You are on page 1of 115

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫جامعة محم ـ ـ ــد البشير االبراهيمي‪-‬برج بوعريريج‪-‬‬

‫كلية اآلداب واللغات‬


‫التخصص‪ :‬أدب حديث ومعاصر‬ ‫قسم اللغة واألدب العربي‬

‫مذكرة مكملة لنيل شهادة ماستر في اللغة واألدب العربي‬


‫نظام جديد ‪LMD‬‬
‫العن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوان‬

‫سيميولوجيا الخطاب المسرحي الجزائري المعاصر‬


‫"مسرحية الشروق" لصالح لمباركية نموذجا‬

‫إشراف الدكتور‪:‬‬ ‫إعداد الطالبتين‪:‬‬


‫الصاحل قسيس‬ ‫بثينة صيدون‬
‫نورة غامن‬
‫الصفة‬ ‫الرتبة‬ ‫االسم واللقب‬
‫رئيسا‬ ‫أستاذ محاضر أ‬ ‫بوعالم رزيق‬
‫مشرفا ومقررا‬ ‫أستاذ محاضر أ‬ ‫الصالح قسيس‬
‫ممتحنا‬ ‫أستاذ محاضر ب‬ ‫عادل رماش‬

‫الموسم الجامعي‪2020/2021:‬م‪1442/1443-‬ه‬
‫إ هــــــــــداء‬
‫‪:‬أهدي ثمرة جهدي إلى‬

‫إلى من ألبسني ثوب اآلداب ومكارم األخالق وتحمل مشاق الحياة وعلمني ألكون له فخرا مدى الحياة‪ ،‬حاملة اسمه معي حتى الممات‬
‫‪.‬إلى من أسند ظهري إليه وأنحني لتقبيل وجنتيه إلى من سعى ألجل راحتي ونجاحي إلى أعظم رجل في الكون‪ :‬أبي الغالي‬

‫إلى من بسمتها غايتي وما تحت أقدامها جنتي‪ ،‬إلى من حملتني في بطنها وسقتني من صدرها وأسكنتني قلبها فغمرتني بحبها‬
‫‪.‬إلى صديقتي الحميمة وأمي الرحيمة حفظك اهلل ورعاك وجعل جنة الفردوس مثواك إلى أمي الحبيبة‬

‫إلى من سهر معي وناضل من أجلي وحقق لي األماني إلى من دعمني وكان خير سند لي إلى من تخونني الكلمات ألهدي له‬
‫‪.‬تشكرات إلى من خطى معي خطواتي ويسر لي الصعاب‬

‫إلى أروع من جسد للحب كل معانيه فكان السند والعطاء قدم الكثير في صور من صبر‪ ،‬وأمل‪ ...‬ومحبة‪ ...‬إلى رفيق دربي‬
‫‪.‬زوجي إلياس‬

‫إلى الذين ظفرت بهم هدية من الرحمان‪ ...‬إلى المحبة التي تنضب‪ ...‬والخير بال حدود‪ ...‬إلى من شاركتهم كل حياتي‪ ....‬إلى‬
‫إخوتي‪ :‬يسمينة‪ ،‬حنان‪ ،‬سليمان‪ ،‬إلياس‪ ،‬صالح‪ ،‬إلى األهل واألصدقاء الذين رافقوني‪ ....‬شجعوا خطوتي عندما غالبتني األيام كثر أنتم‪،‬‬
‫‪.‬لكم مني حبي وامتناني‬

‫‪.‬إلى أساتذتي وأهل الفضل علي الذين غمروني بالحب والتقدير والنصيحة والتوجيه واإلرشاد‬

‫‪.‬إلى كل أصدقاء الدراسة وزمالئي وزميالتي‬

‫وإ لى من ابتسم في وجهي ونصحني ولم تسعهم ورقتي‬

‫‪.‬إلى كل هؤالء أهديهم هذا العمل المتواضع‪ ،‬سائال اهلل العلي القدير أن ينفعنا به ويمدنا بتوفيقه‬

‫نورة غانم‬
‫إ هـــــــــــــــداء‬
‫أهدي ثمرة جهدي المتواضع إلى‪:‬‬

‫من كانت عونا ودفئ بين أضلعي إلى قرة عيني وحبيبة قلبي أمي العزيزة حفظك اهلل‬

‫إلى من علمني الصبر على الصعاب ومنحني القوة ومهد لي الطريق إلى العلم والنجاح أبي الغالي‬
‫رعاك اهلل‪.‬‬

‫إلى الذين كانوا سندا لي في حياتي‪ :‬إخوتي الغالين‪ :‬علي وزوجته جيهان‪ ،‬ووليد‪.‬‬

‫إلى أخواتي العزيزات‪ :‬فضيلة‪ ،‬دليلة‪ ،‬ريم‪ ،‬فطيمة‬

‫إلى البراعم الصغار أبناء اختاي‪.‬‬

‫فاطمة‪ ،‬دنيا‪ ،‬زكريا‪ ،‬إلياس‪ ،‬تسنيم‪ ،‬مهدي‪ ،‬مريا والكتكوتة الصغيرة جوري‬

‫إلى باقي أفراد أسرتي‪.‬‬

‫إلى أساتذتي الكرام واالستاذ المشرف الذي قدم لي كل أنواع المساعدة‬

‫إلى زمالئي وزميالتي في الدراسة‬

‫إلى رفقاء الدرب وصندوق أسراري وسندي في دراستي نورة‪ ،‬رفيق‪ ،‬إلياس‪ ،‬نعيمة‪ ،‬لكم مني كل‬
‫الشكر والتقدير‬

‫إلى كل من كان له الفضل في انجاز هذا البحث من قريب أو من بعيد‬

‫إلى كل من حفظه قلبي ولم تحفظه ذاكرتي‬

‫بثينة صيدون‬
‫مقدمة‬
‫‪............................................................................................‬مقدمة‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫يعد المسرح من أقدم الفنون األدبية التي كان لها اتصال وثيق باإلنسان وتأثيرا في النفوس‪،‬‬
‫حيث راح يص ور عن طري ق التمثي ل ك ل مال ه عالق ة بوج ود اإلنس ان يحم ل في ش بكته جمل ة من‬
‫األحداث والشخصيات واألزمنة واألمكنة واللغة في قالب واحد يؤدي وظيفة تبليغية قائمة على أسس‬
‫ابداعية‪.‬‬

‫ويعم ل المس رح على ترجم ة ه واجس ومكنون ات النفس االنس انية الداخلي ة وعلى تطلعاته ا‪،‬‬
‫اتجاه الحياة وما يطرأ عليها من تغير يجسدها في الواقع‪ ،‬كي يسمح للقارئ بمعايشتها‪.‬‬

‫وق د ارتب ط المس رح من ذ ظه وره ارتباط ا وثيق ا بالثقاف ة وال دين والمجتم ع‪ ،‬إذ ك ان وال ي زال‬
‫نقط ة انطالق لبداي ة معرفي ة واعي ة مس ت جمي ع المج االت‪ ،‬وس عت لمعالج ة القض ايا االجتماعي ة‬
‫والوص ول بالمجتمع ات إلى أعلى المراتب‪ ،‬لهذا ع ّد المسرح من الض روريات في حياتنا لم ا يحمله‬
‫من طابع الترفيه والتوعية‪.‬‬

‫والمتتبع لمسار المسرح‪ ،‬يالحظ أنه قد حظى بعناية كبيرة لدى الشعوب العربية عكس ما‬
‫نجده في ساحتنا األدبية فرغم الدور الذي يلعبه المسرح‪ ،‬في ترقية األمم إال أن المسرح الجزائري‬
‫لم يع نى باالهتم ام الالزم من قب ل الش عب‪ ،‬على ال رغم من أن ه ع الج العدي د من القض ايا االجتماعي ة‬
‫والسياسية في قالب درامي وفكاهي‪.‬‬

‫وباعتب ار الخط اب المس رحي بني ة أساس ية في أي انت اج أدبي مس رحي‪ ،‬ف إن النق اد ح اولوا‬
‫تناول هذا النوع‪ ،‬بعيدا عن مؤلفه بدراسة والتحليل بمناهج ربط بعضها النص بالمجتمع‪ ،‬وصوال‬
‫إلى المتلقي الذي كان محورا لدراستهم النقدية‪ ،‬ومن هنا جاءت دراستنا حول سيميولوجية الخطاب‬
‫المسرحي الجزائري المعاصر لمعرفة األسس التي يرتكز عليها هذا الخطاب كغيره من الخطابات‬
‫األدبي ة األخ رى‪ ،‬إذ وق ع اختياران ا على نص الش روق ل"ص الح لمباركي ة"‪ ،‬لك ون ه ذه المس رحية‬
‫تختل ف عن ب اقي المس رحيات ال تي تنظ وي تحت ل واء المس رحية الثوري ة‪ ،‬وي أتي موض وعنا ه ذا‬
‫لمعالجة اإلشكال الرئيس التالي‪:‬‬

‫ا‬
‫‪............................................................................................‬مقدمة‬

‫‪ -‬م ا الخص ائص الس يميولوجية ال تي خصص ها لمباركي ة؟ وإ لى أي م دى وف ق في إيص ال الخط اب‬
‫المسرحي من خالل مؤلفه؟ ولإلجابة عن هذه اإلشكالية ال بد من أن نخوض في التساؤالت التالية‪:‬‬
‫ما المسرح وما سيماته؟‬

‫‪ -‬ما هو الخطاب المسرحي و ما أهم خصائصه؟ وفيما تجسد المنهج في هذا الخطاب؟‬

‫‪ -‬وهل تحقق الخطاب المسرحي في مسرحية الشروق؟‬

‫ومن األسباب التي جعلتنا نختار هذا الموضوع كانت متنوعة بين الموضوعية والذاتية‬

‫فالموض وعية تمثلت في االطالع على أهم الب نى الفكري ة والجمالي ة المزروع ة في الخط اب‬
‫المسرحي وكذا إلثراء المكاتب بصفة عامة والقارئ أو الباحث بصفة خاصة‪.‬‬

‫أما الذاتية فتجسدت في حبنا للمسرح‪ ،‬والرغبة في االطالع واستكشاف أهم محتوياته‪.‬‬

‫وبالنس بة لمنهج الدراس ة فإنن ا التزمن ا ب المنهج الس يميولوجي باإلض افة إلى من اهج أخ رى‬
‫كاألس لوبي والب نيوي والت اريخي وه ذا لم ا تقتض يه طبيع ة الدراس ة‪ ،‬ألنن ا بص دد ع رض م ا يتعل ق‬
‫بالمس رح والخط اب المس رحي ال ذي ه و أس اس دراس تنا‪ ،‬ولن برز أهم خص ائص مس رحية الش روق‪،‬‬
‫ونكشف عن مضامينها وأساليبها الفنية‪.‬‬

‫وتتشكل خطة دراستنا من مقدمة ومدخل وفصلين وخاتمة‪.‬‬

‫فجاء المدخل موسوما بالسيميولوجيا وأهم مبادئها‪ ،‬مبرزين فيه ماهية السيميولوجيا ونشأتها‬
‫باإلضافة إلى أهم مبادئها وموضوعاتها‪.‬‬

‫وتناول الفصل األول مقاربة مفاهيمية للخطاب والمسرح وتبيين أهم خصائصهم لينصرف‬
‫الفص ل الث اني إلى دراس ة تطبيقي ة يتم فيه ا الكش ف عن العناص ر الفني ة لمس رحية الش روق ل"ص الح‬
‫لمباركية"‪.‬‬

‫لتنتهي دراستنا بخاتمة تضمنت أهم النتائج المتوصل إليها‪.‬‬

‫واعتمدنا على جملة من المصادر والمراجع‪ ،‬دعمنا بها أفكارنا ومن أهمها‬

‫ب‬
‫‪............................................................................................‬مقدمة‬

‫‪ -‬صالح لمباركية‪ :‬مسرحية الشروق‪.‬‬

‫‪ -‬صالح لمباركية‪ :‬المسرح في الجزائر(النشأة والرواد ونصوص حتى سنة ‪.)1972‬‬

‫‪ -‬عبد الهادي بن ظافر الشهري‪ :‬استراتيجية الخطاب مقاربة لغوية تداولية‪.‬‬

‫‪ -‬سعيد بنكراد‪ :‬السيميائيات مفاهيمه وتطبيقاتها‪.‬‬

‫وقد اعترضتنا صعوبات كان أبرزها‪ ،‬ندرة المصادر التي تدرس هذا الفن وقلة الدراسات‬
‫الس ابقة ال تي تن اولت مث ل ه ذه المواض يع‪ ،‬وإ ن وج دت فهي مش تتة‪ ،‬باإلض افة لع دم امتالكن ا للق درة‬
‫الكافية على البحث‪ .‬إال اننا حاولنا بقدر المستطاع تجاوز هذه العوائق وإ ثراء الساحة الثقافية بهذه‬
‫الدراسة المتواضعة‪.‬‬

‫وفي األخ ير ال يس عنا إال أن نحم د الم ولى عز وج ل على توفيق ه لن ا‪ ،‬غير متناس ين ك ل من‬
‫قدم لنا يد المساعدة من قريب أو بعيد‪.‬‬

‫ج‬
‫الفصل األول‪ .......................................................‬بيداغوجية التدريس‬
‫بالكفاءات‬

‫مدخل‪ :‬السيميولوجيا الماهية والمفهوم‬


‫أوال‪ :‬تعريف السيميولوجيا‬

‫ثانيا‪ :‬نشأة السيميولوجيا عند الغرب والعرب‬

‫ثالثا‪ :‬مبادئ السيميولوجيا‬

‫رابعا‪ :‬موضوع السيميولوجيا وعالقتها بالعلوم األخرى‬

‫خامسا‪ :‬مجاالت تطبيق السيميولوجيا‬


‫مدخـــــــــــــل‪.........................................................‬السيميولوجيا الماهية والمفهوم‬

‫أوال‪ -‬مفهوم السيميائية‪ ":‬السيميولوجيا"‬


‫لغة‪:‬‬
‫الس يماء أو الس يمياء بي اء زائ دة‪ :‬لفظ ان مترادف ان لمعنى واح د‪ ،‬وق د ورد هذا المص طلح في‬
‫القرآن الكريم‪ .‬مقصورا وغير ممدود‪ ،‬أي بال همز‪ :‬سيما" في عدة مواضيع‪:‬‬

‫الُّس ُج وِد ﴾ (الفتح ‪)39‬‬ ‫‪ -‬كقوله تعالى‪ِ﴿ :‬س َمياْمُه يِف ُو ُج وِه ِهْم ِم ْن َأَثِر‬
‫َمياْمُه ﴾ (األعراف‪)48‬‬‫‪ -‬وقوله سبحانه‪َ﴿ :‬و اَن َدى َأَحْصاُب اَأْلْع َر اِف ِر َج ااًل َيْع ِر ُفوُهَنْم ِبِس‬

‫وقوله أيضا‪ُ﴿ :‬يْع َر ُف اْلُم ْج ِرُم وَن ِبِس َمياْمُه َفُيْؤ َخ ُذ اِب لَّنَو ايِص َو اَأْلْقَد اِم ﴾ (الرحمان‪)41‬‬

‫كم ا وردت لفظ ة "الِّس يَم اُء" في معجم لس ان الع رب البن منظ ور على م ادة سوم (س‪ ،‬و‪،‬م)‬
‫‪1‬‬
‫بمعنى الُّسومُة والِّسمُة‪ ،‬والّس يَم اُء أي العالمة وسوم الفرس جعل عليه السمة"‪.‬‬

‫وهي مش تقة من الفع ل "س ام" ال ذي ه و في األص ل "س وم" مقل وب "َو َس َم "‪ .‬واألرجح أن وزن‬
‫‪2‬‬
‫"سيما" الصرف يأتي على "ِع ْف لى" وصورة نطقها "ِف ْع َلى"‪.‬‬

‫وج اء في التفس ير‪ ":‬أن الس يما هي العالم ة ال تي يع رف به ا الش يء‪ ،‬وأص له االرتف اع ألن‬
‫عالمة رفعت للظهور‪ ،‬ومنه الّس وم في البيع‪ .‬وهو الزيادة في مقدار الثمن لالرتفاع فيه عن الحدود‪.‬‬
‫ومنه سوم الخسف للرفع فيه بتحميل ما يشتق‪ .‬ومنه سوم الماشية إرسالها في المرعى"‪ 3.‬وهذا إن‬
‫دل على شيء فإنه يدل على أن السيميائية تحمل معنى واحد وهو العالمة ال غير‪ ،‬واتفقت علي ه جل‬
‫معاجم اللغة العربية وكذلك القرآن الكريم‪.‬‬

‫تنحدر كلمة سيميولوجيا‪ Sémiologie‬من األصل اليوناني"‪ "Sémion‬الذي يعني العالم ة و‬


‫‪ Logos‬ال ذي يع ني الخط اب ونج ده مس تعمال في كلم ات مث ل‪ Sociologie:‬علم االجتم اع‪ ،‬و‬

‫‪ )(1‬ابن منظ ور جم ال ال دين محم د بن مك رم األنص اري‪ :‬لس ان الع رب‪ ،‬م ادة (س‪ ،‬و‪ ،‬م) المجل د الث اني عش ر‪ ،‬دار‬
‫صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص‪.312‬‬
‫‪ )( 2‬أحمد علي محمد‪ :‬المفهوم اللغوي واالصطالحي للسيمياء عربيا‪ ،‬بحث في المصطلح والمصطلح المجاور(مقارب ة‬
‫فيلولوجية)‪ ،‬كلية اآلداب‪ ،‬قسم اللغة العربية‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،‬ع‪ ،2013-1434 ،7‬ص‪.243‬‬
‫‪ )(3‬أب و علي الفضل بن حسن الطبرسي‪ :‬مجمع البي ان في تفسير القرآن‪ ،‬تج‪ :‬هاشم الرسومي المحالتي‪ ،‬دار إحي اء‬
‫التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬مج‪ ،5‬ج‪ ،26‬ص‪.127‬‬
‫‪5‬‬
‫مدخـــــــــــــل‪.........................................................‬السيميولوجيا الماهية والمفهوم‬

‫‪ Biologie‬علم اإلحي اء وبامت داد أك بر كلم ة ‪ Logos‬تع ني العلم‪ .....‬فيص بح تعري ف "الس يميولوجيا"‬
‫‪1‬‬
‫على النحو التالي‪" :‬علم العالمات"‬

‫ونظرا لتعدد استعماالت لفظة "السيمياء" نجد الشعر العربي حافال بهذا المصطلح ومن أمثلة‬
‫ذلك قل الزجاج‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫سيماء ال تشقى على البصر‬ ‫غالم رماه اهلل بالحسن يافعا له‬
‫اصطالحا‪:‬‬
‫لمص طلح"* الس يمياء" أو*"الس يميولوجيا" العدي د من التعريف ات فق د اختل ف الب احثون والنق اد‬
‫وتضاربت حولهم اآلراء في تحديد مفهوم دقيق لهذا المصطلح ومن بين هذه التعريفات نذكر‪:‬‬

‫يعرفها "فرديناند دي سوسير"(مؤسسها)‪Ferdinand de Saussure:‬‬

‫‪3‬‬
‫" علم يدرس حياة العالمات داخل الحياة االجتماعية"‬
‫ي رى "دي سوس ير" أن الس يميولوجيا هي دراس ة ال دالئل أو العالم ات في قلب الحي اة‬
‫االجتماعي ة‪ ،‬فهي علم ونظري ة عام ة ومنهج نق دي تحليلي وتط بيقي تهتم بك ل م ا ل ه عالق ة بمظ اهر‬
‫السلوك االنساني‪.‬‬
‫أما "جوليا كريستيفا"‪ Julia Kristeva‬فتعرفها بأنها‪:‬‬

‫" دراس ة األنطم ة الش فوية وغ ير الش فوية ومن ض منها اللغ ات م اهي أنظم ة علم أخ ذ يتك ون وه و‬
‫‪4‬‬
‫السيميوطيقا"‬

‫‪ )(1‬توسان برنان‪ :‬ماهي السيميولوجيا‪ ،‬تر‪ :‬محمد نظيف‪ ،‬ط‪ ،2‬افريقيا الشرق‪ ،‬المغرب‪ ،2000 ،‬ص‪.09‬‬
‫‪ )(2‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ص‪.311‬‬
‫‪ )(3‬س امي عباين ة‪ :‬اتجاه ات النق د الع ربي في ق راءة النص الش عري ح ديث‪ ،‬ع الم الكثب الح ديث‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪،2004‬ص‪.308‬‬
‫‪ )( 4‬فيصل األحمر‪ :‬معجم السيميائيات‪ :‬منشورات االختالف‪ ،‬دار العربي للعلوم‪ ،‬ناشرون‪ ،‬ط‪ ،1431،2010 ،1‬ص‬
‫‪.17‬‬
‫* السيمياء‪ :‬معطى ثقافي يحيل على مفاهيم فلسفية شاملة وعالمات غير لغوية‪.‬‬
‫* السيميولوجيا‪ :‬معطى ثقافي أوروبي هو أدنى إلى العالمات اللغوية والمجال األلسني‪ :‬عموما‪ ،‬علم يدرس العالمة‬
‫وأنساقها داخل المجتمع وللتوسع أكثر عد إلى كتاب السيميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها لسعيد بنكراد‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫مدخـــــــــــــل‪.........................................................‬السيميولوجيا الماهية والمفهوم‬

‫ترتكز العالمة السيميولوجية على ما هو لغوي ونفسي واجتماعي‪ ،‬وال تظهر هذه العالمات‬
‫إال في ميدان تفاعل األفراد خالل تواصلهم االجتماعي‪ ،‬بواسطة اللغة‪ ،‬سواء كانت إشارية أو لفظية‬
‫أو سمعية‪ ....‬فاللغة وسيلة من الوسائل التي تحقق الداللة وتنقل أفكار اإلنسان إلى اآلخرين‪.‬‬

‫وكذلك "شارل بيرس"‪ Charles Peirce‬يعرفها تعريف آخر فيقول‪:‬‬

‫" المنطق بمفهومه العام إال اسما للسيميوطيقا‪ ،‬والسيميوطيقا نظرية شبه ضرورية أو نظرية شكلية‬
‫للعالمات"‪.1‬‬

‫إذن فالس يميوطيقا حس ب الع الم األمريكي "بيرس" تعني نظري ة عام ة للعالم ات وتمفص التها‬
‫في الفك ر اإلنس اني ونظري ة عام ة لألنس اق الداللي ة في كاف ة أش كالها وبالت الي س يميوطيقة "ب ورس"‬
‫مرتبطة بالمنطق‪.‬‬

‫باإلضافة إلى "جورج مونان" ‪ George Mounan‬فهي‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫"العلم العام الذي يدرس كل أنساق المعلومات أو الموز التي بفضها يتحقق التواصل بين الناس"‬

‫ت درس الس يميولوجيا األنظم ة الرمزي ة في ك ل اإلش ارات الدال ة‪ ،‬والعالم ات اللغوي ة وغ ير‬
‫اللغوية داخل الحياة االجتماعية لتحقيق عملية التواصل بين األفراد‪.‬‬

‫كما نجد النقاد الجزائري "قدور عبد اهلل" يعرف السيمياء بأنها‪ ":‬علم اإلشارة الدالة مهما كان‬
‫نوعه ا أو أص لها‪ ...‬وأن النظ ام الك وني بك ل م ا في ه من إش ارات ورم وز‪ ،‬وه و نظ ام ذو دالل ة و‬
‫السيمياء تختص بدراسة بنية هذه االشارات وعالقتها في هذا الكون‪ ،‬وكذا توزيع وظائفها الداخلية‬
‫‪3‬‬
‫والخارجية"‬

‫وتأسيسا عليه فالسيميائية أو السيميولوجيا علم يعنى بدراسة الظواهر االجتماعية والقافية‪...‬‬
‫واإلشارية من حيث طبيعتها‪ ،‬وفواصلها وأنساقها وكذا أشكالها‪.‬‬
‫‪ )(1‬فيصل األحمر‪ :‬معجم السيميائيات‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬دار العربي للعلوم‪ ،‬ناشرون‪ ،‬ط‪ ،1431،2010 ،1‬ص‬
‫‪.17‬‬
‫‪ )(2‬باية سيفون‪ :‬محاضرات في السيميولوجيا‪ ،‬مطبوعة في مقياس السيميولوجيا موجهة لطلبة السنة الثالثة ‪،LMD‬‬
‫اعالم واتصال جامعة محمد بوضياف المسيلة‪ ،‬كلية العلوم االنسانية واالجتماعية‪ 2016-2015 ،‬ص ‪.03‬‬
‫‪ )(3‬قدور عبد اهلل ثاني‪ :‬سيميائية الصورة‪ ،‬ط‪ ،1‬دار المغرب للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،2005،‬ص‪.52‬‬
‫‪7‬‬
‫مدخـــــــــــــل‪.........................................................‬السيميولوجيا الماهية والمفهوم‬

‫ثانيا‪ -‬نشأة السيميولوجيا‪:‬‬

‫عند الغرب‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫ك ان ظه ور مص طلح الس يميولوجيا عن د الغ رب على ي د ع المين كب يرين‪ ،‬وق د أجم ع النق اد‬
‫عليهما وهما‪ :‬العالم األوروبي "دي سوسير" واألمريكي "بيرس"‪ .‬ويرون أن لهم الفضل األكبر في‬
‫نشأة هذا العلم رغم عدم معرفتها لبعضهما البعض واختالفهما في التسمية‪.‬‬

‫‪ -1‬السيميولوجيا عند دي سوسير(‪:Ferdinand de Saussure )1913-1857‬‬


‫يع د ع الم اللس انيات السويس ري "فردينان د دي سوس ير" أول من بش ر بميالد علم جدي د أطل ق‬
‫عليه اسم "السيميولوجيا" ‪Sémilogie‬في كتابه‪ ":‬محاضرات في علم اللسان العام"‪ .‬وكانت مهمة هذا‬
‫العلم المعلن علي ه ه و دراس ة حي اة العالم ات وال دالئل داخ ل الحي اة االجتماعي ة‪ ،‬وق د ط رح في‬
‫محاضراته اشارات كانت هي الباعث الحياء علم السيميولوجيا في أوروبا‪ ،‬غايته تزويدنا بمعارف‬
‫جدي دة تس اعدنا على فهم أفض ل لمن اطق هام ة من الج انب االنس اني واالجتم اعي وك ذا الق وانين‬
‫المتحكم ة في العالم ات الموج ودة داخ ل الحي اة االجتماعي ة ال تي ظلت مهمل ة لوجوده ا خ ارج دائ رة‬
‫‪1‬‬
‫التصنيفات المعرفية التقليدية"‬

‫ويقول "دي سوسير" في هذا الصدد‪ ":‬يمكننا إذن تصور علم يدرس حياة العالم ات في ص در‬
‫الحي اة االجتماعي ة‪ ،‬وه و يش كل جانب ا من علم النفس االجتم اعي‪ ،‬وبالت الي من علم النفس الع ام‪ ،‬إنن ا‬
‫‪2‬‬
‫نعود باالعراضية‪ Sémiologie‬تلك التي تدل على ماهية العالمة والقوانين التي تنظمها"‬

‫اس تطاع "دي سوس ير" من خالل ه ذا العلم الجدي د أن يكش ف عن ق وانين جدي دة تمكنن ا من‬
‫تحلي ل من اطق هام ة من االنس اني واالجتم اعي‪ ،‬ع بر ص ياغة ح دود األنس اق وش كلتها‪ ،‬س واء للنس ق‬
‫اللساني أو التواصلي الذي يستعين به االنسان في حواره مع اآلخر‪.‬‬

‫‪ )(1‬ينظ ر‪ /‬سعيد بنك راد‪ :‬الس يميائيات مفاهيمه ا وتطبيقاته ا‪ ،‬دار الح وار للنش ر والتوزي ع‪ ،‬س وريا‪ ،‬ط ‪ ،2012 ،3‬ص‬
‫‪.09‬‬
‫‪ )(2‬فردينان د دي سوس ير‪ :‬محاض رات في األلس نية العام ة‪ ،‬تم‪ :‬يوس ف غ ازي‪ ،‬ومجي د نص ر‪ ،‬دار النه ان للثقاف ة‪،‬‬
‫‪ ،1984‬بيروت‪ ،‬ص‪.28-27‬‬
‫‪8‬‬
‫مدخـــــــــــــل‪.........................................................‬السيميولوجيا الماهية والمفهوم‬

‫أم ا بالنسبة للعالم ة فهي عن د "دي سوسير‪ ":‬وحدة ثنائي ة المبنى تتك ون من وجهين كالورق ة‬
‫وهما الدال والمدلول‪ ،‬والدال‪ :‬هو حقيقة نفسية تحدث في دماغ المتلقي صورة ذهنية‪ .‬أما المدلول‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫فهو الصورة الذهنية التي تستدعيها الحقيقة النفسية في ذهن المتلقي"‪.‬‬

‫وبناءا على ما تم ذكره يتضح أن "دي سوسير" جعل هذا العلم قاصرا على راسة العالمات‬
‫في داللتها االجتماعية ويلح على الوظيفة االجتماعية التي تقوم بها هذه العالمات حيث أطلق عليه‬
‫اسم السيميولوجيا‪.‬‬

‫‪ -2‬السيميوطيقا عند بيرس(‪:Charles Peirce )1939-1914‬‬


‫يعتبر الفيلسوف األمريكي تشارلز سندرس بيرس من النقاد الغربيين الفعليين واألوائل في‬
‫التأس يس لعلم الس يميائية‪ ،‬إذا أن ه اش تغل معظم حيات ه بدراس ة أنظم ة العالم ات وايض اح العالق ات‬
‫بينهما‪ ،‬حيث أطلقت عليه اسم السيميوطيقا ‪ .Sémiotique‬ويرى "بيرس" أن هذا العلم هو مرادف‬
‫لعلم المنطق بمعناه العام‪ ،‬إذ ال يمكن دراسة نسق ما أال عبر السيميوطيقا وغلب على منهجه الطابع‬
‫المنطقي الرياض ي الظ اهراتي كم ا وص فه الدارس ون‪ ،‬وك ان هدف ه من ه ذا العلم توحي د التعام ل م ع‬
‫‪2‬‬
‫مختلف العلوم اإلنسانية وإ ضفاء الطابع العلمي التجريبي عليها"‪.‬‬

‫ويقول "بيرس" مدعما رأيه‪ ":‬ليس باالستطاعة أن أدرس أي شيء في الكون‪ ،‬كالرياضيات‪،‬‬
‫واألخالق والميتافيزي اء والجاذبي ة األرض ية والديناميكي ة الحراري ة‪ ،‬والبص ريات والكيمي اء وعلم‬
‫الت اريخ وعلم الكالم‪ .....‬فالس يميوطيقا أو علم العالم ات هي علم ع ام وليس علم خ اص ألن ه يش مل‬
‫‪3‬‬
‫جميع أنظمة التواصل على اختالف حقولها المعرفية"‪.‬‬

‫اقتص ر "ب يرس" على دراس ة الج انب التط بيقي عكس "دي سوس ير" ال ذي رك ز على الج انب‬
‫النظري وتوقف عند حدود الجملة‪ ،‬ودرس العالمة اللغوية‪ ،‬أما "بيرس" فدرس العالمة اللغوية وغير‬
‫اللغوية وارتبطت السيميوطيقا لديه بالمنطق‪.‬‬

‫‪ )(1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.28‬‬


‫‪ )(2‬ينظ ر‪ /‬عم ار زعم وش‪ :‬النق د األدبي المعاص ر في الجزائ ر قض اياه واتجاهات ه‪ ،‬مطبوع ات جامع ة منت وري‪،‬‬
‫قسنطينة‪ ،2001-2000 ،‬ص‪.30‬‬
‫‪ )(3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫‪9‬‬
‫مدخـــــــــــــل‪.........................................................‬السيميولوجيا الماهية والمفهوم‬

‫يرى "بيرس" العالمة أنها‪ ":‬تفصح عن عالقة ثالثية إذ أن هناك عبارة عن ممثل أول يحيل‬
‫على موضوع ثان بواسطة مؤول (بالكسر) ثالث‪ .‬هذه األقنومية الثالثية‪ ،‬مبنية على مقولة رياضية‬
‫‪1‬‬
‫بمقتضاها أن كل نظام ال بد أن يكون ثالثيا"‪.‬‬

‫العالم ة تمث ل الموض وع في حين يمث ل الم ؤول (بالكس ر) الفك رة أو الحكم ال ذي يس اعد على‬
‫أن يكون تمثيل العالمة للموضوع تمثيال حقيقيا‪.‬‬

‫يع ود الفض ل في اب راز ه ذا المص طلح الغ ربي إلى ع المين اث نين األول األوروبي "دي‬
‫سوس ير" أطل ق علي ه اس م "الس يميولوجيا" والث اني األم ريكي "ب يرس" وال ذي أطل ق على رؤيت ه‬
‫"الس يميوطيقا" وه ذا االختالف ال ينفي الق رب الش ديد بين المص طلحين ب ل ترادفهم ا‪ ،‬وموض وعهما‬
‫واح د وه و دراس ة األنظم ة والعالم ات‪ .‬إال أن األورب يين يفض لون الس يميولوجيا التزام ا بالتس مية‬
‫السويسرية أما األمريكيون فيفضلون السيميوطيقا اتباعا لما جاء به "بيرس"‪.‬‬

‫ب‪ :‬عند العرب‪:‬‬


‫‪ -1‬عنــد القــدامى‪ :‬إن المتأم ل في دراس ات علم اء الع رب الق دامى البالغي ة والنحوي ة يج د أنهم لم‬
‫يعرف وا مفهوم ا للس يمياء‪ ،‬كم ا ع رف الع رب المح دثون‪ ".‬كم ا أنهم لم يخصص وا فص ال أو مبحث ا أو‬
‫مدونة يبحثون فيها عن "علم العالمات"‪ ،‬او علم السمة كنظرية تتحكم في السمات‪ ،‬ولكن سيجد أنهم‬
‫لم يعدموا شيئا من اإلشارة إليها أو مالمستها تحت تأمالت ومالحظات سيميائية مختلفة"‪ 2‬باإلضافة‬
‫إلى أنهم ربطوه ا ب العلوم المختلف ة‪ :‬كالس حر والكيمي اء والمنط ق والتفس ير‪ ....‬وأرجعوه ا إلى ق وى‬
‫غيبية‪ .‬ومن بين الدراسات التي كانت قريبة من الممارسات السيميائية في التراث العربي نجد‪:‬‬

‫‪ -‬الجاحظ (ت‪255‬ه)‪ ":‬في كتاب ه "البيان والتبيين" تحدث عن الس مة وربطه ا باللغ ة‪ ،‬خاص ة حينما‬
‫تكلم عن البيان وعالقته بالدالل ة التي تنهض على ش بكة من األنساق التي تجسدها اللغ ة المبلغة‪ ،‬إذ‬
‫مث ل ه ذه الش بكة من العناص ر واألنس اق هي ال تي تجع ل المهم ل مقي دا‪ ،‬والمقي د مطلق ا‪ ،‬والمجه ول‬

‫‪ )( 1‬ينظر‪/‬محمد السرغيتي‪ ،‬محاضرات في السيميولوجيا‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪1403 ،1‬ه‪،‬‬
‫‪ ،1987‬ص‪.57-56‬‬
‫‪ )( 2‬عيسى بربار‪ :‬محاضرات في مقياس النقد السيميائي في السنة الثالثة دراسات نقدية‪ ،2018-2017 ،‬ص‪.14‬‬
‫‪10‬‬
‫مدخـــــــــــــل‪.........................................................‬السيميولوجيا الماهية والمفهوم‬

‫معروفا‪ ،‬والوحشي من الكالم مألوفا والعقل موسوما ومعلوما‪ ،‬وعلى قدر وضوح الداللة‪ ،‬وصواب‬
‫‪1‬‬
‫اإلشارة يكون إظهار المعنى"‪.‬‬

‫وتشير بعض الدراسات إلى أن "الجاحظ" أول من اصطنع مصطلح اإلشارة والمعنى قريب‬
‫من المص طلح المعاص ر "‪ ،"Le signal‬واإلش ارة عن د "الجاح ظ" تك ون بالي د وب الرأس‪ ،‬وب العين‬
‫‪2‬‬
‫والحاجب‪ ،‬وبالثوب‪ ،‬والمنكب وبالسيف‪ ،‬وما أكثر تنوب اإلشارة عن اللفظ"‪.‬‬

‫وهذه الدراسات العلمية الجادة دليال باهرا على عبقريته المشهود بها ووعيه العميق ورؤيته‬
‫العلمية خاصة عندما تحدث عن اللفظ أو الصوت اللغوي‪ ،‬وكذلك تفصيله لإلشارات الناقلة للمعاني‬
‫وش رحها‪ ،‬وتحدي ده للمواق ف االجتماعي ة ال تي تس تدعي التعب ير باإلش ارة كالرغب ة في نش ر بعض‬
‫األمور وإ خفائها عن الحاضرين‪.‬‬

‫ويقول الجاحظ في موضع آخر‪ ":‬جميع أصناف الدالالت على المعاني من لفظ وغير لفظ‬
‫خمس ة أش ياء ال تنقص وال تزي د أوله ا اللف ظ ثم اإلش ارة‪ ،‬ثم العق د‪ ،‬ثم اللف ظ‪ ،‬ثم الح ال ال تي تس مى‬
‫‪3‬‬
‫نصبة"‪.‬‬

‫ع دد – ص احب البي ان والتب يين‪ -‬العالم ات واإلش ارات ال تي ت دل على المع نى وهي خمس ة‬
‫أش ياء‪ :‬اللف ــظ‪ ،‬اإلش ــارة‪ ،‬العق ــد‪ ،‬الح ــظ‪ ،‬الح ــال‪ .‬فاللف ظ ه و العالم ة اللس انية المتواض ع عليه ا في‬
‫المجتم ع‪ ،‬واإلش ارة هي جمي ع الحرك ات واإليم اءات والعق د وس يلة من وس ائل البي ان وه و الحس اب‬
‫دون اللفظ والخط‪ ،‬والنصبة هي الحال الناطقة بغير اللفظ والمشير بغير اليد‪.‬‬

‫عبــد القــادر الجرجــاني (ت‪471‬ه)‪ :‬أهم م ا يمكن العث ور علي ه من أفك ار س يميائية عن د ص احب‬
‫نظرية النظم الذي تجاوز بها مقولة اللفظ والمعنى نجد‪:‬‬

‫عرف بمبدئه المشهور والتمثل في التقسيم الثنائي للكالم حيث يقول‪ ":‬الكالم على ضربين‪:‬‬
‫ضرب أنت تصل منه إلى الغرض بداللة اللفظ وحده‪ ،‬وضرب آخر أنت ال تصل منه إلى الغرض‬

‫‪ )(1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.14‬‬


‫‪ )( 2‬أبو عثمان الجاحظ‪ :‬البيان والتبيين‪ ،‬تح‪ :‬عبد السالم محمد هارون‪( ،‬ط‪َ ،)4‬ج ‪،1975 ،1‬ص‪.94‬‬
‫‪ )(3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.75‬‬
‫‪11‬‬
‫مدخـــــــــــــل‪.........................................................‬السيميولوجيا الماهية والمفهوم‬

‫بدالل ة اللف ظ وح ده‪ ،‬ولكن ي دلك اللف ظ على معن اه ال ذي يقتض يه موض وعه في اللغ ة‪ ،‬ثم نج د ل ذلك‬
‫‪1‬‬
‫المعنى داللة ثنائية تصل بها إلى الغرض‪ ،‬ومدار هذا األمر على الكناية واالستعارة والتمثيل"‪.‬‬

‫الضرب األول يقتضي الوقوف عند حدود المعنى فحسب‪ ،‬أما الضرب الثاني فيقتضي إلى‬
‫معنى المعنى‪ ،‬وتقسيم "الجرجاني" يشبه إلى حد كبير مفهوم "بيرس" للعالمة من حيث قابلية المؤول‬
‫وتسمى "السيميوزيس"‪.‬‬

‫‪ -2‬عند المحدثين‪:‬‬
‫ظهرت السيميائية عند نقاد الوطن العربي عامة والمغرب العربي خاصة أمثال‪" :‬عبد المال ك‬
‫مرت اض" "عب د الحمي د بوراي و"‪" ،‬رش يد بن مال ك"‪" ،‬عب د الق ادر قي دوح"‪" ،‬الط اهر روابني ة"‪" ،‬محم د‬
‫مفتاح"‪" ،‬سعيد بنكراد"‪" ،‬حنون مبارك"‪" ،‬عبد السالم المسدي"‪ .‬هناك من استخدم مصطلح السيميائية‬
‫وهناك من فضل السيميولوجيا واآلخر أقر مصطلح الدالئلية‪....‬‬

‫يع رف "ص الح فض ل" الس يميائية بأنه ا‪ ":‬هي العلم ال ذي ي درس األنظم ة الرمزي ة في ك ل‬
‫‪2‬‬
‫اإلشارات الدالة وكيفية هذه الداللة"‪.‬‬

‫يش ترط "ص الح فض ل" في تعريف ه أن تك ون اإلش ارات المدروس ة تحم ل دالل ة‪ ،‬ألن‬
‫السيميائيات تدرس داللة هذه اإلشارات بالدرجة األولى‪.‬‬

‫أما "سعيد بنكراد" فالسيميائية عنده هي‪ ":‬ليست سوى تساؤالت تخص الطريقة التي ينتج بها‬
‫‪3‬‬
‫اإلنسان سلوكاته أي معانيه‪ ،‬وهي أيضا الطريقة التي يستهلك بها هذه المعاني"‪.‬‬

‫كان لـ"بنكراد" فضل في ظهور هذا العلم فقد أخلص للسيميائية السردية في تسعينات القرن‬
‫الماض ي‪ ،‬في مؤلف ه‪ ":‬م دخل إلى الس يميائية الس ردية"‪ ،‬ومهم ة ه ذا العلم حس به هي‪ :‬تزوي دنا بمعرف ة‬
‫جديدة تساعدنا على فهم مناطق هامة من الوجود اإلنساني‪.‬‬

‫‪ )( 1‬عبد القادر الجرجاني‪ :‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬دار المعرفة للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،1994 ،‬ص‪.23‬‬
‫‪ )( 2‬عصام خلف كامل‪ :‬االتجاه السيميولوجي ونقد الشعر‪ ،‬دار فرقة للنشر والتوزيع‪ ،‬المينا‪ ،‬مصر‪،2003 ،‬ص‪.20‬‬
‫‪ )( 3‬سعيد بنكراد‪ :‬السيميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها‪ ،‬دار الحوار للنشر والتوزيع‪ ،‬سوريا الالذقية‪،2012،‬ص‪.12‬‬
‫‪12‬‬
‫مدخـــــــــــــل‪.........................................................‬السيميولوجيا الماهية والمفهوم‬

‫أم ا الب احث "س عيد عل واش" فيعرفه ا" هي دراس ة لك ل مظ اهر الثقاف ة كم ا ل و ك انت أنظم ة‬
‫‪1‬‬
‫سالمة‪ ،‬اعتمادا على افتراض مظاهر الثقافة كأنظمة عالمات في الواقع"‬

‫تهتم الس يميائيات بك ل مج االت الفع ل اإلنس اني‪ ،‬ووس عت دائرته ا لتش مل ك ل المن اطق ال تي‬
‫تغطي الوج ود اإلنس اني‪ ،‬اللس ان‪ ،‬اللغ ة‪ ،‬اللب اس‪ ،‬الطق وس‪ ،‬العالق ات االجتماعي ة‪ ،..‬تس عى لكش ف‬
‫واستكشاف عالقات داللية غير مرئية من خالل تجليها المباشر في الواقع‪.‬‬

‫ومجم ل الق ول إن الس يميائية القت رواج ا كب يرا عن د الع رب خاص ة المح دثين‪ ،‬فق د أول وا‬
‫اهتماما كبيرا بها‪ ،‬واعتمدوا عليها في دراساتهم كما أجمعوا على أنها علم يدرس العالمات اللغوية‬
‫وغير اللغوية‪ ،‬أما سبب اختالف نطق المصطلح واختالف كتابته بالعربية يعود إلى فوضى ترجمة‬
‫المصطلح‪.‬‬

‫أما بالنسبة الختيار المصطلح فقد ُأختلف فيه فمثال "عبد السالم المسدي" في كتابه "األسلوبية‬
‫واألس لوب" اخت ار مص طلح علم العالمات‪ ،‬أم ا "عب د المالك مرت اض" استحس ن مص طلح السيميائية‪،‬‬
‫إلى جانب "رشيد بن مالك" الذي استخدم مصطلح سيميائية في كتابه "السيميائية أصولها وقواعدها"‪،‬‬
‫وفي جه ة أخ رى فض ل "الطيب بك وش" مص طلح الدالئليــة‪ ،‬باإلض افة إلى "نص ر حام د أب و زي د"‬
‫و"س يزا قاس م" فيس تخدمان مص طلح الس ــيميوطيقا من خالل كتابيهم ا‪" :‬م دخل إلى الس يميوطيقا"‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫"السيميوطيقا حول بعض المفاهيم واألبعاد‪.‬‬

‫من خالل ه ذه التعريف ات نس تنتج تع دد المص طلحات ال تي تحي ل عليه ا لفظ ة الس يمياء‪ ،‬وه ذا‬
‫التع دد ن اتج عن تع دد الم ذاهب والم دارس واالتجاه ات‪ ،‬فك ل ب احث في ه ذا العلم يتب نى مص طلح‬
‫معين ‪":‬السيميولوجيا‪ ،‬السيميوطيقا‪ ،‬علم العالمة‪ ....‬ويوظفه في حقل السيمياء‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬مبادئ السيميولوجيا‪:‬‬


‫تقوم السيميولوجيا على مجموعة من اآلليات والمبادئ واألسس‪ ،‬من أجل البحث عن المع نى‬
‫عن طريق بنية االختالف ولغة الشكل والبنى الداللية‪ ،‬فال تهتم بالمضمون وال من قال النص وإ نما‬
‫تسعى لإلجابة عن التساؤل الوحيد وهو كيف قال النص وما قاله؟ بمعنى شكل النص‪ ،‬وتعتمد في‬

‫‪ )( 1‬عصام خلف كامل‪ :‬االتجاه السيميولوجي ونقد الشعر‪ ،‬ص‪.20‬‬


‫‪ )(2‬فيصل األحمر‪ :‬معجم السيميائيات‪ ،‬ص‪.15-14‬‬
‫‪13‬‬
‫مدخـــــــــــــل‪.........................................................‬السيميولوجيا الماهية والمفهوم‬

‫ذلك على تفكيك وتركيب النص وإ عادة بناءه من جديد وليتحقق هذا العمل يجب أن تتوفر المبادئ‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪ -‬التحليل المحايث‪ -‬التحليل البنيوي‪ -‬تحليل الخطاب‪.‬‬

‫‪ -3-1‬التحليل المحايث‪:‬‬
‫"يقص د بالتحلي ل المح ايث البحث عن الش روط الداخلي ة المتحكم ة في تك وين الدالل ة وإ قص اء‬
‫الش روط الخارجي ة‪ ،‬وعلي ه ف المعنى يجب أن ينظ ر إلي ه على أن ه أث ر ن اتج عن ش بكة من العالق ات‬
‫‪1‬‬
‫الرابطة بين العناصر"‪.‬‬

‫ومفه وم المحايث ة من المف اهيم التي أش اعتها البنيوي ة والقت رواجا كب يرا في بداي ة الس تينات‬
‫نظ را الرتباط ه ب المنهج الب نيوي ليص بح بع د ذل ك مفهوم ا مركزي ا اس تنادا إلي ه يفهم النص وتنج ز‬
‫قراءاته‪.‬‬

‫" والمقص ود بالتحلي ل المح ايث ه و أن النص ال ينظ ر إلي ه في ذات ه مفص وال عن أي ش يء‬
‫يوجد خارجه‪ ،‬و المحايثة بهذا المعنى هي غزل النص عن كل السياقات المحيطة به فالمعنى ينتجه‬
‫‪2‬‬
‫نص مستقل بذاته ويمتلك داللته في انفصال عن أي شيء آخر"‪.‬‬

‫ومعنى ذلك أن المحايثة تكمن في البحث عن الداللة في شروطها الداخلية‪ ،‬واالبتعاد عن كل‬
‫ما هو خارجي كظروف النص والمؤلف والواقع‪ ،‬فالمعنى ينتج عن شبكة من العالقات الرابطة بين‬
‫العناصر‪.‬‬

‫‪ -3-2‬التحليل البنيوي‪:‬‬
‫"يكتس ي المع نى وج وده ب االختالف وفي االختالف‪ ،‬ومن ثم ف إن إدراك مع نى األق وال‬
‫والنصوص يفترض وجود نظام مبني على جملة من العالقات‪ ،‬ولهذا ال يهتم إال بالعناصر الداخلية‬
‫ال تي تبل ور نس ق االختالف والتش كيالت المتألف ة والمختلف ة‪ ،‬م ا ي ؤدي بن ا إلى التس ليم ب أن عناص ر‬

‫‪ )( 1‬جميل حمداوي‪ :‬مدخل إلى المنهج السيميائي‪ ،‬مجلة الكترونية للشعر المترجم‪ ،‬تح‪ :‬سيد جودة‪ ،‬المغرب ص‪.08‬‬
‫‪ )(2‬باية سيفون‪ :‬محاضرات في السيميولوجيا‪ ،‬مطبوعة في مقياس السيميولوجيا‪ ،‬موجهة لطلبة السنة الثالثة ‪LMD‬‬
‫اعالم واتصال‪ :‬جامعة محمد بوضياف المسيلة‪ ،‬كلية العلوم االنسانية واالجتماعية‪ 2016-2015، ،‬ص‪.05‬‬
‫‪14‬‬
‫مدخـــــــــــــل‪.........................................................‬السيميولوجيا الماهية والمفهوم‬

‫النص ال تكتم ل داللته ا إال في تش كلها ع بر ش بكة من العالق ات القائم ة بينهم ا‪ ،‬ويش ترط في التحلي ل‬
‫‪1‬‬
‫البنيوي الدراسة الوصفية الداخلية للنص ومقاربة شكل المضمون وبناء الهيكلة المعمارية"‪.‬‬

‫الناق د الب نيوي عن دما يق وم بدراس ة م ادة م ا أو نص معين علي ه أوال أن يتأم ل في الم ادة‬
‫ومعرف ة ط رق أدائه ا ووظائفه ا‪ ،‬والعالق ة ال تي تربطه ا ببعض ها البعض دون أن يتج اوز الم ادة‬
‫المدروسة أو النص المشتغل عليه‪.‬‬

‫وعلي ه أيض ا أن يك ون م زودا بالمع ارف ومش بعا ب العلوم ال تي تخص موض وعه خاص ة علم‬
‫اللس انيات‪ ،‬ألن التحلي ل الب نيوي تحلي ل ألس ني بالدرج ة األولى يج ري على اللغ ة ال تي يب نى منه ا‬
‫النص‪.‬‬

‫‪ -3-3‬تحليل الخطاب‪:‬‬
‫تهتم الس يميولوجيا ببن اء نظ ام إلنت اج األق وال والنص وص وه و م ا يس مى بالق درة الخطابي ة‪،‬‬
‫على عكس اللسانيات البنيوية التي تهتم بدراسة الجملة من خالل مجموعة من المستويات المنهجية‪،‬‬
‫حيث تب دأ بأص غر وح دة أال وهي الص وت ثم تنتق ل إلى م ا ه و أك بر منه ا وهي الجمل ة‪ ،‬أم ا‬
‫السيميولوجيا فتتجاوز الجملة إلى تحليل الخطاب‪.‬‬

‫" مع نى ذل ك أن الس يميائية النص ية تف ترق عن لس انية الجمل ة ألن ه ذه األخ يرة ترك ز على‬
‫الجمل ة في تمظهره ا الب نيوي أو الت وزيعي‪ ،‬وتري د فهم كيفي ة تولي د الجم ل الالمتناهي ة الع دد وكيفي ة‬
‫توزي ع الجم ل حس ب مكوناته ا الفعلي ة واإلس مية والحرفي ة م ع تحدي د وظائفه ا التداولي ة‪ ،‬في حين أن‬
‫الس يميائية أكثر ش مولية واتس اع من ذلك ألنه ا ال تقف عند حدود الجمل ة مثل اللسانيات بل تحاول‬
‫‪2‬‬
‫البحث عن كيفية توليد النصوص واختالفها سطحيا واتفاقها عمقيا"‪.‬‬

‫وبالت الي فالتحلي ل الس يميولوجي يق وم على ثالث ة مب ادئ أساس ية ال يمكن االس تغناء عنه ا‬
‫للبحث عن المعنى الحقيقي‪ ،‬من خالل بنية االختالف ولغة الشكل والبنى الداللي ة‪ ،‬فهي تفكك النص‬

‫‪ )(1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.06‬‬


‫‪ )( 2‬بلمغربي منى‪ ،‬خرامسية يامنة‪ :‬األبعاد السيميائية في قصيدة "ال أريد لهذه القصيدة أن تنتهي"‪ ،‬لمحمود درويش ‪،‬‬
‫مخط وط الس تكمال ش هادة الماس تر في اللغ ة واألدب الع ربي‪ ،‬جامع ة محم د البش ير اإلب راهيمي‪ ،‬إش راف ال دكتور‪،‬‬
‫بغورة ياسين ‪ ،2019-2018‬ص‪.14‬‬
‫‪15‬‬
‫مدخـــــــــــــل‪.........................................................‬السيميولوجيا الماهية والمفهوم‬

‫وتقي د بن اءه وتركيب ه في حل ة جدي دة لتح دد ثوابت ه البنيوي ة وه ذه المب ادئ هي‪ :‬التحليــل المحــايث‪،‬‬
‫التحليل البنيوي‪ ،‬تحليل الخطاب‪.‬‬

‫رابعا‪ -‬موضوع السيميولوجيا وعالقتها بالعلوم األخرى‪:‬‬


‫من خالل التعريف ات ال تي أوردناه ا يتض ح لن ا أن الس يميولوجيا تتض من مص طلح العالم ة‪،‬‬
‫بمع نى أنه ا علم العالم ات ال تي ت درس في حض ن المجتم ع‪ ،‬وتنقس م ب دورها – العالم ة‪ -‬إلى قس مين‬
‫منه ا العالم ات اللغوي ة المنطوق ة (كالش عر والرواي ة واللغ ة‪ )....‬وأخ رى عالم ات غ ير لفظي ة‬
‫(كاألزياء واإلشهار وعالمات المرور والسينما والمسرح‪.)....‬‬

‫وتشير جوليا كريستيفا ‪ ،" Julia kristeva‬إلى أن الس يميولوجيا ال تختص بموضوع واحد‬
‫فهي تهتم بك ل م ا ينتمي إلى التجرب ة اإلنس انية ش ريطة أن تك ون في إط ار الس يرورة الداللي ة أو م ا‬
‫يسمى في االصطالح السيميولوجي ب ــ"السيميوز"‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫تستمد السيميولوجيا أصولها ومبادئها على مجموعة من الحقول المعرفية كالفلسفة والمنطق‬
‫والتحلي ل النفس ي واألن تربولوجي‪ ،‬ه ذا م ا جعله ا تص ورا نظري ا ومنهج ا تطبيقي ا في ش تى العل وم‬
‫والدراسات اإلنسانية والفكرية والعلمية وأداة لمقاربة األنساق اللغوية وغير اللغوية‪.‬‬

‫" كل ما له عالقة بالوجود اليومي لإلنسان يعد موضوعا للسيميائية‪ ،‬كل ما تأتينا به الثقافة‬
‫وتض عه بين أي دينا تع د عالم ات لإلفص اح عن ه ذه الثقاف ة وهويته ا مثال عالم ات الم رور وأس اليب‬
‫الع رض في واجه ات المحالت التجاري ة والخرائ ط والرس وم والبيان ات والص ور‪ ،‬اإلبتس امة والف رح‬
‫والطقوس‪ ،....‬وهذه كلها عالمات هي في الحاجة إلى الكشف عن القواعد التي تحكم طريقتها في‬
‫إنتاج معانيها باإلستناد إلى مفاهيم العلوم األخرى‪ ،‬لتصبح السيميولوجيا علم يهتم بكل مج االت الفع ل‬
‫اإلنساني وأداة لقراءة كل مظاهر السلوك اإلنساني بدءا من االنفعاالت البسيطة‪ ،‬ومرورا بالطقوس‬
‫‪2‬‬
‫االجتماعية وانتهاء باألنساق األيديولوجية الكبرى"‪.‬‬

‫تهتم السيميائيات بكل مظاهر السلوك اإلنساني من أبسطها إلى أكثرها تعقيدا‪ ،‬هذا ما يبرر‬
‫أن النش اط الس يميائي مرتب ط بظه ور اإلنس ان على األرض‪ ،‬مهمت ه دراس ة لغ ة اإلنس ان والحي وان‬

‫‪ )( 1‬باية سيفون‪ :‬محاضرات في السيميولوجيا‪ ،‬مطبوعة في مقياس السيميولوجيا‪ ،2015،2016 ،‬ص‪.04‬‬


‫‪ )( 2‬سعيد بنكراد‪ :‬السيميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها‪ ،‬دار الحوار‪ ،‬الالذقية‪ ،‬ط‪ ،2،2005‬ص‪.29‬‬
‫‪16‬‬
‫مدخـــــــــــــل‪.........................................................‬السيميولوجيا الماهية والمفهوم‬

‫وغيرها من اللغات‪ ،....‬بمعنى أن موضوع السيميولوجيا غير محدد في مجال معين بل نجدها في‬
‫جميع مجاالت الفعل اإلنساني وكذلك الحيواني فتدرس اللغات اللسانية وغير اللسانية‪.‬‬

‫ال تنفرد السيميولوجيا بموضوع خاص بها ‪ ":‬فهي تهتم بكل ما ينتمي إلى التجربة اإلنسانية‬
‫العادية شريطة أن تكون هذه الموضوعات جزءا من سيرورة داللية فالموضوعات المعزولة أي تلك‬
‫الموجودة خارج نسيج السيموز‪ ،‬ال يمكن أن تشكل منطلقا لفهم الذات اإلنسانية أو قول شيء عنها‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫فليس بمقدورنا أن نتحدث عن سلوك سيميائي إال إذا نظرنا إلى الفعل خارج تجليه المباشر‪."....‬‬

‫وبالتالي كل ماله عالقة بالوجود اليومي لإلنسان يشكل موضوعا للسيميولوجيا‪ ،‬وتضم في‬
‫دراس تها مجم ل الص يغ التعبيري ة ال تي يس تعملها اإلنس ان س واء بش كل مباش ر أو غ ير مباش ر وفي‬
‫حوارات ه م ع ال ذات واألخ ر‪ ،‬ألن اإلنس ان ه و الك ائن الوحي د المنتج لل دالالت‪ ،‬وال ذي يحي ا بالوس ائط‬
‫والذي استطاع أن يحول األصوات إلى أشكال تحمل معنى‪ ،‬لهذا ال بد أن يستعين بالعالمات ليعيش‬
‫في هذا الكون‪.‬‬

‫أما الباحثة "سيزا قاسم" فترى أن هدف السيميولوجيا وطموحها هو " تفاعل الحقول المعرفي ة‬
‫المختلفة‪ ،‬والتفاعل ال يتم إال بالوصول إلى مستوى مشترك يمكن من خالله أن ندرك مقومات هذه‬
‫‪2‬‬
‫الحقول المعرفية وهذا المستوى المشترك هو العامل السيميوطيقي"‪.‬‬

‫هذا ما يبرر عالقة السيميولوجيا وتفاعلها مع الكثير من الحقول المعرفية داخل المنظومة‬
‫الفكري ة والعلمي ة والمنهجي ة‪ ،‬فمن ذ نش أتها ارتبطت باللس انيات والفلس فة وعلم النفس والمنط ق‬
‫واألنتروبولوجيا واألنساق الثقافية‪ ،‬كما ترتبط بدراسة األدب والفنون اللفظية والبصرية كالموسيقى‬
‫والمسرح والسينما‪ ،‬وكذلك تحليل األساطير والكتب الدينية المقدسة والنحو والبالغة‪ .....‬ومختلف‬
‫المعارف األخرى‪ ،‬وتعتبر السيميولوجيا أعم من اللسانيات فهذه األخيرة جزء منها حسب رأي دي‬
‫سوسير أما "بيرس" فيعتبرها – السيميولوجيا‪ -‬أخص من اللسانيات وفرع منها‪.‬‬

‫‪ )(1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.28‬‬


‫‪ )(2‬فيصل األحمر‪ :‬معجم السيميائيات‪ :‬منشورات االختالف‪ ،‬دار العربي للعلوم‪ ،‬ناشرون‪ ،‬ط‪ ،1431،2010 ،1‬ص‬
‫‪.18‬‬
‫‪17‬‬
‫مدخـــــــــــــل‪.........................................................‬السيميولوجيا الماهية والمفهوم‬

‫"إن الموض وع الرئيس ي للس يميولوجيا ه و الس يرورة المؤدي ة إلى إنت اج الدالل ة أي م ا يطل ق‬
‫عليه اإلصطالح السيميائي "السيميوز" ‪ ،Semiosis‬والسيموز في التصور الداللي الغربي هي الفعل‬
‫الم ؤدي إلى انت اج ال دالالت وت داولها‪ ،‬إنه ا س يرورة يش تغل من خالله ا ش يء م ا باعتب اره عالم ة‬
‫فالكلم ة أو الش يء أو ال واقعي ليس ت ك ذلك إال في ح دود إحالته ا على س يرورة‪ ،‬فال ش يء يمكن أن‬
‫يدل من تلقاء ذاته ضمن وجود أحادي في الحدود واألبعاد‪ ،‬فالواحد المعزول كيان المتناه ‪ ،‬ووحده‬
‫التحقق من خالل محمول مضاف يمكن أن ينتج داللة" ‪1‬لذلك فالسيميائيات نظرية واسعة جدا يصعب‬
‫اإللمام بكل جوانبها مهمتها بناء نظرية عامة عن أنظمة اإلبالغ لتسهيل عملية التواصل‪ ،‬موضوعها‬
‫دراسة األنظمة الشفوية وغير الشفوية‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬مجاالت تطبيق السيميولوجيا‪:‬‬

‫تع د الس يميولوجيا علم واس ع وش امل وج امع في طيات ه للكث ير من العل وم‪ ،‬اس تمدت أص ولها‬
‫ومبادئه ا من مجموع ة من الحق ول المعرفي ة‪ ،‬كاللس انيات والفلس فة واألنتروبولوجي ا‪ ،...‬ونظ را‬
‫لوساعتها كان من الصعب اإللمام بكل جوانبها‪ ،‬ومع مرور الوقت أصبحت منهجا تطبيقيا في شتى‬
‫العلوم والدراسات الفكرية وكذا اإلنسانية‪ ،‬وقد أثبتت للجميع أنها علم له مكانته المتميزة وسط العلوم‬
‫والمناهج المختلفة من خالل مقاربتها لألنساق اللغوية وغير اللغوية‪.‬‬

‫ومن بين الحقول المعرفية التي استعملت فيها السيميولوجيا نجد‪":‬‬

‫‪ - 1‬الشعر( مولينو‪ ،‬رومان جاكبسون‪ ،‬جوليا كريستيفا‪ ،‬جيرار دولودال‪ ،‬ميكائيل ريغاتير‪)....‬‬

‫‪ -2‬الرواية والقصة( كريماس‪ ،‬كلود بريموند‪ ،‬بارت تودروف‪ ،‬جيرار جينيت‪ ،‬فيليب هامون)‬

‫‪ -3‬األسطورة والخرافة ( فالديمير بروب)‬

‫‪ -4‬المسرح(هيلبو‪ ،‬كير إيالم)‬

‫‪ -5‬السينما(كريستان ميتر‪ ،‬يوري لوتمان)‪.‬‬

‫‪ -6‬اإلشهار (روالن بارت‪ ،‬جورج بنيتو‪ ،‬جان دوران)‪.‬‬

‫‪ )(1‬سعيد بنكراد‪ :‬السيميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها‪ ،‬ص‪.33‬‬


‫‪18‬‬
‫مدخـــــــــــــل‪.........................................................‬السيميولوجيا الماهية والمفهوم‬

‫‪-7‬التواصل(جورج مونان‪ ،‬برييطو)‪.‬‬

‫‪ -8‬الثقافة (يوري لوتمان‪ ،‬توبوروف‪ ،‬اينانوف‪ ،‬أوسبنسكي‪ ،‬أمبرتو ايكو)‪.‬‬

‫‪-9‬الموسيقى (مجلة‪ Musique en jeu‬في سنوات ‪.)1971-1970‬‬

‫‪ -10‬القص ة المص ورة ( ‪ ،La bande dessinée‬ب ير فريزنول د دوريي ل ‪Pierre Freznolt‬‬
‫‪1‬‬
‫‪.)Deruelle‬‬

‫من خالل ه ذه النم اذج ال تي تم تق ديمها‪ ،‬يتض ح أن المنهج الس يميولوجي اس تعمل في العدي د‬
‫من المجاالت والحقول المعرفية المختلفة‪ ،‬وعد من أهم المناهج النقدية في مقاربة الخطابات النصية‬
‫وكذا رصد األنشطة البشرية عن طريق التفكيك والتركيب والتأويل إلنتاج المعنى وإ فراز الداللة‪.‬‬

‫‪ )(1‬باية سيفون‪ :‬محاضرات في السيميولوجيا‪ ،‬ص‪.09‬‬


‫‪19‬‬
‫الفصل األول‬
‫مقاربة مفاهيمية للخطاب والمسرح‬
‫أوال‪ :‬تعريف الخطاب‬

‫أ‪ -‬لغة‬

‫ب‪ -‬اصطالحا‬

‫‪ -1‬عناصر الخطاب‬

‫‪ -2‬تقنيات الخطاب‬

‫ثانيا‪ :‬تعريف المسرح‬

‫أ‪ -‬لغة‬

‫ب‪ -‬اصطالحا‬

‫‪ -1‬نشأة المسرح في الوطن العربي‬

‫‪ -2‬سيمات المسرح‬

‫‪ -3‬أهمية المسرح‬
‫الفصل األول‪....................................................‬مقاربة مفاهيمية للخطاب‬
‫والمسرح‬

‫تمهيـد‪:‬‬
‫يظهر األدب على أنه المرآة العاكسة لرقي األمم والشعوب وذلك تعبيرا عما يختلجها وعن‬
‫نتاجاته ا الفكري ة وال ذي يرتب ط ارتباط ا وثيق ا بموروث ه وتقالي ده‪ ،‬فنج د تع دد األجن اس وه ذا بحس ب‬
‫استيعاب الفرد لها المسرح الذي يعد وسيلة تبلغية والذي ال يزال من الوسائل التي تلعب دورا هاما‬
‫في ته ذيب النف وس‪ ،‬كم ا يحف ظ لن ا في الحاض ر تلكم الص ور للتط ور ال تي مررن ا به ا وب ذلك ليس‬
‫مجرد وسيلة ترفيهية ال تقوم على اإلضحاك فقط وإ نما يتخطى ذلك‪ ،‬والذي يعتمد في جوهره على‬
‫الحص يلة المعرفي ة في ش مولها الع ام وعلى ق درة اإلنس ان على االستكش اف والتعجب والتأم ل فيعت بر‬
‫المسرح من الفنون التي لها اتصال وثيق بحياة الفرد بخاصة والمجتمعات عامة ويجعل الجميع على‬
‫طبق ة واح دة ال ي راهم على أس اس طبقي وه ذا م ا رآه "ب ريخت" كم ا ال ي رى وال يش ترط أن يك ون‬
‫الفرد متعلما أو جاهال فلكل منهما أهميته فالمسرح صناعة إنسانية معبرة‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك فإن‬
‫الخطاب المسرحي يعد من الخطابات التي تعد كيان متجدد وذلك يوعي القارئ وتجدده ونظرته التي‬
‫تبحث عن أجوبة في كل مرة‪ ،‬فهو من أهم العناصر التي تحدد طرق االتصال وتضبط بنية التعبير‬
‫وتنحت اله دف المنش ود‪ ،‬ومن ه ي رتقى النص ليص بح خطاب ا تجاوزي ا ض من فض اء تص نعه خش بة‬
‫المسرح والممثل والمتلقي أيضا‪ ،‬فهو ال يهدف للتسلية والمتعة كما قلنا من قبل‪ ،‬لكن لتبليغ خطاب‬
‫معين يحرص فيه على أن يلبس أجمل حلة ويتزينا بأحلى األزياء‪ ،‬لتحقيق المبتغى‪ ،‬ويبرز ذلك في‬
‫لغة الخطاب المسرحي الذي يتوجه للمتلقي بكلمات برقاقة‪ ،‬وما يزال المسرح هو النقطة التي يبدأ‬
‫منها عادة‪ ،‬انطالق الشرارة نحو الثقافة والتطور‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫الفصل األول‪....................................................‬مقاربة مفاهيمية للخطاب‬
‫والمسرح‬

‫تناول األدباء العديد من القضايا التي أثلجت تعدد األجناس وعكست تجارب ونماذج للشعوب‬
‫وع برت عن تفك يرهم أم ا التع دد ف ذلك حس ب اس تيعاب الش عوب ومن ه الخط اب ال ذي يع د مراجع ة‬
‫الكالم بين طرفين أو أكثر به يتم تبادل رسائل لغوية‪.‬‬

‫فالخط اب مص طلح غ ير مس تقر يح وي الكث ير من المتغ يرات إلى رج ة تمنح ك ل محاول ة‬


‫التوفي ق بين مختل ف وجه ات النظ ر وتوحي د وجه ات نظ ر ح ول التعري ف‪ ،‬ومن ه ك ان الخالف قائم ا‬
‫ح ول مع نى الخط اب وماهيت ه‪ ،‬ومن خالل ه ذا ن رجح إلى إعط اء مفه وم ل ه يظه ر س يماته وبوص فه‬
‫فعال يجمع بين القول والعمل‪.‬‬

‫أوال‪ -‬مفهوم الخطاب‪:‬‬


‫ظهر مصطلح الخطاب في حقل الدراسات اللغوية بتعريفات عدة منها‪:‬‬

‫أ‪ -‬لغة‪:‬‬
‫يظهر لفظ الخطاب في مواضيع عديدة في القرآن الكريم ونذكر منها‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫قوله تعالى ﴿َو ِع َباُد الَّر ْح َم ِن اَّلِذ يَن َيْم ُش وَن َع َلى ااْل ْر ِض َهْو ًنا َو ِإَذ ا َخ اَطَبُهُم اْلَج اِه ُلوَن َقاُلوا َس اَل ًم ا﴾‬

‫‪2‬‬
‫وقوله تعالى ﴿َر ِّب الَّس َم اَو اِت َو اَأْلْر ِض َو َم ا َبْي َنُهَم ا الَّر ْح َم ِن اَل َيْم ِلُك وَن ِم ْن ُه ِخ َطاًبا﴾‬

‫‪3‬‬
‫وقوله تعالى ﴿ َفَم ا َخ ْط ُبَك َيا َس اِم ِر ُّي ﴾‬

‫وج اء في لس ان الع رب ل"ابن منظ ور" في م ادة (خ‪.‬ط‪.‬ب) أن الخط اب "خطب‪ :‬الخطب‬
‫الشأن أو األمر صغرا أو عظم‪ ،‬ويقال‪ :‬ما خطبك؟ أي ما أمرك؟ ويقول‪ :‬هذا خطب خليل وخطب‬
‫يس ير والخطب األم ر ال ذي تق ع‪ ،‬في ه المخاطب ة والش أن والح ال‪ ،‬ومن ه ق ولهم‪ :‬ج ل الخطب أي عظم‬
‫األمر والشأن‪.‬‬

‫‪ )(1‬القرآن الكريم‪ ،‬سورة الفرقان‪ ،‬اآلية ‪.63‬‬


‫‪ )(2‬القرآن الكريم‪ ،‬سورة النبأ‪ ،‬اآلية ‪.37‬‬
‫‪ )(3‬القرآن الكريم‪ ،‬سورة طه‪ ،‬اآلية ‪.95‬‬
‫‪22‬‬
‫الفصل األول‪....................................................‬مقاربة مفاهيمية للخطاب‬
‫والمسرح‬

‫والخطاب والمخاطبة‪ :‬مراجعة الكالم‪ ،‬وقد خاطبه بالكالم مخاطبة‪ ،‬خطابا‪ ،‬وهما يتخاطبان‬
‫ق ال لليث‪ :‬ولخطب ة مص در الخطيب والخطب الخ اطب على المس ر واختطب يخطب خطاب ة واس م‬
‫‪1‬‬
‫الكالم الخطبة"‪.‬‬

‫وفي "الصــحاح تــاج اللغــة" ج اء لف ظ خطب " س بب األم ر‪ ،‬وتق ول م ا خطب ك‪ ،‬وخطبت على‬
‫‪2‬‬
‫المنبر‪ ،‬خطبة بالضم‪ ،‬وخاطبه بالكالم مخاطبة وخطابا"‪.‬‬

‫تتمحور التعاريف السالفة الذكر حول الخطاب الذي أرسى مدار اهتمام الدارسين ونرى أن‬
‫تعريفه أولى هذه اإلهتمامات فقد أظهرها القرآن الكريم في عدة مواضع‪ ،‬وذلك ما نجده في سورة‬
‫الفرقان مثال كما كانت للمعاجم دور في تناول هذا اللفظ (الخطاب) وهذا ما أقره "ابن منظور"‪.‬‬

‫ب‪ -‬اصطالحا‪:‬‬
‫تع ّد دت مفاهيم الخطاب واختلفت بخاصة في الدراسات الحديثة والمعاصرة وتنوعت بتنوع‬
‫الدارس ين والمهتمين به ذا المج ال‪ ،‬وب ا تحدي د المص طلح‪ ،‬ف اختلفت التعريف ات وتن وعت ل دى العرب‪،‬‬
‫وهذا م ا أظه ره "عب د الس الم المس دي" في قول ه أن الخط اب‪ ":‬م ا يميز الخط اب ه و انقط اع وظيفت ه‬
‫المرجعية ألنه ال يرجعنا إلى شيء‪ ،‬وال يبلغنا أمرا خارجيا‪ ،‬إنما هو يبلغ ذاته وذاته هي المرجع‬
‫المنق ول في نفس ال وقت‪ 3"...‬ويق ول "‪ ....‬ينتمي لص احبه من حيث الكالم مبث وث‪ ،‬أم ا أدبي ة فهي‬
‫أساسا وليدة تركيبة األلسنة"‪ 4‬وبذلك فهو يدعو إلى أن ندرس الخطاب في ذاته ولذاته باعتباره بنية‬
‫قائم ة ب ذاتها في حين أن الخط اب وأدبيت ه في المفه وم يقص د به ا أنه ا تتجس د في الخط اب ك امال أي‬
‫ليس جزء دون سواه‪.‬‬

‫‪ )(1‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬د‪،‬ط‪ ،‬مصادر للطباعة والنشر‪ ،‬مجلد ‪ ،3‬الجزء ‪ ،14‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪.1194‬‬
‫‪ )(2‬ابن نصر اسماعيل بن حماد الجوهري‪ :‬الصحاح تاج اللغة صحاح العربية‪ ،‬تر‪ :‬اميل بديع يعقوب محمد نبيل‬
‫طريفي‪ ،‬ج‪ ،2‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،1999 ،2‬ص‪.184‬‬
‫‪ )( 3‬عبد السالم المسدي‪ :‬األسلوب واألسلوبية‪ ،‬الدار العربية للكتاب‪ ،‬ط‪ ،3‬د ت‪ ،‬ص‪.116‬‬
‫‪ )(4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.116‬‬
‫‪23‬‬
‫الفصل األول‪....................................................‬مقاربة مفاهيمية للخطاب‬
‫والمسرح‬

‫أما "بن ظافر الشهري"‪ :‬يعرف الخطاب ويقول أن "كل منطوق موجه به إلى الغير للتعبير‬
‫عن قصد المرسل ولتحقيق هدفه إذ يتركب هذا التعريف من محاور ثالثة‪ :‬هي أن الخطاب يجري‬
‫بين ذاتين وأنه يعبر به المرسل عن قصده‪ ،‬وأنه يحقق هدفا"‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫فيظه ر من خالل م ا تطرقن ا إلي ه في التعري ف االص طالحي للخط اب أن ه مص طلح لم يص ل‬


‫فيه إلى التدقيق ودليل ما عرضه العديد من األدباء من مفاهيم بخاصة لدى العرب‪.‬‬

‫أما عند الغرب‪ :‬فقد تعددت بتعدد اإلتجاهات وبذلك تتعدد وتتداخل التعريفات أحيانا وتتقاطع وأحيانا‬
‫أخ رى يكم ل بعض ها اآلخ ر‪ ،‬ومن ه نج د تعري ف ل" غريم اس" ‪ J. Griemas‬ال ذي يش ير إلى مع نى‬
‫آخر للخطاب‪ .." :‬لما يجعله مرادفا لنص مستندا في ذلك إلى أن بعض اللغات األوروبية ال تتوفر‬
‫على لف ظ يقاب ل لفظي (‪ )discours‬بالفرنس ية (‪ )discoures‬باإلنجليزي ة‪ ،‬ويش ير إلى أن الخط اب‬
‫والنص تس تعمالن للدالل ة على ممارس ات خطابي ة غ ير لغوي ة ك األفالم والطق وس والقص ص‬
‫‪2‬‬
‫المرسومة"‪.‬‬

‫وعرف "هاريس"‪ Harries‬الخطاب أنه" ملفوظ طويل أو هو متتالية من أجل الجمل تكون‬
‫مجموع ة منغلق ة يمكن من خالله ا معاين ة سلس لة من العناص ر‪ ،‬بواس طة المنهجي ة التوزيعي ة وبش كل‬
‫يجعلنا نظل في مجال لساني محض"‪ 3.‬واعتمد في تشكيل مفهومه هذا اعتمادا على تعريف بلومفيلد‬
‫‪ Blomfield‬للجمل ة ع بر تأكي ده بحتمي ة وج ود خط اب يك ون مق ترن بنظ ام المتتالي ة ال تي تق دم بني ة‬
‫الملفوظ‪ ،‬وبذلك إقصاء كل ما هو لساني في الخطاب‪.‬‬

‫يمكن القول أن ما جاء في‪ :‬التعريف اإلصطالحي للخطاب فقد تعددت بتعدد مشاربها وهذا‬
‫م ا أظه ره جمل ة من األدب اء والعلم اء إن ص ح التعب ير بخاص ة ل دى "غريم اس" ‪Greimas‬وغ يره‪،‬‬
‫والذي أشار إلى معنى آخر للخطاب‪ ،‬وبذلك ال يمكن أن نقول أن الخطاب له معنى وتعريف واحد‬

‫‪ )(1‬عبد الهادي بن ظافر الشهري‪ :‬استراتيجيات الخطاب‪ ،‬مقاربة لغوية تداولية‪ ،‬ط ‪ ،1‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،2004 ،‬ص‬
‫‪.51‬‬
‫‪ )(2‬نوال بومعزة‪ :‬مطبوعات جامعية‪ ،‬مقياس تحليل خطاب‪ ،‬كلية اآلداب‪ ،‬والحضارة اإلسالمية‪ ،‬جامعة األمير عبد‬
‫القادر للعلوم اإلنسانية‪ ،‬قسنطينة‪ ،2013-2012 ،‬ص‪.05‬‬
‫‪ )( 3‬سعيد يقطين‪ :‬تحليل الخطاب الروائي‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬ط‪ ،3‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،1997 ،‬ص‪.22‬‬
‫‪24‬‬
‫الفصل األول‪....................................................‬مقاربة مفاهيمية للخطاب‬
‫والمسرح‬

‫إذا أن كل أديب ينظره بمنظور واتجاه لكن يتقاطعان ليكمال بعضها البعض أما في األدبيات الحديثة‬
‫فقد ورد مصطلح الخط اب ألول مرة غالبا لدى "هايمز"‪ Hymes‬الذي عرف ه فقد ورد ون ال التعدد‬
‫والتن وع‪ ،‬وذل ك بت أثير الدراس ات ال تي أجراه ا علي ه الب احثون‪ ،‬وب ذلك فه و يطل ق اجم اال على أح د‬
‫مفهومين وهما‪:‬‬

‫أوال‪" :‬أنه ذلك الملفوظ الموجه إلى الغير‪ ،‬بإفهامه قصدا معينا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أما ثانيا‪ :‬الشكل اللغوي الذي يتجاوز الجملة‪".‬‬

‫وبناء عليه يتضح لنا من خالل ما تطرق إليه ما يميز في تعريفه على أنه الملفوظ الموجه‬
‫للغ ير وال ذي من خالل ه يظه ر م دى الت أثر‪ ،‬وب ذلك يع د الش كل اللغ وي ال ذي يتج اوز الجمل ة الواح دة‬
‫سواء مكتوب أو ملفوظ‪.‬‬

‫‪ -1‬عناصر الخطاب‬
‫تتعدد مشارب الخطاب بتعدد مفاهيمها وتشترك في عملية البلورة لهذا األخير‪ ،‬كما أن هناك‬
‫عدد من العناصر التي تشترك في عملية التواصل في الخطاب ويمكن معرفتها من خالل نظر إليه‬
‫نجد ذات ه‪ ،‬ومن خالل هذا يظهر لن ا عناصر الخطاب التي تتجس د في كونه ا عناصر س ياقية والتي‬
‫تتمثل إجماال في‪:‬‬

‫‪ -1-1‬المرسل‪ : Emetteur‬هو الذات المحورية في إنتاج الخطاب وتوظيف اللغة في مستوياتها‬


‫المتغيرة‪ ،‬ويعرفه من "بن ظافر الشهري"‪" :‬أنه بدونه ال يكون الخطاب‪ ،‬ألنه طرف الخطاب األول‬
‫الذي ينتج به إلى الطرف الثاني‪ ،‬ليكمل دائرة العملية التخاطبية‪ ،‬بقصد إفهامه مقاصده أو تأثير فيه‪،‬‬
‫ولذلك فإنه يختار ما يتناسب مع منزلة المرسل إليه وفقا ما يقتضيه موقفه إما الموقع اإلجتماعي أو‬
‫‪2‬‬
‫الموقع الوظيفي أو غيرهما‪."...‬‬

‫‪ )(1‬عب د اله ادي بن ظ افر الش هيري‪ :‬اس تراتيجيات الخط اب مقارب ة لغوي ة تداولي ة‪ ،‬دار الكت اب الجدي د المتح د‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪ ،2004‬ص‪.37‬‬
‫‪ )(2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.07‬‬
‫‪25‬‬
‫الفصل األول‪....................................................‬مقاربة مفاهيمية للخطاب‬
‫والمسرح‬

‫إن المتأمل في كيفيته توظيف اللغة وأنها تعد من العناصر األسمى في عملية التخاطب وبدونه ال تتم‬
‫عملية التخاطب‪.‬‬

‫‪ -1-2‬المرسل إليه‪ : Récepteur‬ويقصد به الطرف الذي يوجه له المرسل خطابه عمدا ويتقدم‬
‫ب ذلك من "بن ظ افر الش هري" في مؤلف ه "إس تراتيجية الخط اب" أن المرس ل إلي ه ه و الط رف الث اني‪،‬‬
‫وإ ليه تتجه لغة الخطاب التي تعبر عن مقاصد المرسل وعليه فإنه يمارس وبشكل غير مباشر دورا‬
‫في توجيه المرسل عند اختيار أدواته وصياغة خطابه وذلك بحضوره العيني‪ ،‬او الذهني‪ ،‬انطالقا‬
‫من عالقاته السابقة بالمرسل وموقفه منه ومن الموضوعات التي يتناولها الخطاب‪ ،‬كل ذلك يترك‬
‫تفكي ك الخط اب ويؤول ه لمعرف ة‬ ‫أث ره بوص فه ه و ال ذي يم ارس‬
‫العناصر المشتركة‬
‫الخطاب"‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫مقاص د المرس ل وأه داف‬

‫‪ -1-3‬العناصر المشتركة ‪:Les éléments communs‬‬

‫العنصر الذاتي‬ ‫العنصر الموضوعي‬ ‫العنصر األواني‬


‫الرغبات (معتقدات‬ ‫الظروف المكانية‬
‫المعرفة المشتركة بين‬
‫ومقاصد المتكلم)‬ ‫والزمانية أي الوقائع‬
‫المتخاطبين‬
‫الخارجية التي تم فيها‬
‫القول‬

‫يظه ر لن ا من خالل م ا تق دم في عنص ر المرس ل إلي ه فإن ه من العناص ر ال تي تع بر عن م ا يري د‬


‫المرس ل إيص اله للمتلقي والمغ زى منه ا أنه ا تح اول أن توص ل فك رة م ا وتح اول أن تعلمن ا درس ا‪،‬‬
‫وب ذلك فهو يع د من العناص ر ال تي تقوم بتفكيك ش فراته وت ؤول إلى معرف ة مقاص د المرس ل أم ا عن‬
‫العناصر المشتركة فهي من العناصر التي تنقسم إلى ثالثة أقسام‪.‬‬

‫‪ )(1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.07‬‬


‫‪26‬‬
‫الفصل األول‪....................................................‬مقاربة مفاهيمية للخطاب‬
‫والمسرح‬

‫السياق‪Contexte:‬‬ ‫‪-1-4‬‬
‫ه و اإلط ار الع ام ال ذي يس اهم في ت رجيح أدوات بعينه ا واختي ار اآللي ات المناس بة لعملي ة‬
‫اإلفه ام بين ط رفي الخط اب‪ ،‬وذل ك من خالل ع دد من العناص ر‪ ،‬ض من عناص ره العالق ة بين‬
‫المتخاطبين سواء سلبية أم ايجابية‪ ،‬ولذلك ينعدم وجودها بعد توجيهها للمرسل في اختياراته‪ ،‬كما أن‬
‫الزمان والمكان اللذين يتلفظ فيها المرسل بخطابه من عناصره الهامة فما يصلح للزمان قد يصلح‬
‫‪1‬‬
‫آلخر‪ ،‬وما يناسب مكانا قد ال يناسب آخر"‪.‬‬
‫أم ا "ص الح قس يس" ف يرى أن الس ياق ه و "ال ذي يحل ل إلي ه المتلقي كي يتمكن من اس تيعاب‬
‫الرسالة"‪ 2‬فما يشار من خالل هذا القول على أن السياق متعلق بالنص وإ عطاء داللة دقيقة‪ ،‬والذي‬
‫يعني أنه ال يوجد خطاب دون وجوده ضمن سياق معين‪.‬‬

‫سياق‬

‫مرسل إليه‬ ‫رسالة‬ ‫مرسل‬

‫ومن خالل هذا المخطط يظهر لنا كيفية التلقي ويجمع لنا عناصر الخطاب‪.‬‬

‫‪ -2‬تقنيات الخطاب المسرحي‬


‫تتخذ تقنية الخطاب المسرحي غاية لبلوغ الهدف األسمى‪ ،‬وذلك ببعدين أساسيين هما البعد‬
‫المادي والتخطيطي‪.‬‬

‫فاألول فيها يتجسد استراتيجية تتبلور فيه‪ ،‬أما الثاني فيتحقق على المستوى الذهني واألدهى‬
‫واألص ح أن العم ل المس رحي يرتك ز على كال البع دين بالفاع ل الرئيس ي أي‪ :‬الك اتب‪ ،‬الممث ل‪،‬‬
‫المخ رج‪ ،‬وه ذا األخ ير يخت ار من الميكانزم ات أو اإلمكاني ات ال تي يري د به ا ويض من تحقي ق هدف ه‪،‬‬
‫وبذلك يمكن أن نعرف استراتيجية أو تقنيات الخطاب لفهم معناها‪.‬‬

‫وهذا ما كان لـ"بن ظافر شهري" يقول فيها ‪":‬عبارة عن المسلك المناسب الذي يتخذه المرسل‬
‫للتلف ظ بخطاب ه من اج ل تنفي ذ إرادت ه والتعب ير عن مقاص ده ال تي ت ؤدي إلى تحقي ق أهداف ه من خالل‬

‫‪ )( 1‬عبد الهادي بن ظافر الشهري‪ :‬استراتيجيات الخطاب‪ ،‬مقاربة لغوية تداولية ص‪.71‬‬
‫‪ )( 2‬صالح قسيس‪ :‬الخطاب الدرامي بين الوعي الذات وسلطة النص‪ ،‬جامعة محمد البشير اإلبراهيمي‪ ،‬د ت‪،‬ص‪.03‬‬
‫‪27‬‬
‫الفصل األول‪....................................................‬مقاربة مفاهيمية للخطاب‬
‫والمسرح‬

‫استعمال العالمات اللغوية‪ ،‬وغير اللغوية وفقا لما يقتضيه سياق التلفظ بعناصره المتنوعة ويستحسنه‬
‫‪1‬‬
‫المرسل"‪.‬‬

‫وتقوم استراتيجيات الخطاب المسرحي بالعناصر التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬الهــدف‪ :‬وال ذي يق وم للوص ول إلى نقط ة معين ة من خالل العم ل المس رحي كتق ويم س لوك‪ ،‬أو‬
‫التنبيه إلى أمر ما‪ ،‬أو تحقيق متعة‪...‬‬

‫‪ -2‬السياق العام‪ :‬وهو المسرحية من بدايتها إلى غاية النهاية‪.‬‬

‫‪ -3‬عناص ــر الس ــياق‪ :‬وهي ال تي تق وم على عناص ر المس رحية من شخص يات‪ ،‬ح وار‪ ،‬أح داث‪،‬‬
‫صراع‪ ،‬وعقد إلى غير ذلك‪...‬‬

‫‪ -4‬الفعل‪ :‬ونقول اآلداء‪ ،‬أو التمثيل‪ ،‬وذلك بما أن المسرحية كتبت للتمثيل فالفعل فيها هو التمثيل‪.‬‬

‫‪ -5‬الفاع ـ ــل‪ :‬وه و الشخص ية األولى إن ص ّح الق ول عنه ا وه و الك اتب‪ ،‬الممث ل المخ رج‬
‫ال دراماتولوجي‪ ،‬ومن ه يتجلى لن ا أن الفاع ل أو الك اتب المس رحي ي درس ويخط ط ذهني ا أوال ألج ل‬
‫الوصول إلى النقطة المرجوة وذلك باتخاذه جل العناصر التي تقود فعله‪ ،‬بافتراضات وتخطيطات‬
‫وطرق وكل ذلك ليصل إلى المبتغى‪.‬‬

‫فالخط اب يخط ط ل ه بص فة مس تمر مم ا يق ود المرس ل إلى اختي ار االس تراتيجية المثلى‬


‫والمناسبة التي تعبر عن رسالته أو مبتغاه أو باألحرى مقصده‪" ،‬فالخطاب اتصال لغوي يعتبر ص فقة‬
‫بين المتكلم والمس تمع ونش اطا متب ادال بينهم ا‪ ،‬ويت دفق ص يغته على غرض ه االجتم اعي‪ ،‬أم ا النص‬
‫‪2‬‬
‫فيعد اتصاال لغويا"‪.‬‬

‫‪ )( 1‬عبد الهادي بن ظافر الشهري‪ :‬استراتيجية الخطاب‪ ،‬مقاربة لغوية تداولية‪ ،‬دار الكتاب الجديد المتحرر‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬ط‪ ،2004 ،1‬ص‪.62‬‬
‫‪ )( 2‬صالح قسيس‪ :‬الخطاب المسرحي الجزائري المعاصر‪ ،‬دراسة بنيوية‪ -‬مسرحية النار والنور لصالح لمباركية –‬
‫أنموذج ا‪ -‬م ذكرة مقدم ة لني ل ش هادة الماجس تير في األدب‪ ،‬إش راف د‪/‬معم ر حجيج‪ -‬جامع ة باتن ة‪،2008-2007 ،‬‬
‫ص‪.41‬‬
‫‪28‬‬
‫الفصل األول‪....................................................‬مقاربة مفاهيمية للخطاب‬
‫والمسرح‬

‫ثانيا‪ -‬تعريف المسرح‪:‬‬


‫يمث ل المس رح الس بيل نح و الثقاف ة والتط ور‪ ،‬لم ا يتم يز من ق درة على توظي ف األش كال‬
‫التعبيري ة‪ ،‬وه و من الفن ون األدبي ة ال تي رافقت الف رد من ذ الق دم فك ان وس يلة للتعب ير عن آالم وآم ال‬
‫وقضايا الشعوب ومعتقداتهم‪.‬‬

‫أ‪ -‬لغـــة‪ :‬ق د ع رف المس رح بع دة تع اريف‪ ،‬ووردت اللفظ ة في الق رآن الك ريم وفي العدي د من‬

‫المواض يع‪ ،‬ونج د ذل ك في م ا ج اء في م ادة (س‪،‬ر‪،‬ح) بص يغ متباين ة وه ذا في قول ه تع الى‪َ ﴿:‬و َلُك ْم‬
‫‪1‬‬
‫ِفيَه ا َج َم اٌل ِح يَن ُتِر يُح وَن َو ِح يَن َتْس َر ُح وَن ﴾‬

‫وقوله تعالى‪﴿ :‬اَي َأَهُّيا الَّنُّيِب ُقْل َأِلْز َو اِج َك ْن ُكْنَّنُت ُتِر ْد َن اْلَح َياَة اُّدل ْنَيا َو ِز يَنَهَتا َفَتَع اَلَنْي ُأَم ِّتْع ُكَّن َو ُأِّرَس ْح ُكَّن‬
‫ِإ‬ ‫‪2‬‬
‫َرَس اًح ا ِمَج ياًل ﴾‬

‫وه ذا م ا أورده الق رآن الك ريم عن اللفظ ة‪ ،‬كم ا نج ده في مواض ع أخ رى‪ ،‬فاتخ ذ لنفس ه ع دة‬
‫لغ ات فني ة من إيق اع‪ ،‬وحرك ة أض واء‪ "...‬فهي مس تقاة من الواق ع ولغت ه أدوات فني ة مالئم ة لمواهب ه‬
‫وتجربت ه‪ ،‬والغاي ة هي وص ف ه ذا الواق ع الموج ود في النفس المتس رب إليه ا عن طري ق الع الم‬
‫‪3‬‬
‫الخارجي"‪.‬‬

‫فه و فن ق ائم على المش اهدة والرؤي ة (المس رح) وال أذل على ذل ك في أص ل الكلم ة في ح د‬
‫ذاتها "ويعد المسرح من أعرق الفنون وأقدمها وكلمة مسرح ‪ Théâtre‬تعود في معناها االشتقاقي‬
‫إلى األص ل اليون اني ‪ Theatrone‬ال تي تع ني مك ان المش اهدة‪ ....‬وق د أخ ذت الكلم ة ع بر الت اريخ‬
‫دالالت معني ة‪ ،‬فهي من فن ون الش عر في الحض ارة اليوناني ة ونص مكت وب يؤدي ه ممثل ون عن د‬
‫الروم ان"‪ 4.‬وبمع نى أدق ف إن الكلم ة اليوناني ة مش تقة من فع ل يع ني ‪ Tossé‬ي رى أو يش اهد ‪To‬‬
‫‪.view‬‬

‫‪ )(1‬القرآن الكريم‪ ،‬رواية ورش‪ ،‬سورة النحل‪ ،‬اآلية ‪.06‬‬


‫‪ )(2‬القرآن الكريم‪ ،‬رواية ورش‪ ،‬سورة األحزاب‪ ،‬اآلية ‪.28‬‬
‫‪ )(3‬ينظر‪ /‬عبد المالك مرتاض‪ ،‬النص األدبي من أين؟ وإ لى أين؟ ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر ‪ ،1983‬ص‬
‫‪.15‬‬
‫‪ )(4‬الكبير الدادسيي‪ :‬تحليل السردي والمسرحي‪ ،‬دار الراية عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،2004 ،1‬ص‪.91‬‬
‫‪29‬‬
‫الفصل األول‪....................................................‬مقاربة مفاهيمية للخطاب‬
‫والمسرح‬

‫ي تراءى لن ا أن لفظ ة المس رح ق د اتخ ذت العدي د من الس بل في إظه ار نفس ها وه ذا م ا ك ان‬


‫وروده ا في الق رآن الك ريم في مواض ع ع دة ك ان لن ا إظه ار س ور إلب راز ذل ك‪ ،‬كم ا يظه ر للكلم ة‬
‫أقدمية والتي أخذت دالالت معينة عير التاريخ‪.‬‬

‫وال يخفى علين ا دخوله ا إلى المع اجم (المس رح) لتح ل فيه ا وه ذا م ا أورد "ابن منظ ور" في‬
‫معجم ه "لسان العرب" في مادة (سرح) أن "المسرح يفتح الميم مرعى‪ ،‬ومجمعه مس ارح‪ ....،‬وهو‬
‫‪1‬‬
‫الموضع الذي تسرح إليه الماشية للرعي"‪.‬‬

‫كما نجد من أهم المعاجم التي تناولت هذا المفهوم والذي أظهره" الخليل بن أحمد الفراهيدي"‬

‫ص احب "معجم العين" تحت م ادة (س رح) يق ول" َس َر حَنا اإِل ب َل ‪ ،‬وَس ُر َح ت اإِل ِب ل س رحا والمس رُح‬
‫م رعى الَس رَح ‪ ،‬والَس ْر ُح من الم ال م ا يْغ ذى ب ه وُي راُح والجم ع‪ :‬س روح اس م لل راعي ويك ون إس ما‬
‫‪2‬‬
‫للقوم الذين هم الَسْر ُح "‪.‬‬
‫ويظه ر أن األص ل اللغ وي لكلم ة "(َم ْس َر ْح ) بفتح الميم فهي مش تقة (س رح) يع ني (رعي) أي‬
‫المرعى الذي تسرح فيه الماشية وجمعه َم َس اِر ح‪ ،‬كما يعنى إال معان أثناء حدوث العملية وقد كانت‬
‫‪3‬‬
‫تنطلق على فناء الدار"‪.‬‬

‫ال يخفى علين ا أن لفظ ة المس رح أدرجت في مواض يع ع دة لكن يظه ر أنه ا أدرجت في‬
‫مواض ع‪ ،‬بخاصة لدى المعاجم والتي نضجت وبرز مفهومها ومعناها هذا ما أظهره "ابن منظور"‬
‫وكذا "الفراهيدي" وغيرهم مما بينت لنا ذلك الذي يجهله العديد حول المعنى الحقيقي له والذي يجمع‬
‫على انه ذلك السرح والحيز المكاني من العمل المسرحي‪.‬‬

‫‪ )( 1‬أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور اإلفريقي المصري‪ :‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫ط‪ ،2004 ،3‬مادة (سرح)‪ ،‬ص‪.108‬‬
‫‪ )(2‬الخلي ل بن أحم د الفراهي دي‪ ،‬كت اب العين‪ ،‬دار الكتب العلمي ة‪ ،‬ب يروت لبن ان‪ ،‬ط‪ ،2003 ،1‬م ادة (س ر ح)‪ ،‬ص‬
‫‪.233‬‬
‫‪ )( 3‬ينظر‪ /‬ماري إلياس‪ ،‬حنان قصاب‪ :‬المعجم المسرحي‪ ،‬مفاهيم ومصطلحات المسرح وفنون العرض‪ ،‬مكتبة لبنان‪،‬‬
‫الناشرون ببيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،1997 ،1‬ص‪.423‬‬
‫‪30‬‬
‫الفصل األول‪....................................................‬مقاربة مفاهيمية للخطاب‬
‫والمسرح‬

‫اصطالحا‪:‬‬
‫تع ددت مف اهيم العم ل المس رحي ذل ك لم ا م ر ب ه الع الم الع ربي بظ روف سياس ية واقتص ادية‬
‫وكذا اجتماعية‪ ،‬لذلك أمكننا عرض بعض مفاهيم المسرح ونجد تعريف لـ"صالح لمباركية"‪ ،‬فيقول"‬
‫أن المس رح روح األم ة وعن وان تق دمها وعظمته ا في فض ائه وعلى ركح ه‪ ،‬تع بر الش عوب عن‬
‫قضاياها االجتماعية والسياسية وترسم أحالمها وتطلعاتها‪ ،‬فهو أقرب الفنون إلى الذات‪ ،‬ألنه يصور‬
‫التجرب ة اإلنس انية حرك ة وق وال‪ ،‬فينقله ا ممثل ة بص ورته الحقيقي ة‪ ،...‬وبالت الي ف إن أث ر المس رح أش د‬
‫‪1‬‬
‫وقعا فيما أحسب من بقية الفنون األخرى"‪.‬‬

‫أما "أحمد زلط" فإنه أدلى بأنه "نص حواري تمثلي يستعين باألداء التمثلي والعناصر الفنية‬
‫‪2‬‬
‫فوق كل مكان للعرض‪ ،‬يشاهده جمهور النظارة في زمان وموضوع يشتمل لحمه النص جماعيا"‪.‬‬

‫يتبين لنا من خالل هذين التعريفين أن المسرح مرتبط أيما ارتباط بالجمهور‪ ،‬ذلك ألنه يقدم‬
‫قضايا تهتم بالفرد بالدرجة األولى وذلك باعتباره جزء مهم من أحداث المسرحية‪.‬‬

‫وج اء "محم د محم د داود" إلى أص ل المس رح‪ :‬المك ان المع روف لع رض المس رحيات ثم‬
‫استعير للداللة على المكان الذي وقع فيه حدث ما‪ ،‬على التشبيه بالمسرح الذي يجري فوقه أحداث‬
‫‪3‬‬
‫المسرحية‪ ،‬فيقال مسرح األحداث مسرح الجريمة‪ ،‬مسرح العمليات‪...‬الخ"‪.‬‬

‫" ونخلص إلى أن المسرح ضزب من األدب عند تناوله بكونه نصا وضرب من الفنون عند‬
‫‪4‬‬
‫تناوله يكون عرضا"‪.‬‬

‫‪ )(1‬ص الح لمباركي ة‪ :‬المس رح في الجزائ ر(النش أة وال رواد ونص وص ح تى س نة ‪،)1972‬دار اله دى‪ ،‬عين مليل ة‬
‫الجزائر‪ ،‬د‪ ،‬ط‪ ،2005 ،‬ص‪.05‬‬
‫‪ )(2‬أحمد زلط‪ :‬مدخل إلى علوم المسرح‪ ،‬دار الوفاء‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ط‪ ،2001 ،1‬ص‪.71‬‬
‫‪ )( 3‬محمد محمد داود‪ :‬معجم التعبير االصطالحي في العربية المعاصرة‪ ،‬دار غريب‪ ،‬القاهرة‪ ،2003 ،‬ص‪.499‬‬
‫‪ )( 4‬ينظر‪ /‬أحسن تليالني‪ :‬توظيف التراث في المسرح الجزائري‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه العل وم في األدب‬
‫العربي الحديث‪ ،‬جامعة منتوري‪ ،‬قسنطينة‪ ،2010-2009 ،‬ص‪.16‬‬
‫‪31‬‬
‫الفصل األول‪....................................................‬مقاربة مفاهيمية للخطاب‬
‫والمسرح‬

‫إن المتذوق للمسرح يجد نفسه في ساحة العرض‪ ،‬فما جاء به "محمد محمد داود" عنه يكسي‬
‫القارئ ذلك الخيال الواسع‪ ،‬والذي به يستمد المعنى الكلي له‪ ،‬فاألصل كما قال أنه المكان المعروف‬
‫للعرض‪ ،‬وما جاء به "تليالني" وقال عنه أنه ضرب من األدب عندما يكون نصا وفن عند تقديمه‪.‬‬

‫إن الحديث عن عالقة الجمهور بالفن المسرحي وتلقيه له لن يستلذ ولن يكتمل إذ لم نعد إلى‬
‫الوراء‪ ،‬للبحث في بداياته وأصوله ومنطلقاته األولى‪ ،‬ومما ال شك فيه أن المسرح ظاهرة اجتماعية‬
‫ولي دة الحاج ة الجماعي ة وك ان وال ي زال المس رح من أهم الوس ائل ال تي لعبت دورا هام ا في ته ذيب‬
‫النفوس من جهة وتسليتها من جهة أخرى‪ ،‬نظرا لما يمتاز به غيره من الفنون األدبية‪ ،‬وبذلك عد‬
‫من أقدم الفنون التي مارسها اإلنسان‪ ،‬فحاكى الظواهر التي كانت تبدر له في مخياله الفني‪.‬‬

‫‪ -5‬نشأة المسرح في الوطن العربي‪.‬‬

‫‪ -5-1‬المسرح في المشرق العربي‬


‫ي رى بعض المنظ رين وجمه ور الدارس ين في ت اريخ األدب الع ربي أن الش رق ق د ع رف‬
‫المسرح والمسرحية "منذ عهود قديمة وأسبق مسرح شرقي يختص بالهند حوالي (‪ 100‬ق‪.‬م) إلى (‬
‫‪ 400‬م) منها المسرحية العربية الفخارية حوالي(‪ 100‬ق‪.‬م) وظهر في شكلها األخير في (‪250‬م)‬
‫‪1‬‬
‫للمسرحي الهندي "سوذركا" ‪."king Sudraka‬‬

‫ومن المع روف أن المس رح من الفن ون الواف دة ال تي أتت للع رب من الغ رب في منتص ف‬
‫القرن ‪ 19‬ولم يكن هذا الفن بعناصره الحديثة معروفا ومنه "كان للعرب المواد الخام التي تصلح أن‬
‫تك ون مس رحا من الط راز األول س واء ك ان ذل ك في العص ر الج اهلي أو العص ر اإلس المي‪،.....‬‬
‫‪2‬‬
‫ولكنهم لم يتجهوا إليه رغم توفر المواد الخامة النثرية الممتازة بل ظلوا على ما كان القدماء عليه"‪.‬‬

‫فمن خالل ما تطرق عليه "محمد سراج الدين" في فن المسرحية‪ ،‬فإنه يظهر لنا أن المسرح‬
‫في شاكلته ظهر من قبل لدى العرب في عهود قديمة‪ ،‬ليأتي "علي الراعي" وينفي أن يكون العرب‬

‫‪ )(1‬محم د س راج ال دين‪ :‬فن المس رحية وس عته في األدب الع ربي‪ ،‬دراس ات الجامع ة اإلس المية العالمي ة‪ ،‬ش يتاغونغ‪،‬‬
‫مجلد ‪ ،3‬ديسمبر ‪ ،2006‬ص‪.23‬‬
‫‪ )(2‬علي الراعي‪ :‬المسرح في الوطن العربي‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬ط‪ ،1‬يناير‪ ،1979 ،‬ص‪.29‬‬
‫‪32‬‬
‫الفصل األول‪....................................................‬مقاربة مفاهيمية للخطاب‬
‫والمسرح‬

‫ق د عرف وا المس رح ب ل عرف وا أش كاال تك اد تتش ابه م ع المس رح الح الي وب ذلك نج ده يق ول‪ ":‬الع رب‬
‫والش عوب اإلس المية عام ة ق د ع رفت مختل ف أش كال من المس رح من ذ ق رون طويل ة قب ل منتص ف‬
‫الق رن التاس ع عش ر وال دليل في ذل ك م دودنا ب الطقوس االجتماعي ة والديني ة ال تي عرفه ا س كان ش به‬
‫الجزيرة العربية قبل اإلسالم لكنها لم تتطور إلى فن المسرح"‪ 1،‬وأول نص درامي خصص للتمثيل‬
‫كان "ضد مسلمي الشيعة من الفرس لما يدينون به من تقديس لألشخاص من أهل البين مثل "الحسن"‬
‫رض ي اهلل عن ه‪ ،‬فق د اخ ذوا مثال من مأس اته الدرامي ة ن واة لمس رحية يمثلونه ا ك ل ع ام يبك ون‬
‫‪2‬‬
‫وينوحون"‪.‬‬

‫وب ذلك نالح ظ أن المس لمين ق د عرف وا ش كال واح دا على األق ل من األش كال المس رحية أي ام‬
‫الخالف ة العباس ية‪ ،‬وه و مس رح خيــال الظــل ولإلش ارة إلى ه ذه الحقيق ة م ا نج ده في كت اب الــديارات‬
‫للشابشتي‪ ،‬ونذكر أن قصور الخلفاء في ذلك الوقت كانت مكان للتجمع والتبادل الثقافي مع مختلف‬
‫البلدان‪.‬‬

‫‪ -‬أما المسرحية بمعناها الفني لم تظهر في األدب العربي في القرن ‪ 19‬أي في العصر الحديث بعد‬
‫اتصالها بالغرب وال ننسى الحملة الفرنسية على مصر‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وجمعت اآلراء أن "م ارون النق اش" "أول من ح اول العم ل في ه ذا الفن محاول ة ج ادة"‪.‬‬
‫بتجربته في مسرحية "البخيل" وهي محاكاة لمسرحية "موليير" ‪ Moliére 1847‬وجاء بعده ابن أخيه‬
‫"س ليم النق اش" وال تنس ى إس هامات "توفي ق الحكيم" وك ذا "ج ورج أبيض" والعدي د منهم‪ ،‬حيث أق دموا‬
‫على إدخال هذا الفن بخاصة إلى مصر‪ ،‬وبذلك ازدهر وتطور ثم انتقل منها إلى البلدان العربية في‬
‫فترات زمنية متعاقبة‪.‬‬

‫‪ )(1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.31‬‬


‫‪ )( 2‬علي أحمد باكثير‪ :‬فن المسرحية من خالل تجاربي الشخصية‪ ،‬مكتبة االسكندرية‪ ،‬د‪،‬ت‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫‪ )(3‬أمين مقديسي‪ :‬الفنون األدبية وأعالمها‪ ،‬في النهضة العربية الحديثة‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬ط‪ ،3‬آب‪ ،1980 ،‬ص‬
‫‪.635‬‬
‫‪33‬‬
‫الفصل األول‪....................................................‬مقاربة مفاهيمية للخطاب‬
‫والمسرح‬

‫‪ -5-2‬نشأة المسرح في المغرب العربي (الجزائر)‬


‫ابت داءا من س نة ‪ 1921‬وعلى اث ر زي ارة *"ج ورج األبيض" للجزائ ر وبداي ة‪ ،‬ب دأت الف رق‬
‫‪1‬‬

‫المس رحية في الظه ور ولم تح رز أي من ع روض األبيض أي نج اح‪ ،‬وذل ك نتيج ة لظ روف ع دة‪،‬‬
‫منها بعد القاعة خاصة عن األحياء الجزائريين‪ ،‬وكذا جهل الفرد الجزائري بالفن ولم يتعودوا عليها‪،‬‬
‫وغيرها فكانت معاناة "جورج األبيض" في حضور عدد قليل من الجمهور المثقف‪ ،‬ثم بدأت تتأسس‬
‫الفرق المسرحية الجزائرية شيئا فشيئا وفق مراحل مختلفة نميزها في‪:‬‬

‫المرحلة األولى‪:‬‬

‫جاءت هذه المرحلة بين عام ‪ 1932-1926‬شهد فيها المسرح الجزائري انطالقة فعلية مع‬
‫بعض اله واة ال ذين اعتم دوا على بعض اإلمكان ات المح دودة وعلى م واهبهم‪ ،‬لمعالج ة القض ايا‬
‫االجتماعي ة وك ذا السياس ية‪ ،‬ومن اب رزهم‪" :‬عاللــو‪ ،‬باشــطارزي" وك ان أول عم ل مس رحي بعن وان‬
‫"جحــا" ع ام ‪ ،1926‬وب ذلك تأسس ت ف رق وجمعي ات مس رحية ك( جمعي ة لمدي ة‪ ،‬جمعي ة العاص مة‪،‬‬
‫جمعية الشبيبة اإلسالمية‪ )...‬مثلت مسرحيات مستوحاة من التراث العربي‪.‬‬

‫المرحلة الثانية‪:‬‬

‫وهي مرحل ة البحث عن ال ذات في ع ام ‪ 1939-1932‬ن زلت الف رق المس رحية إلى أعم اق‬
‫الواقع الجزائري مستلهمة منه موضوعات لعروضها فقدم "رشيد القسنطيني" عدة مسرحيات منها‪:‬‬
‫(بوسيس ي‪ ،‬ب اب الش يخ‪ ،‬لونج ا األندلس ية‪ )....‬وفي ه ذه المرحل ة تأسس ت جمعي ة العلم اء المس لمين‬
‫برآس ة *"عب د الحمي د ابن ب اديس"‪ ،‬فرك زت الجمعي ة على المواض يع الديني ة بغي ة الحف اظ على هوي ة‬
‫الش عب الجزائ ري فعرض ت ع دة مس رحيات منه ا‪" :‬عم ر بن الخط اب"‪" ،‬بالل" ل"محم د العي د آل‬
‫‪2‬‬
‫خليفة"‪.‬‬

‫ج ورج أبيض‪ :)1959-1880( :‬ك اتب لبن اني من رواد المس رح الع ربي‪ ،‬ه اجر إلى مص ر ‪ 1898‬وأس س فرق ة‬ ‫‪*1‬‬

‫التمثيل العربي في ‪ -1912‬ينظر‪ :‬قسطنطين يتودورى‪ ،‬المنجد (منجد األعالم) المكتبة الشرقية‪ ،‬ب يروت لبن ان‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫‪ ،1997‬ص‪.06‬‬
‫‪ *2‬عبد الحميد ابن باديس(‪:)1940-1889‬عالم جزائري من رواد اإلصالح والنهضة األدبية‪ ،‬ولد في قسنطينة أتم‬
‫الدراس ة في ج امع الزيتون ة‪ -‬ت ونس‪ -‬توج ه إلى البق اع المقدس ة هن اك التقى ب اإلبراهيمي‪ ،‬ت رأس جمعي ة العلم اء‬
‫‪34‬‬
‫الفصل األول‪....................................................‬مقاربة مفاهيمية للخطاب‬
‫والمسرح‬

‫فيظهر لنا أن هذه المرحلة التاريخية اتسمت باإلنفتاح‪ ،‬انفتاح الجزائري‪ ،‬على هذا الفن كما‬
‫ت برز أيض ا المح اوالت األولى لتأس يس وتأص يل المس رح في األدب الجزائ ري والتج ريب في ه‪.‬‬
‫المرحلة الثالثة‪:‬‬

‫ش هدت ه ذه المرحل ة ان دالع الح رب العالمي ة الثاني ة ‪" ،1946-1939‬فش ددت فرنس ا الخن اق‬
‫على الجزائريين إال أن جمعية العلماء المسلمين حاولت كسر هذا الجمود بتقديم بعض األعمال ذات‬
‫‪1‬‬
‫النزعة اإلصالحية إلحياء القيم الدينية واألخالقية وكذا الثقافية"‪.‬‬

‫لكن تناقص إنتاج المسرح الجزائري‪ ،‬ويرجع ذلك إلى‪:‬‬

‫‪ -‬تزايد الرقابة االستعمارية وذلك ببروز بعض األحزاب السياسية المناهضة للسياسة االستعمارية‪.‬‬

‫‪ -‬فقدان المسرح ألعالمه أمثال‪" :‬رشيد لقسنطيني"‪.‬‬

‫‪ -‬غل ق الطري ق أم ام الف رق العربي ة ال تي ك انت ت زور الجزائ ر من أج ل تق ديم الع روض واإلتي ان‬
‫بالجديد‪ ،‬والتي كانت تقدم باللغة العربية الفصحى‪.‬‬

‫المرحلة الرابعة‪:‬‬

‫في ه ذه المرحل ة بين ع امي ‪ 1955-1947‬ش هد المس رح اس تفاقة نس بية إذ تأسس ت ف رق‬
‫رسمية‪ ،‬وابتداء من ‪ 1947‬ظهرت العديد من الفرق المسرحية وذلك بعد اكتساب أول اعتراف من‬
‫ط رف الحكوم ة الفرنس ية مث ل المس رح الجزائ ري‪ ،‬ه واة التمثي ل الع ربي وفرق ة مس رح الغ د وفرق ة‬
‫المركز الجهوي للفن الدرامي‪.‬‬

‫المسلمين من آثاره (مجالس التذكير‪ ،‬تفسير ابن باديس‪ )..‬شارك في تأسيس جميع الصحف ك‪ :‬بصائر‪ -‬الصراط‪:‬‬
‫ينظر‪/‬عبد المالك مرتاض‪.‬‬
‫() ينظر‪ /‬ميراث العيد‪ :‬حركة تأليف المسرحي في الجزائر‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة وه ران‪ ،2007-2006 ،‬ص‬
‫‪.98‬‬
‫‪ )( 1‬ينظر‪ /‬أحمد بيوض‪ ،‬المسرح الجزائري‪ ،‬نشأته وتطوره‪ ،‬منشورات التبيين الجاحظية‪ ،‬ط‪ ،1998 ،1‬ص‪.63‬‬
‫‪35‬‬
‫الفصل األول‪....................................................‬مقاربة مفاهيمية للخطاب‬
‫والمسرح‬

‫" وظه رت مس رحيات فص يحة مث ل‪ ":‬الناش ئة المه اجرة لمحم د الص الح رمض ان*"حنبع ل"‬
‫لــ"أحم د توفي ق الم دني*" وغيرهم ا‪ ،‬كم ا خففت الس لطات الفرنس ية من الض غط على المس رحين‬
‫الجزائ ريين‪ ،‬بغي ة اس تدراجهم في ص فها لخدم ة أغراض ها فق امت بتع يين "محي ال دين بش طارزي"‬
‫م ديرا للمسرح الغربي بقاعة األوبرا و"مصطفى كاتب" مس اعدا إداريا في ‪ 30‬سبتمبر ‪ 1947‬كما‬
‫أدار "رضا حوحو" جمعية المزهر القسنطيني للموسيقى والتمثيل سنة ‪ 1948‬فاكتسب مكانة مرموقة‬
‫في الوس ط الف ني لم ا قدمت ه من أعم ال تنف ذ فيه ا األوض اع السياس ية واالجتماعي ة ته دف من ورائه ا‬
‫‪1‬‬
‫إيقاظ الشعب وبث الروح الوطنية فيه"‪.‬‬

‫‪ *1‬محم د الص الح رمض ان (‪ )1914‬باتن ة‪ :‬حف ظ الق رآن‪ ،‬عين مدرس ا في مدرس ة لح ديث تلمس ان‪ ،‬ثم م ديرا له ا‪،‬‬
‫ومفتشا ثم عضوا في لجنة التعليم لجمعية العلماء بعد االستقالل‪ ،‬شغل مديرا للتعليم الديني ثم عضو االتحاد الكتاب‬
‫الجزائريين وعضو المجلس اإلسالمي‪ ،‬ينظر‪ :‬عبد المالك مرتاض فنون النثر األدبي في الجزائر (‪،)1931/1954‬‬
‫ص‪.512‬‬
‫* أحمد توفيق المدني (‪ :)1983-1899‬ولد بتونس‪ ،‬اتقن اللغة العربية والفرنسية‪ ،‬عضو في جمعية علماء‪ ،‬رئيس‬
‫تحرير‪(،‬بصائر) شغل عدة مناصب وزارية في الحكومة المؤقتة وكذا حكومة ما بعد االستقالل‪ ،‬له كتب في التاريخ‬
‫(ح زب ‪ 300‬ع ام بين الجزائ ر واس بانيا‪ ،‬معط رات الكف اح) من مس رحياته (حنبع ل‪ -‬عطي ل) ينظ ر‪ :‬رابح خدوس ي‪،‬‬
‫موسوعة العلماء واألدباء الجزائريين‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫الفصل األول‪....................................................‬مقاربة مفاهيمية للخطاب‬
‫والمسرح‬

‫يظه ر لن ا في م ا أتت ب ه ه ذه المرحل ة وعلى غ رار المراح ل الس ابقة تط ورا ش هدته الس احة‬
‫الفنية الجزائرية وذلك من خالل ما تأسس من فرق أثرت المسرح الجزائري خاصة ما كان لها من‬
‫أعم ال تط رقت فيه ا على األوض اع‪ ،‬ال تي ك انت س ائدة وب ذلك أحيت وأيقظت ض مائر الش عب وبثت‬
‫الروح فيها وذلك لمجابهة ومحاربة المستعمر‪.‬‬

‫المرحلة الخامسة‪:‬‬

‫حملت هذه المرحلة بن ‪ 1956‬و‪ 1962‬لواء الدعاية للثورة التحريرية‪ ،‬خارج الوطن‪ ،‬بغية‬
‫نق ل الوق ائع التي تعيش ها الجزائر‪ ،‬وذل ك من خالل الفرق الموس يقية‪ ،‬وال ذي كث يرا م ا غطت ه فرنس ا‬
‫وسترته‪.‬‬

‫"فقامت فرقة جبهة التحرير الوطني" ‪ 1960‬بجولة فنية إلى الصين واالتحاد السوفياتي مدة‬
‫خمسة وأربعين يوما‪ ،‬وقدموا عروضا غنائية ومسرحية‪ ،‬مثل مسرحية "الخالدون" ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ "عبد الحليم‬
‫رايس" حضرها الوزير األول الصيني "ش وان الي"‪ ،‬ومس رحية "نحو الن ور" "أوالد القص بة" لــ"حميد‬
‫رايس"‪" ،‬دم األحرار ل ــ"مصطفى ك اتب"‪" ،‬القرقوز" ل ـ ـ "عبد الرحم ان كاكي‪ ،‬فهناك مس رحيات كتبت‬
‫‪1‬‬
‫بالعربية الفصحى وأخرى باللغة الفرنسية وأخرى باللسان الدارج‪.‬‬

‫معظم المسرحيات التي كانت في هذه المرحلة تصب في ميدان الثورة التحريرية‪ ،‬فجاءت‬
‫معرف ة ب الثورة والقض ية الجزائري ة‪ ،‬وك ذلك لنق ل الواق ع نقال دقيق ا والمعان اة ال تي يتخب ط فيه ا‬
‫الجزائري‪.‬‬

‫بعد خروج فرنسا من الجزائر خلفت دمارا وخرابا كبيرا مس جميع مجاالت الحياة‪ ،‬فعملت‬
‫الدول ة الجزائري ة على إع ادة بن اء هيكله ا‪ ،‬ومن بين م ا مس ته هيكل ة "األدب والمس رح"‪ ،‬فق د ش هد‬
‫المسرح الجزائري بعد االستقالل بفعل التحوالت التي عرفها المجتمع تطورا ملحوظا مس باألخص‬
‫مضمون النص‪ ،‬وحاول التعبير عن القضايا االجتماعية والسياسية‪...‬‬

‫() ينظ ر‪ ،‬ع ز ال دين جالوجي‪ :‬النص المس رحي في األدب الع ربي الجزائ ري‪ ،‬دراس ة نقدي ة‪ ،‬مطبع ة هوم ة للنش ر‬
‫والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،2001 ،1‬ص‪.47‬‬
‫‪ )( 1‬ينظر‪ /‬أحمد بيوض‪ ،‬المسرح الجزائري نشأته وتطوره‪ ،‬منشورات التبيين الجاحظية‪ ،‬ط‪ ،1998 ،1‬ص‪.86‬‬
‫‪37‬‬
‫الفصل األول‪....................................................‬مقاربة مفاهيمية للخطاب‬
‫والمسرح‬

‫وفي بداي ة ‪ 8‬ج انفي ‪ " 1963‬تم ت أميم المس رح وف ق مرس وم ‪ ،12/963‬فش هدت الحرك ة‬
‫المسرحية قفزة نوعية وطرحت مجموعة من القضايا أهمها‪ :‬الطالق‪ ،‬الزواج‪ ،‬الشعوذة‪ ،...‬وبرزت‬
‫كتابات "أحمد بودشيشة" في المسرحية االجتماعية وحظي بالنصيب األول‪ ،‬وألف ما يقارب العش رين‬
‫نصا منها‪" :‬الصعود على الس قف"‪" ،‬البواب"‪" ،‬وف اة الحي الميت"‪ ،‬وظهرت كذلك المسارح الجهوية‬
‫‪1‬‬
‫في عنابة‪ ،‬وهران‪ ،‬بلعباس‪ ،‬قسنطينة‪".‬‬

‫ثم بع د ع ام ‪" 1972/1982‬طبقت السياس ة الالمركزي ة‪ ،‬وم الت األعم ال إلى انتق اد الواق ع‬
‫االجتم اعي‪ ،‬والخ وض في تج ارب مس رحية موجه ة لألطف ال‪ ،‬وتم فتح مس ارح مس تقلة في الم دن‬
‫الكبرى‪ ،‬وبدأ المسرح في االنتعاش إال أن هذا االنتعاش لم يدم بسبب قلة الدعم المادي ما أدى إلى‬
‫‪2‬‬
‫ضعفه وركوده‪".‬‬

‫وأخ يرا من ‪ 1983/1989‬اس تفاق المس رح الجزائ ري من غيبوبت ه‪ ،‬وأعطت الدول ة اهتمام ا‬
‫كب يرا له ذا الفن وذل ك عن طري ق "إقام ة ن دوة أي ام المس رح ال تي أخ ذت على عاتقه ا مهم ة تط وير‬
‫المس رح تحت ش عار من أج ل تط وير المس رح الجزائ ري"‪ ،‬وال تي ع الجت مجموع ة من القض ايا في‬
‫الفضاء المسرحي‪ :‬النص المسرحي لغة‪ ،‬ومضمونا وشكال‪" ،‬اإلخراج والتمثيل باإلضافة إلى تنظيم‬
‫‪3‬‬
‫الهياكل المسرحية والتكوين المسرحي"‪.‬‬

‫وب رزت أقالم إبداعي ة في الس احة أن ذاك مث ل "محم د مرت اض" "اإلنتهازي ة" ‪ ،1986‬و"زه ير‬
‫غالق""مدرس ة العج ائب" ‪" ،1983‬ص الح مباركي ة" "الن ار والن ور" ‪ ،1988‬و"ال راعي" لـ ـ ـ "محم د‬
‫األخضر السائحي"‪.‬‬

‫‪ )(1‬ينظ ر‪ /‬ع ز ال دين جالوجي‪ ،‬النص المس رحي في األدب الجزائ ري‪ ،‬دراس ة نقدي ة‪ ،‬مطبع ة هوم ة‪ ،‬ط‪،2000 ،1‬‬
‫ص‪.50-49‬‬
‫‪ )(2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.50‬‬
‫‪ )(3‬مخل وف ب وكرواح‪ :‬المس رح الجزائ ري ثالثين عام ا مه ام وأعب اء‪ ،‬منش ورات التب يين‪ ،‬الجاحظي ة‪ ،‬الجزائ ر‪،‬‬
‫‪،1998‬ط‪ ،1‬ص‪.35‬‬
‫‪38‬‬
‫الفصل األول‪....................................................‬مقاربة مفاهيمية للخطاب‬
‫والمسرح‬

‫من خالل م ا س لف ذك ره يت بين لن ا أن المس رح الجزائ ري بع د اإلش هار وبع د أن ك ان في‬


‫الحظيظ‪ ،‬وضعف المردود في المرحلة األولى‪ ،‬بدأ في االنتعاش‪ ،‬وبرزت أعمال عديدة في الساحة‬
‫اإلبداعية نتيجة دعم واهتمام الدولة بهذا الفن‪.‬‬

‫‪ -2‬سيمات المسرح الجزائري‪:‬‬


‫يمضي األستاذ "مصطفى كاتب" فيعدد سمات المسرح الجزائري التي تتراءى له فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬أنه ظهر من خالل "العرض الشعبي‪ ،‬مرتبطا بذوق الجماهير الشعبية غير المثقفة حيث كانت‬
‫االستكش افات األولى تق دم في مق اهي األحي اء المزدحم ة بالس كان وه و له ذا – بش كل آخ ر‪ -‬مس رح‬
‫تجاري‪ ،‬أي أنه مسرح ينتمي إلى المحترفين‪ ،‬سواء أكانوا فنانين أم منظمي عروض‪ ...‬فلبى ذلك‬
‫المسرح منذ البداية مطالب اإلهتمامات الشعبية وتقاليدها الفنية األصلية‪.‬‬

‫‪ -2‬إن ه مس رح ارتب ط بالغن اء‪ ،‬وبلغ ة خفيف ة ق ادرة على توص يل الفك رة لتعب ير الف ني وإ رض اء ذوق‬
‫‪1‬‬
‫المتفرج‪".‬‬

‫من خالل م ا تح دث "مص طفى ك اتب" عن الغن اء يظه ر أن ه ارتب ط بالفكاه ة ح تى أنه ا س مة‬
‫غلبت على طريقة األداء حتى في المسرحيات الجدية كما ظهر لنا في البدايات األولى للمسرح‪ ،‬أين‬
‫كانت ولما أولى للمسرح من االهتمام بالمطالب الشعبية‪.‬‬

‫‪ -3‬إال أن المسرح الشعبي غير مثقف‪ ،‬بقي بعيدا عن رجال األدب كما صرحه "مصطفى كاتب"‪،‬‬
‫إذ أن بعض ه ؤالء حينم ا جرب وا الكتاب ة المس رحية لم تكن نصوص هم ص الحة لتق ديم وب ذلك بقيت‬
‫أعمال أدبية نشرت في الكتب والمجالت‪.‬‬

‫وقال عن السمة الرابعة‪" :‬إن الممثلين أنفسهم هم الذين اضطلعوا بمهمة كتابة وإ عداد النص‬
‫المسرحي‪ ،‬وكان بعض هذه النصوص يوضع شفهيا بواسطة أحد الممثلين ثم تجرى كتاباته في وقت‬

‫‪ )(1‬علي ال راعي‪ :‬المس رح في ال وطن الع ربي‪ ،‬سلس لة كتب ثقافي ة ش هرية يص درها المجلس الوط ني للثقاف ة والفن ون‬
‫واآلداب‪ ،‬الكويت‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬ط‪ ،2‬يناير‪ ،1978 ،‬ص‪.474‬‬
‫‪39‬‬
‫الفصل األول‪....................................................‬مقاربة مفاهيمية للخطاب‬
‫والمسرح‬

‫الحق من قب ل زمالئه‪ ،‬كما كان يحدث في حالة رائد المسرح الجزائري "رشيد لقسنطيني"‪ ،‬ولهذا‬
‫‪1‬‬
‫ارتبط النص المسرحي ارتباطا عضويا بالعرض وبالعرض فقط‪".‬‬

‫وبذلك ظهر المسرح الشعبي وبقي بأساليبه بعيدا عن الساحة الفنية ونطوى على الشعبي‪،‬‬
‫لكن الكتابات التي انبثقت لم تكن حاملة التأليف بالمعنى الصحيح بل كانت إعداد مسرحي في المادة‬
‫الخام التي اعتمدت على أفكار وتصورات المجتمع الجزائري أمثال حكايات جحا وغيرها‪.‬‬

‫‪ -7‬أهمية المسرح‬
‫المس رح وح ده يس تطيع كفن وعم ل أدبي أن يحق ق العدي د من الفوائ د وال تي تتجلى ب ذلك‬
‫ألهمية العديد من األصعدة ومن أبرزها نجد‪:‬‬

‫‪-7-1‬األهميــة التربويــة‪ :‬ينظ ر "محم د اس ماعيل الط ائي" على أن األهمي ة التربوي ة ومن ذ أن ظه ر‬
‫المسرح بوصفه فنا وهو يعمل على تكوين الفرد وتهذيب سلوكه وتهيئته تربويا‪ ،‬بهدف دمجه في‬
‫المجتمع لهذا ال غرور اليوم أن يصبح المسرح أحد الوسائل التربوية الهامة‪ ،‬كيف ال والدراسات‬
‫التربوي ة تؤك د أن المس رح يس هم بنس بة عالي ة في تلقين المتلقي‪ 2."...‬ومن خالل ه ذه األخ يرة فلع ل‬
‫أسمى األهداف التربوية التي صهر لها المسرح في تحقيقها نجد‪:‬‬

‫‪ -‬ترسيخ المبادئ اإلنسانية‪ ،‬الخالية من العنف والشذوذ‪.‬‬

‫الرقي بالقيم األخالقية‪ ،‬الحب‪ ،‬الوفاء‪ ،‬التضحية‪...‬‬

‫يت بين لن ا من خالل ه ذه األهمي ة أن المس رح لم ا ل ه من تحس ين العالق ات وتوجي ه الف رد‬
‫للسلوك السوي‪ ،‬وهذا ما أظهره "الطائي" بقوله أنه يكون الفرد ويهذب سلوكه‪.‬‬

‫‪ )(1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.474‬‬


‫‪ )( 2‬ينظر‪ :‬محمد اسماعيل الطائي‪ ،‬المسرح التربوي –الفن والتربية‪ ،-‬الموقع‬
‫‪http://www.google.masrpheon.com/468.htm‬‬
‫‪40‬‬
‫الفصل األول‪....................................................‬مقاربة مفاهيمية للخطاب‬
‫والمسرح‬

‫‪ -7-2‬األهمية النفسية‬
‫من خالل ه يؤك د أطب اء وعلم اء النفس على نجاع ة ومص داقية ونج اح العالج النفس ي ال ذي‬
‫يحقق ه المس رح‪ "،‬يع ّد العالج ال درامي (بس يكودراما)‪ psychodramie‬من أنجح الوس ائل الطبي ة‬
‫المعالج ة لبعض األم راض المتعص بة بواس طة التحلي ل اإلج رائي لشخص ية م ا‪ ،‬فالخش بة‬
‫‪ Scène/salle‬تس اعد الم ريض على اكتش اف تل ك االض طرابات واالفك ار الس لبية الناش ئة من‬
‫االحتكاك بين الواقع المفروض والخيال المرغوب فيه‪ ،‬وبذلك يغدو المسرح متنفسا للمريض يزاوج‬
‫‪1‬‬
‫بين الواقع المفروض وسلوك المفترض‪."...‬‬

‫ويظهر لنا "أرسطو" ما سماه بالتطهير ‪" Cathoarsis‬فالنظرية الطبية األرسطية تعمل على تفعيل‬
‫‪2‬‬
‫دور المسرح يجعله عالجا لكل داء نفسي وذلك كإعادة التوازن لالنفعاالت المضطربة"‪.‬‬

‫يتجلى ق ول "أرس طو" عن أن المس رح عالج لك ل داء نفس ي وه ذا م ا ن راه في المس رح‪ ،‬في‬
‫تلك األجواء التي تكون فيها المسارح مكتظة بالجماهير التي تسعد وتسمع ضحكهم‪ ،‬وهذا يبين لنا‬
‫تحسين الفرد‪ ،‬وكذا وقوفه للخشبة يساهم في إخراج تلك االضطرابات ويكون المسرح كذلك المتنفس‬
‫للمريض وإ خراج ما يلوج فيه نفسيا‪.‬‬

‫باإلض افة إلى أهمي ات أخ رى عدي دة كاالجتماعي ة‪ ،‬ولع ل ه ذه األهمي ة تكمن في قدرت ه على‬
‫تحقي ق نهض ة ش املة في المجتم ع ربم ا تس تطيع وس ائل أخ رى تحقيقه ا أمث ال الوس ائل المس موعة‬
‫والمرئي ة‪ ،‬ويع ود ذل ك إلى طبيع ة المس رح فه و يس عى أن يظه ر ويع بر عن الس لوكات الس ائدة في‬
‫المجتمع‪ ،‬ويعمل على تهذيبها أو تغييرها وهذا ما يسعى لتوصيله للمتلقي سواء كان متعلما أم ال‪.‬‬

‫‪ )(1‬ينظر‪ /‬أرسطو‪ :‬فن الشعر‪ ،‬ترجمة‪ :‬إبراهيم حمادة‪ ،‬ص‪.120‬‬


‫‪ )(2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.120‬‬
‫‪41‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح لمباركية‬

‫تمهيد‬

‫بيبليوغرافيا الكتاب‬

‫أوال‪ :‬سيميائية الغالف والعنوان‬

‫‪ -1‬سيميائية الغالف في مسرحية الشروق‬

‫‪ -2‬سيميائية العنوان في المسرحية‬

‫أ‪ -‬مفهوم العنوان ومستوياته‬

‫‪ -3‬ملخص المسرحية‬

‫ثانيا‪ :‬قراءة سيميائية في عناصر المسرحية‬

‫‪ -1‬سيميائية الشخصيات‬

‫‪ -2‬سيميائية الحوار‬

‫‪ -3‬سيميائية المكان‬

‫‪ -4‬سيميائية الصراع‬

‫‪40‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫تناول الدارسون النص األدبي من أوجه متعددة منها الجوانب النفسية واالجتماعية‪ ،‬وتجلى‬
‫ذلك في الدراسات الحديثة وفق رؤى نقدية مختلفة للنص المسرحي‪ ،‬بتشكالته المختلفة على اعتباره‬
‫نصا أدبيا (سردي‪-‬شعري) ينبني على قواعد وأسس تحكمه‪ ،‬وراح الدارسون يطبقون عليه مناهج‬
‫نقدية متعددة بغية الكشف عن كنهه‪.‬‬

‫ومن بين المن اهج التي درس ت النص المس رحي "منهج الس يمياء"‪ ،‬وهو علم يعني بـ ـ "دراس ة‬
‫العالم ة واإلش ارة من خالل تعالقه ا في النص وص األدبي ة‪ ،‬وتق وم على كش ف وتفكي ك ه ذه األخ يرة‬
‫بغية الولوج لما هو غامض‪ ،‬وذلك باالعتماد على جملة من التقنيات المختلفة في تحليلها‪ ،‬فهي كما‬
‫ق ال عنه ا "ف اتح عالق" في مؤلف ه "تحلي ل الخط اب الش عري" ال تق ف عن د البني ة الخارجي ة دون‬
‫الداخلي ة‪ ،‬وال تفص ل النص عن الق ارئ‪ ،‬فهي تتج اوز البني ة الس طحية لتكش ف عن البني ة العميق ة‬
‫لنص"‪ ،‬ولذلك وددنا أن نسلط الضوء على هذا المنحى – المنحى السيميائي‪ -‬في جملة من المحطات‬
‫بغي ة تب يين النص المس رحي نص ا أدبي ا يت وافر على كث ير من المحط ات الس يميائية ال تي منه ا‪:‬‬
‫سيميولوجية الغالف والعنوان‪ ،‬وجملة من العناصر المسرحية التي تتمثل في‪ :‬الشخصيات‪ ،‬الحوار‪،‬‬
‫المكان وكذا الصراع‪ ...‬الخ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫بيليوغرافيا الكتاب‪:‬‬
‫يع د الكت اب ال ذي بين أي دينا عمال مس رحيا ين درج ض من عن وان "الش روق" لمؤلف ه "ص الح‬
‫لمباركية" الذي كان أستاذا بجامعة باتنة‪ ،‬طبع ونشر هذا الكتاب من قبل شركة "باتنيت" للمعلومات‬
‫والخدمات المكتبية بوالية باتنة بالجزائر لعام ألفين وستة للميالد تحت رقم‪ :‬ردمك‪X-1200-0- :‬‬
‫‪9947‬‬

‫كت اب من الحجم الص غير ع رض من خالل ه المؤل ف موض وعه المس رحي ض من خمس ة‬
‫وستون صفحة‪ ،‬برزت على واجهته لوحة فنية‪ ،‬رسم معالمها الستار المسرحي البنفسجي المفتوح‪،‬‬
‫على تلك الخشبة التي اتخذت لون األحمر‪ ،‬يتوسطهما منظر طبيعي خالب‪ ،‬بجبال شامخة وأشجار‬
‫مخض رة يظه ر فيه ا ض وء أبيض من أعلى الجب ال في س ماء زرق اء ك البحر‪ ،‬ع بر تعب يرا واض حا‬
‫ومباش را عن عنوان هذا المؤلف المسرحي "الشروق" ال ذي كتب بالخط العريض واض ح في وسط‬
‫الصفحة وفي وسط هذا المنظر‪.‬‬

‫ولأللوان وله ذا الرس م الموظ ف من ط رف الك اتب المس رحي في واجهت ه إيح اءات ودالالت‬
‫لها عالقة من قريب ومن بعيد بالموضوع الذي طرقه المؤلف‪ ،‬الذي سيكشف حقيقتها كل متصفح‬
‫لهذا الكتاب‪ ،‬أما ما جاء في مضمونها فنجد أنه عمد على مشهدين مسرحيين أو فصلين‪ ،‬فك ان األول‬
‫فيهما بشخصيات ورؤى‪ ،‬وكما حمل الثاني أيضا بأحداث مغايرة عن األول‪ ،‬وبديكور آخر‪ ،‬أما عن‬
‫خلفية الكتاب فقد جعلها الكاتب معرضا لتدوين مؤلفاته المختلفة والمتنوعة‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫أوال‪ -‬سيميائية الغالف والعنوان‪:‬‬

‫‪ -1-1‬الغالف‪:‬‬
‫يع د الغالف من العتب ات الخارجي ة لنص‪ ،‬ويش كل من المكون ات األولى لل دخول لعملي ة‬
‫القراءة‪" ،‬ذلك باعتبار أن اللقاء األول البصري أو الذهني األول مع الكتاب يتم عبر هذه المكونات‬
‫‪1‬‬
‫وما تحمله من داللة مؤطرة للنص"‪.‬‬

‫ويضم ذلك الصور‪ ،‬األلوان‪ ،‬اسم الكاتب‪ ،‬رسم الخط‪ ،‬دار النشر‪ ...‬والتي جميعها أيقون ات*‬
‫عالماتي ة ت وحي بكث ير من ال دالالت واإليح اءات "وتعم ل بش كل متن اغم لتش كل لوح ة فني ة جمالي ة‬
‫تع رض نفس ها على الق ارئ مب دع‪ ،‬وتم ارس علي ه س لطتها في اإلغ راء واإلغ واء‪ ،‬ليتس نى له ا إث ارة‬
‫التشويش على هذا المتلقي‪ ...‬أو تكون المؤشر الدال على األبعاد اإليحائية للنص"‪ 2،‬فإن الغالف من‬
‫العتبات األساسية الذي يحتوي أنساقا مضمرة‪ ،‬تحيلنا على النص بمراميه المتعددة‪.‬‬

‫الغالف الخارجي الخلفي للمسرحية‪:‬‬

‫يظهر لنا في الغالف الخلفي أنه ذو خلفية مزدوجة األلوان‪ ،‬فنصف األول منها نجدها بلون‬
‫األخضر الفاتح‪ ،‬الذي يضم جملة من المؤلفات التي تناولها المؤلف "صالح لمباركية" والتي جاءت‬
‫ق د غطت ج ل الص فحة‪ ،‬أم ا الج زء اآلخ ر فق د ك انت على ش كل ش ريط ذو ثالث أل وان مش كل على‬
‫شكل مثلث بلون البنفسجي واألحمر واألصفر‪ ،‬فالمثلث كما قلنا مسبقا ذو لونين أحمر مرسوم فيه‬

‫‪ )( 1‬يوسف حطيني‪ :‬مكونات السرد في الرواية الفلسطينية‪ ،‬اتحاد الكتاب العرب‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪ ،1999 ،‬ص‪.166‬‬
‫*األيقونات‪ :‬تشبه الموضوع الذي يمثله وهي صورة تستنسخ أنموذجا والصورة الفوتوغرافية مثال لهذا النوع من‬
‫العالمات للتوسع أكثر عد إلى محمد السرغيني محاظرات في السيميولوجيا‪.‬‬
‫‪ )(2‬م راد عب د ال رحمن م بروك‪ :‬جيولوتيك ا النص األدبي‪ ،‬تض اريس الفض اء ال روائي‪ ،‬ص‪ 124 :‬نقال عن‪ :‬نعيم ة‬
‫س عدية‪ ،‬الخط اب ال روائي "ق راءة في ال والي الط اهر يع ود إلى مقام ه ال زكي" للط اهر وط ـــار (دي وان المطبوع ات‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.)1967 ،‬‬
‫‪42‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫وجه القناع المسرحي بلون األصفر‪ ،‬كما ال ننسى في أسفل الغالف رقم اإليداع وعام النشر‪ ،‬وبذلك‬
‫نجد الناشر لهذه األلوان أنه اختارها متضادين‪ ،‬وهذا بحسب ما رأيناه حتى يتقرب من المتلقي وي بين‬
‫له المعنى‪ ،‬إذ نجد الفرح والحزن واألمل وهو ما يوضح لنا مدى تجانس هذه األلوان أما‪:‬‬

‫الغــــــــالف األمامي للمسرحية‪:‬‬

‫يبين لنا الغالف الخارجي للمسرحية الذي يضم العديد من العناصر المتنوعة وكذا المختلفة‬
‫ذو حموالت داللية تأتي على‪ :‬الصورة‪ ،‬اللون‪ ،‬اسم المؤلف‪ ،‬العنون‪.‬‬

‫‪ -1-2‬الصورة‪:‬‬
‫تع ددت أش كال الغالف الخ ارجي األم امي وف ق طروح ات النص والتط ور ال ذي مكن‬
‫المسرحيين من محاولة التقرب وتقريب فكرة أعمالهم‪ ،‬وهي صورة تحتاج لإلمعان ولدراسة نقدية‬
‫لدى القارئ أو المتلقي وهذا إلدراك دالالتها للربط فيما بينها وبين النص‪ ،‬فالصورة أو اللوحة لها‬
‫أن تمسك زمام األمور وتحرك القارئ لتلقي وإ شباع رغبته في القراءة‪.‬‬

‫فنج د المؤل ف اخت ار لوح ة تجريدي ة للغالف األم امي الخ ارجي‪ ،‬وال تي ظه رت خليط ا من‬
‫األل وان الالمع ة‪ ،‬وال تي تتمث ل في كونه ا لوح ة طبيعي ة بامتي از تمثلت في جب ال مخض رة مليئ ة‬
‫باألشجار‪ ،‬يعلوها ضوء منير يأتي وراء الجبال العالية بسماء صافية واضحة المعالم زرقاء كالبحر‬
‫يضمها ستار المسرح‪.‬‬

‫أما في وسط اللوحة نجد عنوان المسرحية "الشروق" مكتوب بالبند العريض باللون األبيض‬
‫وفي االعلى اسم المؤلف "صالح لمباركية" باللون األصفر‪ ،‬أما في خشبة المسرح أدرج اسم شركة‬
‫النش ر ب اللون األبيض‪ ،‬وفي ه ذا ض منت الواجه ة األمامي ة جمل ة من األل وان الممتزج ة‪ ،‬وه و م ا‬
‫يظهره امتزاج روح الكاتب مع ما يحيط به من مشاكل الوطن‪ ،‬بروئ تفاؤلية جسدها النور الساطع‬
‫منه‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫إن المتأم ل في ص ورة الواجه ة يظه ر لن ا االخض رار الشاس ع ال ذي يظه ر للعي ان ملتص قا‬
‫مفتوحا‪ ،‬منتشرا بشكل الفت وهذا صريح بمضمون الكتاب الذي تبنته صورة الغالف‪ ،‬فالمسرحية‬
‫هي مجس دة على اإلض طهاد ال ذي يعيش ه األف راد "الفلس طينيون"‪ ،‬وبه ذا خ رج المؤل ف عن ص مته‬
‫ليظهر األمل بغد جديد‪ ،‬وأراد البوح للمتلقي أن األمل باق‪.‬‬

‫ولعل في تكثيف اللون األخضر وحتى األلوان األخرى المتالصقة في رداء المسرح الذي به‬
‫يفتحون أي مسرحية‪ ،‬فهو يشبه قالبا من الصور التي تفتح في القارئ السفر إلى عالم مليء باأللغاز‬
‫متأمال أن يكون ذا فضاء مليء باالندفاع بغد أجمل‪ ،‬فمن خالل الجبال الشامخة والضوء الذي يندفع‬
‫إليه عبر واد فسيح بإشراقة تظهر النور الساطع الذي يسمو به القارئ إلى يوم جميل مليء بشموخ‬
‫نحو فضاءات نقية‪ ،‬إذا تحقق ذلك‪ ،‬فحتما سيخلد األمل وسينال اإلنسان مجده ‪.‬‬

‫لكن ورغم فيض المش اعر ال تي تص بو نح و منحى تف اؤلي مليء بالص فاء والتمجي د وتف اؤل‬
‫بغد مشرق إال أننا نلمس بعض من التيه والتضاد فيها من خالل ذلك التداخل والتدرج لأللوان بين‬
‫فاتح وداكن وتقنية اإلضاءة المعتمدة في أي مسرح‪ ،‬أنتجت لنا فكرة التباين بين الضوء والعتمة من‬
‫انسيابية وتوهج‪ ،‬وهو انعكاس جلي لهذه المسرحية التي تشبعت بجملة من المشاعر المتنوعة والتي‬
‫تتص ارع م ع الواق ع الس قيم للك اتب وم ع نفس ه‪ ،‬وال تي ت أرجحت بين الس تار والظه ور كحب ال وطن‬
‫وتمجيد المجد وصون العهد بخاصة ما تركه األجداد وذم الغرور‪ ...‬منطلقه نحو األفق لتسمع صوتا‬
‫وتثبت وجوده ا بطريق ة تن أى عن الض عف وتج ريح لآلخ ر‪ ،‬لكنه ا ال ت زال تبحث عن مك ان "وطن"‬
‫يحتويها‪.‬‬

‫وتأسيسا عليه‪ ،‬فللوحة الفنية الجميلة المظهر قد لخصت أهم ما يطرحه في المضمون‪ ،‬وعن‬
‫أهم األفكار التي تتضمنها المسرحية‪ ،‬بخاصة ما يريد أن يقوله المؤلف‪ ،‬فمن خاللها توحي إلى أن‬
‫يك ون فج ر جدي د يص بو إلى غاي ة أفض ل‪ ،‬ومن ه فق د أج ابت المتلقي عن س ؤالين وهم ا‪" :‬م اذا تري د‬
‫الص ورة أو ب األحرى م اذا تق ول الص ورة؟"‪ ،‬واآلخ ر مرتب ط بالوص ف "كي ف تق ول الص ورة م ا‬
‫تريده؟"‪ ،‬وهذا األخير يرتبط بالتأويل ومنه تبقى هذه اللوحة أو الصورة الفنية مليئة بالتأويالت التي‬
‫ال يسع المقام لذكرها كلها‪ ،‬لكن تفتح المجال لتأويالت أخرى جديدة من خالل قراءات أخرى‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫‪ -1-3‬اللـــــــــــــــون‪:‬‬
‫ورد الل ون في العدي د من المع اجم العربي ة وه ذا م ا نبحث عن ه وندرج ه في دراس تنا ه ذه‪،‬‬
‫ومنه فقد جاء معنى اللون في معجم لسان العرب على أنه‪:‬‬

‫أ‪ -‬لغـــــــــــــــة‪ :‬هيئ ة كالس واد والحم رة‪ ،‬ولونت ه فتل ّو ن‪ ،‬ول ون ك ل ش يء م ا فص ل بين ه وبين غ يره‪،‬‬
‫والجمع ألوان‪ ،‬وقد َتَل َّو َن ول َّو ن َو َلَّو َنُه‪ ،‬واأللوان الضروب‪ ،‬والَل ْو ُن النوع‪ ،‬وُفاَل ن ُم َتَلِّو ن متَّل َّو ن‪ ،‬إذا‬
‫‪1‬‬
‫كانت ال يثبت على خلق واحد‪ ،‬واللون الدُقل وهو ضرب من النخل"‪.‬‬

‫ُم ْخ َتِل َفا َأْلَو اَنُه ﴾‪ 2،‬وق ال األوس ي "ألون ه أي‬ ‫ومن خالل نجد قوله تع الى‪َ﴿ :‬و َم ا َذ َر َأْمُك يِف اَألْر ِض‬
‫‪3‬‬
‫أضافه"‪.‬‬

‫ب‪-‬اصطالحا‪:‬‬

‫تتعدد األلوان في الطبيعة وتختلف وتتقارب‪ ،‬وهناك عشرات األسماء للتعبير عن لون واحد‬
‫وتختلف بدرجات األلوان‪ ،‬وبذلك فيه تفصيل وهذا ما نشهده في الموسوعات الحديثة‪ ،‬ذلك في ضوء‬
‫"تطور العلم فهو خاص ة ضوئية تعتمد على طول الموجة‪ ،‬ويتوقف اللون الظاهري لجسم ما على‬
‫‪4‬‬
‫طول موجة الضوء الذي يعكسه"‪.‬‬

‫فمن خالل ما جاء به كل من معنى اللون لغة واصطالحا وقول المولى عز وجل‪ ،‬يظهر لنا‬
‫أن اللون في الحقيقة هو طاقة مشعة‪ ،‬يختلف في تردده وتذبذبه من لون إلى آخر‪ ،‬وهذا ما سنحاول‬
‫إظهاره في المسرحية هذه ومعنى كل لون فيها‪.‬‬

‫داللـــــــــــــــة اللون‪:‬‬

‫() أب و الفض ل جم ال ال دين محم د بن مك رم ابن منظ ور‪ :‬لس ان الع رب‪ ،‬دار ص ادر‪ ،‬ب يروت‪ ،‬لبن ان‪ ،‬م ادة "ل ون"‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫(د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.1981‬‬
‫‪ )(2‬القرآن الكريم‪ ،‬سورة النحل‪ ،‬اآلية ‪.68‬‬
‫‪ )(3‬ش كري األوس ي‪ :‬روح المع اني في تفس ير الق رآن العظيم والس بع المث اني‪ ،‬دار اإلحي اء ال تراث الع ربي‪ ،‬ب يروت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬ط‪ ،4‬ج‪ ،13‬ص‪.11‬‬
‫‪ )(4‬محمد شفيق غرب ال ‪،‬وزمالؤه‪ :‬الموسوعة العربية الميسرة‪ ،‬دار النهضة لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان ‪ ،‬مج ‪،1986 ،2‬‬
‫ص‪.1581‬‬
‫‪45‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫تؤدي األلوان دورا أساسيا في التواصل بين األفراد‪ ،‬ويبدو أن داللة األلوان لصيقة بالثقافة‬
‫والحضارة‪ ،‬فال توجد ثوابت في هذا المجال‪ ،‬إذ غالبا ما تتحدد شفرات األلوان‪ ،‬لكن ما يهمنا هو‬
‫حقيقة األلوان الموظفة في الغالف‪ ،‬فنلقي نظرة على األلوان الواردة في الواجهة المسرحية‪ ،‬ونظهر‬
‫داللتها الموحية في ظل هندسة "صالح لمباركية" لمضمون المسرحية وفضائها‪ ،‬وما مدى تعلقه أو‬
‫مال ه من تعلق ات م ع غالف المس رحية‪ ،‬وب ذلك يظه ر لن ا أن "ص الح لمباركي ة" ق د اخت ار الواجه ة‬
‫مسرحيته "الشروق" األلوان التالية‪ :‬األحمر‪ ،‬األزرق‪ ،‬األبيض‪ ،‬األخضر‪ ،‬البنفسجي‪ ،‬األصفر وهذه‬
‫األلوان تحمل قدرا كبيرا من العناصر الجمالية وإ ضاءات دالة تعطي أبعادا فنية في العمل األدبي أو‬
‫العمل المسرحي‪ ،‬على وجه الخصوص بل إن المفردة اللونية تكاد تخلق لغة خاصة في النص لما‬
‫له ا من م دلوالت وأس رار‪ ،‬فالح ديث عن األل وان وم ا تحوي ه من دالالت يقودن ا إلى ق ول "م ارتن‬
‫‪1‬‬
‫كريستي"‪ " :‬إن فهم سيكيولوجية األلوان هو أمر غاية في األهمية عند تصميم أي شعار ناجح"‪.‬‬

‫ف إن اختي ار األل وان من أهم خط وات التص ميم‪ ،‬فنج د أن العق ل البش ري يس تجيب بص ورة‬
‫أفض ل وأك بر للمؤش رات البص رية‪ ،‬ويع د الل ون الواح د من العوام ل الرئيس ية في تحدي د ه ذه‬
‫االستجابة‪ ،‬ومنه فلكل لون ما يحمله من معاني ودالالت‪ ،‬لذلك وجب علينا معرفة معاني األلوان‪،‬‬
‫فلكل لون له تأثيره السلبي أو اإليجابي مع مراعاة بعض من ثقافة االختالف في البلدان األخرى عند‬
‫اختيار أي لون يخصه‪ ،‬فمثال ما نجده عن داللة اللون األحمر‪ ،‬في بلد الصين يعبر عن الحظ‪ ،‬أما‬
‫في الهند يدل على الحداد‪ ،‬أما في البلدان العربية فيمثل الود ‪ ،‬فإن "اهتمام اإلنسان باللون ظهر مع‬
‫نشوء أولى الحضارات المبكرة في العالم بدءا من حضارة وادي الرافدين والنيل"‪ 2‬إلى زمننا هذا‪،‬‬
‫كما تلعب األلوان دورا هاما في نفسية الفرد أو المتلقي‪ ،‬وكل حسب رأيه وما يفضل فالبعض يحبها‬
‫صاخبة واآلخر هادئة بسيطة‪ ،‬كما أن لكل منها دالالت معينة منها ما هو مؤشر على الحزن ومنها‬
‫ما هو مؤشر للفرح‪.‬‬

‫‪ )(1‬المعنى وراء األلوان‪ ،‬مقاالت‪ ،‬موقع الكتروني ‪https://ar.wikipedia.org:12:54/26-06-2021‬‬


‫() ع امر رضى‪ :‬سيمياء األلوان في شعر هدى ميقاتي‪ ،‬مجلة الواحات للبحوث والدراسات للعدد‪ ،2‬المجل ‪،07‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،2014‬ص‪.100‬‬
‫‪46‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫ف األلوان ت وحي وتتع دد‪ ،‬كم ا له ا دالالت تنق ل األفك ار والع ادات والمعتق دات‪ ،‬فمس رحية "الش روق"‬
‫ل ــ"لمباركية" غلبت عليها األلوان الهادئة مثل البنفسجي واألخضر واألحمر بدرجاته‪ ،‬فكانت األلوان‬
‫في الغالف ال ذي تح دثنا عنه ا مس بقا ك ل يحم ل ج زءا أو لون ا خ اص‪ ،‬ففي البداي ة يظه ر لن ا الس تار‬
‫الذي يأخذ مساحة باللون البنفسجي والذي يتخلله اللون األصفر وكذا األحمر‪.‬‬

‫وكما نالحظ وجود تالحم وتناغم بين األلوان وانسجام بينها والتي تنتج عن توالد لون عن‬
‫ل ون‪ ،‬مث ال ذل ك درج ات الل ون األزرق واألص فر في المس رحية‪ ،‬فمن خالل رؤيتن ا ه ذه يظه ر لن ا‬
‫التباعد في اللونين األزرق واألخض ر ودرجات ه‪ ،‬وكذا ما ج اء عن األص فر‪ ،‬لكنهم في الواق ع لونان‬
‫متجانسان من األلوان األساسية بخاصة األصفر‪ ،‬األزرق‪ ،‬األحمر‪ ،‬األخضر‪...‬‬

‫أم ا م ا ك ان من تبي ان في األل وان فال وج ود ل ذلك في المس رحية ه ذه وه و ال ذي نقص د ب ه‬


‫التن افر بين األل وان ال ذي ينتج عن التض اد‪ ،‬مث ل م ا يك ون بين األبيض واألس ود‪ ،‬وب ذلك فلق د اخت ار‬
‫المؤلف أو الناشر أكوانا بارزة للغالف الخارجي األمامي للمسرحية وهي‪:‬‬

‫األزرق‪ :‬أعم ق األل وان‪ ،‬يدخل ه النظ ر دون أي ة عوائ ق‪ ،‬ويس رح في ه إلى م ا ال نهاي ة‪ ،‬ل ون اث يري‬
‫األكثر تجريدا بين األلوان‪ ،‬تقدمه لنا الطبيعة بشكل عام‪ ،‬فقد اعتمد الناشر أو المؤلف اللون األزرق‬
‫في الغالف الذي يتمثل في األزرق الفاتح‪ ،‬وهذا األخير لون السماء لون فاتح شفاف كالبحر‪ ،‬مريح‬
‫ب ارد وطلي ق يعطي انطباع ا باله دوء والنض ارة وفي المج ال الع اطفي ي وحي بالس الم واالس تنباط‬
‫واالطمئنان والذكاء‪ ،‬محافظ ومهدئ لألعصاب‪ ،‬كما" يعد رمز األمن والتعاون والرخاء‪ ،‬ومن جهة‬
‫‪1‬‬
‫أخرى فهو لون "أسرطو قراطي"‪ ،‬ونجده كالبحر في قوله‪ " :‬السفير‪( :‬هدوء) ترمى في البحر"‪.‬‬

‫" ونج د عن ه م ا يق ال عن المص ريين الق دامى أنهم يعت برون األزرق ل ون الحقيق ة‪ ،‬فالحقيق ة‬
‫والم وت واآلله ة ت ذهب س وية‪ ،‬ل ذلك يعت بر األزرق الس ماوي أيض ا العتب ة ال تي تفص ل اإلنس ان عن‬
‫الذين يحكمونه وعن الحياة الثانية وعن مصيره"‪ 2.‬إن اللون األزرق الذي يحيلنا على‪ :‬الماء‪ ،‬البحر‪،‬‬
‫السماء والصحو‪ ،‬والزرقة والصفاء‪ ،‬وما جاءت به اللوحة التي تقدمه لنا في شاكلة السماء‪ ،‬والذي‬

‫‪ )( 1‬صالح لمباركية‪ :‬الشروق‪ ،‬مسرحية شركة باثنيت‪ ،‬باتنة‪ ،‬الجزائر‪ ،2006 ،‬ص‪.61‬‬
‫‪ )(2‬كلود عبيد‪ :‬األلوان دورها تصنيفها‪ ،‬مصادرها‪ ،‬رمزيتها ودالالتها‪ ،‬مراجعة وتقديم محمد حمود‪ ،‬نقيبة الفنانين‬
‫التشكيليين في لبنان‪ ،‬مجد المؤسسة الجامعية للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،2013 ،1‬ص‪.83‬‬
‫‪47‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫يعد الحلم الجديد الذي أحصى به "لمباركية" وجاءت به المسرحية‪ ،‬إنه ذلك األفق الجميل الذي يلوح‬
‫لن ا بع د نض ال ومخض ات عس يرة‪ ،‬إنه ا تح والت ك برى ال تي بش رت به ا العه ود الجدي دة‪ ،‬ل ذلك ك ان‬
‫اللون األزرق الذي اعتمده الكاتب لهذه المسرحية وما رسمه لنا من أفق جديد‪ ،‬يبشر باألمل بخاصة‬
‫ما كان للمضطهدين "الفلسطينيين"‪ ،‬فاختياره له يشيع بالدفء واألمل في مكان ما وبراحة قادمة ال‬

‫محال‪ ،‬إن اعتبرناها من األلوان المقدسة إذ جاءت م ذكورة في القرآن الكريم في قوله تعالى‪َ﴿ :‬يْو َم‬
‫‪1‬‬
‫ُيْنَفُخ يِف الُّص وِر َو ْحَن ُرُش اُجمل ِر ِم َني َيْو َم ِئذ ُز ْر َقا﴾‪.‬‬

‫األخضـــــــــــــــر‪ :‬من األل وان ال تي ترت اح العين لرؤيته ا‪ ،‬منعش ومض ي مبهج‪ ،‬يخف ف من وهج أش عة‬
‫الشمس الحادة‪ ،‬يستدعي الراح ة النفسية واله دوء واألمن والص بر‪ ،‬وقد خص ص في المسرحية هذه‬
‫بمجموعة من األشجار المخضرة المرصوفة‪ ،‬في منظر طبيعي خالب بارد وندي يجعلنا نشعر أن‬
‫ال وقت يم ر بس رعة‪ ،‬فه و كم ا ج اء في النص من األل وان ال تي تج ذب الق ارئ ويص فن ذهن ه فيه ا‬
‫ويجعل الوقت يمر بسرعة‪ ،‬وهذا ما وظفه الناص‪ ،‬ويوظف هذا اللون عند علماء النفس في تحليل‬
‫األمراض العقلية كالهستيريا‪ ...‬فهو لون متوازن‪ ،‬رمز الربيع يحمل الراحة والهدوء‪ ،‬لون الطبيعة‬
‫والحياة‪ ،‬واألخضر أيقونة تدل على فجر مشرق يبعث باألمل‪ ،‬ويأتي هذا اللون في المرتبة الثانية‬
‫تكرارا في القرآن الكريم‪ ،‬إذ يعد " من األلوان المحببة للنظر‪ ،‬ومنها ثياب أهل الجنة وك ذا رم ز دائم‬
‫للحب والخصب والخير والنماء والسالم واألمان"‪ 2،‬وقد أدرج هذا اللون في النص كأيقونة دالة على‬
‫النمو والعطاء‪ ،‬رغم الصعاب وهذا ما يعكسه قوله‪ " :‬ما زلنا نزرع الزيتون ونرعاه‪ ...‬وما زلنا من‬
‫‪3‬‬
‫عهد يوسف نزرع التين والبرتقال"‪.‬‬

‫كم ا نج ده ذك ر في العدي د من الس ور القرآني ة ال تي وردت في قول ه تع الى‪ُ﴿ :‬يوُس‬


‫ُف َأَهُّيا‬
‫الِّص ِّد يُق َأْفِتَنا يِف َس ْب ِع َبَقَر اٍت َمِس اٍن َيْأُلُكُهَّن َس ْب ٌع َجِع اٌف َو َس ْب ِع ُس ْنُباَل ٍت ُخ ٍرْض َو ُأَخ َر اَي ِبَس اٍت َلَع يِّل‬
‫َأْر ِج ُع‬
‫ىَل الَّن اِس َلَع َّلُهْم َيْع َلُم وَن ﴾‪ 4‬ويت بين لن ا من خالل م ا ج اء في س ورة يوس ف وال تي تظه ر في اآلي ة‬
‫ِإ‬
‫‪ )(1‬القرآن الكريم‪ ،‬سورة طه‪ ،‬اآلية ‪.102‬‬
‫‪ )(2‬قراني ا محم د‪ :‬ظ اهرة الل ون في الق رآن الك ريم‪ ،‬بحث نش ر في مجل ة ال تراث الع ربي‪ ،‬الع دد ‪ ،70‬ك انون الث اني‪،‬‬
‫يناير‪ ،‬السنة الثامنة عشر‪ ،1998 ،‬ص‪.88‬‬
‫‪ )(3‬صالح لمباركية‪ :‬الشروق‪ ،‬ص‪.40‬‬
‫‪ )(4‬القرآن الكريم‪ ،‬سورة يوسف‪ ،‬اآلية‪.46‬‬
‫‪48‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫"ُس ًنُباَل ٍت ُخْض ر" بأنها داللة على الحركة والحياة‪ ،‬وهذا ما كان معتمدا في صورة الغالف على أن‬
‫اللون األخض ر رم ز يلوح لألم ل وللبهج ة من خالل م ا أظهرت ه المس رحية في تطلعه ا لغ د مش رق‪،‬‬
‫وبهذا صور لنا صورة المنظر الطبيعي بجبال شامخة لشموخ هذا الوطن واشجار مخضرة تعكس‬
‫ثراءها ونماءها باعثة بهجة وسرورا‪.‬‬

‫أما بالنسبة لألحمر فهو س اطع األلوان جمي ل الرؤية‪ ،‬اس تدل الكاتب ب ه واعتمده في غالف‬
‫المسرحية "الشروق" في شاكلة خشبة المسرح‪ ،‬التي لربما كانت مغايرة فاعتمدها "لمباركية" بسبب‬
‫العذاب الذي يشهده الوطن وأبناؤها دالة على الحزن والدماء‪ ،‬وهذا ما أظهره الكاتب إذ قال‪" :‬ويديه‬
‫ملطخ ة ب دماء يحم ل بندقي ة"‪ " ،‬القل وب تحج رت وتجم دت ال دماء ك ل ش يء انتهى"‪ 1.‬إن ه يع بر عن‬
‫العاطف ة واله دوء إذ ك ان ذا خط ر وعدواني ة‪ ،‬والش جاعة واإلث ارة‪ ،‬وب ذلك يع د محف زا فداللت ه تخص‬
‫"المؤل ف" والموض وع المتب نى وم ا يص طحبه من حرك ة وحيوي ة ونش اط ال تي اعتم دها المؤل ف في‬
‫جمل ة من أعمال ه المس رحية‪ ،‬وال تي ق د ذك رت في الغالف الخلفي‪ ،‬في برز األحم ر ويرتب ط ب األنثى‬
‫وفتنتها‪ ،‬فهي أيقونة تضيء القارئ فنجد هذا اللون في خشبة المسرح التي اعتدنا أن تكون باللون‬
‫البني‪ ،‬وتبنى "لمباركية" في مسرحيته هذه على أن تكون بهذا اللون – األحمر‪ -‬ذلك ليعبر عن مدى‬
‫عطف ه‪ ،‬وك ذا إظه ار بطش المس تعمر‪ ،‬فالخش بة هي عب ارة عن م ركب فض ائي للمس رح اخت ار له ا‬
‫اللون األحمر بإكسابه التعلق بالقضية فجاءت األرض واكتست رداء أحمرا بدل أن تكون خضراء‬
‫ص ائبة‪ ،‬وه ذا م ا أراده المؤل ف أن يص وره لن ا في لوح ة فني ة تبهج الق ارئ من النظ رة األولى‪،‬‬
‫ويستغرب عدم وجودها باللون المؤلوف لها ‪-‬البني‪ -‬التي هي طبيعة كل خشبة في المسرح‪ ،‬إذ أنه‬
‫طرح األحمر دما ليبين بطش المستعمر‪ ،‬ومن أجلها – األرض‪ -‬ضحي بالنفس والنفيس‪.‬‬

‫وبالعودة إلى كتاب المولى عز وجل‪ ،‬وإ ظهار ما جاء فيه فقد ذكر هذا اللون مرة واحدة في‬
‫قول ه تع الى‪َ﴿ :‬أَلْم َتَر َأَّن اَهَّلل َأْنَز َل ِم َن الَّس َم اِء َم اًء َفَأْخ َر ْجَنا ِبِه َثَم َر اٍت ُم ْخ َتِلًف ا َأْلَو اَهُنا َو ِم َن اْلِج َب اِل ُج َد ٌد‬
‫ِبيٌض َو ْمُح ٌر ُم ْخ َتِل ٌف َأْلَو اَهُنا َو َغ َر اِبيُب ُس وٌد﴾‪ ،2‬كم ا ق ال الش عيلي" فه و به ذا الت درج ألن ه بنفس ه‬

‫‪ )(1‬صالح لمباركية‪ :‬الشروق‪ ،‬ص ‪.46-45‬‬


‫‪ )(2‬القرآن الكريم‪ ،‬سورة فاطر‪ ،‬اآلية ‪.27‬‬
‫‪49‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫"األحم ر" ليس على درج ة واح دة ب ل مختل ف ال درجات وكأن ه نفس ه ألوان ا كم ا تش ير اآلي ة ﴿َو ْمُح ٌر‬
‫‪1‬‬
‫ُم ْخ َتِل ٌف َأْلَو اَهُنا﴾ وبذلك يضفي على الشكل جماال ومتعة"‪.‬‬

‫يت بين لن ا من خالل م ا أتى ب ه "لمباركي ة" على أن ه ج اء مغ ايرا للم ألوف وه ذا م ا ش دنا إلى‬
‫استنطاقه وجعله رمزا يبين ما أدرجه في نصه المسرحي‪ ،‬وأيقونة تستهدف كل مالحظ لها وقارئ‬
‫للعمل المسرحي‪ ،‬ويجعله يكتشف المعنى المخبئ وراءه‪ ،‬فبذلك هو لون يمارس السلطة بخاصة على‬
‫األل وان األخرى لون الرقاب ة والقم ع يم ارس اس تبداده على بقي ة العالم ات اللوني ة األخ رى‪ ،‬وتص بح‬
‫قرينة لونية ممثال لها على أكثر من صعيد‪ ،‬وهذا إن أجمعنا القول عنه –األحمر‪. -‬‬

‫ليأتي البنفسجي لونا رامزا للوضوح‪ ،‬لون االعتدال ينتج عن لونين األحمر واألزرق‪ ،‬لون‬
‫يتوازن بين األرض والسماء‪ ،‬الحواس‪ ،‬الشغف والذكاء‪ ،‬ويتمثل لنا في المستقبل والخيال واألحالم‪،‬‬
‫مما يسمح للفرد بالتواصل مع أفكاره العميقة وراحة البال ويضفي الثقة في نفس الفرد‪ ،‬هو أيقونة‬
‫تعص ف ب العواطف‪ ،‬رم ز ي رى البعض أن ه يجم ع بين الحب والحكم ة‪ ،‬ل ون مه دى ملط ف‪ ،‬وإ ذا‬
‫أدرجن اه فيه ا ج اءت ب ه المس رحية فه و يمي ل إلى عم ق ن اعم مائ ل للزرق ة من األل وان الب اردة ال تي‬
‫تكون مهدئة للهائج الغاضب‪ ،‬ويظهر لنا بأنه "يقع في مواجهة اللون األخضر والذي ال يعني العبور‬
‫الربيعي من الموت إلى الحياة أي االرتقاء‪ ،‬وإ نما العبور الخريفي من الحياة إلى الموت‪ ...‬غير أن‬
‫‪2‬‬
‫البنفسجي الفم الذي يبتلع ويطفئ النور‪."..‬‬

‫والبنفسجي لون جاء ستارا للمسرح‪ ،‬فأضفى حلة بهية فجاء كالحامي تلك الطبيعة الخالبة‪،‬‬
‫المخضرة بجبال شامخة وسماء زرقاء فهو الهدوء والراحة والسكينة‪ ،‬فيمثل الجدار وثوب ترتديه‬
‫ه ذه الطبيع ة ليطف و به ا األمن والس الم وح تى ال يتع رض له ا أي أذى فجعل ه "لمباركي ة" الح امي‬
‫المحاف ظ ال ذي يبعث بالص فاء‪ ،‬ل ون في ه مثالي ة وملكي ة‪ ،‬رم ز جع ل المؤل ف يغ وص في ه ويص نعه‪،‬‬
‫ويترك التأويل والقراءة للمتلقي‪.‬‬

‫‪ )(1‬الشعيلي سليمان بن علي‪ :‬األلوان ودالالتها في القرآن الكريم‪ ،‬مجلة جامعة الشارقة للعلوم الشعرية واإلنسانية‪،‬‬
‫المجلد ‪ ،04‬العدد ‪ ،2007 ،03‬ص‪.72‬‬
‫‪ )(2‬كل ود عبي د‪ :‬األل وان "دوره ا‪ ،‬تص نيفها‪ ،‬مص ادرها‪ ،‬رمزيته ا‪ ،‬وداللته ا"‪ ،‬مراجع ة‪ ،‬محم د محم ود‪ ،‬ط‪،1434 ،1‬‬
‫‪ ،2013‬ص‪.121‬‬
‫‪50‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫اللون األبيــــــــض‪:‬‬

‫مرتبط بالبراءة‪ ،‬اللون المحبب لدى الجميع لبعثه األمل والتفاؤل قريب من القلب‪ ،‬ايقونة تدل‬
‫على الص فاء والنق اء‪ ،‬ب اعث لل ود والمحب ة‪ ،‬يحم ل غالب ا دالالت إيجابي ة‪ ،‬وق د يرتب ط بالش ؤم ال ذي‬
‫‪1‬‬
‫يظهر في شيب الرأس كما يقول لمولى عز وجل‪َ﴿ :‬و اْش َتَع َل الَّر ْأُس ِش يَبا﴾‪.‬‬
‫وتختلف الدالالت من قارئ آلخر‪ ،‬ومن وقع حدث لآلخر‪ ،‬فالحالة النفسية تعطي داللة للون‬
‫أي أن يكون ذو واقع إيجابي أو سلبي‪ ،‬فقد أظهره المؤلف في لوحة جميلة المنظر يتوسطها كلمة‬
‫الش روق ال تي ج اءت ب اللون األبيض مكتوب ة بالخ ط الع ريض‪ ،‬وكم ا اعتم ده لكتاب ة الش ركة المنتج ة‬
‫للمؤلف‪ ،‬واختار ذلك "شركة باتنيت" النتماء المؤلف لهذه المدينة‪ ،‬واختيار هذا اللون داللة قصدية‬
‫من الناشر لما يحمله هذا اللون من طهر ونقاء وانفتاح‪ ،‬وبه قد أسست هذه الصفات للشركة المنتجة‬
‫أو الطابعة للمؤلف التي تنشر األعمال بكل شفافية ومصداقية‪ ،‬وهذا ما يدل عليه انتماؤه‪ ،‬والعنوان‬
‫أال وهو "الشروق" كتب بالبند العريض كما أسلفنا الذكر أيقونة تجذب القارئ لها بشعاع‪ ،‬يظهر ما‬
‫في نفس الكاتب لها وعلى أنه منفتح على نفوس األفراد ومنفتح على المجد وحب الوطن‪ ،‬ولعل في‬
‫اختي اره لك ون األبيض م ا ي وحي بال نهاي ة للمش اعر واألفك ار وه و م ا وج دنا مض مون المس رحية‪،‬‬
‫حيث تنوعت المشاعر بين األمل‪ ،‬الحزن‪ ،‬وغيرها‪...‬‬

‫ويمكن الق ول أن "الل ون األبيض أك ثر األل وان راح ة للنفس والس كينة ونظاف ة المك ان‬
‫والوض وح"‪ 2،‬وأك ثر األل وان دالل ة على الحس ن والجم ال‪ ،‬فنج د ه ذا األخ ير من األلوان ال تي وردت‬

‫في الق رآن الك ريم في قول ه تع الى‪َ﴿ :‬ي ْو َم َتْبَيُّض ُو ُج وٌه َو َتْس َو ُّد ُو ُج وٌه َفَأَّم ا اِذَّل يَن اْس َو َّدْت ُو ُج وُه ُهْم‬
‫َأَكَفْر ْمُت َبْع َد َمياِنْمُك َفُذ وُقوا اْلَع َذ اَب ِبَم ا ُكْنْمُت َتْكُفُر وَن ﴾ َو َأَّم ا اِذَّل يَن اْبَيَّض ْت ُو ُج وُه ُهْم َفِفي َر َمْحِة اِهَّلل ْمُه ِف َهيا‬
‫ِإ‬
‫َخ اُدِل وَن ﴾‪ 3‬وقول ه تع الى‪َ﴿ :‬و اُمْض ْم َي َد َك ىَل َج َناِح َك ْخَت ُر ْج َبْي َض اَء ِم ْن َغِرْي ُس وٍء آَي ًة ُأْخ َر ى﴾ فق د‬
‫‪4‬‬
‫ِإ‬
‫‪ )(1‬القرآن الكريم‪ ،‬سورة مريم‪ ،‬اآلية‪.04‬‬
‫‪ )(2‬عبيد صبطى‪ :‬دالالت األلوان في التراث الشعبي والديني‪ ،‬مجلة دراسات جامعة عمار ثلجي‪ ،‬األغواط‪ ،‬ع ‪،14‬‬
‫‪ ،2010‬ص‪.66‬‬
‫‪ )(3‬القرآن الكريم‪ ،‬سورة آل عمران‪ ،‬اآليتين‪.106-105 :‬‬
‫‪ )(4‬القرآن الكريم‪ ،‬سورة طه‪ ،‬اآلية‪.22‬‬
‫‪51‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫عكست لنا تلك الدالالت اإليجابية‪ ،‬فما جاء النص بين متفائل وخيبة من أجل قضية شعب ينظر بكل‬
‫إيجابي ة‪ ،‬وله ذا ج اء "ص الح لمباركي ة" بعن وان أبيض ينم على روح الص فاء والتس امح وإ لى أم ل بغ د‬
‫مشرق‪ ،‬بهذا جاء عنوانه "الشروق" ليضيء ما حوله وتبهج الناظر إليها‪ ،‬فلكبر خط العنوان وإ شراقة‬
‫لون ه يالح ظ المتلقي م ا يص بو إلي ه الك اتب "ص الح مباركي ة" وم ا يري د إظه اره قب ل الول وج إلى‬
‫المض مون وذل ك لتحقي ق ه دف م ا‪ ،‬وه ذا م ا اطلعن ا علي ه ورأين اه يص بو إلى تحقي ق النص ر‪ ،‬فنج ده‬
‫يق ول‪ ..." :‬يمكن أن يك ون انتظارن ا النبالح فج ر جدي د مش رق‪ 1،"...‬وال تي يش ير فيه ا إلى اللوح ة‬
‫الخلفية ويبين لنا الضوء األبيض الذي يشع من خلف الجبال العالية‪ ،‬وهذا هو ضوء العنوان المنير‬
‫لشروق يوم أفضل‪ ،‬فكان له القول‪ ..." :‬أنه شروق يوم جديد"‪ ،‬ومن ه يمكن القول أن ه اعتمد عليه‬
‫لتفاؤل‪ ،‬وليطمئن أهلها بفرج قريبا "أهل فلسطين"‪.‬‬

‫اللون األصفــــــــر‪:‬‬

‫كان لهذا اللون نصيب في كونه من األلوان التي أدرجها المؤلف لمسرحيته "الشروق" والذي‬
‫اعتم ده الس مه وك ذا لق ابض الس تار‪ ،‬أي م ا يرب ط س تار المس رح‪ ،‬عن د فتح ه فه ذا الل ون يع بر عن‬
‫دالالت عدة يوحي على الحماسة والتفاؤل واألمل‪ ،‬وعلى المرح والوضوح‪ ،‬يمنح القوة ويدعم الثقة‬
‫بالنفس‪ ،‬وهذا ما أنشده الكاتب أن بينه في المسرحية ليقول في شخصية‪ :‬الشخص‪" :‬عربي‪ ...‬وط ني‬
‫فلسطين"‪ ، 2‬وبه أظهر أنه ليس خائفا وبثقة تامة‪ ،‬رمز أو أيقونة يمثل الشمس ويرمز للذهب‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وقد ورد ذكره‪ " :‬فلسطين أمي‪ ...‬سأعود عندما تشرق الشمس سأعود وفي يدي زهرة‪،"...‬‬
‫من خالل ه ذا نج د أن الك اتب ك انت ثقت ه ظ اهرة أفص ح عنه ا وم د فيه ا ألم ل ب العودة إلى وطن ه‬
‫الغالي‪ ،‬ولحقيقة أنه تجاوز كل هذا حتى نجده ق د ورد في القرآن الكريم في قول ه تع الى‪َ﴿ :‬قاُلوا اْدُع‬
‫َلَنا َر َّبَك ُيَبْنِّي َلَنا َم ا َلْو َهُنا َقاَل َّنُه َيُقوُل َهَّنا َبَقَر ٌة َص ْف َر اُء َف اِق ٌع َلْو َهُنا َتُّرُس الَّن اِظ ِر يَن ﴾ (س ورة البق رة اآلي ة‬
‫ِإ‬ ‫ِإ‬
‫‪ )69‬فهو يحمل داللة اإلبداع واالعتزاز بالنفس والتفاؤل والثقة واالنطالق‪ ،‬وبهذا كان اسم المؤلف‬
‫ملون ا ب ه ليك ون أول المتف ائلين والمع تزين بالقض ية الفلس طينية وبش عبها األبي‪ ،‬فهي دالالت إيجابي ة‬

‫‪ )(1‬صالح لمباركية‪ :‬الشروق‪ ،‬ص‪.04‬‬


‫‪ )(2‬صالح لمباركية‪ ،‬مسرحية الشروق‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪ )(3‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.42‬‬
‫‪52‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫تحدثنا عنها سابقا‪ ،‬أما الدالالت السلبية لهذا اللون فتتمثل في القلق والتوتر وهي معان سبق ذكرها‬
‫أيضا في الدراسة‪.‬‬

‫وه ذا اللون جاء مطابقا لما آل إلي ه النص المسرحي وإ لى ما يدو إلي ه من تفاؤل وإ لى يوم‬
‫جميل مشرق بدون ألم وال خوف يوم تضيء به البالد بإشراقية تبتهج لها القلوب وتنير بها العيون‪،‬‬
‫ويج در بن ا اإلش ارة إلى أن األل وان ال تي اعتم دها الك اتب نفس ها في الواجه ة الخلفي ة للمس رحية‪،‬‬
‫فاأللوان التي استعملها "صالح لمباركية" في كال واجهتي المسرحية من أغنى الرموز اللغوية التي‬
‫توس ع رؤي ة المتلقي‪ ،‬وتس اعد على تش كيل أفض ل لم ا تحمل ه من طاق ات إيجابي ة وق وى داللي ة‪ ،‬وم ا‬
‫تحدثه من إشارات حسية وانفعاالت نفسية لدى القارئ‪ ،‬فالمعروف أن النفس تبتهج وترتاح بما تراه‬
‫من ألوان في األشكال واألجسام والصور‪.‬‬

‫‪ -2‬سيميولوجيـــــــــة العنوان‪:‬‬
‫يع د العن وان المفت اح ال ذي يقودن ا للول وج للنص األدبي‪ ،‬ألن النص المس رحي في موض وعنا‬
‫فه و يكش ف عم ا نجهل ه وعن داللت ه العميق ة‪ ،‬وب ذلك فه و نص يختص ر ويلخص الوق ائع واألح داث‬
‫وجملة القضايا التي يتشكل منها النص‪ ،‬والتي يتضمنها ذلك المصطلح أو الكلمة والتي قد تقصر أو‬
‫تط ول‪ ،‬ومن ه كلم ا ك ان العن وان ذا كلم ة واح دة أو ب األحرى مختص را اتس عت رقع ة داللت ه وامت د‬
‫فض اءه وانفتحت آفاق ه "الرمزي ة" ال ذي ك ان اعتم اده على المج از‪ ،‬الرم ز‪ ...‬وب ذلك ف العنوان مرتب ط‬
‫ارتباطا وثيقا بالنص الذي يعنونه وهذا ما نالحظه في "الشروق"‪ ،‬فهو يعكسه بأمانة ويصوره بدقة‪.‬‬

‫ومن ه ف العنوان حظي بالعدي د من الدراس ات الحديث ة خاص ة ‪-‬الدراس ة الس يميولوجية‪-‬‬
‫ب األحرى‪ ،‬فه و عتب ة ال دخول إلى النص كم ا س لف ال ذكر‪ ،‬ف العنوان في أي عم ل أدبي ال يوض ع‬
‫اعتباط ا ب ل ي أتي ليظه ر ويع بر عن خباي اه‪ ،‬فه و كم ا يق ول "عب د المال ك مرت اض"‪" :‬نص مس رحي‬
‫صغير يتعامل مع نص كبير"‪ 1،‬وعني العنوان اهتمام السيميائيين ذلك لطابعه المتميز‪ ،‬ف النص وب اقي‬
‫المقاطع ماهي إال تفريعات تحتية تتبع من العنوان األم‪ ،‬والعالقة بين هذا الدفق التفريعي والعنوان‬
‫بوصفه متخيال شعريا أو سرديا هي ليست عالقة اعتباطية‪ ،‬إنها عالقة طبيعية منطقية‪ ،‬عالقة انتماء‬

‫‪ )(1‬عب د المال ك مرت اض‪ :‬تحلي ل الخط اب الس ردي معالج ة تفكيكي ة س يميائية مركب ة لوراي ة زق اق الم دق‪ ،‬دي وان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬بن عكنون‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪ ،1995 ،1‬ص‪.277‬‬
‫‪53‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫دالئلي"‪ 1،‬فتكمن داللت ه في كون ه يحم ل الص ورة الكلي ة عن المض مون‪ ،‬فه و يح وي المض مون نص ا‬
‫غائبا ونصا صريحا‪ ،‬فهو العالم الذي يحتضن بطريقة خاصة العوالم المتناهية في الكبر ويستوعبها‬
‫إيحاء وتعبيرا وتشكيال‪ ،‬فهو بذلك يشكل الجسر الذي يربط القارئ بالنص لذلك ال بد من االهتمام‬
‫بصياغته وإ خراجه بصورة جمالية تساهم في تشويق القارئ وجذب اهتمامه‪.‬‬

‫ولما كان العنوان يحتل المركز األول في أي عمل أدبي فقد شبهه "جاك دريدا" ‪j.Derrida‬‬
‫بأن ه "الثري ا ال تي تحت ل بع دا إمكاني ا مرتفع ا يم تزج لدي ه بمركزي ة اإلش عاع على النص"‪ 2،‬ف العنوان‬
‫يوحي بالعديد من المقاصد ويوضح الكثير من الدالالت فهو يكشف قبليا عن محتوى النص وممهدا‬
‫له‪ ،‬ومنه يشكل عالمة واصفة‪ ،‬يبعث بالقارئ تارة إلى المحتوى وأخرى إلى صاحب النص بكونه‬
‫فردا يعيش وجوده ومبدعا له‪.‬‬

‫أ‪ -‬مفهــــــوم العنوان‪:‬‬


‫في مادة "عن" يقول "ابن فارس عن الجذر "عن"‪ " :‬العين والنون أصالن‪ ،‬أحدهما يدل على‬
‫‪3‬‬
‫ظهور الشيء وإ عراضه واآلخر يدل على الحبس"‪.‬‬

‫والعنوان عبارة عن عالمة لغوية تعلو النص لتسمو به وتحدده وتقرئ القارئ بقراءته‪ ،‬ومن‬
‫األسس التي يرتكز عليها اإلبداع األدبي‪ ،‬وبذلك كانت للكتب عناوين ولوالها لظلت حبيسة الرفوف‬
‫واإلهمال‪.‬‬

‫ب‪ -‬المفهوم االصطالحي‪:‬‬

‫فق د اهتم علم الس يمياء اهتماما واس عا ب العنوان في النص وص الس يميائية‪ ،‬وهذا م ا نظ ر إلي ه‬
‫"جاك فونتاني"‪" J.Fontane‬الذي يرى أن العنوان مع عالمات أخرى هو من األقسام النادرة في‬

‫‪ )(1‬بش ير ت اوريرت‪ :‬س يميائية العالم ة في قص يدة المه ر ول ون ل نزار قب اني‪ ،‬محاض رات الملتقى الث الث للس يمياء‬
‫والنص األدبي‪ 20 ،‬أفريل ‪ ،2004‬منشورات جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬ص‪.101‬‬
‫‪ )(2‬س لمان الحاص د‪ :‬ع الم النص‪ ،‬دراس ة بنيوي ة في األس اليب الس ردية‪ ،‬ف ؤاد التك رلئ نموذج ا‪ ،‬دار الكن دي للنش ر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،2002 ،‬ص‪.15‬‬
‫‪ )( 3‬ابن فارس‪ :‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬تحقيق عبد السالم هارون‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.19‬‬
‫‪54‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫النص التي تظهر على الغالف‪ ،‬وهو نص مواز له‪ ،‬بل هو نوع من أنواع تعالي النص الذي حدد‬
‫‪1‬‬
‫مسار القراءة التي يمكن لها أن تبدأ من الرؤية األولى للكتاب"‪.‬‬

‫ويعتبر "ليوهوك" ‪ LeoHoek‬العنوان في كتابه الشهير "عالمة العنوان ‪La marque du‬‬
‫‪ "titre‬بأنه "مجموعة من العالمات اللسانية التي يمكن أن تندرج على رأس كل نص لتحديده وتدل‬
‫على محتواه‪ ،‬فهو إذن بمثابة المفتاح اإلجرائي الذي يمدنا بمجموعة من المعاني والمساعدة في فك‬
‫‪2‬‬
‫رموز النص"‪.‬‬

‫فرغم صغر هذا العنصر ومن خالل ما تطرق إليه "ليوهوك" وما جاء به "جاك فونتاني" فقد‬
‫ع د العن وان من العناص ر ال تي ت ؤدي وظ ائف ش كلية وجمالي ة‪ ،‬فيع د س مة وم دخال لنص كب ير‪ ،‬فمن‬
‫الصعب وضع تعريف دقيق ومحدد للعنوان نظرا لتعدد استعماله‪ ،‬ومن كل ما سبق ذكره نجد أن‬
‫جل هذه التعريفات ترمي إلى أن العنوان من العالمات اللغوية المشفرة والتي تحتاج إلى قارئ جيد‬
‫لفك تلك األشفار أو الرموز‪.‬‬

‫فمن خالل م ا تق دم ح ول العن وان يمكن الق ول أن ه يع د بمثاب ة ب اب يتم ال دخول من خالل ه‬
‫لمحتوى النص‪.‬‬

‫ب‪ -‬مستويات العنوان‪:‬‬

‫يحمل عنوان الشروق عدة دالالت‪ ،‬تحيل إلى شبكة من العالقات التكاملية بين أجزاء النص‪،‬‬
‫فهو مرتبط ارتباطا وثيقا به‪ ،‬فيكمله وال يختلف عنه‪ ،‬بل يعكسه بأمانة ودقة‪ ،‬وحظى العنوان باهتمام‬
‫عدي د الدراس ات خاص ة الس يميولوجية منه ا‪ ،‬فه و عتب ة ال دخول إلى النص فال يج وز لل دارس أن‬
‫يتجاوزها وحينها يلج لنص‪ ،‬وسنتناول سيميائيا هذه العتبة من خالل مستويات نذكر منها‪:‬‬

‫‪ -1‬المستوى التوصيفي‪:‬‬

‫‪ )(1‬ينظر‪ /‬عبد الحميد هيمة‪ ،‬عالمات في اإلبداع الجزائري‪ ،‬مديرية الثقافة لوالية سطيف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪،2000 ،1‬‬
‫ص‪.68‬‬
‫‪ )( 2‬جميل حمداوي‪ :‬السيميوطيقا والعنوان‪ ،‬عالم الفكر‪ ،‬الكويت‪ ،‬مج‪ ،25‬ع‪ ،1997 ،23‬ص‪.90‬‬
‫‪55‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫ومن خالل ه ذا نج د أن عن وان "الش روق" يتوس ط الغالف الخ ارجي األم امي ب اللون األبيض‬
‫بالبند العريض‪ ،‬بخط عربي متمثل في خط الثلث الذي يكتب بثلث سمك القلم‪ ،‬فهو من الخطوط التي‬
‫تأنس لها العين‪.‬‬

‫ولعل في اتزان هذه الحروف واستقامتها انعكاس من اتزان الكاتب "صالح لمباركية" وثباته‬
‫وس عيه لط رح س مة األم ل والتف اؤل في نفوس هم‪ ،‬وب ذلك يك ون الك اتب ق د وف ق في ج ذب الق ارئ‬
‫للعنوان انطالقا من اختياره لموقعه ولونه وكذا شكل حروفه اعتبارا أن العنوان يتمتع بقوة داللية‬
‫ناتجة عن بنية لغوية نابعة من موقعه الطبيعي‪.‬‬

‫‪ -‬التمظهر اللوني‪:‬‬

‫يعد اللون األبيض من األلوان اإليجابية والسلمية‪ ،‬فكانت إطاللة العنوان على هذه الشاكلة‪،‬‬
‫تحمل سمات تحيل على الخوف والقلق‪ ،‬وكذا الهم وهذا ما يعكسه النص‪ ،‬فجاءت جل الشخصيات‬
‫في ضياع‪ ،‬بين مؤيد للقضية ومعارض لها‪:‬‬
‫"س ــيدي الرئـــــــــــــــــــ ــيس‪ :‬إن م ــا أوردت ــه بعض األنب ــاء أن الظ ــروف ال ــتي تم ــر به ــا بالدن ــا‬
‫‪1‬‬
‫حرجة"‬

‫" غير أن تقصف الرعود وهبوب الرياح نعيم وبهجة وحياة‪ ،‬إن للغلبان ثورة تســكن بعــدها‬
‫‪2‬‬
‫كل األيام"‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫كما يقول أيضا‪" :‬القلوب تحجرت وتجمدت الدماء كل شيء انتهى‪.....‬‬
‫فيكشف لنا الحزن واألسى واالضطراب‪ ،‬والقلق من القضية المطروحة‪ ،‬أما ما يحويه من‬
‫إيجابيات فنجد بعض من القوالب التعبيرية التي تعكس التفاؤل ومن ذلك قوله‪" :‬الشيخ ما زلنا نــزرع‬

‫‪ )(1‬صالح لمباركية‪ :‬الشروق‪ ،‬ص‪.27‬‬


‫‪ )(2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.46‬‬
‫‪ )(3‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.40‬‬
‫‪56‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫الزيتــون ونرعــاه‪...‬مــا زلنــا من عهــد يوســف نــزرع الــتين‪ 4، "...‬وفي ه ذا ي دلنا إلى ال تين كعالم ة‬
‫سيميائية دالة على التشبث باألرض‪.‬‬

‫وفي قول ه‪" :‬ي ــوم‪ :‬فلس ــطين أمي‪ ...‬س ــأعود عن ــدما تش ــرق ش ــمس‪ ...‬س ــأعود وفي ي ــدي‬
‫زهرة‪ ، 1"...‬وما نجده في بدايات الفصل في قوله‪ " :‬ها هي أشعة الشمس منطلقة نحــو األفــق‪،"...‬‬
‫‪2‬‬

‫وفي هذا إيحاء بتفاؤل لكسر حلقة الظلم واالضطهاد‪.‬‬

‫‪-2‬المستوى المعجمي‪:‬‬

‫وردت لفظة الشروق في المعجم أنها‪:‬‬

‫أشرقت الشمس‪ :‬تشرق إشراقا‪ ،‬فهي مشرقة‪ :‬طلعت‪ ،‬بزغت‪.‬‬

‫أشرقت األرض‪ :‬أنيرت بإشراق الشمس عليها‪.‬‬

‫أشرقت الشمس المكان‪ :‬أنارته‬

‫أشرق الوجه‪ :‬أضاء‪ ،‬وتألأل حسنا أو ابتهاجا‪ ،‬فكأنه الشمس‪.‬‬

‫شرق الرجل‪ :‬دخل في شروق الشمس‪.‬‬

‫أشرق النخل‪ :‬طال وعال وارتفع‪.‬‬

‫أشرق العامل الثوب في الصبغ‪ :‬بالغ في صبغه‪.‬‬

‫أشرق الرجل جليسه‪ :‬جعله يشرق أي جعله يغص‪.‬‬

‫واألمر من َأْش َر َق ‪َ ،‬أْش ِر ْق ‪.‬‬

‫‪ -3‬المستوى الصوتي‪:‬‬

‫‪ )(4‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.42‬‬


‫‪ )(1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫‪ )(2‬ينظر‪ /‬إبراهيم أنيس‪ :‬األصوات اللغوية‪ ،‬مكتبة األنجلو مصرية‪ ،‬ط‪ ،4‬ص‪.88‬‬
‫‪57‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫تضافرت عدة أصوات في تشكيل بنية العنوان التي تمثلت في‪:‬‬

‫األلـــــف‪ :‬فبالعودة إلى المعاجم العربية نجد "الخليل" في كتابه "الحروف" يقول‪" :‬قد جمعت الحروف‬
‫كلها مع معانيها التي وردت عن العرب"‪ 1،‬فذكر الحرف ومعناه واستشهد له‪.‬‬

‫فنج د األل ف من "الح روف الجوهري ة من ح روف الج وف يخ رج الح رف من الخالء ال داخل‬
‫في الحلق من صفاته الضعف فيه الرخاوة واالنفتاح"‪ ،‬فنلمس له نغما شجيا ينبع من صوته "األلف"‬
‫ينسجم وحالة الشوق والحرية‪ ،‬والمسنا عالوة على ذلك توليد إحساس باالمتداد الصوتي‪ ،‬وقد ورد‬
‫‪2‬‬
‫في العديد من الكلمات التي أدرجها الكاتب في قوله‪" :‬الشيخ‪ :‬إلى أين ‪ ....‬انتظر‪....‬وأنا؟‪."...‬‬

‫كما أنه من الحروف التي تستذكر ولها طول النفس‪ ،‬فنذكر صاحبها ما نساه‪ ،‬وجاء لإلنكار‬
‫الذي يحتاج إلى صوت يموج ويعبر عنه‪ ،‬وال ننسى بأنه من الحروف األوضح سمعا‪ ،‬وهذا ما عمد‬
‫إلي ه المؤل ف وه و إس ماع ص وت الفلس طينيين معتم دا على ح رف األل ف ال ذي يس مع المتلقي ص وت‬
‫العذاب الذي يعشيه أهل المقدس‪ ،‬فكان الحرف مرتبطا أشد االرتباط بما تفاءل به المؤلف وأدرجه‬
‫في الشروق لتذوق السمع‪ ،‬ونقل الحزن واأللم‪.‬‬

‫الالم‪:‬‬
‫حرف من حروف اللغة العربية‪" ،‬يخرج من أدنى حافة اللسان وما يحاذيها من اللثة العليا‬
‫بعد مخرج الضاد‪ ،‬وما فيه من صفات القوة‪ ،‬الجهر واالنحراف ما فيه من صفات الضعف واالنتقال‬
‫‪3‬‬
‫واالنفتاح"‪.‬‬
‫يظه ر ح رف "الالم" بأن ه من األص وات المجه ورة ال تي تمنح الق وة وت ذهب الض عف وتخفي‬
‫الخوف‪ ،‬كان لها صدى في المسرحية بخاصة في العنوان "الشروق" الذي أدرجه المؤلف في بداية‬
‫الكلمة ليكون دافعا ومساندا وقوة تدفع بالقارئ إلى النهوض نحو األمام‪ ،‬والذي يكون هذا العنوان‬
‫محفزا له لمواصلة القراءة‪.‬‬

‫‪ )(1‬محم د بن موسى الشروين الج راري‪ :‬تجويد القرآن الك ريم‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬عين مليلة‪ ،‬الجزائ ر‪ ،‬دط‪ ،2012 ،‬ص‬
‫‪.41‬‬
‫‪ )(2‬صالح لمباركية‪ :‬الشروق‪ ،‬ص‪.40‬‬
‫‪ )(3‬محمد بن موسى الشروين الجراري‪ :‬تجويد القرآن الكريم‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫‪58‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫فيرى أن لهذا الحرف دوي يسمع األذن ويحرك الضمائر‪ ،‬وهذا ما نلمسه في قول الكاتب‬
‫"إلزم مكانـك‪ ،‬الصـعود‪ ،‬لن أتراجـع‪ ...‬ال ال البـد من القـوة"‪ 1،‬فم ا أظه ره الك اتب في نص ه وم ا ك ان‬
‫للح رف من دوي ق وي منح ه ذا األخ ير الع زم لمواجه ة الظلم والقه ر‪ ،‬وإ كم ال الطري ق نح و غ د‬
‫أفضل‪.‬‬

‫الشيــــــــــــــــن‪:‬‬

‫ح رف يخ رج من "وس ط اللس ان وش ين من أص وات وس يط الحن ك من ص فاته أنه ا ح رف‬


‫مهموس ة أي أنه ا من ح روف (فحث ه ش خص س كت)"‪ 2،‬كم ا تع د من الح روف المنفتح ة‪ ،‬ج اء رخ وا‬
‫اتص ف بالص فير واالس تطالة‪ ،‬أم ا التفش ي فهي من الص فات ال تي ينف رد به ا‪ ،‬وهي م ا جعلت اللس ان‬
‫العربي يميل إليه لما فيه من قابلية على مد الصوت‪.‬‬

‫فيظه ر ه ذا الح رف ال ذي ينفتح ويتفش ى بق وة في العدي د من المص طلحات العربي ة‪ ،‬وه ذا م ا‬


‫ج اء في مض مون عنوانن ا ه ذا "الش روق" فك ان رخ وا مهموس ا منفتح ا على النص ي دفع بالق ارئ أو‬
‫المتلقي إلى الغ وص في أغ واره‪ ،‬فيس عى ه ذا الح رف أن يك ون من الح روف األك ثر اس تطالة على‬
‫غيرها التي تبعث باكتشاف الخبايا واالنفتاح‪ ،‬وقد اعتمد الكاتب في مضمون نصه العديد من األلفاظ‬
‫ن ذكر منه ا‪" :‬ش ــكرا‪ ....‬الخش ــبة‪ ...‬موش ــح‪ ...‬الش ــمس‪ ...‬تش ــرق"‪ 3،‬فمن خالل النظ ر إلى ه ذه‬
‫المصطلحات نجد أنها تنفتح على اآلخر‪ ،‬مثال الخشبة التي تكون مفتوحة أما األفراد إلعطاء متنفس‬
‫جي د‪ ،‬أدرج ه الك اتب في ه ذا الح رف ليك ون منفتح ا يس تدعي إقب اال واس عا للق راء‪ ،‬وأن يمنح‬
‫المضطهدين أمال‪.‬‬

‫الـــــــــــــــــراء‪:‬‬

‫‪ )(1‬صالح لمباركية‪ :‬الشروق‪ ،‬ص‪.32-29-26‬‬


‫‪ )(2‬ينظر‪ /‬إبراهيم أنيس‪ :‬األصوات اللغوية‪ ،‬مكتبة األنجلو مصرية‪ ،‬ط‪ ،4‬ص‪.90‬‬
‫‪ )(3‬صالح لمباركية‪ :‬الشروق‪ ،‬ص‪.42-41-19‬‬
‫‪59‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫إن المتأمل في هذا الحرف يجد أنه "صوت لثوي تكراري مجهور منفتح يدل على التكرار‬
‫‪1‬‬
‫وديمومة الحدث في أكثر أحواله‪ ،‬وكيفما كان موقعه في الكلمة"‪.‬‬

‫فال ينحبس الصوت عند النطق به وال يجري معه النفس بين الرخوة والشديدة‪ ،‬متنقل ليس‬
‫من ح روف الض غط لكن ه يفخم بـ ـ "ال راء"‪" ،‬فهي أح د الح روف المس تقلة ال تي ق د تفخم"‪ 2،‬فاعتم دها‬
‫الكاتب لتكون رخوة سلسلة النطق ليست صعبة‪ ،‬وهذا ما ألفناه في "الشروق"‪ ،‬فجاءت "الراء" سهلة‬
‫النطق دالة على الديمومة‪.‬‬

‫الواو‪:‬‬

‫حرف من حروف لغة الضاد‪" ،‬مجهور ليس من حروف الهمس‪ ،‬نجده رخوا منفتحا ال يأتي‬
‫مسرعا في النطق‪ ،‬وهذا يسبب ثقل خروجه بعيدا عن ذلق اللسان"‪ 3،‬يتصف باللين أي خروجه سهل‬
‫ليس فيه مشقة ‪ ،‬من صفاته الرخاوة وهي ضد الشدة والتوسط‪.‬‬

‫فوق ع ه ذا الح رف في العدي د من الكلم ات ال تي وظفه ا المؤل ف ‪ ،‬فج اء الح رف الخ امس من‬
‫الكلمة "الشروق" سهال سلسا‪.‬‬

‫القـــــــاف‪:‬‬

‫من الح روف المهموس ة "ال تي تك ون بين أقص ى اللس ان وأقص ى الحن ك األعلى بم ا في ذل ك‬
‫الله اة في النط ق بالق اف"‪ 4،‬فهي من الح روف الش ديدة تض غط في موض عها‪ ،‬تع د من ح روف القلقل ة‬
‫وهذا ألنك ال تستطيع التوقف عليها إال بالصوت لشدة الضغط‪ ،‬نحو الحق‪ ،‬األفق‪ ،‬تشرق‪ ،‬مقدسة‪...‬‬
‫وغيرها من األلفاظ التي آتينا بها من مضمون هذا النص‪ ،‬ففي الشد والضغط يظهر جوهر الكلمة‪،‬‬
‫وبالعودة إلى عنوان النص يبرز الجوهر المخفي الذي أراد به المؤلف إظهاره‪.‬‬

‫‪ )(1‬محمد بن موسى الشروين الجراري‪ :‬تجويد القرآن الكريم‪ ،‬ص‪.54‬‬


‫‪ )(2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.54‬‬
‫‪ )(3‬محمود فهمي حجازي‪ :‬مدخل إلى علم اللغة‪ ،‬قباء للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪ ،‬العدد‪ ،1‬ط‪ ،2007 ،1‬ص‬
‫‪.41‬‬
‫‪ )(4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.54‬‬
‫‪60‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫ومنه جاء هذا الحرف الشديد لإليضاح وتبين‪ ،‬ومنها جاءت الكلمة موحية قوية يتبين فيها‬
‫ق وة الش عب الفلس طيني رغم االض طهاد‪ ،‬وله ذا عم د العن وان على أن يظه ر الص مود أم ام القه ر‬
‫والمستعمر الصهيوني‪.‬‬

‫تجس دت البني ة الص وتية لكلم ة "الش روق" ف أظهرت ك ل ح رف بمعن اه المهم وس منه ا‬
‫والمجهور‪ ،‬الذي أضفى حلة يبين فيها القوة والتفاؤل والحظن‪ ،‬فكانت خادمة للموضوع‪ ،‬من خالل‬
‫م ا يبين ه من ح ق‪ ،‬وه ذا لتش رق على أرض أدماه ا الكي ان الص هيوني وأنهكه ا آمال إي اه أن تش رق‬
‫شمس التفاؤل والغد الجميل‪.‬‬

‫‪ -3‬البنية التركيبية النحوية‪:‬‬


‫بخصوص دراستنا للبنية التركيبية لعنوان المسرحية‪ ،‬فإننا نجدها تحتوي على مفردة واحدة‬
‫وهي "الشروق"‪.‬‬

‫ووردت هذه الكلمة مبتدأ مرفوعا‪ ،‬معرفا باأللم والالم ليدل على الثبات واالستقرار‪ ،‬خبره‬
‫محذوف تقديره سياق النص‪ ،‬وحذف الخبر في هذا العنوان ألن الكاتب ترك القارئ في حالة بحث‬
‫لمعرفة مدلوالت هذا العنوان وحقيقة الشروق كيف وأين كانت؟‬

‫وعنوان المسرحية جاء مسندا حذف المسند إليه‪ ،‬فيصبح التقدير لهذا الفراغ كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬هو الشـــــــــــــــــــروق‬ ‫‪ -‬الشـــــــــــــــــروق أخاذ‬

‫خبر لمبتدأ محذوف‬ ‫مبتدأ محذوف‬ ‫مسند إليه (مبتدأ)‬ ‫الشروق‬

‫مسند‬ ‫مسند إليه‬ ‫مسند (خبر)‬ ‫أخاذ‬

‫وحذف المبتدأ لإليجاز وتنشيط ذهنية‬ ‫‪ -‬هذه جريدة الشروق‬


‫المتلقي‬

‫‪ -‬سافرت بعد شروق الشمس‬

‫ومن هنا تنفتح القراءات لكل جملة أمام المتلقي ليتمكن من إنتاج كم هائل من التأويالت‬

‫‪61‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫‪ -4‬البنيـــــــــــــــــة الداللية‪:‬‬
‫لفظة الشروق ترمز إلى عدة دالالت نذكر منها‪:‬‬

‫النور‬

‫التفاؤل‬

‫األمل‬ ‫الشروق‬

‫بهجة‬

‫الفرح‬

‫يعتبر الشروق بداية مرحلة جديدة مليئة بالفرح والتفاؤل والسرور‪ ،‬بعدما كانت ظالم ويأس‪.‬‬

‫كم ا أنه ا ت وحي ب النور ال ذي ط ال غياب ه وه ذا م ا تجس د في النص‪ ،‬حيث جع ل الك اتب من‬
‫الش روق عالم ة دال ة على أم ل أن ين ال الش عب الفلس طيني حريت ه ويخ رج من دوام ة االض طهاد‬
‫والتسلط‪.‬‬

‫ملخــــــــــــــــــــــص المسرحية‪:‬‬
‫مسرحية "الشروق" دراما سياسية ثورية بفصلين‪ ،‬من تأليف "صالح لمباركية"‪ ،‬تعالج قضية‬
‫قومية أال وهي القضية الفلسطينية‪ ،‬وما يعانيه شعبها من تقتيل واضطهاد وشتى أنواع التعذيب الذي‬
‫يمارسه االحتالل الصهيوني في حقه‪.‬‬

‫ت دور أح داث ه ذه المس رحية في فض اءات متع ددة(خش بة المس رح‪ ،‬األرض المحتل ة‪،)...‬‬
‫فجرت أحداث الفصل األول على خشبة المسرح الذي احتوى على مجموعة من الشخصيات أهمها‬
‫الراوي‪ ،‬السفير‪ ،‬المقرر والجمهور وغيرهم‪ ،‬ليبين لنا الكاتب الجدل القائم بينهم حول قضية غايتها‬
‫التحرر من قيد المستعمر‪ ،‬لينتقل ألحداث الفصل الثاني إلى نقطة من نقاط الحراسة داخل األراضي‬
‫المحتل ة‪ ،‬ثم تت أزم األح داث ويش تد الص راع بين الجن ود واأله الي الفلس طينيين‪ ،‬وتنتهي المس رحية‬

‫‪62‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫بنهاية تراجيدية تمثلت في موت الرئيس على يد الضابط اإلسرائيلي والسفير على يد مجموعة من‬
‫الشباب العربي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬قراءة سيميولوجية في عناصر المسرحية‬


‫‪ -1‬سيميولوجية الشخصية في مسرحية "الشروق"‪:‬‬

‫‪ -1-1‬تعريف الشخصية‬
‫نظرا ألهمية الشخصية في تشكيل القصة‪ ،‬فإن دراسة بنيتها وأنماطها وأهميتها في أي عمل‬
‫أدبي من الموض وعات األساس ية ال تي ارتك ز إليه ا الب احث عن د دراس ة الفن األدبي‪ ،‬فهي مرتك ز‬
‫وأس اس ه ذا الفن س واء قص ة‪ ،‬أو رواي ة أو مس رحية له ذا ال يمكن ألي جنس أدبي أن يق وم ب دون‬
‫وجودها‪.‬‬
‫لغـــــــــــــــة‬
‫ورد في لس ان الع رب " أنه ا من م ادة ش خص‪ :‬الش خُص ‪ :‬جماع ة ش خص اإلنس ان وغ يره‪،‬‬
‫م ذكر والجم ع أش خاص وش خوص وش خاص فإن ه أثبت الش خص أراد ب ه الم رأة‪ ،‬والش خص‪ :‬س واء‬
‫اإلنس ان وغ يره ت راه من بعي د‪ ،‬تق ول‪ :‬ثالث ة أش خص‪ ،‬وك ل ش يء رأيت جس مانه‪ ،‬فق د رأيت‬
‫‪1‬‬
‫شخصه‪"...‬‬

‫وبالت الي لف ظ الشخص ية عن د "ابن منظ ور" مقتص ر على ال ذات اإلنس انية‪ ،‬وعلى ك ل م ا ه و‬
‫حسي ظاهري‪.‬‬

‫"تشتق كلمة الشخصية في صيغتها األجنبية من الكلمة الالتينية ‪ Persone‬وتعني القناع أو‬
‫الوج ه المس تعار ال ذي يض عه الممث ل على وجه ه‪ ،‬وذل ك بغ رض تش خيص دور الش خص ال ذي يق وم‬
‫ب دوره من أدوار الشخص ية‪ ،‬وإ خف اء الواق ع والحقيق ة‪ ،‬وأم ا في ص ياغتها العربي ة تش تق من الفع ل‬
‫"ش خص" ش خوص أي‪ :‬ارتف ع س واء اإلنس ان‪ ،‬أو غ يره من الخص ائص الفردي ة أو الذاتي ة ل ه‪ ،‬وه ذا‬
‫‪2‬‬
‫التعبير عن الشخص ومزاجه"‪.‬‬

‫‪ )( 1‬أبو الفضل جمال الدين ابن منظور‪ :‬لسان العرب مادة "ش خ ص"‪ ،‬ص‪.36‬‬
‫‪ )(2‬حس ين عب د الحمي د أحم د رش وان‪ :‬الشخص ية دراس ة في علم االجتم اع النفس ي‪ ،‬مرك ز اإلس كندرية للكت اب‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪ ،2006‬ص‪.25‬‬
‫‪63‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫من خالل ه ذه التع ارف نس تنتج أن الشخص ية له ا ع دة مع اني إال أن المع نى الغ الب يطل ق‬
‫على ال ذات اإلنس انية ألنن ا ال يمكن أن نق ول لغ ير اإلنس ان ش خص‪ ،‬وتتعل ق بمختل ف الص فات‬
‫السيكولوجية والخارجية واالجتماعية لإلنسان‪.‬‬

‫ب‪ -‬اصطالحا‪:‬‬
‫تعددت التعاريف لمصطلح الشخصية واختلف كل باحث في رؤيته ومن بين هذه التعريفات نجد‪:‬‬

‫تعريـف "تـودوروف"‪" :‬قض ية لس انية‪ ،‬فالشخص يات ال وج ود له ا خ ارج الكلم ات‪ ،‬وهي ليس ت س وى‬
‫كائنات من ورق"‪ ،‬ومع ذلك فإن رفض وجود أي عالقة بين الشخصيات والشخص يصبح أمرا ال‬
‫‪1‬‬
‫معنى له‪ ،‬وذلك أن الشخصيات تمثل األشخاص فعال ولكن وفق صياغات خاصة بالتخيل"‪.‬‬

‫رب ط "ت ودوروف"‪ T.Todorov‬الشخص ية باللس انيات‪ ،‬فهي ال تخ رج عن الكلم ات‪ ،‬تتجس د‬
‫وتتشكل جماليا على الورق بمعنى داخل النص الروائي‪ ،‬فتفقد حضورها البشري الحي لتتحول إلى‬
‫كائن ورقي‪.‬‬

‫أم ا "فيليب ه امون" ‪ Ph.Hamon‬فيعرفه ا على أنه ا "وح دة داللي ة قابل ة للوص ف والتحلي ل‪،‬‬
‫وال تول د إال من خالل م ا تقول ه أو م ا تفعل ه أو م ا يق ال عنه ا في النص‪ ،‬إن الشخص ية بوص فها‬
‫سيميولوجيا يمكن أن تتحدد كنوع من "المورفيم" متفصل بشكل مضاعف‪ ،‬مورفيم غير ثابت يتجلى‬
‫‪2‬‬
‫من خالل دال متقطع "مجموع عالمات" يحيل على مدلول متقطع معنى أو قيمة الشخصية‪."....‬‬

‫يسأل "هامون" عن الشخصية من خالل ما تقول وتفعل ويقال عنها‪ ،‬فهي عالمة داللية قابلة‬
‫للوصف والتحليل وبالتالي فهو ينظر إليها من منظور لساني "سيميائي"‪.‬‬

‫تعريف الشخصية في المسرح تختلف عن الرواية فيعرفها "حمادة"‪" :‬الواحد من الناس الذين‬
‫يؤدون األحداث الدرامية في المسرحية المكتوبة‪ ،‬أو على المسرح في صورة الممثلين"‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ )(1‬باي ة غيبوب ة‪ :‬الشخص ية األنثربولودي ة العجائبي ة في رواي ة "مئ ة ع ام من الفول ة" لغ ابر يي ل وغارس يا مرك يز‪،‬‬
‫أنماطها‪ ،‬مواصفاتها‪ ،‬دار األمل للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دط‪ ،2012 ،‬ص‪.53‬‬
‫‪ )(2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.53‬‬
‫‪ )( 3‬يحي البشتاوي‪ :‬بناء الشخصية في العرض المسرحي المعاصر‪ ،‬دار الكندي‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،2004 ،1‬ص‪.15‬‬
‫‪64‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫وتعرفه ا أيض ا الباحث ة "البي اتي" على أنه ا " ذل ك االنتق اء في قيم التنظيم الحي وي للشخص ية‬
‫اإلنسانية الذي يستخدمه الفنان المسرحي لتقديم أفكار مجردة أو صور ذهنية أو آراء معينة متوخيا‬
‫وضعها في قالب جمالي مليء بالتشويق وميسور الفهم من قبل المتفرج‪ ،‬حيث يستعار لهذا التنظيم‬
‫جس م الممث ل وأدوات ه لتحويل ه من تنظيم (انتق ائي‪-‬متص ور) إلى تنظيم فعلي عي اني في الع رض‬
‫‪1‬‬
‫المسرحي"‪.‬‬

‫ال وجود لحياة فنية مسرحية إذ لم تتفاعل الشخصيات داخل العمل‪ ،‬فهذا التفاعل هو الذي‬
‫يولد بنية المسرحية‪ ،‬ويساهم في نمو األحداث‪.‬‬

‫‪ -2‬أبعاد الشخصية‪:‬‬
‫عند تحليل الشخصية في النصوص األدبية يجب التعامل معها ومعالجتها على حسب األبعاد‬
‫التالية (البعد السيكولوجي‪ ،‬البعد الخارجي‪ ،‬البعد االجتماعي)‪:‬‬

‫البعــد الســيكولوجي‪" :‬أو البع د النفس ي للشخص ية‪ ،‬ويتعل ق بكينونته ا الداخلي ة (األفك ار‪ ،‬المش اعر‪،‬‬
‫االنفع االت‪ ...‬ح زين‪ ،‬ف رح‪ ،‬غض بان‪ ،‬عب وس‪ ،‬مبتس م‪ ،‬ه ادئ‪ ،‬ش رير‪ ،‬طيب‪ ،‬بخي ل‪ ،‬ك ريم‪ ،‬جب ان‪،‬‬
‫شجاع)‪.‬‬

‫البعد الخارجي‪ :‬أو البعد الجسمي‪ ،‬ويتعلق بالمظاهر الخارجية للشخصية (طول‪ ،‬قصر الجسم‪ ،‬جمال‬
‫الوجه‪ ،‬قبحه‪ ،‬لون البشرة‪ ،‬شكل الجسم‪ ،‬الرائحة‪ ،‬شاب‪ ،‬عجوز‪ ،‬قذر‪ ،‬مرتب‪.)...‬‬

‫البعــد االجتمــاعي‪ :‬ويتعل ق بوض ع الشخص ية وحالته ا االجتماعي ة وعالقته ا م ع اآلخ رين (م تزوج‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫أعزب‪ ،‬مطلق‪ ،‬أرمل‪ ،‬فقير‪ ،‬غني‪ ،‬جاهل‪ ،‬متعلم‪ ،‬أعجمي‪ ،‬عربي‪ ،‬رأسمالي‪ ،‬أصولي‪.")...‬‬

‫من خالل ه ذه األبع اد والص فات المم يزة للشخص ية الداخلي ة – الخارجي ة يمكنن ا التعام ل م ع‬
‫الشخصية ومعرفتها‪ ،‬وذلك من ناحية الوظائف واألفعال والتصرفات التي تقوم بها‪ ،‬وهكذا يتم فهم‬
‫الشخصية وما يوجد داخل كينونتها‪.‬‬

‫‪ )(1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.15‬‬


‫‪ )(2‬ينظر‪ /‬محمد بوعزة‪ ،‬تحليل النص السردي تقنيات ومفاهيم‪ ،‬الدار العربية للعلوم‪ ،‬ناشرون‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ ،2010‬ص‪.40-39‬‬
‫‪65‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫شخصــية رئيســية‪ :‬وق د وظ ف الك اتب "ص الح لمباركي ة" في مس رحيته مجموع ة من الشخص يات‬
‫واخترنا الرئيسية منها‪:‬‬

‫‪ -1‬الــراوي‪ :‬يمث ل نخب ة المثقفين والمفك رين‪ ،‬وه و رج ل كب ير تب دو من خالل مالمح ه أن ه مثق ف‬
‫وه ادئ ولب ق يتعام ل م ع الن اس بلطاف ة‪ ،‬وتفهم وفطن ة‪ ،‬باإلض افة إلى أن ه ش خص ص بور وكث ير‬
‫الحرك ة والتكلم‪ ،‬وع الم ب أمور البالد والعب اد‪" ،‬فهــذا االجتمــاع مثــل االجتماعــات األخــرى‪ ،‬لقــاء بين‬
‫‪1‬‬
‫األحبة واألصدقاء وحفالت شاي وقهقهات"‪.‬‬

‫يحمل آمال وأحالم يتمنى أن تتحقق في قريب اآلجال‪ ،‬وأن يصل إلى مبتغاه‪" ،‬ونحن ننتظر‪،‬‬
‫ننتظــر رغم أن النتيجــة على اللـوح بحــروف واضــحة‪ ،‬وآمالنــا في كــل مــرة تتجــدد‪ ،‬ونحلم وننتظــر‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫إننا نريد أن نحقق أغراضا أبعد ما تكون من هذه النتائج البسيطة"‪.‬‬

‫يتعامل مع من هم أكبر وأعلى منه شأنا ومكانة باحترام ويتحاور معهم بأسلوب لبق ولين‪،‬‬
‫غير متعصب ومثال ذلك تحاوره مع الس فير‪" :‬تفضل‪ ،‬تفضل‪ ،‬كيف كـانت رحلتـك؟"‪" 3‬من فضـلك هـل‬
‫‪4‬‬
‫يوجد شيء آخر"‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وتحاوره مع الثائر ""يالطفه" هدئ من روعك‪ ...‬ما هو مقصدك"‪.‬‬

‫كما أنه يدعو إلى الحرية والمساواة والعدل والبحث عن حلول لتغيير الواقع ورفض الظلم‬
‫واالس تبداد والتس لط‪ ،‬مع برا عن أفك اره ومبادئ ه بطريقة حض ارية‪ ،‬وهذه األفكار من أجل اس ترجاع‬
‫الكرامة والدفاع عن الوطن‪.‬‬

‫‪ )(1‬صالح لمباركية‪ ،‬مسرحية الشروق‪ ،‬ص‪.05‬‬


‫‪ )(2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪05‬‬
‫‪ )(3‬المصدر نفسه ‪،‬ص‪.06‬‬
‫‪ )(4‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.07‬‬
‫‪ )(5‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪66‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫‪ -2‬الســــــــــــــــــفير‪ :‬شخص ية رئيس ية وفعال ة في المس رحية‪ ،‬ذو مكان ة عالي ة ومرموق ة في المجتم ع‪،‬‬
‫متكف ل بش ؤون البالد والش عب "لغتكم أصــبحت رســمية في المحافــل الدوليــة"‪ 1‬ل ه مالمح رج ل ق وي‬
‫البنية ومتعصب "تعال هنا غادر هذا المكان حاال وإ ال"‪ 2،‬وهو من بين المشاركين في دراسة أوضاع‬
‫البالد والمتكف ل بالش ؤون الخارجي ة والداخلي ة‪ ،‬كث ير الكالم‪ ،‬يس عى من أج ل مص الحه الخاص ة على‬
‫حس اب المص الح العام ة‪ ،‬وي رى أن الق وة واس تعمال الس الح الس بيل األنج ع للس يطرة على األوض اع‬
‫وإ خماد الثورات‪ ،‬محب للتسلط‪ ،‬حاقد على الثائر‪ ،‬وسريع الغضب وفي نهاية المسرحية يسقط ملقيا‬
‫على األرض فاقدا للوعي مرددا للشعب العربي "انتصرتم انتصرتم"‪ 3،‬وهكذا كان جزاؤه‪.‬‬

‫‪ -3‬المقرر‪ :‬شخص ية رئيس ية في المس رحية‪ ،‬كث يرة الحرك ة‪ ،‬إذ نج دها تتح رك في المس رحية كث يرا‬
‫وتتفاع ل‪ ،‬وك ان من المش اركين في االجتم اع وه و من يس جل في الجلس ات‪ ،‬وه و ش خص متعلم‬
‫ومثقف‪ ،‬ويتالعب بالكلمات اإلقناعية التي تسحر العقول واأللباب‪ ،‬خطيب متمكن‪ ،‬وفصيح اللسان‪،‬‬
‫وه و من ألقى عليهم النت ائج ال تي أقره ا االجتم اع بأس لوب منم ق إيح ائي ومغ ري "نتيجــة الخالفــات‬
‫وتوتر األعصاب‪ ،‬ونتيجة تلك الرياح العاتيـة واألمـواج الصـاخبة رأت اللجنـة اإلداريـة إصـدار قـرار‬
‫‪4‬‬
‫يقضي بإيقاف االجتماع نهائيا‪."...‬‬

‫باإلض افة إلى أن ه خ ائف وض عيف "مــاذا يريــد أن يفعــل إنــه يخيفــني"‪ 5،‬وق وي اإليم ان "اهلل‬
‫أكبـــــــــر إنا هلل وإ نا إليه راجعون"‪ 6،‬وفي نهاية الفصل الثاني يتخلى عن أوراقه وتقاريره ويستبدلها‬
‫بالخناجر والقنابل‪ ،‬وهي الحل األنجع الستعادة فلسطين من الصهاينة‪.‬‬

‫‪ -4‬الثائــــــــــــــــــــر‪ :‬شخصية الثائر في المسرحية هي شخصية فعالة ورئيسية‪ ،‬إذ نجد أحداث النص‬
‫ت دور حول ه في الفص ل األول‪ ،‬وه و متعص ب‪ ،‬وث ائر وش جاع‪ ،‬ال يخ اف وال يه اب‪ ،‬متأم ل غ ير‬

‫‪ )(1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.06‬‬


‫‪ )(2‬صالح لمباركية‪ :‬مسرحية الشروق‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪ )(3‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.65‬‬
‫‪ )(4‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫‪ )(5‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪ )(6‬المصدر نفسه ص‪.63‬‬
‫‪67‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫صبور "أرجع أوراقك إلى مكانها"‪ 1،‬غاض ب من المس ؤولين ويري د تغي ير الواق ع المع اش‪ ،‬داعي ا إلى‬
‫الح رب والث ورة "لمــاذا تجمــدتم في أمكنتكم قومــوا هيــا بنــا"‪ 2،‬ي رفض الجل وس واالنتظ ار والتق ارير‬
‫البس يطة المعت ادة "قلت‪ ...‬إلى حيث ال أنتظــــــر‪ ،‬إني مللت االنتظــــــار مللت الجلــــــوس أطــــــرافي‬
‫ســكنت‪ 3،".....‬مؤمن ا بقض يته‪ ،‬ويطم ع أن تش رق الش مس قريب ا ويتح رروا‪ ،‬يفض ل المقاوم ة ح تى‬
‫الم وت بخنج ره "لن أعــود ســأقاوم حــتى المــوت"‪ 4،‬كم ا ي دعو إلى النظ ر في قض يته بجدي ة وح زم‬
‫واتخاذ القرار الحاسم‪ ،‬والحرب هي بمثابة النعيم والبهجة والحياة‪.‬‬

‫باإلضافة إلى أنه فصيح اللسان ومثقف "ابدأ من مهبط آدم وحواء‪ ،‬ومقتــل قابيــل وهابيــل‪...‬‬
‫‪5‬‬
‫أرولنا رحلة نوح عليه السالم‪."...‬‬
‫‪ -2‬سيميولوجيا الحوار في المسرحية‪:‬‬
‫‪ -1‬تعريف الحوار‪:‬‬

‫يعد الحوار من أهم الدعائم األساسية التي ال بد من وجودها في األعمال األدبية وهو عنصر‬
‫مالزم للشخص ية‪ ،‬وش كل من أش كال التواص ل وتب ادل الكالم بين هات ه الشخص يات ب ه تتح اور‬
‫وتتص ارع وتتب ادل المع ارف والمعلوم ات‪ ،‬وق د ك ان ل ه ارتباط ا وثيق ا ب الفنون األدبي ة خاص ة‬
‫المسرحية‪ ،‬فشكلها وهيكلها يقوم عليه ‪-‬الحوار‪ -‬ولبها الصراع‪.‬‬

‫كما أن الحوار شكل من أشكال الخطاب في المسرح ومظهره الخارجي‪ ،‬وله عدة وظائف‬
‫في المسرحية‪ ،‬إذ يساهم في الكشف عن األحداث الجارية والمقبلة والماضية ويطورها‪ ،‬ويكشف عن‬
‫ص فات الشخص ية وم ا يوج د داخله ا وخارجه ا‪ ،‬ويص ف لن ا من اظر المس رحية بن وع من التش ويق‬
‫والوضوح‪.....‬‬

‫‪ )(1‬المصدر نفسه ص‪.15‬‬


‫‪ )(2‬المصدر نفسه ص‪.15‬‬
‫() المصدر السابق‪ ،‬ص‪.17‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ )(4‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.20‬‬


‫‪ )(5‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.34‬‬
‫‪68‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫أ‪ -‬لغة‪:‬‬
‫ورد الحوار في لسان العرب في مادة (ح‪،‬و‪،‬ر) أن الَح ْو َر ‪ ":‬الرجوع من الشيء إلى الشيء"‬
‫والَم َح اُر ‪ :‬المرج ع والَم َح اَر ة‪ :‬هي المك ان ال ذي يح ور أو يح ار في ه‪ ،‬وأح ار علي ه جواب ا‪:‬‬
‫رده ‪،‬والمح اَو َر ُة‪ :‬المجاوب ة‪ ،‬والتح اُو ُر ‪ :‬التج اوب‪ ،‬والَم ح اَو َر ُة‪ :‬مراجع ة المنط ق والكالم في‬
‫‪1‬‬
‫المخاطبة‪ ،....‬واستحار الدار‪ :‬واستنطقها‪"....‬‬

‫وفي معجم العين‪ :‬ورد الح وار تحت م ادة (ح‪،‬و‪،‬ر) يق ول‪ ":‬الح ْو َر ‪ :‬الرج وع إلى الش يء‬
‫وعن ه‪ ....‬والمح اورة‪ :‬مراجع ة الكالم‪ ،‬والمح َو َر ة من المح اورة كالمش ورة من المش اورة‪ ،‬وفي‬
‫الحديث "نعود باهلل من الحور بعد الك ْو ِر ‪ :‬أي النقصان بعد الزيادة‪ ،‬ويقال الَح ْو ُر ما تحت الَك ْو ِر من‬
‫‪2‬‬
‫العامة‪ ،‬والحور‪ :‬خشبة يقال لها البيضاء‪"....‬‬

‫من خالل التعريف ات اللغوي ة الموج ودة في المع اجم يت بين لن ا أن الح وار ه و الرج وع من‬
‫الشيء وإ ليه وعنه‪ ،‬وأنه من المحاورة والمشاورة والجواب والرد‪.‬‬

‫ب‪ -‬اصطالحا‪:‬‬
‫والحوار في أبسط تعريفاته‪:‬‬

‫‪ -1‬في المعجم المسرحي‪ :‬في مادة حوا‪ ":‬الحوار هو شكل من أشكال التواصل يتم فيه تبــادل الكالم‬
‫‪3‬‬
‫بين طرفين أو أكثر"‪.‬‬

‫يدور الحوار بين شخصين أو أكثر حول موضوع ما‪ ،‬ويكشف كل طرف عن موقفه ازاء‬
‫هذا الموضوع المناقش‪ ،‬قد يكون طويال أو قصيرا‪ ،‬كما يكشف هذا الحوار عن خبايا النفس‪.‬‬

‫‪ )(1‬أب و الفضل جم ال الدين محمد بن مك رم ابن منظور‪ :‬لسان الع رب‪ ،‬م ادة (ح‪ ،‬و‪،‬ر)‪ ،‬دار صادر‪ ،‬ط‪ ،3‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،2004 ،‬ص‪.265-264‬‬
‫‪ )(2‬الخلي ل بن أحم د الفراهي دي‪ :‬كت اب العين‪ ،‬م ادة (ح‪،‬و‪،‬ر)‪ ،‬دار الكتب العلمي ة‪ ،‬ط ‪ ،1‬ب يروت‪ ،‬لبن ان‪ ،2003 ،‬ص‬
‫‪.371 -370‬‬
‫‪ )( 3‬حنان قصاب وماري إلياس‪ :‬المعجم المسرحي‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬ناشرون‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،1997 ،‬ص‪.175‬‬
‫‪69‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫" الحوار ظاهرة أدبية تشمل كل نواحي الحياة المختلفة ألنه يمثل الحديث والكالم الدائر بين‬
‫الن اس‪ ،‬وه و اش تراك ط رفين أو أك ثر في اإلحس اس بموق ف معين يش ارك في ه الملقي والمتلقي في‬
‫‪1‬‬
‫إبداء رأي معين أو طرح فكرة غالبا ما تكون فيها اآلراء متضاربة"‪.‬‬

‫يحت ل الح وار ح يزا هام ا في األعم ال األدبي ة النثري ة‪ ،‬ويس تعمله الك اتب لتنمي ة األح داث‬
‫والكشف عن حالة الشخصية النفسية والفكرية واالجتماعية‪....‬‬

‫كم ا يتم يز بالحيوي ة ودق ة العب ارات يج ري في المس رحيات والقص ص والنص وص النثري ة‬
‫بأكملها وتظهر أهمية الحوار في قول " جبرا ابراهيم جبرا"‪ " :‬تكمن في جعل الحدث مرئيا أمامنا‬
‫‪2‬‬
‫يقع بتفاصيله‪ ،‬ويرسم صورة واضحة لمستويات الشخصية وطرائق تفكيرها"‪.‬‬

‫الحوار كالم الشخصيات فبواسطته تتفاعل وتتواصل فيما بينها‪ ،‬لهذا اعتبرت المسرحية فن‬
‫الحوار ألنه أساس بنائها وبه يتمكن الكاتب من الوصول إلى الغرض المراد توصيله‪.‬‬

‫‪-2‬أنواع الحوار‪ :‬ينقسم إلى عدة أنواع وهي‪:‬‬

‫‪Dialogue‬‬ ‫‪ -2-1‬الحوار الخارجي‬


‫"ه و ح وار تتن اوب في ه شخص يتان أو أك ثر‪ ،‬يك ون الح ديث في إط ار المش هد داخ ل العم ل‬
‫القصص ي بطريق ة مباش رة‪ ،‬ويعتم د الح وار المباش ر على المش هد ال ذي يت ولى ب دوره إظه ار أق وال‬
‫‪3‬‬
‫الشخصية"‪.‬‬

‫يك ون الح وار الخ ارجي بين شخص يتين أو اك ثر حيث توج ه الشخص ية الكالم إلى شخص ية‬
‫أخ رى بطريق ة مباش رة‪ ،‬فينص تون لبعض هم البعض ويتب ادلون اآلراء ويتح اورون في إط ار مش هدي‬

‫‪ )(1‬ليلى محم د ن اظم الحي الي‪ ،‬جمه رة الن ثر النس وي في العص ر اإلس المي واألم وي‪ ،‬مكتب ة لبن ان‪ ،‬ناش رون‪ ،‬ط‬
‫‪1‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،2009 ،‬ص‪.42‬‬
‫‪ )(2‬صبيحة عودة زعرب‪ ،‬غسان كنفاني‪ :‬جماليات السرد في الخطاب الروائي‪ ،‬دار مجدالوي للنشر والتوزيع ط‪،1‬‬
‫عمان‪ -‬األردن‪ ،2006 ،‬ص‪.176‬‬
‫‪ )(3‬هي ام ش عبان‪ :‬الس رد ال روائي في أعم ال اب راهيم نص ر اهلل‪ ،‬دار الكن دي للنش ر والتوزي ع‪ ،‬دط‪ ،‬إرب د‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪ ،2004‬ص‪.214‬‬
‫‪70‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫واح د وه ذا األخ ذ وال رد يكش ف عن أفك ار الشخص ية ومس توياتها الثقافي ة واالجتماعي ة‪ ...‬ومواقفه ا‬
‫بصدق تام لتكون أكثر واقعية وتأثيرا في المتلقي‪.‬‬

‫الداخلي‪Le monologue:‬‬ ‫‪ -2-2‬الحوار‬


‫الحوار الداخلي أو الباطني هو أداة أساسية لرصد ما يختلج الشخصية من أفكار وأحاسيس‬
‫ومشاعر‪ ،‬كما أنه نمط تواصلي ال يستدعي حضور اآلخر ويكون من جهة واحدة‪ .‬تكمن أهميته في‬
‫تس ليط الض وء على ج وانب نجهله ا في الشخص ية‪ ،‬باإلض افة إلى المواق ف الذاتي ة المكبوت ة "ح وار‬
‫ط رف واح د أو ح وار بين النفس وذاته ا‪ ،‬تت داخل في ه ك ل التناقض ات‪ ،‬وتنع دم في ه اللحظ ة اآلتي ة‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ويبهت المكان‪ ،‬وتغيب كل األشياء إلى حين"‪.‬‬

‫يك ون ه ذا الح وار ب اطن الشخص ية‪ ،‬وه و عب ارة عن ح ديث ف ردي بين الشخص ية وذاته ا‬
‫ليتمكن المتلقي من خالل ه الول وج إلى أعم اق الشخص ية ويكتش ف حاالته ا الداخلي ة والخارجي ة وله ذا‬
‫الح وار مونولوج ات عدي دة ن ذكر منه ا‪ :‬مونولـ ــوج مباشـ ــر‪ ،‬غـ ــير مباشـ ــر‪ ،‬المناجـ ــاة‪ ،‬الحـ ــوار‬
‫الدرامي‪.....‬‬

‫نوع الكاتب بين الحوار الداخلي والخارجي في نصه وهذا ما نجده جليا في‪:‬‬

‫استخدم الكاتب في مسرحية "الشروق" حوارا مباشرا وقد نوع بين الداخلي والخارجي‪ ،‬كان‬
‫هذا الحوار بين شخصيات النص المسرحي ساهم في تحقيق التواصل بينهما‪ ،‬وعرض لنا الحوادث‬
‫في المسرحية‪ ،‬حيث عبر به الكاتب عن فكرته‪ ،‬وعن شخصياته‪ ،‬وعن الصراع القائم في مسرحيته‪.‬‬

‫مقاطع من الحوار‪:‬‬

‫الــراوي‪( ":‬مح دثا نفس ه) يب دو أن ع ددنا ق د زاد (يخ اطب الجمه ور)‪......‬أظن أنكم واقف ون‪ ...‬آه‬
‫‪2‬‬
‫جالسون‪ ....‬طابت جلستكم‪ ....‬استريحوا‪ ....‬كي ال تتعبوا مدوا أقدامكم‪."....‬‬

‫‪ )( 1‬صبحية عودة زغرب‪ ،‬عنان كنفاني‪ :‬جماليات السرد في الخطاب الروائي‪ ،‬دار مجدالوي للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫عمان‪ ،‬األردن‪ ،2006 ،‬ص‪.173‬‬
‫‪ )(2‬صالح لمباركية‪ :‬مسرحية الشروق‪ ،‬ص‪.04‬‬
‫‪71‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫‪1‬‬
‫السفير‪ ":‬كعادتكم تنتظرون (إلى الراوي) أليس لكم ما يشغلكم غير هذا االنتظار؟"‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الراوي‪ ":‬من فضلك‪ ..........‬هل يوجد شيء آخر؟"‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫السفير‪ ":‬نعم‪...‬نعم‪ ....‬صفقة من العتاد الفالحي‪ ،‬لقد حاولت أن أقدم لكم السالح‪"....‬‬

‫‪4‬‬
‫المقرر‪ ":‬سيدي السفير؟ أأنت هنا؟"‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫السفير‪ ":‬كيف حال الجماعة؟"‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫المقرر‪" :‬بخير‪ ...‬اخيرا أنهينا االجتماع‪ ،‬كم تمنيت حضورك إلنهاء الخالفات"‪.‬‬

‫الثائر‪ ":‬ال‪...‬ال ما جئت طلبا وال مستنجدا‪ ،‬أنتم الذين وقفتم في طريقي"‪.‬‬

‫اعتمد الكاتب عبارات قوية المعني ودقيقة س هلة‪ ،‬ليتمكن المتلقي من فهم أحداث المسرحية‬
‫وفحواه ا‪ ،‬ويتمكن أيض ا من تحلي ل الشخص يات‪ ،‬ومعرف ة أبعاده ا المادي ة واالجتماعي ة‪ ،‬النفس ية‬
‫والجسمية‪ ،‬والدور الذي تلعبه في المسرحية رئيسيا كان أم ثانويا‪.‬‬

‫وبم ا أن الك اتب يتح دث عن قض ية قومي ة واقعي ة وهي القض ية الفلس طينية فق د اس تعمل لغ ة‬
‫بسيطة في متناول الجميع بعيدا عن الخيال والتنمق‪ ،‬باإلضافة إلى الحوار الخطابي الذي لم يطل في ه‬
‫كث يرا لكي ال يش عر بالمل ل كم ا أن الح وار كعالم ة مس رحية امت از بفص احته وقص ره‪ ،‬بع ده عن‬
‫الغموض وااللتباس وكان مناسبا للشخصيات وخادما للموضوع‪ ،‬فقد كشف لنا عن أحداث المس رحية‬
‫وعن م ا يختلج في وج دانيات شخص يات المس رحية‪ ،‬وم ا يميزه ا عن بعض ها البعض مادي ا وثقافي ا‬
‫واجتماعي ا ودلي ل ذل ك بالنس بة للشخص ية ال تي اس تهل به ا الك اتب نص ه‪ :‬وهي "الــراوي" فمن خالل‬

‫‪ )(1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.06‬‬


‫‪ )(2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.07‬‬
‫‪ )(3‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪ )(4‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪ )(5‬صالح لمباركية‪ ،‬مسرحية الشروق‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪ )(6‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪72‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫خطابه مع الجمهور تبين لنا ما يميز هذه الشخصية‪ :‬مثقفة وهادئة‪ ،‬ولبقة‪ ،‬صبورة‪ ،‬حالمة‪ ،‬متفائلة‪،‬‬
‫حسنة السلوك والتعامل‪ ،‬ظريفة‪....‬‬

‫‪1‬‬
‫الراوي‪ ":‬طابت جلستكم‪ ....‬استريحوا‪ ...‬استريحوا"‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الراوي‪ ":‬االنتظار أصبح شيئا مألوفا لدينا‪."...‬‬

‫‪3‬‬
‫الراوي‪ ":‬إنه شروق يوم جديد"‪.‬‬

‫وكذلك بالنسبة لشخصية الثائر فقد كانت مخالفة للشخصيات األخرى حيث تميزت بالغضب‪،‬‬
‫والك ره‪ ،‬وع دم الص بر‪ ،‬والتعص ب‪ ...‬والرغب ة في التح رر ول و ب العنف والس الح‪ ...‬وع دم الخ وف‪،‬‬
‫والشجاعة‪ ...‬ودليل ذلك‪:‬‬

‫الث ائر‪ ":‬ال‪(....‬ص وت من الص الة ألح د المتف رجين) ال‪(....‬يق ف) ال‪.......‬أرج ع أوراق ك إلى‬
‫‪4‬‬
‫مكانها"‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫أحد الجالسين بقربه‪( ":‬ممسكا به) ما بك اجلس"‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫الثائر‪ ":‬دعني (ينفلت منه‪ ،‬ويخرج من الصف متجها نحو المنصة)"‪.‬‬

‫من خالل هذا الحوار تبينت لنا مالمح شخصية الثائر الطامع في الحرية والرافض لالستبداد‬
‫والظلم والمؤمن بالقضية الفلسطينية والداعي إلى تحريرها‪.‬‬

‫‪ -‬كما نالحظ أن الحوار يركز على الشخصية وذلك من خالل الكشف عن حالتها النفسية المتخلفة‪،‬‬
‫وعن أبعاده ا الخارجي ة واالجتماعي ة والس يكولوجية‪ ..‬كم ا أن ه يس اهم في ص نع األح داث وتطوره ا‪،‬‬

‫‪ )(1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.04‬‬


‫‪ )(2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.04‬‬
‫‪ )(3‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.05‬‬
‫‪ )(4‬صالح لمباركية‪ :‬مسرحية الشروق‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪ )(5‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪ )(6‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪73‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫ويخفف من رتابة السرد الطويل والملل‪ ،‬ويبعث الحركة والحيوية في النص المسرحي وبالتالي هو‬
‫من أهم عناصر المسرحية وبدونه ال يمكن أن يقوم بناءها‪.‬‬

‫‪ -3‬سيميولوجية المكان في المسرحية‪:‬‬

‫‪ -3-1‬تعريف المكان‪:‬‬
‫يعت بر المك ان من العناص ر المهم ة في النص وص األدبي ة‪ ،‬وق د لعب دورا أساس يا في الفك ر‬
‫اإلنس اني في الق ديم والح ديث‪ ،‬وفي ه تج ري األح داث وتتح رك داخل ه الشخص يات‪ ،‬وعن د تواج ده في‬
‫األعم ال الفني ة ليس مج رد بقع ة جغرافي ة‪ ،‬ب ل ل ه أبع اد نفس ية وروحي ة‪ ،‬بحيث أن ك ل ح دث يأخ ذ‬
‫وجوده في مكان محدد وزمان معين‪.‬‬

‫أ‪ -‬لـــــغة‪:‬‬
‫ورد مصطلح المكان في العديد من المعاجم اللغوية منها "لسان العرب" وهو بمعنى "المكان‬
‫الموضع‪ ،‬والجمع أمكنة كقذال وأقذلة‪ ،‬وأماكن جمع الجمع‪ ،‬قال ثعلب‪ :‬يبطل أن يكون مكان فعاال‬
‫‪1‬‬
‫ألن العرب تقول‪ُ :‬ك ْن َم َك اَنَك واْقُعْد َم ْقَع َد َك ‪ ،‬فقد دل هذا على أنه مصدر من كان أو موضع منه"‪.‬‬

‫"ابن منظور" يرى أن المكان يقصد به الموضع‪ ،‬وهو من مادة "َم َك َن "‪ ،‬ومصدر "كان"‪.‬‬

‫كما جاء في "قاموس محيط المحيط"‪" :‬المكان الموضع أو هو مفعل من الكون جمع أمكنة‬
‫أم اكن وأمكن قليال‪ ،‬ويق ال هن ا مك ان ه ذا‪ ،‬أي بدل ه‪ ،‬وك ان من العلم والعق ل بمك ان أي رتب ة ومنزل ة‬
‫‪2‬‬
‫المكانة"‪.‬‬

‫وللمكان ظهور في العديد من اآليات القرآنية‪:‬‬

‫ْرَش ِق ًّيا" (س ورة م ريم اآلي ة ‪)16‬بمع نى‬ ‫ق ال تع الى‪َ :‬و اْذ ُكْر يِف اْلِكَتاِب َم ْر َمَي ِذ اْنَتَبَذ ْت ِم ْن َأْه ِلَه ا َم اَك اًن‬
‫ِإ‬
‫الموضع أو المحل‬

‫‪ )(1‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ص‪.4251-4250‬‬


‫‪ )(2‬بطرس البستاني‪ :‬محيط المحيط‪ ،‬قاموس مطول للغة العربية‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬ساحة رياض الصلح‪ ،‬بيروت‪ ،‬دط‪،‬‬
‫‪ ،1991‬ص‪.109‬‬
‫‪74‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫وقال أيضا‪:‬ا﴿ َح ىَّت َذ ا َر َأْو ا َم ا ُيوَعُد وَن َّم ا اْلَع َذ اَب َو َّم ا الَّس اَعَة َفَس َيْع َلُم وَن َمْن ُه َو ٌّرَش َم اَك اًن َو َأْض َع ُف‬
‫ِإ‬ ‫ِإ‬ ‫ِإ‬
‫ُج ْنًد ا﴾ (سورة مريم اآلية ‪)75‬وردت بمعنى المنزلة‪.‬‬

‫ب‪ -‬اصطالحـــــــــا‬
‫اختل ف النق اد والب احثون في تحدي د مفه وم دقي ق للمك ان‪ ،‬فق ال عن ه "عب د المال ك مرت اض"‪" :‬‬
‫المكان لدينا هو كل ما عنى حيزا جغرافيا حقيقيا‪ ،‬من حيث نطاق الحيز في حد ذاته على كل فضاء‬
‫خ رافي أو أس طوري‪ ،‬أو ك ل م ا ين د عن المك ان المحس وس ك الخطوط‪ ،‬واألبع اد واألحج ام واألثق ال‬
‫‪1‬‬
‫واألشياء المجسمة مثل األشجار واألنهار"‪.‬‬

‫المكان عنصر مهم في النص النثري‪ ،‬وتدور في إطار األحداث وترسم مالمح الشخصيات‪،‬‬
‫وبالتالي ال توجه أحداث خارج المكون السردي ألنه بمثابة العمود الفقري الذي يربط أجزاء النص‪.‬‬

‫ويعرفه "حسن بحراوي"‪" :‬الوضع المكاني في الرواية يمكنه أن يصبح محددا أساسيا للمادة‬
‫الحكائي ة‪ ،‬ويتالح ق األح داث والح وافز‪ ،‬أي أن ه س يتحول في النهاي ة إلى مك ون روائي ج وهري‬
‫‪2‬‬
‫ويحدث قطيعة في مفهومه كديكور"‪.‬‬

‫يس اهم المك ان في تولي د مع نى النص ال روائي‪ ،‬فه و يتج اوز دوره ك ديكور لي دل على قض ايا‬
‫إنس انية فكري ة ك انت أو نفس ية واجتماعي ة‪ ...‬وذل ك بفع ل الحرك ة الموج ودة في داخ ل النص‪،‬‬
‫والشخصية التي تسكن فيه وكذلك الزمن الذي يمر به‪.‬‬

‫أما "يوري لوتمان"‪ Y.Lotman‬فيرى أن المكان "حقيقة معيشة يؤثر في البشر بنفس القدر‬
‫ال ذي ي ؤثرون في ه‪ ،‬فال يوج د مك ان ف ارغ أو س لبي‪ ،‬ويحم ل المك ان في طيات ه قيم ا تنتج من التنظيم‬
‫المعم اري كم ا تنتج قيم ا من التوظي ف االجتم اعي‪ ،‬إذ يع رض ك ل مك ان س لوكا خاص ا على الن اس‬
‫‪3‬‬
‫الذين يلجؤون إليه"‪.‬‬

‫‪ )(1‬عب د المال ك مرت اض‪ :‬تحلي ل الخط اب الس ردي‪ ،‬معالج ة تفكيكي ة س يميائية مركب ة لرواي ة زق اق الم دق‪ ،‬دي وان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬بن عكنون‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪ ،1995 ،1‬ص‪.245‬‬
‫‪ )(2‬حسين بحراوي‪ :‬بنية الشكل الروائي (الفضاء‪-‬الزمن‪-‬الشخصية)‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪ )(3‬فهد حسين‪ :‬المكان في الرواية البحرينية‪ ،‬دراسة نقدية‪ ،‬فراديس للنشر والتوزيع‪ ،‬مملكة البحرين‪ ،‬ط‪،2003 ،1‬‬
‫ص‪.58‬‬
‫‪75‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫المك ان عب ارة عن مجموع ة من األش ياء المتجانس ة من الظ واهر أو الح االت أو الوظ ائف‬
‫يحم ل قيم ة ك برى في ثناي ا النص األدبي‪ ،‬ويلعب دورا مهم ا وأساس ي في حي اة البش ر فه و ي ؤثر‬
‫ويتأثر بالناس الذين يلجؤون إليه‪.‬‬

‫"باإلضافة إلى مصطلح المكان استخدمت مصطلحات أخرى وهي‪ :‬الحيز المكاني‪ ،‬المجال‪،‬‬
‫الموق ع‪ ،‬الف راغ‪ ،‬الفض اء‪ ....‬فأخ ذ ك ل ب احث ي دافع عن تس ميته‪ ،‬وي برز دالالت ه األدبي ة‪ ،‬رغم أن‬
‫مصطلح الفضاء أشمل وأوسع من معنى المكان‪ ،‬فالمكان هو مكون الفضاء‪ ،‬وما دامت األمكنة في‬
‫الرواية غالبا ما تكون متعددة وترد متفاوتة‪ ،‬فإن فضاء الرواية يلفها جميعا‪ ،‬فهو العالم الواسع الذي‬
‫‪1‬‬
‫يشمل مجموعة األحداث الروائية"‪.‬‬

‫" أما في المجال المسرحي فقد استعمل مصطلح الفضاء المسرحي والمكان المسرحي معا‪،‬‬
‫إال أن الفض اء ك ان ل ه الح ظ األوف ر في االس تعمال‪ ،‬فالمك ان المس رحي هو الذي ي دور في ه العرض‬
‫سواء كان في مسرح مكشوف بالهواء الطلق‪ ،‬أو مدرسة أو خان‪ ،‬أما الفضاء المسرحي هو المكان‬
‫الذي يطرحه النص ويقوم القارئ بتشكيله بخياله‪ ،‬وعلى المكان الذي نراه على الخشبة ويدور فيه‬
‫‪2‬‬
‫الحدث‪ ،‬وتتحرك فيه الشخصيات"‪.‬‬

‫من خالل م ا تم تقديم ه يتض ح لن ا أن المك ان ك ان ل ه اهتم ام كب ير من ط رف النق اد ونظ را‬


‫للمكان ة ال تي يحتله ا في النص األدبي‪ ،‬فه و بمثاب ة العم ود الفق ري له ذا النص وبدون ه تس قط جمي ع‬
‫العناصر األخرى وتفقد قيمتها‪.‬‬

‫‪ -3-2‬أنواع المكان‪:‬‬
‫للمكان نوعان هناك المنغلق على نفسه والمفتوح‪ ،‬ولكل منهما خصائص تميزه عن اآلخر‪:‬‬

‫أ‪ -‬األمــاكن المفتوحــة‪ :‬األم اكن المفتوح ة مس رح لتح رك الشخص يات‪ ،‬وتك ون اإلقام ة في ه اختياري ة‬
‫عكس المغلق ة ال تي تك ون فيه ا إجباري ة‪" ،‬تكتس ب األم اكن المفتوح ة أهمي ة بالغ ة في الرواي ة إذ أنه ا‬

‫‪ )(1‬ينظ ر‪ /‬كلث وم م دقن‪ :‬دالل ة المك ان في رواي ة موس م الهج رة إلى الش مال للطيب ص الح‪ ،‬مجل ة اآلداب واللغ ات‪،‬‬
‫جامعة ورقلة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،4‬ماي ‪ ،2005‬ص‪.140‬‬
‫‪ )( 2‬أكرم اليوسف‪ :‬الفضاء المسرحي‪ ،‬دراسة سيميائية‪ ،‬دار مشرق‪-‬مغرب‪ ،‬دمشق‪ ،2000-1994 ،‬ص‪.23‬‬
‫‪76‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫تس اعد على اإلمس اك بم ا ه و ج وهري فيه ا‪ ،‬أي مجم وع القيم وال دالالت المتص لة"‪ 1،‬فاألم اكن‬
‫المفتوحة هي األماكن التي ال تحدها الحدود من أبعادها األربعة وال سيما السقوف مثل‪ :‬الشوارع‪،‬‬
‫البحر‪ ،‬الحدائق‪ ،‬األرض‪ ،‬النهر‪ ،‬األحياء‪....‬‬

‫ب‪ -‬األماكن المغلقة‪ :‬هي األماكن التي تحدها الجدران من جهاتها األربعة والسقوف مثل‪ :‬الغرفة‪،‬‬
‫المقهى‪ ،‬البيت‪ ،‬السجن‪ ...‬واألماكن المغلقة هي‪" :‬مساحات مخصصة للعيش واإلقامة‪ ،‬بحيث تكون‬
‫م أوى لإلنس ان س واء بقي لف ترات طويل ة أو قص يرة من ال زمن‪ ،‬وس اء ك ان ذل ك بإرادت ه أم ب إرادة‬
‫اآلخرين‪ ،‬وهو المكان المؤطر بالحدود الهندسية والجغرافية‪ ،‬ويبرز التفاعل سلبا وإ يجابا بين المكان‬
‫وبين اإلنسان الساكن فيه‪ ،‬وال يتوقف هذا الصراع إال إذا بدأ التآلف يتضح أو يتحقق بين اإلنسان‬
‫والمكان الذي يقطنه‪."...‬‬
‫‪2‬‬

‫المكان مكون أساسي من مكونات الخطاب الروائي والمسرحي‪ ،‬فهو حقل معرف مهم يهدف‬
‫إل تحلي ل مواض يع ال ذوات واألط ر المكاني ة للمواض يع‪ ،‬قص د إنت اج مع نى وبالت الي ال توج د أح داث‬
‫خارج اإلطار المكاني فكل عمل أدبي له حدث يمشي وفق زمن ومكان محددين‪.‬‬

‫باإلض افة إلى أن واع أخ رى للمك ان كـ ـ "المك ان األلي ف‪ ،‬والمك ان الع ادي‪ ،‬المك ان ال واقعي‬
‫والمك ان العج ائبي‪ ،‬ف النوع األول من األمكن ة تق وم على ثن ائيتين ض ديتين تعم ل األولى على بث‬
‫مش اعر األلف ة واالطمئن ان في النفس اإلنس انية (المس اجد‪ ،‬الغ رف)‪ ،‬بينم ا تعم ل الثاني ة على بث‬
‫مشاعر النفور والكره والخوف (السجون‪ ،‬المستشفيات‪ ،‬أماكن الضجيج)‪ ،‬وهذه األخيرة تهدد حياة‬
‫اإلنس ان وراحت ه‪ ،‬أم ا بالنس بة للن وع الث اني من األمكن ة "المك ان ال واقعي والمك ان الفج ائي" ف األول‬
‫يخضع الشتراطات الواقع‪ ،‬وله وجود مماثل نلتمسه بحواسنا الخمسة سواء أكان في ذلك المكان ذي‬
‫المرجعية التاريخية أم كان من نسج خيال المبدع‪ ،‬والثاني ال وجود له على أرض الواقع وال يمكن‬
‫‪3‬‬
‫تحققه على أرض الواقع"‪.‬‬
‫‪ )( 1‬حسن بحراوي‪ :‬بنية الشكل الروائي "الفضاء‪-‬الزمن‪-‬الشخصية"‪ ،‬ص‪.79‬‬
‫‪ )(2‬فهد حسين‪ :‬المكان في الرواية البحرينية "دراسة نقدية دراسة في ثالث روايات (الجذوة‪ ،‬الحصار‪ ،‬أغنية الماء‬
‫والنار)‪ ،‬فرادين للنشر والتوزيع‪ ،‬البحرين‪ ،‬ط‪ ،2008 ،1‬ص‪.163‬‬
‫‪ )(3‬ينظر‪ /‬إيمان عبد دخيل عيسى آل جميل‪ :‬محاضرة بعنوان المكان السردي‪ ،‬شبكة جامعة بابل‪ ،‬كلية األدب‪ ،‬قسم‬
‫اللغة العربية‪ ،2008 ،‬ص‪.04‬‬
‫‪77‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫أ‪ -‬األماكن المفتوحة‪" :‬األحياء‪ ،‬الشوارع‪ ،‬فلسطين‪ ،‬األرض‪ ،‬المقابر‬

‫‪-‬األحيــــــــــــــــــاء‪" :‬تعتبر األحياء أماكن انتقال ومرور نموذجي ة‪ ،‬فهي التي تشهد حرك ة الشخصيات‬
‫وتش كل مس رحا لغ دوها ورواحه ا عن دما نغ ادر أم اكن إقامته ا أو عمله ا"‪ 1،‬كم ا أنه ا فض اء مكت ظ‬
‫باألطفال والنساء والباعة‪ ،‬وكثيرا ما نلحظ في األحياء مظهر القذارة وانعدام الشروط الصحية نظرا‬
‫إلهم ال الس لطات المعني ة بها‪ ،‬فنجد الط رق متهري ة وبها الكث ير من الحفر العميقة ممتلئ ة بالجداول‬
‫النتن ة‪ ،‬وك ذلك رمي الس كان ألكي اس القمام ة وأص حاب الح وانيت أيض ا في المج اري وعلى حاف ة‬
‫الطريق ما يخلق الروائح النتنة‪ ،‬وتجمع الحيوانات والحشرات‪ ،‬ورغم هذه السلبيات في األحياء‪ ،‬إال‬
‫أننا نشهد إيجابيات أيضا وهي الطابع التضامني الذي يؤلف بين سكان األحياء والمحبة واالحترام‬
‫المتب ادل‪ ،‬كم ا تتم يز األحي اء بالحرك ة واالكتظ اظ والق دم والض يق والص ياح‪ ،‬وهن اك نوع ان من‬
‫األحي اء‪ :‬أحي اء ش عبية فق يرة وأحي اء راقي ة غني ة‪ ،‬ويتم يز الن وع األول بالض يق والق دم وغي اب‬
‫التجه يزات الص حية الض رورية واالكتظ اظ الس كاني‪ ،‬أم ا الن وع الث اني يتم يز بالنظاف ة واالتس اع‬
‫والجمال الطبيعي والحضارة‪.‬‬

‫وقد استعمل الكاتب هذا المص طلح في الموض ع الت الي ق ول الراوي‪" :‬من يريد الذهاب إليهــا‬
‫‪2‬‬
‫إنها في األحياء الفقيرة"‪.‬‬

‫فاألحي اء الفق يرة عب ارة عن تجمع ات س كنية وعن خلي ط من الهوي ات والثقاف ات والمن اطق‬
‫المختلفة‪ ،‬وكثيرا ما تكون هذه المساكن من الصفيح‪ ،‬وبين المنحدرات الوعرة والضيقة والعشوائية‪،‬‬
‫كما تتميز بالفقر والظروف المعيشية الصعبة‪ ،‬وكذا المشاكل االجتماعية بأنواعها‪.‬‬

‫‪-‬الشــــ ــوارع‪ :‬الش وارع عب ارة عن أمكن ة عام ة وانتقالي ة‪ ،‬تزخ ر بالحرك ة والحي اة‪ ،‬يتحق ق فيه ا‬
‫التواص ل م ع اآلخ رين ويمكن أن تلتقي فيه ا أع داد كث يرة ومختلف ة من البش ر لقض اء ح وائجهم‬
‫والقضاء على العزلة والوحدة‪ ،‬فهو ملك للجميع يمر عليه الفقير والغني والكبير والصغير‪ ،‬اإلنسان‬
‫والحيوان‪...‬‬

‫‪ )(1‬حسين بحراوي‪ :‬بنية الشكل الروائي (الفضاء‪ -‬الزمن‪ -‬الشخصية)‪ ،‬ص‪.79‬‬


‫‪ )(2‬صالح لمباركية‪ :‬مسرحية الشروق‪ ،‬ص‪.08‬‬
‫‪78‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫والش وارع تمث ل أم اكن انتق ال وم رور تتح رك من خالله ا الشخص يات‪ ،‬وتش كل مس رحه‬
‫لغدوها ورواحها‪ ،‬فهي تربط بين نشاطات الناس وتؤمن التفاعل وتربط الطرق بين البلدات والمدن‬
‫ووظيفتها خدمة األفراد‪.‬‬

‫"يتجلى في ك ون ه ذا المك ان ه و ال ذي يلتقي في ه الن اس جميع ا في أي س اعة ليال أو نه ارا‬


‫ومهما كانت منازلهم االجتماعية‪ ،‬ومهنهم وأعمارهم وانتماءاتهم وشتى عوامل اختالفهم‪ ،‬فهو بالتالي‬
‫أهم معرض لشبكة العالقات والوظائف التي تبنى عليها ثنائية األنا واآلخر التي تمثل العمود الفقري‬
‫للمعيش اليومي"‪ 1.‬الشارع فضاء مفتوح ومحصور في اآلن نفسه‪ ،‬فهو مفتوح من منفذين‪ :‬الدخول‬
‫والخروج‪ ،‬ومحصور بسبب المباني والدكاكين التي تحيط به من جميع االتجاهات‪.‬‬

‫وقد وظف الكاتب المصطلح في الموضع اآلتي‪:‬‬

‫الراوي‪" :‬ستخرجنا من مساكننا نتيه في الشوارع"‪.‬‬

‫كثيرا ما تكون الشوارع مزدحمة بالسيارات والحافالت وكذلك األشخاص خاصة المشردين‬
‫الذين عاقبتهم الحياة أشد العقوبات‪ ،‬فتشتتوا وتشردوا وصارت الشوارع ملجأهم الوحيد‪ ،‬بسبب الفقر‬
‫أو الحرب أو المشاكل العائلية‪ ،‬فأصبحوا يأكلون من القمامة وينامون على حافة الطريق ويتسولون‬
‫المارة وهمهم الوحيد العيش في سالم وأمان‪ ،‬لكن الشوارع ال ترحم ففي وقتنا الحالي لم تعد مكانا‬
‫للتعامل والتعارف واللقاء بين الناس‪ ،‬بل أصبحت مسرحا للجريمة‪ ،‬وبعث الخوف وانتشار اآلفات‬
‫االجتماعية‪.‬‬

‫‪ -‬فلسطيــــــــــــــــن‪ :‬مص طلح يش ير إلى كيان ات سياس ية ن ادت به ا جه ات مختلف ة غ ير مس تقلة حالي ا‪،‬‬
‫وعبارة عن فضاء عام وانتقالي اختياري‪ ،‬فكل أراضيها مقسمة بين الفلسطينيين واليهود‪ ،‬وال يحق‬
‫ألهله ا ال دفاع عن نفس هم أو تقري ر مص يرهم‪ ،‬كم ا أنه ا غ ير معترف ة من قب ل األمم المتح دة‪ ،‬تش تت‬
‫شملها وزهقت دماء شعبها وشرد سكانها بسبب االضطهاد‪ ،‬والتقتيل‪ ،‬وأعمال العنف بأشكالها التي‬
‫كان وال يزال يمارسها االحتالل الصهيوني بدون رحمة‪.‬‬

‫‪ )(1‬عبد الصمد زايد‪ :‬المكان في الرواية العربية "الصورة والداللة"‪ ،‬دار محمد علي‪ ،‬دراسات أدبية ‪،‬منوبة‪ ،‬تونس‪،‬‬
‫ط‪ ،2003 ،1‬ص‪.91‬‬
‫‪79‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫ك ان لفلس طين حض ورا كب يرا في الكتاب ات المس رحية وهي عالم ة س يميولوجية مهم ة في‬
‫النصوص المسرحية‪ ،‬بل عدت موضوعها وأساسها تحمل بعدا فكريا كامنا دلت على استحضارات‬
‫التاريخ المر لفلسطين واستثارة الحلم بأمل جديد‪.‬‬

‫ففلس طين في مس رحية "الش روق" ليس ت مج رد مك ان جغ رافي تم توظيف ه في المس رحية‬
‫اعتباطيا بل هي عبارة عن حلم لم يتحقق بعد‪ ،‬يأمل الكاتب أن يتحقق في أقرب اآلجال‪ ،‬فصور لنا‬
‫الك اتب تش تت الفلس طيني وانكس اره واغتراب ه عن وطن ه‪ ،‬ليوق ظ الوج دان الع ربي ويؤك د أن القض ية‬
‫الفلسطينية ليست مشكلة قومية عربية وال اجتماعية فلسطينية‪ ،‬بل جريمة إنسانية صنعتها العنصرية‬
‫الصهيونية‪.‬‬

‫وقد وظف الكاتب "فلسطين" في الموضع التالي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫الثائر‪" :‬إلى فلسطين"‬

‫‪2‬‬
‫الثائر‪" :‬فلسطين‪ ،‬فلسطين‪"....‬‬

‫‪3‬‬
‫السفير‪" :‬إليه ‪ ...‬إلى فلسطين"‬

‫‪4‬‬
‫الشيخ‪" :‬ألننا فلسطينيون وعرب"‬

‫‪5‬‬
‫يوم‪" :‬فلسطين أمي"‪.‬‬

‫هذا التكرار وإ ن دل على شيء فإنه يدل على أن الكاتب يتألم للحالة التي آلت إليها فلسطين‬
‫الحبيب ة‪ ،‬وأن اغتص اب فلس طين رم زي واالغتص اب الحقيقي ه و اغتص اب األم ة العربي ة كاف ة‪،‬‬
‫وكذلك يؤكد على أن القضية الفلسطينية قضية الوطن العربي بأكمله شرقا غربا شماال جنوبا‪ ،‬وأن‬
‫فداء الفلسطيني هو رمز من رموز الخلود والبقاء‪.‬‬

‫‪ )(1‬صالح لمباركية‪ :‬مسرحية الشروق‪ ،‬ص‪.33‬‬


‫‪ )(2‬صالح لمباركية‪ ،‬مسرحية الشروق‪ ،‬ص‪.35‬‬
‫‪ )(3‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫‪ )(4‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫‪ )(5‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.42‬‬
‫‪80‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫‪ -‬األرض‪ :‬األرض هي إح دى ك واكب المجموع ة الشمس ية‪ ،‬ت دور ح ول الش مس من المغ رب إلى‬
‫المشرق‪ ،‬وهي مكان واسع وانتقالي واختياري بحيث يمكن ألي شخص اختيار بقعة معينة في هذه‬
‫األرض‪ ،‬وهي على شكل بيضوي كالكرة‪ ،‬وق د وردت في العديد من اآلي ات القرآنية منها ‪َ﴿ :‬و ىَل‬
‫ِإ‬
‫اَألْر ِض َكْي َف ُس ِط َح ْت ﴾ وس طحت بمع نى بس طت ومه دت أم ام البش ر وأج زاء األرض تتف اوت فيم ا‬

‫بينها‪ ،‬وذلك من خالل بزوغ النهار بضيائه الساطع وحلول الليل بسواده‪ ،‬وشروق الشمس بنورها‪،‬‬
‫أم ا دالل ة األرض في النص وص األدبي ة فتحم ل مع اني كث يرة فهي ت دل على تعل ق الك اتب بأرض ه‬
‫وانتمائه والعالقة الوطيدة التي تربطه بها‪ ،‬كما نجد لهذا المصطلح ظهور قوي في األعمال األدبية‬
‫لتعبر عن هوية وذاتية الكاتب‪.‬‬

‫ونشهد ذلك في مسرحية "الشروق" ويقصد بها الكاتب "صالح لمباركية" "األرض الفلسطينية"‬
‫المغتصبة من طرف االحتالل الصهيوني وقد بين ذلك في قوله‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫الراوي‪" :‬يريدنا أن نتيه في األرض"‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الراوي‪" :‬ومصادرة األراضي"‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الرئيس‪" :3‬األرض المغتصبة"‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫الرئيس ‪" :3‬والتعاون السترجاع أراضيكم"‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الثائر‪ " :‬كانت أرضنا مهد الرساالت"‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫السائح‪" :‬فوق هذه األرض"‪.‬‬

‫‪ )(1‬صالح لمباركية‪ :‬مسرحية الشروق‪ ،‬ص‪.08‬‬


‫‪ )(2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.09‬‬
‫‪ )(3‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪ )(4‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪ )(5‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.34‬‬
‫‪ )(6‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫‪81‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫ك ثرة اس تعمال األرض في النص المس رحي دلي ل على ارتب اط الفلس طيني بوطن ه وكينونت ه‪،‬‬
‫ألن الفلس طيني ابن أرض ه وحب ه لبل ده يمش ي في عروق ه‪ ،‬باإلض افة إلى أن الك اتب أك ثر من ه لي برز‬
‫مدى بشاعة االضطهاد الذي تعيشه فلسطين إليقاظ الوجدان العربي والدعوة إلى الحرية‪.‬‬

‫‪ -‬المقــــــــــــــابر‪ :‬الجبان ة‪ ،‬هي أم اكن ي دفن به ا األم وات‪ ،‬س واء ك ان ذل ك بش كل ف ردي أو جم اعي‪،‬‬
‫والق بر عب ارة عن حف رة على ش كل مس تطيل‪ ،‬ويك ون بمس احة جس م اإلنس ان المت وفي‪ ،‬أم ا بالنس بة‬
‫للعمق فهو ال يتجاوز المترين‪ ،‬وبعدما يوضع في القبر يغطى بالتراب ويسمى القبر باسمه ليتمكن‬
‫أهله من معرفته‪.‬‬

‫القبر أول منازل اآلخرة‪ ،‬فإن عمل الشخص خيرا عاش في روضة من رياض الجنة‪ ،‬وإ ن‬
‫عمل شرا كان جزاءه حفرة من حفر النار‪ ،‬فعند دخول الميت إلى القبر يسأل من طرف الملكين إما‬
‫أن يحسن الجواب أو ال يحسن وكل هذه األمور غيبية ال يعلمها إال اهلل‪.‬‬

‫وق د وظ ف مص طلح المق ابر في النص وص النثري ة خاص ة ال تي ك ان موض وعها الح رب‬
‫والف داء في س بيل ال وطن دالل ة على بش اعة الح روب واألرواح ال تي ك انت تزه ق من أج ل الحري ة‬
‫وتدفن في هاته المقابر‪.‬‬

‫ونجد الكاتب وظفها في مسرحيته‪:‬‬

‫الثائــــــــــر‪ " :‬علمنا كيف نزور المقابر"‪.‬‬


‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫رئيس الحرس‪" :‬صمت وسكون المقابر"‪.‬‬

‫تدل كلمة المقابر في مسرحية "صالح لمباركية" على الحرب القائمة بين الفلسطينيين واليهود‬
‫من أجل سلب األرض من بين أيديهم‪ ،‬فالفلسطيني يضحي بدمه وماله وعرضه في سبيل وطنه األم‪،‬‬
‫فلن يستسلم رغم تلقيه لشتى أنواع التعذيب حتى يدفن تحت التراب وتسلب روحه‪.‬‬

‫‪ )(1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.35‬‬


‫‪ )(2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.62‬‬
‫‪82‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫ب‪ -‬األماكن المغلــــــــــــقة‪ :‬البيت‪ ،‬السجن‪ ،‬الزنزانة‪.‬‬


‫‪ -‬البيـــــــــت‪ :‬مكان مغلق واختياري وهو مملكة اإلنسان يمارس فيه حياته ووجوده بكل حرية‪ ،‬وهو‬
‫المأوى الذي يحوي اإلنسان منذ والدته إلى وفاته‪ ،‬ويحمل داللة مزدوجة قد يكون سلبيا وإ يجابيا في‬
‫الوقت نفسه‪ ،‬إيجابيا من حيث أنه منبع األمان والطمأنينة والدفء واالستقرار‪ ،‬وسلبيا إذ صار مكان‬
‫ألم وسجن لألحالم والطموحات والشقاء والخوف‪...‬‬

‫ويق ول "غاس تون باش الر"‪" :‬ال بيت ه و واح د من أهم العوام ل ال تي ت دمج أفك ار وذكري ات‬
‫وأحالم اإلنس انية‪ ،‬ومب دأ هذا ال دمج وأساس ه ه و أحالم اليقظ ة‪ ،‬ويمنح الماض ي الحاض ر والمس تقبل‪،‬‬
‫البيت دينامية مختلفة كثيرا ما تتداخل وتتعارض وفي أحيان تنشط بعضها بعضا‪ ،‬في حياة اإلنسان‬
‫ينح ني البيت عوام ل المفاج أة ويخلق اس تمرارية وله ذا فب دون البيت يص بح اإلنس ان كائن ا مفتت ا‪ ،‬إن‬
‫‪1‬‬
‫البيت يحفظه عبر عواصف السماء وأهوال األرض"‪.‬‬

‫يحم ل ال بيت ص فة اله دوء والس كينة والس عادة والطمأنين ة‪ ،‬واالس ترخاء وال دفء واألم ان‪،‬‬
‫يؤمن لإلنسان الحماية من عواصف السماء وأهوال األرض‪.‬‬

‫ونجد الكاتب وظفه في مسرحيته في مواضيع عديدة‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫السائح‪" :‬وبيتي؟"‬

‫‪3‬‬
‫السائح‪" :‬تهدم البيت على رأسي"‬

‫‪4‬‬
‫السفير‪ " :‬صاحب البيت والحارس األمين"‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الرئيس‪" :‬يترك في بيته أناسا غرباء"‪.‬‬

‫‪ )(1‬غاستون باشالر‪ :‬جماليات المكان‪ ،‬ترجمة غالب هلسا مجد‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪،6‬‬
‫‪ ،2006‬ص‪.38‬‬
‫‪ )(2‬صالح لمباركية‪ :‬الشروق‪ ،‬ص‪.40‬‬
‫‪ )(3‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫‪ )(4‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.53‬‬
‫‪ )(5‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.55‬‬
‫‪83‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫فض اء ال بيت يحم ل ع دة دالالت منه ا أن ه مك ان ألف ة‪ ،‬وي وحي باالس تقرار والراح ة واجتم اع‬
‫العائل ة تحت س قف واح د‪ ،‬لكن في المس رحية لم نش هد اس تقرارا وال ه دوء ألن ال بيوت ه دمت‬
‫وأص حابها ش ردوا فحرم وا من نعم ة العيش اله نيء في من ازلهم وم ع ع ائالتهم‪ ،‬وبالت الي ال وج ود‬
‫للطمأنينة والسعادة واألمن‪.‬‬

‫_ الســـــــــــــــــجن‪ :‬مك ان م ؤطر بالح دود الهندس ية والجغرافي ة مح دد المس احة وإ جب اري‪ ،‬يعيش في ه‬
‫الشخص من دون إرادته واختياره‪ ،‬فهو فضاء مفارق لعالم الحرية‪ ،‬إذ ال يمكن العيش فيه في هدوء‬
‫واستقرار وطمأنينة‪ ،‬كما أنه معادي لصاحبه يفرض عليه العيش داخله نتيجة قيامه بجريمة معينة‪،‬‬
‫سرقة‪ ،‬قتل‪ ،‬اغتصاب‪ ...‬ليتلقى عقابه‪ ،‬وقد يسجن اإلنسان ظلما دون قيامه بالجريمة‪ ،‬ويتلقى أقصى‬
‫العقوب ات‪ ،‬يبقى في ه م دة طويل ة من ال زمن إجب ارا وكره ا‪ ،‬دون إرادت ه ب ل ب إرادة اآلخ رين‪ "،‬فه ذه‬
‫األمكنة هي أمكنة إقامة وثبات للقيد والحبس واإلكراه‪ ،‬فاألمكنة اإلجبارية معنية باإلقامة التي تبعد‬
‫المرء عن العالم الخراجي وتعزله عنه‪ ،‬بل تقيده من حريته"‪ 1‬باإلضافة إلى أنه مكان موحش وقاتل‬
‫للنفس فمعزل عن الحياة‪.‬‬

‫ونجد الكاتب وظفه في مسرحيته‪:‬‬


‫‪3‬‬
‫رئيس الحرس‪" :‬الحديقة التي تحولت إلى سجن كبير"‪" ....2‬أبواب السجن الكبير"‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫الضابط‪" :‬السجون ممتلئة"‪.‬‬
‫اس تعمال الك اتب فض اء الس جن دالل ة على الظلم واالس تبداد ال ذي تعيش ه فلس طين من ط رف‬
‫االحتالل الصهيوني‪ ،‬فقد سلبت أرضهم وحريتهم وزهقت أرواحهم وسجنوا ظلما‪ ،‬دون أي خطأ أو‬
‫جريمة‪ ،‬ذنبهم الوحيد أنهم دافعوا عن أراضيهم الستعادتها واستعادة شرفهم وحقوقهم‪.‬‬

‫‪ )(1‬مهدي عبيدي‪ :‬جماليات المكان في ثالثة حنا مينة (حكاية بحار‪ ،‬الدقل‪ ،‬المرفأ البعيد)ن الهيئة العلمية السورية‪،‬‬
‫سوريا‪ ،‬دط‪ ،2011 ،‬ص‪.75‬‬
‫‪ )(2‬المسرحية‪ ،‬ص‪.49‬‬
‫‪ )(3‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪50‬‬
‫‪ )(4‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.57‬‬
‫‪84‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫‪ -‬الزنزانــــــــــــــــة‪ :‬فضاء ضيق ومغلوق ومنعزل‪ ،‬يعيش فيه اإلنسان إجبارا‪ ،‬ال يحمل سوى الدمار‬
‫والموت والمعاناة وسلب الحرية وفيه ينقطع عن العالم الخارجي‪ ،‬ويتلقى شتى مظاهر العقاب والذل‬
‫والعنف والوحدة والتعذيب‪.‬‬

‫فالزنزان ة مك ان مظلم عب ارة عن غرف ة في س جن أو قس م ش رطة يتم فيه ا احتج از الس جين‬
‫بسبب ارتكابه لجريمة ما لقضاء مدة عقوبته‪ ،‬وهي مختلفة األشكال واألحجام‪ ،‬جدرانها سميكة من‬
‫الحجر الصلب‪ ،‬غير قابلة للكسر وأبوابها من قضبان حديدية غليظة‪" ،‬فالحدود المكانية التي يفرضها‬
‫الس جن على نزالئ ه تك ون غاي ة في الص رامة مم ا جعل ه فض اءا معادي ا أو ملزم ا يقض ي بوج ود‬
‫شخص ية م ا في مك ان مح دد وث ابت ويثقله ا بالواجب ات والمحظ ورات‪ ،‬وتلعب الزن ازن والمح ابس‬
‫االنفرادي ة دورا حاس ما في إفش اء الح د األقص ى من ه ذا الش عور الم دمر بمحدودي ة المك ان ل دى‬
‫‪1‬‬
‫التنزيل"‪.‬‬

‫تخص ص الزن ازن االنفرادي ة لمض اعفة العق اب على ال ذين يخرج ون عن ق انون الس جن‬
‫فيسعون إلى عزلهم وتشديد الخناق عليهم ما يجعلهم يشعرون بالوحدة والعجز واإلحباط‪.‬‬

‫وقد استعملها الكاتب في قوله‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫الشخص‪" :‬إنهم يحرسون الزنزانات"‪.‬‬

‫تحم ل الزنزان ة ع دة دالالت منه ا الظلم‪ ،‬ومأس اة التجرب ة االنفرادي ة ال تي يعيش ها الس جين‪،‬‬
‫واالضطهاد واإللزام‪ ،‬وقساوة المعيشة‪ ،‬والشعور باأللم والتعذيب والتسلط‪.‬‬

‫باإلضافة إلى أماكن أخرى لم نتطرق لشرحها كالمكاتب‪ ،‬الصالة‪...‬‬

‫‪ )(1‬حسين بحراوي‪ :‬بنية الشكل الروائي‪ ،‬ص‪.67‬‬


‫‪ )(2‬صالح لمباركية‪ :‬الشروق‪ ،‬ص‪.49‬‬
‫‪85‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫‪ -4‬سيميولوجية الصراع في المسرحية‬

‫‪ -4-1‬مفهوم الصراع‪:‬‬
‫الصراع من أهم العناصر التي تقوم عليها المسرحية فهو المظهر المعنوي لها ولبها تصطدم‬
‫الشخصيات مع بعض القوى‪ .‬ويرتبط المسرح بالحياة أشد االرتباط نظرا التصاله اتصاال مباشرا‬
‫بمشاكل الحياة التي تتجسد في النفس‪ ،‬وبالتالي ال بد منه في المسرحية‪.‬‬

‫" الص راع مفه وم ع ام يف ترض عالم ة ص دامية‪ ،‬جس دية أو معنوي ة بين ط رفين أو أك ثر وه و مب دأ‬
‫‪1‬‬
‫بحكم العالقات بين األفراد والمجتمعات كما أنه موجود أيضا ضمن الذات البشرية"‪.‬‬

‫الص راع عملي ة اجتماعي ة تح دث عن قص د‪ ،‬ويك ون بين ف ردين أو أك ثر من ذل ك ويع ود في‬


‫الغالب إلى الكراهية وتعارض المصالح‪ ،‬سعيا إلى تحقيق مصالحهم الخاصة‪ ،‬قد يكون بين األحزاب‬
‫السياسية أو العمال والفالحين واإلقطاعيين‪.....‬‬

‫‪-4-2‬أنواع الصراع‪:‬‬
‫أ‪-‬الصراع الداخلي(المونولوج)‪ :‬مبني على تضارب المصالح بين العام والخاص وعلى تناقض بين‬
‫رؤي تين للع الم‪ ،‬يأخ ذ ش كل ن زاع أخالقي بين ال واجب والرغب ة والعق ل والعاطف ة ويع بر عن ه على‬
‫مستوى الخطاب في المونولوج أو بالصمت‪.‬‬

‫وه ذا م ا نج ده ب ارزا في المس رحية‪ ،‬وبالض بط في نفس ية الث ائر ال ذي س ئم من االنتظ ار‬
‫والتمني ويظهر ذلك في قول الثائر‪:‬‬

‫" الثائر‪ :‬ال (صوت من الصالة ألحد المتفرجين) ال ‪(....‬يقف) ال‪ ...‬أرجع أوراقك إلى مكانها‬

‫‪2‬‬
‫الثائر‪ ":‬دعني ينفلت‪( :‬ويخرج من الصف متجها نحو المنصة)"‪.‬‬

‫‪ -‬فالثائر هنا تختلجه جملة من المشاعر المصطدمة ببعضها ببعض ما شكل صراعا داخليا يعكس‬
‫تلك التجاذبات التي تعيشها هذه الشخصية‪.‬‬

‫‪ )( 1‬ماري إلياس وحنان قصاب‪ :‬المعجم المسرحي‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬الشروق‪ ،‬ط‪ ،1979 ،1‬ص‪.289‬‬
‫‪ )(2‬صالح لمباركية‪ :‬الشروق‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪86‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫ب‪ -‬الصراع الخارجي‪:‬‬

‫هذا النوع من الصراع يقوم على تنافس شخصيتين ألسباب متعددة‪ ،‬تسعى كل واحدة منهما‬
‫لتحقي ق أه دافها على حس اب الشخص ية األخ رى‪" ،‬مب نى على تن افس بين شخص ين ألس باب عاطفي ة‪،‬‬
‫اقتص ادية‪ ،‬سياس ية‪ ،‬وه ذا الن وع من الص راع يش كل القاع دة ال تي تب نى عليه ا الحبك ة في الكومي ديا‬
‫‪1‬‬
‫والدراما‪ ،‬ويتجسد على الخشبة على شكل أفعال"‪.‬‬

‫ويظهر هذا الصراع في المسرحية من خالل‪:‬‬

‫السفير‪( ":‬يقترب من الثائر) أظن أننا قد عرفنا مقصدك هل تطلب منا مساعدة‬

‫الثائر‪ :‬ال ‪ ...‬ال ما جئت طالبا وال مستنجدا‪ ،‬أنتم الذين وقفتم في طريقي‪.‬‬

‫المقرر‪ :‬ألم تجد مسلكا آخر غير هذا‪.‬‬

‫الثائر‪ :‬لو وجدت منفذا آخر أنفذ منه لما أتيت من هنا‪....‬‬

‫الراوي‪ :‬ال تذهب (يمسكه)‪.‬‬

‫المقرر‪ :‬خل سبيله‪ ،‬فليذهب إلى الجحيم‪ ....‬دعه إني امقته‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫الراوي‪ ":‬تعال ال تذهب‪ ....‬هل فكرت جيدا"‪.‬‬

‫السفير‪( ":‬بقوة) أبعدوه‪ ....‬اذهبوا به إلى حيث ال يعود‪ ،‬ال أريد أن أراه‪.‬‬

‫الرئيس ‪ :1‬ال‪ ....‬لن يغادر هذا المكان‪.‬‬

‫السفير‪( :‬بعد فترة صمت يقترب من الرئيس‪ )1‬نعم ماذا قلت‪.‬‬

‫الرئيس ‪( :1‬بقوة) قلت لن يغادر هذا الماكن‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫السفير‪( :‬يقترب منه أكثر) ومن أنت؟"‪.‬‬

‫‪ )( 1‬ينظر‪ /‬ماري إلياس‪ ،‬حنان قصاب‪ :‬المعجم المسرحي‪ ،‬مفاهيم ومصطلحات المسرح وفنون العرض‪ ،‬ص‪.290‬‬
‫‪ )(2‬صالح لمباركية‪ :‬الشروق‪ ،‬ص‪.20-19‬‬

‫‪)(3‬صالح لمباركية‪ :‬الشروق‪ ، ،‬ص‪.54‬‬


‫‪87‬‬
‫الفصل الثاني‪.................................‬قراءة سيميائية في مسرحية الشروق لصالح‬
‫لمباركية‬

‫يكون هذا الصراع نتيجة التحوالت المفاجئة لسلوك الشخصيات‪ ،‬فكلما احتدم الصراع بينهم ا‬
‫انكش فت لن ا نواي ا الشخص يات‪ ،‬وتجس دت على خش بة المس رح في ش كل أفع ال‪ ،‬فينش أ الص راع بين‬
‫متضادين إما الحقد والحب أو الحق والواجب أو الخير والشر‪....‬‬

‫المربع السيميائي‬

‫االضطهاد‬ ‫الموضوع (ثوري)‬ ‫الحرية‬

‫تناقض‬

‫تناقض‬

‫ال اضطهاد‬ ‫ال حرية‬

‫يظه ر الص راع جلي ا في المس رحية بين الش عب الفلس طيني ال ذي يص بوا للتح رر واالنعت اق وبين‬
‫االحتالل الص هيوني اليه ودي ال ذي ك ان وال ي زال يض طهد ويم ارس أبش ع الج رائم في ح ق‬
‫الفلسطينيين من قتل وتعذيب وتشريد واغتصاب‪ .....‬وهنا تتجسد ثنائية الخير والشر‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪...............................................................................‬‬

‫خاتمة‬

‫خاتــــــــــــــمة‪:‬‬
‫خاتمة‪......................................................................................................‬‬

‫فتوفيقنا من المولى عز وجل نصل إلى آخر عنصر من عناصر دراستنا‪ ،‬إلى خاتم ة نخلص‬
‫بها ما توصلنا إليه من نتائج التي ال يمكن ذكرها جميعا في هذه العجالة لضيق مساحة الخاتمة لذا‬
‫عهدنا إلى ذكر بعضها‪:‬‬

‫‪ -‬وردت لفظة (السيمياء) في بعض من اآليات القرآنية وقد حملت (عالمة) وهذا المعنى جاء متفقا‬
‫مع ما ورد في المعاجم العربية وكانت بمعنى (العالمة واإلشارة)‪.‬‬

‫‪ -‬الس يمياء في اإلص طالح ج اءت دراس ة للعالم ات ودراس ة لبني ة اإلش ارات وعالقتهم ا في ه ذا‬
‫الكون‪ ،‬ومنه جاءت شاملة لكل العلوم اإلنسانية‪.‬‬

‫‪ -‬يتميز المنهج السيميائي بتعدد تصوراته وتشعب منظوراته‪ ،‬ومنه فإن ما تطرقنا إليه في دراستنا‬
‫هذه كانت بمثابة إطار مفاهيمي أما اإلجرائي فاعتمد في الفصل التطبيقي‪.‬‬

‫‪ -‬تعددت مفاهيم مصطلح الخطاب وذلك راجع إلى تعدد التصورات والنظريات النقدية مما ساهم‬
‫في إثراء الحقل المفاهيمي لهذا المصطلح‪.‬‬

‫‪ -‬يظه ر الخط اب المس رحي ذا بع د لس اني‪ ،‬ل ه ص لة وثيق ة بالخط اب األدبي فإن ه موض وع ووس يلة‬
‫أدبية لما له خاصية تجعل منه خطابا أدبيا يتميز بالديمومة والتأثير على المتلقي‪.‬‬

‫‪ -‬الخط اب المس رحي يعت بره البعض من أص عب الفن ون إذ يتطلب موهب ة ومعرف ة‪ ،‬حيث ي رتقي‬
‫بالمس رح إلى مس توى أعلى وإ ن ق دم ح دثا واقعي ا‪ ،‬وللخط اب ق وانين وتقني ات وعناص ر تلعب دورا‬
‫كبيرا في تأدية المعاني‪ ،‬والتبليغ في مجمله يتأسس على مدى استجابة المتلقي له‪.‬‬

‫‪ -‬أما ما كان في المسرح فقد كان شكل من أشكال الفنون األدبية الذي يرتبط ارتباط وثيق‬
‫بالجمهور‪ ،‬إذ يترجم فيه الممثلون نص المسرحية المكتوب إلى عرض تمثيلي فالمسرحية ليست‬
‫للقراءة فحسب‪ ،‬بل تكتب للمشاهدة باعتبارها فن أدائي وهذا ما يميزها عن الفنون األخرى‪.‬‬

‫‪ -‬المس رح الجزائ ري مس رح ش عبي ارتج الي ق ريب إلى نف وس ش عبه فمن ذ ظه وره وه و يتحم ل‬
‫مسؤولية التثقيف إلى جانب وظيفته الترفيهية ما جعله وسيلة فعالة في الترويج للثورة ونشر الوعي‬
‫بين األهالي من خالل العديد من المواضيع‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫خاتمة‪......................................................................................................‬‬

‫‪ -‬لعبت الف رق المس رحية دورا غ ير قلي ل في دف ع الحرك ة المس رحية في الجزائ ر لنه وض ذل ك من‬
‫خالل الع روض ال تي تق ام في العدي د من األم اكن لتع الج قض اياه‪ ،‬كم ا ارتب ط المس رح أو النص‬
‫الس ردي ب العرض‪ ،‬ل ذا فإن ه يس تحيل ب أي ح ال من األح وال أن نمتل ك نش اط مس رحي دون وج ود‬
‫نصي‪.‬‬

‫‪ -‬المس رح الجزائ ري ذو ج ذور تمت د إلى أعم اق الت اريخ وال تي تجلت في بعض التقالي د الش عبية ثم‬
‫تبلورت إلى فن مسرحي قائم بذاته محتويا سيمات وأهمية تميزه عن باقي المسرحيات العربية‪.‬‬

‫‪ -‬وإ براز لما جاء في دراستنا فإن اختيار صالح لمباركية لعنوان مسرحية ‪-‬الشروق‪ -‬لم يكن عبثا‬
‫وإ نما جاء نصا مكثفا مختزال في الوقت نفسه مليء بالدالالت والمعاني فقد كان العنوان متوافقا مع‬
‫ما جاء مضمونه‪.‬‬

‫‪ -‬استطاع العنوان أن يثبت أنه عالمة سيميائية عمد على استنطاق عدة قراءات‪ ،‬ويرمي نفسه عند‬
‫القارئ ليظهر دالالته الخفية ويمأل ما استطاع من فراغات‪.‬‬

‫‪ -‬وتطبيقا له كان لنا الكشف عن عناصر المسرحية التي تمثلت في المكان والحوار الذي أظهرت‬
‫لن ا فخام ة اللغ ة المعتم د عليه ا وب روز المك ان ال ذي جس دت في ه األح داث م ا أض فى على المس رحية‬
‫فضاءا سرديا جعله يختار أدوات تساعد الحركة داخل النص الدرامي‪.‬‬

‫‪ -‬إن اختي ار لمباركي ة للشخص يات أب رز التفاع ل فيم ا بينهم ا لتش كل لن ا ص فات أو عناص ر تكم ل‬
‫صاحبها يتفاعل هو اآلخر مع البنية االجتماعية وهذا ما يميز الشخصية عن األخرى وباختياره لها‬
‫األسماء المناسبة لتعبر عن التركيبة النفسية لتلك الشخصيات وبالتالي عدة همزة وصل بين النص‬
‫والمتلقي‪.‬‬

‫‪ -‬أحس ن الك اتب التعب ير عم ا يري د تجس يده داخ ل الص راع ال ذي اظهرت ه الشخص يات ح ول قض ية‬
‫لطالما كانت محل نقاش لدى العديد لتظهر لنا على شاكلة نص مسرحي عنوانه "الشروق"‪.‬‬

‫‪ -‬لق د ك انت ه ذه أهم النق اط أو النت ائج المتوص ل إليه ا‪ ،‬فنأم ل أن نك ون ق د وفقن ا في ه ذا العم ل‬
‫المتواض ع‪ ،‬وال ذي يبقى مح ل دراس ة وبحث مفت وح‪ ،‬للق ارئ أو الب احث في أن يخ وض في ه وفي‬
‫النهاي ة نق ترح ادراج تخص ص في المج ال المس رح بقس م اللغ ة واألدب الع ربي في جامعتن ا ح تى‬

‫‪89‬‬
‫خاتمة‪......................................................................................................‬‬

‫نتمكن من إث راء البيئ ة الثقافي ة‪ ،‬ونفتح ب ذلك الطري ق إلى األجي ال القادم ة ونحاف ظ على تراثن ا‬
‫المسرحي‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫والمراجع‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪...............................................................................‬‬

‫‪ -‬قائمة المصادر والمراجع ‪:‬‬

‫‪ -‬القرآن الكريم برواية ورش عن نافع‬


‫المصادر‪:‬‬
‫صالح لمباركية‪ ،‬مسرحية الشروق‬
‫المراجع‪:‬‬
‫المراجع باللغة العربية‪:‬‬
‫إبراهيم أنيس‪ ،‬األصوات اللغوية‪ ،‬مكتبة األنجلو مصرية‪ ،‬ط‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ابن فارس‪ ،‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬تحقيق عبد السالم هارون‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ج‪.4‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ابن منظور جمال الدين محمد بن مكرم األنصاري‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬مادة (س‪ ،‬و‪ ،‬م) المجلد‬ ‫‪.3‬‬
‫الثاني عشر‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫ابن نصر اسماعيل بن حماد الجوهري‪ ،‬الصحاح تاج اللغة صحاح العربية‪ ،‬تر‪:‬اميل بديع‬ ‫‪.4‬‬
‫يعقوب محمد نبيل طريفي‪ ،‬ج‪ ،2‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‪ ،‬ط‪.1999 ،2‬‬
‫أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور اإلفريقي المصري‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار‬ ‫‪.5‬‬
‫صادر بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،2004 ،3‬مادة (سرح)‪.‬‬
‫أب و الفض ل جم ال ال دين محم د بن مك رم ابن منظ ور‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬لس ان الع رب‪ ،‬دار ص ادر‪،‬‬ ‫‪.6‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬مادة "لون"‪.‬‬
‫أبو عثمان الجاحظ‪ ،‬البيان والتبيين‪ ،‬تح‪ :‬عبد السالم محمد هارون‪( ،‬ط‪َ ،)4‬ج ‪.1975 ،1‬‬ ‫‪.7‬‬
‫أب و علي الفض ل بن حس ن الطبرس ي‪ ،‬مجم ع البي ان في تفس ير الق رآن‪ ،‬تح‪ :‬هاش م الرس ومي‬ ‫‪.8‬‬
‫المحالتي‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬مج‪ ،5‬ج‪.26‬‬
‫أحس ن تليالني‪ ،‬توظي ف ال تراث في المس رح الجزائ ري‪ ،‬مك رة مقدم ة لني ل ش هادة دكت وراه‬ ‫‪.9‬‬
‫العلوم في األدب العربي الحديث‪ ،‬جامعة منتوري‪ ،‬قسنطينة‪.2010-2009 ،‬‬
‫أحم د علي محم د‪ ،‬المفه وم اللغ وي واالص طالحي للس يمياء عربي ا‪ ،‬بحث في المص طلح‬ ‫‪.10‬‬
‫والمصطلح المجاور(مقاربة فيلولوجية)‪ ،‬كلية اآلداب‪ ،‬قسم اللغة العربية‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،‬ع‪،7‬‬
‫‪،2013-1434‬‬
‫أك رم اليوس ف‪ ،‬الفض اء المس رحي‪ ،‬دراس ة س يميائية‪ ،‬دار مش رق‪-‬مغ رب‪ ،‬دمش ق‪-1994 ،‬‬ ‫‪.11‬‬
‫‪.2000‬‬
‫إيم ان عب د دخي ل عيس ى آل جمي ل‪ ،‬محاض رة بعن وان المك ان الس ردي‪ ،‬ش بكة جامع ة باب ل‪،‬‬ ‫‪.12‬‬
‫كلية األدب‪ ،‬قسم اللغة العربية‪.2008 ،‬‬

‫‪92‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪...........................................................................‬‬

‫باية سيفون‪ ،‬محاضرات في السيميولوجيا‪ ،‬مطبوعة في مقياس السيميولوجيا موجهة لطلبة‬ ‫‪.13‬‬
‫الس نة الثالث ة ‪ ،LMD‬اعالم واتص ال جامع ة محم د بوض ياف المس يلة‪ ،‬كلي ة العل وم االنس انية‬
‫واالجتماعية‪. 2016-2015 ،‬‬
‫باي ة غيبوب ة‪ ،‬الشخص ية األنثربولودي ة العجائبي ة في رواي ة "مئ ة ع ام من الفول ة" لغ ابر يي ل‬ ‫‪.14‬‬
‫وغارس يا مرك يز‪ ،‬أنماطه ا‪ ،‬مواص فاتها‪ ،‬دار األم ل للطباع ة والنش ر والتوزي ع‪ ،‬ت يزي وزو‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬دط‪.2012 ،‬‬
‫بش ير ت اوريرت‪ ،‬س يميائية العالم ة في قص يدة المهرول ون ل نزار قب اني‪ ،‬محاض رات الملتقى‬ ‫‪.15‬‬
‫الثالث للسيمياء والنص األدبي‪ 20 ،‬أفريل ‪ ،2004‬منشورات جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪.‬‬
‫بط رس البس تاني‪ ،‬محي ط المحي ط‪ ،‬ق اموس مط ول للغ ة العربي ة‪ ،‬مكتب ة لبن ان‪ ،‬س احة راض‬ ‫‪.16‬‬
‫الضلع‪ ،‬بيروت‪ ،‬دط‪.1991 ،‬‬
‫توس ان برن ان‪ ،‬م اهي الس يميولوجيا‪ ،‬ت ر‪ :‬محم د نظي ف‪ ،‬ط‪ ،2‬افريقي ا الش رق‪ ،‬المغ رب‪،‬‬ ‫‪.17‬‬
‫‪.2000‬‬
‫جمي ل حم داوي‪ ،‬م دخل إلى المنهج الس يميائي‪ ،‬مجل ة الكتروني ة للش عر الم ترجم‪ .،‬تح‪ :‬س يد‬ ‫‪.18‬‬
‫جودة‪ ،‬المغرب‪.‬‬
‫حس ين عب د الحمي د أحم د رش وان‪ ،‬الشخص ية دراس ة في علم االجتم اع النفس ي‪ ،‬مرك ز‬ ‫‪.19‬‬
‫اإلسكندرية للكتاب‪ ،‬ط‪.2006 ،1‬‬
‫حن ان قص اب وم اري إلي اس‪ ،‬المعجم المس رحي‪ ،‬مكتب ة لبن ان‪ ،‬ناش رون‪ ،‬ب يروت‪ ،‬لبن ان‪،‬‬ ‫‪.20‬‬
‫‪.1997‬‬
‫الخليل بن أحمد الفراهيدي‪ ،‬كتاب العني‪ ،‬مادة (ح و ز)‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪،‬‬ ‫‪.21‬‬
‫لبنان‪.2003 ،‬‬
‫د محم د الس رغيتي‪ ،‬محاض رات في الس يميولوجيا‪ ،‬دار الثقاف ة للنش ر والتوزي ع‪ ،‬ال دار‬ ‫‪.22‬‬
‫البيضاء‪ ،‬ط‪1403 ،1‬ه‪.1987،‬‬
‫د‪ .‬عيس ى برب ار‪ ،‬محاض رات في مقي اس النق د الس يميائي في الس نة الثالث ة دراس ات نقدي ة‪،‬‬ ‫‪.23‬‬
‫‪.2018-2017‬‬
‫سامي عباينة‪ ،‬اتجاهات النقد العربي في قراءة النص الشعري حديث‪ ،‬عالم الكتب الحديث‪،‬‬ ‫‪.24‬‬
‫األردن‪ ،‬ط‪.2004 ،1‬‬
‫س عيد بنك راد‪ :‬الس يميائيات مفاهيمه ا وتطبيقاته ا‪ ،‬دار الح وار للنش ر والتوزي ع‪ ،‬س وريا‪ ،‬ط‪،3‬‬ ‫‪.25‬‬
‫‪.2012‬‬

‫‪93‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪...........................................................................‬‬

‫سلمان الحاصد‪ ،‬عالم النص‪ ،‬دراسة بنيوية في األساليب السردية‪ ،‬فؤاد التكرلئ‪ ،‬دار الكن دي‬ ‫‪.26‬‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.2002 ،‬‬
‫الش عيلي س ليمان بن علي‪ ،‬األل وان ودالالته ا في الق رآن الك ريم‪ ،‬جامع ة الش ارقة للعل وم‬ ‫‪.27‬‬
‫الشعرية واإلنسانية‪ ،‬المجلد ‪ ،04‬العدد ‪.2007 ،03‬‬
‫شكري األوسي‪ ،‬روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني‪ ،‬دار إحياء التراث‬ ‫‪.28‬‬
‫العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،4‬ج‪.13‬‬
‫ص الح قس يس‪ ،‬الخط اب ال درامي بين ال وعي ال ذات وس لطة النص‪ ،‬جامع ة محم د البش ير‬ ‫‪.29‬‬
‫اإلبراهيمي‪،‬د ت‪.‬‬
‫ص الح مباركي ة‪ ،‬المس رح في الجزائ ر(النش أة وال رواد ونص وص ح تى س نة ‪،)1972‬دار‬ ‫‪.30‬‬
‫الهدى‪ ،‬عين مليلة الجزائر‪ ،‬د‪ ،‬ط‪.2005 ،‬‬
‫صبيحة عودة زعرب‪ ،‬غسان كنفاني‪ ،‬جماليات السرد في الخطاب الروائي‪ ،‬دار مجدالوي‬ ‫‪.31‬‬
‫للنشر والتوزيع ط‪ ،1‬عمان‪ -‬األردن‪ ،2006 ،‬ص‪.176‬‬
‫ع امر مرض ى‪ ،‬س يمياء األل وان في ش عر ه دى ميق اتي‪ ،‬مجل ة الواح ات للبح وث والدراس ات‬ ‫‪.32‬‬
‫للعدد‪ ،2‬المجل ‪.2014 ،07‬‬
‫عبد الحميد هيمة‪ ،‬عالمات في اإلبداع الجزائري‪ ،‬مديرية الثقافة لوالية سطيف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‬ ‫‪.33‬‬
‫‪.2000 ،1‬‬
‫عبد الصمد زايد‪ ،‬المكان في الرواية العربية "الصورة والداللة"‪ ،‬دار محمد علي‪ ،‬دراسات‬ ‫‪.34‬‬
‫أدبية منوبة‪ ،‬تونس‪ ،‬ط‪.2003 ،1‬‬
‫عب د الق ادر الجرج اني‪ :‬دالئ ل اإلعج از‪ ،‬دار المعرف ة للطباع ة والنش ر‪ ،‬ب يروت‪ ،‬لبن ان‪،‬‬ ‫‪.35‬‬
‫‪.1994‬‬
‫عبد المالك مرتاض‪ ،‬تحليل الخطاب السردي‪ ،‬معالجة تفكيكية سيميائية مركبة لرواية زقاق‬ ‫‪.36‬‬
‫المدق‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬بن عكنون‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪.1995 ،1‬‬
‫عب د اله ادي بن ظ افر الش هري‪ ،‬إس تراتيجية الخط اب‪ ،‬مقارب ة لغوي ة تداولي ة‪ ،‬دار الكت اب‬ ‫‪.37‬‬
‫الجديد المتحرر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.2004 ،1‬‬
‫عبي د ص بطى‪ ،‬دالالت األل وان في ال تراث الش عبي وال ديني‪ ،‬مجل ة دراس ات جامع ة عم ار‬ ‫‪.38‬‬
‫ثلجي‪ ،‬األغواط‪ ،‬ع‪.2010 ،14‬‬
‫ع ز ال دين جالوجي‪ ،‬النص المس رحي في األدب الع ربي الجزائ ري‪ ،‬دراس ة نقدي ة‪ ،‬مطبع ة‬ ‫‪.39‬‬
‫هومة للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪.2001 ،1‬‬

‫‪94‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪...........................................................................‬‬

‫عص ام خل ف كام ل‪ :‬االتج اه الس يميولوجي ونق د الش عر‪ ،‬دار ف رق للنش ر والتوزي ع‪ ،‬المين ا‪،‬‬ ‫‪.40‬‬
‫مصر‪2003 ،‬‬
‫علي أحمد باكثير‪ ،‬فن المسرحية من خالل تجاربي الخاصة‪ ،‬مكتبة االسكندرية‪ ،‬د‪،‬ت‪.‬‬ ‫‪.41‬‬
‫علي الراعي‪ :‬المسرح في الوطن العربي‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬ط‪ ،1‬يناير‪.1979 ،‬‬ ‫‪.42‬‬
‫عم ار زعم وش‪ :‬النق د األدبي المعاص ر في الجزائ ر وقض اياه واتجاهات ه‪ ،‬مطبوع ات جامع ة‬ ‫‪.43‬‬
‫منتوري‪ ،‬قسنطينة‪.2001-2000 ،‬‬
‫غاس تون باش الر‪ ،‬جمالي ات المك ان‪ ،‬ت ر‪ :‬غ الب هلس ا مج د‪ ،‬المؤسس ة الجامعي ة للدراس ات‪،‬‬ ‫‪.44‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.2006 ،6‬‬
‫فرديناند دي سوسير‪ :‬محاضرات في األلسنية العامة‪ ،‬تم‪ :‬يوسف غازي‪ ،‬ومجيد نصر‪ ،‬دار‬ ‫‪.45‬‬
‫النهان للثقافة‪ ،1984 ،‬بيروت‪.‬‬
‫فه د حس ين‪ ،‬المك ان في الرواي ة البحريني ة‪ ،‬دراس ة نقدي ة‪ ،‬ف راديس للنش ر والتوزي ع‪ ،‬مملك ة‬ ‫‪.46‬‬
‫البحرين‪ ،‬ط‪.2003 ،1‬‬
‫فيصل األحمر‪ ،‬معجم السيميائيات‪ :‬منشورات االختالف‪ ،‬دار العربي للعلوم‪ ،‬ن‪/‬شرون‪ ،‬ط‬ ‫‪.47‬‬
‫‪.1431،2010 ،1‬‬
‫قدور عبد اهلل ثابي‪ ،‬سيميائية الصورة‪ ،‬ط‪ ،1‬دار المغرب للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2005،‬‬ ‫‪.48‬‬
‫قراني ا محم د‪ ،‬ظ اهرة الل ون في الق رآن الك ريم‪ ،‬بحث نش ر في مجل ة ال تراث الع ربي‪ ،‬الع دد‬ ‫‪.49‬‬
‫‪ ،70‬كانون الثاني‪ ،‬يناير‪ ،‬السنة الثامنة عشر‪.1998 ،‬‬
‫الكبير الدادسيي‪ ،‬تحليل السردي والمسرحي‪ ،‬دار الراية عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪.2004 ،1‬‬ ‫‪.50‬‬
‫كلثوم مدقن‪ ،‬داللة المكان في رواية موسم الهجرة إلى الشمال للطيب صالح‪ ،‬مجلة اآلداب‬ ‫‪.51‬‬
‫واللغات‪ ،‬جامعة ورقلة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،4‬ماي ‪.2005‬‬
‫كلود عبيد‪ ،‬األلوان دورها تصنيفها‪ ،‬مص ادرها‪ ،‬رمزيتها ودالالتها‪ ،‬مراجع ة وتقديم محمد‬ ‫‪.52‬‬
‫حم ود‪ ،‬نقيب ة الفن انين التش كيليين في لبن ان‪ ،‬مج د المؤسس ة الجامعي ة للنش ر والتوزي ع‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪.2013‬‬
‫ليلى محمد ناظم الحيالي‪ ،‬جوهرة النثر النسوي في العصر اإلسالمي واألموي‪ ،‬مكتبة لبنان‪،‬‬ ‫‪.53‬‬
‫ناشرون‪ ،‬ط‪1‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.2009 ،‬‬
‫ماري إلياس وحنان قصاب‪ ،‬المعجم المسرحي‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬الشروق‪ ،‬ط‪.1979 ،1‬‬ ‫‪.54‬‬
‫محمد بن موسى الشروين الجراري‪ ،‬تجويد القرآن الكريم‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬عين مليلة‪ ،‬الجزائ ر‪،‬‬ ‫‪.55‬‬
‫د ط‪.2012 ،‬‬

‫‪95‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪...........................................................................‬‬

‫محمد حسين‪ ،‬المكان في الرواية البحرينية "دراسة نقدية دراسة في ثالث روايات الجذوة‪،‬‬ ‫‪.56‬‬
‫الحصار‪ ،‬أغنية الماء والنار‪ ،‬فرادين للنشر والتوزيع‪ ،‬البحرين‪ ،‬ط‪.2008 ،1‬‬
‫محم د س راج ال دين‪ ،‬فن المس رحية وس عته في األدب الع ربي‪ ،‬دراس ات الجامع ة اإلس المية‬ ‫‪.57‬‬
‫العالمية‪ ،‬شيتاغونغ‪ ،‬مجلد ‪ ،3‬ديسمبر ‪.2006‬‬
‫محمد شفيق غربال وزمالؤه‪ ،‬الموسوعة العربية الميسرة‪ ،‬دار نهضة لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬ ‫‪.58‬‬
‫مج‪.1986 ،2‬‬
‫محمد محمد داود‪ ،‬معجم التعبير االصطالحي في العربية المعاصرة‪ ،‬دار غريب‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪.59‬‬
‫‪.2003‬‬
‫محمود فهمي حجازي‪ ،‬مدخل إلى علم اللغة‪ ،‬قباء للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪ ،‬العدد‬ ‫‪.60‬‬
‫‪ ،1‬ط‪.2007 ،1‬‬
‫مراد عبد الرحمن مبروك‪ ،‬جيولوتيكا النص األدبي‪ ،‬تضاريس الفضاء الروائي‪ ،‬ص‪124:‬‬ ‫‪.61‬‬
‫نقال عن‪ :‬نعيمة سعدية‪ ،‬الخطاب الروائي "قراءة في الوالي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي"‬
‫للطاهر وطـ ــار‪.‬‬
‫مهدي عبيدي‪ ،‬جماليات المكان في ثالثة حنا مينة (حكاية بحار‪ ،‬الدقل‪ ،‬المرفأ البعيد)‪ ،‬الهيئة‬ ‫‪.62‬‬
‫العلمية السورية‪ ،‬سوريا‪ ،‬د ط‪,2011 ،‬‬
‫نوال بومعزة‪ ،‬مطبوعات جامعية‪ ،‬مقياس تحليل خطاب‪ ،‬كلية اآلداب‪ ،‬والحضارة االسالمية‪،‬‬ ‫‪.63‬‬
‫جامعة األمير عبد القادر للعلوم االنسانية‪ ،‬قسنطينة‪.2013-2012 ،‬‬
‫هيام شعبان‪ ،‬السرد الروائي في أعمال ابراهيم نصر اهلل‪ ،‬دار الكندي للنشر والتوزيع‪ ،‬دط‪،‬‬ ‫‪.64‬‬
‫إربد‪ ،‬األردن‪.2004 ،‬‬
‫يحي البشتاوي‪ ،‬بناء الشخصية في العرض المسرحي المعاصر‪ ،‬دار الكندي‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪.65‬‬
‫‪.2004‬‬
‫أحم د بي وض‪ ،‬المس رح الجزائ ري‪ ،‬نش اأته وط وره‪ ،‬منش ورات التب يين الجاحظي ة‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪.66‬‬
‫‪.1998‬‬
‫يوس ف حطي ني‪ ،‬مكون ات الس رد في الرواي ة الفلس طينية‪ ،‬اتح اد الكت اب الع رب‪ ،‬دمش ق‪،‬‬ ‫‪.67‬‬
‫سوريا‪.1999 ،‬‬
‫المذكرات واألطروحات‪:‬‬
‫بلمغ ربي م نى‪ ،‬خرامس ية يامن ة‪ :‬األبع اد الس يميائية في قص يدة "ال أري د له ذه القص يدة أن‬ ‫‪.68‬‬
‫تنتهي"‪ ،‬لمحمود درويش مخطوط الستكمال شهادة الماستر في اللغة واألدب العربي‪ ،‬جامعة‬
‫محمد البشير اإلبراهيمي‪ ،‬إشراف الدكتور‪ ،‬بغورة ياسين ‪.2019-2018‬‬

‫‪96‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪...........................................................................‬‬

‫ص الح قس يس‪ ،‬الخط اب المس رحي الجزائ ري المعاص ر‪ ،‬دراس ة بنيوي ة‪ -‬مس رحية الن ار‬ ‫‪.69‬‬
‫والنور لصالح مباركية –أنموذجا‪ -‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في األدب‪ ،‬إشراف‬
‫د‪/‬معمر حجيج‪ -‬جامعة باتنة‪.2008-2007 ،‬‬
‫أحس ن تليالني‪ ،‬توظي ف ال تراث في المس رح الجزائ ري‪ ،‬م ذكرة مقدم ة لني ل ش هادة دكت وراه‬ ‫‪.70‬‬
‫العلوم في األدب العربي الحديث‪ ،‬جامعة منتوري‪ ،‬قسنطينة‪.2010-2009 ،‬‬
‫م يراث العي د‪ ،‬حرك ة ت أليف المس رحي في الجزائ ر‪ ،‬أطروح ة دكت وراه‪ ،‬جامع ة وه ران‪،‬‬ ‫‪.71‬‬
‫‪.2007-2006‬‬
‫المواقع اإللكترونية‪:‬‬
‫‪https://ar.wikipedia.org:12:54/26-06-2021‬‬ ‫‪.72‬‬

‫‪97‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫فهرس المحتويات‬
‫مقدمة‪‌........................................................................................... :‬أ‬
‫ملخص الدراسة‪..........................................................................................‬‬

‫أوال‪ -‬مفهوم السيميائية‪ ":‬السيميولوجيا" ‪5........................................................‬‬


‫أ‪ -‬لغة ‪5..........................................................................................‬‬
‫ب‪ -‬اصطالحا ‪6...................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ -‬نشأة السيميولوجيا ‪8.......................................................................‬‬
‫‪ -1‬السيميولوجيا عند دي سوسير(‪8...........Ferdinand de Saussure )1913-1857‬‬
‫‪ -2‬السيميوطيقا عند بيرس(‪9..............................Charles Peirce )1939-1914‬‬
‫ب‪ :‬عند العرب ‪10................................................................................‬‬
‫‪ -1‬عند القدامى ‪10..............................................................................‬‬
‫‪ -2‬عند المحدثين ‪12.............................................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬مبادئ السيميولوجيا ‪13.....................................................................‬‬
‫‪ -3-1‬التحليل المحايث ‪14.......................................................................‬‬
‫‪ -3-2‬التحليل البنيوي ‪14.......................................................................‬‬
‫‪ -3-3‬تحليل الخطاب ‪15.........................................................................‬‬
‫رابعا‪ -‬موضوع السيميولوجيا وعالقتها بالعلوم األخرى ‪16.......................................‬‬
‫تمهيـد ‪21.........................................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬مفهوم الخطاب ‪22..........................................................................‬‬
‫أ‪ -‬لغة ‪22........................................................................................‬‬
‫ب‪ -‬اصطالحا ‪23.................................................................................‬‬
‫‪ -1‬عناصر الخطاب ‪25...........................................................................‬‬
‫‪ -1-1‬المرسل‪25.................................................................. Emetteur‬‬
‫‪ -1-2‬المرسل إليه‪26............................................................ Récepteur‬‬
‫‪ -1-3‬العناصر المشتركة ‪26....................................................................‬‬
‫‪ -1-4‬السياق‪26.................................................................... Contexte‬‬
‫‪ -2‬تقنيات الخطاب المسرحي ‪27.................................................................‬‬
‫ثانيا‪ -‬تعريف المسرح ‪28.........................................................................‬‬
‫اصطالحا‪30..................................................................................... :‬‬
‫‪99‬‬
‫ملخص الدراسة‪..........................................................................................‬‬

‫‪ -5‬نشأة المسرح في الوطن العربي‪32......................................................... .‬‬


‫‪ -5-1‬المسرح في المشرق العربي ‪32...........................................................‬‬
‫‪ -5-2‬نشأة المسرح في المغرب العربي (الجزائر) ‪33...........................................‬‬
‫‪ -2‬سيمات المسرح الجزائري ‪38................................................................‬‬
‫‪ -7‬أهمية المسرح ‪39............................................................................‬‬
‫‪-7-1‬األهمية التربوية ‪39.......................................................................‬‬
‫‪ -7-2‬األهمية النفسية ‪40.......................................................................‬‬
‫بيليوغرافيا الكتاب ‪41.............................................................................‬‬
‫أوال‪ -‬سيميائية الغالف والعنوان‪42............................................................. :‬‬
‫‪ -1-1‬الغالف ‪42................................................................................‬‬
‫‪ -1-2‬الصورة ‪43...............................................................................‬‬
‫‪ -1-3‬اللـــــــــــــــون ‪44............................................................................‬‬
‫‪ -2‬سيميولوجيـــــــــة العنوان ‪53..................................................................‬‬
‫أ‪ -‬مفهــــــوم العنوان ‪54...........................................................................‬‬
‫‪ -3‬البنية التركيبية النحوية ‪60...................................................................‬‬
‫‪ -4‬البنيـــــــــــــــــة الداللية ‪61.......................................................................‬‬
‫ملخــــــــــــــــــــــص المسرحية ‪61.....................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬قراءة سيميولوجية في عناصر المسرحية ‪62...............................................‬‬
‫‪ -1‬سيميولوجية الشخصية في مسرحية "الشروق" ‪62............................................‬‬
‫‪ -1-1‬تعريف الشخصية ‪62.....................................................................‬‬
‫لغـــــــــــــــة ‪62......................................................................................‬‬
‫ب‪ -‬اصطالحا ‪63.................................................................................‬‬
‫‪ -2‬أبعاد الشخصية ‪64...........................................................................‬‬
‫‪ -1‬الراوي ‪65...................................................................................‬‬
‫‪ -2‬الســــــــــــــــفير ‪66..............................................................................‬‬
‫‪ -3‬المقرر ‪66....................................................................................‬‬
‫‪100‬‬
‫ملخص الدراسة‪..........................................................................................‬‬

‫‪ -4‬الثائــــــــــــــــــــر ‪66..............................................................................‬‬
‫‪ -2‬سيميولوجيا الحوار في المسرحية ‪67........................................................‬‬
‫لغة ‪68............................................................................................‬‬
‫اصطالحا ‪68......................................................................................‬‬
‫‪-2‬أنواع الحوار ‪69..............................................................................‬‬
‫‪ -2-1‬الحوار الخارجي ‪69.......................................................... Dialogue‬‬
‫‪ -2-2‬الحوار الداخلي‪70................................................... Le monologue:‬‬
‫‪ -3‬سيميولوجية المكان في المسرحية ‪73........................................................‬‬
‫‪ -3-1‬تعريف المكان ‪73.........................................................................‬‬
‫لـــــغة ‪73..........................................................................................‬‬
‫اصطالحـــــــــا ‪74...................................................................................‬‬
‫‪ -3-2‬أنواع المكان ‪75..........................................................................‬‬
‫أ‪ -‬األماكن المفتوحة ‪75..........................................................................‬‬
‫ب‪ -‬األماكن المغلقة ‪76...........................................................................‬‬
‫أ‪ -‬األماكن المفتوحة ‪76..........................................................................‬‬
‫ب‪ -‬األماكن المغلــــــــــــقة‪81...................................................................... .‬‬
‫‪ -4‬سيميولوجية الصراع في المسرحية ‪84.......................................................‬‬
‫‪ -4-1‬مفهوم الصراع ‪84........................................................................‬‬
‫‪-4-2‬أنواع الصراع ‪85..........................................................................‬‬
‫أ‪-‬الصراع الداخلي(المونولوج)‪85............................................................... :‬‬
‫ب‪ -‬الصراع الخارجي ‪85.........................................................................‬‬
‫خاتمة ‪87.........................................................................................‬‬
‫‪ -‬قائمة المصادر والمراجع ‪92................................................................. :‬‬

‫‪101‬‬
‫ملخص الدراسة‪..........................................................................................‬‬

‫ملخص الدراسة‬

‫‪102‬‬
‫ملخص‬
.......................................................................‫الدراسة‬
:‫ملخص‬
‫ وذلك باعتباره وسيلة لتصوير الحياة اإلنسانية تصويرا‬،‫يعد المسرح أبو الفنون األقرب إلى الذات اإلنسانية‬
.‫ وألجل هذا عّد أداة لتثقيف وتطوير األمم‬،‫واقعيا‬
"‫ واخترنا في ذلك مسرحية "الشروق‬،‫فقد تناولنا في هذا البحث قراءة سيميولوجية لنص مسرحي جزائري‬
.‫ وفصلين وخاتمة‬،‫ مدخل‬،‫ مقدمة‬:‫لصالح لمباركية أنموذجا للقراءة وللتحليل فاحتوى البحث على‬
‫ كم ا تناولن ا في الم دخل ماهي ة الس يميولوجيا‬،‫ففي المقدم ة ط رحت اإلش كالية ودواف ع اختي ار البحث وأس بابه‬
.‫ومبادئها‬
‫ ليأتي الفصل الثاني لدراسة المسرحية وعناصرها دراسة‬،‫أما الفصل األول فقد خصص للخطاب والمسرح‬
.‫سيميولوجية بداية من الغالف إلى غاية الصراع‬
‫فك انت الخاتم ة خالص ة لم ا توص لنا إلي ه من نت ائج ومالحظ ات ح ول البحث معتم دين في ذل ك جمل ة من‬
.‫المصادر والمراجع‬
.‫ الصراع‬،‫ المكان‬،‫ الحوار‬،‫ الشخصيات‬،‫ العنوان‬،‫ الخطاب‬،‫ المسرح‬،‫ السيميولوجية‬:‫الكلمات المفتاحية‬

Résumé:

Le théâtre est considéré comme le père des arts les plus proches de l'être humain, car
c'est un moyen de représenter la vie humaine de manière réaliste et, pour cela, il est considéré
comme un outil d'éducation et de développement des nations.
Dans cette recherche, nous avons traité d'une lecture sémiologique d'un texte théâtral
algérien, et en cela nous avons choisi la pièce 'Sunrise' en faveur de Lmbarakia comme modèle
de lecture et d'analyse .La recherche contenait : une introduction, une introduction, deux
chapitres et une conclusion.
Dans l'introduction, le problème et les motifs du choix de la recherche et ses causes ont
été soulevés .En introduction, nous avons discuté de la nature de la sémiologie et de ses
principes.
Quant au premier chapitre, il était consacré au discours et au théâtre, tandis que le
deuxième chapitre était consacré à l'étude de la pièce et de ses éléments, une étude
sémiologique, de la couverture à la fin du conflit.
La conclusion était un résumé de nos constatations et observations sur la recherche, en
s'appuyant sur un certain nombre de sources et de références.
les mots clés: Sémiologie, théâtre, discours, discours, personnages, dialogue, lieu,
conflit.

You might also like