You are on page 1of 283

‫جمهورية العراق‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫جامعة كربالء‬
‫كلية التربية للعلوم اإلنسانية‬

‫(المرجعيات الثقافية للشعر الشيعي في العصر العباسي)‬

‫أطروحة دكتوراه تقدم بها الطالب‬

‫حسين نعمة بيتي العلياوي‬

‫إلى مجلس كلية التربية للعلوم اإلنسانية‪ /‬جامعة كربالء‬

‫وهي من متطلبات نيل شهادة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها‬

‫بإشراف‬

‫األستاذ الدكتور‬

‫حربي نعيم محمد الشبلي‬

‫‪2022‬م‬ ‫‪1441‬هـ‬
‫(( َوإِ ِّني ُم ْر ِسلَة إِ َل ْي ِه ْم ِب َه ِد َّية َف َناظِ َرة ِب َم‬
‫سلونَ ))‪.‬‬ ‫َي ْر ِجع ا ْلم ْر َ‬

‫صدق اهلل العلي العظيم‬

‫سورة النمل‬

‫اآلية (‪)35‬‬
‫اإلهداء‬
‫إلـــى‬
‫‪ -‬الحبيب محمد وأهل بيته (عليهم‬
‫السالم)‪,‬‬
‫‪ -‬أخي الكبير الذي تمنيت أن‬
‫يكون حاضرا معنا تغمده هللا‬
‫برحمته‪,‬‬
‫أهدي هذا الجهد العلمي لروحه‬
‫المباركة‪.‬‬

‫الباحث‬
‫الشكر والعرفان‬

‫أقدم شكري واعتزازي إلى أساتذتي في المرحلة التحضيرية‪ ,‬وأيضا إلى جميع‬
‫أساتذة قسم اللغة العربية في كلية التربية جامعة كربالء‪.‬‬

‫وال ننسى الفضل الذي قدمه األساتذة كل من العميد األستاذ الدكتور حسن‬
‫حبيب عزر واألستاذ الدكتور علي كاظم المصالوي‪ ,‬واألستاذ الدكتور حربي نعيم‬
‫محمد في جامعة كربالء واألستاذ الدكتور ثائر سمير حسن الشمري في جامعة بابل‪,‬‬
‫كلية التربية األساسية‪ ,‬جزاهم اهلل خي ار لتعاونهم معي فيما احتاج إليه في كتابة‬
‫علي تحصيلها‪ .‬لهم منا كل التقدير واالجالل‪.‬‬
‫البحث من دواوين ومصادر تعسر َّ‬

‫ويسرني أن اقدم الشكر والعرفان إلى رئيس قسم اللغة العربية األستاذ الدكتور‬
‫ليث قابل الوائلي؛ لتعاونه ونصحه وارشاداته السديدة فكان األب الرؤوف واألخ‬
‫العطوف‪.‬‬

‫كما أتقدم بالشكر الجزيل والثناء الجميل إلى موظفي مكتبة ابن خلدون في‬
‫المحمودية‪ ,‬ومكتبة العتبة الحسينية المقدسة‪ ,‬ومكتبة ودار مخطوطات العتبة‬
‫العباسية المقدسة‪ ,‬ومكتبة كلية التربية للعلوم اإلنسانية جامعة كربالء‪ ,‬ودار الكتب‬
‫والوثائق الوطنية العراقية‪ .‬لمساعدتهم لي في الحصول على المصادر‪.‬‬
‫ِ‬
‫الرحيم‬ ‫ِ‬
‫الرحمن‬ ‫بسم ِ‬
‫اهلل‬ ‫ِ‬

‫محمد‪ ,‬وعلى ِ‬
‫آله‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫األمين‬ ‫بي‬ ‫السالم على َّ‬
‫الن ِّ‬ ‫الحمد ِ‬
‫هلل ِّ‬
‫العالمين‪ ,‬والصالةُ و ُ‬
‫َ‬ ‫رب‬ ‫ُ‬
‫المنتجبين‪.‬‬
‫َ‬ ‫الطيبين الطاهرين وصحبِ ِه‬

‫ِ‬ ‫كلية التر ِ‬


‫عميد ِ‬‫ِ‬ ‫رفان إلى السي ِِّد‬ ‫كر و ِ‬ ‫أن َّ‬ ‫ِ‬
‫للعلوم‬ ‫بية‬ ‫الع ِ‬ ‫أتقد َم بال ُش ِ‬ ‫في البدء‪ ,‬أ َِوُّد ْ‬
‫اللغة العر ِ‬
‫بية‪ ,‬األستاذ‬ ‫قسم ِ‬ ‫ئيس ِ‬ ‫اإلنسانية‪ ,‬األستاذ الدكتور حسن حبيب الكريطي‪ ,‬ولر ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫المرحلة‬ ‫تتلمذت على أيديِهم في‬
‫ُ‬ ‫الدكتور ليث قابل الوائلي‪ ,‬وألساتيذي الذين‬
‫بفضلهم واعتِرافا بجميلِهم‪ ,‬كما أ َِوُّد أَن أعبِّر عن َع ِ‬
‫ظيم ُشكري‬ ‫ِ‬ ‫التحضير ِ‬
‫ية‪ ,‬إيمانا‬
‫َ‬
‫المناقشة ممثلةً ( باألستاذ الدكتور علي كاظم محمد علي المصالوي رئيسا‪,‬‬ ‫ِ‬ ‫للَّ ِ‬
‫جنة‬
‫واألستاذ الدكتور فهد نعيمة مخيلف‪ ,‬واألستاذ مساعد الدكتور فالح عبد علي‬
‫سركال‪ ,‬واألستاذ مساعد الدكتور ناهضة ستار عبيد‪ ,‬واألستاذ مساعد الدكتور زينب‬
‫علي عبيد‪ ,‬أعضاءاً‪ ,‬واألستاذ الدكتور حربي نعيم محمد‪ ,‬مشرفا ومناقشا)‪ .‬لِما بذلوه‬
‫ِ‬
‫السفر‪.‬‬ ‫عناء‬
‫َ‬ ‫تجش ِمهم‬ ‫ِ‬
‫االطروحة فضال عن ُّ‬ ‫من جهد في قر ِ‬
‫اءة‬

‫أما بعد‪...‬‬

‫بشكل ٍ‬
‫عام‪ ,‬ومن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الثقافية هو العودةُ والرجوعُ‬ ‫ِ‬
‫المرجعيات‬ ‫صطلح‬ ‫بم‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫المقصود ُ‬
‫َ‬ ‫فإن‬
‫فالمرجعيات تُعنى‬
‫ُ‬ ‫اآلداب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫المعارف‪ ,‬و ِ‬ ‫ِ‬
‫العلوم‪ ,‬و‬ ‫الثقافية ِم ْن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لألصول‬ ‫معانِيها الرجوعُ‬
‫نصوص الشعريةَ‬
‫َ‬ ‫الباحث ال‬
‫ُ‬ ‫ص َد بِها‬
‫الشيعي‪ ,‬قَ َ‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫الشعر‬ ‫أما لفظةُ‬ ‫بالنص و ِ‬
‫األديب معا‪َّ .‬‬ ‫ِّ‬
‫ثاء‪ ,‬أو فخ ًار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التي اتَّخ َذ ْ ِ‬
‫ت م ْن أَهل البيت (عليهم السالم) موضوعاً لها مدح ًا أو ر ً‬
‫تؤمن‬ ‫النص عقديا إلى ما‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫الشاعر أو‬ ‫ِ‬
‫انتماء‬ ‫يكشف عن‬
‫ُ‬ ‫هجاء ألعدائِهم بما‬ ‫بهم‪ ,‬أو‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫القول بخالفتِهم وامامتِهم‬
‫أهل بيتِه(عليهم السالم)‪ ,‬و َ‬
‫علي و ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلمام ِّ‬ ‫به الشيعةُ من مو ِ‬
‫االة‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫لألمة‪.‬‬
‫ِ‬
‫تطور‬ ‫مت في‬‫أسهَ ْ‬ ‫ِ‬
‫الوسائل التي ْ‬ ‫أحد‬
‫العباسي َ‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫العصر‬ ‫الشيعي ِفي‬
‫ُّ‬ ‫الشعر‬
‫ُ‬ ‫كان‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫المرجعيات‬ ‫ك على‬ ‫ِ‬
‫المذهبية‪ ,‬وهو يتكئُ في ذل َ‬ ‫ِ‬
‫السياسية‪ ,‬و‬ ‫اطة الصر ِ‬
‫اعات‬ ‫األدب بوس ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫الحجاج‬ ‫ِ‬
‫الغالب يرومون من ذلك‬ ‫اء في‬ ‫ِ‬ ‫األدبية‪ ,‬والتار ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫وغيرها‪ ,‬والشعر ُ‬ ‫يخية‪,‬‬ ‫الدينية‪ ,‬و‬
‫فحام خصو ِمهم‪.‬‬ ‫باألدلة في ِ‬
‫تأييد رؤآهم وا ِ‬ ‫ِ‬ ‫االستشهاد‬
‫َ‬ ‫والجدا َل و‬

‫الفاضل‪ ,‬األستاذ الدكتور حربي نعيم محمد في‬ ‫ِ‬ ‫جاءت فكرةُ أستاذي‬ ‫ِ‬
‫من ُهنا َ‬
‫ِ‬
‫الثقافية‬ ‫ِ‬
‫المرجعيات‬ ‫الشيعي‪ ,‬وكان عنوان الدر ِ‬
‫اسة موسوما بـ(‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫الشعر‬ ‫ِ‬
‫مرجعيات‬ ‫در ِ‬
‫اسة‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫تلك‬
‫لوقوف على َ‬‫ِ‬ ‫نت متشوقا ل‬ ‫يب َّأني ُك ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العصر العباسي) وال ر َ‬ ‫للشعر الشيعي في‬
‫خدمة تجربتِهم الشعر ِ‬
‫ية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اء في‬ ‫ِ‬
‫وظفها الشعر ُ‬
‫المرجعيات التي َ‬

‫الشعر‬ ‫أفاد منها‬ ‫ِ‬


‫الثقافية التي َ‬ ‫ِ‬
‫المرجعيات‬ ‫أهداف الدر ِ‬
‫اسة معرفةُ‬ ‫ِ‬ ‫كان ِمن‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫تمثل‬
‫آخر َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اء في إغناء تجربتهم الشعرية‪ ,‬فضال عن هدف َ‬ ‫الشيعي‪ ,‬واتكأَ عليها الشعر ُ‬
‫وردت فيه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األول التي َ‬ ‫المرجعيات إلى أصلِها‬
‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ِ‬
‫إعادة تل َ‬ ‫في‬

‫ٍ‬
‫فصول‪ ,‬يسبقُها تمهيد‬ ‫البحث على أر ِ‬
‫بعة‬ ‫أن يكون‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ت طبيعةُ الدراسة ْ‬
‫قتض ْ‬
‫أ َ‬
‫اجع‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالمصادر والمر ِ‬ ‫وتعقبها خاتمة ثم قائمة‬
‫ُ‬

‫ِ‬
‫باألدب‬ ‫وع َالقتِها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بمصطلح المرجعيات الثقافية‪َ ,‬‬
‫ِ‬ ‫يف‬
‫التعر َ‬ ‫التمهيد‬
‫ُ‬ ‫تَ َك َّف َل‬
‫ِ‬
‫التناص‬ ‫كالسرقات الشعر ِ‬
‫ية و‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المصطلحات‬ ‫جانسها من‬ ‫و ِ‬
‫ما ُي ُ‬ ‫أوض َح‬
‫َ‬ ‫األديب‪ ,‬ثم‬
‫الشيعي‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫بالشعر‬ ‫يف‬
‫التمهيد التعر َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وغيرها‪ ,‬كما اشتم َل‬

‫مباحث‪ُ :‬د ِر َس فيه‬


‫َ‬ ‫وضم أربعةَ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫الدينية)‬ ‫ِ‬
‫(المرجعيات‬ ‫وجاء الفَص ُل األو ُل بعنو ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬
‫كالم ِ‬
‫أهل‬ ‫يف‪ ,‬و ِ‬ ‫الحديث النبوي الشر ِ‬
‫ِ‬ ‫الشيعي آلي القرآن الكريم‪ ,‬و‬
‫ِّ‬ ‫توظيف الش ِ‬
‫عر‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اإلمامية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الشيعة‬ ‫البيت عليهم السالم‪ ,‬و ِ‬
‫عقائد‬ ‫ِ‬

‫مباحث‪:‬‬
‫َ‬ ‫وضم أربع َة‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫األدبية)‬ ‫ِ‬
‫(المرجعيات‬ ‫وكان الفص ُل الثاني موسوماً بـ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫اإلسالم‪,‬‬ ‫ِ‬
‫وعصر‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم‪,‬‬ ‫ِ‬
‫لشعر ما قب َل‬ ‫الشيعي‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫الشعر‬ ‫استحضار‬ ‫ت فيه‬‫أوضح ُ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫بينت فيه ما‬ ‫بالمتقدمين عليهم‪ ,‬كما‬ ‫ِ‬
‫العصر العباسي‬ ‫ين في‬ ‫الشعر ِ‬
‫وتأثُر ُّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫المتأخر َ‬ ‫اء‬ ‫َ‬
‫أفصحت فيه عن‬ ‫ِ‬
‫ورسائل أهل البيت (عليهم السالم)‪ ,‬و‬ ‫ِ‬
‫خطب‬ ‫من‬ ‫اء‬
‫ُ‬ ‫أفاده الشعر ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫لقصص‬ ‫الشيعي‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫الشعر‬ ‫توظيف‬
‫َ‬ ‫ت فيه‬ ‫األمثال و ِ‬
‫الح َكِم‪ ,‬كما َك َشفَ ُ‬ ‫ِ‬ ‫استشهاد الشعر ِ‬
‫اء ب‬ ‫ِ‬
‫أهل ال ِ‬
‫بيت (عليهم السالم)‪.‬‬ ‫ات ِ‬ ‫ومناظر ِ‬

‫مباحث‪,‬‬
‫َ‬ ‫وضم ثالثةَ‬‫َّ‬ ‫ان (المرجعيا ِت التار ِ‬
‫يخية)‬ ‫فكان بعنو ِ‬ ‫الثالث‬
‫ُ‬ ‫أما الفص ُل‬
‫َ‬
‫قبل‬ ‫ِ‬
‫عصر ما َ‬ ‫يخ الجاهلي ـ ـ ـ‬ ‫ِ‬
‫لموروث من التار ِ‬ ‫الشيعي ل‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫الشعر‬ ‫توظيف‬
‫َ‬ ‫اظهرت فيه‬
‫ُ‬
‫وسلم)‪ ,‬وغزواتَهُ‪ ,‬ثم‬ ‫صلى اهلل ِ‬
‫عليه وآله‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫النبي محمد ( َّ ُ‬
‫ِّ‬ ‫درست فيه سيرةَ‬
‫ُ‬ ‫اإلسالم‪ ,‬كما‬
‫أهل ِ‬
‫البيت (عليهم السالم)‪.‬‬ ‫سيرةَ ِ‬

‫خاتمة تَحوي نتائج الدر ِ‬


‫اسة‪ ,‬ثَُّم َب َع َدها‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫المطاف إلى‬ ‫ِ‬
‫نهاية‬ ‫خلص في‬
‫َ‬ ‫ثم َن ُ‬
‫اجع‪.‬‬ ‫ِ‬
‫المصادر والمر ِ‬ ‫قائمة ب‬

‫ِ‬
‫ثقافة‬ ‫طاقةً معبرةً عن‬ ‫بوصف ِه‬
‫ِ‬ ‫النص الشعرِي‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫منهجها على‬ ‫عولت الدراسةُ في‬
‫ْ‬
‫تأوب به‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫التحليل‪ ,‬ثم‬ ‫النظ ِر‬
‫و‬ ‫المنتج أساسا في َّ‬
‫ِ‬ ‫النص‬
‫ِّ‬ ‫الشاعر وميولِه‪ ,‬واتَّ ْ‬
‫خذت من‬ ‫ِ‬
‫المنهج التاريخي‪,‬‬
‫ِ‬ ‫اتباع‬
‫َ‬ ‫اقتضت الدراسةُ‬
‫ْ‬ ‫توى ِمنها‪ ,‬لذلك‬ ‫ِ‬
‫إلى منابِعه التي ار َ‬
‫والتحليلي‪ ,‬والوصفي‪.‬‬

‫الحقبة الزمنيِ ِة‬


‫ِ‬ ‫الصعوبات كان أهمها كثرةُ الشعر ِ‬
‫اء في‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫بعض‬
‫ُ‬ ‫الباحث‬
‫َ‬ ‫اجهت‬
‫و ْ‬
‫اوين الشعر ِ‬
‫اء‬ ‫ِ‬
‫الحصول على دو ِ‬ ‫الباحث جهدا في‬
‫ُ‬ ‫العباسي‪ ,‬ثم بذل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للعصر‬ ‫ِ‬
‫طويلة‬ ‫ال‬
‫ِ‬
‫بالفنون‬ ‫ِ‬
‫الباحث الدرايةَ‬ ‫المرجعيات تستدعي ِمن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحقبة‪ .‬وال شك في أن‬ ‫تلك‬
‫في َ‬
‫ِ‬
‫العرب‬ ‫ِ‬
‫بعادات‬ ‫األحداث التار ِ‬
‫يخية‪ ,‬والمعرفةَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العقدية‪ ,‬و‬ ‫ِ‬
‫الدينية و‬ ‫ِ‬
‫األدبية‪ ,‬و ِ‬
‫العلوم‬
‫ِ‬
‫الباحث أن‬ ‫ِ‬
‫الشاعر‪ ,‬وتقتضي أيضا من‬ ‫ِ‬
‫مقاصد‬ ‫وتقاليدهم ومعتقداتِهم‪ ,‬و َ‬
‫البحث عن‬ ‫ِ‬

‫ِ‬
‫للغوص‬ ‫ِ‬
‫الباحث‬ ‫يحتاج ُجهدا من‬ ‫األول الذي َنَب َع ِمنه‪ .‬وهذا‬
‫ِ‬ ‫النص إلى أصلِ ِه‬
‫َّ‬ ‫َير ِج َع‬
‫ُ‬
‫وعلوم شتَّى‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫اسع على ٍ‬
‫فنون‬ ‫االطالع الو ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكتب‪ ,‬و‬ ‫في أمهات‬
‫ِ‬
‫الثقافية‬ ‫ِ‬
‫المرجعيات‬ ‫أفاد من‬
‫الشعر الشيع َّي َ‬ ‫نتائج منها‪ :‬إن‬ ‫ت الدراسةُ إلى‬‫توصلَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أحد‬
‫الشيعي َ‬ ‫الشعر‬ ‫ويعتبر‬ ‫النص‪,‬‬ ‫ِ‬
‫دالالت‬ ‫ِ‬
‫كشف‬ ‫اء في‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫للتراث العربي‪ ,‬ووظفَها الشعر ُ‬
‫ت‬‫افر ْ‬
‫الشيعي تو َ‬
‫َّ‬ ‫الشعر‬
‫َ‬ ‫أسهَ َم في ديمومتِها‪ .‬وا َّن‬
‫اث العربي و َ‬‫ت التر َ‬‫ظْ‬ ‫ِ‬
‫الوسائل التي حف َ‬
‫ِ‬
‫العصر‬ ‫اء في‬ ‫ِ‬
‫ت المنابعُ الثقافيةُ التي ير َتوي منها الشعر ُ‬ ‫وتعدد ْ‬
‫َ‬ ‫فيه مرجعيات متنوعة‬
‫ِ‬
‫الشعر‬ ‫ِ‬
‫استعانة‬ ‫أفصحت الدراسةُ عن‬
‫ْ‬ ‫يخ‪ِ ,‬‬
‫وغيرها‪ .‬و‬ ‫الدين‪ ,‬و ِ‬
‫األدب‪ ,‬والتار ِ‬ ‫العباسي َبين ِ‬
‫ِ‬
‫للداللة‪,‬‬ ‫النص إيضاحا‬ ‫اء في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫استشهد بها الشعر ُ‬
‫َ‬ ‫المتنوعة و‬ ‫األدبية‬ ‫باألجناس‬ ‫الشيعي‬
‫ِّ‬
‫وزيادةً للمعنى‪.‬‬

‫فالشكر الجزي ُل‬


‫ُ‬ ‫الخالق‪,‬‬
‫َ‬ ‫شكر‬
‫َ‬ ‫المخلوق‪َ ,‬ما‬
‫َ‬ ‫وال َش َك في أن َمن ال يشك ُر‬
‫ِ‬
‫األطروحة األستاذ الدكتور‬ ‫على‬ ‫ِ‬
‫المشرف‬ ‫ِ‬
‫الفاضل‬ ‫ِ‬
‫الجميل إلى أستاذي‬ ‫ِ‬
‫بالثناء‬ ‫موصوال‬
‫ِ‬
‫المصادر فضال عن‬ ‫بعض‬ ‫ان‪ ,‬وتفضلِه َّ‬
‫علي ب ِ‬ ‫اختياره للعنو ِ‬
‫ِ‬ ‫حربي نعيم محمد؛ في‬
‫عد‬ ‫بأتم ٍ‬
‫وجه‪ ,‬فلَهُ الفض ُل أوالً وأخي اًر َب َ‬ ‫ِ‬
‫العمل ِّ‬ ‫اج هذا‬
‫أبداها إلخر ِ‬ ‫ِ‬
‫القيمة التي َ‬ ‫ِ‬
‫المالحظ‬
‫سبحانهُ وتَ َعالى‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اهلل‬
‫َ‬

‫ت‬
‫أصب ُ‬
‫وحده‪ ,‬فإن ْ‬ ‫لهذه الدر ِ‬
‫اسة‪ ,‬فالكما ُل هلل َ‬ ‫أد ِعي الكما َل ِ‬
‫بأنني ال َّ‬
‫أختم قولي َّ‬
‫و ُ‬
‫أقف‬
‫أن َ‬ ‫ِ‬ ‫ك ِسمةُ ج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫علي ْ‬
‫اإلنسان‪ .‬ثم لزاما َّ‬ ‫هد‬ ‫َ‬ ‫أخطأت‪ ,‬فذل َ‬
‫ُ‬ ‫أن‬
‫فمن اهلل وفضله‪ ,‬و ْ‬
‫المناقشة وأعضائِها‪ ,‬وما سيقدمونه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اللجنة‬ ‫قدير واالحترِام لر ِ‬
‫ئيس‬ ‫ِ‬
‫اإلجالل والت ِ‬ ‫موقف‬
‫َ‬
‫الحمد‬ ‫أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫أخر دعو َانا ْ‬
‫من مالحظ وتوجيهات تَسه ُم ضرورةً لالرتقاء بمستوى الدراسة‪ .‬و َ‬
‫ِ‬
‫هلل ِّ‬
‫رب العالمين‪.‬‬
‫قائمة المحتويات‪:‬‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫‪4-1‬‬ ‫المقدمة‬
‫‪24 – 5‬‬ ‫التمهيد‪ :‬في مفهوم المرجعية الثقافية والشعر الشيعي‪.‬‬
‫‪93 – 25‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬المرجعية الدينية‪.‬‬

‫‪25‬‬ ‫توطئة‬
‫‪49 – 26‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪39 - 28‬‬ ‫‪1‬ـ ـ ـ االقتباس المباشر‬
‫‪49 - 40‬‬ ‫‪2‬ـ ـ ـ االقتباس غير المباشر‬
‫‪60 – 50‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الحديث النبوي الشريف‪.‬‬
‫‪68 - 61‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬كالم أهل البيت (عليهم السالم)‪.‬‬
‫‪93 - 69‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬العقيدة اإلمامية‪( :‬اإلمامة‪ ,‬الوصية‪ ,‬الخالفة‪ ,‬الوالية‪,‬‬
‫العصمة‪ ,‬التقية‪ ,‬المهدي المنتظر)‪.‬‬

‫‪73 – 69‬‬ ‫‪1‬ـ ـ ـ اإلمامة‬


‫‪77 – 73‬‬ ‫‪2‬ـ ـ ـ الوصية‬
‫‪79 – 77‬‬ ‫‪3‬ـ ـ ـ الخالفة‬
‫‪83 – 80‬‬ ‫‪4‬ـ ـ ـ الوالية‬
‫‪86 – 83‬‬ ‫‪5‬ـ ـ ـ العصمة‬
‫‪90 – 86‬‬ ‫‪6‬ـ ـ ـ التقية‬
‫‪93 – 90‬‬ ‫‪7‬ـ ـ ـ المهدي المنتظر‬
‫‪153 -94‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المرجعية األدبية‪.‬‬

‫‪95 – 94‬‬ ‫توطئة‬


‫‪117 - 96‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬الشعر‪.‬‬
‫‪105 - 96‬‬ ‫‪1‬ـ ـ ـ شعر ما قبل اإلسالم‬
‫‪110 – 105‬‬ ‫‪2‬ـ ـ ـ شعر العصر اإلسالمي‬
‫‪117 – 110‬‬ ‫‪3‬ـ ـ ـ شعر العصر العباسي‬
‫‪129 - 118‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الخطب والرسائل‪.‬‬
‫‪125 – 118‬‬ ‫‪1‬ـ ـ ـ الخطب‬
‫‪129 – 126‬‬ ‫‪2‬ـ ـ ـ الرسائل‬
‫‪138 – 130‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬األمثال والحكم‪.‬‬
‫‪134 – 130‬‬ ‫‪1‬ـ ـ ـ األمثال‬
‫‪138 – 134‬‬ ‫‪2‬ـ ـ ـ الحكم‬
‫‪153 – 139‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬فنون أخرى (القصص‪ ,‬والمناظرات)‪.‬‬

‫‪147 - 140‬‬ ‫‪1‬ـ ـ ـ القصص‬

‫‪153 - 148‬‬ ‫‪2‬ـ ـ ـ المناظرات‬

‫‪209 – 154‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬المرجعية التاريخية‪.‬‬

‫‪154‬‬ ‫توطئة‬

‫‪165 – 155‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬الموروث من التاريخ الجاهلي (عصر ما قبل اإلسالم)‪.‬‬
‫‪180 – 166‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬سيرة النبي محمد (صلى اهلل علي وآل وسلم) وزووات ‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬سيرة أهل البيت (عليهم السالم)‪ ( :‬بيعة الغدير‪ ,‬واقعة ‪209 – 181‬‬
‫الجمل‪ ,‬واقعة صفين‪ ,‬واقعة النهروان‪ ,‬واقعة الطف‪ ,‬ثورة ويد بن علي)‪.‬‬
‫‪186 – 183‬‬ ‫‪1‬ـ ـ ـ بيعة الغدير‬
‫‪191 - 186‬‬ ‫‪2‬ـ ـ ـ واقعة الجمل‬
‫‪195 – 191‬‬ ‫‪3‬ـ ـ ـ واقعة صفين‬
‫‪198 – 195‬‬ ‫‪4‬ـ ـ ـ واقعة النهروان‬
‫‪204 – 198‬‬ ‫‪5‬ـ ـ ـ واقعة الطف‬
‫‪209 – 204‬‬ ‫‪6‬ـ ـ ـ ثورة زيد بن علي‬
‫‪212 – 210‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪255 – 213‬‬ ‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫المقدمة‬
‫المقدمة‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫ب َ َّ‬ ‫ِ‬ ‫الحمد ِ‬


‫ص َرت‬ ‫اآلخر بِال آخ ِر َي ُك ُ‬
‫عدهُ‪ ,‬الذي قَ ُ‬
‫ون‬ ‫َ‬ ‫كان قَبلَهُ‪ ,‬و ِ‬ ‫األو ِل بِال َّأو ٍل َ‬
‫هلل َّ‬ ‫ُ‬
‫الخلق‬
‫َ‬ ‫درتِ ِه‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ابتدع بقُ َ‬
‫فين‪,‬‬
‫أوهام الواص َ‬
‫ُ‬ ‫ت َعن َنعتِ ِه‬
‫ين َو َع َج َز ْ‬ ‫أبصار َّ‬
‫الناظر َ‬ ‫ُ‬ ‫َعن ُرْؤَيتِ ِه‬
‫مشَّيتِ ِه اختراعا‪ .‬وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله وصحبه‬ ‫ابتداعا‪ ,‬واخترعهم على ِ‬
‫ََُ‬
‫المنتجبين وسلم تسليما كثيرا‪.‬‬

‫أما بعد‪...‬‬

‫فقد كان لزوال حكم بني أمية تأثير في األدب العربي في العصر العباسي‬
‫بشكل عام والشعر الشيعي على نحو خاص‪ ,‬كما أثرت الحقبة الزمنية الطويلة‬
‫للعصر العباسي‪ ,‬وحصول الجنس الفارسي على المناصب الرفيعة كالوزراء والوالة ـ ـ‬
‫الذين ُعرفوا بوالئهم ألهل البيت (عليهم السالم) ـ ـ ـ من األسباب التي اسهمت في‬
‫ازدهار الشعر الشيعي في العصر العباسي‪ ,‬فضال عن تمتع بعض الدويالت التابعة‬
‫للدولة العباسية باالستقالل التام أو شبه التام مما أسهم في جذب الشعراء الشيعة‪,‬‬
‫وكانت تلك الدول حاضنة األمان لهم كدولة الفاطميين‪ ,‬والحمدانيين‪ ,‬والبويهيين‪,‬‬
‫أثّرت كل تلك األحداث وغيرها في ازدهار األدب شع ار ونث ار وال سيما الشعر الشيعي‬
‫الذي كان يعاني من كتم األفواه ومواجهته بالنار والحديد في العصر األموي‪.‬‬

‫أسهم الشعر الشيعي في العصر العباسي في نهضة األدب بوساطة الصراعات‬


‫السياسية‪ ,‬والمذهبية‪ ,‬وهو يتكئ في ذلك على المرجعيات الدينية‪ ,‬واألدبية‪,‬‬
‫والتاريخية‪ ,‬وغيرها‪ ,‬والشعراء في أغلب ذلك يستعملون الحجاج والجدال واالستشهاد‬
‫باألدلة في إفحام خصومهم‪ ,‬فكان الشعر الشيعي رافدا من روافد الحفاظ على التراث‬
‫العربي‪.‬‬

‫)‪)15‬‬
‫المقدمة‬

‫من هنا جاءت فكرة أستاذي الفاضل األستاذ الدكتور حربي نعيم محمد الشبلي‬
‫في دراسة مرجعيات الشعر الشيعي‪ ,‬وكان عنوان الدراسة موسوما بـ( المرجعيات‬
‫الثقافية للشعر الشيعي في العصر العباسي) وال ريب أني كنت متشوقا في الوقوف‬
‫على تلك المرجعيات التي وظفها الشعراء في خدمة تجربتهم الشعرية‪.‬‬

‫إن دراسة الشعر الشيعي في العصر العباسي جاء ضمنا في دراسات سابقة إال‬
‫عول عليها الشعراء في العصر‬
‫إنها لم تفصل القول في المرجعيات الثقافية التي َّ‬
‫العباسي‪ ,‬ومن أهم تلك الدراسات‪ :‬اتجاهات الشعر العربي في القرن الثاني الهجري‪,‬‬
‫للدكتور محمد مصطفى هدارة‪ .‬وأثر التشيع في األدب العربي‪ ,‬محمد سيد كيالني‪.‬‬
‫وصورة الخالفة في الشعر العباسي في القرنين الثاني والثالث الهجريين‪ ,‬لساهرة عبد‬
‫الحفيظ محمد حمدان‪ ,‬رسالة ماجستير جامعة النجاح الوطنية‪ ,‬نابلس فلسطين‪.‬‬
‫والنزعة العقلية للشعر الشيعي في العصر العباسي‪ ,‬صفاء علي أحمد الموسوي‪,‬‬
‫رسالة ماجستير‪ ,‬جامعة بابل‪ ,‬كلية التربية للعلوم اإلنسانية‪.‬‬

‫أما خطة البحث فقد اقتضت طبيعة الدراسة أن يكون على ثالثة فصول‪,‬‬
‫يسبقها تمهيد وتعقبها خاتمة ثم قائمة بالمصادر والمراجع‪.‬‬

‫تكفل التمهيد بتوضيح مصطلح المرجعيات الثقافية‪ ,‬وعالقته باألدب واألديب‪,‬‬


‫ثم بيان ما يجانسها من المصطلحات كالسرقات الشعرية والتناص وغيرها‪ ,‬وأيضا‬
‫اشتمل التمهيد على التعريف بالشعر الشيعي‪.‬‬

‫وضم أربعة مباحث‪:‬‬


‫َّ‬ ‫وجاء الفصل األول بعنوان (المرجعية الدينية)‬

‫المبحث األول‪ :‬سلط الضوء على دراسة توظيف الشعر الشيعي آلي القرآن‬
‫الكريم في العصر العباسي‪ .‬والمبحث الثاني‪ :‬جاء فيه استحضار الشعراء للحديث‬
‫النبوي الشريف‪ .‬ثم درست في المبحث الثالث‪ :‬استشهاد الشعراء بكالم أهل البيت‬

‫)‪)16‬‬
‫المقدمة‬

‫(عليهم السالم)‪ .‬واشتمل المبحث األخير من الفصل األول على عقائد اإلمامية‬
‫وتوظيفها في الشعر الشيعي‪.‬‬

‫وكان الفصل الثاني موسوما بـ(المرجعية األدبية) واحتوى على أربعة مباحث‪:‬‬

‫درس المبحث األول الشعر‪ :‬وفيه كشفت الدراسة عما أفاده الشعر الشيعي في‬
‫العصر العباسي من شعراء عصر ما قبل اإلسالم‪ ,‬وعصر اإلسالم‪ ,‬وتأثر الشعراء‬
‫المتأخرين في العصر العباسي بالمتقدمين عليهم‪ .‬وكان المبحث الثاني بعنوان‬
‫الخطب والرسائل‪ :‬وفيه اوضحت الدراسة عما ضمنه الشعر الشيعي من خطب‬
‫ورسائل أهل البيت (عليهم السالم)‪ .‬وجاء المبحث الثالث بعنوان األمثال والحكم‪:‬‬
‫أظهرت الدراسة فيه استحضار الشعر الشيعي ألمثال العرب‪ ,‬فضال عن توظيف‬
‫الحكمة‪ .‬وجاء المبحث الرابع بعنوان فنون أخرى‪ :‬كشفت الدراسة فيه توظيف الشعر‬
‫الشيعي للقصص والمناظرات للنبي وأهل بيته (عليهم السالم)‪.‬‬

‫وضم ثالثة مباحث‪,‬‬


‫َّ‬ ‫أما الفصل الثالث فكان بعنوان (المرجعية التاريخية)‬
‫المبحث األول كان بعنوان الموروث من التاريخ الجاهلي ـ ـ ـ عصر ما قبل اإلسالم‪:‬‬
‫ت فيه اتكاء الشعراء على أحداث وشخصيات من عصر ما قبل اإلسالم‪ .‬وكان‬
‫درس ُ‬
‫ت‬
‫المبحث الثاني موسوما بسيرة النبي محمد صلى اهلل عليه وآله وسلم وغزواته‪ :‬كشف ُ‬
‫بوساطته استشهاد الشعراء باألحداث التاريخية للرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‬
‫فضال عن توظيف الشعر الشيعي لوقائع ومعارك المسلمين على عهد الرسول (صلى‬
‫اهلل عليه وآله وسلم)‪ .‬وجاء المبحث الثالث بعنوان سيرة أهل البيت (عليهم السالم)‪:‬‬
‫تتبعت حياة أهل البيت (عليهم السالم) على عهد الرسول (صلى اهلل عليه وآله‬
‫ُ‬ ‫وفيه‬
‫وسلم) وبعيد وفاته‪.‬‬

‫)‪)17‬‬
‫المقدمة‬

‫ثم خلصت في نهاية البحث إلى خاتمة ضمت نتائج الدراسة‪ ,‬ثم تالها قائمة‬
‫بالمصادر والمراجع‪.‬‬

‫عولت الدراسة في منهجها على النص الشعري بوصفه طاقة معبرة عن ثقافة‬
‫اتخذت من النص المنتج أساسا في النظر والتحليل‪ ,‬ثم ارجاعه إلى‬
‫ُ‬ ‫الشاعر وميوله‪ ,‬و‬
‫منابعه التي ارتوى منها‪ ,‬لذلك اقتضت الدراسة اتباع المنهج التاريخي‪ ,‬والتحليلي‪,‬‬
‫والوصفي‪.‬‬

‫واجهت الباحث بعض الصعوبات كان أهمها كثرة الشعراء في الحقبة الزمنية‬
‫الطويلة للعصر العباسي‪ ,‬ثم المشقة التي بذلها الباحث من أجل الحصول على‬
‫دواوين الشعراء في تلك الحقبة‪ .‬وال شك في أن المرجعيات تتطلب من الباحث الدراية‬
‫بالفنون األدبية‪ ,‬والعلوم الدينية‪ ,‬والعقدية‪ ,‬واألحداث التاريخية‪ ,‬والمعرفة بعادات‬
‫العرب وتقاليدهم ومعتقداتهم‪ ,‬ثم البحث عن مقاصد الشاعر‪ ,‬وارجاع نصه الشعري‬
‫إلى أصله األول الذي نبع منه‪ .‬وهذا يحتاج جهدا من الباحث للغوص في أمات‬
‫الكتب‪ ,‬واالطالع الواسع على فنون وعلوم شتى‪.‬‬

‫وال شك في أن من ال يشكر المخلوق ما شكر الخالق‪ ,‬فالشكر الجزيل موصوال‬


‫بالثناء الجميل إلى أستاذي الفاضل المشرف على االطروحة األستاذ الدكتور حربي‬
‫علي ببعض المصادر فضال عن المالحظ‬
‫نعيم محمد؛ في اختياره العنوان‪ ,‬وتفضله َّ‬
‫القيمة التي قدمها‪ ,‬فله الفضل أوال وأخي ار بعد اهلل سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫ت‬
‫أصب ُ‬
‫وحده‪ ,‬فإن ْ‬‫اسة‪ ,‬فالكما ُل هلل ِ‬
‫أد ِعي الكما َل لهذه الدر ِ‬
‫وأختم قولي بأنني ال َّ‬
‫ُ‬
‫علي أن أقف موقف‬
‫هد اإلنسان ثم لزاما َّ‬‫أخطأت‪ ,‬فذلك ِسمةُ ج ِ‬
‫ُ‬ ‫فمن اهلل وفضله‪ ,‬وأن‬
‫َ‬
‫اإلجالل والتقدير واالحترام لرئيس اللجنة المناقشة وأعضائها فهم الوساطة إلتمام‬ ‫ِ‬

‫النقص وازالة الهفوات‪ .‬وأخر دعوانا أن الحمد هلل ربي العالم‪.‬‬

‫)‪)18‬‬
‫التمهيد‬
‫في مفهوم المرجعية الثقافية‬
‫والشعر الشيعي‬
‫التمهيد‬

‫في مفهوم المرجعية الثقافية‪:‬‬

‫وردت كلمة المرجع في اللغة قال الخليل بن أحمد الفراهيدي(ت‪170‬هـ)‪:‬‬


‫الدنيا قبل يوم‬ ‫بعد الطّالق‪ .‬وقوم يؤمنون بالرجعة إلى ّ‬ ‫الر ُج ِل أهلَه َ‬
‫الرجعة‪ :‬مراجعةُ ّ‬ ‫(( َّ‬
‫ور ُجوعاً‬ ‫ِ‬ ‫(‪)1‬‬
‫((ر َجع َي ْرجع َر ْجعاً ُ‬
‫القيام)) ‪ .‬وقال ابن منظور (ت‪711‬ه) في مادة رجع‪َ :‬‬
‫ف‪ .‬وِفي التَّْن ِز ِ‬
‫الر ْجعى[(‪)2‬أَي‬
‫ك ُّ‬ ‫يل‪ِ ]:‬إ َّن ِإلى َرِّب َ‬ ‫وم ْر ِجع ًة‪ْ :‬ان َ‬
‫ص َر َ َ‬
‫ِ‬
‫وم ْرجعاً َ‬
‫ور ْجعاناً َ‬
‫ور ْج َعى ُ‬
‫ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫تد وانصرف‪ ,‬والمرجع هو‬
‫ع)) ‪ .‬وفي المعجم الوسيط ((يقال رجع وهو ار ّ‬ ‫الرجو َ‬
‫ُّ‬
‫الرجوع وما يرجع إليه في علم أو أدب من ِ‬
‫عالم أو كتاب))(‪.)4‬‬

‫فكلمة المرجعية ليس لها تعريف جامع مانع يحدها‪ ,‬فهي تتسم بالميوع‬
‫والمطاوعة‪ ,‬وتدخل في كثير من المعارف والعلوم‪ ,‬فهناك مرجعيات دينية ومرجعيات‬
‫ويقصد بها العودة إلى األصول‬
‫أدبية ومرجعيات سياسية‪ ,‬وتاريخية وغيرها‪ُ ,‬‬
‫المعرفية(‪.)5‬‬

‫وفي معجم المصطلحات ((المرجع حقيقة غير لسانية‪ ,‬تستدعيها العالمة ‪...‬‬
‫والمرجعية عالقة بين العالمة وما تشير إليه‪ ...‬والوظيفة المرجعية للغة‪ ,‬هي الوظيفة‬
‫التي تحيل على ما تتكلم عنه وعلى موضوعات خارجية‪ ,‬عن اللغة))(‪.)6‬‬

‫تدل لفظة المرجع على العودة والرجوع بشكل عام‪ ,‬ومن معانيها الرجوع‬
‫لألصول الثقافية من العلوم‪ ,‬والمعارف‪ ,‬واآلداب‪ .‬وقد أكد القدماء على ضرورة‬

‫(‪ )1‬كتاب العين‪ ,‬الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري‪.248/2 :‬‬
‫(‪ )2‬سورة العلق‪ :‬اآلية ‪.8‬‬
‫(‪ )3‬لسان العرب‪ ,‬محمد بن مكرم بن على‪ ,‬أبو الفضل‪ ,‬جمال الدين ابن منظور األنصاري‬
‫الرويفعى اإلفريقى‪.114/8 :‬‬
‫(‪ )4‬المعجم الوسيط‪ ,‬إبراهيم مصطفى وآخرون‪.331 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر المعجم الوسيط‪.331 :‬‬
‫(‪ )6‬معجم المصطلحات األدبية المعاصرة‪ ,‬سعيد علوش‪.97 :‬‬
‫)‪)20‬‬
‫التمهيد‬

‫اطالع الكاتب والشاعر على الموروث الثقافي والرجوع إليه واالستعانة به واإلفادة‬
‫منه‪ ,‬قال ابن طباطبا العلوي(ت ‪322‬ه)‪(( :‬إن للشعر ادوات‪...‬منها التوسع في علم‬
‫اللغة والبراعة في فهم اإلعراب‪ ,‬والرواية لفنون األدب‪ ,‬والمعرفة بأيام الناس وأنسابهم‬
‫ومناقبهم ومثالبهم‪ .‬والوقوف على مذاهب العرب في تأسيس الشعر والتصرف في‬
‫معانيه في كل فن قالته العرب فيه))(‪.)1‬‬

‫بهذا يحقق مفهوم المرجع داللته المعنوية اللغوية؛ ((ألنه يكون معنى العودة‬
‫إلى األصل والماضي والذاكرة الثقافية والجمالية‪ ,‬وعلى ووفق القاعدة التي تقول إن‬
‫بد له أن‬
‫كل نص ال يمكن أن يكون نزيها أو ال يمكن أن ينشأ من العدم‪ ,‬لذا فال ّ‬
‫يتعالق مع نصوص أخرى‪ ,‬وتتداخل فيه عناصر أدبية وثقافية متنوعة))(‪.)2‬‬

‫هناك بعض األسئلة تطرح حول أي المرجعيات التي يعود إليها األديب لإلفادة‬
‫منها؟ وهل هناك عصر معين يقتصر عليه األديب دون سواه؟ وأي العلوم والمعارف‬
‫التي يأخذ منها األديب كي يشحذ قريحته؟‬

‫إن أهم المراجع الثقافية التي يعود إليها األديب بشكل عام والشاعر على نحو‬
‫خاص هو أدب العصر الجاهلي واإلسالمي والعصر األموي‪ ,‬وكل ذلك نجده في‬
‫العصر العباسي‪ .‬وقد عده جابر العابدي المصدر الرئيس للمرجعيات العربية قال‪:‬‬
‫((إن عصر التدوين بالنسبة للثقافة العربية هو بمثابة هذه الحافة األساس‪ ,‬إنه‬
‫اإلطار المرجعي الذي ُّ‬
‫يشد إليه‪ ,‬وبخيوط من حديد‪ ,‬جميع فروع هذه الثقافة وينظم‬
‫مختلف تموج اتها الالحقة‪ ,‬ليس هذا وحسب‪ ,‬بل أن عصر التدوين هذا ‪ ...‬هو في‬
‫ذات الوقت اإلطار المرجعي الذي يتحدد به ما قبله))(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬عيار الشعر‪ ,‬محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم طباطبا‪.2 :‬‬
‫(‪ )2‬المرجعيات الثقافية في ديوان مهيار الديلمي‪ ,‬حسام جاري زوير‪.2 :‬‬
‫(‪ )3‬تكوين العقل العربي‪ ,‬د‪ .‬محمد عابد الجابري‪.62 :‬‬
‫)‪)21‬‬
‫التمهيد‬

‫أما المعارف واآلداب والعلوم التي يرجع إليها األديب للتزود منها‪ ,‬وتوسيع‬
‫مخزونه الثقافي‪ ,‬الشك في أنها ال تقتصر على علم معين‪ ,‬بل تشمل جميع المعارف‬
‫والعلوم التي من شأنها أن تغني األديب‪ ,‬لذا قيل‪(( :‬من أراد أن يكون عالما فليطلب‬
‫فنا واحدا ومن أراد أن يكون أديبا فليتفنن في العلوم))(‪ .)1‬وقال ابن األثير(ت‪637‬ه)‬
‫مؤكدا على المعنى نفسه‪(( :‬أعلم أن صناعة تأليف الكالم من المنظوم والمنثور‬
‫تفتقر إلى آالت كثيرة‪ ,‬وقد قيل‪ :‬ينبغي للكاتب أن يتعلق بكل علم))(‪.)2‬‬

‫هناك عوامل واتجاهات تأثر في األديب منها خارجية ((يتمثل باإلرث الثقافي‬
‫الذي يفد إلى المبدع في كل مكان وفي كل زمان ‪ ...‬وعليه أن يتكيف مع هذا‬
‫اإلرث متنخال منه ما يحتاج إليه‪ ,‬مكونا صو ار مستمدة منه لكنها مغايرة له ‪ ...‬سواء‬
‫أكان هذا النص قديما أم معاص ار ومهما كانت طبيعة اآللية المستعملة في ذلك رم از‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫أو إشارة‪ ,‬تلميحا أو تصريحا‪ ,‬استشهادا أو أخذا وتضمينا ترصيعا أو تصريعا))‬

‫ص َد ُر ثَقُف‪ ,‬بِ َّ‬


‫الض ِّم‪:‬‬ ‫أما كلمة ثقافة فإن الجذر اللغوي لمادة ثقف أن ((الثقَافَة َم ْ‬
‫كض ُخ َم‬
‫ف فَهُ َو ثَ ْقف‪َ ,‬‬ ‫ص َار َح ِاذقاً َخ ِفيفاً فَ ِطناً فَ ِهماً فَهُ َو ثِ ْقف ‪َ ...‬وِفي الص ِ‬
‫ِّحاح‪ :‬ثَقُ َ‬ ‫َ‬
‫ِ ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ض ْخم‪َ ,‬وقَا َل اللَّْي ُ‬
‫ث‪ :‬رجل ثَ ْقف لَ ْقف‪ ,‬وثَقف لَقف‪ ,‬أَي‪َ :‬رٍاو َشاعر َرام‪َ ,‬وقَا َل ُ‬
‫ابن‬ ‫فَهُ َو َ‬
‫يه قَائِما بِ ِه))(‪ .)4‬وفي التنزيل‪:‬‬ ‫ِّك ِت‪ :‬رجل لَ ْقف ثَ ْقف‪ :‬إِذا َكان ضابِطاً لما ي ْح ِو ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫الس ِّ‬
‫َّ َّ‬ ‫ِ‬
‫ون))(‪ .)5‬اي تجدهم أو‬ ‫((فَِإ َّما تَثْقَفََّنهُ ْم في ا ْل َح ْر ِب فَ َشِّرْد بِ ِه ْم َم ْن َخ ْلفَهُ ْم لَ َعلهُ ْم َيذ َّك ُر َ‬

‫(‪ )1‬العقد الفريد‪ ,‬شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير‪.78 /2:‬‬
‫(‪ )2‬المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر‪ ,‬ضياء الدين بن األثير‪.38 /1 :‬‬
‫(‪ )3‬المسبار في النقد األدبي دراسة في نقد النقد لألدب القديم وللتناص‪ ,‬أ‪ .‬د‪ .‬حسين جمعة‪:‬‬
‫‪.173‬‬
‫الرزاق الحسيني‪ ,‬الملقّب‬
‫محمد بن عبد ّ‬
‫ّ‬ ‫محمد بن‬
‫ّ‬ ‫)‪ )4‬تاج العروس من جواهر القاموس‪,‬‬
‫بمرتضى‪َّ ,‬‬
‫الزبيدي‪.60/23 :‬‬
‫(‪ )5‬سورة األنفال‪ :‬اآلية ‪.57‬‬
‫)‪)22‬‬
‫التمهيد‬

‫ٍ‬
‫بمعان مختلفة في المعجم العربي منها‪ :‬األداة التي‬ ‫تظفر بهم‪ .‬جاءت لفظة الثقافة‬
‫كان صانعو األقواس والرماح يسوون بها الشئ المعوج‪ ,‬أو تدل على الحذق‬
‫والفطنة(‪. )1‬‬

‫إن الثقافة لفظة كثيرة االستعمال واسعة النطاق فال تقتصر على شعب من‬
‫الشعوب أو أمة من األمم‪ ,‬وليس لها علم يقصرها عليه دون سواه‪ ,‬فهي عادات‬
‫مجتمع‪ ,‬وتقاليد أمة‪ ,‬وتاريخ‪ ,‬وجغرافية‪ ,‬وفنون‪ ,‬وسياسة وغيرها؛ لذلك تباين الباحثون‬
‫في تعريفها‪ .‬والثقافة في المعنى االصطالحي تدل على ((شكل أو نوع حضارة جنس‬
‫أو أمة أو شعب محدد والعادات والتقاليد والقيم المرتبطة بذلك‪ ,‬أو تطور اإلنسان‬
‫عقليا من خالل التعليم والخبرة والتدريب))(‪ .)2‬أو هي مجموع األعراف والتقاليد‬
‫والعادات والفنون واآلداب والسنن المتوارثة في أمة من األمم(‪.)3‬‬

‫الشك في أن العصر العباسي يعد األساس للمرجعيات الثقافية التي يعول‬


‫عليها الناظم والناثر؛ لشحذ قريحته‪ ,‬فضال عن الباحث في دراسته؛ لغ ازرة إنتاجه‪,‬‬
‫وكثرة علمائه وأدبائه ونشاط حركة التأليف والترجمة فيه‪ .‬يقول محمد عابد الجابري‪:‬‬
‫((إننا نعني بالثقافة العربية مجموع التراث الفكري المنحدر إلينا من الحضارة العربية‬
‫اإلسالمية في القرون الوسطى هذه الثقافة التي تسجل بنفسها بداياتها ومنطلق‬
‫تشكيلها‪ .‬ليس هذا المنطلق وال تلك البداية شيئا آخر غير ما اصطلح على تسميته‬
‫بـ(عصر التدوين) عصر البناء الثقافي العام في التجربة العربية اإلسالمية ‪ ...‬ليشكل‬

‫(‪ )1‬ينظر لسان العرب‪.20/9 :‬‬


‫نصار‪.60 :‬‬
‫(‪ )2‬المعجم األدبي‪ ,‬نواف ّ‬
‫(‪ )3‬ينظر م ‪ .‬ن‪.60 :‬‬
‫)‪)23‬‬
‫التمهيد‬

‫اإلطار المرجعي للفكر العربي بمختلف ميادينه‪ .‬واذا كان هذا واضحا بالنسبة لعصر‬
‫التدوين وما بعده فهو اوضح بالنسبة لما قبله))(‪.)1‬‬

‫إن ثقافة الشاعر ومرجعياته المعرفية تظهر على سطح العمل األدبي‪,‬‬
‫ومضمونه ومبناه‪ ,‬وداللته وتأثيره الفني‪ ,‬فاألدب بصورة عامة والشعر منه على نحو‬
‫خاص ثمرة من ثمار الثقافة‪ ,‬ونتاج من نتاجاتها المعرفية والعاطفية(‪ ,)2‬وبهذا يشترك‬
‫المبدع والمتلقي بالمرجعيات الثقافية الراسخة في ذهن كل منهما لذا ((تأتي قصيدة‬
‫الشاعر ونتاجه اإلبداعي ليجسد صورة ثقافته‪ ,‬وعطاءه الفكري الذي يستحوذ على‬
‫ذائقة المتلقي‪ ,‬ويشترك معه بتنافذ ثقافي يؤسس عالقة ثقافية قوية تربط بينهما‪ ,‬وتقوم‬
‫على أساس الفهم‪ ,‬واالستيعاب‪ ,‬والتأويل المشترك‪ ,‬فيغدو النص المنتج بمثابة نقطة‬
‫ارتكاز والتقاء))(‪. )3‬‬

‫إذا كانت الثقافة تعني العادات واألعراف التي تنظم المجتمعات والمعارف‬
‫والعلوم والمعتقدات و الفنون واآلداب واألحداث المكتسبة بوساطة التعلّم والدراية‪ ,‬فإن‬
‫المرجعيات هي العودة إلى ذلك المخزون الثقافي واستحضاره واإلفادة منه‪.‬‬

‫إن المرجعيات الثقافية للشعر الشيعي في العصر العباسي وسمت بميسم خاص‬
‫ميزه من غيره من حيث النتاج واألفكار‪ .‬يقول مصطفى هدارة‪(( :‬أما فرق الشيعة‬
‫فلعلها أغزر الفرق المذهبية في إنتاجها الشعري‪ ,‬وهذا يرجع إلى تأثيرها القوي في‬
‫الحياة الفكرية في اإلسالم‪ ,‬كما يرجع إلى الكثرة الهائلة من ال ُش َعب التي تفرعت عن‬

‫(‪ )1‬التراث والحداثة دراسات ‪ ..‬ومناقشات‪ ,‬محمد عابد الجابري‪.132 :‬‬


‫)‪ (2‬ينظر األدب العربي بين الداللة والتاريخ‪ ,‬عدنان عبيد العلي‪96 :‬‬
‫(‪ )3‬المرجعيات الثقافية الموروثة في الشعر األندلسي عصر الطوائف والمرابطين‪ ,‬حسين مجيد‬
‫رستم‪ 6 :‬ـ ـ ‪.7‬‬
‫)‪)24‬‬
‫التمهيد‬

‫الفرقة األصلية))(‪ .)1‬أضف إلى ذلك المآسي والظلم والحيف الذي لحق بأهل البيت‬
‫(عليهم السالم) فانعكس ذلك الجور والظلم على األدب عموما والشعر الشيعي على‬
‫نحو خاص‪.‬‬

‫وال شك في أن النتاج األدبي نث ار ونظما هو نتاج لثقافة األديب‪ ,‬لذا ((فإن‬


‫األدب ثمرة من ثمرات الثقافة تتبلور فيه طائفة من المشاعر واألفكار ومهمتنا في‬
‫دراسة األدب أن نحل هذه األثار األدبية فنبين فيها العناصر الثقافية التي تعاونت‬
‫عليها‪ .‬فنتناول األدب تناوال مباش ار فال نقف عند رصد الظواهر وتسجيلها ولكن نردها‬
‫إلى أصولها األول في السياقات الثقافية التي كانت تلف العالم اإلسالمي التي أثرت‬
‫في األساليب والموضوعات))(‪.)2‬‬

‫إن الشعر الشيعي له مرجعيات ثقافية يعول عليها ويستحضرها عند النظم‪,‬‬
‫وتختلف تلك المرجعيات وتتنوع بين الشعراء‪ ,‬بل عند الشاعر الواحد وفي القصيدة‬
‫الواحدة‪ .‬وقد اغنى الشعر الشيعي األدب العباسي بأساليب جديدة معتمداً على‬
‫الحجاج‪ ,‬والجدال‪ ,‬بغية الوصول إلى اإلقناع‪ ,‬قال أحد الباحثين‪(( :‬إن الشيعة كانوا‬
‫فرقة إسالمية عظيمة‪ ,‬لها أصولها تقوم عليها‪ ,‬وانها كانت أغزر الفرق اإلسالمية في‬
‫النتاج األدبي‪ ,‬فقد ظهر منها شعراء كثيرون كان عدد كبير منهم يتميز بمعرفته في‬
‫علم الكالم‪ ,‬وقدرته على استعمال أسلوب الجدل‪ ,‬والحوار والمناقشة‪ ,‬وعرض األدلة‬
‫والحجج؛ إلثبات حججه والرد على حجج الخصوم))(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬اتجاهات الشعر العربي في القرن الثاني الهجري‪ ,‬د‪ .‬محمد مصطفى هداره‪.326 :‬‬
‫(‪ )2‬األدب العربي بين الداللة والتاريخ‪.96 :‬‬
‫(‪ )3‬التشيع في الشعر العباسي في القرنين الرابع والخامس الهجريين‪ ,‬فرحان علي موسى‬
‫القضاة‪.342 :‬‬
‫)‪)25‬‬
‫التمهيد‬

‫هناك بعض المصطلحات التي تقترب من مصطلح المرجعيات الثقافية مثل‬


‫السرقات الشعرية‪ ,‬والتأثر والتأثير‪ ,‬واالقتباس والتضمين‪ ,‬والتناص‪ ,‬وجميع ما ذكر‬
‫ف األدب العربي السرقة الشعرية منذ‬
‫يدخل في باب اوسع (االبتكار والتقليد) وقد َع َر َ‬
‫العصر الجاهلي‪ ,‬وذموا صاحبها‪ ,‬ومن سلك طريقها فتجنبها الشعراء ونزهوا شعرهم‬
‫(البسيط)‬ ‫منها على نحو ما نجده في قول لبيد‪:‬‬

‫ـت و شـ ُّـر النـ ِ‬


‫ـاس َمــن َســرقا(‪.)1‬‬ ‫عنهــا ُغنيـ ُ‬ ‫ـعار أس ـ ـ ـ ـ ِـرقُها‬
‫وال أُغي ـ ـ ـ ـ ُـر َعل ـ ـ ـ ــى األش ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫يخف موضوع السرقات على نقادنا القدماء وتوقفوا عنده‪ ,‬وأشبعوه دراسة‪,‬‬ ‫َ‬ ‫لم‬
‫وعابوا على الشاعر اإلغارة على أشعار األخرين‪ ,‬وأطلقوا عليها مسميات مختلفة‬
‫كلها تؤدي الغرض نفسه هو إظهار ما أخذه المتأخرون من المتقدمين في المعنى أو‬
‫اللفظ(‪ ,)2‬فجاءت تلك األوصاف من بعض النقاد قاسية تحطُّ من صاحبها‪ ,‬وبعض‬
‫األحايين تتسم بالرفق واللين منها‪ :‬االقتباس‪ ,‬واألخذ‪ ,‬والتضمين‪ ,‬والعقد‪ ,‬والحل‪,‬‬
‫والتلميح‪ ,‬واالستشهاد(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬ديوان طرفة بن العبد‪ ,‬شرح مهدي محمد ناصر الدين‪.57 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬طبقات الشعراء‪ ,‬عبد اهلل بن محمد ابن المعتز العباسي‪51 :‬؛ الحيوان‪ ,‬عمرو بن‬
‫بحر بن محبوب ‪ ,‬أبو عثمان‪ ,‬الجاحظ‪ 131 /3 :‬ـ ـ ـ ‪132‬؛ الشعر والشعراء‪ ,‬عبد اهلل بن‬
‫مسلم بن قتيبة الدينوري‪73 /1 :‬؛ عيار الشعر‪ 123 :‬ـ ـ ‪127‬؛ األغاني‪ ,‬ألبي الفرج علي‬
‫بن الحسين األصفهاني‪ 175 /2 :‬ـ ـ ـ ‪ 252 /9 ,176‬ـ ـ ـ ‪253‬؛ حلية المحاضرة في صناعة‬
‫الشعر‪ ,‬ألبي علي محمد بن الحسن بن المظفر الحاتمي‪28 /2 :‬؛ أخبار أبي تمام‪,‬‬
‫للصولي‪ 141 :‬ـ ـ ـ ‪142‬؛ الموازنة بين أبي تمام والبحتري‪ ,‬ألبي القاسم الحسن بن بشر‬
‫اآلمدي‪ 123 :‬ـ ـ ـ ‪273‬؛ الوساطة بين المتنبي وخصومه‪ ,‬علي بن عبد العزير القاضي‬
‫الجرجاني‪183 :‬؛ المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر‪218/3 :‬؛ العمدة في محاسن‬
‫الشعر وآدابه‪ ,‬أبو على الحسن بن رشيق القيرواني‪280 /2 :‬؛ المنصف للسارق والمسروق‬
‫منه‪102 :‬؛ منهاج البلغاء وسراج األدباء‪ ,‬حازم القرطاجني‪.92 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر السرقات األدبية دراسة في ابتكار األعمال األدبية وتقليدها‪ ,‬د‪ .‬بدوي طبانة‪32 :‬؛‬
‫مشكلة السرقات في النقد العربي دراسة تحليلية مقارنة‪ ,‬محمد مصطفى هدارة‪ 77 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.78‬‬
‫)‪)26‬‬
‫التمهيد‬
‫َّ‬
‫حث كثير من النقاد على أهمية تضمين النص لنصوص سابقة عليه؛ لتقوية‬
‫(‪)1‬‬
‫جوز القزويني (ت‪739‬ه) األخذ‬
‫البنية الداللية‪ ,‬والتمازج بين الحاضر والماضي ‪ .‬و َّ‬
‫من القدماء على أساس المخزون الثقافي للشاعر من غير قصد‪ ,‬واطلق عليه توارد‬
‫الخواطر ولم يعده من السرقات(‪.)2‬‬

‫يعد التناص في الدراسات الحديثة من المصطلحات التي تقترب من المرجعية‬


‫الثقافية‪ ,‬والسرقات‪ ,‬والتضمين واالقتباس؛ لما يحمله من المعاني في انفتاح النص‬
‫على النصوص األخرى السابقة عليه أو المعاصرة له‪ .‬وقد ظهر مصطلح التناص‬
‫(‪)3‬‬
‫ما بين سنة ‪1967 -1966‬؛ متأثرة‬ ‫في الغرب على يد األديبة كرستيفا جوليا‬
‫بأبحاث حول الطابع الحواري للنص األدبي(‪.)4‬‬

‫والتناص بأبسط تعريفاته هو‪(( :‬أن يتضمن نص أدبي ما نصوصا أو أفكا ار‬
‫أخرى سابقة عليه عن طريق االقتباس أو التضمين أو التلميح أو اإلشارة أو ما شابه‬
‫ذلك من المقروء الثقافي لدى األديب‪ ,‬بحيث تندمج هذه النصوص أو األفكار مع‬
‫النص األصلي وتندغم فيه ليشكل نص جديد واحد متكامل))(‪. )5‬‬

‫إن التضمين واالقتباس شكالن من أشكال التناص يستعملهما األديب لغرض‬


‫أداء وظيفة فنية جمالية‪ ,‬وايضاح لفكرته لينسجم مع السياق الشعري سواء كان هذا‬

‫(‪ )1‬ينظر الشعر العربي المعاصر قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية‪ ,‬د‪ .‬عز الدين إسماعيل‪:‬‬
‫‪.311‬‬
‫(‪ )2‬ينظر اإليضاح في علوم البالغة‪ ,‬جالل الدين القزويني الشافعي‪.312 :‬‬
‫(‪ )3‬باحثة وناقدة وأديبة وفيلسوفة وأستاذة جامعية‪ ,‬فرنسية من أصل بلغاري‪ .‬ينظر الشبكة‬
‫العنكبوتية‪/https://ar.wikipedia.org/wiki .‬‬
‫(‪ )4‬ينظر التناص في الخطاب النقدي والبالغي دراسة نظرية تطبيقية‪.18 :‬‬
‫(‪ )5‬التناص نظريا وتطبيقيا‪ ,‬د‪ .‬أحمد الزعبي‪.11 :‬‬
‫)‪)27‬‬
‫التمهيد‬

‫التناص تناصا تاريخيا‪ ,‬أم دينيا‪ ,‬أم أدبيا ويطلق عليه التناص المباشر(‪ ,)1‬اذ يقتبس‬
‫النص بلغته التي ورد فيها مثل اآليات واألحاديث والقصص(‪ .)2‬أما التناص غير‬
‫المباشر فيستنبط من النص استنباطا وهو تناص األفكار والرؤى من الثقافات‪ ,‬ال‬
‫تناصا حرفيا فالنص يفهم من تلميحاته وشفراته وايماءاته(‪ ,)3‬وال يمكن أن نتوصل‬
‫لتلك النصوص المقتبسة أو المتناصة مع النص الجديد إال عن طريق الفهم الواعي‬
‫للمتلقي‪ ,‬وتحليله للنص ومعرفته الواسعة للنصوص السابقة عن طريق مرجعياته‬
‫الثقافية(‪ .)4‬وبهذا يتداخل التناص مع التضمين‪ ,‬واالقتباس‪ ,‬والسرقة‪.‬‬

‫وبهذا تكون المرجعيات الثقافية وجه آخر للتناص‪ ,‬لكنه ال يعنى بالنص الحالي‬
‫وتناصه مع النصوص األخرى المعاصرة والسابقة عليه فحسب‪ ,‬بل يعنى بالمبدع‬
‫أيضا عن طريق حثه على االطالع الواسع‪ ,‬والمعرفة بشتى العلوم فينعكس ذلك‬
‫(‪)5‬‬
‫تذوب النصوص السابقة‬
‫المخزون الثقافي على نصه الحالي ‪ .‬وأيضا المرجعيات ال ُّ‬
‫عليها‪ ,‬بل تكتفي بتوظيفها دالليا بوساطة اإلشارة أو التلميح أو التضمين‪ ,‬بما يخدم‬
‫غرض الشاعر وتجربته الشعرية(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬أشار إلى ذلك الناقد ليون ُسمفل‪ ,‬ينظر المسبار في النقد األدبي دراسة في نقد النقد لألدب‬
‫القديم وللتناص‪.180 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر التناص والتلقي دراسات في الشعر العباسي‪ ,‬ماجد ياسين الجعافرة‪15 :‬؛ نظرية‬
‫التناص صك جديد لعملة قديمة‪ ,‬د‪ .‬حسين جمعة‪ 356 :‬ـ ـ ـ ‪.357‬‬
‫(‪ )3‬ينظر التناص نظريا وتطبيقيا‪ ,‬أحمد الزعبي‪ 11 :‬ـ ـ ـ ‪ 16‬ـ ـ ـ ‪ 17‬ـ ـ ـ ‪.18‬‬
‫(‪ )4‬ينظر منهاج البلغاء وسراج األدباء‪ 11 :‬ـ ـ ـ ‪12‬؛ دالئل األعجاز في علم المعاني‪ ,‬أبو بكر‬
‫عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد‪ ,‬الجرجاني‪ 292 :‬ـ ـ ـ ‪293‬؛ نظرية التناص صك جديد‬
‫لعملة قديمة‪357 :‬؛ تحليل الخطاب الشعري استراتيجية التناص‪ ,‬د‪ .‬محمد مفتاح‪ 131 :‬ـ ـ ـ‬
‫‪.132‬‬
‫(‪ )5‬ينظر نظرية النص األدبي‪ ,‬عبد الملك مرتاض‪.252 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر توظيف المرجعيات الثقافية في شعر محمد مردان‪ ,‬محمد جواد علي البياتي‪.14 :‬‬
‫)‪)28‬‬
‫التمهيد‬

‫أما التأثر والتأثير يشترك مع المرجعيات الثقافية لما يحمله في طياته من‬
‫اإلتباع واالحتذاء بالشعراء الكبار سواء كان ذلك في عصر واحد أو تقليد المتأخرين‬
‫(‪)1‬‬
‫وقد ميز النقاد‬ ‫للمتقدمين‪ .‬وغالبا ما يستعمل هذا المصطلح في األدب المقارن‬
‫الغربيون بين االحتذاء والسرقة ((فاالحتذاء أخذ له قدرة الخلق‪ ,‬والسرقة أخذ خال من‬
‫هذه القدرة))(‪ .)2‬وعرف بعض الباحثين التأثير‪(( :‬إنه شئ يوجد في عمل مؤلّف ما‪,‬‬
‫ما كان ليوجد فيه لو لم يق أر المؤلِّف عمل مؤلف سابق))(‪ .)3‬إن التأثر والتأثير لم‬
‫تسلم منه أغلب آداب العالم‪ ,‬بعضها يأخذ من بعض‪ ,‬واإلفادة من اآلداب األخرى‬
‫هي الغاية الرئيسة للتأثر ال المباشر(‪ ,)4‬واألعمال األدبية بهذا التصور أغلبها ليست‬
‫أصيلة بل أكثرها زائفة أعيد كتابتها بطريقة ما(‪.)5‬‬

‫أشار النقاد العرب القدماء إلى مصطلح التأثر بمعنى اإلتباع والتقليد والسرقة‪,‬‬
‫فاآلمدي (ت‪370‬ه) عند تعرضه لسرقات البحتري (ت ‪284‬ه) يرجع ذلك القتفاء‬
‫أثر أبي تمام ( ت‪284‬ه)(‪ .)6‬وأخذه من معانيه‪.‬‬

‫(‪ )1‬األدب المقارن‪ :‬هو دراسة العالقات الحقيقية بين األدباء من جنسيات مختلفة أو بين األدباء‬
‫من جانب وبلد أجنبي من جانب آخر‪ .‬ينظر فصول مجلة النقد األدبي‪ ,‬مفهوم التأثير في‬
‫األدب المقارن‪ ,27:‬أيضا ينظر أبو العالء المعري مؤث ار(دراسة تحليلية لتأثيره في الشعر‬
‫األندلسي)‪ ,‬األستاذ الدكتور علي كاظم محمد علي المصالوي‪.17 :‬‬
‫(‪ )2‬مشكلة السرقات في النقد العربي دراسة تحليلية مقارنة‪.222 :‬‬
‫(‪ )3‬فصول مجلة النقد األدبي‪ ,‬التأثير والتقليد‪19 :‬؛ ينظر أيضا نظرية األدب‪ ,‬رنيه وليك‪,‬‬
‫آوستن وآرن‪ ,‬ترجمة‪ ,‬الدكتور عادل سالمة‪.68 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر الصراع بين القديم والجديد في الشعر العربي‪ ,‬محمد حسين األعرجي‪.109 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر إشكالية التيارات والتأثرات األدبية في الوطن العربي (دراسة مقارنة)‪ ,‬د‪ .‬سعيد علوش‪:‬‬
‫‪.121‬‬
‫(‪ )6‬ينظر الموازنة بين أبي تمام والبحتري‪ ,‬أبو القاسم الحسن بن بشر اآلمدي‪.13 :‬‬
‫)‪)29‬‬
‫التمهيد‬

‫إن النص الشعري ألي أديب وليد لمرجعيات ثقافية يمتلكها الشاعر‪ ,‬ويشترك‬
‫مع كثير من الشعراء في األخذ من تلك المرجعيات الثقافية‪ ,‬مما يحدث تشابها في‬
‫العمل األدبي بين الشعراء‪ .‬أما التأثير والتأثر ((هو محاولة بقصد أو غير قصد من‬
‫الشاعر لإلفادة من نتاج غيره أسلوبا وموضوعا وفكرة وبناء))(‪.)1‬‬

‫بعد أن تعرفنا على مصطلح المرجعيات الثقافة‪ ,‬نبين هنا أسباب اختيار هذا‬
‫المصطلح مما يشابهه‪ ,‬ذكرنا سابقا أن مصطلح المرجعيات يشاكل بعض‬
‫يت األخذ بهذا المصطلح عما سواه؛ ألنه أكثر شموال من‬
‫المصطلحات‪ ,‬وقد ارتأ ُ‬
‫المصطلحات األخرى‪ ,‬وقار في الدراسات األكاديمية‪ ,‬ومستعمل في البحوث العلمية‪.‬‬

‫(‪)1‬أبو العالء المعري مؤث ار (دراسة تحليلية لتأثيره في الشعر األندلسي)‪.21 :‬‬
‫)‪)30‬‬
‫التمهيد‬

‫في مفهوم الشعر الشيعي‪:‬‬

‫ال نقصد هنا الحديث عن فُرق الشيعة ومعتقداتهم؛ كي ال نخرج عن إطار‬


‫البحث‪ ,‬وانما يكون الحديث عن الشيعة بقدر ما يغني البحث‪ ,‬لذا سنقف على‬
‫المعنى اللغوي لكلمة الشيعة‪ ,‬ومتى ظهرت فرقة الشيعة؟ ثم نتعرف ما المقصود‬
‫بالشعر الشيعي؟ وما المرجعيات الثقافية التي يرتوي منها الشعر الشيعي؟‬

‫إن كلمة شيعة في اللغة تدل على اإلتباع والمناصرة أو اجتماع القوم على أمر‬
‫ما‪ .‬وكل قوم أمرهم واحد فهم شيعة(‪ .)1‬وقد ورد هذا اللفظ في القران الكريم قبل أن‬
‫يعتِ ِه َعلَى الَِّذي ِم ْن َع ُد ِّوِه))(‪ .)2‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫َِّ ِ ِ‬
‫استَ َغاثَهُ الذي م ْن ش َ‬
‫يكون وضعيا‪(( :‬فَ ْ‬
‫يم))(‪ .)3‬جاءت لفظة شيعة في اآليتين الكريمتين بمعنى‬ ‫((وِا َّن ِمن ِش ِ ِ ِ ِ‬
‫يعته َإل ْب َراه َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫أنصاره وعلى منهجه ودينه وسنته ومذهبه‪ ,‬أو ممن شايعه على دينه وتابعه في أمره‬
‫ونهيه(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬ينظر لسان العرب‪188 /8 :‬؛ مختار الصحاح‪ ,‬محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي‬
‫الرازي‪171 /1 :‬؛ تاج العروس من جواهر القاموس‪.301/21 :‬‬
‫(‪ )2‬سورة القصص‪ :‬آية ‪.15‬‬
‫(‪ )3‬سورة الصافات‪ :‬آية ‪.83‬‬
‫(‪ ) 4‬ينظر جامع البيان في تأويل القرآن‪ ,‬محمد بن جرير بن يزيد بن كثير‪61 /21 :‬؛ غرائب‬
‫القرآن ورغائب الفرقان‪ ,‬نظام الدين الحسن بن محمد بن حسين القمي النيسابوري‪332 /5 :‬؛‬
‫روح المعاني‪ ,‬شهاب الدين محمود بن عبد اهلل الحسيني األلوسي‪263 /10 :‬؛ تفسير‬
‫الجاللين‪ ,‬جالل الدين محمد بن أحمد المحلي‪ ,‬وجالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر‬
‫السيوطي‪.592 :‬‬
‫)‪)31‬‬
‫التمهيد‬

‫إن لفظة شيعة تعني األنصار والمواالة واألتباع فقالوا‪ :‬شيعة علي كما قالوا‪:‬‬
‫شيعة عثمان وشيعة معاوية‪ .‬واذا لحقتها األلف والالم التعريفية أو لم تضف قصد‬
‫بها القوم الذين يوالون عليا وأبناءه؛ ألنها أصبحت علما لهم(‪.)1‬‬

‫عرف الشهرستاني (ت‪548‬ه) الشيعة قائال هم‪(( :‬الذين شايعوا عليا عليه‬
‫و َّ‬
‫السالم على الخصوص‪ ,‬وقالوا بإمامته وخالفته نصا ووصاية‪ ,‬إما جليا واما خفيا‪,‬‬
‫واعتقدوا إن اإلمامة ال تخرج عن أوالده‪ ,‬وان خرجت فبظلم يكون من غيره أو بتقية‬
‫من عنده))(‪.)2‬‬

‫يتضح من التعريفات السابقة ـ ـ ـ وبعض التعريفات األخرى المقاربة منها ولم‬


‫نذكرها تجنبا للتكرار ـ ـ ـ ـ أن المعنى االصطالحي للشيعة هم القوم الذي والوا عليا‬
‫وأبناءه‪ ,‬وقالوا بعصمتهم وامامتهم لألمة‪ .‬فالمعنى اللغوي واالصطالحي يؤديان‬
‫المعنى نفسه‪.‬‬

‫تباين الباحثون في تحديد نشأة الشيعة(‪ ,)3‬قال الشيخ القمي (ت‪301‬هـ) إن‪:‬‬
‫((الشيعة هم فرقة علي بن أبي طالب رضوان اهلل عليه المسمون شيعة علي في زمن‬

‫(‪ )1‬أوائل المقاالت‪ ,‬الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان‪.35 :‬‬


‫(‪ )2‬الملل والنحل‪ ,‬محمد بن عبد الكريم بن أبى بكر أحمد الشهرستاني‪.146 /1 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر المقاالت والفرق‪ ,‬لسعد بن عبد اهلل أبي خلف األشعري القمي‪15 :‬؛ فرق‬
‫الشيعة‪ ,‬الحسن بن موسى النوبختي‪ 31 :‬ـ ـ ـ ‪32‬؛ الفهرست‪ ,‬أبو الفرج محمد بن إسحاق بن‬
‫محمد الوراق البغدادي‪ ,‬ابن النديم‪217 :‬؛ أوائل المقاالت‪35 :‬؛ الدر المنثور في التفسير‬
‫بالمأثور‪ ,‬عبد الرحمن بن أبي بكر‪ ,‬جالل الدين السيوطي‪379/6 :‬؛ المواعظ واالعتبار‬
‫بذكر الخطط واألثار‪ ,‬أحمد بن علي بن عبد القادر‪ ,‬أبو العباس الحسيني العبيدي‪ ,‬تقي‬
‫الدين المقريزي‪189 /4 ,334 /2 :‬؛ نقض الوشيعة أو الشيعة بين الحقائق واألوهام‪ ,‬السيد‬
‫محسن األمين العاملي‪48 :‬؛ أعيان الشيعة‪ ,‬السيد محسن األمين‪ ,23/1 :‬أصل الشيعة =‬
‫)‪)32‬‬
‫التمهيد‬

‫النبي (صلى اهلل عليه وآله وسلم) وبعده‪ ,‬معروفون بانقطاعهم إليه والقول بإمامته‪,‬‬
‫منهم المقداد بن األسود الكندي‪ ,‬وسلمان الفارسي‪ ,‬وأبو ذر جندب بن جنادة الغفاري‪,‬‬
‫وعمار بن ياسر المذحجي‪ ,‬المؤثرون طاعته‪ ,‬المؤتمون به وغيرهم ممن وافق مودته‬
‫مودة علي بن أبي طالب‪ ,‬وهم أول من سموا باسم التشيع من هذه األمة))(‪.)1‬‬

‫ُّ‬
‫ويرد الشيخ جعفر آل كاشف الغطاء التشيع إلى زمن الرسول (صلى اهلل عليه‬
‫وآله وسلم) اذ يرى أن َّ‬
‫جل أصحاب الرسول كانوا من شيعة علي (عليه السالم)(‪.)2‬‬
‫فيما يرى هاشم الموسوي أن ((البذرة األولى لنشأة التشيع‪ ,‬نشأت على عهد رسول اهلل‬
‫(صلى اهلل عليه وآله وسلم) غير أنه تطور يوم وفاته إلى تكتل سياسي وخط فكري‬
‫حول اإلمام علي(عليه السالم) يستلهم من ذلك البيان النبوي فكره وموقفه‪ ,‬فسمي هذا‬
‫التكتل بالشيعة))(‪.)3‬‬

‫إن لفظة (الشعر الشيعي) لم تكن جديدة في األدب العربي‪ ,‬وليس الباحث أول‬
‫من استعملها‪ ,‬بل أن هذه اللفظة متداولة عند الباحثين والدارسين في األدب‬
‫العباسي(‪.)4‬‬

‫=وأصولها‪ ,‬الشيخ محمد حسين ال كاشف الغطاء‪168 :‬؛ فجر اإلسالم‪ ,‬أحمد أمين‪/7 :‬‬
‫‪274‬؛ ضحى اإلسالم‪ ,848 /3 :‬تاريخ األدب العربي‪ ,‬العصر اإلسالمي‪ ,‬شوقي ضيف‪:‬‬
‫‪.315‬‬
‫)‪ )1‬المقاالت والفرق‪.15 :‬‬
‫)‪ )2‬ينظر أصل الشيعة وأصولها‪.168 :‬‬
‫(‪ )3‬التشيع نشأته ـ ـ ـ معالمه‪ ,‬السيد هاشم الموسوي‪.30 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر أثر التشيع في األدب العربي‪ ,‬مقدمة الكتاب‪ ,‬محمد سيد كيالني‪1:‬؛ تاريخ الشعر‬
‫السياسي إلى منتصف القرن الثاني‪ ,‬أحمد الشايب‪192 :‬؛ رحلة الشعر من األموية إلى‬
‫)‪)33‬‬
‫التمهيد‬

‫قصد الباحث بالشعر الشيعي ((النصوص الشعرية التي اتخذت من أهل البيت‬
‫هجاء ألعدائهم بما‬
‫ً‬ ‫ثاء‪ ,‬أو فخ اًر بهم‪ ,‬أو‬
‫(عليهم السالم) موضوعا لها مدحا أو ر ً‬
‫يكشف عن انتماء الشاعر أو النص عقديا إلى ما تؤمن به الشيعة من مواالة اإلمام‬
‫علي وأهل بيته(عليهم السالم) والقول بخالفتهم وامامتهم لألمة))(‪.)1‬‬

‫إن الشعر يتأثر باألحداث التي تمر األمة بها‪ ,‬فيسجلها ويدونها أشبه ما تكون‬
‫بالوثيقة التاريخية‪ ,‬ولكن بشكل مختلف‪ ,‬يسودها الخيال‪ ,‬ويقدم الحقيقة ممزوجة‬
‫بالعاطفة‪ ,‬وهذه بعض غايات الشعر(‪ .)2‬وقد نقل الشعر الشيعي كثي ار من األحداث‬
‫مرت على األمة اإلسالمية بشكل عام وأهل البيت (عليهم السالم) على نحو‬
‫التي ّ‬
‫وصور مثالب أعدائهم‪ ,‬ونقل لنا األحداث التاريخية‬
‫ّ‬ ‫خاص‪ ,‬فذكر فضائلهم ومناقبهم‬
‫من خالفات‪ ,‬ومعارك ومناظرات‪ ,‬وثورات‪ .‬فكان للشعر الشيعي في العصر العباسي‬
‫صدى واسع في الساحة األدبية وشغل حي از ال يستهان به ولم يغفله أغلب كتَّاب‬
‫تاريخ األدب العربي‪ ,‬فضال عن البعد السياسي الذي اتسم به(‪.)3‬‬

‫اتخذ الشيعة من الشعر سالحا ينافحون به عن معتقداتهم ويهجون أعداءهم‬


‫واإلمامية(‪ .)5‬وان القضايا العقدية‬ ‫(‪)4‬‬
‫وبيان مثالبهم ومن أهم هذه المدارس الكيسانية‬

‫العباسية‪ ,‬د‪ .‬مصطفى الشكعة‪70 :‬؛ التشيع وأثره في شعر العصر العباسي األول‪ ,‬د‪.‬‬
‫محسن غياض‪ 14 :‬ـ ـ ـ ‪.15‬‬
‫(‪ )1‬المظاهر السردية في الشعر الشيعي (‪132‬ه ـ ـ ـ ‪447‬ه)‪ ,‬بشار لطيف جواد علوان‪.6 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر نظرية األدب‪ ,‬رنيه وليك ـ ـ ـ استن ووارين‪.154 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر رحلة الشعر من األموية إلى العباسية‪.71 :‬‬
‫(‪ )4‬وهم القوم الذين اعتقدوا بإمامة محمد ابن الحنفية بعد اإلمام علي (عليه السالم)‪ .‬ينظر الملل‬
‫والنحل‪ 26 /1 :‬ـ ـ ـ ‪.27‬‬
‫(‪ )5‬ينظر رحلة الشعر من األموية إلى العباسية‪.71 :‬‬
‫)‪)34‬‬
‫التمهيد‬

‫في الشعر الشيعي جعلت منه أنموذجا مختلفا يشار له بالبنان‪ ,‬ويعد أدبا جديدا في‬
‫موضوعاته وأساليبه(‪.)1‬‬

‫إن الحقبة الزمنية التي يدرسها البحث متمثلة بالعصر العباسي (‪-132‬‬
‫‪656‬هـ)‪ ,‬أما الحدود المكانية فتشمل جميع األمصار الخاضعة للسلطة العباسية‪,‬‬
‫ويدينون للخليفة العباسي بشكل من األشكال معنويا أو ماديا‪ .‬و بهذا تخرج بعض‬
‫األمصار من الدراسة؛ ألنها شقت عصا الطاعة عن الخلفاء العباسيين أمثال الدولة‬
‫الفاطمية في مصر‪ ,‬واألموية في األندلس‪.‬‬

‫اتسعت رقعة الشعر الشيعي بعد استشهاد اإلمام الحسين (عليه السالم)‪ ,‬وما‬
‫تركه ذلك الحدث في نفوس المسلمين عامة‪ ,‬والشيعة على نحو خاص(‪ ,)2‬وشهد‬
‫العصر العباسي توسعا للشعر الشيعي حتى قيل في ذلك العصر ((وهل رأيت أديبا‬
‫غير شيعي))(‪.)3‬‬

‫سعى العباسيون لكسب العلماء والفقهاء واألدباء في تأييد سلطتهم يدعمهم‬


‫الملك‪ ,‬في الرد على خصومهم العلويين فنشأ عن تلك الصراعات شع اًر أغنى األدب‬
‫العربي العباسي‪ ,‬على نحو ما نظمه شاعر السلطة مروان بن أبي حفصة‬
‫(الكامل)‬ ‫(ت‪182‬ه) ابان فيه حق العباسيين بالخالفة قال‪:‬‬

‫ـارب م ـ ـ ـ ـ ــن ذوي األرح ـ ـ ـ ـ ـ ِـام‬


‫دون األق ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ـي محم ـ ـ ــداً‬
‫ورث النب ـ ـ ـ َّ‬
‫ي ـ ـ ــا اب ـ ـ ــن ال ـ ـ ــذي َ‬
‫ـالت حـ ــين خصـ ـ ِـام‬ ‫ـام فـ ـ َ‬ ‫ـع الخصـ ـ َ‬ ‫قطـ ـ َ‬ ‫ـوحي بـ ـ ـ ــين بنـ ـ ـ ــي البنـ ـ ـ ــات وبيـ ـ ـ ــنكم‬
‫الـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ك س ـ ـ ـ ـ ـ ــورةُ األنعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـام‬
‫ـت ب ـ ـ ـ ـ ـ ــذل َ‬
‫نزل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬ ‫مـ ـ ـ ــا للنسـ ـ ـ ــاء مـ ـ ـ ــع الرجـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـال فريض ـ ـ ـ ــة‬

‫(‪ )1‬ينظر تاريخ الشعر السياسي إلى منتصف القرن الثاني‪.193 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر رحلة الشعر من األموية إلى العباسية‪.71 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر الشيعة في مسارهم التاريخي‪ ,‬السيد محسن األمين العاملي‪.425 :‬‬
‫)‪)35‬‬
‫التمهيد‬

‫لبن ـ ـ ــي البن ـ ـ ــات و ارث ـ ـ ــة األعمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـام(‪.)1‬‬ ‫َّأن ـ ـ ـ ـ ــى يك ـ ـ ـ ـ ــون و ل ـ ـ ـ ـ ــيس ذاك بك ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـائن‬
‫الشاعر هنا أراد اثبات أن العباسيين ورثة النبي؛ ألنهم أبناء عمه (العباس بن‬
‫عبد المطلب)‪ .‬فاتكأ على القرآن في إثبات رأيه‪ ,‬فلم يطق صب ار جعفر بن عفان‬
‫(الكامل)‬ ‫حتى َّ‬
‫رد عليه‪ .‬قال‪:‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫الطائي‬

‫لبنـ ـ ـ ـ ـ ــي البنـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫ـات و ارث ـ ـ ـ ـ ـ ـةُ األعمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـام‬ ‫لِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـم ال يكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــون وا َّن ذاك لكائـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـن‬
‫|والعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـم متـ ـ ـ ـ ـ ـ ــروك بغيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ِسه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـام‬ ‫ـت نص ـ ـ ـ ــف كام ـ ـ ـ ــل م ـ ـ ـ ــن مالـ ـ ـ ـ ــه‬ ‫للبن ـ ـ ـ ـ ِ‬

‫ص ــلَّى الطلي ـ ُ‬
‫ـق مخافـ ـةَ الصمص ـ ـ ـ ِـام(‪.)3‬‬ ‫ق وللتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ِ‬
‫اث وانمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا للطليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫َّ‬
‫رد الشاعر على ادعاء مروان والعباسيين إلثبات أن العلويين أولى بالخالفة من‬
‫بني العباس‪ .‬وأراد أن العم ال يورث مع وجود بنت للمتوفى‪ ,‬وليس ضرورة وجود‬
‫الذكر للمتوفى(‪ .)4‬فكان للشعر في العصر العباسي منابع ثقافية ومراجع موروثة‬
‫يتكئ عليها في إثبات رؤى الشاعر وال سيما الشعر الشيعي‪.‬‬

‫إن الشاعر الشيعي كان ينظم في مدح أهل البيت طامعا باألخرة ورغبة برضى‬
‫أهل البيت (عليهم السالم) كي يكونوا شفعاءه في اآلخرة‪ ,‬كما فعل الكميت‬
‫(ت‪126‬ه)(‪ .)5‬وكان الشعر الشيعي في العصر العباسي يصور مناقب أهل البيت‬
‫(عليهم السالم) ويظهرها للمتلقي بوساطة المرجعية الدينية‪ ,‬والحديثية‪ ,‬التاريخية‪,‬‬

‫(‪ )1‬شعر مروان بن أبي حفصة‪ ,‬تحقيق‪ ,‬د‪ .‬حسين عطوان‪.104 :‬‬
‫(‪ )2‬من أصحاب اإلمام أبي عبداهلل جعفر الصادق‪ .‬ينظر اختيار معرفة الرجال المعروف برجال‬
‫الكشي‪ ,‬ألبي جعفر الطوسي‪.244 :‬‬
‫(‪ )3‬األغاني‪.78 /10 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة‪ ,‬للشيخ محمد بن الحسن الحر‬
‫العاملي‪.85 /26 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر الحياة األدبية في عصر بني أمية‪ ,‬د‪ .‬محمد عبد المنعم خفاجي‪ 193 :‬ـ ـ ـ ‪.194‬‬
‫)‪)36‬‬
‫التمهيد‬

‫وغيرها‪ ,‬ويروم الشعراء من وراء ذلك بيان تميز أهل البيت (عليهم السالم) عن سائر‬
‫الخلق‪ .‬وقد قيل‪(( :‬كان السيد الحميري يأتي األعمش ـ ـ ـ وهو عالم كوفي ثقة في‬
‫األ خبار ـ ـ ـ فيكتب فضائل علي عليه السالم عنه ويخرج من عنده ويقول في تلك‬
‫المعاني شعرا))(‪.)1‬‬

‫اتَّسم العصر العباسي بتنوع الجنس األجنبي وال سيما الفارسي والتركي اللذين‬
‫شغال مناصب عليا في الدولة العباسية؛ فأتاح ذلك التنوع الثقافي حرية التعبير عن‬
‫مما اسهم في اتِّساع دائرة الشعر الشيعي في هذا العصر‪,‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫المعتقد والفكر واآلراء‬
‫وأيضا انشغال العباسيين في تكوين دولتهم الفتية في أول األمر فضال عن أن‬
‫العباسيين لم يرغبوا في إبغاض أبناء عمومتهم العلويين‪ ,‬ومحازبيهم‪ .‬ويبدو أن‬
‫العباسيين سمحوا لذلك بمحض إرادتهم ألغراض سياسية (‪ .)3‬ولم يكن شعراء الشيعة‬
‫في مأمن طوال الحكم العباسي وانما كان بعض الخلفاء العباسيين يرقبون النفس‬
‫الشيعي‪ ,‬وأضحى من يتهم بالزندقة والكفر أهون بكثير مما يرمى بالتشيع‪ ,‬أو يشي‬
‫في شعرة شئ من ذلك(‪ .)4‬وأضحى شاعرهم يعذر األمويين وال يجد ذلك العذر‬
‫(البسيط)‬ ‫للعباسيين‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـذر(‪.)5‬‬
‫وال أرى لبنـ ـ ــي العباسـ ـ ــي مـ ـ ــن عـ ـ ـ ِ‬ ‫أرى أمي ـ ـ ـ ـ ـ ــة مع ـ ـ ـ ـ ـ ــذورين إن قتلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا‬

‫(‪ )1‬األغاني‪196 /7 :‬؛ ينظر أيضا طبقات الشعراء‪ ,‬البن المعتز‪.32 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر البخالء‪ ,‬عمرو بن بحر بن محبوب الكناني‪5 :‬؛ الجامع في تاريخ األدب العربي‬
‫األدب القديم‪ ,‬حنا الفاخوري‪ 520 :‬؛ تاريخ األدب العربي‪ ,‬أحمد حسن الزيات‪.211 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر أدباء العرب في األعصر العباسية حياتهم _ آثارهم _ نقد آثارهم‪ ,‬بطرس البستاني‪:‬‬
‫‪.124‬‬
‫(‪ )4‬ينظر أثر التشيع في األدب العربي‪.23 :‬‬
‫(‪ )5‬شعر دعبل بن علي الخزاعي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬د‪ .‬عبد الكريم األشتر‪.145 :‬‬
‫)‪)37‬‬
‫التمهيد‬

‫الشك في أن الشعر الشيعي ضاع كثير منه بسبب الخوف من روايته‪ ,‬وتهيبا‬
‫من بطش بني أمية والعباسيين فقد روى الجاحظ (ت‪255‬ه) عن دعبل أنه سمعه‬
‫ذر شارقة إال وأنا أقول فيه شعرا)) (‪.)1‬‬
‫يقول‪(( :‬مكثت نحو ستين سنه‪ ,‬ليس من يوم ّ‬
‫ولم يصلنا من ذلك الشعر إال هذه األشعار القليلة‪ .‬فضال عن التحامل واالختالف‬
‫الديني والسياسي من قبل الرواة على الشعراء على نحو موقف األصمعي من شعر‬
‫السيد الحميري(‪ .)2‬كما أن الحقبة الزمنية الفاصلة بين رواية الشعر وتدوينه ال تخلو‬
‫من العبث بالشعر العربي(‪ .)3‬أضف إلى ذلك الخالف الديني بين السلطة العباسية‬
‫وشعراء الشيعة فشاعت التهم ضدهم لالقتصاص منهم(‪ ,)4‬ورغم ذلك فما وصل إلينا‬
‫من الشعر الشيعي قد اغنى األدب العربي في العصر العباسي‪.‬‬

‫اعتمد الشاعر الشيعي على القرآن والحديث النبوي الشريف كمرجع ثقافي‬
‫ديني‪ ,‬في دعم وتأييد أفكاره واسناد أدلته بالبراهين والحجج فضال عن أقوال أئمتهم‬
‫وما يروى من أحداث تاريخية‪ .‬لذا انماز الشعر الشيعي عمن سواه وأضحى ظاهرة‬
‫جديدة في األدب العربي وال سيما اعتماده على الحجاج والتصوير(‪.)5‬‬

‫نخلص مما تقدم إن الشعر الشيعي في العصر العباسي اتسعت دائرته‪ ,‬وال شك‬
‫في أن ظالمة أهل البيت (عليهم السالم) كان الحافز األساس للنظم عند الشعراء‪,‬‬
‫فجاء شعرهم يتضمن مآثرهم في القرآن والحديث النبوي الشريف واضحى الشاعر‬

‫(‪ )1‬ينظر األغاني‪.82 /20 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر م ‪ .‬ن‪.182 /7 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر األدب العربي بين الداللة والتاريخ‪.97 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر في األدب العباسي‪ ,‬د‪ .‬علي الزبيدي‪ 144 :‬ـ ـ ـ ـ ‪ 145‬ـ ـ ـ ـ ‪ 146‬ـ ـ ـ ـ ‪ 147‬ـ ـ ـ ـ ‪.148‬‬
‫(‪ )5‬ينظر البيان والتبيين‪ ,‬عمرو بن بحر بن محبوب الجاحظ‪211/2 :‬؛ تاريخ الشعر السياسي‬
‫إلى منتصف القرن الثاني‪ 192 :‬ـ ـ ـ ‪.193‬‬
‫)‪)38‬‬
‫التمهيد‬

‫يفتش عن فضيلة أو منقبة من مناقبهم‪ ,‬أو قصة‪ ,‬أو حدث تاريخي يطرز به درر‬
‫ألفاظه‪ ,‬ويكسو عباراته وتراكيبه فخامة‪ ,‬وجماال‪ ,‬وقداسة‪ .‬وهو بكل ذلك ال يبتعد عن‬
‫احساس الحزن والمآسي؛ لما لقيه أهل البيت (عليهم السالم) من الحيف والظلم طوال‬
‫العصرين األموي والعباسي‪.‬‬

‫)‪)39‬‬
‫الفصل األول‪ :‬المرجعية‬
‫الدينية‪.‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫توطئة‬

‫كان القرآن الكريم ومازال حاف از لظهور علوم وفنون شتى في اللغة العربية‪,‬‬
‫وأضحى الركيزة األساس للمسلمين عقائديا ومعرفيا‪ ,‬والحجر الذي ((يبنى عليه الفكر‬
‫العربي اإلسالمي والثقافة العربية ‪ ...‬وهو مصدر من مصادر األدب اإلسالمي‪,‬‬
‫وأول كتاب دون في العربية بلغة تميزت بعذوبة اللفظ‪ ,‬ورقة التركيب‪ ,‬ودقة األداء‬
‫وقوة المنطق ‪ ...‬فكان له الفضل الكبير في إقامة عمود األدب العربي‪ .‬وما لبث أن‬
‫ظهرت تلك األلفاظ واألساليب في لغة الشعر والنثر))(‪.)1‬‬

‫كان للحديث النبوي تأثير على الشعراء فاستشهدوا به في نصوصهم؛ ايضاحا‬


‫للمعنى وكشفا للداللة(‪ ,)2‬وقد تأثر أدب العصر العباسي بالقرآن الكريم والحديث‬
‫النبوي الشريف‪ ,‬وشهدت تلك الحقبة استحضا ار آلي القرآن الكريم شكلت ظاهرة‬
‫مبرزة‪ ,‬وأضحت تقنية من تقنيات فنهم وال سيما النثر؛ لسهولة االقتباس فيه(‪.)3‬‬

‫وقد التفت القدماء إلى ضرورة احتياج الكاتب والشاعر إلى حفظ القران الكريم‪,‬‬
‫والحديث النبوي واألشعار الجيدة‪ ,‬فكلما اتسع مخزون الشاعر والكاتب تمكن من‬
‫صناعته(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬االقتباس من القرآن الكريم في الشعر‪ ,‬عبد الهادي الفكيكي‪.7 :‬‬


‫)‪ )2‬ينظر الثقافة اإلسالمية تعريفها مصادرها مجاالتها تحدياتها‪ ,‬أ‪ .‬د‪ .‬مصطفى مسلم‪ ,‬أ‪ .‬د‪.‬‬
‫فتحي محمد الزغبي‪.55 :‬‬
‫)‪ )3‬ينظر المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر‪.101 /1 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر م ‪ .‬ن‪.100 /1 :‬‬
‫)‪)41‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫حظي القرآن الكريم بمنزلة سامية في الشعر العباسي عامة والشعر الشيعي‬
‫على نحو خاص؛ ألنه قائم على الحجاج والجدال(‪ ,)1‬وال شك في أن حفظ القران‬
‫كان ثقافة الشعراء والكتاب في العصر العباسي؛ فأكبوا على دراسته وحفظه‪ ,‬وتدبر‬
‫معانيه‪ ,‬وتمكنوا من التصرف بآياته ووظفوه في فنهم(‪ ,)2‬من المسلمين وغير‬
‫المسلمين‪ ,‬على نحو ما استثمره أبو اسحاق الصابي (ت‪384‬ه) في كتاباته(‪.)3‬‬

‫كان القران الكريم سابقا ومازال المادة األولى للثقافات في المجتمع التي يلتجئ‬
‫إليها جميع المتنافسين في تأويل آياته؛ ألثبات معتقدهم وفكرهم سياسيا أو اجتماعيا‬
‫أو عقديا(‪ .)4‬وكانت آي القرآن تستعمل في بعض األحايين لتصديق الحجج التي‬
‫يطرحها صاحبها‪ ,‬بما يكفل له أدلة قاطعة على مزاعمه ورؤاه بإيجاز مفعم(‪.)5‬‬

‫إن التصوير في الشعر يسهم في نقل األحداث‪ ,‬ويظهر تجارب المبدع‪ ,‬وقد‬
‫اتخذ الشعراء من القران الكريم القص والتصوير الفني؛ ((ألنه يعبر بصورة المحسة‬
‫المتخيلة على المعنى الذهني‪ ,‬والحالة النفسية‪ ,‬وعن الحادث المحسوس‪ ,‬والمشهد‬
‫المنظور‪ ,‬وعن النموذج اإلنساني والطبيعة البشرية‪ .‬ثم يرتقي بالصورة التي يرسمها‬

‫(‪ )1‬ينظر البيان والتبين‪.211 /2 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر‪ ,‬عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور‬
‫الثعالبي‪.288 /2 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر صبح األعشى في صناعة اإلنشاء‪ ,‬أحمد بن علي بن أحمد الفزاري القلقشندي‪/1 :‬‬
‫‪.334‬‬
‫(‪ )4‬ينظر النص‪ ,‬السلطة‪ ,‬الحقيقة الفكر الديني بين إرادة المعرفة وارادة الهيمنة‪ ,‬د‪.‬نصر حامد‬
‫أبو زيد‪.11 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر‪288 /2 :‬؛ صبح األعشى في صناعة اإلنشاء‪:‬‬
‫‪.249/8‬‬
‫)‪)42‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫فيمنحها الحياة الشاخصة‪ ,‬أو الحركة المتجددة‪ .‬فإذا المعنى الذهني هيأة أو حركة‪,‬‬
‫حي‪ ,‬واذ الطبيعة‬
‫واذا الحالة النفسية لوحة أو مشهد‪ ,‬واذا النموذج اإلنساني شاخص ّ‬
‫البشرية مجسمة مرئية))(‪.)1‬‬

‫االقتباس لغة‪:‬‬

‫جاءت لفظة (قبس) في اللغة قال أبن منظور‪(( :‬قبس‪ :‬القََبس‪َّ :‬‬
‫الن ُار‪ .‬والقََبس‪:‬‬
‫ظم‪ ,‬وا ْقتِباسها‬‫يب‪ :‬القََبس ُشعلة ِم ْن َن ٍار تَ ْقتَبِسها ِم ْن ُم ْع َ‬ ‫الن ِار‪ .‬وِفي التَّه ِذ ِ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫الش ْعلة م َن َّ َ‬
‫ُّ‬

‫الن ُار الَّتِي ت ْأخذها‬


‫الج ْذ َوة‪َ ,‬و ِهي َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫س‪:‬‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫الق‬
‫َ‬
‫(‪)2‬‬
‫س]‬ ‫األَخذ ِم ْنها‪ .‬وقَولُهُ تَ َعالَى‪ِ [:‬ب ِش ٍ‬
‫هاب قَ َب ٍ‬ ‫َ َ ْ‬
‫يث َعلِ ٍّي‪ِ ,‬رضوان اللَّه َعلَ ْي ِه‪َ :‬حتَّى أ َْورى قََبس ًا لِقابِس أَي‬ ‫طرف عود‪ .‬وِفي ح ِد ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫في َ َ‬
‫ِ‬

‫فاعل ِم ْن قََبس))(‪.)3‬‬
‫ق لِطَ ِالبِ ِه‪ .‬والقابِس‪ :‬طالِب الَّنار‪ ,‬وهو ِ‬
‫َ َ َُ‬
‫أَظهر ُنو اًر ِم َن ا ْل َح ِّ‬

‫تباينت آراء القدماء في جواز االقتباس من القران الكريم فمنهم لم يجوزه(‪)4‬؛‬


‫لقدسية القرآن الكريم‪ ,‬وأال يختلط كالم الخالق بكالم المخلوق‪ ,‬وبعضهم وقف مدافعا‬
‫عن االقتباس وجوز األخذ من القران الكريم‪ ,‬وهذا األخير ال يعدم من وجود اقتباسات‬
‫مكروهة(‪ .)5‬وبعضهم قسم االقتباس على ثالثة أنواع‪ :‬المقبول كما في الخطب‬

‫(‪ )1‬السرقات األدبية دراسة في ابتكار األعمال األدبية وتقليدها‪.36 :‬‬


‫)‪ )2‬سورة النمل‪ :‬اآلية ‪.7‬‬
‫(‪ )3‬لسان العرب‪.147 /6 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر البديع في البديع‪ ,‬لعبد اهلل بن محمد المعتز باهلل ابن المتوكل ابن المعتصم‪38 /1 :‬؛‬
‫اإلتقان في علوم القرآن‪ ,‬للسيوطي‪.386 /1 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر االقتباس من القرآن الكريم‪ ,‬عبد الملك بن محمد الثعالبي‪ 57 /2 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.58‬‬
‫)‪)43‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫والرسائل والعهود‪ ,‬ومباح كما في الغزل والقصص والكتب‪ ,‬والمردود حال االستشهاد‬
‫بالقرآن بشكل عبثي غير موقر أو نسب كالم اهلل للبشر(‪.)1‬‬

‫أما االقتباس في االصطالح هو((أن يضمن الكالم شيئا من القرآن‪ ,‬ال على أنه‬
‫منه))(‪ ,)2‬واشترطوا في االقتباس ((ان ال يقال فيه قال اهلل تعالى ونحوه))(‪ .)3‬ويقسم‬
‫االقتباس إلى‪:‬‬

‫‪ /1‬االقتباس المباشر‪:‬‬

‫إن االقتباس المباشر في الشعر أن يضمن الشاعر النص القرآني بحروفه‬


‫ومعناه فال يحدث فيه تغييرا‪ ,‬أو هو ((الذي يرصده المتلقي في أول وهلة من دون‬
‫كد ذهني‪ ,‬أو عناء يدل على مدى تماثل النص القرآني الكريم وتقاربه في نتاج‬
‫النص الجديد‪ ,‬تماثالً لفظياً وتقارباً داللياً‪ ,‬وصورياً))(‪.)4‬‬

‫وان الشعر الشيعي في العصر العباسي أفاد من آي القرآن الكريم‪ ,‬ووظفها‬


‫الشعراء في كشف مقاصد الشاعر‪ ,‬وغاياته‪ ,‬على نحو ما نظمه السيد الحميري‬
‫(ت‪173‬ه) مقتبسا من القرآن الكريم في مدح اإلمام علي بن أبي طالب (عليه‬
‫(الكامل)‬ ‫السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـب ال ُيه ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـب‬ ‫ـزدد ومهم ـ ـ ـ ـ ــا ال َيهَ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬
‫َي ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ـب اإللـ ـ ـ ـ ـ ــه لِعبـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـده‬ ‫ِهَبـ ـ ـ ـ ـ ــة ومـ ـ ـ ـ ـ ــا َيهـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬ينظر خزانة األدب وغاية األرب‪ ,‬ابن حجة الحموي‪.455 /2 :‬‬
‫(‪ )2‬بغية اإليضاح لتلخيص المفتاح في علوم البالغة‪ ,‬عبد المتعال الصعيدي‪. 29 /4 :‬‬
‫(‪ )3‬اإلتقان في علوم القرآن‪.386/1 :‬‬
‫(‪ )4‬المرجعيات الثقافية الموروثة في الشعر األندلسي عصر الطوائف والمرابطين‪.15 :‬‬
‫)‪)44‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬
‫(‪)1‬‬
‫ـب‬‫ـاب وعلـ ــم مـ ــا لـ ــم يكتـ ـ ِ‬
‫علـ ــم الكتـ ـ ِ‬ ‫ـاء وعن ـ ـ ـ ــدهُ‬
‫ـت م ـ ـ ـ ــا يش ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫يمح ـ ـ ـ ــو ويثب ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ُ‬
‫((ي ْم ُحو‬ ‫َّ‬
‫وظف الشاعر المرجعية الدينية مقتبسا من القرآن الكريم قوله تعالى‪َ :‬‬
‫مع تغيير بعض اللفظ‪ ,‬فالروح اإليمانية‬ ‫(‪)2‬‬
‫ت َو ِع ْن َدهُ أ ُُّم ا ْل ِكتَ ِ‬
‫اب))‬ ‫اء َوُيثِْب ُ‬
‫ش ُ‬‫اللَّ ُ َما َي َ‬
‫عند الشاعر مطلقة بإرادة اهلل وحكمه‪ ,‬والمتيقنة بأن اهلل قادر على كل شئ‪ .‬يعز من‬
‫يشاء ويذل من يشاء‪ ,‬وأراد الشاعر قدرة اهلل َّ‬
‫جل جالله في إثبات ما لم يكن‪ ,‬ومحو‬
‫ما كان ثابتا(‪.)3‬‬

‫كما استحضر الشاعر أحمد بن علوية الكاتب (ت‪322‬ه) آي القرآن الكريم في‬
‫(الكامل)‬ ‫الربط بين مضمون اآلية وغرض الشاعر‪ .‬قال في أهل البيت‪:‬‬

‫ق أو ِطفـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـالن‬ ‫ِطفـ ـ ـ ـ ـ ــل سـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ‬
‫ـوي الخل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫وب ـ ـ ــرجم (أخ ـ ـ ــرى ُم ِثق ـ ـ ـ ٍـل) ِف ـ ـ ــي َبطنِه ـ ـ ــا‬
‫ـيس بِ ازن ـ ـ ــي‬ ‫فَ َجنُِنه ـ ـ ــا ِف ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ِ‬
‫ـبطن لَ ـ ـ ـ َ‬ ‫ُنـ ــودوا‪ :‬أال انتظـ ــروا فـ ــإن َكانـ ــت َزَنـ ــت‬
‫ـاس يختَِلف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـان‬ ‫بأس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وعن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد الن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ـر‬
‫يحض ـ ـ ـ َا‬
‫ُ‬ ‫ـمان ُمؤتَِلف ـ ـ ـ ِ‬
‫ـان م ـ ـ ــا ل ـ ـ ـ ْـم‬ ‫َخصـ ـ ـ ِ‬
‫ق يختَ ِ‬ ‫ِمنه ـ ـ ـ ــا إل ـ ـ ـ ــى ِّ‬ ‫ـاطن بغي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه ولِب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫َجهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ار لِب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫صـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـمان‬ ‫الص ـ ـ ـ ـ ِّـدي ِ َ‬ ‫ـاطن‬
‫(‪)4‬‬ ‫ِ‬
‫يصطح ِ‬
‫بان‬ ‫جاء إلى (الفارو ِ‬
‫ق)‬ ‫ل ـ ــم َيجهَ ـ ــال ُحك ـ ـ َـم القَض ـ ـ َّـي ِة ِف ـ ــي الَّ ـ ــذي‬
‫ـمان (‪.)5‬‬
‫(داود) ق ــاال‪ :‬ال تَ َخ ــف خص ـ ِ‬
‫َ‬ ‫ـر َك َمـ ـ ـ ــا َد َخـ ـ ـ ــال علـ ـ ـ ــى‬
‫ق ـ ـ ـ ـوال بـ ـ ـ ــه َم َكـ ـ ـ ـ َا‬
‫أفاد الشاعر من قصة المرأة التي اعترفت بالزنا فأمر عمر ابن الخطاب برجمها‬
‫وكانت حامال‪ ,‬فخلصها علي (عليه السالم) من القتل وأنقذ عمر من الهلكة‪ ,‬فقال‬

‫(‪ )1‬ديوان السيد الحميري‪ ,‬تحقيق‪ ,‬شاكر هادي شكر‪.114 :‬‬


‫(‪ )2‬سورة الرعد‪ :‬اآلية ‪.39‬‬
‫(‪ )3‬ينظر التفسير‪ ,‬للشيخ أبي النضر محمد بن مسعود العياشي‪ 394 /2 :‬ـ ـ ـ ‪.395‬‬
‫(‪ )4‬أراد الشاعر بالصديق والفاروق اإلمام علي (عليه السالم) ألنها من ألقابه‪ .‬ينظر كشف‬
‫الغمة في معرفة األئمة‪ ,‬أبو الحسن علي بن عيسى أبي الفتح االربلي‪.139 /1 :‬‬
‫(‪ )5‬شعر أحمد بن علوية الكاتب‪ ,‬تحقيق‪ ,‬األستاذ الدكتور عبد المجيد اإلسداوي‪ 79 :‬ـ ـ ـ ‪.80‬‬
‫)‪)45‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫أقرت المرأة إنها اعترفت‬


‫علي (عليه السالم)‪ :‬فإن كانت زنت فما ذنب جنينها‪ ,‬ثم َّ‬
‫ٌّ‬
‫علي لهلك عمر))(‪ ,)2‬ثم في‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫و‬ ‫ل‬ ‫((‬ ‫يقول‪:‬‬ ‫عمر‬ ‫فكان‬ ‫‪,‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫بالزنى خوفا من السلطان‬
‫البيت األخير استحضر الشاعر النص القرآني من قوله تعالى‪(( :‬إِ ْذ َد َخلُوا َعلَى‬
‫اح ُك ْم َب ْي َن َنا‬ ‫ض َنا َعلَى َب ْع ٍ‬
‫ض فَ ْ‬ ‫ص َم ِ‬
‫ان َب َغى َب ْع ُ‬ ‫ع ِم ْن ُه ْم قَالُوا َال تَ َخ ْ‬
‫ف َخ ْ‬ ‫ود فَفَ ِو َ‬
‫َد ُاو َ‬
‫ِبا ْل َحق))(‪ .)3‬إن المعنى األصلي في اآلية القرآنية ينسجم دالليا مع فحوى النص‬
‫الشعري الذي يدل على علم وحذاقة اإلمام علي (عليه السالم)‪.‬‬

‫واتكأ الصنوبري (ت‪343‬ه) على المرجعية الدينية موظفا آلي القرآن الكريم لما‬
‫يخدم تجربته الشعرية وغرضه في مدح أهل البيت (عليهم السالم)‪ .‬قال يرثي النبي‬
‫(مجزوء البسيط)‬ ‫وأهل بيته (عليهم السالم)‪:‬‬

‫أتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى بشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ار نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذي ار‬ ‫صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلى اإللـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه علـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن‬
‫ِل َوالسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراج المنيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ار‬ ‫ـاتم الرسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬ ‫وم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن مض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـى خ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ب مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن قـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ٍ‬
‫يش بحيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ار(‪.)4‬‬ ‫َ‬ ‫وم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه بش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر الرك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫استحضر الشاعر آلي القران الكريم في نصه الشعري ليكسوه فخامة وبالغة‪,‬‬
‫اس َال‬ ‫ير َولَ ِك َّن أَ ْكثََر َّ‬
‫الن ِ‬ ‫ير َوَن ِذ ًا‬ ‫س ْل َنا َك إَِّال َكافَّ ًة لِ َّلن ِ‬
‫اس َب ِش ًا‬ ‫وأراد قوله تعالى‪َ (( :‬و َما أ َْر َ‬
‫ِ ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ون)) ‪ .‬وفي البيت الثاني أراد قوله تعالى‪َ (( :‬وَداع ًيا إِلَى اللَّ ِبِإ ْذن َوس َر ً‬
‫(‪)5‬‬
‫اجا‬ ‫َي ْعلَ ُم َ‬

‫(‪ )1‬ينظر المناقب‪ ,‬للخوارزمي‪.81 :‬‬


‫(‪ )2‬االستيعاب في معرفة األصحاب‪ ,‬البن عبد البر‪.1103 /3 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة ص‪ :‬اآلية ‪.22‬‬
‫(‪ )4‬ديوان الصنوبري‪ ,‬تحقيق‪ ,‬الدكتور إحسان عباس‪.88 /1 :‬‬
‫(‪ )5‬سورة سبأ‪ :‬اآلية ‪.28‬‬
‫)‪)46‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫ُم ِن ًا‬
‫ير))(‪ .)1‬ووظف الشاعر اآليتين في مدح الرسول وأهل بيته (عليهم السالم)‪,‬‬
‫وقصد إن قريشا نالت الرفعة والمجد بالنبي محمد (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪.‬‬

‫واستحضر أبو فراس الحمداني (ت‪357‬ه) المرجعية القرآنية في شعره‪ .‬قال في‬
‫أهل البيت (عليهم السالم) كاشفا عن شجاعة اإلمام علي (عليه السالم)‪ ,‬وزهده‪,‬‬
‫(كامل)‬ ‫وتقواه‪ ,‬وورعه‪:‬‬

‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫اشـ ـ ـ ـ ـ ِـه م ِّ‬ ‫ـوق فر ِ‬


‫لَ َّمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا أَظـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل ف َار َشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ أعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــداهُ‬ ‫ـر‬
‫تنكـ ـ ـ ـ ـ َا‬ ‫ُ‬ ‫ـات فـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫َمـ ـ ـ ـ ــن َبـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫(الصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادقون القـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانتون) س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواهُ(‪.)2‬‬ ‫َمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ذا أر َاد إلهَُنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا بِ َمقَالِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‪:‬‬
‫أفاد الشاعر من المرجعية الدينية في بيان فضيلة للممدوح‪ ,‬لذا اقتبس من آي‬
‫القران الكريم ووظفها في غرضه المناسب‪ .‬ويرجع بنا عجز البيت إلى قوله تعالى‪:‬‬
‫َس َحار))(‪ .)3‬وأحدث‬ ‫ستَ ْغ ِف ِر َ‬
‫ين ِب ْاأل ْ‬ ‫ين َوا ْل ُم ْن ِف ِق َ‬
‫ين َوا ْل ُم ْ‬ ‫ين َوا ْلقَ ِان ِت َ‬
‫الص ِاد ِق َ‬ ‫الصا ِب ِر َ‬
‫ين َو َّ‬ ‫(( َّ‬
‫تغيي ار نحويا بين الرفع في النص الشعري والجر أو النصب في النص األصلي‪ ,‬على‬
‫البدلية من (الذين) في اآلية التي تسبقها أو النصب على تقدير أعني(‪.)4‬‬

‫وأفاد الناشئ الصغير (ت‪366‬ه) من سورة اإلنسان في مدح أهل البيت (عليهم‬
‫(الخفيف)‬ ‫السالم)‪ ,‬ووظف آي القرآن بما يتفق وغرض المدح‪ .‬قال‪:‬‬

‫ن ـ ـ ـ ـاً م ـ ـ ـ ــن ال ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـدهر ل ـ ـ ـ ــم يك ـ ـ ـ ـ ْـن م ـ ـ ـ ــذكو ار‬ ‫ف ـ ـ ــتال ه ـ ـ ــل أت ـ ـ ــى عل ـ ـ ــى اإلنس ـ ـ ـ ِ‬
‫ـان حي ـ ـ ـ ـ‬
‫اجـ ـ ـ ـ ـاً غـ ـ ـ ـ ــدا بع ـ ـ ـ ــدها سـ ـ ـ ـ ــميعا بصـ ـ ـ ـ ــي ار‬ ‫وبت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدا هنال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك نطف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة امش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫(‪ )1‬سورة األحزاب‪ :‬اآلية ‪.46‬‬


‫(‪ )2‬ديوان أبي فراس الحمداني‪ ,‬تقديم‪ ,‬د‪ .‬خليل الدويهي‪.348 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة ال عمران‪ :‬اآلية ‪.17‬‬
‫(‪ )4‬ينظر إعراب القرآن‪َّ ,‬‬
‫النحَّاس أحمد بن محمد بن إسماعيل‪ 147 :‬ـ ـ ـ ‪.148‬‬
‫)‪)47‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاك اًر مؤمن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وأمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا كف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ار‬ ‫وهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدى نسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــله فأصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبح أمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ك ـ ـ ـ ـ ــين ث ـ ـ ـ ـ ــم اليت ـ ـ ـ ـ ــيم ث ـ ـ ـ ـ ــم األس ـ ـ ـ ـ ــي ار(‪.)1‬‬ ‫يطعمـ ـ ـ ــون الطعـ ـ ـ ــام فـ ـ ـ ــي حبـ ـ ـ ــه المسـ ـ ـ ـ ـ‬
‫أفاد الشاعر من القرآن الكريم فاستحضر بعض اآليات من سورة اإلنسان؛ لبيان‬
‫فضائل أهل البيت (عليهم السالم)‪ .‬ونلحظ في األبيات الثالثة األولى اقتباسا نصيا‬
‫ور* إِ َّنا‬ ‫ان ِحين ِم َن الد ْ‬
‫َّه ِر لَ ْم َي ُك ْن َ‬
‫ش ْي ًئا َم ْذ ُك ًا‬ ‫س ِ‬
‫اإل ْن َ‬‫من قوله تعالى‪َ (( :‬ه ْل أَتَى َعلَى ِْ‬

‫الس ِب َ‬
‫يل‬ ‫ير * إِ َّنا َه َد ْي َناهُ َّ‬ ‫ص ًا‬ ‫اج َن ْبتَلِي ِ فَجع ْل َناه س ِميعا ب ِ‬
‫ش ٍ‬‫طفَ ٍة أ َْم َ‬
‫ان ِم ْن نُ ْ‬‫س َ‬ ‫َخلَ ْق َنا ِْ‬
‫ََ ُ َ ً َ‬ ‫اإل ْن َ‬
‫ور))(‪ .)2‬فالقصدية ظاهرة عند الشاعر في تعريجه على تلك‬ ‫شِ‬
‫اك ًار َوِا َّما َكفُ ًا‬ ‫إِ َّما َ‬
‫اآليات‪ ,‬لبلوغ مرامه والوصول إلى مبتغاه بلحاظ فضائل أهل البيت (عليهم السالم)‬
‫في القرآن الكريم‪ ,‬فعرج الشاعر على اآلية التي نزلت بأهل البيت (عليهم الصالم)‪,‬‬
‫يما‬ ‫ِ‬ ‫ون الطَّعام علَى حب ِ ِم ِ‬
‫ط ِع ُم َ‬
‫سكي ًنا َوَيت ً‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫واقتبس في البيت األخير قوله تعالى(( َوُي ْ‬
‫ير))(‪ .)3‬ووظفها دالليا في الثناء على علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم‬ ‫وأ ِ‬
‫َس ًا‬ ‫َ‬
‫السالم)(‪.)4‬‬

‫ونظم الصاحب بن عباد (ت‪385‬ه) في مدح أهل البيت (عليهم السالم)‬


‫(الكامل)‬ ‫مقتبسا من آي القرآن الكريم‪ .‬قال‪:‬‬

‫ض ـ ـ ـ ـ ــنِ َينا‬ ‫ك ـ ـ ـ ـ ــن باعتق ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫ـاد االختي ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـار َ‬ ‫ْ‬ ‫مينـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ـدت َي َ‬
‫إن عقـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫بـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـالنص فاعقـ ـ ـ ـ ـ ْـد ْ‬

‫(‪ )1‬ديوان الناشئ الصغير‪ ,‬جمعه‪ ,‬الشيخ محمد السماوي‪ 42 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.43‬‬
‫(‪ )2‬سورة اإلنسان‪ :‬اآلية ‪ 1‬ـ ـ ـ ـ ‪ 2‬ـ ـ ـ ـ ـ ‪.3‬‬
‫(‪ )3‬سورة اإلنسان‪ :‬اآلية ‪.8‬‬
‫(‪ )4‬ينظر تفسير القمي‪ ,‬علي بن إبراهيم القمي‪1122/3 :‬؛ ينظر أيضا البرهان في تفسير‬
‫القرآن‪ ,‬السيد هاشم البحراني‪.177 /8 :‬‬
‫)‪)48‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬
‫(‪)1‬‬ ‫واخت ـ ـ ـ ــار موسـ ـ ـ ـ ـى قُوم ـ ـ ـ ــه س ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـبع َينا‬ ‫ـول ال ِهَنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا تَ ِ‬
‫مك َينـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫مكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـن لقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫يقر ويعتقد إن اإلمامة نص إالهي‪,‬‬ ‫عرج الشاعر على مسألة الوصية وهو ّ‬
‫َّ‬
‫وحث اآلخرين على ذلك االعتقاد‪ .‬وفي البيت الثاني أشار لقصة موسى عليه‬
‫السالم‪ ,‬ووظفها توظيفا دالليا وأراد أن النبي اختار اإلمام علي (عليهما السالم) إماما‬

‫وسى قَ ْو َم ُ‬
‫اختَ َار ُم َ‬
‫للمسلمين كما اختار موسى لقومه فاستشهد بقوله تعالى‪َ (( :‬و ْ‬
‫ين َر ُج ًال لِ ِمي َق ِات َنا))(‪.)2‬‬
‫س ْب ِع َ‬
‫َ‬

‫واستحضر أبو العالء المعري (ت‪449‬ه) آلي القرآن الكريم بما ينسجم‬
‫(الكامل)‬ ‫ومضمون القصيدة‪ .‬قال في رثاء أهل البيت (عليهم السالم)‪:‬‬

‫ـي و َن ْجل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه‪ ,‬ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫ـاهدان‬ ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـن علِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌّ‬ ‫وعلـ ـ ــى الـ ـ ـ َّـد ِ‬
‫هر‪ ,‬مـ ـ ــن دمـ ـ ــاء الشهيديـ ـ ـ ـ‬
‫ِن‪ ,‬وف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أوليات ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـفقان‬ ‫الليـ ـ ـ ـ ِـل ‪ ,‬فَ ْجـ ـ ـ ـ َا‬
‫ـر‬ ‫فهمـ ـ ـ ــا‪ ,‬فـ ـ ـ ــي أو ِ‬
‫اخـ ـ ـ ـ ِـر ْ‬
‫ـرح ِ‬
‫من‬ ‫ـتعدياً إل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬ ‫ثبتـ ـ ــا‪ ,‬ف ـ ـ ــي قميِ ِ‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـر ُم ْس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬ ‫ص ـ ـ ــه ‪َ ,‬ليج ـ ـ ــئ الحش ـ ـ ـ ـ‬
‫الطع ـ ـ ـ ـ ـ ِـن َوْرَدة كال ـ ـ ـ ـ ـ َّـد ِ‬
‫هان(‪.)3‬‬ ‫واذا األرض وه ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ِ‬
‫ـارت‬ ‫م ـ ـ ـ ـ ـ ْـن َدم ْ‬
‫اء ص ـ ـ ـ ـ ْ‬
‫ـي غبـ ـ ـ ـ ـر ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫صور الشاعر مقتل اإلمام علي والحسين (عليهما السالم) بأن دمهما شاهدان‬ ‫ّ‬
‫على الدهر‪ ,‬فصور حمرة الطبيعة في الغروب والشروق‪ ,‬وقصد إنها مستمدة لونها‬
‫من دمهما (عليهما السالم) ‪ ,‬هكذا في ديمومة وثبات واستمرار مادام الكون خالدا‪ ,‬ثم‬
‫صور تحول األرض إلى اللون األحمر وكأنها لون الورد‪ ,‬وصار أديمها على غير‬
‫طبيعته؛ فاستثمر الشاعر اآلية القرآنية ووظفها توظيفا دالليا في إظهار شدة الحزن‬
‫والوجد عليهما ويتفق النص الشعري مع النص القرآني في بيان هول مقتل اإلمام‬

‫(‪ )1‬ديوان الصاحب بن عباد‪ ,‬تحقيق الشيخ محمد حسن آل ياسين‪.287 :‬‬
‫(‪ )2‬سورة االعراف‪:‬اآلية‪.155‬‬
‫(‪ )3‬سقط الزند‪ ,‬ألبي العالء المعري‪96 :‬ـ ـ ‪.97‬‬
‫)‪)49‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫شقَّ ِت‬
‫علي والحسين (عليهما السالم) وهول يوم القيامة فاقتبس قوله تعالى‪(( :‬فَِإ َذا ا ْن َ‬

‫اء فَ َكا َن ْت َوْرَدةً َكالد َه ِان))(‪.)1‬‬


‫الس َم ُ‬
‫َّ‬

‫وظف الطغرائي (ت‪515‬ه) آي القرآن الكريم في شعره داللة على فضائل أهل‬
‫(الكامل)‬ ‫البيت (عليهم السالم)‪ ,‬وبيان ظالمتهم‪ .‬قال‪:‬‬

‫أخي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه َبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادي‬


‫ووالؤه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم لِبنِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـاهر‬‫ظـ ـ ـ ِ‬ ‫اليهُـ ـ ــوِدي اآلل موسـ ـ ــىا َ‬ ‫ـب َ‬ ‫ُحـ ـ ـ ُّ‬
‫ـوم هـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ِ‬
‫ـادي‬ ‫بِ ِهـ ـ ـ ـ ـ ُـم اهتَـ ـ ـ ـ ـ َـدوا َوِل ُكـ ـ ـ ـ ـ ِّـل قُـ ـ ـ ـ ـ ٍ َ‬ ‫ـارونا األُلَـ ـ ــى‬ ‫اه ـ ـ َ‬ ‫َوام ـ ــامهم م ـ ــن َنس ـ ـ ِـل َ‬
‫ـر ِم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن األَع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـو ِاد‬ ‫الَِنبِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيِّهما َن ِخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َا‬ ‫كرِم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ون َم َحَّب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةً‬ ‫ـارى ُي ِ‬
‫صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬‫َوأ ََرى ا َّلن َ‬
‫فَص ـ ـ ـ ـ ـ ــفَت ُقلُ ـ ـ ـ ـ ـ ــوبهم ِم ـ ـ ـ ـ ـ ــن األَحقَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ِ‬
‫ـاد‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬ ‫الص ـ ـ ـ ــفَا‬
‫ون َّ‬ ‫َو تَ َم َّسـ ـ ـ ـ ـ ُكوا بِ ـ ـ ـ ـ َـوالء َش ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ـمع َ‬
‫َحق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـاد(‪.)2‬‬ ‫قَتَلُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوه أو وس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــموه بِاأل ِ‬ ‫َحم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـدا‪ُ ,‬مس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلِم‬ ‫َّ‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َوا َذا تَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـولى اآ َل أ َ‬
‫أراد الشاعر أن أهل البيت (عليهم السالم) وأشياعهم عانوا من التضيق والتشريد‬
‫والقتل‪ ,‬من خلفاء بني أمية والعباسيين‪ ,‬فيما حظي نسل أبناء األنبياء من قبل‬
‫بالتقدير واالحترام كبني إسرائيل والنصارى‪ .‬ثم وظف الشاعر آية من القرآن الكريم‬
‫آية ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫بلفظها ومعناها‪ ,‬فاقتبس قوله تعالى‪َ (( :‬وَيقُو ُل الَّ ِذ َ‬
‫ين َكفَ ُروا لَ ْوَال أُْن ِو َل َعلَ ْي َ‬
‫َرب ِ إِ َّن َما أَ ْن َت ُم ْن ِذر َولِ ُكل قَ ْوٍم َه ٍاد))(‪.)3‬‬

‫واقتبس ابن العودي النيلي (ت‪558‬ه) من القرآن الكريم بما ينسجم وغرضه في‬
‫(الطويل)‬ ‫مدح علي (عليه السالم)‪ ,‬والتعريض بخصومه‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـادوا علِيـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه بالكمـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫ـال وأحكم ـ ـ ـ ـ ـ ـوا‬ ‫فَ َعـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫أم ال ــدين ل ـ ْـم يكم ـ ْـل عل ــى عه ـ ِـد أحم ـ ٍـد‬

‫(‪ )1‬سورة الرحمن‪ :‬اآلية‪.37‬‬


‫)‪ )2‬ديوان الطغرائي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬د‪ .‬علي جواد الطاهر‪ ,‬د‪ .‬يحيى الجبوري‪.137 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة الرعد‪ :‬اآلية ‪.7‬‬
‫)‪)50‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫من ـ ـ ـ ــي علِ ـ ـ ـ ــي ُك ُم(‪.)1‬‬


‫ـاء ِّ‬
‫ـت النعم ـ ـ ـ ـ َ‬
‫َوأَتمم ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـت ديـ ـ ـ َـن ُكم‬
‫ـوم أكملـ ـ ـ ُ‬
‫ـي اليـ ـ ـ َ‬ ‫ِّ‬
‫أ ََم قـ ـ ــا َل‪ :‬إنـ ـ ـ ّ‬

‫ت لَ ُك ْم ِدي َن ُك ْم َوأَتْ َم ْم ُ‬
‫ت َعلَ ْي ُك ْم‬ ‫استحضر الشاعر اآلية القرآنية‪((:‬ا ْل َي ْوَم أَ ْك َم ْل ُ‬
‫ِن ْع َم ِتي))(‪)2‬؛ وأراد خطبة النبي محمد (صلى اهلل عليه وآله وسلم) في غدير خم‪,‬‬
‫فأشار الشاعر إلى مناقب الممدوح‪ ,‬وقصد والية اإلمام علي بن أبي طالب (عليه‬
‫(‪)3‬‬
‫السالم)‪.‬‬

‫أشار الصنوبري إلى اآلية التي تكشف عن مناقب أهل البيت واقتبسها في شعره‬
‫(مجزوء البسيط)‬ ‫اقتباسا َّ‬
‫نصيا‪ .‬قال في رثاء أهل البيت (عليهم السالم)‪:‬‬

‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن لوع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةً وزفي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ار‬ ‫ُم ِّلي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت للفاطميي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬


‫ـلين نصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ار‬
‫واألفضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫األفض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلين جه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادا‬
‫ن طهّـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــروا تطهي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ار(‪.)4‬‬ ‫الص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائمين المصلي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫وظف الشاعر المرجعية الدينية في النص الشعري مقتبسا من قوله تعالى‪:‬‬
‫ير))(‪ .)5‬إن اقتباس‬ ‫َه َل ا ْل َب ْي ِت َوُيطَه َرُك ْم تَ ْ‬
‫ط ِه ًا‬ ‫س أْ‬ ‫ِ ِ‬
‫يد اللَّ ُ ل ُي ْذه َب َع ْن ُك ُم الر ْج َ‬
‫((إِ َّن َما ُي ِر ُ‬

‫(‪ )1‬ابن العودي النيلي (ت‪558‬ه) وما تبقى من شعره‪ ,‬تحقيق‪ ,‬عبد اإلله عبد الوهاب العرداوي‪:‬‬
‫‪ 126‬ـ ـ ـ ‪.127‬‬
‫(‪ )2‬سورة المائدة‪ :‬اآلية ‪.3‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬البداية والنهاية‪ ,‬إلسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي‪228 /5 :‬‬
‫ـ ـ ـ ‪229‬؛ تاريخ الخلفاء‪ ,‬جالل الدين السيوطي‪132 /1 :‬؛ الغدير في الكتاب والسنة واألدب‪,‬‬
‫عبد الحسين األمين النجفي‪ 27 /1 :‬ـ ـ ـ ‪ 28‬ـ ـ ـ ‪.29‬‬
‫(‪ )4‬ديوان الصنوبري‪.89 /1 :‬‬
‫(‪ )5‬سورة األحزاب‪ :‬اآلية ‪.33‬‬
‫)‪)51‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫الشاعر ذات بعد داللي يشف عن مناقب أهل البيت‪ ,‬وأراد الشاعر باقتباسه فاطمة‬
‫وبعلها وبنيها (عليهم السالم) على رواية بعض المفسرين(‪.)1‬‬

‫علوية مادحا اإلمام علي وأهل البيت (عليهم السالم) وموظفا آلي‬
‫نظم أحمد بن ّ‬
‫(الكامل)‬ ‫القرآن الكريم بما يتناسق مع معنى النص الشعري‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـدار مقامـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ركنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫ـان‬ ‫فهمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ـان عليهم ـ ـ ــا‬ ‫وابن ـ ـ ــاه عن ـ ـ ــد ق ـ ـ ــوى الجن ـ ـ ـ ِ‬
‫دون المالئ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك كلُّه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـنفان‬ ‫وهم ـ ـ ـ ــا مع ـ ـ ـ ــا ل ـ ـ ـ ــو يعلم ـ ـ ـ ــون ِ‬
‫لعرش ـ ـ ـ ــه‬ ‫َ‬
‫ـان) (‪.)2‬‬
‫ين يلتقي ـ ـ ِ‬
‫م ـ ــثال ( م ـ ــن البحـ ـ ـر ِ‬ ‫الهمـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ـان ق ـ ـ ـ ـ ـ ـد َن َح ُ‬
‫ـدر والمرجـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫والـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ‬

‫تظهر القصدية‬ ‫(‪)3‬‬


‫استحضر الشاعر اآلية القرآنية (( َم َر َج ا ْل َب ْح َرْي ِن َي ْلتَ ِق َي ِ‬
‫ان))‬
‫عند الشاعر في اقتباسه وأراد محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم‬
‫السالم)(‪ ,)4‬فوظف اآلية توظيفا دالليا في كشف المعنى والغرض‪.‬‬

‫اقتبس السيد الحميري من آي القرآن الكريم لعقد المقارنة بين مشركي قريش‬
‫(الكامل)‬ ‫وطغاة فرعون‪ .‬قال في مدح اإلمام علي (عليه السالم)‪:‬‬

‫وعـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـة َخائِف ـ ـ ـ ـ ـ ـاً مترقـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫ـب‬ ‫ـى بِ َر َ‬ ‫ـات َمبِيتَ ـ ـ ـ ــهُ‬
‫ِ‬
‫س ـ ـ ـ ـ َـرى بِ َم َّكـ ـ ـ ـ ـةَ ح ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ضـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫َو َم َ‬ ‫ـين َب ـ ـ ـ ـ َ‬
‫بالي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـل ُمكتتِمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً َولَ ـ ـ ـ ـ ـ ــم َيستَص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـح ِب‬ ‫خي ـ ـ ـ ـ ُـر البريـ ـ ـ ـ ـ ِـة هاربـ ـ ـ ـ ـاً مـ ـ ـ ـ ــن ش ـ ـ ـ ـ ـ ِرها‬

‫(‪ )1‬ينظر تفسير القرآن‪ ,‬لمنصور بن محمد بن عبد الجبار ابن أحمد المروزى السمعاني‪/4 :‬‬
‫‪281‬؛ تفسير القمي‪ 829 /3 :‬ـ ـ ـ ـ ‪ 830‬ـ ـ ـ ـ ‪831‬؛ الدر المنثور في التفسير بالمأثور‪/6 :‬‬
‫‪603‬؛ مجمع البيان في تفسير القرآن‪ ,‬للشيخ الفضل بن الحسن الطبرسي‪.559 /7 :‬‬
‫(‪ )2‬شعر أحمد بن علوية الكاتب‪.89 :‬‬
‫)‪ )3‬سورة الرحمن‪ :‬اآلية ‪.19‬‬
‫)‪ )4‬ينظر تفسير القمي‪ 1025 /3 :‬ـ ـ ـ ‪1026‬‬
‫)‪)52‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫أن محمـ ـ ـ ـ ــداً لـ ـ ـ ـ ــم يـ ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫ـذهب(‪.)1‬‬ ‫ون َّ‬
‫فََيـ ـ ـ ـ ـ َـر َ‬ ‫اش ُملفَّع ـ ـ ــا‬
‫ـات عل ـ ـ ــى الفـ ـ ـ ـر ِ‬
‫ب ـ ـ ــاتوا َوب ـ ـ ـ َ‬
‫ذ َك َر الشاعر فضيلة لإلمام علي (عليه السالم) في مبيته على فراش النبي‬
‫ب‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(صلى اهلل عليه وآله وسلم) ثم اقتبس من قوله تعالى‪(( :‬فَ َخ َر َج م ْن َها َخائفًا َيتََرق ُ‬

‫فاستثمر اآلية دالليا للربط بين خروج‬ ‫الظَّالِ ِم َين))(‪.)2‬‬ ‫قَا َل َرب َنج ِني ِم َن ا ْلقَ ْوِم‬

‫موسى‪ ,‬وخروج الرسول (عليهما السالم)‪ ,‬فخروجهما يمثل صورة واحدة‪ ,‬فالرسول‬
‫هرب من مشركي قريش متسترا؛ َّ‬
‫ألن القوم يطلبوه‪ ,‬كذلك وموسى هرب من فرعون؛‬
‫ألن أشراف قوم فرعون تشاوروا واتفقوا على قتله‪ ,‬فأخبره مؤمن آل فرعون بذلك(‪.)3‬‬

‫كما اقتبس الناشئ الصغير من القرآن الكريم بما ينسجم ويتناسق مع داللة‬
‫الشعر‪ ,‬قال واصفا أهل البيت (عليهم السالم) بأنهم الوسيلة والغاية التي تنجي‬
‫(الوافر)‬ ‫محبيهم وتهلك مبغضهم‪ ,‬وهم السفينة التي تنجو راكبيها من الغرق‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـوت بأَهـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـل بيـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬


‫ض ـ ـ ـ ــى َوبِ ِهـ ـ ـ ـ ــم ُيثَـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ـاب‬ ‫بِ ِه ـ ـ ـ ــم ُي َ‬
‫ص ـ ـ ـ ـ ـلَى لُ َ‬ ‫ـت‬ ‫َ‬ ‫يقـ ـ ـ ـ ـ ــو ُل لَقَـ ـ ـ ـ ـ ــد َن ُجـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ َ‬
‫ـاب(‪.)4‬‬ ‫طـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع ِ‬ ‫ِ‬ ‫الع ِظ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـيم َوُفلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ُه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـم َّ‬
‫طـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫الخ َ‬ ‫َوَبـ ـ ـ ـ ـ ـ ــابُ اهلل َوانقَ َ َ‬ ‫ك ُن ـ ـ ـ ـ ـ ــو ٍح‬ ‫النَبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـأَ َ‬
‫اقتبس الشاعر اآلية القرآنية اقتباسا نصيا دون تغيير من قوله تعالى‪َ (( :‬ع َّم‬
‫الن َبِإ ا ْل َع ِظ ِيم))(‪ .)5‬استحضر الشاعر اآلية وأراد بها األمام علي‬
‫ون* َع ِن َّ‬
‫اءلُ َ‬
‫س َ‬‫َيتَ َ‬
‫(عليه السالم)(‪ .)6‬فاستثمر الشاعر اآلية وطوعها دالليا في إظهار غرض المدح‬

‫(‪ )1‬ديوان السيد الحميري‪ 93 :‬ـ ـ ـ ‪.94‬‬


‫(‪ )2‬سورة القصص‪ :‬اآلية ‪.21‬‬
‫(‪ )3‬ينظر معالم التنزيل في تفسير القرآن‪ ,‬تفسير البغوي‪.528 /3 :‬‬
‫(‪ )4‬ديوان الناشئ الصغير‪ 25 :‬ـ ـ ـ ‪.26‬‬
‫(‪ )5‬سورة النبأ‪ :‬اآلية ‪ 1‬ـ ـ‪.2‬‬
‫(‪ )6‬ينظر تفسير القمي‪1126 /3 :‬؛ البرهان في تفسير القرآن‪.194/8 :‬‬
‫)‪)53‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫بلحاظ آيات القرآن الكريم لإلمام علي (عليه السالم)‪ ,‬أو أراد الشاعر أهل البيت‬
‫(عليهم السالم) جميهم لقوله‪( :‬هم النبأ) من باب توسيع المعنى والداللة‪.‬‬

‫واتكأ السيد الحميري على القرآن الكريم واعتبره مرجعا ثقافيا دينيا يغترف منه‬
‫(الطويل)‬ ‫بما ينفع وتجربته الشعرية‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـيح فأب ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـدعوا‬


‫وحجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا بالمس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫إلي ـ ـ ـ ـ ـ ــه ّ‬ ‫ان عشـ ـ ـ ــيةَ أقبل ـ ـ ـ ـوا‬ ‫وفـ ـ ـ ــي أهـ ـ ـ ــل نج ـ ـ ـ ـر َ‬
‫َوق ـ ـ ــد س ـ ـ ــمعوا م ـ ـ ــا ق ـ ـ ــا َل في ـ ـ ـ ِـه َوأورعـ ـ ـ ـوا‬ ‫ردوا عليـ ـ ـ ـ ـ ِـه القـ ـ ـ ـ ــو َل ُكف ـ ـ ـ ـ ـ ار َوك ـ ـ ـ ـ ـ ّذبوا‬
‫َو ّ‬
‫ـاء فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاجمعوا‬ ‫ـاءكم ثـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـم النسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫وأبنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫أبناءنـ ـ ـ ـ ــا معـ ـ ـ ـ ــا‬
‫فقـ ـ ـ ـ ــا َل تَ َعـ ـ ـ ـ ــالَوا َنـ ـ ـ ـ ــدعُ َ‬
‫ـوم في ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ِش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـرة وتس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـرعُ‬
‫وللق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ك ُبكـ ـ ـ ـ َـرةً‬ ‫فقـ ـ ـ ــالوا نعـ ـ ـ ــم فـ ـ ـ ــاجمع ُن ِ‬
‫باهل ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬
‫ـي يتَضـ ـ ـ ـ ـ َّـرعوا‬ ‫ِ‬
‫السـ ـ ـ ـ ــبطان كـ ـ ـ ـ ـ ْ‬
‫ـاطم و ِّ‬
‫َوفـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫عم ــه‬
‫فَج ــاءوا وج ــا َء المص ــطفى واب ــن ِّ‬
‫عض ـ ــعوا(‪.)1‬‬ ‫إلــى ِ‬
‫اهلل فــي الوقـ ِ‬
‫ض َ‬ ‫أحجمـ ـ ـوا َوتَ َ‬
‫أوه ـ ــم َ‬ ‫لم ـ ــا ر ُ‬
‫َف َّ‬ ‫ـت الــذي كــان بيــنهُ ْم‬
‫نقل السيد الحميري قصة مباهلة الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) نظما‬
‫وعدها مرجعا دينيا اظهر بوساطتها مناقب أهل البيت (عليهم السالم)‪ .‬ومفاد القصة‬
‫أن نصارى نجران اختلفوا مع النبي (صلى اهلل عليه وعلى آله وسلم) بشأن عيسى‬
‫عليه وعلى نبينا أفضل الصالة والسالم‪ ,‬فدعاهم النبي (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‬
‫للمباهلة‪ ,‬فلما جاء يوم المباهلة شاهدوا النبي خرج مع أهل بيته علي وفاطمة‬
‫والحسن والحسين (عليهم السالم)(‪ .)2‬لذا اذعنوا له وامتنعوا عن مباهلته‪ .‬ثم استشهد‬
‫الشاعر بآي من القرآن الكريم حجة واضحة يستدل بها على المكانة السامقة ألهل‬
‫َّك ِفي ِ‬
‫البيت (عليهم السالم) فأشار الشاعر إشارة مباشرة إلى قوله تعالى‪(( :‬فَ َم ْن َحاج َ‬

‫(‪ )1‬ديوان السيد الحميري‪.139 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر تفسير القمي‪156 /1 :‬؛ األمالي‪ ,‬للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي‪/1 :‬‬
‫‪334‬؛ اإلرشاد في معرفة حجج اهلل على العباد‪ ,‬للشيخ المفيد‪.167 /1 :‬‬
‫)‪)54‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اء ُك ْم‬
‫س َ‬‫اء َنا َوِن َ‬
‫س َ‬‫اء ُك ْم َوِن َ‬
‫اء َنا َوأ َْب َن َ‬‫م َن ا ْلع ْلم فَقُ ْل تَ َعالَ ْوا َن ْدعُ أ َْب َن َ‬ ‫اء َك‬
‫م ْن َب ْعد َما َج َ‬
‫ين))(‪.)1‬‬ ‫َن ْبتَ ِه ْل فَ َن ْج َع ْل لَ ْع َن َت اللَّ ِ َعلَى ا ْل َك ِاذ ِب َ‬ ‫س ُك ْم ثَُّم‬
‫س َنا َوأَ ْنفُ َ‬
‫َوأَ ْنفُ َ‬

‫أفاد السيد الحميري من المرجعية الدينية بوساطة اقتباسه من القرآن الكريم في‬
‫(الكامل)‬ ‫مدح اإلمام علي (عليه السالم) وبيان فضائله‪ ,‬قال‪:‬‬

‫ـب المولـ ـ ـ ِـد‬ ‫ـاب بفخـ ـ ـ ِـر طيـ ـ ـ ِ‬ ‫شـ ـ ــرفاً فطـ ـ ـ َ‬
‫ـت نخي ـ ـ ـ ـ ــل م ـ ـ ـ ـ ــن س ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـاللة آدم‬ ‫غرس ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬
‫تلق ـ ـ ـ ـ ـ ــى وال غربيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةً ف ـ ـ ـ ـ ـ ــي المحت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـد‬ ‫ـت فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرقيةً‬
‫طلعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬
‫زيتونـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة َ‬
‫ـوق ص ـ ِـم الجلم ـ ِـد(‪.)2‬‬ ‫ـوق السـ ـ ِ‬
‫هول وف ـ َ‬ ‫فـ َ‬ ‫ـرق نوره ـ ـ ـ ــا م ـ ـ ـ ــن زيت ِه ـ ـ ـ ــا‬ ‫م ـ ـ ـ ــا از َل يش ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫مدح الشاعر اإلمام علي بن أبي طالب‪ ,‬وأهل بيته‪ ,‬وأجداده األطهار من نسل‬
‫أدم (عليهم السالم)‪ ,‬فاستحضر آي القرآن الكريم لإلفادة منه في كشف الداللة‪,‬‬
‫ون ٍة َال َش ْرِقَّي ٍة َوَال‬
‫((زْيتُ َ‬
‫ووضوح المعنى‪ .‬فالبيت الثاني اقتباس نصي مع قوله تعالى‪َ :‬‬
‫َغ ْربَِّي ٍة))(‪ .)3‬شبه الشاعر نور أهل البيت (عليهم السالم) وطيبهم‪ ,‬بالشجرة الزيتونة‬
‫التي ضرب اهلل بها المثل مما تضفيه من النفع على اآلخرين من الزيت والنور‬
‫وغيره(‪ .)4‬أراد الشاعر من اقتباسه الحسن والحسين وفاطمة‪ ,‬وقصد بالشجرة إبراهيم‬
‫(عليه السالم)‪ ,‬ال شرقية وال غربية أي ال يهودية وال نصرانية(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬سورة آل عمران‪.61 :‬‬


‫(‪ )2‬ديوان السيد الحميري‪ 186 :‬ـ ـ ـ ‪.187‬‬
‫(‪ )3‬سورة النور‪:‬اآلية ‪.35‬‬
‫(‪ )4‬ينظر تفسير القرآن‪ ,‬للسمعاني‪.532/3 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر تفسير القمي‪707 /2 :‬؛ مناقب اإلمام علي علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه‪ ,‬البن‬
‫المغازلي‪.382 :‬‬
‫)‪)55‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫‪ /2‬االقتباس زير المباشر‪:‬‬

‫نقصد باالقتباس غير المباشر أن يشير الشاعر إلى آية من آيات القرآن من‬
‫غير أن يلتزم بلفظها أو بتركيبها(‪ ,)1‬فالشاعر أو الكاتب يعمد لمثل هذا النوع من‬
‫االقتباس لتقوية داللة البنية فضال عن اكساء النص بالفصاحة والبالغة والفخامة‪.‬‬
‫والشعر الشيعي أشار إلى هذا النوع من االقتباس على نحو ما نجده عند السيد‬
‫الحميري في بيان مناقب أهل البيت (عليهم السالم) فأشار الشاعر إلى ما نزل من‬
‫(الطويل)‬ ‫آي القرآن بحقهم‪ ,‬قال‪:‬‬

‫ـر َوطُِّيب ـ ـ ـ ـوا‬ ‫ـاس طُـ ـ ـ ـ َّا‬ ‫ص ـ ـ ـ ـفُّوا ِمـ ـ ـ ــن َ‬


‫األدنـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫َو ُ‬ ‫ـب الـ ـ ِّـرجس َعـ ــنهُ ُم‬ ‫ٍ‬
‫إلَـ ــى أهـ ـ ِـل َبيـ ــت أذهـ ـ َ‬
‫ـاس عــنهم ِفــي ِ ِ‬ ‫ِمـ َـن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ب(‪.)2‬‬ ‫الوالََيــة َم ـ ْذ َه ُ‬ ‫النـ ِ َ ُ ْ‬ ‫إلَـ ــى أهـ ـ ِـل َبيـ ــت َمـ ــا ل َمـ ــن َكـ ـ ْ‬
‫ـان ُمؤ ِمنـ ــا‬
‫يد اللَّ ُ ِل ُي ْذ ِه َب‬ ‫أشار السيد الحميري في البيت األول إلى اآلية القرآنية ((إِ َّن َما ُي ِر ُ‬
‫ير))(‪ .)3‬ووظفها دالليا في مدح أهل البيت‬
‫ط ِه ًا‬ ‫َه َل ا ْل َب ْي ِت َوُي َ‬
‫طه َرُك ْم تَ ْ‬ ‫س أْ‬
‫َع ْن ُك ُم الر ْج َ‬
‫(عليهم السالم) وهم‪ :‬محمد‪ ,‬وعلي‪ ,‬وفاطمة‪ ,‬والحسن‪ ,‬والحسين (عليهم السالم)(‪.)4‬‬

‫اضفى ديك الجن (ت‪235‬ه)‪ .‬على نصه قداسة دينية‪ ,‬مقتبسا من القرآن‬
‫الكريم اقتباسا غير مباشر ما يؤيد مذهب الشاعر‪ .‬قال في مدح اإلمام علي ورثاء‬
‫(البسيط)‬ ‫الحسين (عليهما السالم)‪:‬‬

‫النص ُـر َوالظَّفَ ُـر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫من َهاش ٍـم َغ َ‬
‫ـاب َعنهـا َّ‬ ‫ـات ُم َفلَّقَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـة‬
‫موت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وقَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتال بِهام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬ينظر معجم آيات االقتباس حكمت فرج البدري‪.19 :‬‬


‫(‪ )2‬ديوان السيد الحميري‪.66 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة األحزاب‪ :‬اآلية ‪.33‬‬
‫(‪ )4‬ينظر تفسير القمي‪ 829/3 :‬ـ ـ ـ ‪.830‬‬
‫)‪)56‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫يوم ـ ـ ــا‪ ,‬و ِ‬


‫هلل ِف ـ ـ ــي َه ـ ـ ــذا ال ـ ـ ـ َـوَرى َنظَ ـ ـ ـ ُـر‬ ‫َن أَن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاةَ ِ‬
‫اهلل َو ِاق َع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫َ َ َ‬ ‫َكفَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى بِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـأ َّ َ‬
‫َشـ ـ ُـر(‪.)1‬‬ ‫ك واأل ِ‬ ‫وِفـ ــي َغـ ـ ٍـد ُيعـ ــر ُ َّ‬ ‫أَنسـ ـ ـ ـ ــى ع َّلي ـ ـ ـ ـ ــا وتَفنِي ـ ـ ـ ـ ـ َـد ُ ِ‬
‫ف األَفـ ــا ُ َ‬ ‫َ‬ ‫الغ ـ ـ ـ ـ ـ َـواة لَـ ـ ـ ـ ــهُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ون َز ًدا م ِن ا ْل َك َّذاب ْاأل ِ‬
‫َش ُر))(‪.)2‬‬ ‫س َي ْعلَ ُم َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أشار الشاعر إلى قوله تعالى‪َ (( :‬‬
‫واستح ضر الشاعر معنى اآلية القرآنية للتعريض بأعداء أهل البيت (عليهم السالم)‪,‬‬
‫مستشرفا ألحداث يوم القيامة‪.‬‬

‫كما وظف دعبل بن علي الخزاعي (ت ‪249‬ه) االقتباس غير المباشر من‬
‫القرآن الكريم في الكشف عن غاية الشاعر في مدح اإلمام علي (عليه السالم)‪.‬‬
‫(الكامل)‬ ‫قال‪:‬‬

‫والمـ ـ ـ ــؤمنين‪ ,‬فمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن يشـ ـ ـ ــأ فليجحـ ـ ـ ـ ِـد‬ ‫إن اإللَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهَ َولِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـي ُكم َوَر ُسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــولَهُ‬
‫ـف فـ ـ ـ ــي الموعـ ـ ـ ـ ِـد(‪.)3‬‬
‫واهلل لـ ـ ـ ــيس بمخلـ ـ ـ ـ ٍ‬ ‫يك ـ ـ ـ ــن االل ـ ـ ـ ــه خص ـ ـ ـ ــيمه فيه ـ ـ ـ ــا غ ـ ـ ـ ــدا‬
‫َِّ‬ ‫َّ‬
‫اقتبس الشاعر في البيت األول اآلية القرآنية‪(( :‬إَِّن َما َولُِّي ُك ُم اللهُ َوَر ُسولُهُ َوالذ َ‬
‫ين‬
‫ون))(‪ .)4‬وأراد بها اإلمام علي‬ ‫ِ‬ ‫ون َّ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ‬
‫الزَكاةَ َو ُه ْم َراك ُع َ‬ ‫َّالةَ َوُي ْؤتُ َ‬
‫ون الص َ‬
‫يم َ‬
‫ين ُيق ُ‬
‫آم ُنوا الذ َ‬
‫َ‬
‫ف اللَّ ُه‬ ‫((ولَ ْن ُي ْخلِ َ‬
‫َ‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫قوله‬ ‫من‬ ‫الشاعر‬ ‫اقتبس‬ ‫الثاني‬ ‫البيت‬ ‫وفي‬ ‫‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫(عليه السالم)‬

‫(‪ )1‬ديوان ديك الجن‪ ,‬تحقيق‪ ,‬د‪ .‬أحمد مطلوب‪.44 :‬‬


‫(‪ )2‬سورة القمر‪ :‬اآلية ‪.26‬‬
‫(‪ )3‬شعر دعبل بن علي‪.336 :‬‬
‫(‪ )4‬سورة المائدة‪ :‬اآلية ‪.55‬‬
‫(‪ )5‬ينظر الجامع ألحكام القرآن‪ ,‬محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح األنصاري الخزرجي‬
‫شمس الدين القرطبي‪.221/6 :‬‬
‫)‪)57‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫َو ْع َدهُ))(‪ .)1‬واستثمرها في وحدة الداللة وانسجام المعنى في البيتين‪ ,‬وأراد أن من‬
‫يجحد والية اإلمام علي (عليه السالم) سوف يكون اهلل خصمه يوم القيامة‪.‬‬

‫واستحضر ابن الرومي (ت‪283‬ه) لبعض آي القرآن الكريم؛ إلضفاء الروح‬


‫الدينية والقدسية على نصه الشعري‪ ,‬فضال عن أن االقتباس ضرورة يسهم في كشف‬
‫(البسيط)‬ ‫المعنى‪ ,‬وبيان الداللة‪ .‬قال يرثي أهل البيت (عليهم السالم)‪:‬‬

‫رمـ ـ ـ ـةَ القُرَب ـ ـ ــى َوال اإلص ـ ـ ـ ِـر‬


‫َيرُعـ ـ ـ ـوا لَ ـ ـ ــهُ ُح َ‬ ‫ـي َولَـ ـ ــم‬ ‫ـارزوا اهللَ ِفـ ـ ــي قرَبـ ـ ــى َّ‬
‫النبِـ ـ ـ ِّ‬ ‫َوَبـ ـ ـ ُ‬
‫يف واهـ ـ ـ ِـن ِ‬
‫ِمنـ ـ ــه بِحبـ ـ ـ ٍـل ضـ ـ ـ ِـع ٍ‬ ‫ِ‬
‫ـرر(‪.)2‬‬ ‫المـ ـ ـ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َب ـ ـ ـ ُّـروا َذل ـ ـ ــيال‪َ ,‬و َعقُّـ ـ ـ ـوا اهللَ َواعتَ َ‬
‫ص ـ ـ ـ ُـموا‬
‫في البيت األول صور الشاعر الذين لم يرعوا حق أهل البيت (عليهم السالم)‪,‬‬
‫فصور فعلتهم كأنهم اعتدوا على اهلل سبحانه وتعالى واقتبس اقتباسا غير مباشر من‬
‫َج ًار إَِّال ا ْل َم َوَّدةَ ِفي ا ْلقُ ْرَبى))(‪ .)3‬والقصدية ظاهرة‬
‫َسأَلُ ُك ْم َعلَ ْي ِ أ ْ‬
‫قوله تعالى‪(( :‬قُ ْل َال أ ْ‬
‫في النص الشعري وأراد الشاعر بالقربى علي وفاطمة‪ ,‬والحسن‪ ,‬والحسين (عليهم‬
‫السالم)(‪ .)4‬وفي البيت الثاني استعمل الشاعر االشارة إلى معنى النص القرآني مع‬
‫ِ ِ‬ ‫قلب المعنى في النص الشعري وأراد قوله تعالى‪(( :‬و ْ ِ‬
‫اعتَص ُموا ِب َح ْب ِل اللَّ َجم ً‬
‫يعا َوَال‬ ‫َ‬
‫تَفََّرقُوا))‪.‬‬

‫أفاد أحمد بن علوية الكاتب من آي القرآن الكريم في مدح أهل البيت (عليهم‬
‫(الكامل)‬ ‫السالم)‪ ,‬فأشار إلى ما نزل بحقهم من القرآن الكريم‪ .‬قال‪:‬‬

‫(‪ )1‬سورة الحج‪ :‬اآلية ‪.27‬‬


‫(‪ )2‬ديوان ابن الرومي‪ ,‬أحمد حسن بسج‪.165/2 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة الشورى‪ :‬اآلية ‪.23‬‬
‫(‪ )4‬ينظر مجمع البيان في تفسير القرآن‪.38 /9 :‬‬
‫)‪)58‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫ف ـ ــي ه ـ ـ َّـن دونك ـ ــم أخ ـ ــي ناج ـ ــاني (‪.)1‬‬ ‫ـألف أل ـ ـ ـ ـ ٍ‬


‫ـف أيك ـ ـ ـ ــم ن ـ ـ ـ ــاجى أخ ـ ـ ـ ــي‬ ‫وب ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫سو َل فَقَد ُموا‬
‫الر ُ‬ ‫آمنُوا إِ َذا َن َ‬
‫اج ْيتُ ُم َّ‬ ‫ين َ‬‫ُّها الَّ ِذ َ‬
‫أشار الشاعر إلى قوله تعالى‪َ (( :‬يا أَي َ‬
‫ط َه ُر فَِإ ْن لَ ْم تَ ِج ُدوا فَِإ َّن اللَّ َ َزفُور‬‫ص َدقَ ًة َذلِ َك َخ ْير لَ ُك ْم َوأَ ْ‬
‫ي َن ْج َوا ُك ْم َ‬
‫َب ْي َن َي َد ْ‬
‫َر ِحيم))(‪ .)2‬استحضر الشاعر اآلية داللة على مدح اإلمام علي (عليه السالم)‪ .‬وقد‬
‫يقدم صدقة بين‬ ‫ذهب بعض المفسرين إلى أن عليا (عليه السالم) الوحيد الذي كان ِّ‬
‫(‪)3‬‬
‫في كل‬ ‫يدي رسول اهلل (صلى اهلل عليه وآله وسلم) عند مناجاته‪ ,‬وكان يقدم دينا اًر‬
‫مناجاة‪.‬‬

‫أفاد الصنوبري من المرجعية الدينية في رثاء النبي وأهل بيته (عليهم السالم)‬
‫فاستحضر من آي القرآن الكريم ما ينسجم مع النص الشعري‪ .‬قال‪(:‬مجزوء البسـ ـيط)‬

‫والمنحن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــين ظه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ار‬ ‫والمنطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوين بطونـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬


‫والمطعم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــين أس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ار(‪.)4‬‬ ‫والمطعم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــين يتيم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫أراد الشاعر مدح أهل البيت (عليهم السالم) فلم يجد بدا من اإلشارة لما نزل‬
‫بحقهم من القرآن الكريم إيضاحا للغرض وكشفا للداللة‪ ,‬فأشار إلى قوله تعالى‪:‬‬

‫علوية الكاتب‪.82 :‬‬


‫(‪ )1‬شعر أحمد بن ّ‬
‫(‪ )2‬سورة المجادلة‪ :‬اآلية ‪.12‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬تفسير القمي‪ ,1055 /3 :‬احقاق الحق وازهاق الباطل‪ ,‬السيد نور اهلل الحسيني‬
‫المرعشي‪ 129 /3 :‬ـ ـ ـ ‪130‬؛ بحار األنوار الجامعة لدرر أخبار األئمة األطهار‪ ,‬للشيخ‬
‫محمد باقر المجلسي‪.28 /17 :‬‬
‫(‪ )4‬ديوان الصنوبري‪.89 /1 :‬‬
‫)‪)59‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫ير))(‪ .)1‬التي نزلت بحقهم لما‬ ‫ون الطَّعام علَى حب ِ ِمس ِكي ًنا وي ِتيما وأ ِ‬
‫َس ًا‬ ‫ط ِع ُم َ‬
‫(( َوُي ْ‬
‫ََ ً َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ‬
‫تصدقوا بطعامهم على المسكين واليتيم واألسير(‪ ,)2‬وظلوا ثالثة أيام صائمين‪.‬‬

‫وأفاد أبو فراس الحمداني من القرآن الكريم بما يشف عن معنى اآلية وغرض‬
‫(الرجز)‬ ‫الشاعر‪ .‬قال يمدح أهل البيت (عليهم السالم)‪:‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الم ـ ـ ــاء وه ـ ـ ــو يـ ـ ـ ـراهُ‬ ‫م ـ ـ ــن ُش ـ ـ ــرب َع ـ ـ ــذب َ‬ ‫إذ قـ ـ ـ ــال‪ :‬أسـ ـ ـ ــقوني فعـ ـ ـ ـ ِّـوض بالقنـ ـ ـ ــا‬

‫أدنتَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ كفَّـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ( جـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـده ) َ‬


‫وي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـداهُ‬ ‫َ‬ ‫طاَلَ َمـ ـ ـ ـ ــا ِمـ ـ ـ ـ ــن ِح ْجـ ـ ـ ـ ـ ِـرِه‬
‫ـاحتَُّز أرْس‪َ ,‬‬ ‫فـ ـ ـ ـ ـ ْ‬
‫ـالمين اهلل(‪.)3‬‬ ‫ِ‬ ‫يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوم بعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ِ‬
‫يمل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي لظل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم الظ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ـان‪ ,‬واّنمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ـين اهلل كـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫الشاعر بقتلة الحسين (عليه السالم)‪ ,‬مشي ار إلى اآلية القرآنية (( َوَال‬ ‫ُ‬ ‫ض‬‫عر ُ‬ ‫ِّ‬

‫ين َكفَ ُروا أ ََّن َما ُن ْملِي لَ ُه ْم َخ ْير ِألَ ْنفُ ِس ِه ْم إِ َّن َما ُن ْملِي لَ ُه ْم لِ َي ْوَد ُ‬
‫ادوا إِثْ ًما َولَ ُه ْم‬ ‫س َب َّن الَّ ِذ َ‬
‫َي ْح َ‬
‫َع َذاب ُم ِهين))(‪ .)4‬ال شك في أن القرآن يحمل معاني الثواب والعقاب‪ ,‬وقد استحضر‬
‫الشاعر الداللة المنسجمة بين النص األصلي والمعنى الشعري‪ ,‬فأشار إلى ما يدل‬
‫على الوعيد والتهديد من آي القرآن الحكيم‪ ,‬وقصد التعريض ببني أمية‪.‬‬

‫وأفاد كشاجم (ت‪360‬ه) من االقتباس غير المباشر إذ وظف آي القرآن الكريم‬

‫(المتقارب)‬ ‫إشارة لفضائل أهل البيت قال‪:‬‬

‫(‪ )1‬سورة األنسان‪ :‬اآلية ‪.9‬‬


‫(‪ )2‬ينظر تفسير القمي‪.1122 /3 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان أبي فراس الحمداني‪.248 :‬‬
‫(‪ )4‬سورة الرعد‪ :‬اآلية ‪.178‬‬
‫)‪)60‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫السـ ـ ـ ـ ــم ِ‬
‫اء(‪.)1‬‬ ‫صـ ـ ـ ـ ـ َـالةً تُـ ـ ـ ـ ــو ِازي ُن ُجـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلَّى َعلَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ُك ْم إِلَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـوَرى‬
‫ـوم َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فَ َ‬
‫أراد الشاعر مدح أهل البيت (عليهم السالم) فلم يجد بدا من اإلشارة إلى قوله‬
‫ين آم ُنوا صلُّوا ع َل ْي ِ‬ ‫الن ِبي يا أَي َّ ِ‬ ‫صلُّ َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ون َعلَى َّ َ َ‬
‫ُّها الذ َ َ‬ ‫تعالى‪(( :‬إِ َّن اللَّ َ َو َم َال ئ َكتَ ُ ُي َ‬
‫يما))(‪ .)2‬وقصد الشاعر إن أهل البيت قد شرفوا على الخلق بآي القرآن‬ ‫وسلموا تَ ِ‬
‫سل ً‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُ‬
‫الكريم(‪.)3‬‬

‫استعان بديع الزمان (ت‪398‬ه) باالقتباس غير المباشر من آي القرآن ووظفه‬


‫(المتقارب)‬ ‫بما يتفق ومعنى النص الشعري‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـت الثَّـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى بِفَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـم ال َكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫ـاذ ِب‬ ‫فَقُل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـي‬ ‫يقُولُـ ـ ـ ـ ـ ــون لِـ ـ ـ ـ ـ ــي ال تَحـ ـ ـ ـ ـ ــب الو ِ‬
‫صـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َفلِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم تَح ُكم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا َعلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى َغائِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـب‬ ‫ِ‬
‫َي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـرى اهللُ س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّـري إِذ لَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم تَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـروهُ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫أَال تَهتَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـدون إلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ِ‬
‫اهلل بِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي‬
‫(‪)4‬‬
‫ون لِ ُرش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد َم ِع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي‬
‫َ‬ ‫أَال تَنظُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـر َ‬
‫أخذ الشاعر معنى اآلية القرآنية وصاغها بصورة مغايره مع الحفاظ على‬

‫ون َو َما ُي ْعلِ ُن َ‬


‫ون))‬ ‫َن اللَّ َ َي ْعلَ ُم َما ُي ِس ُّر َ‬
‫المعنى االصلي للنص القرآني قال تعالى ((أ َّ‬
‫وأراد الشاعر أن سره ال يعلمه إال اهلل سبحانه وتعالى‪ ,‬فاستعان باآلية كشفا للداللة‬
‫أمية(‪.)5‬‬
‫على حبه ألهل البيت واعتقاده الصائب‪ ,‬ألنه اتهم بوالئه لبني َّ‬

‫كما أشار الشريف المرتضى (ت‪436‬ه) إلى آية من القرآن الكريم‪ ,‬ووظفها في‬
‫(البسيط)‬ ‫رثاء اإلمام الحسين (عليه السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫(‪ )1‬ديوان كشاجم‪ ,‬تحقيق‪ ,‬د‪ .‬النبوي عبد الواحد شعالن‪.5 :‬‬
‫(‪ )2‬سورة األحزاب‪ :‬اآلية ‪.56‬‬
‫(‪ )3‬ينظر البرهان في تفسير القرآن‪ 309 /6 :‬ـ ـ ـ ‪.310‬‬
‫(‪ )4‬ديوان بديع الزمان‪ ,‬تحقيق‪ ,‬يسري عبد الغني عبد اهلل‪.39 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر ديوان بديع الزمان‪.132 :‬‬
‫)‪)61‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫أدرَع ـ ـ ــا م ـ ـ ــن نس ـ ـ ـ ِـج داوِد(‪.)1‬‬ ‫ُّ‬ ‫مستش ـ ـ ــعرين ألطـ ـ ـ ـر ِ‬


‫ح ـ ـ ـ ِّـد الظب ـ ـ ــا ُ‬ ‫ـاح وم ـ ـ ــن‬
‫اف الرم ـ ـ ـ ِ‬
‫رثى الشريف المرتضى سبط خاتم النبيين محمد (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‬
‫ص َن ُكم ِم ْن بأ ِ‬
‫وس لَ ُكم ِلتُ ْح ِ‬
‫ْس ُك ْم‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫مضمنا في شعره اآلية القرآنية (( َو َعلَّ ْم َناهُ َ‬
‫ص ْن َع َة لَ ُب ٍ ْ‬
‫ون))(‪ .)2‬داللة على قوة الجيش الذي برز إلى اإلمام الحسين (عليه‬ ‫شِ‬
‫اك ُر َ‬ ‫فَ َه ْل أَ ْنتُ ْم َ‬
‫(‪)3‬‬
‫أنها إشارة إلى قوله‬ ‫السالم) على قلة عددهم وعدتهم‪ .‬فيما ذهب بعض الباحثين‬

‫ض ًال َيا ِج َبا ُل أَوِبي َم َع ُ َوالطَّ ْي َر َوأَلَ َّنا لَ ُ ا ْل َح ِد َ‬


‫يد))(‪.)4‬‬ ‫ود ِم َّنا فَ ْ‬
‫تعالى‪َ (( :‬ولَقَ ْد آتَ ْي َنا َد ُاو َ‬

‫ومما ورد من االقتباس غير المباشر من القرآن الكريم ما جاء في قصيدة‬


‫(الكامل)‬ ‫البشنوي الكردي (ت‪456‬ه)‪ .‬قال في مدح اإلمام علي (عليه السالم)‪:‬‬

‫ـال‬ ‫م ـ ـ ــع ك ـ ـ ـ ِّـل محكم ـ ـ ـ ِـة أتَـ ـ ـ ْ‬


‫ـت ف ـ ـ ــي ح ـ ـ ـ ِ‬ ‫آن مـ ـ ـ ـ ـ ــع تأويلـ ـ ـ ـ ـ ــهُ‬ ‫يـ ـ ـ ـ ـ ــا قـ ـ ـ ـ ـ ــار الق ـ ـ ـ ـ ـ ـر َ‬
‫ـاج فـ ـ ـ ـ ـ ــي األمثـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـال‬ ‫وسـ ـ ـ ـ ـ ــقايةُ الحجـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫أعم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــارةُ البي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـت الحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرِام مثل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬
‫ـان فـ ـ ــي حـ ـ ــال مـ ـ ــن األح ـ ـ ـو ِ‬
‫ال‬ ‫هـ ـ ــل كـ ـ ـ َ‬ ‫أم مثلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي التيمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أم عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدويهم‬
‫ـال(‪.)5‬‬ ‫م ـ ـ ـ ــا عن ـ ـ ـ ــدي العلم ـ ـ ـ ــاء كالجه ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ال وال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذي ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرض عل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي وداده‬
‫أفاد الشاعر من آي القرآن الكريم في الكشف عن مناقب علي (عليه السالم)‪,‬‬

‫اج َو ِع َم َارةَ‬ ‫َج َع ْلتُ ْم ِسقَ َايةَ ا ْل َح ِّ‬


‫فالقصدية ظاهرة في استحضار الشاعر لقوله تعالى‪(( :‬أ َ‬
‫ون ِع ْن َد اللَّ ِه‬ ‫ا ْلمس ِج ِد ا ْلحرِام َكمن آمن بِاللَّ ِه وا ْليوِم ْاآل ِخ ِر وجاه َد ِفي سبِ ِ َّ ِ‬
‫يل الله َال َي ْستَ ُو َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ََ َ ْ َ َ‬ ‫َْ‬

‫(‪ )1‬ديوان الشريف المرتضى‪ ,‬شرح‪ ,‬د‪ .‬محمد التونجي‪.402/1 :‬‬


‫(‪ )2‬سورة األنبياء‪ :‬اآلية ‪.80‬‬
‫(‪ )3‬أثر القرآن الكريم واألحاديث المأثورة عن النبي وآله في مراثي اإلمام الحسين للشريف‬
‫المرتضى‪ ,‬محمد أسماعيل ازرة‪.50 :‬‬
‫(‪ )4‬سورة سبأ‪ :‬اآلية ‪.10‬‬
‫(‪ )5‬شعر البشنوي الكردي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬أ‪ .‬د‪ .‬عبد اإلله عبد الوهاب هادي العرداوي‪ ,‬أ‪ .‬د‪ .‬هاشمية‬
‫حميد جعفر الحمداني‪.58 :‬‬
‫)‪)62‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫ين))(‪ .)1‬أراد الشاعر تفضيل علي (عليه السالم) على من‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫َواللهُ َال َي ْهدي ا ْلقَ ْوَم الظالم َ‬
‫تفاخر عليه بالسقاية‪ ,‬وعمارة المسجد الحرام‪ ,‬إذ سبقهم باإليمان والجهاد والذود عن‬
‫(‪)2‬‬
‫فوظفها الشاعر داللة‬ ‫الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ ,‬فنزلت اآلية فيه‬
‫واستشهادا على تفضيل اإلمام علي (عليه السالم)‪.‬‬

‫وظف السيد الحميري من آي القرآن الكريم في مدح االمام علي (عليه السالم)‬
‫(الكامل)‬ ‫فأشار إلى ما نزل من الذكر الحكيم في بيان فضائله‪ .‬قال‪:‬‬

‫ق رِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـرش َعن ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ َوالَ َء(‪.)3‬‬ ‫فَأَثَ َاب ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ُذو َ‬ ‫اك َعـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫َمـ ـ ـ ـ ـ ــن َذا بِ َخاتَمـ ـ ـ ـ ـ ــه تَ َ‬
‫صـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـد َ َ‬
‫وظف السيد الحميري اآلية القرآنية توظيفا دالليا كاشفا عن مناقب اإلمام علي‬

‫سولُ ُ َوالَّ ِذ َ‬
‫ين‬ ‫(عليه السالم) فأشار إلى ما نزل بحقه قال تعالى‪(( :‬إِ َّن َما َولِ ُّي ُك ُم اللَّ ُ َوَر ُ‬
‫الوَكاةَ و ُهم ر ِ‬ ‫آم ُنوا الَّ ِذ َ ِ‬
‫ون))(‪ .)4‬وأراد الشاعر باقتباسه‬ ‫اك ُع َ‬ ‫ون َّ َ ْ َ‬ ‫الص َالةَ َوُي ْؤتُ َ‬
‫ون َّ‬
‫يم َ‬
‫ين ُيق ُ‬ ‫َ‬
‫اإلمام علي (عليه السالم) لما تصدق بخاتمه وهو قائم يصلي(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬سورة التوبة‪ :‬اآلية ‪.19‬‬


‫(‪ )2‬ينظر تفسير القمي‪406 /2 :‬؛ ينابيع المودة سجل عظيم ألحاديث النبوية في مناقب اإلمام‬
‫علي وأهل البيت (عليهم السالم)‪ ,‬الشيخ سليمان ابن الشيخ إبراهيم المعروف بخواجة كالن‪:‬‬
‫‪107 /1‬؛ روضة الواعظين‪ ,‬الشيخ محمد بن الفتال النيشابوري‪.244 /1 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان السيد الحميري‪.23 :‬‬
‫(‪ )4‬سورة المائدة‪ :‬اآلية ‪.55‬‬
‫(‪ )5‬ينظر تفسير القمي‪250/1 :‬؛ تفسير القرآن العظيم‪ ,‬أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير‬
‫القرشي البصري الدمشقي‪138 /3 :‬؛ الجواهر الحسان في تفسير القرآن‪ ,‬عبد الرحمن بن‬
‫محمد بن مخلوف الثعالبي‪396/2 :‬؛ الدر المنثور في التفسير بالمأثور‪140/3 :‬؛ البرهان‬
‫في تفسير القرآن‪.483/2 :‬‬
‫)‪)63‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫استثمر الشريف المرتضى آي القرآن الكريم في نصه فأشار إلى اآلية التي‬
‫تظهر منزلة أهل البيت عند الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ .‬قال في رثاء االمام‬
‫(مجزوء الرمل)‬ ‫الحسين (عليه السالم)‪:‬‬

‫اكَبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ُيضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـحي َن ِك َيبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬


‫َن ِ‬ ‫َمس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى‬ ‫ِ‬
‫َوالـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذي أَض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـحى َوأ َ‬
‫َّ‬
‫لهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم اعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا اللبيبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا(‪.)1‬‬ ‫ـين َو َم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن فض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬ ‫ِ‬
‫آ َل َياس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ِ‬
‫((س َالم َعلَى إِ ْل َياس َ‬
‫ين))(‪ ,)2‬وقصد بآل ياسين‬ ‫أشار الشاعر إلى اآلية القرآنية‪َ :‬‬
‫هم محمد وأهل بيته (عليهم السالم)‪ ,‬وقد فسر اإلمام الصادق (عليه السالم) بأن‬
‫ياسين من اسماء محمد (صلى اهلل عليه وآله وسلم)(‪ .)3‬وروي عن علي بن أبي‬
‫طالب (عليه السالم) قال‪ (( :‬إن رسول اهلل صلى اهلل عليه وآله وسلم اسمه ياسين‬
‫ِ‬
‫[س َالم َعلَى إِ ْل َياس َ‬
‫ين] (‪.)5()))4‬‬ ‫َونحن الذين قال اهلل‪َ :‬‬

‫نخلص إلى أن الشعر الشيعي اتكأ على القرآن الكريم في إظهار فضائل‬
‫الرسول وأهل بيته (عليهم السالم) وأفاد الشعراء من أغلب اآليات التي تدل على تلك‬
‫المناقب ووظفوها في الشعر زيادة للداللة‪ ,‬وايضاح للمعنى فضال عن أكساء النص‬
‫طاقات ومعاني قدسية‪ ,‬فاستعان الشعر الشيعي في العصر العباسي باآليات القرآنية‬

‫(‪ )1‬ديوان الشريف المرتضى‪.61 /1 :‬‬


‫(‪ )2‬سورة الصافات‪ :‬اآلية ‪.130‬‬
‫(‪ )3‬ينظر جامع البيان في تأويل القرآن‪103/21 :‬؛ تفسير القمي‪854 /3 :‬؛ البرهان في‬
‫تفسير القرآن‪.564 /4 :‬‬
‫(‪ )4‬سورة الصافات‪ :‬اآلية ‪.120‬‬
‫(‪ )5‬كتاب سليم بن قيس الهاللي‪ ,‬ألبي صادق سليم بن قيس الهاللي العامري الكوفي‪/2 :‬‬
‫‪.946‬‬
‫)‪)64‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫بالنص أو باإلشارة(‪ .)1‬وكان الشعر الشيعي يروم من ذلك التوظيف‬


‫ِّ‬ ‫وضمنها الشعراء‬
‫غايات ومرام منها‪ :‬حجة‪ ,‬ودليل يستعين به الشاعر‪ ,‬أو كشف عن فضائل أهل‬
‫البيت (عليهم السالم)‪ ,‬أو الطعن والتعريض بأعدائهم‪.‬‬

‫(‪ )1‬للمزيد من االقتباس ينظر ديوان السيد الحميري‪ 34 :‬ـ ـ ـ ‪ 54‬ـ ـ ـ ‪ 56‬ـ ـ ـ ـ ‪ 76‬ـ ـ ـ ‪ 66‬ـ ـ ـ ـ ‪ 78‬ـ ـ ـ ـ‬
‫‪ 114‬ـ ـ ـ ـ ‪ 118‬ـ ـ ـ ‪ 161‬ـ ـ ـ ‪ 171‬ـ ـ ـ ـ ‪ 186‬ـ ـ ـ ـ ‪ 187‬ـ ـ ـ ـ ‪ 190‬ـ ـ ـ ـ ‪ 191‬ـ ـ ـ ‪192‬ـ ـ ـ ـ ‪ 195‬ـ ـ ـ ـ ‪204‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ‪ 211‬ـ ـ ـ ـ ‪ 212‬ـ ـ ـ ـ ‪ 214‬ـ ـ ـ ‪ 227‬ـ ـ ـ ‪ 240‬ـ ـ ـ ـ ‪ 285‬ـ ـ ـ ـ ‪ 325‬ـ ـ ـ ‪ 404‬ـ ـ ـ ‪ 414‬ـ ـ ـ ‪ 430‬ـ ـ ـ ـ‬
‫‪ 435‬ـ ـ ـ ‪ 459‬ـ ـ ـ ‪353‬؛ ديوان ديك الجن‪ 36 :‬ـ ـ ـ ‪ 39‬ـ ـ ـ ‪ 40‬ـ ـ ـ ‪ 44‬ـ ـ ـ ـ ‪ 47‬ـ ـ ـ ـ ‪ 50‬ـ ـ ـ ‪= 59‬‬
‫=‪60‬؛ شعر دعبل بن علي الخزاعي‪ 146 :‬ـ ـ ـ ‪ 321‬ـ ـ ـ ‪ 323‬ـ ـ ـ ‪336‬؛ ديوان الحماني علي‬
‫بن محمد العلوي الكوفي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬محمد حسين األعرجي‪ 72 :‬ـ ـ ـ ـ ‪ 73‬ـ ـ ـ ‪ 100‬؛ شعر أحمد‬
‫بن علوية الكاتب‪ 44 :‬ـ ـ ـ ‪ 74‬ـ ـ ـ ‪ 77‬ـ ـ ـ ‪ 80‬ـ ـ ـ ـ ‪ 81‬ـ ـ ـ ‪ 83‬ـ ـ ـ ـ ‪ 88‬ـ ـ ـ ـ ‪89‬؛ ديوان الصنوبري‪:‬‬
‫الرفَّاء‪ ,‬تحقيق‪ ,‬كرم‬
‫ي َّ‬‫‪ 88 /1‬ـ ـ ـ ‪ 89‬ـ ـ ـ ‪90‬؛ ديوان كشاجم‪ 5 :‬ـ ـ ـ ‪347‬؛ ديوان السِّر ِّ‬
‫البستاني‪ 453 :‬ـ ـ ـ ـ ‪ ,454‬ديوان أبي فراس الحمداني‪ 347 :‬ـ ـ ـ ‪423‬؛ ديوان الناشئ الصغير‪:‬‬
‫‪ 26‬ـ ـ ـ ‪ 32‬ـ ـ ـ ـ ‪ 39‬ـ ـ ـ ـ ‪ 42‬ـ ـ ـ ـ ‪ 43‬ـ ـ ـ ـ ‪ 44‬ـ ـ ـ ‪ 45‬ـ ـ ـ ‪ 57‬ـ ـ ـ ـ ‪ 59‬ـ ـ ـ ـ ‪ 62‬ـ ـ ـ ـ ‪ 66‬ـ ـ ـ ـ ‪ 67‬ـ ـ ـ ‪79‬؛‬
‫ديوان محمد بن عبد العزيز السوسي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬األستاذ الدكتور عبد اإلله عبد الوهاب هادي‬
‫العرداوي‪ 113 :‬ـ ـ ـ ـ ‪ 119‬ـ ـ ـ ـ ‪133‬؛ ديوان الصاحب بن عباد‪ 32 :‬ـ ـ ـ ‪ 34‬ـ ـ ـ ‪ 36‬ـ ـ ـ‪ 41 40‬ـ ـ ـ‬
‫‪ 44‬ـ ـ ـ ‪ 45‬ـ ـ ـ ‪ 70‬ـ ـ ـ ‪ 109‬ـ ـ ـ ـ ‪ 113‬ـ ـ ـ ‪ 121‬ـ ـ ـ ‪ 132‬ـ ـ ـ ‪ 133‬ـ ـ ـ ‪ 238‬ـ ـ ـ ـ ‪ 262‬ـ ـ ـ ـ ‪273‬؛‬
‫ديوان بديع الزمان الهمذاني‪131 :‬؛ ديوان الشريف الرضي‪ ,‬شرح‪ ,‬الدكتور محمود مصطفى‬
‫حالوي‪177 /1 :‬؛ ديوان أبي الحسن علي بن محمد التهامي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬الدكتور محمد بن‬
‫عبد الرحمن الربيع‪95 :‬؛ ديوان الصوري‪ ,‬تحقيق‪ ,‬مكي السيد جاسم‪ ,‬شاكر هادي شكر‪/1 :‬‬
‫‪187‬؛ ديوان مهيار الديلمي‪ 52 /3 ,299 /1 :‬ـ ـ ـ ‪114‬؛ شعر البشنوي الكردي (ت‬
‫‪456‬ه)‪ 55 :‬ـ ـ ـ ـ ‪ 56‬ـ ـ ـ ‪ 57‬ـ ـ ـ ـ ‪58‬؛ شعر الشيخ علي بن أحمد الفنجكردي (ت‪513‬ه)‪,‬‬
‫تحقيق‪ ,‬أ‪ .‬د‪ .‬عبد اإلله عبد الوهاب هادي العرداوي‪ ,‬هاشمية حميد جعفر الحمداني‪74 :‬؛‬
‫شعر ابن مكي النيلي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬أ‪ .‬د‪ .‬عبد اإلله عبد الوهاب هادي العرداوي‪ ,‬أ ‪ .‬د‪ .‬هاشمية‬
‫حميد جعفر الحمداني‪ 77 :‬ـ ـ ـ ـ ‪ 78‬ـ ـ ـ ـ ‪ 80‬ـ ـ ـ ـ ‪82‬؛ ديوان الطغرائي‪137 :‬؛ ابن العودي النيلي‬
‫(ت‪558‬ه) حياته وما تبقى من شعره‪ 122 :‬ـ ـ ـ ‪ 123‬ـ ـ ـ ‪.127‬‬
‫)‪)65‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫ُّ‬
‫يعد الحديث النبوي ركيزة ومرجعا اساسيا للشعر العربي منذ عصـر اإلسـالم؛ لمـا‬
‫يحمله من الفصاحة والبالغة فضال عن اسهامه في وضوح داللة النص الشـعري‪ ,‬لـذا‬
‫نجــد الشــعراء يضــمنون الحــديث النبــوي فــي أشــعارهم نصــا أو إشــارة أو تلميحــا‪ ,‬وممــا‬
‫يؤخذ من الحديث الشريف قول الرسـول (صـلى اهلل عليـه وآلـه وسـلم) وفعلـه؛ ألن فعلـه‬
‫تقريــر‪ ,‬فالقوليــة كــل مــا صــدر عــن الرســول مــن قــول فــي تفســير آيــة أو بيــان معنــى أو‬
‫إجابــة عــن سـؤال‪ .‬أمــا الفعليــة أو الســنة الفعليــة مــا فعلــه الرســول أمــام المسـلمين وأمــر‬
‫بفعله‪ ,‬أو ما نهى عنه(‪.)1‬‬

‫كــان كــالم الرســول محــط إعجــاب البالغيــين‪ ,‬قــال الجــاحظ واصــفا كالمه(صـلى‬
‫اهلل عليه وآله وسلم)‪(( :‬وهو الكالم الذي ق ّل عدد حروفه وكثر عدد معانيه‪ ,‬وج ّل عـن‬
‫الصـنعة‪ ,‬ون ّـزه عــن التكلـف‪ ,‬وكـان كمــا قـال اهلل تبـارك وتعــالى‪ :‬قـل يـا محمــد‪َ [ :‬ومـا أََنــا‬
‫ِمـ َـن ا ْلمتكلَّفــين] (‪ .)2‬فكيــف وقــد عــاب التشــديق‪ ,‬وجانــب أصــحاب التقعيــب‪ ,‬واســتعمل‬
‫المبسوط في موضع البسط‪ ,‬والمقصـور فـي موضـع القصـر‪ ,‬وهجـر الغريـب الوحشـي‪,‬‬
‫ورغب عن الهجـين السـوقي‪ ,‬فلـم ينطـق إال عـن ميـراث حكمـة‪ ,‬ولـم يـتكلم إال بكـالم قـد‬
‫ح ــف بالعص ــمة‪ ,‬وش ــيد بالتأيي ــد‪ ,‬ويس ــر ب ــالتوفيق))(‪ .)3‬ل ــذا يع ــد الحـ ـديث النب ــوي م ــن‬
‫األركــان األساســية فــي البيــان العربــي وتنميــة مادتــه اللغويــة ‪ ,‬ومكونــا مــن المكونــات‬
‫(‪)4‬‬
‫األولى للثقافة العربية واإلسالمية ‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر الثقافة اإلسالمية تعريفها مصادرها مجاالتها تحدياتها‪.55 :‬‬


‫(‪ )2‬سورة ص‪ :‬اآلية ‪.86‬‬
‫(‪ )3‬البيان والتبين‪.13 /2 :‬‬
‫)‪ (4‬ينظر‪ :‬المكونات األولى للثقافة العربية (د ارسـة فـي نشـأة اآلداب والمعـارف العربيـة‬
‫وتطورها) د‪ .‬عز الدين اسماعيل‪230 :‬‬
‫)‪)66‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫وقــد اتك ـأ الشــعر الشــيعي علــى الحــديث النبــوي فــي إســناد حججــه وبيــان أدلتــه‪,‬‬
‫فأفــاد منــه الشــعراء فــي العصــر العباســي فــي إغنــاء تجــاربهم الشــعرية علــى نحــو مــا‬
‫(الطويل)‬ ‫نلحظه في شعر السيد الحميري‪ .‬قال‪:‬‬

‫يس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـر إلي ـ ـ ـ ـ ـ ــه م ـ ـ ـ ـ ـ ــا يري ـ ـ ـ ـ ـ ــد ويطل ـ ـ ـ ـ ـ ــعُ‬ ‫ـي محمـ ـ ـ ـ ــد‬ ‫وفـ ـ ـ ـ ــي يـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـوم ناجـ ـ ـ ـ ــاه النبـ ـ ـ ـ ـ ُّ‬
‫للبغ ـ ـ ـ ـ ـ ِـي َمص ـ ـ ـ ـ ـ َـرعُ‬
‫اجاتُ ـ ـ ـ ـ ــهُ َبغ ـ ـ ـ ـ ــي َو َ‬ ‫ُمَن َ‬ ‫عمـ ـ ِـه‬
‫ـوم نجـ ــوى ابـ ــن ِّ‬ ‫فقـ ــالوا أطـ ــال اليـ ـ َ‬
‫ورُع ـ ـ ـ ـ ـ ـوا(‪.)1‬‬ ‫َب ـ ـ ـ ـ ـ ِـل اهللُ َن َ‬
‫اجـ ـ ـ ـ ـ ــاهُ َفلَـ ـ ـ ـ ـ ــم َيتَ َّ‬ ‫انتجيتُـ ـ ـ ــهُ‬
‫ـت الغـ ـ ـ ــداة َ‬ ‫فقـ ـ ـ ــال لهـ ـ ـ ــم لسـ ـ ـ ـ ُ‬
‫مدح الشاعر اإلمام علي (عليه السالم) موظفا حديث رسول اهلل (صلى اهلل‬
‫عليه وآله وسلم) في كشف داللة النص واالنسجام التام بين غرض القصيدة والنص‬
‫األصلي‪ ,‬فاستحضر الشاعر مناجاة الرسول لعلي (عليهما السالم)‪ ,‬وقد طالت‬
‫فسئل الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) عن طول المناجاة فقال‬ ‫مناجاته له‪ُ ,‬‬
‫الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪َ (( :‬ما ْانتَ َج ْيتُهُ َولَ ِك َّن اللَّهَ ْانتَ َجاهُ))(‪ .)2‬فاستحضر‬
‫الشاعر الحديث لبيان فضيلة من فضائل الممدوح‪.‬‬
‫ونظم ديك الجن في مدح أهل البيت (عليهم السالم)‪ ,‬فضمن الحديث النبوي‬
‫(الرجز)‬ ‫الذي يدل على مكانتهم السامقة في اإلسالم‪ .‬قال‪:‬‬
‫والخيـ ـ ـ ـ ـ ــر مـ ـ ـ ـ ـ ــا قـ ـ ـ ـ ـ ــال بـ ـ ـ ـ ـ ــه الرسـ ـ ـ ـ ـ ــول‬ ‫إن الرسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو َل لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـم يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزل يقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــول‬
‫بحي ـ ـ ــث م ـ ـ ــن موس ـ ـ ــاه ه ـ ـ ــارون النب ـ ـ ــي‬ ‫إن ـ ـ ـ ـ ـ ــك من ـ ـ ـ ـ ـ ــي يـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا عل ـ ـ ـ ـ ـ ــي األبـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي‬
‫فأنـ ـ ـ ـ ــت خيـ ـ ـ ـ ــر العـ ـ ـ ـ ــالمين عنـ ـ ـ ـ ــدي(‪.)3‬‬ ‫لكنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيس نبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي بعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدي‬

‫(‪ )1‬ديوان السيد الحميري‪.284 :‬‬


‫(‪ )2‬الجامع الكبير‪ ,‬سنن الترمذي‪ ,85 /6 :‬المعجم الكبير‪ ,‬للطبراني‪ ,186 /2 :‬مناقب اإلمام‬
‫علي علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه‪ ,‬ألبن المغازلي‪ ,170 :‬احقاق الحق وازهاق الباطل‪:‬‬
‫‪.53 /17‬‬
‫(‪ )3‬ديوان ديك الجن‪.57 :‬‬
‫)‪)67‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫وسى‪ ,‬إِ َّال أََّنهُ َال‬ ‫ت ِمِّني بِم ْن ِزلَ ِة هار ِ‬


‫ون م ْن ُم َ‬
‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫ضمن الشاعر الحديث النبوي ((أ َْن َ‬
‫َنبِ َّي َب ْع ِدي))(‪ ,)1‬وأفاد منه إلضفاء المدح والثناء على ممدوحه‪ ,‬فكون بنية داللية‬
‫تشف عن مناقب اإلمام علي بن أبي طالب (عليه السالم)‬
‫كما استحضر ابن المعتز (ت‪296‬ه) الحديث النبوي الشريف في مدح اإلمام‬
‫(المتقارب)‬ ‫علي بن أبي طالب (عليه السالم) ووظفه في غرضه‪ .‬قال‪:‬‬
‫األعج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـب‬ ‫َ‬ ‫للع َج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـب‬ ‫فََي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا قُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـوم َ‬ ‫َحسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا َد ِم ـ ـ ـ ـ ـ ــي‬ ‫ِ‬
‫أآ ُكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُل لحم ـ ـ ـ ـ ـ ــي‪َ ,‬وأ ُ‬
‫فَهَـ ـ ـ ـ ــال ِسـ ـ ـ ـ ــوى ال ُكفـ ـ ـ ـ ـ ِـر ظَّنـ ـ ـ ـ ــوهُ بِـ ـ ـ ـ ــي؟‬ ‫غضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ‪,‬‬ ‫ـون بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ُب َ‬ ‫ـي يظُُّنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫علـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌّ‬
‫ـوض والمش ـ ــر ِب األع ـ ـ ِ‬
‫ـذب(‪.)2‬‬ ‫م ـ ــن الح ـ ـ ِ‬ ‫إذا ال َسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــقَتني غـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدا كفُّـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬
‫َ‬
‫مدح الشاعر اإلمام علي (عليه السالم)‪ ,‬فصور الوشيجة بينهما كأنه يأكل‬
‫لحمه ويحتسي دمه أن انتقص من علي بن أبي طالب (عليه السالم)‪ ,‬ثم أشار‬
‫الشاعر إلى مرجعية حديثية في كشف داللة النص فضال عن إظهار فضائل علي‬
‫(عليه السالم)‪ ,‬واحتجاجه على الخصوم في والئه ألمير المؤمنين‪ ,‬فاستحضر في‬
‫البيت األخير قول الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السالم) قال له‪:‬‬
‫((وأنت غداً في اآلخرة أقرب الخلق مني وأنت على الحوض خليفتي))(‪.)3‬‬

‫كما استشهد أحمد بن علوية الكاتب بالمرجعية الحديثية للكشف عن داللة‬


‫(الكامل)‬ ‫النص ووضوح المعنى‪ .‬قال في مدح اإلمام علي (عليه السالم)‪:‬‬
‫ـات َباس ـ ـ ـ ـ ــتِيقَ ِ‬
‫ان‬ ‫الغاي ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـت َم ـ ـ ـ ـ ـ َـدى َ َ‬ ‫َبلَ َغ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬ ‫الف َخ ـ ـ ـ ـ ـ ــار فَ ِ‬
‫ض ـ ـ ـ ـ ـ ــيلَة‬ ‫ُ‬
‫ول ـ ـ ـ ـ ـ ــه إذا ُذ ِك ـ ـ ـ ـ ـ ــر ِ‬
‫َ‬
‫لَ ُمقاتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل بتأويـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـل الق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ِ‬
‫آن‬ ‫علـ ـ ـ ِـه‬
‫ـف َن ِ‬ ‫إن َخ ِ‬
‫اصـ ـ ـ َ‬ ‫إذ قـ ـ ــا َل (أحمـ ـ ـ ُـد)‪َّ :‬‬
‫ـي) بكفِّـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه نعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـالن‬ ‫فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــإذا (الوصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ‬ ‫ـت ع ـ ـ ـ ـ ــن تنزيلِ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه‬
‫قومـ ـ ـ ـ ـ ـاً كم ـ ـ ـ ـ ــا قاتل ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬

‫(‪ )1‬مسند أحمد ابن حنبل‪ .373 /17 :‬ينظر أيضا سنن ابن ماجة‪ ,‬ابن ماجة أبو عبد اهلل‬
‫محمد بن يزيد القزويني‪45 /1 :‬؛ الجامع الكبير‪ ,‬سنن الترمذي‪.88 /6 :‬‬
‫(‪ )2‬ديوان ابن المعتز‪ ,‬شرح وتقديم‪ ,‬ميشيل نعمان‪.67 :‬‬
‫(‪ )3‬مناقب اإلمام علي علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه‪ ,‬ألبن المغازلي‪.305 :‬‬
‫)‪)68‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫بخالف ـ ـ ـ ـ ِـه ومع ـ ـ ـ ــاني؟ (‪.)1‬‬


‫ِ‬ ‫م ـ ـ ـ ــن قائ ـ ـ ـ ـ ٍـل‬ ‫ك علـ ـ ــى الرشـ ـ ـ ِ‬
‫ـاد داللـ ـ ــة‬ ‫هـ ـ ــل بعـ ـ ــد ذا َ‬
‫اثنى الشاعر على ممدوحه بفضيلة من فضائله الجمة‪ ,‬وأفاد الشاعر في‬
‫توظيف الحديث النبوي لبيان منزلته السامقة على لسان الرسول (صلى اهلل عليه وآله‬

‫ت َعلَى تَْن ِزيلِ ِه قَ َ‬


‫ال‪:‬‬ ‫وسلم)‪ ,‬إذ قال فيه‪(( :‬إِ َّن ِم ْن ُك ْم َم ْن ُيقَاتِ ُل َعلَى تَأ ِْويلِ ِه‪َ ,‬ك َما قَاتَْل ُ‬
‫ف َن ْعلَهُ))(‪.)2‬‬ ‫النع ِل‪ ,‬وعلِ ٌّي ي ْخ ِ‬ ‫فَقَام أَبو ب ْك ٍر‪ ,‬وعمر فَقَا َل‪َ :‬ال وَل ِكَّنه َخ ِ‬
‫ص ُ‬ ‫ف َّ ْ َ َ َ‬ ‫اص ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ َُ‬ ‫َ ُ َ‬
‫فاستحضر الشاعر الحديث في نصه الشعري ليكسبه نوع من الفخامة والقداسة فضال‬
‫عن اإلفصاح بالحجج واألدلة في بيان مناقب الممدوح‪.‬‬
‫وأفاد الصنوبري من حديث الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) في مدح اإلمام‬
‫(الهزج)‬ ‫علي (عليه السالم)‪ .‬قال يرثي أهل البيت (عليهم السالم)‪:‬‬

‫إل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى َم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن في ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه منص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرفي‬ ‫ت هممـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي‬


‫فحيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــث تصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـرفَ ْ‬
‫ـف أو ال فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال تَصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـف‬ ‫فصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬ ‫ـفي المصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــطفى وكفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى‬ ‫صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ‬
‫ره فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي موقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف التلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـف‬ ‫أخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوه وصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهره وظهيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫بوج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـه في ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه منكش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـف(‪.)3‬‬ ‫هم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه أب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدا‬
‫ـف َّ‬
‫وكاش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫أشار الشاعر إلى الحديث النبوي الشريف ((أنت أخي في الدنيا واآلخرة))(‪.)4‬‬
‫واستعان بالمرجعية الدينية في نصه بما ينسجم وغرض القصيدة‪ .‬وال شك في أن‬

‫(‪ )1‬شعر أحمد بن علوية الكاتب‪.73 :‬‬


‫(‪ )2‬مسند اإلمام أحمد بن حنبل‪391 /17 :‬؛ ينظر أيضا المستدرك على الصحيحين‪ ,‬أبو عبد‬
‫اهلل الحاكم محمد بن عبد اهلل بن محمد بن حمدويه بن ُنعيم بن الحكم الضبي‪149 /2 :‬؛‬
‫مناقب آل أبي طالب‪ ,‬البن شهراشوب‪252 /3 :‬؛ كنز العمال في سنن األقوال واألفعال‪:‬‬
‫‪.107 /13‬‬
‫(‪ )3‬ديوان الصنوبري‪.336 /1 :‬‬
‫(‪ )4‬الجامع الكبير ـ ـ ـ سنن الترمذي‪80 /6 :‬؛ ينظر أيضا المعجم الكبير‪ ,‬للطبراني‪198 /13 :‬؛‬
‫مناقب اإلمام علي علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه‪ ,‬ألبن المغازلي‪88 :‬؛ كفاية الطالب‬
‫في مناقب اإلمام علي علي بن أبي طالب (عليه السالم)‪ ,‬للشيخ أبي عبد اهلل محمد بن=‬
‫)‪)69‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫أفضل الكالم بعد القران الكريم الحديث النبوي(‪ ,)1‬فارتكز الشاعر عليه في إظهار‬
‫فضائل الممدوح‪.‬‬

‫وظف كشاجم حديث الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) في بيان فضل أهل‬
‫(المتقارب)‬ ‫البيت (عليهم السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫علـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى رزِء ذريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـة األنبيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫ـاء‬ ‫بكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء وقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـل غنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء البك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـاء‬ ‫ُ‬
‫لقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـز فيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ذليـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل الع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـزاء‬ ‫ألن َّ‬
‫ذل في ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه عزي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـدموع‬
‫بالنجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـاء(‪.)2‬‬ ‫ـق َّ‬‫ِّهم يعتلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬
‫بحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب ُ‬ ‫ـق‬
‫يعتَل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬
‫فمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـن ْ‬
‫سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــفينةُ نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ٍح َ‬
‫بدأ الشاعر بالبكاء على أهل البيت (عليهم السالم)‪ ,‬ثم استعمل الشاعر أسلوب‬
‫الطباق بين ذل َّ‬
‫وعز وبين عزيز وذليل‪ ,‬وفي البيت الثالث استحضر الشاعر مرجعية‬
‫دينية ارتكز فيها على الحديث النبوي الشريف‪ ,‬إذ أراد قول الرسول في أهل البيت‬
‫َه ِل َب ْيتِي ِفي ُك ْم َمثَ ُل َس ِف َين ِة ُنو ٍح‪َ ,‬م ْن َرِكَب َها َن َجا‪َ ,‬و َم ْن‬
‫(عليهم السالم)‪(( :‬أ ََال ِإ َّن َمثَ َل أ ْ‬
‫ك))(‪ .)3‬فجعل الشاعر سبل النجاة التمسك بأهل البيت (عليهم‬ ‫تَ َخلَّ َ‬
‫ف َع ْنهَا َهلَ َ‬
‫السالم) وهم كسفينة نوح (عليه السالم)‪.‬‬

‫الرفاء (ت‪362‬ه) من حديث ِّ‬


‫حب أهل البيت (عليهم السالم)‬ ‫ي َّ‬‫السر ّ‬
‫وأفاد ّ‬
‫(البسيط)‬ ‫ووظفه في نصه يرجو النجاة بهم‪ .‬قال‪:‬‬

‫=يوسف بن محمد القرشي الكنجي الشافعي‪82 :‬؛ كنز العمال في سنن األقوال وألفعال‪:‬‬
‫‪.192 /13‬‬
‫(‪ )1‬ينظر الرسائل األدبية‪ ,‬عمرو بن بحر بن محبوب‪ ,‬أبو عثمان الجاحظ‪.306 :‬‬
‫(‪ )2‬ديوان كشاجم‪.3 :‬‬
‫(‪ )3‬فضائل الصحابة‪287 /2 :‬؛ ينظر أيضا الروض الداني‪ ,‬المعجم الصغير‪ ,‬سليمان بن‬
‫أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي‪ ,‬أبو القاسم الطبراني‪ ,240 /1 :‬المستدرك على‬
‫الصحيحين‪.163 /3 :‬‬
‫)‪)70‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫يرض ـ ــى اإللـ ـ ــه ب ـ ــه عنـ ـ ــا ويرضـ ـ ــينا(‪.)1‬‬ ‫آ ُل النب ـ ـ ـ ـ ــي وج ـ ـ ـ ـ ــدنا ح ـ ـ ـ ـ ــبكم س ـ ـ ـ ـ ــببا؛‬
‫حب أهل البيت نجاة من النار‪ ,‬وأشار السري الرفاء إلى حديث‬
‫أراد الشاعر إن ّ‬
‫الرسول في محبة أهل البيت (عليهم السالم) إذ قال‪(( :‬أما واهلل ال يحب أهل بيتي‬
‫يرد علي الحوض‪ ,‬وال يبغض أهل بيتي عبد‬ ‫عبدا إال أعطاه اهلل َّ‬
‫عز وجل نو ار حتى َ‬
‫إال احتجب اهلل عنه يوم القيامة))(‪ .)2‬وأشار الشاعر إلى داللة خفية في عدم رغبته‬
‫باألوضاع السائدة في عصره موجها انتقاده للسلطة الحاكمة آنذاك‪.‬‬
‫وظف الناشئ الصغير حديث الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) في إظهار‬
‫(الوافر)‬ ‫مناقب أهل البيت (عليهم السالم)‪ .‬قال‪:‬‬
‫ـاب‬
‫وف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أبي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاتهم ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــز َل الكت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫اب‬ ‫بـ ـ ـ ـ ـ ـ ــآل محمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـد ُعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـرف الص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـو ُ‬
‫ـاب(‪.)3‬‬
‫ـين عـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـن لـ ـ ـ ـ ـ ــهُ المتـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫آلدم حـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫َ‬ ‫ـت‬
‫ه ـ ـ ـ ـ ـ ــم الكلم ـ ـ ـ ـ ـ ــات ألس ـ ـ ـ ـ ـ ــماء الح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬
‫أفاد الشاعر من الحديث النبوي واتخذه مرجعا في إظهار داللة النص في مدح‬
‫أهل البيت (عليهم السالم)‪ ,‬فأشار إلى قول الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) لما‬
‫ُسئل عن الكلمات التي تلقاها أدم فتاب اهلل عليه قال‪(( :‬سأله بحق محمد وعلي‬
‫وفاطمة والحسن والحسين إال تبت علي فتاب عليه))(‪ .)4‬وهناك داللة على عزوف‬
‫الشعراء عن مدح الخلفاء العباسيين إلى مدح أهل البيت (عليهم السالم)‪.‬‬
‫وأفاد الصاحب بن عباد من حديث الشفاعة ووظفه في نصه راجيا أن تناله‬
‫شفاعة الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ .‬قال في التوحيد ومدح أهل البيت (عليهم‬
‫(الطويل)‬ ‫السالم)‪:‬‬
‫ـوم القيام ـ ـ ـ ـ ِـة أحم ـ ـ ـ ـ ُـد‬
‫ـفع ف ـ ـ ـ ــي ي ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ليش ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ـاد بهـ ـ ـ ـ ــا آل أحمـ ـ ـ ـ ـ ٍـد‬
‫تـ ـ ـ ـ ــوخى ابـ ـ ـ ـ ــن عبـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ُ‬
‫أحمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد‬
‫(‪ )1‬ديوان السري الرفاء‪.454 :‬‬
‫(‪ )2‬احقاق الحق وازهاق الباطل‪.528 /18 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان الناشئ الصغير‪.23 :‬‬
‫(‪ )4‬مناقب اإلمام علي علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه‪ ,‬ألبن المغازلي‪.115 :‬‬
‫)‪)71‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫ـبق إال المجـ ـ َّـوُد(‪.)1‬‬


‫ـوز السـ ـ َ‬
‫فلـ ــيس يجـ ـ ُ‬ ‫ـي ِ‬
‫أنش ـ ـ ـ ـ ـ ُـد مج ـ ـ ـ ـ ــودا‬ ‫ك ي ـ ـ ـ ـ ــا مك ـ ـ ـ ـ ـ ُّ‬
‫ف ـ ـ ـ ـ ــدون َ‬
‫أشار الشاعر إلى شفاعة الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) بلون من ألوان‬
‫التوسل الصوفي‪ ,‬مشي ار إلى الحديث النبوي الذي يبين فيه شفاعة الرسول للمسلمين‪,‬‬
‫وقد ورد أن الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) ُخّي َر بين الشفاعة وبين أن يدخل‬
‫نصف أمته الجنة فاختار الشفاعة(‪َّ .)2‬‬
‫ونبه الشاعر لتلك المرجعية الدينية آمال أن‬
‫تناله شفاعة الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪.‬‬
‫أفاد أبو عثمان سعيد بن هشام الخالدي (ت‪390‬ه) من الحديث النبوي‬
‫(المتقارب)‬ ‫الشريف في مدح أهل البيت (عليهم السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫ِ (‪)3‬‬ ‫ـانيه حَّب ـ ـ ـ ـ ــي أله ـ ـ ـ ـ ــل ِ‬


‫كس ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫أعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاذ ُل َّ ِ‬
‫الكس ـ ـ ـ ـ ــاء‬ ‫ـاء التُّقَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى‬
‫ُ‬ ‫إن كسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫حب الرسول وأهل بيته (عليهم السالم) من كمال اإليمان‬ ‫إن َّ‬ ‫تعتقد اإلمامية َّ‬
‫والتقوى فضال عن أنه ينجي من عذاب يوم اآلخرة(‪ ,)4‬فعبر الشاعر عن سبب التقى‬
‫والفضل الذي هو فيه إنما جاء بحبه ألهل البيت (عليهم السالم)‪ .‬وأشار الشاعر إلى‬
‫مرجعية حديثية إذ قصد بأهل الكساء (محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين)‬
‫(عليهم السالم)‪ ,‬وأراد الشاعر حديث الكساء ومخلصه‪ ,‬إن الرسول قد جاء بالكساء‬

‫اليماني وادخل تحته علي وفاطمة والحسن والحسين ودعا قائال‪(( :‬اللَّهُ َّم َه ُؤَال ِء أ ْ‬
‫َه ُل‬
‫امتِي‪,‬‬‫َه ُل َب ْيتِي َو َح َّ‬ ‫ط ِه ًيرا‪ ,‬اللَّهُ َّم َه ُؤَال ِء أ ْ‬
‫الر ْج َس َوطَهِّ ْرُه ْم تَ ْ‬ ‫امتِي‪ ,‬فَأَ ْذ ِه ْ‬
‫ب َع ْنهُ ُم ِّ‬ ‫َب ْيتِي َو َح َّ‬

‫(‪ )1‬ديوان الصاحب بن عباد‪.38 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر مسند اإلمام أحمد بن حنبل‪.72/5 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان الخالديين‪ ,‬تحقيق‪ ,‬د‪ .‬سامي الدهان‪.107 :‬‬
‫)‪ )4‬كفاية الطالب في مناقب اإلمام علي علي بن أبي طالب (عليه السالم)‪.26 :‬‬
‫)‪)72‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫ت‪َ :‬وأََنا َم َع ُك ْم َيا‬ ‫ت َ ْأر ِسي ا ْلَب ْي َ‬


‫ت ُق ْل ُ‬ ‫ط ِه ًيرا‪ ,‬قَالَ ْ‬
‫ت‪ :‬فَأ َْد َخ ْل ُ‬ ‫طهِّ ْرُه ْم تَ ْ‬
‫الر ْج َس َو َ‬ ‫فَأَ ْذ ِه ْ‬
‫ب َع ْنهُ ُم ِّ‬
‫َر ُسو َل اللَّ ِه؟ قَا َل‪ :‬إَِّن ِك إَِلى َخ ْي ٍر‪ ,‬إَِّن ِك إِلَى َخ ْي ٍر))(‪.)1‬‬

‫أشار السيد الحميري إلى حديث رسول اهلل (صلى اهلل عليه وآله وسلم) ووظفه‬
‫(الكامل)‬ ‫في إظهار شجاعة اإلمام علي (عليه السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـاء‬
‫قـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدما واتبعهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا النبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي دعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ـار أمامه ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ي ـ ـ ـ ـ ــا اريـ ـ ـ ـ ـ ـةً جبريـ ـ ـ ـ ـ ـ ُل س ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫االالء(‪.)2‬‬
‫َ‬ ‫واهلل ظ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاهر عن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــده‬ ‫اهلل فض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــله به ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ورس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوله‬
‫ضمن الشاعر نصه مرجعية دينية‪ ,‬ووظفها توظيفا دالليا يحقق مرام الشاعر‬
‫ّ‬
‫ومقاصده‪ ,‬فأشار إلى حديث الرسول في علي(عليهما السالم) قال‪(( :‬ما بعثته في‬
‫سرية أو أبرزته لمبارز إال رأيت جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره وملك الموت‬
‫أمامه وسحابة تظلله حتى يعطيه اهلل خير النصر والضفر))(‪ .)3‬وأراد الشاعر إظهار‬
‫شجاعة اإلمام علي (عليه السالم) من ذلك التوظيف‪.‬‬

‫استشهد أحمد بن علوية الكاتب بالحديث النبوي داللة على علم علي (عليه‬
‫(الكامل)‬ ‫السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذا َوأَعلَ َم ُكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم لَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذي التِّ َبيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫ـان‬ ‫محم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد‪ :‬أقض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ُك ُم‬
‫ول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ يق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ُل َّ‬
‫اع ِ‬
‫ان‬ ‫ـق ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـر ِ ِ‬
‫َب ـ ـ ـ ـ ـ ــاب َوثِي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫علمكـ ـ ـ ــم) وأ ِ‬ ‫(إنـ ـ ـ ــي مدينـ ـ ـ ــة ِ‬
‫كن مص ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـر َ‬ ‫َخـ ـ ـ ــي لَهَـ ـ ـ ــا‬ ‫ّ‬

‫(‪ )1‬فضائل الصحابة‪217 /44 :‬؛ ينظر أيضا المعجم الكبير للطبراني‪53 /3 :‬؛ مسند أبي‬
‫يعلي الموصلي‪ ,‬أبو يعلى أحمد بن علي بن المثُنى بن يحيى بن عيسى بن هالل التميمي‪,‬‬
‫الموصلي‪451 /12 :‬؛ تفسير القمي‪.829 /3 :‬‬
‫(‪ )2‬ديوان السيد الحميري‪.57 :‬‬
‫بد‪,‬‬
‫(‪ )3‬السيرة النبوية وأخبار الخلفاء‪ ,‬محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن َم ْع َ‬
‫التميمي‪ ,‬أبو حاتم‪ ,‬الدارمي‪.553 /2 :‬‬
‫)‪)73‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫ـت ال ي ـ ـ ــؤتَى ِم ـ ـ ــن ِ‬ ‫فَ ـ ـ ـ ـ ـأْتوا بيـ ـ ـ ـ ـ َ ِ ِ ِ‬


‫ـان(‪.)1‬‬
‫ط ـــ ِ‬
‫الحي َ‬ ‫فَالبِي ـ ـ ـ ُ ُ‬ ‫َبو َابهَـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ـوت العلـ ـ ـ ـ ــم مـ ـ ـ ـ ــن أ َ‬ ‫ُُ‬
‫أفاد الشاعر من المرجعية الحديثية في الكشف عن مناقب علي (عليه السالم)‪.‬‬
‫فجاءت المرجعية الحديثية كالسراج تضئ عتبات النص‪ .‬فالبيت األول يحلنا إلى قول‬
‫َقضا ُكم َعلِ ّي)) (‪ .)2‬ثم أشار إلى علمه‪ ,‬وأراد‬ ‫الرسول في علي (عليهما السالم)‪(( :‬أ َ‬
‫الشاعر الحديث النبوي الشريف‪(( :‬أََنا َم ِد َينةُ ا ْل ِع ْلِم َو َعِل ٌّي َب ُابهَا فَ َم ْن أ ََر َاد ا ْل ِع ْل َم َف ْلَيأْتِ ِه‬
‫ِم ْن َبابِ ِه))(‪ .)3‬وأراد الشاعر من توظيفه للحديث النبوي الشريف كشف مناقب اإلمام‬
‫علي (عليه السالم) وال سيما أن الشاعر في غرض المدح‪.‬‬

‫كما استشهد السيد الحميري بحديث الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) في‬
‫(الكامل)‬ ‫مدح وبيان فضائل اإلمام علي (عليه السالم)‪ .‬قال‪:‬‬
‫ـاء(‪.)4‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يقض ـ ـ ــي الع ـ ـ ــدات فأنفـ ـ ـ ـ َذ اإليص ـ ـ ـ َ‬
‫َم ـ ـ ــن ذا الّ ـ ـ ــذي اوص ـ ـ ــى إلي ـ ـ ــه محم ـ ـ ــد‬
‫مدح الشاعر عليا بن أبي طالب (عليه السالم)‪ .‬فاستثمر حديث الرسول‬
‫(صلى اهلل عليه وآله وسلم) ووظفه في غرضه إلظهار مناقب الممدوح‪ ,‬فأشار إلى‬
‫((علِ ٌّي ِمِّني‪َ ,‬وأََنا ِم ْنهُ‪َ ,‬وَال‬
‫قول الرسول فيه (عليهما السالم) لما هاجر إلى يثرب‪َ :‬‬
‫ضي َعِّني َد ْينِي إِ َّال أََنا أ َْو َعلِ ٌّي))(‪,)5‬‬
‫ي ْق ِ‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬شعر أحمد بن علوية الكاتب‪.73 :‬‬


‫(‪ )2‬مناقب آل أبي طالب‪ ,‬ابن شهراشوب‪41 /2 :‬؛ المسالك في شرح موطأ مالك‪ ,‬القاضي‬
‫محمد بن عبد اهلل أبو بكر بن العربي المعافري‪.246 /6 :‬‬
‫)‪ )3‬المعجم الكبير‪ ,‬للطبراني‪65 /11 :‬؛ ينظر أيضا المستدرك على الصحيحين‪.137 /3 :‬‬
‫(‪ )4‬ديوان السيد الحميري‪.59 :‬‬
‫(‪ )5‬فضائل الصحابة‪594 /2 :‬؛ ينظر أيضا المعجم الكبير‪ ,‬للطبراني‪16 /4 :‬؛ كنز العمال في‬
‫سنن األفعال واألقوال‪ ,‬عالء الدين علي بن حسام الدين ابن قاضي خان القادري الشاذلي‬
‫الهندي‪249 /7 :‬؛ احقاق الحق وازهاق الباطل‪.77 /17 :‬‬
‫)‪)74‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫اقتبس السيد الحميري أيضا من حديث الرسول(صلى اهلل عليه وآله وسلم) في‬
‫نصه داللة على منزلة الحسن والحسين عند الرسول (عليهم السالم)‪ .‬قال‪( :‬الكامل)‬

‫الغمصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـاء‬ ‫ـي بِرِأف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـة‬
‫النبِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ‬
‫َم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن َذا َح َمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َل َّ‬
‫ـاوَز َ َ‬ ‫ابنيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه حتـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى َجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـاء(‪.)1‬‬ ‫يك ـ ــن ال ـ ــذي قَ ـ ــد َك ـ ــان ِمن ـ ــه َخفَ ـ ـ ِ‬
‫ـان ُه َم ـ ـ ــا َولَ ـ ـ ـ ْـم‬ ‫اكَب ـ ـ ـ ِ‬ ‫م ـ ـ ــن قَ ـ ـ ــا َل نِع ـ ـ ــم الر ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وظف الشاعر المرجعية الحديثية دالليا للكشف عن مناقب الحسن والحسين‬
‫(عليهما السالم) فأشار إلى قول الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) للحسن والحسين‬
‫صلَّى اهللُ َعلَ ْي ِه‬ ‫ِ‬ ‫لما ركبا على ظهره‪ ,‬فقيل له‪(( :‬نِ ْع َم ا ْل َم ِطَّيةُ َم ِطَّيتُ ُك َما‪ .‬فَقَ َ‬
‫ال َر ُسو ُل اهلل َ‬
‫وه َما َخ ْير ِم ْنهُ َما))(‪ .)2‬فجعل الشاعر من المرجعية‬ ‫اك ِ‬
‫بان ُه َما‪َ ,‬وأ َُب ُ‬
‫الر ِ‬
‫وآله َو َسلَّ َم‪َ :‬ونِ ْع َم َّ‬
‫الدينية الحديثية لسانا ناطقا في بيان المكانة السامية ألهل البيت (عليهم السالم)‪.‬‬

‫أفاد السيد الحميري من المرجعية الحديثية في مدح اإلمام علي (عليه السالم)‪.‬‬
‫(الطويل)‬ ‫قال‪:‬‬

‫ُع ـ ــدو لَـ ـ ــهُ َير ِج ـ ـ ْـع ِخـ ـ ــزٍي َوُيضـ ـ ـ َـر ِب(‪.)3‬‬ ‫ب وا ْن ُي ـ ِـرْد‬
‫َمتَ ــى َم ــا ُي ـ ِـرْد مـ ـواله يش ـ َـر ْ‬

‫(‪ )1‬ديوان السيد الحميري‪ 59 :‬ـ ـ ـ ‪.60‬‬


‫(‪ )2‬المعجم الكبير‪ ,‬للطبراني‪.65 /3 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان السيد الحميري‪ .119 :‬للمزيد من االقتباسات الحديثية ينظر ديوان السيد الحميري‪:‬‬
‫‪ 27‬ـ ـ ـ ‪ 201‬ـ ـ ـ ‪ 216‬ـ ـ ـ ‪ 281‬ـ ـ ـ ‪ 333‬ـ ـ ـ ‪341‬؛ شعر أحمد بن علوية الكاتب‪ 70 :‬ـ ـ ـ ‪ 75‬ـ ـ ـ‬
‫‪ 76‬ـ ـ ـ ‪ 77‬ـ ـ ـ ‪ 80‬ـ ـ ـ ‪ 81‬ـ ـ ـ ‪ 82‬ـ ـ ـ ‪ 83‬ـ ـ ـ ‪ 85‬ـ ـ ـ ‪ 86‬ـ ـ ـ ‪ 87‬ـ ـ ـ ‪ 88‬ـ ـ ـ ‪ .89‬ديوان ديك الجن‪:‬‬
‫‪ 54‬ـ ـ ـ ـ ‪ 47‬ـ ـ ـ ـ ‪ 48‬ـ ـ ـ ‪ 51‬ـ ـ ـ ‪ 57‬ـ ـ ـ ـ ‪ 59‬ـ ـ ـ ـ ‪157‬؛ شعر دعبل بن علي الخزاعي‪ 295 :‬ـ ـ ـ‬
‫‪ 296‬ـ ـ ـ ‪ 298‬ـ ـ ـ ‪ 307‬ـ ـ ـ ‪ 346‬ـ ـ ـ ‪ 347‬ـ ـ ـ ‪ 348‬ـ ـ ـ ‪ 354‬ـ ـ ـ ‪361‬؛ أبو علي البصير‪ ,‬حياته‬
‫وشعره‪ ,‬تحقيق الدكتور يونس السامرائي‪282 :‬؛ ديوان الحماني علي بن محمد العلوي‬
‫الكوفي‪ 73 :‬ـ ـ ـ ‪120‬؛ ديوان كشاجم‪ 5 :‬ـ ـ ـ ‪ 337‬ـ ـ ـ ‪344‬؛ ديوان أبي فراس الحمداني‪301 :‬‬
‫ـ ـ ـ ‪ 302‬ـ ـ ـ ‪303‬؛ ديوان الشريف الرضي‪ 95 /1 :‬ـ ـ ـ ‪ 176‬ـ ـ ـ ‪ 177‬ـ ـ ‪412‬؛ ديوان الصاحب‬
‫بن عباد‪ 35 :‬ـ ـ ـ ‪ 34‬ـ ـ ـ ‪ 35‬ـ ـ ـ ‪ 36‬ـ ـ ـ ‪ 44‬ـ ـ ـ ‪ 63‬ـ ـ ـ ‪ 69‬ـ ـ ـ ‪75‬؛ ديوان الصنوبري‪=119 /1 :‬‬
‫= ـ ـ ـ ‪ 453 /2 ,192‬ـ ـ ـ ‪ 454‬ـ ـ ـ ‪ 461‬ـ ـ ـ ‪462‬؛ ديوان مهيار الديلمي‪182 /2 ,299 /1 :‬‬
‫)‪)75‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫أشار الشاعر إلى قول الرسول لعلي (عليهما السالم)‪(( :‬انت وشيعتك تردون‬
‫علي الحوض‬
‫ّ‬ ‫علي الحوض رواة مسرورين مبيضة وجوهكم‪ ,‬وان عدوكم يردون‬ ‫َّ‬
‫ظماء مقمحين))(‪ .)1‬فاستثمر الشاعر المرجعية الحديثية داللة على مدح أهل البيت‬
‫وأتباعهم والتعريض بأعدائهم‪.‬‬

‫نخلص إلى أن الشعر الشيعي في العصر العباسي جعل من المرجعية الحديثية‬


‫ركيزة يتكئ عليها الشاعر في بيان فضائل أهل البيت (عليهم السالم) فضال عن‬
‫حجج ينتقي منها الشاعر ما يتفق وغرضه‪ ,‬فكان الحديث النبوي رافدا من روافد‬
‫الشاعر‪ ,‬ومرجعا ثقافيا يرتوي منه الشاعر في أغراضه المختلفة في بيان فضائل أهل‬
‫البيت (عليهم السالم)‪ ,‬أو هجاء أعدائهم والتعريض بهم‪.‬‬

‫ـ ـ ـ ‪ 183‬ـ ـ ـ ‪ 184‬ـ ـ ـ ‪ 263‬ـ ـ ـ ‪ 16 /3 ,370‬ـ ـ ـ ‪ 112‬ـ ـ ـ ‪ 200 /4 ,115‬؛ ديوان الصوري‪:‬‬


‫‪ 186 /1‬ـ ـ ـ ‪ 187‬ـ ـ ـ ‪68 /2 ,310‬؛ ابن العودي النيلي (ت‪558‬ه) حياته وما تبقى من‬
‫شعره‪ 122 :‬ـ ـ ـ ‪ 123‬ـ ـ ـ ‪ 125‬ـ ـ ـ ‪ 126‬ـ ـ ـ ‪.128‬‬
‫(‪ )1‬المعجم الكبير‪ ,‬للطبراني‪319 /1 :‬؛ ينظر أيضا احقاق الحق وازهاق الباطل‪273 /17 :‬؛‬
‫مناقب آل أبي طالب‪ ,‬البن شهرأشوب‪.185 /2 :‬‬
‫)‪)76‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫وشح الشعراء الشيعة قصائدهم بأقوال وأحاديث أهل البيت (عليهم السالم)؛ لما‬
‫يحويه كالمهم من الفصاحة والبالغة والفخامة فضال عما تتضمنه نصوصهم قداسة‬
‫دينية‪.‬‬

‫كما إن أهل البيت (عليهم السالم) االمتداد الطبيعي للرسول األعظم (صلى اهلل‬
‫عليه وآله وسلم) وهو أفصح العرب لسانا‪ ,‬وأبلغهم خطابا‪ ,‬وأيسرهم منطقا‪ ,‬ال ينطق‬
‫عن الهوى‪ ,‬وأعطيا الحكمة‪ ,‬وجوامع الكلم‪ ,‬فكان كالمه محط أنظار اعجاب األدباء‬
‫العرب القدماء والمحدثين‪.‬‬
‫وال شك في أن عليا (عليه السالم) ربيب رسول اهلل (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‬
‫منذ نعومة أظافره فأخذ عنه العلم‪ ,‬والمنطق‪ ,‬والخلق الرفيع‪ ,‬وهو باب مدينة علمه‪,‬‬
‫وأعلم أصحابه وأقضاهم‪ ,‬فكان ((مشروع الفصاحة وموردها‪ ,‬ومنشأ البالغة ومولدها‪,‬‬
‫ومنه عليه السالم ظهر مكنونها‪ ,‬وعنه أخذت قوانينها‪ ,‬وعلى أمثله حذا كل قائل‬
‫خطيب‪ ,‬وبكالمه استعان كل واعظ بليغ‪ ,‬مع ذلك فقد سبق وقصروا‪ ,‬وتقدم وتأخروا‪,‬‬
‫الن كالمه عليه السالم الكالم الذي عليه مسحة من العلم اإللهي‪ ,‬وفيه عبق من‬
‫الكالم النبوي))(‪ .)1‬وقال محمد عبده في بالغته وفصاحته‪ ,‬إن كالمه (عليه السالم)‬
‫((أشرف الكالم‪ ,‬وأبلغه بعد كالم اهلل تعالى‪ ,‬وكالم نبيه صلى اهلل عليه وآله وسلم‪,‬‬
‫وأغزره‪ ,‬وأرفعه أسلوبا وأجمعه لجالئل المعاني))(‪.)2‬‬
‫وقد وصف اإلمام علي (عليه السالم) في احجام اللسان عن الكالم قال‪(( :‬أال‬
‫وان اللسان بضعة من اإلنسان‪ ,‬فال يسعده القول إذا امتنع‪ ,‬وال يمهله النطق إذا‬
‫(‪)3‬‬
‫يحيلنا‬ ‫أتسع‪ ,‬وانا ألمراء الكالم‪ ,‬وفينا تنشبت عروقه‪ ,‬وعلينا تهدلت غصونه))‬

‫(‪ )1‬نهج البالغة‪ ,‬شرح محمد عبده‪ ,‬تحقيق‪ ,‬فاتن محمد حليل اللبون‪.16 /1 :‬‬
‫(‪ )2‬م ‪ .‬ن‪.9 /1 :‬‬
‫(‪ )3‬شرح نهج البالغة‪ ,‬البن أبي الحديد‪.10 /13 :‬‬
‫)‪)77‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫كالم اإلمام علي (عليه السالم) إلى بالغة أهل البيت (عليهم السالم) وفهمهم‬
‫وفقههم‪ ,‬وقد ضمن الشعراء كالمهم في الشعر‪ ,‬وأفادوا من خطبهم وأحاديثهم‬
‫ورسائلهم‪ ,‬في كشف داللة النص أو إظهار حجة‪ .‬على نحو ما نجده في شعر السيد‬
‫الحميري إذ وظف كالم اإلمام علي (عليه السالم)‪ ,‬وأفاد منه في تجربته الشعرية‪.‬‬
‫(الوافر)‬ ‫قال في مدح اإلمام علي (عليه السالم)‪:‬‬

‫ـاجد ِ‬
‫هلل ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلّى‬ ‫و َّأو ُل سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬ ‫محمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـد َوأبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو بنيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه‬
‫ـي َّ‬ ‫وِ‬
‫صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ات تُهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـدى‬ ‫البـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـدَن ُ‬ ‫َوأوثـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬ ‫بم َّكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةَ والبرّيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةُ أهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُل ِش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـان لَهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َ‬ ‫ـرك‬ ‫َ‬
‫وأول سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاجد هلل صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلى(‪.)1‬‬ ‫وصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي محمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد وأبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو بنيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬
‫أفاد الشاعر من المرجعية الدينية في نصه الشعري‪ ,‬ليكسوه بحجج ودالالت‬
‫تؤيد مذاهبه‪ ,‬وقد أشار إلى فضائله وسابقته في اإلسالم فأشار الشاعر في عجز‬
‫صليت‬
‫ُ‬ ‫البيت الثالث بقول علي (عليه السالم)‪ .‬قال‪(( :‬وال صلَّى القبلتين كصالتي‪,‬‬
‫صبيا ولم أرهق ُحلُما))(‪.)2‬‬

‫نظم منصور النمري (ت‪190‬ه) في رثاء اإلمام الحسين (عليه السالم)‪ ,‬وأفاد‬
‫الشاعر من كالم أهل البيت (عليهم السالم) في الكشف عن المعنى‪ .‬قال‪( :‬الوافر)‬

‫أال ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأبي وأم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن قتي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـل‬ ‫قتيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل مـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا قتي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُل بنـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي زيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـاد‬

‫س ـ ـ ـ ـ ـ ــيلقى م ـ ـ ـ ـ ـ ــا تَلِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬


‫ـف ع ـ ـ ـ ـ ـ ــن قلي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـل‬ ‫ُرويـ ـ ـ ـ ـ َـد ابـ ـ ـ ـ ــن الـ ـ ـ ـ ـ َّـدعي ومـ ـ ـ ـ ــا َّ‬
‫ادعـ ـ ـ ـ ــاه‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬ديوان السيد الحميري‪ 63 :‬ـ ـ ـ ‪.64‬‬


‫(‪ )2‬كتاب سليم بن قيس الهاللي‪831 /2 :‬؛ ينظر أيضا مسند أبي داود الطيالسي‪ ,‬أبو داود‬
‫سليمان بن داود بن الجارود الطيالسي البصرى‪147 /1 :‬؛ مسند اإلمام أحمد بن حنبل‪/2 :‬‬
‫‪377‬؛ كنز العمال في سنن األقوال واألفعال‪124 /13 :‬؛ احقاق الحق وازهاق الباطل‪/17 :‬‬
‫‪.373‬‬
‫)‪)78‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫ـب َد ِخيـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـل(‪.)1‬‬ ‫بأيـ ـ ـ ـ ـ ــدي كـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّـل ِ‬


‫مؤتشـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬ ‫ـفائح والعـ ـ ـ ـ ـوالي‬
‫ـدت ب ـ ـ ـ ــيض الص ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫غــــ ْ‬
‫أمه؛‪ .‬ثم انتقل‬
‫رثى الشاعر اإلمام الحسين (عليه السالم) وتمنى أن يفديه بأبيه و ُّ‬
‫الشاعر إلى التعريض بالقتلة من بني زياد وال سيما والي الكوفة من قبل يزيد ابن‬
‫معاوية‪ ,‬فوصفه بالدعي مرتك از على ثقافية دينية من قول الحسين (عليه السالم) قال‬
‫واصفا والي الكوفة‪(( :‬أال إن الدعي بن الدعي‪ ,‬قد ركز بين اثنتين‪ :‬بين القتلة والذلة‪,‬‬
‫الدنية))(‪.)2‬‬
‫وهيهات منا أخذ َّ‬

‫ومدح ديك الجن أهل البيت (عليهم السالم) فوظف من كالم اإلمام علي (عليه‬
‫(مجزوء الكامل)‬ ‫السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫(‪)3‬‬
‫نحت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫وحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ لَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ُي َ‬
‫َد َد ُ‬ ‫أقام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنوا ِأل َحم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫َو َ‬
‫وافـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى‪ ,‬وذا هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـاد أتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى‬ ‫ِ‬
‫ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنو ِ‬
‫ان ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذا من ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذر‬
‫ـاب وأثبت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ح ُك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم ِ‬
‫الكت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫يهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدي لمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا أوفَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ـيف أو ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتا(‪.)4‬‬ ‫افترق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا بص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ين لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه وم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫فهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو القـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ُ‬
‫اثنى الشاعر على اإلمام علي فاستحضر الصلة الحميمة بينه وبين الرسول‬
‫(عليهما السالم)‪ ,‬فصور الشاعر َّ‬
‫أن عليا صنو الرسول مستضيئا من حديث علي‬
‫(عليه السالم) قال‪(( :‬أنا من رسول اهلل كالصنو من الصنو والذراع من الذراع))(‪.)5‬‬

‫وأفاد الحماني(ت‪301‬ه) من كالم اإلمام علي بن الحسين (عليه السالم) في‬


‫(الطويل)‬ ‫شعره مفتخ ار بنسبه العلوي‪ .‬قال‪:‬‬

‫(‪ )1‬شعر منصور النمري‪ ,‬تحقيق‪ ,‬الطيب العياش‪.126 :‬‬


‫(‪ )2‬مقتل الحسين‪ ,‬الخوارزمي‪ 9 /2 :‬ـ ـ ـ ـ ـ ‪.10‬‬
‫(‪ )3‬الصنو‪ :‬األخ الشقيق واألبن والعم‪.‬‬
‫(‪ )4‬ديوان ديك الجن‪.48 :‬‬
‫(‪ )5‬نهج البالغة‪ ,‬شرح محمد عبده‪.449 /3 :‬‬
‫)‪)79‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫ـابع‬ ‫بِم ـ ـ ـ ـ ـ ــطِّ خ ـ ـ ـ ـ ـ ــدوٍد‪ ,‬وامت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫ـداد أص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫يش ِعصـ ـ ـ ــابة‬
‫فاخرتن ـ ـ ــا مـ ـ ـ ــن قُـ ـ ـ ـر ٍ‬
‫لَق ـ ـ ــد َ‬
‫َ‬
‫امع‬ ‫َعل ـ ـ ــيهم بِم ـ ـ ــا َنه ـ ـ ــوى ن ـ ـ ـ ُ‬
‫ـداء الصـ ـ ـ ـو ِ‬ ‫ـار قَضـ ـ ـ ــى لَنـ ـ ـ ــا‬‫تنازعنـ ـ ـ ــا الفخـ ـ ـ ـ َ‬
‫لمـ ـ ـ ــا َ‬ ‫َف َّ‬
‫ـوت ِفــي كـ ِّـل جـ ِ‬
‫ـامع‬ ‫علــيهم جهيــر الصـ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ـهيد بفض ـ ـ ـ ـ ــلِنا‬‫تَ ارن ـ ـ ـ ـ ــا س ـ ـ ـ ـ ــكوتا‪ ,‬والش ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ـالنجوم الطَّوال ـ ـ ـ ـ ِـع(‪.)1‬‬
‫ِ‬ ‫َونح ـ ـ ـ ـ ُـن َبن ـ ـ ـ ــوهُ ك ـ ـ ـ ـ‬ ‫ـأن رس ـ ــو َل ِ‬
‫اهلل ـ ـ ـ ـ ـ ال ش ـ ــك ـ ـ ـ ـ ـ ج ـ ـ ُّـدنا‬ ‫ب ـ ـ َّ‬
‫افتخر الشاعر على رهطه من قريش‪ ,‬وأراد الشاعر إن افتخرت قريش بالرسول‬
‫(صلى اهلل عليه وآله وسلم) ألنه منهم‪ ,‬ففخره أن الرسول ُّ‬
‫جده‪ ,‬وبهذا النسب الرفيع‬
‫طاول الشاعر اقرانه وقضي الفخار له‪ ,‬ثم استعان بحجة توضح فضله إذ األذان‬
‫يرفع ويصدح باسم الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) خمس مرات في اليوم‪.‬‬
‫فاستعان الشاعر بالمعنى الداللي من كالم اإلمام السجاد (عليه السالم) لما ُسئل‪:‬‬
‫من الغالب؟ بعد عودته من وقعة الطف‪ .‬فقال (عليه السالم)‪(( :‬إذا أردت أن تعلم‬
‫من غلب ودخل وقت الصالة فأذن ثم أقم))(‪.)2‬‬

‫كما وظف كشاجم من كالم اإلمام علي (عليه السالم) في شعره؛ لشرح‬
‫(الخفيف)‬ ‫المقصود والمراد من قوله (عليه السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫ظـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـل للفقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـر البسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا جلبابـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫زعمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا أن َم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن أح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫ـب عليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫فَتَحلَّـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ِمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ِ‬
‫الغَنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى أثوابـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫أحب ـ ـ ـ ـ ـ ــه م ـ ـ ـ ـ ـ ــن فقي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـر‬
‫ك ـ ـ ـ ـ ـ ــذبوا َك ـ ـ ـ ـ ـ ــم َّ‬
‫َ‬
‫الصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوابا‬
‫ـأولوا َّ‬ ‫خ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالفوا إذ ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬ ‫ـى‬
‫ـي بمعن ـ ـ ـ ـ ـ ً‬
‫ـق الوص ـ ـ ـ ـ ـ ِّ‬
‫َح َّرفـ ـ ـ ـ ـ ـوا َمنط ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا إذا ُكنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتُ ُم لَنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا أحبابـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا(‪.)3‬‬ ‫إنمـ ـ ـ ــا قَولـ ـ ـ ــه‪ :‬ارفض ـ ـ ـ ـوا عـ ـ ـ ــنكم َّ‬
‫الدنـ ـ ـ ـ ـ‬

‫(‪ )1‬ديوان الحماني علي بن محمد العلوي الكوفي‪.81 :‬‬


‫(‪ )2‬بحار األنوار الجامعة لدرر أخبار األئمة األطهار‪.177 /45 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان كشاجم‪.36 :‬‬
‫)‪)80‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫((من‬
‫أشار الشاعر إلى كالم اإلمام علي (عليه السالم) لشيعته ومحبيه‪ ,‬قال‪َ :‬‬
‫للفقر جلبابا‪ ,‬أو تجفافا))(‪ .)1‬وأراد الشاعر االختالف‬
‫ِ‬ ‫فلي ُّ‬
‫ستعد‬ ‫ِ‬ ‫أ َّ‬
‫َحبنا أهل البيت؛ َ‬
‫ٍ‬
‫إنسان أحب أهل‬ ‫الحاصل بين الناس في تأويل معنى كالمه‪ ,‬فأشار الشاعر إلى كم‬
‫البيت (عليهم السالم) وتحلى بالغنى؟ وقيل أن من أحب أهل البيت (عليهم السالم)‬
‫فليعزف عن الدنيا ومغرياتها‪ ,‬وقيل إنما أراد بالفقر هو فقر يوم اآلخرة‪ ,‬أي فليعد من‬
‫أحبنا في الدنيا زادا ينفعه من فقره يوم القيامة؛ وليس فقر الدنيا َّ‬
‫ألن هناك من أحبه‬
‫وقد تزَّين بالغنى في الحياة الدنيا‪ .‬وقيل غير ذلك(‪.)2‬‬

‫واستشهد الصاحب بن عباد من كالم اإلمام علي (عليه السالم) في الكشف‬


‫(الرمل)‬ ‫عن زهده وعفته‪ .‬قال في مدحه (عليه السالم)‪:‬‬

‫إن َقلبِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ِعن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـدكم قَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد َوقَفَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬


‫َّ‬ ‫ضـ ـ ـ ـ ـ ــى‬
‫لمرتَ َ‬ ‫َيـ ـ ـ ـ ـ ــا أميـ ـ ـ ـ ـ ــر المـ ـ ـ ـ ـ ــؤمنين ا ُ‬
‫الس ـ ـ ـ ـ ـلَفَا‬ ‫ـيت َّ‬‫ـب‪َ :‬ن َسـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫النصـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫قَـ ـ ـ ـ ــا َل ُذو َّ‬ ‫ـدحي ِفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ُكم‬
‫دت مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫َّ‬
‫كل َمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّد ُ َ‬
‫طلَّـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـق الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـد َنيا ثَ َالثَـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َوَوفَـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى(‪.)3‬‬ ‫َ‬ ‫ـي َز ِ‬
‫اهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد‬ ‫َمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن َك َم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوَالي َعلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍّ‬
‫إظهار الشاعر حبه ألهل البيت (عليه السالم) وكلما مدحهم افترى عليه‬
‫أعداؤهم بسب الصحابة‪ ,‬هكذا في استمرار ودوام‪ .‬ثم وظف الشاعر زهد علي (عليه‬
‫السالم) داللة على عفته وتقواه‪ ,‬استحضر في البيت األخير من مخزونه الثقافي‬
‫إلي‬ ‫ِ‬
‫تعرضت أم َّ‬ ‫أبي‬
‫الديني كالم علي (عليه السالم)‪ (( :‬يا دنيا يا دنيا‪ ,‬إليك عني‪ِّ ,‬‬

‫(‪ )1‬أمالي المرتضى‪ ,‬غرر الفوائد ودرر القالئد‪ ,‬الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي‬
‫العلوي‪.17 /1 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر م ‪ .‬ن‪ 18 /1 :‬ـ ـ ـ ‪.19‬‬
‫(‪ )3‬ديوان الصاحب بن عباد‪ 245 :‬ـ ـ ـ ‪.246‬‬
‫)‪)81‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫ِ‬
‫طلقتك ثالثا ال‬ ‫غري غيري‪ ,‬ال حاجة لي ِ‬
‫فيك‪ ,‬قد‬ ‫ِ‬
‫حينك‪ ,‬هيهات ِّ‬ ‫تشوقت؟ ال حان‬
‫َّ‬
‫رجعة فيها))(‪.)1‬‬

‫كما وظف مهيار الديلمي كالم اإلمام الحسين (عليه السالم) دالليا للكشف عن‬
‫خسارة القوم الذين خرجوا عليه‪ .‬قال راثيا أهل البيت (عليهم السالم)‪( :‬مجزوء الرمل)‬

‫ـالظلم عص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـاك‬ ‫ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫يابن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة الط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاهر ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم تق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫ـف) عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ِ‬
‫اك‬ ‫ليل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة (الط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ـب‬ ‫ـب اهلل لخطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ِ‬
‫َغضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـس حم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـاك(‪.)2‬‬ ‫م رع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى أم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ورع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى الن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َر غ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدا جس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫ِّ‬
‫الطف‬ ‫استذكر الشاعر ما جرى على الحسين بن علي (عليه السالم) في واقعة‬
‫وقد سخط اهلل على أعدائهم وغضب لسوء فعلهم‪ ,‬واستشهد الشاعر بقول اإلمام‬
‫الحسين (عليه السالم) عندما ورد عليه كتاب ابن زياد يتوعده أو يدخل في بيعة يزيد‬
‫بن معاوية‪ ,‬فلم يجب الحسين (عليه السالم) على كتابه وقال‪(( :‬ال أفلح قوم اشتروا‬
‫(‪)3‬‬
‫أو من قوله‪(( :‬اشتد غضب اهلل على اليهود‬ ‫مرضاة المخلوق بسخط الخالق))‬
‫والنصارى إذ جعلوا له ولد‪ ,‬وا َّ‬
‫شتد غضب اهلل على المجوس إذ عبدت الشمس والقمر‬
‫والنار من دونه‪ ,‬وا َّ‬
‫شتد غضب اهلل على قوم اتفقت آراؤهم على قتل ابن بنت‬
‫نبيهم))(‪.)4‬‬

‫كما أفاد ابن العودي النيلي من كالم أهل البيت (عليهم السالم)‪ ,‬إذ استثمر‬
‫كالم اإلمام علي (عليه السالم) ووظفه في شعره زيادة للمعنى ووضوحا للداللة‪ .‬قال‬
‫(الطويل)‬ ‫في أهل البيت (عليهم السالم)‪:‬‬

‫(‪ )1‬بحار األنوار الجامعة لِ ُدرر أخبار األئمة األطهار‪.345 /40 :‬‬
‫(‪ )2‬ديوان مهيار‪.369 /2 :‬‬
‫(‪ )3‬مقتل الحسين‪ :‬الخوارزمي‪.340 /1 :‬‬
‫(‪ )4‬م ‪ .‬ن‪.12 /2 :‬‬
‫)‪)82‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫ـوف م ـ ـ ــنهم المتوس ـ ـ ـ ُـم‬ ‫وك ـ ـ ــان اب ـ ـ ــن ع ـ ـ ـ ٍ‬ ‫وأفض ـ ـوا إلـ ــى الشـ ــورى بهـ ــا بـ ــين سـ ـ ٍ‬
‫ـتة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ـان اهللُ للطه ـ ـ ـ ـ ـ ِـر يعص ـ ـ ـ ـ ـ ُـم‬
‫ـي وك ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫عل ـ ـ ـ ـ ـ ٌّ‬ ‫وم ـ ـ ـ ـ ـ ــا قص ـ ـ ـ ـ ـ ــدوا إال ليقتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َل بي ـ ـ ـ ـ ـ ــنهم‬
‫ـمس المني ـ ـ ـ ـرِة أنجـ ـ ـ ـ ُـم‬
‫وأيـ ـ ـ ـ َـن مـ ـ ـ ــن الشـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ـبع‬
‫ـاس بأضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫واال فليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــث ال يقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫الغـ ــي ِفـ ــيهُ ُم(‪.)1‬‬ ‫ـب ِم ـ ـن ِّ‬
‫وهـ ــل غي ـ ـره طَـ ـ َّ‬ ‫فواعجبـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ــن أيـ ـ ـ ــن كـ ـ ـ ــانوا نظـ ـ ـ ــائرا؟‬
‫صور الشاعر قضية خالفة المسلمين بعد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب‪ ,‬إذ‬
‫(‪)2‬‬
‫من ضمنهم علي بن أبي طالب (عليه السالم)‪ ,‬ثم قال‬ ‫جعلوها في ستة أشخاص‬
‫الشاعر‪ّ :‬أنى يكون لإلمام علي نظير يقاس به من هؤالء؟ ووصفه بالليث بين‬
‫الضباع والشمس بين النجوم‪ ,‬حيثما ظهر بينهم أفلوا‪ ,‬فوظف كالم علي (عليه‬
‫((فصبرت على طول المدة وشدة المحنة‪ ,‬حتى إذا مضى‬
‫ُ‬ ‫السالم) دالليا وأراد قوله‪:‬‬
‫في‬ ‫ٍ‬
‫جماعة َزَع َم ّأني أحدهم فيا هلل وللشورى متى أعترض الريب َّ‬ ‫لسبيله‪ ,‬جعلها في‬
‫وطرت‬
‫ُ‬ ‫أسففت(‪ )3‬إذا اسفُّوا‬
‫ُ‬ ‫لكني‬
‫اقرُن إلى هذه النظائر ّ‬
‫صرت َ‬
‫ُ‬ ‫مع األول منهم حتى‬
‫إذا طاروا))(‪.)4‬‬

‫نظم شهاب الدين أبو الفوارس (حيص بيص) (ت‪574‬ه) في مدح اإلمام علي‬
‫مستعينا من كالم اإلمام علي (عليه السالم) مما يتفق وغرض الشاعر في ذلك‬
‫(الطويل)‬ ‫الشأن‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـرف مغـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـنم‬


‫ـوت أش ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـاء و َّ‬
‫أن المـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫بق ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـاء ُهم‬ ‫ـون الغ ـ ـ ـ َّـر َّ‬
‫أن فن ـ ـ ـ َ‬ ‫ي ـ ـ ــرى المخلص ـ ـ ـ َ‬

‫(‪ )1‬ابن العودي النيلي (‪558‬ه) حياته وما تبقى من شعره‪.124 :‬‬
‫(‪ )2‬وهم علي‪ ,‬وعثمان‪ ,‬وعبد الرحمن‪ ,‬وسعد‪ ,‬والزبير بن العوام‪ ,‬وطلحة بن عبيد اهلل‪ .‬ينظر‬
‫الكامل في التاريخ‪ ,‬علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد‬
‫الشيباني الجزري‪ ,‬عز الدين ابن األثير‪.441/2 :‬‬
‫(‪ )3‬أسف الطائر دنا من األرض‪ ,‬يريد أنه لم يخالفهم في شئ‪ .‬ينظر نهج البالغة‪ :‬شرح محمد‬
‫عبده‪.37/1 :‬‬
‫(‪ )4‬شرح نهج البالغة‪ ,‬البن أبي الحديد‪ ,‬تحقيق‪ ,‬محمد إبراهيم‪.117 /1 :‬‬
‫)‪)83‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫ـزت والبي ـ ـ ــت العتي ـ ـ ــق المح ـ ـ ـ ِ‬


‫ـرم‬ ‫لق ـ ـ ــد ف ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـي ُم ْعلنـ ـ ـ ـ ــا قب ـ ـ ـ ـ ـ َل موتـ ـ ـ ـ ـ ِـه‬ ‫كق ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـول علـ ـ ـ ـ ـ ٍّ‬
‫وأدن ــا ل ــه الم ــأمو َل كف ـ َـر أب ــن ملج ـ ِـم(‪.)1‬‬ ‫فأصـ ـ ـ ـ ـ ــبح مسـ ـ ـ ـ ـ ــعودا بشـ ـ ـ ـ ـ ــقوةَ غي ـ ـ ـ ـ ـ ـره‬
‫أراد الشاعر أن عباد اهلل المخلصين يتوقون إلى لقاء ربهم‪ ,‬ثم في البيت الثاني‬
‫يحيلنا الشاعر إلى مرجعية دينية من قول اإلمام علي (عليه السالم) لما ضرب على‬
‫((فزت ورب الكعبة))(‪.)2‬‬
‫ُ‬ ‫رأسه وهو في المحراب‪ ,‬قال (عليه السالم)‪:‬‬

‫كما أفاد الصاحب بن عباد من كالم أبي عبد اهلل جعفر ابن محمد الصادق في‬
‫(الخفيف)‬ ‫رثاء الحسين (عليه السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫فـ ـ ـ ـ ــي بنيـ ـ ـ ـ ــه ص ـ ـ ـ ـ ـلّوا علـ ـ ـ ـ ــى جبرئيـ ـ ـ ـ ـ ِـل‬ ‫مم ـ ـ ـ ـ ــا ده ـ ـ ـ ـ ــاهُ‬
‫ك ـ ـ ـ ـ ــم بك ـ ـ ـ ـ ــى جبرئيـ ـ ـ ـ ـ ـ ُل َّ‬
‫م إذا ح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان محش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر التع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـديل‬ ‫ـتمس الحكـ ـ ـ ـ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫اء تلـ ـ ـ ُ‬ ‫سـ ـ ــوف تـ ـ ــأتي الزه ـ ـ ـر ُ‬
‫ِ (‪)3‬‬
‫ـام غيـ ـ ـ ـ ــر قليـ ـ ـ ـ ــل ‪.‬‬ ‫حولهـ ـ ـ ـ ــا والخصـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫وأبوه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وبعله ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وبنوه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫استحضر الشاعر األحداث التاريخية في واقعة الطف ووظف في البيت األول‬
‫بكاء جبرئيل على استشهاد الحسين (عليه السالم)‪ ,‬وقد أشار إلى قول أبي عبد اهلل‬
‫الصادق (عليه السالم)‪ :‬أن المالئكة بكت مقتل اإلمام الحسين (عليه السالم)(‪.)4‬‬

‫نخلص مما سبق إن الشعر الشيعي في العصر العباسي قد أفاد من كالم أهل‬
‫البيت (عليهم السالم) ووظفه الشعراء في كشف معنى النص الشعري والذي في‬
‫الغالب سلط الضوء على مناقب أهل البيت (عليهم السالم)‪.‬‬

‫(‪ )1‬ديوان األمير شهاب الدين أبي الفوارس سعد بن محمد بن سعد بن الصيفي التميمي‬
‫المعروف بـ (حيص بيص)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬مكي السيد جاسم‪ ,‬شاكر هادي شكر‪.321 /3 :‬‬
‫(‪ )2‬مقتل اإلمام علي علي بن أبي طالب‪.40 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان الصاحب بن عباد‪.263 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر كامل الزيارات‪ ,‬أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه‪.171 :‬‬
‫)‪)84‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫إن للشيعة اإلمامية عقائدا ومبادئا إسالمية اعتمدوها وآمنوا بها‪ ,‬وانمازت‬
‫عقيدتهم عن الفرق اإلسالمية األخرى في بعض منها كان أهمها‪:‬‬

‫‪ /1‬اإلمامة‪:‬‬

‫إن لفظة اإلمامة أو اإلمام في اللغة (( ُك ُّل م ِن ائتَ َّم بِ ِه قوم َك ُانوا علَى الصِّر ِ‬
‫اط‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وغيره‪َ ,‬وا ْل َج ْمعُ أَئِ َّمة)) (‪.)1‬‬
‫ئيس ِ‬‫اإلمام َما ا ْئتَُّم بِ ِه ِم ْن ر ٍ‬
‫و ُ‬
‫ِ‬ ‫اْل ُم ْستَِق ِيم أَو َك ُانوا ضالِّين‪...‬‬

‫أجمع المسلمون على وجوب اإلمامة‪ ,‬لما تحمله من معاني االنقياد لإلمام‬
‫العادل الذي ُيقام به أحكام اهلل وشرعه‪ ,‬وبما جاء به الرسول الكريم (صلى اهلل عليه‬
‫وآله وسلم)‪ ,‬إال بعض الخوارج فأنهم لم يشترطوا على إقامة اإلمام(‪.)2‬‬

‫تباينت أراء المسلمين فيمن تكون اإلمامة؟ ولم تتفق كلمتهم على اإلمام في كل‬
‫عصر وزمان(‪ ,)3‬فقال قوم إنها ال تكون إال في قريش مستدال بقول الرسول (صلى‬
‫ش َما َب ِقي ِم َن َّ‬
‫الن ِ‬
‫اس اثَْن ِ‬
‫ان قَا َل‪:‬‬ ‫اهلل عليه وآله وسلم)‪َ (( :‬ال َي َاز ُل َه َذا ْاأل َْم ُر ِفي قَُرْي ٍ‬
‫َ‬
‫صَب َع ْي ِه َي ْل ِوي ِه َما َه َك َذا))(‪ .)4‬فيما ذهب الخوارج إلى جواز أن يكون اإلمام‬ ‫ك إِ ْ‬
‫َو َح َّر َ‬
‫قرشيا(‪.)5‬‬
‫عبدا‪ ,‬أو حرا‪ ,‬أو نبطيا‪ ,‬أو َّ‬

‫(‪ )1‬لسان العرب‪.24 /12 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية‪ ,‬عبد القهار بن طاهر بن محمد البغدادي‪32 :‬‬
‫ـ ـ ـ ‪33‬؛ الملل والنحل‪116 /1:‬؛ تلخيص الشافي‪ ,‬ألبي جعفر الطوسي‪65 :‬؛ تاريخ ابن‬
‫خلدون‪ ,‬ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن‬
‫األكبر‪.240:‬‬
‫(‪ )3‬ينظر فرق الشيعة‪.31 :‬‬
‫(‪ )4‬مسند أبي داود الطيالسي‪462 /3 :‬؛ مسند اإلمام أحمد بن حنبل‪.466 /8 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر الملل والنحل‪.116 /1 :‬‬
‫)‪)85‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫إن اإلمامة في المفهوم اإلسالمي تحمل في طياتها الهداية‪ ,‬والرشاد‪ ,‬وجواز‬


‫الرعية على الصراط المستقيم قال ابن خلدون‪ ((:‬فهي في الحقيقة خالفة عن صاحب‬
‫الدنيا به))(‪ ,)1‬لذا اختلف المسلمون في اإلمام الذي‬
‫الدين وسياسة ّ‬
‫ال ّشرع في حراسة ّ‬
‫السنة بالتعيين واالختيار المباشر من الخلق‪,‬‬
‫يحقق هاتيك المهام التي تُنيط به‪ .‬قالت ّ‬
‫اي أن الناس هم من يختارون األصلح ألمور دنياهم ودينهم(‪.)2‬‬
‫أما معتقد الشيعة اإلمامية فقد اتفقُوا على أنه ال بد ِفي كل عصر من إِمام‬
‫اهر وحل اإلشكاالت ِفي الق ْرآن واتفقوا‬
‫معصوم قائم بالحق يرجع إليه في تَأْويل الظو ِ‬

‫على أنه المتصدي لهَ َذا ْاألَمر‪ ,‬واشترطوا على عصمته من السهو والنسيان(‪.)3‬‬
‫واإلمامة عند الشيعة اإلمامية ليست تفويض للبشر قال الشيخ المفيد‬
‫التفضل به على اإلمام كالنبوة))(‪.)4‬‬
‫ّ‬ ‫(ت‪413‬هـ)‪(( :‬إن تكليف اإلمامة في معنى‬
‫وانها لطف من اهلل تعالى فال بد أن يكون في كل عصر إمام يهدي الناس ويرشدهم‬
‫إلى الصالح(‪.)5‬‬
‫يتعين إال بنص عن النبي أو عن إمام معصوم‪ ,‬وهو‬
‫إن اإلمام عند الشيعة ال ّ‬
‫من دعائم اإلسالم لقول رسول اهلل (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪(( :‬من مات ولم‬
‫يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية))(‪ ,)6‬وترى الشيعة أن الرسول (صلى اهلل عليه‬
‫وآله وسلم) قد نص على إمامة علي (عليهما السالم) في حياته إما إشارة أو‬

‫(‪ )1‬ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن‪ :‬األكبر‪.239 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر األربعين في أصول الدين‪ ,‬اإلمام فخر الدين الرازي‪.256 /2:‬‬
‫(‪ )3‬ينظر الشيعة في الميزان‪ ,‬محمد جواد مغنية‪.666 :‬‬
‫(‪ )4‬أوائل المقاالت‪.64 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر عقائد اإلمامية‪ ,‬الشيخ محمد رضا المظفر ‪.64 :‬‬
‫(‪ )6‬الكافي‪ ,‬محمد بن يعقوب الكليني‪.16/2 :‬‬
‫)‪)86‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫تصريحا‪ ,‬ثم نص كل إمام على اإلمام الذي يأتي بعده واألئمة عند الشيعة اثنا عشر‬
‫إماما‪ ,‬أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم محمد ابن الحسن(‪.)1‬‬
‫اشترطت الشيعة اإلمامية في اإلمام أن يكون عالما بأحكام الشريعة من‬
‫العبادات والمعامالت‪ ,‬فال يحتاج إلى غيره في ذلك الغرض واال استغنى عنه‬
‫باألعلم(‪ ,)2‬وأيضا أن يكون معصوما عن الخطأ في االحكام الشرعية‪ ,‬وبعيدا عن‬
‫السهو والنسيان في العبادات واألحكام الشرعية(‪.)3‬‬
‫وتعتقد الشيعة اإلمامية أن من أنكر نبوة أحد األنبياء خرج عن اإلسالم‪ ,‬وال‬
‫ترى ذلك الشرط في من أنكر إمامة أحد األئمة االثني عشر؛((الن إمامتهم ليست‬
‫من ضروريات الدين بل من ضروريات المذهب))(‪.)4‬‬
‫إن الشعر الشيعي استعمل لفظة اإلمامة أو اإلمام كمرجع ديني عقدي ليضفي‬
‫على النص صفات قدسية دينية وأرادوا بها أهل البيت (عليهم السالم)‪ ,‬وأفاد الشعراء‬
‫من تلك األلفاظ‪ .‬نحو قول كشاجم إذ ضمن في شعره (اإلمامة) وقصد بها إقامة‬
‫(المتقارب)‬ ‫العدل‪ ,‬قال في أهل البيت (عليهم السالم)‪:‬‬
‫ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرد األم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــور إل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى األوص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـياء‬ ‫المنبِئـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــون‬
‫ومـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن قبلهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا أمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـر ُ‬
‫ر حت ـ ـ ـ ـ ــى طـ ـ ـ ـ ـ ـواه ال ـ ـ ـ ـ ــردى ف ـ ـ ـ ـ ــي ِ‬
‫رداء‬ ‫ولـ ـ ـ ـ ــم ينشـ ـ ـ ـ ــر القـ ـ ـ ـ ــوم غـ ـ ـ ـ ــل الصـ ـ ـ ـ ــدو‬
‫ـوجهم باسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتو ِ‬
‫اء‬ ‫لقوب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َل معـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬ ‫ول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلَّموا إلم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام اله ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدى‬
‫وسـ ــيف علـ ــى الكفـ ـ ِـر ماضـ ــي الضـ ـ ِ‬
‫ـباء‬ ‫ه ـ ـ ــالل إل ـ ـ ــى الرش ـ ـ ــد ع ـ ـ ــالي الض ـ ـ ــياء‬

‫(‪ )1‬ينظر الملل والنحل‪162 /1 :‬ـ ـ ـ ‪163‬؛ عقائد اإلمامية‪.76 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر تلخيص الشافي‪.252 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر مناهج اليقين في أصول الدين‪.298 :‬‬
‫(‪ )4‬الشيعة في مسارهم التاريخي‪.363 :‬‬
‫)‪)87‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫كمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا يتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدفق ينبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوع مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫ـاء(‪.)1‬‬ ‫وبح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدفق ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالمعجزات‬
‫مرة باألحداث التاريخية‬
‫إن بنية النص ذات داللة عقدية يدافع عنها الشاعر‪ّ ,‬‬
‫وأخرى بذكر مناقب الممدوح لإلفصاح عن أولويته باإلمامة‪ ,‬واستعمل الشاعر‬
‫أسلوب الشرط في إثبات اإلمامة لعلي بن أبي طالب (عليه السالم)‪ ,‬وأراد إن القوم‬
‫لم يسلموا لعلي لذا اقتضى اعوجاجهم‪ ,‬ولو سلموا له اإلمامة لقاموا على االستواء‪.‬‬
‫كما استحضر بديع الزمان الهمذاني اإلمام في شعره وأراد بها اإلمام الحسين‬
‫(مجزوء الكامل)‬ ‫(عليه السالم)‪ ,‬قال‪:‬‬
‫لل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـدين أشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ارطُ القيامـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْة‬ ‫ـت ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬
‫فورب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه قام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬
‫ة ضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــارب بيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد اإلمام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه‬ ‫لمض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرج ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدم النب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو‬
‫ف مجرعهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا منهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ِحمامـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬ ‫متقســ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم يطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأ السـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيو‬
‫من ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه عل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرف الثمام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬ ‫من ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــورود وم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاؤه‬
‫فـ ـ ـ ـ ــوق الـ ـ ـ ـ ــورى نصـ ـ ـ ـ ــب العالمـ ـ ـ ـ ــه(‪.)2‬‬ ‫نصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب ابـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن هنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد أرسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬
‫توجع الشاعر لما حصل ألهل البيت (عليهم السالم) من المحن والظلم‪ ,‬رغم‬
‫ما قدموه للدين اإلسالمي‪ ,‬ونعت الحسين (عليه السالم) بساللة النبوة فدم الحسين‬
‫هو دم رسول اهلل (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ ,‬ثم وظف (اإلمامة) توظيفا دالليا‬
‫وقصد بها اإلمام الحسين‪ ,‬وأراد أن اإلمامة ال بالسلطان أو الحكم بل ما نص عليه‬
‫الرسول إذ قال‪(( :‬الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا))(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬ديوان كشاجم‪ 3 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.4‬‬


‫(‪ )2‬ديوان بديع الزمان‪ 130:‬ـ ـ ـ ‪.131‬‬
‫(‪ )3‬اإلرشاد في معرفة حجج اهلل على العباد‪.30 /2 :‬‬
‫)‪)88‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫‪ /2‬الوصية‪:‬‬

‫جاءت لفظة وصى في قاموس المحيط بمعنى ((أوصاه ووصَّاه تَو ِ‬


‫صَيةً‪َ :‬ع ِه َد‬ ‫ُ ْ‬ ‫ْ ُ‬
‫إليه))(‪ .)1‬وفي االصطالح تعني العهد الذي يكتبه أو يقوله الذي حضرته الوفاة لمن‬
‫يثق بعدله من بعده(‪ ,)2‬وأكد القرآن الكريم على ذلك قال تعالى‪ُ (( :‬ك ِت َب َعلَ ْي ُك ْم إِ َذا‬
‫وف َحقًّا َع َلى‬ ‫ين ِبا ْلمعر ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َح َد ُكم ا ْلم ْو ُ ِ‬
‫ت إ ْن تََر َك َخ ْي ًار ا ْل َوص َّي ُة ل ْل َوال َد ْي ِن َو ْاألَ ْق َرِب َ َ ْ ُ‬ ‫ض َر أ َ ُ َ‬ ‫َح َ‬
‫ين))(‪ .)3‬إذن الوصية في اللغة ال يبتعد معناها عن االصطالح فتدل على العهد‬ ‫ا ْل ُمتَّ ِق َ‬
‫الذي يلقيه من حضرته الوفاة لمن يثق بدينه وايمانه‪ ,‬وغالبا ما تدل على التصرف‬
‫بتركته المادية أو العلمية بعد موته‪ ,‬أو طريقة ومكان دفنه(‪.)4‬‬

‫وان الوصية عند الشيعة قصدوا بها أن النبي أو اإلمام يجب أن يوصي لمن‬
‫بعده‪ ,‬في هداية الناس واألخذ بهم على طريق الهداية والصالح‪ ,‬وال يمكن أغفالها‪,‬‬
‫وقد أوصى الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) إلى علي بن أبي طالب (عليه‬
‫السالم) في غير موطن وموضع‪ ,‬أولها في نأناة اإلسالم عندما بايعه على نفسه في‬
‫حين امتنع اآلخرون‪ ,‬قال الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ِ(( :‬إ َّن ه َذا أ ِ‬
‫َخي‬ ‫َ‬
‫يعوا))(‪ ,)5‬فسخر القوم من أبي طالب؛ أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اس َم ُعوا لَهُ َوأَط ُ‬
‫ِّي َو َخليفَتي في ُك ْم‪ ,‬فَ ْ‬
‫َوَوصي ْ‬

‫(‪ )1‬القاموس المحيط‪ ,‬مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى‪.1343 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر القاموس الجامع للمصطلحات الفقهية‪ ,‬عبد اهلل غني ابراهيم‪.646 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة البقرة‪ :‬اآلية ‪.180‬‬
‫(‪ )4‬ينظر القاموس الجامع للمصطلحات الفقهية‪.645 :‬‬
‫(‪ )5‬التنوير شرح الجامع الصغير‪ ,‬محمد بن إسماعيل بن صالح بن محمد الحسني‪.113 /1 :‬‬
‫)‪)89‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫أمر ابنه عليه(‪ . )1‬وحديث غدير خم ما يدل على ذلك المعنى‪ ,‬إذ اوصى (الرسول‬
‫َّ‬
‫صلى اهلل عليه وآله وسلم) المسلمين بإتباع علي (عليه السالم) والطاعة له(‪.)2‬‬

‫لنبي أن يخفيها عن الخلق‪.‬‬


‫كما إن الوصية من عقائد الشيعة اإلمامية وال يمكن ٍّ‬
‫ولكل نبي وصي من آدم إلى نبينا محمد عليهما السالم‪ ,‬وقد اوصى الرسول (صلى‬
‫سيد‬
‫ووصيي ّ‬
‫ّ‬ ‫سيد النبيين‪,‬‬
‫اهلل عليه وآله وسلم) بعلي بن أبي طالب قال‪(( :‬أنا ّ‬
‫الوصيين‪ ,‬وأوصياؤه سادة األوصياء))(‪.)3‬‬

‫وترى الشيعة أن الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) صرح بالوصية في أكثر‬
‫من حديث منها قوله‪(( :‬لكل نبي وصي ووارث‪ ,‬وان وصيِّي ووارثي علي بن أبي‬
‫طالب))(‪ .)4‬واشترط الشيعة في اإلمام الوصية‪ ,‬أي أن يوصي السابق على اإلمام‬
‫الالحق‪(( ,‬فيقدم الركب فيقول‪ :‬إلى من أوصى فالن؟ فيقال إلى فالن والسالح فينا‬
‫بمنزلة التابوت في بني إسرائيل))(‪.)5‬‬

‫إن األئمة عند الشيعة اثنا عشر إماماً أولهم علي (عليه السالم) وأوصى علي‬
‫البنه الحسن ثم الحسين وتسعة من ولد الحسين إلى آخرهم المهدي المنتظر(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬ينظر معالم التنزيل في تفسير القرآن‪ ,‬تفسير البغوي‪ ,131 /6 :‬مجمع البيان في تفسير‬
‫القرآن‪ 323 /7 :‬ـ ـ ـ ‪.324‬‬
‫(‪ )2‬ينظر الغدير في الكتاب والسنة واألدب‪.28 /1 :‬‬
‫(‪ )3‬من ال يحضره الفقيه‪.132 /4 :‬‬
‫(‪ )4‬المعجم الكبير‪ ,‬للطبراني‪221/6 :‬؛ ينظر أيضا مناقب أمير المؤمنين؛ البن المغازلي‪261:‬؛‬
‫ذخائر العقبى في مناقب ذوى القربى‪ ,‬أحمد بن عبد اهلل الطبري‪.540/1 :‬‬
‫(‪ )5‬الكافي‪.206/1 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر الشيعة في مسارهم التاريخي‪.363:‬‬
‫)‪)90‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫وصرح اإلمام علي (عليه السالم) في غير موطن أنه وصي رسول اهلل محتجا على‬
‫القوم بما خصه به الرسول دون سائر الصحابة(‪.)1‬‬

‫إن وصية الرسول (صلى اهلل عليه واله وسلم) لعلي (عليه السالم) شكلت‬
‫ظاهرة مبرزة في الشعر الشيعي(‪ .)2‬على نحو ما نظمه الخليل ابن احمد‬
‫(الكامل)‬ ‫الفراهيدي(ت‪170‬ه)‪ ,‬كاشفا عن معتقده وما يؤمن به‪ .‬قال‪:‬‬

‫حيي ـ ـ ـ ـ ــا الرس ـ ـ ـ ـ ــالة ب ـ ـ ـ ـ ــين األس ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫ـباب‬ ‫ـي محمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد‬
‫اهللُّ ربـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي والنبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ‬
‫كهـ ـ ـ ــف العلـ ـ ـ ــوم بحكمـ ـ ـ ــة وص ـ ـ ـ ـو ِ‬
‫اب‬ ‫ثـ ـ ــم الوصـ ـ ــي وصـ ـ ــي أحمـ ـ ــد بعـ ـ ــده‬
‫وع ــال ع ــن الخ ــالن واألص ـ ِ‬
‫ـحاب(‪.)3‬‬ ‫فـ ـ ـ ـ ــاق النظيـ ـ ـ ـ ــر وال نظيـ ـ ـ ـ ــر لقـ ـ ـ ـ ــدره‬
‫أشار الخليل إلى قضية عقدية تؤمن بها الشيعة‪ ,‬وأراد أن الرسول قد أوصى‬
‫لعلي بن أبي طالب (عليهما السالم) خليفة من بعده(‪ ,)4‬فوظف الشاعر الوصية‬
‫داللة على تفضيل اإلمام علي (عليه السالم) عن سائر الصحابة‪.‬‬

‫ونظم بديع الزمان الهمذاني في أهل البيت (عليهم السالم) موظفا الوصية من‬
‫(المتقارب)‬ ‫العقيدة اإلمامية وأراد بها اإلمام علي (عليه السالم)‪ ,‬قال‪:‬‬

‫ـرفض م ـ ـ ـ ْـن َج ـ ـ ــانِبي‬


‫فَ ـ ـ ــال يب ـ ـ ــرُح ال ـ ـ ـ ُ‬ ‫الوص ـ ـ ـ ـ ــي‬ ‫ِ‬
‫ـان َرفض ـ ـ ـ ـ ــا والء َ‬
‫وان ك ـ ـ ـ ـ ـ َ‬

‫(‪ )1‬ينظر كتاب سليم بن قيس الهاللي‪.911:‬‬


‫(‪ )2‬ينظر ديوان الصنوبري‪ 461 /2 :‬ـ ـ ـ ‪462‬؛ شعر أحمد بن علوية الكاتب‪80 :‬؛ ديوان‬
‫الصاحب بن عباد‪64 :‬؛ ابن العودي النيلي وما تبقى من شعره‪.125 :‬‬
‫(‪ )3‬الخليل بن أحمد الفراهيدي‪ ,‬ضمن عشرة شعراء مقلون‪ ,‬صنعة‪ ,‬د‪ .‬حاتم صالح الضامن‪:‬‬
‫‪.36‬‬
‫(‪ )4‬ينظر أمالي الصدوق‪89:‬؛ تلخيص الشافي‪56/1:‬ـ ـ ـ ـ ‪57‬؛ حلية األولياء وطبقات‬
‫األصفياء‪.67/1:‬‬
‫)‪)91‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫وهلل م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن عجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب عاجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب(‪.)1‬‬ ‫فللـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه أنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتم وبهتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانكم‬

‫عرض الشاعر بالجهلة الذين يسلقونه بحداد‬


‫وظف الشاعر معتقده توظيفا دالليا ف َّ‬
‫ألسنتهم‪ ,‬ويصفونه بالرافضي؛ ألنه أعتقد بوصية اإلمام علي (عليه السالم)‪ ,‬ثم‬
‫الشاعر ال يعبأ بحديثهم‪ ,‬وانما قال ال يزول ذلك الرفض مني مادام والئي للوصي‪.‬‬

‫وظف المفجع البصري (ت ‪327‬ه) من العقيدة اإلمامية (الوصية) في شعره‬


‫(الخفيف)‬ ‫مادحا اإلمام علي (عليه السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـولجان تُـ ـ ـ ـ ــدحى َد َّ‬


‫حيـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ِ‬ ‫الصـ ـ ـ ـ ـ‬
‫ُكـ ـ ـ ـ ـ َـرةَ َّ‬ ‫ـت‬
‫الص ـ ـ ــخرةَ اإلم ـ ـ ــام فكان ـ ـ ـ ْ‬
‫ف ـ ـ ــاجتلى َّ‬
‫تَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـر َع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــين بِقربه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا إنس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـيا‬ ‫ـيش ثُـ ـ َّـم َع ــادت َكـ ــأن لـ ــم‬ ‫فَ َس ــقى الجـ ـ َ‬
‫ـرحّيا‬‫ـانص مض ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ص ـ ـ ـ ــقَ َر ق ـ ـ ـ ـ ٍ‬ ‫قوس ـ ـ ـ ِـه الق ـ ـ ـ ُّ‬
‫فَأت ـ ـ ــاه ِم ـ ـ ــن ِ‬
‫َهاوي ـ ـ ـ ــا َ‬ ‫ـس َيحكـ ـ ـ ــي‬ ‫ُ‬
‫ـت َرِهبـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ِذ ِّمَّيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِجيل إذ ُكنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫قـ ـ ـ ـ ــائال للَّتـ ـ ـ ـ ــي تَ َّبينـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ـت فـ ـ ـ ـ ــي اإلنـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫ُن ُمطيق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لِقلبِه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َّ‬
‫آدمي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫العيـ ـ ـ ـ‬‫ـخرة الت ـ ــي ال ت ـ ــرى َ‬
‫َّ‬
‫الص ـ ـ َ‬ ‫َّإنه ـ ــا َّ‬
‫أو وصـ ـ ـ َّـيا فـ ـ ــي العلـ ـ ـ ِـم َيقفـ ـ ــو َّ‬
‫الن َّبيـ ـ ــا‬ ‫ـان ِفـ ـ ــي األنـ ـ ــام َنبيـ ـ ــا‬ ‫َغيـ ـ ـ َـر َمـ ـ ــن كـ ـ ـ َ‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫ـف أك ـ ـ ـ ــن ُمسـ ـ ـ ـ ــلما َحنيف ـ ـ ـ ــا تَ َّقي ـ ـ ـ ـ ـا‬ ‫ك اإلمـ ـ ـ ـ ــام فَابسـ ـ ـ ـ ــط لِـ ـ ـ ـ ــي الك ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫َوأ ار َ‬
‫(‪)2‬‬
‫َوق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد كان َه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاديا َمه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫ـديا‬ ‫فه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــداهُ بِمن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة اهلل للح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّ‬
‫ـق‬
‫أفاد المفجع البصري من عقيدة الوصية ووظفها في لحمة المعنى الشعري‬
‫ووضوح داللة النص‪ ,‬وأراد أن وصية اإلمام علي (عليه السالم) عرفتها الديانات‬
‫السابقة‪ ,‬فأشار إلى القس الذي آمن بوصية علي (عليه السالم) لما شاهد من‬
‫كراماته فأشار الشاعر إلى قصة الصخرة التي كشفها اإلمام علي (عليه السالم) فنبع‬

‫(‪ )1‬ديوان بديع الزمان‪.39:‬‬


‫)‪ )2‬شاعر العقيدة المفجع البصري‪ ,‬تحقيق‪ ,‬عبد الرسول الغفار‪ 132 :‬ـ ـ ـ ‪.133‬‬
‫)‪)92‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫من تحته ا الماء في الصحراء فشرب جيشه منها وهم في طريقهم إلى صفين(‪,)1‬‬
‫واتخذ الشاعر من إيمان القس حجة ودليال يؤيد وصية النبي لعلي (عليهما السالم)‪.‬‬

‫‪ /3‬الخالفة‪:‬‬

‫إن من معاني الخالفة في اللغة الرئاسة المطلقة الشاملة(‪ ,)2‬وهذا ال يبتعد عن‬
‫مفهومها االصطالحي‪ ,‬اذ اتفق المسلمون على أن الخليفة من يخلف الرسول (صلى‬
‫اهلل عليه وآله وسلم) في تطبيق األحكام الشرعية وسنة نبيه‪ ,‬لكنهم اختلفوا في السبيل‬
‫إلى تنصيب الخليفة بعد رسول اهلل (صلى اهلل عليه وآله وسلم) فقالت الجماعة‬
‫(‪)3‬‬
‫أي أن‬ ‫بالتعيين واالنتخاب لألصلح من الناس‪ ,‬وذهبت الشيعة اإلمامية بالنص‬
‫الرسول نص على خالفة علي بن أبي طالب (عليهما السالم) وقد صرح بذلك للمأل‬
‫ين))(‪ ,)4‬فلم ِ‬
‫يلب‬ ‫على نحو ما جاء في تفسير قوله تعالى‪َ (( :‬وأ َْن ِذ ْر َع ِش َيرتَ َ‬
‫ك ْاألَ ْق َربِ َ‬
‫دعوته إال عليا‪ ,‬فكان خليفته ووصيه ويقضي ديونه من بعده(‪ .)5‬وغيرها من اآليات‬
‫القرآنية التي ال مجال لذكرها(‪ .)6‬ثم الخالفة من بعده لولديه الحسن والحسين‪ ,‬ثم‬
‫تسعة أئمة من ولد الحسين آخرهم محمد ابن الحسن (المهدي) (عليهم السالم)‬
‫السابق يدل على الالحق(‪.)7‬‬

‫)‪ )1‬ينظر االرشاد في معرفة حجج اهلل على العباد‪ 365 :‬ـ ـ ـ ‪.366‬‬
‫(‪ )2‬ينظر مختار الصحاح‪.95 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر الشيعة في الميزان‪ 812 :‬ـ ـ ـ ‪.814‬‬
‫(‪ )4‬سورة الشعراء‪ :‬اآلية ‪.214‬‬
‫(‪ )5‬ينظر جامع البيان في تأويل القرآن‪410 /19 :‬؛ الكشف والبيان عن تفسير القرآن‪ ,‬أبو‬
‫إسحاق أحمد بن إبراهيم الثعلبي‪182 /7 :‬؛ معالم التنزيل في تفسير القرآن‪.481 /3 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر دالئل الصدق لنهج الحق‪ ,‬الشيخ محمد حسن المظفر‪ .5 /5 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )7‬ينظر كتاب سليم بن قيس الهاللي‪.940 /2 :‬‬
‫)‪)93‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫قال الشيعة بعصمة الخليفة عن الخطأ والزلل‪ ,‬وأن يكون عالما بأحكام الشرع‬
‫فال يحتاج إلى غيره(‪ ,)1‬واستعانوا بالقرآن ما يؤيد مذاهبهم منها قوله تعالى‪(( :‬أَفَ َم ْن‬
‫(‪)2‬‬
‫ون))‬ ‫ف تَ ْح ُك ُم َ‬ ‫َم ْن َال َي ِه ِّدي إِ َّال أ ْ‬
‫َن ُي ْه َدى فَ َما لَ ُك ْم َك ْي َ‬ ‫َن ُيتََّب َع أ َّ‬ ‫َح ُّ‬
‫ق أْ‬ ‫َي ْه ِدي إِلَى ا ْل َح ِّ‬
‫ق أَ‬
‫دليال وحجة يؤيد ما ذهبوا إليه‪.‬‬

‫َّ‬
‫عب ّر شعراء الشيعة عن قضية الخالفة في شعرهم؛ ألثباتها ألهل البيت‬
‫(المتقارب)‬ ‫(عليهم السالم)‪ .‬على نحو ما نجده في شعر الناشئ الصغير قال‪:‬‬

‫ـوم إذ خالفوكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬


‫لق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد كفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر الق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫أال يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا خليفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة خيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــورى‬
‫أب ـ ـ ـ ــوك وق ـ ـ ـ ــد سـ ـ ـ ـ ــمعوا ال ـ ـ ـ ــنص فيكـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫أدل دليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل علـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى أنهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم‬
‫ونكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــثهم بعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدما بايعوكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ِخالفهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم بعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد دع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواهم‬
‫بصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــفين والنهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر إذ صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالتوكا‬ ‫طغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا بالخرب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة واس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتنجدوا‬
‫فمـ ـ ـ ـ ــا بـ ـ ـ ـ ــالهم فـ ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـ ــورى خلَّفوكـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫فأن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت الخليف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة دون األن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام‬
‫وق ـ ــد س ـ ــار ب ـ ــالجيش يبغ ـ ــي تبوك ـ ــا(‪.)3‬‬ ‫والس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيما ح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــين وافيت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬
‫خاطب الشاعر اإلمام علي (عليه السالم) ووصفه بخليفة خير الناس‪ ,‬ثم عرج‬
‫على مبايعة القوم له وأراد غدير خم(‪ ,)4‬ثم في البيت األخير نلمح حجة ودليال عقليا‬
‫يدلو به الشاعر على خالفة علي (عليه السالم) كما تعتقد اإلمامية(‪ ,)5‬وأراد لما خلَّفه‬
‫الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) على أهل بيته وخرج إلى معركة تبوك‪ .‬فوظف‬
‫الشاعر بعض األحداث داللة على خالفة علي (عليه السالم)‪ .‬فضال عن نتائج‬
‫مسبقا ذكرها الشاعر منها (كفر القوم إذ خالفوك) واإلنسان يكفر إذا خرج عن التعاليم‬

‫(‪ )1‬ينظر الشيعة في الميزان‪.666 :‬‬


‫(‪ )2‬سورة يونس‪ :‬اآلية ‪.35‬‬
‫(‪ )3‬ديوان الناشئ الصغير‪ 27 :‬ـ ـ ـ ‪.29‬‬
‫(‪ )4‬ينظر الغدير في الكتاب والسنة واألدب‪.30 /1 :‬‬
‫)‪ )5‬ينظر اإلرشاد في معرفة حجج اهلل على العباد‪ 156 /1 :‬ـ ـ ـ ‪.157‬‬
‫)‪)94‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫الدينية‪ .‬وكما قال‪( :‬قد سمعوا النص فيكا) أي النص القرآني‪ ,‬وكذلك قوله‪( :‬ونكثهم‬
‫بعدما بايعوك) أراد قد حصلت بيعة لإلمام علي (عليه السالم) بالخالفة‪.‬‬

‫ضمن في‬
‫ونظم الناشئ الصغير أيضا في مدح أهل البيت (عليهم السالم) وقد َّ‬
‫(المتقارب)‬ ‫شعره قضية الخالفة‪ .‬قال‪:‬‬
‫عل ـ ـ ـ ــى الك ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـور حين ـ ـ ـ ــا وق ـ ـ ـ ــد عاينوك ـ ـ ـ ــا‬ ‫ـت الخليف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوم انتج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاك‬
‫وأن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫وكـ ـ ـ ـ ـ ــان اإللـ ـ ـ ـ ـ ــه الـ ـ ـ ـ ـ ــذي ينتجيـ ـ ـ ـ ـ ــك(‪.)1‬‬ ‫ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراك نجيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك المسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلمون‬
‫اختلفت مرجعيات الشع ارء في بيان مناقب اإلمام علي(عليه السالم) ومنها‬
‫قضية الخالفة‪ .‬فوظف الشاعر الحجج واألدلة على إثبات الخالفة لعلي (عليه‬
‫السالم) وأراد حديث مناجاة الرسول له (عليهما السالم)(‪.)2‬‬

‫استحضر مهيار الديلمي لمسألة الخالفة وضمنها في شعره‪ ,‬قال في رثاء‬


‫(الطويل)‬ ‫اإلمام علي وابنه الحسين (عليهما السالم)‪:‬‬

‫أبـ ـ ـ ــاحوا لـ ـ ـ ــذاك القـ ـ ـ ــرف ح ّك ـ ـ ـ ـةَ قـ ـ ـ ـ ِ‬


‫ـارف‬ ‫وجـ ـ ـ ــددها (بـ ـ ـ ــالطف) بأبنـ ـ ـ ــك عصـ ـ ـ ــبة‬
‫ك واكـ ـ ـ ِ‬
‫ـف‬ ‫ـبيب ٍ‬
‫دم مـ ـ ــن بـ ـ ــين جنبي ـ ـ ـ َ‬ ‫يع ـ ـ ـ ـ ُّـز عل ـ ـ ـ ــى (محم ـ ـ ـ ــد) ب ـ ـ ـ ــأبن بنت ـ ـ ـ ــه‬
‫صـ ـ ـ ُ‬
‫ِ (‪)3‬‬
‫جوام ـ ــع منـ ـ ــه فـ ـ ــي رقـ ـ ــاب الخالئـ ـ ــف‬ ‫أج ـ ــازوك حقّ ـ ــا ف ـ ــي الخالف ـ ـ ِـة غ ـ ــادروا‬
‫نلحظ في البيت الثالث إشارة إلى فاجعة سبقت واقعة الطف وهي ال تقل أهمية‬
‫من واقعة الطف‪ ,‬وأراد الشاعر إقصاء علي (عليه السالم) من الخالفة بعيد وفاة‬
‫الرسول (عليهما السالم) فكانت المقدمة والتمهيد ألقدام يزيد على دم الحسين (عليه‬
‫السالم)‪.‬‬

‫(‪ )1‬ديوان الناشئ الصغير‪.29:‬‬


‫)‪ )2‬ينظر أسد الغابة في معرفة الصحابة‪ ,‬البن األثير‪.87 / 4 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان مهيار الديلمي‪.261/2 :‬‬
‫)‪)95‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫‪ /4‬الوالية‪:‬‬

‫تُشعر‬ ‫إن المعنى اللغوي للفظة الوالية جاء في لسان العرب‪(( :‬وكأَن ِ‬
‫الوالية‬

‫ِس َ‬
‫يد ْه‪:‬‬ ‫اس ُم ا ْل َو ِالي‪ْ .‬اب ُن‬ ‫ِ‬ ‫ك ِفيها لَم ي ْن َِ‬
‫طل ْق َعلَ ْيه ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫بالتَّ ْدبير والقُدرة والفعل‪َ ,‬و َما لَ ْم َي ْجتَم ْع َذل َ َ ْ َ‬
‫ص َد ُر‪.‬‬‫الواليةُ ا ْل َم ْ‬ ‫ِ‬ ‫الشيء وولي َعلَ ْي ِه ِواليةً ووالي ًة‪ ,‬وِقي َل‪ِ :‬‬
‫الخطة كاإلمارة‪ ,‬و َ‬ ‫الوالية ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫لي‬
‫َو َ‬
‫ووالية‬ ‫علي والية ِ‬ ‫الوالية ُّ‬ ‫الوالية‪ ,‬بِا ْل َك ْس ِر‪ُّ ,‬‬ ‫ِّك ِ‬
‫يت‪ِ :‬‬ ‫ْاب ُن الس ِّ‬
‫النصرة‪ُ .‬يقَا ُل‪ :‬هم َّ َ‬ ‫ان‪ ,‬و َ‬‫الس ْلطَ ُ‬
‫العم‪ ,‬وابن العم‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫‪,‬‬‫الرب‬
‫ّ‬ ‫منها‬ ‫ٍ‬
‫بمعان‬ ‫المولى‬ ‫وتأتي‬ ‫‪.‬‬‫(‪)1‬‬
‫ون ِفي ُّ‬
‫النصرة))‬ ‫ِ‬
‫أَي ُم ْجتَم ُع َ‬
‫وغيرها(‪.)2‬‬

‫تعتقد الشيعة بوالية علي (عليه السالم) خليفة للمسلمين بعد الرسول (صلى اهلل‬
‫عليه وآله وسلم) فاستعانوا باألحاديث النبوية واآليات القرآنية إلثبات ذلك منها قوله‬
‫ون َّ‬
‫الزَكاةَ َو ُه ْم‬ ‫تعالى‪(( :‬إَِّنما ولُِّي ُكم اللَّه ورسولُه والَِّذين آم ُنوا الَِّذ ِ‬
‫َّالةَ َوُي ْؤتُ َ‬
‫ون الص َ‬
‫يم َ‬
‫ين ُيق ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ ُ ََ ُ ُ َ َ َ‬
‫ون))(‪ .)3‬على أنها نزلت بعلي (عليه السالم)(‪ .)4‬و قول الرسول (صلى اهلل عليه‬ ‫ِ‬
‫َراك ُع َ‬
‫وآله وسلم)‪(( :‬من كنت مواله فهذا مواله‪ ,‬ومن كنت وليه فهذا وليه))(‪.)5‬‬

‫والوالية عند الشيعة الطاعة المطلقة لإلمام المعصوم في كل عصر‪ ,‬والتصديق‬


‫باألئمة من قبله(‪ ,)6‬وهي من دعائم الدين؛ ولم تقتصر الوالية على علي (عليه‬

‫(‪ )1‬لسان العرب‪.407 /15 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر الغدير في الكتاب والسنة واألدب‪ ,419 /1 :‬مناقب اإلمام علي‪ ,‬البن المغازلي‪:‬‬
‫‪.377‬‬
‫(‪ )3‬سورة المائدة‪ :‬اآلية ‪.55‬‬
‫(‪ )4‬ينظر الجواهر الحسان في تفسير القرآن‪.396 /2 :‬‬
‫(‪ )5‬الغدير في الكتاب والسنة واألدب‪.25 /1 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر عقائد اإلمامية‪.58 :‬‬
‫)‪)96‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫((بنِي اإلسالم على خمس‬


‫السالم)‪ ,‬بل قالوا باألئمة من بعده قال اإلمام الصادق‪ُ :‬‬
‫دعائم‪ :‬على الصالة‪ ,‬والزكاة‪ ,‬والصوم‪ ,‬والحج‪ ,‬ووالية اإلمام عليواألئمة من ولده‬
‫صلوات اهلل عليهم))(‪.)1‬‬

‫وان المواالة لعلي واألئمة المعصومين من ولده عند الشيعة من موجبات‬


‫اإليمان‪ ,‬فال أيمان لمن ال طاعة له للمعصوم(‪ ,)2‬أما ترك الطاعة فيوجب الكفر إن‬
‫كان ناصب العداء لألئمة (عليهم السالم)‪ ,‬وان لم يكن ناصبا العداء لهم لم يقطع‬
‫بكفره(‪.)3‬‬

‫وقد أخذ شعراء الشيعة لفظة (الوالية) وتمثلوا بها في شعرهم وقصدوا من خلفها‬
‫حق علي (عليه السالم) في خالفة المسلمين بعد رسول اهلل (صلى اهلل عليه وآله‬
‫وسلم)‪ ,‬فاختلفت أساليبهم في التعبير بحسب مرجعياتهم الثقافية‪ ,‬ومن الشعراء الذين‬
‫جسدوا تلك العقيدة مهيار الديلمي‪ .‬قال في أهل البيت (عليهم السالم)‪( :‬المتقارب)‬

‫الم َس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـن ِد‬ ‫(لِ َحي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـد َر) بِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬


‫ـالخَب ِر ُ‬
‫ِ‬
‫َوقَـ ـ ـ ـ ـ ــد َج َع ـ ـ ـ ـ ـ ـ َل األَمـ ـ ـ ـ ـ ـ َـر مـ ـ ـ ـ ـ ــن َبعـ ـ ـ ـ ـ ـ َـدهُ‬
‫جحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـد‬ ‫ـع الحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫ـق لـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم َي َ‬ ‫اتبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫لَـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو َ‬ ‫ـإقر ِار َم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـن‬ ‫ِ‬
‫َو َس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـماهُ ُم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــولَى ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫حسـ ـ ـ ـ ِـد(‪.)4‬‬ ‫ك خي ـ ـ ــر الـ ـ ـ ــورى ُي َ‬ ‫وم ـ ـ ــن ي ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫فملـ ــتم به ـ ــا ـ ـ ـ ـ ـ حسـ ـ َـد الفض ـ ــل ـ ـ ـ ـ ـ عن ـ ــه‬
‫إن الشاعر عرض األحداث التاريخية بصورة موجزة‪ ,‬فوظف قضية الوالية‬
‫دالليا وأراد إنها جاءت بأحاديث مسندة للرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) في علي‬
‫(عليه السالم)‪ ,‬واتخذ أسلوب الحجاج بنية نسقية تمتزج مع النص وتتناغم مع غاية‬

‫(‪ )1‬أمالي الصدوق‪.198 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر الكافي‪.159 /1 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر إرشاد الطالب في شرح المكاسب‪ ,‬المير از جواد التبريزي‪.203 /4 :‬‬
‫(‪ )4‬ديوان مهيار الديلمي‪.182 /2 :‬‬
‫)‪)97‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫الشاعر في إثبات الوالية لعلي ثم يرجع أسباب إصرار القوم في إقصاء علي (عليه‬
‫السالم) عن الوالية؛ حسدا منهم لكثرة مناقبه وسابقته في اإلسالم‪.‬‬

‫استشهد منصور النمري في شعره بوالية اإلمام علي (عليه السالم)‪ ,‬متكئ على‬
‫(السريع)‬ ‫مرجعية عقدية يردفها بالحجج واألدلة‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـي فَتولُّـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا َعلَ ْي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـه‬


‫عل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى عل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍّ‬ ‫أحمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد َوالي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً‬ ‫َّ‬
‫مـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا كـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان ولـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى َ‬
‫ـاألم ُر والتَّـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدبِ ُر ِفيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه إلَ ْيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـه‬
‫فَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬ ‫وجـ ـ ـ ـ ــهَ ِفـ ـ ـ ـ ــي َعس ـ ـ ـ ـ ـ َك ٍر‬
‫ـان إ ْن ِّ‬‫َبـ ـ ـ ـ ــل كـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ديـ ـ ـ ْـه(‪.)1‬‬ ‫َو َّليـ ـ ـ َ‬
‫ـت لـ ـ ـ ْـم ُيتـ ـ ـ َـر ْك ومـ ـ ــا فـ ـ ــي َي ْ‬ ‫إن الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َذي‬ ‫ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـل ِألبِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي القَ ِ‬
‫اس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـم َّ‬
‫استعان الشاعر بقضية الوالية ووظفها دالليا في إثباتها لعلي (عليه السالم)‪,‬‬
‫واستحضر الشاعر الحجج والبراهين فأنشأ بنية داللية منسجمة مع معنى النص‪,‬‬
‫وأراد الشاعر أن الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) لم ِّ‬
‫يول أحدا على علي (عليه‬
‫السالم)‪ ,‬وهذا النص يحيلنا إلى داللة عقدية تؤمن بها الشيعة‪ ,‬إن اإلمام ال يتولى‬
‫عليه أحد(‪ ,)2‬ربما قصد الشاعر من توالهم أسامه بن زيد(‪.)3‬‬

‫وظف ديك الجن العقيدة في شعره فأشار إلى والية أهل البيت (عليهم السالم)‪.‬‬
‫(الرجز)‬ ‫قال‪:‬‬

‫ِ‬
‫ـرش ك ـ ـ ـ ـ ـ ــالقُرطَ ِ‬
‫ين‬ ‫ُهم ـ ـ ـ ـ ـ ــا بِحل ـ ـ ـ ـ ـ ــي َ‬
‫الع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫السـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبطَ ِ‬
‫ين‬ ‫كم ِّ‬ ‫وقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد َحَبـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاني مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـن ُ‬
‫العبـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫اح أصـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫مسـ ـ ـ ـ ـ ِـة األشـ ـ ـ ـ ـ َـب ِ‬ ‫ِ‬ ‫فالحم ـ ـ ـ ـ ـ ُـد ِ‬
‫ـحاب َ‬ ‫ل َخ َ‬ ‫هلل عل ـ ـ ـ ـ ــى م ـ ـ ـ ـ ــا ق ـ ـ ـ ـ ــد َحب ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫َ‬
‫ـان(‪.)4‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يكم ـ ـ ـ ـ ـ ُل اإليمـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ـان فـ ـ ـ ـ ــيهم ُ‬
‫إ ْذ كـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ـان‬
‫أمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫االهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـم َ‬
‫ُهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـم ل َمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن و ُ‬

‫(‪ )1‬شعر منصور النمري‪143 :‬ـ ـ ـ ‪.144‬‬


‫(‪ )2‬ينظر الشيعة في الميزان‪.246 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر المغازي‪ ,‬للواقدي‪.1117 /3 :‬‬
‫(‪ )4‬ديوان ديك الجن‪ 58 :‬ـ ـ ـ ‪.59‬‬
‫)‪)98‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫أشار الشاعر إلى عقيدة الوالية التي تؤمن بها الشيعة في مواالة أهل‬
‫البيت(عليهم السالم)‪ .‬وجعل الشاعر مواالتهم من شروط اإليمان كما تعتقد الشيعة‬
‫بذلك(‪ ,)1‬واستعمل (أصحاب العبا) إشارة إلى (محمد وعلي وفاطمة والحسن‬
‫والحسين)(‪ . )2‬فجعل مودة هؤالء الخمسة من عقيدة يعتمدها الشاعر وأمان يتحصن‬
‫به‪ ,‬ولم يقتصر الوالء عند اإلمامية على أصحاب الكساء فحسب بل األئمة اإلثني‬
‫عشر‪ ,‬والوالء لهم من أصول اإليمان(‪.)3‬‬

‫‪ /5‬العصمة‪:‬‬

‫العصمة في اللغة قال الخليل بن أحمد‪(( :‬أن يعصمك اهلل من الشر‪ ,‬أي‪ :‬يدفع‬
‫عنك‪ ,‬واعتصمت باهلل أي‪ :‬امتنعت به من الشر واستعصمت أي‪ :‬أبيت))(‪ .)4‬وقال‬
‫ابن السكيت (ت‪244‬هـ)‪(( :‬عصمه يعصمه عصماً وعصم ًة إذا منعه‪ ,‬وقد عصمه‬
‫الطعام أي‪ :‬منعه من الجوع))(‪.)5‬‬
‫أما العصمة في االصطالح الفقهي هي((التنزه عن الذنوب والمعاصي صغائرها‬
‫وكبائرها‪ ,‬وعن الخطأ والنسيان‪ ...‬وأن يكون منزها حتى عما ينافي المروءة‪ ,‬كالتبذل‬
‫بين الناس من أكل في الطريق أو ضحك عال‪ ,‬وكل عمل يستهجن فعله عند العرف‬
‫العام))(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬ينظر الكافي‪.134 /1 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر كتاب سليم بن قيس الهاللي‪761 /2 :‬؛ مسند اإلمام أحمد بن حنبل‪.119 /44 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر الشيعة في الميزان‪ 237 :‬ـ ـ ـ ‪ 238‬ـ ـ ـ ‪.239‬‬
‫(‪ )4‬كتاب العين‪.313 /1 :‬‬
‫(‪ )5‬إصالح المنطق‪ ,‬ابن السكيت‪.180 :‬‬
‫(‪ )6‬عقائد اإلمامية‪.41 :‬‬
‫)‪)99‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫اتفق أغلب المسلمين على عصمة األنبياء (عليهم السالم)‪ ,‬واختلفوا في جهة‬
‫العصمة‪ ,‬فقال أهل السنة أنهم معصومون من الكبائر دون الصغائر‪ ,‬ومنهم يرى‬
‫أنهم ال يصدر منهم الزلل إال بترك األفضل(‪ .)1‬أما الشيعة فقالوا بعصمة األنبياء‬
‫(( وأن جميع أنبياء اهلل صلوات اهلل عليهم معصومون من الكبائر قبل النبوة وبعدها‬
‫ومما يستخف فاعله من الصغائر كلها‪ ,‬وأما ما كان من صغير ال يستخف فاعله‬
‫فجائز وقوعه منه قبل النبوة وعلى غير التعمد وممتنع منه بعدها على كل حال ‪...‬‬
‫ِ‬
‫يعص اهلل منذ خلقه اهلل إلى أن‬ ‫وأن النبي محمد (صلى اهلل عليه وآله وسلم) لم‬
‫قبضه‪ ,‬وال تعمد له خالفا وال أذنب ذنبا عال التعمد وال النسيان))(‪.)2‬‬
‫إن عصمة األئمة عن الخطأ والسهو لم يقل بها من الفرق اإلسالمية إال الشيعة‬
‫واإلسماعيلية وهي من دعائم األساس في كيانهم العقدي‪ ,‬وعندهم العصمة لطف من‬
‫اهلل يهبها ألكمل عباده وأفضل خلقه(‪ .)3‬وبما إن اإلمام حافظ للشرع لذا اقتضى فيه‬
‫العصمة(‪ .)4‬بينما أهل السنة ال يقرون بالعصمة ألحد بعد وفاة رسول اهلل (صلى اهلل‬
‫عليه وآله وسلم)‪ .‬وحجتهم أن األنسان يصدر عنه الخير والشر والحق والباطل(‪.)5‬‬
‫إن العصمة عند الشيعة تفضل من اهلل سبحانه وتعالى على األنبياء واألئمة‬
‫(عليهم السالم)‪ ,‬فال يصدر عن النبي واألئمة زلل أو نقص قبل أحوال التكليف‬
‫السن وقبل بلوغ الحلم‪ .‬وهذا أمر تجوزه‬
‫باإلمامة و((حصول الكمال لهم من صغر ّ‬

‫(‪ )1‬ينظر أصول الدين‪ ,‬لجمال الدين أحمد بن محمد بن سعيد الغزنوي الحنفي‪138 :‬ـ ـ ‪.139‬‬
‫(‪ )2‬أوائل المقاالت‪.62 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر حياة اإلمام موسى بن جعفر‪ ,‬باقر القريشي‪.115 /1 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر مناهج اليقين في أصول الدين‪297 :‬ـ ـ ـ ‪.298‬‬
‫(‪ )5‬ينظر العواصم من القواسم‪ ,‬القاضي محمد بن عبد اهلل أبو بكر بن العربي المعافري‬
‫اإلشبيلي المالكي‪.3 :‬‬
‫)‪)100‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫العقول وال تنكره‪ ,‬وليس إلى تكذيب األخبار سبيل‪ ,‬والوجه أن نقطع على كمالهم‬
‫عليهم السالم في العلم والعصمة في أوال النبوة واإلمامة))(‪.)1‬‬
‫ونلحظ في الشعر الشيعي استحضا ار لعصمة األئمة (عليهم السالم) وتنزيههم‬
‫من الزلل والخطأ‪ .‬ونظم الناشئ الصغير مستشهدا بعقيدة العصمة في مدحه ألهل‬
‫(الوافر)‬ ‫البيت (عليهم السالم)‪ .‬قال‪:‬‬
‫قبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــور غ ّشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت اآلفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاق نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ار‬ ‫ببغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـداد وا ْن ُملئ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت قص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ار‬
‫ـام المحتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوي مجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدا وخي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ار‬
‫إم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫يح السـ ــابع المعصـ ــوم موسـ ــى الـ ـ ـ‬ ‫ض ـ ـر ُ‬
‫غش ـ ـ ـ ـ ـ ــي نـ ـ ـ ـ ـ ـ ــور بهجت ـ ـ ـ ـ ـ ــه الحضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ار‬ ‫ُي َّ‬ ‫محم ـ ـ ـ ـ ٍـد ف ـ ـ ـ ــي ظه ـ ـ ـ ــر موس ـ ـ ـ ــى‬ ‫وقب ـ ـ ـ ـ ُـر ّ‬
‫ـور‬
‫الب ُح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َا‬ ‫ِ‬ ‫ان ِم ـ ـ ـ ـ ــن َعل ـ ـ ـ ـ ـ ٍـم َو ُج ـ ـ ـ ـ ــوٍد‬
‫ُه َم ـ ـ ـ ـ ــا بحـ ـ ـ ـ ـ ـر ِ‬
‫اس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتُها ُ‬
‫تَ َج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاوز ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي َنفَ َ‬
‫ور(‪.)2‬‬‫البـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـد َا‬ ‫ِ‬
‫ان ِم ـ ـ ـ ـ ــن ُرش ـ ـ ـ ـ ـ ٍـد َو ُحس ـ ـ ـ ـ ـ ٍـن‬
‫ُه َمـ ـ ـ ـ ــا ب ـ ـ ـ ـ ــدر ِ‬
‫ورُهمـ ـ ـ ـ ـ ــا تَحكـ ـ ـ ـ ـ ــي ُ‬ ‫أََبـ ـ ـ ـ ـ ــى ُن ُ‬
‫مدح الناشئ الصغير اإلمامين (موسى بن جعفر ومحمد بن علي) فأضفى‬
‫عليهما صفة عقدية نلمحها في قوله (ضريح السابع المعصوم( فيقر مسألة العصمة‬
‫لإلمام السابع موسى بن جعفر(عليه السالم)‪ ,‬ونص عليه اإلمام جعفر الصادق(‪,)3‬‬
‫َّ‬
‫الناووسية بأن اإلمام الصادق حيا ولم يموت‪ ,‬أو زعم أخرون بإمامة‬ ‫ال ما قالته‬
‫إسماعيل بن جعفر(‪ ,)4‬فوظف الشاعر العصمة داللة على تنزيه اإلمام موسى بن‬
‫جعفر عن الزلل والخطأ‪.‬‬

‫كما استشهد ابن العودي النيلي بعصمة اإلمام علي (عليه السالم) ووظفها في‬
‫(الطويل)‬ ‫نصه‪ ,‬قال‪:‬‬
‫وأخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر وه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو الس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيد المتق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدم‬ ‫تع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـدوا علي ـ ـ ـ ـ ـ ــه واس ـ ـ ـ ـ ـ ــتبدوا بظلم ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬

‫(‪ )1‬تصحيح اعتقادات اإلمامية‪ ,‬الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان‪.130 :‬‬
‫(‪ )2‬ديوان الناشئ الصغير‪.54 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر الكافي‪.226 /1 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر إعالم الورى بأعالم الهدى‪ ,‬الفضل بن الحسن الطبرسي‪.7 /2 :‬‬
‫)‪)101‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫وقــال‪ :‬اقتل ـوا مــن كــان فــي ذاك يخصــم‬ ‫وقـ ـ ـ ـ ــد زعموهـ ـ ـ ـ ــا فلتـ ـ ـ ـ ــة كـ ـ ـ ـ ــان بـ ـ ـ ـ ــدؤها‬
‫وكـ ـ ـ ــان ابـ ـ ـ ــن عـ ـ ـ ــوف مـ ـ ـ ــنهم المتوسـ ـ ـ ــم‬ ‫وأفض ـ ـوا إلـ ــى الشـ ــورى بهـ ــا بـ ــين سـ ــتة‬
‫علـ ـ ــي وكـ ـ ــان اهلل للطهـ ـ ــر يعصـ ـ ـ ُـم(‪.)1‬‬ ‫وم ـ ـ ـ ـ ـ ــا قص ـ ـ ـ ـ ـ ــدوا ّإال ليقت ـ ـ ـ ـ ـ ــل بي ـ ـ ـ ـ ـ ــنهم‬
‫استحضر الشاعر األحداث التاريخية فأشار إلى إقصاء علي بن أبي طالب‬
‫(عليه السالم) من الخالفة بعد رسول اهلل (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ ,‬مع علمهم‬
‫يخصم وأراد أن اهلل عصم عليا عن‬
‫بفضله وسابقته في اإلسالم‪ .‬ثم أشار إلى العصمة‬
‫الخطأ والزلل‪.‬‬
‫التقية‪:‬‬
‫‪ّ /6‬‬

‫إن التقية في اللغة تعني ستر األمر خوفا أن يناله مكروه من أعدائه واظهار‬
‫اتقيت الشيء‪ ,‬حذرته))(‪.)2‬‬
‫يت و ُ‬‫خالف ما يبطن‪ ,‬و((توقِّ ُ‬

‫التقية عند الشيعة ((كتمان الحق وستر االعتقاد فيه ومكاتمة المخالفين وترك‬
‫مظاهرتهم بما يعقب ضر ار في الدين أو الدنيا‪ ,‬وفرض ذلك إذا علم بالضرورة أو‬
‫قوي بالظن‪ ,‬فمتى لم يعلم ضر ار بإظهار الحق وال قوي في الظن ذلك لم يجب فرض‬
‫التقية))(‪.)3‬‬

‫أن الشيعة ليس الوحيدين الذين استعملوا التقية‪ ,‬إذ قال بها أهل السنه في‬
‫مواضع الخوف والحفاظ على النفس‪ ,‬واستعملوها في دفع الضرر(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬ابن العودي النيلي حياته وما تبقى من شعره‪.124 :‬‬


‫(‪ )2‬لسان العرب‪.402 /15 :‬‬
‫(‪ )3‬تصحيح اعتقادات اإلمامية‪137 :‬؛ ينظر ايضا التقية عند مفكري المسلمين‪ ,‬كاظم حسن‬
‫جاسم الفتالوي‪ 18 :‬ـ ـ ـ ‪.19‬‬
‫(‪ )4‬ينظر تفسير القرآن العظيم‪30 /2 :‬؛ مفاتيح الغيب‪ ,‬التفسير الكبير‪ 193 /8 :‬ـ ـ ـ ‪.194‬‬
‫)‪)102‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫ال شك في أن أتباع أهل البيت (عليهم السالم) قد تعرضوا إلى أنواع البطش‬
‫والتقتيل والتشريد؛ لذلك استعملوا التقية في تعاملهم مع أعداء أهل البيت (عليهم‬
‫السالم) حفاظا على أرواحهم‪ ,‬وقد جوز لهم األئمة ذلك فاإلمام الصادق (عليه‬
‫السالم) قال‪(( :‬التقية من ديني ودين آبائي وال إيمان لمن ال تقية له))(‪ .)1‬وتوسعت‬
‫الشيعة في استعمال التقية فجوزوها في العبادات للحفاظ على النفس(‪ .)2‬وأيضا‬
‫الديانات السابقة استعملت التقية بالمعنى نفسه(‪.)3‬‬

‫لم يسلم شعراء الشيعة في العصر العباسي من خطر الخلفاء العباسيين‬


‫ومنعوا حتى وصف بعض شعرائهم أفعالهم القاسية على‬
‫وحربوا ُ‬
‫وأتباعهم‪ ,‬فطُردوا ُ‬
‫(البسيط)‬ ‫أئمة أهل البيت (عليهم السالم) وأنصارهم قال‪:‬‬

‫الجرائِ ـ ـ ـ ـ ـ ــر إال ُدون َن ـ ـ ـ ـ ـ ــيل ُك ُم(‪.)4‬‬ ‫تِلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬


‫َمــا نــا َل ِمــنهم َبنــو َحــرب َوا ْن َعظُمــت‬
‫ك َ‬
‫استعمل الشعر الشيعي في العصر العباسي التقية بسبب انتشار الخطر‬
‫المحدق بالشعراء‪ ,‬ونلمح ذلك الخوف في شعرهم‪ ,‬والمهدد بحياة الشعراء فعلى نحو‬
‫(المنسرح)‬ ‫ما نلمحه عند كشاجم قال في مدح أهل البيت (عليهم السالم)‪:‬‬

‫عي ـ ـ ـ ـ ـ ــا بِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه ُم َك ِاو ُح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـه(‪.)5‬‬


‫ـزن َي َ‬
‫الح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫َو ُ‬ ‫ـزن ِفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي َم َحَّبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتِ ُكم‬
‫الحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ِ‬
‫أُ َكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ُم ُ‬
‫حل بأهل البيت (عليهم السالم) فال‬ ‫أشار الشاعر إلى كتمان حزنه على ما َّ‬

‫يقر في عجز البيت عن صعوبة األنسان في‬


‫يبوح به‪ .‬وعلى الرغم من أن الشاعر ُّ‬
‫كتمان حزنه‪ ,‬إال أنه مجبر على ذلك؛ حفاظا على روحه ونفسه‪ .‬مستعينا بمرجعية‬

‫(‪ )1‬الكافي‪.135 /2 :‬‬


‫(‪ )2‬وسائل الشيعة ومستدركها‪ ,‬الحر العاملي‪ ,‬والمير از النوري‪.129 /1 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر الكافي‪.133 /2 :‬‬
‫(‪ )4‬ديوان أبي فراس الحمداني‪.302 :‬‬
‫(‪ )5‬ديوان كشاجم‪.101 :‬‬
‫)‪)103‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫عقدية تسمح له بذلك وفحوى البيت يشير إلى تلك العقيدة خوفا من األعداء فضال‬
‫عن إظهار لتعسف السلطة الحاكمة ممثلة بالعصر العباسي‪.‬‬

‫يعد منصور النمري من الشعراء الذين استعملوا التقية في أشعارهم فكان‬


‫الشاعر يظهر والءه للعباسيين ويثلب آل علي‪ ,‬ويخفي حبه ألهل البيت (عليهم‬
‫السالم) وقد أشار لذلك الباحثون قديما وحديثا(‪ ,)1‬وكان ينظم قصائد في مدح هارون‬
‫(السريع)‬ ‫الرشيد الخليفة العباسي وهو يريد اإلمام علي (عليه السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫ين ِم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن أج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـر َو ِم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن بِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍّـر‬


‫َكن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـز ِ‬ ‫ـدى‬ ‫ِ‬
‫ـارون إم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام الهُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫َّ ِ‬
‫إن له ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫يش ْأي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــديِ ِه َّن َم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َيب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـري‬
‫تَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـر ُ‬ ‫يش َم ـ ـ ـ ـ ـ ــا تَب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـري اللََّي ـ ـ ـ ـ ـ ــالِي َوال‬ ‫َي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـر ُ‬
‫ـقر(‪.)2‬‬ ‫صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫تَرِمي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ ِ‬ ‫ـدر َعلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى َرحلِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه‬
‫ك منـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ُمقلَتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َ‬ ‫َك َّأنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َ‬
‫البـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫أراد الشاعر بـ(هارون) اإلمام علي (عليه السالم) لحديث الرسول (صلى اهلل‬
‫عليه وآله وسلم)‪(( :‬أما ترض أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إال أنه ال نبي‬
‫بعدي))(‪ .)3‬كان الشاعر يداهن هارون الرشيد ويتقي خطره ويظهر خالف ما يبطن‪.‬‬
‫وكان منصور النمري يستعمل التقية ويذكر هارون في شعره وكان الخليفة العباسي‬
‫يعتقد يقصده من وجوه شيعته‪ ,‬لكن باطنه ومراده بذلك اإلمام علي (عليه السالم)(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬ينظر الشعر والشعراء‪ 847 /2:‬ـ ـ ـ ‪848‬؛ طبقات الشعراء‪244 :‬؛ األغاني‪ 97 /13 :‬ـ ـ ـ‬
‫الحصري=‬
‫‪98‬؛ زهر اآلداب وثمر األلباب‪ ,‬إبراهيم بن علي بن تميم األنصاري‪ ,‬أبو إسحاق ُ‬
‫=القيرواني‪705 /3 :‬؛ أخبار شعراء الشيعة‪ ,‬للمرزباني‪79 :‬؛ اتجاهات الشعر العربي في‬
‫القرن الثاني الهجري‪343 :‬؛ التشيع وأثره في شعر العصر العباسي األول‪.191 :‬‬
‫(‪ )2‬شعر منصور النمري‪.90 :‬‬
‫(‪ )3‬احقاق الحق وازهاق الباطل‪.151 /21 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر أخبار شعراء الشيعة‪.79 :‬‬
‫)‪)104‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫كما نظم ديك الجن في أهل البيت (عليهم السالم) وقد وظف التقية في شعره‪.‬‬
‫َّ‬
‫المرفل)‬ ‫(الكامل‬ ‫قال‪:‬‬

‫ِ (‪)1‬‬
‫ط ِويـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َعلـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى َ‬
‫الجمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـر‬ ‫َوأبِيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ـت ُمن َ‬ ‫حت َجـ ـ ـ ـ ـ َّـم َب َالبِـ ـ ـ ـ ــل‬
‫الصـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـدر‬ ‫َّ‬ ‫أَصـ ـ ـ ـ ـ َـب ُ‬
‫ِولَ ـ ــئِن َكتَم ـ ـ ُ ِ‬
‫ط ـ ـ ـ ـ َّـل ِفي ـ ـ ـ ـ ِـه َد ِم ـ ـ ـ ــي‬
‫ـدري(‪.)2‬‬ ‫ـت َيض ـ ــيق بِ ـ ــه َ‬
‫صـ ـ ِ‬ ‫وم ـ ـ ـ ــا َ‬ ‫ـت َي َ‬ ‫إن ُبح ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫حبه لإلمام علي (عليه السالم) ومشاعره الجياشة المليئة حزنا‬ ‫أضمر الشاعر َّ‬
‫على ما قاساه اإلمام علي(عليه السالم) من الظلم والحيف واإلقصاء‪ ,‬وكل ذلك‬
‫الحزن يحتفظ به الشاعر في صدره ويصبح ويمسي عليه؛ والسبب الرئيس ليحفظ‬
‫دمه‪ .‬وهو على هذه الحالة بين القتل إن باح به‪ ,‬أو ضيق الصدر إن كتمه واتقى‬
‫أعداءه‪.‬‬

‫واستعمل دعبل التقية في شعره قال في أهل البيت (عليهم السالم)‪( :‬الطويل)‬

‫ـق َغيـ ـ ــر م ـ ـ ـ َّـو ِ‬


‫ات(‪.)4‬‬ ‫ِّ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫الح‬ ‫َعنِيـ ـ ـ ٍـد ِألهـ ـ ـ ِ‬
‫ـل‬ ‫(‪)3‬‬ ‫وأَكـ ـ ـ ـ ــتُم حِّبـ ـ ـ ـ ــيكم مخافَـ ـ ـ ـ ــة َك ِ‬
‫اش ـ ـ ـ ـ ـ ٍح‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬
‫في البيت داللة على توظيف الشاعر للتقية كمرجعية دينية عقدية يخفي‬
‫بوساطتها الشاعر حَّبه ألهل البيت (عليهم السالم) ليتجنب كل ٍ‬
‫عدو حاقد يريد أن‬
‫يشي به‪.‬‬

‫أفاد السوسي (ت‪370‬ه)‪ .‬في مدحه ألهل البيت (عليهم السالم) من مسألة‬
‫(البسيط)‬ ‫التقية‪ ,‬ووظفها في نصه‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـي َغ ـ ـ َـدا ُخ ـ ــوف َوال َو َجـ ـ ـ ُل(‪.)1‬‬


‫فَ َم ـ ــا َعل ـ ـ َّ‬ ‫ـت ِف ـ ـ ــي َه ـ ـ ـ ِـذه ال ـ ـ ـ ُّـد َنيا بِ ُح ـ ـ ــبِّهُ ُم‬
‫إن ُخف ـ ـ ـ ُ‬

‫َّدر‪ .‬ينظر كتاب العين‪.320 /8 :‬‬


‫(‪ )1‬البلبلة‪َ :‬و ْسواس الهُ ُموم في الص ْ‬
‫(‪ )2‬ديوان ديك الجن‪.49 :‬‬
‫(‪ )3‬حبيكم‪ :‬أي حبَّكم‪ .‬الكاشح‪ :‬العدو‪ .‬ينظر كتاب العين‪.57 /3 :‬‬
‫(‪ )4‬شعر دعبل بن علي الخزاعي‪.85 :‬‬
‫)‪)105‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫بدأ الشاعر بجملة شرطية وقد صرح بالخطر المحيط به من األعداء بسبب‬
‫حبه ألهل البيت (عليهم السالم)‪ .‬أشار الشاعر في نصه إلى الخطر المحدق‬
‫بالشعراء مما يشي إلى استعمال الشاعر التقية دفعا للخطر المحدق به‪.‬‬

‫إن القار للشعر الشيعي يلمح إشارات أو تلميحات أو تصريحات واضحة‬


‫بالتقية‪ ,‬وتلك اإلشارات مبثوثة في طيات الشعر الشيعي‪ ,‬ووظفها الشعراء في‬
‫نصوصهم للداللة على الخوف والخطر الذي كان يحيط بالشعراء في العصر‬
‫والعباسي(‪.)2‬‬

‫‪ /7‬المهدي المنتظر‪:‬‬

‫إن فكرة المهدي المنتظر ليس اإلسالم أول من ابتكرها‪ ,‬فقد تبنتها الديانات‬
‫السابقة كالمسيحية واليهودية فضال عن الديانات الوضعية التي دعت إلى المنقذ‬
‫(‪)4‬‬
‫إال أنهم اختلفوا فيه‬ ‫والمخلص(‪ .)3‬اتفق أغلب المسلمين على وجود اإلمام المنتظر‬

‫(‪ )1‬ديوان محمد بن عبد العزيز السوسي‪.105 :‬‬


‫(‪ )2‬للمزيد من استعمال التقية ينظر ديوان السيد الحميري‪375 :‬؛ شعر منصور َّ‬
‫النمري ‪119 :‬‬
‫ـ ـ ـ ‪ 136‬؛ شعر دعبل بن علي الخزاعي‪ 85 :‬ـ ـ ـ ‪ 309‬ـ ـ ـ ‪ 309‬ـ ـ ـ ـ‪310‬؛ محمد بن وهيب‬
‫الحميري‪ ,‬تحقيق‪ ,‬الدكتور يونس أحمد السامرائي‪ 93 :‬ـ ـ ـ ‪94‬؛ ديوان الصاحب بن عباد‪:‬‬
‫‪ 122‬ـ ـ ـ ‪ 123‬ـ ـ ـ ‪ 181‬ـ ـ ـ ‪.182‬‬
‫(‪ )3‬ينظر اإلمام المهدي أمل األمة‪ ,‬للسيد شبيب مهدي الخرسان‪.29 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر مسند اإلمام أحمد ابن حنبل‪ ,209 /17 :‬المعجم الكبير‪ ,‬للطبراني‪ ,134 /10 :‬سنن‬
‫أبي داود‪ ,‬أبو داود سليمان بن األشعث بن إسحاق األزدي الس ِ‬
‫ِّج ْستاني‪.107 /4 :‬‬
‫)‪)106‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫فبعضهم يرى أنه من ولد الحسن(‪ ,)1‬والشيعة تقول أنه من ولد الحسين أبناء علي بن‬
‫أبي طالب (عليهم السالم)(‪.)2‬‬

‫إن االمام المهدي المنتظر عند الشيعة محمد ابن الحسن ولد في سامراء سنة‬
‫(‪255‬ه)(‪ .)3‬اختلف الرواة في اسم أمه واألرجح هي السيدة نرجس الرومية(‪.)4‬‬
‫وقضى خمس سنوات مع والده‪ ,‬وللمهدي عند الشيعة غيبتان‪ :‬الصغرى والكبرى‪,‬‬
‫تستمر الصغرة منذ مولده إلى انقطاع السفراء األربعة وفيها تصل أخباره إلى شيعته‪,‬‬
‫وتستمر الكبرى بعد وفاة السفراء إلى أن يقوم بالسيف(‪.)5‬‬

‫احتوى الشعر الشيعي على ظاهرة عقدية (المهدي المنتظر) ووظفها الشعراء‬
‫في نصوصهم‪ ,‬وال تخلو معانيهم من انتظار الفرج واقامة الحق‪ ,‬ودحض الباطل‪,‬‬
‫ونشر العدل‪ .‬على نحو ما نجده في شعر السيد الحميري عند عدوله عن مذهب‬
‫(الطويل)‬ ‫الكيسانية مستحض ار لغيبة اإلمام المنتظر‪ ,‬قال‪:‬‬

‫وم ــذنِ ِب‬ ‫ـر م ـ ْـن ُمطي ـ ٍـع ُ‬ ‫ق طُ ـ َّا‬ ‫الخلـ ـ ِ‬


‫عل ــى َ‬ ‫ك ُح َّجـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫قولَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ِ‬
‫وأُش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ُد َربـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أن ْ‬
‫تَطلُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعُ َنفس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي نح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـوه بتَطَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـر ِب‬ ‫ـي األمـ ـ ـ ـ ـ ِـر والقـ ـ ـ ـ ــائِ َم الـ ـ ـ ـ ــذي‬ ‫بـ ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫ـأن َولـ ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلّى علي ـ ـ ـ ـ ـ ــه اهلل م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـن متَ َغِّي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـب‬ ‫ُ‬ ‫فَ َ‬ ‫أن َي ِغ َيبهـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ِ‬
‫لـ ـ ـ ـ ــهُ غيبـ ـ ـ ـ ــة البـ ـ ـ ـ ـ َّـد مـ ـ ـ ـ ـ ْـن ْ‬
‫ق ومغ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـرب‬ ‫ـيمألُ ع ـ ـ ـ ــدالً ك ـ ـ ـ ـ َّـل ش ـ ـ ـ ــر ٍ‬ ‫فَيمكـ ـ ـ ـ ـ ُ ِ‬
‫فَ ـ ـ ـ ـ ْ‬ ‫ـث حينـ ـ ـ ـ ــا ثـ ـ ـ ـ ــم يظهـ ـ ـ ـ ـ ُـر َح ُينـ ـ ـ ـ ــهُ‬ ‫ْ‬
‫ـت فيـ ـ ـ ِـه بِمعتَـ ـ ـ ِ‬
‫ـب(‪.)6‬‬ ‫ـت وا ْن عوتبـ ـ ـ ُ‬
‫ولسـ ـ ـ ُ‬ ‫ـر وجهـ ـ ـ ـ ـرةً‬ ‫ك أدي ـ ـ ـ ـ ُـن ث ـ ـ ـ ــم اهلل ِس ـ ـ ـ ـ َّا‬
‫بِ ـ ـ ـ ــذا َ‬

‫(‪ )1‬ينظر كتاب الفتن‪ ,‬أبو عبد اهلل نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث المروزي‪358 /1 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر كتاب الغيبة‪ ,‬لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي‪ 115 :‬ـ ـ ‪.116‬‬
‫(‪ )3‬ينظر الشيعة في الميزان‪.519 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر سيرة األئمة االثني عشر‪ ,‬الشيخ محمد حسن آل ياسين‪ 262 /3 :‬ـ ـ ـ ‪263‬؛ روضة‬
‫الواعظين‪.571 /1 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر كتاب الغيبة‪ 76 :‬ـ ـ ‪ 77‬ـ ـ ـ ‪.280‬‬
‫(‪ )6‬ديوان السيد الحميري‪.49 :‬‬
‫)‪)107‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫استحضر الشاعر بعض الحجج واألدلة ليكسب النص طابعا دالليا عقديا‪,‬‬
‫فالشاعر يؤمن بظهور القائم اإلمام (المهدي)‪ ,‬ثم يفصل القول فيجعل له غيبة البد‬
‫من الظهور بعدها فيمأل األرض عدال وقسطا من الشرق إلى الغرب‪ ,‬فوظف الشاعر‬
‫ما تعتقده الشيعة اإلمامية باإلمام محمد ابن الحسن(‪ ,)1‬وهذا المعتقد قد قال به‬
‫الشاعر بعد اعتقاده وتحوله من الكيسانية إلى اإلمامية(‪.)2‬‬

‫واستحضر دعبل بن علي الخزاعي قضية المهدي المنتظر الذي يقيم العدل‬
‫(الطويل)‬ ‫ويميز بين الحق والباطل‪ ,‬قال‪:‬‬

‫ـار منقبض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـات‬ ‫أكفَّ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ع ـ ـ ـ ـ ـ ــن األوت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫إذا وتـ ـ ـ ـ ـ ـ ــروا مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـدوا إلـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى واتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـري ِه ُم‬
‫تقطَّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع قلب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي إث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرهم حسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ِ‬
‫ات‬ ‫ـوم أو غـ ـ ٍـد‬ ‫فل ـ ـوال الـ ــذي أرجـ ــوه فـ ــي اليـ ـ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ـات‬ ‫يقـ ـ ـ ـ ـ ــوم علـ ـ ـ ـ ـ ــى اسـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـم ِ‬
‫اهلل والبركـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ُخ ـ ـ ـ ـ ـ ــرو ُج إم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـام ال َمحالـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةَ خ ـ ـ ـ ـ ـ ــارج‬
‫ُ‬
‫ِ (‪)3‬‬ ‫ِ‬
‫النقمـ ـ ــات ‪.‬‬ ‫ويجـ ـ ــزى علـ ـ ــى النعمـ ـ ــاء و َّ‬ ‫يميـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـز فينـ ـ ـ ـ ـ ــا كـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـل حـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍّ‬
‫ـق وباطـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـل‬
‫يحيلنا النص الشعري إلى مرجعية عقدية‪ ,‬فالشاعر اعتقد بظهور إمام يقوم‬
‫على شرع اهلل سبحانه وتعالى‪ ,‬ويطبق قوانين السماء في األرض‪ ,‬فضال عن قدرته‬
‫للتمييز بين الحق والباطل ثم يجزي بالثواب والعقاب‪ ,‬وقد قصد الشاعر إمام الشيعة‬
‫الذي يمأل األرض عدال وقسطا‪ .‬فبنية النص وداللته تشير إلى ما تقول الشيعة به‪,‬‬
‫واإلمام المنتظر عندهم محمد ابن الحسن ابن علي ابن محمد ابن علي ابن موسى‬
‫ابن جعفر ابن محمد ابن علي ابن الحسين ابن علي بن أبي طالب (عليهم‬
‫السالم)(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬ينظر كتاب الغيبة ‪ 101 :‬ـ ـ ـ ‪.102‬‬


‫(‪ )2‬ينظر ديوان السيد الحميري‪.48 :‬‬
‫(‪ )3‬شعر دعبل بن علي الخزاعي‪ 86 :‬ـ ـ ـ ‪.87‬‬
‫(‪ )4‬ينظر الشيعة في الميزان‪.519 :‬‬
‫)‪)108‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫أفاد ابن الرومي من قضية المهدي المنتظر في شعره‪ ,‬بما يخدم تجربته‬
‫(الطويل)‬ ‫الشعرية‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـدهر لونـ ـ ـ ــان أخـ ـ ـ ــرُج‬


‫تـ ـ ـ ــدوم لك ـ ـ ـ ـم‪ ,‬والـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫غ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــررتم إذا ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـدقتُ ُم أن حالـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةَ‬
‫ـولج‬
‫ـبح فــي الليــل مـ ُ‬ ‫سيســمو لكــم‪ ,‬والصـ ُ‬ ‫لع ـ ــل له ـ ــم ف ـ ــي ُمنط ـ ـ ِـوي الغي ـ ــب ث ـ ــائ ار‬ ‫ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫ـزمج‬
‫ـوش‪ ,‬وه ـ ـ ُ‬ ‫ل ـ ــه زج ـ ــل ينف ـ ــي الوح ـ ـ َ‬ ‫بمج ـ ـ ــر تض ـ ـ ــيق األرض م ـ ـ ــن زف ارت ـ ـ ــه‬
‫(‪)2‬‬
‫ـج‬ ‫يع َّ‬ ‫ِ‬ ‫ـيم باألبص ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫حمـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫الم َّ‬
‫هن ُ‬ ‫ارق ال يسـ ـ ـ ـ ـ ــتَط ُ‬
‫ب ـ ـ ـ ـ ـ ـو َ‬ ‫بيض ـ ـ ـ ــهُ‬
‫ـرق ُ‬
‫ـار أب ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫إذا ش ـ ـ ـ ـ َ‬
‫(‪)3‬‬
‫ـج‬
‫وخيـ ـ ـ ـ ــل كإرس ـ ـ ـ ـ ــال الجـ ـ ـ ـ ـ ـراد وأَوثَـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫يؤي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــده ركن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان ثَْبت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان‪َ :‬رجلُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ‬
‫(‪)4‬‬
‫فيعـ ـ ـ ـ ـ ـ َـن ُج‬ ‫ِ‬
‫ـي ُ‬
‫بأمثالهـ ـ ـ ـ ـ ــا ُيثنـ ـ ـ ـ ـ ــى األبـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ‬ ‫ـالليوث بس ـ ـ ـ ـ ـ ــالةً‬ ‫عليهـ ـ ـ ـ ـ ــا رج ـ ـ ـ ـ ـ ــال ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫(‪)5‬‬
‫ـج‬
‫ود ْملُ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫لخ ـ ـ ـ ـ ــال علي ـ ـ ـ ـ ــه ُ‬ ‫هنال ـ ـ ـ ـ ــك َخ َ‬ ‫ـالحهُ‬
‫ـود الـ ـ ـ ـ ـ ــذي القـ ـ ـ ـ ـ ــوه أن س ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫يـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ‬
‫وهلل أوس آخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرون وخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزرُج‬ ‫دين ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬
‫ـار َ‬
‫ك ث ـ ـ ـ ـ ـ ــأر اهلل أنص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫في ـ ـ ـ ـ ـ ــدر ُ‬
‫(‪)6‬‬
‫ـدج‬
‫تمامـ ـ ــا‪ ,‬ومـ ـ ــا كـ ـ ــل الحوامـ ـ ــل تخـ ـ ـ ُ‬ ‫ـاءه‬ ‫ويقضـ ـ ــي إمـ ـ ــام الح ـ ـ ـ ِ‬
‫ق فـ ـ ــيكم قضـ ـ ـ َ‬
‫ـودج(‪.)7‬‬
‫ـيهن ه ـ ُ‬‫ـرب عل ـ َّ‬ ‫ـائن لَ ـ ْـم يض ـ ْ‬‫ظع ـ ُ‬ ‫الس ـ ـ ــبي بع ـ ـ ــد إقام ـ ـ ـ ٍـة‬
‫ـوف َّ‬
‫وتض ـ ـ ــعُ خ ـ ـ ـ َ‬
‫وظف الشاعر العقيدة في نصه وأشار إلى ما تعتقده الشيعة اإلمامية بالمهدي‬
‫عرج على قيام المهدي المنتظر وظهوره فوصف الحياة االجتماعية في‬
‫المنتظر‪ ,‬ثم َّ‬
‫عصره من إقامة الحق في الرعية‪ ,‬ودحض الباطل‪ ,‬ونشر األمان حتى المرأة تسير‬
‫من غير محرم فال تخاف من السبي‪ ,‬وال تلد الحامل إال ذكو ار خالين من العيوب‬

‫(‪ )1‬مجر‪ :‬جيش عظيم‪ ,‬الزجل‪ :‬الرعد‪ ,‬هزمج‪ :‬اختالط األصوات‪.‬‬


‫(‪ )2‬محمج‪ :‬غائر العينين‪.‬‬
‫(‪ )3‬اوثج‪ :‬اكثف‪.‬‬
‫(‪ )4‬يعنج‪ :‬يجذب‪.‬‬
‫(‪ )5‬الدملج‪ :‬المعضد‪.‬‬
‫(‪ )6‬تخدج‪ :‬تلد ولدا ناقصا‬
‫(‪ )7‬ديوان ابن الرومي‪.308 /1 :‬‬
‫)‪)109‬‬
‫الفصل األول‬
‫المرجعية الدينية‬

‫والعاهات‪ ,‬فاستحضر الشاعر األخبار عن قيام دولة المنتظر وأفاد منها دالليا على‬
‫ما تعتقده اإلمامية بمحمد ابن الحسن (عج)(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬ينظر كتاب الغيبة‪.280 :‬‬


‫)‪)110‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المرجعية‬
‫األدبية‪.‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫توطئة‬

‫يسعى الشعراء إلى استحضار التراث األدبي في نصوصهم إليضاح الداللة‬


‫وبيان المعنى و((تزداد أدبية النص كلما ازدادت قدرته على إنتاج الداللة‬
‫الضمنية))(‪ .)1‬فاالستشهاد بالنصوص السابقة تحيل القار إلى نص آخر وتعمل‬
‫الفكر عند المتلقي في الربط بين القديم والحديث فضال عن كشف التقليد والتجديد‬
‫ومن ثم تسعى إلى تحقيق المتعة لدى القار أو السامع‪.‬‬

‫اوصى ابن طباطبا (ت‪322‬هـ) الشعراء ـ ـ ـ وقد حاول أن يجد حال لمشكلة‬
‫الشعراء في عصره ـ ـ ـ التزود بالثقافات العامة التي تجعل إدراكه أكثر عمقا ٍ‬
‫خال من‬
‫ظ ِمه‪,‬‬ ‫ام ِه وت َكلُّف َن ْ‬ ‫إعدادها قَْب َل مر ِ‬
‫ََ‬ ‫َُ‬ ‫يجب‬
‫ُ‬ ‫وللشعر أدوات‬‫النقص والتقصير‪ .‬قال‪ِّ (( :‬‬

‫يما َي ْنظمهُ‪,‬‬ ‫اته لم ي ْكم ْل لَه ما يتَ َكلُّفه ِم ْنه‪ ,‬وبان َ ِ‬


‫ت عَل ْي ِه أداة من أدو ِ‬
‫الخلَ ُل ف َ‬ ‫َ ُ ُ َ َ ُ ُ َ َ‬ ‫صْ َ‬ ‫فَ َم ْن َنقَ َ‬
‫كل ِجهَ ٍة‪ .‬فَ ِم ْنهَا‪ :‬التََّوسُّعُ ِفي ِع ْلم اللُّغة‪ ,‬والبراعةُ ِفي فَ ْهم‬
‫ب من ِّ‬ ‫العيو ُ‬
‫ِ‬
‫ولحقَتْهُ ُ‬
‫ومَن ِاقبهم َو َمثَالبِ ِه ْم‪,‬‬ ‫ِ‬ ‫بأيام َّ‬
‫الناس و ْأن َسابهم َ‬
‫ِ‬
‫اآلداب‪ ,‬والمعرفةُ َّ‬ ‫عراب‪ ,‬والروايةُ لفُُن ِ‬
‫ون‬ ‫ِ‬
‫اإل َ‬
‫ف ِفي معانِيه ِفي ِّ‬
‫كل َف ِّن‬ ‫ََ‬ ‫الع َرب في تاسيس ال ّش ْعر‪ ,‬والتَّ َ‬
‫ص ُّر ُ‬ ‫الوقوف على َم َذاهب َ‬
‫ُ‬ ‫و‬
‫قاَلَتْه العرب ِف ِ‬
‫يه))(‪.)2‬‬ ‫ََ ُ‬

‫حدد النقاد القدماء الثقافة الخاصة للشعراء‪ ,‬والمرجع الذي يستمد الشاعر منه‬
‫فكره‪ ,‬وأكدوا على ضرورة األخذ من الشعر القديم وحفظ الحسن والجيد منه كما نوهوا‬
‫عن تجنب االقتداء بالسيء(‪ ,)3‬ال شك في أن الحفظ الواسع للشعر القديم الجيد‪,‬‬
‫يشكل ضرورة في تكوين ثقافة الشاعر ويمكنه من ِّفنه ومادته وصوال إلى اإلبداع‪,‬‬

‫(‪ )1‬النقد الثقافي قراءة في األنساق الثقافية العربية‪ ,‬عبد اهلل الغذامي‪.71 :‬‬
‫(‪ )2‬عيار الشعر‪.6 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر م ‪ .‬ن‪.14 :‬‬
‫)‪)112‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫وقيل ‪ِ (( :‬في َذِلك إِلَى َما ُي ْح َكى َعن َخالد بن عبد اهلل القَ ْسر ِّ‬
‫ي فَِإَّنهُ قَا َل‪َ :‬حفَّ َ‬
‫ظني أبي‬

‫فتناسيتُهَا‪َ ,‬فلم أ ُِرْد َب ْع ُد َش ْيئا من ا ْل َك َالم إالّ َسهُ َل َّ‬


‫علي‪,‬‬ ‫ْ‬ ‫تناسهَا‪,‬‬ ‫طب ٍة َّ‬
‫ثم قَا َل لي‪َ :‬‬ ‫ف ُخ َ‬
‫أ ْل َ‬
‫َّ‬
‫ومادةً‬ ‫ياضةً لفَ ْه ِم ِه‪ ,‬وتَ ْهذيباً لطَ ْب ِع ِه وتلقيماً لذهنِ ِه‪,‬‬
‫الخطَب ر َ‬ ‫ان ِح ْفظُهُ لتِْلك ُ‬
‫فَ َك َ‬
‫طابته))(‪.)1‬‬ ‫وخ َ‬ ‫ته ولَس ِ‬
‫نه َ‬ ‫لبالغ ِ‬ ‫وسبَباً‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫لفصاحته‪َ ,‬‬
‫َ‬
‫إن الحفظ والرواية لشعر السابقين يؤثر في نمو الموهبة وتطورها‪ ,‬وينعكس سلبا‬
‫ٍ‬
‫كاف ما لم يصحبه معرفة بأخبار العرب‬ ‫وايجابا بكثرة الحفظ وقلته‪ ,‬وهذا غير‬
‫وأيامهم‪ ,‬وأن يتأثر طبعه بطباعهم‪ ,‬وال يخفى عليه أثارهم ومعاني ضرب أمثالهم(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬عيار الشعر‪ 14 :‬ـ ـ ـ ‪.15‬‬


‫(‪ )2‬ينظر العمدة في محاسن الشعر وآدابه‪.197 /1 :‬‬
‫)‪)113‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫إن رواية الشعر تسهم في اتساع المخزون الثقافي للشاعر‪ ,‬وقد أفاد الشعراء‬
‫في العصر الجاهلي ممن سبقهم فكان لكل شاعر رٍاو يروي عنه ويلزمه حتى ينبغ‬
‫ويطلق لسانه ويشق طريقة خاصة به‪ ,‬فكان الحطيئة راوية لزهير بن أبي سلمى‪,‬‬
‫وزهير راوية ألوس بن حجر‪ .‬وكان كثير يروي عن جميل‪ ,‬وروى جميل عن هدبه‬
‫بن خشرم‪ ,‬وروى هدبه بن خشرم عن بشر بن حازم (‪.)1‬‬

‫ال شك إن استحضار التراث األدبي في نص من النصوص يعكس ثقافة‬


‫الشاعر وسعة اطالعه فضال عن ((إنها تفصح في الوقت نفسه عن مشرب األديب‬
‫واتجاهه النفسي وتكوينه األدبي وقوامه الثقافي‪ ,‬وذلك حينما أمامنا شخصية األديب‬
‫الذي يستوحيه غالبا ليصاحبه في تياره ويسير معه في فلكه))(‪ .)2‬ويتكئ شع ارء‬
‫العصر العباسي على شعر العصور السابقة منها‪:‬‬

‫‪ /1‬شعر ما قبل اإلسالم‪:‬‬

‫بي‪ ,‬وانموذجا وقدوة‬


‫يعد شعر ما قبل اإلسالم الركيزة األساسية للشعر العر ِ‬
‫وي ْقفُون أثره‪ ,‬وينسجون على‬
‫يحتذى حذوه شعراء العصور الالحقة‪ ,‬ويحاكونه َ‬
‫منواله(‪ ,)3‬وأن هذا ((العصر ُيعد اللبنة األساسية في بناء العملية الشعرية ‪ ...‬وكان‬
‫المحرك األساسي في عملية اإلبداع‪ ,‬لغنى هذا العصر من اإلبداع الشعري المقعَّد‬
‫على أصول أصبحت فيما بعد أساسا ومعيا ار لعملية اإلبداع والتفوق األدبي))(‪.)4‬‬
‫جعل النقاد ام أر القيس على رأس الشعراء الذين أبدعوا فنون القصيدة العربية من‬

‫(‪ )1‬ينظر منهاج البلغاء وسراج األدباء‪ ,‬حازم بن محمد بن حسن‪ ,‬ابن حازم القرطاجني‪.27 :‬‬
‫(‪ )2‬ثقافة المتنبي‪ ,‬فاروق حسان‪.127 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر معلقة امر القيس في دراسات القدماء والمحدثين‪ ,‬الدكتور ضياء غني العبودي‪.11 :‬‬
‫(‪ )4‬التناص في شعر المتنبي‪ ,‬إبراهيم عقلة جوخان‪.46 :‬‬
‫)‪)114‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫حيث مطلع القصيدة والوقوف على الطلل‪ ,‬والبكاء‪ ,‬واستعطاف الصحب‪ ,‬فحذا‬
‫الشعراء حذوه وساروا على نهجه(‪.)1‬‬

‫إن شعراء العصر العباسي كانوا واسعي االطالع والحفظ حتى اشترط بعض‬
‫النقاد القدماء في الشاعر الفحل روايته للشعر(‪ .)2‬كذلك ما روي عن أبي نواس (ت‬
‫(‪)3‬‬
‫أنه قال‪(( :‬ما ظنكم برجل لم يقل الشعر حتى روى دواوين ستين امرأة‬ ‫‪195‬ه)‬
‫من العرب منهن الخنساء وليلى فما ظنكم بالرجال؟))(‪ .)4‬وهذا القول يدلنا على سعة‬
‫المخزون الثقافي ألبي نواس وشعراء عصره‪.‬‬

‫إن شعراء الشيعة في العصر العباسي كان بعضهم رٍاو للحديث واألخبار على‬
‫(‪)5‬‬
‫عن بعض الشيوخ‬ ‫نحو ما نقرأه عن دعبل بن علي الخزاعي إذ كان راوية للحديث‬
‫منهم‪(( :‬مالك بن أنس‪ ,‬وسفيان الثوري‪ ,‬وشعبة بن الحجاج‪ ,‬وأبو عبداهلل محمد بن‬
‫(‪)6‬‬
‫أما السيد الحميري فكان يصل‬ ‫عمر الوافدي‪ ,‬وأبو سعيد سالم بن نوح البصري))‬
‫األعمش سلمان بن مهران راوية الحديث في الكوفة‪ ,‬فينقل األحاديث نظما ال سيما‬
‫مناقب علي بن أبي طالب (عليه السالم)(‪ .)7‬وما تأليفهم لبعض الكتب األدبية‬
‫واالختيارات الشعرية إال دليال على سعة اطالعهم على نحو ما ذكر عن دعبل بن‬

‫(‪ )1‬ينظر الشعر والشعراء‪.128 /1 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر العمدة في محاسن الشعر وآدابه‪.197/1 :‬‬
‫نواس‪ ,‬شرح‪ ,‬علي العسيلي‪.5 :‬‬
‫(‪ )3‬اختلف في سنة وفاته‪ .‬ينظر ديوان أبي َّ‬
‫(‪ )4‬طبقات الشعراء‪.194 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر المؤتلف والمختلف‪ ,‬لعلي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود الدارقطني‪:‬‬
‫‪.1108/2‬‬
‫(‪ )6‬ينظر تاريخ دمشق‪ ,‬علي بن الحسن بن هبة اهلل ابن عساكر‪ 245 /17 :‬ـ ـ ـ ‪.246‬‬
‫(‪ )7‬ينظر األغاني‪196 /7 :‬؛ أخبار السيد الحميري‪ ,‬للمرزباني‪ 49 :‬ـ ـ ـ ‪.50‬‬
‫)‪)115‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫علي الخزاعي(‪ .)1‬وروى منصور النمري عن كلثوم بن عمرو العتابي وتتلمذ على يده‬
‫حتى نبغ اسمه فقربه الرشيد بوساطة الفضل بن يحيى(‪.)2‬‬

‫اتخذ شعراء الشيعة ـ ـ ـ في العصر العباسي ـ ـ ـ من التراث الشعري لعصر ما قبل‬


‫اإلسالم المادة األساسية للنسج على منوالها‪ ,‬فاستحضروه في تجاربهم الشعرية‪,‬‬
‫وأفادوا منه في إغناء نصوصهم‪ .‬كالوقوف على الطلل الذي يمثل رم از دالليا على‬
‫مقصد‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫الرحيل والظعن وقد قال بعضهم‪(( :‬سمعت بعض أهل األدب يذكر ّ‬
‫الربع‪,‬‬
‫الدمن واآلثار‪ ,‬فبكى وشكا‪ ,‬وخاطب ّ‬
‫القصيد ّإنما ابتدأ فيها بذكر الديار و ّ‬
‫واستوقف الرفيق‪ ,‬ليجعل ذلك سببا لذكر أهلها الظاعنين عنها))(‪ .)3‬استلهم شعراء‬
‫الشيعة هيكل القصيدة الجاهلية ووظفوه دالليا ليكشفوا عن المعنى والغرض نفسه‬
‫على الرغم من االختالف في التجربتين‪ ,‬على نحو ما نظمه دعبل بن علي الخزاعي‬
‫(الطويل)‬ ‫(ت‪246‬ه) قال في مدح أهل البيت (عليهم السالم) وبكاء مقاتلهم‪:‬‬

‫النطق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـات‬ ‫نوائ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُح ُعجـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـم اللَّ ْفـ ـ ـ ـ ـ ــظ و َّ‬ ‫ـان وال ًـزف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ِ‬
‫ات‬ ‫اوب ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـن بـاإلرن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫تَـجـَ َ‬
‫ـاض وآخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ِ‬
‫آت‬ ‫ـوى م ـ ـ ـ ـ ٍ‬ ‫ـفاس ع ـ ــن سـ ـ ـ ِّـر أنـف ـ ـ ـ ٍ‬ ‫ُيخب ـ ــِّْرَن باألنـ ـ ـ ِ‬
‫َ‬ ‫ـارى هـ ـ ـ ـ ـ ً‬ ‫أسـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ـس‬
‫ِ (‪)4‬‬
‫ـالفجر ُمنهَ ِزمـَـ ــات‬ ‫ـفوف الـ ـ ُّـدجى بـ ـ ِ‬ ‫صـ ـ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ـت‬
‫أسعـف ـ ـ َـن حتـ ــى تقوض ـ ـ ـ ـ ْ‬
‫ـدن أو َ‬
‫فأسع ـ ـ َ‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬ينظر الفهرست‪197 :‬؛ فهرست اسماء مصنفي الشيعة المشتهر برجال النجاشي‪ ,‬الشيخ أبو‬
‫العباس أحمد بن علي بن أحمد ابن العباس النجاشي األزدي‪.158 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر األغاني‪.97 /13 :‬‬
‫(‪ )3‬الشعر والشعراء‪.75/1 :‬‬
‫(‪ )4‬شعر دعبل بن علي الخزاعي‪.292 :‬‬
‫)‪)116‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫بدأ دعبل قصيدته بمقدمة طللية اشتملت على البكاء بصيغة الجمع لقوله‬
‫(أسارى هوى) يمثل هذا البكاء العشق المحمدي للماضين والتالين(‪ .)1‬ثم يبين سبب‬
‫البكاء في البيت الرابع إذ قال‪:‬‬

‫صب عـلى العرص ـ ِ‬


‫ـات‬ ‫ٍّ‬ ‫الم َش ٍج‬ ‫ـات الخالِيـ ِ‬
‫علــى العرصـ ِ‬
‫َ‬ ‫َس ُ‬ ‫ـات مــن المه ــا‬ ‫َ َ‬
‫فبكاء الشاعر المشحون بالحزن واألسى الذي يعم أغلب أبيات القصيدة تمثل‬
‫(‪)2‬‬
‫وهم محمد وأهل بيته (عليهم السالم)‪ .‬استحضر‬ ‫على الديار الخالية من األحبة‬
‫الشاعر الموروث األدبي في هيكل القصيدة الجاهلية كالوقوف على الرسوم الدارسة‪,‬‬
‫وبكاء األحبة‪ .‬ونلحظ ذلك في شعر ما قبل اإلسالم على نحو ما نظم امرؤ القيس‪.‬‬
‫(الطويل)‬ ‫قال‪:‬‬

‫حوم ـ ـ ِـل(‪.)3‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬


‫ـب ومن ـ ـ ِ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫بسـ ــقط اللـ ــوى بـ ــين الـ ـ ّـدخول فَ َ‬
‫ـزل‬ ‫قف ـ ــا نب ـ ــك م ـ ـ ْـن ذك ـ ــرى َحبي ـ ـ َ‬
‫أفاد دعبل من تجربة امر القيس في ِ‬
‫فقد األحبة‪ ,‬وح اررة الحزن‪ ,‬فنسج على‬
‫منواله لما أصابه برحيل أهل البيت (عليهم السالم) فبكى ديارهم‪ ,‬إال أن هناك فرق‬
‫بين التجربتين فدعبل يبكي األحبة بصيغة الجمع أما أمرؤ القيس فيخاطب المثنى‬
‫لقوله (قفا)‪ .‬ودعبل يبكي أهل البيت (عليهم السالم) وهم األحبة في قصيدته‪ ,‬في‬
‫حين نجد أم أر القيس يبكي محبوبته‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر تائية دعبل الخزاعي (ت‪246‬ه) قراءة في البناء الفني واإلسناد الصرفي للضمائر‪ ,‬أ‪.‬‬
‫د‪ .‬حربي نعيم الشبلي‪.8 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر التناص في شعر دعبل بن علي الخزاعي (‪ 148‬ـ ـ ـ ‪ 246‬ه) دراسة تحليلية‪ ,‬خالد‬
‫حمد لفته‪.50 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان امر القيس‪ ,‬تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم‪.8 :‬‬
‫)‪)117‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫مبرزة في الشعر العربي وال شك في أن‬


‫يشكل البكاء رم از واضحا وظاهرة َّ‬
‫البكاء تنفيس للنفس وراحة للروح وتعبير عن االنفعاالت(‪ .)1‬والشعر الشيعي يحفل‬
‫بثيمة البكاء ليعبر عن حاالت انفعال الشعراء‪ ,‬فضال عن أن الشعر الشيعي يحفل‬
‫بظاهرة الحزن والمآسي ويفيض لوعة (‪)2‬؛ لما جرى على أهل البيت (عليهم السالم)‬
‫مر العصور‪ ,‬فكان البكاء في شعرهم ال يختلف عنه في‬
‫من الحيف والظلم على ِّ‬
‫الشعر الجاهلي وان كان هناك ثمة فروقات من حيث الغرض والموضوع‪ .‬فاستلهم‬
‫الشعراء الشيعة التراث األدبي للتعبير عن تجربتهم واإلفادة من تجارب شعراء العصر‬
‫جارها كثير من الشعراء في‬
‫الجاهلي‪ ,‬وكانت الخنساء في البكاء على أخيها مثاال ا‬
‫ذلك وهذا ما نلمحه في شعر الشريف المرتضى‪ .‬قال في رثاء اإلمام الحسين (عليه‬
‫(البسيط)‬ ‫السالم) وبعض أصحابه‪:‬‬

‫ـادت وان لــم أقـ ْـل‪ :‬يــا أدمعــي جــودي(‪.)4‬‬


‫جـ ْ‬
‫(‪)3‬‬
‫فل ـ ــي دم ـ ــوع تب ـ ــاري القط ـ ـ َـر واكف ـ ــة‬
‫ألم به‪,‬‬
‫إن إكر َام العين بالدموع يدل على ألم الشاعر أو شدة الوجد الذي َّ‬
‫فالشريف المرتضى في بيته يبكي الحسين (عليه السالم) وما َّ‬
‫أحل به وأهل بيته في‬
‫كربالء‪ ,‬ودموع الشاعر تسابق قطرات المطر منهمرة من غير أن يأمرها أو يخاطبها‬
‫داللة على عظم الرزية التي حلّت بالشاعر‪ .‬وهذا يشبه قول الخنساء في رثاء أخيها‪.‬‬
‫(البسيط)‬ ‫قالت‪:‬‬

‫ِ (‪)5‬‬
‫م ِ‬
‫ثقوب(‪.)1‬‬ ‫ٍ‬
‫كلؤلؤ جا َل في األسماط‬ ‫مع من ـ ِـك مسـ ـ ُك ِ‬
‫وب‬ ‫ي ــا َع ـ ِ‬
‫ـين ج ــودي ب ـ َـد ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬ينظر دالالت البكاء وموضوعاته في الشعر األموي‪ ,‬أ‪ .‬د‪ .‬بدران عبد الحسين البياتي‪.1 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر التشيع وأثره في العصر العباسي األول‪.155 :‬‬
‫(‪ )3‬واكفة‪ :‬سال دمعها‪.‬‬
‫(‪ )4‬ديوان الشريف المرتضى‪.404 /1 :‬‬
‫(‪ )5‬السمط‪ :‬الخيط ما دام به الخرز‪ .‬ينظر لسان العرب‪.322 /7 :‬‬
‫)‪)118‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫أفاد السيد الحميري في بعض أشعاره ممن سبقه من شعراء عصر ما قبل‬
‫اإلسالم‪ ,‬ووظف بعض معانيهم وألفاظهم في نصه‪ ,‬واتخذهم مرجعا أدبيا يستعين به‬
‫في إثراء تجربته الشعرية‪ ,‬وربط النص بالنصوص السابقة‪ .‬قال في مدح علي (عليه‬
‫(السريع)‬ ‫السالم)‪:‬‬

‫أنيابه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ُمنقَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعُ‬


‫الس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـم ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي َ‬
‫و ّ‬ ‫ـوت مـ ـ ـ ــن َن ْفثِهـ ـ ـ ــا‬
‫ـاف المـ ـ ـ ـ ُ‬‫َرقـ ـ ـ ــش يخـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ـدمعُ(‪.)2‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ـيس ف ـ ـ ـ ـ ــي رس ـ ـ ـ ـ ـ ِـمه‬
‫ـين م ـ ـ ـ ـ ـ ــن عرفان ـ ـ ـ ـ ـ ــه ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫والع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫لم ـ ـ ـ ـ ــا وق ْف ـ ـ ـ ـ ـ َـن الع ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ّ‬
‫استحضر السيد الحميري بعض اللفظ والمعنى من شعر النابغة الذبياني‬
‫بوساطة مخزونه الثقافي األدبي‪ ,‬فالبيت األول من مقدمة الحميري يرجع بذاكرتنا‬
‫(الطويل)‬ ‫لقول النابغة الذبياني‪ .‬قال‪:‬‬

‫ُّم َن ِاقعُ(‪.)3‬‬ ‫ش‪ ,‬في َ ِ‬


‫أنيابها الس ُ‬
‫الرْق ِ‬
‫من َّ‬ ‫ـاوَرتني ض ـ ـ ـ ـ ــئيلة‬ ‫فبِ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ‬
‫ـت َوك ـ ـ ـ ـ ــأني س ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫تأثَّر السيد الحميري بالنابغة الذبياني فاخذ منه اللفظ والمعنى‪ .‬وال ريب في أن‬
‫اسناد القصيدة بالتراث األدبي يسهم ضرورة بتعزيز قوة النص وديمومته‪.‬‬

‫نظم دعبل بن علي الخزاعي في مدح أهل البيت (عليهم السالم) وقد أفاد من‬
‫(الكامل)‬ ‫شعر شعراء ما قبل اإلسالم في تجربته الشعرية‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـت ب ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـدات‬ ‫ال تظه ـ ـ ـ ـ ــري جزع ـ ـ ـ ـ ــا‪ ,‬فأن ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫طرق ـ ـ ـ ـ ـ ــت طارق ـ ـ ـ ـ ـ ــة المن ـ ـ ـ ـ ـ ــى ببي ـ ـ ـ ـ ـ ــات‬
‫ـذات والفتي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـات‬ ‫ُش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــغل ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن الّل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ـب آل المصـ ـ ـ ــطفى ووصـ ـ ـ ــيِّه‬ ‫فـ ـ ـ ــي ُحـ ـ ـ ـ ِّ‬
‫أزكـ ـ ـ ــى وأنفـ ـ ـ ــع لـ ـ ـ ــي مـ ـ ـ ــن القينـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـات(‪.)4‬‬ ‫إن النش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيد بح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّ‬
‫ـب آل محم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد‬

‫(‪ )1‬ديوان الخنساء‪ ,‬تحقيق حمدو طماس‪.18 :‬‬


‫(‪ )2‬ديوان السيد الحميري‪.262 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان النابغة الذبياني‪ ,‬شرح‪ ,‬حمدو طماس‪.76 :‬‬
‫(‪ )4‬شعر دعبل بن علي الخزاعي‪.96 :‬‬
‫)‪)119‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫ِّ‬
‫بحب محمد وأهل بيته (عليهم‬ ‫صور دعبل انشغاله عن ملذات الدنيا وطيبتها‬
‫ُّ‬
‫السالم)‪ ,‬والفاجعة التي احلَّت بأهل البيت جعلت الشاعر يعزف عن سماع الغناء‬
‫والقيان‪ .‬وفي البيت الثالث نلحظ تأكيد الشاعر على حبه ألهل البيت (عليهم السالم)‬
‫وأن نظمه في أهل البيت ازكى وأنفع عنده من القيان‪ .‬استعان دعبل بمعنى المهلهل‬
‫(الوافر)‬ ‫ابن ربيعة وكان مرجعا له‪ .‬قال المهلهل في رثاء أخيه‪:‬‬

‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬


‫بتَرك ـ ـ ـ ـ ــي ُك ـ ـ ـ ـ ــل َم ـ ـ ـ ـ ــا َح ـ ـ ـ ـ ـ َـوت ال ـ ـ ـ ـ ـ ِّـد ُ‬
‫يار‬ ‫ـي ُعم ـ ـ ـ ــري‬
‫العه ـ ـ ـ ـ َـد األكي ـ ـ ـ ـ َـد عل ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫ُخـ ـ ـ ـ ـذ َ‬
‫ولبس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ُجَّبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةً ال تُس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتَ َع ُار(‪.)1‬‬ ‫ـرب ك ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـأس‬ ‫ِ‬ ‫َو َهج ـ ـ ـ ـ ِـري َ‬
‫الغاني ـ ـ ـ ــات َوش ـ ـ ـ ـ َ‬
‫معان من العصر‬ ‫ٍ‬ ‫واتكأ الصنوبري في رثاء اإلمام الحسين (عليه السالم) على‬
‫(الكامل)‬ ‫الجاهلي قال‪:‬‬

‫ـب ف ـ ــوق م ـ ــا تعطيه ـ ــا(‪.)2‬‬


‫ش ـ ــيئا فتطل ـ ـ َ‬ ‫ـنفس ف ـ ـ ـ ــي إعطائِه ـ ـ ـ ــا‬
‫ال تطمع ـ ـ ـ ـ َّـن ال ـ ـ ـ ـ َ‬
‫أراد الشاعر من مقدمته في رثاء اإلمام الحسين (عليه السالم) إن يروض‬
‫النفس فال يعطيها ما تريد‪ .‬وهذا المعنى نجده في شعر أبي ذؤيب الهذلي من شعراء‬
‫(الكامل)‬ ‫عصر ما قبل اإلسالم‪ ,‬قال‪:‬‬

‫َواذا تُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـرُّد إل ـ ـ ـ ـ ـ ــى َقلي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـل تقن ـ ـ ـ ـ ـ ــعُ(‪.)3‬‬ ‫فس َراغب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة إذا َرَّغبتَه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫وال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـن ُ‬
‫أفاد الصنوبري من شعر أبي ذؤيب الهذلي في الوزن والمعنى ووظفه في رثاء‬
‫اإلمام الحسين (عليه السالم)‪.‬‬

‫ضمن أبو فراس الحمداني بعض شعره من شعر ما قبل اإلسالم‪ ,‬وأفاد من‬
‫(البسيط)‬ ‫تجارب األخرين‪ .‬قال في أهل البيت (عليهم السالم)‪:‬‬

‫(‪ )1‬ديوان المهلهل بن ربيعة‪ ,‬تحقيق‪ ,‬طالل حرب‪.34 :‬‬


‫(‪ )2‬ديوان الصنوبري‪.461 /2 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان أبي ذؤيب الهذلي‪.50 :‬‬
‫)‪)120‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬
‫(‪)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم)) ْأم لَهُـ ـ ـ ـ ُـم؟‬ ‫الم َغِّنـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـين ((إبـ ـ ـ ـ َـراه ُ‬ ‫َشـ ـ ـ ـ ْـي ُخ ُ‬ ‫((علََّي ـ ـةُ)) ْأم مـ ــنهُ ْم؟ َو َكـ ـ َ‬
‫ـان ل ُكـ ـ ْـم‬ ‫مـ ـ ْـن ُك ْم ُ‬
‫((عل ـ ُـي ُكم))(‪)2‬؟‬ ‫ِ‬ ‫ـان‪ّ ,‬سـ ـ ــائِ َرٍة‪,‬‬
‫الم َع ــالي أَم َ‬ ‫((عل ـ ُّـيهُم)) ُذو ُ‬ ‫َ‬ ‫ـاد لَـ ـ ــهُ األَْل َحـ ـ ـ ُ‬‫أَم َمـ ـ ـ ْـن تُ َشـ ـ ـ ُ‬
‫ـف بِالـ ِّـدَي ِار‪ ,‬الَّتِــي لَــم َي ْعفُهَــا ا ْل ِقـ َـد ُم))(‪.)3‬‬
‫((قـ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ـام ُك ُم‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ـورةً َغَّن ـ ـ ـ ـ ـ ــى إم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫إ َذا تَلَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـوا ُس ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫مدح الشاعر أهل البيت (عليهم السالم) مستعمال أسلوب الطلب (االستفهام)‬
‫وقد عقد موازنة بين أهل البيت (عليهم السالم) أهل التقوى والورع والرفعة والنجابة‪,‬‬
‫والعباسيين أصحاب اللهو والمجون والطرب‪ ,‬ثم نلحظ في عجز البيت الثالث أن‬
‫الشاعر اتكأ على مرجعية أدبية من شعر ما قبل اإلسالم‪ ,‬إذ استحضر شعر زهير‬
‫(البسيط)‬ ‫ابن أبي سلمى باللفظ‪ ,‬والمعنى‪ ,‬والوزن‪ .‬قال‪:‬‬

‫اح والـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّـدَي ُم(‪.)4‬‬


‫األرو ُ‬ ‫َبلَـ ـ ـ ـ ـ ــى‪َ ,‬و َّ‬
‫غي َرهـ ـ ـ ـ ـ ــا ْ‬ ‫ـف بِال ـ ـ ِّـدَي ِار‪ ,‬الَّتِـ ــي ل ـ ــم َي ْعفُهَـ ــا ا ْل ِق ـ ـ َـد ُم‬
‫ِق ـ ـ ْ‬
‫ال يخلو الشعر الشيعي من اإلشارة إلى بعض المعاني واأللفاظ من عصر ما‬
‫قبل اإلسالم؛ ألنه يعد األساس للشعراء في العصور الالحقة(‪ .)5‬هذا ما نلحظه في‬
‫(الطويل)‬ ‫بعض شعر الصاحب بن عباد‪ .‬قال في أهل البيت (عليهم السالم)‪:‬‬

‫ـوحش ُه َّجـ ُـد(‪.)6‬‬


‫ـوحش والـ ُ‬
‫أُعاج ـ ُل فيهــا الـ َ‬ ‫وق ـ ـ ــد اغت ـ ـ ــدي للص ـ ـ ــيد غ ـ ـ ــدوة أص ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـيد‬
‫إن لفظ البيت ومعناه ووزنه يشي باطالع الشاعر على شعر امر القيس‪,‬‬
‫واعتبره مرجعا ثقافيا أدبيا يغترف منه ما يفيده في غرضه‪ ,‬فأعرب الشاعر عن معنى‬

‫(‪ )1‬علية وابراهيم‪ :‬أخوا الرشيد كانا حسني الصوت‪ ,‬ينظر أشعار أوالد الخلفاء وأخبارهم‪ ,‬ألبي‬
‫بكر الصولي‪.55 :‬‬
‫علي بن العباس المكتفي باهلل‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫(‪ )2‬عليكم‪ّ :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان أبو فراس الحمداني‪.304:‬‬
‫(‪ )4‬ديوان زهير بن أبي سلمى ‪ ,‬تحقيق حمدو طماس‪.59 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر معلقة امر القيس في دراسات القدماء والمحدثين‪.11 :‬‬
‫(‪ )6‬ديوان الصاحب بن عباد‪.30 :‬‬
‫)‪)121‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫امر القيس في سرعة فرسه الصطياد الوحوش‪ .‬نلمح ذلك في شعر امر القيس إذ‬
‫(الطويل)‬ ‫قال‪:‬‬

‫بمنجـ ـ ـ ـ ـ ــرد قيـ ـ ـ ـ ـ ــد األوابـ ـ ـ ـ ـ ــد هيكـ ـ ـ ـ ـ ــل(‪.)1‬‬ ‫وق ـ ـ ــد اغت ـ ـ ــدي والطي ـ ـ ــر ف ـ ـ ــي وكناته ـ ـ ــا‬
‫ومدح السيد الحميري محمد بن الحنفية فاستعان بمرجعة ثقافية أدبية تمثلت من‬
‫(الوافر)‬ ‫شعر ما قبل اإلسالم‪ .‬قال‪:‬‬

‫(‪)2‬‬
‫مق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َل محم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـد فيم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــؤِدي‬
‫ـاء تنم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي‬
‫ك واألنبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ألـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم يبلُغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫أشار الشاعر إلى مسألة اإلمام المنتظر وكان وقتها يعتقد بمحمد ابن‬
‫الحنفية(‪ ,)3‬وال شك في أن هذه القضية لبست على كثير من الناس في كل عصر‬
‫وزمان‪ .‬فجاء صدر البيت قريبا من الشعر الجاهلي‪ ,‬فالمعنى واللفظ والوزن نلمحه‬
‫(الوافر)‬ ‫في شعر قيس بن زهير العبسي‪ .‬قال‪:‬‬

‫بِ َمـ ـ ـ ـ ــا القـ ـ ـ ـ ــت لبـ ـ ـ ـ ــون بنـ ـ ـ ـ ــى ِزَيـ ـ ـ ـ ــاد(‪.)4‬‬ ‫أل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم َيأْتِي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك واألنب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء تنم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى‬

‫نظم السيد الحميري في مدح أهل البيت (عليهم السالم)‪ ,‬واستعان الحميري‬
‫(المتقارب)‬ ‫بالمرجعية األدبية من شعر ما قبل اإلسالم وأفاد منه‪ .‬قال‪:‬‬

‫جمـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـد(‪.)5‬‬ ‫ِ‬


‫ـين ُجـ ـ ـ ـ ـ ــودي َوَال تَ ُ‬
‫فََيـ ـ ـ ـ ـ ــا َعـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـادوا ُم َوالَِيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ِمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـن َبعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـده‬
‫َو َكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬

‫(‪ )1‬ديوان امر القيس‪.53 :‬‬


‫(‪ )2‬ديوان السيد الحميري‪.182 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر م ‪ .‬ن‪.181 :‬‬
‫(‪ )4‬العمدة في محاسن الشعر وآدابه‪275 /2 :‬؛ الحماسة البصرية‪ ,‬علي بن أبي الفرج بن‬
‫الحسن‪ ,‬صدر الدين‪ ,‬أبو الحسن البصري‪48 /1 :‬؛ ينظر أيضا ضرائر الشعر‪ ,‬علي بن‬
‫ض َرمي اإلشبيلي‪ ,‬ابن عصفور‪.63:‬‬
‫الح ْ‬
‫مؤمن بن محمد‪َ ,‬‬
‫(‪ )5‬ديوان السيد الحميري‪.90 :‬‬
‫)‪)122‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫خاطب الشاعر عينه طالبا منها أن تذرف الدمع وتجود به على أهل البيت‬
‫(عليهم السالم) وأتباعهم ومواليهم؛ لما عانوه من ظلم السلطات ال سيما حكم بني‬
‫أمية‪ .‬إن اللفظ والمعنى والوزن في عجز بيت السيد الحميري أشبه ـ ـ ـ ـ على الرغم من‬
‫(المتقارب)‬ ‫الفارق في الصيغة ـ ـ ـ بقول الخنساء لما رثت أخاها‪ .‬قالت‪:‬‬

‫الن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـدى؟(‪.)1‬‬
‫ـخر َّ‬
‫صـــــــ ِ‬ ‫بكي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫َعينِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫ـان ل َ‬ ‫أ ََال تَ َ‬
‫جمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـدا‬
‫ـودا َوَال تَ ُ‬
‫ـي ُجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫أَ‬
‫نظم دعبل ـ ـ ـ وقد أفاد من شعر المهلل بن ربيعة ـ ـ ـ راثيا اإلمام الرضا (عليه‬
‫(الطويل)‬ ‫السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫أال ال ُنباليهـ ـ ـ ــا إذا مـ ـ ـ ــا اضـ ـ ـ ــمحلَّ ِت(‪.)2‬‬


‫محمـ ـ ـ ـ ـ ٍـد‬
‫َو َمـ ـ ـ ـ ــا َخيـ ـ ـ ـ ـ ُـر ُدنيـ ـ ـ ـ ــا َبعـ ـ ـ ـ ـ َـد آل َّ‬
‫قصد الشاعر إن خير الدنيا وزينتها هم آل محمد (عليهم السالم) وذهب ذلك‬
‫الخير بذهابهم‪ ,‬والشاعر ال يبالي بالدنيا إن هي صدت عنه بعد مغادرة األحبة وال‬
‫يتأسف عليها‪ ,‬وهذا المعنى نلحظه في قول المهلهل بن ربيعة من شعراء ما قبل‬
‫(البسيط)‬ ‫اإلسالم‪ .‬قال في رثاء أخيه‪:‬‬

‫ـت َخلَّيتَه ـ ــا ِف ـ ــي َم ـ ـ ْـن ُي َخلِّيهَ ـ ــا(‪.)3‬‬


‫إذا أن ـ ـ َ‬ ‫ـدنيا َومـ ـ ْـن ِفيهَـ ــا‬ ‫ِ ُّ‬
‫ُكليـ ــب ال َخيـ ـ َـر فـ ــي الـ ـ َ‬
‫‪ /2‬شعر العصر اإلسالمي‪:‬‬

‫شهد عصر صدر اإلسالم تحوال كبي ار في الحياة االجتماعية والثقافية‬


‫والسياسية‪ ,‬بعد أن كانت القبيلة قطب الرحى في الجاهلية ـ ـ ـ التي تمثل التفتت‬
‫والتشتت ـ ـ ـ أصبحت اإلمة اإلسالمية الركيزة األساسية والرابط المؤثر بين أفراد‬
‫وذوبت تعاليم الدين الجديد الفوارق الطبقية‪ ,‬وجعلت التقوى المقياس الرئيس‬
‫المجتمع‪َّ ,‬‬

‫(‪ )1‬ديوان الخنساء‪.31 :‬‬


‫(‪ )2‬شعر دعبل بن علي الخزاعي‪.321 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان المهلهل بن ربيعة‪.89 :‬‬
‫)‪)123‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫في المجتمع(‪ .)1‬فضال عن أن هذه الحقبة شهدت أحداثا كثيرة وتحوالت سياسية‬
‫واجتماعية وثقافية أسهمت في تطور الشعر وازدهاره‪ ,‬فأول األمر انقسم العرب على‬
‫قسمين مشركين ومسلمين فأخذ الشعراء ينافحون ويدافعون عن قيمهم ومعتقداتهم‬
‫مدحا أو هجاء أو فخرا‪ ,‬وقد َّ‬
‫حث الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) الشعراء وأيدهم‬
‫في الدفاع عن اإلسالم حتى وضع منب ار في مسجده لحسان بن ثابت ومما قاله‬
‫فيه(( إن روح القدس مع حسان‪ ,‬ما نافح عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وآله‬
‫وسلم))(‪ ,)2‬وأيضا اتخذه سالحا يذود به من خصومه المشركين‪.‬‬

‫ثم بعد وفاة الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ .‬وظف الشعراء األحداث التي‬
‫جرت على أهل البيت (عليهم السالم) ال سيما اإلمام علي بن أبي طالب وخصومه‬
‫في العراق والشام(‪ ,)3‬فكان العصر اإلسالمي باعثا للشعراء سواء في منافحة‬
‫المشركين أم الفتوحات اإلسالمية أم تصوير األحداث السياسية والصراعات الداخلية‪.‬‬

‫ال شك في أن شعراء العصر العباسي بشكل عام وشعراء الشيعة على نحو‬
‫خاص استمدوا من تلك األحداث بما يخدم تجربتهم ويؤيد فكرتهم فأفاد الشعراء‬
‫الشيعة من شعر العصر اإلسالمي في إغناء تجربتهم الشعرية‪ ,‬على نحو ما نظمه‬
‫(الوافر)‬ ‫دعبل في رثاء علي بن موسى الرضا (عليه السالم)‪:‬‬

‫ـوف(‪.)4‬‬
‫الحتُـ ـ ـ ُ‬ ‫تين بِن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‪ :‬روي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدا‪,‬‬ ‫فق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل َّ ِ‬
‫فمـ ـ ــا تُبقـ ـ ــي ام ـ ـ ـ أًر يمشـ ـ ــي ُ‬ ‫للش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام َ‬ ‫ُ‬
‫خاطب الشاعر الشامتين به؛ لحبه ألهل البيت (عليهم السالم) متوعدهم بأن‬
‫هذه الدنيا ال تترك أحدا يمشي وسط الموت‪ .‬فاتكأ الشاعر على المرجعية األدبية‪ ,‬إذ‬

‫(‪ )1‬ينظر تاريخ األدب العربي‪ ,‬األدب القديم‪ ,‬عمر فروخ‪.239 /1 :‬‬
‫(‪ )2‬سنن أبي داود‪.361 /7 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر تاريخ األدب العربي العصر اإلسالمي‪ ,‬شوقي ضيف‪.46 :‬‬
‫(‪ )4‬شعر دعبل بن علي الخزاعي‪.343 :‬‬
‫)‪)124‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫أخذ دعبل اللفظ والمعنى والوزن في صدر البيت من فروة بن مسيك المرادي من‬
‫(الوافر)‬ ‫شعراء العصر اإلسالمي‪ .‬قال‪:‬‬

‫س ـ ـ ـ ـ ــيلقى الش ـ ـ ـ ـ ــامتون كم ـ ـ ـ ـ ــا لقين ـ ـ ـ ـ ــا(‪.)1‬‬ ‫فقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل للشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــامتين بنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‪ :‬أفيق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا‬
‫اختلف الباحثون في نسبة هذا البيت وهو من عيون الشعر العربي واستشهد به‬
‫(‪)2‬‬
‫وقد نسبه بعضهم للعصر اإلسالمي‬ ‫اإلمام الحسين (عليه السالم) في واقعة الطف‬
‫فقيل لفروة بن مسيك المرادي‪ ,‬وقيل للفرزدق وقيل لخال الفرزدق(‪ ,)3‬وقيل في العصر‬
‫الجاهلي لألصبع العدواني(‪.)4‬‬

‫كما وظف السيد الحميري في شعره من شعر عصر اإلسالم‪ ,‬قال في مدح‬
‫(الوافر)‬ ‫محمد بن علي بن أبي طالب المعروف بـ(ابن الحنفية)‪:‬‬

‫ـاء‬ ‫ِ‬ ‫فـ ـ ـ ـ ــال َيخفَـ ـ ـ ـ ــى علَـ ـ ـ ـ ــى أحـ ـ ـ ـ ـ ٍـد َبصـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫و َهـ ـ ـ ـ ـ ــل بالشـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ضـ ـ ـ ـ ـ ــاحية َخفَـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـير‬ ‫ـمس َ‬ ‫َ‬
‫(‪)5‬‬
‫ـاء ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب َّأن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫هنالِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫لُي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوث ال ُيَنهنهه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ك تَعل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـم األحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـز ُ‬
‫شبه السيد الحميري ممدوحه بالشمس المرتفعة الواضحة للعيان‪ ,‬ثم وصف‬
‫شجاعة أهل البيت (عليهم السالم) بالليوث التي ال يهزها لقاء‪ .‬تأثر السيد الحميري‬
‫بمرجعة أدبية من عصر صدر اإلسالم فعجز بيته الثاني مأخوذ لفظه ومعناه ووزنه‬

‫(‪ )1‬ينظر الوافي بالوفيات‪ ,‬صالح الدين خليل بن أيبك بن عبد اهلل الصفدي‪.7 /24 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر مقتل الحسين عليه السالم المسمى باللهوف في قتلى الطفوف‪.59:‬‬
‫(‪ )3‬ينظر الشعر والشعراء‪468 /1 :‬؛ عيون األخبار‪ ,‬عبد اهلل بن مسلم بن قتيبة الدينوري‪/3 :‬‬
‫‪131‬؛ الحماسة البصرية‪417 /2 :‬؛ شرح ديوان الحماسة‪ ,‬يحيى بن علي بن محمد‬
‫التبريزي‪55 /2 :‬؛ التذكرة الحمدونية‪ ,‬محمد بن الحسن بن محمد بن حمدون‪303 /4 :‬؛‬
‫الذخائر والعبقريات معجم ثقافي جامع‪ ,‬عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي‪,306 /1 :‬‬
‫‪.170 /2‬‬
‫(‪ )4‬ينظر خزانة األدب ولب لباب لسان العرب‪ ,‬عبد القادر بن عمر البغدادي‪ 285 /5 :‬ـ ـ ـ ‪287‬‬
‫(‪ )5‬ديوان السيد الحميري‪.20 :‬‬
‫)‪)125‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫من شعر حسان بن ثابت‪ ,‬قال يمدح النبي محمد (صلى اهلل عليه وآله وسلم) ويهجو‬
‫(الوافر)‬ ‫أبا سفيان‪:‬‬

‫ـاء(‪.)1‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬


‫َوأُسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدا َمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ُيَنهنهنـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا اللقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫َوَنش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـرُبها فَتَ ُترُكن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ُملُوك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬

‫كما نظم محمد بن وهيب الحميري (ت‪225‬ه) في أهل البيت (عليهم السالم)‬
‫(مجزوء الرمل)‬ ‫مستعينا بشعر شعراء العصر اإلسالمي‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـت الو ِ‬
‫ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـيا‬ ‫ـت الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـوَّد قُرَبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ة َوَوالَي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ َ‬ ‫َو َمَنحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ك ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـيا‬ ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـرح لَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم َي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫َوأتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانِي َخبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر مطَّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫َعقَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـدوا األم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـر ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫ـديا‬ ‫أن عل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى غي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـر اجتم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـاع‬ ‫ْ‬
‫ـديا وأ َّ‬
‫ُميـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫َو َعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫ـوم تيم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً‬
‫ت القـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬‫فَوقف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫عليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا(‪.)2‬‬
‫ـت َّ‬
‫توليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫َغيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـتام ولكنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي‬ ‫ُ‬
‫نلحظ موقف الشاعر من الصحابة والخلفاء وال سيما في قضية الخالفة‪ ,‬وقد‬
‫ُّ‬
‫يسب الصحابة ولكنه يفضل عليا‬ ‫أعلن والءه لإلمام علي (عليه السالم) وأيضا ال‬
‫(عليه السالم)‪ .‬وهذا المعنى سبق إليه الكميت بن زيد األسدي (ت ‪ 120‬ه) من‬
‫(البسيط)‬ ‫شعراء العصر اإلسالمي‪ .‬قال‪:‬‬

‫أرضـ ــى بشـ ــتم أبـ ــي بكـ ــر وال عم ـ ـ ار(‪.)3‬‬ ‫أهـ ـ ـ ـ ــوى عليـ ـ ـ ـ ــا أميـ ـ ـ ـ ــر المـ ـ ـ ـ ــؤمنين وال‬
‫ووصف بعض ال شعراء لسانهم بالسيف القاطع؛ للدفاع عن عقيدة يؤمن بها أو‬
‫لهجاء األعداء‪ ,‬على نحو ما قاله الصاحب بن عباد إذ هجا بني حرب‪( :‬الخفيف)‬

‫لَعن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةُ ِ‬
‫اهلل َمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا تجهَّـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـز َغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــازي‬ ‫أن ـ ـ ـ ـ ـ ــا َح ـ ـ ـ ـ ـ ــرب آلل َح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـرب علـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيهم‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬ديوان حسان بن ثابت‪ ,‬تقديم‪ ,‬االستاذ عبد مهنا‪.19 :‬‬


‫(‪ )2‬محمد بن وهيب الحميري‪96 :‬ـ ـ ـ ‪.97‬‬
‫(‪ )3‬شرح هاشميات الكميت‪ ,‬تفسير‪ ,‬أبو رياش أحمد بن إبراهيم القيسي‪.202 :‬‬
‫)‪)126‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫ـاز(‪.)1‬‬ ‫ـان كالصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫ـارم الهَزهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫بلسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫أن ـ ـ ـ ــا َم ـ ـ ـ ــن َك ـ ـ ـ ــافح النواص ـ ـ ـ ــب ع ـ ـ ـ ــنكم‬
‫دافع الشاعر عن أهل البيت (عليهم السالم) وذاد عنهم بلسانه الذي وصفه‬
‫بالسيف ضد الناصبين لهم العداء‪ .‬وهذا المعنى واللفظ نجده عند الشاعر اإلسالمي‬
‫حسان بن ثابت قال مدافعا عن اإلسالم‪ ,‬ويمدح الرسول ويهجو أبا سفيان‪( :‬الوافر)‬

‫ـب فيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه‬


‫َوَبحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــري ال تُ َكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّـد ُرهُ الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّـدالَ ُء(‪.)2‬‬
‫صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـارم ال َعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ِ‬
‫لسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاني َ‬
‫كما إن أبا فراس الحمداني أحد الشعراء الذين أفادوا من شعر العصر اإلسالم‬
‫(الكامل)‬ ‫في رثائه ألهل البيت (عليهم السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـفعاؤهُ خص ــماهُا؟(‪.)3‬‬ ‫ِ‬ ‫ق ـ ــد ق ـ ــا َل قبلِ ـ ــي‪ ,‬ف ـ ــي قَـ ـ ـ ِر ٍ‬
‫اويــل ل َم ـن ك ــان شـ ُ‬ ‫يض‪ ,‬قائ ـ ــل‪:‬‬
‫عرض الشاعر ببني العباس بسبب ظلمهم ألهل البيت (عليهم السالم)‪ ,‬ثم‬ ‫َّ‬
‫أشار في عجز البيت إلى قول شاعر قد سبقه فضمنه في قصيدته باللفظ والمعنى‬
‫والوزن‪ .‬وال يعرف اسم الشاعر وانما ورد في بعض المصادر قال فالن أو قال‬
‫(الكامل)‬ ‫الشاعر وقصيدته منها‪:‬‬

‫ـنفخ‬
‫والصـ ـ ــور فـ ـ ــي بع ـ ـ ـث الخالئـ ـ ــق يـ ـ ـ ُ‬ ‫ويـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل لمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن شـ ـ ـ ـ ـ ـ ــفعاؤه خصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــماؤه‬
‫ـخ(‪.)4‬‬ ‫وقميص ـ ـ ــها ب ـ ـ ـ ِ‬
‫ـدم الحس ـ ـ ـ ِ‬
‫ـين ملط ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـاطم‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد أن ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرد القيام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ُ‬
‫يرجح الباحث أن األبيات قيلت في العصر األموي‪ ,‬لما يحمله ذلك العصر‬
‫من البطش والقتل لكل من ذكر أهل البيت (عليهم السالم) أو يشي في شعره روح‬
‫التشيع‪ ,‬فكان على الشعراء إخفاء شعرهم أو ينسبونه للجن تخلصا من السلطات‬
‫األموية‪ .‬وال شك في أن مدح الرسول وأهل البيت (عليهم السالم) كان ضربا من‬

‫(‪ )1‬ديوان الصاحب بن عباد‪.52 :‬‬


‫(‪ )2‬ديوان حسان بن ثابت‪.21 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان أبي فراس‪.348 :‬‬
‫(‪ )4‬نور العين في مشهد الحسين‪ ,‬األستاذ أبي إسحاق االسفراني‪.71 :‬‬
‫)‪)127‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫عده الخلفاء األمويون خروجا‬


‫الشر في عصر بني أمية ومما يعاقب عليه الشاعر‪ ,‬و ّ‬
‫على سياسة الدولة وتمردا على الخليفة األموي(‪ .)1‬مما دعا الشعراء إلخفاء شعرهم‬
‫أو ينسبونه للجن وللهاتف‪ ,‬ثم دالالت البيت توحي إنه إسالمي بلحاظ إخفاء اسم‬
‫الشاعر‪ ,‬ولو كان عباسيا ما أخفى الشاعر أسمه‪ ,‬ألنه يعرض ببني أمية أعداء‬
‫العباسيين‪ ,‬ونستبعده من الجاهلي؛ ألنه في رثاء اإلمام الحسين (عليه السالم)‪.‬‬

‫‪ /3‬شعر العصر العباسي‪:‬‬

‫(‪)2‬‬
‫يبدأ العصر العباسي على ضوء التقسيم السياسي سنة (‪ 132‬ـ ـ ـ ‪656‬ه)‬
‫وهذه الحقبة الطويلة صاحبها تغيرات في الظروف السياسية واالجتماعية والثقافية‬
‫فضال عن انفتاح العرب على ثقافات الشعوب األخرى واختالطهم بالموالي قد أثَّر‬
‫في الفكر العربي(‪ ,)3‬وأغنى الشعر العربي‪ ,‬وال شك في أن البيئة الحضارية الجديدة‬
‫اثرت في الشعر العربي الموروث‪ ,‬فاختلف أسلوبه الذي اتسم بالجزالة والرصانة‬
‫َّ‬
‫والرقة والعذوبة‪ ,‬ولم يكتفوا بالسير على منوال الشعر القديم في بنية القصيدة‪ ,‬بل‬
‫خالفوا ذلك التقليد السائد عند الشعراء كالوقوف على الطلل وبكاء األحبة‪.‬‬

‫والشعر الشيعي في العصر العباسي واكب التغيير وتأثر بالبيئة الجديدة‪ ,‬أضف‬
‫إلى ذلك الحقبة الزمنية الطويلة التي اتسم بها العصر العباسي أتاح للشعراء التأثر‬
‫بعضهم ببعض أو تأثر الشعراء الالحقين بالسابقين واستعانوا بهم مرجعا ثقافيا أدبيا‬
‫يرجع األديب إليه واإلفادة منهم‪ ,‬ونلمح ذلك التأثر في شعر كشاجم‪ .‬قال في أهل‬
‫(المتقارب)‬ ‫البيت (عليهم السالم)‪:‬‬

‫(‪ )1‬ينظر المدائح النبوية‪ ,‬الدكتور زكي مبارك‪ 48 :‬ـ ـ ـ ‪.49‬‬


‫(‪ )2‬ينظر تاريخ األدب العربي‪ ,‬األعصر العباسية إلى آخر القرن ال اربع الهجري‪ ,‬عمر فروخ‪:‬‬
‫‪.33 /2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر م ‪ .‬ن‪.38 /2 :‬‬
‫)‪)128‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫الخلِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـيطُ ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه أَم َر َح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـل‬


‫ـام َ‬
‫أقَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ال الطَّلـ ـ ـ ـ ـ ْـل‬
‫لَ ـ ـ ـ ــهُ ُشـ ـ ـ ـ ـ ُـغل َعـ ـ ـ ـ ـ ْـن س ـ ـ ـ ـ ـؤ ِ‬
‫ُ‬
‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬
‫اء الطَّلـ ـ ـ ـ ْـل(‪.)1‬‬
‫ن مندوحـ ـ ـ ــة عـ ـ ـ ــن ب َك ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ـاء علَـ ـ ـ ــى الطَّ ِ‬
‫اه ِريـ ـ ـ ـ ـ‬ ‫ِ‬
‫البكـ ـ ـ ـ َ‬
‫ِ‬
‫لَـ ـ ـ ــهُ فـ ـ ـ ــي ُ‬
‫إن الشاعر ال يرى موضوعا يستحق الوقوف عنده والبكاء عليه سوى أهل‬
‫البيت (عليهم السالم) أو أن البكاء على أهل البيت يغني عن بكاء الطلل‪ .‬وفكرة نبذ‬
‫البكاء على الطلل قد أخذها كشاجم ممن عاصره وسخرها بما يخدم تجربته الشعرية‪.‬‬
‫ويعد أبو نواس (ت‪199‬ه) على رأس تلك الثورة التي دعت لرفض الطلل والولوج‬
‫(الرمل)‬ ‫للغرض مباشرة‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـان َجلَـ ـ ــس(‪.)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ُق ـ ـ ــل لِ َم ـ ـ ــن َيبكـ ـ ـ ــي َعل ـ ـ ــى َرسـ ـ ـ ـ ٍـم َد َرس‬
‫واقفـ ـ ــا مـ ـ ــا ضـ ـ ـ َّـر لـ ـ ــو كـ ـ ـ َ‬
‫تأثر ديك الجن(ت‪235‬ه) بمطيع بن إياس(ت‪169‬ه)‪ ,‬قال في مدح أهل‬
‫(الكامل المرفل)‬ ‫البيت (عليهم السالم)‪:‬‬

‫الجمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـر‬ ‫أص ـ ـ ـ ـ ـ ــبحت َج ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـم َب َالبِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـل َّ‬


‫ط ِوَيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َعلـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى َّ‬
‫الص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـدر‬ ‫ـت ُمن َ‬‫َوأَبِيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ـت ي ِ‬ ‫ِ‬
‫ـت َيوم ـ ـ ـ ــا طُ ـ ـ ـ ـ َّـل ِفي ـ ـ ـ ـ ِـه َد ِم ـ ـ ـ ــي‬
‫صـ ـ ــدري(‪.)3‬‬ ‫ـق بِ ـ ــه َ‬ ‫ضـ ـ ـ ُ‬ ‫َولَ ـ ــئن َكتَم ـ ـ ُ َ‬ ‫إن ُبح ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫استعان ديك الجن في مدح أهل البيت (عليهم السالم) بشعر مطيع بن إياس‬
‫وعده مرجعا ثقافيا أدبيا اتكأ عليه‪ .‬في المعنى واللفظ الوزن وقد سبق مطيع بن إياس‬
‫(الكامل المرفل)‬ ‫ديك الجن إلى ذلك المعنى في مدحه ألهل البيت‪ .‬قال‪:‬‬

‫ُزجيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه إلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى َدهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـر‬


‫ده ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ار أ ِّ‬ ‫الصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدر‬
‫ـيت َجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـم بالبـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل ّ‬
‫أمسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬

‫(‪ )1‬ديوان كشاجم‪ 343 :‬ـ ـ ـ ‪.344‬‬


‫(‪ )2‬ديوان أبي نواس‪.309 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان ديك الجن‪.49 :‬‬
‫)‪)129‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫ت طـ ـ ـ ـ ـ َّـل َدمـ ـ ـ ـ ــي وان ُكتمـ ـ ـ ـ ــت‬


‫ـي توق ـ ـ ـ ـ ـ ــد الجم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـر(‪.)1‬‬
‫َوق ـ ـ ـ ـ ـ ــدت عل ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬ ‫إن فُه ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ونظم الحماني(ت‪301‬ه) في مدح أهل البيت (عليهم السالم) واستحضر من‬
‫(البسيط)‬ ‫معاني شعر الشعراء السابقين عليه في العصر العباسي‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـود(‪.)2‬‬
‫الع ـ ـ ـ ُ‬ ‫أحمد ـ ـ ـ إن ع َّـد الفخـار ـ ـ ـ أبـا‬
‫ـود ينب ـ ـ ــت ف ـ ـ ــي أفنان ـ ـ ــه ُ‬
‫والع ـ ـ ـ ُ‬ ‫َ‬ ‫يدعون‬
‫َ‬
‫وظف الشاعر شخصية النبي محمد (صلى اهلل عليه وآله وسلم) داللة على‬
‫مناقب أهل البيت (عليهم السالم)‪ ,‬ولم يترك الشاعر مجاال للشك في فضل نسب‬
‫أهل البيت (عليهم السالم) يعترف به الداني والقاصي‪ ,‬ويغبطهم عليه الموالي‬
‫ويحسدهم المعادي‪ ,‬وهذا المعنى سبق إليه دعبل بن علي الخزاعي (ت‪246‬ه) قال‬
‫(الطويل)‬ ‫في أهل البيت(عليهم السالم)‪:‬‬

‫ـان والسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــور ِ‬


‫ات(‪.)3‬‬ ‫ّوان فخـ ـ ـ ـ ـ ــروا يوم ـ ـ ـ ـ ـ ـاً أت ـ ـ ـ ـ ـ ـوا بمحمـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـد‬
‫َوجبري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َل والفرقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫أفاد أبو فراس الحمداني (ت‪357‬ه) من شعر ابن الرومي ووظفه في شعره‪.‬‬
‫(البسيط)‬ ‫قال في أهل البيت (عليهم السالم)‪:‬‬

‫ـول ِ‬
‫اهلل)) ِعن ـ ـ ـ ـ َـد ُك ُم(‪.)4‬‬ ‫و َك ـ ـ ـ ــم ٍ‬
‫دم ل ـ ـ ـ ـ ـ((رس ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫اض ـ ـ َـح ٍة‬
‫ين و ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫ّك ـ ــم َغ ـ ــدرة ل ُك ـ ـ ُـم ف ـ ــي ال ـ ــد ِ َ‬
‫صور الشاعر ظلم بني العباس ألهل البيت (عليهم السالم) وما جرى عليهم‬
‫من غدر وتشريد وقتل‪ ,‬وهذا المعنى نلحظه في شعر ابن الرومي (ت‪283‬ه)‪.‬‬
‫(البسط)‬ ‫قال‪:‬‬

‫(‪ )1‬مطيع بن إياس وما تبقى من شعره‪ ,‬غوستاف فون غرنباوم‪ ,‬ترجمة‪ ,‬الدكتور يوسف محمد‬
‫نجم‪49 :‬‬
‫(‪ )2‬ديوان الحماني علي بن محمد العلوي الكوفي‪.57 :‬‬
‫(‪ )3‬شعر دعبل بن علي الخزاعي‪.306 :‬‬
‫(‪ )4‬م ‪ .‬ن‪.302 :‬‬
‫)‪)130‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫ـي لَ ـ ـ ـ ِـدي ُكم ِم ـ ـ ــن َدٍم َه ـ ـ ـ َـد َر(‪.)1‬‬


‫ك ـ ـ ـ ْـم لِ َلنب ـ ـ ـ ِّ‬ ‫َبنِـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ُنتَيلَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةَ‪ :‬ثـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـل اهلل عر َش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َكم‬
‫عرض الشاعر ببني العباس وأشار إلى (نتيلة) أم العباس بن عبد المطلب‬ ‫َّ‬
‫جدهم(‪ ,)2‬ثم نلحظ اشتراك أبي فراس مع بيت ابن الرومي في عجز البيت مع‬
‫التغيير في التقديم والتأخير في اللفظ؛ فأتخذ أبو فراس من ابن الرومي مرجعا أفاد‬
‫منه‪ ,‬ونلحظ تأثره بابن الرومي في الوزن والمعنى وبعض اللفظ في عجز البيت‪.‬‬
‫ويظهر إن ابن الرومي قد سبق أبا فراس في هذا الجانب‪.‬‬

‫واتكأ الصاحب بن عباد (ت‪385‬ه) في مدحه ألهل البيت(عليهم السالم) على‬


‫بعض المعاني من شعراء العصر العباسي السابقين عليه‪ .‬نحو قوله‪( :‬مخلع البسيط)‬

‫فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأنني أرفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــض العبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫ـاد(‪.)3‬‬ ‫ـي رفضـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫إن كـ ـ ـ ـ ـ ــان حـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ‬
‫ـب الوصـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّ‬
‫ُ‬
‫إن الشاعر ال يعبأ بمن نعته بالرفض بسبب حبه لإلمام علي (عليه السالم)‪.‬‬
‫والشاعر يفضل الرفض أن كان الرفض هوية َمن أحب عليا (عليه السالم)‪ .‬وهذا‬
‫(السريع)‬ ‫المعنى نلحظه عند اإلمام الشافعي(‪204‬ه) قال‪:‬‬

‫ـثقالن َّأن ـ ـ ـ ــي ِر ِ‬


‫افض ـ ـ ـ ــي(‪.)4‬‬ ‫فليش ـ ـ ـ ــهَد ال ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫محمـ ـ ـ ـ ـ ٍـد‬
‫إن كـ ـ ـ ـ ــان رفضـ ـ ـ ـ ــا ُحـ ـ ـ ـ ــب آل َّ‬
‫َ‬
‫نلحظ أن بيت الصاحب بن عباد ال يبتعد عن بيت الشافعي في اللفظ والمعنى‬
‫وهذا يحلنا للقول أن شعر الشافعي مرجعا للصاحب بن عباد‪ ,‬وقد أفاد الصاحب من‬
‫الشافعي بهذه الناحية‪ .‬إن وصف الشيعة أو الموالين ألهل البيت (عليهم السالم)‬

‫(‪ )1‬ديوان ابن الرومي‪1135/3 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر االحتجاج‪ ,‬ألبي منصور الطبرسي‪.145 /2 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان الصاحب بن عباد‪.205 :‬‬
‫(‪ )4‬ديوان الشافعي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي‪.89 :‬‬
‫)‪)131‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫بالرفض في العصر العباسي‪ ,‬جعل من الشعراء أن يضمنوا هذا المصطلح في‬


‫أشعارهم(‪ .)1‬مما انتج شع ار متقاربا في المعنى واللفظ‪.‬‬

‫وأفاد الشريف الرضي (ت‪406‬ه) من شعراء العصر العباسي في مراثيه ألهل‬


‫البيت (عليهم السالم) ونلحظ ذلك في رثائه لإلمام الحسين (عليه السالم)‪( :‬الكامل)‬

‫لش ـ ـ ـ ـ ـ ِـام ِم ـ ـ ـ ـ ــن أَعيِ ِاد َه ـ ـ ـ ـ ــا(‪.)2‬‬


‫وي ـ ـ ـ ـ ــة بِا َّ‬
‫َم ّ‬
‫أَ‬ ‫ق تَ ُع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـد َها‬ ‫ـت م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــآتِم بِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـالع ار ِ‬
‫ُ‬ ‫َك َان ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ َ‬
‫أشار الشاعر إلى يوم مقتل الحسين (عليه السالم) العاشر من محرم سنة‬
‫أحدى وستون(‪ )3‬فكان أهل العراق ومازالوا يقيمون فيه من كل سنة المآتم والعزاء على‬
‫سبط الرسول‪ ,‬فيما كان بنو أمية في الشام تقيم االحتفاالت ويصومون هذا اليوم الن‬
‫نجى نوحا (عليه السالم) من الغرق في اليوم العاشر من محرم كما يعتقدون(‪.)4‬‬
‫اهلل ّ‬
‫(البسيط)‬ ‫وهذا المعنى أَثَره الشريف من السري الرفاء (ت‪362‬ه)‪ .‬قال‪:‬‬

‫م ـ ـ ـ ــآتم أص ـ ـ ـ ــبحت بالش ـ ـ ـ ــام أعي ـ ـ ـ ــادا(‪.)5‬‬ ‫قتل ـ ـ ــى أُقيم ـ ـ ــت بأكن ـ ـ ــاف العـ ـ ـ ـراق له ـ ـ ــا‬
‫الرفّاء الشريف الرضي لهذا المعنى فكان مرجعية ثقافية أدبية له‬
‫سبق السَّري َّ‬
‫ولغيره‪ .‬والتقارب في المعنى بين الشاعرين يكشف عن اطالع الشريف الرضي على‬
‫السري الرفاء‪.‬‬
‫شعر ّ‬

‫(‪ )1‬ينظر ديوان الصنوبري‪215 /1:‬؛ ديوان محمد بن عبدالعزيز السوسي‪132 :‬؛ ديوان‬
‫الصاحب بن عباد‪ 163 :‬ـ ـ ـ ‪205‬؛ شعر البشنوي الكردي‪57 :‬؛ شعر الشيخ علي بن أحمد‬
‫الفنجكردي‪.70 :‬‬
‫(‪ )2‬ديوان الشريف الرضي‪.408 /1 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر تاريخ الطبري تاريخ الرسل والملوك‪ ,‬وصلة تاريخ الطبري‪.394 /5 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر م ‪ .‬ن‪.285 /1 :‬‬
‫الرفَّاء‪.158 :‬‬
‫ي ّ‬ ‫السر ِّ‬
‫(‪ )5‬ديوان ّ‬
‫)‪)132‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫إن شعراء القرن الخامس الهجري قد اغنوا تجربتهم الشعرية من شعر الشعراء‬
‫السابقين في العصر العباسي‪ ,‬ونلمح ذلك عند الشريف الرضي (‪406‬ه)‪( :‬الرمل)‬

‫فعل ـ ـ ـ ـ ـ ـوا فعـ ـ ـ ـ ـ ــل يزيـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـد مـ ـ ـ ـ ـ ــا عـ ـ ـ ـ ـ ــدا(‪.)1‬‬ ‫لـ ـ ـ ـ ـ ــو بسـ ـ ـ ـ ـ ــبطي قيصـ ـ ـ ـ ـ ــر أو هرقـ ـ ـ ـ ـ ــل‬
‫أراد الرضي لو أن الحسن والحسين من أبناء هرقل اليوناني أو قيصر الرومي‬
‫لم َّ‬
‫يتعد فعلهم ما فعلوه بسبطي الرسول( صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ .‬ويكشف النص‬
‫عن مرجعية ثقافية أدبية تأثَّر بها الشريف الرضي من شعر الصاحب بن عباد‬
‫(الكامل)‬ ‫(‪ 385‬ه)‪ .‬قال في أهل البيت (عليهم السالم)‪:‬‬

‫َّن محمـ ـ ـ ـ ــدا وافـ ـ ـ ـ ــى بملـ ـ ـ ـ ـ ِـة هرقـ ـ ـ ـ ـ ِـل(‪.)2‬‬ ‫ـات محمـ ـ ـ ـ ـ ٍـد حت ـ ـ ـ ـ ــى ك ـ ـ ـ ـ ــأ‬
‫تُسـ ـ ـ ـ ــبى بن ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ونظم ابن العودي النيلي(ت‪558‬ه) في أهل البيت (عليهم السالم) مستحض ار‬
‫(الطويل)‬ ‫المعنى واللفظ من شعراء العصر العباسي المتقدمين عنه‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـدم(‪.)3‬‬
‫له ـ ـ ـ ـ ــم ق ـ ـ ـ ـ ــدم فيه ـ ـ ـ ـ ــا وال متق ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫َونازَعـ ـ ـ ــهُ فيهـ ـ ـ ــا رجـ ـ ـ ــال ولـ ـ ـ ــم يكـ ـ ـ ـ ْـن‬
‫أشار الشاعر إلى خالفة المسلمين بعد وفاة الرسول (صلى اهلل عليه وآله‬
‫وسلم)‪ ,‬ويرى إن اإلمام علي (عليه السالم) اجدر وأحق بها‪ ,‬إال أن القوم نازعوه‬
‫عليها رغم أنهم لم يكن لهم عهد بها وال قدم سابقا‪ ,‬إن ابن العودي تأثر بمرجعية‬
‫أدبية ممن سبقه فأخذ اللفظ والمعنى من قول أبي فراس الحمداني (‪357‬ه)‪ .‬قال في‬
‫(البسيط)‬ ‫أهل البيت (عليهم السالم)‪:‬‬

‫َو َم ـ ـ ـ ــا له ـ ـ ـ ــم قَ ـ ـ ـ ـ َـدم‪ ,‬فيه ـ ـ ـ ــا وال ِق ـ ـ ـ ـ َـد ُم(‪.)4‬‬ ‫العبـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـاس)) إرثَهُـ ـ ـ ـ ُـم‬ ‫اهـ ـ ـ ــا ((َب ُنـ ـ ـ ــو َّ‬ ‫ثُـ ـ ـ ـ َّـم َّ‬
‫اد َع َ‬

‫(‪ )1‬ديوان الشريف الرضي‪.96 /1 :‬‬


‫(‪ )2‬ديوان الصاحب بن عباد‪.86 :‬‬
‫(‪ )3‬ابن العودي النيلي (ت‪558‬ه)حياته وما تبقى من شعره‪,126 :‬‬
‫(‪ )4‬ديوان أبي فراس الحمداني‪.351 :‬‬
‫)‪)133‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫كما اخذ الطغرائي (ت‪515‬ه) من شعر دعبل بن علي الخزاعي مرجعا ثقافيا‬
‫أدبيا‪ ,‬يغترف من معانيه وبعض ألفاظه بما ينسجم مع غرضه وموضوعه‪ .‬قال في‬
‫(الكامل)‬ ‫أهل البيت (عليهم السالم)‪:‬‬

‫أخيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه َب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادي‬


‫ووالؤهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم لِبنِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـاهر‬ ‫ـب اليه ـ ــوِدي اآلل موس ـ ــىا ظَ ـ ـ ِ‬
‫ُح ـ ـ ُّ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـوم َه ـ ـ ـ ـ ــادي‬ ‫بِ ِهـ ـ ـ ـ ــم اهتَـ ـ ـ ـ ـ َـدوا ولِ ُك ـ ـ ـ ـ ـ ِّـل قُـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ـارونا األُلَ ـ ــى‬ ‫اه ـ ـ َ‬ ‫َوام ـ ــامهم م ـ ــن َنس ـ ـ ِـل َ‬
‫ـر ِمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن األَعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـو ِاد‬ ‫الَِنبِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيِّهما َن ِخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َا‬ ‫ون َم َحَّبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةً‬‫كرمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ـارى ُي ِ‬ ‫صــــــ َ‬‫الن َ‬ ‫َوأ ََرى َّ‬
‫فَصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــفَت ُقلُـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوبهم ِمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن األَحقَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ِ‬
‫ـاد‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬ ‫الص ـ ـ ـ ــفَا‬
‫ون َّ‬ ‫ـمع َ‬ ‫َو تَ َم َّسـ ـ ـ ـ ـ ُكوا بِ ـ ـ ـ ـ َـوالء َش ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫َحقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـاد‬ ‫قَتَلُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوه أو وسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــموه بِاأل ِ‬ ‫َحمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـدا‪ُ ,‬مسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلِم‬ ‫َّ‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َوا َذا تَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـولى اآ َل أ َ‬
‫ظلَّـ ـ ـ ـ ـ ــت حلُـ ـ ـ ـ ـ ــوم حو ِ‬ ‫ـاء بِ ِم ِثل ـ ـ ـ ـ ـ ِـه‬
‫اضـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـر َوَبـ ـ ـ ـ ـ ـ َـوادي‬ ‫ُ ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫العَي ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫اء َ‬ ‫َهـ ـ ـ ـ ـ ـ َذا ُه ـ ـ ـ ـ ــو ال ـ ـ ـ ـ ـ َّـد ُ‬
‫ِ (‪)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي اآل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــها َواهلل بِالم َ‬
‫رص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد‬ ‫ام َح َّمـ ـ ـ ـ ٍـدا‬ ‫ـق َّ ِ‬
‫النب ـ ـ ـ ـي ُ‬ ‫لَـ ـ ـ ــم َيحفَظُ ـ ـ ـ ـوا َحـ ـ ـ ـ َّ‬

‫إن فحوى األبيات تحوم حول المقارنة بين معاملة األقوام السابقة لذرية أنبيائهم‪,‬‬
‫ويظهر من تلك المقارنة أن أهل بيت الرسول (عليهم السالم) أكثر نسل األنبياء‬
‫معاناة‪ ,‬وال شك في أن الطغرائي تتبع شعر دعبل بن علي واتخذه مرجعا في هذا‬
‫المعنى مع الفارق البسيط‪ .‬فدعبل يصور ظلم القوم لمحبي أهل البيت (عليهم‬
‫(الكامل)‬ ‫السالم)‪ .‬إذ قال‪:‬‬

‫هرَهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا الخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـو ِ‬


‫ان‬ ‫أِ‬
‫َمَنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت َم َعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـرةَ َد ِ‬ ‫ـود بِ ُحِّبه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫اليهُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫َّ‬
‫إن َ‬
‫ـون َزه ـ ـ ـ ـ ـوا ِفـ ـ ـ ـ ــي قُـ ـ ـ ـ ـ َـرى َنجـ ـ ـ ـ ـ َـر ِ‬
‫ان‬ ‫َيم ُشـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫يســى أَصـ َـب َحوا‬ ‫ـب ع َ‬
‫ـليب بِحـ ِّ ِ‬
‫الصـ ِ ُ‬ ‫َوَذ ُوو َ‬
‫ان(‪.)2‬‬ ‫ق بِ ـ ـ ـ ـ ـ ِّ‬
‫ـالن َير ِ‬ ‫ـون ِف ـ ـ ـ ـ ــي اآلف ـ ـ ـ ـ ــا ِ‬
‫رم ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ُي َ‬ ‫آل َنبِيِّهَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ـب ِ‬ ‫ون بِ ُح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّ‬ ‫ِ‬
‫المس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل ُم َ‬ ‫ِو ُ‬

‫(‪ )1‬ديوان الطغرائي‪.137 :‬‬


‫(‪ )2‬شعر دعبل بن علي الخزاعي‪ 350 :‬ـ ـ ـ ‪.351‬‬
‫)‪)134‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫إن ظالمة أهل البيت (عليهم السالم) في العصر العباسي أيضا جعل من‬
‫الشعراء أن يقرنوا بطشهم بأفعال بني أمية فيرجح المعنى عند الشعراء ظلم العباسيين‬
‫على األمويين ألهل البيت (عليهم السالم)‪ ,‬واستحضر هذا المعنى أكثر من شاعر‪.‬‬
‫(البسيط)‬ ‫قال دعبل بن علي الخزاعي‪:‬‬

‫ـذر(‪.)1‬‬
‫وال أرى لبنـ ــي العباسـ ــي مـ ــن عـ ـ ِ‬ ‫أرى أمي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة مع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذورين إن قتلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا‬
‫(البسيط)‬ ‫وأخذ أبو فراس الحمداني المعنى نفسه‪ .‬قال‪:‬‬

‫دون َنـ ـ ـ ـ ـ ــيلِ ُك ُم(‪.)2‬‬


‫ك الج ارئـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـر‪ ,‬إال َ‬
‫تل ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫مــا نــا َل مــنهما بنــو َحـ ٍ‬
‫ـربا َوان َعظمــت‬
‫(الطويل)‬ ‫ثم جاء بعده الشريف الرضي ووظف المعنى في شعره‪ .‬قال‪:‬‬

‫اآلخ ـ ـ ـريِ َن بِ َزائِ ـ ـ ـ ِد(‪.)3‬‬


‫بح فعـ ـ ـ ِـل ِ‬
‫َعلـ ـ ــى قُ ـ ـ ـ ِ‬ ‫يس ِفعـ ـ ـ ـ ـ ُل َّ‬
‫األولِـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ين َوا ْن َعـ ـ ـ ـ ـال‬ ‫أال لَـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫كان دعبل بن علي الخ ازعي مرجعا أدبيا للشعراء الذين جاؤوا بعده فنظموا على‬
‫شاكلته في بيان ظلم العباسيين ألهل البيت (عليهم السالم)‪ ,‬فضال عن داللة خفية‬
‫تظهر بوساطتها الظلم الذي وقع على الرعية وتهميش لطبقة غير قليلة من الطوائف‬
‫والفئات األخرى في المجتمع العباسي‪ .‬أو إن المنابع الثقافية للشعراء في العصر‬
‫العباسي كانت واحدة مما أنت شع ار متشابها في اللفظ والمعنى‪.‬‬

‫(‪ )1‬شعر دعبل بن علي الخزاعي‪.145 :‬‬


‫(‪ )2‬ديوان أبي فراس الحمداني‪.302 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان الشريف الرضي‪.412 /1 :‬‬
‫)‪)135‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫‪ /1‬الخطب‬

‫تحتفل األمم بعظمائها وعلمائها في جميع بقاع األرض؛ تحقيقا للمنفعة‬


‫المعنوية التي تبثها في روح الشعب فتأثر على سلوك أفرادها إيجابا بأن يصبح هذا‬
‫العظيم قدوة يحتذى به‪ ,‬ونحن العرب نفخر على األمم أن نشاركهم بعظمائهم‬
‫محمد وأهل بيته (عليهم السالم) من العرب‪.‬‬
‫كاألنبياء واألوصياء ونزيدهم أن النبي ّ‬

‫هناك شروط يجب توافرها في الخطيب منها أن يمتلك المقدرة على تأليف‬
‫الجمل والعبارات الفصيحة‪ ,‬وربطها ربطا محكما يأخذ المعنى برقاب بعض‪ ,‬وايصاله‬
‫ُ‬
‫بأسهل الطرق إلى الجمهور‪ .‬والخطبة اصطالح هي ((فن مخاطبة الجمهور بأسلوب‬
‫فصيح بليغ‪ ,‬وعادة يكون ذلك في مناسبة ما كالتأبين أو التخريج أو المناسبات‬
‫الدينية والوطنية))(‪.)1‬‬

‫تطور ُّ‬
‫فن الخطابة عبر العصور التي قطعها األدب العربي‪ ,‬فكانت في عصر‬
‫ما قبل اإلسالم تعتمد على السليقة والبداهة واالرتجال‪ ,‬واسهمت طبيعة العرب‬
‫المعتمدة على الغزو والحرب والغارات والمنافرات في ازدهار هذا الفن‪ .‬وكان من‬

‫(‪ )1‬المعجم األدبي‪ ,‬نواف نصار‪.110 :‬‬


‫)‪)136‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫أشهر خطباء عصر ما قبل اإلسالم أكثم بن صيفي‪ ,‬وقس بن ساعدة اإليادي(‪,)1‬‬
‫وأيضا كان عبد المطلب وأبو طالب من خطباء العرب قبل اإلسالم(‪.)2‬‬

‫قطعت الخطابة شوطا بعيدا في العصر االسالمي أسهمت عوامل في تطورها‬


‫منها‪ :‬الحياة الدينية وتعاليم الدين الجديدة‪ ,‬وظهور النزاعات السياسية الداخلية‬
‫واالنقسامات‪ ,‬واختالف اآلراء في خالفة المسلمين ال سيما في عصر بني أمية‪,‬‬
‫فضال عن أن العرب لم يفقدوا فصاحتهم وبداهتم؛ لقربهم بعصر ما قبل اإلسالم ولم‬
‫يفسد لسانهم باالختالط(‪.)3‬‬

‫ال شك في أن الرسول وأهل بيته (عليهم السالم) المثال الذي يحتذى به في‬
‫البالغة والفصاحة‪ ,‬وان المرء ال يستطع فهم القرآن دون كالم رسوله‪ ,‬فعني األدباء‬
‫وخطب الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) ودونوها بعد التمحيص‬
‫والعلماء بأحاديث ُ‬
‫والتدقيق‪ ,‬وأضحى مرجعا لكثير من العلوم‪ ,‬وأفاد منها األدب بصنفيه النثر والنظم‪.‬‬

‫أما أهل البيت (عليهم السالم) فلم يقلوا شأنا بعد رسول اهلل (صلى اهلل عليه‬
‫ِ‬
‫وآله وسلم) حتى نعتهم النبي بعدل القرآن قال‪ِ(( :‬إِّني تَ ِارك في ُك ُم الثََّقلَ ْي ِن‪ ,‬أ َ‬
‫َح ُد ُه َما‬
‫َه ُل َب ْيتِي‪,‬‬
‫ض‪َ ,‬و ِعتْ َرتِي أ ْ‬ ‫أَ ْكبر ِمن ْاآل َخ ِر‪ِ :‬كتَاب اللَّ ِه حْبل مم ُدود ِمن السَّم ِ‬
‫اء إِلَى ْاأل َْر ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ُ‬ ‫َُ َ‬
‫ض))(‪ .)4‬فكان كالمهم وخطبهم محط اهتمام‬ ‫َوِاَّنهُ َما لَ ْن َي ْفتَ ِرقَا َحتَّى َي ِرَدا َعلَ َّي ا ْل َح ْو َ‬
‫الم َح َّدثين والرواة‪ ,‬وألفت المجلدات في حفظ ذلك الموروث الثقافي‪ ,‬وأضحت تلك‬
‫ُ‬

‫(‪ )1‬ينظر محاضرات األدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء‪ ,‬أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف‬
‫بالراغب األصفهانى‪.175 /1 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر سمط الآللي في شرح أمالي القالي‪ ,‬أبو عبيد عبد اهلل بن عبد العزيز بن محمد البكري‬
‫األندلسي‪.487 /1 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر تاريخ األدب العربي‪ ,‬العصر اإلسالمي‪ ,‬شوقي ضيف‪ 405 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.406‬‬
‫(‪ )4‬مسند اإلمام أحمد بن حنبل‪.169 /17 :‬‬
‫)‪)137‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫الخطب مرجعا ثقافيا ألدباء العصور الالحقة‪ ,‬ال سيما الشعر الشيعي؛ لما يعززه‬
‫االستحضار في تقوية داللة المعنى فضال عن جسر يربط النص بالنصوص‬
‫السابقة‪ ,‬وقد استلهم شعراء الشيعة في العصر العباسي خطب أهل البيت (عليهم‬
‫السالم)‪ ,‬على نحو ما استشهد به السيد الحميري من خطبة اإلمام الحسين (عليه‬
‫السالم) في نصه الشعري؛ ألكساء النص داللة وايضاحا‪ .‬قال الحميري في رثاء‬
‫(الخفيف)‬ ‫اإلمام الحسين (عليه السالم)‪:‬‬

‫ـام ف ـ ـ ـ ـ ـ ــي ِهم خطيب ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ِ‬


‫ـاهم وق ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ت دع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـين أيق ـ ـ ـ ـ َـن بـ ـ ـ ـ ــالمو‬
‫ـت أنس ـ ـ ـ ــاهُ حـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫لس ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫وبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫َس س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوائي أ ََرى لَهُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم َمطلُ َ‬ ‫ثـ ـ ـ ــم قـ ـ ـ ــا َل ارجع ـ ـ ـ ـوا إلـ ـ ـ ــى أهلكـ ـ ـ ــم ليـ ـ ـ ـ ـ‬
‫ـب ِمنهَ ـ ـ ـ ـ ــا لَ ِهيب ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ـاهم قَ ـ ـ ـ ـ ــد َش ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫َو ُح َش ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـون ُس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُكوب‬ ‫ِ‬
‫ـابوهُ َوالعُّيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫َجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫فَأ َ‬
‫ك المصـ ـ ــطفى َونحـ ـ ـ ُـن ُحروب ـ ـ ــا(‪.)1‬‬ ‫َجـ ـ ـ َّـد َ‬ ‫ـين ُنلقَ ـ ـ ـ ـ ـى‬ ‫ِ‬ ‫أي عـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـذر لََنـ ـ ـ ـ ــا غـ ـ ـ ـ ــدا حـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫استعمل الشاعر السرد في تتابع األحداث التاريخية فضمن خطبة الحسين‬
‫(عليه السالم) بأصحابه وأهل بيته‪ ,‬وهو يلتمس لهم العذر في تركه والعدو؛ ألن‬
‫القوم ال يطلبون سواه‪ .‬ثم انتقل إلى جواب أصحاب الحسين وأهل بيته وقد عزموا‬
‫على القتال بين يده؛ كي يلقوا جده الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) وهو راض‬
‫عنهم‪ ,‬وأراد الشاعر خطبة اإلمام الحسين (عليه السالم) في يوم الطف بأنصاره‪:‬‬
‫((أَال واني أظن يومنا من هؤ ِ‬
‫الء األعداء غدا‪ ,‬أَال واني قَ ْد رأيت لكم فانطلقوا جميعا‬‫َُ‬
‫ِفي ٍّ‬
‫حل‪ ,‬ليس َعلَ ْي ُك ْم مني ذمام‪َ ,‬ه َذا ليل قَ ْد غشيكم‪ ,‬فاتخذوه جمال))(‪ .)2‬وان‬
‫استحضار الشعراء للخطب بحد ذاتها مسألة ذات بعد إشاري إلى ذبول الخطابة في‬
‫العصر العباسي ‪ ,‬بأن وصل األمر بالخلفاء أن أعرضوا من خطب يوم الجمعة‬
‫واألعياد‪.‬‬

‫(‪ )1‬ديوان السيد الحميري‪ 74 :‬ـ ـ ـ ‪.76‬‬


‫(‪ )2‬تاريخ الطبري تاريخ الرسل والملوك‪.418/5 :‬‬
‫)‪)138‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫كما أفاد أبو فراس الحمداني من كالم السيدة زينب (عليها السالم) في نصه‬
‫(الرجز)‬ ‫فوظفه في إظهار ظالمة أهل البيت (عليهم السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـرف (النب ـ ـ ُّ ِ‬ ‫ذو الع ـ ـ ِ‬ ‫نبيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه‬


‫ك لـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو أردى ِعـ ـ ـ ـ ـ ـ ــداةَ َّ‬
‫ـي) ع ـ ــداهُ‬ ‫ـرش م ـ ــا ع ـ ـ َ‬ ‫َوكـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذا َ‬
‫ممـ ـ ـ ـ ـ ــا أرتـ ـ ـ ـ ـ ــه سـ ـ ـ ـ ـ ــماهُ‬
‫ـت َدمـ ـ ـ ـ ـ ــا َّ‬
‫وبكـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬ ‫ـمس الض ـ ــحى؛‬ ‫ـرت ش ـ ـ ُ‬ ‫ي ـ ــوم علي ـ ــه تغي ـ ـ ْ‬
‫أو ذي بكـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـاء لـ ـ ـ ــم تفـ ـ ـ ــض عينـ ـ ـ ــاهُ (‪.)1‬‬ ‫ـذر فيـ ـ ـ ــه لمهجـ ـ ـ ـ ٍـة لـ ـ ـ ــم تنفطـ ـ ـ ــر‬
‫ال عـ ـ ـ ـ َ‬
‫أشار الشاعر إلى غضب اهلل جل جالله لمقتل الحسين (عليه السالم) إذ بكت‬
‫األرض‪ ,‬وقطرت السماء دما‪ .‬وأفاد الشاعر من خطبة السيدة زينب (عليها السالم)‬
‫فكانت مرجعا أدبيا أغنى تجربة الشاعر‪ ,‬وأراد من قولها (عليها السالم)‪(( :‬أفعجبتم‬
‫أن قطرت السماء دما؟ ولعذاب اآلخرة أشد وأخزى وأنتم ال تنصرون))(‪ .)2‬وقد ُذ ِكر‬
‫أن السماء لم تعرف الحمرة إال يوم قتل الحسين(‪ .)3‬وفي النص إشارة لكثرة الفرق‬
‫والمذاهب الدينية في الدول واألمارات في عصر أبي فراس الحمداني‪ ,‬وفي خطبة‬
‫السيد زينب (عليها السالم) دعوة وتذكرة للتوحد بين الفرق اإلسالمية‪.‬‬

‫ووظف الصاحب بن عباد بعض المعاني من خطبة أمير المؤمنين(عليه‬


‫السالم)‪ ,‬واتخذها مرجعا ثقافيا يعول عليه الشاعر في تنزيه اهلل سبحانه وتعالى‪ ,‬ثم‬
‫(الرجز)‬ ‫عرج على مدح أهل البيت (عليهم السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـار‬ ‫ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـال وال ُ‬


‫تبلغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ األفك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـار‬ ‫َعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـز فمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا تُ ِ‬
‫درُكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ األبصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ـار‬
‫وال لَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ أيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن وال أقطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫وال لَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ كيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف وال اسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتقرُار‬
‫ـان‬
‫حيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــث وال زمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫كـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان وال ْ‬ ‫ـان‬
‫كـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان وال َعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرش وال مكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ِِ‬
‫(‪ )1‬ديوان أبي فراس الحمداني‪.423 :‬‬
‫(‪ )2‬مقتل الحسين‪ ,‬الخوارزمي ‪.46 /2 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضالل والزندقة‪ ,‬أحمد بن محمد بن علي بن‬
‫حجر الهيتمي السعدي األنصاري‪.121 /2 :‬‬
‫)‪)139‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫لك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان ملموس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا بك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫ـف ازئ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـر‬ ‫ـين ن ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـاظر‬ ‫بع ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ل ـ ـ ـ ــو ك ـ ـ ـ ــان َمحسوس ـ ـ ـ ــا َ‬
‫وك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان ذا ح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـد م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن المق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـادر‪.‬‬ ‫وك ـ ـ ـ ـ ـ ــان ذا ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـل وبع ـ ـ ـ ـ ـ ــض ظ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـاهر‬
‫ـرد العزيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــز الواحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـد‬ ‫ـمد الفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫الصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫َّ‬ ‫بل ـ ـ ـ ــى ه ـ ـ ـ ــو ال ـ ـ ـ ـ ُّ‬
‫ـرب الملي ـ ـ ـ ــك الماج ـ ـ ـ ـ ُـد‬
‫ـين وال آالت(‪.)1‬‬ ‫َب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـرى ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـدير الـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذات‬
‫ـالم الـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذات القـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫العـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫وظف الشاعر خطبة اإلمام علي (عليه السالم) توظيفا دالليا يشف عن تقديس‬
‫اهلل وتنزيهه عن الخلق‪ ,‬فاتخذ منها مرجعا يتكئ عليه الشاعر جاء منها‪(( :‬الحمد هلل‬
‫الذي ال يبلغ مدحته القائلون‪ ,‬وال يحصي نعماءه العادون‪ ... ,‬الذي ال يدركه بعد‬
‫الهمم‪ ,‬وال يناله غوص الفطن‪ ,‬الذي ليس لصفته ٌّ‬
‫حد محدود‪ ,‬وال نعت موجود‪ ,‬وال‬
‫وقت معدود وال أجل ممدود‪ ...‬وكمال االخالص له نفي الصفات عنه‪ ...‬فمن‬
‫وصف اهلل سبح انه فقد قرنه‪ ,‬ومن قرنه فقد ثناه‪ ...‬فاعل ال بمعنى الحركات واآللة‪,‬‬
‫بصير إذ ال منظور إليه من خلقه‪ ,‬متوحد إذ ال سكن يستأنس به وال يستوحش‬
‫لفقده))(‪.)2‬‬

‫واستعان ابن نباته السعدي (‪405‬ه) بكالم اإلمام الحسين (عليه السالم) في‬
‫الداللة على شجاعته وعزمه وحصافة رأيه‪ .‬قال في مناقب أهل البيت (عليهم‬
‫(الخفيف)‬ ‫السالم)‪:‬‬

‫ـام وصـ ـ ـ ـ ـ ــلَّى‬ ‫َد منـ ـ ـ ـ ـ ــار الهـ ـ ـ ـ ـ ــدى وصـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ـي أو ُل م ـ ـ ـ ـ ـ ــن ش ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ف ـ ـ ـ ـ ـ ــأبوك الوص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ‬
‫القَيام ـ ـ ـ ـ ـ ِـة فَ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـتال‬ ‫ص ـ ـ ـ ـ ــيح ِة ِ‬
‫َ‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه إِل ـ ـ ـ ـ ــى ِ‬
‫ُ‬ ‫ت َحبلَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـريش فَ َز َادتْـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫َن َشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـر ْ‬
‫ـيش ِفـ ـ ــي الـ ـ ـ ُّـذ ِل قَـ ـ ـ َ‬
‫ـتال(‪.)3‬‬ ‫ِّز َحَي ـ ــاةً َو َ‬
‫العـ ـ ـ َ‬ ‫والحس ـ ــين ال ـ ــذي أرَى القَتـ ـ ـ َل ِف ـ ــي ِ‬
‫الع ـ ـ ـ ـ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬ديوان الصاحب بن عباد‪ 53 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.55‬‬


‫(‪ )2‬شرح نهج البالغة‪ ,‬البن أبي الحديد‪ 35 /1 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.45‬‬
‫(‪ )3‬ديوان ابن نباته السعدي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬عبد األمير مهدي حبيب الطائي‪.258/2 :‬‬
‫)‪)140‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫إن الشاعر بمخزونه الثقافي األدبي أفاد من خطبة الحسين (عليه السالم)‬
‫فكشف عن داللة النص ووظفه في مدح أهل البيت (عليهم السالم)‪ ,‬وأبان عن‬
‫شجاعتهم ومناقبهم‪ ,‬فالبيت األخير أشار به الشاعر إلى خطبة اإلمام الحسين (عليه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهى َع ْنهُ‪,‬‬ ‫ق َال ُي ْع َم ُل بِه‪َ ,‬وا ْلَباط ُل َال ُيتََن َ‬ ‫السالم) في كربالء قال‪(( :‬أ ََال تََرْو َن ا ْل َح َّ‬

‫ين ِإ َّال‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ت إِ َّال َس َع َ‬‫اء اللَّ ِه‪َ ,‬وِاِّني َال أ ََرى ا ْل َم ْو َ‬
‫لِيرَغب ا ْلمؤ ِمن ِفي لِقَ ِ‬
‫ادةً‪َ ,‬وا ْل َحَياةُ َم َع الظالم َ‬ ‫َْ َ ُ ْ ُ‬
‫َب َرًما))(‪.)1‬‬

‫ووظف البشنوي الكردي (ت‪456‬ه) خطبة الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‬
‫(الطويل)‬ ‫في غدير خم‪ .‬قال‪:‬‬

‫تم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـان‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الغـ ـ ـ ِـد ِ‬
‫َوقَـ ـ ــد َشـ ـ ــهَ ُدوا ِعيـ ـ ـ َـد َ‬
‫َمقَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َل َر ُس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــول اهلل َغي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـر ك َ‬ ‫ير َوأَس ـ ـ ـ َـم ُعوا‬
‫َفضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َل األَن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـس‬ ‫فَقَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالُوا َبلَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى َي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا أ َ‬ ‫ـاس ُكلُّهُـ ــم‬ ‫ـت بِ ُك ـ ــم أُولَ ـ ــى ِم ـ ــن َّ‬
‫الن ـ ـ ِ‬ ‫ألَس ـ ـ ُ‬
‫ـر بِـ ـ ـ ـأ ِ‬ ‫الص ـ ـ ـ ِ‬
‫ـادى بِـ ـ ـ ـأَعلَى ُّ‬ ‫ـين أَع ـ ـ ـ ـ ـو ِاد َم َنبـ ـ ـ ـ ـ ٍـر‬ ‫ِ‬
‫َعالن‬ ‫ـوت َجه ـ ـ ـ َا‬ ‫َوَن ـ ـ ـ َ‬ ‫ـام َخط َيبـ ـ ـ ـ ــا بِـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫فَقَـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـف َو ِع َينـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـان‬ ‫ُقلُـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوبهم مـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا بِـ ـ ـ ـ ـ ـ ــين خلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬ ‫س أَذلَّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـة‬
‫بِ ِحي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـد َرِة والقُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوم ُخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـر ِ‬
‫َ‬ ‫ُُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ـدر ِف ـ ـ ــي ُغص ـ ـ ـ ِـن الََب ـ ـ ـ ِ‬
‫ـان‬ ‫بِ ُوج ـ ـ ــهُ َك ِمث ـ ـ ـ ِـل الََب ـ ـ ـ ِ‬ ‫ع ُمقـ ـ ـ ـ ـ ـبِ َال‬‫َفلََّب ـ ـ ـ ـ ــى ُم ِج َيب ـ ـ ـ ـ ــا ثُـ ـ ـ ـ ـ َّـم أَس ـ ـ ـ ـ ـ َـر َ‬
‫لمص ـ ـ ـ ـطَفَى ثَـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـان‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ـب ثُـ ـ ـ ـ َّـم ارتَقَ ـ ـ ـ ــى بِ ـ ـ ـ ـ ِـه‬ ‫فَ َالقَ ـ ـ ـ ــاه بِالَتَ ِ‬
‫رحي ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـار الطهُـ ـ ـ ـ ُـر ل ُ‬
‫صـ ـ ـ ـ َ‬
‫إليـ ـ ـ ــه َو َ‬ ‫ُ‬
‫ـوم تَـ ـ ــاهلل َوالـ ـ ـ َـدانِي‬ ‫ِ‬
‫إلَـ ـ ــى القُـ ـ ــوم أصـ ـ ـ َـغى القُـ ـ ـ ُ‬ ‫صـ ـ ـ َـغى‬ ‫ِ ِ‬
‫َو َشـ ـ ــا َل ب َعضـ ـ ــديه َوقَـ ـ ــا َل َوقَـ ـ ــد َ‬
‫وس ـ ــى الَ َكلِ ـ ـ ِـيم بِ ـ ــن ُعم ـ ـ َـر ِ‬
‫ان‬ ‫َكه ـ ــار ِ‬
‫ون م ـ ــن ُم َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫َخـ ـ ـ ــي َال فَـ ـ ـ ـ َ ِ‬
‫ـرق بِينـ ـ ـ ــي َوبِ َينـ ـ ـ ــهُ‬
‫ـي أ ِ‬
‫َعلِـ ـ ـ ـ ٌّ‬
‫ثمـ ـ ـ ـ ــانِي‬ ‫ُمتِـ ـ ـ ـ ــي َبعـ ـ ـ ـ ـ ِـدي إِ َذا ُز ُ ِ‬
‫رت ج َ‬ ‫َعلَـ ـ ـ ـ ــى أ َّ‬ ‫الخلِيفَـ ـ ـ ـ ــة ِفـ ـ ـ ـ ــي َغـ ـ ـ ـ ـ ٍـد‬
‫لم ـ ـ ـ ــي َو َ‬ ‫وو ِارث ِع ِ‬
‫ََ‬
‫غضب َع َل الشاني(‪.)2‬‬ ‫اداهُ َواَ َ‬ ‫اد الَِّذي َع َ‬ ‫َو َع َ‬ ‫رب َمـ ـ ـ ـ ــن َوالَـ ـ ـ ـ ــى َعلَِّيـ ـ ـ ـ ــا فَ َوالِـ ـ ـ ـ ـ ِـه‬‫فََيـ ـ ـ ـ ــا ّ‬

‫(‪3‬‬
‫ينظر)‪ .‬أيضا ترتيب األمالي الخميسية‪ ,‬يحيى‬
‫(‪ )1‬حلية األولياء وطبقات األصفياء‪39 /2 :‬؛ال َشانِي‬
‫المرشد باهلل بن الحسين الموفق بن إسماعيل بن زيد الحسني الشجري‪.212 /1 :‬‬
‫)‪ )2‬ديوان البشنوي الكردي‪.54 :‬‬
‫)‪ )3‬الغدير في الكتاب والسنة واألدب‪.29 /1 :‬‬
‫)‪)141‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫أشار الشاعر إلى خطبة الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) لما عاد من‬
‫حجته األخيرة‪ ,‬ثم نقل الخطبة بمعناها وبعض اللفظ‪ ,‬فالبيت األول والثالث يدل على‬
‫منعى قول الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ (( :‬أيها الناس أال تسمعون؟ قالوا‬
‫نعم))(‪ .)2‬وفي البيت الثاني أشار الشاعر إلى قول الرسول (صلى اهلل عليه وآله‬
‫وسلم)‪(( :‬أيها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا‪ :‬اهلل ورسوله أعلم‪,‬‬
‫قال‪ :‬إن اهلل موالي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم))(‪ .)1‬ثم من البيت‬
‫الرابع إلى البيت الثامن أشار إلى ارتقاء اإلمام علي لجنب الرسول (عليهما السالم)‬
‫ومعرفا به أمام المأل(‪ .)2‬وفي البيت األخير نقل الشاعر اللفظ والمعنى من‬
‫ِّ‬ ‫رافعا يده‬
‫خطبة الرسول إذ قال(صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪(( :‬فمن كنت مواله فعلي مواله‪... ,‬‬
‫ِ‬
‫وعاد من عاداه))(‪ .)3‬ال شك في أن الشاعر استلهم‬ ‫ثم قال‪ :‬اللهم وال من وااله‪,‬‬
‫معاني خطبة الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) واتخذها مرجعا أدبيا أفاد من لفظها‬
‫ومعناها وقد وظفها في نصه داللة على والية اإلمام علي (عليه السالم)‪ .‬أضحت‬
‫خطبة الغدير ثيمة في الشعر الشيعي استعان بها أغلب شعراء الشيعة في العصر‬
‫العباسي(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬م ‪ .‬ن‪.29 /1 :‬‬


‫(‪ )2‬الغدير في الكتاب والسنة واألدب‪.29 /1 :‬‬
‫(‪ )3‬م ‪ .‬ن ‪ 29 /1 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.30‬‬
‫(‪ )4‬ينظر ديوان السيد الحميري‪ 46 :‬ـ ـ ـ ‪ 80 47‬ـ ـ ـ ـ ‪81‬؛ شعر دعبل بن علي الخزاعي‪331 :,‬؛‬
‫ديوان ديك الجن‪45 :‬؛ ديوان الناشئ الصغير‪46 :‬؛ ديوان الصنوبري‪461 /2 :‬؛ ديوان‬
‫الصاحب بن عباد‪ 62 :‬ـ ـ ـ ـ ‪145‬؛ ديوان أبي فراس الحمداني‪347 :‬؛ ديوان محمد بن عبد‬
‫العزيز السوسي‪115 :‬؛ ديوان الصوري‪ 186 /1 :‬ـ ـ ـ ‪68 /2 , 416‬؛ ديوان مهيار‪/1 :‬‬
‫‪ 182 /2 ,299‬ـ ـ ـ ‪16 /3 ,183‬؛ شعر البشنوي الكردي‪ 56 :‬ـ ـ ـ ‪ 58‬ـ ـ ـ ـ ‪60‬؛ شعر الشيخ‬
‫علي بن أحمد الفنجكردي‪69 :‬؛ شعر ابن مكي النيلي‪.81 :‬‬
‫)‪)142‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫َّ‬
‫محتجة‬ ‫وقال ابن العودي مستشهدا بخطبة فاطمة (عليها السالم) التي ألقتها‬
‫على من منعها أرث أبيها‪ ,‬واستعان الشاعر بها لبيان ظالمة أهل البيت (عليهم‬
‫السالم)‪ .‬واستحضر الشاعر بعض األلفاظ والعبارات والمعاني من تلك الخطبة في‬
‫(الطويل)‬ ‫نصه‪ .‬قال‪:‬‬

‫نب ـ ـ ـ ــذتُم ِكتَ ـ ـ ـ ــاب ِ‬


‫صـ ـ ـ ـ َـنعتُم‬ ‫ـئس َمـ ـ ـ ــا قَـ ـ ـ ــد َ‬ ‫َو َخـ ـ ـ ــالَفتُ ُموهُ؟ بِـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ـورُكم‬ ‫ـف ظُهُ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫اهلل َخل ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ـاء ُكم قَـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد َوَرثـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتُ ُم‬ ‫ِ‬ ‫ابنتِ ـ ـ ـ ــي ال أََب ـ ـ ـ ــا لَ ُك ـ ـ ـ ــم‬
‫َمَنع ـ ـ ـ ــتُم تِ َراثِ ـ ـ ـ ــي َ‬
‫َفلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـم أَنـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتُم َآبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫يم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ُزُعم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتُ ُم؟‬ ‫ُ ِ‬ ‫أَلِألَجَنب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّ‬ ‫ـي ال تُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـراث لِ َول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـد ِه‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫اإلرث ف َ‬ ‫ـي‬ ‫َوقل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتُم‪َ :‬نب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ‬
‫حيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى لِ َزَكرَّيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َفلِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـم َذا َمَنعـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتُ ُم‬
‫َوَي َ‬ ‫ـلمان لِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـداود َو ِارث‬ ‫فَهَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َذا َسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـاوى َوِقلـ ـ ــتُ ُم‬ ‫ِ‬ ‫ـان ِمن ـ ـ ـ ـ ـ ــه لِ َلن ُب ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـوِة َو ِارثَـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫َك َم ـ ــا قَـ ـ ــد َح َكمـ ـ ــتُم ف ـ ــي الفَتـ ـ ـ َ‬ ‫فَـ ـ ـ ـ ـ ــإن َك ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـاء ِمـ ـ ـ ـنهُم بِ ـ ـ ـ ُّ‬
‫ـالن ُب َّوِة ُي َ‬
‫وس ـ ـ ـ ُـم(‪.)1‬‬ ‫َو َم ـ ـ ــن َج ـ ـ ـ َ‬ ‫ـين ُكلَّهُ ـ ـ ـ ــم‬ ‫النبَِّي ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫فَقَ ـ ـ ـ ــد َي َنب ِغ ـ ـ ـ ــي َنس ـ ـ ـ ــل َّ‬
‫استعان الشاعر بخطبة فاطمة (عليها السالم) وأفاد منها في توظيف الحجاج‬
‫وال يكاد بيت من األبيات يخلو من الحجاج‪ ,‬فكانت مرجعا أدبيا للشاعر‪ ,‬فأشار‬
‫((فلما اختار اهلل لنبيه صلى اهلل عليه وآله وسلم‬
‫ّ‬ ‫الشاعر من خطبتها(عليها السالم)‪:‬‬
‫دار أنبيائه ‪ ...‬ظهر فيكم حسيكة النفاق‪ ...‬وكتاب اهلل بين أظهركم‪ ,‬وأموره ظاهرة‪,‬‬
‫وأحكامه زاهرة ‪ ...‬وقد خلفتموه وراء ظهوركم‪ .‬أرغبةً عنه تريدون؟ أم بغيره تحكمون؟‬
‫‪ ...‬ثم لم تلبثوا إال ريث أن تسكن نفرتها‪ ,‬ويسلس قيادها ثم أخذتم تورون وقدتها‪,‬‬
‫وتهجرون جمرتها‪ ,‬وتستجيبون لهتاف الشيطان الغوي ‪ ...‬وأنتم تمشون ألهله وولده‬
‫حز المدى‪ ,‬ووخز السنان في الحشا‪,‬‬
‫في الخمر والضراء‪ ,‬نصبر منكم على مثل ّ‬
‫وأنتم تزعمون إال إرث لنا ‪ ...‬يا ابن قحافة أفي كتاب اهلل أن ترث أباك وال أرث‬
‫أبي؟؟ لقد جئت شيئا فريا ‪ .‬أفعلى عمد تركتم كتاب اهلل ونبذتموه وراء ظهوركم؟ إذ‬

‫(‪ )1‬ابن العودي النيلي (ت‪558‬ه) حياته وما تبقى من شعره‪ 124 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.125‬‬
‫)‪)143‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫يقول‪[ :‬وورث سليمان داود](‪ .)1‬وقال ـ ـ ـ فيما اقتص من خبر زكريا ـ ـ إذ قال‪[ :‬فهب‬
‫لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب](‪ ...)2‬وزعمتم أال حظوة لي وال أرث‬
‫من أبي وال رحم بيننا))(‪ .)3‬فوظف الشاعر بوساطة ثقافته األدبية هاتيك الخطبة وأفاد‬
‫منها في حججه‪.‬‬

‫‪ /2‬الرسائل‪:‬‬

‫إن فن الرسالة من الفنون النثرية التي عرفها األدب العربي‪ ,‬وتطور ذلك الفن‬
‫يحض‬
‫َ‬ ‫عبر العصور إلى يومنا هذا‪ ,‬هناك من يرى أن عصر ما قبل اإلسالم لم‬
‫معرفه بالرسائل بصورتها األدبية المعروفة(‪ .)4‬إال أن هذا الرأي لم يسلم من المخالفة‪,‬‬
‫إذ يرى زكي مبارك‪(( :‬أنه كان للعرب قبل اإلسالم نثر فني يتناسب مع صفاء‬
‫أذهانهم وسالمة طباعهم‪ ,‬ولكنه ضاع ألسباب أهمها شيوع األمية‪ ,‬وقلة التدوين‪,‬‬
‫ودونها القرآن))(‪.)5‬‬
‫عد ذلك النثر عن الحياة الجديدة التي جاء بها اإلسالم َّ‬
‫وب ُ‬
‫ُ‬

‫تطور فن الرسائل خاصة والنثر عموما في العصر اإلسالمي‪ ,‬لما جاء به‬
‫ُّ‬
‫تحث على تعلم القراءة والكتابة‪ ,‬بعد أن كانت أمة معتدة‬ ‫الدين الجديد من مباد‬

‫(‪ )1‬سورة النمل‪ :‬اآلية ‪.16‬‬


‫(‪ )2‬سورة مريم‪ :‬اآلية ‪ 5‬ـ ـ ـ ‪6‬‬
‫(‪ )3‬بحار األنوار الجامعة لدرر أخبار األئمة األطهار‪.225 /29 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر تاريخ األدب العربي‪ ,‬العصر الجاهلي‪ ,‬شوقي ضيف‪.398 :‬‬
‫(‪ )5‬النثر الفني في القرن الرابع الهجري‪ ,‬زكي مبارك‪36:‬‬
‫)‪)144‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫بالحفظ مع قلة الكتابة والتدوين والقراءة(‪ ,)1‬كانت الرسائل غايتها الدفاع عن الرسول‬
‫(صلى اهلل عليه وآله وسلم) والرسالة النبوية ونشرها في بقاع األرض‪ ,‬ثم مما زاد‬
‫ا لعناية بالنثر الخالف الذي نشب حول الخالفة بعد وفاة الرسول (صلى اهلل عليه‬
‫وآله وسلم)‪ ,‬فكان للخطب والرسائل أثر في جمع األنصار والموالين‪ ,‬ثم أخ َذ النثر‬
‫طابعا واسعا في خالفة علي بن أبي طالب (عليه السالم)؛ لكثرة المنشقين عليه‬
‫كأصحاب الجمل والخوارج ومعاوية‪ ,‬فكان للخطب والرسائل والمناظرات دور مبرز‬
‫في تلك الخالفات(‪.)2‬‬

‫ما أن ندخل في العصر العباسي حتى نشهد تطو ار ملحوظا في فن الرسائل‪,‬‬


‫فقطعت الرسائل على‬
‫ْ‬ ‫وظهور كتاب مبرزين أمثال الجاحظ وابن المقفع وابن العميد‪,‬‬
‫ايديهم أشواطا بعيدة في البالغة والبراعة واالبداع‪ .‬حتى َّ‬
‫عده بعض الباحثين أن النثر‬
‫بدأ في العصر العباسي على يد ابن المقفع(‪ ,)3‬والسبب يعود إلى االحتكاك بالشعوب‬
‫المجاورة واإلفادة من ثقافاتهم بالترجمة والنقل‪.‬‬

‫اغنت تلك الرسائل الشعر العربي إلى يومنا هذا؛ ألنها تشكل مرجعا‬
‫لألديب والمعين الذي ال ينضب يغترف منها ما يشاء من اللفظ والمعنى؛ كشفا‬
‫للداللة وبيانا للمعنى فضال عن دعم تجربته الشعرية بأحداث ومواقف تؤيد غرضه‬
‫وموضوعه‪ ,‬ووظف الشعر الشيعي رسائل أهل البيت (عليهم السالم) وأفاد منها في‬
‫الذود عن أهل البيت (عليهم السالم) أو بيان مناقبهم‪ ,‬على نحو ما ضمنه السيد‬
‫الحميري من رسالة اإلمام علي(عليه السالم) إلى معاوية بن أبي سفيان وأفاد من‬
‫(الطويل)‬ ‫معناها واستحضره في نصه‪ .‬قال‪:‬‬

‫(‪ )1‬ينظر تاريخ األدب العربي‪ ,‬العصر اإلسالمي‪ ,‬شوقي ضيف‪.451 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر النثر الفني في القرن الرابع الهجري‪.57:‬‬
‫(‪ )3‬ينظر النثر الفني في القرن الرابع الهجري‪.39 :‬‬
‫)‪)145‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫ـال تَهَ ـ ـ ـ ـ َّـودوا‬‫ـاء م ـ ـ ـ ـ ْـن ِر َج ـ ـ ـ ـ ٍ‬ ‫ـفك ِدم ـ ـ ـ ـ ٍ‬


‫بِس ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫وع َاب ـ ـ ـ ــهُ‬
‫َوأه ـ ـ ـ ــو َج الح ـ ـ ـ ــى ف ـ ـ ـ ــي عل ـ ـ ـ ــي َ‬
‫ِم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن ِ‬
‫اهلل ِمثَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاق َعلِيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه م َّ‬ ‫وتل ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ ِ‬
‫ؤكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـد‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ـارِق َ‬
‫ين َو َسـ ـ ـ ـ ـ ــف ُكهَا‬ ‫المـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـاء َ‬
‫ك د َمـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫َ‬
‫ك َوأَرَع ـ ـ ـ ُـدوا‬ ‫َبرقُـ ـ ـ ـوا م ـ ـ ـ ْـن قََب ـ ـ ـ ِـل َذا َ‬ ‫ـانهم بِنِفَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـاق ِهم‬
‫َك َم ـ ـ ــا أ َ‬ ‫َيمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ ُ‬
‫ُهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـم َن َكتُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا أ َ‬
‫يصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلَّي وي ِ‬
‫رضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي َرَّبـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ َوُي ِّ‬
‫وحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـد‬ ‫ـر مـ ـ ــا َاز َل مـ ـ ــذ هـ ـ ــو يـ ـ ـ ِ‬
‫ـافع‬
‫َُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ ُ َ َ‬ ‫لحـ ـ ــى امـ ـ ـ َأً َ‬ ‫أَتَ َ‬
‫عب ـ ـ ُـد(‪.)1‬‬ ‫ـاف بِهَ ـ ــا ِف ـ ــي ُك ـ ـ ِّـل ُي ـ ـ ٍ‬
‫ـوم َوتُ َ‬ ‫ُيطَ ـ ـ ُ‬ ‫ص ـ ـ ــالتِ ِه‬
‫ـان قَبـ ـ ـ ـ َل َ‬
‫ِ‬
‫َوقَ ـ ـ ــد َك َان ـ ـ ــت األَوثَ ـ ـ ـ ُ‬
‫أشار الشاعر إلى جواب اإلمام علي(عليه السالم) عن رسالة جاءت له من‬
‫معاوية يطلب منه ترك الشام له‪ ,‬وأن يكف عن دماء المسلمين فكان من جوابه‬
‫فأني لَم أكن ألعطيك اليوم ما منعتك أمس‬
‫إلي الشام ِّ‬
‫(عليه السالم)‪(( :‬فأما طلبك ِّ‬
‫أما قولك‪ :‬إن الحرب قد أكلت العرب‪ ,‬إال ُحشاشات أنفس بقيت‪ ,‬أال ومن أكله الحق‬
‫فإلى الجنة‪ ,‬ومن أكله الباطل فإلى النار))(‪ .)2‬وقد وظف الشاعر رسالة اإلمام‬
‫علي(عليه السالم) وأفاد منها في وضوح داللة النص الشعري‪ ,‬وكانت مرجعا ثقافيا‬
‫أفاد الشاعر منها‪.‬‬

‫وظف الناشئ الصغير من رسالة اإلمام علي بن موسى الرضا (عليه السالم)‪.‬‬
‫(الكامل)‬ ‫قال في مدح أهل البيت (عليهم السالم)‪:‬‬

‫الشـ ـ ـ ــرائِ ِع والحـ ـ ـ ــديث المسـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫أئم ـ ـ ـ ـ ــة م ـ ـ ـ ـ ــن أه ـ ـ ـ ـ ــل بي ـ ـ ـ ـ ــت محم ـ ـ ـ ـ ـ ٍـد‬
‫ـندا‬ ‫َحفَظُ ـ ـ ـ ـوا َّ َ َ َ‬ ‫َو َّ‬
‫جهـ ـ ـ ـ َل ال ـ ـ ــورى والمنته ـ ـ ــى والمبت ـ ـ ــدا(‪.)3‬‬ ‫علمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا المناي ـ ـ ـ ـ ـ ــا والبالي ـ ـ ـ ـ ـ ــا وال ـ ـ ـ ـ ـ ــذي‬
‫مدح الشاعر أهل البيت (عليهم السالم) فأشار إلى علمهم‪ ,‬وأحاديثهم المسنودة‬
‫أمهم‪ ,‬ثم استحضر الشاعر في البيت الثاني رسالة اإلمام الرضا‬
‫إلى جدهم وأبيهم و ِّ‬
‫(عليه السالم) ؛ لكشف الداللة وبيان المعنى في تفضيلهم على سائر الخلق وأنهم‬
‫أعلم الناس بعد رسول اهلل (صلى اهلل عليه وآله وسلم) جاء منها عن عبد الرحمن بن‬

‫(‪ )1‬ديوان السيد الحميري‪ 70 :‬ـ ـ ـ ‪.71‬‬


‫(‪ )2‬شرح نهج البالغة‪ :‬البن أبي الحديد‪.74 /15 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان الناشئ الصغير‪.95 :‬‬
‫)‪)146‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫أبي نجران قال‪ (( :‬كتب أبو الحسن الرضا عليه السالم رسالة وأقرأنيها قال‪ ... :‬فلما‬
‫قبض محمد صلى اهلل عليه وآله وسلم كنا أهل البيت ورثته ونحن أمناء اهلل في‬
‫أرضه عندنا علم الباليا والمنايا))(‪.)1‬‬

‫واستحضر ابن العودي النيلي (‪558‬ه) المعنى من رسالة اإلمام علي(عليه‬


‫(الطويل)‬ ‫السالم) إلى معاوية‪ .‬قال مادحا أهل البيت (عليهم السالم)‪:‬‬

‫لَهُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم ِق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـدم ِفيه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َوال ُمتق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـد ُم(‪.)2‬‬ ‫نازعـ ـ ـ ـ ــهُ ِفيهـ ـ ـ ـ ــا ِرجـ ـ ـ ـ ــال ولـ ـ ـ ـ ــم يكـ ـ ـ ـ ــن‬
‫َو َ‬
‫أشار الشاعر إلى نزاع الصحابة على خالفة رسول اهلل (صلى اهلل عليه وآله‬
‫وسلم) واقصاء علي بن أبي طالب (عليه السالم) عنها‪ ,‬فاستشهد برسالة اإلمام‬
‫علي(عليه السالم) إلى معاوية بن أبي سفيان جاء منها‪(( :‬ومتى كنتم يا معاوية‬
‫ساسة الرعية‪ ,‬ووالة أمر األمة؟ بغير قدم سابق‪ ,‬وال شرفا باسق‪ ,‬ونعوذ باهلل من لزوم‬
‫سوابق الشقاء))(‪ .)3‬فكانت رسالة اإلمام علي(عليه السالم) مرجعا أفاد منها ابن‬
‫العودي النيلي إلغناء النص وكشف الداللة‪.‬‬

‫وظف الشعر الشيعي الرسائل إشارة إلى أهمية الرسائل في العصر العباسي‬
‫فكان الخلفاء العباسيون يعظمون أصحابها ويقربون كتابها‪ ,‬وإن عملية استدعاء‬
‫نصوص الرسائل ماهي إال تلميحات نسقية أراد الشاعر الشيعي إصالح الحياة‬
‫االجتماعية والسياسية بأشعاره تلك‪.‬‬

‫(‪ )1‬بصائر الدرجات في فضائل آل محمد‪ ,‬محمد بن حسن بن فروخ الطائر الصفار‪.226 /3:‬‬
‫(‪ )2‬ابن العودي النيلي (ت‪558‬ه) حياته وما تبقى من شعره‪.126 :‬‬
‫(‪ )3‬شرح نهج البالغة ‪ ,‬البن أبي الحديد‪.51 /15 :‬‬
‫)‪)147‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫‪ /1‬األمثال‬

‫المثل من الفنون النثرية التي عرفها األدب العربي منذ عصر ما قبل اإلسالم‪,‬‬
‫وقد عرفه الباحثون بأنه ((القول السائر الذي قيل في حادث معين وفي قصة خاصة‪,‬‬
‫لكنه جرى على األلسنة وصار يطلق على أية حالة تشبه ذلك الحادث الذي قيل‬
‫فيه))(‪.)1‬‬

‫يعد المثل من األنواع األدبية واسعة االنتشار‪ ,‬فهو خالصة تجارب األمم التي‬
‫تمخضت عن تفاعل األنسان مع الحياة‪ ,‬فهو ينقل أخالق الناس وتفكيرهم وعاداتهم‬
‫وتقاليدهم‪ ,‬ويكشف جوانبا من حياتهم الخاصة‪ ,‬واألمثال ذكرت في القرآن الكريم‬
‫والحديث الشريف فضال عن الشعر والنثر العربي‪ ,‬و((قيل المثل هو الحجة‪ ,‬وهو‬
‫صحيح ألنه يحتج به كما سيتبين في فائدته))(‪.)2‬‬

‫استشهد الشعراء والكتاب باألمثال؛ لما يحمله من طاقات ايحائية تختزل‬


‫المعنى بأقل األلفاظ‪ ,‬ويرى ابن المقفع (ت‪145‬ه) فيه فائدة إلغناء الكالم نظما‬
‫مثال‪ ,‬كان ذلك أوضح للمنطق‪ ,‬وأبين في المعنى‪ ,‬وآنق‬
‫ونث ار قال‪(( :‬إذا جعل الكالم ً‬
‫للسمع‪ ,‬وأوسع لشعوب الحديث))(‪.)3‬‬

‫والمثل في الشعر الشيعي يعد مرجعا أدبيا يسهم في عملية اإلبداع‪ ,‬لما يوحيه‬
‫من صورة مرتبطة دالليا وشكليا بين الحاضر والحادثة التي قيلت فيه‪ ,‬فضال عن‬
‫كشفه قوة وسالمة قريحة الشاعر والمقدرة على االستدعاء وسعة مخزونه الثقافي‪.‬‬

‫(‪ )1‬كتاب األمثال في الحديث النبوي‪ ,‬عبد اهلل بن محمد بن جعفر بن حيان األنصاري المعروف‬
‫بأبِي الشيخ األصبهاني‪.10 /1 :‬‬
‫(‪ )2‬زهر األكم في األمثال والحكم‪ ,‬الحسن بن مسعود بن محمد‪ ,‬أبو علي‪ ,‬نور الدين اليوسي‪:‬‬
‫‪.20 /1‬‬
‫(‪ )3‬األدب الصغير واألدب الكبير‪ ,‬البن المقفع‪.27 :‬‬
‫)‪)148‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫وكلما كان المثل قريبا مما ضرب به كان أجمل وأبلغ‪ ,‬وقد وظف الشعراء األمثال في‬
‫تجاربهم الشعرية‪ ,‬على نحو ما نظمه السيد الحميري قال في مدح أهل البيت (عليهم‬
‫(الكامل)‬ ‫السالم)‪:‬‬

‫ـزرعُ‬ ‫ِ‬ ‫َوَبنِي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه إَِّنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫َحمـ ـ ـ ـ ـ ٍـد‬ ‫ِ‬ ‫َِّ ِ‬


‫ك َحاص ـ ـ ـ ـ ـ ــد َم ـ ـ ـ ـ ـ ــا تَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫َحببتُـ ـ ـ ـ ــه فـ ـ ـ ـ ــي أ َ‬ ‫َهـ ـ ـ ـ ــب للـ ـ ـ ـ ــذي أ َ‬
‫َّدر قَد طُ ِوَيـت َعلَيهـا األَضـلُعُ(‪.)1‬‬ ‫ِفي الص ِ‬ ‫ص آ َل ُم َح َّم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـد بِ َم َحَّب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـة‬‫َيخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتَ ُّ‬
‫تمثَّل الشاعر بالتراث النثري األدبي من األمثال‪ ,‬وضمنه في شعره‪ ,‬إلغناء‬
‫تحص ُد))(‪.)2‬‬
‫ُ‬ ‫النص‪ ,‬وزيادة الداللة‪ ,‬والبيت يرشدنا إلى المثل القائل‪َ (( :‬ك َما تَْزَرعُ‬
‫الحث على فعل الخير‪ ,‬واالجتهاد في طلب الحمد(‪.)3‬‬ ‫ِّ‬ ‫ويضرب هذا المثل في‬
‫والمعنى في شعر السيد الحميري ينسجم مع المعنى الداللي للمثل‪.‬‬

‫ونظم دعبل بن علي الخزاعي في رثاء أهل البيت (عليهم السالم) فاستحضر‬
‫(الطويل)‬ ‫أمثال العرب المأثورة واتكأ عليها في تجربته الشعرية‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـين‬ ‫الخ ِف ـ ـ ـ ـ ُّ‬


‫ـي َيبِ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫فَي ـ ـ ـ ـ ــا لَقَتَيلَ ـ ـ ـ ـ ــي َغ ـ ـ ـ ـ ــدرٍة قَ ـ ـ ـ ـ ــد ُس ـ ـ ـ ـ ـ ِـقيتُها‬
‫بِه ـ ـ ـ ــا ُّ‬
‫الس ـ ـ ـ ـ ُّـم‪ ,‬والم ْك ـ ـ ـ ـ ُـر َ‬
‫ـجون(‪.)4‬‬‫يث شـ ُ‬ ‫الحـ ِـد ُ‬ ‫ـأبكي ُكما عم ـ ـ ـ ـ ــري وأ ْلع ـ ـ ـ ـ ــن غ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫َو َمـ ْـن كــان أوحــى‪ ,‬و َ‬
‫ـاد ار‬ ‫ُْ‬
‫سـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫َ‬
‫الح ِد ُ‬
‫يث ُذو‬ ‫نلحظ في عجز البيت الثاني استحضار الشاعر للمثل القائل‪َ (( :‬‬
‫ُش ُجون))(‪ .)5‬أفاد الشاعر من المثل في تجربته الشعرية‪ .‬وقصد بالمثل أن أطراف‬

‫(‪ )1‬ديوان السيد الحميري‪.269 :‬‬


‫(‪ )2‬مجمع األمثال‪ ,‬أبو الفضل أحمد بن محمد بن إبراهيم الميداني النيسابوري‪.162 /2 :‬‬
‫(‪ )3‬مجمع األمثال‪ ,‬أبو الفضل أحمد بن محمد بن إبراهيم الميداني النيسابوري‪.162 /2:‬‬
‫(‪ )4‬شعر دعبل بن علي الخزاعي‪.350 :‬‬
‫(‪ )5‬مجمع األمثال‪.197 /1 :‬‬
‫)‪)149‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫ضَّبة بن ّ‬
‫أد ابن طابخة بن إلياس بن‬ ‫الحديث ذو طرق‪ ,‬وأول من قال هذا المثل َ‬
‫ضر‪ ,‬قالها وقد أخذ بثأر ابنه من الحارث بن كعب فقتله(‪.)1‬‬
‫ُم َ‬

‫َّ‬
‫علوية الكاتب على المثل في مدح اإلمام علي (عليه السالم)‪.‬‬ ‫اتكأ أحمد بن‬
‫(الكامل)‬ ‫قال‪:‬‬

‫ك ـ ـ ــانوا كأُس ـ ـ ـ ِـد الغ ـ ـ ــاب ِم ـ ـ ــن ِ‬


‫(خفَّ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـان)‬ ‫ْ‬ ‫ص ـ ـ ـ َـبةً‬ ‫إذ م ـ ـ ــن َذوي ال اري ـ ـ ــات َج ـ ـ ـ َّـدل ُع ْ‬
‫ـفتان(‪.)2‬‬ ‫ـي و ُكلِّـ ـ ـ ـ ـ ــم َّ‬
‫الشـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُشـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫ـج النبـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ‬ ‫ولـ ــه بـ ـ ـ (أُحـ ـ ٍـد) بعـ ـ َـد مـ ــا فـ ــي وجه ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬
‫صور الشاعر بطولة اإلمام علي (عليه السالم) في الذود عن اإلسالم‪ ,‬فلم يجد‬
‫َّ‬
‫ووظف الشاعر المثل‬ ‫(‪)3‬‬ ‫بدا من استحضار المثل القائل‪(( :‬أج أر من ٍ‬
‫ليث بخفان))‬
‫توظيفا دالليا وأشار بوساطته إلى شجاعة اإلمام علي (عليه السالم)‪ ,‬وربط الشاعر‬
‫بين معنى المثل وشجاعة اإلمام علي في واقعة أحد في دفاعه عن الرسول(صلى اهلل‬
‫شج وجه الرسول وأُشيع وفاته(‪.)4‬‬
‫فر المسلمون وقد َّ‬
‫عليه وآله وسلم) لما َّ‬

‫استحضر الشريف الرضي المثل في شعره وطوعه بما يخدم مقاصده‪ .‬قال‬
‫(الطويل)‬ ‫مفتخ ار ومادحا أهل البيت‪:‬‬

‫ـب‬ ‫ـض الق ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫ـول م ـ ـ ـ ــا يتجن ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫يـ ـ ـ ـ ـر ُام‪ ,‬وبع ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـي وآل ـ ـ ـ ــه‬ ‫َوم ـ ـ ـ ــا الم ـ ـ ـ ــدح إال ف ـ ـ ـ ــي النب ـ ـ ـ ـ ّ‬
‫ب(‪.)5‬‬ ‫ـاء ُمغ ـ ـ ـ ِـر ُ‬
‫ـعار عنق ـ ـ ـ ُ‬ ‫ق باألش ـ ـ ـ ِ‬ ‫تحلّـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـعر ِفـ ـ ـ ـ ــيهم َب ِاقيـ ـ ـ ـ ــا‪َ ,‬و َك َّأنمـ ـ ـ ـ ــا‬
‫أ ََرى الشـ ـ ـ ـ ـ َ‬

‫(‪ )1‬ينظر مجمع األمثال‪.197 /1 :‬‬


‫(‪ )2‬شعر أحمد بن علوية الكاتب‪.74 :‬‬
‫(‪ )3‬جمهرة األمثال‪ ,‬أبو هالل الحسن بن عبد اهلل بن سهل بن سعيد العسكري‪.329 /2 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر تاريخ الطبري تاريخ الرسل والملوك‪ ,‬وصلة تاريخ الطبري‪.514 /2 :‬‬
‫(‪ )5‬ديوان الشريف الرضي‪.172 /1:‬‬
‫)‪)150‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫استوحى الشاعر المثل القائل‪(( :‬حلَّقَ ْ ِ‬


‫ت بِه َع ْنقَ ُ‬
‫اء ُم ْغ ِرب))(‪ .)1‬وأراد الشاعر أن‬ ‫َ‬
‫الشعر في أهل البيت (عليهم السالم) يسمو على جميع األشعار حتى ال يرتقي إليه‬
‫شعر شاعر‪ ,‬فجاء بالمثل ليدل على ذلك المعنى‪ .‬فالمثل يضرب بالشئ الذي‬
‫يصعب الوصول له(‪ .)2‬فوظف المثل توظيفا دالليا لما يحمله المثل من طاقات‬
‫داللية تكشف عن المناسبة التي قيلت فيه والنص الحالي‪.‬‬

‫ضمن أحمد بن َّ‬


‫علوية الكاتب المثل في شعره‪ ,‬أفاد منه في بيان شجاعة اإلمام‬ ‫َّ‬
‫(الكامل)‬ ‫علي (عليه السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫أعي ـ ـ ـ ـ ـ ــا ب ـ ـ ـ ـ ـ ــه نفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ار م ـ ـ ـ ـ ـ ــن األعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـو ِ‬


‫ان‬ ‫أمـ ـ ـ ــن أقـ ـ ـ ـ َّـل بخيبـ ـ ـ ـ َـر (البـ ـ ـ ــاب) الـ ـ ـ ــذي‬
‫ترسـ ـ ـ ـ ـ ــا يفـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـل بـ ـ ـ ـ ـ ــه َشـ ـ ـ ـ ـ ــبا القضـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـبان‬ ‫ه ـ ـ ـ ـ ــل م ـ ـ ـ ـ ـ َّـد حلقت ـ ـ ـ ـ ــه فص ـ ـ ـ ـ ـ َّـير متن ـ ـ ـ ـ ــه‬
‫ان(‪.)3‬‬‫ـوطيس َعـ ـ ـو ِ‬ ‫ـي الـ ـ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُّ‬
‫ُ‬ ‫حـ ــرب بهـ ــا َحمـ ـ َ‬ ‫بملتقـ ـ ـ ــى‬
‫ترسـ ـ ـ ــا يصـ ـ ـ ــك بـ ـ ـ ــه الوجـ ـ ـ ــود ُ‬
‫يس))(‪ )4‬وهو يصور شجاعة‬ ‫استحضر الشاعر المثل القائل ((قَ ْد ح ِمى ِ‬
‫الوط ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اإلمام علي (عليه السالم)‪ .‬ويضرب هذا المثل إذا صعب وبلغ األمر ذروته‪ ,‬وقد‬
‫نسب المثل للرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)(‪ .)5‬وأصل الوطيس حجارة مدورة إذا‬
‫حميت لم يستطع أحد أن يطأ عليها(‪ ,)6‬وأشار الشاعر ((إلى جانب من ضراوة‬
‫الحرب‪ ,‬وشدة وطأها‪ ,‬وجلبتها))(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬مجمع األمثال‪.201 /1 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر م ‪ .‬ن‪ 201 /1 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.429‬‬
‫(‪ )3‬شعر أحمد بن علويَّة الكاتب‪.47 :‬‬
‫(‪ )4‬مجمع األمثال‪.104 /2 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر م ‪ .‬ن‪.104 /2 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر م ‪ .‬ن‪.104 /2 :‬‬
‫(‪ )7‬شعر أحمد بن علويَّة الكاتب‪.48 :‬‬
‫)‪)151‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫وصف السيد الحميري خروج أهل الجمل للبصرة في قتال اإلمام علي (عليه‬
‫(السريع)‬ ‫السالم) وقد طار قوله مثال بين الناس‪ .‬قال‪:‬‬

‫الدهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا(‪.)1‬‬
‫تُِريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـد أن تأك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َل أو َ‬ ‫كأنه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ِف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ِفعلِه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـرة‬
‫َّ‬
‫نظم الحميري في مدح اإلمام علي (عليهم السالم) وعرج على حادثة الجمل‬
‫التي كانت لعائشة دور مبرز في تلك الحادثة‪ ,‬فقال الحميري فيها وطار قوله مثال‬
‫بين الناس‪(( :‬كهرٍة تأكل أوالدها))(‪.)2‬‬

‫‪ِ /2‬‬
‫الح َكم‪:‬‬

‫الحكمة لغة‪ :‬وردت مفاهيم الحكمة في معاجم اللغة العربية منها(( ِ‬


‫الحكمةُ‪:‬‬ ‫ِ‬

‫كان حكيماً))(‪ .)3‬وال‬ ‫أح َك َم ْته التَ ِ‬ ‫الع ْلم و ِ‬


‫مر ِجعها إلى الع ْدل و ِ‬
‫ب إذا َ‬ ‫جار ُ‬ ‫الح ْلم‪ .‬ويقال‪ْ :‬‬ ‫َ‬ ‫َْ ُ‬
‫ِ‬
‫الح ِّ‬ ‫يختلف تعريف ابن منظور مما سبق ‪ ,‬وقال الزبيدي‪(( :‬الح ْك َمةُ‪ِ :‬إ َ‬
‫(‪)4‬‬
‫ق‬ ‫صابةُ َ‬
‫إل ِحكام‪َ ,‬ومن‬
‫غاي ِة ا ْ‬ ‫فالح ْكمةُ من ِ‬
‫اهلل‪ :‬مع ِرفَةُ األَ ْش ِ‬ ‫بالع ْلِم والعم ِل‪ِ ,‬‬
‫ِ‬
‫يجادها على َ‬‫ياء َوِا ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫اإل ْنسان‪ :‬مع ِرفَتُه وِفع ُل ال َخ ْيرات))(‪ .)5‬يتبين أن ِ‬
‫الحكمة هي معرفة أفضل األشياء‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫ِْ َ‬
‫بأفضل العلوم‪ ,‬معرفة دقيقة متقنة‪ ,‬عن طريق التجارب والدربة التي تصقلها الحياة‪.‬‬

‫(‪ )1‬ديوان السيد الحميري‪.173 :‬‬


‫(‪ )2‬مجمع األمثال‪.171 /2 :‬‬
‫(‪ )3‬كتاب العين‪.66 /3 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر لسان العرب‪.141 /12 :‬‬
‫(‪ )5‬تاج العروس من جواهر القاموس‪.513 /31 :‬‬
‫)‪)152‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫ِ‬
‫في ِه ْم َر ُ‬
‫سوًال‬ ‫وردت لفظة الحكمة في القرآن الكريم قال تعالى‪َ (( :‬رَّب َنا َو ْاب َع ْث‬

‫أَ ْن َت ا ْل َع ِو ُ‬
‫يو‬ ‫اب َوا ْل ِح ْك َم َة َوُي َوكي ِه ْم إِ َّن َك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫م ْن ُه ْم َي ْتلُو َعلَ ْي ِه ْم َ‬
‫آيات َك َوُي َعل ُم ُه ُم ا ْلكتَ َ‬
‫يم))(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫ا ْل َحك ُ‬
‫ِ‬
‫الحكمة اصطالحا‪ :‬هي العلم والدراية والحلم والعدل في الحكم ومعرفة أفضل‬
‫األحكام بأفضل العلوم والمعرفة المكتسبة لتكون منصفة في الفصل بين الخصوم‪ ,‬وال‬
‫يكون الكالم حكمة حتى يوصل إلى أهداف وغايات سامية محمودة(‪ .)2‬وكان من‬
‫وحث على طلب‬ ‫ّ‬ ‫ص ْي ِف ّي(‪ .)3‬ثم جاء اإلسالم‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫حكماء العرب في الجاهلَّية أَ ْكثَ ُم ُ‬
‫ابن َ‬
‫كمةً))(‪ .)4‬لما‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫الحكمة إذ قال الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪(( :‬إن من الش ْعر لَح َ‬
‫في الحكمة من طاقة إيجابية على اإلنسان فضال عن المنفعة الروحية‪ ,‬والتأثير‬
‫العقلي‪ ,‬والفائدة العلمية‪ ,‬وأكد اإلمام علي (عليه السالم) في طلب الحكمة قال‪(( :‬إن‬
‫كم ِة))(‪.)5‬‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫هذه القلوب تمل كما تمل األبدان‪ ,‬فابتغوا لها طرائف الح َ‬

‫أفاد الشعراء من الحكمة وطوعوها في نفائس قصائدهم؛ لما في الحكمة من‬


‫إعمال الفكر فضال عن االنسجام مع غرض الشاعر‪ ,‬والشعر الشيعي وظف الحكمة‬
‫وأفاد منها الشعراء في قصائدهم‪ .‬ونلحظ ذلك في شعر نظم دعبل بن علي الخزاعي‬
‫قال في أهل البيت (عليهم السالم) وبكى مقاتلهم مستعمال الحكمة في تزين أبياته‪.‬‬
‫(الطويل)‬ ‫قال‪:‬‬

‫(‪ )1‬سورة البقرة‪ :‬اآلية ‪.129‬‬


‫(‪ )2‬ينظر معجم المصطلحات األدبية‪ ,‬إبراهيم فتحي‪ 143 :‬ـ ـ ـ ‪.144‬‬
‫(‪ )3‬ينظر تاج العروس من جواهر القاموس‪.512 /31 :‬‬
‫(‪ )4‬حلية األولياء وطبقة األصفياء‪.309 /8 :‬‬
‫(‪ )5‬نهج البالغة‪ ,‬شرح محمد عبده‪.542 /4 :‬‬
‫)‪)153‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫فَ َغ ْيـ ـ ـ ــر ب ِعيـ ـ ـ ـ ٍـد كـ ـ ـ ـ ُّـل مـ ـ ـ ــا هـ ـ ـ ــو ِ‬ ‫ـس ْأب ِش ــري‬ ‫فَي ــا َن ْف ـ ِ‬
‫آت(‪.)1‬‬ ‫ُ َ‬ ‫ـس طيبِ ــي‪ ,‬ث ـ َّـم ي ــا َنف ـ ُ‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫يأم ُل الشاعر النفس ويبشرها أن ما تنتظره ليس ببعيد تحصيله طالما هو ٍ‬
‫آت‪,‬‬ ‫ِّ‬
‫َ‬
‫وال شك في أن ال شاعر قصد تطمين النفس في اشتياقها لظهور اإلمام المهدي ليقيم‬
‫العدل والمساواة‪ .‬إن الحكمة مبثوثة في الشعر الشيعي‪ ,‬وقد سخرها الشعراء في‬
‫إعمال الفكر وأيضا تسهم في إظهار تجربة الشاعر في الحياة‪ ,‬وبيان فهمه بما يدور‬
‫حوله‪ ,‬والشعر الشيعي في العصر العباسي أفاد من الحكمة وظفها الشعراء في‬
‫(‪)2‬‬
‫إغناء للنص‪ ,‬واظها ار لتجاربهم في الحياة‪.‬‬ ‫نصوصهم‬

‫كما أفاد الصنوبري من الحكمة في رثاء أهل البيت (عليهم السالم)‪ .‬قال راثيا‬
‫(الكامل)‬ ‫اإلمام الحسين (عليه السالم)‪:‬‬

‫ـب ف ـ ــوق م ـ ــا تعطيه ـ ــا(‪.)3‬‬


‫ش ـ ــيئا فتطل ـ ـ َ‬ ‫ـنفس ف ـ ـ ـ ــي إعطائِه ـ ـ ـ ــا‬
‫ال تطمع ـ ـ ـ ـ َّـن ال ـ ـ ـ ـ َ‬
‫قدم الشاعر الحكمة مستعمال أسلوب الطلب في كبح جماح النفس عن ملذات‬
‫الدنيا وشهواتها‪ ,‬وأراد الشاعر أن النفس ال تشبع من الملذات فكلما أعطيتها طلبت‬
‫أكثر مما تعطيها‪.‬‬

‫(المتقارب)‬ ‫وأفاد كشاجم من الحكمة ووظفها في أغراض شعره‪ .‬قال‪:‬‬

‫وَداء الحقُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوِد ع ِزيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــز الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـدو ِ‬


‫اء(‪.)4‬‬ ‫ضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـرُم َب ِ‬
‫درَّيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُحقُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــود تُ َ‬

‫(‪ )1‬شعر دعبل بن علي الخزاعي‪.87 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر شعر دعبل بن علي الخزاعي‪ 87 :‬ـ ـ ـ ‪ 146‬ـ ـ ـ ـ‪ 312‬ـ ـ ـ ‪145‬؛ ديوان الصنوبري‪/2 :‬‬
‫‪414‬؛ الصاحب بن عباد‪ 89 :‬ـ ـ ـ ‪ 139‬ـ ـ ـ ‪ 143‬ـ ـ ـ ‪ 152‬ـ ـ ـ ‪ 155‬ـ ـ ـ ‪156‬؛ ديوان الناشئ‬
‫الصغير‪59 :‬؛ ديوان السري الرفاء‪454 :‬؛ ديوان الشريف الرضي‪ 97 /1:‬ـ ـ ـ ‪ 107‬ـ ـ ـ ‪ 108‬ـ ـ ـ ـ‬
‫‪ 166‬ـ ـ ـ ‪ 167‬ـ ـ ـ ـ ‪ 168‬ـ ـ ـ ـ ‪172‬؛ ديوان ابن نباته السعدي‪.258 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان الصنوبري‪.461 /2 :‬‬
‫(‪ )4‬ديوان كشاجم‪.4 :‬‬
‫)‪)154‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫أشار كشاجم إلى األحقاد التي مألت نفوس القوم؛ بسبب ما تركه اإلمام علي‬
‫(عليه السالم) في بدر إذ قتل كماة المشركين‪ ,‬فظلت تلك األضغان تغلي في صدور‬
‫بني أمية‪ ,‬وأُظهرت أحقادهم في سم الحسن وقتل الحسين في كربالء (عليهما‬
‫السالم)‪ ,‬وسبي حرم رسول اهلل (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ ,‬والشك في أن الحقد‬
‫مرض ُّ‬
‫يعز الشفاء منه أو العثور على دواء له‪.‬‬

‫(الطويل)‬ ‫وضمن الصاحب بن عباد الحكمة وقد مدح أهل البيت(عليهم السالم)‪:‬‬

‫ـب‬ ‫فَــال تتــرك التقــوى اعتمــادا علــى َّ‬


‫الن ّسـ ْ‬ ‫ـان َّإال بدينِـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه‬
‫ك مـ ـ ـ ـ ـ ــا اإلنسـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫لعمـ ـ ـ ـ ـ ــر َ‬
‫الش ِريف أبـا لهـب(‪.)1‬‬‫ك َّ‬‫ض َع ال ّشر ُ‬
‫قد َو َ‬
‫َو ْ‬ ‫ـع اإلس ـ ـ ــالم س ـ ـ ــلمان فـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـارس‬ ‫فَق ـ ـ ــد َرفَ ـ ـ ـ َ‬
‫وظف الشاعر الدين والتقوى واتخذها ميزانا يزن به المرء في سموه وعلوه أو‬
‫وضاعته وانحطاطه‪ ,‬وال يكون للقربى والنسب شأن في ميزانه‪ ,‬ثم يعطي مثاال على‬
‫العدالة االجتماعية ما رفعه اإلسالم لسلمان الفارسي وجعله من أهل البيت (عليهم‬
‫َه َل ا ْلَب ْي ِت))(‪ .)2‬فيما‬
‫ان ِمَّنا أ ْ‬
‫السالم) لقول الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪َ (( :‬س ْل َم ُ‬
‫ك باهلل الشريف أبا لهب ـ ـ رغم قرابته من رسول اهلل ـ ـ ـ لعداوته لإلسالم‪,‬‬
‫وضع الشر ُ‬

‫كما وظف الشريف الرضي الحكمة في شعره‪ ,‬قال مفتخ ار ومادحا أهل البيت‬
‫(الطويل)‬ ‫(عليهم السالم)‪:‬‬

‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫وِفـ ـ ــي الـ ـ ــوطَ ِن المـ ـ ــألُ ِ‬


‫َوان لَ ـ ـ ـ ـ ْـم َيَن َلن ـ ـ ـ ــا الع ـ ـ ـ ـ َّـز ّإال التَّقل ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ـب(‪.)3‬‬ ‫وف للـ ـ ـ َـن ِ‬
‫فس لَ ـ ـ ـ ّذة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬ديوان الصاحب بن عباد‪.183 :‬‬


‫(‪ )2‬المعجم الكبير‪ ,‬للطبراني‪.212 /6 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان الشريف الرضي‪.108 /1 :‬‬
‫)‪)155‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫يؤكد الرضي أن محل اإلنسان الذي يألفه ويطمأن له هو غاية الل ّذة والسعادة‬
‫للنفس‪ ,‬إال أن الشاعر لم ينل من موطنه سوى التغير والتقلب من حال إلى حال‬
‫وعدم االستقرار‪ .‬ربما أراد الشاعر اضطهاد العباسيين للعلويين‪.‬‬

‫(الكامل)‬ ‫كما أفاد الصنوبري من الحكمة ووظفها في شعره‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـون سـ ـ ـ ـ ــفيها(‪.)1‬‬ ‫فَيحـ ـ ـ ـ ـ ُّ‬


‫ـق لـ ـ ـ ـ ــي أال أكـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ـيهم‬ ‫ُّ‬
‫الس ـ ـ ـ ـ ـ ــفاه ُيق ـ ـ ـ ـ ـ ــل م ـ ـ ـ ـ ـ ــدحي فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫إن َّ‬
‫أشار الشاعر إلى مبدأ الصدق الفني‪ ,‬تمثل في تجنبه لمدح السفهاء‪ ,‬ثم وصف‬
‫من يقوم بذلك الفعل بالسفيه‪ ,‬والشاعر نظم القصيدة في أهل البيت (عليهم السالم)‬
‫ومدحهم فهو ال ريب في أنه بعيد عن ال ِّسفه‪.‬‬

‫واستعمل الشريف الرضي الحكمة تقوية للنص في كشف المعنى‪ .‬قال في مدح‬
‫(الطويل)‬ ‫أهل البيت (عليهم السالم)‪:‬‬

‫ـب(‪.)2‬‬ ‫ـض القُـ ـ ِ‬


‫ـول َم ـ ــا ُيتَ َجَّن ـ ـ ُ‬ ‫ُيـ ـ َـرُم‪َ ,‬وَبع ـ ـ ُ‬ ‫ـي َوآلِ ـ ـ ـ ـ ِـه‬ ‫ـدح َّإال ِف ـ ـ ـ ــي َّ‬
‫النب ـ ـ ـ ـ ِّ‬ ‫الم ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫َو َم ـ ـ ـ ــا َ‬
‫قصر الشريف الرضي المدح على النبي وأهل بيته (عليهم السالم) باألداة (إال)‬
‫مع النفي‪ ,‬أراد الشاعر كمالهم وخلوهم من النقص‪ ,‬وأيضا المدح أليق بهم وأصدق‬
‫للشاعر عمن سواهم‪ ,‬إال أن الشاعر تجنب التعميم في قوله لوجود بعض الناس من‬
‫جاد وساد حتى بلغ منزلة مرموقة من الكمال فهم أهل للمدح والثناء أيضا‪.‬‬

‫(‪ )1‬ديوان الصنوبري‪.461 /2 :‬‬


‫(‪ )2‬ديوان الشريف الرضي‪.111 /1 :‬‬
‫)‪)156‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫إن الشاعر في أي عصر من العصور ال يخلو شعره من االستعانة بالفنون‬


‫واألجناس األدبية األخرى في أغلب األحيان ويوظفها في نصه‪ ,‬وأضحت تلك الفنون‬
‫مرجعا ثقافيا يأخذ منه الشاعر بما يخدم غرضه؛ فأسهم في تعزيز الصلة والربط‬
‫الثقافي بين النص واألجناس األدبية األخرى فضال عن دوره في تحريك الفهم واعمال‬
‫الفكر واإلدراك عند المتلقي أو القار بوساطة إدراكه لتلك األجناس‪.‬‬

‫َّ‬
‫حث النقاد القدماء الشعراء على النظر باألجناس األخر واألخذ ِّ‬
‫بكل ما ينفع‬
‫الر َسائ ُل ِش ْعر َمحلول‪,‬‬‫قودة‪ ,‬و َّ‬ ‫عر رسائِ ُل َم ْع َ‬ ‫ُ‬
‫الشاعر(‪ ,)1‬قال ابن طباطبا العلوي (( ِّ‬
‫فالش‬
‫اسباً قَ ِريباً ْأو َبعيدا‪ ,‬وتَ ِج ُدها‬ ‫ِ‬ ‫ُّ ِ َّ‬
‫ت أ ْش َع َار الش َعراء ُكلهَا َو َج ْدتَهَا ُمتََناسَب ًة إِ َّما تََن ُ‬
‫َوِاذا فَتَّ ْش َ‬
‫ِ‬ ‫لغ ِ‬ ‫الخطَب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحكماء))(‪ ,)2‬وكلما اتسع المحفوظ‬ ‫اء وِفقَ ِر‬ ‫الب َ‬‫وخطَ ِب ُ‬ ‫اء‪ُ ,‬‬ ‫لكالم ُ َ‬ ‫مناسَبةً‬
‫أغنى التجربة الشعرية لألديب‪ ,‬والعالقة ال تختلف بين القار واألديب‪ ,‬فسعة إطالع‬
‫المتلقي تمكنه من فهم غاية األديب‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر عيار الشعر‪.126 :‬‬


‫(‪ )2‬م‪ .‬ن‪.127 :‬‬
‫)‪)157‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫إن شعراء العصر العباسي لم يتركوا فنا من الفنون أو جنس من األجناس‬


‫األدبية إال طرقوه واستحضروه في شعرهم‪ ,‬والشعر الشيعي في العصر العباسي‬
‫وظف الفنون المختلفة‪ ,‬وأفاد من بعض األجناس األدبية واستحضروها في نصوصهم‬
‫الشعرية ومن تلك الفنون‪.‬‬

‫‪ /1‬القصص‪:‬‬

‫تعد القصة من أكثر الفنون النثرية انتشا ار في األدب العربي‪ ,‬واهتم العرب بهذا‬
‫الفن حتى نقل الرواة لنا قصصا من عصر ما قبل اإلسالم شفهيا(‪.)1‬‬

‫صة َي ْعنِي ا ْل ُج ْملَةَ ِم َن ا ْل َك َالِم‪,‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫وعرف ابن منظور القصة‪ُ ((َ :‬يقَا ُل‪ :‬في أرْسه ق ّ‬
‫ك أَحسن ا ْلَبَي ِ‬
‫ان‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫ص] ؛ أَي ُنَبّين لَ َ‬ ‫ص ِ‬
‫َح َس َن ا ْلقَ َ‬
‫ك أْ‬
‫ص َعلَ ْي َ‬
‫ونحوه قَ ْولُهُ تَ َعالَى‪[َ :‬ن ْح ُن َنقُ ُّ‬
‫ُ‬
‫صت َّ‬
‫الش ْي َء إِذا ّ‬
‫تتب ْعت أَثره َش ْيًئا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وا ْلقَ ُّ َِّ‬
‫ص ْ‬ ‫صة م ْن فَصِّها‪َ .‬وُيقَا ُل‪ :‬قَ َ‬‫اص‪ :‬الذي يأْتي بالق ّ‬ ‫َ‬
‫ديث‪َ :‬رَواهُ على َو ْج ِهه‪,‬‬
‫الح َ‬ ‫ص َ‬‫َب ْع َد َش ْيء))(‪ ,)3‬أما صاحب تاج العروس قال‪(( :‬اقتَ َّ‬
‫َكأََّنه تَتََّبع أَثَره فأَورَده على قَص ِ‬
‫ِّه))(‪.)4‬‬ ‫َ َ َْ ُ‬

‫(‪ )1‬ينظر النزعة القصصية في األدب العربي حتى القرن الرابع الهجري (دراسة في النشأة‬
‫والتطور والموقف النقدي من القص)‪ ,‬محمد خير شيخ موسى‪12 :‬‬
‫(‪ )2‬سورة يوسف‪ :‬اآلية ‪.3‬‬
‫(‪ )3‬لسان العرب‪ 73 /7 :‬ـ ـ ـ ‪.74‬‬
‫(‪ )4‬تاج العروس من جواهر القاموس‪106 /18 :‬‬
‫)‪)158‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫والقصة في االصطالح وصف لألفعال واألحداث واألشخاص والزمان بوساطة‬


‫السرد أو الحكاية(‪َّ ,)1‬‬
‫إن األدب العربي القديم لم يحفل بالقصة كاحتفائه بالشعر‪ ,‬بيد‬
‫أن العرب كانت لهم حكايات وقصص يتسامرون بها في مجالسهم‪ ,‬لكنها لم تحمل‬
‫خصائص القصة الحديثة لذا لم يعدها محمد غنيمي هالل من القصص الفنية قال‪:‬‬
‫((ولو أنا عددنا مثل هذه الحكايات قصصا لكانت القصة أقدم صورة لألدب في‬
‫العالم ألن كل الشعوب الفطرية تسمر على هذا النحو))(‪.)2‬‬
‫ثم جاء اإلسالم ونزل القرآن الكريم على الرسول(صلى اهلل عليه وآله وسلم)‬
‫حافال بأنواع القصص الوعظية تحكي أخبار األمم السالفة كقصة إبراهيم وموسى‬
‫وعيسى ويوسف ويونس عليهم وعلى نبينا أفضل الصالة والسالم وغيرها وقد أشار‬
‫ص بِ َما‬
‫ص ِ‬
‫َح َس َن ا ْلقَ َ‬
‫ك أْ‬
‫ص َعلَ ْي َ‬
‫القرآن الكريم إلى تلك القصص قال تعالى‪َ(( :‬ن ْح ُن َنقُ ُّ‬
‫ِِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ك ه َذا ا ْلقُرآن وِان ُك ْن َ ِ‬
‫ين))(‪ ,)3‬والقصص في القرآن‬ ‫ت م ْن َقْبله لَم َن ا ْل َغافل َ‬ ‫ْ َ َ ْ‬ ‫أ َْو َح ْيَنا إِلَ ْي َ َ‬
‫الكريم ليس موضوعها الفن فحسب بل هدفها الرئيس هو الدافع الديني(‪.)4‬‬
‫اتسع هذا الفن في العصر العباسي مواكبا للتطور الذي شهده العصر‪ ,‬فكان‬
‫لترجمة الكتب اليونانية والفارسية والهندية أثر في تطور هذا الفن ال سيما كتاب كليلة‬
‫ودمنة الذي ترجمه ابن المقفع‪ .‬ثم ظهور المقامات وكتاب ألف ليلة وليلة‪ ,‬ورسالة‬
‫(‪)5‬‬
‫التي تقترب كثي ار من القصة ألنها تحوي الحدث والزمن والمكان والحبكة‬ ‫الغفران‬
‫والحل(‪ , )6‬وال شك في أن القصة تحمل هذه الدالالت من تمهيد وعقدة وحل فضال‬

‫(‪ )1‬ينظر معجم المصطلحات األدبية المعاصرة‪ ,‬سعيد علوش‪.179 :‬‬


‫(‪ )2‬النقد األدبي الحديث‪ ,‬د‪ .‬محمد غنيمي هالل‪.394 :‬‬
‫(‪ )3‬سورة يوسف‪ :‬اآلية ‪.3‬‬
‫(‪ )4‬ينظر التصوير الفني في القرآن‪ ,‬سيد قطب‪.143 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر النقد األدبي الحديث‪ 493 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.495‬‬
‫(‪ )6‬ينظر القصة نشأتها وتطورها في األدب العربي ‪.213 :‬‬
‫)‪)159‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫عن الراوي والسرد والحوار واألشخاص وكل هذا يكون في زمان ومكان محددين‪ .‬إال‬
‫أن هذه الفنون ال يمكن أن نعدها قصصا بالمفهوم الحديث للقصة قال محمد غنيمي‬
‫هالل‪(( :‬لم يكن للقصة قبل العصر الحديث عندنا شأن يذكر‪ ,‬بل كان لها مفهوم‬
‫خاص لم ينهض بها‪ ,‬ولم يجعلها ذات رسالة اجتماعية وانسانية))(‪.)1‬‬
‫إن عرض أحداث القصة بوساطة النثر أسهل بكثير من نقلها للنظم؛ لما في‬
‫الشعر من قيود ال تتوافر في النثر‪ ,‬وأيضا القص في النثر أوضح وأيسر للمتلقي في‬
‫الفهم‪ ,‬فال يحتاج إلى جهد كما في الشعر(‪ ,)2‬إال أن هذا ال يمنع الشعراء من نقل‬
‫أحداث القصص للنظم‪ ,‬والشعر العربي غني بهذه التجربة منذ عصر ما قبل‬
‫اإلسالم‪ .‬نحو ما نقله األعشى عن قصة وفاء السموءل مع امر القيس(‪( :)3‬البسيط)‬
‫ف ـ ـ ـ ــي جحف ـ ـ ـ ـ ٍـل كسـ ـ ـ ـ ـو ِاد اللي ـ ـ ـ ـ ِـل ج ـ ـ ـ ـ ّـر ِار‬ ‫ـام ل ـ ــه‬
‫ـار الهم ـ ـ ُ‬
‫ِ‬
‫ك ـ ــن كالس ـ ــموءل إذا َس ـ ـ َ‬
‫قـ ـ ـ ــل مـ ـ ـ ــا تقلـ ـ ـ ــه فـ ـ ـ ــإني سـ ـ ـ ــامع حـ ـ ـ ــار‬ ‫إذا س ـ ــامه خطَّت ـ ــي خس ـ ـ ٍ‬
‫ـف فق ـ ــال ل ـ ــه‪:‬‬ ‫ُ‬
‫ـاختر ومـ ـ ـ ــا فيهمـ ـ ـ ــا حـ ـ ـ ــظٌّ لِ ُمختَـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـار‬ ‫فـ ـ ـ ـ ْ‬ ‫ـت بينهم ـ ـ ـ ــا‬ ‫فق ـ ـ ـ ــال‪ :‬ثك ـ ـ ـ ــل وغ ـ ـ ـ ــدر أن ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ك إنـ ـ ـ ـ ــي م ـ ـ ـ ـ ـانِع جـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـاري‬ ‫أذبـ ـ ـ ـ ـ ْـح َهـ ـ ـ ـ ــدي َ‬ ‫فش ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫ـك غي ـ ـ ـ ــر قلي ـ ـ ـ ـ ٍـل ث ـ ـ ـ ـ َّـم ق ـ ـ ـ ــا َل ل ـ ـ ـ ــه‪:‬‬
‫أي إنكـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـار‬ ‫طوعـ ـ ـ ـ ـ ــا‪ ,‬فـ ـ ـ ـ ـ ــأن َك َر هـ ـ ـ ـ ـ ــذا َّ‬ ‫ـبر أو تجـ ـ ـ ــئُ بِهَـ ـ ـ ــا‬ ‫ك صـ ـ ـ ـ َا‬ ‫ابن ـ ـ ـ ـ َ‬
‫أأقتـ ـ ـ ــل َ‬
‫ـار(‪.)4‬‬ ‫َولَـ ـ ـ ــم َيكـ ـ ـ ــن َعهـ ـ ـ ـ ُـدهُ ِفيهَـ ـ ـ ــا بِختّـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫اع ـ ـ ـ ــهُ أن ال ُي َس ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫ـب بهَ ـ ـ ـ ــا‬ ‫أدر َ‬
‫ـار َ‬ ‫َواختَـ ـ ـ ـ َ‬
‫والقار للشعر الشيعي في العصر العباسي يجد قصصا مبثوثة فيه‪ ,‬تدور‬
‫يسخر‬
‫حول بطوالت أهل البيت (عليهم السالم) في الذود عن حمى اإلسالم‪ ,‬أو قد ّ‬
‫في الكشف عن مناقبهم؛ ألنها حجة تؤيد اتجاهه وما يعتقده في مواالته ألهل البيت‬

‫(‪ )1‬النقد االدبي الحديث‪.491 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر سيكولوجية القصة في القرآن‪ ,‬التهامي نقرة‪.11 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر جمهرة األمثال‪345 /2 :‬؛ المختصر في أخبار البشر‪ ,‬أبو الفداء عماد الدين‬
‫إسماعيل بن علي بن محمود بن محمد ابن عمر بن شاهنشاه‪75 /1 :‬؛ المفصل في تاريخ‬
‫العرب قبل اإلسالم‪ ,‬د‪ .‬جواد علي‪.67 /6 :‬‬
‫(‪ )4‬ديوان األعشى الكبير‪ ,‬تحقيق‪ ,‬د‪ .‬محمود إبراهيم محمد الرضواني‪ 23 /2 :‬ـ ـ ـ ‪ 24‬ـ ـ ـ ‪.25‬‬
‫)‪)160‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫(عليهم السالم)‪ ,‬أو قد يوظفها الشاعر في إظهار ظالمتهم واغتصاب حقهم (عليهم‬
‫السالم)‪ .‬لذا نلحظ السيد الحميري قد أفاد من قصة الحدائق السبعة التي رآها اإلمام‬
‫علي مع الرسول (عليهما السالم) ووظفها في شعره‪ .‬قال في مدح علي (عليه‬
‫(الطويل)‬ ‫السالم)‪:‬‬

‫وق ـ ـ ـ ـ ــو ُل رس ـ ـ ـ ـ ـ ِ ِ‬ ‫ق ِعبـ ـ ـ َـرة‬


‫الحـ ـ ـ َـدائِ ِ‬ ‫ـان ِفـ ـ ــي َيـ ـ ـ ِ‬
‫ـدمعُ‬
‫ـين تَـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ـول اهلل َوالع ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـوم َ‬ ‫َوقَـ ـ ــد َكـ ـ ـ َ‬
‫َّ‬ ‫ضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــغائِ ِن قَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـوم شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـرهم أتوقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعُ‬ ‫َ‬ ‫ـي م ـ ـ ـ َّـم تَبك ـ ـ ــي فَق ـ ـ ــا َل ِم ـ ـ ــن‬
‫فَق ـ ـ ــا َل َعل ـ ـ ـ ٌّ‬

‫ك يصـ ــنعُ(‪.)1‬‬ ‫فَ َمـ ــا َذا ُهـ ـ ِـد َ‬


‫يت اهللُ فـ ــي ذا َ‬ ‫ـدونها َبع ـ ـ ـ ـ َـد ميتَت ـ ـ ـ ــي‬
‫ك َوقَ ـ ـ ـ ــد ُيب ـ ـ ـ ـ َ‬
‫َعلَيـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫مر بها الرسول وعلي (عليهما‬ ‫وظف السيد الحميري قصة الحدائق التي َّ‬
‫السالم) وهما في طريقهما إلى قبا‪ ,‬وأفاد من تلك القصة في الكشف عن داللة‬
‫المعنى ووضوح الفكرة‪ ,‬والقصدية ظاهرة في النص الشعري للتعريج على تلك القصة‬
‫لبيان مناقب علي (عليه السالم)‪ ,‬فضال عن حجة ودليل على صبر علي (عليه‬
‫السالم) والسكوت عن حقه المغصوب‪ .‬وخالصتها أن عليا (عليه السالم) رأى حديقة‬
‫جميلة فقال ما أجمل هذه الحديقة؟ فقال له الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪:‬‬
‫مر على سبع حدائق‪ ,‬وهو على ذلك‪ ,‬ثم بكى الرسول‬
‫حديقتك في الجنة أجمل‪ ,‬حتى َّ‬
‫(صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪(( .‬فقال علي عليه السالم‪ :‬ما الذي أبكاك يا رسول اهلل؟‬
‫قال‪ :‬أبكي لضغائن في صدور قوم‪ ,‬لن تبدو لك إال من بعدي‪ .‬فقال‪ :‬يا رسول اهلل‬
‫تلق جهدا وشده‪ .‬قال‪ :‬يا رسول اهلل أتخاف‬
‫كيف أصنع‪ .‬قال تصبر فإن لم تصبر َ‬
‫فيها هالك ديني‪ .‬قال‪ :‬بل فيها حياة دينك))(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬ديوان السيد الحميري‪.283 :‬‬


‫(‪ )2‬مناقب آل أبي طالب‪ ,‬البن شهرأشوب ‪.139 /2:‬‬
‫)‪)161‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫كما استحضر الناشئ الصغير القصة في شعره ونقل لنا أحداثا من التاريخ‬
‫(الطويل)‬ ‫االسالمي بعد فتح مكة‪ ,‬قال‪:‬‬

‫ـي يحم ـ ـ ــل الطُّه ـ ـ ــر َك ِ‬


‫اهلُـ ـ ـ ْـه‬ ‫ول ـ ـ ــيس عل ـ ـ ـ ٌّ‬ ‫الرس ـ ـ ِـل َك ـ ـ ِ‬
‫ـاهال‬ ‫إم ـ ــام ع ـ ــال م ـ ــن خ ـ ـ ِ‬
‫ـاتم ُّ‬
‫َ‬
‫ضـ ـ ـ ــائلُ ْه‬ ‫ِ‬ ‫ولَك ـ ـ ـ ـ ــن رس ـ ـ ـ ـ ــو ُل ِ‬
‫ـاهى فَ َ‬ ‫علـ ـ ـ ــى َكتفَيـ ـ ـ ــه كـ ـ ـ ــي تََنـ ـ ـ ـ َ‬ ‫اهلل ع ـ ـ ـ ـ ـ ّـاله عام ـ ـ ـ ـ ــدا‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫حمل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه أف ارس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ورو ِ‬
‫احلُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـه‬ ‫وتَ ِ‬ ‫ـاب َخ َيب ـ ـ ٍـر‬
‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أيعج ـ ـ ُـز َعن ـ ــهُ َم ـ ــن َد َح ـ ــا َب ـ ـ َ‬
‫املُـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـه‬‫كحِ‬ ‫حمـ ـ ـ ـ ـ ــول َوُبـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫فَُبـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫فش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـرفَهُ َخي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـر األن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـام بِ َحملِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه‬
‫ـور َ َ‬ ‫ك َم ُ‬ ‫ـور َ‬
‫املُ ـ ـ ـ ـ ْـه‬ ‫ـادت تََن ـ ـ ـ ــا ُل ال ـ ـ ـ ـ َّـن ِ‬ ‫َومـ ـ ـ ــى بِكفِّـ ـ ـ ـ ِـه‬
‫جم من ـ ـ ـ ــهُ أََن ُ‬
‫َ‬ ‫فَ َك ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ـنام أ َ‬ ‫لمـ ـ ـ ــا َد َحـ ـ ـ ــا األصـ ـ ـ ـ َ‬ ‫َو َّ‬
‫األصنام وال ُكفر َش ِ‬ ‫َو ِمن َحولِ ِه‬ ‫َوَذلِ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫املُ ْه(‪.)1‬‬ ‫َُ َ ُ‬ ‫ـتح َوالبِيـ ـ ـ ـ ــت قبلَـ ـ ـ ـ ــهُ‬
‫ـوم الفَـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ك َيـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫نقل الشاعر األحداث التاريخية عن طريق السرد القصصي فوظف قصة دخول‬
‫المسلمين إلى مكة فاتحين وأفاد منها في كشف داللة النص‪ ,‬أراد الشاعر ارتقاء‬
‫اإلمام علي(عليه السالم) على كتف رسول اهلل ( صلى اهلل عليه وآله وسلم) وصعوده‬
‫على الكعبة ثم حطّم أكبر أصنام قريش وحطَّه إلى األرض(‪ ,)2‬إن القصدية ظاهرة‬
‫عند الشاعر في تعريجه على تلك القصة‪ ,‬فغايته األساس بيان فضيلة من فضائل‬
‫(‪)3‬‬
‫فضال‬ ‫علي (عليه السالم)‪ ,‬وقصة تحطيم األصنام تشكل ثيمة في الشعر الشيعي‬
‫عن هدف مضمر فما كان يحدث في المجتمع العباسي من رذائل تحتاج إلى‬
‫استدعاء هذه القصة للنصح والعظة‪.‬‬

‫علوية الكاتب من قصة زواج علي وفاطمة (عليهما السالم)‬


‫ّ‬ ‫أفاد أحمد بن‬
‫(الكامل)‬ ‫ووظفها في مدح علي (عليه السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫(‪ )1‬ديوان الناشئ الصغير‪ 37 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.38‬‬


‫(‪ )2‬ينظر مناقب آل أبي طالب‪ ,‬البن شهراشوب‪ 154 /2 :‬ـ ـ ـ ‪.155‬‬
‫(‪ )3‬ينظر ديوان السيد الحميري‪ 281 :‬ـ ـ ـ ‪ 333‬ـ ـ ـ ـ ‪ .341‬شعر دعبل بن علي الخزاعي‪346 :‬؛‬
‫ديوان الصاحب بن عباد‪ 34 :‬ـ ـ ـ ـ ‪ 35‬ـ ـ ـ ـ ‪ 44‬ـ ـ ـ ـ ‪ 63‬ـ ـ ـ ـ ‪ 69‬ـ ـ ـ ـ ‪ .75‬شعر أحمد بن علوية‬
‫الكاتب‪ 82 :‬ـ ـ ـ ‪.83‬‬
‫)‪)162‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫َرِّب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي فَأصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـب َح أَسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـع َد األختـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫ـان‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫أمـ ـ ــن ب ـ ـ ــ( سـ ـ ــيدة النسـ ـ ــاء) قض ـ ـ ـى لَ ـ ـ ـهُ‬ ‫َ‬
‫َرَّدا يبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـي ُن ُمضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـم َر األشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـجان‬ ‫ـرد ُهم‬ ‫ِم ـ ـ ـ ـ ـن َبعـ ـ ـ ـ ــد ُخطَّـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـاب أَتَ ـ ـ ـ ـ ـوهُ فَـ ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫يجهَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا ِفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ِسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـِّنهَا لَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم َيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ان‬ ‫تَ ِ‬
‫زو ُ‬ ‫ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِغ َيرة‬
‫نعهُ َمـ ـ ـ ـ ـ ــا َوقَ ـ ـ ـ ـ ـ ـا َل‪َ :‬‬
‫ان َم َ‬
‫فَأََب ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ِمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن غيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـر توريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـة وال اسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـتئذان‬ ‫ـي) أَ َج َابـ ـ ـ ـهُ‬ ‫ب (الوص ـ ـ ـ ُّ‬ ‫َحتَّـ ـ ـ ـى إِ َذا َخطَـ ـ ـ ـ َ‬
‫الس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّك ِ‬
‫ان‬ ‫اع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةُ ُّ‬ ‫ِ‬
‫أَمال َكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ َو َج َم َ‬ ‫العـ ـ ـ ـ ــال‬
‫فَ ـ ـ ـ ـ ـاهللُ َزَّو َج ـ ـ ـ ـ ـهُ َوأَشـ ـ ـ ـ ــهَ َد ف ـ ـ ـ ـ ـي ُ‬
‫ـان (‪.)1‬‬
‫ألحم ـ ـ ـ ـد لَ ـ ـ ـ ـم ت ُكـ ـ ـ ــن بنتـ ـ ـ ـ ِ‬
‫َ‬ ‫َفلِ ـ ـ ـ ـذا‬ ‫ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلبِ ِه‬ ‫ِ‬
‫َواهللُ قَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّد َر َنسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلَهُ م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ُ‬
‫استعمل أحمد بن علوية السرد القصصي‪ ,‬ووظف تتابع األحداث في نقل‬
‫القصة‪ ,‬وأراد إن الصحابة قد تقدموا لخطبة فاطمة من الرسول(صلى اهلل عليه وآله‬
‫وسلم) فكان الرسول يعتذر ب ِّ‬
‫رد أمرها إلى القضاء(‪ .)2‬ثم نقل الشاعر صورة أخرى في‬
‫خطبة اإلمام علي (عليه السالم) من فاطمة ـ ـ ـ رغم جشوبة عيشه وضعف حالته‬
‫االقتصادية ـ ـ ـ فلم يمتنع الرسول(صلى اهلل عليه وآله وسلم) وطلب منه أن يجهز أبنته‬
‫فلم يكن عنده سوى درعه فقدمه مه ار للسيدة فاطمة(‪ .)3‬وقيل إن عليا (عليه السالم) لم‬
‫ينطق بخطبتها وانما الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) من خطب عليا لفاطمة‬
‫(عليهم السالم)(‪ .)4‬والقصة تحمل ثيمات منها‪ :‬البساطة‪ ,‬والخلق الرفيع‪ ,‬والتقوى‬
‫أساس كل شئ في الزواج‪ ,‬فضال عن تسهيل سبل الزواج التي َّ‬
‫حث عليها الدين‬

‫(‪ )1‬شعر أحمد بن علوية الكاتب‪.88 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر ذخائر العقبى في مناقب ذوى القربى‪65:‬ـ ـ ـ ـ ‪69‬؛ كنز العمال في سنن األقوال‬
‫واألفعال‪684 /13 :‬؛ فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد‪ ,‬السيد محمد كاظم القزويني‪:‬‬
‫‪121‬ـ ـ ـ ـ ‪.122‬‬
‫(‪ )3‬ينظر فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد‪ 125 :‬ـ ـ ـ ‪.126‬‬
‫(‪ )4‬ينظر روضة الواعظين‪.333 /1 :‬‬
‫)‪)163‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫اإلسالمي‪ .‬وتعد هذه القصة مرجعا ثقافيا في الشعر الشيعي ضمنها بعض شعراء‬
‫الشيعة في العصر العباسي(‪.)1‬‬

‫أفاد ابن العودي النيلي من كرامات اإلمام علي (عليه السالم) في تكليم‬
‫الحيوانات وسخرها في نصه للداللة على فضائل الممدوح‪ .‬قال في مدح اإلمام علي‬
‫(الكامل)‬ ‫(عليه السالم)‪:‬‬

‫ـان)؟‬ ‫تأويـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َل آي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـة (قص ـ ـ ـ ـ ـ ــة الثعب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫الع َمــى‬ ‫ِ‬


‫ـير َكــذي َ‬
‫أَو يعلَمــون ومــا ِ‬
‫البصـ ُ‬‫ُ ََ َ‬
‫ك ِ‬
‫العي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـدان‬ ‫ـاد ُمب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــار َ‬ ‫ي ِعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـظُ ِ‬
‫العب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ـاء وه ـ ـ ــو عل ـ ـ ــى مراتِ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـب منب ـ ـ ـ ٍـر‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫إذ ج ـ ـ ـ َ َ َ‬
‫ك ُمنا ِجيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لِلجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـان‬ ‫ِمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن قَب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُل ذا َ‬ ‫َسـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـر َنج ـ ـ ـ ـ ـ ـواهُ إليـ ـ ـ ـ ـ ــه َولَـ ـ ـ ـ ـ ــم َيـ ـ ـ ـ ـ ـ َـرْوا‬
‫فَأ َ‬
‫كمـ ـ ـ ـ ـ ِـه الجريـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـان (‪.)2‬‬ ‫عنـ ـ ـ ـ ــه‪ ,‬ودان لِح ِ‬ ‫قوم ـ ـ ــه‬
‫ـي َ‬
‫سـ ـ ـ ـأَ َل الح ُكومـ ـ ـ ـةَ ب ـ ـ ـ ِ‬
‫ُ َ َ ُ‬ ‫ـين حزب ـ ـ ـ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وظف الشاعر قصة الثعبان وأفاد منها دالليا في الكشف عن مناقب علي‬
‫(عليه السالم)‪ .‬فأشار الشاعر إلى قصة الثعبان الذي دخل مسجد الكوفة وكان علي‬
‫(عليه السالم) على المنبر يعظ الناس‪َّ ,‬‬
‫فشق الصفوف والناس في خوف منه‪ ,‬فقال‬
‫اإلمام علي (عليه السالم)‪ :‬ال تؤذوه فأنه رسول جاء بحاجة‪ ,‬ثم دنا من المنبر فسأل‬
‫عليا (عليه السالم) عن ٍ‬
‫أمر اختلفوا فيه‪ ,‬وأخذ الجواب لقومه‪ .‬ثم نزل وانساب بين‬
‫الصفوف حتى توارى عن أنظار الناس(‪ .)3‬فقالوا‪(( :‬يا أمير المؤمنين‪ ,‬وما هذا‬

‫(‪ )1‬ينظر ديوان السيد الحميري‪ 188 :‬ـ ـ ـ ‪ 189‬ـ ـ ـ ‪ 213‬ـ ـ ـ ‪224‬؛ ديوان ديك الجن‪ 57 :‬ـ ـ ـ ‪58‬؛‬
‫شعر دعبل بن علي الخزاعي‪ 318 :‬ـ ـ ـ ـ ‪ 319‬ـ ـ ـ ـ ‪347‬؛ ديوان الحماني علي بن محمد العلوي‬
‫الكوفي‪56 :‬؛ ديوان السوسي‪110 :‬؛ ديوان الصاحب بن عباد‪ 37 :‬ـ ـ ـ ‪ 43‬ـ ـ ـ ـ ‪ 64‬ـ ـ ـ ‪=69‬‬
‫=‪76‬؛ ديوان الصنوبري‪336 /1 :‬؛ شعر أحمد بن علوية الكاتب‪ 72 :‬ـ ـ ـ ‪88‬؛ ابن العودي‬
‫النيلي وما تبقى من شعره‪133 :‬؛ شعر ابن مكي النيلي‪.78 :‬‬
‫(‪ )2‬شعر أحمد بن علوية الكاتب‪.78 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر عيون المعجزات‪ ,‬الشيخ حسين بن عبد الوهاب‪ 136 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.137‬‬
‫)‪)164‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫الجن المسلمين‪ ,‬وذلك َّأنهم‬


‫ِّ‬ ‫الثعبان؟ فقال‪ :‬هذا الذرجان بن مالك‪ .‬خليفتي على‬
‫إلي‪ ,‬فجاء وسألني عنها‪ ,‬فأخبرته بجواب مسألة فرجع))(‪.)1‬‬
‫اختلفوا في أشياء وانفذوه َّ‬

‫وظف أحمد بن علوية الكاتب بمخزونه الثقافي قصة البيع والشراء وتجارة‬
‫(الكامل)‬ ‫اإلمام علي (عليه السالم) مع اهلل تعالى‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـناء تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاجرٍة لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه معسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫ـان‬ ‫َحسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ـائق ناقَـ ـ ـ ـ ـ ٍـة‬ ‫فَطَ ـ ـ ـ ـ ـ ار ِمـ ـ ـ ـ ــن األع ـ ـ ـ ـ ـر ِ‬
‫اب سـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فلس ـ ـ ـ ِ‬
‫ـان؟‬ ‫بِشـ ـ ـ ـ ار البعي ـ ـ ــر َو َم ـ ـ ــا َمع ـ ـ ــي َ‬ ‫ـترَهاا فقـ ــا َل‪َ :‬وكيـ ــف لـ ــي‬ ‫نـ ــادى‪ :‬اأال أشـ ـ ِ‬
‫ـان تصـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـطفقَ ِ‬
‫ان؟‬ ‫فيمـ ـ ـ ـ ـ ــا بـ ـ ـ ـ ـ ــه الكفَّـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫نظ ـ ـ ـ ــر‬ ‫ق ـ ـ ـ ــا َل الفت ـ ـ ـ ــى‪ :‬ابتعه ـ ـ ـ ــا ف ـ ـ ـ ــإني م ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ـت ي ـ ـ ـ ــا رَّب ـ ـ ـ ــاني؟‬ ‫ِّ‬ ‫ط‬
‫ك أن ـ ـ ـ ـ َ‬
‫من ـ ـ ـ ــي َبعي ـ ـ ـ ـ َـر َ‬ ‫رجـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل فقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال‪َ :‬أب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائع‬
‫فََبـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدا لـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ُ‬
‫ِ‬
‫مئ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة فق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال‪ :‬فهاكه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا مئت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـان؟‬ ‫ك قـ ـ ــال‪ :‬هـ ـ ــا‬ ‫ُهـ ـ ــن رَبح ـ ـ ـ َ‬ ‫أخبِـ ـ ــر شـ ـ ـ َـراك أ َ‬
‫الخَب ـ ـ ـ ـر ِ‬
‫ان‬ ‫َواليـ ـ ـ ــه قب ـ ـ ـ ـ ُل قَـ ـ ـ ــد انتَهـ ـ ـ ــى َ‬ ‫ـي) ُم َّ‬
‫عجب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا فأهاب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬ ‫َوأت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى َّ‬
‫(النب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫ـت تُنبئنيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه؟ أم تُبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـدانِي؟‬
‫أقبلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫نـ ـ ـ ـ ـ ــادى‪ :‬أبـ ـ ـ ـ ـ ــا َح َسـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـن أأب ـ ـ ـ ـ ـ ـدأُ بالـ ـ ـ ـ ـ ــذي‬
‫ـرت فتَ ـ ـ ـ ــاح لِ ـ ـ ـ ــي ِربح ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـان‬ ‫ِّإن ـ ـ ـ ــي اتَّج ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـي لـ ـ ـ ـ ـ ــه‪ :‬فأنبـ ـ ـ ـ ـ ــأني بـ ـ ـ ـ ـ ــه‬ ‫قـ ـ ـ ـ ـ ــال الوصـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ‬
‫َو ِكالهمـ ـ ـ ــا لـ ـ ـ ــي يـ ـ ـ ــا أخـ ـ ـ ــي فَخ ـ ـ ـ ـر ِ‬
‫ان‬ ‫ِرب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــح ِآلخرت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ورب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــح عاج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل‬
‫تَـ ــدري ـ ـ ـ ـ ف ـ ــداك أحبت ـ ــي ـ ـ ـ ـ َم ـ ــن ِ‬
‫ذان؟‬ ‫فأبثَّـ ـ ــه م ـ ـ ــا فـ ـ ــي الض ـ ـ ــمير وقـ ـ ــال‪ :‬ه ـ ـ ــل‬
‫ـت وأنجـ ـ ــح السـ ـ ـ ِ‬
‫ـعيان‬ ‫(ميكـ ـ ــا ُل) طَبـ ـ ـ َ‬ ‫المشـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـتري‬ ‫ِ‬
‫ـاحب بيعهـ ـ ـ ــا و ُ‬
‫(جبري ـ ـ ـ ـ ُل) صـ ـ ـ ـ ُ‬
‫الخلـ ِـد فــي (بطنـ ِ‬
‫ـان) (‪.)2‬‬ ‫ترعــى بِـ َـد ِار ُ‬ ‫اء) كان ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ناقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةً‬
‫و(الناقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةُ الكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـو ُ‬
‫أفاد الشاعر من قصص أهل البيت (عليهم السالم) ووظفها دالليا للكشف عن‬
‫مناقبهم وسمو مكانتهم‪ ,‬فأشار إلى أن عليا (عليه السالم) خرج لبيع إزار فاطمة‬
‫(عليها السالم) ليأكلوا به فباعه بستة دراهم‪ ,‬فوجد سائال فأعطاه المال‪ ,‬ثم جاء‬

‫(‪ )1‬عيون المعجزات‪ .137 :‬ينظر أيضا بحار األنوار الجامعة لدرر أخبار األئمة األطهار‪:‬‬
‫‪ 163 /39‬ـ ـ ـ ‪.164‬‬
‫(‪ )2‬شعر أحمد بن علوية الكاتب‪ 84 :‬ـ ـ ـ ‪.85‬‬
‫)‪)165‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫أعرابي فباعه ناقة فشراها منه بمائة دينار إلى أجل‪ ,‬ثم جاء أخر راغبا بشرائها‬
‫فباعها علي (عليه السالم) له بمائه وستون دينار‪ ,‬فعاد لفاطمة (عليها السالم)‬
‫بستون دينار وكان البائع جبريل والمشتري ميكائيل‪ ,‬والناقة من الجنة(‪.)1‬‬

‫‪ /2‬المناظرات‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫قلت‪:‬‬ ‫محركة‪ :‬الف ْك ُر في الشيء تُقَ ِّد ُره وتَ ُ‬
‫قيسه‪َ ...‬وِاذا َ‬ ‫المناظرة في اللغة تعني‪َّ (( :‬‬
‫وتدُّب اًر بِا ْل َق ْل ِب‪ ...‬والتَّناظُر‪ :‬التَّرواُض ِفي‬
‫احتمل أَن يكون تَ َف ُّك اًر َ‬ ‫األمر‪ْ ,‬‬‫ِ‬ ‫ت ِفي‬
‫ظ ْر ُ‬
‫َن َ‬
‫ناظ ُره))(‪.)2‬‬ ‫ونظيرك‪ :‬الَِّذي ير ِاوضك وتُ ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ْاألَمر‪ُ َ .‬‬

‫والمناظرة في االصطالح ((المحاورة بين فريقين حول موضوع لكل منهما‬


‫وجهة فيه تخالف وجهة نظر الفريق اآلخر‪ ,‬فهو يحاول إثبات وجهة نظره وابطال‬
‫وجهة نظر خصمه‪ ,‬مع رغبته الصادقة بظهور الحق واالعتراف به لدى ظهوره))(‪.)3‬‬

‫عرف عصر ما قبل اإلسالم فن المناظرات بصورته البدائية كالمنافرات التي‬


‫كانت تحدث بين أثنين أو أكثر من سادة العرب وأشارفهم‪ ,‬وفيها يشيد كل من‬
‫المتفاخرين بحسبه ونسبه ومجده وسجاياه أمام حكم من أشراف العرب أو كهانهم‬
‫ليكون له قول الفصل في تفضيل أحد الطرفين على األخر‪ ,‬ولكن الحكم يسعى في‬

‫(‪ )1‬ينظر نزهة المجالس ومنتخب النفائس‪ ,‬عبد الرحمن بن عبد السالم الصفوري‪.6 /2 :‬‬

‫(‪ )2‬تاج العروس من جواهر القاموس‪247 /14 :‬ـ ـ ـ ـ ‪ 248‬ـ ـ ـ ‪..249‬‬

‫(‪ )3‬ضوابط المعرفة وأصول االستدالل والمناظرة‪ ,‬عبد الرحمن حسن قبلة الميداني‪371 :‬؛ أيضا‬
‫ينظر معجم المصطلحات األدبية‪ ,‬نواف نصار‪.326 :‬‬
‫)‪)166‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫للشر على نحو ما نلحظه في‬


‫كثير من األحيان إلى الصلح بين المتنافرين تفاديا ِّ‬
‫منافرة عامر بن الطفيل مع علقمة بن ُعالثة(‪.)1‬‬

‫ازدهر فن المناظرات في العصر اإلسالمي ال سيما وأن ظهور الدين الجديد‬


‫وتعاليمه المخالفة ألغلب عادات العرب وتقاليدهم‪ ,‬فكان الرسول (صلى اهلل عليه‬
‫وآله وسلم) يذود عنه المعاندين موضحا الحجج واألدلة من القرآن الكريم‪ ,‬وال شك في‬
‫أن القرآن يضم كثي ار من تلك المناظرات لنبينا أو لألنبياء السابقين عليهم وعلى نبينا‬
‫أفضل الصالة والسالم‪.‬‬

‫وفي العصر العباسي تطور فن المناظرات وشهدت بغداد في جميع مراكزها‬


‫الثقافية كقصور الخلفاء العباسيين والمساجد ودور العلماء وال يخلوا يوم إال اجتمع‬
‫الناس للمناظرة والحوار والجدال‪ ,‬يدعمه الخلفاء العباسيون‪ ,‬قال شوقي ضيف‪(( :‬إن‬
‫مجالس البرامكة والمأمون كانت تكتظ بهذه المناظرات‪ ,‬وأنه كان وراء مجالسهما‬
‫مجالس صغرى كثيرة‪ ,‬يجتمع فيها المتناظرون من الشيعة والزنادقة والمتكلمين‪,‬‬
‫ويتحاورون في المسائل العقيدة وغير العقيدة‪ ,‬وقد يخوضون في بعض المسائل‬
‫الفلسفية))(‪ .)2‬وكانت المناظرات في العصر العباسي تخضع لقواعد وشروط وآداب‬
‫وأركان يلتزم بها الفريقان كالهما(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة‪ ,‬أحمد زكي صفوت‪.43 /1 :‬‬
‫(‪ )2‬تاريخ األدب العربي‪ ,‬العصر العباسي األول‪ ,‬شوقي ضيف‪.457 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر ضوابط المعرفة وأصول االستدالل والمناظرة‪ 372 :‬ـ ـ ـ ‪.373‬‬
‫)‪)167‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫إن علماء الشيعة اشتركوا في تلك الحوارات والمناظرات فضال عن أئمتهم‬


‫إلثبات الحق وكشف الزيغ والباطل‪ ,‬وكان من أشهر مناظري الشيعة في العصر‬
‫(‪)3‬‬
‫وغيرهم‪.‬‬ ‫العباسي مؤمن الطاق(‪ ,)1‬وهشام بن الحكم(‪ ,)2‬وأبان بن تغلب‬

‫أفاد الشعراء في العصر العباسي من تلك المناظرات بما يخدم غرضهم‪ ,‬فنهلوا‬
‫منه إلثراء نصوصهم من التراث األدبي عن طريق مخزونهم الثقافي واطالعهم‬
‫يقل شأنا عما سواه إذ وظَّف‬
‫الواسع‪ ,‬والشعر الشيعي في العصر العباسي ال ُّ‬

‫مناظرات أهل البيت (عليهم السالم) بما يخدم داللة النص‪ ,‬نحو ما نلحظه في شعر‬
‫السيد الحميري إذ استحضر بعض حجج اإلمام علي (عليه السالم) في جوابه عن‬
‫بعض األسئلة التي كان يطرحها عليه الزنادقة والمخالفين كاإليمان بالرجعة‪ .‬والسيد‬
‫(الوافر)‬ ‫الحميري ممن يعتقد بها(‪ ,)4‬ووظفها الشاعر في نصه‪ ,‬قال‪:‬‬

‫ـاب‬ ‫فَقُـ ـ ـم َي ـ ـ ـا ص ـ ـ ـا ِح َنب ـ ـ ـ ِـك َعلـ ـ ــى َّ‬


‫الشَب ـ ـ ـ ِ‬ ‫أودى‬ ‫ـت َب َشا َشتُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ َو َ‬ ‫فَقَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد َولَّـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ـوم الــمـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َفلَـ ـ ـ ـ ـ ـيس بِعائِـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـد مـ ـ ـ ـ ـ ـا فَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ ِ‬
‫ـآب‬ ‫إلَ ـ ـ ـ ـ ــى أَ َحـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد إلَ ـ ـ ـ ـ ــى َي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ َ‬ ‫ـات منـ ـ ـ ـ ـ ــهُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ـسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـاس ِفيـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه‬
‫ـاب‬ ‫إِلـ ـ ـ ـ ـ ــى ُدنيـَـ ُ‬
‫ـاه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـم قَـب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َل الح ـ َ‬ ‫ؤوب النـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـوم َيـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫إل ـ ـ ـ ـ ــى ي ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ور بِـ ـ ـذي ارتَِي ـ ـ ـ ِ‬
‫اب‬ ‫الن ُشـ ـ ـ ِ‬ ‫َو َمـ ـ ـا أََن ـ ـ ـا ِف ـ ـ ـي ُ‬ ‫ك َحق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ك َك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َذا َ‬ ‫أَ ِدي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـن بِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫أن َذا َ‬

‫(‪ )1‬هو محمد بن علي بن النعمان ابن أبي طريفة كوفي‪ ,‬صيرفي‪ ,‬يلقب بمؤمن الطاق وصاحب‬
‫الطاق ويلقبه المخالفون بشيطان الطاق‪ .‬ينظر فهرست اسماء مصنفي الشيعة المشتهر‬
‫برجال النجاشي‪311:‬‬
‫(‪ ) 2‬هو أبو محمد هشام بن الحكم اصله كوفي‪ ,‬ومولده بواسط‪ ,‬وتجارته ببغداد‪ ,‬عاصر اإلمام‬
‫الصادق (عليه السالم)‪ .‬ينظر اختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشي‪ ,‬ألبي جعفر‬
‫الطوسي‪.219 :‬‬
‫(‪ )3‬هو أبان بن تغلب أخذ الحديث عن اإلمام الصادق (عليه السالم)‪ ,‬وكان يناظر أهل المدينة‪.‬‬
‫ينظر اختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشي‪.276 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر مناظرات في العقائد‪ 413 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.416‬‬
‫)‪)168‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫رس ِف ـ ـي التُـ ـر ِ‬
‫اب(‪.)1‬‬ ‫َحَي ـ ـوا ِم ـ ـن َبعـ ـ ِـد َد ٍ‬ ‫ألن اهلل َخَّبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر َعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ِر َجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫َ‬ ‫ـال‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬
‫أشار الشاعر إلى مناظرة اإلمام علي (عليه السالم) البن الكواء بما يخص‬
‫قضية الرجعة عند االمامية الشيعة(‪ .)2‬والرجعة عند الشيعة اإلمامية تعني عودة‬
‫الروح إلى المؤمنين الذين أخلصوا دينهم هلل َّ‬
‫عز جالله أو ممن مخض الكفر‬
‫مخضا(‪.)3‬‬

‫إن المخزون الثقافي عند الشاعر نث ار كان أم نظما ـينعكس على نصه الشعري‬
‫دون شعور من قبل الشاعر في اللفظ أو المعنى‪ ,‬وقد يعمد األديب نفسه عمدا لنظم‬
‫المنثور على نحو ما نقرأه في شعر الصاحب بن عباد متمثال بمناظرة اإلمام‬
‫(الرجز)‬ ‫الصادق(عليه السالم) ألحد الزنادقة‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـائح العبي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـد‬


‫وج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـل ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن قب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ـرب َج ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـل ع ـ ـ ـ ـ ـ ــن َندي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـد‬ ‫ّحم ـ ـ ـ ـ ـ ــدا ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ‬
‫ـولي‬
‫ـي والـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّ‬
‫الحبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّ‬
‫وعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـد َد َ‬
‫َ‬ ‫ثـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـم الصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالة َعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـد َد الوسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـم َّي‬
‫(‪)4‬‬
‫والـ ـ ـ ـ ــدين والتقـ ـ ـ ـ ــوى وأهـ ـ ـ ـ ــل الص ـ ـ ـ ـ ـفَّة‬ ‫وال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه جميـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِع أه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل الزلف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـة‬
‫ثم قال في توحيد اهلل سبحانه وتعالى‪:‬‬

‫ـاطق‬
‫ـي نـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫حتـ ـ ـ ـ ـ ــى يكـ ـ ـ ـ ـ ــون منـ ـ ـ ـ ـ ــه حـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌّ‬ ‫ـق‬ ‫م ـ ـ ــا ب ـ ـ ــين م ـ ـ ــاء الظَّه ـ ـ ـ ِـر من ـ ـ ــه ِ‬
‫داف ـ ـ ـ ُ‬ ‫ْ‬
‫ـالق‬
‫ـديم الخ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ِ‬
‫َو َع ـ ـ ـ ـ ـ َـز ذو الع ـ ـ ـ ـ ــرش القَ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـق‬
‫فهـ ـ ـ ـ ـ ــا هنـ ـ ـ ـ ـ ــا قـ ـ ـ ـ ـ ــد ذلّـ ـ ـ ـ ـ ــت الخالئـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ال سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـيما مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع كث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرة البـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـدائع‬ ‫الصـ ـ ـ ـ ــنعُ ال بـ ـ ـ ـ ـ َّـد لـ ـ ـ ـ ــه مـ ـ ـ ـ ــن صـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـانع‬ ‫و َّ‬

‫ك ال يبق ـ ـ ـ ـ ـ ــى عل ـ ـ ـ ـ ـ ــى التَّم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬


‫ـان ِع‬ ‫الملـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫و ُ‬ ‫وانم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـم ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال من ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــازع‬

‫)‪ (1‬ديوان السيد الحميري‪.122 ,121 :‬‬


‫(‪ )2‬بحار األنوار الجامع لدرر أخبار األئمة األطهار‪ 72 /53 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.73‬‬
‫(‪ )3‬ينظر تصحيح اعتقادات االمامية‪90 :‬؛ الفصول المختارة من العيون والمحاسن‪ ,‬السيد‬
‫الشريف المرتضى‪.153 :‬‬
‫(‪ )4‬ديوان الصاحب بن عباد‪ 50 :‬ـ ـ ـ ‪.51‬‬
‫)‪)169‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫وال لَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــكل م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن األش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫ـكال‬ ‫وم ـ ـ ـ ـ ـ ــا لَ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ِم ْث ـ ـ ـ ـ ـ ــل م ـ ـ ـ ـ ـ ــن األمث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـال‬
‫َّ‬
‫دل عليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتْقَ ُن األفعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـال‬ ‫ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال وج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـل غاي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة التَّع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالي‬
‫ُ‬
‫ـار‬ ‫كـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـال وال ُ‬
‫تبلغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ األفكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـار‬ ‫َعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـز فمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا تُ ِ‬
‫درُكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ األبصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ـار‬
‫وال لَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ أي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن وال أقط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫وال لَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ كيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف وال اسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتقرُار‬
‫ـان‬
‫حي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــث وال زم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان وال ْ‬ ‫ـان‬
‫كـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان وال َعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرش وال مكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫لكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان ملموسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا بكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـف ازئـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـر‬ ‫ـين ن ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـاظر‬ ‫بع ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ل ـ ـ ـ ــو ك ـ ـ ـ ــان َمحسوس ـ ـ ـ ــا َ‬
‫ـام أو أن يس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهدا‬ ‫ـح أن ين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫لَ َ‬ ‫ـح أن ينـ ـ ـ ـ ــزل أو أن يصـ ـ ـ ـ ــعدا‬ ‫صـ ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫أو َ‬
‫ـرد العزي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــز الواح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـد‬ ‫ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـم ُد الف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ال ّ‬ ‫ك الماج ـ ـ ـ ـ ُـد‬ ‫بل ـ ـ ـ ــى ه ـ ـ ـ ــو ال ـ ـ ـ ـ ُّ‬
‫ـرب المليـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ـين وال ِ‬
‫آالت(‪.)1‬‬ ‫ـذات القـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدير الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫العـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالِم الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫َيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـرى بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـذات‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫استحضر الشاعر جواب اإلمام الصادق (عليه السالم) في أحدى مناظراته‬
‫فالبيت الثالث أشار إلى جواب اإلمام الصادق للزنديق قال هشام بن الحكم‪(( :‬سأل‬
‫أحد الزنادقة اإلمام ال صادق (عليه السالم) قائال‪ :‬ما الدليل على أن اهلل صانع؟ فقال‬
‫أبو عبداهلل‪ :‬وجود األفاعيل التي دلت على أن صانع صانعها‪ ,‬أال ترى أنك إذا‬
‫نظرت إلى بناء مشيد مبنى‪ ,‬علمت أن له بانيا‪ ,‬وان كنت لم تشاهده))(‪ .)2‬ثم من‬
‫البيت الثامن إلى البيت الثالث عشر أشار الشاعر إلى جواب اإلمام الصادق في‬
‫تنزيه اهلل سبحانه وتعالى عن التجسيم لما سأله الزنديق عن اهلل قال‪(( :‬هو شئ‬
‫بخالف األشياء‪ ,‬وأنه شئ بحقيقته الشيئيه‪ ,‬غير أنه ال جسم وال صورة وال يحس وال‬
‫(‪)3‬‬
‫يجس وال يدرك بالحواس الخمس))‬

‫إن قضية القضاء والقدر في الشعر الشيعي من المرجعيات التي اتكأ عليها‬
‫الشعراء ووظفوا آراء أهل البيت (عليهم السالم) في مناظراتهم للمخالفين والمتكلمين‪.‬‬

‫(‪ )1‬ديوان الصاحب بن عباد‪ 52 :‬ـ ـ ـ ‪.55‬‬


‫(‪ )2‬مناظرات اإلمام الصادق (عليه السالم)‪ 7 :‬ـ ـ ـ ـ ‪ 8‬ـ ـ ـ ـ ـ ‪.9‬‬
‫(‪ )3‬م ‪ .‬ن‪ 7 :‬ـ ـ ـ ـ ‪ 8‬ـ ـ ـ ـ ـ ‪.9‬‬
‫)‪)170‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫منها ما جاء في قول الصاحب بن عباد(ت‪385‬هـ)‪ .‬قال في التوحيد ومدح أهل‬


‫(البسيط)‬ ‫البيت (عليهم السالم)‪:‬‬

‫ـارق َعقلَـ ـ ــهُ ال ـ ـ َـوَرعُ‬


‫ىء لَـ ـ ـم ُيفـ ـ ْ‬‫قـ ــو َل ام ـ ــر ٍ‬ ‫ـار مجته ـ ـ ــداً‬ ‫صـ ـ ـ َـر اإلجب ـَ ـ ـ َ‬‫قـ ـ ـوال لم ـ ـ ــن َن َ‬
‫ِّ‬
‫فمـ ـ ــا يكلـ ـ ــف نفس ـ ـ ـ ـاً فـ ـ ـ ــوق مـ ـ ـ ــا تَس ـ ـ ــعُ‬ ‫ك ع ـ ـ ـ ــدالً ف ـ ـ ــي قـ ـضـ َّـيــتِـ ـ ـ ـ ِـه‬‫ألي ـ ـ ـ ــس رُّب ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـ ـ ــتكذيب فيـ ـ ــه وم ـ ـ ــا يسطيـ ـ ـ ــعُ يـ ـ ـ ـرتدعُ‬ ‫ـق ال ـ ـ‬ ‫ق َم ـ ْـن خل ـ َ‬ ‫ـأم ُر بالتص ــدي ِ‬ ‫ـف ي ـ ُ‬ ‫فكي ـ َ‬
‫َّ ِ‬ ‫ان ُم ـ ـض ـ ـ َّـرَم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـة‬
‫وي ْـب ــتَ ِـديـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه بـن ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ٍ‬
‫هـ ــذا هـ ــو الكفـ ـ ُـر هـ ــذا الموقـ ــف الشـ ــنعُ‬ ‫َ‬
‫وقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد أر َاد هـ ـُ ـ ـ ـ ـ ــداه والـ ـ ـ ـ ـ ـ ــورى َش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـرعُ‬ ‫ـكنـ ـ ـ ـ ــه أقـ ـ ـ ـ ــدر المأمـ ـ ـ ـ ــور مـ ـ ـ ـ ــن َك ـ ـ ـ ـ ـ َـرٍم‬ ‫ل َّ‬

‫َي ْملِك ـ ــهُ خـ ـ ــوف ول ـ ــم يحل ـ ـ ْـل بـ ـ ـ ِـه َج ـ ـ ـ َـزعُ‬ ‫اب ول ـ ــم‬ ‫ـاع حـ ــوى ِعـ ـ َّـز الث ـ ـو ِ‬
‫فَ َمـ ـ ْـن أطـ ـ َ‬
‫ـق ُمتَّ ِس ـ ـ ـ ـ ــعُ (‪.)1‬‬
‫عل ـ ـ ــى جريرتِـ ـ ـ ـ ـ ِـه والح ـ ـ ـ ـ ـ ُّ‬ ‫ِ‬
‫ـرق الرش ـ ـ ـ ــد عاقََب ـ ـ ـ ــهُ‬ ‫ومـ ـ ــن َّ‬
‫تنكـ ـ ــب طـ ـ ـ ـ َ‬
‫شغلت مسألة القضاء والقدر حي از واسعا في العصر العباسي‪ ,‬فقالت فرقة‬
‫بالجبر وقالت أخرى بالتفويض(‪ ,)2‬وجاء رأي اإلمام الصادق (عليه السالم) في قوله‪:‬‬
‫((ال جبر وال تفويض بل أمر بين أمرين))(‪ .)3‬وقد أشار الشاعر إلى مناظرة اإلمام‬
‫موسى بن جعفر ألبي حنيفة في هذه المسألة وقد وظفها بالمعنى توظيفا دالليا وقد‬
‫عرض بمن يعتقد بالجبر أو بالتفويض‪ .‬وأشار الشاعر إلى سؤال أبي حنيفة لإلمام‬
‫موسى بن جعفر عن صدور المعصية أهي من العبد؟ أم من ربه؟ فقال اإلمام‬
‫موسى بن جعفر (عليه السالم)‪(( :‬إن المعصية ال َّ‬
‫بد من أن تكون من العبد أو من‬
‫خالقه أو منهما جميعا‪ ,‬فإن كانت من اهلل تعالى فهو أعدل وأنصف من أن يظلم‬
‫عبده ويأخذه بما لم يفعله‪ ,‬وان كانت منهما فهو شريكه والقوي أولى بأنصاف عبده‬
‫الضعيف‪ ,‬وان كانت من العبد وحده فعليه وقع األمر‪ ,‬واليه توجه النهي‪ ,‬وله حق‬

‫)‪ (1‬ديوان الصاحب بن عباد‪.49 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر عقائد اإلمامية‪ 29 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.30‬‬
‫)‪ (3‬الكافي‪92 /1 :‬؛ ينظر أيضا عقائد اإلمامية‪.31 :‬‬
‫)‪)171‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المرجعية األدبية‬

‫الجنة والنار))(‪ .)1‬استحضر الشعر الشيعي‬


‫َّ‬ ‫الثواب‪ ,‬وعليه العقاب‪ ,‬وجبت له‬
‫المناظرات العقدية التي أضحت معين ال ينضب يمد الشاعر بأنواع الفكر‬
‫والمعرفة(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬مناظرات في العقائد‪.28 /1 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر النزعة العقلية في شعر التشيع في العصر العباسي‪ ,‬صفاء علي احمد الموسوي‪51 :‬‬
‫ـ ـ ـ ‪ 52‬ـ ـ ـ ـ ‪ 55‬ـ ـ ـ ـ ‪ 56‬ـ ـ ـ ـ ‪.59‬‬
‫)‪)172‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬المرجعية‬
‫التاريخية‪.‬‬
‫المرجعية‬ ‫الفصل الثالث‬
‫التاريخية‬

‫توطئة‪:‬‬

‫ال تخلو آداب العالم من اإلشارة إلى األحداث التاريخية‪ ,‬والتاريخ هو الوثيقة‬
‫تمر بها البالد‪ ,‬واألمة العربية أحدى تلك األمم‬
‫الرسمية التي تؤيد تلك األحداث التي ُّ‬
‫مرت عليها أحداث كثيرة متناقضة من حقبة إلى أخرى‪.‬‬
‫التي َّ‬

‫كان األدب العربي أحد أهم الوسائل التي نقلت تلك األحداث وصورتها للمتلقي‬
‫بصورة واضحة وجلية‪ ,‬وأيضا كان األدب رافدا لألحداث التاريخ يستشهد به المؤرخ‬
‫في تأييد مزاعمه ورؤاه‪ (( .‬ولم تكن دراسة األحداث التاريخية بعيدة عن تراث العرب‬
‫المسلمين في الشعر والنثر‪ ,‬وانما غالبا ما يستشهدون بهما لتوكيد صحة الحدث أو‬
‫الكشف عن جوانب خفية فيه بوصف الشعر العربي سجال لمآثر العرب فهو موضع‬
‫علمهم وموطن بالغتهم والمفصح عن بيانهم في قوة األلفاظ ودالالت المعاني‪ ,‬وهو‬
‫جامع لعناصر ثقافتهم ولسمو أفكارهم والمعبر عن قوة الحدس ورقي الشعور))(‪.)1‬‬
‫فال عجب أن تحفل كتب التاريخ والفكر والدين والتراجم من االستشهاد بأبيات الشعر‬
‫لتوضيح الفكرة واإلفصاح عن المعنى وحجة تؤيد مزاعم الكاتب وأفكاره‪.‬‬

‫)‪ )1‬أثر الشعر في تدوين األحداث التاريخية في العصر األموي‪ ,‬قيس كاظم الجنابي‪.9 :‬‬
‫)‪)174‬‬
‫المرجعية‬ ‫الفصل الثالث‬
‫التاريخية‬

‫انماز العصر الجاهلي باالنتماء القبلي‪ ,‬وال سلطة عندهم أعلى من سلطة‬
‫القبيلة‪ ,‬فكانت حياتهم قائمة على الصراع والقتال في الذود عن حمى القبيلة أكانت‬
‫على حق أم على باطل؟ وكانت بعض القبائل الصغيرة تعقد حلفا مع القبيلة األكبر‬
‫وتنضم تحت لوائها وتخضع لقانونها واعرافها؛ للدفاع عنها والوقوف معها في النوائب‬
‫الدم‪ ,‬والهدم الهدم))(‪.)2‬‬
‫الدم ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫والشدائد ‪ ,‬وكان شعارهم في الحلف‪ّ (( :‬‬

‫تركت الحروب وسفك والدماء أضغانا بين القبائل انعكس تأثيرها على الشعراء‬
‫فتغنوا بمجدهم وانتصاراتهم‪ ,‬وأظهروا مثالب أعدائهم‪ ,‬وعرفت تلك الحروب فيما بعد‬
‫بأيام العرب وهي كثيرة في كتب األدب والتاريخ‪ ,‬وأطلقوا عليها مسميات تدل على‬
‫مكان حدوثها‪ ,‬أو أسباب اندالعها(‪.)3‬‬

‫إن الشعر الشيعي في العصر العباسي استعان باألحداث التاريخية من عصر‬


‫ما قبل اإلسالم وجعلها مرجعا يتكئ عليها‪ ,‬وسخرها لخدمة غرضه في بيان فضائل‬
‫أهل البيت (عليهم السالم)‪ ,‬وكشف مثالب أعدائهم‪ ,‬إما إشارة لحادثة شهيرة‪ ,‬أو ذكر‬
‫شخصية مهمة‪ ,‬أضف إلى ذلك إن توظيف التراث يعد ثيمة للمتلقي تفك له رموز‬
‫النص عن طريق المخزون الثقافي‪ .‬على نحو ما جاء في شعر السيد الحميري إذ‬
‫نقل األحداث التاريخية من عصر ما قبل اإلسالم في تقوية النص وبيان داللته‪ ,‬قال‬
‫(الطويل)‬ ‫في مدحه اإلمام علي (عليه السالم)‪:‬‬

‫ـان ِج َلب َابـ ـ ـ ــا ِمـ ـ ـ ــن اللَّيـ ـ ـ ـ ِـل َغيهََبـ ـ ـ ــا‬ ‫َي ُجوبـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫لمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـة‬
‫ـيان بظُ َ‬
‫ولَيلَـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة قَامـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ي ِ‬
‫مشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫اعـ ـ ـ ـ ـةُ ُكلُّهَ ـ ـ ـ ــا‬
‫هرب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ِّ‬
‫تُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـوق ُرهُ َك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي َيكس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـراه َوَي ُ‬ ‫ص ـ ـ ـ ـ َـنٍم َك َان ـ ـ ـ ــت ُخ َز َ‬
‫إل ـ ـ ـ ــى َ‬

‫(‪ )1‬ينظر تاريخ األدب العربي‪ ,‬العصر الجاهلي‪ ,‬شوقي ضيف‪.58 :‬‬
‫(‪ )2‬الحيوان‪.494 /4 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر تاريخ األدب العربي‪ ,‬العصر الجاهلي‪ ,‬شوقي ضيف‪.64 :‬‬
‫)‪)175‬‬
‫المرجعية‬ ‫الفصل الثالث‬
‫التاريخية‬

‫األن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـام ُم َرِّكَب ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫َّ‬ ‫ظهـ ـ ـ ِـري يـ ـ ـ ِ‬


‫ـام بِ ـ ـ ـ ـ ـ ــه َخي ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـر َ‬
‫فَقَـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ـاعل ُّي َو َحطـ ـ ــهُ‬ ‫َ َ‬ ‫فَقَـ ـ ــا َل اع ـ ـ ـ ُل َ‬
‫مؤرَب ـ ـ ـ ــا(‪.)1‬‬ ‫اء َّ‬ ‫ك بِ ـ ـ ـ ــه رِّب ـ ـ ـ ــي ج ـ ـ ـ ـ َـز ٍ‬ ‫ـز َ‬
‫َج ـ ـ ـ ـ َا‬ ‫ض ـ ـ ـ ــا ُجـ ـ ـ ـ ـ َذا َذا َوقَ ـ ـ ـ ــا َل ثُـ ـ ـ ــب‬ ‫ي َغ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـادره قَ َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وظف الشاعر األحداث التاريخية قبل البعثة النبوية في نصه فأشار إلى اعتالء‬
‫اإلمام علي على منكبي الرسول (عليهما السالم) وحطم الصنم الذي كان في أعلى‬
‫الكعبة وكانت خزاعة تقدسه وتعبده‪ ,‬وهربا في وسط الليل متخفين بين البيوت(‪ ,)2‬وقد‬
‫نقل الشاعر تلك األحداث التاريخية عن طريق القص والسرد التتابعي لألحداث‬
‫ووظفها بما يخدم غرضه‪ .‬إن حادثة ارتقاء اإلمام علي على منكبي الرسول (عليهما‬
‫مر ذكرها‬
‫السالم) تكررت مرتين قبل البعثة التي نحن بصددها وبعد فتح مكة وقد َّ‬
‫مسبقا ينظر صحيفة (‪ 143‬ـ ـ ـ ‪.)144‬‬

‫استحضر الحماني النسب الرفيع الذي يشترك فيه الرسول وعلي (عليهما‬
‫(الطويل)‬ ‫السالم) ووظفه في مدح اإلمام علي (عليه السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫امي ـ ـ ـ ـ ـ ُـد‬ ‫تَختَ ـ ـ ـ ـ ــا ُل ِفي ـ ـ ـ ـ ـ ِـه المع ـ ـ ـ ـ ــالِي والمح ِ‬ ‫طفَى َن َس ــب‬ ‫المصـ ـ َ‬ ‫بِ ــين الو ِ‬
‫َ ََ‬ ‫ََ‬ ‫ـين ُ‬ ‫ـي َوَب ـ َ‬ ‫ص ـ ِّ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫َك َانـ ــا َك َشـ ـ ِ‬
‫أ ََد َارَه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ثُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـم إح َك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام َوتَجوي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـد‬ ‫البـ ــرو ِج َك َمـ ــا‬ ‫ـمس َنهَـ ــا ٍر فـ ــي ُ‬
‫إل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ُمطهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرٍة آباؤه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ـيد‬ ‫ـاه ٍر َعلَـ ـ ـ ـ ٍـم‬ ‫طـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـيرَها انـ ـ ـ ــتَقَال ِمـ ـ ـ ــن َ‬ ‫ِ‬
‫َكسـ ـ ـ ـ َ‬
‫يد(‪.)3‬‬ ‫َبع ـ ـ ـ ـ ـ َـد النبـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـوِة‪ ,‬توفيـ ـ ـ ـ ـ ــق َوتسـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـد ُ‬ ‫تَفََّرقَـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ِعنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـد َعبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـد اهلل‪َ ,‬واقتََرَنـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫السالم) في ذكر اتصاله بذلك الحسب‬ ‫اثنى الشاعر على اإلمام علي (عليه‬
‫الرفيع للرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ .‬فذكر موطن انفصالهم عن عبد المطلب‬

‫(‪ )1‬ديوان السيد الحميري‪ 77 :‬ـ ـ ـ ‪.78‬‬


‫(‪ )2‬ينظر مسند اإلمام أحمد بن حنبل‪73 /2 :‬؛ مسند البزار المنشور باسم البحر الزخار‪ ,‬أبو‬
‫بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق بن خالد بن عبيد اهلل العتكي المعروف بالبزار‪/3 :‬‬
‫‪21‬؛ ذخائر العقبى في مناقب ذوى القربى‪154 :‬؛ دالئل الصدق لنهج الحق‪ 205 /6 :‬ـ ـ ـ‬
‫‪.206‬‬
‫(‪ )3‬ديوان الحماني علي بن محمد العلوي الكوفي‪ 56 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.57‬‬
‫)‪)176‬‬
‫المرجعية‬ ‫الفصل الثالث‬
‫التاريخية‬
‫(‪)1‬‬
‫وكان ذلك في عصر ما قبل اإلسالم‪ ,‬فيما كان والد اإلمام علي (عليه‬ ‫في عبد اهلل‬
‫السالم) أبو طالب(‪.)2‬‬

‫استحضر أبو فراس الحمداني بعض الشخصيات من العصر الجاهلي للتلميح‬


‫على طهارة نسب النبي محمد وأهل بيته (عليهم السالم)‪ ,‬وعقد مقارنة بينهم وبين‬
‫(البسيط)‬ ‫بني العباس‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـار َجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّـد ِه ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫لَجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـد ُك ُم مع َشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫َوَال‬ ‫صـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل‬ ‫ِ‬
‫المجـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد ُمتَّ َ‬
‫ِ‬
‫َوَال لَ ُكـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم‪ ,‬فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي‪َ ,‬‬
‫ُم ِهـ ـ ـ ــم أم ـ ـ ـ ـ ُـم(‪.)3‬‬ ‫(( ُنفَيلَـ ـ ـ ــتُ ُكم)) ِم ـ ـ ـ ــن أ ِ‬ ‫َوَال‬ ‫َوَال لِ ِع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرِق ُك ُم ِم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ِع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرِق ِهم َش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـبه‬
‫ُ‬
‫في البيت الثاني استقصى الشاعر الدقة في تلك المفاضلة فماز نسب الرسول‬
‫وأهل البيت (عليهم السالم) من بني عبد المطلب‪ ,‬ففضل أبناء فاطمة زوج عبد‬
‫المطلب وهما عبد اهلل والد الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) وأخيه أبو طالب‪,‬‬
‫على أبناء نفيلة ـ ـ ـ زوج عبد المطلب ـ ـ ـ منهم العباس(‪.)4‬‬

‫تتبع الشعراء عامة حياة الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) قبل بعثته وعلى‬
‫نحو خاص شعراء الشيعة‪ ,‬ربط الشعر الشيعي ذكر الرسول بأهل البيت (عليهم‬
‫السالم)؛ ألنه االمتداد الطبيعي ألهل البيت (عليهم السالم) على نحو ما نظمه‬
‫(الطويل)‬ ‫السوسي في مدح علي أبن الحسين (عليهم السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫(‪ )1‬عبداهلل والد الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) وأصغر ولد عبد المطلب‪ .‬ينظر السيرة‬
‫النبوية‪ ,‬البن هشام‪.1 /1 :‬‬
‫(‪ )2‬أخو عبداهلل من األبوين وكفيل ابنه محمد (صلى اهلل عليه وآله وسلم) ينظر ذخائر العقبى‬
‫في مناقب ذوى القربى‪107 :‬؛ معجم قبائل العرب القديمة والحديث‪.817 /2 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان أبي فراس الحمداني‪.301 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر السيرة النبوية‪ ,‬البن هشام‪.99 /1 :‬‬
‫)‪)177‬‬
‫المرجعية‬ ‫الفصل الثالث‬
‫التاريخية‬

‫اجا(‪ )1‬بِهـ ـ ــا بِتـ ـ ـ ُـر‬ ‫بِكـ ـ ــم يـ ـ ــا بنِـ ـ ــي َّ ِ‬
‫َولَـ ـ ـوَال ُك ُم َك َانـ ـ ــت ُخـ ـ ـ َـد َ‬ ‫صـ ـ ــالتُنا‬
‫الزه ـ ـ ـراء تَ َّمـ ـ ــت َ‬ ‫َ‬
‫نز ُل القَطـ ـ ُـر(‪.)2‬‬ ‫ـان َيس ــتَ ِ‬ ‫َكم ــا بِ ــأبِي ُك ُم َكـ ـ َ‬ ‫بِك ـ ـ ــم ُيك َش ـ ـ ــف َ‬
‫البل ـ ـ ـ َـوى َوُيس ـ ـ ــتَدفَعُ األ َذى‬
‫استدعى الشاعر شخصية الرسول محمد (صلى اهلل عليه وآله وسلم) بقوله‬
‫(بأبيكم) وقد قصد من وراء ذلك الثناء والمدح لإلمام السجاد علي أبن الحسين (عليه‬
‫السالم)‪ ,‬أراد الشاعر إن النبي قبل اإلسالم كانت قريش تستسقى به (صلى اهلل عليه‬
‫وآله وسلم) إذا اصابهم القحط‪ ,‬وامتنعت السماء عن المطر‪ ,‬واجدبت األرض في‬
‫الجاهلية(‪ ,)3‬فاستشهد الشاعر بتلك الحادثة التاريخية واستثمرها كمرجع في بيان‬
‫مناقب أهل البيت (عليهم السالم)‪ ,‬وعلو شأنهم وطهارتهم منذ عصر ما قبل‬
‫اإلسالم‪.‬‬

‫يقدم الحقيقة التاريخية للقار ولكن هذه الحقيقة َّ‬


‫تقدم بصورة فنية‬ ‫إن الشعر ّ‬
‫ممزوجة بالخيال والتشبيه والمقارنة‪(( ,‬فالشعر ينقل نوعا من المعرفة‪ ,‬أي يقف إلى‬
‫جانب العلم والتاريخ في تأدية مهمته ويفترق عنها في الطريقة))(‪ .)4‬ونجد في الشعر‬
‫الشيعي مصداقا لذلك في شعر الصاحب بن عباد في مدح اإلمام علي (عليه‬
‫(المنسرح)‬ ‫السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫َعلَي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه قَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد َحا َ‬


‫ط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ َوَرَّب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاه‬ ‫َم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َأَري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتُم ُم َح َّم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـدا َح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـدَبا‬
‫أَ‬
‫آخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاه(‪.)5‬‬
‫ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َو َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ُمخل َ‬
‫واعتَ َ‬ ‫صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ َياف َعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َوآثَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـرهُ‬
‫واختَ َّ‬

‫ق‪ ,‬أَو لِ َغ ْي ِر تَ َم ٍام‪.‬‬


‫الخْل ِ‬
‫ص َ‬ ‫ِ‬
‫ت َولَ ًدا َناق َ‬
‫ِ‬
‫الناقة إِذا َولَ َد ْ‬ ‫ان‪ ,‬وأَصل َذلِ َك ِم ْن ِخ ِ‬
‫داج‬ ‫ص ُ‬ ‫داج ُّ‬
‫الن ْق َ‬
‫ِ‬
‫(‪ )1‬الخ ُ‬
‫لسان العرب‪.248 /2 :‬‬
‫(‪ )2‬ديوان محمد بن عبد العزيز السوسي‪.132 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر نهاية اإليجاز في سيرة ساكن الحجاز‪ ,‬رفاعة رافع بن بدوي بن علي الطهطاوي‪.46 :‬‬
‫(‪ )4‬فن الشعر‪ ,‬د‪ .‬إحسان عباس‪.155 :‬‬
‫(‪ )5‬ديوان الصاحب بن عباد‪.64 :‬‬
‫)‪)178‬‬
‫المرجعية‬ ‫الفصل الثالث‬
‫التاريخية‬

‫وقصد الشاعر عناية الرسول‬


‫َ‬ ‫َّ‬
‫قد َم الشاعر المعرفة التاريخية عن طريق النظم‪,‬‬
‫باإلمام علي (عليهما السالم) ورباه وضمه إليه من صغره من سائر بني أبي طالب‪.‬‬
‫ونقل الشاعر األحداث التاريخية من عصر ما قبل اإلسالم بما ينسجم والغرض الذي‬
‫هو فيه‪ ,‬وأراد الحادثة التي أصابت قريشا بالقحط والجدب وكان ألبي طالب عيال‬
‫يضموا إليهم‬
‫َّ‬ ‫كثيرة‪ ,‬فطلب الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) من عمه العباس أن‬
‫اس‬ ‫ض َّمهُ إلَ ْي ِه‪َ ,‬وأ َ‬
‫َخ َذ ا ْل َعَّب ُ‬
‫ِ َّ ِ‬ ‫َخ َذ رسو ُل اللَّ ِه َّ‬
‫صلى اهللُ َعلَ ْيه َو َسل َم َعليا‪ ,‬فَ َ‬ ‫َ‬ ‫بعض أبنائه‪(( .‬فَأ َ َ ُ‬
‫َّ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ول اللَّ ِه َّ‬ ‫ض َّمهُ إلَ ْي ِه‪َ ,‬فلَم َي َز ْل َعلِ ٌّي مع رس ِ‬
‫صلى اهللُ َعلَ ْيه َو َسل َم َحتَّى َب َعثَهُ اللهُ‬ ‫َ‬ ‫ََ َُ‬ ‫ْ‬ ‫َج ْعفَ ًار فَ َ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َّدقَهُ‪َ ,‬ولَ ْم َي َز ْل َج ْعفَر‬ ‫آم َن بِه َو َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ك َوتَ َعالَى َنبيا‪ ,‬فَاتَب َعهُ َعل ٌّي َرض َي اللهُ َع ْنهُ‪َ ,‬و َ‬ ‫تََب َار َ‬
‫استَ ْغَنى َع ْنهُ))(‪ .)1‬فكانت تلك الحادثة التاريخية من عصر‬ ‫اس َحتَّى أ ْ‬
‫َسلَ َم َو ْ‬ ‫ِع ْن َد ا ْل َعَّب ِ‬

‫ما قبل اإلسالم مرجعا وظفه الشاعر داللة على مناقب علي (عليه السالم)(‪.)2‬‬

‫(‪)3‬‬
‫الخربة‪ ,‬لما‬ ‫كما نظم الشريف الرضي مستشهدا بقصور النعمان بن المنذر‬
‫(الكامل)‬ ‫خرج إلى الكوفة لزيارة مشهد اإلمام علي (عليه السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫عمـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـان‪.‬‬ ‫ـاز َل ُّ‬
‫الن َ‬ ‫ـت َمَنـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫حتَّـ ـ ـ ـ ـ ــى َن َزلـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـالنوى‬ ‫ـاز َل ب ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫المَن ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ق َ‬ ‫ـت أط ـ ـ ـ ـ ِـر ُ‬ ‫َم ـ ـ ـ ــا ِزل ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫يضـ ـ ـ ـ ـةُ األعطَ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ـاء َحيِـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬‫ـالحيرِة البِيضـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ِ‬
‫ـان‬ ‫ُش ـ ـ ـ ـ ِّـم الع َم ـ ـ ـ ــاد‪َ ,‬ع ِر َ‬ ‫ـث تَقَ َابلَـ ـ ـ ـ ـ ــت‬ ‫َ‬ ‫بـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫البـ ـ ـ ـ ـ ــانِي‬‫ـان فَض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُل َ‬ ‫البنِيـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـين بِ ُ‬ ‫َوتُبِـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫َش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِه َدت بِفَضـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـل الـ ـ ـ ـ ـ ـ َـرِاف ِعين ِقَب َابهَـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ُخطَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــط ُم َع َّمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـرة بِ ُعمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـر فَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـان‬ ‫اضـ ـ ـ ــين إن َب ِقيِـ ـ ـ ــت لَهُـ ـ ـ ــم‬ ‫مـ ـ ـ ــا ينفَـ ـ ـ ــع الم ِ‬
‫َ َ ُ َ‬
‫ـان(‪.)4‬‬ ‫ق‪َ ,‬ع َربَِّي ـ ـ ـ ــة َ‬
‫التبي ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ع ـ ـ ـ ــن م ِ‬
‫نطـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ـول‪ِ ,‬مـ ـ ــن البِلَـ ـ ــى‬ ‫ـت َعجمـ ـ ــاء الطُّلـ ـ ـ ِ‬ ‫َوَأَريـ ـ ـ ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬

‫(‪ )1‬السيرة النبوية‪ ,‬البن هشام‪ ,246/1 :‬ينظر أيضا المناقب‪ ,‬للخوارزمي‪ 51 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.52‬‬
‫(‪ )2‬السيرة النبوية‪ ,‬البن هشام ‪.245 /1‬‬
‫ض اْل ِع َار ِ‬
‫ق‪ .‬ينظر الروض األنف في‬ ‫ام ُل ِك ْس َرى َعلَى اْل ِح َيرِة‪ ,‬و َما َيلِيهَا ِم ْن أ َْر ِ‬
‫(‪ )3‬هو‪ .‬وهو ع ِ‬
‫َ َُ َ‬
‫َ‬
‫شرح السيرة النبوية‪.146 /1 :‬‬
‫(‪ )4‬ديوان الشريف الرضي‪.400 /2 :‬‬
‫)‪)179‬‬
‫المرجعية‬ ‫الفصل الثالث‬
‫التاريخية‬

‫استحضر الشريف الرضي شخصية النعمان بن المنذر ملك الحيرة وكان له‬
‫منزلة رفيعة في العصر الجاهلي‪ ,‬ومدحه أشهر شعراء عصر ما قبل اإلسالم(‪ ,)1‬وقد‬
‫ُع ِرف بالشجاعة والحنكة والفطنة(‪ .)2‬يحمل النص إشارات تدل على أن العمل‬
‫الصالح الخالص هلل سبحانه وتعالى يرفع اإلنسان ويسمو بالمرء ويقصر عنه المال‬
‫والقصور‪ ,‬فوظف الشاعر قصر النعمان بن المنذر توظيفا دالليا‪ ,‬وقد عقد الشاعر‬
‫مقارنة بين مشهد اإلمام علي (عليه السالم) فصوره عام ار ظاه ار للعيان وبين وما رآه‬
‫من قصور النعمان الخربة التي أصبحت مرتعا للضباع والحيوانات‪ ,‬أفاد الشاعر من‬
‫منازل النعمان في إغناء تجربته الشعرية‪ .‬يرى بعض الباحثين أن النص رسائل‬
‫للحكام العباسيين أي أن التاريخ يعيد نفسه مثلما حكم النعمان بن المنذر العرب‬
‫سابقا‪ ,‬فأن بني بويه يحكمون اليوم والخليفة العباسي ال حوله له وال قوة(‪.)3‬‬

‫وأفاد البشنوي الكردي (ت‪456‬ه)‪ ,‬من األحداث التاريخية من عصر ما قبل‬


‫(البسيط)‬ ‫اإلسالم ووظفها في شعره‪ ,‬قال في مدح أهل البيت (عليهم السالم)‪:‬‬

‫ـث َوالطَّي ـ ـ ُـر األََبابِيـ ـ ـ ُل‬ ‫ِم ـ ــن ُجن ـ ـ ِـد َها َ‬
‫الغي ـ ـ ُ‬ ‫م ـ ـ ــا عب ـ ـ ـ ُـد ش ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـمس َوال تَـ ـ ــيم َوَناص ـ ـ ـ ُـبها‬
‫ـان واللُؤلُـ ُـؤ(‪.)4‬‬ ‫البحـ َـر ِ‬ ‫َن لَ َّمـ ــا أ ِ‬ ‫ـرزِخ َّ‬ ‫ِ‬
‫رجـ ُ‬‫الم َ‬
‫ين إذ َيخـ ُـرُج َ‬ ‫َ‬ ‫ُنزلَـ ــت َمـ ـ َـرج‬ ‫الش ـ ـأ ُ‬ ‫البـ ـ َ‬ ‫فـ ــي َ‬
‫عرَج الشاعر على شخصيتين من عصر ما قبل اإلسالم في قوله (عبد شمس‬
‫َّ‬ ‫ذ‬
‫(‪)5‬‬
‫لمح بشخصية‬
‫ونفى الشاعر عنهما الذود عن بيت اهلل‪ .‬ثم في عجز البيت َّ‬ ‫وتيم)‬

‫(‪ )1‬الجامع في تاريخ األدب العربي األدب القديم‪.77 :‬‬


‫سالم بن عبيد اهلل الجمحي‪.25 /1 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر طبقات فحول الشعراء‪ ,‬محمد بن ّ‬
‫(‪ )3‬ينظر التناص في شعر الشريف الرضي‪ ,‬طه محمود ملح العبيدي‪.104 :‬‬
‫(‪ )4‬شعر البشنوي الكردي‪.63 :‬‬
‫(‪ )5‬هو عبد شمس بن عبد مناف وكان تلوا لهاشم بن عبد مناف‪َ ,‬وقيل‪ :‬بل َك َانا توأمين‪ ,‬ينظر‬
‫السيرة النبوية‪ ,‬عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري‪ .106 /1 :‬و(تيم) إشارة‬
‫ألبي بكر وهو ينسب إليه‪ .‬ينظر سير أعالم النبالء‪ ,‬شمس الدين أبو عبد اهلل محمد بن=‬
‫)‪)180‬‬
‫المرجعية‬ ‫الفصل الثالث‬
‫التاريخية‬

‫عبد المطلب في ذكره حادثة تاريخية طيور األبابيل‪ ,‬وموقفه من غزو ابرهة الحبشي‬
‫للكعبة المشرفة(‪ .)1‬وتظهر القصدية عند الشاعر في اختيار تلك الشخصيات وهم‬
‫أجداد الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) لغرض المقارنة بين بني عبد شمس وبني‬
‫هاشم‪ ,‬فذرية األول حاربت الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) قبل بعثته وفي بعثته‬
‫وبعد وفاته‪ ,‬فيما وقف أبو طالب وأوالده مدافعين عن اإلسالم والرسول (صلى اهلل‬
‫عليه وآله وسلم) قبل بعثته وفي بعثته وبعد وفاته‪ .‬ثم أشار الشاعر في البيت الثاني‬
‫ألهل البيت (عليهم السالم) فالبحران هما علي وفاطمة‪ ,‬والبرزخ الرسول‪ ,‬واللؤلؤ‬
‫والمرجان الحسن والحسين (عليهم السالم)(‪ .)2‬وهم من نسب بني هاشم‪ ,‬فالمفاضلة‬
‫بين النسبين واضحة للمتلقي في قول الشاعر‪ ,‬يتوصل إليها عن طريق المخزون‬
‫الثقافي واإللمام بأيام العرب وأنسابها‪.‬‬

‫استقصى الشعر الشيعي األحداث التاريخية في بيان فضائل أهل البيت (عليهم‬
‫السالم) فضال عن حجة دامغة وواضحة ضد أعدائهم‪ ,‬ونجد ذلك في شعر السيد‬
‫(البسيط)‬ ‫الحميري على نحو ما نظمه في أبي طالب‪ .‬قال‪:‬‬

‫ِ‬
‫حاضـ ــنا َوأبـ ــا‬ ‫عنـ ــي أبـ ــي لِـ ــي‬ ‫ـاب ِّ‬
‫إذ غـ ـ َ‬ ‫ـان بع َـد أبـي‬ ‫عمـي الـذي قَـد َك َ‬ ‫ابن ِّ‬‫أنت ُ‬
‫َ‬
‫َوال ِسـ ـ ـ ـ َـواك أخـ ـ ـ ــا ِطفـ ـ ـ ــال َوال شـ ـ ـ ــيبا(‪.)3‬‬ ‫ـت ِسـ ـ َـوى ِّ‬
‫عمـ ــي أبِي ـ ـ َ‬
‫ك َأبـ ــا‬ ‫مـ ــا أن عرفـ ـ ُ‬

‫=أحمد بن عثمان بن قَ ْايماز الذهبي‪355 /2 :‬؛ جمهرة أنساب العرب‪ ,‬علي بن أحمد بن‬
‫سعيد بن حزم األندلسي القرطبي‪ 135 /1 :‬ـ ـ ـ ‪.138‬‬
‫(‪ )1‬ينظر السيرة النبوية‪ ,‬البن هشام‪ 49 /1 :‬ـ ـ ـ ـ ‪50‬؛ تاريخ الطبري تاريخ الرسل والملوك‪ ,‬وصلة‬
‫تاريخ الطبري‪143 /2 :‬؛ المنتظم في تاريخ األمم والملوك‪ 124 /2 :‬ـ ـ ـ ‪125‬؛ الكامل في‬
‫التاريخ‪ 403 /1 :‬ـ ـ ـ ‪404‬؛ البداية والنهاية‪.214 /2 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر البرهان في تفسير القرآن‪387 /7 :‬؛ ينابيع المودة سجل عظيم ألحاديث النبوية في‬
‫مناقب اإلمام علي وأهل البيت (عليهم السالم)‪ 139/1 :‬ـ ـ ـ ‪.140‬‬
‫(‪ )3‬ديوان السيد الحميري‪ 78 :‬ـ ـ ـ ‪.79‬‬
‫)‪)181‬‬
‫المرجعية‬ ‫الفصل الثالث‬
‫التاريخية‬

‫وصور الشاعر كفالة‬


‫َّ‬ ‫نظم الشاعر بلسان الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‬
‫أمه وأبيه‪ ,‬ورغم‬
‫أبي طالب للرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) وهو ابن أخيه من ٍّ‬
‫إ نه لم يكن أكبرهم سنا‪ ,‬وكان أضعفهم حاال إال أن عبد المطلب خصه بكفالته دون‬
‫سائر أخوته‪ .‬وكان أبو طالب حريصا على ابن أخيه وربط مصيره بمصير الرسول‬
‫(صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ ,‬ولم يفارقه طرفة عين‪ ,‬ودافع عنه قبل الدعوة وبعدها‬
‫ضد مشركي قريش‪ ,‬وفضله على أوالده(‪ ,)1‬وال شك في أن الشاعر أراد أن يظهر‬
‫عرج على موقف والده تجاه الرسول‬
‫طيب النجار لإلمام علي (عليه السالم) لذا َّ‬
‫(صلى اهلل عليه وآله وسلم) وموقفه قبل البعثة في الدفاع عن الرسول ودعوته بعد‬
‫البعثة‪.‬‬

‫استحضر الصاحب بن عباد من شخصيات عصر ما قبل اإلسالم بما ينسجم‬


‫(مجزوء الخفيف)‬ ‫وغرض القصيدة‪ .‬قال في مدح علي (عليه السالم)‪:‬‬

‫َو ُهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـم ِفيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه َكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال ُك َره‬ ‫ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــولَ َج ُانهُ‬
‫َس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيفُهُ ُ‬
‫َواس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــألُوا َعن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ِخ َيب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـره‬ ‫فَاس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــألُوا َعنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ أُحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدهُ‬
‫َو َم َعالي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ِمغفَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـره‬ ‫ـأس درَع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ‬ ‫َج َعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َل الب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ُن طفيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُل َو َعنتَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـره(‪.)2‬‬ ‫ـام ُر بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬ ‫ـث لَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم يغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـن عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫حيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬

‫(‪ )1‬ينظر سيرة ابن اسحاق‪ ,‬السير والمغازي‪ ,‬محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي بالوالء‪,‬‬
‫المدني‪ 73 :‬ـ ـ ـ ‪160‬؛ السيرة النبوية‪ ,‬البن هشام‪180 /1 :‬؛ تاريخ الطبري‪ ,‬تاريخ الرسل‬
‫والملوك‪ ,‬وصلة تاريخ الطبري‪277 /2 :‬؛ التنبيه واإلشراف‪ ,‬لعلي بن الحسين بن علي‬
‫المسعودي‪197 :‬؛ اإلنباء في تاريخ الخلفاء‪ ,‬محمد بن علي بن محمد المعروف بابن‬
‫العمراني‪44 :‬؛ الكامل في التاريخ‪638 /1 :‬؛ المختصر في أخبار البشر‪113 /1 :‬؛ أسمى‬
‫المطالب في سيرة اإلمام علي علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه (شخصيته وعصره ‪-‬‬
‫دراسة شاملة)‪َ ,‬علي محمد الصَّالَّبي‪.33 /1 :‬‬
‫(‪ )2‬ديوان الصاحب بن عباد‪.163 :‬‬
‫)‪)182‬‬
‫المرجعية‬ ‫الفصل الثالث‬
‫التاريخية‬

‫وظف الشاعر شخصيتين من عصر ما قبل اإلسالم في قصيدته بما ينسجم‬


‫وغرض القصيدة‪ ,‬فالشخصية لها أبعادها الداللية وقد ربط الشاعر بين النص‬
‫والشخصية‪(( ,‬وهذه الداللة الكلية للشخصية التاريخية‪ ,‬بما تشتمل عليه من قابلية‬
‫للتأويالت المختلفة هي التي يستغلها الشاعر‪ ...‬في التعبير عن جوانب تجربته‬
‫ليكسب هذه التجربة نوعا من الكلية والشمول‪ ,‬وليضفي عليها ذلك البعد التاريخي‬
‫الحضاري‪ ,‬الذي يمنحها لونا من جاللة العراقة))(‪ .)1‬فاألبيات األولى تدل على‬
‫شجاعة علي (عليه السالم) ثم لم يجد الشاعر بدا أن يذكر تلك الشخصيات التي‬
‫عرفت بالشجاعة والبسالة في العصر الجاهلي‪ ,‬إال أن هذه الشخصيات قصرت عن‬
‫شجاعته وبسالته‪ .‬فاستشهد بشخصية عامر بن الطفيل بن مالك‪ ,‬شاعر وفارس من‬
‫فرسان الجاهلية المشهور وهو ابن أخي عامر بن مالك مالعب األسنة‪ ,‬مخضرم‬
‫العصرين الجاهلي واإلسالمي(‪ .)2‬ثم استحضر شخصية عنترة بن شداد العبسي‬
‫المشهور بالشجاعة ومغوار بني عبس(‪.)3‬‬

‫إن عصر ما قبل اإلسالم يحمل ثيمات وصفات مبرزة تميزت بها بعض‬
‫الشخصيات دون سواها كالشجاعة‪ ,‬والحكمة‪ ,‬والحلم‪ ,‬والجود أو الكرم‪ ,‬وأمست تلك‬
‫الشخصيات مثاال يحتذى ويستشهد بها عند شعراء العصور الالحقة‪ ,‬فضال عن أن‬
‫بعض شعراء عصر ما قبل اإلسالم انمازوا بغرض خاص بهم حتى اشتهروا بذلك‬
‫الغرض عن سائر الشعراء‪ ,‬فكانوا فيما بعد انموذجا للعصور األخرى‪ ,‬والشعر‬
‫الشيعي ضرب األمثال بأولئك الشعراء تأييدا لفكرة الشاعر وكشفا لداللة النص‪,‬‬

‫(‪ )1‬استدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاص‪ ,‬د‪ .‬علي عشري زايد‪.120 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر المفصل في تاريخ العرب قبل اإلسالم‪.61 /10 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر نشوة الطرب في تاريخ جاهلية العرب‪ ,‬ابن سعيد األندلسي‪.544 :‬‬
‫)‪)183‬‬
‫المرجعية‬ ‫الفصل الثالث‬
‫التاريخية‬

‫ونلحظ ذلك في شعر ابن العودي النيلي‪ .‬قال في مدح علي وأهل بيته (عليه‬
‫(الطويل)‬ ‫السالم)‪:‬‬

‫ـت أَلـ ـ ـ ـ ـ ــثِ ُم‬


‫ـى َوأفـ ـ ـ ـ ـ ـ َـواه بِهَـ ـ ـ ـ ـ ــا ُكنـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫إلـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬ ‫ضـ ــممت ثَـ ـ ِـدَّيها‬ ‫ـون قَـ ــد َ‬ ‫صـ ـ ٍ‬ ‫ِ‬
‫فَكـ ــم مـ ــن ُغ ُ‬
‫ـر َغ ـ ـ ـ ــدا م ـ ـ ـ ـ ِـن ثَقلِ ـ ـ ـ ـ ِـه َي ـ ـ ـ ــتَظلَّ ُم‬ ‫َو ِخص ـ ـ ـ ـ َا‬ ‫ـوق م ِ‬
‫نكـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـب‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫أَجي ـ ـ ـ ـ ُل ذ َراعـ ـ ـ ــي َالهَيـ ـ ـ ــا فَـ ـ ـ ـ َ َ‬
‫ظ ُم‬
‫ـلك ُيــن َ‬ ‫السـ ِ‬
‫وت ِفــي ِّ‬ ‫ِمــن الـ ُّـدِّر واليــاقُ ِ‬ ‫يب َك َّأن ـ ـ ـ ـ ــه‬ ‫اح ـ ـ ـ ـ ــا م ـ ـ ـ ـ ــن َش ـ ـ ـ ـ ــنِ ٍ‬
‫وأمتَـ ـ ـ ـ ــاح ر ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ض ع ِار ِ‬ ‫َفلـ ـ َّـم َع َالنِـ ــي ِّ‬
‫الصـ ـ ـ َـبا َوأعـ ـ ـ َـو َّج مِّنـ ـ ــي ُ‬
‫المقُـ ـ ـ َـوُم‬ ‫ـان ِّ‬ ‫َوَبـ ـ ـ َ‬ ‫ضـ ــي‬ ‫ـيب َوأبـ ـ َـي َّ َ‬ ‫الشـ ـ ُ‬
‫ِ‬ ‫للع ـ ـ ـ ـ ـ ـ َذار ُملَثِّ َمـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ِ‬
‫بِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه َرأسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي بِ َ‬
‫البَيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـاض ُي َع َّمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـم‬ ‫َوأضـ ـ ـ ـ ـ ـ َـحى َمشـ ـ ـ ـ ـ ــيبِي َ‬
‫ـأني ِمـ ـ ـ ــن َشـ ـ ـ ــيبِي لَـ ـ ـ ـ ِـديهُ َّن ُمجـ ـ ـ ـ ِـرُم‬ ‫َكـ ـ ـ ـ ِّ‬ ‫الغـ ـ ـ َـوانِي ُم َمَّن َعـ ـ ــا‬
‫ـيت ِمـ ـ ــن َوص ـ ـ ِـل َ‬ ‫أمس ـ ـ ُ‬
‫َو َ‬
‫ـأني َخنسـ ـ ـ ِ‬‫َكـ ـ ـ َّ‬ ‫ـت علَ ـ ـ ــى م ـ ـ ــا فَ ـ ـ ـ َ ِ‬ ‫ِ‬
‫البكـ ـ ــا أو ُمـ ـ ــتَ َّم ُم‬
‫ـاء فـ ـ ــي ُ‬
‫َ ُ‬ ‫امـ ـ ـ ـةً‬‫ـات مِّن ـ ـ ــي َن َد َ‬ ‫َ‬ ‫َبكي ـ ـ ـ ُ َ‬
‫ين ُهـ ـ ـ ُـم ُهـ ـ ـ ُـم(‪.)1‬‬ ‫للنفَـ ـ ـ ِـر البِـ ـ ـ ِ ِ‬
‫ـنوِه‬ ‫ـي و ِ‬
‫ص ـــــ ِ‬ ‫َو َّ‬ ‫يت م ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـدحي َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ـيض الـ ـ ــذ َ‬ ‫للنب ـ ـ ـ ـ ـ ِّ َ‬ ‫َوأص ـ ـ ـ ـ ــف ُ َ‬
‫افتتح الشاعر قصيدته بالغزل والشعر الشيعي نسج على منوال الشعر الجاهلي‬
‫في المقدمات الغزلية؛ ألنها تكسب النص ذوقا وحالوة فضال عن اصغاء القار‬
‫وانصات السامع(‪ .)2‬ثم استعمل الشاعر أسلوب البكاء وذرف الدموع‪ ,‬داللة على ندمه‬
‫وتحسره على ما فاته من العمر‪ ,‬فلم يجد بدا من ذكر الخنساء ومتمم بن نويرة اللذين‬
‫عرفا بالبكاء‪ .‬فالخنساء بكت أخاها صخ ار وندبته شع ار في الجاهلية واشتهرت‬
‫بذلك(‪ ,)3‬ومتمم بكى أخاه في العصر اإلسالمي(‪ .)4‬وظف الشاعر الشخصيتين داللة‬
‫على شدة توجع الشاعر وألمه في شغله عن النبي وأهل بيته (عليهم السالم) في‬
‫صباه‪ .‬فكانت الخنساء الركيزة األساس والمرجع الذي أفاد منه الشاعر‪.‬‬

‫(‪ )1‬ابن العودي النيلي (‪558‬ه) حياته وما تبقى من شعره‪.122 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر الشعر والشعراء‪.76 /1 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر نشوة الطرب في تاريخ جاهلية العرب‪520 :‬؛ أدباء العرب في الجاهلية وصدر‬
‫اإلسالم‪ ,‬بطرس البستاني‪.232 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر الكامل في التاريخ‪ 213 /2 :‬ـ ـ ـ ‪.214‬‬
‫)‪)184‬‬
‫المرجعية‬ ‫الفصل الثالث‬
‫التاريخية‬

‫نخلص في نهاية البحث إلى أن الشعر الشيعي قد أفاد من األحداث التاريخية‬


‫من العصر الجاهلي (عصر ما قبل اإلسالم)‪ ,‬ووظفها الشعراء إلظهار مناقب أهل‬
‫البيت (عليهم السالم) أو للتعريض بأعدائهم‪.‬‬

‫)‪)185‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫إن شخصية النبي (صلى اهلل عليه وآله وسلم) تدل على نجابة النسل الطاهر‬
‫أقر أبو سفيان بذلك‬
‫فقد شهد له القاصي والداني‪ ,‬واعترف له العدو قبل الصديق‪ ,‬و َّ‬
‫وهو من ِّ‬
‫ألد أعدائه عند هرقل الروم حين سأله عن نسب النبي محمد (صلى اهلل‬
‫عليه وآله وسلم) قال‪(( :‬إنه من أشرف قريش))(‪.)1‬‬

‫َو َلد النبي محمد (صلى اهلل عليه وآله وسلم) سنة ‪ 571‬ميالدية‪ .‬وأجمع الرواة‬
‫(‪)2‬‬
‫بعد خمس وخمسين يوما أو‬ ‫والمؤرخون على أنه (عليه السالم) ولد في عام الفيل‬
‫أق ّل من ذلك بعد هالك أصحاب الفيل(‪ ,)3‬واختلف المؤرخون في يوم والدته (عليه‬
‫السالم)(‪ ,)4‬والراجح عند الشيعة اإلمامية يوم السابع عشر من ربيع األول(‪.)5‬‬
‫فاصطفاه اهلل واجتباه بأن ينتقل من صلب طاهر إلى ٍ‬
‫رحم مطهر(‪ ,)6‬وغذاه بالعلم‬

‫(‪ )1‬المرجع في السيرة النبوية خاتم النبيين‪ ,‬اإلمام محمد أبو زهرة‪.73 /1 :‬‬
‫التيجان في ُملوك ِح ْم َير‪ ,‬عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري‪314 :‬؛‬
‫َ‬ ‫(‪ )2‬ينظر‬
‫المعارف‪ ,‬أبو محمد عبد اهلل بن مسلم بن قتيبة الدينوري‪638 :‬؛ الكامل في التاريخ‪/1 :‬‬
‫‪400‬؛ أعيان الشيعة‪.218 /1 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر أعيان الشيعة‪.218 /1 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر الكافي‪278 /1 :‬؛ الروض األنف في شرح السيرة النبوية‪ ,‬أبو القاسم عبد الرحمن بن‬
‫عبد اهلل بن أحمد السهيلي‪158 /2 :‬؛ بحار األنوار الجامعة لدرر أخبار األئمة األطهار‪:‬‬
‫‪ 249 /15‬ـ ـ ـ ـ ‪.250‬‬
‫(‪ )5‬ينظر مسار الشيعة في مختصر تواريخ الشريعة‪ ,‬الشيخ المفيد بن محمد بن محمد بن‬
‫النعمان‪50 :‬؛ بحار األنوار الجامعة لدرر أخبار األئمة األطهار‪249 /15 :‬؛ أعيان الشيعة‪:‬‬
‫‪.218 /1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر الكافي‪280 /1 :‬؛ شرح نهج البالغة‪ ,‬ألبن أبي الحديد‪42 /7 :‬؛ ينابيع المودة سجل‬
‫عظيم ألحاديث النبوية في مناقب اإلمام علي وأهل البيت (عليهم السالم)‪.21 /1 :‬‬
‫)‪)186‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫والحكمة‪ ,‬وأكرمه بالنبوة‪ ,‬وشرفة بالقرآن وأدبه فأحسن تأديبه‪ ,‬وأكد ذلك القرآن الكريم‬
‫ق َع ِظ ٍيم))(‪.)1‬‬
‫قال تعالى‪َ (( :‬وِا َّن َك لَ َعلَى ُخلُ ٍ‬

‫ولما صدع بالدين الجديد ونذر قومه وعشيرته‪ ,‬ودعاهم العتناق اإلسالم لقوله‪:‬‬
‫علي (عليه السالم)(‪ ,)3‬إال أن‬ ‫(‪)2‬‬
‫يرتَ َك ْاألَ ْق َرِب َ‬
‫ين)) ‪ ,‬فلم يجب دعواه سوى ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(( َوأَ ْنذ ْر َعش َ‬
‫قومه لفقوا عليه األباطيل‪ ,‬وألصقوا به التهم‪ ,‬واذاعوا فيه االشاعات‪ ,‬فقال المعاندون‪:‬‬
‫ساحر كذاب‪ .‬وقالوا‪ :‬شاعر ووصفوه باالفتراء‪ .‬واتهموه بالجنون ورغم تلك الظروف‬
‫كان يعاملهم بالرأفة والعطف واالحترام‪ ,‬ومن ورائه اهلل َّ‬
‫عز جالله يدفع عنه تلك التهم‬

‫اه ٍن َق ِل ً‬
‫يال َما‬ ‫ون * وَال ِبقَو ِل َك ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫تُ ْؤ ِم ُن َ‬ ‫يال َما‬ ‫اع ٍر َق ِل ً‬
‫ش ِ‬‫واإلشاعات (( َو َما ُه َو ِبقَ ْو ِل َ‬
‫يل))(‪.)4‬‬‫او ِ‬
‫ض ْاألَقَ ِ‬‫َع َل ْي َنا َب ْع َ‬ ‫ون * تَ ْن ِويل ِم ْن َرب ا ْل َعالَ ِم َ‬
‫ين * َولَ ْو تَقَ َّو َل‬ ‫تَ َذ َّك ُر َ‬

‫ال شك في أن هذه األسطر والكلمات المعدودات ال يمكن أن تقف على سيرة‬

‫عظيم من عظماء األمة اإلسالمية واإلنسانية جمعاء‪ ,‬وقد ألَّ َ‬


‫ف العرب والمستشرقون‬
‫في سيرته العطرة كثي ار من المجلدات والكتب‪ ,‬يقصر هذا المبحث عن إحصائها‬
‫وعدها‪ ,‬وقد شهدت أقالم بعضهم بعجزها عن استيفاء شخصيته (صلى اهلل عليه وآله‬
‫وسلم)(‪.)5‬‬

‫اختلفت اتجاهات الشعر في العصر العباسي‪ ,‬وتغيرت نظرة الشعراء عما كانت‬
‫عليه في العصر األموي ال سيما الشعر الشيعي‪ ,‬فبعد إن كان ذكر النبي وأهل بيته‬

‫(‪ )1‬سورة القلم‪ :‬اآلية ‪.4‬‬


‫(‪ )2‬سورة األنبياء‪ :‬اآلية ‪.214‬‬
‫(‪ )3‬ينظر تاريخ الطبري‪ ,‬تاريخ الرسل والملوك‪ ,‬وصلة تاريخ الطبري‪ 319 /2 :‬ـ ـ ـ ‪ 320‬ـ ـ ـ‬
‫‪.321‬‬
‫(‪)4‬سورة الحاقة‪ :‬اآلية‪ 41‬ـ ـ ـ ‪ 42‬ـ ـ ـ ـ ‪ 43‬ـ ـ ـ ـ ‪.44‬‬
‫(‪ )5‬ينظر حياة محمد‪ ,‬د‪ .‬محمد حسين هيكل‪ 37 :‬ـ ـ ـ ـ ‪ 38‬ـ ـ ـ ـ ‪ 39‬ـ ـ ـ ‪.40‬‬
‫)‪)187‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫(عليهم السالم) في العصر األموي من األمور التي يعاقب عليها الشاعر؛ ألنها‬
‫تمثل الثناء والتبجيل بأعدائهم من أهل البيت (عليهم السالم)(‪ ,)1‬أضحى ذلك المدح‬
‫في العصر العباسي ـ ـ في أول األمر ـ ـ ـ مما يثاب عليه الشاعر وينال العطايا‬
‫والهب ات؛ ألن العباسيين من أبناء عم الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) فضال عن‬
‫أن ذلك المدح يصحبه قدح في بني أمية َّ‬
‫ألد أعداء العباسيين‪.‬‬

‫تتبع الشعر الشيعي األحداث التاريخية للرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‬
‫وأفاد منها في النظم‪ ,‬فاتكأ الشاعر على سيرة الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‬
‫ثقافي يغترف منه ما ينسجم مع أفكاره في خدمة تجربته الشعرية‪ ,‬ونلحظ ذلك‬
‫ٍّ‬ ‫كمرجع‬
‫(الكامل)‬ ‫في شعر السيد الحميري‪ .‬قال في مدح اإلمام علي (عليه السالم)‪:‬‬

‫ِ ٍ‬ ‫ومض ـ ـ ـ ــى بِر ِ‬ ‫ِ‬


‫ف متَرقِّ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـب‬ ‫وع ـ ـ ـ ــة َخ ـ ـ ـ ــائ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ـات َمبِيتَـ ـ ـ ـ ــهُ‬ ‫ـين َبـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫َو َسـ ـ ـ ـ ـ َـرى بِ َم َّك ـ ـ ـ ـ ـةَ حـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫بِاللَّيـ ـ ـ ـ ـ ِـل ُمكتَتِ َمـ ـ ـ ـ ــا َولَـ ـ ـ ـ ــم َيستَصـ ـ ـ ـ ـ ِـح ِب‬ ‫الب ِرَّيـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـة َه ِارَبـ ـ ـ ـ ـ ــا ِمـ ـ ـ ـ ـ ــن َشـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـرَها‬
‫َخيـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـر َ‬
‫العن َك ـ ـ ـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ـارِه‬ ‫ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـدوا لَِب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـب‬ ‫ـيج َغ ـ ـ ــزل َ‬ ‫أَلَفَـ ـ ـ ـوا َعلَي ـ ـ ــه َنس ـ ـ ـ َ‬ ‫ـاب َم َغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫َحتَّ ـ ـ ـ ـ ـ ــى إذا قَ َ‬
‫ـب ِمـ ــن مطلَـ ـ ِ‬
‫ـب‬ ‫طالِـ ـ ٍ‬ ‫ـار لِ َ‬‫الم َغـ ـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫صـ ـ ـ ـ ـ ـ َـن َع اإللـ ـ ـ ـ ـ ــهُ لَـ ـ ـ ـ ـ ــهُ فَقَـ ـ ـ ـ ـ ــا َل فَـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـريقُهُم‬
‫َ‬ ‫َمـ ــا فـ ــي َ‬ ‫َ‬
‫طـــــ ِ‬
‫ـب‬ ‫اع َملِي ُك ـ ـ ـ ـ ــهُ ال َيع َ‬
‫َعن ـ ـ ـ ـ ــهُ ال ـ ـ ـ ـ ـ ِـدفَ َ‬ ‫ك َو َم ـ ـ ـ ــن ُي ـ ـ ـ ـ ِـرد‬ ‫الملِيـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ص ـ ـ ـ ـ َّـد ُه ُم َ‬ ‫ميلُـ ـ ـ ـ ـوا َو َ‬
‫ِ‬
‫ـاب إلــى َم ِد َينـ ِـة يِثـ ِـر ِب(‪.)2‬‬ ‫الرَكـ ِ‬ ‫ـوص ِّ‬ ‫ُخـ ُ‬ ‫ـون َرَم ـ ـ ـ ــت بِ ـ ـ ـ ـ ِـه‬ ‫الع ُي ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ِ‬
‫حتَّ ـ ـ ـ ــى إ َذا أَم ـ ـ ـ ـ َـن ُ‬
‫استعان الشاعر بأحداث التاريخ اإلسالمي في بيان سيرة الرسول (صلى اهلل‬
‫عليه وآله وسلم) ثم سلط الضوء على هجرته للحبشة‪ ,‬واستعمل الحميري التسلسل‬
‫والتتابع التاريخي لألحداث‪ ,‬فصور تآمر قريش في قتل النبي (صلى اهلل عليه وآله‬
‫وسلم) حيث اتفقوا على إرسال رجل من ِّ‬
‫كل قبيلة لتنفيذ مآربهم ـ ـ على رأي أبي جهل‬

‫(‪ )1‬ينظر حياة محمد‪ ,‬د‪ .‬محمد حسين هيكل‪.49 :‬‬


‫(‪ )2‬ديوان السيد الحميري‪ 93 :‬ـ ـ ـ ـ ‪ 94‬ـ ـ ـ ـ ‪.100‬‬
‫)‪)188‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫ـ ـ في ليلة ظلماء فيضيع دمه بين القبائل(‪ .)1‬ثم أشار إلى إن النبي (صلى اهلل عليه‬
‫وآله وسلم) خرج وحيدا ولم يستصحب أحدا معه(‪ .)2‬ثم صور الشاعر القدرة اإللهية‬
‫في الدفاع عن النبي (صلى اهلل عليه وآله وسلم) ودفع كيد الكافرين‪ ,‬أراد الشاعر‬
‫االعجاز اإللهي في بناء َّ‬
‫عش الحمامة ونسج العنكبوت على باب المغار(‪.)3‬‬

‫(‪)4‬‬
‫أشار السيد الحميري وغيره كثير من شعراء الشيعة إلى واقعة بدر الكبرى‬
‫واستشهدوا بها في شعرهم(‪ .)5‬قال السيد الحميري مادحا اإلمام علي واستحضر موقفه‬
‫في غزوة بدر‪ ,‬إذ قتل فيها كماة المشركين وجندل أبطالهم‪ .‬وذكر الرواة وأصحاب‬
‫المغازي أنه قتل سبعين من المشركين كانت حصة علي (عليه السالم) النصف من‬
‫(الطويل)‬ ‫ذلك(‪ .)6‬قال‪:‬‬

‫اه ـ ـ ـو ِ‬
‫ال‬ ‫ـمس ِفـ ـ ــي سـ ـ ـ َا‬
‫ـربِيل َ‬ ‫إلـ ـ ــى َعبـ ـ ـ ِـد َشـ ـ ـ ٍ‬ ‫َغـ ـ ـ َـداة م َشـ ـ ــى اإل ْكفَـ ـ ــاء ِمـ ـ ــن آل ه ِ‬
‫اش ـ ـ ـ ِـم‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫احمال(‪.)7‬‬‫ِ‬ ‫مصاعب اجمال مشت تحت‬ ‫ـأنهم َوالسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــابغات َعلِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيهم‬
‫َكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬

‫(‪ )1‬ينظر أعيان الشيعة‪.375 /1 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر األمالي‪ ,‬للطوسي‪ 465 :‬ـ ـ ـ ‪466‬؛ مناقب آل أبي طالب‪ ,‬البن شهرأشوب‪234/1 :‬؛‬
‫بحار األنوار الجامعة لدرر أخبار األئمة األطهار‪61 /19 :‬؛ أعيان الشيعة‪.376 /1 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر شرف المصطفى‪ ,‬عبد الملك بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الخركوشي‪.344 /3 :‬‬
‫(‪ )4‬بدر‪ :‬غزوة وقعت في السابع عشر من رمضان في العام الثاني من الهجرة‪ ,‬وهي أول‬
‫معركة للمسلمين وانتصروا فيها‪ ,‬وسميت نسبة لشعب بدر‪ .‬ينظر جوامع السيرة النبوية‪ ,‬علي‬
‫بن أحمد بن سعيد بن حزم األندلسي القرطبي‪.81 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر ديوان السيد الحميري‪ 215 :‬ـ ـ ـ ـ ‪ 275‬ـ ـ ـ ـ ‪276‬؛ شعر دعبل بن علي الخزاعي‪296 :‬‬
‫ـ ـ ـ ‪301‬؛ ديوان الصنوبري‪ 193 /1 :‬ـ ـ ـ ‪234‬؛ ديوان الناشئ الصغير‪28 :‬؛ ديوان السوسي‪:‬‬
‫‪ 111 /1‬ـ ـ ـ ـ ‪117‬؛ ديوان الصاحب بن عباد‪ 43 :‬ـ ـ ـ ‪ 62‬ـ ـ ـ ـ ‪76‬؛ شعر أحمد بن علوية‬
‫الكاتب‪.74 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر اإلرشاد في معرفة حجج اهلل على العباد‪.69 /1 :‬‬
‫(‪ )7‬ديوان السيد الحميري‪ 335 :‬ـ ـ ـ ‪.336‬‬
‫)‪)189‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫أفاد الحميري من األحداث التاريخية لسيرة النبي وسخرها في خدمة غرضه‪,‬‬


‫واستعمل الشاعر لفظة (اإلكفاء) استعماال دالليا أشار بوساطتها إلى مناقب علي‬
‫(عليه السالم) في واقعة بدر‪ ,‬وأراد الشاعر لما برز عتبة بن ربيعة وأخوه شيبة وأبنه‬
‫الوليد فخرج له من األنصار األخوة معاذ ومعوذ وعوف أبناء عفراء(‪ .)1‬فقال‬
‫المشركون‪ :‬يا محمد اخرج إلينا اإل ْكفاء من قومنا‪ .‬فقال الرسول (صلى اهلل عليه وآله‬
‫وسلم) لعلي وحمزة وعبيدة بن الحارث ابن ا ْل ُمطّلِ ِب‪(( :‬قوموا فقاتلوا بحقكم الذي بعث‬
‫اهلل به نبيكم))(‪ ,)2‬فكان فاتحة النصر للمسلمين فقتل علي (عليه السالم) الوليد وعتبة‬
‫وكر علي وحمزة على شيبة فقتاله‪ ,‬وحمال عبيدة جريحا(‪.)3‬‬
‫َّ‬

‫(‪)4‬‬
‫وضمنها الشعراء‬ ‫استشهد الشعر الشيعي في العصر العباسي بوقعة (أحد)‬
‫(‪)5‬‬
‫على نحو ما‬ ‫في شعرهم إشارة أو تفصيال‪ ,‬وشكلت ظاهرة مبرزة في الشعر الشيعي‬
‫(الكامل)‬ ‫نلحظه في شعر أحمد بن علوية الكاتب‪ .‬قال‪:‬‬

‫ان‬ ‫ـي و ُكلِّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم َّ‬


‫الش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــفَتَ ِ‬ ‫َ‬
‫ـج َّ ِ‬
‫النب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ َ‬ ‫ُش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬ ‫ُحد) َبع ـ ـ ـ َـد َم ـ ـ ــا ِف ـ ـ ــي َوجه ـ ـ ـ ِـه‬
‫ولَ ـ ـ ــه بـ ـ ـ ــ(أ ٍ‬
‫َ ُ‬
‫(الخيفَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ِ‬
‫ـان)‬ ‫ـاي َر َ‬ ‫طـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ين تَ َ‬‫ـاي ِر َ‬ ‫طـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ُمتَ َ‬ ‫أجفلُـ ـ ـ ـ ـوا‬
‫ون َو َ‬
‫المس ـ ـ ـ ــل ُم َ‬‫ـض َعن ـ ـ ـ ــهُ ُ‬ ‫َوانف ـ ـ ـ ـ َّ‬

‫(‪ )1‬المغازي‪ ,‬للواقدي‪.68 /1 :‬‬


‫(‪ )2‬م ‪ .‬ن‪.68 /1 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر اإلرشاد في معرفة حجج اهلل على العباد‪ 67 /1 :‬ـ ـ ـ ‪ 68‬ـ ـ ـ ‪.69‬‬
‫(‪ )4‬حدثت معركة أحد سنة ثالث للهجرة‪ ,‬وسميت نسبة لجبل أحد حيث وقعت قربه‪ ,‬ينظر‬
‫البداية والنهاية‪.9 /4 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر ديوان السيد الحميري‪123 :‬؛ شعر دعبل بن علي الخزاعي‪296 :‬؛ ديوان علي بن‬
‫محمد الحماني‪121 :‬؛ ديوان الناشئ الصغير‪ 28 :‬ـ ـ ـ ـ ‪34‬؛ ديوان محمد بن عبد العزيز السوسي‪:‬‬
‫‪111‬؛ ديوان الصاحب بن عباد‪ 62 :‬ـ ـ ـ ‪ 69‬ـ ـ ـ ‪.115‬‬
‫)‪)190‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫ـان)‬ ‫ـان َغي ـ ـ ـ ـ َـر ُم َع ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ـي فَ َك ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫قُتِـ ـ ـ ـ ـ َل َّ‬


‫النبِ ـ ـ ـ ـ ُّ‬ ‫ـي َوربَِّنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫اؤ ُه ُم (قُتِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َل َّ‬
‫النبِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ‬ ‫َونِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـد ُ‬
‫ِ‬ ‫َوَيقُـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ُل قَـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائِلُهُم‪( :‬أال َيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لَيتََنـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ان)‬ ‫ـفي ِ‬ ‫أمَنـ ـ ـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ـ ـ ــن أبِـ ـ ـ ـ ـ ــي ُسـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫َن َلنـ ـ ـ ـ ـ ــا َ‬
‫(أحم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـد) ِمنهُ َم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َي ِقي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـان‬ ‫ـالروح َ‬ ‫بـــــــ ُ‬
‫ِ‬ ‫ص ـ ـ ـ ُّـيه‬ ‫ـي) و ِ‬
‫(الوص ـ ـ ـ ُّ َ‬
‫ِ‬
‫(أب ـ ـ ــو ُد َج َان ـ ـ ــة) َو َ‬ ‫َو ُ‬
‫وهمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا بِحبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـل اهلل معتَ ِ‬
‫صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـما ِن‬ ‫أدبـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـروا‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫ك َو َ‬ ‫ـر ُهَنـ ـ ـ ـ ـ ــا َ‬
‫فَـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـروا َو َمـ ـ ـ ـ ـ ــا فَـ ـ ـ ـ ـ ـ َّا‬
‫ُيغ َشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى َعلِيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه َّأي َمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َغ َشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـي ِ‬
‫ان‬ ‫ثخن ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ك ُم َ‬ ‫ّحتَّـ ـ ـ ـ ـ ــى إ َذا أل ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـوى ُهَنالِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ان(‪.)1‬‬
‫ضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـد ِ‬ ‫ضـ ـ ـ ِ‬ ‫ـي) م َ ِ‬ ‫(أخ ـ ـ ــو َّ‬
‫الع ُ‬
‫َعنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ قَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد َو َهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى َ‬ ‫ـارب‬ ‫ط ـ ـ ــاعن َو ُم َ‬ ‫النب ـ ـ ـ ِّ ُ‬ ‫َو ُ‬
‫استحضر الشاعر واقعة أحد التي انهزم فيها المسلمون؛ بسبب عدم التزامهم‬
‫بوصية الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ ,‬وفيها َّ‬
‫شج جبهة الرسول واستشهد عمه‬
‫اإلمام علي ونفر قليل من المسلمين مدافعين‬
‫َ‬ ‫الحمزة‪ ,‬ولم يثبت في تلك الواقعة إال‬
‫عن الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ ,‬فيما ظ َّن أغلب المسلمين استشهاده (صلى‬
‫اهلل عليه وآله وسلم)(‪ ,)2‬أغنى الشاعر تجربته الشعرية باستحضار التاريخ وأفاد من‬
‫سيرة النبي (صلى اهلل عليه وآله وسلم) في الكشف عن مناقب الممدوح‪.‬‬

‫وظف مهيار الديلمي واقعة أحد في شعره فاستعان بكالم الرسول (صلى اهلل‬
‫(الوافر)‬ ‫عليه وآله وسلم) للتعريض بالمشركين في تلك الواقعة‪ ,‬قال‪:‬‬

‫ـماء َوتُ ِظـ ـ ـ ـ ـ ّْل‬ ‫الس ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـرم م ـ ـ ـ ــن تحـ ـ ـ ــوي َّ‬ ‫أكـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫أمهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم‬
‫ُهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـم َوأبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوهم شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرفا َو َّ‬
‫ون إذا َّ‬
‫الناصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـر َق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّْل‬ ‫ِ‬
‫ـار َ‬
‫َوال ُي َحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـيهم‬
‫ـنعم َعلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ال طُلَقَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫َو َغيـ ـ ـ ـ ـ ُـرُهم ِشـ ـ ـ ـ ـ َـعاره ا أُع ـ ـ ـ ـ ـ ُل ُهَبـ ـ ـ ـ ـ ْـلا(‪.)3‬‬ ‫َيستش ـ ــعرون ا اهلل أعل ـ ــى ف ـ ــي ال ـ ــورىا‬

‫(‪ )1‬شعر أحمد بن علوية الكاتب‪ 74 :‬ـ ـ ـ ‪.75‬‬


‫(‪ )2‬ينظر تاريخ الطبري؛ تاريخ الرسل والملوك‪ ,‬وصلة تاريخ الطبري‪517 /5 :‬؛ اإلرشاد في‬
‫معرفة حجج اهلل على العباد‪85 /1 :‬؛ مناقب آل أبي طالب‪ ,‬البن شهراشوب‪148 /3 :‬؛‬
‫إعالم الورى بأعالم الهدى‪ 177 /1 :‬ـ ـ ـ ـ ‪178‬؛ أعيان الشيعة‪.257 /1 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان مهيار الديلمي‪.111 /3 :‬‬
‫)‪)191‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫عرض‬
‫مدح الشاعر أهل البيت (عليهم السالم) وفضلهم على جميع الخلق‪ ,‬ثم َّ‬
‫الشاعر ببني أمية‪ ,‬وفي البيت األخير أشار فيه إلى حادثة تاريخية تمثلت في جواب‬
‫الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ :‬ألبي سفيان لما قال للرسول في واقعة أحد‪:‬‬
‫َج ُّل‪ .‬ثم قال أبو سفيان‪ :‬لََنا ا ْل ُع َّزى َوال ُع َّزى‬ ‫أعل هبل‪ .‬فقال الرسول له‪ :‬اللَّهُ أ ْ‬
‫َعلَى َوأ َ‬
‫النا َوال َم ْوَلى لَ ُك ْم(‪ .)1‬فوظف الشاعر أحداث أحد‬ ‫لَ ُك ْم‪ .‬فقال له الرسول‪ :‬اللَّهُ َم ْو َ‬
‫للتعريض بأعداء علي وأهل بيته‪ .‬بما ينسجم ومعنى النص الشعري ليشكل بنية‬
‫شعرية ذات داللة موحدة‪ ,‬تشف عن مدح أهل البيت (عليهم السالم) والتعريض ببني‬
‫أمية‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫للرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) مكانة‬ ‫حظيت غزوة األحزاب (الخندق)‬
‫سامقة في الشعر الشيعي‪ ,‬فكانت ظاهرة مبرزة استشهد بها بعض شعراء الشيعة في‬
‫(‪)3‬‬
‫وضمنوها أشعاهم؛ إشارة لبطولة اإلمام علي (عليه السالم) في‬ ‫العصر العباسي‬
‫مبارزة عمرو بن ود العامري‪ ,‬فكانت تلك المعركة الفاصلة بين الفريقين‪ ,‬وممن‬
‫(الطويل)‬ ‫استشهد بها في شعره السيد الحميري‪ .‬قال‪:‬‬

‫وعم ـ ــرو بِ ـ ــن عب ـ ـ ٍـد ِف ـ ــي ِ ِ‬ ‫وِف ــي ي ــوم ج ــاء المش ـ ِـرُكون بِج ِ‬
‫مع ِه ــم‬
‫الحدي ـ ــد ُمقََّن ـ ــعُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬

‫خمـ ـ ـ ــعُ‬ ‫َرِهينـ ـ ـ ــا بِقَـ ـ ـ ـ ٍ‬


‫ـاع َحولَـ ـ ـ ــهُ َّ‬
‫الضـ ـ ـ ــبعُ تُ َ‬ ‫يعا لِ َوج ِه ـ ـ ـ ـ ــه‬ ‫ص ـ ـ ـ ـ ـ ِـر َ‬
‫ـلوا َ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫فَ َجدلً ـ ـ ـ ـ ــهُ ش ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـاد الطُّغـ ـ ــاةُ َو َّتبـ ـ ــعُ(‪.)4‬‬
‫َك َمـ ـ ــا أُهلِ َكـ ـ ــت َعـ ـ ـ ُ‬ ‫ـيظهُم‬ ‫وأهلَ َكه ـ ـ ـ ـ ـ ــم رِّب ـ ـ ـ ـ ـ ــي ورُّدوا بِ َغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬

‫(‪ )1‬ينظر المنتظم في تاريخ األمم والملوك‪.169 /3 :‬‬


‫(‪ )2‬حدثت في السنة الخامسة للهجرة وقيل السنة الرابعة للهجرة‪ .‬ينظر الدرر في اختصار‬
‫المغازي والسير‪ ,‬النمري‪ ,‬الحافظ يوسف بن البر‪.169:‬‬
‫(‪ )3‬ينظر ديوان محمد بن عبد العزيز السوسي‪ 110 :‬ـ ـ ـ ‪118‬؛ ديوان الناشئ الصغير‪28 :‬؛‬
‫ديوان الصاحب بن عباد‪ 43 :‬ـ ـ ـ ‪ 63‬ـ ـ ـ ـ ـ ‪69‬؛ ديوان مهيار الديلمي‪.201 /4 :‬‬
‫(‪ )4‬ديوان السيد الحميري‪.280 :‬‬
‫)‪)192‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫أشار السيد الحميري إلى واقعة األحزاب التي جرت بين المسلمين ومشركي‬
‫قريش وأحالفها‪ ,‬وقد نوت قريش القضاء على الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‬
‫فقَ ِد ُموا إليه بجيوشهم فضرب الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) خندقا حوله بمشورة‬
‫سلمان الفارسي(‪ ,)1‬ثم استطاع عمر بن ود العامري اجتياز ذلك الخندق وهو من‬
‫مبرزي فرسان المشركين‪ ,‬و َّ‬
‫ظل ينادي ويطلب مبار از من المسلمين والمسلمون كأنهم‬
‫على رؤوسهم الطير لم يخرج له إال اإلمام علي (عليه السالم) ويرجعه الرسول‬
‫(صلى اهلل عليه وآله وسلم) في كل مرة‪ .‬وأذن له في الثالثة وأعطاه سيفه فتمكن علي‬
‫وفر من عبر الخندق مع عمرو بن ود‬
‫(عليه السالم) منه وجاء بالنصر النجيع‪َّ ,‬‬
‫العامري وانتصر المسلمون في تلك الوقعة(‪ .)2‬وشبه الشاعر هزيمة المشركين بهالك‬
‫عاد وثمود من قبل‪ ,‬ثم أشار إلى دعاء الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) على‬
‫األحزاب فجاء ُّ‬
‫الرد من اهلل سبحانه وتعالى فسلط عليهم الريح الشديدة وزلزل‬
‫قلوبهم(‪ .)3‬ووظف الشاعر التاريخ اإلسالمي من حياة الرسول وغزواته (صلى اهلل‬
‫عليه وآله وسلم) في تسليط الضوء على بيان فضائل اإلمام علي(عليه السالم) في‬
‫تلك الواقعة‪.‬‬

‫أشار السيد الحميري في شعره لغزوة بني قريظة‪ ,‬وأفاد من سيرة الرسول (صلى‬
‫اهلل عليه وآله وسلم)‪ ,‬وقصد من تلك الحادثة ذكر فضائل اإلمام علي (عليه السالم)‬
‫(الكامل)‬ ‫في قصيدته المعروفة بالمذهبة‪ .‬قال‪:‬‬

‫ين َو َمـ ـ ــا لَهُـ ـ ــم ِمـ ـ ــن َمهـ ـ ـ َـر ِب‬ ‫ِمـ ـ ــن َهـ ـ ـ ِ‬
‫ـاربِ َ‬ ‫معهُـ ـ ـ ــم‬
‫ق َج َ‬
‫ـوم فَـ ـ ـ ـ َّـر َ‬ ‫َوَبنِـ ـ ـ ــي قَُري َ‬
‫ظ ـ ـ ـ ـةَ َيـ ـ ـ ـ َ‬

‫(‪ )1‬ينظر تاريخ الطبري‪ ,‬تاريخ الرسل والملوك‪ ,‬وصلة تاريخ الطبري‪.566 /2 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر مناقب آل أبي طالب‪ ,‬ابن شهرأشوب‪ 159 /3 :‬ـ ـ ـ ـ ‪160‬؛ البداية والنهاية‪ 106/4 :‬ـ ـ ـ ـ‬
‫‪.107‬‬
‫(‪ )3‬ينظر البداية والنهاية‪.111 /4 :‬‬
‫)‪)193‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬
‫(‪)1‬‬
‫ـب‬ ‫اع ـ ـ ـ ِـد مش ـ ـ ــم ِخ ٍر َحو َش ـ ـ ـ ِ‬ ‫اس ـ ـ ــي القَو ِ‬ ‫رِ‬ ‫لين إلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى َأز َّل ُم َمَّنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـع‬ ‫ِ‬
‫َو ُمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـوائ َ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِم ـ ـ ـ ــن َبع ـ ـ ـ ـ ِـد أرَع ـ ـ ـ ـ َـن َج َ‬
‫حف ـ ـ ـ ـ ٍـل ُمتَ َح ـ ـ ـ ـ َّـز ِب‬ ‫حص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنوا‬ ‫الخ ُي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو َل َعلَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ِه ُم فَتَ َّ‬
‫َرَّد ُ‬
‫ـوت أش ـ ـ َـو َس تَق َش ـ ـ ِـع َّر َوتَه ـ ـ ُـر ِب‬ ‫ِم ـ ــن ص ـ ـ ِ‬
‫َ‬
‫اع متَـ ـ ـ ـ ـ ــى تُ ِح ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّس بَِنبـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـأة‬ ‫إن ِّ‬
‫الضـ ـ ـ ـ ـ ـ َـب َ َ‬ ‫َّ‬
‫المـ ـ ــذنِ ِب‬ ‫ِِ‬
‫الع ِزيـ ـ ـ ِـز َعلَـ ـ ــى ال ـ ـ ـ َذليل ُ‬ ‫ُحكـ ـ ـ َـم َ‬ ‫أحم ـ ـ ـ َـد ِف ـ ـ ــي ِه ُم‬ ‫ِ‬
‫فَ ـ ـ ـ َـد ُعوا ليمض ـ ـ ــي ُحك ـ ـ ـ ُـم َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ـالجو ِار األقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـر ِب‬
‫ار فَ َمتُّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا بِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫َد َا‬ ‫ب ِمـ ـ ـ ــنهُ ُم‬ ‫ـان أقـ ـ ـ ـ َـر َ‬ ‫فَ َرض ـ ـ ـ ـوا بِـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـآخ َر َكـ ـ ـ ـ َ‬
‫َيج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـري لَ َدي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه َكنِس ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـب ِة المتََن ِّس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـب‬ ‫قَ ـ ـ ــالوا‪ :‬ال ِج ـ ـ ـ َـو ُار ِم ـ ـ ـ َـن ال َك ـ ـ ـ ِـر ِيم بِ َمن ـ ـ ـ ِـزٍل‬
‫ُ‬
‫المخـ ـ ـ ِـر ِب ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬ ‫ـالحرب والقَتـ ـ ـ ِـل ِ‬
‫ـى اإللـ ـ ــهُ لَهُـ ـ ــم بِـ ـ ـ ِـه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬‫بِـ ـ ـ‬ ‫فَقَ َ ِ‬
‫الملـ ـ ـ ِّـح ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ضـ ـ ــى ب َمـ ـ ــا َرضـ ـ ـ َ‬
‫استدعى الشاعر أحداث محاصرة المسلمين لحصن اليهود بقيادة علي (عليه‬
‫السالم) بأمر الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ ,‬فأشار في األبيات الثالثة األولى‬
‫إلى تحصن اليهود من جيش المسلمين‪ .‬وكان يهود بني قريظة قد عاهدوا الرسول‬
‫(صلى اهلل عليه وآله وسلم) في اتخاذ موقف الحياد في حربهم مع مشركي قريش‪ ,‬إال‬
‫أنهم لم يوفوا بعهدهم‪ ,‬فحرضوا وجهاء قريش وغطفان وقيس عيالن ووقفوا إلى‬
‫جانبهم ضد المسلمين(‪ ,)4‬وبعد انتصار المسلمين في األحزاب توجه الرسول إلى‬
‫ضرب الحصار على حصن بني النظير‪ ,‬واستمر لخمس وعشرين ليلة‪ .‬ثم أشار‬
‫الشاعر في البيت الخامس إلى الثامن إلى قبولهم بحكم سعد بن عباد جارهم‪ ,‬فظنوا‬
‫عز وجل‪ ,‬وأخرجوا من حصنهم وعليهم الذلَّة أسرى‬
‫منه ما ال يتوقعوه فحكم بحكم اهلل َّ‬
‫بيد المسلمين(‪ .)5‬واستطاع الشاعر نقل األحداث التاريخية لغزوة بني قريظة نظما‪,‬‬

‫(‪ )1‬وصف لحصن اليهود‪ ,‬ينظر ديوان السيد الحميري‪.109 :‬‬


‫(‪ )2‬المت في النسب أن تصل نفسك بغيرك‪ .‬ينظر النهاية في غريب الحديث واألثر‪ ,‬مجد الدين‬
‫أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن‬
‫األثير‪.291 /4 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان السيد الحميري‪ 108 :‬ـ ـ ـ‪.110‬‬
‫(‪ )4‬ينظر اإلرشاد في معرفة حجج اهلل على العباد‪.95 /1 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر اإلرشاد في معرفة حجج اهلل على العباد‪ 110 /1 :‬ـ ـ ـ ‪ 111‬ـ ـ ـ ‪112‬؛‬
‫)‪)194‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫والقصدية تظهر عند السيد الحميري في اختيار تلك الغزوة؛ ألنه في غرض مديح‬
‫اإلمام علي (عليه السالم)‪ ,‬وقد أبلى اإلمام علي فيها بالء حسنا‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫وقد فصَّل األحداث‬ ‫استحضر أحمد بن علوية الكاتب في شعره لواقعة خيبر‬
‫التاريخية فنقل لنا التاريخ نظما‪ ,‬ساعده في ذلك خياله الخصب فضال عن مخزونه‬
‫الثقافي التاريخي لسيرة الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) وغزواته‪ .‬قال في مدح‬
‫(الكامل)‬ ‫اإلمام علي بن أبي طالب (عليه السالم) وبطوالته ضد اليهود‪:‬‬

‫َم ـ ـ ــن لَ ـ ـ ــم َي ِف ـ ـ ـ ّـر َول ـ ـ ــم َي ُك ـ ـ ــن بِ َجَب ـ ـ ـ ِ‬


‫ـان‬ ‫ُعطي َرَايتِ ـ ـ ــي‬ ‫َم ـ ـ ــن يقُـ ـ ــو ُل لَ ـ ـ ــه‪ :‬سـ ـ ـ ـأ ِ‬
‫َ‬ ‫أ َّ َ‬
‫ـوم ِرَه ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـان‬ ‫ـبق َي ـ ـ ـ ـ َ‬
‫الس ـ ـ ـ ـ َ‬
‫رم ـ ـ ـ ــا َيَن ـ ـ ـ ــا ُل َّ‬
‫قَ َ‬ ‫ـب اهلل َوهـ ـ ـ ـ ـ ــو ُي ُحُّبـ ـ ـ ـ ـ ــهُ‬‫َر ُجـ ـ ـ ـ ـ ــال ُي ِحـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ‬
‫رد َهـ ـ ـ ـ ـ ــا الـ ـ ـ ـ ـ ـ َـر ُج ِ‬
‫الن‬ ‫ـي بِ َّ‬ ‫النبِـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫َوفَـ ـ ـ ـ ـ ــى َّ‬ ‫َو َعلـ ـ ـ ــى َي ِديـ ـ ـ ـ ِـه اهلل َيفـ ـ ـ ــتَ ُح َبعـ ـ ـ ـ َـد مـ ـ ـ ــا‬
‫أَن تَس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتَ ِم َّر بِ َمشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيِ ِه الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـر ْج ِ‬
‫الن‬ ‫َرمـ ـ ـ ُـد ال َيـ ـ ـ َـرى‬ ‫فَـ ـ ـ َـدعا ِ‬
‫(علَّيـ ـ ــا) َوهـ ـ ـ َـو أ َ‬ ‫َ َ‬
‫الج َفنـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـان‬ ‫ـق َ‬ ‫َو َعلَيهُ َمـ ـ ـ ـ ــا قَـ ـ ـ ـ ــد أطبِـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫تف ـ ـ ـ ـ ُل ِفي ِه َمـ ـ ـ ــا‬
‫فَهَـ ـ ـ ـ َـوى إلـ ـ ـ ــى َع َينيـ ـ ـ ـ ِـه َي ُ‬
‫ِمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ِر ِيقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه َع َينـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاهُ ِمرآتَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـان‬ ‫فَمضـ ـ ـ ـ ــى بِهـ ـ ـ ـ ــا مستَ ِ‬
‫بش ـ ـ ـ ـ ـ ار َو َك َّأنمـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫تح ا َّلن ِج ـ ـ ـ ِ‬
‫َيـ ـ ـ ــأتي بِمثـ ـ ـ ــل فُتُوحـ ـ ـ ــه ُ‬
‫(الع َمـ ـ ـ ـ َـر ِ‬
‫ان)‬ ‫ـيح‪َ ,‬ولَ ـ ـ ــم َي ُك ـ ـ ــن‬ ‫فَأتَـ ـ ــاه بِ ـ ـ ــالفَ ِ‬
‫ـر ِم ـ ـ ـ َـن األع ـ ـ ـ َـو ِ‬
‫ان(‪.)2‬‬ ‫ّعي ـ ـ ــا بِ ـ ـ ـ ِـه َنفَ ـ ـ ـ َا‬
‫أ َ‬ ‫ـاب) الـ ـ ِـذي‬
‫(البـ ـ َ‬
‫ـ(خ َيب َر) َ‬
‫أمـ ــن أقـ ــل ب ـ ـ َ‬
‫َّ‬
‫إن وقعة خيبر شكلت ظاهرة في الشعر الشيعي وأفاد منها شعراء الشيعة في‬
‫نصوصهم(‪ ,)3‬إن الشاعر استثمر غزوة الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‬

‫(‪ )1‬وهي الوقعة التي حدثت سنه سبع للهجرة ‪ ,‬وفيها انتصر المسلمون على اليهود وكان‬
‫صاحب الراية علي بأمر الرسول(عليهما السالم)‪ .‬ينظر المحبر‪.115 :‬‬
‫(‪ )2‬شعر أحمد بن علوية الكاتب‪.87 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر ديوان السيد الحميري‪ 206 :‬ديوان الناشئ الصغير‪ 28 :‬ـ ـ ـ ‪46‬؛ ديوان ديك الجن‪:‬‬
‫‪54‬؛ ديوان ابن المعتز‪60 :‬؛ ديوان الصاحب بن عباد‪ 44 :‬ـ ـ ـ ـ ‪ 62‬ـ ـ ـ ‪ 69‬ـ ـ ـ ـ ‪186‬؛ ديوان‬
‫الشريف الرضي‪177 /1 :‬؛ ديوان مهيار الديلمي‪ 260 /2 :‬ـ ـ ـ ‪263‬؛ شعر البشنوي الكردي‪:‬‬
‫‪.82‬‬
‫)‪)195‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫واألحداث التاريخية بما يخدم غرضه والفكرة التي يروم إيصالها للقار ‪ ,‬فسلط الضوء‬
‫على األحداث المبرزة لغزوة الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ ,‬منها حديثه‬
‫ألصحابه‪ :‬أنه سيعطي الراية لرجل يحب اهلل ورسوله‪ ,‬وأكرم من تلك يحبه اهلل‬
‫ورسوله‪ ,‬ثم كرار غير فرار‪ ,‬فلما جاء الغد كان المسلمون ينتظرون بترقب من يكون‬
‫ذلك الفارس الذي يفتح اهلل به خيبر‪ ,‬فأرسل الرسول إلى علي (عليهما السالم) وكان‬
‫أرمدا‪ ,‬فأعطاه الراية وسار إلى حصن اليهود وجاء بالنصر المبرم وجندل أبطالهم‬
‫ونال من كماتهم وقلع باب حصنهم(‪ ,)1‬كل تلك األحداث استطاع الشاعر االستشهاد‬
‫بها في شعره واإلفادة منها في تسليط الضوء على ممدوحه‪ ,‬وتظهر القصدية عند‬
‫الشاعر في اختيار هاتيك األحداث لبيان مناقب علي (عليه السالم)‪ .‬فكانت غزوة‬
‫خيبر سراجا أضاء الشاعر بوساطته أبياته الشعرية‪.‬‬

‫(‪)2‬‬
‫ظاهر في الشعر الشيعي طرقها بعض شعراء الشيعة‬ ‫شكلت واقعة حنين‬
‫ووظفوها في شعرهم(‪ ,)3‬وأفاد الشعراء من غزوة حنين للرسول (صلى اهلل عليه وآله‬
‫وسلم) في إغناء النص الشعري فضال عن االنسجام الداللي بين االستحضار‬
‫التاريخي وغرض الشاعر ومقاصده‪ .‬فنلحظ توظيف الصاحب بن عباد لتلك الحادثة‬
‫(مجزوء الرمل)‬ ‫في شعره‪ .‬قال في مدح اإلمام علي (عليه السالم)‪:‬‬

‫اهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ِ‬


‫فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـوغى َيحمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي لُظَ َ‬ ‫ـي‬
‫الي َعل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌّ‬
‫َم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن َك َمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـو َ‬

‫(‪ )1‬ينظر تاريخ الطبري‪ ,‬تاريخ الرسل والملوك‪ ,‬وصلة تاريخ الطبري‪ 11 /3 :‬ـ ـ ـ ‪ 12‬ـ ـ ـ ‪13‬؛‬
‫ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى‪ 133 :‬ـ ـ ـ ‪136‬؛ البداية والنهاية‪.185 /4 :‬‬
‫(‪ )2‬كانت وقعة هوازن‪ ,‬وهو يوم حنين‪ ,‬في أول شوال من السنة الثامنة من الهجرة‪ .‬ينظر جوامع‬
‫السيرة النبوية‪.241 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر شعر دعبل بن علي الخزاعي‪ 80 :‬ـ ـ ـ ‪301‬؛ ديوان الحماني علي بن محمد العلوي‬
‫الكوفي‪97 :‬؛ ديوان الصنوبري‪193 /1 :‬؛ ديوان السوسي‪118 :‬؛ شعر الخباز البلدي‪37 :‬؛‬
‫ديوان مهيار الديلمي‪ 50 /3 :‬ـ ـ ـ ‪115‬؛ ‪200 /4‬؛ ديوان الشريف المرتضى‪.22 /2 :‬‬
‫)‪)196‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫لخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـوف ُك َال َهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ـقن لِ ُ‬
‫صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫َ‬ ‫ط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َل قَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد ال‬
‫َو َخص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى األب َ‬
‫ُّ ِ‬ ‫ـيد ِفيهَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ي ِ‬
‫ـاها‬
‫ـين انتَضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫بِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالظبى حـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫الصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـيد َ‬ ‫صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َعلِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ِه ُم فَارتَض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاها‬ ‫أمض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ـاها ثُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـم َ‬
‫ض ــــــــــــــ َ‬‫انتَ َ‬
‫ـاهى‬
‫ضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫َوقَفَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ال تُ َ‬ ‫َم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن لَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ِف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ُك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّـل َي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـوم‬

‫قَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـد بِالصَّمص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـام فَ َ‬


‫اه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ـرب ُعقَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـام‬
‫َك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم و َك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم َح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫َيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُذولَ َّي َعلِيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬
‫ُرمتُ َمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا مِّنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ُسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــفَ َ‬
‫اها‬
‫اها‬ ‫ِ‬ ‫لَس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ ِ‬
‫َفع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َل َب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـت أَبغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي َم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـو َ‬
‫ـدر‬ ‫أذ ُكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ار أ َ‬
‫اه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا(‪.)1‬‬ ‫ـرب ُحنِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـدر ُد َج َ‬
‫ـين‬ ‫َّإن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ َب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫اذ ُك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ار َح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫نظم الشاعر في شجاعة اإلمام علي (عليه السالم) وأفاد من غزوة حنين‬
‫للرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) في إثبات ذلك‪ ,‬فكانت مرجعا تاريخيا تؤيد‬
‫مقاصد الشاعر‪ ,‬ومختصر تلك المعركة أن هوازن وثقيف قد جمعوا جمعهم بعد فتح‬
‫مكة‪ ,‬فخرج لهم الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) بجيش لم يشهده المسلمون من‬
‫قبل عدة وعددا‪ ,‬فقال قائلهم‪ :‬لن نهزم اليوم‪ ,‬وعند اجتماع الفريقين نزلت هوازن‬
‫نفر قليال‪,‬‬
‫كالسيل من أعلى المضيق ضربة رجل واحد فانهزم المسلمون أمامهم إال ا‬

‫يرٍة َوَي ْوَم ُح َن ْي ٍن إِ ْذ أ ْ‬


‫َع َج َبتْ ُك ْم‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ص َرُك ُم الل ُ في َم َواط َن َكث َ‬ ‫ونزل فيهم قوله تعالى‪(( :‬لَقَ ْد َن َ‬
‫ين))(‪.)2‬‬ ‫ض ِب َما َر ُح َب ْت ثَُّم َولَّ ْيتُ ْم ُم ْد ِب ِر َ‬
‫ضاقَ ْت َعلَ ْي ُك ُم ْاأل َْر ُ‬ ‫َكثَْرتُ ُك ْم َفلَ ْم تُ ْغ ِن َع ْن ُك ْم َ‬
‫ش ْي ًئا َو َ‬
‫فلم يثبت مع الرسول إال اإلمام علي (عليه السالم) وبعض الصحابة‪ ,‬واستطاع‬
‫اإلمام علي أن ينال من أبطالهم وجمع منهم فتضعضعوا ثم انهزموا‪ .‬وانتصر‬

‫(‪ )1‬ديوان الصاحب بن عباد‪ 114 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.115‬‬


‫(‪ )2‬سورة التوبة‪ :‬اآلية ‪.25‬‬
‫)‪)197‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫المسلمون في تلك الواقعة(‪ .)1‬أفاد الشاعر من واقعة حنين داللة على شجاعة اإلمام‬
‫علي (عليه السالم)‪.‬‬

‫كما أفاد ديك الجن من السيرة النبوية بما يخدم تجربته الشعرية‪ ,‬والريب أن‬
‫استحضار الماضي وربطه بالحاضر يكسو النص قوة الداللة ووضوح الحجة‪ ,‬على‬
‫نحو ما نظمه ديك الجن في مدح اإلمام علي (عليه السالم) قال‪( :‬الكامل المرفل)‬

‫ـأمَنهُ ُم ِم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـن َ‬
‫الغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـدر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُيمل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي لَي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـحيفَةً لَهُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـم‬
‫ـي َ‬‫النبِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ‬
‫ـب َّ‬
‫طَلَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫جر(‪.)2‬‬ ‫ومـ ـ ـ ـ ـ ـوا بَِن ـ ـ ـ ـ ــا قَ ـ ـ ـ ـ ــد فَـ ـ ـ ـ ــاهَ بِ ـ ـ ـ ـ ــالهُ ِ‬
‫قُ ُ‬ ‫ـأبوا عليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‪َ ,‬وقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال قَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائِلُهُم‪:‬‬
‫فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫اتكأ الشاعر على األحداث التاريخية من حياة الرسول (صلى اهلل عليه وآله‬
‫وسلم) وقصد الشاعر أن الرسول طلب صحيفة ليبين فيها أم ار لن يضل المسلمون‬
‫بعده‪ ,‬وكان حوله الصحابة رضي اهلل عنهم فقال عمر بن الخطاب‪ :‬إن الرجل‬
‫ليهجر ومنع إحضار الدواة والكتب(‪ .)3‬يروم الشاعر من تلك اإلشارة التاريخية من‬
‫حياة الرسول (صلى اهلل عيه وآله وسلم)؛ لبيان أولوية علي (عليه السالم) في‬
‫اإلمامة مما دعته مرجعياته التاريخية الستحضار تلك الحادثة‪.‬‬

‫تظهر القصدية للشعر الشيعي في االختيار لبعض المشاهد من حياة الرسول‬


‫(صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ ,‬وأغلب الشعراء يرومون من ذلك التضمين واالستشهاد‬
‫كشف داللة النص على فضيلة ألهل البيت (عليه السالم)‪ ,‬فاستحضر الصنوبري‬
‫ذلك في تصويره لمشهد وفاة الرسول ويرثي أهل البيت (عليهم السالم)‪ .‬قال‪( :‬الهزج)‬

‫(‪ )1‬ينظر اإلرشاد في حجج اهلل على العباد‪ 141 /1 :‬ـ ـ ـ ‪ 142‬ـ ـ ـ ـ ‪.143‬‬
‫(‪ )2‬ديوان ديك الجن‪.50 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر صحيح البخاري‪ ,‬الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم وسننه وأيامه‪ ,‬محمد بن إسماعيل أبو عبداهلل البخاري الجعفي‪120 /7 :‬؛أوائل‬
‫المقاالت‪406 :‬؛ اإلرشاد في معرفة حجج اهلل على العباد‪84/1 :‬؛ أعيان الشيعة‪.293 /1 :‬‬
‫)‪)198‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫َحَب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاهُ َو ُه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ذو َدَن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف‬ ‫صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـيةَ إذ‬
‫بالو َ‬
‫َحَبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاهُ َ‬
‫َّجبِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــين مقَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َل ذي لُ ِطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـف‬ ‫ق الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫َيقُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ُل لَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه َوقَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد َعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـر َ‬
‫ُ ّ‬
‫ـارقتَني َخ ِلف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي‬
‫ت إذ فَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫َ‬ ‫الف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـراق فَ ُكن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬ ‫ـي َدَن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ِ‬ ‫َعل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌّ‬
‫ـالم لأللِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـف‬ ‫ِعَن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ِ‬
‫ق ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫َوقََّرَب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه َو َع َانقَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ‬
‫أس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى َّإال تَِف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــض تَ ِك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـف(‪.)2‬‬ ‫و َّ‬
‫ً‬ ‫أدم ُع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ‬
‫ود َع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه َو ُ‬ ‫َ‬
‫لعلي (عليهما‬ ‫ٍّ‬ ‫أشار الشاعر في األبيات األربعة إلى أن الرسول قد أوصى‬
‫السالم) بالخالفة من بعدة وهو مريض‪ ,‬وشبه الشاعر احتضان الرسول لعلي‬
‫كمعانقة الالم لألليف لما شعر النبي (صلى اهلل عليه وآله وسلم) هذا العناق األخير‬
‫بينهما‪ .‬ثم صور الشاعر مشهد رحيل الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) إلى جوار‬
‫رّبه‪ ,‬فسلط الضوء على شخص اإلمام علي (عليه السالم)‪ ,‬والنص يحمل إشارة‬
‫وداللة على أن عليا (عليه السالم) لم يفارق الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‬
‫وكان إلى جانبه في مرضه األخير الذي توفي فيه(‪.)3‬‬

‫إن التاريخ يكسب النص داللة فكرية عن طريق ربط األحداث الماضية مع‬
‫غاية الشاعر ومقاصده‪ ,‬وال يفهم ذلك القصد إال باالطالع الواسع للقار واإللمام‬
‫بالتاريخ من جميع جوانبه‪ ,‬والشعر الشيعي َّ‬
‫سخ َر األحداث التاريخية لحياة الرسول‬
‫(صلى اهلل عليه وآله وسلم) وغزواته‪ ,‬وهم في أغلب ذلك كانوا يعرجون على مواقف‬
‫أهل البيت (عليهم السالم) السامية في تأييد الرسول والدفاع عنه‪ ,‬على نحو ما جاء‬
‫(المتقارب)‬ ‫في شعر الناشئ الصغير‪ .‬قال في مدح اإلمام علي(عليه السالم)‪:‬‬

‫المرض َحتَّى أَ ْشفى َعلَى اْل َم ْو ِت‪ .‬لسان‬


‫ُ‬ ‫وم ْد َنف‪َ :‬ب َراهُ‬
‫ِ‬
‫وم ْدنف ُ‬
‫(‪ )1‬دنف‪ :‬ورجل َد َنف َ ِ‬
‫ودنف ُ‬ ‫ََ ُ‬
‫العرب‪.107 /9 :‬‬
‫(‪ )2‬ديوان الصنوبري‪.336 /1 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر تاريخ الطبري‪ ,‬تاريخ الرسل والملوك‪ ,‬وصلة تاريخ الطبري‪212 /3 :‬؛ الكامل في‬
‫التاريخ‪193 /2 :‬؛ أعيان الشيعة‪.295 /1 :‬‬
‫)‪)199‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫فَ َم ـ ـ ـ ـ ــا َب ـ ـ ـ ـ ــالَهُم ِف ـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـ ـ َـوَرى َخلَّفُو َك ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫األن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـام‬


‫ون َ‬ ‫ـت َ ِ‬
‫الخليفَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةُ ُد َ‬ ‫فَأن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫يش ي ِ‬ ‫ِ‬
‫بغ ـ ـ ـ ــي تَُبو َك ـ ـ ـ ــا‬ ‫ـار بِ ـ ـ ـ ــال ِج ِ َ‬ ‫َوقَ ـ ـ ـ ــد َس ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫َوال َس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـي َما ح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـين َوافَيتَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬
‫ُّ‬ ‫فَ ِ‬
‫ضـ ـ ـ ــو َكا‬ ‫ـرت إلـ ـ ـ ــى الطهـ ـ ـ ـ َـر إذ َخفَّ ُ‬ ‫صـ ـ ـ ـ َ‬ ‫النبِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ‬
‫ـي‬ ‫فَقَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َل َأن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاس قَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالهُ َّ‬
‫ون إذ َوافَقُو َكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ـار َ‬ ‫وسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى َو َهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫َك ُم َ‬ ‫ـرض َّأنـ ـ ـ ـ ـ ــا َعل ـ ـ ـ ـ ــى رُغمهَـ ـ ـ ـ ـ ــم‬ ‫ألَ ـ ـ ـ ـ ــم تَ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـت َّ‬
‫الشـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـري َكا‬ ‫الخلِيفَ ـ ـ ـ ـ ـ ـةَ ُكنـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـت َ‬‫جعلـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـان َبع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـدي َنبِ ـ ـ ـ ـ ـ ــي َك َم ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫َولَ ـ ـ ـ ـ ـ ــو َك ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫الخلِيفَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةَ إن طَ َاو ُعو َك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ـت َ‬‫َوأن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ين‬ ‫ِ‬
‫رسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل َ‬
‫الم َ‬
‫ِِ‬
‫َولَكَننـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي َخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاتَ ُم ُ‬
‫إن غزوة تبوك الوحيدة للرسول لم يشهدها علي (عليهما السالم)‪ ,‬فأشار‬
‫الشاعر إلى استخالف علي بأمرة الرسول (عليهما السالم) على أهله وعياله من‬
‫بعده؛ خوفا من المنافقين أن يكيدوه‪ ,‬فكان اإلمام علي (عليه السالم) الشوكة والصارم‬
‫البتَّار بوجه المنافقين‪ ,‬ثم كشف الشاعر في البيت الثالث عن نفاق القوم الذين‬
‫أشاعوا األباطيل‪ ,‬فقالوا‪ :‬قد خلَّفه مع الصبيان والنسوة ولم يصحبه للقتال‪ ,‬فسمع علي‬
‫(عليه السالم) مقالهم فشكى الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) طالبا الخروج معه‪,‬‬
‫ت َوَرائِي‪ ,‬فَ ْار ِج ْع‬ ‫ك ِل َما تََرْك ُ‬‫فأخبره بكيد المنافقين وقال له‪َ (( :‬ك َذ ُبوا‪َ ,‬ولَ ِكَّننِي َخلَّ ْفتُ َ‬
‫ون ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ك‪ ,‬أَفَ َال تَرضى يا علِ ُّي أَن تَ ُك ِ‬
‫ون مِّني بِ َم ْن ِزَلة َه ُار َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫َهلِ َ‬
‫َهلِي َوأ ْ‬
‫اخلُ ْفنِي ِفي أ ْ‬
‫فَ ْ‬
‫وسى؟ َّإال أََّنهُ َال َنبِ َّي َب ْع ِدي))(‪ .)2‬فكانت واقعة تبوك مرجعا تاريخيا وظفها الشعراء‬ ‫ُم َ‬
‫في مدح علي (عليه السالم) واظهار مناقبه على الرغم من عدم مشاركته فيها‪.‬‬

‫نخلص في نهاية المبحث إلى أن األحداث التاريخية من سيرة النبي محمد‬


‫(صلى اهلل عليه وآله وسلم) قد أغنت الشعر الشيعي في العصر العباسي‪ ,‬ووظفها‬
‫الشعراء لكشف مناقب أهل البيت (عليهم السالم) والتعريض بأعدائهم‪.‬‬

‫(‪ )1‬ديوان الناشئ الصغير‪.29 :‬‬


‫(‪ )2‬السيرة النبوية‪ ,‬البن هشام‪ 519 /2 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.520‬‬
‫)‪)200‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫إن مناقب أهل البيت (عليهم السالم) في تثبيت دعائم اإلسالم والدفاع عن‬
‫الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) ودعوته‪ ,‬شهد بها الصديق الودود‪ ,‬والعدو‬
‫اللدود‪ ,‬فقدموا الغالي والنفيس من أجل نشر الدين اإلسالمي‪ .‬فنقلت لنا األخبار‬
‫التاريخية دفاع أبي طالب عن الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ ,‬ولما اقترب أجله‬
‫(‪)1‬‬
‫في ذلك فكان الحامي والمدافع والسور‬ ‫أوصى إلى ابنه علي (عليه السالم)‬
‫الحصين بينه وبين مشركي قريش‪.‬‬

‫كان اإلمام علي (عليه السالم) سنان الرسول وسيفه‪ ,‬يذود به المشركين والكفار‬
‫والمنافقين‪ ,‬وشهدت له بدر وأحد واألحزاب وخيبر وحنين‪ ,‬فضال عن فدائه الرسول‬
‫(صلى اهلل عليه وآله وسلم) بنفسه حين بات على فراشه والقوم يهمون بقتله‪ ,‬وكان‬
‫الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) يشهر بفضلهم في كل موضع ومشهد ونزلت بهم‬
‫اآليات التي ال مجال لحصرها في هذا المبحث منها على سبيل المثال ال الحصر‪:‬‬
‫ين آم ُنوا الَّ ِذ َ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫الوَكاةَ َو ُه ْم‬‫ون َّ‬ ‫الص َالةَ َوُي ْؤتُ َ‬
‫ون َّ‬ ‫يم َ‬ ‫ين ُيق ُ‬ ‫سولُ ُ َوالذ َ َ‬ ‫((إِ َّن َما َولِ ُّي ُك ُم اللَّ ُ َوَر ُ‬
‫اج َك ِفي ِ ِم ْن َب ْع ِد‬ ‫ون)) ‪ .‬أو ما نزل فيهم يوم مباهلة نصارى نجران‪(( :‬فَ َم ْن َح َّ‬
‫(‪)2‬‬
‫اك ُع َ‬ ‫رِ‬
‫َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫س َنا‬‫اء ُك ْم َوأَ ْنفُ َ‬
‫س َ‬‫اء َنا َوِن َ‬
‫س َ‬ ‫اء ُك ْم َوِن َ‬
‫اء َنا َوأ َْب َن َ‬
‫اء َك م َن ا ْلع ْلم فَ ُق ْل تَ َعالَ ْوا َن ْدعُ أ َْب َن َ‬ ‫َما َج َ‬

‫(‪ )1‬ينظر الشيعة في مسارهم التاريخي‪ 113 :‬ـ ـ ـ ‪.114‬‬


‫(‪ )2‬سورة المائدة‪ :‬اآلية ‪.55‬‬
‫)‪)201‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫ط ِع ُم َ‬ ‫س ُك ْم ثَُّم َن ْبتَ ِه ْل فَ َن ْج َع ْل لَ ْع َن َت اللَّ ِ َع َلى ا ْل َك ِاذ ِب َ‬


‫(‪)1‬‬
‫ون‬ ‫ين)) ‪ .‬وقوله تعالى‪َ (( :‬وُي ْ‬ ‫َوأَ ْنفُ َ‬
‫ير))(‪.)2‬‬ ‫الطَّعام ع َلى حب ِ ِمس ِكي ًنا وي ِتيما وأ ِ‬
‫َس ًا‬ ‫ََ ً َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ َ ُ‬

‫وما قاله الرسول(صلى اهلل عليه وآله وسلم) في منزلتهم وحقهم ومكانتهم‬
‫السامية في اإلسالم يقصر هذا المبحث عن عدها واحصائها‪ ,‬فأبان عن علمهم‬
‫وشجاعتهم‪ ,‬وايمانهم‪ ,‬وسابقتهم في اإلسالم‪ ,‬وضمهم إلى نفسه قائال (صلى اهلل عليه‬
‫وآله وسلم)‪(( :‬إن لكل نبي عصبة ينتمون إليها ّإال ولد فاطمة‪ ,‬فأنا وليهم وأنا‬
‫عصبتهم وهم عترتي))(‪ .)3‬ولما اقتربت المنية من الرسول (صلى اهلل عليه وآله‬
‫(‪)4‬‬
‫داللة على ضرورة االستماع لهم‬ ‫وسلم) لم يجد بدا من الوصية بأهل بيته خي ار‬
‫واإلطاعة ألوامرهم وأنهم أفضل الخلق من بعده‪.‬‬

‫وبعد مبايعة المسلمين لإلمام علي (عليه السالم) تحزب قوم منهم‪ ,‬ونكث‬
‫البيعة أخرون‪ ,‬وخرج فريق عن إمامته‪ ,‬ومرق جمع من مؤيده سابقا‪ ,‬ال لشيء إال‬
‫تعارض مصالحهم الدنيوية مع ما يبغي علي (عليه السالم) في تنفيذ حكم اهلل‬
‫وتع اليم رسوله‪ ,‬فسلت السيوف بوجهه‪ ,‬ونصبت الرماح لعداوته‪ ,‬ورفعت الرايات‬
‫لقتاله‪ ,‬فكانت أول األمر وقعة الجمل في البصرة‪ ,‬ثم صفين في قتال أهل الشام‪ ,‬ثم‬
‫النهروان في قتال المارقين‪.‬‬

‫ولم يتوقف ذلك الحسد والحقد الدفين ألهل البيت (عليهم السالم) بل طال إلى‬
‫أبناء الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ ,‬حيث في حكم بني أمية أقصي الحسن‬

‫(‪ )1‬سورة آل عمران‪ :‬اآلية ‪.61‬‬


‫(‪ )2‬سورة اإلنسان‪ :‬اآلية‪.8 :‬‬
‫(‪ )3‬شرف المصطفى‪.334 /5 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر أعيان الشيعة‪.293 /1 :‬‬
‫)‪)202‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫(عليه السالم) من الحكم ثم سموه(‪ .)1‬وبعدها شهروا سيوفهم فقتلوا الحسين (عليه‬
‫السالم) في كربالء‪.‬‬

‫أثارت تلك األحقاد حفيظة المسلمين‪ ,‬واستفزت مشاعرهم فثارت عليهم ثورات‬
‫عدة أهمها ثورة المختار الثقفي(‪ ,)2‬وثورة زيد بن علي(‪ ,)3‬ثم زوال ملك بني أمية سنة‬
‫‪132‬ه على يد العباسيين وحلفائهم من الشيعة والفرس والموالي(‪.)4‬‬

‫إن الشعر الشيعي في العصر العباسي َّ‬


‫سخر هاتيك الوقائع‪ ,‬وأفاد منها‬
‫وضمنها أغلب شعراء الشيعة في نصوصهم في إغناء تجربتهم الشعرية؛ استشهادا‬
‫بمناقب أهل البيت ( عليهم السالم) وقدحا بأعدائهم ومناوئيهم‪ ,‬فتتبع الشعراء الشيعة‬
‫في العصر العباسي سيرة أهل البيت (عليهم السالم)‪ ,‬فأشار الشعراء من تلك السيرة‬
‫العطرة ألهل البيت (عليهم السالم) منها‪:‬‬

‫‪ /1‬بيعة الغدير‪:‬‬

‫(‪ )1‬ينظر مقاتل الطالبيين‪60 :‬؛ ربيع األبرار ونصوص األخيار‪ ,‬جار اهلل الزمخشري‪/5 :‬‬
‫‪.157‬‬
‫(‪ )2‬هو المختار بن أبي عبيد بن مسعود الثقفي‪ ,‬أبو إسحاق‪ :‬من زعماء الثائرين على بني أمية‪,‬‬
‫وأحد الشجعان األفذاذ‪ ,‬أخذ بثأر اإلمام الحسين وقتل أغلب من اشترك بقتل الحسين (عليه‬
‫السالم)‪ ,‬واستشهد في الكوفة سنة ‪67‬ه‪ .‬ينظر األمالي للطوسي‪ 238 :‬ـ ـ ـ ‪239‬؛ أيضا‬
‫ينظر األعالم‪.192 /7 :‬‬
‫ان ِه َشام ْب ِن َع ْبد‬ ‫ف ْب ُن ُع َمر ِفي َزَم ِ‬ ‫وس ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪(( )3‬هو َزْيد ْب ُن َعل ٍّي بن الحسين قُت َل باْل ُكوفَة‪ ,‬قَتَلَهُ ُي ُ‬
‫صفَ ٍر‪ِ ,‬م ْن َس َن ِة ِع ْش ِرْي َن َو ِم َائ ٍة‪َ ,‬و ُه َو َي ْوم قُتِ َل ْاب ُن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اْل َملك‪ ,‬وقُت َل َي ْوم االثَْن ْي ِن للَْيلَتَْي ِن َخلَتَا م ْن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ى َع ْنهُ))‪ .‬ينظر التاريخ الكبير‬ ‫اثَْنتَْي ِن وأ َْرَبع ْين َس َنةً‪ ,‬وقَ ْد َسم َع َزْي ُد ْب ُن َعل ٍّي من أَبِيه َوَرَو َ‬
‫المعروف بتاريخ ابن أبي خيثمة‪ ,‬ألحمد بن أبي خيثمة‪.519 /2 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر تاريخ األدب العربي‪ ,‬العصر العباسي األول‪ ,‬شوقي ضيف‪ 10 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.11‬‬
‫)‪)203‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬
‫(‪)1‬‬
‫لما عاد الرسول (صلى اهلل عليه‬ ‫حدثت بيعة الغدير في سنة ست للهجرة‬
‫ِّ‬
‫الحج‪ ,‬وسميت تلك البيعة بالغدير أو بيعة غدير خم نسبة للمكان‬ ‫وآله وسلم) من‬
‫الذي خطب فيه الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)(‪ ,)2‬وشغلت هذه الحادثة مفكري‬
‫العرب‪ ,‬فأصحاب التاريخ أشاروا لها بحثا عن الحقائق وتوثيقها لتدوين أحداث‬
‫الرسول وأهل بيته (عليهم السالم)‪ ,‬واستحضرها األديب ألنها تمثل الحجة والدليل‬
‫الذي يستشهد بها‪ ,‬فضال عن تحسين األسلوب واغناء النص بالغة وفصاحة‪ .‬وال‬
‫حيز واسعا في مؤلفات الحديث النبوي الشريف‪,‬‬
‫شك في أن بيعة الغدير شغلت ا‬
‫وكتب التاريخ ودواوين الشعر وكتب األدب(‪.)3‬‬

‫تعد حادثة الغدير من مناقب اإلمام علي وأهل بيته (عليهم السالم)(‪ ,)4‬جاء‬
‫منها قول الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪(( :‬الثقل األكبر كتاب اهلل طرف بيد‬
‫اهلل عز وجل وطرف بأيديكم فتمسكوا به ال تضلوا‪ ,‬واآلخر األصغر عترتي‪ ,‬وان‬
‫علي الحوض ‪ ...‬فقال‪ :‬فمن كنت‬
‫اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا َّ‬
‫فعلي مواله ‪ ...‬ثم قال اللهم وال من وااله‪ ,‬وعاد من عاداه‪ ,‬وأحب من أحبه‪,‬‬
‫ّ‬ ‫مواله‬

‫وأبغض من أبغضه‪ ,‬وانصر من نصره‪ ,‬واخذل من خذله‪.)5())...‬‬

‫(‪ )1‬ينظر التنبيه واألشراف‪.222 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر األماكن أو ما اتفق لفظه وافترق مسماه‪ ,‬ألبي بكر محمد بن موسى بن عثمان‬
‫الحازمي‪411 :‬؛ معجم البلدان‪.389 /2 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر احقاق الحق وازهاق‪ 416 /2 :‬وما بعدها‬
‫(‪ )4‬ينظر ينابيع المودة سجل عظيم ألحاديث النبوية في مناقب اإلمام علي وأهل البيت (عليهم‬
‫السالم)‪.142 /1 :‬‬
‫(‪ )5‬الغدير في الكتاب والسنة واألدب‪ 29 /1 :‬ـ ـ ـ ‪30‬؛ أيضا ينظر مسند اإلمام أحمد ابن حنبل‪:‬‬
‫‪430 /30‬؛ الكافي‪178 /1 :‬؛ األمالي‪ ,‬للطوسي‪ 247 :‬ـ ـ ـ ‪332‬؛ إعالم الورى بأعالم‬
‫الهدى‪ 261 /1 :‬ـ ـ ـ ‪.262‬‬
‫)‪)204‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫أفاد شعراء الشيعة في العصر العباسي من بيعة الغدير في بيان مناقب أهل‬
‫البيت (عليهم السالم)‪ ,‬فضال عن تقوية داللة النص‪ ,‬وحجة يتكئ عليها الشاعر‪,‬‬
‫ومهيار الديلمي من الشعراء الذين وظفوا تلك الحادثة من سيرة أهل البيت (عليهم‬
‫(البسيط)‬ ‫السالم)‪ .‬قال مادحا اإلمام علي (عليه السالم) وذكر فضائله‪:‬‬

‫الي ـ ـ ـ ـةَ ِلـ ـ ـ ـ َـم َخـ ـ ـ ـ ُ‬


‫ـانوا َوِلـ ـ ـ ـ َـم َخلَ ُع ـ ـ ـ ـوا‬ ‫لَـ ـ ـ ــهُ ِ‬
‫الو َ‬ ‫ـوم ُخ ـ ـ ـ ٍّـم َبع ـ ـ ـ َـد َم ـ ـ ــا َعقَ ـ ـ ـ ُـدوا‬
‫َوأس ـ ـ ــألهم َي ـ ـ ـ َ‬
‫صـ ـ ــقل تحتـ ـ ــه طََبـ ـ ــعُ‬ ‫ـيف َ‬ ‫ال ينفـ ـ ــع السـ ـ ـ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫ص ـ ـ ـ ِـحيح َو ِّني ـ ـ ــات بِهَ ـ ـ ــا َن َغ ـ ـ ــل‬ ‫قَ ـ ـ ــول َ‬
‫ادرُع ـ ـ ـ ـ ـوا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َبعـ ـ ـ ـ ـ َـد اعتـ ـ ـ ـ ـ َـرافهم َعـ ـ ـ ـ ــار بـ ـ ـ ـ ــه َ‬ ‫ـارُهم يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا اإلمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام عليلَهَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬‫إن َكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ـان َبعـ ـ ـ َـده َشـ ـ ـ َـرعوا(‪.)2‬‬ ‫َشـ ـ ــرع لِعمـ ـ ــرك ثَـ ـ ـ ٍ‬ ‫صـ ـ ـ ـ َّـيتِهم‬ ‫ـيال عـ ـ ـ ــن و ِ‬
‫َ‬ ‫ك َمـ ـ ـ ـ َ َ‬ ‫َوَنك ـ ـ ـ ـثُهُم بِ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫وظف الشاعر بيعة الغدير في نظمه واتخذها مرجعا للكشف عن داللة النص‬
‫في بيان فضائل اإلمام علي (عليه السالم) وألن الشاعر في غرض مدح اإلمام علي‬
‫(عليه السالم) فلم يجد بدا من ذكرها‪ ,‬ثم صور الشاعر مبايعة القوم لإلمام‬
‫علي(عليه السالم) فستعمل أسلوب الطلب مستفهما لِ َم نقضوا تلك البيعة بعد وفاة‬
‫الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)؟ وقصد بتلك اإلشارات لبيعة أبي بكر وعمر بن‬
‫الخطاب لعلي (عليه السالم)(‪.)3‬‬

‫استحضر الصنوبري التاريخ في مدح أهل البيت منوها على بيعة الغدير؛ ألنها‬
‫(الكامل)‬ ‫من مناقب اإلمام علي (عليه السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫وصـ ـ ـ ــيها‬ ‫أوصـ ـ ـ ــى الوصـ ـ ـ ــايا قَـ ـ ـ ــط أو ي ِ‬ ‫قُتِـ ـ َل اب ـ ِـن َم ــن أوص ــى إلي ــه خي ــر َم ــن‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫لِ ُي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى ارتِفَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاع َي ِمين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه َرائِيهَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫يمينِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬
‫ـي ي ِم َينـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه بِ ِ‬ ‫ـع َّ‬
‫النبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ َ‬ ‫َرفَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ِفيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه َوِفيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه َيبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـدعُ التَش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبِيها‬ ‫وض ـ ـ ـ ٍـع أَض ـ ـ ـ َـحى َعلِي ـ ـ ـ ِـه ُمَنِّبه ـ ـ ــا‬
‫ِف ـ ـ ــي م ِ‬
‫ُ‬

‫(‪ )1‬النغل‪ :‬سوء النية وفسادها‪ ,‬ينظر لسان العرب‪.670 /11 :‬‬
‫(‪ )2‬ديوان مهيار الديلمي‪.183 /2 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر مسند اإلمام أحمد بن حنبل‪430 /30 :‬؛ إعالم الورى بأعالم الهدى‪.262 /1 :‬‬
‫)‪)205‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫لَ ـ ـ ــم َي ـ ـ ــأ ُل ِف ـ ـ ــي َخَب ـ ـ ـ ٍـر بِ ـ ـ ـ ِـه تَ ِنويهَـ ـ ـ ــا(‪.)1‬‬ ‫آخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاهُ بِ ُخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍّـم َون ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـوهَ بِاسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِم ِه‬
‫َ‬
‫أفاد الصنوبري من بيعة الغدير لإلمام علي (عليه السالم) واستثمرها كمرجع‬
‫تاريخي في كشف داللة النص على مدح أهل البيت (عليهم السالم)‪ ,‬وبيان فضيلة‬
‫من فضائل اإلمام علي (عليه السالم)‪ ,‬ووظفها دالليا على والية علي (عليه السالم)‬
‫فاستعمل أسلوب اإلشارة للناظر والقول للسامع في اإلفصاح عن المرام؛ حتى ال‬
‫يبقى شك في نفوس الحضور‪ .‬وأراد الشاعر إن الرسول ‪(( :‬أخذ بيد علي فرفعا حتى‬
‫رؤي بياض آباطهما وعرفه القوم أجمعون‪ ,‬فقال‪ :‬إن اهلل موالي وأنا مولى المؤمنين‬
‫فعلي مواله))(‪ .)2‬وان بيعة الغدير شغلت‬
‫ّ‬ ‫أنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مواله‬
‫حي از واسعا في الشعر الشيعي(‪ ,)3‬ووظفها الشعراء في العصر العباسي بما ينسجم‬
‫مع غرض الشاعر ومعنى القصيدة‪.‬‬

‫‪ /2‬واقعة الجمل‪:‬‬

‫(‪)4‬‬
‫في البصرة بين جيش اإلمام علي (عليه‬ ‫حدثت واقعة الجمل سنة ‪36‬ه‬
‫السالم) وأنصاره ومؤيديه وجيش طلحة بن عبد اهلل والزبير ابن العوام ومشاركة‬

‫(‪ )1‬ديوان الصنوبري‪.461 /2 :‬‬


‫(‪ )2‬الغدير في الكتاب والسنة واألدب‪29 /1 :‬؛ ينظر أيضا أمالي الطوسي‪.247 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان السيد الحميري‪ 150 :‬ـ ـ ـ ‪164‬ـ ـ ـ ـ ‪ 176‬ـ ـ ـ ‪ 195‬ـ ـ ـ ‪ 198‬ـ ـ ـ ‪ 199‬ـ ـ ـ ـ ‪ 228‬ـ ـ ـ ‪232‬؛ ديك‬
‫الجن‪45 :‬؛ ؛ شعر دعبل بن علي الخزاعي‪ 295 :‬ـ ـ ـ ـ ‪331‬؛ ديوان الحماني‪ 35 :‬ـ ـ ـ ـ ‪216‬؛‬
‫الناشئ الصغير‪46 :‬؛ شعر أحمد بن علوية الكاتب‪76 :‬؛ ديوان الصنوبري‪ 267 /1 :‬ـ ـ ـ ـ ‪/2‬‬
‫‪461‬؛ ديوان كشاجم‪345 :‬؛ ديوان أبي فراس الحمداني‪300 :‬؛ ديوان الصاحب بن عباد‪:‬‬
‫‪ 45‬ـ ـ ـ ‪ 70‬ـ ـ ـ ‪ 101‬ـ ـ ـ ‪ 109‬ـ ـ ـ ـ ‪ 112‬ـ ـ ـ ‪ 130‬ـ ـ ـ ‪ 149‬ـ ـ ـ ـ ‪187‬؛ ديوان الصوري‪186 :‬‬
‫ـ ـ ـ‪ 129‬ـ ـ ـ ‪ 325‬ـ ـ ـ شعر البشنوي الكردي‪ 54 :‬ـ ـ ـ ‪ 58‬ـ ـ ـ ‪ 60‬ـ ـ ـ ‪ 68‬ـ ـ ـ ‪ 69‬ـ ـ ـ ‪81‬؛ ابن العودي‬
‫النيلي وما تبقى من شعره‪ 125 :‬ـ ـ ـ ‪.133‬‬
‫(‪ )4‬ينظر تاريخ خليفة بن خياط‪ ,‬ألبي عمرو خليفة بن خياط بن خليفة الشيباني‪.181 :‬‬
‫)‪)206‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬
‫(‪)1‬‬
‫فضال عن تحريض معاوية للزبير بن العوام على محاربة علي‬ ‫عائشة زوج النبي ا‬
‫(عليه السالم)(‪.)2‬‬

‫سميت تلك الواقعة بالجمل نسبة للجمل الذي اشتراه يعلي ابن أمية من رجل‬
‫من عرينة لعائشة‪ ,‬فخرجت به طالبة البصرة(‪ .)3‬وكان السبب الرئيس لتلك المعركة؛‬
‫تهافت المسلمون كالفراش على باب علي (عليه السالم) راغبين مبايعته خليفة‬
‫للمسلمين‪ .‬ومقتل عثمان بن عفان؛ فوجدت األحقاد الدفينة ذريعة في قميص عثمان‬
‫الذي قتل فيه إلظهار عداوتهم ومنابذتهم لإلمام علي (عليه السالم)‪ .‬فطالبوا‬
‫االقتصاص من قتلة عثمان؛ وأيضا كان من األسباب عزل طلحة والزبير من الكوفة‬
‫والبصرة قبل أن يستلما الوالية عليهما(‪ ,)4‬ثم اتفقا مع عائشة للخروج إلى البصرة(‪.)5‬‬

‫وقد أوضح علي (عليه السالم) في أكثر من موضع وخطبة أن دم عثمان‬


‫ذريعة القوم في الخروج عليه‪ ,‬وما قتله غير طلحة والزبير(‪ ,)6‬وذكر المؤرخون أن‬
‫عائشة زوج النبي (صلى اهلل عليه وآله وسلم) كانت أشد عداوة لعثمان وهي من‬
‫وصفته بنعثل وكانت تقول اقتلوا نعثال (‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬ينظر أخبار الجمل‪ ,‬ألبي مخنف‪ 20 :‬ـ ـ ـ ‪.21‬‬


‫(‪ )2‬ينظر وقعة الجمل‪ ,‬ضامن بن شدقم بن علي الحسيني المدني‪ 74 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.75‬‬
‫(‪ )3‬ينظر تاريخ الطبري‪ ,‬تاريخ الرسل والملوك‪ ,‬وصلة تاريخ الطبري‪ 456 /4 :‬ـ ـ ـ ‪457‬؛ البداية‬
‫والنهاية‪.433 /10 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر أخبار الجمل‪ ,‬ألبي مخنف‪ 17 :‬ـ ـ ـ ‪.18‬‬
‫(‪ )5‬ينظر العواصم من القواصم‪146 :‬؛ البداية والنهاية‪.433 /10 :‬‬
‫الب َال ُذري‪241 /2 :‬؛‬
‫(‪ )6‬ينظر جمل من أنساب األشراف‪ ,‬أحمد بن يحيى بن جابر بن داود َ‬
‫الجمل أو النصرة‪ ,‬ألبي عبداهلل محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي الشيخ المفيد‪:‬‬
‫‪74‬؛ بحار األنوار الجامعة لدرر أخبار األئمة األطهار‪.121 /32 :‬‬
‫(‪ )7‬ينظر أخبار الجمل‪ ,‬ألبي مخنف‪15 :‬؛ شرح نهج البالغة‪ ,‬البن أبي الحديد‪.307 /6 :‬‬
‫)‪)207‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫منع عثمان بن حنيف والي البصرة من قبل اإلمام علي (عليه السالم) أهل‬
‫حراس بيت‬
‫الجمل الدخول للبصرة وعقدوا اتفاقا معه‪ ,‬إال أنهم دخلوها عنوة وقتلوا َّ‬
‫المال وأسروا واليها‪ ,‬ثم عذبوه فنتفوا لحيته وشعر حاجبه(‪ .)1‬فقاتلهم اإلمام علي (عليه‬
‫السالم) على نكثهم البيعة ونقضهم العهود التي أبرموها مع عامله على البصرة‬
‫فضال عن غدرهم وقتلهم أخا ربيعة العبدي(‪.)2‬‬

‫وحين نشبت الحرب بين الجيشين كانت الغلبة منذ البداية لجيش اإلمام علي‬
‫(عليه السالم) وظهر االنكسار والهزيمة في أصحاب الجمل(‪ .)3‬ثم ُج ِرح طلحة في‬
‫المعركة ثم مات في دور بني سعد بالبصرة(‪ ,)4‬واعتزل الزبير الحرب بعدما تذكر‬
‫قول الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) بقتاله لعلي وهو ظالم له(‪ ,)5‬وقال علي‬
‫لعائشة‪ (( :‬واهلل ما أنصفك الذين أخرجوك إذ صانوا عقائلهم وأبرزوك))(‪ .)6‬واخرجت‬
‫عائشة من البصرة وردت إلى المدينة‪.‬‬

‫أفاد شعراء الشيعة من وقعة الجمل ووظفوها في مدح أهل البيت (عليهم‬
‫السالم) وما جرى عليهم من الحيف‪ ,‬والظلم‪ ,‬وعدم الطاعة لهم‪ ,‬فكانت مرجعا‬

‫(‪ )1‬ينظر تاريخ الطبري‪ ,‬تاريخ الرسل والملوك‪ ,‬وصلة تاريخ الطبري‪469 /4 :‬؛ تاريخ‬
‫اليعقوبي‪ ,‬ألحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب المعروف باليعقوبي‪79 /2 :‬؛ الجمل=‬
‫=أو النصرة لسيد العترة في حرب البصرة‪ ,‬الشيخ المفيد‪153 :‬؛ وقعة الجمل‪ ,‬ضامن بن‬
‫شدقم‪ 39 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.40‬‬
‫(‪ )2‬ينظر بحار األنوار الجامعة لدرر أخبار األئمة األطهار‪.353 /32 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر جمل من أنساب األشراف‪.258 /2 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر م ‪ .‬ن‪.246 /2 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر م ‪ .‬ن‪258 /2 :‬؛ مروج الذهب وجواهر المعدن‪ ,‬أبو الحسن علي بن الحسين بن‬
‫علي المسعودي‪283 /2 :‬؛ فيض القدير شرح الجامع الصغير‪ ,‬زين الدين محمد المدعو‬
‫بعبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي‪.271 /4 :‬‬
‫(‪ )6‬مروج الذهب وجواهر المعدن‪.286 /2 :‬‬
‫)‪)208‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫تاريخيا أفاد منه الشعراء في العصر العباسي‪ ,‬على نحو ما نظمه الصاحب بن‬
‫(المنسرح)‬ ‫عباد‪ .‬قال في أهل البيت‪:‬‬

‫ـف أري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ ِ‬ ‫ِ‬


‫ـار َع َلي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاهُ‬
‫صـــــــ َ‬‫ـت انت َ‬ ‫َكي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ َ‬ ‫ب لَـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ‬ ‫السـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوِء حـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـين َد َّ‬ ‫اج َم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َل ُّ‬
‫َي َ‬
‫ِ‬ ‫ثُـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ـف َرَّد ِك ِف ـ ـ ـ ــي‬ ‫النك ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـوب الـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـرَدى إذ َسـ ـ ـ ـ ـ ـ َـريت َمسـ ـ ـ ـ ـ ـ َـراهُ‬ ‫ـث َكيـ ـ ـ ـ َ‬ ‫َيـ ـ ـ ــا فُرقَ ـ ـ ـ ـةَ َّ‬
‫ـان ِذك ـ ـ ـ ـ َـراهُ(‪.)1‬‬ ‫ِ ِ‬
‫َوُقل ـ ـ ـ ــت‪ :‬م ـ ـ ـ ــن َبع ـ ـ ـ ـ ُـد َك ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ِ‬ ‫َيـ ـ ـ ـ ـ ــا َرَّب ـ ـ ـ ـ ـ ـةَ الهَـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـود ِج انتَـ ـ ـ ـ ـ ـ َـدبت لَـ ـ ـ ـ ـ ــهُ‬
‫وظف الصاحب بن عباد األحداث التاريخية في تجربته الشعرية السيما سيرة‬
‫أهل البيت (عليهم السالم)‪ ,‬فاستشهد بواقعة الجمل‪ ,‬وأراد طلحة والزبير وعائشة فلقوا‬
‫من الهزيمة واالنكسار ما لقوه من جيش علي (عليه السالم)‪ ,‬وأشار الشاعر إلى‬
‫عائشة زوج الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) فهي ربة الهودج الذي سارت به من‬
‫المدينة إلى البصرة(‪.)2‬‬

‫نقل السيد الحميري أغلب فضائل اإلمام علي (عليه السالم) ونلحظ ذلك‬
‫(الكامل)‬ ‫لتضمينه بعض أحداث واقعة الجمل‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـب‬ ‫أإلَ ـ ـ ــى ال َك ـ ـ ــو ِاذ ِب ِم ـ ـ ــن ب ـ ـ ــرو ِ‬


‫ق الخلَ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ايـ ـ ـ ـ ـ ــن التطـ ـ ـ ـ ـ ــرب بـ ـ ـ ـ ـ ــالو ِ‬
‫الء َوبِـ ـ ـ ـ ـ ــالهَ َوى‬ ‫ّ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫(‪)3‬‬
‫الشـوقَبِ‬ ‫ـدب ُّ‬ ‫ِ‬
‫الج َمـل الخ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ـيع التِـ ـ ـ ـ ــي‬
‫ُمَيـ ـ ـ ـ ــة أَم إلَـ ـ ـ ـ ــى ِشـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫اءت َعلَـى َ‬ ‫َج َ‬ ‫أإلـ ـ ـ ـ ــى أ َ‬
‫بعـ ـ ـ ـ َـد الهـ ـ ـ ـ ِّ ِ‬ ‫الح ـ ـ ـ ـ َـرِام فَ َّنبهَ ـ ـ ـ ــت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َب‬ ‫ـالب أَهـ ـ ـ ـ ِـل ُ‬
‫الح ـ ـ ـ ـوأ ِ‬ ‫ـدو كـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫َ‬ ‫البلَ ـ ـ ـ ــد َ‬
‫ضـ َـوى م ـ ـ ـ ــن َ‬ ‫تَه ـ ـ ـ‬
‫ـال لِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرأي أم مش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـجب‬ ‫ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا للرج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫لحـ ـ ــة عسـ ـ ــك ار‬ ‫ط َ‬ ‫َيحـ ـ ـ ُـدو الزبيـ ـ ـ ُـر بِهـ ـ ــا َو َ‬
‫ذئب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان يكتنفانه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ِ‬
‫أذؤب‬ ‫ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا للرج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـال لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرأي أم قاده ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫(‪)1‬‬
‫ـين فَاقتَ َحمـ ـ ــا بِهـ ـ ــا ِفـ ـ ــي منشـ ـ ـ ِ‬
‫ـب‬ ‫لحـ ـ ـ ِ‬
‫ل َ‬
‫ِ‬ ‫ادهم ـ ـ ـ ـ ـ ــا ال ّش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـقا‪َ ,‬وقَ َ‬
‫اد َه ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ِذ َئبـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـان قَ َ‬
‫َ َ‬

‫(‪ )1‬ديوان الصاحب بن عباد‪.63 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر البداية والنهاية‪.433 /10 :‬‬
‫(‪ )3‬الخدب‪ :‬الضخم‪ .‬ينظر لسان العرب‪ .345 /1 :‬والشوقب‪ :‬االطويل‪ .‬ينظر لسان العرب‪/1 :‬‬
‫‪.506‬‬
‫)‪)209‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫ِمنه ـ ـ ـ ــا َعل ـ ـ ـ ــى قت ـ ـ ـ ــب ب ـ ـ ـ ــإثم محق ـ ـ ـ ـ ِ‬


‫(‪)2‬‬
‫ـب‬ ‫ِف ـ ـ ـ ــي ورط ـ ـ ـ ـ ِـة لَ َحج ـ ـ ـ ــا بِه ـ ـ ـ ــا فَتَ َح َّمل ـ ـ ـ ــت‬
‫َ‬
‫بالمؤذي ـ ـ ـ ـ ـ ــات ل ـ ـ ـ ـ ـ ــه َدبي ـ ـ ـ ـ ـ ــب العق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـرب‬ ‫ـدب إلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ابنِهَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َوَو ِّليهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ٌّأم تَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ‬
‫(‪)3‬‬
‫ـهب‬ ‫ـرق ِفـ ــي الحديـ ـ ِـد األشـ ـ ِ‬ ‫اء تبـ ـ ُ‬ ‫ـأو ُ‬
‫َجـ ـ َ‬ ‫ـاص ح ـ ــين َب ـ ــدت لَ ـ ــهُ‬ ‫أم ـ ــا الزبي ـ ــر فح ـ ـ َ‬
‫ق ُذو َن َج ـ ـ ـ ــا مله ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫النو ِ‬ ‫ِ‬
‫اهـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫َحتَّـ ـ ـ ـ ـ ـى إذا أم ـ ـ ـ ـ ـ َـن ُ‬
‫(‪)4‬‬
‫ـب‬ ‫َ‬ ‫ـاري َّ َ‬ ‫َع ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ـوف َوتحتَـ ـ ـ ـ ــهُ‬ ‫الحتُـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫نع ِف ـ ـ ـ ـ ار َك ِشـ ـ ـ ــلو التُولَـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـب‬ ‫ـاع ُم َ‬ ‫ِفـ ـ ـ ــي القَـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ِ‬
‫أَثـ ـ ـ ـ َـوى اب ـ ـ ـ ـ ُـن جرمـ ـ ـ ــوز ُعمي ـ ـ ـ ــر َش ـ ـ ـ ــلوهُ‬
‫(‪)5‬‬
‫ـب‬ ‫اع َشـ ـ ِـديد أصـ ــل المن َكـ ـ ِ‬ ‫ُعبـ ــل الـ ــذر ِ‬ ‫ـف الفَن ـ ـ ــا‬ ‫ِواغتَـ ـ ـ َّـر طَلحـ ـ ـ ـةُ ِعن ـ ـ ـ َـد مختَلَ ـ ـ ـ ِ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫(‪)6‬‬
‫ـبب‬ ‫رَّي ـ ـ ـ ــان ِم ـ ـ ـ ــن َدِم ُجوف ـ ـ ـ ــه المتص ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ق‬ ‫فَاختَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـل َّ‬
‫حبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة َق َلبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه بِ ُمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذلَ ٍ‬
‫َ‬
‫أفاد السيد الحميري من تاريخ سيرة أهل البيت (عليهم السالم)‪ ,‬فاستحضر‬
‫واقعة الجمل ليعرض بأعداء علي (عليه السالم)‪ ,‬فاستشهد بقادة أصحاب الجمل أراد‬
‫(‪)7‬‬
‫في‬ ‫طلحة والزبير‪ ,‬ثم أشار في البيت الثالث إلى سماع عائشة نباح كالب الحوأب‬
‫خروجها للبصرة لقتال علي (عليه السالم)‪ ,‬فتذكرت قول الرسول (صلى اهلل عليه‬

‫(‪ )1‬الحين‪ :‬الهالك‪ .‬ينظر كتاب العين‪ .304 /3 :‬والمنشب‪ :‬من نشب في الشيء إذا علق به‪.‬‬
‫ينظر لسان العرب‪.757 /1:‬‬
‫(‪ )2‬الورطة‪ :‬الهلكة‪ .‬ينظر معجم ديوان األدب‪ .210 /3 :‬والحجا‪ :‬أي نشبا‪ .‬ومحقب‪ :‬من‬
‫احتقب الشيء ‪ ,‬احتمله خلفه‪.‬‬
‫(‪ )3‬حاص‪ :‬عدل وحاد‪ .‬ينظر جمهرة اللغة‪ ,‬ألبي بكر محمد بن دريد األزدي‪.1042 /2 :‬‬
‫الجأواء‪ :‬الكتيبة التي يضرب لونها إلى السواد من صدأ الحديد‪ .‬ينظر جمهرة اللغة‪/1 :‬‬
‫‪.595‬‬
‫(‪ )4‬النواهق‪ :‬العظمان الشاخصان من ذي الحافر في مجرى الدمع‪ .‬ينظر تهذيب اللغة‪ ,‬محمد‬
‫بن أحمد بن األزهري الهروي‪ .292 /5 :‬والنجاء‪ :‬االسراع‪.‬‬
‫(‪ )5‬اغتر‪ :‬من الغرة‪ ,‬يقال أصاب منه غرة فبطش به‪ .‬ينظر مختار الصحاح‪.225 :‬‬
‫(‪ )6‬ديوان السيد الحميري‪ 85 :‬ـ ـ ـ ‪.86‬‬
‫بي‬
‫الن ّ‬
‫أن ّ‬‫(‪ )7‬وهو ((ماء قريب من البصرة‪ ,‬على طريق م ّكة إليها‪ ,‬وهو الذي جاء فيه الحديث‪ّ :‬‬
‫صلى اهلل عليه وسلم قال لعائشة‪( :‬لعلّك صاحبة الجمل األدبب‪ ,‬تنبحها كالب الحوأب) ‪.‬‬
‫وسمى هذا الموضع بالحوأب بنت كلب بن وبرة))‪ .‬معجم ما استعجم من أسماء البالد‬
‫ّ‬
‫والمواضع‪.472 /2 :‬‬
‫)‪)210‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫ب ا ْل َحوأ ِ‬ ‫ِ‬
‫َب؟))(‪ .)1‬وهمت بالرجوع إال أن‬ ‫ْ‬ ‫ف بِِإ ْح َدا ُك َّن تَْنَب ُح َعلَ ْيهَا ك َال ُ‬
‫وآله وسلم)‪َ (( :‬ك ْي َ‬
‫طلحة والزبير منعاها من ذلك(‪ .)2‬ثم ذكر الشاعر (عسكرا) اسم الجمل الذي قدمت‬
‫(‪)3‬‬
‫زوج الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ ,‬ثم أشار إلى مقتل طلحة‪,‬‬ ‫به عائشة‬
‫واعتزال الزبير بعدما تذكر قول الرسول(صلى اهلل عليه وآله وسلم) بقتاله لعلي وهو‬
‫ظالم له(‪ .)4‬إن الشاعر بدأ القصيدة بالتطرب مستعمال أسلوب الطلب متسائال أتصلح‬
‫هذه الشيع للتطرب والوالء؟ ثم بعد تفنيده لهم يكشف الشاعر عمن يطربه‪ .‬قال‪:‬‬

‫ِمَّنـ ـ ــي الهَـ ـ ـ َـوى َوالَـ ـ ــى َبنِيـ ـ ـ ِـه تَطَ ُّربِـ ـ ــي(‪.)5‬‬ ‫أحمـ ـ ـ ـ َـد َمـ ـ ـ ــن بِـ ـ ـ ـ ِـه‬ ‫ِ‬
‫البرَّي ـ ـ ـ ـة َبعـ ـ ـ ـ َـد َ‬
‫َخيـ ـ ـ ـ ُـر َ‬
‫واحدثت تلك المعركة ظاهرة مبرزة في الشعر الشيعي أفاد منها كثير من الشعراء في‬
‫العصر العباسي(‪ ,)6‬فكانت مرجعا تاريخيا أغنت النصوص الشعرية‪.‬‬

‫‪ /3‬واقعة صفين‪:‬‬

‫حدثت واقعة صفين في سنة سبع وثالثين للهجرة(‪ ,)1‬بين جيش اإلمام علي‬
‫(عليه السالم) وجيش معاوية بن أبي سفيان‪ ,‬وسميت بصفين نسبة للمدينة التي‬

‫(‪ )1‬مسند اإلمام أحمد بن حنبل‪.299 /40 :‬‬


‫(‪ )2‬ينظر تاريخ الطبري‪ ,‬تاريخ الرسل والملوك‪ ,‬وصلة تاريخ الطبري‪ 456 /4 :‬ـ ـ ـ ‪457‬؛ مسند‬
‫اإلمام أحمد بن حنبل‪299 /40 :‬؛ البداية والنهاية‪.236 /6 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر الكامل في التاريخ‪.573 /2 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر األمالي للطوسي‪137 :‬؛ سمط النجوم العوالي في أنباء األوائل والتوالي‪ ,‬عبد الملك‬
‫بن حسين بن عبد الملك العصامي المكي‪ 563 /2 :‬ـ ـ ـ ‪.564‬‬
‫(‪ )5‬ديوان السيد الحميري‪.86 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر ديوان السيد الحميري‪ 85 :‬ـ ـ ـ ‪ 173‬ـ ـ ـ ‪416‬؛ ديوان محمد بن عبد العزيز السوسي‪:‬‬
‫‪ 118‬ـ ـ ـ ‪119‬؛ شعر دعبل بن علي الخزاعي‪348 :‬؛ ديوان الحماني‪97 :‬؛ ديوان كشاجم‪:‬‬
‫‪345‬؛ ديوان الصاحب بن عباد‪ 46 :‬ـ ـ ـ ‪ 68‬ـ ـ ـ ـ ‪63‬؛ الصوري‪347 :‬؛ شعر أحمد بن علوية‬
‫الكاتب‪.86 :‬‬
‫)‪)211‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫حدثت فيها(‪ ,)2‬كان من أسباب اندالع الحرب مبايعة المسلمين لإلمام علي (عليه‬
‫وحرض أهل الشام على المطالبة‬
‫السالم) فيما رفض معاوية بن أبي سفيان البيعة‪َّ ,‬‬
‫بدم عثمان(‪ ,)3‬لذا قال علي (عليه السالم) لمعاوية‪(( :‬إن الناس قد قتلوا عثمان عن‬
‫إلي في أشراف أهل‬
‫غير مشورة مني وبايعوا لي عن مشورة منهم واجتماع فبايع َّ‬
‫الشام))(‪ .)4‬إال أن معاوية رفض ذلك ودعا أهل الشام لقتاله ورفع قميص عثمان على‬
‫المنابر إلثارة مشاعر الناس وذريعة يستتر تحتها(‪.)5‬‬

‫فلم يجد علي (عليه السالم) إال القوة مع معاوية فسار بجيش من الكوفة وواجه‬
‫جيش الشام في صفين‪ ,‬وال شك في أن معاوية وأعوانه يشهدون بفضل علي (عليه‬
‫السالم) إسالما وجهادا وعلما(‪.)6‬‬

‫وكان لمقتل عمار بن ياسر تأثير في زعزعة جيش الشام‪ ,‬لقول رسول اهلل‬
‫(صلى اهلل عليه وآله وسلم) لعمار تقتله الفئة الباغية(‪ .)7‬فحمل علي (عليه السالم)‬
‫وأتباعه حملة رجل واحد فتمكنوا من عدوهم وكثر القتل بجيش الشام‪ ,‬فاستعمل‬
‫معاوية الدهاء والمكر فرفعوا المصاحف على الرماح وطلبوا التحكيم‪ ,‬فانقسم جيش‬

‫(‪ )1‬المنتظم في تاريخ األمم والملوك‪117 /5 :‬‬


‫(‪ )2‬صفين‪ :‬مدينة في الشام بالقرب من الرقة‪ .‬ينظر معجم البلدان‪.414 /3 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر أخبار الجمل‪ ,‬ألبي مخنف‪.31 :‬‬
‫(‪ )4‬بحار األنوار الجامعة لدرر أخبار األئمة األطهار‪.5 /32 :‬‬
‫(‪ )5‬م ‪ .‬ن‪.369 /32 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر وقعة صفين‪ ,‬نصر بن مزاحم المنقري‪.37 /1 :‬‬
‫(‪ )7‬ينظر تاريخ الطبري‪ ,‬تاريخ الرسل والملوك‪ ,‬وصلة تاريخ الطبري‪.41 /5 :‬‬
‫)‪)212‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫أصر على التحكيم‪ .‬فوضعت الحرب‬


‫علي (عليه السالم) بين مناصر للقتال وفريق َّ‬
‫أوزارها وانتهت بتحكيم الفريقين(‪.)1‬‬

‫أفاد الشعر الشيعي من واقعة صفين واعتبرها الشعراء مرجعا تاريخيا يغترف‬
‫منه الشاعر مما يتناسق ومقاصده‪ ,‬فضال عن تقوية داللة النص‪ ,‬وحجة لتأييد مرام‬
‫الشاعر وغاياته‪ ,‬فوظف السوسي تلك الواقعة‪ .‬قال في مدح اإلمام علي (عليه‬
‫(المتقارب)‬ ‫السالم)‪:‬‬

‫اهـ ـ ـ ـ ـ ــا ارتِفَـ ـ ـ ـ ـ ــاعُ السـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬


‫ـور‬ ‫إلـ ـ ـ ـ ـ ــى أن َح َم َ‬ ‫ـفوف‬
‫أردى الص ـ ـ ـ َ‬ ‫َ‬ ‫ِو ِم ـ ـ ــن َي ـ ـ ــوم ص ـ ـ ــفين‬
‫فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأن َس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـم ُعوه بَِنصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـري أم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـر‬ ‫ـاب‬ ‫ِ‬
‫َوقـ ـ ـ ـ ــال‪ :‬أنـ ـ ـ ـ ــا عـ ـ ـ ـ ــد ُل هـ ـ ـ ـ ــذا الكتـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ٌّ‬
‫َوكـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل بِـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه َغيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ِرهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــط َغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْ‬
‫ـدر‬ ‫حفلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا‬
‫ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأوفوا العق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــود َفل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم َي َ‬
‫َيعلَـ ـ ـ ـ ـ ُـم َمـ ـ ـ ـ ــن اقتَفـ ـ ـ ـ ــى ِفـ ـ ـ ـ ــي األثـ ـ ـ ـ ـ ْـر(‪.)2‬‬
‫فَهَـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذا َج َوابِـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك َيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ُي ِريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـد‬
‫أفاد الشاعر من واقعة صفين ووظفها توظيفا دالليا أراد بها إظهار هزيمة جيش‬
‫الشام وضعفهم‪ ,‬واقدام وعزيمة جيش العراق في تلك الواقعة‪ ,‬فضال عن غدر أهل‬
‫الشام وخداعهم‪ ,‬معرضا بعمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان في رفع‬
‫المصاحف(‪ ,)3‬فضال عن عناد بعض جنده الذي عرف فيما بعد بالخوارج(‪ .)4‬ثم‬
‫أشار إلى انقسام جيش علي (عليه السالم)‪ ,‬ولم يثبت مع علي (عليه السالم) إال‬

‫(‪ )1‬ينظر وقعة صفين‪.478 /7 :‬‬


‫(‪ )2‬ديوان محمد بن عبد العزيز السوسي‪.119 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر ينابيع المودة سجل عظيم ألحاديث النبوية في مناقب اإلمام علي وأهل البيت (عليهم‬
‫السالم)‪.186 /1 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر وقعة صفين‪500 /8 :‬؛ ينابيع المودة سجل عظيم ألحاديث النبوية في مناقب اإلمام‬
‫علي وأهل البيت (عليهم السالم)‪.188 /1 :‬‬
‫)‪)213‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫القليل رافضين التحكيم (‪ .)1‬ثم وظف الشاعر الوفاء بالعهود وقصد بها اإلمام علي‬
‫لما طلب أصحاب التحكيم ـ ـ ـ بعد أن وقعوا في شراك عمرو ابن العاص ـ ـ ـ منه‬
‫استأناف الحرب فقال علي (عليه السالم)‪(( :‬أبعد الرضا والعهد والميثاق نرجع؟‬
‫أليس اهلل تعالى قد قال‪[:‬أوفوا بالعقود](‪ ...)2‬فبرئت الخوارج من علي‪ ,‬وبر علي‬
‫منهم))(‪.)3‬‬

‫وظف السيد الحميري واقعة صفين في بيان مناقب اإلمام علي (عليه السالم)‬
‫(البسيط)‬ ‫فضال عن توظيفه لتاريخ وسيرة أهل البيت (عليهم السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫ِف ـ ـ ـ ــي ُك ـ ـ ـ ـ ِّـل فَ ـ ـ ـ ـ ٍـن َب ـ ـ ـ ـ َـال ِعل ـ ـ ـ ـ ٍـم َيتِيهُ َ‬


‫ون ـ ـ ـ ــا‬ ‫ـاس قَـ ـ ــد َذ َه ُب ـ ـ ـوا‬
‫النـ ـ ـ َ‬ ‫ـت َّ‬ ‫أقـ ـ ــو ُل لَ َّمـ ـ ــا َأريـ ـ ـ ُ‬
‫مرجينـ ـ ـ ــا‬
‫وسـ ـ ـ ــى َو َ‬ ‫ين أبِـ ـ ـ ــي ُم َ‬ ‫َد ُان ـ ـ ـ ـوا بِـ ـ ـ ـ ِـد ِ‬ ‫اسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـطَ ٍة‬
‫ق وقَ ِ‬ ‫ين و َم ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّا ٍ‬
‫ـر َ‬
‫ِِ‬
‫م ـ ـ ـ ـ ـ ــن َن ـ ـ ـ ـ ـ ــاكث َ َ‬
‫ِ‬
‫الخ ِر َيبـ ـ ـ ِـة َمـ ـ ــن قَتـ ـ ـ ِـل المحلِّ َينـ ـ ــا(‪.)4‬‬
‫ـوم َ‬
‫َيـ ـ ـ َ‬ ‫ـي بِـ ـ ـ ـ ِـه‬
‫ان الوصـ ـ ـ ـ ُّ‬ ‫ِّإنـ ـ ـ ــي أديـ ـ ـ ـ ُـن بِ َمـ ـ ـ ــا َد َ‬
‫أشار الشاعر إلى تفرق المسلمين بعد مبايعة علي (عليه السالم) للخالفة‪,‬‬
‫فتحزب بعضهم وخرج عليه بالبصرة الناكثون وأراد الشاعر الزبير وطلحة وعائشة‬
‫فأشار لتلك الوقعة بقوله (يوم الخريبة)(‪ .)5‬ثم أشار إلى القاسطين وأراد جماعة الشام‬
‫بزعامة معاوية وعمرو ابن العاص وخرج إليهم علي (عليه السالم) من الكوفة والتقى‬
‫بهم في صفين‪ ,‬ثم عرج الشاعر على فرقة المارقين الذين دانوا بأبي موسى األشعري‬

‫(‪ )1‬ينظر ينابيع المودة سجل عظيم ألحاديث النبوية في مناقب اإلمام علي وأهل البيت (عليهم‬
‫السالم)‪186 /1 :‬‬
‫(‪ )2‬سورة المائدة‪ :‬اآلية ‪.1‬‬
‫(‪ )3‬ينابيع المودة سجل عظيم ألحاديث النبوية في مناقب اإلمام علي وأهل البيت (عليهم‬
‫السالم)‪ .189 /1 :‬ينظر أيضا وقعة صفين‪.517 /8 :‬‬
‫(‪ )4‬ديوان السيد الحميري‪ 417 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.418‬‬
‫(‪ )5‬ينظر معجم البلدان‪.363 /2 :‬‬
‫)‪)214‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫وقدموه حكما عن جانب العراق‪ ,‬ولم يقبلوا بحكم أمير المؤمنين(‪ .)1‬فأفاد السيد‬
‫الحميري من واقعة صفين واعتبرها مرجعا ثقافيا يمد الشاعر بأنواع الحجج والدالالت‬
‫التاريخية لتأييد مذاهبه‪ ,‬إن واقعة صفين شكلت ظاهرة في الشعر الشيعي في العصر‬
‫العباسي استشهد بها بعض الشعراء الشيعة في العصر العباسي في نصوصهم(‪.)2‬‬

‫‪ /4‬واقعة النهروان‪:‬‬

‫حدثت معركة النهروان بين جيش اإلمام علي (عليه السالم) والخوارج‪ ,‬سنة‬
‫‪38‬ه(‪ ,)3‬والخوارج ((طائفة من المسلمين كانوا من أصحاب علي بن أبي طالب‬
‫(عليه السالم) ثم خرجوا عليه بعد قبوله للتحكيم واتهموه بالكفر وطلبوا منه أن يتوب‬
‫ويجدد إسالمه‪ ,‬وقالوا إن مرتكب الكبيرة كافر‪ .‬وقد حاول علي أن يقنعهم فلم يستطع‬

‫فحاربهم))(‪.)4‬‬

‫حذر الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) من الخوارج وأمر بقتالهم قال اإلمام‬
‫علي (عليه السالم)‪(( :‬سمعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وآله وسلم يقول‪ :‬يأتي في‬
‫آخر الزمان قوم حدثاء األسنان‪ ,‬سفهاء األحالم‪ ,‬يقولون من خير قول البرية‪,‬‬
‫يمرقون من اإلسالم كما يمرق السهم من الرمية‪ ,‬ال يجاوز إيمانهم حناجرهم‪ ,‬فأينما‬
‫لقيتموهم فاقتلوهم‪ ,‬فإن في قتلهم أج ار لمن قتلهم يوم القيامة))(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬ينظر وقعة صفين‪.499 /8 :‬‬


‫(‪ )2‬ديوان السيد الحميري‪ 110 :‬ـ ـ ـ ـ ‪ 334‬ـ ـ ـ ‪418‬؛ شعر دعبل بن علي الخزاعي‪348 :‬؛ ديوان‬
‫الحماني علي بن محمد العلوي الكوفي‪97 :‬؛ ديوان السوسي‪ 118 :‬ـ ـ ـ ‪ 119‬ـ ـ ـ ‪127‬؛ ديوان‬
‫الصاحب بن عباد‪ 46 :‬ـ ـ ـ ‪ 70‬ـ ـ ـ ـ ‪ 132‬ـ ـ ـ ‪ 142‬ـ ـ ـ ‪.201‬‬
‫(‪ )3‬ينظر تاريخ خليفة بن خياط‪.197 :‬‬
‫(‪ )4‬تثبيت دالئل النبوة‪ ,‬للقاضى عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمذاني‪.24 /1 :‬‬
‫(‪ )5‬شرف المصطفى‪152 /4 :‬‬
‫)‪)215‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫استطاع اإلمام علي (عليه السالم) اقناع بعض الخوارج في العدول عن رأيهم‪,‬‬
‫واصر أخرون على رفع شعار (ال حكم إال هلل) ورغم ذلك لم يمنعهم اإلمام علي من‬
‫حقوقهم كمسلمين‪ ,‬وحاول إقناعهم بالرجوع عن رأيهم بأرسال عبداهلل بن عباس إللقاء‬
‫الحجج والبراهين(‪.)1‬‬

‫إن األسباب التي من أجلها نشبت حرب النهروان؛ عدم التزام الخوارج بشروط‬
‫آمنا‪ ,‬وال يقطعوا‬
‫دما‪ ,‬وال يروعوا ً‬
‫اإلمام علي (عليه السالم) ومنها‪(( :‬أن ال يسفكوا ً‬
‫سبيالً‪ ,‬واذا ارتكبوا هذه المخالفات فقد نبذ إليهم الحرب))(‪ .)2‬فلم يلتزموا بتلك‬
‫(‪)3‬‬
‫ينج منهم إال أقل من عشرة‪ ,‬ولم يقتل من‬
‫ُ‬ ‫فلم‬ ‫‪,‬‬ ‫الشروط‪ ,‬فالتقى بهم بالنهروان‬
‫جيشه إال أقل من عشرة(‪.)4‬‬

‫أفاد الشعراء من واقعة النهروان واستشهدوا بها في نصوصهم الشعرية؛ ألنها‬


‫تشكل جزءا من سيرة أهل البيت السيما حياة اإلمام علي(عليهم السالم) فضال عن‬
‫أنها تكشف مضض الحياة القاسية التي عاشها علي (عليه السالم) مع قوم لم يرعوا‬
‫إالً وال ذمة‪ ,‬ولم يحفظوا التعاليم السماوية‪ ,‬وال يخشون اهلل في أقوالهم وأفعالهم‪ .‬وأيضا‬
‫تعد فضيلة من فضائل اإلمام علي(عليه السالم) لذا ضمنها الشعراء في النظم‪ ,‬على‬
‫(الوافر)‬ ‫نحو ما نلحظه في شعر السيد الحميري‪ .‬قال‪:‬‬

‫الج ِميـ ـ ـ ـ ـ ِـل‬ ‫الح َسـ ـ ـ ـ ـ ِـن َ‬


‫ِ ِ ِ‬
‫َعلـ ـ ـ ـ ــى تَحكيمـ ـ ـ ـ ــه َ‬ ‫ان‬‫ـارقُوهُ بَِنه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـرَو َ‬
‫خ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـو ِارج فَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ِكتَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاب ِ‬
‫اهلل ِفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي فَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـم ِج َبرئيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـل‬ ‫صـ ـ ُّـموا ـ ـ ـ ـ ـ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َعلـ ــى تَحكيمـ ــه ـ ـ ـ ـ ـ فَ َع ُم ـ ـوا َو َ‬
‫ك إلـ ـ ـ ـ ـ ــى َم ِميـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـل‬
‫فَ َم ـ ـ ـ ـ ــا َمـ ـ ـ ـ ـ ــالوا ُهَنالِـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫فَ َم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالُوا َجانًِب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َوَب َغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا َعلَي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه‬

‫(‪ )1‬ينظر الكامل في التاريخ‪.685 /2 :‬‬


‫(‪ )2‬أسمى المطالب في سيرة اإلمام علي علي بن أبي طالب‪.730 /2 :‬‬
‫(‪ )3‬وتقع بين بغداد وواسط‪ ,‬ينظر معجم البلدان‪.325 /5 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر تاريخ اليعقوبي‪.93 /2 :‬‬
‫)‪)216‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫ـون بِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال َدلِيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـل‬


‫ـارى‬ ‫ٍ‬
‫عمهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫فَتَـ ـ ـ ـ ـ ــاه القُـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ُع َمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاةً َي َ‬
‫ـوم فـ ـ ـ ـ ـ ــي ظُلَـ ـ ـ ـ ـ ــم َحَيـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ـيل(‪.)1‬‬ ‫الغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـد ِاة وبِ ِ‬
‫األصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ـوم ِعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـد‬ ‫ِِ‬
‫نحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـر بِ َ‬ ‫ضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلُّوا َك َّ‬
‫َ‬ ‫تُ َ‬
‫السـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـوائم َيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫فَ َ‬
‫الصم الذين ال يهتدون‪ ,‬ثم صور‬
‫عرض الشاعر بالخوارج فصورهم بالعمي و َّ‬ ‫َّ‬
‫اعتزلهم لعلي (عليه السالم) وسعوا في قتاله‪ .‬وشبه الشاعر الخوارج ببني اسرائيل‬
‫ا‬
‫في عنادهم وعدم امتثالهم لإلمام علي (عليه السالم) فتاهوا في األرض بال ٍ‬
‫دليل‬
‫يدلهم على السراط المستقيم‪ ,‬وال ٍ‬
‫هاد يهديهم للرشاد‪ ,‬كما تاه بني اسرائيل أربعين عاما‬
‫حين لم يخرجوا مع موسى في قتاله(‪ .)2‬أفاد الشاعر من التاريخ للتعريض بالخوارج‪.‬‬

‫وظف أبو تمام الطائي واقعة النهروان في شعره‪ .‬قال في أهل البيت (عليهم‬
‫(الطويل)‬ ‫السالم)‪:‬‬

‫ـب الـ ـ ـ ـ ـ ِـو ُتر‬ ‫َّ‬ ‫تُسـ ـ ـ ـ ـ ُـد بِـ ـ ـ ـ ـ ِـه ُّ َّ‬ ‫ـوم األلـ ـ ــى َملِ َك ـ ـ ـاً لَهُـ ـ ــم‬
‫الجلـ ـ ـ ـ ــى ِوُيطلَـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫َ‬ ‫َك َمـ ـ ــا َسـ ـ ــأ َل القَـ ـ ـ ُ‬
‫اء َوال الفَخـ ـ ـ ُـر‬ ‫َعلِيـ ـ ـ ِـه َو َمـ ـ ــا ُيغنِـ ـ ــي َّ‬
‫السـ ـ ـ َـن ُ‬ ‫وت َع ـ ـ ـ ـ ُّـدوا َس ـ ـ ـ ـ َـن ُ‬
‫اءهم‬ ‫َفلَ َّم ـ ـ ـ ــا َأَروا طَ ـ ـ ـ ــالُ َ‬
‫َو َمج ـ ـ َـر َوغ ـ ــى َيتلُ ـ ــوه ِم ـ ــن َبع ـ ـ ِـد ِه َمج ـ ـ ُـر‬ ‫ك إال َّأنهُ ـ ـ ـ ـ ــم َك ِرهـ ـ ـ ـ ـ ـوا القََن ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫َو َم ـ ـ ـ ـ ــا ذا َ‬
‫النه ـ ـ ـ ـ ِـري إذ َوِرَد َّ‬
‫النه ـ ـ ـ ـ ُـر‬ ‫وِقيعـ ـ ـ ـ ـةُ َي ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـوم َّ‬ ‫َ‬ ‫َوض ـ ـ ـ َـحت ُمش ـ ـ ـ ِـكالتِ ِه‬ ‫َع َم ـ ـ ــى َوارتياب ـ ـ ــا أ َ‬
‫خر(‪.)3‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هم ُذخـ ـ ِـري إذا أُلـ ــتُم ُس ال ـ ـ ُذ ُ‬ ‫َوجـ ــيلَ ُ‬ ‫ـي َوَرهطَـ ـ ـ ـ ـ ــهُ‬ ‫إن َّ‬
‫النب ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬ ‫لَ ُك ـ ـ ـ ـ ــم ذخـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـرُكم َّ‬

‫ِّي لهم ملكا يقاتلون معه‪ ,‬ولما تم‬


‫ربط الشاعر بين بني اسرائيل لما طلبوا من َنب ِّ‬
‫لهم ذلك أبوا عليه الملك ولم يمتثلوا ألمره بسبب فقره(‪ .)4‬وبين الخوارج الذي اعتزلوا‬
‫عليا وأحدثوا فتنة في جيش العراق بعد أن جثوا على بابه طالبين مبايعته‪ ,‬ثم شرعوا‬
‫بقتاله في النهروان‪ ,‬ثم في البيت األخير افصح الشاعر عن ذخيرة أهل البيت‬

‫(‪ )1‬ديوان السيد الحميري‪ 345 :‬ـ ـ ـ ‪ 346‬ـ ـ ـ ‪ 347‬ـ ـ ـ ـ ‪.348‬‬


‫(‪ )2‬ينظر تفسير القمي‪.243 /1 :‬‬
‫(‪ )3‬ديوان أبي تمام‪ ,‬قدم له‪ ,‬إيمان البقاعي‪.232 /1 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر تفسير القمي‪ 123 /1 :‬ـ ـ ـ ‪.124‬‬
‫)‪)217‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫وسندهم أنهم من رهط النبي محمد (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ ,‬كما أن طالوت من‬
‫رهط ابن يامين أخو يوسف عليهم وعلى نبينا أفضل الصالة والتسليم(‪ ,)1‬فصور‬
‫الشاعر عناد الخوارج في امتناعهم عن القتال ببني اسرائيل‪ .‬ثم أن النبي وأهل بيته‬
‫هم ذخر الشاعر إذا طلب الذخر يوما‪ .‬فوظف الشاعر واقعة النهروان في إغناء‬
‫تجربته الشعرية في مدح أهل البيت (عليهم السالم)‪ .‬أشار الشعر الشيعي في‬
‫العصر العباسي إلى وقعة النهروان ووظفها بعض الشعراء(‪)2‬؛ للتعريض بأعداء أهل‬
‫البيت (عليهم السالم) وكشف سوء نياتهم‪ ,‬فضال عن إظهار تعاملهم اإلنساني مع‬
‫أعدائهم بما يمليه عليهم تعاليم الدين اإلسالمي الحنيف وحفاظا على ما أتى به‬
‫جدهم رسول اهلل (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪.‬‬

‫‪ /5‬واقعة الطف‪:‬‬

‫تركت واقعة كربالء ح اررة في نفوس المسلمين عامة والشيعة على نحو خاص‬
‫(‪)3‬‬
‫والى يومنا هذا‪,‬‬ ‫ال تطفأ منذ استشهاد اإلمام الحسين (عليه السالم) سنة‪61‬ه‬
‫وسميت تلك المعركة بالطف نسبة للمدينة التي وقعت فيها‪ ,‬قال الحموي‪(( :‬والطف‪:‬‬
‫أرض من ضاحية الكوفة في طريق البرية فيها كان مقتل الحسين ابن علي‪ ,‬رضي‬
‫اهلل عنه))(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬م‪ .‬ن‪ 123 /1 :‬ـ ـ ـ ‪.124‬‬


‫(‪ )2‬ديوان السيد الحميري‪ 345 :‬ـ ـ ـ ‪346‬؛ شعر دعبل بن علي الخزاعي‪348 :‬؛ ديوان الناشئ‬
‫الصغير‪27 :‬؛ ديوان الصاحب بن عباد‪ 27 :‬ـ ـ ـ ‪ 46‬ـ ـ ـ ‪ 70‬ـ ـ ـ ‪.132‬‬
‫(‪ )3‬ينظر مقاتل الطالبيين‪ .84 :‬وقيل سنة ‪ 60‬للهجرة‪.‬‬
‫(‪ )4‬معجم البلدان‪36 /4 :‬‬
‫)‪)218‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫هن اك أسباب دعت لنشوب تلك المعركة أهمها إن معاوية بن أبي سفيان نقض‬
‫(‪)1‬‬
‫ومن أهمها‪ :‬تنصيبه‬ ‫العهود والمواثيق التي أبرمها مع اإلمام الحسن (عليه السالم)‬
‫ألبنه يزيد خليفة للمسلمين‪ ,‬ويزيد معروف بشربه للخمر ومجاهر بالفسوق(‪ .)2‬فضال‬
‫عن مطاردته ألتباع أهل البيت (عليهم السالم) وتشريدهم وقتلهم(‪ ,)3‬والسبب الرئيس‬
‫رفض اإلمام الحسين البيعة ليزيد بن معاوية فيما أمر يزيد أتباعه بأخذ البيعة منه‬
‫عنوة أو يضرب عنقه(‪.)4‬‬

‫فخرج اإلمام الحسين (عليه السالم) من مكة إلى العراق رافضا الظلم والطغيان‬
‫الذي تفشى في األمة اإلسالمية؛ فطلب في خروجه إعادة األمة إلى مسارها‬
‫الطبيعي‪ ,‬لذا كتب ألخيه محمد ابن الحنفية‪(( :‬أني لم أخرج أش ار وال بط ار وال مفسدا‬
‫(‪)5‬‬
‫وكان يعلم أن يزيد يطلب‬ ‫وال ظالما وانما خرجت لطلب اإلصالح في أمة جدي))‬
‫رأسه ولو كان معلقا على أستار الكبعة(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬ينظر الصواعق المحرقة‪399 /2 :‬؛ أيضا حياة اإلمام الحسن‪ ,‬باقر شريف القريشي‪227 :‬‬
‫ـ ـ ـ ‪.228‬‬
‫(‪ )2‬ينظر مقتل الحسين‪ ,‬للخوارزمي‪255 /1 :‬؛ ينابيع المودة سجل عظيم ألحاديث النبوية في‬
‫مناقب اإلمام علي وأهل البيت (عليهم السالم)‪.191 /1 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر حياة اإلمام الحسن‪ 348 :‬ـ ـ ـ ‪.349‬‬
‫(‪ )4‬ينظر مقتل الحسين المسمى باللهوف في قتلى الطفوف‪.16 :‬‬
‫(‪ )5‬بحار األنوار الجامعة لدرر أخبار األئمة األطهار‪.329 /44 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر مقتل الحسين‪ ,‬للخوارزمي‪.314 /1 :‬‬
‫)‪)219‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫التقى اإلمام الحسين بجيش يزيد ابن معاوية في كربالء‪ ,‬وكان البون الشاسع‬
‫بين الجيشين‪ ,‬فالحسين معه ثلة قلية من أصحابه وأهل بيته كانوا أثنين وسبعين‬
‫مقاتال(‪ ,)1‬مقابل عشرون ألفا في جيش عمر ابن سعد(‪.)2‬‬

‫انتهت المعركة باستشهاد اإلمام الحسين (عليه السالم) وبعض أهل بيته‬
‫وأصحابه(‪ ,)3‬ثم أخذت الرؤوس إلى عبيد اهلل ابن زياد في الكوفة ثم إلى يزيد ابن‬
‫معاوية في الشام‪.‬‬

‫أثارت تلك الفاجعة صدور المسلمين عامة‪ ,‬واهتزت مشاعر الشعراء إزاءها‪.‬‬
‫فال يخلو عصر من العصور ما لم نلمس فيه شع ار في رثاء اإلمام الحسين وأهل‬
‫بيته (عليهم السالم) سيما في العصر العباسي‪ ,‬فوظف الشعراء واقعة الطف في‬
‫النظم داللة على الظلم والقتل واإلرهاب الذي لقيه أهل البيت (عليهم السالم) وما‬
‫نالهم من الحيف‪ .‬ونلحظ ذلك في شعر الناشئ الصغير إذ وظَّف واقعة الطف‪ .‬قال‬
‫(الوافر)‬ ‫يرثي الحسين وأبيه وجده وبنيه‪:‬‬

‫الرسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـول‬ ‫اطمـ ـ ـ ـ ـ ـةَ البتـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َن َكـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت َحسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـراتُهَا َكبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـد َّ ُ‬ ‫ـول‬ ‫ب َنسـ ـ ـ ـ ـ ــل فَ َ‬ ‫ص ـ ـ ـ ـ ــائ ُ‬ ‫َم َ‬
‫وأَسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلَمها الطُّلُ ـ ـ ـ ـ ـ ــوعُ إل ـ ـ ـ ـ ـ ــى األفُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـول‬ ‫ـين َك ِس ـ ـ ـ ـ ـ ــفَا‬ ‫أَال بِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـأَبِي البِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـد ِ‬
‫ور لَقَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ََ‬ ‫َ‬
‫اء ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـد ِخ ِ‬
‫يل‬ ‫ك بِال ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـد ِ‬
‫ص ـ ـ ـ ـ ـ ــابِي ِمنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ـور َرَم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانِي‬
‫ُم َ‬ ‫ـوم َعا ُش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َا‬‫أَال َي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫الج ِميـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـل‬
‫ـرب بالوجـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه َّ‬ ‫ِ‬
‫ُيالق ـ ـ ـ ـ ـ ـي التَّـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫اط َم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـة َجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـديال‬
‫َكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـأََّني بِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــابن فَ ِ‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬ينظر األخبار الطوال‪ ,‬ألبي حنيفة الدينوري‪256 :‬؛ تاريخ الطبري‪ ,‬تاريخ الرسل والملوك‪,‬‬
‫وصلة تاريخ الطبري‪.455 /5 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر األخبار طوال‪259 :‬؛ أيضا بحار األنوار الجامعة لدرر أخبار األئمة األطهار‪/44 :‬‬
‫‪ 386‬؛ ‪ 62 /45‬ـ ـ ـ ‪63‬؛ ينابيع المودة سجل عظيم ألحاديث النبوية في مناقب اإلمام علي‬
‫وأهل البيت (عليهم السالم)‪.392 /2 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر بحار األنوار الجامعة لدرر أخبار األئمة األطهار‪.63 /45 :‬‬
‫)‪)220‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫ـالن َح ِر التلِيـ ـ ـ ــل‬


‫ِ (‪)1‬‬ ‫علـ ـ ـ ــى الحصـ ـ ـ ــب ِ‬
‫اء بِـ ـ ـ ـ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أس ـ ـ ـ ــا‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ُي َجـ ـ ـ ـ َّـرُر فـ ـ ـ ــي الث ـ ـ ـ ـ َـرى َج َسـ ـ ـ ـ َـدا َوَر َ‬
‫الجـ ـ ـ ـ ِـد ِ‬
‫يل‬ ‫ِ‬
‫الج َسـ ـ ـ ــد َ‬
‫فَـ ـ ـ ـ َـوا أسـ ـ ـ ــفي َعلـ ـ ـ ــى َ‬ ‫ِ‬
‫األرض َأرض ـ ـ ـ ــا‬ ‫َج ـ ـ ـ ـ ِـديال ظَ ـ ـ ـ ـ َّـل فَـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـوق‬
‫ـاق مـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ِ‬
‫الخ ُيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـول‬ ‫تَحامـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاه ِ‬
‫العتَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫أع ِاديـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه َولَ ِكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن‬ ‫َّ‬
‫َ َ‬ ‫تَوط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـأَهُ َ‬
‫َو َعلَّـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوه َعلـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ُرمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـح طَويـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـل(‪.)2‬‬ ‫ـر ِ‬
‫َس منـ ـ ـ ـ ــهُ‬
‫العـ ـ ـ ـ ـ َـداةُ الـ ـ ـ ـ ـ َأ َ‬
‫ـع ُ‬‫َوقـ ـ ـ ـ ــد قَطَـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫فاطمة بعد وفاة جدهم‪ ,‬فشبه تلك المصائب‬ ‫أشار الشاعر إلى مصائب بني‬
‫بسقوط كبد الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) حزنا عليهم ولعظيم ذاك األمر الذي‬
‫َّ‬
‫حل بهم‪ ,‬ثم في البيت الثالث استشهد الشاعر بالعاشر من شهر محرم يوم مقتل‬
‫فترك هذا اليوم وجدا في الناشئ‪ ,‬ورماه ٍ‬
‫بداء ما له دواء‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫الحسين (عليه السالم)‬

‫ثم صور الشاعر سقوط الحسين (عليه السالم) من على جواده في ساحة‬
‫الوغى(‪ ,)4‬فتعاوره العداة من كل حدب وصوب‪ ,‬ثم أشار الشاعر إلى قول عمر ابن‬
‫سعد لخيالته أن تطأ حوافر خيلهم جسده الطاهر(‪ ,)5‬وأراد الشاعر أن الحيوانات‬
‫اسمى وأرفع من أولئك القوم‪ .‬ثم في البيت األخير صور الشاعر إقدام العتاة إلى‬
‫قطع رأسه الشريف(‪ ,)6‬ثم رفعوه على الرمح عاليا‪ ,‬واتكأ الشاعر على التاريخ من‬
‫سيرة أهل البيت (عليهم السالم) لمعركة الطف في نقل تلك األحداث للتعريض ببني‬
‫أمية وأشياعهم‪.‬‬

‫(‪ )1‬التليل‪ :‬العنق‪ .‬ينظر مختار الصحاح‪.46 :‬‬


‫(‪ )2‬ديوان الناشئ الصغير‪ 48 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.49‬‬
‫(‪ )3‬ينظر ذخائر العقبى في مناقب ذوى القربى‪146 :‬؛ السيرة الحلبية‪ ,‬علي بن إبراهيم بن أحمد‬
‫الحلبي‪.241 /1 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر مقتل الحسين المسمى باللهوف في قتلى الطفوف‪73 :‬‬
‫(‪ )5‬م ‪ .‬ن‪.79 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر وقعة الطف‪ ,‬ألبي مخنف لوط بن يحيى األسدي الخامدي الكوفي‪ 254 :‬ـ ـ ـ ‪255‬؛‬
‫بحار األنوار الجامعة لدرر أخبار األئمة األطهار‪.56 /45 :‬‬
‫)‪)221‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫استشهد الصاحب بن عباد بواقعة الطف في رثاء اإلمام الحسين (عليه السالم)‬
‫(الخفيف)‬ ‫فأشار إلى بعض أحداث المعركة‪ .‬قال‪:‬‬

‫الم ِحي ـ ـ ـ ـ ـ ِـل‬ ‫ِّ‬


‫المح ـ ـ ـ ـ ــل َ‬ ‫الخ ـ ـ ـ ـ ـ َّـد َك َ‬ ‫اترك ـ ـ ـ ـ ــي َ‬ ‫و ِ‬
‫َ‬ ‫الش ـ ـ ـ ِه ِيد القَتِيـ ـ ـ ِـل‬
‫ـين ُجـ ـ ــوِدي َعلـ ـ ــى َّ‬
‫َعـ ـ ـ ُ‬
‫نزي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـل َوالتَ ِأوي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـل‬
‫ـام التَ ِ‬
‫ي إم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫َ‬ ‫ـاء ِف ـ ــي قَت ـ ـ ِـل ُمـ ـ ـوال‬
‫الب َك ـ ـ ُ‬
‫ِ‬
‫ـف ُيش ـ ــفي ُ‬
‫َكي ـ ـ َ‬
‫َمـ ـ ـ ـ ـ ــا َكفَتنِـ ـ ـ ـ ـ ــي لِ ُمسـ ـ ـ ـ ـ ــلِم بِـ ـ ـ ـ ـ ــن َع ِقيـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـل‬ ‫ص ـ ـ ـ ــارت ُدم ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـوعي‬ ‫ُ‬ ‫ـار َ َ‬
‫ول ـ ـ ـ ــو َّ ِ‬
‫أن الب َح ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫َ‬
‫َه ـ ـ ـ ــم َعلَِي ـ ـ ـ ــا إذ ق ـ ـ ـ ــاتَلُوا اب ـ ـ ـ ـ َـن الرس ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـول‬ ‫النبِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬
‫ـي َو ُمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوال‬ ‫قَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاتَلُوا اهللَ َو َّ‬
‫َُ‬
‫ِ (‪)1‬‬
‫اغم َغيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل‬
‫ضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـر َ‬
‫قَتَلُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا َحولَـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ َ‬ ‫ـب َدج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـن‬‫ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـرُعوا َحولَ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ َك َواك ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫َ‬
‫ـيف ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـق ِ‬
‫يل‬ ‫ين وح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـد س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ث َع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـر ٍ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫احـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـد ِمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنهم لَيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫أُخـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوة ُكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـل و ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ـين َح ـ ـ ـ ِّـر الظَِّب ـ ـ ــى َوح ـ ـ ـ ِّـر َ‬
‫الغلِي ـ ـ ـ ِـل(‪.)2‬‬ ‫َب ـ ـ ـ َ‬
‫منـ ـ ـ ـ ـ ــوِع َش ـ ـ ـ ـ ـ ـربةَ مـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـاء‬ ‫َ َ‬ ‫الم ُ‬
‫ـين َ‬
‫الح َسـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫َو ُ‬
‫بدأ الشاعر في البكاء على الحسين (عليه السالم) ويستمر في موضوع البكاء‬
‫إلى البيت الثالث‪ ,‬إال أن بكاءه في البيت الثالث كان على سفير الحسين (عليه‬
‫السالم) مسلم بن عقيل‪ ,‬وقتله والي الكوفة من قبل يزيد ابن معاوية(‪.)3‬‬

‫ثم اتكأ الشاعر على واقعة الطف فعدها مرجعا تاريخيا على ظالمة الحسين‬
‫(عليه السالم) وأهل بيته الذين قتلوا في تلك الوقعة ـ ـ ـ عددهم سبعة عشر يقلون أو‬
‫(‪)4‬‬
‫ـ ـ ـ ووصفهم بالكواكب لجمالهم‪ ,‬وباألسود لشجاعتهم وبسالتهم في مواجهة‬ ‫يزيدون‬
‫ألم به‬
‫العدو واإلقدام على الموت‪ ,‬وصور الشاعر حالة الحسين في تلك المعركة وقد َّ‬

‫وم ْغتال‪َ :‬ع ِظيم َس ِمين‪ ,‬لسان العرب‪.511 /11 :‬‬


‫(‪ )1‬الغيل‪ُ :‬غ َالم َغْيل ُ‬
‫(‪ )2‬ديوان الصاحب بن عباد‪.261 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر مقتل الحسين المسمى باللهوف في قتلى الطفوف‪.36 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر تاريخ خليفة بن خياط‪.235 :‬‬
‫)‪)222‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫حر الشمس‪ ,‬وثقل الحديد‪ ,‬وشدة القتال والمناجزة‪ ,‬فضال عن أن القوم كعادتهم منعوه‬
‫َّ‬
‫شرب الماء مع أهل بيته(‪.)1‬‬

‫استشهد الشريف المرتضى في رثائه لإلمام الحسين (عليه السالم) بواقعة‬


‫فضمن في شعره بعض الشخصيات التي اسهمت في قتل الحسين‬
‫َّ‬ ‫الطف وأحداثها‪,‬‬
‫(السريع)‬ ‫(عليه السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫ـدت ِفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي قَبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـري‬ ‫َزِادي إذا ُو َّسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫َو َمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن أرى ُوَّد ُهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم َوحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـدهُ‬
‫الحش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـر‬ ‫و ِعص ـ ـ ـ ـ ـ ــمتِي ِف ـ ـ ـ ـ ـ ــي س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫َوهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـو الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذي أعددتُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ُجَّنتِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي‬
‫ـاعة َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ـان بِ ُك ـ ـ ـ ـ ـ ــم َنص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـري‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ك ِف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ُنص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـرٍة‬ ‫َحتَّـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى إذا لَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم أ ُ‬
‫أح ـ ـ ـ ـ ـ ــد َك ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫م ـ ـ ـ ـ ـ ــن َ‬
‫لِتَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ِج ٍر أنفَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ـق م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن بِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّـر‬ ‫ِ ِ‬
‫ـيس بِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـلعة‬ ‫ٍ‬
‫بِ ُموِق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف لَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫النح ـ ـ ـ ـ ـ ِـر‬
‫ـب إل ـ ـ ـ ـ ــى َّ‬ ‫النَي ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ُيه ـ ـ ـ ـ ـ َـدى َم ـ ـ ـ ـ ــع ِّ‬ ‫ـوم لَ ُكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـم َسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيِّد‬ ‫ِفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ُكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّـل َيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـرب ِمـ ـ ـ ـ ــن ِشـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـمر‬ ‫ـاءكم ِفـ ـ ـ ـ ــي التـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫د َمـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ِ‬ ‫ـمر)) َمـ ـ ـ َـرى‬ ‫َكـ ـ ــم لَ ُكـ ـ ـ ُـم ِمـ ـ ــن َبعـ ـ ـ ِـد (( ِشـ ـ ـ ِ‬
‫ـالن ِ‬ ‫ـول ِ‬
‫اهلل ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬ ‫ـاع ِرس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫))‬ ‫ٍ‬ ‫((‬
‫زر‬ ‫َب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫َوي ـ ـ ـ ـ ـ َـح اب ـ ـ ـ ـ ــن َس ـ ـ ـ ـ ــعد ُع َم ـ ـ ـ ـ ـ ٍـر َّأن ـ ـ ـ ـ ــهُ‬
‫المكـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـر(‪.)2‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫َبغـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى َعلِيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـه ِفـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي َبنِـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي بِنتِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِه‬
‫أنص ـ ـ ـ ـ ـ ـ َل َ‬
‫َواسـ ـ ـ ـ ـ ــتَل فـ ـ ـ ـ ـ ــيهُ ْم ُ‬
‫وظف الشاعر األحداث التاريخية وأفاد منها للتعريض بأعداء أهل البيت‬
‫(عليهم السالم) فاستحضر المرتضى واقعة الطف فنوه على مبرزي قادة جيش والي‬
‫(‪)3‬‬
‫وشمر بن ذي الجوشن الذي‬ ‫يزيد على الكوفة‪ ,‬وهما عمر ابن سعد قائد الجيش‬
‫َّ‬
‫احتز رأس الحسين (عليه السالم)(‪ .)4‬ومعنى النص وفحوى الخطاب تدل على أن‬

‫(‪ )1‬ينظر ينابيع المودة سجل عظيم ألحاديث النبوية في مناقب اإلمام علي وأهل البيت (عليهم‬
‫السالم)‪ 393 /2 :‬ـ ـ ـ ‪.394‬‬
‫(‪ )2‬ديوان الشريف المرتضى‪.129 /2 :‬‬
‫(‪ )3‬ينظر السيرة النبوية وأخبار الخلفاء‪ 557 /2 :‬ـ ـ ـ ‪.558‬‬
‫(‪ )4‬ينظر مقاتل الطالبيين‪118 :‬؛ السيرة النبوية وأخبار الخلفاء‪ .560 /2 :‬وقيل سنان بن‬
‫أنس‪ .‬ينظر وقعة الطف‪ ,‬ألبي مخنف‪.255 :‬‬
‫)‪)223‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫َّ‬
‫كل ٍ‬
‫يوم ألهل البيت (عليهم السالم) شمر داللة على كثرة القتل بأهل البيت (عليهم‬
‫مر العصور‪.‬‬
‫السالم) على ِّ‬

‫الشك في أن واقعة الطف أثارت مشاعر الشعراء لذا نلحظ توظيفها في أغلب‬
‫الشعر الشيعي في العصر العباسي(‪ ,)1‬فكانت ثيمة ظاهرة وشاهد تاريخي وظفها‬
‫الشعراء واستشهدوا بها‪.‬‬

‫‪ /6‬ثورة ويد بن علي‪:‬‬

‫ع حقوق اإلسالم وال المسلمين‪ ,‬فكان إسالمهم ظاه ار لم‬


‫إن الحكم األموي لم ير َ‬
‫يدخل إلى أعماق قلوبهم‪ ,‬فتوارثوا تلك األفكار من سلف إلى خلف‪ ,‬وقد ذكر‬
‫الحكم دولة بينهم‪(( :‬يا‬ ‫المؤرخون إن أبا سفيان َّ‬
‫حث عثمان بن أبي عفان أن يجعل‬
‫َ‬
‫بني أمية تلقفوها تلقف الكرة‪ ,‬فو الذي يحلف به أبو سفيان ما من عذاب وال‬
‫حساب))(‪ .)2‬وسار معاوية على نهج أبيه في الحفاظ على الكرسي فتحمل أو از ار من‬
‫أجل الدنيا الدنية أشار لبعضها الحسن البصري(‪ ,)3‬وازاء تلك األحداث وغيرها ال‬

‫(‪ )1‬ينظر ديوان السيد الحميري‪ 60 :‬ـ ـ ـ ‪ 208‬ـ ـ ـ ‪ 375‬ـ ـ ـ ‪376‬؛ شعر دعبل بن علي الخزاعي‪:‬‬
‫‪ 81‬ـ ـ ـ ‪ 143‬ـ ـ ـ ‪ 303‬ـ ـ ـ ـ ‪ 315‬ـ ـ ـ ‪ 324‬ـ ـ ـ ‪ 333‬ـ ـ ـ ‪356‬؛ ديوان الصنوبري‪194 /1 :‬؛‬
‫‪461/2‬؛ ديوان السوسي‪ 119 :‬ـ ـ ـ ‪ 124‬ـ ـ ـ ‪127‬؛ ديوان الناشئ الصغير‪ 48 :‬ـ ـ ‪74‬؛ ديوان‬
‫الصاحب بن عباد‪ 85 :‬ـ ـ ـ ‪ 104‬ـ ـ ـ ـ ‪ 168‬ـ ـ ـ ‪ 181‬ـ ـ ـ ‪ 206‬ـ ـ ـ ‪ 261‬ـ ـ ـ ‪264‬؛ ديوان الشريف‬
‫الرضي‪ 175 /1 :‬ـ ـ ـ ‪ 406‬ـ ـ ـ ‪517‬؛ ‪163 /2‬؛ ديوان مهيار الديلمي‪ 263 /2 ,300 /1 :‬ـ ـ ـ‬
‫‪369‬؛ ‪ 17 /3‬ـ ـ ـ ‪ 50‬؛ ديوان الشريف المرتضى‪ 57 /1 :‬ـ ـ ـ ‪ 13 /2 ,400‬ـ ـ ـ ‪ 18‬ـ ـ ـ ‪,319‬‬
‫‪ 50 /3‬ـ ـ ـ ‪ 363‬ـ ـ ـ ‪457‬؛ ابن العودي النيلي حياته وما تبقى من شعره‪.124 :‬‬
‫(‪ )2‬شرح نهج البالغة‪ ,‬البن أبي الحديد‪ 37 /9 :‬ـ ـ ـ ـ ‪.38‬‬
‫(‪ )3‬ينظر ينابيع المودة سجل عظيم ألحاديث النبوية في مناقب اإلمام علي وأهل البيت (عليهم‬
‫السالم)‪.191 /1 :‬‬
‫)‪)224‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫مجال لذكرها؛ هان على يزيد ابن معاوية اإلقدام على قتل ابن بنت رسول اهلل (صلى‬
‫اهلل عليه وآله وسلم) في الحفاظ على كرسي الخالفة‪.‬‬

‫لم يكن الحكم األموي مستق ار فبين الحين واآلخر تثور عليهم ثائرة وما أن تخمد‬
‫تلك تنشب أخرى؛ بسبب الظلم واالضطهاد والجور في سياستهم‪ ,‬كخروج اإلمام‬
‫الحسين (عليه السالم)‪ ,‬ومن بعده ثورة التوابين وثورة المختار وابن الزبير والخوارج‪,‬‬
‫كل تلك الثورات كانت الغاية منها اصالح أمور المسلمين وتغيير منظومة الحكم‬
‫الفاسد(‪ ,)1‬ولهذا السبب نفسه خرج زيد بن علي وأصحابه على الحكم األموي فبذل‬
‫نفسه وارخص مهجته من أجل إصالح ما افسده بنو أمية(‪.)2‬‬

‫ولد اإلمام زيد سنة‪ 80‬ه واستشهد (رضي اهلل عنه) مدافعا عن الحق ضد بني‬
‫أمية سنة ‪122‬ه(‪ ,)3‬وأخذ زيد العلم عن أبيه زين العابدين كبير األسرة العلوية في‬
‫وقته‪ ,‬وأخيه األكبر اإلمام محمد الباقر وابن أخيه الذي كان في ِّ‬
‫سنه جعفر ابن‬
‫محمد (عليهم السالم) فتفقه على خيرة علماء وفقهاء عصره(‪.)4‬‬

‫حاول اإلمام زيد بن علي رضي اهلل عنه جمع األمة وتوحيدها على كلمة‬
‫واحدة‪ ,‬ونبذ التفرقة والطائفية والغلو في الدين وتفضيل أحد على األخر؛ فيورث‬
‫األحقاد والضغائن‪ ,‬فالتف الناس حوله وآمنوا بفكره وطروحاته وخرجت منه فيما بعد‬
‫فرقة الزيدية التي تنتشر في اليمن والعراق والحجاز(‪.)5‬‬

‫(‪ )1‬ينظر تاريخ األدب العربي‪ ,‬العصر العباسي األول‪ ,‬شوقي ضيف‪.9 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر مقاتل الطالبيين‪ 126 :‬ـ ـ ـ ‪.127‬‬
‫(‪ )3‬ينظر االمام زيد حياته وعصره ـ ـ ـ آراؤه وفقهه‪ ,‬لإلمام محمد أبو زهره‪.25 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر م ‪ .‬ن‪.35 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر االمام زيد حياته وعصره ـ ـ ـ آراؤه وفقهه‪ ,‬لإلمام محمد أبو زهره‪.18 :‬‬
‫)‪)225‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫بدأ زيد بن علي ُّ‬


‫يعد العدة للحرب ضد بني أمية فأخذ البيعة من أهل الكوفة‬
‫فبايعه خلق كثير على أن يدافع عن المظلومين والمستضعفين‪ ,‬ويجاهد الظالمين‬
‫ويعمل بكتاب اهلل وسنة نبيه(‪ .)1‬فبايعه على ذلك ((خمسة عشر ألفا‪ ,‬وقيل أربعون‬
‫ألفا))(‪ .)2‬وقد وعد زيد أصحابه لقيام الثورة في ((ليلة األربعاء أول ليلة من صفر‬
‫(‪)3‬‬
‫لكن والي الكوفة علم ذلك‪ ,‬فأرسل إلى جمع أهل‬
‫سنة اثنين وعشرين ومائة)) ‪ّ ,‬‬
‫الكوفة في المسجد المعظم؛ إلعالن البراءة من زيد بن علي وقد تم له ذلك قبل موعد‬
‫الثورة(‪ , )4‬فتعجل زيد بالخروج وكان معه ثلة قليلة من المؤمنين الصابرين استطاعوا‬
‫هزم الجيش األموي الذي يفوقهم عدة وعددا(‪ ,)5‬وعجزوا عن مواجهتهم فاستعانوا‬
‫بالرماة فأصاب زيدا سهم في جبهته وعند انتزاعه منه كانت منيته رضي اهلل عنه‪.‬‬

‫إن جرائم بني أمية وأفعالهم التي ال تمت لإلسالم بصلة أشعلت مشاعر‬
‫الشعراء السيما حادثة زيد بن علي رضي اهلل عنه والتمثيل به بمرأى الناس؛ ولم‬
‫يمتثلوا ألوامر الرسول وما نهى عنه في المثلة(‪ ,)6‬وأفاد شعراء الشيعة في العصر‬
‫العباسي من تلك الثورة في نظمهم لتقوية داللة النص‪ ,‬وحجة دامغة على تعسف‬
‫الحكم األموي الظالم‪ ,‬فضال عن شجاعة أهل البيت (عليهم السالم) في مجابهة‬
‫الحيف والجور والظلم أنى كان مكان؟ على نحو ما نقرأه في شعر الصاحب بن‬
‫(الكامل)‬ ‫عباد‪ .‬قال في أهل البيت (عليهم السالم)‪:‬‬

‫(‪ )1‬ينظر الكامل في التاريخ‪.259 /4 :‬‬


‫(‪ )2‬الكامل في التاريخ‪.259 /4 :‬‬
‫(‪ )3‬مقاتل الطالبيين‪.132 :‬‬
‫(‪ )4‬م ‪ .‬ن‪.132 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر م ‪ .‬ن‪.136 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر المعجم الكبير‪ ,‬للطبراني‪.97 /1 :‬‬
‫)‪)226‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫ِِ‬ ‫َولَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـد َّ‬


‫النبِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّ ِ‬ ‫الب ِغـ ـ ِّ‬ ‫ِ‬
‫المـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدفُ ِ‬
‫ون‬ ‫ـي ب ّحقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــده َ‬ ‫ـي َعـ ـ َـدا َعلـ ــى‬ ‫َو َكـ ــذا الـ ـ َّـدع ُّي ابِ ـ ـن َ‬
‫ق َوَرنِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـين‬ ‫ـين تَح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫السـ ـ ـ ـ ـ ــم ِ‬
‫اء بِ َك ـ ـ ـ ـ ـ ـرَبال‬ ‫ِ‬
‫ين َب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫َوال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد ُ‬ ‫فََب َك ـ ـ ـ ـ ــت َم َالئ َك ـ ـ ـ ـ ـ ـةُ َّ َ‬
‫ـجو ِن‬ ‫ٍ‬
‫ـوب ُشـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـالم ثُـ ـ ـ ـ َ‬ ‫َمـ ـ ـ ــا ألـ ـ ـ ـ َـب َس اإلسـ ـ ـ ـ َ‬ ‫حي ـ ـ ـ ــى َبع ـ ـ ـ ـ َـدهُ‬
‫َو َج ـ ـ ـ ـ َـرى َعلَ ـ ـ ـ ــى َزي ـ ـ ـ ــد َوَي َ‬
‫وضـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـون‬ ‫ِ‬ ‫ِفيهـ ـ ـ ـ ــا بِ َشـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫اج َعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ثَ َاراتِهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫هاتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َّ‬
‫الم ُ‬ ‫ضـ ـ ـ ـ ـ َـاللهَا ُ‬
‫َ‬ ‫ـمل‬ ‫َ‬ ‫أمي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةُ ر َ‬
‫ـين(‪.)1‬‬‫ـين َمتِـ ـ ـ ِ‬
‫اليقـ ـ ـ ِ‬
‫فـ ـ ــي َ‬
‫ِ‬
‫فَتَقُ ـ ـ ــو ُل لَـ ـ ـ ــم تُس ـ ـ ــلِم َولَـ ـ ـ ــم ت ـ ـ ــؤ ِمن َولَـ ـ ـ ــم‬
‫بحبـ ـ ـ ٍـل‬
‫تُعصـ ـ ــم َ‬
‫وظف الشاعر األحداث التاريخية التي وقعت على أهل البيت (عليهم السالم)‬
‫فكانت مرجعا للصاحب بن عباد‪ ,‬وكشف الشاعر بوساطة مخزونه التاريخي أحقاد‬
‫األمويين على أهل البيت (عليهم السالم) التي خلفها اإلمام علي في نفوسهم‪,‬‬
‫فظهرت تلك األحقاد في قتل الحسين (عليه السالم) ثم تعدوا من بعده على قتل زيد‬
‫بن علي‪ .‬فكان التاريخ من سيرة أهل البيت (عليهم السالم) الركيزة األساس التي يتكأ‬
‫عليها الشاعر‪ .‬أضف إلى ذلك أن الشاعر أفاد من سيرة أهل البيت (عليهم السالم)‬
‫داللة على ظلم األمويين وتعسفهم‪.‬‬

‫واستحضر السيد الحميري فاجعة استشهاد زيد بن علي (رضي اهلل عنه) في‬
‫شعره وأشار إلى ظلم بني أمية وأعوانهم‪ .‬قال‪:‬‬

‫قص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدا‬ ‫ِ‬ ‫ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ‬


‫َس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاهر الطَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرف َم َ‬ ‫ـت ليل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي مسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهَّدا‬
‫ـت التَبلُّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدا‬
‫َواطَل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـت قولَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةً‬ ‫َولَقَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد قُلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫َو َخ ار َش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َو َم ِزي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدا‬ ‫لَ َعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـن اهلل حو َشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبا‬
‫اعنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـدا‬
‫ـان أعتَـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى َو َ‬
‫َكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫َوَي ِزي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدا فَ َأنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬
‫ٍ ِ‬
‫ـرمدا‬‫ف مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن اللعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـن َسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫أل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف أل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف َوأل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف أل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫اإللـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه َوآذوا ُم َح َّمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدا‬ ‫َّأنهُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم َحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـارُبوا‬
‫طُّهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـر َزيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـد تَ َعُّنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـدا‬ ‫َش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـرُكوا ِف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي َدِم ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫(‪ )1‬ديوان الصاحب بن عباد‪.133 :‬‬


‫)‪)227‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـر َ‬
‫يعا ُم َج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـردا‬
‫ـوق‬ ‫ِجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـذع َ‬
‫ثُـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـم َع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالُوه فَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫اش بِـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن َحو َشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـت أش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــقَى ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـوَرى َغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـدا(‪.)1‬‬
‫ـب‬ ‫أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫َيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ُخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـر َ‬
‫ألم بالسيد الحميري لما تذكر صلب زيد بن‬
‫الهم واأللم الذي َّ‬ ‫كشف النص عن ِّ‬
‫علي وقتل الحسين (عليه السالم) فالشاعر يقضي ليله مسهدا لما جرى من الظلم‬
‫والحيف على أهل البيت (عليهم السالم)‪ ,‬ثم استعان الشاعر باألحداث التاريخية‬
‫واتكأ عليها للتعريض بمن اشترك في ظالمة زيد بن علي فأشار إلى خراش بن‬
‫حوشب الذي صلب زيد بن علي رضي اهلل عنه(‪ ,)2‬ثم أفاد من تاريخ سيرة أهل‬
‫البيت (عليهم السالم) للتعريض ببني أمية فسلط الضوء على حقدهم الدفين إذ نبشوا‬
‫قبره ثم صلبه على جذع النخلة عريانا في كناسة الكوفة(‪.)3‬‬

‫كما وظف دعبل بن علي الخزاعي ثورة زيد بن علي رضي اهلل عنه في بيان‬
‫(المتقارب)‬ ‫داللة النص على ظلم األمويين ألهل البيت (عليهم السالم)‪ .‬قال‪:‬‬

‫(زيـ ـ ـ ـ ـ ٍـد) تَهُـ ـ ـ ـ ـ ْـن‬


‫ـلب َ‬
‫صـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ِ‬
‫فَ َعـ ـ ـ ـ ــادل بِهَـ ـ ـ ـ ــا َ‬
‫حنـ ـ ـ ـ ـ ــة عـ ـ ـ ـ ـ ــن عـ ـ ـ ـ ـ ـ َـز ٍ‬
‫اء‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫إذا ّعظُ َمـ ـ ـ ـ ـ ــت ِم َ‬
‫(الح َس ـ ـ ْـن)(‪.)4‬‬ ‫ك قَتـ ـ ـ ـ ـ ـ ُل الو ِ‬‫ظ ـ ـ ـ ـ ـ ُـم ِم ـ ـ ـ ـ ــن ذا َ‬
‫ـين) َو َس ـ ـ ُّـم َ‬ ‫(الح َس ـ ـ ُ‬‫ـح ُ‬ ‫َوَذب ـ ـ ُ‬ ‫ـي‬
‫ص ـ ـ ـ ـ ـ ِّ‬ ‫َ‬ ‫َوأع َ‬

‫أشار دعبل إلى فاجعة قتل زيد بن علي (عليه السالم) إذ استعمل أسلوب‬
‫الشرط‪ ,‬وأراد الشاعر ان كل فاجعة تهون إذا قرنت بما جرى على زيد بن علي‪ .‬ثم‬
‫كشف عن أعظم من تلك الفاجعة قتل علي وذبح الحسين وسم الحسن (عليهم‬

‫(‪ )1‬ديوان السيد الحميري‪ 473 :‬ـ ـ ـ ‪.474‬‬


‫(‪ )2‬ينظر الكامل في التاريخ‪269/4 :‬؛ مقاتل الطالبيين‪.139 :‬‬
‫)‪ )3‬ينظر الكامل في التاريخ‪9 /4 :‬؛ االمام زيد حياته وعصره ـ ـ ـ آراؤه وفقهه‪.63 :‬‬
‫(‪ )4‬شعر دعبل بن علي الخزاعي‪.267 :‬‬
‫)‪)228‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫المرجعية التاريخية‬

‫السالم)‪ .‬فاستثمر الشاعر األحداث التاريخية ووظفها في شعره داللة على وحشية‬
‫بني أمية‪ ,‬في إقدامهم على استخراج جثت زيد بن علي من قبره ثم صلبه(‪.)1‬‬

‫مخلص القول إن الشعر الشيعي في العصر العباسي وظف التاريخ من سيرة‬


‫أهل البيت (عليهم السالم) للداللة على ظالمتهم السيما في العصر األموي‪ ,‬واإلشارة‬
‫إلى أعدائهم بالتعريض والهجاء والنيل منهم‪ ,‬وأيضا استعمل الشعراء في العصر‬
‫العباسي سيرة أهل البيت (عليهم السالم) داللة على مناقبهم‪ ,‬وعلو شأنهم‪,‬‬
‫وشجاعتهم‪ ,‬وحصافة رأيهم‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر االمام زيد حياته وعصره ـ ـ ـ آراؤه وفقهه‪.63 :‬‬


‫)‪)229‬‬
‫الخاتمة‬
‫الخاتمــة‬

‫الخاتمة‬

‫‪ -‬إن المرجعيات الثقافية قطب الرحى لألدباء‪ ,‬وملتقى المبدع والقار لما‬
‫يبحث النقد عن األصول الثقافية للنص وارجاعها إلى أصولها األولية‪ ,‬فالمرجعيات‬
‫الثقافية تحلل النص األدبي شع ار ونث ار وترجع الطاقات الكامنة فيه إلى أصولها‬
‫األولية أكانت تلك الثقافات دينية أو أدبية أو تاريخية أو غيرها‪.‬‬

‫‪ -‬تنوعت المرجعيات الثقافية للشعر الشيعي في العصر العباسي‪ ,‬واختلفت‬


‫ثقافات الشعراء ومخزونهم الثقافي في استحضار الموروث فجاءت مرجعياتهم متكأة‬
‫على الثقافات الدينية‪ ,‬واألدبية‪ ,‬والتاريخية‪.‬‬

‫‪ -‬كان للمرجعية الدينية حضور فاعل في الشعر الشيعي‪ ,‬ووظفها الشعراء‬


‫بنوعيها النصي المباشر وغير المباشر‪ ,‬وأفادوا منها بما يتناسق مع غرض الشاعر‪,‬‬
‫وفي بعض األحيان يستعمل الشعراء المرجعية الدينية للحجاج والجدال‪ ,‬وبيان‬
‫فضائل أهل البيت (عليهم السالم)‪ .‬فضال عن استحضار آي القرآن الكريم‪ ,‬الحديث‬
‫النبوي الشريف‪ ,‬وكالم أهل البيت (عليهم السالم)‪.‬‬

‫‪ -‬حظي توظيف آي القرآن بنوعيه المباشر وغير المباشر أكثر من غيرها في‬
‫المرجعية الدينية ثم بعدها الحديث النبوي الشريف‪.‬‬

‫‪ -‬كان للعقائد اإلمامية حضور فاعل في الشعر الشيعي كالتقية‪ ,‬والعصمة‪,‬‬


‫والوصايا‪ ,‬والوالية‪ ,‬والخالفة‪ ,‬والمهدي المنتظر‪ ,‬اضفى الشاعر بوساطتها قداسة‬
‫دينية على النص الشعري‪ ,‬وأيضا يضئ مقاصد الشاعر ومعتقده‪.‬‬

‫‪ -‬استحضر الشعر الشيعي في العصر العباسي المرجعيات األدبية للعصور‬


‫السابقة‪ ,‬ووظفها الشعراء في أشعارهم بما ينسجم وغرض القصيدة ومقصد الشاعر‪,‬‬

‫)‪)231‬‬
‫الخاتمــة‬

‫فتنوعت تلك الفنون التي استحضرها الشعراء جنسا بين الشعر والنثر‪ ,‬وزمانا كعصر‬
‫ما قبل اإلسالم‪ ,‬وعصر اإلسالم‪ ,‬والعصر العباسي‪.‬‬

‫‪ -‬أفاد شعراء الشيعة في العصر العباسي من شعر العصور السابقة عليهم‪,‬‬


‫ووظفوه بالمعنى وبعض األحايين باللفظ‪ ,‬وأيضا اختلفت تلك األشعار التي استشهد‬
‫بها الشعراء بين جاهلي‪ ,‬واسالمي‪ ,‬وعباسي‪ .‬والشعراء في أغلب توظيفهم يرومون‬
‫إثبات ِّ‬
‫حق أهل البيت (عليهم السالم)‪ ,‬وكانت منابعهم الثقافية واحدة مما أنتج شع ار‬
‫متقاربا في اللفظ والمعنى‪.‬‬

‫‪ -‬كان لتأثر الشعراء في العصر العباسي ببعضهم أكثر حضو ار في المرجعية‬


‫األدبية من العصرين الجاهلي واإلسالم‪.‬‬

‫‪ -‬جاءت المرجعية األدبية في الشعر الشيعي كالسراج يضئ عتبات النص‪,‬‬


‫فضال عن التأثير الذي يحدثه التضمين بالمتلقي‪ ,‬في إعمال الفكر والربط بين القديم‬
‫والمحدث‪.‬‬

‫‪ -‬وظف شعراء الشيعة في العصر العباسي النثر األدبي في أشعارهم‪,‬‬


‫واستحضروا األمثال من تلك األجناس األدبية إشارة أو تلميحا‪ ,‬أو نصا‪ ,‬وكان المثل‬
‫يعطي النص الشيعي إيضاحا وكشفا للداللة‪ ,‬فاستشهد به الشعراء بما يخدم تجربة‬
‫الشاعر وغرضه‪ .‬فضال عن أنه مصداق للتماثل والتشابه الحاصل بين الحادثة اآلنية‬
‫وحادثة المثل‪.‬‬

‫‪ -‬حظي الشعر الشيعي بتوافر الحكمة مما يعزز العالقة بين المتلقي والنص‪,‬‬
‫وأيضا يجعل النص سلطة عليا على المتلقي؛ لما تحمله الحكمة من دالالت على‬
‫تجارب الشعراء واستنتاجاتهم لصراعهم مع الحياة ومشكالتها‪.‬‬

‫)‪)232‬‬
‫الخاتمــة‬

‫‪ -‬استحضر الشعر الشيعي من الفنون النثرية الخطب والرسائل التي تتصل‬


‫بأهل البيت (عليهم السالم)‪ ,‬وطوعوها بما يتناسب بين معنى الخطبة أو الرسالة‬
‫تنم عن قصدية الشاعر في استحضاره تلك‬
‫وغرض القصيدة‪ ,‬فكانت تلك الفنون ُّ‬
‫الفنون بوساطة المخزون الثقافي للشعراء‪.‬‬

‫‪ -‬استثمر الشعر الشيعي قصص أهل البيت (عليهم السالم) ووظفوها توظيفا‬
‫يشف عن خلقهم الرفيع ومكانتهم السامقة في اإلسالم‪ .‬وكان الشعراء ينتقون القصص‬
‫التي تظهر فضائل أهل البيت (عليهم السالم)‪ ,‬وتحط من أعدائهم‪ ,‬وكانت أكثر‬
‫أنواع النثر حضو ار‪.‬‬

‫‪ -‬أفاد الشعر الشيعي في العصر العباسي من األحداث التاريخية من عصر‬


‫ما قبل اإلسالم‪ .‬ووظف الشعراء تلك األحداث في الشعر تحقيقا لبيان الداللة‬
‫واالنسجام بين مقاصد النص والحادثة التاريخية‪.‬‬

‫‪ -‬استلهم الشعر الشيعي حياة الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم) وغزواته‪,‬‬
‫واستشهد الشعراء من تلك السيرة العطرة في الكشف عن المكانة السامقة ألهل البيت‬
‫(عليهم السالم) عند النبي محمد (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪.‬‬

‫‪ -‬أغلب األحداث التاريخية سخرها الشعراء في تسليط الضوء على فضائل‬


‫أهل البيت (عليهم السالم)‪.‬‬

‫‪ -‬كانت بعض األحداث التاريخية ألهل البيت (عليهم السالم) ثيمة مبرزة في‬
‫الشعر الشيعي كحادثة الغدير‪ ,‬ووقعة صفين‪ ,‬والطف‪ ,‬وخيبر‪ .‬وقد أفاد منها الشعراء‬
‫في العصر العباسي‪.‬‬

‫)‪)233‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫قائمة المصادر‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬

‫‪ )1‬القرآن الكريم‬
‫‪ )2‬أبو العالء المعري مؤث ار (دراسة تحليلية لتأثيره في الشعر األندلسي)‪ ,‬األستاذ‬
‫الدكتور علي كاظم محمد علي المصالوي‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الفرات للثقافة واإلعالم‪,‬‬
‫بابل‪ ,‬العراق‪ ,‬سنة‪1437 ,‬هـ ‪2016 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )3‬أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد األزدي (المتوفى‪321 :‬هـ)‪ ,‬المحقق‪ ,‬رمزي‬
‫منير بعلبكي‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار العلم للماليين – بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪,‬‬
‫‪1987‬م‬
‫‪ )4‬أبو علي البصير حياته وشعره‪ ,‬ضمن‪ ,‬شعراء عباسيون‪ ,‬الدكتور يونس‬
‫السامرائي‪ ,‬الناشر‪ ,‬عالم الكتاب‪ ,‬مكتبة النهضة العربية‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪,‬‬
‫سنة‪1407 ,‬ه ـ ـ ـ ‪1987‬م‪.‬‬
‫‪ )5‬اتجاهات الشعر العربي في القرن الثاني الهجري‪ ,‬د‪ .‬محمد مصطفى هداره‪ ,‬دار‬
‫المعارف‪ ,‬القاهرة‪ ,‬ـمصر‪ ,‬سنة‪1963 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )6‬اإلتقان في علوم القرآن‪ ,‬عبد الرحمن بن أبي بكر‪ ,‬جالل الدين السيوطي‬
‫(المتوفى ‪911‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬محمد أبو الفضل إبراهيم‪ ,‬الناشر‪ ,‬الهيئة المصرية‬
‫العامة للكتاب‪ ,‬سنة‪1394 ,‬هـ ـ ـ ـ ‪1974‬م‪.‬‬
‫‪ )7‬أثر التشيع في األدب العربي‪ ,‬محمد سيد كيالني‪ ,‬دار الكتاب‪ ,‬القاهرة‪ ,‬مصر‪.‬‬
‫‪ )8‬أثر الشعر في تدوين األحداث التاريخية خالل العصر األموي‪ ,‬قيس كاظم‬
‫الجنابي‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار اآلفاق العربية‪ ,‬مصر‪ ,‬القاهرة‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪,‬‬
‫‪.2007‬‬
‫‪ )9‬االحتجاج‪ ,‬أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي‪ ,‬الناشر‪ ,‬انتشارات‬
‫الشريف الرضي‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1380 ,‬ه‪.‬‬

‫)‪)235‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )10‬احقاق الحق وازهاق الباطل‪ ,‬السيد نور اهلل الحسيني المرعشي النجفي‪ ,‬الناشر‪,‬‬
‫مكتبة المرعشي‪ ,‬قم‪ ,‬إيران‪ ,‬سنة‪1405 ,‬هـ‪.‬‬
‫‪ )11‬أخبار أبي تمام‪ ,‬أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد اهلل الصولي (المتوفى ‪335‬هـ)‪,‬‬
‫تحقيق‪ ,‬بياتريس جريندلر‪ ,‬الناشر‪ ,‬المكتبة العربية‪.‬‬
‫‪ )12‬أخبار الجمل‪ ,‬أبو مخنف لوط بن يحيى الغامدي األزدي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬الشيخ قيس‬
‫بهجت العطار‪ ,‬الناشر‪ ,‬مركز كربالء للدراسات والبحوث‪ ,‬مجمع األمام الحسين‬
‫العلمي لتحقيق تراث أهل البيت (عليهم السالم)‪ ,‬كربالء المقدسة‪ ,‬شارع السدرة‪,‬‬
‫الطبعة األولى‪1439 ,‬ه ـ ـ ـ ‪2017‬م‪.‬‬
‫‪ )13‬أخبار السيد الحميري‪ ,‬ألبي عبيد اهلل محمد بن عمران المرزباني الخرساني‬
‫(المتوفى ‪385‬ه)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬محمد هادي األميني‪ ,‬الناشر‪ ,‬منشورات دار الباقر‪,‬‬
‫مطبعة النعمان‪ ,‬النجف‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1385 ,‬ه ـ ـ ـ ‪1965‬م‪.‬‬
‫‪ )14‬األخبار الطوال‪ ,‬ألبي حنيفة أحمد بن داود الدينوري (المتوفى ‪282‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪,‬‬
‫عبد المنعم عامر‪ ,‬مراجعة‪ ,‬الدكتور جمال الدين الشيال‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار احياء‬
‫الكتاب العربي‪ ,‬عيسى البابي الحلبي وشركاه‪ ,‬القاهرة‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪,‬‬
‫‪1960‬م‪.‬‬
‫‪ )15‬أخبار شعراء الشيعة‪ ,‬أبو عبيد اهلل محمد بن عمران المرزباني الخرساني (المتوفى‬
‫‪ 384‬هـ)‪ ,‬تلخيص‪ ,‬السيد محسن األمين العاملي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬محمد هادي األمين‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬المكتبة الحيدرية‪ ,‬النجف‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1388 ,‬هـ ـ ـ ـ ‪.1968‬‬
‫‪ )16‬اختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشي‪ ,‬الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن‬
‫الطوسي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬جواد القيومي األصفهاني‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة النشر اإلسالمي‪,‬‬
‫قم‪ ,‬الطبعة األولى‪1427 ,‬هـ‪ .‬ق‪.‬‬
‫‪ )17‬األدب الصغير واألدب الكبير‪ ,‬عبد اهلل بن المقفع (المتوفى ‪142‬هـ)‪ ,‬الناشر‪,‬‬
‫دار صادر‪ ,‬بيروت‪.‬‬

‫)‪)236‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )18‬األدب العربي بين الداللة والتاريخ‪ ,‬عدنان عبيد العلي‪ ,‬جامعة آل البيت‪ ,‬الناشر‬
‫جامعة آل البيت‪ ,‬سنة‪1421 ,‬ه ‪٢٠٠٠ ,‬م‪.‬‬
‫حياتهم ـ ـ ـ آثارهم ـ ـ ـ ـ نقد آثارهم‪ ,‬بطرس‬ ‫‪ )19‬أدباء العرب في األعصر العباسية‬
‫البستاني‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار المكشوف ودار الثقافة‪ ,‬الطبعة السادسة‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪,‬‬
‫سنة‪1968 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )20‬أدباء العرب في الجاهلية وصدر اإلسالم‪ ,‬بطرس البستاني‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار‬
‫المكشوف ودار الثقافة‪ ,‬الطبعة السادسة‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬سنة‪1968 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )21‬األربعين في أصول الدين‪ ,‬اإلمام فخر الدين الرازي محمد بن عمر بن الحسين‬
‫(المتوفى ‪606‬ه)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬الدكتور أحمد حجازي السقا‪ ,‬الناشر‪ ,‬مكتبة الكليات‬
‫األزهرية‪ ,‬القاهرة‪ ,‬األزهر‪ ,‬الطبعة االولى‪ ,.‬سنة ‪1406‬ه ‪1986 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )22‬ارشاد الطالب في شرح المكاسب‪ ,‬الشيخ المير از جواد التبريزي‪ ,‬الناشر منشورات‬
‫دار التفسير‪ ,‬قم المقدسة‪ ,‬إيران‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1390 ,‬ه ش ـ ـ ـ ‪1432‬ه‬
‫ق‪.‬‬
‫‪ )23‬االرشاد في معرفة حجج اهلل على العباد‪ ,‬الشيخ المفيد أبي عبد اهلل محمد بن‬
‫محمد بن النعمان العكبري‪ ,‬البغدادي (المتوفى ‪413‬ه)‪ ,‬تحقيق‪ .‬مؤسسة آل‬
‫البيت (عليهم السالم) إلحياء التراث‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة الثانية‪ ,‬سنة‪,‬‬
‫‪1429‬ه ـ ـ ـ ‪2008‬م‪.‬‬
‫‪ )24‬استدعاء الشخصيات التراثية في الشعر المعاصر‪ ,‬الدكتور علي عشري زايد‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬دار الفكر العربي‪ ,‬مدينة النصر‪ ,‬القاهرة‪ ,‬سنة‪1417 ,‬ه ـ ـ ـ ‪1997‬م‪.‬‬
‫‪ )25‬االستيعاب في معرفة األصحاب‪ ,‬أبو عمر يوسف بن عبد اهلل بن محمد بن عبد‬
‫البر بن عاصم النمري القرطبي (المتوفى ‪463‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬علي محمد البجاوي‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬دار الجيل‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪ 1412 ,‬هـ ـ ـ ـ ‪1992‬م‪.‬‬
‫‪ )26‬أسد الغابة في معرفة الصحابة‪ ,‬أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد‬
‫بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري‪ ,‬عز الدين ابن األثير (المتوفى‬

‫)‪)237‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪630‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬علي محمد معوض ‪ -‬عادل أحمد عبد الموجود‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة ‪1415‬هـ ‪1994 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )27‬أسمى المطالب في سيرة اإلمام علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه (شخصيته‬
‫وعصره ‪ -‬دراسة شاملة)‪َ ,‬علي محمد الصَّالَّبي‪ ,‬الناشر‪ ,‬مكتبة الصحابة‪,‬‬
‫الشارقة‪ ,‬اإلمارات‪ ,‬سنة ‪ 1425‬هـ ـ ـ ـ ‪ 2004‬م‪.‬‬
‫‪ )28‬أشعار أوالد الخلفاء وأخبارهم‪ ,‬أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد اهلل الصولي‬
‫(المتوفى ‪335‬هـ)‪ ,‬الناشر مطبعة الصاوي‪ ,‬سنة‪ 1355 ,‬هـ ـ ـ ـ ‪ 1936‬م‪.‬‬
‫‪ )29‬إشكالية التيارات والتأثيرات األدبية في الوطن العربي (دراسة مقارنة)‪ ,‬الدكتور‬
‫سعيد علوش‪ ,‬الناشر‪ ,‬المركز الثقافي العربي‪ ,‬الدار البيضاء‪ ,‬المغرب‪ ,‬الطبعة‬
‫األولى‪1406 ,‬ه ـ ـ ـ ‪1986‬م‪.‬‬
‫‪ )30‬أصل الشيعة وأصولها‪ ,‬الشيخ محمد حسين ال كاشف الغطاء (المتوفى‬
‫‪1373‬ه)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬عالء آل جعفر‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة االمام علي‪.‬‬
‫‪ )31‬إصالح المنطق‪ ,‬ابن السكيت‪ ,‬أبو يوسف يعقوب بن إسحاق (المتوفى ‪244‬هـ)‪,‬‬
‫تحقيق‪ ,‬محمد مرعب‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار إحياء التراث العربي‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪,‬‬
‫‪ 1423‬هـ ـ ـ ـ ‪2002‬م‪.‬‬
‫‪ )32‬أصول الدين‪ ,‬جمال الدين أحمد بن محمد بن سعيد الغزنوي الحنفي (المتوفى‬
‫‪ 593‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬الدكتور عمر وفيق الداعوق‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار البشائر اإلسالمية ‪,‬‬
‫بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة األولى‪1419 ,‬ه ـ ـ ـ ‪1998‬م‪.‬‬
‫‪ )33‬إعراب القرآن‪ ,‬أبو جعفر َّ‬
‫الن َّحاس أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس المرادي‬
‫النحوي (المتوفى ‪338‬هـ)‪ ,‬وضع حواشيه وعلق عليه‪ ,‬عبد المنعم خليل إبراهيم‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬منشورات محمد علي بيضون‪ ,‬دار الكتب العلمية‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة‬
‫األولى‪ ,‬سنة‪1421 ,‬هـ‪.‬‬

‫)‪)238‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )34‬إعالم الورى بأعالم الهدى‪ ,‬أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي‪ ,‬تحقيق ونشر‪,‬‬
‫مؤسسه آل البيت (عليهم السالم) إلحياء التراث‪ ,‬قم المشرفة‪ ,‬الطبعة األولى‪,‬‬
‫سنة‪1417 ,‬ه‪.‬‬
‫‪ )35‬األعالم‪ ,‬خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس‪ ,‬الزركلي الدمشقي‬
‫(المتوفى ‪1396‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار العلم للماليين‪ ,‬الطبعة الخامسة عشر‪ ,‬سنة‪,‬‬
‫‪ 2002‬م‪.‬‬
‫‪ )36‬أعيان الشيعة‪ ,‬اإلمام السيد محسن األمين‪ ,‬تحقيق‪ ,‬حسن األمين‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار‬
‫التعارف للمطبوعات‪ ,‬بيروت‪ ,‬سنة‪1403 ,‬ه ـ ـ ـ ‪1983‬م‪.‬‬
‫‪ )37‬االقتباس من القرآن الكريم في الشعر العربي‪ ,‬عبد الهادي الفكيكي‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار‬
‫النمير لنشر‪ ,‬دمشق‪ ,‬سوريا‪ ,‬الطبعة األولى‪.1996 ,‬‬
‫‪ )38‬االقتباس من القرآن الكريم‪ ,‬ألبي منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي (المتوفى‬
‫‪429‬ه)‪ ,‬تحيق‪ ,‬ابتسام مرهون الصفار‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الوفاء للطباعة والنشر‪,‬‬
‫المنصورة‪ ,‬الطبعة األولى‪1412 ,‬ه ـ ـ ـ ‪1992‬ه‪.‬‬
‫‪ )39‬األماكن أو ما اتفق لفظه وافترق مسماه من األمكنة‪ ,‬أبو بكر محمد بن موسى بن‬
‫عثمان الحازمي الهمداني‪ ,‬زين الدين (المتوفى ‪584‬هـ) تحقيق‪ ,‬حمد بن محمد‬
‫الجاسر‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر‪ ,‬سنة ‪1415‬هـ‪.‬‬
‫‪ )40‬أمالي الصدوق‪ ,‬للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي‬
‫(المتوفى ‪381‬ه)‪ ,‬قدم له‪ ,‬الشيخ حسين األعلمي‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة األعلمي‬
‫للمطبوعات‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة األولى‪1430 ,‬ه ـ ـ ـ ‪2009‬م‪.‬‬
‫‪ )41‬أمالي المرتضى غرر الفوائد ودرر القالئد‪ ,‬الشريف المرتضى علي بن الحسين‬
‫الموسوي العلوي (المتوفى ‪436‬ه)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬محمد أبو الفضل إبراهيم‪ ,‬الناشر‪,‬‬
‫دار الفكر العربي‪ ,‬القاهرة‪ ,‬سنة‪1998 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )42‬األمالي‪ ,‬الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الثقافة‪ ,‬قم‪,‬‬
‫الطبعة األولى‪1414 ,‬هـ‪.‬‬

‫)‪)239‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )43‬اإلمام المهدي أمل األمة‪ ,‬السيد شبيب مهدي الخرسان‪ ,‬الناشر‪ ,‬وحدة النشر‬
‫الثقافي شعبة الدراسات والبحوث اإلسالمية‪ ,‬العتبة الحسينية المقدسة‪ ,‬العراق‪,‬‬
‫كربالء المقدسة‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪ 1438 ,‬ـ ـ ـ ‪2017‬م‪.‬‬
‫‪ )44‬االمام زيد حياته وعصره ـ ـ ـ آراؤه وفقهه‪ ,‬اإلمام محمد أبو زهره‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار القلم‬
‫العربي‪ ,‬القاهرة‪ ,‬مصر‪ ,‬سنة‪1425 ,‬ه ـ ـ ـ ‪2005‬م‪.‬‬
‫‪ )45‬اإلنباء في تاريخ الخلفاء‪ ,‬محمد بن علي بن محمد المعروف بابن العمراني‬
‫(المتوفى ‪ 580‬هـ) تحقيق‪ ,‬قاسم السامرائي‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار اآلفاق العربية‪ ,‬القاهرة‪,‬‬
‫الطبعة األولى‪ ,‬سنة ‪1421‬هـ ‪ 2001 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )46‬أهل البيت (عليهم السالم) في الشعر العباسي‪ ,‬األستاذ الدكتور ثائر سمير حسن‬
‫الشمري‪ ,‬الناشر‪ ,‬مكتبة ودار الرياحين‪ ,‬العراق‪ ,‬بابل‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪,‬‬
‫‪2017‬م‪.‬‬
‫‪ )47‬أوائل المقاالت‪ ,‬الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان بن المعلم أبي عبد اهلل‬
‫العكبري البغدادي (المتوفى ‪ 413‬ه)‪ ,‬المؤتمر العالمي أللفية الشيخ المفيد‪ ,‬قم‪,‬‬
‫الطبعة األولى‪1413 ,‬هـ‪ .‬ق‪.‬‬
‫‪ )48‬اإليضاح في علوم البالغة‪ ,‬محمد بن عبد الرحمن بن عمر‪ ,‬أبو المعالي‪ ,‬جالل‬
‫الدين القزويني الشافعي‪ ,‬المعروف بخطيب دمشق (المتوفى ‪739‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪,‬‬
‫محمد عبد المنعم خفاجي‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الجيل‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة الثالثة‪.‬‬
‫‪ )49‬بحار األنوار الجامعة لدرر أخبار األئمة األطهار‪ ,‬الشيخ محمد باقر المجلسي‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬دار إحياء التراث العربي‪ ,‬بيروت ـ لبنان‪ ,‬الطبعة الثالثة‪ ,‬سنة‪١٩٨٣ ,‬م‪.‬‬
‫‪ )50‬البخالء‪ ,‬عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالوالء‪ ,‬الليثي‪ ,‬أبو عثمان‪ ,‬الشهير‬
‫بالجاحظ (المتوفى ‪ 255‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار ومكتبة الهالل‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة الثانية‪,‬‬
‫سنة‪1419 ,‬هـ‪.‬‬

‫)‪)240‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )51‬البداية والنهاية‪ ,‬أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم‬
‫الدمشقي (المتوفى ‪774‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬علي شيري‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار إحياء التراث‬
‫العربي‪ ,‬الطبعة األولى ‪ ,‬سنة‪1408 ,‬هـ ‪1988 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )52‬البديع في البديع‪ ,‬أبو العباس‪ ,‬عبد اهلل بن محمد المعتز باهلل ابن المتوكل ابن‬
‫المعتصم ابن الرشيد العباسي (المتوفى ‪296‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الجيل‪ ,‬الطبعة‬
‫األولى‪ ,‬سنة‪1410 ,‬هـ ‪1990 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )53‬البرهان في تفسير القرآن‪ ,‬السيد هاشم البحراني (المتوفى ‪1109‬ه)‪ ,‬تحقيق‪,‬‬
‫لجنة م ن العلماء والمحققين واألخصائيين‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة األعلمي‪ ,‬بيروت‪,‬‬
‫لبنان‪ ,‬الطبعة الثانية‪ ,‬سنة‪1427 ,‬هـ ـ ـ ـ ‪2006‬م‪.‬‬
‫‪ )54‬بصائر الدرجات في فضائل آل محمد‪ ,‬الشيخ أبو جعفر محمد بن حسن بن فروخ‬
‫الطائر الصفار‪ ,‬تحقيق‪ ,‬مؤسسة اإلمام المهدي‪ ,‬قم المقدسة‪ ,‬الطبعة األولى‪.‬‬
‫‪ )55‬بغية اإليضاح لتلخيص المفتاح في علوم البالغة‪ ,‬عبد المتعال الصعيدي‪,‬‬
‫(المتوفى‪1391 :‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ :‬مكتبة اآلداب‪ ,‬الطبعة‪ ,‬السابعة عشر‪ ,‬سنة‬
‫‪1426‬هـ‪2005-‬م‪.‬‬
‫‪ )56‬البيان والتبيين‪ ,‬عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالوالء‪ ,‬الليثي‪ ,‬أبو عثمان‪,‬‬
‫الشهير بالجاحظ (المتوفى ‪255‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار ومكتبة الهالل‪ ,‬بيروت‪ ,‬سنة‪,‬‬
‫‪1423‬هـ‪.‬‬
‫الرزاق الحسيني‪ ,‬أبو‬
‫محمد بن عبد ّ‬
‫محمد بن ّ‬
‫‪ )57‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ّ ,‬‬
‫الفيض‪ ,‬الملقّب بمرتضى‪َّ ,‬‬
‫الزبيدي (المتوفى ‪1205‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬مجموعة من‬
‫المحققين‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الهداية‪.‬‬
‫‪ )58‬تاريخ األدب العربي‪ ,‬أحمد حسن الزيات‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار نهضة مصر للطباعة‬
‫والنشر‪ ,‬الفجالة‪ ,‬القاهرة‪.‬‬

‫)‪)241‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )59‬تاريخ األدب العربي‪ ,‬األدب القديم من مطلع الجاهلية إلى سقوط الدولة األموية‪,‬‬
‫فروخ‪ ,‬الناشر دار العلم للماليين‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة الرابعة‪ ,‬سنة‪,‬‬
‫عمر ُّ‬
‫‪1981‬م‪.‬‬
‫‪ )60‬تاريخ األدب العربي‪ ,‬األعصر العباسية إلى أخر القرن الرابع الهجري‪ 132 ,‬ـ ـ ـ‬
‫فروخ‪ ,‬الناشر دار العلم للماليين‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة األولى‪,‬‬
‫‪399‬ه‪ ,‬عمر ُّ‬
‫سنة‪1968 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )61‬تاريخ األدب العربي‪ ,‬العصر اإلسالمي‪ ,‬د‪ .‬شوقي ضيف‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار المعارف‪,‬‬
‫القاهرة‪ ,‬مصر‪ ,‬الطبعة السابعة‪.‬‬
‫‪ )62‬تاريخ األدب العربي‪ ,‬العصر الجاهلي‪ ,‬د‪ .‬شوقي ضيف‪ ,‬الناشر دار المعارف‪,‬‬
‫القاهرة‪ ,‬مصر‪ ,‬الطبعة الحادية عشرة‪.‬‬
‫‪ )63‬تاريخ األدب العربي‪ ,‬العصر العباسي األول‪ ,‬د‪ .‬شوقي ضيف‪ ,‬الناشر دار‬
‫المعارف‪ ,‬القاهرة‪ ,‬مصر‪ ,‬الطبعة الثامنة‪.‬‬
‫‪ )64‬تاريخ األدب العربي‪ ,‬العصر العباسي الثاني‪ ,‬د‪ .‬شوقي ضيف‪ ,‬الناشر دار‬
‫المعارف‪ ,‬القاهرة‪ ,‬مصر‪ ,‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪ )65‬تاريخ الخلفاء‪ ,‬عبد الرحمن بن أبي بكر‪ ,‬جالل الدين السيوطي (المتوفى‬
‫‪911‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬حمدي الدمرداش‪ ,‬الناشر‪ ,‬مكتبة نزار مصطفى الباز‪ ,‬الطبعة‬
‫األولى‪ ,‬سنة‪1425 ,‬هـ ـ ـ ـ ‪2004‬م‪.‬‬
‫‪ )66‬تاريخ الشعر السياسي إلى منتصف القرن الثاني الهجري‪ ,‬أحمد الشايب‪ ,‬الناشر‪,‬‬
‫مكتبة النهضة المصرية‪ ,‬القاهرة‪ ,‬الطبعة الخامسة‪ ,‬سنة‪1976 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )67‬تاريخ الطبري‪ ,‬تاريخ الرسل والملوك‪ ,‬وصلة تاريخ الطبري‪ ,‬محمد بن جرير بن‬
‫يزيد بن كثير بن غالب اآلملي‪ ,‬أبو جعفر الطبري (المتوفى ‪310‬هـ)‪( ,‬صلة‬
‫تاريخ الطبري لعريب بن سعد القرطبي‪( ,‬المتوفى ‪369‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار التراث‪,‬‬
‫بيروت‪ ,‬الطبعة الثانية‪ ,‬سنة ‪ 1387‬هـ‪.‬‬

‫)‪)242‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )68‬التاريخ الكبير المعروف بتاريخ ابن أبي خيثمة‪ ,‬أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة‬
‫(المتوفى ‪279‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ :‬صالح بن فتحي هالل‪ ,‬الناشر‪ ,‬الفاروق الحديثة‬
‫للطباعة والنشر‪ ,‬القاهرة‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة ‪ 1427‬هـ ‪2006 -‬م‪.‬‬
‫‪ )69‬تاريخ اليعقوبي‪ ,‬أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب ابن واضح الكاتب‬
‫العباسي المعروف باليعقوبي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬عبد األمير مهنا‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة األعلمي‬
‫للمطبوعات‪ ,‬لبنان‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة ‪1413‬هـ ـ ـ ـ ‪1993‬م‪.‬‬
‫‪ )70‬تاريخ خليفة بن خياط‪ ,‬أبو عمرو خليفة بن خياط بن خليفة الشيباني العصفري‬
‫البصري (المتوفى ‪240‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬د‪ .‬أكرم ضياء العمري‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار القلم‪,‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪ ,‬دمشق‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة الثانية‪ ,‬سنة‪1397 ,‬ه‪.‬‬
‫‪ )71‬تاريخ دمشق‪ ,‬أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة اهلل المعروف بابن عساكر‬
‫(المتوفى ‪ 571‬هـ) تحقيق‪ ,‬عمرو بن غرامة العمروي‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الفكر للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ,‬سنة‪ 1415 ,‬هـ ـ ـ ـ ‪1995‬م‪.‬‬
‫‪ )72‬تثبيت دالئل النبوة‪ ,‬القاضى عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمذاني األسد‬
‫أبادي‪ ,‬أبو الحسين المعتزلي (المتوفى ‪415‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار المصطفى‪ ,‬شبرا‪,‬‬
‫القاهرة‪.‬‬
‫‪ )73‬تحليل الخطاب الشعري (استراتيجية التناص)‪ ,‬الدكتور محمد مفتاح‪ ,‬الناشر‪,‬‬
‫المركز الثقافي العربي‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪1985 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )74‬التذكرة الحمدونية‪ ,‬محمد بن الحسن بن محمد بن علي بن حمدون‪ ,‬أبو المعالي‪,‬‬
‫بهاء الدين البغدادي (المتوفى ‪562‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار صادر‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة‬
‫األولى‪ ,‬سنة ‪1417‬هـ‪.‬‬
‫‪ )75‬التراث والحداثة دراسات ‪ ..‬ومناقشات‪ ,‬محمد عابد الجابري‪ ,‬الناشر‪ ,‬مركز‬
‫دراسات الوحدة العربية‪ ,‬بيروت ‪ ,‬لبنان‪ ,‬سنة‪1991 ,‬م‪.‬‬

‫)‪)243‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )76‬ترتيب األمالي الخميسية للشجري‪ ,‬يحيى المرشد باهلل بن الحسين الموفق بن‬
‫إسماعيل بن زيد الحسني الشجري الجرجاني (المتوفى ‪ 499‬هـ)‪ ,‬رتبها‪ ,‬القاضي‬
‫محيي الدين محمد بن أحمد القرشي العبشمي (المتوفى ‪610‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬محمد‬
‫حسن محمد حسن إسماعيل‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الكتب العلمية‪ ,‬بيروت ‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة‬
‫األولى‪ ,‬سنة‪ 1422 ,‬هـ ـ ـ ـ ‪2001‬م‪.‬‬
‫‪ )77‬التشيع نشأته ـ ـ معالمه‪ ,‬السيد هاشم الموسوي‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة دائرة معارف الفقه‬
‫اإلسالمية‪ ,‬الطبعة الثالثة‪ ,‬سنة ‪1426‬هـ ‪2005 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )78‬التشيع وأثره في شعر العصر العباسي األول‪ ,‬الدكتور محسن غياض‪ ,‬تقديم‪,‬‬
‫األستاذ الدكتور شوقي ضيف‪ ,‬الناشر‪ ,‬مطبعة النعمان‪ ,‬النجف األشرف‪.‬‬
‫‪ )79‬تصحيح اعتقادات االمامية‪ ,‬الشيخ المفيد محمد بن النعمان ابن المعلم أبسي‬
‫عبداهلل العكبري‪ ,‬البغدادي (المتوفى ‪413‬ه)‪ ,‬الناشر‪ ,‬المؤتمر العالمي أللفية‬
‫الشيخ المفيد‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة ‪1371‬ه ش ‪ 1413 ,‬ه ق‪.‬‬
‫‪ )80‬التصوير الفني في القرآن‪ ,‬سيد قطب‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الشروق‪ ,‬القاهرة‪ ,‬مصر‪,‬‬
‫الطبعة السابعة عشرة‪ ,‬سنة‪1325 ,‬ه ‪2004 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )81‬تفسير الجاللين‪ ,‬جالل الدين محمد بن أحمد المحلي (المتوفى ‪864‬هـ) وجالل‬
‫الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (المتوفى ‪911‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الحديث‬
‫‪ ,‬القاهرة‪ ,‬الطبعة األولى‪.‬‬
‫‪ )82‬تفسير القرآن العظيم‪ ,‬أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم‬
‫الدمشقي (المتوفى ‪774‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬سامي بن محمد سالمة‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار طيبة‬
‫للنشر والتوزيع‪ ,‬الطبعة الثانية‪ ,‬سنة‪1420 ,‬هـ ‪1999 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )83‬تفسير القرآن‪ ,‬أبو المظفر‪ ,‬منصور بن محمد بن عبد الجبار ابن أحمد المروزى‬
‫السمعاني التميمي الحنفي ثم الشافعي (المتوفى ‪489‬هـ)‪ ,‬حتقيق‪ ,‬ياسر بن‬

‫)‪)244‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫إبراهيم وغنيم بن عباس بن غنيم‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الوطن‪ ,‬الرياض‪ ,‬السعودية‪,‬‬


‫الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1418 ,‬هـ ‪1997 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )84‬تفسير القمي‪ ,‬ألبي الحسن علي بن إبراهيم القمي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬مؤسسة اإلمام المهدي‬
‫(عليه السالم)‪ ,‬قم المقدسة‪ ,‬الطبعة األولى‪1435 ,‬ه‪.‬‬
‫‪ )85‬التفسير‪ ,‬للشيخ أبي النضر محمد بن مسعود العياشي (المتوفى نحو ‪320‬ه)‪,‬‬
‫تحقيق‪ ,‬قسم الدراسات اإلسالمية ـ ـ مؤسسة البعثة‪ ,‬قم‪ ,‬طهران‪ ,‬شارع سمية ـ ـ ـ بين‬
‫شارعي الشهيد مفتح وفرصت‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪.1421 ,‬‬
‫‪ )86‬تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة‪ ,‬للشيخ محمد بن الحسن الحر‬
‫العاملي (المتوفى ‪1104‬ه)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬مؤسسة آل البيت (عليهم السالم) إلحياء‬
‫التراث‪ ,‬قم المقدسة‪ ,‬الطبعة الرابعة‪ ,‬سنة‪1409 ,‬ه ‪1367 ,‬ش‪.‬‬
‫‪ )87‬التقية عند مفكري المسلمين‪ ,‬كاظم حسن جاسم الفتالوي‪ ,‬الناشر‪ ,‬شعبة الدراسات‬
‫والبحوث اإلسالمية في قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة الحسينية المقدسة‪,‬‬
‫كربالء المقدسة‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1436 ,‬ه ـ ـ ـ ‪2015‬م‪.‬‬
‫‪ )88‬تكوين العقل العربي‪ ,‬د‪ .‬محمد عابد الجابري‪ ,‬الناشر‪ ,‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1984 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )89‬تلخيص الشافي‪ ,‬لشيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي (المتوفى ‪460‬ه)‪ ,‬تحقيق‪,‬‬
‫السيد حسين بحر العلوم‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسه انتشارات المحبين‪ ,‬إيران‪ ,‬قم‪ ,‬الطبعة‬
‫األولى‪1928 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )90‬التناص في الخطاب النقدي والبالغي دراسة نظرية وتطبيقية‪ ,‬د‪ .‬عبد القادر‬
‫بقشى‪ ,‬تقديم‪ ,‬د‪ .‬محمد العمري‪ ,‬الناشر‪ ,‬أفريقيا الشرق‪ ,‬المغرب‪ ,‬سنة‪2007 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )91‬التناص نظريا وتطبيقا‪ ,‬د‪ .‬أحمد الزعبي‪ ,‬مؤسسة عمون للنشر‪ ,‬عمان‪ ,‬االردن‪,‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ,‬سنة‪1420 ,‬ه ‪2000 ,‬م‪.‬‬

‫)‪)245‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )92‬ا لتناص والتلقي دراسات في الشعر العباسي‪ ,‬ماجد ياسين الجعافرة‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار‬
‫الكندي للنشر‪ ,‬أربد‪ ,‬األردن‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪2003 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )93‬التنبيه واإلشراف‪ ,‬أبو الحسن علي بن الحسين بن على المسعودي (المتوفى‬
‫‪346‬هـ)‪ ,‬تصحيح‪ ,‬عبد اهلل إسماعيل الصاوي‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الصاوي‪ ,‬القاهرة‪,‬‬
‫مجهولة التاريخ‪.‬‬
‫امع الص ِ‬
‫َّغ ِ‬
‫ير‪ ,‬محمد بن إسماعيل بن صالح بن محمد الحسني‪,‬‬ ‫‪ )94‬التَّنوير َشرح الج ِ‬
‫ُ ُْ َ‬
‫محمد‬
‫َّ‬ ‫محمد إسحاق‬
‫َّ‬ ‫الكحالني ثم الصنعاني (المتوفى ‪1182‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ :‬د‪.‬‬
‫‪,‬‬ ‫إبراهيم‪ ,‬الناشر‪ ,‬مكتبة دار السالم‪ ,‬الرياض‪ ,‬الطبعة األولى‪ 1432 ,‬هـ‬
‫‪ 2011‬م‬
‫‪ )95‬تهذيب اللغة‪ ,‬محمد بن أحمد بن األزهري الهروي‪ ,‬أبو منصور (المتوفى‪:‬‬
‫‪370‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬محمد عوض مرعب‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار إحياء التراث العربي –‬
‫بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪2001 ,‬م‬
‫التيجان في ُملوك ِح ْمَي ْر‪ ,‬عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري‪,‬‬
‫َ‬ ‫‪)96‬‬
‫(المتوفى ‪213‬هـ)‪ ,‬تحقيق مركز الدراسات واألبحاث اليمنية‪ ,‬الناشر‪ ,‬مركز‬
‫الدراسات واألبحاث اليمنية‪ ,‬صنعاء‪ ,‬الجمهورية العربية اليمنية‪ ,‬الطبعة األولى‪,‬‬
‫سنة‪ 1347 ,‬هـ‪.‬‬
‫‪ )97‬الثقافة اإلسالمية تعريفها مصادرها مجاالتها تحدياتها‪ ,‬أ‪ .‬د‪ .‬مصطفى مسلم‪ ,‬أ‪.‬‬
‫د‪ .‬فتحي محمد الزغبي‪ ,‬الناشر‪ ,‬إثراء للنشر والتوزيع‪ ,‬عمان‪ ,‬األردن‪ ,‬الطبعة‬
‫األولى‪ ,‬سنة‪2007 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )98‬ثقافة المتنبي‪ ,‬فاروق حسان‪ ,‬الناشر‪ ,‬العلم واإليمان للنشر‪ ,‬العامرية‪ ,‬األسكندرية‪,‬‬
‫الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪2008 ,‬م‪.‬‬

‫)‪)246‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )99‬جامع البيان في تأويل القرآن‪ ,‬محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب اآلملي‪,‬‬
‫أبو جعفر الطبري (المتوفى ‪310‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬أحمد محمد شاكر‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪ 1420 ,‬هـ ‪2000 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )100‬الجامع الكبير‪ ,‬سنن الترمذي‪ ,‬محمد بن عيسى بن َس ْورة بن موسى بن الضحاك‪,‬‬
‫الترمذي‪ ,‬أبو عيسى (المتوفى ‪279‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬بشار عواد معروف‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار‬
‫الغرب اإلسالمي‪ ,‬بيروت‪ ,‬سنة‪1998 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )101‬الجامع في تاريخ األدب العربي األدب القديم‪ ,‬حنا الفاخوري‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الجيل‪,‬‬
‫بيروت‪ ,‬لينان‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1986 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )102‬الجامع ألحكام القرآن‪ ,‬تفسير القرطبي‪ ,‬أبو عبد اهلل محمد بن أحمد بن أبي بكر‬
‫بن فرح األنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى ‪671‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪,‬‬
‫أحمد البردوني وابراهيم أطفيش‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الكتب المصرية ‪ ,‬القاهرة‪ ,‬الطبعة‬
‫الثانية‪1384 ,‬هـ ‪1964 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )103‬الجمل أو النصرة لسيد العترة في حرب البصرة‪ ,‬ألبي عبداهلل محمد بن محمد بن‬
‫النعمان العكبري البغدادي الشيخ المفيد‪ ,‬تحقيق‪ ,‬السيد علي مير شريفي‪ ,‬الناشر‪,‬‬
‫مكتب اإلعالم اإلسالمي‪ ,‬قم المقدسة‪ ,‬إيران‪ ,‬الطبعة الثانية‪ 1416 ,‬ق ‪,‬‬
‫‪1374‬ش‪.‬‬
‫الب َال ُذري (المتوفى‬
‫‪ )104‬جمل من أنساب األشراف‪ ,‬أحمد بن يحيى بن جابر بن داود َ‬
‫‪ 279‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬سهيل زكار ورياض الزركلي‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الفكر‪ ,‬بيروت‪,‬‬
‫الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪ 1417 ,‬هـ ‪ 1996 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )105‬جمهرة األمثا ل‪ ,‬أبو هالل الحسن بن عبد اهلل بن سهل بن سعيد بن يحيى بن‬
‫مهران العسكري (المتوفى نحو ‪395‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الفكر‪ ,‬بيروت‪.‬‬
‫‪ )106‬جمهرة أنساب العرب‪ ,‬أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم األندلسي‬
‫القرطبي الظاهري (المتوفى ‪456‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬لجنة من العلماء‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪1403 ,‬ه ‪1983 ,‬م‪.‬‬

‫)‪)247‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )107‬جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة‪ ,‬أحمد زكي صفوت‪ ,‬الناشر‪,‬‬
‫المكتبة العلمية‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪.‬‬
‫‪ )108‬جوامع السيرة النبوية‪ ,‬أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم األندلسي‬
‫القرطبي الظاهري (المتوفى ‪456‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الكتب العلمية‪ ,‬بيروت‪.‬‬
‫‪ )109‬الجواهر الحسان في تفسير القرآن‪ ,‬أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف‬
‫الثعالبي (المتوفى ‪875‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬الشيخ محمد علي معوض والشيخ عادل‬
‫أحمد عبد الموجود‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار إحياء التراث العربي‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪,‬‬
‫سنة‪1418 ,‬هـ‪.‬‬
‫‪ )110‬حلية األولياء وطب قات األصفياء‪ ,‬أبو نعيم أحمد بن عبد اهلل بن أحمد بن إسحاق‬
‫بن موسى بن مهران األصبهاني (المتوفى ‪430‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬السعادة‪ ,‬بجوار‬
‫محافظة مصر‪1394 ,‬هـ ‪1974 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )111‬حلية المحاضرة في صناعة الشعر‪ ,‬ألبي علي محمد بن الحسن بن المظفر‬
‫الحاتمي (المتوفى ‪388‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬د‪ .‬جعفر الكتاني‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الرشيد‪,‬‬
‫الجمهورية العراقية‪ ,‬سنة‪1979 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )112‬الحماسة البصرية‪ ,‬علي بن أبي الفرج بن الحسن‪ ,‬صدر الدين‪ ,‬أبو الحسن‬
‫البصري (المتوفى ‪659‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬مختار الدين أحمد‪ ,‬الناشر عالم الكتب‪,‬‬
‫بيروت‪.‬‬
‫‪ )113‬الحياة األدبية في عصر بني أمية‪ ,‬الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي‪ ,‬الناشر‪,‬‬
‫دار الكتاب اللبناني‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة الثانية‪ ,‬سنة‪1973 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )114‬حياة األمام الحسن بن علي (علية السالم)‪ ,‬باقر شريف القريشي‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار‬
‫البالغة‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة األولى‪1413 ,‬ه ‪1993 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )115‬حياة اإلمام موسى بن جعفر دراسة وتحليل‪ ,‬باقر القريشي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬مهدي باقر‬
‫القريشي‪ ,‬الناشر‪ ,‬قسم الثقافة واالعالم في العتبة الكاظمية المقدسة‪.‬‬
‫)‪)248‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )116‬حياة محمد‪ ,‬د‪ .‬محمد حسين هيكل‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار المعارف‪ ,‬القاهرة‪ ,‬الطبعة‬
‫الرابعة عشر‪ ,‬سنة‪1977 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )117‬الحيوان‪ ,‬عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالوالء‪ ,‬الليثي‪ ,‬أبو عثمان‪ ,‬الشهير‬
‫بالجاحظ (المتوفى ‪255‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الكتب العلمية‪ ,‬بيروت‪ ,‬الناشر‪ ,‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ,‬سنة‪1424 ,‬هـ‪.‬‬
‫‪ )118‬خزانة األدب وغاية األرب‪ ,‬ابن حجة الحموي‪ ,‬تقي الدين أبو بكر بن علي بن‬
‫عبد اهلل الحموي األزراري (المتوفى ‪837‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬عصام شقيو‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار‬
‫ومكتبة الهالل‪ ,‬بيروت‪ ,‬دار البحار‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األخيرة‪ ,‬سنة‪2004 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )119‬خزانة األدب ولب لباب لسان العرب‪ ,‬عبد القادر بن عمر البغدادي (المتوفى‬
‫‪ 1093‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬عبد السالم محمد هارون‪ ,‬الناشر‪ ,‬مكتبة الخانجي‪ ,‬القاهرة‪,‬‬
‫الطبعة الرابعة‪ ,‬سنة‪ 1418 ,‬هـ ‪1997 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )120‬الخليل بن أحمد الفراهيدي‪ ,‬ضمن عشرة شعراء مقلون‪ ,‬صنعة‪ ,‬الدكتور حاتم‬
‫صالح الضامن‪ , ,‬الناشر‪ ,‬وز اررة التعليم العالي والبحث العلمي‪ ,‬جامعة بغداد‪,‬‬
‫سنة‪1411 ,‬ه ‪1990 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )121‬الدر المنثور في التفسير بالمأثور‪ ,‬عبد الرحمن بن أبي بكر‪ ,‬جالل الدين‬
‫السيوطي (المتوفى ‪911‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الفكر‪ ,‬بيروت‪.‬‬
‫‪ )122‬الدرر في اختصار المغازي والسير‪ ,‬النمري‪ ,‬الحافظ يوسف بن البر‪ ,‬تحقق‪,‬‬
‫الدكتور شوقي ضيف‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار المعارف‪ ,‬القاهرة‪ ,‬الطبعة الثانية‪ ,‬سنة‬
‫‪1403‬هـ‪.‬‬
‫‪ )123‬دالئل اإلعجاز في علم المعاني‪ ,‬أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد‬
‫الفارسي األصل‪ ,‬الجرجاني الدار (المتوفى ‪471‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬محمود محمد شاكر‬
‫أبو فهر‪ ,‬الناشر‪ ,‬مطبعة المدني بالقاهرة‪ ,‬دار المدني بجدة‪ ,‬الطبعة الثالثة‪ ,‬سنة‪,‬‬
‫‪1413‬هـ ‪1992 ,‬م‪.‬‬

‫)‪)249‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )124‬دالئل الصدق لنهج الحق‪ ,‬العالمة الشيخ محمد حسن المظفر‪ ,‬تحقيق‪ ,‬مؤسسة‬
‫آل البيت (عليهم السالم) ألحياء التراث‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪1438 ,‬ه ‪,‬‬
‫‪2017‬م‪.‬‬
‫‪ )125‬ديوان ابن الرومي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬أحمد حسن بسج‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الكتب العلمية‪,‬‬
‫بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة الثالة‪ ,‬سنة‪1423 ,‬هـ ‪2002 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )126‬ديوان ابن المعتز‪ ,‬شرح وتقديم‪ ,‬ميشيل نعمان‪ ,‬الناشر‪ ,‬الشركة اللبنانية للكتاب‪,‬‬
‫بيروت‪ ,‬لبنان‪.‬‬
‫‪ )127‬ديوان ابن نباتة السعدي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬عبد األمير مهدي حبيب الطائي‪ ,‬الناشر‪ ,‬و ازرة‬
‫االعالم‪ ,‬الجمهورية العراقية‪ ,‬سنة‪1977 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )128‬ديوان أبي الحسن علي بن محمد التهامي (المتوفى ‪416‬ه)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬الدكتور‬
‫محمد بن عبد الرحمن الربيع‪ ,‬الناشر‪ ,‬مكتبة المعارف‪ ,‬الرياض‪ ,‬المملكة العربية‬
‫السعودية‪ ,‬الطبعة األولى‪1402 ,‬ه ‪1982 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )129‬ديوان أبي تمام‪ ,‬شرح ه وضبطه وقدم له‪ ,‬إيمان البقاعي‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة‬
‫األعلمي للمطبوعات‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة األولى‪1421 ,‬ه ‪2000 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )130‬ديوان أبي ذؤيب الهذلي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬أحمد خليل الشال‪ ,‬الناشر‪ ,‬مركز الدراسات‬
‫والبحوث اإلسالمية‪ ,‬بور سعيد‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1435 ,‬ه ـ ـ ـ ‪2014‬م‪.‬‬
‫‪ )131‬ديوان أبي فراس الحمداني‪ ,‬د‪ .‬خليل الدويهي‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الكتاب العربي‪,‬‬
‫بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة الثانية‪ ,‬سنة‪1994 ,‬م‪.‬‬
‫نواس‪ ,‬شرح‪ ,‬علي العسيلي‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة األعلمي للمطبوعات‪,‬‬
‫‪ )132‬ديوان أبي َّ‬
‫بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1417 ,‬هـ ‪1997 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )133‬ديوان األعشى الكبير ميمون بن قيس‪ ,‬تحقيق‪ ,‬د‪ .‬محمود إبراهيم محمد‬
‫الرضواني‪ ,‬الناشر و ازرة الثقافة والفنون والتراث إدارة البحوث والدراسات الثقافية‪,‬‬
‫الدوحة‪ ,‬قطر‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪2010 ,‬م‪.‬‬

‫)‪)250‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )134‬ديوان األمير شهاب الدين أبي الفوارس سعد بن محمد بن سعد بن الصيفي‬
‫التميني البغدادي المعروف بـ (حيص بيص) (المتوفى ‪574‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬مكي‬
‫السيد جاسم‪ ,‬شاكر هادي شكر‪ ,‬الناشر‪ ,‬و ازرة االعالم‪ ,‬الجمهورية العراقية‪ ,‬سنة‬
‫‪1395‬هـ ‪1975 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )135‬ديوان الحماني علي بن محمد العلوي الكوفي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬محمد حسين األعرجي‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬دار صادر‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬سنة‪1383 ,‬ه ‪1964 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )136‬ديوان الخالديين أبي بكر محمد وأبي عثمان سعيد ابني هاشم الخالدي‪ ,‬تحقيق‪,‬‬
‫الدكتور سامي الدهان‪ ,‬الناشر‪ ,‬مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق‪ ,‬سنة‪,‬‬
‫‪1388‬ه ‪1969 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )137‬ديوان الخنساء‪ ,‬تحقيق حمدو طماس‪ ,‬الناشر دار المعرفة‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة‬
‫الثانية‪1425 ,‬ه ‪2004 ,‬م‪.‬‬
‫الرفَّاء‪ ,‬تحقيق‪ ,‬كرم البستاني‪ ,‬مراجعة ناهدة جعفر‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار‬
‫ي ّ‬ ‫السر ِّ‬
‫‪ )138‬ديوان ّ‬
‫صادر‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1996 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )139‬ديوان السيد الحميري (المتوفى ‪ 173‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬شاكر هادي شكر‪ ,‬قدم له محمد‬
‫تقي الحكيم‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار مكتبة الحياة‪ ,‬بيروت‪.‬‬
‫‪ )140‬ديوان الشافعي‪ ,‬اإلمام أبي عبد اهلل محمد بن إدريس الشافعي (المتوفى ‪204‬ه)‪,‬‬
‫تحقيق‪ ,‬الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي‪ ,‬الناشر‪ ,‬مكتبة الكليات االزهرية‪,‬‬
‫األزهر‪ ,‬القاهرة‪ ,‬الطبعة الثانية‪ ,‬سنة‪1405 ,‬ه ‪1985 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )141‬ديوان الشريف الرضي‪ ,‬شرح‪ ,‬الدكتور محمود مصطفى حالوي‪ ,‬الناشر‪ ,‬األرقم‬
‫ابن أبي األرقم‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1419 ,‬ه ‪1999 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )142‬ديوان الشريف المرتضى‪ ,‬شرح‪ ,‬د‪ .‬محمد التونجي‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الجيل‪ ,‬بيروت‪,‬‬
‫لبنان‪ ,‬الطبعة األولى‪1417 ,‬ه ‪1997 ,‬م‪.‬‬

‫)‪)251‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )143‬ديوان الصاحب بن عباد‪ ,‬تحقيق الشيخ محمد حسن آل ياسين‪ ,‬الناشر دار القلم‪,‬‬
‫لبنان‪ ,‬بيروت‪ ,‬مكتبه النهضة‪ ,‬بيروت‪ ,‬بغداد‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1384 ,‬ه ‪,‬‬
‫‪1965‬م‪.‬‬
‫‪ )144‬ديوان الصنوبري أحمد محمد بن الحسن الضبي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬الدكتور إحسان عباس‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬دار صادر‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1998 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )145‬ديوان الصوري عبد المحسن محمد بن أحمد بن غالب بن غلبون الصوري‬
‫(المتوفى ‪419‬ه)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬مكي السيد جاسم‪ ,‬شاكر هادي شكر‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار‬
‫الحرية‪ ,‬بغداد‪ ,‬سنة ‪1981‬م‪.‬‬
‫‪ )146‬ديوان الطغرائي أبي اسماعيل الحسين بن علي (المتوفى ‪510‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪,‬‬
‫الدكتور علي جواد الطاهر‪ ,‬الدكتور يحيى الجبوري‪ ,‬الناشر‪ ,‬و ازرة االعالم‪,‬‬
‫الجمهورية العراقية‪ ,‬دار الحرية‪ ,‬بغداد‪ ,‬سنة‪1396 ,‬هـ ‪1976 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )147‬ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن‬
‫األكبر‪ ,‬عبد الرحمن بن محمد بن محمد‪ ,‬ابن خلدون أبو زيد‪ ,‬ولي الدين‬
‫الحضرمي اإلشبيلي (المتوفى ‪808‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬خليل شحادة‪ ,‬الناشر دار الفكر‪,‬‬
‫بيروت‪ ,‬الطبعة الثانية‪ ,‬سنة‪ 1408 ,‬هـ ‪1988 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )148‬ديوان المهلهل بن ربيعة‪ ,‬تحقيق‪ ,‬طالل حرب‪ ,‬الناشر‪ ,‬الدار العالمية‪.‬‬
‫‪ )149‬ديوان النابغة الذبياني‪ ,‬شرح‪ ,‬حمدو طماس‪ ,‬دار المعرفة‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة‬
‫الثانية‪1426 ,‬ه ‪2005 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )150‬ديوان الناشئ الصغير علي بن عبداهلل بن وصيف شاعر أهل البيت (عليهم‬
‫السالم) (المتوفى ‪366‬ه)‪ ,‬جمعه‪ ,‬الشيخ محمد السماوي (‪1370 , 1292‬ه)‪,‬‬
‫قدم له وحققه‪ ,‬هالل ناجي‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة البالغ‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة‬
‫األولى‪ ,‬سنة‪1430 ,‬ه ‪2009 ,‬م‪.‬‬

‫)‪)252‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )151‬ديوان امر القيس‪ ,‬تحقيق‪ ,‬محمد أبو الفضل إبراهيم‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار المعارف‪,‬‬
‫كورنيش النيل‪ ,‬القاهرة‪ ,‬الطبعة الخامسة‪,‬‬
‫‪ )152‬ديوان بديع الزمان الهمذاني‪ ,‬تحقيق‪ ,‬يسري عبد الغني عبد اهلل‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬سنة‪1424 ,‬ه ‪2003 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )153‬ديوان حسان بن ثابت‪ ,‬تقديم‪ ,‬االستاذ عبد مهنا‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الكتب العلمية‪,‬‬
‫بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة الثانية‪ ,‬سنة‪1414 ,‬ه ‪1994 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )154‬ديوان ديك الجن‪ ,‬تحقيق الدكتور أحمد مطلوب‪ ,‬عبداهلل الجبوري‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار‬
‫الثقافة‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪.‬‬
‫‪ )155‬ديوان زهير بن أبي سلمى‪ ,‬تحقيق حمدو طماس‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار المعرفة‪ ,‬بيروت‪,‬‬
‫لبنان‪ ,‬الطبعة الثانية‪2005 , 1426 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )156‬ديوان طرفة بن العبد‪ ,‬شرح مهدي محمد ناصر الدين‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة الثالثة‪ ,‬سنة‪1423 ,‬ه ‪2002 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )157‬ديوان كشاجم‪ ,‬محمود بن الحسين (المتوفى ‪360‬ه)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬الدكتور النبوي‬
‫عبد الواحد شعالن‪ ,‬الناشر‪ ,‬مكتبة الخانجي‪ ,‬القاهرة‪ ,‬مصر‪ ,‬الطبعة األولى‪,‬‬
‫سنة‪1417 ,‬ه ـ ـ ـ ‪1997‬م ـ‬
‫‪ )158‬ديوان محمد بن عبد العزيز السوسي (المتوفى ‪370‬هـ)‪ ,‬ضمن سلسلة شعراء‬
‫عباسيين‪ ,1/‬تحقيق‪ ,‬األستاذ الدكتور عبد اإلله عبد الوهاب هادي العرداوي‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬دار أمل الجديدة‪ ,‬سوريا‪ ,‬دمشق‪ ,‬الطبعة األولى‪.2019 ,‬‬
‫‪ )159‬ديوان مهيار الديلمي‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الكتب المصرية‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪,‬‬
‫‪1344‬ه ‪1925 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )160‬ذخائر العقبى في مناقب ذوى القربى‪ ,‬محب الدين أحمد بن عبد اهلل الطبري‬
‫(المتوفى ‪ 694‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬مكتبة القدسي لصاحبها حسام الدين القدسي بباب‬
‫الخلق بحارة الجداوي بدرب سعادة بالقاهرة‪ ,‬عن نسخة‪ ,‬دار الكتب المصرية‪,‬‬
‫ونسخة الخزانة التيمورية‪ ,‬سنة‪1356 ,‬هـ‪.‬‬

‫)‪)253‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )161‬الذخائر والعبقريات‪ ,‬معجم ثقافي جامع‪ ,‬عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن‬
‫أحمد البرقوقي األديب المصري (المتوفى ‪1363‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬مكتبة الثقافة‬
‫الدينية‪ ,‬مصر‪.‬‬
‫‪ )162‬ربيع األبرار ونصوص األخيار‪ ,‬جار اهلل الزمخشري (المتوفى ‪583‬هـ)‪ ,‬الناشر‪,‬‬
‫مؤسسة األعلمي‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1412 ,‬هـ‪.‬‬
‫‪ )163‬رحلة الشعر من األموية إلى العباسية‪ ,‬الدكتور مصطفى الشكعة‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪.‬‬
‫‪ )164‬الرسائل األدبية‪ ,‬عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالوالء‪ ,‬الليثي‪ ,‬أبو عثمان‪,‬‬
‫الشهير بالجاحظ (المتوفى ‪255‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار ومكتبة الهالل‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة‬
‫الثانية‪ 1423 ,‬هـ‪.‬‬
‫‪ )165‬روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني‪ ,‬شهاب الدين محمود بن‬
‫عبد اهلل الحسيني األلوسي (المتوفى ‪1270‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬علي عبد الباري عطية‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬دار الكتب العلمية ‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪ 1415 ,‬هـ‪.‬‬
‫‪ )166‬الروض األنف في شرح السيرة النبوية البن هشام‪ ,‬أبو القاسم عبد الرحمن بن‬
‫عبد اهلل بن أحمد السهيلي (المتوفى ‪581‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬عمر عبد السالم السالمي‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬دار إحياء التراث العربي‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1421 ,‬هـ ‪,‬‬
‫‪2000‬م‪.‬‬
‫‪ )167‬الروض الداني (المعجم الصغير)‪ ,‬سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي‬
‫الشامي‪ ,‬أبو القاسم الطبراني (المتوفى ‪360‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬محمد شكور محمود‬
‫الحاج أمرير‪ ,‬الناشر‪ ,‬المكتب اإلسالم‪ ,‬دار عمار‪ ,‬بيروت‪ ,‬عمان‪ ,‬الطبعة‬
‫األولى‪ ,‬سنة‪1405 ,‬ه ‪1985 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )168‬روضة الواعظين‪ ,‬الشيخ محمد بن الفتال النيشابوري (المتوفى ‪508‬ه)‪ ,‬تحقيق‪,‬‬
‫غال محسين المجيدي‪ ,‬مجتبى الفرجي‪ ,‬الناشر‪ ,‬دليل ما‪ ,‬قم المقدسة‪ ,‬إيران‪,‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ,‬سنة‪1431 ,‬ه ‪٢٠١٠ ,‬م‪.‬‬

‫)‪)254‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )169‬زهر اآلداب وثمر األلباب‪ ,‬إبراهيم بن علي بن تميم األنصاري‪ ,‬أبو إسحاق‬
‫الحصري القيرواني (المتوفى ‪453‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الجيل‪ ,‬بيروت‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ )170‬زهر األكم في األمثال والحكم‪ ,‬الحسن بن مسعود بن محمد‪ ,‬أبو علي‪ ,‬نور الدين‬
‫اليوسي (المتوفى ‪1102‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬د‪ .‬محمد حجي‪ ,‬د‪ .‬محمد األخضر‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬الشركة الجديدة‪ ,‬دار الثقافة‪ ,‬الدار البيضاء‪ ,‬المغرب‪ ,‬الطبعة األولى‪,‬‬
‫‪ 1401‬هـ ‪1981 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )171‬السرقات األدبية دراسة في ابتكار األعمال األدبية وتقليدها‪ ,‬الدكتور بدوي طبانة‪,‬‬
‫نهضة مصر‪ ,‬القاهرة‪ ,‬مصر‪.‬‬
‫‪ )172‬سقط الزند‪ ,‬أبو العالء المعري‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار صادر‪ ,‬دار بيروت‪ ,‬سنة‪1376 ,‬ه‬
‫‪1957 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )173‬سمط الآللي في شرح أمالي القالي‪ ,‬أبو عبيد عبد اهلل بن عبد العزيز بن محمد‬
‫البكري األندلسي (المتوفى ‪487‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬عبد العزيز الميمني‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪.‬‬
‫‪ )174‬سمط النجوم العوالي في أنباء األوائل والتوالي‪ ,‬عبد الملك بن حسين بن عبد‬
‫الملك العصامي المكي (المتوفى ‪1111‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬عادل أحمد عبد الموجود‪,‬‬
‫علي محمد معوض‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الكتب العلمية‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪,‬‬
‫‪ 1419‬هـ ‪1998 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )175‬سنن ابن ماجة‪ ,‬ابن ماجة أبو عبد اهلل محمد بن يزيد القزويني (المتوفى‬
‫‪ 273‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬محمد فؤاد عبد الباقي‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار إحياء الكتب العربية‪,‬‬
‫فيصل عيسى البابي الحلبي‪.‬‬
‫‪ )176‬سنن أبي داود‪ ,‬أبو داود سليمان بن األشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن‬
‫مح َّمد‬ ‫الس ِج ْستاني (المتوفى ‪275‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪َ ,‬‬
‫شعيب األرنؤوط‪َ ,‬‬ ‫عمرو األزدي ِّ‬

‫)‪)255‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫ِ‬
‫كامل قره بللي‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الرسالة العالمية‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪ 1430 ,‬هـ ‪,‬‬
‫‪2009‬م‪.‬‬
‫‪ )177‬السنن الكبرى‪ ,‬أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي الخراساني‪ ,‬النسائي‬
‫(المتوفى ‪ 303‬هـ)‪ ,‬حققه وخرج أحاديثه‪ ,‬حسن عبد المنعم شلبي‪ ,‬أشرف عليه‪,‬‬
‫شعيب األرناؤوط‪ ,‬قدم له‪ :‬عبد اهلل بن عبد المحسن التركي‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪ 1421 ,‬هـ ‪2001 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )178‬سير أعالم النبالء‪ ,‬شمس الدين أبو عبد اهلل محمد بن أحمد بن عثمان بن قَ ْايماز‬
‫الذهبي (المتوفى ‪ 748‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب‬
‫األرناؤوط‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة الرسالة‪ ,‬الطبعة الثالثة ‪ ,‬سنة‪1405 ,‬هـ ‪1985 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )179‬سيرة ابن إسحاق (كتاب السير والمغازي)‪ ,‬محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي‬
‫بالوالء‪ ,‬المدني (المتوفى ‪151‬هـ)‪ ,‬تحقيق سهيل زكار‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الفكر‪,‬‬
‫بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1398 ,‬هـ ‪1978 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )180‬سيرة األئمة االثني عشر (عليهم السالم)‪ ,‬الشيخ محمد حسن آل ياسين‪ ,‬الناشر‪,‬‬
‫دار المؤرخ العربي‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1433 ,‬ه ‪2012 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )181‬السيرة الحلبية‪ ,‬إنسان العيون في سيرة األمين المأمون‪ ,‬علي بن إبراهيم بن أحمد‬
‫الحلبي‪ ,‬أبو الفرج‪ ,‬نور الدين ابن برهان الدين (المتوفى ‪1044‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة الثانية‪ ,‬سنة‪1427 ,‬ه‪.‬‬
‫‪ )182‬السيرة النبوية البن هشام‪ ,‬عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري‪ ,‬أبو‬
‫محمد‪ ,‬جمال الدين (المتوفى‪213 :‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬مصطفى السقا وابراهيم األبياري‬
‫وعبد الحفيظ الشلبي‪ ,‬الناشر شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأوالده‬
‫بمصر‪ ,‬الطبعة الثانية‪ ,‬سنة ‪1375‬هـ ‪1955 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )183‬السيرة النبوية وأخبار الخلفاء‪ ,‬محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن‬
‫صححه وعلق‬
‫ّ‬ ‫البستي (المتوفى ‪354‬هـ)‪,‬‬
‫بد‪ ,‬التميمي‪ ,‬أبو حاتم‪ ,‬الدارمي‪ُ ,‬‬
‫َم ْع َ‬
‫)‪)256‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫عليه‪ ,‬الحافظ السيد عزيز بك وجماعة من العلماء‪ ,‬الناشر‪ ,‬الكتب الثقافية‪,‬‬


‫بيروت‪ ,‬الطبعة الثالثة‪ ,‬سنة‪1417 ,‬ه‪.‬‬
‫‪ )184‬شاعر العقيدة المفجع البصري محمد بن أحمد بن عبداهلل (المتوفى ‪327‬هـ)‪,‬‬
‫تحقيق‪ ,‬عبد الرسول الغفار‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الزهراء‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة األولى‪,‬‬
‫‪1405‬هـ ‪1985 ,‬م‪.‬‬
‫الشيباني التبريزي‪ ,‬أبو زكريا‬
‫ّ‬ ‫‪ )185‬شرح ديوان الحماسة‪ ,‬يحيى بن علي بن محمد‬
‫(المتوفى ‪502‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار القلم ‪ ,‬بيروت‪.‬‬
‫‪ )186‬شرح نهج البالغة‪ ,‬البن أبي الحديد‪ ,‬تحقيق‪ ,‬محمد إبراهيم‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الكتاب‬
‫العربي‪ ,‬بغداد‪ ,‬األميرة للطباعة والنشر‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪,‬‬
‫‪1428‬ه ‪2007 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )187‬شرح هاشميات الكميت ابن زيد األسدي‪ ,‬تفسير‪ ,‬أبي رياش أحمد بن إبراهيم‬
‫الفيسي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬داود سلوم‪ ,‬نوري حمودي القيسي‪ ,‬الناشر‪ ,‬عالم الكتاب مكتبة‬
‫النهضة‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان الطبعة الثانية‪ ,‬سنة‪1406 ,‬ه ‪1986 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )188‬شرف المصطفى‪ ,‬عبد الملك بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الخركوشي‪ ,‬أبو‬
‫سعد (المتوفى ‪407‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار البشائر اإلسالمية‪ ,‬مكة‪ ,‬الطبعة األولى‪,‬‬
‫سنة‪1424 ,‬هـ‪.‬‬
‫‪ )189‬شعر ابن مكي النيلي (ت‪565‬ه)‪ ,‬ضمن سلسلة شعراء عباسيين‪ ,2/‬تحقيق‪ ,‬أ‪.‬‬
‫د‪ .‬عبد اإلله عبد الوهاب هادي العرداوي‪ ,‬هاشمية حميد جعفر الحمداني‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬دار األمل الجديد‪ ,‬سوريا‪ ,‬دمشق‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪2019 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )190‬شعر البشنوي الكردي (المتوفى ‪456‬هـ)‪ ,‬ضمن سلسلة شعراء عباسيين‪,2/‬‬
‫تحقيق‪ ,‬أ‪ .‬د‪ .‬عبد اإلله عبد الوهاب هادي العرداوي‪ ,‬أ‪ .‬د‪ .‬هاشمية حميد جعفر‬
‫الحمداني‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار أمل الجديدة‪ ,‬سوريا‪ ,‬دمشق‪ ,‬الطبعة األولى‪2019 ,‬م‪.‬‬

‫)‪)257‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )191‬شعر الخباز البلدي‪ ,‬أبو بكر محمد بن أحمد بن حمدان الخباز البلدي‪ ,‬تحقيق‪,‬‬
‫صبيح رديف‪ ,‬الناشر‪ ,‬مطبعة الجامعة‪ ,‬بغداد‪ ,‬الطبعة األولى‪1393 ,‬ه ‪,‬‬
‫‪1973‬م‪.‬‬
‫‪ )192‬شعر الشيخ علي بن أحمد الفنجكردي (ت ‪513‬ه)‪ ,‬ضمن سلسلة شعراء‬
‫عباسيين‪ ,2/‬تحقيق‪ ,‬أ‪ .‬د‪ .‬عبد اإلله عبد الوهاب هادي العرداوي‪ ,‬هاشمية حميد‬
‫جعفر الحمداني‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار األمل الجديد‪ ,‬سوريا‪ ,‬دمشق‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪,‬‬
‫‪2019‬م‪.‬‬
‫‪ )193‬الشعر العربي المعاصر قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية‪ ,‬الدكتور عز الدين‬
‫إسماعيل‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الفكر العربي‪ ,‬الطبعة الثالثة‪.‬‬
‫‪ )194‬شعر دعبل بن علي الخزاعي (المتوفى ‪246‬ه)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬الدكتور عبد الكريم‬
‫األشتر‪ ,‬الطبعة الثانية‪ ,‬دمشق‪ ,‬سنة‪1403 ,‬ه ‪1983 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )195‬شعر مروان بن أبي حفصة (المتوفى ‪182‬ه)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬الدكتور حسين عطوان‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬دار المعارف للطباعة‪ ,‬النيل‪ ,‬القاهرة‪ ,‬الطبعة الثالثة‪.‬‬
‫‪ )196‬شعر منصور النمري‪ ,‬تحقيق‪ ,‬الطيب العياش‪ ,‬الناشر‪ ,‬مطبوعات مجمع اللغة‬
‫العربية‪ ,‬دار المعارف للطباعة‪ ,‬بدمشق‪ ,‬سنة‪1401 ,‬ه ‪1981 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )197‬الشعر والشعراء‪ ,‬أبو محمد عبد اهلل بن مسلم بن قتيبة الدينوري (المتوفى‬
‫‪276‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الحديث‪ ,‬القاهرة‪ ,‬سنة‪1423 ,‬هـ‪.‬‬
‫‪ )198‬الشيعة في الميزان‪ ,‬محمد جواد مغنية‪ ,‬تحقيق‪ ,‬سامي الغريري الغراوي‪ ,‬الناشر‪,‬‬
‫مؤسسة دار الكتاب اإلسالمي‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1426 ,‬هـ ق ‪2005 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )199‬الشيعة في مسارهم التاريخي‪ ,,‬السيد محسن األمين العاملي‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة دار‬
‫معارف الفقه اإلسالمي‪ ,‬الطبعة الثانية‪ ,‬سنة ‪1426‬هـ ‪2005 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )200‬صبح األعشى في صناعة اإلنشاء‪ ,‬أحمد بن علي بن أحمد الفزاري القلقشندي ثم‬
‫القاهري (المتوفى ‪821‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الكتب العلمية‪ ,‬بيروت‪.‬‬

‫)‪)258‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )201‬صحيح البخاري‪ ,‬الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم وسننه وأيامه‪ ,‬محمد بن إسماعيل أبو عبداهلل البخاري الجعفي‪,‬‬
‫تحقيق‪ ,‬محمد زهير بن ناصر الناصر‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار طوق النجاة‪ ,‬الطبعة األولى‪,‬‬
‫سنة‪1422 ,‬هـ‪.‬‬
‫‪ )202‬الصراع بين القديم والجديد في الشعر العربي‪ ,‬الدكتور محمد حسين األعرجي‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬عصمى للنشر والتوزيع‪ ,‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ )203‬الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضالل والزندقة‪ ,‬أحمد بن محمد بن علي‬
‫بن حجر الهيتمي السعدي األنصاري‪ ,‬شهاب الدين شيخ اإلسالم‪ ,‬أبو العباس‬
‫(المتوفى ‪974‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬عبد الرحمن بن عبد اهلل التركي‪ ,‬كامل محمد الخراط‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬مؤسسة الرسالة‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1417 ,‬هـ ‪1997 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )204‬ضحى اإلسالم‪ ,‬أحمد أمين‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار هنداوي‪ ,‬مدينة نصر‪ ,‬القاهرة‪ ,‬سنة‪,‬‬
‫‪2012‬م‪.‬‬
‫ض َرمي اإلشبيلي‪ ,‬أبو الحسن‬
‫الح ْ‬ ‫‪ )205‬ضرائر ِّ‬
‫الش ْعر‪ ,‬علي بن مؤمن بن محمد‪َ ,‬‬
‫المعروف بابن عصفور (المتوفى ‪669‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬السيد إبراهيم محمد‪ ,‬الناشر‪,‬‬
‫دار األندلس للطباعة والنشر والتوزيع‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1980 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )206‬ضوابط المعرفة أصول االستدالل والمناظرة‪ ,‬عبد الرحمن حسن قبلة الميداني‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬دار القائم‪ ,‬دمشق‪ ,‬الطبعة الثالثة‪ ,‬سنة‪١٩٩٣ ,‬م‪.‬‬
‫‪ )207‬طبقات الشعراء‪ ,‬عبد اهلل بن محمد ابن المعتز العباسي (المتوفى ‪296‬هـ)‪,‬‬
‫تحقيق‪ ,‬عبد الستار أحمد فراج‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار المعارف‪ ,‬القاهرة‪ ,‬الطبعة الثالثة‪.‬‬
‫سالم بن عبيد اهلل الجمحي بالوالء‪ ,‬أبو عبد اهلل‬
‫‪ )208‬طبقات فحول الشعراء‪ ,‬محمد بن ّ‬
‫(المتوفى ‪232‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬محمود محمد شاكر‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار المدني‪ ,‬جدة‪.‬‬
‫‪ )209‬عقائد اإلمامية‪ ,‬الشيخ محمد رضا المظفر‪ ,‬النجف األشرف‪ ,‬سنة‪1370 ,‬ه‪.‬‬

‫)‪)259‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )210‬العقد الفريد‪ ,‬أبو عمر شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن‬
‫حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه األندلسي (المتوفى ‪328‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة‪ ,‬األولى‪ ,‬سنة‪1404 ,‬هـ‪.‬‬
‫‪ )211‬العمدة في محاسن الشعر وآدابه‪ ,‬أبو على الحسن بن رشيق القيرواني األزدي‬
‫(المتوفى ‪ 463‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬محمد محيي الدين عبد الحميد‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الجيل‪,‬‬
‫الطبعة الخامسة‪ ,‬سنة‪ 1401 ,‬هـ ‪1981 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )212‬العواصم من القواصم في تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ ,‬القاضي محمد بن عبد اهلل أبو بكر بن العربي المعافري اإلشبيلي المالكي‬
‫(المتوفى ‪543‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬محب الدين الخطيب‪ ,‬ومحمود مهدي االستانبولي‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬دار الجيل بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة الثانية‪ ,‬سنة‪1407 ,‬هـ ‪1987 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )213‬عيار الشعر‪ ,‬محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم طباطبا‪ ,‬الحسني‬
‫العلوي‪ ,‬أبو الحسن (المتوفى ‪322‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬عبد العزيز بن ناصر المانع‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬مكتبة الخانجي‪ ,‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ )214‬عيون األخبار‪ ,‬أبو محمد عبد اهلل بن مسلم بن قتيبة الدينوري (المتوفى ‪276‬هـ)‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬دار الكتب العلمية‪ ,‬بيروت‪ ,‬سنة ‪1418‬هـ‪.‬‬
‫‪ )215‬عيون المعجزات‪ ,‬الشيخ حسين بن عبد الوهاب (من أعالم القرن الخامس‬
‫الهجري)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬السيد فالح الشريفي‪ ,‬إشراف‪ ,‬الشيخ عبد الكريم العقيلي‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬مؤسسة بنت الرسول (صلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ ,‬سنة‪1422 ,‬ه ق ‪,‬‬
‫‪2001‬م‪.‬‬
‫‪ )216‬الغدير في الكتاب والسنة واألدب‪ ,‬عبد الحسين األمين النجفي‪ ,‬مؤسسة األعلمي‬
‫للمطبوعات‪ ,‬لبنان‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪1414 ,‬هـ ‪1994 ,‬م‪.‬‬

‫)‪)260‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )217‬غرائب القرآن ورغائب الفرقان‪ ,‬نظام الدين الحسن بن محمد بن حسين القمي‬
‫النيسابوري (المتوفى‪850‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬الشيخ زكريا عميرات‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الكتب‬
‫العلميه‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1416 ,‬هـ‪.‬‬
‫‪ )218‬الفاخر‪ ,‬المفضل بن سلمة بن عاصم‪ ,‬أبو طالب (المتوفى نحو ‪290‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪,‬‬
‫عبد العليم الطحاوي‪ ,‬مراجعة‪ ,‬محمد علي النجار‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار إحياء الكتب‬
‫العربية‪ ,‬عيسى البابي الحلبي‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1380 ,‬هـ‪.‬‬
‫‪ )219‬فاطمة الزهراء (عليها السالم) من المهد إلى اللحد‪ ,‬السيد محمد كاظم القزويني‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬مكتبة بصيرتي‪ ,‬قم‪ ,‬شارع ارم‪ ,‬سنة‪١٤١٤ ,‬ه ق‪.‬‬
‫الب َال ُذري (المتوفى ‪279‬هـ)‪,‬‬
‫‪ )220‬فتوح البلدان‪ ,‬أحمد بن يحيى بن جابر بن داود َ‬
‫الناشر‪ ,‬دار ومكتبة الهالل‪ ,‬بيروت‪ ,‬سنة‪1988 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )221‬فجر االسالم‪ ,‬أحمد أمين‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة هنداوي‪ ,‬القاهرة‪ ,‬مصر‪,‬‬
‫سنة‪2012,‬م‪.‬‬
‫‪ )222‬فرق الشيعة‪ ,‬الحسن بن موسى النوبختي‪ ,‬الناشر‪ ,‬منشورات الرضا‪ ,‬بيروت‪,‬‬
‫لبنان‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1433 ,‬ه ‪2012 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )223‬الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية‪ ,‬أبي منصور عبد القهار بن طاهر بن‬
‫محمد البغدادي‪ ,‬مكتبة أبن سينا‪ ,‬القاهرة‪ ,‬مصر‪.‬‬
‫‪ )224‬الفصل في الملل واألهواء والنحل‪ ,‬أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم‬
‫األندلسي القرطبي الظاهري (المتوفى ‪456‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬مكتبة الخانجي‪ ,‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ )225‬الفصول المختارة من العيون والمحاسن‪ ,‬السيد الشريف المرتضى‪ ,‬الناشر‪,‬‬
‫المؤتمر العالمي لأللفية الشيخ المفيد‪ ,‬قم‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1413 ,‬هـ ق‪.‬‬
‫‪ )226‬فضائل الصحابة‪ ,‬أبو عبد اهلل أحمد بن محمد بن حنبل بن هالل بن أسد‬
‫الشيباني (المتوفى ‪241‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬د‪ .‬وصي اهلل محمد عباس‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1403 ,‬ه ‪1983 ,‬م‪.‬‬
‫)‪)261‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )227‬فن الشعر‪ ,‬د‪ .‬إحسان عباس‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار بيروت للطباعة والنشر‪ ,‬بيروت‪,‬‬
‫لبنان‪ ,‬سنة‪1955 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )228‬فهرست اسماء مصنفي الشيعة المشتهر برجال النجاشي‪ ,‬الشيخ أبو العباس أحمد‬
‫بن علي بن أحمد ابن العباس النجاشي األزدي الكوفي (المتوفى ‪450‬ه)‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬شركة األعلمي للمطبوعات‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة األولى‪1431 ,‬ه ‪,‬‬
‫‪2010‬م‪.‬‬
‫‪ )229‬الفهرست‪ ,‬أبو الفرج محمد ب ن إسحاق بن محمد الوراق البغدادي المعتزلي الشيعي‬
‫المعروف بابن النديم (المتوفى ‪438‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬إبراهيم رمضان‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار‬
‫المعرفة بيروت ‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة الثانية‪ ,‬سنة‪ 1417 ,‬هـ ‪1997 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )230‬في األدب العباسي‪ ,‬الدكتور علي الزبيدي‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار المعرفة‪ ,‬مصر‪ ,‬الطبعة‬
‫األولى‪1959 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )231‬فيض القدير شرح الجامع الصغير‪ ,‬زين الدين محمد المدعو بعبد الرؤوف بن تاج‬
‫العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري (المتوفى‬
‫‪1031‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬المكتبة التجارية الكبرى‪ ,‬مصر‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪,‬‬
‫‪1356‬ه‪.‬‬
‫القاموس الجامع للمصطلحات الفقهية‪ ,‬الشيخ عبد اهلل عيسى إبراهيم الغديري‪,‬‬ ‫‪)232‬‬
‫الناشر‪ ,‬دار المحجة البيضاء‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة‪ ,‬األولى‪ ,‬سنة‪, 1418 ,‬‬
‫‪1998‬م‪.‬‬
‫‪ )233‬القاموس المحيط‪ ,‬مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى (المتوفى‬
‫‪817‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة‪ ,‬إشراف‪ ,‬محمد نعيم‬
‫العرقسوسي‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ,‬بيروت ‪ ,‬لبنان‪,‬‬
‫ُ‬
‫الطبعة الثامنة‪ ,‬سنة‪ 1426 ,‬هـ ‪2005 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )234‬الكافي‪ ,‬محمد بن يعقوب الكليني (المتوفى ‪329‬ه)‪ ,‬دار المرتضى‪ ,‬بيروت ـ‬
‫لبنان‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة ‪1426‬ه ‪2005 ,‬م‪.‬‬

‫)‪)262‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )235‬كامل الزيارات‪ ,‬أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (المتوفى ‪367‬ه)‪ ,‬علق‬
‫عليه‪ ,‬عبد الحسين األميني التبريزي‪ ,‬الناشر‪ ,‬المطبعة المبارطة المرتضوية‪,‬‬
‫النجف األشرف‪ ,‬سنة‪.1356 ,‬‬
‫‪ )236‬الكامل في التاريخ‪ ,‬أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم‬
‫بن عبد الواحد الشيباني الجزري‪ ,‬عز الدين ابن األثير (المتوفى‪630 :‬هـ)‪,‬‬
‫تحقيق‪ ,‬عمر عبد السالم تدمري‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الكتاب العربي‪ ,‬بيروت ‪ ,‬لبنان‪,‬‬
‫الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1417 ,‬هـ ‪1997 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )237‬كتاب األغاني‪ ,‬ألبي الفرج علي بن الحسين األصفهاني (المتوفى ‪356‬ه)‪,‬‬
‫تحقيق‪ ,‬الدكتور إحسان عباس‪ ,‬الدكتور إبراهيم السعافين‪ ,‬االستاذ بكر عباس‪,‬‬
‫الناشر دار صادر‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪1423 ,‬ه ‪2002 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )238‬كتاب األمثال في الحديث النبوي‪ ,‬أبو محمد عبد اهلل بن محمد بن جعفر بن‬
‫حيان األنصاري المعروف بأبِي الشيخ األصبهاني (المتوفى ‪369‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪,‬‬
‫الدكتور عبد العلي عبد الحميد حامد‪ ,‬الناشر‪ ,‬الدار السلفية ‪ -‬بومباي – الهند‪,‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ,‬سنة‪1408 ,‬ه ‪1987 ,‬م‬
‫‪ )239‬كتاب العين‪ ,‬أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي‬
‫البصري (المتوفى ‪170‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬د مهدي المخزومي‪ ,‬د‪ .‬إبراهيم السامرائي‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬دار ومكتبة الهالل‪.‬‬
‫‪ )240‬كتاب الغيبة‪ ,‬لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (المتوفى‬
‫‪ 460‬ه)‪ ,‬قدم له‪ ,‬الشيخ أغا بزرك الطهراني‪ ,‬الناشر‪ ,‬مكتبة نينوى الحديثة‪,‬‬
‫طهران‪ ,‬شارع ناصر خسرو‪.‬‬
‫‪ )241‬كتاب الفتن‪ ,‬أبو عبد اهلل نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث الخزاعي المروزي‬
‫(المتوفى ‪22‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬سمير أمين الزهيري‪ ,‬الناشر مكتبة التوحيد‪ ,‬القاهرة‪,‬‬
‫الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪.1412 ,‬‬

‫)‪)263‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )242‬كتاب سليم بن قيس الهاللي‪ ,‬ألبي صادق سليم بن قيس الهاللي العامري‬
‫الكوفي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬محمد باقر األنصاري الزنجاني الخوئيني‪ ,‬الناشر‪ ,‬دليل ما‪ ,‬قم‪,‬‬
‫إيران‪.‬‬
‫‪ )243‬الكشف والبيان عن تفسير القرآن‪ ,‬أبو إسحاق أحمد بن إبراهيم الثعلبي (المتوفى‬
‫‪ 427‬هـ)‪ ,‬أشرف على إخراجه‪ :‬د‪ .‬صالح باعثمان‪ ,‬د‪ .‬حسن الغزالي‪ ,‬أ‪ .‬د‪ .‬زيد‬
‫مهارش‪ ,‬أ‪ .‬د‪ .‬أمين باشه‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار التفسير‪ ,‬جدة ‪ ,‬المملكة العربية السعودية‪,‬‬
‫الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪ 1436 ,‬هـ ‪2015 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )244‬كفاية الطالب في (مناقب اإلمام علي بن أبي طالب) (عليه السالم)‪ ,‬للشيخ أبي‬
‫عبد اهلل محمد بن يوسف بن محمد القرشي الكنجي الشافعي (المتوفى ‪658‬ه)‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬مطبعة الغري‪ ,‬النجف االشرف‪ ,‬سنة‪1937 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )245‬كنز العمال في سنن األقوال واألفعال‪ ,‬عالء الدين علي بن حسام الدين ابن‬
‫قاضي خان القادري الشاذلي الهندي البرهانفوري ثم المدني فالمكي الشهير‬
‫بالمتقي الهندي (المتوفى ‪975‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬بكري حياني‪ ,‬صفوة السقا‪ ,‬الناشر‪,‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪ ,‬الطبعة الخامسة‪ ,‬سنة‪1401 ,‬هـ ‪1981 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )246‬لسان العرب‪ ,‬محمد بن مكرم بن على‪ ,‬أبو الفضل‪ ,‬جمال الدين ابن منظور‬
‫األنصاري الرويفعى اإلفريقى (المتوفى ‪711‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار صادر‪ ,‬بيروت‪,‬‬
‫الطبعة الثالثة‪ ,‬سنة‪1414 ,‬هـ‪.‬‬
‫‪ )247‬المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر‪ ,‬ضياء الدين بن األثير‪ ,‬نصر اهلل بن‬
‫محمد (المتوفى ‪637‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬أحمد الحوفي‪ ,‬بدوي طبانة‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار نهضة‬
‫مصر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ,‬الفجالة‪ ,‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ )248‬مجمع األمثال‪ ,‬أبو الفضل أحمد بن محمد بن إبراهيم الميداني النيسابوري‬
‫(المتوفى ‪ 518‬هـ)‪ ,‬تحقق‪ ,‬محمد محيى الدين عبد الحميد‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار المعرفة‪,‬‬
‫بيروت‪ ,‬لبنان‪.‬‬

‫)‪)264‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )249‬مجمع البيان في تفسير القرآن‪ ,‬للشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي‪,‬‬
‫تحقيق‪ ,‬السيد هاشم الرسولى المحالتي‪ ,‬السيد فضل اهلل اليزدي الطباطبائي‪ ,‬دار‬
‫المعرفة للنشر والطباعة‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬سنة‪1408 ,‬ه ـ ـ ـ ‪1988‬م‪.‬‬
‫‪ )250‬محاضرات األدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء‪ ,‬أبو القاسم الحسين بن محمد‬
‫المعروف بالراغب األصفهانى (المتوفى ‪502‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬شركة دار األرقم بن‬
‫أبي األرقم‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1420,‬هـ‪.‬‬
‫‪ )251‬المحبر‪ ,‬محمد بن حبيب بن أمية بن عمرو الهاشمي‪ ,‬بالوالء‪ ,‬أبو جعفر‬
‫البغدادي (المتوفى ‪245‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬إيلزة ليختن شتيتر‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار اآلفاق‬
‫الجديدة‪ ,‬بيروت‪.‬‬
‫‪ )252‬محمد بن وهيب الحميري‪ ,‬ضمن شعراء عباسيون‪ ,‬تحقيق‪ ,‬الدكتور يونس أحمد‬
‫السامرائي‪ ,‬الناشر‪ ,‬عالم الكتاب‪ ,‬مكتبة النهضة العربية‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪,‬‬
‫سنة‪1406 ,‬ه‪.‬‬
‫‪ )253‬مختار الصحاح‪ ,‬زين الدين أبو عبد اهلل محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي‬
‫الرازي (المتوفى ‪666‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬يوسف الشيخ محمد‪ ,‬الناشر‪ ,‬المكتبة‬
‫العصرية‪ ,‬الدار النموذجية‪ ,‬بيروت‪ ,‬صيدا‪ ,‬الطبعة الخامسة‪ ,‬سنة ‪1420‬هـ ‪,‬‬
‫‪1999‬م‪.‬‬
‫‪ )254‬المختصر في أخبار البشر‪ ,‬أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن علي بن محمود‬
‫بن محمد ابن عمر بن شاهنشاه بن أيوب‪ ,‬الملك المؤيد‪ ,‬صاحب حماة (المتوفى‬
‫‪732‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬المطبعة الحسينية المصرية‪ ,‬الطبعة األولى‪.‬‬
‫‪ )255‬المدائح النبوية‪ ,‬الدكتور زكي مبارك‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار المحجة البيضاء‪ ,‬القاهرة‪,‬‬
‫‪1953‬م‪.‬‬
‫‪ )256‬المرجع في السيرة النبوية خاتم النبيين‪ ,‬اإلمام محمد أبو زهرة‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الفكر‬
‫العربي‪ ,‬القاهرة‪ ,‬مصر‪ ,‬سنة‪1433 ,‬ه ‪2012 ,‬م‪.‬‬

‫)‪)265‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )257‬مروج الذهب ومعادن الجوهر‪ ,‬أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي‬
‫(المتوفى ‪346‬ه ‪957 ,‬م) اعتنى به وراجعه‪ ,‬كمال حسن مرعي‪ ,‬الناشر‪,‬‬
‫المكتبة العصرية‪ ,‬صيدا‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1425 ,‬ه ‪2005 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )258‬مسار الشيعة في مختصر تواريخ الشريعة‪ ,‬الشيخ المفيد بن محمد بن محمد بن‬
‫النعمان أبن المعلم أبي عبداهلل العكبري البغدادي (المتوفى ‪413‬ه)‪ ,‬تحقيق‪,‬‬
‫الشيخ مهدي نجف‪ ,‬الناشر‪ ,‬المؤتمر العالمي األلفية الشيخ المفيد‪ ,‬الطبعة‬
‫األولى‪ ,‬سنة‪1413 ,‬ه ق‪.‬‬
‫‪ )259‬المسالِك في شرح ُم َوطَّأ مالك‪ ,‬القاضي محمد بن عبد اهلل أبو بكر بن العربي‬
‫المعافري االشبيلي المالكي (المتوفى ‪543‬هـ)‪ ,‬وعلّق عليه‪ ,‬محمد بن الحسين‬
‫ضاوي‪ ,‬الناشر‪,‬‬ ‫السُّليماني وعائشة بنت الحسين السُّليماني‪َّ ,‬‬
‫قدم له‪ ,‬يوسف القَ َر َ‬
‫الغرب اإلسالمي‪ ,‬الطبعة‪ ,‬األولى‪ 1428 ,‬هـ ‪ 2007 ,‬م‬
‫َدار َ‬
‫‪ )260‬المسبار في النقد األدبي دراسة في نقد النقد لألدب القديم وللتناص‪ ,‬أ‪ .‬د‪ .‬حسين‬
‫جمعة‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار مؤسسة رسالن‪ ,‬سوريا‪ ,‬دمشق‪ ,‬سنة‪2011 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )261‬المستدرك على الصحيحين‪ ,‬أبو عبد اهلل الحاكم محمد بن عبد اهلل بن محمد بن‬
‫حمدويه بن ُنعيم بن الحكم الضبي الطهماني النيسابوري المعروف بابن البيع‬
‫(المتوفى ‪ 405‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬مصطفى عبد القادر عطا‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1411 ,‬ه ‪1990 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )262‬المستقصى في أمثال العرب‪ ,‬أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد‪ ,‬الزمخشري‬
‫جار اهلل (المتوفى ‪538‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الكتب العلمية‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة الثانية‪,‬‬
‫سنة ‪1987‬م‪.‬‬
‫‪ )263‬مسند أبي داود الطيالسي‪ ,‬أبو داود سليمان بن داود بن الجارود الطيالسي‬
‫البصرى (المتوفى ‪204‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬الدكتور محمد بن عبد المحسن التركي‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬دار هجر‪ ,‬مصر‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪ 1419 ,‬هـ ‪1999 -‬م‪.‬‬

‫)‪)266‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )264‬مسند أبي يعلي‪ ,‬أبو يعلى أحمد بن علي بن المثُنى بن يحيى بن عيسى بن‬
‫هالل التميمي‪ ,‬الموصلي (المتوفى ‪307‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬حسين سليم أسد‪ ,‬الناشر‪,‬‬
‫دار المأمون للتراث‪ ,‬دمشق‪.‬‬
‫‪ )265‬مسند اإلمام أحمد بن حنبل‪ ,‬أبو عبد اهلل أحمد بن محمد بن حنبل بن هالل بن‬
‫أسد الشيباني (المتوفى ‪241‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬شعيب األرنؤوط‪ ,‬عادل مرشد‪ ,‬وآخرون‪,‬‬
‫إشراف‪ ,‬د‪ .‬عبد اهلل بن عبد المحسن التركي‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة الرسالة‪ ,‬الطبعة‬
‫األولى‪ ,‬سنة‪ 1421 ,‬هـ ‪2001 ,‬م‬
‫‪ )266‬مسند البزار المنشور باسم البحر الزخار‪ ,‬أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق‬
‫بن خالد بن عبيد اهلل العتكي المعروف بالبزار (المتوفى ‪292‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪,‬‬
‫محفوظ الرحمن زين اهلل‪ ,‬األجزاء من ‪ 1‬إلى ‪ ,9‬وحقق عادل بن سعد األجزاء من‬
‫‪ 10‬إلى ‪ ,17‬وحقق صبري عبد الخالق الشافعي الجزء ‪ ,18‬الناشر‪ ,‬مكتبة‬
‫العلوم والحكم‪ ,‬المدينة المنورة‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1988 ,‬م‪2009 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )267‬مشكلة السرقات في النقد العربي دراسة تحليلية مقارنة‪ ,‬محمد مصطفى هدارة‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬مكتبة األنجلو المصرية‪ ,‬القاهرة‪ ,‬مصر‪ ,‬سنة‪١٩٥٨ ,‬م‪.‬‬
‫‪ )268‬مطيع بن إياس وما تبقى من شعره‪ ,‬ضمن شعراء عباسيون‪ ,‬دراسات ونصوص‬
‫شعرية‪ ,‬غوستاف فون غرنباوم‪ ,‬ترجمة‪ ,‬الدكتور يوسف محمد نجم‪ ,‬راجعها‪,‬‬
‫إحسان عباس‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار مكتبة الحياة‪ ,‬بيروت‪ ,‬سنة‪1959 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )269‬المعارف‪ ,‬أبو محمد عبد اهلل بن مسلم بن قتيبة الدينوري (المتوفى ‪276‬هـ)‪,‬‬
‫تحقيق‪ ,‬ثروت عكاشة‪ ,‬الناشر‪ ,‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ,‬القاهرة‪ ,‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ,‬سنة‪1992 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )270‬معالم التنزيل في تفسير القرآن‪ ,‬تفسير البغوي‪ ,‬أبو محمد الحسين بن مسعود بن‬
‫محمد بن الفراء البغوي الشافعي (المتوفى ‪510‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬عبد الرزاق المهدي‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬دار إحياء التراث العربي‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى ‪ 1420 ,‬هـ‪.‬‬

‫)‪)267‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )271‬المعجم األدبي‪ ,‬نواف نصار‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار وارد‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة ‪2007‬م‪.‬‬
‫‪ )272‬معجم البلدان‪ ,‬شهاب الدين أبو عبد اهلل ياقوت بن عبد اهلل الرومي الحموي‬
‫(المتوفى ‪626‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار صادر‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة‪ ,‬الثانية‪ ,‬سنة ‪1995‬م‪.‬‬
‫‪ )273‬المعجم الكبير‪ ,‬سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي‪ ,‬أبو القاسم‬
‫الطبراني (المتوفى ‪360‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬حمدي بن عبد المجيد السلفي‪ ,‬الناشر‪,‬‬
‫مكتبة ابن تيمية‪ ,‬القاهرة‪ ,‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪ )274‬معجم المصطلحات األدبية المعاصرة‪ ,‬د‪ .‬سعيد علوش‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الكتاب‬
‫اللبناني‪ ,‬بيروت‪ ,‬سوشبريس‪ ,‬الدار البيضاء‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1404 ,‬ه ‪,‬‬
‫‪.1985‬‬
‫‪ )275‬معجم المصطلحات األدبية‪ ,‬إبراهيم فتحي‪ ,‬الناشر‪ ,‬التعاضدية العمالية للطباعة‬
‫والنشر‪ ,‬صفاقس‪ ,‬الجمهورية التونسية‪ ,‬الطبعة الثانية‪ ,‬سنة ‪1986‬م‪.‬‬
‫‪ )276‬المعجم الوسيط‪ ,‬مجمع اللغة العربية بالقاهرة‪ ,‬إبراهيم مصطفى‪ ,‬أحمد الزيات‪,‬‬
‫حامد عبد القادر‪ ,‬محمد النجار‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الدعوة‪.‬‬
‫‪ )277‬معجم آيات االقتباس‪ ,‬حكمت فرج البدري‪ ,‬الناشر‪ ,‬و ازرة الثقافة واألعالم‪ ,‬سلسلة‬
‫كتب التراث‪ ,‬الجمهورية العراقية‪ ,‬سنة ‪1980‬م‪.‬‬
‫‪ )278‬معجم ديوان األدب‪ ,‬أبو إبراهيم إسحاق بن إبراهيم بن الحسين الفارابي‪( ,‬المتوفى‪:‬‬
‫‪ 350‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬دكتور أحمد مختار عمر‪ ,‬مراجعة‪ ,‬دكتور إبراهيم أنيس‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬مؤسسة دار الشعب للصحافة والطباعة والنشر‪ ,‬القاهرة‪ ,‬سنة‪ 1424 ,‬هـ‬
‫‪ 2003 -‬م‬
‫‪ )279‬معجم قبائل العرب القديمة والحديثة‪ ,‬عمر بن رضا بن محمد راغب بن عبد‬
‫الغني كحالة الدمشقي (المتوفى ‪1408‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة الرسالة‪ ,‬بيروت‪,‬‬
‫الطبعة السابعة‪ ,‬سنة‪ 1414 ,‬هـ ‪1994 ,‬م‪.‬‬

‫)‪)268‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )280‬معجم ما استعجم من أسماء البالد والمواضع‪ ,‬أبو عبيد عبد اهلل بن عبد العزيز‬
‫بن محمد البكري األندلسي (المتوفى ‪487‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬عالم الكتب‪ ,‬بيروت‪,‬‬
‫الطبعة الثالثة‪ ,‬سنة‪1403 ,‬هـ‪.‬‬
‫‪ )281‬معلقة امر القيس في دراسات القدماء والمحدثين‪ ,‬الدكتور ضياء غني العبودي‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬دار الحامد‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1432 ,‬ه ‪2011 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )282‬المغازي‪ ,‬محمد بن عمر بن واقد السهمي األسلمي بالوالء‪ ,‬المدني‪ ,‬أبو عبد اهلل‪,‬‬
‫الواقدي (المتوفى ‪207‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬مارسدن جونس‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار األعلمي‪,‬‬
‫بيروت‪ ,‬الطبعة الثالثة‪ ,‬سنة‪1409 ,‬ه ‪1989 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )283‬مفاتيح الغيب‪ ,‬التفسير الكبير‪ ,‬أبو عبد اهلل محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين‬
‫التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب الري (المتوفى ‪606‬هـ)‪ ,‬الناشر‪,‬‬
‫دار إحياء التراث العربي ‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة الثالثة‪1420 ,‬هـ‪.‬‬
‫‪ )284‬المفصل في تاريخ العرب قبل اإلسالم‪ ,‬الدكتور جواد علي (المتوفى ‪1408‬هـ)‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬دار الساقي‪ ,‬الطبعة الرابعة‪1422 ,‬هـ ‪2001 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )285‬مقاتل الطالبيين‪ ,‬علي بن الحسين بن محمد بن أحمد بن الهيثم المرواني األموي‬
‫القرشي‪ ,‬أبو الفرج األصبهاني (المتوفى ‪356‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬السيد أحمد صقر‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬دار المعرفة‪ ,‬بيروت‪.‬‬
‫‪ )286‬المقاالت والفرق‪ ,‬لسعد بن عبد اهلل أبي خلف األشعري القمي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬الدكتور‬
‫محمد جواد مش كور‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة عطائي‪ ,‬طهران‪ ,‬شارع ناصر خسرو‪ ,‬سنة‪.‬‬
‫‪.1341‬‬
‫‪ )287‬مقتل اإلمام علي بن أبي طالب (عليه السالم)‪ ,‬ألبي بكر عبد اهلل بن محمد بن‬
‫عبيد بن سفيان المعروف بابن أبي الدنيا (المتوفى ‪281‬ه) رواية‪ ,‬الحسين بن‬
‫صفوان البرذعي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬إبراهيم صالح‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار البشائر للطباعة والنشر‪,‬‬
‫دمشق‪ ,‬سوريا‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1422 ,‬ه ‪2001 ,‬م‪.‬‬

‫)‪)269‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )288‬مقتل الحسين (عليه السالم) المسمى باللهوف في قتلى الطفوف‪ ,‬علي بن موسى‬
‫بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسيني‪ ,‬مؤسسة األعلمي للمطبوعات‪ ,‬بيروت‪,‬‬
‫لبنان‪ ,‬الطبعة األولى‪1993 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )289‬مقتل الحسين‪ ,‬للخوارزمي‪ ,‬أبي المؤيد الموفق بن أحمد المكي أخطب خوارزم‬
‫(المتوفى ‪568‬ه)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬الشيح محمد السماوي‪ ,‬الناشر‪ ,‬أنوار الهدى‪ ,‬قم‬
‫المقدسة‪ ,‬إيران‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1418 ,‬ه ق‪.‬‬
‫‪ )290‬المكونات األولى للثقافة العربية (دراسة في نشأة اآلداب والمعارف العربية‬
‫وتطورها) د ‪ .‬عز الدين اسماعيل ‪ ,‬مديرية الثقافة العامة ‪ ,‬و ازرة االعالم ‪.‬‬
‫‪ )291‬مالحظات نحو تعريف الثقافة‪ ,‬ت‪ .‬س إليوت‪ ,‬ترجمة‪ ,‬شكري عياد‪ ,‬القاهرة‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬دار التنوير‪ ,‬مصر‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪.2014 ,‬‬
‫‪ )292‬الملل والنحل‪ ,‬أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أبى بكر أحمد الشهرستاني‬
‫(المتوفى ‪548‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة الحلبي‪.‬‬
‫‪ )293‬من ال يحضره الفقيه‪ ,‬ألبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي‬
‫(المتوفى ‪381‬ه)‪ ,‬علق عليه‪ ,‬حسين األعلمي‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة األعلمي‬
‫للمطبوعات‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1406 ,‬ه ‪1986 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )294‬مناظرات األمام الصادق (علية السالم) وتصديه لحركة الزندقة‪ ,‬د‪ .‬حسين‬
‫الشاكري‪ ,‬مركز القائمية‪ ,‬أصفهان‪.‬‬
‫‪ )295‬مناظرات في العقائد‪ ,‬عبد اهلل الحسن‪ ,‬تقديم‪ ,‬باقر شريف القرشي‪.‬‬
‫‪ )296‬مناقب آل بني طالب‪ ,‬أبو جعفر محمد بن علي بن شهرأشوب السروي‬
‫المازندراني‪ ,‬تحقيق‪ ,‬يوسف البقاعي‪ ,‬الناشر‪ ,‬ذو القربى‪ ,‬سنة‪1439 ,‬هـ ق ‪,‬‬
‫‪1387‬هـ ش‪.‬‬
‫‪ )297‬مناقب اإلمام علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه‪ ,‬علي بن محمد بن محمد بن‬
‫الطيب بن أبي يعلى بن الجالبي‪ ,‬أبو الحسن الواسطي المالكي‪ ,‬المعروف بابن‬

‫)‪)270‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫المغازلي (المتوفى ‪483‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬أبو عبد الرحمن تركي بن عبد اهلل الوادعي‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬دار اآلثار‪ ,‬صنعاء‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪ 1424 ,‬هـ ‪2003 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )298‬المناقب‪ ,‬الموفق بن أحمد البكري المكي الخوارزمي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬الشيخ مالك‬
‫المحمودي‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة النشر اإلسالمية‪ ,‬قم المشرفة‪ ,‬سنة‪1411 ,‬ه ق‪.‬‬
‫‪ )299‬مناهج اليقين في أصول الدين‪ ,‬العالمة الحلي الحسن بن يوسف بن المطهر‬
‫(المتوفى ‪726‬ه)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬محمد رضا األنصاري القمي‪ ,‬الناشر‪ ,‬مطبعة ياران‪,‬‬
‫الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1416 ,‬ه ‪1374 ,‬ش‪.‬‬
‫‪ )300‬المنتظم في تاريخ األمم والملوك‪ ,‬جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن‬
‫محمد الجوزي (المتوفى ‪597‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬محمد عبد القادر عطا‪ ,‬مصطفى عبد‬
‫القادر عطا‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الكتب العلمية‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة ‪1412‬هـ ‪,‬‬
‫‪1992‬م‪.‬‬
‫‪ )301‬المنصف للسارق والمسروق منه‪ ,‬الحسن بن علي الضبي التنيسي أبو محمد‪,‬‬
‫المعروف بابن وكيع (المتوفى ‪393‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬عمر خليفة بن ادريس‪ ,‬الناشر‪,‬‬
‫جامعة قات يونس‪ ,‬بنغازي‪ ,‬الطبعة األولى‪1994 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )302‬منهاج البلغاء وسراج األدباء‪ ,‬حازم بن محمد بن حسن‪ ,‬ابن حازم القرطاجني‪,‬‬
‫أبو الحسن (المتوفى ‪684‬هـ)‪.‬‬
‫‪ )303‬الموازنة بين أبي تمام والبحتري‪ ,‬أبو القاسم الحسن بن بشر اآلمدي (المتوفى‬
‫‪ 370‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬السيد أحمد صقر‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار المعارف‪ ,‬الطبعة الرابعة‪.‬‬
‫‪ )304‬المواعظ واالعتبار بذكر الخطط واآلثار‪ ,‬أحمد بن علي بن عبد القادر‪ ,‬أبو‬
‫العباس الحسيني العبيدي‪ ,‬تقي الدين المقريزي (المتوفى ‪845‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1418 ,‬هـ‪.‬‬
‫‪ )305‬المؤتَلِف والمختَلِف‪ ,‬أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن‬
‫النعمان بن دينار البغدادي الدارقطني (المتوفى ‪385‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬موفق بن عبد‬

‫)‪)271‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫اهلل بن عبد القادر‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الغرب اإلسالمي‪ ,‬بيروت‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪,‬‬
‫‪1406‬هـ ‪1986 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )306‬النثر الفني في القرن الرابع الهجري‪ ,‬زكي مبارك‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة هنداوي للتعليم‬
‫والثقافة القاهرة ـ مصر‪ ,‬سنة‪٢٠١٢ ,‬م‪.‬‬
‫‪ )307‬النزعة القصصية في األدب العربي حتى القرن الرابع الهجري (دراسة في النشأة‬
‫والتطور والموقف النقدي من القص)‪ ,‬محمد خير شيخ موسى‪ ,‬الناشر‪ ,‬الهيئة‬
‫العامة للتعليم التطبيقي والتدريب‪ ,‬الكويت‪ ,‬سنة‪1427,‬ه ـ ـ ـ ‪2006‬م‪.‬‬
‫‪ )308‬نزهة المجالس ومنتخب النفائس‪ ,‬عبد الرحمن بن عبد السالم الصفوري (المتوفى‬
‫‪894‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬المطبعة الكاستلية‪ ,‬مصر‪ ,‬سنة‪1283 ,‬هـ‪.‬‬
‫‪ )309‬نشوة الطرب في تاريخ جاهلية العرب‪ ,‬ابن سعيد األندلسي‪ ,‬تحقيق‪ ,‬الدكتور‬
‫نصرت عبد الرحمن‪ ,‬الناشر‪ ,‬مكتبة األقصى‪ ,‬عمان ‪ ,‬األردن‪.‬‬
‫‪ )310‬النص‪ ,‬السلطة‪ ,‬الحقيقة الفكر الديني بين إرادة المعرفة وارادة الهيمنة‪ ,‬د‪ .‬نصر‬
‫حامد أبو زيد‪ ,‬الناشر‪ ,‬مركز الثقافة العربي‪ ,‬الدار البيضاء‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪,‬‬
‫‪.1995‬‬
‫‪ )311‬نظرية األدب‪ ,‬رنيه وليك‪ ,‬آوستن وآرن‪ ,‬ترجمة‪ ,‬الدكتور عادل سالمة‪ ,‬الناشر‪,‬‬
‫دار المريخ‪ ,‬الرياض‪ ,‬السعودية‪ ,‬سنة‪1991 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )312‬نظرية النص األدبي‪ ,‬عبد الملك مرتاض‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار هومة‪ ,‬الجزائر‪ ,‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ,‬سنة‪.2010 ,‬‬
‫‪ )313‬ا لنقد األدبي الحديث‪ ,‬د‪ .‬محمد غنيمي هالل‪ ,‬الناشر‪ ,‬نهضة مصر‪ ,‬القاهرة‪,‬‬
‫سنة‪١٩٩٧ ,‬م‪.‬‬
‫‪ )314‬النقد الثقافي قراءة في األنساق الثقافية العربية‪ ,‬عبد اهلل الغذامي‪ ,‬الناشر‪ ,‬المركز‬
‫الثقافي العربي‪ ,‬الطبعة الثالثة‪ ,‬سنة‪2005 ,‬م‪.‬‬

‫)‪)272‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )315‬نقض الوشيعة أو الشيعة بين الحقائق واألوهام‪ ,‬السيد محسن األمين العاملي‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬الغدير للطباعة والنشر‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪, 1422 ,‬‬
‫‪2001‬م‪.‬‬
‫‪ )316‬نهاية اإليجاز في سيرة ساكن الحجاز‪ ,‬رفاعة رافع بن بدوي بن علي الطهطاوي‬
‫(المتوفى ‪1290‬هـ)‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار الذخائر‪ ,‬القاهرة‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪,‬‬
‫‪1419‬هـ‪.‬‬
‫‪ )317‬النهاية في غريب الحديث واألثر‪ ,‬مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن‬
‫محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن األثير (المتوفى ‪606‬هـ)‪,‬‬
‫تحقيق‪ ,‬طاهر أحمد الزاوى‪ ,‬محمود محمد الطناحي‪ ,‬الناشر‪ ,‬المكتبة العلمية‪,‬‬
‫بيروت‪ ,‬سنة ‪1399‬هـ ‪1979 -‬م‪.‬‬
‫‪ )318‬نهج البالغة‪ ,‬شرح الشيخ محمد عبده‪ ,‬تحقيق‪ ,‬فاتن محمد حليل اللبون‪ ,‬الناشر‪,‬‬
‫دار الزهراء‪ ,‬قم ‪ ,‬إيران‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪ 1388 ,‬ش ‪1430 ,‬ه ق‪.‬‬
‫‪ )319‬نور العين في مشهد الحسين رضي اهلل عنه‪ ,‬األستاذ أبي إسحاق االسفراني‪,‬‬
‫الناشر‪ ,‬شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأوالده‪ ,‬مصر‪ ,‬الطبعة‬
‫الثالثة‪ ,‬سنة‪1374 ,‬ه ـ ـ ـ ‪1955‬م‪.‬‬
‫‪ )320‬الوافي بالوفيات‪ ,‬صالح الدين خليل بن أيبك بن عبد اهلل الصفدي (المتوفى‬
‫‪764‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬أحمد األرناؤوط وتركي مصطفى‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار إحياء التراث‪,‬‬
‫بيروت‪ ,‬سنة‪1420 ,‬هـ ـ ـ ـ ‪2000‬م‪.‬‬
‫‪ )321‬الوساطة بين المتنبي وخصومه‪ ,‬أبو الحسن علي بن عبد العزير القاضي‬
‫الجرجاني (المتوفى ‪392‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬محمد أبو الفضل إبراهيم‪ ,‬علي محمد‬
‫البجاوي‪ ,‬الناشر‪ ,‬مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه‪.‬‬
‫‪ )322‬وسائل الشيعة ومستدركها‪ ,‬الحر العاملي‪ ,‬والمير از النوري‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة النشر‬
‫اإلسالمي‪ ,‬قم‪ ,‬شارع األمين‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1430 ,‬ه‪.‬‬

‫)‪)273‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )323‬وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان‪ ,‬أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن‬
‫إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان البرمكي اإلربلي (المتوفى ‪681‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪,‬‬
‫إحسان عباس‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار صادر‪ ,‬بيروت‪.‬‬
‫‪ )324‬وقعة الجمل‪ ,‬ضامن بن شدقم بن علي الحسيني المدني (المتوفى بعد ‪1082‬ه)‪,‬‬
‫تحقيق‪ ,‬السيد تحسين آل شبيب الموسوي‪ ,‬الطبعة األولى‪1420 ,‬ه ‪1999 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )325‬وقعة الطف‪ ,‬ألبي مخنف لوط بن يحيى األسدي الخامدي الكوفي (المتوفي‬
‫‪ 158‬ه ق)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة النشر‬
‫اإلسالمي ‪ ,‬قم المشرفة‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪.1367 ,‬‬
‫‪ )326‬وقعة صفين‪ ,‬نصر بن مزاحم المنقري (المتوفى ‪212‬ه)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬عبد السالم‬
‫محمد هارون‪ ,‬الناشر‪ ,‬المؤسسة العربية الحديثة‪ ,‬الفجالة‪ ,‬مصر‪ ,‬الطبعة الثانية‪,‬‬
‫‪1382‬ه‪.‬‬
‫‪ )327‬يتي مة الدهر في محاسن أهل العصر‪ ,‬عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو‬
‫منصور الثعالبي (المتوفى ‪429‬هـ)‪ ,‬تحقيق‪ ,‬د‪ .‬مفيد محمد قمحية‪ ,‬الناشر‪ ,‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ,‬بيروت‪ ,‬لبنان‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1403 ,‬ه ‪1983 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )328‬ينابيع المودة سجل عظيم ألحاديث النبوية في مناقب اإلمام علي وأهل البيت‬
‫(عليهم السالم)‪ ,‬الشيخ سليمان ابن الشيخ إبراهيم المعروف بخواجة كالن ابن‬
‫شيخ محمد معروف المشتهر به بابا خواجة الحسيني البلخي القندوزي الحنفي‪,‬‬
‫تصحيح‪ ,‬عالء الدين األعلمي‪ ,‬الناشر‪ ,‬مؤسسة األعلمي للمنشورات‪ ,‬بيروت‪,‬‬
‫لبنان‪ ,‬الطبعة األولى‪ ,‬سنة‪1418 ,‬ه ‪1997 ,‬م‪.‬‬
‫الرسائل واالطاريح‬

‫‪ )1‬التشيع في الشعر العباسي في القرنين الرابع والخامس الهجريين‪ ,‬فرحان علي‬


‫موسى القضاة‪ ,‬اطروحة دكتوراه‪ ,‬كلية الدراسات العليا‪ ,‬الجامعة األردنية‪ ,‬سنة‪,‬‬
‫‪1986‬م ‪1987 ,‬م‪.‬‬

‫)‪)274‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫‪ )2‬التناص في شعر الشريف الرضي‪ ,‬طه محمود ملح العبيدي‪ ,‬رسالة ماجستير‬
‫جامعة آل البيت‪ ,‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ,‬قسم اللغة العربية‪ ,‬سنة‪,‬‬
‫‪2006 , 2015‬م‪.‬‬
‫‪ )3‬التناص في شعر المتنبي‪ ,‬إبراهيم عقلة جوخان‪ ,‬اطروحة دكتوراه‪ ,‬جامعة‬
‫اليرموك‪ ,‬كلية اآلداب‪ ,‬قسم اللغة العربية‪ ,‬سنة‪1427 ,‬ه ‪2006 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )4‬التناص في شعر دعبل بن علي الخزاعي (‪ 148‬ـ ـ ‪246‬ه) دراسة تحليلية‪,‬‬
‫خالد حمد لفته‪ ,‬رسالة ماجستير‪ ,‬جامعة البصرة‪ ,‬كلية اآلداب‪ ,‬قسم اللغة‬
‫العربية‪ ,‬سنة‪1437,‬ه ‪2017 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )5‬توظيف المرجعيات الثقافية في شعر محمد مردان‪ ,‬محمد جواد علي البياتي‪,‬‬
‫اطروحة دكتوراه‪ ,‬جامعة تكريت‪ ,‬كلية التربية للعلوم اإلنسانية‪ ,‬قسم اللغة‬
‫العربية‪ ,‬سنة‪1434 ,‬هـ ‪2013 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )6‬سيكولوجية القصة في القرآن‪ ,‬التهامي نقرة‪ ,‬اطروحة دكتوراه‪ ,‬جامعة الجزائر‪,‬‬
‫سنة‪1971 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )7‬المرجعيات الثقافية الموروثة في الشعر االندلسي عصر الطوائف والمرابطين‪,‬‬
‫حسين مجيد رستم عيسى الحصونة الموسوي‪ ,‬اطروحة دكتوراه‪ ,‬جامعة البصرة‪,‬‬
‫كلية التربية‪ ,‬قسم اللغة العربية‪ ,‬سنة‪1429 ,‬هـ ‪2008 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )8‬المرجعيات الثقافية في ديوان مهيار الديلمي‪ ,‬حسام جاري زوير‪ ,‬اطروحة‬
‫دكتوراه‪ ,‬جامعة البصرة‪ ,‬كلية التربية للعلوم اإلنسانية‪ ,‬قسم اللغة العربية‪,‬‬
‫‪2009‬م‪.‬‬
‫‪ )9‬المظاهر السردية في الشعر الشيعي (‪ 133‬ـ ـ ‪447‬هـ)‪ ,‬بشار لطيف جواد‬
‫علوان‪ ,‬اطروحة دكتوراه‪ ,‬جامعة كربالء‪ ,‬كلية التربية للعلوم اإلنسانية‪ ,‬قسم‬
‫اللغة العربية‪ ,‬سنة‪1440 ,‬هـ ‪2018 ,‬م‪.‬‬

‫)‪)275‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫التشيع في العصر العباسي‪ ,‬صفاء علي احمد‬


‫ّ‬ ‫َّ‬
‫العقلية في شعر‬ ‫‪ )10‬النزعة‬
‫الموسوي‪ ,‬رسالة ماجستير‪ ,‬جامعة بابل‪ ,‬كلية التربية للعلوم اإلنسانية‪ ,‬قسم‬
‫اللغة العربية‪ ,‬أدب‪ ,‬سنة‪1435 ,‬ه ‪2014 ,‬م‪.‬‬
‫المجالت والدوريات‬

‫‪ )1‬ابن العودي النيلي (ت‪558‬ه) حياته وما تبقى من شعره‪ ,‬عبد اإلله عبد الوهاب‬
‫العرداوي‪ ,‬مجلة تراث الحلة‪ ,‬العتبة العباسية المقدسة‪ ,‬السنة الثانية‪ ,‬المجلد‬
‫الثاني‪ ,‬العدد الثالث‪ ,‬سنة‪1438 ,‬ه ـ ـ ـ ‪2017‬م‪.‬‬
‫‪ )2‬أثر القرآن الكريم واألحاديث المأثورة عن النبي وآلة في مراثي األمام الحسين‬
‫للشريف المرتضى‪ ,‬محمد أسماعيل ازرة‪ ,‬مجلة التراث األدبي‪ ,‬السنة الثانية‪,‬‬
‫العدد السادس‪ 1389 ,‬ه‪ .‬ش‪.‬‬
‫‪ )3‬تائية دعبل بن علي الخزاعي (ت ‪246‬ه) قراءة في البناء الفني واإلسناد‬
‫الصرفي للضمائر‪ ,‬أ‪ .‬د‪ .‬حربي نعيم الشبلي‪ ,‬جامعة كربالء‪ ,‬كلية التربية للعلوم‬
‫اإلنسانية‪ ,‬قسم اللغة العربية‪.‬‬
‫‪ )4‬دالالت البكاء وموضوعاته في الشعر األموي‪ ,‬أ‪ .‬د‪ .‬بدران عبد الحسين البياتي‪,‬‬
‫مجلة كلية اآلداب‪ ,‬جامعة كركوك‪ ,‬العدد‪.٩٨ ,‬‬
‫‪ )5‬شعر أحمد بن علوية الكاتب (ت بين ‪ 320‬ـ ـ ـ ‪322‬ه‪ 932 /‬ـ ـ ـ ‪933‬م)‪,‬‬
‫تحقيق‪ ,‬األستاذ الدكتور عبد المجيد اإلسداوي‪ ,‬مجلة الخزانة‪ ,‬العتبة العباسية‬
‫المقدسة‪ ,‬العدد الثالث‪ ,‬السنة الثانية‪ ,‬سنة‪ ,‬شعبان ‪1439‬ه ‪ ,‬آيار ‪2018‬م‪.‬‬
‫‪ )6‬فصول مجلة النقد األدبي‪ ,‬المجلد الثالث‪ ,‬العدد الثالث‪ ,‬سنة ‪.1983‬‬
‫‪ )7‬القصة نشأتها تطورها في األدب العربي‪ ,‬رحمى عمران‪ ,‬محاضرة في جامعة‬
‫بهاء الدين زكريا ملتان‪ ,‬قسم اللغة العربية العربية‪ ,‬سنة‪2011 ,‬م‪.‬‬
‫‪ )8‬نظرية التناص صك جديد لعملة قديمة‪ ,‬د‪ .‬حسين جمعة‪ ,‬مجلة مجمع اللغة‬
‫العربية دمشق‪ ,‬المجلد ‪ ,75‬الجزء‪.٢‬‬
‫)‪)276‬‬
‫قائمة المصادر‬

‫الشبكة العنكبوتية‬

‫‪ )1‬ينظر الشبكة العنكبوتية ‪/https://ar.wikipedia.org/wiki‬‬

‫‪ )2‬الشبكة العنكبوتية ‪https://www.awraqthaqafya.com/157‬‬

‫)‪)277‬‬
Abstract
Abstract:

All praise is due to God, creator of the creation, granting good, praise
suits His dignity as he must be praised, Prayer and peace be upon our
master and prophet Mohammed and his progeny, the light of right
guidance whom God removed all impurity from them and to make them
completely pure.

Vanishing ruling of Beni Umayyad had an influence on Arabic


literature during Abbasid era in general and on Shia verse in specific.
Thus, literature and authors got a sort of expressing freedom in Abbasid
era. Interest of Abbasid caliphs in literature whether poetry or verse,
was a motif to highlight literature. Besides, Abbasid caliphs encouraged
poetry that criticized Beni Umayyad and their caliphs regardless of
orientation of that poetry religiously or faithfully save the poetry that
criticized Abbasid caliphs or see that they have no right in caliphate.
Removing racial discrimination between Arabs and non- Arabs
encouraged literature when Beni Umayyad preferred Arabs on Persians.

The length of Abbasid ruling era and getting the Persians high
positions as ministers and rulers who were loyal to the prophet progeny
( p.b.u.t.) were the main reason in flourishing Shia verse in Abbasid era.
This is in addition to enjoying some small states that belong to Abbasid
state with semi total independence; the matter that participated in
attracting Shia poets. That state was a peaceful to them like states of
Hamdanid dynasty And Buyid dynasty. Those events and other
positively affected in flourishing literature, prose, and poetry Particularly
Shia verse which was suffering from mouth muzzling And facing them
with violence in Umayyad era. Shia verse during Abbasid era participated
in the rise of literature through the political and doctrine conflicts. It
reclined on the religious, literary, and historical references. In this
respect, they mostly used the arguments and verbal argumentations,
mind decisions, citing by evidences in refuting their opponents.
Therefore, it was one of the sources that keep Arabic literature heritage.

Based on this, the idea of my respected master Dr. Herbi Naeem


Mohammd sprang to study Shia verse references during Abbasid era.
Undoubtedly, I was excited to stop t those traces or the heritage that
Shia poets employed in serving their poetic experiment.

Concerning the framework of the current study entitled" The


Cultural References of Shia Verse in the Abbasid Era". It consists of four
chapters preceded by an introduction and a preface, and followed by a
list of sources and references according to the following division.

The preface contained a clear definition of the cultural references and


their relation with literature and with the authors, then state what
expressions that concord with them as poetic plagiarism, simile etc. the
preface also contained a definition of Shia verse.

The first chapter which is entitled" the religious references" has four
sections. The first section shed the light on employment of holy Quran
ayas into Shia verse in Abbasid era. The second section presented
honorable prophetic Hadith and employed it in Shia verse. The third
section cited the prophet's progeny ( p.b.u.t.) speech and how poets got
benefit from. The fourth section included Imami's doctrines and how to
employ them in Shia verse.
The second chapter which is entitled" the literary references" has
four sections. In the first section which is entitled" the poetry", the
researcher uncovered the benefit of Shia verse of those who preceded
them in Islamic and pre Islamic eras. This is in addition to the influence
of late poets by the advanced ones in the Abbasid era. The second
section which is entitled" orations and messages", mentioned the
orations and messages of the prophet progeny( p.b.u.t.) that were
implied in the Shia verse. The third section which is entitled" proverbs
and wisdoms" discussed the Shia verse implication for Arabs proverbs
that Shia verse got benefit from. Besides, the study revealed " the
wisdom" in Shia verse. The fourth section which is entitled " other arts"
showed the way of employing Shia verse to stories and debates of the
prophet and progeny( p.b.u.t.).

The third chapter which is entitled" the historical references" has


three sections. The first section is entitled" the heritage of illiterate
history pre Islam era". It stated reclining of poets on events and figures
pre Islamic history and cited them in Shia verse. The second section
which is entitled " the prophet's biography and his invasions" stated the
poets' citation for the events that occurred to the prophet, as well as
employing Shia verse for events and wars of Muslims during the prophet
era . The third section which is entitled " the biography of the prophet
progeny( p.b.u.t.)" mentioned the life of biography of the prophet
progeny including happiness and sadness during the prophet time and
what happened after the prophet' death.

The second chapter which is entitled" other arts" has four sections. In
the first section which is entitled" the legend" discussed implication of "
the legend" in Shia verse and how the last got benefit from it in the
Abbasid era. The second section which is entitled" the political policy"
where the study revealed the political dimension of Shia verse in
Abbasid era. It mostly talked about presidency, people and
administration, caliphate, Imamah and Shia verse; all these issues belong
to the prophet progeny( p.b.u.t.) excluding others. The third section
which is entitled " the social culture" explains the implication of Shia
verse in Abbasid verse for the good social conventions and traditions
and their origin to the prophet and progeny( p.b.u.t.) and employing the
bad ones to enemies of the prophet and progeny( p.b.u.t.). the fourth
section which is entitled " the economic culture" shows implication of
Shia verse within the economic terminology like the agricultural,
industrial, and commercial where poets got benefit from in clarifying
text meaning and poet's aim to praise the prophet and progeny( p.b.u.t.)
and insult their enemies.

At the end there was the conclusion that contained the most important
results and a list of sources and references. Thus, I thank my respected
supervisor of the current dissertation (Herbi Naeem Mohammd Al Shibli)
in selecting the topic and doing a favor to by supplying me with
references as well as his advice and guidance to properly form the work.
Thus, he has the appreciation after Allah. Finally, I don't claim perfection
for my work or I gave the study its right, rather, if I was right, this is due
to Allah favor. If I am mistaken, this belongs to me. However, I should
kindly show my respect and appreciation to the debate committee who
will fill the gaps and remove any default. And the conclusion of our
prayer will be" All type of perfect and true praise belongs to Allah the
Lord of the world".
Republic of Iraq

Ministry of Higher Education and Scientific Research

Kerbala University

College of Education for Human Sciences

Department of Arabic Language

The Cultural References of Shia Verse in the Abbasid


Era

by:

Hussein Ne'mah Biti Al Alyawi

A Dissertation submitted to the council of College of Education/

Kerbala University as a Partial Fulfillment for the Requirements

of Ph.D. Certification in the Philosophy of Arabic language its


Literature

The supervisor:

Prof. Dr. Herbi Naeem Mohammd Al Shibli

(2021 A.D.) (1443 H.)

You might also like