجعلها حتمل صفة إيالة عثمانية بداية من عام‬
‫‪1112‬م(‪ ، )6‬فبعد استقرار األتراك فيها تغري واقعها االقتصادي وخاصة ما تعلق باألنظمة الضريبية كالرسوم املالية والضرائب اجلبائية على‬
‫املنتوجات الزراعية(‪ )7‬والتجارية والصناعية وكذلك موارد الدولة اجلزائرية خاصة عائدات القرصنة البحرية(‪.)8‬‬
‫فالزراعة كانت تعد أهم قطاع يرتكز عليه اقتصاد اجلزائر خالل بدايات التواجد العثماي والذي عرف تراجعا كبريا قبل ذلك‪ ،‬وهذا من‬
‫خالل املنتوجات الزراعية اليت كانت تنتج مثل‪ :‬القمح‪ ،‬الشعري‪ ،‬الصوف واجللود‪...‬اخل‪ ،‬وفيه من يذكر أن إنتاج بعضها بلغ مرحلة االكتفاء‬
‫الذايت(‪ ،)9‬ومن ناحية أخرى تذكر جل الدراسات التارخيية أن مساحة األراضي الزراعية والسهول كانت شاسعة وتتميز تربتها باخلصوبة‬

‫(‪ )1‬عبد الكرمي الفكون‪ ،‬منشور اهلداية يف كشف حال من ادعى العلم والوالية‪ ،‬تح‪ :‬أبو القاسم سعد اهلل‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪ ،1215 ،‬ص‪-‬ص ‪،415-415‬‬
‫وينظر أيضا==‬
‫«‬ ‫»‬
‫‪==Monchicourt )Ch(, La Frontiére Algéro-Tunisienne dans le Tell et dans la Steppe , R.A, Vol.nº82, 1938, p-‬‬
‫‪p 31-59.‬‬
‫(‪ )2‬جون ب‪.‬وولف‪ ،‬اجلزائر وأروبا (‪ ،)1155-1155‬ترمجة وتعليق‪ :‬أبو القاسم سعد اهلل‪ ،‬دار الرائد‪ ،‬عامل املعرفة للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،4552 ،‬ص‪-‬ص ‪.552-555‬‬

‫(‪ )3‬حممد بن ميمون اجلزائري‪ ،‬التحفة املرضية يف الدولة البكداشية يف بالد اجلزائر احملمية‪ ،‬تقدمي وحتقيق‪ :‬حممد بن عبد الكرمي‪ ،‬ش‪.‬و‪.‬ن‪.‬ت‪ ،‬اجلزائر‪ ،1211 ،‬ص ‪.142‬‬
‫(‪ )4‬حممد الصاحل العنرتي‪ ،‬فريدة منيسة يف حال دخول الرتك بلد قسنطينة واستيالئهم على أوطاهنما أو تاريخ قسنطينة‪ ،‬تقدمي ومراجعة‪ :‬حيي بوعزيز‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬دار هومة للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،4551 ،‬ص‪-‬ص ‪ ،55-51‬وكذلك ينظر‪ :‬حسني بن رجب شاوش بن املفيت‪ ،‬تقييدات ابن املفيت يف تاريخ باشوات اجلزائر وعلمائها‪ ،‬تح‪ :‬فارس كعوان‪،‬‬
‫بيت احلكمة للنشر‪ ،‬اجلزائر‪ ،4552 ،‬ص ‪ 55‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )5‬أمحد الشريف الزهار‪ ،‬مذكرات احلاج أمحد الشريف الزهار‪ ،‬نقيب أشراف اجلزائر‪ ،‬تقدمي وتعليق‪ :‬أمحد توفيق املدي‪ ،‬ش‪.‬و‪.‬ن‪.‬ت‪ ،‬اجلزائر‪ ،1252 ،‬ص‪-‬ص ‪.25-25‬‬
‫(‪ )6‬ناصر الدين سعيدوي‪ ،‬النظام املايل للجزائر يف أواخر العهد العثماي (‪ ،)1155 – 1524‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪ ، 1211 ،4‬ص ‪.41‬‬
‫(‪ )7‬سعيدوي (ن)‪ ،‬دراسات تارخيية يف امللكية والوقف واجلباية –الفرتة احلديثة‪ ،-‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪ ،4551 ،‬ص ‪ 421‬وما بعده‪.‬‬
‫(‪ )8‬ملعرفة املزيد عن مصادر دخل الدولة اجلزائرية ينظر‪ :‬املنور مروش‪ ،‬دراسات عن اجلزائر يف العهد العثماي‪ ،‬العملة‪ ،‬األسعار واملداخيل‪ ،‬ج‪ ،1‬دار القصبة للنشر‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪.4552‬‬
‫(‪ )9‬حممد العريب الزبريي‪ ،‬التجارة اخلارجية للشرق اجلزائري يف الفرتة مابني ‪ 1524‬و ‪ ،1155‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪ ،1212 ،4‬ص‪-‬ص ‪ ،12-15‬وكذلك‬
‫ينظر‪:‬‬
‫‪662‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪6266:‬‬ ‫عدد‪26 :‬‬ ‫مجلد‪62:‬‬

‫ومتوزعة على خمتلف املناطق خاصة الساحلية منها جباية وعنابة وجيجل والبليدة‪ ،‬وقد كانت ملكياهتا متنوعة بني ملكية خاصة وملكية‬
‫مشاعة وأحباس ملك للدولة وغريها(‪ ،)1‬ويف اجلانب اآلخر هلذا القطاع جند الثروة احليوانية من‪ :‬أبقار‪ ،‬أغنام‪ ،‬ماعز وبغال حي كانت أمثاهنا‬
‫ختتلف من منطقة إىل أخرى حسب درجة أمهيتها ومتتاز بالتنوع واالهتمام هبا يف احلياة الفالحية فهي من أولويات السلطة احلاكمة سواء‬
‫كانت حملية على مستوى البايلكات أو مستويات أعلى منها ومن خالهلا انتقلت إىل اإلنتاج الزراعي ذو الطابع التجاري(‪.)2‬‬
‫وقد كانت الثروة السمكية هي األخرى معتربة ومن اهتمامات سكان املناطق الساحلية لكنها مل تكن من أولوياهتم(‪ ،)3‬لكن هذا مل مينع‬
‫بعض احلكام األتراك يف اجلزائر من فر ما يسمى نظم اقتصادية جديدة قائمة على أساس اإلقطاع خاصة يف املنتوجات الزراعية وأمهها عن‬
‫طريق احملل ‪-‬احلمالت العسكرية‪ -‬جلمع رسوم احملاصيل الزراعية والقيام بعمليات االحتكار ألمهها‪ ،‬وكذلك حتصيل الضرائب املختلفة من‬
‫البايلكات(‪ .)4‬وقد مرت اجلزائر يف بدايات القرنني ‪15-15‬م بفرتات قحط وجفاف وكوارث طبيعية أثرت كثريا على الثروة الزراعية‬
‫واحليوانية(‪ ،)5‬وهو ما أدى إىل نقصاهنا وارتفاع أسعارها خاصة احلبوب وكانت هلا تبعات أمهها انتشار اجملاعات واألوبئة املختلفة(‪. )6‬‬
‫أما الصناعة فلم يكن االهتمام هبا مثل الزراعة‪ ،‬فهي كانت تشمل بعض املصنوعات التقليدية اليدوية وما ميكن متييزه عن أمهها خالل‬
‫بدايات التواجد العثماي هو ما تنتجه بعض احلرف اليدوية مثل صناعات النسيج واجللود و النجارة والفخار واحلدادة‪ ،...‬باإلضافة إىل‬
‫وجود بعض الورشات لصناعة األسلحة والسفن و املنتشرة يف أغلب املدن الكربى كاجلزائر وقسنطينة وتلمسان‪ ،‬كل هذا جعل منتوجات هذا‬
‫القطاع جتد صعوبة يف منافسة املصنوعات األخرى خاصة األجنبية منها(‪ ،)7‬ويعود ذلك أساسا إىل ثقل الضرائب اليت يفرضها احلكام‬
‫وتشجيعهم لعمليات استرياد املنتوجات القادمة من الصحراء أو أوروبا‪ ،‬هذه السياسات اليت انتهجها احلكام كانت نتيجتها نقص يف‬
‫صادرات املنتوجات الصناعية وإمهال الصناعات املختلفة باعتبارها من أساسيات اقتصاد دول املغرب(‪ ،)8‬لكن هذا القطاع عرف بعض‬
‫التطور خاصة بعد هجرات األندلسيني إىل اجلزائر‪ ،‬فاستطاعت هذه الفئة االندماج السريع يف اجملتمع اجلزائري وأصبحت متثل أساس حركية‬
‫اقتصاد إيالة اجلزائر(‪.)9‬‬

‫‪-Thomas Shaw, Voyage dans la régence d’Alger au XVIIIe siécle, Traduit : E.Mac Carthy, éditions Grand-‬‬
‫‪Alger Livres, Alger, 2007, p-p 34-36.‬‬
‫(‪ )1‬للمزيد حول أنواع األراضي الزراعية ومنتوجاهتا يف اجلزائر خالل العهد العثماي ينظر‪ :‬سعيدوي‪ ،‬دراسات تارخيية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪-‬ص ‪ .25-55‬وكذلك ينظر ‪:‬‬
‫‪ -‬فاطمة الزهراء سيدهم‪ «،‬موارد إيالة اجلزائر املالية يف مطلع القرن التاسع عشر»‪ ،‬دورية كان التارخيية‪ ،‬العدد ‪ ،4511 ،15‬ص‪-‬ص ‪.41-41‬‬
‫(‪ )2‬ناصر الدين سعيدوي‪ ،‬املهدي البوعبديل‪ ،‬اجلزائر يف التاريخ‪ ،‬العهد العثماي‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬اجلزائر‪ ،1212 ،‬ص‪-‬ص ‪.51-55‬‬
‫(‪ )3‬الزبريي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.51-15‬‬
‫(‪ )4‬سعيدوي‪ ،‬دراسات تارخيية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫(‪ )5‬عمار بن خروف‪ ،‬العالقات االقتصادية واالجتماعية والثقافية بني اجلزائر واملغرب يف القرن ‪15‬ه‪15/‬م‪ ،‬ج‪ ،4‬دار األمل للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ، 4551 ،‬ص‪-‬‬
‫ص ‪.25-21‬‬
‫(‪ )6‬للمزيد عن تأثري ارتفاع األسعار يف املنتوجات الزراعية على احلياة االجتماعية للفرد اجلزائري‪ ،‬ينظر‪ :‬صاحل العنرتي‪ ،‬جماعات قسنطينة‪ ،‬تح‪ :‬رابح بونار‪ ،‬ش‪.‬و‪.‬ن‪.‬ت‪،‬‬
‫اجلزائر‪ .1252 ،‬وكذلك‪ :‬عبد اجلليل التميمي‪ ،‬دراسات يف التاريخ العثماي املغاريب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪-‬ص ‪. 155-151‬‬
‫(‪ )7‬سعيدوي‪ ،‬النظام املايل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.55-52‬‬
‫(‪ )8‬عن الصناعات اجلزائرية خالل بدايات التواجد العثماي ينظر‪ :‬سعيدوي والبوعبديل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 51‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )9‬حول هجرات األندلسيني إىل اجلزائر ينظر‪ :‬عبد اجمليد قدور‪ ،‬هجرة األندلسيني إىل املغرب األوسط ونتائجها احلضارية خالل القرنني‪ 15‬و‪15‬م‪ ،‬رسالة ماجيسرت‪ ،‬إشراف‪:‬‬
‫حممد أمني حممود بدوي‪ ،‬جامعة األمري عبد القادر‪ ،‬قسنطينة‪. 1222 ،‬‬
‫‪663‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪6266:‬‬ ‫عدد‪26 :‬‬ ‫مجلد‪62:‬‬

‫وخبصوص التجارة‪ ،‬فقد كانت تتم على مستويني داخلي وخارجي‪ ،‬فتأثرت مباشرة بأوضاع القطاع الزراعي والصناعي‪ ،‬وهنا يذكر‬
‫األستاذ الزبريي ما جاء حول التجارة الداخلية "بأهنا كانت تقوم على أساس األسواق احمللية أو اجلهوية و تكون يومية أو أسبوعية"(‪ )1‬وقد‬
‫دعم هذا الرأي أيضا األستاذين سعيدوي و البوعبديل من خالل مظهر جتاري هام متيزت به أغلب املراكز التجارية مثل اجلزائر وقسنطينة‬
‫وتلمسان وهو مظهر ''أسواق الرحبة''‪ ،‬وأن أغلب املنتوجات الزراعية والصناعية كانت تباع وتشرتى فيها أو تتم عن طريق املقايضة (سلعة‬
‫بسلعة)(‪ )2‬فكانت فيها بعض اإلجراءات التجارية واهلادفة إىل تنظيم األسواق نذكر منها فر بعض الرسوم ''املكوس''(‪ )3‬على التجار‪ .‬أما‬
‫أما عن العمالت املتداولة يف عمليات البيع والشراء يف بدايات العهد العثماي كانت أغلبها عمالت موجودة قبل عثمنة اجلزائر وأمهها العملة‬
‫الزيانية واليت كان يتم التداول هبا يف الغرب اجلزائري ووسطه‪ ،‬باإلضافة إىل العملة احلفصية يف شرق اجلزائر وعمالت أخرى أبرزها‪ :‬السلطاي‪،‬‬
‫نصف سلطاي‪ ،‬زر حمجوب نصف زر حمجوب‪ ،‬وهي من العمالت الذهبية وكذلك لاير بوجو ونصف لاير بوجو‪ ،‬وهي من العمالت الفضية‪،‬‬
‫باإلضافة إىل بعض العمالت األروبية منها اإليكوس اإليطالية والريال اإلسباي وغريها(‪ ،)4‬وإذا ما وسع جمال التجارة إىل اخلارج فإهنا ستدخل‬
‫ستدخل يف إطار العالقات االقتصادية واليت كانت تتم بطريقتني جتارة برية عن طريق القوافل أو حبرية عن طريق املوانئ(‪ ،)5‬وكانت املبادالت‬
‫التجارية (الصادرات والواردات) تتم مع دول املغرب واملشرق وأروبا ودول إفريقيا جنوب الصحراء‪ ،‬وتصدر أغلب السلع اليت تنتجها اجلزائر‬
‫زراعيا وصناعيا وتستورد ما يلزمها(‪ ،)6‬ومن هذا املنطلق فقد تكونت مراكز جتارية يف كل أحناء اجلزائر مثل قسنطينة يف الشرق وورقلة يف‬
‫اجلنوب وتلمسان يف الغرب باإلضافة إىل مدينة اجلزائر(‪ ،)7‬ويف هذا اإلطار برزت فئات اندجمت يف اجملتمع اجلزائري هيمنت على التجارة‬
‫اخلارجية للجزائر وهي باخلصوص فئة اليهود واليت كان هلا دور كبري يف إضعاف اقتصاد إيالة اجلزائر خالل العهد العثماي(‪ )8‬باإلضافة إىل فئة‬
‫فئة األندلسيني الذين توافدوا على اجلزائر بعد هتجريهم من األندلس(‪. )9‬‬
‫أما بالنسبة لتونس‪ ،‬فيعترب القرن ‪15‬م قرنا حموريا من خالل انتقاهلا من الفضاء السياسي احلفصي إىل الفضاء السياسي العثماي‪ ،‬وكان‬
‫ذلك سنة ‪ 1152‬م‪ ،‬ولكن قبل هذا شهدت اجلزائر إحلاقها بالدولة العثمانية مما يؤكد لنا الدور الكبري الذي لعبته اجلزائر يف جعل تونس إيالة‬

‫(‪ )1‬الزبريي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬


‫(‪ )2‬سعيدوي والبوعبديل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.54-51‬‬
‫(‪ )3‬املكوس أو مغارم السوق‪ :‬وهي ضرائب تفر على التجار والباعة والصناع باألسواق‪ ،‬أبو مصطفى كمال السيد‪ ،‬جوانب من احلياة االجتماعية واالقتصادية والدينية‬
‫والعلمية يف املغرب اإلسالمي من خالل نوازل وفتاوى املعيار املعرب للونشريسي‪ ،‬مركز اإلسكندية للكتاب‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1225 ،‬ص‪-‬ص ‪.12-15‬‬
‫(‪ )4‬للمزيد حول العمالت واألسعار خالل العهد العثماي‪ ،‬ينظر‪ :‬مروش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪-‬ص ‪ ،55-54‬وكذلك‪ :‬ميينة درياس‪ ،‬السكة اجلزائرية يف العهد العثماي‪ ،‬دار‬
‫احلضارة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪.4555 ،‬‬
‫(‪ )5‬إمساعيل سامعي‪ «،‬احلركة االقتصادية يف املغرب األوسط من خالل صورة األر البن حوقل القرن ‪2‬ه‪15/‬م ‪ ،‬جملة جامعة األمري عبد القادر للعلوم اإلسالمية‪ ،‬قسنطينة‪،‬‬
‫»‬

‫‪ ،)4555(45‬ص‪-‬ص ‪.111-151‬‬
‫(‪ )6‬الزبريي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 151‬وما بعدها ‪.‬‬
‫(‪ )7‬نفسه‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫(‪ )8‬حول دور اليهود االقتصادي يف اجلزائر خالل العهد العثماي‪ ،‬ينظر‪ :‬وداد بيالمي‪ ،‬النفوذ االقتصادي – السياسي ليهود اجلزائر (‪ ،)1155-1115‬رسالة ماجيسرت‪،‬‬
‫إشراف‪ :‬امحيدة عمرياوي‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬قسنطينة‪.4552 ،‬‬
‫(‪)9‬عبد اجلليل التميمي‪«،‬رسالة من مسلمي غرناطة إىل السلطان سليمان القانوي سنة ‪1121‬م ‪ ،‬اجمللة التارخيية املغربية‪ ،‬العدد‪ ،1251 ،5‬ص‪-‬ص ‪.25-55‬‬
‫»‬

‫‪664‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪6266:‬‬ ‫عدد‪26 :‬‬ ‫مجلد‪62:‬‬

‫عثمانية(‪ ،)1‬وهلذا تعترب الفرتة املمتدة بني عامي ‪1152‬م ‪-‬تاريخ ضم تونس إىل الدولة العثمانية‪ -‬وسنة ‪1555‬م ‪-‬هناية حكم يوسف‬
‫داي‪ ،-‬وحدة تارخيية متيزت بقوة النفوذ الرتكي العثماي بتونس‪ ،‬وميكن التمييز خالهلا بني عهدي الباشوات والدايات(‪ ،)2‬وانطالقا من هذا‬
‫التحول السياسي شهدت تونس باملقابل تغريا يف أوضاعها االقتصادية مقارنة مبا كانت عليه يف عهد احلفصيني‪.‬‬
‫ففي الزراعة جند أن أغلب الدراسات التارخيية تثبت أن ملكية األراضي الزراعية كانت تتوزع بني األحباس العامة واخلاصة وكانت الوسائل‬
‫الزراعية تقليدية(‪ ،)3‬وحبكم موقعها اجلغرايف فقد كان سكاهنا يهتمون بزراعة القمح والزيتون والعنب واحلمضيات وبعض الفواكه والقطن‬
‫وا لتبغ‪ ،‬وهو ما أهلها بأن تكون سوقا للمنتوجات الزراعية‪ ،‬وتشتهر تونس بزراعة الزيتون و الذي شغلت أشجاره مساحات كبرية من أراضي‬
‫سواحلها‪ ،‬باإلضافة إىل واحات النخيل اليت متتد على طول جنوب تونس فتنتج أنواع عديدة من التمور(‪ .)4‬فيمكن القول أن تونس من‬
‫الناحية الزراعية تنتج ما يلزمها من مواد زراعية معاشية وتصديرية‪ ،‬وكانت اهتمامات احلكام التونسيني بعد عثمنتها هو الوصول إىل االكتفاء‬
‫الذايت للمنتوجات الزراعية وجعل أسعارها يف األسواق ختدم كل فئات اجملتمع التونسي(‪ ،)5‬وباملقابل كانت متلك ثروة حيوانية من أبقار وأغنام‬
‫وأغنام وماعز وبغال ومحري‪ ،‬وهي األخرى عبارة عن سلع تشرتى وتباع بأمثان متفاوتة‪ ،‬فكانت تستعمل للسفر واألعمال الزراعية املختلفة‬
‫كاحلرث وجلب املياه من األماكن البعيدة‪ ،‬لكن كل هذا ليس ببعيد عن فرتات القحط والكوارث الطبيعية ‪-‬ومثال ذلك جفاف سنة‬
‫‪1124‬م والذي ضرب تونس‪ -‬وأثر مباشرة على املردود الزراعي هلا وأدى إىل زيادة أسعار املنتوجات الفالحية يف أسواقها‪ ،‬ومن منطلق أن‬
‫أغلب املزارعني والفالحني يتمركزون يف األرياف والبوادي التونسية فإهنم كانوا معرضني إىل اهلزات االقتصادية من خالل الضرائب والرسوم‬
‫املفروضة على منتوجاهتم وحيواناهتم وهو ما مهد لتمرد بعض القبائل عن هذه اإلجراءات‪ ،‬وكذلك كان للمدن الساحلية دور كبري يف حتصيل‬
‫الثروة السمكية واليت كانت تدخل يف العمليات التجارية من بيع وشراء يف األسواق املختلفة(‪. )6‬‬
‫وعن الصناعة يف تونس يف بدايات التواجد العثماي‪ ،‬فقد أشار الباح أمحد قاسم حسب ما جاء يف ''فتاوى ابن عظوم'' أن أغلب‬
‫الصناعات املنتشرة بتونس مل تكن متطورة بل تقليدية‪ ،‬وأن ما كان يصنع يتمثل يف بعض املنسوجات وأمهها على اإلطالق ‪-‬واليت كان هلا‬
‫رواج كبري‪ -‬هي الشاشية التونسية أو الطربوش(‪ ،)7‬باإلضافة إىل صناعات أخرى منها دبغ اجللود واملنسوجات الصوفية (الربانيس) وصناعة‬
‫الصابون اليت استنتجت من صناعة زيت الزيتون باإلضافة إىل األواي الفخارية والنحاسية واحلدادة ‪ ،)8(...‬كما كان يف تونس بعض املناجم‬
‫مثل جبال محام األنف وحلق الوادي وكان يستخرج منها احلديد والفضة والذهب إلستعماهلا يف خمتلف الصناعات‪ ،‬وبعض هذه املناطق‬

‫(‪ )1‬التميمي‪ ،‬دراسات يف التاريخ املغاريب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪-‬ص ‪ ،21-25‬وكذلك يراجع‪ :‬وليم سبنسر‪ ،‬اجلزائر يف عهد رياس البحر‪ ،‬تعريب وتقدمي‪ :‬عبد القادر زبادية‪ ،‬دار‬
‫القصبة للنشر‪ ،‬اجلزائر‪ ،4555 ،‬ص ‪.155‬‬
‫(‪ )2‬حممد بن اخلوجة‪ ،‬صفحات من تاريخ تونس‪ ،‬تح‪ :‬محادي الساحلي واجليالي بن احلاج حيي‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪ ،1215 ،‬ص‪-‬ص ‪.15-14‬‬
‫(‪ )3‬قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.421-412‬‬
‫(‪ )4‬دونان‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.51-55‬‬
‫(‪ )5‬حممد األندلسي‪ ،‬احللل السندسية يف األخبار التونسية‪ ،‬مطبعة الدولة التونسية حباضرهتا احملمية‪ ،‬تونس‪ ،1155 ،‬ص‪-‬ص ‪.412-411‬‬
‫(‪ )6‬قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.551-425‬‬
‫(‪ )7‬اهلادي الشريف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫(‪ )8‬قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.555-552‬‬
‫‪665‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪6266:‬‬ ‫عدد‪26 :‬‬ ‫مجلد‪62:‬‬

‫خاصة الساحلية تنتشر فيها صناعة السفن التجارية وكذلك صناعات األسلحة‪ ،‬باإلضافة إىل ما قام به احلكام يف بدايات التواجد العثماي‬
‫من خالل إقامة مصانع خاصة لسك عمالت نقدية جديدة ذهبية فضية وحناسية هبدف تسهيل وتطوير عمليات التبادل التجاري(‪.)1‬‬
‫وقد كانت التجارة بتونس تتم على مستويني متكاملني ''داخلية وخارجية''‪ ،‬فالداخلية منها تتم يف األسواق اليومية واألسبوعية وتنتشر يف‬
‫أغلب مناطق تونس وكل مدينة تتوزع هبا جمموعة أسواق(‪ )2‬تتخصص يف علميات تبادل جتاري ( بيع وشراء) أو بطريقة املقايضة‪ ،‬وكانت‬
‫أغلب املنتوجات الزراعية أو الصناعية تعر يف األسواق و تفر عليها بعض املكوس كضرائب‪ ،‬أما عن عملية نقل السلع واملنتوجات‬
‫داخل تونس فكانت تتم عن طريق القوافل التجارية الداخلية وأمهها اليت تنطلق من تونس إىل توزر مرورا بكل من القريوان‪ ،‬سبيطلة‪ ،‬قفصة‪،‬‬
‫وهي الوسيلة اهلامة لعملية التواصل التجاري يف تونس داخليا‪ ،‬فقد كانت منتوجات جنوب تونس كتمور توزر تنقل وتباع يف أسواق املدن‬
‫التونسية املختلفة‪ ،‬نفس الشيء جنده يف جتارة زيت الزيتون واليت تنتج يف بعض املدن الساحلية مثل قليبية واحلمامات واملهدية وتنقل عن‬
‫طريق القوافل الداخلية إىل بعض املدن التونسية لتباع أو يتم مقايضتها بسلع أخرى‪ ،‬وهي معرضة دوما لعمليات النهب والسرقة من طرف‬
‫قطاع الطرق والذين مارسوا اللصوصية والسلب والنهب يف أغلب طرق القوافل التجارية داخليا(‪.)3‬‬
‫وباملقابل كانت التجارة اخلارجية تتم عن طريق الرب أو عن طريق املوانئ‪ ،‬فالقوافل التجارية اليت تنطلق من املغرب مرورا باجلزائر إىل تونس‬
‫مث املشرق دور هام يف احلركية التجارية للسلع التونسية ونفس الدور جنده عند القوافل اليت تتجه أو تأيت من الصحراء وخاصة بالد السودان‪،‬‬
‫وكان للموانئ أيضا نفس الدور التجاري اهلام من خالل عمليات تصدير السلع والبضائع التونسية إىل بلدان املغرب أو املشرق أو أوروبا‪،‬‬
‫فقد كانت تصدر زيت الزيتون وبعض احلبوب مثل القمح والشعري واسترياد ما يلزم من سلع مغاربية أو أروبية(‪ ،)4‬أما عن العمالت اليت‬
‫كانت متداولة يف تونس فنذكر منها السلطاي والذي يدخل يف إطار عمليات املبادالت التجارية مع املشرق ويعترب من النقود الذهبية‪،‬‬
‫باإلضافة إىل الريال اإلسباي والذي يصنف ضمن النقود الفضية و كذلك الدينار والناصري واآلسرب والكرونة اإلسباي(‪. )5‬‬
‫‪ .6.1‬الحدود بين اإلجارة واإلغارة(‪:)6‬‬
‫ملا تأكد آل عثمان من توسيع نفوذهم وتواجدهم يف املغربني األوسط واألدىن خالل القرن ‪15‬م(‪ ،)7‬وكانت اجلزائر يف بدايات هذا‬
‫التطور السياسي اهلام تعترب تونس إحدى املناطق التابعة هلا جغرا‪-‬سياسيا‪ ،‬وهذا من منطلق الدور الكبري الذي لعبته لتخليصها من احلفصيني‬
‫واإلسبان(‪ ،)8‬لكنها اصطدمت برغبة تونسية يف احلصول على االستقالل بداية من اسرتجاع ملكيتها على صفاقس سنة ‪1122‬م وقابس‬
‫وجربة سنة ‪1552‬م وهذا بعدما كانت تابعة لطرابلس الغرب‪ .‬فهذا معناه أن احلدود الشرقية لتونس مل تكن ثابتة أو مستقرة‪ ،‬نفس الشيء‬

‫(‪ )1‬دونان‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.55-51‬‬


‫(‪ )2‬ابن أيب دينار‪ ،‬املؤنس يف أخبار إفريقية وتونس‪ ،‬مطبعة الدولة التونسية حباضرهتا احملمية‪ ،‬تونس‪ ،1152 ،‬ص ‪.411‬‬
‫(‪ )3‬قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.511‬‬
‫(‪ )4‬الصادق بوبك ر‪ ،‬إيالة تونس يف القرن السابع عشر وعالقتها التجارية مع موانئ البحر األبيض املتوسط (مرسيليا وليفورنة)‪ ،‬منشورات مركز الدراسات والبحوث العثمانية‬
‫واألندلسية‪-‬املوريسكية‪ ،‬زغوان‪ ،1215 ،‬ص ‪.15‬‬
‫(‪ )5‬بوبكر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.1-5‬‬
‫(‪ )6‬لألمانة العلمية مصطلحي '' اإلجارة واإلغارة'' مصطلحني مقتبسني من عنوان كتاب‪ :‬رائسي‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫(‪ )7‬بنحادة‪ ،‬املغرب والباب العايل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52 ،‬‬
‫(‪ )8‬بوعزيز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ ،4‬ص ‪.25‬‬
‫‪666‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪6266:‬‬ ‫عدد‪26 :‬‬ ‫مجلد‪62:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫وهنا نتساءل كيف ظهرت هذه االضطرابات اجلغرا‪-‬سياسية مع اجلزائر؟ وما تأثريها على التواصل‬ ‫عرفته حدودها الغربية مع اجلزائر‬
‫التجاري بني اإليالتني؟‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫إن مشكلة احلدود بني اإليالتني بدأت تظهر بعد انضمام اجلزائر إىل الدولة العثمانية سنة ‪1112‬م ورغبة بايلرباي اجلزائر ‪ -‬خري‬
‫الدين بربروس‪ -‬إحلاق تونس وجعلها إحدى األقاليم التابعة له ختضع لسلطته وحكمه‪ ،‬لكن هذا األمر زاد من التباعد السياسي بينهما‬
‫وزادت رغبة تونس أكثر يف االنفصال‪ .‬فمن املؤكد أن السبب الذي أدى إىل زيادة هذا التباعد بدرجة أوىل هو تغذية القبائل احلدودية‬
‫للصراعات(‪ )3‬واليت كانت متداخلة جغرافيا بني اجلزائر وتونس أي مبعىن آخر أن احلدود مل تكن واضحة مما سهل عمليات مترد وخروج بعض‬
‫بعض القبائل عن نظام حكم السلطتني(‪ ، )4‬ومل يتوقف األمر عند هذا احلد بل تعداه إىل دعم حكام من الطرفني خاصة يف بدايات التواجد‬
‫العثماي لبعض القبائل للتمرد على السلطة احلاكمة يف اإليالة األخرى(‪ )5‬وأكثر من هذا هو حتالف بعض القبائل التونسية أو اجلزائرية ضد‬
‫التواجد العثماي ومثال ذلك قبائل حنانشة اجلزائر وقبائل الشابية التونسية(‪ ،)6‬وهو ما أدى ببعض احلكام خاصة من تونس التقرب منها‬
‫قصد كسب تأييدها ضد اجلزائر وهذا من منطلق العالقات اليت أقامها بعض بايات تونس مع قبيلة احلنانشة‪ ،‬وهنا يذكر الباح '' امحيدة‬
‫عمريواي'' ويؤكد أن '' عامل املصاهرة كان له تأثري كبري لزيادة نفوذ قبيلة احلنانشة على احلدود بني اإليالتني بعد أن زوج الشيخ ابن منصر‬
‫ابنته لعلي باي تونس‪ ،‬وهناك قبيلة أخرى كان هلا نفوذ هي األخرى بالشرق اجلزائري وهي قبيلة النمامشة واليت ميتد نفوذها حىت نقرين‬
‫التونسية''(‪ )7‬ومن هذا نستخلص أنه للقبائل احلدودية دور كبري يف الصراعات السياسية بني اإليالتني‪ ،‬لكن هل أثر كل هذا على مناحي‬
‫الحياة المشتركة؟‪.‬‬
‫كان لنظام احلكم السائد يف اإليالتني تأثري كبري على ظهور الصراعات العسكرية من خالل تكوين باشويتني عثمانيتني فيهما‪ ،‬وقد بدأت‬
‫هذه الصراعات منذ بدايات التواجد العثماي ‪-‬كما أكدت سابقا ‪-‬واستمرار النزاع احلدودي بينهما يؤكده ''الباح أمحد قاسم فيما جاء‬
‫يف حتقيقه لفتاوى ابن عظوم و حتميله مسؤولية احلرب اليت دارت بينهما سنة ‪1512‬م لثابت بن شنوف زعيم قبيلة احلنانشة التونسية وهذا‬
‫طمعا يف بعض االمتيازات اليت وعدها به اجلزائريون وأن حنانشة تونس كانوا يصحبون بعض اجلزائريني يف خرجاهتم جلمع الضرائب''(‪،)8‬‬
‫ومنهم من يثبت أن احلكام يف تونس أرادوا احلصول على تأييد حنانشة اجلزائر ضدهم وهو ما جعل الصراع كبريا بني الطائفتني خاصة وأن‬
‫سبب هذا الصراع القبلي احلدودي سببه أراضي الرعي والكأل والضرائب املفروضة عليها‪.‬‬
‫وأمام هذه التطورات واخلالفات الكبرية اندلعت مواجهة عسكرية بني البلدين انتهت هبزمية التونسيني فيها وهو ما جعلهم أمام واقع آخر‬
‫يدعم قوة نفوذ اجلزائر يف تونس‪ ،‬فوقعت معاهدة صلح بني الطرفني سنة ‪1512‬م(‪ ،)9‬وهو ما انعكس على النظام الضرييب من خالل زيادة‬

‫(‪ )1‬قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.112-111‬‬


‫(‪ )2‬محدان بن عثمان خوجة‪ ،‬املرآة‪ ،‬تح ‪ :‬حممد العريب الزبريي‪ ،‬ش‪.‬و‪.‬ن‪.‬ت‪ ،‬اجلزائر‪ ،4551 ،‬ص‪-‬ص ‪.55-52‬‬
‫(‪ )3‬شويتام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.12-11‬‬
‫(‪ )4‬حول عن القبائل املتمردة ضد السلطات احلاكمة يف اجلزائر وتونس ينظر‪ :‬رائسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.41-12‬‬
‫(‪ )5‬شويتام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫(‪ )6‬حول قبيلة الشابية وتارخيها ينظر‪ :‬أبو القاسم سعد اهلل‪ ،‬تاريخ اجلزائر الثقايف‪ ،‬ج‪ ،2‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪ ،1221 ،‬ص ‪ 451‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )7‬عمرياوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.41-45‬‬
‫(‪ )8‬عن استخالص الضرائب ( الدنوش) باجلزائر ينظر‪ :‬الزهار‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪ 51 ،‬وما بعدها ‪ ،‬وكذلك‪ :‬سعيدوي‪ ،‬النظام املايل‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.141-111‬‬
‫(‪ )9‬قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪-‬ص ‪.141-145‬‬
‫‪667‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪6266:‬‬ ‫عدد‪26 :‬‬ ‫مجلد‪62:‬‬

‫اجلبايات والرسوم على املناطق احلدودية‪ ،‬لكن هذا التطور يف العالقات السياسية والعسكرية بني اإليالتني عرف اهتزازا آخر وهو ما تؤكده‬
‫املصادر التارخيية بأن مراد داي تونس شن محلة عسكرية ضد إقليم قسنطينة كمحاولة منه لضمها إليه‪ ،‬واهنزمت قرب مدينة الكاف التونسية‬
‫سنة ‪1541‬م(‪ ،)1‬بعدها مت عقد وتوقيع معاهدة صلح ''جعلت من وادي صرات احلد الفاصل بني البلدين فمن ناحية القبلة وادي مالق‬
‫واألحريش وقلوب الثريان إىل رأس جبل احلفا إىل البح'' كما نصت على أن كل سلطة سواء كانت يف اجلزائر أو تونس جتمع جباية ضرائبها‬
‫من القبائل اليت تضمنها حدودها وأن من دخل من القبائل احلدودية لعمالة الدولة األخرى واجتاز وادي صرات شرقا يكون خراجه لتونس‬
‫أما من اجتاز الوادي غربا فخراجه يكون لعمالة اجلزائر(‪ ،)2‬لكن هذه احملاولة اليت جاءت هبدف توضيح معامل احلدود بني اجلزائر وتونس مل‬
‫تعرف االستقرار فقد كانت مبثابة حدود متحركة وغري ثابتة وهو ما أكده األستاذ عمريواي بأهنا حدود بشرية وليست سياسية(‪ .)3‬كل هذا‬
‫كان له تأثري كبري على احلركية التجارية بني البلدين وهذا بداعي أن القوافل التجارية أصبحت ختشى التنقل بني اإليالتني لبيع وشراء السلع‬
‫والبضائع‪ ،‬كما أن هذا الصراع املزدوج دعم كثريا قطاع الطرق الذين كانوا ميارسون السلب والنهب‪ ،‬باإلضافة إىل أن العملة اليت تصرف يف‬
‫احلدود بينهما يف إطار عمليات املبادالت التجارية تأثرت قيمتها وأصبح هناك تداخل حىت يف العملة فمثال سيطر الريال التونسي على‬
‫املعامالت النقدية بالشرق اجلزائري خالل حكم حسني باي(‪ ،)4‬وهو ما أدى أيضا إىل نقص توافد السلع التونسية باألسواق اجلزائرية وعلى‬
‫رأسها زيت الزيتون والشاشية‪ ،‬نفس الشيء عرفته السلع اجلزائرية باألسواق التونسية ولتغطية هذا العجز يف املنتوجات والبضائع كان يتم‬
‫اللجوء إىل السلع األوروبية أو الصحراوية‪ ،‬كل هذا وأكثر استغلته القبائل احلدودية لالمتناع والتهرب عن دفع الضرائب‪.‬‬
‫‪.5‬خاتمة‪:‬‬
‫ما ميكن التوصل إليه من خالل هذه الورقة البحثية أن التخوم والتداخل اجلغرايف بني اجلزائر وتونس بداية القرن ‪15‬م ساهم يف أغلب‬
‫حاالت التنافر والصدام بني القبائل احلدودية وأدى إىل تفاقم حاالت اإلغارة املتبادلة من اجلانبني‪ ،‬كما ساهم ذلك أيضا يف بروز صراعات‬
‫قبلية وعسكرية بني اإليالتني زادت من تباعدمها سياسيا‪ ،‬مما أثر تأثريا مباشرا يف منو احلركية التجارية وزادت من انغالقهما اقتصاديا‪ ،‬فكادت‬
‫كل هذه الوقائع أن تؤدي إىل تدمري الروابط التارخيية واالقتصادية واالجتماعية املشرتكة‪ ،‬لكن من جانب آخر كان لظاهرة التواصل وحاالت‬
‫االنصهار التارخيية بني القبائل التخومية دورا كبريا يف صناعة تراث تفاعلي حدودي مشرتك بني الدولتني احلديثتني وبناء كيانني مغاربيني‬
‫متفاعلني‪.‬‬

‫(‪ )1‬عمرياوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.15‬‬


‫(‪ )2‬قاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،141‬وكذلك‪ :‬الفكون‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪ 415‬وما بعدها‪ ،‬وأيضا‪ :‬العنرتي‪ ،‬تاريخ قسنطينة‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫(‪ )3‬عمرياوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫(‪ )4‬للمزيد حول هذا الباي الذي حكم من (‪1544-1551‬م) ينظر‪ :‬العنرتي‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪668‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪6266:‬‬ ‫عدد‪26 :‬‬ ‫مجلد‪62:‬‬

‫الملحق رقم ‪18‬‬


‫وثيقة ترسيم الحدود بين والة الجزائر ووالة تونس سنة ‪8161‬ه‪8261/‬م‬
‫األرشيف الوطني التونسي‪ ،‬السلسلة التاريخية‪ ،‬صندوق ‪ ،686‬ملف ‪ ،662‬الوثيقة رقم ‪.61‬‬

‫‪669‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪6266:‬‬ ‫عدد‪26 :‬‬ ‫مجلد‪62:‬‬

‫المصادر والمراجع‪:‬‬
‫‪ -8‬المصادر باللغة العربية‪:‬‬
‫‪ -8.8‬األرشيفية‪ - :‬األرشيف الوطين التونسي‪ ،‬السلسلة التارخيية‪ ،‬صندوق ‪ ،414‬ملف ‪ ،442‬الوثيقة رقم ‪.42‬‬
‫‪ -8.6‬مصادر مطبوعة‪:‬‬
‫‪ -‬ابن أيب دينار‪ ،‬املؤنس يف أخبار إفريقية وتونس‪( ،‬تونس‪ ،‬مطبعة الدولة التونسية حباضرهتا احملمية‪.)1152 ،‬‬
‫‪ -‬ابن خلدون (عبد الرمحن)‪ ،‬العرب وديوان املبتدأ واخلرب‪ ،‬ج‪ ،5‬ط‪( ،5‬بريوت‪ ،‬دار الكتاب اللبناي‪.)1215 ،،‬‬
‫‪ -‬األندلسي (حممد)‪ ،‬احللل السندسية يف األخبار التونسية‪( ،‬تونس‪ ،‬مطبعة الدولة التونسية حباضرهتا احملمية ‪.)1155 ،‬‬
‫‪ -‬الزهار (أمحد الشريف)‪ ،‬مذكرات احلاج أمحد الشريف الزهار‪ ،‬نقيب أشراف اجلزائر‪ ،‬تقدمي وتعليق‪ :‬أمحد توفيق املدي‪( ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫ش‪.‬و‪.‬ن‪.‬ت ‪.)1252 ،‬‬
‫‪ -‬العنرتي (صاحل)‪ ،‬جماعات قسنطينة‪ ،‬تح‪ :‬رابح بونار‪( ،‬اجلزائر‪ ،‬ش‪.‬و‪.‬ن‪.‬ت‪.)1252 ،‬‬
‫‪ -‬العنرتي (حممد الصاحل)‪ ،‬فريدة منيسة يف حال دخول الرتك بلد قسنطينة واستيالئهم على أوطاهنما أو تاريخ قسنطينة‪ ،‬تقدمي ومراجعة‪:‬‬
‫حيي بوعزيز‪( ،‬اجلزائر‪ ،‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪.)4551 ،‬‬
‫‪ -‬الفكون (عبد الكرمي)‪ ،‬منشور اهلداية يف كشف حال من ادعى العلم والوالية‪ ،‬تح‪ :‬أبو القاسم سعد اهلل‪( ،‬بريوت‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪،‬‬
‫‪.)1215‬‬
‫‪ -‬املسعودي (حممد الباجي)‪ ،‬اخلالصة النقية يف أمراء إفريقية‪ ،‬ط‪( ،4‬تونس‪،‬مطبعة بيكار وشركائه‪.)1211 ،‬‬
‫‪ -‬بربروس (خري الدين)‪ ،‬مذكرات خري الدين بربروس‪ ،‬تر‪ :‬حممد دراج‪( ،‬اجلزائر‪ ،‬شركة األصالة للنشر والتوزيع‪.)4515 ،‬‬
‫‪ -‬بن اخلوجة (حممد)‪ ،‬صفحات من تاريخ تونس‪ ،‬تح ‪ :‬محادي الساحلي واجليالي بن احلاج حيي‪( ،‬بريوت‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪،‬‬
‫‪.)1215‬‬
‫‪ -‬بن ميمون اجلزائري (حممد)‪ ،‬التحفة املرضية يف الدولة البكداشية يف بالد اجلزائر احملمية‪ ،‬تقدمي وحتقيق‪ :‬حممد بن عبد الكرمي‪( ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫ش‪.‬و‪.‬ن‪.‬ت‪.)1211 ،‬‬
‫‪ -‬بريم اخلامس التونسي (حممد)‪ ،‬صفوة اإلعتبار مبستودع األمصار واألقطار‪( ،‬القاهرة‪ ،‬املطبعة اإلعالمية‪.)1112 ،‬‬
‫‪ -‬بيسونال (أندريه)‪ ،‬الرحلة إىل تونس‪ ،‬تر‪ :‬حممد العريب السنوسي‪( ،‬تونس‪ ،‬مركز النشر اجلامعي‪.)4555 ،‬‬
‫‪ -‬دونان (هنري)‪ ،‬اإليالة التونسية‪ ،‬تر‪ :‬حممد فريد الشريف‪( ،‬تونس‪ ،‬املطبعة العصرية‪.)4514 ،‬‬
‫‪-‬شاوش بن املفيت (حسني بن رجب)‪ ،‬تقييدات ابن املفيت يف تاريخ باشوات اجلزائر وعلمائها‪ ،‬تح‪ :‬فارس كعوان‪( ،‬اجلزائر‪ ،‬بيت احلكمة‬
‫للنشر‪.)4552 ،‬‬
‫‪ -6‬المراجع باللغة العربية‪:‬‬
‫‪ -‬األرقش (دلندة) (وآخرون)‪ ،‬املغرب العريب احلدي من خالل املصادر‪( ،‬تونس‪ ،‬مركز النشر اجلامعي ميديا كوم‪.)4555 ،‬‬
‫‪ -‬ألرت (عزيز سامح)‪ ،‬األتراك العثمانيون يف إفريقيا الشمالية‪ ،‬تر‪ :‬حممد علي عامر‪( ،‬بريوت‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر‪.)1212 ،‬‬
‫‪ -‬الزبريي (حممد العريب)‪ ،‬التجارة اخلارجية للشرق اجلزائري يف الفرتة مابني ‪ 1524‬و ‪ ،1155‬ط‪( ،4‬اجلزائر‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪،‬‬
‫‪.)1212‬‬
‫‪670‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪6266:‬‬ ‫عدد‪26 :‬‬ ‫مجلد‪62:‬‬

‫‪ -‬السيد (مصطفى كمال)‪ ،‬جوانب من احلياة االجتماعية واالقتصادية والدينية والعلمية يف املغرب اإلسالمي من خالل نوازل وفتاوى املعيار‬
‫املعرب للونشريسي‪( ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مركز اإلسكندية للكتاب‪.)1225 ،،‬‬
‫‪ -‬املودن (عبد الرمحن) وبنحادة (عبد الرحيم)‪ ،‬العثمانيون يف املغارب من خالل األرشيفات احمللية واملتوسطية‪ ،‬سلسلة ندوات ومناظرات‬
‫رقم ‪( ،145‬الرباط‪ ،‬منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪.)4551 ،‬‬
‫‪ -‬بن خروف (عمار)‪ ،‬العالقات االقتصادية واالجتماعية والثقافية بني اجلزائر واملغرب يف القرن ‪15‬ه‪15/‬م‪ ،‬ج‪( ،4‬اجلزائر‪ ،‬دار األمل‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪.)4551 ،‬‬
‫‪ -‬بنحادة (عبد الرحيم)‪ ،‬املغرب والباب العايل من منتصف القرن السادس عشر إىل هناية القرن الثامن عشر‪( ،‬تونس‪ ،‬منشورات مؤسسة‬
‫التميمي للبح العلمي واملعلومات‪.)1221 ،‬‬
‫‪ -‬بوبكر (الصادق)‪ ،‬إيالة تونس يف القرن السابع عشر وعالقتها التجارية مع موانئ البحر األبيض املتوسط (مرسيليا وليفورنة)‪( ،‬تونس‪،‬‬
‫منشورات مركز الدراسات والبحوث العثمانية واألندلسية‪-‬املوريسكية‪.)1215 ،‬‬
‫‪ -‬بوعزيز (حيي)‪ ،‬املوجز يف تاريخ اجلزائر(‪ )4-1‬اجلزائر القدمية والوسيطة واجلزائر احلديثة‪ ،‬ج‪( ،1‬اجلزائر‪ ،‬دار البصائر للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪.)4552‬‬
‫‪ -‬درياس (ميينة)‪ ،‬السكة اجلزائرية يف العهد العثماي‪( ،‬اجلزائر‪ ،‬دار احلضارة للطباعة والنشر والتوزيع‪.)4555 ،‬‬
‫‪ -‬رائسي (إدريس)‪ ،‬القبائل احلدودية التونسية‪-‬اجلزائرية‪ ،‬بني اإلجارة واإلغارة (‪( ،)1111-1155‬تونس‪ ،‬الدار املتوسطية للنشر‪،‬‬
‫‪.)4515‬‬
‫‪ -‬سعد اهلل (أبو القاسم)‪ ،‬تاريخ اجلزائر الثقايف‪ ،‬ج‪( ،2‬بريوت‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪.)1221 ،‬‬
‫‪ -‬سعيدوي (ناصر الدين)‪ ،‬دراسات تارخيية يف امللكية والوقف واجلباية –الفرتة احلديثة‪( ،-‬بريوت‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪.)4551 ،‬‬
‫‪ -‬سعيدوي (ن)‪ ،‬النظام املايل للجزائر يف أواخر العهد العثماي (‪ ،)1155 – 1524‬ط‪( ،4‬اجلزائر‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪.)1211 ،‬‬
‫‪ -‬سعيدوي (ن)‪ ،‬البوعبديل (املهدي)‪ ،‬اجلزائر يف التاريخ‪ ،‬العهد العثماي‪( ،‬اجلزائر‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪.)1212 ،‬‬
‫‪ -‬شويتام (آرزقي)‪ ،‬اجملتمع اجلزائري وفعالياته يف العهد العثماي (‪1425-245‬ه‪1155-1112/‬م)‪( ،‬اجلزائر‪ ،‬دار الكتاب العريب‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع والرتمجة‪.)4552 ،‬‬
‫‪ -‬عمرياوي (امحيدة)‪ ،‬عالقات بايلك الشرق الجزائري بتونس أواخر العهد العثماني وبداية االحتالل الفرنسي‪( ،‬اجلزائر‪ ،‬دار البع‬
‫للطباعة والنشر‪.)4554 ،‬‬
‫‪ -‬قاسم (أمحد)‪ ،‬إيالة تونس العثمانية على ضوء فتاوى ابن عظوم (‪1555-1152‬م)‪ ،‬تقدمي‪ :‬عبد اجلليل التميمي‪( ،‬تونس‪ ،‬منشورات‬
‫مؤسسة التميمي للبح العلمي واملعلومات‪.)4552 ،‬‬
‫‪ -‬كوران (آرمجنت)‪ ،‬السياسة العثمانية جتاه اإلحتالل الفرنسي للجزائر‪ ،‬تر‪ :‬عبد اجلليل التميمي‪( ،‬تونس‪ ،‬منشورات اجلامعة التونسية‪،‬‬
‫‪.)1255‬‬
‫‪ -‬وولف (جون‪،‬ب)‪ ،‬اجلزائر وأروبا (‪ ،)1155-1155‬ترمجة وتعليق‪ :‬أبو القاسم سعد اهلل‪( ،‬اجلزائر‪ ،‬دار الرائد‪ ،‬عامل املعرفة للنشر‬
‫والتوزيع‪.)4552 ،‬‬
‫‪ -‬مروش (املنور)‪ ،‬دراسات عن اجلزائر يف العهد العثماي‪ ،‬العملة‪ ،‬األسعار واملداخيل‪ ،‬ج‪( ،1‬اجلزائر‪ ،‬دار القصبة للنشر‪.)4552 ،‬‬

‫‪671‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫السنة‪6266:‬‬ ‫عدد‪26 :‬‬ ‫مجلد‪62:‬‬

‫‪ -‬ياغي (إمساعيل أمحد)‪ ،‬الدولة العثمانية يف التاريخ اإلسالمي احلدي ‪( ،‬الريا ‪ ،‬مكتبة العبيكان‪.)1221 ،‬‬
‫‪ -1‬أطروحات الدكتوراه ورسائل الماجيستر‪:‬‬
‫‪ -‬االمام (رشاد)‪ ،‬سياسة محودة باشا يف تونس(‪ ،)1112-1514‬رسالة دكتوراة‪ ،‬دائرة التاريخ‪ ،‬اجلامعة األمريكية‪ ،‬بريوت‪ ،‬دت‪.‬‬
‫‪ -‬بن زردة (توفيق)‪ ،‬الكنفدراليات القبلية احلدودية ودورها يف العالقات االقتصادية والثقافية بني اجلزائر وتونس خالل العهد العثماي‪-‬‬
‫احلنانشة أمنوذجا‪ ،-‬مذكرة ماجيسرت‪ ،‬إشراف‪ :‬عالوة عمارة‪ ،‬جامعة األمري عبد القادر‪ ،‬قسنطينة‪.4512،‬‬
‫‪ -‬بيالمي (وداد)‪ ،‬النفوذ االقتصادي – السياسي ليهود اجلزائر (‪ ،)1155-1115‬رسالة ماجيسرت‪ ،‬إشراف‪ :‬امحيدة عمرياوي‪ ،‬كلية العلوم‬
‫اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬قسنطينة‪.4552 ،‬‬
‫‪ -‬محاش (خليفة)‪ ،‬العالقة بني إيالة اجلزائر والباب العايل (‪ ،)1155-1521‬رسالة ماجيسرت‪ ،‬إشراف‪ :‬خليل عبد احلميد عبد العال‪ ،‬كلية‬
‫اآلداب‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪.1211 ،‬‬
‫‪ -‬قدور (عبد اجمليد)‪ ،‬هجرة األندلسيني إىل املغرب األوسط ونتائجها احلضارية خالل القرنني‪ 15‬و‪15‬م‪ ،‬رسالة ماجيسرت‪ ،‬إشراف‪ :‬حممد‬
‫أمني حممود بدوي‪ ،‬جامعة األمري عبد القادر‪ ،‬قسنطينة‪.1222 ،‬‬
‫‪ -1‬المقاالت‪:‬‬
‫‪ -‬التميمي (عبد اجلليل)‪ ،‬رسالة من مسلمي غرناطة إىل السلطان سليمان القانوي سنة ‪1121‬م‪ ،‬اجمللة التارخيية املغربية‪ ،‬العدد ‪،5‬‬
‫‪.1251‬‬
‫‪ -‬سامعي (إمساعيل)‪ ،‬احلركة االقتصادية يف املغرب األوسط من خالل صورة األر البن حوقل القرن ‪2‬ه‪15/‬م»‪ ،‬جملة جامعة األمري عبد‬
‫القادر للعلوم اإلسالمية‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬العدد ‪ ،4555 ،45‬ص‪-‬ص ‪.111-151‬‬
‫‪ -‬سيدهم (فاطمة الزهراء)‪ ،‬موارد إيالة اجلزائر املالية يف مطلع القرن التاسع عشر‪ ،‬دورية كان التارخيية‪ ،‬العدد ‪.4511 ،15‬‬
‫‪ -5‬المصادر والمراجع باللغات األجنبية‪:‬‬
‫‪- Boubaker (Sadek), La Régence de Tunis aux XIIé siécle: ses relations commerciales avec les ports de‬‬
‫‪L’Europe méditerranéenne, Merseille et Livourne, publications de .la R.H.M et de C.E.R.O.M.A,‬‬
‫‪Zaghouan,1987.‬‬
‫‪- Berbrugger (A), Des frontiéres de L’Algérie, R.A, Vol nº4, Alger, 1860, p-p 401-438.‬‬
‫‪- Féraud (Ch), Les Harars Seigneurs Des Hanancha», R.A, Vol.nº 18, Alger, 1874, p-p11-32 .‬‬
‫‪- Gramment (H.D.De ), Histoire D’Alger sous la domination Turque (1515-1830), Editeur Ernest Leroux,‬‬
‫‪Paris, 1887.‬‬
‫‪- Haédo (F.D), Histoire des Rois D’Alger, traduite :Grammont, Adolphe Jourdan Libraire-Editeur, Alger,‬‬
‫‪1881.‬‬
‫‪- Monchicourt (Ch), La Frontiére Algéro-Tunisienne dans le Tell et dans la Steppe, R.A, Vol.nº82, 1938, p-p‬‬
‫‪31-59.‬‬
‫‪- Roy (J.J.E), Histoire de L’Algérie depuis les temps les plus anciens jusqu'a nos jours, Alfred Mame et Fils-‬‬
‫‪Editeurs, Tours, 1880.‬‬
‫‪- Shaw (Thomas), Voyage dans la régence d’Alger au XVIIIe siécle, Traduit : E.Mac Carthy, éditions‬‬
‫‪Grand-Alger Livres, Alger, 2007.‬‬

‫‪672‬‬

You might also like