Professional Documents
Culture Documents
المشرف: الطلبة:
لجنة المناقشة:
الصفة الجامعة الرتبة االسم واللقب
رئيسا جامعة الشهيد حمه لخضر- أستاذ ٤تاضر –أ- ٛتزة ٛتادة
الوادي
حمه لخضر- جامعة الشهيد
مشرفا ومقررا أستاذ التعليم العارل عبػد الػقػادر عبػ ػػٌاسػػي
عضوا الوادي
حمه لخضر- جامعة الشهيد أستاذ ٤تاضر –أ- مسعودم العلمي
الوادي
لما ً
إذل كل الشرفاء ا١تدافعُت عن القضايا العادلة ُب ىذا العادل الذم يمل ىئ ظي ن
إذل كل ىؤالء أىدم عملي ىذا
الداريٍن كأف يرزقنا اإلخالص كال ىقبيوؿ
راجيا من اهلل أف ينفعٍت بو كقارئو ُب ى
شكر وت ْقدير
علي بنعمة اإلسالـ
َّأكؿ ىمن يستحق شكرم كثنائي ىو ريب كخالقي؛ الذم أنعم ٌ
ص منهم ِّ
بالذ ٍكر شيخي كأستاذم الدكتور عباسي عبد القادر ،راجيا ىخ ُّ
العلمية ،كأ ي
مقدمة
الصورة الشعرية من ا١توضوعات اليت عرفت ركاجا كبَتا ُب الدراسات األدبية كالنقدية
اٟتديثة ،كقد تعدد كصف الصورة لدل الدارسُت بُت الفنية كالبالغية كاألدبية،كلكن قيمتها ُب
التمكُت لشعرية القصيدة ليست ٤تل اختالؼ ،ذلك أهنا ٘تثل جوىر الشعر ،ك٤تك قدرة
الشاعر ُب ترٚتة رؤيتو لذاتو كللعادل من حولو ،كما أهنا دليل ٘تيزه الفٍت ،كسبيلو إذل بالغة
القوؿ كإذل التأثَت اٞتمارل ُب القارئ٢ ،تذا كقع اختيارنا ُب ىذه الدراسة على موضوع بالغة
الصورة الشعرية ،كقد اٗتذنا من ديواف "مآذف الشوؽ" للشاعر اٞتزائرم الواعد "سعد مردؼ"
مدكنة لبحثنا بالنظر إذل ما فيو من جهد إبداعي متألق ُب بناء صور شعرية جديرة بالتأمل
كالنظر.
ككاف منطلقنا ُب دراستنا ىذه ىو البحث ُب التشكيل اٞتمارل للصورة الشعرية ُب
ديواف "مآذف الشوؽ" من خالؿ اعتماد بالغتُت متباينتُت :بالغة ا١تشاكلة كبالغة االختالؼ،
ٍب إف ىذا البحث يستهدؼ ٚتلة من الغايات لعل أ٫تها:
الوقوؼ على الفركؽ الفنية كاٞتمالية بُت بالغيت ا١تشاكلة كاالختالؼ ُب ديواف "مآذف
الشوؽ".
تثمُت اٞتهد اإلبداعي احمللي من خالؿ اختيار مدكنة جزائرية لشاعر من اٞتنوب.
كٖتقيقا ٢تذا ا١تسعى فقد اتبعنا خطة مقسمة إذل فصلُت أحد٫تا نظرم كاآلخر
تطبيقي :أما الفصل األكؿ النظرم فتناكلنا فيو أ٫تية الصورة بوصفها قواـ الشعر ٍب تطور
مفهوـ الصورة بالغيا كنقديا ،كما ٖتدثنا عن مصادر الصورة كأنواعها بيانيا ،كبنائيا،
كإجرائيا ،كأكضحنا بعض ما يتعلق ّتمالية أك شعرية الصورة.
أما الفصل الثاين التطبيقي فخصصناه لدراسة الصورة الشعرية ُب ديواف "مآذف الشوؽ "
كىذا من خالؿ استنادىا إذل بالغة ا١تشاكلة حينا ك إذل بالغة االختالؼ حينا آخر ،كقد
تضمن ىذا الفصل أكال إحاطة ٔتفهوـ ا١تشاكلة كخلفياهتا ،كمفهوـ االختالؼ كموجهاتو ُب
ب
مقدمة
ٕتربة سعد مردؼ الشعرية ،كتضمن بعد ذلك الوقوؼ على بالغيت ا١تشاكلة كاالختالؼ
اٟتاضرتُت ُب الديواف من خالؿ تناكؿ الصورة ا١تقاربة كالصورة اٞتزئية بوصفهما مظهرين
للمشاكلة ،كالصورة ا١تفارقة كالصورة الكلية باعتبار٫تا مظهرين لالختالؼ.
كألف الصورة الشعرية ىي بؤرة ىذا البحث كاف من الطبيعي أف يغلب التحليل اٞتمارل
الوصفي ُب أثناء التعامل مع النصوص الشعرية كمقاربة مستوياهتا اإلبداعية ،كما أننا
حاكلنا االستفادة أحيانا من التحليل البالغي.
كاعتمدنا ُب إ٧تاز ىذه الدراسة على ٚتلة من ا١تصادر كا١تراجع ا٢تامة ،كأكثرىا مهتم
ٔتوضوع الصورة ُب الشعر من ناحية أك أخرل ،كلعل أىم ىذه ا١تؤلفات" :الصورة الشعرية
ُب الًتاث البالغي كالنقدم" ٞتابر عصفور ك"الصورة الشعرية عند ذم الرمة" لعهود عبد
الواحد العكيلي،ك"الصورة الفنية تاريخ كنقد" ١تؤلفو علي علي صبح ،باإلضافة إذل كتب
أخرل مساعدة تصب ُب خدمة البحث.
ككاجهتنا ُب أثناء إ٧تاز ىذا البحث بعض الصعوبات ،كأ٫تها بال شك الظركؼ
الصحية الصعبة اليت مرت هبا البالد نتيجة تفشي كباء كوركنا كحرماننا من االلتقاء ا١تباشر
مع األستاذ ا١تشرؼ ،فضال عما تتسم بو الدراسات ا١تتعلقة بالصورة من تنوع كعمق.
كُب األخَت نتقدـ ّتزيل الشكر كالعرفاف ألستاذنا الفاضل عبد القادر عباسي على
صربه كٖتملو أعباء التوجيو ،فلقد أنار درب ْتثنا ّتملة من اإلرشادات كا١تالحظات القيمة
حىت انتهى ىذا البحث كخرج على ىذه الصورة .كأخَتا نسأؿ اهلل تعاذل أف يوفقنا كيسدد
خطانا ُب سبيل العلم كأف ٬تعل ىذا العمل خالصا لوجهو الكرًن.
ج
الفصل األول :الصورة الشعرية –التصور والماهية-
. 1الصورة قواـ الشعر
1 .4بيانيا:
2 .4بنائيا:
أ -الصورة اٞتزئية.
ب -الصورة الكلية
3 .4إجرائيا:
.5شعرية الصورة.
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
لقد احتلت الصورة الشعرية أ٫تية كبَتة ُب الشعر العريب قدٯتا كحديثا،كلقد ذىب بعض
النقاد ا١تعاصركف إذل أف الشعر تفكَت بالصور ،كتكمن أ٫تية الصورة ،من حيث كوهنا ٘تثل
معيارا للحكم على جودة الشعر،كبواسطتها يرتقي الشعر مضمونا كشكال كالصورة تعطي ا١تعٌت
أبعادان ٗتيلية للقارئ كالسامع".1
كالصورة ٢تا ارتباط كثيق بالشعر ،فمداـ ىناؾ شعراء يبدعوف فستظل الصورة باقية،
كأىم عنصر يستخدمو الشاعر ُب بناء قصيدتو ،كىي الركح ُب القصيدة تبث فيها اٟتياة،
كتنقلها من اجملرد إذل اٟتسي ،كإذا تطرقنا عن أ٫تية الصورة الشعرية ُب العصر اٟتديث ٧تد أهنا
أخذت اىتماـ كبَت ككاسع من طرؼ الدارسُت للنقد ،كعائد ىذا لكوف الصورة ٘تثل جوىر
الشعر كعماده األساسي "فهي كسيلتو اليت يستكشف هبا القصيدة كموقف الشاعر من
الواقع".2
كلقد ٖتدث الناقد العريب الفذ صاحب أبرز كأىم كتاب تناكؿ الصورة الشعرية ُب
العصر اٟتديث كتاب الصورة الشعرية ُب الًتاث العريب كالنقدم العريب الناقد ا١تصرم "جابر
عصفور" عن أ٫تية الصورة الشعرية فقاؿ الٌيت تكمن فيما ٖتدثو من معٌت من ا١تعاين كمن
خصوصية كتأثَت ،كلكن أيان كانت ىذه ا٠تصوصية ،أك ذاؾ التأثَت فإ ٌف الصورة لن تغٌَت من
ٌ
3
طبيعة ا١تعٌت ُب ذاتو" .
كلقد أشتهر عند الشعراء العرب القدماء قدرهتم الفائقة على التصوير الفٍت كلقد
أبدعوا فيو ،كىذا اإلبداع عائد إذل خيا٢تم ا٠تصب كالواسع ،نذكر من الشعراء "ذم الرمة "
شاعر البادية الذم كانت صوره الفنية تتميز ْتضور ا٠تياؿ فيها بشكل ملفت لالنتباه،ككانت
صوره عبارة عن ألواح فنية تتميز بالدقة ُب الوصف،كاألسلوب القوم كاختيار األلفاظ ا١تناسبة
للمعٌت،كذلك ٘تيزه ُب كضع التشبيو ،كىو ما جعل النقاد يضعوف الشاعر ٔتكانة امرؤ القيس
1ينظر السيد،شفيع ،قراءة الشعر كبناء الداللة ،دار غريب ،القاىرة ،ص238
2جابر ،عصفور ،الصورة الفنية ُب الًتاث البالغي كالنقدم عند العرب ،ا١تركز الثقاُب العريب ،ط\ 1992، 3ص10
3نفس ا١تصدرص.323
5
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
ا١تلك الضليل ،الذم عرؼ بصوره الرائعة فكال٫تا شاعراف بارعاف ُب التصوير،كا١تتتبع للشعر
ذم الرمة يرل أنو يتميز بكثرة استخداـ الصور الفنية كبالعناية ُب رٝتها ،لذلك عده(يوسف
خليف ) 1أىم شاعر عٍت بالصورة ُب العصر اٞتاىلي كاألموم ،فكاف شعره غنيا هبا.
ك٧تد الدكتور عبد اهلل الطيب 2يربط بُت بيت لذم الرمة ٭تكم ا١تزج فيو بُت ٚتاؿ الطبيعة
األخاذ مع اٞتماؿ البشرم حيث يقوؿ:
ٌ
َّ
كاف عمود الصبح جيد كلبةه * كراء الدجى من حرة اللوف حاسر
3
فلقد أعجب عبد اهلل الطيب هباتو الصورة إعجابا كبَتان ،كالصورة عمومان عرفت انتشاران
كاسعان بُت الشعراء العرب قدٯتان تكاد ال ٕتد شاعران يستغٍت عنها ُب شعره كللتحقق من ىذا
األمر سوؼ نعرض بعض النماذج من الشعر العريب القدًن ،ك٧تد من الشعراء الذين يتصدركف
الساحة األدبية كالشعرية ُب استخداـ الصورة الشاعر العريب الفذ "امرؤ القيس "خاصة معلقتو
الشهَتة اليت عرفت شهرة كاسعة ُب الساحة النقدية كاألدبية قدٯتا كحديثا كاليت برع فيها الشاعر
ُب استخداـ التصوير من أمثلة ذلك ىذا البيت من معلقتو اليت يقوؿ فيها:
4
حب و
فلفل ً
كقيعاهنا كأنَّو ُّ ترل بعر اآلراـ ُب عرصاهتا
كيظهر ُب ىذا البيت قدرة امرؤ القيس الكبَتة ُب التشبيو ،كلقد شبو الشاعر ىنا بعر
اآلراـ كاآلراـ ىو الظيب ذات اللوف األبيض ،شبهو بالفلفل راٝتان بذلك لوحة فنية رائعة.
1يوسف عبد القادر خليف ،أديب مصرم حصل على شهادة اللسانس لغة عربية سنة ، 1944لو أكثر من 22
كتاب
2عبد اهلل الطيب شاعر سوداين اشتغل بالتدريس ُب العديد من اٞتامعات السودانية لديو العديد من الدكاكين الشعرية
منها أصداء النيل كاللواء الظافر .
3ينظر عهود عبد الواحد العكيلي الصورة الشعرية عند ذم الرمة ،ص11،27،29
4
الزكزين ،شرح ا١تعلقات العشر طبعة جديدة كمنقحة ،دار الفكر للطباعة كالنشر
أيب عبد اهلل اٟتسُت بن أٛتد ٌ
كالتوزيع -بَتكت -لبناف -ص5
6
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
بػارد
ادل ػ ػ ػاء ػ ػ ػ ػ
ادلػ ػ ػاء ك ػ
س ػ ػك ػ ػؽػراح ػ
كأحػ ػ ػ ػ ػ جسوـ كثَتة
جسـ ػم ُب ػ
أقسػـ ػ
ػػ
الشاعر صور لنا من خالؿ ىاتو األبيات صورة حسية عرب فيها عن خصلة من خصالو
اٟتميدة كىي الكرـ كاستخدـ الشاعر من خال٢تا بعض اٟتواس اليت ساعدتو ُب نقل ٕتربتو
الشعرية ،منها اٟتاسة البصرية كقولو "كأف ترل بوجهي شحوب اٟتق" ،كالصورة الذكقية ُب قولو
"كأحسو قراح ا١تاء" ىذا التصوير اٟتسي يضيف للنفس راحة كأينس كما أنو ٬تعل األشياء
ا١تعنوية أكثر ثباتا كترسخا ُب الذىن
شاعر أخر أبدع ُب التصوير ىو الشاعر العباسي ا١تشهور "أبو الطيب ا١تتنيب ىذا الشاعر
الذم عرؼ ٧تاحا كبَتا ،بفضل قصائده البديعة اليت قدمها ،كلقد امتلك الشاعر قوة رىيبة ُب
التصوير ،منها ما جاء ُب قصيدتو ،ا١تيمية اليت ىعرفت شهرنة كاسعةن ،حيث يقوؿ فيها ا١تتنيب:
صمم
أنا الذم نظر األعمى إذل أديب كأٝتعت كلماٌب من بو ه
الشاعر ىنا ،قدـ لنا صورة حسيةٗ ،تيٌلية كظف الشاعر فيو خيالو ،فأصبح األعمى ينظر
كاألصم يسمع كمن الشعراء العرب البارعُت ُب التصوير ٧تد أيب نواس منها قصيدتو " دع عنك
لومي فإف اللوـ إغراء "اليت يقوؿ فيها:
ً اللػ ػكـ إً ػغػ ػ ػراء كداكين ػ ػً
ب ػَّ ػ عػ ػ ػفػ ىؾ ىؿػ ػ ػكمي ػ ػ ػىإً
م ػ ػاؿداءي
اؿٌب ػؾػا ػىفت ػقػ ى ي ؼ َّف ػ ى ى ىدع ػى
سػ ٌراءي
اح ػ ػتىو ػ ػ ػا ػىػؿك ىـػ ػ َّسو ػا ىح ػ ػ ىجهر ىـ ػ ػ َّس ػ ػتيق ػ ػىػ
سػ ى
تفىزيؿ األىحػ ػ ػزا يف ػ
فراءي ال ػى ػ ػ
ص ػػ
ى
ب ػ ًاف ػ ػؿ ػ ػ ً ػ ؼ ً
ذات ًحػ ػ ور ُب ًز ِّ
م ذم ذى ىك ور لىوػ ػ ػ ػا يم ػًػحػ ػ ػ ػ ػٌ ػ ًمن ىػ ػؾ ػ ػ ِّ
م ىكىزػ ػ ػٌفػ ػ ػ ػاءي
كط ػ ػ ػ ٌّي
عتؾػ ػ ػر فىالح ًـػف كج ًهو ػ ػا ُب الب ً
يت ىألألي ً رمًػ ػ ػ ػؽػ ىاـ ػت ػ ػًإً
ى ى ى م يؿ ـػػي ػ ػ ى ه
اللى ػ ػ ػ
ؽػقا ىك ػ ب ػ ػ ػب ػ ػ
ً
العػ ػي ًن إغفاءي
ب ى ؼ ا ًإل ػ ػبػرمًؽ ػ ػ
صػ ػ ًاُبػ ػ ػػىنة ىؾ ػ ػ ػأَّى٪تا أىخػ ػ ػذيه ػ ػ ػ ػا ػ ػًػ ػ ىرس ػىلت ًـ ػ ػف ػ ػًىـ
ؼىػ ػأى
7
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
ً
عف ىشكلو ػا ا١تاءي
ؼ ػى ادلػ ػ ًاء ىح ػ ػتٌى ػـػا ييالئً يم ػػقا ػىػؿ ػطػ ػ ػ ػىةن
اؼ ىك ىج ػ ػ ػ ػا جػ ػ ػػؼت ػعػف ػ
كىذه صورة شعرية للراح ،أدل فيها الشاعر بصفاهتا ا١تتنوعة ،أك أشهر صفاهتاٍ ،ب
اسًتسل بذكر صفاهتا كخصائصها من أهنا صفراء اللوف ،كأف اٟتزف ال ٭تل ٢تا ساحة ،كأف
اٟتجر لو مسها مستو السراء ,كغَت ذلك من ا٠تصائص اآلخرل اليت ذكرىا الشاعر 1كىذا
التصوير الذم قدمو الشاعر من خالؿ ىذه األبيات ،أباف على قدرة الشاعر "أيب نواس
"الكبَتة ُب الوصف كالتصوير ،كذلك أبانت على فطنتو كدىائو كخيالو الواسع".
ىذه بعض الصور اليت ٬تتمع فيها بعد ا٠تياؿ مع القدرة ا٢تائلة ُب التناسب ُب اختيار
األلفاظ اٞتزلة اليت ٖتمل ُب طياهتا و
معاف عميقة ذات أبعاد تأملية ،يمشكلةن تناسقان
كانسجامان المثيل لو.
كلقد أخذت الصورة الشعرية نضجها اٟتقيقي كتطورىا الفٍت ُب العصر اٟتديث ،كدل
تعد الصورة ٤تصورة ُب دكر ا٠تياؿ كالفكر ،كما كانت ُب العصر القدًن ،بل أصبحت مز٬تا
بُت العاطفة كا٠تياؿ "،كقد أستطاع النقاد ا١تعاصركف بنشاطهم النقدم توضيح الصورة كتعميق
جوانبها ا١تختلفة ،كألبسوىا ثوبا جديدا ...فشخصوا أثرىا كقيمتها ،كمكانتها من األدب عامة
كمن الشعر خاصة ".2
لقد ًب استعماؿ كلمة الصورة الشعرية خالؿ ٜتسُت السنة ا١تاضية كقوة غامضة ،كلقد
بقيت الصورة من خال٢تا كوسيلة ثابتة ُب القصيدة فاألسلوب ٯتكن أف يتغَت أك ٪تط الوزف،
،3كمن حىت ا١توضوع اٞتوىرم ٯتكن أف يتغَت ،إال أف اجملاز و
باؽ كمبدأ للحياة ُب القصيدة
أشهر الشعراء العصر اٟتديث استعماال للصورة ٧تد الشاعر الكبَت نزار قباين الذم عرؼ
بقدرتو ا٢تائلة ُب التصوير حث ٘تكن بفضل مهارتو ُب الرسم بالكلمات أف يقدـ صوران فنية
8
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
فائقة اٞتماؿ األديب كالفٍت ،فلقد حقق بذلك ٧تاحا باىرا ،أكصلو إذل قمة ا٢ترـ كأف يًتبع على
عرش القصيدة العربية ُب عصره ،فالشاعر كاف مصورا بارعا كرسامان ٤تًتفان ،كمن بُت الصور لنزار
قباين حيث ٧تده يقوؿ ُب قصيدتو أيب:
أمات أبوؾ?
ُب ىذا ا١تقطع من القصيدة ،يستخدـ الشاعر ،إحدل ا٠تصائص ا١تهمة ُب الصورة
كىي استخداـ الرمز ،كىي من أبرز ا٠تصائص الفنيةُ ،ب شعر نزار ،فكاف الرمز ،كسيلة
الشاعر ،اليت يوصل من خال٢تا ،أفكاره كعواطفو كأحاسيسو ،كنزار قباين يعترب من أساتذة
التصوير ُب الشعر العريب دكف منازع ،كالشاعر سلك طريقا ٥تالفا على الذم سلكوه سابقوه
من الشعراء ،الذم كانوا يعتمدكف على القريب من ا١تعٌت كعلى ا٠تياؿ البسيط ،فنزار خالفهم
ك اعتمد على الغموض ُب نقل ٕتاربو الشعرية ،ىذا الغموض أفسح للمتلقي فرصة ا١تشاركة ُب
العمل الشعرم
ك الصورة الشعرية بقت عرب التاريخ أىم ركيزة يعتمد عليها الشاعر ُب بناء عملو اإلبداعي فهي
٘تثل اجملاؿ الذم يصور فيو أفكاره كتصوراتو " ،الصورة ىي أقدر الوسائل على نقل األفكار
العميقة كا١تشاعر الكثيفة ُب أكفر كقت،كأكجز عبارة ،كأضيق حيز ،فكلما أمعن النظر فيها
استقطب أفكارا جديدة كمشاعر متجددة كمن ىنا تتحوؿ إذل رمز ،كىو أبلغ تأثَتا ُب النفس
عن اٟتقيقة ،كأكثر امتالء من اتساع الواقع ا١تكشوؼ ،كتضحي النفس ضحية إليو٣،تذكبة بقوة
خلفية ،فهي تنسيك ا١تعارؼ اليت اكتسبتها من ا١تكشوؼ الظاىر بعد قليل من الزمن ،كال
9
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
تنسي من ا٠تفي الرامز ،الذم استقر فيها بعد تعب ك٣تاىدة كيظل ُب النفس آمادان كأبعادان ف
كىو سر اٞتماؿ ُب الصورة ،كركعة اٞتالؿ ُب التصوير.1
شاعري أخر برع ُب التصوير بقوة ُب العصر اٟتديث ىو الشاعر إيليا أبو ماضي الذم
لقب بشاعر ا١تهجر األكرب ،شعره كاف ٯتتاز بالتنوع ُب ا٠توض ُب مواضيع اٟتياة ،فتجده
يتحدث عن األمل ُب اٟتياة ،كرسم صورة التفاؤؿ ،كعن اٟتزف كالغربة كعن قضايا األمة عامة،
كا١تتأمل ُب شعره ٬تد لدل الشاعر دقة عالية ُب التصوير ،خاصة ُب استخداـ العناصر
البالغية مثاؿ ذلك ىذه الصورة اليت استعمل فيها اجملاز اللغوم ،حيث قاؿ:
أنجـ
نحف فيو ػ ػا ػ ػ
سػـ ػاء ػ ػ
ُب ػ مػفا ػ ػؽـ ػ ػر
إؿػ ػ ػ
الشـ ػ ػس ػ
حػ ػـ ػ ػؿ ػ
الشاعر من خالؿ ىذا البيت صورة فنية ،موظفا من خال٢تا قدرتو اإلبداعية ُبي ق ٌدـ لنا
التالعب با١تفردات ،حيث استعمل فعل اٟتمل ُب غَت سياقو اٟتقيقي ،كىو ما يسمى عند
األسلوبُت باالنزياح ،كىنا يكمن عنصر اٞتماؿ ُب ىاتو الصورة ،فتجعل القارئ ا١تتذكؽ
يستمتع هبذا اإلبداع التخيلي كالتعبَت بالصورة كياف يبعث اٟتياة ُب اٞتمادات ك٬تعلها كائن
حي فيو ركح ،كالصورة كسيلة للتعرؼ عن أسرار اٟتياة كالعالقة بُت اإلنساف كا١تخلوقات
اآلخرل كىي دافع للذة كا١تتعة كشعور اإلنساف بالسعادة.2
لقد شهدت الصورة الشعرية عرب التاريخ العديد من التطورات كالتغَتات اليت مست
ا١تفهوـ كاحملتول كمن النقاد األكائل الذين مهدكا ١تفهوـ الصورة ٧تد اٞتاحظ ُب مقولتو الشهَتة
" فإٌ٪تا الشعر صناعة،كضرب من النسيج كجنس من التصوير" 3كيشَت اٞتاحظ من خالؿ ىذه
ا١تقولة أف الشعر فن يهدؼ إذل صياغة ا١تعاين كالتجارب اٟتسية ،عن طريق استخداـ الصورة،
كأشار الناقد قدامة ابن جعفر إذل مفهوـ الصورة كىذا من خالؿ تعريفو للشعر فقاؿ " أنو قوؿ
1علي صبح الصورة األدبية تاريخ كنقد ،دكف طبعة ،ج ،1دار اإلحياء للكتب العربية ص173
2ينظر ا١تصدر نفسو ص173
3اٞتاحظ ،اٟتهيواف دار إحياءه العلوـ ،القاىرة ط 1955،ص557
10
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
موزكف مقفى ،يدؿ على معٌت" من خالؿ ىذا القوؿ يريد الناقد أف يوضح أف لشعر صورة
كتتشكل ىذه الصورة من خالؿ حضور الوزف كالقافية كا١تعٌت.
كا١تتتبع ١تراحل تشكل الصورة يالحظ أهنا كانت ُب بدايتها يغلب عليها اٞتانب
البالغي كلقد برزت ثالث بيئات نقدية كبالغية كىي(اللغويُت كالبالغيُت كالفالسفة) كمن
خالؿ ىاتو البيئات الثالثة تبلور مفهوـ الصورة ُب تلك ا١ترحلة الزمنية ،ك٭تلينا ىذا إذل التطرؽ
إذل ماىية االستخداـ البالغي للصورة ،ككاف ىذا ا١تفهوـ غلب عليو اٞتانب البالغي كمن
النقاد ا١تتأخرين الذين خاضوا ُب قضية الصورة٧ ،تد الناقد ابن طباطبا الذم تطرؽ إذل مفهوـ
الصورة ُب حديثو عن ضركب التشبيهات كلقد قسم التشبيو إذل عدة تقسيمات منها تشبيو
الشيء بالشيء صورة كىيئة كمنو تشبيو بو معٌت،كمنو تشبيو بو حركة كبطأ كسرعة ...اخل .1
من خالؿ ىذا التعريف يتبُت أف ابن طباطبا ربط موضوع الصورة بالتشبيو كىو رأم
الكثَت من النقاد القدماء الذين جعلوا من التشبيو ىو أساس التصوير الشعرم ،كيعود ىذا
لقدرة التشبيو على إيضاح ا١تعٌت كتقريبو للذىن فهو أكثر األساليب الشعرية انتشارا بُت الشعراء
العرب ،كيكشف التشبيو على قدرة الشاعر ُب ا٠تلق كاإلبداع.
كتأٌب االستعارة كإحدل كسائل التصوير ا١تهمة اليت استخدمها الشعراء ُب صورىم
الشعرية ك٘تتاز االستعارة ،بقدرهتا ا٢تائلة على التخيل كاإل٭تاء ،كتناكؿ قضية االستعارة العديد
2
من النقاد كالبالغيوف ٧تد منهم ابن قتيبة كاٞترجاين كاآلمدم كالعسكرم كابن رشيق...اخل)
فالقد عد الكثَت من النقاد االستعارة كسيلة أساسية ُب عملية التصوير الفٍت ،فهي أداة فعالة
ُب الربط بُت األشياء ا١تتباعدة ،كما أهنا ٘تتاز ٓتاصية فنية تكمن ُب تقريب ا١تعاين للمتلقي،
كلقد أٚتع النقد اٟتديثُ ،ب تفضيل االستعارة عن التشبيو من حيث القيمة الفنية الف تفاعل
الدالالت كتداخلها يتحقق ُب االستعارة على ٨تو ال ٭تدث بالثراء نفسو مع التشبيو ك١تا ٢تا من
قدرة على إدخاؿ عدد كبَت من العناصر ا١تتنوعة داخل النسيج التجربة الشعرية.3
بينما نظر اٞترجاين للصورة حيث قاؿ "اعلم أف قولنا الصورة ىو إ٪تا ىو ٘تثيل كقياس
١تا نعلمو بعقولنا على الذم نراه بأبصارنا فلما رأينا البينونة بُت أحاد الناس األجناس تكوف من
11
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
جهة الصورة ،فكاف بُت إنساف من إنساف كفرس من فرس خصوصية تكوف ُب صورة ىذا ال
تكوف ُب صورة ذاؾ ،ككذا األمر ُب ا١تصنوعات فكاف بُت خاًب من خاًب كسوار من سوار
بذلك ٍب كجدنا بُت ا١تعٌت ُب أحد البيتُت كبينو ُب األخر بينونة ُب عقولنا كفرقا ،عربنا عن
ذلك الفرؽ كتلك البينونة،بأف قلنا :للمعٌت ُب ىذا صورة غَت صورتو ُب ذلك ،كليس العبارة عن
مستعمل مشهور ُب كالـ العلماء،
ه ذلك بالصورة شيئا٨ ،تن ابتدأنو ،فينكره منكر،بل ىو
كيكفيك قوؿ اٞتاحظ كإٌ٪تا الشعر صياغة كضرب من التصوير ".1
كنتيجة تداخل ا١تعارؼ كالثقافات فيما بينها كتأثر النقد العريب بغَته من الثقافات،
فلقد أخذ النقاد العرب من الفيلسوؼ اليوناين أرسطو فكرة الفصل بُت ا١تادة كالشكل ،كنقلوا
ىذه القضية الفلسفية إذل الشعر ،حيث جعلوا من اللفظ ىو الصورة كا١تعٌت ىو مادة
الصورة،كمن ىنا نشئت إشكالية الصورة ،ينب النقاد كالبالغُت العرب ،كلقد فضلوا أف ٭تصركا
مفهوـ الصورة ُب التشبيو كيعود ىذا لكوف التشبيو ٬تمع بُت حقيقتُت حسيتُت ،كذلك األمر
ُب االستعارة اليت ٘تتلك خاصية التناسب ا١تنطقي بُت عناصر الصورة ،كلقد فرض الفكر
األرسطي نفسو على الفكر البالغي العريب بقوة ،فلقد ا٨تصر مفهوـ الصورة عندىم ُب التشبيو
كاالستعارة كأ٫تلوا اجملاز ،حىت إذا جاء االٕتاه الصوُب الذم أدخل مفهوـ جديد للصورة يكمن
ُب ا٠تياؿ ،الذم ينطلق من الواقع احملسوس ،ك٭تاكؿ ا٠تياؿ أف يعيد خلق كصنع ىذا الواقع ُب
قالب إبداعي جديد تظهر فيو قدرة الشاعر كموىبتو التخيلية ،كلقد حاكؿ الصوفية من خالؿ
نظرية ا٠تياؿ أف يقضوا على ىيمنة ا١تنطق األرسطي الذم حصر مفهوـ الصورة ُب التشبيو
كالستعارة.2
كا٠تياؿ الشعرم نشاط إبداعي تظهر فيو مدل قدرة الشاعر على استمالة ا١تتلقي
كالتأثَت فيو عن طريق استخداـ شىت كسائل التخييل ا١تختلفة ،كا٠تياؿ يعترب ا١تكوف األساسي
12
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
للصورة الشعرية ،ٯتكن القوؿ أف القوة ا١تتخيلة كدكرىا ُب الشعر لقد أخذ أبعاد عميقة ُب النقد
العريب القدًن كىذا يعود إذل القيمة البارزة للخياؿ فهو عماد الشعر عرب كل العصور كاألزمنة.
كمن النقاد العرب الذين ٣تدكا دكر ا٠تياؿ ُب تشكل الصورة كبنائها ٧تد الناقد "حازـ
القرطجٍت "كنستنتج ىذا من خالؿ قولو " إف الشعر ال تعترب فيو ا١تادة ،بل ما يقع ُب ا١تادة من
التخييل " يرل حازما ىنا أف التخييل ٬تعل من ا١تعٌت ا٠تاـ شعرا ٚتيال ذك قيمة فنية رفيعة،
فهو بذلك أ٫تل ا١تعٌت،كركز على الشكل ،كىو بذلك يقًتب من القوؿ الشكالين الذم
يقدس الشكل على ا١تعٌت ،كيسَت ُب ىذا االٕتاه عبد القاىر اٞترجاين الذم فضل فيها بدكره
الصورة ا١تتخيلة على الصور ا١تستوحاة من الواقع اليت رأل فيها فأهنا جامدة كال تؤثر ُب ا١تتلقي
الشعر بوصفو نشاط إبداعي يهدؼ إذل خرؽ النظاـ ا١تألوؼ للغة الشعرية ،لذلك يعترب،
ككما يقاؿ أف النفس تذعن إذل الكالـ ا١تخيل األراء النقدية العربية ٔتختلف مذاىبها كمشارهبا
٨تو جعل ا٠تياؿ احملور ا١تركزم ُب تكوين الصورة الشعرية.
أما ُب العصر اٟتديث فنجد مفهوـ الصورة قد أخذ أبعاد كثَتة كمغايرة عما كانت عليو
قدٯتا" ،إف الصورة ٔتفهومها ا١تعاصر ال تقتصر على أساليب اجملاز ُب بنائها بل قد تتخطى
حدكد االستعارة كاجملاز كالتشبيو ،فنجد الناقد "مصطفى ناصف" الذم ربط الصورة بالبعد
األسطورم حيث يقوؿ " ليست ُب جوىرىا إال ىذا اإلدراؾ األسطورم الذم تنعقد الصورة
فيو بُت األشياء كالطبيعة " 1كمن خالؿ ما تقدـ من كالـ الناقد مصطفى ناصف نستنتج أف
مفهوـ الصورة عنده يكمن ُب العالقة بُت األشياء كالطبيعة ،أما الناقد جابر عصفور فيعرؼ
بدكه الصورة فيقوؿ"إ٪تا ترجع قيمتها إذل أهنا ٕتعلنا نرل األشياء ُب ضوء جديد ،كٗتلق فينا
كعيا كخربة جديدة " ،2كسار على نفس ا١تنحى سار إحساف عباس الذم رأل ُب الصورة أهنا
خلق كصنع جديد جملموعة من العالقات اٞتديدة ،كلقد عد إحساف عباس الصورة أسلوب
جديد من أساليب التعبَت.3
1مصطفى ناصف الصورة األدبية ف ط ،1دار مصر للطباعة ،مصر ،1958 ،ص7
2ا١تصدر السابق ص310
3ينظر إحساف عباس ،فن الشعر ،ط ، 3دار الثقافة ،بَتكت ،دكف تاريخ ،ص260
13
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
كيعرؼ زكي مبارؾ 1الصورة "بأهنا أثر الشاعر ا١تفلق الذم يصف ا١ترئيات كصفان ٬تعل
قارئ شعره ما يدرم أيقرأ قصيدة مسطورة أـ يشاىد منظرا من مناظر الوجود ،كالذم يصف
الوجدانيات كصفان ٮتيل للقػارئ أنو يناجي نفسو ك٭تاكر ضمَته ،ال أنو يقرأ قطعة ٥تتارة لشاعر
٣تيد".2
أٌما الناقد أٛتد مندكر ٧تده ربط مفهوـ الصورة باٞتانب البالغي حيث يقوؿ "كاألدب
الناقد ىنا يتفق مع عامة كالشعر خاصة ال يالئمو إال التصوير البياين أم التعبَت بالصورة"
االٕتاه البالغي الذم يظم أبو ىالؿ العسكرم ،الذم ربط الصورة باألسلوب البياين.
كيعرفها الناقد علي البطل 3بأهنا" :تشكيل لغوم ي ٌكوهنا خياؿ ال ٌفناف من معطيات
متعددة يقف الػموس ُب مقدمتها" 4الناقد من خالؿ ما تقدـ من تعريف نستنتج أف الناقد ٌ
ربط الصورة با٠تياؿ كدكره ُب االبتكار كا٠تلق من العادل احملسوس كا١تادم.
كيعرفها عبد القادر القط بقولو" :ىي الشكل الفٍت الذم تتخذىا األلفاظ كالعبارات
بعد أف ينظمها الشاعر ُب سياؽ بياين خاص ليعرب عػن جانب من جوانب التجربة الشعرية
الكاملة ُب القصيدة مستخدمان طاقات اللغة كالداللة كإمكاناهتا ُب الداللة كالًتكيب كاإليقاع
كاٟتقيقة كاجملاز كالتػرادؼ كالتضاد كا١تقابلة كالتجانس كغَتىا من كسائل التعبَت الفٍت".5
كمن التَتات األدبية اٟتديثة اليت أىتمت بالصورة ٧تد مدرسة الديواف" ،كجاكز
الديوانيوف ا١تقاييس التقليدية ُب تقوًن الصورة كدعوا إذل ٗتطي الوصف اٟتسي إذل الوجداين أك
كدافعا لتحقيق التناسق ٔتعٌت أخر حاكلوا إثارة احملتول النفسي مصدران تشكيليا للصورة
1زكي مبارؾ ىو زكي بن عبد السالـ بن مبارؾ أديب ،من كبػار الكتػاب
ا١تعاصرين ،مصرم ا١تولد كالنشأة ،كلد عػاـ َُّ٨ق ،كتػوُب ُُّ٧ق ُب
القاىرةٕ ،تاكزت مؤلفاتو ثالثُت كتابان أشهرىا النثر الفػٍت ُب القػرف الرابػع
كا١توازنة بُت الشعراء .األعالـّ/ِ٦٦. :
2ا١تصدر السابق ص65
4علي البطل ،الصورة الشعرية ُب الًتاث العريب حىت القرف الثاين ا٢تجرم دراسة ُب أصو٢تا كتطورىا ص30
5عبد القادر القط االٕتاه الوجداين ُب الشعر العريب ا١تعاصر ص392
14
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
كاالنسجاـ بُت األداء الفٍت كا١توضوعي ٢تا ،كيتم ذلك بقدرة الشاعر على إنشاء الصالت
ا١تنفردة غَت ا١تألوفة بُت األشياء.فيصورىا ٔتستول إحساسها يعكس رؤيتو كموقفو اٟتاضر منها
فتكوف معادال نفسيا لقوة اإلحساس لديو كعمقو " ،1فركاد ا١تدرسة من الشعراء كالنقاد ،عرفوا
بتمجيدىم للعاطفة كالوجداف ،كىو ما جعلهم إذل ا١تطالبة إذل ضركرة ا١تزج بُت العاطفة
كا٠تياؿ ،بينما ٧تد الناقد مصطفى ناصف "اختزؿ مفهوـ الصورة ُب عنصر االستعارة ،كجعلها
ىي ا١تصدر األساسي ُب بناء الصور الشعرية فهي عنده معيارا على نبوغ الشاعر كفطنتو ،كلقد
2
أصبح مفهوـ االستعارة عند ناصف يقًتب إذل الرمز
رغم تعدد ا١تفاىيم اٟتديثة للصورة الشعرية كاختالفاهتا إال أهنا تشًتؾ ٚتيعا ،حوؿ نقطة
مركزية ك٤تورية كىي أف الصورة عبارة عن تشكيل لغوم يستحدث عالقات جديدة بُت
ا١تفردات على خالؼ اٟتاؿ الذم كانت عليو سابقا.
.3مصادر الصورة الشعرية
إف الصورة الشعرية ٗتتلف من شاعر إذل أخر ،ك٢تاتو الصورة مصادر متعددة يأخذ منو
الشاعر مادتو األكلية ،كلكل شاعر مصادر معينة يشكل منها صوره فنجد من ا١تصادر ما يلي:
اإلنساف كالطبيعة كاألنساؽ الثقافية االجتماعية كاٟتيواف كغَتىا من ا١تصادر ا١تتعددة ،كمن بُت
أىم ا١تصادر اليت استخدمها الشعراء ُب بناء صورىم ٧تد:
. 1الطبيعة:
كما تزخر بو من أشكاؿ الطبيعة ا١تتنوعة كالكثَتة ،فالشاعر كائن حي ،كثَت القلق
كاالضطراب ٯتتاز ٓتياؿ كاسع فهو ٭تاكؿ أف ٬تد مكاف ،يتانسب مع ىاتو ا١تواصفات اليت
ٯتتلكها ،فكانت الطبيعة مالذه الوحيد الذم يضع فيها كل أفكاره كتصورتو كخيالو ،كمن بُت
أكثر الشعراء فرارا إذل الطبيعة الشاعر "ذم الرمة" فلقد أحب الشاعر الطبيعة حبا ٚتا فلقد
كجد فيها كما كجد الشعراء الذين سبقوه ا١تتأثرين هبا تأثرا شديدا فهي كانت مرتعا ٠تيالو
كمقيال ألفكاره فكانت منبعا غزيرا تتدفق منو صوره الشعرية ،كمعينان لو ُب رٝتو الشعرم،
15
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
فكانت صوره أغلبها من كحي الطبيعة ا٠تالب ،الذم استحوذ كسيطر على عقل الشاعر
كعاطفتو ،فانتشى باىتزاز أزىارىا كانسياب جداك٢تا ،كتأللؤ ظلها كىدكء طلها ،كا١تتمعن لصور
ذم الرمة يرل فيها صورا يغلب عليها جانب النشاط كاٟتيوية ،فتصبح تلك الكائنات
اٞتامدة ،كائنات ٕترم فيها اٟتياة ،فتتشكل صور ذات بعد ٚتارل كفٍت رائع يؤثر ُب ا١تتلقي،
كٮتتلف استخداـ الصورة عند ذم الرمة عند غَته من الشعراء فهي ليست ا١تادة األساسية
لصوره مثلما كاف عليو عند غَته من الشعراء ،بل كاف عاشقا للطبيعة حيث يصفها كصف
احملبوب لعشيقتو ،كمن أكثر أشكاؿ الطبيعة اليت غلبت على شعر ذم الرمة ٧تد الصحراء اليت
تأثر هبا كثَتا ،فكرس ٢تا قصائد طواؿ منها البائية اليت منها قولو:
ما باؿ عينيك منها ا١تاء ينسكب * كأنٌو من كلنى مفر وية سرب ىاتو القصيدة تعترب من أجود
قصائده كأطو٢تا ،كلقد صور خالؿ رحلتو الكثَتة ُب الصحراء ألوف اٟتياة ُب الصحراء ،كجسد
صراع اٟتياة كا١توت فيها ،كذلك امتازت صوره بوصف اٟتيواف خاصة حيواف الظيب حيث
يصفو فيقوؿ:
كا١تخرؼ ىي الظبية اليت كلدت ُب ا٠تريف ،كالشاعر ىنا ٚتع بُت ٚتاؿ الشمس كطلتها
البهية مع ٚتاؿ الظبية ا٠تارؽ ،فأعطت لنا صورة بديعة ،كيستعُت ذم الرمة بصور اٟتيواف
ليصف بو حالتو النفسية ،أما صراع اٟتياة كا١توت يظهر خالؿ حديثو عن اٟتشرات ،خاصة
ذكره للحرباء اليت ذكرىا كثَتا ُب صوره ،1كالشعر ظاىرة إنسانية منفتحة على كامل مظاىر
اٟتياة ،كمصادره اليت يأخذ منها عديدة جدا كمتنوعة من بينها ٧تد:
.2األسطورة:
اليت تعترب ٕتربة إنسانية مهمة عاشها اإلنساف ُب حياتو ،فيحاكؿ الشاعر من خال٢تا
ربط ا١تاضي باٟتاضر عن طريق استخداـ خيالو الواسع" ،كاألسطورة قصة تركم تفاصيل معينة
16
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
تقدـ تفسَتات لظواىر الكوف كالوجود،كبالتارل فإهنا ٗتضع ١تنهج السردُ ،ب حُت أف الشعر
ٮتضع ١تنهج الرمز ،كىذا االختالؼ ُب ا١تنهجُت ال يقدـ صورة للتنافر بينهما ،بل أف االلتقاء
يكوف ُب ا١تادة ا١تشًتكة بينهما ،كىي تلك اللغة اجملنحة اليت ٗتضع األسطورة لالستعماؿ
الشعرم،الذم كجد فيها مادة خصبة ُب انزياحتها كمدلوالهتا1 "،كىذا ٪توذج من الشعر ا١تعاصر
لشاعر "أمل دنقل " يوضح مدل استخداـ األسطورة،ك٪توذجا خاصا لتجربتو الشعرية ،حيث
استخدـ أسطورة " إرـ ذات العماد " اليت كردت ُب القرآف الكرًن:
أْتث عن مدينيت
كذلك ٧تد الشاعر "٤تمود دركيش " استعمل األسطورة ُب شعره ،منها استدعاه ألسطورة
"ٚتيل كبثينة " لداللة على حبو لوطنو ،حيث يقوؿ الشاعر:
بثينة
. 3الظاهرة التاريخية:
اليت أصبحت إحدل ا١تصادر ا٢تامة يستعُت هبا الشاعر ُب قصائده ،كمن أمثلة الشعراء
العالؽ منها ما جاء ُب قصيدتو
الذين يضمنوف اٟتادثة التارٮتية ُب أشعارىم ٧تد الشاعر ٭تِت ٌ
التالية اليت يقوؿ فيها:
17
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
احد يليفُّنا
نسيم ك ي
ي
غبارنا من الزماف
٨تن بقايا
و
طلل
و
مبارؾ...
كتشمل اٟتياة اليت يعيشها الشاعر من أحداث ٥تتلفة ،كتشمل اٟتياة اليومية العادات
كالتقاليد كا١تمارسات البشرية ا١تتعددة ،فالشاعر جعل من القصيدة كسيلة إعالـ كإخبار ١تا
٬ترم من حولو من مستجدات ،كمن الشعراء الذين تأثركا باٟتياة اليومية ُب أشعارىم ٧تد
الشاعر "قيس بن ا٠تطيم " ،فلقد كانت اٟتياة اليت عاشها الشاعر من طبيعة خالبة ف كحياة
مدنية كبدكية كما ٛتلتو من أحزاف كأفراح ،مصدر إ٢تاـ لو ُب شعره ،منها ىذا النموذج الشعرم
الذم تناكؿ فيو قصة ثأره ا١تشهورة ،قاؿ الشاعر:
كالية و
أشياء كضعت إزاءه ثأرت عديانك ا٠تى ًطيم فلم أ ً
يضع
1
العالؽ ،رسالة اجملاستَت ُب اللغة
عرامُت ،كفاء شحدة ٤تمد الصورة الشعرية عند علي جعفر ٌ
-2016 العربية كآداهبا ،إشراؼ الدكتور بساـ عبد العفو القواٝتي ،جامعة ا٠تليل ،فلسطُت ،
، 2017ص26
18
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
الديني: .5الموروث
يعد ا١تصدر الديٍت من أىم ا١تصادر اليت جعلها الشعراء مادة أساسية ُب بناء أشعارىم،كيعود
سبب إتاه الشاعر العريب إذل ا١تصدر الديٍت،ىو إعطاء ا٠تطاب الشعرم ٝتة ا١تصداقية ُب
التعبَت اليت ٯتتلكها ا٠تطاب القرآين ،كمن الشعراء الذين العرب الذين ضمنوا معاين القرآف
الكرًن ُب أشعارىم الشاعر "شرؼ األنصارم " الذم ٧تده ُب النموذج التارل،يتناص مع صورة
من صور القرآف الكرًن كىي صورة يوـ القيامة ،كالشاعر ىنا اليتناص مع القرآف الكرًن تناص
تطابقي ،بل أخذ من ا٠تطاب القرآين ا١تعٌت كأعاد صياغتو بأسلوبو ا٠تاص،قاؿ الشاعر:
كىبك تىػرٍكت زما ىف اٟتياةً
ى ىٍ ى ى ى ى
ت ًمتٌا فىأىيٍ ىن ا١تىىفُّر إًذا أىنٍ ى
الفر يار إذا ما اٞتً ي
باؿ ككيف ً
ٍ ى
ني ًس ٍف ىن فىػلى ٍم تىػىر ًمٍنػ يه َّن أ ٍىمتا
الح
ب ال ىف ً ىسرل ا١تتَّقو ىف لً ىكس ً
ي ي
كفيم أقٍمتا ت ى فيم ٍن أقى ٍم ى فى ى
من خالؿ ىذا ا١تقطع الشعرم أراد الشاعر أف ٮتوؼ ا١تتلقي بأىواؿ يوـ القيامة،
فستعاف الشاعر با٠تطاب القرآين ،الذم يعتمد أسلوب التخويف كالًتىيب ،كلقد تناص
الشاعر من قولو تعاذل:
ى ِ ك َع ِن ال ِ
ْجبَ ِ
صفاً الّ تَ َر َ
ص ْف َ
ال فَ ُق ْل يَنس ُف َها َربّي نَ ْسفاً فَ يَ َذ ُرَها قَاعاً َ " َويَ ْسأَلُونَ َ
فِ َيها ِع َوجاً َوال أ َْمتاً"سورة طو.107-105:
ىناؾ العديد من التعريفات اليت كضعت من طرؼ للنقاد لتشبيو منها التعريف التارل للناقد
"جابر عصفور " الذم رأل ُب التشبيو أنو "عالقة مقارنة ٕتمع بُت طرفُت الٖتاد٫تا أك
19
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
اشًتاكهما ُب صفة أك حالة أك ٣تموعة من الصفات كاألحواؿ .ىذه العالقة قد تستند إذل
مشاهبة حسية ،كقد تستند إذل مشا بوة ُب اٟتكم أك ا١تقتضى الذىن" 1كالتشبيو أكثر الفنوف
البالغية استعماال من طرؼ الشعراء العرب،كىو أسلوب من األساليب البيانية الواسعة ا١تيداف
تتنافس فيها قرائح الشعرا كرة كالبلغاء ،كيكشف استخداـ التشبيو من طرؼ الشاعر مدل
قدرتو على اإلبداع كسعة عقلو كخصب خيالو كعمقو ،كىو ٣تاؿ تنافس ذكم ا١تواىب ُب طرؽ
تناكلو كاإلتياف فيو بكل غريب كبديع كطريف.2
كعند اٟتديث على التشبيو ُب النقد القدًن٧ ،تد اإلرىصات األكذل لو ُب ظهور التشبيو
عندىم ترتبط بنظرية احملاكاة اليت جاء هبا الفيلسوؼ اليوناين أرسطو كىي نظرية فنية أساسها
الشعر ٤تاكاة للطبيعة فالشاعر عندىم مرآة عاكسة ٢تذا الواقع الذم يعيش فيو ،3كلقد أبدع
الشعراء العرب عرب التاريخ ُب تشكيل الصور التشبيهية ُب قصائدىم كيعود ىذا إذل مدل
تعلقهم الشديد بالطبيعة٧ ،تد من أبرزىم "طرفة ابن العبد" الذم عرؼ بقوة التشبيو ُب شعره
كخيالو ا٠تصب كذكائو ا٠تارؽ ُب الصياغة الفنية للتشبيو لديو كمن ذلك قولو:
فالشاعر شبو عدـ كضوح البقايا كاآلثار اليت تركتها "خولة " ُب ثهمد " 4بالوشم "
القدًن الذم عليو مر عليو زماف فأصبح غَت كاضح
الصورة التشبيهية تعترب من أكثر الفنوف البالغية كركدا ُب أشعار العرب القدماء خاصة
منهم١ ،تا ٢تا من قدرة على استيعاب ا١تعاين كالتأثَت على ا١تتلقي.
20
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
ب.الصورة االستعارية:
االستعارة تشبيو حذؼ أحد طرفيو ،كىي أف نستعَت لفظا من معٌت إذل معٌت آخر لو صلة
بو ،1تعد االستعارة من أىم كسائل التصوير كأبرز طرؽ التعبَت غَت ا١تباشرة القائمة على التخييل
كاإل٭تاء،كنظرا أل٫تيتها فقد تناك٢تا البالغيوف كنقاد الشعر القدامى (اٞتاحظ ،كابن قتيبة كابن
ا١تعتز كاألمدم كالقاضي اٞترجاين كأبو ىالؿ العسكرم ،كابن رشيق ) ككانت أْتاثهم فيها
تدكر حوؿ كوهنا استعماؿ جديد 2أما عبد القاىر اٞترجاين فقد عدىا ضربا من اجملاز القائم
على التشبيو أك تشبيو حذؼ أحد طرفيو ،كال تدخل عليو أداة التشبيو ،كما ٖتدث بإسهاب
عن الفرؽ بينها كبُت التشبيو كالتمثيل ،كبُت أنواعها ٤تدِّادان ا٠تصائص الفنية ٢تا فقاؿ " من
الفضيلة اٞتامعة ٢تا فيها أهنا تربز ىذا البياف أبدا ُب صورة مستجدة تزيد قدره نبال كتوجب ٢تا
بعد الفضل فضال كانك لتجد اللفظة الواحدة قد اكتسبت فيها فوائد حُت تراىا متكررة ُب
مواضع ك٢تا ُب كل موضع من تلك ا١تواضع شأف مفرد كشرؼ منفرد كفضيلة مرموقة كخالبة
مرموقة ،كمن خصائصها اليت تذكر هبا كىي عنواف مناقبها أهنا تعطيك الكثَت من ا١تعاين باليسَت
من اللفظ.3
كالسكاكي لو رأم ُب تعريف االستعارة حيث يعرفها كيقوؿ " أف تذكر أحد طرُب التشبيو،
كتريد بو الطرؼ اآلخر مدعيا دخوؿ ا١تشبو ُب جنس ا١تشبو بو ،داال على ذلك بإثباتك للمشبو
ما ٮتص ا١تشبو بو ،كما تقوؿ كما تقوؿ ُب اٟتماـ أسد ،كأنت تريد الشجاع ،مدعيا أنو من
جنس األسود فتثبت للشجاع ما ٮتص ا١تشبو بو،كىو اسم من جنسو ،مع سد طريق التشبيو،
بإفراده ُب الذكر،كما تقوؿ أف ا١تنية أنشبت أظفارىا ،كأنت تريد با١تنية السبع بادعاء السبعية
٢تا ،كإنكار أف تكوف شيئا غَت سبع ،فتثبت ٢تا ما ٮتص ا١تشبو بو ،كىو األظفار ،كٝتي ىذا
النوع من اجملاز استعارة١ ،تكاف تناسب بينو كبُت االستعارة 4كيتفق النقد اٟتديث مع النقد
21
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
القدًن من حيث تفضيل االستعارة على التشبيو ،ك١تا ٢تا من قدرة على إدخاؿ عدد كبَت من
العناصر ا١تتنوعة داخل نسيج التجربة الشعرية.1
كلقد إتهت الدراسات البالغية اٟتديثة على االبتعاد عن تقسيم الكناية كىذا ما
عكس ما كاف عليو اٟتاؿ عند القدماء الذين قسموا الكناية إذل ثالث (كناية عن صفة ،كعن
موصوؼ،عن نسبة) كلقد ركز االٕتاه البالغي اٟتديث على داللة التعبَت الكنائي اليت تكمن ُب
22
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
الرمز ،حيث ٘تتاز الصورة الكنائية بالرمزية ُب التعبَت ،حيث أف الكناية تقوـ بتغليف ا١تعٌت
ا١تقصود بستار شفاؼ كيتم الكشف عليو بواسطة ا٠تياؿ كالذىن الواعي.1
ففي قو٢تا "طويل النجاد " ىي كناية عن صفة الطوؿ كقو٢تا "رفيع العماد" كناية عن
ا١تكانة الرفيعة.
كلكن يصَت اٞتود حيث يصَت فما جازه جود كالحل دكنو
) 1الصورة الجزئية:
ىي تلك الومضات كا١تنمنمات ا١تتناثرة ُب أجزاء القصيدة،حيث تكوف فيما بينها صورة
جزئية ،كتعتمد الصورة اٞتزئية على التبادؿ بُت ا١تدركات ،أم التنقل بُت مدرؾ مادم إذل مدرؾ
٤ 1تمد حسن الصغَت ،أصوؿ البياف العريب ،رؤية بالغية معاصرة دار الشؤكف االثقافية العامة بغداد ،1986ص113
٤ 2تمد حسن عبد اهلل ،الصورة كالبناء الشعرم ،دار العارؼ ،القاىرة ص163
23
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
٤تسوس ،أك التنقل من مدرؾ ٤تسوس إذل مدرؾ عقلي ،1كتتكوف الصورة اٞتزئية من بعض
العناصر منها :التشخيص كىو منح األشياء ا١تادية كالتصورات ا١تعنوية اجملردة صفات اإلنساف
العاقل كمشاعره كٝتاتو اإلنسانية ،كىو ما ٯتنح الصورة طاقة درامية مثاؿ ذلك قوؿ الشاعر:
الفت
مررت على ا١تركءة كىي تبكي فقلت عالـ تنتحب ػاة
فالشاعر ىنا نسب صفات إنسانية مثل البكاء كالكالـ إذل ا١تركءة كىي شيء معنوم،
كذلك ٧تد عنصر التشخيص ُب قوؿ الشاعر ياسُت عبد الرٛتاف عشماكم حيث يقوؿ:
ىذا ا١تقطع مفعم بالتشخيص حىت أكشك أف يتحوؿ إذل صورة كلية ،فالشاعر حوؿ
من الشيء ا١تادم كىو الكرسي إذل إنساف ،فنسب إذل الكرسي العديد من الصفات اإلنسانية
مثل (اختصر،علمتو،الراجفات ،استلذ ) ،فمن الواضح أف الشاعر قد أفلح ُب خلق عادل
بشرم من ٚتادات ال تعقل.
كمن بُت ا١تكونات اليت يتكوف منها الصورة اٞتزئية ٧تد التجسيم حيث يتم تبادؿ
اإلدراؾ بُت احملسوس كا١تعنوم كتقوـ على ٕتسيم اجملرد ف ٔتعٌت منحو جسم مثل قولك الغضب
نار فمنحت الغضب كىو شيء معنوم جسم كىو النار ،كىذا أ٪توذج شعرم يظهر توظيف
التجسيم ،كىو للشاعر إبراىيم ناجي حيث أف الشاعر جعل من الوىم قوتا يقتات منو حيث
يقوؿ الشاعر:
"1ينظر كماؿ أٛتد غنيم ،الصورة اٞتزئية ٤" ،تاضرة من موقع قناة ُ lug fideoب اليوتيوب ،اٞتامعة اإلسالمية ،غزة
ًب نشر الفيديو ُب تاريخ 2012/10/6 ،ـ ،تاريخ اإلنزاؿ 2020/05/25 :ـ ،على الساعة 02:38
24
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
ثالث تقنية من تقنيات الصورة اٞتزئية ىي التجريد كا١تقصود منح الشيء ا١تادم صفة
معنوية ،من ذلك تصوير جابر قميحة للطعاـ بالزقوـ كالغسلُت إ٭تاء ٔتعانة الشعوب العربية،
ٖتت كطأة اٟتكاـ ،كلبشاعة تلك األكضاع فتح الشاعر مشاىد ٗتيٌلية كتتمثل ُب كاقع أىل
النار كالومضة التجريدية ىنا ىي ٗتويف اٟتكاـ بأىواؿ النار ،حيث يقوؿ الشاعر:
إذف لعزك ككاف النصر مضمونا يا ليتهم هنجوا هنجا دعوت ػؿق
كذلك ٧تد الشاعر "أٛتد شوقي" ُب قصيدتو "قف ناج أىراـ اٞتالؿ كناد" فتظهر
القصيدة كأجزاء متناثرة ،حيث يقوؿ الشاعر:
ؼػزع األكالد
األبكة ـ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ
إف ػ ػ ػ نشكو كنفزع فيو بُت عيوهنم
كجاءت القصيدة ،كاملة على ىذا النسق حيث كل بيت ،ىو عبارة عن صورة
منفصلة عن غَتىا من الصور األخرل من القصيدة
25
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
فالرأس ُب إ٧تلًتا
كالبطن ُب تنزانيا
كالذيل ُب الياباف !
ىذا مقطع من قصيدة "عائد من ا١تنتجع" ألٛتد مطر حيث يظهر فيها الشاعر
مقومات األسلوب القصصيُ ،ب كامل أجزاء ىاتو القصيدة 1 ،ك الصورة الشعرية إحدل أىم
خصائص التجديد ُب الشعر العريب اٟتديث كا١تعاصر ،فهي مالزمة لو كال تكاد ٕتد قصيدة
ٗتلو منها ،فا١تتتبع للقصيدة اٟتديثة ٬تد أهنا عبارة عن مشهد كاحد متكامل ،تتخللو عناصر
جزئية متفرقة ُب أجزاء النص تسمى بالصور اٞتزئية ،ك٧تد أف الصورة تتكوف من خطوط فنية
منها الصوت كاللوف كاٟتركة ك٧تد ىاتو ا٠تطوط الفنية موجودة ُب قصيدة ا١تساء للشاعر خليل
مطراف اليت يقوؿ منها:
رماح ػ ػ ػ ػق ا٢توجاء
ب ػػػ
جبين ػ ػ ػ
ؼػم ػ ػ
ػػ ػ شاؾ إذل البحر اضطراب خواطرم
٧تد أنو استخدـ بعض األلفاظ اليت تدؿ على ا٠تطوط الفنية ا١تكونة ٢تاتو الصورة
منها:كلمة "شاؾ "الدالة على الصوت "كرياحو" الدالة على اٟتركة.2
1ينظر كماؿ أٛتد غنيم ،الصورة الشعرية الكلية ٤ ،تاظرة ُب اليوتيوب من موقع اٞتامعة
اإلسالمية ،غزة \مساؽ :األدب ا١تعاصر كتارٮتو ً /ب دخوؿ إذل ا١توقع ُب
\2020\06\05ـ ،الساعة 00:04
٘ 1تيم الربغوثي ،شاعر فلسطيٍت كلد عاـ 1977بالقاىرة لو ربع دكاكين كتبت باللغة العربية كبالعامية ا١تصرية
كالفلسطينية ،ينشر أعمالو الشعرية ُب العديد من اجملالت كالصحف العربية
26
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
شاعر أخر اعتمد على ٪توذج الصورة الكلية ُب الشعره كىو الشاعر الفلسطيٍت ا١تعاصر
"٘تيم الربغوثي" 1من خالؿ ىذا ا١تقطع الشعرم ،الذم جاء فيو قولو:
27
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
(الصورة اٟتسية ) كتشمل ما يلي الصورة البصرية كالشمية كالسمعية كاللمسية كتراسل
اٟتواس
.1الصورة البصرية :تعرب الصورة البصرية أكثر استعماؿ عند الشعراء ،كيعود ىذا إذل الدكر
البارز كالفعاؿ ٟتاسة البصر لدل الشاعر فالشاعر يرل ما ال يراه الشخص العادم ،إف
من أىم ا١تواد اليت تعتمد عليها الصورة البصرية ىو "اللوف" ذلك أنو أخذ الصفات
ا١تلموسة أكثر بركزا ُب العادل اٟتسي ا٠تارجي ،كيعترب استخداـ اللوف ُب الشعر العريب
ٯتثل إلغاء النموذج اللوين ا١توركث كانزياحا شامال عن الداللة القدٯتة 1ك النموذج التارل
للشاعر علي جعفر العالؽ من قصيدة " وردة الحلم وردة الجسد "يوضح أكثر
ىاتو الصورة قاؿ الشاعر:
1ينظر عبد الرزاؽ بلغيث ،الصورة الشعرية عند عزالدين ميهويب دراسة أسلوبية ،مذكرة معدة لنيل شهادة ا١تاجستَت ،
ا١تشرؼ :علي مالحي ،جامعة بوزريعة ، 2اٞتزائر العاصمة ُ،ب 2009\2\1ـ ،ص82،83
28
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
ُب ىذه األبيات يصور الشاعر حبو حملبيبتو تصويرا حسيا ،فصور حبو كأنٌو عربة تالمس ركحو
.2الصورة السمعية:
تعود الدارسوف على حسية الصورة من خالؿ اقتصارىم على الصورة البصرية ،كيعود ذلك
كوف ا١تدركات البصرية ٘تثل النسبة العليا بُت ا١تدركات اٟتسية ،كلكن الصورة اٟتسية تتجاكز
البصرية كال تقتصر فقط على إحداىا ،كيعد الصوت من العناصر اليت تشكل الصورة
السمعية ،كحاسة السمع ىي اٟتاسة الوحيدة اليت ال يستطيع اإلنساف التحكم فيها ،فهي
تعمل ليال كهنارا ،بينما ا١ترئيات ال تدرؾ إال بتوفر الضوء 1كمنها قوؿ الشاعر فهد عسكر:
.4الصورة الذوقية :حاسة التذكؽ تعتمد على االلتماس ا١تباشر ،فهي ال تنفعل إال إذا كضع
اٞتسم على اللساف 5كقد يعتمد الشاعر إذل توظيف الكلمات اليت توحي إذل حاسة
التذكؽ كىذا لتجسيم بعض ا١تعاين ،ك٧تد الشاعر عز الدين ميهويب يقوؿ:
29
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
فالشاعر ُب قولو " كتعجن من سورة الصرب فاكهة للرباءة " قدـ صورة ٗتييلية معتمدا فيها
على حاسة الذكؽ ،حيث أف الشاعر ٗتييل سورة قرآنية من نسج خيالو كٝتاىا "الصرب"،
كالصرب ذكقو مر ،فصور الشاعر الصرب كأنو فاكهة مذاقو مر.
.5الصورة الشمية :ىي عبارة عن صورة حسية فيها عالمات يعرب هبا عن حاسة الشم
ا١تعركفة لدل اإلنساف حيث ٧تد الشاعر إيليا أبو ماضي يوظفها ُب شعره فنجده
يقوؿ ُب قصيدتو "عيناؾ":
صور الشاعر ىنا رائحة الورد تصويرا مستخدما فيو حاسة الشم
.6تراسل الحواس :من بُت األساليب الفنية اليت يستخدمها الشاعر ُب "كىو شكل من
أشكاؿ بناء الصورة الذم يعتمد على نقل مدركات حاسة من اٟتواس إذل مدركات
حاسة أخرل ،يستعملها الشاعر ١تداعبة خياؿ ا١تتلقي كٖتفيزه لسرب أغوار الصورة ،ألف
الصورة تتحرؾ ٓتالؼ ا١تألوؼ ،فا١تسموع يوصف بصفات ا١تلموس كالشمم يوصف
بصفات البصر..كغَتىا كقد برزت ىذه الظاىرة بشكل جلي ُب العصر اٟتديث
السيما عند الشعراء الرمزيُت " 1إف الشاعر من خالؿ استخدامو ظاىرة تراسل اٟتواس،
يريد أف يؤثر ُب ا١تتلقي كيشحن خيالو ،كيوصل إذل عقلو ٕتربة الشاعر الشعرية ،فهذا
االنزياح الذم يقوـ بو الشاعر من خالؿ تداخل اٟتواس فيما بينها يعطي للصورة قوهتا
كٚتا٢تا الفٍت الذم يصبو إليو ا١تبدع كىذا ٪توذج يوضح أكثر ىذه الظاىر الفنية األدبية
كىي أبيات للشاعر اٞتزائرم عز الدين ميهويب:
1كاظم بن عبد اهلل بن نيب ،تراسل اٟتواس ُب شعر الشيخ أٛتد الوائلي ص168
30
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
فأغمضت يدم..
كتوضأت بدمعي..
1
ٍب صليت علي..
الشاعر ُب ىاتو األبيات كظف تقنية تراسل اٟتواس ،حيث أدخل مدركات اٟتواس فيما
بينها ،مثل قولو فأغمضت عيٍت،كالغموض ىو من خصائص حاسة البصر لدل اإلنساف،
كضعها الشاعر ىنا ُب غَت سياقها الواقعي ،ا١تألوؼ كنسبها إذل اليد كىي كسيلة كأداة ٟتاسة
اللمس عند اإلنساف ،فأحدث الشاعر بذلك صورة فنية ٚتيلةٖ ،تدث ُب النفس
اإلعجاب.كاالنبهار.
.5شعرية الصورة:
إف اٟتديث عن ٚتالية الصورة ىو حديث ذك شجوف ،كىذا ١تا ٘تتلكو الصورة من
عناصر اٞتماؿ الكثَتة ،فهي صورة اٟتياة ُب القصيدة ،ككسيلة لنقل األحاسيس كالعواطف
كا١تشاعر كاألخيلة اليت تدكر ُب فكر الشاعر ،كالصورة ال ٘تثل الواقع كٖتاكيو ،بل ىي مرآة
عاكسة لنفسية الشاعر ك٭تاكؿ ىذا األخَت من خال٢تا أف يوظف ٚتيع عناصر البالغة كالبياف
من أجل التأثَت ُب ا١تتلقي كاستمالتو" ،الصورة أٚتل كأنظر طريقة ُب شد العقل إليها كربط
اإلحساس هبا كٕتاكب ا١تشاعر ٢تاك إحياء العاطفة كسحر النفس " ،2كذلك تعترب الصورة
كسيلة للتعرؼ على أسرار اٟتياة ،كمعرفة نقاط التشابو ا١توجودة بُت اإلنساف مع غَته من
ا١تخلوقات اٟتية ،3كٯتكن استخراج اٞتانب اٞتمارل للصورة من خالؿ التعريف النقدم الذم
"ٕتعلنا نرل األشياء ُب ضوء تقدـ بو الناقد ا١تصرم "جابر عصفور" الذم يعرفها فيقوؿ
جديد ،كخالؿ عالقات جديدةٗ ،تلق فينا كعيا كخربة جديدة" 4من خالؿ ىذا التحليل
النقدم ،يظهر العنصر اٞتمارل للصورة الفنية ،كىو أف الصورة تعطي لألشياء حلة كمظهرا
31
الصصرر اللشعرة –التصصر والماهية الفصل األول:
جديدا غَت مألوؼ ُب الذىن ٤تدثة بذلك ُب النفس الدىشة كاإلعجاب ،فالصورة ىي خرؽ
للمألوؼ كنسج من ا٠تياؿ ،يظهر فيها الشاعر قدرتو التصويرية ا٢تائلة.
فا على سبيل ا١تثاؿ لو ٨تن عربنا عن قيمة العلم فنقوؿ "العلم يفيد صاحبو ،كاٞتهل
يهلكو" لكاف األمر عادم جدا ،كليس فيو أم جديد يذكر بالنسبة للمتلقي ،لكن لو قارنا ىذا
التعبَت ٔتقولة "العلم نور ،كاٞتهل ظالـ" أكيد نالحظ أف ىناؾ اختالؼ كاضح ،ففي التعبَت
الثاين نالحظ أف فيو جديد ،كأحدث فينا كعيا جديدا كٕتربة مفيدة ،فقولك "العلم نور "
يرسخ ُب ذىنك أفكار إ٬تابية عن قيمة العلم.
32
الفصل الثاني:الصورة الشعرية في ديوان مآذن الشوق بين
المشاكلة واالختالف.
- 1المشاكلة وخلفياتها:
أ -المشاكلة:
االختالف: 2موجهات
ا١تفارقة: .1الصورة
الصورةالكلية: .2
واالختالف
. الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة الفصل الثاني:
الفصل الثاني:الصورة الشعرية في ديوان مآذن الشوق بين المشاكلة
واالختالف.
أوال :خلفيات المشاكلة وموجهات االختالف في تجربة سعد مردف الشعرية:
- 3المشاكلة وخلفياتها:
ت -المشاكلة:
ا١تشاكلة ىي خاصية شعرية يعتمد عليها الشعراء ُب بناء قصائدىم اإلبداعية ،حيث يقوموف فيها
ٔتحاكاة نظرائهم من الشعراء الذين سبقوىم ُب ىذا الفن ،عن طريق االعتماد على أساليبهم ك ٣تاراة
طرائقهم ا١تتمثلة ُب التشكيل اللغوم كاإليقاع ا١توسيقي كإقامة عمود الشعر الذم يقوـ على اختيار اٞتزؿ
من اللفظ كالشريف من ا١تعٌت ،كا١تصيب من الوصف ،كالقريب من التشبيو ،كا١تناسب من االستعارة كمنو
نقوؿ أف ا١تشاكلة تنهض على منطق التقليد ك االتباع كا١تعارضة كالنسج على ا١تنواؿ ،كخالصة القوؿ من
كل ىذا الكالـ أف ا١تشاكلة ىي تكريس لالشتغاؿ الشعرم الكالسيكي
ػ ػ اعتبار القدًن النموذج األمثل للفن الشعرم ،كالعيار الذم يعتد بو ك٭تتكم إليو ،كالشعر يعلو أك يهوم
تبعا ١تدل ٘تثل طرائق األكائل ُب التعبَت كالتصوير ،كتناكؿ ا١توضوعات ،كأف يعرؼ الشاعر لًتاث العرب
قدره ،كأف ٬تعل من ا١ترجعية الًتاثية قاعدة يبٍت عليها شعره كعليو أف يتقيد بقواعد السابقُت ُب بناء
الشعر.
ػ ػ ا١تشاكلة تكشف خضوعا أك استجابة للتصور العمودم الكالسيكي الذم عملت نظرية عمود الشعر
على ترسيخو كتشكيل الذائقة الشعرية العربية تبعا ١تقرراتو تلك اليت تقنن للشاعر طرائق التعامل مع اللغة،
ككيفية بناء صوره اجملازية على ٨تو يعقلن ا٠تياؿ كال يطلق لو العناف ،كذلك باالحتكاـ إذل الدقة ُب
الوصف ،كا١تقاربة ُب التشبيو ،كا١تناسبة ُب االستعارة ك٣تاراة أساليب العرب األكائل.
ػ ػ ا١تشاكلة على ٨تو ما ىي ٤تاكلة من الشاعر إلعزاز انتمائو كلبياف ىويتو كصوهنا كسعيا منو للتعبَت عن
إخالصو لثقافة أمتو ،كرفضو أف يكوف منسلخا من جلده ،كتبدك ا١تشاكلة كذلك شكال من أشكاؿ
34
واالختالف
. الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة الفصل الثاني:
ا٠توؼ من التجديد كاالبتداع كالتغيَت فهذا سيكوف سببا ُب القضاء على ا١توركث الشعرم القدًن ،ك٬تعل
ٚتهوره يقل ،فطبيعة اإلنساف ٘تيل إذل ما ىو جديد ،ىذا ا١تيل يؤدم إذل قتل ركحو االنتمائية ٕتاه تراثو
األديب ،فا١تشاكلة جاءت إلحياء القدًن كالدفاع عنو ،كإعادة بعثو من جديد ،كاٟتفاظ عليو من االندثار
كالزكاؿ.
كمن بُت ا١تناىج النقدية اٟتديثة اليت جعلت من ا١تشاكلة كالتقليد رافدا أساسيا لقياـ شعرىا كهنوضو،
ا١تدرسة الكالسيكية اٞتديدة ،اليت كرست ُب شعرىا ،مبدأ التقليد كاٟتفاظ على األصالة الًتاثية،كمن بُت
األغراض الشعرية اليت قلدىا الكالسيكيُت اٞتدد ،ىو موضوع ا١تعارضة اليت أشتهر هبا ركاد ىذه ا١تدرسة،
حيث يقوـ الشاعر باالعتماد على نفس اإلطار العركضي للقصيدة ا١تعارضة ،باإلضافة إذل التشابو ُب
نوعية ا١توضوع ،كمن أبرز شعراء ىذه ا١تدرسة الذين ٞتو إذل ا١تعارضة ُب شعرىم " أمَت الشعراء " أٛتد
شوقي ،الذم كاف أستاذا حقيقيا ُب ىذا األسلوب ،كلقد عارض شوقي الكثَت من القصائد الشعرية،
لكبار شعراء سابقُت ،كأغلب الشعراء ،الذين عارضهم شوقي ىم من العصر العباسي كما بعده ،أمثاؿ
البحًتم ،أيب نواس ،البويصَتم ،ا١تتنيب،ابن خطيب...اخل
،كمن بُت الشعراء الذين عارضهم شوقي ٧تد الشاعر البوصَتم ُب قصيدتو ا١تشهورة ُب مدح النيب صلى
اهلل عليو كسلم ا١تسماة بالربدة ،اليت منها قولو:
ؼمػقا:
يقػكؿ ػ ػ ػ
التم ػ ػ
صيدتو ػنو ػ ػ ػج ػ ػاؿ ػػبردة " ػ ػ ػ
بق ػ
شوؽم ػ ػ
ارضػقا ػ ػ
عػ ػ ػ
ػػؼ ػ ػ
فلقد جاءت ىذه القصيدة ٤تاكية لقصيدة ،البوصَتم ا١تسماة " ،الكواكب الدرية ُب مدح خَت
الربية " معتمدة على نفس الوزف ا١توسيقي كالقافية كنفس موضوع القصيدة ا١تعارضة ،كذلك ٧تد أف شوقي
من خالؿ قصيدتو ىذه يوظف ألفاظا قدٯتة على زمنو الذم عاش فيو مثل توظيفو لكلمات " رًن ،الباف،
" ،كا١تعارضة تعترب من أكثر مظاىر التقليد ُب الشعر ،كلقد عرفت ركاجا كبَتا ،بُت شعراء العصر اٟتديث،
كشوقي دل يعارض البويصرم فقط ،بل لو،معارضات أخرل لشعراء أخرين ،مثل ابن زيدكف ،كالبحًتم
كشعراء أخرين.
فلقد تأثر شوقي هباؤال الشعراء تأثرا كبَت فأراد أف يقتفي آثارىم كيتشاكل مع أشعارىم ،مايتناسب
مع ٕتاربو الشعرية ،فشوقي من خالؿ ٤تاكاتو للفحوؿ من الشعراء العرب،يريد أف يرتقي بشعره ،من حيث
قيمتو الفنية ليصل ،إذل مرتبة كقيمة ،تلك القصائد الرفيعة ا١تستول ،كلقد ٧تح فعال شوقي ُب مبتغاه،
35
واالختالف
. الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة الفصل الثاني:
كأستطاع من خالؿ قصائده أف ٭تقق ٧تاحا باىرا ،أكصلو بأف يرتقي إذل مرتبة أمَت الشعراء ،كىي مرتبة،
عالية جدا ،اليصل إليها إال الشاعر الفحل
من بُت شعراء ا١تدرسة الكالسيكية اٞتديدة ،الذين سلكوا التقليد كاحملاكاة ُب أشعارىم ،زعيم ىذا
االٕتاه،الشاعر "٤تمود سامي الباركدم "،الذم تأثر ىو األخر ،بالًتاث الشعرم العريب ،كجعل منو
مرجعا ،يبٍت عليو شعره ،فعرؼ شعرهّ ،تزالة األلفاظ كسحر بيانو ،كاالعتماد على كحدة القافية كمن بُت
قصائده اليت تتجلى فيها مظاىر التقليد ،قصيدتو ا١تعنونة ب"أنشودة العودة " اليت مطلعها:
ىو أف يعمد الشاعر إذل ابتداع أك ابتكار شعريتو ا٠تاصة كفقا لرؤيتو،ك٭تاكؿ من خال٢تا أف يضع ١تستو
كمبدع مبتكرا أساليب كطرقا جديدة كأفكارا كركل حديثة،ٮتتلف فيها عن غَته من الشعراء كىو بذلك ال
٬تارم األساليب ا١تألوفة كالسائدة،كىذا يعٍت أف االختالؼ كليد كعي حداثي يريد للشعر أف يكوف خارجا
عن العادة ال خاضعا ٢تا ،عليو أف يتجاكز كأف يفاجئ كأف يشكل من الواقع ا١تعطى كاقعا مغايرا بعالقات
جديدة مبتكرة.
االختالف: 2موجهات
البحث عن مساحات أكسع لإلبداع الشعرم مساحات تتيح للدفقة الشعورية انسيابية
أكرب،ك٘تكنها من ٕتاكز قيد كحدة القافية الذم كاف سائدا دىورا من الزمن فأصبحت القصيدة تشهد
تنوعا للقافية كقد أكدت التجارب الناجحة لشعر التفعيلة كفاءة ىذا األخَت كقدرتو على احتضاف ٕتارب
الشعراء العميقة دكف التخلي عن أساسيات العركض،إذ أف عماده غالبا ىو تكرار تفعيلة كاحدة من
تفعيالت البحور الصافية.
االعتقاد بأف األصالة ُب الفن ال ٗتالف اٟتداثة جملرد ا١تخالفة ،كأف ُب اٟتداثة ما ٬تدر االستفادة
منو ،كأنو باإلمكاف ا١تزج بُت ما ىو تراثي كما ىو حداثي ،ىذا ا١تزج يتيح للعمل الفٍت أف يتقول
باٞتماليات اٞتديدة دكف أف يتخلى عن ىويتو األصيلة كىذا يعٍت أف الفن ال ٮتدمو التعصب األعمى
للقدًن بل حسن التوفيق بُت مقتضيات ١تاضي كاٟتاضر.
36
واالختالف
. الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة الفصل الثاني:
-التوجو إذل قارئ منتج يتأمل كيستبطن كيستشعر ما ُب النص،ال إذل قارئ مستهلك فقط ال
يتجاكز حدكد االستهالؾ لذلك كانت اٟتاجة كبَتة للتعبَت اإل٭تائي كاللغة ا١تنزاحة بدال من
التعابَت التقريرية ا٠تطابية ا١تباشرة.
كمع اٟتركة التجديدية اليت ظهرت ُب الوطن العريب مع ٩تبة من الشعراء العرب أمثاؿ (نازؾ
ا١تالئكة كبدر شاكر السياب...اخل) اليت نادت إذل إحداث ثورة على مستول القصيدة العربية،
كىو ما حصل فعال ،عرفت القصيدة تغيَتا جذريا ،على مستول الشكل كا١تضموف ،فظهر شكل
جديدا من أشكاؿ الشعر ،كىو الشعر اٟتر ،الذم عرؼ بالعديد من ا٠تصائص ،منها :الوحدة
العضوية فصارت القصيدة ٘تثل كال متماسكا كمنسجما ،كما أف القصيدة أصبحت ٘تزج بُت
الشكل كا١تضموف ،فأصبح الوزف كا١توسيقى ٗتدـ ا١توضوع كتسايره ،كأصبح الشاعر يركز على
ا١توسيقى الداخلية بُت األلفاظ ،كلقد أكتسبت القصيدة ٣تموعة من األساليب اٟتديثة ،منها (
توظيف الرمز ،استخداـ الغموض ،إشراؾ األسطورة ُب العمل الشعرم...اخل) كلقد برز ُب ىذا
الفن كوكبة من الشعراء ا١تبدعُت ،منها الشاعرة العراقية نازؾ ا١تالئكة كىي صاحبة ىذه الفكرة،
كىي اليت كضعت اللبنة األكذل ُب نشوء كبزكغ ىذا الشكل الشعرم اٞتديد ،ككاف ٢تا السبق ُب
بداية تشكل ىذا الفن ،كتعود أكؿ قصيدة نظمتها الشاعرة ُب ىذا الشكل الفٍت اٞتديد للقصيدة،
قصيدة " الكولَتا " اليت تقوؿ فيها:
سكن الليل
أصغ إذل كقع صدل األنات
ُب عمق الظلمةٖ ،تت الصمت على األموات
صرخات تعلو ،تضطرب
حزف يتدفق ،يلتهب
من ىذا ا١تقطع تستنتج العديد من ا٠تصائص الفنية اليت تدؿ على التجديد ُب الشعر
العرب اٟتديث منها مايلي:
استخداـ نظم السطر ،بدؿ من نظم البيت التقليدم ،كذلك استخداـ التجسيم مثل
قوؿ الشاعرة " ٖتت الصمت على األموات " كُب قو٢تا " اٟتزف يتدفق " كالتجسيم من ا٠تصائص
ا١تستحدثة ُب الشعر العريب ،ىذه ا٠تصائص كأخرل موجودة ُب باقي أجزاء القصيدة تعترب من
بُت ،عناصر االختالؼ اليت زخرت هبا ىاتو القصيدة
37
واالختالف
. الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة الفصل الثاني:
كيستحسن النقاد العرب القدامى ا١تقاربة ُب التشبيو على التشبيو الذم يغلب عليو ا٠تياؿ الواسع كا١تعقد،فالنقاد
العرب كانوا يفضلوف التشبيو الذم تكوف فيو ا١تقاربة ،كأف يسهل كشف ا١تشاهبة اليت تستند إليها كديواف "مآذف
بذلت ربيع العمر" 1ربيع العمر الشوؽ " للشاعر " سعد مردؼ " تعددت فيو الصور ا١تقاربة منها ما يلي ػ ػ "كقد ً
كناية عن فًتة الشباب كالقوة ،كالعالقة ىنا بُت لفظ الكناية كداللتها جد قريبة ،كالكناية تستخدـ إلثبات معٌت من
ا١تعاين كلقد كثر ُب كالـ العرب التكٍت ،منها قو٢تم على الشخص الكرًن " كثَت الرماد" كىي كناية عن الكرـ ،كعن
الشخص طويل القامة " طويل النجاد " .
صورة مقاربة أخرل استعملها الشاعر ُب قولو "فأنت من علمنا ْتر كشطآف" 2كىي على سبيل التشبيو البليغ
كىو مألوؼ الصياغة للعالقة الوطيدة بُت البحر كاالتساع كالتشبيو البليغ من أكثر التشبيهات تأثَتا ُب ا١تتلقي ،فهو
يعتمد على ا١تبالغة ُب التشبيو بُت أمرين اشًتكا ُب صفة معينة ،فتحذؼ فيو أداة التشبيو ككجو الشبو كيبقى ا١تشبو
كا١تشبو بو ،كالشاعر ٧تده يستخدـ التنويع ُب الصورة ا١تقاربة حيث ٧تده ُب قولو "ثعالب ٕتعل اآلساد أسراىا
استعمل االستعارة التصر٭تية اليت تكشف عن صورة مقاربة ،فالثعالب مشبو بو ككذلك اآلساد ،أما ا١تشبو احملذكؼ فهو
على الًتتيب ا١تاكركف ا١تتغلبوف كالشجعاف ا١تستضعفوف ،كالعالقة ىنا قريبة كمدركةٍ ،ب إف ىذه الصورة تتناص بوضوح
مع صورة قدٯتة للمتنيب تنتقد ىي األخرل أحواؿ الظلم ُب مصر ،قاؿ ا١تتنيب:
38
واالختالف
. الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة الفصل الثاني:
نامت نواطَت مصر عن ثعالبها فقد بشمن كما تفٌت العناقيد
كاستعمل الشاعر الصورة ا١تقاربة ُب قولة "خفافيش الظالـ " كىي كناية عن أىل الباطل الذين ال يطيقوف نور
اٟتق ،كالصورة ىذه متداكلة جارية على األلسن ،كمعركؼ أف ا٠تفاش طائر يفضل الكهوؼ حيث الظلمة كالعتمة
كاستعملو الشاعر ىنا من أجل التعبَت عن أىل الباطل.
كالشاعر ُب قولو "فدا٫تا لوعة ا٢تجراف ما اتقدت " كظف االستعارة ا١تكنية ،فاللوعة تتقد كالنار ،كىي صورة
مقاربة متداكلة ُب الشعر الغزرل عادة.
كُب قوؿ الشاعر "ضمة الشوؽ تورم نار حرماين " كفيو تشبيو بليغ شبو الشاعر اٟترماف بالنار كحذؼ كجو
الشبو كأداة التشبيو.
ككاصل الشاعر استعماؿ أسلوب التقريب الذم كاف يعرؼ عند شعراء العرب قدٯتان كما ُب قولو :
ىنا استعمل الشاعر االستعارة التصر٭تية ُب قولو " رشإ" كىو ُب اللغة ٔتعٌت الغزاؿ ،كقد أراد بو الشاعر ىنا ٤تبوبتو
على عادة العرب ُب التغزؿ بالنساء كتشبيههن بالغزالف أك الظباء.
ُب قوؿ الشاعر "قيس أنا" تشبيو بليغ زاد ا١تعٌت قوة كإيضاحان حيث قرب ا١تتلقي من ا١تعٌت ا١تضمر ُب سياؽ
الكالـ،كىو معاين اٟتب الكبَت اليت ٖتملها عاطفة الشاعر ٨تو ٤تبوبتو ا١تتمثلة ُب مدينتو "ا١تغَت" ،فالشاعر ربط
درجة اٟتب الكبَتة اليت تغمر قلبو ،بنفس درجة حب قيس لليلى اليت بلغت درجة اٞتنوف ،أما ما جاء ُب كصف
ليلى فكناية عن حاؿ البعد كما يثَته من األدل كاللوعة.
كىذم ُب الرىب حلل من األزىار كاٟتور كُب قولو:
صورة قريبة اإلدراؾ فهو شبو ٚتاؿ تلك األزىار ّتماؿ اٟتور العُت
كُب قولو :ال تركبوا موجة دكنو فإف ا١تخالف ما أضيعو
استعمل الكناية كهنانا عن أف نركب موجة أم أف نفعل شيئا ٮتالف إرادة الشعب
الشاعر :كبنوؾ استنوقوا من فرط ما دل يركا حرا يقود العربا كُب قوؿ:
استعمل صورة مقاربة مأخوذة من قوؿ العرب :استنوؽ اٞتمل ،كقد أراد الشاعر باستنواؽ األبناء ىنا حاؿ ا١تذلة
اليت أصابت العرب كنكبتهم ُب ٩توهتم.
39
واالختالف
. الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة الفصل الثاني:
كُب قوؿ الشاعر :كتذيب كل مولو عيناىا
صورة ُب بياف حاؿ احملب ،كىي كثَتة االستعماؿ عند ا١تتغزلُت من الشعراء العرب مثل قوؿ امرئ القيس:
كما ذرفت عيناؾ إال لتضريب بسهميك ُب أعشار قلب مقتل
كُب كصفو ٟتاؿ العرب ا١تستضعفُت ،عرب عن ىذا اٟتاؿ باستخداـ صورة مقاربة تتمثل ُب الكناية حيث قاؿ
عرب من كرؽ أحوا٢تم ...كىي كناية معربة عن ضعف األمة العربية الشاعر:
كحافظ الضاد ُب حل كمرٖتل كأهنا جوىر ُب الناس يلقيو كُب قوؿ الشاعر:
تشبيو للغة العربية باٞتوىر الثمُت بوصفها مقوما من مقومات ا٢توية كألف ٢تا من اٞتماؿ ما ليس لغَتىا.
الجزئية: ب-الصورة
"قد تظهر قدرا غَت ىي أىم عنصر من عناصر القصيدة ك العنصر األساسي ُب بناء الصورة الكلية ،كىي
عادم من االكتماؿ الفردم كىي خلية مستقلة ٢تا تأثَتىا كدكرىا القائم على أهنا قيمة فنية مطلقة ُب حد ذاهتا
"1إضافة ١تا ٢تا من قيمة فنية من خالؿ ٘تاسكها مع ما ٯتاثلها من صور جزئية أخرل" 2ػ ػ بشكل عاـ الصورة اٞتزئية
كياف فٍت لو موضعو احملدكد من القصيدة ،كيظهر قدرا من االستقالؿ كاالكتماؿ ،كيكشف عن خضوع لسلطة
كحدة البيت ال لبالغة الوحدة العضوية .
كُب ديواف مآذف الشوؽ تتشكل قصائد الديواف من العديد من الصور اٞتزئية ا١تختلفة ،كالشاعر جعل من
الصور اٞتزئية ركنا أساسيا ُب البناء العاـ للقصيدة ،كلقد تشكلت صوره اٞتزئية من العديد من األشكاؿ البالغية
من أبرزىا االستعارة اليت أخذت نصيب األسد من تشكل الصورة ،كيعود سبب كثرة استعمالو ٢تا إذل دكرىا
اٞتمارل كالبالغي " كمن خصائصها أهنا غنية با٠تياؿ ٭تلو فيها األسلوب ،فيجسد ما تعتمل بو النفوس من
ضركب ا١تشاعر كألوف األخيلة كاألفكار فيبث اٟتياة كاٟتركة ُب اٞتماد كيبدك الكوف فيها ُب مشاركة " كلقد ٘تيزت
استعارة سعد مردؼ ببعض ا١تيزات منها ( التجسيم كالتشخيص ) ك٫تا خاصيتاف كثر استعما٢تما من طرؼ
الشعراء احملدثُت ،فأما التجسيم فهو "أف يتخيل األديب ك الفناف لألمر ا١تعنوم أك ً
لعرض صورة معينة يرٝتها ُب
ذىنو،كيصَت ىذا األمر ُب خيالو جسما على كجو التشبيو كالتمثيل كاالستعارة" 3كالتجسيم من عناصر التجديد ُب
4
الشعر العريب اٟتديث ك٧تد لو ركاجا كاسعا بُت الشعراء كما ُب قوؿ الشاعر " عثماف لوصيف "
يا ىذه ا١تهرة البيضاء
1
غازم ٯتوت ،علم أساليب البياف -دار األصالة للطاعة كالنشر ،ط ، 1بَتكت 1403 ،ق 1983ـ ،ص 254
40
واالختالف
. الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة الفصل الثاني:
الشاردة كحدىا ُب اٟتنادس
ضاع اللجاـ من يدم
كضاعت معو ا١تهامز
فالشاعر ىنا جعل من الوطن كىو شيء معنوم ،جعلو ماديا كىذا عن طريق ا٠تياؿ الشعرم
أما التشخيص فهو عملية فنية يستخدمها الشاعر ُب بناء صوره اٞتزئية " ،بذلك يكوف التشخيص صفة عميقة
موغلة ُب كياننا كىو ذك قدرة على التكثيف كاالقتصاد أك اإل٬تاز ،كقد عزا إليو ريتشارد الفضلُ ،ب ٕتنب انتشار
الدكافع االنفعالية كتبدديها ،لذلك يتميز من كل أسلوب يراد بو إحداث مفاجأة أك ٥تادعة ،فضال على أساليب
الشركد الذىٍت اليت تفسد العاطفة " ،1ملخص القوؿ أف التشخيص يتمثل ُب عملية نقل الشاعر ٠تاصية إنسانية أك
شعور إنساين لشيء معنوم أك مادم،كمن أمثلتو قوؿ الشاعر ٤تمود حسن إٝتاعيل:
أقبل يستغفر
ُب مرة كالدجى ملحد إذل اهلل ى
رفات ا١تعاصي هبا تنظر كنفس تائبة دل تزؿ
نالحظ من خالؿ ىذه األبيات ا٠تمسة ا١تاضية استعماؿ عنصر التشخيص ،ففي البيت األكؿ الشاعر جعل من
الدجى ملحدا كىي خاصية إنسانية ،بينما ُب البيت الثاين ،أصبحت ا١تعاصي تنظرٍ ،ب تكرر نفس األمر ُب باقي
األبيات "كالتشخيص ىنا قائم على قوة الوجداف ،للتعبَت عن حالة الذنب كضجر ا٠تطايا من حياهتا ،كالعودة إذل اهلل،
كلكن التوبة غَت مقبولة ،ألف ا٠تطايا ال تصدؽ ُب صالهتا،كاٟتق ال يسفر على الوجوه غَت الصادقة" .2
كُب ديواف مآذف الشوؽ للشاعر سعد مردؼ شكل الشاعر قصائده عن طريق استعماؿ عنصر الصورة اٞتزئية،
فكانت عنصرا بارزا كفعاال ُب بناء الصور الكلية كسوؼ نقف على بعض النماذج الشعرية ُب الديواف نظهر فيها
1مصطفى السعدين ،التصوير الفٍت ُب شعر ٤تمود حسن إٝتاعيل ،دار ا١تعارؼ ،ص 92
2ا١ترجع السابق ص89
41
واالختالف
. الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة الفصل الثاني:
الطريقة كاألسلوب الذم سلكو الشاعر ُب بناء صوره اٞتزئية ،منها النموذج التارل من قصيدة "لو كاف عندنا" ،1قاؿ
الشاعر:
كىو الذم مأل القلوب عبَتا كم ٮتنقوف الفجر بُت عيونو
نالحظ أف الشاعر ُب الصورة اٞتزئية ا١توجودة ُب البيت األكؿ استعمل التشخيص ؛حيث أكقع على النور كىو
مكوف معنوم صفة الظلم كىي صفة إنسانية ،ىذا االنزياح اللغوم أضاؼ للصورة جانبا ٚتاليا كتأثَتيا قويا ،كىي
الغاية من التشخيص دكف أدىن شك ،كىو األمر ذاتو ُب البيت الثاين ،حيث ٧تد الشاعر جعل من الفجر إنسانا
ٮتتنق ،كىو تعبَت ٗتييلي بارع.
كُب قصيدتو الغزلية " اعتذارات ابن ا١تلوح " صور الشاعر تلك ا١تشاعر كاألحاسيس اليت ٭تملها تصويرا حسيا
مستخدما من خال٢تا بعض األساليب اٞتمالية اٟتديثة اليت ٖتركها ملة ا٠تياؿ لديو كلقد كانت القصيدة غنية بالصورة
اٞتزئية اليت رٝتت مشهدا فنيا منسجما يعرب ىذا ا١تشهد على لوحة فنية عاطفية عن اعتذارات الشاعر ٨تو حبيبتو اليت
تناك٢تا الشاعر ُب ثنايا النص ،كسوؼ نقدـ بعض األسطر الشعرية من القصيدة ،تظهر من خال٢تا بعض الصور اٞتزئية،
قاؿ الشاعر:
من خالؿ ىذه األسطر السابقة نالحظ قدرة الشاعر الكبَتة ُب استعماؿ اللغة ،فالشاعر امتلك قدرة بارعة ُب
التالعب با١تفردات ،ففي قولو مثالن "لعينيك ألف ىدية" ٧تد أف الشاعر قاـ بانزياح لغوم كاستعمل التشخيص،
حيث أنو جعل من العيوف إنسانا يقدـ لو ا٢تدايا ،بينما ٧تده ُب قولو " كألف اعتذار يزقزؽ فوؽ جبينك " جسم
42
واالختالف
. الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة الفصل الثاني:
الشيء ا١تعنوم كىو االعتذار كجعل لو جسم عصفور ،كُب ىذه الصورة استعارة مكنية حذؼ فيها ا١تشبو بو كىو
العصفور كجاء بالزمة بلوازمو كىي الزقزقة.
٪توذج أخر من ديواف مآذف الشوؽ تتجسد فيو مالمح الصورة اٞتزئية كىو من قصيدة "جدائل على ضفاؼ ريغ "
قاؿ الشاعر:
الصورة اٞتزئية األكذل من ىذا ا١تقطع كانت ُب قوؿ الشاعر " قل للمغَت إنٍت أىواىا " كفيها تشخيص للمغَت
كىي اسم مكاف حيث جعلو على ىيئة امرأة كبدأ يتغزؿ هبا كراح يعرب عن مشاعره ٨توىا ،ك بذلك قدـ صورة حية
حسية ،قربت ا١تعٌت ُب األذىاف كحركت ا١تشاعر كأحيت النفوس كاألحاسيس .
كذلك رسم الشاعر لوحة فنية شعرية بديعة ،كذلك بواسطة خيالو ا٠تصب ،حيث قاؿ الشاعر " كتذيب كل
مولو عيناىا".
ُب ىذه الصورة الشاعر شبو "ا١تغَت " با١ترأة اٟتسناء ذات العينُت اٞتمليتُت ،فجماؿ ا١تدينة ُب سحره يقارب
ٚتاؿ ا١ترأة كعيناىا ،كىي صورة بيانية على صيغة االستعارة ا١تكنية ،كىذا التجسيد ا١تستعمل ُب ىذه الصورة زادىا
ٚتاال كتأثَتا ُب السامع.
صورة جزئية أخرل ُب قوؿ الشاعر" :كمدينة سحر الزماف سناىا " ك فيها استعمل الشاعر عنصر التشخيص
جاعال من الزماف ك كأنو ساحر ،فنسب لو خاصية إنسانية ٘تثلت ُب السحر.
كُب ىذا ا١تقطع الشعرم من قصيدة " ٧تول " شكل الشاعر صورتو الكلية عرب استخداـ بعض الصور اٞتزئية
الفرعية ،قاؿ الشاعر:
43
واالختالف
. الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة الفصل الثاني:
مشوؽ إليك كُب غربيت * * * شكتك ا١تالحف ،كا١ترقيد
كنازعٍت فيك ذلك الوساد * * * كتلك ا١تشاجب كا١تقعيد .1
ُب قوؿ الشاعر " ىنا حيث يكتمل ا١تشهد " صورة بصرية حسية ،استعمل فيها الشاعر أسلوب لفت االنتباه
كىذا من خالؿ قولو "ىنا " ٍب قاؿ الشاعر "حيث يكتمل ا١تشهد " ىذا التعبَت يضعك ككأنك أماـ مشهد تراه بالعُت
اجملردة ،كىذه الصورة اٟتسية نقلت ا١تشهد ا١تعنوم الذم ال يرل إذل مشهد حسي ٗتيٌلي ،كنالحظ من خالؿ قولو "
شكتك ا١تالحف ،كا١ترقد" الشاعر ىنا حاكؿ أف يصور تلك اللحظة الشعورية كاألحاسيس ا١تؤثرة ،بطريقة ٣تازية
رائعة ،المس فيها الشاعر خياؿ ا١تتلقي ،حيث أنو شبو ا١تالحف باإلنساف مستعَتا منو صفة الشكول ،كىي صورة
بيانية على سبيل االستعارة ا١تكنية.
كشاعرنا امتلك قدرة على ابتكار الصور اٟتية كىذا بفضل خيالو كشعوره الواسع بالعادل احمليط بو ،فالشاعر
استخدـ اللغة كألفاظها كرموز للمشاعر كالعواطف كاألحاسيس كاألفكار كغَتىا ،ك استعمل الكلمات ُب غَت ٤تلها
الذم كضعت لو ،فتصبح ىذه الكلمات موحية كرمزية كمعربة ،من ذلك قوؿ الشاعر مثال " :رآىا الصبح فارتعشت "
استعمل الشاعر ىنا صورة حسية بصرية كظف من خال٢تا حاسة البصر ،كاستعارىا إذل شيء معنوم كىو "الصبح"
كىو استعماؿ غَت مألوؼ.
44
واالختالف
. الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة الفصل الثاني:
بالغة االختالف:
ا١تفارقة: .3الصورة
صورة ٭تركها منطق االختالؼ ال ا١تشاكلة كتستند إذل فاعلية ا٠تياؿ كطاقتو التأثَتية كما أهنا
تقوـ على اجملازات البعيدة كالتخييالت العجيبة ،صورة تبتكر كال ٖتاكي ،كتباعد كال تقارب،
كتستبطن كال تقرر ،فالصورة ا١تفارقة ٖتتاج إذل مكابدة كتأمل كبَت من طرؼ ا١تتلقي من أجل
التعرؼ على األسرار كا٠تبايا ا١تضمرة خلف الكالـ الظاىر ،فالصورة ا١تفارقة ٘تيل إذل الغموض
الذم ٭تتاج إذل تأكيل كتأمل عميق ،كالصورة ا١تفارقة ىي ظاىرة أدبية حديثة انتشرت ُب
الشعر العريب اٟتديث ،كأصبحت قيمة ثابتة ُب العمل الشعرم.
كُب ديواف مآذف الشوؽ كانت الصورة ا١تفارقة حاضرة بقوة ،فكانت القصائد غنية با٠تياالت
الواسعة كا١تفارقات العجيبة كاجملازات البعيدة ،كالنماذج الشعرية التالية اعتمد فيها الشاعر على
الصور ا١تفارقة:
ىنا صورة ٥تتلفة مفارقة فقد استعار الشاعر للعنادؿ حالة اٟتزف على الرغم من أهنا معركفة
بأصواهتا ا١تطربة ا١تفرحةٍ ،ب إنو شبو الضياء ٔتعطف أسود قاًب على الرغم من ا١تخالفة الظاىرة
لصفة الضياء ا١تألوفة ،ككاضح أف منطق االختالؼ ىو الذم أسس ٢تذه الصورة ُب ٤تاكلة من
الشاعر إلسقاط حزنو ا٠تاص على األشياء من حولو ،كىو استعماؿ غَت مألوؼ.
45
واالختالف
. الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة الفصل الثاني:
كالشاعر" سعد مردؼ" دل يستعمل ىنا ا١تستول العػادم ُب التعامل مع األشياء قصد تشكيل
صوره ،كإٌ٪تا كظَّف ا١تستول اإلبداعي،كىػو الذم يتجاكز االستعماؿ ا١تألوؼ للغة ،كينتهك صيغ
األساليب اٞتاىزة ،كيهدؼ من خػالؿ ذلك إذل شحن ا٠تطاب بطاقات أسلوبية كٚتالية ٖتدث تأثَتا
خاصا ُب ا١تتلقي.
-كألف اعتذار يزقزؽ فوؽ جبينك.
األصل أف االعتذار ُب كاد كالزقزقة ُب كاد آخر كلكنهما اجتمعا مع ذلك ُب ىذه الصورة ا١تفارقة
للعادة التعبَتية فنسبت الزقزقة كىي فعل حيواين إذل االعتذار كىو فعل إنساين ،ألف االعتذار مسموع
ككذلك الزقزقة.
الشاعر ُب قولو "لعينيك ما ُب يراعي خبا " استعمل استعارة مكنية شبو فيها القلم بالنار
كحذؼ ا١تشبو بو النار كجاء بالزمة من لوازمو كىي "خبا" ،كىي نفس الصورة البيانية ُب قولو " كما غار
ُب جعبيت من ىديل " شبو الشاعر فيها عواطفو العميقة باٟتماـ ،فحذؼ ا١تشبو بو اٟتماـ كجاء بالزمة
من لوازمو كىي "ا٢تديل".
ُب ىذه الصورة جرد الشاعر اٟتنُت من صفتو ا١تعنوية كجعلو عنصرا ماديا ،حيث جعل
منو لوحة فنية مزخرفة ،كُب الصورة استعارة مكنية ،كذلك ُب قولو "قلب ذكل " استعارة مكنية
شبو الشاعر القلب بالوردة الذابلة كلقد حذؼ ا١تشبو بو ا١تتمثل ُب تلك الوردة كجاء بالزمة ٢تا
كىي كلمة"ذكل".
46
واالختالف
. الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة الفصل الثاني:
صورة تشبيهية مفارقة ،ليس ىناؾ عالقة قريبة كمألوفة بُت العيوف ا١تغمضة كالشتاء ،كلكن
إحساس الشاعر العميق كرؤيتو ا٠تاصة يقفاف كراء ذلك ،فالعيوف ا١تغمضة ٗتفي أكثر ٦تا
تظهر ،ككذلك الشتاء الفصل ا١تلبد بالغيوـ اليت ٖتجب صفاء السماء.
نالحظ أف ىناؾ تباعدا من حيث ا١تعٌت بُت رفيف البكور ك ساحرة من بالد سال،
فالشاعر ٚتع بُت متباعدين ،كالصورة ىنا تبدك غامضة إال أهنا مثَتة ،فالنفس ٘تيل دكما
لألشياء اٞتديدة ،ك ىنا مكمن اٞتماؿ ُب ىذه الصورة ،فالقطة تصبح راكية ساحرة "جثت
تعجن ا١توج ُب شاطئيها " كاستعماؿ االستعارة ىنا يدؿ على ذكؽ عاؿ ،ألف "االستعارة من
أبلغ األلواف البالغية كأركعها كأف بالغتها إ٪تا ترجع إذل حسن تصويرىا كانتقاء ألفاظها
كإ٬تازىا ".1
كتطعم تارٮتها
2
ذكريات الفتوح
ُب ىذه الصورة تتأكد براعة الشاعر ُب التفنن ُب التشخيص ،فالشاعر ألبس التاريخ
كىو مكوف معنوم خاصيةن إنسانية كىي األكل ،كما أنو جسم الذكريات كحو٢تا إذل غذاء
يتقوت بو التاريخ ،كىذا التوظيف التخيٌلي أعطى قوة للتعبَت.
٤ 1تمود السيد شيخوف :االستعارة نشأهتا كتطورىا كأثرىا ُب األساليب العربية ،مكتبة الكليات األزىرية ،القاىرة،
1984،ص10.
2ا١تصدر السابق ص29
47
واالختالف
. الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة الفصل الثاني:
يرسم ُب األفق ا١تغرب
صفَت قطار
الشاعر ُب ىذه الصورة شبو الوجو بالقلم ،فالقلم يكتب رموزا،ككلمات تعبَتية كذلك
الوجو الذم تبدم مال٤تو التعبَتية العديد من العواطف كا١تشاعر ،فكال٫تا يشًتكاف ُب الوظيفة
التعبَتية كىي كجو الشبو بينهماٍ ،ب جعل ىذا الوجو الذم ٖتوؿ إذل قلم راسم يرسم صورة
رمزية خيالية لصفَت قطار ،ك ىذه صورة مفارقة بشدة للبعد الكبَت بُت أطرافها.
صورة مفارقة ٚتع الشاعر فيها ما ال ٬تتمع إال ُب ٥تيلة إبداعية ترسم كاقعا ٥تتلفا "
اإليراؽ كا١ترأة كالنجم كالضفة كالشوؽ كالزكرؽ".
"الشتاء " ىنا لو دالالت تعبَتية عميقة خصوصا كأف الشاعر نسب إليو الدؼء على غَت
العادة كدل ينسب إليو صفتو الدائمة أم الربد.
ُب قوؿ الشاعر "كقد صاَب بتبكَت" استعار الشاعر كلمة ُب غَت ٤تلها الذم كضعت
لو ،كىذه الكلمة ىي كلمة "صاَب " كاليت تدؿ على النقاء كالوضوح ،كلقد أسندت ىذه
الكلمة إذل الصباح الباكر ،فتحوؿ كأنٌو ماء صاُب كنقي ،كُب البيتُت صورة تشبيهية دل تقم على
ا١تقاربة بل على ا١تفارقة ،طرفها األكؿ حسي ىو الصبح كطرفها الثاين شعورم عاطفي " صدل
قليب ".
48
واالختالف
. الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة الفصل الثاني:
ماذا?
ُب ىذه الصورة ا١تفارقة ترٚتة ١تشاعر اٟتزف ،فاٟتشرجات بكف األصائل ،كالشتاء فصل
تتناثر فيو ذات الشاعر ك٘تطر فيو أيامو.
الصورةالكلية: .4
الصورة الكلية تشكيل فٍت تبٌت فيو الصورة على امتداد النص كلو ،كىذا يعٍت أهنا ال تستمد قيمتها
اٞتمالية العالية من ٣ترد انسجاـ كتآزر كٕتانس أجزائها بل انصهار ىذه األجزاء ُب بوتقة كاحدة
كخضوعها لشمولية ككلية الوحدة العضوية الصورة الكلية كياف فٍت عضوم ،كاألىم فيو ىو تالحم
ك٘تاسك صوره اٞتزئية أك بنياتو الصغرل ٠تدمة البنية الكلية ،الصورة الكلية ىي "لوحة تنتج من تضاـ الصور
اٞتزئية بوحداهتا ا١تتنوعة،فالشاعر يصور موجات مستمرة من اٟتركة الدائبة ،ترفد كل جزئية منها التشكيل العاـ " .2
إهنا ذلك الكل الذم تتضافر ُب بنائو ٣تموعة من الصور اٞتزئية اليت ٘تثل ركحو ،كأساس عمل الشاعر ىو
حسن تشكيل ىذه الصور اٞتزئية،كىذا عن طريق توظيف شىت الوسائل الفنية من كسائل البياف كالتشبيو كاالستعارة
كاجملاز كالكناية كغَتىا من أساليب البالغة أك أساليب ا٠تياؿ كاألسطورة كالرمز ،كصوال إذل تشكيل صوره الكلية.
كإذا ْتثنا ُب ديواف ُب ديواف "مآذف الشوؽ " للشاعر اٞتزائرم "سعد مردؼ " ٧تد حضورا للصورة الكلية ُب
قصائده ،كلقد تشكلت الصور الكلية نتيجة تضاـ كتناسق الصور اٞتزئية فيما بينها ،كسوؼ نعرض بعض ٪تاذجها من
الديواف فيما يأٌب:
لقد رسم الشاعر "سعد مردؼ " ُب قصيدة "٧تول "لوحة تصويرية ٘تثلها الصورة الكلية اليت تعتمد على إٖتاد
اٞتزئيات فيما بينها حيث يقوؿ:
49
واالختالف
. الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة الفصل الثاني:
ككل اٟتكايات ال تنفد مٌت
ىنا ،حيث كل األماسي ن
شكتك ا١تالحف ،كا١ترقد مشوؽ إليك كُب غربيت
لقد سا٫تت العناصر ا١تالزمة للصورة الكلية كىي (الصوت كاللوف كاٟتركة كالعاطفة)ُب تالحم كتناسق الصور
اٞتزئية ٢تاتو الصورة الكلية ،كيظهر عنصر الصوت ُب قوؿ الشاعر " شكتك ا١تالحف كا١ترقد " بينما يتجسد عنصر
اٟتركة ُب قوؿ شاعرنا " ُب كل ما المستو يد" فاللمس عبارة عن حركة يقوـ هبا اإلنساف ،أما توظيف اللوف يكمن ُب
قوؿ الشاعر " مواكيلك البيض " ،أما عنصر العاطفة كاألحاسيس فكاف حاضرا ُب تركيب ىاتو الصورة الكلية كيظهر
ُب قولو " مشوؽ إليك كُب غربيت " كُب قولو " كُب البحر حبك إذ يزبد".
لقد كفق الشاعر إذل حد بعيد ُب رسم صورتو الفنية الشعرية الكلية من خالؿ ىذه القصيدة ،كىذا يعود إذل
قدرتو على تشكيل صوره اٞتزئية بتفاصيلها البسيطة ك قدرتو على الربط فيما بينها ،حىت عادت كالعضو الواحد ،ككاف
كل جزء خادـ كمساعد ُب بناء كتشكل الصورة الكلية كالنهائية للقصيدة.
كذلك ٕتسدت مالمح الصورة الكلية ُب قصيدة "جدائل على ضفاؼ ريغ" ،قاؿ الشاعر:
كل من يغشاىا
للعشق تغشى ٌ معمورة بالوحي يبعث فورة
٧تواه ،آهو كيف كاف جواىا سكن ٢تذا القلب يرد ٢تيبو
50
واالختالف
. الصصرر اللشعرة في درصان مآذن اللصق بين الملاكلة الفصل الثاني:
ىي كاحة للركح ُب مرقاىا ىي راحة الدنيا كطيب صفائها
يصور الشاعر من خالؿ ىذا ا١تقطع الشعرم مظهر اٞتماؿ ا٠تالب الذم تتصف بو مدينة ا١تغَت كىي بالد
الشاعر ،كلقد أمعن الشاعر ُب كصف ا١تعادل الطبيعية اليت تزخر هبا ا١تنطقة ،خاصة حدائق النخيل الغناء ،كذلك ٧تد
أف الشاعر كظف أسلوب الغزؿ ُب تصويره ٞتماؿ ا١تدينة فتخيلها امرأة كراح يتغزؿ ّتماؿ عينيها اٞتذاب ،كلقد
ساعدت الصور اٞتزئية ُب البناء العاـ للقصيدة كُب تصوير ا١تشهد ،كلقد بدأ الشاعر باستعارة مكنية جسدت مدينة
ا١تغَت ُب صورة امرأة ساحرة اٞتماؿ ،كىذا ُب قولو "كتذيب كل مولو عيناىا" ،كُب قولو "كمدينة سحر الزماف سناىا "
فأصبح الزماف مسحورا ككذلك اإلنساف ،تالىا ٣تموعة من الصور النابضة ا١تتعاقبة ،اليت تزيد معادل الصورة كضوحا،
حيث ٘تثل الشاعر مدينتو "كاحة للركح" ك"مهبطا للنور" ك"بردا للهيب القلب" كشخص ا١تدينة ُب قولو "أرخت
جدائلها " فجعلها امرأة ٢تا جدائل شعر ترخيها ،ككاضح أف صوره ٚتيعا قامت على الوصف الوجداين التأثرم ال
الوصف ا٠تارجي.
ىذه بعض النماذج الشعرية من ديواف "مآذف الشوؽ" ٕتلت من خال٢تا مالمح الصورة الكلية اليت يعترب خاصية
فعالة ُب بناء مشاىد تصويرية منسجمة كمًتابطة أهبر هبا القارئ
إبداعية عالية استغلها الشاعر كاٗتذىا اسًتاتيجية ٌ
ا١تتذكؽ للعمل الشعرم.
.
51
ملحق
نبذة عن الشاعر " سعد مردف ":
ننبر ن اللا ع " شد معدف ".: ملحق
53
ننبر ن اللا ع " شد معدف ".: ملحق
54
خامتة
خـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاتمة
ا٠تا٘تة
ًب بعوف اهلل كفضلو ختاـ د ارستنا بالغة الصورة الشعرية ُب ديواف
"مآذف الشوؽ" لسعد مردؼ ،كىذه ٚتلة النتائج اليت توصلنا إليها كتتمثل ُب:
• الشاعر سعد مردؼ من خالؿ ديوانو مآذف الشوؽ اعتمد على أسلوب التنويع ُب ا١تواضيع حيث ٧تد
أف الشاعر ال يلتزـ ٔتجاؿ معُت من ٣تاالت اٟتياة كيشكل منو ٚتيع قصائده ،بل أنو ٮتوض ُب ٚتيع
. قضايا األمة فتجده يتحدث عن األـ كعن الغزؿ كعن األمة العربية كغَتىا من ا١تواضيع ا١تتعددة
• الصورة الشعرية ُب ديواف " مآذف الشوؽ " كانت مزيج بُت بالغتُت (االختالؼ كا١تشاكلة ) ،أم
أف الديواف كاف عامرا با٠تصائص الفنية لبالغة االختالؼ كا١تشاكلة معا
• كاف الرمز ُب ديواف "مآذف الشوؽ" عنصرا بارزا ،فالشاعر ركز عليو ُب بناء صوره الشعرية فالرمز
كسيلة سهلة إليصاؿ ا١تعاين للمتلقي
•كما أف الشاعر اعتمد على اللغة السهلة ا١تتداكلة لرسم صوره الشعرية ،كابتعد بذلك على اللغة ا١تعقدة
• كاف عنصر الغموض حاضرا ُب ديواف "مآذف الشوؽ" ،فالشاعر كظف ا٠تياالت البعيدة اليت ٖتتاج
إذل فهم ككعي من طرؼ ا١تتلقي ،كعنصر الغموض عنصر اشتهر ُب الشعر العريب اٟتديث بشكل كبَت
•الشاعر سعد مردؼ من خالؿ ديوانو مآذف الشوؽ رسم لنا صور كلية مًتابطة كمنسجمة ،كيعود ىذا
إذل براعة شاعرنا ُب رسم صوره اٞتزئية ككانت االستعارة أىم عنصر شكل الشاعر بو صورة اٞتزئية
•تنوع ا١تصادر األدبية للصور الشعرية ُب الديواف فالشاعر أخذ من ا١تصدر الديٍت كالقرآف كا١تصدر التارٮتي
كاألسطورة كما أنو تأثر بالطبيعة كضمنها ُب قصائده
•من حيث الشكل العاـ للقصائد كاف مز٬تا بُت الشعر اٟتر كالشعر العمودم
•لقد ساعد عنصرا التشخيص كالتجسيم ُب تشكيل الصور الشعرية ُب ديواف مآذف الشوؽ
56
الفهارس الفنية
فهرس المصادر والمراجع
فهرس الموضوعات
الفهارس الفنية
58
الفهارس الفنية
59
الفهارس الفنية
علي صبح الصورة األدبية تاريخ كنقد ،دكف طبعة ،ج ،1دار اإلحياء للكتب . 28
العربية.
علي علي صبح ،الصورة األدبية تاريخ كنقد. . 29
عهود عبد الواحد العكيلي الصورة الشعرية عند ذم الرمة. . 30
غازم ٯتوت ،علم أساليب البياف -دار األصالة للطاعة كالنشر ،ط، 1 . 31
بَتكت 1403 ،ق 1983ـ.
فاضل عباس البالغة فنوهنا أفناهنا. . 32
كاظم بن عبد اهلل بن نيب ،تراسل اٟتواس ُب شعر الشيخ أٛتد الوائلي. . 33
كرٯتة بوعامر ،ز.يونس ،الصورة ُب شعر السياب (أنشودة ا١تطر أ٪توذجا )، . 34
مذكرة لنيل شهادة ا١تاجستَت ُب قضايا األدب كالدراسات النقدية كا١تقارنة ،غَت منشورة
،إشراؼ :أٛتد حيدكش ،جامعة اٞتزائر العاصمة (كلية األدب العريب كاللغات ،
قسم اللغة كاألدب العريب ) اٞتزائر ،السنة الدراسية \2002\2001ـ ،نسخة bdf
ًب ٖتميلها من موقع جامعة البويرة dedeuniversite-على الشبكة العنكبوتية ،
يوـ ُ 2020\40\16ب الساعة 22:30 :
كماؿ أٛتد غنيم ،الصورة الشعرية الكلية ٤ ،تاظرة ُب . 35
اليوتيوب من موقع اٞتامعة اإلسالمية ،غزة \مساؽ :األدب ا١تعاصر
2020\06\05ـ ،الساعة كتارٮتو ً /ب دخوؿ إذل ا١توقع ُب \
00:04
كماؿ أٛتد غنيم ،الصورة اٞتزئية ٤" ،تاضرة من موقع قناة ُlug fideoب . 36
2012/10/6ـ، اليوتيوب ،اٞتامعة اإلسالمية ،غزة ًب نشر الفيديو ُب تاريخ ،
تاريخ اإلنزاؿ 2020/05/25 :ـ ،على الساعة 02:38
٤تمد الورل الصورة الشعرية ُب ا٠تطاب البالغي كالنقدم. . 37
٤تمد حسن الصغَت ،أصوؿ البياف العريب ،رؤية بالغية معاصرة دار الشؤكف . 38
االثقافية العامة بغداد .1986
60
الفهارس الفنية
٤تمد حسن عبد اهلل ،الصورة كالبناء الشعرم ،دار العارؼ ،القاىرة. . 39
٤تمود السيد شيخوف :االستعارة نشأهتا كتطورىا كأثرىا ُب األساليب العربية، . 40
مكتبة الكليات األزىرية ،القاىرة1984، ،
مصطفى السعدين ،التصوير الفٍت ُب شعر ٤تمود حسن إٝتاعيل ،دار . 41
ا١تعارؼ.
مصطفى ناصف الصورة األدبية ف ط ،1دار مصر للطباعة ،مصر .1958 ، . 42
يوسف عبد القادر خليف ،أديب مصرم حصل على شهادة اللسانس لغة . 43
عربية سنة .1944
يوسف مراد مبادئ علم النفس العاـ. . 44
61
الفهارس الفنية
فهرس الموضوعات
الصفحة الموضوع
إهداء
شكر وعرفان
معرفة.
خطأ! اإلشارة ا١ترجعية غَت ٌ مقدمة
الفصل األكؿ :الصورة الشعرية –التصور كا١تاىية-
.8مصادر الصورة.
1 . 5بيانيا:
2 . 5بنائيا:
ت -الصورة الجزئية.
ث -الصورة الكلية
62
الفهارس الفنية
3 .5إجرائيا:
شعرية الصور
- 5المشاكلة وخلفياتها:
ج -ا١تشاكلة:
-خلفيات المشاكلة: ح
االختالف: 2موجهات
ثانيا:الصورة الشعرية ُب ديواف مآذف الشوؽ بُت بالغتُت:
.3بالغة المشاكلة
63
الفهارس الفنية
بالغة االختالف:
ا١تفارقة: .5الصورة
الصورةالكلية: .6
71 خاتمة
79 فهرس المصادر والمراجع
85 فهرس الموضوعات
64