You are on page 1of 98

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫جامعة محمد بوضياف ‪ -‬المسيلة‬

‫ميدان‪ :‬لغة وأدب عربي‬ ‫كـلية‪ :‬اآلداب واللغات‬


‫فــرع‪ :‬دراسات أدبية‬ ‫قسم ‪ :‬األدب العربي‬
‫تخصص‪ :‬أدب جزائري‬ ‫رقم‪L15/324 :‬‬

‫مذكزة مقدمت لنيل شهادة الماستز أكاديمــي‬


‫إعداد الطالبت‪ :‬فوزية خيذت‬

‫تحت عنىان‪:‬‬

‫البنية الزمكانية في الرواية الجزائرية‬


‫رواية نوار اللوز ‪-‬أنموذجا‪-‬‬
‫لواسيني األعرج‬

‫تاريخ المناقشت‪4502-50-42 :‬‬


‫لجنت المناقشت‪:‬‬

‫رئيســـا‬ ‫جامعة المسيلة‬ ‫د‪ .‬خالد وهاب‬


‫مشرفا و مقررا‬ ‫جامعة المسيلة‬ ‫د‪ .‬أحمد أميه بىضياف‬
‫مناقشا‬ ‫جامعة المسيلة‬ ‫د‪ .‬عبد الزحيم بحزي‬

‫السنة الجامعية‪6102/6102 :‬م‪0344-0342-‬ھ‬


‫إهداء‬
‫الحمد هلل لبس العظمة كالكبرياء‪ ،‬كاصطفاىما لنفسو دكف خمقو‪ ،‬أحمده استتماما لنعمتو‬
‫كاستعصاما مف معصيتو‪ ،‬كالصبلة كالسبلـ عمى مف اصطفى مف الخمؽ أجمعيف‪ ،‬سيدنا‬
‫محمد كآلو كصحبو المنتخبيف‪ ،‬كبعد ‪:‬‬

‫كانت الشمس حارقة فانحنيا يقياني لييبيا‪ ،‬ثـ أخذا بيدم يغ ٌذياني بشيد عطفيما‪،‬‬
‫كيضيئاف بنكر دفئيما طريؽ الحياة ‪ ،‬حتى كبرت ‪ ...‬ككبركا ‪ ...‬فصغرت أماميما‪ ،‬كآف‬
‫لي أف أظميما بأك ار و‬
‫ؽ ىي عصارة أفكارم ‪ ...‬أمي كأبي‪ ،‬فاقببل إىدائي ‪.‬‬

‫كاخكتي كأخكاتي كجميع صديقاتي مكصكؿ ليـ شكرم‪ ،‬كأساتذتي ككؿ مف دفع بي إلى‬
‫مكضعي ىذا ‪ ،‬كالى كؿ مف رفضكا الجيؿ كجعمكا العمـ صاحبان أىدم عممي‪.‬‬

‫فكزية‬
‫شكر وتقدير‬
‫الحمد هلل الذم أنار لي طريقي كأعانني ككفقني في إنجاز ىذا البحث ‪.‬‬
‫أتقدـ بالشكر الجزيؿ ككؿ التقدير إلى أستاذم " أميف بكضياؼ" بتكجييو كنصحو لي‬
‫كما ٌ‬
‫طيمة المشكار ‪ ،‬فقد تابعني بكؿ إخبلص مف أجؿ إنجاز ىذا البحث فجزاه اهلل خي ار ‪.‬‬
‫أقدميا أيضا إلى جميع األساتذة في قسـ " اآلداب‬
‫كأسمى معاني الشكر كالتقدير كاالحتراـ ٌ‬
‫كالمغة العربية بجامعة محمد بكضياؼ" بالمسيمة‪.‬‬
‫كال يفكتني أف ارفع امتناني لجميع مف ساىـ في تقديـ يد العكف كالمساعدة مف قريب أك‬
‫بعيد إلنجاز ىذا العمؿ ‪.‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫مقدمة‬

‫مقدمة ‪:‬‬
‫الركاية نكع سردم يقكـ عمى االختبلؼ مع األنكاع السردية العتيقة ‪ ،‬كلو القدرة عمى‬
‫استيعاب مختمؼ األجناس كاألنكاع كتحكيميا ‪ ،‬كىذا مكمف إنتاجيتيا ‪ ،‬إنيا منفتحة عمى‬
‫الزماف كعمى اإلبداع ‪ ،‬ىذا االنفتاح ىك مصدر فنيتيا كابداعيتيا‪ ،‬سكاء أتحقؽ ذلؾ مف‬
‫خبلؿ معالجتيا الحدث في التاريخ السحيؽ أـ في الكاقع المعيش أـ المستقبؿ الممكف أك‬
‫خيؿ ‪.‬‬
‫المتى ٌ‬
‫ي‬
‫إف الركاية معرفة ‪ ،‬كلكنيا معرفة ال تكضح بشكؿ سخيؼ عمى لساف الشخصيات كال يتـ‬
‫تخص نسيج‬
‫ٌ‬ ‫تداكليا مف خبلؿ الحكادث أك تعاليؽ السرد أك أصكات أخرل‪ ،‬إنيا رؤية‬
‫كتخص صياغة الكصفيات كنمط تصكرىا ‪ ،‬إنيا بعبارة أخرل‬
‫ٌ‬ ‫العبلقات اإلنسانية كاألشياء‬
‫تجسيد فضائي كزماني لممعنى‪ ،‬ال يكضع المعنى عاريا عمى شفاه الكائنات ‪ ،‬كلكنو يكلد‬
‫مف خبلؿ ما يؤثث الككف ‪ ،‬بؿ يشرب مف خبلؿ التعميؽ عمى الحدث كتصكير الشيء‪،‬‬
‫كطريقة رؤيتو ككصفو كتداكلو ‪.‬‬
‫تطكرت الدراسات السردية كاتجيت إلى إيجاد نقد ذم صبغة عممية لو قكانينو‬
‫كمصطمحاتو ‪ ،‬كذلؾ باالتجاه إلى النص ذاتو كاالقتراب مف بنيتو الداخمية كتقنياتو ‪،‬‬
‫كبمغت ىذه الدراسات كثي ار ما طمحت إليو في طريقة عممية النقد‪ ،‬كانتقمت مف البيئات‬
‫التي ترعرعت فييا ككصمت إلى البيئات العربية كتداكلت النظريات الحديثة كصارت‬
‫السرديات مكضكعا متداكال في الدراسات الحديثة ‪.‬‬
‫لـ تكف الركاية العربية في معزؿ عما حققتو السرديات كعمـ إنساني ‪ ،‬بؿ تفاعمت‬
‫مع الحركات النقدية ‪ ،‬كصارت الركاية العربية مكضكعا لدراسات أكثر التصاقا بالنص‬
‫ذاتو ‪ ،‬كبدأت النظريات النقدية السردية التي نشأت في البيئات المختمفة تجد ليا تطبيقات‬
‫في الركاية العربية ‪.‬‬
‫إف لكؿ كاحد مف الفنكف التي يتشكؿ مف خبلليا األدب ميزاتو الخاصة التي يؤثر‬
‫بيا عمى القدرة التعبيري ة لمغة في أف تككف مدل لفاعمية الزماف كصدل حقيقيا ككاقعيا ليا‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫مقدمة‬

‫كاف لغة بعض الفنكف األدبية قد تككف أكثر قدرة عمى مف سكاىا عمى أف تي ىؤ ِّمف مدل‬
‫فسيحا ال عثرات فيو إلبراز فاعمية الزماف ‪ ،‬كصدل أقرب ما يككف إلى طبيعة الكاقع‬
‫كحقيقتو ‪.‬‬
‫كلغة الركاية ‪-‬لما في الفف الركائي مف التصاؽ بتصكير حقيقة األمكر الكاقعة أك‬
‫المتخٌيمىة‪ -‬قد تككف أقرب مف أم لغة أخرل إلى تأميف المدل الفسيح إلبراز فاعمية الزماف‬
‫ى‬
‫كالصدل األقرب إلى حقيقة الكاقع في مجاؿ الفنكف األدبية‪ ،‬كيعتبر الزمف عنص ار أساسيا‬
‫متمددة في‬
‫في مقاربة تقنيات السرد‪ ،‬بؿ إف الزمف في السرديات ىك المؤشر عمى فعاليات ٌ‬
‫الركاية ‪ ،‬كيؤثر الزمف عمى دالالت السرد كمكاقع العناصر اليامة فيو ‪.‬‬
‫كالدراسة حيف تدخؿ حقمي الزمف كالمكاف تبيف ما بينيما مف تفارؽ ‪ ،‬فالزماف جار‬
‫حد‬
‫متغير‪ ،‬كالمكاف ثابت متأطر‪ ،‬لكف الفضاء ىك كسيمة لئليياـ بالكاقع‪ ،‬إلى ٌ‬
‫متحرؾ‪ٌ ،‬‬
‫يجعؿ ما تركيو الركاية ذا كاقع‪ ،‬ألنو يشتبؾ مع حقائؽ كاقعية‪ ،‬حتى لك كانت إيياميو‪،‬‬
‫يحكؿ الفضاء مف كاقع جغرافي إلى كاقع أدبي مع إيياـ بالكاقعية ‪.‬‬
‫كىذا ٌ‬
‫ال يمكف فعميا تحديد الفضاء باألمكنة كحدىا‪ ،‬كال باألزمنة كحدىا فكبلىما منفصبل‬
‫محدد ‪.‬‬
‫يتحدد الفضاء بالمكاف في زماف ٌ‬
‫كبحاجة إلى اآلخر‪ ،‬كلذا ٌ‬
‫كمما عمدت إلى دراسة قصة أك ركاية قرأتيا‪ ،‬ذلؾ أنني أعتبر العمؿ الركائي عمبل‬
‫متكامبل ‪ ،‬كمما كاف الركائي ممما بأصكؿ عممو كحرفيتو كمقكماتو ككاف إبداعو أجمؿ ‪،‬‬
‫ككذلؾ كمما كاف الناقد خائضا في الكتابة القصصية كمقكماتيا كاف نقده أمتعي كأفيد ‪.‬‬
‫عمي فأعيد إلى تسجيؿ بعض ما يحضرني مف‬ ‫كقد كاف لبعض الركايات التأثير ٌ‬
‫نوار‬
‫مبلحظات عقب قراءتيا‪ ،‬ال تعدك أف تككف نقدا عاب ار كانطباعات بسيطة‪ ،‬لكف مع " ّ‬
‫البد مف كتابة أرحب‪ ،‬مقارنة بالذم مضى ‪ ،‬كتابة‬
‫الموز" في كضع آخر مخالؼ‪ ،‬كاف ٌ‬
‫أدعي ليا جكدة كانما ىي‬
‫تتناسب مع مكضكع مذكرة الماستر‪ ،‬فكتبت ىذه الدراسة التي ال ٌ‬
‫محاكلة الستخراج بعض التقنيات السردية التي اعتمدت عمييا الركاية كفؽ التحميؿ البنيكم‬
‫"نوار الموز" دكف سكاىا كال لمراكم كاسيني األعرج دكف غيره مف‬
‫لـ يكف الختيارم ركاية ّ‬
‫‪3‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫مقدمة‬

‫معيف‪ ،‬كاف أردت أف أجعؿ مف ذلؾ سببا‪ ،‬فيك قدرة الراكم الف ٌذة عمى تكظيؼ‬
‫سبب ٌ‬
‫عمدت إلى دراسة‬
‫ي‬ ‫تقنيات السرد خصكصا ما تعمٌؽ بالزمف كالمكاف في ركايتو ىذه‪ ،‬كقد‬
‫الركاية كاستخراج تمؾ التقنيات كالتعميؽ عمييا‪ ،‬كذلؾ أف الركائي حيف يكتب كحيف يرسـ‬
‫يصب فيو كؿ ما أكتي مف ثقافة كقدرة عمى تكظيؼ شتى الكسائؿ‬
‫ٌ‬ ‫نصو‬
‫معمارية ٌ‬
‫كالتقنيات ‪ ،‬كمف ىنا أمكف لي أف أتساءؿ‪:‬‬
‫‪ -‬ما المقصكد بالبنية الزمكانية ؟ كما مدل مساىمتيا في الشكمنة كخمؽ االنسجاـ‬
‫كالتكامؿ في العمؿ الركائي ؟‬
‫كلئلجابة عف ىذه التساؤالت ارتأيت أف أختار لبحثي منيجا أستعيف بو كأعتمد عميو في‬
‫التنظير كالتطبيؽ كىك المنيج السيميائي كالبنيكم حيث زاكجت بينيما نظ ار لممتف الركائي‬
‫المعد لمدراسة كالمشحكف بمختمؼ المعاني كالدالالت ‪ ،‬فأجدني أتعامؿ تارة مع الزمف كتارة‬
‫ٌ‬
‫أخرل مع المكاف‪ ،‬ألركز في جانب آخر مف جكانب الدراسة عمى داللة الشخصيات‬
‫الركائية‪.‬‬
‫لقد حرصت عمى تقسيـ بحثي المتكاضع ىذا إلى فصميف كارتأيت أف استيميما‬
‫بمدخؿ يككف مفتاحا لمكصكؿ إلى البنية الزمكانية في الركاية‪ ،‬طرحت فيو المصطمحات‬
‫المشكمة لمعنكاف‪ ،‬متطرقة إلى كؿ مصطمح عمى حدة‪ ،‬الفصؿ األكؿ نظرم بعنكاف‬
‫التقنيات السردية لمركاية‪ ،‬إذ حرص ت عمى رصد أىـ العناصر منيا الزمف الذم قدمت لو‬
‫تعريفا عاما في المغة كاالصطبلح‪ ،‬متناكلة جميع جكانبو مف خبلؿ الكشؼ عف‬
‫التمفصبلت كالمفارقات الزمنية كما يتعمؽ بسرد األحداث مف حيث سرعتيا أك بطئيا‪ ،‬ثـ‬
‫تطرقت إلى الفضاء كذلؾ مف خبلؿ تقييـ نظرم ألىـ القضايا المتعمقة بالمكاف مبينة أىـ‬
‫أنكاع (المفتكح‪ /‬المغمؽ) كفي األخير تناكلت الشخصيات مف خبلؿ بياف مفيكميا كأىـ‬
‫طرؽ عرض الشخصية ككيفية دراستيا‪ ،‬أما الفصؿ الثاني فيك تطبيقي بالدرجة األكلى‬
‫كقد عنكنتو بػ‪ :‬دراسة تطبيقية في ركاية "نوار الموز" لواسيني األعرج‪ ،‬كقد انتيجت فيو‬

‫‪4‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫مقدمة‬

‫حد كبير‪ ،‬كذلؾ بتطبيؽ كؿ ما تناكلتو في الفصؿ‬


‫مسا ار شبييا بمسار الفصؿ األكؿ إلى ٌ‬
‫النظرم مف مفاىيـ نظرية كأدكات إجرائية عمى الركاية األنمكذج ‪.‬‬
‫كقد ختمت بحثي بحكصمة ألىـ ما جاء فيو ككذا النتائج التي تكصمت إلييا مف‬
‫رب العباد‬
‫خبلؿ الدراسة‪ ،‬كال أجدني في حاجة إلبداء العراقيؿ التي كاجيتني كقد ذلميا لي ٌ‬
‫بمعكنة منو –تعالى‪.-‬‬

‫‪5‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ تمييدم‬

‫مدخل مفاهيمي‬

‫‪ -‬الرواية‬
‫النص‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬الزمان‬
‫‪ -‬المكان‬
‫‪ -‬البنية‬
‫‪ -‬المغة‬
‫‪ -‬الحدث‬
‫‪ -‬الشخصيات‬
‫‪ -‬السرد‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ تمييدم‬

‫اإلطار المفاهيمي ‪:‬‬


‫النص بمتكف الحكاية ‪ ،‬ليتماشى‬
‫ٌ‬ ‫لقد اىتمت الدراسات السردية في بداية تكاصميا مع‬
‫معيا ال دراسكف فيما بعد محاكليف التفاعؿ معيا كتطكيرىا ليتجاكزىا الى األنكاع القصصية‬
‫الحديثة بالقصة القصيرة كالركاية ‪ ،‬كالتي فرضت ىذه األخيرة نفسيا عمى الساحة العربية‬
‫الفف األسمى كاألثير لدل العديد مف الكتاب ‪.‬‬
‫كغدت ٌ‬
‫كعميو فإف الخطاب الركائي كبدكره يحتكم عمى أحكاـ البناء الفني ‪ ،‬كالتي ىي تعتبر‬
‫ؾ الحقيقي كالباب الرئيسي الذم يدخؿ منو العمؿ الركائي ‪ ،‬كمف ىنا فالعمؿ‬
‫بمثابة المح ٌ‬
‫الركائي يستعيف في مساره عمى عناصر بنائية فنية كالزماف كالمكاف كالشخصيات كالمغة‬
‫كاألحداث كتقنيات سردية مختمفة ‪ ،‬كالتي بدكرىا تككف بنيتو األساسية ‪ ،‬كفقا التساع‬
‫تعدد الشخصيات كالبيئات المكانية‬
‫مجاالت أدائو مف تنكع األحداث كالمكضكعات كمف ٌ‬
‫كالزمانية كاالجتماعية كغيرىا ‪.‬‬
‫كلذلؾ سنتطرؽ الى كؿ عنصر مف ىذه العناصر ‪ ،‬كنعرؼ مدل أىميتو في تككيف‬
‫الخطاب الركائي ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬الرواية ‪:‬‬
‫كرٌيا كركايةن ‪ ،‬فيك رواك‪ ،‬كالجمع‪:‬‬
‫لغة ‪ :‬نجد في معجـ الكسيط قكليـ‪ :‬ركل‪ ،‬يركم‪ٍ ،‬ارًك ً‬
‫بالركاء ‪،‬‬
‫شد عميو ٌ‬ ‫البعير‪ٌ :‬‬
‫ى‬ ‫م‪ ،‬ركل عمى البعير‪ :‬استسقى‪ ،‬ىرىكل‬ ‫يركاة ‪ ،‬كالمفعكؿ ىم ً‬
‫رك ٌ‬
‫ركل القكـ عمييـ كليـ‪ :‬استسقى ليـ الماء‪ ،‬ركل الحديث أك الشعر ركاية أم جممو كنقمو‬
‫فيك رواك‪ ،‬كيقاؿ ركل عميو الكذب أم كذب عميو كركل الحبؿ رٌيا‪ :‬أم أنو قتمو ‪ ،‬كركل‬
‫‪1‬‬
‫الزرع أم سقاه‪.‬‬
‫كقكؿ الجكىرم‪ :‬ركيت الحديث كالشعر ركاية فأنا رواك في الماء كالشعر‪ ،‬كركيتو‬
‫الشعر تركيو أم حممتو عمى ركايتو‪.‬‬

‫‪ -1‬ابراىيـ مصطفى حامد عبد القادر كآخركف‪ ،‬المعجـ الكسيط‪ ،‬المكتبة االسبلمية لمطباعة كالنشر كالتكزيع‪،‬‬
‫اسطنبكؿ‪،‬ج‪،1‬ص ‪.384‬‬
‫‪6‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ تمييدم‬

‫اصطالحا ‪:‬‬
‫إف مصطمح الركاية ليس مف المصطمحات الجدلية التي يكثر الخبلؼ أك االلتباس في‬
‫القص أك‬
‫ٌ‬ ‫بفف‬
‫الركاية الكثيؽ ٌ‬
‫تحديد داللتيا عند الناقديف‪ ،‬كىذه الشفافية قد تعكد الى ارتباط ٌ‬
‫اختص بيا االنساف كحده دكف‬
‫ٌ‬ ‫ىاما مف المظاىر التي‬
‫الحكي‪ ،‬الذم أصبح مظي ار ٌ‬
‫تجربة أدبية يعبر عنيا بأسمكب‬ ‫الكائنات األخرل‪ ،‬كعميو فإف الركاية كفي مفيكـ بسيط‬
‫النثر سردا أك حكا ار مف خبلؿ تصكير حياة مجمكعة أفراد أك (شخصيات) ‪ ،‬يتحرككف في‬
‫‪1‬‬
‫يحدد ككنيا ركاية‬
‫معيف ‪ٌ ،‬‬
‫كمي ٌ‬
‫محددا الزماف كالمكاف ‪ ،‬كليا امتداد ٌ‬
‫نسؽ اجتماعي ٌ‬
‫القصة القصيرة –مثبل‪ ،‬كسبب‬
‫ٌ‬ ‫فف‬
‫نسبيا بالقياس الى ٌ‬
‫تخيمي طكيؿ ‪ٌ ،‬‬
‫فف نثرم ‪ٌ ،‬‬
‫‪ ،‬فيي ٌ‬
‫طكليا نجد أنيا تعكس عالما مف األحداث كالعبلقات الكاسعة ‪ ،‬كالمغامرات المثيرة‬
‫كالغامضة أيضا ‪.‬‬
‫أما مفيكميا لدل البنيكييف المسانييف (السرانييف المسانييف) عمى كجو الخصكص ‪،‬‬
‫أف الفف الركائي شيء قائـ بذاتو ‪ ،‬كعالـ مستقؿ بنفسو ‪ ،‬كليس كسيمة الى‬ ‫يركف‬
‫أغراض أخرل ميما كانت أىميتيا ‪.‬‬
‫يعد في ذاتو قالبا لتضمينات سياسية كاجتماعية ‪ ،‬أك خمقية أك ما شابو ذلؾ‬
‫فيك ال ٌ‬
‫‪ ،‬فيك عالـ يخمؽ قكانينو مف داخميتو‪ ،‬كال يستمدىا مف قكالب مسبقة كال مف حقائؽ ثابتة‬
‫‪.‬‬ ‫في المجتمع ‪.‬‬
‫إف الركاية ال تعبر عف حقيقة ‪ ،‬بؿ تعبر عف نفسيا كىذا و‬
‫كاؼ ‪ ،‬فالفف ال يحاكي كال‬
‫بأف الركاية لـ تحظ بتعريؼ‬ ‫يعمِّـ‪ ،‬انو ببساطة يكجد‪ ،‬كما تعرفيا أيضا " مارت ركبار"‬
‫حد ما غير قابمة لمتعريؼ‬
‫دقيؽ كىي الى ٌ‬
‫ثانيا ‪ :‬النص‪:‬‬

‫‪ -1‬كادم طو ‪ ،‬الركاية السياسية ‪ ،‬دار النشر لمجامعات المصرية ‪ ،‬القاىرة ‪ ، 1996 ،‬ص ‪.56‬‬
‫‪7‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ تمييدم‬

‫كمتعددة ‪ ،‬ستكفي منيا بذكر‬


‫ٌ‬ ‫لغة ‪ :‬لكممة نص في المعاجـ كالكتب المغكية دالالت كثيرة‬
‫ما‬
‫يخدـ ىدفنا ‪ ،‬كىك المتمثؿ في الكقكؼ عمى معنى النص بالمفيكـ الحديث ليذا‬
‫المصطمح‬
‫نص الناقة أم استخرج‬
‫ىك أقصى الشيء كغايتو‪ ،‬كمنو ٌ‬ ‫النص في " لساف العرب"‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫‪-‬‬
‫كنص الشيء منتياه‬
‫سيرىا ‪ٌ ،‬‬
‫نص الحديث‬
‫النص‪ :‬النكف كالصاد أصؿ صحيح يدؿ عمى رفع كانتياء في الشيء‪ ،‬يقاؿ ٌ‬
‫ٌ‬
‫كمنصةي العركس منو أيضا‪ ،‬كبات فبلف‬
‫ٌ‬ ‫ص في السير أرفعو‪،‬‬ ‫الى فبلف‪ :‬رفعو اليو‪ ،‬ك َّ‬
‫الن ى‬
‫ت الرجؿ‪:‬‬
‫صي‬‫كنص ٍ‬
‫ى‬ ‫منتصًّا عمى بعيره ‪ ،‬أم منتصبا‪ ،‬كنص كؿ شيء ‪ :‬منتياه ‪،‬‬
‫استقصيت مسألتو عف الشيء حتى تستخرج ما عقده ‪ ،‬كىك القياس ألنؾ تبتغي بمكغ‬
‫ي‬
‫ىـ بالنيكض‪،‬‬
‫صة ‪ :‬إثبات البعير ركبتيو في األرض‪ ،‬إذا ٌ‬
‫صن ى‬
‫الن ى‬
‫النياية ‪ ،‬كمف ىذه الكممة ٌ‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬‬ ‫القصة مف شعر الرأس كىي عمى مكضع رفيع‬
‫ٌ‬ ‫النصة ‪:‬‬
‫صةي ‪ ،‬التحريؾ ‪ ،‬ك ٌ‬
‫صن ى‬
‫الن ى‬
‫كٌ‬
‫صو‬
‫نص الحديث يين ٌ‬
‫رفع ىؾ الشيء‪ٌ ،‬‬
‫فالنص ي‬
‫ٌ‬ ‫الرفع‪:‬‬
‫كأما في " أساس الببلغة " فيك يفيد ٌ‬
‫نصا‪ :‬رفعو ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫النص(نص الحقائؽ) ىك‬ ‫كبناء عمى ذلؾ ‪ ،‬يرل محمد الصغير بناني بأف‬
‫ن‬
‫‪ ،‬كمف ىنا نستنتج أف أكثر ما تدؿ عميو ىذه الكممة‬ ‫المنتيى ‪ :‬االكتماؿ كالقدرة كالنضج‬
‫ىك الظيكر كالكضكح كاالكتماؿ ‪ ،‬كىك المعنى تقريبا الذم انتقؿ بو مفيكـ‬ ‫لغكيا ‪،‬‬
‫النص الى مجاؿ عمـ األصكات ‪ ،‬إذ يعني في كتب التفسير ماال يحتمؿ إال معنى كاحدا‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫نصا‬
‫يعد ٌ‬
‫أك ما ال يحتمؿ التأكيؿ فما اختمؼ عف ذلؾ ‪ ،‬ال ٌ‬
‫التطرؽ الى جممة‬ ‫النص في التراث مف خبلؿ‬
‫ٌ‬ ‫اصطالحا ‪ :‬يمكف أف نبحث عف مفيكـ‬
‫مف المفاىيـ مثؿ ‪ :‬الجممة كالكبلـ كالقكؿ كالتبميغ كالخطاب كالنظـ ‪ ،‬ككميا مفاىيـ أساسية‬

‫‪ -1‬عبد القادر سبلمي ‪ :‬تحميؿ الخطاب ‪ ،‬مقدمة لمقارئ العربي ‪ ،‬ديكاف العرب ‪.2007 ،‬‬
‫النص كمجاالت تطبيقية ‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫ٌ‬ ‫‪ -2‬محمد األخضر الصبيحي ‪ ،‬مدخؿ الى عمـ‬
‫‪8‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ تمييدم‬

‫في النظرية المغكية العربية عامة كاألسس النظرية المككنة لمنص خاصة ‪ ،‬إنيا منظكمة‬
‫مفاىيـ أرل مف الضركرم تسميط الضكء عمييا ألف بينيما كشائج قربى كعبلقات نسب‬
‫‪.‬‬
‫نجد أف النص نسيج تتخممو جممة مف‬ ‫كمف المنظكر االصطبلحي كذلؾ ‪،‬‬
‫الكحدات الدالة عمى المفاىيـ القائمة ‪ ،‬كىك تعريؼ روالت بارت ‪ ،‬كانطبلقا مف تعريؼ‬
‫"نودروف" لمنص ‪ ،‬فإننا نجد بأف النص ال يقع في المستكل نفسو الذم تقع فيو الجممة ‪،‬‬
‫كما أنو ال يقع مكقعيا مف حيث المفيكـ ‪ ،‬كعمى ىذا األساس فإف النص يجب أف يتميز‬
‫عدىا عبلمة مف عبلمات‬
‫عدة جمؿ ‪ ،‬لذا يمكف ٌ‬
‫عف الفترة باعتبارىا كحدة نمطية مف ٌ‬
‫يتحدد باستقبلليتو كانغبلقو (أم لو بداية‬
‫ٌ‬ ‫تصكر تودروف‬
‫ٌ‬ ‫الترقيـ ‪ ،‬كما أف النص في‬
‫‪1‬‬
‫كنياية ) ‪ ،‬كما أنو ذك محتكل داللي متجانس كمتكامؿ كيمتاز بالكضكح ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬الزمن ‪:‬‬
‫اف‬
‫الزىم ي‬
‫الزىم يف ك ٌ‬
‫اف ‪ ،‬اسـ لقميؿ الكقت ككثيره ‪ ،‬كفي المحكـ ى‬ ‫الزىم ي‬
‫مف ك ٌ‬‫‪،‬الز ي‬‫لغة ‪ :‬ىزىم ىف ٌ‬
‫مف الشيء ‪ :‬طاؿ عميو‬ ‫اف كأزًمىنة ‪ ،‬ى‬
‫كزىمف ىزام يف شديد ‪ ،‬ك ىأز ى‬ ‫العصر ‪ ،‬كالجمع أ ًىزىم يف ك ى‬
‫أزم ٍ‬
‫الزمىنة عف ابف األعرابي ‪.‬‬
‫الزىم يف ‪ ،‬ك ٍ‬
‫ماف ‪ ،‬كاالسـ مف ذلؾ ٌ‬
‫الز ي‬
‫ٌ‬
‫‪2‬‬
‫مف كعمة‬
‫ك ٍأزىم ىف بالمكاف ‪ :‬أقاـ بو زمانا » كالشيء طاؿ عميو الزمف ‪ ،‬يقاؿ ‪ :‬مرض يم ٍز ٍ‬
‫يمزًمىنة ‪ ،‬ك ى‬
‫‪3‬‬
‫الزىماف ‪ :‬الكقت قميمة ككثيرة ‪ ،‬كيقاؿ السنة أربعة أزمنة ‪ :‬أقساـ كفصكؿ«‬
‫ككممة زماف " تطمؽ في الغالب لمداللة عمى زماف مف حيث ىك مفيكـ فمسفي أك‬
‫كمدة حكـ الدكؿ‪،‬‬
‫رياضي‪ ،‬كما تستعمؿ باإلجماؿ لمداللة عمى أحقاب الطكيمة أك القركف‪ٌ ،‬‬

‫‪ -1‬عبد القادر سبلمي ‪ ،‬تحميؿ الخطاب ‪ ،‬مقدمة لمقارئ العربي ‪.2007 ،‬‬
‫‪ -2‬ابف منظكر ‪ ،‬لساف العرب ‪ ،‬دار صادر ‪ ،‬بيركت ‪،‬ط‪ ، 1992، 3‬ص ‪.199‬‬
‫‪ -3‬أحمد حمد النعيمي ‪ ،‬ايقاع الزمف في الركاية العربية المعاصرة ‪ ،‬المؤسسة العربية لمدراسات كالنشر ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬ط‪1‬‬
‫‪ ، 2004 ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪9‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ تمييدم‬

‫كعمى بداية العصكر التاريخية‪ ،‬كتستعمؿ أيضا في اصطبلح عمـ الفمؾ لداللة عمى مقدار‬
‫‪1‬‬
‫طكؿ فترة ما مف الزماف"‬
‫باإلضافة الى كثير مف الحدكد المغكية المتفرقة في بعض المؤلفات الخاصة بعمكـ المساف‬
‫الشؽ المغكم الذم نمحظ مف خبللو اىتماما خاصا بالزمف المطمؽ ‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫كالمغة ‪ ،‬كاف ذلؾ ىك‬
‫كحرصا شديدا عمى محاكلة كضع الحدكد المغكية دكف غيرىا ‪ ،‬مما جعؿ ىذا الشؽ يفتقر‬
‫الى الدقة كاالبداع مف ناحية ‪ ،‬بحيث ال تكفي المصطمحات مثؿ " الكقت" " القمة "‬
‫ك"الكثرة" لتحديد معنى الزمف في لساف العرب ‪ ،‬كخاصة حيف نجد الكقت مرادفا لمزمف في‬
‫"المدة"‬
‫بعض المعاجـ العربية األخرل‪ ،‬كيقاؿ مثؿ ذلؾ عف " العصر"‪ " ،‬الدىر"‪" ،‬الكقت"‪ٌ ،‬‬
‫التي رٌكز عمييا البستاني في دائرة المعارؼ ‪.‬‬
‫اصطالحا ‪ :‬أما في االصطبلح نجد باف الزمف مف المقكالت األساسية التي شغمت باؿ‬
‫يمت‬
‫الدارسيف ‪ ،‬كاستقطبت اىتماميـ كذلؾ الرتباطو باألدب كالفمسفة كالعمـ ‪ ،‬بؿ بكؿ ما ٌ‬
‫لئلنساف بصمة سكاء مف قريب أك مف بعيد‪ ،‬في ماضيو كحاضره أك حتى في آماؿ‬
‫مستقبمو كذلؾ تبعا لشساعة المساحة الزمنية‪.‬‬
‫فالزمف يكتسب معاني مختمفة ‪ ،‬بؿ متشبعة كمتباينة كذلؾ ‪ ،‬كلك أراد دارس أف يقؼ‬
‫ب عميو األمر حتى لك نذر حياتو لمكقكؼ عمى ىذه‬
‫لصع ى‬
‫ي‬ ‫عمى الزمف بمعاينة المتباينة‬
‫المسألة ‪ ،‬فيك يأخذ أبعاد شتى في الفمسفات المختمفة ‪ ،‬كما لو معاني اجتماعية كنفسية‬
‫كعممية كدينية كغيرىا ‪...‬‬
‫كيؤكد » أ ‪.‬أ ‪.‬مندكال ‪ ،‬كفي كتابو " الزمف كالركاية " مثؿ ىذا الرأم ‪ ،‬فيذىب الى أف‬
‫أكثر مف مفكر كناقد كرجؿ ديف قد تباركا في كصؼ صعكبة القبض محدد لمزمف ‪ ،‬ثـ‬
‫نجده يدعـ رأيو بمقكلتيف ‪ :‬األكلى لمقديس أكغسطيف الذم قاؿ إذا لـ يسألني أحد عف‬
‫الزمف فإنني أعرفو ‪ ،‬كاذا أردت أف أشرحو لمف يسألني عنو فإنني ال أعرفو ‪ ،‬كالثانية (‬

‫‪ -1‬بشير بكيجرة محمد ‪ ،‬بنية الزمف في الخطاب الركائي الجزائرم ‪ ،‬دار العرب لمنشر كالتكزيع ‪ /‬ج‪ ، 1‬ط‪، 1‬‬
‫(‪ ، )1986-1970 ( ، )2002-2001‬ص ‪. 5 ، 4‬‬
‫‪10‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ تمييدم‬

‫كليـ شكسبير ) الذم قاؿ نحف نمعب دكر الميرج مع الزمف ‪ ،‬كأركاح العقبلء تجمس فكؽ‬
‫‪1‬‬
‫منا«‬
‫السحاب كتسخر ٌ‬
‫يعد الزمف إحدل االشكاليات التي تكاجو الباحث في البنية السردية لمركاية‬
‫«كما ٌ‬
‫كبخاصة أف الزمف مفيكـ مجرد كىك في االصطبلح السردم مجمكعة مف العبلقات‬
‫الزمنية بيف المكاقؼ المحبكة كعممية الحكي كبيف الزماف كالخطاب المسركد كالعممية‬
‫المسركدة » ‪.2‬‬
‫رابعا ‪ :‬المكان ‪:‬‬
‫المكاف مف الناحية المغكية يعني المكضكع الثابت‪ ،‬المحسكس القابؿ لئلدراؾ‪،‬‬ ‫لغة‪:‬‬
‫كيتنكع مف حيث المساحة كالحجـ كالشكؿ‪ ،‬يقكؿ ابف منظكر‪ :‬كالمكاف‪-‬المكضكع‪-‬كالجمع‬
‫أمكنة ‪ ،‬كأماكف جمع الجمع كالعرب تقكؿ‪ :‬كف مكانؾ‪ ،‬كاقعد مقعدؾ ‪ ،‬فقد د ٌؿ ىذا عمى‬
‫أنو مصدر مف كان أك مكضع منو ‪ ،‬كانما جمع أمكنة فعاممكا الميـ الزائدة معاممة‬
‫‪3‬‬
‫األصيمة‬
‫المكاف المكضع الحاكم لمشيء جمع أمكنة كمكف ‪ ،‬كجمع‬ ‫كيضيؼ أحمد رضا ‪:‬‬
‫كعمى ىذا يمكف ادراكو ادراكا حسيا يبدأ أكال ‪ » :‬بخبرة االنساف بجسده‪:‬‬ ‫الجمع أماكف‬
‫ىذا الجسد المكاف أك لنقؿ بعبارة أخرل مكمف القكل النفسية كالعقمية كالعاطفية كالحيكانية‬
‫الحيز الذم يحتكيو كالثياب ثـ‬
‫ليتعداىا بعدىا الى أقرب مكاف اليو كىك ٌ‬
‫ٌ‬ ‫لمكائف الحي‬

‫الغرفة ‪ ،‬ثـ غيرىا مف األمكنة??«‪.‬‬

‫‪ -1‬أحمد حمد النعيمي ‪ ،‬ايقاع الزمن في الرواية العربية المعاصرة ‪ ،‬ص ‪. 61‬‬
‫‪ -2‬عبد المنعـ زكرياء القاضي ‪ ،‬البنية السردية ‪ ،‬عيف الدراسات كالبحكث االنسانية كاالجتماعية ‪،‬اليرـ‪،2008،‬ص‬
‫‪.103‬‬
‫‪ -3‬أكريدة عبكد ‪ ،‬المكاف في القصة القصيرة الجزائرية الثكرية ‪ ،‬دراسة بنيكية لنفكس ثائرة ‪ ،‬دار األمؿ لمطباعة كالنشر‬
‫كالتكزيع ‪ ،‬د ط ‪ ، 2009 ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪11‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ تمييدم‬

‫كاألماكف تختمؼ شكبل كحجما كمساحة‪ ،‬فييا الضيؽ المغمؽ‪ ،‬كالمتسع المفتكح كالمرتفع‬
‫المنقطع كالمتصؿ ‪ ،‬إنيا أشكاؿ مف الكاقع انتقمت الى القصة كصارت‬ ‫كالمنخفض‬
‫عنص ار مف عناصرىا‪.‬‬
‫جمع أمكنة ‪ ،‬فعاممكا الميـ الزائدة معاممة‬ ‫كيذىب ابف سيدة الى أف المكاف‬
‫األصيمة ‪ ،‬ألف العرب تشبو الحرؼ بالحرؼ ‪ ،‬كما قالكا منارة ‪ ،‬منائر ‪ ،‬فشبيكىا بفعالة ‪،‬‬
‫كىي مفعمة مف النكر ككاف حكمو كمناكر‬
‫إف السؤاؿ عف المكاف مرتبط في الكاقع بالسؤاؿ عف الكجكد االنساني‬ ‫اصطالحا ‪:‬‬
‫ىذا الكجكد الذم تحقؽ دكما في ظؿ مكاف حيث كاف رحـ األـ ىك المكاف األكؿ الذم‬
‫مكرست فيو الحياة بشكؿ أك بآخر ‪ ،‬ثـ جاء الميد ‪ ،‬ثـ البيت ‪ ،‬ثـ الشارع ‪ ،‬ثـ المدرسة ‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬‬ ‫ثـ المدينة أك القرية ‪ ،‬ثـ أمكنة أخرل يككف آخرىا القبر‬
‫كيسمى المكاف بالفضاء الركائي ‪ ،‬كىك يعني في مفيكمو الفني مجمكع األمكنة‬
‫التي تظير عمى امتداد بنية الركاية مككنة بذلؾ فضاءىا الكاسع كالشامؿ ‪ ،‬كتحتؿ أىمية‬
‫خاصة في تشكيؿ العالـ الركائي ‪ ،‬كرسـ أبعاده ذلؾ أف المكاف مرآة تنعكس عمى سطحيا‬
‫الشخصيات كتنكشؼ مف خبلليا أبعادىا النفسية كاالجتماعية ‪ ،‬كىك ياخذ عمى عاتقو‬
‫السياحة بالقارئ في عالـ متخيؿ تمؾ الرحمة مف الكىمة األكلى تككف قادرة عمى الدخكؿ‬
‫‪2‬‬
‫بالقارئ الى فضاء السرد‬
‫كاذا انتقمنا الى غاستكف باشبلر نجد أف المكاف عنده يتمثؿ في البيت ‪ ،‬كىذا ال‬
‫يعني أنو ال مكاف في العالـ سكل البيت ‪ ،‬لكف باشبلر كانطبلقا مف تركيزه عمى قيـ‬
‫الحميمية كالحماية يعتقد أف كؿ األمكنة المسككنة حقا ‪ ،‬كالمحمكـ بيا تحمؿ جكىر مفيكـ‬
‫البيت ‪ ،‬فحيثما يجد االنساف مكانا يتمتع ببعض صفات المأكل ينشط خيالو فيبني جدرانا‬

‫النص الشعرم‪ ،‬مؤسسة االنتشار العربي‪ ،‬بيركت‪ ،‬ط‪، 2008 ،1‬‬


‫ٌ‬ ‫‪ -1‬فتيحة كحمكش‪ ،‬ببلغة المكاف قراءة في مكانية‬
‫ص ‪.17‬‬
‫‪ -2‬عبد المنعـ زكرياء القاضي ‪ ،‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪12‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ تمييدم‬

‫‪ ،‬كيغرؽ في التمتع بكىـ الحماية ‪ ،‬أك عمى العكس مف ذلؾ فقد يعيش المرء خمؼ جدراف‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬‬ ‫حصينة كمع ىذا نجده يرتعش خكفا كشكبل بحصانة ىذه الجدراف‬
‫خامسا ‪ :‬السرد ‪:‬‬
‫ردا‪ ،‬فيك ً‬
‫سارد ‪،‬‬ ‫لغة ‪ :‬لمسرد مفاىيـ مختمفة تنطمؽ مف أصمو المغكم ‪ ،‬ىس ىرىد ‪ ،‬ىي ً‬
‫سريد ‪ ،‬ىس ن‬
‫سركد ‪ ،‬ىس ىرىد الكتاب ‪ :‬قرأه بالتتابع ‪ ،‬ىس ىرىد الحديث يعني التتابع في الحديث ‪،‬‬
‫كالمفعكؿ ىم ي‬
‫يسرده سردا إذا أتابعو ‪ ،‬كفبلف يسرد الحديث سردا ‪ ،‬إذا كاف‬
‫يقاؿ ‪:‬سرد الحديث كنحكه ي‬
‫جيد السياؽ لو ‪ ،‬كفي صفة كبلمو صمى اهلل عميو كسمـ لـ يكف يسرد الحديث سردا أم‬
‫يتابعو كيستعجؿ فيو ‪.‬‬
‫إف كممة سرد تدؿ عمى تكالي أشياء كثيرة‬ ‫كيذىب ابف فارس في تعريفو حيث قاؿ ‪:‬‬
‫‪،‬‬ ‫يتصؿ بعضيا ببعض مف ذلؾ السرد اسـ جامع لمدركع كما أشبييا مف عمؿ الخمؽ‬
‫كقد كردت كممة السرد في القرآف الكريـ مف ذلؾ قكلو تعالى في شأف داككد عميو السبلـ‬
‫قالك ليكف ذلؾ مقد ار ‪.‬‬ ‫كقدر في السرد‬
‫كالسرد مصطمح نقدم حديث يعني نقؿ الحادثة مف صكرتيا الكاقعية الى‬ ‫اصطالحا ‪:‬‬
‫القص ‪ ،‬كىك كؿ ما‬
‫ٌ‬ ‫صكرة لغكية ‪ ،‬كىك الفعؿ الذم تنطكم فيو السمة الشاممة لعممية‬
‫بالقص ‪ ،‬كالسرد عمى اعتبار أنو الطرؼ األكؿ مف ثنائية السرد ‪/‬الحكاية ‪ ،‬كىك ‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫يتعمؽ‬
‫القاص أك حتى المبدع الشعبي ‪ ،‬ليقدـ بيا الحدث الى‬
‫ٌ‬ ‫الطريقة التي يختارىا الركائي أك‬
‫المتمقي ‪ ،‬فكاف السرد إذف ىك نسج الكبلـ كلكف في صكرة حكي ‪ ،‬كبيذا المفيكـ يعكد‬
‫السرد الى معناه القديـ حيث تميؿ المعاجـ العربية الى تقديمو بمعنى النسيج أيضا ‪.‬‬
‫سرد قبؿ كؿ شيء‪ ،‬ذلؾ أف الركائي عندما يكتب‬
‫كالسرد ىك شكؿ المضمكف‪ ،‬كالركاية ىي ه‬
‫ركاية ما‪ ،‬يقكـ بإجراء قطع كاختيار لمكقائع التي يريد سردىا‪.‬‬

‫‪ -1‬فتيحة كحمكش‪ ،‬ببلغة المكاف قراءة في مكانية النص الشعرم‪ ،‬مؤسسة االنتشار العربي ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬ط‪2008 ، 1‬‬
‫‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪13‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ تمييدم‬

‫أما في العصر الحديث فإف السرد ‪ La narration‬جزء مف مفيكـ اصطبلحي شامؿ‬


‫عرفو النقد بعنكاف تجريبي كمي ىك‪" :‬عمـ السرد"‪ ،1‬فيك في مضمكنو نقؿ الحادثة مف‬
‫‪2‬‬
‫كلعؿ أيسر تعريؼ لمسرد ىك تعريؼ "ركالف‬ ‫صكرتيا الكاقعية الى صكرة لغكية‬
‫أف السرد مثؿ الحياة نفسيا عصبة عمى التعريؼ لغمكضيا كتنكعيا‬ ‫بارت" الذم يرل‬
‫‪ ،‬ليذا كاف فيـ السرد ضركرة‬ ‫كسرعة تقمبيا ‪ ،‬كالرتباط تعريفيا بتعريؼ االنساف نفسو‬
‫ممحة ‪ ،‬بكصفو أداة مف أدكات التعبير االنساني ‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬المغة ‪:‬‬
‫ليغى ‪ ،‬كلغات ‪ ،‬المغة ‪ :‬أصكات يعبر بيا كؿ قكـ عف أغراضيـ ‪.‬‬ ‫لغة ‪ :‬الجمع ‪:‬‬
‫سمعت لغاتيـ ‪ :‬اختبلؼ كبلميـ ‪ ،‬لغة الضاد ‪ :‬المغة العربية ‪ ،‬أحادم المغة ‪ :‬معبر عنو‬
‫بمغة كاحدة فقط ‪ ،‬أك مف يعرؼ أك يستخدـ لغة كاحدة فقط ‪ ،‬أىؿ المغة ‪ :‬العاممكف بيا ‪،‬‬
‫كيقاؿ ليـ أيضا ‪ :‬المغكيكف كالمسانيكف ‪ ،‬كاأللسنيكف ‪ ،‬المغة األـ ‪ :‬المغة األكلى التي‬
‫يمتمكيا الفرد ‪ ،‬المغة األصؿ التي تتفرع الى لغات ‪ ،‬كتب المغة ‪ :‬المعاجـ كالقكاميس‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪/‬كثير المغات‪/‬متعدد المغات ‪ :‬متحدث أك مكتكب أك مؤلؼ مف عدة لغات‬
‫ب‪ :‬اصطالحا‪ :‬ال شؾ أف مكضكع المغة مف المكضكعات التي شغمت االنساف قديما‬
‫كحديثا ‪ ،‬كذلؾ الرتباطيا بحياتو منذ بداية الخميقة ‪ ،‬يذىب ابف جني (‪ 392‬ق) ‪ ،‬كاف‬
‫أكؿ تعريؼ يصمنا عنيا مف القرف الرابع اليجرم ‪ ،‬عمى لساف العالـ الفذ (أبي الفتح‬
‫أما حدىا فإنيا أصكات يعبر بيا كؿ قكـ عف‬ ‫عثماف بف جني ) حيث عرفيا بقكلو ‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫أغراضيـ‬

‫‪ -1‬عثماف بدرم‪ ،‬كظيفة المغة في الخطاب الركائي الكاقعي عند نجيب محفكظ ‪ ،‬مكفـ لمنشر كالتكزيع‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪،2000‬ص ‪141‬‬
‫‪ -2‬عز الديف اسماعيؿ‪ ،‬األدب كالفنكف ‪،‬دار الفكر العربي (القاىرة)‪ /‬ط‪ ،2002 ، 8‬ص‪.104‬‬
‫‪ -3‬معجـ الكسيط ‪ ،‬ابراىيـ مصطفى كآخركف‪ ،‬دار الدعكة‪ ،‬المكتبة االسبلمية لمطباعة كالنشر كالتكزيع ‪ ،‬اسطنبكؿ‪،‬‬
‫ج ‪.1‬‬
‫‪14‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ تمييدم‬

‫كبتأمؿ تعريؼ بف جني نبلحظ اعتماده عمى عناصر محددة في تعييف المغة تتمثؿ فيما‬
‫يعني بيا الرمكز المنطكقة دكف المكتكبة‪ ،‬كىذا يفسر لنا أف األكائؿ عرفكا المغة‬ ‫يمي‪:‬‬
‫سماعا قبؿ رؤيتيا رمك از مصكرة ‪ ،‬كمف ىنا يتبيف لنا اىتماميـ بالركاية كالسماع كالمشافية‬
‫في جمع المغة ككذلؾ اىتماميـ بعمـ القراءات كالتجكيد كالحرص عمى مخارج األصكات‬

‫المغة ىي الدليؿ المحسكس عمى أف ثمة ركاية ما يمكف قراءتيا ‪،‬‬ ‫ب‪ -‬اصطالحا‪:‬‬
‫كبدكف المغة ال تكجد ركاية أصبل ‪ ،‬كما ال يكجد فف أدبي بدكنيا عمى االطبلؽ ‪ ،‬كالركاية‬
‫إذا ما اعتنى الركائي (الكاتب) بأسمكب لغتيا المكثفة الببلغية كااليحائية فإنيا تقترب كثي ار‬
‫ما يسمى اليكـ بالركاية الشعرية أم الركاية التي يمتاز خطابيا بخصكصية األسمكبية ‪،‬‬
‫كباستثماراتو الببلغية كبنزعتو نحك التكثيؼ ‪ ،‬كاالقتصاد المغكم حيث يصبح لمكممة مف‬
‫المتميز فتييمف بذلؾ الكظيفة الشعرية في‬
‫ٌ‬ ‫ىذا النكع مف الكتابة قانكنيا الخاص كايقاعيا‬
‫ىذا الخطاب عمى النثرية كنجد أنفسنا تمقائيا نتحدث عف الشعر ال عف النثر أك الركاية‬
‫‪.1‬‬
‫كالمغة عند ( دك سك سير) ظاىرة اجتماعية ‪ :‬فيي نتاج جمعي لممكة المساف‬
‫‪ ،‬كىي كذلؾ مجمكعة مف العادات كاألعراؼ التي تتبناىا ىيئة اجتماعية تسمح باستخداـ‬
‫تمؾ الممكة ‪ ،‬كالمغة عبلمات مختزنة يتمقاىا كؿ فرد مف األفراد اآلخريف ‪ ،‬الذيف‬
‫يست خدمكف المغة نفسيا في المجتمع المعيف ‪ ،‬كعمى ىذا فيي مكجكدة بالقكة (أم كامنة)‬
‫‪2‬‬
‫فيما يسمى بالعقؿ الجمعي‬
‫سابعا ‪ :‬الشخصيات ‪:‬‬
‫كرد في مادة " شخص" عند أبي منظكر ما يمي ‪ ":‬الشخص جماعة شخص‬ ‫أ‪-‬لغة ‪:‬‬
‫االنساف كغيره مذكر كالجمع أشخاص كشخص كأشخاص ‪ ،‬ككؿ شيء رأيت جسمانو فقد‬

‫‪ -1‬آمنة يكسؼ ‪ ،‬تقنيات السرد في النظرية كالتطبيؽ ‪ ،‬المؤسسة العربية لمدراسات كالنشر ‪ ،‬ط‪، 2015 ، 2‬ص ‪.35‬‬
‫‪ -2‬نادية رمضاف ‪ ،‬عبده الراجحي ‪ ،‬المغة كأنظمتيا بيف القدماء كالمحدثيف ‪ ،‬االسكندرية ‪،‬ص ‪.16‬‬
‫‪15‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ تمييدم‬

‫رأيت شخصو ‪ ،‬كالشخص كؿ جسـ لو ارتفاع كظيكر ‪ ،‬كالمراد بو إثبات الذات فاستعير‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬‬ ‫ليا لفظ الشخص‬
‫ب‪-‬اصطالحا ‪:‬‬
‫اف الشخصية ىي كؿ مشارؾ في احداث الركاية كيختمؼ مفيكـ الشخصية الركائية‬
‫باختبلؼ االتجاه الركائي الذم يتناكؿ الحديث عنيا ‪ "،‬فيي لدل التقميدييف مثبل شخصية‬
‫حقيقية ألنيا شخصية تنطمؽ مف ايمانيـ العميؽ بضركرة محاكاة الكاقع االنساني ‪ ،‬بينما‬
‫يختمؼ األمر في الشخصية الحديثة التي يرل نقادىا أنيا سكل كائف مف كرؽ ألنيا تمتزج‬
‫‪2‬‬
‫حر في تككينيا كتصكيرىا إذف ىي مف اختراع الركائي ‪.‬‬
‫بالخياؿ " كبالتالي فالركائي ٌ‬
‫فالشخصية ىي المنتجة كالقائمة بالفعؿ كال عنى عنيا في أم بناء ركائي ‪ ،‬بؿ ىي كذلؾ‬
‫‪3‬‬
‫حد تعبير بشير بكيجرة ‪ ،‬أما عند عثماف‬
‫عمى ٌ‬ ‫العمكد الفقرم لمعمؿ الركائي‬
‫تتكامؿ‬ ‫بدرم فيي العصب الحي كالمؤثر في البناء الفني لمركاية كميا ‪ ، 4‬كمف خبلليا‬
‫‪5‬‬
‫مختمؼ العناصر الركائية األخرل كالحدث كالزماف كالمكاف‬
‫ثامنا ‪ :‬الحدث ‪:‬‬
‫يعد الحدث عنصر مف عناصر الركاية البارزة ‪ ،‬فنقكؿ أف الحدث ىك العمكد الفقرم‬
‫ٌ‬
‫لمجمؿ العناصر الفنية السابقة ( الزمف ‪ ،‬المكاف ‪ ،‬الشخصيات ‪ ،‬المغة )‪.‬‬
‫كالحدث الركائي ليس تماما كالحدث الكاقعي (في الحياة اليكمية) ‪ ،‬كاف انطمؽ أساسا‬
‫مف الكاقع ذلؾ أف الركائي (الكاتب) ‪ ،‬حيف يكتب ركايتو يختار مف األحداث الخيالية ما‬
‫يراه مناسبا لكتابة ركايتو ‪ ،‬كما أنو ينتقي كيحذؼ كيضيؼ مف مخزكف الثقافي كمف خيالو‬
‫الفني ما يجعؿ مف الحدث الركائي شيئا آخر ال نجد لو في كاقعنا المعيش صكرة طبؽ‬

‫‪ -1‬ابف منظكر ‪ :‬لساف العرب ‪،‬مج ‪ ،1‬مادة شخص ‪ ،‬ص ‪.281 ، 280‬‬
‫‪ -2‬آمنة يكسؼ ‪ :‬تقنيات السرد في النظرية كالتطبيؽ ‪ ،‬ص ‪. 34‬‬
‫‪ -3‬بشير بكيجرة محمد ‪ ،‬الشخصية في الركاية الجزائرية ‪ ،‬ديكاف المطبكعات الجامعية ‪ ،‬الجزائر ‪، 1983 ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪ -4‬عثماف بدرم ‪ ،‬بناء الشخصية الرئيسية في الركايات لنجيب محفكظ ‪ ،‬ط‪ ، 1‬دار الحدائية ‪ ،‬بيركت‪،1986،‬ص ‪.7‬‬
‫‪ -5‬المرجع نفسو ‪:‬ص ‪.7‬‬
‫‪16‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ تمييدم‬

‫األصؿ ‪ ،‬األمر الذم ينشأ عنو ظيكر عدد مف التقنيات السردية المختمفة كاالسترجاع‬
‫كالمكنكلكج الداخمي ‪ ،‬كالمشيد الحكارم كالتمخيص كالكصؼ كما الى ذلؾ ‪ ،‬فيك ينظر اليو‬
‫باعتباره سمسمة م ف الكقائع المتصمة تتسـ بالكحدة كالداللة كتتبلحؽ مف خبلؿ كسط كنياية‬
‫‪ ،‬كىي ال تأتي في الركاية عمى القدر نفسو مف األىمية كىناؾ أحداث حاسمة كأساسية‬
‫‪1‬‬
‫كأخرل تكابع ليس ليا أىمية ‪.‬‬
‫كفي السياؽ نفسو نجد أف ىنرم ميتراف (‪ ) H.Mitterrand‬ال يخفي تذمره مف‬
‫ال كجكد لنظرية مشكمة‬ ‫ندرة األبحاث المتعمقة بدراسة الفضاء في الحكي حيث يقكؿ‪:‬‬
‫مف فضائية حكائية كلكف ىناؾ فقط مسار لمبحث مرسكـ بدقة ‪ ،‬كما تكجد مسارات أخرل‬
‫‪2‬‬
‫عمى ىيئة نقط متقطعة‬
‫تاسعا ‪ :‬البنية ‪:‬‬
‫حد التراكـ‬
‫أ‪-‬لغة ‪ :‬نجد أف لمصطمح البنية مدلكالت كثيرة تختزنيا ليا الذاكرة كتصؿ الى ٌ‬
‫‪ ،‬كبرجكعنا الى بعض المعاجـ العربية نجد أنيا تحيؿ الى بعض المعاني ‪:‬‬
‫الب ىنية ‪ ،‬ام الجسـ ‪ ،‬ىبىنى ‪ ،‬ىيبنًي الكممة‬
‫البنية جمع يبىنى كبًىنى يقاؿ ‪ :‬فبلف صحيح ي‬
‫ألزميا البًناء ‪ ،‬أعطاىا بً ىنيتىيىا أم صبغتيا ‪ ،‬البنية في الكممة صيغتيا كالمادة التي تيٍبىنى‬
‫‪3‬‬
‫‪ ،‬كما دامت البنية تفيد معنى الجسـ كما كرد آنفا ‪ ،‬أمكننا القكؿ بأف بنية‬ ‫منيا‬
‫الكممة تعني جسميا كىيئتيا التي تظير عمييا نطقا ككتابة ‪ ،‬كجاء في لساف العرب البف‬
‫كالبكاني قكائـ‬ ‫‪ ،‬كجاء فيو أيضا ‪:‬‬ ‫ىبنيتيو بيتا أم اعطيتو ما يبني بيتا‬
‫أى‬ ‫منظكر‬
‫‪.‬‬‫الناقة ‪ ،‬كألقى ىب ىكانيو أقاـ بالمكاف كاطمأف أم أنو استقر بالمكاف ‪ ،‬استقرار البناء‬
‫كمف ىنا فإف كممة بنية كما يتصؿ بيا مف مشتقات ىبىنى بجميع مدلكالتيا الحسية‬
‫كالمعنكية ‪ ،‬ال تكاد تخرج عف ىياكؿ الشيء كمككنو أك ىيأتو ‪ ،‬كمف ذلؾ قكلو تعالى‪:‬‬

‫‪ -1‬ينظر آمنة يكسؼ ‪ :‬تقنيات السرد في النظرية كالتطبيؽ ‪ ،‬ص ‪.37‬‬


‫‪. Henri Mitterrand : le discours du roman-PV-F-1980, P193 -2‬‬
‫‪ -3‬ابف منظكر ‪ ،‬لساف العرب ج‪ ، 1‬دار احياء التراث العربي كمؤسسة تاريخ العربي ‪1993 ،‬ـ) ‪ ،‬ص ‪.510‬‬
‫‪17‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ تمييدم‬

‫ب الًَّذيف ي ىقاتًمي ً‬
‫}إً َّف المَّو يي ًح ٌ‬
‫سكرة الصؼ ‪ ،‬اآلية ‪4‬‬ ‫صفًّا ىكأَّىنيي ٍـ يب ٍنىياف ىم ٍر ي‬
‫صكص{ ‪.‬‬ ‫كف في ىسبًيمو ى‬
‫ى ي ى‬
‫ب‪ -‬اصطالحا ‪:‬‬
‫أما عف البنية في مجاؿ االصطبلح‪ :‬فيي " ترجمة لمجمكعة مف العبلقات‬
‫تتميز فيما بينيا بالتنظيـ كالتكاصؿ بيف‬
‫المكجكدة بيف عناصر مختمفة كعمميات أكلية ‪ٌ ،‬‬
‫عناصرىا المختمفة " ‪.1‬‬
‫تحدد في إطاره‬
‫فالبنية انطبلقا مف ىذا التعريؼ ال تكجد مستقمة عف سياقيا المباشر الذم ٌ‬
‫‪ ،‬كالمتتبع لمفيكمو االصطبلحي لكممة بنية عف البنيكييف يجد أف " تصكرىا يقع خارج‬
‫العمؿ األدبي كىي ال تتحقؽ في النص عمى نحك غير مكشكؼ‪ ،‬حيث تتطمب مف المحمؿ‬
‫البنيكم استكشافيا"‪ 2‬كيمكف أف نستأنس في ىذا المجاؿ بقكؿ الدكتكر " الزكاكم بغكرة " »‬
‫تعني البنية الكيفية التي تنظـ بيا عناصر مجمكعة ما‪ ،‬أم أنيا تعني مجمكعة مف‬
‫العناصر المتماسكة فيما بينيا بحيث يتكقؼ كؿ عنصر عمى باقي العناصر األخرل ‪،‬‬
‫كحيث يتحدد ىذا العنصر أك ذاؾ بعبلقتو بمجمكعة العناصر« ‪.3‬‬
‫عاش ار ‪ :‬الفضــــــــــــــــــاء ‪:‬‬
‫أ‪ -‬لغة ‪ :‬إف الفضاء ىك" المكاف الكاسع مف األرض" ‪ 4‬كأفضى فبلف الى فبلف صار في‬
‫‪5‬‬
‫مجرد‬
‫ٌ‬ ‫مفيكـ‬ ‫أك‬ ‫ذىني‬ ‫تصكر‬ ‫الفضاء‬ ‫أف‬ ‫لنا‬ ‫يبدك‬ ‫ىنا‬ ‫مف‬ ‫‪،‬‬ ‫كحيزه "‬
‫فرجتو كفضائو ٌ‬
‫معيف‪ ،‬كلعؿٌ أىـ ما يجب تكضيحو ىنا ىك ارتباط لفظة " الفضاء"‬
‫يدؿ عمى امتداد ٌ‬
‫"الحيز"‪ ،‬كىما في الحقيقة األمر مرادفاف ليا‪ ،‬كما‬
‫ٌ‬ ‫بمفظيف آخريف ىما‪" :‬المكاف" ك‬
‫يجب كذلؾ األخذ بعيف االعتبار أف كؿ لفظة ليا معناىا الخاص مع اشتراكيا في‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صالح فضل ‪ ،‬النظرية الثنائية في النقذ األدبي ‪ ،‬دار اآلفاق الجذيذة ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ط‪5891 ، 3‬م ‪ ،‬ص ‪.525‬‬
‫‪ -2‬نبيمة ابراىيـ ‪ ،‬فف القص بيف النظرية كالتطبيؽ ‪،‬مكتبة غريب ‪،‬الجزائر ‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪ -3‬الزكاكم بغكرة‪ ،‬الفمسفة كالمغة ‪ ،‬نقبل عف مذكرة مكممة لنيؿ شيادة الماستر بنية الخطاب السردم في ركاية "السمؾ‬
‫ال يبالي" ‪ ،‬أحبلـ مصرية ‪ ،‬جامعة منتكرم ‪ ،‬قسنطينة ‪ ،‬مام ‪. 2011‬‬
‫‪ -4‬ابف منظكر ‪ ،‬لساف العرب ‪ ،‬دار صادر ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬مج ‪2000 ، 2‬ـ ‪ ،‬ص ‪.195‬‬
‫‪ -5‬المرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.195‬‬
‫‪18‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ تمييدم‬

‫المعنى العاـ مع األلفاظ األخرل‪ ،‬كمف ىنا تجدر بنا اإلشارة الى تعريؼ كبل المفظتيف‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬يعرؼ المكاف بأنو‪ :‬الفضاء المحدكد مف األرض‪ ،‬كىذا ما يجعؿ لممكاف كجكدا ماديا‬
‫محسكسا‪ ،‬فيك يد ٌؿ عمى كؿ ما ىك مستقر كمكجكد في الخارج ‪.‬‬
‫الحيز يعيف العبلقة بيف المكاف‬
‫حيز فيي أقرب لمفضاء منو لممكاف‪ ،‬إذ أف ٌ‬
‫أما لفظة ٌ‬
‫كالعناصر المرتبطة بو مف جية‪ ،‬كبيف ىذه العناصر مع بعضيا البعض مف جية أخرل‪.‬‬
‫كما يعتبر الرجكع الى المعجمات المغكية عتبة أساسية ال غنى عنيا لتكخي الدقة في‬
‫تحديد المصطمحات ‪ ،‬كيع ٌد لساف العرب البف منظكر مف المعجمات األساسية لتحقيؽ‬
‫الغاية فقد جاء فيو " تحت مادة (ؼ ض ك ) ‪ :‬المكاف الكاسع مف األرض ‪ ،‬كالفعؿ ‪:‬‬
‫فضا يفضك فضكا فيك فاض ‪ ،‬كفضا المكاف إذا اتسع كأفضى فبلف الى فبلف إذا كصؿ‬
‫‪1‬‬
‫كحيزه "‬
‫اليو ‪ ،‬كأصمو أنو صار في فرجتو كفضائو ٌ‬
‫‪2‬‬
‫كما نجد قكال آخر‪» :‬الفضاء ما استكل مف األرض كاتسع‪ ،‬قاؿ كالصحراء فضاء «‬
‫‪3‬‬
‫كيستكقفنا أيضا ما جاء في ىامش مادة (فضا)‪» :‬الفضاء مشترؾ بيف الحدث كالمكاف «‬
‫ب – اصطالحا ‪ :‬إف مصطمح "الفضاء" ( ‪ ) L’espace‬كاحد مف أكثر المصطمحات‬
‫اشكالية في الدراسات العربية المعاصرة ‪ ،‬فقد تداكلتو بغمكض حاد ‪ ،‬كمفاىيـ متعارضة ‪،‬‬
‫تميزه كأىميتو كعنصر بنائي ‪ ،‬كبالعكدة الى‬
‫كلعؿ دليؿ ذلؾ كجكد دراسات تراىف عمى ٌ‬
‫جذكره األكلى نجد أنو يرجع الى " تخمخؿ عبلقة االنساف بأقدـ مكاف كأرسخو كىك األرض‬
‫نتيجة أبحاث الفضاء التي تمح عمى اكتشاؼ عكامؿ مكانية أخرل تنافس األرض في‬
‫عبلقة االنساف بيا " ‪. 4‬‬

‫‪-1‬ابف منظكر ‪ ،‬لساف العرب‪ ،‬دار اصدار ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬مج‪2000 ، 2‬ـ‪ ،‬ص ‪.195‬‬
‫‪ -2‬نفسو ‪ ،‬مادة (فضا) ‪ ،‬ص ‪.195‬‬
‫‪ -3‬نفسو ‪ ،‬مادة (فضا) ‪ ،‬ص ‪.195‬‬
‫‪ -4‬نبيمة ابراىيـ ‪ ،‬فف القصة في النظرية كالتطبيؽ ‪ ،‬مكتبة غريب ‪ ،‬القاىرة ‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪19‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ تمييدم‬

‫كىكذا تىمثَّؿ النقاد العرب ىذا المصطمح كمارسكا عميو انشغاليـ السردم كبالرغـ مف‬
‫ذلؾ " األبحاث المتعمقة بدراسة الفضاء في الحكي تعتبر حديثة العيد ‪ ،‬كمف الجدير‬
‫‪1‬‬
‫بالذكر أنيا لـ تتطكر بعد لتؤلؼ نظرية متكاممة عف الفضاء المكاني "‬
‫حد قكؿ " حميد حمداني "نجد أف الفضاء في الركاية ىك أكسع كأشمؿ مف‬
‫كعمى ٌ‬
‫المكاف ‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد العالي بكطيب ‪ ،‬اشكالية تأصيؿ المنيج في النقد الركائي العربي ‪ ،‬مجمة عالـ الفكر ‪ ،‬الككيت ‪،1988 ،‬‬
‫ج‪ ، 27‬عدد ‪ ، 1‬ص ‪.12‬‬
‫‪20‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫فصل نظري‬
‫عناصر البناء الفني لمنص الروائي‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫أوال ‪ :‬بنية المكان ‪:‬‬


‫‪ /1‬أنواعه ‪:‬‬
‫مف خبلؿ ما تقدـ يمكننا القكؿ أف المكاف المتحدث عنو ‪ ،‬يشمؿ ضمنيا ثبلث أنكاع ‪،‬‬
‫منيا ما ينقسـ بدكره إلى أنكاع أخرل‪ ،‬كىذه األنكاع الثبلثة ىي المكاف الطباعي‪ ،‬المكاف‬
‫الجغرافي‪ ،‬فضاء الداللة ‪.‬‬
‫أ‪ .‬المكان الطباعي ‪:‬‬
‫كنقصد بو المكاف الذم يحتمو النص عمى الصفحة ‪ ،‬ذلؾ أف » الكتابة ليست تنظيما‬
‫لؤلدلة عمى أسطر أفقية كمتكازنة فقط ‪ ،‬إنيا قبؿ كؿ شيء تكزيع لبياض كسكاد عمى‬
‫مسند كىك في عمكـ الحاالت الكرقة البيضاء «‪ ،1‬كاذا كانت ىذه القضية ثانكية بالنسبة‬
‫لمشكؿ الركائي ‪ ،‬فإنيا في الحقيقة أساسية جدا بالنسبة لمنص الشعرم‪ ،‬خاصة بعد أف‬
‫تجاكز الشعر العربي البنية العمكمية القديمة‪ ،‬حيث كاف شكؿ النص ثابتا ككنا نعرفو‬
‫مسبقا ‪ ،‬كبعد ذلؾ التجاكز صار» أكؿ ما يتكقؼ عنده القارئ لمشعر كمنذ المعاصر ىك‬
‫‪2‬‬
‫مدة غير قصيرة يشغؿ طباعيا‬ ‫انقبلب لعبة مؿء الصفحة « ‪ ،‬إذا أخذ ىذا لشعر كمنذ ٌ‬
‫نص جديد ألف المتغيرات االيقاعية التي عرفتيا‬
‫بطريقة مخالفة كقابمة لبلختبلؼ مع كؿ ٌ‬
‫القصيدة العربية انعكست آليا عمى اشتغاليا الفضائي المعتاد‪.‬‬
‫كيدخؿ ضمف المكاف الطباعي كؿ مالو عبلقة بالنص كطريقة عرضو عمى الصفحة‬
‫بدءا بحجـ الكتاب مرك ار بالكرؽ كنكعيتو كمختمؼ التقنيات الطباعية التي يكظفيا‬
‫البيضاء ن‬
‫الشاعر في تنظيـ صفحتو مف فراغات كحكاش كألكاف‪ ،‬كانتياء بالغبلؼ كما يحكيو مف‬
‫رسكـ كألكاف ‪ »،‬فالنص الشعرم المعاصر إذف ىك جسـ طباعي لو ىيئة بصرية مظيرية‬
‫«‪ ،3‬كىذه الييئة محسكسة بكاسطة العيف كمف ثـ كجب االلتفاؼ الى ىذا الجسـ كالعناية‬
‫بعناصره المختمفة ألف الجكانب التي تبدك شكمية كثانكية تسيـ في انتاج الداللة ‪ ،‬كليذا‬
‫نصيا" ‪.‬‬
‫يعتبر محمد نسيب المكاف الطباعي " داال ٌ‬

‫‪ -1‬فتيحة كحمكش‪ ،‬ببلغة المكاف قراءة في امكانية النص الشعرم ‪ ،‬مؤسسة االنتشار العربي‪ ،‬بيركت‪ ،‬ط‪،2008 ،1‬‬
‫ص ‪23‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪. 23‬‬
‫‪21‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫ب‪-‬المكان الجغرافي ‪:‬‬


‫كىك المكاف الذم تدكر فيو األحداث أك المكاف الذم يغرم الشاعر فيتحكؿ إلى مكضكع‬
‫تخيؿ ‪ ،‬كىك غالبا ما يحدث جغرافيا مف طرؼ الكاتب ‪ ،‬فإذا ذكر اسـ المدينة مثبل أك‬
‫المنطقة أك الركف فنحف ندرؾ تمقائيا الحدكد الجغرافية ليذه األماكف ‪ ،‬كينبغي لنا أف نشير‬
‫إ لى أف المكاف الجغرافي يكتسب داخؿ النص أبعادا نفسية كاجتماعية كتاريخية كعقائدية »‬
‫حتى إننا نسترجع ىذه السياقات كاألبعاد عند استرجاعنا لممكاف نفسو ‪ ،‬أك ما يرتبط بو‬
‫‪.«1‬‬
‫الحيار ‪.‬‬
‫كما يقكؿ مدحت ٌ‬
‫كلع ٌؿ أىمية النص تكمف في قدرة الشاعر عمى خمؽ ىذه المسافات المختمفة ‪،‬‬
‫كذلؾ أف » األمكنة ليست البنياف الظاىرم ‪ ،‬كانما نكاياىا الخفية التي ال تنتيي بتدمير‬
‫‪2‬‬
‫الشكؿ الظاىرم «‬
‫» كقد أشار غاستون باشالر بيذا الصدد الى قضية ميمة كىي أننا إذا كنا نرغب حقا‬
‫في معالجة شعرية المنزؿ ‪ ،‬فبل يجب أف تنظر إلى ىذا األخير باعتباره (شيئا) كنخضعو‬
‫لمكصؼ الظاىرم ‪ ،‬فاألمر ال يتعمؽ بكصؼ المنازؿ كمظاىرىا الرائعة ‪ ،‬كأسباب الرخاء‬
‫فييا ‪ ،‬فبل شيء مف ذلؾ يدخؿ في شعرية المكاف ‪ ،‬كلكف ينبغي تجاكز قضايا الكصؼ‬
‫تمؾ ‪ ،‬مف أجؿ الكصكؿ إلى السمات األكلى التي تكشؼ االرتباط بالمنزؿ كتش ٌكؿ نكاة‬
‫الحقيقة لشعريتو‪. «3‬‬
‫ىكذا ندرؾ أف التعامؿ مع المكاف ال ينحصر في استعراض محتكياتو كصكره بؿ ينبغي‬
‫أف يعاش كتجربة ‪ ،‬كلف تتـ الكتابة عف مكاف ما بنجاح ‪ ،‬ما لـ نعاف مف ىذا المكاف‬
‫بغض النظر عف كيفية المعاناة ‪.‬‬
‫كنشير أخي ار إلى أف المكاف الجغرافي يشمؿ بدكره أنكاعا كثيرة مف األمكنة ‪ ،‬مكننا أف‬
‫ندرجيا ضمف قسميف كبيريف رئيسيف ىما ‪:‬‬
‫مكاف األلفة ‪ ،‬كمكاف الغربة ‪ ،‬كسيأتي التفصيؿ في ىذه القضايا‪.‬‬

‫‪ -1‬المرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.24‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪22‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫جـ ‪ :‬الفضاء الداللي ‪:‬‬


‫لعؿ القارئ يتساءؿ إزاء ىذا العنكاف الفرعي ‪ :‬لماذا الفضاء الداللي بدال مف المكاف‬
‫الداللي؟‬
‫» إننا نعتقد أف مصطمح فضاء –كما أشرنا‪-‬يمتمؾ نكعا مف االتساع كال يرتبط فقط‬
‫بالحيز اليندسي المحدكد األبعاد كانما يتعمؽ باألفؽ الرحب ثـ استعماؿ المكاف الداللي‬
‫ٌ‬
‫بدال مف الفضاء الداللي ىك استعماؿ يناقض طبيعة األدب حيث ال كجكد لمكاف تختبئ‬
‫‪1‬‬
‫فيو الداللة في النص األدبي «‬
‫النص األدبي تتجاكز (الصكرة الحرفية) ‪ ،‬حيث الشاعر يعمؿ دكما‬
‫ٌ‬ ‫» فالداللة في‬
‫عمى الخركج بالكممات مف قامكسيتيا القديمة الجامدة كىك إذ يفعؿ ذلؾ ال يعطي في‬
‫الكاقع مرادفا جديدا تماما لمكممة ‪ ،‬كلكنو فقط يدخميا في سياؽ جديد مف صنعو ىك ‪ ،‬كىذا‬
‫السياؽ الجديد يتضامف مع الكممة إليجاد فضاء القصيدة الخاص بيا ‪ ،‬كيمعب القارئ دك ار‬
‫النص ىذا كذلؾ عبر عممية القراءة ‪ ،‬ىذه القراءة التي ال تيدؼ الى‬
‫ٌ‬ ‫كبي ار في إنتاج فضاء‬
‫ؾ) معنى النص بقدر ما تيدؼ الى إقامة مسافة لمحكار كالتكاصؿ معو ‪ ،‬كالفضاء‬ ‫(ف ٌ‬
‫الداللي سينشأ في النص الشعرم(النثرم) مف ترابط كانسجاـ البنية الصكتية كالبنية‬
‫‪2‬‬
‫المعجمية كالبنية التركيبية«‬
‫‪ /2‬أهمية المكان الفضائي ‪:‬‬
‫يكتسب المكاف في الركاية أىمية كبيرة ال ألنو أحد عناصرىا الفنية أك ألنو المكاف‬
‫الذم تجدم فيو األحداث كتتحرؾ فيو الشخصيات فحسب‪ ،‬بؿ ألف المكاف يتحكؿ في‬
‫بعض األعماؿ المتميزة إلى الفضاء الذم يحتكم عمى كؿ العناصر الركائية‪ ،‬كبيذه الحالة‬
‫ال يككف كقطعة القماش بالنسبة الى المكحة‪ ،‬بؿ يككف الفضاء الذم تضعو المكحة‪ ،‬ليذا »‬
‫فالمكاف يكتسب أىمية مف خبلؿ معايشة البطؿ لؤلمكنة كاألحياء التي تمد لو بالصمة‬
‫سكاء مف قريب أك مف بعيد ‪ ،‬فيككف المكاف ىك المكحة النفسية التي عاشيا كعايشيا‬
‫‪3‬‬
‫البطؿ «‬

‫‪ -1‬ينظر ‪ ،‬ببلغة المكاف قراءة في مكانية النص الشعرم ‪ ،‬ص ‪.24‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسو ص ‪.25‬‬
‫‪ -3‬أحمد زياد محبؾ ‪ :‬متعة الركاية ‪/‬دراسة نقدية منكعة ‪ ،‬دار المعرفة ‪ ،‬بيركت ‪،‬دط ‪ ،‬د ت ‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫‪23‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫إذف المكاف ليس بعنصر زائد في الركاية ‪ ،‬بؿ يككف في بعض األحياف ىك اليدؼ‬
‫مف كجكد العمؿ الركائي كمو إذ تحركو لغة الكاتب كمخيمة المتمقي ‪ ،‬كيتفؽ معظـ النقٌاد‬
‫عمى أف المكاف بالنسبة لمعناصر األخرل ىك النقطة األساسية لكؿ األبعاد التي يجمع‬
‫الحد الذم دفع »‬
‫بينيما الكاتب فيك الشخصية المتماسكة كاألساسية في الركاية إلى ٌ‬
‫بغالب ىمسا إ لى الحزاـ بأف العمؿ األدبي حيث يفقد المكانية فيك يفقد خصكصيتو‬
‫‪1‬‬
‫كبالتالي أصالتو «‬
‫إف تقديـ الصكرة المكانية في العمؿ الركائي بجمالية عبلقتيا كتشكيبلتيا مع سائر‬
‫األبعاد‪ ،‬تشكيبل فنيا يعمؿ عمى خمؽ متعة لدل القارئ مف خبلؿ رؤيتو لممكاف المكتكب‬
‫مما يقكد بالتالي إ لى تعميؽ الصمة بيف النص كالمتمقي ‪ ،‬كيجعؿ القارئ يشارؾ الكاتب‬
‫برؤية شبيية برؤيتو ‪.‬‬
‫كمف خبلؿ ما سبؽ كتحدثناه في ىذا الميداف الذم ىك المكاف كمالو مف أنكاع ‪ ،‬إال‬
‫حد عمـ غاستون باشالر كالذم يقسمو إلى أربعة أماكف‬
‫أننا نجد أنكاعا أخرل عمى ٌ‬
‫(أنكاع) حسب جدية المرء فييا ‪:‬‬
‫‪» -1‬عندم« ‪ :‬كىك المكاف الحميـ الذم يممؾ المرء فيو كؿ السمطة ‪.‬‬
‫‪ » -2‬عند االخريف« ‪ :‬شبيو باألكؿ في أنو يمنح االنساف شيئا مف األلفة كالحميمية ‪،‬‬
‫مختمؼ عنو في ككف االنساف يشعر فيو بأنو خاضع لسمطة الغير ‪.‬‬
‫‪» -3‬األماكف العامة « ‪ :‬كىي األماكف تخضع لمسمطة العامة ‪ ،‬تشعر فييا بالحرية‬
‫كلكنيا حرية محدكدة ‪.‬‬
‫‪ » -4‬المكاف البلمتناىي« ‪ :‬كىي المكاف الذم نستطيع أف نمثؿ لو بالصحراء حيث ال‬
‫‪2‬‬
‫يككف ىذا المكاف ممكا ألحد ‪ ،‬كما أف سمطة الدكلة يعيده عنو « ‪.‬‬
‫كىذه األنكاع كما نبلحظ تشمؿ جميع األحياز التي يمكف أف نككف مكضع معاناة بالنسبة‬
‫لمكاتب ‪.‬‬

‫‪ -1‬غاستكف نباشبلر ‪ ،‬جماليات المكاف ‪ ،‬ص ‪.6‬‬


‫‪ -2‬فتيحة كحمكش ‪ :‬ببلغة المكاف قراءة في مكانية النص الشعرم ‪ ،‬االنتشار العربي ‪ ،‬بيركت ‪،‬ط‪، 1،2008‬ص‬
‫‪.19‬‬
‫‪24‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫ككما عرفنا سابقا بأف المكاف عنصر أساسي مف العناصر المككنة لمعمؿ السردم ‪ ،‬كمف‬
‫خبلؿ ذلؾ سنحاكؿ حصر األمكنة التي تجرم فييا األحداث ‪.‬‬
‫أ‪-‬األماكن المغمقة ‪:‬‬
‫كىي األماكف التي تكتسي طابعا خاصا مف خبلؿ تفاعؿ الشخصية معو ‪ ،‬كمف‬
‫خبلؿ مقابمتو لفضاء (مكاف) أكثر انفتاحا أك اتساعا ‪ » ،‬فالمكاف المغمؽ ىك المكاف الذم‬
‫يح ٌددت مساحتو كمككناتو كماف العيش كالسكف الذم يأكم اليو االنساف ‪ ،‬كيبقى فيو فترات‬
‫طكيمة مف الزمف سكاء بإرادتو أك بإرادة اآلخريف ‪ ،‬لذا فيك المكاف المؤخر بالحدكد‬
‫اليندسية كالجغرافية ‪ ،‬الذم قد يكشؼ عف األلفة كاألماف أكقد يككف مصدر لمخكؼ‬
‫‪1‬‬
‫كالذعر «‬
‫ب‪-‬المكان المفتوح‪:‬‬
‫يكتسي المكاف المفتكح أىمية بالغة فييا الركاية إذ أنو يساعد عمى »اإلمساؾ بما ىك‬
‫‪2‬‬
‫تمد بو الركاية مف‬
‫جكىرم فيو أم مجمكع القيـ كالدالالت المتصمة بيا « مف خبلؿ ما ٌ‬
‫تفاعبلت كعبلقات تنشأ عند تردد الشخصية عمى ىذا المكاف العاـ التي يرتادىا الفرد في‬
‫أم كقت يشاء «‪ ،3‬كترتب ىي عمى حسب درجة انفتاحيا مف جية ككثافة حضكرىا في‬
‫النص الركائي‪.‬‬
‫ٌ‬
‫حيز مكاني خارجي ال تحده حدكد‬ ‫فالمكاف المفتكح عمى حسب " أوريدة عبود" » ىك ٌ‬
‫‪4‬‬
‫ضيقة كيشكؿ فضاء رحبا ‪ ،‬كغالبا ما يككف لكحة طبيعية في اليكاء الطمؽ «‬

‫ثانيا ‪ :‬بنية الزمن ‪:‬‬


‫أنواعه ‪:‬‬ ‫‪.I‬‬
‫يمكف تحديد نكعيف لمزمف ليما دكر في تشكيؿ الزمف في األدب ىما ‪:‬‬

‫‪ -1‬فيد حسيف ‪ ،‬المكاف في الركاية البحرينية ‪ ،‬ص ‪.163‬‬


‫‪ -2‬حسف بحراكم ‪ ،‬بنية الشكؿ الركائي ‪ ،‬ص ‪.79‬‬
‫‪ -3‬فيد حسيف ‪ ،‬المكاف في الركاية البحرينية (دراسة في ثبلث ركايات‪ ،‬الجذكة ‪ ،‬الحصار ‪ ،‬أغنية الماء كالنار) ‪،‬‬
‫فراديس لمنشر كالتكزيع ‪ ،‬البحريف ‪ ،‬ط‪ ، 2003 ، 1‬ص ‪.80‬‬
‫‪ -4‬أكريدة عبكد‪ ،‬المكاف في القصة الجزائرية الثكرية (دراسة بنيكية لنفكس ثائرة) دار األمؿ لمطباعة كالنشر كالتكزيع‪،‬‬
‫دط‪ ، 2009 ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪25‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫أ‪ .‬الزمن الطبيعي ( الموضوعي ) ‪:‬‬


‫يقسـ الزمف الطبيعي بحركتو المتقدمة إلى األماـ باتجاه اآلتي ‪ ،‬كال يعكد إلى الكراء‬
‫أبدا ‪ ،‬كالزمف الطبيعي » ال يمكف تحديده عف طريؽ الخبرة ‪ ،‬إنما ىك مفيكـ عاـ‬
‫كمكضكعي ‪ ،‬أك يمكف تحديده بكاسطة التركيب المكضكعة لمعبلقة الزمنية في الطبيعة ‪،‬‬
‫إنو مفيكـ الزمف في عمـ الفيزياء الذم يرمز اليو بحرؼ (ز) في المعادالت الرياضية ‪.‬‬
‫كىك كذلؾ زمننا العاـ كالشائع (الكقت) الذم نستعيف بو بكاسطة الساعات كالتقاكيـ كغيرىا‬
‫لكي نضبط اتفاؽ خبراتنا الخاصة لمزمف بقصد العمؿ االجتماعي كاالتصاؿ كالتفاىـ‬
‫كغيرىا‪ ،‬كخصائص ىذا المفيكـ في ككنو مستقبل عف خبرتنا الشخصية لمزمف ‪ ،‬كفي‬
‫ككنو يتحمى بصفة (صدؽ) تتعدل الذات ‪ ،‬كفي اعتباره ‪ -‬كىذا ىك األىـ – مطابقا‬
‫لتركيب مكضكعي مكجكد في الطبيعة ‪ ،‬كليس نابعا مف خمفية ذاتية لمخبرة االنسانية «‪، 1‬‬
‫كيتحمى الزمف المكضكعي في تعاقب الفصكؿ كالميؿ كالنيار كبدء الحياة مف الميبلد إلى‬
‫المكت ‪ ،‬فيذه الظاىرة كميا تبرز في كجكد األرض (المكاف) ‪ ،‬أم بتحرؾ الزماف كيتعاقب‬
‫مجددا مع الطبيعة األرضية نتيجة الحركة ‪ ،‬كىذا التكرار صفة ثالثة لمزمف الطبيعي‬
‫تضاؼ إلى صفتي الحركة ك الدكراف ‪ ،‬كلكف يتخمؿ ىذا الدكراف أزمنة طكيمة تتصؿ بزمف‬
‫االنساف كتاريخو كميبلده كمكتو ‪.‬‬
‫ب‪ .‬الزمن النفسي ‪:‬‬
‫يمتمؾ اإلنساف زمنو النفسي الخاص المتصؿ بكعيو ككجدانو كخبرتو الذاتية » فيك‬
‫نتاج حركات أك تجارب األفراد كىـ فيو مختمفكف ‪ ،‬حتى إننا يمكف أف نقكؿ إف لك ٌؿ منا‬
‫زمانا خاصا بتكقؼ عمى حركتو كخبرتو الذاتية ‪ ،‬فالزمف النفسي ال يخضع لقياس الساعة‬
‫مثمما يخضع الزمف المكضكعي ‪ ،‬كذلؾ باعتباره زمنا ذاتيا يقيسو صاحبو بحالتو الشعكرية‬
‫‪ ،‬فيختمؼ في تقديره ‪ ،‬ألنو يشعر بو شعك ار غير متجانس ‪ ،‬كال تكجد لحظة فيو تساكم‬
‫األخرل ‪ ،‬فيناؾ المحظة المشرقة المميئة بالنشكة التي تحتكم عمى أقدار العمر كمو ‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫تمر رتيبة فارغة كأنيا عدـ «‬
‫كىناؾ السنكات الطكيمة الخاكية التي ٌ‬

‫‪ -1‬ميا حسف القصراكم‪ ،‬الزمف في الركاية العربية ‪ ،‬المؤسسة العربية لمدراسات كالنشر ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬ط‪ ، 2004 ،1‬ص‬
‫‪.23-22‬‬
‫‪ -2‬المرجع السابؽ ص ‪.24-23‬‬
‫‪26‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫إف العنصر الذاتي لمزمف أساسي في تصكره ‪ ،‬كىذا ما دفع النظرية النسبية » أف‬
‫تتبناه كتدخمو في إطارىا الديناميكي كعامؿ ال ييستغنى عنو ‪ ،‬فكجكده يعني نفي‬
‫المكضكعية المطمقة المتعمقة باألشياء ‪ ،‬كمف ثـ ربطيا بحالة الراصد أك المشاىد نفسو «‬
‫‪.‬‬
‫لقد انتصر الزمف النفسي عمى أحادية الزمف المكضكعي الخطي الذم يتجو إلى األماـ كال‬
‫يمكف العكدة أبدا إلى الكراء ‪ ،‬كيتجمى الزمف النفسي بتمكنو كقدرتو عمى تجاكز الحدكد‬
‫الزمانية كالتقسيمات الخارجية ( الماضية‪ ،‬الحاضر‪ ،‬المستقبؿ ) كبالتالي يمكف في لحظة‬
‫كعدة ىأن ىكات ‪.‬‬
‫كاحدة كاحدة آنية ‪ ،‬كأف يمتمؾ اإلنساف أزمنة متفرقة ٌ‬
‫حد ذاتو الزمف الطبيعي الذم يرتبط‬ ‫ال ينفي البعد المكضكعي لمزمف ‪ ،‬ألنو في ٌ‬
‫بمحسكساتنا‪ ،‬أما الذاتي فيك يرتبط بإحساساتنا ‪.‬‬
‫كذلؾ رأل (غربية) أف الزمف أصبح منذ أعماؿ بركست ككافكا ىك الشخصية الرئيسية‬
‫في الركاية المعاصرة بفضؿ العكدة إلى الماضي ‪ ،‬كقطع التسمؿ الزمني كباقي التقنيات‬
‫الزمنية التي كانت ليا مكانة مرمكقة في تككيف السرد ‪ ،‬كىكذا أصبح الزمف مكضكعا‬
‫الدقة كالتخصص ( أنظر تكدركؼ ‪ 1968‬ص‪53‬‬ ‫خصبا لبحكث كأطركحات غاية في ٌ‬
‫حيث أكرد قائمة بأىـ البحكث في الزمف في المغات الفرنسية كاالنجميزية ‪ ،‬األلمانية‬
‫تعدد األزمنة التي تتداخؿ‬
‫كالركسية ‪ » ،‬لكف أكؿ متسمؿ يصادؼ الباحث في الزمف ىك ‪ٌ :‬‬
‫في النص الكاحد ‪ ،‬كاختبلؼ العبلقات الدالة عمييا ‪ ،‬فيناؾ الركاية حسب تودروف ثبلث‬
‫التخيمي ‪ ،‬كزمف الكتابة‬
‫ٌ‬ ‫القصة" كىك الزمف الخاص بالعالـ‬
‫ٌ‬ ‫أصناؼ مف األزمنة ىي " زمف‬
‫أك السرد كىك مرتبط بعممية التمفظ ‪ ،‬كزمف القراءة ‪،‬أم الزمف الضركرم لقراءة النص ‪.‬‬
‫يـ ىي كذلؾ‪ ،‬عبلقة مع النص‬ ‫ً‬
‫‪ .1‬كالى جانب ىذه األزمنة الداخمية ىناؾ أزمنة خارجية‪ ،‬تيق ي‬
‫التخ يمي‪ ،‬كىي عمى التكالي‪( :‬زمف الكاتب) أم المرحمة الثقافية كاألنظمة التمثيمية التي‬
‫ينتمي إلييا المؤلؼ‪ ،‬ك(زمف القارئ) كىك المسؤكؿ عف التفسيرات الجديدة التي تيعطى‬
‫ألعماؿ الماضي‪ .‬ك (الزمف التاريخي) كيظير في عبلقة التخييؿ بالكاقع‪.1‬‬
‫كصنفو في الركاية إلى ثبلثة أزمنة ىي‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫قسـ بوتور أيضا الزمف‬
‫» كقد ٌ‬

‫‪ -1‬محمد عزاـ‪ ،‬تحميؿ الخطاب األدبي عمى ضكء المناىج النقدية الحداثية ‪ ،‬اتحاد كتاب العرب ‪ ،‬ص ‪.198،199‬‬
‫‪27‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫(زمف المغامرة ) ك(زمف الكتابة)ك(زمف القراءة )‪ ،‬فالكاتب قد يكجز أحداثا كقعت في‬
‫قر في‬
‫سنتيف (زمف المغامرة) ‪ ،‬ليستغرؽ في كتابتيا ساعتيف (زمف الكتابة) ‪ ،‬بينما تي ىأ‬
‫دقيقتيف (زمف القراءة ) « ‪.1‬‬
‫فعند "تودوروف" نجد أف زمف القصة عنده –حضي – إذ يمكف أف تجرم أحداث‬
‫قصة ما في كقت كاحد ‪ ،‬إنو زمف المادة المكانية في شكميا ما قبؿ الخطابي ‪ ،‬إنو زمف‬
‫أحداث القصة في عبلقتيا بالشخصيات ‪ ،‬أما زمف الخطاب فيك متعدد األبعاد ‪ ،‬أم أف‬
‫األحداث ال تككف مرتبطة لكف الخطا ب ممزـ بترتيبيا ‪ ،‬إذ تأتي الكاحدة منيا بعد األخرل‬
‫بد مف االشارة ىنا الى أف الترتيب يأتي لخدمة أغراض جمالية متنكعة ‪ ،‬كعف‬
‫‪ ،‬كال ٌ‬
‫تمدنا بيا الخطابات فيك الزمف الذم‬
‫طريؽ استخداـ العديد مف االنحرافات الزمنية التي ٌ‬
‫تعطي فيو القصة زمانيتيا الخاصة مف خبلؿ الخطاب في إطار العبلقة بيف الراكم‬
‫كالمركم لو ‪.‬‬
‫نميز في كؿ عمؿ حكائي بيف زمنيف ‪:‬‬
‫كىكذا ‪ ،‬فبإمكاننا أف ٌ‬
‫‪ -‬الزمن األول ‪ :‬ىك زمف القصة الذم يخضع لمتتابع المنطقي لؤلحداث‪.‬‬
‫‪ -‬الزمن الثاني ‪ :‬ىك زمف الخطاب‪-‬السرد‪ -‬فيك ال يتقيد بيذا التتابع المنطقي ‪.‬‬
‫‪ -‬زمف الكتابة ‪( :‬زمف التمفظ) كالذم يصبح أدبيا بمجرد ما أف يتـ إدخالو في القصة‪ ،‬أك‬
‫حكيو الخاص عف الزمف الذم يكتب فيو أك‬
‫في الحالة التي يتحدث فييا الراكم في ٌ‬
‫يحكيو لنا ‪ ،‬كيقصد بو المدة الزمنية التي يطمبيا فعؿ سرد األحداث ‪.‬‬
‫فيتحدد إدراكنا إياه ضمف مجمكع النص ‪ ،‬كال يصبح‬
‫ٌ‬ ‫‪ -‬زمف القراءة ‪( :‬زمف االدراؾ)‬
‫المدة البلزمة‬
‫عنص ار أدبيا إال بشرط ككف الكاتب معتب ار في القصة ‪ ،‬كيقصد بو ٌ‬
‫إلنجاز فعؿ القراءة ‪.‬‬
‫كىا ىك الباحث " سعيد يقطين" يعتمد عمى التقسيـ الثبلثي لمزمف متمثبل فيما يمي ‪:‬‬
‫زمف القصة ‪ ،‬زمف الخطاب ‪ ،‬زمف النص ‪.‬‬

‫‪ -1‬ميشيؿ بكتكر‪-‬مقاالت حكؿ الركاية – غاليمار‪-‬باريس ‪ 1964 ،‬ص ‪.118‬‬


‫‪28‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫يظير األكؿ في زمف المادة الحك ائية ‪ ،‬فكؿ مادة حكائية ذات بداية كنياية ‪ ،‬كيعتبر‬
‫ىذا الزمف " زمنا صافيا" ‪ ،‬إنو زمف أحداث القصة في عبلقتيا بالشخصيات كالفكاعؿ ‪.‬‬
‫أما زمف الخطاب فيقصد بو تجميات تزميف القصة كتمفصبلتيا كفؽ منظكر خطابي‬
‫متميز يفرضو النكع كدكر الكاتب في عممية تخطيب الزمف كىنا يعطي زمف القصة يبعدا‬
‫متمي از كيعتبره " زمنا نحكيا" ‪ ،‬أم أنو الزمف الذم تعطى فيو القصة زمنيتيا الخاصة مف‬
‫ٌ‬
‫خبلؿ الخطاب في إطار العبلقة بيف الراكم كالمركم لو ‪.‬‬
‫» إف زمف النص ىك تعالؽ زمف الكتابة بزمف القراءة ‪ ،‬القراءة البلنيائية البلزمنية كما‬
‫يتجسد ىذا الزمف مف خبلؿ‬
‫ٌ‬ ‫يحمك لػ سعيد يقطين تسميتيا كيعتبره " زمنا دالليا " ‪ ،‬كما‬
‫‪1‬‬
‫العبلقة بيف الكاتب كالقارئ «‬
‫أما " يمنى العيد" كفي ضكء دراستيا لركاية "الطيب صالح" ‪( :‬مكسـ اليجرة لمشماؿ)‪،‬‬
‫تقسـ الزمف الركائي –ككما‬
‫فإنيا تنظر لمزمف نظرة خاصة بعض الشيء فيي في البداية ٌ‬
‫ىك شائع‪ -‬الى زمف القصة كىك تسمسؿ األحداث ‪.‬‬
‫يقدـ كيؤخر في زمف ما‬
‫فنية ٌ‬
‫زمف السرد كيككف معاكسا لتسمسؿ األحداث " يمارس لعبة ٌ‬
‫‪2‬‬
‫تميز بعد ذلؾ في زمف‬
‫يركم عنو ‪ ،‬كفي العبلقة بينيما يتحرؾ الفعؿ الركائي " ‪ ،‬ثـ ٌ‬
‫القصة بيف زمنيف متداخميف في بنية العمؿ الركائي ىما ‪ :‬زمف القصة كزمف الكقائع‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ ،‬أما‬ ‫» فزمف القصة ىك زمف الحاضر الركائي أك الزمف الذم ينيض فيو السرد «‬
‫زمف الكقائع » ىك زمف ما تحكي عنو الركاية ‪ ،‬ينفتح في اتجاه الماضي فيركم أحداثا‬
‫تاريخية أك أحداثا ذاتية لمشخصية الركائية كىك بيذا لو صفة المكضكعية كلو قدرة اإليياـ‬
‫‪4‬‬
‫بالحقيقة «‬
‫كمف ثمة يمكف القكؿ أف يمنى العيد مف خبلؿ ىذا التقسيـ تحاكؿ أف تتجاكز دراسة‬
‫كبنية متضمنة في العمؿ الركائي ‪.‬‬
‫الزمف النحكم الى دراسة الزمف كمكضكع أك ي‬

‫‪ -1‬سعيد يقطيف ‪ :‬تحميؿ الخطاب الركائي ‪ ،‬ص ‪.89‬‬


‫‪ -2‬يمنى العيد ‪ ،‬في معرفة النص ‪ ،‬منشكرات دار اآلفاؽ الجديدة ‪ ،‬بيركت ‪،‬ط‪ 1985 ، 3‬ص ‪.231‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسو ص ‪.227‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪227‬‬
‫‪29‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫كبعد ىذا العرض لبعض الجيكد التنظيرية عمى مستكل بنية الزمف الركائي ‪ ،‬نخمص الى‬
‫أف الدارسيف قد تناكلكا عنصر الزمف في الركاية مف زاكيتيف ‪:‬‬

‫القصة‬

‫السمن الذاخلي‬

‫الخطاب‬

‫القراءة‬

‫السمن الخارجي‬

‫الكتابة‬
‫كأم كاف نكع الزمف فإنو سيمضي بنا تارة الى األماـ ‪ ،‬كيعكد بنا تارة أخرل الى الكراء‬
‫‪ ،‬كىذا يمكف أف يتقاطع مع تقنيات المفارقة السردية مف استرجاع كاستباؽ ‪ ،‬حيث تتـ‬
‫العكدة الى الماضي أك التطمع الى المستقبؿ ‪ ،‬كىذا ما سنأتي الى بيانو مف خبلؿ النظاـ‬
‫الزمني ‪ ،‬خاصة إذا عممنا أف "جيراجينت" يصؼ الزمف السردم الى ثبلث مستكيات ىي‬
‫‪1‬‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬مستكل النظاـ كفيو تبرز تقنيتا االسترجاع كاالستباؽ‪.‬‬
‫‪ -‬مستكل المدة ‪ :‬كفيو تبرز أربع تقنيات سردية كىي ‪ :‬التمخيص ‪ ،‬الحذؼ ‪ ،‬المشيد‪.‬‬
‫‪ -‬مستكل التكاتر‪.‬‬
‫‪-1‬مستوى النظام ‪:‬‬

‫‪ -1‬آمنة يكسؼ ‪:‬تقنيات السرد في النظرية كالتطبيؽ ‪ ،‬دار الحكار ‪ ،‬سكريا ‪ ،‬ط‪ ، 1997 . 1‬ص ‪.69‬‬
‫‪30‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫» فيعني أنو عندما ال يتطابؽ نظاـ ترتيب األحداث في الزمنيف‪ :‬زمف السرد كزمف‬
‫الحكاية‪ ،‬بسبب تعددية األبعاد في زمف الحكاية‪ ،‬الذم يسمح بكقكع أكثر مف حدث حكائي‬
‫بعد الكتابة عمى أسطر‬
‫عد ى‬‫عدا كاحدا‪ ،‬ىك يب ي‬
‫في كقت كاحد‪ ،‬في حيف أف زمف السرد يممؾ يب ن‬
‫الركاية‪ ،‬األمر الذم يجبر الركائي ( الكاتب ) عمى أف يختار كيحذؼ كينتقي مف األحداث‬
‫انتقاء ينسجـ كزمف السرد‬
‫الكثيرة كالشخصيات الكاقعة في زمف الحكاية اختيا ار كحذفا ك ن‬
‫الركائي حسب ما تقتضيو الضركرة الفنية مما ينشأ عنو ظيكر ما يسمى بالمفارقة السردية‬
‫‪ ،‬التي تككف –تارة‪ -‬استرجاعا الى الماضي (‪ ) flash-back‬كتارة أخرل ‪ ،‬استباقا‬
‫(استشرافا) ألحداث الحقة ‪ ،‬كلكف مفارقة سردية مف حيث –قياسيا‪ -‬مدل كاتساع ‪ ،‬فمدل‬
‫تد فييا السرد الى الماضي البعيد ‪ ،‬القريب‬
‫المفارقة السردية ىك المسافة الزمنية التي ير ٌ‬
‫كاتساعيا ىك المساحة التي يشغميا ذلؾ االسترجاع ‪ ،‬عمى صفحات الركاية « ‪.1‬‬
‫المدة ‪:‬‬
‫‪-2‬مستوى ّ‬
‫المدة ‪ ،‬فيعني ‪:‬قياس السرعة » فقد تتراكح سرعة النص الركائي مف‬
‫أما مستكل ٌ‬
‫عدة‬
‫مقطع آلخر‪ ،‬بيف لحظات قد يغطي استعراضيا عددا كبي ار مف الصفحات ‪ ،‬كبيف ٌ‬
‫أياـ قد تذكر في بضعة أسطر «‪ 2‬كىك األمر الذم ينشأ عنو تقنيات أربع كىي التمخيص‬
‫كالحذؼ فيما يسمى بتسريع حركات السرد ‪ ،‬كالمشيد كالكصؼ فيما يسمى بإبطاء حركات‬
‫السرد ‪.‬‬
‫‪-3‬مستوى التواتر‪:‬‬
‫كأخي ار مستكل التكاتر‪ ،‬الذم يرتبط » بمسألة تكرار بعض األحداث مف التمني‬
‫الحكائي عمى مستكل السرد «‪.3‬‬
‫جـ‪ -‬تقنيات الزمن الروائي ‪:‬‬
‫‪-1‬النظام الزمني ‪: L’ordre :‬‬
‫كنقصد بدراسة النظاـ الزمني لحكاية ما " مقارنة نظاـ ترتيب األحداث أك المقاطع الزمنية‬
‫في الخطاب السردم بنظاـ تتابع ىذه األحداث أك المقاطع الزمنية نفسيا في القصة "‪ 1‬إذ‬

‫‪ -1‬آمنة يكسؼ ‪ ،‬تقنيات السرد في النظرية كالتطبيؽ ‪ ،‬ص ‪.102 ، 101‬‬


‫‪ -2‬نفسو ص ‪102‬‬
‫‪ -3‬نفسو ص ‪.102‬‬
‫‪31‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫تعدد‬
‫ال يتطابؽ نظاـ ترتيب األحداث في الزمنيف ‪ :‬زمف السرد كزمف الحكاية بسبب ٌ‬
‫األبعاد في زمف الحكاية الذم يسمح بكقكع أكثر مف حدث حكائي في كقت كاحد ‪ ،‬في‬
‫حيف أف زمف السرد ال يسمح بكقكع عدد مف األحداث في كقت كاحد بؿ يقتضي االختيار‬
‫كالترتيب ‪.‬‬
‫إف عدـ التطابؽ بيف زمف الحكاية كزمف السرد ‪ ،‬أك زمف القصة كزمف الخطاب ىك‬
‫ما يكلٌد مفارقات سردية كيجعؿ الزمف ينفمت مف القياس الخارجي ‪ ،‬كال يمكف فيمو إال في‬
‫الداخؿ االنساني الذم تتداخؿ فيو األزمنة بشكؿ رىيب يستعصي عمى كؿ قياس ‪.‬‬
‫كليذا فإف " بورجس" ‪ Borges‬يرل أف » العمؿ الركائي المعاصر لـ يعد يتحمى في‬
‫رصيد مسيرتو فرد أك جيؿ بأكممو ‪ ،‬متتبعا بذلؾ بسيركرتو الزمنية كفؽ نظاـ خطي يمتد‬
‫الى األماـ ‪ ،‬بؿ إف ميمتو باتت تنحصر في التداخؿ الزمني الذم قد تمثمو ليمة كاحدة في‬
‫حياة البطؿ « ‪.2‬‬
‫‪-1‬أ‪ -‬اإلسترجاعات ‪: Analepsies‬‬
‫االسترجاع أك الفبلش باؾ ‪ flash-back‬مصطمح ركائي حديث يعني الرجكع‬
‫بالذاكرة إلى الكراء البعيد أك القريب ‪ » ،‬كقد سيؽ ىذا المصطمح مف معجـ المخرجيف‬
‫المصكرات ‪ ،‬فيمارس عمييا‬
‫ٌ‬ ‫السينمائييف ‪ ،‬حيث بعد اتماـ تصكير المشاىد ‪ ،‬يقع تركيب‬
‫التقديـ كالتأخير ‪ ،‬دكف أف يككف بعض ذلؾ نشا از طالما يظؿ االطار الفني لعرض القصة‬
‫محترما « ‪.3‬‬
‫عد مف أبرز العناصر السردية التي‬
‫كاالسترجاع في بنيو السرد الركائي الحديث يي ٌ‬
‫استفادت منيا الركاية ‪ ،‬كاستطاعت مف خبلليا أف تتبلعب بالزمف كتحرره مف خطيتو‬
‫القص األكؿ ليعكد الى بعض األحداث الماضية‬‫ٌ‬ ‫الخانقة ‪ ،‬كفيو "يترؾ الراكم مستكل‬
‫كيركييا ال حقة لحدكثيا"‪ ، 4‬مسترجعا الراكم بدكره ذكريات األحداث كالشخصيات الكاقعة‬

‫‪ -1‬جيرار جينيو‪ ،‬خطاب الحكاية (بحث عف المنيج) ت‪:‬محمد معتصـ كآخركف‪ ،‬منشكرات االختبلؼ ‪،‬الجزائر‪ ،‬ط‪3‬‬
‫‪، 2003،‬ص ‪.47‬‬
‫‪ -2‬الياـ عمكؿ ‪ ،‬بنية الخطاب الركائي مف خبلؿ ركاياتو األخيرة ‪ :‬ضمير الغائب ‪ ،‬سيدة المقاـ‪ ،‬ذاكرة الماء(بحث‬
‫مقدـ لنيؿ الماجستير‪ ، 2000 ،‬ص ‪.114‬‬
‫‪ -3‬آمنة يكسؼ ‪ ،‬تقنيات السرد في النظرية كالتطبيؽ ‪ ،‬ص ‪.103‬‬
‫‪ -4‬سي از احمد قاسـ ‪ ،‬بناء الركاية – دار التنكير ‪ ،‬بيركت ط‪ ، 1985 1‬ص ‪40‬‬
‫‪32‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫قبؿ أك بعد بداية الركاية ‪ ،‬كنظ ار الختبلؼ مستكيات االسترجاع الى الكراء –مف الماضي‬
‫البعيد الى الماضي كالماضي القريب – نشأت أنكاع مختمفة عف ىذه المفارقة السردية‬
‫كالتي يمكف أف نمثميا بالشكؿ اآلتي ‪:‬‬

‫‪-1‬أ‪-‬أ‪ :‬االسترجاع الخارجي ‪Analepsies externe :‬‬


‫‪1‬‬
‫‪ ،‬فيك خارج الحكاية األكلى كال يمبث أف يدخؿ‬ ‫"كيعكد الى ماض سابؽ لبداية الركاية "‬
‫معيا ألف كظيفتو الكحيدة ىي اكماؿ ىذه األخيرة ‪ ،‬فيك » الذم يقع قبؿ بداية الركاية‪، «2‬‬
‫كىذا بتكضيح األخبار األساسية في القصة كاعطاء معمكمات إضافية لتنكير القارئ‬
‫كمنحو فرصة جديدة لفيـ كاستيعاب ىذه االخبار أك األحداث السابقة ‪ ،‬أم أف ىذه‬

‫‪ -1‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص‪.40‬‬


‫‪ -2‬آمنة يكسؼ ‪ :‬تقنيات السرد في النظرية كالتطبيؽ ‪،‬ص ‪.104‬‬
‫‪33‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫االستدراكات " تخرج عف خط زمف القصة لتسير كفؽ خط زمني خاص بيا ال عبلقة لو‬
‫بسير األحداث في القصة " ‪. 1‬‬
‫إف تكظيؼ االسترجاع الخارجي مف شأنو أف يساعد القارئ عمى التكغؿ في ذاكرة الراكم‬
‫كالتعرؼ عمى أحداث سابقة لبداية القص دكف أف يؤثر ذلؾ عمى المجرل الزمني لمقصة ‪.‬‬

‫‪-1‬أ‪-‬ب‪ :‬االسترجاع الداخمي ‪Analepsies interne :‬‬


‫كىك " العكدة الى الماضي الحؽ لبداية الركاية قد تأخر تقديمو في النص "‪ ، 2‬كيتصؿ‬
‫مباشرة بالشخصيات كبأحد اث القصة أم أنو يسير معيا كفؽ خط زمني كاحد بالنسبة الى‬
‫زمنيا الركائي ‪ ،‬فيك الذم "يقع في ماض الحؽ لبداية الركاية "‪ 3‬كىك نكعاف ‪:‬‬
‫‪-1‬أ‪-‬ب أ ‪ :‬استرجاع داخمي غيري ‪ :‬كىك الذم يتناكؿ مضمكنا قصصيا مختمفا عف‬
‫مضمكف الحكاية األكلى ‪ ،‬كأف يتـ إدخاؿ شخصية حديثة الى السرد كيقكـ السارد‬
‫بالتعريؼ بيا عف طريؽ استرجاع ماضييا كاضاءة سكابقيا أك التطرؽ لشخصية غابت‬
‫عف األنظار منذ بعض الكقت كيجب استعادة ماضييا ‪.‬‬
‫أم أنو يتـ االستعانة بيذا النكع مف االسترجاع –داخمي غيرم الستعادة الماضي القريب‬
‫لشخصية غابت عف األحداث ثـ تعكد الى الظيكر مف جديد ‪.‬‬
‫‪-1‬أ‪-‬ب‪-‬ب استرجاع داخمي مثمي ‪ :‬كىك الذم يتناكؿ المضمكف القصصي نفسو الذم‬
‫تناكلتو الحكاية األكلى ‪ ،‬كىك نكعاف ‪:‬‬
‫‪ -‬استرجاع داخمي مثمي تكرارم ‪ :‬كيقؿ تكظيؼ ىذا النكع ‪،‬حيث تعكد الحكاية في ىذا‬
‫النط الى أعقابيا لمتذكير بأحداث سبؽ الكقكؼ عندىا‪.‬‬
‫لسد فجكة سابقة في‬
‫‪ -‬استرجاع داخمي مثمي تكميمي ‪ :‬يتناكؿ المقاطع التي ستأتي ٌ‬
‫الحكاية ‪.‬‬
‫‪-1‬أ‪-‬جـ ‪ :‬االسترجاع المختمط ‪( :‬المزجي) ‪:‬‬

‫‪ -1‬نكر الديف السد‪ :‬األسمكبية كتحميؿ الخطاب(دراسات في النقد العربي الحديث) تحميؿ الخطاب الشعرم كالسردم ‪،‬‬
‫دار ىكمة ‪ ،‬ط‪ ، 1‬الجزائر ‪ ،‬ص ‪.170‬‬
‫‪ -2‬سي از أحمد قاسـ ‪ ،‬بناء الركاية ‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪ -3‬آمنة يكسؼ ‪ ،‬تقنيات السرد في النظرية كالتطبيؽ ‪ ،‬ص ‪.104‬‬
‫‪34‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫ىك" الذم يمزج بيف النكعيف السابقيف "‪ ، 1‬فيك داخمي كخارجي ‪ ،‬كيسمى مختمطا لككنو‬
‫يجمع بيف االسترجاعييف السابقيف ‪ ،‬إذف ىك عبارة عف " فسحة زمنية مزدكجة ‪:‬فترة كاقعة‬
‫‪2‬‬
‫حد قكؿ عبد الكىاب الرفيؽ ‪ ،‬أم أنو استرجاع‬
‫عمى ٌ‬ ‫قبؿ بداية القص كأخرل بعده "‬
‫مزجي بدكره ‪.‬‬
‫‪-1‬ب‪-‬االستباقات ‪: Prolepses‬‬
‫لقد ترجـ بعض النقاد العرب مصطمح (‪ ) Prolepses‬الى االستباؽ ‪ ،‬كما نجد ذلؾ‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪ ،‬لكف مفيكـ " السابقة" يظؿ كاحدا كىك "‬ ‫ك " سي از قاسـ "‬ ‫أيضا عند " سعيد يقطيف"‬
‫المفارقة بكاسطة االستباؽ " ‪ ،‬أم لسبؽ األحداث عف طريؽ تقديـ حدث آت أك إشارة اليو‬
‫قبؿ أكانو ‪.‬‬
‫» كاالستباؽ‪ ،‬أك االستش ارؽ‪ ،‬ىك الطرؼ اآلخر الذم نجده في تقنيتي المفارقة السردية ‪:‬‬
‫االسترجاع ‪/‬االستباؽ « ‪.5‬‬
‫كىك يعني –مف حيث مفيكمو الفني – تقديـ األحداث البلحقة كالمتحققة حتما ‪ ،‬في امتداد‬
‫بنية السرد الركائي ‪ ،‬عمى العكس مف التكقع الذم قد يتحقؽ كقد ال يتحقؽ ال حقا ‪.‬‬
‫فاالستباؽ يعطي لمقارئ فرصة التعرؼ عمى الكقائع قبؿ أكاف حدكثيا الطبيعي في القصة‬
‫‪ ،‬كاذا كانت ىذه التقنية الزمنية " نادرة في الركاية الكاقعية كفي القصص التقميدم عمكما "‬
‫‪6‬‬
‫‪ ،‬فإنيا أصبحت ذات سيادة في الركايات الجديدة كذات أىمية كبرل ‪ ،‬في بنائيا الزمني‬
‫بشكؿ عاـ ‪ ،‬إذ يأتي " بمثابة تكطئة ألحداث يجرم األعداد لسردىا مف طرؼ الراكم ‪،‬‬
‫فتككف غايتيا في ىذه الحالة ىي حمؿ لمقارئ عمى تكقع حادث ما أك التكيف بمستقبؿ‬
‫إحدل الشخصيات ‪ ،‬كما أنيا قد تأتي عمى شكؿ إعبلف عما ستؤكؿ اليو مصائر‬
‫الشخصيات "‪.7‬‬

‫‪ -1‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪.104‬‬


‫‪ -2‬عبد الكىاب الرفيؽ ‪ :‬في السرد (دراسة تطبيقية) دار محمكد الحامي ‪ ،‬تكنس ‪ ،‬ط‪ ، 1998 ، 1‬ص ‪.85‬‬
‫‪ -3‬سعيد يقطيف ‪ :‬تحميؿ الخطاب الركائي ‪ ،‬ص ‪77‬‬
‫‪ -4‬سي از قاسـ ‪ :‬بناء الركاية ‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪ -5‬آمنة يكسؼ ‪ ،‬تقنيات السرد في النظرية كالتطبيؽ ‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫‪ -6‬سي از أحمد قاسـ ‪ :‬بناء الركاية ص ‪.43‬‬
‫‪ -7‬حسف بحراكم ‪ :‬بنية الشكؿ الركائي ‪ ،‬المركز الثقافي العربي ‪ ،‬الدار البيضاء ‪ ،‬بيركت ‪ ، 1990‬ص ‪.132‬‬
‫‪35‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫كال يختمؼ االستباؽ عف االسترجاع في تقسيماتو كأنكاعو‪ ،‬إال مف حيث أف‬


‫سعة األكؿ تتحدد فيما سيأتي ‪ ،‬في حيف تككف سعة الثاني مكجكدة فيما مضى ‪.‬‬
‫المشجر التالي‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫كيمكف أف نكضح أنكاع االستباؽ في‬

‫‪-1‬جـ‪ :‬االستشراف ‪:‬‬


‫كىك" القفز عمى فترة مف زمف القصة تتجاكز النقطة التي كصميا الخطاب الستشراؼ‬
‫مستجدات في الركاية " ‪.1‬‬
‫ٌ‬ ‫مستقبؿ األحداث كالتطمع الى ما سيحصؿ مف‬
‫أم أنو عممية سردية تتمثؿ في ايراد حدث آت أك االشارة اليو مسبقا قبؿ حدكثو ‪ ،‬حيث‬
‫يتابع السارد تسمسؿ األحداث ثـ يتكقؼ ليقدـ نظرة مستقبمية ترد فييا أحداث لـ يبمغيا‬
‫السرد بعد ‪:‬‬
‫يقدميا ال تتصؼ باليقينية فما لـ‬
‫أف " المعمكمة التي ٌ‬
‫يميز االستش ارؼ ىك ٌ‬
‫كلع ٌؿ أىـ ما ٌ‬
‫يتـ قياـ الحدث بالفعؿ فميس ىناؾ مف يؤكد حصكلو ‪ ،‬كىذا ما يجعؿ مف االستش ارؼ‬
‫شكبل مف أشكاؿ االنتظار " ‪.2‬‬

‫‪ -1‬نكر الديف السيد ‪ ،‬األسمكبية كتحميؿ الخطاب ‪ ،‬ص ‪.167‬‬


‫‪ -2‬حسف بحراكم ‪ :‬بنية الشكؿ الركائي (الفضاء ‪ ،‬الزمف ‪ ،‬الشخصيات) ‪ ،‬ص ‪.133 ، 132‬‬
‫‪36‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫فأف نقكؿ أف االستشراؼ ىك سرد ما ىك ممكف الكقكؼ فيذا ال يعني يقينية ىذه‬
‫األحداث فكقكعيا ليس أكيد بؿ يبقى رىف االحتماؿ كالتكقع فقد يتحقؽ كقد ال يتحقؽ ‪،‬‬
‫كمما ال شؾ فيو أف لجكء الركائي الى استعماؿ ىذا االسمكب أك ىذه التقنية عمى مستكل‬
‫النص الركائي لـ يكف عبثا ألف القفز الى األماـ كتخطى حاضر النص كالتطمع الى رؤية‬
‫المستقبؿ ىي كسيمة يعتمد الييا الركائي لتأدية كظيفة ما ‪.‬‬
‫فقد يقدـ الركائي تمخيصا ألحداث معينة ممكنة الكقكع مستقببل ليييئ القارئ لتقبميا فبل‬
‫المفصؿ بصكرة صريحة ككاضحة ‪ ،‬كىنا تككف االستشرافات‬
‫ٌ‬ ‫يفاجأ بيا كىي عمى شكميا‬
‫بمثابة " تمييد أك تكطئة ألحداث الحقة يجرم اإلعداد لسردىا مف طرؼ الراكم ‪،‬‬
‫فتككف غايتيا في ىذه الحالة بشكؽ كبير ‪ ،‬في حيف نجد أف ىذه التقنية تتنافى –في‬
‫ككف العمكد‬
‫تعد ظاىرة االستباؽ نادرة فييا – مع فكرة التشكيؽ التي تي ٌ‬‫الركاية الكاقعية التي ٌ‬
‫الفقرم لمنصكص القصصية التقميدية التي تسير قي يد نما نحك االجابة عمى السؤاؿ ‪ :‬ثـ ماذا‬
‫؟‬
‫كما تتنافى أيضا مع مفيكـ الراكم الذم يتفاجأ باألحداث ‪ ،‬ثـ يفاجئ القارئ بيا ألنو‬
‫كاف يكشؼ أحداث الركاية في نفس الكقت الذم يركييا فيو ‪ ،‬كيفاجأ مع قارئو بالتطكرات‬
‫‪1‬‬
‫غير المنتظرة "‬
‫كاذا كاف االستشراؼ بمثابة تمييد ألحداث الحقة يجرم االعداد لسردىا حدثا حدثا فإننا‬
‫نمك األحداث التي تنتظر اكتماليا حتى آخر‬
‫نرل أف عمؿ الراكم ىنا يتمثؿ في تحقيؽ ٌ‬
‫معيف حتى تتحقؽ بصكرة‬
‫سطر في الركاية كتكسب داللتيا " فداللتيا لف تكسب معنى ٌ‬
‫مفصمة ال ضمنية مثمما الحاؿ في "االستشراؼ كتمييد ‪ ،2"Amorce‬إذ يعمد الركائي الى‬
‫تقديـ االحداث الممكف كقكعيا ضمنيا ككأنو يشير الييا فقط في انتظار " أف تعمف بصكرة‬
‫صريحة كىذا ما أطمؽ عميو " باالستشراؼ كإعبلف" أم عندما يخبر بصراحة عف سمسمة‬
‫األحداث التي سيشيدىا السرد في كقت الحؽ " ‪.3‬‬

‫‪ -1‬سي از قاسـ ‪ ،‬بناء الركاية ‪ ،‬ص ‪.44‬‬


‫‪ -2‬حسف بحراكم ‪ ،‬بنية الشكؿ الركائي ‪ ،‬ص‪.133‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.133-132‬‬
‫‪37‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫كمف ىنا يتضح أف التطمعات التي ينتظـ تحقيقيا قد تتأكد بصكرة فعمية كقد ال تتأكد ‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫كىذا ما يجعؿ االستشراؼ حسب " فاينريخ" ‪ ، Faynrikh‬شكبل مف أشكاؿ االنتظار "‬
‫كلبلستشراؼ كظيفتاف فقد يككف استشراؼ كتمييد " كالغرض منو التطمع الى ما ىك‬
‫متكقع أك محتمؿ حدكثو في العالـ المحكي‪ ،‬كىذه ىي الكظيفة األصمية كاألساسية‬
‫‪2‬‬
‫كقد يككف االستشراؼ كإعبلف" عندما يخبر صراحة عف‬ ‫لبلستشرافات بأنكاعيا المختمفة"‬
‫‪3‬‬
‫سمسمة األحداث التي سيشيدىا السرد في كقت الحؽ "‬
‫المدة ‪:‬‬
‫ب‪ّ :‬‬
‫كنعني بيا التفاكت النسبي الذم يصعب قياسو بيف زمف مف القصة كزمف السرد‪،‬‬
‫كليس ىناؾ قانكف كاضح يم ٌكف مف دراسة ىذا الشكؿ‪ ،‬إذ يتكلد لدل القارئ بأف ىذا‬
‫بغض النظر‬
‫ٌ‬ ‫مدة زمنية تتناسب مع طكلو الطبيعي أك ال تتناسب ‪ ،‬كذلؾ‬
‫الحدث استغرؽ ٌ‬
‫عف عدد الصفحات الت ي تتـ عرضو فييا مف طرؼ الكاتب لذلؾ تعرؼ المدة عادة عمى‬
‫أنيا ‪ ":‬المسافة الزمنية التي يرتد فييا السرد الى الماضي البعيد أـ القريب كاتساعيا ىك‬
‫‪4‬‬
‫مدة النص القصصي‬ ‫المساحة التي يشغميا ذلؾ االرتداد عمى صفحات الركاية " فتحيؿ ٌ‬
‫تتمثؿ في ضبط العبلقة بيف زمف الحكاية الذم يقاس بالثكاني كالدقائؽ كالساعات كاألياـ‬
‫كالشيكر كالسنكات ‪ ،‬كطكؿ النص القصصي أم السرد الذم يقاس باألسطر كالصفحات‬
‫المدة كقياسيا بيذه الصعكبة ‪ ،‬فإف مبلحظة اإليقاع‬
‫كالفقرات كالجمؿ ‪ ،‬كلما كانت دراسة ٌ‬
‫الزمني ممكف بالنظر الى اختبلؼ مقاطع الحكي كتباينيا ‪ ،‬كليذا يقترح " جيراجينيت" أف‬
‫المدة مف خبلؿ التقنيات الحكائية التالية ‪ :‬الخبلصة كالحذؼ ‪ ،‬المشيد كالكقفة ‪،‬‬
‫تدرس ٌ‬
‫كيطمؽ عمييا اسـ " األشكاؿ" األساسية لمحركات السردية " كىي " تقنيات تقع في مستكل‬
‫"المدة " كالتي تعني بقياس سرعة السرد " عمى حساب رأم آمنة يوسف أيضا ‪ ،‬كىي "‬ ‫ٌ‬
‫تتراكح بيف التسريع كاالبطاء " شكؿ تبرز معو التقنيات (أك الحركات) األربع التالية ‪:‬‬
‫‪-2‬أ‪ :‬الحركات السردية ‪:‬‬

‫‪ -1‬نفسو ص ‪.‬‬
‫‪ -2‬حسف بحراكم ‪ ،‬بنية الشكؿ الركائي ‪ ،‬ص ‪.133-132‬‬
‫‪3‬‬
‫نفسو ص ‪.137‬‬
‫‪ -4‬آمنة يكسؼ ‪ ،‬تقنيات السرد في النظرية كالتطبيؽ ‪ ،‬ص ‪.70‬‬
‫‪38‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫‪-2‬أ‪-‬أ ‪ :‬تسريع السرد ‪:‬‬


‫‪-‬تقنية التمخيص ‪: ) Résumé / Sommaire ( :‬‬
‫لقد كاف التمخيص ميزة مف أىـ الميزات التي اتسـ بيا السرد الركائي ‪ ،‬إذ يشكؿ النسيج‬
‫الذم يمتحـ بو العمؿ األدبي عف طريؽ تناكلو مع المشيد تعتمد الخبلصة في الحكي عمو‬
‫"سرد أحداث ككقائع يفترض أنيا جرت في سنكات أك أشير أك ساعات كاختزاليا في‬
‫‪1‬‬
‫أسطر أك كممات قميمة دكف التعرض لمتفاصيؿ "‬
‫متعددة أك فترة زمنية معينة دكف أف يخكض‬
‫ٌ‬ ‫ففي الخبلصة يستعرض الركائي أحداثا‬
‫في ذكر تفاصيؿ األشياء كاألقكاؿ‪ ،‬ليذا فالخبلصة قد تككف " المركر السريع عمى فترات‬
‫‪2‬‬
‫‪ ،‬فالخبلصة " ال تعرض أمامنا سكل‬ ‫زمنية ال يرل المؤلؼ أنيا جديرة باىتماـ القارئ "‬
‫الحصيمة ( ‪ ) bilan‬أم النتيجة األخيرة التي تككف قد انتيت الييا تطكرات األحداث في‬
‫‪3‬‬
‫الركاية "‬
‫لمخبلصة أىداؼ كثيرة تتمثؿ فيما يمي ‪:‬‬
‫االلماـ السريع بفترات زمنية طكيمة ‪ ،‬عرض شامؿ لممشاىد ‪ ،‬تقديـ عاـ لشخصية جديدة‬
‫تجنيب القارئ الكقكع في الممؿ أثناء القراءة كالحفاظ عمى نفس المستكل مف التشكيؽ ‪.‬‬
‫‪-‬الحذف ‪: Ellipse‬‬
‫كىي تقنية زمنية تقضي بإسقاط فترة زمنية مف زمف الحكي دكف التطرؽ الى ما جرل‬
‫فييا‪ ،‬كما يعرؼ الحذؼ بأنو " أقصى سرعة ممكنة يركبيا السرد كيتمثؿ في تخطيو‬
‫لمحظات حكائيو بأكمميا دكف االشارة لما حدث فييا ككأنيا ليست جزء مف المتف الحكائي"‬
‫‪.4‬‬

‫‪ -1‬حميد لحميداني ‪ ،‬بنية النص السردم (مف منظكر النقد األدبي ) المركز الثقافي العربي ‪ ،‬الدار البيضاء ‪،‬ط‪3‬‬
‫‪ 2000،‬ص ‪.76‬‬
‫‪ -2‬سي از قاسـ ‪ ،‬بناء الركاية ص ‪.52‬‬
‫‪ -3‬حسف بحراكم ‪ ،‬بنية الشكؿ الركائي ‪ ،‬ص ‪.153‬‬
‫‪ -4‬عبد العالي بكطيب ‪ ،‬مستكيات دراسة النص الركائي ( مقاربة نظرية) مطبعة األمنية ‪ ،‬المغرب ‪ ،‬ط‪، 1999 ، 1‬‬
‫ص ‪.164‬‬
‫‪39‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫كلع ٌؿ لجكء الركائي الى ىذه التقنية نابع عف عجزه عمى أف يقكؿ كؿ شيء فيك يبطئو‬
‫حينا كيقفز حينا عمى فترات مختمفة الطكؿ يرل أنيا ليست جديرة باالىتماـ كينقسـ الحذؼ‬
‫الى نكعيف ىما ‪ :‬حذؼ صريح ‪ ،‬حذؼ ضمني ‪.‬‬
‫أ‪-‬الحذف الصريح ‪:‬‬
‫محددة كمعمنة الى الفترة التي نحذفيا ‪ ،‬كبالتالي فيناؾ تصريح‬
‫كيصدر عف اشارة ٌ‬
‫بيذا الحذؼ يشير اليو الكاتب كفي شكؿ مكجز‪.‬‬
‫ب‪-‬الحذف الضمني‪:‬‬
‫يصرح بو في النص فبل تتـ اإلشارة الى الزمف المحذكؼ بؿ إف‬
‫ىك الحذؼ الذم ال ٌ‬
‫القارئ يكتشفو بمفرده مف داخؿ البناء القصصي كيستخمصو مف خبلؿ ثغرة في التسمسؿ‬
‫الزمني ‪.‬‬

‫‪-2‬أ‪-‬ب‪ :‬تعطيل السرد ‪:‬‬


‫تقنية المشهد ‪ )Scène( :‬أو السرد المشهدي ( ‪:)Récit scénique‬‬
‫كىي" التقنية التي يقكـ الراكم فييا باختيار المكاقؼ الميمة مف األحداث الركائية‬
‫كعرضيا عرضا مسرحيا مرك از تفصيميا كمباش ار "‪ ، 1‬فالمشيد يتمحكر حكؿ األحداث‬
‫الميمة المشكمة لمعمكد الفقرم لمنص الحكائي‪ ،‬إذ ينقؿ لنا تدخبلت الشخصيات كما ىي‬
‫النص أم المحافظة عمى طبيعتيا األصمية‪ ،‬كيعني المشيد أيضا‪ :‬آكنة زمنية قصيرة‬
‫ٌ‬ ‫في‬
‫نصي طكيؿ‪ ،‬كفي المشيد تتضح الشخصيات كىي تتحرؾ كتمشي‬ ‫تتمثؿ في مقطع ٌ‬
‫كتتكمـ كليذا فإنو "محكر األحداث اليامة كيحظى بالتالي بعناية المؤلؼ"‪ ،2‬كما يقكـ‬
‫المكَّزع الى ردكد متناكبة‪ ،‬كليذا أمكف القكؿ‬
‫المعبر عنو لغكيا ك ى‬
‫ٌ‬ ‫المشيد أساسا عمى الحكار‬
‫تقدـ لمقارئ في لحظة ذركتيا القصكل‪،‬‬ ‫أف المشيد يركز عمى األحداث الحاسمة التي ٌ‬
‫كيبقى المشيد في السرد أقرب المقاطع السردية الى التطابؽ مع الحكار ‪.‬‬
‫‪-‬الوقفة ‪: Pause :‬‬

‫‪ -1‬آمنة يكسؼ ‪ ،‬تقنيات السرد في النظرية كالتطبيؽ ‪ ،‬ص ‪.89‬‬


‫‪ -2‬سي از أحمد قاسـ ‪ ،‬بناء الركاية ‪ ،‬ص ‪.56‬‬
‫‪40‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫كىي تقنية سردية تقكـ عمى‪" :‬اإلبطاء المفرط في عرض األحداث لدرجة يبدك معيا‬
‫مفسحا المجاؿ أماـ السارد لتقديـ الكثير مف التفاصيؿ‬
‫ن‬ ‫ككأف السرد قد تكقؼ عف التنامي‬
‫الجزئية "‪ 1‬كىي تشترؾ" مع المشيد في االشتغاؿ عمى حساب الزمف الذم تستغرقو‬
‫األحداث أم في تعطيؿ زمنية السرد كتعميؽ مجرل القصة لفترة قد تطكؿ أك تقصر"‪،2‬‬
‫نميز نكعيف مف الكقفة‪ ،‬كقفة كصفية‪ ،‬كقفة تأممية ‪.‬‬
‫كيمكف أف ٌ‬
‫أ‪ -‬الوقفة الوصفية‪":‬‬
‫كتعني تكقؼ الزمف تكقفا تاما ‪ ،‬يتحرؾ مف دكف أم حركة زمنية كىذا ما يحدث في‬
‫مقاطع الكصؼ"‪ 3‬كليذا يسمييا الكثيركف الكقفة الكصفية كالتي تشكؿ قطعا معزكلة‬
‫ع ف السياؽ الزمني لمقصة‪ ،‬إذ تستطرد الركاية في كصؼ المكاف أك الزماف أك‬
‫إحدل الشخصيات‪ ،‬فيذه الكقفة يجدىا الراكم سبب لجكئو الى الكصؼ الذم‬
‫يقتضي عادة انقطاع السيركرة الزمنية كتعطيؿ حركتيا كي يتسنى لو تقديـ‬
‫التفاصيؿ الجزئية ‪.‬‬
‫جراء المركر مف سرد األحداث الى الكصؼ‬
‫الوقفة التأممية‪ :‬إف التكقؼ يحصؿ ٌ‬ ‫ب‪-‬‬
‫الذم يستغرؽ مقطعا مف النص القصصي‪ ،‬فالراكم أك السارد عندما يشرع في الكصؼ‬
‫كقتية تسمسؿ أحداث الركاية أك القصة‪ ،‬كلكف مف الممكف أال ينجز عف‬
‫يعمؽ بصفة ٌ‬
‫الكصؼ أم تكقؼ لمحكاية‪ ،‬إذ أف الكصؼ قد يطابؽ كقفة تأمؿ لدل شخصية تبيف لنا‬
‫‪4‬‬
‫مشاعرىا كانطباعاتيا أماـ مشيدىا "‬
‫‪-3‬مستوى التواتر ‪:‬‬

‫النص الركائي (مقاربة نظرية) ‪ ،‬المطبعة األمنية ‪ ،‬ط‪ ، 1999 ، 1‬ص‪.170‬‬


‫ٌ‬ ‫‪ -1‬عبد العمي بكطيب ‪ ،‬مستكيات‬
‫‪ -2‬حسف بحراكم ‪ ،‬بنية الشكؿ الركائي ‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ -3‬فضيمة ممكسي ‪ ،‬بنية النص الركائي عند الكاتبة الجزائرية (بحث مقدـ لنيؿ درجة الماجستير)‪ ، 2000‬ص ‪.122‬‬
‫‪ -4‬نكر الديف السد‪ ،‬األسمكبية كتحميؿ الخطاب (دراسة في النقد العربي الحديث ) ‪ ،‬دار ىكمة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ج‪ ، 2‬ص‬
‫‪174‬‬
‫‪41‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫المظير الثالث مف مظاىر زمانية األثر األدبي ىك" التكاتر السردم" كيعكد فضؿ‬
‫السمات‬ ‫الريادة في االىتماـ بعبلقات التكاتر الى" جيرار جينيت" كىك الذم َّ‬
‫عدهي أحد ٌ‬
‫األساسية لمزمنية السردية ‪.‬‬
‫كيرل "جينيت" أف الحدث ليس لو فقط إمكانية الكقكع ‪ ،‬إنما أيضا أف يعاكد الكقكع‬
‫مرة كاحدة أك تتكرر مرات عديدة‬
‫مرة أك مرات أخرل كالمنطكقات السردية يمكنيا أف تقع ٌ‬
‫ٌ‬
‫النص الكاحد " ‪ ، 1‬فالتكاتر ينطمؽ في تحديده مف ككف الحدث ليس لو فقط امكانية‬
‫ٌ‬ ‫في‬
‫أف ينتج كلكف أف يعاد انتاجو أيضا ‪ ،‬ذلؾ أنو يمثؿ العبلقة بيف تكرار الحدث أك‬
‫‪2‬‬
‫األحداث المتعددة في الحكاية كتكرارىا ىي القصة "‬
‫كمف ىنا أمكف لنا أف نضبط لعبلقات التكاتر الثبلثة ضركبا ‪:‬‬
‫‪-3‬أ‪-‬التواتر االنفرادي ‪ : Singulatif :‬كفيو نحصي حالتيف ‪ " :‬أف يركم مرة كاحدة‬
‫تفرد المنطكؽ السردم‪ ،‬كىك‬
‫تفرد الحدث المسركد مع ٌ‬‫ما كقع مرة كاحدة‪ ،‬أم أف يتكافؽ ٌ‬
‫‪3‬‬
‫المفرد"‬
‫النكع األكثر تكات ار أك شيكعا في االستعماؿ كيسميو "جينيت" " المحكي ي‬
‫‪ -‬أف يركل مرات ال متناىية ما كقع مرات ال متناىية‪ ،‬كىذا الصنؼ مف التكرار أك‬
‫التكاتر يعتبره جينيت كسابقو محكيا فرديا بحكـ التساكم الحاصؿ في عدد مرات كقكع‬
‫‪4‬‬
‫الحادثة المحكية كمقابميا عمى المستكل النصي "‬
‫‪-3‬ب – التواتر التكراري ‪: Répétitif :‬‬
‫عدة تحكي حدثا‬‫كىك أف يركل مرات ال متناىية ما كقع مرة كاحدة ‪ ،‬فنجد خطابات ٌ‬
‫عدة شخصيات‪ ،‬كقد سمى جينيت ىذا النكع‬
‫كاحد كقد يككف ذلؾ ـ شخصية كاحدة أك مف ٌ‬
‫مف التكاتر " المحكي التكرارم " ‪. 5‬‬
‫‪-3‬جـ‪ :‬التواتر المتشابه ‪: Itératif :‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدـ لينيؿ درجة الماجستير ‪ ، 2000 ،‬ص ‪.148‬‬
‫‪ -‬الياـ عمكؿ ‪ ،‬بنية الخطاب الركائي عند كاسيني االعرج ‪ٌ ،‬‬
‫‪ -2‬ابراىيـ صحراكم ‪ ،‬تحميؿ الخطاب األدبي (دراسة تطبيقية)دار اآلفاؽ ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ط‪ 2003 2‬ص ‪.90‬‬
‫‪ -3‬عبد العالي بكطيب‪ ،‬مستكيات دراسة النص الركائي (مقاربة نظرية) مطبعة األمنية‪ ،‬المغرب‪،‬ط‪ ،1،1999‬ص‬
‫‪175‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.175‬‬
‫‪ -5‬نفسو ص ‪.176‬‬
‫‪42‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫كىك أف يركل مرة كاحدة ما كقع مرات ال متناىية‪ ،‬فالظكاىر التك اررية في القصة يعاد‬
‫غالبا انتاجا في الخطاب بإضفاء بعض الممسات التركيبية كقد أطمؽ "جينيت" عمى ىذا‬
‫النكع اسـ "المحكي التكرارم المتماثؿ"‪ ،‬كفي ذات الصدد يقكؿ" تودوروف"‪ :‬كأمامنا ىنا‬
‫ثبلث امكانيات نظرية‪ :‬القصص المفرد حيث ىيستحضر خطاب كاحد حدثا كاحدا بعينو ‪،‬‬
‫عدة خطابات حدثا كاحدا بعينو‪ ،‬كأخي ار الخطاب المؤلؼ‬
‫القص المكرر حيث تستحضر ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ثـ‬
‫حيث يستحضر خطاب كاحد جمعا مف األحداث المتشابية "‪. 1‬‬
‫تبيف لنا كؿ ما تقدـ كلك بشكؿ تقريبي أك نسبي المعنى العاـ لمزمف بصفة عامة‬‫لقد ٌ‬
‫كالزمف الركائي بصفة خاصة‪ ،‬كقد تجمى لنا أف ىذا األخير زمف " يفقد جماليتو ككاقعيتو ‪،‬‬
‫كيتحكؿ مف جراء ذلؾ الى محض مدلكالت نصية تتكالى اتباعا في الخطاب ‪ ،‬كتككف‬
‫ذات طبيعة لفظية بحيث يمكف التقاطيا ككشؼ دالالتيا مف خبلؿ اإلشارات الزمنية‬
‫(‪)2‬‬
‫المبثكثة في النص‪".‬‬
‫جـ ‪ -‬أبعاد الزمن ‪:‬‬
‫يسيؿ الزمف بحركتو البلمرئية بيف ثبلث أبعاد ‪ :‬الماضي كالحاضر كالمستقبؿ ‪ » ،‬كربما‬
‫كاف الحاضر أضيؽ االمتدادات كأشدىا انحصا ار بحكـ قكة األشياء ‪ ،‬إذ كاف ىذا الحاضر‬
‫(‪)3‬‬
‫مجرد فترة انتقالية تربط بيف مرحمتيف اثنيف ال حدكد ليما ‪ :‬ىما الماضي المستقبؿ «‬
‫تنسج ثبلثية الزمف الكجكد االنساني كتشكؿ حياتو ‪ ،‬فاإلنساف زمف تشكؿ مف ثبلثة أبعاد‬
‫‪ :‬المحظة اآلنية الحاضرة التي يعيشيا كيمارس فعمو فييا ‪ ،‬كقد سبقتيا لحظة ماضية‬
‫الممتد عبر سنكات العمر السابقة ‪ ،‬لتشكؿ كجكد االنساف كتؤثر‬
‫ٌ‬ ‫تراكمت عمى الماضي‬
‫في أفكاره كمشاعره فيتعامؿ مع لحظتو اآلنية الحاضرة كفؽ معطيات الماضي الممتد ‪،‬‬
‫حيث تدفع الذاكرة باستمرار الماضي باتجاه الحاضر الستشراؼ المستقبؿ اآلتي ‪.‬‬
‫فاإلحساسات كالعكاطؼ كاإلرادات كالتصكرات ىي التغييرات التي تتقاسـ كجكدم ‪ ،‬كالتي‬
‫تككف كؿ منيا بمكف خاص كاحدة بعد األخرل‪ » ،‬فأنا إذف في تغير مستمر‪ ...‬ككمما‬
‫تقدمت حالتي النفسية في طريؽ الزمف تضخمت دائما ىذه الديمكمة التي تحمميا « كىذا‬

‫‪ -1‬آمنة يكسؼ ‪ ،‬تقنيات السرد في النظرية كالتطبيؽ ‪ ،‬ص ‪.70‬‬


‫‪ -2‬حسف بحراكم ‪ ،‬بنية الشكؿ الركائي ‪ ،‬ص ‪.195‬‬
‫‪ -3‬ميا حسف القصراكم ‪ ،‬الزمف في الركاية العربية ‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪43‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫حسب رأم "هنري برجسون" ‪ ،‬فالذات دائمة التغيير كالتحكؿ طالما ىي دائمة االستم اررية‬
‫كخاضعة لجدؿ الماضي مع الحاضر‪ ،‬ألف الديمكمة ليست لحظة تح ٌؿ مح ٌؿ األخرل‬
‫كتمغي سابقتيا ‪ ،‬كاال لما كاف سكل المحظة اآلنية الحاضرة ‪ ،‬كانما ىي امتداد لمماضي‬
‫باتجاه اآلتي فاإلنساف ال يحتفظ مف الماضي إال بما يساعده عمى التقدـ ‪.‬‬
‫يفرؽ العمماء بيف شكميف مف الذاكرة ‪ :‬الذاكرة الجسدية كالذاكرة النفسية ‪ ،‬أما األكلى فيي‬
‫ممؾ لجميع البشر‪ ،‬تمعب دك ار في تسيير أمكر الحياة‪ ،‬فيي تنتقي مف األحداث بما‬
‫يتناسب مع حركة الحاضر كالمستقبؿ‪ ،‬أما الذاكرة النفسية فتحفظ ذكريات الماضي دفعة‬
‫كاحدة بصكرة مستقمة عف الدماغ كدكف انتقاء أك فرز‪ ،‬لذلؾ يمكف القكؿ إف الماضي قد‬
‫انتيى زمنيا في حركتو كلف يعكد‪ ،‬كلكف أثره يظؿ ماثبل كمؤث ار في لحظة الحضكر‪ ،‬ألف‬
‫االنساف ال يكجد في حاضرة مف فراغ ‪ ،‬كانما يستند جسديا كنفسيا عمى الماضي كالذاكرة‬
‫‪.‬‬
‫» فالماضي كالمستقبؿ يرتبطاف في حالة المكجكد البشرم البشرم ارتباطا ال ينفصـ‬
‫بالحاضر ‪،‬فنحف ال نمسؾ قط بالكجكد البشرم في الحاضر بحد السيؼ ذلؾ ألف‬
‫المكجكد البشرم يستحضر الماضي بداخمو بكاسطة الذاكرة في الحاضر ‪ ،‬كىك يرسـ‬
‫‪1‬‬
‫‪ ،‬أما الحاضر فيك المحظة‬ ‫بالفعؿ بكاسطة التكقع كالخياؿ مستقبمو كيسقط فيو ذاتو «‬
‫اآلنية الم اثمة التي تتحرؾ في الزمف‪ ،‬كتقكدىا حركتيا باتجاىيف‪ ،‬حيث تتراكـ عمى‬
‫الماضي كتستشرؼ المستقبؿ الذم ال حدكد لو ‪ ،‬لذلؾ يظؿ الحاضر ىك المحظة الماثمة‬
‫التي تشيد خبرة االنساف كحركتو كتحكلو بما يشتمؿ مف عناصر الذاكرة كالتكقع‪ ،‬فالذاكرة‬
‫ركح الماضي كالتكقع ركح المستقبؿ‪ ،‬يتغمغؿ الماضي في الحاضر بفعؿ الذاكرة‪ ،‬فحيف‬
‫تستثار تندفع الذكريات عمى سطح الحاضر‪ ،‬كتحت تأثير الدكافع الخارجية كغالبا ما‬
‫تككف عرضية تماما كتكاد تككف غير مدركة تماما‪ ،‬كعمى رأم "فالنتينا إيفاشيفا" » فإف‬
‫الذكريات التي كانت منسية كمدفكعة تقفز الى السطح مف أعماؽ العقؿ الباطف « ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬بنية الشخصيات ‪:‬‬
‫أ‪-‬طريقة تقديم الشخصية ‪ :‬ىناؾ تقنيات لتقديـ الشخصيات لمقارئ ‪ ،‬فمف الركائييف مف‬
‫يرسـ شخصياتو بأدؽ تفاصيميا‪ ،‬فيقدميا بشكؿ مباشر كيخبرنا عف طبائعيا كأكصافيا‪ ،‬أك‬

‫‪ -1‬المرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.27‬‬


‫‪44‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫يككؿ ذلؾ الى شخصيات تخيمية أخرل أك حتى عف طريؽ الكصؼ الذاتي الذم يقدمو‬
‫البطؿ عف نفسو كما في االعتراؼ ‪ ،‬كىناؾ مف يحجب شخصياتو عف كؿ كصؼ‬
‫مظيرم‪.‬‬
‫تتحدد بكساطة المصادر اإلخبارية‬
‫ٌ‬ ‫» كمف ىنا يتضح لنا أف ىكية الشخصية الحكائية‬
‫الثبلثة كىي ‪: «1‬‬
‫‪ -1‬ما يخبر بو الركائي ‪.‬‬
‫‪ -2‬ما تخبر بو الشخصيات ذاتيا ‪.‬‬
‫‪ -3‬ما يستنتجو القارئ مف أخبار عف طريؽ سمكؾ الشخصيات ‪.‬‬
‫كفي ذات الصدد يقكؿ " عبد المالؾ مرتاض" » أنيا ىي التي تسرد لغيرىا أك يقع‬
‫‪2‬‬
‫عمييا سرد غيرىا ‪ ،‬كىي بيذا المفيكـ أداة كصؼ أم أداة السرد كالعرض «‬
‫ب‪-‬دراسة الشخصية الروائية ‪:‬‬
‫كتككف بمعرفة مخططيا كعمميا الركائي سكاء كانت رئيسية أك ثانكية كذلؾ مف خبلؿ‬
‫التعرؼ عمى ‪:‬‬
‫‪ ‬االسـ ‪ :‬مف ىي ؟ ‪.‬‬
‫‪ ‬المظير كالشكؿ ‪ :‬كيؼ تبدكا الشخصية ؟‪.‬‬
‫‪ ‬استخبلص المقكمات الجسمية كالنفسية كاالجتماعية ( الجسـ كالثياب ‪،‬الييئة )‪.‬‬
‫‪ ‬إبراز التككيف النفسي كاالجتماعي يتـ مف خبلؿ التطرؽ لػ‪ :‬نشأتيا كبيتيا كثقافتيا ‪،‬‬
‫إضافة الى جانب االنفعالي الكجداني (مزاح كعكاطؼ ‪ ،‬طباع كالسمكؾ)‪.‬‬
‫‪ ‬تقييميا االجمالي –الكظيفي ‪:‬‬
‫‪ ‬ماذا تريد ؟ ماىي غايتيا في الركاية ؟ ىؿ ىي سامية أـ كضيعة ؟ أـ شريفة أك حقيرة‬
‫؟‪.‬‬
‫‪ ‬ما طبيعة عبلقتيا بمف حكليا ؟‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد عزاـ ‪ :‬شعرية الخطاب السردم (دراسة) منشكرات اتحاد الكتاب العربي ‪ ،‬دمشؽ ‪ ، 2005،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -2‬عبد المالؾ مرتاض ‪ ،‬القصة الجزائرية المعاصرة ‪ ،‬المؤسسة الكطنية لمكتاب ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 1990.‬ص ‪.67‬‬
‫‪45‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫جـ ‪ :‬أبعاد الشخصية ‪ :‬تقكـ دراسة الشخصيات الركائية عمى ثبلث أبعاد إذ » عندما‬
‫يقدمكنيا لنا بأبعادىا الثبلثة ‪:‬‬
‫يرسـ كتاب القصة شخصيات قصصيـ فإنيـ ٌ‬
‫۞ البعد الخارجي ‪ :‬كيشمؿ المظير العاـ كالسمكؾ الظاىرم ( البعد الفيزيكلكجي)‪.‬‬
‫۞ البعد الداخمي ‪ :‬كيشمؿ األحكاؿ الفكرية كالنفسية كالسمكؾ الناتج عنيا ‪ ،‬فيصؼ‬
‫الركائي عكاطفيا كأفكارىا ‪.‬‬
‫۞ البعد االجتماعي ‪ :‬كيشمؿ ظركؼ الشخصية االجتماعية بكجو عاـ ‪.‬‬
‫كيظير ىذا البعد في نقطتيف ‪ :‬بعبلقة الشخصية مع غيرىا في المتف الركائي ‪«1‬‬

‫د‪ -‬أنواع الشخصية في الرواية ‪:‬‬


‫كتحدد أغراضيا في الحياة‬
‫ٌ‬ ‫لكؿ ركاية شخصية خاصة‪ ،‬تبرز طبيعتيا كتصرفاتيا ‪،‬‬
‫كطريقة تفكيرىا‪ ،‬كمعالجتيا لمقضايا‪ ،‬كأىدافيا‪ ،‬كتترجـ خبايا نفكسيا كمكنكناتيا‪،‬‬
‫فعاؿ كعامؿ أساسي في‬
‫كالشخصيات في ىذه الركاية ىي شخصيات ذات قيمة كدكر ٌ‬
‫العمؿ الركائي أك الحكائي ‪.‬‬
‫د‪ :1-‬الشخصيات الرئيسية ‪ » :‬كىي التي ال يمكف االستغناء عنيا في األحداث كالتي‬
‫‪2‬‬
‫تقكـ بالدكر األساسي الياـ في العمؿ الفني «‬
‫ىي شخصيات البطمة التي يقكـ عمييا العمؿ الركائي ‪ ،‬كىي الشخصية الفنية » التي‬
‫يضفييا القاص لتمثؿ ما أراد تصكيره أك ما أراد التعبير عنو مف أفكار كأحاسيس ‪،‬‬
‫كتتمت ع الشخصية الفنية المحكـ بناؤىا باستقبللية في الرأم كحرية في الحركة داخؿ مجاؿ‬
‫‪3‬‬
‫النص القصصي «‬
‫د‪-2-‬الشخصيات الثانوية‪:‬‬

‫‪ -1‬غطاشة داكد ‪ ،‬كحسيف راضي ‪ ،‬قضايا النقد العربي قديميا كحديثيا ‪ ،‬مكتبة دار الثقافة لمنشر كالتكزيع ‪ ،‬ط‪2‬‬
‫عماف ‪ ،‬ص ‪.127‬‬
‫‪ -2‬ذياب عبده ‪ ،‬التأليؼ الدرامي ‪ ،‬دار الميف لمنشر كالتكزيع ‪.2001 ،‬‬
‫‪ -3‬شريبط أحمد شريبط‪ ،‬تطكر البنية الفنية في القصة الجزائرية المعاصرة ‪1985-1947‬ـ‪ ،‬منشكرات اتحاد كتاب‬
‫العرب ‪ -‬دمشؽ ‪ 1998‬ـ‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪46‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫فصؿ نظرم‬

‫نمك الحدث القصصي كبمكرة معناه‬‫أك الشخصية المساعدة كىي التي تشارؾ في ٌ‬
‫كاالسياـ في تصكيره الحدث‪ ،‬كيبلحظ أف كظيفتيا أقؿ قيمة مف كظيفة الشخصية الرئيسية‬
‫‪1‬‬
‫كما أف الشخصية الثانكية ىي التي تقكـ بدكر فرعي كمساعد في األحداث كىي‬ ‫«‬
‫ضركرية أيضا لمحدث ‪.‬‬
‫د‪ -3-‬الشخصيات المشاركة أو العابرة ‪:‬‬
‫كىي الشخصيات التي ناد ار ما تظير عمى مسرح األحداث‪ ،‬يككف ظيك ار عاب ار مرىكنا‬
‫بسد ثغرة سردية محدكدة جدا‪ ،‬كلقد تقدـ كؿ ىذه الشخصيات عف طريؽ االستذكار‪.‬‬
‫ٌ‬

‫‪ -1‬المرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.45‬‬


‫‪47‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫فصل تطبيقي‬
‫نوار المّوز"‬
‫البنية الزمكانية في رواية " ّ‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫تقنيات الزمن ‪.‬‬


‫‪-1‬االسترجاع ‪ :‬االستذكار‬
‫أصبح التبلعب بالزمف في الركاية العربية جزنءا مف جماليتيا‪ ،‬فتحضر الزمف‬
‫الماضي لمحاضر‪ ،‬كما تبدأ بالمستقبؿ متخطية كؿ الحكاجز كالحدكد التي تحكـ الزمف‬
‫فاالستحضار لمماضي كالعكدة بأرشيفو إلى الحاضر يسمى "استرجاعا" كىك عممية سردية‬
‫تعمؿ عمى إيراد حدث سابؽ لمنقطة الزمنية التي بمغيا السرد ‪.‬‬
‫كمف خبلؿ دراسة ركاية نكار المكز لكاسيني األعرج نجد أف االسترجاع قد شكؿ‬
‫حي از ى اما مف شخصية الرئيسية‪ ،‬إذ لجا إليو الركائي إلمدادنا ببعض المعمكمات عف‬
‫الشخصيات‪ ،‬كما أنو يساىـ في طي المسافات كردـ الفجكات أك الثغرات التي يخمفيا‬
‫السرد ‪ ،‬كبث الحيكية في النص السردم كجعمو أكثر حركية (ليحقؽ غايات فنية أخرل‬
‫منيا التشكيؽ كالتماسؾ كاإليياـ الحقيقي )‪. 1‬‬
‫لقد كردت في الركاية مقاطع استذكارية كثيرة مف خبلؿ ذاكرتي صالح بف عامر‬
‫الزكفرم كالجازية ‪ ،‬فنذكر منيا تمؾ المقاطع التي تعكد أحداثيا إلى زمف الحركب‪ ،‬زمف ال‬
‫يعرؼ الخطاب سكل بالسيؼ‪ ،‬عيد أبي زيد اليبللي‪ ،‬كما يقكؿ عامر الزكفرم » تسرب‬
‫في دمو مذاؽ الم سكاؾ كالعطكر الصحراكم الذم ينبعث مف الجازية‪ ،‬كمما تشقؽ حائط‬
‫بيتو اليرـ «‪ ،2‬فعامر الزكفرم كف أحد سبللة بني ىبلؿ كآخرىا كالتي كاف يقكدىا الجكع‬
‫اليـ كالحزف ‪ ،‬كعندما‬
‫إلى التيريب كحرؽ المدائف بالمغرب‪ ،‬كاف رجبل ال يعرؼ سكل ٌ‬
‫ينكب عميو الحزف يمجأ إلى السكر ليسترجع ذكرياتو كىذا كمو لييرب مف الكاقع الذم فيو‪،‬‬
‫ٌ‬
‫كينسى عيشتو المأساكية التي كميا فقر كتيريب كقحط ‪.‬‬
‫إف ىذا االستذكار الذم يشغؿ أغمبية الصفحات يصكر فيو حياة صالح الزكفرم‬
‫قكلو‪ » :‬ماذا يا صالح يا آخر سبللة بني ىبلؿ‪ ،‬أييا القمح البميكني بدأت تتفسخ مرغما‬
‫كتسق ط مف عينيؾ كؿ شيء جميؿ التي أنبتيا في قمبؾ الشيداء كدىر مف الحزف ‪ ،‬ماذا‬
‫بقي لؾ مف أبي زيد اليبللي غير إرث السيؼ الذم يعرؼ الغمد كالتيريب كالجكع «‪. 3‬‬

‫‪ -1‬يمينة العبد ‪ ،‬تقنيات السرد الركائي في ضكء المنيج البنيكم ‪ ،‬دار الفارابي ‪ ،‬لبناف ‪ ،‬ط‪ ، 2010 ، 3‬ص ‪.113‬‬
‫‪ -2‬كاسيني األعرج ‪ ،‬مصدر سابؽ ‪ ،‬ص ‪.8‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪49‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫كما يدؿ ايضا عمى أف صالح بف عامر الزكفرم شخصية تعيسة كفقيرة ىك قكؿ‬
‫الركائي » آه يا صالح الدنيا شحاؿ قاسية يا كليد البمدة المقفرة «‪ ،1‬ال شيء يدعك لمشؾ‬
‫ىنا عمى أف صالح الزكفرم رجؿ ذك شخصية طيبة لكف طيبتو لكحدىا لـ تمنعو مف أف‬
‫المر الشرس ‪ ،‬كما نجده يستذكر طفكلتو أيضا كخاصة عندما يشتد عميو‬
‫ال يكاجو الكاقع ٌ‬
‫البرد كيشعر بالكحدة القاسية قكلو‪ » :‬في كسط متاعب الكحدة أتذكرؾ ‪ ،‬صدقيني يا‬
‫مسيردة ‪ ،‬إني حينما أجكع أتذكرؾ بعمؽ كحناف مثمما أتذكر طفكلتي‪ ...‬أتذكر أمي التي‬
‫كرثت أحزاف أبي كقبيمتيا ‪ ،‬ككيؼ كانت تطبخ لنا قكائـ الدجاج التي كانت تمتقطيا مف‬
‫أفكاه الكبلب كعندما يشتد البرد تقدميا لي كألخكتي «‪ ،2‬ىي طفكلة تعيسة كال يكجد طفؿ‬
‫يتمنى أف يعيشيا ‪ ،‬ىذه المرحمة دكف أف يمعب باأللعاب‪ ،‬دكف أف يخرج كيمعب بكؿ‬
‫أريحية‪ ،‬أف يممؾ غرفة مزينة بالدمى ‪ » ....‬ياهلل‪ ،‬ىذا الطفؿ يذكرني بطفكلتو الجائعة‬
‫التي احترقت في األحياء الشعبية بيف األبقار كالغناـ كالدكاجف‪ ،‬بيف الدكاب اليكمة‪ ،‬آه يا‬
‫العربي لك كانت ىذه الحيكانات تتكمـ لمشيت اآلف مطأطئ الرأس ‪.«3‬‬
‫شدة األلـ كالمعاناة التي تعرض ليا‬
‫فمف ىذه االسترجاعات لمماضي أدركنا تماما ٌ‬
‫جراء فقده البنو‪ ،‬الذم‬
‫جراء قسكة المعيشة كالمعاناة مف ٌ‬
‫صالح بف عامر في حياتو مف ٌ‬
‫راح ضحية الجمارؾ كتسمطو عمى البمدة‪ ،‬فاالسترجاع إذا ىك بمثابة سرد األحداث السابقة‬
‫التي يراد إيصاليا لمنقطة التي بمغيا السرد كىك أيضا بمثابة تقديـ لمشخصيات » يحتاج‬
‫يقدـ ماضييا‬
‫قدـ شخصية جديدة عمى مسرح األحداث ‪ٌ ،‬‬
‫الكاتب إلى االسترجاع كمما ٌ‬
‫كخمفيتيا « ‪.4‬‬
‫كمف االسترجاعات أيضا التي تعكد إلى نفس الزمف ‪ ،‬زمف الماضي االستذكارم ‪،‬‬
‫ىي استرجاع صالح بف عامر الزكفرم مأساة زكجتو مسيردية ككيفية فقداف ابنو الذم لـ‬
‫يكلد بعد ‪ ،‬كؿ ذلؾ كىك في الحافمة يخاطب عبد الكريـ السائؽ قكلو ‪ » :‬إيو ياصالح بف‬
‫عامر الزكفرم ‪ ،‬ىذه المرة لـ تفقد طفمؾ الرابع فقط ‪ ،‬كلكف مسيردية كذلؾ ‪ ،‬التفت صالح‬

‫‪ -1‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ف ‪.‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪16‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.78‬‬
‫‪ -4‬سي از قاسـ ‪ ،‬بناء الركاية ‪،‬ص ‪.45‬‬
‫‪50‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫إلى السائؽ كانت تتراقص في عينيو دمكع ممتيبة ‪ ،‬تصكر يا خكيا عبد الكريـ القطط‬
‫‪1‬‬
‫تأكؿ أطفالنا ‪ ،‬ىذا ىك الزمف المتأخر الذم حكى عنو األجداد «‬
‫كمف ىنا يبرز الدكر الياـ الذم قاـ بو االسترجاع في بناء الشخصية الركائية في نكار‬
‫المكز مف جية كفي سير األحداث مف جية ثانية ‪ ،‬حيث يقكـ بإعادة بعض الحكادث‬
‫لمتغيير مف داللتيا أك أف يفسرىا تفسي ار جديدا ‪.‬‬
‫‪ /2‬االستباق = االستشراف ‪:‬‬
‫فكما قمنا سابقا ىك مخالفة لسير زمف السرد ‪ ،‬تقكـ عمى تجاكز حاضر الحكاية‬
‫كذكر حدث لـ يحف كقتو بعد ‪.‬‬
‫كما نستشفو في ىذه الركاية ن ّوار الموز عنكانيا الذم يكحي عمى زمف االنبعاث ‪،‬‬
‫زمف يحمؿ داللة لكنية تفاؤلية فنكار المكز يتخذ المكف البيض الذم يدؿ عمى السبلـ ‪ ،‬كأف‬
‫تفتحو في نياية الركاية كانقشاع الجميد تعني التبشير بزمف مستقبمي مفتكح ‪ ،‬عمى أمؿ‬
‫التغيير اإليجابي ‪.‬‬
‫فالكاتب في فاتحة الركاية ينطمؽ مف الحاضر قكلو ‪ » :‬قبؿ قراءة ىذه الركاية التي‬
‫‪2‬‬
‫قد تككف لغتيا متعبة تنازلكا قميبل كاق أركا تغريبة بني ىبلؿ «‬
‫فيذه اإلشارة التراثية تكمئ إلى زمف مكغؿ في القدـ زمف تتداخؿ فيو األسطكرة بالتاريخ ‪،‬‬
‫فالركاية عمى ىذا الساس تق أر مف الماضي كفي الماضي يجد القارئ خيكط لغز الحاضر‪،‬‬
‫قكلو‪» :‬تجدكف حتما تفسي ار كاضحا لجكعكـ كبؤسكـ«‪ ،3‬فالحاضر ىنا ينكفئ إلى الماضي‬
‫البعيد‪ ،‬تغريبة بني ىبلؿ‪ ،‬يبحث فيو عف تفسير لكجكده كيستشرؼ مف خبلؿ النص‬
‫الغائب زمف المستقبؿ القريب‪ ،‬فالراكم ىنا يستشرؼ مستقبؿ متفائؿ فرح مزدىر بألكاف‬
‫األطفاؿ كاأليتاـ قكلو » لك لـ أكف مضط ار لمسفر إلى سيدم بمعباس كنت طمبت منيا أف‬
‫تعانقني حتى تتمكف ىذه األمطار كحتى تخؼ دمكع األيتاـ‪ ،‬كتقتؿ معي ىذه الكحدة الت‬
‫‪4‬‬
‫قكلو أيضا » إيو يا صالح بف عامر الزكفرم يا أتعس سبللة بني ىبلؿ ‪،‬‬ ‫تقتمني «‬

‫‪ -1‬كاسيني األعرج ‪ ،‬نكار المكز ‪ ،‬ص ‪.59‬‬


‫‪ -2‬كاسيني األعرج ‪ ،‬نكار المكز ‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪ -4‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫‪51‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫ابنؾ كاف يمكف أف يكبر كيتحكؿ إلى رجؿ جميؿ يعشؽ أبكيو كىذه األراضي الرائعة التي‬
‫‪1‬‬
‫‪ ،‬فصالح الزكفرم كاف ىمو الكحيد العيش بيناء كرفاىية كالتخمص مف‬ ‫أكمت أحبلمنا «‬
‫كؿ أنكاع الشقاء كالمعاناة ‪ ،‬قكلو » ىذه المينة ال تربح منيا شيئا إال إذا تحكلت إلى‬
‫سبايسي آخر ‪ ،‬الكيؼ‪ ،‬الشراب‪ ،‬ربط الخيكط مع ناس كىراف كالعاصمة‪ ،‬فإمكانية إصبلح‬
‫انفسنا ما تزاؿ قائمة حيف يتكفر العمؿ في ىذه البمدة كسيتكفر حتما «‪ ،2‬كما كانت بمدة‬
‫السد الذم كعدتيـ بو البمدية كالذم مف خبللو يتحرركف‬
‫صالح الزكفرم تطمح كثي ار ببناء ٌ‬
‫(السد) قاليا حميدة‬
‫ٌ‬ ‫مف قيكد الفقر كالجشع كحمميـ بمستقبؿ كعيد قكلو » قدامؾ الباراج‬
‫كىك متكئ عمى خشبة عتيقة يحضر القيكة عمى البابكر‪ ،‬حمـ يا حميدة خكيا ما يزاؿ‬
‫بعيدا‪ ،‬لـ تبقى أمامنا إال الثكرة الزراعية مكعكدكف بأراضي السبايسي‪ ،‬عمى اهلل يككف‬
‫الكتاتبي قد قاؿ الحقيقة «‪.3‬‬
‫كفي سياؽ آخر» ستسقط نبكءة سيدم عمي تكناني ‪ ،‬سيككف ىذا الجيؿ الذم سأرثو‬
‫مف رحـ لكنجا قمة نقاء ىذه السبللة ألنو كلد مف الفقر ‪ ،«4‬أيضا» حيف نأخذ العطمة مف‬
‫السد سننزؿ إلى ببلد القبائؿ الكاسعة بطفمنا يا سكرتي كنبحث عف أىمؾ يا لكنجا كسنقكؿ‬‫ٌ‬
‫ليـ إننا تزكجنا عمى سنة اهلل كرسكلو‪ ،‬كنخبرىـ بكفاة اإلماـ «‪ ،5‬فالسارد ىنا استبؽ حاليـ‬
‫كحياتيـ كيؼ تككف بعد كالدة طفميـ الذم طالما حمـ بو‪.‬‬
‫كبيذا يستبؽ ما سيككف عميو حاليـ فيحقؽ ما كاف يشؾ بو ‪.‬‬

‫‪ -1‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.54‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.78‬‬
‫‪ -3‬كاسيني األعرج ‪ ،‬نكار المكز ‪ ،‬ص ‪.118‬‬
‫‪ -4‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.208‬‬
‫‪ -5‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.217‬‬
‫‪52‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫ب – تقنيات زمن السرد ‪:‬‬


‫‪-1‬تسريع السرد ‪:‬‬
‫أ‪ -‬الخالصة ‪ :‬مف أمثمتيا في الركاية » ماذا يا صالح يا آخر سبللة بني ىبلؿ ‪ ،‬ماذا‬
‫‪1‬‬
‫‪ ،‬فينا قد‬ ‫بقي لؾ مف أبي زيد اليبللي ‪ ،‬غير إرث السيؼ الذم ال يعرؼ الغمد «‬
‫اختصر لنا الركائي حياة صالح كما ىك أصمو كلـ يشرح لنا ذلؾ كاكتفى بجممة ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫كفي قكؿ آخر » رأسؾ خشيف يا صالح الزكفرم يا كليد الب ارريؾ مثؿ أحجار الكدياف «‬
‫كقكلو أيضا‪ » :‬لكف الفقر قتمنا يا بابا صالح‪ ،‬خمس سنكات كأنا أىرب عمني أدخر قرشيف‬
‫كأتزكج لكف ‪. 3 « ....‬‬
‫فالراكم ىنا اختصر لنا عدد السنكات التي عمؿ بيا العربي مف أجؿ أف يجمع‬
‫قرشيف كيؤسس بيـ حياتيـ بكممة كاحدة‪ ،‬قكؿ السارد » لكف الفرحة سرعاف ما قتمت في‬
‫المرة األكلى الطفؿ في شيره السادس‪ ،‬كاف متعجبل عمى المكت ‪،‬في المرة الثانية كلد‬
‫بستة اصابع كلـ يعمر طكيبل كأقسمنا أف نتحدل الزمف كنجرب حضنا مع الطفؿ الثالث‬
‫كاذا لـ نفمح فالدنيا يمكف تعاش بدكف أطفاؿ كذات شير حبمت بكتمة لحمية كلدتيا بعممية‬
‫قيصرية ‪ ،‬قاؿ الطبيب عنيا أف كلدت مشكىة « ‪. 4‬‬
‫الحذف ‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫مف أمثمة ذلؾ » يا بابا صالح ‪ ،‬خمس سنكات كأنا أىرب عمني أدخر قرشيف كأتزكج‬
‫لكف‪. 5 « ...‬‬
‫» يثرثر في الديف كالدنيا كيكـ الحشر كفي األخير تجدكنو ‪.6 « ....‬‬
‫» يا ياسيف يا كليدم عمؾ حميدة كبير كالكبلـ الزايد عبلش ؟ ‪.7 « ....‬‬

‫‪ -1‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.9‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.8‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫‪ -4‬كاسيني األعرج ‪ ،‬نكار المكز ‪ ،‬ص ‪.130‬‬
‫‪ -5‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫‪ -6‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.94‬‬
‫‪ -7‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.117‬‬
‫‪53‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫» الحاج كاف عبقريا مجنكنا ‪ ،‬النممة كي تطعف تتريش لتصبح طعما لمطير ‪.1 « ....‬‬
‫السد‪.2 « .....‬‬
‫» سمحك لؾ بالتسجيؿ في قائمة عماؿ ٌ‬
‫‪3‬‬
‫» أنت تعرؼ كؿ شيء ‪« .....‬‬
‫» أتيمي في ركحؾ كفي ‪.4 « ....‬‬
‫مرة بعد أسبكعيف كامميف تشعر بأنيا أضحكتو ‪.5 « ....‬‬
‫» ألكؿ ٌ‬
‫الراكم ىنا يخفي بعض األحداث التي ال عبلقة ليا بأحداث الركاية مما أدل إلى سرعة‬
‫السرد ‪ ،‬ربما ألنيا كقائع ليست ميمة لمذكر فالنقاط تكجب ىناؾ كبلما محذكفا ‪.‬‬
‫‪ -2‬تباطؤ السرد ‪:‬‬
‫أ‪ -‬المشهد ‪ :‬ألف المشيد يقتصر أساسا عمى الحكار نرل أف ركاية نكار المكز قد‬
‫احتكت عمى مجمكعة مف المشاىد ‪ ،‬كأمثمة المشيد نجدىا كثيرة ىنا ‪ ،‬مثؿ ‪:‬‬
‫» يرحـ كالديؾ يا صكيمح «‬
‫ك» فمؾ لربي يا خكيا «‬
‫» سفرة سعيدة لمعاصمة «‬
‫قبؿ أف يسمع كممة شكرىا انزلؽ بسرعة نحك الدرج ‪ ،‬نادتو الجيبلنية مف فكؽ ‪.‬‬
‫» عمي صالح عمي صالح كيف رايح بيذم السرعة «‬
‫لـ يمتفت‪ ،‬بدت لو مسيردة جميمة عمى غير عادتيا‪ ،‬رف في أذنيو كبلـ طيطما كىك عند‬
‫الباب‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫» اتركيو يا الجيبلنية‪ ،‬اتركيو يا بنتي‪ ،‬قمبو كبير ‪ ،‬سيعكد لؾ حتما‪« ....‬‬

‫‪ -1‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.149‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.149‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.150‬‬
‫‪ -4‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.105‬‬
‫‪ -5‬كاسيني األعرج ‪ ،‬نكار المكز ‪ ،‬ص ‪.105‬‬
‫‪ -6‬كاسيني األعرج‪ ،‬نكار المكز‪ ،‬ص ‪73‬‬
‫‪54‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫كفي سياؽ آخر يبرز فيو الحكار الذم دار بيف لكنجا كصالح بف عامر‪ » ،‬ادخؿ ‪،‬‬
‫ادخؿ تشرب قيكة عمى األقؿ‪ ،‬كالرجاء في اهلل «‬
‫» ال كقت لمقيكة‪ ،‬سخني سكينا حتى يحمر‪ ،‬كخذم معؾ شكم مرماف كسكر كسخني‬
‫الماء كذلؾ‪ ،‬فالغاز عندم فاضي «‪.‬‬
‫» الجرح فائر «‬
‫شفت المي ضربو بالرصاص «‬
‫» أسرعي يا بنتي ‪ ،‬اهلل يرضى عميؾ ‪.«1‬‬
‫كفي سياؽ آخر‬
‫» يا الحاج اسمع مميح‪ ،‬إذا كنت تريد أف تحارب الحككمة‪ ،‬حاربيا لكحدؾ‪ ،‬ما تفكتش‬
‫عمى ظيرم «‬
‫» أنت رأسؾ خشيف كلـ تفيمني «‬
‫» أنا صحيح فقير كجائع لكف بكؿ تأكيد لف أتحكؿ إلى جرك في يديؾ «‬
‫» اسمع يا صالح يا كليدم «‬
‫» اشرب كأسؾ‪ ،‬ما شفتني ما شفتؾ «‬
‫» ثـ قمت‪ ،‬كاف كخز غياب العربي قد بدأ يحفز قمبي «‬
‫‪2‬‬
‫» أنا متأكد أنو في أعماقو لعنني حتى المكت «‬
‫نجد أف الحكار أدل دكره األ ساسي في الركاية‪ ،‬إذ يعطي لمقارئ لذة المشاركة في األحداث‬
‫كاالنسجاـ معيا‪ ،‬ألف األحداث ىي العمكد الفقرم لمنص الحكائي‪.‬‬
‫الوقفة‪ :‬كبيذه الكقفة في ركاية "نوار الموز" نجد أنيا احتكت عمى مجمكعة مف‬ ‫ب‪-‬‬
‫الكقفات الكصفية نذكر منيا‪:‬‬
‫» حاكؿ فتح عينيو المتعبتيف بتكاسؿ‪ ،‬برد الشتاء ينفد إلى العظـ كاإلبر كيقكم‬
‫شيكة النكـ‪ ،‬بدا لو رأسو ثقيبل كأعضاؤه مرىقة‪ ،‬تسرب في دمو مذاؽ المسكاؾ كالعطكر‬
‫‪3‬‬
‫الصحراكم الذم ينبعث مف الجازية كمما تشقؽ حائط بيتو اليرـ «‬

‫‪ -1‬المصدر نفسو‪ ،‬ص ‪194‬‬


‫‪-2‬كاسيني األعرج‪ ،‬نكار المكز ‪ ،‬ص‪213‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص‪8‬‬
‫‪55‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫كفي سياؽ آخر‬


‫» كانت الحشائش الشتكية العالية المحيطة بالرحبة تغطينا‪ ،‬كانت دافئة‪ ،‬اختمطت في‬
‫رأسي رائحة األتربة كالتبف الغامؿ كشعرؾ كالحناء البدكية « ‪.1‬‬
‫مثاؿ آخر‬
‫» غفا قميبل كالقط الذم استشعر الدؼء فجأة‪ ،‬أنفاس الركاب المكتظيف فكؽ بعضيـ‬
‫بعضا كانت كافية لتسخيف الجك الصقيعي‪ ،‬كبركدة جمد الكراسي‪ ،‬كاف تعبا مرىقا حتى‬
‫العظـ‪ ،‬لـ يفتح عينيو إال عندما صاح الجاني‪" ،‬مغنية" كصمنا إلى " مغنية" يا المي‬
‫‪2‬‬
‫يحب ينزؿ «‬
‫يتجدد كفؽ ‪ 04‬حاالت‪:‬‬
‫‪ /3‬التواتر‪ :‬كاستنادا إلى الدراسة نجده ٌ‬
‫أ‪ -‬المحكي التفردي‪ ،‬كيتجمى ذلؾ في الركاية‪ ،‬في بكاء صالح عف زكجتو » بكيت‬
‫بصكت عاؿ‪ ،‬تصكركا ما أصعب أف يبكي شيخ بدأت تقيره قساكة السنيف‪ ،‬في الميؿ‬
‫بت أصرخ كأصرخ‪ ،‬كأندب حظي التعس ‪ ،‬كاف الزغب الذم تسمؽ كجيي يؤلمني مع‬
‫ٌ‬
‫‪3‬‬
‫ممكحة الدمع الذم نفذت إلى فمي كجركحي «‬
‫ب‪ -‬المحكي التفردي الترجيحي‪ :‬كيتجمى ذلؾ في دخكؿ صالح لمسجف‪:‬‬
‫مرة‪ ،‬بتنا في المخفر نرتعد حتى ساعة متأخرة مف الميؿ‪ ،‬نظر‬‫» كانت آخر مرة كأتعس ٌ‬
‫‪4‬‬
‫إلينا بعيكف شرسة كدمكية كعيني غراب‪ " ،‬الميمة ليمتكـ" «‬
‫ت‪ -‬المحكي التكراري‪:‬‬
‫كيتمثؿ ذلؾ في كصؼ الراكم لمسيردية كىي متكفية في المستشفى عدة مرات » إيو‬
‫في المحظة نفسيا كانت زكجتي تمكت في سبيطار الغزكات كأصابع ابني تتبلعب بيا‬
‫‪5‬‬
‫قطط الحارات الشعبية التي انتفخت مف بقاياه «‬
‫الترددي‪:‬‬
‫ث‪ -‬المحكي ّ‬

‫‪ -1‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪22‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪74‬‬
‫‪-3‬كاسيني األعرج‪ ،‬نكار المكز‪ ،‬ص ‪58‬‬
‫‪ -4‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪73‬‬
‫‪ -5‬المصدر نفسو ‪،‬ص نفسيا‬
‫‪56‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫كتجسد ذلؾ في طمب صالح الزكفرم لمكنجا بقكلو‪ » :‬لماذا كؿ ىذا الحزف يا‬
‫ٌ‬
‫مر عمييا أكثر مف شير‪،‬‬‫لكنجا؟ صمتؾ يعذبني‪ ،‬عيكنؾ القاسية تحرؽ قمبي‪ ،‬الحادثة ٌ‬
‫جربي كستريف‪،‬‬
‫يتعبد كيصمي لجسدؾ النبكم‪ٌ ،‬‬‫تعرم يا لكنجا‪ ،‬ىذه المرة سأككف أكؿ مف ٌ‬
‫يتحكؿ ىذا المخمكؽ البدكم البدائي إلى قمب ينبض بحناف األبكة المفقكدة« ‪.1‬‬
‫كيؼ ٌ‬
‫ب‪ -‬بنية المكان‪:‬‬
‫‪ :-1‬األماكن المفتوحة ‪:‬‬
‫‪ 1-1‬البمدة (القرية) ‪:‬‬
‫"نوار الموز" عما عميو في الركايات‬
‫ال تختمؼ الصكرة العامة لمقرية في ركاية ّ‬
‫السابقة فمسيردة كما تقدميا الركاية بمدة » ينبت فييا الخكؼ مع الرغيؼ ‪ ،‬كتحزف شمسيا‬
‫كراء الغيكـ الثقيمة ‪ ،‬المكت كالحياة ‪ ،‬كجياف لنمط كاحد مف الخمؽ ‪ ،‬إنيا البمدة التي تناـ‬
‫عمى أطراؼ الحدكد ‪ ،‬في الحركب ىي أكؿ مف ييدىس كآخر مف يتذكره المؤرخكف ‪،‬‬
‫مسيردة الجميمة التي يأكؿ حقكليا دكد ال ليجك ‪ ،‬جمارؾ الحدكد يخشكف أطفاليا كطمقة‬
‫‪2‬‬
‫رصاص ‪ ،‬يفتشكف ألبستيـ كقماطيـ‬
‫تبدك "مسيردة" في الركاية قرية صغيرة ‪ ،‬تعيش عمى ىامش التاريخ يستغميا‬
‫األغنياء بينما يمكت أطفاليا جكعا كفاقة ‪ ،‬تحدؽ بيا األخطار مف كؿ جانب ‪،‬فأبناؤىا‬
‫يمكتكف تحت طائؿ رصاص حراس الحدكد كمما دفعت بيـ قساكة الحياة عمى االنتقاؿ‬
‫يصرح بو بطؿ الركاية صالح بن عامر » لو كانت‬‫ٌ‬ ‫غربا لممارسة التيريب‪ ،‬ىذا ما‬
‫‪3‬‬
‫تحول إمام القرية إلى مهرب لمكتان «‬
‫ظروف النحس طبيعية ما سقط لخضر‪ ،‬وما ّ‬
‫يرصد السارد قرية مسيردة مف خبلؿ" حي الب ارريؾ" الذم يسكنو البطؿ‬
‫كالشخصيات الفاعمة في الركاية » لكنجا ‪ ،‬العربي‪ ،‬أحمد‪ ،‬القيكاجي‪ ،‬ماما حنا ‪....‬‬
‫كغيرىـ‪ ،‬ال لشيء في ىذا الحي غير الجكع كالبرد كبيكت التنؾ كالكحؿ كتصفية الحسابات‬

‫‪ -1‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪21‬‬


‫‪ -2‬كاسيني األعرج ‪ ،‬نكار المكز ‪ ،‬دار الحداثة ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬لبناف‪ ، 1993 ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسو ‪ ،‬ص ف ‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫بالمدل كالجنازات «‪ ،1‬كيتصؿ مكاف مسيردة بمعايير الفقر كالعطالة كالقساكة التي تطبع‬
‫كحدة الطباع التي تبرزىا سمككاتيـ كاقتتاليـ الدائـ ألسباب كاىية ‪.‬‬
‫نفكس قاطنيو‪ٌ ،‬‬
‫"نوار الموز" متناكال جزءا منيا أال كىك البمدة ‪،‬‬
‫كعميو فمف خبلؿ رصد السارد لركاية ّ‬
‫ىذه األخيرة التي جاءت مكانا مفتكحا يشترؾ فيو جميع أىؿ البمدة كيتقاسمكف مشاكميا‬
‫كمعاناتيا ‪ ،‬مف فقر كبطالة ‪ ،‬مف قساكة كطباع سيئة ‪ ،‬مف عدـ االستقرار كالتخكؼ مف‬
‫أكالد ال ليجو مف أف يطمكا عمييـ فجأة ‪.‬‬
‫إذف ىذه القرية جاءت كعمى حساب سرد البطؿ شاممة لكؿ الكقائع كالظركؼ‬
‫المعيشة كالقاسية التي عاشيا بدكره بقكلو » راسؾ خشف يا صالح الزكفرم‪ ،‬يا كليد‬
‫الب ارريؾ‪ ،‬مثؿ أحجار الكدياف «‪.2‬‬
‫كقكلو » فاألكلكف ‪ ،‬كىـ صفاء السبللة أكمتيـ الزالزؿ كالمجاعات كأمراض التيفكس‬
‫التي اجتاحت بمدتنا األكلى ذات صيؼ‪ ،‬فمات الصغير كالكبير‪ ،‬كحيف ح ٌؿ القحط‬
‫بالمناطؽ الرعكية‪ ،‬ركبكا البيداء‪ ،‬أكثرىـ مات في الطريؽ عطشا كجكعا ‪ ،‬كتمفحت شفاىيـ‬
‫مف كثرة الشمس المحرقة «‬
‫» تريد أف نشرب ‪ ،‬حتى نصؿ الساقية يا صديقي‪ ،‬فالكادم الذم ييددنا كؿ شتاء‬
‫‪3‬‬
‫دافئ أخشى أف يمحك ىذه القرية مف الكجكد‪ ،‬فالشتاء ىذه السنة قاس «‬
‫ب‪ 2-1-‬الحي ‪:‬‬
‫استقطب الركائي حي الب ارريؾ بمختمؼ الدالالت السمبية كالقذارة كالضيؽ كاالكتظاظ‬
‫الذم مف ىذا الحي تركيبا بشريا غير منسجـ فقد ضـ ىذا الحي فقراء مسيردة كفقراء‬
‫السد الذم كعدت بو‬
‫مناطؽ أخرل كفدكا عمى المكاف رغبة في االنضماـ إلى مشركع ٌ‬
‫السمطات أىؿ القرية بيدؼ انتشاليـ مف الفقر كالبطالة كىك المشركع الذم طاؿ انتظاره »‬
‫حتى كاد يتحكؿ إلى أسطكرة تافية «‪ 4‬األمر الذم أفضى إلى تعقٌد الحياة في ىذا المكاف‬
‫كتفاقـ مشاكميا ‪ ،‬فانتشرت في الحي مظاىر االنحراؼ كالجرائـ ‪ ،‬كالتيديد كالسباب المقذع‬

‫‪ -1‬نفسو ‪ ،‬ص ف ‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫نكار المكز ‪ ،‬ص‪. 8‬‬
‫‪ -‬كاسيني األعرج ‪ٌ ،‬‬
‫‪ -3‬مرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪ -4‬مرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪58‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫حكلت ىذه األكضاع المتردية نفكس الكثيريف‬


‫كالمخدرات كطرؽ الكسب غير الشرعي‪ ،‬كقد ٌ‬
‫يتمدد ثـ سرعاف ما تعكد إلى كضعيا الطبيعي‪.‬‬
‫إلى قطع مطاط ٌ‬
‫كما يدؿ أيضا عمى أف الحي كاف يبدك مف خبلؿ ما كصفو السارد فقي ار كمخيفا ‪،‬‬
‫تصكر يا القيكاجي الطيب يا ركمؿ ‪ ،‬تصكرم يا الجازية‬‫ٌ‬ ‫عديـ األمف ىك قكؿ السارد‪» :‬‬
‫يا اخت الحسف لك كجدنا شغبل بسيطا في حي الب ارريؾ ما أكمتنا مخاكؼ الحدكد حيف نفقد‬
‫طعـ الحياة نعكد إلى أكؿ بعضنا البعض ‪ ،‬نتآكؿ فيما بيننا كالحيكانات المفترسة ال شيء‬
‫‪1‬‬
‫في ىذا الحي غير البرد كالكحؿ كتصفية الحسابات القديمة بالمدل كالجنازات «‬
‫ب‪ 3-1-‬المقهى ‪:‬‬
‫يمثؿ المقيى بؤرة اجتماعية ليا دالالتيا الخاصة في الركاية العربية التي كجدت‬
‫في ىذا المكاف عبلمة دالة عمى االنفتاح االجتماعي كالثقافي كأنمكذجا مصغ ار لعالمنا ‪، 2‬‬
‫فيك بيت األلفة العاـ الذم يستكعب الجميع كيحتكم الجميع دكف شركط مسبقة كدكف‬
‫مكاعيد ‪.‬‬
‫يحتؿ المقيى مكانة متميزة في الركايات التي اتخذت مف القرية إطا ار ألحداثيا كىذا ما‬
‫نوار الموز كالذم يأخذ البعد االجتماعي عندما يتحكؿ إلى مكاف‬
‫نستشفو في ركاية ّ‬
‫لبلقتتاؿ بيف شخصيات الركاية ( صالح بف عامر كياسيف ) ‪.‬‬
‫كقد بدا المقيى في ىذه الركاية مكانا متكاضعا تيدده أمطار الشتاء ‪ ،‬يعكس‬
‫الكضع المتدىكر الذم تعيشو الشخصية في حي الب ارريؾ ‪.‬‬
‫يصؼ الركائي مقيى ركمؿ مف خبلؿ حركة حميدة القيكاجي صاحب المقيى »‬
‫انتبو إلى األمطار التي تحكلت إلى خيط مف السماء كالى القطرة التي كانت بدأت تمتد‬
‫مف الجية اليمنى مف سقؼ البراكة إلى الكسط حيث كضعت الطاكالت كالكراسي كالبابكر‬
‫‪3‬‬
‫كبعض أكياس الخيش «‬
‫ككما قمنا سابقا أف المقيى كانت شاىدة عمى العديد مف الصراعات منيا صراع‬
‫صالح كيا سيف قكؿ الراكم» كأخرج سكينو الحاد ككضعيا عمى رقبة ياسيف ‪ ،‬كانت عيناه‬

‫‪ -1‬كاسيني األعرج ‪ ،‬المصدر السابؽ ‪ ،‬ص ‪.19‬‬


‫‪ -2‬شاكر نابمسي ‪ ،‬جماليات المكاف في الركاية العربية ‪ ،‬ص‪.195‬‬
‫‪ -3‬كاسيني األعرج ‪ ،‬مصدر سابؽ ‪ ،‬ص‪.199‬‬
‫‪59‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫تتراقصاف ككجيو يرتجؼ‪ ،‬كقبؿ أف يجيز عميو قبض ركمؿ عمى يده‪ ،‬في مقيام يا‬
‫‪1‬‬
‫صالح ‪ ،‬اهلل يرضى عميؾ كعيني لمسيردة «‬
‫ب‪ 4-1-‬السوق ‪:‬‬
‫السكؽ مكاف تجارم تختمؼ بنيتو اليندسية كالعمرانية تبعا لممكاف الكاقع فيو سكاء‬
‫أكاف قرية أـ مدينة كىك ليس مكانا لمتبضيع فحسب كانما أيضا لمقاء كالحكار االجتماعي‬
‫المتبادؿ ‪ .‬كليس ضركريا أف يككف كؿ مرتاد ليذا المكاف قد شارؾ في البيع كالشراء ‪،‬‬
‫كانما قد يككف ارتياده » دالة غير مباشرة لكفرة في الفائض أك لنمط مف الكجاىة « ‪.2‬‬
‫استثمرت الركاية لدل كاسيني األعرج الخصائص العامة ليذا المكاف عمى مستكييف‬
‫المكاني كالبنائي‪ ،‬كقد بدا في ركاية "نوار الموز" جزءا أساسيا مف الفضاء العاـ لمقرية ‪،‬‬
‫يضطمع بالعديد مف األدكار كالكظائؼ عمى الصعيد االجتماعي‪ ،‬االقتصادم‪ ،‬كالثقافي‬
‫كالسياسي كىك عمى المستكل الفني لمركاية يساعد عمى بمكرة الحدث كتصعيده بفعؿ‬
‫استقطابو لشخصيات عديدة كانفتاحو عمى كؿ العقميات كااليديكلكجيات كالطبقات‬
‫االجتماعية ‪.‬‬
‫يمتقي في سكؽ مسيردة الشعبي الفقراء كاألغنياء ‪ ،‬الكبار كالصغار ‪ ،‬كالمكاطنكف العاديكف‬
‫كرجاؿ السمطة الذيف يجكبكف أرجاء المكاف بحثا عف الميربيف ‪.‬‬
‫يأتي صالح بف عامر عمى ذكر األسباب التي تدفع بو إلى السكؽ » سنذىب إلى‬
‫السكؽ يا صديقي نستمع إلى حكايات عمر بكحبلقي ‪ ،‬عف أبي زيد اليبللي كالجازية ‪ ،‬لـ‬
‫ينتو جماليا األبدم عف السيد عمي كرأس الغكؿ كالزير سالـ كأحجيات لكنجا ‪ ،‬كيمكمتراف‬
‫جيدة كنعكد « ‪.3‬‬
‫نسكؽ بضاعتنا إذا كانت ظركفنا ٌ‬
‫فقط ٌ‬
‫يصؼ السارد سكؽ مسيردة مف خبلؿ تتبعو لحركة صالح بف عامر » اىتزت‬
‫عمى ظير صالح شكارة الخيش المممكءة بالكتاف ‪ ،‬األمطار كانت ما تزاؿ تتساقط بغ ازرة ‪،‬‬

‫‪ -1‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص‪.115‬‬


‫‪ -2‬فرج اهلل صالح ‪ ،‬القرية كسيسيكلكجيا االنتقاؿ إلى السكؽ ‪ ،‬دار الحداثة ‪ ،‬لبناف ‪ ،‬ط‪، 1981 ، 1‬ص ‪.31‬‬
‫‪ -3‬كاسيني األعرج ‪ ،‬مصدر سابؽ ‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫‪60‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫البرد يمفح األكجو بقكة ‪ ،‬الجميد يغطي المناطؽ المحيطة بالسكؽ ‪ ،‬حاكؿ أف يجد مكانا‬
‫يقؼ فيو كيخرج بضاعتو لكف عبثا ‪ ،‬كاصؿ انحداره « ‪.1‬‬
‫تبرز السكؽ في ىذه الصكرة السردية ضيقة تنتشر فييا األكحاؿ تزيد عكامؿ‬
‫الطبيعة كأحكاؿ الطقس مف أمطار كرياح كجميد في تدىكر أكضاعيا كتأزميا ‪ ،‬ككثي ار ما‬
‫ركادىا الذيف يضيؽ المكاف بسمككاتيـ الطائشة‬
‫يؤدم ازدحاميا إلى االقتتاؿ كالتبلسف بيف ٌ‬
‫كأصكاتيـ الصاخبة ‪.‬‬
‫كاف الناس كالنمؿ يصيحكف ‪ ،‬يبيعكف كيشتركف ‪ ،‬ىكذا ىـ دائما ‪ ،‬األطفاؿ‬
‫يصرخكف في أيادييـ تناـ األشياء الميربة كغالبا ما تختمط ىذه األصكات بأصكات‬
‫الحيكانات فيتعالى نييؽ الحمير المبحكحة ‪ ،‬صكت الغناـ كثغاء الخرفاف يأتي خافتا مف‬
‫الرحبة ‪.‬‬
‫كتدفع الظركؼ الصعبة بأبناء مسيردة إلى السكؽ لممتاجرة ببضاعة بسيطة ‪ ،‬فيمقكف مف‬
‫أجؿ ذلؾ عنتا كبي ار » الكجكه الصبيانية التي كانت تحترؽ تحت األمطار يتطاير الكحؿ‬
‫المارة الغاديف كالرائحيف ‪.‬العيكف حمراء مف قمة‬
‫ٌ‬ ‫تحت أقداميـ عاليا فتتسخ ألبسة ككجكه‬
‫النكـ كاألجساد ىزيمة ‪ ،‬ابتسامتيـ الصفراء يمفيا الذعر مف كحش مخيؼ مكجكد غير‬
‫مكجكد« ‪. 2‬‬
‫يركز السارد في كصفو لمسكؽ عمى منظر الصبية الصغار كىـ يجكبكف المكاف‬
‫ببضاعتيـ المتكاضعة‪ ،‬يمفحيـ برد الشتاء كأمطاره‪ ،‬كيعترييـ خكؼ شديد مف مداىمة‬
‫رجاؿ الدرؾ لمسكؽ لمصادرة بضائعيـ البسيطة ‪.‬‬
‫يرصد السارد معاناة األطفاؿ‪ ،‬كىـ يكابدكف مف أجؿ لقمة العيش بأسمكب يثير‬
‫إحساس القارئ كيدفعو إلى اإلشفاؽ عمييـ كبخاصة عند مداىمة رجاؿ الدرؾ لمسكؽ ‪.‬‬
‫كاف ىؤالء األطفاؿ » يتأممكف المشيد بغرابة عيكنيـ الحمراء مفتكحة عف آخرىا ‪ ،‬أنكفيـ‬
‫طيات « ‪.3‬‬
‫عدة ٌ‬
‫ممتيبة ألبستيـ متسخة كمطكية ٌ‬

‫‪ -1‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.36‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.37‬‬
‫‪ -3‬كاسيني األعرج ‪ ،‬نفس المصدر ‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪61‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫تعمو الفكضى‬
‫كتظير السكؽ في كسط ىذه األجكاء المتردية مكانا يفتقد لمنظاـ‪ٌ ،‬‬
‫كتضيع فيو حقكؽ الضعفاء مف الفقراء‪ ،‬يستأثر فيو األغنياء باألماكف اليامة لتسكيؽ‬
‫بضاعتيـ‪ ،‬في حيف يتعذر عمى الفقراء مف الباعة إيجاد أماكف يعرضكف فييا بضائعيـ‬
‫يعبر عنو البطؿ صالح بف‬
‫البسيطة التي يحممكنيا في أيدييـ أك عمى ظيكرىـ كىذا ما ٌ‬
‫عامر » أخ مف الصعب أف يجد الكاحد مكانا يبيع فيو ىذه البضائع التعيسة «‪ 1‬كمف‬
‫ىؤالء األغنياء الذيف يجكلكف السكؽ بكؿ أريحية ىك السبايسي ‪.‬‬
‫يكشؼ كصؼ السكؽ عف التبايف االجتماعي بيف شخصيات الركاية ‪ ،‬يتقابؿ فيو‬
‫األغنياء كالفقراء كيقؼ معادال لمتناقض االجتماعي الذم ترصده الركاية بحيث ترتبط‬
‫تجسد » صراعا حادا بيف فئتيف متناحرتيف‬ ‫ٌ‬ ‫داللتو بشبكة الداللة العامة لمركاية التي‬
‫كمتقاتمتيف ‪ ،‬فئة تتحرؾ مف مكقع رغبتيا في تنمية رأس ماليا كتركيع القرية بكامميا‬
‫كتعذيب أىميا كفئة تتحرؾ عف شرفيا كحقيا في الكجكد كالحياة « ‪.2‬‬
‫لذلؾ كانت شخصيات كثيرة في السكؽ (صالح الخالدم ‪ ،‬بائعة الزعفراف ‪ ،‬األطفاؿ)‬
‫عمى كعي كبير بكاقعيا‪ ،‬كقد بدت كما يصفيا السارد في ىذا المكاف» جيادا أصيمة ال‬
‫‪3‬‬
‫بد‬
‫الشر الذم ال ٌ‬
‫تتعبيا قساكة األياـ « ‪ ،‬تكحدىا المتاعب كاألىكاؿ كتجارة الطراباندك ٌ‬
‫منو لضماف الحياة‪ ،‬كىذا ما يعكسو التفاقـ حكؿ بعضيـ البعض أثناء مداىمة رجاؿ‬
‫الجمارؾ لمسكؽ‪ ،‬ينبو كؿ منيما اآلخر خكفا عمى بضاعتيـ البسيطة مف المصادرة‪ ،‬كمف‬
‫صكر ىذا االلتفاؼ ما يركيو السارد عف مساعدة الخالدم لصالح بف عامر» التفت صالح‬
‫إلى كجو الخالدم ثـ دفف الشكارة تحت أكياس السكر كالسميد كالقيكة « ‪. 4‬‬
‫كما يجسد السكؽ الشعبي إضافة إلى داللتو االجتماعية بعدا اقتصاديا مف خبلؿ‬
‫ما يعرضو مف سمع كبضائع مستكردة كميربة عبر الحدكد المغربية بحيث تبدك السكؽ مف‬
‫خبلؿ البضائع التي تغزكىا» جانيتك‪ ،‬مكسميف‪ ،‬الرتيمة‪ ،‬القطيفة‪ ،‬المسيرة‪ ،‬الكتاف الرخيص‬

‫‪ -1‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.38‬‬


‫‪ -2‬رشيد بف مالؾ ‪ ،‬السيميائيات السردية ‪ ،‬دار مجدكالم لمنشر كالتكزيع ‪ ،‬األردف ‪ ،‬ط‪ ، 2006 ، 1‬ص‪.58‬‬
‫‪ -3‬كاسيني األعرج ‪ ،‬مصدر سابؽ ‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪ -4‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪62‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫‪ «1‬مبتكرة الصمة بيكيتيا الجزائرية‪ ،‬فجميع ىذه األشياء ال تمت بصمة لممكاف الشعبي كال‬
‫إلنسانو في القرية ‪.‬‬
‫كمما سبؽ تبرز السكؽ مكانا مفتقدا لخصكصيتو ‪ ،‬تتقاذفو أيدم األغنياء‬
‫كالميربيف الكبار‪ ،‬ال كفاءة فيو إال كفاءة البيع كالشراء كالتممٌص مف أعيف الرقابة ‪ ،‬يتصؿ‬
‫في مظيره العاـ بالفكضى كالبلنظاـ كالتمرد عمى رجاؿ الجمارؾ الذيف ال يتكانكف عف‬
‫مطاردة باعة البضائع الميربة ‪ ،‬ببل رحمة يفتشكف متاعيـ كغالبا ما يحكلكف السكؽ إلى‬
‫فضاء مطاردة مما يزيد في تأزـ العبلقات بيف السمطة كىؤالء الباعة الفقراء ‪.‬‬
‫ب‪ 5-1-‬المقبرة ‪:‬‬
‫القبر ىك المثكل األخير الذم يناـ فيو االنساف نكمو األبدم ‪ ،‬كالمكاف األخير الذم‬
‫يؤكؿ إليو كؿ مف ذاؽ المكت ‪ ،‬حيث السكينة التامة كالصمت المطمؽ ‪ ،‬كالقبر مكاف‬
‫يتكحد فيو الزماف كالمكاف فيتحكالف لشيء كاحد ‪ ...‬فيك مكاف ال متناه‬
‫كاسع ال يضيؽ » ٌ‬
‫يضـ كؿ أنماط المكاف كداللتو « ‪.2‬‬
‫ٌ‬
‫انصب تركيزه في تقديمو لممقبرة عمى حالة‬
‫ٌ‬ ‫كفي ركاية نوار الموز نجد أف السارد قد‬
‫الحزف كاألسى التي عاشتيا القرية أثناء دفف العربي بف القيكاجي أحد سكاف الب ارريؾ الذم‬
‫سقط برصاص حراس الحدكد » تحرؾ صالح كالجماعة التي تساعده عمى حمؿ المحمؿ‬
‫امتد الناس خيطا كاحدا مف باب المسجد حتى المقبرة التي تقع عمى مرتفع القرية ‪،‬‬ ‫‪ٌ ...‬‬
‫ىكذا ناس الب ارريؾ ال تجمعيـ إال المآتـ « ‪.3‬‬
‫تمثؿ المقبرة المكاف الكحيد الذم ينسى فيو أىؿ مسيردة كخاصة سكاف الب ارريؾ‬
‫مشاكميـ كخبلفاتيـ‪ ،‬يمتقكف أماـ لحظة المكت فتتكحد مشاعرىـ كأحاسيسيـ ‪ ،‬يشاطركف‬
‫ألـ بو مكف مصاب ‪.‬‬ ‫القيكاجي آالمو ككميـ حزف كلكعة عمى ما ٌ‬
‫كفي السياؽ ذاتو يصؼ السارد جانبا مف المقبرة التي احتضنت جثماف العربي ‪،‬‬
‫ألـ بالبطؿ الذم فقد صديقو كرفيؽ دربو في رحبلت‬ ‫كيركز عمى حجـ الحزف الذم ٌ‬
‫التيريب » أغمؽ سياج المقبرة باألسبلؾ الشائكة كالسدرة ‪ ،‬نزؿ بيدكء مرىقا كاف حتى‬

‫‪ -1‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.54‬‬


‫‪ -2‬محمد عيد الطرنكلي ‪ ،‬المكاف في الشعر األندلسي ‪ ،‬ص ‪.101‬‬
‫‪ -3‬كاسني األعرج ‪ ،‬مصدر سابؽ ‪ ،‬ص ‪.97‬‬
‫‪63‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫العظـ ‪ ،‬كانت عيكنو ممتصقة بصمت الناس كىـ ينحدركف مف المرتفع ‪ ،‬في قمكبيـ لكعة‬
‫العربي كاألطفاؿ الفقراء الذيف أكميـ العراء« ‪.1‬‬
‫ب‪ 6-1-‬المدينة‪:‬‬
‫تعمد إقامة مقارنة بيف القرية مسيردة كالمدينة‬
‫نوار الموز نجد أف الراكم ٌ‬
‫في ركاية ّ‬
‫سيدي بمعباس‪ ،‬فالركاية تدكر أغمب أحداثيا في قرية مسيردة إذ يتحدث فييا السارد عف‬
‫مدينة سيدم بمعباس التي ينتقؿ إلييا لمتجارة » ىا ىي سيدم بمعباس بأحيائيا الكاسعة‬
‫تحد‪ ،‬مدينة رحبة الصدر‪ ،‬عبثت بيا أرياح الشتاء‪ ،‬األحياء الشعبية ما‬
‫كشكارعيا التي ال ٌ‬
‫تزاؿ بسيطة‪ ،‬كما كانت حيطانيا مخرمة تتسمقيا بعض الكتابات الرديئة ‪ ...‬زاد عدد‬
‫األطفاؿ المتسخيف بشكؿ يثير انتباه الزائر العادم « ‪.2‬‬
‫تتميز مديف سيدم بمعباس باتساع أحيائيا ك شكارعيا كرحابة صدرىا ككثافة‬ ‫ٌ‬
‫سكانيا‪ »،‬فاألطفاؿ يا لطيؼ كالجراد « ‪ ، 3‬كبالمقابؿ يقؿ عدد األطفاؿ في قرية مسيردة‬
‫بسبب المكت الذم يتسبب فيو اإلىماؿ‪ ،‬كقد تحدثت الركاية عف مكت صالح بف عامر‬
‫كما أشارت إلى كثيرة النساء العاقرات‪ ،‬إلضافة إلى ذلؾ يستع ىامش الحرية المتاح‬
‫لمشخصية في سيدم بمعباس بينما نجده يضيؽ في قرية مسيردة بحيث تبرز مدينة‬
‫بمعباس مكاف عبلقات مشبكىة كال أخبلقية مصرح بيا ‪ ،‬عمى عكس ما ىك األمر في‬
‫مسيردة ‪.‬‬
‫كعمى صعيد العبلقات االنسانية (االجتماعية فإف سمككات الناس في بمعباس‬
‫تختمؼ كؿ االختبلؼ عما ىي عميو في بمدة مسيردة‪ ،‬فيـ يعيشكف في أجكاء تغيب فييا‬
‫مظاىر الصراع كالتطاحف‪ ،‬كالشتائـ بيف المتخاصميف كال يمنع فييا التجار‪ -‬كاف كانكا‬
‫تجار طراباندك – مف ممارسة نشاطيـ‪ ،‬في حيف تتـ المتاجرة بالبضائع في سكؽ مسيردة‬
‫كعمى أطراؼ الحدكد في ظؿ مضايقات رجاؿ الجمارؾ كمطاردتيـ لمميربيف كالباعة‪.‬‬
‫ب‪ 7-1-‬المسجد‪:‬‬

‫‪ -1‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.99‬‬


‫‪ -2‬كاسيني العرج ‪ ،‬مصدر سابؽ ‪ ،‬ص ‪.60‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ف ‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫يكظؼ المسجد في النصكص السردية عمى أنو بناية ذات اثر إيجابي في تكجيو‬
‫السمكؾ كتيذيبو ‪ .1‬كالمسجد مكاف لمعبادة كالصبلة كمبلذ كؿ شخص يطمب الراحة‬
‫كالسكينة كالعمـ ‪ ،‬كيرتبط المسجد في ركاية نكار المكز بمعاني المكت كالحزف كبمحظات‬
‫الصمت كالخضكع التي انتابت جميع مف كانت فيو عند كفاة العربي بف القيكاجي ‪.‬‬
‫ىز اإلماـ الجديد رأسو متمممبل في مكانو ارتفعت عقيدتو عاليا يتمك آيات قرآنية عف‬
‫» ٌ‬
‫اآلخرة كيكـ الحشر‪ ،‬دمعت عيناه المرىقتاف ‪ ،‬دمعات جافة ‪ ...‬أقاـ الصبلة ‪ ،‬صمى كسمٌـ‬
‫بصمت كخشكع « ‪.2‬‬
‫كتتكرس داللة الحزف كالمـ في حديث السارد عف كالد العربي » في إحدل زكايا‬
‫المسجد نيض ركمؿ القيكاجي مف جانب بكجمعة ‪ ،‬تخطى الصفكؼ ثـ جمس بالقرب مف‬
‫اإلماـ ‪ ،‬كانت عيكنو حمراء مكرمة ‪ ،‬كجيو البائس « ‪.3‬‬
‫ب‪ 8-1-‬المقام ‪:‬‬
‫مقدس يرتبط ببعض الطقكس الثقافية لممجتمع إذ أف المقامات تضـ‬ ‫المقاـ مكاف ٌ‬
‫أضرحة األكلياء الصالحيف كيقكـ الناس بزيارتيا لتكريـ ىؤالء األكلياء إيمانا منيـ بقدرة‬
‫الكلي عمى التكسط عند اهلل لتحقيؽ رغبة الزائر ‪ ،‬كىناؾ مف يرل بأف لمكلي نفسو قدرة‬
‫عمى تحقيؽ الدعاء في حيف يعني المقاـ عند المتصكفة » مقاـ العبد بيف يدم اهلل عز‬
‫كجؿ بما يقكـ بو مف مجاىدات كرياضات كعبادات كشرطو أال يرتقي مف مقاـ إلى مقاـ‬
‫إذا لـ يستكؼ أحكاـ ذلؾ المكاف «‪ ،4‬كتشير ركاية نكار المكز إلى مقاـ الكلي كيقع بالقرب‬
‫مف بيت البطؿ صالح بف عامر » مقاـ الكلي الذم يكاجو بيتي مممكء حتى اآلذاف بالشمع‬
‫‪ ،‬األطفاؿ يسرقكف مف بيتي كأنا أسرؽ مف مقاـ الكلي ‪ ،‬أضيئو كآخذ البقية « ‪.5‬‬

‫‪ -1‬محمد ابراىيـ ‪ ،‬تجميات المكاف في السرد المكاني ‪ ،‬فضاءات لمنشر ‪ ،‬عماف ‪ ،‬ط‪ ، 2009 ، 1‬ص ‪.121‬‬
‫‪ -2‬كاسيني األعرج ‪ ،‬مصدر سابؽ ‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪ -4‬عبد المنعـ الحنفي ‪ ،‬المكسكعة الصكفية ‪ ،‬مكتبة مدبكلي ‪ ،‬القاىرة ‪ ،‬ط‪، 2003 ، 1‬ص ‪.963‬‬
‫‪ -5‬كاسيني األعرج ‪ ،‬مصدر سابؽ ‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪65‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫كيعتقد أىؿ البمدة » أف البمدة تحفظ بحفظ مقامات األكلياء الصالحيف مضاءة ليبل‬
‫«‪ 1‬كمف ىنا تتبع أىمية ىذا المكاف في المخيمة الشعبية ‪ ،‬كألف المقاـ مكاف مقدس فقد‬
‫بني فيو مسجد القرية ‪.‬‬
‫جاء في حديث السارد عف حمؿ رفاة العربي كلد القيكاجي إلى المقبرة » كاف‬
‫صالح أكؿ مف انزلؽ إلى صدر مقاـ الكلي الذم بني فيو مسجد القرية ‪ ،‬كضع فيو بيف‬
‫‪2‬‬
‫يديو الذراع األكؿ لممحمؿ القديـ كترؾ األذرع الثبلث الباقية لمناس االخريف «‬

‫البيت الشعبي ‪:‬‬


‫يرتبط كجكد البيت الشعبي بعالـ القرية كتتكرس صكرتو كداللتو في الركاية مف‬
‫خبلؿ كصؼ السارد لبيت الصالح بف عامر أك مف خبلؿ حديث الصالح بف عامر عف‬
‫بيتو الكاقع في حي الب ارريؾ ‪.‬‬
‫إذا البيت ىنا جاء مرتبط بشخصية البطؿ كبطبيعة الرؤل كاألفكار التي تحمميا‬
‫ىذه الشخصية ‪ ،‬ففي األدب دائما يككف البيت تعبي ار صادقا عف االنساف ‪ ،‬فإذا كصفت‬
‫‪3‬‬
‫‪.‬‬ ‫البيت فقد كصفت االنساف ‪ ،‬كالبيكت تعبر دكما عف أصحابيا كما يقكؿ رينيه ويميك‬
‫يتتبع السارد في نكار المكز حركة البطؿ الصالح بف عامر التي تكشؼ عف أىـ‬
‫الدالالت المتعمقة بالبيت في ىذه الركاية » لـ يدر كيؼ عينيو نحك السقؼ اليرـ ‪ ،‬تذكر‬
‫‪4‬‬
‫‪ ،‬كعندما اشتد نزكؿ األمطار كتكاثفت‬ ‫أنو مف بيف ىذه األخشاب تسربت الجازية «‬
‫حدث صالح بف‬ ‫الثمكج فغطت بمدة مسيردة بما فييا حي الب ارريؾ الذم يقطنو البطؿ ‪ٌ ،‬‬
‫عامر نفسو » أخ اهلل يحفظ ‪ ،‬ذات صباح نردـ أحياء تحت أنقاض ىذه البراكة ‪ ،‬أنا‬
‫كلزرؽ كالكمبة شطيبة « ‪.5‬‬
‫يجسد بيت البطؿ مثمما جاء في المثاليف معاني الفقر كالبؤس ‪ ،‬فيك بيت متكاضع‬
‫قديـ كمتيالؾ معرض لمسقكط في أية لحظة ‪ ،‬ال يقي صاحبو بركدة كال يمنع عنو غ ازرة‬

‫‪ -1‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ف ‪.‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪ -3‬ينظر رينيو كيميؾ ‪ ،‬نظرية الركاية ‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪ -4‬كاسيني األعرج ‪ ،‬مصدر سابؽ ف ص ‪.14‬‬
‫‪ -5‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص‪.18‬‬
‫‪66‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫أمطاره ‪ ،‬كتقؼ أشياؤه كمككناتو البسيطة لتعبر عف المستكل االجتماعي المتكاضع‬


‫لمشخصية » حيف حاكؿ رفع رأسو لدغتو البركدة السامة ‪ ....‬تأمؿ الرضية المتسخة كبقايا‬
‫الزجاجات الخمرية الفارغة كرائحة النبيذ األحمر ‪ ،‬الكمبة شطيبة تناـ مغمضة العيف في‬
‫طبؽ الخبز « ‪.1‬‬
‫إذا تختمؼ المدينة بمعباس عف القرية مسيردة عف المستكل الطبكغرافي كالديمغرافي‬
‫كاالجتماعي كما إلى ذلؾ كما تختمؼ أيضا في تأثيرىا اإليجابي عف الشخصية الرئيسية‬
‫باعتبارىا مكاف مفتكحا يتكفر عمى ىامش كبير مف الحرية كلذلؾ نؤكد أف حضكر المدينة‬
‫في الركاية كاف حضك ار ثانكيا بحضكر القرية ‪.‬‬
‫جـ األماكن المغمقة ‪:‬‬
‫جـ ‪ -1-‬البيت ‪:‬‬
‫حددت مساحتيا كمككناتيا‬
‫يعتبر البيت مف األماكف المغمقة » كىي األماكف التي ٌ‬
‫كمكاف العيش كالسكف الذم يأكم إليو االنساف كيبقى في فترات طكيمة مف الزمف سكاء‬
‫بإرادتو أك بإرادة اآلخريف لذا فيك المكاف المؤطر بالحدكد اليندسية كالجغرافية ‪ ،‬الذم قد‬
‫يكشؼ عف المفة كاألماف‪ ،‬أك قد يككف مصدر لمخكؼ كالذعر «‪ .2‬إذا فالبيت كما ىك‬
‫متعارؼ عميو‪ ،‬المسكف أك المأكل الذم تأكم إليو جميع المخمكقات طمبا لمراحة كاالستقرار‬
‫فيك البنية األساسية لمعمراف البشرم المتمثؿ في مجمكع القرل كمجمكع المدف ‪.‬‬
‫» كألف البت ىك جزء مف كياننا فإف باشبلر جعؿ لمبيت جسدا كركحا كاعتبره عالـ‬
‫االنساف األكؿ الذم يتيح لو أف يحمـ بيدكء كيذىب إلى أنو كاحد مف أىـ العكامؿ التي‬
‫‪3‬‬
‫‪،‬‬ ‫تدمج أفكار كذكريات كأحبلـ االنسانية ‪ ،‬فبدكف البيت يصبح االنساف كائنا مفتتا «‬
‫كيمكف التمييز ىنا كفي ىذه الركاية (نكار المكز) بيف البيت الشعبي كالبيت المدني ‪.‬‬
‫كفي مقاطع أخرل يرتبط البيت بمحظات السعادة الياربة كبحمـ االنجاب الذم ظؿ‬
‫يراكد البطؿ كزكجتو المسيردية ‪ ،‬فتمتبس لديو لحظات السعادة باأللـ كلحظات الميبلد‬
‫بمحظات المكت القاسية ‪.‬‬

‫‪ -1‬المصدر السابؽ ‪ ،‬ص‪.15‬‬


‫‪ -2‬ينظر ‪ ،‬فيد حسيف ‪ ،‬المكاف في الركاية البحرينية ‪ ،‬ص ‪.163‬‬
‫‪ -3‬ينظر ‪ ،‬غاستكف باشبلر ‪ ،‬جماليات المكاف ‪ ،‬ص ‪.37‬‬
‫‪67‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫يتذكر صالح بف عامر كىك يتأمؿ المجمر كيرتشؼ كأسا جديدة » جريت كراء بنت‬
‫الجارة ‪ ،‬أدخمتني إلى بيت الكالدة ‪ ،‬كانت ممتصقة بالحبؿ المعمؽ عمى أخشاب السقؼ‬
‫‪...‬أحنيت رأسي ‪...‬رائحة عرؽ النساء المكاتي كف بالبيت ‪ ،‬كجيؾ الحار مثؿ الجمرة ‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫كحيف تكفي الطفؿ بعد خمسة شيكر ببكحمركف بكيت بشكؿ ىستيرم «‬
‫في حيف نجده أنو يرتبط بدالالت التكاصؿ كبمحظات العشؽ الحميمية التي جمعتو‬
‫بمكنجا القبائمية كأيضا بالجازية التي كانت تأتيو ليبل لتقطع عميو خمكتو ‪ ،‬كتأخذه إلى‬
‫عالميا األسطكرم الجميؿ كتنسيو بعض أحزانو ‪ ،‬رفع عينيو المثقمتيف بالعياء كالدمع‬
‫المتكمس ‪ ،‬بانت لو فجأة لكنجا منتصبة عند الباب ‪ ...‬في يدىا إناء البرغؿ المغربي ‪...‬‬
‫» معميش يا بابا صالح سمعت أف أحمر العينيف جرحؾ جيت نشكفؾ « ‪. 2‬‬
‫كعمى الرغـ مف انغبلؽ البيت كانحصاره إال أف لحظات العشؽ كالحرية كالرغبة في‬
‫االنعتاؽ مف سمطة المجتمع كقيمو البالية قد جعمت مف بيت صالح بف عامر فضاء‬
‫مفتكحا عمى أغكار النفس ‪ ،‬عامر بأسرارىا كبخمجاتيا ‪ ،‬يتبادؿ فيو البطبلف مشاعر‬
‫األسى كم اررتو ‪.‬‬
‫كحرم بنا أف نشير إلى أف ىذه البيكت المتكاضعة البسيطة بما يحيط بيا مف رداءة‬
‫كاىتراء تقؼ لتقابؿ البيت المدنس الذم تممكو الحاجة "طيطما" في فيبلج المفت الذم‬
‫ترتبط داللتو بمعاني البذخ كالترؼ كالغنى ‪ ،‬كاف كانت سبيميا غير شرعية كمتدنسة يقصد‬
‫صالح بف عامر بيت طيطما بفيبلج المفت لبيع بعض البضائع الميربة كلقضاء كقت‬
‫ممتع يتناسى مف خبللو آالمو كأحزانو » أعاد الدؽ مف جديد ‪ ...‬أطمت امرأة مف األدكار‬
‫العميا ‪ .‬عرفيا ‪ ...‬انفتح الباب الخشف عمى مصراعيو «‬
‫إذان يرتبط بيت طيطما مقارنة ببيكت الفقراء في حي الب ارريؾ بمعاني الترؼ كالغنى ‪،‬‬
‫فيك بيت كبير يتككف مف مجمكعة مف الطكابؽ لو باب خشف سميؾ كمف جية أخرل فيك‬
‫مكاف مزيف بالكركد المخصصة الستقباؿ بعض الزكار المميزيف ‪.‬‬
‫كتكشؼ ىذه الفركقات بيف بيكت حي الب ارريؾ كبيت طيطما بفيبلج المفت عف حجـ‬
‫اليكة بيت الفقراء كاألغنياء إال أف الركاية تؤكد في نياية المطاؼ عمى إمكانية تعديؿ ىذا‬

‫‪ -1‬كاسيني األعرج ‪ ،‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪ ، 131‬ص‪.132‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص‪ ، 137‬ص‪. 132‬‬
‫‪68‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫الكاقع كتغييره لؤلحسف مف خبلؿ الشركع في بناء السد في قرية "مسيردة" ىذا المشركع‬
‫الذم سيغير مف أكضاع الناس كيخفؼ مف حدة بؤسيـ كيعيد األمؿ إلييـ ‪.‬‬

‫ج‪ 2-‬السجن ‪:‬‬


‫يمثؿ السجف مكانا مدينيا يرتبط كجكده بالمدينة كىك مكاف يعمف دكما عف عدائو‬
‫كحربو الضركس ضد الشخصية مف خبل انغبلقو كضيقو كظممتو كبركدتو ‪.‬‬
‫كألف السجف مكاف محبط كاستبلبي فإف الشخصية تجبر عمى االنتقاؿ إليو بما يتضمنو‬
‫‪1‬‬
‫ذلؾ االنتقاؿ مف تحكؿ في القيـ كالعادات كاثقاؿ لكاىميا باإللزامات كالمحظكرات‬
‫» كاذا كانت حرية اإلنساف ىي جكىر كجكده كالقيمة االنسانية لحياتو فإف السجف ىك‬
‫‪2‬‬
‫‪ ،‬كنظ ار لآلثار‬ ‫استبلب ليذه الحرية كبالتالي فيك استبلب لمكجكد كاىدار لمحياة «‬
‫السمبية الكثيرة التي يتركيا السجف في النفس فقد احتؿ مكانة بارزة في الركاية كلـ يعنى‬
‫الركائيكف بمكاف عن اية جمالية كبيرة كما اعتنكا بالسجكف كقد كتب أغمبيـ عف ىذا المكاف‬
‫مف خبلؿ تجربة كاقعية خاصة ‪ ،‬كمف ىنا نرل ىذا التنكع كىذا التفرد في الكقت ذاتو في‬
‫‪3‬‬
‫كصؼ السجكف كأمكنة ركائية ليا جمالية فنية مميزة «‬
‫كما نجده يستفز الركائييف دائما فيك رمز االنفصاؿ البدني عف العالـ الخارجي‬
‫كيرتبط ىنا في ركاية نكار المكز بانتقاؿ صالح بف عامر بعيدا عف مسيردة بعد ضبطو‬
‫متمبسا أثناء تيريبو لمبضائع فقد جاء في حديثو لمكنجا القبائمية » األف أصبح لي مبرر‬
‫‪4‬‬
‫كيكصؼ‬ ‫في السجف كفي العمؿ فيذا الكائف اآلتي عميو أف ينعـ بما لـ ننعـ بو نحف «‬
‫أفضؿ السجف ‪...‬قد أنقؿ إلى سجف تممساف الكبير «‬
‫السجف في مقطع آخر » أنا ٌ‬
‫كيرحؿ إلى السجف ‪ ،‬إال أف انتقالو إلى‬
‫يمقى القبض عمى البطؿ صالح بف عامر ٌ‬
‫مدة السجف ‪،‬‬
‫ىذا المكاف لـ يفض بو إلى اليأس ‪ ،‬كانما إلى أمؿ العكدة بعد انقضاء ٌ‬

‫‪ -1‬حسيف بحراكم ‪ ،‬بنية الشكؿ الركائي ‪ ،‬ص ‪55‬‬


‫‪ -2‬مصطفى التكاتي ‪ ،‬دراسة في ركايات نجيب محفكظ ‪ ،‬المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪ ، 106‬ص ‪107‬‬
‫‪ -3‬شكار نابمسي ‪ ،‬جمالية المكاف في الركاية العربية ‪ ،‬ص ‪191‬‬
‫‪ -4‬كاسيني األعرج ‪ ،‬نكار المكز ‪ ،‬ص ‪212‬‬
‫‪69‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫السد رفقة " لكنج ا" كناس البمدة ‪ ،‬كذلؾ بعد أف أخبرتو لكنجا بحمميا ‪ ،‬فأضاء‬
‫لمعمؿ في ٌ‬
‫ىذا الخبر السار شعاع األمؿ كالتفاؤؿ في نفسو ‪.‬‬
‫كليذا نجد أف السجف ىنا كفي ىذه الركاية يتسـ بمكاصفات الضيؽ كالرطكبة‬
‫كالركائح الكريية كالظبلـ كالصمت كالرتابة ف فيك ليس سجنا لمجسد فقط ‪ ،‬كانما أيضا‬
‫سجنا لمنفس البشرية كحرماف ليا مف أبسط حقكقيا المشركعة ‪.‬‬
‫جـ‪ -‬الشخصيات ‪:‬‬
‫كتحدد أغراضيا في الحياة‬
‫ٌ‬ ‫لكؿ ركاية شخصيات تبرز طبيعتيا كتصرفاتيا ‪،‬‬
‫كطريقة تفكيرىا ‪ ،‬كمعالجتيا لمقضايا كاىدافيا كتترجـ خبايا نفكسيا كمكنكناتيا ‪،‬‬
‫كالشخصيات في ىذه الركاية ىي شخصيات مف الكاقع الذم عرؼ ج ٌؿ المعاناة كشاىد‬
‫كؿ القسكة التي تصؼ حاؿ البمدة آنذاؾ ‪.‬‬
‫كقد تنكعت شخصيات ىذه الركاية بيف رئيسية كثانكية ‪ ،‬ككذلؾ شخصيات عابرة‬
‫أك ميممة أك كمشاركة في العمؿ الركائي ‪.‬‬
‫جـ‪ 1-‬الشخصيات الرئيسية ‪:‬‬
‫ىي الشخصيات البطمة التي يقكـ عمييا العمؿ الركائي ‪ ،‬كىي الشخصية الفنية "‬
‫التي يصطفييا القاص لتمثؿ ما أراد تصكيره أك ما أراد التعبير عنو مف أفكار كأحاسيس ‪،‬‬
‫كتتمتع الشخصية الفنية المحكـ بناؤىا باستقبللية في الرأم ‪ ،‬كحرية في الحركة داخؿ‬
‫النص القصصي " ‪.1‬‬
‫كمف بيف الشخصيات التي قامت بيذا الدكر في ركايتنا ىي ‪:‬‬
‫شخصية الصالح بن عامر الزوفري ‪:‬‬
‫كىك بطؿ الركاية ‪ ،‬كأكؿ شخص يظير في أحداث الركاية ‪ ،‬ككذلؾ آخر شخص‬
‫فييا‪.‬‬
‫كؿ األحداث كانت مرتبطة بو ‪ ،‬كتغيرت بتغير مسار حياتو ‪ ،‬كيتضح ايضا لنا مف‬
‫خبلؿ الطريقة التي اتبعيا الكاتب في تقديـ شخصية صالح الزكفرم أنيا شخصية نامية‬
‫كمتطكرة بتطكر األحداث ‪ ،‬فكؿ منيما يؤثر في اآلخر ‪.‬‬

‫‪ -1‬شريبط احمد شريبط ‪ ،‬تطكر البنية الفنية ‪ ،‬ص ‪.45‬‬


‫‪70‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫عدة تغيرات كخاصة عند سفره إلى سيدم بمعباس ‪،‬‬ ‫كشخصية صالح طرأت عمييا ٌ‬
‫كبالذات عندما قابؿ المدينة ‪ ،‬قابؿ أىميا ‪ ،‬أحياءىا ‪ ،‬أسكاقيا ككؿ شيء فييا ‪.‬‬
‫قدـ بيا الكاتب شخصية‬ ‫كما يتضح مف خبلؿ تتبعنا ألحداث الركاية كالطريقة التي ٌ‬
‫صالح نجد أنو بدأ ركايتو بتصكير الكاقع الذم كاف يعيشو كالحالة النفسية كالمزرية التي‬
‫جراء كحدتو في قكلو » راسؾ خشف يا صالح الزكفرم ‪ ،‬يا كليد الب ارريؾ‬
‫كاف يعيشيا مف ٌ‬
‫‪ ،‬مثؿ أحجار الكدياف« ‪ ، 1‬كفي نفس الكقت كانت شخصية قكية كاعية ‪ ،‬رافضة لكؿ‬
‫أنكاع الظمـ كالقمع الذم كانت تشيده البمدة مف طرؼ الجمارؾ ‪.‬‬
‫فيذه الشخصية ىي المحكر األساسي لمركاية ‪ ،‬كتنكشؼ لمقارئ كمما تقدـ في‬
‫القصة كتفاجئو بما تعني بو مف جانبيا كعكاطفيا االنسانية المعقدة بقكلو » يا بنيتي البرد‬
‫عميؾ ‪ ،‬لماذا ال تذىبيف لبيتؾ كترتاحيف ؟ ‪ -‬أمي مرضة يا عمي صالح ‪ ،‬كحؽ راس‬
‫‪2‬‬
‫عكدؾ «‬
‫‪3‬‬
‫‪ ،‬كما يدؿ ايضا عمى‬ ‫كقكلو أيضا » ال يا بنيتي ‪ ،‬نحف الفقراء ال نعرؼ كيؼ نكره «‬
‫أف الشخصية كانت نامية كمتغيرة ىك قكؿ الراكم‪ » :‬انتيى بو الحي الشعبي إلى رحبة‬
‫‪4‬‬
‫‪ ،‬كأيضا » صحت عيناه مف كؿ الغيكـ التي صاحبتو مف مسيردة‬ ‫السكؽ الكاسعة«‬
‫حتى سيدم بمعباس « ‪.5‬‬
‫النمك مكجكد في الركاية فإنو يدؿ عمى أف الكاتب جعؿ منيا ىكذا‬
‫ٌ‬ ‫كاذا كاف ىذا‬
‫ليمنح الفرصة لشخصياتو األخرل لمتحرؾ بحرية كالظيكر إلى ساحة الركاية مف أجؿ‬
‫حمميا إياىا ‪.‬‬
‫انجاز الميمات الفكرية كالسياسية التي ٌ‬
‫كمف الشخصيات الرئيسية أيضا في الركاية نذكر ‪:‬‬

‫مسيردية ‪:‬‬

‫‪ -1‬كاسيني األعرج ‪ ،‬نكار المكز ‪ ،‬ص ‪.8‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.37‬‬
‫‪ -3‬نفس المصدر ‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ -4‬نفس المصدر ‪ ،‬ص ‪.61‬‬
‫‪ -5‬نفسو ‪ ،‬ص ‪.62‬‬
‫‪71‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫زكجة صالح بف عامر الزكفرم‪ ،‬طيبة القمب ‪ ،‬شابة كجميمة ‪ ،‬ال ينيؾ زكجيا‬
‫كصفيا ىي ذات عينيف كبيرتيف جميمتيف‪ ،‬بقكلو » كانت طيبة‪ ،‬قمبيا بحر كعيكنيا ساحة‬
‫‪1‬‬
‫الخيالة كمع ذلؾ كانت ترىب عيكف الجازية «‬
‫ىذه الشخصيات التي كانت تترافؽ مع صالح طكؿ سرد الراكم لمحكاية ‪ ،‬فمسيردة‬
‫امرأة عانت كلـ تمحؽ برؤية ابنيا التي كانت تحممو في أحشائيا‪ .‬فيي فارقت الحياة أك‬
‫باألحرل صالح كىي عمى طاكلة الكالدة‪ ،‬في سبيطار بقكلو‪ » :‬كانت رجبل المسيردية ما‬
‫تزاالف مفتكحتيف عف آخرىما‪ ،‬عيكنيا بيضاء‪ ،‬دماء عمى األرض‪ ،‬بقايا أصابع دقيقة‬
‫لطفؿ سقط في المحظة مف رحـ مكجكع‪ ،‬رأس الصغير مفصكلة عف جسده‪ ،‬بطنو مفتكحة‪،‬‬
‫أمعاء تمتد مف تحت السرير حتى فتحة الباب أرجؿ صغيرة تركح كتتحرؾ‪ ،‬ما يزاؿ الدـ‬
‫يجرم فييا تناسيت كؿ شيء‪ ،‬ىززت المسيردية التي ازركرقت شفاىيا‪ ،‬عمى فتحتي انفيا‬
‫‪2‬‬
‫تجمد دـ أسكد قطراف كانت باردة كقطعة خشب «‬
‫ٌ‬
‫ىذه الشخصية التي كانت حاضرة في ذاكرة صالح أك يمكف أف نقكؿ في قمبو‪ ،‬ىي‬
‫ماتت لكف ال تزاؿ حرقتيا كحرقة ابنو الذم لـ يره في قمبو ‪.‬‬
‫ىي شخصية نامية كمتطكرة ‪ ،‬مف خبلؿ سرد الراكم لحكاية صالح بطؿ الركاية ‪،‬‬
‫مف خبلؿ تفكيره كمحاكرتو ليا قكلو » إذا ً‬
‫كنت ستمديف ‪..‬قكلي ‪ ،‬سألغي رحمة الحدكد ‪،‬‬
‫كقد اتغيب يكميف فالشتاء دخؿ يا بنت الناس « كانت ابتسامتيا مشرقة رغـ كخزة األلـ‬
‫التي كانت تنتابيا مف حيف آلخر ‪.‬‬
‫‪ »-‬ال يا صكيمح ‪ ،‬ارفقتؾ السبلمة ‪ ،‬ربي يرعاؾ « ‪.3‬‬
‫كقكلو أيضا‪ » :‬خرجت‪ ،‬كانت أشياء غامضة تتقاتؿ في راسي لكف حيف التقيت‬
‫بالعربي كليد القيكاجي نسيت كؿ شيء كاستبعدت أف تككف آالميا آالـ الكالدة ‪ ،‬كحيف‬
‫عدت في ساعة متأخرة مف الميؿ ‪ ،‬شعرت بشيء غير عادم ‪ ،‬ذىبت إلى حنا عيشة‬
‫قابمة القرية لـ أجدىا ‪ ،‬اهلل ‪..‬القرية خمت مف أىميا ؟؟ كاجيني فقط الشيخ اليرـ البختاكم‬
‫كلحيتو بيضاء ميدلة عمى صدره ‪.‬‬

‫‪ -1‬نفسو ‪ ،‬ص ‪.15‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫‪ -3‬نفس المصدر ‪ ،‬ص‪.55‬‬
‫‪72‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫‪ -‬بابا البختاكم ‪،...‬‬


‫قاطعني ‪ ،‬عرؼ البقية مف عيكني الحائرة ‪.‬‬
‫نزلكا لمغزكات لمسبيطار‪ ،‬زكجتؾ ستمد ‪ ..‬اهلل يجيبيا في الخير‪ ،‬نزؿ معيا القيكاجي كحنا‬
‫عيشة‪ ،‬الرجاء في اهلل يا كليدم « ‪.1‬‬
‫كنجد أيضا مف الشخصيات الرئيسية كالفاعمة في الركاية ىي ‪:‬‬
‫لونجا ‪:‬‬
‫ىذه الشخصية كانت ذات صفات شابة ‪ ،‬فتاة ال تزاؿ في طكر عمرىا‪ ،‬زكجة إماـ‬
‫القرية المتكفي‪ ،‬قكلو‪ » :‬كجو لكنجا زكجة إماـ القرية المتكفي ذات العيكف المتسعة‪ ،‬كانت‬
‫‪2‬‬
‫ىذه الشخصية التي‬ ‫تحت رحمة جثتي الممعكنة جميمة تخاؼ كتخيؼ كاألنبياء تماما «‬
‫لـ تعرؼ في ىذه الركاية سكل المعاناة ‪ ،‬البؤس ‪ ،‬الكحدة ‪ ،‬كانت ال تحس سكل بالخكؼ‬
‫كعدـ األماف ‪ ،‬قكؿ الراكم ‪ » :‬زكجؾ اإلماـ مات ‪ ،‬كالكثر مف ىذا‪ ،‬اهلل يرحمو كاف دمو‬
‫ثقيبل ‪ ،‬الكحدة قا سية يا بنت الناس ‪ ،‬اسأليني أنا ‪ ،‬لماذا كؿ ىذا الحزف يا لكنجا ‪ ،‬صمتؾ‬
‫يعذبني ‪ ،‬عيكنؾ القاسية تحرؽ قمبي « ‪.3‬‬
‫كمف خبلؿ ذلؾ أيضا نجد أنيا شاركت صالح بف عامر في ذلؾ (المعاناة ‪ ،‬األلـ ‪،‬‬
‫الكحدة ) فبذلؾ جمعت بينيما عبلقة حميمية كلحظات عشؽ تثير في نفسييما مشاعر‬
‫الفرح كالسركر فكاف أف ابتسمت في أعماقيا‪ ،‬تدحرجت في أعماقيا أشياء مضيئة كنجكـ‬
‫جميمة ىو ‪ ...‬ما يزاؿ في قمب بابا صالح متسع لمفرح كالحب « ‪.4‬‬
‫مر عمى الحادث أكثر مف شير ‪ ،‬اشتقت إلى‬
‫قكلو أيضا ‪ » :‬آه يا لكنجا يا بنيتي ‪ٌ ،‬‬
‫مرحؾ يا ىذه الطفمة المخيفة ‪ ،‬تعرم كستريف بأني قادر عمى حرؽ جسدم تعبدا لجسدؾ‬
‫‪5‬‬
‫الذم يصعب عمي أف أنسى تفاصيمو «‬

‫‪ -1‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪. 55‬‬


‫‪ -2‬نفسو ‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ -3‬نفسو ‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ -4‬نفسو ‪ ،‬ص ‪.135‬‬
‫‪ -5‬نفسو ‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪73‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫كعمى الرغـ مف كحدتيا كبؤسيا إال أنيا استطاعت أف تشاركيا مع صالح بطؿ‬
‫الركاية مف خبلؿ تبادليما المحظات السعيدة ‪ ،‬لحظات عشؽ ‪ ،‬كالرغبة في نسياف ماضييا‬
‫‪.‬‬
‫جـ‪-2-‬الشخصيات الثانوية ‪:‬‬
‫أك الشخصيات المساعدة كىي التي » تشارؾ في نمك الحدث القصصي كبمكرة‬
‫معناه كاالسياـ في تصكير الحدث كيبلحظ أف كظيفتيا أقؿ قيمة مف كظيفة الشخصية‬
‫‪1‬‬
‫الرئيسية «‬
‫كمف أمثمة ذلؾ في الركاية نجد ‪:‬‬
‫رومل القهواجي ‪:‬‬
‫كىك رجؿ اعتاد العمؿ فقط في قيكتو الذم ال يممؾ غيرىا‪ ،‬رجؿ بسيط‪ ،‬طيب‬
‫القمب‪ ،‬يحب مساعدة الناس ‪ ،‬شخصيتو قكية لـ تستسمـ لقساكة الدنيا ‪ ،‬قكلو » مثؿ ركمؿ‬
‫القيكاجي لـ يسمـ في الدنيا حتى كىك جريح في صحراء في المكت « ‪.2‬‬
‫تعد مف تراث ىذه البمدة التي كانت تحترؽ كؿ يكـ مف‬
‫ىذه الشخصية الطيبة ٌ‬
‫األكضاع القاسية ‪ ،‬خرجت في حرب ضد األلماف كبقي كاقفا في كجييا حتى رجع‬
‫منتص ار ‪ ،‬نعـ إنو حميدة القيكاجي الذم يحمؿ معو ذكريات شيداء كبقاياىـ التيس ترككىا‬
‫في العراء ‪ ،‬قكلو ‪ » :‬ماتزاؿ في قمبؾ تنبض بقايا عظاـ الشيداء الذيف سقطكا في العراء‬
‫‪3‬‬
‫كلـ تعرؼ أمكنتيـ «‬
‫نعـ ىذا ركمؿ القيكاجي الممقب بركمؿ ‪ ،‬كانت كميا بف حيطاف عتيقة ‪ ،‬كانت‬
‫سجنا بالنسية لو ‪ ،‬شخصية طاعنة في السف ‪ ،‬كاقفة في زاكية مف زكايا قيكتو ‪ ،‬ترل ما‬
‫تراه مف أحداث كمشاكؿ تسعى إلى أف تقؼ مكقؼ الحيادم ‪ ،‬قكلو » في مقيام يا صالح‬
‫اهلل يرضى عميؾ‪ ،‬كعينيا المسيردية ‪ ،‬التفت نحكه ‪ ،‬كانت عركؽ عينيو قد احمرت أكثر‬

‫‪ -1‬شريبط أحمد شريبط ‪ ،‬تطكر البنية الفنية ‪ ،‬ص ‪.45‬‬


‫‪ -2‬كاسيني األعرج ‪ ،‬نكار المكز ‪ ،‬ص‬
‫‪ -3‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫‪74‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫مف السابؽ ‪ :‬طز عميؾ كعمى مقياؾ ‪ ،‬ياصالح اتؽ اهلل الكمب كمب ‪ ،‬التمطخ أصابعؾ‬
‫‪1‬‬
‫بدمو «‬
‫شخصية أرىقتيا متاعب الحياة ككاقعيا المرير ‪ ،‬شخصية تألمت لفقداف ابنيا‬
‫العربي كانت ثابتة كغير متطكرة ‪ ،‬متمسكة بفكرة كاحدة كىي أنو في يكـ ما سينتيي كؿ‬
‫شيء ‪ ،‬ستزىر البمدة مف جديد ‪ ،‬سيتحرر أطفاليا مف قكقعتيـ كتشردىـ في حي الب ارريؾ‬
‫‪.‬‬
‫حميدا القيكاجي أخذ مف المقيى مكانا آخر يقاسمو فيو حياتو ‪ ،‬أحزانو ‪ ،‬كأىـ‬
‫شيء كظيفتو الذم كاف يقدـ فنجاف القيكة كيتعرض لئلىانات‪ ،‬فقط مف أجؿ لقمة العيش‪،‬‬
‫قكلو » خذ يا كلدم ىذه قيكتؾ التي طمبتيا قكية كتحرؾ الدـ‪ ،‬خذ‪ ،‬تراقص عينا ياسيف‬
‫كالذئب ‪ ،‬شعر بأنو األقكل‪ ،‬ضرب كؼ العجكز بقدمو‪ ،‬فاتسخ كجو حميدا‪ ،‬كلباسو‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫كتكسرت الكأس التي سقطت عمى حجرت اسمنت يجمس عمييا عادة زبائف المقيى «‬
‫كما تتكرس داللة حزف ىذه الشخصية كألميا في حديث السارد عف كفاة ابنيا‬
‫العربي » في إحدل زكايا المسجد نيض ركمؿ القيكاجي مف جانب بكجمعة‪ ،‬تخطى‬
‫الصفكؼ ‪ ،‬ثـ جمس بالقرب مف اإلماـ ‪ ،‬كانت عيكنو حمراء مكرمة ‪ ،‬كجيو البائس ‪«3‬‬
‫العربي ‪:‬‬
‫يعد العربي كلد ركمؿ القيكاجي ‪ ،‬كلد اعتاد العمؿ مع أبيو كمساندتو في كؿ شيء‬
‫‪ ،‬شخصية عرفت الفقر كالشقاء كالحرماف مثميا مثؿ أطفاؿ مسيردة »لكف الفقر قتمنا يا‬
‫بابا صالح ‪ ،‬خمس سنكات كأنا أىرب عمني أدخر قرشيف كأتزكج لكف ‪ «4 ...‬كما تتجسد‬
‫داللة ىذه الشخصية في ككنيا شخصية تحمـ بمستقبؿ جميؿ ‪ ،‬بعيشة ىنية كبرفاىية‬
‫تمكن و مف الزكاج كتأسيس عائمة مثمو مثؿ أبيو ركمؿ القيكاجي ‪ ،‬ساند صالح بف عامر‬
‫في رحمتو كسفره إلى سيدم بمعباس ‪ ،‬قكلو » ىذا باصي كباصؾ يا العربي ‪ ،‬عندما تعكؿ‬
‫‪5‬‬
‫عمى غنى كجحكر سيدم بمعباس «‬

‫‪ -1‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.115‬‬


‫‪ -2‬كاسيني األعرج ‪ ،‬مصدر سابؽ ‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪ -4‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫‪ -5‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫‪75‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫ىذه الشخصية كانت تفكر صالح بف عامر بطفكلتو الشاقة كمراىقتو المضطربة‬
‫التي لـ تعرؼ سكل العبلقات ‪ ،‬يااهلل ‪ ...‬ىذا الطفؿ يذكرني بطفكلتي الجائعة التي‬
‫‪1‬‬
‫احترقت في األحياء الشعب ية كراء البقرات ‪ ،‬عمى قمـ جباؿ (عيف البقرة)«‬
‫قكلو أيضا ‪ » :‬تصكر حيف عدنا إلى البيت خيرني بيف أف أختار بنتا أك يزكجني عمى‬
‫مزاجو قمت لو حكرية ‪«2 ...‬‬
‫النمس‪:‬‬
‫كتميزت ىذه الشخصية في الركاية بالعداء‪ ،‬حيث يرل صالح أف النمس ىك السبب‬
‫‪3‬‬
‫كقكلو أيضا‪ » :‬يا ابف‬ ‫في حرمانو مف األبكة‪ ،‬قكلو‪ » :‬لكاله لكاف ابني اآلف صديقا لي«‬
‫الزنية أنا أحممؾ كفاة ابني الكحيد يا النمس‪ ،‬يا كمب الخبلء« ‪ .4‬كما نجده يساىـ في‬
‫فرض سياسة التيريب عمى أكالد الب ارريؾ مستغبل فقرىـ كمعاناتيـ‪ ،‬فيك يبحث عمف‬
‫يمتينكف التيريب‪ ،‬قكلو‪ » :‬نحف ما زلنا بيف حد الصقيع كالنار‪ ،‬نذكب عمى أطراؼ‬
‫‪5‬‬
‫الحدكد‪ ،‬نقتؿ مف أجؿ قرص بندكرة نيربو «‬
‫ياسين‪:‬‬
‫كتمثؿ ىذه األخيرة أحد أتباع السبيسي‪ ،‬إذ بعد فشؿ ىذا األخير في تسخير صالح‬
‫لخذمتو بتيريب األغناـ كتكفير الكيسكي كالباستيس لممسؤكليف‪ ،‬كجد ضالتو في ياسيف‬
‫أحمر العينيف ‪ ،‬فقاده مف أنفو كالنعجة » فياسيف مف أجؿ الدراىـ يبيع أمو « ‪.6‬‬
‫كانت ىذه الشخصية عدائية تميزت بالسمطة كالتحكـ في الناس كفي محاكلتيا‬
‫فرض نفسيا عمييـ ‪.‬‬
‫الحاجة طيطما ‪:‬‬
‫ىذه الشخصية تجسدت في امرأة عجكز ‪ ،‬تخفي تجاعيد كجييا مف كراء مساحيؽ‬
‫الزينة ‪ ،‬ىذه الشخصية كانت تممؾ بيتا كبي ار يتككف مف طكابؽ كلو باب خشبي سميؾ ‪،‬‬

‫‪ -1‬كاسيني األعرج ‪ ،‬مرجع سابؽ ‪ ،‬ص ‪.78‬‬


‫‪ -1‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪. 79‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص‪29‬‬
‫‪ -4‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص‪30‬‬
‫‪ -5‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪32‬‬
‫‪ -6‬كاسيني األعرج ‪ ،‬نكار المكز ‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪76‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫الفصؿ التطبيقي‬

‫ىذا البيت الذم كانت تممكو الحاجة طيطما في فيبلج المفت جاعمة منو مكانا مزينا‬
‫بالكركد مخصصا الستقباؿ بعض الزكار المتميزيف ‪.‬‬
‫» طيطما امرأة تقميدية بسيطة كانت تزييف بيتيا مف البضائع الميربة إلييا مف مسيردة ‪،‬‬
‫تزكؽ حجرتيا بالزرابي التي تأتييا مف سبدك كمف تممساف ‪ ،‬كباألكاني البيدرية التي تأتي‬
‫كالنساء‪«1‬‬ ‫الممثبلت‬ ‫بصكر‬ ‫مغطى‬ ‫الحائط‬ ‫مسيردة‪،‬‬ ‫بمدة‬ ‫مف‬

‫‪-1‬المصدر نفسو ‪ ،‬ص‪-62‬‬


‫‪77‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫خاتمة‬

‫خاتمة‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫خاتمة‬

‫خاتمة‬
‫‪ -‬بينت ىذه الدراسة أف كاسيني األعرج ركز عمى الزمف الماضي التاريخي لكنو سرعاف ما‬
‫استخدـ الزمف النفسي الذم اختمط بالحاضر كالمستقبؿ كلـ يستطع الفكاؾ مف سيطرتو‬
‫ألف كؿ ما في المجتمع سمبي ‪.‬‬
‫‪ -‬االعتماد عمى مخزكف الذاكرة كالعكدة بالسرد إلى الكراء فكردت معظـ األحداث مف الذاكرة‬
‫كارتباطيا بأحداث مف الكاقع ىك ما أدل إلى بركز التداعي في األفكار كاالعتماد عمى‬
‫السكابؽ كالمكاحؽ ‪.‬‬
‫‪ -‬اىتماـ الركائي بالمضمكف كاألفكار أكثر مف اىتمامو بالشكؿ الفني‪ ،‬فاليدؼ مف ىذا‬
‫عبرت الركاية عف الكضع‬
‫العمؿ الفني ىك إببلغ رسالتو لمقارئ مف خبلؿ نقد الكاقع‪ ،‬فقد ٌ‬
‫االجتماعي كالسياسي الذم عاشتو مسيردة أثناء القرنيف ‪.‬‬
‫‪ -‬المكاف الركائي ليس اإلطار الذم تجرم فيو األحداث فقط بؿ ىك أحد العناصر الفعالة‬
‫في تمؾ األحداث ذاتيا ‪ ،‬كما أف ىناؾ تفاعؿ بيف الشخصية كالمكاف كالحدث حيث أف‬
‫عدة تغيرات عمى مستكل بنية المكاف‪ ،‬إذ نجده ىنا احتؿ مكضعا بار از‬
‫الحدث تصحبو ٌ‬
‫في الركاية فكاف ىك المركز الذم تدكر حكلو الدالالت كالمعاني ‪.‬‬
‫‪ -‬أما الشخصيات فنجد أف الركائي كظؼ الكصؼ كتقنية مساعدة عمى كشؼ الجكانب‬
‫الخفية لمشخصية كيكضح لنا أكثر صكرتيا في الركاية مف خبلؿ استنباط القارئ ليذه‬
‫المكاصفات‪.‬‬
‫يعد شكبل مف أشكاؿ اإليقاع مف خبلؿ تكرار الجمؿ‬
‫كما تجسد في الركاية التكرار الذم ٌ‬
‫كاألحداث ‪.‬‬
‫حب البطؿ لبمده كفي كيفية تحسيف أكضاعيا فيي تعبير صادؽ لما جاء‬
‫‪ -‬تجسد الركاية ٌ‬
‫في خمجات الركائي كفي تصكيره ليا عمى شكؿ فعؿ أدبي فني ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫خاتمة‬

‫‪ -‬أيضا نجد أف ال ركائي كاسيني األعرج قد مزج في ىذه الركاية بيف لغتيف الفصحى كالعامية‬
‫القراء كتيز كيانو ‪ ،‬ككنيا تعبر عنو كربما تحكي بمسانو‬
‫كىذا ما جعميا تغبط الكثير مف ٌ‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬إف الزمف غير ثابت متغير بتغير األحداث نجد أف الراكم استخدـ االسترجاع بكثرة كذلؾ‬
‫لسد ثغرات السرد‪.‬‬
‫ٌ‬
‫‪ -‬كما نجده استخدـ االستباؽ مف أجؿ إعطاء نظرة حكؿ المستقبؿ ىك مجرد أحبلـ ‪.‬‬
‫‪ -‬ىي ركاية تجسد معاناة كألـ بمدة مسيردة تدكر أحداثيا في بمدة مسيردة كعندما كاف صالح‬
‫بف عامر الزكفرم يبيع البضائع الميربة في أسكاقيا كتخكؼ أطفاليا كجكعيـ كتشردىـ‬
‫جراء فقر البمدة ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫‪ -‬بدأت أحداث الركاية مف خبلؿ كصؼ حياة صالح بف عامر الزكفرم ‪ ،‬ىذا األخير الذم‬
‫كاف آخر سبللة بني ىبلؿ ‪ ،‬ىذه السبللة التي لـ تكف لغتيا سكل السيؼ لح ٌؿ مشاكميا ‪.‬‬
‫‪ -‬جسدت ىذه الركاية معاناة صالح كفقدانو لزكجتو كابنو الذم فارؽ الحياة قبؿ أف يراه أك‬
‫يستمتع بو كبأبكتو ‪.‬‬
‫‪ -‬حاكؿ صالح تغيير أكضاع القرية كأحكاؿ ناس الب ارريؾ مف خبلؿ كعكد البمدية لبناء السد‬
‫‪ ،‬لكف سرعاف ما بقي مجرد حمـ مجسدا عمى كرؽ ‪.‬‬
‫‪ -‬حاكؿ صالح السفر إلى بمعباس المدينة الكاسعة بطرقيا كشعبيا الذيف يتحرككف كالجراد‬
‫مف أجؿ بيع بضائعو الميربة كتحسيف مستكاه‪ ،‬لكف عندما كصؿ إلييا كشاىد ترفيا‬
‫قرر العكدة إلى بمدتو األصمية‪ ،‬بمدتو التي بيا لكنجا‬
‫كأخبلقيا كتصرفاتيا سرعاف ما ٌ‬

‫‪81‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫ممحؽ‬

‫ممحق‬

‫‪80‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫ممحؽ‬

‫نبذة عن حياة واسيني األعرج ‪:‬‬


‫أ) حياته ‪ :‬كاسيني العرج أديب جزائرم كلد بقرية بكجناف بكالية تممساف سنة ‪1954‬ـ ‪،‬‬
‫درس بالجزائر كخارجيا ‪ ،‬حيث انتقؿ الى دمشؽ كىك لـ يتجاكز ‪ 21‬مف عمره ‪ ،‬كقد‬
‫عرؼ بإبداعاتو القصصية كالركائية كالشعرية ‪ ،‬كقد نشرت أعمالو األكلى بسكريا تحت‬
‫رعاية ك ازرة الثقافة مع لفيؼ مف كبار الكتاب أمثاؿ ىاني الراىب ‪ ،‬كحنا مينا كأحمد‬
‫يكسؼ داككد كغيرىـ‪ ،‬ناؿ شيادة الماجستير في دمشؽ بإشراؼ الدكتكر عبد الكريـ‬
‫األشقر ‪ ،‬كما تحصؿ عمى الدكتكراه تحت اشراؼ الدكتكر حساـ الخطيب ‪.‬‬
‫استمر كاسيني في ابداعاتو كتألقو ‪ ،‬حيث نشرت لو عدة نصكص في بيركت ‪ ،‬كما‬
‫خصصت لو صفحة ثقافية بجريدة (تشريف) حيث كانت تصدر مرة في األسبكع تحت‬
‫عنكاف "بانكراما الثقافة الجزائرية "‪ ،‬ىذه الفترة التي قضاىا الكاتب بدمشؽ جعمتو يتعمؽ بيا‬
‫كيمجدىا‬
‫ثـ انتقؿ كاسيني مف سكريا بعد مضي عشر أعكاـ ككاف عمره ‪ 31‬إلى باريس حيث يشغؿ‬
‫فييا منصب أستاذ كرسي بجامعتي الجزائر ك السربكف بباريس ‪.‬‬
‫كيعد مف أبرز ركاد الركاية في الكطف العربي ‪.‬‬
‫أهم إبداعاته ‪ :‬يعرؼ كاسيني األعرج بثقافتو الكاسعة ككثرة اطبلعو كاىتمامو باألدب‬
‫كالنقد كىذا ما جعؿ ابداعاتو متنكعة مف أىميا ‪:‬‬
‫(جغرافيا األجساـ المحركقة)سنة‬ ‫‪-‬أصدر مجمكعة مف األعماؿ اإلبداعية كىي ‪:‬‬
‫‪ ،1979‬بمجمة آماؿ عدد ‪ ،48‬كصدرت لو ركاية (كقائع مف أكجاع رجؿ غامر صكب‬
‫البحر) سنة ‪1980‬بالجزائر‪ ،‬ركاية (كقع األحذية الخشنة)سنة ‪ 1981‬ببيركت‪ (،‬ما تبقى‬
‫مف سيرة حمركش) سنة ‪ 1982‬بدمشؽ‪( ،‬نكار المكز)‪ 1983‬ببيركت(مصرع أحبلـ مريـ‬
‫الكديعة) ‪ 1984‬ببيركت‪ ،‬كما يسجؿ عف ىذه الركايات أنيا نصكص تعبر الكتابة عف‬

‫‪81‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫ممحؽ‬

‫(السجف) ك(المنفى) ك (االغت ارب) ك ( التشرد) ك (االغتياؿ) ‪ ،‬إنيا نصكص احتجاجية‬


‫كممارسة أدبية خمقت كتابة ثائرة كمتكثبة نحك المستقبؿ ‪.‬‬
‫كمف خبلؿ ىذه األعماؿ اإلبداعية استطاع كاسيني أف ينفمت مف دائرة التأسيس‬
‫النظرم الى الممارسة كالتجربة الفنية مف أجؿ تجسيد قناعاتو الفكرية التي انطمؽ منيا في‬
‫بداية حياتو العممية األكاديمية ‪ ،‬كأنو يحمؿ ىاجس التكفيؽ بيف (النظرية) ك(التطبيؽ) أك‬
‫بيف (المقكالت)ك (الممارسات)‪ ،‬إذ ال يتحقؽ الكجكد الفعمي لؤلفكار إال بكجكد صكر ليا‬
‫‪1‬‬
‫عمى الكاقع كمف ثـ ال يككف الكاقع سكل صكرة لما يختمر في الذىف‬
‫ىذه النصكص في معظميا كتبيا كىك يمارس عممو النقدم ‪ ،‬كلكف عند اصداره لركاية‬
‫(ضمير الغائب) بدمشؽ سنة ‪ 1990‬فيك يسجؿ بداية مرحمة جديدة كلدت مع ميبلد ىذا‬
‫العمؿ الجديد كبداية زمف جديد لنشاطو االبداعي ‪ ،‬إنو زمف ( النص التحفة)‪ ،‬فمف خبلؿ‬
‫ىذا النص الكثيقة المشحكف بالدالالت كالرمكز التي تنخر في تاريخية الجزائر كفي ثقافتيا‬
‫‪ ،‬ثـ اصدار عممو المعنكف ( الميمة السابعة بعد األلؼ)سنة ‪ 1993‬فيك يمثؿ (النص‬
‫األثر) ‪ ،‬ثـ تتكالى ىذه الحركة الركائية عند كاسيني كنير متدفؽ في ديمكمة متناغمة ‪،‬‬
‫كىك دكما يحمؿ ذلؾ الخطا ب األندلسي المقمكع أك ذلؾ الحب الممنكع مف أياـ جنة‬
‫الفردكس المفقكدة األندلس‪ ،‬كىذا كمو مشكؿ في لكحاتو الفنية التي رسـ مبلمح كجييا بكؿ‬
‫كضكح كبركز مع بعض النتكء التاريخية مثؿ ( سيدة المقاـ) الصادرة سنة ‪1995‬ـ‬
‫ك(حارسة الظبلؿ) الصادرة بالفرنسية سنة ‪ 1996‬كبالعربية سنة ‪ 1999‬كأيضا في (ذاكرة‬
‫الماء ) الصادرة عاـ ‪ 1997‬بألمانيا ك(مرايا الضرير) سنة ‪ 1998‬بالفرنسية بباريس ثـ‬
‫ركايتو الصادرة سنة ‪( 2001‬شرفات بحر الشماؿ) ببيركت ‪ ،‬كىك مف خبلؿ ىذه األعماؿ‬
‫يسجؿ مكقفا نقديا الذعا مف التاريخ الرسمي العربي الذم يقدـ عمى أنو تاريخ مقدس يمثؿ‬
‫زمف المبلئكة عمى األرض ‪ ،‬فالركاية عنده عمؿ نقدم يديف التاريخ الرسمي برمتو‬

‫‪ -1‬المرجع نفسو‪ ،‬ص ‪. 238‬‬


‫‪82‬‬
‫نكار المكز‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫ممحؽ‬

‫كينتصر لمتاريخ الذاتي الذم سمـ مف رقابة السمطة في لحظة ىاربة مف عمر اإلنساف‪،‬‬
‫فكاسيني ىك ذلؾ (المكرسيكي) ك ( ميغاؿ) ك ( سرفنتيس) كالفناف الذم بحث في تاريخو‬
‫عف نصو المميز ‪.‬‬
‫تحص ؿ عمى العديد مف الجكائز منيا جائزة الركاية الجزائرية عمى مجمؿ أعمالو عاـ‬
‫‪ ، 2001‬كجائزة المكتبييف الكبرل عمى آخر أعمالو الركائية (ركاية كتاب األمير سنة‬
‫‪ ،) 2006‬كما تحصؿ عمى جائزة زايد لآلداب سنة ‪. 2007‬‬
‫ترجمت أعمالو الركائية الى عدة لغات أجنبية مف بينيا ‪:‬‬
‫الفرنسية‪ ،‬األلمانية‪ ،‬اإليطالية‪ ،‬السكيدية‪ ،‬الدانماركية‪ ،‬العبرية كاإلسبانية‪ ،‬كىك مف‬
‫المرشحيف لنيؿ جائزة نكبؿ لآلداب ‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫نكار المكز أنمكذجا‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫قائمة المصادر كالمراجع‬

‫قائمة المصادر والمراجع‬


‫المصادر‪:‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -‬القرآن الكريم ‪ ،‬رواية حفص عن عاصم ‪ ،‬مكتبة ومطبعة المجمد الحربي ‪2002 ،‬‬
‫‪-‬كاسيني األعرج‪ ،‬نكار المكز‪ ،‬بيركت ‪1983‬‬

‫القواميس‪:‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -‬ابف منظكر‪ ،‬لساف العرب ج‪ ،1‬دار احياء التراث العربي كمؤسسة تاريخ العربي‪1993 ،‬ـ‬

‫المراجع‪:‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫إبراىيـ صحراكم ‪ ،‬تحميؿ الخطاب األدبي (دراسة تطبيقية)دار اآلفاؽ ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ط‪2‬‬
‫‪2003‬‬
‫إ براىيـ مصطفى حامد عبد القادر كآخركف ‪ ،‬المعجـ الكسيط‪ ،‬المكتبة االسبلمية لمطباعة‬
‫كالنشر كالتكزيع‪ ،‬اسطنبكؿ‪ ،‬ج‪1‬‬
‫إبراىيـ مصطفى كآخركف‪ ،‬معجـ الكسيط ‪ ،‬دار الدعكة‪ ،‬المكتبة االسبلمية لمطباعة كالنشر‬
‫كالتكزيع ‪ ،‬اسطنبكؿ‪ ،‬ج‪.1‬‬
‫أحمد حمد النعيمي ‪ ،‬ايقاع الزمف في الركاية العربية المعاصرة ‪ ،‬المؤسسة العربية لمدراسات‬
‫كالنشر ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬ط‪2004 ، 1‬‬
‫أحمد حمد النعيمي ‪ ،‬ايقاع الزمف في الركاية العربية المعاصرة‬
‫أحمد زياد محبؾ ‪ :‬متعة الركاية ‪/‬دراسة نقدية منكعة ‪ ،‬دار المعرفة ‪ ،‬بيركت ‪،‬دط ‪ ،‬د ت‬
‫آمنة يكسؼ‪ ،‬تقنيات السرد في النظرية كالتطبيؽ‪ ،‬المؤسسة العربية لمدراسات كالنشر‪ ،‬ط‪2‬‬
‫‪2015‬‬
‫أكريدة عبكد‪ ،‬المكاف في القصة الجزائرية الثكرية (دراسة بنيكية لنفكس ثائرة) دار األمؿ‬
‫لمطباعة كالنشر‪2009 ،‬‬
‫بشير ابرير ‪ ،‬مفيكـ النص في التراث ا لمساني العربي ‪ ،‬مجمة جامعة دمشؽ ‪ ،‬المجمد ‪، 23‬‬
‫ع‪2007 ، 1‬‬
‫بشير بكيجرة محمد‪ ،‬الشخصية في الركاية الجزائرية‪ ،‬ديكاف المطبكعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‬
‫‪1983‬‬
‫‪86‬‬
‫نكار المكز أنمكذجا‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫قائمة المصادر كالمراجع‬

‫بشير بكيجرة محمد ‪ ،‬بنية الزمف في الخطاب الركائي الجزائرم ‪ ،‬دار العرب لمنشر كالتكزيع‬
‫‪ /‬ج‪ ، 1‬ط‪)1986-1970 ( ، )2002-2001( ، 1‬‬
‫جعفر يايكش ‪ ،‬األدب الجزائرم الجديد ‪ ،‬التجربة كالماؿ ‪ ،‬مركز البحث في األنثربكلكجية‬
‫االجتماعية كالثقافية ‪2007،‬‬
‫جيرار جينيو‪ :‬خطاب الحكاية (بحث عف المنيج) ت‪:‬محمد معتصـ كآخركف‪ ،‬منشكرات‬
‫االختبلؼ ‪،‬الجزائر ‪ ،‬ط‪2003، 3‬‬
‫حسف بحراكم ‪ :‬بنية الشكؿ الركائي‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬بيركت ‪1990‬‬
‫حميد لحميداني ‪ ،‬بنية النص السردم (مف منظكر النقد األدبي ) المركز الثقافي العربي ‪،‬‬
‫الدار البيضاء ‪،‬ط‪1 2000، 3‬‬
‫ذياب عبده ‪ ،‬التأليؼ الدرامي ‪ ،‬دار الميف لمنشر كالتكزيع ‪.2001 ،‬‬
‫رشيد بف مالؾ‪ ،‬السيميائيات السردية‪ ،‬دار مجدكالم لمنشر كالتكزيع‪ ،‬األردف‪ ،‬ط‪2006 ،1‬‬
‫الزكاكم بغكرة‪ ،‬الفمسفة كالمغة‪ ،‬نقبل عف مذكرة مكممة لنيؿ شيادة الماستر بنية الخطاب‬
‫السردم في ركاية "السمؾ ال يبالي"‪ ،‬أحبلـ مصرية‪ ،‬جامعة منتكرم‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬مام ‪2011‬‬
‫سعيد يقطيف ‪ :‬تحميؿ الخطاب الركائي‬
‫سي از احمد قاسـ ‪ ،‬بناء الركاية – دار التنكير ‪ ،‬بيركت ط‪1985 1‬‬
‫شاكر نابمسي ‪ ،‬جماليات المكاف في الركاية العربية‬
‫شريبط أحمد شريبط ‪ ،‬تطكر البنية الفنية‬
‫شريبط أحمد شريبط‪ ،‬تطكر البنية الفنية في القصة الجزائرية المعاصرة‪1985-1947.‬ـ‬
‫منشكرات اتحاد كتاب العرب –دمشؽ ‪ 1998‬ـ‬
‫الصادؽ قسكمة ‪ ،‬نشأة الجنس الركائي بالمشرؽ العربي ‪ ،‬دار الجنكب لمنشر تكنس ‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫‪2004‬‬
‫صبلح فضؿ‪ ،‬النظرية البنائية في النقد األدبي‪ ،‬دار اآلفاؽ الجديدة‪ ،‬بيركت‪ ،‬ط‪1985 ،3‬ـ‬
‫عبد العالي بكطيب ‪ ،‬مستكيات دراسة النص الركائي ( مقاربة نظرية) مطبعة األمنية ‪،‬‬
‫المغرب ‪ ،‬ط‪1999 ،1‬‬
‫عبد العالي بكطيب‪ ،‬اشكالية تأصيؿ المنيج في النقد الركائي العربي‪ ،‬مجمة عالـ الفكر‪،‬‬
‫الككيت‪ ،1988 ،‬ج‪ ،27‬عدد ‪1‬‬

‫‪87‬‬
‫نكار المكز أنمكذجا‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫قائمة المصادر كالمراجع‬

‫عبد القادر سبلمي ‪ :‬تحميؿ الخطاب ‪ ،‬مقدمة لمقارئ العربي ‪ ،‬ديكاف العرب ‪.2007 ،‬‬
‫عبد القادر سبلمي ‪ ،‬تحميؿ الخطاب ‪ ،‬مقدمة لمقارئ العربي ‪.2007 ،‬‬
‫عبد المالؾ مرتاض‪ ،‬القصة الجزائرية المعاصرة‪ ،‬المؤسسة الكطنية لمكتاب‪ ،‬الجزائر‪1990.‬‬
‫عبد المنعـ الحنفي ‪ ،‬المكسكعة الصكفية ‪ ،‬مكتبة مدبكلي ‪ ،‬القاىرة ‪ ،‬ط‪2003 ، 1‬‬
‫عبد المنعـ زكرياء القاضي‪ ،‬البنية السردية‪ ،‬عف الدراسات كالبحكث االنسانية كاالجتماعية‬
‫اليرـ‪2008،‬‬
‫عبد الكىاب الرفيؽ‪ :‬في السرد (دراسة تطبيقية) دار محمكد الحامي‪ ،‬تكنس‪ ،‬ط‪1998 ،1‬‬
‫عثماف بدرم‪ ،‬بناء الشخصية الرئيسية في الركايات لنجيب محفكظ ‪ ،‬ط‪ ، 1‬دار الحدائية ‪،‬‬
‫بيركت‪1986،‬‬
‫عز الديف اسماعيؿ‪ ،‬األدب كالفنكف ‪،‬دار الفكر العربي (القاىرة)‪ /‬ط‪2002 ، 8‬‬
‫غاستكف نباشبلر ‪ ،‬جماليات المكاف‬
‫غطاشة داكد ‪ ،‬كحسيف راضي ‪ ،‬قضايا النقد العربي قديميا كحديثيا ‪.‬مكتبة دار الثقافة لمنشر‬
‫كالتكزيع ‪ ،‬ط‪ 2‬عماف‬
‫فتيحة كحمكش‪ :‬ببلغة المكاف قراءة في مكانية النص الشعرم‪ ،‬االنتشار العربي‪ ،‬بيركت‪،‬‬
‫ط‪2008 ، 1‬‬
‫فرج اهلل صالح‪ ،‬القرية كسيسيكلكجيا االنتقاؿ إلى السكؽ‪ ،‬دار الحداثة‪ ،‬لبناف‪ ،‬ط‪1981 ،1‬‬
‫فضيمة ممكسي‪ ،‬بنية النص الركائي عند الكاتبة الجزائرية (بحث مقدـ لنيؿ درجة الماجستير)‬
‫فيد حسيف‪ ،‬المكاف في الركاية البحرينية (دراسة في ثبلث ركايات‪ ،‬الجذكة ‪ ،‬الحصار ‪،‬‬
‫أغنية الماء كالنار)‪ ،‬فراديس لمنشر كالتكزيع‪ ،‬البحريف ‪ ،‬ط‪2003 ، 1‬‬
‫محمد ابراىيـ ‪ ،‬تجميات المكاف في السرد المكاني ‪ ،‬فضاءات لمنشر ‪ ،‬عماف ‪ ،‬ط‪، 1‬‬
‫‪2009‬‬
‫محمد األخضر الصبيحي‪ ،‬مدخؿ الى عمـ النص كمجاالت تطبيقية‪ ،‬الدار العربية لمعمكـ‪،‬‬
‫ناشركف ‪ ،‬ط‪2008، 1‬‬
‫محمد عزاـ‪ :‬شعرية الخطاب السردم (دراسة) منشكرات اتحاد الكتاب العربي‪ ،‬دمشؽ ‪2005‬‬
‫محمد عيد الطرنكلي ‪ ،‬المكاف في الشعر األندلسي‬
‫مصطفى التكاتي ‪ ،‬دراسة في ركايات نجيب محفكظ‬

‫‪88‬‬
‫نكار المكز أنمكذجا‬
‫البنية الزمكانية في الركاية الجزائرية – ٌ‬ ‫قائمة المصادر كالمراجع‬

‫ميا حسف القصراكم‪ ،‬الزمف في الركاية العربية‪ ،‬المؤسسة العربية لمدراسات كالنشر‪ ،‬بيركت‪،‬‬
‫ط‪2004 ،1‬‬
‫ميشيؿ بكتكر‪-‬مقاالت حكؿ الركاية – غاليمار‪-‬باريس ‪1964 ،‬‬
‫نادية رمضاف‪ ،‬عبده الراجحي‪ ،‬المغة كأنظمتيا بيف القدماء كالمحدثيف‪ ،‬دار الكفاء لدنيا‬
‫الطباعة كالنشر‪ ،‬االسكندرية‬
‫نبيمة ابراىيـ ‪ ،‬فف القصة في النظرية كالتطبيؽ ‪ ،‬مكتبة غريب ‪ ،‬القاىرة‬
‫نكر الديف السد‪ :‬األسمكبية كتحميؿ الخطاب(دراسات في النقد العربي الحديث) ‪ ،‬دار ىكمة‪،‬‬
‫ط‪ ، 1‬الجزائر‬
‫الياـ عمكؿ ‪ ،‬بنية الخطاب الركائي مف خبلؿ ركاياتو األخيرة ‪ :‬ضمير الغائب ‪ ،‬سيدة المقاـ‪،‬‬
‫ذاكرة الماء(بحث مقدـ لنيؿ الماجستير‪2000 ،‬‬
‫كادم طو ‪ ،‬الركاية السياسية ‪ ،‬دار النشر لمجامعات المصرية ‪ ،‬القاىرة ‪1996 ،‬‬
‫يمنى العي د‪ ،‬تقنيات السرد الركائي في ضكء المنيج البنيكم‪ ،‬دار الفارابي‪ ،‬لبناف‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫‪2010‬‬
‫ينظر ‪ ،‬ببلغة المكاف قراءة في مكانية النص الشعرم‬
‫ينظر ‪ ،‬غاستكف باشبلر ‪ ،‬جماليات المكاف‬
‫ينظر ‪ ،‬فيد حسيف ‪ ،‬المكاف في الركاية البحرينية‬
‫ينظر آمنة يكسؼ ‪ :‬تقنيات السرد في النظرية كالتطبيؽ‬
‫ينظر رينيو كيميؾ ‪ ،‬نظرية الركاية‬
‫‪- Henri Mitterrand : le discours du roman-PV-F-1980, P193.‬‬

‫‪89‬‬
‫شكر كتقدير‬
‫إىداء‬
‫‪1‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪5‬‬ ‫مدخؿ مفاىيمي‬
‫‪6‬‬ ‫اإلطار المفاىيمي‬
‫‪6‬‬ ‫الركاية لغة‬
‫‪7‬‬ ‫الركاية اصطبلحا‬
‫‪7‬‬ ‫النص لغة‬
‫‪8‬‬ ‫النص اصطبلحا‬
‫‪9‬‬ ‫الزمف لغة‬
‫‪11‬‬ ‫الزمف اصطبلحا‬
‫‪13‬‬ ‫المكاف لغة‬
‫‪12‬‬ ‫المكاف اصطبلحا‬
‫‪13‬‬ ‫السرد لغة‬
‫‪14‬‬ ‫السرد اصطبلحا‬
‫‪14‬‬ ‫المغة لغة‬
‫‪14‬‬ ‫المغة اصطبلحا‬
‫‪15‬‬ ‫الشخصيات لغة‬
‫‪15‬‬ ‫الشخصيات اصطبلحا‬
‫‪16‬‬ ‫الحدث‬
‫‪17‬‬ ‫البنية لغة‬
‫‪18‬‬ ‫البنية اصطبلحا‬
‫‪18‬‬ ‫الفضاء لغة‬
‫‪18‬‬ ‫الفضاء اصطبلحا‬
‫‪23‬‬
‫‪21‬‬ ‫فصؿ نظرم ‪ ،‬عناصر البناء الفني لمنص الركائي‬
‫‪21‬‬ ‫بنية المكاف‪/1 :‬أنكاعو‬
‫‪21‬‬ ‫المكاف الطباعي‬
‫‪22‬‬ ‫المكاف الجغرافي‬
‫‪23‬‬ ‫الفضاء الداللي‬
‫‪23‬‬ ‫أىمية المكاف الفضائي‬
‫‪25‬‬ ‫األماكف المغمقة‬
‫‪25‬‬ ‫األماكف المفتكحة‬
‫‪26‬‬ ‫بنية الزمف ‪/1 :‬أنكاعو‬
‫‪26‬‬ ‫الزمف الطبيعي (المكضكعي)‬
‫‪26‬‬ ‫الزمف النفسي‬
‫‪32‬‬ ‫تقنيات الزمف الركائي‬
‫‪32‬‬ ‫النظاـ الزمني ‪: L’ordre :‬‬
‫‪32‬‬ ‫االسترجاعات ‪: Analepsies‬‬
‫‪34‬‬ ‫االسترجاع الخارجي ‪: Analepsies externe :‬‬
‫‪34‬‬ ‫االسترجاع الداخمي ‪: Analepsies interne :‬‬
‫‪34‬‬ ‫استرجاع داخمي غيرم‬
‫‪35‬‬ ‫استرجاع داخمي مثمي‬
‫‪35‬‬ ‫االسترجاع المختمط (المزجي)‬
‫‪35‬‬ ‫االستباقات ‪Prolepses :‬‬
‫‪37‬‬ ‫االستشراؼ ‪:‬‬
‫‪38‬‬ ‫المدة ‪:‬‬
‫‪39‬‬ ‫الحركات السردية‪ :‬تسريع السرد‬
‫‪40‬‬ ‫الحذؼ (الصريح كالضمنمي)‬
‫‪41‬‬ ‫تعطيؿ السرد‬
‫‪41‬‬ ‫الكقفة‬
‫‪42‬‬ ‫مستكل التكاتر‬
‫‪43‬‬ ‫التكاتر االنفرادم‪ ..،‬التكرارم‪.. ،‬المتشابو‬
‫‪44‬‬ ‫أبعاد الزمف‬
‫‪45‬‬ ‫بنية الشخصيات‪ ،‬طريقة تقديـ الشخصية‬
‫‪46‬‬ ‫دراسة الشخصية‬
‫‪46‬‬ ‫أبعاد الشخصية‬
‫‪47‬‬ ‫أنكاع الشخصية في الركاية‬
‫‪47‬‬ ‫الشخصية الرئيسية ‪ ،‬الثانكية‪ ،‬المشاركة أك العابرة‬
‫فصؿ تطبيقي‬
‫‪49‬‬ ‫تقنيات الزمف‬
‫‪49‬‬ ‫االسترجاع‪ :‬االستذكار‬
‫‪51‬‬ ‫االستباؽ‪ :‬االستشراؼ‬
‫‪53‬‬ ‫تقنيات زمف السرد‬
‫‪53‬‬ ‫الخبلصة‬
‫‪53‬‬ ‫الحذؼ‬
‫‪54‬‬ ‫تباطؤ السرد‬
‫‪54‬‬ ‫المشيد‬
‫‪56‬‬ ‫الكقفة‬
‫‪62‬‬ ‫التكاتر‬
‫‪57‬‬ ‫بنية المكاف‬
‫‪57‬‬ ‫البمدة‬
‫‪59‬‬ ‫الحي‬
‫‪59‬‬ ‫المقيى‬
‫‪60‬‬ ‫السكؽ‬
‫‪63‬‬ ‫المقبرة‬
‫‪64‬‬ ‫المدينة‬
‫‪65‬‬ ‫المسجد‬
‫‪66‬‬ ‫المقاـ‬
‫‪67‬‬ ‫البيت الشعبي‬
‫‪68‬‬ ‫األماكف المغمقة‬
‫‪68‬‬ ‫البيت‬
‫‪70‬‬ ‫السجف‬
‫‪71‬‬ ‫الشخصيات‬
‫‪71‬‬ ‫الصالح بف عامر الزكفرم‬
‫‪73‬‬ ‫مسيردية‬
‫‪74‬‬ ‫لكنجا‬
‫‪75‬‬ ‫الشخصيات الثانكية‬
‫‪75‬‬ ‫ركمؿ القيكاجي‬
‫‪76‬‬ ‫العربي‬
‫‪77‬‬ ‫النمس‬
‫‪77‬‬ ‫ياسيف‬
‫‪78‬‬ ‫الحاجة طيطما‬
‫‪79‬‬ ‫خاتمة‬
‫‪82‬‬ ‫ممحؽ‪ :‬مكجز عف حياة كسيني األعرج‬
‫‪86‬‬ ‫قائمة المصادر كالمراجع‬
‫‪0‬‬ ‫الفيرس‬
‫ملخص‬

‫اف دراسة مكضكع البنية السردية في ركاية كاسيني االعرج المكسكمة ب نكار المكز تيدؼ الى‬
.‫الكشؼ عف بنية الزماف كالمكاف كالشخصيات متضمنة مدخؿ كفصميف احدىما نضرم كتطبيقي‬
‫حيث تركز الحديث عمى مفيكـ الزماف كالمكاف كجمالية بنيتيما كخصكصيتيما الفكرية كالفنية عند‬
.‫كاسيني االعرج مف خبلؿ المغة االبداعية كجمالية التصكير كاإليقاع الركائي‬
‫كما تناكلت الدراسة مككنات البنية الزمانية كالمكانية ككظائفيما في ركاية نكار المكز سعيا لمعرفة‬
‫كي فية إشتغاؿ الركائي عمى عنصر الزمف كطرائؽ رصده لؤلمكنة كالشخصيات كسرده لؤلحداث ثـ‬
.‫عبلقاتيما بالمككنات األخرل‬
‫ المكاف‬، ‫ الزماف‬،‫ البنية‬:‫الكممات المفتاحية‬
Résume

Notre étude porte sur létude des structures narratives dans le roman de( wasiini
al aaraj ) intiule( nwar al laweze) a pour objectif de révéler les différentes
structeres et infrastures du texte littéraire en parlant de la strusture
spatio_temborelle ;la construction dramatique des personnages.
Cette étude comortera une partie et deux chapitres léun est pratique.léautre est
théorique. Cette recherche se pase sur la concption de la nrration et sa portée
esthétique et sa spéccificité idéologique chez (waseni al aarag) toutcela se fait à
travers l"analyse du langage poétique et l'histoire racontée.notre recherche pourt;
ausse sur la compisition de la structure nrrative et ses fonction sur( temps; lieu;
et parsonnage) a travaux le roman( nware allawese ) notre but s'est engeux qu’ a
voulu l'écrivain fair sur les ingrédients de le narraston et sa relaton avec les autre
composaton de l'histoir racontée.

Mots-clés: la structure, le temps, le lieu

You might also like