Professional Documents
Culture Documents
القمح مش زى الدهب
القمح زي الفالحين
صالح جاهين
أسامة صفار
ال تقل أهمية ك اميرا ال ديجتال في التعب ير عن المهمش ين عن تلك ال تي حظي بها ميث اق الماجنا
كارتا Magana carta 1باعتب اره األصل الذي ق امت عليه االتفاقي ات الدولية لحقوق اإلنس ان
ودساتير الدول الديمقراطية في العالم.
وتتجلى ت أثيرات ك اميرا ال ديجتال الخفيفة الرخيصة وال تي ك انت هامش ية تماما في ب داياتها
للسينمائيين وخاصة الخارجين منهم على طاعة صناعة السينما بميزانياتها الضخمة وانطوائها
-غالبا -تحت لواء السلطة االقتصادية أو السياسية أو بشكل أوضح سلطة المركز.
وقد ج اء اخ تراع " ك اميرا ال ديجتال" ليك ون بمثابة الحل الس حري ال ذي قدمه الق در ممثال في
العلم والتكنولوجيا ليحل معضلة العالقة بين المهمشين والسينما حيث استطاع ممثلو المهمشين
من الس ينمائيين أن يحمل وا ك اميراتهم وينتش روا بين عشش الص فيح ومن اجم الفحم وس كان
المن اطق العش وائية ،بل ويخ ترقوا الس جون ومستش فيات األم راض العقلية والقبائل البدائية ال تي
همش تها الحض ارة الغربية ليص وروا أفالمهم بعي دا عن طغي ان التكلفة الباهظة لك اميرا الس ينما
وما يتبعها من ضوابط رقابية تعمل دائما لمصلحة رأس المال واأليدلوجيات .
الوثائق القانونيه في تاريخ الديمقراطية.الميثاق صدر أصال في 1215وكان له نفوذ على نطاق واسع في العملية التاريخية التي أدت إلى سيادة القانون الدستوري اليوم ..الميثاق
االعظم أثر كثير على الدساتير والوثائق األخرى ،مثل وثيقة حقوق دستور الواليات المتحدة.
الميثاق االعظم كتب أص ال بس بب خالف ات بين الباب ا أنوس نت الث الث ،والمل ك ج ون مل ك إنجل ترا والبارون ات عن حق وق المل ك لتخلي المل ك عن بعض الحق وق واح ترام بعض
تيودور وستيوارت ،والقرون السابع عشر والثامن عشر .وبحلول اواخر القرن التاسع عشر الغيت معظم البنود في شكلها األصلي من القانون اإلنجليزي.
وهذا ال ينفي ظه ور المهمشين على الشريط الذي أنتجته صناعة السينما التي تنتمي للس لطة
بأش كالها االقتص ادية أو السياس ية .و س واء ك ان ه ذا الش ريط وثائقيا أو روائيا فقد أظه رهم
باعتبارهم عناصر ال غنى عنها الستكمال الصراع الدرامي أحيانا.
وقد وقف السينمائيون حائرين أمام صناعة الفيلم التي تتكلف بالماليين؛ بينما من غير المنطقي
ص رف الماليين على فيلم يتح دث عن مهمش ين ال يحظ ون ب أي قيمة في نظر منتجي ه ذه
األفالم ،ل ذا ك ان ظه ورهم على ص ور وأنم اط مح ددة إما باعتب ارهم نم اذج موج ودة في الواقع
وبالتالي تفرض نفسها في السينما أو االستعانة بهم كالبهارات في العمل الفني .والحديث هنا ال
يقتصر على المهمش اقتص اديا(الفق ير) أو اجتماعيا(المنب وذ) أو عرقيا لكن يتج اوز إلى الم رأة
باعتبارها أول مخلوقات اهلل التي احتلت الهامش بإرادة أبنائها!!
مصطلح محافظ
و"س ينما المهمش ين" مص طلح محافظ أطلقه نق اد ينظ رون بتع ال ودونية في اتج اه الواقع
االجتم اعي ال ذي يف ترض بالس ينمائي األخذ منه وال رد إلي ه؛ فالمقولة التأسيس ية للنقد الس ينمائي
هي أن الس ينما م رآة المجتمع والفن هو الواقع تقريب ا ،وبالت الي ف إن المهمش ين ج زء ال ينفصل
عن الص ورة المتش كلة ع بر الم رآة ح تى وان همشت أدوارهم وحوص روا في مجموع ات أو
فئ ات أو طوائف أو غيرها.وقد ع الجت الس ينما الواقعية المهمش ووض عه في المجتمع كما
أظه رت الس ينما المص رية نم اذج له وخاصة في فيلم “العزيمة” للمخ رج الراحل كم ال س ليم
عام .1939
كمال سليم
وامتد االتجاه الواقعي في السينما المصرية ممثال في أفالم صالح أبو سيف ومن بعده عاطف
الطيب ورضوان الكاشف وداود عبد السيد ومجدي أحمد على وخيري بشارة ومحمد خان.
وك ان الفيلم الوث ائقي المص ري رغم ارتباطه ب رأس الم ال في بداياته (جري دة ش ركة شل
المصورة) وبالسلطة السياسية بعد ذلك (جريدة مصر السينمائية وأفالم السد العالي والتنمية في
مصر) والتي جاءت نتاج اهتمام حكومات ثورة 23يوليو بتوثيق منجزاتها والدعاية لها؛ وهو
ما أكده الرائد التس جيلي المخ رج سعد نديم في كتابه تاريخ الس ينما التس جيلية في مصر قائال:
"ه ذا ومن المعلوم أن السينما قد نش أت تس جيلية وك انت م دة ع رض الفيلم ت تراوح بين دقيقتين
ح تى وص لت إلى س اعة وما يزيد على الس اعتين أيض اً وب دأت الس ينما التس جيلية تنتشر في
أوروبا وفى كل أرجاء العالم الكوني .
وقد نشأت السينما المصرية تسجيلية أيضا ,على غرار السينما العالمية إبان ظهورها ،وعلي
يد رائد الس ينما المص رية (محمد بي ومي ) ( 1963- 1894م ) حيث أص در مجلة ( آم ون )
السينمائية عام ، 1923وظهر العدد األول منها بترحيب األمة المصرية بعودة الزعيم " سعد
زغلول " من منفاه عام ، 1923ثم تتابعت األعداد بعد ذلك .
محمد بيومي
وبعد ثالثين عاما من ه ذا الت اريخ ق امت " ش ركة شل المص رية " بإنش اء وح دة اإلنت اج
السينمائي ،وأصدرت مجلة سينمائية أخرى بعنوان "صور من الحياة" تناولت فيها المشروعات
الهامة في مصر خالل عامي ( . ) 1955- 1954
ثم ج اءت مص لحة الفن ون وق دمت "مجلة الفن ون" ع ام 1957م ،ثم أنش أت الحكومة المص رية
"س توديو مصر" وق امت إدارة األفالم التس جيلية بإنت اج "المجلة الس ينمائية " ع ام ( -1965
، )1966وأنتج المركز القومي لألفالم التسجيلية بوزارة الثقافة بعد إنشائه مجلتين سينمائيتين
األولى بعنوان (الثقافة والحياة) ،والثانية بعنوان (النيل).
وتت ابعت األفالم التس جيلية بعد ذلك من خالل (الوكالة العربية للس ينما) والتابعة ل وزارة الثقافة
فأصدرت مجلة سينمائية عام 1972وكان عنوانها "مصر اليوم" هذا وقد سبق كل ذلك إنشاء
(جري دة مصر الس ينمائية) ع ام 1935وقد أسس ها المص ور الس ينمائي( حسن م راد) وك انت
تابعة ألستوديو مصر حتى وفاته عام 1970ثم آلت تبعيتها للهيئة العامة لالستعالمات التابعة
لوزارة اإلعالم فغيرت اسمها إلى (جريدة مصر السينمائية الناطقة) وأصدرت أكثر من ألفين
وخمسمائة عدد حتى اآلن ،وتعتبر سجال تاريخيا عظيما للحياة المصرية والعربية.
و ظهر أول فيلم تسجيلي في تاريخ السينما المصرية عام 1924ليواكب افتتاح مقبرة (توت
عنخ أمون) وقد أخرجه ( محمد بيومي) – رائد السينما المصرية – وكانت مدته ثمانية دقائق،
ثم تاله فيلم "حديقة الحي وان " من اخ راج " محمد ك ريم " ع ام ، 1927ثم أخ رج " ني ازى
مص طفي " ع ددا من األفالم الدعائية " لش ركات بنك مصر " ع ام ، 1936ك ذلك أخ رج
المصور السينمائي مصطفى حسن " فيلم (الحج الي مكة) عام ، 1938كما أخرج صالح أبو
سيف فيلما عن "وسائل النقل في مدنية اإلسكندرية" عام ،1940إال أن كل هؤالء تحولوا بعد
ذلك إلي إخراج األفالم الروائية وأصبحوا أعمدة السينما المصرية.
اختالف....
"اله امش" ليس نقيضا ل"المركز" ولكنه اختالف عنه وكشف له "والكشف" ص فة تجمع بين
"الفيلم الوثائقي "و"الهامش" لذا يمكن اعتبارهما معا يحمالن لغم الحقيقة الذي ينفجر في مواجهة
"اإلقص اء" ال ذي يتع رض له الهامش يون المنج ذبون تج اه المركز والمط رودون من جنته في
ال وقت ذات ه ،فضال عن هامش ية الوث ائقي في اختالفه عن "ال روائي الطويل" ،ف األخير ك اذب
جميل وص ادق في كذبه بتواطؤ مع المتلقي بينما الوث ائقي يع الج واقعا ويرصد حق ائق ت تراص
متتابعة لتشكل جملة جديدة تكشف حقائق جديدة نراها وما كنا لنراها لواله.
ط رق الكت اب ح ال المهمش ين وخاصة في الرواية األدبية وال تي انعكست فيما بعد علي الشاشة
الس ينمائية ،وان بقي الكت اب في كل أحواله س ابقا على الفيلم ورم زا دالليا للثقافة علي مر
العصور مهما تراجعت أهميته.
وفي عص ور ال تراجع الثق افي الع ربي ك انت الداللة واض حة ،إذ اتسع اله امش وض اق المتن
رغم أن الب ديهي هو أن المتن هي ما يؤخذ به ويق رأ ويقت ني من أجله الكت اب لكن عص ور
التراجع العربي األولى لم تشهد اختراعا يسمي "كاميرا الديجيتال" يتيح للمهمش قدرة معتبرة
على التأثير في المركز وفضحه تماما.
ربما ال يخ رج عن
أن ذلك التقس يم ال ذي ال يح ّدد أحد الط رفين إال بالنس بة لآلخ رّ ،
ت ّبين ّ
اري ،إال ّأنهما قد
ني ووجه يس ّ
اإلش كالية نفس ها .ص حيح ّأنها إش كالية ذات وجهين ،وجه يمي ّ
تتمخض عنه صراعات كث يريغدوان ،بل غالبا ما يغدوان وجهين لعملة واحدة .وهذا ما أخذت ّ
من األح زاب السياس ية في مختلف البل دان حيث ظه ر ،وخصوصا في ظ روف االقتراع ات
أن الخصومات التقليدية بين اليمين واليسار ،سواء في مجال السياسة وح تى
واالنتخابات ،ظهر ّ
وأنها مج رد "خص ومات
ري ،ليست بالتقابل ال ذي تظهر عليه في البداي ةّ ،
في المي دان الفك ّ
التحوالت" التي يعرفها ما ك ان يحسب على أحزاب
عشاق" .تشهد على ذلك هذه االنتق االت و" ّ
اليسار حتى وقت غير بعيد.
يحدد
دي .وهو ال ّ
تعد ّ
ضد هذه التقسيمات ثنائية األبعاد يضع مفهوم الهامش نفسه ضمن فضاء ّ
ّ
ادين وال نقيض ين.
ادا .فليست عالقة اله امش ب المركز عالقة متض ّ
نفسه ب أن يتّخذ موقعا مض ّ
ضده وال يناقضه ،وإ ّنما يخالفه ويفارقه ،فيكشف عن خلله.
فالهامش ال يقابل المركز وال يقوم ّ
ائي القيم ة ،ح تى لو ك ان
فهو ال يفهم نفسه داخل منطق التع ارض ،ال يفهمها داخل منطق ثن ّ
منطقا ج دليا ،وإ ّنما وفق "منطق" االختالف ،أي وفق حركة تجعله "يس كن" المركز وينج ّر إليه
ليش ّكل فضيحته"..
ظاهرة قديمة...
والمهمش ون وفق تعريف األمم المتح دة هم األش خاص ال ذين يتم تج اهلهم أو إقص اؤهم أو
مع املتهم ك أنهم غ ير مهمين " ورغم أن أغلب أن واع التهميش وأكثرها انتش ارا هو االقتص ادي
إال أن ثمة تهميشا اجتماعيا يعتمد اللون أو األصل العرقي أو الدين أو السلوك معيارا لتهميش
الفرد أو المجموعة .
به ذا الفهم لمع ني التهميش والمهمش ين نكتشف أنه – أي التهميش – لم يكن أب دا ظ اهرة جدي دة
لكن المص طلح هو الجديد والجديد أيضا هو التمي يز واالهتم ام ال ذي أولته الس ينما له ؤالء
المهمش ين ح ديثا في كتاباتها النقدية وأفالمها التوثيقية وان ظهر المهمش ون (طبقا للمفه وم
السابق) في األفالم السينمائية باعتبارهم أحيانا ضرورة الستكمال فكرة الصراع الدرامي (إنها
النظرة نفسها واألداء ذاته الذي تعاملت به سينما المركز سابقا).
والواقع أن العالقة بين المهمش ين والفيلم الوث ائقي اتخ ذت منذ س نوات قليلة منحى آخر يصب
في مص لحة االث نين معا ويمنح الفيلم الوث ائقي اعتب ارا جدي دا ويفعل من ق درة اله امش على
التحول إلى فضح المركز بقدر اكبر.
وقد جاء ابتكار كاميرا الديجتال في بداياته كتكنولوجيا رقمية للتصوير تساهم في تسهيل األمر
وإ ضفاء جماليات جديدة على الصورة ،ولكن انخفاض التكلفة جعل من صناعة سينما الديجتال
في بعض المجتمعات مستقلة بذاتها لها نجومها وجمهورها وموضوعاتها المفضلة.
وما لبثت أن أف رزت تي ارا من التط وير واالبتك ار العلمي التق ني جعلت من ه ذه الك اميرا
الرقمية في متناول المهمشين أو بالحد األدنى ممثليهم في عالم الصورة ؛ فتجلى الفيلم الوثائقي
في عالمهم وخرج إلى النور باحثا عن عيون ترى وأذن تسمع ولكن للمركز سلطته وله آلياته
للمنع والمنح.
فحاولت السلطة في عدد من البلدان العربية" مثال" أن تمنعه(فيلم عين شمس الروائي للمخرج
المصري إبراهيم البطوط) ،وبعض المهرجانات المتناثرة التي اشترطت السلطة مراقباتها من
خالل جه از الرقابة الت ابع للدولة أوال ،لكن مح اوالت المنع في الح االت الس ابقة فش لت بامتي از
ذلك أن التكنولوجيا الرقمية اتخ ذت ه ذه الم رة موقفا واض حا ضد القمع وتض ييق مس احات
الحرية ومع المهمشين.
فقد اتح دت تجلي ات ه ذه التكنولوجيا لتجعل من ك اميرا بحجم كف اليد ش اهدا وقلما وتجعل من
ش بكة االن ترنت ناش را وآلة ع رض ال تتوقف عند 1000مش اهد ولكن تتج اوز ه ذا ال رقم إلى
الماليين عبر الفضائيات التي ال تستطيع سلطة الدولة منعها وأيضا عبر مواقع االنترنت التي
تس مح بع رض ه ذه األفالم بل تح ول جه از اله اتف المحم ول إلى آلة تص وير لها إمكانياتها
الفنية.
وأقيمت مهرجان ات ألفالم الموبايل ( ألغى مهرج ان أفالم الموبايل الث الث في مصر نظ را
ل رفض أجه زة الرقابة إلقامته قبل مراقبة كل أفالم ه ،ورغم ذلك ف إن المض حك أن كل األفالم
تم رفعها على شبكة االنترنت وتمت مشاهدتها بكثافة عالية).
وهنا تح ولت ترس انة الق وانين المقي دة لحق المهمش في التعب ير عن هامشه بكل تفاعالته إلى
ديناص ورات وتح ول الق ائمون على ه ذه األجه زة إلى س يارات ت دور ح ول نفس ها وال تقطع
مسافات في أي اتجاه في لعبة عبثية تجاوزها الزمن لذا يمكن القول ببساطة وبدون مبالغة أن
"الديجتاليين قادمون رغم أنف المركز".
كوميديا المهمشين...
حين يتسع اله امش وتض يق مس احة المتن وحين ي زداد المهمش ون إلى أع داد ونسب ال تص دق
وتقتصر نخبة المجتمع على أف راد ال يس جلون نس بة ت ذكر منهم ،فإنه من العبث أن نس تخدم
منهج القراءة الذي يصنف فئات المجتمع إلى هامشيين ونخبويين؛ ذلك أن األمر ببساطة شديدة
يعيد تش كيل نفسه بحيث ينفجر اله امش ويتجلى في حي اة المرك ز ،وهنا نتح دث عن ديمقراطية
الطبيعة البشرية التي ال يمكن السيطرة عليها.
فانفجار العشوائيات في مصر جعل من المطرب الشعبي شعبان عبد الرحيم في مرحلة سابقة
مطربا مفضال ألف راح علية الق وم( فهو مط رب مهمش تماما أم ام نخبة ينتمي ذوقها الف ني إلى
الهامش).
وليس شعبان عبد الرحيم هو التجلي األوحد لالنفجار العشوائي ولكن التجلي األكثر وضوحا
هو موجه الكومي ديا ال تي تعرضت لها مص ر ،فقد م رت الس ينما المص رية بعش رة أع وام
كوميدية( )2007-1997أطلق عليها نق اد وس ينمائيون "الس نوات العج اف" ،حيث فرضت
الكوميديا اللفظية الفارغة من المضمون الرسالي نفسها علي سوق السينما واإلنت اج السينمائي
وجاءت بدايتها بالفيلم الصدفة "إسماعيلية رايح جاي " ليشكل نجاحه بداية الموجة نالت نجاحا
كبيرا وحققت إيرادات غير مسبوقة ولكنها نالت بنفس القدر عداء شديدا من أغلب النقاد.
ورغم المالحظ ات النقدية على ه ذه األفالم يبقي فهم م بررات وجودها ومن ثم انتش ارها
واس تجابة الجمه ور لها مرتبطا بدراسة الس ياق الزم ني في مجاالته االجتماعية واالقتص ادية
والسياس ية حيث بلغ التهميش االقتص ادي والسياسي واالجتم اعي أقصى م دى له في المجتمع
المصري وخاصة لفئة الشباب خالل هذه األعوام ووصلت نسبة البطالة طبقا لإلحصائيات إلى
%18وانخفض الدخل مقارنة باألسعار ،وضاقت اآلمال حتى علي الذين يحلمون بالهجرة بعد
أن أغلقت أبواب الدول األوروبية أمام العرب والمسلمين في العالم إلي حد كبير ألسباب تتعلق
بأح داث 11س بتمبر ونظ را ل دخول مواط ني ال دول االش تراكية الس ابقة س وق العمل في دول
أوروبا الغربية ومع انعدام التمثيل الشبابي في مختلف المحافل المصرية.
انتخبت ه ذه الش ريحة ممثليها في ع الم األحالم ليظهر أبط ال مش وهون ومض حكون وبال أية
مالمح للبطولة فكانت النماذج المطروحة تتميز بالبالهة والغباء الشديدين فضال عن التشوهات
الشكلية المبالغ فيها ما بين قصير جدا "محمد هنيدي" وطويل جدا "هاني رمزي "و"سمين جدا "
عالء ولي الدين " .
ك ان إقب ال الجمه ور المص ري على أفالم مثل "إس ماعيلية رايح ج اي" و"هم ام في أمس تردام"
و"ص عيدي في الجامعة األمريكية" و"غ بي منه فيه" ومن بع دهم "اللم بي" وغيرها أش به ب إعالن
التحدي من هذا الجمهور تجاه طرف مجهول ومعروف في الوقت ذاته.
وهو تحد صبياني يبدو لص احب الخي ال كأنه مشهد تعلن فيه فت اة مراهقة لوالدتها أنها سوف
تم ارس الس لوك ال ذي تح ذرها من ممارس ته رغم علمها بكونه خط أ ،فك ان المراهق والش اب
يتح دث عن الم رة الرابعة ل دخول الفيلم ،بينما أقصى طم وح أي س ينمائي أن ي دخل المش اهد
إلى فيلمه مرة واحدة ،ونحن هنا أمام شخص يشعر بذاته في صالة العرض أو يغيب عن ذاته
ال تي يتلمس لحظة غي اب عنها في ض حك متواصل بال مع نى ،ببس اطة أك ثر ل دينا فئة تم
تهمشيها بقسوة شديدة وفي ظل الصمت الذي فرضته على نفسها خوفا أو استسالما وفرضته
عليها السلطة جلدت ذاتها بالتوحد مع نماذج مشوهة تقول وال تقول شيئا.
ولعل الحراك السياسي الذي بدأ في مرحلة متأخرة من هذه األعوام العشرة العجاف هو
ما ساهم في إعادة التوازن للسينما إلى حد كبير ولجمهورها أيضا.
جمال الهامش...
ما ال ذي يمكن أن يض يفه المهمش ون إلي الفيلم الوث ائقي وال روائي باس تثناء الكشف وطلب
الرحمة والتح ريض؟ هنا يكمن الس ؤال الس ينمائي األهم ،وهنا تب دو اإلجابة في مش اهد وأفالم
استطاعت أن تقدم قبح الواقع في صورة جميلة وآهة األلم في سيمفونية رائعة واستطاعت أن
تختصر عبقرية المهمش ين في التحايل علي الحي اة لس رقة لحظة الص فاء والس عادة من أني اب
الفقر والبؤس والحرمان والنبذ .
ولعل حض ور المهمش ين في أغلب أفالم المخ رج المص ري الكب ير داوود عبد الس يد يؤكد علي
ه ذا المع ني فها هو "الش يخ حس ني " البطل األعمى في فيلم "الكيت ك ات " يتج اوز هامش يته
معانقا "ابنه" المهمش الب احث عن لقمة العيش ب الهجرة المس تحيلة بع دما يعزف ان على الع ود
ويغنيان معا.
وه اهو فيلمه الت الي "س ارق الف رح " يص لح نموذجا لط رح التفاص يل اإلنس انية بكامل روعتها
وهي آتية من قلب بؤس المهمشين وتدور القصة الرئيسية حول "عوض/ماجد المصري" الذي
يحب "أحالم/لوسي" و يريد ال زواج منها رغم ض يق حالته المادية فهو ال يس تقر في حرفة و
يلتقط رزقه من الشارع والمكان هنا هو عشش عشوائية فوق هضبة المقطم يتقاسم الجميع فيها
اله واء والم اء والس جائر وأحيان اً الرغب ات ،أما "ش طة/محمد ش رف" العائد من الخليج بجه از
كاس يت وتليفزي ون وكل ما يتطلب زواجه من أن ثى يف رغ فيها ش هوته ،فقد تجس دت أحالمه في
"أحالم".
يوافق "المعلم بي ومي/لطفي ل بيب" ال ذي يعمل ماس حاً ومش رفاً في أحد المواقف العمومية
للس يارات على زواج "ش طة" من ابنته فيجن جن ون "ع وض" مح اوالً إنق اذ حلمه ب الزواج من
"أحالم" ال تي تحبه هى أيض ا ،يلح على "المعلم بي ومى" مص طحباً ص ديقه "عن تر/محمد هني دى"
و"عم ركبة/حسن حسنى" و أمه محاوالً عقد إتفاق للزواج من "أحالم" ،من هنا تبدأ رحلة الفيلم
األساس ية والبس يطة ج داً ،على "ع وض" من اآلن و فى خالل 10أي ام أن ي أتى بـ (غويش تين
دهب عي ار 18مش )14كما اش ترط عليه "المعلم بي ومى" لي تزوج "أحالم" وعالقة "أحالم" بـ
"ع وض" عالقة قديمة منذ كانا طفلين فى العشش لكنها مركبة يختلط فيها الغم وض بالرغبة
ووحدة المصير باستحالة اللقاء.
ويحفل الفيلم بالشخصيات الهامشية التي كتبت وصورت بمزاج أدبي يميز سيناريوهات وأفالم
داوود عبد الس يد ومنها شخص ية ""عم ركبة" العج وز الح الم المعج ون بش بق الش يخوخة .فهو
يحب "رمانة" -أخت "أحالم" -حباً جارفاً و"مطر أو فتحي عبد الوهاب" -شقيق "ع وض" –
الذي ،يعمل طباالً فى أحد المالهي الليلية ،رأسماله الوحيد طيلة 3أعوام قضاها طباالً عبارة
عن مجموعة مالبس وأحذية يختارها ويحافظ عليها باعتبارها واجهته فى العمل ،ومضحياً فى
س بيلها ب أجره ك امالً ".مطر" يع ود إلى منزله فى الص باح الب اكر لين ام بعد ليلة منهك ة ،ك ان
"ع وض" قد س رق كل مالبس وأحذية أخيه ليبيعها متحص الً على بعض نق ود تس اعده فى
رحلته .يبلغ "مطر" الش رطة متهم اً "ع وض" بالس رقة ،باكي اً أشد البك اء فى حس رة على ض ياع
حص يلة عمل ه ،لكنه يتن ازل عن البالغ ال ذي قدمه حين ي درك عبث الموقف وأن مك ان إقامته
الوحيد هو السرير المجاور لسرير "عوض" فى نفس العشة .يخرج من قسم الشرطة باكي اً بعد
أن تالعبت الحياة بمتعته الوحيدة ,الحياة ربما تكون جميلة مغرية مفتوحة شهية غامضة لكنها
لم تكن أبداً عادلة.
أما المخ رج الراحل رض وان الكاشف فقد جعل من تحفته الفنية "ليه يا بنفسج " ش هادة حية
ألولئك الذين يسعدون الناس ليال بالغناء والرقص في المناسبات ويعيشون بؤسهم الخاص جدا
نهارا لكنهم يبتهجون في لحظات يسرقونها من عمر هذا البؤس ".
وفي فيلمه التالي "الساحر" يبكينا قبل ان يبكي ساحره الذي فقد صالحيته في عمله فعجز عن
العيش وعن إث ارة اهتم ام جمه وره لتص بح ابنته فريسة لواحد من ورثة الكبار ويجسد المخرج
مج دي أحمد علي في فيلمه "خلطة فوزية " عبقرية ام رأة وإ رادتها الحديدية في التواصل مع
الحي اة ح تى ولو ت زوجت خمس م رات بحثا عن الس عادة المس تحيلة وسط ظ روف ال تص لح
للعيش من األساس.
إغراء..
ما الذي يغري السينمائي في تصوير حياة المهمش؟ أو ماذا يدفع أحدهم لتصوير حياة مومس
أو متسول أو عامل نظافة أو فالح أجير ؟؟
الحكاية بسيطة جدا إذا كان السؤال :ما الذي يغري أحدا من هؤالء لالستمرار في نمط حياته
من األصل؟ انه –أي المهمش– على استعداد تام لتغيير حياته في أي وقت فليس فيها ما يغري
باالستمرار لكنها مشحونة بالتفاصيل المثيرة للسينمائي والمبدع فهؤالء يعيشون في حزن جبلوا
عليه ..وال تس يل دم وعهم إال بتص عيد ميل ودرامي مب الغ فيها وه ؤالء يعيش ون في "نكتة" وال
يض حكون منها ل ذا ال يض حكهم إال ما يجعل اآلخ رين يس قطون أرضا من ش دة الض حك ..
المهمشون – أي األغلبية – يعيشون في الطرف اآلخر من الضحك والحزن والحلم ..يعيشون
في الفن تقريبا .