You are on page 1of 136

‫جامعة بنى سويف‬

‫كليــــــة االّداب‬
‫قســم اللغة العربية‬
‫شعبة الدراسات العليا‬

‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬


‫‪The Cultural Fiction in the Theatre‬‬
‫‪of Alfred Farag‬‬

‫مقترح مقدم الستكمال متطلبات تسجيل درجة الماجستير‬


‫فى اآلداب بنظام الساعات المعتمدة‬

‫إعداد‬
‫أسماء سالمة جمعة حميدة‬

‫إشراف)‬
‫أ‪.‬م‪.‬د‪ /‬محمد علي أمين‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬هاني إسماعيل أبو رطيبة‬
‫أســتاذ األدب والنقد المساعد بالكلية‬ ‫أســــتاذ األدب والنقد الحديث بالكلية‬

‫‪2022‬م‪1443 /‬ه‬

‫مقدمة‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫الحمدهلل رب العالمين القائل في كتابه المبين "ذلك فضل اهلل يؤتيه من يشاء"‪ ،‬وأصلي‬
‫وأسلم على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين ‪ ،‬وعلى آله وأصحابه األبرار والذين اتبعوهم‬
‫بإحسان إلى يوم الدين ‪ ،‬أما بعد ‪.‬‬

‫ك انت رغب تي عميق ة ‪ ،‬ومن ذ زمن بعي د فى دراس ة المس رح الع ربى تحدي ًدا أو المس رح‬
‫أديبا من قيمة جمالية أثبتت فاعليتها التعبيرية والوظيفية‬
‫جنسا ً‬
‫عامة لما يتمتع به المسرح بوصفه ً‬
‫من ذ العص ور الع ابرة وح تى ال وقت ال راهن‪ ،‬حيث ك ان الترك يز منص ًبا على دراس ة النص‬
‫المس رحى دون الع رض‪ ،‬وكم ا تم تحدي د مج ال العم ل ك ان الب د من تحدي د ماهيت ه‪ ،‬فتم اختي ار‬
‫المسرح التجريبى بوصفه يمثل قيمة فكرية وفنية أثبتت كفاءتها وشغلت مجاالً كان العالم بحاجة‬
‫نظرا لالفتقار والتناقص الذى أحدثه المسرح البرجوازى السائد فى ذلك الوقت‪.‬‬
‫إليه ً‬
‫وانطالقًا من هذا اخترت بحثي بعنوان المتخيل الثقافي في مسرح ألفريد فرج ‪.‬‬

‫أهمية الموضوع‪:‬‬
‫مهم ا قاباًل يمثل‬
‫ترجع أهمية موضوع المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج إلى كونه ً‬
‫مهم ا فى المس رح التجري بى الح ديث‪ ،‬ل ذا تم التعام ل م ع مس رح ألفري د ف رج بوص فه ممثالً‬
‫أث ًرا ً‬
‫للمسرح التجريبى الحديث فى العالم العربى ‪ ،‬ذلك المسرح الذي لم يكتف بالتقليد والمحاكاة ؛‬
‫تفيدا من ال تراث والقض ايا القومي ة‬
‫ب ل ح اول تط وير أدوات ه الجمالي ة ومحتويات ه الفكري ة مس ً‬
‫واالجتماعية‪.‬‬

‫إن المس رح يتم يز أيض اًعن ك ل الفن ون األخ رى بقدرت ه على توحي د أفك اره ومش اعر‬
‫أديب ومبدعُ من العصر الحديث ال يستطيع أن‬
‫ومطامح عديدة للناس فى اّن واحد‪ ،‬وألفريد فرج ُ‬
‫ينفصل عن قضايا مجتمعه لذلك فقد عالج فى مسرحياته قضايا اجتماعية وسياسة مختلفة‪.‬‬

‫أسباب اختيار الموضوع‪:‬‬


‫هناك العديد من األسباب التي دعت إلى اختيار الموضوع ؛ومنها ‪:‬‬

‫واحدامن اتجاهات‬
‫ً‬ ‫‪-‬الدور المهم الذي يلعبه فرج في فهم األعمال والنصوص األدبية ؛ بوصفه‬
‫المسرح الحديث الذي يسعى إلى تفسير األعمال المسرحية وتقييمها‪ ،‬والتي تهدف إلى رؤية‬
‫جديدة للعمل اإلبداعي‪.‬‬

‫‪-‬عدم وجود أية دراسة تناولت المتخيل الثقافي عند (ألفريد فرج)‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫‪-‬أهمية مسرحيات( ألفريد) فى مختلف المراحل الزمنية‪ ،‬إذ أعيد إنتاجها ممثلة على خشبة المسرح‬
‫عدة مرات فى مصروبعض الدول العربية‪.‬‬

‫‪ -‬إثبات أن المسرح العربي له من الثراء األدبي مما يجعله مادة خصبة ؛يمكن أن نطبق عليها‬
‫مستندا إلى أفكار جديدة ‪.‬‬
‫ً‬ ‫منهج وصفي تحليلي‬

‫‪ -‬أن مسرح فرج يتسم بامكاناته الفنية ‪ ،‬والمضمونية التي تنفق مع إجراءات المنهج الذي اختارته‬
‫الباحثة ‪.‬‬

‫أسباب اختيار مسرح ألفريد فرج ‪:‬‬

‫‪-‬نوعيه مسرحيات فرج وواقعيتها وحواريتها‪.‬‬

‫‪-‬تعد مسرحيات فرج نموذج تطبيقي ألنها تجمع بين الماضي والحاضر‪.‬‬

‫أهداف الدراسة‪:‬‬
‫التعريف بألفريد فرج وأعماله‪:‬‬

‫‪ ‬إبراز مفهوم المتخيل الثقافي وتأثيره في أعماله المسرحية‪.‬‬


‫‪ ‬الوقوف على جماليات النزعة اإلنسانية عند ألفريد فرج من خالل مسرحياته‪.‬‬
‫‪ ‬الوقوف على مدى تأثير الظروف السياسية واالجتماعية في مسرح ألفريد فرج‪.‬‬

‫منهج( الدراسة‪:‬‬
‫تقوم هذه الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي‪ ،‬ومعطيات النقد الثقافي‬

‫مشكلة الدراسة‪:‬‬
‫وجدت أنها تنطوى على عناصر مهمة تمثل‬
‫ُ‬ ‫من خالل قراءتى لمسرحيات ألفريد فرج‬
‫فكرة العدل والمتخيل الثقافي وبعض القضايا األخرى وقد دارت فى نفسى أسئلة كثيرة مثل‪:‬‬

‫‪ -‬كيف تعامل ألفريد فرج مع قضاياه فى المسرح العربى ؟‬


‫‪ -‬ما الدافع لتناوله الصورالكثيرة فى مسرحه ؟‬
‫المتلقين من القُ راء‬
‫‪ -‬م ا أث ر ه ذه القض ايا فى النس يج المس رحى عن د ألفري د ف رج‪ ،‬وم ا أثره ا على ُ‬
‫والمشاهدين؟‬
‫ُ‬

‫‪3‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫ولم أج د فى الدراس ات الس ابقة إجاب ة ش افية عن ه ذه األس ئلة ؛ ومن ه ذه الدراس ات‬
‫السابقة على سبيل المثال ‪:‬‬

‫‪ /1‬راني ا فتح اهلل‪ ،‬االتج اه الملحمي في مس رح ألفري د ف رج‪ ،‬سلس لة دراس ات أدبي ة‪ ،‬الهيئ ة‬
‫المصرية العامة للكتاب‪1998 ،‬م‪.‬‬

‫‪ /2‬نبيل راغب‪ :‬لغة المسرح عند ألفريد فرج‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪1986 ،‬م‪.‬‬

‫‪/3‬حسن عطية‪ :‬مسرح ألفريد فرج صانع األقنعة‪ ،‬المجلس األعلى للثقافة ‪2002‬م‪.‬‬

‫‪ /4‬قاي د دي اب بوج ادي قاي د‪ :‬فن المس رح عن د ألفري د ف رج ‪ :‬النق د المس رحي‪ ،‬الص فاة‪ ،‬الك ويت ‪،‬‬
‫دار سعاد الصباح‪ ،‬مؤسسة النوري ‪،‬دمشق ‪1996‬‬

‫أما المقاالت التى كتبت عنه وعن أدبه بعد وفاته في مجلة المحيط الثقافي عدد ‪،51‬‬
‫وارا مع ه قب ل وفات ه ‪ ،‬ومن ه ذه المق االت أ ‪ /‬مقال ة فتحى‬
‫‪2006‬م ‪ .‬وق د تض منت المجل ة ح ً‬
‫عبد الفتاح‪ :‬ألفريد فرج ‪ :‬من المعتقل إلى المسرح القومى‬

‫ب ‪ /‬مقالة عمرو دوارة‪ :‬وداعاً شيخ المسرحين‬

‫ج ‪ /‬مقالة ألف ليلة‪ :‬مجلة الفصول مجلد ‪ 13‬عدد ‪1994 ،2‬م‬

‫د‪ /‬مقالة محمد فتحى‪ :‬ألفريد فرج وعائلة الكبيرة‬

‫ه ‪ /‬مقالته في المنهج واإلبداع‪ :‬مجلة فصول مجلد ‪ ،14‬عدد ‪1995 ،4‬م‬

‫مخطط الدراسة‪:‬‬
‫بناء على موضوع البحث ومنهجه قد قسم البحث إلى مقدمة ثم تمهيد‪ ،‬وأربعة فصول‬
‫يشتمل كل فصل على مبحثين يعقبهم خاتمة‪ ،‬فقائمة للمراجع‪ ،‬يتضح تفصيلها فيما يأتي‪:‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫وتشمل على أهمية موضوع الدراسة وأهدافها والتعريف بمشكلة الدراسة مع اإلشارة‬
‫إلى منهج الدراسة وما سبق من دراسات في إطار موضوع البحث‪.‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬اإلطار النظري ‪:‬‬


‫المبحث األول ‪ :‬مفهوم المتخيل الثقافي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التعريف باألديب ألفريد فرج وعالقته بالمسرح وأعماله األدبية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬بدايات ألفريد فرج المسرحية ‪.‬‬


‫المبحث الرابع‪ :‬تأصيل الهوية في مسرح فرج ‪.‬‬

‫الفصل الثاني اإلطار التطبيقي ‪:‬‬


‫المبحث األول ‪ :‬الصور الفكرية عند ألفريد فرج‪:‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬صور الشخصيات التراثية في مسرح ألفريد فرج ‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬القضايا السياسية في مسرح( ألفريد فرج ‪.‬‬


‫المبحث األول ‪ :‬الدفاع عن الحق في الحياة والوطن‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الحرية في مسرح ألفريد فرج ‪.‬‬

‫الفصل الرابع ‪ :‬البناء الفني في مسرح ألفريد فرج‪.‬‬


‫المبحث األول ‪ :‬الصورة والرمز ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬المعجم المسرحي ‪.‬‬

‫وفي الختام ـ بعد شكر اهلل والثناء عليه يسعدني أن أتوجه بخالص الشكر واالمتنان إلى‬
‫س عادة ال دكتور ‪/‬ه((اني إس((ماعيل أبورطيبة ؛ أس تاذ األدب والنق د الح ديث بالكلي ة ال ذي ك ان ل ه‬
‫الفضل الكبير في توجيهي وإ رشادي الستكمال هذا البحث منذ أن كان فكرة إلى أن أصبح علي‬
‫ماهو عليه‪ ،‬كما أشكره على صبره ودعمه لي ‪ ،‬وبث الثقة في؛ فجزاه اهلل عني خير الجزاء ‪،‬‬
‫وأطال في عمره ورزقه الصحة والعافية ‪ .‬كما أتوجه بالشكر واالمتنان إلى سعادة الدكتور‪ /‬محمد‬
‫علي أمين أس تاذ األدب والنق د الح ديث المس اعد بالكلي ة على توجهات ه ومالحظات ه القيم ة‬
‫وحرص ه الش ديد علي خ روج ه ذا البحث على م اهو علي ه ‪،‬أس ال اهلل أن يب ارك في عمره وعمل ه‬
‫وأن يرف ع ق دره ويمتع ه بالص حة والعافي ة ‪ ،‬كم ا اليفوت ني أن أش كر اللجن ة الم وقرة ال تي س تتكرم‬
‫بمناقش ة ه ذه الرس الة والحكم عليه ا اس تاذ ال دكتور ‪ /‬محم(ود إب(راهيم محم(د عب(د ال(رحمن أس تاذ‬
‫النق د واألدب الح ديث بكلي ة األداب جامع ة قن اة الس ويس واالس تاذة ال دكتورة‪/‬ع((زة عب((داللطيف‬
‫عامرأس تاذ األدب الح ديث بكلي ة اآلداب جامع ة ب ني س ويف أس ال اهلل أن يجزيهم ا ع ني وعن‬
‫األخرين خير الجزاء كما أتوجة بخالص شكري إلى كل أساتذتي بكلية اآلداب قسم اللغة العربية‬
‫وآدابه ا جامع ة ب ني س ويف وعلى وج ه الخص وص األس تاذ ال دكتور‪ /‬رمض((ان ع((امر عمي د كلي ة‬
‫اآلداب واألستاذ الدكتور‪/‬محروس محمد إبراهيم رئيس شئون الدراسات العليا بكلية واألستاذ‬
‫أيض ا موص ول لألس تاذة‬
‫ال دكتور ‪ /‬ش(((ريف الجي(((اررئيس قس م اللغ ة العربي ة بكلي ة والش كر ً‬

‫‪5‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫الدكتورة‪/‬عزة عبداللطيف وال دكتورة ‪ /‬لمياءالقاضي والدكتورة‪ /‬ن((وال س(لطان وال دكتور‪ /‬الس(يد‬
‫سالمة وال دكتور‪ /‬إيهاب عبدالفتاح وال دكتور ‪ /‬محمد حسام وال دكتور‪ /‬مع((تز س((المة لم ا ق دموه‬
‫أيض ا‬
‫لي من نص ائح أس ال اهلل أن ي رزقهم الص حة والعافي ة وأن يب ارك في عم رهم والش كر ً‬
‫موص ول لمعي دات وأص دقائي وزمالئي في قس م اللغ ة العربي ة بالكلية‪ /‬رحم((ة وهي((ام وأس((ماء‬
‫وم((ني وأم((يرة وش((يماء وإ س((راء ونش((وي ولك ل من س اعدني في ه ذه الدراس ة كم ا اليفوت ني أن‬
‫أشكرأس اتذتي ال ذين تتلم ذت على أي ديهم في مختل ف مراح ل تعليمي أس تاذي ‪ /‬ربي ((ع ف ((اروق‬
‫وأس تاذي ‪ /‬أن((ور ش((حاته وأس تاذي ‪ /‬عالء رض((وان وأس تاذي محم((د عيس((وي وأس تاذي عبداهلل‬
‫عيسوي وأستاذي ‪ /‬عيد كمال رحمه اهلل علية أسال اهلل أن يبارك في عمرهم ويجعل علمهم‬
‫فيعا لهم ويمتعهم بالص حة والعافي ة‪ .‬إلى من تمثلت فيهم ا الحب والحن ان ج دتي وعمي‬
‫ش ً‬
‫وريحان ا على روحكم ا‬
‫ً‬ ‫روح ا‬
‫ً‬ ‫رحم ة اهلل عليهم ا واس كنهما الف ردوس األعلى من الجن ة ‪،‬‬
‫زين فهم ا بالنس بة لي ك ل مع اني الوج ود والعزيم ة واإلص رار ‪ ،‬إلي ك‬
‫دي العزي ّ‬
‫الط اهرة‪ ،‬إلى وال ّ‬
‫أبي وأمي من كل قلبي ‪،‬فأقل ما أقدم لكما أطال اهلل عمرهما وحسن عملهما ‪ ،‬والشكر موصول‬
‫إلى أعمامي وأخواتي ‪ /‬عبد الرحمن وأحمد ومحمود ونورة وفاطمة وهند وأخص بالذكرأخي‬
‫األصغر محمد الذي كان يساندني في دراستي وفي شغلي جزاهم اهلل عني خير الجزاء ‪ ،‬دون أن‬
‫ننسى البراعم الصغيرة يوسف ‪ ،‬رحمة ‪ ،‬مريم ‪ ،‬عمر ‪ ،‬أدم ‪ ،‬مازن ‪ ،‬روزان ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫الفصل األول‬
‫اإلطار النظري‬

‫الفصل األول‬
‫اإلطار النظري‬
‫تمهيد‪(:‬‬

‫‪7‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫يعد المس رح أبا الفنون األدبي ة في الثقاف ة الغربية‪ ،‬كما أن الشعر في ثقافة العرب أبو‬
‫متفرج ا‪ ،‬وممثالً‪ ،‬لكنه ينفرد من بين‬
‫ً‬ ‫اآلداب‪ .‬والمسرح ظاهرة اجتماعية يمثل في أبسط األشكال‪:‬‬
‫الفن ون األخ رى بارتباط ه المباش ر م ع مجري ات الحي اة اليومي ة وتغيراته ا االجتماعي ة والسياس ية‬
‫زءا ال يتج َّزأ من الحي اة‪ ،‬يعتم د على ترس يخ األفك ار وطرحه ا أم ام‬
‫واالقتص ادية‪ ،‬وبه ذا يك ون ج ً‬
‫الجمه ور المتعطش لفن الخش بة‪ ،‬ويمكن تعري ف المس رح بأن ه‪" :‬عم ل إب داعي يف ترض الص نعة‬
‫مزدوج ا يق وم على العالق ة بين مك ونين هم ا‪:‬‬
‫ً‬ ‫أيض ا بكون ه ًّفنا‬
‫وي وحي بأن ه حقيقي وه و يع رف ً‬
‫(‪)1‬‬
‫النص من جهة والعرض الذي يشكل غائية المسرح من جهة أخرى"‪.‬‬

‫ومن المعلوم أن العرب لم يعرفوا المسرح بمفهومه الجديد حتى أواخر سنة ‪ ،1847‬أو‬
‫بعب ارة أخ رى‪ :‬لم يع رف أدبن ا الع ربي المس رحية قب ل العص ر الح ديث‪ ،‬أم ا (خي ال الظ ل) ال ذي‬
‫انتشر في العصر المملوكي‪ ،‬ويقال‪ :‬إنه أصل المسرحية فهناك فرق كبير بينهما‪ .‬والجدير بالذكر‬
‫(‪)2‬‬
‫أن المؤرخين لم يتفقوا على األسباب التي من أجلها لم يظهر المسرح عند العرب تاريخيًّا‪.‬‬

‫وظه ور المس رح في ال وطن الع ربي يق ترن باس م (م ارون النق اش) (‪،)1855-1817‬‬
‫وتربى وتثقف في (بيروت)‪ ،‬وعمل التجارة‪ ،‬ثم سافر إلى‬
‫ّ‬ ‫التاجر اللبناني الذي ولد في (صيدا)‬
‫دول مختلف ة مث ل تركي ا وفرنس ا وإ يطالي ا وغيره ا‪ .‬ومن خالل أس فاره تع رف على المس رح‬
‫(‪)3‬‬
‫ثم توالت أعمال الترجمة للمسرح األوروبي‪.‬‬ ‫األوروبي‪ ،‬ونقل هذا الفن إلى وطنه‪.‬‬

‫وتطور الفن المس رحي في العص ر الح ديث في عالمن ا الع ربي على ي د ع دد من الكتَّاب‬
‫مثل (مارون النقاش‪ ،‬أحمد أبو خليل القباني‪ ،‬ويعقوب صنوع) وكانت بداياته َّ‬
‫مبنيةٌ على االقتباس‬
‫والتقليد ثم بدأ التأليف في عدد من األقطار العربية ومنها مصر‪.‬‬

‫ومن أعالم المسرح العربي أسماء كثيرة كان لها دور بارز في َرفد المسرح العربي‬
‫بعدد من المسرحيات والروايات الرائدة‪ ،‬مثل (توفيق الحكيم‪ ،‬الذي أخرج أولى مسرحياته باسم‬
‫(‪)4‬‬
‫ثم ت والت أعم ال مس رحية‬ ‫"الض يف الثقي ل" بت اريخ ‪ ،1919‬ثم "الم رأة الجدي دة في‪.)1923 :‬‬
‫متميزة في بدايات الحياة المسرحية في مصر‪ ،‬حتي نصل إلى المؤلف المسرحي (ألفريد ف رج) ‪-‬‬

‫) ماري لياس وحنان قصاب‪ :‬المعجم المسرحي‪ ، ،‬مكتبة ناشرون‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ )1977 (،1‬ص ‪.29‬‬ ‫‪1‬‬

‫() شرف الدين المنصف‪ :‬تاريخ المسرح التونسي‪ ،‬مطبعة شركة العمل للنشر والتوزيع تونس‪ ،‬د‪.‬ط ‪( ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،)1972‬ص ‪.18‬‬
‫() عامر صباح المرزوك‪" :‬تاريخ وأدب المسرح العالمي"‪ ،‬دار الصادق للثقافة‪ ،‬د‪.‬ت‪ :‬دط ‪ ،)2013(،‬ص‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪.182‬‬
‫() على الراعي‪" :‬المسرح في الوطن العربي"‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس‬ ‫‪4‬‬

‫الوطني والفنون واألدب‪ ، ،‬الكويت‪،‬ط‪ ، )1999( 2‬ص‪.74-73 :‬‬

‫‪8‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫موض وع دراس تي ه ذه‪ -‬ال ذي أث رى الحرك ة المس رحية المعاص رة في مص ر بأعم ال رائ دة في‬
‫(‪)1‬‬
‫جس د التراثيات‬
‫وكان ألفريد فرج رائد المسرح التراثي الشعبي الذي َّ‬ ‫توظيف التراث الشعبي‪.‬‬
‫العربية والمصرية في عدد من مسرحياته مثل (على جناح التبريزي)‪ ،‬و(حالق بغداد)‪ ،‬و(رأس‬
‫المملوك جابر)‪.‬‬

‫() كمال الدين حسين‪" :‬التراث الشعبي في المسرح المصري الحديث"‪ ،‬الدار المصرية اللبنانية‪،‬ط‪،)1993( 1‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪.179 :‬‬

‫‪9‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫المبحث األول‬
‫مفهوم المتخيل الثقافي‬
‫من أهم أدوات ال ُكتاب واألدباء بشكل عام‪ ،‬والمسرحيين بشكل خاص‪ ،‬الخيال‪ .‬فالخيال‬
‫جزء ال َّ‬
‫يتجزأ من‬ ‫ٌ‬ ‫وس يلة لتنمية الفكر اإلنساني وتطوير حي اة اإلنس ان وأسلوب حياته‪ ،‬والخي ال‬
‫ودائم ا ما كان الخيال لإلنسان قوة دفع لألمام‪ ،‬يساعده في خلق‬
‫ً‬ ‫حياة اإلنسان منذ فجر التاريخ‪،‬‬
‫أفكار جديدة بل فنون وعوالم من اإلبداع‪ ،‬كالموسيقى والشعر والنحت والمسرح وغيره‪.‬‬

‫يء‬
‫ال الش َ‬
‫(خَي ل)‪ ،‬خ َ‬
‫الخيال في اللغة‪ :‬في "لس ان الع رب" البن منظ ور (‪711‬هـ)‪ ،‬م ادة َ‬
‫الشيء‪ :‬تشبَّه‪ .‬والخيال‪ :‬ما تراءى وتشبَّه للمرء في الحلم أو اليقظة من‬
‫ُ‬ ‫وتخاي ل له‬
‫َ‬ ‫ظن‪،‬‬
‫يخالهُ‪ّ :‬‬
‫(‪)1‬‬
‫صور وأطياف‪.‬‬

‫وفي الشعر العربي الجاهلي‪ ،‬يقول (طرفة بن العبد)‪:‬‬


‫رضهُ فََأمايِلُه‬ ‫واد َك ٍ‬ ‫ك‪ِ  ‬من‪َ  ‬سلمى َخيا ٌل َو َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ثيب َع ُ‬ ‫دونها ** َس ُ‬ ‫َسما لَ َ‬
‫أي‪ :‬تراءى من (سلمى) ما يشبهُها كالطيف السابح في الفضاء ‪..‬‬
‫(‪)3‬‬
‫تعني عمل العقل في اختراع‬ ‫فكلمة الخيال في اللغة ‪-‬كما يستنبط من معاجم العربية‪-‬‬
‫ص ور غ ير موج ودة وإ ب داعها واستحض ارها من ال ذاكرة إلى الواق ع المش اهد‪ ،‬ومن الممكن أن‬
‫يتجس د ه ذا الخي ال أو المتخيَّل في ش كل أفك ار مس موعة ومق روءة أو ممثل ة‪ ،‬كخي االت الش عر‬
‫َّ‬
‫والروايات والقصص‪.‬‬

‫(طالحا‪ :‬يقص د بالخي ال مع ٍ‬


‫ان كث يرة ومف اهيم متنوع ة تن وعت ب اختالف الثقاف ات‬ ‫واص( ً‬
‫واألفك ار‪ ،‬ففي الثقاف ة األوروبي ة يق ول الفيلس وف الفرنسي(‪" : )Immanu Kant‬إن اإلدراك ات‬
‫الحس‬
‫ِّ‬ ‫المختلف ة توج د في العق ل على نح و منفص ل‪ ،‬ويب دو ربطه ا على نح و يخ الف وجوده ا في‬
‫ثم ينبغي أن توج د في اإلنس ان ق درة فاعل ة ت ِّ‬
‫ركب الك ثرة ال تي يب ديها المظه ر‬ ‫مطلب ا ملحًّا‪ ،‬ومن َّ‬
‫ً‬
‫وليس ت ه ذه الق درة ش يًئا آخ ر س وى الخي ال"‪ )4(.‬وبه ذا فـ (كان ط) يعت بر الخي ال عنص ًرا فع االً في‬
‫ممكنا‪.‬‬
‫ً‬ ‫اإلبداع‪ ،‬فهو ينقل ما يعتمل في الذهن والفكر إلى الواقع ويجعله‬

‫() أبو الفضل جمال الدين ابن منظور‪" ،‬لسان العرب"‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار صادر‪ ،‬المجلد ‪ ،5‬ط‪ )2004( ،1‬ص‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.193-191‬‬
‫() ديوان طرفة بن العبد‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪.26 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫(( ينظر في ذلك‪" :‬لسان العرب" مادة ( خ ي ل)‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() عاطف جودة نصر‪" ،‬الخيال مفهوماته ووظائفه"‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب ‪ ،‬القاهرة ‪،‬ط‪( ،1‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ ،)1984‬ص‪20 :‬‬

‫‪10‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫لكن خالفً ا لـ مفه وم (كان ط) ي رفض (ص اموئيل كوليري دج ‪Sammuel. T.‬‬


‫‪ )Coleridge‬ه ذه الفلس فة في فهم (الخي ال)‪ ،‬ويق ول ب أن الخي ال (‪ )Imagination‬من ه م ا ه و‬
‫األولي طاقة حية في كل إدراك لدى اإلنسان‪ ،‬وتكرار‬ ‫ّ‬ ‫ثانوي‪ ،‬ويعتبر الخيال‬
‫ّ‬ ‫أولي‪ ،‬ومنه ما هو‬
‫ّ‬
‫في عقل ه المح دود لعملي ة الخل ق واإلب داع الخال دة أو م ا يس ميها (األن ا الالمتن اهي)‪ .‬أم ا الخي ال‬
‫الث انوي فه و ص ًدى لألول‪ ،‬ويوج د م ع اإلرادة الوجداني ة‪ ،‬وال ي زال حادثً ا م ع األول في طريق ة‬
‫(‪)1‬‬
‫عمله‪ ،‬وليس مختلفًا عنه في شيء إال في الدرجة والقوة وطريقة األداء‪.‬‬

‫وفي الثقاف ((ة العربية‪ :‬حيث ك ان الش عر رائ د اآلداب والفن ون العربي ة‪ ،‬ك ان الخي ال‬
‫والتخيُّل كمصطلح أدبي مرتبط بالشعر العربي‪ .‬ولكن بإطاللة سريعة على األدب العربي نجد أن‬
‫(الفارابي) أطلق على (التخيُّل والخيال) اسم (المصورة)‪ ،‬وقد ربط األدب بالفلسفة‪ ،‬وجعل الشعر‬
‫أح د أج زاء التفك ير الفلس في‪ ،‬وك انت داف ع نظريت ه إلى المحاك اة نفس يًّا‪ ،‬فق د رأى أن المحاك اة‬
‫الشعرية عند (أرسطو) بها ثغرات عدة‪ ،‬وهو ما دفعه للكالم عن طبيعة التخيل الشعري ومدى‬
‫(‪)2‬‬
‫تأثيره في (القوة النزوعية) للمتلقي جاعالً التخيُّل جوهر الشعر وأساسه‪.‬‬

‫الحس الب اطن‪ ،‬ومكانه ا في مقدم ة ال رأس‪،‬‬ ‫اني ق وى‬


‫ِّ‬ ‫أم ا (ابن س ينا) فق د جع ل التخيُّل ث َ‬
‫الحس المش ترك من الح واس الجزئي ة‬
‫ُّ‬ ‫أيض ا (المص ورة) ويق ول بأنه ا ق وة تحف ظ م ا قبل ه‬
‫ويس ميه ً‬
‫(‪)3‬‬
‫كما أنه نظر إلى التخيُّل الشعري على أنه نوع من الفيض‬ ‫وتبقى فيه بعد غيبة المحسوسات‪.‬‬
‫أو الوحي اإللهي الغامض الذي يحدث في اليقظة‪ ،‬فالشاعر يدرك أشياء ال يدركها غيره‪ ،‬بحسب‬
‫م ا تؤهل ه اس تعداداته الفطري ة والتعبيري ة من ق درة على ق ول الش عر‪ ،‬وبه ذا فالش اعر في لحظ ة‬
‫(‪)4‬‬
‫اإللهام يكون أقرب إلى مقام النبوة‪ ،‬حيث يتلقى الوحي اإللهي‪.‬‬

‫وإ ذا أتين ا إلى (عب دالقاهر الجرج اني)‪ ،‬فإن ه يق ول‪ ..." :‬وجمل ة الح ديث ال ذي أري ده‬
‫أمرا غير ثابت أص الً‪ ،‬ويدعي دعوة ال طريق إلى تحصيلها‪ ،‬ويقول‬ ‫بالتخيُّل يثبت قيمة الشاعر ً‬
‫قوالً يخدع فيه نفسه ويريها ما ال ترى ‪ )5("...‬فالتخيل لديه كالسحر في تأليف تناقضات‪ ،‬ويرى‬

‫() حازم محمد لعبيدي‪" ،‬الخيال الشعري في القصائد العشر الطوال"‪ ،‬عالم الكتب الحديث‪،‬د‪.‬ط (‪.)1984‬د‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫ط ‪ ،‬العراق‪ ،‬ص‪21 :‬‬


‫() رشيد كالع‪" ،‬الخيال والتخييل عند حازم القرطاجني بين النظرية والتطبيق"‪ ،‬رسالة ماجستير في اللغة‬ ‫‪2‬‬

‫العربية وآدابها‪ ،‬الجزائر‪ ،‬جامعة منتوري‪ ،)2005( ،‬ص‪.16 :‬‬


‫() ابن سينا‪" ،‬النجاة في الملكة المنطقية والطبيعية واإللهية"‪ ،‬تقديم ماجد فخري‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬منشورات‬ ‫‪3‬‬

‫دار اآلفاق الجديدة‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪.201 :‬‬


‫() رشيد كالع‪" ،‬الخيال والتخييل عند حازم القرطاجني بين النظرية والتطبيق"‪ ،‬رسالة ماجستير في اللغة‬ ‫‪4‬‬

‫العربية وآدابها‪ ،‬الجزائر‪ ،‬جامعة منتوري‪ ،)2005( ،‬ص‪.16 :‬‬


‫() عبدالقاهر الجرجاني‪" ،‬أسرار البالغة"‪ ،‬تعليق محمود شاكر‪ ،‬دار المدني‪( ،‬جدة)‪ ،‬السعودية‪ ،‬ص‪.245 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪11‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫أن التخيل كذب وخداع‪ .‬وهذا ما استمده من المعنى اللغوي وما ورد في القرآن الكريم من آيات‬
‫تناولت معنى الخيال والتخيُّل‪ ،‬مثل قوله تعالى في سورة طه‪:‬‬

‫صيُّهُ ْم‪ُ  ‬ي َخَّي ُل ِإلَ ْي ِه‪ِ  ‬م ْن‪ِ  ‬س ْح ِر ِه ْم‪ََّ  ‬أنهَا تَ ْس َعى)) (طه‪.)66 :‬‬
‫((فَِإ َذا ِحبالُهم و ِع ِ‬
‫َ ُْ َ‬
‫وحديثًا يع ِّرف (ش وقي ض يف) الخي ال بأن ه ‪:‬الملَك ة التي يس تطيع به ا األدب اء أن يؤلف وا‬
‫صورهم‪ ،‬التي تأتي من إحساسات سابقة ال حصر لها‪ ،‬وهي تختزل في عقل الشاعر وتكمن في‬ ‫َ‬
‫زمن ا ح تى يحين ال وقت فيؤل ف منه ا الص ور ال تي يري د ان يب دعها‪ .‬والخي ال عن د األدب اء‬
‫مخيلت ه ً‬
‫(‪)1‬‬
‫يقوم على استدعاء المحسوسات والمدركات‪ ،‬ثم بنائها من جديد‪.‬‬

‫أيض ا في األدب‬
‫ك ل ه ذه األفك ار في الخي ال والمتخي ل‪ ،‬وإ ن ك انت في الش عر‪ ،‬فهي ً‬
‫والرواية والقصيدة وغيرها من اآلداب والفنون‪ .‬فالخيال األدبي قدرة عقلية تم ّكن المف ّك ر واألديب‬
‫من اكتش اف الجدي د والمبتك ر‪ ،‬وه و م ا ي وازي الواق ع أو ينطل ق من ه ليعي د رس مه بطريق ة تالئم‬
‫األديب‪.‬‬

‫إن الخيال في الرواية أو القصة أو المسرح يكون وراء خلق الصور في نصوص لهذه‬
‫الفنون واآلداب‪ِّ ،‬‬
‫وبث الروح فيها‪ ،‬وهو يتكون كنتيجة لعمق المعرفة وتراكمات الترجمة للواقع‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫فكما في الشعر‪ ،‬فالخيال في اآلداب األخرى وفي المسرح هو ملَكة يستطيع بها األديب‬
‫(‪)3‬‬
‫تكوين الصور وحفظها في العقل الباطن‪ ،‬ثم استداعائها للواقع عند الكتابة‪ ،‬وذلك موهبة‪.‬‬

‫ويس تخلص من ه ذا أن الخي ال في الش عر والرواي ة والقص ة والمس رح وغيره ا من‬


‫الفن ون واآلداب ه و ال دافع والمحف ز الق وي ال ذي ي دفع األديب إلب داع عمل ه‪ ،‬وبث ال روح في ه‬
‫وتحس ها حواس القارئ أو المشاهد‪ ،‬ليرى‬
‫ُّ‬ ‫وتحويله من واقع جامد إلى روح سحرية تُرى وتُسمع‬
‫بصمة الكاتب والروائي الخاصة في الشكل والمضمون واللغة‪.‬‬

‫ومقياس ا لإلب داع والكتاب ة اإلبداعي ة بأش كالها كاف ة‪ .‬وإ ن أي‬
‫ً‬ ‫إذن فالخي ال ق د أص بح أداة‬
‫عمل إبداعي ال يمكن أن يخلو من الخيال بأي حال من األحوال‪ ،‬وإ ال كان عمالً ليست فيه روح‪.‬‬
‫ول وال ه ذا المتخي ل لتش ابهت أعم ال كث يرة دون التمي يز بينه ا‪ ،‬فالخي ال ه و ال ذي يم يز العم ل‬

‫() شوقي ضيف‪" ،‬في النقد األدبي"‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،)2004( ،9‬ص‪.167 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() مفيدة سلطاني‪ ،‬ونوال غربي‪" ،‬المتخيل السردي في رواية عائشة لحواء حنكة"‪ ،‬كلية اآلداب واللغات‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫قسم اللغة واألدب العربي‪ ،‬جامعة الشهيد حمه لخضر‪ ،‬الجزائر‪ ،)2018( ،‬ص‪.30 :‬‬
‫() أحمد مطلوب‪" ،‬معجم مصطلحات النقد العربي القديم"‪ ،‬مكتبة لبنان للنشر‪ ،‬لبنان‪،‬ط‪ )2001( 1‬ص‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪.224‬‬

‫‪12‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫اإلبداعي الحقيقي‪ ،‬وهو ما يخرج األعمال اإلبداعية العظيمة للنور لنراها ونستمتع بها ونستفيد‬
‫مما وراءها‪.‬‬

‫أحيان ا بين (الخي ال) و(المتخي ل)‪ ،‬وذل ك لم ا بين‬


‫ً‬ ‫ويالح ظ فيم ا س بق إمكاني ة الم زج‬
‫اللفظتين من تناغم وتناسق في الثقافة العربية يكاد يصل للتوحُّد في المعنى‪ ،‬ولكن هناك فروقات‬
‫يمكن معرفتها‪ ،‬عند الوقوف على المعنى األصيل للفظة (المتخيل)‪.‬‬

‫المتخيل‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫مفهوم‬
‫(المتخيَّل) لفظة لها أكثر من داللة في اللغة العربية‪:‬‬

‫حيث تستخدم كـ (صفة) تصف ما يوجد في مخيلة األديب‪ ،‬وليس له حقيقة واقعية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وتستخدم كـ (اسم مفعول) لتدل على األفكار والصور التي يتيخلها األديب‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ويعنى بها النتاج الذي ينتجه األديب‪.‬‬
‫وتستخدم كـ (اسم) ُ‬ ‫‪-‬‬

‫فعلى المس توى الثق افي فإن ه مص طلح اس تُعير من علم اإلنثروبولوجي ا وعلم الت اريخ‬
‫يكنها شعب أو طائفة أو مذهب أو طبقة‬ ‫ويعنى به جملة األحكام العامة والمسبقة‪ ،‬التي ُّ‬
‫الحديث‪ُ ،‬‬
‫تج اه أخ رى‪ .‬وه ذه اللفظ ة ت دل على مجموع ة األفك ار الذهني ة والص ور في ال ذاكرة الجماعي ة‪،‬‬
‫واع وال محسوس من‬
‫وال تي يمكن أن تستثار في وقت ما كن وع من أن واع رد الفع ل‪ ،‬وبش كل ال ٍ‬
‫قبل الكتاب والمبدعين والمؤلفين(‪.)2‬‬

‫والتصور‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫الفارق بين التخيُّل‬
‫على م ا بينهم ا من تق ارب في المع نى والمفه وم‪ ،‬يك اد يوج د ن وع من االلتب اس‪ ،‬إال أن ه‬
‫يمكن التمي يز بين المص طلحين هك ذا‪ .‬التص ور استحض ار لص ورة موج ودة بالفع ل في ذاك رة‬
‫وغالب ا م ا ت أتي مطابق ة للص ورة الواقعي ة الموج ودة على أرض الواق ع‪ .‬إذن‬
‫ً‬ ‫اإلنس ان وذهن ه‪،‬‬
‫فالتصور أقرب للواقع المشاهد من الخيال‪ .‬أما التخيُّل فهو صورة قريبة للخيال أكثر من الواقع‪،‬‬
‫ُّ‬
‫ب ل إن التخيُّل في أحي ٍ‬
‫ان كث يرة يك ون ص عب التحق ق على أرض الواق ع ومس تحيالً في أحي ان‬
‫(‪)3‬‬
‫أخرى‪.‬‬

‫() فائزة بن خليفة‪" ،‬مصطلحا الخطاب والمتخيل عند محمد لطفي اليوسفي"‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية اآلداب‬ ‫‪1‬‬

‫واللغات‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح‪ ،‬الجزائر‪ ،)2012( ،‬ص‪.157 :‬‬


‫(( المرجع السابق‪ ،‬ص‪.157 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ‪  ‬إاليزا وولتن‪ ،‬مقال إلكتروني‪ ،‬عن "الخيال العلمي"‪ ،‬نشرة واشنطن عن مكتب برامج اإلعالم الخارجي‬ ‫‪3‬‬

‫بوزارة الخارجية األميركية‪ ،‬نقالً عن بربارة براون‪" ،‬العقل المتفوق"‪ ،‬نسخة إلكترونية‪ ،‬اطلع عليها بتاريخ‪:‬‬

‫‪13‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫‪ 10‬إبريل ‪https://annabaa.org/nbanews/68/139.htm .2022‬‬

‫‪14‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫المبحث الثاني‬
‫التعريف باألديب (ألفريد فرج)‬
‫أوالً‪ :‬مولده ونشأته ووفاته‪:‬‬
‫"ألفري د م رقس ف رج" ك اتب مص ري‪ ،‬من رواد كتَّاب المس رح المص ري والع ربي‪ ،‬ول د‬
‫في قري ة (كف ر الص يادين‪ ،‬مرك ز الزق ازيق الش رقية ‪ ،)1929‬ونش أته الحقيقي ة ك انت في‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬حيث ظل بها حتى نهاية دراسته في جامعاتها‪ ،‬وقد تخرج في كلية اآلداب قسم اللغة‬
‫(‪)1‬‬
‫اإلنجليزية عام ‪ ،1949‬وعمل مدرسا للغة اإلنجليزية بعد تخرجه لعدة سنوات‪.‬‬

‫عم ل (ألفري د ف رج) ببعض الوظ ائف مث ل‪ :‬مستش ار ب رامج الف رق المس رحية بالثقاف ة‬
‫أدبي ا للهيئ ة العام ة للمس رح والموس يقى‪ ،‬ثم م دير للمس رح‬
‫الجماهيري ة‪ ،‬ومن ثم مستش ًارا ً‬
‫الكومي دي‪ ،‬ون ال ج ائزة (س لطان الع ويس) س نة ‪ ،1992‬وعم ل ب الجزائر من ع ام ‪ 1973‬وح تى‬
‫‪ 1979‬مستش ًارا إلدارة الثقاف ة بمدين ة وه ران وإلدارة الثقاف ة ب وزارة التربي ة والتعليم الع الي‪ ،‬ثم‬
‫محررا ثقافيًّا في الصحف العربية فيها‪ )2(.‬توفي (ألفريد فرج) عام ‪ 2005‬عن عمر‬ ‫ً‬ ‫عمل بلندن‬
‫(‪)3‬‬
‫عاما‪ ،‬بعد إصابته بمرض السرطان‪ ،‬ودفن جثمانه في مدينة اإلسكندرية‪.‬‬
‫يناهز ستة وسبعين ً‬
‫ثانيا‪ :‬التكوين الثقافي واالجتماعي والنفسي للكاتب‪:‬‬
‫ً‬
‫األســرة‪:‬‬
‫ك انت اإلس كندرية في األربعيني ات من القرن الماضي محطَّ أنظ ار َّ‬
‫الفن والمس رح‪ ،‬فقد‬
‫ج ذبت ك ل عناص ر ال دراما البش رية في ح وض المتوس ط من بن ائين ومغ امرين وتج ار وش عراء‬
‫وح المين ومس رحيين‪ .‬البورص ة تنبض بالحي اة‪ .‬المق اهي ع امرة ح تى س اعات الص باح األولى‪.‬‬
‫عطور أجنبية تمتزج ببخور شرقي وبروائح المسك والعنبر والتوابل الحارة الحادة وأنفاس البح ر‬
‫الغامرة‪.‬‬

‫يق ول (ألفري د ف رج) عن أس رته‪" :‬ك انت أس رتي ميس ورة الح ال‪ ،‬فهي أس رة تنتمي إلى‬
‫المتوس طة‪ ...‬فالوظ ائف الّ تي ك ان أبي وأعم امي يش غلونها لم تكن وظ ائف قيادي ة ‪ ،‬في‬
‫ّ‬ ‫الطبق ة‬

‫(( عمرو دوارة‪" ،‬وداعًا شيخ المسرحيين"‪ ،‬المحيط الثقافي‪ ،‬ع ‪ ،51‬القاهرة‪ ،)2006( ،‬ص‪.106 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫( ( مجدي رياض‪" ،‬رحلة في عالم هؤالء‪ ،‬صالح أبو سيف‪ ،‬ألفريد فرج‪ ،‬فاروق خورشيد"‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار‬ ‫‪2‬‬

‫التضامن‪ ،)1989( ،‬ص‪.137 :‬‬


‫(( مقال إلكتروني‪ ،‬منشور بجريدة الرأي األردنية‪ ،‬بعنوان‪" :‬الموت يغيب الكاتب المسرحي ألفريد فرج"‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫العدد (‪ ،)12858‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬تاريخ النشر‪ ،)2005( /6/12 :‬ج‪ ،2‬ص‪.42 :‬‬

‫‪15‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫ال وقت نفس ه لم تكن في الم راتب ال دنيا"‪ .‬وك انت الفك رة في أس رتي وفي الطبق ة االجتماعي ة ال تي‬
‫(‪)1‬‬
‫أنتمي إليها أن التعليم هو الفصل بين النجاح والفشل"‪.‬‬

‫وكما زحف على االسكندرية الماليين من الشام وايطاليا واليونان وأرمينيا وتركيا من‬
‫مسيحيين ويهود ومسلمين زحف الفالحون ومنهم أسرة ألفريد فرج) التي جاءت من الشرقية بحث اً‬
‫عن وظيفة تليق باألب المتعلم المثقف‪ ،‬الذي ألحق ابنه بإحدى مدارس اإلسكندرية‪ .‬لكن المدرسة‬
‫الحقيقية ربما كانت في البيت حيث المكتبة عامرة بأهم الكتب والمجالت األدبية باللغتين العربية‬
‫(‪)2‬‬
‫واإلنكليزية‪.‬‬

‫ك ان ألس رة (ألفري د ف رج) دور كب ير في تش كيل خلفيت ه الثقافي ة والفكري ة‪ ،‬حيث ك ان‬
‫ألس رته اهتمام ات ثقافي ة ع دة‪ ،‬فعم ه األك بر ك ان يع زف على الع ود ويغ ني أغ اني (س يد درويش‬
‫وعب ده الح امولي)‪ ،‬أم ا وال ده فك انت هوايات ه الق راءة والكتاب ة وخاص ة الفلس فة وال تراث الش عبي‬
‫الع ربي‪ ،‬وق د كتب كت ابين في حيات ه عن (نيتش ه وش وبنهور)‪ ،‬وك انت ل دى األس رة مكتب ة كب يرة‬
‫وقيمة وجد (ألفريد) فيها كتب (الجاحظ والعقد الفريد واألدب الكبير واألدب الصغير)‪ ،‬ويؤكد أنه‬
‫استقى االهتمام بعالم المسرح من والده‪ )3(.‬وقد عاش (ألفريد) في هذه البيئة الثقافية الفكرية مما‬
‫جعله يحب الفن واألدب والمسرح‪.‬‬

‫التعليم‪:‬‬
‫كان للمدرسة دور كبير في التكوين الثقافي ألفريد فرج‪ ،‬بداية من مرحلة المدرسة التي‬
‫تعلم فيها الشعر واألدب واللغة‪ ،‬ثم في مرحلة الجامعة‪ ،‬حيث درس اللغة اإلنجليزية واطلع على‬
‫كتابات األدب العالمي‪.‬‬

‫المدرسة‪:‬‬

‫() مجدي رياض‪" ،‬رحلة في عالم هؤالء‪ ،‬صالح أبو سيف‪ ،‬ألفريد فرج‪ ،‬فاروق خورشيد"‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار‬ ‫‪1‬‬

‫التضامن‪ ،)1989( ،‬ص‪ 135 :‬وما بعدها‪.‬‬


‫( ) أسامة الغزولي‪ " ،‬الفريد فرج ‪ ..‬انسان في الظل وكاتب في قلب االضواء"‪ ،‬مقال منشور بجريدة القبس‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫طلع عليه بتاريخ‪ 15 :‬إبريل ‪https://alqabas.com/article/52614 ،2022‬‬ ‫‪ 25‬ديسمبر (‪ ،)2005‬ا ُّ‬


‫(( مجدي رياض‪" ،‬رحلة في عالم هؤالء ‪ ،"...‬ص‪.137-136 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪16‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫لحس ن ح ظ (ألفري د) ‪-‬في ص غره أن أح د مدرس يه في تل ك المدرس ة الس كندرية أس تاذ‬


‫اس مه (محم د مص طفى س امي)‪ ،‬أص بح فيم ا بع د علم ا من أعالم االخ راج المس رحي والس يناريو‬
‫السينمائي‪.)1(.‬‬

‫واحدا من أعضاء‬
‫ً‬ ‫تولى (سامي) إنشاء فريق التمثيل بالمدرسة واختار الطفل (ألفريد)‬
‫الفري ق‪ .‬ولفت نظ ره أن ه ذا الص غير الق ادم من (محافظ ة الش رقية) ال تي تنطق لهج ة شبه بدوي ة‬
‫قريب ة من لهج ات س يناء وجن وب فلس طين ق د أج اد اللهج ة الس كندرية ذات الج رس المغ ربي‬
‫والمتأثرة باأللسنة األعجمية الكثيرة التي ترطن‪ ،‬ليل نهار‪ ،‬في شوارعها وأسواقها وابنيتها‪ ،‬دون‬
‫أن يفقد تمكنه من اللهجة األصلية‪.‬‬

‫وعندما علمه (سامي) هو وزمالءه الصغار النص الفصيح الذي كان عليهم أن يؤدوه‪،‬‬
‫حيث كان التمثيل على المسرح المدرسي‪ ،‬حتى قيام ثورة يوليو ‪ ،1952‬قاصرا على نصوص‬
‫بالعربية الفصحى‪ ،‬وكان المسرح مجرد وسيلة للتدريب على الخطابة الفصيحة والبالغة العربية‬
‫وممارسة الوعظ الديني واالجتماعي‪ ،‬أظهر (ألفريد) الصغير براعة بالغة في تقليد نطق المدرس‬
‫(‪)2‬‬
‫ـ المخرج بالعربية الصحيحة‪.‬‬

‫وتعبيرا عن إعجابه بتلميذه الصغير هتف المدرس ـ المخرج‪ :‬هذا هو الممثل‪ ،‬إنه قادر‬
‫ً‬
‫على النطق بأكثر من لهجة‪.‬‬

‫لكن بسبب حياء (ألفريد) وضعف بنيته لم يرشح قطُّ للبطولة أو لألدوار البارزة الالفتة‬
‫لألنظار في مسرح مدرسي يقوم على نصوص تدور كلها حول عبادة البطل المخلّص في فترة‬
‫األربعين ات ال تي ك انت مقدم ة طويل ة لظه ور البط ل في الس نوات ‪ 1952‬ـ ‪ .1956‬فلج أ (ألفري د)‬
‫إلى تعزيز دوره عبر النصوص التي تذخر بها مكتبة أبيه يقتبس منها عبارات جميلة وضاحكة‬
‫وذكية والفتة ليضيفها‪ ،‬من تلقاء نفسه إلى دوره ويفاجئ بها الجميع على خشبة المسرح خاصة‬
‫عن دما تنجح ه ذه العب ارات في كس ر الرتاب ة الممل ة ال تي يتص ف به ا المس رح المدرس ي التعليمي‬
‫التوجيهي الوعظي فيضحك الجمهور بعد أن كان يتثاءب ويصفق إعجابا بعد أن كاد يقتله الملل‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫() أسامة الغزولي‪ " ،‬الفريد فرج ‪ ..‬انسان في الظل وكاتب في قلب االضواء"‪ ،‬مقال منشور بجريدة القبس‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫طلع عليه بتاريخ‪ 15 :‬مارس ‪،2022‬‬ ‫‪ 25‬ديسمبر (‪ ،)2005‬ا ُّ‬


‫‪https://alqabas.com/article/52614‬‬
‫() أسامة الغزولي‪ " ،‬الفريد فرج ‪ ..‬انسان في الظل‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() مجدي رياض‪" ،‬رحلة في عالم هؤالء‪ ،"...‬ص‪.137 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪17‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫الجامعة‪:‬‬
‫إضافة إلى ذلك كانت دراسته للغة اإلنجليزية ‪-‬كما ذكرت‪ -‬عامالً في اهتمامه باألدب‬
‫الع المي‪ ،‬حيث درس أش عار (‪ )T.S. Eliot‬و (‪ )Coleridge‬وشكس بير‪ ،‬وأس هم اتص اله م ع‬
‫زمالئه في اطالعه على دواوين الشعر الفرنسي‪ .‬كما قرأ في مكتبة والده لـ (برناردشو وهـ ك‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ويلز‪ ،‬وجون راسكن‪ ،‬وديكنز‪ ،‬وباسكال) وغيرهم الكثير‪.‬‬

‫ورغم ذلك‪ ،‬فإن بدايات الكاتب (ألفريد فرج) كانت مع مسرح األفكار الذي انتسب إلى‬
‫(توفي ق الحكيم) في مص ر‪ .‬ب ل ك ان يص ر على ه ذا الن وع من المس رح لكي ينق ذ النص وص‬
‫المس رحية من ه ذه المبالغ ة الميلودرامي ة واالب يزال الته ريجي‪ .‬لكن حس ه الفك اهي لم يغب عن‬
‫‪2‬‬
‫نصوصه المسرحية‪ ،‬من البداية الى النهاية‪.‬‬

‫وب ذلك تش كلت رؤي ة فني ة مس رحية ل دى (ألفري د ف رج)‪ ،‬من ذ ص غره باطالع ه على‬
‫مشحونا بأحاديث (توفيق الحكيم وأحمد الصاوي محمد وطه حسين)‬
‫ً‬ ‫المسرح العالمي‪ ،‬وقد كان‬
‫(‪)3‬‬
‫عن الثقافة والحضارة الغربية‪ ،‬حيث الموسيقى والرسم واآلداب والمسرح‪.‬‬

‫لذلك اندفع (ألفريد) هو وجيله لقراءة الثقافات الغربية والمشاركة في الجمعيات الثقافية‬
‫مثل جمعية الشعر في الجامعة وجمعية الشباب المسلمين‪ ،‬وجمعية الشباب المسيحيين‪ ،‬وغيرها‬
‫من األنشطة والفعاليات الثقافية‪.‬‬

‫مدرس ا للغة اإلنجليزية لمدة س ت س نوات من (‪1949‬‬


‫ً‬ ‫عمل (ألفريد فرج) بعد تخرج ه‬
‫إلى ‪ ،)1955‬بج انب العم ل األدبي بالص حف والمجالت‪ ،‬ثم تف رغ للعم ل الص حفي في جري دة‬
‫(‪)4‬‬
‫الجمهورية‪.‬‬

‫وفي فجر نشاطه كمؤلف مسرحي وجد (ألفريد فرج) نفسة أمام مهمة لم يكن يستطيع‪-‬‬
‫مسرحيا من فصل واحد‪ ،‬ضمن‬
‫ً‬ ‫أو حتى يرغب‪ -‬أن يهرب منها؛ وهي أن أتيح له أن يقدم عماًل‬
‫احتفالية قدمت ثالثة نصوص كلها من فصل واحد‪ ،‬على خشبة المسرح القومي‪ ،‬أعرق المسارح‬
‫(‪)5‬‬
‫وطنيا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ضروريا أن يكون النص‬
‫ً‬ ‫العربية قاطبة وكان‬

‫() مجدي رياض‪" ،‬رحلة في عالم هؤالء‪ ."...‬ص ‪.148‬‬ ‫‪1‬‬

‫(( عمرو دوارة‪" ،‬المحيط الثقافي"‪ ،‬ص‪105 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() المرجع السابق‪ ،‬ص‪.148 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() عمرو دوارة‪" ،‬المحيط الثقافي"‪ ،‬ص‪.106 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() أسامة الغزولي‪ " ،‬الفريد فرج ‪ ..‬انسان في الظل وكاتب في قلب االضواء"‪ ،‬مقال منشور بجريدة القبس‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ 25‬ديسمبر (‪https://alqabas.com/article/52614 ،)2005‬‬

‫‪18‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫ثالثًا‪ :‬النشاطات الخارجية‪:‬‬


‫شارك (ألفريد) في عدة جمعيات ثقافية مثل (جمعية الشعر) في فترة جامعته‪ ،‬و(جمعية‬
‫الشباب المسلمين) و(جمعية الشباب المسيحيين)‪ ،‬وكان يلتقي مع طلبة كلية اآلداب وأساتذتها‪.‬‬

‫وقد بلورت الظروف السياسية واالقتصادية واالجتماعية التي عاشها المجتمع المصري‬
‫في الخمس ينيات والس يتينيات كث ًيرا من س يرة (ألفري د) الفكري ة والسياس ية وش كلت وعي ه ب الوطن‬
‫والجمهور‪.‬‬

‫ارتبط (ألفريد فرج) بإحدى الحركات اليسارية المصرية في فترة الستينيات‪ ،‬مما تسبب‬
‫في اعتقاله لعدد من السنوات بين عامي (‪ .)1964 -1959‬وبعد مرور هذه المحنة‪ ،‬تمكن من‬
‫(‪)1‬‬
‫الحصول على منحة تفرع من وزارة الثقافة‪.‬‬

‫ومن ثم فقد أسهمت أمور كثير في بناء (ألفريد فرج) الفكري والسياسي‪ ،‬ومنها الحرب‬
‫العالمي ة الثاني ة ال تي أث رت في ه كث يرا حيث ق ال‪" :‬أعلنت الح رب وكنت في الرابع ة االبتدائي ة‪،‬‬
‫وكانت سنوات عصيبة‪ ،‬تجبر الجميع على التساؤل‪ :‬لماذا الحرب؟ وكيف؟ ولمن؟ ومن هؤالء؟‬
‫(‪)2‬‬
‫ولماذا أو إلى أين الهجرة؟"‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬النشاطات السياسية‪:‬‬


‫ً‬
‫ك ان لث ورة (‪ )1952‬ت أثيرات ش تى في المجتم ع المص ري‪ ،‬وفي القلب من ه الفن‬
‫والمس رح‪ ،‬ال ذي مثَّل راف ًدا ش عبيًّا ورس ميًّا للتعب ير عن طموح ات الث ورة والجي ل الجدي د ال ذي‬
‫يس تقبل الحري ة واالس تقالل والمس اواة‪ .‬وق د تفاع ل (ألفري د ف رج) م ع ه ذا الح دث السياس ي‬
‫االجتماعي وواكب الوعي المجتمعي الذي أحدثته الثورة‪ ،‬لذا كات بدايات مسرح (فرج) تقع في‬
‫‪3‬‬
‫القلب من الحركات االجتماعية والسياسية التي تأججت في هذه الحقبة‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫وكان المسرح المصري إبَّان ثورة يوليو على ثالثة أشكال‪.:‬‬

‫() مجدي رياض‪" ،‬رحلة في عالم هؤالء‪ ،‬صالح أبو سيف‪ ،‬ألفريد فرج‪ ،‬فاروق خورشيد"‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار‬ ‫‪1‬‬

‫التضامن‪ ،)1989( ،‬ص‪.136 :‬‬


‫() مجدي رياض‪" ،‬رحلة في عالم هؤالء ‪ ،"...‬ص‪.139 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫(( مجدي رياض‪" ،‬رحلة في عالم هؤالء ‪ ،"...‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 143-141 :‬بتصرف‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() لقمان محمود‪" ،‬التراث في مسرح ألفريد فرج‪ ، ،‬ص‪ ،17 :‬عدد ‪ ،15‬يناير‪.)1999( ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪19‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫الشكل األول‪:‬نرى فيه المسرحيات االجتماعية ذات النزعة النقدية البارزة‪ ،‬ومن روادها‬
‫(نعمان عاشور‪ ،‬وسعد الدين وهبة‪ ،‬ولطفي الخولي)‪ ،‬وفيه يقدم المسرح رؤية كوميدية نقدي ة ذات‬
‫أيضا‪.‬‬
‫مغزى سياسي واضح‪ ،‬وكان ألفريد فيه عدد من اإلسهامات ً‬
‫الشكل الثاني‪ :‬من المسرح تمثَّل في المسرحيات التراثية والتاريخية‪ ،‬وهو مسرح نهل‬
‫من الت اريخ المص ري والع ربي ع بر العص ور‪ ،‬ويق دم وجب ة تراثي ة دس مة وذات مض مون عمي ق‬
‫للجمه ور‪ ،‬ومن رواد ه ذا المس رح بطبيع ة الح ال (ألفري د ف رج‪ ،‬وش وق عب دالحكيم‪ ،‬ومحم ود‬
‫دياب)‪.‬‬

‫الش كل الث الث‪ :‬من المس رح ق َّدم المس رحيات السياس ية المعاص رة والمعبِّرة عن واق ع‬
‫وأيض ا أسهم فيه ألفريد فرج‬
‫ً‬ ‫األمة‪ ،‬ومن أعمدته (عبدالرحمن الشرقاوي‪ ،‬وصالح عبدالصبور)‪،‬‬
‫بسهم وافر‪.‬‬

‫وقد أخرج (ألفريد فرج) واحدة من أولى مسرحياته (صوت مصر) عام ‪ ،1956‬معب ًِّرا‬
‫فيها عن واقع األزمة المصرية خالل الحرب‪ ،‬وأبرز دور المقاومة الشعبية في بورسعيد‪ ،‬وتنبَّأ‬
‫ب زوال االحتالل ودح ره‪ ،‬غ ير أن الط ابع الغ الب على أولى ه ذه المس رحيات النزع ة القومي ة‬
‫ومحارب ة االس تعمار أك ثر من المع ايير الفني ة للش كل والمض مون‪ ،‬فك انت مس رحياته األولى تق دم‬
‫(‪)1‬‬
‫مباشرا ضد التوجه االستعماري‪.‬‬
‫ً‬ ‫تحريضا‬
‫ً‬
‫يق ول ألفري د ف رج‪" :‬إن ني أهتم ب إطالع الن اس على أفض ل م ا فيهم‪ ،‬ربم ا أري د أن أبين‬
‫(‪)2‬‬
‫إنسانا"‪.‬‬
‫ً‬ ‫لآلخرين أن اإلنسان تحت أقصى الضغوط يمكن أن يظل‬

‫وخالل ح رب (‪ )1967‬س اد المس رح التج اري‪ ،‬والمس رحي الم والي للس لطة‪ ،‬على‬
‫مستمرا على النهج االجتماعي الشعبي األصيل‪ ،‬ففي‬
‫ًّ‬ ‫خالف هذا السائد‪ ،‬كان مسرح (ألفريد فرج)‬
‫مس رحية (الن ار والزيت ون‪ ، )1970،‬يرك ز على ض رورة الث ورة االجتماعي ة والسياس ية‬
‫واستمرارها لمحو الهزيمة والنكسة‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬شخصية (ألفريد فرج)‪:‬‬


‫ً‬
‫يس رد لن ا (أس امة الغ زولي) ج وانب قص يرة من شخص ية (ألفري د ف رج) ظه رت ل ه في‬
‫لقاءات خاطفة معه‪ ،‬يقول عنه حين التقاه في فرنسا‪:‬‬

‫() لقمان محمود‪" ،‬التراث في مسرح ألفريد فرج‪ ، ،‬ع‪ ،15‬يناير‪ ،)1999( ،‬ص‪19 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() يعقوب لنداو ‪" :‬دراسات في المسرح والسينما عند العرب"‪ ،‬ع ‪ ،50‬ص‪.15 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪20‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫"تعددت لقاءاتي مع (ألفريد فرج) ‪ ..‬وفي كل هذه اللقاءات كان (ألفريد فرج) يلتقي فقط‬
‫بثالث ة أش خاص من معارف ه المقربين‪ ،‬وداخ ل هذه ال دائرة ب دا لي أن ه يتحص ن بحص نين داخليين‬
‫ٍ‬
‫وحرص‬ ‫أكثر مناعة‪ :‬تحفظ طبيعي‪ ،‬ربما جاء من طبيعة منطوية وخجل يتميز بها المبدعون‪،‬‬
‫على أن ال يق ول أو يفع ل أال الض روري ج ًّدا من األق وال واألفع ال‪ .‬إنه ا واقعي ة س لوكية مث ل‬
‫الواقعية التي تربى عليها األدباء في مدارس الكادر الماركسية في التنظيمات الشيوعية"(‪.)1‬‬

‫لكن ه ذه الواقعي ة ك انت تنط وي على ق در من االع تراف بص عوبة الظ روف وبقس وة‬
‫وكثيرا من كرامته‪،‬‬
‫ً‬ ‫بعضا من عمره‬
‫القوى الباحثة التي تتربص بكل من يخرج على الخط لتسلبه ً‬
‫وربما نور حياته كما جرى لشعراء المعتقالت من كل التيارات‪.‬‬

‫روى (عبدالسالم مبارك) أنه كان يقف مع (ألفريد) وعدد من رفاقه اآلخرين في إحدى‬
‫س احات المعتق ل عن دما هت ف مناض ل ش يوعي بأس لوب خط ابي مب الغ في ه متس ائاًل ‪ :‬وه ل ي رهب‬
‫المناضلين سجن وسجان؟ ورد عليه (ألفريد)‪" :‬أيوه يا اخويا بيرهب ونص"‪ .‬هذه مرارة إنسان‬
‫أيض ا س خرية مرح ة تم د بس اط الي أس ثم‬
‫ع انى األم َّرين في وطن ه في ف ترة من الف ترات‪ ،‬لكنه ا ً‬
‫فيضا من االبتسامات(‪.)2‬‬
‫تطويه في لمح البصر لتكتشف تحته ً‬
‫ويواص ل (الغ زولي)‪" :‬وهك ذا ك ان (ألفري د ف رج) ال ذي تع ددت لق اءاتي مع ه‪ ،‬فوجدت ه‬
‫يسكن في شقة في برج الموت واأللغاز في (ايد جويد رود)‪ ،‬الذي يقصده مشاهير المصريين‪،‬‬
‫وال ذي ش هد انتح ار (اللي ثي ناص ف) بط ل ث ورة التص حيح في بداي ة عه د الس ادات‪ ،‬وال ذي ش هد‬
‫أيضا انتحار الفنانة (سعاد حسني"‪" .‬أول لقاء لي معه كان في مسكن أحد الصحافيين المصريين‬‫ً‬
‫في ذلك البرج السكني‪ ،‬وفي ذلك اللقاء قال‪" :‬إن صيغة االتحاد االشتراكي (التحالف) ذات البعد‬
‫االجتم اعي الواض ح لمختل ف الق وى الوطني ة‪ ،‬هي الص يغة السياس ية األفض ل لمص ر"‪ .‬وأظن أن‬
‫عام ا‪ ،‬عندما‬
‫فكرة الحزب المهيمن هي ذاتها فكرة االتحاد الذي تحدث عنه (ألفريد) قبل عشرين ً‬
‫لم يكن أحد يتحدث عن االتحاد االشتراكي(‪.)3‬‬

‫إذن فـ (ألفريد) حتى في سنواته األخيرة كان ال يزال يؤمن بحتمية (العدالة االجتماعية)‪،‬‬
‫وض رورة المس اواة بين الطبق ة‪ ،‬والتوزي ع الع ادل لل ثروات‪ ،‬وهي األفك ار ال تي دارت حوله ا‬
‫النظرية الماركسية‪.‬‬

‫( ( أسامة الغزولي‪" ،‬إنسان في الظل وكاتب في قلب االضواء"‪ ،‬مقال بمجلة القبس الكويتية‪ ،‬عدد ‪ ،‬بتاريخ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 25‬ديسمبر (‪: https://alqabas.com/article/52614 ،)2005‬‬


‫( ( أسامة الغزولي‪" ،‬إنسان في الظل وكاتب في قلب االضواء"‪ ،‬مقال بمجلة القبس الكويتية‪ ،‬ع))دد ‪ ،‬بت))اريخ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 25‬ديسمبر (‪: https://alqabas.com/article/52614 ،)2005‬‬


‫(( أسامة الغزولي‪" ،‬إنسان في الظل‪ "..‬المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪21‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫ولم ا تع ددت لقاءاتن ا ت بين لي أن ه ذا الرج ل يعت بر أن حيات ه اكتملت وتش كلت محاوره ا‬
‫وعالقتها‪ ،‬وأن كل ما تبقى هو‪ -‬بشكل ما‪ -‬إعادة لما سبق مع تعديالت طفيفة‪.‬‬

‫"متى اكتملت هذه الحياة؟ أو متى كانت النهاية الحقيقية لعمر امتد بعد ذلك؟ ليس لي إال أن‬
‫أخمن‪ .‬لك ني أظن أن ذل ك ح دث في ت اريخ م ا بين ‪ 5‬يوني و ‪ 1967‬و‪ 28‬س بتمبر ‪ ."1971‬وه ذا‬
‫الذي باح به (صالح جاهين) صراحة من أن حياته انتهت مع نهاية حياة عبدالناصر ‪ ،‬وهو ما‬
‫(‪)1‬‬
‫شعر به (ألفريد فرج) وآخرون غيره‪ ،‬من مبدعين وسياسيين‪".‬‬

‫لم يتعل ق (ألفري د ف رج) بعب د الناص ر كم ا تعل ق ب ه (ص الح ج اهين)‪ .‬لم تكن في (ألفري د‬
‫كبيرا انتهى في ذلك‬
‫فرج) طفولة ظاهرة‪ .‬لم يكن يبحث‪ -‬صراحة‪ -‬عن أب أسطوري لكن شيًئا ً‬
‫اليوم من أيام الخريف‪.‬‬

‫انطوت صفحة اسمها القومية العربية وصفحة اسمها االشتراكية واألفكار الماركسية في‬
‫العدال ة والمس اواة‪ ،‬وصفحة اسمها التحرر الوط ني‪ ،‬انتهت بالنسبة لبعض الناس‪ ،‬وال يستبعد أن‬
‫(ألفري د ف رج) ك ان من ه ؤالء‪ ،‬ح تى إن انتق د (عبدالناص ر) بق وة رغم أن (ألفري د ف رج) ك ان‬
‫نموذج اً لالقتص اد التعب يري كم ا دع ا إلي ه أئم ة البالغ ة العربي ة للته وين البريط اني الم اكر‬
‫‪. )2(BRITISH UNDERS TATEMENT‬‬

‫المبحث الثالثـ‬
‫بداياته المسرحية‬
‫أوالً‪ :‬مسرح المدرسة‪:‬‬
‫ظل الطفل (ألفريد) أحد نجوم المدرسة طوال المرحلة االبتدائية ‪-‬كما ورد سابقًا‪ ،‬ألنه‬
‫غريبا أن يسعى فور‬
‫ً‬ ‫كان يشارك فى تمثيل المسرحيات التى يقدمها فريق المدرسة‪ ،‬ولهذا لم يكن‬
‫االلتح اق بالمرحل ة الثانوي ة لالنض مام إلى فري ق التمثي ل‪ ،‬ك ان الفري ق يق دم وف ق الوص ف الش ائع‬
‫مسرحيات "تربوية" مثل‪" :‬الوفاء بالوعد" و"العقوق" و"صالح الدين وملك اإلنجليز" و"عدالة عمر"‬
‫سنا فى الفريق يستأثرون باألدوار الطويلة ناهيك عن أدوار‬ ‫وما إليها‪ ،‬وكان زمالؤه األكبر منه ً‬
‫البطول ة‪ ،‬فال يبقى لمثل ه إال األدوار الثانوي ة‪ .‬ك ان األم ر طبيعيًّا فى البداي ة‪ ،‬لكن حين اس تمر‪،‬‬

‫( ( أسامة الغزولي‪" ،‬إنسان في الظل وكاتب في قلب االضواء"‪ ،‬مقال بمجلة القبس الكويتية‪ ،‬عدد ‪ ،‬بتاريخ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 25‬ديسمبر (‪: https://alqabas.com/article/52614 ،)2005‬‬


‫(( يعقوب لنداو ‪" :‬دراسات في المسرح والسينما عند العرب"‪ ،‬ع ‪ ،50‬ص‪.21 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪22‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫الصبى األسى‪ ،‬فراح يفكر فى‬


‫َّ‬ ‫ذلك‪،‬على الرغم من تقدم (ألفريد) فى صفوف المدرسة ‪ ،‬تملك‬
‫ونظرا إلى حيائه وضعفه البدنى جاء القصاص على نحو فريد‪ ،‬ذهب تفكيره‬
‫ً‬ ‫وسيلة للقصاص‪،‬‬
‫يسيرا عليه ارتجال مثل‬
‫إلى أن ينتقم لنفسه بإضافة عبارة هنا وعبارة هناك إلى دوره‪ ،‬ولم يكن ً‬
‫هذا األمر بالذات حين وصل إلى ضرورة أن تكون هذه العبارات "طنانة" تمكنه من سرقة الحلبة‬
‫من األبطال وأصحاب األدوار الكبيرة(‪.)1‬‬

‫وك انت للنش أة الثقافي ة والفكري ة في بيت ه‪ ،‬وال تي ع رجت عليه ا في المب احث الس ابقة‪،‬‬
‫والمكتبة الثرية التي خلفها له والده‪ ،‬كان لذلك أثر في اهتمامه أثناء بداياته المسرحية في دراسته‬
‫ب البحث عن العب ارات العربي ة الرنان ة ال تى تص لح للموض وعات "التربوي ة"‪ .‬وق د انش غل الص بى‬
‫وانهم ك و َك ّد فى كتاب ة العب ارات الرنان ة وإ خف اء أمره ا‪ ،‬ح تى اللحظ ة ال تي يف اجىء به ا زمالءه‬
‫خالل التمثي ل أثن اء الحف ل ب الخروج عن النص‪ ،‬فين تزع تص فيق المش اهدين على غ ير توق ع من‬
‫وبعيدا عنها فى عجب وحسد وحنق‪ ،‬بينما‬
‫ً‬ ‫الجميع‪ ،‬وزمالؤه يتبادلون النظرات من فوق المنصة‬
‫عاليا مع نجاح قصاصه(‪.)2‬‬
‫هو يحلق ً‬
‫لكن (ألفريد) تعرض لثورة عارمة من زمالئه الصغار مع تكرار األمر‪ ،‬وحاباه القدر‬
‫بأن يكون المشرف على فريق التمثيل هو الكاتب الفنان (رشاد حجازي) ‪ ،3‬الذى أدرك بألمحية‬
‫المؤل ف الخب ير نوعي ة ال براعم ال تى تتجلى فى "قص اص" (ألفري د)‪ ،‬فحم اه من ث ورة زمالئ ه‪ ،‬ب ل‬
‫(‪)4‬‬
‫شجعه‪ ،‬ليتواصل الجدل بين الكتب وملكاته وضرورات التأليف المسرحى!‬

‫علي واته امى ب الخروج عن النص؛ وبالزي ادة واإلض افة‬


‫‪ ‬يق ول (ألفري د)‪":‬وبع د الش غب َّ‬
‫علي أن أض يف إلى‬ ‫و"اختالس األض واء" وغ ير ذل ك‪ ،‬أص بح زمالئى يسترض وننى ويلح ون َّ‬
‫أدوارهم عب ارات طنان ة من ذات الن وع ال ذى ين تزع التص فيق‪ ،‬فكنت أفع ل على ق در اجته ادى‬
‫‪5‬‬
‫وتأكيداً لمكانتى بين زمالئى"‪.‬‬

‫‪ ‬اعتز والد (ألفريد) بتصفيق الجمهور البنه فى‪ ‬المسرح‪ ‬إثر اعتياد خروجه عن النص‬
‫وب دأت تداعب ه أحالم‪ ‬المس رح‪ ‬الكب ير‪ ،‬ال ذى تع ود الفرج ة علي ه كغ يره من الن اس الع اديين‪،‬‬
‫( ( منى خليل‪" ،‬ألفريد فرج وإبداع األصالة العربية"‪ ،‬جريدة الفنون‪ ،‬السنة السادسة‪ ،‬العدد ‪ ،63‬السنة‬ ‫‪1‬‬

‫السادسة‪،)2006( ،‬‬
‫(( يعقوب لنداو ‪" :‬دراسات في المسرح والسينما عند العرب"‪ ،‬ع ‪ ،50‬ص‪.21 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫(( قدم له‪ ‬المسرح‪  ‬القومى المصرى فيما بعد مسرحيات منها "بنت الجيران" و"حورية من المرسخ"‬ ‫‪3‬‬

‫() حوار صحفي مع الكاتب‪ :‬أشرف شهاب‪ ،‬نائب رئيس تحرير ديوان العرب ومراسلها في القاهرة‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪https://www.diwanalarab.com/‬‬
‫( ( منى خليل‪" ،‬ألفريد فرج وإبداع األصالة العربية"‪ ،‬جريدة الفنون‪ ،‬السنة السادسة‪ ،‬العدد ‪ ،63‬السنة‬ ‫‪5‬‬

‫السادسة‪،)2006( ،‬‬

‫‪23‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫فاصطحب طفله إلى مسرح "الحمراء" باإلسكندرية (على اسم قصر أثرى باألندلس‪ ،‬لكنه سمي‬
‫بع د ذل ك الهم برا) لمش اهدة مس رحية نجيب الريح انى "حكاي ة ك ل ي وم"‪ ،‬ف ذهل الطف ل من تمثي ل‬
‫ورا "نجيب الريح اني أعظم ممث ل فى‬
‫الفري ق‪ ،‬وعلى رأس ه (الريح اني) ذات ه‪ ،‬فب ادر وال ده مبه ً‬
‫مص ر" ليس أله الوال د‪" :‬ولكن ك لم ت ر غ يره ‪ ..‬لم ت ر يوس ف وه بي مثال"‪ ،‬وبع د ش هر اص طحبه‬
‫‪1‬‬
‫ليشاهدا معاً فى‪ ‬المسرح‪ ‬نفسه مسرحية (يوسف وهبى‪ ،‬خفايا القاهرة)‪.‬‬

‫كانت مسرحية مخيفة تتلخص فى خروج البطل من المقبرة وعودته إلى الحياة‪ ،‬وفزعة‬
‫من مب اذل الق اهرة وخفاياه ا إلى أحض ان الم وت‪ .‬وذه ل‪( ‬ألفري د ف رج)‪ ‬وه و يش اهد ألول م رة‬
‫"أدوات الس حر المس رحي" كاإلض اءة المتغ يرة والم ؤثرات الص وتية وال دخان‪ ،‬والظه ور المف اجئ‬
‫من خفاء الكواليس فى بقعة ضوء على‪ ‬المسرح‪ ... ‬إلخ‪ ،‬ووقع الطفل تحت تأثير كل ذلك كالنائم‬
‫الذى يحلم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اهتمامه( بالمسرح في صغره‪:‬‬


‫ً‬
‫‪ ‬قال‪( ‬ألفريد فرج)‪" :‬ولم تبارح ذاكرتي إلى اليوم مواقف المسرحية المثيرة‪ ،‬وأجواؤها‬
‫المخيف ة‪ ،‬وحيله ا الفني ة الرائع ة‪ ،‬وق د ج ذبني النجم ان الكب يران (الريح اني ووه بي) لمش اهدة‬
‫مواسمها فى اإلسكندرية بانتظام‪ ،‬ثم السعي لمشاهدة مواسم (جورج أبيض)‪ ،‬والعتياد الحضور‬
‫المنتظم للمسرح فى مواسم الفرق األجنبية التى كانت تنتقل من دار "األوبرا الملكية" بالقاهرة إلى‬
‫مسرح "محمد علي" باإلسكندرية (مسرح سيد درويش اليوم)" (‪.)2‬‬

‫إذن فمشاهداته األولى للمسرحيات العظيمة التي كانت تعرض آنذاك قد أثرت وجدانه‬
‫بشكل كبير‪ ،‬وألهمته حب هذا الفن راقي‪ .‬ويستكمل قائالً‪:‬‬

‫"وقد شاهدت فيه فرق األوبرا اإليطالية‪ ،‬والكوميدى فرانسيز وأولدفيك البريطانية‪ ،‬وال‬
‫أنسى أبداً مسرحية "مسافر بال متاع" للمؤلف الفرنسى جان أنوى فى موسم الكوميدى فرانسيز‬
‫بطول ة ج ان بي ير أوم ون وانبه اري بأدائ ه‪ ،‬أو ب أداء ج ون جليم ود فى دور المل ك ل ير‪ ،‬مس رحية‬
‫شكسبير الشهيرة فى فرقة أولدفيك (المسرح القومى الملكي البريطاني)" (‪.)3‬‬

‫‪ ‬ولم يقتصر األمر على مواسم اإلسكندرية‪ ،‬إذ صار (ألفريد) يذهب إلى مسارح عماد‬
‫الدين وأوبرا القاهرة وتواصلت العالقة بينه وبين "التأليف" المسرحي لنفسه ولزمالئه‪ ،‬وتجاوزت‬

‫(( المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫(( يعقوب لنداو ‪" :‬دراسات في المسرح والسينما عند العرب"‪ ،‬ع ‪ ،50‬ص‪.35 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() منى خليل‪" ،‬ألفريد فرج وإبداع األصالة العربية"‪ ،‬جريدة الفنون‪ ،‬السنة السادسة‪ ،‬العدد ‪ ،63‬السنة‬ ‫‪3‬‬

‫السادسة‪)2006( ،‬‬

‫‪24‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫اجته ادات كتب المكتب ة المح دودة على كبره ا‪ ،‬وص ارت تعتم د روي ًدا على قاع دة نس بية واس عة‬
‫ومتين ة من اإلطالع على ع الم‪ ‬المس رح‪ ‬الكب ير وأجوائ ه‪ .‬وك ان من ت أثير ذل ك كل ه أن وج د‬
‫الطفل‪( ‬ألفريد) نفسه آنئذ وقد سيطرت عليها رغبة ال تقاوم فى إعادة كتابة (نسخ) بعض مشاهد‬
‫المس رحيات القديم ة‪ .‬وس رعان م ا انهم ك فى ذل ك "الت أليف المزي ف"‪ .‬يق ول (ألفري د) عن ذل ك‬
‫"أعجب من أني كنت أعيد كتابة بعض مشاهد المسرحيات القديمة وال يخطر ببالي أني فى الواقع‬
‫(‪)1‬‬
‫أكتب للمسرح"!‬

‫ثالثًا‪ :‬اهتمامه( بالقصة والشعر‪:‬‬


‫كان‪( ‬ألفريد فرج)‪ ‬يدرس فى مدرسة ذات تقاليد راقية هى "كلية فيكتوريا"‪ ،‬وهكذا تعلم‬
‫فى فصول دراسية ال يزيد عدد التالميذ فيها على عشرين تلميذاً‪ ،‬وفيها تلقى إلى جوار تدريبات‬
‫التمثيل على يد الكاتب السينمائى المرموق "فيما بعد" (محمد مصطفى سامي)‪ ،‬تدريبات العزف‬
‫على الكمان والعزف على آلة الماندولين على يد الفنان قائد األوركسترا "فيما بعد" (حسين جنيد)‪،‬‬
‫وتنمي ة ق درات الرس م على ي د الفن ان (ص الح ط اهر)‪ ،‬وك ان ذل ك كل ه يج ري فى األج واء ال تى‬
‫صنعتها األصوات الجميلة واأللحان الرائعة لمحمد عبد الوهاب ورياض السنباطى وزكريا أحمد‬
‫وأم كلث وم وفري د األط رش وأس مهان ‪ ..‬أي أن الص بي‪( ‬ألفري د) حظي من دون قص د بمدرس ة‬
‫‪2‬‬
‫كاملة للتذوق والذوق والتربية الجمالية‪.‬‬

‫ولع ل الملمح األهم الذى ص احب هذه المدرس ة وجه ه التش وف واالقتح ام ال تى ص ارت‬
‫ملحماً من شخصيته‪.‬‬

‫طالب ا بكلية اآلداب جامعة اإلسكندرية؛‬


‫ومن هذه المدرسة انتقل إلى المرحلة الجامعية ً‬
‫لينهم ك فى ت أليف القص ائد الوجداني ة وقص ائد الش عر الح ديث وقراءته ا على زمالئ ه دارس ي‬
‫األدب‪ ،‬أو فى مناس بات كلي ة اآلداب العام ة‪ .‬ويمنط ق‪( ‬ألفريد ف رج)‪ ‬األم ر‪" :‬الش عر ه و أص فى‬
‫األن واع األدبي ة‪ ،‬فكي ف ال يس تهوي القلب فى أول الش باب‪ ،‬خاص ة ونحن نق رأ فى الكلي ة أش عار‬
‫المهج ر األم ريكى وج بران خلي ل ج بران وميخائي ل نعيم ة‪ ،‬ونتب ادل دواوين على محم ود ط ه‬
‫أيضا فى قسم اللغة اإلنجليزية أشعار ت‪.‬س‪.‬‬
‫ومحمود حسن إسماعيل؟" ‪ ..‬لكن ألفريد كان يدرس ً‬
‫إليوت وكوليردج وشكسبير‪ ،‬وتصله مع زمالئه‪ ،‬فى تلك المدينة الطلعة‪ ،‬دواوين الشعر الفرنسى‬
‫وهى ساخنة للشعراء "بول جيرالدى" و"إلوار" و"أراجون" فيسهرون الليالي قارئين‪.‬‬

‫(( منى خليل‪" ،‬ألفريد فرج وإبداع األصالة العربية ‪ "..‬المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() مجدي فرج‪" ،‬محاورات في التجريب المسرحي"‪ ،‬الهيئة العامة لشئون المطابع األميرية‪ ،‬القاهرة‪( ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،)1998‬ص‪ 15-13 :‬بتصرف‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫خاص ا فى‬
‫ًّ‬ ‫حيزا‬
‫وكانت الصحف أيام الحرب العالمية الثانية ذات أهمية استثنائية‪ ،‬تحتل ً‬
‫حياة الناس‪ ،‬وهكذا التفت (ألفريد) إلى الصحافة بما غلب عليها من أحاديث السياسة ومناقشاتها‪،‬‬
‫التى تحولت بعد الحرب إلى هتافات ومظاهرات وخطب ملتهبة وروح وطنية وقومية متدفقة‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬أهمية المسرح في حياته‪:‬‬


‫ً‬
‫يؤكد (ألفريد فرج) الدور الحيوي للمسرح وأننا كشعب ومجتمع نحتاج إلى كل الجهود‬
‫الفنية واإلبداعية والمسرحية لكي نعيد لمجتمعاتنا العربية الوعي والثقافة واإللمام بكل مشكالتنا‬
‫المحلي ة والقومي ة وإ يج اد الحل ول له ا من خالل العم ل المس رحي اله ادف‪ .‬باإلض افة إلى الفن ون‬
‫واإلب داع بم ا في ه المس رح تع ّرف الع الم بمجتمعاتن ا‪ ،‬وتص حح كث ًيرا من المف اهيم الخاطئ ة ال تي‬
‫التص قت بمجتمع ات عربي ة‪ ،‬كاإلره اب والتش دد‪ .‬فنحن ل دينا قيم ومف اهيم راقي ة ولكنهم يفهمونه ا‬
‫(إرهاب ا) وم ا يس مونه هم (حري ة التج ارة)‬
‫ً‬ ‫على النقيض‪ ،‬فم ا نس ميه نحن (مقاوم ة)‪ ،‬يس مونه هم‬
‫نسميه فوارق طبقية‪ .‬وهكذا فنحن ملزمون بأن نحمل رايتنا الثقافية الخاصة الدالة على مجتمعاتنا‬
‫حوارا مع اآلخر عبر األعمال المسرحية الهادفة‪.‬‬
‫ً‬ ‫نحن وليس مجتمعات اآلخرين‪ .‬علينا أن نخلق‬
‫(‪)1‬‬

‫والفن ون في رأي (ف رج) ال تم وت وال تف نى ب ل تس تمر إلى األب د حامل ة معه ا ثقاف ة‬
‫المجتمع وذكريات ه‪ ،‬والمسرح يستطيع أن يتطور ويجدد من آلياته وأدواته اإلبداعية كي يواكب‬
‫العصر‪ ،‬فمع ظهور التلفزيون تردد أنه سينهي دور المسرح‪ ،‬ولكن هذا لم يحدث‪ ،‬وكذلك السينما‬
‫قبل ه‪ .‬يق ول (ألفري د)‪" :‬أن ا ال أدع وإ لى س يادة المس رح على بقي ة الفن ون ب ل أدع و إلى مزي د من‬
‫(‪)2‬‬
‫التكامل والتنافس الذي يثري الحركة الفنية بكاملها"‪.‬‬

‫وبج انب المس رح‪ ،‬اهتم (ف رج) ب ألوان أخ رى من الفن ون مث ل الرواي ات والقص ص‬
‫عددا من الروايات منها (حكايات الزمن الضائع) و(أيام وليالي‬
‫والشعر‪ ،‬فقد ألّ ف (ألفريد فرج) ً‬
‫السندباد) إضافة إلى مجموعة من القصص القصيرة‪ .‬وترجمت بعض مسرحياته إلى اإلنجليزية‬
‫واأللمانية‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬رأيه في المسرح‪:‬‬


‫ً‬

‫() حوار صحفي مع الكاتب‪ :‬أشرف شهاب‪ ،‬نائب رئيس تحرير ديوان العرب ومراسلها في القاهرة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪https://www.diwanalarab.com/‬‬
‫() حوار صحفي مع الكاتب‪ :‬أشرف شهاب‪ ،‬نائب رئيس تحرير ديوان العرب ومراسلها في القاهرة‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪https://www.diwanalarab.com/‬‬

‫‪26‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫المس رح عن د (ف رج) ل ه رؤي ة خاص ة‪ ،‬إذ يق ول‪" :‬إن المس رح يش تبك م ع األفك ار‬
‫المعاص رة والج دل المعاص ر ل ه‪ ،‬ويعي د ط رح دع وى المجتم ع بص يغة المؤل ف‪ ،‬أو بإس هامه‪..‬‬
‫المسرح تعبير عن وجدان عام وفكر عام‪ ،‬وهو أحد أساليب التعبير‪ ،‬المسرح منبر للتعبير الجميل‬
‫(‪)1‬‬
‫وأداة من أدوات التنوير‪"..‬‬

‫بل إن المسرح في رأي (فرج) أكثر من ذلك بكثير‪ ،‬لذا عبَّر عن مفهومه حول المسرح‬
‫ووعيه بجمالياته وبأثره‪ ،‬وأفصح عن رؤاه بشكل فعلي وميداني‪ ،‬أي باإلبداع والتأليف لعدد كبير‬
‫ومميز من المسرحيات التي تركت أثرها في ذهن المتلقي على امتداد الوطن العربي‪ ،‬والمست‬
‫أهم القضايا التي تشغل باله‪ ،‬ووضعت يدها على الجراح التي تؤلمه‪ ،‬وحولت هذه األعمال إلى‬
‫عروض جسدت على الخشبة هنا وهناك‪ ،‬وكان لها بالغ األثر في المتفرج(‪.)2‬‬

‫في ح وار مع ه أجرت ه إلح دى الص حف المص رية يق ول (ألفري د ف رج)‪“ :‬إن المس رح‬
‫المصري يواجه جملة من المشكالت التي جعلته يتحول في اهتماماته ويحصر هذه االهتمامات‬
‫(‪)3‬‬
‫في مجموعة من القضايا الفجة التي ال تعبر عن الواقع المصري"‪.‬‬

‫أم ا المس رح الع ربي ف يراه ه و اآلخ ر في أزم ة تتمث ل في التبس يط المخ ل بالحقيق ة‪،‬‬
‫واإلجح اف لع دد كب ير من الكتَّاب المتم يزين الموج ودين على الس احة والمتم يزين في أس لوبهم‬
‫ومعالجتهم للقضايا التي يتناولونها‪.‬‬

‫فعلى س بيل المث ال يق ول (ف رج) إن هن اك كتَّ ًاب ا مث ل‪( :‬يس رى الجن دي وأس امة أن ور‬
‫عكاشة وأبو العال السالموني ومحمد سلماوي) وغيرهم كثير من الكتاب الذين يمتلكون مواهب‬
‫ال تقل عن مواهب كتاب مرحلة الستينيات‪ ،‬بل يتفوقون على عدد من الكتاب العالميين‪.‬‬

‫وسبب األزمة حسب رؤية (ألفريد فرج) ليس في قلة النصوص الجيدة أو عدم وجود‬
‫المعيش يع انى س وء التخطي ط في الن واحي كاف ة‬
‫مب دعين على المس توى المطل وب‪ .‬ولكن الواق ع ُ‬
‫وبشكل عام ومطلق‪ ،‬كما يعاني من انعدام اإلدارة الناجحة‪ ،‬ونقص المخصصات المادية للنهوض‬
‫بالحرك ة المس رحية‪ .‬وله ذا يه رب الممثل ون من المس رح ألن ه ال يمنحهم إال القلي ل‪ ،‬في حين أن‬

‫() مجدي فرج‪" ،‬محاورات في التجريب المسرحي"‪ ،‬الهيئة العامة لشئون المطابع األميرية‪ ،‬القاهرة ‪( ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ )1998‬ص‪.15-14 :‬‬
‫(( ليلى بن عائشة‪" ،‬بنية الخطاب المسرحي العربي المعاصر بين ثنائية التجريب واإلبداع‪ ،‬دراسة انتقائية‬ ‫‪2‬‬

‫لنصوص وعروض من المسرح العربي"‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬الجزائر‪ ،)2011( ،‬ص‪.263 :‬‬
‫() ليلى بن عائشة‪" ،‬بنية الخطاب المسرحي العربي ‪ "..‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.263 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪27‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫مس ارح القط اع الخ اص ت وفر لهم األج ور واإلمكاني ات ويق دم لهم التليفزي ون والس ينما ميزاني ات‬
‫أعلى بكثير(‪.)1‬‬

‫عازي ا ه ذا ال تراجع إلى ع دم‬


‫ً‬ ‫ويأس ى (ألفري د ف رج) على تراج ع اإلقب ال الجم اهيري‬
‫ق في المجتم ع‪ .‬والمش هور ‪-‬خاص ة في المجتمع ات‬ ‫كفن را ٍ‬
‫االهتم ام الك افي الموجَّه للمس رح ٍّ‬
‫العربي ة‪ -‬أن المس رح ه و فن النخب ة والمثقفين‪ .‬ولألس ف فإن ه ال يقب ل على المس رح الج اد إال‬
‫جمهور قليل له اهتمامات أساسية بالمسرح والروايات‪.‬‬

‫كم ا أن ال دور ال ذي َّ‬


‫قدم ه المس رح الخ اص ال ذي اهتم بالمس رحيات الكوميدي ة وال تي ال‬
‫مضمونا يذكر في أغلب األحيان‪ ،‬أسهم في تعظيم هذه النظرة السلبية للمسرح الجاد‪ .‬ولهذا‬
‫ً‬ ‫تقدم‬
‫فيق ترح (ألفري د) ت دريس م ادة المس رح للطالب في الم دارس والجامع ات وتثقي ف الش باب بأهمي ة‬
‫(‪)2‬‬
‫المسرح ودوره في تشكيل الوعي والوجدان‪ ،‬حتى َّ‬
‫يتمكن الجيل من النهوض بالفكر واإلبداع‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬رؤيته للمسرح الذهني لـ (توفيق الحكيم)‪:‬‬


‫ً‬
‫لم يق َّدم لتوفي ق الحكيم – أديب (ألفري د) المفض ل‪ -‬على المس رح‪ ،‬ط وال األربعين ات‬
‫والخمسينات‪ ،‬إال مسرحية "األيدى الناعمة" التى أخرجها على‪ ‬المسرح‪ ‬القومى (يوسف ‪ ‬وهبي)‬
‫ومثلهــا (‪ ،)1954‬وربما لموضوعها السياسي ال لجمالها الدرامي!‬

‫كان الشائع أن مسرح (الحكيم) يصلح للقراءة أكثر منه فى التمثيل ألنه مسرح ذهني‪.‬‬
‫دائم ا‬
‫وكان ذلك يثير حفيظة (ألفريد)‪ ،‬فقد تعلم فى دراسات األدب اإلنجليزي أن جوهر‪ ‬المسرح‪ً  ‬‬
‫فكري وفلسفي‪ ،‬كما تعلم فى النقد معالجة األدب المسرحى بالتحليل والتفسير والتأويل الكتشاف‬
‫(‪)3‬‬
‫العالقة بين‪ ‬فن المسرح‪ ‬والعصر الذي ازدهر فيه ومرامي الكاتب وفكره وفلسفته‪.‬‬

‫‪ ‬كم ا أن مس رحيات (الحكيم)‪ُ  ‬ع رفت بأنه ا "ناعم ة" ال تث ير الجمه ور أو تعجب ه!‪ .‬وك ان‬
‫(ألفري د) يق رأ مس رحيات تش يخوف "الناعم ة" ومس رحيات (ت‪ .‬س إلي وت) األك ثر نعوم ة‪ ،‬ال تى‬
‫تعرض هنا أو هناك فى إنجلترا وأمريكا وفرنسا بنجاح‪ .‬فيعجب للتناقض بين ما تعلمه وما تعود‬
‫أن ‪ ‬يقرأه فى الصحف عن مسرح (توفيق الحكيم)‪.‬‬

‫(( ليلى بن عائشة‪" ،‬بنية الخطاب المسرحي العربي ‪ "..‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪264 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() حوار صحفي مع الكاتب‪ :‬أشرف شهاب‪ ،‬نائب رئيس تحرير ديوان العرب ومراسلها في القاهرة‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪https://www.diwanalarab.com‬‬
‫( ( منى خليل‪" ،‬ألفريد فرج وإبداع األصالة العربية"‪ ،‬جريدة الفنون‪ ،‬السنة السادسة‪ ،‬العدد ‪ ،63‬السنة‬ ‫‪3‬‬

‫طلع عليها بتاريخ‪/15 :‬مارس‪2022 /‬‬ ‫السادسة‪ ،)2006( ،‬نسخة إلكترونية‪ ،‬ا ُّ‬
‫‪http://egyptartsacademy.kenanaonline.com/posts/99813‬‬

‫‪28‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫‪ ‬كانت مصر تستقل عن الثقافة الغربية مع بداية الخمسينات‪ ،‬وحاول‪ ‬المسرح‪ ‬مواكبة‬


‫القضايا والهموم الجديدة‪ ،‬لكنها كانت مواكبة فيها من الخداع والمماحكة أكثر مما فيها من الفهم‬
‫واألصالة‪ ،‬حيث ظلت الغلبة أو السيادة للميلودرامات الزاعقة والهزليات الرخيصة‪ .‬وأحس ألفريد‬
‫دفاع ا عن‪ ‬المس رح‪ ‬ال ذهنى والفك رى وعن مس رح توفي ق‬
‫بأن ه يري د أن يكتب للمس رح‪ ،‬وربم ا ً‬
‫ودفع ا ل دعاوى ت برر مس رح النك ات الهزلي ة أو الفواج ع الميلودرامي ة‪ ،‬وهم ا‬
‫ً‬ ‫الحكيم‪،‬‬
‫عمودا‪ ‬المسرح‪ ‬المتكلف والمصطنع والخاوى واألجوف الذى كان يغلب على حال‪ ‬المسرح‪ ‬فى‬
‫(‪)1‬‬
‫الخمسينيات بالقاهرة‪.‬‬

‫ومع انشغال (ألفريد) بذلك‪ ،‬صار مشرفًا على فريق التمثيل بمدرسة البنات التى يعمل‬
‫فيه ا‪ ،‬وألن ه مشرف غ ير تقلي دى فقد اخت ار مسرحية جورج برناردشو "قيصر وكليوب اترا" التى‬
‫ت روي حكاي ة غ زو (يولي وس قيص ر) لمص ر ومقاوم ة المص ريين ومكائ د السياس ات‬
‫اإلمبراطوري ة‪ ...‬إلخ‪ ،‬كم ا اخت ار أن يخ رج المس رحية فن ان مثق ف يس تطيع أن يض في على‬
‫الع رض المس رحي األج واء الفني ة للنص‪ ،‬ويع رف التلمي ذات باألس لوب العلمي لألداء التم ثيلي‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وكان أن دعا (نبيل األلفي)‪ 2‬إلخراج المسرحية‪.‬‬

‫وفى ه ذا اإلط ار ح دث لق اء بين ه وبين الفن ان (حم دي غيث)‪ ،‬ولن ترك الح ديث هن ا‬
‫أللفريد‪" :‬كان على رأس جماعة الفنانين الشبان من خريجى معهد التمثيل الذين كانوا يضيقون‬
‫بح ال‪ ‬المس رح‪ ‬وب الفرص الض يقة أم امهم‪ .‬ولم ا ش اهدت مس رحيتين أخرجهم ا "مق الب س كابان"‬
‫لموليير و"شاعر الشعب" لبانفيل أحببت أسلوبه الحداثى فى اإلخراج‪ ،‬وتغلبت على حيائي وسلمته‬
‫مس رحيتي "مأس اة إخن اتون" ال تى أش ار علي ص ديقي العزي ز الراح ل "رش دى ص الح" ب أن أس ميها‬
‫"سقوط فرعون" ليكون االسم أكثر جاذبية للمشاهدين ففعلت"‪.‬‬

‫‪ ‬وحين رآني (حم دي غيث) بع د أن ق رأ مس رحيتي ص اح بي "نحن نبحث عن ك من ذ‬


‫س نوات"! قلت ل ه ‪":‬كنت مع ك أول أمس"! ق ال لي‪ ":‬نعم‪ ،‬ولكن ني لم أكن أع رف أن ك كاتبن ا‬

‫() يعقوب لنداو ‪" :‬دراسات في المسرح والسينما عند العرب"‪ ،‬ع ‪ ،50‬ص‪.10 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ‪  ‬كان نبيل قد عاد من البعثة إلى فرنسا مع زميله حمدى غيث‪ ،‬وكانا يحلمان بتطوير‪ ‬المسرح‪ ‬المصرى‬ ‫‪2‬‬

‫وتحديث أساليبه وأدواته الفنية ‪ ...‬الحلم نفسه الذى كان يراود (ألفريد)‪.‬‬
‫( ( منى خليل‪" ،‬ألفريد فرج وإبداع األصالة العربية"‪ ،‬جريدة الفنون‪ ،‬السنة السادسة‪ ،‬العدد ‪ ،63‬السنة‬ ‫‪3‬‬

‫طلع عليها بتاريخ‪/15 :‬مارس‪2022 /‬‬ ‫السادسة‪ ،)2006( ،‬نسخة إلكترونية‪ ،‬ا ُّ‬
‫‪http://egyptartsacademy.kenanaonline.com/posts/99813‬‬

‫‪29‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫المسرحي الجديد الذى سيرفرف بنا مع أوراقه لنحلِّق فى األجواء الرفيعة"! فما كان أروع وقع‬
‫(‪)1‬‬
‫هذه الكلمات فى نفسي"!‬

‫المبحث الرابـــع‬
‫تأصيل الهوية في مسرح (فرج)‬
‫كم ا ذك رت آنفً ا‪ ،‬درس‪( ‬ألفري د ف رج)‪ ‬األدب اإلنجل يزى دراس ة ج ادة فى قس م اللغ ة‬
‫اإلنجليزية الذى التحق به‪ ،‬األمر الذى أتاح له معرفة وافية بالمسرح الغربى وتقاليده‪ ،‬لكنه كان‬
‫ق د ارتب ط مبك ًرا ج ًدا‪ ،‬وه و م ازال طفال ب التراث‪ ،‬ومن هن ا ج اء الت آلف وإ دراك ض رورة ع دم‬
‫االنس الخ عن ماض ينا وج ذورنا القابل ة للنم اء والتط ور والتطوي ع‪ ،‬أو غض الط رف عن الجدي د‬
‫المتمثل فى منجزات العالم اإلبداعية‪ ،‬والحوار والتفاعل معها تفاعالً خالقًا‪.‬‬

‫‪ ‬ويق رر‪( ‬ألفري د ف رج)‪ ‬أن التوج ه إلى ال تراث ه و ج زء من تأص يل فن المس رح‪ ،‬فق د‬
‫س ادت لف ترة فك رة أن المس رح‪ ‬الع ربى ثم رة مباش رة للتح ديث األوروبى لمجتمعاتن ا فى الق رن‬
‫التاسع عشر‪ ،‬وهذا بالطبع غير صحيح‪ ،‬فمسرحنا له أصول فى التراث‪ .‬وأول مسرحية عربية‬
‫ك انت مس توحاة من (أل ف ليل ة وليل ة) هى مس رحية "ه ارون الرش يد" لــ (م ارون النق اش)(‪ ،)2‬فه ذا‬

‫( ( منى خليل‪" ،‬ألفريد فرج وإبداع األصالة العربية"‪ ،‬جريدة الفنون‪ ،‬السنة السادسة‪ ،‬العدد ‪ ،63‬السنة‬ ‫‪1‬‬

‫طلع عليها بتاريخ‪/15 :‬مارس‪2022 /‬‬ ‫السادسة‪ ،)2006( ،‬نسخة إلكترونية‪ ،‬ا ُّ‬
‫‪http://egyptartsacademy.kenanaonline.com/posts/99813‬‬
‫(( مارون النقاش‪ )1855-1817( ‬هو تاجر بيروتي لبناني كان من الداعمين لفكرة‪ ‬المسرح‪ ‬العربي‪ .‬ومن‬ ‫‪2‬‬

‫أهم مسرحياته‪ :‬مسرحية البخيل عام ‪ 1848‬وهي ترجمة بتصرف لمسرحية موليير الشهيرة ‪،L'Avare‬‬
‫مسرحية أبو الحسن المغفل وهارون الرشيد‪ ,‬عام ‪ 1850‬وهي مستوحاة من ألف ليلة وليلة‪ ،‬مسرحية الحسود‬

‫‪30‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫حيحا‪ ،‬ألن (م ارون النق اش) أراد أن يق دم ع بره فن اً مألوف اً للجمه ور وليس ًفن ا‬
‫التوج ه ك ان ص ً‬
‫(‪)1‬‬
‫غريبا فى الشكل والمضمون‪.‬‬
‫ً‬
‫وطبع ا ه ذا االس تخدام ل ه‬
‫ً‬ ‫وبه ذا فق د درج‪ ‬المس رح‪ ‬على اس تخدام ال تراث واس تلهامه‪،‬‬
‫مستويات عديدة منها الشكل المباشر وغير المباشر واإلسقاطات وغيرها‪ .‬كما أن‪ ‬المسرح‪ ‬فى كل‬
‫العالم اتجه نحو التراث‪ ،‬فالمسرح اإلغريقي استخدم (اإللياذة) والقصص التى تنتمى إلى التراث‬
‫أيض ا ه ذه القص ص التراثي ة‬
‫الس ابق لنهض ة‪ ‬المس رح‪ ‬هن اك‪ ،‬وعص ر النهض ة األوروبي ة اس تخدم ً‬
‫وقص ص الت اريخ واألساطير نفس ها‪ .‬و(شكس بير وكورن اي وراس بين) استوحوا من ت راثهم‪ ،‬ح تى‬
‫(مولي ير) الذى يع د أبا‪ ‬المسرح‪ ‬الفك اهي استخدم تراث "لوكوميديا دى الرتى" أي القصص التى‬
‫(‪)2‬‬
‫كانت تمثلها الفرق الشعبية المتجولة فى أوروبا فى عصر سابق لموليير‪.‬‬

‫إذن فاس تخدام ال تراث عام ل إيج ابي ‪-‬كم ا ي رى (ألفري د)‪ ،‬وانطالقً ا من ه ذا ج اء‬
‫استخدامه للتراث‪ ،‬ولكن ليس بطريقة اإلسقاط التى تنتهجها بعض المسرحيات وتتمثل فى إحالل‬
‫ميك انيكي لقض ايا معاص رة‪ ،‬فه و ي رى أن ه ذه الطريق ة فج ة‪ ،‬ولكن ه ي ؤمن باس تخدام ال تراث‬
‫لتصوير المقومات األساسية الثابتة للشخصية العربية وللتذكير باألبعاد لألمة العربية‪ ،‬فنحن شعب‬
‫جيدا على عكس أوروبا التى نلمس التاريخ فيها‬ ‫قديم وله تاريخ طويل لكننا ال نعرف هذا التاريخ ً‬
‫فى ك ل مك ان‪ ،‬وله ذا فه و عن دما يلج أ إلى ال تراث فإنم ا يري د أن يوق ظ فى الوج دان أن الم واطن‬
‫العربي يملك اإلحساس بالبعد التاريخي ليفكر من خالل خبرة التاريخ وينفعل من خالل إحساسه‬
‫ب الثوابت التاريخي ة‪ ،‬فه و ي رى ض رورة أن يس اعد‪ ‬المس رح‪ ‬الع ربي فى ش حذ اإلحس اس بالبع د‬
‫‪3‬‬
‫التاريخي للشخصية العربية‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬أهم ما تميَّز به مسرح (فرج)‪:‬‬

‫قيمة العدالة‪:‬‬

‫السليط‪ ,‬عام ‪.1853‬‬


‫() سماح عادل‪ " ،‬ألفريد فرج‪ ..‬نهل من التراث واهتم مسرحه بمبدأ تحقيق العدالة"‪ ،‬مجلة كتابات‪ ،‬نوفمبر‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫طلع عليه بتاريخ‪ 17 :‬أكتوبر‪https://kitabat.com/cultural 2021 /‬‬ ‫(‪ ،)2018‬ا ُّ‬


‫() فاروق خورشيد ‪" ،‬الجذور الشعبية للمسرح العربي"‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪،)1991( ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص‪ 16-15 :‬بتصرف‪..‬‬


‫( ( منى خليل‪" ،‬ألفريد فرج وإبداع األصالة العربية"‪ ،‬جريدة الفنون‪ ،‬السنة السادسة‪ ،‬العدد ‪ ،63‬السنة‬ ‫‪3‬‬

‫طلع عليها بتاريخ‪/15 :‬مارس‪2022 /‬‬ ‫السادسة‪ ،)2006( ،‬نسخة إلكترونية‪ ،‬ا ُّ‬
‫‪http://egyptartsacademy.kenanaonline.com/posts/99813‬‬

‫‪31‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫باس تقراء م ا كتب ه (ألفري د) وم ا ُكتب عن ه بخص وص مس رحه‪ ،‬يمكن اس تنباط أن فك رة‬
‫(العدالة) و(تحقيق المساواة) هي أبرز أفكاره االجتماعية التي كان يدور في فلكها‪ .‬ففي مسرحية‬
‫(سقوط فرعون‪ )1957 ،‬نراه يقدم معالجة درامية لقضية السالم‪ ،‬فـ (إخناتون) كفرعون عرفه‬
‫التاريخ المصري القديم بالدعوة إلى التوحيد واألخالق‪ ،‬يعتنق السالم المطلق ويدعو إليه ويرفض‬
‫الح رب ألي س بب‪ ،‬بينم ا كهن ة (آم ون) الرجعي ون يرفض ون الس الم وينتق دون ه ذه السياس ة‬
‫الخاضعة حسب رأيهم‪ ،‬ويريدون االستمرار في الحروب والمعارك لبقاء المستعمرات المصرية‬
‫في آس يا وإ فريقي ا تحت الس يادة المص رية‪ .‬ولكن س رعان م ا تتس ارع األح داث ويتن ازل الفرع ون‬
‫(‪)1‬‬
‫يتفرغ هو لنشر رسالة السالم والمحبة‪.‬‬
‫عن العرش البنه‪ ،‬حتى َّ‬

‫وبهذا فقد كانت مسرحية (سقوط فرعون) ذات تأثير كبير في الحياة األدبية المصرية‪،‬‬
‫وق دمت أهم م ا تميَّز ب ه مس رح ف رج فيم ا بع د‪ ،‬وه و االبتع اد عن الواق ع وتجري ده مم ا ه و عابر‬
‫ومباش ر‪ ،‬من أج ل الرجوع إلي ه بص فاء وترك يز‪ .‬كم ا أن أهم م ا يميَّزه هو اإلس قاطات التاريخي ة‬
‫من خالل تن اول حقب تاريخي ة مختلف ة للتعب ير عن الواق ع الح الي‪ .‬باإلض افة إلى ط رح القض ايا‬
‫المجتمعية من وراء ستار‪ ،‬أو من خلف قناع عصر آخر‪.‬‬

‫ـ استلهام التراث الشعبي‪:‬‬


‫مثَّل ال تراث الش عبي حج ر الزاوي ة في مس رحيات (ألفري د ف رج)‪ ،‬وك انت القص ص‬
‫والحكاي ات المتوارث ة في المجتم ع الم ادة الخ ام ال تي ب نى عليه ا (ألفري د ف رج) إبداع ه المس رحي‪،‬‬
‫وال ذي ك ان ل ه دور ب الغ األهمي ة في نتاج ه األدبي‪ ،‬ومن أب رز ه ذا ال تراث حكاي ات (أل ف ليل ة‬
‫مهما يعبِّر عن‬
‫وليل ة) ال تي ألهمت ه بع دد واف ر من المس رحيات‪ .‬كم ا يش كل ال تراث الش عبي راف ًدا ًّ‬
‫آمال الشعب المصري وطموحاته في كل األوقات(‪.)2‬‬

‫ش هدت ف ترة الس تينيات مس رحيات تراثي ة لـ (ف رج) مث ل‪( :‬حالق بغ داد في‪)1963 :‬‬
‫و(سليمان الحلبي‪ )1965 ،‬التي مثَّلت صيحة غضب ضد المحتّ ل تناول فيه بشكل فلسفي فكرة‬
‫االستقالل والحرية والعدل‪ ،‬ثم مسرحية (عسكر وحرامية)‪ ،‬و(على جناح التبريزي وتابعه قفة‪،‬‬
‫‪ )1969‬و(الزير سالم‪ )1967 ،‬و(النار والزيتون‪ )1970 ،‬التي سجلت محنة الشعب الفلسطيني‬
‫مستلهما بشدة من التراث‬ ‫والغبن الذي وقع عليه منذ (وعد بلفور)‪ .‬وكان ُّ‬
‫جل هذه المسرحيات‬
‫ً‬

‫() سماح عادل‪ " ،‬ألفريد فرج‪ ..‬نهل من التراث واهتم مسرحه بمبدأ تحقيق العدالة"‪ ،‬مجلة كتابات‪ ،‬نوفمبر‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫طلع عليه بتاريخ‪ 17 :‬أكتوبر‪https://kitabat.com/cultural 2021 /‬‬ ‫(‪ ،)2018‬ا ُّ‬


‫() فاروق خورشيد ‪" ،‬الجذور الشعبية للمسرح العربي"‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪،)1991( ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص‪.14-13 :‬‬

‫‪32‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫ط ا بخيال الشعراء‪ ،‬ويروي المالحم الشعبية ليكون بها (ألفريد فرج)‬


‫الشعبي والتاريخي‪ ،‬ومختل ً‬
‫جديدا يختلف عن األصل الشعبي(‪.)1‬‬
‫ً‬ ‫واقعا‬
‫ً‬
‫وفي حقب ة التس عينيات يع ود (ألفري د ف رج) للقص ة الش عبية (أل ف ليل ة وليل ة) من خالل‬
‫(‪)2‬‬
‫مسرحيته األخيرة (الطيب والشرير والجميلة‪ ،)1994 ،‬ويتناول فكرة الصراع الخير والشر‪.‬‬

‫ولـ (ف رج) ثالث ة كتب تحت وي على مس رحيات قص يرة‪ ،‬األول بعن وان "ص وت مص ر‪:‬‬
‫أرب ع مس رحيات من فص ل واح د" ع ام ‪ ،1971‬يتض من‪" :‬الفخ"‪" ،‬ص وت مص ر"‪" ،‬باإلجم اع ‪+‬‬
‫واح د"‪ ،‬و"بقب ق الكس الن"‪ .‬الث اني "أقنع ة القل ق‪ ،‬مس رحيات قص يرة" يتض من‪" :‬العين الس حرية"‪،‬‬
‫"الزي ارة"‪" ،‬دائ رة التبن المص رية"‪" ،‬الغ ريب"‪ ،‬والث الث "الش اهد األخ رس‪ :‬مس رحيات من فص ل‬
‫واحد(‪.)3‬‬

‫غرامه بـ (ألف ليلة وليلة)‪:‬‬


‫‪ ‬ويعرف المتابع إلبداعات‪ ‬ألفريد فرج‪ ‬وقوعه فى هوى عالم (ألف ليلة وليلة)‪ ،‬وإ نجازه‬
‫لس بعة أعم ال من ه ذا الع الم األث ير منه ا (حالق بغ داد‪ ،‬ورس ائل قاض ي إش بيلية‪ ،‬وأي ام ولي الي‬
‫السندباد‪ ،‬وعلى جناح التبريزي‪ ،‬والطيب والشرير والجميلة‪ ،‬وجواز على ورقة طالق)‪ ،‬وآخرها‬
‫(األم ير والص علوك)‪ .‬وفى أعمال ه المس توحاة من (أل ف ليل ة وليل ة) ال يس تعير الك اتب الحكاي ات‬
‫والشخصيات بقدر ما يستعيد األجواء ليقدم لنا (ألف ليلة) أخرى تستوعب المشاكل التى نواجهها‬
‫فى العص ر الح ديث‪ ،‬وتتن اول االهتمام ات والمش اكل واآلالم والمف اهيم والمع اني وال دالالت‬
‫واألزمات التى يعيشها إنسان القرن العشرين والحادي والعشرين(‪.)4‬‬
‫لق د َّ‬
‫مكن التك وين الخ اص‪( ‬ألفري د ف رج)‪ ‬من تحقي ق إنج از مرم وق فى إب داع األص الة‬
‫العربي ة‪ .‬فحين عم د ال رواد األوائ ل إلى الترجم ة واالقتب اس والتع ريب‪ ،‬ب دأ من ج اءوا بع دهم فى‬
‫البحث عن المخزون الشعبي والفكري والحضاري لألمة العربية‪ ،‬إلحساسهم العميق باالستالب‬
‫والغرب ة واالنسالخ عن الذات‪ .‬ودف ع الحم اس برواد مث ل (م ارون النقاش وخليل القباني(‪ ))5‬إلى‬

‫() أحمد سخسوخ‪" ،‬المسرح المصري في مفترق طرق‪ ،‬رؤية جديدة"‪ ،‬الدار المصرية اللبنانية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،)1995( ،1‬ص‪.22 :‬‬


‫() يعقوب لنداو ‪" :‬دراسات في المسرح والسينما عند العرب"‪ ،‬ع ‪ ،50‬ص‪.15 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ألفريد فرج‪.1986 ،1981 ،1971 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫( ( عبدهللا أبو هيف‪" ،‬المسرح العربي المعاصر – قضايا ورؤى وتجارب"‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب العرب‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫دمشق‪ ،)2002( ،‬ص‪ 93-91 :‬بتصرف‪.‬‬


‫(( أبو خليل القباني (‪ ،)1903 -1833‬من أعالم‪ ‬سوريا‪ ‬ورائد من رواد المسرح العربي خاصة المسرح‬ ‫‪5‬‬

‫الغنائي‪ ،‬ولد في مدينة‪ ‬دمشق‪ ،‬في‪ ‬سورية‪ ‬وتوفي فيها‪ .‬ينظر‪ :‬عبد القادر الباز‪ ،‬من تاريخ االسر العربية في‬

‫‪33‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫افتق اد ال وعى النق دى فى النظ ر له ذا ال تراث‪ ،‬مم ا جعلهم يس قطون فى المباش رة‪ ،‬لتتح ول الع ودة‬
‫لل تراث إلى تقني ة س طحية تقتص ر على الرج وع إلى العه ود العربي ة المش رقة والشخص يات‬
‫التاريخية العميقة‪.‬‬

‫وفى مرحل ة الحق ة عم د المس رحيون الع رب مث ل‪( ‬ألفري د ف رج)‪ ‬إلى اس تنطاق ال تراث‬
‫وتوظيفه بمكوناته المختلفة‪ ،‬ومحاولة إسقاطه على الواقع العربي‪ ،‬فى إطار قالب مسرحي عربي‬
‫تج اوز الش كل الغ ربي‪ ،‬الش ىء ال ذى جعل ه ي دخل فى فض اءات إبداعي ة يبلوره ا من اخ المس رحية‬
‫ال داخلي‪ ،‬وهن ا تكمن القيم ة الحقيقي ة والمس تقبلية ب ل التحذيري ة له ذا المس رح‪ ،‬كم ا تجلى فى‬
‫رائعة‪( ‬ألفريد فرج‪ ،‬الزير سالم) (‪.)1‬‬

‫مبكرا وهم التقليد الغربي واالنهماك فيه‪ ،‬على أن أهمية األدب والفن تنبع‬
‫أدرك (فرج) ً‬
‫من طوابعه القومية‪ ،‬والسيما جماع الخصائص المعبرة عن هويته‪ ،‬فرأى أننا نختلف عن أوربا‪:‬‬
‫"ل ذلك كل ه‪ ،‬ف إن التطل ع إلى أن يك ون لن ا مس رح يزده ر على النم ط األوربي ه و من أوه ام‬
‫الواهمين»(‪.)2‬‬

‫والفن من منطل ق أن المس رح ظ اهرة‬‫ّ‬ ‫وثم ة من ين اهض ال دعوة إلى الهوي ة في األدب‬
‫أوربي ة ونت اج عملي ات التح ديث‪ ،‬وعلى ال رغم من مجاوزت ه لمث ل ه ذا النق اش‪ ،‬إذ ربم ا ك ان‬
‫حيحا بتق ديره‪ ،‬إال أن ه يعم ل النظ ر والمحاجج ة في اس تمرار التقلي د الع ربي لألدب والفن وفي‬
‫ص ً‬
‫تطوره الكبير مع النهضة القومية‪:‬‬

‫فق د ك ان المس رح الع ربي يتك ون في منتص ف الق رن التاس ع عش ر في ج و من الفن ون‬
‫الش عبية الجماهيري ة في المقهى وفي الس وق‪ ،‬فن ون األراج وز والمحبطين والش اعر والحك واتي‬
‫وحفالت الطرب والرقص وطقوس االحتفاالت ومغاني األفراح واألعياد‪.‬‬

‫لق د تك ون المس رح الع ربي عن د (ف رج) من تقالي ده في من اخ الت أثير األوربي‪ ،‬واس تنكر‬
‫المغاالة في قول القائلين إن المسرح العربي مبادرة من مبادرات التحديث االجتماعي على النسق‬
‫الغربي‪ ،‬مثلما رفض قياس المسرح العربي على ما يجري فوق منصات المسارح األوربية‪ ،‬لهذا‬

‫الشام‪ ،‬بيروت‪، 1934 ،‬ص‪175‬‬


‫() منى خليل‪" ،‬ألفريد فرج وإبداع األصالة العربية"‪ ،‬جريدة الفنون‪ ،‬السنة السادسة‪ ،‬العدد ‪ ،63‬السنة‬ ‫‪1‬‬

‫السادسة‪)2006( ،‬‬
‫( ) عبدهللا أبو هيف‪" ،‬المسرح العربي المعاصر – قضايا ورؤى وتجارب"‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب العرب‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫دمشق‪ ،)2002( ،‬ص‪95 :‬‬

‫‪34‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫خارج اعن‬
‫ً‬ ‫ينبغي دحض هذا المعيار والكشف عن عيوبه‪ ،‬مهما كان ذلك محفوفً ا بالمخاطر‪ ،‬أو‬
‫المألوف‪.‬‬

‫وأورد (ف رج) اختالف ات كب يرة بين المس رح األوربي المس تقر والمس رح الع ربي‬
‫الناهض‪ ،‬وأولها نزوع األول إلى العالمية ومخاطبة اإلنسانية الشاملة ومجاوزة الفوارق المحلية‪،‬‬
‫بينم ا ي نزع الث اني إلى تك ريس القومي ة وتوكي د عناص ر الشخص ية الوطني ة بمعناه ا الض يق ال ذي‬
‫يص ل في أقص ى تطرف ه إلى الطائفي ة المح دودة‪ ،‬ألن ه يتح رك ب دواعي الهوية‪" :‬إن تأكي د الهوي ة‬
‫الوطني ة في حياتن ا الفكري ة واالجتماعي ة‪ ،‬حياتن ا الفردي ة والجمعي ة‪ ،‬ق وة ناف ذة ال ت دع لجماهيرن ا‬
‫مجاالً كما في أوربا ألولوية الشعور بالعالمية أو أولوية اإلحساس بالشمولية اإلنسانية"(‪.)1‬‬

‫ثانيا‪ :‬اهتمامه بالمسرح( الوطني‪:‬‬


‫ً‬
‫َّ‬
‫أكد (ف رج) فهم ه للظ اهرة األدبي ة والفني ة بأنه ا قومي ة واجتماعي ة في ال وقت نفس ه‪ ،‬فق د‬
‫دلت الدراسة النظرية والجمالية على أن «اكتشاف الشكل الفولكلوري البدائي للمسرح هو الشكل‬
‫(‪)2‬‬
‫الضروري للمسرح الطليعي في بالدنا»‬

‫ثم ربط (فرج) جماليات األدب والفن بمثل هذا االندماج بين بعدي المسرح االجتماعي‬
‫اجتماعي ا‪ ،‬أي إلى مداوم ة البحث من أج ل تحقي ق ه ذه‬
‫ً‬ ‫والق ومي‪ ،‬ودع ا إلى تأص يل فن المس رح‬
‫العالق ة بين المس رح والجمه ور ـ أوس ع م ا تك ون‪ ،‬وأوث ق م ا تك ون ـ فهي األس اس لك ل نهض ة‬
‫مسرحية حقيقية‪ ،‬وهي حجر الزاوية في جماليات فن المسرح‪.‬‬

‫وجع ل (ف رج) البع د الق ومي للظ اهرة األدبي ة والفني ة مح ك النظ ر في التجرب ة الغربي ة‪،‬‬
‫وهو منطلق كتابة «شرق وغرب‪ :‬خواطر من هنا وهناك» الذي يرهن فيه على أن وعي اآلخر‬
‫م رتهن ب وعي ال ذات حين أع اد إلى ال ذاكرة حقيق ة أن العل وم العربي ة هي ال تي أض اءت ظلم ات‬
‫أورب ا‪ ،‬مم ا يستدعي دوام التفاع ل الثق افي‪« :‬وأفكارن ا ال تي أنارت أفك ارهم‪ ،‬فال محل للتحوط أو‬
‫اغتراب ا‪ ،‬فقد نبعت‬
‫ً‬ ‫تغريب ا أو‬
‫ً‬ ‫النكوص عن استردادها وأن ننعم بثمارها وبتطوراتها‪ .‬إن ذلك ليس‬
‫العلوم من أصالتنا‪ ،‬وأصالتنا قديرة على استيعابها واستقبالها بقلب مفتوح»(‪.)3‬‬

‫( ( عبدهللا أبو هيف‪" ،‬المسرح العربي المعاصر – قضايا ورؤى وتجارب"‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب العرب‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫دمشق‪ ،)2002( ،‬ص‪95 :‬‬


‫() عبدهللا أبو هيف‪" ،‬المسرح العربي المعاصر – قضايا ورؤى وتجارب"‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب العرب‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫دمشق‪ ،)2002( ،‬ص‪96 :‬‬


‫() منى خليل‪" ،‬ألفريد فرج وإبداع األصالة العربية"‪ ،‬جريدة الفنون‪ ،‬السنة السادسة‪ ،‬العدد ‪ ،63‬السنة‬ ‫‪3‬‬

‫السادسة‪ ،)2006( ،‬ص‪ 103-101 :‬بتصرف‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫إن وعي اآلخر مرتهن بوعي الذات‪ ،‬ولعل كتابه «دائرة الضوء» تعبير عن محاوالت‬
‫هذا الوعي من خالل شخصيات ثقافية مؤثرة أسهمت العربية منها‪ ،‬في تأصيل األدب والفن في‬
‫الحي اة العربي ة مث ل الح ديث عن أول وزي ر للثقاف ة (فتحي رض وان) وأول أوب را عربي ة (جه ود‬
‫كام ل الرم الي) والموق ف من الفولكل ور (يح يى حقي) ومس يرة الواقعي ة بوص فها مس يرة الص دق‬
‫(نعمان عاشور) والتماس قيمة الفنان من جمهوره (يوسف وهبي) وأهمية ترسيخ دور الخواص‬
‫في التنمي ة الثقافي ة (الموق ف الرائ د لمحم د محم ود خلي ل وحرم ه) وتأكي د أن تق دير الفن ن ابع‬
‫بالدرجة األولى من بعده القومي والمحلي (نوبل نجيب محفوظ)‪..‬الخ‪.‬‬

‫ويؤيد نظرة (فرج) لقومية األدب والفن حفاوته البالغة بتجربة شيخ البنائين (حسن فتحي)‬
‫الذي خصص له أول فصل من كتابه «دائرة الضوء»‪ ،‬ألنه انطلق في العمارة‪ ،‬وهي مجموعة‬
‫طوابع ثقافية وفنية‪ ،‬من التزام الخصائص القومية والمحلية فيما سماه «المعمار التقليدي»‪ ،‬ورآه‬
‫معبرا عن اشتغال عام بالهوية القومية في األدب والفن(‪:)1‬‬
‫ً‬
‫"وهك ذا مثلت العم ارة بص ورة فص يحة ح وار الفك ر المص ري في ف ترة النهض ة الوطني ة‬
‫واختالف تياراته حول األصول واالنتماء‪ .‬وفي دراما هذا الحوار كانت إضافة المهندس (حسن‬
‫فتحي) رائدة إذ إنه توجه إلى الفولكلور‪ ،‬واعتبره خالصة الطابع العربي للتاريخ المصري بكل‬
‫رائدا للمدرسة التي ضمت (سيد درويش) في‬‫مراحله‪ .‬وبذلك ارتقى (حسن فتحي) فكريًّا‪ ،‬وكان ً‬
‫الموس يقى‪ ،‬و(كم ال س ليم) في الس ينما‪ ،‬و(ب يرم التونس ي) في الش عر‪ ،‬و(يح يى حقي) في القص ة‪،‬‬
‫و(رشدي صالح) في الدراسات األدبية‪ ،‬و(علي الراعي) في الدراسات الفنية»(‪.)2‬‬

‫مواجهة الغزو الثقافي عن طريق المسرح‪:‬‬


‫ندد (فرج) بالغزو الفكري األجنبي‪ ،‬على أنه مناقض للوجود‪ ،‬فخص مسرحيات كثيرة‬
‫لفع ل مقاومت ه وتحري ر ال ذات القومي ة‪ ،‬كم ا في «س قوط فرع ون» و«ص وت مص ر» و«س ليمان‬
‫الحل بي» و«الن ار والزيت ون» و«ع ودة األرض» و«وألح ان على أوت ار عربي ة»‪ ،‬ولم يق ف تندي ده‬
‫حذر من مخاطر الغزو‬ ‫بالغزو األجنبي عند االستعمار أو احتالل األرض أو العدوان المسلح‪ ،‬بل َّ‬
‫الثق افي مبك راً وم ا يش يعه من مش اعر االغ تراب‪ ،‬ولم يص در في تندي ده عن تعص ب ق ومي‪،‬‬
‫فالعربي‪ ،‬كما تؤشر مالحمه الشعبية‪ ،‬يميز بين األجنبي والقومية األخرى‪:‬‬

‫( ( عبدهللا أبو هيف‪" ،‬المسرح العربي المعاصر – قضايا ورؤى وتجارب"‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب العرب‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫دمشق‪ ،)2002( ،‬ص‪97 :‬‬


‫(( عبدهللا أبو هيف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪97 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪36‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫"والقاريء يالحظ أن القصص تنتظمها مسحة سخرية ظاهرة بالعجم والترك والروم‪،‬‬
‫بينم ا ال تتج ه القص ص إلى التندي د بالقومي ات األخ رى ك الهنود أو الص ينيين‪ ،‬ف العجم وال ترك‬
‫(‪)1‬‬
‫والروم كانوا هم التحدي التاريخي في ذلك الوقت للقومية العربية»‪.‬‬

‫وأعمل (فرج) مبضع النقد في التغريب الذي أثر طويالً على تطور المسرح العربي في‬
‫مصر‪ ،‬وبدالً من أن يكون المسرح مرآة تعكس حياة الناس‪ ،‬أصبح مرآة تعكس نزوع قياداته إلى‬
‫التغريب واالنبهار بالنموذج الفني األوربي‪ .‬وقد فهم األصالة على أنها نبذ للتبعية‪ ،‬فحكايتنا مع‬
‫الع الم هي حكايتن ا م ع النفس وم ع الماض ي الحي بص راع األص الة م ع معوقاته ا االس تعمارية‬
‫(‪)2‬‬
‫الخارجية والداخلية‪:‬‬

‫"إن الغاية والمطلب هما اكتشاف الذات‪ ،‬وتحرير القدرة الذاتية القومية واالجتماعية مع‬
‫الظروف المعوقة كافة ـ تحرير الروح‪ ..‬من الواقع الذي نعيش فيه ضعفاء متخلفين ـ من رواسب‬
‫االنقي اد لثقاف ة قوي ة جعله ا االس تعمار في مرك ز ع المي ق وي وم ؤثر بالض رورة‪ ،‬ومن رواس ب‬
‫(‪)3‬‬
‫ٍ‬
‫ماض ضعيف ومظلم مع ذلك»‪.‬‬

‫وآلت مواجه ة الغ زو األجن بي وكش ف مخ اطر الغ زو الثق افي من خالل االس تالب‬
‫والتغريب والتبعية وسواها إلى ضرورة التعريب والتفكير باللغة العربية‪ ،‬فالتعريب ليس مجرد‬
‫عملية تهدف إلى تسهيل التعليم‪ .‬إنه حجر الزاوية في انطالق هذه األمة إلى آفاق العصر‪ .‬اللغة‬
‫أداة تفكير‪ .‬يستحيل التفكير بغير اللغة‪.‬‬

‫(( عبدهللا أبو هيف‪" ،‬المسرح العربي المعاصر – المرجع السابق‪ ،‬ص‪98 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() منى خليل‪" ،‬ألفريد فرج وإبداع األصالة العربية"‪ ،‬جريدة الفنون‪ ،‬السنة السادسة‪ ،‬العدد ‪ ،63‬السنة‬ ‫‪2‬‬

‫السادسة‪ ،)2006( ،‬ص‪.99-98 :‬‬


‫( ( منى خليل‪" ،‬ألفريد فرج وإبداع األصالة العربية"‪ ،‬جريدة الفنون‪ ،‬السنة السادسة‪ ،‬العدد ‪ ،63‬السنة‬ ‫‪3‬‬

‫السادسة‪ ، )2006( ،‬ص‪.99-98 :‬‬

‫‪37‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫الفصل الثاني‬
‫اإلطار التطبيقي‬
‫الصور الفكرية عند ألفريد فرج‬

‫الفصل الثاني‬

‫‪38‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫اإلطار التطبيقي‬
‫الصور الفكرية عند ألفريد فرج‬
‫ش غلت المش كالت االجتماعي ة والسياس ية غالبي ة كتّ اب المس رح الع ربي على اختالف‬
‫م واقعهم وأس اليبهم ‪-‬ومن أوائلهم (ألفري د ف رج)‪ ،‬ب ل إن ه ذه المش كالت ال تي تخص الطبق ات‬
‫االجتماعية ‪-‬ومنها طبقة العمال والفالحين‪ -‬والطبقات السياسية ومنها الحكام لَتعتبر األساس في‬
‫عموم ا‪ ،‬وم ع منتص ف الخمس ينات‬
‫ً‬ ‫برن امج عم ل المس رحيين الع رب بع د الح رب العالمي ة الثاني ة‬
‫والستينيات على وجه الخصوص‪ ،‬وقد كانت بمثابة رد فعل للكتابات المسرحية السابقة‪ ،‬الفكرية‬
‫وسعيد عقل(‪ ،))2‬والفكرية الدينية عند‬ ‫(‪)1‬‬
‫المجردة عند (توفيق الحكيم)‪ ،‬والفكرية عند (بشر فارس‬
‫(علي أحمد باكثير)‪ ،‬والفكرية األخالقية عند (عزيز أباظة وخليل الهنداوي)‪ ،‬ومن نهج نهجهم‪.‬‬

‫وإ ن ض مور الحرك ة المس رحية وارتمائه ا في أحض ان الع رض المس رحي التج اري‬
‫أيضا في الحملة الشعواء التي‬
‫رئيسا ً‬
‫ً‬ ‫سببا‬
‫الهزيل الذي يضمن شباك التذاكر بالدرجة األولى‪ ،‬كان ً‬
‫قاده ا الكتّ اب الج دد آن ذاك‪ ،‬إم ا ب دافع االل تزام بواق ع الطبق ات الفق يرة‪ ،‬أو الش عور ب التخلف‬
‫الحض اري الش امل‪ ،‬أو اإليم ان بعقي دة وج دت المس رح من ًبرا لل دعاوى‪ ،‬وق د ك انت س نوات‬
‫فسيحا لصراع األيديولوجيات في ظل نمو الحركة القومية وهزيمة االحتالل‬‫ً‬ ‫ميدانا‬
‫ً‬ ‫الخمسينيات‬
‫وتراجع االستعمار الجديد‪ .‬ففي مصر‪ ،‬رافق إنجاز تأميم قناة السويس‪ ،‬نشوء الجيل الثاني من‬
‫كتّ اب المسرح المصري مثل (ألفريد فرج ونعمان عاشور ‪ ،‬ويوس ف إدريس ‪ ،‬ورشاد رشدي‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وسعد الدين وهبة‪ ،‬وعبد الرحمن الشرقاوي وصالح عبد الصبور ولطفي الخولي)‪.‬‬

‫كما ذكرت فقد تعرض (فرج) لمحنة االعتقال من (‪ .)1964 -1959‬وظهرت تجليات‬
‫ه ذه المحن ة في ع دد من مس رحياته مث ل (س قوط فرع ون‪ ،‬وس ليمان الحل بي‪ ،‬وحالق بغ داد)‪.‬‬
‫وأظهرت أن فكرة العدالة وتحقيقها في المجتمع هي ممكنة وسهلة التحقق‪ .‬ففي مسرحية (سليمان‬
‫طرحا لفكرة العدالة بدقة ووضوح‪ .‬وحرص على تقديم إجابات شافية‬ ‫ً‬ ‫الحلبي‪ ،)1965 ،‬قدم فيها‬
‫لكل التساؤالت التي تؤرق المجتمع وقتها‪ ،‬فحين يقتل (سليمان) (كليبر) فإنه يجيبه على التساؤل‬

‫ث اإلسالمي‪ ،‬يُ َع ُّد من طليع ِة الشُّعرا ِء الرمزيِّين‬ ‫ٌ‬


‫وباحث في الترا ِ‬ ‫أديب ومسرح ٌّي وشاع ٌر لبناني‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫() بشر فارس‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫الذينَ مهَّدُوا لحرك ِة الحداث ِة في الشع ِر العربي‪ُ .‬ولِ َد في لبنانَ عا َم ‪١٩٠٧‬م‬


‫() سعيد عقل‪ ،)2014-1912(  ‬شاعر‪ ‬وكاتب لبناني‪ ‬يعتبر من أبرز الشعراء اللبنانيين المعاصرين‪ .‬عمل في‬ ‫‪2‬‬

‫التعليم والصحافة‪.‬‬

‫() عبدهللا أبو هيف‪" :‬المسرح العربي المعاصر‪ ،‬قضايا ورؤى وتجارب"‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب العرب‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫دمشق‪ ،)2002( ،‬ص‪.5-4 :‬‬

‫‪39‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫الكبير هل يمكن للضعيف أن ينتصر على القوي؟ وهل من الحكمة والعدل تعيين حداية األعرج‬
‫(‪)1‬‬
‫جابيا للضرائب والمال‪.‬‬
‫المجرم ً‬
‫وفي مس رحية (حالق بغ داد) يع بر (ألفري د ف رج) عن ث ورة يولي و (‪ )1952‬بـ (أبي‬
‫الفضل) الحالق الذي يقحم نفسه فيما ال يعنيه في كثير من األحيان‪ ،‬ويتدخل في شئون المواط نين‬
‫ظا‪ ،‬ويواصل العمل في االنتصار لحق (يوسف‬
‫الضعفاء بفضولية‪ ،‬ومع هذا فضميره ال يزال متيق ً‬
‫وياس مينة) في الحب والحي اة والبع د عن األفك ار االنتحاري ة‪ .‬أم ا في مس رحية (على جن اح‬
‫التبريزي وتابعه قفَّة‪ )1969 ،‬و(زواج على ورقة طالق‪ ،)1973 ،‬فبرزت فيهما فكرة الصراع‬
‫تنادا على ال تراث الش عبي‪ ،‬والثقاف ات الغربي ة في‬
‫بين الطبق ات‪ ،‬وتوظي ف المس رح االجتم اعي اس ً‬
‫(‪)2‬‬
‫الوقت نفسه‪.‬‬

‫اهتم بالطبق ات الش عبية‬


‫وألن أهم م ا يم يز مس رح (ف رج) اس تلهامه من ال تراث‪ ،‬فق د َّ‬
‫الممي زة‬
‫ّ‬ ‫المختلف ة‪ ،‬كالعم ال والفالحين والم وظفين‪ .‬كم ا أن من من أهم س مات لغت ه المس رحية‬
‫ورسمها لمالمح الشخصية بألفاظ قليلة‪ ،‬وتقديم الفكرة بوجوه‬
‫ُ‬ ‫خلوها من التقعر والتشدد اللفظي‪،‬‬
‫ُّ‬
‫مختلفة حتى تلتئم في ذهن المشاهد وتكتمل بشكل واضح ومفهوم‪.‬‬

‫ويميَّز (ألفريد فرج) أبطال مسرحياته بالوعي الكبير بالمشكالت االجتماعية والسياسية‬
‫الس ائدة‪ ،‬وال يص ارع غيبي ات وخي االت‪ ،‬ب ل لدي ه فك ر سياس ي واض ح ومتمع ق‪ ،‬ويمث ل أفك ار‬
‫البسطاء والحلم القومي للمجتمع‪ ،‬كما أنه يدخل في صراعه ضد األفكار المتخلفة والرجعية داخ ل‬
‫(‪)3‬‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫المبحث األول‬
‫الشخصياتـ التراثية في مسرح ألفريد فرج‬

‫إن العمل المسرحي ال يمكن أن يكون بدون شخصيات ملهمة ومؤثرة‪ ،‬فالشخصية من‬
‫أبرز السمات الفنية ألي عمل مسرحي ألنها األداة التي يعبر من خاللها الكاتب عن أفكاره ويق وم‬

‫() سماح عادل‪ " ،‬ألفريد فرج‪ ..‬نهل من التراث واهتم مسرحه بمبدأ تحقيق العدالة"‪ ،‬مجلة كتابات‪ ،‬نوفمبر‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫طلع عليه بتاريخ‪ /17 :‬إبريل‪https://kitabat.com/cultural 2022 /‬‬ ‫(‪ ،)2018‬ا ُّ‬
‫() المصدر السابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() سماح عادل‪ " ،‬ألفريد فرج‪ ..‬نهل من التراث واهتم مسرحه بمبدأ تحقيق العدالة"‪ ،‬مجلة كتابات‪ ،‬نوفمبر‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫(‪https://kitabat.com/cultural ،)2018‬‬

‫‪40‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫بتجس يدها وبلورته ا من خالل النص‪ )1(.‬الشخص ية هي المق وم األساس ي ألي عم ل مس رحي من‬
‫خالل األدوار التي يؤديه ا الممثلون‪ ،‬وقد اقترنت الشخصية بفن المس رح‪ .‬والشخصية تنتقل إلى‬
‫خش بة المس رح من الواق ع الم راد تمثيل ه‪ ،‬حيث تنق ل إلين ا طب ائع الن اس وتقالي دهم وع اداتهم‪ ،‬فهي‬
‫(‪)2‬‬
‫انعكاس للواقع‪.‬‬

‫أن (هربرت‬ ‫إن التراث مادة غنية بالحياة تتأثر بغيرها وتؤثر فيه‪ ،‬يذكر ( زكي نجيب) ّ‬
‫ري د) ق ال‪ :‬إن قيم ة ال تراث عن دي في كون ه مجموع ة من وس ائل تقني ة يمكن أن نأخ ذ به ا عن‬
‫الق دماء لنس تخدمها الي وم‪ ،‬نحن آمنون بالنس بة إلى ما اس تحدثناه من طرائق جدي دة‪ ...‬وإ ّن الحال ة‬
‫ال تي يعانيه ا الع الم الي وم لهي في رأيي كافي ة للدالل ة على م دى م ا تس تطيعه الص ورة الفكري ة‬
‫(‪)3‬‬
‫التقليدية‪ ...‬في حل مشاكلنا"‪.‬‬

‫يقول (غالي شكري) في تعريف "التراث"‪ ،‬إنه‪" :‬إجماع التاريخ المادي والمعنوي لألمة‬
‫(‪)4‬‬
‫منذ أقدم العصور حتى التاريخ المعاصر"‪.‬‬

‫وإ ذا كان التراث هو مجموعة اآلثار التي خلفها األقدمون‪ ،‬فإن الشخصية التراثية هي‬
‫األساس الذي يعتمد عليه هذا التراث والمؤثرة فيه‪ ،‬فقد لجأ إليها المسرحيون العرب في محاولة‬
‫بحثهم عن مضمون للتراث المسرحي‪.‬‬

‫تل ك الشخص يات الثري ة مث ل (عن ترة بن ش داد) كمقات ل ع ربي ش جاع داف ع عن قبيلت ه‬
‫وأرضه‪ ،‬وسيرة (الملك سيف بن ذي يزن) وسيرة (األميرة ذات الهمة) و(مزين بغداد) و(الظاهر‬
‫بيبرس) و(جحا) و(شهريار) و(شهرزاد)‪ ،‬وغيرها الكثير حوتها كتب التراث العربي واإلسالمي‬
‫مث ل (ألف ليل ة وليل ة) و(كليلة ودمن ة)‪ ،‬و(مقامات بديع الزم ان الهمذاني)‪ ،‬و(البخالء‪ ،‬للجاح ظ)‪.‬‬
‫وغيره ا من الشخص يات ال تي وردت في الحكاي ات والرواي ات الش فوية ال تي تناقلته ا القص ص‬
‫الش عبية‪ ،‬فتن اول المس رحيين له ذه الشخص يات يجعله ا تتط ور وتنتش ر بين الن اس‪ ،‬فق د أحياه ا‬
‫التراثيون مثل (ألفريد فرج) من جديد(‪.)5‬‬

‫‪ )( 1‬صالح مباركية‪" ،‬المسرح في الجزائر‪ ،‬دراسة موضوعاتية فنية"‪،‬ج‪ ،2‬دار الهدى‪،‬عين مليلة‪،‬الجزائر‪ ،‬ط‬
‫‪،1‬‬
‫(‪،)2005‬ص‪.144 :‬‬
‫‪ )( 2‬أحمد كمال زكي‪" ،‬دراسات في النقد األدبي"‪ ،‬دار األندلس‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ، )1980( 2‬ص‪.42 :‬‬
‫َّث أبي هريرة"‪ ،‬قال‪ ،‬لمحمود المسعدي"‪ ،،‬رسالة ماجستير في تحليل‬ ‫‪ )( 3‬زهرة خالص‪" ،‬التناص في حد َ‬
‫الخطاب‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كلية اآلداب واللغات‪ ،‬قسم اللغة العربية وآدابها‪ ،)2006( ،‬ص‪.24 :‬‬
‫‪ )( 4‬زهرة خالص‪" ،‬التناص في حدث أبي هريرة"‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ )( 5‬زهرة خالص‪" ،‬التناص في حدث أبي هريرة"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.25 :‬‬

‫‪41‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫اهتم (ألفري د ف رج) بالشخص يات التراثي ة وأورده ا في أغلب مس رحياته بش كل عص ري‬
‫مالئم للبيئة المصرية‪ ،‬ليناقش من خاللها القضايا المهمة التي تؤرق المجتمع المصري والعربي‬
‫في وقتها‪ .‬استحضر (فرج) شخصياته كما في (صوت مصر)‪ ،‬و(حالق بغداد‪ ،‬وسليمان الحلبي‪،‬‬
‫وبقبق الكسالن‪ ،‬وعسكر وحرامية‪ ،‬والزير سالم‪ ،‬وعلي جناح التبريزي‪ ،‬وأغنياء فقراء ظرفاء‪،‬‬
‫ورسائل قاضي إشبيلية‪ ،‬ودائرة التبن المصرية‪ ،‬وغراميات عطوة أبو مطوة‪ ،‬والطيب والشرير‬
‫والجميلة‪ ،‬واألميرة والصعلوك‪ ،‬وسقوط فرعون)‪ .‬كل هذه المسرحيات حوت شخصيات تراثية‬
‫ثرية غاية الثراء‪ ،‬كالعامل والفالح والقاضي والغني والفقير والفرعون والشاب الثائر‪ ،‬وغيرها‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬صورة الفالح‪:‬‬


‫ظل الفالح يبحث عن ذاته وشخصيته العميقة في المسرح إال عند قلة قليلة من الكتاب‬
‫المس رحيين ال ذين ش غلهم الفالح كإنس ان في المق ام األول‪ ،‬وه ذه ال ذات تحققت إلى ح د كب ير في‬
‫الرواية والقصة‪ ،‬لكنها في المسرح التجاري ما زالت في كثير من األعمال صورة نمطية أو ما‬
‫يسمى بـ (الكاريكاتير) له (لزمات) معينة خاصة به ولهجة محلية ال تزيد عن السخرية والهزلية‪،‬‬
‫وتتسم بالغباء المفرط والسذاجة التي تجعله يشتري األهرامات والترام والعتبة ويورط نفسه في‬
‫(‪)1‬‬
‫كثير من المشكالت‪.‬‬

‫وكم ا ذك رت فق د ول د الك اتب المس رحى ألفري د ف رج فى قري ة كف ر الص يادين بمحافظ ة‬
‫الشرقية‪ .‬ومع أنه لم يعش فى هذه القرية الصغيرة غير فترة قصيرة من طفولته‪ ،‬وانتقل بعدها‬
‫دورا فى مسرحية آخر العام بدرج ة أث ارت‬
‫إلى اإلس كندرية‪ ،‬فقد أتقن لهج ة الفالحين‪ ،‬وأدى بها ً‬
‫إعجاب المشرف على فريق التمثيل فى المدرسة الذى تنبأ له بمستقبل زاهر فى عالم المسرح‪،‬‬
‫ومن يقرأ رواية ألفريد فرج »حكايات الزمن الضائع فى قرية مصرية« يبدو له كأن الكاتب لم‬
‫(‪)2‬‬
‫يفارق القرية قط‪.‬‬

‫وعلى م ا في مس رحياته من كومي ديا وس خرية فإن ه لم تكن تخ ل بح ال من األح وال من‬
‫مناقشة القضايا االجتماعية المهمة‪ ،‬حتى ولو من وراء ستار‪ .‬تناولت مسرحياته الفوارق الطبقية‬
‫والفقر وهموم الفالحين والعمال‪ .‬والمؤلف المسرحي بشكل عام حين ينتقد األغنياء من الفالحين‬

‫() عبد‪ ‬الغني‪  ‬داود‪ " ،‬الفالح في مسرح المدينة‪ ،‬مقال إلكتروني‪ ،‬مجلة مسرحنا عن هيئة التحرير‪12 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ديسمبر‪/http://www.masrahona.com ،" ،)2011( ،‬‬


‫() "خمس سنوات على رحيل جوهرة المسرح ألفريد فرج"‪ ،‬مقال إلكتروني منشور بجريدة (المصري‬ ‫‪2‬‬

‫اليوم)‪ ،‬بتاريخ‪https://www.almasryalyoum.com/news/details/102322 ،23/12/2010 :‬‬


‫طلع عليه بتاريخ‪10/7/2021 :‬م‪.‬‬ ‫ا ُّ‬

‫‪42‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫وأهل المدن قد يعلي من شأن الفقراء‪ ،‬لكن ألفريد حريص على أن يحصر المشكلة في عدد من‬
‫األف راد ال في طبق ة من الطبق ات‪ ،‬كي يرض ي ك ل الن اس وال يغض ب عم وم الن اس‪ .‬فه و يق دم‬
‫الميلودرام ا وال درس االجتم اعي ويرض ي الفق راء وال يغض ب األغني اء كطبق ة موج ودة في‬
‫(‪)1‬‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫قدم (ألفريد) شخصية الفالح بتعمق وإ تقان‪ ،‬وسبر أغوار الشخصية بشكل متكامل دون‬
‫تسطيح أو اعتباره شخصية عابرة‪.‬‬

‫ففي مس رحيته (دائ رة التبن المص رية) َيتالعب ألفري د فَـرج ب َزمن الض رائب الباهظ ة‬
‫َعلى الفالحين‪ ،‬وقد أبدع فيها‪ ،‬و أبدع الممثلون الواقفون أمام الباشا في تأديتها‪ ،‬و لَكــن لَن َينجح‬
‫(‪)2‬‬
‫أبداً َذلك الفالح الذي َسجــن نفسه داخل دائرة ِمن التبن‪ ،‬وأسماها الدائرة الحكومية‪.‬‬

‫يذكر (ألفريد فرج) في بداية المسرحية أنها إحياء لمسرح "المحبطين"‪ .‬وهي فرقة كانت‬
‫تقوم بأدوار تمثيلية "اسكتشات مسرحية" أمام الوالي‪.‬‬

‫والمس رحية تتع رض ألزم ة الفالحين إب ان الحكم الملكي‪ ،‬كي ف ك انوا يتعرض ون للظلم‬
‫واإلضطهاد‪ ،‬وكيف كان يتم إستغاللهم أسوأ إستغالل مادي و جسدي كل هذا كان من المفترض‬
‫أن يكون في إطار مسرحي هزلي‪.‬‬

‫وقد رأى بعض النقاد في المسرحية مباشرة شديدة‪ ،‬ولم تكن المسرحية بالطول الكافي‪،‬‬
‫كما أن نهايتها تشعر المتفرج أو القارئ أنها بترت فجأة‪ .‬وهي بالطبع ليست في ذات المستوى‬
‫‪3‬‬
‫لمسرحيات (فرج) األخرى‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬صورة الحالق الفضولي‪:‬‬


‫ً‬
‫في مس رحيته (حالق بغ داد) يجس د (ألفري د ف رج) شخص ية الحم ال العام ل البس يط (أب و‬
‫الفض ول) فيق دمها في ص ورة ش خص متوس ط العم ر يع رف بـ (حالق بغ داد) يعم ل حم االً وه و‬
‫شخص كثير الفضول خبير بأمور الناس‪ ،‬وعلى بساطته فهو يملك من الحكمة الكثير لكن فضوله‬
‫أفقده مهنته‪.‬‬

‫(أب و الفض ول) شخص ية فاعل ة في المس رحية‪ ،‬ك ان حالقً ا ثم حم االً ثم ش حا ًذا‪ ،‬س اكن‬
‫الح ارة الجوفاني ة‪ ،‬وه و رج ل فض ولي وبس بب فض وله الكب ير ال ذي أوقع ه في المش اكل‪ ،‬ج رده‬

‫() علي الراعي‪" ،‬مسرح الدم والدموع"‪ ،‬دراسة في الميلودراما المصرية والعالمية‪ ،‬ص‪.458 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() علي الراعي‪" ،‬مسرح الدم والدموع"‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.459‬‬ ‫‪2‬‬

‫(( علي الراعي‪" ،‬مسرح الدم والدموع"‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪43‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫أحدا‪ ،‬فلو استغاثت‬


‫القاضي من رخصته‪ ،‬له أسرة تتكون من امرأة وأوالد عاهد نفسه أال يساعد ً‬
‫صبية مهما كان جمالها‪ ،‬وصاحت عليه ال يمد لها يد المساعدة‪ ،‬ولو غرق صبي ال ينقذه‪ ،‬وقرر‬
‫أن يضع عصابة على عينه حتى ال يرى‪ ،‬ويسد أدنه حتى ال يسمع‪ ،‬ويروض فمه حتى ال يتكلم‪،‬‬
‫قرر أن يتوب عن الفضول كما أنه تميز بالذكاء‪.‬‬

‫لم يخ رج (ألفري د ف رج) في مس رحية "حالق بغ داد" عن األح داث العام ة لحكاي ات "أل ف‬
‫ليلة وليلة" والتراث العربي القديم عند (الجاحظ) في كتابه "محاسن األضداد"‪ ،‬إذ نجده يحافظ على‬
‫اإلط ار الع ام للحكاي ة وعلى معظم أح داثها وتجلياته ا‪ ،‬وتجلى العنص ر الحك ائي في المس رحية‬
‫(‪)1‬‬
‫وكذلك السرد الجاحظي واضح من خالل شخصية (الحالق والحمال)‪.‬‬

‫وباس تقراء ع دد من أعم ال (ف رج المس رحية)‪ ،‬نج د أن ه يض من الشخص ية التراثي ة في‬


‫النص المسرحي إليصالها إلى القارئ والجمهور‪ ،‬هناك شخصيات كثيرة داخل حكاية "ألف ليلة‬
‫وليل ة" ع ادت إلى الظه ور في مس رحية "حالق بغ داد"‪ ،‬وك ذلك حكاي ة "محاس ن مك ر النس اء" في‬
‫كت اب "محاس ن األض داد" ل (الجاح ظ)‪ ،‬ف (ألفري د ف رج) لم يع دها ب ذاتها وإ نم ا أع دها بمالمحه ا‬
‫وأدواره ا‪ ،‬حيث نج د الك اتب حين يوظ ف شخص ية تراثي ة فإن ه ال يوظ ف من مالمحه ا إال م ا‬
‫يتالءم م ع طبيع ة التجرب ة ال تي يري د التعب ير عنه ا‪ ،‬ويس قط عنه ا األبع اد المعاص رة ال تي يري د‬
‫إسقاطها عليها‪.‬‬

‫حاف ظ (ألفري د) على معظم ص فات شخص ية (أب و الفض ول) أو الحالق في الحكاي ة‬
‫التراثي ة (م زين بغ داد) من (أل ف ليل ة وليل ة)‪ .‬وي برز تجلي ص فات (الحالق) في المس رحية من‬
‫خالل الحوار بين (يوسف) و(أبي الفضول)‪:‬‬

‫أبو الفضول‪ :‬اهلل أرسلني ألنقد حياتك"‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫يوسف‪ :‬تكذب‬ ‫‪-‬‬
‫أبو الفضول‪ :‬أقسم أني رسول العناية اإللهية‬ ‫‪-‬‬
‫يوسف‪ :‬ما الذي يغريك؟ ما الذي يلهبك لمعرفة أحوالي؟‬ ‫‪-‬‬
‫‪2‬‬
‫أبو الفضول‪ :‬الطبع يا سيدي!ال شيء غير الطبع‪..‬‬ ‫‪-‬‬

‫نالح ظ أن هن اك تطابقً ا بين شخص ية الحالق‪ ،‬في حكاي ة "أل ف ليل ة وليل ة" ومس رحية‬
‫(حالق بغ داد) "يوس ف وياس مينة"‪ ،‬رغم وج ود ه ذا التط ابق ف إن هن اك تغي يرات أجراه ا (ألفري د‬

‫() علي الراعي‪" ،‬مسرح الدم والدموع"‪ ،‬دراسة في الميلودراما المصرية والعالمية‪ ،‬ص‪458 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫(( ألفريد فرج‪ ،‬مسرحية "حالق بغداد"‪ ،‬روايات الهالل‪،‬عدد‪،499‬القاهرة ‪،‬دط‪،)1986(،‬ص‪.109،108‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪44‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫فرج)‪ ،‬ففي الحكاية الحالق فضولي‪ ،‬حاول إنقاد الشاب من قبضة القاضي لكنه كان السبب في‬
‫كسر رجله ورحيله من بغداد‪ ،‬وهو شخصية خيالية من صنع الراوي "شهرزاد" لكنه أكثر حيوية‬
‫من الن اس الحقيق يين في الحي اة المعيش ة‪ ،‬أم ا في المس رحية فنج ده أنق د حي اة (يوس ف وياس مينة)‪،‬‬
‫فض وله جع ل القاض ي يس لبه رخص ته‪ ،‬ال دليل على ه ذا في المس رحية الح وار ال ذي دار بين‬
‫القاضي وأبي الفضول‪:‬‬

‫‪ -‬القاضي‪ :‬لق د دب رت ك ل ش يء ي ا م والي‪ ،‬وأن ا ن زلت عن د رغبت ك ولكن بقي ش يء ه ذا الول د‬


‫الحالق فض ولي ج دا‪ ،‬ارتكب من الح وادث والمخالف ات م ا ين وء رج ل واح د بحمل ه‪ ،‬ولكن م ا‬
‫قاطعا بغداد بالطول والعرض يلوك سيرتي‬
‫ً‬ ‫ارتكبه يهون بالنسبة لما سيرتكب فواهلل إني ألراه‬
‫(‪)1‬‬
‫ويحكي حكاية ابنتي ويسيء إلى شرفي وسمعتي ‪...‬فإن فضوله ال ينفع معه أحد‪.‬‬

‫أب((و الفض((ول‪ :‬أن ا؟! أن ا الفض ولي؟! أنق دت حي اتين وزيج ة‪ ،‬وبرض اك أن ا الفض ولي؟! أن ا‬
‫(‪)2‬‬
‫الطفيلي؟ أنا ‪."...‬‬

‫أحيان ا في أن ه مخطئ لحش ر نفس ه فيم ا ال يعني ه‬


‫ً‬ ‫باإلض افة إلى أن ه ك ان يس اوره الش ك‬
‫ويخي ل إلي ه أن ه فض ولي يلقى م ا يس تحق من‬
‫مباش رة من ش ؤون المواط نين خاص ة المستض عفين ُ‬
‫ج زاء‪ ،‬وم ع ذل ك ال ي دع س بياًل له ذا الش ك والبلبل ة على إرادت ه وض ميره االجتم اعي األخالقي‬
‫فب الرغم من أن الحالق ق د أفص ح عن ه ذه الش كوك بلس انه فإنن ا لم ن ره ي تردد لحظ ة واح دة في‬
‫مواصلة العمل النتصار حق (يوسف وياسمينة) في الحب والحياة‪ ،‬دون يأس أو محاولة لالنتحار‬
‫كذلك يريد اختراق األسرار‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬صورة الثائر على الظلم‪:‬‬


‫في مسرحيته (الزير سالم‪ ،)1967 ،‬قدم (فرج) شخصية البطل الثائر الذي ينشد تحقيق‬
‫ليب ا‬
‫حيحا‪ ،‬فه و يق ول‪" :‬أري د ُك ً‬
‫مطلب ا ص ً‬
‫ً‬ ‫حي ا‬
‫الع دل المس تحيل‪ ،‬ف الزير ال يق ر بغ ير اس تعادة أخي ه ً‬
‫حيا"! أي أنه يريد القتيل حيًّا‪ ،‬وقد جعله يفلسف هذا المطلب العجيب‪ ،‬بأن التحقيق اكتشف منطق‬ ‫ً‬
‫س لوك الشخص ية من أج ل تحقي ق العدال ة‪ ،‬ذل ك ه و الق انون الص حيح‪ ،‬في رأي ه‪ ،‬ف ُكليب ق د م ات‬
‫غيل ة وغ درا‪ ،‬وه و في س بيل تحقي ق مطلب ه‪ ،‬يض رب بس يفه في المس تحيل‪ ،‬وحين يش ق س يفه‬
‫الممكن‪ ،‬يرفض قائاًل ‪" :‬العدل الكامل هو ما أريد"‪ ،‬وهو يفلسف مطلبه قائاًل ‪" :‬أعدل أن أبيع ملك‬
‫كريم بدم قاتل الملك الكريم"‪ .‬وهو في سبيل تحقيق هذا المطلب العادل‪ ،‬يطلب أن يرتد الزمن‪،‬‬

‫() ألفريد فرج‪ ،‬مسرحية "حالق بغداد"‪ ،‬روايات الهالل‪،‬عدد‪،499‬القاهرة ‪،‬دط‪،)1986(،‬ص‪.123‬‬ ‫‪1‬‬

‫(( ألفريد فرج‪" ،‬حالق بغداد"‪ .. ،‬المصدر السابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪45‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫فكلما أغرق في الدم أوغل أيضا في استحالة تحقيق مطلبه‪" .‬وما يصنعه البشر يتدفق دائما‪ ،‬في‬
‫(‪)1‬‬
‫وجهه وحده‪ ،‬وما أعظم الظلم الواقع من جراء ذلك"‪.‬‬

‫تكمن بطولة (الزير سالم) في محاولته الصادقة لتحقيق العدالة الكاملة‪ ،‬لكنه حين يدرك‬
‫عداء الزمن له‪ ،‬يعي استحالة تحقيق مطلبه هذا‪ ،‬فيقبل بالتنازل المخطط له‪ ،‬أي قبول موت ُكليب‬
‫في مقابل اعتالء (هجرس) العرش‪ ،‬ما دام الهدف االستراتيجي عصيا على التحقيق‪ ،‬فال مفر إذا‬
‫من قبول الحل الوسط‪.‬‬

‫كما أن الشخصية الثائرة التي تنشد تحقيق العدل والمساواة واستعادة الحقوق ألصحابها‪،‬‬
‫هذه العدالة التي تحققت كاملة بهزيمة (إخناتون)‪ ،‬والتي ظهرت في صورة (السالم المسلح) التي‬
‫اس تطاع (الحل بي) أن يحققه ا بقتل ه (كلي بر)‪ ،‬وحققه ا (أب و الفض ول) ب األمن االجتم اعي‪ ،‬ه ذه‬
‫الشخص ية الث ائرة العادل ة تعج ز عن الكم ال "الميت افيزيقي" في (الزي ر س الم)‪ ،‬فه و على ه ذا‬
‫المس توى يص ل إلى تحقي ق نص فها الممكن‪ ،‬لكن ه على المس توى ال واقعي يحققه ا كامل ة غ ير‬
‫(‪)2‬‬
‫منقوصة‪.‬‬

‫شخصية( (الزير سالم) الثائرة‪:‬‬


‫(الزي ر س الم)(‪ )3‬في تص ور (ف رج) ف ارس مغ وار وث ائر ش عبي ت اريخي‪ ،‬ش خص محب‬
‫ألخيه فوق كل اعتبار‪ ،‬وداهية من دواهي العرب‪ ،‬وبطل مدافع عن الحق للنهاية(‪.)4‬‬

‫() كمال الدين حسين‪" ،‬التراث الشعبي في المسرح المصري الحديث"‪ ،‬ص‪.179 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() لقمان محمود‪" ،‬التراث في مسرح ألفريد فرج"‪ ،‬ع‪ ،15‬يناير‪.)1999( ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫(( المهـلــهــل بــــن ربــيــعــة ‪ -‬الزير سالم‪ ‬هو‪ ‬عدي بن ربيعة بن الحارث بن زهير بن جشم بن بكر بن‬ ‫‪3‬‬

‫حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب التغلبي الوائلي‪ .‬من قبيلة‪ ‬عنزة‪ ‬وهو من أهل بالد الجزيرة العربية‬
‫ومن‪ ‬تغلب‪( ‬توفي‪ 90 ‬ق‪.‬هـ‪ 534/‬م)‪ .‬وهو شاعر عربي وهو أبو ليلى‪ ،‬المكنى بالمهلهل‪ ،‬ويعرف أيضا ً بالزير‬
‫سالم من أبطال العرب في الجاهلية‪ .‬وهو جد الشاعر‪ ‬عمرو بن كلثوم‪ ‬حيث أن أم عمرو هي ليلى بنت المهلهل‪،‬‬
‫هو خال الشاعر الكبير‪ ‬امرئ القيس‪ .‬كان من أصبح الناس وجها ً ومن أفصحهم لساناً‪ .‬ويقال أنه أول من قال‬
‫الشعر‪ ،‬عكف في صباه على اللهو والتشبيب بالنساء‪ ،‬فسمي (زير النساء) أي جليسهن‪ .‬ولما قتل‪ ‬جساس بن‬
‫مرة‪ ‬أخاه‪ ‬وائل بن ربيعة‪ ‬المعروف بلقب‪ ‬كليب‪ ،‬ثار المهلهل فانقطع عن الشراب واللهو إلى أن يثأر ألخيه‪،‬‬
‫فكانت وقائع‪ ‬بكر‪ ‬وتغلب‪ ‬المعروفة تاريخيا‪ ‬بحرب البسوس‪ ،‬التي دامت أربعين سنة‪ ،‬وكانت للمهلهل فيها‬
‫العجائب واألخبار الكثيرة‪ .‬يقول‪ ‬الفرزدق‪ :‬ومهلهل الشعراء ذاك األو ُل‪ ،‬وهو القائم بالحرب ورئيس تغلب أسر‬
‫في آخر أيامهم ففك أسره وقصته معروفه وأسر مرة أخرى فمات في أسره‪ .‬ينظر‪ :‬معجم الشعراء‪ ،‬الجزء ‪،1‬‬
‫صفحة‪ .847 :‬نسخة إلكترونية‪http://ar.lib.eshia.ir/40449/1/847 :‬‬
‫((ألفريد فرج مسرحية (الزير سالم)‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،)1967( ،1‬ص‪.162-161:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪46‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫وه و في المس رحية شخص ية ماجن ة س ِّكيرة‪ ،‬ليس حبًّا في المج ون والعرب دة‪ ،‬ب ل ألن ه‬
‫يعيش حال ة من القل ق والص راع ال داخلي والبحث عن ش يء م ا‪ .‬يق ول (ف رج) في ح وار من‬
‫المسرحية‪:‬‬

‫س((الم‪ :‬ي ا مجَّان الع رب‪ ،‬أيه ا الخلع اء والمطاري د والش عراء والص عاليك‪ ،‬أص دقائي ون دمائي‬ ‫‪-‬‬
‫فلنشرب تحيةً‪.‬‬
‫مقاطعا‪ :‬للشعر!‬
‫ً‬ ‫رجل‬ ‫‪-‬‬
‫رجل‪ :‬للحب‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫رابع‪ :‬ما تقول؟‬ ‫‪-‬‬
‫سالم‪ :‬لما لم َنر‪ ،‬وما لم نسمع وما ال نعرف‪ ،‬فهو مناط أشواقنا(‪.)1‬‬ ‫‪-‬‬

‫يقدم لنا (فرج) أن (الزير سالم) قد لجأ إلى المجون والشراب ربما لكي يخفف من حدة‬
‫نوع ا من اللقاء بتلك الفكرة المعنوية التي يبحث‬
‫الصراع الداخلي الذي يعيش فيه‪ ،‬أو أنه قد يجد ً‬
‫عنه ا‪ ،‬فه و ي رفض المحس وس والواق ع‪ ،‬وب ذلك فه و يعيش في ع ٍ‬
‫الم خ اص ب ه يختل ف عن الع الم‬
‫الذي تعيش فيه الشخصيات األخرى‪.‬‬

‫ٌّ‬
‫محب ألخيه‪ ،‬وقد تبلورت فكرة المسرحية‪ ،‬أي‬ ‫والزير في المسرحية كما هو في السيرة‬
‫االئتالف من خالل شخصية الزير وحبه ألخيه‪.‬‬

‫كليب‪ :‬تتطلع إلي فتحسدني‪ ،‬وتستمد من كمالي شرفًا!!‬ ‫‪-‬‬


‫سالم‪ :‬عندي شرفي الخاص‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫كليب‪ :‬ما هو؟‬ ‫‪-‬‬
‫سالم‪ :‬أن أصنع ما أشاء‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫كليب‪ :‬والعرش؟‬ ‫‪-‬‬
‫سالم‪ :‬العرش‪ ،‬والكأس زيادة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫كليب‪ :‬أعندك وفاء؟‬ ‫‪-‬‬
‫وحشي‬
‫ٌّ‬ ‫سالم‪ :‬عندي وفاء‬ ‫‪-‬‬
‫كليب‪ :‬لمن؟‬ ‫‪-‬‬
‫سالم‪ :‬للدم؟‬ ‫‪-‬‬

‫(( ألفريد فرج (الزير سالم)‪ ،‬ص‪.180-179 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪47‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫كليب‪ :‬الدم يتالطم في العرق الواحد‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫سالم‪ :‬نحن أقل من الواحد‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫كليب‪ :‬ولكني فوق عرشي وحدي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫سالم‪ :‬بل أنت بأخيك أكثر(‪.)1‬‬ ‫‪-‬‬
‫كليب حيًّا‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫كليب ا‪ ،‬إال بعد أن يرجع‬
‫جساس ً‬
‫ٌ‬ ‫ومع هذا فهو ال يرضى بالصلح بعدما قتل‬
‫فهو إذن يبحث عن المستحيل في هذا االنتقام‪ ،‬وتحقيق الفكرة المستحيلة‪:‬‬

‫وسالحا‪ .‬تكلم يا صاحب الثأر!‬


‫ً‬ ‫أرواحا وماالً‬
‫ً‬ ‫ُم َّرة‪ :‬سندفع كل ما نملك في سبيل السالم؛‬ ‫‪-‬‬
‫كليبا حيًّا‪ .‬ال مزيد(‪.)2‬‬
‫سالم‪ً :‬‬ ‫‪-‬‬

‫أبدا حيًّا‪ ،‬فما بغيته من هذا الطلب العجيب؟!‬


‫(سالما) يدرك أن أخاه لن يرجع ً‬
‫ً‬ ‫لكن‬

‫جليل ُة‪ :‬ما بغيتك؟‬ ‫‪-‬‬


‫كليب حيًّا‪.‬‬
‫سالم‪ٌ :‬‬ ‫‪-‬‬
‫جليل ُة‪ :‬أيرجع الزمن؟ أترتد الرياح؟‬ ‫‪-‬‬
‫(‪)3‬‬
‫سالم‪ :‬حيث يكون سالم‪ ،‬يحدث هذا مرة واحدة ‪....‬‬ ‫‪-‬‬

‫الم) يري د إرج اع ال زمن لل وراء‪ ،‬قض يته وص راعه م ع ال زمن والق وة الق اهرة‪ ،‬فيم ا‬
‫فـ (س ٌ‬
‫يريده يكمن في صراعه مع الزمن‪:‬‬

‫سالم‪ :‬ال خير في شيء إال أن يكون ما أريد‪ ،‬والعدل الكامل هو ما أريد‪..‬‬ ‫‪-‬‬

‫ذلك أن الزمن عدو البشر‪ ،‬فالزمن يبطل العدل(‪.)4‬‬

‫الما) في ه ذه المس رحية ي دافع عن الح ق والع دل كم ا ه و في الس يرة‬


‫ق د يب دو أن (س ً‬
‫الشعبية‪ ،‬لكنه في المسرحية يبحث عن الحق والعدل بمفهومه المطلق‪ ،‬لكنه قبل أن ينتهي يرض ى‬
‫بجزء من العدالة‪:‬‬

‫منحنيا على سالم‪ :‬عماه‪ ،‬هل شفيت؟‬


‫ً‬ ‫هجرس‬ ‫‪-‬‬

‫(( مسرحية (الزير سالم)‪ ،‬ص‪.186-185 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫(( (الزير سالم)‪.180 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫(( المصدر السابق‪.233 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫(( المصدر السابق‪.234 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪48‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫بعض كليب‪ ،‬بعض العدالة‪ٍ ،‬آه لدمعتين(‪.)5‬‬


‫سالم يتأمله ويسلمه سيفَه‪َ :‬‬ ‫‪-‬‬

‫وهنا نالحظ أن (الزير سالم)‪ ،‬يتحرك في النهاية في مجال إبرام صفقته الشخصية كما‬
‫يري د ه و‪ ،‬حيث يقب ل الواق ع الجدي د وتتح ول أفعال ه‪ ،‬ويص بح س يفه المنطل ق في المس تحيل س يفًا‬
‫منطلقًا من الممكن‪.‬‬

‫إن الشخص ية الث ائرة لـ (الزي ر س الم) تب دأ ب المطلق وتنتهي ب الممكن‪ ،‬أي هي شخص ية‬
‫عدمي ة مطلق ة ال تقب ل بغ ير الع دل الكام ل المطل ق‪ ،‬ثم ينتهي ب ه المط اف تكتيكيًّا إلى السياس ة‬
‫التفاوضية(‪.)2‬‬

‫ويب دو أن الش به واض ح بين عقي دة بط ل المس رحية‪ ،‬وعقي دة البط ل الش عبي في الس ير‬
‫التراثية‪ ،‬ففي عقيدة بطل السيرة نلمس االعتزاز بالفكرة والسعي إلى الدفاع عنها وتحقيقها مهما‬
‫(‪)3‬‬
‫كانت التضحيات والعواقب‪ ،‬وهو نفسه أو ما يربو عليه في المسرحية‪.‬‬

‫إن الشخصية الثائرة في (الزير سالم) قدمت للمجتمع المصري والعربي وقتها إسقاطات‬
‫سياس ية واجتماعي ة عميق ة‪ .‬تص ل إلى وج دان المش اهد والق ارئ فيك اد ي رى نفس ه أو من يعرف ه‬
‫داخل شخصيات هذه المسرحية‪ ،‬فاألحداث الدرامية تكادل تتقاطع مع الواقع المؤلم في كثير من‬
‫(سالم)؟!‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫األحيان‪ ،‬فالجريمة هي الجريمة‪ ،‬والعدالة هي العدالة‪ ،‬والثأر هو الثأر‪ ،‬ولكن أين‬

‫مسرحية( (حالق بغداد)‪:‬‬


‫وعلى خالف المتوق ع‪ ،‬ف إن شخص ية (أب و الفض ول) في مس رحية (حالق بغ داد)‪ ،‬ق دمها‬
‫(ف رج) في ش كل ث وري‪ ،‬ينتفض من داخل ه على الواق ع الم ر‪ .‬ه ذه الص ورة ال تي لم ُيتِ َّمه ا ألفري د‬
‫فرج إال في مسرحيتين صغيرتين‪ ،‬فإن صورة (حالق أشبيلية) لم تكتمل عند (بومارشيه) إال في‬
‫(‪)4‬‬
‫ثالث مسرحيات طويلة تستغرق كل منها ليلة كاملة‪ ،‬وهي الثالثية الشهيرة المكونة من‪:‬‬

‫حالق أشبيلية‪ - .‬زواج فيجارو‪ - .‬األم اآلثمة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وإ ذا ك انت شخص ية (فيج ارو) ق د عملت في ثالثيت ه «بومارش يه» حالقً ا أول األم ر ثم‬
‫وخَب َر من خالله ا الحي اةَ وذاق‬
‫زاولَه ا من قب ل َ‬
‫خادم ا بع د ذل ك‪ ،‬فض اًل عن المهن الكث يرة ال تي َ‬
‫ً‬
‫(( ألفريد فرج‪( ،‬مسرحية الزير سالم)‪ ،‬مصدر سابق‪.280 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫(( مجدي فرج‪" ،‬نظرة متأملة إلى مسرح ألفريد فرج"‪ ،‬مجلة الكويت‪ ،‬عدد ‪ ،)1982( ،22‬ص‪.113 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() محمد مندور‪" ،‬في المسرح المصري المعاصر‪ ،‬سقوط فرعون – أو السالم المسلح"‪ ،‬الناشر‪:‬مؤسسة‬ ‫‪3‬‬

‫هنداوي‪ ،)2017( ،‬ص‪205-203 :‬‬


‫() محمد مندور‪" ،‬في المسرح المصري المعاصر‪ ،‬سقوط فرعون – أو السالم المسلح"‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬ ‫‪4‬‬

‫هنداوي‪ ،)2017( ،‬ص‪. 205-203 :‬‬

‫‪49‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫ت في نفس الم واطن الفرنس ي‬ ‫ور ْ‬


‫ُم َّره ا‪ ،‬وخ رج منه ا بش حنة ثوري ة عاتي ة‪ ،‬هي الش حنة ال تي تبل َ‬
‫ال ذي ق ام بث ورة س نة ‪ ١٧٨٩‬الك برى‪ ،‬ح تى رأين ا (فيج ارو) ه ذا ُي ْف ِزع الس لطات الملكي ة‬
‫األرس تقراطية الحاكم ة عن دما انبث ق من عق ل خالق ه (بومارش يه) قب ل اش تعال الث ورة الفرنس ية‬
‫بخمس س نوات فق ط‪ ،‬مم ا دف ع المل ك (ل ويس الس ادس عش ر) إلى األم ر بإيق اف تمثي ل «زواج‬
‫ت عنه‬‫حيث مكث أربعة أيام‪ ،‬ثم َأ ْف َر َج ْ‬
‫فيجارو» والقبض على مؤلفها وإ لقائه في سجن الباستيل؛ ُ‬
‫السلطات الباغية تحت ضغط الشعب الثائر وزمجرته؛ أما شخصية (أبو الفضول) حالق بغداد‬
‫الش عبي المنبت فهي كفيج ارو س واء بس واء فق د ق َاو َم الظلم والطغي ان في ثنائي ة (ألفري د ف رج)‪،‬‬
‫للمستض عفين في األرض أو المالحقين لخ روجهم على الح واجز العاتي ة ال تي ك انت‬ ‫وانتص ر ُ‬
‫تفرضها القيود االجتماعية البالية‪ ،‬حتى سحبت منه تلك السلطات الباغية رخصة الحالقة كأعنف‬
‫جزاء يمكن أن ُي َع اقَب به المواطن‪ ،‬بل مجرد إنسان‪ ،‬وهو حرمانه من حق العمل‪ ،‬بل وسحبت‬
‫اض طَُّر إلى مزاول ة ه ذا‬
‫بع د ذل ك من (أبي الفض ل) حالق بغ داد رخص ة العم ل كحم ال بع د أن ْ‬
‫العمل الشاق رغم تخصصه في مهنة الحالقة‪ ،‬مما اضطره في ِّ‬
‫النهاية إلى أن يحاول الحصول‬
‫تماما عندما تنقل بين تلك القائمة‬
‫على لقمة العيش عن طريق التسول على نحو ما حدث لفيجارو ً‬
‫خادم ا في قصر (الكونت ألمافيفا) على نحو ما أخبرنا‬
‫ً‬ ‫الطويلة من المهن‪ ،‬حتى انتهى إلى العمل‬
‫هو نفسه في مونولوج ه الش هير‪ ،‬الذي ال يزال ُي ْعتَ بر ح تى اليوم من أهم وثائق الثورة الفرنسية‬
‫الكبرى(‪.)1‬‬

‫وكذلك األمر في (أبي الفضول) حالق بغداد‪ ،‬فهو ابن ثورة ‪ ١٩٥٢‬العظيمة‪ ،‬وسيحتفظ‬
‫أحيان ا في أن ه مخطئ‬ ‫ً‬ ‫رائع ا البن ه ذه الث ورة‪ ،‬ال ذي ق د ُيس اوره الش ك‬
‫نموذج ا بش ريًّا ً‬
‫ً‬ ‫ب ه الت اريخ‬
‫لحش ر نفس ه فيم ا ال يعني ه مباش رة من ش ئون مواطني ه‪ ،‬وبخاص ة المستض عفين المس ت َذلِّين منهم‪،‬‬
‫حتى ُلي َخيَّل إليه أنه فضولي َيْلقَى ما يستحق من جزاء‪ ،‬ولكنه مع ذلك ال يدع سبياًل لهذا الشك‬
‫والبلبلة على إرادته وضميره االجتماعي األخالقي‪.‬‬

‫فبالرغم من َّ‬
‫أن حالق بغ داد قد أفصح غير م رة عن هذه الشكوك بلس انه‪ ،‬فإنن ا لم َن َرهُ‬
‫ق ط ي تردد لحظ ة واح دة في مواص لة العم ل النتص ار ح ق (يوس ف وياس مينة) في الحب والحي اة‬
‫محاولة لالنتحار‪ ،‬ثم مغامرته األخرى من أجل إنصاف األرملة البائسة الجميلة زين‬ ‫َ‬ ‫دون يأس أو‬
‫ض عليه ا بع د وف اة زوجه ا‪ ،‬وأن تحرمه ا مم ا َخلَّفَ هُ له ا من‬ ‫النس اء من الغرب ان ال تي تري د أن تَْنقَ َّ‬
‫النفس وكرامة‬ ‫ستخد ِمين في ذلك جاهَ المنصب أو سطوة المال‪ ،‬فتَهُ ُّز (أبا الفضول) نخوةُ َّ‬ ‫مال‪ ،‬م ِ‬
‫ُ‬

‫() محمد مندور‪" ،‬في المسرح المصري المعاصر‪ ،‬سقوط فرعون – أو السالم المسلح"‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬ ‫‪1‬‬

‫هنداوي‪ ،)2017( ،‬ص‪205-203 :‬‬

‫‪50‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫الخلُ ق لينهض بعبء ال دفاع عن ه ذه الم رأة في تلقائي ة تك اد تُ ْش بِه المص ادفة البحت ة‪ ،‬وك َّ‬
‫أن ه ذا‬ ‫ُ‬
‫الثائر العظيم على الظلم واالستغالل والحقارة االجتماعية ال يعي ما يفعل‪ ،‬بل يلهو بروح خفيفة‬
‫أحيان ا على لسانه‪ ،‬ولكنها ال تنفذ‬
‫ً‬ ‫مرحة ُمتفائلة‪ ،‬ال تنضح فيها روح الشك أو البلبلة التي تجري‬
‫قط إلى إرادته وضميره‪ ،‬وهذه هي قمة الفن اإلنساني الرفيع‪.)1( .‬‬

‫وفي مسرحيته (ي ا عن ترة)‪ ،‬قدم الشخص ية البطولية التي اتسمت بالموضوعية ووظف‬
‫ك ل عناص ر الشخص ية التراثي ة فيه ا مع ًبرا عن أحالم البس طاء وآم ال المجتم ع وطموحات ه في‬
‫االنعتاق من العبودية (أو االستعمار) في المعنى الحديث‪ ،‬دون المساس بجوهر العناصر التراثية‪،‬‬
‫وه ذا يحس ب ل ه ولتجربت ه في اس تلهام العناص ر التراثي ة بش كل مباش ر‪ ،‬وال تي ق د تع د واح دة من‬
‫(‪)2‬‬
‫النماذج الجيدة في عملية االستلهام للتراث‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬صورة الخليفة والقاضي‪:‬‬


‫ً‬
‫أبقى (ألفري د ف رج) على معظم ص فات ه ذه الشخص ية التراثي ة في مس رحية (حالق‬
‫بغ داد)‪ ،‬حيث مث ل (الخليف ة المنتص ر باهلل) في شخص ية متذب ذة ذات أداء خفي ف الظ ل‪ ،‬اس تمع‬
‫لقص ص الحالق‪ ،‬أم ا في المس رحية فال يخل و أداؤه ال يخل و من الطراف ة واالس تمتاع‪ ،‬ي داعب‬
‫الكاريكاتورية ويبرز هذا من خالل الحوار الذي دار بين الخليفة والقاضي‪:‬‬

‫الخليفة‪ :‬الص وت ال يخل و من اس تمتاع بطراف ة الموق ف‪ ،‬ي ا للص دفة جاري ة القاض ي‬ ‫‪-‬‬
‫وحالق السوق أو السوء‪.‬‬
‫لم أتبين بالضبط ما رأيك يا وزير؟ أهما في حالة تلبس‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫(‪)3‬‬
‫القاضي‪ :‬يا ضيعة شرفي! يا مصيبتي بك! أتعقبتني لتنتقم مني؟ ويلك‪".‬‬ ‫‪-‬‬

‫أبقى (ألفري د ف رج) على معظم ص فاته الحكائي ة في المس رحية ففي الحكاي ة نج د قاض ي‬
‫بغداد رجل له طباع وحشية فضرب خادمته وعبدا له يتجلى هذا في المسرحية من خالل الحوار‬
‫الذي دار بين يوسف وأبي الفضول‪:‬‬

‫يوسف‪ :‬وقعت في القاضي مرحى؟ ضربك؟‬ ‫‪-‬‬


‫أبو الفضول‪ :‬ضربني! خرب بيتي واهلل‪ .‬ضرب وشرطة وسجن ومحاكمة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫() محمد مندور‪" ،‬في المسرح المصري المعاصر‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪205-203 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() المصدر السابق‪ .‬ص‪.197 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() ألفريد فرج‪ ،‬مسرحية "حالق بغداد"‪ ،‬ص‪.106 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪51‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫أيض ا‪ ،‬ق ال أي ه ‪ ...‬أن ا غ ير أمين على أعن اق الزب ائن‪ .‬وأنت؟ أأنت أمين على‬
‫رخص تي ً‬ ‫‪-‬‬
‫أعناق المتهمين؟ وهكذا‬
‫صرت حمااًل حالقًا جوااًل وال حول وال قوة إال باهلل‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫أيض ا على الس مات األساس ية لشخص ية‬


‫وفي مس رحية (زين ة النس اء)‪ ،‬حاف ظ (ألفري د) ً‬
‫(القاض ي) وال تي اس تمدها باألس اس من الحكاي ة التراثي ة‪( :‬محاس ن مك ر النس اء)‪ ،‬لكن ه أح دث‬
‫تغي يرات طفيف ة في ال دور‪ ،‬ففي الحكاي ة ك ان القاض ي يمث ل العض و ال ذي انص رفت إلي ه الجميل ة‬
‫وش كت إلي ه قض يتها ف أعجب به ا وك اد يجن بجماله ا‪ ،‬واق ترح عليه ا أن تبقى مع ه‪ ،‬لكنه ا أبت‬
‫وانص رفت‪ ،‬وك ذلك في الحكاي ة (محاس ن مك ر النس اء)‪ ،‬أرادت الجميل ة من القاض ي أن يك ون‬
‫شاهدا على اعتراف الناسك والدليل في المسرحية هو الحوار الذي دار بين القاضي و(زينة)‪:‬‬
‫ً‬
‫تد عينها على الشبندر؟‬
‫القاضي‪ :‬ألديك وثيقة صحيحة تثبت هذه الواقعة التي ّ‬ ‫‪-‬‬
‫زينة‪ :‬ال يا سيدي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫القاضي‪ :‬ألديك شاهدان عدالن؟‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫(‪)1‬‬
‫زينة‪ :‬نعم يا سيدي‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫من كل هذا نخلص إلى أن هذه الشخصيات لـ (ألفريد فرج) خارجة من عالم "ألف ليلة‬
‫وليل ة" بش كل أو ب آخر‪ ،‬وأنه ا شخص يات تراثي ة اس تمدها من ال تراث‪ ،‬كم ا ترتب ط جمي ع أفعاله ا‬
‫بأرض الواقع وتتصل اتصاال مباشرا بالبشر في الحياة المعيشة‪ ،‬أراد أن يجسد واقع العرب في‬
‫تلك الفترة ونقده بطريقة غير مباشرة‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬صورة الحاكم في مسرح ألفريد فرج‪:‬‬


‫ً‬
‫تعد شخصية الحاكم في مصر في مسرح الستينيات بشكل عام ومسرح (ألفريد فرج)‬
‫على وج ه الخص وص‪ ،‬من أهم الشخص يات الدرامي ة في تل ك الف ترة‪ .‬ففي أعق اب ث ورة (‪)1952‬‬
‫أظه ر كث ير من كت اب المس رح مش اعر القل ق وربم ا الح يرة ح ول حقيق ة اإلط ار السياس ي‬
‫واالجتماعي الجديد‪ ،‬وظلوا في عزلة عنها وعن الجماهير‪.‬‬

‫وفي حياكت ه لشخص ية (الح اكم) س واء ال تي أخ ذها عن المس رح الغ ربي أو من ال تراث‬
‫العربي‪ ،‬فإنه عالج الشخصية في إطار المجتمع العربي اإلسالمي‪ ،‬وصبغ عليها الصبغة التراثية‬
‫المرتبطة في األذهان العربية‪ ،‬بالحاكم السلطوي المتحكم في كل صغيرة وكبيرة‪ .‬باإلضافة إلى‬
‫أن ه لم يكن يع الج الشخص ية وح دها في إط ار منف رد‪ ،‬ب ل يض ع (الح اكم) في إط ار عم ل درامي‬
‫() مسرحية "حالق بغداد"‪ ،‬ص‪.172 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪52‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫متكام ل‪ ،‬ين اقش فيه ا مش كالت اجتماعي ة متفاوت ة‪ ،‬وأخ رى سياس ية‪ ،‬مث ل مش كلة االس تعمار‬
‫واالستبداد السياسي‪ ،‬والعدل والظلم‪ ،‬وتأليه الحاكم‪.‬‬

‫اص طدم مس رح (ألفري د ف رج) بالس لطة السياس ية في حقب ة الس تينيات‪ .‬فق د ك ان أدب ه‬
‫ممنوعا لمدة حوالي (‪ )12‬سنة‪ .‬وقد اتضح موقف (ألفريد) النقدي الفكري والسياسي‪،‬‬
‫ً‬ ‫المسرحي‬
‫(‪)1‬‬
‫من خالل رسمه للشخصيات التي تمثل السلطة والنفوذ‪.‬‬

‫و(ألفريد) في رسمه لهذه الشخصيات السياسية الحاكمة يتكئ على قوالبها في التراث‪،‬‬
‫نبض ا حيًّا‪ ،‬من ص فات شخص يات الس لطة والنف وذ في واقع ه‪ .‬فالخليف ة ح اكم‪ ،‬والملك‬
‫ليف رغ فيه ا ً‬
‫ح اكم ‪ ،‬والعم دة ح اكم‪ ،‬جميعهم يتحم ل المس ئولية وت ترتب علي ه الواجب ات‪ ،‬ف إن غف ل عنه ا غف ل‬
‫كح اكم بغض النظ ر عن زمان ه ومكان ه‪ .‬فالزم ان يك رره بوظيفت ه وص فاته ومطامع ه وظلم ه‪.‬‬
‫والنقاد تهمهم صفات الحكام كشخصيات في مسرح (ألفريد) ال أسماؤهم أو شخوصهم‪ ،‬لالعتبار‬
‫بهم ورسم الرؤى الفكرية حول األحداث التي مرت بهم‪ .‬فالتاريخ والتراث أحداث ال شخوص‪،‬‬
‫وحتى أبرز األسماء على مر التاريخ أسندت إلى أفعالها وصفاتها وما صنعته‪ .‬وإ ن كان زمان‬
‫المبدع ال يسمح له بالتصريح‪ ،‬على ما في التصريح من مباشرة قد ال تكون محبذة فنيًّا‪ ،‬فليلمح‬
‫ِ‬
‫وليخف ما أراد تحت أكمام هذا أو عباءة ذلك دون أن يمس بشكل القالب أو بنبض المحتوى‪.‬‬

‫التباين في شخصية( الحاكم‪:‬‬ ‫أ‪.‬‬


‫في تمثيل ه لشخص ية الح اكم‪ ،‬اس تخدم (ألفري د ف رج) المراوغ ة الس يميائية في كث ير من‬
‫معبرا عن الجمهور وما يدور في‬
‫هربا من مواجهة السلطة‪ ،‬وفي الوقت نفسه يكون ً‬
‫مسرحياته‪ً ،‬‬
‫عقله وقلبه‪.‬‬

‫ويالحظ القارئ والدارس لمسرحيات (ألفريد) التباين الكبير في رسم شخصيات الحك ام‪،‬‬
‫فمن ه ذه الشخص يات من ك ان ع ادالً أو يبحث عن الع دل ويطلب ه‪ ،‬وبعض ها شخص يات ظالم ة‪،‬‬
‫وأخرى وصولية‪ ،‬وغيرها مغفلة أو تستغفل‪.‬‬

‫ففي مسرحية (حالق بغداد) تبدو شخصية الخليفة عادلة‪ ،‬ومن ذلك ما ورد فيها‪:‬‬

‫كرا ي ا م والي! إن ع دلك وس ماحة نفس ك ق د جعالني أك ثر تف اؤالً بالحي اة وحبًّا‬


‫يوسف‪ :‬ش ً‬ ‫‪-‬‬
‫للناس ‪."....‬‬

‫() حافظ السليم‪" ،‬توظيف التراث العربي في مسرحيات ألفريد فرج"‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة آل البيت‪ ،‬كلية‬ ‫‪1‬‬

‫اآلداب‪ ،‬األردن‪ ،)2007( ،‬ص‪.205-204 :‬‬

‫‪53‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫ورغم عدل الخليفة إال أنه يستغفل من قبل الحاشية التي توقع أفظع أنواع الظلم بالرعية‪،‬‬
‫كما في هذا المشهد‪:‬‬

‫الخليفة‪ ... :‬وبينم ا أحكم أن ا بالع دل وب الحق في قص ري‪ ،‬تنته ك الحق وق في الش وارع وال‬ ‫‪-‬‬
‫ت أمن ام رأة على عرض ها‪ ،‬وال ي أمن رج ل على روح ه أن يش هد ب الحق ‪ ..‬أؤدي ف روض‬
‫دي ني كم ا أم ر اهلل‪ ،‬ف إذا رج ال في المغ رب ينقض ون وض وئي‪ ،‬وإ ذا رج ال لي في المش رق‬
‫(‪)1‬‬
‫يبطلون صالتي وصيامي بما يرتكبون من مظالم على رعيتي ‪." ...‬‬

‫وفي مس رحية "رس ائل قاض ي إش بيلية"‪ ،‬تب دو شخص ية (األم ير) (أو الح اكم) شخص ية‬
‫تنشد للعدل‪ ،‬وتبحث عنه‪ ،‬ولم يكن لهذه الشخصية حضور إال من خالل حديثها لمدة واحدة‪ ،‬في‬
‫بداية المسرحية‪ ،‬ولعل (ألفريد) يقصد من ذلك سمة الحاكم المطلوب‪ ،‬حين قال‪:‬‬
‫‪-‬األمير‪ :‬ولما بايعني القوم أميرا عليهم لم ِ‬
‫أخف ولم أنكص‪ ،‬ألني أعرف أن مل ًكا أساسه العدل هو‬ ‫ً‬
‫قاضيا مثلك ينصف الناس بعضهم من بعض إنما يهيئ لملك مثلي‬
‫ً‬ ‫ملك وطيد األركان‪ ،‬وأن‬
‫(‪)2‬‬
‫طمأنينته‪ ،‬وللرعية هدوءها وينفي أشباح الفتنة"‪.‬‬

‫وض من شخص يات الح اكم ب رزت شخص ية (القاض ي)‪ ،‬ال ذي ه و أداة الس لطة وال يق ل‬
‫خطرا من (الح اكم) نفس ه‪ ،‬فالقاضي الذي يمث ل الع دل‪ ،‬ه ل يقيمه حقيق ةً؟ إذا تع ارض الع دل م ع‬
‫ً‬
‫رغبات (الحاكم) الذي عينه؟‪ .‬يقول (ألفريد) في مشهد المسرحية نفسها‪:‬‬

‫القاضي‪ :‬إن القاضي ‪-‬أبقاك اهلل‪ -‬ال يشتغل بإقامة العدل بين الناس وال هذه وظيفته‪ ،‬وإ نما‬ ‫‪-‬‬
‫وظيف ة القاض ي الحكم بين الناس بالقانون‪ ،‬والقانون قد ال ينطبق على الع دل‪ ،‬والع دل قد ال‬
‫يطابق القانون‪ ،‬القانون هو جوهرة المنفعة والمصلحة التي ال تتحقق إال بالقوة‪ ،‬فمن ال قوة‬
‫(‪)3‬‬
‫له‪ ،‬ال قانون له"‪.‬‬

‫أما قاضي (أشبيلية) فلم يستغل القانون ولم يطوعه لمصلحته‪ ،‬على العكس من القاضي‬
‫ظالما‪:‬‬
‫في مسرحية (حالق بغداد) الذي كان ً‬
‫أحدا‪.‬‬
‫يوسف‪ :‬أنا أعرف بالقاضي‪ ،‬أنا ‪ ..‬والأهاب ً‬ ‫‪-‬‬

‫() ألفريد فرج ‪" ،‬مسرحية حالق بغداد" المرجع السابق‪ ،‬ص‪.178 ،123 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() مسرحية "رسائل قاضي إشبيلية"‪ ،‬ص‪11 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() "رسائل قاضي إشبيلية"‪ ،‬ص‪.11 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪54‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫أب( ((و الفض( ((ول‪:‬هوزمبي ل محش ٌّوبالظلم والبطش والرش وة والفس اد لح اس أعت اب الحك ام‬ ‫‪-‬‬
‫(‪)4‬‬
‫والوزراء"‪.‬‬

‫كثيرا‪ .‬وقد نجح (ألفريد) في رسم صورة‬


‫وإ ذا كانت الشخصية (مل ًك ا) ال يختلف األمر ً‬
‫السلطة الطامعة الساذجة المغفلة من خالل شخصية (الملك) (أو الحاكم) في مسرحية (على جناح‬
‫طمع ا‬
‫التبريزي وتابعه قفة)‪ .‬فالملك يقدم ابنته حتى يتزوجها (التبريزي) بأسلوب مبتذل رخيص‪ً ،‬‬
‫بما في قافلة (التبريزي) الوهمية من مال‪:‬‬

‫الملك‪ ... :‬اصنعي كأنك ال تعرفين أنه بالغرفة وأنك تدخلين لبعض شأنك‪ ،‬فإذا رآك ورأيته‬ ‫‪-‬‬
‫علي‪.‬‬
‫ادخلي بسرعة‪ ،‬والباقي َّ‬
‫الملك (بعد أن دخلت البنت وخرجت) للوزير‪ :‬أيها الوزير! لقد دخلت ابنتي بنوع من الخطأ‬ ‫‪-‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ورأت هذا الغريب ورآها وال بد أن يكون تحت تأثير سحرها"‪.‬‬

‫ه ذه أغلب شخص يات (الح اكم) في مس رح (ألفري د) كم ا رس مها من خالل توظيف ه‬


‫لقصص التراث والتاريخ‪.‬‬

‫ويالح ظ أن موق ف (ألفري د) في توظيف ه لل تراث لم يكن موقفً ا هروبيًّا من الس لطة‬
‫السياس ية ال تي يمثله ا (الح اكم) في وقت ه‪ ،‬ب ل ك ان موقف ه نق ديًّا‪ ،‬فه و ينتق د السياس ات الس لطوية‬
‫حكام ا‬
‫ً‬ ‫وشخوص ها الحاكم ة‪ ،‬كم ا أن ه ي دعو إلى التغي ير الس لمي وقلب األوض اع لمص لحة الجمي ع‬
‫كثيرا من القضايا السياسية المتعلقة بالحكام‪،‬‬
‫ومحكومين‪ .‬وقد تناول في مسرحياته بناء على ذلك ً‬
‫كالفس اد والرش وة والظلم وغي اب الع دل والمس اواة‪ ،‬والطبقي ة‪ .‬وم ا تل ك األم راض االجتماعي ة‬
‫(‪)3‬‬
‫والسياسية إال نتيجة لغياب سيادة القانون وتسلط الحاكم على طبقات الشعب‪.‬‬

‫راسخا‬
‫ً‬ ‫اعتقادا‬
‫ً‬ ‫كما يالحظ المتأمل لمسرحيات (ألفريد) وشخصيات الحاكم لديه أنه يعتقد‬
‫أن السلطة الحاكمة في أي مكان وزمان ال بد أن تسخر مقدرات الشعب للشعب‪ ،‬وليس لذواتهم‪.‬‬
‫لهذا نجده يعرض صور الحكام الذين سخروا كل شيء لمصلحتهم ومآربهم الشخصية‪ .‬بل إن‬
‫تردي األمة أمام أعدائها وانهزاميتها أمام نفسها وعدم ثقتها يعود لتسلط الحاكم‪ ،‬وإ ن االنحراف‬
‫(‪)4‬‬
‫في المجتمع وظهور الطبقية سببه غياب السلطة العادلة أو تغييبها في شخص الحاكم‪.‬‬

‫() ألفريد فرج"مسرحية حالق بغداد"‪،‬ص‪.104‬‬ ‫‪4‬‬

‫() ألفريد فرج "مسرحية على جناح التبريزي" دار المستقبل العربي‪ ،‬القاهرة‪،‬ط‪،)1985 ( 2‬ص‪.55:‬‬ ‫‪2‬‬

‫() حافظ السليم‪" ،‬توظيف التراث العربي في مسرحيات ألفريد فرج"‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة آل البيت‪ ،‬كلية‬ ‫‪3‬‬

‫اآلداب‪ ،‬األردن‪ ،)2007( ،‬ص‪.205-204 :‬‬


‫() المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪55‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫شخصية( الطامع في السلطة‪:‬‬ ‫ب‪.‬‬


‫الشخص يات الطامع ة في الس لطة والحكم ق دمها (ف رج) في مس رحية (الزي ر س الم) في‬
‫(جس اس)‪ ،‬وهو يمثل الفئة السلبية في المجتمع‪ ،‬حيث ال يعدم وسيلة أيًّا كانت في سبيل‬
‫شخص َّ‬
‫تحقيق مصالحه ومآربه الشخصية‪.‬‬

‫(جس اس) في (الزي ر س الم) ه و أخ و (الجليل ة)‪ ،‬وقات ل (كليب)‪ ،‬وق د رس مه (ألفري د) في‬
‫المسرحية في رجل ناقم قاتل البن عمه في سبيل العرش‪ .‬ويبدو أن شخصية (جساس) رسمت‬
‫كي تكون في مسارين متضادين‪ ،‬األول‪ :‬هو الرغبة في االنتقام من (كليب) وقتله‪ ،‬وذلك لكرهه‬
‫إي اه وحق ده علي ه‪ ،‬فـ (جس اس) يعتق د بأحقيت ه في المل ك‪ ،‬وه و من قت ل (التبَّع حس ان)‪ ،‬وه و ب ذلك‬
‫يبلور صورة النزاع العربي على المنصب والحكم‪ ،‬وهذا المسار يتطور بعد مقتل (كليب) فتصبح‬
‫شخصية ظالمة تعشق سفك الدماء والتسلط على رقاب الناس‪ ،‬حيث يوقع بأبناء عمه أشنع صور‬
‫القتل والتشريد‪.‬‬

‫والتط ور هن ا أن ه تح ول من االنتق ام من الش خص إلى االنتق ام من الجماع ة‪ ،‬وأس اء‬


‫استخدام سلطته فتحولت السلطة إلى تسلم‪ ،‬والحكم إلى استبداد‪ ،‬كل ذلك خوفًا على نفسه من القتل‬
‫(جساس ا)‬
‫ً‬ ‫(جساس ا) يس يء إلى أق رب الن اس ل ه‪ ،‬ب ل إن‬
‫ً‬ ‫وخوفً ا ك ذلك على منص به‪ ،‬مم ا جع ل‬
‫ناص ب أهل ه (وال ده وأخت ه جليل ة) الع داء في س بيل الع رش‪ ،‬ويبحث عن (هج رس) ليقتل ه‪ ،‬ويري د‬
‫رغما عنها لينال مبايعة التغلبيين له‪.‬‬
‫تزويج (اليمامة) من ابنه ً‬
‫كثيرا من الفئات الحاكمة في العالم العربي حينها‪ .‬ولعل‬
‫شخصية (جساس) بذلك تمثل ً‬
‫(ف رج) أراد تصوير بش اعة الصراع العربي الداخلي الذي هو في حقيقت ه طمع وجن وح للسلطة‬
‫والحكم‪ ،‬والكل فيه خاسر‪.‬‬

‫ُم َّرة‪ ... :‬فبع د س بع س نين من إذالل أوالد العم تح ول (جس اس) إلى ش خص غ ريب‪ ،‬ه و م ا‬ ‫‪-‬‬
‫تقول عنه (الجليلة) إنه مجنون‪ ،‬وما أقول أنا عنه إنه ذليل وظالم‪.‬‬

‫(كليبا)‪..‬‬
‫ً‬ ‫وفي الوقت نفسه يظهر (جساس) في حالة من الندم بعد قتله‬

‫‪56‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫جساس‪ :‬هنا لن يعثروا لي على أثر‪ ،‬قاتل ابن عمه وعدو أهله‪ ،‬طريد ضعيف يقطر بالندم‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫الطاعن من الخلف‪ ،‬الخائن‪ ،‬الخائف إلى حد الموت‪ ،‬وكنت سيد قومي‪ ،‬يا عار بكر‪.‬‬

‫راعا نفس ًيا من ج راء فعلت ه وطمع ه في‬ ‫إذن فه و ظ الم خ ائف في ٍ‬
‫آن واح د‪ ،‬ويعيش ص ً‬
‫السلطة‪.‬‬

‫فراغ ا‪ ،‬عندي ما يمأل القلب والعين‪ ،‬ما يمأل سوقًا‪،‬‬


‫ً‬ ‫شقي! وحيد‪ ،‬ألن حولي‬
‫جساس‪ .. :‬أنا ٌّ‬ ‫‪-‬‬
‫واحدا‪،‬‬
‫ً‬ ‫تعسا للعالم! كل ثرواته ال تشبع رجالً‬
‫ما يمأل مغارةً‪ ،‬وال شيء يمأل قلبي أو عيني‪ً ،‬‬
‫وما أضيقه وما أخسره وما أرخصه! (يركل كل شيء بقدميه‪ ،‬الخمر) (‪.)1‬‬

‫ويب دو أن توظي ف الشخص ية التراثي ة ببع دها الس لوكي واالجتم اعي يكش ف أن اإلنس ان‬
‫أحيان ا‪ ،‬فال ذي تحكم في سلوك (جساس) هو‬
‫ً‬ ‫كتل ة من المتناقض ات الشعورية والعاطفية والفكري ة‬
‫وأهلك غيره‪.‬‬
‫َ‬ ‫العاطفة االندفاعية غير المحتكمة إلى العقل‪ ،‬وبذلك هلك‬

‫ومم ا س بق يلح ظ أن (ألفري د) لم يرس م شخص ية (جس اس) كم ا هي في الس يرة مغتص ًبا‬
‫للعرش‪ ،‬بل له الحق في الوالية‪ ،‬وبذلك عكست شخصية (جساس) قضايا عربية وإ نسانية‪ ،‬ولعل‬
‫(ألفريد) برسمه لشخصية (جساس) ارتقى بالمتلقي العربي من مرحلة التلقي والتقديس للسيرة إلى‬
‫مرحل ة التفك ر والتفك ير ب الواقع ال راهن‪ ،‬م ع مالحظ ة أن (ألفري د) لم ي نزع ال تراث من كيان ه‬
‫ووجوديته‪ ،‬وبالمقابل تناول اإلنسان في التراث والحاضر‪ ،‬وبلور قضاياه في الحاضر‪ ،‬وتطلعاته‬
‫وعيا بذاته ومحيطه وواقعه وقضاياه ويبحث عن الحل(‪.)2‬‬
‫للمستقبل ‪،‬لذلك يصبح المتلقي أكثر ً‬
‫شخصية( عبدالناصر الملهمة‪:‬‬ ‫ت‪.‬‬
‫وباالنتق ال إلى الواق ع ال ذي يعيش ه (ألفري د) في حقب ة الخمس ينيات والس تينيات‪ ،‬ن رى‬
‫ورا مختلفً ا ك ل االختالف للح اكم ال يش به الص ورة الذهني ة ل دى (ألفري د) في بقي ة أعمال ه‪ .‬إذ‬
‫تص ً‬
‫يرى عبدالناصر في هذه المسرحية (باإلجماع ‪ +‬واحد) بأنه قائد ملهم عظيم له إنجازات تجذب‬
‫أنظ ار الع الم‪ ،‬ومب ادئ المس اواة والعدال ة االجتماعي ة ال تي هي لب الفك ر الماركس ي ال ذي آمن ب ه‬
‫ردحا من الزمن(‪.)3‬‬
‫(فرج) ً‬

‫(( ألفريد فرج ‪ ،‬مسرحية (الزير سالم)‪ ،‬ص‪248 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() فاطمة حكيم‪" ،‬التراث في مسرحية الزير سالم أللفريد فرج"‪ ،‬سوريا‪ ،‬مجلة جامعة تشرين‪ ،‬اآلداب‬ ‫‪2‬‬

‫والعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد ‪، 41‬العدد ‪ ،)2019( ،5‬ص‪617-615 :‬‬


‫( (أسامة الغزولي‪" ،‬إنسان في الظل وكاتب في قلب االضواء"‪ ،‬مقال بمجل))ة القبس الكويتي))ة‪ ،‬ع))دد ‪ ،‬بت))اريخ‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 25‬ديسمبر (‪: https://alqabas.com/article/52614 ،)2005‬‬

‫‪57‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫خاض ت مصر مع ارك سياسية وحربي ة وثوري ة كث يرة ضد االس تعمار‪ ،‬ومنه ا العدوان‬
‫الثالثي (‪ )1956‬وهي ال تق ل في ض راوتها عن معاركه ا الس ابقة‪ ،‬من ذ الحمل ة الفرنس ية علي‬
‫مص ر في نهاي ة الق رن الث امن عش ر‪ .‬وإ ذا كن ا ق د افتق دنا في المع ارك الس ابقة ض د االس تعمار‬
‫الكتاب ات اإلبداعي ة والص حفية ال تي تع بر عنه ا‪ ،‬وتوق ظ ال وعي الوط ني والض مير اإلنس اني‪ ،‬ففي‬
‫‪ 1956‬ك انت أقالم الكت اب والفن انين وأص وات الم ذيعين والمغ نين تتح دث بطالق ة عن ض ربة‬
‫المعلم (جم ال عبدالناص ر) ال ذي ح ول مص ر الملكي ة إلي جمهوري ة وأمم قن اة الس ويس وتص دي‬
‫دفاعا عن استقالل الوطن‪ ،‬ودعم حركات التحرر الوطني في آسيا‬‫للعدوان الثالثي علي بورسعيد ً‬
‫وافريقيا‪ ،‬والتعاون الثقافي بين شعوبها بالتقاء شباب العالم من كل الجنسيات تحت سماء القاهرة‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫أيض ا بن اء السد الع الي والتصنيع والقط اع الع ام الخ‪ .‬ومن عاش هذه األي ام في‬
‫وهناك ً‬
‫الخمسينات والستينات من القرن الماضي يذكر كيف كانت صفحات جريدة «الجمهورية» وهي‬
‫جريدة ثورة ‪ 1952‬تحتشد صفحاتها بمقاالت وقصائد وقصص الكتاب والشعراء والقصاصين‪،‬‬
‫حتي ال تتغرب مصر عن الواقع والعصر‪ .‬وقد خرجت مصر من هذه األحداث التاريخية مزه وة‬
‫بانتصارها‪ ،‬كما خرجت من سياستها المعلنة ضد الحلفاء العسكرية دولة من دول عدم االنحياز‬
‫تحقق الكثير من المكاسب االجتماعية والسياسية التي جعلت صورة عبدالناصر وشعاراته ترتفع‬
‫في كل المظاهرات الشعبية التي تثور في مصر أو في العالم العربي إلي اليوم‪ .‬ارتفع نجم جمال‬
‫عبدالناص ر‪ ،‬ليس فق ط ك زعيم لبالده‪ ،‬أو كبط ل ق ومي للعروب ة‪ ،‬ب ل كعلم من أعالم الحري ة في‬
‫العالم‪ ،‬يبني وطن ه في الداخل‪ ،‬ويغرس في ربوعه األمل‪ ،‬ممسكا في يده بسيف بتار‪ ،‬يزيل به‬
‫(‪)2‬‬
‫التناقض المحتوم بين الفكر والفعل‪.‬‬

‫رؤية( مختلفة للحاكم لدى (ألفريد)‪:‬‬ ‫ث‪.‬‬


‫تحت ت أثير ه ذا الوض ع ال ذي يلتقي ب ه ال وطن م ع اإلنس ان‪ ،‬والحري ة م ع الع دل‪ ،‬كتب‬
‫(ألفريد فرج) – إلي جانب عدد من المقاالت الصحفية – مجموعة من مسرحيات الفصل الواحد‪،‬‬
‫ع رض منه ا علي المس رح الق ومي مس رحية «ص وت مص ر»‪ ،‬ووض ع الخط وط العريض ة‬
‫لمسرحية «باالجماع ‪ +‬واحد» التي استكمل كتابتها بعد ذلك بسنوات‪ ،‬في مارس ‪ 1965‬ونشرها‬
‫مرشحا‬
‫ً‬ ‫معبرا فيها عن تقدير العالم لشخص الزعيم المصري الذي كان‬
‫في مجلة «آخر ساعة»‪ً ،‬‬

‫() نبيل فرج‪ " :‬المسرحية التي أسقطها ألفريد فرج من مؤلفاته الكاملة عمدًا"‪ ،‬مقال منشور‪ ،‬الهيئة العربية‬ ‫‪1‬‬

‫طلع عليه بتاريخ‪ 25 :‬مارس‪/https://www.atitheatre.ae/admin-65 .2022 /‬‬ ‫للمسرح‪ ،‬ا ُّ‬


‫() نبيل فرج‪ " :‬المسرحية التي أسقطها ألفريد فرج ‪ "..‬المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪58‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫حينذاك النتخاب رئاسة الجمهورية‪ ،‬بعد ست سنوات من الرئاسة السابقة‪ )1( .‬وذلك خالفًا للص ورة‬
‫الذهنية للحاكم التي سادت في معظم مسرحيات (ألفريد)‪.‬‬

‫في ه ذه المس رحية اتخ ذ (ألفري د ف رج) من أح د الص حفيين األج انب المكلفين بتغطي ة‬
‫نموذج ا أو مث ااًل لألح رار ال ذين يعجب ون بعب د الناص ر‪ ،‬وت راودهم الرغب ة في‬
‫ً‬ ‫عملي ة االنتخ اب‬
‫التعب ير عن ه ذا اإلعج اب‪ ،‬بطلب من رئيس لجن ة االنتخ اب اإلدالء بص وته‪ ،‬رغم أن اس مه ليس‬
‫درجا في كش وف الن اخبين‪ .‬وب ذلك تك ون نتيج ة االنتخ اب لعبدالناص ر ال ذي الت ف الش عب كل ه‬
‫م ً‬
‫حول ه‪ ،‬باالجم اع زائ د واح د‪ ،‬وليس فق ط باالجم اع‪ .‬وم ع أن القيم ة الفني ة للمس رحية لم تكن في‬
‫مس توى األعم ال األخ رى (أللفري د ف رج)‪ ،‬بس بب غلب ة المض مون السياس ي ال دعائي علي الش كل‬
‫الفني‪ ،‬وهو آفة األدب الهادف أو األدب الملتزم‪ ،‬فلم يتحرج الكاتب‪ ،‬الذي كان منقطعا للتأليف‪،‬‬
‫من إع ادة نش ر مس رحيته في كت اب «ص وت مص ر» ال ذي ض م مجموع ة مس رحيات الفص ل‬
‫الواح د‪ :‬الفخ‪ ،‬ص وت مص ر‪ ،‬باالجم اع ‪ +‬واح د‪ ،‬بقب ق الكس الن‪ ،‬وهي مس رحيات ذات أبع اد‬
‫أخالقي ة واجتماعي ة‪ ،‬ت دافع عن قيم العم ل والش رف والوطني ة ومس اواة الم رأة بالرج ل في ك ل‬
‫الظروف(‪.)2‬‬

‫ج‪ .‬مسرحية(( باإلجماع ‪ +‬واحد ) وعبدالناصر‪:‬‬


‫ُّ‬
‫تعد المسرحية معالجة درامية لحكاية من ألف ليلة وليلة‪ ،‬وهي بمثابة منولوج له هدف‬
‫تعليمي يحض على قيم العمل االشتراكي الجديد‪ ،‬ويحذر من الكسل وأحالم اليقظة ألن ذلك يؤدي‬
‫(‪)3‬‬
‫تشير إلى تغيير جذري في وجهة نظره‬ ‫إلى الخداع الزائف وتدمير الذات‪( .‬باإلجماع ‪ +‬واحد)‬
‫تجاه (الحاكم)‪ ،‬فتقع األحداث داخل دائرة انتخابية أثناء االستفتاء على الرئاسة في عهد الزعيم‬
‫الراح ل عبدالناص رفي ‪ ،1965‬حيث يوج د ص حفي أجن بي ي راقب االنتخاب ات ويت بين أن ه ينتمي‬
‫لليسار‪ ،‬وقد اشترك في الحرب األهلية األسبانية وزار الكثير من الدول كمراسل صحفي حربي‪،‬‬
‫أيض ا‪ ،‬ويتم نى أن يس مح ل ه بالتص ويت في االنتخاب ات الرئاس ية‬
‫وفي الح رب العالمي ة الثاني ة ً‬
‫المصرية‪ ،‬حتى يضم صوته لمنتخبي الرئيس عبدالناصر‪ ،‬وعن طريق حيلة يعطيه أحد الناخبين‬
‫تبريرا حيث ال ضرر من‬ ‫ً‬ ‫معتقدا أنه ال يخرق القانون بهذا‪ ،‬ولكن هناك‬
‫ً‬ ‫الشبان بطاقته التصويتية‬
‫إتاح ة الفرص ة للص حفي األجن بي في التعب ير عن رأي ه‪ .‬وم ا يهم في ه ذه الدعاي ة ه و التغي ير‬

‫() "صوت مصر‪ ،‬أربع مسرحيات من فصل واحد"‪ ،‬القاهرة‪.)1967( ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫(( المصدر السابق‪ ،‬مسرحية باإلجماع ‪.1+‬‬ ‫‪2‬‬

‫() كل هذه المسرحيات التي من فصل واحد باإلضافة إلى (صوت مصر) نشرت في مجلد واحد بعنوان "صوت‬ ‫‪3‬‬

‫مصر‪ ،‬أربع مسرحيات من فصل واحد"‪ ،‬القاهرة‪.)1967( ،‬‬

‫‪59‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫الملح وظ من (س ليمان الحل بي) حيث الح اكم المس تبد‪ ،‬ثم هن ا في ه ذه المس رحية يتوج ه إلى تألي ه‬
‫(‪)1‬‬
‫عبدالناصرواإلشادة بإنجازاته واحدة تلو األخرى‪ ،‬والتأكيد على عدالة قضيته في حرب اليمن‪.‬‬

‫غير أنه بعد نحو عشرين سنة أو أكثر من صدور هذه المجموعة المسرحية وعند نشر‬
‫رجزءا‪،‬‬
‫ً‬ ‫الهيئ ة المص رية العام ة للكت اب في ‪ 1989‬مؤلف ات (ألفري د ف رج) الكامل ة‪ ،‬في اث ني عش‬
‫أس قط بنفس ه ه ذه المس رحية‪ ،‬دون أن ي ذكر س ًببا‪ ،‬أو يش ير إلي ه مج رد إش ارة‪ .‬ولم يع رف أح د‬
‫الس بب المباش ر من وراء ه ذا اإلس قاط‪ ،‬بم ا فيهم من ك انوا مق ربين ج ًدا من ه‪ ،‬مث ل (عب دالرحمن‬
‫الشرقاوي ‪،‬وحمدي غيث ‪،‬وادوار الخراط ‪،‬وأحمد مرسي) الذين كان (ألفريد فرج) ينظر إليهم‬
‫بعين االعتب ار وك انوا يحمل ون ل ه أك بر تق دير‪ .‬ه ل ك ان الس بب في نظ ر الك اتب ض عف بن اء‬
‫المس رحية واقترابه ا من التحقيق ات الص حفية أم ألن ه خض ع لمراجع ة قناعات ه وخيارات ه بع د أن‬
‫(‪)2‬‬
‫انطوى العهد الناصري؟!‪.‬‬

‫أبعاد المسرحية‪:‬‬ ‫ح‪.‬‬


‫الزمان‪ 15 :‬مارس ‪ .1965‬المكان‪ :‬القاهرة‪.‬‬

‫الشخص يات ص حفي أوروبي رئيس إح دى لج ان االس تفتاء النتخاب ات رئاس ة‬


‫الجمهوري ة عض و اللجن ة ن اخبون ‪ ..‬من بينهم موظف ة وط الب وعام ل وآخ رون‪ ..‬المنظ ر‪:‬‬
‫«إحدى لجان االستفتاء الشعبي النتخابات رئاسة الجمهورية‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫في وسط المسرح صحفي أوروبي قد سدد الكاميرا إلي الداخلين‪..‬‬

‫الصحفي‪ :‬أريد أن أدلي بصوتي في االستفتاء‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫عض((و اللجنة‪ :‬تلتق ط أذن ه الح ديث ف يرفع رأس ه في دهش ة بينم ا الن اخبون منص رفون لعملهم‬ ‫‪-‬‬
‫ح ول الس اتر»‪ .‬رئيس اللجن ة‪ :‬بع د لحظ ة تقص د‪..‬؟ يع ني‪..‬؟ ثم ي داري ارتباك ه بض حكة‬
‫نشكرك علي شعورك بكل امتنان‪..‬‬
‫الصحفي‪ :‬إن صحف العالم تستفتي قراءها في زعماء العالم كل حين‪ ،‬ومن حقكم ان تفخروا‬ ‫‪-‬‬
‫بعش رات ماليين األص وات ال تي يناله ا ال رئيس ناص ر‪ ..‬رغم أن الع الم تظلل ه س حابة من‬
‫الدعاية المضادة لكم‪.‬‬

‫() محمد مصطفى بدوي‪" ،‬المسرح العربي الحديث في مصر"‪ ،‬ترجمة‪ :‬أنوار عبدالخالق‪ ،‬المركز القومي‬ ‫‪1‬‬

‫للترجمة‪ ،‬العدد‪ ،)2692( :‬الطبعة األولى‪ ،)2016( :‬ص‪ 345-335 :‬بتصرف‪.‬‬


‫() نبيل فرج‪ " :‬المسرحية التي أسقطها ألفريد فرج من مؤلفاته الكاملة عمدًا"‪ ،‬مقال منشور‪ ،‬الهيئة العربية‬ ‫‪2‬‬

‫للمسرح‪/https://www.atitheatre.ae/admin-65 ،‬‬
‫(( صوت مصر‪ ،‬أربع مسرحيات من فصل واحد"‪ ،‬مسرحية باإلجماع ‪ ،1 +‬القاهرة‪.)1967( ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪60‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫رئيس اللجنة‪ :‬نعرف أن الشعوب‪ ..‬الصحفي‪ :‬أليست هذه إشارة إنسانية ذات مغ زى؟ رئيس‬ ‫‪-‬‬
‫أيضا نهتم لسالم ورخاء العالم‪.‬‬
‫اللجنة‪ :‬نحن ً‬
‫الص((حفي‪ :‬يقاطع ه ولك ني أن ا حظيت ب أكثر مم ا حظي ب ه اآلخ رون من مج رد النظ ر إلي‬ ‫‪-‬‬
‫بالدكم من بعي د أن ا رأيت الس د الع الي‪ .‬وفي (ك تراكت) س معتهم يقول ون بك ل لغ ات الع الم‪:‬‬
‫(البن اء العظيم!) (جي ل من الش غل!) (الماكين ات الجب ارة!) أن ا ترق رق قل بي أم ام الس د‪.‬‬
‫الجرانيت الهائل والماكينات الهدارة وحرارة الشغل مألتني حنانا‪..‬‬
‫رئيس اللجنة‪ :‬ضاق صدره يالال ياحضرات‪ .‬أرجوكم‪ .‬الطالب‪ :‬خليني لحظة‪ .‬أنا محرر في‬ ‫‪-‬‬
‫مجلة الكلية وسأدون ما قاله بالحرف‪ .‬الفتاة‪ :‬ونحن عندنا مجلة الحائط في الشركة وسأعتبر‬
‫هذا حديثا صحفيا لي‪ ..‬رئيس اللجنة‪ :‬أرجوكم‪ .‬التزاحم ممنوع‪ ..‬ثم ينظر للصحفي فيتردد‬
‫ثم يخاطب عضو اللجنة‪.‬‬
‫حروب ا كثيرة لم‬
‫ً‬ ‫الصحفي‪ :‬كنت في صرواح‪ .‬الفتاة‪ :‬شهدت الموقعة؟ الصحفي‪ :‬أنا شاهدت‬ ‫‪-‬‬
‫تع د ته زني االنفج ارات والقص ف الش ديد‪ ،‬ال تث يرني كث ًيرا‪ ،‬لكن يث يرني المع نى العمي ق‪..‬‬
‫المغ زى البعي د لك ل ه ذه التض حيات‪ ،‬البس الة الوحي دة ال تي عرفته ا في حي اتي بأص دقاء هي‬
‫لمن يح ارب تحت راي ة ش ريفة أن ا رأيت أوالدكم يح اربون تحته ا هن اك‪ .‬رئيس اللجن ة‪:‬‬
‫«مقاطعا للصحفي» أرجوك‪ .‬ال تكرر ما قلت‪ .‬نشكرك علي أي حال‪ .‬العامل‪ :‬ما طلبك؟‬
‫الصحفي‪ :‬أريد أن أنتخب الرئيس ناصر‪ .‬العامل‪ :‬طلب عجيب‪ .‬الفتاة‪ :‬ال عجب فيه‪ .‬رئيس‬ ‫‪-‬‬
‫اللجنة‪« :‬بضيق وسخط» ربما كان العجب فيه‪ .‬نحن نسمعهم يتحدثون عن حكومات عالمية‬
‫وما إليه‪ .‬ربما بعد مائة سنة‪ ..‬خمسين‪ ..‬لكن اآلن‪ ،‬هذا يقتضي حصوله على الجنسية وهذه‬
‫ليست إدارة جنسية‪.‬‬
‫عربي ا ب ل بص فتي من مواط ني‬
‫ً‬ ‫الص((حفي‪ :‬ولك ني أري د أن انتخب ال رئيس ناص ر ال بص فتي‬ ‫‪-‬‬
‫هذا الكوكب المهدد كله ب الحرب والجوع وال ذل‪ .‬الفت اة‪ :‬لم ال‪ .‬أعط ه بطاق ة أي غائب‪ ،‬انه‬
‫يعرف أن حيادنا يحميه من خطر الحرب‪.‬‬
‫تالعبا‪ .‬فهنا بطاقات‬
‫ً‬ ‫رئيس اللجنة‪ :‬اسمح لي ياسيدي بأن أقول لك إن أي اقتراح كهذا يعتبر‬ ‫‪-‬‬
‫وقوائم وأسماء‪ ،‬هذا عمل رسمي‪.‬‬
‫الصحفي‪ :‬ولكني أنا ياسيدي حاربت في إسبانيا ولست بإسباني‪ ،‬وأصبت بطلقة أتلفت كليتي‬ ‫‪-‬‬
‫مدرجا في قوائم المطلوبين للجندية هناك‪.‬‬
‫ً‬ ‫مع أن اسمي لم يكن‬

‫‪61‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫أيضا‪،‬‬
‫رئيس اللجنة‪ :‬هذا ال يكفي ليعطيك الحق في‪ ..‬الصحفي‪ :‬حاربت في الحرب العالمية ً‬ ‫‪-‬‬
‫وسقطت أكثر من مرة ووجهي في الطين‪ ..‬صدقني ياسيدي لم يكن الطين في كل مرة هو‬
‫طين بالدي‪.‬‬
‫رئيس اللجنة‪ :‬ألحد الناخبين هيا يا محترم‪ .‬لم يبق إال أنت‪ .‬يسلمه البطاقة‪ .‬الناخب‪ :‬يتأمل‬ ‫‪-‬‬
‫وبيده البطاقة تسمح‪ .‬طلبت أن تضع اسمك نيابة عن ماليين من غير المصريين‪ .‬الصحفي‪:‬‬
‫رمزا ألملنا‪ ..‬في هذا الصندوق جنب إرادتكم‪ .‬الناخب‪ :‬وما نفع ذلك؟ ما فائدته؟ لن‬ ‫مكمال ً‬
‫تزي د األص وات إال ص وتًا واح ًدا‪ .‬الفت((اة‪ :‬باس م الكث يرين‪ .‬الط الب‪ :‬تعب ير عم ا ك ان يقول ه‪..‬‬
‫الصحفي‪ :‬وعن وحدة اإلرادة اإلنسانية للحرية والرخاء والعدل‪.‬‬
‫الص((حفي‪ :‬وق د أخ ذ بطاق ة الن اخب ومأل البطاق ة قبلته ا من ك بك ل س رور وارتي اح‪ .‬رئيس‬ ‫‪-‬‬
‫اللجنة‪ :‬بينم ا يح اول عبث ا شق طريق ه إلي الص ندوق ه ذه مخالف ة‪ .‬ياأس يادنا‪ .‬مخالف ة‪ .‬الفت اة‪:‬‬
‫ولكني سأصفق لهذه المخالفة‪« .‬تصفق‪ ،‬ويصفق معها الجميع بينما يضع الصحفي البطاقة‬
‫في الص ندوق‪ ،‬ي ومض الفالش فيث ير رئيس اللجن ة من جدي د»‪ .‬رئيس اللجن ة‪ :‬ص ورته؟!‬
‫الص حفي‪ :‬أع دك أن احتف ظ بالص ورة في بي تي لألص دقاء ال للنش ر‪ ..‬وأص فق معكم لألم ل‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫(يصفق بحرارة)‪ .‬ستار‪.‬‬

‫هذا العرض السريع للمسرحية‪ ،‬ينبئ عن حقبة تاريخية كانت مليئة باألحداث السياسية‬
‫واالجتماعية التي انعكست في الدراما المسرحية‪ ،‬وتناولها (ألفريد) في هذا العمل‪ ،‬الذي كان من‬
‫تماما لشخصية الحاكم التي نجدها في بقية مسرحياته‪ .‬فـ (عبدالناصر)‬
‫أولى أعماله‪ ،‬بشكل مغاير ً‬
‫في هذه المسرحية‪ ،‬الذي اعتقل نظامه (ألفريد) بعدها بسنوات‪ ،‬هو حاكم ملهم فريد ونسيج ِ‬
‫وحده‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ق د أنق ذ مص ر والعروب ة من غي اهب االس تعمار‪ ،‬وب راثن الفس اد الملكي‪ ،‬ومأل األرض إنج ازات‬
‫وفتوحات اقتصادية واجتماعية حصد ثمارها المواطن المصري والعربي‪.‬‬

‫والمتأم ل في ه ذه المس رحية يوش ك أن يعلم الس بب ال ذي جع ل (ألفري د) يس قطها من طبعات ه‬


‫معيب ا‬
‫مبالغا فيه مع السلطة حينها‪ ،‬وهذا وإ ن كان ً‬
‫ً‬ ‫تماهيا‬
‫ً‬ ‫الالحقة‪ ،‬كما ذكرت‪ ،‬فربما قد وجد فيها‬
‫في أحي ان‪ ،‬فإن ه ق د يغف ر للك اتب وال روائي فيم ا بع د إذا تدارك ه‪ ،‬خ خ ‪ .‬شخصية العمدة (الحاكم‬
‫المتسلط)‪:‬‬

‫في خ ط درامي مختل ف ك ل االختالف عن مس رحية (باإلجم اع ‪ +‬واح د)‪ ،‬نج د (ألفري د‬
‫عرضا شائقًا لشخصية الحاكم في صورة (عمدة) لقرية مسالمة‪.‬‬
‫ً‬ ‫فرج) يقدم‬

‫() "صوت مصر‪ ،‬أربع مسرحيات من فصل واحد"‪ ،‬مسرحية (باإلجماع ‪ +‬واحد)‪ ،‬القاهرة‪.)1967( ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪62‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫في مس رحية (الفخ) ال تي تعت بر أفض ل مس رحية من فص ل واح د باللهج ة العامي ة‬


‫الص عيدية(‪ ،)1‬تق ع األح داث في قري ة نائي ة بص عيد مص ر‪ ،‬إذا نج د ق اطع طري ق اس مه (الض بع)‬
‫مطلوب ا في ع دة قض ايا قت ل ‪ ،‬ولم تنجح الش رطة في القبض علي ه‪ ،‬ألن ه يتلقى مس اعدة س رية من‬
‫ً‬
‫(العم دة) ومن (الغف ير ج ودة) الل ذان اش تركا مع ه في إخف اء األم وال المس روقة‪ ،‬وك ذلك ج رائم‬
‫القت ل‪ .‬يتغ ير الموق ف بالنس بة للعم دة‪ ،‬ألن ض ابط التحقي ق الجدي د يع رض مكاف أة مالي ة ق درها‬
‫(خمسمائة جنيه) من الحكومة لمن يدلي بمعلومات ترشده إلى (الضبع)‪ .‬يرتب العمدة مع (جودة)‬
‫من أجل لقاء (الضبع قاطع الطريق) كي يخرج من مخبئه ويحضر للقائه في منزله بعد منتصف‬
‫الليل‪ .‬وقبل وصول (الضبع) يخبره (العمدة) (جودة) بالتطورات الجديدة ويحذره من الخطر الذي‬
‫يحي ط بهم‪ ،‬فالض ابط الجدي د غ ير ك ل من س بقوه‪ ،‬ص ارم‪ ،‬وق د ألمح إلى علم ه بت واطئهم م ع‬
‫(الض بع)‪ ،‬كم ا أن المكاف أة كب يرة ومغري ة وس وف تع ثر الش رطة على (الض بع) وس وف يع ترف‬
‫عليهم عند استجوابه وتعذيبه وينتهي بهم األمر إلى المشنقة‪.‬‬

‫وبصعوبة شديدة يقنع (العمدة) (جودة) بأن عليه أن يقتل (الضبع) ألن ذلك هو المخرج‬
‫الوحي د أمامهم وسوف يبدو وكأن ه يقوم بواجب ه كح ارس وحاكم للبل دة‪ ،‬ثم يحص ل (العم دة) على‬
‫المكافأة الخمسمائة جنيه ويقتسمها معه‪ .‬في البداية يصدم (جودة) من مجرد فكرة خيانة صديق‬
‫وثق فيهم‪ ،‬ولكن (العمدة) يستخدم كل مهاراته في اإلقناع لكي يوضح (لجودة) أنه ال يوجد بديل‬
‫إلنقاذهم‪ ،‬وقد أغراه عن طريق المبلغ المالي الذي سيأخذه كمكافأة‪ .‬وأخذ (العمدة) يعطيه حجة‬
‫قوية بقوله‪:‬‬

‫العاقل فقط هو من يشتري ما يفيده"‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫يطلب (جودة) من (العمدة) أن يعطيه نصيبه مسبقًا مما أثار غضب العمدة ورد عليه‪:‬‬
‫‪ -‬أال تثق بي يا ولد؟"‬

‫ولكن عندما اقترح (جودة) على (العمدة) أن يطلق عليه النار يستسلم (جودة)‪ ،‬ويتفقان‬
‫على أن ه بمج رد أن ه ي دخل س يختبئ قبله ا‪ ،‬إال أن (الض بع) ق اطع الطري ق بمج رد دخول ه الغرف ة‬
‫رأى ارتب اك العم دة واستش عر الخط ر‪ ،‬ولم تص ب الطلق ة (الض بع) وانح رفت‪ ،‬يس تدير (الض بع)‬
‫ليواج ه أع داءه فين دهش عن دما يج د (ج ودة) يص وب ويطل ق علي ه الن ار م رة ثاني ة‪ ،‬يبتهج العم دة‬
‫فيطل ق (ج ودة) الن ار م رتين لينهي حي اة (الض بع) والطل ق الثاني ة ص وبها ناحي ة (العم دة)‪ .‬يقت ل‬
‫جانبا ويقول للعمدة‪:‬‬
‫الرجالن‪ ،‬وتنتهي المسرحية بـ (جودة) يقف ً‬

‫() تجد ترجمة (للمصيدة) في مختارات وترجمات "دينيس جونسون ديفيس"‬ ‫‪1‬‬

‫‪Egyptian One Act Plays, London, (1981), pp. 27-39.‬‬

‫‪63‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫(‪)1‬‬
‫يا عمدة‪ ،‬ال توجد ثقة‪ ،‬القاتل فقط هو من يشتري ما يفيده‪ ،‬مات العقرب من سمه"‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ورغم أن المسرحية تعطينا صورة واضحة عن فساد (الحاكم) في صورة (العمدة) في‬
‫قرى صعيد مصر‪ ،‬فإنها عمل فني مبهر‪ ،‬فالمسرحية كانت بتركيز درامي شديد‪ ،‬الحوار يتسم‬
‫بالحيوية الشديدة وتتفاعل الشخصيات بديناميكية كبيرة‪ .‬وقد تم بناء التوتر الدرامي بمهارة شديدة‬
‫وفي مناخ قوي‪.‬‬

‫كذلك فإن محاولة (الحاكم‪ /‬العمدة) الناجحة إلقناع (جودة) بقتل (الضبع) وهو فرد فاس د‬
‫يفترض أنه من رعيته‪ ،‬بدل القبض عليه وتقديمه للعدالة‪ ،‬فإنه يتآمر لكي يقتله ال ألجل تحقيق‬
‫العدال ة ولكن لتحقي ق م آرب شخص ية ومص لحة من وراء قتل ه وهي المكاف أة المالي ة الض خمة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك فإن (ألفريد) قد قدم لنا تحفة فنية في فن اإلقناع في محاورة العمدة مع (جودة)‬
‫فبينم ا ك انت دواف ع العم دة الواض حة هي رغبت ه في المكاف أة ق ام بتحلي ل ش دة وتص ميم شخص ية‬
‫ضابط التحقيق الجديد‪ ،‬وكذلك تلميحه بمعرفته الكاملة بجرائمهم‪ ،‬والبد أن العمدة قد اختلق ذلك‬
‫ألنه أكد مرة أخرى قيمة المكافأة (خمسمائة جنيه)‪.‬‬

‫ومن هن ا تظه ر ظ اهرة االنتظ ار في ه ذه المس رحية أن الح اكم إذ اخت ار بطان ة فاس دة‬
‫ليتحكم في أفراد شعبه بطريقة سيئة‪ ،‬فيوشك أن يقع هو فريسة لهذه البطانة في يوم من األيام ف‬
‫(جودة ) قد استدار على (العمدة ) وقتله بعد أن قتل ( الضبع ) فمناخ المسرحية أشبه بالغابة ‪،‬‬
‫حيث تفترس الحيوانات القوية الضعيفة‪ ،‬فالمسرحية لها أمر مطروح عن طريق الموازنة طريق‬
‫(‪)2‬‬
‫الموازنة‪" .‬فالعدل الكامل من قتل يقتل ‪،‬كذلك من أ َذل ُيذل"‬

‫() ترجمة (المصيدة) من "مختارات وترجمات دينيس جونسون ديفيس"‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Egyptian One Act Plays, London, (1981), pp. 38‬‬


‫() محمد عبدهللا حسين‪ ،‬محمد ‪ :‬ظاهرة االنتظار في المسرح النثري في مصر حتي عام ‪1973‬م‪،‬الهيئة العامة‬ ‫‪2‬‬

‫للكتاب ‪ ،‬القاهرة (‪ )1998‬ص‪522‬‬

‫‪64‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫الفصل الثالث‬
‫القضايا السياسية في مسرح ألفريد فرج‬

‫‪65‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫الفصل الثالث‬
‫القضايا السياسية في مسرح ألفريد فرج‬
‫ُش غل (ألفري د ف رج)‪ ،‬مث ل أبن اء جيل ه من المس رحيين اآلخ رين‪ ،‬ب المتغيرات السياس ية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬فصارت مسرحياتهم‪ ،‬في الغالب األعم حتى مطالع سبعينيات القرن العشرين‪ ،‬وهي‬
‫مد وجزر على وجه التقريب‪ ،‬استجابة مباشرة أو غير مباشرة‬ ‫المرحلة الناصرية وامتداداتها في ّ‬
‫لألح داث والتب دالت التاريخي ة القومي ة والوطني ة السياس ية واالجتماعي ة العاص فة والغ امرة حرك ة‬
‫الواق ع وش روط الت اريخ‪ ،‬فكتب «ص وت مص ر» احتف اء بفع ل المقاوم ة في بورس عيد (ح ازت‬
‫الفن في المعركة)‪ ،‬كما وضع مسرحيته التاريخية «سقوط فرعون» لمعالجة فكرة الحياد‬ ‫ميدالية ّ‬
‫تماشيا مع (مؤتمر باندونغ)‪.‬‬
‫ً‬ ‫اإليجابي والسالم المسلح‪ ،‬وهي إحدى أطروحات النظام آنذاك‬

‫كما كتب «حالق بغداد» في مناخ فانتازي يستلهم الموروث السردي وبعض المؤثرات‬
‫التعبيري ة واالنطباعي ة والملهاوي ة لمعالج ة سياس ة الحكم‪ ،‬ووض ع «س ليمان الحل بي» في ف ترة‬
‫المد الثوري العالمي والعربي إشاعة للفكر الثوري القومي في مصر‬ ‫انتشار قيم الشعبية وتصاعد ّ‬
‫عبدالناص ر وانطالق ة رصاص ة المقاوم ة الفلس طينية واش تداد ع ود اإلرادة العربي ة على أن‬
‫المسرحية بتعبير (ألفريد فرج) نفسه «إجابة شافية على أول تحديات االستعمار األوربي للشرق‬
‫في عصرنا الحديث»‪.‬‬

‫ثم ك انت «عس كر وحرامي ة» عن تح الف ق وى الش عب العامل ة والنض ال من داخ ل‬


‫«االتحاد االشتراكي»‪ ،‬تنظيم السلطة الحاكمة‪ ،‬لمواجهة الفساد واإلفساد‪ ،‬وكانت مسرحية «الزير‬
‫سالم» دعوة لمجاوزة الخالفات القومية والجراح العربية النازفة في أكثر من بقعة واالنخراط في‬
‫ائتالف ق ومي ينف ع في مواجه ة التح ديات‪ ،‬ووض ع مس رحية «على جن اح الت بريزي وتابع ه قف ه»‬
‫عن حتمي ة الح ل االشتراكي وانتصار األفكار االش تراكية وأفك ار العدل االجتم اعي وإ ش اعة حلم‬
‫التغي ير‪ ،‬بالع دل الم ادي‪ ،‬وأل ف «الن ار والزيت ون» إيمان اً بانتص ار المقاوم ة الفلس طينية وبالح ل‬
‫تتباعا‬
‫النض الي المق اوم س بيالً له ذا االنتص ار‪ ،‬ووض ع مس رحية «زواج على ورق ة طالق» اس ً‬
‫(‪)1‬‬
‫لمعالجة الحل االشتراكي والتالقي بين الطبقات المتصارعة‪.‬‬

‫() عبدهللا أبو هيف‪" ،‬المسرح العربي المعاصر"‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب العرب‪ ،‬دمشق‪ ،)2002( ،‬مجلة‬ ‫‪1‬‬

‫الكاتب العربي‪ ،‬دمشق‪ ،‬عدد ‪.)2001( ،53‬‬

‫‪66‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫وتميزت كتابات (ألفريد فرج) السياسية باالستجابة غير المباشرة‪ ،‬بينما كانت االستجابة‬
‫لدى مسرحيين آخرين مباشرة يظهر فيها صوت األحداث والوقائع واألطروحات والشعارات مم ا‬
‫أحيانا‪ ،‬وقد تعاضدت صيغ التعبير عن االستجابة المباشرة‬ ‫ً‬ ‫يستعصي على التجلي الفكري والفني‬
‫بعناص ر الص وغ المس رحي‪ ،‬والس يما التحق ق الف ني ألفك اره ورؤاه بين الت اريخي وال راهن‪ ،‬بين‬
‫المطلق والمتغير‪ ،‬بين الجوهري والعرضي‪...‬الخ‪.‬‬

‫وقد عني (فرج) في مسرحياته بأفكار تاريخية لطالما تناقضت مع أفكار وجودية‪ ،‬إذ‬
‫أفكارا سياسية واجتماعية شديدة االرتباط بالتاريخ العربي في مصر‬
‫ً‬ ‫عاين في مسرحيات كثيرة‬
‫وفلسطين وبقاع أخرى‪.‬‬

‫ش غل على ال دوام بأفك ار الع دل االجتم اعي والمقاوم ة والتحري ر واالش تراكية على‬
‫إطالقها ثم ما لبث هذا المطلق إن انتابته أو تناوشته وطأة المتغير‪ ،‬وهذا واضح في مسرحياته‬
‫«على جناح التبريزي» و«سليمان الحلبي» و«الزير سالم»‪ ،‬ثم دخلت هذه األفكار اشتراطات أو‬
‫مسلحا في «سقوط فرعون»‪ ،‬أو أن يمايز بين حلم‬ ‫ً‬ ‫استحقاقات هذا المتغير مثل أن يكون السالم‬
‫العدال ة ووهمه ا أو توهمه ا في «على جن اح الت بريزي»‪ ،‬أو أن يت داخل الزم ان والت اريخ في فهم‬
‫العدال ة المس تحيلة في مس رحية «الزي ر س الم»‪ ،‬أو أن يت وارى الخالص الف ردي الممكن وراء‬
‫الخالص الجماعي المفترض في مسرحية «عسكر وحرامية»‪ ،‬أو أن ُيغطى اللقاء الطبقي بشعاره‬
‫في مس رحية «زواج على ورق ة طالق»‪ ،‬أو أن ترب ط الديمقراطي ة بتطبيقه ا وبظرفه ا تمي ًيزا بين‬
‫الزمن المطلق والزمن المتصل أو الراهن في مسرحية «حالق بغداد»‪ ،‬أو أن يربط الصراع بين‬
‫الخير وال ّشر بالمواضعات االجتماعية والوضع البشري في مسرحية «الطيب والشرير والجميلة‪.‬‬

‫وقد اختار (فرج) ألفكاره موضوعات متعددة قومية واجتماعية من منظورات سياسية‬
‫وأخالقي ة وإ نس انية ص ريحة‪ .‬وق د ب دأ كتابت ه المس رحية بالموض وع الق ومي ال ذي ع ولج بأش كال‬
‫متع ددة وب رؤى ثري ة عن الوج ود الع ربي الك ريم في مراح ل حاس مة للت أزم ال ذاتي الق ومي‬
‫ومعضالت مجاوزته وتحققه‪ ،‬كما في مسرحياته‪« :‬صوت مصر» و«سقوط فرعون» و«عسكر‬
‫وحرامي ة» و«الن ار والزيت ون» و«س ليمان الحل بي» و«ألح ان على أوت ار عربي ة» و«ع ودة‬
‫األرض»‪.‬‬

‫وثم ة مس رحيات ذات ط ابع احتف الي يس تجيب للموض وع الق ومي مث ل «ص وت مص ر»‬
‫المكتوبة تحية لفعل المقاومة ضد العدوان الثالثي على مصر‪ ،‬و«عودة األرض» المكتوبة حفاوة‬
‫بالوفاق الوطني حول النصر في حرب أكتوبر ‪.1973‬‬

‫‪67‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫وغالب ا م ا ت داخل السياس ي م ع الق ومي واالجتم اعي في مس رح (ف رج)‪ ،‬عن دما تُ رى‬ ‫ً‬
‫القض ية االجتماعي ة في بع دها الع ام كم ا في رؤي ة التط بيق االش تراكي لألفك ار المطلق ة كالع دل‬
‫والديمقراطية في بناء المجتمع وإ نتاجه‪ ،‬تجد كأنها عمل سياسي بحت‪ ،‬وغيرك يرى أنها عمل‬
‫اجتماعي إصالحي‪ ،‬وهكذا‪.‬‬

‫وختام ا ن ورد تعري ف (ألفري د ف رج) للمس رح السياس ي حين ق ال بأن ه "بن اء من ص ور‬
‫ً‬
‫صورا باإلضافة إلى تفاصيل القضية السياسية‬
‫ً‬ ‫ومشاهد مسرحية تعبيرية‪ ،‬تجمع في جدارية كاملة‬
‫التي يقصد المؤلف طرحها‪ ،‬كما يتميز بالمرونة والطواعية والقبول لإلحالل واإلبدال‪ ،‬ومسايرة‬
‫األحداث‪ ،‬ومن ثم قوته التعبيرية‪ ،‬وقدرته على التأثير"(‪.)1‬‬

‫(( توفيق موسى اللوح‪" ،‬اتجاهات المسرح السياسي المعاصر"‪ ،‬مصر العربية للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪( ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪،)2008‬ط‪ ،1‬ص‪.19 :‬‬

‫‪68‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫المبحث األول‬
‫الدفاع عن الحق في الحياة والوطن‬
‫كتب (ألفري د ف رج) في ال دفاع عن ال وطن وعن الح ق‪ ،‬مس رحيات ع دة‪ ،‬أب دع فيه ا في‬
‫تجس يد ص ورة ال وطن والم واطن الم دافع عن حق ه في الحي اة الكريم ة العادل ة‪ ،‬وفي محارب ة‬
‫االستعمار واالستبداد السياسي‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬ثورية (سليمان الحلبي‪:)1966-1965 :‬‬


‫في ه ذه المس رحية يع الج (ألفري د) موض وع ال دفاع عن ال وطن ومحارب ة الظلم‪ ،‬وش كل‬
‫المقاوم ة لالس تعمار‪ ،‬في ض وء الث ورات الش عبية‪ ،‬مث ل (ث ورة الق اهرة) ض د االس تعمار الفرنس ي‬
‫إبان الحملة الفرنسية على مصر‪ ،‬وكيف أخمدها الفرنسيس بالحديد والنار‪ ،‬واضطر الناس من‬
‫(‪)1‬‬
‫فرط خسارتهم البشرية والمادية والغرامات التي فرضت عليهم إلى حين من الصمت‪.‬‬

‫في ضوء هذه التقلبات السياسية ينبلج السؤال الملح‪ :‬ما واجب الشباب المثقف الواعي‬
‫المستنير الذي يحب بلده ويصبو إلى أن يخلصه من نير االستعمار؟‬

‫افترض (ألفريد) أن يكون هذا سؤااًل من جانب (سليمان الحلبي) على بعض أصدقائه‬
‫حوارا بينهم‬
‫ً‬ ‫الوطنيين‪ ،‬وهم‪( :‬مصباح‪ ،‬وسعد‪ ،‬وعلي‪ ،‬ومحمد) وكلهم من شباب األزهر‪ ،‬وصور‬
‫وبين س ليمان الحل بي‪ .‬ك ان ال رأي في ه ذا الح وار يتج ه إلى ت رك العم ل المباش ر في ه ذه الف ترة‬
‫على وج ه الخص وص‪ ،‬ح تى يعطى الن اس فرص ة ألن ت برأ ج راحهم ويس تردوا ع افيتهم‪ ،‬تمهي ًدا‬
‫لمرحلة جديدة من مراحل الكفاح والنضال‪.‬‬

‫جميع ا بأنه قرر قتل الجنرال (كليبر)‬


‫ً‬ ‫وال يقتنع سليمان الحلبي بهذا الرأي بل يباغتهم‬
‫قائ د الق وات الفرنس ية في مص ر المس ماة (جيش الش رق)‪ .‬ويهل ع الجمي ع ويش فقون على أنفس هم‬
‫وعلى (سليمان) وعلى جمهور الناس مما سوف يلحق بهم من الفرنسيين بعد هذه الفعلة‪ .‬ولكن‬
‫فورا‪ ،‬ثم‬
‫(سليمان)ال يبالي‪ ،‬ويتظاهر بأنه قد استمع إلى نداء أصدقائهم بضرورة العودة إلى الشام ً‬
‫دائم ا‬
‫ينتهز فرصة ازدحام المكان بالناس‪ ،‬فيفلت من رقابة واحد من زمالئه عينته الجماعة رفيقً ا ً‬
‫له حتى يرحل‪.‬‬

‫ويذهب (سليمان) فيقتل (الجنرال كليبر) بالفعل ويوضع الرفاق أمام األمر الواقع‪.‬‬

‫() علي الراعي‪" ،‬المسرح في الوطن العربي"‪ ،‬ص‪.129-120 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪69‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫وبطبيع ة األم ر يق وم الفرنس يون بتع ذيب (س ليمان) أش د الع ذاب ويك ون نص يبه الم وت‬
‫البشع‪ ،‬الذي أعده له زبانية االستعمار الفرنسي‪ ،‬تنكياًل به وبكل من تسول له نفسه القيام في وجه‬
‫الفرنسين‪.‬‬

‫في هذه المسرحية الشائقة يقيم (ألفريد) مواجهات دائمة بين مجموعات من الشخصييات‬
‫ما بين عربية ومصرية وفرنسية والمواجهة الرئيسية هي بين ممثل القومية العربية المدافع عن‬
‫(‪)1‬‬
‫قيم الحرية واالستقالل (سليمان الحلبي) وممثل القوة االستعمارية (كليبر)‪.‬‬

‫يرى (سليمان) أن (كليبر) وقواته يمثلون اللصوصية وسرقة األوطان ويختبئون وراء‬
‫شعارات الحرية واالنفتاح والعلم شأنهم في هذا شأن (شيخ المنصر‪ :‬حداية) وجماعته وإ ن كان‬
‫هؤالء ال دولة لهم وال راية وال شعار‪.‬‬

‫أم ا (كلي بر) فه و ي ؤمن بم ا يس ميه ش رف الجيش الفرنس ي ومج د (فرنس ا) وحقه ا في‬
‫غرب ا إلى ك ل الش مال‬
‫إقام ة إمبراطوري ة تك ون مص ر قاع دتها في المش رق ويمت د جناحاه ا ً‬
‫األفريقي‪ ،‬وشرقًا حتى حدود الصين‪.‬‬

‫وهو يعتمد في إيمانه هذا على ما حققه األمر الواقع لفرنسا من وجود في مصر‪ ،‬نالته‬
‫بقوة السالح وبدماء أبنائها من الجنود‪.‬‬

‫ولكن معسكر الفرنسيين ليس كله متفقًا على نظرية شرف الجيش الفرنسي وحق فرنسا‬
‫في حكم مصر‪ .‬إذ إن أحد أعضاء الحملة وهو المهندس (جابالن)‪ ،‬يجادل (كليبر) طويالً حول‬
‫جدوى قهر الناس بالقوة‪ ،‬واالعتماد في الوجود في البالد على السالح‪ ،‬ويوضح أنه مهما حاولت‬
‫الق وات الفرنس ية إخض اع الن اس وس لبهم س الحهم فلن يه دأوا‪ ،‬وه ا هم أوالء يص نعون الس الح‬
‫أيضا‪.‬‬
‫بأيديهم بل هم قد صنعوا المدافع ً‬
‫غ ير أن (كلي بر) ال يأب ه به ذا المنط ق ال ذي يعتم د ص وت العق ل‪ ،‬فيمض ي في إخض اع‬
‫المصريين بمزيد من القتل والتنكيل‪ ،‬حتى تكون نهايته على يد الشاب (سليمان الحلبي)‬

‫وفي الوقت نفسه تبدو على جنوده مظاهر الضجر واليأس‪ ،‬بل يتربص بعضهم بشحنة‬
‫ذهب ك انت مرس لة إلى (فرنس ا) فيس رقونها ويس تحلون ذل ك العم ل على أس اس أن (كلي بر) نفس ه‬
‫هو لص يختبيء وراء الراية والشعار العسكري‪.‬‬

‫() علي الراعي‪" ،‬المسرح في الوطن العربي" ص‪.129-120 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪70‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫وحين يحتج الفالحون على (حداية األعرج) شيخ المنصر‪ ،‬ألنه ينهبهم أكثر مما يفعل‬
‫ساخرا‪ :‬ما الفرق بيني وبين الفرنسيين؟ لماذا تخضعون لهم وال تبدون‬
‫ً‬ ‫الفرنسيون يقول (حداية)‬
‫الطاعة لي؟ يا هذا! هات البيرق والعمة‪ ،‬ثم يضع على رأسه قبعة فرنسية ويغرس في األرض‬
‫راي ة فرنس ية مهلهل ة‪ ،‬ويص يح‪ :‬ه ا أن ذا ق د أص بحت س اري العس كر (حداي ة)‪ ،‬والوي ل لمن يتباط أ‬
‫منكم في تنفي ذ أوام ري‪ .‬في ا له ا من مفارق ة هائل ة‪ ،‬حين يرض خ األه الي الحتالل زائ ل أو مس ٍ‬
‫تبد‬
‫لص يعرفون ه بينهم! ويلح (ألفري د) على ه ذا المع نى فيجع ل‬
‫ح اكم‪ ،‬وال يرض خون لس ارق أو ٍّ‬
‫(حداية) يوضح البنته أن اللصوص أصناف في سلسلة طويلة تبدأ بشيخ المنصر وتنتهي بساري‬
‫وصائغ يهودي وتاجر دمياطي وسنجق‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وجاب للضرائب‬ ‫مرورا بكل نصاب ومحتال‪،‬‬ ‫العسكر‪،‬‬
‫ً‬
‫‪1‬‬
‫ومملوك وبيك وانتهاء برجال الحملة‪.‬‬

‫ولكن أعمق ما يقوم به (ألفريد) في مسرحيته هذه‪ ،‬هو مواجهة يقيمها(سليمان الحلبي)‬
‫بينه وبين نفسه‪ ،‬وموضوعها‪ :‬وضرورة العمل وجدواه‪ ،‬فهو كـ (هاملت) في نزعته يرى أن من‬
‫كثيرا مناجاة النفس كما فعل (هاملت)‪.‬‬
‫واجبه أن يفعل شيًئ ا‪ ،‬ثم يحلل ذلك في عبارات تشبه ً‬
‫يق ف (س ليمان الحل بي) ي راقب م وكب (كلي بر) من فتح ات إطالق الن ار في ج دار قلع ة‬
‫مهجورة‪ ،‬فيعجب كيف يتمتع رجل غاصب بكل هذا الجبروت‪ ،‬فهو ال يلقي األوامر بفمه‪ ،‬وإ نما‬
‫بطرفة عينه‪ ،‬والكل يسعى لتنفيذ أوامره‪ ،‬والجميع يتقرب منه‪ .‬يقول سليمان‪:‬‬

‫"أن أقتل‪ ،‬ذلك أمر بسيط‪ ،‬ضربة واحدة في وسط الصدر األيمن‪ ،‬بينما الذراع األخرى‬
‫تحتضن‪ ،‬وإ ن حادت األولى فالثانية لن تحيد‪ ،‬وبعدها‪ ،‬العدالة أم الظلم؟!"‬

‫دوامة من األسئلة يطلقها (سليمان) بعد ذلك ويقرر في نهايتها‪:‬‬

‫علي أنا وحدي‪ ،‬سليمان الحبي تبعة‪،‬‬


‫‪" -‬إن الحق عملة ليس لها رنين في المستعمرة‪ ،‬ومع ذلك تقع َّ‬
‫الحقيقي من الزائف‪ ،‬والعمل أو الكف عن العمل اهلل معي!"‪.‬‬
‫َّ‬ ‫فرز‬
‫َ‬
‫صدى لصيحة (هامليت) المليئة بالشجن‪:‬‬ ‫‪ -‬والعبارة األخيرة هي ً‬
‫‪" -‬يا للثأر اللعين! وددت لو لم أولد ألقيم العدل محل الظلم"‪)1( .‬‬

‫ميزان ا دقيقً ا بين األح داث واألفك ار في مس رحياته‪ ،‬فال يطغى أي من‬
‫ً‬ ‫يقيم (ألفري د)‬
‫أيض ا فرجة واضحة أهم‬
‫العنصرين على اآلخر‪ ،‬فهناك نقاش وتداول لألفكار والمواقف‪ ،‬وهناك ً‬
‫جميعا‪ ،‬الواح د‬
‫ً‬ ‫نماذجها مشهد األقنعة التي يخطفها (سليمان) من صانعها (محروس) يلبس األقنعة‬

‫(( انظر‪ :‬سامي خشبة‪" ،‬قضايا معاصرة في المسرح"‪ ،‬دار الحرية للطباعة والنش))ر‪ ،‬بغ))داد‪،‬ط (‪ )1972‬ص‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.168‬‬

‫‪71‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫منهم تلو اآلخر متحدثًا بلغة صاحب القناع(‪ ،)2‬وهو مشهد طريف يستحضر فيه (ألفريد) على‬
‫نحو فريد مشهد لقاء‬

‫(ه امليت) ب أفراد الفرق ة الجوال ة ال تي اس تأجرها لتمث ل جريم ة قت ل وال ده أم ام المل ك‬
‫والملكة(‪.)1‬‬

‫وتأكي ًدا على مب دأ ض روة هزيم ة لص وص األوط ان‪ ،‬وحماي ة الح ق في الحي اة وحماي ة‬
‫كثيرا بالدراما العالمية‪ ،‬فهو يستحضر ما تخلص إلى نفسه من انطباعات‬
‫الوطن‪ ،‬يتأثر (ألفريد) ً‬
‫ج اءت نتيج ة لمعاينت ه فن (برت ولت ب ريخت) خاص ة في مس رحيته المعروف ة‪( :‬أوب را بثالث‬
‫مليمات) والتي يوازن فيها الكاتب األلماني بين القانون والعدل واللصوصية‪ ،‬ويوضح أن القانون‬
‫ه و التس مية المؤدب ة لس رقة األوط ان وقه ر الن اس في معيش تهم‪ ،‬وأن المجتم ع يط ارد اللص وص‬
‫الصغار ليحمي اللصوص الكبار سراق األوطان‪.‬‬

‫يصوغ (بريخت) أفكاره هذه في لوحات متوالية حسب ما تقضي به طريقته الملحمية‬
‫في البن اء المس رحي‪ ،‬و(ألفري د ف رج) ينتهج نهج ه فيب ني مس رحيته من مش اهد قص يرة متتابع ة ال‬
‫(‪)2‬‬
‫تخضع لوحدة المكان وال لوحدة الزمان‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬السلطة والشعب في‪( :‬على جناح التبريزي)‪:‬‬


‫ً‬
‫تمرارا للخ ط السياس ي االجتم اعي ال ذي س ار في ه (ألفري د) في‬
‫ً‬ ‫تع ُّد ه ذه المس رحية اس‬
‫كث ير من أعمال ه‪ ،‬ويتن اول في ه عالق ة الس لطة بالش عب‪ ،‬وأهمي ة ال دفاع عن ال وطن وحماي ة ح ق‬
‫اإلنس ان في الحري ة وعن اختي ار مص يره‪ .‬والمس رحية تخل ط ثالث حكاي ات لتص نع الحبك ة‬
‫الدرامية‪ .‬وخطوطها العريضة كالتالي‪:‬‬

‫(على جن اح الت بريزي)(‪ )3‬أم ير ش اب مبتهج وح الم أض اع ثروت ه في اإلس راف على‬
‫العيش المترف وكرم الضيافة‪ ،‬نجده يستمتع بالساعة األخيرة في حديقة قصره الذي باعه ليسدد‬
‫ثيابا رثة ويعمل إسكافيًّا يحمل أحذية كثيرة فش ل في‬
‫ديونه‪ ،‬ويظهر (قفة) وهو ممثل بارع يرتدي ً‬
‫بيعها ويسأل (التبريزي) أن يستضيفه فهو فقير جائع ومتعب‪ ،‬يرحب به (التبريزي) ألن الوقت‬

‫(( توفيق موسى اللوح‪" ،‬اتجاهات المسرح السياسي المعاصر"‪ ،‬مصر العربية للنشر والتوزيع‪ ،‬الق))اهرة‪ ،‬ط‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ، ،)2008( 1‬ص‪ 23-20 :‬بتصرف‪.‬‬


‫() علي الراعي‪" ،‬المسرح في الوطن العربي"‪ ،‬مجلة عالم المعرفة‪ ،‬المجلس الوطني للثقافة والفنون‬ ‫‪2‬‬

‫واآلداب‪ ،‬الكويت‪،‬العدد‪ :‬أغسطس (‪ ،)1999‬ص‪.129-120 :‬‬


‫() انظر‪ :‬سامي خشبة‪" ،‬قضايا معاصرة في المسرح"‪ ،‬دار الحرية للطباعة والنشر‪ ،‬بغداد‪ .،‬طـ (‪.)1972‬‬ ‫‪3‬‬

‫ص‪.168‬‬

‫‪72‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫كان وقت الغداء‪ ،‬ويأمر الخدم أن يقيموا مأدبة بها وجبة خيالية من النوع نفسه الذي أقامه الخدم‬
‫لسيدهم على مدار اليومين السابقين‪ ،‬ويتمادى الخدم في الفكاهة ألنه ال يوجد طعام وقد أجبروا‬
‫على بي ع ك ل ش يء ح تى أواني الطهي والطبخ‪ .‬ي دعى (قف ة) للمش اركة في الطع ام الخي الي أثن اء‬
‫قيام (التبريزي) بحركات األكل وإ عطاء مالحظات تدل على استحسان الطعام‪ ،‬يفترض (قفة) أن‬
‫مض يفه مجن ون‪ ،‬فيخش ى (قف ة) أن يغض به فيعل ق ب دوره على الطع ام المتخي ل‪ ،‬ولكن ه يب دأ في‬
‫االس تمتاع باحتس اء النبي ذ المتخي ل فيتص نع حال ة من الس كر ثم يض رب مض يفه‪ ،‬وعندئ ذ يطلب‬
‫طا متخيالً ويجلد به (التبريزي) (قفة)‪.‬‬
‫األخير بغضب من الخدم إحضار السوط فيحضرون سو ً‬
‫تمر األحداث ويرحل (التبريزي وقفة) في رحلة حتى يأتيا بلدة قرب (الصين) وينشر‬
‫خبرا زائفً ا عن ثروة سيده ويقول إن قافلته تمتد إلى (بغداد) وهي محملة بأغلى البضائع‪.‬‬ ‫(قفة) ً‬
‫ي وزع (الت بريزي) م ا تبقى مع ه من م ال على متسولي المدين ة ح تى ينف د‪ .‬يه رع إلي ه التج ار كي‬
‫يقرضوه المال ًّ‬
‫ظنا أنه سوف يرده لهم أضعافًا بعد وصول القافلة‪ .‬العجيب أن (التبريزي) ب داًل‬
‫من أن يحتفظ بالمال يستمر في توزيع المال الذي اقترضه‪.‬‬

‫تص ل األنب اء إلى المل ك عن ث روة (الت بريزي) وبذخ ه ويق رر أن يزوج ه ابنت ه الوحي دة‬
‫رغم معارض ة وزي ره ال ذي أراد أن يتزوجه ا ه و‪ .‬ويم ر ال وقت وتف رغ خ زائن المل ك ويس تاء‬
‫التجار من عدم دفع (التبريزي) لهم‪ .‬ويقلق الملك ووزيره لعدم معرفة حقيقة (التبريزي)‪ ،‬ثم ينفد‬
‫ثمن ا‬
‫درهم ا ً‬
‫ً‬ ‫ص بر (قف ة) ه و اآلخ ر ويخ بر المل ك بحقيق ة األم ر‪ .‬ويعوض ه المل ك بمبل غ ثالثين‬
‫لخيانته‪ ،‬ويحكم على (التبريزي) باإلعدام‪ ،‬ولكن عندما يراه (قفة) على وشك اإلعدام يشفق عليه‪.‬‬
‫يتخفى (قف ة) ثم يحض ر ليعلن على الن اس أن القافل ة ق د وص لت‪ ،‬فيبتهج التج ار ويعت ذرون‬
‫ويسارعون لفك قيود (التبريزي) الذي ينتهز الفرصة واالرتباك الحادث ليهرب مع (قفة) ومعه‬
‫(‪)1‬‬
‫زوجته (األميرة) التي قررت السفر معه حيث الحياة السعيدة أهم لديها من الثروة والملك‪.‬‬

‫تُ ُّ‬
‫عد مس رحية (على جن اح الت بريزي) أفض ل كومي ديا (ألفري د ف رج) فهي متقن ة الحبك ة‪،‬‬
‫تحت وي على إث ارة وفكاه ة والتس لية‪ ،‬وق د جمعت بين الجمه ور الش عبي الب احث عن الفكاه ة‬
‫والضحك‪ ،‬وجمهور المثقفين‪ ،‬وهذا قلما يحدث‪.‬‬

‫() ألفريد فرج‪" ،‬على جناح التبريزي وتابعه قفة"‪،‬ص ‪.40،25،19‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪73‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫كتب (علي ال راعي) أن المس رحية تط رح كث ًيرا من األس ئلة‪ :‬إلى أي م دى يمكن أن‬
‫نعتبر األحالم أكاذيب أم حقائق؟ هل الثوري الذي يبني اعتقاده على أسطورة ثم ينجح في خلق‬
‫‪2‬‬
‫تغيير اجتماعي يمكن اعتباره نبيًّا أم دجاالً؟‬
‫(‪)2‬‬
‫ما الحقيقة والوهم؟‬
‫يق ول ل ويس ع وض‪ :‬نحن في كث ير من األحي ان نك ون تحت انطب اع أن (الت بريزي)‬
‫مجرد بائع لألحالم‪ ،‬والمقابلة مع ثورة (عبدالناصر) مذهلة إلى حد ال يستوجب التعليق‪ .‬ويتضح‬
‫من ك ل ه ذه التص ريحات أن شخص ية (الت بريزي) ال تخل و من الغم وض‪ ،‬وه و مقص ود من قب ل‬
‫الكاتب‪.‬‬

‫يعت بر (ألفري د) أن الشخص يات المس توحاة من (أل ف ليل ة وليل ة) وأخواته ا من ال تراث‬
‫وأيض ا في خ داع النفس‪.‬‬
‫ً‬ ‫الع ربي‪ ،‬وبخاص ة (الت بريزي) ترك ز على الق وة في خ داع اآلخ رين‬
‫فالقافل ة في ه ذه المس رحية تمث ل أحالم الن اس وطموح اتهم وآم الهم‪ ،‬وال تي يمكن تش بييهها كث ًيرا‬
‫ب أحالم الش عوب العربي ة في حقب ة الس تينيات‪ .‬وربم ا اس تغل (الت بريزي) ه ذه اآلم ال بع دم أمان ة‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫واستخدمها لسرقة األغنياء واعطى للفقراء‪.‬‬

‫في م واطن كث يرة يعت بر (ف رج) أن ه من الص عب أن نح دد م دى الخ داع في شخص ية‬
‫موزعا بين الحقيقة والخيال‪ ،‬ألنه حالم‬
‫ً‬ ‫البطل‪ ،‬حتى نصفه بأنه شرير أو نبي‪ ،‬ألن التبريزي كان‬
‫ي رفض الحقيق ة من أج ل تحقي ق نظ ام إنس اني منط ق يتس م بالعدال ة االجتماعي ة والمس اواة والع دل‬
‫وهي قيم ك انت تت وق له ا الش عوب العربي ة في ف ترة الس تينيات‪ ،‬وذل ك على نط اق أك بر وتوزي ع‬
‫عادل للثروة والسلطة‪ ،‬مما يجعل (فرج) يشعر بصعوبة في أن يحكم على الشخصية‪.‬‬

‫في حين تحتوي (على جناح التبريزي) على بعض العناصر السياسية المعبرة عن واقع‬
‫الجماهير في تلك الحقبة‪ ،‬فنجد مسرحية أخرى (النار والزيتون ‪ ،)4()1970‬سياسية بحتة تناقش‬
‫المش كلة الفلس طينية وتق دم أح داثًا من الت اريخ المعاص ر م ع شخص يات خيالي ة وأخ رى سياس ية‬
‫حقيقي ة‪ ،‬وتعت بر عمالً ش به وث ائقي يحت وي على ك ل عناص ر المس رح الش امل‪ ،‬يتض من ال دراما‬

‫(( علي الراعي‪" ،‬المسرح في الوطن العربي"‪ ،‬مجلة عالم المعرفة‪ ،‬المجلس الوطني للثقافة والفنون‬ ‫‪2‬‬

‫واآلداب‪ ،‬الكويت‪ ،‬العدد‪ :‬أغسطس (‪ ،)1999‬ص‪.129-120 :‬‬


‫‪2‬‬
‫‪() Ali Al Rai, “Some Aspects of Modern Arabic Drama”, in R.C Ostle, Ed.‬‬
‫>‪Studies in Modern Arabic Literature, Warminster, (1975), p. 175‬‬
‫() مسرحية "على جناح التبريزي"‪ ،‬ص‪، 77 :‬وما بعدها ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ألفريد فرج‪،‬مسرحية "النار والزيتون"‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر ‪،‬القاهرة (‪ ،)1970‬ص‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪.3‬‬

‫‪74‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫خصيص ا للمسرح الملحمي (البريختي) وهو المكان الوحيد‬


‫ً‬ ‫والغناء والتمثيل الصامت‪ ،‬وقد صمم‬
‫(‪)1‬‬
‫جيدا‪.‬‬
‫الذي يبرز تأثيره ويجعلنا نحكم عليه ً‬

‫() محمد مصطفى بدوي‪" ،‬المسرح العربي الحديث في مصر"‪ ،‬ترجمة أنوار عبدالخالق‪ ،‬المركز القومي‬ ‫‪1‬‬

‫للترجمة‪ ،‬ط‪ ،)2016(،1‬ص‪ 340 :‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫المبحث الثاني‬
‫الحرية في مسرح ألفريد فرج‬
‫(‪)1‬‬
‫إن أي حديث عن المسرح عامة ‪-‬‬ ‫تقول‪ :‬نهاد صليحة في كتابها (الحرية والمسرح)‬
‫وعن المس رح الع ربي خاص ة‪ -‬ل هُ في الحقيق ة ح ديث عن قيم ة الحري ة‪ ،‬ف إذا ك انت الحري ة في‬
‫المفه وم النفس ي ترتب ط بفك رة الخل ق أو اإلب داع‪ ،‬ف إن اإلب داع الف ني في ش تى المج االت يص بح‬
‫بصورة منطقية أبلغ تجسيد للحرية‪.‬‬

‫وق د ع رض زكري ا إب راهيم في كتاب ه "مش كلة الحري ة" للتح والت الفلس فية المتع ددة في‬
‫تفس ير مفه وم الكلم ة في الفك ر الغ ربي واالش تراكي واإلس المي ع بر الت اريخ‪ ،‬ورص د حركته ا‬
‫المس تمرة بين الج بر واالختي ار‪ ،‬بين القدري ة واإلرادة اإلنس انية‪ ،‬بين الحرك ة الذاتي ة والحرك ة‬
‫االجتماعي ة‪ ،‬بين الحال ة النفس ية والفع ل االجتم اعي‪ ،‬وق د انتهى إلى تأكي د ه ذه الطبيع ة الجدلي ة‬
‫لمفه وم الحري ة مهم ا اختلفت تعريفاته ا‪ ،‬فالحري ة كلم ة ال يتحق ق معناه ا إال حين تنتظم في ثنائي ة‬
‫متعارض ة ح ُّدها اآلخ ر ه و الض رورة أو العبودية(‪ .)2‬فالحري ة إذن كمفه وم تتس ع لكث ير من‬
‫التعريفات واالصطالحات التي تندرج تحتها‪ ،‬سواء في عالم الفلسفة أم في عالم المسرح‪.‬‬

‫مفهوم حرية المسرح‪:‬‬


‫حوارا مع‬
‫ً‬ ‫إن عناصر الحرية هي عناصر الدراما والمسرح‪ ،‬فكل نص مسرحي يفجِّر‬
‫النفس أو م ع اآلخ رين أو م ع الجمه ور‪ .‬وفلس فة الحري ة تجع ل من الوج ود اإلنس اني (درام ا)‬
‫تفاؤلية يسودها جو من الصراع والمجاهدة‪ ،‬ولكنه جو ال يخلو من نبل وعظمة وجالل‪ ،‬أي جو‬
‫يقترب من أجواء عالم التراجيديا(‪.)3‬‬

‫وتتمث ل حري ة المس رح في قدرت ه على خلخل ة الموروث ات والع ادات ال تي نش أ عليه ا‬
‫المجتم ع‪ ،‬وعلى إمكانيت ه في تح دي األيديولوجي ة الس ائدة‪ .‬وق درة الخلخل ة ه ذه ال تتعل ق ب إرادة‬
‫الك اتب أو المخ رج أو الممثلين‪ ،‬أو ح تى الجمه ور‪ ،‬ب ل هي ش رط مب دئي لوج ود الظ اهرة‬
‫دائم ا خارج النظام‪ .‬فالمسرح‬
‫المسرحية‪ ،‬وذلك أن الظاهرة المسرحية ذاتها وليدة الخلخلة وتولد ً‬
‫ش أنه في ذل ك ش أن بقي ة الفنون‪ -‬ال ينش أ أو يتطور بقرار ف وقي ب ل ي أتي حص يلة لتطور الواق ع‬

‫(( نهاد صليحة‪" ،‬الحرية والمسرح"‪ ،‬المكتبة الثقافية‪ ،‬الهيئة المصرية للكتاب‪ ،1991 ،)474( ،‬ص‪11 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫(( زكريا إبراهيم‪" ،‬مشكلة الحرية"‪،‬سلسلة مشكالت فلسفية‪ ،‬الناشر مكتبة ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.)1969( ،2‬ص‬ ‫‪2‬‬

‫‪223‬‬
‫(( زكريا إبراهيم‪" ،‬مشكلة الحرية"‪ ،‬مكتبة ‪ ،‬ودار الطباعة الحديثة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،)1969( ،2‬ص‪.225 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪76‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫الثق افي وال وعي الس ائد ل دى المجتم ع كك ل بجمي ع جوانب ه ومعطيات ه التاريخي ة والسياس ية‬
‫واالقتصادية(‪.)1‬‬

‫أوالً‪ :‬الحرية في مسرح( (فرج)‪:‬ـ‬


‫انعكاس ا لف ترة تاريخي ة مهم ة في ت اريخ مص ر‪ ،‬وهي‬
‫ً‬ ‫ج اءت مس رحيات (ف رج) السياس ية‬
‫حقبة الستينيات والسبعينيات‪ ،‬والتي ذخرت بكثير من األحداث الكبرى والحروب‪ .‬وكانت فترة‬
‫أساسا في تشكيل وجدان (فرج) السياسي والفكري‪.‬‬
‫ً‬ ‫الستينيات‬

‫تقييم ا ليس في صالح‬


‫وقد قيَّم النقاد وعدد من المؤرخين المسرحيين هذه الحقبة التاريخية ً‬
‫كت اب ال دراما والمس رحيين‪ ،‬حيث لم تكن ال دراما وال المس رح معن يين حينه ا بقض ايا الحري ة‬
‫والديمقراطي ة‪ ،‬ب ل كانت ا مج رد ب و ٍ‬
‫ق من أب واق الس لطة الحاكم ة‪ ،‬ووس يلة دعائي ة فاعل ة في‬
‫الجماهير‪ .‬ويرى (ألفريد) أن كتَّاب الدراما والمسرح وقتها‪ ،‬وهو منهم‪:‬‬

‫حاضرا‪ ،‬وكنا في موقف معقَّد‬


‫ً‬ ‫دائما‬
‫"‪ ...‬قد تعرضوا لضغوط الرقابة‪ ،‬ومقص الرقيب كان ً‬
‫ألن الدول ة ك انت المنتج‪ ،‬وفي ال وقت نفس ه كن ا ال نتن ازل عن الهوي ة وال عن كلم ة؛ لدرج ة‬
‫االصطدام بالسلطة‪ ،‬بل كنا نهدد بسحب مسرحياتنا‪ .‬إن السلطة كانت متمثلة في أجهزة الرقابة‬
‫والجهاز الحكومي"(‪.)2‬‬

‫حقبة الستينيات‪:‬‬
‫إن المطل ع على ت اريخ المس رح المص ري من ذ بدايت ه األولى‪ ،‬يك اد ي رى على المس توى‬
‫الثق افي والف ني أن ه ق د ح دثت َّ‬
‫ردة عن اإلنج ازات ال تي تحققت في الف ترات الس ابقة له ذه الحقب ة‪.‬‬
‫وكان الطابع الرئيس لهذه الردة هو سعي الدولة إلى إحكام قبضتها وزيادة هيمنتها على النشاط‬
‫الثق افي والف ني وفي القلب من ه النش اط المس رحي‪ ،‬وتح ركت الدول ة إلى إخض اع المؤسس ات‬
‫تأميم ا كامالً في‬
‫ً‬ ‫اإلعالمية والصحفية والسينمائية والفنية العتباراتها السياسية‪ ،‬فأممت الصحف‬
‫تأميم ا بقدر ما كان محاولة من السلطة حينها إلحكام سيطرتها على‬
‫ً‬ ‫عام (‪ ،)1960‬ولم يكن هذا‬
‫قنوات التواصل الجماهيري‪ ،‬وذلك حتى توصل للناس ما تريد‪ ،‬وسعت جاهدة في تضييق الخناق‬
‫على اآلراء المعارضة والحريات العامة‪ .‬وفي عام (‪ )1961‬حدث االنفصال عن (سوريا)‪ ،‬وكان‬
‫ضربة حادة للمد الشعبي العربي الجارف الذي طمح له (عبدالناصر) في كل خطاباته السياسية‪.‬‬

‫() جالل فاروق الشريف‪" ،‬إن األدب كان مسئوالً"‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب‪ ،‬دمشق‪ ،)1978( ،‬ص‪.12 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫(( هناء عبدالفتاح‪" ،‬مصر الثورة أمالً في الوصول إلى ديمقراطية التعبير في الدراما والمسرح المصري"‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫مجلة أوراق كالسيكية‪ ،‬العدد الحادي عشر‪ ،)2012( ،‬ص‪.226-225 :‬‬

‫‪77‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫وفي العام نفسه تولى (عبدالقادر حاتم) وزاتي الثقافة واإلعالم‪ ،‬وبدأ يدمج مؤسسات الوزارتين‬
‫مع ا بشكل سلطوي وضع األساس لمزيد من الهيمنة المؤسساتية على الفن واإلبداع‪ .‬وما أسرع‬
‫ً‬
‫م ا ج اءت ب ه نكس ة (‪ )1967‬لتس تمر في ض رب ال وعي الفك ري واألدبي والمس رحي داخ ل‬
‫المجتمع المصري(‪.)1‬‬

‫ومن النقاد من يرجح أن اعتقال (ألفريد فرج) كان بسبب مسرحية "سقوط فرعون" التى‬
‫يوم ا‪ ،‬وقد بلغ عدد‬‫قدمها المسرح القومى فى نوفمبر (‪ ،)1957‬وأوقف عرضها بعد اثنى عشر ً‬
‫المق االت ال تى كتبته ا الص حافة عنه ا م ا يق رب من أربعين مق االً ت راوحت بين التق دير الب الغ‬
‫(‪)2‬‬
‫والهجوم الشديد‪ ..‬ومثل هذا العدد من المقاالت لم تحظ به مسرحية فى تاريخ المسرح العربى‪.‬‬
‫وتحت تأثير ما عاناه (ألفري د ف رج) فى المعتقالت التى َّ‬
‫تنقل بينها كتب خلف القضبان‬
‫مسرحية "حالق بغداد" التى ِّ‬
‫قدمت على المسرح القومي في (‪ ،)1964‬وأعيد تقديمها عدة مرات‬
‫فى الق اهرة وبعض األقط ار العربي ة‪ ،‬وطبعت في كت اب س بع طبع ات‪ ،‬وك ان له ا م ع غيره ا من‬
‫مسرحيات (فرج) تأثير كبير فى مسارح بعض األقطار فى المشرق والمغرب(‪.)3‬‬

‫وكما ذكرت في المباحث السابقة فمسرحية "حالق بغداد" كوميديا من فصلين يربط بينها‬
‫شخصية الحالق المغلوب على أمره‪ ،‬ممثل للشعب الذى ال يرى سبيال لحمايته وحماية الشعب‬
‫من المحن التى يتعرض لها‪ ،‬غير منديل األمان الذى يعطيه الخليفة لكل فرد من أفراد الشعب‬
‫(‪)4‬‬
‫مهما كان عدده ومنديل األمان هو الرمز أو المقابل القديم للديمقراطية فى العصر الحديث‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الحرية و(سقوط الفرعون)‪:‬ـ‬


‫ً‬
‫مس رحية «س قوط فرع ون» من المس رحيات الذهني ة ال تي تُع الج قض ية من القض ايا‬
‫ف‬‫السياسية‪ ،‬وفي حالتنا هذه هي قضية السالم وحرية الشعوب‪ ،‬فالفرعون (إخناتون) الذي ُع ِر َ‬
‫في تاريخ مصر القديمة بالدعوة إلى التوحيد وإ لى المثالية األخالقية َي ْعتَنِ ق في المسرحية سياسة‬
‫طلَق‪ ،‬ويدعو إلى هذه السياسة‪ ،‬ويرفض أن يلجأ إلى الحرب ألي سبب كان‪ ،‬بينما كهنة‬ ‫الم ْ‬
‫السالم ُ‬
‫للم َحافَظ ة على المس تعمرات‬
‫وي ْد ُعون إلى الح رب ُ‬
‫الرجعي ون يرفض ون ه ذه السياس ة َ‬
‫آم ون َّ‬

‫(( هناء عبدالفتاح‪" ،‬مصر الثورة أمالً في الوصول إلى ديمقراطية التعبير في الدراما والمسرح المصري"‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫مجلة أوراق كالسيكية‪ ،‬العدد الحادي عشر‪ ،)2012( ،‬ص‪.224-223 :‬‬


‫() "خمس سنوات على رحيل جوهرة المسرح ألفريد فرج"‪ ،‬مقال إلكتروني منشور بجريدة (المصري‬ ‫‪2‬‬

‫طلع عليه بتاريخ‪10/7/2021 :‬م‪.‬‬ ‫اليوم)‪ ،‬بتاريخ‪ ،23/12/2010 :‬ا ُّ‬


‫‪https://www.almasryalyoum.com/news/details/102322‬‬
‫(( المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪78‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫المص رية في آس يا وأفريقي ا‪ ،‬وأرس ل ه ؤالء الكهن ة واح ًدا منهم إلى قائ د جيش إخن اتون ُلي ْغري ه‬
‫بالخروج على سياسة فرعون وتسيير الجيش لقمع المستعمرات‪ ،‬وينجح الكاهن اللبق الداهية في‬
‫(‪)1‬‬
‫أيضا زوجة فرعون نفرتيتي السياسة نفسها‪.‬‬
‫فيغري القائد بهذه السياسة‪ ،‬بل ويغري ً‬
‫ُمهمته ُ‬
‫ويحس فرع ون به ذه الم ؤامرة في أمر بوض ع قائ ده وزوجت ه في الس جن‪ ،‬ولكن القائ د ال‬
‫ُّ‬
‫طلَ ق‬
‫الم ْ‬ ‫يلبث أن يهرب من السجن ليقود جيشه إلى الحرب‪ ،‬ويدرك (إخناتون) َّ‬
‫أن سياسة السالم ُ‬ ‫ُ‬
‫التي يدعو إليها ال سبيل إلى تحقيقها‪ ،‬بل ينتهي به األمر إلى االعتقاد َّ‬
‫بأن هذه السياسة ال يستطيع‬
‫وأما الملوك فال سبيل إلى اعتناقهم مثل هذه السياسة غير العملية‪،‬‬
‫أن يعتنقها ويبشر بها إال نبي‪َّ ،‬‬
‫الملك البنه األكبر مفضاًل أن يتفرغ لنشر رسالة السالم في‬ ‫وعلى أساس هذا االعتقاد يتنازل عن ُ‬
‫األرض كن بي متج ِّول ي دافع عن الس الم والحري ة‪ ،‬وم ا أش بهه عندئ ٍذ بالس يد المس يح ن بي المحب ة‬
‫والس الم‪ ،‬كم ا أن دور (رس ول كهن ة آم ون) إلى قائ د جن د إخن اتون ق د َّ‬
‫ذك َر المش اهد بش كل رائ ع‬
‫(بأنطونيو) في مسرحية (يوليوس قيصر لشكسبير)‪ ،‬وبنوع خاص بخطبة (أنطونيو) الشهيرة في‬
‫شعب الرومان‪ ،‬وهي الخطبة التي استطاع فيها أن يؤلِّب الشعب الروماني ضد الرجل الفاضل‬
‫وي َس لِّم‬
‫مستخدما ذلك الدهاء العميق الذي يهدهد به الشعب المحب (لبروتس) الشريف‪ُ ،‬‬
‫ً‬ ‫(بروتس)‪،‬‬
‫ٍ‬
‫وعندئذ َي ْس هُل عليه أن‬ ‫فيها بنبل (بروتس) ثم ينتقص من هذا ُّ‬
‫النبل شيًئا فشيًئا حتى يأتي عليه‪،‬‬
‫أن (ألفريد فرج)‬ ‫وأكبر الظَّن َّ‬
‫ُ‬ ‫ُيثير الشعب ضد (بروتس) الذي تآمر على قتل (يوليوس قيصر)‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫قد تأثر في التعبير عن الدعوة إلى السالم بتعاليم اإلنجيل السمحة الخيرة‪. .‬‬

‫ثالثًا‪ :‬قيمة الحرية في المسرحية‪-:‬‬


‫اعرا مص ريًّا اتخ ذ من ه‬
‫في المش هد ال ذي يج ري داخ ل الس جن ن رى ض من الس جناء ش ً‬
‫لسانا معبِّرا عن الحرية والسياسة التي يرتضيها الشعب‪ ،‬وال غرابة في ذلك‪ُّ ،‬‬
‫فالش عراء‬ ‫المؤلف ً‬
‫ً‬
‫واألدباء ُربَّما كانوا َأ ْق َد َر من غيرهم على اإلحساس برأي الشعب والتعبير عنه‪.‬‬

‫() محمد مندور‪" ،‬في المسرح المصري المعاصر‪ ،‬سقوط فرعون – أو السالم المسلح"‪ ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة‬ ‫‪1‬‬

‫هنداوي‪ ،)2017( ،‬ص‪. 231 :‬‬


‫() خمس سنوات على رحيل جوهرة المسرح ألفريد فرج"‪ ،‬مقال إلكتروني منشور بجريدة (المصري‬ ‫‪2‬‬

‫اليوم)‪ ،‬بتاريخ‪ ،23/12/2010 :‬ا ُّ‬


‫طلع عليه بتاريخ‪10/7/2021 :‬م‪.‬‬
‫‪https://www.almasryalyoum.com/news/details/102322‬‬

‫‪79‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫وهذه السياسة أتت من سياس ةُ السالم المسلح‪ ،‬فالشعب ال ُي ِق ُّر سياسة الحرب والعدوان‬
‫يحتل هو أرض غيره‬ ‫َّ‬ ‫ومستعم ًرا من غيره أو أن‬ ‫والسيطرة على المستعمرات وأن يكون محتاًل‬
‫َ‬
‫ويس تعبدهم؛ ألنه ا سياس ة ال يس تفيد منه ا غ ير ط البي ال ثراء والمج د الشخص ي َّْين‪ ،‬وال مص لحة‬
‫وع َر ِقه‪ ،‬ولكنه من جهة أخرى ال‬ ‫ِ‬ ‫للشعب فيها‪ ،‬بل عليه ُغ ْرمها؛ َّ‬
‫ألنه هو الذي َي ْدفَع ثمنها من َدمه َ‬
‫طلَ ق التي دعا إليها (إخناتون)؛ ألن السالم األعزل سرعان ما يقع‬ ‫الم ْ‬
‫يوافق على سياسة السالم ُ‬
‫فريس ةً للمعتدين‪ ،‬والشعب إذا كان ال يريد أن يستخدم القوة إلرغام المستعمرات األخرى على‬
‫ض ه وتَ ْمتَ ِهن كرامت ه‪ ،‬وأن يص ير‬
‫تعمرات َْأر َ‬
‫ُ‬ ‫الخض وع‪ ،‬إال َّأنه ال ُيري د ً‬
‫أيض ا أن تغ زو تل ك المس‬
‫حرا طليقً ا‪ ،‬وبالفعل ينضم الشعب إلى فرعون الجديد في حرب أهلية تقوم‬
‫مستعب ًدا بعد أن كان ًّ‬
‫َ‬
‫بين فرعون وعامة الشعب من جهة‪ ،‬وقائد جيشه وكهنة (آمون) وأتباعهم ذوي النفوذ والسيطرة‬
‫من جهة أخرى(‪.)1‬‬

‫وي ْخلُفه على العرش أخوه األصغر (توت‬ ‫ولسوء الحظ ُي ْقتَ ل فرعون في هذه المعركة َ‬
‫عنخ آم ون)‪ ،‬ال ذي ينتهي ب ه األم ر إلى أن يع ود إلى عب ادة (آم ون) والخض وع لكهنت ه‪ ،‬فيس ْتب ِد ُل‬
‫اس مه (بت وت عنخ آم ون)‪ ،‬وب ذلك ُي َخيَّل إلى الق ارئ والمش اهد َّ‬
‫أن سياس ة الح رب والع دوان هي‬
‫يحس أن هوى المؤلف مع سياسة الشعب‪ ،‬أي‪ :‬سياسة السالم‬ ‫التي انتصرت في النهاية‪ ،‬وإ ن كان ُّ‬
‫المس لح لل دفاع عن النفس وال وطن ال للع دوان على اآلخ رين‪ ،‬والحري ة للجمي ع‪ ،‬وذل ك ب دليل م ا‬
‫نس معه في خت ام المس رحية من تبش ير إح دى شخص ياتها بانتص ار سياس ة الس الم الش عبية بع د أن‬
‫ويصبح األمر كله إلى الشعب(‪.)2‬‬
‫تتغير الظروف وال يعود هناك فراعنة‪ُ ،‬‬

‫رابعا‪ :‬حرية األوطان في (سليمان الحلبي)‪:‬ـ‬


‫ً‬
‫لم تكن الحري ة في مس رح (ف رج) مقص ورة على المفه وم األص غر ال ذي يتعل ق بحري ة‬
‫األف راد داخ ل مجتمع اتهم‪ ،‬فعلى أهميته ا البالغ ة‪ ،‬فق د ط اقت نفس (ألفري د ف رج) في كث ير من‬

‫() محمد مصطفى بدوي‪" ،‬المسرح العربي الحديث في مصر"‪ ،‬ترجمة أنوار عبدالخالق‪ ،‬المركز القومي‬ ‫‪1‬‬

‫للترجمة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،)2016( ،‬ص‪231 :‬‬


‫() محمد مندور‪" ،‬في المسرح المصري المعاصر‪ ،‬سقوط فرعون – أو السالم المسلح"‪ ،‬ص‪ 120 :‬وما‬ ‫‪2‬‬

‫بعدها‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫المس رحيات للح ديث عن الحري ة الك برى‪ ،‬حري ة األوط ان من االس تبداد واالس تعمار‪ .‬فاالس تبداد‬
‫‪1‬‬
‫يقيد حرية األفراد في مجتمعاتهم واالستعمار يقيد حرية المجتمعات ويستعبد الشعوب واألمم‪.‬‬

‫فريدا لمخاطر االستعمار وخطابه الثقافي‬


‫باذخا ً‬
‫عرضا ً‬
‫ً‬ ‫قدمت مسرحية (سليمان الحلبي)‬
‫الملتوي الذي يسعى للهيمنة على اآلخر‪ ،‬وفضحت المسرحية صورة المستعمر الفرنسي القبيحة‬
‫ال تي ح اول (ن ابليون وكلي بر) تزييفه ا ب تزيين الحض ارة الفرنس ية في أعين المص ريين وس لبهم‬
‫ثقافتهم ومعتقداتهم وهذا هو نقيض الحرية‪ .‬وبرزت في نصوص المسرحية صورة قائد الجيش‬
‫الفرنس ي وأعوان ه ال ذين أرادوا الس يطرة على حق وق المص ريين واس تالب خ يراتهم في س بيل‬
‫تحقيق مصالح فرنسا في التوسع والسيطرة والتجارة الحرة‪ ،‬وعرضت صورة الجنود الفرنسيين‬
‫على حقيقتها بكل تناقضاتها بوصفهم مستعمرين ومحتلين ال فاتحين كما كانوا يصورون أنفسهم‪،‬‬
‫فهم متوحشون خارج فرنسا ولصوص الشعوب ومتمردون على حريات اآلخرين‪.‬‬

‫قدم (فرج) في هذه المسرحية صورة المناضل الحر (سليمان الحلبي) المقاوم لالستعمار‬
‫والباحث عن حريته وحرية أمته‪ .‬وأظهر دور االستعمار في إحساس هذا المقاوم بالغربة داخل‬
‫وطنه وفقدانه األمل في الحياة بسبب قبضة المستعمر الحديدية‪ ،‬لهذا فلم يترك له المستعمر سبيالً‬
‫إال الوصول للنهايات واختيار المواجهة المميتة باغتياله لقائد االستعمار (كليبر)‪ ،‬فهذا المناضل‬
‫المثقف المتعلم غير قادر على التعايش مع االستعباد وسلب حريته في ظل وجود استعمار جاثم‬
‫على ص دور الن اس‪ ،‬مم ا دفع ه أخ ًيرا للتخطي ط للخالص من مأزق ه الشخص ي والتض حية بحيات ه‬
‫لتخليص الناس من رمز االستعباد وسالب الحريات (كليبر)‪.‬‬

‫أبعاد المسرحية‪:‬‬
‫صوابا‬
‫ً‬ ‫نموذجا لشخصية المستعمر البغيضة الذي يبني أفعاله على ما يراه‬
‫ً‬ ‫كان (كليبر)‬
‫وليس على المعرفة‪ ،‬فهو يرى أن الذي يصنع السالح والمقاومة هو الكبرياء‪ ،‬وسعى من خالل‬
‫سياس ته القهري ة إلى اس تالب ح ق المص ريين في التفك ير في المقاوم ة وال دفاع عن حري اتهم‪،‬‬
‫ويغرس في نفوسهم الشعور بالعجز والركون إلى العبودية التي تحميهم من انتقام السادة‪.‬‬

‫نزع ا ش اماًل ي ا س يدي وحقيقيًّا‪ ،‬إال ب انتزاع‬


‫إن أي ن زع للس الح في مس تعمرة ال يك ون ً‬ ‫‪-‬‬
‫الكبرياء من قلوب الناس(‪.)2‬‬

‫((محمد مصطفى بدوي‪" ،‬المسرح الع)ربي الح)ديث في مص)ر"‪ ،‬ترجم))ة أن))وار عب))د الخ))الق‪ ،‬المرك)ز الق))ومي‬ ‫‪1‬‬

‫للترجمة‪ ،‬ط‪ ،)2016( ،1‬ص‪.234 :‬‬


‫(( ألفريد فرج ‪:‬مسرحية "سليمان الحلبي"‪ ،‬ص‪.35 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪81‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫وقد حارب (ألفريد) على لسان (سليمان الحلبي) الشخصية المستضعفة القابلة لالستعباد‬
‫والقانعة بالدون من الحياة‪ .‬فاالستعمار يرتبط باالستبداد فهو نظام للسيطرة على حريات الشعوب‬
‫تعمرة‪ ،‬ل دحر‬
‫واألف راد‪ ،‬وله ذا ك ان من الط بيعي ح دوث حرك ات تح رر في ك ل الش عوب المس َ‬
‫المحتل واستعادة الكرامة والحرية‪.‬‬

‫تعمر) لـ (أل برت ميمي)‪ ،‬فهن اك أك ثر من ص ورة‬ ‫ِ‬


‫فكم ا في كت اب (المس تعمر والمس َ‬
‫للمستعمر‪ ،‬فمنهم من يقبل االستعمار ويدافع عنه‪ ،‬وهؤالء قليلون‪ ،‬ومنهم الذي يرفض االستعمار‬
‫َ‬
‫وال يقبل ه ب ل يحارب ه ويقاوم ه‪ .‬وه ذا الض عيف الخاض ع المحب لالس تعمار ي رى في ه مث ااًل للق وة‬
‫ِ‬
‫المستعمر‬ ‫تماهيا مع شخصية‬ ‫والبطش والسيطرة والوصول السهل على رقاب أهله وذويه‪ ،‬وذلك‬
‫ً‬
‫الطاغية السالبة لحريات من دونه‪.‬‬

‫عظيما فيقول‪:‬‬
‫ً‬ ‫قائدا‬
‫يقدم (كليبر) نفسه بوصفه ً‬
‫(‪)1‬‬
‫أفي هذا العالم وتحت هذه السماء ما يغلب األقوى واألذكى واألرقى؟‬ ‫‪-‬‬

‫كما يحاول ترسيخ فكرة (السمو األوروبي)‪ ،‬التي قسَّم فيها المستعمر الغازي العالم إلى‬
‫مركز وأطراف‪ ،‬وجعل (أوروبا) فيه مركز العالم‪ ،‬وكل ما هو خارجها آخر وهامش وطرف‬
‫يس تحق االس تعباد‪ ،‬وهي أفك ار ك انت س ًببا في حرك ة االس تعمار الح ديث‪ ،‬إذ نظ رت ال دول‬
‫األوروبي ة إلى دول الع الم ب أجمع على أنه ا مي دان لالس تثمار االقتص ادي وس يادة الفك ر األوروبي‬
‫فيها(‪.)2‬‬

‫وبه ذه الصورة االس تبدادية القائم ة على الغرور والغطرس ة يقول (كلي بر) بع د أن دخ ل‬
‫إلى الحفلة في (قصر األزبكية)‪:‬‬

‫كلي ((بر‪ :‬ض باطي العظ ام! ص ديقي المهن دس (ج ابالن)‪ ،‬من حقي أن أزه و بلقب (ف اتح‬ ‫‪-‬‬
‫مصر)‪ ،‬الذي منحه لي رجالي‪ ،‬ولكني أطمح لما هو أبعد من ذلك‪ ،‬أريد أن أكون رجل‬
‫ما بعد المعركة‪ ،‬أي حاكم المستعمرة القوي(‪.)3‬‬

‫وله ذا فـ (كلي بر) ي رى أن القم ع والبطش وس لب الحري ات وف رض الس يطرة هو السبيل‬


‫الوحيد لتحقيق طموحه ويضمن له البقاء واالستمرار في مصر والشرق والغرب‪.‬‬

‫(( ألفريد فرج ‪:‬مسرحية "سليمان الحلبي"‪ ،1989 ،‬ص‪.153 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫(( عبدهللا إبراهيم‪" ،‬المطابقة واالختالف‪ :‬المركزية الغربية‪ ،‬إشكالية التكون والتمركز حول الذات"‪ ،‬المركز‬ ‫‪2‬‬

‫الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪ ،)1997(1‬ص‪.20-18 :‬‬


‫(( ألفريد فرج‪" :‬سليمان الحلبي"‪ ،‬ص‪.30 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪82‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫الكورس‪ :‬أتنــظر في المستقبل يا جنرال؟ اتفكر في الغد كيف يكون؟‬ ‫‪-‬‬


‫كليبر‪ :‬كل رجل يفعل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الكورس‪ :‬فكيف ترى الغد في مصر؟‬ ‫‪-‬‬
‫كليبر‪ :‬مستعمرة غنية‪ ،‬تحتاج لشيء من اإلصالح لتكون مركز الثروة الفرنسية‪ ،‬على أن‬ ‫‪-‬‬
‫تمت د األجنح ة إلى الهن د والمغ رب والس ودان والش ام‪ ،‬نعم فعلى الجمهوري ة الفرنس ية‬
‫تبعات‪.‬‬
‫الكورس‪ :‬مستعمرة هادئة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫علمت أن الخط ة ناجح ة‪ ،‬وأني انتص رت في‬
‫ُ‬ ‫قلمت أظفاره ا بجه د‪ ،‬اآلن‬
‫ُ‬ ‫كلي(((بر‪ :‬نعم‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫معركة القاهرة(‪.)1‬‬

‫فمطمح (كليبر) هو بسط سيطرته على مقدرات الدولة المصرية وما يجاورها‪ ،‬وذل ك ال‬
‫يتأتَّى إال عن طريق البطش واستعباد هذا الشعب الهادئ البسيط‪.‬‬

‫ويحم ل (كلي بر) في أعماق ه موقفً ا من المص ريين يفيض باالحتق ار والتع الي والش عور‬
‫والسمو عليهم‪ ،‬إذ يرى نفسه والفرنسيين أصحاب العلم والمعرفة في مواجهة شعب بسيط‬ ‫ّ‬ ‫بالتفوق‬
‫جاه ل‪ ،‬ل ذا س عى (كلي بر) نح و إخض اعه بوس ائل عنيف ة ال تبقى ل ديهم أدنى إحس اس بالكرام ة أو‬
‫الحرية أو الشعور باإلنسانية‪.‬‬

‫‪ ...‬جابالن‪ :‬أيمكن بالقسوة أن يدفع رجل ما ال يملك؟‬ ‫‪-‬‬


‫كليبر‪ :‬ال أريده أن يدفع‪ ،‬أريده أن يركع! سيضرب ويهان ويمرغ في التراب‪ ،‬ولن يفي‬ ‫‪-‬‬
‫تريا ح تى ال تبقى ل ه إال زوجت ه‪،‬‬
‫بالغرام ة أب ًدا‪ ،‬س يبيع ك ل م ا يمل ك‪ ،‬ه ذا إن وج د مش ً‬
‫فيطرحه ا في م زاد بين جن ودي‪ ،‬ولن يفي بالغرام ة أب ًدا‪ ،‬وبعدئ ٍذ نش تري أنق اض بيت ه‬
‫بالثمن الذي نراه‪ ،‬لننتفع بحجارته في بناء وترميم القالع‪ ،‬سنجعله يشهد بعينيه بيته يقتلع‬
‫من األساس ولن يفي بالغرامة أبداً(‪.)2‬‬
‫‪ ..‬س يطأطئ ال رأس في الس كك وه و مفلس يمتهن ه جنودن ا بقس وة أم ام خدم ه‪ ،‬ي نزعون‬ ‫‪-‬‬
‫كبرياءه من قلبه‪ ،‬شيء واحد أعرف أنا بالتأكيد‪ ،‬أبق عدوك تحت قدميك تأمنه‬

‫(( ألفريد ‪":‬سليمان الحلبي"‪ ،‬ص‪.152 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫(( "سليمان الحلبي"‪ ،‬ص‪.36-30 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪83‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫الفصل الرابع‬
‫البناء الفني في مسرح ألفريد فرج‬

‫‪84‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫البناء الفني في مسرح ألفريد فرج‬

‫لم ينفصل (فرج) في معظم أعماله عن واقع أمته وقضاياها المعاصرة‪ ،‬فبناء المسرح‬
‫عن ده يعتم د في األس اس على "التعب ير عن حاج ة مجتمعي ة للح وار المنس جم بين األفك ار والج دل‬
‫األيديولوجي‪ ،‬كما أنه تعبير عن مناقشة فكرية ظهرت في الحياة االجتماعية والسياسية"(‪.)1‬‬

‫روح ا جديدة جميع فيها بين الحس الفني والرؤية‬


‫ومما يذكر لمسرح (فرج) أنه حمل ً‬
‫الواقعية لألحداث واألشخاص‪ ،‬لتفسير المشكالت الحياتية‪ ،‬ودور المواطن فيها‪ ،‬سواء كانت هذه‬
‫الوق ائع اجتماعي ة أم فكري ة أم اقتص ادية أم سياس ية‪ .‬ل ذا يهتم مس رح (ف رج) بص ناعة الحري ة من‬
‫ال داخل لم ا له ا من أث ر في بن اء اإلنس ان وحي اة المجتمع(‪ .)2‬فه و ي رى أن المس رح حرك ة فك ر‪،‬‬
‫مسرحا كاماًل البد لنا من أن نعكس روح الجدل التي تنطوي عليها الحياة نفسها‪ ،‬إذ‬‫ً‬ ‫نقيما‬
‫وحتى ً‬
‫ص نع لكي يح يي الحاس ة الرياض ية في العق ل اإلنس اني‪ ،‬وعلى المش اهدين المعت ادين‬
‫إن المس رح ُ‬
‫على المس رح التخ ديري الواض ح والس طحي أن يت دربوا على مش اهدة م ا ه و حقيقي من ف وق‬
‫المنصة وأن يعملوا أذهانهم ويفهموا ٍ‬
‫بعقل جدلي التناقض الموجود في الحياة وأن يميزوه"(‪.)3‬‬

‫(( مهدي الحسيني‪" ،‬حوار مع ألفريد فرج حول قضايا الفن والمسرح"‪ ،‬مجلة المسرح والسينما‪ ،‬بيروت‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫لبنان عدد ‪ ،50‬فبراير (‪ ،)1968‬ص‪.13 :‬‬


‫(( ماجد السامرائي‪" ،‬حوار مع ألفريد فرج‪ ،‬أسئلة الواقع‪ ،‬أسئلة المسرح"‪ ،‬مجلة الرافد‪ ،‬دائرة الثقافة‬ ‫‪2‬‬

‫واإلعالم‪ ،‬الشارقة‪ ،‬عدد ‪ ،33‬مايو (‪ ،)2000‬ص‪.74 :‬‬


‫(( مهدي الحسيني‪" ،‬حوار مع ألفريد فرج حول مسرحية النار والزيتون"‪ ،‬مجلة اآلداب‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬عدد‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،5‬مايو (‪ ،)1971‬ص‪.32 :‬‬

‫‪85‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫المبحث األول‬
‫الصورة والرمز‬
‫يستمد المسرح روحه الفنية واإلبداعية من الرواية نفسها التي هي تصور ذهنى يعتمد‬
‫على نش اط لغ وى ويب دأ من ذ اللحظ ات األولى لعملي ة الق راءة‪ ،‬ثم ت أتي المش اهدة لتك ون أوق ع في‬
‫النفس بمراح ل عدي دة‪ .‬حيث يض اف إلى الرواي ة مكمالت اللوح ة‪ ،‬وال تى تمث ل مجموع ة من‬
‫العوام ل ال تى تمنح اللوح ة لونه ا‪ ،‬وتس اعد على إظهاره ا وتتمث ل فى أش ياء الفض اء المس رحي‬
‫والشخصية معا ( المكان – اللغة – األدوات )‪ ،‬وهى أشياء تجد مداراتها فى إطار تلك الشخصية‬
‫وال يمكن دراس تها بمع زل عنه ا‪ ،‬وه و أي اإلنس ان نفس ه ال يك ون إال فى عالقته ا‪ ،‬والمس رحية‬
‫بوصفها فضاء يتشكل بصورة فنية تقدم مكونات هذه اللوحة من خالل ثالثة مصادر ‪:‬‬

‫سردا ووصفًا ‪.‬‬


‫‪ -١‬ما يجىء على لسان الشخصية الرئيسية والمحورية ً‬
‫‪ – ٢‬ما تنطق به الشخصيات الرئيسية والثانوية حوارا داخليًّا وخارجيًّا ‪.‬‬

‫‪ -3‬م ا يرص ده المتف رج من خالل حرك ة الشخص يات‪ ،‬وس ير األح داث ‪ ،‬وكله ا ت ؤدى إلى إنت اج‬
‫شخص ية تل ك األبع اد ال تى تع ارف عليه ا النق د الح ديث بع د أن م رت الشخص ية المس رحية‬
‫بمراحل مختلفة‪ ،‬صنفت خاللها تصنيفات عدة‪.‬‬

‫يق ول أدوين م وير‪ " :‬إن ال ذوق الح الى فى النق د يفض ل الشخص يات ذات األبع اد "‬
‫(‪)1‬‬
‫ويسميها بروب " الخصائص أو مجموعة"‪.‬‬

‫الخصائص الخاصة بالشخصيات‪:‬‬


‫هى خص ائص تجع ل الشخص ية مفهوم ة بص ورة أك بر‪ ،‬فاألش خاص ال ذين يعايش هم‬
‫المتفرج فى الواقع ليس – هو بالضرورة – بقادر على فهمهم‪ ،‬والولوج إلى عالمهم الخفي‪ ،‬يقابل‬
‫هذا فى الفن فهم تام إن هو حاول التعمق فى الشخصية المرسومة واستقصاء أبعادها‪ ،‬فالشخصية‬
‫المسرحية يبسطها الكاتب‪ ،‬حتى نشعر أنها تنهض أمامنا‪ ،‬ونتفاعل معها‪ ،‬وننفعل بجمالها الذى‬
‫أسبغه عليها الفن المسرحي‪ ،‬ممثال فى تلك األبعاد التى تكون بمثابة المفتاح الذى يجعل من عالم‬
‫فسيحا الستقصاء الصورة الفنية‪ ،‬ومن ثم التعرف على القياس الفني الذى كان‬
‫ً‬ ‫الشخصية مج ااًل‬
‫(‪)2‬‬
‫أداة المسرحي‪.‬‬

‫() أدوين موير ‪ ،‬بناء الرواية ‪ ،‬ترجمة ؛ إبراهيم الصيرفى ‪ ،‬القاهرة ‪ ، ١٩٦٥‬ص ‪٢١‬‬ ‫‪1‬‬

‫() انظر ‪ :‬فالديمير بروب ‪ ،‬مورفولوجيا الحكاية الخرافية ‪ ،‬ترجمة ‪ :‬أبو بكر أحمد باقادر‪ ،‬وأحمد عبد الرحيم‬ ‫‪2‬‬

‫نصر ‪ ،‬النادى األدبى الثقافى بجدة ط ‪ ، ١ ، ١٩٨٩‬ص ‪ ١٧٢‬وما بعدها‬

‫‪86‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫أوالً‪ :‬الصور التي اهتم بها مسرح( (فرج)‪:‬‬


‫عني فرج في مسرحياته بأفكار وصور تاريخية لطالما تناقضت مع أفكار وجودية‪ ،‬إذ‬
‫أفكارا سياسية واجتماعية شديدة االرتباط بالتاريخ العربي في مصر‬
‫ً‬ ‫عاين في مسرحيات كثيرة‬
‫وفلسطين وبقاع أخرى‪.‬‬

‫ش غل على ال دوام بص ور الع دل االجتم اعي والمقاوم ة والتحري ر واالش تراكية على‬
‫إطالقها ثم ما لبث هذا المطلق أن انتابته أو تناوشته وطأة المتغير‪ ،‬وهذا واضح في مسرحياته‬
‫«على جناح التبريزي» و«سليمان الحلبي» و«الزير سالم»‪ ،‬ثم دخلت هذه األفكار اشتراطات أو‬
‫مسلحا في «سقوط فرعون»‪ ،‬أو أن يمايز بين حلم‬ ‫ً‬ ‫استحقاقات هذا المتغير مثل أن يكون السالم‬
‫العدال ة ووهمه ا أو توهمه ا في «على جن اح الت بريزي»‪ ،‬أو أن يت داخل الزم ان والت اريخ في فهم‬
‫العدال ة المس تحيلة في مس رحية «الزي ر س الم»‪ ،‬أو أن يت وارى الخالص الف ردي الممكن وراء‬
‫الخالص الجماعي المفترض في مسرحية «عسكر وحرامية»‪ ،‬أو أن ُيغطى اللقاء الطبقي بشعاره‬
‫في مس رحية «زواج على ورق ة طالق»‪ ،‬أو أن ترب ط الديمقراطي ة بتطبيقه ا وبظرفه ا تمي ًيزا بين‬
‫الزمن المطلق والزمن المتصل أو الراهن في مسرحية «حالق بغداد»‪ ،‬أو أن يربط الصراع بين‬
‫والش ر بالمواض عات االجتماعي ة والوض ع البش ري في مس رحية "الطيب والش رير‬
‫الخ ير ّ‬
‫والجميلة"(‪.)1‬‬

‫وقد اختار (فرج) لصوره موضوعات متعددة قومية واجتماعية من منظورات سياسية‬
‫وأخالقي ة وإ نس انية ص ريحة‪ .‬وق د ب دأ كتابت ه المس رحية بالموض وع الق ومي ال ذي ع ولج بأش كال‬
‫متع ددة وب رؤى ثري ة عن الوج ود الع ربي في مراح ل حاس مة للت أزم ال ذاتي الق ومي ومعض الت‬
‫مجاوزته وتحققه‪ ،‬كما في مسرحياته‪« :‬صوت مصر» و«سقوط فرعون» و«عسكر وحرامية»‬
‫و«النار والزيتون» و«سليمان الحلبي» و«ألحان على أوتار عربية» و"عودة األرض"‪.‬‬

‫وثمة مسرحيات ذات صورة احتفالية تستجيب للموضوع القومي مثل «صوت مصر»‬
‫المكتوبة تحية لفعل المقاومة ضد العدوان الثالثي على مصر‪ ،‬و«عودة األرض» المكتوبة حفاوة‬
‫بالوفاق الوطني حول النصر في حرب أكتوبر عام ‪.1973‬‬

‫( ) عبدهللا أبو هيف‪" ،‬المسرح العربي المعاصر"‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب العرب‪ ،‬دمشق‪( ،‬العرب‪ ،‬دمشق‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫عدد ‪.) 2001(،53‬‬

‫‪87‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫وغالبا ما اندمجت الصورة القومية باالجتماعية في مسرح (فرج)‪ ،‬عندما تُرى القضية‬
‫ً‬
‫االجتماعي ة في بع دها الع ام كم ا في رؤي ة التط بيق االش تراكي لألفك ار المطلق ة كالع دل‬
‫والديمقراطية في بناء المجتمع وإ نتاجه‪.‬‬

‫أ‪-‬الصور التاريخية‪:‬‬
‫عم د (ف رج) إلى االش تغال المس رحي على الص ور التاريخي ة في ع دد من مس رحياته؛‬
‫على س بيل الت أريخ مس رحيته التاريخي ة «س قوط فرع ون» و«س ليمان الحل بي»‪ ،‬وعلى س بيل‬
‫االستخدام التسجيلي المطلق في مسرحيته «النار والزيتون»‪ ،‬واالستخدام التسجيلي المحدود في‬
‫مسرحيتيه «ألحان على أوتار عربية» و"عودة األرض"(‪. )1‬‬

‫رئيس ا إلى كت اب‬


‫ً‬ ‫تنادا‬
‫اس تند (ف رج) في المنحى األول على الت اريخ الفرع وني الق ديم اس ً‬
‫قاصدا إلى معالجة أفكاره الفلسفية عن الصمود في وجه‬ ‫ً‬ ‫(سليم حسن) «األدب المصري القديم»‬
‫الغزاة واألعداء والمتآمرين خالل مرحلة أخناتون التي صارت إلى رحابة األسطورة في رؤية‬
‫التنازع بين الطبائع المتعارضة أو المتناقضة داخل الذات الواحدة‪.‬‬

‫ي تركز االش تغال الت اريخي في المس رحية على فهم الحساس ية السياس ية واتبع ات الرف ق‬
‫المروع بالمصائر المأس اوية لشخوص ه في ظ ل عنتهم الص ارخ لم راودة الفعالي ة العام ة بوص فها‬
‫يشن الحرب‪ ،‬والصلوات في معابدك‪ ،‬تترنم‬
‫محط رهان الرؤية كقوله‪" :‬وفرعون مصر يأبى أن ّ‬
‫‪2‬‬
‫بكلمة السالم»‬

‫إن ك ل شخص ية من الشخص يات ال تي رس مها (ف رج) في مس رحه س واء تل ك ال تي‬


‫معين ا أري د ل ه أن يع الج بلغ ة فني ة وجمالي ة‬
‫واقع ا ً‬
‫اس تلهمها من الت اريخ‪ ،‬أو من ال تراث‪ ،‬تعكس ً‬
‫تش كيلية مش كلة من مش كالت العص ر‪ ،‬وذل ك من منطل ق التعام ل م ع ال تراث بمرون ة بم ا يخ دم‬
‫أهداف الكاتب‪ ،‬أي أن التراث في مثل هذه الحالة ال يمتلك قيمة مطلقة في ذاته‪ ،‬وأن ما يحدد‬
‫‪3‬‬
‫قيمته‪ ،‬هي متطلبات المرحلة الراهنة‪ ،‬بكل ما تنطوي عليه‪.‬‬

‫ومن هن ا فق د ك ان لك ل شخص ية من الشخص يات المس تلهمة دور في ح ل معض لة من‬


‫المعضالت المستعصية‪" ،‬فشخصية (أبي الفضول) تمثل ابن ثورة يوليو (‪ ،)1952‬الذي يحارب‬
‫الطغيان وينتصر للمستضعفين‪ ،‬أما شخصية (الزير سالم) فترمز إلى الحق والعدل‪ ،‬أما شخصية‬

‫() عبدهللا أبو هيف‪" ،‬المسرح العربي المعاصر‪ ،‬قضايا ورؤى وتجارب"‪ ،‬ص ‪.111‬‬ ‫‪1‬‬

‫(( المرجع السابق‪ ،‬ص‪.110 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫(( صالح لمباركية‪ ،‬بناء الشخصية في مسرح ألفريد فرج"‪ ،‬ص‪.259-258 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪88‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫(الت بريزي) فتمث ل الص راع الطبقي في المجتم ع المص ري‪ ،‬وباختص ار فالشخص يات الواقعي ة في‬
‫مسرح (ألفريد فرج) تصور التغيير الذي حدث في المجتمع المصري بعد ثورة (‪ ،)1952‬وما‬
‫‪1‬‬
‫صاحب هذا التغيير من صراع سياسي واجتماعي وثقافي"‪.‬‬

‫ومن ه ذا المنطل ق ب دا واض ًحا أن (ألفري د ف رج) امتل ك ناص ية التعب ير ب الموروث‬
‫تخداما فنيًّا من حيث‬
‫ً‬ ‫وتوظيف ه حيث اس تغل الشخص يات التراثي ة واس تخدم العناص ر الرمزي ة "اس‬
‫التعب ير عن هم وم العص ر وقض اياه‪ ،‬وذل ك بع د تأوي ل العناص ر التراثي ة ت أوياًل معاص ًرا بع د‬
‫‪2‬‬
‫تجريدها من دالالتها الوقتية في الماضي"‪.‬‬

‫ب ‪ -‬رمزية شخصية األزهري في (سليمان الحلبي)‪:‬‬


‫تس تند ص ورة المس رح عن د (ف رج) إلى تحوي ل الواقع ة التاريخي ة إلى م دار طقس ه و‬
‫نشدانا للقصد النهائي‪ .‬فمثاًل بطولة (سليمان الحلبي)‬
‫ً‬ ‫تخييله لمتوالية الحوافز في عملية الصراع‬
‫نتاج ا لتكوينه العربي األزهري (اندماج العروبة بنسق ثقافي‬
‫في مواجهة األجنبي المحتل كانت ً‬
‫إس المي)‪ .‬فارتب ط بمص يره ط ول ال وقت‪ ،‬يخوض ه بعي ون مفتوح ة وذهن حاض ر ممتليء‬
‫وعي ا بالتاريخ وسرعان ما يؤدي إلى الوعي بالهوية القومية‬
‫بالتوقعات‪ .‬أي أن المسرحية غدت ً‬
‫(‪)3‬‬
‫العامة‪.‬‬

‫مي زيادة‪:‬‬
‫ج‪ -‬رمزية( ّ‬
‫في تمثيليته التلفزيونية «مذكرات لم تكتبها مي زيادة»‪ ،‬يمضي (فرج) عميقً ا في تخييل‬
‫استبطانا لسيرة‬
‫ً‬ ‫(مي) وما توميء إليه هذه الكتابات؛‬
‫الوقائع التاريخية‪ ،‬حيث مازج بين ما كتبته ٌّ‬
‫مناضلة مؤثرة في مجتمعها نداء متواص اًل لحرية الفكر وشجاعة الرأي‪ ،‬وقد وازى (فرج) بين‬
‫الوقائع التاريخية وتعليقه عليها بصوت الكاتب الذي يستنطق هذه الوقائع الدالالت األعمق للمعنى‬
‫الوج ودي الغ امر له ذه األديب ة المبدع ة الش جاعة‪ ،‬كمث ل تثمين ه لح ديثها عن رس الة األديب في‬

‫(( صالح لمباركية‪ ،‬بناء الشخصية في مسرح ألفريد فرج"‪ ،‬ص‪.259-258 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫(( سيد علي إسماعيل‪" ،‬أثر التراث العربي في المسرح المعاصر"‪ ،‬دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫القاهرة‪ ،)2000( ،‬ص‪.49-48 :‬‬


‫() عبدهللا أبو هيف‪" ،‬المسرح العربي المعاصر ص‪.111 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪89‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫مقحم ا على الس ياق‪ ،‬ونقتط ف من ه ه ذا‬


‫ً‬ ‫المش هد م ا قب ل األخ ير ال ذي أفلح (ف رج) في أال يك ون‬
‫المقطع‪:‬‬

‫"رس الة األديب تعلمن ا أن الع الم الع ربي على تع دد أقط اره من المحي ط إلى الخليج وح دة‬ ‫‪-‬‬
‫واحدة‪ .‬رسالة األديب تعلمنا أن نفاخر بلغتنا العربية الممتازة على سائر اللغات‪..‬‬
‫رسالة األديب تعلمنا أال نخشى كارثة‪ ،‬وال نتهيب مغامرة‪ .‬فكل زمن خطير في التاريخ كان‬ ‫‪-‬‬
‫زمن اض طراب وك وارث‪ .‬وأعظم فوائ د اإلنس انية تجمعت عن عص ور الع ذاب والخط ر‪.‬‬
‫العاص فة ال تقتل ع إال ض عيف األغ راس أم ا األش جار ذات الحيوي ة العص ية فاألعاص ير ال‬
‫(‪)1‬‬
‫تزيدها إال قوة ومناعة»‬

‫ثانيا‪ :‬االستخدام التسجيلي المطلق‪:‬‬


‫ً‬
‫لج أ ف رج إلى االس تخدام التس جيلي المطل ق في مس رحية «الن ار والزيت ون»‪ ،‬ليؤك د أن‬
‫تس جيل وق ائع حي اة ف رد ال تكفي لتس جيل حي اة ش عب‪ ،‬فع اد إلى الوث ائق التاريخي ة لبعث نض ال‬
‫الش عب الفلس طيني من خالل التفاص يل الدال ة في مج رى الص راع الع ربي ـ الص هيوني‪« :‬العن ف‬
‫(‪)2‬‬
‫الصهيوني‪ ،‬العذاب الفلسطيني‪ ،‬المقاومة الصلبة‪ ،‬التآمر البارد للقوى اإلمبريالية العالمية»‬

‫وقد جمع (فرج) مادة المسرحية من مصادر متعددة ودعمها بالمشاهدة من خالل زيارة‬
‫مواق ع العم ل الف دائي واالتص ال عن ق رب بأبط ال المقاوم ة الفلس طينية وض حايا الع دوان‬
‫تخداما أوف ر‬
‫ً‬ ‫الص هيوني‪ ،‬على أن ف رج ح ّول ه ذه الم ادة إلى غن اء ش عبي للقض ية الفلس طينية اس‬
‫ان وحرك ات إيقاعي ة وتش كيلية ومعروض ات‬ ‫وأوس ع لمعطي ات المس رح الش امل من أش عار وأغ ٍ‬
‫وسواها‪ ،‬ليقل بعد ذلك استعمال الوثائق التاريخية كاألقوال واإلحصاءات والنصوص والمذكرات‬
‫وس واها‪ ،‬وثم ة مالحظ ة هي العناي ة بوث ائق ش ائعة ومتداول ة واالش تغال الغن ائي عليه ا بأق ل من‬
‫االشتغال الدرامي باالعتماد على وثائق من الشعر الفلسطيني أو الغناء الشعبي الفلسطيني‪ ،‬كمثل‬
‫استقبال جثمان الشهيد حيث نجوى األم المفجوعة وصوت الجميع يردد األغنية الشعبية‪:‬‬

‫"األم‪ :‬ال تقولوا لي ولدي مات‪ .‬ولدي حي‪ ..‬اتبرع بنفسه‪ .‬اهلل يرضى عليه‪ .‬اهلل يجعله فدو‬ ‫‪-‬‬
‫عن فلس طين‪ .‬اهلل يجعل ه ف دو عن ك ل ف دائي‪ .‬أن ا غ اب ع ني ول د واح د‪ ،‬وربن ا أعط اني ك ل‬

‫(( عبدهللا أبو هيف‪" ،‬المسرح العربي المعاصر"‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب العرب‪ ،‬دمشق‪ ،)2002( ،‬مجلة‬ ‫‪1‬‬

‫الكاتب العربي‪ ،‬دمشق‪ ،‬عدد ‪ ،)2001( ،53‬ص‪.111 :‬‬


‫() المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪90‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫ف دائي ول د لي‪ .‬كلكم أوالدي‪ .‬اهلل يرض ى علي ه‪ .‬اهلل اخت اره من بينن ا له ا الموت ة الش ريفة‪.‬‬
‫وأخواته يتزفه‪( .‬تزغرد وهي تمسح دموعها)‬

‫(يلتف الفدائيون حولها والقائد يسلم لها وسام أم الشهيد واألغنية يرددها الجميع)‬

‫الجميع‪ :‬هاتوا الشهيد هاتوه‬ ‫‪-‬‬


‫هاتوا العريس هاتوه‬ ‫‪-‬‬
‫وبعلم الثورة لفوه‬ ‫‪-‬‬
‫يا فرحة أمه‪ ،‬وأبوه‬ ‫‪-‬‬
‫أنا أمه يا فرحة أمه‬ ‫‪-‬‬
‫يا عرسه في ليلة دمه‬ ‫‪-‬‬
‫يا تراب الحرية ضمه‬ ‫‪-‬‬
‫يا أخواته للثورة انضموا‬ ‫‪-‬‬
‫زغروته يالال حييوا‬ ‫‪-‬‬
‫هاتوا الشهيد هاتوه‬ ‫‪-‬‬
‫هاتوا العريس هاتوه‬ ‫‪-‬‬
‫وبعلم الثورة لفوه‬ ‫‪-‬‬
‫‪1‬‬
‫يا فرحة أمه وأبوه‪».‬‬ ‫‪-‬‬

‫فداء لوطنه وقومه‪ ،‬تبعث في‬


‫هذه العبارات الحماسية التي تنشد تحي ةً للشهيد الذي راح ً‬
‫المتفرج حماسة ويقظة‪ .‬وهذه الصورة التي تكاد تكون محسوسة أمام عينيه تستنهض فيه حب‬
‫الوطن واألهل‪ ،‬وكره االستعمار والظلم في أي بقعة من بقاع األرض(‪.)2‬‬

‫واس تخدم (ف رج) بعض تقني ات المس رح التس جيلي على نح و ج زئي‪ ،‬والص ورة ال تي‬
‫مستحضرا وقائع من التاريخ القريب مثل موكب اللورد‬
‫ً‬ ‫تعضد من إحساس الجمهور باألحداث‪،‬‬
‫(اللن بي) غ داة اقتح ام الق دس ودمش ق س نة ‪ ،1917‬وخريط ة ال وطن الع ربي وبجانبه ا (س ايكس‬
‫وبيك و) يؤش ران إلى االتفاقي ة الس رية لتقاس م األرض العربي ة واحتالله ا‪ ،‬ومائ دة اجتماع ات األمم‬
‫المتح دة وقائم ة ق رارات الحق وق الفلس طينية‪ ،‬واس تعراض الق وة بش خص (كيس نجر)‪ ،‬واس تعادة‬
‫ص ورة (زنوبي ا) ال تي ت أبت على االحتالل الروم اني وقاومت ه‪ ،‬واس تعراض أط راف الم ؤامرة‬

‫(( ألفريد فرج‪( ،‬مسرحية النار والزيتون)‪ ،‬ص‪.94،93‬‬ ‫‪1‬‬

‫(( عبد هللا أبو هيف‪" ،‬المسرح العربي المعاصر‪ ،‬قضايا ورؤى وتجارب"‪ ،‬مجلة الكاتب العربي‪ ،‬دمشق‪ ،‬عدد‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،)2001( ،53‬منشورات اتحاد الكتاب العرب‪ ،‬دمشق‪ .)2002( ،‬ص‪.112 :‬‬

‫‪91‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫االستعمارية المستمرة بحق العرب‪ ،‬وإ سناد نبوءة النصر إلى إحياء ذكرى (صالح الدين)‪ ،‬لتك ون‬
‫تعضيدا لموقف المقاومة الباسلة (لزنوبيا) ذلك المثل الحي للبطولة‬
‫ً‬ ‫هذه الوقائع التاريخية جميعها‬
‫(‪)1‬‬
‫العربية‪:‬‬

‫"أص((وات العام((ة‪ :‬زنوبي ا ملك ة الع رب‪ ..‬الس احرة‪ .‬ارجموه ا‪ .‬اخفض ي رأس ك ي ا ام رأة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫انظ ري تحت ق دميك ي ا أس يرة الروم ان واذرفي ال دموع في م وكب النص ر لألم براطور‬
‫أورليان‪..‬‬
‫الفت((اة‪ :‬ب ل أنظ ر في الش مس وفي ض ياء الس ماء‪ .‬وأرى ب العين واللب والف ؤاد م ا ينتظ ر‬ ‫‪-‬‬
‫م وكب اإلم براطور من خس ران‪ .‬فمن زرع الجريم ة ال يحص د إال الث أر‪ ،‬ومن ب دأنا‬
‫بالع دوان ال يج ني غ ير اله وان في آخ ر المط اف‪ ،‬ومن رمى الن اس بظالم ه أعم اه ن ور‬
‫النه ار‪ ..‬انظ ر في عين الش مس أن ا وأرى ملء عي وني ض ياء عربي اً آتي ا من المش رق‪،‬‬
‫شمس ا س اخنة تنبت الرج ال في رحم الرم ال‪ ..‬وأرى روم ا! وياله‪ ..‬تض ج تحت‬ ‫ً‬ ‫أرى‬
‫درا‬
‫درا في الش مال وب ً‬
‫أق واس نص رها تطلب من أع دائها رحم ة هي ب ددتها! وياله أرى ب ً‬
‫دم ا يج ري على س لم‬
‫في اليمين يحمالن س ياط ع ذابهم ف وق رؤوس ومع ذبيهم‪ .‬أرى ً‬
‫الكابيتول يكتب على بالطة بألسنة ساخنة‪ :‬ويلك روما فقد زرعت الرياح وال تحصدين‬
‫غير العواصف‪ ..‬زرعت النار ال تحصدين غير الطوفان‪..‬‬
‫وعمران ا‬
‫ً‬ ‫أرى رج االً ف وق التالل وعلى ض فاف األنه ار‪ ..‬أخ وتي وأبن ائي وآب ائي حي اة‬ ‫‪-‬‬
‫عربيًّا من قبلي ومن بعدي‪ ،‬فيا عرب‪ ..‬ها أنذا أنتظر‪ .‬أتعذب على أبواب بيوتكم‪ ،‬وفي‬
‫بيوتكم وفي جلودكم أتعذب‪ ،‬وأنتظركم‪.‬‬
‫وشمس ا في س مائي تب دد الظلم ات امنح وني وح دة أم تي‬
‫ً‬ ‫امنح وني قدرتي وق دري وأي امي‬ ‫‪-‬‬
‫وحري ة الق رار وش رف االنتص ار‪ ..‬ه ا أن ذا أص يح ليص لكم ص وتي في ك ل البق اع‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫واعروبتاه!‪»..‬‬

‫وق د اس تعاد (ف رج) طريقت ه الجزئي ة في اس تخدام المس رح التس جيلي وتقني ات تطوي ع‬
‫الوثيق ة التاريخي ة لمعطي ات المس رح االستعراض ي الش امل في مس رحية «ع ودة األرض» مثلم ا‬
‫فع ل في «ألح ان على أوت ار عربي ة»‪ ،‬ب ل إن ه أع اد بعض مش اهد بنص ها مث ل مش هد (س ايكس‬
‫محاورا العزيمة‬
‫ً‬ ‫وبيكو) واتفاقية تقسيم الوطن العربي بين المستعمرين‪ ،‬ومشهد (صالح الدين)‬
‫العربية لالستنهاض والمقاومة إشارة إلى دروس التاريخ العربي ذاته‪:‬‬

‫() المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫(( مسرحية‪" ،‬ألحان على أوتار عربية"‪ ،‬ص‪60‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪92‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫ص((الح ال((دين‪ :‬ويزع زع ثقتكم في ق درتكم وفي ع زائمكم‪ ،‬ويقع د بكم عن اس تنفار رج ال‬ ‫‪-‬‬
‫زمنكم‪.‬‬
‫الفتاة‪ :‬لقد تصورناك كما أحببناك‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫صالح الدين‪ :‬حب الضعيف وهيام الع اجز وتعلق ه بالتعاوي ذ والخراف ات‪ .‬وك ان أولى بكم‬ ‫‪-‬‬
‫أن يكون حبكم للحياة واألحياء‪ .‬وأن تكون نجدتكم لهم وأن يكون صمودكم بهم‪ .‬ومن ثم‬
‫تصنعون التاريخ‪.‬‬
‫الفتاة‪ :‬علمني موالي‪ .‬كيف نصنع التاريخ؟‬ ‫‪-‬‬
‫صالح الدين‪ :‬وهل تصنعون التاريخ إال بالرجال المعاصرين؟ اطلبوا رجالكم واحتشدوا‬ ‫‪-‬‬
‫حولهم‪ .‬اصنعوا أيامكم برجالكم‪ .‬لن تصنعوها برجالي‪ .‬التاريخ قد يكون فيه لكم حكمة‬
‫أو تجربة‪ .‬ولكن ليس فيه لكم فرسانكم وجندكم‪ .‬فاطلبوا رجالكم واحتشدوا حولهم‪ .‬اطلبوا‬
‫‪1‬‬
‫رجال زمانكم واحتشدوا حولهم"‪.‬‬

‫وأضاف إلى الوثائق التاريخية المستخدمة مسرحة وصية (الملك الصالح أيوب) الداعية‬
‫إلى النصر أو الموت‪ ،‬ثم مزج ذلك كله ببناء مسرحي يبعث فيه األمل بالنصر الذي تحقق في‬
‫حرب أكتوبر ‪ 1973‬والمقدرة على تحققه محدداً فيما سماه «عودة الذاكرة‪".‬‬

‫"المص((ور‪ :‬ع ودة األرض‪ .‬ع ودة ال روح‪ .‬ع ودة ال ذاكرة‪ .‬ع ودة الع زة والكبري اء الوط ني‬ ‫‪-‬‬
‫يرجع الفضل فيه إلى حكمة القيادة وشجاعة الجند وصالبة الشعب المصري العريق‪..‬‬
‫(‪)2‬‬
‫هم صنعوا النصر وأحنا صورنا الصورة»‬

‫ثالثًا‪ :‬التنوع في الصور والرموز‪:‬‬


‫نص ا آخ ر في بنيت ه وش كله‪ ،‬فهن اك التراجي ديا‬
‫ال يك اد نص مس رحي عن د (ف رج) يش به ًّ‬
‫مثل «سليمان الحلبي» و«الزير سالم» و«سقوط فرعون»‪ ،‬وهناك المالهي مثل «حالق بغداد»‬
‫و«على جناح التبريزي وتابعه قفه» و«عسكر وحرامية» و«أغنياء‪ ..‬فقراء‪ ..‬ظرفاء» و«الحب‬
‫لعب ة»‪ ،‬وثم ة ال دراما الحديث ة مث ل «زواج على ورق ة طالق» و«الطيب والش رير والجميل ة» أو‬
‫المصاغة بروح التراث مثل «رسائل قاضي إشبيلية»‪ ،‬وثمة المسرح التسجيلي والسياسي القائم‬
‫على تقان ات المس رح الش امل والوث ائق المختلف ة‪ ،‬مث ل «الن ار والزيت ون» و«ألح ان على أوت ار‬

‫(( ألفريد فرج‪ :‬مسرحية‪" ،‬ألحان على أوتار عربية"‪ ،‬ص‪46‬‬ ‫‪1‬‬

‫(( مسرحية‪" ،‬ألحان على أوتار عربية"‪ ،‬ص‪51،39‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪93‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫عربي ة» و«ع ودة األرض»‪ ،‬مم ا تتوس ع في ه المس رحية لس تارة الض وء والموس يقى واألغ اني‬
‫والحركة اإليقاعية التشكيلية والمعروضات المساعدة‪.‬‬

‫وهن اك المس رحية الطويل ة وع ددها خمس عش رة مس رحية أوله ا «س قوط فرع ون»‬
‫وآخره ا «الطيب والش رير والجميل ة»‪ ،‬وثم ة مس رحيات قص يرة من ذوات الفص ل الواح د هي‪:‬‬
‫«ص وت مص ر» و؛الفخ» و«الغ ريب» و«العين الس حرية» و«دائ رة التبن المص رية»‬
‫و«الش خص»‪ ،‬وثم ة ثالث مس رحيات لألطف ال هي «بقب ق الكس الن» و«رحم ة وأم ير الغاب ة‬
‫‪1‬‬
‫المسحورة» و«هردبيس الزمار»‪.‬‬

‫ومثلم ا اس تلهم ال تراث الع ربي في مس رحيات كث يرة‪ ،‬اس توحى بعض مس رحياته من‬
‫تراث اإلنسانية‪ ،‬فصيغت «أغنياء فقراء ظرفاء» على غرار فكرة المسرح الشعبي كما هو الحال‬
‫في ص ياغة اإلس باني «بين ا فن تي»‪ ،‬ومثله ا مس رحية «الحب لعب ة» ال تي تس تند إلى قص ة ش عبية‬
‫أيضا‪ ،‬وكان سبق إلى صياغتها الفرنسي ماريفو في مسرحيته «لعبة الحب والمصادفة‪".‬‬
‫ً‬
‫رابعا‪ :‬رمزية الهوية في (الشخص)‪:‬‬
‫ً‬
‫ؤدين يقف ون على المس رح بطريق ة‬
‫يب دأ (ف رج) مس رحية (الش خص) بمجموع ة من الم ّ‬
‫جماعي ة‪ ،‬م ا يلبث أن يخ رج منه ا (الش خص)‪ ،‬وه و‬
‫ّ‬ ‫فوتوغرافي ة‬
‫ّ‬ ‫يجس دون ص ورة‬
‫ت وحي وك أنهم ّ‬
‫هويتها دون تعريف‪.‬‬
‫اسما‪ ،‬وذلك إلبقاء ّ‬
‫المسرحية‪ ،‬والتي ال تمتلك ً‬
‫ّ‬ ‫الرئيسية في‬
‫ّ‬ ‫الشخصية‬
‫ّ‬
‫طع ٍة وأس ٍ‬
‫ئلة متك ّررة‪ ،‬م ا‬ ‫ي روي الش خص بأس لوب المونولوج ات الطويل ة‪ ،‬بجم ٍل متق ّ‬
‫الوجودي ة من قبيل‪ :‬من أنا؟ ما هويتي؟‬
‫ّ‬ ‫يوحي‪ ،‬بفقدانه الذاكرة‪ .‬هذا الفقدان للذاكرة يفتح األسئلة‬
‫م اذا أفع ل في المك ان؟ ومن ه ؤالء ال ذين يقف ون إلى ج انبي في الص ورة؟ يش ير الش خص إلى‬
‫ؤدين ال واقفين في عم ق المس رح‪ ،‬إنهم من يحيط ون ب ه في الص ورة‪ ،‬الش خص غ ير‬
‫مجموع ة الم ّ‬
‫(‪)2‬‬
‫التحرك باتجاه المستقبل‪:‬‬
‫ّ‬ ‫قادر على تذكرهم‪ ،‬بل يعتبر أنهم يعيدونه إلى الماضي كلما أراد‬

‫تأثيرا على وعيه؟‬


‫إن كانت حياة اإلنسان تمضي دائماً لألمام‪ ،‬لماذا تلعب الذاكرة إ ًذا ً‬ ‫‪-‬‬

‫أفكار متقطّعة‪ ،‬أسئلة بال أجوبة‪ ،‬ومعلومات تظهر فجأة‪ ،‬بهذا األسلوب من المونولوجات‪.‬‬

‫(( عبد هللا أبو هيف‪" ،‬المسرح العربي المعاص))ر‪ ،‬قض))ايا ورؤى وتج))ارب"‪ ،‬مجل))ة الك))اتب الع))ربي‪ ،‬دمش))ق‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫عدد ‪ ،)2001( ،53‬منشورات اتحاد الكتاب العرب‪ ،‬دمشق‪ .)2002( ،‬ص‪114 :‬‬
‫(( عالء رشيدي‪" ،‬الشخص‪ ،‬حالة االنتظار غير المحدود"‪ ،‬مجلة رصيف ‪ ،22‬اللبنانية‪ ،‬مقال نشر بتاريخ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 22‬إبريل (‪.)2019‬‬

‫‪94‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫ابن ا يعيش‬
‫يحاول الشخص لملمة حكايته وذاكرته‪ .‬يتذ ّكر أنه ولد‪ ،‬كبر‪ ،‬تزوج‪ ،‬وأنجب ً‬
‫في الخارج‪ ،‬لكن رسائل االبن انقطعت منذ فترة‪ ،‬مما يعيد التشكيك بحقيقة كل ما سبق‪ ،‬هل حقًّا‬
‫للش خص ابن يعيش في الخ ارج؟ ه ل حقًّا كان يرس ل ل ه الم ال والرس ائل؟ أم أن المعلوم ة مج ّرد‬
‫ٍ‬
‫وهم تعيشه الشخصية؟‬
‫وحيدا‪ ،‬أنه ٍ‬
‫بحال من االنتظار‪:‬‬ ‫ً‬ ‫الشخص يعي شيًئا‬

‫جهنم هي أن تعيش بح ال من االنتظ ار‪ ،‬لكن ك ال تع رف إلى م تى س تنتظر‪ ،‬وال م ا ال ذي‬


‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫تنتظره‪.‬‬

‫رحية ال تي تن اولت موض وعة الش رط اإلنس اني‬


‫جمل ة ت ذ ّكر ب الكثير من النص وص المس ّ‬
‫تتضمن‬
‫ّ‬ ‫مثل (األبواب المغلقة‪ ،‬جان بول سارتر)‪( ،‬في انتظار غودو‪ ،‬صامويل بيكيت)‪ ،‬كما أنها‬
‫إش ارةً إلى واق ع اإلنس ان الع ربي ال ذي يعيش رمزيًّا في مرحل ة انتظ ار‪ ،‬انتظ ار الف رج‪ ،‬انتظ ار‬
‫(‪1(.‬‬
‫التغيير‪ ،‬لكن اإلنتظار ال يثمر‬

‫ددا ل ه م ع‬
‫فج أة‪ ،‬يت ذ ّكر الش خص‪ ،‬وه و ينظ ر إلى الس اعة ال تي يحمله ا بي ده‪ ،‬موع ًدا مح ً‬ ‫‪-‬‬
‫متوجهًا إلى الموعد‪..‬‬
‫ّ‬ ‫راكضا من المسرح‬
‫ً‬ ‫الطبيب عند الساعة الثانية‪ ،‬فيخرج‬
‫رحية من الجمه ور النه وض‬
‫عن د ه ذه اللحظ ة من الح دث المس رحي‪ ،‬تطلب الفرق ة المس ّ‬ ‫‪-‬‬
‫عن مقاعد المسرح‪ ،‬والخروج من صالة المسرح للحاق بالممثل – الشخص عبر أروقة‬
‫يتم العرض‪.‬‬
‫جامعة رفيق الحريري حيث ّ‬
‫رحية الجمه ور في أروق ة بن اء الجامع ة وص والً إلى غرف ة‬
‫يق ود أعض اء الفرق ة المس ّ‬ ‫‪-‬‬
‫(‪)2‬‬
‫االنتظار عند الطبيب‪.‬‬

‫خامسا ‪:‬المسرح التجريبي( عند (فرج)‪:‬‬


‫ً‬
‫متمي ز في قدرت ه‬
‫نص مس رحي ّ‬‫خص)‪ ،‬وهي ٌّ‬ ‫لـ (ف رج) مس رحية تجريبي ة أس ماها (الش ُ‬
‫العربية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الشخصية‬
‫ّ‬ ‫عبثية‬
‫العبثية التي يعيشها المواطن في العالم العربي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫على التعبير عن الحال‬

‫عاليا في مسرحية «الشخص» المبنية على تقنيات مسرح الالمعقول‬‫شأوا ً‬


‫بلغ التجريب ً‬
‫والس يما لعب ة ال وقت تعب ًيرا عن ض يعة األحالم وخن اق الوحش ة‪ ،‬كمث ل ق ول الش خص في لوح ة‬
‫«الساعة اتناشر»‪ ،‬وهي المشهد األخير‪:‬‬

‫(( محمود بسيوني‪" ،‬تربية الذوق الجمالي"‪ ،‬دار المعارف ‪ ،‬القاهرة‪ ،)1986( ،‬ص‪47 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫(( عالء رشيدي‪" ،‬الشخص‪ ،‬حالة االنتظار غير المحدود"‪ ،‬مجلة رصيف ‪ ،22‬اللبنانية‪ ،‬مق))ال نش))ر بت))اريخ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 22‬إبريل (‪.)2019‬‬

‫‪95‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫الش خص‪ :‬أن ا تهت‪ .‬وقب ل م ا أت وه نس يت‪ .‬وقب ل م ا أنس ى م اكنتش ع ارف‪ ..‬الس اعة ك ام‬ ‫‪-‬‬
‫دايما أحالمه في ناحية ودنيته في الناحية التانية‪.‬‬
‫الميعاد‪ .‬اإلنسان منا ً‬
‫إن مش ى في س كة األحالم مش ممكن يوص ل لل دنيا‪ ،‬وإ ن مش ي في دنيت ه مهم ا ط ال بي ه‬ ‫‪-‬‬
‫يحص ل أحالم ه‪ .‬لكن أقس ى ش يء ممكن يبتلي بي ه ه و الوح دة‪..‬‬‫ّ‬ ‫الطري ق مش ممكن‬
‫العزلة‪ .‬االنقطاع‪..‬‬

‫وعلشان كده اللي بيوصل خير من اللي بيقطع‪ ،‬لكن يعمل إيه بني آدم في انقطاع دنيته‬ ‫‪-‬‬
‫عن أحالم ه‪ ،‬وانقط اع س كته عن غرض ه‪ ،‬وانقط اع اللغ ة عن التعب ير‪ ،‬وانقط اع ال ذاكرة‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وانقطاع المعرفة عن الفهم‪ ،‬وانقطاع الذكاء عن المصلحة‪ ،‬وانقطاع الوالد عن ولده‪».‬‬

‫سادسا‪ :‬المسرح التعبيري‪:‬‬


‫ً‬
‫تس تفيد على العم وم مس رحيات الفص ل الواح د وبعض المس رحيات االستعراض ية‬
‫والموس يقية والسياس ية من تقني ات المس رح التعب يري مث ل تجري د الوق ائع والتس مية بالص فة أو‬
‫بالدالل ة‪ ،‬ال باالس م‪ ،‬فال تحم ل أي شخص ية في مس رحية «الش خص» أي اس م‪ ،‬لتقتص ر التس مية‬
‫على «الش خص»‪ ،‬و«الش بية»‪ ،‬و«الط بيب»‪ ،‬و«الش ابين مفت ولي العض الت»‪ ،‬و«الممرض ة»‬
‫و«الثري» و«الراقصة» و«البواب» و«البوسطجي» و"الشرطي"‪.‬‬

‫جدا من فصل واحد‪ ،‬تتميز بإيقاعها السريع‪ .‬ونهايتها قابلة‬


‫مسرحية (الغريب) قصيرة ً‬
‫للتأويل بأكثر من طريقة‪ .‬وهي مناقشة لفكرة الوحدة البشرية‪ ،‬وكيف يسعى اإلنسان للبحث عن‬
‫وهمي ا ليعيش‬
‫ً‬ ‫شخص ا‬
‫ً‬ ‫وحيدا‪ ،‬حتى لو كانت النتيجة أن يخترع‬
‫ً‬ ‫شخص يشاركه حياته عندما يكون‬
‫معه‪.‬‬

‫وأحداث المسرحية سرعان ما تؤثر في المتلقّي‪ .‬وتستثير فيه وحدة المرأة التي تعيش‬
‫وحدها‪ ،‬ومدى احتياجها للونس حتى لو من غريب‪ .‬تدور األحداث حول موظفة ترجع إلى بيتها‬
‫غريب ا ال تعرف ه‪ ،‬ورد الفع ل الط بيعي أن ه ذه الس يدة س تخاف وتص رخ من ه ذا‬
‫ً‬ ‫شخص ا‬
‫ً‬ ‫لتج د‬
‫مؤلم ا حقًّا‪ ،‬وه و خوفه ا أن يبتع د ه ذا‬
‫الش خص الغ ريب‪ ،‬إال أن رد الفع ل ال ذي ح دث ك ان ً‬
‫(الغريب) عنها‪ ،‬حتى لبرهة‪ ،‬مثل دخولها المطبخ وخروجها‪ .‬أما شخصيات مسرحية «الغريب»‬
‫فهي «الغريب» والسيدة وضابط الشرطة والممرضان‪.‬‬

‫() (مسرحية) الشخص‪ ،‬ص‪ ،179-178 :‬انظر‪ :‬عبدهللا أبو هيف‪" ،‬المسرح العربي المعاصر‪ ،‬قضايا ورؤى‬ ‫‪1‬‬

‫وتجارب"‪ ،‬مجلة الكاتب العربي‪ ،‬دمشق‪ ،‬عدد ‪ ،)2001( ،53‬منشورات اتحاد الكتاب العرب‪ ،‬دمشق‪( ،‬‬
‫‪ .)2002‬ص‪114 :‬‬

‫‪96‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫وال تف ترق التس مية في مس رحية «العين الس حرية» عن ع دم تس ميته وك أن التس مية هن ا‬
‫تعين ص احبه بعالم ات‬
‫عالم ة أو رم ز‪ ،‬مث ل «حس ن» و«حس نين» «وشلض م»‪ ،‬ألن التس مية ال ّ‬
‫فارق ة كالنس ب والماض ي والهيئ ة والتك وين الخ اص‪..‬الخ‪ ،‬لتنتهي المس رحية إلى تأم ل بعض‬
‫الشروط اإلنسانية القاهرة‪ ،‬في مآل المسرحية‪:‬‬

‫"حس(ين‪ :‬أن ا حس ين حس ين المح امي‪ ،‬أث ريت من حس ن ال دفاع عن ج رائم شخص ية‪ ،‬أعلم‬ ‫‪-‬‬
‫علي ش رفي وكبري ائي بفك رة ال دفاع عن‬
‫أس بابها االجتماعي ة وأس خط عليه ا‪ ،‬ويلح َّ‬
‫اإلصالح وحل التناقضات االجتماعية‪..‬‬
‫أنفي الفكرة المفزعة التي تالحقني من أيام الصبا والدراسة‪ ..‬الفكرة تقتحمني‪ ..‬فتسخر‬ ‫‪-‬‬
‫منه ا نفس ي وتق ول‪ :‬أنت كالبكتري ا ال تحي ا وال تس من إال في الج روح فكي ف ت داوى أنت‬
‫الجروح؟! أحس بغربة قاسية وهذا جنوني‪..‬‬
‫حس((ن‪ :‬أن ا حس ن حس ن‪ ،‬الممث ل‪ ،‬النجم الس ينمائي‪ ..‬في ص باي ت دربت على أداء األدوار‬ ‫‪-‬‬
‫رابا من الكلم ات الش ريفة‪ ..‬الي وم ألهث وراءة الكلم ات‬‫التمثيلي ة المجي دة‪ ،‬وأطلقت أس ً‬
‫المزيف ة‪ .‬أن افق التفاه ة والغب اء وال ثراء‪ .‬ألف ق للجمه ور في ك ل ي وم قص ة‪ ،‬بينم ا ال أعب أ‬
‫باالستماع إلى قصة كومبارس حقيقية وأليمة‪ ،‬وأنكرها‪.‬‬
‫الناس في الشارع وجوههم ناطقة تقول وتحكي‪ ،‬ولكني أحيا حياتي بوجه يلفقه الماكياج‪..‬‬ ‫‪-‬‬
‫(‪)1‬‬
‫أعمى وأبكم وأصم‪ ..‬وأحس بقلق يدمرني‪ .‬وهذا جنوني»‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬صور النضال والكفاح في (النار والزيتون)‪:‬‬


‫ً‬
‫في مسرحيته (النار والزيتون)‪ ،‬اعتنى (ألفريد) بالصورة والرمز بشكل جميل‪ .‬فالعنوان‬
‫نفس ه في ه إش ارة إلى أن الزيت ون وق ود للن ار‪ ،‬س واء أك ان باش تعال حطب الزيت ون‪ ،‬أم في ص ِّ‬
‫ب‬
‫ال زيت على الن ار الس تمرارية االش تعال والض وء‪ .‬ه ذه المس رحية ال تي كتبت للقض ية الفلس طينية‬
‫ترمز إلى أن الثورة في فلسطين تحارب من أجل السالم‪ ،‬وهي ثورة باقية ألنها تمثل حب الوطن‬
‫ُّ‬
‫والتجذر‬ ‫ولوعة الشباب الملتهب‪ .‬وفي صورة (الزيتون) دالالت كثيرة‪ ،‬منها االرتباط باألرض‬
‫المعمر‪ .‬ه ذه دالالت ترتب ط ب الحواس‬
‫ِّ‬ ‫في أعماقه ا‪ ،‬وط ول عم ر الث ورة كعم ر ش جر الزيت ون‬

‫() مسرحية (العين السحرية)‪ ،‬ص‪ ،141-140 :‬عبدهللا أبو هيف‪" ،‬المسرح العربي المعاصر‪ ،‬قضايا ورؤى‬ ‫‪1‬‬

‫وتجارب"‪ ،‬مجلة الكاتب العربي‪ ،‬دمشق‪ ،‬عدد ‪ ،)2001( ،53‬منشورات اتحاد الكتاب العرب‪ ،‬دمشق‪( ،‬‬
‫‪.)2002‬‬

‫‪97‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫وال ذوق ال ذي يتض من القب ول والنف ور والمتع ة والت أفف واإلق دام واإلحج ام‪ ،‬أي أن ال ذوق حرك ة‬
‫دورا إيجابيًّا(‪.)1‬‬
‫ديناميكية فاعلة التأثير والتأثر بمواقف الحياة التي يلعب الجمال فيها ً‬
‫وفي مواضع أخرى من المسرحية يزيد (فرج) من توتر المشاهد باستدعائه شخصيات‬
‫زعم اء الص هيونية إلى المس رح أمث ال‪( :‬رفائي ل بات اي‪ ،‬ه يرتزل‪ ،‬رابيت‪ ،‬بيجين‪ ،‬دي ان) حيث‬
‫يكش ف عن انتم ائهم لالس تعمار األوروبي‪ ،‬وخططهم الالنهائي ة وحرص هم أن تك ون إس رائيل بال‬
‫حدود‪.‬‬

‫هذه الشخصيات مثلها قائالً‪:‬‬

‫رابين‪ :‬إن إسرائيل ترتكب غلطة تاريخية‪ ،‬لو تخلت عن المكاسب اإلقليمية التي حققتها‬ ‫‪-‬‬
‫في حرب يونيو ض د ال دول العربي ة‪ ،‬فقد وصلنا إلى خطوط عس كرية مثالي ة‪ ،‬تعت بر في‬
‫الوقت الحاضر أهم ما حققناه‪.‬‬
‫بيجين‪ :‬إسرائيل يجب أن تضم بقية أرض فلسطين والضفة الشرقية لألردن‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫حدودا نهائية اآلن(‪.)2‬‬
‫ً‬ ‫ديان‪ :‬ال نريد‬ ‫‪-‬‬

‫فيالح ظ المتلقي في ه ذا المقط ع أن ه ذه الص ور المعروض ة هي مجموع ة خط ط‬


‫اس تراتيجية للمؤسس ة العس كرية اإلس رائيلية‪ ،‬اعتم د (ف رج) في عرض ها على تقني ة المس رح‬
‫التس جيلي من خالل اس تدعاء الشخص يات بأس مائها الحقيقي ة‪ ،‬كي يق ترب أك ثر من الواق ع‪ ،‬ومن‬
‫وتركيزا‪ ،‬ليأخذ موقفًا قويًّا من االحتالل(‪.)3‬‬
‫ً‬ ‫وعيا‬
‫ظا وأكثر ً‬
‫المتلقي فيجعله يق ً‬
‫لق د جع ل (ف رج) العالق ة بين المتلقي والنص المس رحي عالق ة قائم ة على األث ر الن اتج‬
‫عن مكون ات النص والص ورة في تفاعلي ة الق ارئ والمتلقي معه ا‪ ،‬وعلى الفع ل الن اتج من ج راء‬
‫القراءة‪ ،‬واالنعكاس الجمالي الذي تخلفه المعاني والدالالت واألثر النفسي والسلوكي المتولد من‬
‫القراءة‪ ،‬فالنص والصورة ال يتحقق وجودهما إال من خالل االتصال مع المتلقي(‪.)4‬‬

‫القائد‪ :‬بنسأل أنفسنا وبنقول‪ :‬ليش بنحارب يا شباب؟‬ ‫‪-‬‬


‫ألننا أعداء اليهودية؟ ألننا إرهابيون أو دمويون؟‬ ‫‪-‬‬
‫إحنا بنحارب يا إخوة ألننا فلسطينيون‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫(( محمود بسيوني‪" ،‬تربية الذوق الجمالي"‪ ،‬دار المعارف ‪ ،‬القاهرة‪ ،)1986( ،‬ص‪.49 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() (النار والزيتون)‪ ،‬ص‪.27-26 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫(( عبدهللا أبو هيف‪" ،‬المسرح العربي المعاصر‪ "...‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫(( المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪98‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫إحنا مش إنجليز أو بولونيين‪ ،‬إحنا مش أمريكان أو كنديين‪ ،‬إحنا فلسطينيين‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫وين فلس((طين ي((ا أبن((اء فلس((طين؟ وين بالدن ا؟ وين وطن ا؟ ك ل إنس ان بالع الم أل ة الح ق‬ ‫‪-‬‬
‫بالوطن‪.‬‬
‫إيمانن ((ا في فلس ((طين ح ((رة‪ ،‬فلس طين ديمقراطي ة‪ ،‬فلس طين متع ددة ال ديانات‪ ،‬وج زء من‬ ‫‪-‬‬
‫العالم‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫فلسطين عادلة تقدمية‪ ،‬فلسطين إنسانية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫في هذا المقطع يحرص (فرج) على إيصال رسالة الشعب الفلسطيني للعالم‪ ،‬بلغة بسيطة‬
‫وواضحة‪ ،‬ترسل للعالم رسالة محبة وطمأنينة‪ ،‬والتي هي عنوان (الزيتون) في فلسطين‪.‬‬

‫وعن طريق االستدعاء الدرامي للضابط (مناحم بيجين) وهو يعرف عن نفسه‪ ،‬وهي من‬
‫سمات المسرح السياسي‪ ،‬بأن تعرف الشخصية نفسها للمشاهدين‪ ،‬يكشف الكاتب مظاهر الفزع‬
‫والهلع الذي أصاب العرب‪.‬‬

‫(مخاطب ا الجمه ور بن برة ش اهد هادئ ة)‪ :‬أن ا من احيم بيجين رئيس األرج ون س ابقًا‪،‬‬
‫ً‬ ‫الض((ابط‬ ‫‪-‬‬
‫س يطر الرعب على عرب إسرائيل نتيج ة لمذبح ة دير ياس ين‪ ،‬وفي أنح اء البالد بدأ العرب‬
‫هلع ا قبل االصطدام بالقوات اليهودية‪ ،‬ال بسبب ما حدث في دين ياسين فحسب‪ ،‬بل‬ ‫يفرون ً‬
‫لم ا حب ك ح ول دي ر ياس ين من دعاي ة س اعدتنا على أن نش ق طريقن ا إلى مع ارك أخ رى في‬
‫الميدان(‪.)2‬‬

‫وفي مش اهد أخ رى من المس رحية يق دم (ف رج) األح داث الدرامي ة في مش كلة الالج ئين‬
‫الفلسطينين‪ ،‬ويحرص على عرض صور التهجير القسري والمعاناة التي القوها‪.‬‬

‫سلمى‪ :‬أنا العائدة الفلسطينية سلمى‪ ،‬من معسكر البريج‪..‬‬ ‫‪-‬‬


‫ض لينا في الص حراء بال مئون ة‪ ،‬بال مي‪ ،‬ال يجاوبن ا غ ير ص دى ص يحاتنا‪ ،‬وع رب وة في‬ ‫‪-‬‬
‫الطريق سقطت أمي منهوكة‪ ،‬قالت ألبوي‪ :‬اتركني على ها التل وانقذ البنية"‪ ،‬قال أبوي‪ :‬ما‬
‫أتركك يا أم أوالدي(‪.)3‬‬

‫في هذا المشهد يقف المتلقي أمام صور كثيرة ترسمها صرخة هذه الفتاة (سلمى)‪ ،‬فهو‬
‫يستشعر الضعف والعجز أمام خذالن العالم‪ .‬فلم تكن هذه الصرخة سوى محاولة يلجأ لها الكاتب‬

‫(( (النار والزيتون)‪ ،‬ص‪.30-28 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫(( (النار والزيتون)‪ ،‬ص‪.47-46 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫(( (النار والزيتون)‪ :‬ص ‪.62-61‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪99‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫إليق اظ التفاع ل بين المس رح والمتلقي‪ ،‬وك أن (س لمى) ه ذه هي ك ل فت اة في القاع ة تستص رخ من‬
‫يسمعون‪.‬‬

‫إن ص ور (ف رج) في ه ذه المق اطع الحماس ية في (الن ار والزيت ون) تس تفز المتلقي ليتخ ذ‬
‫رفيع ا‬
‫تناسجا ً‬‫ً‬ ‫رفض ا للممارسات الصهيونية‪ ،‬حيث إن الوعي العقلي والتوتر االنفعالي يتناسجان‬
‫ً‬
‫في مس ار ج دلي ب الغ الحيوي ة والت دفق‪ ،‬بحيث يص بح الج انب التس جيلي في المس رحية غنائيًّا‪،‬‬
‫ويصبح الجانب الغنائي تسجيليًّا‪ ،‬وبحيث تصبح األفكار والحقائق وقائع وأحداثًا متوترة‪ ،‬وتصبح‬
‫أفكارا وحقائق‪ .‬فهو نسيج مسرحي فريد بالغ الرهافة وال يتوقف عن النبض‬ ‫ً‬ ‫الوقائع واألحداث‬
‫الدرامي‪ ،‬في الوقت الذي ال ينقطع عن التوعية العقلية(‪.)1‬‬

‫ولنتأمل هذا المشهد‪:‬‬

‫الش((باب‪ :2‬أدانت المحكم ة القتل ة بالقت ل العم د‪ ،‬رغم ض غط الحكوم ة العنص رية‪ ،‬وه ذه‬ ‫‪-‬‬
‫األحكام‪:‬‬
‫مواطنا مع الترصد‪ ،‬مذنب‪ ،‬السجن ‪17‬‬
‫ً‬ ‫الشاب‪ :1‬شموئيل ملينكي مأجور‪ ،‬متهم بقتل ‪43‬‬ ‫‪-‬‬
‫س نة‪ ،‬يس تأنف الحكم في المحكم ة العس كرية العلي ا‪ ،‬تخفض إلى الس جن ‪ 14‬س نة‪ .‬رئيس‬
‫أركان الجيش‪ :‬يخفض الحكم إلى السجن ‪ 10‬سنوات‪ .‬رئيس الدولة‪ :‬يخفضه إلى السجن‬
‫‪ 5‬سنوات‪ ،‬لجنة إطالق سراح المسجونين تخفض ثلث المدة‪ ...‬الخ(‪.)2‬‬

‫دورا ف اعالً في ملء فراغ ات الص ورة‪ ،‬فه ذه المحاكم ة‬


‫في ه ذا المش هد ي ؤدي المتلقي ً‬
‫هزلي ة تث ير الفك ر‪ ،‬وتأخ ذ ب ه نح و الظلم الص هيوني‪ ،‬فكي ف يك ون الس فاح بطالً وطنيًّا؟ ولم اذا‬
‫يحصل القاتل في دولة الصهاينة على أعلى الرتب والنياشين؟‬

‫ثام ًنا‪ :‬مزج الصور التراثية( بالواقع المعاصر‪:‬‬


‫رحيب ا لألص الة ووعي ال ذات القومي ة‪،‬‬
‫ً‬ ‫نظ ر (ف رج) إلى ص ورة ال تراث فوج دها مج ااًل‬
‫فاستعمل السرد الشهرزادي في عدة مسرحيات‪ ،‬إذ زاوج ألول مرة في مسرحية «حالق بغداد»‬
‫بين حكايات من «ألف ليل ة وليلة» وإ حدى قصص الجاحظ في كتابه «المحاس ن واألضداد»‪ ،‬ثم‬
‫اس توحى مس رحية «على جن اح الت بريزي» من حكاي ات ثالث من اللي الي‪ ،‬هي حكاي ة المائ دة‬
‫الوهمية وحكاية الجراب وحكاية معروف اإلسكافي‪ ،‬وبنى مسرحيته القصيرة «بقبق الكسالن»‬

‫() محمود أمين العالم‪" )،‬الوجه والقناع في مسرحنا العربي المعاصر"‪ ،‬دار اآلداب‪ ،‬ط ‪ ،1‬بيروت‪،)1973( ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪.253 :‬‬
‫(( ألفريد فرج ‪(:‬النار والزيتون)‪ :‬ص‪.121 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪100‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫من فضاء حكائية الليالي‪ ،‬وتأثر في مسرحيته «رسائل قاضي إشبيلية» بحكائية الليالي وحوافزها‬
‫الس ردية الواقعي ة الممتزج ة بالفنتازي ا‪ .‬وك انت آخ ر مس رحياته «الطيب والش رير والجميل ة»‬
‫مستوحاة من إحدى حكايات الليالي أيضًا‪.‬‬

‫ويالحظ أن اشتغال (فرج) على التراث موصوف بالطوابع التالية‪:‬‬

‫ـ التص رف في البني ة الحكائي ة على س بيل الت أثر النفس ي وال ذهني‪ ،‬فال يع اد المتن الحك ائي في‬
‫الحكايات المستلهمة‪ ،‬بل يستعاد نسقها في الفضاء السردي وعالقاته الجمالية والداللية‪ ،‬وتبدو‬
‫مسرحيتا «حالق بغداد» و«على جناح التبريزي» مث ااًل لهذا التصرف الذي يوائم في األولى‬
‫بين حكايات من الليالي ومن العرض األدبي الجاحظي‪.‬‬

‫دارا للنق د والتأم ل‬


‫ـ ال نزوع النق دي والتعليمي في اس تعادة ال تراث الس ردي‪ ،‬فتص بح المس رحية م ً‬
‫النق دي ألفك ار األرض والعق اب والس وق في مس رحية «رس ائل قاض ي إش بيلية»‪ ،‬بينم ا تلح‬
‫المسرحية على التعليم وتقدير العمل والعطاء‪ ،‬وهو ما توجزه نبرة الختام في مسرحية «بقبق‬
‫الكسالن»‪ ،‬وكأنه صوت الجوقة‪:‬‬

‫الجميع‪( :‬يتقدمون ناحية الجمهور) رأيتم بأنفسكم أيها السادة هذه الصورة التي صاغها‬ ‫‪-‬‬
‫المؤلف الشعبي العظيم في ألف ليلة وليلة منذ ألف سنة‪ .‬ومغزاها أن أحالم اليقظة تحطم‬
‫النفس كما حطمت األباريق‪ .‬وأن الكسالن يعوض فشله وقلة الحيلة‪ ،‬وأن الحياة والرخاء‬
‫والسعادة أبناء العمل ال األحالم‪ .‬ونشكركم»(‪.)1‬‬

‫تثميرا لقابليات حكايات‬


‫ً‬ ‫الصوغ على نسق حكائية الليالي دون االلتزام بالبنية السردية‬
‫اللي الي ال ثرة‪ ،‬والس يما ال دوران في ش كل التحف يز الحك ائي وخصائص ه التخييلي ة مث ل منطقه ا‬
‫الخ اص وتداخل ه الم دهش بين الواق ع والفنط زة‪ ،‬فال تخفي الغرائبي ة أو العجائبي ة معقوليته ا‬
‫الخاص ة‪ ،‬كم ا في مس رحية «الطيب والش رير والجميل ة» ال تي تمتح من معين حكائي ة اللي الي‬
‫والش ر‪ ،‬وقد كشف فرج‬
‫سيرورة تقليدية لمعاينة فكرة الصراع الرئيسة في المسرحية بين الخير ّ‬
‫عن أس لوبية مث ل ه ذا االس تلهام في افتتاحي ة المغ ني في المش هد األول من الفص ل األول ال ذي‬
‫يحمل عنوان «دكان الحالق» بقوله‪:‬‬

‫نموذجا"‪ ،‬ص‪.216 :‬‬


‫ً‬ ‫(( "المسرح سبيالً لوعي الذات‪ ،‬إبداع ألفريد فرج‬ ‫‪1‬‬

‫‪101‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫المغ((ني‪ :‬ك ل جي ل كتب حكاي ات أل ف ليل ة وليل ة على ه واه‪ ..‬أل ف ليل ة هي ه ذه وتل ك من‬ ‫‪-‬‬
‫الحكايات‪ ..‬ألف ليلة هي صيغة تروى بها الحكايات‪ ..‬كل جيل روى بهذه الصيغة حكايات‬
‫جيل ه على مقتض ى احتياجات ه األخالقي ة والروحي ة‪ ،‬واس تخلص منه ا الحكم ة ال تي يري دها‬
‫ويطلبها‪ ..‬ألف ليلة سفينة أحالم ركبها الناس من كل األجيال‪ ..‬وكل من ركب فيها حملته‬
‫إلى م ا يري د من البل دان‪ ..‬فق د ذهبت ب الراكبين إلى ك ل زم ان ومك ان وعلى ك ل المقام ات‬
‫الموس يقية وبك ل األلح ان (موس يقى مص احبة)‪ ،‬ول و ك ان األج داد يكتب ون النوت ة الموس يقية‪،‬‬
‫وي دونون الموس يقى بالنق ط كم ا نفع ل الي وم‪ ..‬لك انوا ق د كتب وا حكاي ات أل ف ليل ة وليل ة على‬
‫أوراق الموسيقى المسطرة بالخطوط الخمسة كل سطر‪ ،‬كما تكتب األوبريتات والمسرحيات‬
‫دائم ا بالصور واألشعار واألغاني والرقصات التي غناها‬ ‫الغنائية‪ ،‬فحكايات ألف ليلة مزينة ً‬
‫دائم ا لمس تمعيه‪ ،‬ليج ذبهم لل دخول من أب واب الخي ال والتص ور إلى الع الم‬
‫وخيله ا ال راوي ً‬
‫ّ‬
‫الجميل الساحر أللف ليلة وليلة‪ ..‬وسنبدأ حكايتنا كما كانت تبدأ القصيدة العربية في الزمن‬
‫الخ الي باإلنش اد للحب والغ زل‪ ..‬فنق ول‪ :‬ه ذه هي الليل ة الس ابعة والعش رون بع د التس عمائة‪..‬‬
‫فاضرب الوتر»(‪.)1‬‬

‫وثمة تجربة فريدة في استلهام صورة التراث الشعبي في مسرحية «الزير سالم» تتبدى‬
‫في إعمال الخيال انطالقً ا من الحكايات التراثية المنقولة عن الراوي الشعبي المجهول‪ ،‬فيوجز‬
‫انتظام ا في تعلي ل‬
‫ً‬ ‫هج رس القص د في المش هد األخ ير الذي ك انت المسرحية مسوغ البني ة برمته ا‬
‫الحوافز وإ شباعها بدالالت التجربة‪:‬‬

‫أيضا في إعصارها الدوار‪ .‬أين الفكاك من ال دم؟‬


‫هجرس‪ :‬وهكذا تدور اللعبة فتشملني أنا ً‬ ‫‪-‬‬
‫برئي ا من ك ّل ذنب‪ .‬ص افي النفس نظي ف الي د‪ ،‬ب دافع الش رف‪،‬‬
‫هاأن ذا أتق دم إلى الع رش ً‬
‫مزمع ا أن أتجنب التل وث جه د ط اقتي‪،‬‬
‫ً‬ ‫ورغم تح ذيرات الش رف‪ ،‬ألجلس ف وق المس تنقع‬
‫وأن ا غ ير متأك د أني أس تطيع‪ .‬وق اني اهلل ارت داد بص ركم أن ي دفعني‪ .‬أن يزج ني في أي ام‬
‫مقبلة‪ ..‬اللهم اجعلني رحمة وال تجعلني لعنة على قومي»(‪.)2‬‬

‫تاسعا‪ :‬رمزية حالق بغداد‪:‬‬


‫ً‬
‫تحت ت أثير م ا عان اه (ألفري د ف رج) فى المعتقالت ال تى تنق ل بينه ا كتب خل ف القض بان‬
‫مسرحية »حالق بغداد« التى قدمت على المسرح القومى فى ‪ ،1964‬وأعيد تقديمها عدة مرات‬

‫(( ألفريد فرج‪ :‬مسرحية"الزير سالم " ص‪22‬‬ ‫‪1‬‬

‫نموذجا"‪ ،‬ص‪217 :‬‬


‫ً‬ ‫(( "المسرح سبيالً لوعي الذات‪ ،‬إبداع ألفريد فرج‬ ‫‪2‬‬

‫‪102‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫فى الق اهرة وبعض األقط ار العربي ة‪ ،‬وطبعت فى كت اب س بع طبع ات‪ ،‬وك ان له ا م ع غيره ا من‬
‫مسرحيات ألفريد فرج تأثيرها فى مسارح بعض األقطار فى المشرق والمغرب‪ ،‬و»حالق بغ داد«‬
‫كوميديا من فصلين تربط بينها شخصية الحالق المغلوب على أمره‪.‬‬

‫أيضا‪ ،‬ويحتاج إلى األمن واألمان وأن يكفله‬


‫وهذا يرمز إلى الشعب المغلوب على أمره ً‬
‫ولي األمر أو السلطان أو الحاكم‪ .‬ممثل للشعب الذى ال يرى سبيال لحمايته وحماية الشعب من‬
‫المحن التى يتعرض لها‪ ،‬غير منديل األمان الذى يعطيه الخليفة لكل فرد من أفراد الشعب مهما‬
‫ك ان ع دده‪ .‬ومن ديل األم ان ه و الرم ز أو المقاب ل الق ديم للديمقراطي ة فى العص ر الح ديث‪ .‬وق د‬
‫حافظت عليه حتى خرج زوجها من المعتقل وعاد إلى بيته‪.‬‬

‫وق د ال يع رف أح د الي وم إن »حالق بغ داد« ُمثلت فى معتق ل الواح ات على مس رح‬


‫حجرى من إنشاء المعتقلين‪ ،‬ولهذا تمنى ألفريد فرج أن يعاد بناء هذا المسرح الذى‬

‫إحياء لذكرى‬
‫ً‬ ‫تهدم وتحول إلى سوق كبيرة‪ ،‬وأن يطلق عليه اسم مسرح »حالق بغداد«‬
‫(‪)1‬‬
‫أول عرض لهذه المسرحية التى غدت من كالسيكيات المسرح المصري‪.‬‬

‫() "خمس سنوات على رحيل جوهرة المسرح ألفريد فرج"‪ ،‬مقال إلكتروني منشور بجريدة (المصري‬ ‫‪1‬‬

‫اليوم)‪ ،‬بتاريخ‪https://www.almasryalyoum.com/news/details/102322 ،23/12/2010 :‬‬


‫ا ُّ‬
‫طلع عليه بتاريخ‪10/7/2021 :‬م‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫المبحث الثاني‬
‫المعجم المسرحي عند (فرج)‬
‫ينتظ ر المتلقي من المس رحية ال تي يش اهدها ص ورة ص افية نقي ة واض حة المع الم‬
‫واألحداث‪ ،‬وينظر إلى شخصياتها على أنها آتية من الواقع حتى لو كانت شخصيات تاريخية أو‬
‫تراثي ة‪ ،‬إذ إن له ذه الشخص يات إرادة وعواط ف مثل ه‪ ،‬إال أنه ا دائم ة الحرك ة والحري ة أك ثر من‬
‫مدى بعيد يمكن أن تذهب عواطفه وأحاسيسه‬
‫عالمه‪ .‬فهدف المسرح إذن أن يبين لإلنسان إلى أي ً‬
‫من الحب والغضب والخوف والمرح والضحك(‪.)1‬‬

‫ف األمر إذن يحت اج إلى لغ ة يمكنه ا أن تتعام ل م ع الرم وز وتتعم ق وت دخل إلى المع اني‬
‫وترتف ع إلى مس توى إيق اع الحي اة بس رعتها وتراكيبه ا‪ ،‬وه ذا م ا ال يمكن أن ينهي ب ه غ ير لغ ة‬
‫تأثيرا في‬
‫المسرح‪ ،‬تلك اللغة التي تشتمل على األلفاظ والمشاعر‪ ،‬ويوظفها الكاتب لتكون أكثر ً‬
‫النفس البشرية‪ ،‬ألنها ليست مجرد كلمات‪ ،‬وإ نما تتجاوز ذلك للوصول إلى تأثير تلك الكلمات‪،‬‬
‫وتأكيدا على الشخص ية‪ ،‬وتعميق جانب المشاعر واألحاسيس يضيف‬ ‫ً‬ ‫تصويرا للفع ل‬
‫ً‬ ‫التي كانت‬
‫تأكيدا على‬
‫ً‬ ‫عيب ا وإ نما‬
‫لها صورة شاعرية تغطي على الفعل في كثير من األحيان‪ ،‬لكن هذا ليس ً‬
‫نظرية (أرسطو) التي تبرز في ثناياها أسبقية الفعل في الدراما وصياغته في صورة واحدة تجم ع‬
‫م ا بين الطاق ة االنفعالي ة والطاق ة التأملي ة الفكري ة وت تيح للشخص ية المس رحية فرص ة التعب ير عن‬
‫(‪)2‬‬
‫فكر وبيئة وثقافة منفردة ويتحقق ذلك عبر سياق يجسد هوية كل شخصية في النسيج الدرامي‪.‬‬

‫مطلوب ا فيه ا أن تك ون ش اعرية ب أوزان الش عر وقوافي ه‪ ،‬ولكن يكفي أن‬


‫ً‬ ‫واللغ ة هن ا ليس‬
‫تك ون لغ ة تلمس الوج دان مهمته ا األساس ية هي تن اول ق وانين الحي اة اإلنس انية ووض ع ي دها على‬
‫أعمق الحقائق في حياة اإلنسان‪.‬‬

‫تتفاعل الشاعرية مع األحداث والشخصيات والمواقف بقدر ما يتيح لها دورها الفرصة‬
‫لكي تتالشى في بعض األحيان عندما تطغى عليها القضية الفكرية(‪.)3‬‬

‫( ( عبدالعزيز برهام‪" ،‬المسرح الفرنسي المعاصر"‪ ،‬الدار القومية للطباعة والنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،)1964( ،‬ص‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.270‬‬
‫() أبو الحسن سالم‪" ،‬مقدمة في نظرية المسرح الشعري"‪ ،‬دار الوفاء للطباعة والنشر‪،‬القاهرة ‪،)2006( ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص‪.43-42 :‬‬
‫(( نبيل راغب‪" ،‬لغة المسرح عند ألفريد فرج"‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،)1986( ،‬ص‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪.125‬‬

‫‪104‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫وال شك أن الحوار هنا هو أهم العناصر في حمل المعاني والتعبير عن الوقائع وتنمية‬
‫األحداث ورسم الشخصيات‪ ،‬وإ ن المبدع الحق هو من يقدم لنا عمله المسرحي من خالل الحوار‪.‬‬

‫الح وار في المس رحية ه و جه د الك اتب األساس ي ال ذي يح رك ب ه األح داث وينمي‬
‫(‪)1‬‬
‫ألن المس رحي حين يب دع عمالً فه و ال يلقي‬ ‫الشخص يات ويع رض القض ايا وين اقش األفك ار‪،‬‬
‫بكالم ه هك ذا على عواهن ه‪ ،‬ب ل إن هن اك مع ايير معين ة يعم ل وفقً ا له ا‪ ،‬تل ك المع ايير ال تي يطلق‬
‫(سر الصنعة)‪ ،‬أي أنه يقوم بشكل تلقائي بعملية تقويم مستمرة لعناصر عمله وهو يعمل(‪.)2‬‬
‫عليها ُّ‬

‫أوالً‪ :‬تجديد لغة المسرح عند (فرج)‪:‬‬


‫شكلت اللغة إحدى معضالت التأليف المسرحي لدى جيل (فرج)‪ ،‬غير أنه حسم خياره‬
‫وعد هذا الخيار عالمة تأصيل تنفع في تعضيد الهوية‬
‫باتجاه الكتابة بالفصحى أو بلغة مفصحة‪ّ ،‬‬
‫القومية في األدب؛ ثم جاوز هذا االنشغال إلى تثمير الفصحى أو المفصحة في مسعاه اإلبداعي‪،‬‬
‫فاللغ ة حاج ة فكري ة وفني ة‪ ،‬وليس ت مج رد زين ة أو ال تزام خ ارجي‪ ،‬فع ني ف رج بمواءم ة اللغ ة‬
‫لطبيعة المسرحية في نوعيتها‪ ،‬تاريخية أم سياسية أم تسجيلية أم مأساوية أم تجريبية‪..‬إلخ‪ ،‬وفي‬
‫خطاب شخوصها وبيئاتهم‪...‬الخ‪ ،‬ولعله صدر في ذلك الخيار أو االحتياج الفكري والفني عن فهم‬
‫اللغ ة في العم ل المس رحي تواض ًعا متفقً ا علي ه‪ ،‬ال نقالً عن واق ع‪ ،‬ألنن ا نج د في الفن محاك اة‬
‫صريحة ومباشرة للواقع أو استغراقًا في اتجاهات حداثية وسواها ال نصف الواقع أو ننقل عنه‪،‬‬
‫خاصا هو مجتمع المسرحية‪ ،‬فاستفادت اللغة من نصوص‬ ‫ً‬ ‫مجتمعا‬
‫ً‬ ‫بل نعيد إنتاج عالئقه‪ ،‬نصوغ‬
‫األدب المصري القديم في مسرحية «سقوط فرعون»‪ ،‬وهي لغة تقارب الشعر في مواقع كثيرة‪،‬‬
‫وت ألقت اللغ ة األدبي ة ال تي تس تفيد من فخام ة ال تراث األدبي الع ربي الق ديم في مس رحيات متع ددة‬
‫مث ل «على جن اح الت بريزي» و«الزي ر س الم» و«س ليمان الحل بي» و«رس ائل قاض ي إش بيلية»‬
‫(‪3(.‬‬
‫و«الطيب والشرير والجميلة»‪ ،‬فطاغت اللغة الفصحى لحاجات المسرح‬

‫‪   ‬إن (ألفريد فرج) صاحب فضل فى كسر الحاجز اللغوى بين الفصحى والعامية ألنه‬
‫حقيقي ا فى‬
‫ً‬ ‫جهدا‬
‫كان ال يرى فواصل حقيقية بين مستوى اللغة الفصحى واللغة المنطوقة‪ ،‬وبذل ً‬
‫نقديا واسع النطاق لحيويتها‬
‫ردم الهوة بينهما فى أعماله‪ .‬وقد أثارت لغة‪ ‬المسرح‪ ‬عنده اهتماما ً‬

‫(( مصري عبدالحميد حنورة‪" ،‬األسس الفنية لإلبداع الفني في الشعر المسرحي"‪ ،‬الهيئة المصرية العامة‬ ‫‪1‬‬

‫للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،)1986( ،‬ص‪.34 :‬‬


‫(( المرجع السابق‪ ،‬ص‪.35-34 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫(( عبدهللا أبو هيف‪" ،‬قضايا ورؤى وتجارب"‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب العرب‪ ،‬مجلة «الكاتب العربي»‬ ‫‪3‬‬

‫(دمشق)‪ ،‬ع‪ ،)2001( ،53‬ص‪.120-118 :‬‬

‫‪105‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫الشديدة وخروجها على اللغة الشبيهة بلغة المقال التى استخدمها كثير من أسالفه‪ ،‬كما أن‪ ‬ألفريد‬
‫ف رج‪ ‬ك ان ي ؤمن بض رورة أن تس هم اللغ ة فى رس م ص ورة "بص رية" للنص انطالق اً من إيمان ه‬
‫بأن‪ ‬المسرح‪" ‬فكر وفرجة"(‪.)1‬‬

‫وربم ا ال يالح ظ الق ارئ أو المش اهد لمس رحيات (ألفري د ف رج) طبيع ة اللغ ة ال تي‬
‫اس تخدمها في س رد أح داث مس رحياته‪ ،‬وال يختل ف النق اد ح ول لغ ة (ف رج) المس رحية السلس ة‬
‫والسهلة حتى لو كانت من اللغة الفصحى‪ ،‬فقد وظفها بشكل مستساغ يصل إلى مختلف الجماهير‬
‫بسهولة ويسر‪.‬‬

‫وه ذه السالس ة والس هولة هي م ا تجع ل الق ارئ أو المش اهد ال ي درك ماهي ة اللغ ة‬
‫المس تخدمة ويغيب عن ه التمحيص والت دقيق فيه ا‪ ،‬فهي تم ُّر على عقل ه ووجدان ه م رور الكالم‬
‫الطبيعي الذي يدور على أذنيه في كل حدث من أحداث حياته المجتمعية‪ .‬فـمسرح (فرج) جمع‬
‫بين العامي ة المتداول ة والفص حى الس هلة البس يطة والفص حى التاريخي ة‪ ،‬والش عبية الخيالي ة ال تي‬
‫تحاكي سرديات (ألف ليلة وليلة)‪ ،‬واللغة الشعرية الغزلية التي تحاكي المصرية القديمة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬لغته المسرحية‪:‬‬


‫ً‬
‫ك انت المدرس ة ال تى نش أ فيه ا جي ل (ألفري د ف رج) تحيط ه بثقاف ة واس عة‪ ،‬وإ لى ج انب‬
‫ال دروس ك ان هن اك حض على االس تمتاع ب"الق راءة الح رة" فى كتب توزعه ا ال وزارة على‬
‫التالميذ من مؤلفات طه حسين وتوفيق الحكيم وعباس العقاد وعلى الجارم ومحمد فريد أبو حديد‬
‫ومحمود تيمور‪ ،‬وفى هذه القراءة الحرة كان (ألفريد) مع جيله يعيش العصر ويعتاد قراءة األدب‬
‫واالستزادة من االطالع‪ .‬يقول‪ ‬ألفريد فرج‪ ": ‬وقد أعجبت بطه حسين واستعصى علي استيعاب‬
‫كتب العقاد وسحرني حوار توفيق الحكيم وأسلوبه السهل الجميل فى الرواية والمسرحية‪ .‬وكانت‬
‫كتب الحكيم أول كتب األدب التى اشتريتها بمصروف جيبي(‪.")2‬‬

‫‪ ‬وب الطبع س اعدت (ألفري د) خبرات ه فى ت أليف‪" :‬األفيه ات" ونظم الش عر ونق ل فص ول‬
‫المس رحيات‪ ،‬م ع خبرات ه النظري ة فى‪ ‬المس رح‪ ‬وال دراما‪ ،‬والمع ارف النقدي ة ال تى تش كلت خالل‬
‫دراسته الجادة وغير ذلك‪.‬‬

‫( ( منى خليل‪" ،‬ألفريد فرج وإبداع األصالة العربية"‪ ،‬جريدة الفنون‪ ،‬السنة السادسة‪ ،‬العدد ‪ ،63‬السنة‬ ‫‪1‬‬

‫السادسة‪ ،)2006( ،‬ص‪.37 :‬‬


‫(( منى خليل‪" ،‬ألفريد فرج وإبداع األصالة العربية"‪ ،‬جريدة الفنون‪ ،‬السنة السادسة‪ ،‬العدد ‪ ،63‬السنة‬ ‫‪2‬‬

‫السادسة‪ ،)2006( ،‬ص‪.39-38 :‬‬

‫‪106‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫اعت نى (ف رج) باللغ ة المس رحية في ك ل أعمال ه واس تخدمها ك أداة تحفيزي ة ترف ع من‬
‫جمالي ات العم ل المس رحي‪ ،‬فلم تكن اللغ ة عن ده جام دة ثابت ة في ك ل أعمال ه‪ ،‬ب ل ك انت متغ ايرة‬
‫أحيان ا لغ ة‬
‫ً‬ ‫متباين ة ومتع ددة المس تويات واألس لوب‪ ،‬بحيث تناس ب موض وع المس رحية‪ ،‬فك انت‬
‫فصحى راقية‪ ،‬وتارة فصحى مبسطة تمتزج بالعامية‪ ،‬وتارة‪ ،‬عامية خالصة‪ ،‬وتارة شعبية حكائية‬
‫تناس ب القص ص والرواي ات الش عبية‪ ،‬وت ارة غنائي ة راقص ة تناس ب خي ال الطف ل‪ .‬ولكنه ا في‬
‫مجموعه ا ك انت عنص ًرا متم ًيزا يس هم في رف ع مس توى المس رحية وتقريبه ا إلى ذهني ة المش اهد‬
‫والق ارئ‪   .‬وأث ارت لغ ة المس رح عن د (ف رج) اهتمام ا نق ديًّا واس ع النط اق لحيويته ا الش ديدة‬
‫وخروجها على اللغة الشبيهة بلغة المقال التي استخدمها كثير من أسالفه‪ .‬وكان الفريد فرج يؤمن‬
‫بض رورة أن تس هم اللغة في رسم صورة “بص رية” للنص انطالقا من إيمان ه ب أن المس رح “فكر‬
‫(‪)1‬‬
‫وفرجة”‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬الثراء في التجريب‪:‬‬


‫إن ه ذا التف رد واإلب داع ال ذي تميَّز ب ه مس رح (ف رج) ه و ال ذي يس عفه في القبض على‬
‫المفهوم واللحظة الجمالية‪ ،‬واللمسة الفنية التي تداعب وتأسر وتثير‪ ،‬وتحفز ذهن المتلقي‪ .‬إنها من‬
‫صميم واقعه ومن عمق تراثه ولغته وتاريخه‪ ،‬وهي تتجاوز الزمان وتعبر حدود المكان لتكون‬
‫هنا وهناك‪.‬‬

‫يصرح (فرج) حول تنوع تجربته قائالً‪:‬‬

‫"ك ل تجرب ة عن دي له ا مس حة خاص ة به ا‪ ،‬فـ (س ليمان الحل بي) تمي ل إلى م ذاق لغ ة‬
‫(الجبرتي) لغة أروقة األزهر في أواخر القرن الثامن عشر‪ ،‬كما تميزت (الزير سالم)‪ ،‬بجزالة‬
‫الش عر الج اهلي وبالغت ه‪ .‬كم ا اس تخدمت العدي د من اللهج ات المحلي ة (عس كر وحرامي ة) مكتوب ة‬
‫بلغة القاهرة العامية‪( ،‬الفخ) مكتوبة بلهجة سوهاج وأهل الصعيد‪( ،‬أغنياء فقراء ظرفاء) بلهجة‬
‫لبنانية‪( ،‬النار والزيتون) بلهجة فلسطينية"(‪.)2‬‬

‫هذا الثراء في التجريب على مستوى الشكل يتعلق بمظهر واحد‪ ،‬أال وهو (اللغة)‪ ،‬وهي‬
‫مكمن السحر‪ ،‬واألداة التي يصل بها هذا الكاتب إلى عمق التجربة المسرحية‪ ،‬حيث يحاور من‬
‫خالله ا ذات ه اإلبداعي ة‪ ،‬فيبتك ر شخص ياته‪ ،‬ويس ائلها ال رأي وال رأي المخ الف‪ ،‬وينتج غيره ا ع بر‬
‫المك ان والزم ان‪ ،‬ليتناس ل ك ل منهم ا على ح دة‪ ،‬فنحص ل على أمكن ة مختلف ة ومتع ددة وأزمن ة‬
‫(( أريج إبراهيم‪" ،‬التعددية اللغوية في مسرح ألفريد فرج"‪ ،‬رسالة دكتوراة فى جامعة كونيتيكت األمريكية‬ ‫‪1‬‬

‫ومدرس مساعد بجامعة حلوان‪،‬‬


‫(( مجدي فرج‪ ،‬محاورات في التجريب"‪ ،‬ص‪.97-96 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪107‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫رورا باللحظ ة الراهن ة أو ال زمن‬


‫عودا لنستش رف المس تقبل م ً‬
‫متنوع ة ن زواًل إلى الماض ي وص ً‬
‫الحاضر‪.‬‬

‫فلـ (ألفري د ف رج) إذن أس لوبه المتميِّز والعبق ري في الكتاب ة‪ ،‬ول ه رؤيت ه الفني ة المتف ردة‬
‫ح ول التج ريب‪ ،‬وال تي ينش د من ورائه ا تحقي ق جمل ة من األه داف اإلبداعي ة والفني ة واإلنس انية‪.‬‬
‫يقول في معرض حديثه عن تجربته في الكتابة المسرحية‪:‬‬

‫"التج ريب عن دي ي رمي إلى غاي ات فني ة مح ددة‪ ،‬تص نع في مجمله ا مش روعي الف ني‪،‬‬
‫وتحقق ما يمليه علي إلهامي وبداهتي وطبعي الشعبي واألدبي الموصول بقناعاتي السياسية الفني ة‬
‫خروج ا على الم ألوف‪ ،‬من غ ير قص د‪ ،‬الخ روج على الم ألوف وال دارج‬
‫ً‬ ‫والفلس فية‪ ،‬فه و ليس‬
‫والش ائع‪ ،‬عن دي مث ل اختي ار المعارض ة والمناقض ة‪ ،‬الب د أن يك ون ل ه أس اس فك ري وقناع ات‬
‫تأثيرا يخرج بهم‬
‫عقلية‪ ،‬وأن يكون فحواه ومحتواه التأثير على جمهور المشاهدين المسرحيين‪ً ،‬‬
‫عن الواقع اآلسن إلى واقع أفضل‪ ،‬ويجدد عندهم حيوية الفكر والوجدان"(‪.)1‬‬

‫لم يكن (ألفري د ف رج) في إبداع ه ارتجاليًّا ب ل ك ان تجريبيًّا إلى ح د كب ير‪ ،‬ألن الكتاب ة‬
‫للمسرح لديه لم تكن محض ترضية لرغبة جامحة في الكتابة‪ ،‬أو استجابة لموهبة ربانية وملكة‬
‫مدروسا ووفق خطة محكمة‪ ،‬كان الملف‬ ‫ً‬ ‫إبداعية في خلق العوالم المسرحية‪ ،‬بل كان التأليف لديه‬
‫فيها هو محاولة التأثير في المتلقي‪ ،‬بل إن (ألفريد) كان يأخذ بعين االعتبار أثناء عملية التأليف‬
‫ك ل أف راد العم ل المس رحي أو على األق ل أب رزهم‪ ،‬وك ان يت وق إلى تحقي ق األفض ل وإ رض اء‬
‫الجميع‪ .‬يقول‪:‬‬

‫دائم ا أتطل ع إلى تق ديم (موزايي ك) مس رحي من ك ل األل وان واألن واع المس رحية‪،‬‬
‫"كنت ً‬
‫وأن أض ع للـ (الري براتور) المس رحي ذخ يرة متنوع ة ترض ي اختي ارات المخ رج والممث ل‬
‫والمشاهد‪ ،‬حسب أحوالهم وظروفهم ودواعي تذوقهم"(‪.)2‬‬

‫التنوع في الكتابة المسرحية‪:‬‬


‫رابعا‪ُّ :‬‬
‫ً‬
‫ب العودة إلى ال تراث وإ ع ادة إبداع ه وإ نتاج ه‪ ،‬وباالنتق اء الجي د للمض امين الفكري ة ال تي‬
‫يقولبها لغويًّا لتأخذ لها شكالً مسرحيًّا فيما بعد يقول (فرج) مضيفًا عن اللغة‪ ،‬هذه األداة السحرية‬
‫ال تي اس تطاع أن يطوعه ا‪" :‬إن اللغ ة مؤش ر جم الي كب ير مهم‪ ،‬وق د كتبت (س قوط فرع ون) بلغ ة‬

‫(( ألفريد فرج‪" ،‬في المنهج واإلبداع"‪ ،‬مجلة فصول‪ ،‬المجلد ‪ ،14‬عدد ‪ ،1‬ربيع (‪ ،)1995‬الهيئة المصرية‬ ‫‪1‬‬

‫العامة للكتاب‪ ،‬ص‪.378 :‬‬


‫(( المصدر السابق‪ ،‬ص‪.378-377 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪108‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫فيها مسحة من األدب الفرعوني ولغته القديمة‪ ،‬كما كتبت (حالق بغداد) بجماليات تنتمي إلى لغة‬
‫(ألف ليلة وليلة)‪ ،‬خالصة القول‪ :‬إني زعزعت البناء الصارم والتقليدي للغة‪ ،‬وكان عزمي على‬
‫مس رحة اللغ ة بع د أن وص لت إلى ح د النموذجي ة القاتل ة‪ ،‬فك ان ه دفي أن أق اوم ه ذه النموذجي ة‬
‫وأخل ق بن اء لغويًّا جدي ًدا يتناس ب م ع أفك اري ال تي أود طرحه ا‪ ،‬وه ذا من ص ميم اإلب داع‬
‫والتجريب"(‪.)1‬‬

‫إن الكتاب ة المس رحية لهي أم ر ش اق‪ ،‬وإ ن تم للمؤل ف تحقي ق النج اح في عم ل م ا‪ ،‬فه ذا‬
‫يعني عبًئا آخر ومسئولية ملقاة على كاهله في ضرورة الحفاظ على هذا النجاح‪ ،‬الذي ال يعني‬
‫بالضرورة الشهرة فقط‪ ،‬بقدر ما يعني النجاح في التأثير في المتلقي‪ ،‬والتنويع في الكتابة‪ ،‬وهذا‬
‫ما كان يحرص عليه (ألفريد فرج)‪ ،‬إذ يقول في معرض حديثه عن ترتيب مسرحياته‪:‬‬

‫"‪ ...‬بعد كوميديا (حالق بغداد)‪ ،‬تراجيديا (سليمان الحلبي) التاريخية‪ ،‬وبعد التراجيديا‬
‫التاريخية قدمت (فارس‪ ،‬وعسكر وحرامية)‪ ،‬وإ بان نجاحها الجماهيري الواسع القادر على إغواء‬
‫الفن ان‪ ،‬كنت أس هر الليالي الطويلة لضبط سياق تراجي ديا (الزير س الم) والتدقيق في لغة التعبير‬
‫له ذه المس رحية الص عبة‪ .‬وبع د (الزي ر س الم) ع دت إلى (ألف ليل ة) ألكتب (على جن اح الت بريزي‬
‫وتابعه قفة)‪ ،‬ثم انتقلت معها إلى معالجة (النار والزيتون)‪ ،‬بأسلوب المسرح الوثائقي أو السياسي‬
‫أو التسجيلي"(‪.)2‬‬

‫في مس رحية (ج واز على ورق ة طالق)‪ ،‬كتب (ف رج) حواراته ا بالعامي ة غ ير المبتذل ة‬
‫والتي يتخللها فصحى سهلة‪ ،‬كما هو ظاهر من عنوان المسرحية‪ .‬تتناول هذه المسرحية قضية‬
‫الزواج بين الطبقات االجتماعية المختلفة‪ ،‬وهو زواج (زينب) بنت األسطى (سيد) السواق الذي‬
‫يعمل في شركة صغيرة‪ ،‬من (مراد) الطالب في كلية الهندسة بسنتها األولى والمنحدر من أسرة‬
‫عريقة في المجتمع المصري تتسم بالثقافة واالهتمام بالسياسة والثروة‪.‬‬

‫شخص ية (م راد) في ه ذه المس رحية هي شخص ية ترم ز إلى الص راع الح ادث في ذل ك‬
‫الحين بين الطبقات المجتمعية‪ ،‬واالختالف حول أفكار المساواة بين الطبقات والعدالة االجتماعية‪،‬‬
‫وبين الواق ع ال ذي يعيش ه بالفع ل ويرض خ في ه ألفك ار المجتم ع وال ذي يمثل ه هن ا شخص ية والدت ه‬

‫(( مجدي فرج‪ ،‬محاورات في التجريب"‪ ،‬ص‪.15-14 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫(( ألفريد فرج‪" ،‬في المنهج واإلبداع"‪ ،‬مجلة فصول‪ ،‬المجلد ‪ ،14‬عدد ‪ ،1‬ربيع (‪ ،)1995‬الهيئة المصرية‬ ‫‪2‬‬

‫العامة للكتاب‪ ،‬ص‪.378-377 :‬‬

‫‪109‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫(صفية هانم)‪ .‬هذه الظروف ترغمه على السفر والهجرة للدراسة في الخارج‪ ،‬ثم يعود ليتزوج‬
‫سرا‪ ،‬ولألسف يتعالى في معاملته على أهلها وطبقتها االجتماعية‪.‬‬
‫(زينب) ًّ‬

‫ه ذه المس رحية االجتماعي ة لم يكن له ا أن تُكتب باللغ ة الفص حى‪ ،‬في ظ ل واق ع الث ورة‬
‫المص رية (‪ )1952‬ب ل كتبه ا (ف رج) باللغ ة العامي ة‪ ،‬ح تى ال تمث ل ثقالً على المش اهد أو الق ارئ‬
‫كثيرا من مضمونها ومعانيها المنشودة‪.‬‬
‫فتفقد ً‬
‫وقد اتهم عدد من النقاد مسرح (فرج) باإلسراف في استخدام اللهجة العامية‪ ،‬حيث كتب‬
‫مس رحيات‪( :‬عس كر وحرامي ة‪ ،‬والزي ارة‪ ،‬زواج على ورق ة طالق‪ ،‬وأغني اء فق راء ظرف اء)‬
‫بالعامية‪ ،‬ولكن ُيرد على هذا االنتقاد بأن اللغة مرآة المجتمع‪ ،‬وأن لغة (فرج) العامية لم تكن بأية‬
‫حالة لغة مبتذلة‪ ،‬بل عامية راقية تكاد تصل للفصحى التي يفهمها الجميع‪ .‬وكان الهدف األساسي‬
‫منه ا ه و رس م الشخص ية المص رية بأبعاده ا المترامي ة‪ .‬فعلى س بيل المث ال في مس رحية (أغني اء‬
‫ظ ا مث ل‪( :‬هي ك‪،‬‬
‫فق راء ظرف اء)‪ ،‬تن وعت العامي ة بين اللهج ة المص رية واللبناني ة‪ ،‬فاس تخدمت ألفا ً‬
‫هون‪ ،‬زلمة‪ ..‬وكلمات فرنسية كثيرة يستخدمها اللبنانيون) والتي لها حس فكاهي(‪.)1‬‬

‫وكم ا م زج (ف رج) بين اللهج ات الش امية والعربي ة والمص رية‪ ،‬م زج بين اللهج ات‬
‫المصرية المحلية‪ ،‬كلهجة القاهرة والفالحين والصعايدة وبورسعيد في مسرحية (صوت مصر)‬
‫التي تناولت العدوان الثالثي على بورسعيد في عام (‪ ،)1956‬وهذا الدمج في اللهجات له داللة‬
‫رمزية في تالحم قوى الشعب المصري بمختلف طبقاته وفئاته االجتماعية‪.‬‬

‫أيض ا بين العامي ة والفص حى في الح ديث‬


‫وفي مس رحية (ع ودة األرض) م زج (ف رج) ً‬
‫معب ًرا عن مراحل تاريخية مرت بها الدولة المصرية‬
‫بين (صالح الدين األيوبي‪ ،‬وشجرة الدر) ّ‬
‫وانتهاء بثورة يوليو‪.‬‬
‫ً‬ ‫مرورا بـ (عرابي وسعد زغلول)‬
‫ً‬ ‫من (صالح الدين) إلى (شجرة الدر)‬

‫وفي المسرحية التاريخية (الزير سالم) يعيد (فرج) صياغة الشاعر العربي (الوليد بن‬
‫ربيع ة) أو من يع رف بـ (الزي ر س الم)‪ ،‬وال ذي ص ارت حكايت ه ملحم ة ش عبية من األدب الحك ائي‬
‫على ألس نة ال رواة في المق اهي والتجمع ات الش عبية‪ .‬وهي قص ة دارت في الجاهلي ة في (ح رب‬
‫البسوس) بين (بني بكر وبني تغلب)‪ ،‬وبطبيعة الحال فإن اللغة الفصحى الرصينة كانت لغة هذه‬
‫القص ة الش عبية‪ ،‬ولكن (ألفري د) نجح في إع ادة ص ياغتها لتالئم العص ر وجعله ا لغ ة س هلة سلس ة‬
‫وإ ن كانت ال تزال فصحى‪.‬‬

‫(( مجدي فرج‪ ،‬محاورات في التجريب"‪ ،‬ص‪.17-16 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪110‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫وفي س ياق القص ص التاريخي ة الش عبية‪ ،‬ب رزت حكاي ات (أل ف ليل ة وليل ة) و(رس ائل‬
‫قاض ي إش بيلية‪ ،‬وحالق بغ داد وعلى جن اح الت بريزي وتابع ه قف ة) كمس رحيات تراثي ة تس تخدم‬
‫أسلوب القصص والحكايات الشعبية المليئة بالسجع والقوافي الشعرية‪ .‬من قبيل‪:‬‬

‫تاجرا في سوق إشبيلية‪ ،‬فذات صباح ‪..‬‬


‫‪ ...‬كان "نور الدين الجواهرجي" ً‬ ‫‪-‬‬

‫ينس تاريخ بلده الممتد من أيام‬


‫ومع شغف (ألفريد) بالتراث العربي اإلسالمي‪ ،‬فإنه لم َ‬
‫الفراعن ة‪ ،‬ففي مس رحيته (س قوط فرع ون) ص َّور الحي اة المص رية القديم ة والفرع ون المص ري‬
‫(إخن اتون وزجت ه نفرتي تي)‪ ،‬وهن ا يح رص (ف رج) على إب راز تفاص يل الحي اة المص رية القديم ة‬
‫والمؤثرات الفرعونية في ثنايا الحوار المسرحي‪ .‬كما أنه اعتنى بالمسحة الشاعرية في الحوار‬
‫بين الشخص يات‪ ،‬وأث راه ب الحكم اللغوي ة والقص ص الفرعوني ة المتوارث ة عن اللغ ة الهيروغليفي ة‬
‫على ج دران المعاب د المص رية وأوراق ال بردي‪ ،‬ف أثرى المس رحية بمف ردات لغوي ة ع ادلت في‬
‫جمالها مفردات الديكور والزخرفة المسرحية‪ ،‬لذا فقد خرجت (سقوط فرعون) في إهاب يحاكي‬
‫األدب المصري القديم والموسيقى الشرقية األصيلة‪ ،‬من قبيل(‪:)1‬‬

‫أحس خري ر النه ر الخال د في ع روقي‪ ،‬ليت ني ُأولَ د من جدي د‪ ..‬إذن‬


‫نفرتي تي إلخن اتون‪ُّ :‬‬ ‫‪-‬‬
‫أنبت في برعم زهرة لوتس في مستنقعات الغرب‪..‬‬
‫لتمنيت أن َ‬
‫ُ‬
‫ينس (ف رج) أدب الطف ل في مس رحياته‪ ،‬ف أخرج مس رحيتي (رحم ة وأم ير الغاب ة‬ ‫ولم َ‬
‫المس حورة‪ ،‬وه ردبيس الزم ار)‪ ،‬فق د زيَّن ه ذه المس رحيات بمف ردات زاهي ة مبس طة كم ا ي زيِّن‬
‫الطف ل بيت ه الص غير‪ ،‬أو كم ا يمأل محيط ه ب الزهور وال ورود واألص وات الموس يقية اليافع ة‪ ،‬كم ا‬
‫تخللتهما األغاني والرقصات الموسيقية والحكايات والحواديت الطفولية‪.‬‬

‫ت جل د الق ط وتج ولت بين مجم وعهم‪ ،‬وس معت ح ديثهم‪( ..‬مس رحية‬
‫يق ول الس احر‪ :‬لبس ُ‬ ‫‪-‬‬
‫رحمة وأمير الغابة المسحورة)‪.‬‬

‫بهذا فإن (ألفريد) يرى أن اللغة "ينظر إليها ضمن سياق العمل الفني وبما ينسجم مع‬
‫عناص ره المختلف ة بم ا فيه ا المتلقي‪ ،‬وتش كل م ع مجم ل ه ذه العناص ر نس يجاً عض وياً متض افراً‪،‬‬
‫يحقق مستوى جمالي اً عالمي اً"‪ ،‬وحقق في الوقت نفسه الغاية التي يتطلع إليها الكاتب"‪ .‬ولذا فإن‬
‫اللغ ة في مس رح ف رج ق د تم ايزت عن لغ ة الحي اة اليومي ة‪ ،‬س واء في مظهره ا‪ ،‬أو في وظائفه ا‪،‬‬
‫وهذا االستخدام للغة في العمل اإلبداعي هو ما يطلق عليه أسلوب التعبير‪ ،‬فاختار لكل مسرحية‬
‫حس)و‪" ،‬ألفري))د ف))رج‪ :‬اإليم))ان ب))دور الف))رد في التغي))ير والتط))وير"‪ ،‬جري))دة الث))ورة‪ ،‬نس))خة‬
‫(( عب))د الناص))ر ُّ‬ ‫‪1‬‬

‫إلكترونية‪ ،‬ملحق ثقافي‪ ،‬بتاريخ‪،13/12/2005 :‬‬


‫‪http://archive.thawra.sy/_print_veiw.asp?FileName=72812831220051212235730‬‬

‫‪111‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫لغة تناسب المرحلة التي يتناول فيها موضوعاته‪ ،‬وبذلك كتب بمستويات لغوية متعددة‪ .‬وبنظرة‬
‫سريعة يالحظ القارئ أن فرج كتب في كل أنواع الكتابة المسرحية‪ ،‬وكأنه يريد إكمال ما بدأه‬
‫الكاتب توفيق الحكيم‪ ،‬فضالً عن كتاباته في مجال الرواية والقصة القصيرة والنقد والترجمة(‪.)1‬‬

‫خامسا‪ :‬تأويل المعاني في النص المسرحي‪:‬‬


‫ً‬
‫االس تراتيجيات النص ية في مس رح (ف رج) تنظم النص وص وتح دد ش روط الح وار‬
‫والتواصل‪ ،‬إذ تربط عناصر السجل النصي ببعضها‪ ،‬وتعمل على توزيعها على النسيج النصي‪،‬‬
‫وتقيم العالقة بين السياق المرجعي والقارئ المدعو إلى تحقيق إقامة نسق التوافقات النصية(‪.)2‬‬

‫مسرحية( (النار والزيتون)‪:‬‬


‫هن اك عالق ة واض حة بين عن وان المس رحية ومض مونها السياس ي واالجتم اعي‪ ،‬إذ ل ه‬
‫دالالت تكسر اإليهام لدى المتلقي‪ .‬والعنوان له عالمة تحيل إلى مجموعة من العالمات التي لها‬
‫جمل ة من الوظ ائف يمكن حص رها في ثالث‪ :‬في كون ه يح دد النص‪ ،‬ويكش ف محت واه‪ ،‬ويم ارس‬
‫إغراءه على المتلقي‪ )3(.‬فكلمة (النار) بما تحمله من معاني الحرب لها نقيض في كلمة (الزيتون)‬
‫التي توحي بالسالم والطمأنينة والهدوء وراحة البال‪ .‬وهذه تقنية من تقنيات البعد التغريبي عند‬
‫(ب ريخت‪ /‬أو بريش ت)‪ ،‬إذ أراد (ف رج) من خالل ه تنبي ه المتلقي والمش اهد من ذ البداي ة أن ه إزاء‬
‫مسرحية تثير فيه اليقظة وتتطلب التركيز‪ ،‬وينبغي منه توقٌّع ما يمكن حدوثه(‪.)4‬‬

‫يق ول (تشيكلوفيس كي) عن "التغ ريب"‪" :‬إن أداة الفن أداة تغ ريب األش ياء‪ ،‬وأداة الش كل‬
‫عبا‪ ،‬أي األداة ال تي تزي د من ص عوبة اإلدراك وإ طالت ه‪ ،‬ألن عملي ة اإلدراك في‬
‫ال ذي أص بح ص ً‬
‫الفن هي غاية في ذاتها‪ ،‬والبد من إطالتها‪ ،‬إن التغريب وإ ن قصد به المؤلف إلى أهداف عملية‬

‫سو‪ " ،‬ألفريد فرج‪ :‬اإليمان بدور الفرد في التغيير والتطوير"‪ ،‬جريدة الثورة‪ ،‬نسخة‬
‫(( عبدالناصر ح ُّ‬ ‫‪1‬‬

‫إلكترونية‪ ،‬ملحق ثقافي‪ ،‬بتاريخ‪،13/12/2005 :‬‬


‫‪http://archive.thawra.sy/_print_veiw.asp?FileName=72812831220051212235730‬‬
‫() عبد الرحيم محمد الهبيل‪" ،‬جمالية التلقي والتأثير في مسرحية النار والزيتون أللفريد فرج"‪ ،‬مجلة اآلداب‬ ‫‪2‬‬

‫واللغات‪ ،‬المجلد السادس‪ ،‬العدد ‪ 12‬ديسمبر (‪ ،)2020‬جامعة القدس المفتوحة‪ ،‬فلسطين‪ ،‬ص‪.12-11 :‬‬
‫() عبدالفتاح الحجمري‪" ،‬عتبات النص‪ ،‬البنية والداللة"‪ ،‬منشورات الرابطة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪،)1996(1‬‬ ‫‪3‬‬

‫ص‪.18 :‬‬
‫() عبدالرحيم محمد الهبيل‪" ،‬جمالية التلقي والتأثير في مسرحية النار والزيتون أللفريد فرج"‪ ،‬مجلة اآلداب‬ ‫‪4‬‬

‫واللغات‪ ،‬المجلد السادس‪ ،‬العدد ‪ 12‬ديسمبر (‪ ،)2020‬جامعة القدس المفتوحة‪ ،‬فلسطين‪ ،‬ص‪19 :‬‬

‫‪112‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫أو إدراكي ة يظ ل عملي ة تنش ئ عالق ة بين الق ارئ والنص‪ ،‬وه ذه الفاعلي ة نفس ها هي ال تي تح دد‬
‫األدب بوصفه ًّفنا"(‪.)1‬‬

‫عالقة النص بالجمهور في المسرحية‪:‬‬


‫في مس رحية (الن ار والزيت ون) نج د أن الك اتب يتخلص من ذ اللحظ ة األولى من الح اجز‬
‫مبين ا‬
‫الراب ع‪ ،‬وه و الح اجز بين المش تركين في الع رض والجمه ور‪ .‬فيتوجَّه إليهم بأغني ة تفاعلي ة ً‬
‫جميع ا مهم ا تكن م واقفهم‪ ،‬وأيًّا ك انت جنس ياتهم‪ ،‬وه و به ذا االس تخدام‬
‫ً‬ ‫تخص هم‬
‫ُّ‬ ‫لهم أن القض ية‬
‫للكورس يمهِّد لألح داث ويجرد المسرحية من خصوصيتها الفلسطينية أو العربية‪ ،‬فيثير الصالة‬
‫منذ البداية للوقوف بجانبا مناضل ويؤكد أن الممثل يؤدي دوره وهو قوي اإلحساس بالجمهور‪.‬‬
‫كما أن (فرج) يلقي بتبعات كثيرة على كاهل المخرج حيث يطالبه بأن يكون العمل أكثر تفاعلية‬
‫بين الممثلين والجمهور‪.‬‬

‫وتتكشف لنا رؤية (فرج) في هذه المسرحية بشكل واضح يتجاوز (التورية والترميز)‪،‬‬
‫ومحرض ا ل ه على االنتب اه‪ ،‬وه ذا أس اس‬
‫ً‬ ‫فه و يوج ه األض واء الكاش فة للقض ية‪ ،‬مس تهدفًا المتلقي‬
‫(المسرح التسجيلي) فهو مسرح متحيز لإلنسان والحقيقة والموضوع‪.‬‬

‫المغنون على المسرح‪ :‬المسألة تخصُّك‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫كنت في لبنان‪ ،‬في ليبيا‪ ،‬كنت في المغرب‪..‬‬
‫إن َ‬ ‫‪-‬‬
‫اوعى تقول ما يهمنيش‪ ،‬المسألة تخصُّك‪..‬‬ ‫‪-‬‬
‫علشان عليك الدور‪ ،‬حييجي بعدنا دورك‬ ‫‪-‬‬
‫علشان حياتك‬ ‫‪-‬‬
‫علشان بالدك‬ ‫‪-‬‬
‫حريتك دارك ومستقبل والدك‬ ‫‪-‬‬
‫المسألة تخصك‬ ‫‪-‬‬
‫إن كنت في آسيا‪ ،‬في أفريقيا‪ ،‬في أوروبا‬ ‫‪-‬‬
‫لو كنت ساكن ُركن هادي في بلد هادية‪ ،‬وال في بالك‪ ،‬اوعى تقول ما يهمنيش‬ ‫‪-‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المسألة تخصك ‪..‬‬ ‫‪-‬‬

‫(( روبرت هولب‪" ،‬نظرية التلقي‪ ،‬مقدمة نقدية"‪ ،‬ترجمة عزالدين إسماعيل‪ ،‬المكتبة األكاديمية‪ ،‬القاهرة‪( ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،)2000‬ص‪.55-54 :‬‬
‫(( ألفريد فرج‪ ،‬مسرحية النار والزيتون‪ ،‬ص‪.23 ،21 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪113‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫من البداية يحاول (فرج) دخول دائرة المكاشفة في النص‪ ،‬واإلفصاح‪ ،‬حيث ال يواري‬
‫وال يخفي‪ ،‬ولكنه يعني ما يبدو في ظاهر القول بحرفيته‪ ،‬بكلمة أخرى إنه نص يعلن عن موقفه‬
‫ويؤك د هويت ه ويص ر على إثب ات ال رأي ال ذي يعتق د أن ه (مخط ط ص هيوني) ال يس تهدف األرض‬
‫الفلس طينية فحس ب‪ ،‬ب ل تمت د أطماع ه للس يطرة على المنطق ة كله ا‪ ،‬وإ لى أي م دى يمكن لقوت ه‬
‫تماما كما في هذا المقطع‪:‬‬
‫الذاتية أن توصله إليه‪ً ،‬‬
‫المغنون‪ :‬واعلم أن الظلم واحد‪ ،‬والعدو واحد‪ ،‬والعدل والحرية واحدة‪ ،‬والسالم واحد‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫والعالم الواسع دا واحد‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫والظالم واحد‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫اوعى تقول ما يهمنيش(‪.)1‬‬ ‫‪-‬‬

‫أي أن ه نص ال يكتفي ب إعالن رؤيت ه وكش ف توجه ه ولكن ه يتج اوز ه ذا الموق ف إلى‬
‫استدعاء المتلقي للمشاركة وتقاسم هذه الرؤية‪.‬‬

‫مكان ا للم أوى أو جن ة خض راء يتمت ع الم رء‬


‫فلم تع د األرض مص در خ ير وعط اء أو ً‬
‫كيان ا حيًّا يتفاع ل م ع األح داث‪ 2.‬ألن الظ رف الت اريخي المص يري يحتم‬
‫بجماله ا‪ ،‬وإ نم ا أص بحت ً‬
‫ني به ذا دون‬
‫ه ذا التفاع ل من أج ل التالحم به ا واكتس اب الق وة والص بر عليه ا‪ .‬إن الجمي ع مع ٌّ‬
‫استثناءات أو اصطفاء لواحد دون اآلخر‪ ،‬لذلك فإن (فرج) يقول‪:‬‬

‫المغنون‪ :‬علشان شظايا الحرب حتصيبك وحتحجزك‪ ،‬علشان عليك الدور ‪..‬‬ ‫‪-‬‬
‫حييجي بعدنا دورك‪ ،‬خذ بندقية أوعلم أو ميكروفون‪ ،‬وادخل معانا صف الثائرين‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫هذا المقطع يدل على الفضاء الفكري الذي يقوم عليه النص ويتوجه به إلى المتلقي‪ ،‬إذ‬
‫تفكيرا بالرموز واإلحاالت‪ ،‬ولكنه يدلي بالفكرة واضحة جلية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ال يترك مساحة بياض تستدعي‬
‫وهي من خص ائص الفن (التس جيلي) كم ا ورد‪ .‬وه و ال ذي ينتمي ل ه النص‪ .‬فه و بق در م ا يرس م‬
‫مس احة الحرك ة ال تي يلعب عليه ا بق در م ا يس تجلب حال ة المش اركة م ع المتلقي‪ ،‬ف النص هن ا ال‬
‫متلقي ا لمجموع ة إش ارات أو رموز ولكن ه يحض ه على التح ول إلى التفاع ل‬
‫يبتغي أن يبقى ق ارؤه ً‬
‫زءا من الفع ل‪ ،‬ذل ك أن الك اتب‬
‫م ع الموض وع والقض ية المعروض ة‪ .‬بتعب ير آخ ر‪ ،‬أن يص بح ج ً‬
‫والمتلقي يقع على كليهما بالدرجة ذاتها واجب التحدي والمرافعة ضد استالب الحقوق(‪.)3‬‬

‫() ألفريد فرج‪ ،‬مسرحية النار والزيتون‪ ،‬ص‪.24-22 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫(( حسام التميمي‪" ،‬الخليل في شعر عز الدين المناصرة"‪ ،‬مجلة جامعة النجاح لألبحاث‪ ،‬نابلس‪ ،‬فلسطين‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫مج ‪ ،16‬العدد ‪ ،1‬يناير (‪ ،)2002‬ص‪.225 :‬‬


‫(( المرجع السابق‪ ،‬ص‪.149 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪114‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫ومن الواضح أن (ألفريد) قد اعتمد في هذه المسرحية تقنية خاصة باللغة على المسرح‬
‫الملحمي ترجع إلى (بريخت) الذي دمج القاعة بالخشبة‪ ،‬أي هدم الجدار الرابع‪ ،‬ليصير التواصل‬
‫متتبع ا لما‬
‫ً‬ ‫ظا‬
‫مباشرا بين الممثلين والجمهور‪ ،‬لكي يندمج المتلقي في مجريات األحداث‪ ،‬ويبقى يق ً‬
‫ً‬
‫(‪)1‬‬
‫يدور حوله بعقله ال بعاطفته وقلبه" ‪ .‬فالمتلقي هو الذي تقوم عليه صياغة الموضوع الجمالي‬
‫سواء بالقراءة التفاعلية أو المشاهدة التشاركية‪.‬‬

‫وقد تخطيت مجموعة الكورال فيي المسرحية المعروضة هذا الدور‪ ،‬ليحقق (فرج) إن‬
‫الص الة أو المتفرجين م ا هم إال عب ارة عن تجمع سياسي على المنص ة أن تق وده‪ ،‬فنرى المغنين‬
‫وهم يس تحثون جمه ور النض ارة‪ ،‬ويش جعونهم على النض ال‪ ،‬حيث يس تخدم الغن اء كعنص ر من‬
‫عناصر المسرح الشامل‪ ،‬فهو ال يرتبط بالقضية الفلسطينية فحسب‪ ،‬وإ نما بقضايا اإلنسان في كل‬
‫مكان‪ ،‬حيث إنه ينتقل من الخاص إلى العام كما نالحظ في هذا المقطع‪:‬‬

‫المغني‪ :‬تك ‪ ..‬تلغراف ومستعجل‪ ،‬تك تك‬ ‫‪-‬‬


‫للفدائيين‪ ،‬وثوار الشعوب الحرة‪ .‬نقطة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫في فيتنام‪ ،‬كوبا‪ ،‬أنجوال‪ ،‬بولفيا‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫شدوا الضغط على أعدائكم‬ ‫‪-‬‬
‫نحن أبناء فلسطين‪ ،‬وصلنا قلب ميدان النضال‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫والتحمنا بصفوف الثورة الكبرى على اإلمبريالية العالمية‪ ،‬ويحييكم ‪..‬‬ ‫‪-‬‬
‫انتهى ‪ ،‬تك(‪.)2‬‬ ‫‪-‬‬

‫وهنا تتحرك المشاهد مجتمعة‪ ،‬منها التمثيلية على خشبة المسرح‪ ،‬ومنها الصور على‬
‫الس تارة الخلفي ة‪ ،‬إذ ين دمج الغن اء ب الرقص‪ ،‬حيث تتح ول الرقص ة إلى تش كيالت عس كرية‪،‬‬
‫مستخدمة التمثيل اإليمائي‪ ،‬بينما على ستارة الخلف فيلم يصور معالم الطريق الجبلي الذي يشقه‬
‫الفدائيون‪ ،‬ويوحي بسرعة حركتهم‪.‬‬

‫المغني‪ :‬ادفن مليون لغم في سكتهم‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫سدد كاتيوشتك لبراجهم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وأمان ارفع وزناد جهز‬ ‫‪-‬‬
‫اطلق !!!‬ ‫‪-‬‬
‫ليسقط االستعمار والصهيونية‬ ‫‪-‬‬
‫(( برتولد بريشت‪" ،‬نظرية المسرح الملحمي"‪ ،‬ترجمة جميل ناصف‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬ص‪.28 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫(( ألفريد فرج ‪ ":‬النار والزيتون‪ "،‬ص‪31 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪115‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫ولتسقط أعمدة النازية‬ ‫‪-‬‬


‫ولتحيا بالدي‪ ..‬حرة يا بالدي(‪.)1‬‬ ‫‪-‬‬

‫لقد أراد (فرج) من هذه التراكيب الفنية الدقيقة والمتنوعة في فنياتها أن يدفع بالمتلقي‬
‫للمش اركة في الفكرة والرؤي ة والح دث‪ ،‬من خالل الصورة والغن اء وال رقص بإيق اع منظم‪ ،‬وهذه‬
‫هي اللغ ة المس رحية التفاعلي ة والتش اركية بين الم ؤدين والجمه ور‪ .‬ولم تكن غاي ة المس رحية عند‬
‫مناصرا للقضية الفلسطينية فحسب‪ ،‬بل هي إلهام للمجتمعات اإلنسانية كلها‬
‫ً‬ ‫رأيا‬
‫(فرج) أن تشكل ً‬
‫واألمم المهتمة بالحرية والنضال واالستقالل وسعي الشعوب لنيل حريتها وعيشها الكريم‪ .‬لذا فقد‬
‫أراد أن تث ير المس رحية في نف وس المتف رجين االهتم ام بالقض ايا المص يرية للش عوب كاف ة‪ ،‬س واء‬
‫كانت األزمة فلسطينية أو في فيتنام أو أنجوال‪ ،‬أو أي مكان(‪.)2‬‬

‫الخاتمةـ والنتائج‬

‫(( المصدر السابق ‪ :‬ص‪.32 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫(( عبدالرحيم محمد الهبيل‪" ،‬جمالية التلقي والتأثير في مسرحية النار والزيتون أللفريد فرج"‪ ،‬مجلة اآلداب‬ ‫‪2‬‬

‫واللغات‪ ،‬المجلد السادس‪ ،‬العدد ‪ 12‬ديسمبر (‪ ،)2020‬جامعة القدس المفتوحة‪ ،‬فلسطين‪ ،‬ص‪.15-14 :‬‬

‫‪116‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫الخاتمة والنتائج‬
‫س يظل (ألفري د ف رج) ِمش عالً مض يًئا ي ثرى ذاك رة الن اس‪ ،‬ارتب ط اس مه بت اريخ المس رح‬
‫وقضايا المجتمع وبجدية ما طرح‪ .‬وقد مثَّلت نشأته األساس في تدعيم صلته بالفن وبالرؤية التي‬
‫اختارها عنه‪.‬‬

‫ول د (ف رج) في بداي ة الثالثيني ات من الق رن الماض ي‪ .‬وق د ك انت ف ترة دقيق ة في رحل ة‬
‫كفاح الشعب المصري ضد المستعمر اإلنجليزي‪ ،‬ومن ثم العمل على استقالل مصر حتى تجسد‬
‫االنتص ار بث ورة يولي و العظيم ة‪ .‬ولم ا ب رز كك اتب مس رحي اس تطاع أن ِّ‬
‫يوظف المس رح لتل ك‬
‫القض ايا الك برى مرتك ًزا على ال تراث‪ ،‬وأص بح عالم ة فارق ة في المس رح بم ا قدم ه من أعم ال‪،‬‬
‫فجاور الكبار وصار منهم‪.‬‬

‫ينتمي (ألفريد فرج) إلى كوكبة من المسرحيين العرب في مصر ممن انعطفوا بالكتابة‬
‫المس رحية انعطاف ة مهم ة ص ارت إلى تح ول واض ح في اإلب داع المس رحي مختل ف عن المس رح‬
‫الذهني الذي مثّله منذ عشرينيات القرن العشرين توفيق الحكيم (‪ )1987-1902‬وأقرانه أمثال‬
‫محم ود تيم ور (‪ )1968-1894‬وعزي ز أباظ ة (‪ )1973-1898‬وعلي أحم د ب اكثير (‪-1910‬‬
‫‪ ،)1969‬ومختل ف أيض اً عن المس رح التج اري أو المتغ رب عن د نجيب الريح اني ( ‪-1891‬‬
‫‪ )1949‬ويوسف وهبي‪ .‬وقد شكلت هذه الكوكبة حساسية فكرية وفنية مغايرة نهضت بالمسرح‬
‫العربي نهضة شاملة في فهم المسرح وفي ممارسته‪ ،‬ومن أعالمها البارزين (ألفريد فرج)‪.‬‬

‫واعي ا بشؤون إبداعه نظريًّا وتطبيقيًّا‪ ،‬ولعله من الكتاب‬


‫ً‬ ‫أديبا ومسرحيًّا‬
‫وقد برز (فرج) ً‬
‫إبداع ه‬
‫َ‬ ‫القليلين الذين يصدرون عن رؤية إبداعهم وفهمه في مصادره وطبيعته ووظائفه‪ ،‬فرافق‬
‫اش تغا ٌل واس ع بالممارس ة األدبي ة والمس رحية في زمنه ا وفي تطلعاته ا الفكري ة والفني ة‪ ،‬ب ل إن‬
‫جنس ا أدبيًّا حديثًا؛ ليصير مثل الشعر والرواية ديوان العصر‪،‬‬
‫(فرج) طمح إلى ترسيخ المسرح ً‬

‫‪117‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫وق د ح رص على أن يؤص ل ه ذا الجنس األدبي في الثقاف ة العربي ة ب وعي التقالي د الحكائي ة‬
‫والمس رحية في فن ون الع رض والفرج ة واألداء الص وتي والح ركي مم ا م يز الظ اهرة المس رحية‬
‫غالب ا‬
‫طقس ا أو ش عيرة م ا لبثت أن انغم رت ب األعراف والتقالي د االجتماعي ة‪ ،‬محتفظ ة ً‬
‫العربي ة ً‬
‫فاها أو كتاب ة‪ .‬ونتلمس في ه ذا البحث عناص ر التفك ير‬
‫بمنش ئها ال ديني ونزوعه ا االتص الي ش ً‬
‫األدبي والمس رحي عن د (ف رج) للتع رف إلى طواب ع التأص يل في تجربت ه العريض ة والعميق ة‬
‫والثرية‪.‬‬

‫بدأ (ف رج) مسرحيًّا معنيًّا بتجسيد نصوص ه على خشبة المس رح‪ ،‬وقضى قراب ة عقدين‬
‫مخلص ا إلبداع ه المس رحي‪ ،‬تأليفً ا وبحثً ا وإ دارة ومخاطب ة للراش دين والناش ئة في آن‬
‫ً‬ ‫من ال زمن‬
‫واحد‪ ،‬ثم لتأليفه في أجناس أدبية أخرى راسخة في الحياة الثقافية العربية مثل الرواية والقصة‬
‫القص يرة والمقال ة‪ ،‬على أن فعالي ة األديب أو الك اتب أو الفن ان ال تقتصر على خط اب جنس أدبي‬
‫أن األجناس األدبية متعددة أساليب البالغة واإلبالغ‪.‬‬
‫بعينه‪ ،‬وعلى ّ‬
‫أهم النتائج‪:‬‬
‫تميز مسرح ألفريد بفكرة العدالة ‪ ،‬والتي تجسدت في مسرحتيي (سقوط فرعون ـ وسليمان‬ ‫‪-‬‬
‫الحلبي)‪.‬‬
‫ذهني ا ‪ ،‬ب ل ينبض بالحي اة ح وار عمي ق‬
‫وارا فلس ًفيا ً‬
‫الح وار في مس رحيات ألفري د لم يكن ح ً‬ ‫‪-‬‬
‫يعكس رؤى ‪ ،‬وأفك ار‪ ،‬وتطلع ات يختل ف نس يجه اللغ وي واألدبي ب إختالف قض ية ك ل‬
‫مسرحية ونوعها ‪.‬‬
‫يتض ح للق ارئ والمتلقي لمس رح (ف رج) ك ثرة توظي ف ال تراث م ع االختالف في مس تويات‬ ‫‪-‬‬
‫بحس أدبي ونقدي‪ ،‬فحاور واستنطق وحلل‪.‬‬
‫التوظيف‪ ،‬فقد تعامل مع التراث ٍّ‬
‫أثبتت تجربة الكاتب المسرحي‪( ‬ألفريد فرج)‪ ‬المديدة أن استحضار التراث العربى ال يعنى‬ ‫‪-‬‬
‫استيعابا عقالنيًّا ونقديًّا‪ ،‬والعمل فى الوقت نفسه‬
‫ً‬ ‫إحياءه أو تحديثه‪ ،‬إنما يتحدد بعملية استيعابه‬
‫على خل ق ت راث جدي د يش كل نقط ة االنطالق من خصوص ية الخ برات القومي ة واالجتماعي ة‬
‫بعدا وجدانيًّا ومعرفيًّا‪ .‬وهذا يعنى أن‬
‫واإلنسانية للواقع‪ ،‬الذى يعد التراث بمختلف مكوناته ً‬
‫ط ا بال ذات الفاعل ة والمتغ يرة فى ال وقت‬
‫ارتب اط العملي ة اإلبداعي ة ينبغى أن يك ون ارتبا ً‬
‫نفسه‪   .‬‬

‫‪118‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫ارتقى العم ل المس رحي فنيًّا وثقافيًّا من خالل تعام ل (ألفري د) م ع ال تراث‪ ،‬فأس هم في إيق اف‬ ‫‪-‬‬
‫انحدار المسرح العربي‪ ،‬وفي تشكيل هويته‪ ،‬مما يعني بحثًا عن الذات وتأصيالً لها‪ ،‬فتخلص‬
‫بذلك من التبعية لآلخر‪.‬‬
‫عند إمعان النظر في مسرح ألفريد فرج يتضح أنه أحد أعالمه بامتياز؛إذ إنه‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫قدم المسرحية االجتماعية االنتقادية ذات الصبغة السياسية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وقدم المسرحية التراثية المرتكزة على المأثور الشعبي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وقدم المسرحية السياسية المعاصرة أو المستلة من التاريخ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫من أهم م ا تم يز ب ه مس رح (ف رج) فكرة العدال ة‪ ،‬فقد وظف مس رحه اجتماعيًّا إلب راز فكرة‬ ‫‪-‬‬
‫التناقض الطبقي‪ ،‬واالهتمام الكبير بالقضايا السياسية ومن أهمها مبادئ الحرية والمساواة‪.‬‬
‫ادا‬
‫تم يزت كث ير من مس رحيات (ف رج) مث ل (الن ار والزيت ون‪ ،‬وحالق بغ داد) ب أن له ا أبع ً‬ ‫‪-‬‬
‫إنس انية واس عة‪ ،‬وتحم ل أفك ًارا عالمي ة في طياته ا؛ بحيث تص لح أن تع رض في ك ل وطن‪.‬‬
‫جمعت ه ذه المس رحيات ومثيالته ا بين الحس الجم الي والرؤي ة الواقعي ة لألح داث ارتك ًازا‬
‫على التراث‪ ،‬وعلى هموم األمة العربية‪ ،‬وانطالقًا من قضايا اإلنسان ومشكالته الحالية‪ .‬وقد‬
‫رك ز (ف رج) فيه ا على ط ور المتلقي وقدرت ه على تغي ير ه ذا الواق ع‪ .‬كم ا اهتم فيه ا بتفعي ل‬
‫النص جماليًّا وفق القراءة اإلنتاجية وفتح آفاق التأويل لدى القارئ والمتلقي‪ ،‬إليمانه الفعال‬
‫بالمتلقي اإليجابي في إنتاجية معنى النص‪.‬‬
‫اعتم د (ف رج) كث ًيرا على تقني ة المس رح الملحمي عن د (ب ريخت) في ع دد من مس رحياته‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫(مث ل‪ :‬الن ار والزيت ون)‪ ،‬من خالل دمج القاع ة بخش بة المس رح‪ ،‬أي ه دم الج دار الراب ع‪،‬‬
‫باعتب ار أن الص الة أو المتف رجين م ا هم إال تجم ع سياس ي تق وده المنص ة ليك ون التواص ل‬
‫متتبع ا لم ا ي دور‬
‫ً‬ ‫ظا‬
‫مباش ًرا بين الجمي ع‪ ،‬وين دمج المتلقي في مجري ات األح داث‪ ،‬ويبقى يق ً‬
‫حوله بعقله ال بعاطفته وقلبه‪.‬‬
‫أيضا بتقنيات المسرح التسجيلي في رسم الصور واألخيلة ووصف الشخصيات‬ ‫اهتم (فرج) ً‬ ‫‪-‬‬
‫بأس مائها الحقيقي ة في ع دد من مس رحياته‪ .‬كم ا اعتم د س رد األرق ام واإلحص ائيات والوث ائق‬
‫التاريخي ة والزمن االس ترجاعي‪ ،‬كي يمكن المتلقي من الفهم والتفسير‪ ،‬والرب ط بين الماضي‬
‫والحاضرإ ذ إن العالقة بين القارئ والنص المسرحي هي عالقة قائمة على األثر الناتج من‬
‫تفاعلية القارئ مع بنيات النص‪.‬‬
‫وفي الختام ‪..‬‬

‫‪119‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫لم تكن ه ذه س وى لمح ة خاطف ة عن بعض مالمح المتخي ل الثق افي ل دى الك اتب‬
‫والمس رحي الكب ير (ألفري د ف رج)‪ ،‬لنق ف عن ده كنم وذج من الكتَّاب المب دعين ال ذين اس تطاعوا أن‬
‫يكون وا عالم ات فارق ة في ت اريخ المس رح المص ري والع ربي‪ ،‬ه ذا المتخي ل الثق افي ال ذي ك ان‬
‫المعين الذي َّ‬
‫أمد الخشبة بعروض مسرحية طموحة ومعاصرة من حيث المضامين والرؤى‪ ،‬ومن‬
‫حيث الشكل الذي ال يضيق بحمل مجموع هذه األفكار والصور الثقافية‪ .‬وما (ألفريد فرج) إال‬
‫واحد من ثلة المبدعين المصريين الذين كان لهم حضور قوي بين الجماهير والمثقفين بإبداعهم‬
‫وفنهم الراقي‪.‬‬

‫الملحقاتـ‬
‫قائمة بمسرحيات ألفريد فرج‪:‬‬
‫السنة‬ ‫المسرحية‬
‫‪1956‬‬ ‫صوت مصر (فصل واحد)‬
‫‪1957‬‬ ‫سقوط فرعون‬
‫‪1964‬‬ ‫حالق بغداد‬
‫‪1965‬‬ ‫سليمان الحلبي‬
‫‪1965‬‬ ‫الفخ (فصل واحد)‬
‫‪1966‬‬ ‫بقبق الكسالن (فصل واحد)‬
‫‪1966‬‬ ‫عسكر وحرامية‬
‫‪1967‬‬ ‫الزير سالم‬
‫‪1969‬‬ ‫على جناح التبريزي وتابعه قفه‬
‫‪1970‬‬ ‫النار والزيتون‬
‫‪1970‬‬ ‫الزيارة (فصل واحد)‬
‫‪1973‬‬ ‫زواج على ورقة طالق‬
‫‪1975‬‬ ‫الحب لعبة‬
‫‪1975‬‬ ‫رسائل قاضي إشبيلية‬

‫‪120‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫‪1975‬‬ ‫رحمة وأمير الغابة المسحورة (لألطفال)‬


‫‪1977‬‬ ‫أغنياء فقراء ظرفاء‬
‫‪1978‬‬ ‫العين السحرية (فصل واحد)‬
‫‪1979‬‬ ‫دائرة التبن المصرية (فصل واحد)‬
‫‪1988‬‬ ‫ألحان على أوتار عربية‬
‫‪1989‬‬ ‫هردبيس الزمار (لألطفال)‬
‫‪1989‬‬ ‫الشخص (فصل واحد)‬
‫‪1989‬‬ ‫عودة األرض‬
‫‪1993‬‬ ‫غرابيات عطوة أبو مطوة‬
‫‪1993‬‬ ‫اثنين في قفة‬
‫‪1993‬‬ ‫الغريب (فصل واحد)‬
‫‪1994‬‬ ‫الطيب والشرير والجميلة‬

‫حاز علي عدد من الجوائز والمداليات ومنها‪:‬‬


‫ميدالية الفن من المجلس األعلى لرعاية الفنون واآلداب ‪.1957‬‬ ‫‪-‬‬

‫جائزة الدولة التشجيعية للتأليف المسرحي ‪.1965‬‬ ‫‪-‬‬

‫وسام العلوم والفنون من الطبقة األولى ‪.1967‬‬ ‫‪-‬‬

‫درع الرواد للمسرح القومي في يوبيله الذهبي ‪.1986‬‬ ‫‪-‬‬

‫درع الرواد لمسرح الخليج بالكويت في يوبيله الفضي ‪.1989‬‬ ‫‪-‬‬

‫ميدالية الرواد لمهرجان المسرح التجريبي في القاهرة ‪.1989‬‬ ‫‪-‬‬

‫ميدالية الرواد لمهرجان قرطاج المسرحي ‪.1989‬‬ ‫‪-‬‬

‫ميدالية الرواد لمهرجان الثقافة الجماهيرية‪ ،‬مصر ‪.1988‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪121‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫ببليوجرافيا‬
‫أهم مؤلفات ألفريد فرج‪:‬‬
‫ألفريد فرج‪" ،‬اتنين في ألفريد فرج ‪ ،12‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪( ،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪ .)1990‬قفة"‪ ،‬مسرحية من فصلين‪ ،‬الصفاة‪ :‬دار سعاد الصباح‪.)1993( ،‬‬
‫"أح اديث وراء الك واليس‪ :‬مق االت ومحاض رات‪ ،‬ش رق وغ رب‪ ،‬خ واطر من هن ا وهن اك"‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫مؤلفات‬
‫"أضواء المسرح الغربي"‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الهالل‪.)1989( ،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫"أغني اء‪ ،‬فق راء‪ ،‬ظرف اء‪ :‬كومي ديا موس يقية‪ ،‬الحب ة لعب ة مس رحية من فص ل واح د‪ :‬كومي ديا‬ ‫‪.4‬‬
‫اجتماعي ة"‪ ،‬مؤلف ات ألفري د ف رج ‪ ،5‬مس رحيات الق اهرة‪ ،‬الهيئ ة المص رية العام ة للكت اب‪( ،‬‬
‫‪.)1989‬‬
‫"ألح ان على أوتار عربية‪ ،‬مسرحية سياسية استعراضية‪ ،‬جواز على ورقة طالق مسرحية‬ ‫‪.5‬‬
‫اجتماعية"‪ ،‬روايات الهالل ‪ ،478‬القاهرة‪ ،‬دار الهالل‪.)1988( ،‬‬
‫"أيام وليالي السندباد‪ ،‬رواية‪ ،‬ليالي عربية قصص قصيرة"‪ ،‬مؤلفات ألفريد فرج ‪ ،9‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪.6‬‬
‫الهية المصرية العامة للكتاب‪.)1990( ،‬‬
‫"حكاي ات ال زمن الض ائع ‪،‬رواي ة؛ في قري ة مص رية‪ ،‬مجموع ة قص ص قص يرة"‪ ،‬مؤلف ات‬ ‫‪.7‬‬
‫ألفريد فرج ‪ ،7‬القاهرة‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪.)1989( ،‬‬
‫"دليل المتفرج الذكي‪ ،‬المالحة في بحار صعبة"‪ ،‬دراسات‪ ،‬مؤلفات ألفريد فرج ‪ ،8‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪.8‬‬
‫الهيئة المصرية العامة للكتاب‪.)1989( ،‬‬
‫"شكسبير في زمانه وفي زماننا"‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الدار المصرية اللبنانية‪.)2001( ،‬‬ ‫‪.9‬‬

‫مؤلفات حول ألفريد فرج‪:‬‬


‫حوارا مع العالم عبر المسرح"‪ ،‬مسرحيون‪.‬‬
‫ً‬ ‫أشرف محمود‪" ،‬ألفريد فرج‪ ،‬علينا أن نخلق‬ ‫‪.1‬‬
‫]‪http://www.masraheon.com/356.htm [accessed 29 May 2021‬‬

‫‪122‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

،"‫عام ا من العطاء‬
ً ‫ سبعون‬،‫ "ألفريد فرج صانع األقنعة المسرحية‬، ‫حسن عطية محرر‬ .2
.)2002( ،‫ المجلس األعلى للثقافة‬،‫القاهرة‬
‫ الهيئة‬،‫ القاهرة‬،‫ دراسات أدبية‬،"‫ "االتجاه الملحمي في مسرح ألفريد فرج‬،‫رانيا فتح اهلل‬ .3
.)1998( ،‫المصرية العامة للكتاب‬
.)1996( ،‫ دار سعاد الصباح‬،‫ الصفاة‬،"‫ "فن المسرح عند ألفريد فرج‬،‫قايد دياب‬ .4
‫ الهيئ ة المص رية‬،‫ الق اهرة‬،‫ دراس ات أدبي ة‬،"‫ "لغ ة المس رح عن د ألفري د ف رج‬،‫نبي ل راغب‬ .5
.)1996( ،‫العامة للكتاب‬
،‫ ف ارس عص ر المس رح ال ذهبي‬،‫ "عالم ة فارق ة في ت اريخ المس رح الع ربي‬،‫وف اء حلمي‬ .6
‫ العدد‬،‫ مجلة الحزب العربي الناصري‬،‫ العربي‬،"‫برحيله فقد المسرح العربي أحد أعمدته‬
.)2005( ،988
1. Aljadid: A Review and Record of Arab Culture and Arts 8, no. 38
(Winter 2002). Source:
http://www.aljadid.com/theatre/
AlfredFaragAnalyzesDeclineofArabTheater.htm [accessed 29 January
2021]
2. Amin, Dina. "Egyptian Playwright Alfred Farag Analyzes Decline of
Arab Theater".
3. Amin, Dina. "Egyptian Playwright Alfred Farag Dies at Age 76: Prison,
Exile”
4. El-Enany, Rasheed. "The Quest for Justice in the Theatre of Alfred
Farag: Different Moulds, One Theme". Journal of Arabic Literature 31,
no. 2 (2000): 171-202.
5. Seleiha, Nehad. "Alfred Farag (1929-2005)". Al-Ahram Weekly, no.
772 (8-14 December 2005). Source:
http://weekly.ahram.org.eg/2005/772/cu1.htm_ [accessed 29 June
2021]
6. Triumph through Theater". Aljadid: A Review and Record of Arab
Culture and Arts 11, no. 52 (Summer 2005). Source:
http://www.aljadid.com/essays/PrisonExileandTriumphThroughTheater
.html [accessed 29 August 2021]

123
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫المــراجـــعـ والمصـــادر‬
‫المصادر‪:‬‬
‫ألفريد فرج ‪،‬الحان على أوتار عربية ‪ ،‬روايات الهالل‪ ،‬تصدر من مؤسسة الهالل‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫العدد‪ ،478‬أكتوبر‪.1988‬‬
‫ألفري د ف رج ‪،‬الن ار والزيت ون ‪،‬مس رحيات عربي ة‪ ،‬الهيئ ة المص رية العام ة للت أليف والنش ر ‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪.1970‬‬
‫ألفريد فرج‪ :‬الزير سالم‪،‬روايات الهالل‪ ،‬تصدر من مؤسسة الهالل‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬العدد‪، 449‬‬ ‫‪.3‬‬
‫مايو ‪.1986‬‬
‫ألفريد فرج‪ :‬حالق بغداد‪ ،‬روايات الهالل ‪ ،‬تصدر من مؤسسة الهالل‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬العدد‪،449‬‬ ‫‪.4‬‬
‫مايو ‪.،1986‬‬
‫ألفريد فرج‪" ،‬صوت مصر‪ ،‬أربع مسرحيات من فصل واحد"‪ ،‬مسرحية (باإلجماع ‪ +‬واحد)‪،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫القاهرة‪.)1967( ،‬‬
‫ألفريد فرج‪" ،‬علي جناح التبريزي وتابعه قفة"‪ ،‬القاهرة‪)1985( ،‬‬ ‫‪.6‬‬
‫ألفري د ف رج‪" ،‬في المنهج واإلب داع"‪ ،‬مجل ة فص ول‪ ،‬المجل د ‪ ،14‬ع دد ‪ ،1‬ربي ع (‪،)1995‬‬ ‫‪.7‬‬
‫الهيئة المصرية العامة للكتاب‪.‬‬

‫المراجع العربية‪(:‬‬
‫إب راهيم الس عافين وعبداهلل الخب اص ومحم د جمع ة‪ :‬من اهج تحلي ل النص األدبي‪ ،‬فلس طين‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫جامعة القدس المفتوحة‪.)1993( ،‬‬
‫إب راهيم الس عافين‪ :‬المس رحية العربي ة الحديث ة وال تراث‪ ،‬دار الش ئون الثقافي ة العام ة‪ ،‬آف اق‬ ‫‪.2‬‬
‫عربية‪ ،‬بغداد‪ ،‬ط‪.)1990( ،1‬‬
‫إب راهيم عبداهلل‪ :‬الس ردية العربي ة‪ ،‬بحث في البني ة الس ردية للم وروث الحك ائي"‪ ،‬المرك ز‬ ‫‪.3‬‬
‫الثقافي العربي‪ ،‬بيروت‪.)1992( ،‬‬
‫ابن سين‪:‬النجاة في الملكة المنطقية والطبيعية واإللهية‪ ،‬تقديم ماجد فخري‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫منشورات دار اآلفاق الجديدة‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‬

‫‪124‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫أبو الحسن سالم‪ :‬مقدمة في نظرية المسرح الشعري‪ ،‬دار الوفاء للطباعة والنشر‪،‬القاهرة ‪،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫(‪.)2006‬‬
‫أبو الفضل جمال الدين ابن منظور‪" ،‬لسان العرب"‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار صادر‪ ،‬المجلد ‪ ،5‬ط‪(1،‬‬ ‫‪.6‬‬
‫‪.)2004‬‬
‫أحمد سخسوخ‪" ،‬المسرح المصري في مفترق طرق‪ ،‬رؤية جديدة"‪ ،‬الدار المصرية اللبنانية‪،‬‬ ‫‪.7‬‬
‫القاهرة‪ ،‬ط‪.1،1995‬‬
‫أحمد عكاشة‪ :‬آفاق اإلبداع الفني ‪ -‬رؤية نفسية‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬ ‫‪.8‬‬
‫أحمد كمال زكي‪:‬دراسات في النقد األدبي‪ ،‬دار األندلس‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬ط‪.2،1980‬‬ ‫‪.9‬‬
‫أحمد مطلوب ‪:‬معجم مصطلحات النقد العربي القديم‪ ،‬مكتبة لبنان للنشر‪ ،‬لبنان‪،‬ط‪1،2001‬‬ ‫‪.10‬‬
‫أدوين موير ‪ ،‬بناء الرواية ‪ ،‬ترجمة ؛ إبراهيم الصيرفى ‪ ،‬القاهرة ‪. ١٩٦٥‬‬ ‫‪.11‬‬
‫أريج إبراهيم‪ :‬التعددية اللغوية في مسرح ألفريد فرج‪ ،‬رسالة دكتوراة من جامعة كونيتيكت‬ ‫‪.12‬‬
‫األمريكية ‪ ،‬مدرس بجامعة حلوان‪،‬‬
‫أس امة الغ زولي‪:‬الفري د ف رج ‪ ..‬انس ان في الظ ل وك اتب في قلب االض واء‪ ،‬مق ال منش ور‬ ‫‪.13‬‬
‫بجريدة القبس‪ 25 ،‬ديسمبر ‪https://alqabas.com/article/52614 .2005،‬‬
‫أمل فؤاد عبيد‪ :‬الخباء وتيار الوعي‪ ،‬أدب ونقد ‪ ،‬القاهرة‪.1998 ،‬‬ ‫‪.14‬‬
‫برتولد بريشت‪" ،‬نظرية المسرح الملحمي"‪ ،‬ترجمة جميل ناصف‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪.‬‬ ‫‪.15‬‬
‫ت‪.‬‬
‫توفيق موسى اللوح‪" ،‬اتجاهات المسرح السياسي المعاصر‪ ،‬مصر العربية للنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫‪.16‬‬
‫القاهرة‪ ،‬ط‪.1،2008‬‬
‫جالل فاروق الشريف‪:‬إن األدب كان مسئوالً‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب‪ ،‬دمشق‪. 1978 ،‬‬ ‫‪.17‬‬
‫جونس ون دي نيس‪ :‬ترجم ة المص يدة من "مخت ارات وترجم ات دي نيس جونس ون ديفيس‬ ‫‪.18‬‬
‫‪Egyptian One Act Plays, London1981‬‬
‫جي نيت ج يرار‪ :‬ع ودة الى خط اب الحكاي ة‪ ،‬ترجم ة محم د معتص م‪ ،‬مطبع ة النج اح الجدي دة‪،‬‬ ‫‪.19‬‬
‫الدار البيضاء‪.1996،‬‬
‫حسام التميمي ‪:‬الخليل في شعر عز الدين المناصرة‪ ،‬مجلة جامعة النجاح لألبحاث‪ ،‬نابلس‪،‬‬ ‫‪.20‬‬
‫فلسطين‪ ،‬مج ‪ ،16‬العدد ‪ ،1‬يناير ‪2002‬‬
‫حسن عطية‪" :‬مسرح ألفريد فرج صانع األقنعة"‪ ،‬المجلس األعلى للثقافة‪.2002 ،‬‬ ‫‪.21‬‬
‫حوري ة محم د حم و‪ :‬تأص يل المس رح الع ربي من التنظ ير والتط بيق ‪ ،‬س وريا ‪ ،‬ومص ر ‪،‬‬ ‫‪.22‬‬
‫‪.1999‬‬

‫‪125‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫ديوان طرفة بن العبد‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪.1‬‬ ‫‪.23‬‬


‫راني ا فتح اهلل‪ :‬االتج اه الملحمي في مس رح ألفري د ف رج‪ ،‬سلس لة دراس ات أدبي ة‪ ،‬الهيئ ة‬ ‫‪.24‬‬
‫المصرية العامة للكتاب‪ ،‬دط‪.1998 ،‬‬
‫روبرت هولب‪ ،‬نظرية التلقي‪ ،‬مقدمة نقدية‪ ،‬ترجمة عزالدين إسماعيل‪ ،‬المكتبة األكاديمية‪،‬‬ ‫‪.25‬‬
‫القاهرة‪.2000 ،‬‬
‫رين ه ويلي ك ‪،‬أوس تن ووارين ‪ :‬نظري ة األدب ‪،‬ترجم ة محى ال دين ص بحى ‪،‬المجلس األعلى‬ ‫‪.26‬‬
‫لرعاية الفنون واألداب والعلوم االجتماعية دمشق ط‪1986 ،3‬م‪.‬‬
‫زكريا إبراهيم ‪ :‬مشكلة الحرية‪ ،‬سلسلة مشكالت فلسفية‪ ،‬الناشر مكتبة مصر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪،2‬‬ ‫‪.27‬‬
‫‪. 1969‬‬
‫س امي خش بة‪ :‬قض ايا معاص رة في المس رح‪ ،‬دار الحري ة للطباع ة والنش ر‪ ،‬بغ داد‪ ،‬طـ ‪( ،‬‬ ‫‪.28‬‬
‫‪.)1972‬‬
‫س امي عبابن ة‪ :‬اتجاه ات النق اد الع رب في ق راءة النص الش عري الح ديث‪ ،‬ع الم الكتب‬ ‫‪.29‬‬
‫الحديث‪.2004 .،‬‬
‫الس عيد ال ورقي‪ :‬لغ ة الش عرالحديث مقوماته ا وطاقاته ا اإلبداعي ة‪ ،‬ب يروت‪ ،‬دار النهض ة‬ ‫‪.30‬‬
‫العربية‪.1984 ،‬‬
‫س يد علي إس ماعيل‪ :‬أث ر ال تراث الع ربي في المس رح المعاص ر‪ ،‬دار قب اء للطباع ة والنش ر‬ ‫‪.31‬‬
‫والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪. 2000 ،‬‬
‫شرف الدين المنصف‪ :‬تاريخ المسرح التونسي‪ ،‬د ط‪ ،‬مطبعة شركة العمل للنشر والتوزيع ‪،‬‬ ‫‪.32‬‬
‫تونس‪،‬دط‪. 1972 ،‬‬
‫شوقي ضيف‪ ،‬في النقد األدبي‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.2004 ،9‬‬ ‫‪.33‬‬
‫صالح لمباركية‪ :‬بناء الشخصية في مسرح ألفريد فرج"‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪.‬‬ ‫‪.34‬‬
‫صالح مباركية‪:‬المسرح في الجزائر‪ ،‬دراسة موضوعاتية فنية‪ ،‬ج‪ ،2‬ط‪ ،1‬دار الهدى‪ ،‬عين‬ ‫‪.35‬‬
‫مليلة‪ ،‬الجزائر‪.2005 ،‬‬
‫صالح فضل‪ ،‬ميرال الطحاوي في بروكلين هايتس‪ .‬األهرام‪2010-8-30 .‬‬ ‫‪.36‬‬
‫طه وادي‪ :‬جماليات القصيدة المعاصرة‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬ ‫‪.37‬‬
‫عاطف جودة نصر‪:‬الخيال مفهوماته ووظائفه‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪.38‬‬
‫‪.1984‬‬
‫عامر صباح المرزوك‪" :‬تاريخ وأدب المسرح العالمي"‪ ،‬دار الصادق للثقافة‪ ،‬ط‪2013 ،1‬م‪.‬‬ ‫‪.39‬‬

‫‪126‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫عبد القادر الباز‪ ،‬من تاريخ االسر العربية في الشام‪ ،‬بيروت‪. 1934 ،‬‬ ‫‪.40‬‬
‫عبدالحليم شوقي ‪:‬الزير سالم‪ ،‬أبو ليلى المهلهل‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.1984 ،‬‬ ‫‪.41‬‬
‫عب دالعزيز بره ام‪:‬المس رح الفرنس ي المعاص ر‪ ،‬ال دار القومي ة للطباع ة والنش ر‪ ،‬الق اهرة‪،‬‬ ‫‪.42‬‬
‫‪.1964‬‬
‫عب دالفتاح الحجم ري عتب ات النص البني ة والدالل ة‪ ،‬منش ورات الرابط ة‪ ،‬ال دار البيض اء‪ ،‬ط‬ ‫‪.43‬‬
‫‪1،1996‬‬
‫عبدالقادر الرباعي‪ :‬الصورة الفنية في النقد الشعري‪ ،‬عمان‪ ،‬دارجرير‪.2009 ،‬‬ ‫‪.44‬‬
‫عبدالقاهر الجرجاني‪ ،‬أسرار البالغة‪ ،‬تعليق محمود شاكر‪ ،‬دار المدني‪( ،‬جدة)‪ ،‬السعودية‬ ‫‪.45‬‬
‫عبداهلل إب راهيم‪:‬المطابق ة واالختالف‪ :‬المركزي ة الغربي ة‪ ،‬إش كالية التك ون والتمرك ز ح ول‬ ‫‪.46‬‬
‫الذات‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬ط‪.1997 ، 1‬‬
‫عبداهلل أب و هي ف‪" ،‬المس رح الع ربي المعاص ر‪ ،‬قض ايا ورؤى وتج ارب"‪ ،‬مجل ة الك اتب‬ ‫‪.47‬‬
‫العربي‪ ،‬دمشق‪ ،‬عدد ‪. 53،2001‬‬
‫عالء رشيدي‪:‬الشخص‪ ،‬حالة االنتظار غير المحدود‪ ،‬مجلة رصيف ‪ ،22‬اللبنانية‪ ،‬مقال نشر‬ ‫‪.48‬‬
‫بتاريخ‪ 22 :‬إبريل‪.2019‬‬
‫على الراعي‪ :‬المسرح في الوطن العربي‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها‬ ‫‪.49‬‬
‫المجلس الوطني والفنون واألدب‪ ،‬ط‪ ،2‬الكويت‪.1999 ،‬‬
‫علي ال راعي‪ :‬مس رح ال دم وال دموع‪ ،‬دراس ة في الميلودرام ا المص رية والعالمي ة‪ ،‬ع الم‬ ‫‪.50‬‬
‫المعرفة‪ ،‬الكويت‪.2000 ،‬‬
‫عم ار ح ازم محم د لعبي دي‪" ،‬الخي ال الش عري في القص ائد العش ر الط وال"‪ ،‬ع الم الكتب‬ ‫‪.51‬‬
‫الحديث‪ ،‬األردن ‪.1984 ،‬‬
‫وداعا شيخ المسرحيين‪ ،‬المحيط الثقافي‪ ،‬ع‪ ،51‬القاهرة‪.2006 ،‬‬
‫ً‬ ‫عمرو دوارة‪:‬‬ ‫‪.52‬‬
‫عيسى الناعوري‪ :‬أدب المهجر‪،‬دار المعارف ‪ ،‬القاهرة‪.1967 ،‬‬ ‫‪.53‬‬
‫فاروق خورشيد‪ :‬الجذور الشعبية للمسرح العربي‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪.54‬‬
‫‪.1991‬‬
‫فاطم ة حكيم‪ :‬ال تراث في مس رحية الزي ر س الم أللفري د ف رج ‪ ،‬مجل ة جامع ة تش رين‪ ،‬اآلداب‬ ‫‪.55‬‬
‫والعلوم اإلنسانية‪ ،‬سوريا ‪ ،‬المجلد ‪، 41‬العدد ‪)2019( ،5‬‬
‫ف ائزة بن خليف ة‪ ،‬مص طلحا الخط اب والمتخي ل عن د محم د لطفي اليوس في‪ ،‬بلقاس م مالكي ة‪،‬‬ ‫‪.56‬‬
‫رسالة ماجستير‪ ،‬كلية اآلداب واللغات‪ ،‬قاصدي مرباح‪ ،‬الجزائر‪.2012 ،‬‬

‫‪127‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫فالديم ير ب روب ‪ ،‬مورفولوجي ا الحكاي ة الخرافي ة ‪ ،‬ترجم ة ‪ :‬أب و بك ر أحم د باق ادر‪ ،‬وأحم د‬ ‫‪.57‬‬
‫عبد الرحيم نصر ‪ ،‬النادى األدبى الثقافى بجدة ط‪.1989، 1‬‬
‫قاي د دي اب بوج ادي قاي د‪ :‬فن المس رح عن د ألفري د ف رج ‪ -‬النق د المس رحي‪ ،‬دار س عاد‬ ‫‪.58‬‬
‫الصباح‪،‬دمشق‪.1996،‬‬
‫كمال الدين حسين‪ :‬التراث الشعبي في المسرح المصري الحديث‪ ،‬الدار المصرية اللبنانية‪،‬‬ ‫‪.59‬‬
‫ط‪.1993 ،1‬‬
‫لقمان محمود‪ :‬التراث في مسرح ألفريد فرج‪ ،‬ع‪ ،15‬يناير‪.1999 ،‬‬ ‫‪.60‬‬
‫ليلى بن عائش ة‪" ،‬بني ة الخط اب المس رحي الع ربي المعاص ر بين ثنائي ة التج ريب واإلب داع‪،‬‬ ‫‪.61‬‬
‫دراسة انتقائية لنصوص وعروض من المسرح العربي"‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة وهران‪،‬‬
‫الجزائر‬
‫ماري لياس وحنان قصاب‪ :‬المعجم المسرحي‪ ، ،‬مكتبة ناشرون‪ ،‬لبنان‪،‬ط‪.1977، 1‬‬ ‫‪.62‬‬
‫مج دي ري اض‪:‬رحل ة في ع الم ه ؤالء‪ ،‬ص الح أب و س يف‪ ،‬ألفري د ف رج‪ ،‬ف اروق خورش يد‪،‬‬ ‫‪.63‬‬
‫بيروت‪ ،‬دار التضامن‪.1989 ،‬‬
‫مج دي ف رج‪ :‬مح اورات في التج ريب المس رحي‪ ،‬الهيئ ة العام ة لش ئون المط ابع األميري ة‪،‬‬ ‫‪.64‬‬
‫القاهرة‪.1998 ،‬‬
‫محم د مص طفى ب دوي ‪ :‬المس رح الع ربي الح ديث في مص ر"‪ ،‬ترجم ة أن وار عب دالخالق‪،‬‬ ‫‪.65‬‬
‫المركز القومي للترجمة‪ ،‬الطبعة األولى‪.2016 ،‬‬
‫محم د من دور‪" ،‬في المس رح المص ري المعاص ر‪ ،‬س قوط فرع ون– أو الس الم المس لح ‪،‬‬ ‫‪.66‬‬
‫‪.2017‬‬
‫محم ود أمين الع الم‪ :‬الوج ه والقن اع في مس رحنا الع ربي المعاص ر‪ ،‬دار اآلداب‪ ،‬ب يروت‪،‬‬ ‫‪.67‬‬
‫‪.1973‬‬
‫محمود بسيوني‪" ،‬تربية الذوق الجمالي"‪ ،‬دار المعارف ‪ ،‬القاهرة‪.1986 ،‬‬ ‫‪.68‬‬
‫مراد حسن فطوم‪ :‬التلقي في النقد العربي في القرن الرابع الهجري"‪ ،‬الهيئة العامة السورية‬ ‫‪.69‬‬
‫للكتاب‪ ،‬دمشق‪.2013 ،‬‬
‫م راد م بروك‪ :‬آلي ات الس رد في الرواي ة العربي ة المعاص رة‪ ،‬الهيئ ة العام ة لقص ور الثقاف ة‪،‬‬ ‫‪.70‬‬
‫القاهرة ‪.2000 ،‬‬
‫مص ري عبدالحمي د حن ورة ‪ :‬األس س الفني ة لإلب داع الف ني في الش عر المس رحي‪ ،‬الهيئ ة‬ ‫‪.71‬‬
‫المصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪.1986 ،‬‬

‫‪128‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫مفي دة س لطاني‪ ،‬ون وال غ ربي‪ ،‬المتخي ل الس ردي في رواي ة عائش ة لح واء حنك ة‪ ،‬رس الة‬ ‫‪.72‬‬
‫ماجستير‪ ،‬الجزائر‪)2018( ،‬‬
‫نبيل راغب‪" ،‬لغة المسرح عند ألفريد فرج"‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪1986 ،‬‬ ‫‪.73‬‬
‫نعمات فؤاد‪ :‬خصائص الشعر الحديث ‪،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة ‪.1998 ،‬‬ ‫‪.74‬‬
‫نهاد صليحة ‪ :‬الحرية والمسرح‪ ،‬المكتبة الثقافية‪ ،‬الهيئة المصرية للكتاب‪.1991 ،)474( ،‬‬ ‫‪.75‬‬
‫يعقوب لنداو ‪ :‬دراسات في المسرح والسينما عند العرب‪ ،‬ترجمة وتعليق‪ :‬أحمد المغازي‪،‬‬ ‫‪.76‬‬
‫ع ‪ ،50‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬ط (‪.)1972‬‬

‫الرسائل العلمية‪:‬‬
‫حافظ السليم‪" ،‬توظيف التراث العربي في مسرحيات ألفريد فرج"‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة‬ ‫‪.1‬‬
‫آل البيت‪ ،‬كلية اآلداب‪ ،‬األردن‪.2007 ،‬‬
‫رش يد كالع‪" ،‬الخي ال والتخيي ل عن د ح ازم القرط اجني بين النظري ة والتط بيق"‪ ،‬رس الة‬ ‫‪.2‬‬
‫ماجستير في اللغة العربية وآدابها‪ ،‬الجزائر‪ ،‬جامعة منتوري‪.2005 ،‬‬
‫ث أبي هري رة"‪ ،‬ق ال‪ ،‬لمحم ود المس عدي"‪ ،،‬رس الة ماجس تير‬ ‫زه رة خ الص‪" ،‬التن اص في ح َّد َ‬ ‫‪.3‬‬
‫في تحلي ل الخط اب‪ ،‬جامع ة الجزائ ر‪ ،‬كلي ة اآلداب واللغ ات‪ ،‬قس م اللغ ة العربي ة وآدابه ا‪،‬‬
‫‪.2006‬‬

‫مقاالت ومراجع أجنبية‪(:‬‬


‫‪https://almadasupplements.com/view.php?cat=9463 :،21/1/2014 .1‬‬
‫‪ .2‬جريدة الرأي األردنية‪ ،‬الموت يغيب الكاتب المسرحي ألفريد فرج‪ ،‬العدد (‪ ،)12858‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪ ،2005 ،‬ج‪2‬‬
‫‪ .3‬ح وار ص حفي م ع الك اتب‪ :‬أش رف ش هاب‪ ،‬ن ائب رئيس تحري ر دي وان الع رب ومراس لها في‬
‫القاهرة‪https://www.diwanalarab.com .‬‬
‫‪ .4‬خمس س نوات على رحي ل ج وهرة المس رح ألفري د ف رج‪ ،‬مق ال إلك تروني منش ور بجري دة‬
‫(المصري اليوم)‪ ،‬بتاريخ‪،23/12/2010 :‬‬
‫‪ https://www.almasryalyoum.com/news/details/102322‬اطُّل ع علي ه بت اريخ‪:‬‬
‫‪10/7/2021‬م‪.‬‬
‫‪ .5‬سماح عادل‪ ،‬ألفريد فرج‪ ..‬نهل من التراث واهتم مسرحه بمبدأ تحقيق العدالة‪ ،‬مجلة كتابات‪،‬‬
‫نوفمبر‪https://kitabat.com/cultural ، 2018 ،‬‬

‫‪129‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫‪ .6‬عب د‪ ‬الغ ني‪ ‬داود‪ : ،‬الفالح في مس رح المدين ة‪ ،‬مق ال إلك تروني‪ ،‬مجل ة مس رحنا عن هيئ ة‬
‫التحرير‪ 12 ،‬ديسمبر‪/http://www.masrahona.com 2011 ،‬‬
‫‪ .7‬عب دالرحيم محم د الهبي ل‪ ،‬جمالي ة التلقي والت أثير في مس رحية الن ار والزيت ون أللفري د ف رج‪،‬‬
‫مجل ة اآلداب واللغ ات‪ ،‬المجل د الس ادس‪ ،‬الع دد ‪ 12‬ديس مبر ‪ ،2020‬جامع ة الق دس المفتوح ة‪،‬‬
‫فلسطين‬
‫‪ .8‬عبدالفتاح صبري‪ " ،‬حمل التراث إلـى خشبة المسـرح ‪..‬ألفريد فرج‪ ..‬مبدع من زمن مغاير"‪،‬‬
‫مجلة مالحق المدى‪ ،‬بتاريخ‪:‬‬
‫حس و‪ ،‬ألفري د ف رج‪ :‬اإليم ان ب دور الف رد في التغي ير والتط وير‪ ،‬جري دة الث ورة‪،‬‬
‫‪ .9‬عبدالناص ر ُّ‬
‫نسخة إلكترونية‪ ،‬ملحق ثقافي‪ ،‬بتاريخ‪،13/12/2005 :‬‬
‫?‪http://archive.thawra.sy/_print_veiw.asp‬‬
‫‪FileName=72812831220051212235730‬‬
‫‪ .10‬ماج د الس امرائي‪ ،‬ح وار م ع ألفري د ف رج‪ ،‬أس ئلة الواق ع‪ ،‬أس ئلة المس رح ‪ ،‬مجل ة الراف د‪ ،‬دائ رة‬
‫الثقافة واإلعالم‪ ،‬الشارقة‪ ،‬عدد ‪ ،33‬مايو ‪.2000‬‬
‫‪ .11‬مجدي فرج‪ :‬نظرة متأملة إلى مسرح ألفريد فرج‪ ،‬مجلة الكويت‪ ،‬الكويت‪ ،‬عدد ‪.1982 ،22‬‬
‫‪ .12‬م نى خلي ل‪ :‬ألفري د ف رج وإ ب داع األص الة العربي ة‪ ،‬جري دة الفن ون‪ ،‬الس نة السادس ة‪ ،‬الع دد ‪،63‬‬
‫السنة السادسة‪،)2006( ،‬‬
‫‪http://egyptartsacademy.kenanaonline.com/posts/99813‬‬
‫‪ .13‬مهدي الحسيني‪ :‬حوار مع ألفريد فرج حول مسرحية النار والزيتون‪ ،‬مجلة اآلداب‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬عدد ‪ ،5‬مايو ‪.1971‬‬
‫عمدا‪ ،‬مقال منشور‪ ،‬الهيئة‬
‫‪ .14‬نبيل فرج‪ :‬المسرحية التي أسقطها ألفريد فرج من مؤلفاته الكاملة ً‬
‫العربية للمسرح‪/https://www.atitheatre.ae/admin-65 ،‬‬
‫‪ .15‬هن اء عب دالفتاح‪ :‬مصر الثورة أمالً في الوص ول إلى ديمقراطي ة التعب ير في الدراما والمسرح‬
‫المصري"‪ ،‬مجلة أوراق كالسيكية‪ ،‬العدد الحادي عشر‪.2012 ،‬‬

‫الملخص‪:‬‬
‫(ألفري د ف رج) رائ د من رواد المس رح المص ري والع ربي‪ ،‬ارتب ط اس مه بت اريخ المس رح‬
‫وقضايا المجتمع وبجدية ما طرح‪ .‬وقد مثَّلت نشأته األساس في تدعيم صلته بالفن وبالفكرة التي‬

‫‪130‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫واعي ا بش ؤون إبداع ه نظريًّا وتطبيقيًّا‪ ،‬ولعل ه من‬


‫ً‬ ‫أديب ا ومس رحيًّا‬
‫اختاره ا عن ه‪ .‬وق د ب رز (ف رج) ً‬
‫الكتاب القليلين الذين يصدرون عن رؤية إبداعهم وفهمه في مصادره وطبيعته ووظائفه‪ ،‬فرافق‬
‫إبداعه اشتغا ٌل واسع بالممارسة األدبية والمسرحية في زمنها وفي تطلعاتها الفكرية والفنية‪ .‬وقد‬ ‫َ‬
‫ه دفت الدراس ة إلى‪ :‬التعري ف بألفري د ف رج وأعمال ه المس رحية‪ ،‬وإ ب راز مفه وم المتخي ل الثق افي‬
‫وت أثيره في أعمال ه المس رحية‪ ،‬والوق وف على جمالي ات النزع ة اإلنس انية عن د ألفري د ف رج من‬
‫خالل مس رحياته‪ ،‬وت أثير الظ روف السياس ية واالجتماعي ة في مس رح ألفري د ف رج‪ .‬وق د ارتك زت‬
‫الدراسة على كل من المنهج التاريخي والوصفي في سرد المواقف واألحداث التاريخية والتراثية‬
‫ال تي أث رت في مس يرة الك اتب ألفري د ف رج‪ ،‬ومن ثم المنهجين التحليلي واالس تقرائي الس تعراض‬
‫األعمال المسرحية له والوقوف على مفردات المتخيل الثقافي فيها واإلشارات السياسية والفكرية‬
‫واالجتماعية المتضمنة‪ .‬وكانت أبزر نتائجها‪ :‬ظهور القيمة الفنية واإلبداعية أللفريد فرج كاتب‬
‫مسرحي له إسهامات كبيرة في التعريف بالتراث المصري والعربي وتقديمه للجمهور العربي في‬
‫لغة رقيقة وسريعة الفهم‪ ،‬كما أبرزت الدراسة ظاهرة األشكال الفنية التراثية في المسرح العربي‬
‫عام ة ومس رح (ألفري د ف رج) خاص ة‪ ،‬وظ اهرتي الهوي ة الثقافي ة والفكري ة عن د األدب اء‪ ،‬وظ اهرة‬
‫األديب الناق د المفك ر عن د الكث ير من األدب اء‪ ،‬ومنهم (ألفري د) ال ذي يع د من رواد المب دعين‬
‫المسرحيين في مصر والعالم العربي‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

The Cultural Fiction in the Theatre of Alfred Farag


Alfred Farag is one of the pioneers of Egyptian and Arab theater
together, his name has been associated the history of theater and
community issues, and the seriousness of what was presented. His
upbringing represented the basis for consolidating his connection with art
and the idea he chose for it. He has emerged as a writer and playwright
conscious of his creativity in theory and practice, perhaps he was one of the
few writers who issue a vision of their creativity and understand it in its
sources, nature and functions, his creativity was accompanied by extensive
work in literary and theatrical practice in its time and in his intellectual and
artistic aspirations. The researcher aimed from this study to: introducing
Alfred Farag and his plays, highlighting the concept of the cultural fiction
and its impact on his plays, identifying the aesthetics of Alfred Farag's
human tendency through his plays, and the impact of political and social
conditions in Alfred Farag theatre, the study relied on both the historical
and descriptive method in narrating the historical and heritage situations
and events that affected the career of the writer Alfred Farag, then the
analytical and inductive methods to analyze his plays and to identify the
vocabulary of the cultural fiction in them and the political, intellectual and
social references included. The main results of the study are: the emergence
of the artistic and creative value of Alfred Farag as a playwright who has
made great contributions in introducing the Egyptian and Arab heritage and
presenting it to the Arab audience in a easy language and fast to
understand, the study also dealt with the phenomenon of traditional artistic
forms in Arab theater generally and Alfred Farag theater especially, and the
phenomena of cultural and intellectual identity among writers, including
Alfred, who is one of the pioneers of theatrical creators in Egypt and the
Arab world.

132
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫فهرس المحتويات‬
‫رقم الصفحة‬ ‫البيــــــان‬
‫‪2‬‬ ‫مقدمة‪.......................................................................‬‬
‫‪2‬‬ ‫أهمية الموضوع‪..........................................................‬‬
‫‪2‬‬ ‫أسباب اختيار الموضوع‪................................................‬‬
‫‪3‬‬ ‫أهداف الدراسة‪............................................................‬‬
‫‪3‬‬ ‫منهج الدراسة ‪............................................................‬‬
‫‪3‬‬ ‫أهداف الدراسة‪............................................................‬‬
‫‪3‬‬ ‫مشكلة الدراسة‪............................................................‬‬
‫‪4‬‬ ‫مخطط الدراسة‪............................................................‬‬
‫‪38 -7‬‬ ‫الفصل األول‬
‫اإلطار النظري‬
‫‪8‬‬ ‫تمهيد‪........................................................................‬‬
‫‪10‬‬ ‫المبحث األول ‪ :‬مفهوم المتخيل الثقافي‬
‫‪13‬‬ ‫مفهوم) المتخيل‪............................................................‬‬
‫‪14‬‬ ‫الفارق بين التخيل والتصور‪............................................‬‬
‫‪15‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬التعريف باألديب (ألفريد فرج)‬
‫‪15‬‬ ‫أوالً ‪ :‬مولده ونشأته ووفاته ‪...........................................‬‬
‫‪15‬‬ ‫ثانيا ً ‪ :‬التكوين الثقافي واالجتماعي والنفسي للكاتب‪..............‬‬
‫‪19‬‬ ‫ثالثا ً ‪ :‬النشاطات الخارجية ‪.............................................‬‬
‫‪19‬‬ ‫رابعا ً ‪ :‬النشاطات السياسية ‪............................................‬‬

‫‪21‬‬ ‫خامسا ً ‪ :‬شخصية (ألفريد فرج) ‪.......................................‬‬

‫‪23‬‬ ‫المبحث الثالث ‪ :‬بداياته المسرحية‬


‫‪23‬‬ ‫أوالً ‪ :‬مسرح المدرسة‪...................................................‬‬
‫‪24‬‬ ‫ثانيا ً ‪ :‬اهتمامه بالمسرح في صغره‪...................................‬‬

‫‪133‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫‪25‬‬ ‫ثالثا ً ‪ :‬اهتمامه بالقصة والشعر‪........................................‬‬


‫‪26‬‬ ‫رابعا ً ‪ :‬أهمية المسرح في حياته‪......................................‬‬

‫‪27‬‬ ‫خامسا ً ‪ :‬رأيه في المسرح‪..............................................‬‬

‫‪29‬‬ ‫سادسا ً ‪ :‬رؤيته للمسرح الذهني لـ (توفيق الحكيم)‪...............‬‬


‫‪31‬‬ ‫المبحث الرابع ‪ :‬تأصيل الهوية في مسرح (فرج)‬
‫‪32‬‬ ‫أوالً ‪ :‬أهم ما تميز به مسرح (فرج)‪..................................‬‬
‫‪36‬‬ ‫ثانيا ً ‪ :‬اهتمامه بالمسرح الوطني ‪.....................................‬‬
‫‪66 -39‬‬ ‫الفصل الثاني‬
‫االطار التطبيقي الصور الفكرية عند ألفريد فرج‬
‫‪42‬‬ ‫المبحث األول ‪ :‬الشخصيات التراثية في مسرح ألفريد‬
‫فرج‬
‫‪43‬‬ ‫أوالً ‪ :‬صورة الفالح‪......................................................‬‬
‫‪45‬‬ ‫ثانيا ً ‪ :‬صورة الحالق الفضولي‪.........................................‬‬
‫‪47‬‬ ‫ثالثا ً ‪ :‬صورة الثائر على الظلم‪.........................................‬‬
‫‪53‬‬ ‫رابعا ً ‪ :‬صورة الخليفة والقاضي‪.......................................‬‬

‫‪54‬‬ ‫خامسا ً ‪ :‬صورة الحاكم في مسرح ألفريد فرج‪......................‬‬

‫‪86 – 67‬‬ ‫الفصل الثالث‬


‫القضايا السياسية في مسرح ألفريد فرج‬
‫‪71‬‬ ‫المبحث األول ‪ :‬الدفاع عن الحق في الحياة والوطن‬
‫‪71‬‬ ‫أوالً‪ :‬ثورية (سليمان الحلبي‪...................)1966-1965 :‬‬

‫‪74‬‬ ‫ثانيًا‪ :‬السلطة والشعب في‪( :‬على جناح التبريزي)‪................‬‬

‫‪78‬‬ ‫المبحث الثاني ‪:‬الحرية) في مسرح ألفريد فرج‬


‫‪79‬‬ ‫أوالً‪ :‬الحرية في مسرح (فرج)‪.........................................‬‬

‫‪80‬‬ ‫ثانيًا‪ :‬الحرية و(سقوط الفرعون)‪.....................................‬‬

‫‪82‬‬ ‫ثالثًا‪ :‬قيمة الحرية في المسرحية‪.......................................‬‬

‫‪83‬‬ ‫راب ًعا‪ :‬حرية األوطان في (سليمان الحلبي)‪..........................‬‬

‫‪134‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫‪120 – 87‬‬ ‫الفصل الرابع‬


‫البناء الفني في مسرح ألفريد فرج‬
‫‪89‬‬ ‫المبحث األول ‪ :‬الصورة والرمز‬
‫‪90‬‬ ‫أوالً‪ :‬الصور التي اهتم بها مسرح (فرج)‪...........................‬‬

‫‪93‬‬ ‫ثانيًا‪ :‬االستخدام التسجيلي المطلق‪....................................‬‬

‫‪97‬‬ ‫ثالثًا‪ :‬التنوع في الصور والرموز‪......................................‬‬

‫‪98‬‬ ‫راب ًعا‪ :‬رمزية الهوية في (الشخص)‪...................................‬‬

‫‪99‬‬ ‫سا ‪:‬المسرح التجريبي عند (فرج)‪................................‬‬


‫خام ً‬

‫‪100‬‬ ‫سا‪ :‬المسرح التعبيري‪...............................................‬‬


‫ساد ً‬

‫‪101‬‬ ‫ساب ًعا‪ :‬صور النضال والكفاح في (النار والزيتون)‪...............‬‬

‫‪104‬‬ ‫ثامنًا‪ :‬مزج الصور التراثية بالواقع المعاصر‪........................‬‬

‫‪106‬‬ ‫تاس ًعا‪ :‬رمزية حالق بغداد‪...............................................‬‬

‫‪108‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬المعجم المسرحي عند (فرج)‬


‫‪109‬‬ ‫أوالً‪ :‬تجديد لغة المسرح عند (فرج)‪..................................‬‬

‫‪110‬‬ ‫ثانيًا‪ :‬لغته المسرحية‪.....................................................‬‬

‫‪111‬‬ ‫ثالثًا‪ :‬الثراء في التجريب‪................................................‬‬

‫‪113‬‬ ‫التنوع في الكتابة المسرحية‪..................................‬‬


‫ُّ‬ ‫راب ًعا‪:‬‬

‫‪116‬‬ ‫سا‪ :‬تأويل المعاني في النص المسرحي‪........................‬‬


‫خام ً‬

‫‪121‬‬ ‫الخاتمة والنتائج‬


‫‪123‬‬ ‫أهم النتائج‪................................................................‬‬
‫‪125‬‬ ‫الملحقات‪..................................................................‬‬
‫‪127‬‬ ‫ببليوغرافيا‪................................................................‬‬
‫‪127‬‬ ‫أهم مؤلفات ألفريد فرج‪.................................................‬‬
‫‪127‬‬ ‫مؤلفات حول ألفريد فرج‪................................................‬‬
‫‪129‬‬ ‫المراجع والمصادر ‪................................................‬‬

‫‪135‬‬
‫المتخيل الثقافي فى مسرح ألفريد فرج‬

‫‪136‬‬

You might also like