You are on page 1of 119

‫الرؤى من المواضيع‬

‫الهامّة التي تشغل بال‬


‫كثير من الناس في‬
‫كل زمان ومكان ‪ ،‬وال‬
‫أدل على ذلك من‬
‫أخبار القرآن الكريم‬
‫عن نماذج منها ‪ ،‬وما‬
‫جاء عن الرسول ‪‬‬
‫من االهتمام بها ‪،‬‬
‫ولكن الكثير من الناس‬
‫يجهل بموقف الشرع‬
‫من الرؤيا ‪ ،‬وبأقسام‬
‫الرؤيا ‪ ،‬والحكمة منها‬
‫وباآلداب التي تتعلق‬
‫بالرؤيا وتأويلها ‪ ،‬وما‬
‫ينبغي ذكره من الرؤيا‬
‫وما ال ينبغي ذكره ‪،‬‬
‫وموقف األديان واألمم‬
‫والعلم من الرؤيا ‪،‬‬
‫فتناولت هذه المواضيع‬
‫في هذا البحث وذكرت‬
‫أيضا نماذج من الرؤيا‬
‫الصادقة ‪ ،‬والحكمة‬
‫من النوم والرؤيا حتى‬
‫تعم الفائدة وهللا ولي‬
‫التوفيق ‪.‬‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬
‫المقدمة‬
‫ّ‬

‫السالـ عمى سيدنا‬


‫الصالة ك ٌ‬
‫الحمد هلل رب العالميف ‪ ،‬ك ٌ‬
‫محمد كعمى آلو كصحبو كسمـ أجمعيف ‪ ،‬حسبي اهلل كنعـ‬
‫الككيؿ ‪ ،‬كباهلل التكفيؽ ‪ ،‬كبو استعيف ‪.‬‬

‫اليامة التي تشغؿ باؿ كثير مف‬


‫ٌ‬ ‫الرؤل مف المكاضيع‬
‫الناس في كؿ زماف كمكاف ‪ ،‬كال أدؿ عمى ذلؾ مف أخبار القرآف‬
‫الكريـ عف نماذج منيا ‪ ،‬كما جاء عف الرسكؿ ‪ ‬مف االىتماـ‬
‫بيا ‪ ،‬كالسبب الذم دعاني إلى تناكؿ ىذا المكضكع ىك ما رأيتو‬
‫مف جيؿ كثير مف الناس بمكقؼ الشرع مف الرؤيا ‪ ،‬كبأقساـ‬
‫الرؤيا ‪ ،‬كالحكمة منيا ‪ ،‬كباآلداب التي تتعمؽ بالرؤيا كتأكيميا ‪،‬‬
‫كما ينبغي ذكره مف الرؤيا ‪ ،‬كما ال ينبغي ذكره ‪ ،‬ككؿ ذلؾ في‬
‫ميزاف الشرع ‪.‬‬

‫خطة البحث ‪ :‬يشتمؿ ىذا البحث عمى ‪:‬‬


‫‪ -‬المقدمة ‪.‬‬
‫‪ -‬تمييد ‪.‬‬

‫‪-ُ-‬‬
‫‪ -‬كأربعة مباحث ‪:‬‬
‫المبحث األكؿ ‪ :‬مكقؼ األدياف كاألمـ كالعمـ مف الرؤيا ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬نماذج مف الرؤيا الصادقة ‪.‬‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬آداب عف الرؤيا ‪.‬‬
‫المبحث الرابع ‪ :‬الحكمة مف النكـ كالرؤيا ‪.‬‬
‫‪ -‬الخاتمة ‪.‬‬
‫‪ -‬الفيرس ‪.‬‬

‫كاهلل كلي التكفيؽ ‪.‬‬

‫‪-ِ-‬‬
‫تمييد‬

‫‪-ّ-‬‬
-ْ-
‫تعريف الرؤيا والحمم في المغة واالصطالح ‪ " :‬الرؤيا‬
‫كالحمـ عبارة عما يراه النائـ في نكمو مف األشياء ‪ ،‬كلكف غمبت‬
‫الرؤيا عمى ما يراه مف الخير كالشيء الحسف ‪ ،‬كغمب الحمـ عمى‬
‫اث‬
‫ىض ىغ ي‬
‫ما يراه مف الشر كالقبيح ؛ كمنو قكلو تعالى ‪  :‬أ ٍ‬
‫ىح ىالوـ ‪ ، )ُ(‬كيستعمؿ كؿ كاحد منيما مكضع اآلخر"(ِ) ؛‬
‫أٍ‬
‫(ّ)‬
‫‪.‬‬ ‫كالرؤيا في االصطالح ال تخرج عف المعنى المغكم‬

‫كالحمـ عند العرب يستعمؿ استعماؿ الرؤيا كالتفريؽ بينيا‬


‫مف االصطالحات التي سنيا الشارع ‪ ‬لمفصؿ بيف الحؽ‬
‫كالباطؿ كأنو كره أف يسمى ما كاف مف اهلل تعالى كما كاف مف‬
‫الشيطاف باسـ كاحد ‪ ،‬فجعؿ الرؤيا عبارة عف القسـ الصالح لما‬
‫فييا مف الداللة عمى مشاىدة الشيء بالبصر كالبصيرة ‪ ،‬كجعؿ‬

‫ُ) يكسؼ ‪. ْْ :‬‬


‫ِ) محمد بف مكرـ ابف منظكر المصرم(ُُٕق) ‪ ،‬لسان العرب ‪ ،‬القاىرة ‪،‬‬
‫دار المعارؼ ‪. ٕٗٗ ، ِ ، ]ٔ-ُ[ ،‬‬
‫ّ) ك ازرة األكقاؼ كالشئكف اإلسالمية– الككيت ‪ ،‬الموسوعة الفقيية‬
‫الكويتية ‪ ،‬الككيت ‪ ،‬دار السالسؿ ‪ ،‬طِ ‪، ]ْٓ -ُ [ ، ُِٗٗ/ُُِْ ،‬‬
‫ِِ ‪. ٕ ،‬‬
‫‪-ٓ-‬‬
‫الحمـ عبارة عما كاف مف الشيطاف ‪ ،‬ألف أصؿ الكممة لـ يستعمؿ‬
‫إال فيما يخيؿ لمحالـ في منامو مف قضاء الشيكة بما ال حقيقة‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫لو‬

‫فما ىك مكقؼ األدياف كاألمـ كالعمـ مف الرؤيا ؟ كما ىي‬


‫النكـ كالرؤيا ؟‬
‫اآلداب المتعمقة بالرؤيا ؟ كما ىي الحكمة مف ٌ‬
‫سأقؼ عند كؿ ىذه المكاضيع ‪ ،‬كعند نماذج مف الرؤيا الصادقة‬
‫مف خالؿ ىذا البحث ‪ ،‬كاهلل كلي التكفيؽ ‪.‬‬

‫ُ) أبي الفضؿ محمكد بف عبداهلل األلكسي البغدادم (َُِٕ‪، )ُْٖٓ /‬‬
‫روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬دار‬
‫إحياء التراث العربي ‪. ُِٓ ، ُِ ، ]َّ -ُ[ ،‬‬

‫‪-ٔ-‬‬
‫المبحث األول‬
‫موقف األديان واألمم والعمم من الرؤيا ‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬موقف اإلسالم من الرؤيا ‪.‬‬


‫ثانياً ‪ :‬موقف األمم واألديان السابقة من الرؤيا ‪.‬‬
‫ثالثاً ‪ :‬موقف العمم من الرؤيا ‪.‬‬

‫‪-ٕ-‬‬
-ٖ-
‫أوالً ‪ :‬موقف اإلسالم من الرؤيا ‪:‬‬

‫ذكر اهلل ‪ ‬نماذج مف الرؤل في القرآف الكريـ ‪ ،‬كذكر‬


‫اهلل ‪ ‬في كتابو العزيز ما قالو النبي يعقكب ألبنو يكسؼ‬
‫سيمف عميو بعمـ الرؤيا ‪ ،‬فقاؿ اهلل‬ ‫‪ -‬عمييما السالـ ‪ -‬بأف اهلل ‪ٌ ‬‬
‫يث ‪، )ُ(‬‬ ‫يؿ ٍاألىح ًاد ً‬ ‫ُّؾ كييعمّْم ىؾ ًم ٍف تىأ ًٍك ً‬ ‫‪  : ‬ىك ىك ىذلً ىؾ ىي ٍجتىبً ى‬
‫ى‬ ‫يؾ ىرب ى ى ى ي‬
‫كذكر اهلل ‪ ‬عف يكسؼ ‪ -‬عميو السالـ ‪ -‬بإنو قاؿ ‪ :‬أف مف‬
‫ب قى ٍد آتىٍيتىنًي ًم ىف‬
‫نعـ اهلل ‪ ‬عميو ‪ ،‬عمـ الرؤيا ‪ ،‬فقاؿ ‪  : ‬ىر ّْ‬
‫يؿ ٍاألىح ًاد ً‬ ‫ً َّ ً ً‬
‫يث ‪ )ِ(‬؛ يعني بو عمـ الرؤيا ؛‬ ‫اٍل يمٍمؾ ىك ىعم ٍمتىني م ٍف تىأ ًٍك ً ى‬
‫ليثبت القرآف الكريـ بذلؾ حقيقة الرؤيا الصادقة كالحكمة منيا ‪.‬‬

‫كأكؿ ما بدئ بو رسكؿ اهلل ‪ ‬مف الكحي الرؤيا الصالحة‬


‫في النكـ فكاف ال يرل رؤيا إال جاءت مثؿ فمؽ الصبح ‪ ،‬ثـ جاء‬
‫عف الرسكؿ ‪ ‬ذكر أنكاع الرؤيا ‪ ،‬كبيف ما ينبغي أف يفعمو مف‬
‫شيئا منيا ‪ ،‬كعظٌـ النبي ‪ ‬شأف الرؤيا الصالحة كجعميا‬
‫رأل ن‬

‫ُ) يكسؼ ‪َ ٔ :‬‬


‫ِ) يكسؼ ‪َ َُُ :‬‬
‫‪-ٗ-‬‬
‫جزء مف أجزاء النبكة ‪ ،‬كذكر اآلداب التي تتعمؽ بالرؤيا ‪ ،‬ككاف‬
‫النبي ‪ ‬يحدث ألصحابو عف الرؤيا التي يراىا ‪ ،‬كذكر بعض‬
‫منيا في القرآف الكريـ ‪ ،‬ككاف النبي ‪ ‬يفسر رؤاه ألصحابو ‪،‬‬
‫كيسأؿ أصحابو عف رؤاىـ ‪ ،‬كيفسرىا ليـ ‪ ،‬كبني النبي ‪ ‬شعيرة‬
‫اآلذاف عمى رؤيا رآىا أحد الصحابة ‪ ،‬كؿ ذلؾ تدؿ عمى أف‬
‫الرؤيا الصادقة في ذاتيا حقيقة كأف ليا حكمة كأث انر ‪.‬‬

‫مف ىنا نعمـ ظيكر عمـ الرؤيا في اإلسالـ ‪ ،‬كاالىتماـ‬


‫(ُ)‬
‫– رحمو اهلل تعالى ‪ -‬في‬ ‫بالرؤيا الصادقة ‪ ،‬يقكؿ ابف خمدكف‬
‫مقدمتو عف عمـ الرؤيا ‪ " :‬ىذا العمـ مف العمكـ الشرعية‬
‫كىك حادث في الممة عندما صارت العمكـ صنائع ‪ ،‬ككتب الناس‬

‫ُ) ابف ىخ ٍم يدكف (ِّٕ ‪ َٖٖ -‬ىػ = ُِّّ ‪ َُْٔ -‬ـ) عبد الرحمف بف‬
‫الحضرمي اإلشبيمي ‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫كلي الديف‬
‫محمد بف محمد ‪ ،‬ابف خمدكف أبك زيد ‪ٌ ،‬‬
‫الفيمسكؼ المؤرخ ‪ ،‬العالـ االجتماعي البحاثة ‪ .‬أصمو مف إشبيمية ‪ ،‬كمكلده‬
‫كمنشأه بتكنس ‪...‬كتكفي في القاىرة ‪ ...‬اشتير بكتابو (العبر كديكاف المبتدأ‬
‫كالخبر في تاريخ العرب كالعجـ كالبربر) في سبعة مجمدات ‪ٌ ،‬أكليا‬
‫(المقدمة) كىي تعد مف أصكؿ عمـ االجتماع ‪ ،‬ترجمت ىي كأجزاء منو إلى‬
‫الفرنسية كغيرىا ‪ .‬راجع [ الزركمي ‪ ،‬خير ّْ‬
‫الديف بف محمكد (ت ُّٔٗق) ‪،‬‬
‫األعالم ‪ ،‬دار ً‬
‫الع ٍمـ لممالييف ‪ ،‬ط ُٓ‪. ] َّّ ، ّ ، ]ٖ-ُ[ ، ََِِ ،‬‬
‫‪- َُ -‬‬
‫فييا ؛ كأما الرؤيا كالتعبير ليا ‪ ،‬فقد كاف مكجكدان في السمؼ كما‬
‫ىك في الخمؼ ‪ ،‬كربما كاف في الممكؾ كاألمـ مف قبؿ ‪ ،‬إال أنو‬
‫لـ يصؿ إلينا لالكتفاء فيو بكالـ المعبريف مف أىؿ اإلسالـ ‪ ،‬كاال‬
‫فالرؤيا مكجكدة في صنؼ البشر عمى اإلطالؽ كال بد مف‬
‫تعبيرىا ‪ ،‬فمقد كاف يكسؼ الصديؽ ‪ -‬صمكات اهلل عميو ‪ -‬يعبر‬
‫الرؤيا ‪ ،‬كما كقع في القرآف ؛ ككذلؾ ثبت في الصحيح ‪ ،‬عف‬
‫النبي ‪ ، ‬كعف أبي بكر ‪ ‬؛ كالرؤيا مدرؾ مف مدارؾ‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫الغيب "‬

‫كلكف ليس كؿ رؤية ىي صالحة ‪ ،‬كليا حقائؽ منبئة‬


‫عنيا ‪ ،‬لذلؾ ٌبيف الرسكؿ ‪ ‬أنكاع الرؤيا فقاؿ ‪ " :‬كالرؤيا ثالثة ‪:‬‬
‫فرؤيا الصالحة ‪ ،‬بشرل مف اهلل ‪ ،‬كرؤيا تحزيف مف الشيطاف ‪،‬‬
‫(ِ)‬
‫‪.‬‬ ‫كرؤيا مما يحدث المرء نفسو "‬

‫ُ) عبد الرحمف بف خمدكف (َٖٖ ‪ ، ) َُْٔ/‬تاريخ ابن خمدون ‪،‬‬


‫بيركت ‪ ،‬دار الفكر ‪َ ِٔ ، ُ ، ]ٖ-ُ[ ، ََُِ/ُُّْ ،‬‬
‫ِ) أبك الحسيف مسمـ بف الحجاج القشيرم(ُّٔ‪ ، ) ْٖٕ/‬صحيح مسمم ‪،‬‬
‫اعتنى بو أبك صييب الكرمي ‪ ،‬الرياض ‪ ،‬بيت االفكار الدكلية لمنشر ‪،‬‬
‫ُُْٗ‪ ، ُٖٗٗ/‬كتاب الرؤيا (ِْ) ‪ ،‬باب ‪:‬تحريـ المعب بالنردشير ( ٔ ) ‪،‬‬
‫حديث (ِِّٔ) ‪. َّٗ ،‬‬
‫‪- ُُ -‬‬
‫إذان الرؤيا ثالثة أقساـ ‪ :‬القسم األول ‪ :‬ىك الرؤيا‬
‫الصادقة كىك الصحيح الذم ىك مف اهلل ‪ ‬فمو حقيقة كحكمة ؛‬
‫(ُ)‬
‫– رحمو اهلل تعالى ‪ -‬عف مكقؼ اإلسالـ مف‬ ‫ذكر القرطبي‬
‫الرؤيا الصادقة فقاؿ ‪ " :‬كعمى الجممة فإف الرؤيا الصادقة مف‬
‫اهلل ‪ ،‬كأنيا مف النبكة ؛ قاؿ ‪ ( : ‬الرؤيا مف اهلل كالحمـ مف‬
‫(ِ)‬
‫كأف التصديؽ بيا حؽ ‪ ،‬كليا التأكيؿ الحسف ‪،‬‬ ‫الشيطاف )‬
‫كربما أغنى بعضيا عف التأكيؿ ‪ ،‬كفييا مف بديع اهلل كلطفو ما‬
‫يزيد المؤمف في إيمانو ‪ ،‬كال خالؼ في ىذا بيف أىؿ الديف‬
‫كالحؽ مف أىؿ الرأم كاألثر ‪ ،‬كال ينكر الرؤيا إال أىؿ اإللحاد‬

‫ُ) القي ٍرطيبي ‪( :‬ت ُٕٔ ىػ ‪ ُِّٕ/‬ـ) محمد بف أحمد بف أبي بكر بف‬
‫فىهرح األنصارم الخزرجي األندلسي ‪ ،‬أبك عبد اهلل ‪ ،‬القرطبي ‪ :‬مف كبار‬
‫المفسريف ؛ صالح متعبد ؛ مف أىؿ قرطبة ؛ رحؿ إلى الشرؽ كاستقر بمنية‬
‫ابف خصيب ( في شمالي أسيكط ‪ ،‬بمصر) كتكفي فييا ‪ .‬مف كتبو " الجامع‬
‫ألحكاـ القرآف ‪ [ .‬الزركمي ‪ ،‬األعالم ‪. ] ِِّ ، ٓ ،‬‬
‫ِ) مسمـ بف الحجاج أبك الحسيف القشيرم النيسابكرم ‪ ،‬صحيح مسمم ‪،‬‬
‫تحقيؽ ‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي ‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪ ،‬بيركت ‪،‬‬
‫[ُ‪. ُُٕٕ ، ْ ، ]ٓ-‬‬

‫‪- ُِ -‬‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫كشر ذمة مف المعتزلة "‬

‫كلكف ما ىي حدكد الرؤيا الصادقة ؟ ككيؼ يتـ التعامؿ‬


‫معيا ؟ تكمـ العمماء عف حدكد الرؤيا الصادقة ‪ ،‬كحدكد‬
‫حقيقتيا ‪ ،‬كحكمتيا ‪ ،‬ككيفية التعامؿ معيا ‪ ،‬فقالكا عنيا ‪ :‬ىي‬
‫يسره ‪،‬‬
‫تبشير كتحذير كتنبيو ‪ ،‬تبشير مف حيث تبشر المؤمف بما ٌ‬
‫كتحذير مف حيث تحذره مف معصية أك غفمة قد كقع فييا ‪،‬‬
‫كتنبيو مف حيث تنبو عمى طريؽ خير كرشد ؛ كؿ ذلؾ بما ال‬
‫يخالؼ األحكاـ كالحدكد كالسنف الشرعية التي رسميا اهلل ‪‬‬
‫لعباده ‪ ،‬أما االعتماد عمييا في إثبات شيء مف األحكاـ الشرعية‬
‫فإنو ال يجكز ‪ ،‬كال يجكز االعتماد عمييا فيما يتعمؽ بحقكؽ‬
‫الناس كحرماتيـ ‪ ،‬أك الحكـ عمى عدالتيـ كنكاياىـ ‪ ،‬ألنيا‬
‫تخالؼ األحكاـ كالحدكد كالسنف الشرعية التي رسميا اهلل ‪‬‬
‫لعباده في أثبات تمؾ األمكر ‪.‬‬

‫ُ) أبك عبد اهلل محمد بف أحمد القرطبي (تُٕٔق ) ‪ ،‬الجامع ألحكام‬
‫القرآن ‪ ،‬المحقؽ ‪ :‬ىشاـ سمير البخارم ‪ ،‬دار عالـ الكتب ‪ ،‬الرياض ‪،‬‬
‫ُِّْ ‪َ ُِْ ، ٗ ، ]َِ-ُ[ ، ََِّ /‬‬
‫‪- ُّ -‬‬
‫فقد ذكر ىذه الحقيقة في كتاب اآلداب الشرعية ‪ " :‬قاؿ‬
‫(ُ)‬
‫فنقؿ‬
‫‪ :‬ككذا قاؿ غيره مف أصحابنا كغيرىـ ‪ ،‬ي‬ ‫أبك زكريا النككم‬
‫االتفاؽ عمى أنو ال ييغير‪ -‬بسبب ما يراه النائـ ‪ -‬ما تقرر في‬
‫(ِ)‬
‫‪.‬‬ ‫الشرع …‪ .‬كال يجكز إثبات حكـ شرعي بو ‪" ....‬‬

‫كقاؿ الدكتكر يكسؼ القرضاكم عف حدكد الرؤيا‬


‫إف الرؤيا ال تعتبر دليالن شرعيان ‪ ،‬كال يحتج بيا عمى‬
‫الصادقة ‪ٌ " :‬‬
‫جكاز فعؿ أك ترؾ ‪ ،‬كال عمى منع أك استحباب ‪ ،‬كذلؾ ألسباب ‪:‬‬
‫( ثـ ذكر أربعة أسباب كبعدىا قاؿ ‪ ) :‬كليذه األمكر اتفؽ أىؿ‬
‫لمحجة كال تتخذ دليالن شرعيان ‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫العمـ عمى أف الرؤيا ال تصمح‬
‫كانما ىي تبشير كتحذير كتنبيو ‪ ،‬كليذا سماىا الرسكؿ ‪: ‬‬

‫الن ىكًكم ‪ ٕٔٔ - ُّٔ( :‬ىػ = ُِّّ ‪ ُِٕٕ -‬ـ) يحيى بف شرؼ بف‬ ‫ُ) َّ‬
‫الشافعي ‪ ،‬أبك زكريا ‪ ،‬محيي‬
‫ٌ‬ ‫مرم بف حسف الحزامي الحكراني ‪ ،‬النككم ‪،‬‬
‫الديف ‪ :‬عالمة بالفقو كالحديث ‪ .‬مكلده ككفاتو في نكا (مف قرل حكراف ‪،‬‬
‫بسكرية) كالييا نسبتو ‪ .‬مف كتبو ‪ :‬المنياج في شرح صحيح مسمـ ‪ :‬خمس‬
‫مجمدات ‪ [ .‬الزركمي ‪ ،‬األعالم ‪. ] ُْٗ ، ٖ ،‬‬
‫ِ) عبداهلل محمد ابف مفمح المقدسي(تّٕٔ ) ‪ ،‬اآلداب الشرعية ‪ ،‬حققو ‪:‬‬
‫شعيب األرنؤكط – عمر القياـ ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪ ،‬طّ ‪،‬‬
‫ُُْٗ‪َ َّْ، ّ ، ]ّ -ُ[ ، ُٗٗٗ/‬‬
‫‪- ُْ -‬‬
‫(المبشرات) ؛ كلكنيا قد تعتبر كتصمح لالستئناس بيا فقط إذا‬
‫حجة شرعية صحيحة ‪ ،‬كما ثبت عف ابف عباس ‪ :‬أنو‬ ‫كافقت ٌ‬
‫السمعي مف الكتاب‬
‫كاف يقكؿ بمتعة الحج ‪ ،‬لثبكتيا عنده بالدليؿ ٌ‬
‫السنة ‪ ،‬فمما رأل بعض أصحابو رؤيا تكافؽ ذلؾ ‪ ،‬استبشر بيا‬
‫ك ٌ‬
‫ابف عباس ؛ فمجرد االستبشار بمثؿ ىذا ال يضر ‪ ،‬ألف العمدة‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫في المكضكع إنما ىك االستدالؿ الشرعي "‬

‫بي ‪ ‬في المناـ يقكؿ‬ ‫الن ٌ‬


‫كتساءؿ العمماء ‪ :‬ىؿ مف رأل ٌ‬
‫حجةن‬
‫قكالن ‪ ،‬أك يفعؿ فعالن ‪ ،‬فيؿ يككف قكلو ىذا ‪ ،‬أك فعمو ‪ٌ ،‬‬
‫(ِ)‬
‫ككاني‬
‫ٌ‬ ‫يترتٌب عمييا الحكـ أـ ال ؟ كقد أجاب عمى ذلؾ ال ٌش‬
‫أف ال ٌشرع الٌذم شرعو‬
‫– رحمو اهلل تعالى – فقاؿ ‪ " :‬كال يخفاؾ ٌ‬

‫ُ) يكسؼ القرضاكم ‪ ،‬موقف اإلسالم من اإلليام والكشف والرؤى ومن‬


‫التمائم والكيانة والرقى ‪ ،‬القاىرة ‪ ،‬مكتبة كىبة ‪ ،‬طُ ‪، ُْٗٗ/ُُْٓ ،‬‬
‫َِٓ ‪َ ُِِ ،‬‬
‫الش ٍك ىكاني ‪ َُِٓ - ُُّٕ( :‬ىػ = َُٕٔ ‪ ُّْٖ -‬ـ) محمد بف‬ ‫ِ) َّ‬
‫عمي بف محمد بف عبد اهلل الشككاني ‪ :‬فقيو مجتيد مف كبار عمماء اليمف ‪،‬‬
‫مف أىؿ صنعاء‪...‬لو ُُْ مؤلفا ‪ ،‬منيا (نيؿ األكطار مف أسرار منتقى‬
‫األخبار) ثماني مجمدات ‪ ،‬ك(البدر الطالع بمحاسف مف بعد القرف السابع)‬
‫مجمداف ‪ .‬راجع [ الزركمي ‪ ،‬األعالم ‪. ] ِٖٗ ، ٔ ،‬‬
‫‪- ُٓ -‬‬
‫عز كج ٌؿ كقاؿ ‪ :‬اٍل ىي ٍكىـ‬
‫كممو المٌو ٌ‬
‫نبينا ‪ ‬قد ٌ‬
‫المٌو لنا عمى لساف ٌ‬
‫أف رؤيتو في‬ ‫؛ كلـ يأتنا دليؿ يد ٌؿ عمى ٌ‬
‫(ُ)‬
‫ت لى يك ٍـ ًد ىين يك ٍـ‪‬‬
‫أى ٍك ىمٍم ي‬
‫بقكؿ ‪ ،‬أك فعؿ فييا فعالن يككف‬ ‫النكـ بعد مكتو ‪ ‬إذا قاؿ فييا و‬ ‫ٌ‬
‫األمة ما‬
‫كمؿ ليذه ٌ‬
‫كحجةن ‪ ،‬بؿ قبضو المٌو إليو بعد أف ٌ‬
‫ٌ‬ ‫دليالن‬
‫لألمة في أمر‬
‫شرعو ليا عمى لسانو كلـ يبؽ بعد ذلؾ حاجة ٌ‬
‫دينيا ‪ ،‬كقد انقطعت البعثة لتبميغ ال ٌشرائع ‪ ،‬كتبيينيا بالمكت كاف‬
‫النائـ لـ‬
‫قدرنا ضبط ٌ‬
‫كميتان ‪ ،‬كبيذا تعمـ ٌأنا لك ٌ‬
‫حيان ٌ‬
‫كاف رسكالن ن‬
‫حجةن عميو كال عمى غيره مف‬
‫يكف ما رآه مف قكلو ‪ ‬أك فعمو ٌ‬
‫(ِ)‬
‫‪.‬‬ ‫األمة "‬
‫ٌ‬

‫الرؤيا‬
‫صحة ٌ‬‫كقاؿ مف أىؿ العمـ ‪ٌ " :‬أنو ال يمزـ مف ٌ‬
‫حمؿ كعدـ‬ ‫التٌعكيؿ عمييا في و‬
‫عي الحتماؿ الخطأ في التٌ ٌ‬
‫حكـ شر ٍّ‬
‫أف ما يثبت في اليقظة مقدـ‬‫الرائي ‪ ... ،‬ما يد ٌؿ عمى ٌ‬
‫ضبط ٌ‬

‫ُ) المائدة ‪َ ّ :‬‬


‫‪ ،‬الموسوعة الفقيية‬ ‫ِ) ك ازرة األكقاؼ كالشئكف اإلسالمية– الككيت‬
‫الكويتية ‪َ ُُ ، ِِ ،‬‬

‫‪- ُٔ -‬‬
‫(ُ)‬
‫السالـ‬
‫العز بف عبد ٌ‬‫بالنكـ عند التٌعارض ‪ ،‬قاؿ ٌ‬
‫عمى ما ثبت ٌ‬
‫الفالني‬ ‫إف في المح ٌؿ‬
‫بي ‪ ‬في المناـ يقكؿ لو ٌ‬ ‫و‬
‫ٌ‬ ‫الن ٌ‬
‫لرجؿ رأل ٌ‬
‫ركا انز إذىب فخذه كال خمس عميؾ فذىب ككجده كاستفتى ذلؾ‬
‫فإنو ثبت‬
‫العز ‪ :‬أخرج الخمس ٌ‬
‫الرجؿ العمماء ‪ ،‬فقاؿ لو ٌ‬ ‫ٌ‬
‫(ِ)‬
‫بالتٌكاتر ‪ ،‬كقصارل رؤيتؾ اآلحاد " ‪.‬‬

‫إذان الرؤيا الصالحة ىي تبشير كتنبيو ‪ ،‬كتصمح‬


‫لالستئناس بيا إذا كافقت يح ٌجة شرعية صحيحة ‪ ،‬أما إذا‬
‫تعارضت مع حكـ مف األحكاـ الشرعية فال اعتبار ليا ‪ ،‬كسيرة‬
‫المصطفى ‪ ‬خير شاىد عمى أف الرؤل ميما بمغ صدقيا كميما‬
‫حكت مف المبشرات ‪ ،‬فإنو ليس ليا سبي هؿ إلى تكجيو لعمؿ ‪ ،‬أك‬

‫ُ) ابف عبد السَّالـ (ٕٕٓ ‪ َٔٔ -‬ىػ = ُُُٖ ‪ ُِِٔ -‬ـ) عبد العزيز‬
‫الدمشقي ‪ ،‬عز الديف‬
‫ٌ‬ ‫بف عبد السالـ بف أبي القاسـ بف الحسف السممي‬
‫شافعي بمغ رتبة االجتياد ‪ .‬كلد كنشأ في‬
‫ٌ‬ ‫الممقب بسمطاف العمماء ‪ :‬فقيو‬
‫دمشؽ ‪ .‬كتكفي بالقاىرة ‪ .‬مف كتبو ‪ :‬التفسير الكبير ‪ ،‬كاإللماـ في أدلة‬
‫االحكاـ ‪ ،‬كترغيب أىؿ اإلسالـ في سكف الشاـ ‪ ،‬كبداية السكؿ في تفضيؿ‬
‫الرسكؿ ‪ .‬راجع [ الزركمي ‪ ،‬األعالم ‪. ] ُِ ، ْ ،‬‬
‫ِ) ك ازرة األكقاؼ كالشئكف اإلسالمية– الككيت ‪ ،‬الموسوعة الفقيية‬
‫الكويتية ‪َ ُُ ، ِِ ،‬‬
‫‪- ُٕ -‬‬
‫السعي في تحقيؽ ما تقتضيو مقاصد الشرع كتبميغ‬
‫تصريفو عف ٌ‬
‫رساالتو ‪.‬‬

‫ففي غزكة أحد ‪ " :‬استشار رسكؿ اهلل ‪ ‬أصحابو أيخرج‬


‫إلييـ ‪ ،‬أـ يمكث في المدينة ؟ ككاف رأيو أال يخرجكا مف‬
‫يتحصنكا بيا ‪ ،‬فإف دخمكىا ‪ ،‬قاتميـ المسممكف عمى‬
‫ٌ‬ ‫المدينة ‪ ،‬كأف‬
‫أفكاه األزقة ‪ ،‬كالنساء مف فكؽ البيكت ‪ ،‬ككافقو عمى ىذا الرأم‬
‫عبد اهلل بف أبي ‪ ،‬ككاف ىك الرأم ‪ ،‬فبادر جماعة مف فضالء‬
‫الصحابة ممف فاتو الخركج يكـ بدر ‪ ،‬كأشاركا عميو بالخركج ‪،‬‬
‫كألحكا عميو في ذلؾ ‪ ،‬كأشار عبد اهلل بف أبي بالمقاـ في‬
‫فألح أكلئؾ عمى‬
‫المدينة ‪ ،‬كتابعو عمى ذلؾ بعض الصحابة ‪ٌ ،‬‬
‫رسكؿ اهلل ‪ ، ‬فنيض كدخؿ بيتو ‪ ،‬كلبس ألمتو ‪ ،‬كخرج‬
‫عمييـ ‪ ،‬كقد انثنى عزـ أكلئؾ ‪ ،‬كقالكا ‪ :‬أكرىنا رسكؿ اهلل ‪‬‬
‫عمى الخركج ‪ ،‬فقالكا ‪ :‬يا رسكؿ اهلل ! إف أحببت أف تمكث في‬
‫المدينة فافعؿ ‪ ،‬فقاؿ رسكؿ اهلل ‪ : ‬ما ينبغي لنبي إذا لبس‬
‫المتو أف يضعيا حتى يحكـ اهلل بينو كبيف عدكه ؛ فخرج رسكؿ‬
‫اهلل ‪ ‬في ألؼ مف الصحابة ‪ ،‬كاستعمؿ ابف ٌأـ مكتكـ عمى‬
‫الصالة بمف بقي في المدينة ‪ ،‬ككاف رسكؿ اهلل رأل رؤيا كىك‬

‫‪- ُٖ -‬‬
‫بالمدينة ‪ ،‬رأل أف في سيفو ثممة ‪ ،‬كرأل أف بق انر تذبح ‪ ،‬كأنو‬
‫أدخؿ يده في درع حصينة ‪ ،‬فتأكؿ الثٌممة في سيفو برجؿ يصاب‬
‫كتأكؿ البقر بنفر مف أصحابو يقتمكف ‪ ،‬كتأكؿ‬
‫مف أىؿ بيتو ‪ٌ ،‬‬
‫الدرع بالمدينة "(ُ) ‪.‬‬

‫ماذا نستنتج مف ىذا المشيد مف السيرة العطرة ؟‬


‫نستنتج أف رسكؿ اهلل ‪ ‬قد اعتمد المشكرة ثباتان منو عمى المنيج‬
‫الذم أراد لو ربو ‪ ،‬لقكلو ‪  : ‬ىك ىش ًاكٍريى ٍـ ًفي ٍاأل ٍىم ًر ‪، )ِ( ‬‬
‫كترؾ العمؿ بإيحاءات رؤياه تمؾ كدالالتيا فمـ تثنو عف الخركج‬
‫لمقتاؿ ؛ كانما دفعو لمخركج مشكرة أصحابو لما استشارىـ ‪،‬‬
‫كمشايعة منو لرغبتيـ في الخركج ‪ ،‬كترؾ ‪ ‬الرؤيا تدكر مدار‬
‫اإلنذار كالتبشير ؛ ألنو البد مف تطبيؽ حكـ شرعي قبؿ الخركج‬
‫لمحرب ؛ كىك الشكرل ‪ ،‬فقدـ الشكرل عمى الرؤيا ‪ ،‬كلـ يعمؿ‬

‫ُ) أبي عبد اهلل محمد بف أبي بكر أبف القيـ الجكزية الدمشقي (ُٕٓ‪/‬‬
‫َُّٓ) ‪ ،‬زاد المعاد في ىدي خير العباد ‪ ،‬تحقيؽ ‪ :‬شعيب األرنؤكط‬
‫كعبد القادر األرنؤكط ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪ ،‬طِٕ ‪/ُُْْ ،‬‬
‫ُْٗٗ ‪َ ُّٗ ، ّ ، ]ٔ-ُ[ ،‬‬
‫ِ) آؿ عمراف ‪َ ُٓٗ :‬‬
‫‪- ُٗ -‬‬
‫ليسف لنا النبي ‪ ‬القاعدة ‪ :‬إنو ال يبنى عمى الرؤيا‬
‫ٌ‬ ‫بالرؤيا ‪،‬‬
‫حكـ شرعي ‪.‬‬

‫قدـ المصمحة عمى‬ ‫كفي مشيد آخر نجد الرسكؿ ‪ٌ ‬‬


‫بشارة الرؤيا ‪ ،‬كلـ يجعؿ الرؤيا لتكجو ‪ ،‬كعندما تعجب الصحابة‬
‫مف مكقفو ‪ ، ‬طمئنيـ اهلل ‪ ، ‬فقاؿ ‪  :‬لىقى ٍد ص ىد ى َّ‬
‫ؽ الموي ىر يسكلىوي‬ ‫ى‬
‫يف‬ ‫ًّْ‬ ‫ؽ لىتى ٍد يخمي َّف اٍلمس ًج ىد اٍلحراـ إًف ىش َّ ً ً‬ ‫الرٍؤىيا بًاٍل ىح ّْ‬
‫يف يم ىحمق ى‬ ‫اء الموي آمن ى‬ ‫ى‬ ‫ىى ى ٍ‬ ‫ىٍ‬ ‫ُّ‬
‫كف فى ىعًم ىـ ىما لى ٍـ تى ٍعمى يمكا فى ىج ىع ىؿ ًم ٍف يد ً‬
‫كف‬ ‫ص ًر ى‬
‫يف ىال تى ىخافي ى‬ ‫كس يك ٍـ ىك يمقى ّْ‬
‫يريء ى‬
‫ىذلً ىؾ فىتٍ نحا قى ًر نيبا ‪. )ُ( ‬‬

‫جاء في تفسير ابف كثير عف ىذا المكقؼ ‪ " :‬كاف‬


‫رسكؿ اهلل ‪ ‬قد رأل في المناـ أنو دخؿ مكة كطاؼ بالبيت ‪،‬‬
‫فأخبر أصحابو بذلؾ كىك بالمدينة ‪ ،‬فمما ساركا عاـ الحديبية لـ‬
‫يشؾ جماعة منيـ أف ىذه الرؤيا تتفسر ىذا العاـ ‪ ،‬فمما كقع ما‬
‫كقع مف قضية الصمح كرجعكا عاميـ ذلؾ عمى أف يعكدكا مف‬
‫قابؿ ‪ ،‬كقع في نفس بعض الصحابة ‪ -‬رضي اهلل عنيـ ‪ -‬مف‬
‫ذلؾ شيء ‪ ،‬حتى سأؿ عمر بف الخطاب ‪ -‬رضي اهلل عنو ‪-‬‬

‫ُ) الفتح ‪َ ِٕ :‬‬


‫‪- َِ -‬‬
‫في ذلؾ ‪ ،‬فقاؿ لو فيما قاؿ ‪ :‬أفمـ تكف تخبرنا أنا سنأتي البيت‬
‫كنطكؼ بو ؟ قاؿ ‪ :‬بمى ‪ ،‬أفأخبرتؾ أنؾ تأتيو عامؾ ىذا ؟‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫قاؿ ‪ :‬ال ‪ ،‬قاؿ النبي ‪ : ‬فإنؾ آتيو كمطكؼ بو "‬

‫ماذا نجد في ىذا ال ٌشاىد ؟ نجد أنو لما رأل النبي ‪‬‬
‫المصمحة في الصمح رضي بو كانقاد لو ‪ ،‬كلـ يمتفت إلى الرؤيا‬
‫لتمنعو ‪ ،‬بؿ كلـ تكف أفعالو خاضعة لداللتيا كمقتضاىا ‪ ،‬كانما‬
‫ترؾ تأكيؿ رؤياه يأتي تباعان ‪.‬‬

‫كىكذا نجد إف الرسكؿ ‪ ‬أخذ الرؤيا في حدكدىا‬


‫كمكانيا الالئؽ بيا فيي عنده يمبشرة ال مكجية ‪ ،‬كذلؾ عندما‬
‫تخالؼ الطريؽ الذم رسمو الشرع في أخذ المكاقؼ ىذا مكقؼ‬
‫الشريعة اإلسالمية بالنسبة لمقسم األول من الرؤيا ‪ ،‬كىي الرؤيا‬
‫الصادقة ‪ ،‬التي ذكر في حديث الرسكؿ ‪ ‬حيث قاؿ ‪ " :‬كالرؤيا‬
‫ثالثة ‪ :‬فرؤيا الصالحة بشرل مف اهلل كرؤيا تحزيف مف الشيطاف‬

‫ُ) أبي الفداء إسماعيؿ ابف كثير الدمشقي (تْٕٕ) ‪ ،‬مختصر تفسير ابن‬
‫كثير ‪ ،‬اختصار كتحقيؽ محمد عمي الصابكني ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬دار الجيؿ ‪،‬‬
‫طٖ ‪ َ ّّٓ ، ّ ، ] ّ-ُ[ ، ُٗٗٓ/ُُْٓ ،‬كالحديث في البخارم ‪.‬‬
‫‪- ُِ -‬‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫كرؤيا مما يحدث المرء نفسو "‬

‫وأما القسمان اآلخران مف الرؤيا التي ذكر في حديث‬


‫الرسكؿ ‪ ‬السابؽ فميس ليما حقيقة ‪ ،‬كال تعبير ‪ ،‬كىذاف النكعاف‬
‫ىما الغالب عمى حاؿ الكثيريف ‪ ،‬كاهلل أعمـ ‪ ،‬كمف ىنا نعمـ خطأ‬
‫مف يسارع إلى طمب تعبير كؿ ما يراه في منامو ‪ ،‬كخطأ أيضان‬
‫مف يتصدر لمتعبير ‪ ،‬فيقدـ عمى تعبير كؿ ما يسمعو ‪ ،‬كلك أف‬
‫الناس عممكا ىذه الحقيقة لما حصؿ منيـ ىذا االىتماـ ك التميؼ‬
‫عمى طمب تعبير كؿ الرؤل ‪.‬‬

‫(ِ)‬
‫– رحمو اهلل تعالى ‪ " : -‬جميع‬ ‫قاؿ الحافظ ابف حجر‬
‫المرائي تنحصر في قسميف ‪:‬‬

‫ُ) سبؽ تخريجو َ‬


‫الع ٍسقى ىالني (ّٕٕ ‪ ِٖٓ -‬ىػ = ُِّٕ ‪ ُْْٗ -‬ـ) أحمد‬
‫ِ) ابف ىح ىجر ى‬
‫بف عمي بف محمد الكناني العسقالني‪ ،‬أبك الفضؿ‪ ،‬شياب الديف‪ ،‬ابف‬
‫ىح ىجر‪ :‬مف أئمة العمـ كالتاريخ ‪...‬كأصبح حافظ اإلسالـ في عصره‪ ،‬قاؿ‬
‫السخاكم ‪( :‬انتشرت مصنفاتو في حياتو كتيادتيا الممكؾ ككتبيا األكابر) ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫راجع [ الزركمي ‪ ،‬األعالم ‪. ] ُٕٖ ، ُ ،‬‬
‫‪- ِِ -‬‬
‫كمف تبعيـ ًمف الصالحيف ‪،‬‬
‫أ ‪ -‬الصادقة ‪ :‬كىي رؤيا األنبياء ى‬
‫كقد تقع لغيرىـ بندكر (أم ناد ار كالرؤيا الصحيحة التي رآىا‬
‫كعبرىا لو النبي يكسؼ ‪ -‬عميو السالـ ‪ ، )-‬كالرؤيا‬
‫الممؾ الكافر ٌ‬
‫الصادقة ىي التي تقع في اليقظة عمى كفؽ ما كقعت في النكـ ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫ب ‪ -‬واألضغاث ‪ :‬كىي ال تنذر بشيء ‪ ،‬كىي أنكاع ‪:‬‬
‫األكؿ ‪ :‬تالعب الشيطاف ليحزف الرائي ‪ ،‬كأف يرل أنو قطع رأسو‬
‫كىك يتبعو ‪ ،‬أك رأل أنو كاقع في ىى ٍكؿ كال يجد مف ينجده ‪ ،‬كنحك‬
‫ذلؾ ‪.‬‬
‫كالثاني ‪ :‬أف يرل أف بعض المالئكة تأمره أف يفعؿ المحرمات‬
‫مثال ‪ ،‬كنحكه مف المحاؿ عقالن‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أف يرل ما تتحدث بو نفسو في اليقظة أك يتمناه فيراه‬
‫كما ىك في المناـ ‪ ،‬ككذا رؤية ما جرت بو عادتو في اليقظة ‪،‬‬
‫أك ما يغمب عمى مزاجو ‪ ،‬كيقع عف المستقبؿ غالبا كعف الحاؿ‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫كثي انر ‪ ،‬كعف الماضي قميالن "‬

‫ُ) أحمد بف عمي ابف حجر العسقالني ‪ ، )ُْْٖ /ِٖٓ ( ،‬فتح الباري‬
‫بشرح صحيح البخاري ‪ ،‬تحقيؽ عبد القادر شيبة الحمد ‪،‬االرياض ‪ ،‬مكتبة‬
‫الممؾ فيد الكطنية ‪ ،‬طُ ‪َ ُّٕ ، ُِ ، ]ُّ-ُ[ ،ََُِ/ ُُِْ،‬‬
‫‪- ِّ -‬‬
- ِْ -
‫ثانياً ‪ :‬موقف األمم واألديان السابقة من الرؤيا ‪:‬‬

‫الرؤيا قديمة بقدـ كجكد اإلنساف ؛ ألنو مف خصائصو‬


‫النفسية ‪ ،‬فما ىي مكقؼ الشعكب القديمة ‪ ،‬كالمعاصرة ‪،‬‬
‫كاألدياف السابقة منيا ؟ ‪.‬‬

‫ذكر ىذا المكقؼ الدكتكر عمي جكاد في كتابو المفصؿ‬


‫في تاريخ العرب قبؿ اإلسالـ ‪ ،‬فقاؿ ‪ " :‬كاألحالـ "‪"Dreams‬‬
‫ك"الرؤيا "‪ "Visions‬باب مف أبكاب الكيانة كذلؾ ‪ ،‬فيي تفسير‬
‫لما سيقع في المستقبؿ مف حكادث ؛ كقد تخصص بذلؾ أناس‬
‫تعاطكا تعبير الرؤيا كاألحالـ ؛ كاذ كاف اعتقاد الشعكب القديمة‬
‫أف األحالـ حقيقة ‪ ،‬ال كما نتصكرىا نحف ‪ ،‬كاف االىتماـ بيا‬
‫كبير ‪ ،‬كاالعتناء بيا شديدا كال ي ازؿ يخصيا كثير مف الناس‬
‫نا‬
‫بالعناية ؛ كقد فسرت بعض الشعكب القديمة األحالـ اآللية أك‬
‫األركاح تتجمى في اإلنساف في أثناء منامو ‪ ،‬فتطمعو عمى أشياء‬
‫كثيرة تتعمؽ بحياتو كبمصيره ‪ ،‬كتساعده بذلؾ عمى حؿ مشكالت‬
‫عديدة عكيصة لديو ‪ ،‬أك تيديو إلى أمكر لـ يكف يعرؼ عنيا‬
‫شيئا ‪ ،‬أك تحذره بقرب حمكؿ كارثة أك خطر بو أك بغيره ‪ ،‬أك‬
‫ن‬
‫‪- ِٓ -‬‬
‫بحصكؿ خير لو أك لغيره ؛ كقد ترجع بو إلى أياـ ماضية‬
‫كحكادث قديمة سالفة كاف قد نسييا كذىبت مف ذاكرتو ؛ كنجد‬
‫في المؤلفات اليكنانية كالالتينية كالسريانية كفي الكتابات‬
‫الييركغميفية كالمسمارية أشياء عديدة مف القصص المتعمؽ‬
‫كثير مف الممكؾ كالخاصة كانكا يقيمكف كزنان‬
‫باألحالـ ؛ كفييا أف نا‬
‫عظيمان لما يركنو ‪ ،‬أك يراه الناس مف أحالـ ‪ ،‬كقد نجح كثير‬
‫أيضا بسبب تأثير األحالـ فييـ ‪،‬‬
‫منيـ كما خسر كثير منيـ ن‬
‫حتى إف بعضيـ اتخذ لو مفس انر لألحالـ أك جممة مفسريف ‪،‬‬
‫ليككنكا في خدمتو حتى إذا ما رأل حمما فسركه لو ؛ كلما كانت‬
‫بعض األحالـ مزعجة ‪ ،‬رجع الكياف المتخصصكف باألحالـ‬
‫أسبابيا إلى فعؿ األركاح الشريرة ؛ أما األحالـ المريحة الطيبة ‪،‬‬
‫فقد جعمكىا مف إلياـ اآللية في اإلنساف ؛ كألىمية االعتقاد‬
‫باألحالـ ‪ ،‬كضعت قكاعد كتعاليـ لألشخاص الذيف يريدكف معرفة‬
‫مستقبميـ بالرؤيا كاألحالـ ؛ كقد نصح في بعضيا باجتناب األكؿ‬
‫الثقيؿ ‪ ،‬كبشرب بعض األشربة المعينة كبالنكـ في المعابد ‪،‬‬
‫لمحصكؿ عمى الرؤيا الصادقة ‪ ،‬كاالبتعاد عف أضغاث األحالـ ؛‬
‫كضع تمؾ القكاعد أناس تخصصكا بيذا الفف ‪ ،‬يمجأ إلييـ مف‬
‫يرل حمما ليجد تفسيره عندىـ ؛ فمكؿ شيء في الرؤيا كالحمـ‬

‫‪- ِٔ -‬‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫معنى خاص ‪ ،‬ال يمكف أف يعرفو إال ذكك الخبرة كالعمـ "‬

‫كذكر الدكتكر محمد منير مرسي في كتاب االحالـ‬


‫تفسيرىا كدالالتيا عف مكقؼ الشعكب القديمة مف الرؤيا فقاؿ ‪:‬‬
‫" كتتضمف الثقافات العبرية كالسمتية أك الكمتية ‪ celtic‬كاإلغريقية‬
‫كالعربية كاليندية كالصينية كاليابانية كالفرنسية كالركسية تسجيالت‬
‫قديمة تظير أىمية الدكر الذم تمعبو األحالـ في حياة األفراد بؿ‬
‫(ِ)‬
‫‪.‬‬ ‫كفي تراث الناس كأقدارىـ "‬

‫كقاؿ عف الرؤل في الكتاب المقدس ‪ " :‬يعتبر الكتاب‬


‫المقدس مف أغنى مصادر العالـ القديـ عف األحالـ ‪ ،‬ففي العيد‬
‫القديـ كالعيد الجديد يكجد أكثر مف عشريف حممان مكثقا جيدا ؛‬
‫ككؿ منيا يتضمف بأسمكب متنكع تكجييا مقدسا في صكرة تحذير‬

‫ُ) جكاد عمي ‪ ،‬المفصل في تاريخ العرب قبل اإلسالم ‪ ،‬طِ ‪/ُُّْ ،‬‬
‫ُّٗٗ ‪َ ْٕٖ ، ٔ ، ]َُ-ُ[ ،‬‬
‫ِ) نيريس دم ‪ ،‬االحالم تفسيرىا ودالالتيا ‪ ،‬تعريب كتعميؽ كاضافة‬
‫الدكتكر محمد منير مرسي ‪ ،‬القاىرة ‪ ،‬عالـ الكتب ‪، ََِْ/ُِْْ ،‬‬
‫ِِٖ ‪. َِ ،‬‬
‫‪- ِٕ -‬‬
‫أك تنبكء ؛ كقد كانت الرسالة التي تتضمنيا األحالـ قكية لدرجة‬
‫يمكف معيا مف منظكر التاريخي أف نرل ىذه القكة التي استطاع‬
‫العمؿ بيا أف يكجو أقدار الشعكب كأف يغير مجرل التاريخ في‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫كثير مف األحياف "‬

‫كذكر الشيخ كامؿ محمد محمد عكيضة مكقؼ الشعكب‬


‫القديمة مف االحالـ أيضان ‪ ،‬فقاؿ ‪ " :‬كقد كانت جميع الشعكب‬
‫القديمة فيما نعمـ ‪ ،‬ترل في االحالـ دالئؿ كبرل ‪ ،‬كتعمؽ عمييا‬
‫أىمية عممية في استطالع الغيب كالتماس الفأؿ كالطيرة ؛ بؿ لقد‬
‫أتى عمى اإلغريؽ كغيرىـ مف الشرقييف حيف مف الدىر كانك‬
‫اليتصكركف فيو قياـ حممة حربية ال يصاحبيا معبركف لألحالـ‬
‫كما ال نتصكر اليكـ قياـ حممة ال يرافقيا مستكشفكف مف‬
‫الطياريف ؛ فمما قاـ اإلسكندر األكبر بحممة فتكحاتو ‪ ،‬كاف في‬
‫ركابو أشير معبرم األحالـ في عصره ككانت مدينة صكر‪tyre‬‬
‫ماتزاؿ قائمة في جزيرة ‪ ،‬فمما قاكمتو مقاكمة عنيفة ‪ ،‬عزـ عمى‬
‫رفع الحصار عنيا ؛ غير أنو رأل ذات ليمة ‪ ،‬فيمايراه النائـ ‪،‬‬
‫مسخان ‪ satyr‬يرقص رقصة مف رقصات النصر ؛ فمما قص‬

‫ُ) المصدر نفسو ِْ ‪َ ِٓ-‬‬


‫‪- ِٖ -‬‬
‫رؤياه عمى المعبريف ‪ ،‬أكدكا أف تمؾ بشرل النصر عمى المدينة ؛‬
‫فأمر باليجكـ فأخذ المدينة عنكة كقس انر " (ُ) ‪.‬‬

‫ىذا ىك مكقؼ الشعكب كاألدياف السابقة مف الرؤيا ‪ ،‬أما‬


‫مكقؼ اإلنساف في ىذا العصر فإنو يختمؼ حسب ثقافتو كانتمائو‬
‫العقيدية ‪.‬‬

‫يقكؿ الدكتكر يكسؼ القرضاكم عف مكقؼ الناس في‬


‫ىذا العصر مف الرؤيا ‪ " :‬كالناس في قضية الرؤيا متفاكتكف ‪:‬‬
‫فمف الناس مف غمظ حجابيـ – كالماديف في عصرنا كفي كؿ‬
‫عصر ‪ ،‬ككأتباع مدرسة التحميؿ النفسي – فيـ ينكركف الرؤيا‬
‫الصادقة ‪ ،‬كال يركف الرؤل كميا إال انعكاسا لما في النفس حالة‬
‫اليقظة ‪ ،‬أك لما يختبئ في سراديب العقؿ الباطف (الالشعكر( ؛‬
‫كفي مقابؿ ىؤالء مف يعتمدكف في حياتيـ عمى الرؤل كأنيا‬
‫كحي ‪ ،‬كينتظركف في كؿ أمر أف يركا فيو رؤيا تشير ليـ إلى‬
‫بالسنة‬
‫حجة يستدؿ بيا كما يستدؿ ٌ‬
‫طريؽ ‪ ،‬بؿ منيـ مف يجعميا ٌ‬

‫ُ) محمد محمد عكيضة ‪ ،‬التحميل النفسي ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬دار الكتب العممية ‪،‬‬
‫طُ ‪َ َُٗ ، ِّٔ ، ُٗٗٔ/ُُْٔ ،‬‬
‫‪- ِٗ -‬‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫كالكتاب ‪ ،‬أك اإلجماع كالقياس "‬

‫كلقد رأيت مكقؼ اإلسالـ مف الرؤيا ‪ ،‬أنو المكقؼ الذم‬


‫يكافؽ الكاقع كالحاؿ لمفطرة السميمة لكؿ إنساف ‪ ،‬ال بؿ العمـ‬
‫يشيد عمى ذلؾ ‪ ،‬فمنقؼ عند مكقؼ العمـ بالنسبة لتقسيـ الرؤيا‬
‫في اإلسالـ ‪.‬‬

‫ُ) يكسؼ القرضاكم ‪ ،‬مكقؼ اإلسالـ مف اإللياـ كالكشؼ كالرؤل كمف‬


‫التمائـ كالكيانة كالرقى ‪َ ُُٕ ،‬‬
‫‪- َّ -‬‬
‫ثالثاً ‪ :‬موقف العمم من الرؤيا ‪:‬‬

‫مف المعمكـ قسـ الرسكؿ ‪ ‬الرؤيا إلى ثالثة أقساـ ‪،‬‬


‫كمف ىذه األقساـ لمرؤيا الرؤيا الصادقة التنبؤية فيي حقيقية ‪،‬‬
‫السنة‬
‫ذكر القرآف الكريـ نماذج منيا ‪ ،‬كجاء نماذج منيا في ٌ‬
‫النبكية ‪ ،‬كفي كؿ عصر ىناؾ نماذج يحدث مع بعض‬
‫األشخاص ‪ ،‬لذا أصبحت الرؤيا الصادقة حقيقة عممية ال ينكره‬
‫إال متكبر كجاحد ‪ ،‬فما ىك مكقؼ العمـ مف ىذا القسـ مف‬
‫الرؤيا ؟ يذكر الدكتكر خالص جمبي في كتابو ‪ :‬الطب محراب‬
‫لإليماف ‪ ،‬عف مكقؼ العمـ مف األحالـ التنبؤية فيقكؿ ‪ " :‬كمف‬
‫جممة األشياء المحيرة في ظاىرة النكـ ىي األحالـ التنبؤية ‪،‬‬
‫حيث أف األحالـ عدة أنكاع فرؤية بعض األشياء التي ليا عالقة‬
‫بحكادث اليكـ أك ما يفكر فيو المرء بشكؿ كبير قد يفسر إلى حد‬
‫ما ‪ ،‬كذكرنا كممة إلى حد ما ألف نفس ىذه األحالـ لتي تعمؿ‬
‫ببساطة يتعجب المرء كيؼ يمكف ليذه الصكر الجدية أف تتجمع‬
‫مف أكداس محتكيات الذاكرة ‪ ،‬فصكرة ما قد يككف المرء لـ يراىا‬
‫طكؿ عمره يراىا في المناـ فكيؼ تـ تشكيؿ ىذه الصكرة‬
‫الجديدة ؟ ثـ ماذا يقكؿ الطب عف بعض األشياء التي يراىا‬

‫‪- ُّ -‬‬
‫اإلنساف في المناـ ثـ تتحقؽ معو بعد فترة مف الزمف قصيرة أك‬
‫طكيمة ‪ ،‬كركم لي الكثير مف اإلخكة ىذه الظاىرة ‪ ( ،‬ثـ يذكر‬
‫حادثة ‪ ،‬كيقكؿ بعدىا ) كعمى ىذا يمكف أف نقكؿ إف ظاىرة‬
‫األحالـ التنبؤية يقؼ الطب أماميا ذاىالن ال يستطيع ليا تفسي انر ‪،‬‬
‫كىذا المثؿ مركم بشكؿ كاضح ٌبيف في قصة يكسؼ عميو‬
‫الصالة كالسالـ ‪. )ُ( " ...‬‬
‫فأنى لمعمـ أف يقؼ مكقؼ عالـ مف ىذا النكع مف الرؤيا‬
‫فيعرؼ حقيقتو ‪ ،‬فيصدر حكمو عميو ‪ ،‬إال أف يستسمـ كيعمف أف‬
‫ىذا النكع مف الرؤيا خارج حدكده ‪ ،‬كيؤمف أف مصدره مف اهلل‬
‫‪ ، ‬ككراء ىذه الرؤيا حكمة يريدىا اهلل ‪ ‬قد يعمميا اإلنساف‬
‫أك قد يجيميا ‪.‬‬

‫أما القسـ الثاني كالثالث مف الرؤيا ‪ :‬ماقاؿ عنو الرسكؿ‬


‫‪ ‬أىاكيؿ مف الشيطاف ليحزف ابف آدـ ‪ ،‬كأحاديث النفس ؛ ىذا‬
‫القسـ سمط عمييا العمـ الضكء مف خالؿ الدراسة لو ‪ ،‬فقد درسيا‬
‫عمماء النفس ‪ ،‬كتكصمكا فييا إلى نتائج ميمة في فيـ عمـ النفس‬

‫ُ) خالص جمبي ‪ ،‬الطب محراب لإليمان ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪،‬‬
‫طْ ‪َ َُٓ ، ُ ، ]ِ-ُ[ ، ُٖٗٓ/َُْٓ ،‬‬
‫‪- ِّ -‬‬
‫اإلنسانية ‪ ،‬كفي العالج النفسي فإنو " يستخدـ المحممكف النفسيكف‬
‫تفسير األحالـ كسيمة لتشخيص كعالج اضطرابات الشخصية ؛‬
‫فيي السبيؿ إلى الكشؼ عف رغبات المريض المكبكتة كصراعاتو‬
‫النفسية الخافية كمصادر قمقو كاحباطو ؛ كفي ىذا يقكؿ فركيد‬
‫األحالـ ىي الطريؽ األمثؿ إلى الالشعكر ؛ ىي النافذة الكبرل‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫التي تطؿ عمى أعماؽ النفس "‬
‫كدراسات فركيد كغيره عف األحالـ فيي ال تخرج عف‬
‫دراسة األحالـ النفسية ‪ ،‬أما مكقؼ فركيد مف األحالـ التنبؤية ‪،‬‬
‫فيقكؿ الدكتكر يكسؼ القرضاكم عنو ‪ " :‬كلقد حككا عف صاحب‬
‫نظرية التحميؿ النفسي فركيد أنو لـ ينكر – عمى كؿ ما في‬
‫نظريتو مف تجاكز كتمحؿ كتحكـ – أف ىناؾ أحالمان تحمؿ‬
‫(ِ)‬
‫‪.‬‬ ‫معنى التنبؤ "‬

‫‪ ،‬اصول عمم النفس ‪ ،‬القاىرة ‪ ،‬دار الكتاب‬ ‫ُ) أحمد عزت راجح‬
‫العربي ‪ ،‬ط ٕ ‪ ُٖٗٔ ،‬ـ ‪َ ُِٓ ، ْٓٔ ،‬‬
‫ِ) يكسؼ القرضاكم ‪ ،‬موقف اإلسالم من اإلليام والكشف والرؤى ومن‬
‫التمائم والكيانة والرقى ‪َ ُِٕ ،‬‬
‫‪- ّّ -‬‬
‫فقد كجد فركيد مف خالؿ دراستو ‪ ،‬إنو مف بعض‬
‫كظائؼ األحالـ النفسية ‪ :‬ىي حراسة النكـ ‪ ،‬كمعكنة النائـ عمى‬
‫أف يناـ ؛ " ‪ ...‬حراستو مما يحتمؿ أف يزعجو مف المؤث ارت‬
‫خارجية كداخمية ؛ فمف المؤثرات الخارجية تممؾ المنبيات الحسية‬
‫التي ترشؽ النائـ ‪ :‬األصكات األضكاء كدرجة الح اررة ‪ ..‬كمف‬
‫المزعجات الداخمية آالـ عضكية أك مشكالت نفسية معمقة ‪،‬‬
‫كأعماؿ لـ تتـ ‪ ،‬كاىتمامات شاغمة ‪ ،‬أك دكافع ثائرة كالجكع‬
‫كالعطش كالدافع الجنسي ‪ ،‬كأىميا جميعان رغبات مكبكتة تنتيز‬
‫فرصة النكـ كضعؼ الرقابة النفسية فتمح جاىدة فبي الظيكر ؛‬
‫ىذه المزعجات المختمفة مف شأنيا أف تقض مضجع النائـ‬
‫كتقطع حبؿ النكـ ؛ فإذا شعر النائـ بالجكع أك العطش أك بضغط‬
‫الدافع الجنسي رأل في نكمو أنو يأكؿ أك يشرب أك يرضى الدافع‬
‫الجنسي مما يتيح لو أف يستمر في نكمو دكف حاجة إلى أف‬
‫يستيقظ ليأكؿ أك يشرب ؛ كقد حدث أنو دؽ جرس الباب عمى‬
‫شخص نائـ فرأل في نكمو أف جرس الباب يدؽ ك أنو يقكـ مف‬
‫فراشو فيفتح الباب كيرد عمى القادـ ؛ كىكذا أعفاه الحمـ مف أف‬
‫يقكـ بالفعؿ مف نكمو ليفتح الباب فأتاح لو أف يمضي في نكمو ؛‬
‫كرأل شخص أخركاف اليريد الذىاب إلى عممو صباحا ‪ ،‬رأل في‬

‫‪- ّْ -‬‬
‫نكمو أنو قاـ مف مرقده كأخذ يغتسؿ ك يمبس ثيابو ثـ يذىب إلى‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫عممو ‪" ...‬‬

‫ىذا الذم ذكره حقيقة يمربيا كثير مف الناس أف لـ يكف‬


‫كميـ ‪ ،‬كىذا كمو يرجع إلى قسـ األحالـ النفسية ‪ ،‬فقد قسـ الشرع‬
‫األحالـ إلى رحمانية ‪ ،‬كالى أحالـ شيطانية ‪ ،‬كالى أحالـ‬
‫نفسية ‪.‬‬
‫فمف المكاقؼ التي سبقت تجد أىمية الرؤيا في حياة‬
‫اإلنساف منذ كجكده عمى كجو األرض ‪ ،‬كمف ىذه المقارنة تجد‬
‫مكقؼ اإلسالـ الكسط مف الرؤيا ‪ ،‬الذم ال يخالؼ العقؿ كالعمـ ‪،‬‬
‫مف بيف المكاقؼ التي ذكرت ‪.‬‬

‫ُ) أحمد عزت راجح ‪ ،‬اصول عمم النفس ‪َ ُِّ ،‬‬


‫‪- ّٓ -‬‬
- ّٔ -
‫المبحث الثاني‬
‫آداب الرؤيا واألحالم ‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬آداب الرؤيا الصالحة ‪.‬‬


‫ثانياً ‪ :‬آداب الرؤيا المكروىة ‪.‬‬

‫‪- ّٕ -‬‬
- ّٖ -
‫لمرؤيا الصالحة كلمرؤيا المكركىة آداب استنتجيا العمماء‬
‫مف األحاديث التي ركيت بيذا الخصكص عف النبي ‪ ، ‬سأقؼ‬
‫عند ىذه اآلداب ‪ ،‬كأحاكؿ ذكر أقكاؿ العمماء المتعمقة بيذه‬
‫اآلداب ‪ ،‬حتى يعـ الفائدة بعكف اهلل تعالى ‪ ،‬فمف ىذه اآلداب ‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬آداب الرؤيا الصالحة ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يعمم أنيا من اهلل ‪ : ‬لقكؿ النبي ‪ " : ‬الرؤيا‬


‫(ُ)‬
‫؛ قاؿ الحافظ ابف حجر – رحمو اهلل‬ ‫الصالحة مف اهلل‪"..‬‬
‫تعالى ‪ " : -‬الرؤيا مف اهلل أم مطمقا ‪ ،‬كاف قيدت في الحديث‬
‫بالصالحة فيك بالنسبة إلى ما ال دخكؿ لمشيطاف فيو ‪ ،‬كأما ما لو‬
‫فيو دخؿ فنسبت إليو نسبة مجازية ‪ ،‬مع أف الكؿ بالنسبة‬
‫إلى الخمؽ كالتقدير مف قبؿ اهلل ‪ ،‬كاضافة الرؤيا إلى اهلل‬

‫ُ) البخارم ‪ ،‬أبي عبداهلل محمد بف إسماعيؿ (تِٔٓ ) ‪ ،‬صحيح‬


‫البخاري ‪ ،‬اعتنى بو أبك صييب الكرمي ‪ ،‬الريض ‪ ،‬بيت االفكار الدكلية‬
‫لمنشر ‪ ،ُٖٗٗ/ُُْٗ ،‬كتاب التعبير (ُٗ) ‪ ،‬باب الرؤيا الصالحة (ْ) ‪،‬‬
‫حديث (ٖٔٗٔ) ‪َ ُّّٓ ،‬‬
‫‪- ّٗ -‬‬
‫لمتشريؼ َََ" (ُ) ‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يحمد اهلل ‪ ‬عمييا ‪ :‬لقكؿ النبي ‪ " : ‬إذا‬


‫رأل أحدكـ رؤيا يحبيا ‪ ،‬فإنما ىي مف اهلل ‪ ،‬فميحمد اهلل عمييا‬
‫(ِ)‬
‫؛ " بأف يقكؿ الحمد هلل الذم بنعمتو تتـ الصالحات ‪ ،‬ألف‬ ‫‪"...‬‬
‫(ّ)‬
‫‪.‬‬ ‫المصطفى ‪ ‬كاف إذا رأل ما يحبو قاؿ ذلؾ "‬

‫‪ -3‬أنو ينبغي لممؤمن أن يستبشر بالرؤيا الحسنة ‪:‬‬


‫(ْ)‬
‫‪.‬‬ ‫لقكؿ النبي ‪ " : ‬فإف رأل رؤيا حسنة فميبشر"‬

‫ُ) ابف حجر ‪ ،‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري ‪َ ّٖٓ ، ُِ ،‬‬
‫ِ) البخارم ‪ ،‬صحيح البخاري ‪ ،‬كتاب التعبير (ُٗ) ‪ ،‬باب الرؤيا الصالحة‬
‫(ْ) ‪ ،‬حديث (ٖٓٗٔ) ‪َ ُّّٓ ،‬‬
‫ّ) محمد عبد الرؤكؼ المناكم ‪ ،‬فيض القدير شرح الجامع الصغير من‬
‫أحاديث البشير النذير ‪ ،‬ضبطو كصححو احمد عبد السالـ ‪ ،‬بيركت ‪،‬‬
‫دار الكتب العممية ‪ ،‬ط ُ ‪َ ّٖ ، ّ ، ]ُٖ-ُ[ ، ُْٗٗ / ُُْٓ ،‬‬
‫ْ) أبك الحسيف مسمـ بف الحجاج القشيرم(ُّٔ‪ ، ) ْٖٕ/‬صحيح مسمم ‪،‬‬
‫اعتنى بو أبك صييب الكرمي ‪ ،‬الرياض ‪ ،‬بيت االفكار الدكلية لمنشر ‪،‬‬
‫ُُْٗ‪ ، ُٖٗٗ/‬كتاب الرؤيا (ِْ) ‪ ،‬باب ‪ :‬تحريـ المعب بالنردشير (ّ) ‪،‬‬
‫حديث (ُِِٔ) ‪َ ِٗٗ ،‬‬
‫‪- َْ -‬‬
‫ْ‪ -‬أن ال يحدث بيا إال من يحب دون من يكره ‪ :‬لقكؿ‬
‫النبي ‪ " : ‬الرؤيا الصالحة مف اهلل ‪ ،‬فإذا رأل أحدكـ ما يحب‬
‫(ُ)‬
‫؛ كىذا مما يتساىؿ فيو‬ ‫فال يحدث بيا إال مف يحب ‪" ...‬‬
‫كثير منيـ يخبر بالرؤيا الحسنة مف يحب‬
‫كثير مف الناس ‪ ،‬فتجد نا‬
‫كمف ال يحب ؛ ذكر ابف حجر في فتح البارم ‪ " :‬أف الحكمة فيو‬
‫أنو إذا حدث بالرؤيا الحسنة مف ال يحب قد يفسرىا لو بما ال‬
‫حسدا فقد تقع عمى تمؾ الصفة ‪ ،‬أك يتعجؿ‬
‫بغضا كاما ن‬
‫ن‬ ‫يحب إما‬
‫كنكدا ‪ ،‬فأمر بترؾ تحديث مف ال يحب‬‫ن‬ ‫لنفسو مف ذلؾ حزننا‬
‫(ِ)‬
‫‪.‬‬ ‫بسبب ذلؾ "‬

‫‪ -5‬أن يفسرىا تفسي ار حسناً صحيحاً ‪ :‬لقكلو ‪ " : ‬إذا‬


‫(ّ)‬
‫‪.‬‬ ‫رأل أحدكـ الرؤيا الحسنة فميفسرىا كليخبر بيا ‪" ...‬‬

‫ُ) مسمـ ‪ ،‬صحيح مسمم ‪ ،‬كتاب الرؤيا (ِْ) ‪ ،‬باب ‪ :‬تحريـ المعب‬
‫بالنردشير (ْ) ‪ ،‬حديث (ُِِٔ) ‪َ َّٗ ،‬‬
‫ِ) ابف حجر ‪ ،‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري ‪َ َْٓ ، ُِ ،‬‬
‫ّ) عمي المتقي بف حساـ الديف اليندم البرىاف فكرم ‪ ،‬كنز العمال في‬
‫سنن األقوال واألفعال ‪ ،‬ضبطو كفسر غريبو ‪ :‬الشيخ بكرم حياني ‪،‬‬
‫بيركت ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪، ُٓ ، ]ُٔ-ُ[ ، ُّٗٗ/ُُّْ ،‬‬
‫حديث(ُِّْٗ) ‪. ّْٔ ،‬‬
‫‪- ُْ -‬‬
‫‪ -6‬أن ال يقص الرؤيا إال عمى عالم أو ناصح ‪ :‬لقكلو‬
‫(ُ)‬
‫؛ قاؿ‬ ‫تقص الرؤيا إال عمى عالـ أك ناصح "‬
‫ٌ‬ ‫‪ " : ‬ال‬
‫القاضي أبك بكر ابف العربي(ِ) ‪ ":‬فإف كانت بشرل أك شككت‬
‫ناصحا ؛ العالـ يعبرىا لو عمى‬
‫ن‬ ‫عالما‬
‫ن‬ ‫فييا فال تحدث بيا إال‬
‫الخير إذا أمكنو كالناصح يرشده إلى ما ينفعو كيعينو عميو " (ّ) ‪.‬‬

‫ُ) ابف العربي ‪ ،‬الحافظ ابف العربي المالكي (تّْٓ) ‪ ،‬عارضة األحوذي‬
‫بشرح صحيح الترمذي ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬دار الكتب العممية ‪، ٗ ، ]ُّ-ُ[ ،‬‬
‫ُّّ َ‬
‫الع ىربي(ْٖٔ ‪ ّْٓ -‬ىػ = َُٕٔ ‪ ُُْٖ -‬ـ) محمد بف‬
‫ِ) أبك بكر ابف ى‬
‫بي ‪:‬‬
‫عبد اهلل بف محمد المعافرم اإلشبيمي المالكي ‪ ،‬أبك بكر ابف العر ٌ‬
‫قاض ‪ ،‬مف حفاظ الحديث ‪ .‬كلد في إشبيمية ‪ ،‬كرحؿ إلى المشرؽ ‪ ،‬كبرع‬
‫في األدب ‪ ،‬كبمغ رتبة االجتياد في عمكـ الديف ‪ .‬كصنؼ كتبا في الحديث‬
‫كالفقو كاألصكؿ كالتفسير كاألدب كالتاريخ ‪ .‬ككلي قضاء إشبيمية ‪ ،‬كمات‬
‫بقرب فاس ‪ ،‬كدفف بيا ‪ .‬مف كتبو ‪ :‬العكاصـ مف القكاصـ ‪ ،‬كعارضة‬
‫األحكذم في شرح الترمذم ‪ ،‬كأحكاـ القرآف كىك غير محيي الديف ابف‬
‫عربي ‪ ،‬راجع [ الزركمي ‪ ،‬األعالم ‪. ] َِْ ، ٔ ،‬‬
‫ّ) ابف العربي ‪ ،‬الحافظ ابف العربي المالكي (تّْٓ) ‪ ،‬عارضة األحوذي‬
‫بشرح صحيح الترمذي ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬دار الكتب العممية ‪، ٗ ، ]ُّ-ُ[ ،‬‬
‫ُّّ َ‬
‫‪- ِْ -‬‬
‫كتساءؿ العمماء ىؿ الرؤيا ألكؿ عابر ؟ كمتى يككف‬
‫(ُ)‬
‫أم إذا كاف العابر‬ ‫ذلؾ ‪ ،‬فقاؿ العمماء ‪ ( :‬الرؤيا ألكؿ عابر )‬
‫األكؿ عالما فعبر ‪ ،‬فأصاب كجو التعبير ‪ ،‬كاال فيي لمف أصاب‬
‫بعده ‪ ،‬إذ ليس المدار إال عمى إصابة الصكاب في تعبير‬
‫المناـ ‪ ،‬ليتكصؿ بذلؾ إلى مراد اهلل فيما ضربو مف المثؿ ‪ ،‬فإذا‬
‫أصاب فال ينبغي أف يسأؿ غيره ‪ ،‬كاف لـ يصب فميسأؿ الثاني ‪،‬‬
‫كعمى الثاني أف يخبر بما عنده ‪ ،‬كيبيف ما جيؿ األكؿ ‪ ،‬كلعؿ‬
‫حديث كقكع الرؤيا بأكؿ عابر أريد بو أف يتحرل اختيار مف يعبر‬
‫(ِ)‬
‫‪.‬‬ ‫لو الرؤيا ‪ ،‬كال يكثر مف التردد عمى المعبريف"‬

‫إذان ال يقصيا عمى مف ال يحسف التأكيؿ ‪ ،‬كذكر‬


‫القرطبي عف اإلماـ مالؾ –رحميا اهلل تعالى ‪ -‬السبب في ذلؾ ‪:‬‬
‫" كقيؿ لمالؾ ‪ :‬أيعبر الرؤيا كؿ أحد ؟ فقاؿ ‪ :‬أبالنبكة يمعب ؟‬

‫ُ) أحمد بف عمي بف المثنى أبك يعمى المكصمي التميمي ‪ ،‬مسند أبي‬
‫يعمى ‪ ،‬تحقيؽ ‪ :‬حسيف سميـ أسد ‪ ،‬دار المأمكف لمتراث ‪ ،‬دمشؽ ‪ ،‬طُ ‪،‬‬
‫َُْْق‪ُْٖٗ /‬ـ ‪ ، ُٖٓ ، ٕ، ]ُّ-ُ[ ،‬إسناده ضعيؼ ‪.‬‬
‫ِ) مكسى شاىيف ‪ ،‬فتح المنعـ شرح صحيح مسمـ ‪ ،‬القاىرة ‪ ،‬دار الشركؽ‬
‫‪ ،‬طُ ‪. ٕٔ، ٗ، ]َُ-ُ[،ََِِ/ُِّْ ،‬‬
‫‪- ّْ -‬‬
‫كقاؿ مالؾ ‪ :‬ال يعبر الرؤيا إال مف يحسنيا ‪ ،‬فإف رأل خي ار أخبر‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫بو ‪ ،‬كاف رأل مكركىا فميقؿ خي ار أك ليصمت‪"...‬‬

‫‪ – 7‬أن يتحرى الصدق في إخبار الرؤيا وعدم الكذب ‪:‬‬


‫(ِ)‬
‫؛‬ ‫لقكؿ النبي ‪ " : ‬مف أفرل الفرل أف ييرم عينو ما لـ تىىر "‬
‫قاؿ ابف الحجر‪ -‬رحمو اهلل تعالى‪ -‬في فتح البارم ‪ " :‬قكلو ( أف‬
‫(ّ)‬
‫‪.‬‬ ‫مف أفرل الفرل ) أفرل أفعؿ تفضيؿ أم أعظـ الكذبات "‬

‫كعف ابف عباس رضي اهلل عنيما عف النبي ‪ ، ‬قاؿ ‪:‬‬


‫" مف تىحمَّـ بحٍمـ لـ يره كمؼ أف يعقد بيف شعيرتيف كلف‬
‫(ْ)‬
‫‪ ،‬ذكر ابف الحجر في فتح البارم عف الطبرم‪ -‬رحميا‬ ‫يفعؿ "‬
‫اهلل تعالى‪ -‬سبب تشديد الكعيد عمى الكذب في الحمـ فقاؿ ‪:‬‬

‫ُ) القرطبي ‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن ‪َ ُِٔ ، ٗ ،‬‬


‫ِ) البخارم ‪ ،‬صحيح البخاري ‪ ،‬كتاب التعبير (ُٗ) ‪ ،‬باب ‪ :‬مف كذب في‬
‫حممو (ْٓ) ‪ ،‬حديث (َّْٕ) ‪َ ُّْٓ ،‬‬
‫ّ) ابف حجر ‪ ،‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري ‪َ ْْٗ ، ُِ ،‬‬
‫ْ) البخارم ‪ ،‬صحيح البخاري ‪ ،‬كتاب التعبير (ُٗ) ‪ ،‬باب ‪ :‬مف كذب في‬
‫حممو (ْٓ) ‪ ،‬حديث (َِْٕ) ‪َ ُّْٓ ،‬‬
‫‪- ْْ -‬‬
‫" إنما اشتد فيو الكعيد مع أف الكذب في اليقظة قد يككف أشد‬
‫مفسدة منو إذ قد تككف شيادة في قتؿ أك حد أك أخذ ماؿ ‪ ،‬ألف‬
‫الكذب في المناـ كذب عمى اهلل أنو أراه ما لـ يره ‪ ،‬كالكذب عمى‬
‫اهلل أشد مف الكذب عمى المخمكقيف لقكلو تعالى ‪  :‬كيقكؿ‬
‫األشياد ىؤالء الذيف كذبكا عمى ربيـ ‪ ‬اآلية ‪ ،‬كانما كاف الكذب‬
‫في المناـ كذبا عمى اهلل لحديث (الرؤيا جزء مف النبكة) كما كاف‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫مف أجزاء النبكة فيك مف قبؿ اهلل تعالى انتيى ممخصا "‬

‫‪ - 8‬أن يعمم أن تحقيق بشارة الرؤيا الصالحة قد‬


‫تطول إلى سنوات ‪ :‬فعمى المؤمف أف يأخذ باألسباب التي‬
‫تكصمو إلى تحقيؽ بشارة الرؤيا ‪ ،‬كال يتكؿ عمى الرؤيا ‪ ،‬كيترؾ‬
‫األسباب فيأثـ ‪ ،‬ألنو قد تطكؿ بشارة الرؤيا الصالحة إلى‬
‫سنكات ‪ ،‬فقد جاء في تفسير ابف كثير ما جاء عف أقصى مدة‬
‫لمرؤيا ‪ ... " :‬كاف بيف رؤيا يكسؼ كتأكيميا أربعكف سنة ‪.)ِ("...‬‬

‫ُ) ابف حجر ‪ ،‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري ‪َ ْْٕ ، ُِ ،‬‬
‫ِ) أبي الفداء إسماعيؿ ابف كثير الدمشقي (تْٕٕ) ‪ ،‬تفسير القرآن‬
‫العظيم ‪ ،‬تحقيؽ مصطفى السيد محمد كغيره ‪ ،‬القاىرة ‪ ،‬مؤسسة قرطبة ‪،‬‬
‫طُ ‪َ ٕٓ ، ٖ ، ] ُٓ-ُ[ ، َََِ / ُُِْ ،‬‬
‫‪- ْٓ -‬‬
‫كىناؾ عالمات تدؿ عمى الرؤيا الصادقة ‪ ،‬كىي آداب‬
‫إذا تحمى بيا اإلنساف المؤمف حظي بالرؤيا الصادقة منيا‬
‫الصدؽ في الحديث ‪ ،‬لقكؿ الرسكؿ ‪ " : ‬إذا أقترب الزماف لـ‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫تكد رؤيا المسمـ تكذب ‪ ،‬كأصدقكـ رؤيا أصدقكـ حديثنا "‬

‫قاؿ القاضي أبك بكر بف العربي المالكي – رحمو اهلل‬


‫تعالى ‪ -‬قكلو ‪ ( " : ‬أصدقيـ رؤيا أصدقيـ حديثنا ) كذلؾ‬
‫ألف األمثاؿ إنما تضرب لو عمى مقتضى أحكالو مف تخميط‬
‫كجد كمعصية كطاعة ‪ ،‬قاؿ ابف‬
‫كتحقيؽ ككذب كصدؽ كىزؿ ٌ‬
‫سيريف ما أحتممت في حراـ قط فقاؿ بعضيـ ليت عقؿ ابف‬
‫(ِ)‬
‫‪.‬‬ ‫سيريف في المناـ يككف لي في اليقظة "‬

‫كنقؿ الحافظ ابف حجر في فتح البارم عف الميمب ‪-‬‬


‫رحميا اهلل تعالى‪ -‬أنو قاؿ ‪ " :‬الناس عمى ثالث درجات ‪:‬‬
‫األنبياء كرؤياىـ كميا صدؽ كقد يقع فييا ما يحتاج إلى تعبير ‪،‬‬

‫ُ) مسمـ ‪ ،‬صحيح مسمم ‪ ،‬كتاب الرؤيا (ِْ) ‪ ،‬باب ‪:‬تحريـ المعب‬
‫بالنردشير ( ٔ ) ‪ ،‬حديث (ِِّٔ) ‪َ َّٗ ،‬‬
‫ِ) ابف العربي ‪ ،‬عارضة األحوذي بشرح صحيح الترمذي ‪َ ُِٓ ، ٗ ،‬‬
‫‪- ْٔ -‬‬
‫كالصالحكف كاألغمب عمى رؤياىـ الصدؽ كقد يقع فييا ما ال‬
‫يحتاج إلى تعبير ‪ ،‬كمف عداىـ يقع في رؤياىـ الصدؽ‬
‫كاألضغاث كىي عمى ثالثة أقساـ ‪ :‬مستكركف فالغالب استكاء‬
‫الحاؿ في حقيـ ‪ ،‬ك فسقة كالغالب عمى رؤياىـ األضغاث كيقؿ‬
‫جدا ‪ ،‬كيشير‬
‫فييا الصدؽ ‪ ،‬ككفار كيندر في رؤياىـ الصدؽ ن‬
‫إلى ذلؾ قكلو ‪( : ‬كأصدقيـ رؤيا أصدقيـ حديثنا) ‪ ،‬كقد كقعت‬
‫الرؤيا الصادقة مف بعض الكفار كما في رؤيا صاحبي السجف‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫السالـ ‪ -‬كرؤيا ممكيما كغير ذلؾ "‬
‫مع يكسؼ ‪ -‬عميو ٌ‬

‫كاألدب الثاني ‪ :‬ىك صالح السيرة بشكؿ عاـ ‪ ،‬لقكؿ‬


‫النبي ‪ " : ‬الرؤيا الحسنة ‪ ،‬مف الرجؿ الصالح ‪ ،‬جزء مف ستة‬
‫(ِ)‬
‫؛ كنقؿ الحافظ ابف حجر في فتح‬ ‫كأربعيف جزءا مف النبكة "‬
‫البارم عف القرطبي ‪ -‬رحميا اهلل تعالى‪ " : -‬المسمـ الصادؽ‬
‫الصالح ىك الذم يناسب حالو حاؿ األنبياء فأكرـ بنكع مما أكرـ‬
‫بو األنبياء كىك االطالع عمى الغيب ‪ ،‬كأما الكافر كالفاسؽ‬

‫ُ) ابف حجر ‪ ،‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري ‪َ ّٕٗ ، ُِ ،‬‬
‫ِ) البخارم ‪ ،‬صحيح البخاري ‪ ،‬كتاب التعبير (ُٗ) ‪ ،‬باب ‪ :‬رؤيا‬
‫الصالحيف (ِ) ‪ ،‬حديث (ّٖٗٔ) ‪َ ُّّٓ ،‬‬
‫‪- ْٕ -‬‬
‫أحيانا فذلؾ كما قد يصدؽ‬
‫ن‬ ‫كالمخمط فال ‪ ،‬كلك صدقت رؤياىـ‬
‫الكذكب ‪ ،‬كليس كؿ مف حديث عف غيب يككف خبره مف أجزاء‬
‫النبكة كالكاىف كالمنجـ "(ُ) ‪.‬‬

‫كمف عالمات الرؤيا الصادقة ما كانت باألسحار ‪ ،‬لقكؿ‬


‫(ِ)‬
‫؛ قاؿ القاضي أبك بكر‬ ‫النبي ‪ " : ‬أصدؽ الرؤيا باألسحار"‬
‫بف العربي – رحمو اهلل تعالى ‪ -‬معمقان عمى الحديث ‪ " :‬كذلؾ‬
‫لكجييف ‪ .‬أحدىما ‪ :‬فضؿ الكقت بانتشار الرحمة فيو ‪ .‬الثاني ‪:‬‬
‫لراحة القمب كالبدف بالنكـ كخركجيما عف تعب الخكاطر كتكاتر‬
‫الشعكب كالتصرفات ؛ كمتى كاف القمب أفرغ كاف الكعي لما‬
‫(ّ)‬
‫‪.‬‬ ‫يمقى إليو "‬

‫ُ) ابف حجر ‪ ،‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري ‪َ ّٕٗ ، ُِ ،‬‬
‫ِ) عمي بف بمباف ابف حباف الفارسي (تّٕٗ) ‪ ،‬صحيح ابن حبان ‪،‬‬
‫تحقيؽ شعيب األرنؤكط ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪،‬طِ ‪/ُُْْ ،‬‬
‫ُّٗٗ ‪ ، ]ُٖ-ُ[ ،‬كتاب الرؤيا ‪ ،‬ج ُّ ‪ ،‬حديث (َُْٔ) ‪َ َْٕ ،‬‬
‫ّ) ابف العربي ‪ ،‬عارضة األحوذي بشرح صحيح الترمذي ‪. َُّ ، ٗ ،‬‬
‫‪- ْٖ -‬‬
‫ثانياً ‪ :‬آداب الرؤيا المكروىة ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن ينفث عن يساره ثال ثًا ‪ :‬لقكؿ النبي ‪ " : ‬فإذا‬


‫(ُ)‬
‫؛‬ ‫رأل أحدكـ شيئان يكرىو فمينفث عف يساره ثالث مرات ‪"...‬‬
‫ذكر الحافظ ابف حجر عف النككم‪ -‬رحميا اهلل تعالى‪ " : -‬أكثر‬
‫الركيات في الرؤيا( فمينفث) كىك نفخ لطيؼ بال ريؽ فيككف التفؿ‬
‫(ِ)‬
‫‪.‬‬ ‫كالريؽ محمكليف عميو مجا انز "‬

‫‪ -2‬أن يستعيذ باهلل من الشيطان ثالثاً ‪ :‬لقكؿ النبي‬


‫‪ " : ‬إذا رأل أحدكـ الرؤيا يكرىيا فميبصؽ عف يساره ثالثنا ‪،‬‬
‫(ّ)‬
‫‪.‬‬ ‫كليستعذ باهلل مف الشيطاف ثالثنا ‪"....‬‬

‫ُ) مسمـ ‪ ،‬صحيح مسمم ‪ ،‬كتاب الرؤيا (ِْ) ‪ ،‬باب ‪:‬تحريـ المعب‬
‫بالنردشير ( ِ ) ‪،‬حديث (ُِِٔ) ‪. ِٗٗ ،‬‬
‫ِ) ابف حجر ‪ ،‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري ‪َ ِٖٖ ، ُِ ،‬‬
‫ّ) مسمـ ‪ ،‬صحيح مسمم ‪ ،‬كتاب الرؤيا (ِْ) ‪ ،‬باب ‪:‬تحريـ المعب‬
‫بالنردشير ( ٓ ) ‪ ،‬حديث (ِِِٔ) ‪َ َّٗ ،‬‬
‫‪- ْٗ -‬‬
‫‪ -3‬أن يستعيذ من شر رؤياه ‪ :‬لقكؿ النبي ‪ " : ‬كاذا‬
‫رأل غير ذلؾ مما يكره ‪ ،‬فإنما ىي مف الشيطاف ‪ ،‬فميستعذ باهلل‬
‫(ُ)‬
‫؛ قاؿ الحافظ ابف حجر ‪ -‬رحمو اهلل تعالى‪: -‬‬ ‫مف شرىا "‬
‫" ككرد في صفة التعكذ مف شر الرؤيا أثر صحيح أخرجو سعيد‬
‫بف منصكر كبف أبي شيبة كعبد الرزاؽ بأسانيد صحيحة عف‬
‫إبراىيـ النخعي قاؿ إذا رأل أحدكـ في منامو ما يكره فميقؿ إذا‬
‫استيقظ أعكذ بما عاذت بو مالئكة اهلل كرسمو مف شر رؤيام ىذه‬
‫أف يصيبني فييا ما أكره في ديني كدنيام "(ِ) ‪.‬‬

‫كقاؿ الحافظ ابف حجر – رحمو اهلل تعالى ‪ -‬عف حكمة‬


‫اآلداب السابقة ‪ " :‬كقد ذكر العمماء حكمو ىذه األمكر ‪ :‬فأما‬
‫االستعاذة باهلل مف شرىا فكاضح كىي مشركعة عند كؿ أمر‬
‫يكره ‪ ،‬كأما االستعاذة مف الشيطاف فمما كقع في بعض طرؽ‬
‫الحديث أنيا منو كأنو يخيؿ بيا لقصد تحزيف اآلدمي كالتيكيؿ‬
‫عميو كما تقدـ ‪ ،‬كأما التفؿ فقاؿ عياض ‪ :‬أمر بو طردا لمشيطاف‬

‫ُ) البخارم ‪ ،‬صحيح البخاري ‪ ،‬كتاب التعبير (ُٗ) ‪ ،‬باب ‪ :‬الرؤيا مف‬
‫اهلل (ِ) ‪ ،‬حديث (ٖٓٗٔ) ‪َ ُّّٓ ،‬‬
‫ِ) ابف حجر ‪ ،‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري ‪َ ِٖٖ ، ُِ ،‬‬
‫‪- َٓ -‬‬
‫الذم حضر الرؤيا المكركىة تحقي انر لو كاستقذا انر ‪ ،‬كخصت بو‬
‫اليسار ألنيا محؿ األقذار كنحكىا ‪ ،‬قمت ‪ :‬كالتثميث لمتأكيد " (ُ) ‪.‬‬

‫‪ -4‬أن يتحول عن جنبو الذي كان عميو ‪ :‬لقكؿ النبي‬


‫‪ " : ‬إذا رأل أحدكـ الرؤيا يكرىيا فميبصؽ عف يساره ثالثنا ‪،‬‬
‫كليستعذ باهلل مف الشيطاف ثالثنا ‪ ،‬كليتحكؿ عف جنبو الذم كاف‬
‫(ِ)‬
‫؛ كذكر الحافظ ابف حجر – رحمو اهلل تعاؿ ‪ -‬حكمة‬ ‫عميو "‬
‫التحكؿ فقاؿ ‪ " :‬كأما التحكؿ فممتفاؤؿ بتحكؿ تمؾ الحاؿ التي كاف‬
‫عمييا "(ّ) ‪.‬‬

‫‪ -5‬أن يقوم فيصمي ‪ :‬لقكؿ النبي ‪ " : ‬فإف رأل‬


‫‪.‬‬ ‫(ْ)‬ ‫َّ‬
‫فميصؿ ‪ ،‬كال يحدث بيا الناس "‬ ‫أحدكـ ما يكره ‪ ،‬فميقـ‬

‫ُ) المصدر السابؽ ‪َ ّٖٕ ،‬‬


‫ِ) مسمـ ‪ ،‬صحيح مسمم ‪ ،‬كتاب الرؤيا (ِْ) ‪ ،‬باب ‪:‬تحريـ المعب‬
‫بالنردشير ( ٓ ) ‪ ،‬حديث (ِِِٔ) ‪. َّٗ ،‬‬
‫ّ) ابف حجر ‪ ،‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري ‪َ ِٖٖ ، ُِ ،‬‬
‫ْ) مسمـ ‪ ،‬صحيح مسمم ‪ ،‬كتاب الرؤيا (ِْ) ‪ ،‬باب ‪ :‬تحريـ المعب‬
‫بالنردشير ( ٓ ) ‪ ،‬حديث (ِِّٔ) ‪َ َّٗ ،‬‬
‫‪- ُٓ -‬‬
‫كجاء في حكمة الصالة ‪ " :‬كأما الصالة فمما فييا مف‬
‫التكجو إلى اهلل كالمجأ إليو ‪ ،‬كألف في التحرـ بيا عصمة مف‬
‫األسكاء كبيا تكمؿ الرغبة كتصح الطمبة لقرب المصمي مف ربو‬
‫(ُ)‬
‫؛ كنقؿ ابف حجر عف القرطبي – رحيما اهلل‬ ‫عند سجكده "‬
‫تعالى ‪ " : -‬الصالة تجمع ذلؾ كمو ألنو إذا قاـ فصمى تحكؿ‬
‫عف جنبو كبصؽ كنفث عند المضمضة في الكضكء كاستعاذ قبؿ‬
‫القراءة ثـ دعا اهلل في أقرب األحكاؿ إليو فيكفيو اهلل شرىا بمنو‬
‫ككرمو "(ِ) ‪.‬‬

‫أحدا ‪ :‬لقكؿ النبي ‪ " : ‬الرؤيا‬


‫‪ -6‬أن ال يحدث بيا ً‬
‫الصالحة مف اهلل ‪ ،‬فإذا رأل أحدكـ ما يحب فال يحدث بيا‬
‫إال مف يحب ‪ ،‬كاف رأل ما يكره فميتفؿ عف يساره ثالثنا ‪،‬‬
‫أحدا فإنيا ال‬
‫كليتعكذ باهلل مف الشيطاف كشرىا ‪ ،‬كال يحدث بيا ن‬
‫َّ‬
‫تضره " (ّ) ‪.‬‬

‫ُ) ابف حجر ‪ ،‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري ‪َ ِٖٖ ، ُِ ،‬‬
‫ِ) المصدر السابؽ َ‬
‫ّ) مسمـ ‪ ،‬صحيح مسمم ‪ ،‬كتاب الرؤيا (ِْ) ‪ ،‬باب ‪ :‬تحريـ المعب‬
‫بالنردشير(ْ) ‪ ،‬حديث (ُِِٔ) ‪َ َّٗ ،‬‬
‫‪- ِٓ -‬‬
‫أيضا مما يتساىؿ فيو كثير مف الناس ؛ كذكر‬ ‫كىذا ن‬
‫أحدا ‪ " :‬فيو إرشاد المستعبر‬
‫العمماء عف حكمة أف ال يحدث بيا ن‬
‫لمكضع رؤياه ‪ ،‬فإف رأل ما يكره فال يحدث بو حتى ال يستقبمو‬
‫ىما ‪ ،‬كاف رأل ما يحبو فال يحدث بو إال‬
‫في تفسيرىا ما يزاد بو ِّ‬
‫حسدا عمى غير‬
‫مف يحبو ‪ ،‬ألنو ال يأمف ممف ال يحبو أف يعبره ن‬
‫كجيو فيغمو ‪ ،‬أك يكيده بأمر كما أخبر اهلل ‪ ‬عف يعقكب ‪-‬‬
‫عميو السالـ ‪ -‬حيف قص عميو يكسؼ ‪ -‬عميو السالـ ‪ -‬رؤياه ‪:‬‬
‫ؾ‬ ‫اؾ ىعمىى إً ٍخ ىكتً ىؾ فىىي ًك ي‬
‫يدكا لى ى‬ ‫ص يرٍؤىي ى‬
‫ص ٍ‬
‫اؿ ىيا يب ىن َّي ىال تى ٍق ي‬
‫‪ ‬قى ى‬
‫ىك ٍي ندا‪. )ِ( " )ُ(‬‬

‫‪ -7‬أن ال يفسرىا لنفسو ‪ :‬لقكؿ النبي ‪ " : ‬إذا رأل‬


‫أحدكـ الرؤيا الحسنة فميفسرىا كليخبر بيا ‪ ،‬كاذا رأل الرؤيا‬

‫ُ) يكسؼ ‪َ ٓ :‬‬


‫السنة ‪ ،‬تحقيؽ ‪ :‬شعيب األرناؤكط‬
‫ِ) البغكل ‪ ،‬الحسيف بف مسعكد ‪ ،‬شرح ّ‬
‫‪ -‬محمد زىير الشاكيش ‪ ،‬دمشؽ ‪ -‬يركت ‪ ،‬دار المكتب اإلسالمي ‪،‬‬
‫ط ِ ‪َ ُِِ ، ُِ ، ]ُٓ-ُ[ ، ُّٖٗ / َُّْ ،‬‬

‫‪- ّٓ -‬‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫القبيحة فال يفسرىا كال يخبر بيا "‬

‫‪ -8‬أن يدعو بالدعاء ‪ :‬أعكذ بكممات اهلل التامة مف‬


‫كشر عباده كمف ىمزات الشياطيف كأف‬ ‫ٌ‬ ‫غضبو كعقابو‬
‫يحضركف ؛ فعف عمرك بف شعيب ‪ ،‬عف أبيو عف جده ‪ ،‬قاؿ ‪:‬‬
‫كاف رسكؿ اهلل ‪ ‬يعممنا كممات نقكليف عند النكـ مف الفزع ‪:‬‬
‫" بسـ اهلل ‪ ،‬أعكذ بكممات اهلل التامة ‪ ،‬مف غضبو كعقابو ‪ ،‬كشر‬
‫(ِ)‬
‫‪.‬‬ ‫عباده ‪ ،‬كمف ىمزات الشياطيف ‪ ،‬كأف يحضركف "‬

‫إذا فعؿ ما أمر بو مف ىذه اآلداب فإنيا ال تضره إنشاء‬


‫اهلل تعالى ؛ لقكؿ النبي ‪ " : ‬فإنيا ال تضره " قاؿ النككم ‪-‬‬
‫رحمو اهلل تعالى ‪ " : -‬كأما قكلو ‪ ‬فإنيا ال تضره معناه أف اهلل‬

‫ُ) البرىاف فكرم ‪ ،‬عمي المتقي بف حساـ الديف اليندم ‪ ،‬كنز العمال في‬
‫سنن األقوال واألفعال ‪ ،‬ضبطو كفسر غريبو ‪ :‬الشيخ بكرم حياني ‪،‬‬
‫بيركت ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪، ُٓ ، ]ُٔ-ُ[ ، ُّٗٗ/ُُّْ ،‬‬
‫حديث(ُِّْٗ) ‪. ّْٔ ،‬‬
‫ِ) أبك عبد اهلل أحمد بف حنبؿ(ُِْ‪ ، )ٖٓٓ/‬المسند ‪ ،‬شعيب األرنؤكط‬
‫كعادؿ مرشد ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪َ ِٗٓ ، ُُ، ُٗٗٓ /ُُْٔ ،‬‬
‫‪- ْٓ -‬‬
‫تعالى جعؿ ىذا سببان لسالمتو مف مكركه يترتب عمييا كما جعؿ‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫الصدقة كقاية لمماؿ كسببا لدفع البالء "‬

‫ىذه اآلداب جاءت في ركايات مختمفة عف الرسكؿ ‪، ‬‬


‫فقاؿ النككم ‪ -‬رحمو اهلل تعالى ‪ " : -‬فينبغي أف يجمع بيف ىذه‬
‫الركايات ‪ ،‬كيعمؿ بيا كميا ‪ ،...‬كاف اقتصر عمى بعضيا أجزأه‬
‫(ِ)‬
‫‪.‬‬ ‫في دفع ضررىا بإذف اهلل تعالى كما صرحت بو األحاديث"‬

‫كلكف يغمب عمى أحكاؿ و‬


‫كثير مف الناس اليكـ إىماؿ ىذه‬
‫اآلداب ‪ ،‬كعدـ األخذ بيا ‪ ،‬لذلؾ تجد الكاحد منيـ إذا رأل ما‬
‫يكره ‪ ،‬يصيبو الخكؼ كالحزف كالقمؽ ‪ ،‬كقد يترؾ بعض األعماؿ‬
‫بسببيا ‪ ،‬كلك كقؼ اإلنساف مع ىدم النبي ‪ ، ‬كمعرفة أقساـ‬
‫الرؤيا ‪ ،‬لما حصمت لو ىذه المعاناة كاالضطراب ‪.‬‬

‫ُ) يحيى ابف شرؼ النككم الدمشقي(تٕٔٔق) ‪ ،‬صحيح مسمم بشرح‬


‫النووي ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬دار إحياء الت ارث العربي‪ ،‬طِ ‪َ ُ ، ُٓ ، ]ُٖ-ُ[ ،‬‬
‫ِ) المصدر السابؽ َ‬

‫‪- ٓٓ -‬‬
‫فيذا أبك سممة ‪ -‬رضي اهلل عنو ‪ -‬يخبر عف قصتو مع‬
‫األحالـ المزعجة كيؼ كانت تؤذيو ‪ ،‬ككيؼ تخمص مف ىذا‬
‫الضرر ؟ فعف أبي سممة بف عبد الرحمف قاؿ ‪ " :‬سمعت أبا‬
‫قتادة يقكؿ ‪ :‬سمعت رسكؿ اهلل ‪ ‬يقكؿ ‪ :‬الرؤيا الصالحة مف‬
‫الحٍمـ مف الشيطاف ‪ ،‬فإذا رأل أحدكـ شيئان يكرىو فمينفث‬
‫اهلل ‪ ،‬ك ي‬
‫كليتعكذ باهلل مف شرىا ‪ ،‬فإنيا لف تضره ‪.‬‬
‫َّ‬ ‫عف يساره ثالث مرات ‪،‬‬
‫عمي مف جبؿ ‪ ،‬فما‬
‫فقاؿ أبك سممة ‪ :‬إف كنت ألرل الرؤيا أثقؿ ٌ‬
‫ىك إال أف سمعت بيذا الحديث فما أبالييا "(ُ) ‪.‬‬

‫فيذا المثاؿ عف الككابيس التي تؤذم اإلنساف كتضره ‪،‬‬


‫كىذا القسـ مف األحالـ الشيطانية قاؿ عنيا الرسكؿ ‪ " : ‬إف‬
‫الرؤيا ثالث ‪ ،‬منيا أىاكيؿ مف الشيطاف ليحزف بيا ابف آدـ " إذان‬
‫اليدؼ مف األحالـ الشيطانية ىك تحزبف ابف أدـ ‪ ،‬فإذا أستسمـ‬
‫ليا اإلنساف فإنيا قد تضره مف الناحية النفسية ‪ ،‬كقد تتحكؿ إلى‬
‫مرض " كما يعرؼ رجاؿ الطب حاالت بدأ فييا االضطراب‬
‫العقمي بحمـ ‪ ،‬ككاف مصدر اليزاء الذم ألح عمى المريض ‪ ،‬في‬

‫ُ) مسمـ ‪ ،‬صحيح مسمم ‪ ،‬كتاب الرؤيا (ِْ) ‪ ،‬باب ‪ :‬تحريـ المعب‬
‫بالنردشير ( ِ ) ‪ ،‬حديث (ُِِٔ) ‪. ِٗٗ ،‬‬
‫‪- ٓٔ -‬‬
‫(ُ)‬
‫‪ ،‬كلكف إذا عرؼ اإلنساف ىدم النبي ‪ ‬مع‬ ‫ىذا الحمـ "‬
‫الرؤيا كاألحالـ لما أصابو شيء مف ذلؾ ‪.‬‬

‫كاليؾ مشيد آخر مف ىذه األحالـ ‪ ،‬ككيؼ عالج‬


‫الرسكؿ ‪ ‬ىذا النكع ‪ ،‬عف جابر قاؿ ‪ :‬جاء أعرابي إلى النبي‬
‫‪ ‬فقاؿ ‪ :‬يا رسكؿ اهلل رأيت في المناـ كأف رأسي ضرب فتدحرج‬
‫فاشتددت عمى أثره ‪ ،‬فقاؿ رسكؿ اهلل ‪ ‬لألعرابي ‪ " :‬ال تحدث‬
‫بتمعب ال ٌشيطاف بؾ في منامؾ ؛ كقاؿ ‪ :‬سمعت النبي ‪‬‬
‫الناس ٌ‬
‫بعد يخطب فقاؿ ‪ :‬ال يحدثف أحدكـ بتمعب الشيطاف بو في‬
‫(ِ)‬
‫‪.‬‬ ‫منامو "‬

‫ُ) محمد محمد عكيضة ‪ ،‬التحميل النفسي ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬دار الكتب العممية ‪،‬‬
‫طُ ‪. َُٗ ،ِّٔ ،ُٗٗٔ/ُُْٔ ،‬‬
‫ِ) مسمـ ‪ ،‬صحيح مسمم ‪ ،‬كتاب الرؤيا (ِْ) ‪ ،‬باب ‪ :‬تحريـ المعب‬
‫بالنردشير ( ُٓ ) ‪ ،‬حديث (ِِٖٔ) ‪. ِّٗ ،‬‬
‫‪- ٕٓ -‬‬
- ٖٓ -
‫المبحث الثالث‬
‫نماذج من الرؤيا الصادقة‬

‫أوالً ‪ :‬نماذج من الرؤيا الصادقة في القرآن الكريم‬


‫والعبر والدروس المستفادة منيا ‪.‬‬
‫ثانياً ‪ :‬نماذج من الرؤيا لعمماء المعاصرين ‪.‬‬

‫‪- ٓٗ -‬‬
- َٔ -
‫أوالً ‪ :‬نماذج من الرؤيا في القرآن الكريم والعبر‬
‫والدروس المستفادة منيا ‪:‬‬

‫جاء في الشرع الحنيؼ بأف رؤيا األنبياء حؽ كىي نكع‬


‫مف أنكاع الكحي ‪ ،‬فجعؿ اهلل سبحانو تعالى الرؤيا طرؽ مف‬
‫طرؽ الكحي لما فييا مف حكـ ‪ ،‬منيا ‪ - :‬كاهلل أعمـ ‪ -‬تنبيو‬
‫العقكؿ إلى أىمية الرؤيا في حياة اإلنساف ‪ ،‬لذلؾ جعؿ الرسكؿ‬
‫‪ ‬الرؤيا الصالحة جزء مف أجزاء النبكة ‪ ،‬حتى يتنبو المؤمف إلى‬
‫أىمية الرؤيا الصادقة في حياتو ‪ ،‬كأنيا تنبئ عف حقائؽ تفيده ‪،‬‬
‫كذلؾ ضمف الحدكد التي رسميا الشرع لمرؤيا ‪ ،‬كالقرآف الكريـ‬
‫يذكرنا بنماذج مف الرؤل ألخذ العبر كالدركس منيا ‪.‬‬

‫‪ -1‬رؤيا سيدنا محمد ‪: ‬‬

‫ام ىؾ ىقمًيالن ىكلى ٍك‬ ‫المَّو ًفي م ىن ً‬


‫ى‬ ‫ي‬ ‫يقكؿ اهلل ‪  : ‬إً ٍذ يي ًري ىكيي ٍـ‬
‫ً‬ ‫ً َّ َّ‬ ‫ىر ىكيي ٍـ ىكثًي انر لىفى ًشٍمتي ٍـ ىكلىتىىن ىازٍعتي ٍـ ًفي األ ٍىم ًر‬
‫ىكلىك َّف الموى ىسم ىـ إًنَّوي ىعم ه‬
‫يـ‬ ‫أ ىا‬

‫‪- ُٔ -‬‬
‫ُّد ً‬
‫؛ لقد أرل اهلل ‪ ‬نبيو في المناـ أف الكفار‬
‫كر ‪‬‬ ‫بً ىذ ً‬
‫ات الص ي‬
‫(ُ)‬

‫في غزكة بدر عددىـ قميؿ ‪ ،‬مع أف الكاقع يدؿ عمى خالؼ‬
‫ذلؾ ‪ ،‬حيث كاف عددىـ أكثر مف تسعمائة ‪ ،‬كعدد المسمميف‬
‫ثالثمائة مقاتؿ ‪ ،‬فكانت ًقمة العدد في الرؤيا ىرم انز ككناية عف كىف‬
‫أمر المشركيف ال عف قمٌة عددىـ ؛ كلذلؾ أرل نبيو قمتيـ ليككف‬
‫تشجيعان لممؤمنيف كتحريضان ليـ عمى قتاليـ ‪ ،‬كلذا قاؿ اهلل تعالى‬
‫اؿ إً ٍف ىي يك ٍف‬ ‫يف ىعمىى اٍل ًقتى ً‬ ‫ً‬
‫ض اٍل يم ٍؤ ًمن ى‬ ‫النبً ُّي ىحّْر ً‬
‫بعد ذلؾ ‪ ‬ىياأىيُّيىا َّ‬
‫كف ىي ٍغمًيبكا ًم ىائتىٍي ًف ىكًا ٍف ىي يك ٍف ًم ٍن يك ٍـ ًم ىائةه ىي ٍغمًيبكا‬
‫صابًير ى‬‫كف ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫م ٍن يك ٍـ ع ٍش ير ى‬
‫ً ًَّ‬
‫كف ‪ ، )ِ( ‬فكانت تمؾ‬ ‫يف ىكفىيركا بًأَّىنيي ٍـ قى ٍكهـ ىال ىي ٍفقىيي ى‬ ‫أىٍلفنا م ىف الذ ى‬
‫الرؤيا مف أسباب النصر ‪.‬‬

‫ككذلؾ رؤياه ‪ ‬في فتح مكة حيف رآىا قبؿ أف يفتح‬


‫ؽ‬ ‫ؽ المَّوي ىر يسكلىوي ُّ‬
‫الرٍؤىيا بًاٍل ىح ّْ‬ ‫ص ىد ى‬ ‫مكة ‪ ،‬قاؿ اهلل ‪  : ‬لىقى ٍد ى‬
‫ًّْ‬ ‫َّ ً ً‬
‫كس يك ٍـ‬
‫يف يريء ى‬ ‫يف يم ىحمق ى‬‫اء الموي آمن ى‬ ‫لىتى ٍد يخمي َّف اٍل ىم ٍس ًج ىد اٍل ىح ىر ىاـ إً ٍف ىش ى‬
‫كف ىذلً ىؾ فىتٍحان‬ ‫كف فى ىعمً ىـ ىما لى ٍـ تى ٍعمى يمكا فى ىج ىع ىؿ ًم ٍف يد ً‬
‫يف ال تى ىخافي ى‬ ‫ىك يمقىص ً‬
‫ّْر ى‬

‫ُ) األنفاؿ ‪. ّْ :‬‬


‫ِ) األنفاؿ ‪. ٔٓ :‬‬
‫‪- ِٔ -‬‬
‫؛ فكانت الرؤيا بمثابة الطمأنينة لو ‪ ‬كألصحابو ‪،‬‬ ‫(ُ)‬
‫قى ًريبان ‪‬‬
‫ستفتح ليـ مكة ‪ ،‬كقد كانت كما رأل ‪. ‬‬

‫كفي ىذه اآلية إعجاز بمستقبؿ غيبي ‪ ،‬فال يمكف أف‬


‫يككف ىذا الكالـ إال مف عند رب العالميف ‪ ،‬كمثؿ ىذا في القرآف‬
‫الكثير ‪ ،‬فقد كعد كعدان جازمان باألمكر الثالثة مجتمعة في ىذه‬
‫اآلية ‪ :‬الدخول ‪ ،‬واألمن ‪ ،‬وقضاء الشعيرة ‪ ،‬قبؿ مكعدىا‬
‫بسنة ‪ ،‬كذلؾ مف خالؿ الرؤيا التي سجميا القرآف الكريـ لرسكؿ‬
‫‪ ، ‬مع أف صمح الحديبية في الظاىر القكة لمقريش ‪ ،‬كليس مف‬
‫الغريب أف تغدر بيـ قريش ‪ ،‬كلقد كجدكا سابقان منيـ نكث‬
‫العيكد ‪ ،‬كقطع األرحاـ ‪ ،‬كانتياؾ شعائر اهلل ؟ كلكف كعد اهلل‬
‫السنة‬
‫‪ ‬تحقؽ لرؤيا نبيو ‪ ، ‬فدخمكىا في عمرة القضاء في ٌ‬
‫التالية آمنيف ‪ ،‬كلبثكا فييا ثالثة أياـ حتى أتمكا عمرتيـ ‪ ،‬كقضكا‬
‫مناسكيـ ‪ ،‬كما كعدىـ اهلل ‪ ‬في رؤيا الرسكؿ ‪. ‬‬

‫ُ) الفتح ِٕ ‪.‬‬


‫‪- ّٔ -‬‬
‫‪ -2‬رؤيا سيدنا إبراىيم عميو السالم ‪:‬‬

‫اؿ ىيا يب ىن َّي إًّْني‬


‫السعي‬ ‫قى ى‬
‫يقكؿ اهلل ‪  : ‬ىفمى َّما ىبمى ىغ ىم ىعوي ٌ‬
‫ىيا أ ىىب ًت ا ٍف ىع ٍؿ ىما‬
‫أى ىرل ًفي اٍل ىم ىن ًاـ أّْىني أى ٍذ ىب يح ىؾ فى ٍانظي ٍر ىما ىذا تىىرل قى ى‬
‫اؿ‬
‫َّ‬ ‫َّ ً‬ ‫ً‬
‫ىسمى ىما ىكتىموي‬
‫يف *‬ ‫اء الموي م ىف الصَّابً ًر ى‬
‫ىفمى َّما أ ٍ‬ ‫تي ٍؤ ىم ير ىستى ًج يدني إً ٍف ىش ى‬
‫ؾ‬‫الرٍؤىيا إًَّنا ىك ىذلً ى‬
‫ت‬‫ص َّد ٍق ى‬
‫يـ * قى ٍد ى‬
‫ُّ‬ ‫ً ً‬
‫ىف ىيا إ ٍب ىراى ي‬ ‫اد ٍي ىناهي أ ٍ‬ ‫لًٍم ىجبً ً‬
‫يف * ىكىن ى‬
‫* ىكفى ىد ٍي ىناهي بًًذ ٍب وح‬
‫يف * إً َّف ىى ىذا لىيي ىك اٍل ىب ىال يء اٍل يمبً ي‬
‫يف‬ ‫ًً‬
‫ىن ٍج ًزم اٍل يم ٍحسن ى‬
‫ىع ًظ ويـ ‪ )ُ( ‬ىذا نمكذج المتحاف عظيـ يتعرض‬
‫لو سيدنا إبراىيـ‬
‫كابنو إسماعيؿ عمييما السالـ ‪ ،‬كال أدؿ عمى ذلؾ مف قكؿ اهلل‬
‫‪ً  : ‬إ َّف ىى ىذا لىيي ىك اٍل ىب ىال يء اٍل يمبً ي‬
‫يف ‪ ، ‬فكاف مكقفيما الرضا‬
‫كالتسميـ لقضاء اهلل ‪ ، ‬ليككنا حجة عمى العالميف في‬
‫االستسالـ ألمر اهلل ‪ ‬؛ فعندما عمـ اهلل صدؽ استجابتو قاؿ‬
‫اهلل ‪  : ‬ىكفى ىد ٍي ىناهي بًًذ ٍب وح ىع ًظ ويـ ‪ ، ‬كىذا اإلكراـ جعمو ‪‬‬
‫ًً‬ ‫ً‬
‫يف ‪ ‬فجاء‬‫قانكف لكؿ المحسنيف ‪  :‬إًَّنا ىك ىذل ىؾ ىن ٍج ًزم اٍل يم ٍحسن ى‬
‫اإلسالـ فخمد ىذه الذكرل العظيمة الستجابة إبراىيـ عمييـ السالـ‬
‫ألمر رب العالميف مف خالؿ سنة األضحية في عيد األضحى‬
‫لممسمميف إلى قياـ الساعة ‪.‬‬

‫ُ) الصافات ‪. َُٕ-َُِ :‬‬


‫‪- ْٔ -‬‬
‫كيذكر الشيخ الشعراكم في تفسيره الدرس المستفاد مف‬
‫ىذه اآليات حيث يقكؿ ‪ " :‬كاذا ما رضي اإلنساف كصبر فإف‬
‫اهلل يرفع عنو الضر ؛ ألف الضر ال يستمر عمى اإلنساف إال إذا‬
‫قابمو بالسخط كعدـ الرضا بقدر اهلل ؛ كال يرفع الحؽ قضاء في‬
‫الخمؽ إال أف يرضى خمؽ اهلل بما أنزؿ اهلل ‪ ،‬كالذم ال يقبؿ‬
‫المصائب ىك مف تستمر معو المصائب ‪ ،‬أما الذم يريد أف يرفع‬
‫اهلل عنو القضاء فميقبؿ القضاء ؛ إف الحؽ سبحانو يعطينا نماذج‬
‫عمى مثؿ ىذا األمر ؛ فيا ىكذا سيدنا إبراىيـ عميو السالـ يتمقى‬
‫األمر بذبح ابنو الكحيد ‪ ،‬كيأتيو ىذا األمر بشكؿ قد يراه غير‬
‫المؤمف بقضاء اهلل شديد القسكة ‪ ،‬فقد كاف عمى إبراىيـ أف يذبح‬
‫ابنو بنفسو ‪ ،‬كىذا ارتقاء في االبتالء ؛ كلـ يمتمس إبراىيـ خميؿ‬
‫الرحمف عذ انر لييرب مف ابتالء اهلل لو ‪ ،‬كلـ يقؿ ‪ :‬إنيا مجرد‬
‫رؤيا كليست كحيان كلكنيا حؽ ‪ ،‬كقد جاءه األمر بأىكف تكميؼ‬
‫كىك الرؤيا ‪ ،‬كبأشؽ تكميؼ كىك ذبح االبف ‪ ،‬كنرل عظمة النبكة‬
‫في استقباؿ أكامر الحؽ ؛ كيميمو اهلل أف يشرؾ ابنو اسماعيؿ في‬
‫السعي قىا ىؿ‬
‫استقباؿ الثكاب بالرضا بالقضاء ‪  :‬ىفمى َّما ىبمىغى ىم ىعوي ٌ‬
‫اؿ ياأ ىىب ًت‬
‫ياب ىن َّي إًّْني أ ىىرىا ًفي اٍل ىم ىن ًاـ أّْىني أى ٍذ ىب يح ىؾ فىانظي ٍر ىما ىذا تىىرىا قى ى‬
‫ي‬

‫‪- ٔٓ -‬‬
‫ا ٍفع ٍؿ ما تيؤمر ستى ًج يدنًي إًف ىش َّ ً‬
‫آء الموي م ىف الصَّابً ًر ى‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫يف ‪‬‬ ‫ى‬ ‫ى ى ىي ى‬

‫السعي في مطالب الحياة مع أبيو‬


‫لقد بمغ إسماعيؿ عمر ٌ‬
‫حيف جاء األمر في المناـ إلبراىيـ بأف يذبح ابنو ‪ ،‬كامتأل قمب‬
‫إسماعيؿ بالرضا بقضاء اهلل كلـ ينشغؿ بالحقد عمى أبيو ؛ كلـ‬
‫يقاكـ ‪ ،‬كلـ يدخؿ في معركة معو بؿ قاؿ ‪  :‬ياأ ىىب ًت ا ٍف ىع ٍؿ ىما‬
‫ؤم ير ‪. ‬‬
‫تي ى‬

‫بقبكؿ كرضا ؛ لذلؾ يقكؿ الحؽ‬ ‫و‬ ‫لقد أخذ االثناف أمر اهلل‬
‫يـ *‬ ‫ً ً‬ ‫ىسمى ىما ىكتىمَّوي لًٍم ىجبً ً‬
‫اد ٍي ىناهي أىف ياإ ٍب ىراى ي‬ ‫يف * ىكىن ى‬ ‫عنيما معان ‪  :‬ىفمى َّما أ ٍ‬
‫يف * إً َّف ىىػ ىذا لىيي ىك اٍل ىبالى يء‬ ‫ًً‬ ‫ً‬
‫الرٍؤىيآ إًَّنا ىك ىذل ىؾ ىن ٍج ًزم اٍل يم ٍحسن ى‬
‫ت ُّ‬ ‫ص َّد ٍق ى‬
‫قى ٍد ى‬
‫يف * ىكفى ىد ٍي ىناهي بًًذ ٍب وح ىع ًظ ويـ ‪ )ِ( ‬؛ لقد اشترؾ االثناف في قبكؿ‬ ‫اٍل يمبً ي‬
‫قضاء اهلل ‪ ،‬كأسمـ كؿ منيما لألمر ؛ أسمـ إبراىيـ كفاعؿ ‪،‬‬
‫كأسمـ إسماعيؿ كمنفعؿ‪ ،‬كعمـ اهلل صدقيما في استقباؿ أمر اهلل‪،‬‬
‫كىنا نادل الحؽ إبراىيـ عميو السالـ ‪ :‬لقد استجبت أنت‬
‫كاسماعيؿ إلى القضاء ‪ ،‬كحسبكما ىذا االمتثاؿ ‪ ،‬كلذلؾ يجيء‬

‫ُ) الصافات ‪. َُِ :‬‬


‫ِ) الصافات ‪. َُٕ-َُّ :‬‬
‫‪- ٔٔ -‬‬
‫إليؾ كالى ابنؾ المطؼ‪ ،‬كذلؾ برفع البالء ‪ .‬كجاء الفداء بًًذ ٍب وح‬
‫عظيـ القدر ‪ ،‬ألنو ًذ ٍب هح جاء بأمر اهلل ‪ .‬كلـ يكتؼ الحؽ بذلؾ‬
‫بشر إبراىيـ بميالد ابف آخر ‪  :‬ىكىب َّش ٍرىناهي بًًإ ٍس ىح ى‬
‫اؽ ىنبًٌيان ّْم ىف‬ ‫َّ‬
‫كلكف ى‬
‫يف ‪. )ُ(‬‬ ‫ًً‬
‫الصَّالح ى‬

‫القدر كأعطاه الخير كىك كلد‬


‫لقد رفع اهلل عف إبراىيـ ى‬
‫آخر ؛ إذف فنحف البشر نطيؿ عمى أنفسنا أمد القضاء بعدـ‬
‫قبكلنا لو ؛ لكف لك سقط عمى اإلنساف أمر بدكف أف يككف لو‬
‫سبب فيو كاستقبمو اإلنساف مف يمجريو كىك ربو بمقاـ الرضا ‪،‬‬
‫فإف الحؽ سبحانو كتعالى يرفع عنو القضاء ؛ فإذا رأيت إنسانان‬
‫(ِ)‬
‫‪.‬‬ ‫طاؿ عميو أمد القضاء فاعمـ أنو فاقد الرضا "‬

‫‪ - 3‬رؤيا سيدنا يوسف عميو السالم ‪:‬‬

‫يو ىيا أ ىىب ًت إًّْني ىأرٍىي ي‬


‫ت‬ ‫ؼ ًألىبً ً‬
‫كس ي‬ ‫يقكؿ اهلل ‪  : ‬إً ٍذ قى ى‬
‫اؿ يي ي‬

‫ُ) الصافات ‪. ُُِ :‬‬


‫ِ) محمد متكلي الشعراكم ‪ ،‬تفسير الشعراوي ‪ ،‬دَـ ‪ ،‬أخبار اليكـ ‪،‬‬
‫دَت ‪. ّْٓٔ-ّْٓٓ ، ٔ ، ]ُٖ-ُ[ ،‬‬
‫‪- ٕٔ -‬‬
‫الشمس كاٍلقىمر أرٍىيتييـ س ً ً‬
‫اؿ ىيا يب ىن َّي ىال‬
‫يف * قى ى‬ ‫اجد ى‬ ‫ىح ىد ىع ىش ىر ىك ٍك ىكنبا ىك َّ ٍ ى ى ى ى ى ي ٍ ى‬ ‫أى‬
‫اف‬ ‫يدكا لى ىؾ ىك ٍي ندا إً َّف َّ‬
‫الش ٍيطى ى‬ ‫اؾ ىعمىى إً ٍخ ىكتً ىؾ فىىي ًك ي‬ ‫ص يرٍؤىي ى‬ ‫ص ٍ‬‫تى ٍق ي‬
‫ُّؾ كييعمّْم ىؾ ًم ٍف تىأ ًٍك ً‬
‫يؿ‬ ‫يف * ىك ىك ىذلً ىؾ ىي ٍجتىبً ى‬ ‫اف ىع يد ّّك يمبً ه‬ ‫لً ٍ ً‬
‫إل ٍن ىس ً‬
‫يؾ ىرب ى ى ى ي‬
‫كب ىك ىما أىتى َّميىا ىعمىى‬ ‫ؾ ك ىعمىى ً‬ ‫ٍاأل ً ً ً ً‬
‫آؿ ىي ٍعقي ى‬ ‫ىحاديث ىكييت ُّـ ن ٍع ىمتىوي ىعمى ٍي ى ى‬ ‫ى‬
‫(ُ)‬
‫يـ ‪. ‬‬ ‫ً‬ ‫اؽ ًإ َّف رب ى ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫يـ ىحك ه‬‫َّؾ ىعم ه‬ ‫يـ ىكًا ٍس ىح ى ى‬ ‫أ ىىب ىكٍي ىؾ م ٍف قىٍب يؿ إ ٍب ىراى ى‬

‫ىذه الرؤيا لسيدنا يكسؼ عميو السالـ ‪ ،‬فمقد فسر لو‬


‫كالده بشكؿ مجمؿ كابتعد عف تفاصيميا لحكمة ‪ ،‬فكاف ىذه الرؤيا‬
‫بشارة عظيمة ليما كآلؿ يعقكب بحصكؿ الرفعة كالصالح‬
‫كالخير ‪ ،‬كقد عمـ يعقكب عميو السالـ إف يكسؼ عميو السالـ‬
‫حي طيمة فترة غيابو مف خالؿ بشارة ىذه الرؤيا ‪ ،‬فمـ يستيأس‬
‫مف رؤيتو لو ‪ ،‬ككانت ىذه الرؤيا بمثابة منبع طاقة ليكسؼ عميو‬
‫السالـ لتحمؿ الشدائد التي تكاجو مف إخكتو كغيرىـ ‪ ،‬ألنو عمـ‬
‫أنو سيككف بعدىا فرجان كرفعة ‪.‬‬

‫كسيدنا يعقكب كاف يعمـ تأكيؿ الرؤيا ‪ ،‬بدليؿ أنو قاؿ‬


‫اؾ ىعمىى إً ٍخ ىكتً ىؾ ‪ ‬فمماذا لـ‬
‫ص يرٍؤىي ى‬
‫ص ٍ‬
‫اؿ ىيا يب ىن َّي ىال تى ٍق ي‬
‫البنو ‪  :‬قى ى‬

‫ُ) يكسؼ ‪. ٔ-ْ :‬‬


‫‪- ٖٔ -‬‬
‫يخبر ابنو بتفسير رؤياه في حينيا ؟ يقكؿ الدكتكر عمرك خالد ‪:‬‬
‫" إف ىذا األمر ميـ جدا كيجب أف ينتو إليو نساؤنا كاخكاتنا‪..‬‬
‫كالسبب في ذلؾ كمو خكؼ سيدنا يعقكب عميو السالـ عمى ابنو ؛‬
‫لشب‬
‫فمك قاؿ لو ‪ :‬ستقكد الدنيا كميا كسيسجد لؾ إخكتؾ ىؤالء ‪ٌ ،‬‬
‫االبف كىك متكاكؿ عمى ىذا األمر يقضي حياتو في انتظار‬
‫تحقيقيا كلف ينشا بشكؿ جيد ‪ ...‬فإذا رأل أحدىـ اليكـ رؤيا أنو‬
‫سكؼ ينجح فقد يناـ كيخمد إلى الراحة ؛ اعتمادان عمى رؤياه حتى‬
‫يجد نفسو في النياية مف الراسبيف ؛ انظر إلى حكمة سيدنا‬
‫يعقكب عميو السالـ إنو لك قص عمى ابنو تفسير الرؤيا ‪ ،‬لتسرب‬
‫إليو شيئ مف التعالي كالتكبر ‪ ،‬كىك مايزاؿ صغي انر ‪ ،‬فتركو يكاجو‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫قدر اهلل بنفس راضية كاجتياد دءكب "‬

‫نجد أف سيدنا يعقكب عميو السالـ كاف لـ يذكر تفاصيؿ‬


‫الرؤيا لحكمة ‪ ،‬لكنو ربط ابنو بمستقبؿ مشرؼ يحصؿ لو الرفعة‬
‫كالصالح كالخير حتى ينتفع االبف ببشرل رؤياه ‪ ،‬كذلؾ حيف‬
‫ؾ ىكيي ىعمّْ يم ى‬
‫ؾ‬ ‫تشتد عميو األمكر ‪ ،‬فقاؿ لو ‪  :‬ىك ىك ىذلً ىؾ ىي ٍجتىبً ى‬
‫يؾ ىرُّب ى‬

‫ُ) عمرك خالد ‪ ،‬يوسف عميو السالم ‪ ،‬أريج ‪ ،‬طُ ‪،ََِّ/ُِْْ ،‬‬
‫َِْ ‪. ْٗ-ْٖ ،‬‬
‫‪- ٔٗ -‬‬
‫كب ىك ىما أىتى َّميىا‬ ‫يث كييتً ُّـ نً ٍعمتىوي ىعمى ٍي ىؾ ك ىعمىى ً‬
‫آؿ ىي ٍعقي ى‬
‫يؿ ٍاأل ً ً‬
‫م ٍف تىٍأ ًك ً ى‬
‫ً‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ىحاد ى‬
‫يـ ‪. ‬‬ ‫ً‬ ‫اؽ إً َّف رب ى ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫يـ ىحك ه‬ ‫َّؾ ىعم ه‬ ‫يـ ىكًا ٍس ىح ى ى‬ ‫ىعمىى أ ىىب ىكٍي ىؾ م ٍف قىٍب يؿ إ ٍب ىراى ى‬

‫فعمى اآلباء االىتماـ برؤيا األطفاؿ كاالستماع إلييـ ‪،‬‬


‫كربطيـ بمستقبؿ مشرؼ كذلؾ بحكمة ‪ ،‬كتعريؼ أبنائيـ بالرؤيا‬
‫كآدابيا ‪ ،‬حتى ال يغتمكا كال يضمكا بيا ‪.‬‬

‫كمف الدركس المستفادة أيضا مف ىذه الرؤيا كما ذكرىا‬


‫اإلماـ القرطبي – رحمو اهلل تعالى ‪ " : -‬ىذه اآلية أصؿ في أال‬
‫تقص الرؤيا عمى غير شفيؽ كال ناصح ‪ ،‬كال عمى مف ال يحسف‬
‫التأكيؿ فييا ؛ ‪ ...‬كفي ىذه اآلية دليؿ عمى أف مباحا أف يح ٌذر‬
‫المسمـ أخاه المسمـ ممف يخافو عميو ‪ ،‬كال يككف داخال في معنى‬
‫الغيبة ؛ ألف يعقكب ‪ -‬عميو السالـ ‪ -‬قد حذر يكسؼ أف يقص‬
‫رؤياه عمى إخكتو فيكيدكا لو كيدا ‪ ،‬كفييا أيضا ما يدؿ عمى‬
‫جكاز ترؾ إظيار النعمة عند مف تخشى غائمتو حسدا ككيدا ؛‬
‫كقاؿ النبي ‪ ( : ‬استعينكا عمى إنجاح حكائجكـ بالكتماف فإف‬
‫كؿ ذم نعمة محسكد ) ؛ كفييا أيضا دليؿ كاضح عمى معرفة‬
‫يعقكب عميو السالـ بتأكيؿ الرؤيا ؛ فإنو عمـ مف تأكيميا أنو‬

‫‪- َٕ -‬‬
‫سيظير عمييـ ‪ ،‬كلـ يباؿ بذلؾ مف نفسو ؛ فإف الرجؿ يكد أف‬
‫يككف كلده خي ار منو ‪ ،‬كاألخ ال يكد ذلؾ ألخيو كيدؿ أيضا عمى‬
‫أحس مف بنيو حسد يكسؼ‬
‫أف يعقكب ‪ -‬عميو السالـ ‪ -‬كاف ٌ‬
‫كبغضو ؛ فنياه عف قصص الرؤيا عمييـ خكؼ أف تغؿ بذلؾ‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫صدكرىـ ‪ ،‬فيعممكا الحيمة في ىالكو "‬

‫‪ - 4‬رؤيا السجينين ‪ ،‬ورؤيا الممك ‪:‬‬

‫ىح يد يى ىما‬
‫اؿ أ ى‬
‫اف قى ى‬ ‫ّْج ىف فىتىىي ً‬
‫يقكؿ اهلل ‪  : ‬ىكىد ىخ ىؿ ىم ىعوي الس ٍ‬
‫ٍسي‬ ‫ؽ أر ً‬ ‫اؿ ٍاآل ىخر إًّْني أىرانًي أ ٍ ً‬ ‫ىع ً‬ ‫إًّْني أ ىىرانًي أ ٍ‬
‫ىحم يؿ فى ٍك ى ى‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ص ير ىخ ٍم نار ىكقى ى‬
‫يف ‪. )ِ(‬‬ ‫ًً‬ ‫يخ ٍب ناز تىٍأ يك يؿ الطَّ ٍير ًم ٍنو ىنّْب ٍئ ىنا بًتىأ ًٍكيمً ًو إًَّنا ىنر ى ً‬
‫اؾ م ىف اٍل يم ٍحسن ى‬ ‫ى‬ ‫ي ي‬

‫قبؿ أف يفسر يكسؼ عميو السالـ رؤياىما دعاىـ إلى‬


‫عقيدتو الحؽ التي يؤمف بيا ‪ ،‬كبعد ذلؾ فسر ليما الرؤيا ‪ ،‬فقاؿ‬
‫ىح يد يك ىما فىىي ٍس ًقي‬ ‫ّْج ًف أ َّ‬
‫ىما أ ى‬
‫في تفسير رؤياىما ‪  :‬يا ص ً‬
‫اح ىب ًي الس ٍ‬ ‫ى ى‬

‫ُ) القرطبي ‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن ‪. ُِٕ-ُِٔ ، ٗ ،‬‬


‫ِ) يكسؼ ‪. ّٔ :‬‬

‫‪- ُٕ -‬‬
‫ض ىي ٍاأل ٍىم ير‬ ‫ىما ٍاآل ىخر فىيصمىب فىتىٍأ يك يؿ الطَّ ٍير ًمف أر ً‬
‫ٍس ًو قي ً‬ ‫ىربَّوي ىخ ٍم نار ىكأ َّ‬
‫ي ٍ ى‬ ‫ي ي ٍ ي‬
‫اف ‪. )ُ(‬‬‫يو تى ٍستى ٍفتًىي ً‬‫الًَّذم ًف ً‬

‫فمف الدركس المستفادة ‪ :‬مف المالحظ قكليما لو ‪  :‬إًَّنا‬


‫يف ‪ ، ‬فمقد رؤكا فيو أمارات اإلحساف مف‬ ‫ًً‬ ‫ىنر ى ً‬
‫اؾ م ىف اٍل يم ٍحسن ى‬ ‫ى‬
‫جكانب كثيرة فعرفكا أنو ال يخكنيـ ‪ ،‬لذلؾ لجأا إليو مف بيف كؿ‬
‫المساجيف ‪ ،‬لنتنبو إلى أمر ميـ أنو عمى مف يتصدر لتفسير‬
‫الرؤيا البد أف يككف مف المحسنيف ‪.‬‬

‫كمف الدركس المستفادة مف ىذه اآلية أيضا أف تعبير‬


‫اف ‪ ‬كلذلؾ قاؿ‬ ‫يو تى ٍستى ٍفتًىي ً‬
‫ضي األىمر الًَّذم ًف ً‬
‫ً‬
‫الرؤيا فتكل ‪ ‬قي ى ٍ ي‬
‫العمماء ال يجكز لمف ال يعرؼ في تعبير الرؤل أف يتكمـ فييا ‪.‬‬

‫كلقد استفاد كالىما مف تعبير الرؤيا ‪ ،‬فالذم عمـ أنو‬


‫سيمكت ‪ ،‬عرؼ عقيدة التكحيد ‪ ،‬كعرؼ حقيقة المكت أنو انتقاؿ‬
‫إلى حياة أعظـ مف خالؿ دعكة سيدنا يكسؼ ‪ -‬عميو السالـ ‪،-‬‬
‫فيككف عنده أعظـ فرصة لمنجاة ‪ ،‬يقكؿ عمماء النفس ‪ " :‬إذا أراد‬

‫ُ) يكسؼ ‪. ُْ :‬‬


‫‪- ِٕ -‬‬
‫منؾ إنساف أف تساعده في حؿ مشكمة لو ‪ ،‬أك تفريج كربة‬
‫شديدة ؛ كيذا الشاب الذم سيقتؿ في سكرة سيدنا يكسؼ عميو‬
‫السالـ ‪ ،‬فال تقؿ لو ‪ :‬اصبر عمى مصيبتؾ ‪ ،‬كلكف كجيو إلى‬
‫شيء إيجابي ‪ ،‬قد يطمح فيو بعيدان عف مصيبتو ‪ ،‬كىذا ما فعمو‬
‫سيدنا يكسؼ ‪ -‬عميو السالـ ‪ -‬مع الفتى الذم سيقتؿ بعد قميؿ ‪،‬‬
‫لقد نقمو إلى قيمة كبرل ‪ ،‬كمطمح عظيـ ؛ ىك الصمة‬
‫باهلل ‪.)ُ( " ‬‬

‫كأما الثاني ‪ :‬استفاد أيضان ألنو عمـ صدؽ يكسؼ ‪-‬‬


‫عميو السالـ ‪ -‬في تعبير الرؤيا ‪ ،‬لذلؾ عندما رأل الممؾ الرؤيا ‪،‬‬
‫قص عميو الساقي قصة صدؽ يكسؼ ‪ -‬عميو السالـ ‪ -‬في‬
‫تعبير الرؤيا ‪ ،‬فكاف سببان لخير الجميع ‪.‬‬

‫ات ًس ىم و‬
‫اف‬ ‫إًّْني أىرل س ٍبع بقىر و‬
‫ى ى ى ىى‬ ‫اؿ اٍل ىممً ي‬
‫ؾ‬ ‫يقكؿ ‪  : ‬ىكقى ى‬
‫يخر يابًس و‬ ‫اؼ ىك ىس ٍبعى يس ٍنيب ىال وت‬‫ىي ٍأ يكمييي َّف ىس ٍبعه ًع ىج ه‬
‫ات ىيا أىيُّيىا‬ ‫ض ور ىكأ ى ى ى ى‬
‫يخ ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اث‬
‫ىض ىغ ي‬ ‫كف * قىاليكا أ ٍ‬ ‫ام إً ٍف يك ٍنتي ٍـ ل ُّمرٍؤىيا تى ٍعيب ير ى‬‫اٍل ىم ىألي أى ٍفتيكنًي في يرٍؤىي ى‬
‫اؿ الًَّذم ىن ىجا ًم ٍنيي ىما‬
‫يف * ىكقى ى‬ ‫يؿ ٍاأل ٍ ً ً ً‬
‫ىح ىالـ بً ىعالم ى‬ ‫ىح ىالوـ كما ىن ٍح يف بًتىأ ًٍك ً‬
‫أٍ ىى‬

‫ُ) عمرك خالد ‪ ،‬يكسؼ عميو السالـ ‪. ُٕٓ ،‬‬


‫‪- ّٕ -‬‬
‫يؽ‬
‫ّْد ي‬‫ؼ أىيُّيىا الص ّْ‬ ‫كس ي‬ ‫كف * يي ي‬ ‫يم وة أ ىىنا أ ىينبيّْئ يك ٍـ بًتىأ ًٍكيمً ًو فىأ ٍىرًسمي ً‬
‫ىك َّاد ىك ىر ىب ٍع ىد أ َّ‬
‫اؼ ىك ىس ٍب ًع يس ٍنيب ىال وت‬ ‫اف ىي ٍأ يكمييي َّف ىس ٍبعه ًع ىج ه‬ ‫ات ًس ىم و‬ ‫أى ٍفتًىنا ًفي س ٍب ًع بقىر و‬
‫ى ىى‬
‫الن ً َّ‬ ‫ات لى ىعمّْي أ ٍىرًجعي إًلىى َّ‬ ‫يخر يابًس و‬
‫كف * قىا ىؿ‬ ‫اس لى ىعميي ٍـ ىي ٍعمى يم ى‬ ‫ض ور ىكأ ى ى ى ى‬ ‫يخ ٍ‬
‫يال‬‫ص ٍدتي ٍـ فى ىذ يركهي ًفي يس ٍنيبمً ًو إً َّال ىقمً ن‬ ‫يف ىدأنىبا فى ىما ىح ى‬
‫ًً‬
‫كف ىس ٍب ىع سن ى‬ ‫تىٍزىريع ى‬
‫كف * ثيَّـ ىيأٍتًي ًم ٍف ىب ٍعًد ىذلً ىؾ ىس ٍبعه ًش ىد هاد ىي ٍأ يكٍم ىف ىما قدمتي ٍـ‬ ‫م َّما تىٍأ يكمي ى‬
‫ً‬
‫ؾ عاـ ًف ً‬
‫يو‬ ‫ً ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫لىي َّف إً َّال ىقمً ن ً‬
‫كف * ثيَّـ ىيأٍتي م ٍف ىب ٍعد ىذل ى ى ه‬ ‫يال م َّما تي ٍحصين ى‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫اؿ اٍل ىممً ي‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اءهي‬‫ؾ ا ٍئتيكنًي بًو ىفمى َّما ىج ى‬ ‫كف * ىكقى ى‬ ‫اس ىكًفيو ىي ٍعص ير ى‬ ‫اث َّ‬
‫الن ي‬ ‫يي ىغ ي‬
‫الالتًي قىطَّ ٍع ىف‬ ‫النسكًة َّ‬
‫اسأىٍلوي ىما ىبا يؿ ّْ ٍ ى‬ ‫ؾ فى ٍ‬ ‫اؿ ٍارًج ٍع إًلىى ىرّْب ى‬ ‫الر يسك يؿ قى ى‬ ‫َّ‬
‫ًً ً‬ ‫ً‬
‫ؼ‬‫كس ى‬ ‫طيب يك َّف ًإ ٍذ ىرىاكٍدتي َّف يي ي‬ ‫اؿ ىما ىخ ٍ‬ ‫يـ * قى ى‬ ‫أ ٍىيد ىييي َّف إً َّف ىربّْي بً ىك ٍيدى َّف ىعم ه‬
‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫عف ىن ٍف ًس ًو يقٍمف ح ى ًَّ ً‬
‫ىت‬
‫ام ىأر ي‬‫اش لمو ىما ىعم ٍم ىنا ىعمى ٍيو م ٍف يسكوء قىالىت ٍ‬ ‫ى ى‬ ‫ىٍ‬
‫ؽ أ ىىنا ىرىاكٍدتيوي ىع ٍف ىن ٍف ًس ًو ىكًاَّنوي لى ًم ىف‬ ‫ص اٍل ىح ُّ‬ ‫ص ىح ى‬ ‫يز ٍاآل ىف ىح ٍ‬ ‫اٍل ىع ًز ً‬
‫ىف المَّوى ىال ىي ٍيًدم‬ ‫يف * ىذلً ىؾ لً ىي ٍعمى ىـ أّْىني لى ٍـ أ ي‬
‫ىخ ٍنوي بًاٍل ىغ ٍي ًب ىكأ َّ‬ ‫ًً‬
‫الصَّادق ى‬
‫الن ٍف ىس ىأل َّىم ىارةه بًالسُّكًء إً َّال ىما ىرًح ىـ‬ ‫يف ىك ىما أ ىيبّْرئي ىن ٍف ًسي إً َّف َّ‬ ‫ًً‬
‫ىك ٍي ىد اٍل ىخائن ى‬
‫ؾ ا ٍئتيكنًي بً ًو أ ً‬ ‫اؿ اٍل ىممً ي‬ ‫ً‬
‫صوي‬ ‫ىستى ٍخم ٍ‬‫ٍ‬ ‫يـ * ىكقى ى‬ ‫كر ىرح ه‬ ‫ىربّْي ًإ َّف ىربّْي ىغفي ه‬
‫اج ىعٍمنًي‬ ‫يف * قىا ىؿ ٍ‬ ‫ىم ه‬ ‫يف أ ً‬‫اؿ إًَّن ىؾ اٍل ىي ٍكىـ لى ىد ٍي ىنا ىم ًك ه‬ ‫لً ىن ٍف ًسي ىفمى َّما ىكمَّ ىموي قى ى‬
‫ؼ ًفي‬ ‫كس ى‬ ‫َّ ً‬ ‫ً‬
‫يـ * ىك ىك ىذل ىؾ ىمكَّنا ليي ي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ض إًّْني ىحفيظه ىعم ه‬ ‫ىعمىى ىخ ىزائً ًف ٍاأل ٍىر ً‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ض ىيتىىب َّكأي ًم ٍنيىا ىح ٍي ي‬
‫اء ىكىال ينضيعي‬ ‫يب بً ىر ٍح ىمت ىنا ىم ٍف ىن ىش ي‬ ‫اء ينص ي‬ ‫ث ىي ىش ي‬ ‫ٍاأل ٍىر ً‬

‫‪- ْٕ -‬‬
‫ًًَّ‬ ‫ً‬ ‫ًً‬
‫آمينكا ىك ىك يانكا‬ ‫ىج ير ٍاآلخ ى ًرة ىخ ٍيهر لمذ ى‬
‫يف ى‬ ‫يف * ىكىأل ٍ‬
‫ىج ىر اٍل يم ٍحسن ى‬
‫أٍ‬
‫كف ‪. )ُ(‬‬ ‫ىيتَّقي ى‬

‫ذكر اإلماـ القرطبي – رحمو اهلل تعالى‪ -‬أف " ىذه اآلية‬
‫أصؿ في صحة رؤيا الكافر ‪ ،‬كأنيا تخرج عمى حسب ما رأل ‪،‬‬
‫ال سيما إذا تعمقت بمؤمف ؛ فكيؼ إذا كانت آية لنبي ‪ ،‬كمعجزة‬
‫لرسكؿ ‪ ،‬كتصديقان لمصطفى التبميغ ‪ ،‬كحجة لمكاسطة بيف اهلل‬
‫(ِ)‬
‫‪.‬‬ ‫‪ ‬كبيف عباده "‬

‫مف ىذه اآليات نجد أيضان ‪ ،‬أف مكانة الرؤيا عظيمة في‬
‫نفكس أصحاب ذلؾ العصر ‪ ،‬فكاف البد لكؿ منيـ مف عرضيا‬
‫عمى أىؿ تأكيميا ‪ ،‬كما فعؿ السجيناف ‪ ،‬ككما أرسؿ الممؾ إلى‬
‫أىؿ العمـ منيـ كالبصر بالكيانة كالعرافة كالسحر كأشراؼ قكمو‬
‫كقص عمييـ ‪.‬‬

‫كنجد في ىذه اآليات أيضان ‪ ،‬عجائب قدرة اهلل ‪ ‬في‬

‫ُ) يكسؼ ‪. ٕٓ-ّْ :‬‬


‫ِ) القرطبي ‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن ‪. َّْ ، ٗ ،‬‬
‫‪- ٕٓ -‬‬
‫نجاة عباده كرفع مكانتيـ مف حيث ال يحتسبكا كما فعؿ اهلل ‪‬‬
‫مع يكسؼ ‪ -‬عميو السالـ ‪ -‬فجعؿ نجاتو كرفع مكانتو مف خالؿ‬
‫رؤيا ‪ ،‬ككذلؾ نجاة أىؿ بمد مف القحط برؤيا ‪ ،‬كجعؿ تعبير ذلؾ‬
‫الرؤيا معجزة لنبيو عمى صدؽ دعكتو ‪ ،‬فسبحاف الذم بيده‬
‫ممككت كؿ شيء ‪ ،‬كال يعجزه شيء ‪.‬‬

‫‪- ٕٔ -‬‬
‫ثانياً ‪ :‬نماذج من رؤيا لعمماء المعاصرين ‪:‬‬

‫ىذه النماذج مف الرؤيا الصادقة عرضيا القرآف الكريـ‬


‫لنأخذ منيا الدركس كالعبر ‪ ،‬كلنتنبو إلى أىمية الرؤيا الصادقة‬
‫في حياة اإلنساف ‪ ،‬كجاء عف الرسكؿ ‪ ‬أىمية الرؤيا الصادقة ‪،‬‬
‫فعف عبادة بف الصامت رضي اهلل عنو قاؿ‪ " :‬سألت رسكؿ اهلل‬
‫‪ ‬عف قكلو تبارؾ كتعالى ‪  :‬لىييـ اٍليب ٍش ىرل ًفي اٍل ىح ىي ًاة ُّ‬
‫الد ٍن ىيا ىكًفي‬ ‫ي‬
‫ٍاآلى ًخ ى ًرة ‪ ، )ُ( ‬قاؿ ‪ :‬ىي الرؤيا الصالحة يراىا المسمـ أك تيرل‬
‫(ِ)‬
‫‪.‬‬ ‫لو "‬
‫كعف ابف عباس رضي اهلل عنيما أف رسكؿ اهلل ‪‬‬
‫يبؽ مف مبشرات النبكة إال الرؤيا‬‫قاؿ ‪ " :‬أييا الناس إنو لـ ى‬
‫الصالحة يراىا المسمـ أك تيرل لو "(ّ) ‪.‬‬

‫كعف أبي ىريرة رضي اهلل عنو عف النبي ‪ ‬قاؿ ‪ " :‬إذا‬

‫ُ) يكنس‪. ْٔ :‬‬


‫ِ) ابف حنبؿ ‪ ،‬المسند ‪. َْٔ ، ّٕ ،‬‬
‫ّ) مسمـ ‪ ،‬صحيح مسمم ‪ ،‬كتاب الصالة (ْ) ‪ ،‬باب ‪ :‬النيي عف قراءة‬
‫القرآف في الرككع كالسجكد ( ُْ ) ‪ ،‬حديث (ْٕٗ) ‪. ُٗٗ ،‬‬
‫‪- ٕٕ -‬‬
‫اقترب الزماف لـ تكد رؤيا المسمـ تكذب ‪ ،‬كأصدقكـ رؤيا أصدقكـ‬
‫حديثنا ‪ ،‬كرؤيا المسمـ جزء مف خمس كأربعيف جزنءا مف‬
‫النبكة " (ُ) كلقد كرد عند مسمـ ركاية ‪ " :‬جزء مف سبعيف‬
‫(ِ)‬
‫‪،‬‬ ‫جزءان "‬

‫كقد جمع بيف ىذه الركايات الطبرم – رحمو اهلل‬


‫تعالى‪ -‬فقاؿ ‪ " :‬ركاية السبعيف عامة في كؿ رؤيا صادقة مف‬
‫كؿ مسمـ ‪ ،‬كركاية األربعيف خاصة بالمؤمف الصادؽ الصالح ‪،‬‬
‫(ّ)‬
‫‪.‬‬ ‫كأما بيف ذلؾ فبالنسبة ألحكاؿ المؤمنيف "‬

‫إذان مف ىذه األحاديث ‪ ،‬كمف نماذج الرؤيا التي ذكرىا‬


‫القرآف الكريـ ‪ ،‬نجد أىمية كفائدة الرؤية الصالحة لممؤمف ‪ ،‬فأنما‬

‫ُ) مسمـ ‪ ،‬صحيح مسمم ‪ ،‬كتاب الرؤيا (ِْ) ‪ ،‬باب ‪ :‬تحريـ المعب‬
‫بالنردشير ( ٔ ) ‪ ،‬حديث (ِِّٔ) ‪. َّٗ،‬‬
‫ِ) مسمـ ‪ ،‬صحيح مسمم ‪ ،‬كتاب الرؤيا (ِْ) ‪ ،‬باب ‪ :‬تحريـ المعب‬
‫بالنردشير ( ٔ ) ‪ ،‬حديث (ِِٓٔ) ‪. ُّٗ ،‬‬
‫ّ) أحمد عصاـ الكاتب ‪ ،‬عقيد التوحيد في فتح الباري شرح صحيح‬
‫البخاري ‪ ،‬بيركت‪ ،‬دار األفاؽ الجديدة ‪ ،‬طُ ‪، ٕٖٕ ،ُّٖٗ/ َُّْ ،‬‬
‫ِّٓ ‪.‬‬
‫‪- ٕٖ -‬‬
‫ىي تبشير كتحذير كتنبيو ‪ ،‬كذلؾ ضمف الحدكد التي رسميا‬
‫الشرع الحنيؼ ‪ ،‬كما أشير إلى ذلؾ في المبحث األكؿ ‪.‬‬

‫كنماذج الرؤيا الصادقة كثيرة ‪ ،‬ذكرنا نماذج منيا فيما‬


‫سبؽ ‪ ،‬كىناؾ نماذج غيرىا ‪ ،‬مثؿ الرؤيا الصادقة لعبد المطمب‬
‫‪ -‬جد الرسكؿ ‪ - ‬في حفر بئر الزمزـ ‪ ،‬كرؤيا عاتكة ‪ -‬عمة‬
‫الرسكؿ ‪ - ‬قبؿ غزكة بدر ‪ ،‬كىناؾ نماذج مف الرؤيا الصادقة‬
‫في حياة الصحابة – رضكاف اهلل عمييـ – أيضا ‪ ،‬كىناؾ نماذج‬
‫مف الرؤيا الصادقة لعمماء معاصريف مشيكريف ‪ ،‬كمعركفيف‬
‫بالعمـ كالصالح ‪ ،‬ذكركىا في كتبيـ لمعبرة كالفائدة ‪ ،‬نذكر منيا‬
‫نمكذجيف ‪ ،‬كذلؾ لربط الماضي بالحاضر ‪.‬‬

‫‪ – 1‬رؤيا اإلمام بديع الزمان سعيد النورسي ‪ :‬ذكر‬


‫اإلماـ بديع الزماف سعيد النكرسي في كتابو ‪ :‬مجمكعة المكتكبات‬
‫مف كميات رسائؿ النكر ‪ ،‬رسالة تفسر األية ‪ ‬إً ٍف يك ٍنتي ٍـ لً ُّمرٍؤىيا‬
‫كف ‪ )ُ(‬ذكر سبع نكات عممية تعكد إلى النكـ قاؿ في‬ ‫تى ٍعيب ير ى‬
‫النكتة السادسة ‪ " :‬كىي الميمة ‪ :‬أف الرؤيا الصادقة بمغت إلى‬

‫ُ) يكسؼ ‪. ّْ :‬‬


‫‪- ٕٗ -‬‬
‫درجة حؽ اليقيف لي ؛ كصارت بتجاربي الكثيرة جدان في حكـ‬
‫إف‬
‫أف القدر اإلليي محيط بكؿ شئ ؛ نعـ ‪ٌ :‬‬
‫حجة قاطعة عمى ٌ‬
‫ىذه الرؤل قد بمغت إلى حيث تحقؽ لي ‪ ،‬السيما في بضع‬
‫أف ما يصبني غدان مثالن مف أصغر حادثات كأدنى‬
‫سنيف ىذه ‪ٌ :‬‬
‫معامالت ‪ ،‬بؿ أحقر محاك ارت ‪ ،‬ىي مكتكبة كمعينة قبؿ‬
‫فإف‬
‫كقكعيا ‪ ،‬كاٌني أقرأىا بعيني ال بمساني ‪ ،‬برؤيتيا ليالن ؛ ٌ‬
‫بعض أشخاص أراىـ أك مسائؿ أذكرىا ليالن ‪ ،‬كلـ أتصكرىا‬
‫مرة‬
‫قط ‪ ،‬تظير بعينيا بتعبير يسير في نيار تمؾ الميمة ؛ كليس ٌ‬
‫مقيدة‬
‫كال مائة بؿ ألؼ مرة ؛ فإذان أف أدنى حادثات جزئية ىي ٌ‬
‫كمكتكبة قبؿ أف تقع ‪ ،‬فإذان ال صدفة ؛ كالترد الحادثات مرسمة ‪،‬‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫كليست غير منتظمة‪"...‬‬

‫‪ - 2‬رؤيا الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي ‪ :‬كذكر‬


‫الدكتكر محمد سعيد رمضاف البكطي قصة رؤيا كقعت لو في‬
‫كتابو مف الفكر كالقمب عندما ذكر المكضكع ‪( :‬أميرة الحمـ الذم‬

‫ُ) سعيد النكرسي ‪ ،‬مجموعة المكتوبات من كميات رسائل النور ‪ ،‬عني‬


‫بترجمتيا عف التركية كصححيا كبيضيا المال زاىد المالز كردم ‪ ،‬بيركت ‪،‬‬
‫منشكرات دار األفاف الجديدة ‪ ،‬طُ ‪. ْْٓ ، ِِٔ ، ُٖٗٔ / َُْٔ ،‬‬
‫‪- َٖ -‬‬
‫طاؼ بكياني اثنيف كأربعيف شي انر ) ‪ ،‬فقاؿ ‪ " :‬ىي زكجتي التي‬
‫نكبت بفقدىا في غضكف عاـ ُٕٓٗ ‪ ،‬كتغشاني مف ذلؾ كرب‬
‫شديد ؛ ثـ إف اهلل عز كجؿ مسح بيميف لطفو مصاب قمبي ‪،‬‬
‫كلطؼ بي لطفان يتيو القمـ عف كصفو ‪ ،‬كعكضني عف مصابي‬
‫بخي انر ‪ ،‬كغمر حياتي كقمبي بكؿ معاني السعادة كالسركر ؛ كاني‬
‫لمديف بشكر عظيـ إلليي الجميؿ الذم كاف ابتالؤه حكمة كعطاؤه‬
‫رحمة ‪ ،‬كىك مع ىذا كذاؾ مالؾ األمر كمو ؛ كلعؿ مف الخير‬
‫‪ -‬تحدثان ببعض النعمة – أف أكشؼ النقاب عف بعض مظاىر‬
‫المطؼ العجيب بي ‪ ،‬إباف نزكؿ تمؾ المصيبة ‪:‬كنت خالؿ‬
‫مرض زكجتي كثير االلتجاء إلى اهلل ‪ ،‬كما ليمة إال كأسير كميا‬
‫أك جميا في بكاء كتضرع كدعاء ؛ كذات ليمة ‪ ،‬سمعت في‬
‫الرؤيا ىاتفان يقكؿ لي ‪ :‬ماتت أميرة!‪ ..‬كاستيقظت مذعك انر ‪،‬‬
‫السنة – عمى الجانب األيسر‪ ،‬كتحكلت إلى‬
‫كتفمت – كما ىي ٌ‬
‫الجانب األخر ؛ فما إف أخذ عيني الرقاد ‪ ،‬حتى رأيتني في‬
‫المكاف ذاتو ؛ كرأيت فتاة تقؼ أمامي خمؼ نافذة ‪ ،‬مكشكفة‬
‫الشعر كالكجو كاضحة الشكؿ كالمعالـ ‪ ،‬كسمعت الصكت نفسو ‪:‬‬
‫ىذه زكجتؾ ‪ ،‬مذيعة !‪ ..‬كتكفيت زكجتي بعد ذلؾ بثالثة أياـ َ‬
‫كبعد مركر أشير عمى كفاتيا ‪ ،‬كاف في قضاء اهلل عز كجؿ أف‬

‫‪- ُٖ -‬‬
‫تعرض عمي فتاة أخرل ‪ ..‬كما رأيتيا ‪ ،‬إذا بي أنظر إلى الكجو‬
‫ذاتو الذم أبصرتو في الرؤيا بمعالمو كمالمحو كشكمو ! ‪ ..‬ككما‬
‫تقبمت قضاء اهلل بكفاة األكلى ‪ ،‬قبمت شاك انر إكرامو لي بيذه‬
‫الثانية ؛ كقمت ليا مف بعد – كقد أخبرتيا بالرؤية العجيبة ‪ :‬أما‬
‫الزكاج فقد رأيت مصداقو ‪ ،‬فما معنى مذيعة ؟ قالت ‪ :‬لعؿ اهلل‬
‫يكتبني مف الداعيات إليو ‪.‬‬

‫أال ‪ ،‬فميزدد المؤمنكف بربيـ إيمانان ‪ ،‬كليتحرر أكلك الكعي‬


‫السديد مف بقايا تبعيتيـ الذليمة ‪ ،‬كليؤكبكا مف رحمة الضياع إلى‬
‫رشد معرفة الذات كاالصطالح مع خالقيـ كمكالىـ عز كجؿ كلي‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫كؿ نعمة كمصدر كؿ رحمة "‬

‫ُ) محمد سعيد رمضاف ‪ ،‬من الفكر والقمب ‪ ،‬دمشؽ ‪ ،‬مكتبة الفارابي‬
‫ُُْٖ ‪. ُٖٗ ، ِٖٖ ، ُٕٗٗ /‬‬

‫‪- ِٖ -‬‬
‫المبحث الرابع‬
‫الحكمة من النوم و الرؤيا ‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬النوم آية من اآليات الدالة عمى قدرة اهلل ‪. ‬‬


‫ثانياً ‪ :‬النوم راحة لمجسم ‪.‬‬
‫ثالثاً ‪ :‬اليقظة من النوم دليل عمى البعث يوم القيامة ‪.‬‬
‫رابعاً ‪ :‬الرؤيا في النوم دليل عمى الحياة النفسية التي‬
‫يحييا اإلنسان بعد الموت في الحياة البرزخية ‪.‬‬

‫‪- ّٖ -‬‬
- ْٖ -
‫رغـ أف البشر يقضكف ثمث أعمارىـ في النكـ ‪ ،‬إال أنيـ‬
‫ال يعممكف إال القميؿ عف النكـ ‪ ،‬كلـ يتكصؿ العمـ إلى حقيقة‬
‫اآللية التي تتـ بيا عممية النكـ ‪ " ،‬فقد كجد أف اآللية التي يتـ‬
‫(ُ)‬
‫‪،‬‬ ‫بيا النكـ ألية معقدة لـ تكشؼ أسرارىا النيائية حتى اآلف "‬
‫فما ىي بعض الحكمة مف حكمة النكـ ؟ ‪.‬‬

‫أوالً ‪ :‬النوم آية من اآليات الدالة عمى قدرة اهلل ‪: ‬‬

‫أف مف بعض حكمة النكـ إف اهلل ‪ ‬جعميا آية مف‬


‫ام يك ٍـ‬ ‫ًً‬ ‫ً‬
‫اآليات الدالة عمى قدرتو ‪ ، ‬يقكؿ ‪  : ‬ىكم ٍف ىآياتو ىم ىن ي‬
‫ات لًقى ٍكوـ‬ ‫ضمً ًو إً َّف ًفي ىذلً ىؾ ىآلي و‬
‫ى‬ ‫اؤ يك ٍـ ًم ٍف فى ٍ‬ ‫ً‬ ‫بًالمٍَّي ًؿ ىك َّ‬
‫النيى ًار ىك ٍابت ىغ ي‬
‫(ِ)‬
‫‪.‬‬ ‫كف ‪‬‬
‫ىي ٍس ىم يع ى‬

‫يذكر الشيخ الشعراكم عف مكقؼ العمـ مف ظاىرة‬


‫النكـ ‪ ،‬مستدالن بذلؾ عمى إف النكـ آية مف اآليات الدالة عمى‬

‫ُ) جمبي ‪ ،‬الطب محراب لإليمان ‪. ُْٔ ، ُ ،‬‬


‫ِ) الركـ ‪. ِّ :‬‬
‫‪- ٖٓ -‬‬
‫قدرتو ‪ ، ‬فيقكؿ ‪ " :‬كنعمـ أف النكـ آية مف آيات اهلل عز‬
‫كجؿ في ككنو ؛ ألف الجسـ حيف يعبر عف نفسو بالحركة‬
‫كالطاقة كيأكؿ الغذاء كيشرب الماء كيتنفس اليكاء ‪ ،‬كؿ ذلؾ‬
‫يتحكؿ إلى طاقة ثـ إلى كقكد لمحركة ؛ كىذه الطاقة تتككف‬
‫بالتفاعؿ بيف العناصر المختمفة ‪ ،‬مف تمثيؿ لمغذاء كتحكيؿ‬
‫الطعاـ إلى نكعيات مختمفة لتغذية كؿ خمية مف خاليا الجسـ بما‬
‫يناسبيا ‪ ،‬ثـ استخالص األككسجيف عبر التنفس كطرد ثاني‬
‫أكسيد الكربكف ‪ ،‬كعشرات اآلالؼ مف التفاعالت الكيميائية ال‬
‫تكجد بيا فضالت لتخرج ‪ ،‬كىي تختمؼ عف التفاعالت األخرل‬
‫التي تخرج منيا الفضالت مف أحد السبيميف ‪ ،‬أك مف صماخ‬
‫األذف أك غير ذلؾ ؛ كمثؿ ىذه الفضالت إنما تنتج مف‬
‫االحتراقات التي نقكؿ عنيا ‪ :‬العادـ في اآلالت الميكانيكية ؛‬
‫كالعادـ ىك نتيجة االحتراؽ كىي غازات تنفصؿ لتسير الحركة ؛‬
‫كفي اإلنساف نجد العادـ يتمثؿ في الغائط ‪ ،‬كما خرج مف صماخ‬
‫األذف ‪ ،‬كعماص العيف ‪ ،‬كالعرؽ ‪ ،‬كميا عكادـ ؛ لكف ىناؾ لكف‬
‫مف تركيبة ىذه التفاعالت يمثؿ إليجاد الطاقة كليس لو عادـ ؛‬
‫كالكسيمة األساسية الستعادة التكازف الكيميائي المناسب لإلنساف‬
‫ىي أف نريح الجسـ ‪ ،‬كتتفاعؿ مكاد الجسـ مع نفسيا كيعكد‬

‫‪- ٖٔ -‬‬
‫طبيعيا ؛ كىذا ال يحدث إال بالنكـ ؛ كلذلؾ نجد اإلنساف حيف‬
‫يسير كثي انر كيذىب إلى النكـ يشعر برجميو كقد خدلت أك كما‬
‫يقاؿ ‪ :‬نممت ؛ كىذا نتيجة عجز مكاد الجسـ عف التفاعؿ الذم‬
‫تحتاجو نتيجة اليقظة ‪ ،‬كىذه كميا مسائؿ ال إرادية ؛ بدليؿ أف‬
‫اإلنساف يرغب أحيانا في أف يناـ ‪ ،‬كيتحايؿ أحيانا عمى النكـ فال‬
‫يأتيو ؛ ألف النكـ مف العمميات المختصة بالحؽ سبحانو‬
‫كتعالى ‪ ،‬كىك آية مف آيات اهلل في ىذا الككف ‪ ،‬كمف ضمف‬
‫اآليات العجيبة ؛ كاق أر قكؿ الحؽ سبحانو كتعالى ‪  :‬كمف آياتو‬
‫منامكـ بالميؿ كالنيار كابتغآؤكـ مف فضمو إف في ذلؾ آليات لقكـ‬
‫(ُ)‬
‫؛ كحيف حاكؿ العمماء الباحثكف أف يفسركا ظاىرة‬ ‫يسمعكف ‪‬‬
‫النكـ ‪ ،‬كضعكا عشرات النظريات ‪ ،‬كآخر التجارب التي أجريت‬
‫أنيـ أحضركا إنسانا كعمقكه كالرافعة مف كسطو ‪ ،‬ككأنو عصا‬
‫مرفكعة مف كسطيا بتكازف ‪ ،‬كجعمكا كؿ نصؼ مف النصفيف‬
‫متساكيا في الكزف ‪ ،‬كحيف جاء النكـ ليذا اإلنساف محؿ التجربة‬
‫كجدكا أف جية مف النصفيف مالت ‪ ،‬ككأف ثقال ما جاءىا مف‬
‫النصؼ اآلخر فزادت كتمتيا ‪ ،‬كىذا آخر ما درسكه في النكـ ‪،‬‬

‫ُ) الركـ ‪. ِّ :‬‬

‫‪- ٖٕ -‬‬
‫ىذه التجربة أثبتت أف النكـ عجيبة مف العجائب التي تستحؽ أف‬
‫يقكؿ الحؽ تبارؾ كتعالى عنيا ‪  :‬كمف آياتو منامكـ‬
‫بالميؿ كالنيار كابتغآؤكـ مف فضمو إف في ذلؾ آليات لقكـ‬
‫(ُ)‬
‫؛ كانظر إلى كممة النيار ىذه ترل فييا الرصيد‬ ‫يسمعكف ‪‬‬
‫االحتياطي المكجكد في آية النكـ ؛ ألنو سبحانو كتعالى يقكؿ ‪:‬‬
‫‪ ‬كمف آياتو منامكـ بالميؿ ‪ ‬؛ كفي ىذا القكؿ رصيد احتياطي‬
‫لمف جاء لو ظرؼ مف الظركؼ كلـ ينـ بالميؿ ‪ ،‬فيعكض ىذا‬
‫(ِ)‬
‫‪.‬‬ ‫األمر كيناـ بالنيار "‬

‫إذان جعؿ اهلل ‪ ‬النكـ آية مف اآليات الدالة عمى قدرتو‬


‫‪.‬‬

‫ُ) الركـ ‪. ِّ :‬‬


‫ِ) الشعراكم ‪ ،‬تفسير الشعراوي ‪. ْْٓٗ ، ٖ ،‬‬

‫‪- ٖٖ -‬‬
‫ثانياً ‪ :‬النوم والرؤى راحة لمجسم ‪:‬‬

‫ككذلؾ مف حكمة النكـ إنو راحة لجميع أجزاء الجسد‬


‫حيث ال يستطيع اإلنساف أف يستغني عنو أبدان في الحياة الدنيا ‪،‬‬
‫كقد مرة في الفقرة السابقة ‪ ،‬ما ذكره الشيخ الشعراكم عف فائدة‬
‫النكـ في راحة الجسد ‪ ،‬لذا يقكؿ اهلل ‪  : ‬ىك يى ىك الًَّذم ىج ىع ىؿ لى يك يـ‬
‫كر ‪ )ُ(‬؛ ففي صحاح‬ ‫اسا ىكالنَّ ٍكىـ يس ىباتنا ىك ىج ىع ىؿ َّ‬
‫النيى ىار ين يش نا‬ ‫َّ ً‬
‫المٍي ىؿ ل ىب ن‬
‫بات‪ :‬النكـ ‪ ،‬كأصمو الراحة ‪ .‬كمنو قكؿ اهلل تعالى ‪:‬‬‫الس ي‬ ‫المغة ‪ " :‬ك ي‬
‫نكم يك ٍـ يسباتان ‪. )ِ( ‬‬
‫‪ ‬ىك ىجعٍمنا ى‬

‫ككذلؾ إف لألحالـ مف خالؿ عممية النكـ " أىمية كبيرة‬


‫في صحتنا النفسية كالجسدية كالعقمية ‪ ،‬إذ تتزايد البراىيف كالدالئؿ‬
‫يكما بعد يكـ مؤكدة أىمية األحالـ مف أجؿ أداء عادم غير‬

‫ُ) الفرقاف ‪. ْٕ :‬‬


‫ِ) إسماعيؿ بف حماد الجكىرم (تّّٗ) ‪ ،‬الصحاح تاج المغة وصحاح‬
‫العربية ‪ ،‬تحقيؽ أحمد عبد الغفكر عطار ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬دار العمـ لممالييف ‪،‬‬
‫طْ ‪. َِٓ ، ُ ، ]ٔ-ُ[ ، َُٗٗ ،‬‬

‫‪- ٖٗ -‬‬
‫مضطرب لمجياز العصبي المركزم ؛ كتشير بعض الدراسات‬
‫إلى أف األحالـ تساعد الذاكرة عمى ربط الحكادث القديمة‬
‫بالحكادث الجديدة ‪ ،‬كما أف تذكرنا أحالمنا يككف متفاكتا ‪ ،‬فالقدرة‬
‫عمى تذكر األحالـ يمكف أف تزيد الشخص معرفة بذاتو كما‬
‫يمكف أف تساعده عمى تذكر أحداث كمكاقؼ قد يككف نسييا‬
‫خالؿ حياة اليقظة ؛ كربما ساعدتنا األحالـ عمى كشؼ مشاعرنا‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫كرغباتنا كمخاكفنا الدفينة "‬

‫ُ) د مالؾ سميماف مخكؿ ‪ ،‬عمم نفس الطفولة والمراىقة ‪ ،‬منشكرات‬


‫جامعة دمشؽ ‪ ،‬طّ ‪. ّٕٓ ، ِْٕ ، ُِٗٗ/ُُِْ ،‬‬
‫‪- َٗ -‬‬
‫ثالثاً ‪ :‬اليقظة من النوم دليل عمى البعث يوم القيامة‪:‬‬

‫كمف حكمة النكـ أيضان ‪ :‬يستدؿ مف عممية اليقظة مف‬


‫النكـ بالبعث يكـ القيامة ‪ :‬يقكؿ اهلل ‪  : ‬ىك يى ىك الًَّذم ىيتىىكفَّا يك ٍـ‬
‫ًً ً‬ ‫بًالمٍَّي ًؿ ىكىي ٍعمى يـ ىما ىج ىر ٍحتي ٍـ بً َّ‬
‫ىج هؿ يم ىس ِّمى‬ ‫ضى أ ى‬ ‫النيى ًار ثيَّـ ىي ٍب ىعثي يك ٍـ فيو ليي ٍق ى‬
‫ً‬
‫كف ‪ )ُ(‬؛ جاء في تفسير‬ ‫ثيَّـ إًلى ٍيو ىم ٍرًج يع يك ٍـ ثيَّـ يي ىنبيّْئ يك ٍـ بً ىما يك ٍنتي ٍـ تى ٍع ىممي ى‬
‫الرازم ‪ " :‬كاعمـ أنو تعالى لما ذكر أنو ينيميـ أكالن ثـ يكقظيـ‬
‫ثانيان كاف ذلؾ جاريان مجرل األحياء بعد اإلماتة ‪ ،‬ال جرـ استدؿ‬
‫البعث كالقيامة ؛ فقاؿ ‪  :‬ثيَّـ إلى ىرٌب يك ٍـ‬ ‫بذلؾ عمى صحة‬
‫كف ‪ ‬في ليمكـ كنياركـ كفي جميع‬ ‫يكنتي ٍـ تى ٍع ىممي ى‬ ‫َّم ٍرًج يع يك ٍـ فىيي ىنٌبيئ يك ٍـ بً ىما‬
‫أحكالكـ كأعمالكـ "(ِ) ‪.‬‬

‫كفي الحديث يقكؿ الرسكؿ ‪ ..." : ‬كاهلل لتمكتف كما‬


‫تنامكف ‪ ،‬كلتبعثف كما تستيقظكف ‪ ،‬كلتحاسبف بما تعممكف ‪ ،‬كانيا‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫أبدا "‬
‫أبدا أك النار ن‬
‫الجنة ن‬

‫ُ) األنعاـ ‪. َٔ :‬‬


‫ِ) محمد ابف عمر الرازم (تَْٔ ) ‪ ،‬تفسير الفخر الرازي ‪ ،‬بيركت ‪،‬‬
‫دار الفكر ‪ ،‬طُ ‪. ُْ ، ُّ ، ]ِّ-ُ[ ، ُُٖٗ/َُُْ ،‬‬
‫‪- ُٗ -‬‬
‫ُ) صفي الرحمف المباركفكرم ‪ ،‬الرحيق المختوم ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬مؤسسة‬
‫الكتب الثقافية ‪ ،‬طْ ‪. ٔٗ ، ْٓٗ ، ُٗٗٗ /َُِْ ،‬‬
‫‪- ِٗ -‬‬
‫رابعاً ‪ :‬الرؤيا في النوم دليل عمى الحياة النفسية التي‬
‫يحييا اإلنسان بعد الموت في الحياة البرزخية ‪:‬‬

‫الحكمة الكبرل مف الرؤيا في النكـ ىي دليؿ عمى الحياة‬


‫النفسية التي يحييا اإلنساف بغد المكت في الحياة البرزخية ‪،‬‬
‫لذلؾ نجد إف اهلل ‪ ‬جعؿ ظاىرة النكـ كالمكت ظاىرة كاحدة في‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫القرآف الكريـ ‪ ،‬يقكؿ سبحانو تعالى ‪  :‬الموي ىيتىىكفَّى ٍاأل ٍىنفي ىس ح ى‬
‫يف‬
‫ت‬‫ضى ىعمى ٍييىا اٍل ىم ٍك ى‬ ‫اميا فىيم ًس ي َّ ً‬
‫ً‬ ‫مكتًيا كالَّتًي لىـ تىم ٍ ً‬
‫ؾ التي قى ى‬ ‫ت في ىم ىن ى ي ٍ‬ ‫ٍ ي‬ ‫ىٍ ى ى‬
‫ً‬ ‫و‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ىجؿ يم ىس ِّمى إً َّف في ىذل ىؾ ىآل ىيات لقى ٍكوـ‬ ‫و‬ ‫ىكيي ٍرًس يؿ ٍاأل ٍ‬
‫يخ ىرل إًلىى أ ى‬
‫كف ‪ )ُ( ‬؛ في ىذه اآلية يبف اهلل ‪ ‬أف ظاىرة النكـ‬ ‫ىيتىفى َّك ير ى‬
‫كالمكت ظاىرة كاحدة ؛ ككذلؾ جاءت ىذه الحقيقة في الحديث ‪،‬‬
‫فعف جابر بف عبد اهلل رضي اهلل عنيما قاؿ ‪ :‬سئؿ رسكؿ ‪‬‬
‫الجنة ؟ فقاؿ رسكؿ ‪ " : ‬النكـ‬
‫فقيؿ ‪ :‬يا رسكؿ اهلل أيناـ أىؿ ٌ‬
‫الجنة ال ينامكف "(ِ) ‪.‬‬
‫أخك المكت كأىؿ ٌ‬

‫ُ) الزمر ‪. ِْ :‬‬


‫الجنة ‪ ،‬باب أىؿ‬
‫ِ) الييثمي ‪ ،‬مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ‪ ،‬كتاب أىؿ ٌ‬
‫الجنة ال ينامكف (ْْ‪ ، )ِْ-‬الحديث َُْٕٖ ‪ [ . ٕٖٔ ،َُ،‬ركاه‬ ‫ٌ‬
‫الطبراني في األكسط ك الب ازر كرجاؿ البزار رجاؿ الصحيح ] ‪.‬‬
‫‪- ّٗ -‬‬
‫كلنسمع إلى صكت العمـ في المخابر العممية سنجده‬
‫يقكؿ أف ظاىرة النكـ كالمكت ظاىرة كاحدة ‪ " :‬كفي سمسمة مف‬
‫التجارب المتكررة أثبت األستاذ الدكتكر آرثر أليسكف‬
‫(‪ )Prof.Dr.ArthurAllison‬رئيس قسـ اليندسة الكيربائية‬
‫كاإللكتركنيات بجامعة لندف أف ىناؾ قد ار مف الطاقة يغادر جسد‬
‫الميت مغادرة كاممة ال يعكد بعدىا إليو ‪ ،‬بينما نفس القدر مف‬
‫الطاقة يغادر جسد النائـ عند لحظة نكمو ثـ يعكد إليو عند‬
‫لحظة يقظتو ‪ ،‬كظؿ حائ ار في تفسير طبيعة ىذه الطاقة التي‬
‫تغادر جسد كؿ مف النائـ كالميت‪ ،‬كالتي أكضحتيا اآلية الكريمة‬
‫التي نحف بصددىا مف قبؿ ألؼ كأربعمائة سنة ؛ ظؿ بركفسكر‬
‫أليسكف في حيرتو حتى قيض اهلل تعالى لو شابا نابيا مف أبناء‬
‫مصر ابتعث لمدراسة لدرجة الدكتكراه في اليندسة الكيربائية‬
‫تحت إشرافو ‪ ،‬كفي مناقشة عممية راقية عرض بركفسكر أليسكف‬
‫مشكمتو ‪ ،‬كعمي الفكر ق أر عميو طالبو النابو اآلية الثانية‬
‫كاألربعيف مف سكرة الزمر فيزه ما احتكتو ىذه اآلية الكريمة مف‬
‫حقائؽ عممية احتار طكيال في تفسيرىا‪ ،‬كشجعو ذلؾ عمي قراءة‬
‫ترجمة معاني القرآف الكريـ‪ ،‬ككتب بحثا مفصال في شرح ىذه‬

‫‪- ْٗ -‬‬
‫اآلية الكريمة تفسي ار عمميا دقيقا قدمو إلي مؤتمر اإلعجاز الطبي‬
‫الذم عقد بمدينة القاىرة سنة ُٖٓٗـ ‪ ،‬ككقؼ ىذا العالـ الكبير‬
‫ليعمف إسالمو أماـ حشكد الحاضريف لممؤتمر‪ ،‬تأث ار بما جاء في‬
‫ىذه اآلية الكريمة مف حؽ عممي فتح أمامو باب التعرؼ عمي‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫كتاب اهلل ‪ ،‬كعمي سنة رسكلو ‪ ‬كأقنعو بقبكؿ اإلسالـ دينا "‬

‫الكاقع الذم نعيشو كؿ ليمة ‪ ،‬إنو عند النكـ ينقطع‬


‫إحساسنا بالعالـ مف حكلنا ‪ ،‬كنشاىد عالمان آخر كنتفاعؿ معو‬
‫بغير الحكاس التي كانت معنا عند اليقظة ‪ ،‬كىذا مف رحمة اهلل‬
‫بنا حتى ال نتعجب مف الذم يشاىده المحتضر في سكرة‬
‫المكت ‪ ،‬كما بعد المكت ‪ ،‬دكف أف يشعر بو مف حكلو مف‬
‫األحياء ‪ ،‬كيكضح ىذه الفكرة الشيخ محمد الشعراكم في خكاطره‬
‫في التفسير حيث يقكؿ ‪ " :‬نقكؿ ‪ :‬ألف لمنكـ قانكنان آخر ‪ ،‬كىك‬
‫أنؾ تدرؾ بغير كسائؿ اإلدراؾ المعركفة ‪ ،‬كلؾ في النكـ حياة‬
‫مستقمة غير حياة اليقظة ؛ أىالى ترل الرجميف يناماف في فراش‬

‫ُ) زغمكؿ النجار ‪ ،‬مف أسرار القرآف ‪َdoha2َnet /indexَphp ،‬‬


‫‪. http://www‬‬

‫‪- ٗٓ -‬‬
‫كاحد ‪ ،‬كىذا يرل رؤيا سعيدة مفرحة يصحك منيا ضاحكان‬
‫مسرك انر ‪ ،‬كاآلخر إلى جكاره يرل رؤيا مؤلمة يم ً‬
‫حزنة يصحك فييا‬
‫كد انر محزكنان ‪ ،‬كال يدرم الكاحد منيـ بأخيو كال يشعر بو ‪،‬‬
‫يم ٌ‬
‫لماذا ؟ ألف لكؿ منيما قانكنو الخاص‪ ،‬كحياتو المستقمة التي ال‬
‫يشاركو فييا أحد ؛ كقد ترل الرؤيا تحكييا لصاحبؾ في نصؼ‬
‫ساعة ‪ ،‬في حيف أف العمماء تكصمكا إلى أف أقصى ما يمكف‬
‫لمذىف متابعتو في النكـ ال يتجاكز سبع ثكاف ‪ ،‬مما ُّ‬
‫يدؿ عمى أف‬
‫الزمف في النكـ يمٍمغي‪ ،‬كما أف أدكات اإلدراؾ ممغاة ‪ ،‬إذف ‪:‬‬
‫فحياتؾ في النكـ غير حياتؾ في اليقظة ‪ ،‬ككذلؾ في المكت لؾ‬
‫حياة ‪ ،‬كفي البعث لؾ حياة ‪ ،‬كلكؿ منيما قانكف يحكميا بما‬
‫الرىؤل ‪ :‬إنيا مجرد تخيُّالت‬
‫يتناسب معيا ؛ كقد يقكؿ قائؿ عف ُّ‬
‫ال حقيقةى ليا ‪ ،‬لكف ىي يرٌد ىذا القكؿ ما نراه في الكاقع مف صاحب‬
‫الرٍؤيا الذم يحكي لؾ أنو أكؿ طعامان ‪ ،‬أك شرب شرابان ما يزاؿ‬
‫ُّ‬
‫كيريؾ أثر الضرب عمى ظيره‬ ‫ض ًرب ‪ ،‬ي‬
‫ط ٍعمو في فمو ‪ ،‬كآخر ي‬‫ى‬
‫مثالن ‪ ،‬كآخر يصحك مف النكـ يتصبَّب ىعرقان ‪ ،‬ككأنو كاف في‬
‫أف‬
‫عراؾ حقيقي ال مجرد مناـ ؛ فالحؽ سبحانو كتعالى يريد ٍ‬
‫كضح لنا أننا في النكـ لنا حياة خاصة كقانكف خاص ‪ ،‬لنأخذ‬‫يي ٌ‬
‫مف ىذا دليالن عمى حياة أخرل بعد المكت ؛ كالعمماء قالكا في‬

‫‪- ٗٔ -‬‬
‫ىذه المسألة بظاىرة المتكاليات ‪ ،‬كالمراد بيا ‪ :‬إذا كانت اليقظة‬
‫أخؼ مف قانكف اليقظة ‪،‬‬
‫ليا قانكف ‪ ،‬كالنكـ لو قانكف ألطؼ ك ٌ‬
‫أخؼ مف قانكف النكـ ‪ ،‬كلمبعث قانكف‬
‫ٌ‬ ‫فبالتالي لممكت قانكف‬
‫أخؼ مف قانكف المكت " (ُ) ‪.‬‬

‫إذان الحكمة مف الرؤيا في النكـ إف اهلل ‪ ‬جعميا دليالن‬


‫عمى الحياة النفسية التي يحييا اإلنساف في الحياة البرزخية ‪.‬‬

‫ُ) الشعراكم ‪ ،‬تفسير الشعراوي ‪. ٖٕٔٔ ، ُْ ،‬‬

‫‪- ٕٗ -‬‬
- ٖٗ -
‫الخاتمة‬

‫كنخمص في نياية ىذا البحث في مكضكع الرؤيا إلى ما‬


‫قالو الدكتكر مكسى شاىيف الشيف في فتح المنعـ شرح صحيح‬
‫مسمـ بعد أف عرض أقكاؿ العمماء في حقيقة الرؤيا فقاؿ ‪ " :‬بعد‬
‫ىذه الجكلة في أقكاؿ العمماء في حقيقة الرؤيا نخمص إلى أف‬
‫الرؤيا كصكرة ذات ألكاف مختمفة ‪ ،‬أك ذكات جكانب مختمفة ‪ ،‬كؿ‬
‫يرل لكف مف ألكانيا ‪ ،‬كينظر مف زاكية مف زكاياىا ‪ ،‬ككؿ قكؿ‬
‫مما عرضنا يعبر عف بعض أنكاع الرؤيا ‪ ،‬كالبحث في كيفية‬
‫حصكليا بجميع أحكاليا بحث في بحر ال ساحؿ لو ‪ ،‬فيي سر‬
‫يجرم في النكـ ‪ ،‬كالنكـ نفسو سر ‪ ،‬ألنو نكع مف الكفاة التي ىي‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫سر األسرار ‪ ،‬كما يقكؿ اهلل تعالى ‪ :‬الموي ىيتىىكفَّى ٍاأل ٍىنفي ىس ح ى‬
‫يف‬
‫اميىا ‪ ، )ُ(‬كاذا أحمنا بعض ما يراه‬ ‫ت ًفي م ىن ً‬
‫ىم ٍكتًيىا ىكالَّتًي لى ٍـ تى يم ٍ‬
‫ى‬
‫النائـ إلى أسباب ‪ ،‬كزيادة األكؿ ‪ ،‬كقربو مف النكـ ‪ ،‬أك ضغط‬
‫الرغبات ‪ ،‬أك عظـ االنشغاؿ ‪ ،‬أك الخكؼ ‪ ،‬أك القمؽ ‪ ،‬فإننا ال‬

‫ُ) الزمر ‪. ِْ :‬‬

‫‪- ٗٗ -‬‬
‫نعمـ بالحكـ كؿ الرؤل ‪ ،‬كالذم ال شؾ فيو أف بعض ما يراه‬
‫النائـ جزء مف النبكة ‪ ،‬إعالـ مسبؽ مف اهلل ‪ ،‬إنذار أك تبشير ‪،‬‬
‫كقد فسر بعض العمماء قكلو تعالى ‪ ‬كما ىك ً‬
‫ىف يي ىكمّْ ىموي‬
‫اف ل ىب ىش ور أ ٍ‬
‫ى‬ ‫ىى‬
‫اب ‪ )ُ( ‬فسره بالرؤيا في المناـ ‪،‬‬ ‫اء ًح ىج و‬
‫المَّو إً َّال ك ٍحيا أىك ًمف كر ً‬
‫ى ن ٍ ٍ ىى‬ ‫ي‬
‫(ِ)‬
‫‪.‬‬ ‫كمنكر ىذا منكر لمبداىة كالكاقع "‬

‫كنخمص أيضان إلى أف مكقؼ العقؿ كالعمـ مف الرؤيا ىك‬


‫ما ذكره الرسكؿ ‪ ‬في أف الرؤيا ثالثة أقساـ ‪ ،‬فميا تقدـ العمـ‬
‫فيك مرآة عاكسة لحقائؽ اإلسالـ ‪ ،‬فالذم يضع الرؤيا في ميزاف‬
‫الشرع ‪ ،‬كيتعامؿ معيا حسب نتائج ىذا الميزاف فإنو ال يضؿ كال‬
‫يشقى ‪ ،‬كقد رأينا اآلداب الذم ذكرىا الرسكؿ ‪ ‬بالنسبة إلى‬
‫أقساـ الرؤيا ‪ ،‬كفكائد تمؾ اآلداب في الحياة العممية لإلنساف ‪.‬‬

‫كالنماذج لمرؤيا التي ذكرىا اهلل ‪ ‬في كتابو العزيز ‪،‬‬

‫ُ) الشكرل ‪. ُٓ :‬‬


‫ِ) مكسى شاىيف ‪ ،‬فتح المنعم شرح صحيح مسمم ‪ ،‬القاىرة ‪ ،‬دار‬
‫الشركؽ ‪ ،‬طُ ‪. ِٕ ، ٗ ، ]َُ-ُ[ ،ََِِ/ُِّْ ،‬‬

‫‪- ََُ -‬‬


‫كراءىا أسرار ‪ ،‬كحكـ ‪ ،‬كما جاء عف الرسكؿ ‪ ‬مف أحاديث‬
‫صحيحة في مكضكع الرؤيا ‪ ،‬كما تحقؽ مف الرؤيا الصادقة في‬
‫التاريخ ‪ ،‬كالكاقع الحاضر لمناس ‪ ،‬كاىتماـ الشعكب بالرؤيا ‪ ،‬كؿ‬
‫ذلؾ دليؿ عمى حقيقة عمـ تعبير الرؤيا ‪ ،‬كاف كاف أىؿ ىذا العمـ‬
‫قميمكف ‪ ،‬فمحكمة أرادىا اهلل ‪ ، ‬قد يككف كاهلل أعمـ حتى يزداد‬
‫المتككؿ عمى اهلل تككالن كيفكض األمر كمو لو ‪ ،‬كال يبقى أسي ار‬
‫لما قالو المفسر ‪.‬‬

‫كنخمص أيضان إلى إف الرؤيا بأقساميا الثالثة ‪،‬‬


‫كارتباطيا بالنكـ الذم ىك شبيو بالمكت ‪ ،‬خمقيا اهلل ‪ ‬لحكـ‬
‫كثيرة ‪ ،‬كلعؿ الحكمة الكبرل منيا ‪ ،‬إف اهلل ‪ ‬جعميا دليالن عمى‬
‫الحياة النفسية التي يحييا اإلنساف في الحياة البرزخية ‪ ،‬فعمى‬
‫العاقؿ أف يعمـ إف الركح ال تمكت بؿ تنتقؿ مف عالـ إلى عالـ‬
‫آخر ‪ ،‬أعظـ كأكسع مف عالـ الدنيا ‪ ،‬كذلؾ إذا ما انقطع‬
‫أنفاسو ‪ ،‬كما يشاىده في الرؤيا خير دليؿ عمى ذلؾ ‪ ،‬كالذم‬
‫ينجي اإلنساف بعد اإليماف ىك العمؿ الصالح ‪ ،‬كفي الختاـ أسأؿ‬
‫اهلل ‪ ‬أف يجعؿ ىذا العمؿ صالحان مخمصان لكجو الكريـ ‪ ،‬كىك‬
‫كلي ذلؾ ‪ ،‬كاهلل كلي التكفيؽ ‪.‬‬

‫‪- َُُ -‬‬


- َُِ -
‫المصادر كالمراجع كالفيرس‬

‫‪- َُّ -‬‬


- َُْ -
‫أوالً ‪ :‬المصادر ‪:‬‬

‫‪ -‬القرآف الكريـ ‪.‬‬


‫ُ‪ -‬األلكسي ‪ ،‬أبي الفضؿ محمكد األلكسي البغدادم(َُِٕـ) ‪،‬‬
‫روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ‪،‬‬
‫بيركت ‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪. ]َّ-ُ[ ،‬‬
‫ِ ‪ -‬البخارم ‪ ،‬أبي عبداهلل محمد بف إسماعيؿ‪ِٓٔ( ،‬ق) ‪،‬‬
‫صحيح البخاري ‪ ،‬اعتنى بو أبك صييب الكرمي ‪ ،‬الريض ‪ ،‬بيت‬
‫االفكار الدكلية لمنشر ‪. ُُٕٓ ، ُٖٗٗ/ُُْٗ ،‬‬
‫ّ ‪ -‬البرىاف فكرم ‪ ،‬عمي المتقي بف حساـ الديف اليندم ‪ ،‬كنز‬
‫العمال في سنن األقوال واألفعال ‪ ،‬ضبطو كفسر غريبو ‪ :‬الشيخ‬
‫بكرم حياني ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪، ُّٗٗ/ُُّْ ،‬‬
‫[ُ‪. ]ُٔ-‬‬
‫السنة ‪ ،‬تحقيؽ ‪:‬‬
‫ْ ‪ -‬البغكل ‪ ،‬الحسيف بف مسعكد ‪ ،‬شرح ّ‬
‫شعيب األرناؤكط ‪ -‬محمد زىير الشاكيش ‪ ،‬دمشؽ _ يركت ‪،‬‬
‫دار المكتب اإلسالمي ‪ ،‬ط ِ ‪. ]ُٓ-ُ[ ، ُّٖٗ / َُّْ،‬‬

‫‪- َُٓ -‬‬


‫ٓ – الجكىرم ‪ ،‬إسماعيؿ بف حماد (ّّٗ ق) ‪ ،‬الصحاح تاج‬
‫المغة وصحاح العربية ‪ ،‬تحقيؽ أحمد عبد الغفكر عطار ‪،‬‬
‫بيركت ‪ ،‬دارالعمـ لممالييف ‪ ،‬طْ ‪. ]ٔ-ُ[ ،َُٗٗ ،‬‬
‫ٔ ‪ -‬ابف حباف ‪ ،‬عمي بف بمباف الفارسي (ّٕٗق ) ‪ ،‬صحيح‬
‫ابن حبان ‪ ،‬تحقيؽ شعيب األرنؤكط ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬مؤسسة‬
‫الرسالة ‪ ،‬طِ ‪. ]ُٖ-ُ[ ، ُّٗٗ/ُُْْ ،‬‬
‫ٕ‪ -‬ابف حجر ‪ ،‬أحمد بف عمي العسقالني( ِٖٓق) ‪ ،‬فتح‬
‫الباري بشرح صحيح البخاري ‪ ،‬تحقيؽ عبد القادر شيبة الحمد ‪،‬‬
‫الرياض ‪ ،‬مكتبة الممؾ فيد الكطنية ‪ ،‬طُ ‪، ََُِ/ ُُِْ،‬‬
‫[ُ‪. ]ُّ-‬‬
‫ٖ– ابف حنبؿ ‪ ،‬أبك عبد اهلل أحمد بف حنبؿ(ُِْ‪،)ٖٓٓ/‬‬
‫المسند ‪ ،‬تحقيؽ ‪ :‬شعيب األرنؤكط كعادؿ مرشد ‪ ،‬بيركت ‪،‬‬
‫مؤسسة الرسالة ‪. ] َٓ-ُ[ ، ُٗٗٓ /ُُْٔ ،‬‬
‫ٗ‪ -‬ابف خمكف ‪ ،‬عبد الرحمف بف خمدكف (َٖٖ ‪، ) َُْٔ/‬‬
‫تاريخ ابن خمدون ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬دار الفكر ‪، ََُِ/ُُّْ ،‬‬
‫[ُ‪. ]ٖ-‬‬
‫َُ‪ -‬الرازم ‪ ،‬محمد ابف عمر التيمي(َْٔ ق) ‪ ،‬تفسير الفخر‬
‫الرازي ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬طُ‪. ]ِّ-ُ[ ،ُُٖٗ/َُُْ ،‬‬

‫‪- َُٔ -‬‬


‫الديف بف محمكد (ت ُّٔٗق) ‪،‬‬ ‫ُُ‪ -‬الزركمي ‪ ،‬خير ّْ‬
‫األعالم ‪ ،‬دار ً‬
‫العٍمـ لممالييف ‪ ،‬ط ُٓ‪. ]ٖ-ُ[ ، ََِِ ،‬‬
‫ُِ‪ -‬ابف العربي ‪ ،‬الحافظ ابف العربي المالكي ‪ّْٓ( ،‬ق) ‪،‬‬
‫عارضة األحوذي بشرح صحيح الترمذي ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬دار الكتب‬
‫العممية ‪. ]ُّ-ُ[ ،‬‬
‫ُّ‪ -‬ابف القيـ الجكزية ‪ ،‬أبي عبد اهلل محمد بف أبي بكر‬
‫الزرعي الدمشقي (ُٕٓق) ‪ ،‬زاد المعاد في ىدي خير العباد ‪،‬‬
‫تحقيؽ ‪ :‬شعيب األرنؤكط كعبد القادر األرنؤكط ‪ ،‬بيركت ‪،‬‬
‫مؤسسة الرسالة ‪ ،‬طِٕ ‪. ]ٔ-ُ[ ، ُْٗٗ/ُُْْ ،‬‬
‫ُْ‪ -‬القرطبي ‪ ،‬أبك عبد اهلل محمد بف أحمد (ُٕٔق) ‪ ،‬الجامع‬
‫ألحكام القرآن ‪ ،‬المحقؽ ‪ :‬ىشاـ سمير البخارم ‪ ،‬دار عالـ‬
‫الكتب ‪ ،‬الرياض ‪. ]َِ-ُ[ ، ََِّ / ُِّْ ،‬‬
‫ُٓ – ابف كثير ‪ ،‬أبي الفداء إسماعيؿ ابف كثير الدمشقي‬
‫(ْٕٕق) ‪ ،‬مختصر تفسير ابن كثير ‪ :‬اختصار وتحقيق محمد‬
‫عمي الصابوني ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬دار الجيؿ ‪ ،‬طٖ ‪،ُٗٗٓ/ُُْٓ ،‬‬
‫[ُ‪. ]ّ-‬‬
‫ُٔ‪ -‬ابف كثير ‪ ،‬أبي الفداء إسماعيؿ ابف كثير الدمشقي‬
‫‪ ،‬تحقيؽ مصطفى السيد‬ ‫(ْٕٕق) ‪ ،‬تفسير القرآن العظيم‬

‫‪- َُٕ -‬‬


‫محمد كغيره ‪ ،‬القاىرة ‪ ،‬مؤسسة قرطبة ‪ ،‬طُ ‪/ ُُِْ ،‬‬
‫َََِ ‪. ] ُٓ-ُ[ ،‬‬
‫ُٕ‪ -‬ابف منظكر ‪ ،‬محمد بف مكرـ (ُُٕق) ‪ ،‬لسان العرب ‪،‬‬
‫القاىرة ‪ ،‬دار المعارؼ ‪. ]ٔ-ُ[ ،‬‬
‫ُٖ‪ -‬المقدسي ‪ ،‬عبداهلل محمد ابف مفمح ‪ ،‬اآلداب الشرعية ‪،‬‬
‫حققو ‪ :‬شعيب األرنؤكط – عمر القياـ ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬مؤسسة‬
‫الرسالة ‪ ،‬طّ ‪. ]ّ -ُ[ ، ُٗٗٗ/ُُْٗ ،‬‬
‫ُٗ‪ -‬مسمـ ‪ ،‬أبك الحسيف مسمـ بف الحجاج (ُّٔ‪، ) ْٖٕ/‬‬
‫صحيح مسمم ‪ :‬اعتنى بو أبك صييب الكرمي ‪ ،‬الرياض ‪ ،‬بيت‬
‫األفكار الدكلية لمنشر ‪. ُّْٕ ،ُٖٗٗ/ُُْٗ ،‬‬
‫َِ‪ -‬المناكم ‪ ،‬محمد عبد الرؤكؼ ‪ ،‬فيض القدير شرح الجامع‬
‫الصغير من أحاديث البشير النذير ‪ ،‬ضبطو كصححو احمد‬
‫عبد السالـ ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬دار الكتب العممية ‪ ،‬ط ُ ‪/ ُُْٓ ،‬‬
‫ُْٗٗ ‪. ]ُٖ-ُ[ ،‬‬
‫ُِ‪ -‬النككم ‪ ،‬يحيى ابف شرؼ الدمشقي ‪ٕٔٔ( ،‬ق) ‪ ،‬صحيح‬
‫مسمم بشرح النووي ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪،‬‬
‫طِ ‪. ]ُٖ-ُ[ ،‬‬

‫‪- َُٖ -‬‬


‫ِِ ‪ -‬الييثمي ‪ ،‬عمي بف أبي بكر ‪َٖٕ( ،‬ق) ‪ ،‬مجمع الزوائد‬
‫ومنبع الفوائد ‪ ،‬تحقيؽ عبد اهلل الدركيش ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬دار الفكر ‪،‬‬
‫ُُْْ‪. ] َُ-ُ[ ،ُْٗٗ/‬‬

‫ثانياً ‪ :‬األعمال الحديثة ‪:‬‬

‫ُ‪ -‬البكطي ‪ ،‬محمد سعيد رمضاف ‪ ،‬من الفكر والقمب ‪،‬‬


‫دمشؽ ‪ ،‬مكتبة الفارابي ُُْٖ ‪. ِٖٖ ، ُٕٗٗ /‬‬
‫ِ‪ -‬جمبي ‪ ،‬خالص ‪ ،‬الطب محراب لإليمان ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬مؤسسة‬
‫الرسالة ‪ ،‬طْ ‪. ]ِ-ُ[ ، ُٖٗٓ/َُْٓ ،‬‬
‫ّ‪ -‬خالد ‪ ،‬عمرك ‪ ،‬يوسف عميو السالم ‪ ،‬أريج ‪ ،‬طُ ‪،‬‬
‫ُِْْ‪. َِْ ، ََِّ/‬‬
‫ْ‪ -‬راجح ‪ ،‬أحمد عزت ‪ ،‬اصول عمم النفس ‪ ،‬القاىرة ‪ ،‬دار‬
‫الكتاب العربي ‪ ،‬ط ٕ ‪. ْٓٔ ، ُٖٗٔ ،‬‬
‫ٓ‪ -‬عمي ‪ ،‬جكاد ‪ ،‬المفصل في تاريخ العرب قبل اإلسالم ‪،‬‬
‫طِ ‪. ]َُ-ُ[ ، ُّٗٗ /ُُّْ ،‬‬
‫ٔ‪ -‬عكيضة ‪ ،‬محمد محمد ‪ ،‬التحميل النفسي ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬دار‬
‫الكتب العممية ‪ ،‬طُ ‪. ِّٔ ،ُٗٗٔ/ُُْٔ ،‬‬

‫‪- َُٗ -‬‬


‫ٕ‪ -‬الشعراكم ‪ ،‬محمد متكلي الشعراكم ‪ ،‬تفسير الشعراوي ‪،‬‬
‫دَـ ‪ ،‬أخبار اليكـ ‪ ،‬دَت ‪. ]ُٖ-ُ[ ،‬‬
‫ٖ‪ -‬القرضاكم ‪ ،‬يكسؼ ‪ ،‬موقف اإلسالم من اإلليام والكشف‬
‫والرؤى ومن التمائم والكيانة والرقى ‪ ،‬القاىرة ‪ ،‬مكتبة كىبة ‪،‬‬
‫طُ ‪. َِٓ ، ُْٗٗ/ُُْٓ ،‬‬
‫ٗ‪ -‬الكاتب ‪ ،‬أحمد عصاـ ‪ ،‬عقيد التوحيد في فتح الباري شرح‬
‫صحيح البخاري ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬دار األفاؽ الجديدة ‪ ،‬طُ ‪،‬‬
‫َُّْ‪. ٕٖٕ ،ُّٖٗ/‬‬
‫َُ‪ -‬دم ‪ ،‬نيريس ‪ ،‬االحالم تفسيرىا ودالالتيا ‪ ،‬تعريب كتعميؽ‬
‫كاضافة الدكتكر محمد منير مرسي ‪ ،‬القاىرة ‪ ،‬عالـ الكتب ‪،‬‬
‫ُِْْ‪. ِِٖ ، ََِْ/‬‬
‫صفي الرحمف ‪ ،‬الرحيق المختوم ‪،‬‬ ‫ُُ‪ -‬المباركفكرم ‪،‬‬
‫بيركت ‪ ،‬مؤسسة الكتب الثقافية ‪ ،‬طْ ‪، ُٗٗٗ /َُِْ ،‬‬
‫ْٗٓ ‪.‬‬
‫ُِ‪ -‬مخكؿ ‪ ،‬د مالؾ سميماف ‪ ،‬عمم نفس الطفولة والمراىقة ‪،‬‬
‫منشكرات جامعة دمشؽ ‪ ،‬طّ ‪. ِْٕ ، ُِٗٗ/ُُِْ ،‬‬

‫‪- َُُ -‬‬


‫ُّ‪ -‬النكرسي ‪ ،‬سعيد النكرسي ‪ ،‬مجموعة المكتوبات من كميات‬
‫رسائل النور ‪ ،‬عني بترجمتيا عف التركية كصححيا كبيضيا‬
‫المال زاىد المالز كردم ‪ ،‬بيركت ‪ ،‬منشكرات دار األفاف‬
‫الجديدة ‪ ،‬طُ ‪. ِِٔ، ُٖٗٔ /َُْٔ ،‬‬
‫ُْ‪ -‬الشيف ‪ ،‬مكسى شاىيف ‪ ،‬فتح المنعم شرح صحيح‬
‫مسمم ‪ ،‬القاىرة ‪ ،‬دار الشركؽ ‪ ،‬طُ ‪، ََِِ/ُِّْ ،‬‬
‫[ُ‪. ]َُ-‬‬
‫ُٓ ‪ -‬ك ازرة األكقاؼ كالشئكف اإلسالمية– الككيت ‪ ،‬الموسوعة‬
‫الفقيية الكويتية ‪ ،‬الككيت ‪ ،‬دار السالسؿ ‪ ،‬طِ ‪،‬‬
‫ُُِْ‪. ]ْٓ -ُ [ ، ُِٗٗ/‬‬

‫ثالثاً ‪ :‬المصادر االلكترونية ‪:‬‬

‫– النجار ‪ ،‬زغمكؿ النجار ‪ ،‬مف أسرار القرآف ‪/index.php ،‬‬


‫‪. http:// www.doha2.net‬‬

‫‪- ُُُ -‬‬


\

- ُُِ -
‫الفيرس‬

‫المقدمة‪.................................................:‬صُ‬
‫تمييد‪..................................................:‬صّ‬

‫المبحث األول ‪ :‬موقف األديان واألمم والعمم من الرؤيا‪:‬‬


‫‪................................................‬صٕ‬
‫أكالن ‪ :‬مكقؼ اإلسالـ مف الرؤيا‪......................... :‬صٗ‬
‫ثانيان ‪ :‬مكقؼ األمـ كاألدياف السابقة مف الرؤيا‪........ :‬ص ِٓ‬
‫ثالثان ‪ :‬مكقؼ العمـ مف الرؤيا‪......................... :‬صُّ‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬آداب الرؤيا واألحالم‪.........:‬ص‪37‬‬


‫أكالن ‪ :‬آداب الرؤيا الصالحة ‪........................ :‬صّٗ‬
‫ثانيان ‪ :‬آداب الرؤيا المكركىة ‪...................... :‬صْٗ‬

‫‪- ُُّ -‬‬


‫المبحث الثالث ‪ :‬نماذج من الرؤيا الصادقة ‪.. :‬ص‪59‬‬
‫أكالن ‪ :‬نماذج مف الرؤيا الصادقة في القرآف الكريـ كالعبر‬
‫كالدركس المستفادة منيا ‪............................ :‬صُٔ‬
‫ُ‪ -‬رؤيا سيدنا محمد ‪..........................: ‬صُٔ‬
‫ِ‪ -‬رؤيا سيدنا إبراىيـ عميو السالـ ‪................ :‬صْٔ‬
‫ّ ‪ -‬رؤيا سيدنا يكسؼ عميو السالـ ‪............... :‬صٕٔ‬
‫ْ ‪ -‬رؤيا السجينيف ‪ ،‬كرؤيا الممؾ ‪................ :‬صُٕ‬

‫ثانيان ‪ :‬نماذج مف رؤيا لعمماء المعاصريف ‪............. :‬صٕٕ‬


‫ُ – رؤيا اإلماـ بديع الزماف سعيد النكرسي‪........... :‬صٕٗ‬
‫ِ ‪ -‬رؤيا الدكتكر محمد سعيد رمضاف البكطي‪.........:‬صَٖ‬

‫المبحث الرابع ‪ :‬الحكمة من النوم والرؤيا ‪.... :‬ص‪83‬‬


‫أكالن ‪ :‬النكـ آية مف اآليات الدالة عمى قدرة اهلل ‪.....: ‬صٖٓ‬
‫ثانيان ‪ :‬النكـ كالرؤل راحة لمجسـ ‪ .....................:‬صٖٗ‬
‫ثالثان ‪ :‬اليقظة مف النكـ دليؿ عمى البعث يكـ القيامة‪.... :‬صُٗ‬
‫رابعان ‪ :‬الرؤيا في النكـ دليؿ عمى الحياة النفسية التي يحييا‬
‫اإلنساف بعد المكت في الحياة البرزخية‪.................:‬صّٗ‬

‫‪- ُُْ -‬‬


‫الخاتمة ‪............................................. :‬صٗٗ‬

‫المصادر كالمراجع ‪..................................:‬صَُِ‬


‫أكالن ‪ :‬المصادر ‪................................... :‬صَٓٗ‬
‫ثانيان ‪ :‬األعماؿ الحديثة ‪........................... :‬صَُٗ‬
‫ثالثان ‪ :‬المصادر االلكتركنية ‪....................... :‬صُُُ‬

‫الفيرس‪..............................................‬صُُّ‬

‫‪- ُُٓ -‬‬


- ُُٔ -

You might also like