Professional Documents
Culture Documents
الدكتور احمد العسال ... العالم الرباني
الدكتور احمد العسال ... العالم الرباني
1
صوته تشعر بالدفء والرحمة والحنان ،وحين تتأمل تواضعه تستحيي من نفسك؛ حيث يقوم على خدمة ضيفه وإن كان فى
عمر أحد أبنائه ،وحين رأيت ذلك ،قلت في نفسي :هذه أخالق علماء اآلخرة ،وذكرني صنيعه ذاك بصنيع اإلمام الشافعي
ومخففا عنه :ال يروعنك ما ترى مني؛ فإنما خدمة
ً وملطفا
ً مؤنسا
مع أحد ضيفانه وهو يقوم على خدمته بنفسه ويقول لضيفه ً
الضيف واجبة.
نفسا ،أو هذا
وفهما ،أو تكتسب خلًقا ،أو تزكو ً
علما ً
وفي صحبة العلماء ولقائهم تتحقق لك فوائد جمة ،منها أن تزداد ً
كله وغيره ،كما أنك في معيتهم تبصر الدنيا على حقيقتها ،فتصرف همتك إلى آخرتك وما ُيرضي هللا عنك.
وفي صحبة الدكتور العسال ،كانت لي معه بعض المواقف أرويها وأذكرها رغبة في تعميم نفعها وفائدتها ،دون تعليق
مني ،وأترك للقارئ الكريم أن يستفيد منها على النحو الذي يرتضيه لنفسه.
طي السجادة :بعد أن صلى بنا فضيلته صالة المغرب بمكتب االتحاد ذات يوم ،أخذت السجادة وطويتها على وجهها،
مازحا :لم يرد فيها نص يا أستاذنا .فقال :ولكننا مأمورون بحفظها ونظافتها ،وطيها
فقال لي :اجعلها على ظهرها ،فقلت له ً
على هذا النحو يحقق لها الحفظ والنظافة المطلوبين.
دعوة مدخني السجائر :كنت في زيارته في بيته ،وحان وقت صالة الظهر ،فتركت لفضيلته الخيار إما الصالة في
المسجد وإما في البيت مراعاة لكبر سنه وحالته الصحية ،ولكنه آثر الصالة في المسجد في جماعة ،وشرفت بوضعه يده
على ذراعي ،واتجهنا صوب المسجد ،وفي الطريق وجدنا عماالً للبناء يدخنون السجائر ،فبدأهم بالسالم ،ثم ثنى بدعوتهم
معقبا :نقوم بواجبنا نحوهم..
ً للصالة والبعد عن التدخين في تلطف وحنان ورفق ،ثم واصل سيره إلى المسجد ،وقال لي
واجب الدعوة واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،حتى ال نسأل عنهم يوم القيامة.
يوما ألذكره بموعد محاضرته في مقر االتحاد ،فقال لي :أنا في
تعال ..صيف معنا في اإلسكندرية :اتصلت بفضيلته ً
َ
اإلسكندرية أستجم بعض الوقت ،فقلت له :يا أستاذنا حين تذهبون إلى اإلسكندرية خذونا نصيف معكم .فقال لي :تعال،
شديدا .فقلت له :أنا أمزح فقط .فقال :ولكني أدعوك أخوة ومحبة وليس مجاملة ،أما تق أر قول هللا تعالى في
ترحيبا ً
ً ورحب
سورة النور في البيوت التي ندخلها بغير جناح" :أو صديقكم"؛ فشكرت له ذلك ،ودعوت هللا له بالبركة في وقته وعمره وماله،
وعند أول لقاء بفضيلته بعد ذلك جدد الدعوة مرة أخرى ،ووصف لي عنوان مصيفه في اإلسكندرية.
أبادلك أخوة ومحبة:
يوما فسارعت بعد تحيته وقلت له :علمتني أن أتصل بكم أخوة ومحبة فقط .فقال لي :وأنا أبادلك أخوة
اتصلت بفضيلته ً
ومحبة ،فسررت بذلك ،ولم أتحدث في شيء آخر ،واستحييت أن أفاتحه فيما يخص محاضراته بمقر االتحاد.
نية المرء خير من عمله:
أنشأ االتحاد مكتبة لطالب العلم ،وتبرع عدد من العلماء ببعض الكتب ،وطلب الدكتور العسال قائمة بأهم الكتب الشرعية
التي تنقص المكتبة ليوفرها ،فأعددنا له قائمة بذلك؛ إال ان القدر لم يمهله ليفى بما وعد ،فقلت :سبحان هللا نال األجر بالنية،
ونية المرء خير من عمله.
غفر هللا لنا وألستاذنا الكريم ،ورحمه رحمة واسعة ،ونفعنا هللا بعلمائنا ،ووفقنا إلى التأدب معهم ومعرفة فضلهم ،وجمعنا
بهم في مستقر رحمته ودار كرامته.
وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين.
2