Professional Documents
Culture Documents
هذه الكتابة ،من هذه األسباب :غلو البعض في تقدير الرؤيا ،ورفعها
فوق مكانتها حتى يعتبرها البعض تشريعا ،أو ينقض بها شرع الله
،فيحلل الحرام أو يحرم الحالل بناء على رؤيا رآها ،أو يدعي
بها علم شيء من الغيب.
[[[
ين ُج ْز ًءا ِم ْن النُّ ُب َّو ِة» ِ ِ ِ ٍ ِ
«رؤْ َيا ا ْل ُم ْؤم ِن ُج ْز ٌء م ْن ستَّة َو َأ ْر َبع َ
ُ :
،وكانت الرؤيا جزءا من النبوة؛ ألن فيها ما يعجز ويمتنع كالطيران
وقلب األعيان واالطالع على شيء من علم الغيب ،وال خالف بين
أهل الحق أن الرؤيا الصادقة حق ،وأنها من الله ال ينكرها إال أهل
اإللحاد ،وبعض أهل األهواء ،قال الخطابي رحمه الله« :قيل معناه
أن الرؤيا تجيء على موافقة النبوة ال أنها جزء باق من النبوة ،وقيل
المعنى أنها جزء من علم النبوة؛ ألن النبوة وإن انقطعت فعلمها باق
وتعقب بقول مالك فيما حكاه بن عبد البر أنه سئل أيعبر الرؤيا كل
أحد فقال أبالنبوة يلعب؟ ثم قال الرؤيا جزء من النبوة فال يلعب
بالنبوة ،والجواب أنه لم يرد أنها نبوة باقية ،وإنما أراد أنها لما
أشبهت النبوة من جهة االطالع على بعض الغيب ال ينبغي أن يتكلم
فيها بغير علم»[[[ .
من أهل الرأي واألثر ال ينكر الرؤيا إال أهل اإللحاد وبعض أهل
األهواء ،قال ابن عبد البر رحمه الله« :وعلم تأويل الرؤيا من علوم
األنبياء وأهل اإليمان ،وحسبك بما أخبر الله من ذلك عن يوسف
،وما جاء في اآلثار الصحاح فيها عن النبي ،
وأجمع أئمة الهدى من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء
المسلمين أهل السنة والجماعة على اإليمان بها وعلى أنها حكمة
يمن الله بها على من يشاء ،وهي المبشرات الباقية بعد
بالغة ونعمة ّ
النبي .[[[»
F F F F F
الحلم والشيطان
َن ْف َس ُه» هذه ثالثة أنواع للرؤيا بينها النبي ،ثم قالَ « :فإِ ْن
َر َأى َأ َحدُ ك ُْم َما َيك َْر ُه َف ْل َي ُق ْم َف ْل ُي َص ِّل» ،إذا رأى في منامه حلما أو رؤيا
يكرهها فليقم من نومه وليتوضأ وليصلي ،حديث ٍ
ثان أيضا عن أبي
هريرة عن النبي قال« :الرؤيا ثالث :فبشرى من
الله ،وحديث النَّفس ،وتَخويف من َّ
الشيطان ،فإن رأى أحدكم رؤيا
يقصه على أحد،
فليقصها ،إن شاء ،وإن رأى شيئا يكرهه ،فال ُّ
َّ تعجبه
وليقم يصلي»[[[ ،إ ًذا بين النبي أنواع الرؤيا قال« :الرؤيا
ثالث :فبشرى من الله ،وحديث النَّفس ،وتَخويف من َّ
الشيطان»،
والحديث الثالث حديث عوف بن مالك عن رسول الله
قال« :الرؤيا ثالثة :منها تهويل من الشيطان ليحزن ابن
يهم به الرجل في يقظته فرآه في منامه ،ومنها جزء من
آدم ،ومنها ما ّ
ستة وأربعين جزءا من النبوة»[[[.
النوع األول :رؤيا الحق وهي المنتظمة التي ال تخليط فيها ،وقد
سماها في رواية أخرى في البخاري« :الرؤْ يا الص ِ
اد َقةُ» وفي أخرى ُّ َ َّ
الصالِ َحةُ»وفي رواية اإلمام أحمد:
«الرؤْ َيا َّ
أيضا في الصحيحينُّ :
«رؤْ َية ُب ْش َرى»، «الرؤْ َيا َ
الح َسنَةُ» وفي رواية في الصحيحين أيضاُ : ُّ
وهي التي يحصل بها التنبيه على أمر في اليقظة صحيح ،هذا النوع
األول الرؤيا الحق.
(.)1870
16
نومه ويتلعب به بطرق مختلفة ،من هذه الطرق :أن يريه في النوم ما
يحزنه كأن يرى نفسه مرتكبا لمحرمات وعظائم ،أو أنه يتكلم في
الله ورسله بما يسوء ،أو ينكر شيئا من الغيب ونحو ذلك ،وقصد
الشيطان من ذلك تشكيكه في دينه ،وزرع النفاق وعدم الثقة فيه،
وهذا من عداوة الشيطان لبني آدم أن يريه في نومه ما يحزنه ،أيضا
من تالعب الشيطان بالمسلم في نومه أن يريه في المنام ما يسبب
الفرقة بينه وبين المؤمنين ،ويلبس عليهم كأن يرى في منامه ما
يخالف له األحكام الشرعية الثابتة ،أو يرى من يحكم على بعض
المسلمين بالكفر ،أو يرى مالئكة تأمره بفعل المعاصي ،أو يرى
نفسه أنه أصلح الناس وأفضلهم أو أنه مهدي زمانه ونحو ذلك ،إ ًذا
هذا أيضا من تالعب الشيطان في المنام عن طريق الحلم ،ولذلك
إذا رأى اإلنسان ذلك فليعلم يقينا أن ذلك من الشيطان للتفريق
بين المؤمنين وإفساد الدين ،وعليه أن يتبع سنة سيد المرسلين
في الرؤيا المكروهة ،ال يحدث بذلك أحد بل ينساه
وكأنه لم يكن ،ويتبع هدي النبي في الرؤيا المكروهة،
االستعاذة بالله من شر هذه الرؤيا ،التفل عن يساره ثالثا لطرد
17
F F F F F
18
F F F F F
21
F F F F F
األدب األول :أن يحمد الله عليها ،ودل على ذلك ما رواه
البخاري عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله
يقول« :إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها ،فإنما هي من الله ،فليحمد
الله عليها وليحدث بها ،وإذا رأى غير ذلك مما يكره ،فإنما هي من
الشيطان ،فليستعذ من شرها ،وال يذكرها ألحد ،فإنها ال تضره»[[[،
إ ًذا هذا األدب األول من آداب الرؤيا الصالحة أن يحمد الله عليها.
األدب الثاني :أن يستبشر بها ،ودل على ذلك ما رواه مسلم
«الرؤْ َيا
عن أبي قتادة عن رسول الله أنه قالُّ :
ط ِ
انَ ،ف َم ْن َر َأى ُرؤْ َيا َف َكرِ َه الس ْو ُء ِم َن َّ
الش ْي َ الرؤْ َيا َّ
ِ ِ ِ
الصال َح ُة م َن اللهَ ،و ُّ َّ
ط ِ
انَ ،اَل ت َُض ُّر ُه الله ِم َن َّ
الش ْي َ ار ِه ،و ْلي َتعو ْذ بِ ِ
ث َع ْن َي َس ِ َ َ َ َّ ِمن َْها َش ْيئًا َف ْل َي ْن ُف ْ
َو َاَل ُيخْ بِ ْر بِ َها َأ َحدً اَ ،فإِ ْن َر َأى ُرؤْ َيا َح َس َنةًَ ،ف ْل ُي ْب ِش ْر َو َاَل ُيخْ بِ ْر إِ َّاَّل َم ْن
ث بِ َها َأ َحدً ا َفإِن ََّها َل ْن ت َُض َّر ُه»[[[ إ ًذا األدب الثالث
َو َش ِّر َهاَ ،و َاَل ُي َحدِّ ْ
أن يتحدث بها لكن لمن يحب دون من يكره ،والدليل ما جاء في
ِ
هذا الحديث الذي في الصحيحينَ «:فإِ َذا َر َأى َأ َحدُ ك ُْم َما ُيح ُّ
بَ ،ف َاَل
ِ
ب» هذه ثالثة آداب للرؤية الصالحة المحبوبة. ث بِ َها إِ َّاَّل َم ْن ُيح ُّ
ُي َحدِّ ْ
األدب األول :أن يتعوذ بالله من شرها ،وقد مر قبل قليل حديث
F F F F F
26
F F F F F
27
F F F F F
29
أقسام المعبرين:
أقسام المعبرين خمسة ،الذين يعبرون الرؤى خمسة أقسام:
القسم األول :قسم اعتمد في تعبيره على انتقاء بعض الرموز من
هذه الرؤيا ،انتقاء بعض الرموز ،فيعبر الرؤيا وهذا فيه اعتداء على
حال الرائي؛ ألن الرؤيا واقع متكامل ال يتجزأ ال بد أن يعرف جميع
تفاصيل الرؤيا ،جميع الرموز لهذه الرؤيا ،فهذا القسم على خطأ
اعتمد في تعبيره على النزعة االنتقائية لبعض الرموز فقط.
F F F F F
33
مردود بهذا النص ،إ ًذا قسم من أقسام الرؤيا الصادقة يحتاج إلى
وتعبير؛ ألنها أمثال يضربها الملك ليستدل بها الرائي بما ضرب له
من المثل ،وهذا الدليل فالنبي رأى فيما يرى النائم« :
ب ِم ْن ُر َط ِ
ب ا ْب ِن َط ٍ
اب» فع ّبر هذه ار ُع ْق َب َة ْب ِن َرافِعٍَ ،ف ُأتِينَا بِ ُر َط ٍ
ك ََأنَّا فِي َد ِ
F F F F F
35
F F F F F
37
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار،
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ،وصلى الله على محمد
وعلى آله وصحبه وسلم.
أسباب الكالم في هذه الكتابة -المقدمة5........................................... -
فهرس39...............................................................................................................