Professional Documents
Culture Documents
بالفعل إذ
إنه بعد أسابيع قليلة من ضمى إلى تنظيم طليعة االشتراكيني عام 1965فإذا بـ د.حسني كامل بهاء الدين أمني الشباب
مدرسا لطب األطفال فى قصر العينى
ً وأمني اللجنة املركزية للمنظمة -وقد كان شخصية ذكية وقوية يعمل
ً
قائال إنه يريدنى أن أكون بمكتبه فى وقد تولى وزارة التعليم فى عصر الرئيس مبارك وأبلى فيها بال ًء حسنًا -يبادرنى
السادسة مسا ًء ألمر هام ،وامتثلت للطلب وذهبت فى السادسة ألجده فى انتظارى ومعه شخصيتان كبيرتان من
أعضاء األمانة العامة لالتحاد االشتراكى وهما السيد فتحى الديب والسيد محمد عبد الفتاح أبو الفضل ،وقد كان
.األول معنيًا بالشؤون العربية والثانى بشؤون التنظيم
قائال إنهم مكلفون من أعلى مستوى فى االتحاد االشتراكى بالتحقيق معى فيما نسبته إلىّ معلومات وردت لهمً وبادرنى
تنظيما قوم ًيا عرب ًيا من الطالب الوافدين فى مصر وعدد من الالجئني السياسيني كقيادة شريكة ،وأن
ً من أننى أشكل
.ذلك األمر يتعارض مع عضويتى للتنظيم الطليعى ،وعبرت لهم وأنا ابن العشرين فقط من العمر عن دهشتى ملا يقولون
وذكرت لهم أننى أتصور أن الدعوة للحضور إليهم كانت لتقدير ما أفعل فى خدمة الحركة القومية واملد الناصرى ،وقال
لى السيد فتحى الديب يومها إنك ابن محافظتى البحيرة وأدهش أن ذكاءك املعروف لدينا لم يسعفك بأن ما تفعله خروج
على مقتضيات التنظيم ،فقلت له ولكن الهدف واحد فى النهاية يصب فى خانة التحرر الوطنى واملناداة بالقومية
.العربية ،فقال لى :هذا كالم كتب
أما أصحاب القرار فإنهم يرون أن ما فعلت هو خروج على مقتضيات التنظيم الطليعى غير املعلن الذى يترأسه الرئيس
عبد الناصر شخصيًا ويقوده السيد على صبرى مباشرة ،وقد انتهت الجلسة بشكل ودى وعبر الثالثة عن تقديرهم
لشخصى ورغبتهم فى االستفادة من طاقاتى على أن يكون ذلك خارج التنظيم الطليعى الذى لم أعد عض ًوا فيه بسبب
.ما ذكروه فى بداية الجلسة
سرا إذا قلت إنه قد غامرنى شعور غريب هو مزيج من القلق واإلحباط ولكنه ً
أيضا ال يخلو من سعادة داخلية وال أخفى ً
ً
بديال رئيسا التحاد طالب الجمهورية
ً ً
مواصال نشاطى الطالبى حتى جرى ترشيحى وإحساس باالرتياح ،وظللت
متمرسا بالنشاط الطالبى ومهنيًا فى هذا
ً لشخصية ذكية وديناميكية لطالب مسيس هو أحمد سعيد عليوة ،وقد كان
الشأن ،ولكن الدولة كانت تريد استبداله بشخصية أخرى فكنت أول املرشحني لهذا املوقع باعتبارى أمينًا التحاد طالب
.الكلية املرموقة )االقتصاد والعلوم السياسية(
ً
مسؤوال عن القاهرة ،وكان ذلك فى صيف وجرى انتدابى أمينًا للتثقيف فى اللجنة املركزية ملنظمة الشباب االشتراكى
عام 1966حيث أوفدتنى املنظمة فى مهمة إلى الجزائر لالحتفال بعيد ثورتها وحضور مراسم نقل رفات األمير عبد
القادر الجزائرى من سوريا إلى وطنه فى الجزائر ،ومن الطرائف ً
أيضا هنا أننى فوجئت فى مطار القاهرة قبيل إقالع
.الطائرة بمن يقول إننى ممنوع من السفر ألننى أحمل اسم )الفقى(
وقد كانت تلك العائلة من كمشيش باملنوفية مطاردة فى ذلك الوقت فى قضية مقتل صالح حسني زوج املناضلة الراحلة
شاهندة مقلد ،وجرت اتصاالت سريعة من ضباط املطار بمكتب السيد شعراوى جمعة الذى قال إنه شخصيًا الذى
اختارنى للسفر ،وتوقيعه موجود على األوراق ،وسافرت يومها وفى ذهنى تساؤالت كثيرة عن الجزر املنعزلة داخل النظام
.والتنافس بني مراكز القوى بداخله
وقد صافحت أثناء الزيارة الرئيس الراحل هوارى بو مدين فى قصر الشعب بحضور وزير الخارجية السيد محمود
رياض ،واملمثل الشخصى للرئيس املصرى الدكتور حسن صبرى الخولى ،وقد بدأت أستعيد لياقتى السياسية داخل
الحركة الطالبية وخارجها إلى أن صدر قرار جمهورى فى 8ديسمبر 1966بتعيينى ضمن سبعة من زمالئى من
خريجى الكليات املختلفة لاللتحاق بالسلك الدبلوماسى ،وقد كانت تلك صفحة أخرى امتدت لخمسة وثالثني عا ًما فى
.سفارات مصر والديوان العام لوزارة الخارجية
وقد استقبل ذلك القرار بامتعاض بني صفوف الدبلوماسيني لدخول عدد -ولو كان محدو ًدا -بدون امتحان ،األمر الذى
مديرا إلدارة غرب أوروبا وأول رئيس ،إلى الذهاب معه إلى
ً دفعنى بتوجيه من السفير الراحل جمال منصور الذى كان
مكتب مدير التفتيش وقتها السفير عبد الرحيم عزت وقال له :إن هذا الشاب هو سكرتيرى وسكرتير أمن اإلدارة ،وهو
.شاب واعد وأعتقد أنه يمكن أن يجتاز االمتحان بسهولة
فلماذا ال يتقدم فى الدفعة القادمة؟ ،فقال له مدير التفتيش :كيف يحدث هذا وهو بالفعل ملحق دبلوماسى بقرار
جمهورى ،إن ما تقوله ال يتوافق مع إجراءات تعيني السلك الدبلوماسى ،وما هى إال شهور قليلة حتى زالت الغصة من
حلوق املمتعضني وانصهرت شخصيًا فى أجواء الوزارة حتى لم تعد طريقة إلحاقى بالسلك الدبلوماسى محل ذكر أو
اهتمام ،إننى أتذكر اآلن هذه الصفحات املطوية من تاريخ الحياة السياسية والدبلوماسية فى مصر ،لنبدأ فى فصل
!.جديد يدور حول العالقة مع الزمن