You are on page 1of 68

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة الشهيد حمه لخضر‪-‬جامعة الوادي‪-‬‬

‫قسم اللغة واألدب العربي‬ ‫كلية االدب واللغات‬

‫بالغة الصورة الشعرية في ديوان مآذن الشوق لشاعر سعد‬


‫مردف‬
‫مذكرة معدة استكماال لمتطلبات نيل شهادة الماستر في النقد الحديث والمعاصر‬

‫التخصص‪ :‬نقد حديث ومعاصر‬

‫المشرف‪:‬‬ ‫الطلبة‪:‬‬

‫عبـــــّاســي عبـد الـقـادر‬ ‫‪ ‬عشــاب محمــــد‬


‫‪ ‬أبو بـــكر شكيــمة‬

‫لجنة المناقشة‪:‬‬
‫الصفة‬ ‫الجامعة‬ ‫الرتبة‬ ‫االسم واللقب‬
‫رئيسا‬ ‫جامعة الشهيد حمه لخضر‪-‬‬ ‫أستاذ ‪٤‬تاضر –أ‪-‬‬ ‫‪ٛ‬تزة ‪ٛ‬تادة‬
‫الوادي‬
‫حمه لخضر‪-‬‬ ‫جامعة الشهيد‬
‫مشرفا ومقررا‬ ‫أستاذ التعليم العارل‬ ‫عبػد الػقػادر عبػ ػػٌاسػػي‬
‫عضوا‬ ‫الوادي‬
‫حمه لخضر‪-‬‬ ‫جامعة الشهيد‬ ‫أستاذ ‪٤‬تاضر –أ‪-‬‬ ‫مسعودم العلمي‬
‫الوادي‬

‫السنة الجامعية‪1441-1440 :‬هـ‪2020-2019/‬م‬


‫إهداء‬

‫إذل ىكالً ىد َّ‬


‫م الكرٯتُت حفظهما اهلل‬
‫كثَتا ُب سبيل طليب للعًٍلم‬
‫تعبت ن‬
‫كخاصةن كالدٌب اليت ٍ‬
‫ٌ‬
‫إذل زكجيت ا‪ٟ‬تبيبة اليت كانت عونا رل ُب طريق العلم كالدعوة‬
‫إذل أبنائي األعزاء إسحاؽ كيعقوب كابنيت ىمٍيس‬
‫إذل كل ا‪١‬تىربُِّت الذين أناركا لنا طريق السَت إذل اهلل‬
‫ي‬
‫إذل كل أساتذٌب الذين علَّموين من االبتدائي إذل ا‪ٞ‬تامعة‬
‫ص منهم أستاذم ُب ا‪ٞ‬تامعة ا‪١‬ت ٍش ًرؼ على رساليت صاحب الفضيلة اؿدكتور‬
‫أخ ُّ‬
‫ي‬ ‫ك‬
‫ي‬
‫عباسي عبد القادر حفظو اهلل كنفع بو كرفع مقامو‬
‫إذل كل ا‪١‬ترابطُت على الثػُّغيور ا‪١‬تدافعُت عن الدين كالوطن‬
‫كأخص منهم اجملاىدين على أعتاب ا‪١‬تسجد األقصى ا‪١‬تبارؾ بأرض فلسطُت ا‪ٟ‬تبيبة‪،‬‬
‫بارؾ‬
‫كعجل بتحرير ا‪١‬تسجد األقٍصى ا‪١‬تي ى‬
‫نصرىم اهلل ٌ‬
‫إذل طلبة العلم ا‪ٟ‬تريصُت عليو الساىرين ُب ٖتصيلو‬
‫إذل أحبابنا كأصدقائنا كمعارفنا‬
‫إذل كل من ساندنا بنصح أك إرشاد أك دعاء‬

‫لما‬ ‫ً‬
‫إذل كل الشرفاء ا‪١‬تدافعُت عن القضايا العادلة ُب ىذا العادل الذم يمل ىئ ظي ن‬
‫إذل كل ىؤالء أىدم عملي ىذا‬
‫الداريٍن كأف يرزقنا اإلخالص كال ىقبيوؿ‬
‫راجيا من اهلل أف ينفعٍت بو كقارئو ُب ى‬
‫شكر وت ْقدير‬
‫علي بنعمة اإلسالـ‬
‫َّأكؿ ىمن يستحق شكرم كثنائي ىو ريب كخالقي؛ الذم أنعم ٌ‬

‫كم َّن ىعلى َّي بنعمة‬


‫كأكرمٍت باإلٯتاف‪ ،‬كجعلٍت من أتباع سيدنا ‪٤‬تمد خَت خلق اهلل‪ ،‬ى‬

‫العًٍلم‪ ،‬كأعانٍت على إ٘تاـ دراسيت‪ ،‬ككفقٍت إل ٍكماؿ ًرساليت ىذه‪.‬‬

‫أفدت منهم كثَتا ُب مسَتٌب‬


‫أتوجو ٓتالص شكرم ألساتذٌب كمشاٮتي الذين ي‬
‫كما ٌ‬

‫ص منهم ِّ‬
‫بالذ ٍكر شيخي كأستاذم الدكتور عباسي عبد القادر ‪ ،‬راجيا‬ ‫ىخ ُّ‬
‫العلمية‪ ،‬كأ ي‬

‫ًمن اهلل أف ٯتده بالصحة كالعافية‪ ،‬كأف ينفع بو البالد كالعباد‪.‬‬

‫كالشكر موصوؿ لكل من ساعدين من قريب أك من بعيد‪ ،‬من الزكجة الكرٯتة‪،‬‬

‫عٍت خَتا‪،‬ك ٍأر يجوا ًمن اهلل‬


‫كاألساتذة‪ ،‬كاألصدقاء‪ُ ،‬ب كتابة ىذه الرسالة‪ ،‬فجزاىم اهلل ِّ‬

‫أف ‪٬‬تعلها ُب ميزاف حسناتنا كحسناهتم‪.‬‬


‫مقدمة‬
‫مقدمة‬

‫مقدمة‬

‫الصورة الشعرية من ا‪١‬توضوعات اليت عرفت ركاجا كبَتا ُب الدراسات األدبية كالنقدية‬
‫ا‪ٟ‬تديثة‪ ،‬كقد تعدد كصف الصورة لدل الدارسُت بُت الفنية كالبالغية كاألدبية‪،‬كلكن قيمتها ُب‬
‫التمكُت لشعرية القصيدة ليست ‪٤‬تل اختالؼ‪ ،‬ذلك أهنا ٘تثل جوىر الشعر‪ ،‬ك‪٤‬تك قدرة‬
‫الشاعر ُب تر‪ٚ‬تة رؤيتو لذاتو كللعادل من حولو‪ ،‬كما أهنا دليل ٘تيزه الفٍت‪ ،‬كسبيلو إذل بالغة‬
‫القوؿ كإذل التأثَت ا‪ٞ‬تمارل ُب القارئ‪٢ ،‬تذا كقع اختيارنا ُب ىذه الدراسة على موضوع بالغة‬
‫الصورة الشعرية‪ ،‬كقد اٗتذنا من ديواف "مآذف الشوؽ" للشاعر ا‪ٞ‬تزائرم الواعد "سعد مردؼ"‬
‫مدكنة لبحثنا بالنظر إذل ما فيو من جهد إبداعي متألق ُب بناء صور شعرية جديرة بالتأمل‬
‫كالنظر‪.‬‬

‫ككاف منطلقنا ُب دراستنا ىذه ىو البحث ُب التشكيل ا‪ٞ‬تمارل للصورة الشعرية ُب‬
‫ديواف "مآذف الشوؽ" من خالؿ اعتماد بالغتُت متباينتُت‪ :‬بالغة ا‪١‬تشاكلة كبالغة االختالؼ‪،‬‬
‫ٍب إف ىذا البحث يستهدؼ ‪ٚ‬تلة من الغايات لعل أ‪٫‬تها‪:‬‬

‫‪ ‬بياف الدكر احملورم كا‪ٞ‬توىرم للصورة الشعرية ُب القصيدة‪.‬‬

‫‪ ‬الوقوؼ على الفركؽ الفنية كا‪ٞ‬تمالية بُت بالغيت ا‪١‬تشاكلة كاالختالؼ ُب ديواف "مآذف‬
‫الشوؽ"‪.‬‬

‫‪ ‬تثمُت ا‪ٞ‬تهد اإلبداعي احمللي من خالؿ اختيار مدكنة جزائرية لشاعر من ا‪ٞ‬تنوب‪.‬‬

‫كٖتقيقا ‪٢‬تذا ا‪١‬تسعى فقد اتبعنا خطة مقسمة إذل فصلُت أحد‪٫‬تا نظرم كاآلخر‬
‫تطبيقي‪ :‬أما الفصل األكؿ النظرم فتناكلنا فيو أ‪٫‬تية الصورة بوصفها قواـ الشعر ٍب تطور‬
‫مفهوـ الصورة بالغيا كنقديا‪ ،‬كما ٖتدثنا عن مصادر الصورة كأنواعها بيانيا‪ ،‬كبنائيا‪،‬‬
‫كإجرائيا‪ ،‬كأكضحنا بعض ما يتعلق ّتمالية أك شعرية الصورة‪.‬‬

‫أما الفصل الثاين التطبيقي فخصصناه لدراسة الصورة الشعرية ُب ديواف "مآذف الشوؽ "‬
‫كىذا من خالؿ استنادىا إذل بالغة ا‪١‬تشاكلة حينا ك إذل بالغة االختالؼ حينا آخر‪ ،‬كقد‬
‫تضمن ىذا الفصل أكال إحاطة ٔتفهوـ ا‪١‬تشاكلة كخلفياهتا‪ ،‬كمفهوـ االختالؼ كموجهاتو ُب‬

‫ب‬
‫مقدمة‬

‫ٕتربة سعد مردؼ الشعرية‪ ،‬كتضمن بعد ذلك الوقوؼ على بالغيت ا‪١‬تشاكلة كاالختالؼ‬
‫ا‪ٟ‬تاضرتُت ُب الديواف من خالؿ تناكؿ الصورة ا‪١‬تقاربة كالصورة ا‪ٞ‬تزئية بوصفهما مظهرين‬
‫للمشاكلة‪ ،‬كالصورة ا‪١‬تفارقة كالصورة الكلية باعتبار‪٫‬تا مظهرين لالختالؼ‪.‬‬

‫كألف الصورة الشعرية ىي بؤرة ىذا البحث كاف من الطبيعي أف يغلب التحليل ا‪ٞ‬تمارل‬
‫الوصفي ُب أثناء التعامل مع النصوص الشعرية كمقاربة مستوياهتا اإلبداعية ‪ ،‬كما أننا‬
‫حاكلنا االستفادة أحيانا من التحليل البالغي‪.‬‬

‫كاعتمدنا ُب إ‪٧‬تاز ىذه الدراسة على ‪ٚ‬تلة من ا‪١‬تصادر كا‪١‬تراجع ا‪٢‬تامة‪ ،‬كأكثرىا مهتم‬
‫ٔتوضوع الصورة ُب الشعر من ناحية أك أخرل‪ ،‬كلعل أىم ىذه ا‪١‬تؤلفات‪" :‬الصورة الشعرية‬
‫ُب الًتاث البالغي كالنقدم" ‪ٞ‬تابر عصفور ك"الصورة الشعرية عند ذم الرمة" لعهود عبد‬
‫الواحد العكيلي‪،‬ك"الصورة الفنية تاريخ كنقد" ‪١‬تؤلفو علي علي صبح‪ ،‬باإلضافة إذل كتب‬
‫أخرل مساعدة تصب ُب خدمة البحث‪.‬‬

‫ككاجهتنا ُب أثناء إ‪٧‬تاز ىذا البحث بعض الصعوبات‪ ،‬كأ‪٫‬تها بال شك الظركؼ‬
‫الصحية الصعبة اليت مرت هبا البالد نتيجة تفشي كباء كوركنا كحرماننا من االلتقاء ا‪١‬تباشر‬
‫مع األستاذ ا‪١‬تشرؼ‪ ،‬فضال عما تتسم بو الدراسات ا‪١‬تتعلقة بالصورة من تنوع كعمق‪.‬‬

‫كُب األخَت نتقدـ ّتزيل الشكر كالعرفاف ألستاذنا الفاضل عبد القادر عباسي على‬
‫صربه كٖتملو أعباء التوجيو‪ ،‬فلقد أنار درب ْتثنا ّتملة من اإلرشادات كا‪١‬تالحظات القيمة‬
‫حىت انتهى ىذا البحث كخرج على ىذه الصورة‪ .‬كأخَتا نسأؿ اهلل تعاذل أف يوفقنا كيسدد‬
‫خطانا ُب سبيل العلم كأف ‪٬‬تعل ىذا العمل خالصا لوجهو الكرًن‪.‬‬

‫ج‬
‫الفصل األول‪ :‬الصورة الشعرية –التصور والماهية‪-‬‬
‫‪ . 1‬الصورة قواـ الشعر‬

‫‪ . 2‬تطور مفهوـ الصورة‬


‫‪ .3‬مصادر الصورة‪.‬‬
‫‪ .4‬أنواع الصورة الشعرية(بيانيا بنائيا‪ ،‬إجرائيا)‬

‫‪1 .4‬بيانيا‪:‬‬

‫أ‪ .‬الصورة التشبيهية‬


‫ب‪ .‬الصورة االستعارية‪.‬‬
‫ت‪ .‬الصورة الكنائية‬

‫‪ 2 .4‬بنائيا‪:‬‬

‫أ ‪ -‬الصورة ا‪ٞ‬تزئية‪.‬‬
‫ب ‪-‬الصورة الكلية‬

‫‪ 3 .4‬إجرائيا‪:‬‬

‫أ‪ .‬الصورة البصرية‬


‫ب‪ .‬الصورة السمعية‬
‫ت‪ .‬الصورة اللمسية‬
‫ث‪ .‬الصورة الذكقية‬
‫ج‪ .‬الصورة الشمية‬
‫ح‪ .‬تراسل ا‪ٟ‬تواس‬

‫‪ .5‬شعرية الصورة‪.‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الصورة قوام الشعر‪:‬‬

‫لقد احتلت الصورة الشعرية أ‪٫‬تية كبَتة ُب الشعر العريب قدٯتا كحديثا‪،‬كلقد ذىب بعض‬
‫النقاد ا‪١‬تعاصركف إذل أف الشعر تفكَت بالصور‪ ،‬كتكمن أ‪٫‬تية الصورة‪ ،‬من حيث كوهنا ٘تثل‬
‫معيارا للحكم على جودة الشعر‪،‬كبواسطتها يرتقي الشعر مضمونا كشكال كالصورة تعطي ا‪١‬تعٌت‬
‫أبعادان ٗتيلية للقارئ كالسامع"‪.1‬‬

‫كالصورة ‪٢‬تا ارتباط كثيق بالشعر‪ ،‬فمداـ ىناؾ شعراء يبدعوف فستظل الصورة باقية‪،‬‬
‫كأىم عنصر يستخدمو الشاعر ُب بناء قصيدتو‪ ،‬كىي الركح ُب القصيدة تبث فيها ا‪ٟ‬تياة‪،‬‬
‫كتنقلها من اجملرد إذل ا‪ٟ‬تسي‪ ،‬كإذا تطرقنا عن أ‪٫‬تية الصورة الشعرية ُب العصر ا‪ٟ‬تديث ‪٧‬تد أهنا‬
‫أخذت اىتماـ كبَت ككاسع من طرؼ الدارسُت للنقد‪ ،‬كعائد ىذا لكوف الصورة ٘تثل جوىر‬
‫الشعر كعماده األساسي "فهي كسيلتو اليت يستكشف هبا القصيدة كموقف الشاعر من‬
‫الواقع"‪.2‬‬

‫كلقد ٖتدث الناقد العريب الفذ صاحب أبرز كأىم كتاب تناكؿ الصورة الشعرية ُب‬
‫العصر ا‪ٟ‬تديث كتاب الصورة الشعرية ُب الًتاث العريب كالنقدم العريب الناقد ا‪١‬تصرم "جابر‬
‫عصفور" عن أ‪٫‬تية الصورة الشعرية فقاؿ الٌيت تكمن فيما ٖتدثو من معٌت من ا‪١‬تعاين كمن‬
‫خصوصية كتأثَت‪ ،‬كلكن أيان كانت ىذه ا‪٠‬تصوصية‪ ،‬أك ذاؾ التأثَت فإ ٌف الصورة لن تغٌَت من‬
‫ٌ‬
‫‪3‬‬
‫طبيعة ا‪١‬تعٌت ُب ذاتو" ‪.‬‬

‫كلقد أشتهر عند الشعراء العرب القدماء قدرهتم الفائقة على التصوير الفٍت كلقد‬
‫أبدعوا فيو‪ ،‬كىذا اإلبداع عائد إذل خيا‪٢‬تم ا‪٠‬تصب كالواسع‪ ،‬نذكر من الشعراء "ذم الرمة "‬
‫شاعر البادية الذم كانت صوره الفنية تتميز ْتضور ا‪٠‬تياؿ فيها بشكل ملفت لالنتباه‪،‬ككانت‬
‫صوره عبارة عن ألواح فنية تتميز بالدقة ُب الوصف‪،‬كاألسلوب القوم كاختيار األلفاظ ا‪١‬تناسبة‬
‫للمعٌت‪،‬كذلك ٘تيزه ُب كضع التشبيو‪ ،‬كىو ما جعل النقاد يضعوف الشاعر ٔتكانة امرؤ القيس‬

‫‪ 1‬ينظر السيد‪،‬شفيع ‪،‬قراءة الشعر كبناء الداللة ‪ ،‬دار غريب ‪ ،‬القاىرة ‪،‬ص‪238‬‬
‫‪ 2‬جابر ‪ ،‬عصفور ‪،‬الصورة الفنية ُب الًتاث البالغي كالنقدم عند العرب ‪ ،‬ا‪١‬تركز الثقاُب العريب ‪ ،‬ط‪\ 1992، 3‬ص‪10‬‬
‫‪ 3‬نفس ا‪١‬تصدرص‪.323‬‬

‫‪5‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ا‪١‬تلك الضليل‪ ،‬الذم عرؼ بصوره الرائعة فكال‪٫‬تا شاعراف بارعاف ُب التصوير‪،‬كا‪١‬تتتبع للشعر‬
‫ذم الرمة يرل أنو يتميز بكثرة استخداـ الصور الفنية كبالعناية ُب ر‪ٝ‬تها‪ ،‬لذلك عده(يوسف‬
‫خليف )‪ 1‬أىم شاعر عٍت بالصورة ُب العصر ا‪ٞ‬تاىلي كاألموم‪ ،‬فكاف شعره غنيا هبا‪.‬‬

‫ك‪٧‬تد الدكتور عبد اهلل الطيب ‪ 2‬يربط بُت بيت لذم الرمة ٭تكم ا‪١‬تزج فيو بُت ‪ٚ‬تاؿ الطبيعة‬
‫األخاذ مع ا‪ٞ‬تماؿ البشرم حيث يقوؿ‪:‬‬
‫ٌ‬
‫َّ‬
‫كاف عمود الصبح جيد كلبةه * كراء الدجى من حرة اللوف حاسر‬
‫‪3‬‬
‫فلقد أعجب عبد اهلل الطيب هباتو الصورة إعجابا كبَتان ‪ ،‬كالصورة عمومان عرفت انتشاران‬
‫كاسعان بُت الشعراء العرب قدٯتان تكاد ال ٕتد شاعران يستغٍت عنها ُب شعره كللتحقق من ىذا‬
‫األمر سوؼ نعرض بعض النماذج من الشعر العريب القدًن‪ ،‬ك‪٧‬تد من الشعراء الذين يتصدركف‬
‫الساحة األدبية كالشعرية ُب استخداـ الصورة الشاعر العريب الفذ "امرؤ القيس "خاصة معلقتو‬
‫الشهَتة اليت عرفت شهرة كاسعة ُب الساحة النقدية كاألدبية قدٯتا كحديثا كاليت برع فيها الشاعر‬
‫ُب استخداـ التصوير من أمثلة ذلك ىذا البيت من معلقتو اليت يقوؿ فيها‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫حب و‬
‫فلفل‬ ‫ً‬
‫كقيعاهنا كأنَّو ُّ‬ ‫ترل بعر اآلراـ ُب عرصاهتا‬

‫كيظهر ُب ىذا البيت قدرة امرؤ القيس الكبَتة ُب التشبيو‪ ،‬كلقد شبو الشاعر ىنا بعر‬
‫اآلراـ كاآلراـ ىو الظيب ذات اللوف األبيض‪ ،‬شبهو بالفلفل را‪ٝ‬تان بذلك لوحة فنية رائعة‪.‬‬

‫كذلك ‪٧‬تد الشاعر عركة بن الورد يقوؿ‪:‬‬

‫‪ 1‬يوسف عبد القادر خليف ‪ ،‬أديب مصرم حصل على شهادة اللسانس لغة عربية سنة ‪ ، 1944‬لو أكثر من ‪22‬‬
‫كتاب‬

‫‪ 2‬عبد اهلل الطيب شاعر سوداين اشتغل بالتدريس ُب العديد من ا‪ٞ‬تامعات السودانية لديو العديد من الدكاكين الشعرية‬
‫منها أصداء النيل كاللواء الظافر ‪.‬‬

‫‪ 3‬ينظر عهود عبد الواحد العكيلي الصورة الشعرية عند ذم الرمة ‪،‬ص‪11،27،29‬‬

‫‪4‬‬
‫الزكزين ‪ ،‬شرح ا‪١‬تعلقات العشر طبعة جديدة كمنقحة ‪ ،‬دار الفكر للطباعة كالنشر‬
‫أيب عبد اهلل ا‪ٟ‬تسُت بن أ‪ٛ‬تد ٌ‬
‫كالتوزيع ‪-‬بَتكت‪ -‬لبناف‪ -‬ص‪5‬‬

‫‪6‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ائؾ كاح ػ ػ ػ ػ هد‬


‫إف ػ ػ ػ ػ ػ‬
‫كأنت اـػ ػ ػ ػ ػرؤ ػعػ ػ ػ ػاُب ػ ػ‬ ‫شػ ػػركة ه‬
‫إفػ ػ ػائي ػ‬
‫كإين اـ ػ ػ ػ ػ ػ هرؤ عاُب ػ ػ‬

‫احل ػؽ ػجػ ػاىد‬


‫شح ػ ػكب احلػؽ‪،‬ك ػ‬
‫‪ٝ‬تنػ ػت كأف ػ ػترل بوجو ػم ػ‬
‫أتوػ ػ ػزأ ـػ ػين أف ػ ػ‬

‫بػارد‬
‫ادل ػ ػ ػاء ػ ػ ػ ػ‬
‫ادلػ ػ ػاء ك ػ‬
‫س ػ ػك ػ ػؽػراح ػ‬
‫كأحػ ػ ػ ػ ػ‬ ‫جسوـ كثَتة‬
‫جسـ ػم ُب ػ‬
‫أقسػـ ػ‬
‫ػػ‬

‫الشاعر صور لنا من خالؿ ىاتو األبيات صورة حسية عرب فيها عن خصلة من خصالو‬
‫ا‪ٟ‬تميدة كىي الكرـ كاستخدـ الشاعر من خال‪٢‬تا بعض ا‪ٟ‬تواس اليت ساعدتو ُب نقل ٕتربتو‬
‫الشعرية‪ ،‬منها ا‪ٟ‬تاسة البصرية كقولو "كأف ترل بوجهي شحوب ا‪ٟ‬تق"‪ ،‬كالصورة الذكقية ُب قولو‬
‫"كأحسو قراح ا‪١‬تاء" ىذا التصوير ا‪ٟ‬تسي يضيف للنفس راحة كأينس كما أنو ‪٬‬تعل األشياء‬
‫ا‪١‬تعنوية أكثر ثباتا كترسخا ُب الذىن‬

‫شاعر أخر أبدع ُب التصوير ىو الشاعر العباسي ا‪١‬تشهور "أبو الطيب ا‪١‬تتنيب ىذا الشاعر‬
‫الذم عرؼ ‪٧‬تاحا كبَتا‪ ،‬بفضل قصائده البديعة اليت قدمها‪ ،‬كلقد امتلك الشاعر قوة رىيبة ُب‬
‫التصوير‪ ،‬منها ما جاء ُب قصيدتو‪ ،‬ا‪١‬تيمية اليت ىعرفت شهرنة كاسعةن ‪ ،‬حيث يقوؿ فيها ا‪١‬تتنيب‪:‬‬

‫صمم‬
‫أنا الذم نظر األعمى إذل أديب كأ‪ٝ‬تعت كلماٌب من بو ه‬
‫الشاعر ىنا‪ ،‬قدـ لنا صورة حسية‪ٗ ،‬تيٌلية كظف الشاعر فيو خيالو‪ ،‬فأصبح األعمى ينظر‬
‫كاألصم يسمع كمن الشعراء العرب البارعُت ُب التصوير ‪٧‬تد أيب نواس منها قصيدتو " دع عنك‬
‫لومي فإف اللوـ إغراء "اليت يقوؿ فيها‪:‬‬
‫ً‬ ‫اللػ ػكـ إً ػغػ ػ ػراء كداكين ػ ػً‬
‫ب ػَّ ػ‬ ‫عػ ػ ػفػ ىؾ ىؿػ ػ ػكمي ػ ػ ػىإً‬
‫م ػ ػاؿداءي‬
‫اؿٌب ػؾػا ػىفت ػقػ ى‬ ‫ي‬ ‫ؼ َّف ػ ى ى‬ ‫ىدع ػى‬

‫سػ ٌراءي‬
‫اح ػ ػتىو ػ ػ ػا ػىػؿك ىـػ ػ َّسو ػا ىح ػ ػ ىجهر ىـ ػ ػ َّس ػ ػتيق ػ ػىػ‬
‫سػ ى‬
‫تفىزيؿ األىحػ ػ ػزا يف ػ‬
‫فراءي ال ػى ػ ػ‬
‫ص ػػ‬
‫ى‬
‫ب ػ ًاف ػ ػؿ ػ ػ ً ػ‬ ‫ؼ ً‬
‫ذات ًحػ ػ ور ُب ًز ِّ‬
‫م ذم ذى ىك ور لىوػ ػ ػ ػا يم ػًػحػ ػ ػ ػ ػٌ ػ‬ ‫ًمن ىػ ػؾ ػ ػ ِّ‬
‫م ىكىزػ ػ ػٌفػ ػ ػ ػاءي‬
‫كط ػ ػ ػ ٌّي‬
‫عتؾػ ػ ػر فىالح ًـػف كج ًهو ػ ػا ُب الب ً‬
‫يت ىألألي‬ ‫ً‬ ‫رمًػ ػ‬ ‫ػ ػؽػ ىاـ ػت ػ ػًإً‬
‫ى‬ ‫ى ى‬ ‫م يؿ ـػػي ػ ػ ى ه‬
‫اللى ػ ػ ػ‬
‫ؽػقا ىك ػ‬ ‫ب ػ ػ ػب ػ ػ‬

‫ً‬
‫العػ ػي ًن إغفاءي‬
‫ب ى‬ ‫ؼ ا ًإل ػ ػبػرمًؽ ػ ػ‬
‫صػ ػ ًاُبػ ػ ػػىنة ىؾ ػ ػ ػأَّى‪٪‬تا أىخػ ػ ػذيه ػ ػ ػ ػا ػ ػًػ ػ‬ ‫ىرس ػىلت ًـ ػ ػف ػ ػًىـ‬
‫ؼى‬‫ػ ػأى‬

‫‪7‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫ً‬
‫عف ىشكلو ػا ا‪١‬تاءي‬
‫ؼ ػى‬ ‫ادلػ ػ ًاء ىح ػ ػتٌى ػـػا ييالئً يم ػػقا ػىػؿ ػطػ ػ ػ ػىةن‬
‫اؼ ىك ىج ػ ػ ػ ػا‬ ‫جػ ػ ػػؼت ػعػف ػ‬

‫تك ػَّػ ػؿ يد أ ػ‬ ‫ؼو ىـ ػ ػ ىزجػ ى ً‬


‫ىض ػ ػ ػ ػ ػكاءي‬
‫ىفػ ػ ػ ػ ػك هار ىكأ ػ ػ‬ ‫ت بوػا ػ ػف ػكران ىدل ػ ػ ىاز ىج ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػقػ ػ ػ ػا ىحػ ػ ػ ػتٌى ػ ػ ػ ػىى‬ ‫ػ ػلى‬

‫كىذه صورة شعرية للراح‪ ،‬أدل فيها الشاعر بصفاهتا ا‪١‬تتنوعة‪ ،‬أك أشهر صفاهتا‪ٍ ،‬ب‬
‫اسًتسل بذكر صفاهتا كخصائصها من أهنا صفراء اللوف‪ ،‬كأف ا‪ٟ‬تزف ال ٭تل ‪٢‬تا ساحة‪ ،‬كأف‬
‫ا‪ٟ‬تجر لو مسها مستو السراء ‪ ,‬كغَت ذلك من ا‪٠‬تصائص اآلخرل اليت ذكرىا الشاعر ‪ 1‬كىذا‬
‫التصوير الذم قدمو الشاعر من خالؿ ىذه األبيات‪ ،‬أباف على قدرة الشاعر "أيب نواس‬
‫"الكبَتة ُب الوصف كالتصوير‪ ،‬كذلك أبانت على فطنتو كدىائو كخيالو الواسع"‪.‬‬

‫ىذه بعض الصور اليت ‪٬‬تتمع فيها بعد ا‪٠‬تياؿ مع القدرة ا‪٢‬تائلة ُب التناسب ُب اختيار‬
‫األلفاظ ا‪ٞ‬تزلة اليت ٖتمل ُب طياهتا و‬
‫معاف عميقة ذات أبعاد تأملية‪ ،‬يمشكلةن تناسقان‬
‫كانسجامان المثيل لو‪.‬‬

‫كلقد أخذت الصورة الشعرية نضجها ا‪ٟ‬تقيقي كتطورىا الفٍت ُب العصر ا‪ٟ‬تديث‪ ،‬كدل‬
‫تعد الصورة ‪٤‬تصورة ُب دكر ا‪٠‬تياؿ كالفكر‪ ،‬كما كانت ُب العصر القدًن‪ ،‬بل أصبحت مز‪٬‬تا‬
‫بُت العاطفة كا‪٠‬تياؿ‪ "،‬كقد أستطاع النقاد ا‪١‬تعاصركف بنشاطهم النقدم توضيح الصورة كتعميق‬
‫جوانبها ا‪١‬تختلفة‪ ،‬كألبسوىا ثوبا جديدا‪ ...‬فشخصوا أثرىا كقيمتها‪ ،‬كمكانتها من األدب عامة‬
‫كمن الشعر خاصة "‪.2‬‬

‫لقد ًب استعماؿ كلمة الصورة الشعرية خالؿ ‪ٜ‬تسُت السنة ا‪١‬تاضية كقوة غامضة‪ ،‬كلقد‬
‫بقيت الصورة من خال‪٢‬تا كوسيلة ثابتة ُب القصيدة فاألسلوب ٯتكن أف يتغَت أك ‪٪‬تط الوزف‪،‬‬
‫‪،3‬كمن‬ ‫حىت ا‪١‬توضوع ا‪ٞ‬توىرم ٯتكن أف يتغَت‪ ،‬إال أف اجملاز و‬
‫باؽ كمبدأ للحياة ُب القصيدة‬
‫أشهر الشعراء العصر ا‪ٟ‬تديث استعماال للصورة ‪٧‬تد الشاعر الكبَت نزار قباين الذم عرؼ‬
‫بقدرتو ا‪٢‬تائلة ُب التصوير حث ٘تكن بفضل مهارتو ُب الرسم بالكلمات أف يقدـ صوران فنية‬

‫‪ 1‬ينظر ‪،‬زكي مبارؾ ‪ ،‬ا‪١‬توازنة بُت الشعراء ‪ ،‬ص‪68‬‬


‫‪ 2‬علي علي صبح ‪ ،‬الصورة األدبية تاريخ كنقد ص‪99‬‬
‫‪ 3‬ينظر سيسل دم لويس الصورة الشعرية ‪ ،‬نقالن عن ‪٤‬تمد الورل الصورة الشعرية ُب ا‪٠‬تطاب البالغي كالنقدم ‪ ،‬ص‪8‬‬

‫‪8‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫فائقة ا‪ٞ‬تماؿ األديب كالفٍت‪ ،‬فلقد حقق بذلك ‪٧‬تاحا باىرا‪ ،‬أكصلو إذل قمة ا‪٢‬ترـ كأف يًتبع على‬
‫عرش القصيدة العربية ُب عصره‪ ،‬فالشاعر كاف مصورا بارعا كرسامان ‪٤‬تًتفان ‪،‬كمن بُت الصور لنزار‬
‫قباين حيث ‪٧‬تده يقوؿ ُب قصيدتو أيب‪:‬‬

‫أمات أبوؾ?‬

‫ضالؿ !أنا ال ٯتوت أيب‬

‫ففي البيت منو‬

‫ركائح رب‪..‬كذكرل نيب‬

‫ىنا ركنو‪..‬تلك أشياؤه‬

‫ُب ىذا ا‪١‬تقطع من القصيدة‪ ،‬يستخدـ الشاعر‪ ،‬إحدل ا‪٠‬تصائص ا‪١‬تهمة ُب الصورة‬
‫كىي استخداـ الرمز‪ ،‬كىي من أبرز ا‪٠‬تصائص الفنية‪ُ ،‬ب شعر نزار‪ ،‬فكاف الرمز‪ ،‬كسيلة‬
‫الشاعر‪ ،‬اليت يوصل من خال‪٢‬تا‪ ،‬أفكاره كعواطفو كأحاسيسو‪ ،‬كنزار قباين يعترب من أساتذة‬
‫التصوير ُب الشعر العريب دكف منازع‪ ،‬كالشاعر سلك طريقا ‪٥‬تالفا على الذم سلكوه سابقوه‬
‫من الشعراء‪ ،‬الذم كانوا يعتمدكف على القريب من ا‪١‬تعٌت كعلى ا‪٠‬تياؿ البسيط‪ ،‬فنزار خالفهم‬
‫ك اعتمد على الغموض ُب نقل ٕتاربو الشعرية‪ ،‬ىذا الغموض أفسح للمتلقي فرصة ا‪١‬تشاركة ُب‬
‫العمل الشعرم‬

‫ك الصورة الشعرية بقت عرب التاريخ أىم ركيزة يعتمد عليها الشاعر ُب بناء عملو اإلبداعي فهي‬
‫٘تثل اجملاؿ الذم يصور فيو أفكاره كتصوراتو‪ " ،‬الصورة ىي أقدر الوسائل على نقل األفكار‬
‫العميقة كا‪١‬تشاعر الكثيفة ُب أكفر كقت‪،‬كأكجز عبارة‪ ،‬كأضيق حيز‪ ،‬فكلما أمعن النظر فيها‬
‫استقطب أفكارا جديدة كمشاعر متجددة كمن ىنا تتحوؿ إذل رمز‪ ،‬كىو أبلغ تأثَتا ُب النفس‬
‫عن ا‪ٟ‬تقيقة‪ ،‬كأكثر امتالء من اتساع الواقع ا‪١‬تكشوؼ‪ ،‬كتضحي النفس ضحية إليو‪٣،‬تذكبة بقوة‬
‫خلفية‪ ،‬فهي تنسيك ا‪١‬تعارؼ اليت اكتسبتها من ا‪١‬تكشوؼ الظاىر بعد قليل من الزمن‪ ،‬كال‬

‫‪9‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تنسي من ا‪٠‬تفي الرامز‪ ،‬الذم استقر فيها بعد تعب ك‪٣‬تاىدة كيظل ُب النفس آمادان كأبعادان ف‬
‫كىو سر ا‪ٞ‬تماؿ ُب الصورة‪ ،‬كركعة ا‪ٞ‬تالؿ ُب التصوير‪.1‬‬

‫شاعري أخر برع ُب التصوير بقوة ُب العصر ا‪ٟ‬تديث ىو الشاعر إيليا أبو ماضي الذم‬
‫لقب بشاعر ا‪١‬تهجر األكرب‪ ،‬شعره كاف ٯتتاز بالتنوع ُب ا‪٠‬توض ُب مواضيع ا‪ٟ‬تياة‪ ،‬فتجده‬
‫يتحدث عن األمل ُب ا‪ٟ‬تياة‪ ،‬كرسم صورة التفاؤؿ‪ ،‬كعن ا‪ٟ‬تزف كالغربة كعن قضايا األمة عامة‪،‬‬
‫كا‪١‬تتأمل ُب شعره ‪٬‬تد لدل الشاعر دقة عالية ُب التصوير‪ ،‬خاصة ُب استخداـ العناصر‬
‫البالغية مثاؿ ذلك ىذه الصورة اليت استعمل فيها اجملاز اللغوم‪ ،‬حيث قاؿ‪:‬‬

‫أنجـ‬
‫نحف فيو ػ ػا ػ ػ‬
‫سػـ ػاء ػ ػ‬
‫ُب ػ‬ ‫مػفا ػ ػؽـ ػ ػر‬
‫إؿػ ػ ػ‬
‫الشـ ػ ػس ػ‬
‫حػ ػـ ػ ػؿ ػ‬

‫الشاعر من خالؿ ىذا البيت صورة فنية‪ ،‬موظفا من خال‪٢‬تا قدرتو اإلبداعية ُب‬‫ي‬ ‫ق ٌدـ لنا‬
‫التالعب با‪١‬تفردات‪ ،‬حيث استعمل فعل ا‪ٟ‬تمل ُب غَت سياقو ا‪ٟ‬تقيقي‪ ،‬كىو ما يسمى عند‬
‫األسلوبُت باالنزياح‪ ،‬كىنا يكمن عنصر ا‪ٞ‬تماؿ ُب ىاتو الصورة‪ ،‬فتجعل القارئ ا‪١‬تتذكؽ‬
‫يستمتع هبذا اإلبداع التخيلي كالتعبَت بالصورة كياف يبعث ا‪ٟ‬تياة ُب ا‪ٞ‬تمادات ك‪٬‬تعلها كائن‬
‫حي فيو ركح‪ ،‬كالصورة كسيلة للتعرؼ عن أسرار ا‪ٟ‬تياة كالعالقة بُت اإلنساف كا‪١‬تخلوقات‬
‫اآلخرل كىي دافع للذة كا‪١‬تتعة كشعور اإلنساف بالسعادة‪.2‬‬

‫‪ .2‬في تطور مفهوم الصورة بالغيا ونقديا‪:‬‬

‫لقد شهدت الصورة الشعرية عرب التاريخ العديد من التطورات كالتغَتات اليت مست‬
‫ا‪١‬تفهوـ كاحملتول كمن النقاد األكائل الذين مهدكا ‪١‬تفهوـ الصورة ‪٧‬تد ا‪ٞ‬تاحظ ُب مقولتو الشهَتة‬
‫" فإٌ‪٪‬تا الشعر صناعة‪،‬كضرب من النسيج كجنس من التصوير" ‪ 3‬كيشَت ا‪ٞ‬تاحظ من خالؿ ىذه‬
‫ا‪١‬تقولة أف الشعر فن يهدؼ إذل صياغة ا‪١‬تعاين كالتجارب ا‪ٟ‬تسية‪ ،‬عن طريق استخداـ الصورة‪،‬‬
‫كأشار الناقد قدامة ابن جعفر إذل مفهوـ الصورة كىذا من خالؿ تعريفو للشعر فقاؿ " أنو قوؿ‬

‫‪ 1‬علي صبح الصورة األدبية تاريخ كنقد ‪ ،‬دكف طبعة ‪،‬ج‪ ،1‬دار اإلحياء للكتب العربية ص‪173‬‬
‫‪ 2‬ينظر ا‪١‬تصدر نفسو ص‪173‬‬
‫‪ 3‬ا‪ٞ‬تاحظ‪ ،‬ا‪ٟ‬تهيواف دار إحياءه العلوـ‪ ،‬القاىرة ط ‪1955،‬ص‪557‬‬

‫‪10‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫موزكف مقفى‪ ،‬يدؿ على معٌت" من خالؿ ىذا القوؿ يريد الناقد أف يوضح أف لشعر صورة‬
‫كتتشكل ىذه الصورة من خالؿ حضور الوزف كالقافية كا‪١‬تعٌت‪.‬‬
‫كا‪١‬تتتبع ‪١‬تراحل تشكل الصورة يالحظ أهنا كانت ُب بدايتها يغلب عليها ا‪ٞ‬تانب‬
‫البالغي كلقد برزت ثالث بيئات نقدية كبالغية كىي(اللغويُت كالبالغيُت كالفالسفة) كمن‬
‫خالؿ ىاتو البيئات الثالثة تبلور مفهوـ الصورة ُب تلك ا‪١‬ترحلة الزمنية‪ ،‬ك٭تلينا ىذا إذل التطرؽ‬
‫إذل ماىية االستخداـ البالغي للصورة‪ ،‬ككاف ىذا ا‪١‬تفهوـ غلب عليو ا‪ٞ‬تانب البالغي كمن‬
‫النقاد ا‪١‬تتأخرين الذين خاضوا ُب قضية الصورة‪٧ ،‬تد الناقد ابن طباطبا الذم تطرؽ إذل مفهوـ‬
‫الصورة ُب حديثو عن ضركب التشبيهات كلقد قسم التشبيو إذل عدة تقسيمات منها تشبيو‬
‫الشيء بالشيء صورة كىيئة كمنو تشبيو بو معٌت‪،‬كمنو تشبيو بو حركة كبطأ كسرعة‪ ...‬اخل ‪.1‬‬
‫من خالؿ ىذا التعريف يتبُت أف ابن طباطبا ربط موضوع الصورة بالتشبيو كىو رأم‬
‫الكثَت من النقاد القدماء الذين جعلوا من التشبيو ىو أساس التصوير الشعرم‪ ،‬كيعود ىذا‬
‫لقدرة التشبيو على إيضاح ا‪١‬تعٌت كتقريبو للذىن فهو أكثر األساليب الشعرية انتشارا بُت الشعراء‬
‫العرب‪ ،‬كيكشف التشبيو على قدرة الشاعر ُب ا‪٠‬تلق كاإلبداع‪.‬‬
‫كتأٌب االستعارة كإحدل كسائل التصوير ا‪١‬تهمة اليت استخدمها الشعراء ُب صورىم‬
‫الشعرية ك٘تتاز االستعارة‪ ،‬بقدرهتا ا‪٢‬تائلة على التخيل كاإل٭تاء‪ ،‬كتناكؿ قضية االستعارة العديد‬
‫‪2‬‬
‫من النقاد كالبالغيوف ‪٧‬تد منهم ابن قتيبة كا‪ٞ‬ترجاين كاآلمدم كالعسكرم كابن رشيق‪...‬اخل)‬
‫فالقد عد الكثَت من النقاد االستعارة كسيلة أساسية ُب عملية التصوير الفٍت‪ ،‬فهي أداة فعالة‬
‫ُب الربط بُت األشياء ا‪١‬تتباعدة‪ ،‬كما أهنا ٘تتاز ٓتاصية فنية تكمن ُب تقريب ا‪١‬تعاين للمتلقي‪،‬‬
‫كلقد أ‪ٚ‬تع النقد ا‪ٟ‬تديث‪ُ ،‬ب تفضيل االستعارة عن التشبيو من حيث القيمة الفنية الف تفاعل‬
‫الدالالت كتداخلها يتحقق ُب االستعارة على ‪٨‬تو ال ٭تدث بالثراء نفسو مع التشبيو ك‪١‬تا ‪٢‬تا من‬
‫قدرة على إدخاؿ عدد كبَت من العناصر ا‪١‬تتنوعة داخل النسيج التجربة الشعرية‪.3‬‬
‫بينما نظر ا‪ٞ‬ترجاين للصورة حيث قاؿ "اعلم أف قولنا الصورة ىو إ‪٪‬تا ىو ٘تثيل كقياس‬
‫‪١‬تا نعلمو بعقولنا على الذم نراه بأبصارنا فلما رأينا البينونة بُت أحاد الناس األجناس تكوف من‬

‫‪ 1‬ينظر ابن طباطبا عيار الشعر ‪ :‬ص ‪23:‬‬


‫‪ 2‬ينظر ا‪١‬تصدر السابق ص‪123‬‬
‫‪ 3‬ا‪١‬تصدر السابق ‪247‬‬

‫‪11‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫جهة الصورة‪ ،‬فكاف بُت إنساف من إنساف كفرس من فرس خصوصية تكوف ُب صورة ىذا ال‬
‫تكوف ُب صورة ذاؾ‪ ،‬ككذا األمر ُب ا‪١‬تصنوعات فكاف بُت خاًب من خاًب كسوار من سوار‬
‫بذلك ٍب كجدنا بُت ا‪١‬تعٌت ُب أحد البيتُت كبينو ُب األخر بينونة ُب عقولنا كفرقا‪ ،‬عربنا عن‬
‫ذلك الفرؽ كتلك البينونة‪،‬بأف قلنا‪ :‬للمعٌت ُب ىذا صورة غَت صورتو ُب ذلك‪ ،‬كليس العبارة عن‬
‫مستعمل مشهور ُب كالـ العلماء‪،‬‬
‫ه‬ ‫ذلك بالصورة شيئا‪٨ ،‬تن ابتدأنو‪ ،‬فينكره منكر‪،‬بل ىو‬
‫كيكفيك قوؿ ا‪ٞ‬تاحظ كإٌ‪٪‬تا الشعر صياغة كضرب من التصوير "‪.1‬‬
‫كنتيجة تداخل ا‪١‬تعارؼ كالثقافات فيما بينها كتأثر النقد العريب بغَته من الثقافات‪،‬‬
‫فلقد أخذ النقاد العرب من الفيلسوؼ اليوناين أرسطو فكرة الفصل بُت ا‪١‬تادة كالشكل‪ ،‬كنقلوا‬
‫ىذه القضية الفلسفية إذل الشعر‪ ،‬حيث جعلوا من اللفظ ىو الصورة كا‪١‬تعٌت ىو مادة‬
‫الصورة‪،‬كمن ىنا نشئت إشكالية الصورة‪ ،‬ينب النقاد كالبالغُت العرب‪ ،‬كلقد فضلوا أف ٭تصركا‬
‫مفهوـ الصورة ُب التشبيو كيعود ىذا لكوف التشبيو ‪٬‬تمع بُت حقيقتُت حسيتُت‪ ،‬كذلك األمر‬
‫ُب االستعارة اليت ٘تتلك خاصية التناسب ا‪١‬تنطقي بُت عناصر الصورة‪ ،‬كلقد فرض الفكر‬
‫األرسطي نفسو على الفكر البالغي العريب بقوة‪ ،‬فلقد ا‪٨‬تصر مفهوـ الصورة عندىم ُب التشبيو‬
‫كاالستعارة كأ‪٫‬تلوا اجملاز‪ ،‬حىت إذا جاء االٕتاه الصوُب الذم أدخل مفهوـ جديد للصورة يكمن‬
‫ُب ا‪٠‬تياؿ‪ ،‬الذم ينطلق من الواقع احملسوس‪ ،‬ك٭تاكؿ ا‪٠‬تياؿ أف يعيد خلق كصنع ىذا الواقع ُب‬
‫قالب إبداعي جديد تظهر فيو قدرة الشاعر كموىبتو التخيلية‪ ،‬كلقد حاكؿ الصوفية من خالؿ‬
‫نظرية ا‪٠‬تياؿ أف يقضوا على ىيمنة ا‪١‬تنطق األرسطي الذم حصر مفهوـ الصورة ُب التشبيو‬
‫كالستعارة‪.2‬‬
‫كا‪٠‬تياؿ الشعرم نشاط إبداعي تظهر فيو مدل قدرة الشاعر على استمالة ا‪١‬تتلقي‬
‫كالتأثَت فيو عن طريق استخداـ شىت كسائل التخييل ا‪١‬تختلفة‪ ،‬كا‪٠‬تياؿ يعترب ا‪١‬تكوف األساسي‬

‫‪ 1‬ا‪ٞ‬ترجاين ‪،‬دالئل اإلعجاز ‪،‬ص‪508‬‬


‫‪ 2‬ينظر ‪ ،‬كرٯتة بوعامر ‪ ،‬ز‪.‬يونس ‪،‬الصورة ُب شعر السياب (أنشودة ا‪١‬تطر أ‪٪‬توذجا )‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة ا‪١‬تاجستَت ُب‬
‫قضايا األدب كالدراسات النقدية كا‪١‬تقارنة ‪،‬غَت منشورة ‪ ،‬إشراؼ ‪ :‬أ‪ٛ‬تد حيدكش ‪،‬جامعة ا‪ٞ‬تزائر العاصمة (كلية األدب‬
‫العريب كاللغات ‪ ،‬قسم اللغة كاألدب العريب ) ا‪ٞ‬تزائر ‪،‬السنة الدراسية \‪2002\2001‬ـ‪ ،‬نسخة ‪ً bdf‬ب ٖتميلها من‬
‫موقع جامعة البويرة‪ dedeuniversite-‬على الشبكة العنكبوتية ‪ ،‬يوـ ‪ُ 2020\40\16‬ب الساعة ‪22:30 :‬‬

‫‪12‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫للصورة الشعرية‪ ،‬ٯتكن القوؿ أف القوة ا‪١‬تتخيلة كدكرىا ُب الشعر لقد أخذ أبعاد عميقة ُب النقد‬
‫العريب القدًن كىذا يعود إذل القيمة البارزة للخياؿ فهو عماد الشعر عرب كل العصور كاألزمنة‪.‬‬
‫كمن النقاد العرب الذين ‪٣‬تدكا دكر ا‪٠‬تياؿ ُب تشكل الصورة كبنائها ‪٧‬تد الناقد "حازـ‬
‫القرطجٍت "كنستنتج ىذا من خالؿ قولو " إف الشعر ال تعترب فيو ا‪١‬تادة‪ ،‬بل ما يقع ُب ا‪١‬تادة من‬
‫التخييل " يرل حازما ىنا أف التخييل ‪٬‬تعل من ا‪١‬تعٌت ا‪٠‬تاـ شعرا ‪ٚ‬تيال ذك قيمة فنية رفيعة‪،‬‬
‫فهو بذلك أ‪٫‬تل ا‪١‬تعٌت‪،‬كركز على الشكل‪ ،‬كىو بذلك يقًتب من القوؿ الشكالين الذم‬
‫يقدس الشكل على ا‪١‬تعٌت‪ ،‬كيسَت ُب ىذا االٕتاه عبد القاىر ا‪ٞ‬ترجاين الذم فضل فيها بدكره‬
‫الصورة ا‪١‬تتخيلة على الصور ا‪١‬تستوحاة من الواقع اليت رأل فيها فأهنا جامدة كال تؤثر ُب ا‪١‬تتلقي‬
‫الشعر بوصفو نشاط إبداعي يهدؼ إذل خرؽ النظاـ ا‪١‬تألوؼ للغة الشعرية‪ ،‬لذلك يعترب‪،‬‬
‫ككما يقاؿ أف النفس تذعن إذل الكالـ ا‪١‬تخيل األراء النقدية العربية ٔتختلف مذاىبها كمشارهبا‬
‫‪٨‬تو جعل ا‪٠‬تياؿ احملور ا‪١‬تركزم ُب تكوين الصورة الشعرية‪.‬‬
‫أما ُب العصر ا‪ٟ‬تديث فنجد مفهوـ الصورة قد أخذ أبعاد كثَتة كمغايرة عما كانت عليو‬
‫قدٯتا‪" ،‬إف الصورة ٔتفهومها ا‪١‬تعاصر ال تقتصر على أساليب اجملاز ُب بنائها بل قد تتخطى‬
‫حدكد االستعارة كاجملاز كالتشبيو‪ ،‬فنجد الناقد "مصطفى ناصف" الذم ربط الصورة بالبعد‬
‫األسطورم حيث يقوؿ " ليست ُب جوىرىا إال ىذا اإلدراؾ األسطورم الذم تنعقد الصورة‬
‫فيو بُت األشياء كالطبيعة "‪ 1‬كمن خالؿ ما تقدـ من كالـ الناقد مصطفى ناصف نستنتج أف‬
‫مفهوـ الصورة عنده يكمن ُب العالقة بُت األشياء كالطبيعة‪ ،‬أما الناقد جابر عصفور فيعرؼ‬
‫بدكه الصورة فيقوؿ"إ‪٪‬تا ترجع قيمتها إذل أهنا ٕتعلنا نرل األشياء ُب ضوء جديد‪ ،‬كٗتلق فينا‬
‫كعيا كخربة جديدة "‪ ،2‬كسار على نفس ا‪١‬تنحى سار إحساف عباس الذم رأل ُب الصورة أهنا‬
‫خلق كصنع جديد جملموعة من العالقات ا‪ٞ‬تديدة‪ ،‬كلقد عد إحساف عباس الصورة أسلوب‬
‫جديد من أساليب التعبَت‪.3‬‬

‫‪ 1‬مصطفى ناصف الصورة األدبية ف ط‪ ،1‬دار مصر للطباعة ‪ ،‬مصر ‪،1958 ،‬ص‪7‬‬
‫‪ 2‬ا‪١‬تصدر السابق ص‪310‬‬
‫‪ 3‬ينظر إحساف عباس ‪،‬فن الشعر ‪ ،‬ط‪ ، 3‬دار الثقافة ‪ ،‬بَتكت ‪،‬دكف تاريخ‪ ،‬ص‪260‬‬

‫‪13‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كيعرؼ زكي مبارؾ ‪ 1‬الصورة "بأهنا أثر الشاعر ا‪١‬تفلق الذم يصف ا‪١‬ترئيات كصفان ‪٬‬تعل‬
‫قارئ شعره ما يدرم أيقرأ قصيدة مسطورة أـ يشاىد منظرا من مناظر الوجود‪ ،‬كالذم يصف‬
‫الوجدانيات كصفان ٮتيل للقػارئ أنو يناجي نفسو ك٭تاكر ضمَته‪ ،‬ال أنو يقرأ قطعة ‪٥‬تتارة لشاعر‬
‫‪٣‬تيد"‪.2‬‬

‫أٌما الناقد أ‪ٛ‬تد مندكر ‪٧‬تده ربط مفهوـ الصورة با‪ٞ‬تانب البالغي حيث يقوؿ "كاألدب‬
‫الناقد ىنا يتفق مع‬ ‫عامة كالشعر خاصة ال يالئمو إال التصوير البياين أم التعبَت بالصورة"‬
‫االٕتاه البالغي الذم يظم أبو ىالؿ العسكرم‪ ،‬الذم ربط الصورة باألسلوب البياين‪.‬‬

‫كيعرفها الناقد علي البطل ‪ 3‬بأهنا‪" :‬تشكيل لغوم ي ٌكوهنا خياؿ ال ٌفناف من معطيات‬
‫متعددة يقف الػموس ُب مقدمتها"‪ 4‬الناقد من خالؿ ما تقدـ من تعريف نستنتج أف الناقد‬ ‫ٌ‬
‫ربط الصورة با‪٠‬تياؿ كدكره ُب االبتكار كا‪٠‬تلق من العادل احملسوس كا‪١‬تادم‪.‬‬

‫كيعرفها عبد القادر القط بقولو‪" :‬ىي الشكل الفٍت الذم تتخذىا األلفاظ كالعبارات‬
‫بعد أف ينظمها الشاعر ُب سياؽ بياين خاص ليعرب عػن جانب من جوانب التجربة الشعرية‬
‫الكاملة ُب القصيدة مستخدمان طاقات اللغة كالداللة كإمكاناهتا ُب الداللة كالًتكيب كاإليقاع‬
‫كا‪ٟ‬تقيقة كاجملاز كالتػرادؼ كالتضاد كا‪١‬تقابلة كالتجانس كغَتىا من كسائل التعبَت الفٍت"‪.5‬‬

‫كمن التَتات األدبية ا‪ٟ‬تديثة اليت أىتمت بالصورة ‪٧‬تد مدرسة الديواف‪" ،‬كجاكز‬
‫الديوانيوف ا‪١‬تقاييس التقليدية ُب تقوًن الصورة كدعوا إذل ٗتطي الوصف ا‪ٟ‬تسي إذل الوجداين أك‬
‫كدافعا لتحقيق التناسق‬ ‫ٔتعٌت أخر حاكلوا إثارة احملتول النفسي مصدران تشكيليا للصورة‬

‫‪ 1‬زكي مبارؾ ىو زكي بن عبد السالـ بن مبارؾ أديب‪ ،‬من كبػار الكتػاب‬
‫ا‪١‬تعاصرين‪ ،‬مصرم ا‪١‬تولد كالنشأة‪ ،‬كلد عػاـ ‪َُّ٨‬ق‪ ،‬كتػوُب ُ‪ُّ٧‬ق ُب‬
‫القاىرة‪ٕ ،‬تاكزت مؤلفاتو ثالثُت كتابان أشهرىا النثر الفػٍت ُب القػرف الرابػع‬
‫كا‪١‬توازنة بُت الشعراء‪ .‬األعالـ‪ّ/ِ٦٦. :‬‬
‫‪2‬ا‪١‬تصدر السابق ص‪65‬‬

‫‪ 4‬علي البطل ‪،‬الصورة الشعرية ُب الًتاث العريب حىت القرف الثاين ا‪٢‬تجرم دراسة ُب أصو‪٢‬تا كتطورىا ص‪30‬‬
‫‪ 5‬عبد القادر القط االٕتاه الوجداين ُب الشعر العريب ا‪١‬تعاصر ص‪392‬‬

‫‪14‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كاالنسجاـ بُت األداء الفٍت كا‪١‬توضوعي ‪٢‬تا‪ ،‬كيتم ذلك بقدرة الشاعر على إنشاء الصالت‬
‫ا‪١‬تنفردة غَت ا‪١‬تألوفة بُت األشياء‪.‬فيصورىا ٔتستول إحساسها يعكس رؤيتو كموقفو ا‪ٟ‬تاضر منها‬
‫فتكوف معادال نفسيا لقوة اإلحساس لديو كعمقو "‪ ،1‬فركاد ا‪١‬تدرسة من الشعراء كالنقاد‪ ،‬عرفوا‬
‫بتمجيدىم للعاطفة كالوجداف‪ ،‬كىو ما جعلهم إذل ا‪١‬تطالبة إذل ضركرة ا‪١‬تزج بُت العاطفة‬
‫كا‪٠‬تياؿ‪ ،‬بينما ‪٧‬تد الناقد مصطفى ناصف "اختزؿ مفهوـ الصورة ُب عنصر االستعارة‪ ،‬كجعلها‬
‫ىي ا‪١‬تصدر األساسي ُب بناء الصور الشعرية فهي عنده معيارا على نبوغ الشاعر كفطنتو‪ ،‬كلقد‬
‫‪2‬‬
‫أصبح مفهوـ االستعارة عند ناصف يقًتب إذل الرمز‬

‫رغم تعدد ا‪١‬تفاىيم ا‪ٟ‬تديثة للصورة الشعرية كاختالفاهتا إال أهنا تشًتؾ ‪ٚ‬تيعا‪ ،‬حوؿ نقطة‬
‫مركزية ك‪٤‬تورية كىي أف الصورة عبارة عن تشكيل لغوم يستحدث عالقات جديدة بُت‬
‫ا‪١‬تفردات على خالؼ ا‪ٟ‬تاؿ الذم كانت عليو سابقا‪.‬‬
‫‪ .3‬مصادر الصورة الشعرية‬

‫إف الصورة الشعرية ٗتتلف من شاعر إذل أخر‪ ،‬ك‪٢‬تاتو الصورة مصادر متعددة يأخذ منو‬
‫الشاعر مادتو األكلية‪ ،‬كلكل شاعر مصادر معينة يشكل منها صوره فنجد من ا‪١‬تصادر ما يلي‪:‬‬
‫اإلنساف كالطبيعة كاألنساؽ الثقافية االجتماعية كا‪ٟ‬تيواف كغَتىا من ا‪١‬تصادر ا‪١‬تتعددة‪ ،‬كمن بُت‬
‫أىم ا‪١‬تصادر اليت استخدمها الشعراء ُب بناء صورىم ‪٧‬تد‪:‬‬

‫‪ . 1‬الطبيعة‪:‬‬

‫كما تزخر بو من أشكاؿ الطبيعة ا‪١‬تتنوعة كالكثَتة‪ ،‬فالشاعر كائن حي‪ ،‬كثَت القلق‬
‫كاالضطراب ٯتتاز ٓتياؿ كاسع فهو ٭تاكؿ أف ‪٬‬تد مكاف‪ ،‬يتانسب مع ىاتو ا‪١‬تواصفات اليت‬
‫ٯتتلكها‪ ،‬فكانت الطبيعة مالذه الوحيد الذم يضع فيها كل أفكاره كتصورتو كخيالو‪ ،‬كمن بُت‬
‫أكثر الشعراء فرارا إذل الطبيعة الشاعر "ذم الرمة" فلقد أحب الشاعر الطبيعة حبا ‪ٚ‬تا فلقد‬
‫كجد فيها كما كجد الشعراء الذين سبقوه ا‪١‬تتأثرين هبا تأثرا شديدا فهي كانت مرتعا ‪٠‬تيالو‬
‫كمقيال ألفكاره فكانت منبعا غزيرا تتدفق منو صوره الشعرية‪ ،‬كمعينان لو ُب ر‪ٝ‬تو الشعرم‪،‬‬

‫‪ 1‬بشرل موسى صاحل الصورة الشعرية ُب الشعر العريب ا‪ٟ‬تديث ص‪33‬‬


‫‪ 2‬ينظر ‪٤‬تمد الورل الصورة الشعرية ُب ا‪٠‬تطاب البالغي كالنقدم ‪219‬‬

‫‪15‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫فكانت صوره أغلبها من كحي الطبيعة ا‪٠‬تالب‪ ،‬الذم استحوذ كسيطر على عقل الشاعر‬
‫كعاطفتو‪ ،‬فانتشى باىتزاز أزىارىا كانسياب جداك‪٢‬تا‪ ،‬كتأللؤ ظلها كىدكء طلها‪ ،‬كا‪١‬تتمعن لصور‬
‫ذم الرمة يرل فيها صورا يغلب عليها جانب النشاط كا‪ٟ‬تيوية‪ ،‬فتصبح تلك الكائنات‬
‫ا‪ٞ‬تامدة‪ ،‬كائنات ٕترم فيها ا‪ٟ‬تياة‪ ،‬فتتشكل صور ذات بعد ‪ٚ‬تارل كفٍت رائع يؤثر ُب ا‪١‬تتلقي‪،‬‬
‫كٮتتلف استخداـ الصورة عند ذم الرمة عند غَته من الشعراء فهي ليست ا‪١‬تادة األساسية‬
‫لصوره مثلما كاف عليو عند غَته من الشعراء‪ ،‬بل كاف عاشقا للطبيعة حيث يصفها كصف‬
‫احملبوب لعشيقتو‪ ،‬كمن أكثر أشكاؿ الطبيعة اليت غلبت على شعر ذم الرمة ‪٧‬تد الصحراء اليت‬
‫تأثر هبا كثَتا‪ ،‬فكرس ‪٢‬تا قصائد طواؿ منها البائية اليت منها قولو‪:‬‬
‫ما باؿ عينيك منها ا‪١‬تاء ينسكب * كأنٌو من كلنى مفر وية سرب ىاتو القصيدة تعترب من أجود‬
‫قصائده كأطو‪٢‬تا‪ ،‬كلقد صور خالؿ رحلتو الكثَتة ُب الصحراء ألوف ا‪ٟ‬تياة ُب الصحراء‪ ،‬كجسد‬
‫صراع ا‪ٟ‬تياة كا‪١‬توت فيها‪ ،‬كذلك امتازت صوره بوصف ا‪ٟ‬تيواف خاصة حيواف الظيب حيث‬
‫يصفو فيقوؿ‪:‬‬

‫ب ػمػنت أعناؽ الغماـ الصوائف‬


‫بدت ػ ػ ػ‬
‫* ػػػػ‬ ‫فما الشمس يوـ ال ٌدجن كالسعد جارىا‬

‫تصدل ألحول مدمع العُت عاطف‬ ‫رًنػ ػةو *‬


‫صػ ػ ػ‬ ‫ؼ ورد ػ ػب ػ‬
‫أعػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػؿل ػ ػ ػ‬ ‫مخ و‬
‫رؼ ػ ػ ػ ػ‬ ‫كال ػ ػ ػ‬

‫كا‪١‬تخرؼ ىي الظبية اليت كلدت ُب ا‪٠‬تريف‪ ،‬كالشاعر ىنا ‪ٚ‬تع بُت ‪ٚ‬تاؿ الشمس كطلتها‬
‫البهية مع ‪ٚ‬تاؿ الظبية ا‪٠‬تارؽ‪ ،‬فأعطت لنا صورة بديعة‪ ،‬كيستعُت ذم الرمة بصور ا‪ٟ‬تيواف‬
‫ليصف بو حالتو النفسية‪ ،‬أما صراع ا‪ٟ‬تياة كا‪١‬توت يظهر خالؿ حديثو عن ا‪ٟ‬تشرات‪ ،‬خاصة‬
‫ذكره للحرباء اليت ذكرىا كثَتا ُب صوره ‪ ،1‬كالشعر ظاىرة إنسانية منفتحة على كامل مظاىر‬
‫ا‪ٟ‬تياة‪ ،‬كمصادره اليت يأخذ منها عديدة جدا كمتنوعة من بينها ‪٧‬تد‪:‬‬

‫‪ .2‬األسطورة‪:‬‬

‫اليت تعترب ٕتربة إنسانية مهمة عاشها اإلنساف ُب حياتو‪ ،‬فيحاكؿ الشاعر من خال‪٢‬تا‬
‫ربط ا‪١‬تاضي با‪ٟ‬تاضر عن طريق استخداـ خيالو الواسع‪" ،‬كاألسطورة قصة تركم تفاصيل معينة‬

‫‪ 1‬ينظر ا‪١‬تصدر السابق ص‪35،36،37‬‬

‫‪16‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تقدـ تفسَتات لظواىر الكوف كالوجود‪،‬كبالتارل فإهنا ٗتضع ‪١‬تنهج السرد‪ُ ،‬ب حُت أف الشعر‬
‫ٮتضع ‪١‬تنهج الرمز‪ ،‬كىذا االختالؼ ُب ا‪١‬تنهجُت ال يقدـ صورة للتنافر بينهما‪ ،‬بل أف االلتقاء‬
‫يكوف ُب ا‪١‬تادة ا‪١‬تشًتكة بينهما‪ ،‬كىي تلك اللغة اجملنحة اليت ٗتضع األسطورة لالستعماؿ‬
‫الشعرم‪،‬الذم كجد فيها مادة خصبة ُب انزياحتها كمدلوالهتا‪1 "،‬كىذا ‪٪‬توذج من الشعر ا‪١‬تعاصر‬
‫لشاعر "أمل دنقل " يوضح مدل استخداـ األسطورة‪،‬ك‪٪‬توذجا خاصا لتجربتو الشعرية‪ ،‬حيث‬
‫استخدـ أسطورة " إرـ ذات العماد " اليت كردت ُب القرآف الكرًن‪:‬‬
‫أْتث عن مدينيت‬

‫يا إرـ العماد‬

‫يا إرـ العماد‬

‫كذلك ‪٧‬تد الشاعر "‪٤‬تمود دركيش " استعمل األسطورة ُب شعره‪ ،‬منها استدعاه ألسطورة‬
‫"‪ٚ‬تيل كبثينة " لداللة على حبو لوطنو‪ ،‬حيث يقوؿ الشاعر‪:‬‬

‫كربنا‪ ،‬أنا ك‪ٚ‬تيل كبثينة‪ ،‬كل‬

‫على حدة ُب زمانيُت ‪٥‬تتلفُت‬

‫يا‪ٚ‬تيل‪ ،‬أتكرب مثلك مثلي‬

‫بثينة‬

‫تكرب يا صاحيب خارج القلب‬

‫‪ . 3‬الظاهرة التاريخية‪:‬‬

‫اليت أصبحت إحدل ا‪١‬تصادر ا‪٢‬تامة يستعُت هبا الشاعر ُب قصائده‪ ،‬كمن أمثلة الشعراء‬
‫العالؽ منها ما جاء ُب قصيدتو‬
‫الذين يضمنوف ا‪ٟ‬تادثة التارٮتية ُب أشعارىم ‪٧‬تد الشاعر ٭تِت ٌ‬
‫التالية اليت يقوؿ فيها‪:‬‬

‫‪ 1‬ا‪١‬تصدر السابق ص‪185‬‬

‫‪17‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫غرناطة يا فاكهة ا‪١‬تاضي‬

‫احد يليفُّنا‬
‫نسيم ك ي‬
‫ي‬
‫غبارنا من الزماف‬

‫كاحد أكراقنا كاحدة‬

‫‪٨‬تن بقايا‬
‫و‬
‫طلل‬
‫و‬
‫مبارؾ‪...‬‬

‫األمة ا‪ٟ‬تاضرة‪،‬حيث ٖتدث عن غرناطة ُب‬


‫األمة ا‪١‬تاضية كحاؿ ٌ‬
‫"إف ىذه القصيدة تصور حاؿ ٌ‬
‫ا‪١‬تاضي ك٭تلم ُب إرجاعها‪،‬كلكن ىذا يستحيل الوقوع كلكنٌو مازاؿ موجودان ُب إحساس الشاعر‪،‬‬
‫األمة ا‪ٟ‬تاضر‬
‫فهي مدينة قد زالت بفعل الصراعات‪،‬للوصوؿ للنفوذ كالسيطرة‪ ،‬كما يصور حاؿ ٌ‬
‫كأهنا بقايا طلٌل‪."1‬‬
‫الضعف كال ٌذؿ كا‪٢‬تواف ٌ‬
‫اليت كقع فيها ٌ‬
‫‪ .4‬الحياة اليومية‪:‬‬

‫كتشمل ا‪ٟ‬تياة اليت يعيشها الشاعر من أحداث ‪٥‬تتلفة‪ ،‬كتشمل ا‪ٟ‬تياة اليومية العادات‬
‫كالتقاليد كا‪١‬تمارسات البشرية ا‪١‬تتعددة‪ ،‬فالشاعر جعل من القصيدة كسيلة إعالـ كإخبار ‪١‬تا‬
‫‪٬‬ترم من حولو من مستجدات‪ ،‬كمن الشعراء الذين تأثركا با‪ٟ‬تياة اليومية ُب أشعارىم ‪٧‬تد‬
‫الشاعر "قيس بن ا‪٠‬تطيم "‪ ،‬فلقد كانت ا‪ٟ‬تياة اليت عاشها الشاعر من طبيعة خالبة ف كحياة‬
‫مدنية كبدكية كما ‪ٛ‬تلتو من أحزاف كأفراح‪ ،‬مصدر إ‪٢‬تاـ لو ُب شعره‪ ،‬منها ىذا النموذج الشعرم‬
‫الذم تناكؿ فيو قصة ثأره ا‪١‬تشهورة‪ ،‬قاؿ الشاعر‪:‬‬
‫كالية و‬
‫أشياء كضعت إزاءه‬ ‫ثأرت عديانك ا‪٠‬تى ًطيم فلم أ ً‬
‫يضع‬

‫‪1‬‬
‫العالؽ ‪ ،‬رسالة اجملاستَت ُب اللغة‬
‫عرامُت ‪ ،‬كفاء شحدة ‪٤‬تمد الصورة الشعرية عند علي جعفر ٌ‬
‫‪-2016‬‬ ‫العربية كآداهبا ‪ ،‬إشراؼ الدكتور بساـ عبد العفو القوا‪ٝ‬تي ‪،‬جامعة ا‪٠‬تليل ‪ ،‬فلسطُت ‪،‬‬
‫‪ ، 2017‬ص‪26‬‬

‫‪18‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الديني‪:‬‬ ‫‪ .5‬الموروث‬
‫يعد ا‪١‬تصدر الديٍت من أىم ا‪١‬تصادر اليت جعلها الشعراء مادة أساسية ُب بناء أشعارىم‪،‬كيعود‬
‫سبب إتاه الشاعر العريب إذل ا‪١‬تصدر الديٍت‪،‬ىو إعطاء ا‪٠‬تطاب الشعرم ‪ٝ‬تة ا‪١‬تصداقية ُب‬
‫التعبَت اليت ٯتتلكها ا‪٠‬تطاب القرآين‪ ،‬كمن الشعراء الذين العرب الذين ضمنوا معاين القرآف‬
‫الكرًن ُب أشعارىم الشاعر "شرؼ األنصارم " الذم ‪٧‬تده ُب النموذج التارل‪،‬يتناص مع صورة‬
‫من صور القرآف الكرًن كىي صورة يوـ القيامة‪ ،‬كالشاعر ىنا اليتناص مع القرآف الكرًن تناص‬
‫تطابقي‪ ،‬بل أخذ من ا‪٠‬تطاب القرآين ا‪١‬تعٌت كأعاد صياغتو بأسلوبو ا‪٠‬تاص‪،‬قاؿ الشاعر‪:‬‬
‫كىبك تىػرٍكت زما ىف ا‪ٟ‬تياةً‬
‫ى‬ ‫ىٍ ى ى ى ى‬
‫ت ًمتٌا‬ ‫فىأىيٍ ىن ا‪١‬تىىفُّر إًذا أىنٍ ى‬
‫الفر يار إذا ما ا‪ٞ‬تً ي‬
‫باؿ‬ ‫ككيف ً‬
‫ٍ ى‬
‫ني ًس ٍف ىن فىػلى ٍم تىػىر ًمٍنػ يه َّن أ ٍىمتا‬
‫الح‬
‫ب ال ىف ً‬ ‫ىسرل ا‪١‬تتَّقو ىف لً ىكس ً‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫كفيم أقٍمتا‬ ‫ت ى‬ ‫فيم ٍن أقى ٍم ى‬ ‫فى ى‬
‫من خالؿ ىذا ا‪١‬تقطع الشعرم أراد الشاعر أف ٮتوؼ ا‪١‬تتلقي بأىواؿ يوـ القيامة‪،‬‬
‫فستعاف الشاعر با‪٠‬تطاب القرآين‪ ،‬الذم يعتمد أسلوب التخويف كالًتىيب‪ ،‬كلقد تناص‬
‫الشاعر من قولو تعاذل‪:‬‬

‫ى‬ ‫ِ‬ ‫ك َع ِن ال ِ‬
‫ْجبَ ِ‬
‫صفاً ۝ الّ تَ َر َ‬
‫ص ْف َ‬
‫ال فَ ُق ْل يَنس ُف َها َربّي نَ ْسفاً ۝ فَ يَ َذ ُرَها قَاعاً َ‬ ‫" َويَ ْسأَلُونَ َ‬
‫فِ َيها ِع َوجاً َوال أ َْمتاً"سورة طو‪.107-105:‬‬

‫‪ .4‬أنواع الصورة الشعرية (بيانيا‪ ،‬إجرائيا‪ ،‬بينائيا)‬

‫أنواع الصورة الشعريةبيانيا‪(:‬الصورة التشبيهية‪ ،‬الصورة االستعارية‪ ،‬الصورة الكنائية)‪:‬‬


‫أ‪ .‬الصورة التشبيهية‪:‬‬

‫ىناؾ العديد من التعريفات اليت كضعت من طرؼ للنقاد لتشبيو منها التعريف التارل للناقد‬
‫"جابر عصفور " الذم رأل ُب التشبيو أنو "عالقة مقارنة ٕتمع بُت طرفُت الٖتاد‪٫‬تا أك‬

‫‪19‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اشًتاكهما ُب صفة أك حالة أك ‪٣‬تموعة من الصفات كاألحواؿ‪ .‬ىذه العالقة قد تستند إذل‬
‫مشاهبة حسية‪ ،‬كقد تستند إذل مشا بوة ُب ا‪ٟ‬تكم أك ا‪١‬تقتضى الذىن" ‪1‬كالتشبيو أكثر الفنوف‬
‫البالغية استعماال من طرؼ الشعراء العرب‪،‬كىو أسلوب من األساليب البيانية الواسعة ا‪١‬تيداف‬
‫تتنافس فيها قرائح الشعرا كرة كالبلغاء‪ ،‬كيكشف استخداـ التشبيو من طرؼ الشاعر مدل‬
‫قدرتو على اإلبداع كسعة عقلو كخصب خيالو كعمقو‪ ،‬كىو ‪٣‬تاؿ تنافس ذكم ا‪١‬تواىب ُب طرؽ‬
‫تناكلو كاإلتياف فيو بكل غريب كبديع كطريف‪.2‬‬

‫كعند ا‪ٟ‬تديث على التشبيو ُب النقد القدًن‪٧ ،‬تد اإلرىصات األكذل لو ُب ظهور التشبيو‬
‫عندىم ترتبط بنظرية احملاكاة اليت جاء هبا الفيلسوؼ اليوناين أرسطو كىي نظرية فنية أساسها‬
‫الشعر ‪٤‬تاكاة للطبيعة فالشاعر عندىم مرآة عاكسة ‪٢‬تذا الواقع الذم يعيش فيو ‪ ،3‬كلقد أبدع‬
‫الشعراء العرب عرب التاريخ ُب تشكيل الصور التشبيهية ُب قصائدىم كيعود ىذا إذل مدل‬
‫تعلقهم الشديد بالطبيعة‪٧ ،‬تد من أبرزىم "طرفة ابن العبد" الذم عرؼ بقوة التشبيو ُب شعره‬
‫كخيالو ا‪٠‬تصب كذكائو ا‪٠‬تارؽ ُب الصياغة الفنية للتشبيو لديو كمن ذلك قولو‪:‬‬

‫تلوح كباقي الوشم ُب ظاىر اليد‬ ‫‪٠‬تولة أطالؿ بربقة ثهمد‬

‫فالشاعر شبو عدـ كضوح البقايا كاآلثار اليت تركتها "خولة " ُب ثهمد " ‪ 4‬بالوشم "‬
‫القدًن الذم عليو مر عليو زماف فأصبح غَت كاضح‬

‫الصورة التشبيهية تعترب من أكثر الفنوف البالغية كركدا ُب أشعار العرب القدماء خاصة‬
‫منهم‪١ ،‬تا ‪٢‬تا من قدرة على استيعاب ا‪١‬تعاين كالتأثَت على ا‪١‬تتلقي‪.‬‬

‫‪ 1‬ا‪١‬تصدر السابق ‪ ،‬ص‪172‬‬


‫‪ 2‬ينظر عبد العزيز العتيق علم البياف ‪ ،‬ص ‪114‬‬
‫‪ 3‬ينظر ا‪١‬تصدر السابق ص‪97‬‬
‫‪ 4‬ثهمد ‪:‬اسم مكاف‬

‫‪20‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ب‪.‬الصورة االستعارية‪:‬‬

‫االستعارة تشبيو حذؼ أحد طرفيو‪ ،‬كىي أف نستعَت لفظا من معٌت إذل معٌت آخر لو صلة‬
‫بو ‪،1‬تعد االستعارة من أىم كسائل التصوير كأبرز طرؽ التعبَت غَت ا‪١‬تباشرة القائمة على التخييل‬
‫كاإل٭تاء‪،‬كنظرا أل‪٫‬تيتها فقد تناك‪٢‬تا البالغيوف كنقاد الشعر القدامى (ا‪ٞ‬تاحظ‪ ،‬كابن قتيبة كابن‬
‫ا‪١‬تعتز كاألمدم كالقاضي ا‪ٞ‬ترجاين كأبو ىالؿ العسكرم‪ ،‬كابن رشيق ) ككانت أْتاثهم فيها‬
‫تدكر حوؿ كوهنا استعماؿ جديد ‪ 2‬أما عبد القاىر ا‪ٞ‬ترجاين فقد عدىا ضربا من اجملاز القائم‬
‫على التشبيو أك تشبيو حذؼ أحد طرفيو‪ ،‬كال تدخل عليو أداة التشبيو‪ ،‬كما ٖتدث بإسهاب‬
‫عن الفرؽ بينها كبُت التشبيو كالتمثيل‪ ،‬كبُت أنواعها ‪٤‬تدِّادان ا‪٠‬تصائص الفنية ‪٢‬تا فقاؿ " من‬
‫الفضيلة ا‪ٞ‬تامعة ‪٢‬تا فيها أهنا تربز ىذا البياف أبدا ُب صورة مستجدة تزيد قدره نبال كتوجب ‪٢‬تا‬
‫بعد الفضل فضال كانك لتجد اللفظة الواحدة قد اكتسبت فيها فوائد حُت تراىا متكررة ُب‬
‫مواضع ك‪٢‬تا ُب كل موضع من تلك ا‪١‬تواضع شأف مفرد كشرؼ منفرد كفضيلة مرموقة كخالبة‬
‫مرموقة‪ ،‬كمن خصائصها اليت تذكر هبا كىي عنواف مناقبها أهنا تعطيك الكثَت من ا‪١‬تعاين باليسَت‬
‫من اللفظ‪.3‬‬

‫كالسكاكي لو رأم ُب تعريف االستعارة حيث يعرفها كيقوؿ " أف تذكر أحد طرُب التشبيو‪،‬‬
‫كتريد بو الطرؼ اآلخر مدعيا دخوؿ ا‪١‬تشبو ُب جنس ا‪١‬تشبو بو‪ ،‬داال على ذلك بإثباتك للمشبو‬
‫ما ٮتص ا‪١‬تشبو بو‪ ،‬كما تقوؿ كما تقوؿ ُب ا‪ٟ‬تماـ أسد‪ ،‬كأنت تريد الشجاع‪ ،‬مدعيا أنو من‬
‫جنس األسود فتثبت للشجاع ما ٮتص ا‪١‬تشبو بو‪،‬كىو اسم من جنسو‪ ،‬مع سد طريق التشبيو‪،‬‬
‫بإفراده ُب الذكر‪،‬كما تقوؿ أف ا‪١‬تنية أنشبت أظفارىا‪ ،‬كأنت تريد با‪١‬تنية السبع بادعاء السبعية‬
‫‪٢‬تا‪ ،‬كإنكار أف تكوف شيئا غَت سبع‪ ،‬فتثبت ‪٢‬تا ما ٮتص ا‪١‬تشبو بو‪ ،‬كىو األظفار‪ ،‬ك‪ٝ‬تي ىذا‬
‫النوع من اجملاز استعارة‪١ ،‬تكاف تناسب بينو كبُت االستعارة ‪ 4‬كيتفق النقد ا‪ٟ‬تديث مع النقد‬

‫‪ 1‬فاضل عباس البالغة فنوهنا أفناهنا ص‪162‬‬


‫‪ 2‬ينظر ا‪١‬تصدر الساابق ص ‪193‬‬
‫‪ 3‬ا‪ٞ‬ترجاين أسرار البالغة ص‪41‬‬
‫‪ 1‬السكاكي ‪ ،‬مفتااح العلوـ ص ‪369‬‬

‫‪21‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫القدًن من حيث تفضيل االستعارة على التشبيو‪ ،‬ك‪١‬تا ‪٢‬تا من قدرة على إدخاؿ عدد كبَت من‬
‫العناصر ا‪١‬تتنوعة داخل نسيج التجربة الشعرية‪.1‬‬

‫ث‪ .‬الصورة الكنائية‪:‬‬


‫تعد الكناية من اجملاز ألف ىذا النوع من التعبَت ٖتمل ألفاظو معنيُت أحد‪٫‬تا‪ :‬الذم‬
‫تؤديو ظاىر األلفاظ كىذا ا‪١‬تعٌت ليس ا‪١‬تقصود‪ ،‬كاألخر ا‪١‬تعٌت البعيد الذم هتدم إليو داللة‬
‫األلفاظ كىذا ا‪١‬تعٌت ا‪١‬تقصود ‪ ،2‬كقد تطور مفهومها عند عبد القاىر ا‪ٞ‬ترجاين فهي تعٍت عنده‬
‫"أف يريد إثبات معٌت من ا‪١‬تعاين فال يذكره ا‪١‬تتكلم باللفظ ا‪١‬توضوع لو ُب اللغة كلكن ‪٬‬تيء إذل‬
‫ا‪١‬تعٌت ىو تاليو كردفو ُب الوجود فيومئ إليو كال ‪٬‬تعلو دليال عليو" ‪ ،3‬كٖتدث ا‪ٞ‬ترجاين عن‬
‫أ‪٫‬تيتها فقاؿ " أما الكناية فإف السبب ُب أف كاف لإلثبات بو مزية ال تكوف للتصريح أف كل‬
‫عاقل يعلم –إذا رجع إذل نفسو –أف إثبات الصفة بإثبات دليلها كإ‪٬‬تاهبا ٔتا ىو شاىد ُب‬
‫كجودىا أكد كأبلغ ُب الدعول من أف ‪٬‬تيء إليها فتثبتها ىكذا ساذجا غفال‪ ،‬كذلك انك ال‬
‫تدعي شاىد الصفة كدليلها غال كاألمر ظاىر معركؼ كْتيث ال يشك فيو كال يظن با‪٠‬ترب‬
‫التجوز كالغلط‪.4‬‬

‫كلقد إتهت الدراسات البالغية ا‪ٟ‬تديثة على االبتعاد عن تقسيم الكناية كىذا ما‬
‫عكس ما كاف عليو ا‪ٟ‬تاؿ عند القدماء الذين قسموا الكناية إذل ثالث (كناية عن صفة‪ ،‬كعن‬
‫موصوؼ‪،‬عن نسبة) كلقد ركز االٕتاه البالغي ا‪ٟ‬تديث على داللة التعبَت الكنائي اليت تكمن ُب‬

‫‪2‬ا‪١‬تصدر نفسو ص ‪247‬‬


‫‪ 3‬األسس البالغية ألساليب البالغة العربية ص‪227‬‬

‫‪ 4‬ا‪ٞ‬ترجاين ‪ ،‬دالئل اإلعجاز ‪ ،‬ص‪52‬‬

‫‪5‬ا‪١‬تصدر نفسو ص‪57 ،58‬‬

‫‪6‬ينظر ا‪١‬تصر نفسو ص‪147‬‬

‫‪22‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الرمز‪ ،‬حيث ٘تتاز الصورة الكنائية بالرمزية ُب التعبَت‪ ،‬حيث أف الكناية تقوـ بتغليف ا‪١‬تعٌت‬
‫ا‪١‬تقصود بستار شفاؼ كيتم الكشف عليو بواسطة ا‪٠‬تياؿ كالذىن الواعي‪.1‬‬

‫كىناؾ من التوجهات النقدية ا‪ٟ‬تديثة من كضعت الكناية ٔتنزلة االستعارة ُب قدرتو‬


‫على التصوير فكل منها يصدر من الذائقة الفنية كذلك يشًتكاف ُب القيمة البالغية اليت تتعلق‬
‫بفن القوؿ ‪ ،2‬بينما ذىب فريق أخر فقاؿ عنها" فيها جانب االستعارة إذ البد من عالقة‬
‫كلكنها متحررة من القرينة‪ ،‬فليس ‪ٙ‬تة ما ٯتنع من إرادة ظاىر ما تدؿ عليو أم أف ‪٢‬تا قدرا من‬
‫االستقالؿ‪ ،‬كهبذا تقًتب من التشبيو ُب ا‪١‬تستول اإلدراكي الذم تنبعث منو أك تثَته" ‪ ،3‬كلقد‬
‫شاع استعماؿ الكناية عند الشعراء العرب من أمثلة ذلك ‪٧‬تد قوؿ ا‪٠‬تنساء كىي ترثي أخيها‬
‫صخر‪:‬‬

‫طويل النجاد رفيع العماد ساد عشَتتو أمردا‬

‫ففي قو‪٢‬تا "طويل النجاد " ىي كناية عن صفة الطوؿ كقو‪٢‬تا "رفيع العماد" كناية عن‬
‫ا‪١‬تكانة الرفيعة‪.‬‬

‫كقوؿ أيب نواس ُب نسبة ا‪ٞ‬تود إذل ‪٦‬تدكحو‪:‬‬

‫كلكن يصَت ا‪ٞ‬تود حيث يصَت‬ ‫فما جازه جود كالحل دكنو‬

‫‪ .2‬أنواع الصورة (بنائيا)‪:‬‬

‫‪ ) 1‬الصورة الجزئية‪:‬‬

‫ىي تلك الومضات كا‪١‬تنمنمات ا‪١‬تتناثرة ُب أجزاء القصيدة‪،‬حيث تكوف فيما بينها صورة‬
‫جزئية‪ ،‬كتعتمد الصورة ا‪ٞ‬تزئية على التبادؿ بُت ا‪١‬تدركات‪ ،‬أم التنقل بُت مدرؾ مادم إذل مدرؾ‬

‫‪٤ 1‬تمد حسن الصغَت ‪ ،‬أصوؿ البياف العريب ‪،‬رؤية بالغية معاصرة دار الشؤكف االثقافية العامة بغداد‪ ،1986‬ص‪113‬‬

‫‪٤ 2‬تمد حسن عبد اهلل ‪ ،‬الصورة كالبناء الشعرم ‪ ،‬دار العارؼ ‪،‬القاىرة ص‪163‬‬

‫‪23‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪٤‬تسوس‪ ،‬أك التنقل من مدرؾ ‪٤‬تسوس إذل مدرؾ عقلي ‪ ،1‬كتتكوف الصورة ا‪ٞ‬تزئية من بعض‬
‫العناصر منها‪ :‬التشخيص كىو منح األشياء ا‪١‬تادية كالتصورات ا‪١‬تعنوية اجملردة صفات اإلنساف‬
‫العاقل كمشاعره ك‪ٝ‬تاتو اإلنسانية‪ ،‬كىو ما ٯتنح الصورة طاقة درامية مثاؿ ذلك قوؿ الشاعر‪:‬‬

‫الفت‬
‫مررت على ا‪١‬تركءة كىي تبكي فقلت عالـ تنتحب ػاة‬

‫‪ٚ‬تيعا دكف خلق اهلل ماتوا‬ ‫فقالت كيف ال أبكي كأىلي‬

‫فالشاعر ىنا نسب صفات إنسانية مثل البكاء كالكالـ إذل ا‪١‬تركءة كىي شيء معنوم‪،‬‬
‫كذلك ‪٧‬تد عنصر التشخيص ُب قوؿ الشاعر ياسُت عبد الر‪ٛ‬تاف عشماكم حيث يقوؿ‪:‬‬

‫كرسيك ا‪١‬تتحرؾ اختصر ا‪١‬تدل كطول بك األفاؽ كاألزمنا‬

‫مثل الكراسي الراجفات ىوانا‬ ‫علمتو معٌت اإلباء فلم يكن‬

‫منك استلذ ا‪١‬توت صار كفاؤه مثال كصار إباؤه عنوانا‬

‫عدؿ يدين الغادر ا‪٠‬توانا‬ ‫أشالء كرسي البطولة شاىد‬

‫ىذا ا‪١‬تقطع مفعم بالتشخيص حىت أكشك أف يتحوؿ إذل صورة كلية‪ ،‬فالشاعر حوؿ‬
‫من الشيء ا‪١‬تادم كىو الكرسي إذل إنساف‪ ،‬فنسب إذل الكرسي العديد من الصفات اإلنسانية‬
‫مثل (اختصر‪،‬علمتو‪،‬الراجفات‪ ،‬استلذ )‪ ،‬فمن الواضح أف الشاعر قد أفلح ُب خلق عادل‬
‫بشرم من ‪ٚ‬تادات ال تعقل‪.‬‬

‫كمن بُت ا‪١‬تكونات اليت يتكوف منها الصورة ا‪ٞ‬تزئية ‪٧‬تد التجسيم حيث يتم تبادؿ‬
‫اإلدراؾ بُت احملسوس كا‪١‬تعنوم كتقوـ على ٕتسيم اجملرد ف ٔتعٌت منحو جسم مثل قولك الغضب‬
‫نار فمنحت الغضب كىو شيء معنوم جسم كىو النار‪ ،‬كىذا أ‪٪‬توذج شعرم يظهر توظيف‬
‫التجسيم‪ ،‬كىو للشاعر إبراىيم ناجي حيث أف الشاعر جعل من الوىم قوتا يقتات منو حيث‬
‫يقوؿ الشاعر‪:‬‬

‫‪"1‬ينظر كماؿ أ‪ٛ‬تد غنيم ‪،‬الصورة ا‪ٞ‬تزئية ‪٤" ،‬تاضرة من موقع قناة ‪ُ lug fideo‬ب اليوتيوب ‪ ،‬ا‪ٞ‬تامعة اإلسالمية ‪ ،‬غزة‬
‫ًب نشر الفيديو ُب تاريخ ‪2012/10/6 ،‬ـ‪ ،‬تاريخ اإلنزاؿ ‪2020/05/25 :‬ـ‪ ،‬على الساعة ‪02:38‬‬

‫‪24‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كأُب العمر لناس ما كَب‪،‬‬ ‫كأنا أقتات من كىم عفا‬

‫ثالث تقنية من تقنيات الصورة ا‪ٞ‬تزئية ىي التجريد كا‪١‬تقصود منح الشيء ا‪١‬تادم صفة‬
‫معنوية‪ ،‬من ذلك تصوير جابر قميحة للطعاـ بالزقوـ كالغسلُت إ٭تاء ٔتعانة الشعوب العربية‪،‬‬
‫ٖتت كطأة ا‪ٟ‬تكاـ‪ ،‬كلبشاعة تلك األكضاع فتح الشاعر مشاىد ٗتيٌلية كتتمثل ُب كاقع أىل‬
‫النار كالومضة التجريدية ىنا ىي ٗتويف ا‪ٟ‬تكاـ بأىواؿ النار‪ ،‬حيث يقوؿ الشاعر‪:‬‬

‫إذف لعزك ككاف النصر مضمونا‬ ‫يا ليتهم هنجوا هنجا دعوت ػؿق‬

‫كليأكل الشعب زقوما كغسيلنا‬ ‫دينػ ػا كزينتها‬


‫اؿػ ػ ػ‬
‫آثركا ػ ػ‬
‫لكن ػق ػـ ػ ػ ػ‬
‫ػػ‬

‫كذلك ‪٧‬تد الشاعر "أ‪ٛ‬تد شوقي" ُب قصيدتو "قف ناج أىراـ ا‪ٞ‬تالؿ كناد" فتظهر‬
‫القصيدة كأجزاء متناثرة‪ ،‬حيث يقوؿ الشاعر‪:‬‬

‫ىل من بناتك ‪٣‬تلس أك ناد‬ ‫قف ناج أىراـ ػ ػاؿجالؿ كناد‬

‫ؼػزع األكالد‬
‫األبكة ـ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ‬
‫إف ػ ػ ػ‬ ‫نشكو كنفزع فيو بُت عيوهنم‬

‫كجاءت القصيدة‪ ،‬كاملة على ىذا النسق حيث كل بيت‪ ،‬ىو عبارة عن صورة‬
‫منفصلة عن غَتىا من الصور األخرل من القصيدة‬

‫‪:‬‬‫‪ ) 2‬الصورة الكلية‬


‫إف الصورة الكلية ىي ذلك الكل الشامل الذم يشمل ‪ٚ‬تيع عناصر القصيدة‪،‬أك ىي تلك‬
‫الفكرة الكاملة اليت تتكوف عندنا‪ ،‬بعد االنتهاء من قراءة العمل الشعرم‪ ،‬كتلعب العناصر التالية‬
‫(الصوت كاللوف كا‪ٟ‬تركة‪ ،‬كالعاطفة) دكر الرابط بُت أجزاء القصيدة كتتشكل الصورة الكلية من‬
‫عدة بناءات منها البناء الدرامي كالقصصي كاللوليب كا‪١‬تقطعي‪ ،‬كمن العناصر البارزة للصورة‬
‫الكلية ‪٧‬تد البناء القصصي‪ ،‬كىو دخوؿ ‪ٚ‬تاليات القصة على العمل الشعرم حيث يغلب‬
‫على أبيات القصيدة أسلوب القص‪ ،‬مثاؿ ذلك ىذا النموذج الشعرم التارل‪:‬حيث يقوؿ‬
‫الشاعر‪:‬‬

‫أتى ا‪ٟ‬تمار من مباحث السلطن‬

‫‪25‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كاف يسَت مائال‪...‬كخط عجالف‬

‫فالرأس ُب إ‪٧‬تلًتا‬

‫كالبطن ُب تنزانيا‬

‫كالذيل ُب الياباف !‬

‫ىذا مقطع من قصيدة "عائد من ا‪١‬تنتجع" أل‪ٛ‬تد مطر حيث يظهر فيها الشاعر‬
‫مقومات األسلوب القصصي‪ُ ،‬ب كامل أجزاء ىاتو القصيدة‪ 1 ،‬ك الصورة الشعرية إحدل أىم‬
‫خصائص التجديد ُب الشعر العريب ا‪ٟ‬تديث كا‪١‬تعاصر‪ ،‬فهي مالزمة لو كال تكاد ٕتد قصيدة‬
‫ٗتلو منها‪ ،‬فا‪١‬تتتبع للقصيدة ا‪ٟ‬تديثة ‪٬‬تد أهنا عبارة عن مشهد كاحد متكامل‪ ،‬تتخللو عناصر‬
‫جزئية متفرقة ُب أجزاء النص تسمى بالصور ا‪ٞ‬تزئية‪ ،‬ك‪٧‬تد أف الصورة تتكوف من خطوط فنية‬
‫منها الصوت كاللوف كا‪ٟ‬تركة ك‪٧‬تد ىاتو ا‪٠‬تطوط الفنية موجودة ُب قصيدة ا‪١‬تساء للشاعر خليل‬
‫مطراف اليت يقوؿ منها‪:‬‬

‫رماح ػ ػ ػ ػق ا‪٢‬توجاء‬
‫ب ػػػ‬
‫جبين ػ ػ ػ‬
‫ؼػم ػ ػ‬
‫ػػ ػ‬ ‫شاؾ إذل البحر اضطراب خواطرم‬

‫طلبا كو ػ ػذه الصخرة الصماء‬ ‫كؿػمت رل‬


‫أصـ ػ‬
‫صػ ػخػ ػ ػر ػ‬
‫ثاك إذل ػ‬
‫ػػػػػ‬

‫ؼتىا كالسقم ُب أغصاين‬


‫كم ػ ػ ػ‬
‫ػػػ‬ ‫مكاره ػم‬
‫ػػمػ ػفػػتابوػ ػ ػا ـ ػ ػكج ػ ػؾـ ػ ػ ػكج ػ‬

‫‪٧‬تد أنو استخدـ بعض األلفاظ اليت تدؿ على ا‪٠‬تطوط الفنية ا‪١‬تكونة ‪٢‬تاتو الصورة‬
‫منها‪:‬كلمة "شاؾ "الدالة على الصوت "كرياحو" الدالة على ا‪ٟ‬تركة‪.2‬‬

‫‪ 1‬ينظر كماؿ أ‪ٛ‬تد غنيم ‪ ،‬الصورة الشعرية الكلية ‪٤ ،‬تاظرة ُب اليوتيوب من موقع ا‪ٞ‬تامعة‬
‫اإلسالمية ‪ ،‬غزة \مساؽ ‪:‬األدب ا‪١‬تعاصر كتارٮتو ‪ً /‬ب دخوؿ إذل ا‪١‬توقع ُب‬
‫\‪2020\06\05‬ـ‪ ،‬الساعة ‪00:04‬‬
‫‪٘ 1‬تيم الربغوثي ‪ ،‬شاعر فلسطيٍت كلد عاـ ‪ 1977‬بالقاىرة لو ربع دكاكين كتبت باللغة العربية كبالعامية ا‪١‬تصرية‬
‫كالفلسطينية ‪ ،‬ينشر أعمالو الشعرية ُب العديد من اجملالت كالصحف العربية‬

‫‪26‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫شاعر أخر اعتمد على ‪٪‬توذج الصورة الكلية ُب الشعره كىو الشاعر الفلسطيٍت ا‪١‬تعاصر‬
‫"٘تيم الربغوثي"‪ 1‬من خالؿ ىذا ا‪١‬تقطع الشعرم‪ ،‬الذم جاء فيو قولو‪:‬‬

‫نفسي الفداء لكل منتصر حزين‬


‫قيتل الذين ٭تبهم‪،‬‬
‫إذ كاف ٭تمي اآلخرين‬
‫٭تمي بش ورب ٖتت كعبيو اتزاف العقل‬
‫معٌت العدؿ ُب الدنيا على إطالقو‬
‫نفسي الفداء لكل منتصر حزين‬
‫الربايا أ‪ٚ‬تعُت‬
‫حىت ‪٦‬تاليك البالد القاعدين‬
‫كا‪ٟ‬ترب كاعظة تنادينا‬
‫لقد سلم ا‪١‬تقاتل‬
‫كالذين بدكرىم قتلوا‬
‫نعم ىذا قضاء اهلل لكن‬
‫رٔتا سلموا إذا كاف ا‪ٞ‬تميع مقاتلُت‬
‫ٖتدث الربغوثي عن رجاؿ ا‪١‬تقاكمة ُب غزة‪ ،‬الذين استطاعوا أف يقفوا ُب كجو العدك‬
‫كرده‪،‬كأ‪ٟ‬تقوا بو ا‪٢‬تزٯتة ككاف ىذا من خالؿ ا‪ٟ‬ترب اليت شنها العدك اليهودم على فلسطُت‬
‫عاـ ‪2008‬ـ‪ ،‬كلقد تضفارت ‪٣‬تموعة من الصور ا‪ٞ‬تزئية فيما بينها لتساىم ُب بناء الصورة‬
‫الكلية اليت يريد الشاعر أف يصورىا للقارئ‪ ،‬كلقد استعمل الشاعر العديد من األساليب الفنية‬
‫ُب تشكيلو لصوره ا‪١‬تفردة منها التجسيد ُب ا‪١‬تعاين كقولو‪،‬كا‪ٟ‬ترب كاعظة تنادينا‪ ،‬أك أسلوب‬
‫التكرار كتكراره عبارة " نفسي الفداء لكل منتص ور حزين " كداللة التكرار ىنا أف الشاعر يريد‪،‬‬
‫أف يرسخ ُب أذىاننا فكرة أنو مستعد أف يقدـ نفسو فداء لوطنو‪ ،‬الشاعر قدـ لنا مشهد‬
‫تصويرم حسي للحرب ُب كطنو‪ ،‬مستخدما شىت ألواف ا‪ٞ‬تماؿ الفٍت‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ )3‬أنواع الصورة الشعرية إجرائيا‬

‫(الصورة ا‪ٟ‬تسية ) كتشمل ما يلي الصورة البصرية كالشمية كالسمعية كاللمسية كتراسل‬
‫ا‪ٟ‬تواس‬

‫‪ .1‬الصورة البصرية ‪ :‬تعرب الصورة البصرية أكثر استعماؿ عند الشعراء‪ ،‬كيعود ىذا إذل الدكر‬
‫البارز كالفعاؿ ‪ٟ‬تاسة البصر لدل الشاعر فالشاعر يرل ما ال يراه الشخص العادم‪ ،‬إف‬
‫من أىم ا‪١‬تواد اليت تعتمد عليها الصورة البصرية ىو "اللوف" ذلك أنو أخذ الصفات‬
‫ا‪١‬تلموسة أكثر بركزا ُب العادل ا‪ٟ‬تسي ا‪٠‬تارجي‪ ،‬كيعترب استخداـ اللوف ُب الشعر العريب‬
‫ٯتثل إلغاء النموذج اللوين ا‪١‬توركث كانزياحا شامال عن الداللة القدٯتة ‪1‬ك النموذج التارل‬
‫للشاعر علي جعفر العالؽ من قصيدة " وردة الحلم وردة الجسد "يوضح أكثر‬
‫ىاتو الصورة قاؿ الشاعر‪:‬‬

‫بصر ٌسيدٌب‬ ‫بعيٍت ي‬


‫ٌ‬
‫تدخل العربة‬
‫ي‬
‫فتلٌمس ركحهاتُت أم‬
‫كتنأل‪..‬‬
‫كما زلت أتبيعها‬
‫منذ بدء ً‬
‫ا‪٠‬تليقة‬
‫حىت مسائي‬‫ٌ‬
‫ىذا‪..‬‬
‫سيعصمٍت‬
‫ي‬ ‫تيرل من‬
‫من حنيٍت إليًك?‬
‫القصيدةي‬
‫أـي حلمي?‬

‫‪ 1‬ينظر عبد الرزاؽ بلغيث ‪ ،‬الصورة الشعرية عند عزالدين ميهويب دراسة أسلوبية ‪ ،‬مذكرة معدة لنيل شهادة ا‪١‬تاجستَت ‪،‬‬
‫ا‪١‬تشرؼ ‪ :‬علي مالحي ‪ ،‬جامعة بوزريعة ‪ ، 2‬ا‪ٞ‬تزائر العاصمة ‪ُ،‬ب ‪2009\2\1‬ـ ‪،‬ص‪82،83‬‬

‫‪28‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ُب ىذه األبيات يصور الشاعر حبو حملبيبتو تصويرا حسيا‪ ،‬فصور حبو كأنٌو عربة تالمس ركحو‬

‫‪ .2‬الصورة السمعية‪:‬‬

‫تعود الدارسوف على حسية الصورة من خالؿ اقتصارىم على الصورة البصرية‪ ،‬كيعود ذلك‬
‫كوف ا‪١‬تدركات البصرية ٘تثل النسبة العليا بُت ا‪١‬تدركات ا‪ٟ‬تسية‪ ،‬كلكن الصورة ا‪ٟ‬تسية تتجاكز‬
‫البصرية كال تقتصر فقط على إحداىا‪ ،‬كيعد الصوت من العناصر اليت تشكل الصورة‬
‫السمعية‪ ،‬كحاسة السمع ىي ا‪ٟ‬تاسة الوحيدة اليت ال يستطيع اإلنساف التحكم فيها‪ ،‬فهي‬
‫تعمل ليال كهنارا‪ ،‬بينما ا‪١‬ترئيات ال تدرؾ إال بتوفر الضوء‪ 1‬كمنها قوؿ الشاعر فهد عسكر‪:‬‬

‫فا ‪ٝ‬تعي شكول السجُت‬ ‫كأنا السجُت بعقر دارم‬


‫الصورة اللمسية‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫تعترب حاسة اللمس األقل استعماال بُت الشعراء‪ ،‬ك‪٧‬تدىا ُب الغالب ‪٥‬تتبئة مع ا‪ٟ‬تواس‬
‫األخرل‪ ،2‬يقسم علماء النفس ىذه ا‪ٟ‬تاسة إذل أربع إحساسات رئيسية‪ :‬أكال اإلحساس‬
‫بالتماس بالضغط‪ ،‬ثانيا اإلحساس باألدل‪ ،‬ثالثا اإلحساس بالربكدة‪ ،‬رابعا اإلحساس‬
‫بالسخونة‪ ،3‬كتعتمد ىذه الصورة على حاسة اللمس ُب التأثَت ُب ا‪١‬تتلقي‪ ،‬كللتعرؼ على ىذه‬
‫الصورة أكثر نعرض ىذا النموذج الشعرم للشاعر إيليا أبو ماضي حيث يقوؿ‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫فإذا النهاية أعظم االآلـ‬ ‫كحسبت أالمي أنتهت ‪١‬تا أنتهى‬

‫‪ .4‬الصورة الذوقية‪ :‬حاسة التذكؽ تعتمد على االلتماس ا‪١‬تباشر‪ ،‬فهي ال تنفعل إال إذا كضع‬
‫ا‪ٞ‬تسم على اللساف ‪ 5‬كقد يعتمد الشاعر إذل توظيف الكلمات اليت توحي إذل حاسة‬
‫التذكؽ كىذا لتجسيم بعض ا‪١‬تعاين‪ ،‬ك‪٧‬تد الشاعر عز الدين ميهويب يقوؿ‪:‬‬

‫‪ 1‬ا‪١‬تصدر السابق ص‪85‬‬


‫‪ 2‬ينظر ا‪١‬تصدر السابقةص‪87‬‬
‫‪ 3‬ينظر يوسف مراد مبادئ علم النفس العاـ ص‪58‬‬
‫‪ 4‬صالح الدين ا‪٢‬توارم ديواف إليا ابو ماضي ص‪281‬‬
‫‪ 5‬ينظر ا‪١‬تصدر السابق ص ‪60‬‬

‫‪29‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كتعجن من سورة الصرب فاكهة للرباءة‬

‫القراءة?‬ ‫سألت أيا أمة اهلل ىل ٖتسنُت‬

‫فالشاعر ُب قولو " كتعجن من سورة الصرب فاكهة للرباءة " قدـ صورة ٗتييلية معتمدا فيها‬
‫على حاسة الذكؽ‪ ،‬حيث أف الشاعر ٗتييل سورة قرآنية من نسج خيالو ك‪ٝ‬تاىا "الصرب"‪،‬‬
‫كالصرب ذكقو مر‪ ،‬فصور الشاعر الصرب كأنو فاكهة مذاقو مر‪.‬‬

‫‪ .5‬الصورة الشمية‪ :‬ىي عبارة عن صورة حسية فيها عالمات يعرب هبا عن حاسة الشم‬
‫ا‪١‬تعركفة لدل اإلنساف حيث ‪٧‬تد الشاعر إيليا أبو ماضي يوظفها ُب شعره فنجده‬
‫يقوؿ ُب قصيدتو "عيناؾ"‪:‬‬

‫ألف فيها أرجا ُب نكهو‬ ‫كانشق كمها‬

‫صور الشاعر ىنا رائحة الورد تصويرا مستخدما فيو حاسة الشم‬

‫‪ .6‬تراسل الحواس ‪ :‬من بُت األساليب الفنية اليت يستخدمها الشاعر ُب "كىو شكل من‬
‫أشكاؿ بناء الصورة الذم يعتمد على نقل مدركات حاسة من ا‪ٟ‬تواس إذل مدركات‬
‫حاسة أخرل‪ ،‬يستعملها الشاعر ‪١‬تداعبة خياؿ ا‪١‬تتلقي كٖتفيزه لسرب أغوار الصورة‪ ،‬ألف‬
‫الصورة تتحرؾ ٓتالؼ ا‪١‬تألوؼ‪ ،‬فا‪١‬تسموع يوصف بصفات ا‪١‬تلموس كالشمم يوصف‬
‫بصفات البصر‪..‬كغَتىا كقد برزت ىذه الظاىرة بشكل جلي ُب العصر ا‪ٟ‬تديث‬
‫السيما عند الشعراء الرمزيُت "‪ 1‬إف الشاعر من خالؿ استخدامو ظاىرة تراسل ا‪ٟ‬تواس‪،‬‬
‫يريد أف يؤثر ُب ا‪١‬تتلقي كيشحن خيالو‪ ،‬كيوصل إذل عقلو ٕتربة الشاعر الشعرية‪ ،‬فهذا‬
‫االنزياح الذم يقوـ بو الشاعر من خالؿ تداخل ا‪ٟ‬تواس فيما بينها يعطي للصورة قوهتا‬
‫ك‪ٚ‬تا‪٢‬تا الفٍت الذم يصبو إليو ا‪١‬تبدع كىذا ‪٪‬توذج يوضح أكثر ىذه الظاىر الفنية األدبية‬
‫كىي أبيات للشاعر ا‪ٞ‬تزائرم عز الدين ميهويب‪:‬‬

‫أطفأ ا‪ٟ‬تزف فوانيسي‬

‫‪ 1‬كاظم بن عبد اهلل بن نيب ‪ ،‬تراسل ا‪ٟ‬تواس ُب شعر الشيخ أ‪ٛ‬تد الوائلي ص‪168‬‬

‫‪30‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫فأغمضت يدم‪..‬‬

‫كتوضأت بدمعي‪..‬‬
‫‪1‬‬
‫ٍب صليت علي‪..‬‬

‫الشاعر ُب ىاتو األبيات كظف تقنية تراسل ا‪ٟ‬تواس‪ ،‬حيث أدخل مدركات ا‪ٟ‬تواس فيما‬
‫بينها‪ ،‬مثل قولو فأغمضت عيٍت‪،‬كالغموض ىو من خصائص حاسة البصر لدل اإلنساف‪،‬‬
‫كضعها الشاعر ىنا ُب غَت سياقها الواقعي‪ ،‬ا‪١‬تألوؼ كنسبها إذل اليد كىي كسيلة كأداة ‪ٟ‬تاسة‬
‫اللمس عند اإلنساف‪ ،‬فأحدث الشاعر بذلك صورة فنية ‪ٚ‬تيلة‪ٖ ،‬تدث ُب النفس‬
‫اإلعجاب‪.‬كاالنبهار‪.‬‬

‫‪ .5‬شعرية الصورة‪:‬‬

‫إف ا‪ٟ‬تديث عن ‪ٚ‬تالية الصورة ىو حديث ذك شجوف‪ ،‬كىذا ‪١‬تا ٘تتلكو الصورة من‬
‫عناصر ا‪ٞ‬تماؿ الكثَتة‪ ،‬فهي صورة ا‪ٟ‬تياة ُب القصيدة‪ ،‬ككسيلة لنقل األحاسيس كالعواطف‬
‫كا‪١‬تشاعر كاألخيلة اليت تدكر ُب فكر الشاعر‪ ،‬كالصورة ال ٘تثل الواقع كٖتاكيو‪ ،‬بل ىي مرآة‬
‫عاكسة لنفسية الشاعر ك٭تاكؿ ىذا األخَت من خال‪٢‬تا أف يوظف ‪ٚ‬تيع عناصر البالغة كالبياف‬
‫من أجل التأثَت ُب ا‪١‬تتلقي كاستمالتو‪" ،‬الصورة أ‪ٚ‬تل كأنظر طريقة ُب شد العقل إليها كربط‬
‫اإلحساس هبا كٕتاكب ا‪١‬تشاعر ‪٢‬تاك إحياء العاطفة كسحر النفس " ‪ ،2‬كذلك تعترب الصورة‬
‫كسيلة للتعرؼ على أسرار ا‪ٟ‬تياة‪ ،‬كمعرفة نقاط التشابو ا‪١‬توجودة بُت اإلنساف مع غَته من‬
‫ا‪١‬تخلوقات ا‪ٟ‬تية ‪ ،3‬كٯتكن استخراج ا‪ٞ‬تانب ا‪ٞ‬تمارل للصورة من خالؿ التعريف النقدم الذم‬
‫"ٕتعلنا نرل األشياء ُب ضوء‬ ‫تقدـ بو الناقد ا‪١‬تصرم "جابر عصفور" الذم يعرفها فيقوؿ‬
‫جديد‪ ،‬كخالؿ عالقات جديدة‪ٗ ،‬تلق فينا كعيا كخربة جديدة" ‪ 4‬من خالؿ ىذا التحليل‬
‫النقدم‪ ،‬يظهر العنصر ا‪ٞ‬تمارل للصورة الفنية‪ ،‬كىو أف الصورة تعطي لألشياء حلة كمظهرا‬

‫‪ 1‬عز الدين ميهويب اللعنة كالغفراف ص‪29‬‬


‫‪ 2‬ا‪١‬تصدر السابق ص ‪172‬‬
‫‪ 3‬ينظر ا‪١‬تصدر السابق ‪173‬‬
‫‪ 4‬ا‪١‬تصدر السابق ص‬

‫‪31‬‬
‫الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫جديدا غَت مألوؼ ُب الذىن ‪٤‬تدثة بذلك ُب النفس الدىشة كاإلعجاب‪ ،‬فالصورة ىي خرؽ‬
‫للمألوؼ كنسج من ا‪٠‬تياؿ‪ ،‬يظهر فيها الشاعر قدرتو التصويرية ا‪٢‬تائلة‪.‬‬

‫فا على سبيل ا‪١‬تثاؿ لو ‪٨‬تن عربنا عن قيمة العلم فنقوؿ "العلم يفيد صاحبو‪ ،‬كا‪ٞ‬تهل‬
‫يهلكو" لكاف األمر عادم جدا‪ ،‬كليس فيو أم جديد يذكر بالنسبة للمتلقي‪ ،‬لكن لو قارنا ىذا‬
‫التعبَت ٔتقولة "العلم نور‪ ،‬كا‪ٞ‬تهل ظالـ" أكيد نالحظ أف ىناؾ اختالؼ كاضح‪ ،‬ففي التعبَت‬
‫الثاين نالحظ أف فيو جديد‪ ،‬كأحدث فينا كعيا جديدا كٕتربة مفيدة‪ ،‬فقولك "العلم نور "‬
‫يرسخ ُب ذىنك أفكار إ‪٬‬تابية عن قيمة العلم‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬الصورة الشعرية في ديوان مآذن الشوق بين‬
‫المشاكلة واالختالف‪.‬‬
‫‪ - 1‬المشاكلة وخلفياتها‪:‬‬

‫أ ‪ -‬المشاكلة‪:‬‬

‫‪-‬خلفيات المشاكلة‪:‬‬ ‫ب‬

‫االختالف‪:‬‬ ‫‪- 2‬‬

‫االختالف‪:‬‬ ‫‪ 2‬موجهات‬

‫ثانيا‪:‬الصورة الشعرية في ديوان مآذن الشوق بين بالغتين‪:‬‬


‫‪ .1‬بالغة المشاكلة‬
‫بالغة االختالف‪:‬‬

‫ا‪١‬تفارقة‪:‬‬ ‫‪ .1‬الصورة‬

‫الصورةالكلية‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫واالختالف‬
‫‪.‬‬ ‫الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬الصورة الشعرية في ديوان مآذن الشوق بين المشاكلة‬
‫واالختالف‪.‬‬
‫أوال‪ :‬خلفيات المشاكلة وموجهات االختالف في تجربة سعد مردف الشعرية‪:‬‬

‫‪ - 3‬المشاكلة وخلفياتها‪:‬‬

‫ت ‪ -‬المشاكلة‪:‬‬

‫ا‪١‬تشاكلة ىي خاصية شعرية يعتمد عليها الشعراء ُب بناء قصائدىم اإلبداعية‪ ،‬حيث يقوموف فيها‬
‫ٔتحاكاة نظرائهم من الشعراء الذين سبقوىم ُب ىذا الفن‪ ،‬عن طريق االعتماد على أساليبهم ك ‪٣‬تاراة‬
‫طرائقهم ا‪١‬تتمثلة ُب التشكيل اللغوم كاإليقاع ا‪١‬توسيقي كإقامة عمود الشعر الذم يقوـ على اختيار ا‪ٞ‬تزؿ‬
‫من اللفظ كالشريف من ا‪١‬تعٌت‪ ،‬كا‪١‬تصيب من الوصف‪ ،‬كالقريب من التشبيو‪ ،‬كا‪١‬تناسب من االستعارة كمنو‬
‫نقوؿ أف ا‪١‬تشاكلة تنهض على منطق التقليد ك االتباع كا‪١‬تعارضة كالنسج على ا‪١‬تنواؿ‪ ،‬كخالصة القوؿ من‬
‫كل ىذا الكالـ أف ا‪١‬تشاكلة ىي تكريس لالشتغاؿ الشعرم الكالسيكي‬

‫‪-‬خلفيات المشاكلة‪:‬‬ ‫ث‬

‫للمشاكلة ‪٣‬تموعة من ا‪٠‬تلفيات اليت ترتكز عليها منها‪:‬‬

‫ػ ػ اعتبار القدًن النموذج األمثل للفن الشعرم‪ ،‬كالعيار الذم يعتد بو ك٭تتكم إليو‪ ،‬كالشعر يعلو أك يهوم‬
‫تبعا ‪١‬تدل ٘تثل طرائق األكائل ُب التعبَت كالتصوير‪ ،‬كتناكؿ ا‪١‬توضوعات‪ ،‬كأف يعرؼ الشاعر لًتاث العرب‬
‫قدره‪ ،‬كأف ‪٬‬تعل من ا‪١‬ترجعية الًتاثية قاعدة يبٍت عليها شعره كعليو أف يتقيد بقواعد السابقُت ُب بناء‬
‫الشعر‪.‬‬

‫ػ ػ ا‪١‬تشاكلة تكشف خضوعا أك استجابة للتصور العمودم الكالسيكي الذم عملت نظرية عمود الشعر‬
‫على ترسيخو كتشكيل الذائقة الشعرية العربية تبعا ‪١‬تقرراتو تلك اليت تقنن للشاعر طرائق التعامل مع اللغة‪،‬‬
‫ككيفية بناء صوره اجملازية على ‪٨‬تو يعقلن ا‪٠‬تياؿ كال يطلق لو العناف‪ ،‬كذلك باالحتكاـ إذل الدقة ُب‬
‫الوصف‪ ،‬كا‪١‬تقاربة ُب التشبيو‪ ،‬كا‪١‬تناسبة ُب االستعارة ك‪٣‬تاراة أساليب العرب األكائل‪.‬‬

‫ػ ػ ا‪١‬تشاكلة على ‪٨‬تو ما ىي ‪٤‬تاكلة من الشاعر إلعزاز انتمائو كلبياف ىويتو كصوهنا كسعيا منو للتعبَت عن‬
‫إخالصو لثقافة أمتو‪ ،‬كرفضو أف يكوف منسلخا من جلده‪ ،‬كتبدك ا‪١‬تشاكلة كذلك شكال من أشكاؿ‬

‫‪34‬‬
‫واالختالف‬
‫‪.‬‬ ‫الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫ا‪٠‬توؼ من التجديد كاالبتداع كالتغيَت فهذا سيكوف سببا ُب القضاء على ا‪١‬توركث الشعرم القدًن‪ ،‬ك‪٬‬تعل‬
‫‪ٚ‬تهوره يقل‪ ،‬فطبيعة اإلنساف ٘تيل إذل ما ىو جديد‪ ،‬ىذا ا‪١‬تيل يؤدم إذل قتل ركحو االنتمائية ٕتاه تراثو‬
‫األديب‪ ،‬فا‪١‬تشاكلة جاءت إلحياء القدًن كالدفاع عنو‪ ،‬كإعادة بعثو من جديد‪ ،‬كا‪ٟ‬تفاظ عليو من االندثار‬
‫كالزكاؿ‪.‬‬

‫كمن بُت ا‪١‬تناىج النقدية ا‪ٟ‬تديثة اليت جعلت من ا‪١‬تشاكلة كالتقليد رافدا أساسيا لقياـ شعرىا كهنوضو‪،‬‬
‫ا‪١‬تدرسة الكالسيكية ا‪ٞ‬تديدة‪ ،‬اليت كرست ُب شعرىا‪ ،‬مبدأ التقليد كا‪ٟ‬تفاظ على األصالة الًتاثية‪،‬كمن بُت‬
‫األغراض الشعرية اليت قلدىا الكالسيكيُت ا‪ٞ‬تدد‪ ،‬ىو موضوع ا‪١‬تعارضة اليت أشتهر هبا ركاد ىذه ا‪١‬تدرسة‪،‬‬
‫حيث يقوـ الشاعر باالعتماد على نفس اإلطار العركضي للقصيدة ا‪١‬تعارضة‪ ،‬باإلضافة إذل التشابو ُب‬
‫نوعية ا‪١‬توضوع‪ ،‬كمن أبرز شعراء ىذه ا‪١‬تدرسة الذين ‪ٞ‬تو إذل ا‪١‬تعارضة ُب شعرىم " أمَت الشعراء " أ‪ٛ‬تد‬
‫شوقي‪ ،‬الذم كاف أستاذا حقيقيا ُب ىذا األسلوب‪ ،‬كلقد عارض شوقي الكثَت من القصائد الشعرية‪،‬‬
‫لكبار شعراء سابقُت‪ ،‬كأغلب الشعراء‪ ،‬الذين عارضهم شوقي ىم من العصر العباسي كما بعده‪ ،‬أمثاؿ‬
‫البحًتم‪ ،‬أيب نواس‪ ،‬البويصَتم‪ ،‬ا‪١‬تتنيب‪،‬ابن خطيب‪...‬اخل‬

‫‪،‬كمن بُت الشعراء الذين عارضهم شوقي ‪٧‬تد الشاعر البوصَتم ُب قصيدتو ا‪١‬تشهورة ُب مدح النيب صلى‬
‫اهلل عليو كسلم ا‪١‬تسماة بالربدة‪ ،‬اليت منها قولو‪:‬‬

‫مزجت دمعا جرل من مقلة بدـ‬ ‫جيػ ػراف بذم سلم‬


‫أـ ػ ػف ػ ػ ػتذكر ػ ػ‬

‫ؼمػقا‪:‬‬
‫يقػكؿ ػ ػ ػ‬
‫التم ػ ػ‬
‫صيدتو ػنو ػ ػ ػج ػ ػاؿ ػػبردة " ػ ػ ػ‬
‫بق ػ‬
‫شوؽم ػ ػ‬
‫ارضػقا ػ ػ‬
‫عػ ػ ػ‬
‫ػػؼ ػ ػ‬

‫أح ػؿ سفك دمي ُب األشهر ا‪ٟ‬ترـ‬ ‫الباف كالعػدل‬


‫يبػ ػف ػ‬
‫اؿػقاع ػ‬
‫رًن ػعػ ػذل ػ‬

‫فلقد جاءت ىذه القصيدة ‪٤‬تاكية لقصيدة‪ ،‬البوصَتم ا‪١‬تسماة‪ " ،‬الكواكب الدرية ُب مدح خَت‬
‫الربية " معتمدة على نفس الوزف ا‪١‬توسيقي كالقافية كنفس موضوع القصيدة ا‪١‬تعارضة‪ ،‬كذلك ‪٧‬تد أف شوقي‬
‫من خالؿ قصيدتو ىذه يوظف ألفاظا قدٯتة على زمنو الذم عاش فيو مثل توظيفو لكلمات " رًن‪ ،‬الباف‪،‬‬
‫"‪ ،‬كا‪١‬تعارضة تعترب من أكثر مظاىر التقليد ُب الشعر‪ ،‬كلقد عرفت ركاجا كبَتا‪ ،‬بُت شعراء العصر ا‪ٟ‬تديث‪،‬‬
‫كشوقي دل يعارض البويصرم فقط‪ ،‬بل لو‪،‬معارضات أخرل لشعراء أخرين‪ ،‬مثل ابن زيدكف‪ ،‬كالبحًتم‬
‫كشعراء أخرين‪.‬‬

‫فلقد تأثر شوقي هباؤال الشعراء تأثرا كبَت فأراد أف يقتفي آثارىم كيتشاكل مع أشعارىم‪ ،‬مايتناسب‬
‫مع ٕتاربو الشعرية‪ ،‬فشوقي من خالؿ ‪٤‬تاكاتو للفحوؿ من الشعراء العرب‪،‬يريد أف يرتقي بشعره‪ ،‬من حيث‬
‫قيمتو الفنية ليصل‪ ،‬إذل مرتبة كقيمة‪ ،‬تلك القصائد الرفيعة ا‪١‬تستول‪ ،‬كلقد ‪٧‬تح فعال شوقي ُب مبتغاه‪،‬‬

‫‪35‬‬
‫واالختالف‬
‫‪.‬‬ ‫الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫كأستطاع من خالؿ قصائده أف ٭تقق ‪٧‬تاحا باىرا‪ ،‬أكصلو بأف يرتقي إذل مرتبة أمَت الشعراء‪ ،‬كىي مرتبة‪،‬‬
‫عالية جدا‪ ،‬اليصل إليها إال الشاعر الفحل‬

‫من بُت شعراء ا‪١‬تدرسة الكالسيكية ا‪ٞ‬تديدة‪ ،‬الذين سلكوا التقليد كاحملاكاة ُب أشعارىم‪ ،‬زعيم ىذا‬
‫االٕتاه‪،‬الشاعر "‪٤‬تمود سامي الباركدم "‪،‬الذم تأثر ىو األخر‪ ،‬بالًتاث الشعرم العريب‪ ،‬كجعل منو‬
‫مرجعا‪ ،‬يبٍت عليو شعره‪ ،‬فعرؼ شعره‪ّ ،‬تزالة األلفاظ كسحر بيانو‪ ،‬كاالعتماد على كحدة القافية كمن بُت‬
‫قصائده اليت تتجلى فيها مظاىر التقليد‪ ،‬قصيدتو ا‪١‬تعنونة ب"أنشودة العودة " اليت مطلعها‪:‬‬

‫فىًإ ِّين أ ىىرل فً ىيها عيييونىان ًى ىي ِّ‬


‫السحر‬ ‫ص يػر‬ ‫ًً ً‬ ‫الع ٍ ً‬
‫ُت أ ٍىـ ىىذه م ٍ‬ ‫م ى‬ ‫بل ىرأٍ ى‬
‫ً‬
‫أبا ي‬

‫االختالف‪:‬‬ ‫‪- 4‬‬

‫ىو أف يعمد الشاعر إذل ابتداع أك ابتكار شعريتو ا‪٠‬تاصة كفقا لرؤيتو‪،‬ك٭تاكؿ من خال‪٢‬تا أف يضع ‪١‬تستو‬
‫كمبدع مبتكرا أساليب كطرقا جديدة كأفكارا كركل حديثة‪،‬ٮتتلف فيها عن غَته من الشعراء كىو بذلك ال‬
‫‪٬‬تارم األساليب ا‪١‬تألوفة كالسائدة‪،‬كىذا يعٍت أف االختالؼ كليد كعي حداثي يريد للشعر أف يكوف خارجا‬
‫عن العادة ال خاضعا ‪٢‬تا‪ ،‬عليو أف يتجاكز كأف يفاجئ كأف يشكل من الواقع ا‪١‬تعطى كاقعا مغايرا بعالقات‬
‫جديدة مبتكرة‪.‬‬

‫االختالف‪:‬‬ ‫‪ 2‬موجهات‬
‫البحث عن مساحات أكسع لإلبداع الشعرم مساحات تتيح للدفقة الشعورية انسيابية‬
‫أكرب‪،‬ك٘تكنها من ٕتاكز قيد كحدة القافية الذم كاف سائدا دىورا من الزمن فأصبحت القصيدة تشهد‬
‫تنوعا للقافية كقد أكدت التجارب الناجحة لشعر التفعيلة كفاءة ىذا األخَت كقدرتو على احتضاف ٕتارب‬
‫الشعراء العميقة دكف التخلي عن أساسيات العركض‪،‬إذ أف عماده غالبا ىو تكرار تفعيلة كاحدة من‬
‫تفعيالت البحور الصافية‪.‬‬

‫االعتقاد بأف األصالة ُب الفن ال ٗتالف ا‪ٟ‬تداثة جملرد ا‪١‬تخالفة‪ ،‬كأف ُب ا‪ٟ‬تداثة ما ‪٬‬تدر االستفادة‬
‫منو‪ ،‬كأنو باإلمكاف ا‪١‬تزج بُت ما ىو تراثي كما ىو حداثي‪ ،‬ىذا ا‪١‬تزج يتيح للعمل الفٍت أف يتقول‬
‫با‪ٞ‬تماليات ا‪ٞ‬تديدة دكف أف يتخلى عن ىويتو األصيلة كىذا يعٍت أف الفن ال ٮتدمو التعصب األعمى‬
‫للقدًن بل حسن التوفيق بُت مقتضيات ‪١‬تاضي كا‪ٟ‬تاضر‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫واالختالف‬
‫‪.‬‬ ‫الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫‪ -‬التوجو إذل قارئ منتج يتأمل كيستبطن كيستشعر ما ُب النص‪،‬ال إذل قارئ مستهلك فقط ال‬
‫يتجاكز حدكد االستهالؾ لذلك كانت ا‪ٟ‬تاجة كبَتة للتعبَت اإل٭تائي كاللغة ا‪١‬تنزاحة بدال من‬
‫التعابَت التقريرية ا‪٠‬تطابية ا‪١‬تباشرة‪.‬‬
‫كمع ا‪ٟ‬تركة التجديدية اليت ظهرت ُب الوطن العريب مع ‪٩‬تبة من الشعراء العرب أمثاؿ (نازؾ‬
‫ا‪١‬تالئكة كبدر شاكر السياب‪...‬اخل) اليت نادت إذل إحداث ثورة على مستول القصيدة العربية‪،‬‬
‫كىو ما حصل فعال‪ ،‬عرفت القصيدة تغيَتا جذريا‪ ،‬على مستول الشكل كا‪١‬تضموف‪ ،‬فظهر شكل‬
‫جديدا من أشكاؿ الشعر‪ ،‬كىو الشعر ا‪ٟ‬تر‪ ،‬الذم عرؼ بالعديد من ا‪٠‬تصائص‪ ،‬منها‪ :‬الوحدة‬
‫العضوية فصارت القصيدة ٘تثل كال متماسكا كمنسجما‪ ،‬كما أف القصيدة أصبحت ٘تزج بُت‬
‫الشكل كا‪١‬تضموف‪ ،‬فأصبح الوزف كا‪١‬توسيقى ٗتدـ ا‪١‬توضوع كتسايره‪ ،‬كأصبح الشاعر يركز على‬
‫ا‪١‬توسيقى الداخلية بُت األلفاظ‪ ،‬كلقد أكتسبت القصيدة ‪٣‬تموعة من األساليب ا‪ٟ‬تديثة‪ ،‬منها (‬
‫توظيف الرمز‪ ،‬استخداـ الغموض‪ ،‬إشراؾ األسطورة ُب العمل الشعرم‪...‬اخل) كلقد برز ُب ىذا‬
‫الفن كوكبة من الشعراء ا‪١‬تبدعُت‪ ،‬منها الشاعرة العراقية نازؾ ا‪١‬تالئكة كىي صاحبة ىذه الفكرة‪،‬‬
‫كىي اليت كضعت اللبنة األكذل ُب نشوء كبزكغ ىذا الشكل الشعرم ا‪ٞ‬تديد‪ ،‬ككاف ‪٢‬تا السبق ُب‬
‫بداية تشكل ىذا الفن‪ ،‬كتعود أكؿ قصيدة نظمتها الشاعرة ُب ىذا الشكل الفٍت ا‪ٞ‬تديد للقصيدة‪،‬‬
‫قصيدة " الكولَتا " اليت تقوؿ فيها‪:‬‬
‫سكن الليل‬
‫أصغ إذل كقع صدل األنات‬
‫ُب عمق الظلمة‪ٖ ،‬تت الصمت على األموات‬
‫صرخات تعلو‪ ،‬تضطرب‬
‫حزف يتدفق‪ ،‬يلتهب‬
‫من ىذا ا‪١‬تقطع تستنتج العديد من ا‪٠‬تصائص الفنية اليت تدؿ على التجديد ُب الشعر‬
‫العرب ا‪ٟ‬تديث منها مايلي‪:‬‬
‫استخداـ نظم السطر‪ ،‬بدؿ من نظم البيت التقليدم‪ ،‬كذلك استخداـ التجسيم مثل‬
‫قوؿ الشاعرة " ٖتت الصمت على األموات " كُب قو‪٢‬تا " ا‪ٟ‬تزف يتدفق " كالتجسيم من ا‪٠‬تصائص‬
‫ا‪١‬تستحدثة ُب الشعر العريب‪ ،‬ىذه ا‪٠‬تصائص كأخرل موجودة ُب باقي أجزاء القصيدة تعترب من‬
‫بُت‪ ،‬عناصر االختالؼ اليت زخرت هبا ىاتو القصيدة‬

‫‪37‬‬
‫واالختالف‬
‫‪.‬‬ ‫الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ثانيا‪:‬الصورة الشعرية في ديوان مآذن الشوق بين بالغتين‪:‬‬


‫‪ .2‬بالغة المشاكلة‬
‫المقاربة‪ :‬كىي صورة مشاكلة تعتمد على اجملاز القريب كا‪٠‬تياؿ ا‪١‬تعقلن‪ ،‬كىي صورة تستجيب ‪١‬تنطق‬ ‫أ ‪ -‬الصورة‬
‫عمود الشعر الذم يعتمد على ا‪١‬تقاربة ُب التشبيو كتعٍت قوة الشبو ككضوحو بُت ا‪١‬تشبو كا‪١‬تشبو بو‪ ،‬كأحسن التشبيو‬
‫ماكقع بُت شيئُت‪ ،‬يوجد بينهما من صفات االتفاؽ أكثر من نقاط االختالؼ‪ :‬ليظهر كجو الشبو دكف تعب من‬
‫طرؼ ا‪١‬تتلقي‪ ،‬كتتمحور خصائص الصورة ا‪١‬تقاربة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تعتمد على اجملاز القريب كا‪٠‬تياؿ ا‪١‬تعقلن ‪.‬‬
‫‪ ‬تستجيب ‪١‬تنطق عمود الشعر الذم ينفر من الصور البعيدة ُب التخييل ‪.‬‬
‫‪- ‬تنهض على ا‪١‬تقاربة ُب التشبيو ْتيث يسهل إدراؾ كجو الشبو بُت طرفيو ‪.‬‬
‫‪ ‬تنهض على ا‪١‬تناسبة بُت ا‪١‬تستعار منو كا‪١‬تستعار لو‪ ،‬كا‪١‬تناسبة بينهما تقتضي أف تكوف االستعارة قريبة ال بعيدة‪،‬‬
‫كأف يسهل كشف ا‪١‬تشاهبة اليت تستند إليها‪.‬‬

‫كيستحسن النقاد العرب القدامى ا‪١‬تقاربة ُب التشبيو على التشبيو الذم يغلب عليو ا‪٠‬تياؿ الواسع كا‪١‬تعقد‪،‬فالنقاد‬
‫العرب كانوا يفضلوف التشبيو الذم تكوف فيو ا‪١‬تقاربة‪ ،‬كأف يسهل كشف ا‪١‬تشاهبة اليت تستند إليها كديواف "مآذف‬
‫بذلت ربيع العمر" ‪ 1‬ربيع العمر‬ ‫الشوؽ " للشاعر " سعد مردؼ " تعددت فيو الصور ا‪١‬تقاربة منها ما يلي ػ ػ "كقد ً‬
‫كناية عن فًتة الشباب كالقوة‪ ،‬كالعالقة ىنا بُت لفظ الكناية كداللتها جد قريبة‪ ،‬كالكناية تستخدـ إلثبات معٌت من‬
‫ا‪١‬تعاين كلقد كثر ُب كالـ العرب التكٍت‪ ،‬منها قو‪٢‬تم على الشخص الكرًن " كثَت الرماد" كىي كناية عن الكرـ‪ ،‬كعن‬
‫الشخص طويل القامة " طويل النجاد " ‪.‬‬

‫صورة مقاربة أخرل استعملها الشاعر ُب قولو "فأنت من علمنا ْتر كشطآف" ‪2‬كىي على سبيل التشبيو البليغ‬
‫كىو مألوؼ الصياغة للعالقة الوطيدة بُت البحر كاالتساع كالتشبيو البليغ من أكثر التشبيهات تأثَتا ُب ا‪١‬تتلقي‪ ،‬فهو‬
‫يعتمد على ا‪١‬تبالغة ُب التشبيو بُت أمرين اشًتكا ُب صفة معينة‪ ،‬فتحذؼ فيو أداة التشبيو ككجو الشبو كيبقى ا‪١‬تشبو‬
‫كا‪١‬تشبو بو‪ ،‬كالشاعر ‪٧‬تده يستخدـ التنويع ُب الصورة ا‪١‬تقاربة حيث ‪٧‬تده ُب قولو "ثعالب ٕتعل اآلساد أسراىا‬
‫استعمل االستعارة التصر٭تية اليت تكشف عن صورة مقاربة‪ ،‬فالثعالب مشبو بو ككذلك اآلساد‪ ،‬أما ا‪١‬تشبو احملذكؼ فهو‬
‫على الًتتيب ا‪١‬تاكركف ا‪١‬تتغلبوف كالشجعاف ا‪١‬تستضعفوف‪ ،‬كالعالقة ىنا قريبة كمدركة‪ٍ ،‬ب إف ىذه الصورة تتناص بوضوح‬
‫مع صورة قدٯتة للمتنيب تنتقد ىي األخرل أحواؿ الظلم ُب مصر‪ ،‬قاؿ ا‪١‬تتنيب‪:‬‬

‫‪ 1‬مآذف الشوؽ ص‪3‬‬


‫‪ 2‬ا‪١‬تصدر نفسو ص‪4‬‬

‫‪38‬‬
‫واالختالف‬
‫‪.‬‬ ‫الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫نامت نواطَت مصر عن ثعالبها فقد بشمن كما تفٌت العناقيد‬
‫كاستعمل الشاعر الصورة ا‪١‬تقاربة ُب قولة "خفافيش الظالـ " كىي كناية عن أىل الباطل الذين ال يطيقوف نور‬
‫ا‪ٟ‬تق‪ ،‬كالصورة ىذه متداكلة جارية على األلسن‪ ،‬كمعركؼ أف ا‪٠‬تفاش طائر يفضل الكهوؼ حيث الظلمة كالعتمة‬
‫كاستعملو الشاعر ىنا من أجل التعبَت عن أىل الباطل‪.‬‬
‫كالشاعر ُب قولو "فدا‪٫‬تا لوعة ا‪٢‬تجراف ما اتقدت " كظف االستعارة ا‪١‬تكنية‪ ،‬فاللوعة تتقد كالنار‪ ،‬كىي صورة‬
‫مقاربة متداكلة ُب الشعر الغزرل عادة‪.‬‬
‫كُب قوؿ الشاعر "ضمة الشوؽ تورم نار حرماين " كفيو تشبيو بليغ شبو الشاعر ا‪ٟ‬ترماف بالنار كحذؼ كجو‬
‫الشبو كأداة التشبيو‪.‬‬

‫ككاصل الشاعر استعماؿ أسلوب التقريب الذم كاف يعرؼ عند شعراء العرب قدٯتان كما ُب قولو ‪:‬‬

‫يا طا‪١‬تا باألماين البيض أغواين‬ ‫كأنٍت قد صرفت القلب عن رشإ‬

‫ىنا استعمل الشاعر االستعارة التصر٭تية ُب قولو " رشإ" كىو ُب اللغة ٔتعٌت الغزاؿ‪ ،‬كقد أراد بو الشاعر ىنا ‪٤‬تبوبتو‬
‫على عادة العرب ُب التغزؿ بالنساء كتشبيههن بالغزالف أك الظباء‪.‬‬

‫كُب قصيدتو "جدائل على ضفاؼ ريغ " قاؿ الشاعر‪:‬‬

‫ك‪٪‬تَت كاديها كرجع صداىا‬ ‫قيس أنا‪ ،‬لياله غاب ‪٩‬تيلها‬

‫ُب قوؿ الشاعر "قيس أنا" تشبيو بليغ زاد ا‪١‬تعٌت قوة كإيضاحان حيث قرب ا‪١‬تتلقي من ا‪١‬تعٌت ا‪١‬تضمر ُب سياؽ‬
‫الكالـ‪،‬كىو معاين ا‪ٟ‬تب الكبَت اليت ٖتملها عاطفة الشاعر ‪٨‬تو ‪٤‬تبوبتو ا‪١‬تتمثلة ُب مدينتو "ا‪١‬تغَت"‪ ،‬فالشاعر ربط‬
‫درجة ا‪ٟ‬تب الكبَتة اليت تغمر قلبو‪ ،‬بنفس درجة حب قيس لليلى اليت بلغت درجة ا‪ٞ‬تنوف‪ ،‬أما ما جاء ُب كصف‬
‫ليلى فكناية عن حاؿ البعد كما يثَته من األدل كاللوعة‪.‬‬
‫كىذم ُب الرىب حلل من األزىار كا‪ٟ‬تور‬ ‫كُب قولو‪:‬‬
‫صورة قريبة اإلدراؾ فهو شبو ‪ٚ‬تاؿ تلك األزىار ّتماؿ ا‪ٟ‬تور العُت‬
‫كُب قولو‪ :‬ال تركبوا موجة دكنو فإف ا‪١‬تخالف ما أضيعو‬
‫استعمل الكناية كهنانا عن أف نركب موجة أم أف نفعل شيئا ٮتالف إرادة الشعب‬
‫الشاعر‪ :‬كبنوؾ استنوقوا من فرط ما دل يركا حرا يقود العربا‬ ‫كُب قوؿ‪:‬‬

‫استعمل صورة مقاربة مأخوذة من قوؿ العرب‪ :‬استنوؽ ا‪ٞ‬تمل‪ ،‬كقد أراد الشاعر باستنواؽ األبناء ىنا حاؿ ا‪١‬تذلة‬
‫اليت أصابت العرب كنكبتهم ُب ‪٩‬توهتم‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫واالختالف‬
‫‪.‬‬ ‫الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫كُب قوؿ الشاعر‪ :‬كتذيب كل مولو عيناىا‬
‫صورة ُب بياف حاؿ احملب‪ ،‬كىي كثَتة االستعماؿ عند ا‪١‬تتغزلُت من الشعراء العرب مثل قوؿ امرئ القيس‪:‬‬
‫كما ذرفت عيناؾ إال لتضريب بسهميك ُب أعشار قلب مقتل‬
‫كُب كصفو ‪ٟ‬تاؿ العرب ا‪١‬تستضعفُت‪ ،‬عرب عن ىذا ا‪ٟ‬تاؿ باستخداـ صورة مقاربة تتمثل ُب الكناية حيث قاؿ‬
‫عرب من كرؽ أحوا‪٢‬تم‪ ...‬كىي كناية معربة عن ضعف األمة العربية‬ ‫الشاعر‪:‬‬
‫كحافظ الضاد ُب حل كمرٖتل كأهنا جوىر ُب الناس يلقيو‬ ‫كُب قوؿ الشاعر‪:‬‬
‫تشبيو للغة العربية با‪ٞ‬توىر الثمُت بوصفها مقوما من مقومات ا‪٢‬توية كألف ‪٢‬تا من ا‪ٞ‬تماؿ ما ليس لغَتىا‪.‬‬
‫الجزئية‪:‬‬ ‫ب‪-‬الصورة‬
‫"قد تظهر قدرا غَت‬ ‫ىي أىم عنصر من عناصر القصيدة ك العنصر األساسي ُب بناء الصورة الكلية‪ ،‬كىي‬
‫عادم من االكتماؿ الفردم كىي خلية مستقلة ‪٢‬تا تأثَتىا كدكرىا القائم على أهنا قيمة فنية مطلقة ُب حد ذاهتا‬
‫"‪1‬إضافة ‪١‬تا ‪٢‬تا من قيمة فنية من خالؿ ٘تاسكها مع ما ٯتاثلها من صور جزئية أخرل" ‪2‬ػ ػ بشكل عاـ الصورة ا‪ٞ‬تزئية‬
‫كياف فٍت لو موضعو احملدكد من القصيدة‪ ،‬كيظهر قدرا من االستقالؿ كاالكتماؿ‪ ،‬كيكشف عن خضوع لسلطة‬
‫كحدة البيت ال لبالغة الوحدة العضوية ‪.‬‬
‫كُب ديواف مآذف الشوؽ تتشكل قصائد الديواف من العديد من الصور ا‪ٞ‬تزئية ا‪١‬تختلفة‪ ،‬كالشاعر جعل من‬
‫الصور ا‪ٞ‬تزئية ركنا أساسيا ُب البناء العاـ للقصيدة‪ ،‬كلقد تشكلت صوره ا‪ٞ‬تزئية من العديد من األشكاؿ البالغية‬
‫من أبرزىا االستعارة اليت أخذت نصيب األسد من تشكل الصورة‪ ،‬كيعود سبب كثرة استعمالو ‪٢‬تا إذل دكرىا‬
‫ا‪ٞ‬تمارل كالبالغي " كمن خصائصها أهنا غنية با‪٠‬تياؿ ٭تلو فيها األسلوب‪ ،‬فيجسد ما تعتمل بو النفوس من‬
‫ضركب ا‪١‬تشاعر كألوف األخيلة كاألفكار فيبث ا‪ٟ‬تياة كا‪ٟ‬تركة ُب ا‪ٞ‬تماد كيبدك الكوف فيها ُب مشاركة " كلقد ٘تيزت‬
‫استعارة سعد مردؼ ببعض ا‪١‬تيزات منها ( التجسيم كالتشخيص ) ك‪٫‬تا خاصيتاف كثر استعما‪٢‬تما من طرؼ‬
‫الشعراء احملدثُت‪ ،‬فأما التجسيم فهو "أف يتخيل األديب ك الفناف لألمر ا‪١‬تعنوم أك ً‬
‫لعرض صورة معينة ير‪ٝ‬تها ُب‬
‫ذىنو‪،‬كيصَت ىذا األمر ُب خيالو جسما على كجو التشبيو كالتمثيل كاالستعارة"‪ 3‬كالتجسيم من عناصر التجديد ُب‬
‫‪4‬‬
‫الشعر العريب ا‪ٟ‬تديث ك‪٧‬تد لو ركاجا كاسعا بُت الشعراء كما ُب قوؿ الشاعر " عثماف لوصيف "‬
‫يا ىذه ا‪١‬تهرة البيضاء‬
‫‪1‬‬
‫غازم ٯتوت ‪،‬علم أساليب البياف ‪ -‬دار األصالة للطاعة كالنشر ‪ ،‬ط‪ ، 1‬بَتكت ‪1403 ،‬ق ‪1983‬ـ ‪،‬ص ‪254‬‬

‫‪ 2‬ا‪١‬ترجع نفسو ‪ ،‬ص‪100‬‬


‫‪ 3‬صالح عبد الفتاح ا‪٠‬تالدم‪ :‬نظرية التصوير الفٍت عند سيد قطب‪ ،‬دار الشهاب‪ ،‬باتنة‪1988، ،‬ص‪10.:‬‬
‫‪ 4‬شاعر جزائرم من مدينة بسكرة من ا‪ٞ‬تنوب ا‪ٞ‬تزائرم ‪ ،‬ليديو العديد من األعماؿ الشعرية منها ما يلي (الكتابة بالنار ‪،‬‬
‫شبق اليا‪ٝ‬تُت ‪ ،‬أعرس ا‪١‬تلح ‪ ،‬أّتديات )‬

‫‪40‬‬
‫واالختالف‬
‫‪.‬‬ ‫الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الشاردة كحدىا ُب ا‪ٟ‬تنادس‬
‫ضاع اللجاـ من يدم‬
‫كضاعت معو ا‪١‬تهامز‬

‫فالشاعر ىنا جعل من الوطن كىو شيء معنوم‪ ،‬جعلو ماديا كىذا عن طريق ا‪٠‬تياؿ الشعرم‬

‫أما التشخيص فهو عملية فنية يستخدمها الشاعر ُب بناء صوره ا‪ٞ‬تزئية‪ " ،‬بذلك يكوف التشخيص صفة عميقة‬
‫موغلة ُب كياننا كىو ذك قدرة على التكثيف كاالقتصاد أك اإل‪٬‬تاز‪ ،‬كقد عزا إليو ريتشارد الفضل‪ُ ،‬ب ٕتنب انتشار‬
‫الدكافع االنفعالية كتبدديها‪ ،‬لذلك يتميز من كل أسلوب يراد بو إحداث مفاجأة أك ‪٥‬تادعة‪ ،‬فضال على أساليب‬
‫الشركد الذىٍت اليت تفسد العاطفة " ‪ ،1‬ملخص القوؿ أف التشخيص يتمثل ُب عملية نقل الشاعر ‪٠‬تاصية إنسانية أك‬
‫شعور إنساين لشيء معنوم أك مادم‪،‬كمن أمثلتو قوؿ الشاعر ‪٤‬تمود حسن إ‪ٝ‬تاعيل‪:‬‬

‫أقبل يستغفر‬
‫ُب مرة كالدجى ملحد إذل اهلل ى‬
‫رفات ا‪١‬تعاصي هبا تنظر‬ ‫كنفس تائبة دل تزؿ‬

‫متاب كإٍب بو ‪٬‬تأر‬ ‫فقالت‪ :‬ككيف التقى العاشقاف‬

‫خضوعو كرفض بو تؤمر‬ ‫ككيف ا‪٠‬تطايا تبكي ككيف‬

‫على كجهها ا‪ٟ‬تق ال يسفر‬ ‫فقلت اسًت٭تي مرايا النفوس‬

‫نالحظ من خالؿ ىذه األبيات ا‪٠‬تمسة ا‪١‬تاضية استعماؿ عنصر التشخيص‪ ،‬ففي البيت األكؿ الشاعر جعل من‬
‫الدجى ملحدا كىي خاصية إنسانية‪ ،‬بينما ُب البيت الثاين‪ ،‬أصبحت ا‪١‬تعاصي تنظر‪ٍ ،‬ب تكرر نفس األمر ُب باقي‬
‫األبيات "كالتشخيص ىنا قائم على قوة الوجداف‪ ،‬للتعبَت عن حالة الذنب كضجر ا‪٠‬تطايا من حياهتا‪ ،‬كالعودة إذل اهلل‪،‬‬
‫كلكن التوبة غَت مقبولة‪ ،‬ألف ا‪٠‬تطايا ال تصدؽ ُب صالهتا‪،‬كا‪ٟ‬تق ال يسفر على الوجوه غَت الصادقة" ‪.2‬‬

‫كُب ديواف مآذف الشوؽ للشاعر سعد مردؼ شكل الشاعر قصائده عن طريق استعماؿ عنصر الصورة ا‪ٞ‬تزئية‪،‬‬
‫فكانت عنصرا بارزا كفعاال ُب بناء الصور الكلية كسوؼ نقف على بعض النماذج الشعرية ُب الديواف نظهر فيها‬

‫‪ 1‬مصطفى السعدين ‪ ،‬التصوير الفٍت ُب شعر ‪٤‬تمود حسن إ‪ٝ‬تاعيل ‪ ،‬دار ا‪١‬تعارؼ ‪ ،‬ص ‪92‬‬
‫‪ 2‬ا‪١‬ترجع السابق ص‪89‬‬

‫‪41‬‬
‫واالختالف‬
‫‪.‬‬ ‫الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الطريقة كاألسلوب الذم سلكو الشاعر ُب بناء صوره ا‪ٞ‬تزئية‪ ،‬منها النموذج التارل من قصيدة "لو كاف عندنا" ‪ ،1‬قاؿ‬
‫الشاعر‪:‬‬

‫كم يهدركف ‪ٚ‬تالو ا‪١‬تنثورا‬ ‫عجبا ‪٢‬تم كم يظلموف النور‬

‫كىو الذم مأل القلوب عبَتا‬ ‫كم ٮتنقوف الفجر بُت عيونو‬

‫نالحظ أف الشاعر ُب الصورة ا‪ٞ‬تزئية ا‪١‬توجودة ُب البيت األكؿ استعمل التشخيص ؛حيث أكقع على النور كىو‬
‫مكوف معنوم صفة الظلم كىي صفة إنسانية‪ ،‬ىذا االنزياح اللغوم أضاؼ للصورة جانبا ‪ٚ‬تاليا كتأثَتيا قويا‪ ،‬كىي‬
‫الغاية من التشخيص دكف أدىن شك‪ ،‬كىو األمر ذاتو ُب البيت الثاين‪ ،‬حيث ‪٧‬تد الشاعر جعل من الفجر إنسانا‬
‫ٮتتنق‪ ،‬كىو تعبَت ٗتييلي بارع‪.‬‬

‫كُب قصيدتو الغزلية " اعتذارات ابن ا‪١‬تلوح " صور الشاعر تلك ا‪١‬تشاعر كاألحاسيس اليت ٭تملها تصويرا حسيا‬
‫مستخدما من خال‪٢‬تا بعض األساليب ا‪ٞ‬تمالية ا‪ٟ‬تديثة اليت ٖتركها ملة ا‪٠‬تياؿ لديو كلقد كانت القصيدة غنية بالصورة‬
‫ا‪ٞ‬تزئية اليت ر‪ٝ‬تت مشهدا فنيا منسجما يعرب ىذا ا‪١‬تشهد على لوحة فنية عاطفية عن اعتذارات الشاعر ‪٨‬تو حبيبتو اليت‬
‫تناك‪٢‬تا الشاعر ُب ثنايا النص‪ ،‬كسوؼ نقدـ بعض األسطر الشعرية من القصيدة‪ ،‬تظهر من خال‪٢‬تا بعض الصور ا‪ٞ‬تزئية‪،‬‬
‫قاؿ الشاعر‪:‬‬

‫لعينيك ألف ىدية‬

‫كألف اعتذارا يزقزؽ بُت جبينك‬

‫كٯتتد كا‪١‬توج بُت حاجبيك‬

‫كُب خصلة الشعر‬


‫‪2‬‬
‫ما داعبت موجها أ‪٪‬تلو‬

‫من خالؿ ىذه األسطر السابقة نالحظ قدرة الشاعر الكبَتة ُب استعماؿ اللغة‪ ،‬فالشاعر امتلك قدرة بارعة ُب‬
‫التالعب با‪١‬تفردات‪ ،‬ففي قولو مثالن "لعينيك ألف ىدية" ‪٧‬تد أف الشاعر قاـ بانزياح لغوم كاستعمل التشخيص‪،‬‬
‫حيث أنو جعل من العيوف إنسانا يقدـ لو ا‪٢‬تدايا‪ ،‬بينما ‪٧‬تده ُب قولو " كألف اعتذار يزقزؽ فوؽ جبينك " جسم‬

‫‪ 1‬يقصد الشيخ صفوت حجازم‬


‫‪ 2‬ا‪١‬تصدر السابق ص‪14‬‬

‫‪42‬‬
‫واالختالف‬
‫‪.‬‬ ‫الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الشيء ا‪١‬تعنوم كىو االعتذار كجعل لو جسم عصفور‪ ،‬كُب ىذه الصورة استعارة مكنية حذؼ فيها ا‪١‬تشبو بو كىو‬
‫العصفور كجاء بالزمة بلوازمو كىي الزقزقة‪.‬‬

‫‪٪‬توذج أخر من ديواف مآذف الشوؽ تتجسد فيو مالمح الصورة ا‪ٞ‬تزئية كىو من قصيدة "جدائل على ضفاؼ ريغ "‬
‫قاؿ الشاعر‪:‬‬

‫كمشاعرم فوؽ الوداد تراىا‬ ‫قل للمغَت‪ :1‬أنٍت أىواىا‬

‫ىي فوؽ كل ا‪ٟ‬تب يغمر عاشقا كتذيب كل مولو عيناىا‬

‫كمدينة سحر الزماف سناىا‬ ‫ىي كل نغمو ‪٬‬تيش ٓتاطرم‬


‫‪2‬‬
‫للعشق تغشى كل من يغشاىا‬ ‫مغمورة بالوحي‪ ،‬يبعث فورة‬

‫الصورة ا‪ٞ‬تزئية األكذل من ىذا ا‪١‬تقطع كانت ُب قوؿ الشاعر " قل للمغَت إنٍت أىواىا " كفيها تشخيص للمغَت‬
‫كىي اسم مكاف حيث جعلو على ىيئة امرأة كبدأ يتغزؿ هبا كراح يعرب عن مشاعره ‪٨‬توىا‪ ،‬ك بذلك قدـ صورة حية‬
‫حسية‪ ،‬قربت ا‪١‬تعٌت ُب األذىاف كحركت ا‪١‬تشاعر كأحيت النفوس كاألحاسيس ‪.‬‬

‫كذلك رسم الشاعر لوحة فنية شعرية بديعة‪ ،‬كذلك بواسطة خيالو ا‪٠‬تصب‪ ،‬حيث قاؿ الشاعر " كتذيب كل‬
‫مولو عيناىا"‪.‬‬

‫ُب ىذه الصورة الشاعر شبو "ا‪١‬تغَت " با‪١‬ترأة ا‪ٟ‬تسناء ذات العينُت ا‪ٞ‬تمليتُت‪ ،‬فجماؿ ا‪١‬تدينة ُب سحره يقارب‬
‫‪ٚ‬تاؿ ا‪١‬ترأة كعيناىا‪ ،‬كىي صورة بيانية على صيغة االستعارة ا‪١‬تكنية‪ ،‬كىذا التجسيد ا‪١‬تستعمل ُب ىذه الصورة زادىا‬
‫‪ٚ‬تاال كتأثَتا ُب السامع‪.‬‬

‫صورة جزئية أخرل ُب قوؿ الشاعر‪" :‬كمدينة سحر الزماف سناىا " ك فيها استعمل الشاعر عنصر التشخيص‬
‫جاعال من الزماف ك كأنو ساحر ‪ ،‬فنسب لو خاصية إنسانية ٘تثلت ُب السحر‪.‬‬

‫كُب ىذا ا‪١‬تقطع الشعرم من قصيدة " ‪٧‬تول " شكل الشاعر صورتو الكلية عرب استخداـ بعض الصور ا‪ٞ‬تزئية‬
‫الفرعية‪ ،‬قاؿ الشاعر‪:‬‬

‫ىنا حيث يكتمل ا‪١‬تشهد * * * كحيث ا‪٢‬تول‪ ،‬كالنول موليد‬


‫ىنا‪ ،‬حيث كل األماين مٌت * * * ككل ا‪ٟ‬تكايات ال تنفد‬

‫‪ 1‬ا‪١‬تغَت مدينة تابعة لوالية الوادم الواقعة جنوب ا‪ٞ‬تزائر‬


‫‪ 2‬ا‪١‬تصدر السابق ص‪22‬‬

‫‪43‬‬
‫واالختالف‬
‫‪.‬‬ ‫الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫مشوؽ إليك كُب غربيت * * * شكتك ا‪١‬تالحف‪ ،‬كا‪١‬ترقيد‬
‫كنازعٍت فيك ذلك الوساد * * * كتلك ا‪١‬تشاجب كا‪١‬تقعيد ‪.1‬‬

‫ُب قوؿ الشاعر " ىنا حيث يكتمل ا‪١‬تشهد " صورة بصرية حسية‪ ،‬استعمل فيها الشاعر أسلوب لفت االنتباه‬
‫كىذا من خالؿ قولو "ىنا " ٍب قاؿ الشاعر "حيث يكتمل ا‪١‬تشهد " ىذا التعبَت يضعك ككأنك أماـ مشهد تراه بالعُت‬
‫اجملردة‪ ،‬كىذه الصورة ا‪ٟ‬تسية نقلت ا‪١‬تشهد ا‪١‬تعنوم الذم ال يرل إذل مشهد حسي ٗتيٌلي‪ ،‬كنالحظ من خالؿ قولو "‬
‫شكتك ا‪١‬تالحف‪ ،‬كا‪١‬ترقد" الشاعر ىنا حاكؿ أف يصور تلك اللحظة الشعورية كاألحاسيس ا‪١‬تؤثرة‪ ،‬بطريقة ‪٣‬تازية‬
‫رائعة‪ ،‬المس فيها الشاعر خياؿ ا‪١‬تتلقي‪ ،‬حيث أنو شبو ا‪١‬تالحف باإلنساف مستعَتا منو صفة الشكول‪ ،‬كىي صورة‬
‫بيانية على سبيل االستعارة ا‪١‬تكنية‪.‬‬

‫كشاعرنا امتلك قدرة على ابتكار الصور ا‪ٟ‬تية كىذا بفضل خيالو كشعوره الواسع بالعادل احمليط بو‪ ،‬فالشاعر‬
‫استخدـ اللغة كألفاظها كرموز للمشاعر كالعواطف كاألحاسيس كاألفكار كغَتىا‪ ،‬ك استعمل الكلمات ُب غَت ‪٤‬تلها‬
‫الذم كضعت لو‪ ،‬فتصبح ىذه الكلمات موحية كرمزية كمعربة‪ ،‬من ذلك قوؿ الشاعر مثال‪ " :‬رآىا الصبح فارتعشت "‬
‫استعمل الشاعر ىنا صورة حسية بصرية كظف من خال‪٢‬تا حاسة البصر‪ ،‬كاستعارىا إذل شيء معنوم كىو "الصبح"‬
‫كىو استعماؿ غَت مألوؼ‪.‬‬

‫‪ 1‬ا‪١‬تصدر السابق ص‪53‬‬

‫‪44‬‬
‫واالختالف‬
‫‪.‬‬ ‫الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بالغة االختالف‪:‬‬

‫ا‪١‬تفارقة‪:‬‬ ‫‪ .3‬الصورة‬

‫صورة ٭تركها منطق االختالؼ ال ا‪١‬تشاكلة كتستند إذل فاعلية ا‪٠‬تياؿ كطاقتو التأثَتية كما أهنا‬
‫تقوـ على اجملازات البعيدة كالتخييالت العجيبة‪ ،‬صورة تبتكر كال ٖتاكي‪ ،‬كتباعد كال تقارب‪،‬‬
‫كتستبطن كال تقرر ‪ ،‬فالصورة ا‪١‬تفارقة ٖتتاج إذل مكابدة كتأمل كبَت من طرؼ ا‪١‬تتلقي من أجل‬
‫التعرؼ على األسرار كا‪٠‬تبايا ا‪١‬تضمرة خلف الكالـ الظاىر‪ ،‬فالصورة ا‪١‬تفارقة ٘تيل إذل الغموض‬
‫الذم ٭تتاج إذل تأكيل كتأمل عميق‪ ،‬كالصورة ا‪١‬تفارقة ىي ظاىرة أدبية حديثة انتشرت ُب‬
‫الشعر العريب ا‪ٟ‬تديث‪ ،‬كأصبحت قيمة ثابتة ُب العمل الشعرم‪.‬‬

‫كُب ديواف مآذف الشوؽ كانت الصورة ا‪١‬تفارقة حاضرة بقوة‪ ،‬فكانت القصائد غنية با‪٠‬تياالت‬
‫الواسعة كا‪١‬تفارقات العجيبة كاجملازات البعيدة‪ ،‬كالنماذج الشعرية التالية اعتمد فيها الشاعر على‬
‫الصور ا‪١‬تفارقة‪:‬‬

‫عنادؿ ىذا الصباح حزينة‬


‫‪1‬‬
‫كمعطف ىذا الضياء قتاـ‬

‫ىنا صورة ‪٥‬تتلفة مفارقة فقد استعار الشاعر للعنادؿ حالة ا‪ٟ‬تزف على الرغم من أهنا معركفة‬
‫بأصواهتا ا‪١‬تطربة ا‪١‬تفرحة‪ٍ ،‬ب إنو شبو الضياء ٔتعطف أسود قاًب على الرغم من ا‪١‬تخالفة الظاىرة‬
‫لصفة الضياء ا‪١‬تألوفة‪ ،‬ككاضح أف منطق االختالؼ ىو الذم أسس ‪٢‬تذه الصورة ُب ‪٤‬تاكلة من‬
‫الشاعر إلسقاط حزنو ا‪٠‬تاص على األشياء من حولو‪ ،‬كىو استعماؿ غَت مألوؼ‪.‬‬

‫‪ 1‬ا‪١‬تصدر السابق ص‪11‬‬

‫‪45‬‬
‫واالختالف‬
‫‪.‬‬ ‫الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫كالشاعر" سعد مردؼ" دل يستعمل ىنا ا‪١‬تستول العػادم ُب التعامل مع األشياء قصد تشكيل‬
‫صوره‪ ،‬كإٌ‪٪‬تا كظَّف ا‪١‬تستول اإلبداعي‪،‬كىػو الذم يتجاكز االستعماؿ ا‪١‬تألوؼ للغة‪ ،‬كينتهك صيغ‬
‫األساليب ا‪ٞ‬تاىزة‪ ،‬كيهدؼ من خػالؿ ذلك إذل شحن ا‪٠‬تطاب بطاقات أسلوبية ك‪ٚ‬تالية ٖتدث تأثَتا‬
‫خاصا ُب ا‪١‬تتلقي‪.‬‬
‫‪ -‬كألف اعتذار يزقزؽ فوؽ جبينك‪.‬‬

‫األصل أف االعتذار ُب كاد كالزقزقة ُب كاد آخر كلكنهما اجتمعا مع ذلك ُب ىذه الصورة ا‪١‬تفارقة‬
‫للعادة التعبَتية فنسبت الزقزقة كىي فعل حيواين إذل االعتذار كىو فعل إنساين‪ ،‬ألف االعتذار مسموع‬
‫ككذلك الزقزقة‪.‬‬

‫لعينيك ما ُب يراعي خبا‬

‫كما غار ُب جعبيت من ىديل‪.1‬‬

‫الشاعر ُب قولو "لعينيك ما ُب يراعي خبا " استعمل استعارة مكنية شبو فيها القلم بالنار‬
‫كحذؼ ا‪١‬تشبو بو النار كجاء بالزمة من لوازمو كىي "خبا"‪ ،‬كىي نفس الصورة البيانية ُب قولو " كما غار‬
‫ُب جعبيت من ىديل " شبو الشاعر فيها عواطفو العميقة با‪ٟ‬تماـ‪ ،‬فحذؼ ا‪١‬تشبو بو ا‪ٟ‬تماـ كجاء بالزمة‬
‫من لوازمو كىي "ا‪٢‬تديل"‪.‬‬

‫كماذا سول ‪٪‬تنمات ا‪ٟ‬تنُت‬

‫تلملم أشتات قلب ذكل‬

‫ُب ىذه الصورة جرد الشاعر ا‪ٟ‬تنُت من صفتو ا‪١‬تعنوية كجعلو عنصرا ماديا‪ ،‬حيث جعل‬
‫منو لوحة فنية مزخرفة‪ ،‬كُب الصورة استعارة مكنية‪ ،‬كذلك ُب قولو "قلب ذكل " استعارة مكنية‬
‫شبو الشاعر القلب بالوردة الذابلة كلقد حذؼ ا‪١‬تشبو بو ا‪١‬تتمثل ُب تلك الوردة كجاء بالزمة ‪٢‬تا‬
‫كىي كلمة"ذكل"‪.‬‬

‫عيونك مغمضة كالشتاء‪...‬‬

‫‪ 1‬ا‪١‬تصدر السابق ص‪15‬‬

‫‪46‬‬
‫واالختالف‬
‫‪.‬‬ ‫الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫صورة تشبيهية مفارقة‪ ،‬ليس ىناؾ عالقة قريبة كمألوفة بُت العيوف ا‪١‬تغمضة كالشتاء‪ ،‬كلكن‬
‫إحساس الشاعر العميق كرؤيتو ا‪٠‬تاصة يقفاف كراء ذلك‪ ،‬فالعيوف ا‪١‬تغمضة ٗتفي أكثر ‪٦‬تا‬
‫تظهر‪ ،‬ككذلك الشتاء الفصل ا‪١‬تلبد بالغيوـ اليت ٖتجب صفاء السماء‪.‬‬

‫كتسًتجعُت رفيف البكور‬

‫كساحرة من بالد سال‬

‫جثت تعجن ا‪١‬توج ُب شاطئيها‬

‫نالحظ أف ىناؾ تباعدا من حيث ا‪١‬تعٌت بُت رفيف البكور ك ساحرة من بالد سال‪،‬‬
‫فالشاعر ‪ٚ‬تع بُت متباعدين‪ ،‬كالصورة ىنا تبدك غامضة إال أهنا مثَتة‪ ،‬فالنفس ٘تيل دكما‬
‫لألشياء ا‪ٞ‬تديدة‪ ،‬ك ىنا مكمن ا‪ٞ‬تماؿ ُب ىذه الصورة‪ ،‬فالقطة تصبح راكية ساحرة "جثت‬
‫تعجن ا‪١‬توج ُب شاطئيها " كاستعماؿ االستعارة ىنا يدؿ على ذكؽ عاؿ‪ ،‬ألف "االستعارة من‬
‫أبلغ األلواف البالغية كأركعها كأف بالغتها إ‪٪‬تا ترجع إذل حسن تصويرىا كانتقاء ألفاظها‬
‫كإ‪٬‬تازىا "‪.1‬‬

‫كتطعم تارٮتها‬
‫‪2‬‬
‫ذكريات الفتوح‬

‫ُب ىذه الصورة تتأكد براعة الشاعر ُب التفنن ُب التشخيص‪ ،‬فالشاعر ألبس التاريخ‬
‫كىو مكوف معنوم خاصيةن إنسانية كىي األكل‪ ،‬كما أنو جسم الذكريات كحو‪٢‬تا إذل غذاء‬
‫يتقوت بو التاريخ‪ ،‬كىذا التوظيف التخيٌلي أعطى قوة للتعبَت‪.‬‬

‫كجهك يكتب ُب لوحات ا‪٠‬توؼ‬

‫سفرا ‪٨‬تو ا‪١‬تدف ا‪٠‬تضر‬

‫‪٤ 1‬تمود السيد شيخوف ‪ :‬االستعارة نشأهتا كتطورىا كأثرىا ُب األساليب العربية‪ ،‬مكتبة الكليات األزىرية‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫‪1984،‬ص‪10.‬‬
‫‪ 2‬ا‪١‬تصدر السابق ص‪29‬‬

‫‪47‬‬
‫واالختالف‬
‫‪.‬‬ ‫الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫يرسم ُب األفق ا‪١‬تغرب‬

‫صفَت قطار‬

‫الشاعر ُب ىذه الصورة شبو الوجو بالقلم‪ ،‬فالقلم يكتب رموزا‪،‬ككلمات تعبَتية كذلك‬
‫الوجو الذم تبدم مال‪٤‬تو التعبَتية العديد من العواطف كا‪١‬تشاعر‪ ،‬فكال‪٫‬تا يشًتكاف ُب الوظيفة‬
‫التعبَتية كىي كجو الشبو بينهما‪ٍ ،‬ب جعل ىذا الوجو الذم ٖتوؿ إذل قلم راسم يرسم صورة‬
‫رمزية خيالية لصفَت قطار‪ ،‬ك ىذه صورة مفارقة بشدة للبعد الكبَت بُت أطرافها‪.‬‬

‫كإذ تورقُت كأكؿ ‪٧‬تم‪.‬‬

‫على ضفة الشوؽ ُب زكرقي‪.‬‬

‫صورة مفارقة ‪ٚ‬تع الشاعر فيها ما ال ‪٬‬تتمع إال ُب ‪٥‬تيلة إبداعية ترسم كاقعا ‪٥‬تتلفا "‬
‫اإليراؽ كا‪١‬ترأة كالنجم كالضفة كالشوؽ كالزكرؽ"‪.‬‬

‫إف ُب ‪٪‬تنماتك دؼء الشتاء‬

‫"الشتاء " ىنا لو دالالت تعبَتية عميقة خصوصا كأف الشاعر نسب إليو الدؼء على غَت‬
‫العادة كدل ينسب إليو صفتو الدائمة أم الربد‪.‬‬

‫كأف الصبح ُب ألق كقد صاَب بتبكَت‬

‫بأمن غَت ‪٤‬تذكر‪.‬‬ ‫صدل قليب كقد أمسى‬

‫ُب قوؿ الشاعر "كقد صاَب بتبكَت" استعار الشاعر كلمة ُب غَت ‪٤‬تلها الذم كضعت‬
‫لو‪ ،‬كىذه الكلمة ىي كلمة "صاَب " كاليت تدؿ على النقاء كالوضوح‪ ،‬كلقد أسندت ىذه‬
‫الكلمة إذل الصباح الباكر‪ ،‬فتحوؿ كأنٌو ماء صاُب كنقي‪ ،‬كُب البيتُت صورة تشبيهية دل تقم على‬
‫ا‪١‬تقاربة بل على ا‪١‬تفارقة‪ ،‬طرفها األكؿ حسي ىو الصبح كطرفها الثاين شعورم عاطفي " صدل‬
‫قليب "‪.‬‬

‫كماذا بكف األصائل بعدؾ‬

‫‪48‬‬
‫واالختالف‬
‫‪.‬‬ ‫الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫ماذا?‬

‫سول حشرجات كحزف‬

‫كإال شتاء تناثرت فيو‬


‫‪1‬‬
‫بأيامي ا‪١‬تمطرات‬

‫ُب ىذه الصورة ا‪١‬تفارقة تر‪ٚ‬تة ‪١‬تشاعر ا‪ٟ‬تزف‪ ،‬فا‪ٟ‬تشرجات بكف األصائل‪ ،‬كالشتاء فصل‬
‫تتناثر فيو ذات الشاعر ك٘تطر فيو أيامو‪.‬‬

‫الصورةالكلية‪:‬‬ ‫‪.4‬‬

‫الصورة الكلية تشكيل فٍت تبٌت فيو الصورة على امتداد النص كلو‪ ،‬كىذا يعٍت أهنا ال تستمد قيمتها‬
‫ا‪ٞ‬تمالية العالية من ‪٣‬ترد انسجاـ كتآزر كٕتانس أجزائها بل انصهار ىذه األجزاء ُب بوتقة كاحدة‬
‫كخضوعها لشمولية ككلية الوحدة العضوية الصورة الكلية كياف فٍت عضوم‪ ،‬كاألىم فيو ىو تالحم‬
‫ك٘تاسك صوره ا‪ٞ‬تزئية أك بنياتو الصغرل ‪٠‬تدمة البنية الكلية‪ ،‬الصورة الكلية ىي "لوحة تنتج من تضاـ الصور‬
‫ا‪ٞ‬تزئية بوحداهتا ا‪١‬تتنوعة‪،‬فالشاعر يصور موجات مستمرة من ا‪ٟ‬تركة الدائبة‪ ،‬ترفد كل جزئية منها التشكيل العاـ " ‪.2‬‬

‫إهنا ذلك الكل الذم تتضافر ُب بنائو ‪٣‬تموعة من الصور ا‪ٞ‬تزئية اليت ٘تثل ركحو‪ ،‬كأساس عمل الشاعر ىو‬
‫حسن تشكيل ىذه الصور ا‪ٞ‬تزئية‪،‬كىذا عن طريق توظيف شىت الوسائل الفنية من كسائل البياف كالتشبيو كاالستعارة‬
‫كاجملاز كالكناية كغَتىا من أساليب البالغة أك أساليب ا‪٠‬تياؿ كاألسطورة كالرمز‪ ،‬كصوال إذل تشكيل صوره الكلية‪.‬‬

‫كإذا ْتثنا ُب ديواف ُب ديواف "مآذف الشوؽ " للشاعر ا‪ٞ‬تزائرم "سعد مردؼ " ‪٧‬تد حضورا للصورة الكلية ُب‬
‫قصائده‪ ،‬كلقد تشكلت الصور الكلية نتيجة تضاـ كتناسق الصور ا‪ٞ‬تزئية فيما بينها‪ ،‬كسوؼ نعرض بعض ‪٪‬تاذجها من‬
‫الديواف فيما يأٌب‪:‬‬

‫لقد رسم الشاعر "سعد مردؼ " ُب قصيدة "‪٧‬تول "لوحة تصويرية ٘تثلها الصورة الكلية اليت تعتمد على إٖتاد‬
‫ا‪ٞ‬تزئيات فيما بينها حيث يقوؿ‪:‬‬

‫ك حيث ا‪٢‬تول كالنول مولد‬ ‫ىنا حيث يكتمل ا‪١‬تشهد‬

‫‪ 1‬ا‪١‬تصدر السابق ص‪10‬‬


‫‪ 2‬ا‪١‬تصدر السابق ص‪3‬‬

‫‪49‬‬
‫واالختالف‬
‫‪.‬‬ ‫الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫ككل ا‪ٟ‬تكايات ال تنفد‬ ‫مٌت‬
‫ىنا‪ ،‬حيث كل األماسي ن‬
‫شكتك ا‪١‬تالحف‪ ،‬كا‪١‬ترقد‬ ‫مشوؽ إليك كُب غربيت‬

‫كتلك ا‪١‬تشاجب‪ ،‬كا‪١‬تقعد‬ ‫كنازعٍت فيك ذاؾ الوساد‬

‫كُب كل ما المستو يد‬ ‫رأيتك ُب كل شيء قريب‬

‫عيوين‪ ،‬كأنت ا‪١‬تدل األبعد‬ ‫كُب كل ىذه الزكايا رأتك‬

‫مواكيلك البيض كالغرد‬ ‫كُب تونس السحر قد رافقتٍت‬


‫‪1‬‬
‫كُب البحر حبك إذ يزبد‬ ‫كأبصرت ُب أفقها حاجبيك‬

‫لقد سا‪٫‬تت العناصر ا‪١‬تالزمة للصورة الكلية كىي (الصوت كاللوف كا‪ٟ‬تركة كالعاطفة)ُب تالحم كتناسق الصور‬
‫ا‪ٞ‬تزئية ‪٢‬تاتو الصورة الكلية‪ ،‬كيظهر عنصر الصوت ُب قوؿ الشاعر " شكتك ا‪١‬تالحف كا‪١‬ترقد " بينما يتجسد عنصر‬
‫ا‪ٟ‬تركة ُب قوؿ شاعرنا " ُب كل ما المستو يد" فاللمس عبارة عن حركة يقوـ هبا اإلنساف‪ ،‬أما توظيف اللوف يكمن ُب‬
‫قوؿ الشاعر " مواكيلك البيض "‪ ،‬أما عنصر العاطفة كاألحاسيس فكاف حاضرا ُب تركيب ىاتو الصورة الكلية كيظهر‬
‫ُب قولو " مشوؽ إليك كُب غربيت " كُب قولو " كُب البحر حبك إذ يزبد"‪.‬‬

‫لقد كفق الشاعر إذل حد بعيد ُب رسم صورتو الفنية الشعرية الكلية من خالؿ ىذه القصيدة‪ ،‬كىذا يعود إذل‬
‫قدرتو على تشكيل صوره ا‪ٞ‬تزئية بتفاصيلها البسيطة ك قدرتو على الربط فيما بينها‪ ،‬حىت عادت كالعضو الواحد‪ ،‬ككاف‬
‫كل جزء خادـ كمساعد ُب بناء كتشكل الصورة الكلية كالنهائية للقصيدة‪.‬‬

‫كذلك ٕتسدت مالمح الصورة الكلية ُب قصيدة "جدائل على ضفاؼ ريغ"‪ ،‬قاؿ الشاعر‪:‬‬

‫كمشاعرم فوؽ الوداد تراىا‬ ‫قل للمغَت إنٍت أىواىا‬

‫كتذيب كل مولو عيناىا‬ ‫ىي فوؽ كل ا‪ٟ‬تب يغمر عاشقا‬

‫كمدينة سحر الزماف سناىا‬ ‫ىي ُب ا‪١‬تدل نغم ‪٬‬تيش ٓتاطرم‬

‫كل من يغشاىا‬
‫للعشق تغشى ٌ‬ ‫معمورة بالوحي يبعث فورة‬

‫‪٧‬تواه‪ ،‬آهو كيف كاف جواىا‬ ‫سكن ‪٢‬تذا القلب يرد ‪٢‬تيبو‬

‫‪ 1‬ا‪١‬تصدر السابق ص ‪53‬‬

‫‪50‬‬
‫واالختالف‬
‫‪.‬‬ ‫الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫ىي كاحة للركح ُب مرقاىا‬ ‫ىي راحة الدنيا كطيب صفائها‬

‫ىي مهبط للنور‪ ،‬كىي حكاية جثت الدىور ٕتوؿ ُب معناىا‬

‫عسب النخيل ٘تايلت كفاىا‬ ‫أرخت جدائلها على "ريغ "كُب‬

‫فتجاكبت ُب الباسقات مناىا‬ ‫كنضت غالالت البكور خال‪٢‬تا‬

‫من فيض ىاتنها‪ ،‬كمن ريٌاىا‬ ‫عبق ا‪ٞ‬تنوب‪ ،‬يضوع ُب أكمامها‬


‫‪1‬‬
‫غر تضلع من عبَت شذاىا‬
‫ٌ‬ ‫يا سحرىا ُب أضلعي‪ ،‬كأنا هبا‬

‫يصور الشاعر من خالؿ ىذا ا‪١‬تقطع الشعرم مظهر ا‪ٞ‬تماؿ ا‪٠‬تالب الذم تتصف بو مدينة ا‪١‬تغَت كىي بالد‬
‫الشاعر‪ ،‬كلقد أمعن الشاعر ُب كصف ا‪١‬تعادل الطبيعية اليت تزخر هبا ا‪١‬تنطقة‪ ،‬خاصة حدائق النخيل الغناء‪ ،‬كذلك ‪٧‬تد‬
‫أف الشاعر كظف أسلوب الغزؿ ُب تصويره ‪ٞ‬تماؿ ا‪١‬تدينة فتخيلها امرأة كراح يتغزؿ ّتماؿ عينيها ا‪ٞ‬تذاب‪ ،‬كلقد‬
‫ساعدت الصور ا‪ٞ‬تزئية ُب البناء العاـ للقصيدة كُب تصوير ا‪١‬تشهد‪ ،‬كلقد بدأ الشاعر باستعارة مكنية جسدت مدينة‬
‫ا‪١‬تغَت ُب صورة امرأة ساحرة ا‪ٞ‬تماؿ‪ ،‬كىذا ُب قولو "كتذيب كل مولو عيناىا"‪ ،‬كُب قولو "كمدينة سحر الزماف سناىا "‬
‫فأصبح الزماف مسحورا ككذلك اإلنساف‪ ،‬تالىا ‪٣‬تموعة من الصور النابضة ا‪١‬تتعاقبة‪ ،‬اليت تزيد معادل الصورة كضوحا‪،‬‬
‫حيث ٘تثل الشاعر مدينتو "كاحة للركح" ك"مهبطا للنور" ك"بردا للهيب القلب" كشخص ا‪١‬تدينة ُب قولو "أرخت‬
‫جدائلها " فجعلها امرأة ‪٢‬تا جدائل شعر ترخيها‪ ،‬ككاضح أف صوره ‪ٚ‬تيعا قامت على الوصف الوجداين التأثرم ال‬
‫الوصف ا‪٠‬تارجي‪.‬‬

‫ىذه بعض النماذج الشعرية من ديواف "مآذف الشوؽ" ٕتلت من خال‪٢‬تا مالمح الصورة الكلية اليت يعترب خاصية‬
‫فعالة ُب بناء مشاىد تصويرية منسجمة كمًتابطة أهبر هبا القارئ‬
‫إبداعية عالية استغلها الشاعر كاٗتذىا اسًتاتيجية ٌ‬
‫ا‪١‬تتذكؽ للعمل الشعرم‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫‪ 1‬ديواف مآذف الشوؽ ص ‪22‬‬

‫‪51‬‬
‫ملحق‬
‫نبذة عن الشاعر " سعد مردف "‪:‬‬
‫ننبر ن اللا ع " شد معدف "‪.:‬‬ ‫ملحق‬

‫سيرة الذاتية ‪.....‬‬


‫الباحث كالشاعر‪ :‬سعد مردؼ ؛ من مواليد‪.03 :‬جواف ‪1971‬‬
‫بسطيل‪.‬كالية الوادم‬
‫حاصل على الباكلوريا آداب سنة ‪.1989‬‬
‫حاصل على شهادة الليسانس ُب األدب العريب من جامعة‬
‫باتنة سنة ‪.1993‬‬
‫حاصل على ا‪١‬تاجستَت ٗتصص أدب حديث من نفس ا‪ٞ‬تامعة‬
‫سنة ‪ 2005‬عن دراسة بعنواف " البناء الفٍت ُب الشعر القصصي عند‬
‫إيليا أيب ماضي"‬
‫‪ُ 2015‬ب أطركحة بعنواف شعرية‬ ‫حاصل على دكتوراه العلوـ ُب األدب ا‪ٟ‬تديث من جامعة باتنة سنة‬
‫ا‪٠‬تطاب ا‪ٞ‬تمارل ك اإليديولوجي ُب ديواف عبد اهلل الربدكين ‪.‬‬
‫أستاذ ‪٤‬تاضر ُب األدب ا‪١‬تغاريب ا‪ٟ‬تديث ك ا‪١‬تعاصر ‪ّ .‬تامعة ‪ٛ‬تة ‪٠‬تضر الوادم ‪.‬‬
‫سلخ سنوات متواليات ُب التعليم بشىت أطواره االبتدائي ك الثانوم ألزيد من عقد من الزمن قبل أف‬
‫ينتسب إذل جامعة الوادم أستاذان منذ سنة ‪2005‬‬
‫األنشطة العلمية ‪:‬‬
‫حظي با‪١‬تشاركة ُب عدد من ا‪١‬تلتقيات كاألياـ الدراسية ‪.‬‬
‫توفق ُب االشتغاؿ ضمن فرقة ْتث ٖتت ‪٤‬تور " أدبية ا‪٠‬تطاب القرآين بُت ا‪١‬تعيارية االنطباعية ك ا‪١‬تقاربة‬
‫العلمية "‪.‬‬
‫للباحث مقاالت ُب الشعر ك نقده منها ما حظي بالنشر ك منها ما ينتظر ‪.‬‬
‫للباحث حضور متنوع ُب إ‪٧‬تاح ا‪١‬تلتقيات الشعرية كالعكاظيات؛ شاعران‪ ،‬ك‪٤‬تاضران ُب ندكات اإلبداع ‪.‬‬
‫مشتغل بالتأليف الشعرم ‪،‬كالنقدم ‪ ،‬كالكتابة ُب أدب الطفل‪ .‬كنص النشيد اإلسالمي ‪.‬‬
‫من أعمالو اإلبداعية ‪:‬‬

‫‪53‬‬
‫ننبر ن اللا ع " شد معدف "‪.:‬‬ ‫ملحق‬

‫* يوميات قلب‪ .‬ديواف شعر مطبوع ‪ .‬صادر عن مطبعة دركي ‪2005‬‬


‫* ‪ٛ‬تامة كقيد ‪ .‬ديواف شعر مطبوع ‪.‬صادر عن مطبعة مزكار ‪. 2010‬‬
‫* مآذف الشوؽ ‪ ،‬ديواف مطبوع ‪. 2017‬‬
‫* مواكب البوح ديواف مطبوع ‪. 2017‬‬
‫* أيب ال تسرع ‪٣ .‬تموعة شعرية ُب السالمة ا‪١‬تركرية ‪.‬‬
‫* مع الشعراء ‪،‬ردكد ك مساجالت ‪٥ .‬تطوط ‪.‬‬
‫* أحكي لكم ‪٣‬تموعة قصصية للناشئة ‪٥.‬تطوط ‪.‬‬
‫* نزىة الصغار ‪٣‬تموعة قصصية لألطفاؿ (‪٥‬تطوط) ‪.‬‬
‫* كرة فوؽ الشجرة ‪٣ .‬تموعة قصص مدرسية ‪٥( .‬تطوط)‬
‫ك أعماؿ أخرل دل تكتمل بعد ‪.‬‬
‫لو قصائد تناك‪٢‬تا بالتلحُت منشدكف من ا‪ٞ‬تزائر كالكويت كقد حظي نصو " لغة الضاد " بالدراسة التطبيقية‬
‫ُب جامعة األمَتة نورة بالسعودية ‪ 2014‬ضمن ‪ٜ‬تس نصوص عربية ُب تعليمية اللغة ‪.‬‬
‫حاز على جوائز شعرية كطنية ُب ا‪ٞ‬تنوب كالشرؽ ا‪ٞ‬تزائرم ‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫خامتة‬
‫خـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاتمة‬

‫ا‪٠‬تا٘تة‬

‫ًب بعوف اهلل كفضلو ختاـ د ارستنا بالغة الصورة الشعرية ُب ديواف‬
‫"مآذف الشوؽ" لسعد مردؼ‪ ،‬كىذه ‪ٚ‬تلة النتائج اليت توصلنا إليها كتتمثل ُب‪:‬‬
‫• الشاعر سعد مردؼ من خالؿ ديوانو مآذف الشوؽ اعتمد على أسلوب التنويع ُب ا‪١‬تواضيع حيث ‪٧‬تد‬
‫أف الشاعر ال يلتزـ ٔتجاؿ معُت من ‪٣‬تاالت ا‪ٟ‬تياة كيشكل منو ‪ٚ‬تيع قصائده‪ ،‬بل أنو ٮتوض ُب ‪ٚ‬تيع‬
‫‪.‬‬ ‫قضايا األمة فتجده يتحدث عن األـ كعن الغزؿ كعن األمة العربية كغَتىا من ا‪١‬تواضيع ا‪١‬تتعددة‬
‫• الصورة الشعرية ُب ديواف " مآذف الشوؽ " كانت مزيج بُت بالغتُت (االختالؼ كا‪١‬تشاكلة ) ‪ ،‬أم‬
‫أف الديواف كاف عامرا با‪٠‬تصائص الفنية لبالغة االختالؼ كا‪١‬تشاكلة معا‬
‫• كاف الرمز ُب ديواف "مآذف الشوؽ" عنصرا بارزا ‪ ،‬فالشاعر ركز عليو ُب بناء صوره الشعرية فالرمز‬
‫كسيلة سهلة إليصاؿ ا‪١‬تعاين للمتلقي‬
‫•كما أف الشاعر اعتمد على اللغة السهلة ا‪١‬تتداكلة لرسم صوره الشعرية ‪ ،‬كابتعد بذلك على اللغة ا‪١‬تعقدة‬

‫• كاف عنصر الغموض حاضرا ُب ديواف "مآذف الشوؽ"‪ ،‬فالشاعر كظف ا‪٠‬تياالت البعيدة اليت ٖتتاج‬
‫إذل فهم ككعي من طرؼ ا‪١‬تتلقي ‪ ،‬كعنصر الغموض عنصر اشتهر ُب الشعر العريب ا‪ٟ‬تديث بشكل كبَت‬
‫•الشاعر سعد مردؼ من خالؿ ديوانو مآذف الشوؽ رسم لنا صور كلية مًتابطة كمنسجمة ‪ ،‬كيعود ىذا‬
‫إذل براعة شاعرنا ُب رسم صوره ا‪ٞ‬تزئية ككانت االستعارة أىم عنصر شكل الشاعر بو صورة ا‪ٞ‬تزئية‬

‫•تنوع ا‪١‬تصادر األدبية للصور الشعرية ُب الديواف فالشاعر أخذ من ا‪١‬تصدر الديٍت كالقرآف كا‪١‬تصدر التارٮتي‬
‫كاألسطورة كما أنو تأثر بالطبيعة كضمنها ُب قصائده‬

‫•من حيث الشكل العاـ للقصائد كاف مز‪٬‬تا بُت الشعر ا‪ٟ‬تر كالشعر العمودم‬

‫•لقد ساعد عنصرا التشخيص كالتجسيم ُب تشكيل الصور الشعرية ُب ديواف مآذف الشوؽ‬

‫‪56‬‬
‫الفهارس الفنية‬
‫‪ ‬فهرس المصادر والمراجع‬
‫‪ ‬فهرس الموضوعات‬
‫الفهارس الفنية‬

‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫أوال‪ :‬القرآن الكريم‬


‫ب‪:‬‬
‫ثانيا‪ :‬الكت‬
‫‪ . 1‬ابن طباطبا عيار الشعر‪.‬‬
‫الزكزين ‪ ،‬شرح ا‪١‬تعلقات العشر طبعة جديدة كمنقحة ‪،‬‬ ‫‪ . 2‬أيب عبد اهلل ا‪ٟ‬تسُت بن أ‪ٛ‬تد ٌ‬
‫دار الفكر للطباعة كالنشر كالتوزيع ‪-‬بَتكت‪ -‬لبناف‪-‬‬
‫‪ . 3‬إحساف عباس ‪،‬فن الشعر ‪ ،‬ط‪ ، 3‬دار الثقافة ‪ ،‬بَتكت ‪،‬دكف تاريخ‪.‬‬
‫‪ . 4‬األسس البالغية ألساليب البالغة العربية‪.‬‬
‫‪ . 5‬بشرل موسى صاحل الصورة الشعرية ُب الشعر العريب ا‪ٟ‬تديث ص‪33‬‬
‫‪٘ . 6‬تيم الربغوثي ‪ ،‬شاعر فلسطيٍت كلد عاـ ‪ 1977‬بالقاىرة لو ربع دكاكين كتبت باللغة‬
‫العربية كبالعامية ا‪١‬تصرية كالفلسطينية ‪ ،‬ينشر أعمالو الشعرية ُب العديد من اجملالت‬
‫كالصحف العربية‬
‫‪ . 7‬جابر ‪ ،‬عصفور ‪،‬الصورة الفنية ُب الًتاث البالغي كالنقدم عند العرب ‪ ،‬ا‪١‬تركز الثقاُب‬
‫العريب‪ ،‬ط‪.\ 1992، 3‬‬
‫‪ . 8‬ا‪ٞ‬تاحظ‪ ،‬ا‪ٟ‬تهيواف دار إحياءه العلوـ‪ ،‬القاىرة ط ‪.1955،‬‬
‫‪ . 9‬ا‪ٞ‬ترجاين ‪ ،‬دالئل اإلعجاز‪.‬‬
‫ا‪ٞ‬ترجاين ‪،‬دالئل اإلعجاز‪.‬‬ ‫‪. 10‬‬
‫ا‪ٞ‬ترجاين أسرار البالغة‪.‬‬ ‫‪. 11‬‬
‫زكي مبارؾ ‪ ،‬ا‪١‬توازنة بُت الشعراء‪.‬‬ ‫‪. 12‬‬
‫كي مبارؾ ىو زكي بن عبد السالـ بن مبارؾ أديب‪ ،‬من كبػار الكتػاب‬ ‫‪. 13‬‬
‫ا‪١‬تعاصرين‪ ،‬مصرم ا‪١‬تولد كالنشأة‪ ،‬كلد عػاـ ‪َُّ٨‬ق‪ ،‬كتػوُب ُ‪ُّ٧‬ق ُب‬
‫القاىرة‪ٕ ،‬تاكزت مؤلفاتو ثالثُت كتابان أشهرىا النثر الفػٍت ُب القػرف الرابػع‬
‫كا‪١‬توازنة بُت الشعراء‪ .‬األعالـ‪ّ/ِ٦٦. :‬‬

‫‪58‬‬
‫الفهارس الفنية‬

‫سعد مردؼ‪ ،‬ديواف مآذف الشوؽ‬ ‫‪. 14‬‬


‫السكاكي ‪ ،‬مفتااح العلوـ‪.‬‬ ‫‪. 15‬‬
‫السيد‪،‬شفيع ‪،‬قراءة الشعر كبناء الداللة ‪ ،‬دار غريب ‪ ،‬القاىرة‪.‬‬ ‫‪. 16‬‬
‫سيسل دم لويس الصورة الشعرية ‪ ،‬نقالن عن ‪٤‬تمد الورل الصورة الشعرية ُب‬ ‫‪. 17‬‬
‫ا‪٠‬تطاب البالغي كالنقدم‪.‬‬
‫شاعر جزائرم من مدينة بسكرة من ا‪ٞ‬تنوب ا‪ٞ‬تزائرم ‪ ،‬ليديو العديد من‬ ‫‪. 18‬‬
‫األعماؿ الشعرية منها ما يلي (الكتابة بالنار ‪ ،‬شبق اليا‪ٝ‬تُت ‪ ،‬أعرس ا‪١‬تلح ‪ ،‬أّتديات)‬
‫صالح الدين ا‪٢‬توارم ديواف إليا ابو ماضي‪.‬‬ ‫‪. 19‬‬
‫صالح عبد الفتاح ا‪٠‬تالدم‪ :‬نظرية التصوير الفٍت عند سيد قطب‪ ،‬دار‬ ‫‪. 20‬‬
‫الشهاب‪ ،‬باتنة‪.1988، ،‬‬
‫عبد الرزاؽ بلغيث ‪ ،‬الصورة الشعرية عند عزالدين ميهويب دراسة أسلوبية ‪،‬‬ ‫‪. 21‬‬
‫مذكرة معدة لنيل شهادة ا‪١‬تاجستَت ‪ ،‬ا‪١‬تشرؼ ‪ :‬علي مالحي ‪ ،‬جامعة بوزريعة ‪، 2‬‬
‫ا‪ٞ‬تزائر العاصمة ‪ُ،‬ب ‪2009\2\1‬ـ ‪،‬ص‪82،83‬‬
‫عبد العزيز العتيق علم البياف‪.‬‬ ‫‪. 22‬‬
‫عبد القادر القط‪ ،‬االٕتاه الوجداين ُب الشعر العريب ا‪١‬تعاصر‬ ‫‪. 23‬‬
‫عبد اهلل الطيب شاعر سوداين اشتغل بالتدريس ُب العديد من ا‪ٞ‬تامعات‬ ‫‪. 24‬‬
‫السودانية لديو العديد من الدكاكين الشعرية منها أصداء النيل كاللواء الظافر ‪.‬‬
‫عرامُت‪ ،‬كفاء شحدة ‪٤‬تمد الصورة الشعرية عند علي جعفر‬ ‫‪. 25‬‬
‫العالؽ ‪ ،‬رسالة اجملاستَت ُب اللغة العربية كآداهبا ‪ ،‬إشراؼ الدكتور‬
‫ٌ‬
‫‪-2016‬‬ ‫بساـ عبد العفو القوا‪ٝ‬تي ‪،‬جامعة ا‪٠‬تليل ‪ ،‬فلسطُت ‪،‬‬
‫‪.2017‬‬
‫عز الدين ميهويب اللعنة كالغفراف‪.‬‬ ‫‪. 26‬‬
‫علي البطل ‪،‬الصورة الشعرية ُب الًتاث العريب حىت القرف الثاين ا‪٢‬تجرم دراسة‬ ‫‪. 27‬‬
‫ُب أصو‪٢‬تا كتطورىا‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫الفهارس الفنية‬

‫علي صبح الصورة األدبية تاريخ كنقد ‪ ،‬دكف طبعة ‪،‬ج‪ ،1‬دار اإلحياء للكتب‬ ‫‪. 28‬‬
‫العربية‪.‬‬
‫علي علي صبح ‪ ،‬الصورة األدبية تاريخ كنقد‪.‬‬ ‫‪. 29‬‬
‫عهود عبد الواحد العكيلي الصورة الشعرية عند ذم الرمة‪.‬‬ ‫‪. 30‬‬
‫غازم ٯتوت ‪،‬علم أساليب البياف ‪ -‬دار األصالة للطاعة كالنشر ‪ ،‬ط‪، 1‬‬ ‫‪. 31‬‬
‫بَتكت ‪1403 ،‬ق ‪1983‬ـ‪.‬‬
‫فاضل عباس البالغة فنوهنا أفناهنا‪.‬‬ ‫‪. 32‬‬
‫كاظم بن عبد اهلل بن نيب ‪ ،‬تراسل ا‪ٟ‬تواس ُب شعر الشيخ أ‪ٛ‬تد الوائلي‪.‬‬ ‫‪. 33‬‬
‫كرٯتة بوعامر ‪ ،‬ز‪.‬يونس ‪،‬الصورة ُب شعر السياب (أنشودة ا‪١‬تطر أ‪٪‬توذجا )‪،‬‬ ‫‪. 34‬‬
‫مذكرة لنيل شهادة ا‪١‬تاجستَت ُب قضايا األدب كالدراسات النقدية كا‪١‬تقارنة ‪،‬غَت منشورة‬
‫‪ ،‬إشراؼ ‪ :‬أ‪ٛ‬تد حيدكش ‪،‬جامعة ا‪ٞ‬تزائر العاصمة (كلية األدب العريب كاللغات ‪،‬‬
‫قسم اللغة كاألدب العريب ) ا‪ٞ‬تزائر ‪،‬السنة الدراسية \‪2002\2001‬ـ‪ ،‬نسخة ‪bdf‬‬
‫ًب ٖتميلها من موقع جامعة البويرة‪ dedeuniversite-‬على الشبكة العنكبوتية ‪،‬‬
‫يوـ ‪ُ 2020\40\16‬ب الساعة ‪22:30 :‬‬
‫كماؿ أ‪ٛ‬تد غنيم ‪ ،‬الصورة الشعرية الكلية ‪٤ ،‬تاظرة ُب‬ ‫‪. 35‬‬
‫اليوتيوب من موقع ا‪ٞ‬تامعة اإلسالمية ‪ ،‬غزة \مساؽ ‪:‬األدب ا‪١‬تعاصر‬
‫‪2020\06\05‬ـ‪ ،‬الساعة‬ ‫كتارٮتو ‪ً /‬ب دخوؿ إذل ا‪١‬توقع ُب \‬
‫‪00:04‬‬
‫كماؿ أ‪ٛ‬تد غنيم ‪،‬الصورة ا‪ٞ‬تزئية ‪٤" ،‬تاضرة من موقع قناة ‪ُlug fideo‬ب‬ ‫‪. 36‬‬
‫‪2012/10/6‬ـ‪،‬‬ ‫اليوتيوب ‪ ،‬ا‪ٞ‬تامعة اإلسالمية ‪ ،‬غزة ًب نشر الفيديو ُب تاريخ ‪،‬‬
‫تاريخ اإلنزاؿ ‪2020/05/25 :‬ـ‪ ،‬على الساعة ‪02:38‬‬
‫‪٤‬تمد الورل الصورة الشعرية ُب ا‪٠‬تطاب البالغي كالنقدم‪.‬‬ ‫‪. 37‬‬
‫‪٤‬تمد حسن الصغَت ‪ ،‬أصوؿ البياف العريب ‪،‬رؤية بالغية معاصرة دار الشؤكف‬ ‫‪. 38‬‬
‫االثقافية العامة بغداد ‪.1986‬‬

‫‪60‬‬
‫الفهارس الفنية‬

‫‪٤‬تمد حسن عبد اهلل ‪ ،‬الصورة كالبناء الشعرم‪ ،‬دار العارؼ ‪،‬القاىرة‪.‬‬ ‫‪. 39‬‬
‫‪٤‬تمود السيد شيخوف ‪:‬االستعارة نشأهتا كتطورىا كأثرىا ُب األساليب العربية‪،‬‬ ‫‪. 40‬‬
‫مكتبة الكليات األزىرية‪ ،‬القاىرة‪1984، ،‬‬
‫مصطفى السعدين ‪ ،‬التصوير الفٍت ُب شعر ‪٤‬تمود حسن إ‪ٝ‬تاعيل ‪ ،‬دار‬ ‫‪. 41‬‬
‫ا‪١‬تعارؼ‪.‬‬
‫مصطفى ناصف الصورة األدبية ف ط‪ ،1‬دار مصر للطباعة ‪ ،‬مصر ‪.1958 ،‬‬ ‫‪. 42‬‬
‫يوسف عبد القادر خليف ‪ ،‬أديب مصرم حصل على شهادة اللسانس لغة‬ ‫‪. 43‬‬
‫عربية سنة ‪.1944‬‬
‫يوسف مراد مبادئ علم النفس العاـ‪.‬‬ ‫‪. 44‬‬

‫‪61‬‬
‫الفهارس الفنية‬

‫فهرس الموضوعات‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫إهداء‬
‫شكر وعرفان‬
‫معرفة‪.‬‬
‫خطأ! اإلشارة ا‪١‬ترجعية غَت ٌ‬ ‫مقدمة‬
‫الفصل األكؿ‪ :‬الصورة الشعرية –التصور كا‪١‬تاىية‪-‬‬

‫‪ .6‬الصورة قوام الشعر‬


‫‪ .7‬تطور مفهوم الصورة‬

‫‪ .8‬مصادر الصورة‪.‬‬

‫‪ .9‬أنواع الصورة الشعرية(بيانيا بنائيا‪ ،‬إجرائيا)‬

‫‪1 . 5‬بيانيا‪:‬‬

‫ج‪ .‬الصورة التشبيهية‬

‫ح‪ .‬الصورة االستعارية‪.‬‬

‫خ‪ .‬الصورة الكنائية‬

‫‪ 2 . 5‬بنائيا‪:‬‬

‫ت ‪-‬الصورة الجزئية‪.‬‬

‫ث ‪-‬الصورة الكلية‬

‫‪62‬‬
‫الفهارس الفنية‬

‫‪ 3 .5‬إجرائيا‪:‬‬

‫خ‪ .‬الصورة البصرية‬

‫د‪ .‬الصورة السمعية‬

‫ذ‪ .‬الصورة اللمسية‬

‫ر‪ .‬الصورة الذوقية‬

‫ز‪ .‬الصورة الشمية‬

‫س‪ .‬تراسل الحواس‬

‫شعرية الصور‬

‫الفصل الثاني‪:‬الصورة الشعرية في ديوان مآذن الشوق بين المشاكلة‬


‫واالختالف‪.‬‬

‫‪ - 5‬المشاكلة وخلفياتها‪:‬‬

‫ج ‪ -‬ا‪١‬تشاكلة‪:‬‬
‫‪ -‬خلفيات المشاكلة‪:‬‬ ‫ح‬

‫االختالف‪:‬‬ ‫‪- 6‬‬

‫االختالف‪:‬‬ ‫‪ 2‬موجهات‬
‫ثانيا‪:‬الصورة الشعرية ُب ديواف مآذف الشوؽ بُت بالغتُت‪:‬‬
‫‪ .3‬بالغة المشاكلة‬

‫‪63‬‬
‫الفهارس الفنية‬

‫بالغة االختالف‪:‬‬

‫ا‪١‬تفارقة‪:‬‬ ‫‪ .5‬الصورة‬
‫الصورةالكلية‪:‬‬ ‫‪.6‬‬
‫‪71‬‬ ‫خاتمة‬
‫‪79‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع‬
‫‪85‬‬ ‫فهرس الموضوعات‬

‫‪64‬‬

You might also like