You are on page 1of 25

‫التطور الداخلى فى الجمهورية الرومانية‪:‬‬

‫واكب نشأة الجمهورية الرومانية صراعا داخليا فى روما بين الثرياء )طبقة‬
‫الرستقراطيين أو النبلء( الذين احتكروا كل السلطات فى الدولة وبين العامة من‬
‫الحرار الذين حرموا من تولى أى وظائف عامة فى داخل روما‪.‬‬

‫قاوم النبلء تطلع العامة فى البداية لمشاركتهم فى الحكم‪ ،‬ولكنهم ووجهوا‬


‫بمقاومة عنيفة‪ ،‬ويقال أن العامة قد هددوا بترك روما والحيل عنها عدة مرات خلل‬
‫القرنين الخامس والرابع ق‪.‬م‪ ،‬وكان هذا الجراء يدفع النبلء بالتنازل خطوة بخطوة‬
‫حتى صدر قانون جعل العامة يكونون جمعية أو فئة منهم يكون لهم من خللها حق‬
‫إصدار التشريعات والقوانين دون تدخل مجلس الشيوخ " السناتو" الذى كان يتكون‬
‫من الثرياء‪.‬‬

‫بذلك تغير الكيان السياسى للرومان فى ظل الجمهورية الجديدة‪ ،‬وذلك عندما‬


‫استطاع العامة من التوغل داخل الحياة السياسية‪ ،‬ولتتغير معه مكونات الدولة أيضا‬
‫على النحو التالى‪:‬‬

‫الوظائف العامة‪:‬‬
‫‪ -1‬القنصلن ‪:‬‬
‫بعد قيام الجمهورية انتقلت سلطات الملك من خلل جمعية للشعب تدعى‬
‫مجلس الحياء إلى موظفين من النبلء‪ ،‬ويقر مجلس الشيوخ هذا التنصيب ويمنحهما‬
‫السلطة المطلقة " المبريوم" وسلطة الشراف على القضاء‪.‬‬
‫وتحدد مدة شغل هذه الوظيفة بعام واحد‪ ،‬وهما يقومان بالشراف على السلطة‬
‫التنفيذية فقط‪ ،‬ول يتدخلون فى إصدار القوانين‪ ،‬وفى حالة خروج كل القنصلين‬
‫للحرب يعينان قائدا للمدينة " برايفاكتوس"‪.‬‬

‫وكل الموظفين يحملن لقب قنصل وهما قائدين للجيش فى وقت الحرب‬
‫أيضا‪ ،‬وفى عام ‪ 445‬ق‪.‬م أصبح للعامة الحق فى الترشيح لهذا المنصب‪ ،‬إلى أن جاء‬
‫عام ‪367‬ق‪.‬م صدر قانون يوجب أن يكون أحد القنصلين من العامة‪.‬‬

‫‪-2‬البرايتور‪:‬‬
‫أسندت مهمة الشراف على القضاء عام ‪ 366‬ق‪.‬م إلى شخص يدعى‬
‫" البرايتور" أو القاضى‪ ،‬وكان يقوم بعمل القنصلن فى وقت الحرب‪ ،‬ويتم انتخابه‬
‫لمدة عام واحد‪ ،‬ويقوم بحفظ القوانين وإصدارها‪ ،‬والتى شكلت الجزء الكبر من‬
‫القانون الرومانى فى عصر الجمهورية‪ ،‬وكان يختار من بين أعضاء مجلس السناتو‬
‫وعند انتهاء مدته يعمل كحاكم لحد القاليم التابعة لمدينة روما‪.‬‬
‫‪ -3‬الكينسور‪:‬‬
‫كانت هذه الوظيفة مقصورة فقط على أحد أعضاء مجلس الشيوخ‪ ،‬ولكن‬
‫أصبح من حق العامة الترشح لهذا المنصب منذ عام ‪ 339‬ق‪.‬م‪ ،‬ووظيفة الكينسور‬
‫تشمل تقييم الثروات وتنظيم المواطنين فى قبائل وطبقات وفئات‪ ،‬وتنظيم الشئون‬
‫المالية فى الدولة ويتولى الوظيفة لمدة ‪ 18‬شهرا‪.‬‬

‫‪ -4‬التربيون‪:‬‬
‫تم إنشاء هذه الوظيفة لول مرة عام ‪ 494‬ق‪.‬م والهدف منها هو حماية العامة‬
‫ضد أى إجراء تعسفى من الموظفين السابق ذكرهم‪ ،‬ويتم انتخابه من العامة‪ ،‬ويتمتع‬
‫بحق العتراض "الفيتو" ضد أى قرار تعسفى أو أى موضوع يعرض على مجلس‬
‫السناتو أو أى موضوع يعرض على جمعية الشعب‪ ،‬ويعين من خللهم‪ ،‬وبعد انتهاء‬
‫مدة الوظيفة التى تبلغ العام الواحد يعين كأحد القادة العسكريين فى الجيش‪.‬‬

‫‪ -5‬الديكتاتور‪:‬‬
‫هى وظيفة ل تظهر إل فى الفترات الصعبة التى تتعرض فيها الجمهورية‬
‫للخطر‪ ،‬وتنتهى سلطة الديكتاتور بزوال الخطر‪ ،‬وكانت لدية سلطة مطلقة ول يسأل‬
‫عما يتخذه من قرارات‪ ،‬ويعين من قبل مجلس السناتو أو الشيوخ الرومانى‪ ،‬ويقود‬
‫فرقة المشاة فى وقت الحرب‪ ،‬بينما يقود نائب له فرقة الخيالة أو الفرسان‪.‬‬

‫المجلس المئوى‪:‬‬
‫على الرغم من أن هذا المجلس عرف بالمئوى‪ ،‬إل أن هذا ل يعنى أن عدد‬
‫أعضاءه كانو ‪ 100‬عضو بل يعنى أن كل مواطن رومانى لهم صوت واحد يمثلهم‬
‫داخل هذا المجلس ‪ ،‬ويشمل هذا العدد كافة المواطنين سواء كانوا أثرياء أو العامة‬
‫على حد سواء‪.‬‬

‫أصبح هذا المجلس من أهم المجالس الشعبية فى روما خلل القرنين الخامس‬
‫والرابع ق‪.‬م وكان له حق النتخاب والتشريع والقضاء على النحو التالى ‪-:‬‬
‫كان لهذا المجلس حق انتخاب القنصلن وكافة من يشغلون‬ ‫)‪(1‬‬
‫الوظائف العامة‪ ،‬وكان هذا النتخاب يخضع للتصديق من قبل مجلس‬
‫السناتو‪.‬‬
‫)‪ (2‬يملك هذا المجلس السلطة التشريعية الولى فى روما حيث يقوم‬
‫القنصل بعرض أى قانون أو تشريع جديد على مجلس السناتو حتى إذا ما‬
‫تم الموافقة عليه يرفع إلى المجلس المئوى الذى يوافق عليه أو يرفضه‪،‬‬
‫أى انه مجلس كون ليكون مشرفا على قارات مجلس السناتو‪.‬‬
‫)‪ (3‬فسما يخص القضاء‪ ،‬كان من حق أى مواطن يحكم عليه بالعدام أن‬
‫يدافع عن نفسه أمام المجلس الذى يمثل الشعب وهو المجلس المئوى ولكن‬
‫فى عهد سول ‪ 81‬ق‪.‬م ألغى عقوبة العدام ومن ثم انتهى دور هذا‬
‫المجلس القضائى‪.‬‬
‫وظل هذا المجلس يتمتع بجميع هذه الصلحيات فى إدارة شئون الحكم إلى أن‬
‫ظهر مجلس جديد يدعى بـ "الجمعية القبلية" الذى آلت إليه كافة صلحيات هذا‬
‫المجلس‪ ،‬سوى أن المجلس المئوى احتفظ فقط بصلحية واحده وهى حقه فى‬
‫إعلن الحرب على أى خطر يهدد الجمهورية‪.‬‬
‫الحرب البونية الثانية‪:‬‬

‫نتيجة لنقص الموارد القتصادية التى تعرضت لها قرطاج من دفع جزية‬
‫كبيرة للرومان لجأ القرطاجيون إلى البحث عن موارد اقتصادية جديدة تعوض‬
‫بها خسارتها‪ ،‬ولذلك تطلع القرطاجيون لحتلل اسبانيا‪ ،‬وربما لكى يتخذوا منها‬
‫أيضا قاعدة عسكرية برية لمهاجمة روما من جديد بعد أن فقدو أسطولهم البحرى‪.‬‬

‫ونجح القائد القرطاجى "هملكار" فى فتح الكثير من مدن اسبانيا عام ‪237‬‬
‫ق‪.‬م وظل طول تسع سنوات يجهز الجيش ويقويه‪ ،‬إل انه توفى فى إحدى‬
‫المعارك عام ‪ 228‬ق‪.‬م‪.‬‬

‫خلفه فى قيادة الجيش "هدرويال" الذى أحست روما بالخطر تجاهه التى‬
‫لجأت إلى مساعدة مدينة "ساخنتوم" بالشمال ضد هجوم "هدرويال" وانتهى‬
‫القتال بتوقيع اتفاقية عام ‪ 226‬ق‪.‬م بعد العتداء‪ ،‬وتوفى "هدرويال" عام ‪221‬‬
‫ق‪.‬م مقتول‪ ،‬وخلفه أشهر قائد عرفته قرطاج ويدعى "هانيبال" ابن القائد‬
‫"هملكار"‪.‬‬

‫استطاع هانيبال فتح مدينة ساخنتوم عام ‪ 219‬ق‪.‬م وهو ما أشعل نار الحرب‬
‫مجددا بين روما و قرطاج‪ .‬وتصادم الجيشان عند نهر "البو" بشمال ايطاليا‪،‬‬
‫حيث كان الرومان بقيادة بيبلوس‪ ،‬حيث تعرض الرومان لهزيمة كبيرة على يد‬
‫القرطاجيين‪.‬‬
‫وانتظر بيبلوس المساعدة من روما التى سارعت باللحاق به عند إحدى روافد‬
‫نهر البو‪ ،‬ونشب القتال من جديد واستطاع خلله هانيبال بإلحاق هزيمة أخرى‬
‫كبيرة بالرومان عام ‪ 217‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫وبذلك تطلع هانيبال لحتلل مدينة روما ذاتها‪ ،‬لذا لجأت روما نتيجة لحساسها‬
‫بالخطر إلى تعين "فابيوس ماكسيموس" ديكتاتورا لها لينقذها من الخطر‬
‫القرطاجى‪ .‬ولجاء فابيوس ماكسيموس لنوع جديد من المواجهات العسكرية حيث‬
‫بدأ ينصب لجيش هانيبال بعض الكمائن الصغيرة التى تضعف من قوتهن إل أن‬
‫هذه المحاولت كانت ضعيفة ولم تمنع هانيبال من المضى باتجاه روما‪.‬‬

‫إل أن الرومان استطاعوا الدفاع ببسالة عن روما‪ ،‬ودفع هانيبال إلى جنوب‬
‫ايطاليا الذى مكث به عدة سنوات يحاول أن يعيد تنظيم الجيش‪ ،‬وأرسل فى طلب‬
‫المدادات إلى قرطاج‪ ،‬مما زاد من صعوبة الموقف هو نجاح الرومان فى‬
‫السيطرة على اسبانيا من جديد‪.‬‬

‫وبقى هانيبال محاصرا بجنوب ايطاليا‪ ،‬بينما طلب "سكيبيو" القائد الرومانى‬
‫من مجلس السناتو نقل الحرب من جديد إلى أرض إفريقيا‪ ،‬حيث نجح سكيبيو فى‬
‫الوصول إلى الشمال الفريقى عام ‪ 204‬ق‪.‬م واستطاع أن يعقد حلفا مع ملك‬
‫"نوميديا" ليطوق قرطاج بين الجيش الرومانى وحليفه الجديد النوميديين‪.‬‬

‫لذا رأت قرطاج نفسها محاصرة بين قوتين‪ ،‬حتى هتف القرطاجيون بعودة‬
‫هانيبال إلى إفريقيا لينقذوا مدينتهم‪ ،‬وعاد هانيبال إلى قرطاج عام ‪ 203‬ق‪.‬م بعد‬
‫أن ظل طول ‪ 16‬عام يلحق الهزائم بالرومان على أراضيهم‪ ،‬ورست قواته على‬
‫بعد ‪ 80‬ميل من قرطاج‪.‬‬
‫والتقى الجيشان فى معركة جديدة عند منطقة "جيل ‪ "Gilla‬عند مدينة زامان‬
‫إل أن سكيبو القائد الرومانى نجح فى هزيمته‪ ،‬حتى اضطر هانيبال إلى التقهقر‬
‫نحو مدينة "حضرموت"‪ ،‬إل أن الجيش القرطاجى لقى هزيمة كبيرة وطلب‬
‫الصلح‪ ،‬وقبل سكيبيو بالصلح إل أنه هذه المرة فرض شروط قاسية ومنها تسليم‬
‫روما كافة سفن السطول القرطاجى ماعدا عشرة سفن تستخدم فى التجارة ودفع‬
‫جزية مالية ضخمة لمدة ‪50‬عاما‪.‬‬

‫نتائج الحرب البونية الثانية‪-:‬‬

‫حققت روما سيطرتها الكاملة على غرب البحر المتوسط‬ ‫)‪(1‬‬


‫واستيلئها على اسبانيا ‪.‬‬
‫)‪ (2‬أصبحت روما سيدة ايطاليا بل منازع‪ ،‬وفتح الطريق أمام التجارة‬
‫الرومانية‪.‬‬
‫)‪ (3‬أما بالنسبة لقرطاج فكانت الهزيمة بمثابة بداية النهاية لها‪ ،‬حيث‬
‫خضعت للنفوذ الرومانى‪ ،‬ووقعت تحت أطماع ملك نوميديا‪.‬‬
‫كذلك عانى القرطاجيون كثيرا من عبئ الجزية الحربية‬ ‫)‪(4‬‬
‫الكبيرة‪ ،‬حتى طالب الشعب بهانيبال حاكما عليهم عام ‪ 196‬ق‪.‬م‪ ،‬الذى‬
‫خفف كثيرا من الضرائب وعمل على استعادة الرخاء القتصادى حتى انه‬
‫عرض خلل عشر سنوات فقط من توليه الحكم دفع كل الغرامة المالية‬
‫التى حددها الرومان على قرطاج‪.‬‬
‫كما استطاع هانيبال أن يوقف خطر النوميدين على حدود‬ ‫)‪(5‬‬
‫مملكتهم‪.‬‬
‫حكام العصر الجمهورى بروما‬

‫محاولت إصلح الخوين جراكوس‪-:‬‬

‫استطاع الخوين "تيبريوس وجايوس جراكوس" فى النصف الخير من‬


‫القرن الثانى ق‪.‬م أن ينقذا الموقف بمدينة روما بعدد من الصلحات‪.‬‬

‫حيث كانت فكرة تيبريوس أن يوجد من جديد فى المجتمع الرومانى طبقة‬


‫متوسطة بين طبقة الغنياء وطبقة الفقراء‪ ،‬وذلك من صغار الملك‪ ،‬حيث قام‬
‫بتوزيع أراضى ايطاليا على فقراء المدينة‪ ،‬وكان يهدف إلى تحسين الوضع‬
‫الجتماعى والقتصادى لسكان مدينة روما الفقراء‪.‬‬

‫تمسك تيبريوس بمشروعه الجديد على الرغم من عداء طبقة الغنياء له‬
‫وينص مشروعه على إل يتملك أى مواطن رومانى أكثر من ‪ 500‬فدان من‬
‫الراضى ويضاف إليه ‪ 25‬فدان لكل ولدن بحيث ل تزيد الفدنة عن ألف وما‬
‫يزيد عن ذلك يصادر لمصلحة الدولة‪.‬‬

‫أيضا ينص المشروع على تقسيم أراضى الدولة إلى قطع صغيرة بحيث تكون‬
‫كل قطعة ‪ 30‬فدان تقدم إلى الفقراء مقابل ضريبة سنوية صغيرة وأن تكون هذه‬
‫الراضى ملك للدولة ل يستطيع صاحبها بيعها أو شراء أكثر منها‪.‬‬
‫إل أن مجلس الشيوخ رد بعنف على مقترحات تيبريوس‪ ،‬حيث أدت معارضة‬
‫أعضاء مجلس الشيوخ أو السناتو وفى أخر المر ووقوفهم ضد إصدار هذا‬
‫التشريع الجديد إلى أن تآمر بعض أعضاء المجلس على تيبريوس حيث قتلوه عام‬
‫‪ 144‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫استطاع أخيه جايوس عام ‪ 124‬ق‪.‬م أن يشتغل منصب نقيب‬
‫العامة"التربيون" وحاول أن يطبق برنامج إصلحى آخر فى مدينة روما‪.‬‬
‫استصدر جايوس القانون الزراعى الذى كان استمرارا لما بدأه تيبريوس وزاد‬
‫عدد الفدنة الموزعة على الفقراء إلى ‪ 200‬فدانا‪.‬كما استصدر قانون الغلل‪،‬‬
‫والذى تتحمل من خلله الدولة الثمن الحقيقى للقمح والفرق الذى تبيع به الغلل‬
‫لفقراء المدينة‪ ،‬وقد هدف من ذلك تحرير الغنياء من سلطتهم على الفقراء‬
‫وخاصة السياسية‪ .‬كما استصدر القانون العسكرى‪ ،‬والذى يحمل فيه الدولة تسليح‬
‫الجنود لتسهيل دخول الفقراء الجيش الرومانى‪ ،‬وسعى كذلك لستمالة طبقة‬
‫الفرسان المكونة من الغنياء عن طريق إصدار ثلثة قوانين لصالحهم‪.‬‬

‫إل أن الصلحات التى قام بها جايوس كان هدفها الول هو الحد من مجالس‬
‫الشيوخ‪ ،‬ومنح الفرسان سلطة أقوى‪ ،‬مما زاد من صعوبة المر الذى انتهى بمقتل‬
‫جايوس وعدد من أعدائه على يد عدد من أعضاء مجلس الشيوخ‪.‬‬

‫وبمقتل جايوس اصدر مجلس الشيوخ قانونا عام ‪ 120‬ق‪.‬م بإيقاف قانون‬
‫الغلل وعدم العمل به‪ ،‬واتحدوا مع طبقة الفرسان ضد العامة لتوزيع الراضى‬
‫بينهم‪.‬‬

‫وعلى الرغم من فشل محاولت الخوين جراكوس فى الصلح‪ ،‬إل أن‬


‫محاولتهم قدمت النموذج لمكانية الوقوف أمام قوة مجلس الشيوخ والحد منها‬
‫وتغير ميزان القوة داخل المجتمع الرومانى‪ ،‬والعتماد على طبقة الفرسان بدل‬
‫منهم‪ ،‬واستمالة طبقة الفقراء‪ ،‬حيث يعتبر منطلقهم الصلحى منطلقا اجتماعيا‬
‫بالدرجة الولى‪.‬‬

‫سول وحكمه الفردى‪-:‬‬

‫تولى سول الحكم فى روما عام ‪ 83‬ق‪.‬م‪ ،‬وعمل على إصلح شؤن روما‬
‫الداخلية‪ ،‬وكان من أهم الصلحات‪ ،‬التى قام بها هو تنظيم السلم الوظيفى‪ ،‬أى‬
‫طريقة الرتقاء من منصب أسفل إلى منصب آخر أعلى‪.‬‬

‫كما زاد الحد الدنى من السن الضرورية لتقلد المناصب حيث جعل من يتقلد‬
‫منصب ل يجب أن يقل سنه عن ‪ 42‬عاما وذلك لكى ل يصل سوى الرجال‬
‫الناضجين القادرون على مواجهة مجلس السناتو‪.‬‬

‫استطاع سول أن ينفرد بالحكم داخل روما بعد قضى على أعدائه داخل مجلس‬
‫السناتو‪ ،‬حيث قام بتجديد معظم أعضاءه برجال يدينون له بالولء‪ ،‬وزاد من عدد‬
‫أعضاء مجلس السناتو إلى ‪ 600‬عضو‪.‬‬

‫قام سول أيضا بسك عملة تحمل اسمه وصورته‪ ،‬وهى من أولى العملت‬
‫الرومانية التى تحمل اسم الحاكم وصورته‪ ،‬حيث كان المتبع أن تحمل العملت‬
‫الرومانية اسم المدينة وصورة الرباب الرومانية‪.‬‬
‫اعتمد سول فى حكمه على مساندة جماهير الشعب وخاصة طبقة الفقراء‪،‬‬
‫حيث زاد من أعدادهم داخل المجالس الشعبية‪ ،‬وقام بتخفيض الفائدة على القروض‪،‬‬
‫وتوسيع حق المواطنة الرومانية وتجديد القانون الزراعى لصالح تلك الطبقة الفقيرة‪.‬‬

‫إل انه فى عام ‪ 79‬ق‪.‬م تنازل سول عن الحكم بصورة مفاجئة وآثر أن يبقى‬
‫فى منزله حتى وفاته فى العام التالى لتنازله عن الحكم‪ .‬إل أن فترة حكمه تعد دليل‬
‫على بزوغ فجر جديد فى نظام الحكم الرومانى‪ ،‬وهو عصر يستطيع فيه الحاكم‬
‫الرومانى‪ ،‬وهو عصر يستطيع فيه الحاكم السيطرة المفردة على الحكم دون اللجؤ‬
‫إلى سلطة مجلس السناتو‪.‬‬
‫العصر المبراطورى‬

‫نظام الحكم فى عصر المبراطور أغسطس وخلفائه‪-:‬‬

‫بعد انتهاء معركة أكتيوم البحرية واستيلء أغسطس على مصر وضعها‬
‫كولية تابعة للمبراطورية الرومانية‪ ،‬قام أغسطس بإصلحات إدارية لتدعيم نفوذه‬
‫السياسى إلى جانب ذلك استطاع أن يستحوذ على جزء كبير من صلحيات نقيب‬
‫العامة وأصبح له حصانته السياسية مدعوما بالشعب‪.‬‬

‫كما أصبحت له مكانه دينية كبيرة فى نفوس الشعب الرومانى‪ ،‬وصارت له‬
‫صلحيات الكاهن الكبر وبهذا أصبح يحكم تحت مسمى المواطن الول فى روما‪،‬‬
‫كما انه استطاع من القضاء على أعضاء السناتو المعارضين لحكمه فى مجلس‬
‫السناتو الرومانى‪.‬‬

‫كما استطاع أغسطس من تكوين إدارة مركزية تابعة له لكى تساعده فى‬
‫تسيير شؤن الدولة وممتلكاته الشخصية‪ ،‬وتتكون هذه الدارة على النحو التالى‪-:‬‬
‫)‪(1‬مجلس إستشارى‪:‬‬
‫مكون من عدد من الشيوخ والحكماء ويعقد تحت رئاسته المباشرة لدراسة‬
‫مشاريع القوانين قبل طرحها على مجلس السناتو الرومانى‪.‬‬
‫)‪ (2‬المجلس الميرى‪-:‬‬
‫وكان يتكون من أصدقاء المبراطور بعد منحهم لقب أمير وله اختصاصات‬
‫واسعة فيما يتعلق بالمور التنفيذية فى الحكم‪.‬‬
‫)‪(3‬الموظفين الداريين‪-:‬‬
‫وكانوا فى العادة ممن يعتقهم المبراطور ويخضعون لشرافه المباشر‪،‬‬
‫لتسيير كل ما يراه فى مصلحته الشخصية‪.‬‬
‫كما حدد أغسطس من يستطيع أن يدخل إلى طبقة السناتو أو النبلء حيث‬
‫أصبح من اللزم لكل فرد أن يملك ثروة عقارية تبلغ ألف ألف )مليون( من العملة‬
‫الرومانية )سسترتيوس(‪ ،‬ومنع على أفراد هذه الطبقة من العمل فى التجارة‪ ،‬وأصبح‬
‫النتماء إلى هذه الطبقة وراثيا‪.‬‬

‫أما طبقة الفرسان فقد لزم أن يكون العضو فيها مالكا لثروة تبلغ ‪ 400‬ألف‬
‫وان يوافق المبراطور شخصيا على انضمامه لهذه الطبقة‪ ،‬وكان الهدف من تحديد‬
‫هاتين الطبقتين هو استمالة طبقة الفرسان إلى جانبه حيث يستطيع المبراطور فى أى‬
‫وقت مكافئة أى شخص من طبقة الفرسان وضمه إلى طبقة النبلء‪ ،‬و ‪1‬لك لضبط‬
‫المن فى مدينة روما وإحكام سيطرته عليها‪.‬‬

‫جعل قائد المدينة الرومانية يتم تعينه بأمر مباشر من المبراطور ويعاونه‬
‫ثلث وحدات من الجيش بكل وحده ‪ 500‬رجل‪ ،‬وأن يكون مقر هذه الوحدات عند‬
‫أبواب مدينة روما لحمايتها‪.‬‬

‫أما فى داخل المدينة فكانت توجد ثكنات خاصة لحرس المبراطور المكون‬
‫من ‪ 9‬وحدات ويترأس الحرس ضابطان ينتميان إلى طبقة الفرسان‪ .‬وقد كان لهذا‬
‫الحرس المبراطورى فيما بعد دورا هاما فى تعين الباطرة أو اغتيالهم والتخلص‬
‫منهم عند الحاجة‪.‬‬

‫هذه هى الجراءات التى لجأ إليها أغسطس وقد كانت لها هدف واحد وهو‬
‫إقامة حكم فردى‪ ،‬شبيه بالملكية المطلقة إل أن هذا النظام الذى أوجده أغسطس كان‬
‫يتضمن ثغرة كبيرة وهى عدم إرساء قاعدة لوراثة الحكم وهو ما اوجد الخلفات التى‬
‫وصلت فى بعض الحيان إلى الصدام المسلح بين أفراد الشعب الرومانى‪.‬‬

‫وقد حاول بعض من خلفاء أغسطس فى الحكم أحكام سيطرتهم على الحكم‬
‫من خلل التأثير الدينى فى نفوس الشعب الرومانى حيث أنهم ضاعفوا من دورهم‬
‫الدينى ككهان بان أقاموا بتأليه المبراطور المتوفى فى حفل دينى عام‪ ،‬وكان هذا‬
‫الحتفال الدينى ذو صبغة سياسية فى حقيقته فهو يرمز إلى وفاء الشعب للنظام‬
‫المبراطورى كما كانت تعزز من سلطات المبراطور الحى على الشعب مادام‬
‫سوف يصبح إلها بعد مماته‪.‬‬

‫أصبح قائد الحرس المبراطورى يمثل الرجل الثانى فى الدولة بعد‬


‫المبراطور وامتدت نفوذه لتصل إلى جميع أنحاء المبراطورية ولم تقتصر على‬
‫مدينة روما مقر الحكم‪ ،‬وفى بعض الحيان كان يستطيع من خلل هذا المنصب من‬
‫اغتيال المبراطور والوصول إلى الحكم‪.‬‬

‫قام الباطرة خلل العصر المبراطورى بتقسيم الوليات التى كانت خاضعة‬
‫للمبراطورية الرومانية من جديد ومضاعفة عددها حتى قربت من المائة ولية فى‬
‫القرن الرابع الميلدى‪ ،‬مما يدل على مدى اتساع المبراطورية الرومانية وقوة‬
‫نفوذها ‪.‬‬
‫قام أغسطس أيضا ومن خلفه من الباطرة بعمل بعض التغيرات فى إدارة هذه‬
‫الوليات‪ ،‬حيث كانت إدارتها فى العصر الجمهورى بيد أعضاء مجلس السناتو‪ ،‬إل‬
‫أن أغسطس قدس قسم هذه الوليات إلى نوعين الولى تسمى بالوليات السناتورية‬
‫وتتبع مجلس السناتو أما الثانية فتسمى بالوليات المبراطورية وتتبع المبراطور‬
‫شخصيا فى إدارته أن وقد أصبح من حق الباطرة بعد ذلك أن يحولوا إحدى‬
‫الوليات السناتورية إلى ولية إمبراطورية بصفة مؤقتة أو بصفة دائمة‪.‬‬

‫قد تم تقسيم كل ولية إلى ثلث مدن أو ثلث أنواع وهى‪-:‬‬


‫)‪(1‬المدن الجنبية‪.‬‬
‫)‪(2‬البلديات اللتينية‪.‬‬
‫)‪(3‬المستعمرات الرومانية‪.‬‬
‫الوليات فى العصر المبراطورى‪:‬‬

‫قسمت الوليات فى العصر المبراطورى إلى ثلث أنواع حيث تضم كل‬
‫ولية هذه النواع الثلثة وهى‪-:‬‬
‫)‪(1‬المدن الجنبية‬
‫)‪(2‬البلديات اللتينية‬
‫)‪(3‬المستعمرات الرومانية‬

‫المدن الجنبية هى التى يسكنها السكان الصلين فى الولية وكانت قائمة قبل الغزو‬
‫الرومانى‪ ،‬وهى مستقلة إداريا عن روما‪ ،‬إل أنها تخضع إلى ضريبة تؤديها إلى‬
‫المدينة الم "روما" كعلمة على ولئها‪ ،‬ويستطيع المبراطور أن يحولها إلى مدينة‬
‫لتينية إذا أراد ذلك‪.‬‬

‫البلديات اللتينية هى ذات وضع إنتقالى بين المدينة الجنبية والمستعمرة الرومانية‪،‬‬
‫وكان بعضها معفى من بعض أنواع الضرائب وهى المدن التى يسمح للرومان‬
‫الصلين بالقامة فيها إلى جانب السكان الصلين والختلط بهم والزاج منهم‪.‬‬
‫فى بعض الحيان ترقى البلدية اللتينية إلى المستعمرة الرومانية‪،‬وكان‬
‫الغرض من إقامة المستعمر عسكرى أو إقتصادى ولم يبدأ تأسيس المستعمرات فى‬
‫الوليات القرب نهاية القرن الثانى ق‪.‬م إل أنها زادت وكثرت فى العصر‬
‫المبراطورى‪.‬‬

‫كانت فى بعض الحيان تنشأ فى مناطق زراعية أو اقتصادها قوى ليستقر بها‬
‫عدد من قدماء المحاربين وأسرهم أو من فقراء الرومان‪ ،‬ويتمتع سكان المستعمرة‬
‫الرومانية بحق المواطنة الرومانى كامل‪.‬‬
‫يلحظ أن كافة النواع الثلثة كانت تتمتع بالستقلل الدارى لمؤسساتها‬
‫وتضم فى إدارتها‪-:‬‬
‫)‪(1‬المجلس البلدى‪ -:‬وقد عرف باسم المجلس البولى فى الوليات الهللينستية‪ ،‬وكان‬
‫يضم الحكام السابقين والشيوخ وهو مجلس يختص بإدارة شؤن المدينة‪.‬‬
‫)‪(2‬جمعية شعبية مهمتها الولى انتخاب الحكام والتصديق على القوانين والتشريعات‪.‬‬
‫)‪(3‬الحكام‪ ،‬وتكون لموظفين يحمل مهام القنصلين وينتخبان لمدة عام واحد‪.‬‬

‫فيما يتعلق بمنح حق المواطنة الرومانى لسكان الوليات‪ ،‬فانه كان يخضع‬
‫لدرجة المدينة التى ينتمون إليها‪ ،‬ولمكانتهم الجتماعية فى المدينة فالتجار الصغار‬
‫والصناع والعمال كانوا يعتبرون أجانب وان كانوا من السكان الصلين‬
‫للمدينة‪.‬وكانت الطبقة الرستقراطية أو الثرية فى المدن هى القادرة على الحصول‬
‫على حق المواطنة‪ ،‬حيث كان القانون يقضى أن كل من قام بمباشرة منصب إدارى‬
‫يصبح مواطنا رومانيا‪ ،‬وكانت هذه المناصب قاصرة على هاتين الفئتين‪ ،‬حيث كانت‬
‫المناصب متوفرة لمن يستطيع دفع نفقاتها‪ ،‬كتقديم هدية للوصول إلى المنصب أو‬
‫تمويل الحفلت واللعاب الشعبية والمشاركة فى تموين المدينة بالمواد الغذائية‪،‬‬
‫خاصة وان مالية المدينة كانت مرهقة دائما بالضرائب التى تفرض من روما عليها‪.‬‬
‫أدى ذلك فى النهاية إلى ضعف النظام الدارى للوليات وإحكام سيطرة‬
‫المبراطورية عليها‪ ،‬بل إن فى بعض الحيان كان يرسل موظفين من قبل الدارة‬
‫المركزية بروما لمباشرة المدن أو الوليات الضعيفة‪.‬‬

‫استطاعت بعض هذه الوليات ان تتحكم خلل العصر المبراطورى‬


‫بمجريات المور فى روما ذاتها‪ ،‬وبلغ ذروة ذلك عندما ستطاع بعض أبناء الوليات‬
‫الوصول إلى منصب المبراطور‪ ،‬وليس هناك أدل من وصول سيبتيموس سفيروس‬
‫احد الولة على الولية الفريقية إلى هذا المنصب العالى فى القرن الثالث الميلدى‪.‬‬

‫أصبح القائمين على جباية الضرائب فى هذه الوليات فى العصر‬


‫المبراطورى موظفين يعينهم المبراطور بنفسه‪ ،‬وكان معظمهم من عبيد‬
‫المبراطور المعتقين‪ ،‬وهو ما زاد من أملك المبراطور فى كافة الوليات التابعة‬
‫للمبراطورية الرومانية‪ ،‬حيث أكثر وأكبر الغنياء فى العالم الرومانى‪ ،‬وهو ما زاد‬
‫من العبء على كاهل شعوب تلك الوليات وخاصة فى أوقات الحروب التى‬
‫تخوضها المبراطورية ضد خصومها حيث تتضاعف قيمة الضرائب فى تلك‬
‫الفترات‪.‬‬

‫لم تكن هناك أى عدالة فى توزيع أعباء الضريبة على الشرائح الجتماعية‬
‫المختلفة‪ ،‬حيث كان الفقراء هم المؤدون فعليا لهذه الضرائب‪ ،‬أما الطبقة‬
‫الرستقراطية فهم كانوا من يقومون بتحصيلها ورفعها إلى المدينة الم "روما" حيث‬
‫كانت تلك الوليات مصدرا أساسيا من مصادر الدخل الرومانى ويمكن القول أن‬
‫استغلل الرومان للوليات التابعة لهم قد زاد أضعافا خلل العصر المبراطورى‬
‫عما كان عليه خلل العصر الجمهورى‪.‬‬
‫التأثيرات الشرقية والغريقية على روما‬

‫لم تتسرب التأثيرات الشرقية والغريقية إلى روما خلل العاصر‬


‫المبراطورى فقط فقد سبق تلك الفترة بكثير عن طريق الفينيقيين والقرطاجيين‬
‫والغريق‪ ،‬وكان من نتائج الغزوات الرومانية فى الشرق أن تزايدت تلك المؤثرات‬
‫الحضارية الشرقية والغريقية‪.‬‬

‫حيث تجلت منذ القرن الثانى ق‪.‬م المؤثرات الشرقية فى عدة مظاهر من‬
‫الحياة الرومانية‪ ،‬حيث قرن الرومان بين أربابهم والرباب الغريق فأصبح زيوس‬
‫كبير الرباب الغريق جوبيتر عند الرومان إلى جانب الكثير من تلك المقارنات‪،‬‬
‫وفى نفس الوقت لقت الديانات الشرقية نجاحا كبيرا فى روما‪ ،‬ومنها عبادة ايزيس‬
‫المصرية‪ ،‬حيث امتازت تلك الديانات الشرقية بطقوسها الجذابة واحتفالتها المبهرة‪،‬‬
‫ومواساتها للفقراء والمتألمين فى الحياة لنها تبشر بحياة أخرى أسعد‪.‬‬

‫لم يقتصر التأثير الشرقى الغريقى على روما فى الميدان الدينى فقط بل امتد‬
‫كذلك إلى المجال الفنى والدبى‪ ،‬فتأثر الكتاب اللتين أو الرومان بسابقيهم من الكتاب‬
‫الغريق‪ ،‬ومن بينهم ششرون الخطيب الرومانى الشهير الذى تأثر كثيرا بالفلسفة‬
‫الغريقية‪.‬‬
‫كما لقت التأثيرات الشرقية والغريقية طريقها إلى روما عن طريق قادة‬
‫الجيوش الذين اطلعوا خلل حملتهم على العمال الفنية ونهبوا مجموعات من‬
‫التماثيل والفسيفساء واللوحات الفنية ‪ ،‬ويمكن القول بأن الفن الرومانى فى بدايته لم‬
‫يكن إل فما مستوردا من بلد الغريق‪.‬‬

‫ومع ذلك فقد تزايد التأثير الشرقى على الرومان خلل القرن الثالث الميلدى‬
‫فى عهد سيبتيموس سفيروس‪ ،‬وخاصة فى واجهات العمائر الدينية والقصور‬
‫والحمامات العامة التى احتوت على أجزاء كثيرة عرفها الشرق واستخدموها قبل‬
‫انتقالها إلى الرومان‪.‬‬

‫كما أن عبادة المبراطور انتقلت من الشرق من خلل عبادة الملوك فى‬


‫الحضارات السابقة كالبابلية والمصرية والفينيقية‪ ،‬وأصبح المبراطور مقدسا بعد‬
‫مماته وهو الفارق الوحيد بينها وبين الشرق حيث كان ملوك الشرق يعبدون فى‬
‫حياتهم‪.‬‬

‫كما انتقلت أيضا الديانة المسيحية من الشرق إلى الغرب ومنها إلى روما وهو‬
‫ما كان له تأثير قوى على مستقبل المبراطورية الرومانية التى انقسمت إلى قسمين‬
‫أو إمبراطوريتين فى القرن الرابع الميلدى إحداها فى الشرق وتدعى المبراطورية‬
‫البيزنطية نسبة إلى عاصمة الحكم "بيزنطة")تركيا حاليا( والخرى فى الغرب‬
‫وتسمى المبراطورية الغربية وعاصمتها "روما" ولكل منها إمبراطور منفصل‬
‫بكافة شؤنه عن الخر إل أنهما فى البداية كانا تابعين للصل مدينة روما حتى‬
‫انفصل فى الحكم تماما‪.‬‬

‫تأثر كذلك المسرح الرومانى كثيرا فى كل من المسرحيات التى تعرض عليها‬


‫بالكتاب الغريق‪ ،‬بالضافة إلى التكوين المعمارى للمسرح الرومانى الذى اعتمد‬
‫كثيرا على تكوينات المسرح الغريقى وخاصة ساحة الوركسترا أو مقاعد‬
‫المتفرجين وخشبة المسرح‪.‬‬

‫وصل التأثير الشرقى إلى المواطنين فانتقلت أدوات الزينة والملبس‬


‫وتصفيفات الشعر وبهائها وجمالها المعروف من الشرق إلى النساء الرومانيات‬
‫اللتى بهرن بها وبسحرها‪.‬‬

‫انتقلت أيضا إلى روما مظاهر الحياة الثرية والترف‪ ،‬حيث بدأ أثرياء روما‬
‫يلجأون إلى تزين منازلهم وقصورهم بالعمال الفنية المجلوبة من الشرق‪ ،‬ويكثرون‬
‫من العبيد والماء لستخدامهم فى حفلتهم المستمرة‪ ،‬واضحو يقيمون منازلهم على‬
‫مساحات شاسعة تضاهى منازل الشرق وجمالها‪ ،‬حيث يذكر التاريخ ان هانيبال‬
‫خلل الحربين البونية الولى والثانية قد جمع من أصابع الرومان عددا كبيرا من‬
‫الخواتم الذهبية‪ ،‬وهى عادة كانت منتشرة قبل ذلك فى الشرق‪.‬‬
‫مظاهر الحياة الجتماعية الرومانية‬

‫الزواج والطلق‪-:‬‬

‫كان الرجال الرومان يتزوجون فى سن مبكرة قبل العشرين من عمرهم فى‬


‫العادة‪ ،‬ولم يكن الباعث على الزواج هو الحب بل هو الرغبة فى إيجاد زوجات‬
‫تساعدهم فى أعمالهم وأبناء ذو فائدة اقتصادية‪.‬‬

‫وكانت عقد الزواج أحيانا تعقد على البناء فى طفولتهم‪ ،‬وكان رضا والدى‬
‫الزوج والزوجة ضروريا لتمام عقد الزواج‪ ،‬وكانت تصحب الخطبة مراسم وتقاليد‬
‫معينة‪ .‬حيث كان أقرباء الزوجين يجتمعون فى مأدبة رسمية ليشهدوا عقد الزواج‬
‫وكانت تكسر قشة أو فرع صغير بين أهل العروسين علمة على اتفاقهما‪.‬‬

‫كانت شروط الزواج وخاصة ما يتصل منها بالمهر تسجل كتابة ويضع‬
‫الزوج خاتم من حديد فى اليد اليسرى للزوجة وخاصة فى الصبع الرابع لعتقادهم‬
‫أن هذا الصبع يتصل بالقلب‪.‬‬

‫كان اصغر سن مباح فيه الزواج الثانية عشرة للفتاة والرابعة عشرة للفتى‪،‬‬
‫وكان القانون الرومانى القديم يجعل الزواج إجباريا حيث فرضت ضريبة باهظة‬
‫على العزاب‪ .‬وقد ظهر للزواج عند الرومان أنواع متعددة مثل‪-:‬‬
‫)‪(1‬زواج كامل‬
‫)‪(2‬زواج غير دينى‬
‫)‪(3‬وزاج وضع اليد‬
‫)‪(4‬زواج الكونغرايتو‬

‫يعنى بالنوع الول" الزواج الكامل" أن تصبح العروس وكل ما تملكه ملكا‬
‫خالصا لزوجها وان يتم ذلك من خلل احتفال أسرى وحفل دينى يباركه كاهن‬
‫المدينة‪.‬‬

‫النوع الثانى فهو يتضح من معناه فهو ل يشترط إقامة حفل دينى ول يتطلب‬
‫سوى رضاء العروسين‪ ،‬ويمكن ان يتزوجا ضد رغبة أهلهم‪.‬‬

‫أما زواج وضع اليد فكان يتم إما بالمعاشرة الزوجية لمدة عام دون عقد‬
‫رسمى مكتوب أو عن طريق الشراء للماء وتحويلهم من مرتبة العبودية إلى زوجة‪.‬‬

‫أما زواج الكونغرايتو فيعنى أن يقوم العروسان بأكل كعكة معا وهو يتطلب‬
‫حفل دينيا ول يتم إل بين الشراف‪ ،‬وتقوم الزوجة بدفع المهر وتوضع ممتلكاتها‬
‫تحت تصرف الزوج‪ ،‬ولكن ترد إليها أملكها وقيمة المهر إذا حدث طلق أو مات‬
‫الزوج‪.‬‬

‫وكان يصحب حفل الزواج الغانى الشعبية‪ ،‬وكانا أسرتا العروسين تطعمان‬
‫فى بيت العروس ليلة الزفاف‪ ،‬ثم يسير أفراد السرتين فى موكب بهيج إلى بيت والد‬
‫العريس على أنغام الموسيقى فإذا ما وصلوا تقدم العريس ليرفع العروس إلى عتبة‬
‫البيت ثم يشتركان فى حفل دينى خاص بأرباب البيت الجديد‪ ،‬ودليل على انضمام‬
‫العروس إلى السرة الجديدة‪.‬‬

‫كان الطلق فى المجتمع الرومانى عسيرا ونادرا أن يحدث وخاصة فى النوع‬


‫الرابع المسمى "الكونغراتيو" فكان الزوج وحده هو من يستطيع أن يقوم بعملية‬
‫الطلق ول يحق للزوجة من الناحية القانونية أن تطلق نفسها أو أن تطلب الطلق أما‬
‫فى الزواج الغير دينى فكان لكل من الزوجين حق طلب الطلق على أن يدفع المطلق‬
‫قيمة المهر للطرف الخر وان يتم ذلك بموافقة مجلس الدولة‪ .‬وقد سجل التاريخ اول‬
‫حالة طلق عند الرومان فى نهاية القرن الثالث ق‪.‬م‪.‬‬

‫كانت عادات القبائل الرومانية تتطلب من الزوج أن يطلق الزوجة الخائنة‬


‫والعقيم التى لتسطيع النجاب‪ ،‬بل أن القانون قد أباح أيضا قتل الزوجة الخائنة‪.‬‬

‫كانت العادة أن تقوم الزوجة بالشراف على كافة شؤن المنزل وتربية البناء‬
‫وهى السيدة الولى للمنزل ل حق لها فى إصدار كافة الوامر حتى يصل رب‬
‫المنزل فتتحول كافة المور إلى يديه فهو الحاكم فى بيته وكافة أفراد السر خاضعين‬
‫لوامره‪ ،‬وكان المجتمع الرومانى يهدف من ذلك إلى بناء أسرة قوية تساهم فى تقوية‬
‫المجتمع الرومانى‪.‬حتى أن الدولة كانت توفر للسرة الرومانية كافة نفقاتها‬
‫وتخصص لها عدد من العبيد وقطعة من الرض لزراعتها إذا ما التحق رب السرة‬
‫بالجيش وغاب لفترة طويلة عن المنزل‪ ،‬كما تقدم الدولة أيضا تعويضا كبيرا للسرة‬
‫إذا ما توفى الزوج فى الحرب ‪.‬‬

You might also like