Professional Documents
Culture Documents
نشاة مدينة قرطاج
نشاة مدينة قرطاج
أسست قرطاج (حسب أسطورة) أميرة فينيقية هي عليسة وذلك سنة 814ق.م ،لكن من المحتمل جدا ان يكون
المالحون الفينيقيون قد اعدوا أول األمر محطة توقف في هذه البقعة النها حازت على اعجابهم كما نالحظ أيضا ان قرطاج تعني
المدينة الحديثة هنالك مدينة فينيقية أخرى تعنى المدينة العتيقة وهي اوتيكا أو عتيقا وتبعد عنها< حوالي 30كم وبنيت قبلها بزمن<
بعيد .تقول الرواية الكالسيكية ان عليسة اتت إلى سواحل أفريقيا هاربة من اخيها بيجماليون الذي اغتال زوجها اغريباس.
فباشرت عندها عليسة باالعداد لرحيلها بسرية قصوى ومعها< الكثير من أهالي صور .وهكذا انطلق الجميع امنين
حماية حملقرت.و بعدها وصلت عليسة إلى سواحل أفريقيا .وكانت أول ماقامت به هو سعيها القامة عالقات مع السكان< المحليين
وعرضت الملكة عليهم شراء قطعة أرض بمقدار مايمكن لجلد ثور ان يغطيها كي تستريح هي وصحبها المنهكون بسبب
المالحة .لقد بدا عرض عليسة بالنسبة عرضا< متواضعا فقبل به السكان المحليون غير ان عليسة قامت بقص جلد الثور إلى
سيور رفيعة جدا واستطاعت بذلك ان تحصل على رقعة أرض واسعة جدا ومن هنا ياتي اسم بيرسا وهي في اليونانية تعني
الجلد .وبعد أن تكللت اقامتهم االولى بالنجاح اقام الفينيقيون عالقات تجارية متبادلة مع كل سكان< المنطقة .وقام
سكان< اوتيكا بزيارة< أبناء وطنهم حاملين معهم الهدايا وحثوهم على انشاء مدينة لهم .ثم باشر الفينيقيون بالحفر لتاسيس المدينة
الموعودة فعثروا على رأس ثور فبدا لهم ذلك نذير شؤم فاختاروا ارضا أخرى عثروا فيها على رأس حصان وراو فيه رمزا
للقيم الحربية والقوة فكان هو المكان المختار .وفيما بعد تكاثر سكان المدينة بسبب ذيوع شهرتها <.لقد أصبحت قرطاج مدينة
كبيرة ومزدهرة غير ان هيارباس ملك الماكستانيين وهم شعب أفريقي قام باستدعاء< عشيرة من علية المدينة تحت التهديد باعالن<
الحرب وطلب منهم ان يزوجوه بالملكة عليسة .بكت الملكة كثيرا وتذكرت زوجها اغريباس وقالت التباعها انها ذاهبة حيث
مصير قرطاج وبعد مضي ثالثة أشهر وهي المهلة التي حددها الملك األفريقي .اقامت عليسة محرقة كبيرة عند بوابة المدينة
ثم صعدت إلى المحرقة وطعنت نفسها بخنجر وقبل ان تطعن نفسها استدارت نحو شعبه وقالت اني طوع رغبتكم فانا ذاهبة
إلى زوجي.
واسم قرطاج أو قرطاجة ،هو تحريف لالسم العربي «القرية الحديثة» ،وكان ينطق في بعض المراجع بـ «قرت حدشت» <،وسميت
بذلك من قبل الفينيقيين الكنعانيين القادمين من الساحل السوري ،بقيادة أميرة صور عليسة ،وتنطق أليسار كذلك ،والذين أسسوها في
عام 814ق م ،كمستعمرة جديدة لهم في المنطقة ،حيث سبق ألجدادهم أن أسسوا قبلها في عام 1101ق م ،أول مدينة على الضفة
الجنوبية للمتوسط ،بعد مدينة قادش بإسبانيا ،وأطلقوا عليها الحقا ً «أوتيقا» ،وهو تحريف لكلمة «العتيقة» ،في مواجهة «الحديثة»،
االمبراطورية القرطاجية
لقد حافظ القرطاجيون بشكل تام على التقاليد الفينيقية .فكانت شهرتهم كتجار ليس لها مثيل .افالحهم في التجارة< لم يجلب لهم
سوى حسد الشعوب األخرى لهم .وقد استطاعت قرطاج ان تسيطر على غرب المتوسط لقرون عدة .في 264ق.م وفي سنة
753ق.م برز كيان< جديد في شبه الجزيرة اإليطالية تحت اسم روما ودخلت روما حلبة الصراع منافسة قرطاج ،الشيء الذي
أدى إلى نشوب سلسلة من الحروب (سنة 264ق.م) اشتهرت باسم الحروب البونية ولعل أشهرها حملة حنبعل (الحرب البونية
الثانية) الذي قام خاللها بعبور سلسلتي البيريني واأللب بفيلته ( 218ق.م – .سنة 202ق.م .).انتهت هذه الحروب البونية
بهزيمة< القرطاجيين< واضعافهم بشكل كبير خاصة بعد حرب روما المفصلية مما مهد الطريق لحرب ثالثة وحاسمة انتهت بزوال
قرطاج وخراب المدينة وقيام الرومانيون بإنشاء< "أفريكا" أول مقاطعة< رومانية بشمال إفريقيا وذلك سنة 146ق.م
االزدهار االقتصادي
سيطر القرطاجيون على المسالك البحرية التجارية في المتوسط وكذلك في المحيط األطلسي وتوصلوا إلى تاسيس العديد من
المراكز التجارية .ازدهار الفالحة ابتداء من القرن الرابع ق.م بدا القرطاجيون في تنويع مواردهم فكونوا ضيعات فالحية كبرى
واعتنوا بغراسة الزيتون والكروم والرمان< وربوا األغنام والمواشي .التجارة كانت قرطاج منذ تاسيسها تمارس نشاطا ً تجاريا ً
ورثته عن الفينيقيين يمثل في جلب البضائع المتنوعة من معادن< ومنتوجات فالحية.ضربت قرطاج عملة خاصة بها خالل
النصف األول من القرن الرابع ق.م .الصناعة< تعددت الحرف عند القرطاجيين فصهروا المعادن< لصناعة< المصوغ والتحف
ومختلف األدوات كالسفن< التجارية والحربية واألسلحة والنسيج والخزف والفخار إلى غير ذلك.
النظام السياسي
في قرطاجة زالت الملكيّة الوراثيّة باكراً وحلّت محلّها الملكيّة االنتخابيّة .ومع أنّ الملكيّة جمعت في نفسها وظيفة الكهنوت
والقضاء واإلدارة ال ّتنفيذيّة ،فإنّ انفصال القيادة الحربيّة والسّلطة العسكريّة عنها< أضعف مركزها وسيطرتها .ث ّم إنّ الملكيّة
انحط ت في أوائل القرن الرابع ق .م إلى حالة االنتخاب السّنويّ بواسطة الكليّة االنتخابيّة .وهكذا نجد الدّولة القرطاجيّةّ نفسها
ّ
الممثلة في السّوفتين وقيادة الجيش يعيدها ت ّتجه رويداً نحو الدّيمقراطيّة السّياسيّة ،بعد أن كاد احتكار بيت ماقون سلطة اإلدارة
إلى ملكيّة.
مجلس الشيوخ :يتكون من 300عضو يتم ختيارهم لمدى الحياة من بين الطبقة الثرية .وهو أبرز الهيئات
وأعالها شأنا ،ويتولى جميع شؤون اإلدارة العليا ،ويقرر أمور السالم والحرب ويولي قواد الجيش ويعزلهم وإليه يعود
الملوك ومنه يستمدّون قوّ تهم ،وله الحق –في حالة الضرورة-أن يعقد جلسات سرية وال يذيع نتيجة التصويت أو يؤجل
إذاعتها.
مجلس الحكماء :تلي في األهمية مجلس الشيوخ .تتكون من 104أعضاء< يتم انتخابهم حسبما أظهروه من كفاءة<.
مهام المحكمة وسلطاتها مراقبة الملوك وجميع الحكام وتقديمهم للقضاء إذا أخلوا بواجباتهم.
مجلس الشعب :هيئة منتخبة من المواطنيين تعرض عليها< جميع المسائل التي لم يحصل في شأنها االتفاق بين
الملكين من حهة وبين مجلس الشيوخ من جهة أخرى ،وتكون لها الكلمة النهائية <.وكانت قرطاج بذلك من أوائل الدول في
العالم القديم التي عاشت تجربة النظم الشعبية الخالصة.
الجمعيات :وهي جمعيات سياسية ودينية تعتبر أقساما وشعبا انتخابية .كل عضو في أي من هذه الجمعيات ينتخب
داخل شعبته ،لكن رأي األغلبية يعتبر رأي الشعبة كلها ويحسب صوتا واحدا في االنتخاب العام .وينظر أعضاء هذه
الجمعيات في شؤون الدولة ،وفي أعمال المجالس الشعبية.