You are on page 1of 177

‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬

‫‪538‬‬
‫العطش ‪ ،‬فنعت خفها ‪ ،‬فأوثقته بمارها ‪ ،‬فنعت له من الاء ‪ ،‬فغفر لا‬
‫بذلك " ( ‪ ، )1‬وعنه أيضا أن النب قال ‪ " :‬إن الشيطان عرض ل ‪ ،‬فشد علي‬
‫ليقطع الصلة علي ‪ ،‬فأمكنن اللّه منه فذعته ‪ ،‬ولقد همت أن أوثقه إل سارية‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫حت تصبحوا ‪ ،‬فتنظروا إليه "‬
‫واليثاق عقد مؤكد بيمي وعهد ‪ ،‬قال تعال ‪َ :‬وإِذْ أَخَ ْذنَا مِ ْن النِّبيّ َ‬
‫ي‬
‫ح َوِإبْرَاهِي َم َومُوسَى َوعِيسَى ابْ ِن مَ ْريَ َم َوأَ َخ ْذنَا مِْنهُ ْم مِيثَاقًا‬‫ك َومِ ْن نُو ٍ‬ ‫مِيثَاَقهُ ْم َومِنْ َ‬
‫غَلِيظًا [الحزاب‪ ، ]7 /‬والوثق العهد ‪ ،‬قال تعال ‪ :‬قَالَ لَنْ أُ ْرسِلَ ُه َم َعكُمْ َحتّى‬
‫ط ِبكُمْ [يوسف‪. ]66 /‬‬ ‫ُت ْؤتُونِي َموِْثقًا مِنْ اللّهِ َلتَ ْأتُونَنِي بِهِ إِل َأنْ يُحَا َ‬
‫وقالت عائشة رضي اللّه عنها ‪ ،‬قال ‪ " :‬ما بال أناس يشترطون شروطا‬
‫ليس ف كتاب اللّه ‪ ،‬من اشترط شرطا ليس ف كتاب اللّه ‪ ،‬فهو باطل وإن‬
‫اشترط مائة شرط ‪ ،‬شرط اللّه أحق وأوثق " ( ‪ ، )3‬والوثقى تأنيث الوثق‬
‫والعروة الوثقى ف قوله تعال ‪:‬‬
‫ك بِاْلعُ ْر َوةِ اْل ُوثْقَى ل‬
‫فَمَ ْن َي ْكفُ ْر بِالطّاغُوتِ َويُ ْؤمِ ْن بِاللّهِ َفقَ ْد ا ْستَمْسَ َ‬
‫انفِصَامَ َلهَا [البقرة‪، ]256 /‬حبل اللّه الحكم الوثوق ‪ ،‬الذى ل ينفك عن‬
‫عروته والقصود با عهد السلم ‪ ،‬الذى ينطق به النسان عند إعلنه كلمة‬
‫التوحيد ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ . 1‬أخرجه البخارى ف كتاب بدء اللق ‪ ، ( 3321) 6/414‬والرَكِ ّي البئر ‪.‬‬
‫‪ . 2‬أخرجه البخارى ف كتاب المعة ‪. ( 1210) 3/97‬‬
‫‪ . 3‬أخرجه البخارى ف كتاب البيوع ‪. ( 2155) 4/432‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫بقوله ل إله إل اللّه ( ‪ ، )1‬وقال كعب بن مالك ‪ " :‬لقد شهدت مع النب‬
‫ليلة العقبة ‪ ،‬حي تواثقنا على السلم ‪ ،‬وما أحب أن ل با مشهد بدر ‪ ،‬وإن‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫كانت بدر أذكر ف الناس منها "‬
‫الثقة ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫واصطلح الثقة عند الصوفية يرد على العن القرآن ‪ ،‬حيث تعن ثقة العبد ف‬
‫ربه وعهده ‪ ،‬وذلك بتصديق الب جزما ‪ ،‬والعتماد على واهب التقوى والقدر‬
‫)‬
‫‪.‬‬ ‫‪(3‬‬
‫والوثوق بقول النب‬
‫روى عن شقيق البلخى (ت‪:‬قبل ‪237‬هـ) وقد سئل ؟ ‪ ،‬بأى شئ يعرف‬
‫بأن العبد واثق بربه ؟ ‪ ،‬قال ‪ :‬يعرف بأنه إذا فاته شئ من الدنيا ‪ ،‬يسبه غنيمة‬
‫وإذا أبطأ عليه شئ من الدنيا ‪ ،‬يكون أحب إليه من أن يأتيه ( ‪ ، )4‬ويذكر لات‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ . 1‬فتح القدير ‪ 1/276‬وانظر الفردات ص ‪ ، 512‬والقاموس الحيط‬
‫‪. 1/1197‬‬
‫‪ . 2‬أخرجه البخارى ف كتاب الناقب ‪. ( 3889) 7/459‬‬
‫‪ . 3‬انظر جامع الصول ف الولياء ‪ ،‬لحد ضياء الدين مصطفى ‪ ،‬دار الكتب العربية‬
‫الكبى ‪ ،‬مصر ‪ ،‬سنة ‪1331‬هـ ص ‪ ، 79‬وقال أبو القاسم القشيى ‪ ( :‬العروة‬
‫سكَ بِاْل ُع ْر َوةِ‬
‫الوثقى ف قوله تعال ‪ :‬فَمَنْ يَ ْك ُفرْ بِالطّاغُوتِ وَُي ْؤمِنْ بِالّلهِ َفقَدْ اسْتَ ْم َ‬
‫[البقرة‪ ]256 /‬هى الوقوف عند المر والنهى ‪ ،‬وهو‬ ‫اْلوُْثقَى ل ان ِفصَامَ َلهَا‬
‫‪ ،‬وطاغوت كل واحد ما يشغله عن ربه ‪ ،‬واليان حياة‬ ‫سلوك طريق الصطفى‬
‫القلب باللّه ‪ ،‬لطائف الشارات ‪. 1/198‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ . 4‬طبقات الصوفية ص ‪. 65‬‬
‫الصم (ت‪237 :‬هـ) ف تقة العبد ف رزق ال ‪ ،‬أنه قال ‪ ( :‬الواثق من رزقه‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫من ل يفرح بالغن ول يهتم بالفقر ول يبال أصبح ف عسر أو يسر )‬
‫والثقة يعلها يى بن معاذ الرازى (ت‪258 :‬هـ) من صفات الولياء ‪،‬‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫فروى عنه أنه قال ‪ ( :‬الثقة باللّه ف كل شئ ‪ ،‬من خصال الولياء )‬
‫ويذكر الكاشان أن الثقة عند الصوفية ‪ ،‬تعن اعتماد العبد ف كل شئ على‬
‫اللّه وحده ‪ ،‬بيث ل يعتمد ف شئ على شئ سواه ‪ ،‬والعبد التحقق بالثقة‬
‫باللّه ‪ ،‬من حصل له إلمن من الوف ما سوى اللّه ‪ ،‬والعراض عن العتراض‬
‫‪َ :‬وَأوْ َحيْنَا إِلَى‬ ‫عما قدره اللّه وقضاه ‪ ،‬ويستدل بقوله تعال لم موسى‬
‫ح َزنِي ِإنّا‬
‫ت عََليْهِ َفأَْلقِيهِ فِي اْليَ ّم وَل َتخَافِي وَل تَ ْ‬
‫ضعِيهِ فَإِذَا ِخ ْف ِ‬
‫ُأ ّم مُوسَى َأنْ أَرْ ِ‬
‫رَادّوهُ إَِليْكِ َوجَاعِلُوهُ مِ ْن الْ ُم ْرسَلِيَ [القصص‪ ، ]7 /‬فلول حسن الثقة باللّه لا‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫استطاعت الوالدة أن تلقى ولدها ف لة الاء‬
‫**********************************‬
‫‪ -3 5‬الجنــــــــــــة‬
‫**********************************‬
‫النة ‪ :‬كل بستان ذى شجر يستر بأشجاره الرض ‪ ،‬قال تعال ‪ :‬وََلوْل‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ . 1‬السابق ص ‪. 94‬‬
‫‪ . 2‬السابق ص ‪. 110‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ . 3‬لطائف العلم ‪. 1/378‬‬
‫إِذْ دَ َخ ْلتَ َجّنتَكَ ُق ْلتَ مَا شَاءَ اللّهُ ل ُق ّوةَ إِل بِاللّهِ [الكهف‪، )1 ( ]39 /‬‬
‫وقال عمر بن الطاب ‪ ‬يوما ‪ ،‬للصحابة رضى ال عنهم ‪ " :‬فيم ترون هذه‬
‫الية نزلت ؟ ‪َ :‬أَيوَدّ أَحَدُكُمْ َأ ْن تَكُونَ لَهُ َجّنةٌ مِ ْن َنخِيلٍ َوأَ ْعنَابٍ تَجْرِي مِنْ‬
‫حِتهَا ا َلنْهَارُ [البقرة‪ ]266 /‬؟ قالوا اللّه أعلم ‪ :‬فغضب عمر ‪ ،‬فقال ‪ :‬قولوا‬ ‫تَ ْ‬
‫نعلم أو ل نعلم ‪ ،‬فقال ابن عباس ‪ :‬ف نفسي منها شيء يا أمي الؤمني ‪،‬‬
‫قال عمر يا ابن أخي ‪ ،‬قل ول تقر نفسك ‪ ،‬قال ابن عباس ‪ :‬ضربت‬
‫مثل لعمل قال عمر أي عمل ؟ قال ابن عباس ‪ :‬لعمل ‪ ،‬قال عمر ‪:‬‬
‫لرجل غن يعمل بطاعة اللّه عز وجل ‪ ،‬ث بعث اللّه له الشيطان ‪ ،‬فعمل‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫بالعاصي حت أغرق أعماله‬
‫وسيت النة بذلك ‪ ،‬إما تشبيها بالنة ف الرض ‪ ،‬وإن كان بينهما فرق‬
‫كبي وبون شاسع ‪ ،‬وإما لستره سبحانه نعمها عنا ‪ ،‬حيث قال ‪ :‬فَل َتعْلَمُ‬
‫س مَا أُ ْخفِيَ َلهُ ْم مِنْ ُق ّرةِ َأ ْعيُنٍ [السجدة‪ ، ]17 /‬وعن عبد اللّه بن قيس‬
‫َن ْف ٌ‬
‫أن رسول اللّه قال ‪ " :‬جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ‪ ،‬وجنتان من ذهب‬
‫آنيتهما وما فيهما ‪ ،‬وما بي القوم وبي أن ينظروا إل ربم ‪ ،‬إل رداء الكب على‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ . 1‬الفردات ص ‪ ، 98‬لسان العرب ‪ ، 13/92‬ومتار الصحاح ‪، 48 / 1‬‬
‫والغرب ف ترتيب العرب ‪ ،‬لب الفتح ناصر الدين بن عبد السيد بن علي بن‬
‫الطرز ‪ ،‬تقيق ممود فاخوري ‪ ،‬و عبدالميد متار ‪ ،‬نشر مكتبة أسامة بن زيد ‪،‬‬
‫الطبعة الول حلب ‪ ،‬سنة ‪1979‬م ‪. 1/165‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ . 2‬أخرجه البخارى ف كتاب تفسي القرآن ‪. ( 4538) 8/49‬‬
‫وجهه ف جنة عدن " ( ‪ ، )1‬وعن أب سعيد الدري ‪ ،‬عن النب قال ‪:‬‬
‫" ينادي مناد إن لكم أن تصحوا فل تسقموا أبدا ‪ ،‬وإن لكم أن تيوا فل‬
‫توتوا أبدا ‪ ،‬وإن لكم أن تشبوا فل ترموا أبدا ‪ ،‬وإن لكم أن تنعموا ‪ ،‬فل‬
‫جّنةُ أُو ِرثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ‬
‫تبأسوا أبدا ‪ ،‬فذلك قوله تعال ‪َ :‬ونُودُوا أَ ْن تِ ْلكُ ْم الْ َ‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫[العراف‪" ]43 /‬‬ ‫َتعْمَلُونَ‬
‫وربا يطلق على مالس الذكر وتدارس العلم رياض النة كما روى عن عبد‬
‫اللّه بن زيد الازن ‪ ،‬أن رسول اللّه قال ‪ " :‬ما بي بيت ومنبي ‪ ،‬روضة‬
‫من رياض النة ) ( ‪. )3‬‬
‫وعن أنس بن مالك عنه ‪ ،‬أن رسول اللّه قال ‪ " :‬إذا مررت برياض النة‬
‫( ‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫فارتعوا ‪ ،‬قالوا ‪ :‬وما رياض النة ؟ ‪ ،‬قال حلق الذكر "‬
‫النة ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫النة عند الصوفية ‪ ،‬تنوعت مدلولتا بي ما يوافق الصول القرآنية أو يالفها‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف الوضع السابق ‪. ( 4878) 8/491‬‬
‫‪ .2‬أخرجه مسلم ف كتاب النة ‪. ( 2837) 4/2182‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب المعة ‪. ( 1195) 3/84‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .4‬حسن ‪ ،‬أخرجه الترمذى ف كتاب الدعوات ‪ )( 3510‬وحسنه الشيخ اللبان رحه‬
‫ال ‪ ، 5/532‬وأخرجه الطبان ف معجمه الكبي ( ‪، 11/95 )11158‬‬
‫والاكم ف الستدرك ( ‪. 1/671 )1820‬‬
‫على النحو التى ‪:‬‬
‫( ‪ -1‬النة عند العوام والبتدئي من الصوفية ‪ :‬وهى جنة العمال الت يزى‬
‫فيها العبد عن ماهداته وعباداته ‪ ،‬وهى دار النعيم الت أعد اللّه فيها من فضله‬
‫العميم ‪ ،‬ما تشتهيه النفس وتلذ العي ‪ ،‬ما ل يصى من جوده القيم ( ‪. )1‬‬
‫يقول ابن خفيف ‪ ( :‬النة دار اللد ‪ ،‬ينعم فيها أولياء اللّه ‪ ،‬وهم باقون‬
‫فيها يتنعمون أبدا ‪ ،‬ومن دخلها من الؤمني دخلها بفضل اللّه ورحته ‪ ،‬ل‬
‫بعمله كما ثبت عن رسول اللّه ‪ " :‬لن يدخل أحدكم النة عمله ‪ ،‬قالوا ول‬
‫أنت يارسول اللّه ‪ ،‬قال ول أنا ‪ ،‬إل أن يتغمدن اللّه برحة منه " ( ‪. )2‬‬
‫وهذه النة يطلقون عليها ف الصطلح الصوف ‪ :‬جنة العمال ‪ ،‬وربا قالوا‬
‫النة الصورية ( ‪ ، )3‬وهذا ما دلت عليه الصول القرآنية ‪.‬‬
‫( ‪ -2‬النة عند الواص ل خطر لا ف قلوبم ‪ ،‬وهم أبعد الناس عن طلبها‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬لطائف العلم ‪ ، 1/395‬وانظر تنبيه الغافلي للسمرقندى ‪ ،‬ف صفة النة‬
‫وأهلها ص ‪ ، 22‬وتفسي القرآن لسهل بن عبد ال ص ‪ ، 9‬وسلوة العارفي وبستان‬
‫الوحدين للحكيم الترمذى ص ‪. 129‬‬
‫‪ .2‬سية الشيخ الكبيعبد اللّه بن خفيف ص ‪ 356،357‬والديث أخرجه‬
‫البخارى ف كتاب الرقاق ( ‪ )6464‬عن عائشة رضى اللّه عنها ‪ ،‬أن رسول اللّه‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫قال ‪" :‬سددوا وقاربوا ‪ ،‬واعلموا أن لن يدخل أحدكم عمله النة ‪ ،‬وأن أحب‬
‫العمال إل اللّه أدومها وإن قل " ‪. 11/300‬‬
‫‪ .3‬لطائف العلم ‪. 1/395‬‬
‫ونسب لرابعة العدوية (ت‪185 :‬هـ) من نساء الصوفية ‪ ،‬ف الكشف عن‬
‫دافعها للعبودية ‪:‬‬
‫( ما عبدتك خوفا من نارك ول طمعا ف جنتك ولكن حبا لذاتك ) ( ‪. )1‬‬
‫ولب يزيد البسطامى (ت‪261 :‬هـ) قال فيما روى عنه ‪ ( :‬النة ل خطر‬
‫لا عند أهل الحبة وأهل الحبة مجوبون بحبتهم ) ( ‪ ، )2‬وينسب لب القاسم‬
‫النصرباذى (ت‪367 :‬هـ) ‪ ( :‬إذا بدا لك شئ من بوادى الق ‪ ،‬فل تلتفت‬
‫معه إل جنة ول إل نار ‪ ،‬ول تطرها ببالك ‪ ،‬وإذا رجعت عن ذلك الال‬
‫فعظم ما عظمه اللّه تعال ) ( ‪ ، )3‬وهذا العن مدث ل أصل له ‪ ،‬وإن كان‬
‫لبعضهم نية حسنة ‪ ،‬كقول النصرباذى ‪ ( :‬النة باقية بإبقائه ‪ ،‬وذكره ورحته‬
‫لك باق ببقائه ‪ ،‬فشتان بي ما هو باق ببقائه ‪ ،‬وبي ما هو باق بإبقائه ) ( ‪. )4‬‬
‫فهو يفضل رحة اللّه لعبده ‪ ،‬كصفة من صفات الذات ‪ ،‬على النة الت هى‬
‫صفة من صفات الفعال ‪ ،‬والذى ثبت أن النة مل الرحة ‪ ،‬فمن أراد الرحة‬
‫فل مناص من النة ‪ ،‬ومن حديث أب هريرة ‪ ،‬قال النب ‪:‬‬
‫" قال اللّه تبارك وتعال للجنة ‪ :‬أنت رحت أرحم بك من أشاء من عبادي‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬صفة الصفوة ‪. 2/249‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .2‬طبقات الصوفية ص ‪. 70‬‬
‫‪ .3‬السابق ص ‪. 485‬‬
‫‪ .4‬الرسالة ‪. 1/41‬‬
‫وقال للنار ‪ :‬إنا أنت عذاب ‪ ،‬أعذب بك من أشاء من عبادي ‪ ،‬ولكل واحدة‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫منهما ملؤها "‬
‫( ‪ -3‬النة عند خاصة الاصة ‪ :‬ويسمونا جنة المتنان ‪ ،‬وهى ما يناله أهل‬
‫اليان من عي الود موهبة من اللّه تعال ‪ ،‬وهذا مقام من تقق بالنلع عن‬
‫أحكام الغية والغيار ‪ ،‬فاستتر بأعيان سبحات نور النوار ‪ ،‬وذلك هو التحقيق‬
‫بقائق الساء اللية ‪ ،‬وستر عي الذات بستور صور الصفات ( ‪. )2‬‬
‫فالنعيم ف جنة المتنان هو عي الرحة الت يظهر با الق ف الكل ‪ ،‬فمنه‬
‫نعيم خالص متص بأهل النان ‪ ،‬ومنه نعيم متزج بالعذاب ‪ ،‬متص بأهل جهنم‬
‫وهذا دائم أبدا ل ينقطع نعيم العذاب مطلقا عن الكفار ‪ ،‬بل إن أهل النار من‬
‫لذتم بالعذاب واستعذابم له لو هب عليهم نسيم من النة استكرهوه وتعذبوا‬
‫به ‪ ،‬فالنة والنار كلها ف اصطلح أصحاب الوحدة نعيم جنان اللد ‪ ،‬يقول‬
‫مى الدين بن عرب ( ‪: )3‬‬
‫على لذة فيها نعيم مباين‬ ‫وإن دخلوا دار الشقاء فإنم‬
‫وبينهما عند التجلى تباين‬ ‫نعيم جنان اللد والمر واحد‬
‫وذاك كالقشر والقشر صاين‬ ‫يسمى عذابا من عذوبة طعمه‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب تفسي القرآن ‪. ( 4850) 8/460‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .2‬لطائف العلم ‪. 1/395‬‬
‫‪ .3‬فصوص الكم ص ‪ ، 122،123‬وانظر ف معن النة عند ابن عرب أيضا‬
‫الفتوحات ‪ ، 3/442‬وبلغة الواص ص ‪. 123‬‬

‫**********************************‬
‫‪ -36‬الـجــــــــــوع‬
‫**********************************‬
‫الوع ‪ :‬هو الل الذى ينال النسان عند خلو العدة من الطعام ‪ ،‬وقد ورد‬
‫ف وَالْجُوعِ َوَن ْقصٍ‬
‫خوْ ِ‬
‫شيْ ٍء مِ ْن الْ َ‬
‫الفظ القرآن ف قوله تعال ‪ :‬وََلَنبُْل َونّكُ ْم بِ َ‬
‫س وَالثّ َمرَاتِ َوبَشّ ْر الصّابِرِينَ [البقرة‪ ، ]155 /‬وقوله ‪:‬‬ ‫مِ ْن ا َل ْموَا ِل وَالَن ُف ِ‬
‫ِإنّ لَكَ أَل تَجُوعَ فِيهَا وَل َتعْرَى [طه‪ ]118 /‬وآيات أخرى كثية ‪ ،‬وقال أبو‬
‫هريرة ‪ " :‬لقد رأيتن وإن لخر فيما بي منب رسول اللّه إل حجرة‬
‫عائشة مغشيا علي ‪ ،‬فيجيء الائي ‪ ،‬فيضع رجله على عنقي ‪ ،‬ويرى أن‬
‫منون ‪ ،‬وما ب من جنون ‪ ،‬ما ب إل الوع " ( ‪ ، )1‬وعن عبد اللّه بن مسعود‬
‫قال ‪ " :‬إن النب لا رأى من الناس إدبارا ‪ ،‬قال ‪ :‬اللّهم سبع كسبع يوسف‬
‫‪ ،‬فأخذتم سنة حصت كل شيء ‪ ،‬حت أكلوا اللود واليتة واليف ‪ ،‬وينظر‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫أحدهم إل السماء فيى الدخان من الوع "‬
‫والوع أمر نسب ‪ ،‬ويرتبط بالعلمات الت تظهر على البدن ‪ ،‬كما تقدم ف‬
‫حديث أب هريرة وابن مسعود ‪ ،‬وقد ورد على الوجه التقريب ف حديث عائشة‬
‫رضي ال عنها أن النب قال ‪ " :‬ل يوع أهل بيت عندهم التمر" ‪.‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب العتصام ‪. ( 7324) 13/316‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب المعة ‪. ( 1007) 2/572‬‬
‫وف رواية أخرى قال ‪ " :‬يا عائشة بيت ل تر فيه ‪ ،‬جياع أهله ‪ ،‬يا عائشة بيت‬
‫ل تر فيه جياع أهله ‪ ،‬أو جاع أهله قالا مرتي أو ثلثا " ( ‪. )1‬‬
‫والجاعة زمان الوع وتقال على وجهي ‪ ،‬عموم الوع على الكل ف وقت‬
‫ما ‪ ،‬ومنه سى عام الجاعة ف عهد عمر بن الطاب ‪ ، ) (2‬وزمان الرضاع‬
‫لكثرة جوع الطفل وتكرار الرضاع ‪ ،‬ومنه ما روى عن عائشة رضي اللّه عنها‬
‫قالت ‪ " :‬دخل علي النب وعندي رجل ‪ ،‬قال ‪ :‬يا عائشة من هذا ؟ قلت ‪:‬‬
‫أخي من الرضاعة ‪ ،‬قال ‪ :‬يا عائشة انظرن من إخوانكن ‪ ،‬فإنا الرضاعة من‬
‫الجاعة " ( ‪. )3‬‬
‫الوع ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫والوع ف اصطلح الصوفية ورد على العن القرآن كأدب من آدابم يفضلونه‬
‫على الشبع ‪ ،‬وربا أطلق بعضهم علي الوع الوت البيض ( ‪ )4‬فروى عن يى‬
‫بن معاذ الرازى (ت‪258 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬لو علمت أن الوع يباع ف‬
‫السوق ما كان ينبغى لطلب الخرة إذا دخلوا السوق أن يشتروا غيه ) ( ‪. )5‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه مسلم ف الشربة ‪ ( 2046) 3/618‬وأبو داود ف سننه ( ‪)3831‬‬
‫‪. 3/362‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .2‬الفردات ص ‪ ، 103‬لسان العرب ‪ ، 8/61‬الصباح الني ‪.‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب الشهادات ‪. ( 2647) 5/30‬‬
‫‪ .4‬الوع ساه بذلك حات الصم ‪ ،‬انظر طبقات الصوفية ص ‪ 93‬والتعريفات ص‬
‫‪. 255‬‬
‫‪ .5‬اللمع ص ‪ 269‬وانظر السابق ص ‪. 111‬‬
‫وقال ‪ ( :‬الوع على أربعة أوجه ‪ :‬للمريدين رياضة ‪ ،‬وللتائبي تربة ‪ ،‬وللزهاد‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫سياسة ‪ ،‬وللصديقي تكرمة )‬
‫ومن طرائف ما يروى عن سهل بن عبد اللّه التسترى (ت‪293 :‬هـ) أن‬
‫سائل سأله ف حد الوع ‪ ،‬فقال له ‪ :‬الرجل يأكل ف اليوم أكلة ؟ فقال ‪ :‬أكل‬
‫الصديقي ‪ ،‬قال ‪ :‬فأكلتي ؟ قال ‪ :‬أكل الؤمني ‪ ،‬قال ‪ :‬فثلثة ؟ قال ‪ :‬قل‬
‫لهلك يبنون لك معلفا ( ‪ ، )2‬ولعل سهل يقصد بذلك أن الطعام إنا يكون‬
‫لقوام البدن ‪ ،‬ل لتسمينه فمن اشتغل بالتسمي ‪ ،‬سيشتغل بالبحث عن النوعية‬
‫اليدة من الطعام ‪ ،‬ومن ث البحث عن أسباب الوصول إل النفقات الطلوبة‬
‫للحصول عليها ‪ ،‬وغي ذلك ما يشغله عن ال فيصي علفا ل عابدا ‪.‬‬
‫ويذكر الكى (ت‪386 :‬هـ) أقوال الصوفية ف الوع ‪ ،‬مستندا إل تفصيل‬
‫الدلة ف الكتاب والسنة ‪ ،‬ويبي أنم قد اختلفوا ف حد الوع بي معتدل‬
‫ومبالغ من ذلك ‪:‬‬
‫( ‪ -1‬حد الوع الول من الوقت إل مثله ‪،‬كالغد أربعة وعشرون ساعة‬
‫وحده الخر اثنان وسبعون ساعة ‪ ،‬فهذا حد الوع من الوقات ‪.‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫( ‪ -2‬حد الوع أل تطلب نفسك الدم فمت طلبت نفسك الدم مع البز‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الرسالة ‪ ، 1/372‬وانظر ف مفهوم الوع عند الصوفية ‪ ،‬آداب الطعام‬
‫والعادات الغذائية عند متصوفة السلم ‪ ،‬إعداد ممد عبد النعم صال ‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستي كلية الداب جامعة القاهرة سنة ‪1967‬م ‪.‬‬
‫‪ .2‬السابق ‪. 1/375‬‬
‫فلست جائعا ‪.‬‬
‫( ‪ -3‬حد الوع أن تطلب البز ‪ ،‬فل تيز بينه وبي غيه ‪ ،‬فمت تاقت‬
‫النفس إل البز بعينه ‪ ،‬فليست بائعة لن لا شهوة ف التخي ‪.‬‬
‫( ‪ -4‬حد الوع أن يبزق العبد فإذا ل يقع على بذاقه ذباب ‪ ،‬فقد خلت‬
‫معدته من الطعام ‪ ،‬ومن ث خل بذاقه من الدسومة والدهنية ‪ ،‬وصار‬
‫صافيا مثل الاء فل يسقط عليه الذباب ( ‪. )1‬‬
‫وقد استدل القشيى (ت‪465 :‬هـ) على أن الوع والشهوة ‪ ،‬ابتلء من‬
‫شيْءٍ‬‫اللّه ووجب على الرء أن يصب ف مواجهته ‪ ،‬بقوله تعال ‪ :‬وََلَنبُْل َونّكُ ْم بِ َ‬
‫ف وَالْجُوعِ [البقرة‪ ، ]155 /‬ث قال ف آخر الية ‪َ :‬وبَشّرْ‬ ‫خوْ ِ‬
‫مِ ْن الْ َ‬
‫الصّابِرِينَ فبشرهم بميل الثواب على الصب على مقاساة الوع ‪ ،‬ويقول ف‬
‫خصَاصَةٌ [الشر‪]9 /‬‬ ‫قوله تعال ‪َ :‬وُي ْؤثِرُونَ عَلَى َأْنفُسِهِ ْم وََلوْ كَا َن ِبهِمْ َ‬
‫‪ ( ،‬ولذا كان الوع من صفات القوم ‪ ،‬وهو أحد أركان الجاهدة ‪ ،‬فإن‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫أرباب السلوك تدرجوا إل اعتياد الوع ‪ ،‬والمساك عن الكل ‪ ،‬ووجدوا‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫ينابيع الكمة ف الوع )‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬قوت القلوب ‪. 2/165‬‬
‫‪ .2‬الرسالة ‪ ، 1/372‬انظر الزيد عن مصطلح الوع ‪ ،‬أعذب السالك الحمودية إل‬
‫منهج السادة الصوفية ‪ ،‬للشيخ ممود خطاب السبكى ‪ ،‬تقيق سعيد عبد الفتاح سنة‬
‫‪1996‬م ص ‪. 59‬‬
‫وينبغى أن نفرق فيما سبق بي الوع والتجويع ‪ ،‬لن الصول القرآنية‬
‫والنبوية أمرت بالصب على الوع ‪ ،‬كابتلء ل حيلة للنسان فيه ‪ ،‬ول تأمر‬
‫بتجويع النفس وتعذيب البدن ‪ ،‬طلبا للحكمة والعرفة ‪ ،‬فالذى دل عليه القرآن‬
‫والسنة ‪ ،‬أن السلم ل يكثر من الكل الفوت للخي الكثي ‪ ،‬فقد يكون الكل‬
‫واجبا بقدر ما تقوم به البنية ‪ ،‬ومندوبا بقدر الشبع الشرعى القوى له على‬
‫التنفل ‪ ،‬وجائز وهو ما فوقه بيث ل يورث فتورا عن العبادة ‪ ،‬ومن ث فإن مثل‬
‫ما يروى عن أب عثمان الغرب (ت‪373 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬الربان ل يأكل ف‬
‫أربعي يوما ‪ ،‬والصمدان ف ثاني يوما ) ( ‪ ، )1‬فإنه باطل ‪ ،‬ول يستند إل‬
‫الصول القرآنية والنبوية ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫‪ -37‬الحــــــــــــال‬
‫**********************************‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫الال ‪ :‬يقال لعدة أمور ( ‪: )2‬‬
‫‪ -1‬الال ‪ :‬من الول وأصله تغي الشئ وانفصاله عن غيه ‪ ،‬وباعتبار‬
‫النفصال قيل ‪ :‬حال بين وبينك كذا ‪ ،‬ومنه قوله تعال ‪ :‬وَاعْلَمُوا َأنّ اللّهَ‬
‫يَحُولُ بَيْ َن الْ َمرْ ِء وَقَ ْلبِهِ [النفال‪ ، ]24 /‬إشارة إل ما قيل ف وصفه تعال إنه‬
‫يقلب القلوب ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬السابق ‪. 375 /1‬‬
‫‪ .2‬الفردات ص ‪. 138 ، 137‬‬
‫وهو أن يلقى ف قلب النسان ما يصده عن مراده لكمة تقتضى ذلك ‪ ،‬وقيل‬
‫على ذلك ‪:‬‬
‫شَتهُونَ كَمَا ُفعِ َل ِبَأشْيَا ِعهِ ْم مِنْ َقبْلُ [سبأ‪. ]54 /‬‬
‫وَحِي َل َبْيَنهُ ْم َوبَيْ َن مَا يَ ْ‬
‫وعن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال ‪ " :‬انطلق النب ف طائفة من أصحابه‬
‫عامدين إل سوق عكاظ ‪ ،‬وقد حيل بي الشياطي وبي خب السماء وأرسلت‬
‫عليهم الشهب ‪ ،‬فرجعت الشياطي إل قومهم ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬ما لكم ؟ فقالوا ‪:‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫حيل بيننا وبي خب السماء ‪ ،‬وأرسلت علينا الشهب "‬
‫‪ -2‬الال ‪ :‬ما يتص به النسان وغيه ‪ ،‬من أموره التغية ف نفسه وجسمه‬
‫فباعتبار التغي ‪ ،‬قيل ‪ :‬حال الشئ يول حول ‪ ،‬واستحال تيأ لن يول ‪ ،‬وف‬
‫السنة عن عبد اللّه بن عمر أن رسول اللّه قال ‪ " :‬رأيت الناس متمعي ف‬
‫صعيد ‪ ،‬فقام أبو بكر فنع ذنوبا أو ذنوبي ‪ ،‬وف بعض نزعه ضعف ‪ ،‬واللّه‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫يغفر له ‪ ،‬ث أخذها عمر فاستحالت بيده غربا ‪ ،‬فلم أر عبقريا ف الناس ‪ ،‬يفري‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫فريه حت ضرب الناس بعطن "‬
‫‪ -3‬الال ‪ :‬تستعمل ف بقاء الصفة الت عليها الوصوف ‪ ،‬فمن ذلك ما روى‬
‫عن سهل بن سعد أن رجل من أعظم السلمي غناء عن السلمي ف غزوة‬
‫غزاها مع النب ‪ ،‬فنظر النب فقال ‪ " :‬من أحب أن ينظر إل رجل من‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب الذان ‪. ( 773) 2/295‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الناقب ‪. ( 3633) 6/728‬‬
‫أهل النار فلينظر إل هذا ‪ ،‬فاتبعه رجل من القوم ‪ ،‬وهو على تلك الال من‬
‫أشد الناس على الشركي حت جرح ‪ ،‬فاستعجل الوت ‪ ،‬فجعل ذبابة سيفه بي‬
‫ثدييه حت خرج من بي كتفيه " ( ‪. )1‬‬
‫وقال أبو بكر ‪ " :‬إن رسول اللّه قال ‪ :‬ل نورث ما تركنا صدقة إنا‬
‫يأكل آل ممد ف هذا الال ‪ ،‬وإن واللّه ل أغي شيئا من صدقة رسول اللّه‬
‫عن حالا الت كان عليها ف عهد رسول اللّه ‪ ، ) " (2‬وعن أنس‬
‫حدثهم أن ناسا من عكل وعرينة ‪ ،‬كفروا بعد إسلمهم ‪ ،‬وقتلوا راعي النب‬
‫واستاقوا الذود ‪ ،‬فبلغ النب فبعث الطلب ف آثارهم ‪ ،‬فأمر بم فسمروا‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫أعينهم ‪ ،‬وقطعوا أيديهم ‪ ،‬وتركوا ف ناحية الرة حت ماتوا على حالم "‬
‫الال ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫والال ف اصطلح الصوفية باق على العن اللغوى السابق ‪ ،‬ويقصدون أن‬
‫ينبعث من باطن العبد داعية للمراقبة أو الحاسبة أو النابة أو غي ذلك ‪ ،‬ث‬
‫تزول تلك الداعية لغلبة صفات النفس ث تعود بعد زوالا ‪ ،‬ث تعود بعد عودها‬
‫فما دام العبد ف مراقبته أو ف ماسبته لذلك ‪ ،‬أو ف غي ذلك من الصفات‬
‫بيث ل تزال تلك الصفة ‪ ،‬تعود ث تزول ث تعود بل استقرار وثبات ‪ ،‬قيل ‪:‬‬
‫بأن حاله ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب القدر ‪. ( 6607) 11/507‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الغازى ‪. ( 4241) 8/564‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب الغازى ‪. ( 4192) 8/524‬‬
‫كذا ويعنون تثبيت تلك الصفة عليه بعد أن كانت تول وتزول عنه لظهور‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫صفات النفس وغلبتها عليه‬
‫وقد تنوعت تعبياتم ف تعريف الال ‪ ،‬فروى عن النيد (ت‪297 :‬هـ)‬
‫أنه قال ‪ ( :‬الال نازلة تنل بالعبد ف الي ‪،‬فيحل بالقلب من وجود الرضا‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫والتفويض وغي ذلك ‪ ،‬فيصفو له ف الوقت ف حاله ووقته ويزول )‬
‫ويروى عن أب على الدقاق (ت‪410 :‬هـ) ف معن قوله ‪ " :‬إن ليغان‬
‫على قلب حت استغفر اللّه تعال ف اليوم سبعي مرة " ( ‪ ، )3‬أنه كان أبدا ف‬
‫الترقى من أحواله ‪ ،‬فإذا ارتقى من حالة إل حالة أعلى ما كان فيها فربا حصل‬
‫له ملحظة إل ما رتقى عنها ‪ ،‬فكان يعدها غنا بالضافة إل ما حصل فيها‬
‫( ‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫فأبدا كانت أحواله ف التزايد‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬لطائف العلم لعبد الرزاق الكاشان ص ‪ ، 403‬وانظر كشاف اصطلحات‬
‫الفنون ‪ ، 2/119‬وانظر ف معن الال عند ابن عرب الذى يتوافق مع هذا العن ‪،‬‬
‫الفتوحات الكية ‪. 4/370 ، 2/132‬‬
‫‪ .2‬اللمع ص ‪. 411‬‬
‫‪ .3‬أخرجه المام الترمذى ف كتاب تفسي القرآن ( ‪ )3259‬وقال الشيخ نصر الدين‬
‫اللبان رحه ال ‪ :‬صحيح ‪ 383 /5 ،‬ولفظه عن أب هريرة عن النب قال ‪:‬‬
‫" إن لستغفر اللّه ف اليوم مائة مرة " وانظر بغية الباحث عن زوائد مسند الارث‬
‫حديث ( ‪. 2/973 )1097‬‬
‫‪ .4‬الرسالة القشيية ‪. 1/207‬‬
‫وقال القشيى (ت‪465 :‬هـ) ‪ ( :‬الال عند القوم معن يرد على القلب‬
‫من غي تعمد منهم ول اجتلب ول اكتساب لم ‪ ،‬من طرب أوحزن أو بسط‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫أو قبض أو شوق أو انزعاج أو هبة أو احتياج )‬
‫ويذكر الكاشان عند الصوفية مصطلح ‪ :‬الال الدائم ‪ ،‬وهو الال الضاف‬
‫إل الضرة العندية ‪ ،‬وهو باطن الزمان الشار إليه بقوله ‪ " :‬ليس عند ربكم‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫صباح ول مساء "‬
‫**********************************‬
‫‪ -38‬الحجــــــــــــاب‬
‫**********************************‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫الجاب ‪ :‬الجب والجاب ‪ ،‬النع من الوصول ‪ ،‬يقال ‪ :‬حجبه حجبا‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬السابق ‪ ، 1/206‬وانظر ف معن الال عند الصوفية كشف الحجوب ص‬
‫‪ 447‬والملء ص ‪ ، 62‬وعوارف العارف للسهروردى ص ‪ ، 530‬وقد شرح‬
‫السهروردى الال والقام والفرق بينهما ‪ ،‬كما أشار إل القامات والحوال وأقوال‬
‫الشايخ فيها على الترتيب ‪ ،‬وانظر التعرف لذهب أهل التصوف ص ‪، 89:86‬‬
‫وطبقات الولياء لبن اللقن ص ‪ ، 44‬والنوار القدسية ف معرفة قواعد الصوفية‬
‫للشعران ‪ 1/88‬الواقف والخاطبات للنفرى ‪ ،‬نشر آربرى مادة حال ‪ ،‬وتاريخ‬
‫التصوف ف السلم للدكتور قاسم غن ‪ ،‬ترجة صادق نشأت ص ‪ : 300‬ص‬
‫‪ ، 495‬والتصوف السلمى الالص تأليف السيد ممود أبو الفيض النوف ص‬
‫‪. 100:97‬‬
‫‪ .2‬لطائف العلم ‪ 1/404‬والديث ل أعثر عليه ف كتب السنة ‪.‬‬
‫وحجابا ( ‪ ، )1‬قال تعال ‪َ :‬وبَْيَنهُمَا ِحجَا ٌ‬
‫ب َوعَلَى ا َلعْرَافِ رِجَا ٌل َيعْرِفُونَ‬
‫كُل بِسِيمَاهُمْ [العراف‪ ، ]46 /‬أى فاصل بي أهل النة وأهل النار ‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫َومَا كَانَ ِلبَشَرٍ أَ ْن ُيكَلّمَهُ اللّهُ إِل وَ ْحيًا َأوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ َأ ْو يُ ْرسِ َل‬
‫َرسُول َفيُو ِحيَ بِِإ ْذنِهِ مَا يَشَاءُ ِإنّ ُه عَِليّ َحكِيمٌ [الشورى‪ ، ]51 /‬أى من حيث ل‬
‫يراه مكلمه ومبلغه ‪ ،‬وقوله ‪َ :‬حتّى َتوَارَتْ بِاْلحِجَابِ [ص‪ ]32 /‬يعن‬
‫الشمس إذا استقرت بالغيب ( ‪ ، )2‬وقال سلمة بن الكوع ‪" :‬كنا نصلي مع‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫النب الغرب إذا توارت بالجاب "‬
‫والجاب يرد على معنيي ‪:‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫ك َوَبيْنَ‬‫‪ -1‬الستر العنوى ‪ :‬ف قوله تعال ‪َ :‬وإِذَا َق َرأْتَ اْلقُرْآنَ َجعَ ْلنَا َبيْنَ َ‬
‫ستُورًا [السراء‪ ]45 /‬وهو التم‬ ‫الّذِينَ ل ُي ْؤ ِمنُو َن بِالخِ َرةِ ِحجَابًا مَ ْ‬
‫والطبع يفسره قوله تعال بعده ‪ :‬وَ َجعَ ْلنَا عَلَى قُلُوِبهِمْ أَ ِكنّةً َأنْ َي ْف َقهُوهُ‬
‫وَفِي آذَاِنهِ ْم وَقْرًا [السراء‪. ]46 /‬‬
‫‪ -2‬الستر السى ‪ :‬كقول عمر بن الطاب رضى اللّه عنه ‪ ( :‬قلت ‪ :‬يا‬
‫رسول اللّه يدخل عليك الب والفاجر فلو أمرت أمهات الؤمني بالجاب‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الفردات ص ‪ ، 108‬ولسان العرب ‪. 1/298‬‬
‫‪ .2‬السابق ص ‪. 108‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب مواقيت الصلة ‪ ، ( 561) 2/49‬وانظر النهاية ف‬
‫غريب الديث ‪. 1/340‬‬
‫فأنزل اللّه آية الجاب ) ( ‪ ، )1‬فاستعمالت الكلمة ف القرآن والسنة‬
‫تدور على معن الستر والنع ‪ ،‬سواء كان هذا الستر حسيا أو معنويا ‪.‬‬
‫الجاب ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫يتنوع مدلول الجاب ف عرف الصوفية بي عدة معان ‪ ،‬منها ما هوقائم على‬
‫الصول القرآنية والنبوية ‪ ،‬ومنها مايالفها ‪ ،‬فمن ذلك ‪:‬‬
‫( ‪ -1‬الجاب حجاب السباب ‪ ،‬إذ أنا حائل موضوع للبتلء ‪ ،‬يقول أبو‬
‫طالب الكى (ت‪386 :‬هـ) ‪ ( :‬احتجب عن العموم بالسباب فهم يرونا‬
‫وحجب السباب بنفسه عن الصوص فهم يرونه ‪ ،‬ول يرونا ) (‪ ، )2‬أى أن‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫العامة لضعف توكلهم وإيانم ‪ ،‬يعاينون النتائج والحداث بالسباب فقط‬
‫بينما ل يدع الوحدون والتوكلون بالسباب ‪ ،‬لقوة إيانم باللّه ومعرفتهم‬
‫بصفاته ‪ ،‬فينظرون إل من خلفها ‪ ،‬ويعتمدون عليه ويستعينون به ‪.‬‬
‫ويوضح أبو طالب الكى احتجاب صفات الفعال بقوله ‪ ( :‬وكذلك أيضا‬
‫تدخل الشبهة على الغافلي ‪ ،‬من ضعف اليقي لشهود الانعي والنفقي ‪ ،‬أوائل‬
‫ف الفعل ‪ ،‬من قبل أن اللّه تعال أظهر العطاء والنع بأيديهم ‪ ،‬فشهدوهم معطي‬
‫مانعي لنقصان توحيدهم ‪ ،‬فأشركوا ف أساء اللّه ) (‪. )3‬‬
‫ويذكر لسهل بن عبد اللّه التسترى ‪ ،‬أنه قال عن صفة الفعل ‪ ( :‬إنا الصفة‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب تفسي القرآن ‪. ( 4483) 8/18‬‬
‫‪ .2‬قوت القلوب ‪. 1/126‬‬
‫‪ .3‬السابق ‪. 2/11‬‬
‫الت با احتجب وبا تسمى اللّه ‪ ،‬فإذا أبصر النسان ‪ ،‬أشعره اللّه بباشرة صفاته‬
‫وخفى ألطافه آثاراها ف خلقه ) (‪ ، )1‬فالسباب ف حقيقتها ميدان لظهار فعل‬
‫اللّه عز وجل ‪ ،‬يجب قدرته الفاعلة حت يبتلى الناس با ‪ ،‬فأصحاب الغفلة‬
‫يقعون ف الشرك الفى ‪ ،‬فيقول العبد أعطان ومنعن فلن على أنم أوائل ف‬
‫الفعل ‪ ،‬وهذا شرك خفى لن السباب تظهر على أيديهم ‪ ،‬وترى بواسطتهم‬
‫فحجبوا با عن السبب ‪ ،‬واستتر عنهم العطى الانع ‪ ،‬وأهل البصائر يوحدون‬
‫ول يجبون ‪ ،‬فكانت السباب حجابا وابتلء ‪ ،‬ومن هنا تنوع موقف السرى‬
‫السقطى (ت‪251:‬هـ) من الجاب ف هذين الدعاءين الختلفي فنسب إليه‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫أنه مرة يقول ‪ ( :‬اللّهم مهما عذبتن بشئ ‪ ،‬فل تعذبن بذل الجاب ) ( ‪ )2‬ومرة‬
‫أخرى يقول ‪ ( :‬اللّهم الطف بنا واسترنا بلطف الجاب ) ( ‪. )3‬‬
‫أما الول فيقصد أن ينعم بشهود الربوبية والفاعلية اللية ‪ ،‬وأما الخر فيسأل‬
‫اللّه التخفيف ‪ ،‬حت يستمر ف حياته ليعى شئون نفسه ‪ ،‬لنه لو ظل مشاهدا‬
‫له وراء كل شىء يسبح اللّه حقيقة ‪ ،‬استحال عليه أن يفعل الضروريات أو‬
‫يفكر ف صلح معيشته ‪ ،‬ومن ث فالصوفية الوائل فهموا علقة السباب‬
‫بالفاعلية اللية ‪ ،‬باعتبارها حجابا لقدرة اللّه عز وجل ‪ ،‬يسدله الالق رحة‬
‫بالناس من ناحية ‪ ،‬وابتلاء واختبارآ لم من ناحية أخرى ‪ ،‬وهذا العن يكن أن‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬من التراث الصوف ص ‪. 215‬‬
‫‪ .2‬طبقات الصوفية ص ‪. 303‬‬
‫‪ .3‬حلية الولياء ‪ ، 10/120‬وانظر ختم الولياء ص ‪. 149‬‬
‫يستدل له بشاهد نبوى ‪ ،‬حيث قال رسول اللّه للصحاب أب ربعى حنظلة بن‬
‫الربيع كاتب الوحى ‪ " :‬والذى نفسى بيده لو تدومون على ما تكونون‬
‫عندى وف الذكر ‪ ،‬لصافحتكم اللئكة على فرشكم ‪ ،‬وف طرقكم ‪ ،‬ولكن‬
‫ياحنطلة ساعة وساعة ثلث مرات " (‪ ، )1‬إذ ظن حنظلة أن النشغال بالسباب‬
‫ف غي ملس الذكر مدعاة للنفاق ‪ ،‬فقال ‪ " :‬نكون عندك تذكرنا بالنار والنة‬
‫كأنا رأى العي ‪،‬فإذا خرجنا من عندك عافسنا الزواج والولد والضيعات‬
‫نسينا كثيا " (‪ ، )2‬وهو ما يعتبه نفاقا ‪ ،‬وإرشاد النب لنظلة ‪ ،‬يوحى بأن‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫أهل الق ف دوام الحوال ‪ ،‬يباشرون السباب ف ظاهر العيان ‪ ،‬ويعلمون أن‬
‫اللّه من ورائهم ميط ‪ ،‬قادر فاعل بلطائف القدرة وخفايا الشيئة ‪.‬‬
‫(‪ -2‬الجاب حجاب العاصى ‪ ،‬فحجاب النفس الشهوات واللذات‬
‫والهوية وحجاب القلب اللحظة ف غي الق ‪ ،‬وجلة الصفات الذميمة بصفة‬
‫عامة حجاب بي العبد وربه ‪ ،‬ويذكر القشيى ف قوله تعال ‪ :‬كَل ِإّنهُ ْم عَنْ‬
‫حجُوبُون َ [الطففي‪ ، ]15 /‬أن العاصى الت كانوا يكسبون ‪،‬‬ ‫َرّبهِ ْم َي ْو َمئِذٍ لَمَ ْ‬
‫حجبتهم عن ربم وغطت على قلوبم ‪ ،‬وكما أنم اليوم مجوبون عن معرفته ‪،‬‬
‫فهم غدا مجوبون عن رؤيته ‪ ،‬ودليل الطاب يوجب أن يكون الؤمنون يرونه‬
‫غدا كما يعرفونه اليوم ( ‪ )3‬وهذا العن قرآن أيضا ‪.‬‬
‫( ‪ -3‬الجاب احتجاب الوحدة بالكثرة ‪ ،‬يقول ابن عرب ‪ ( :‬الجاب هو‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجة مسلم ف كتاب التوبة (‪ 4/2106 )2750‬وأحد ( ‪)17646‬‬
‫‪. 4/178‬‬
‫‪ .3‬لطائف الشارات ‪ 3/701‬كشاف التهانوى ‪2/9‬‬ ‫‪ .2‬الديث السابق ‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫كل ما ستر مطلوبك عن عينك ‪ ،‬وهو عند أهل الق انطباع الصور الكونية ف‬
‫القلب ‪ ،‬الانعة لقبول تلى الق ) ( ‪ ، )1‬ويظهر معن ذلك على التفصيل من‬
‫ت اْلقُرْآنَ َج َع ْلنَا َبْينَكَ َوبَيْ َن الّذِينَ ل‬
‫تفسي الكاشان لقوله تعال ‪َ :‬وإِذَا قَ َرأْ َ‬
‫ستُورًا وَ َجعَ ْلنَا عَلَى ُقلُوِبهِمْ أَكِّنةً َأنْ َي ْف َقهُو ُه وَفِي آذَاِنهِمْ‬
‫ُي ْؤ ِمنُونَ بِالخِ َرةِ حِجَابًا مَ ْ‬
‫وَ ْقرًا [السراء‪ ، ]46:45 /‬فيذكر أن اللّه جعل بي نبيه وبي الذين ل‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫يؤمنون بالخرة لقصور نظرهم عن إدراك الروحانيات وقصر همهم على‬
‫السمانيات حجابا ‪ ،‬مستورا من الهل وعمى القلب ‪ ،‬فل يرون حقيقة‬
‫القارئ ول آمنوا بالوحدة ‪ ،‬وإنا ل يبصرونك ‪ ،‬لنم ل يسبونك إل هذه‬
‫الصورة البشرية لكونم بدنيي منغمسي ف بر اليول ‪ ،‬مجوبي بالغواشى‬
‫الطبيعية ‪ ،‬وملبس الصفات النفسانية عن الق وصفاته وأفعاله ‪ ،‬إذ لو عرفوا‬
‫الق لعرفوك ‪ ،‬ولو عرفوا صفاته لعرفوا كلمه ‪ ،‬ول يكن على قلوبم أكنة من‬
‫الغشاوات الطبيعية واليئات البدنية أن يفقهوه ‪ ،‬ولو عرفوا أفعاله لعلموا القراءة‬
‫لن ‪ ،‬ول يكن ف آذانم وقر لرسوخ أوساخ التعلقات ‪ ،‬ولوا على أدبارهم‬
‫نفورا لتشتت أهوائهم وتفرق همهم ف عبادة متعبداتم من أصنام السمانيات‬
‫والشهوات ‪ ،‬فل يناسب بواطنهم معن الوحدة ‪ ،‬لتألفها بالكثرة واحتجابا با‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫)‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬معجم اصطلحات الصوفية للكاشان ص ‪ ، 16‬ص ‪ 18‬وانظر اصطلحات‬
‫الصوفية لبن عرب ص ‪ 13‬والتعريفات ص ‪. 86‬‬
‫‪ .2‬تفسي القرآن منسوب لبن عرب ‪ 1/721‬وانظر أيضا للمقارنة بعن الجاب عند‬
‫ابن عرب فصوص الكم ‪ ، 1/54‬وشرح جواهر النصوص ف حل كل الفصوص‬
‫لعبد الغن النابلسى ‪. 1/4‬‬
‫**********************************‬
‫‪ -39‬الحـــــــــــــرص‬
‫**********************************‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫الرص ‪ :‬ورد ف القرآن والسنة على معن شدة الرغبة وفرط الشره والرادة‬
‫ص عَلَى هُدَاهُمْ فَِإنّ اللّ َه ل َيهْدِي مَنْ‬
‫إل الطلوب ‪ ،‬كما قال تعال ‪ِ :‬إ ْن تَحْ ِر ْ‬
‫ُيضِلّ [النحل‪ ]37 /‬أى إن تفرط إرادتك ف هدايتهم ‪ ،‬وقال تعال ‪َ :‬ومَا‬
‫ت بِ ُم ْؤمِنِيَ [يوسف‪ ، )1 ( ]103 /‬ومن السنة ما روى‬
‫ص َ‬
‫أَ ْكثَ ُر النّاسِ وََلوْ َحرَ ْ‬
‫عن أب بكرة قال ‪ :‬سعت رسول اللّه يقول ‪ " :‬إذا التقى السلمان‬
‫بسيفيهما فالقاتل والقتول ف النار فقلت ‪ :‬يا رسول اللّه ‪ ،‬هذا القاتل ‪ ،‬فما بال‬
‫القتول ؟ قال ‪ :‬إنه كان حريصا على قتل صاحبه " ( ‪ ، )2‬وعنه أيضا ‪ " :‬أنه‬
‫انتهى إل النب وهو راكع ‪ ،‬فركع قبل أن يصل إل الصف ‪ ،‬فذكر ذلك‬
‫فقال ‪ :‬زادك اللّه حرصا ول تعد " ( ‪ ، )3‬والرص على نوعي ‪:‬‬ ‫للنب‬
‫( ‪ -1‬ممود وهو فرط الرادة لفعل الي ‪ ،‬كقوله تعال ف وصف النب ‪:‬‬
‫ص عََلْيكُ ْم بِالْ ُم ْؤمِنِيَ‬
‫سكُمْ َعزِي ٌز عََليْهِ مَا َعِنتّمْ َحرِي ٌ‬
‫َلقَدْ جَاءَكُمْ َرسُو ٌل مِنْ أَنفُ ِ‬
‫رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة‪ ، ]128 /‬وعن أب هريرة ‪ " :‬قال رجل للنب‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬لسان العرب ‪ ، 7/11‬والفردات ص ‪. 113‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب اليان ‪. ( 31) 1/106‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف الوضع السابق ( ‪. 2/312 )783‬‬

‫يا رسول اللّه ‪ ،‬أي الصدقة أفضل ؟ قال ‪ :‬أن تصدق وأنت صحيح حريص‬
‫تأمل الغن وتشى الفقر ‪ ،‬ول تهل ‪ ،‬حت إذا بلغت اللقوم ‪ ،‬قلت ‪ :‬لفلن‬
‫كذا ولفلن كذا ‪ ،‬وقد كان لفلن " ( ‪ ، )1‬ومن حديث عائشة رضي اللّه عنها‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫قالت ‪ " :‬رأيت النب يسترن بردائه ‪ ،‬وأنا أنظر إل البشة يلعبون ف‬
‫السجد ‪ ،‬حت أكون أنا الت أسأم ‪ ،‬فاقدروا قدر الارية الديثة السن الريصة‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫على اللّهو "‬
‫( ‪ -2‬حرص مذموم وهو ما ورد ف قوله تعال ‪ :‬وََلتَجِ َدّنهُمْ أَ ْح َرصَ النّاسِ‬
‫عَلَى َحيَاةٍ ‪[‬البقرة‪ ، ]96 /‬وروى عن أب هريرة ‪ ،‬عن النب قال ‪ " :‬إنكم‬
‫ستحرصون على المارة ‪ ،‬وستكون ندامة يوم القيامة ‪ ،‬فنعم الرضعة وبئست‬
‫الفاطمة " ( ‪ ، )3‬وعن أنس قال رسول اللّه ‪ " :‬يهرم ابن آدم وتشب منه‬
‫اثنتان الرص على الال ‪ ،‬والرص على العمر " ( ‪ ، )4‬ومن حديث كعب بن‬
‫مالك النصاري قال رسول اللّه ‪ " :‬ما ذئبان جائعان أرسل ف غنم بأفسد‬
‫( ‪)5‬‬
‫‪.‬‬ ‫لا من حرص الرء على الال والشرف لدينه "‬

‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب الوصايا ‪. ( 2748) 5/439‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب النكاح ‪. ( 5236) 9/248‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب الحكام ‪. ( 7148) 13/133‬‬
‫‪ .4‬أخرجه مسلم ف كتاب الزكاة ‪ ( 1047) 2/724‬وأحد ف السند (‬
‫‪. )13719‬‬
‫‪ .5‬أخرجه الترمذى ف كتاب الزهد ‪ )( 2376‬وقال اللبان ‪ :‬صحيح ‪. 4/588‬‬

‫الرص ف الصطلح الصوف ‪:‬‬


‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫الرص ف ألفاظ الصوفية يدور على العن القرآن السابق ‪ ،‬ويعن عندهم‬
‫طلب الشئ باجتهاد ف إصابته ( ‪ ، )1‬ويرتبط اللفظ بالذمة ‪ ،‬لقترانه بطلب‬
‫الدنيا ‪ ،‬وهى عندهم ف موضع العداء ‪ ،‬روى عن حات الصم (ت‪237 :‬هـ)‬
‫أنه قال ‪ ( :‬النافق ما أخذ من الدنيا ‪ ،‬يأخذ بالرص وينع بالشك وينفق بالرياء‬
‫والؤمن يأخذ بالوف ويسك بالسنة وينفق ل خالصا ف الطاعة ) ( ‪. )2‬‬
‫ويرى الارث الحاسب (ت‪243 :‬هـ) أن الغن ‪ ،‬قد يكون زاهدا ف غناه‬
‫والفقي قد يكون راغبا حال فقره ‪ ،‬فالغن الصادق الطيع خازن من خزان ال‬
‫ليس حبسه للموال ضنا با وحرصا عليها فهو زاهد وإن كثر عنده التاع ( ‪. )3‬‬
‫ويذكر القشيى (ت‪465 :‬هـ) ف شرحه لقوله جل ذكره ‪:‬‬
‫س عَلَى َحيَاةٍ َومِ ْن الّذِينَ َأشْرَكُوا َيوَدّ أَحَ ُدهُمْ َل ْو ُيعَمّرُ‬ ‫ص النّا ِ‬ ‫وََلتَجِ َدّنهُمْ أَ ْح َر َ‬
‫ف َسَنةٍ َومَا ُه َو بِمُ َزحْزِحِهِ مِ ْن الْعَذَابِ َأنْ ُيعَمّرَ وَاللّ ُه َبصِ ٌي بِمَا َيعْمَلُونَ‬‫أَلْ َ‬
‫[البقرة‪ ، ]96 /‬أن حب الياة ف الدنيا نتيجة الغفلة عن اللّه ‪ ،‬وأشد منه غفلة‬
‫أحبهم للبقاء ف الدنيا ‪ ،‬وحال الؤمن من هذا على الضد وأما أهل الغفلة‬
‫وأصحاب التهتك فإنا حرصهم على الياة لعلمهم با فقدوا فيها من طاعتهم ‪،‬‬
‫فالعبد البق ل يريد رجوعا إل سيده ‪ ،‬والنقلب إل من هو خيه مرجو خي‬
‫للمؤمني من البقاء ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬التعريفات للجرجان ص ‪. 90‬‬
‫‪ .2‬طبقات الصوفية ص ‪. 95‬‬
‫‪ .3‬الرزق اللل وحقيقة التوكل على ال ص ‪. 109 : 101‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫مع من شره غي مأمون ( ‪ )1‬ويذكر أبو حامد الغزال (ت‪505 :‬هـ) أن شدة‬
‫الرص على فضول الدنيا من الوصاف الردية والخلق الذمومة الت توقع ف‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫الغضب وتؤدى إل الكذب وطلب الاه والعجب‬
‫**********************************‬
‫‪ - 40‬الحــــــــــــرمة‬
‫**********************************‬
‫الرمة ‪ :‬الرام المنوع منه ‪ ،‬وهو على نوعي ف كتاب اللّه ( ‪: )3‬‬
‫‪ -1‬تري كون ‪ :‬وهو منع أمر من قبل اللّه ‪ ،‬ل يكن للنسان فعله ‪ ،‬كقوله‬
‫سَنةً َيتِيهُونَ فِي الَرْض ِ [الائدة‪]26 /‬‬
‫ي َ‬
‫تعال ‪ :‬قَالَ فَِإّنهَا ُمحَ ّر َم ٌة عََلْيهِمْ أَ ْرَبعِ َ‬
‫وقوله ‪ :‬وَحَ ّر ْمنَا عََليْ ِه الْمَرَاضِ َع مِنْ َقبْل ُ [القصص‪. ]12 /‬‬
‫‪ -2‬تري شرعى ‪ :‬وهو منع أمر يكن للنسان مالفته ‪ ،‬كقوله تعال قَاتِلُوا‬
‫ح ّرمُونَ مَا َح ّرمَ اللّ ُه وَ َرسُولُهُ وَل‬ ‫الّذِي َن ل ُي ْؤمِنُونَ بِاللّ ِه وَل بِاْلَي ْومِ الخِرِ وَل يُ َ‬
‫ج ْزَيةَ عَ ْن يَ ٍد َوهُمْ‬
‫ح ّق مِ ْن الّذِينَ أُوتُوا اْل ِكتَابَ َحتّى ُيعْطُوا الْ ِ‬
‫يَدِينُونَ دِي َن الْ َ‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬لطائف الشارات ‪. 1/107‬‬
‫‪ .2‬إحياء علوم الدين ‪ ، 3/178‬خلت معظم العاجم الصوفية من مصطلح الرص مع‬
‫كونه كما هو واضح لفظ دائر بي مشايخ الصوفية ‪ ،‬ول يذكر إل الرجان ف‬
‫تعريفاته كما تقدم ‪.‬‬
‫‪ .3‬الفردات ص ‪. 114،115‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫[البقرة‪]275 /‬‬ ‫صَاغِرُونَ [التوبة‪ ]29 /‬وقوله تعال َوأَحَلّ اللّ ُه اْلبَيْ َع وَ َح ّرمَ ال ّربَا‬
‫‪.‬‬
‫ك َومَ ْن ُيعَظّمْ ُح ُرمَاتِ‬
‫والرمة تعظيم ما عظم تريه ‪ ،‬كقوله تعال ‪ :‬ذَلِ َ‬
‫اللّهِ َف ُهوَ َخيْرٌ لَهُ عِنْدَ َربّهِ [الج‪. ]30 /‬‬
‫وعن عائشة رضي اللّه عنها أنا قالت ‪ " :‬وما انتقم رسول اللّه لنفسه‪‬إل‬
‫أن تنتهك حرمة اللّه فينتقم ل با " ( ‪ ، )1‬ومن حديث أب بكرة قال رسول‬
‫‪ " :‬فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا‬ ‫ال‬
‫ف شهركم هذا ف بلدكم " ( ‪ ، )2‬ومن حديث أب هريرة أن النب قال ‪" :‬‬
‫ل يل لمرأة تؤمن باللّه واليوم الخر ‪ ،‬أن تسافر مسية يوم وليلة ليس معها‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫حرمة "‬
‫الرمة ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫والرمة عند الصوفية تعظيم حرمات اللّه ‪ ،‬بتحري ما حرم ال والمتناع عن‬
‫معصيته ‪ ،‬قال الكيم الترمذى (ت‪320 :‬هـ) ‪ ( :‬فالتقوى حسن النية‬
‫وسلمة الصدر من الفات ‪ ،‬وذلك أن ال وضع ف الرض بيتا استخلصه‬
‫لنفسه وجعله مبوأ ذكره وساه كعبة وحرما ‪ ،‬وجعله قياما للناس وساه البيت‬
‫الحرم وساه بكة ووضع ف جوف الدمى قلبا استخلصه لنفسه فلم يكله إل‬
‫أحد ‪ . .‬ث جعل صدره له حرما ‪ ،‬وجعل للقلب عيني يبصران بذلك الصباح‬
‫‪ ،‬ما يرى ف ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب الناقب ‪. ( 3560) 6/654‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب العلم ‪. ( 67) 1/190‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب المعة ‪. ( 1088) 2/659‬‬
‫الصدر ‪ ،‬فمن اتقى على كعبة ال وحرمه ‪ ،‬أن يدث فيه فسادا أو معصية‬
‫فههنا أحق أن يتقى على قلبه وصدره ‪ ،‬أن يدث فيه غل أو غشا أو سوءا حت‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫يتأدى ذلك إل جوارحه ‪ ،‬فيفتضح عند رب العالي )‬
‫ك َومَ ْن ُيعَظّمْ حُ ُرمَاتِ اللّهِ‬
‫ويذكر القشيى ف تعليقه على قوله تعال ‪ :‬ذَلِ َ‬
‫َف ُهوَ َخيْرٌ لَهُ عِنْدَ َربّهِ [الج‪ ]30 /‬مدلولت متنوعة لتعظيم الرمات كلها ف‬
‫إطار الصول القرآنية والنبوية منها ‪ :‬تعظيم الرمات يكون بتعظيم أمره‬
‫وتعظيم أمره بترك مالفته ‪ ،‬تعظيم الرمات بطلب الرضا من اللّه ‪ ،‬فمن طلب‬
‫الرضا بغي رضى اللّه ل يبارك له فيما آثره من هواه على رضى موله ول مالة‬
‫سيلقى سريعا نبه ‪ ،‬تعظيم حرماته بالغية على إيانه وما فجر صاحب حرمة‬
‫قط ‪ ،‬تعظيم الرمات أل يقع ف الفرقة ‪ ،‬فترك الدمة يوجب العقوبة وترك‬
‫الرمة يوجب الفرقة ‪ ،‬وكل شئ من الخالفات فللعفو فيه مساغ وللمل إليه‬
‫طريق ‪ ،‬وتارك الرمة على خطر أل يغفر ‪ ،‬وذلك بأن يؤدى ثبوته بصاحبه إل‬
‫أن يتل دينه وتوحيده ( ‪. )2‬‬
‫وربا كان ما سبق من معان الرمة مفهوما متواضعا لا ‪،‬عند الكاشان‬
‫فتعظيم الرمات يعله على مراتب تتلف ف درجاتا بسب العموم والصوص‬
‫فهناك تعظيم الرمات عند العامة ‪ :‬وذلك يكون بالوقوف عند مراسم اللّه تعال‬
‫وحدوده رغبة فيما وعد اللّه ورهبة ما توعد ‪ ،‬وأيضا تعظيم الرمات عند‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬آداب الريدين وبيان الكسب ص ‪. 100 ، 99‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .2‬لطائف الشارات ‪. 2/541‬‬
‫التوسطي ‪ :‬وذلك يكون بالياء من اللّه تعال ‪ ،‬ل لطلبا للمثوبة ول رهبا من‬
‫العقوبة ‪ ،‬لئل يصي العبد بذلك ‪ ،‬مسترقا لرغبته ورهبته ل لربه ‪ ،‬ث تعظيم‬
‫الرمات عند الاصة ‪ :‬وذلك بأن يفظهم الق ف أوقات الشاهدة عن الروج‬
‫عن حد الدب ‪ ،‬فإذا أشهدهم اللّه تعال بأنه ظاهرا ف كل شئ ‪ ،‬أشهدهم مع‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫ذلك نزاهته عن كل شئ‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬لطائف العلم ‪ 1/408‬وتعظيم الرمات الذى يتوافق مع الصول القرآنية هو‬
‫تعظيم الدرجة الول دون الثانية والثالثة ‪ ،‬فالتعظيم البن على مراعاة الثواب والعقاب‬
‫ف العبادة هو تعظيم النب وطريقته ‪ ،‬ومعلوم أن ما جاوز ذلك تت أى دعوى ل‬
‫يقبل ‪ ،‬كما أن تعظيم الرمات عند الاصة ‪ ،‬وهى الدرجة العظمى عند أصحاب‬
‫الوحدة يشي به الكاشان إل ما ذكره بن عرب أن التنيه عند أهل القائق ف الانب‬
‫اللى عي التحديد والتقييد ‪ ،‬وذلك أن للحق ف كل خلق ظهورا فهو الظاهر ف كل‬
‫مفهوم ‪ ،‬وهو الباطن عن كل فهم إل عن فهم ‪ ،‬من قال إن العال صورته وهويته‬
‫وكذلك من شبهه وما نزهه ‪ ،‬فقد قيده وحدده وما عرفه ‪ ،‬ومن جع ف معرفته بي‬
‫التنيه والتشبيه ووصفه بالوصفي على الجال فقد عرفه وحفظ حرمته ‪ ،‬ولذلك‬
‫ربط معرفة الق بعرفة النفس ‪ ،‬ففى الديث الوضوع ‪:‬‬ ‫فإنم يتجون بأن النب‬
‫(من عرف نفسه فقد عرف ربه ) موضوع ‪ ،‬انظر القاصد السنة للسخاوى ص‬
‫‪ 198‬والوضوعات الكبى للمام على القارى ص ‪ ، 83‬بل يفسرون قوله تعال ‪:‬‬
‫سهِم ْ ‪،‬‬
‫ق [فصلت‪ ، ]53 /‬بأنه ما خرج عنك وَفِي أَْنفُ ِ‬ ‫َسُنرِيهِمْ آيَاِتنَا فِي الفَا ِ‬
‫وهو عينك َحتّى َيتََبيّنَ َلهُ ْم ّ ‪ ،‬أى للناظر أَّنهُ اْلحَق ‪ ،‬أى من حيث أنك‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫صورته وهو روحك انظر لطائف العلم ‪ ، 1/235‬وأبي من ذلك ما صرح به‬
‫ابن عرب شعرا ف قوله ‪ :‬فإن قلت بالتنيه كنت مقيدا وإن قلت بالتشبيه كنت‬
‫مددا =‬
‫**********************************‬
‫‪ -41‬الحــــــــــــريـة‬
‫**********************************‬
‫الرية ‪ :‬الر خلف العبد ‪ ،‬والرية ضربان ( ‪: )1‬‬
‫ح ّر‬
‫ح ّر بِالْ ُ‬
‫الول ‪ :‬من ل ير عليه أحكام الرق ‪ ،‬نو قوله تعال ‪ :‬الْ ُ‬
‫وَاْلعَبْ ُد بِاْل َعبْدِ [البقرة‪ ، ]178 /‬والتحرير جعل النسان حرا ومنه قول ال تعال‬
‫حرِيرُ رََقَب ٍة ُم ْؤ ِمَنةٍ [النساء‪ ، ]92 /‬وعن أب هريرة ‪ ،‬عن النب قال‬
‫‪َ :‬فتَ ْ‬
‫‪ " :‬قال اللّه ثلثة أنا خصمهم يوم القيامة ‪ ،‬رجل أعطى ب ث غدر ‪ ،‬ورجل‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫باع حرا فأكل ثنه ‪ ،‬ورجل استأجر أجيا فاستوف منه ول يعط أجره "‬
‫الثان ‪ :‬من ل تتملكه الصفات الذميمة ‪ ،‬من الرص والشر من القتنيات‬
‫الدنيوية ‪ ،‬وإل العبودية الت تضاد ذلك ما روى عن أب هريرة عن النب‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫وكنت إماما ف العارف سيدا‬ ‫= وإن قلت بالمرين كنت مسددا‬
‫ومن قال بالفراد كان موحدا‬ ‫فمن قال بالشفاع كان مشركا‬
‫وإياك والتنيه إن كنت مفردا‬ ‫فإياك والتشبيه إن كنت ثانيا‬
‫ف عي المور مسرحا مقيدا‬ ‫فما أنت هو بل أنت هو وتراه‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫انظر فصوص الكم ص ‪ ، 54‬ص ‪ ،56‬ص ‪. 60‬‬
‫‪ .1‬الفردات ص ‪ ، 111‬ولسان العرب ‪ ، 4/181‬والغرب ‪. 1/194‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الهاد والسي ‪. ( 2887) 6/95‬‬
‫قال ‪ " :‬تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الميصة ‪ ،‬إن أعطي رضي وإن ل‬
‫يعط سخط تعس وانتكس ‪ ،‬وإذا شيك فل انتقش " ( ‪. )1‬‬
‫ك مَا فِي بَ ْطنِي مُحَرّرًا‬
‫وقوله تعال ‪ِ :‬إذْ قَاَلتْ امْ َرَأةُ عِمْرَانَ رَبّ ِإنّي نَذَرْتُ لَ َ‬
‫َفَت َقبّ ْل ِمنّي ِإنّكَ َأْنتَ السّمِي ُع اْلعَلِيمُ [آل عمران‪ ، ]35 /‬قيل ‪ :‬هو أنا جعل‬
‫وليدها بيث ل ينتفع به النتفاع الدنيوى ‪ ،‬بل جعلته ملصا للعبادة ‪ ،‬وقيل ‪:‬‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫معتقا من أمر الدنيا وكل ذلك إشارة إل معن واحد‬
‫الرية ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫والرية ترد عند أوائل الصوفية ‪ ،‬على معن تيزه الصول القرآنية والنبوية‬
‫فيعن عندهم إتام العبودية ل والتحرر ما سواه ‪ ،‬كما روى عن بشر الاف‬
‫(ت‪227 :‬هـ) أنه قال للسرى السقطى ‪ ( :‬إن اللّه تعال خلقك حرا ‪ ،‬فكن‬
‫كما خلقك ‪ ،‬ل تراء أهلك ف الضر ‪ ،‬ول رفقتك ف السفر ‪ ،‬اعمل ل ودع‬
‫عنك الناس ) ( ‪ ، )3‬ويقول أيضا ‪ ( :‬من أراد أن يذوق طعم الرية ويستريح‬
‫من العبودية ‪ ،‬لغي اللّه ‪ ،‬فليطهر السريرة بينه وبي اللّه تعال ) ( ‪. )4‬‬
‫وينسب لحد بن خضرويه (ت‪240 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬ف الرية تام‬
‫العبودية ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب البيوع ‪. ( 2227) 4/487‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .2‬الفردات ص ‪. 111‬‬
‫‪ .3‬اللمع للسراج الطوسى ص ‪. 450‬‬
‫‪ .4‬الرسالة القشيية ‪. 2/262‬‬
‫وف تقيق العبودية تام الرية ) ( ‪ ، )1‬وربا جعل النيد بن ممد (ت‪:‬‬
‫‪297‬هـ)‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬اللمع للسراج الطوسى ص ‪، 448‬طبقات الصوفية ص ‪ ، 104‬يعد الصوفية أو‬
‫من تكلموا ف الرية على هذا العن فلهم السبق ف إنشاء اصطلح للحرية يغاير‬
‫الفاهيم الفلسفية والكلمية ‪ ،‬ويمل ف طياته تكامل الذهب ف إثبات الرية بالعبودية‬
‫ل والتحرر ما سواه ‪ ،‬سواءا كانت الرية ف القلب أو اللسان أو الوارح ‪ ،‬فمقدار‬
‫الرية ف النسان يتحدد بقدار العبودية ل ‪ ،‬والروج من عبودية ما سواه ‪ ،‬كما أن‬
‫أوائل الصوفية رسوا طريقا للحرية من خلل القامات ‪ ،‬والجاهدات الت تزيد اليان‬
‫شيئا فشيئا حت يصل إل الكمال فيه ‪ ،‬ويبدأ الطريق بقام التوبة ث الورع والزهد‬
‫والصب والتوكل والرضا وينتهى بالرية ‪ ،‬فالرية عندهم آخر مقام للعارف ‪ ،‬وأغلب‬
‫ذلك ليس نتا من الذهان لدمة قضايا اليان ‪ ،‬ولكن تعبيا عن وجدانم وتربتهم‬
‫الت خاضوها ‪ ،‬فأسفرت عن هذه العان والقائق وعلى ذلك ‪ ،‬فإنم وفقوا إل‬
‫التخلص من التناقضات واللوازم ف العلقة الت تربط بي ال وبي النسان من ناحية‬
‫وبي ال والعال من ناحية أخرى ‪ ،‬بيث يكن القول إن مذهب أوائل الصوفية يعب‬
‫بصدق عن حقيقة هذه العلقة ‪ ،‬فهو ل يتلف إل حد ما عن منهج الكتاب والسنة ف‬
‫عرض الوضوع ‪ ،‬فالعلقة بي ال وبي النسان هى علقة عبودية يؤديها النسان لربه‬
‫من خلل معن البتلء ف الرض والستخلف فيها ‪ ،‬وال سبحانه وتعال كيفه‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫بالصورة الت تكنه من تقيق هذه الغاية ‪ ،‬ووهبه كل مقومات الرية السابقة ليعى‬
‫دوره ف الياة ‪ ،‬ويعقل الشياء عن ال ويتحمل السئولية عن أفعاله اللقية ‪ ،‬فيتحقق‬
‫معن العدل والزاء ‪ ،‬فالكمال النسان يكمن ف ارتقاء النسان إل ما فوق سلطان‬
‫الشيطان والشر والنفس ‪ ،‬ودخول النسان ف عبودية ال بإرادته هو السبيل الوحيد‬
‫عند أوائل الصوفية للمحافظة على حريته وتقيق ذاته ‪ ،‬إذ أنه يضع نفسه ف موقعه =‬
‫الرية آخر ما يصل إليه العارف من الجاهدة ‪ ،‬فيوى عن أنه قال ‪ :‬الرية آخر‬
‫مقام للعارف ‪ ،‬وسئل عمن ل يبق عليه من الدنيا إل مقدار مص نواة ‪ ،‬أيكون‬
‫حرا ؟ فقال ‪ :‬الكاتب عبد ما بقى عليه درهم ‪ ،‬وقال متمنيا أن يرى حرا بق ‪:‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫أتن على الزمان مال ‪ :‬أن ترى مقلتاى طلعة حر‬
‫وينسب لبرهيم بن شيبان (ت‪330 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬من أراد أن يكون‬
‫حرا من الكون ‪ ،‬فليخلص ف عبادة ربه ‪ ،‬فمن تقق ف عبادة ربه ‪ ،‬صار حرا‬
‫ما سواه ) ( ‪ ، )2‬وربا ركز بعضهم على أن التحرر القيقى يكمن ف القلب‬
‫على اعتبار ‪ ،‬أن صلح القلب يؤدى باللزوم إل صلح البدن وسائر الوارح‬
‫فروى عن أب بكر الشبلى (ت‪334 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬الرية هى حرية القلب‬
‫ل غي ) ( ‪ ، )3‬وربا توهم البعض ولول وهله ان الرية تعن التحلل من قيود‬
‫العبودية ل ‪ ،‬وهذا ما يرده عبد ال بن خفيف الشيازى (ت‪371 :‬هـ)‬
‫حيث ــــــــــــــــــــ‬
‫= الصحيح بي الكائنات ‪ ،‬فينضم إليها ويشاهدها عابدة بقيقة الربوبية ‪ ،‬فينخرط معها‬
‫بنفى تدبيه إل تدبي ال ‪ ،‬وخضوعه وإخضاعه لا منحه ال من نعم وفضل ‪ ،‬ما يعل‬
‫النسان كائنا على قمة الكائنات ‪ ،‬انظر الزيد ف مفهوم الرية عند الصوفية ف‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫القرني الجريي الثالث والرابع رسالة ماجستي للمؤلف مطوط كلية دار العلوم‬
‫‪ 618‬سنة ‪1995‬م فصل عن الرية ومنهج العبودية ص ‪ 281‬وما بعدها ‪.‬‬
‫‪ .1‬الرسالة ‪. 2/461‬‬
‫‪ .2‬طبقات الصوفية ص ‪. 404‬‬
‫‪ .3‬السابق ص ‪. 343‬‬
‫يقول ‪ ( :‬والرية من العبودية باطلة ‪ ،‬أى إذا تصور امرؤ أن العبد يوز له ف‬
‫حياته ‪ ،‬أن يتحرر من قيد العبودية ‪ ،‬وأن تسقط عنه التكاليف الشرعية ‪ ،‬فهو‬
‫على باطل ( ‪ ، )1‬ولكن التحرر جائز من رق النفوسية ‪ ،‬أى يوز للعبد أن‬
‫يتحرر من قيد نفسه وغلها ‪ ،‬والرق والعبودية ل يسقطان من العبد بال ‪ ،‬ول‬
‫يسقط عنه اسم العبودية ( ‪ ، )2‬وقال السراج الطوسى (ت‪387 :‬هـ) ‪:‬‬
‫( الرية إشارة إل ناية التحقق بالعبودية ل تعال ‪ ،‬وهو أن ل يلكك شئ من‬
‫الكونات وغيها ‪ ،‬فتكون حرا إذا كنت ل عبدا ‪ ،‬فل يكون العبد عبدا حقا ‪،‬‬
‫ويكون لا سواه مسترقا ) ( ‪. )3‬‬
‫ول شك أن هذا ما أشار إليه بقوله ‪" :‬تعس عبد الدينار ‪ ،‬تعس عبد‬
‫الدرهم ‪ ،‬تعس عبد الميصة ‪ ،‬تعس عبد الميلة ‪ ،‬إن أعطى رضى ‪ ،‬وإن ل‬
‫يعط سخط ‪ ،‬تعس وانتكس وإذا شيك فل انتقش ‪ ،‬طوب لعبد آخذ بعنان‬
‫فرسه ف سبيل ال أشعث رأسه مغبة قدماه إن كان ف الراسة كان ف‬
‫الراسة ‪ ،‬وإن كان ف الساقة كان ف الساقة ‪ ،‬إن استأذن ل يؤذن له ‪ ،‬وإن‬
‫شفع ل يشفع له " ( ‪. )4‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .2‬السابق ص ‪361‬‬ ‫‪ .1‬سية الشيخ الكبي عبد اللّه بن خفيف ص ‪. 361‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ .3‬اللمع ص ‪. 450‬‬
‫‪ .4‬أخرجه البخارى ف كتاب الهاد ( ‪ ، )2886‬وتعس دعاء عليه باللك أى انكب‬
‫وعثر والميصة ثوب خز أو صوف معلم ‪ ،‬والميلة ثياب لا خل من أى شئ‬
‫كان ‪ ،‬وإذا شيك فل انتقش أى إذا أصابته شوكة فل أخرجت منه ‪.‬‬
‫ويروى عن أب على الدقاق (ت‪410 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬أنت عبد من أنت‬
‫ف رقه وأسره ‪ ،‬فإن كنت ف أسر نفسك ‪ ،‬فأنت عبد نفسك ‪ ،‬وإن كنت ف‬
‫أسر دنياك فأنت عبد دنياك ) ( ‪. )1‬‬
‫ويستند القشيى (ت‪465 :‬هـ) إل الصول القرآنية ف بيان معن الرية‬
‫عند الصوفية ‪ ،‬فيبي أن الحرر هو الذى ليس ف رق شئ من الخلوقات ‪،‬‬
‫حرره الق سبحانه ف سابق حكمه عن رق الشتغال بميع الوجوه‬
‫ك مَا فِي‬
‫والحوال ‪ ،‬قال تعال‪ِ :‬إذْ قَاَلتْ امْ َرَأةُ عِمْرَانَ رَبّ ِإنّي نَذَرْتُ لَ َ‬
‫بَ ْطنِي ُمحَرّرًا َفَت َقبّلْ مِنّي ِإنّكَ َأْنتَ السّمِي ُع اْلعَلِيم ُ [آل عمران‪. )2 ( ]35 /‬‬
‫سهِ ْم وََلوْ كَانَ‬
‫واستدل على معن الرية بقوله تعال ‪َ :‬وُي ْؤثِرُونَ عَلَى َأنْفُ ِ‬
‫صةٌ [الشر‪ ، ]9 /‬وذلك أنم إنا آثروا على أنفسهم لتجردهم عما‬ ‫ِبهِمْ َخصَا َ‬
‫خرجوا منه وآثروا به ‪ ،‬فالرية أل يكون العبد تت رق الخلوقات ‪ ،‬ول يرى‬
‫عليه سلطان الكونات وعلمة صحة سقوط التميز بي الشياء ‪ ،‬فيتساوى عنده‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫أخطار العراض حت يستوى حجرها وذهبها‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫وكما عودنا الكاشان ف ذكر معان الصطلح وتصيصه على الوجه الدللية‬
‫لعتبارات الصوفية ‪ ،‬جعل الرية ف الصطلح الصوف على ثلثة أنواع ‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الرسالة ‪. 2/430‬‬
‫‪ .2‬لطائف الشارات ‪1/237‬‬
‫‪ .3‬الرسالة ‪. 2/460‬‬
‫(‬
‫‪ -1‬حرية العامة ‪ :‬وهى الت تقدمت وتعن الروج عن رق اتباع الشهوات‬
‫‪.) 1‬‬
‫‪ -2‬حرية الاصة ‪ :‬وهى الروج عن رق الرادات ‪ ،‬لقتصارهم على ما يريده‬
‫الق بم ‪ ،‬وهو ما عناه القشيى ‪ ،‬بقوله ‪ ( :‬إن الذى أشار إليه القوم من‬
‫الرية ‪ ،‬هو أل يكون العبد تت رق شئ من الخلوقات ‪ ،‬ل من أعراض‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫الدنيا ول من أعراض الخرة فيعبده فرد ا لفرد )‬
‫‪ -3‬حرية خاصة الاصة ‪ :‬وهى خروجهم عن رق الرسوم والثار ‪ ،‬لنحاق‬
‫ظلمة كونم ف تلى نور النوار ‪ ،‬ويعن ما ذكره ابن عرب ‪ ( :‬الرية من‬
‫ظلمات أهل الغيب الكتنفي خلف الجب الظلمانية ‪ ،‬لقوله تعال ‪ :‬وَل‬
‫تَزِدْ الظّاِلمِيَ إِل َتبَارًا [نوح‪ ]28 /‬أى هلكا ف الق ‪ ،‬فل يعرفون‬
‫( ‪)3‬‬
‫نفوسهم لشهودهم وجه الق دونم )‬
‫**********************************‬
‫‪ -42‬الحـــــــــــــزن‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫**********************************‬
‫الزن ‪ :‬أصل الزن خشونة ف الرض ومنه قوله عن أب موسى الشعري‬
‫قال ‪ " :‬إن اللّه تعال خلق آدم من قبضة قبضها من جيع الرض‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬لطائف العلم ‪ ، 1/409‬ومعجم الكاشان ص ‪. 82‬‬
‫‪ .2‬الرسالة ‪. 2/461‬‬
‫‪ .3‬فصوص الكم ص ‪. 73:71‬‬
‫فجاء بنو آدم على قدر الرض ‪ ،‬فجاء منهم الحر والبيض والسود ‪ ،‬وبي‬
‫ذلك ‪ ،‬والسهل والزن والبيث والطيب " ( ‪ ، )1‬وعن أب هريرة أن رسول‬
‫اللّه قال ‪ " :‬تعوذوا باللّه من جب الزن ‪ ،‬قالوا ‪ :‬يا رسول اللّه وما جب‬
‫الزن ؟ قال ‪ :‬واد ف جهنم تتعوذ منه جهنم كل يوم مائة مرة ‪ ،‬قلنا ‪ :‬يا‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫رسول اللّه ‪ ،‬ومن يدخله قال القراء الراءون بأعمالم "‬
‫والزن خشونة ف النفس لا يصل فيه من الغم ‪ ،‬ويضاده الفرح قال ال عز‬
‫ح َزنُون َ [يونس‪]62 /‬‬
‫ف عََلْيهِ ْم وَل هُ ْم يَ ْ‬
‫وجل ‪ :‬أَل ِإنّ َأوْلِيَاءَ اللّهِ ل َخوْ ٌ‬
‫وقوله تعال ‪ :‬وَل َت ِهنُوا وَل َتحْ َزنُوا َوَأْنتُ ْم الَعَْل ْونَ [آل عمران‪ ، ]139 /‬فليس‬
‫ذلك بنهى عن تصيل الزن ‪ ،‬فالزن ليس يصل بالختيار ‪ ،‬ولكن النهى ف‬
‫القيقة إنا هو عن تعاطى ما يورث الزن واكتسابه ( ‪. )3‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫وعن عائشة رضي اللّه عنها أنا كانت تأمر بالتلبي للمريض ‪ ،‬وللمحزون‬
‫على الالك ‪ ،‬وكانت تقول إن سعت رسول اللّه يقول ‪ " :‬إن التلبينة تم‬
‫( ‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫فؤاد الريض ‪ ،‬وتذهب ببعض الزن "‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه الترمذى ف كتاب الزهد ( ‪ )2955‬وصححه اللبان ‪ ، 5/204‬وأبو‬
‫داود ( ‪ 4/222 )4693‬وابن حبان ف صحيحه ( ‪. 14/60 )6181‬‬
‫‪ .2‬أخرجه الترمذى ف كتاب الزهد ( ‪ )2383‬وقال ‪ :‬هذا حديث حسن غريب ‪،‬‬
‫وقال الشيخ اللبان ‪ :‬ضعيف ‪ ، 4/593‬وابن ماجة ( ‪. 1/94 )256‬‬
‫‪ .3‬الفردات ص ‪. 115،116‬‬
‫‪ .4‬أخرجه البخارى ف الطب ‪( 5689)10/153‬والتلبينة حساء يعل من دقيق أو‬
‫نالة ‪.‬‬
‫وللحزن علمات يعرف با ‪ ،‬منها ما ورد ف قول ال تعال ‪َ :‬وَت َولّى عَْن ُه ْم‬
‫ح ْزنِ [يوسف‪ ، ]84 /‬وقوله عز‬ ‫ضتْ َعْينَاهُ ِم َن اْل ُ‬
‫َوقَا َل يَا َأ َسفَى َعلَى يُو ُسفَ وَاْبيَ ّ‬
‫َت َولّوا َوأَ ْعُيُن ُهمْ َتفِيضُ ِم ْن ال ّد ْم ِع َح َزنًا [التوبة‪ ، ]92 /‬عن أنس قال‬ ‫وجل ‪:‬‬
‫‪ " :‬قنت رسول اللّه شهرا حي قتل القراء ‪ ،‬فما رأيت رسول اللّه حزن‬
‫حزنا قط أشد منه " ( ‪ ، )1‬وعن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما ‪ " :‬أن النب‬
‫بكى على سعد بن عبادة عند موته ‪ ،‬فلما رأى القوم بكاء النب بكوا فقال‬
‫‪ :‬أل تسمعون إن اللّه ل يعذب بدمع العي ول بزن القلب ‪ ،‬ولكن يعذب بذا‬
‫وأشار إل لسانه أو يرحم ‪ ،‬وإن اليت يعذب ببكاء أهله عليه " ( ‪. )2‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫وقد ثبت ف السنة أن ما يصيب السلم من الزن يكفر عنه الطايا ‪ ،‬فعن‬
‫أب هريرة عن النب قال ‪ " :‬ما يصيب السلم من نصب ول وصب ول‬
‫هم ول حزن ‪ ،‬ول أذى ول غم ‪ ،‬حت الشوكة يشاكها ‪ ،‬إل كفر اللّه با من‬
‫خطاياه " ( ‪ ، )3‬وقد كان النب يكثر أن يتعوز من الزن ‪ ،‬لا روى عن أنس‬
‫بن مالك قال ‪:‬‬
‫" كنت أسع النب كثيا يقول ‪ :‬اللّهم إن أعوذ بك من الم والزن‬
‫( ‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫والعجز والكسل والبخل والب وضلع الدين وغلبة الرجال "‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب النائز ‪. ( 1300) 3/199‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف الوضع السابق ‪. ( 1304) 3/209‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب الرضى ‪. ( 5642) 10/107‬‬
‫‪ .4‬أخرجه البخارى ف كتاب الهاد والسي ‪. ( 2893) 6/101‬‬
‫الزن ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫والزن عند الصوفية ‪ ،‬توجع القلب لفائت ‪ ،‬أو تأسفه على متنع ‪ ،‬وهو‬
‫عندهم تأسف على ما يفوت العبد من الكمالت وأسبابا وماهياتا ‪ ،‬وهو على‬
‫نوعي ( ‪: )1‬‬
‫الول ‪ :‬الزن الحرم وهو ما كان من فوات حظة من الدنيا ومتاعها ‪ ،‬لقوله‬
‫اللّه تعال ‪ِ :‬ل َكيْل َت ْأ َسوْا عَلَى مَا فَاَتكُ ْم وَل َتفْرَحُوا بِمَا آتَاكُم ْ‬
‫[الديد‪ ]23 /‬ول يصح مع الزن على متاع الدنيا إيان بالقدر ‪.‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫الثان ‪ :‬الزن الندوب ‪ ،‬وهو الزن على فوات العمال الصالة ‪ ،‬وعلى زمان‬
‫مضى ل يتهد فيه ‪.‬‬
‫وقال الارث بن أسد الحاسب (ت‪243 :‬هـ) ‪ ( :‬إذا حزن العبد ف‬
‫الدنيا للخرة ‪ ،‬فهو الفروح غدا ف جوار ال ‪ ،‬وإذا حزن ف الدنيا للدنيا فهو‬
‫القاصى عن قرب ال عز وجل ‪ ،‬ومرج الزن علمهم بعلم ال عز وجل فيهم‬
‫أنه قد رآهم ف مواطن يكرهها ‪ ،‬فهم غي آمني ل تقر لم أعي ‪ ،‬ول ينشطون‬
‫لفرح لا غلب على قلوبم من الحزان ) ( ‪ ، )2‬ويعل الحاسب الزن على‬
‫وجوه ‪:‬‬
‫حزن على فقد أمر يب وجوده ‪ ،‬وحزن مافة أمر مستقبل ‪ ،‬وحزن لا أحب‬
‫من الظفر بأمر فيتأخر عن مراده ‪ ،‬حزن يتذكر من نفسه مالفات الق فيحزن‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬القصد والرجوع إل ال ص ‪. 95‬‬
‫‪ .2‬طبقات الصوفية ص ‪. 59‬‬
‫له ‪ ،‬ث يذكر الحاسب أيضا ف استقصاء جيد علمات الزن ويورد منها ( ‪: )1‬‬
‫‪ -1‬التفكر ف الذنوب السالفة ‪.‬‬
‫‪ -2‬رهبة القدوم على اللّه تعال بغي زاد ‪.‬‬
‫‪ -3‬أخذ القلوب بقوق اللّه تعال الواجبة والفرائض اللزمة ‪.‬‬
‫‪ -4‬النقباض عند النبساط ‪ ،‬والنقطاع عن فضول الكلم ‪ ،‬وقلة البلة‬
‫بأمور الدنيا ‪.‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫وقسم الكاشان الزن عند الصوفية إل ثلثة أنواع تعب ف القيقة عن‬
‫وجهة نظره ‪ ،‬إذ يعتب ما سبق من الزن حزن العامة ‪ ،‬ويكون لجل تفريطهم‬
‫ف القيام با يب عليهم من وظائف الدمة وهو ما تقدم ‪ ،‬ويسمى نوعا آخر‬
‫بزن الريد ‪ ،‬وهو حزن التوسطي بي العوام والواص وحزنم من جهة ما قد‬
‫يعرض لقلوبم ‪ ،‬من التفرقة حرصا على حصول المعية على الق ‪ ،‬أما حزن‬
‫الاصة فهو حزنم على غيهم ( ‪ ، )2‬يقول ‪ ( :‬وإليه الشارة بقوله تعال عن‬
‫يعقوب عليه السلم ‪ :‬قَالَ ِإنّي َليَحْ ُزُننِي َأ ْن تَ ْذهَبُوا بِه ِ [يوسف‪ ، ]13 /‬وإنا ل‬
‫يكن للخاصة حزن على أنفسهم ‪ ،‬لن الزن تفرقة وفقدان وهم أهل المعية‬
‫والوجدان ‪ ،‬ولذا جاء ف الديث أن كل من سوى الصطفى يقول يوم‬
‫القيامة نفسى نفسى ‪ ،‬وهو يقول ‪ :‬أمت أمت " ( ‪ ، )3‬وكلمة فيه تعسف‬
‫شديد ف تفسي الدلة ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .2‬لطائف العلم ‪. 1/410‬‬ ‫‪ .1‬حياة القلوب ‪. 2/199‬‬
‫‪ .3‬جزء من حديث متفق عليه ‪ ،‬أخرجه البخارى ف تفسي القرآن ( ‪)4712‬‬
‫‪= 8/247‬‬
‫**********************************‬
‫‪ - 43‬الحســـــــــــد‬
‫**********************************‬
‫السد ‪ :‬السد على نوعي ‪:‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ -1‬حسد مرم وهو تن زوال نعمة من مستحق لا وانتقالا إليه ‪ ،‬وربا كان‬
‫مع ذلك سعى ف إزالتها ( ‪، )1‬قال تعال ‪َ :‬ودّ َكثِيٌ مِنْ َأهْ ِل الْ ِكتَابِ َل ْو‬
‫سدًا مِ ْن ِعنْدِ أَنفُسِهِمْ [البقرة‪، ]109 /‬‬ ‫يَ ُردّونَكُ ْم مِ ْن َبعْدِ ِإيَانِكُمْ ُكفّارًا حَ َ‬
‫قال ‪ :‬إياكم والظن ‪،‬فإن‬ ‫والسد مرم لا روى عن أب هريرة عن النب‬
‫الظن أكذب الديث ‪ ،‬ول تسسوا ‪ ،‬ول تسسوا ‪ ،‬ول تاسدوا ‪ ،‬ول تدابروا‬
‫ول تباغضوا ‪ ،‬وكونوا عباد اللّه إخوانا ) ( ‪ ، )2‬وعنه أيضا أن رسول اللّه قال‬
‫‪:‬‬
‫" ‪ ..‬ول يتمعان ف قلب عبد اليان والسد " ( ‪. )3‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ ،‬ولفظه ‪" :‬‬ ‫= ومسلم ف كتاب اليان ‪ ( 194) 1/184‬وكلها عن أب هريرة‬
‫ث يقال ‪ :‬يا ممد ارفع رأسك ‪ ،‬سل تعطه واشفع تشفع ‪ ،‬فأرفع رأسي ‪ ،‬فأقول ‪:‬‬
‫أمت يا رب أمت يا رب أمت يا رب " ‪.‬‬
‫‪ .1‬الفردات ص ‪ ، 118‬ولسان العرب ‪. 3/148‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الدب ‪. ( 6064) 10/ 496‬‬
‫‪ .3‬أخرجه النسائى ف كتاب الهاد ‪ ، )( 3109‬وقال اللبان ‪ :‬حسن ‪، 6/12 ،‬‬
‫وابن حبان ف صحيحه ( ‪. 10/466 )4606‬‬
‫والسد دواؤه الستعاذة بالرقية ‪ ،‬لقوله تعال ف الث على الستعاذة ‪:‬‬
‫َومِ ْن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَد َ [الفلق‪ ، ]5 /‬وعن عائشة رضى اللّه عنها قالت ‪" :‬‬
‫كان إذا اشتكى رسول اللّه رقاه جبيل قال ‪ :‬باسم اللّه يبيك ‪ ،‬ومن كل‬
‫( ‪)1‬‬
‫داء يشفيك ‪ ،‬ومن شر حاسد إذا حسد ‪ ،‬وشر كل ذي عي "‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ -2‬حسد مشروع ‪ ،‬وهو ما يطلق ويراد به الغبطة ‪ ،‬وتعن تن الرء أن يكون‬
‫له من الي مثل ما عند الغي دون زوالا عنه ‪ ،‬ومن ذلك ما روى عن أب هريرة‬
‫قال ‪ " :‬ل تاسد إل ف اثنتي ‪ ،‬رجل آتاه اللّه القرآن فهو‬ ‫أن رسول اللّه‬
‫يتلوه آناء الليل والنهار ‪ ،‬يقول ‪ :‬لو أوتيت مثل ما أوت هذا ‪ ،‬لفعلت كما يفعل‬
‫‪ ،‬ورجل آتاه اللّه مال ينفقه‪‬ف حقه ‪ ،‬فيقول لو أوتيت مثل ما أوت لفعلت كما‬
‫يفعل " ( ‪ ، )2‬وعن عائشة قالت ‪ " :‬ما حسدت أحدا ما حسدت خدية ‪ ،‬وما‬
‫تزوجن رسول اللّه إل بعد ما ماتت ‪ ،‬وذلك أن رسول اللّه بشرها ببيت‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫ف النة من قصب ‪ ،‬ل صخب فيه ول نصب "‬
‫السد ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫والسد عند الصوفية متوافق مع الصول القرآنية السابقة ‪ ،‬فهو كراهة حصول‬
‫النعمة للغي ومبة زوالا عنه ‪ ،‬وأكثر ما يكون السد بي القران والمثال‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه مسلم ف كتاب السلم ‪ ( 2185) 4/1718‬وأحد ف السند (‬
‫‪. )11574‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب التمن ‪. ( 7232) 13/ 233‬‬
‫‪ .3‬أخرجه الترمذى ف كتاب الناقب ‪ )( 3876‬وقال ‪ :‬حديث حسن ‪ ،‬وقال اللبان‬
‫‪ :‬صحيح ‪ ، 5/702‬والقصب قصب اللؤلؤ ‪.‬‬
‫والخوة وبن العم والقارب ‪ ،‬وإنا يكون غالبا بي أقوام تمعهم روابط‬
‫يتمعون بسببها ف مالس الخاطبات ‪ ،‬ويتواردون ف الغراض ‪ ،‬فإذا خالف‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫واحد صاحبه ف غرض من أغراضه ‪ ،‬نفر طبعه عنه وأبغضه ‪ ،‬وثبت القد ف‬
‫قلبه ‪ ،‬فعند ذلك يريد أن يستحقره ويتكب عليه ‪ ،‬ويكره تكنه من النعمة الت‬
‫توصله إل أغراضه ‪ ،‬فل تاسد بي شخصي ف بلدين ل رابطة بينهما تمعهما‬
‫ول تاسد أيضا بي شخصي ل تاد بينهما ‪ ،‬فل يسد العطار النجار ‪ ،‬ول‬
‫الفلح البزار ‪ ،‬ول العال العابد ‪ ،‬ول المي القاضى ‪ ،‬ول عكسه وله أسباب‬
‫منها ‪ ،‬أن يكون عدو له أو مبغوضا له ‪ ،‬وأن يكون قبول الناس عليه أكثر‬
‫ومبتهم له أقوى ‪ ،‬أن يكون موصوفا عند الناس بزيادة ف العلم والفضل‬
‫فيحسده على ذلك ‪ ،‬ومنها كثرة الال والاه ( ‪. )1‬‬
‫ويروى عن حات الصم (ت‪237 :‬هـ) أنه قال ‪:‬‬
‫( أصل الطاعة ثلثة أشياء ‪ :‬الوف والرجاء والب وأصل العصية ثلثة‬
‫أشياء ‪ :‬الكب والرص والسد ) ( ‪ ، )2‬وقد بي الارث الحاسب (ت‪:‬‬
‫‪243‬هـ) تفصيل السد ودقائقه وأفرد له أبوابا متعددة ‪ ،‬فيقول ‪ ( :‬إن‬
‫السد ف الكتاب والسنة على وجهي وها موجودان ف اللغة ) ( ‪ ، )3‬ث يقسمه‬
‫‪ :‬ــــــــــــــــــــ‬ ‫( ‪)4‬‬
‫إل وجهي‬
‫‪ .1‬حياة القلوب على هامش قوت القلوب ‪. 34 ، 2/33‬‬
‫‪ .2‬طبقات الصوفية ص ‪. 95‬‬
‫‪ .3‬الرعاية لقوق اللّه ص ‪. 387‬‬
‫‪ .4‬السابق ص ‪. 390 ، 389‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ -1‬أحدها حسد غي مرم ‪ ،‬وهو كراهة التقصي عن منلة غيه ‪ ،‬ومبة‬
‫الساواة ‪ ،‬واللحوق به ‪ ،‬مع ترك التمن أن يزول عمن نافسه ‪ ،‬حاله الت هو‬
‫عليها ‪ ،‬فبعض هذا السد فرض ‪ ،‬وبعضه فضل ‪ ،‬وبعضه مباح ‪ ،‬وبعضه يرج‬
‫إل النقص والرام ‪.‬‬
‫‪ -2‬وأما الوجه الخر فمحرم كله ‪ ،‬ول يرج إل إل ما ل يل ‪ ،‬وقد ذمه‬
‫اللّه عز وجل ف كتابه والرسول ف سنته ‪ ،‬واجتمع علماء المة عليه ‪ ،‬قال‬
‫تعال ‪َ :‬ودّ َكثِيٌ مِنْ َأهْ ِل الْ ِكتَابِ َل ْو يَرُدّوَنكُمْ مِ ْن َبعْدِ إِيَاِنكُمْ ُكفّارًا‬
‫سهِ ْم مِ ْن َبعْ ِد مَا تََبيّنَ َلهُ ْم الْحَقّ ُ [البقرة‪ ]109 /‬وقال سبحانه‬ ‫حَسَدًا مِ ْن عِنْدِ أَنفُ ِ‬
‫ضلِهِ [النساء‪. ]54 /‬‬ ‫س عَلَى مَا آتَاهُمْ اللّ ُه مِنْ َف ْ‬ ‫‪َ :‬أ ْم يَحْسُدُو َن النّا َ‬
‫ث يبي الحاسب أن السد أنواع ( ‪: )1‬‬
‫( ‪ -1‬ما يكون من السد على الرياسة وحب النلة ‪ ،‬فالرياسة والنلة عند‬
‫الناس بالعلم ‪ ،‬فإنه يورث رد الق وتركه على علم ‪ ،‬كما تفرق أهل الكتاب‬
‫حسدا بينهم أن يعلوا بعضهم بعضا ف العلم ‪ ،‬كل واحد منهم يسد صاحبه‬
‫الرياسة ‪ ،‬أن تكون له دونه ‪ ،‬وكذلك النلة عند الناس ‪ ،‬فرد الق أن يقبله‬
‫وابتدع ‪ ،‬فقال بغي الق ليتبعه الناس على قول ‪ ،‬هو خلف قول من يسده‬
‫وخطأه فيما يقول وإن كان حقا ‪ ،‬وأظهر أن الق ف غيه ليصد الناس عنه‬
‫ويطفئ نوره ‪ ،‬حسدا أن ترتفع منلته أو يضع له فيكون عليه رئيسا ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬السابق من ص ‪ : 395‬ص ‪ 398‬ملخصا ‪.‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫( ‪ -2‬ما يكون من السد عن القد والعداوة والبغضاء ‪ ،‬وهو أشد السد‬
‫وذلك ما وصفه اللّه عز وجل عن الكفار وعداوتم ‪ ،‬وبغضهم للمؤمني‬
‫فالبغض ل يب أن يرى بن يبغض نعمة عليه من اللّه ‪ ،‬ويب أن يراه بأسوأ‬
‫الال ف الدين والدنيا ‪ ،‬ولذا قال تعال عن النافقي ‪َ :‬وإِذَا َلقُوكُمْ قَالُوا آ َمنّا‬
‫َوإِذَا َخَلوْا َعضّوا عََلْيكُ ْم الَنَامِ َل مِ ْن الغَيْظِ قُ ْل مُوتُوا ِب َغيْ ِظكُمْ ِإنّ اللّ َه عَلِي ٌم بِذَاتِ‬
‫الصّدُورِ [آل عمران‪. ]119 /‬‬
‫( ‪ -3‬ما يكون من السد عن حب ظاهر الدنيا ‪ ،‬أن ينال ما يرى بغيه من‬
‫حب أو بر من قرابة أو غيه ‪ ،‬كالخوة يتحاسدون ‪ ،‬أو أخ ياسد الخ عند‬
‫أبيهما أو أمهما أو قرابتهما وكذلك الصاحبان أو الشريكان ‪ ،‬فيحسده على ما‬
‫يرى من حب أبيهما أو أمهما أو برها ‪ ،‬أو من صحبهما أو شاركهما ‪ ،‬ويب‬
‫أن يؤثر بذلك دونه ‪ ،‬فيحسده فيقع فيه ويبغضه ليصرف وجه أبيه أو غيه إليه‬
‫بالب والب ‪ ،‬وكذلك الرأتان والضرتان ‪ ،‬وذلك كما وصف عن أخوة يوسف‬
‫عليه السلم ‪ ،‬حي حسدوه ف حب أبيه له دونم ‪ ،‬وإيثاره إياه عليهم ‪ ،‬إذ‬
‫صَبةٌ [يوسف‪ ]8 /‬إل قوله‬ ‫ف َوأَخُوهُ أَ َحبّ إِلَى َأبِينَا ِمنّا َونَحْنُ عُ ْ‬‫قالوا ‪َ :‬ليُوسُ ُ‬
‫خلُ َلكُ ْم وَجْهُ َأبِيكُ ْم َوَتكُونُوا مِ ْن َبعْ ِدهِ‬
‫‪ :‬ا ْقتُلُوا يُوسُفَ َأوْ اطْ َرحُوهُ أَرْضًا يَ ْ‬
‫َق ْومًا صَاِلحِي َ [يوسف‪. ]9 /‬‬
‫( ‪ -4‬ما يكون من السد عن العجب ‪ ،‬كما أخبنا اللّه عن المم الاضية‬
‫شيْءٍ [يس‪]15 /‬‬‫ش ٌر ِمثُْلنَا َومَا أَنزَلَ الرّحْمَ ُن مِ ْن َ‬
‫فقالوا لرسلهم ‪ :‬مَا َأْنتُمْ إِل بَ َ‬
‫وقولم ‪ :‬وََلئِنْ َأ َطعْتُ ْم بَشَرًا ِمثَْلكُمْ ِإنّكُمْ إِذًا َلخَاسِرُون َ [الؤمنون‪ ]34 /‬فجزعوا‬
‫أن يفضل عليهم من هو مثلهم ف اللقة والنسب ‪ ،‬فقالوا يتعجبون منهم ‪:‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫َأَب َعثَ اللّ ُه بَشَرًا َرسُول [السراء‪ ، ]94 /‬وقال اللّه تعال عن قول نوح وهود‬
‫جْبتُمْ َأنْ جَاءَكُمْ ذِكْ ٌر مِنْ َرّبكُ ْم عَلَى رَ ُج ٍل ِمنْكُمْ ِليُنذِرَكُمْ‬
‫لقومهما ‪َ :‬أوَعَ ِ‬
‫[العراف‪ ، ]63 /‬فحسدوه فردوه الق وعاندوا اليان ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫‪ - 44‬الحـــــــــــــق‬
‫**********************************‬
‫الق ‪ :‬أصل الق الطابقة والوافقة ‪ ،‬والق يقال على أوجه منها ( ‪: )1‬‬
‫‪ -1‬الق ‪ :‬اسم من أساء اللّه عز وجل ‪ ،‬لقوله تعال ‪ :‬ثُمّ رُدّوا إِلَى اللّ ِه‬
‫حقّ فَمَاذَا َبعْدَ‬ ‫َموْلهُ ْم الْحَقّ [النعام‪ ، ]62 /‬وقوله ‪َ :‬فذَِلكُمْ اللّهُ َرّبكُمْ الْ َ‬
‫الْحَقّ إِل الضّللُ َفَأنّا ُتصْرَفُونَ [يونس‪ ]32 /‬وعن ابن عباس رضي اللّه عنهما ‪:‬‬
‫" كان من دعاء النب ف التهجد ‪ :‬اللّهم أنت الق ‪ ،‬ووعدك الق ‪ ،‬ولقاؤك‬
‫حق وقولك حق ‪ ،‬والنة حق ‪ ،‬والنار حق ‪ ،‬والنبيون حق ‪ ،‬وممد‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫حق والساعة حق لك "‬
‫‪ -2‬الق ‪ :‬يقال لفعل اللّه تعال ‪ ،‬لن الفعولت توجد بسب مقتضى الكمة‬
‫ضيَاءً وَاْلقَمَ َر نُورًا وَقَدّ َر ُه َمنَازِلَ ِلَتعْلَمُوا‬
‫وقال تعال ‪ُ :‬هوَ الّذِي َجعَلَ الشّ ْمسَ ِ‬
‫ب مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِل بِالْحَقّ ِ [يونس‪. ]5 /‬‬ ‫ي وَالْحِسَا َ‬
‫عَ َددَ السّنِ َ‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬لسان العرب ‪ ، 10/49‬والفردات ص ‪ ،125‬ص ‪. 124‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب ‪. ( 1120) 3/5‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ -3‬الق ‪ :‬يقال للعتقاد الطابق للحقيقة ‪ ،‬كقوله تعال ‪َ :‬فهَدَى اللّ ُه الّذِينَ‬
‫سَتقِيمٍ‬
‫صرَاطٍ مُ ْ‬‫آ َمنُوا لِمَا ا ْختََلفُوا فِيهِ مِنْ الْحَ ّق بِإِ ْذنِ ِه وَاللّ ُه َيهْدِي مَ ْن يَشَاءُ إِلَى ِ‬
‫[البقرة‪ ، ]213 /‬وعن أم سلمة رضى ال عنها قالت ‪" :‬جاءت أم سليم إل‬
‫رسول اللّه فقالت ‪ :‬يا رسول اللّه إن اللّه ل يستحيي من الق ‪ ،‬فهل على‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الرأة من غسل إذا احتلمت ؟ قال النب ‪ :‬إذا رأت الاء "‬
‫‪ -4‬الق ‪ :‬يطلق على التوحيد والشريعة ‪ ،‬فعن عبد اللّه بن مسعود قال ‪" :‬‬
‫دخل النب مكة ‪ ،‬وحول الكعبة ثلث مائة وستون نصبا فجعل يطعنها بعود‬
‫ف يده وجعل يقول ‪ :‬جَا َء الْحَ ّق وَ َزهَ َق اْلبَاطِلُ [السراء‪ )2 ( " ]81 /‬وقال‬
‫تعال ‪ُ :‬ه َو الّذِي أَ ْرسَلَ َرسُولَ ُه بِاْلهُدَى وَدِي ِن الْحَقّ ِليُ ْظ ِه َرهُ عَلَى الدّينِ كُلّهِ‬
‫[التوبة‪ ، ]33 /‬ويطلق على الشريعة ‪ ،‬لقوله تعال ‪ :‬يَا َأّيهَا النّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ‬
‫ح ّق مِنْ َرّبكُمْ [النساء‪ ، ]170 /‬وروى عن عبد اللّه بن مسعود‬
‫ال ّرسُو ُل بِالْ َ‬
‫أن النب قال ‪ " :‬ل حسد إل ف اثنتي ‪ ،‬رجل آتاه اللّه مال فسلط على‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫هلكته ف الق ‪ ،‬ورجل آتاه اللّه الكمة ‪ ،‬فهو يقضي با ويعلمها "‬
‫‪ -5‬الق يطلق على صفة النب ‪ ،‬كقول ال تعال ‪ :‬الّذِي َن آَتيْنَاهُ ْم‬
‫ح ّق َوهُمْ‬ ‫ب َيعْرِفُونَهُ كَمَا َيعْرِفُونَ َأْبنَا َءهُمْ َوإِنّ فَرِيقًا ِمْنهُمْ َليَ ْكتُمُونَ الْ َ‬
‫اْلكِتَا َ‬
‫َيعْلَمُونَ ‪[ ‬البقرة‪. ]146 /‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب العلم ‪. ( 130) 1/276‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الظال والغصب ‪. ( 2478) 5/100‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب العلم ‪. ( 73) 1/199‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ -6‬الق يطلق على ال ّديْن كقوله تعال ‪ :‬وَْليُ ْملِ ْل الّذِي عََليْ ِه الْحَ ّق وَْلَيتّقِ اللّهَ‬
‫ضعِيفًا َأوْ ل‬ ‫ح ّق َسفِيهًا َأوْ َ‬ ‫س ِمنْهُ َشْيئًا فَِإنْ كَا َن الّذِي عََليْهِ الْ َ‬
‫خ ْ‬
‫َربّ ُه وَل َيبْ َ‬
‫ستَطِيعُ َأنْ يُمِلّ هُوَ فَ ْليُ ْملِ ْل وَِليّ ُه بِاْلعَدْلِ [البقرة‪. ]282 /‬‬ ‫يَ ْ‬
‫الق ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫والق ف عرف الصوفية ‪ ،‬يطلق غالبا ف إطار العن القرآن السابق ‪ ،‬فربا‬
‫أطلقها بعضهم ويعن با اتباع الشرع أو العرفة أو اليان أو التوحيد أو ال‬
‫تعال ‪ ،‬كما روى عن أحد بن خضروية (ت‪240 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬القلوب‬
‫أوعية ‪ ،‬فإذا امتلت من الق ‪ ،‬أظهرت زيادة أنوارها على الوارح ‪ ،‬وإذا‬
‫امتلت من الباطل ‪ ،‬أظهرت زيادة ظلمتها على الوارح ) ( ‪ ، )1‬وعن ذى‬
‫النون الصرى (ت‪248 :‬هـ) قال ‪ ( :‬كل مدع ‪ ،‬مجوب بدعواه عن شهود‬
‫الق لن الق شاهد لهل الق ‪ ،‬ولن اللّه هو الق ‪ ،‬وقوله الق ‪ ،‬ول يتاج‬
‫أن يدعى ‪ ،‬إذا كان الق شاهدا له ‪ ،‬فأما إذا كان غائبا فحينئذ يدعى ‪ ،‬وإنا‬
‫تقع الدعوى للمحجوبي ) ( ‪ ، )2‬ويذكر لب سعيد الراز (ت‪279 :‬هـ) ف‬
‫بعض كلمه ‪ ( :‬عبد موقوف مع الق بالق للحق ) ‪ ،‬ويعن بذلك أنه موقوف‬
‫مع اللّه باللّه ل ( ‪ ، )3‬ويروى أن يوسف بن حسي الرازى (ت‪304 :‬هـ)‬
‫سئل ‪ :‬دلن على طريق العرفة ؟ ‪ ،‬فقال ‪ :‬أر اللّه الصدق منك ف جيع أحوالك‬
‫‪ ،‬بعد ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬طبقات الصوفية ص ‪. 105‬‬
‫‪ .2‬السابق ص ‪. 22‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .3‬اللمع ص ‪. 413‬‬
‫أن تكون موافقا للحق ‪ ،‬ول ترق إل حيث ل يرق بك ‪ ،‬فتزل قدمك ‪ ،‬فإنك‬
‫إذا رقيت سقطت ‪ ،‬وإذا رقى بك ل تسقط ‪ ،‬وإياك أن تترك اليقي لا ترجوه‬
‫ظنا ( ‪ ، )1‬ويذكر السراج الطوسى (ت‪387 :‬هـ) أن الق ف عرف الصوفية‬
‫ق الْ ُمبِيُ [النور‪]25 /‬‬
‫هو اللّه عز وجل ‪ ،‬لقوله ‪َ :‬وَيعْلَمُونَ أَنّ اللّ َه ُهوَ الْحَ ّ‬
‫والقوق معناه الحوال والقامات ‪ ،‬والعارف والرادات ‪ ،‬والعقود والعاملت‬
‫والعبادات ) ( ‪ ، )2‬وقال أبو السن على بن عثمان الجويرى (ت‪465 :‬هـ)‬
‫‪ ( :‬مرادهم من الق اللّه ‪ ،‬لن هذا اسم من أساء اللّه ‪ ،‬لقوله تعال ‪ :‬ذَلِكَ‬
‫ِبأَنّ اللّ َه ُهوَ الْحَقّ [الج‪. )3 ( ]62 /‬‬
‫والق ف عرف ابن عرب يطلق على عدة معان ‪ ،‬أولا له أصول نبوية ويعن‬
‫به ما وجب على العبد من جانب اللّه ‪ ،‬وما أوجبه الق على نفسه ( ‪ ، )4‬وهذا‬
‫العن يشهد له ما ثبت عن معاذ بن جبل قال ‪ " :‬كنت ردف النب على‬
‫حار ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا معاذ ‪ ،‬هل تدري حق اللّه على عباده ‪ ،‬وما حق العباد على‬
‫اللّه ؟ قلت ‪ :‬اللّه ورسوله أعلم قال ‪ :‬فإن حق اللّه على العباد أن يعبدوه ول‬
‫( ‪)5‬‬
‫يشركوا به شيئا ‪ ،‬وحق العباد على اللّه أن ل يعذب من ل يشرك به شيئا "‬
‫أما بقية العان فإنا تدور على فلسفته ف وحدة الوجود كقوله ‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬طبقات الصوفية ص ‪. 188‬‬
‫‪ .2‬اللمع ص ‪. 413‬‬
‫‪ .3‬كشف الحجوب الجويرى ص ‪. 627‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .4‬اصطلحات الصوفية لبن عرب ص ‪. 15‬‬
‫‪ .5‬أخرجه البخارى ف كتاب الهاد والسي ‪. ( 2856) 6/69‬‬
‫( الق هو اللّه الذى له التجلى ف صور الشياء كلها ‪ ،‬مشهودا ف أعي اللق‬
‫فإن الشياء ما ظهرت إل به سبحانه وتعال ‪ ،‬فالعارف يعلم أن كل شئ يراه‬
‫ليس إل الق ) ( ‪ ، )1‬وربا اعتب الق ‪ ،‬هو الوجود والي ف مقابل الباطل‬
‫الذى هو العدم والشر ‪ ،‬فيقول ‪ ( :‬فما أخرج اللّه العال من العدم ‪ ،‬الذى هو‬
‫الشر إل للخي الذى أراده به ‪ ،‬ليس إل الوجود ‪ ،‬فإن الدار الدنيا لا وجه إل‬
‫( ‪)2‬‬
‫الق با هى موجودة ‪ ،‬ولا وجه لغي الق با ينعدم فيها وينتقل عنها )‬
‫ويقول أيضا ‪ ( :‬وليس ف الوجود باطل أصل ‪ ،‬وإنا الوجود حق كله والباطل‬
‫إشارة إل العدم ) ( ‪ ( )3‬الباطل عدم ول عي له ف الوجود ‪ ،‬ولو كان له وجود‬
‫لكان حقا ) ( ‪ ، )4‬وكذلك الق يعتبه ابن عرب أحد وجهى القيقة الوجودية‬
‫فإنا واحدة بذاتا ثنوية بوجهيها ‪ ،‬فيقال ‪ :‬حق خلق ‪ ،‬على اعتبار أن القيقة‬
‫الوجودية واحدة ‪ ،‬وكذلك رب عبد ‪ ،‬واحد كثي ‪ ،‬قدي حادث ‪ ،‬إل غي‬
‫ذلك من الثنائيات الت هى واحد عنده من الوجهي ‪ ،‬فالق ف أحد الوجهي‬
‫هو الامع لكل صفات القدم ف مقابل اللق الوجه الخر للحق ‪ ،‬الامع لكل‬
‫صفات الدوث ‪ ،‬فاللق ف الواقع ليس إل مظهرا وملى وتعينا للحق ‪ ،‬يقول‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الفتوحات الكية ‪ 4/184‬وانظر التعريفات للجرجان ص ‪ 94‬وكشاف‬
‫اصطلحات الفنون للتهانوى ‪. 2/80‬‬
‫‪ .2‬السابق ‪. 3/377‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .3‬مواقع النجوم ص ‪. 79‬‬
‫‪ .4‬الفتوحات ‪. 4/402‬‬
‫مى الدين بن عرب ‪ ( :‬فالق مصرف العال ‪ ،‬والعال مصرف الق ‪ ،‬أل تراه‬
‫يقول ‪ :‬أُجِيبُ َد ْعوَةَ الدّاعِي إِذَا َدعَانِي [البقرة‪ ، ] 186 /‬أليست الجابة‬
‫تصريفا ) ( ‪ ( ، )1‬فالكون كله جسم وروح بما قامت نشأت الوجود ‪ ،‬فالعال‬
‫للحق كالسم للروح ) ( ‪. )2‬‬
‫ويقول أيضا ‪ ( :‬فإن للحق ف كل خلق ظهور ‪ ،‬فهو الظاهر ف كل مفهوم‬
‫وهو الباطن عن كل فهم ‪ ،‬إل عن فهم من قال ‪ :‬إن العال صورته وهويته وهو‬
‫السم الظاهر ‪ ،‬كما أنه بالعن روح كل ما ظهر ‪ ،‬فهو الباطن ) ( ‪ ، )3‬وربا‬
‫أراد بالق ‪ :‬العدل والنصاف ‪ ،‬وهو صفة النسان الكامل ‪ ،‬يقول ابن عرب ‪:‬‬
‫( فأعطى النسان الكامل كل ذى حق حقه كما أن اللّه ‪َ :‬أعْطَى كُ ّل َشيْءٍ‬
‫خَ ْلقَهُ [طه‪ ، ]50 /‬فالذى انفرد به الق ‪ ،‬إنا هو اللق ‪ ،‬والذى انفرد به من‬
‫العال الكامل إنا هو الق ‪ ،‬فيعلم ما يستحقه كل موجود ‪ ،‬فيعطيه حقه وهو‬
‫( ‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫السمى بالنصاف )‬
‫**********************************‬
‫‪ - 45‬الحقيقـــــــــــــة‬
‫**********************************‬
‫القيقة ‪ :‬تستعمل ف مقابل الوهم والشك والظن ‪ ،‬وقد ورد قوله تعال ‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .2‬السابق ‪. 3/315‬‬ ‫‪ .1‬السابق ‪. 3/545‬‬
‫‪ .4‬الفتوحات ‪. 3/398‬‬ ‫‪ .3‬فصوص ‪. 1/168‬‬
‫َحقِيقٌ عَلَى َأنْ ل أَقُو َل عَلَى اللّهِ إِل الْحَقّ [العراف‪ ]105 /‬على معن‬
‫الصدق ف البلغ ( ‪ ، )1‬وقال ابن عمر ‪ " :‬ل يبلغ العبد حقيقة التقوى ‪ ،‬حت‬
‫يدع ما حاك ف الصدر " ( ‪ ، )2‬وعن أب حفصة قال ‪ " :‬قال عبادة بن‬
‫الصامت لبنه ‪ :‬يا بن إنك لن تد طعم حقيقة اليان ‪ ،‬حت تعلم أن ما‬
‫أصابك ل يكن ليخطئك ‪ ،‬وما أخطأك ل يكن ليصيبك " ( ‪ ، )3‬وف رواية‬
‫أخرى ‪ ،‬قال ‪ " :‬ولن تبلغ حق حقيقة العلم باللّه تبارك وتعال ‪ ،‬حت تؤمن‬
‫بالقدر خيه وشره " ( ‪ ، )4‬وعن أب الدرداء عن النب قال ‪ " :‬لكل شيء‬
‫حقيقة ‪ ،‬وما بلغ عبد حقيقة اليان ‪ ،‬حت يعلم أن ما أصابه ل يكن ليخطئه ‪،‬‬
‫وما أخطأه ل يكن ليصيبه " ( ‪ ، )5‬وقال مسروق ‪ ":‬كفى بالرء علما ‪ ،‬أن‬
‫يشى اللّه وكفى بالرء جهل ‪ ،‬أن يعجب بعلمه ‪ ،‬وحقيق أن يكون له مالس‬
‫( ‪)6‬‬
‫‪.‬‬ ‫يلو فيها فيذكر ذنوبه ‪ ،‬فيستغفر اللّه تعال منها "‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬تفسي ابن كثي ‪ ، 2/235‬والفردات ص ‪. 126‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب اليان ‪. 1/60‬‬
‫‪ .3‬أخرجه أبو داود ف كتاب السنة ‪ )( 4700‬وقال اللبان ‪ :‬صحيح ‪، 4/225‬‬
‫وأخرجه البيهقى ف سننه ( ‪. 10/204 )20664‬‬
‫‪ .4‬صحيح بعناه ‪ ،‬أحد ف السند ‪ )( 22197‬واللفظ له ‪ ،‬ومسلم بعناه عن جابر بن‬
‫عبد ال ف كتاب القدر ( ‪. 4/2040 )2648‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .5‬صحيح بعناه ‪ ،‬أحد ف السند ‪ )( 26944‬واللفظ له ‪ ،‬وأخرجه بعناه أبو داود ف‬
‫السنة ( ‪ )4699‬وصححه اللبان ‪ ، 4/225‬وابن ماجة ف القدمة ( ‪)77‬‬
‫‪. 1/29‬‬
‫‪ .6‬أخرجه الدارمى ف القدمة ‪. ( 314) 1/104‬‬
‫القيقة ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫وقد ورد مصطلح القيقة ف ألفاظ الصوفية على عدة معان ‪ ،‬تدور أغلبها‬
‫حول الصدق ف اليان ‪ ،‬وبلوغ درجة الحسان ‪ ،‬وكمال الراقبة ‪ ،‬والداومة‬
‫على النظر ف أفعال اللّه ‪.‬‬
‫فروى عن أب السي النورى (ت‪295 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬أعز الشياء ف‬
‫زماننا شيئان ‪ :‬عال يعمل بعلمه ‪ ،‬وعارف ينطق عن حقيقته ) ( ‪ ، )1‬ويروى عن‬
‫روي بن أحد البغدادى (ت‪303 :‬هـ) ‪ ( :‬قعودك مع كل طبقة من‬
‫الناس أسلم ‪ ،‬من قعودك مع الصوفية ‪ ،‬فإن كل اللق قعدوا على الرسوم ‪،‬‬
‫وقعدت هذه الطائفة على القائق ‪ ،‬وطالب اللق كلهم أنفسهم بظواهر الشرع‬
‫وطالبوا هم أنفسهم بقيقة الورع ومداومة الصدق ‪ ،‬فمن قعد معهم وخالفهم‬
‫ف شئ ما يتحققون فيه نزع اللّه نور اليان من قلبه ) ( ‪. )2‬‬
‫وهذا الكلم فيه نظر لن ال لينع نور اليان من القلب ‪ ،‬إل إذا خالف‬
‫العبد شرعه وعصى أمره ‪ ،‬أما مالفة أذواق الصوفية فل توجب ذلك ‪ ،‬ولذا‬
‫أحسن أبو بكر بن طاهر البرى (ت‪330 :‬هـ) ‪ ،‬عندما سئل عن القيقة ؟‬
‫فقال ‪ :‬القيقة كلها علم وسئل عن العلم ؟ فقال ‪ :‬العلم كله حقيقة ( ‪ ، )3‬فرد‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫القيقة إل اتباع العلم ‪ ،‬ومثله أيضا ما ذكره السراج الطوسى (ت‪387 :‬هـ)‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬طبقات الصوفية ص ‪. 169‬‬
‫‪ .2‬السابق ص ‪. 182‬‬
‫‪ .3‬السابق ص ‪. 394‬‬
‫حيث قال ‪ ( :‬القيقة وقوف القلب بدوام النتصاب بي يدى من آمن به ‪ ،‬فلو‬
‫داخل القلوب شك أو ميلة ‪ ،‬فيما آمنت به حت ل تكون به واقفة وبي يديه‬
‫منتصبة ‪ ،‬لبطل اليان ‪ ،‬وهو قول النب لارثة ‪ " :‬لكل شئ حقيقة ‪ ،‬فما‬
‫حقيقة إيانك ؟ ‪ ،‬فقال ‪ :‬عزفت نفسى عن الدنيا ‪ ،‬فأسهرت ليلى ‪ ،‬وأظمأت‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫نارى ‪ ،‬وكأن أنظر إل عرش رب بارزا "‬
‫وكأنه يعب عن مشاهدة قلبه ‪ ،‬ودوام وقوفه وانتصابه بي يدى ربه ‪ ،‬لا آمن‬
‫به حت عبده كأنه رأى العي ( ‪ ، )2‬ومن أجود ما قيل ف ذلك ‪ ،‬ما روى عن‬
‫[الفاتة‪/‬‬ ‫ِإيّا َك َن ْعبُدُ‬ ‫أب على الدقاق (ت‪410 :‬هـ) ‪ ،‬قال ‪ ( :‬قوله تعال ‪:‬‬
‫( ‪)3‬‬
‫سَتعِي ُ [الفاتة‪ ]5 /‬إقرار بالقيقة )‬
‫‪ ]5‬حفظ للشريعة ‪ ،‬وقوله ‪َ :‬وِإيّاكَ نَ ْ‬
‫‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬حديث ضعيف ‪ ،‬أخرجه الطبان ف الكبي عن حارثة أنه " مر برسول ال فقال له‬
‫‪ :‬كيف أصبحت يا حارث ؟ قال ‪ :‬أصبحت مؤمنا حقا ‪ ،‬فقال ‪ :‬انظر ما تقول فإن‬
‫لكل شيء حقيقة فما حقيقة إيانك ؟ فقال ‪ :‬قد عزفت نفسي عن الدنيا‬
‫وأسهرت لذلك ليلي وأظمأن ناري ‪ ،‬وكأن أنظر إل عرش رب بارزا ‪ ،‬وكأن أنظر‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫إل أهل النة يتزاورون فيها ‪ ،‬وكأن أنظر إل أهل النار يتضاغون فيها ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا‬
‫حارث عرفت فالزم ثلثا " انظر معجم الطبان الكبي لب القاسم سليمان بن أحد‬
‫بن أيوب الطبان ‪ ،‬مراجعة حدى بن عبد الجيد ‪ ،‬نشر مكتبة العلوم والكم ‪،‬‬
‫الوصل سنة ‪1983‬م ‪1404 ،‬هـ ‪ 266 /3 )3367 ( ،‬وانظر النتخب‬
‫من مسند عبد بن حيد ‪ ،‬مراجعه صبحى البدرى السامرائى وممود ممد خليل‬
‫الصعيدى ‪ ،‬نشر مكتبة السنة ‪ ،‬القاهرة سنة ‪1988‬م ‪1408‬هـ ‪ ) (445‬ص‬
‫‪. 165‬‬
‫‪ .3‬الرسالة القشيية‬ ‫‪ .2‬اللمع ص ‪. 413‬‬
‫‪. 1/261‬‬
‫وللهجويرى (ت‪465 :‬هـ) كلم ف مصطلح القيقة يدل على وضع‬
‫الصوف حال انذابه إل ربه ‪ ،‬وفنائه عمن سواه ‪ ،‬ل بعن اضمحلل النسان‬
‫فيقول ‪ ( :‬القيقة عندهم هى مقام النسان ف المع مع ربه ‪ ،‬ووقوف القلب‬
‫ف مقام التنيه ) ( ‪. )1‬‬
‫ويبي القشيى (ت‪465 :‬هـ) أن القيقة ف اصطلح الصوفية ‪ ،‬ما يقابل‬
‫الشريعة ‪ ،‬فالشريعة أمر بالتزام العبودية ‪ ،‬والقيقة مشاهدة الربوبية ‪ ،‬وكل شريعة‬
‫غي مؤبدة بالقيقة فغي مقبول ‪ ،‬وكل حقيقة غي مقيدة بالشريعة ‪ ،‬فغي مقبول‬
‫فالشريعة جاءت بتكليف اللق ‪ ،‬والقيقة إنباء عن تصريف الق فالشريعة أن‬
‫تعبده ‪ ،‬والقيقة أن تشهده ‪ ،‬والشريعة قيام با أمر ‪ ،‬والقيقة شهود لا قضى‬
‫وقدر ‪ ،‬وأخفى وأظهر ‪ ،‬والشريعة حقيقة من حيث أنا وجبت بأمره ‪ ،‬والقيقة‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫أيضا شريعة ‪ ،‬من حيث إن العارف به سبحانه أيضا وجبت بأمره‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫وإذا عدنا إل القيقة ف فلسفة مى الدين بن عرب (ت‪638 :‬هـ) ند أنا‬
‫تأخذ معن آخر عما تقدم ‪ ،‬إذ تعن ظهور ذات الق ‪ ،‬من غي حجاب‬
‫التعينات ‪ ،‬ومو الكثرات الوهومة ف نور الذات ‪ ،‬وذلك يكون بسلب آثار‬
‫أوصافك عنك بأوصافه ‪ ،‬بأنه الفاعل بك فيك منك ل أنت ‪ ،‬كما قال تعال ‪:‬‬
‫صيَِتهَا [هود‪ ، )3 ( ]56 /‬وهناك بعض‬
‫مَا مِنْ دَاّبةٍ إِل ُهوَ آخِ ٌذ ِبنَا ِ‬
‫الصطلحات ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬كشف الحجوب للهجويرى ص ‪. 466‬‬
‫‪ .2‬الرسالة القشيية ‪. 1/261‬‬
‫‪ .3‬اصطلحات الصوفية لبن عرب ص ‪ ، 7‬وكشاف اصطلحات الفنون ‪. 2/86‬‬
‫الرتبطة بالقيقة ومستعملة على فكر أصحاب الوحدة ‪ ،‬وهى بعيدة ف مدلولا‬
‫عن الكتاب والسنة منها ( ‪: )1‬‬
‫( ‪ -1‬حقيقة القائق ‪ :‬ويعنون با باطن الوحدة وهى عبارة عن الذات الحدية‬
‫الامعة لميع القائق ‪ ،‬فهى تمع ف ذاتا جيع ماهيات الق واللق‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫والضرة اللية والكونية ‪ ،‬وتسمى حضرة المع وحضرة الوجود‬
‫( ‪ -2‬حقيقة الق ‪ :‬عبارة عن صورة علمه بنفسه ‪ ،‬من حيث تعينه ف تعلقه‬
‫نفسه ‪ ،‬باعتبار توحد العلم والعال والعلوم ‪.‬‬
‫( ‪ -3‬حقيقة اللق ‪ :‬عبارة عن صورة علم ربم بم ‪ ،‬أو نسبة تعينه ف علم‬
‫ربه أزل وأبدا ‪ ،‬فإنه لا كان تعال عالا بميع الشياء على حقائقها‬
‫حقيقة ‪ ،‬وكان علمه الصفة القائمة الستحيل على ما سواه أن تكون‬
‫قائمة به ‪ ،‬استحال على ما سواه أن يكشف الشياء بقائقها ‪.‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫( ‪ -4‬القائق ‪ :‬هى أساء الشؤون الذاتية عندما تتصور ‪ ،‬وتتميز ف الرتبة‬
‫الثانية ‪ ،‬فإن جيع القائق اللية والكونية ‪ ،‬إنا تكون شؤونا وأحوال‬
‫ذاتية ‪ ،‬من اعتبارات الواحدية مندرجة فيها ‪.‬‬
‫( ‪ -5‬القيقة النسانية الكمالية ‪ :‬هى حضرة اللوهية ‪ ،‬السماة بضرة العان‬
‫وبالتعي الثان ‪ ،‬والعن بكونا القيقة النسانية الكمالية ‪ ،‬هى كون‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪.1‬لطائف العلم ‪ : 1/424‬ص ‪. 427‬‬
‫‪ .2‬انظر أيضا الفتوحات ‪ 2/433‬وانظر معجم اصطلحات الصوفية للكاشان ص‬
‫‪. 37‬‬
‫صورة النسان الكامل صورة لعن ‪ ،‬وحقيقة ذلك العن ‪ ،‬وتلك القيقة‬
‫هى حضرة اللوهية السماة بالتعي الثان ‪ ،‬فكان النسان الكامل ‪ ،‬هو‬
‫مظهر التعي الثان ‪ ،‬والنسان الكمل هو مظهر التعي الول ‪ ،‬السمى‬
‫بقيقة القائق ‪.‬‬
‫( ‪ -6‬القيقة الحمدية ‪ :‬وهى أكمل ملى خلقى ظهر فيه الق ‪ ،‬بل هى‬
‫النسان الكامل بأخص معانيه ‪ ،‬وإن كان كل موجود ‪ ،‬هو ملى خاص‬
‫لسم إلى ‪ ،‬فالقيقة الحمدية ‪ ،‬هى مبدأ خلق العال وأصله ‪ ،‬وهى‬
‫( ‪)1‬‬
‫الذات مع التعي الول ‪ ،‬فله الساء السن كلها وهو السم العظم‬
‫‪.‬‬
‫**********************************‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ - 46‬الحكمـــــــــــــة‬
‫**********************************‬
‫الكمة ‪ :‬وضع الشئ ف موضعه ‪ ،‬وتطلق على إصابة الق بالعلم والعقل‬
‫وقد تنوع معناها ومدلولا على ما يأتى ( ‪: )2‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬لطائف العلم ‪ 1/426‬وانظر للمقارنة معجم اصطلحات الصوفية للكاشان ص‬
‫‪37‬والتعريفات للجرجان ص ‪ ، 95‬وكشاف اصطلحات الفنون للتهانوى‬
‫‪ 2/87‬وإنشاء الدوائر لبن عرب ص ‪ ، 19‬ومواقع النجوم ص ‪ ، 20‬والتدبيا‬
‫الليه ص ‪ 120‬والنسان الكامل للجيلى ‪. 1/25‬‬
‫‪ .2‬الفردات ص ‪ ، 127‬والقاموس الحيط ‪. 1/415‬‬
‫‪ -1‬الكمة صفة اللّه الت تضمنها اسه الكيم ‪ ،‬قال تعال ‪َ :‬و ُهوَ اْلعَزِي ُز‬
‫حكِيمُ [الشر‪ ، ]1 /‬والكمة من اللّه تعال معرفة الشياء ‪ ،‬وإيادها على غاية‬ ‫الْ َ‬
‫الحكام ‪ ،‬وهى صفة تليق به سبحانه ‪ ،‬وليس كمثله شئ فيها ‪ ،‬كما قال ال‬
‫تعال ‪ :‬أََلْيسَ اللّ ُه بِأَ ْحكَ ِم الْحَا ِكمِي َ [التي‪. ]8 /‬‬
‫‪ -2‬الكمة وصف النسان ‪ ،‬عند معرفته علل الشياء ومعلولتا ‪ ،‬والسباب‬
‫الؤدية إل تصيل اليات ف الدنيا والخرة ‪ ،‬وهو ما وصف ال به لقمان ف‬
‫حكْ َمةَ َأنْ ا ْشكُرْ لِلّهِ [لقمان‪ ، ]12 /‬وقال سبحانه‬
‫قوله ‪ :‬وََلقَ ْد آَتْينَا ُلقْمَا َن الْ ِ‬
‫حكْ َمةَ َفقَدْ أُوتِيَ َخيْرًا َكثِيًا [البقرة‪. ]269 /‬‬
‫ت الْ ِ‬‫وتعال ‪َ :‬ومَ ْن ُيؤْ َ‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ -3‬الكمة وصف القرآن الكيم ‪ ،‬وذلك لتضمنه الدللة على جيع اليات‬
‫حكِيمِ [يونس‪ ]1 /‬وقال‬ ‫ب الْ َ‬ ‫ت الْ ِكتَا ِ‬
‫ك آيَا ُ‬ ‫ف الدنيا والخرة ‪ ،‬قال تعال ‪ :‬تِلْ َ‬
‫أيضا ‪ :‬وََلقَدْ جَا َءهُ ْم مِ ْن ا َلْنبَاءِ مَا فِي ِه مُ ْزدَجَرٌ ِحكْ َم ٌة بَاِل َغةٌ ُ [القمر‪. ]5 /‬‬
‫‪ -4‬الكمة وصف السنة ‪ ،‬لنا توضح مراد اللّه وتفسره كقوله ‪:‬‬
‫حكْ َمةَ [المعة‪ ، ]2 /‬وقال تعال ‪ :‬وَاذْ ُك ْرنَ مَا ُيتْلَى فِي‬‫َوُيعَلّ ُمهُ ْم اْل ِكتَابَ وَالْ ِ‬
‫(‬
‫حكْ َمةِ [الحزاب‪ ، ]34 /‬وقال قتادة ‪ :‬الكمة السنة‬ ‫ُبيُوتِكُ ّن مِ ْن آيَاتِ اللّ ِه وَالْ ِ‬
‫‪)1‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ -5‬الكمة كل قول بليغ موزون بالنقل ‪ ،‬وقال ابن عباس ‪ " :‬ضمن النب‬
‫إل صدره وقال ‪ :‬اللّهم علمه الكمة " ( ‪ ، )2‬وف رواية قال ‪ " :‬اللّهم علمه‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب تفسي القرآن ‪. 376 /8‬‬
‫‪ .2‬البخارى ف الناقب ‪ ( 3756) 7/126‬والترمذى ف الناقب ( ‪)3824‬‬
‫‪. 5/680‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الكمة وتأويل الكتاب "‬
‫‪ -6‬الكمة ‪ :‬كل قول بليغ موزون بالعقل ‪ ،‬فعن أب بن كعب أن رسول‬
‫اللّه قال ‪ " :‬إن من الشعر حكمة " ( ‪ )2‬وعن أب خلد ‪ ،‬قال رسول اللّه‬
‫‪ " :‬إذا رأيتم الرجل قد أعطي زهدا ف الدنيا وقلة منطق ‪ ،‬فاقتربوا منه ‪ ،‬فإنه‬
‫يلقي الكمة " ( ‪ ، )3‬وعن أب هريرة ‪ ،‬قال رسول اللّه ‪ " :‬الكلمة الكمة‬
‫( ‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫ضالة الؤمن حيثما وجدها ‪ ،‬فهو أحق با "‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ -7‬الكمة ‪ ،‬تعلم العلم وتعليمه والعمل به ‪ ،‬لا روى عن ابن مسعود أن‬
‫قال ‪ " :‬ل حسد إل ف اثنتي ‪ ،‬رجل آتاه اللّه مال فسلط على هلكته‬ ‫النب‬
‫( ‪)5‬‬
‫‪.‬‬ ‫ف الق ‪ ،‬ورجل آتاه اللّه الكمة ‪ ،‬فهو يقضي با ويعلمها "‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه ابن ماجة ف القدمة ‪ )( 166‬وقال الشيخ اللبان ‪ ، 58 /1 :‬وانظر‬
‫فضائل الصحابة حديث ( ‪. 2/976 )1923‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الدب ‪. ( 6145) 10/553‬‬
‫‪ .3‬ضعيف ‪ ،‬أخرجه ابن ماجة ف كتاب الزهد ( ‪ ، 2/1373 )4101‬وانظر‬
‫الحاد والثان ( ‪ 5/152 )2690‬وف السند يزيد بن سنان ‪ ،‬وهو ضعيف ‪،‬‬
‫انظر ضعفاء العقيلى ( ‪ ، 4/382 )1995‬والصابة ( ‪)9276‬‬
‫‪ ، 6/661‬والكامل ف ضعفاء اللرجال ( ‪ ، 7/269 )2166‬والجروحي‬
‫من الحدثي والضعفاء ( ‪. 3/106 )1187‬‬
‫‪.4‬ضعيف جدا ‪ ،‬أخرجه ابن ماجة ف كتاب الزهد ( ‪ 2/1395 )4169‬وف‬
‫السند إبراهيم بن الفضل وهو متروك ‪ ،‬انظر ضعفاء العقيلى ( ‪، 1/60 )56‬‬
‫والرح والتعديل ( ‪ ، 2/122 )376‬والكشف الثيث ‪ ،‬لب الوفا العجمى (‬
‫‪ )20‬ص ‪. 39‬‬
‫‪ .5‬أخرجه البخارى ف كتاب العلم ‪. ( 73) 1/199‬‬
‫الكمة ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫الكمة ف عرف الصوفية ‪ ،‬هى الطلع على أسرار الشياء ومعرفة ارتباط‬
‫السباب بسبباتا ‪ ،‬ومعرفة ما ينبغى بالشروط الت تنبغى ‪ ،‬فمن عرف الكمة‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫ويسر للعمل با ‪ ،‬فذلك الكيم الذى أتاه اللّه الكمة ‪ ،‬فأحكم وضع الشياء‬
‫ف مواضعها ‪ ،‬كما قال تعال ‪:‬‬
‫حكْ َمةَ َفقَدْ أُوِتيَ َخيْرًا َكثِيًا [البقرة‪. )1 ( ]269 /‬‬
‫َومَ ْن ُيؤْتَ الْ ِ‬
‫وقد تنوعت أقوالم فيها ولكنها ف الغلب تدور ف إطار هذا العن ‪ ،‬فجعلها‬
‫بعضهم بعن السنة كما روى عن الفضيل بن عياض (ت‪187 :‬هـ) أنه قال‬
‫‪ ( :‬من جلس مع صاحب بدعة ‪ ،‬ل يعط الكمة ) ( ‪ ، )2‬وبعضهم جعل الزهد‬
‫وترك فضول الكلم وتصغي الشأن سسبا ف الكمة ‪ ،‬فلب سليمان الداران‬
‫(ت‪215 :‬هـ) ‪ ( :‬إذا ترك الكيم الدنيا ‪ ،‬فقد استنار بنور الكمة ) ( ‪. )3‬‬
‫وينسب لب بكر الوراق (ت‪:‬بعد ‪250‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬الكماء خلف‬
‫النبياء ‪ ،‬وليس بعد النبوة إل الكمة ‪ ،‬وهى إحكام المور ‪ ،‬وأول علمات‬
‫الكمة ‪ ،‬طول الصمت ‪ ،‬والكلم على قدر الاجة ) ( ‪ ، )4‬وروى عن شاه‬
‫( ‪)5‬‬
‫الكرمان (ت‪:‬قبل ‪300‬هـ) ‪ ( :‬علمة الكمة معرفة أقدار الناس )‬
‫ويذكر ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬انظر معجم الكاشان ص ‪ ، 77‬ولطائف العلم ص ‪. 432‬‬
‫‪ .2‬طبقات الصوفية ص ‪. 10‬‬
‫‪ .3‬السابق ص ‪. 81‬‬
‫‪ .5‬السابق ص ‪. 261‬‬ ‫‪ .4‬السابق ص ‪. 226‬‬
‫لب ممد الريرى (ت‪311 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬لكل شئ عند اللّه حق وإن‬
‫أعظم القوق عند اللّه حق الكمة ‪ ،‬فمن جعل الكمة ف غي أهلها ‪ ،‬طالبه‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫اللّه بقها ومن طالبه بقها خصم )‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫وربا عن بعضهم بالكمة ساع الق أو النطق به ‪ ،‬مثل ما يروى عن الكيم‬
‫الترمذى (ت‪320 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬الناس ف استماع الكمة رجلن ‪ :‬عاقل‬
‫وعامل ‪ ،‬فالعاقل يتعجب وهو لا يسمعه يشتهى ‪ ،‬والعامل يتقلب كأن قلبه منه‬
‫حية تلتوى ) ( ‪ ، )2‬ولعلى بن الكاتب (ت‪:‬بعد ‪340‬هـ) ‪ ( :‬إن الرجل إذا‬
‫( ‪)3‬‬
‫سع الكمة فلم يقبلها فهو مذنب ‪ ،‬وإذا سعها ول يعمل با فهو منافق )‬
‫( ‪)4‬‬
‫ويذكر لب عثمان الغرب (ت‪373 :‬هـ) ‪ ( :‬الكمة هى النطق بالق )‬
‫‪.‬‬
‫وهناك بعض الصطلحات الرتبطة بالكمة يتنوع مدلوها حسب اتاه قائليها‬
‫ومسلكهم ف التصوف ( ‪: )5‬‬
‫‪ -1‬الكمة الامعة ‪ :‬ويقصد با عندهم ‪ ،‬معرفة الق ‪ ،‬والعمل به ‪ ،‬ومعرفة‬
‫الباطل وتنبه ‪.‬‬
‫‪ -2‬الكمة التصرف با ‪ :‬وتعن با ما ينتفع به كل من سعه ‪ ،‬وذلك كعلم‬
‫الشريعة والطريقة ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .2‬السابق ص ‪. 218‬‬ ‫‪ .1‬السابق ص ‪. 193‬‬
‫‪ .3‬السابق ص ‪. 387‬‬
‫‪ .4‬السابق ص ‪. 483‬‬
‫‪ .5‬لطائف العلم ص ‪ ، 432‬ص ‪. 433‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ -3‬الكمة السكوت عنها ‪ :‬وتعن با ما يدق على أفهام العوام وأصحاب‬
‫الفطانة البتراء فهمه ‪ ،‬من أسرار علوم القيقة ‪ ،‬الت با هلك من سعها‬
‫لسوء فهمه لعان أسرارها ‪.‬‬
‫‪ -3‬الكمة الجهولة ‪ :‬وهى ما خفى عن العباد وجه الكمة ف إياده ‪،‬‬
‫مثل إيلم بعض اليوانات وخلود أهل النار فيها ‪ ،‬فإنه تعال أن تصل‬
‫فائدة شئ من الشياء ‪ ،‬مع قدرته على إيصال النافع إل العبيد ‪ ،‬من غي‬
‫إيلم لحد منهم ‪ ،‬فلكونه تعال ل يفعل إل الحكم التقن ‪ ،‬صار ما يعد‬
‫من هذا القبيل من الكمة الجهولة ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫‪ -47‬الحيــــــــــــاء‬
‫**********************************‬
‫الياء ‪ :‬انقباض النفس عن القبائح ‪ ،‬وإبقاؤها على الفضيلة ‪ ،‬واستحيا فهو‬
‫حيَاء ٍ‬‫مستحى ( ‪ ، )1‬قال ال تعال ‪َ :‬فجَا َءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى ا ْستِ ْ‬
‫حيِ ِمنْكُ ْم وَاللّهُ‬‫ستَ ْ‬
‫[القصص‪ ، ]25 /‬وقال ‪ِ :‬إنّ ذَِلكُمْ كَا َن ُيؤْذِي الّنِبيّ َفيَ ْ‬
‫ح ِي مِ ْن الْحَقّ [الحزاب‪ ، ]53 /‬وأصل الستحياء ‪ ،‬الستبقاء على‬ ‫ستَ ْ‬
‫ل يَ ْ‬
‫حيُو َن نِسَاءَكُمْ [البقرة‪، ]49 /‬‬ ‫ستَ ْ‬
‫الياة كقوله تعال ‪ :‬يُ َذبّحُونَ َأْبنَاءَكُ ْم َويَ ْ‬
‫والياء شعبة من شعب اليان ‪ ،‬لا ورد عن أب هريرة ‪ ،‬عن النب قال ‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الفردات ص ‪ ، 140‬ولسان العرب ‪ ، 211 / 14‬وكتاب العي ‪3/317‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫" اليان بضع وستون شعبة ‪ ،‬والياء شعبة من اليان " ( ‪ ، )1‬وعن عبد اللّه بن‬
‫مسعود ‪ ،‬أن رسول اللّه مر على رجل من النصار ‪ ،‬وهو يعظ أخاه ف‬
‫الياء ‪ ،‬فقال رسول اللّه ‪ " :‬دعه فإن الياء من اليان " ( ‪. )2‬‬
‫‪ ،‬قال ‪ " :‬كان النب أشد حياء من العذراء ف‬ ‫وعن أب سعيد الدري‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫خدرها "‬
‫وقد ورد الث علي الياء ‪ ،‬من رواية عبد اللّه بن مسعود ‪ ،‬أن رسول‬
‫اللّه قال ‪ " :‬استحيوا من اللّه حق الياء ‪ ،‬قلنا ‪ :‬يا رسول اللّه إنا نستحيي‬
‫والمد ل ‪ ،‬قال ‪ :‬ليس ذاك ‪ ،‬ولكن الستحياء من اللّه‪‬حق الياء ‪ ،‬أن تفظ‬
‫الرأس وما وعى ‪ ،‬والبطن وما حوى ‪ ،‬وتذكر الوت والبلى ‪ ،‬ومن أراد الخرة‬
‫ترك زينة الدنيا ‪ ،‬فمن فعل ذلك ‪ ،‬فقد استحيا من اللّه حق الياء " ( ‪. )4‬‬
‫‪ " :‬جاءت امرأة إل رسول اللّه ‪ ،‬تعرض عليه‬ ‫وقال أنس بن مالك‬
‫نفسها ‪ ،‬قالت ‪ :‬يا رسول اللّه ألك ب حاجة ‪ ،‬فقالت بنت أنس ‪ :‬ما أقل‬
‫حياءها ‪ ،‬وا سوأتاه وا سوأتاه ‪ ،‬قال ‪ :‬هي خي منك ‪ ،‬رغبت ف النب‬
‫فعرضت عليه نفسها " ( ‪ ، )5‬وعن عمران بن حصي ‪ ،‬أن النب قال ‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب اليان ‪. ( 9) 1/67‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف الوضع السابق ‪. ( 24) 1/93‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب الناقب ‪. ( 3562) 6/654‬‬
‫‪ .4‬أخرجه الترمذى ف كتاب صفة القيامة ‪ )( 2458‬وقال اللبان ‪ :‬حسن ‪4/637‬‬
‫وانظر مكارم الخلق ( ‪ )90‬ص ‪. 39‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .5‬أخرجه البخارى ف كتاب النكاح ‪. ( 5120) 9/80‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫" الياء ل يأت إل بي "‬
‫الياء ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫والياء ف العرف الصوف ‪ ،‬من جلة الخلق الت تتولد من علم العبد بنظر‬
‫الق إليه ‪ ،‬فيجذبه إل تمل الجاهدة ‪ ،‬ويمله على استقباح اليانة ‪ ،‬ويكفيه‬
‫عن الشكوى عند البلوى ‪ ،‬ويدعوه إل الحبة ( ‪ ، )2‬وروى عن الارث‬
‫الحاسب (ت‪243 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬الياء هو المتناع عن كل ما ل يرضاه‬
‫اللّه تعال وعلمته ف الظاهر انقباض جوارحه عن النبساط ‪ ،‬وإن مشى طأطأ‬
‫رأسه حياء من اللّه تعال ‪ ،‬وقيل له ‪ :‬ما لذى يشي الياء ؟ فقال ‪ :‬إثارة‬
‫النفوس إل موضع الطماع ) ( ‪ ، )3‬وينسب للجنيد بن ممد (ت‪297 :‬هـ)‬
‫‪ ( :‬الياء من اللّه عز وجل أزال عن قلوب أوليائه سرور النة ‪ ،‬وسئل عما يولد‬
‫الياء فقال ‪ :‬رؤية العبد آلء اللّه عليه ‪ ،‬ورؤية تقصيه ف شكره ) ( ‪، )4‬‬
‫وللحسي بن منصور اللج (ت‪309 :‬هـ) ‪ ( :‬حياء الرب أزال عن قلوب‬
‫أوليائه ‪ ،‬شهود سرور الطاعة ) ( ‪. )5‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب الدب ‪. ( 6117) 10/537‬‬
‫‪ .2‬حياة القلوب ص ‪. 207‬‬
‫‪ .3‬السابق ص ‪. 207‬‬
‫‪ .4‬طبقات الصوفية ص ‪ 162‬وانظر السابق ص ‪. 207‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .5‬السابق ص ‪. 310‬‬
‫وروى عن بندار بن السي الشيازى (ت‪353 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬إن‬
‫الحبة رغبة وهى مزعجة ‪ ،‬والياء خجلة ‪ ،‬والحب طالب غائب ‪ ،‬والستحى‬
‫حاضر وبينهما فرقان ‪ ،‬لن الحبة تصح مع الغيبة ‪ ،‬والياء يصح مع الشاهدة ‪،‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫فشتان بي غائب غريب ‪ ،‬وحاضر قريب )‬
‫ولبن عرب (ت‪638 :‬هـ) ف الياء كلم نفيس ‪،‬يتحدث فيه مكتسيا‬
‫بثوب أهل الظاهر متكلما بلسانم ‪ ،‬حيث جعله على فرض وسنة ‪ ،‬أما الفرض‬
‫فالياء من اللّه أن يراك حيث ناك ‪ ،‬أو يفقدك حيث أمرك ‪ ،‬وأما السنة منه ‪،‬‬
‫فالياء من اللّه أن تكشف عورتك ف خلوتك ‪ ،‬فاللّه أول أن تستحى منه ( ‪، )2‬‬
‫والياء يعم العضاء ‪ ،‬فكما أنه من الياء غض البصر عن مارم اللّه ‪ ،‬كذلك‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫يلزمه الياء من اللّه أن يسمع ما ل يل له ساعه من غيبة‬
‫ويقسم عبد الرزاق الكاشان الياء عند الصوفية ‪ ،‬إل درجتي قريبتي من‬
‫الصول القرآنية ( ‪: )4‬‬
‫‪ -1‬حياء العامة ‪ :‬وهو ما يدث لم عند علمهم بنظر الق إليهم ‪ ،‬فإن العبد‬
‫إذا علم أن الق ناظر إليه استحى منه ‪ ،‬وهذا هو الياء الذى يذب العبد إل‬
‫كمال تمل الجاهدة ‪ ،‬واستقباح الناية ‪ ،‬وصاحب هذا الياء هو الذى ل‬
‫يفقده الق حيث أمره ول يده حيث ناه ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .2‬الفتوحات ‪. 203 /5‬‬ ‫‪ .1‬السابق ص ‪. 469‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .4‬لطائف العلم ‪. 1/436‬‬ ‫‪ .3‬السابق ‪. 206 /5‬‬
‫‪ -2‬حياء الاصة ‪ :‬هو ما يدث لم عند مشاهدة كشف جعية ‪ ،‬ل يازجه‬
‫حجاب تفرقة وغيية ‪ ،‬وهذا الكشف يوجب لصاحبه الياء من الق أن يراه‬
‫ملتجأ ف شئ إل سواه ‪ ،‬لكونه حياء ناشئا عن شهود مقق بأن المر كله ل‬
‫بلف الول ‪ ،‬فإنه إنا نشأ عن خي موجب لليان ‪ ،‬ومعلوم أن الب ليس‬
‫كالعيان ف بلوغه إل مقام اليقان ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫‪ - 48‬الحيــــــــــــاة‬
‫**********************************‬
‫الياة ‪ :‬وردت ف القرآن ف مقابل الوت وهى على وجوه ( ‪: )1‬‬
‫حيّ‬
‫‪ -1‬الياة وصف ذاتى ل عز وجل ‪ ،‬قال تعال ‪ :‬اللّهُ ل إِلَهَ إِل ُه َو الْ َ‬
‫اْل َقيّو ُم ل تَأْ ُخ ُذهُ ِسَن ٌة وَل َن ْومٌ [البقرة‪ ]255 /‬فإنه إذا قيل فيه تعال هو حى‬
‫فمعناه ل يصح عليه الوت وليس ذلك إل ل عز وجل ‪.‬‬
‫‪ -2‬الياة بعن القوة النامية الوجودة ف النبات واليوان ‪ ،‬ومنه قيل ‪:‬‬
‫ي الَ ْرضَ َبعْ َد َم ْوِتهَا [الديد‪/‬‬
‫حِ‬‫نبات حى ‪ ،‬وقال تعال ‪ :‬اعْلَمُوا أَنّ اللّ َه يُ ْ‬
‫‪ ]17‬وقال تعال ‪َ :‬و َجعَ ْلنَا مِ ْن الْمَاءِ كُ ّل َشيْءٍ َحيّ [النبياء‪. ]30 /‬‬
‫‪ -3‬الياة بعن القوة الساسة ‪ ،‬وبه سى اليوان حيوانا ‪ ،‬قال تعال ‪َ :‬ومَا‬
‫حيِي‬
‫سَتوِي الَ ْحيَا ُء وَل ا َلمْوَاتُ [فاطر‪ ، ]22 /‬وقوله ‪ِ :‬إ ّن الّذِي أَ ْحيَاهَا َلمُ ْ‬
‫يَ ْ‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .1‬لسان العرب ‪ ، 14/214‬الفردات ص ‪. 138،139‬‬
‫الْ َم ْوتَى ِإنّ ُه عَلَى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [فصلت‪ ]39 /‬فقوله ‪ :‬إن الذى أحياها ‪ ،‬إشارة‬
‫إل القوة النامية ‪ ،‬وقوله لحى الوتى ‪ ،‬إشارة إل القوة الساسة ‪.‬‬
‫‪ -4‬الياة بعن القوة العاقلة العالة ‪ ،‬كقوله تعال ‪:‬‬
‫َأ َومَنْ كَا َن َمْيتًا َفأَ ْحَيْينَا ُه وَ َجعَ ْلنَا لَ ُه نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النّاسِ كَمَ ْن َمثَلُهُ‬
‫ج ِمْنهَا [النعام‪. ]122 /‬‬ ‫فِي الظّلُمَاتِ َلْيسَ بِخَارِ ٍ‬
‫‪ -5‬الياة الدنيا النقضية ‪ ،‬وهى الدة الت يقضيها البشر على الرض ف فترة‬
‫حيَاةَ ال ّدْنيَا [النازعات‪]38 /‬‬
‫البتلء ‪ ،‬قال اللّه تعال ‪َ :‬فَأمّا مَ ْن َطغَى وَآثَ َر الْ َ‬
‫حيَاةُ ال ّدْنيَا فِي الخِ َرةِ إِل مَتَاعٌ [الرعد‪ ، ]26 /‬أى العراض‬ ‫وقال ‪َ :‬ومَا الْ َ‬
‫الدنيوية ‪ ،‬وقوله ‪ :‬وََلتَجِ َدّنهُمْ أَ ْح َرصَ النّاسِ عَلَى َحيَاةٍ [البقرة‪. ]96 /‬‬
‫‪ -6‬الياة الخروية البدية ‪ ،‬وذلك يتوصل إليه بالياة ‪ ،‬الت هى العقل والعلم‬
‫سبَنّ‬
‫حيَاتِي [الفجر‪ ]24 /‬وقوله ‪ :‬وَل تَحْ َ‬ ‫كقوله ‪َ :‬يقُولُ يَاَلْيَتنِي قَ ّد ْمتُ لِ َ‬
‫حيَاءٌ ِعنْدَ َرّبهِ ْم يُ ْرزَقُونَ [آل عمران‪]169 /‬‬
‫الّذِينَ ُقتِلُوا فِي َسبِيلِ اللّهِ َأ ْموَاتًا بَلْ َأ ْ‬
‫حيِيكُمْ [النفال‪ ، ]24 /‬كل‬ ‫وقال ‪ :‬اسْتَجِيبُوا ِللّ ِه وَلِل ّرسُولِ إِذَا َدعَاكُمْ لِمَا يُ ْ‬
‫ذلك يعن الياة الخروية الدائمة ‪.‬‬
‫الياة ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫الياة ف الصطلح الصوف ‪ ،‬ترد ف الغلب على معن حياة اليان ‪ ،‬ويذكر‬
‫التهانوى أن الياة عند أهل التصوف ‪ ،‬تلى النفس وتنورها بالنوار اللية‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫حيِ الْ َم ْوتَى‬
‫[البقرة‪]260 /‬‬ ‫وقوله تعال ‪َ :‬وإِذْ قَالَ ِإبْرَاهِيمُ رَبّ أَ ِرنِي َكيْفَ ُت ْ‬
‫الراد من الوتى عندهم ‪ ،‬القلوب الحجوبة عن أنوار الكاشفات والتجلى‬
‫والحياء عبارة عن حصول ذلك التجلى والنوار اللية ‪ ،‬فمن كان بقاؤه‬
‫ببقاء نفسه ‪ ،‬فإنه ميت ف وقت حياته ‪ ،‬ومن كانت حياته به ‪ ،‬كانت حقيقة‬
‫حياته عند وفاته ‪ ،‬لنه يصل بذلك إل رتبة الياة الصلية قال تعال ‪ِ :‬لُينْذِرَ‬
‫مَنْ كَانَ َحيّا َويَحِ ّق اْل َقوْ ُل عَلَى اْلكَافِرِينَ [يس‪. )1 ( ]70 /‬‬
‫ويشهد لذا ما روى عن النيد أنه قال ‪ ( :‬الى من كانت حياته بياة خالقه‬
‫ل من تكون حياته ببقاء هيكله ) ( ‪ ، )2‬ويقول عبد الكري اليلى ‪ :‬وجود الشئ‬
‫لنفسه حياته التامة ‪ ،‬ووجود الشئ لغيه حياة إضافية ‪ ،‬ولذا التحق با الفناء‬
‫والوت ( ‪ ، )3‬ولعل العن إل هذا الوضع ل يالف الصول القرآنية ‪ ،‬ولكن‬
‫يذكر الكاشان للحياة ف الصطلح الصوف معن فلسفيا ‪ ،‬فيعنون بالياة‬
‫وصول السائر إل القام الذى فوق العاينة ‪ ،‬الت هى فوق الشاهدة الرتفعة عن‬
‫الكاشفة ‪ ،‬وذلك بأن تتجلى القائق بأعيانا وأوصافها ‪ ،‬وخصوصياتا على‬
‫وجه ل يجب الوصف عن العي ‪ ،‬فيسمى ذلك التجلى حياة ‪ ،‬لن صاحبه‬
‫يأمن من موت العتلل ف شئ من الحوال ‪ ،‬ومن موت النفصال عن العي‬
‫بذا التصال ‪ ،‬ومن موت الغيبة عن أزل الزال ‪ ،‬وعند ذلك يتحقق بالوصول‬
‫إل ناية المال فيحيا بياة الكبي التعال ‪ ،‬وإل التحقق بذه الياة أشار عمرو‬
‫بن الفارض بقوله ‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬كشاف اصطلحات الفنون للتهانوى ‪. 2/100‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .2‬السابق ‪. 2/100‬‬
‫‪ .3‬النسان الكامل للجيلى ‪. 1/49‬‬
‫وطوع مرادى كل نفس مريدة‬ ‫فل حى إل عن حياتى حياته‬
‫والياة عند ابن عرب وصف كل شئ ف الكوان ‪ ،‬سواء كان حيا أو جادا‬
‫ف العرف ‪ ،‬وعلته ف ذلك أن جيع الخلوقات مسبحة ‪ ،‬ومن ث فهى حية لن‬
‫التسبيح ل يكون إل من حى ‪ ،‬وهذه القيقة عنده ل يقر با إل الؤمن أو‬
‫صاحب الكشف ‪ ،‬فالؤمن يقر با للسند القرآن ‪ ،‬وصاحب الكشف يقر با‬
‫شهودا وعيانا ‪ ،‬فهو يشهد تسبيح كل الوجودات من الماد وغيه ‪ ،‬وبالتال‬
‫يشهد حياتم ‪ ،‬يقول ‪ ( :‬إن الوجودات كلها ‪ ،‬ما منها إل من هو حى ناطق‬
‫أو حيوان ناطق ح‪ ،‬تى السمى جادا أو نباتا أو ميتا ‪ ،‬لنه ما من شئ ‪ ،‬من‬
‫قائم بنفسه وغي قائم بنفسه ‪ ،‬إل وهو مسبح ربه وبمده ‪ ،‬وهذا نعت ل‬
‫يكون إل لن هو موصوف بأنه حى ) ( ‪ ، )1‬ويقول ابن عرب ‪ ( :‬وما ث شئ إل‬
‫وهو حى ‪ ،‬فإنه ما من شئ إل وهو يسبح بمد اللّه ‪ ،‬ولكن ل نفقه تسبيحه إل‬
‫بكشف إلى ‪ ،‬ول يسبح إل حى ‪ ،‬فكل شئ حى ) ( ‪ )2‬ويرى ابن عرب أن‬
‫الى القيقى ‪ ،‬هو النسان الكامل ‪ ،‬وهو الذى جعل حياته باللّه فيقول ( ‪: )3‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬ديوان ابن الفارض ص ‪ ، 61‬وانظر لطائف العلم ‪. 1/436‬‬
‫‪ .2‬فصوص الكم ‪. 1/170‬‬
‫‪ .3‬الفتوحات الكية ‪ 490 /3‬وانظر النطق الفهوم من أهل الصمت العلوم تأليف‬
‫الشيخ المام أحد بن طغربك طبع الطبعة اليمنية بصر أحد الباب اللب ‪ ،‬سنة‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪1308‬هـ ص ‪ 44‬وما بعدها ‪ ،‬ويكن القول إن كلم ابن عرب صحيح من وجه‬
‫ومالف للصول القرآنية من وجه آخر ‪ ،‬فما ورد ف الصول القرآنية والنبوية ف‬
‫مسألة =‬
‫هم الحياء إن عاشوا وإن ماتوا‬ ‫ل قوم وجود الق عينهم‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫= إثبات الكلم للمخلوقات على القيقة أو على الجاز ‪ ،‬يدل على صدق ابن عرب من‬
‫جهة أن كل شئ ف النام له لغة ونطق وكلم ‪ ،‬وأنه يتخاطب مع بن جنسه ف‬
‫انسجام تام ‪ ،‬فكل ملوق له قول ولغة تصه ‪ ،‬يتحدث با مع بن جنسه ‪ ،‬شأنم ف‬
‫ذلك شأن البشر ‪ ،‬واختلفهم ف اللغات والجناس والصور ‪ ،‬فكما أن النسان ل‬
‫يفهم إل لغه أخيه النسان ‪ ،‬الذى يتكلم بنفس اللسان ‪ ،‬كذلك موقفه من اللغة الت‬
‫يسمعها من هذه الخلوقات أو ما يراه بينها من إشارات ‪ ،‬فإن لا رموزا وشفرة‬
‫وكلما فيه عبة ‪ ،‬ولم قانون ونظام ‪ ،‬ومنهج وأحكام ‪ ،‬يتكاتفون ف إظهاره‬
‫ويتعاملون بينهم من خلله ‪ ،‬واللّه يسمع قولم وكلمهم ‪ ،‬ويعلم تسبيحهم ونظامهم‬
‫ض وَالطّْي ُر صَافّاتٍ‬ ‫ت وَا َل ْر ِ‬
‫سبّحُ َل ُه مَنْ فِي السّمَاوَا ِ‬ ‫كما قال ‪ :‬أَلَمْ َترَى أَنّ الّلهَ يُ َ‬
‫ح ُه وَالّلهُ َعلِي ٌم بِمَا َي ْفعَلُون َ [النور‪ ]41 /‬وقال عن السماوات‬ ‫سبِي َ‬
‫كُ ّل قَ ْد عَلِ َم صَلَت ُه وَتَ ْ‬
‫ض َومَنْ فِيهِ ّن وَإِ ْن مِنْ شَ ْيءٍ‬
‫والرض ومن فيهن ‪ :‬تُسَبّحُ َلهُ السّمَاوَاتُ السّبْ ُع وَا َل ْر ُ‬
‫حلِيمًا َغفُورًا [السراء‪]44 /‬‬ ‫حهُمْ إِّنهُ كَانَ َ‬‫إِل يُسَبّحُ بِحَ ْم ِدهِ وَلَ ِكنْ ل َت ْف َقهُونَ َتسْبِي َ‬
‫خرْنَا الْجِبَالَ‬
‫إِنّا سَ ّ‬ ‫‪:‬‬ ‫وقال سبحانه ف تسبيح البال بالغدو والصال مع داود‬
‫شيّ وَالِ ْشرَاقِ [ص‪ ]18 /‬فناداها ربا ‪ ،‬وهو عليم بالا ‪ ،‬وكيفية‬ ‫حنَ بِاْلعَ ِ‬
‫َم َعهُ ُيسَبّ ْ‬
‫كلمها ‪ ،‬فكلفها وأمرها ‪ ،‬وناداها فقال لا ‪ :‬يَا ِجبَالُ َأوّبِي َم َعهُ وَالطّْي َر وَأَلَنّا َلهُ‬
‫الْحَدِي َد [سبأ‪ ]10 /‬فالبال مسبحات ناطقات ذاكرات ‪ ،‬وقد قال تعال ‪ :‬وَقَالُوا‬
‫ِلجُلُو ِدهِمْ لِمَ َشهِ ْدتُ ْم عَلَْينَا قَالُوا أَن َطقَنَا الّلهُ الّذِي أَنطَقَ كُلّ شَ ْي ٍء [فصلت‪ ]21 /‬فكل‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫شئ له كلم ونطق يتخاطب به ‪ ،‬فلو أدركنا كلمهم ورموزهم ولغتهم لمكن أن‬
‫نسمع تسبيحهم ‪ ،‬ونرى كيف يعبدون اللّه ؟ والنملة تتكلم بنص القرآن ‪ ،‬ولو أدركنا‬
‫منطقها كما أدركه سليمان ‪ ،‬لعلمنا أنا ل تقل عن النسان ف النطق والبيان =‬
‫ول يؤودهم حفظ ولو ماتوا‬ ‫ل يأخذ القوم نوم ول سنة‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫س وَالطّْيرِ َفهُمْ يُو َزعُون حَتّى ِإذَا‬
‫سلَيْمَانَ جُنُو ُدهُ مِ ْن الْجِ ّن وَالْإِْن ِ‬ ‫شرَ لِ ُ‬
‫= قال تعال ‪ :‬وَحُ ِ‬
‫َأَتوْا عَلَى وَادِي النّمْ ِل قَاَلتْ نَ ْملَ ٌة يَا أَّيهَا النّمْ ُل ادْخُلُوا مَسَاكَِنكُمْ ل يَحْطِ َمنّكُمْ ُسلَيْمَانُ‬
‫شعُرُونَ َفتَبَسّ َم ضَا ِحكًا مِنْ َقوِْلهَا [النمل‪ ، ]19:17 /‬وقال‬ ‫وَ ُجنُو ُدهُ َوهُمْ ل َي ْ‬
‫س عُلّ ْمنَا مَنطِقَ الطّْي ِر وَأُوتِينَا مِنْ كُلّ شَ ْيءٍ إِ ّن هَذَا‬
‫وَقَالَ يَا َأّيهَا النّا ُ‬ ‫‪:‬‬ ‫سليمان‬
‫ي [النمل‪. ]16 /‬‬
‫َل ُه َو اْل َفضْلُ الْمُِب ُ‬
‫ومن ث فاللّه وحده هو الذى أنطقهم جيعا ‪ ،‬وهو وحده الذى يكن أن ياطبهم‬
‫جيعا ‪ ،‬ويسمع تسبيحهم جيعا ‪ ،‬وربا يعترض معترض ‪ ،‬كيف يكون للحجارة‬
‫‪:‬‬ ‫والعادن قول وكلم ونن نراها ل تتكلم ؟ وقد قال اللّه تعال عن إبراهيم‬
‫سهِمْ َفقَالُوا ِإنّكُمْ َأنْتُمْ الظّالِمُو َن ثُمّ نُكِسُوا‬ ‫فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَن ِطقُونَ َفرَ َجعُوا إِلَى أَنفُ ِ‬
‫َعلَى ُرءُو ِسهِمْ َلقَ ْد عَِل ْمتَ مَا َهؤُلءِ يَن ِطقُون َ [النبياء‪ ، ]65:63 /‬وقال سبحانه‬
‫وتعال منكرا على بن اسرائيل ‪ ،‬أنم عبدوا العجل من دون اللّه ‪ :‬وَاتّخَ َذ َق ْومُ‬
‫مُوسَى مِنْ َبعْ ِد ِه مِنْ حُِلّيهِ ْم عِجْل جَسَدًا َلهُ ُخوَارٌ أَلَ ْم َي َروْا أَّنهُ ل يُ َكلّ ُمهُ ْم وَل َيهْدِيهِمْ‬
‫ي [العراف‪ ، ]148 /‬فكيف يكون للحجارة قول ولغة‬ ‫سَبِيل اتّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِ ِم َ‬
‫ومنطق ؟ وجواب ذلك أن اللّه ركب الخلوقات على النسب والعتبارات والعلل‬
‫والعلولت ‪ ،‬فكل نوع من الخلوقات متكلم ناطق باعتبار من يفهم قوله وكلمه ؟‬
‫أبكم وأصم باعتبار من ل يفهمه ؟ فالنمل باعتبار جنسه كلُ َي ْفهَمُ كَلمَ الخر والعال‬
‫بقولم ومفردات الطاب بينهم ‪ ،‬يكن أن يسمعهم وهم يتخاطبون أو يتحدثون ؟‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫وقد سعهم سليمان وهم يقولون ‪ :‬ادْ ُخلُوا مَسَا ِكنَكُمْ ل َيحْطِمَنّكُ ْم سَُليْمَا ُن وَجُنُو ُدهُ‬
‫ش ُعرُون َ [النمل‪ ، ]18 /‬وهكذا القول ف كل نوع من الخلوقات ‪ ،‬فإنه‬ ‫َوهُمْ ل َي ْ‬
‫متكلم ناطق ‪ ،‬سواء أدركنا قوله أول ندركه ‪ ،‬أو اعتبه البعض متكلما أو ل يعتبه =‬
‫اللّه يييهم به إذا ماتوا‬ ‫اللّه كرمهم اللّه شرفهم‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫= فالقيقة الت ل شك فيها أن رب العزة واللل علم منطقهم جيعا ‪ ،‬ويسمع تسبيحهم‬
‫جيعا ويرى صلتم جيعا ‪ ،‬فهو الذى أحاط بكل شئ علما ‪ ،‬وأحصى كل شئ عددا‬
‫أحاط بكل ملوق ونظامه ‪ ،‬ف قوله وكلمه وصدق اللّه ف كتابه ‪ ،‬إذ يقول ‪ :‬كُلّ قَدْ‬
‫حهُ [النور ‪ ، ]41 /‬وَإِ ْن مِنْ شَ ْيءٍ إِل ُيسَبّ ُح بِحَمْ ِد ِه وَلَكِنْ ل‬
‫َعلِ َم صَلَتهُ َوتَسْبِي َ‬
‫حهُ ْم [السراء‪ ، ]44 /‬فالجاره لا قول باعتبار جنسها صماء باعتبار‬ ‫سبِي َ‬
‫َتفْ َقهُونَ تَ ْ‬
‫النظر إل قول البشر ‪ ،‬واليوانات لا قول اعتبار جنسها ‪ ،‬خرساء باعتبار النظر إل قول‬
‫البشر ‪ ،‬واللّه تعال قادر على أن يُنْطق هذه الخلوقات بقول البشر وما هو أفضل من‬
‫قولم ‪ ،‬وقد ثبت عن أب هريرة أن رَسُو َل اللّه صَلّى صَلةَ الصّبْحِ ثُمّ َأقْبَ َل َعلَى‬
‫ضرََبهَا ‪ ،‬فالتفتت إليه البقرة ‪ ،‬وقالت‬ ‫ق َب َقرَةً ِإ ْذ رَكَِبهَا َف َ‬
‫النّاسِ َفقَا َل ‪ :‬بَيْنَا رَجلٌ يَسو ُ‬
‫س ‪ :‬سُْبحَانَ اللّه أََب َق َرةٌ تَت َكلّ ُم ؟!‬
‫ح ْرثِ ‪َ ،‬فقَا َل النّا ُ‬ ‫خلَقْ ِلهَذَا ِإنّمَا ُخِلقْنَا ِللْ َ‬
‫لراكبها ‪ :‬إِنّا َلمْ نُ ْ‬
‫فقال ‪ :‬فإن أومن بذلك أنا وأبو بكر وعمر وما ها ث ‪َ ،‬وبَيْنَمَا رَجُلٌ فِي َغنَ ِمهِ يرعى إذا‬
‫جاء ذئب فأخذ منها شاة وكان الراعى قد غفل عنها ‪ ،‬فانتبه الراعى على صياحها‬
‫فأدركها واسَْتْنقَ َذهَا من الذئب ‪ ،‬فقال له الذئب بلغهٍ فصيحةٍ واضح ٍة بليغ ٍة ‪ :‬يا هذا‬
‫اسَْتْنقَذَْتهَا مِنّي من لا يوم السبع يوم ل راع لا غيى ‪ ،‬فقال الناس لرسول اللّه ‪:‬‬
‫سبحان اللّه عجيب يا رسول اللّه أذئب يتكلم ؟! فقال ‪ :‬فإن أومن بذلك أنا وأبو بكر‬
‫وعمر ‪ ،‬وما ها ث ) وهذا حديث صحيح أخرجه البخارى ف كتاب الناقب (‬
‫‪ ، )3471‬ومسلم ف كتاب فضائل الصحابة ( ‪. )2388‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫كما أن أصحاب العلوم الادية ‪ ،‬يعلمون أن الادة تتكون من مموعة من الذرات التنوعة‬
‫كل ذرة لا نظام معلوم ف تركيبها ‪ ،‬ولميع الذرات قانون ف مداراتا ‪ ،‬ينظم التكافؤ‬
‫لكل ذرة ف علقتها بأختها ‪ ،‬سواء كانت الذرةُ سالبةً أو موجب ًة ‪ ،‬ولول معرفةُ النسان=‬
‫من بعد ما قبوا من بعد ما ماتوا ( ‪. )1‬‬ ‫لقد رأيتهم كشفا وقد بعثوا‬
‫**********************************‬
‫‪ -4 9‬الحيــــــــــــرة‬
‫**********************************‬
‫الية ‪ :‬وردت ف القرآن والسنة على معن التردد ف المر ‪ ،‬قال تعال ‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫= لتركيب الذرة منذ حي ‪ ،‬وبعد جهل به دام آلف السني ‪ ،‬ما استطعنا أن نعلم أن‬
‫الادة ف عناصرها عبارة عن أخوات من الذرات ‪ ،‬تتماسك ف مموعات يسمونا‬
‫ج َزيِْئيّات ‪ ،‬ولول أنا متكاتفات متماسكات ‪ ،‬متفاهات متخاطبات ‪ ،‬وفق رموز‬
‫وشفرات ‪ ،‬ما ظهرت لنا الواد ف صورتا الت نراها ‪ ،‬وعال الفزياء والكمياء يرى أن‬
‫جزئُ الاء ‪ ،‬ل بد أن يتحد فيه ذرتان من اليدروجي ‪ ،‬مع ذرة واحدة من الكسجي !!‬
‫وعلى ذلك فالجارة والعادن يراها الاهل بقيقتها صماء ‪ ،‬ويراها عال الفزياء والكمياء‬
‫الِ ْكُترُونَاتٍ متحركةً سالبةً ‪ ،‬وُبرُوتُونَاتٍ جاذب ًة موجب ًة ‪ ،‬ونِيُوْترُونَاتٍ متعادلةً ساكن ًة ‪ ،‬لم‬
‫دستور ونظام ‪ ،‬وقانون وأحكام ‪ ،‬والذرات ل تعتل ول تتل ‪ ،‬ول تنحل إل إذا شاء اللّه‬
‫لا الفناء وتولت إل طاقة ذرية هائلة ‪ ،‬فالكل متكلم ناطق بكيفية تليق به ‪ ،‬ربا نهلها‬
‫ض وَل فِي السّمَا ِء ُهوَ الّذِي‬
‫خفَى عََلْيهِ َش ْيءٌ فِي ا َل ْر ِ‬
‫لكن اللّه يعلمها ‪ :‬إِنّ الّلهَ ل يَ ْ‬
‫[آل عمران‪. ]6:5 /‬‬ ‫ف يَشَاءُ ل إَِلهَ إِل ُهوَ اْل َعزِيزُ اْلحَكِي ُم‬
‫صوّرُكُمْ فِي ا َلرْحَامِ كَيْ َ‬
‫ُي َ‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫فكلم ابن عرب مقبول من هذا الوجه ‪ ،‬أما الوجه الخر فإنه استدل بذا على وحدة‬
‫الوجود ‪ ،‬وجعل ذلك دليل على حياة ال السارية ف الكوان ‪ ،‬فجميع الحياء هى له‬
‫مال وتعينات ‪ ،‬وليست ملوقات مستقلة خلقت للعبادة وتوحيد ال ‪.‬‬
‫‪ .1‬السابق ‪. 395 /4‬‬
‫شيَاطِيُ فِي الَ ْرضِ َحيْرَانَ [النعام‪ ، ]71 /‬والائر الوضع‬
‫كَالّذِي ا ْسَت ْهوَتْهُ ال ّ‬
‫الذى يتحي به الاء ( ‪. )1‬‬
‫[الدخان‪ ]54 /‬أنكحناهم‬ ‫ك وَ َزوّ ْجنَاهُ ْم بِحُو ٍر عِيٍ‬
‫وقال ماهد ‪ :‬كَذَلِ َ‬
‫حورا عينا يار فيها الطرف ( ‪ ، )2‬وف الديث القدسى عن ابن عمر ‪ ،‬عن‬
‫النب إن اللّه تعال قال ‪ " :‬لقد خلقت خلقا ‪ ،‬ألسنتهم أحلى من العسل‬
‫وقلوبم أمر من الصب ‪ ،‬فب حلفت لتيحنهم فتنة تدع الليم منهم حيانا ‪ ،‬فب‬
‫يغترون أم علي يترئون " ( ‪ ، )3‬وروى عن السن بن على قال ‪ ( :‬إن الد قد‬
‫( ‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫مضت سنته ‪ ،‬وإن أبا بكر جعل الد أبا ‪ ،‬ولكن الناس تيوا )‬
‫الية ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫والية ف الصطلح الصوف ‪ ،‬يعنون با التردد بي أداء الطاعة ورؤيتهم‬
‫صغارها وحقارتا إل ما يب من الشكر ف حق اللّه ‪ ،‬وهذا يصح على معن‬
‫أن العبد ينال فضل اللّه برحته ‪ ،‬ل فيما يقابل طاعته ‪ ،‬إذ الطاعة سبب ف النعم‬
‫‪ ،‬قال ‪ :‬سعت رسول اللّه‬ ‫ولكن ل تزنا ‪ ،‬كما ثبت ف حديث أب هريرة‬
‫يقول ‪ " :‬لن يدخل أحدا عمله النة قالوا ‪ :‬ول أنت يا رسول اللّه قال ل‬
‫ول أنا إل أن يتغمدن اللّه بفضل ورحة " ( ‪. )5‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .1‬الفردات ص ‪ ، 135‬ولسان العرب ‪ ، 4/223‬وكتاب العي ‪. 3/288‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب التفسي سورة الدخان ‪. 8/433‬‬
‫‪ .3‬أخرجه الترمذى ف كتاب الزهد ( ‪ )2405‬وقال اللبان ‪ :‬ضعيف ‪. 4/604‬‬
‫‪ .4‬أخرجه الدارمى ف كتاب الفرائض ‪. ( 2912) 2/451‬‬
‫‪ .5‬أخرجه البخارى ف كتاب الرضى ‪. ( 5673) 10/132‬‬
‫وروى عن أب بكر الواسطى (ت‪:‬بعد ‪320‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬حية البديهة‬
‫أجل من سكون التول عن الية ) ( ‪ ، )1‬ويقسم الكلباذى (ت‪380 :‬هـ)‬
‫الية إل نوعي ( ‪: )2‬‬
‫أ‪ -‬الية الول ‪ :‬وتكون ف أفعاله به ونعمه عنده ‪ ،‬فل يرى شكره نعمة يب‬
‫عليه شكرها ‪ ،‬ول يرى أفعاله أهل أن يقابله با استحقارا لا ‪ ،‬ويراها واجبة‬
‫عليه ‪ ،‬ل يوز له التخلف عنها ‪ ،‬ومثالا أن أبا بكر الشبلى ‪ ،‬قام يوما يصلى‬
‫فبقى طويل ث صلى ‪ ،‬فلما انفتل عن صلته ‪ ،‬قال ‪ :‬يا ويله إن صليت‬
‫جحدت ‪ ،‬وإن ل أصل كفرت ‪ ،‬أى جحدت عظم النعمة ‪ ،‬وكمال الفضل‬
‫حيث قابلت ذلك بفعلى شكرا له مع حقارته ‪ ،‬ث أنشد ‪:‬‬
‫كضفدع يسكن ف اليم‬ ‫المد ل على أنن‬
‫أو سكتت ماتت من الغم‬ ‫إن هى فاهت ملت فمها‬
‫ب‪ -‬الية الخية ‪ :‬أن يتحي ف متاهات التوحيد ‪ ،‬فيضل فهمه وينس عقله‬
‫ف عظم قدرة اللّه تعال ‪ ،‬وهيبته وجلله ‪ ،‬كما قيل ‪ :‬دون التوحيد متاهات‬
‫تضل فيها الفكار ‪.‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫وقال أبو نصر السراج الطوسى (ت‪387 :‬هـ) ‪ ( :‬الية بديهة ترد على‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪.‬‬ ‫‪ .1‬اللمع ص ‪. 421‬‬
‫‪ .2‬التعرف لذهب أهل التصوف ص ‪. 137‬‬
‫قلوب العارفي ‪ ،‬عند تأملهم وحضورهم وتفكرهم ‪ ،‬تجبهم عن التأمل‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫والفكرة )‬
‫والية عند ابن عرب يعن با حية النظر ف وحدة الوجود ‪ ،‬والائر هو‬
‫الذى يرى عي الق متجليا ف صورة المكنات ‪ ،‬ويعلم أن اللّه قابل لكل‬
‫معتقد كان ‪ ،‬فمن باب الية عنده ما ورد ف قوله تعال ‪ :‬وَاللّهُ خََل َقكُ ْم َومَا‬
‫َتعْمَلُونَ [الصافات‪ ]96 /‬وقوله ‪َ :‬ومَا َر َمْيتَ ِإذْ َر َميْتَ [النفال‪ ]17 /‬وكذلك‬
‫قوله سبحانه ‪ :‬فََل ْم َتقْتُلُوهُ ْم وََلكِنّ اللّهَ َقتََلهُمْ [النفال‪ ]17 /‬والقتل ما شوهد‬
‫إل من الخلوق ‪ ،‬وهذا يعن أن الصوف حيتة نبعت من اجتماع الضداد فيى‬
‫الق خلقا ويرى اللق حقا ‪ ،‬ويظل حائرا ف وحدة الوجود ‪ ،‬ل يدرك حقا‬
‫وحده أو خلقا وحدة ‪ ،‬بل حقا ف خلق ‪ ،‬وخلقا ف حق فيتحي ‪ ،‬فالوصول إل‬
‫الية ف الق هو عي الوصول إل اللّه ‪ ،‬والية أعظم ما تكون لهل التجلى‬
‫لختلف الصور عليهم ف العي الواحدة ( ‪. )2‬‬
‫وبذا يفسر قوله تعال ‪ :‬وَقَدْ أَضَلّوا َكثِيًا [نوح‪ ]24 /‬أى أضل قوم نوح‬
‫كثيا من أهل العلم وحيوهم ف تعداد الواحد بالوجوه والنسب وَل تَ ِزدْ‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫الظّالِ ِميَ [نوح‪ ]24 /‬لنفسهم إِل ضَلل [نوح‪ ]24 /‬إل حية الحمدى‬
‫الذى قال ‪ :‬زدن فيك تيا ( ‪. )3‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬اللمع ص ‪. 421‬‬
‫‪ .2‬انظر ف معن الية عند ابن عرب الفتوحات الكية ‪. 3/490 ، 1/270‬‬
‫‪ .3‬ليس حديثا ‪ ،‬ول وجود له ف كتب السنة ‪ ،‬وغنما هو من وضع ابن عرب ‪.‬‬
‫مِمّا‬ ‫فالائر له الدور ‪ ،‬والركة الدورية حول القطب ‪ ،‬فل يبح منه‬
‫[نوح‪]25 /‬‬ ‫جدُوا َلهُ ْم مِنْ دُونِ اللّهِ َأْنصَارًا‬
‫خَطِيئَاِتهِمْ ُأغْرِقُوا َفُأدْخِلُوا نَارًا َفلَ ْم يَ ِ‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫فهى الت خطت بم ‪ ،‬فغرقوا ف بار العلم باللّه وهو الية‬
‫**********************************‬
‫‪ - 50‬الخاصـــــــــــــة‬
‫**********************************‬
‫الاصة ‪ :‬خصه بالشيء يصه إذا أفرده به دون غيه ‪ ،‬والاصة ضد‬
‫صةً‬
‫وَاّتقُوا ِفتَْن ًة ل ُتصِيبَ ّن الّذِي َن ظَلَمُوا ِمْنكُمْ خَا ّ‬ ‫العامة ( ‪ ، )2‬قال تعال ‪:‬‬
‫[النفال‪ ]25 /‬أى تعمكم ‪ ،‬ومن حديث جابر بن عبد اللّه ‪ ،‬أن النب قال ‪:‬‬
‫" وكان النب يبعث إل قومه خاصة ‪ ،‬وبعثت إل الناس عامة " ( ‪ ، )3‬وقال عمر‬
‫بن الطاب ‪ " :‬إن اللّه جل وعز كان خص رسوله باصة ‪ ،‬ل يصص با‬
‫مَا أَفَاءَ اللّ ُه عَلَى َرسُولِ ِه مِنْ َأهْلِ اْلقُرَى َفلِلّهِ‬ ‫أحدا غيه ‪ ،‬قال تعال ‪:‬‬
‫" ) ‪ ،‬وعن عبد اللّه بن عمرو بن العاص ‪ ،‬أن رسول اللّه‬ ‫‪(4‬‬
‫وَلِل ّرسُولِ‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫قال ‪ " :‬كيف بكم وبزمان ‪ ،‬يغربل الناس فيه غربلة ‪ ،‬تبقى حثالة من الناس قد‬
‫مرجت عهودهم وأماناتم واختلفوا ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬وكيف بنا يا رسول اللّه ؟ قال ‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الفصوص ‪. 1/72‬‬
‫‪ .2‬لسان العرب ‪. 7/24‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف التيمم ‪. ( 335) 1/519‬‬
‫‪ .4‬أخرجه مسلم ف كتاب الج ‪. ( 1224) 2/867‬‬
‫تأخذون ما تعرفون ‪ ،‬وتذرون ما تنكرون ‪ ،‬وتقبلون على أمر خاصتكم‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫وتذرون أمر عامتكم "‬
‫وقد يعب عن الفقر الذى ل يسد بالصاصة ‪ ،‬كما روى عن أب هريرة أن‬
‫رجل أتى النب فبعث إل نسائه فقلن ‪ " :‬ما معنا إل الاء ‪ ،‬فقال رسول اللّه‬
‫‪ :‬من يضم أو يضيف هذا فقال رجل من النصار ‪ :‬أنا فانطلق به إل امرأته ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬أكرمي ضيف رسول اللّه فقالت ‪ :‬ما عندنا إل قوت صبيان فقال ‪:‬‬
‫هيئي طعامك وأصبحي سراجك ‪ ،‬ونومي صبيانك إذا أرادوا عشاء فهيأت‬
‫طعامها وأصبحت سراجها ونومت صبيانا ‪ ،‬ث قامت كأنا تصلح سراجها‬
‫فأطفأته ‪ ،‬فجعل يريانه أنما يأكلن فباتا طاويي ‪ ،‬فلما أصبح غدا إل رسول‬
‫اللّه ‪ ،‬فقال ‪ ":‬ضحك اللّه الليلة أو عجب من فعالكما ‪ ،‬فأنزل اللّه ‪:‬‬
‫ق شُ ّح َنفْسِهِ َفُأوَْلئِكَ هُمْ‬
‫صةٌ َومَ ْن يُو َ‬
‫سهِ ْم وََلوْ كَانَ ِبهِمْ َخصَا َ‬
‫َوُي ْؤثِرُونَ عَلَى َأنْفُ ِ‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫[الشر‪" ]9 /‬‬ ‫الْ ُمفِْلحُونَ‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫والص بيت من قصب أو شجر وذلك لا يرى فيه من الصاصة وروى عن‬
‫عبد اللّه بن عمرو قال ‪ " :‬مر علي رسول اللّه ‪ ،‬ونن نعال خصا لنا وهى‬
‫‪ ،‬فقال ‪ :‬ما هذا ؟ فقلنا ‪ :‬خص لنا وهى ‪ ،‬فنحن نصلحه ‪ ،‬فقال رسول اللّه‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ :‬ما أرى المر إل أعجل من ذلك "‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه أبو داود ف الفت واللحم ‪ )( 4342‬وقال اللبان ‪ :‬صحيح ‪. 4/123‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الناقب ‪. ( 3798) 7/149‬‬
‫‪ .3‬أخرجه أبو داود ف الدب ( ‪ )5235‬وصححه اللبان ‪. 4/360‬‬
‫خَتصّ‬
‫وقد خصه بكذا يصه ميزه بالمر دون غيه ‪ ،‬كقوله تعال ‪ :‬وَاللّ ُه يَ ْ‬
‫بِ َرحْ َمتِ ِه مَ ْن يَشَا ُء وَاللّهُ ذُو اْلفَضْ ِل اْلعَظِيمِ [البقرة‪ ، ]105 /‬وعن أب هريرة أن‬
‫النب قال ‪ " :‬ل تتصوا ليلة المعة بقيام من بي الليال ‪ ،‬ول تصوا يوم‬
‫المعة بصيام من بي اليام ‪ ،‬إل أن يكون ف صوم يصومه أحدكم " ( ‪. )1‬‬
‫وقال سلمة بن الكوع ‪ " :‬ما استغفر رسول اللّه لنسان يصه إل‬
‫استشهد ( ‪ ، )2‬وعن بريدة‪‬بن الصيب ‪ " :‬كان رسول اللّه إذا أمر أميا‬
‫على جيش أو سرية ‪ ،‬أوصاه ف خاصته بتقوى اللّه ‪ ،‬ومن معه من السلمي‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫خيا "‬
‫الاصة ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫الاصة ف الصطلح الصوف ضد العامة ‪ ،‬وهم أعلى ف القام والنله وربا‬
‫تتنوع دللة الصوص من مفهوم لخر على النحو التى ‪:‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ -1‬الاصة منلة يتصف با أصحاب الدرجة اليانية العليا ‪ ،‬التحققون ف‬
‫تقواهم وإخلصهم ل ‪ ،‬بغض النظر عن كونم من الصوفية أو غيهم ‪ ،‬كما‬
‫روى عن أب بكر الوراق (ت‪:‬بعد ‪250‬هـ) قال‪ ( :‬الاصة هم الذين فقهت‬
‫قلوبم ‪ ،‬وحسنت أخلقهم ‪ ،‬وكانوا أئمة يدعون الناس إل الي والعمل به‬
‫وسالوا السلطان على المر بالعروف والنهى عن النكر ‪ ،‬والعلماء على صدق‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه مسلم ف كتاب الصيام ‪. ( 1144) 2/801‬‬
‫‪ .2‬جزء من حديث طويل أخرجه مسلم ف كتاب الهاد ( ‪. 3/1433 )1807‬‬
‫‪ .3‬جزء من حديث أخرجه مسلم ف الوضع السابق ( ‪. 3/1357 )1731‬‬
‫الب ‪ ،‬والعامة على ظاهر المور ‪ ،‬فإذا خلو من ذلك فهم الفترون ‪ ،‬وإذا‬
‫فسدت الاصة غلبت الكذبة على الصادقي والكهنة على الوقني والوسوسون‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫على الخلصي )‬
‫‪ -2‬الاصة هم الصوفية دون غيهم من العامة أو سائر الطوائف ‪ ،‬فيذكر‬
‫السراج الطوسى أن الصوفية هم الاصة ‪ ،‬لنم يتصون عن غيهم بالرتقاء‬
‫إل الدرجات العالية ‪ ،‬والتعلق بالحوال الشريفة ‪ ،‬والنازل الرفيعة من أنواع‬
‫العبادات ‪ ،‬وحقائق الطاعات والخلق الميلة ‪ ،‬ولم ف معان ذلك تصيص‬
‫لغيهم من العلماء والفقهاء ‪ ،‬وأصحاب الديث ث يبي على حد زعمه بعض‬
‫النواع الت تفردوا با ‪ ،‬فأول شئ من التخصيصات الت للصوفية وما تفردوا با‬
‫عن غيهم ‪ ،‬ترك ما ل يعنيهم ‪ ،‬وقطع كل علقة تول بينهم وبي مطلوبم‬
‫ومقصودهم ‪ ،‬إذ ليس لم مطلوب ول مقصود غي اللّه تبارك وتعال ‪ ،‬ويذكر‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫أيضا أن الصوفية لم تصيص من طبقات أهل العلم بفهم آيات من كتاب اللّه‬
‫تعال متلوة ‪ ،‬وأخبار عن رسول اللّه مروية ما نسختها آية وما رفع حكمها‬
‫خب ول أثر ‪ ،‬يدعو ذلك إل مكارم الخلق ‪ ،‬ويبحث عن معال الحوال‬
‫وفضائل العمال ‪ ،‬وليس لغي الصوفية من أول العلم القائمي بالقسط ف ذلك‬
‫نصيب غي القرار به واليان بأنه حق ‪ ،‬ويشي السراج الطوسى إل أنه من‬
‫أعظم النعم الت اختصوا با دوام الراقبة وهى التحقق بقام الحسان ‪ ،‬وللصوفية‬
‫أيضا تصيص ف معرفة الرص والمل ودقائقهما ‪ ،‬ومعرفة النفس وأماراتا‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬طبقات الصوفية ص ‪. 226‬‬
‫وخواطرها ودقائق الرياء والشهوة الفية والشرك الفى ‪ ،‬وكيفية اللص من‬
‫ذلك ‪ ،‬وكيفية وجه النابة إل اللّه عز وجل وصدق اللتجاء ‪ ،‬ودوام الفتقار‬
‫والتسليم والتفويض والتبى من الول والقوة ‪ ،‬ولم أيضا على حد زعمه‬
‫مستنبطات ف علوم مشكلة على مفهوم الفقهاء والعلماء ‪ ،‬لن ذلك لطائف‬
‫مودعة ف إشارات لم ‪ ،‬تفى ف العبارة من دقتها ولطافتها ‪ ،‬فالصوفية‬
‫عند السراج الطوسى مصوصون من أول العلم القائمي بالقسط بل هذه العقد‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫والوقوف على الشكل من ذلك‬
‫من المكن كما ذكر الطوسى أن يكون البعض من نسب إل الصوفية متصفا‬
‫بذه الوصاف أو أو كثي منها ‪ ،‬لكن الزعم بأنم ينفردون بذا دون غيهم‬
‫فالمر منه بعيد ‪ ،‬وأول ما يذكر ف تقسيم العامة والاصة لدرجات السلمي‬
‫تقسيم القرآن ‪ ،‬إذ يقول اللّه تعال عن أصحاب اليمي ‪ :‬عُ ُربًا َأتْرَابًا‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫ي َوثُّلةٌ مِنْ الخِرِينَ [الواقعة‪ ]40:37 /‬وقال عن‬ ‫ي ثُّل ٌة مِ ْن ا َلوّلِ َ‬
‫ب الْيَ ِم ِ‬
‫صحَا ِ‬
‫لَ ْ‬
‫السابقي العلى ف النلة من أصحاب اليمي ‪ :‬وَالسّاِبقُونَ السّاِبقُونَ ُأوَْلئِكَ‬
‫خرِين َ [الواقعة‪]14:10 /‬‬ ‫ي وَقَلِي ٌل مِنْ ال ِ‬
‫ت الّنعِي ِم ثُّل ٌة مِ ْن ا َلوّلِ َ‬
‫الْ ُمقَ ّربُونَ فِي َجنّا ِ‬
‫فما الدليل على أن الصوفية هم السابقون السابقون ‪ ،‬وبقية العلماء مفسرون‬
‫ومدثون وفقهاء ‪ ،‬يأتون متأخرين عن الصوفية ؟‬
‫ومعلوم أن أغلب الولي ف الية من السابقي والصحابة والتابعي ل يعرفون‬
‫الصوفية وربا ل يسمعوا عنها ‪ ،‬وهذا يعن أن الاصة من عامة السلمي هم‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬اللمع ص ‪ : 28‬ص ‪. 33‬‬
‫العلى ف درجة التقوى ‪ ،‬كما قال تعال ‪:‬‬
‫يَا َأّيهَا النّاسُ ِإنّا خََل ْقنَاكُ ْم مِنْ ذَكَ ٍر َوأُنثَى وَ َجعَ ْلنَاكُ ْم ُشعُوبًا وََقبَائِلَ ِلتَعَارَفُوا‬
‫ِإنّ أَكْ َرمَكُ ْم ِعنْدَ اللّهِ َأْتقَاكُمْ [الجرات‪]13 /‬‬

‫فالقول بأن الصوفية دون غيهم من عامة الناس أو سائر الطوائف هم الاصة‬
‫قول باطل جلة واحدة ‪.‬‬
‫وياثله ما ذكره السراج الطوسى من تفضيل الصوفية على غيهم ‪ ،‬وتفضيل‬
‫أصحاب الوحدة على بسطاء الصوفية ‪ ،‬ما ورد عن عبد الرزاق الكاشان حيث‬
‫قال ‪ ( :‬الاصة هم علماء الطريقة وخاصة الاصة هم علماء القيقة ) ( ‪. )1‬‬
‫**********************************‬
‫‪ - 51‬الخاطـــــــــــــر‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫**********************************‬
‫الاطر ‪ :‬ل يرد ف القرآن ‪ ،‬ولكنه ورد ف السنة على عدة معان ( ‪: )2‬‬
‫‪ -1‬القدر والكانة ‪ :‬ومنه ما روى عن مالك بن ربيعة ‪ ،‬أنه سع رسول اللّه‬
‫وهو يقول ‪ " :‬اللّهم اغفر للمحلقي ‪ ،‬اللّهم اغفر للمحلقي ‪ ،‬فقال رجل من‬
‫القوم ‪ :‬والقصرين ؟ فقال رسول اللّه ف الثالثة أو ف الرابعة ‪ " :‬والقصرين‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬لطائف العلم ‪. 1/441‬‬
‫‪ .2‬لسان العرب لبن منظور ‪ ، 4/249‬والصباح الني للمقرى ‪، 1/173‬‬
‫والقاموس الحيط للفيوز أبادى ‪ ، 1/494‬ومعجم مقاييس اللغة مادة (خطر) ‪.‬‬
‫ث ‪ ،‬قال ‪ :‬وأنا يومئذ ملوق الرأس ‪ ،‬فما يسرن بلق رأسي حر النعم ‪ ،‬أو‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫خاطرا عظيما "‬
‫‪ -2‬الضطراب والركة ‪ :‬كقول ابن عباس ‪ " :‬قام نب اللّه يوما يصلي‬
‫فخطر خطرة ‪ ،‬فقال‪‬النافقون الذين يصلون معه ‪ " :‬أل ترى أن له قلبي ‪ ،‬قلبا‬
‫معكم ‪ ،‬وقلبا معهم فأنزل اللّه عز وجل ‪ :‬مَا َجعَلَ اللّهُ لِرَ ُجلٍ مِنْ قَ ْلَبيْنِ فِي‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫َجوْفِهِ [الحزاب‪" ]4 /‬‬
‫‪ -3‬ما يرد على القلب بسرعة ل لبث فيها ول بطء ‪ ،‬فعن أب هريرة قال‬
‫قال النب ‪ " :‬إذا نودي بالصلة ‪ ،‬أدبر الشيطان وله ضراط ‪ ،‬فإذا قضي أقبل‬
‫فإذا ثوب با أدبر ‪ ،‬فإذا قضي أقبل ‪ ،‬حت يطر بي النسان ‪ ،‬وقلبه فيقول ‪:‬‬
‫اذكر كذا وكذا ‪ ،‬حت ل يدري أثلثا صلى أم أربعا " ( ‪ ، )3‬وعنه أيضا أن‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫رسول اللّه قال ‪ " :‬اللّه أعددت لعبادي الصالي ما ل عي رأت ‪ ،‬ول أذن‬
‫سعت ‪ ،‬ول خطر على قلب بشر ‪ ،‬فاقرءوا إن شئتم ‪ :‬فَل َتعْلَمُ نَ ْفسٌ مَا‬
‫( ‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫أُ ْخ ِفيَ َلهُ ْم مِنْ قُ ّرةِ َأ ْعيُنٍ [السجدة‪" ]17 /‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه أحد ف السند ‪ )( 17145‬واللفظ له ‪ ،‬والبخارى بعناه ( ‪)1640‬‬
‫‪. 3/616‬‬
‫‪.2‬ضعيف السناد ‪ ،‬أخرجه ف الترمذى كتاب تفسي القرآن ( ‪ )3199‬وقال ‪ :‬حديث‬
‫حسن ‪ ،‬وقال اللبان ‪ :‬ضعيف السناد ‪ ، 5/348‬وأحد ف السند ( ‪. )2410‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب بدء اللق ‪. ( 3285) 6/388‬‬
‫‪ .4‬أخرجه البخارى ف كتاب بدء اللق ‪ ، ( 3244) 6/ 366‬ومسلم ف‬
‫كتاب النة ( ‪. 4/2174 )2824‬‬
‫الاطر ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫الاطر ف الصطلح الصوف ‪ ،‬خطاب يرد على الضمائر ‪ ،‬قد يكون بإلقاء‬
‫ملك ‪ ،‬وقد يكون بإلقاء شيطان ‪ ،‬ويكون بأحاديث النفس ‪ ،‬أو يكون من قبل‬
‫الق سبحانه ‪ ،‬فإذا كان من اللك فهو اللام ‪ ،‬وإذا كان من قبل النفس ‪ ،‬قيل‬
‫له الواجس ‪ ،‬وإذا كان من قبل الشيطان ‪ ،‬فهو الوسواس ‪ ،‬وإذا كان من قبل‬
‫اللّه سبحانه وإلقائه ف القلب فهو خاطر حق ‪ ،‬وجلة ذلك من قبيل الكلم‬
‫النفسى ( ‪. )1‬‬
‫يقول الارث الحاسب (ت‪243 :‬هـ) ف التيقظي لواطر السوء ‪:‬‬
‫( وكذلك من اشتغل باللّه عز وجل ‪ ،‬رد الاطر ‪ -‬يعن خاطر الشيطان ‪-‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫باشتغال قلبه بربه ‪ ،‬فهذه الفرقة للقرآن والسنة والصالي أتبع ‪ ،‬وعلى رد‬
‫الطرات أقوى وأبعد من الدع والنقص ‪ ،‬فهم ف الشتغال بربم دائبون ‪،‬‬
‫وبالذر إذا عرض الاطر متيقظون ‪ ،‬وبقوة الشتغال باللّه ‪ ،‬يسهل عليهم‬
‫( ‪)2‬‬
‫فحص الواطر إذا عرضت بفتنة ‪ ،‬فسلموا أو غنموا ‪ ،‬واتبعوا واستقاموا )‬
‫‪.‬‬
‫ويذكر لسهل بن عبد اللّه التسترى (ت‪293 :‬هـ) تفصيل دقيق ف‬
‫التعرف على الواطر ومصادرها ‪ ،‬وكيف أنا ابتلء من ال ‪ ،‬فيى أن الواطر‬
‫إذا كانت عن أواسط الداية ‪ ،‬وهى اللك والروح ‪ ،‬قدحت ف قلب العبد نورا‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬اللمع ص ‪. 263‬‬
‫‪ .2‬الرعاية لقوق اللّه ص ‪. 163 ، 162‬‬

‫أدركه الفظة ‪ ،‬وهم أملك اليمي فأثبتوها حسنات ‪ ،‬وكانت تقوى وهدى‬
‫ورشدا من خزائن الي ومفتاح الرحة ‪ ،‬وإن كانت الواطر عن أواسط الغواة‬
‫وهم العدو والنفس ‪ ،‬قدحت ف القلب ظلمة ونتنا ‪ ،‬أدرك ذلك الفظة من‬
‫أملك الشمال ‪ ،‬فكتبوها سيآت ‪ ،‬وكانت فجورا وضلل ‪ ،‬وهى من خزائن‬
‫الشر ومعالق العراض ‪ ،‬وكل هذا إلقاء من خالق النفس ومسويها ‪ ،‬وجبار‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫القلوب ومقلبها ‪ ،‬حكمة منه وعدل لن شاء ‪ ،‬ومنة وفضل لن أحب‬
‫ويروى عن أب السن الزين (ت‪328 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬للقلوب خواطر‬
‫يشوبا شئ من الوى ‪ ،‬لكن العقول القرونة بالتوفيق ‪ ،‬تزجر عنها وتنهى‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫والتوحيد أن توحد اللّه بالعرفة ‪ ،‬وتوحده بالعبادة ‪ ،‬وتوحده بالرجوع إليه ف‬
‫كل ما لك وما عليك ‪ ،‬وتعلم أن ما خطر بقلبك ‪ ،‬فاللّه تعال بلف ذلك‬
‫وتعلم أن أوصافه مباينة لوصاف خلقه ‪ ،‬باينهم لصفاته قدما ‪ ،‬كما باينوا‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫بصفاتم حدثا )‬
‫وقد أجاد أبو طالب الكى (ت‪386 :‬هـ) حي استقصى كل ما يتعلق‬
‫بالواطر ف النفوس ‪ ،‬وقسمها تقسيما دقيقا أحسب أنه ل يسبق إليه ف عصره‬
‫فجعلها عدة أقسام ( ‪: )3‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬من التراث الصوف ص ‪ ، 172‬وانظر قوت القلوب ‪. 123 /1‬‬
‫‪ .2‬السابق ص ‪. 384‬‬
‫‪ .3‬انظر قوت القلوب ‪. 115 ، 114 /1‬‬
‫( ‪ -1‬خاطر النفس وخاطر العدو ‪ ،‬وهذان ل يعدمهما عموم الؤمني ‪ ،‬وها‬
‫مذمومان مكوم لما بالسوء ‪ ،‬ول يردان إل بالوى وضد العلم ‪.‬‬
‫( ‪ -2‬خاطر الروح وخاطر اللك ‪ ،‬وهذان ل يعدمهما خصوص الؤمني ‪ ،‬وها‬
‫ممودان ل يردان إل بق ‪ ،‬وبا دل عليه العلم ‪.‬‬
‫( ‪ -3‬خاطر العقل وهو متوسط بي هذه الربعة ‪ ،‬وهو على نوعي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬يصلح للمذمومي ‪ ،‬فيكون حجة على العبد لا كان من تييز العقل‬
‫وتقسيم العقول ‪ ،‬لن العبد يدخل ف هواه بشهوة جعلت له ‪ ،‬واختيار‬
‫ل يعسر عليه من حيث ل يعقل ول إجبار ‪.‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫ب ‪ -‬ويصلح أيضا للمحمودين ‪ ،‬فيكون شاهدا للملك ‪ ،‬ومؤيدا لاطر‬
‫الروح ‪ ،‬ويثات العبد على حسن النية وصدق القصد ‪ ،‬ويب الكى أن‬
‫خاطر العقل ‪ ،‬إنا كان مع النفس تارة ‪ ،‬ومع اللك تارة أخرى حكمه‬
‫من اللّه تعال وإتقانا لصنعه ‪ ،‬ليدخل العبد ف الي والشر بوجود معقول‬
‫وصحة شهود وتييز ‪ ،‬فيكون عاقبة ذلك من الزاء والعقاب عائدا له‬
‫وعليه ‪ ،‬فاللّه سبحانه وتعال جعل النسان مكانا لريان أحكامه ‪ ،‬ومل‬
‫لنفاذ مشيئته ف مبان حكمته ‪.‬‬
‫( ‪ -4‬خاطر اليقي وهو روح اليان ‪ ،‬والعمل الذى يرك الرادة على الطاعة‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫والستجابة ‪ ،‬كمحصلة للخواطر اليانية التقدمة‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬انظر السابق ‪ ، 127 /1‬وهذا التقسيم تقسيم نفيس يتوافق مع الصول القرآنية‬
‫=‬
‫ويعرض الكى أيضا ‪ ،‬كيف يكن للنسان أن يفرق بي أنواع الواطر‬
‫ومصادرها ‪ ،‬والسلوك المثل حيالا ‪ ،‬فيحدد ذلك فيما يلى ( ‪: )1‬‬
‫[ ‪ - 1‬ما كان من لئح يلوح ف القلب ‪ ،‬من معصية ث يتقلب فل يثبت‬
‫فهذا نزغ من قبل العدو ‪.‬‬
‫[ ‪ - 2‬ما كان ف القلب من هوى ثابت ‪ ،‬أو حال مزعج دائم لبث ‪ ،‬فهو‬
‫من قبل النفس المارة بطبعها ‪ ،‬أو مطالبة منها بسوء عادتا ‪.‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫[ ‪ - 3‬ما ورد على العبد من هه بطيئة ‪ ،‬ووجد العبد فيها كراهيتها‬
‫فالاطر مركب ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الورود من قبل العدو ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬والكراهية من قبل الروح واليان ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫= والنبوية وما يؤخذ عليه هو تسمية نازع الشر والوى بالنفس ‪ ،‬ونازع الي بالروح‬
‫فهم أرادوا بالنفس ما كان معلول من أوصاف العباد ‪ ،‬أما النفس الت ورد ذكرها ف‬
‫القرآن ‪ ،‬فهى على ثلثة أنواع يشمل ‪ ،‬النفس الطمئنة ‪ ،‬والنفس اللوامة ‪ ،‬والنفس‬
‫المارة بالسوء ‪ ،‬كما أن ال تعال قال ف كتابه الكري ‪ :‬وََن ْفسٍ َومَا َسوّاهَا فَأَْلهَ َمهَا‬
‫[الشمس‪ ، ]8:7 /‬فجمع ف النفس بي جانبي نفسيي متقابلي‬ ‫فُجُو َرهَا وََت ْقوَاهَا‬
‫ومتضادين ‪ ،‬أحدها يدعو إل الي والخر ويض النسان عليه ‪ ،‬والثان يدعو إل‬
‫الشر ويرغبه فيه ‪ ،‬والنسان بينهما من حيث الستجابة بالختيار ف القبول أو الرد‬
‫كما أن النفس تطلق ف القرآن ويراد با معان أخرى ‪.1 .‬انظر السابق ‪127 /1‬‬
‫‪.‬‬
‫[ ‪ - 4‬ما وجد من هوى أو معصية ‪ ،‬ث ورد عليه النع من ذلك ‪ ،‬فالاطر‬
‫مركب أيضا ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الوى من قبل النفس ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬النع من قبل اللك ‪.‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫[ ‪ -5‬ما وجده عن خوف أو حياء ‪ ،‬أو ورع أو زهد ‪ ،‬وما شهده من تعظيم‬
‫وهيبة وإجلل فهذا كله من إرادة اليقي ‪ ،‬وهو من مزيد اليان ( ‪. )1‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬تشهد الصول القرآنية والنبوية لعظم ما أورده أبو طالب الكى من أركان أساسية‬
‫وََن ْفسٍ َومَا َسوّاهَا فَأَْلهَ َمهَا‬ ‫لتشكيلة الواطر ف قلب النسان ‪ ،‬فدل قوله تعال ‪:‬‬
‫[الشمس‪ ]8:7 /‬على وجود نازعي نفسيي متقابلي ومتضادين‬ ‫فُجُو َرهَا وََت ْقوَاهَا‬
‫ليس لحدها غلبة على الخر ‪ ،‬أو جدها الق تبارك وتعال ف القلب على سبيل‬
‫البتلء والمتحان ‪ ،‬تنبعث منهما الواطر ف النان بي أصبعي من أصابع الرحن‬
‫الول ويسمى نازع الي وفطرة النسان ومبعث التقوى واليان ‪ ،‬والثان يسمى‬
‫نازع الشر والوى ومبعث الفجور ف النسان ‪ ،‬وهذان النازعان يسهمان ف تشكيل‬
‫الواطر خيها وشرها ف منطقة حديث النفس ‪ ،‬قال ابن القيم ‪ ( :‬هيأ ال النسان‬
‫لقبول الكمال با أعطاه من الهلية والستعداد ث ذكر هذه الية ‪ :‬وََن ْفسٍ َومَا‬
‫ث قال ‪ :‬أخب ال عن قبول النفس للفجور‬ ‫َسوّاهَا فََأْلهَ َمهَا فُجُو َرهَا وََت ْقوَاهَا‬
‫والتقوى وأن ذلك نالا منه امتحانا واختبارا ‪ ،‬ث خص بالفلح من زكاها فنماها‬
‫وعلها ورفعها بآدابه الت أدب با رسله وأنبياءه وأولياءه وهي التقوى ‪ ،‬ث حكم‬
‫بالشقاء على من دساها فأخفاها وحقرها وصغرها وقمعها بالفجور ) انظر مدارج =‬
‫ويقول الكاشان ‪ ( :‬الاطر عند الصوفية يطلق على ما يطر بالبال ‪ ،‬ويطلق‬
‫أيضا على القلب ‪ ،‬وهذا من باب إطلق الال على الحل ‪ ،‬والاطر هو ما‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫= السالكي ‪ ، 381 /2‬وقد دلت الصول النبوية على وجود هاتفي ‪ ،‬يهتفان‬
‫قال ‪:‬‬ ‫بلمتي أحدها هو الشيطان ‪ ،‬والخر هو اللك ‪ ،‬فعن عبد ال بن مسعود‬
‫‪ " :‬ما منكم من أحد إل وقد وكل به قرينه من الن ‪ ،‬وقرينه من‬ ‫قال رسول ال‬
‫اللئكة ‪ ،‬قالوا ‪ :‬وإياك يا رسول ال ؟ قال ‪ :‬وإياي ‪ ،‬إل أن ال أعانن عليه ‪ ،‬فل‬
‫يأمرن إل بي " أخرجه مسلم ف كتاب صفة القيامة والنة والنار ‪، 4/2168‬‬
‫‪ " :‬إن للشيطان لة بابن آدم‬ ‫أيضا ‪ ،‬قال رسول ال‬ ‫ومن حديث ابن مسعود‬
‫وللملك لة ‪ ،‬فأما لة الشيطان ‪ ،‬فإيعاد بالشر وتكذيب بالق ‪ ،‬وأما لة اللك ‪ ،‬فإيعاد‬
‫بالي وتصديق بالق ‪ ،‬فمن وجد ذلك ‪ ،‬فليعلم أنه من ال ‪ ،‬فليحمد ال ومن وجد‬
‫الخرى ‪ ،‬فليتعوذ بال من الشيطان الرجيم " أخرجه الترمذى ف كتاب تفسي القرآن‬
‫‪ ،‬وبذا تظهر تشكيلة الواطر الت تتردد على ف النفس‬ ‫عن رسول ال ‪5/219‬‬
‫من النازعي والاتفي ‪ ،‬وعند التحقيق ‪ ،‬وعلى ما ذكره أبو طالب الكى ف نوعيات‬
‫الواطر الت تتردد على القلب إما مفردة وإما مركبة فإن نوعيات الواطر بذه القسمة‬
‫تنحصر ف ستة عشر نوعية ‪ ،‬فإما خاطر ينبعث من نازع التقوى ‪ ،‬أو خاطر ينبعث‬
‫من نازع الوى ‪ ،‬أو خاطر ينبعث من اللك ‪ ،‬أو خاطر ينبعث من الشيطان ‪ ،‬أو‬
‫خاطر مركب ينبعث من نازع التقوى ويعاونه اللك ‪ ،‬أو خاطر مركب ينبعث من‬
‫اللك ويعاونه نازع التقوى ‪ ،‬أو خاطر مركب ينبعث من نازع الوى ويعاونه‬
‫الشيطان ‪ ،‬أو خاطر مركب ينبعث من الشيطان ويعاونه الوى ‪ ،‬أو خاطر مركب‬
‫ينبعث من نازع التقوى ويثبطه الوى ‪ ،‬أو خاطر مركب ينبعث من اللك ويثبطه =‬
‫يرد على القلب من الطاب ‪ ،‬ربانيا كان أو ملكيا ‪ ،‬أو نفسانيا أو شيطانيا من غي‬
‫إقامة ‪ ،‬وقد يكون بوارد ل تعمل فيه للعبد ‪ ،‬ويفرق بينها تيزات الشرع ) ( ‪.)1‬‬
‫**********************************‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ -52‬الختــــــــــــم‬
‫**********************************‬
‫التم ‪ :‬التم على وجهي ‪:‬‬
‫( ‪ -1‬التم ف الحسوسات ‪ ،‬وهو على أوجه ‪:‬‬
‫أ‪ -‬ختم الشئ للستيثاق من ثبوته إل صاحبه ‪ ،‬والنع من تريفه ‪ ،‬وأغلب‬
‫ما يكون ف الكتب ‪ ،‬لا روى عن أنس بن مالك قال ‪ " :‬كتب النب‬
‫ــــــــــــــــــــ‬

‫= الوى ‪ ،‬أو خاطر مركب ينبعث من نازع التقوى ويثبطه الشيطان ‪ ،‬أو خاطر مركب‬
‫ينبعث من اللك ويثبطه الشيطان أو من الوى ويثبطه نازع التقوى أو ينبعث من‬
‫الوى ويثبطه إياء اللك أو أو ينبعث من الشيطان ويثبطه نازع التقوى أو ينبعث من‬
‫الشيطان ويثبطه إياء اللك ‪ ،‬ولكل من هذه الواطر امثلة ل يصيها إل ال ‪.‬‬

‫‪ .1‬لطائف العلم ‪ 441 ، 439 /1‬وانظر للتوسع والقارنة ف الواطر عند‬


‫الصوفية اللمع ص ‪ 418‬وما بعدها ‪ ،‬وروضة الطالبي لب حامد الغزال ص ‪، 9‬‬
‫ورسالة السترشدين للمحاسب ص ‪ ، 63‬وانظر آراء ابن عرب ف الواطر ف‬
‫الفتوحات الكية ‪ 2/565 ، 2/32‬وما بعدها ‪2/77 ، 3/97 ، 3/61 ،‬‬
‫وما بعدها ‪ 4/152 ،‬وشرح التجليات ص ‪ 156‬وما بعدها ‪.‬‬

‫كتابا ‪ ،‬أو أراد أن يكتب ‪ ،‬فقيل له ‪ :‬إنم ل يقرءون كتابا إل متوما ‪ ،‬فاتذ‬
‫خاتا من فضة نقشه ‪ ،‬ممد رسول اللّه كأن أنظر إل بياضه ف يده " ( ‪. )1‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫وقد يكون ف بدن النب للدللة على صدقه ‪ ،‬لا روى عن السائب بن يزيد‬
‫يقول ‪ " :‬ذهبت ب خالت إل النب فقالت ‪ :‬يا رسول اللّه ‪ ،‬إن ابن أخت‬
‫وجع ‪ ،‬فمسح رأسي ودعا ل بالبكة ث توضأ ‪ ،‬فشربت من وضوئه ‪ ،‬ث قمت‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫خلف ظهره ‪ ،‬فنظرت إل خات النبوة بي كتفيه مثل زر الجلة "‬
‫ب ‪ -‬التم للدللة على الغلق الذى ل يفتح ‪ ،‬كما ف حديث ابن عمر‬
‫رضي اللّه عنهما ‪ ،‬ف الثلثة الذين أواهم البيت إل غار ‪ ،‬فوقعت عليهم‬
‫صخرة سدت عليهم الغار ‪ ،‬وتوسلوا إل اللّه بصال أعمالم ‪ ،‬قال النب ‪" :‬‬
‫وقال الخر ‪ :‬اللّهم إن كنت تعلم أن كنت أحب امرأة من بنات عمي كأشد‬
‫ما يب الرجل النساء ‪ ،‬فقالت ‪ :‬ل تنال ذلك منها حت تعطيها مائة دينار‬
‫فسعيت فيها حت جعتها ‪ ،‬فلما قعدت بي رجليها ‪ ،‬قالت ‪ :‬اتق اللّه ول تفض‬
‫الات إل بقه فقمت وتركتها ‪ ،‬فإن كنت تعلم أن فعلت ذلك ابتغاء وجهك‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫فافرج عنا فرجة "‬
‫ج‪ -‬التم للدللة على بلوغ الخر ‪ ،‬فعن أب هريرة قال ‪" :‬خرج إلينا‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب العلم ‪. ( 65) 1/187‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الوضوء ‪. ( 190) 1/354‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب البيوع ‪. ( 2215) 4/477‬‬
‫رسول اللّه ‪ ،‬فقال ‪ :‬أقرأ عليكم ثلث القرآن ‪ ،‬فقرأ قل هو اللّه أحد اللّه‬
‫الصمد حت ختمها " ( ‪ ، )1‬وف حديث سهل بن سعد الساعدي ‪ ،‬قال النب‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ " :‬إن العبد ليعمل فيما يرى الناس عمل أهل النة ‪ ،‬وإنه لن أهل النار‬
‫ويعمل فيما يرى الناس عمل أهل النار ‪ ،‬وهو من أهل النة ‪ ،‬وإنا العمال‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫بواتيمها "‬
‫َختَمَ اللّ ُه عَلَى‬ ‫( ‪ -2‬التم ف العنويات تشبيها با سبق ‪ ،‬فقوله تعال ‪:‬‬
‫ُقلُوبِهِ ْم َوعَلَى سَ ْم ِعهِ ْم َوعَلَى َأْبصَا ِرهِ ْم غِشَاوَةٌ [البقرة‪ ، ]7 /‬وقوله تعال ‪ُ :‬قلْ‬
‫أَ َرَأْيتُمْ إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَ ْمعَكُ ْم َوَأْبصَارَكُ ْم وَ َختَ َم عَلَى قُلُوِبكُمْ [النعام‪، ]46 /‬‬
‫إشارة إل ما أجرى اللّه به العادة ‪ ،‬أن النسان إذا تناهى ف اعتقاد باطل ‪ ،‬أو‬
‫ارتكاب مظور ‪ ،‬ول يكون منه تلفت بوجه إل الق ‪ ،‬يورثه ذلك هيئة ترنه‬
‫على استحسان العاصى ‪ ،‬وكأنا يتم بذلك على قلبه ( ‪. )3‬‬
‫وعن أب هريرة ‪ ،‬أن رسول اللّه قال ‪ " :‬إن مثلي ومثل النبياء من قبلي‬
‫‪ ،‬كمثل رجل بن بيتا فأحسنه وأجله ‪ ،‬إل موضع لبنة من زاوية ‪ ،‬فجعل الناس‬
‫يطوفون به ‪ ،‬ويعجبون له ‪ ،‬ويقولون ‪ :‬هل وضعت هذه اللبنة قال ‪ :‬فأنا‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه مسلم ف كتاب صلة السافرين ‪. ( 812) 1/557‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الرقاق ‪. ( 6493) 11/337‬‬
‫‪ .3‬لسان العرب ‪ ، 12/163‬والفردات ف غريب القرآن ص ‪، 142،143‬‬
‫ومتار الصحاح ‪ ، 1/71‬وكتاب العي ‪. 4/241‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ ،‬قال رسول اللّه ‪ " :‬لينتهي‬ ‫اللبنة ‪ ،‬وأنا خات النبيي " ( ‪ ، )1‬وعنه أيضا‬
‫أقوام عن ودعهم المعات ‪ ،‬أو ليختمن اللّه على قلوبم ‪ ،‬ث ليكونن من‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫الغافلي "‬
‫التم ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫والتم ف الصطلح الصوف يرد على أنواع ‪ ،‬فتارة يعن من ختم اللّه تعال‬
‫به النبوة وهو نبينا ‪ ،‬كما تقدم ف حديث أب هريرة ‪ ،‬وتارة يعن بالتم‬
‫الدللة على الغلق الذى ل يفتح ‪ ،‬كقول القشيى ‪:‬‬
‫( التم على الشئ ينع ما ليس فيه أن يدخله وما فيه أن يرج منه ‪ ،‬وكذلك‬
‫حكم الق سبحانه ‪ ،‬بأل يفارق قلوب أعدائه ‪ ،‬ما فيها من الهالة والضللة‬
‫ول يدخلها شئ من البصية والداية ‪ ،‬على أساع قلوب غطاء الذلن سدت‬
‫تلك السامع عن إدراك خطاب الق من حيث اليان ‪ ،‬فوساوس الشيطان‬
‫وهواجس النفوس ‪ ،‬شغلتها عن استماع خواطر الق ‪ ،‬قال جل ذكره ‪َ :‬ختَمَ‬
‫اللّ ُه عَلَى قُلُوِبهِ ْم َوعَلَى سَ ْم ِعهِ ْم َوعَلَى َأْبصَا ِرهِمْ غِشَاوَ ٌة وََلهُ ْم عَذَابٌ عَظِيمٌ‬
‫[البقرة‪. )3 ( ) ]7 /‬‬
‫وتارة يريدون به الشخص الذى يتم اللّه به كل مقام ‪ ،‬وهو التحقق بنهاية‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب الناقب ‪. ( 3535) 6/645‬‬
‫‪ .2‬أخرجه مسلم ف كتاب المعة ‪. ( 865) 2/591‬‬
‫‪ .3‬لطائف العلم ‪. 1/441‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫كمال تلك الرتبة ‪ ،‬كما سى نبينا خات النبياء لجل ذلك ‪ ،‬وسى خاتهم‬
‫)‪.‬‬ ‫‪(1‬‬
‫لكونه آخرهم‬
‫وتارة يعن بالتم من يتم اللّه به الولية ‪ ،‬كما ذكر الكيم الترمذى ف‬
‫شأن خات الولياء وصفته ‪ ( :‬وما صفة ذلك الول الذىله إمامة الولية‬
‫ورياستها وختم الولية ؟ قال ‪ :‬ذلك من النبياء قريب ‪ ،‬يكاد يلحقهم ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫فأين مقامه ؟ قال ‪ :‬ف أعلى منازل الولياء ‪ ،‬ف ملك الفردانية ‪ ،‬وقد انفرد ف‬
‫وحدانيته ومناجاته ‪ ،‬كفاحا ف مالس اللك وهدياه من خزائن السعى ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫وما خزائن السعى ؟ قال ‪ :‬إنا هى ثلث خزائن ‪ :‬النن للولياء ‪ ،‬وخزائن‬
‫السعى لذا المام القائد ‪ ،‬وخزائن القرب للنبياء عليهم السلم ‪ ،‬فهذا خات‬
‫الولياء ‪ ،‬مقامه من خزائن النن ‪ ،‬ومتناوله من خزائن القرب ‪ ،‬فهو ف‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫السعى أبدا )‬
‫وختم الولية عند ابن عرب يرد على نوعي ‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬

‫‪ .1‬لطائف الشارات ‪. 1/60‬‬

‫‪ .2‬ختم الولياء ص ‪ 367،368‬وانظر الدراسة الت قدمها الدكتور عبد الفتاح عبد‬
‫ال بركه عن الكيم الترمذى ‪ ،‬بعنوان الكيم الترمذى ونظريته ف الولية ‪ ،‬طبعة‬
‫ممع البحوث السلمية بالزهر الشريف القاهرة سنة ‪1391‬هـ ‪1971 ،‬م ‪،‬‬
‫وانظر أيضا السلوك عند الكيم الترمذى ومصادره من السنة ‪ ،‬إعداد أحد عبد‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫الرحيم السايح رسالة دكتوراه ‪ ،‬مطوط بكتبة كلية أصول الدين ‪ ،‬جامعة الزهر‬
‫الشريف القاهرة سنة ‪1986‬م ‪.‬‬
‫أ‪ -‬ختم الولية العامة ‪ ،‬وهى للذى ل يوجد بعده ول ‪ ،‬وهو عندهم عيسى‬
‫عليه السلم ‪ ،‬يقول ابن عرب ‪ ( :‬فيكون عيسى عليه السلم خات الولياء‬
‫وهو أفضل هذه المة الحمدية ‪ ،‬فإنه وإن كان وليا ف هذه المة واللة‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الحمدية ‪ ،‬فهو نب ورسول ف نفس المر )‬
‫ب‪ -‬ختم الولية الاصة ‪ ،‬وهى لرجل من العرب ‪ ،‬جع علم كل ول‬
‫ممدى ‪ ،‬هو خات النبوة الطلقة يتم ال به الولية الحمدية ‪ ،‬فكما أن‬
‫ال ختم بحمد نبوة الشرائع ‪ ،‬كذلك ختم ال بالتم الحمدى الولية‬
‫الت تصل من الورث الحمدى ( ‪. )2‬‬
‫وختم هذه الولية الحمدية يدعيه ابن عرب لنفسه فقال ( ‪: )3‬‬
‫لورث الاشى مع السيح‬ ‫أنا ختم الولية دون شك‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الفتوحات الكية ‪ 1/185‬وانظر أيضا الزيد عن ختم الولياء ف ‪، 3/507‬‬
‫‪ 1/7 ، 3/400 2/49‬وما بعدها ‪ ،‬وانظر أيضا التجليات ‪ ،‬طبعة حيدر أباد‬
‫ص ‪ ، 8‬وعنقاء مغرب ص ‪ 18‬وما بعدها ‪ ،‬والدراسة الت قدمها الدكتور عبد‬
‫الميد مدكور ‪ ،‬الولية عند مى الدين ابن عرب ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬مطوط بكتبة‬
‫كلية دار العلوم جامعة القاهرة سنة ‪1980‬م ‪ ،‬وانظر أيضا ‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬


‫‪   ‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬
‫‪    ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .2‬السابق ‪. 2/49‬‬
‫‪ .3‬السابق ‪. 1/244‬‬

‫أجاهد كل ذى جسم وروح‬ ‫كما أن أبو بكر عتيق‬

‫وما ادعاه الترمذى وابن عرب أو غيها من الصوفية من وجود خات الولياء‬
‫الذى يكون ف آخر الزمان ‪ ،‬أو ختم الولية الحمدية ‪ ،‬وتفضيله وتقديه على‬
‫من تقدم من الولياء ‪ ،‬وأنه يكون معهم كخات النبياء مع النبياء ‪ ،‬فإنه ادعاء‬
‫باطل ل أصل له ف الكتاب والسنة ‪ ،‬فإن أفضل أولياء ال من هذه المة أبو‬
‫بكر وعمر وعثمان وعلى ‪ ،‬وغيهم من السابقي الولي ‪ ،‬من الهاجرين‬
‫والنصار ‪ ،‬كما ثبت ذلك بالنصوص الشهورة ‪ ،‬وخي القرون قرنه ‪ ،‬كما‬
‫روى عن عمران بن حصي رضي ال عنهما ‪ ،‬قال ‪ " :‬خي أمت قرن ‪ ،‬ث‬
‫الذين يلونم ‪ ،‬ث الذين يلونم ‪ ،‬قال عمران ‪ :‬فل أدري أذكر بعد قرنه قرني أو‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫ثلثا "‬
‫كما أن لفظ خات الولياء ‪ ،‬ل يوجد ف كلم أحد من سلف المة ‪ ،‬ول‬
‫أئمتها ‪ ،‬ول ذكر ف كتاب ال ول سنة رسوله ‪ ،‬وموجب هذا اللفظ أنه‬
‫آخر مؤمن تقي ‪ ،‬ومهما يكن ف المر ‪ ،‬فإن ال يقول ‪ :‬أَل ِإنّ َأوِْليَاءَ اللّهِ ل‬
‫ح َزنُونَ [يونس‪ ، ]62 /‬فكل من كان مؤمنا تقيا ‪ ،‬كان‬ ‫ف عََلْيهِمْ وَل هُ ْم يَ ْ‬
‫َخوْ ٌ‬
‫ل وليا ‪ ،‬وهم على درجتي ‪ :‬السابقون القربون ‪ ،‬وأصحاب اليمي القتصدون‬
‫كما قسمهم ال تعال ف القرأن ‪ ،‬وإذا كان خات الولياء آخر مؤمن تقى ف‬
‫الدنيا ‪ ،‬فليس ذلك الرجل أفضل الولياء ‪ ،‬ول أكملهم ‪ ،‬بل أفضلهم وأكملهم‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫سابقوهم ‪ ،‬والولياء وإن كان فيهم مدث ‪ ،‬كما روى عن أب هريرة عن‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب الناقب ‪. ( 3650) 7/5‬‬
‫النب أنه قال ‪ " :‬إنه قد كان فيما مضى قبلكم من المم ُمحَ ّدثُو َن ‪ ،‬وإنه إن‬
‫كان ف أمت هذه منهم ‪ ،‬فإنه عمر بن الطاب " ( ‪. )1‬‬

‫فهذا الديث يدل على أن الحدثي من هذه المة عمر ‪ ،‬وأبو بكر أفضل‬
‫منه إذ هو الصديق ‪ ،‬والحدث وإن كان يلهم ويدث من جهة ال تعال ‪ ،‬فعليه‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫أن يعرض ذلك على الكتاب والسنة ‪ ،‬فإنه ليس بعصوم‬
‫**********************************‬
‫‪ -53‬الخشــــــــــــوع‬
‫**********************************‬
‫الشوع ‪ :‬قريب من الضوع ‪ ،‬إل أن الضوع ف البدن ‪ ،‬والشوع ف‬
‫البدن والصوت والبصر ‪ ،‬ويعن النفاض والذل والسكون ‪ ،‬ومنه وصف‬
‫الرض بالشوع وهو يبسها وانفاضها ‪ ،‬وعدم ارتفاعها بالرى والنبات ‪ ،‬قال‬
‫تعال ‪َ :‬ومِ ْن آيَاتِهِ َأنّكَ تَرَى الَ ْرضَ خَا ِش َعةً فَِإذَا أَنزَْلنَا عََلْيهَا الْمَا َء اهْتَزّتْ‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫[فصلت‪]39 /‬‬ ‫وَ َربَت ْ‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب أحاديث النبياء ‪. ( 3469) 6/591‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .2‬انظر حقيقة مذهب التاديي لبن تيمية ص ‪ 115‬بتصرف وانظر أيضا نقد اين‬
‫تيمية كتاب ختم الولياء نشر عثمان يي ص ‪ ، 506‬ابن تيمية وفلسفة التصوف‬
‫للدكتور ممد سليمان داود ‪ ،‬الطبعة الثالثة سنة ‪1402‬هـ ‪1983‬م ص‬
‫‪ 198‬وما بعدها ‪.‬‬
‫‪ .3‬لسان العرب ‪ ، 2/27‬مدارج السالكي لبن قيم الوزية ‪. 1/558‬‬
‫ويطلق الشوع على شدة الضوع والتذلل الصحوب بالرجفة ‪ ،‬قال تعال ‪:‬‬
‫خرّونَ ِللَذْقَا ِن َيبْكُونَ َويَزِي ُدهُمْ خُشُوعًا [السراء‪ ، ]109 /‬وقال ‪ :‬قَدْ‬ ‫َويَ ِ‬
‫أَفَْل َح الْ ُم ْؤمِنُونَ الّذِي َن هُمْ فِي صَلِتهِمْ خَا ِشعُون َ [الؤمنون‪ ، ]2 /‬وقال ‪:‬‬
‫َويَ ْدعُونَنَا َر َغبًا وَ َرهَبًا وَكَانُوا َلنَا خَا ِشعِيَ [النبياء‪. ]90 /‬‬
‫قال رسول ال ‪ " :‬إن ناسا يزعمون أن‬ ‫ومن حديث النعمان بن بشي‬
‫الشمس والقمر ‪ ،‬ل ينكسفان إل لوت عظيم من العظماء ‪ ،‬وليس كذلك‬
‫إن الشمس والقمر ‪ ،‬ل ينكسفان لوت أحد ول لياته ‪ ،‬ولكنهما آيتان من‬
‫آيات ال عز وجل ‪ ،‬إن ال عز وجل إذا بدا لشيء من خلقه خشع له ‪ ،‬فإذا‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫رأيتم ذلك ‪ ،‬فصلوا كأحدث صلة صليتموها من الكتوبة "‬
‫ويطلق الشوع أيضا على التواضع بالسكنة ‪ ،‬كما قال ابن عباس ف‬
‫متضرعا‪ ،‬فصلى‬
‫‪‬‬ ‫الستسقاء ‪ " :‬خرج رسول اللّه متواضعا ‪ ،‬متبذل متخشعا‬
‫ركعتي كما يصلي ف العيدين ‪ ،‬ول يطب خطبتكم هذه " ( ‪. )2‬‬
‫وعن أب هريرة ‪ ،‬أن رسول اللّه قال ‪ " :‬هل ترون قبلت ها هنا ؟‬
‫( ‪)3‬‬
‫فواللّه ما يفى علي خشوعكم ول ركوعكم إن لراكم من وراء ظهري "‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .1‬أخرجه النسائى ف كتاب الكسوف ‪ ، ( 1485) 3/141‬وابن ماجة ف كتاب‬
‫إقامة الصلة ‪ ، ( 1262) 1/401‬وأحد ف السند ‪ ، )( 18377‬ورواه ابن‬
‫خزية ف صحيحه ( ‪ 2/329 )1402‬وهو حديث صحيح ‪.‬‬
‫‪ .2‬أخرجه النسائى ف كتاب الستسقاء ‪ )( 1521‬وهو حديث حسن ‪. 3/163 ،‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب الصلة ‪. ( 418) 1/612‬‬
‫‪ " :‬ما من امرئ‬ ‫ومن حديث عمرو بن سعيد ‪ ،‬قال رسول اللّه‬
‫مسلم تضره صلة مكتوبة ‪ ،‬فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها ‪ ،‬إل‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫كانت كفارة لا قبلها من الذنوب ما ل يؤت كبية ‪ ،‬وذلك الدهر كله "‬
‫ويستعمل الشوع ف القلب والوارح ‪ ،‬وإن كان خشوع الوارح لزم‬
‫لشوع القلب لنا تتبعه ‪ ،‬فقوله تعال ‪ :‬وَا ْستَعِينُوا بِالصّبْ ِر وَالصّل ِة َوإِّنهَا‬
‫َل َكبِيَةٌ إِل عَلَى الْخَا ِشعِيَ [البقرة‪ ]45 /‬يدل عليهما معا ‪ ،‬فمن خشوع القلب‬
‫شعَ قُلُوُبهُمْ لِذِكْرِ اللّهِ [الديد‪]16 /‬‬ ‫قوله تعال ‪ :‬أَلَ ْم َي ْأنِ ِللّذِينَ آ َمنُوا أَ ْن تَخْ َ‬
‫وعن زيد بن أ ‪ ،‬كان رسول اللّه يقول ‪:‬‬
‫" اللّهم إن أعوذ بك من علم ل ينفع ‪ ،‬ومن قلب ل يشع ‪ ،‬ومن نفس ل‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫تشبع ‪ ،‬ومن دعوة ل يستجاب لا "‬
‫صوَاتُ‬
‫ش َعتْ الَ ْ‬
‫ومن خشوع الوارح قوله تعال ف خشوع الصوت ‪ :‬وَخَ َ‬
‫لِلرّحْمنِ فَل تَسْمَعُ إِل هَمْسًا [طه‪ ، ]108 /‬وقوله ف خشوع البصر ‪:‬‬
‫خَا ِش َعةً َأْبصَا ُرهُمْ تَ ْر َهقُهُمْ ذِّلةٌ [القلم‪ ، ]43 /‬وف خشوع جيع الوارح ‪ ،‬ما‬
‫ورد عن علي بن أب طالب ‪ ،‬أن رسول اللّه كان إذا ركع قال ‪ " :‬اللّهم‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫لك ركعت ‪ ،‬وبك آمنت ‪ ،‬ولك أسلمت ‪ ،‬خشع لك سعي وبصري ‪،‬‬
‫ومي وعظمي وعصب " ( ‪ ، )3‬وف رواية أخرى عن على ‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه مسلم ف كتاب الطهارة ‪. ( 228) 1/206‬‬
‫‪ .2‬أخرجه مسلم ف كتاب الذكر ‪. ( 2722) 4/2088‬‬
‫‪ .3‬أخرجه مسلم ف كتاب صلة السافرين ‪. ( 771) 1/534‬‬
‫" خشع سعي وبصري ‪ ،‬ومي وعظمي وعصب ‪ ،‬وما استقلت به قدمي ‪ ،‬ل‬
‫رب العالي " ( ‪ ، )1‬وثالثة عن جابر بن عبد ال ‪ " :‬خشع سعي وبصري‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫ودمي ولمي ‪ ،‬وعظمي وعصب ‪ ،‬ل رب العالي "‬
‫الشوع ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫قيام القلب بي يدى الرب بالضوع والذل والنقياد للحق ‪ ،‬واتفقوا على أن‬
‫الشوع مله القلب ‪ ،‬وقد استدلوا له بقوله تعال ‪َ :‬قدْ أَفْلَ َح الْ ُم ْؤ ِمنُو َن الّذِينَ‬
‫هُمْ فِي صَلِتهِمْ خَا ِشعُون [الؤمنون‪ ، )3 ( ]2 /‬وأقوالم فيه تتوافق مع الصول‬
‫القرآنية ‪ ،‬روى عن الفضيل بن عياض (ت‪187 :‬هـ) ‪ ( :‬كان يكره أن يرى‬
‫على الرجل من الشوع ‪ ،‬أكثر ما ف قلبه ) ( ‪ ، )4‬وروى عن أب سليمان‬
‫(‬
‫الداران (ت‪215 :‬هـ) قال ‪ ( :‬لكل شئ حلية ‪ ،‬وحلية الصدق الشوع )‬
‫‪ )5‬وللجنيد بن ممد (ت‪297 :‬هـ) لا سئل عن الشوع ؟ قال ‪ ( :‬تذلل‬
‫( ‪)6‬‬
‫‪.‬‬ ‫القلوب لعلم الغيوب )‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .1‬أخرجه أحد ف السند ‪ )( 963‬والترمذى ف كتاب الدعوات ( ‪ )3421‬وقال‬
‫الشيخ اللبان ‪ :‬صحيح ‪. 5/485‬‬
‫‪ .2‬أخرجه النسائى ف كتاب التطبيق ‪ )( 1051‬وقال الشيخ اللبان ‪ :‬صحيح‬
‫‪ 2/192‬وأخرجه بن خزية ف صحيحه ( ‪. 1/306 )607‬‬
‫‪ .3‬الرسالة القشيية ‪. 1/380‬‬
‫‪ .4‬السابق ‪. 1/383‬‬
‫‪ .6‬الرسالة القشيية ‪. 1/382‬‬ ‫‪ .5‬طبقات الصوفية ص ‪. 81‬‬
‫وينسب للحكيم الترمذى (ت‪320 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬الاشع من خدت‬
‫نيان شهوته ‪ ،‬وسكن دخان صدره ‪ ،‬وأشرق نور التعظيم ف قلبه ‪ ،‬فماتت‬
‫شهوته ‪ ،‬وحى قلبه ‪ ،‬فخشعت جوارحه ) ( ‪ ، )1‬وروى عن أب على الدقاق‬
‫(ت‪410 :‬هـ) أنه قال ف قوله تعال ‪َ :‬و ِعبَادُ الرّحْم ِن الّذِي َن يَمْشُونَ عَلَى‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫ض َهوْنًا [الفرقان‪ ]63 /‬معناه ‪ :‬متواضعي متخاشعي‬
‫الَ ْر ِ‬
‫ويقسم الروى الشوع إل درجات ثلث‪:‬‬
‫الول ‪ :‬التذلل للمر ‪ ،‬والستسلم للحكم ‪ ،‬والتضاع لنظر الق ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬ترقب آفات النفس والعمل ‪ ،‬ورؤية فضل كل ذى فضل عليك ‪.‬‬
‫الثالثة ‪ :‬حفظ الرمة عند الكاشفة ‪ ،‬وتصفية الوقت من مزايا اللق ‪ ،‬وتريد‬
‫رؤية الفضل ( ‪. )3‬‬
‫ويذكر الكاشان أن الشوع ف اصطلح الطائفة ‪ ،‬عبارة عن خود النفس‬
‫وهود الطباع ‪ ،‬لتعاظم أو مفزع ‪ ،‬والراد بمود النفس موتا ‪ ،‬وبمود الطباع‬
‫سكونا ‪ ،‬والراد بالطباع هنا قوى النفس ‪ ،‬والتعاظم من له عظمة ومهابة ف‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫القلوب ‪ ،‬والفزع من له سطوة تشى ‪ ،‬ونقمة تتقى ‪ ،‬ويقسم الشوع إل‬
‫نوعي ‪ :‬خشوع العامة ‪ :‬بسبب الرهبة من الوعيد ‪ ،‬والوف من التهديد‬
‫وخشوع الاصة ‪ :‬بسبب دواعى القيقة ‪ ،‬إل حفظ الرمة مع الق ‪ ،‬وتريد‬
‫( ‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫القصد له وحده من دون اللق‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .3‬نازل السائرين ص‬ ‫‪ .2‬السابق ‪. 1/382‬‬ ‫‪ .1‬السابق ‪. 1/382‬‬
‫‪ .4‬لطائف‬ ‫‪ 12‬وانظر أيضا مدارج السالكي ‪. 558 /1‬‬
‫العلم ‪. 1/443‬‬
‫**********************************‬
‫‪ - 54‬الخشيـــــــــــــة‬
‫**********************************‬
‫الشية ‪ :‬الشية خوف يشوبه تعظيم ‪ ،‬وأكثر ما يكون ذلك عن علم با‬
‫يشى منه ‪ ،‬ولذلك خص العلماء با ف قوله تعال ‪ِ :‬إنّمَا يَخْشَى اللّهَ مِنْ‬
‫ِعبَا ِد ِه الْعَُلمَاء ُ [فاطر‪. )1 ( ]28 /‬‬
‫وعن أب هريرة ‪،‬عن النب قال ‪ " :‬أسرف رجل على نفسه ‪ ،‬فلما‬
‫حضره الوت أوصى بنيه ‪ ،‬فقال ‪ :‬إذا أنا مت فأحرقون ‪ ..‬فإذا هو قائم ‪ ،‬فقال‬
‫له ما حلك على ما صنعت ؟ فقال ‪ :‬خشيتك يا رب ‪ ،‬أو قال ‪ :‬مافتك فغفر‬
‫له بذلك " ( ‪ )2‬والشية ترد على نوعي ‪:‬‬
‫( ‪ - 1‬خشية الخلوق وهى باعتبار الدح والذم نوعان ‪:‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫ش الّذِينَ َل ْو تَرَكُوا مِ ْن‬
‫خ َ‬
‫أ‪ -‬الشية المدوحة ومنها قوله تعال ‪ :‬وَْليَ ْ‬
‫ضعَافًا خَافُوا عََلْيهِمْ [النساء‪ ، ]9 /‬وقوله ‪َ :‬فخَشِينَا َأنْ‬‫خَ ْل ِفهِمْ ذُ ّرّيةً ِ‬
‫يُ ْر ِه َقهُمَا طُ ْغيَانًا وَ ُكفْرًا [الكهف‪ ]80 /‬وعن ابن عمر أن رجل سأل‬
‫رسول ال عن صلة الليل ؟ فقال رسول ال ‪ " :‬صلة الليل مثن‬
‫(‬
‫مثن فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى "‬
‫‪. )3‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬لسان العرب ‪ ، 14/228‬الفردات ص ‪. 149‬‬
‫‪ .2‬أخرجه مسلم ف كتاب التوبة ‪. ( 2756) 4/2109‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب المعة ‪. ( 991) 2/554‬‬
‫وقال عبد الرحن بن عوف ‪ ،‬وقد أت يوما بطعامه ‪ " :‬قتل مصعب‬
‫بن عمي ‪ ،‬وكان خيا من ‪ ،‬فلم يوجد له ما يكفن فيه إل بردة‬
‫أو رجل آخر خي من ‪ ،‬فلم يوجد له ما يكفن فيه ‪ ،‬إل‬ ‫وقتل حزة‬
‫بردة لقد خشيت أن يكون قد عجلت لنا طيباتنا ف حياتنا الدنيا ‪ ،‬ث جعل‬
‫يبكي " ( ‪ ، )1‬ومن حديث عائشة أم الؤمني رضى ال عنها ‪ " :‬فرجع‬
‫رسول ال يرجف فؤاده ‪ ،‬فدخل على خدية بنت خويلد رضي ال‬
‫عنها فقال ‪ :‬زملون زملون ‪ ،‬فزملوه حت ذهب عنه الروع ‪ ،‬فقال لدية‬
‫وأخبها الب ‪ ،‬لقد خشيت على نفسي ‪ ،‬فقالت خدية ‪ :‬كل وال ما‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫يزيك ال أبدا )‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫ب‪ -‬ومن الشية الذمومة ‪ ،‬قول ال تعال ‪ :‬إِل الّذِي َن ظَلَمُوا مِْنهُمْ فَل‬
‫ش ْونِي [البقرة‪ ، ]150 /‬وقوله تعال ‪ :‬وَل َت ْقتُلُوا َأوْلدَكُمْ‬ ‫ش ْوهُ ْم وَاخْ َ‬
‫تَخْ َ‬
‫ح ُن نَرْزُُقهُم ْ [السراء‪ ، ]31 /‬وقال تعال ‪ِ :‬إذَا َفرِي ٌق ِمنْهُمْ‬ ‫شَيةَ ِإمْلقٍ نَ ْ‬‫خَ ْ‬
‫شَيةً [النساء‪ ، ]77 /‬وقالت عائشة‬ ‫شَيةِ اللّهِ َأوْ َأشَدّ خَ ْ‬
‫ش ْو َن النّاسَ كَخَ ْ‬‫يَخْ َ‬
‫رضى ال عنها ‪ " :‬صنع النب شيئا فرخص فيه ‪ ،‬فتنه عنه قوم ‪ ،‬فبلغ‬
‫ذلك النب ‪ ،‬فخطب فحمد ال ‪ ،‬ث قال ‪ :‬ما بال أقوام يتنهون عن‬
‫الشيء أصنعه ‪ ،‬فوال إن لعلمهم بال ‪ ،‬وأشدهم له خشية " ( ‪. )3‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب النائز ‪. ( 1274) 3/168‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف الوضع السابق ‪. ( 4) 1/47‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب الدب ‪. ( 6101) 10/529‬‬
‫‪ ،‬قال رسول اللّه ‪ " :‬أما واللّه إن‬ ‫ويناظره أيضا حديث أنس بن مالك‬
‫لخشاكم ل وأتقاكم له ‪ ،‬لكن أصوم وأفطر ‪ ،‬وأصلي وأرقد ‪ ،‬وأتزوج النساء‬
‫فمن رغب عن سنت فليس من " ( ‪ ، )1‬ومن حديث أب سعيد الدرى قال‬
‫‪ " :‬ل يقر أحدكم نفسه ‪ ،‬قالوا ‪ :‬يا رسول ال كيف يقر أحدنا نفسه ؟‬
‫قال ‪ :‬يرى أمرا ل عليه فيه مقال ‪ ،‬ث ل يقول فيه ‪ ،‬فيقول ال عز وجل له يوم‬
‫القيامة ‪ :‬ما منعك أن تقول ف كذا وكذا ‪ ،‬فيقول ‪ :‬خشية الناس ‪ ،‬فيقول ‪:‬‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫فإياي كنت أحق أن تشى "‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫( ‪ - 2‬خشية الالق ‪ ،‬وغالبا ما تقترن بالدمع والبكاء ‪ ،‬قال تعال ‪َ :‬وَأمّا مَنْ‬
‫سعَى َو ُه َو يَخْشَى َفأَْنتَ َعنْ ُه تََلهّى [عبس‪ ، ]9 /‬وقوله تعال ‪ :‬مَنْ‬
‫جَا َءكَ يَ ْ‬
‫وعن أب هريرة ‪ ،‬قال‬ ‫[ق‪]33 /‬‬ ‫ب ُمنِيبٍ‬
‫ب وَجَا َء ِبقَ ْل ٍ‬
‫شيَ الرّحْمَ َن بِاْل َغيْ ِ‬
‫خَ ِ‬
‫رسول ال ‪ " :‬ل يلج النار ‪ ،‬رجل بكى من خشية ال ‪ ،‬حت يعود اللب ف‬
‫الضرع " ( ‪ ، )3‬وعن ابن عباس رضى ال عنهما قال ‪ " :‬عينان ل تسهما‬
‫( ‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫النار ‪ ،‬عي بكت من خشية ال ‪ ،‬وعي باتت ترس ف سبيل ال "‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب النكاح ‪. ( 5063) 9/5‬‬
‫‪ .2‬أخرجه ابن ماجة ف الفت ‪ )( 4008‬وقال الشيخ اللبان ‪ :‬ضعيف ‪. 2/132‬‬
‫‪ .3‬الترمذى ف فضائل الهاد ‪ )( 1633‬وقال اللبان ‪ :‬صحيح ‪. 4/171‬‬
‫‪ .4‬أخرجه الترمذى ف الوضع السابق ( ‪ )1639‬وقال اللبان ‪ :‬صحيح ‪4/175‬‬
‫وانظر رسالة ماجستي بعنوان الوف والشية والوجل ف القرآن الكري إعداد حسن‬
‫عبد اللطيف مصطفى كلية أصول الدين جامعة الزهر الشريف سنة ‪1989‬م ‪.‬‬
‫الشية ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫الشية ف الصطلح الصوف ‪ ،‬وردت على العن السابق غي أنا درجة أقل‬
‫من درجة الوف ‪ ،‬فالشية عندهم ترتبط بالعلم ‪ ،‬والوف يرتبط بالشاهدة‬
‫كما ذكر عن أب بكر الوراق (ت‪:‬بعد ‪250‬هـ) قال ‪ ( :‬من صحت معرفته‬
‫باللّه ظهرت عليه اليبة والشية ) ( ‪ ، )1‬ويذكر للجنيد بن ممد (ت‪:‬‬
‫‪297‬هـ) أن صاحب الشية ‪ ،‬من كبحه لام العلم ‪ ،‬وقام بق الشرع ‪،‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫والتجأ إل ال عز وجل ( ‪ ، )2‬ويقول الكيم الترمذى (ت‪320 :‬هـ) ‪ ( :‬من‬
‫أراد ال هدايته واكتنفته رأفته ورحته ‪ ،‬ومنحه طريق مبته ‪ ،‬فسبيله إذا فتح‬
‫عليه هذا الطريق أن يرزقه خشيته ‪ ،‬وإنا برزت الشية من العلم به ‪ ،‬فإذا علمه‬
‫القلب خشيه وإنا ينال العلم من الفتح ‪ ،‬فإذا فتح ال له شاهد الشياء ببصر‬
‫قلبه ‪ ،‬فعلمه فخشيه ‪ ،‬وإذا التزم القلب الشية ‪ ،‬حشاه ال بالحبة ‪ ،‬فيكون‬
‫بالشية معتصما ما كره ال سبحانه مهما دق أو جل ‪ ،‬ويكون بالحبة منبسطا‬
‫ف أموره ذا شجاعة ) ( ‪ ، )3‬ويبي أن ال لو ترك العبد مع الشية ‪ ،‬ل نقبض‬
‫وعجز عن كثي من أموره ‪ ،‬ولو تركه مع الحبة وحدها ‪ ،‬ل ستبدى وتعدى ‪،‬‬
‫لن النفس تيج ببهجة الحبة ‪ ،‬ولكنه تبارك اسه لطف به ‪ ،‬فجعل الشية‬
‫بطانته ‪ ،‬والحبة ظهارته ‪ ،‬حت يستقيم به قلبه ‪ ،‬فيى التبسم والنطلق‬
‫والسعة ف وجه ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬طبقات الصوفية ص ‪. 226‬‬
‫‪ .2‬الرسالة القشيية ‪. 1/344‬‬
‫‪ .3‬ختم الولياء ص ‪. 405‬‬
‫العبد وأموره وذلك لظهور الحبة على قلبه ‪ ،‬ومع ذلك ف داخله أمثال البال‬
‫خشية ( ‪. )1‬‬
‫ويقول ف موضع آخر ‪ ( :‬أصحاب الشية ‪ ،‬هم أهل العلم بال ‪ ،‬أما‬
‫أصحاب الوف فهم أرباب الشاهدة ‪ ،‬فمثل الوائل كمثل رجل ف نر‬
‫ومثل الخرين كمثل رجل ف بر ‪ ،‬ومثل صاحب الشية ‪ ،‬كمن رأى أثر‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫مالب السد على الطريق ‪ ،‬ومثل الايف كمن شاهد السد ولقيه واقفا على‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫الطريق ‪ ،‬وهو قوله تعال ‪ِ :‬إنّ َربّكَ َلبِالْ ِمرْصَادِ [الفجر‪) ]14 /‬‬
‫ويذكر أبو نصر السراج الطوسى (ت‪387 :‬هـ) ‪ ،‬أن ال عز وجل حث‬
‫سبُونَ َأنّمَا نُ ِم ّدهُمْ بِهِ مِ ْن مَالٍ‬‫الؤمني على السارعة إل اليات ‪ ،‬فقال ‪َ :‬أيَحْ َ‬
‫شعُرُونَ [الؤمنون‪ ، ]56:55 /‬فاستفاد‬ ‫خيْرَاتِ بَل ل يَ ْ‬
‫ي نُسَا ِرعُ َلهُمْ فِي الْ َ‬
‫َوَبنِ َ‬
‫أهل الفهم من هذه الية ‪ ،‬أن أول السارعة إل اليات هو التقلل من الدنيا ‪،‬‬
‫وترك الهتمام بالرزق ‪ ،‬والتباعد والفرار من المع والنع ‪ ،‬باختيار القلة على‬
‫الكثرة والزهد ف الدنياعلى الرغبة فيها ‪ ،‬ث ذكر الذين يسارع لم ف‬
‫ش ِفقُونَ [العارج‪/‬‬ ‫اليات ووصفهم فقال ‪ :‬وَالّذِينَ هُ ْم مِ ْن عَذَابِ َرّبهِ ْم مُ ْ‬
‫‪ ]27‬فوصفهم بالشفاق من الشية ‪ ،‬والشية والشفاق اسان باطنان ‪ ،‬وها‬
‫عملن من أعمال القلب ‪ ،‬فالشية سر ف القلب خفى ‪ ،‬والشفاق من الشية‬
‫أخفى من الشية ‪ ،‬وهو الذى ذكر ال تعال ‪ ،‬فقال ‪َ :‬يعْلَمُ السّ ّر َوأَ ْخفَى‬
‫[طه‪ ]7 /‬ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬السابق ص ‪. 405‬‬
‫‪ .2‬السابق ص ‪ ، 41‬ص ‪. 42‬‬
‫وقد قيل ‪ :‬إن الشية انكسار القلب من دوام النتصاب بي يدى ال تعال‬
‫ث من بعد هذه الرتبة الشريفة ‪ ،‬والال الرفيعة الت وصفهم ال تعال با من‬
‫الشية والشفاق وغي ذلك ‪ ،‬قال ‪ :‬وَالّذِي َن هُ ْم بِآيَات ِ َرّبهِ ْم ُي ْؤمِنُونَ‬
‫[الؤمنون‪ ]58 /‬وكانوا قبل الشية والشفاق مؤمني بآيات ال ‪ ،‬فعلم أنه أراد‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫بذلك زيادة اليان )‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫ويروى عن أب على الدقاق (ت‪410 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬الشية من شرط‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫العلم ‪ ،‬لقوله تعال ‪ِ :‬إنّمَا يَخْشَى اللّ َه مِ ْن ِعبَا ِد ِه الْعَُلمَاءُ [فاطر‪) ]28 /‬‬
‫ويذكر القشيى (ت‪465 :‬هـ) أن الجارة منها ما تظهر عليه آثار‬
‫خشية ال ‪ ،‬أما القلوب إذا منيت بإعراض الق عنها ‪ ،‬وخصت بانتزاع‬
‫ستْ قُلُوُبكُمْ‬ ‫اليات منها فهى كالجارة أو أشد قسوة ‪ ،‬قال تعال ‪ :‬ثُمّ قَ َ‬
‫حجَا َرةِ لَمَا َيَتفَجّ ُر ِمنْهُ‬
‫سوَ ًة َوِإنّ مِ ْن الْ ِ‬
‫حجَا َرةِ َأوْ َأشَدّ قَ ْ‬
‫مِ ْن َبعْدِ ذَلِكَ َف ِهيَ كَالْ ِ‬
‫شَيةِ اللّهِ‬‫خرُجُ مِنْ ُه الْمَا ُء َوِإنّ ِمْنهَا لَمَا َي ْهبِطُ مِنْ خَ ْ‬‫ا َلْنهَارُ َوإِ ّن ِمنْهَا لَمَا يَشّقّقُ َفيَ ْ‬
‫َومَا اللّ ُه ِبغَافِ ٍل عَمّا َتعْمَلُونَ [البقرة‪ )3 ( ]74 /‬وقال أبو حامد الغزال (ت‪:‬‬
‫‪505‬هـ) ف بيان العلقة بي البكاء والشية ‪ :‬البكاء ثرة الشية ‪ ،‬وكل ما‬
‫ورد ف فضل البكاء من خشية ال ‪ ،‬فهو إظهار لفضيلة الشية ‪ ،‬قال تعال ‪:‬‬
‫( ‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫[السراء‪]109 /‬‬ ‫خرّونَ ِللَذْقَا ِن َيبْكُونَ َويَزِي ُدهُمْ خُشُوعًا‬
‫َويَ ِ‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬اللمع ص ‪. 117:116‬‬
‫‪ .2‬الرسالة القشيية ‪. 1/343‬‬
‫‪ .4‬إحياء علوم الدين‬ ‫‪ .3‬لطائف الشارات ‪. 100 ، 1/99‬‬
‫‪. 4/171‬‬
‫**********************************‬
‫‪ -55‬الُخلُــــــــــــق‬
‫**********************************‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫الُلق ‪ :‬اللق يراد به القوى والسجايا الدركة بالبصية ‪ ،‬وقد يكون اللق‬
‫فطريا أو كسبيا ( ‪ ، )1‬فمن اللق على معن السجية الفطرية ‪ ،‬ما روى عن‬
‫‪ ،‬قال ‪ " :‬خرج رسول اللّه زمن الديبية ‪ ،‬فقالوا ‪:‬‬ ‫السور بن مرمة‬
‫خلت القصواء ‪ ،‬خلت القصواء ‪ ،‬فقال النب ‪ :‬ما خلت القصواء ‪ ،‬وما‬
‫ذاك لا بلق ‪ ،‬ولكن حبسها حابس الفيل " ( ‪ ، )2‬وعن حذيفة بن أسيد‬
‫الغفاري ‪ ،‬قال ‪ " :‬إن النطفة تقع ف الرحم أربعي ليلة ‪ ،‬ث يتصور عليها‬
‫اللك فيقول ‪ :‬يا رب ‪ ،‬أذكر أو أنثى ؟ ‪ ،‬فيجعله اللّه ذكرا أو أنثى ‪ ،‬ث يقول ‪:‬‬
‫يا رب أسوي أو غي سوي ؟ ‪ ،‬فيجعله اللّه سويا أو غي سوي ‪ ،‬ث يقول ‪ :‬يا‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫رب ما رزقه ما أجله ما خلقه ؟ ‪ ،‬ث يعله اللّه شقيا أو سعيدا "‬
‫ومن اللق على معن السلوك الكتسب ‪ ،‬قوله تعال ف وصف خلق النب‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪َ :‬وِإنّكَ َلعَلى ُخلُ ٍق عَظِيمٍ [القلم‪ ، ]4 /‬وعن الباء بن‬
‫عازب ‪ ،‬أن النب قال لعفر ‪ " :‬أشبهت خلقي وخلقي " ( ‪ ، )4‬وقالت‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬لسان العرب ‪ ، 10/85‬والفردات ص ‪. 157‬‬
‫)‪. ( 2734‬‬ ‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الشروط ‪5/416‬‬
‫‪ .3‬أخرجه مسلم ف كتاب القدر ‪. ( 2645) 4/2038‬‬
‫‪ .4‬أخرجه البخارى ف كتاب الصلح ‪. ( 2700) 5/358‬‬
‫امرأة ثابت بن قيس ‪ " :‬يا رسول اللّه ‪ ،‬إن ل أعتب على ثابت ف دين ول‬
‫خلق ‪ ،‬ولكن ل أطيقه ‪ ،‬فقال رسول اللّه ‪ :‬فتردين عليه حديقته ؟ قالت ‪:‬‬
‫‪ " :‬إن من أخيكم‬ ‫‪ ،‬قال رسول اللّه‬ ‫نعم " ( ‪ ، )1‬وعن مسروق‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ ،‬قال‬ ‫أحسنكم خلقا " ( ‪ ، )2‬ومن حديث النواس بن سعان النصاري‬
‫سألت رسول اللّه عن الب والث ؟ ‪ ،‬فقال ‪ " :‬الب حسن اللق ‪ ،‬والث ما‬
‫حاك ف صدرك ‪ ،‬وكرهت أن يطلع عليه الناس " ( ‪ ، )3‬وقالت عائشة رضى ال‬
‫عنها ‪ " :‬ما كان خلق أبغض إل رسول اللّه من الكذب " ( ‪ ، )4‬وعن أب ذر‬
‫قال ‪ " :‬قال ل رسول اللّه ‪ ،‬اتق اللّه حيثما كنت ‪ ،‬وأتبع السيئة السنة‬
‫تحها ‪ ،‬وخالق الناس بلق حسن " ( ‪. )5‬‬
‫واللوق نوع من الطيب أصفر اللون ‪ ،‬وقيل له خلوق لتحلى النسان به‬
‫قال عمار بن ياسر ‪ " :‬تلقت خلوقا ‪ ،‬فجئت إل رسول ال ‪ ،‬فانتهرن‬
‫وقال ‪ :‬اذهب يا ابن أم عمار ‪ ،‬فاغسل عنك " ( ‪ ، )6‬وف رواية أخرى ‪ ،‬قال‬
‫‪ " :‬قدمت على أهلي ليل ‪ ،‬وقد تشققت يداي فخلقون بزعفران ‪ ،‬فغدوت‬
‫على النب فسلمت عليه ‪ ،‬فلم يرد علي ول يرحب ب ‪ ،‬وقال ‪ :‬اذهب‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب الطلق ‪. ( 5275) 9/307‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الدب ‪. ( 6029) 10/466‬‬
‫‪ .3‬أخرجه مسلم ف كتاب الب ‪. ( 2553) 4/1980‬‬
‫‪ .4‬أخرجه الترمذى ف كتاب الب والصلة ‪ )( 1973‬وقال اللبان ‪ :‬حسن ‪4/348‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ .5‬أخرجه الترمذى ف كتاب الب والصلة ‪ )( 1987‬وقال اللبان ‪ :‬حسن ‪4/355‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ .6‬أخرجه أبو داود ف السنن ( ‪ )4601‬وحسنه اللبان ‪. 4/199‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫فاغسل هذا عنك ‪ ،‬فذهبت فغسلته ث جئت ‪ ،‬وقد بقي علي منه ردع فسلمت‬
‫فلم يرد علي ول يرحب ب ‪ ،‬وقال ‪ :‬اذهب فاغسل هذا عنك ‪ ،‬فذهبت فغسلته‬
‫ث جئت فسلمت عليه ‪ ،‬فرد علي ورحب ب وقال ‪ :‬إن اللئكة ل تضر جنازة‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الكافر بي ‪ ،‬ول التضمخ بالزعفران ول النب "‬
‫اللق ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫اللق ف الصطلح الصوف ‪ ،‬هو ما يرجع إليه الكلف من نعته ‪ ،‬فخلق كل‬
‫ملوق هو ما اشتملت عليه نعوته وصفاته ‪ ،‬فكأن الراد باللق ‪ ،‬صفات النفس‬
‫فإن كانت ممودة ‪ ،‬فهو على خلق ممود ‪ ،‬وإن كانت مذمومة فهو على خلق‬
‫مذموم ( ‪. )2‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه أبو داود ف كتاب الترجل ‪ )( 4176‬وقال الشيخ اللبان ‪ :‬حسن ‪4/79‬‬
‫وأخرجه البيهقى ف السنن الكبى ( ‪ ، 5/36 )8754‬وانظر عن الخلق ف‬
‫الكتاب والسنة ‪ ،‬رسالة دكتوراه بعنوان الفضائل اللقية ف السلم ‪ ،‬إعداد أحد عبد‬
‫الرحن إبراهيم ‪ ،‬مكتبة كلية دار العلوم سنة ‪1977‬م ‪ ،‬دستور الخلق ف القرآن‬
‫الكري للدكتور ممد عبد ال دراز ‪ ،‬ترجة الدكتور عبد الصبور شاهي ‪،‬سنة‬
‫‪1973‬م وتذيب الخلق لب على أحد مسكويه ‪ ،‬تقيق قسطنطي زريق ‪ ،‬طبعة‬
‫دار الياة بيوت ‪ ،‬والتاه الخلقى ف السلم للدكتور مقداد بالن ‪ ،‬مطبعة‬
‫الانى ‪ ،‬طبعة أول سنة ‪1973‬م ‪،‬وله أيضا ‪ :‬التربية الخلقية ف السلم ‪،‬سنة‬
‫‪1977‬م ‪ ،‬وتاريخ الخلق ف السلم للدكتور ممد يوسف موسى سنة‬
‫‪1952‬م ‪.‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .2‬لطائف العلم ‪. 1/452‬‬
‫وعبارات الصوفية ف مصطلح اللق ‪ ،‬تعب ف أغلبها عن الصول القرآنية‬
‫والنبوية ‪ ،‬فروى عن أب عثمان الغرب (ت‪373 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬حسن‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫اللق هو الرضا عن ال تعال )‬
‫ويروى أيضا عن أب سعيد الراز (ت‪279 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬اللق هو‬
‫أن ل يكون لك هم غي ال تعال ) ( ‪ ، )2‬ويذكر أن سهل بن عبد اللّه التسترى‬
‫(ت‪293 :‬هـ) سئل عن حسن اللق ؟ ‪ ،‬فقال ‪ ( :‬أدناه الحتمال ‪ ،‬وترك‬
‫الكافأة ‪ ،‬والرحة للظال ‪ ،‬والستغفار له ‪ ،‬والشفقة عليه ‪ ،‬وأن ل يتهم الق ف‬
‫الرزق ويثق به ‪ ،‬ويسكن إل الوفاء با ضمن ‪ ،‬فيطيعه ول يعصيه ف جيع‬
‫المور فيما بينه وبينه ‪ ،‬وفيما بينه وبي الناس ) ( ‪ )3‬ويروى عن شاه الكرمان‬
‫(ت‪:‬قبل ‪300‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬علمة حسن اللق ‪ ،‬هو كف الذى ‪،‬‬
‫واحتمال الؤن ) ( ‪. )4‬‬
‫وربا يعل بعضهم اللق على معن بعيد ‪ ،‬فيه نوع من الخالفة ‪ ،‬كما‬
‫يروى عن أب بكر الواسطى (ت‪:‬بعد ‪320‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬اللق العظيم أن‬
‫ل ياصم ول ياصم من شدة معرفته بال تعال ‪ ،‬وحسن اللق ‪ ،‬إرضاء اللق‬
‫ف السراء والضراء ‪ ،‬واللق العظيم وصف به نبينا ‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬إحياء علوم الدين ‪. 3/57‬‬
‫‪ .2‬الرسالة القشيية ‪. 2/495‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .3‬إحياء علوم الدين ‪. 3/57‬‬
‫‪ .4‬الرسالة القشيية ‪. 2/496‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫َوِإّنكَ َلعَلى ُخُل ٍق َعظِي ٍم [القلم‪ ]4 /‬لنه جاد بالكوني واكتفى بال تعال )‬
‫‪.‬‬
‫وقوله جاد بالكوني فيه نظر ‪ ،‬لنه يعن الدنيا والخرة ‪ ،‬والذى تدل عليه‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫الصول القرآنية والنبوية أنه جعل الدنيا وسيلة إل الخرة‬
‫ويذكر القشيى (ت‪465 :‬هـ) أن اللق السن أفضل مناقب العبد ‪ ،‬وبه‬
‫يظهر جواهر الرجال ‪ ،‬والنسان مستور بَلقه ‪ ،‬مشهود بُلقه ‪ ،‬ويستدل لسن‬
‫اللق بقوله تعال ‪َ :‬وِإنّكَ َلعَلى ُخلُ ٍق عَظِيمٍ [القلم‪ ، ]4 /‬ومن السنة ما روى‬
‫عن أنس قيل ‪ " :‬يا رسول ال ‪ :‬أى الؤمني أفضل إيانا ؟ قال ‪ :‬أحسنهم‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫خلقا )‬
‫ويقرر أبو حامد الغزال ف الكشف عن حقيقة اللق السن ‪ ،‬أن الَلق‬
‫والُلق عبارتان مستعملتان معا ‪ ،‬يقال ‪ :‬فلن حسن اللق واللق أى حسن‬
‫الباطن والظاهر ‪ ،‬فياد باللق الصورة الظاهرة ‪ ،‬ويراد باللق الصورة الباطنة‬
‫وذلك لن النسان مركب من جسد مدرك بالبصر ‪ ،‬ومن روح ونفس مدرك‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬إحياء علوم الدين ‪ 3/57‬وانظر السابق ‪. 2/494‬‬
‫‪ .2‬انظر للتعرف على الزيد ف موقف أوائل الصوفية من الخلق ‪ ،‬الوجهة الخلقية‬
‫للتصوف السلمى ف القرن الثالث الجرى للدكتور أب اليزيد العجمى ‪ ،‬مكتبة كلية‬
‫دار العلوم جامعة القاهرة سنة ‪1976‬م ‪.‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .3‬الرسالة ‪ 2/494‬والديث حسن صحيح ‪ ،‬أخرجه الترمذى ف كتاب الرضاع عن‬
‫سُنهُمْ خُُلقًا وَ ِخيَارُكُمْ‬
‫أب هريرة ( ‪ )1162‬بلفظ ‪ ( :‬أَكْمَ ُل الْ ُم ْؤمِِنيَ ِإيَانًا أَحْ َ‬
‫خِيَارُكُمْ ِلنِسَاِئهِمْ خُُلقًا ) ‪ ،‬وقال الشيخ اللبان ‪ :‬حسن صحيح ‪. 3/466‬‬
‫بالبصية ‪ ،‬ولكل واحد منهما هيئة وصورة ‪ ،‬إما قبيحة وإما جيلة ‪ ،‬فالنفس‬
‫الدركة بالبصية ‪ ،‬أعظم قدرا من السد الدرك بالبصر ‪ ،‬ولذلك عظم ال أمره‬
‫ختُ فِيهِ‬‫بإضافته إليه ‪ ،‬إذ قال تعال ‪ِ :‬إنّي خَالِ ٌق بَشَرًا مِ ْن طِيٍ فَِإذَا َس ّوْيتُهُ َوَنفَ ْ‬
‫مِنْ رُوحِي َف َقعُوا لَ ُه سَاجِدِينَ [ص‪ ، ]72:71 /‬فنبه على أن السد منسوب إل‬
‫الطي ‪ ،‬والروح إل رب العالي ‪ ،‬فالُلق عبارة عن هيئة ف النفس راسخة عنها‬
‫تصدر الفعال بسهولة ويسر من غي حاجة إل فكر ورؤية ‪ ،‬فإن كانت اليئة‬
‫بيث تصدر عنها الفعال الميلة الحمودة عقل وشرعا ‪ ،‬سيت تلك اليئة‬
‫خلقا حسنا ‪ ،‬وإن كان الصادر عنها الفعال القبيحة ‪ ،‬سيت اليئة الت هى‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الصدر خلقا شيئا‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬إحياء علوم الدين ‪ 3/58‬وانظر للتوسع والقارنة الراجع التية ‪ :‬الخلق بي‬
‫الفلسفة وحكماء السلم للدكتور مصطفى حلمى ‪ ،‬مطبعة دار الثقافة العربية طبعة‬
‫أول ‪ ،‬الفلسفة الخلقية ف الفكر السلمى ‪ ،‬للدكتور أحد ممود صبحى ‪ ،‬طبعة‬
‫دار العارف ‪ ،‬الشكلة الخلقية لندريه كريسون ‪ ،‬ترجة الدكتور عبد الليم ممود‬
‫سنة ‪1946‬م ‪ ،‬فلسفة الخلق نشأتا وتطورها ‪ ،‬للدكتور توفيق الطويل ‪ ،‬طبعة‬
‫دار النهضة العربية ‪ ،‬طبعة ثالثة سنة ‪1976‬م ‪ ،‬ف العقيدة والخلق للدكتور ممد‬
‫بيصار طبعة سنة ‪1973‬م ‪ ،‬فلسفة الخلق ف السلم ‪ ،‬للدكتور ممد يوسف‬
‫موسى سنة ‪1942‬م ‪ ،‬الخلق بي العقل والنقل للدكتور أب اليزيد أب زيد‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫العجمى ‪ ،‬مكتبة دار الثقافة العربية سنة ‪ ، 1988‬الخلق دراسة فلسفية دينية‬
‫للدكتور عبد الفتاح أحد الفاوى ‪ ،‬طبعة مطبعة البلوى ‪ ،‬القاهرة سنة ‪، 1990‬‬
‫الخلق بي الفلسفة والسلم للدكتور عبد القصود عبد الغن ‪ ،‬طبعة مكتبة‬
‫الزهراء ‪ ،‬القاهرة سنة ‪1987‬م ‪.‬‬
‫ويقسم الكاشان الُلق عند الصوفية إل أنواع ( ‪: )1‬‬
‫أ‪ -‬اللق السن مع الق ‪ :‬وهو علم العبد أن كل ما يأتى منه يوجب عذرا‬
‫لنه لنقصانه ل يبدو منه إل النقص ‪ ،‬وأن كل ما يأتى من الق يوجب‬
‫شكرا ‪ ،‬لن الود الكامل ل يصدر عنه إل الود والتفضل ‪.‬‬
‫ب‪ -‬اللق السن مع اللْق ‪ :‬هو الستجمع أمورا ثلثة وهى ‪ :‬بذل العروف‬
‫واحتمال الذى وكفه ‪ ،‬وإنا كان كف الذى من جلة مكارم الخلق‬
‫لنه لا كان العبد متمكنا من فعل الذى وكفه ‪ ،‬ث تركه من خشية ال‬
‫تعال ‪ ،‬كان جزاؤه أن يكتسب له حسنة ‪.‬‬
‫حـ‪ -‬اللق الكامل ‪ :‬هو الستجمع أمور ثلثة ‪ ،‬هى العلم والود والصب‬
‫وهذه الوصاف الثلثة ‪ ،‬هى الت ل يصح لحد تسي خلقه مع الق ول‬
‫مع اللق إل بالتصاف بميعها ‪.‬‬
‫د‪ -‬اللق العظيم ‪ :‬هو أكمل ما يكن أن يتصف به إلنسان من مكارم‬
‫الخلق ‪ ،‬ولذا جعها ال ف نبينا ممد ‪ ،‬قال تعال ‪َ :‬وِإنّكَ َلعَلى‬
‫خُلُ ٍق عَظِيمٍ [القلم‪. ]4 /‬‬
‫ويدر التنبيه على أن التصوف ف مرحلته الول ‪ ،‬عرف بأنه دعوة إل‬
‫الخلق الفاضلة ‪ ،‬كما نسب إل أب السي النورى (ت‪295 :‬هـ) أنه قال‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ ( :‬ليس التصوف رسوما ول علوما ‪ ،‬ولكنه أخلق ) ( ‪ ، )2‬وينسب أيضا‬
‫لحمد ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬لطائف العلم ‪. 1/454:452‬‬
‫‪ .2‬كشف الحجوب ص ‪ ، 52‬طبقات الصوفية ص ‪. 167‬‬
‫الرتعش (ت‪328 :‬هـ) ‪ ( :‬التصوف حسن اللق ) ( ‪ ، )1‬ويذكر لب بكر‬
‫الكتان (ت‪322 :‬هـ) ‪ ( :‬التصوف خلق ‪ ،‬فمن زاد عليك ف اللق ‪ ،‬فقد‬
‫زاد عليك ف التصوف ) ( ‪ ، )2‬إل أن التصوف ل يعد معبا عن الخلق ‪،‬‬
‫ورأى كثي من الصوفية عدم كفاية الخلق ‪ ،‬لشباع التصوف وامتلئه ‪،‬‬
‫يقول الدكتور عبد الليم ممود مصورا هذه القيقة ‪ ( :‬يتجه الكثي من الناس‬
‫ف تعريف التصوف إل الانب الخلقى ‪ ،‬وهذا التاه شائع عند الصوفية‬
‫أنفسهم ‪ ،‬وعند غيهم من الباحثي ف التصوف والؤرخي له ‪ ،‬وهذا التاه ل‬
‫يعب عن التصوف تعبيا دقيقا ‪ ،‬فالذين ذكروا التعريف الخلقى للتصوف‬
‫ذكروا هم أنفسهم تعاريف أخرى ‪ ،‬وذلك على القل يدل دللة ل لبس فيها‬
‫على أنم ‪ ،‬ل يروا كفاية الانب الخلقى ف تديد التصوف وتعريفه ) ( ‪. )3‬‬
‫**********************************‬
‫‪ - 56‬الخلـــــــــــــة‬
‫**********************************‬
‫اللة ‪ :‬خالص الودة ‪ ،‬مأخوذة من تلل السرار بي الصديقي ‪ ،‬يقول‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .1‬السابق ص ‪. 52‬‬
‫‪ .2‬الرسالة ‪ ، 2/495‬وانظر السابق ص ‪. 48‬‬
‫‪ .3‬قضية التصوف النقذ من الضلل ‪ ،‬للدكتور عبد الليم ممود ‪ ،‬الطبعة الثانية دار‬
‫العارف ‪ ،‬سنة ‪1985‬م ص ‪. 39 ،38‬‬
‫ال تعال ‪ :‬يَا َأيّهَا الّذِينَ آ َمنُوا أَن ِفقُوا مِمّا رَزَ ْقنَاكُ ْم مِنْ َقبْلِ َأنْ َي ْأتِ َي َي ْومٌ ل َبيْعٌ‬
‫فِي ِه وَل خُّل ٌة وَل َشفَا َعةٌ وَاْلكَافِرُونَ هُمْ الظّالِمُونَ [البقرة‪ ، ]254 /‬وقوله تعال‬
‫‪ :‬وَاتّخَذَ اللّهُ ِإبْرَاهِيمَ خَلِيل [النساء‪ ، ]125 /‬أى جعله صفوة له ‪ ،‬وخصه‬
‫بكراماته ‪ ،‬قال ثعلب ‪ :‬إنا سى الليل خليل ‪ ،‬لن مبته تتخلل القلب ‪ ،‬فل‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫تدع فيه خليل إل ملته‬
‫واللة درجة أعلى من الحبة ‪ ،‬وهى ثابتة ف القرآن والسنة لنبيي اثني ‪ ،‬ها‬
‫إبراهيم وممد عليهما الصلة والسلم ‪ ،‬فعن عبد اللّه بن مسعود أن النب‬
‫قال ‪ " :‬لو كنت متخذا خليل ‪ ،‬لتذت أبا بكر خليل ‪ ،‬ولكنه أخي‬
‫وصاحب ‪ ،‬وقد اتذ اللّه عز وجل صاحبكم خليل " ( ‪ ، )2‬وعن جندب قال‬
‫سعت النب قبل أن يوت بمس ‪ ،‬وهو يقول ‪ " :‬إن أبرأ إل اللّه أن يكون‬
‫ل منكم خليل ‪ ،‬فإن اللّه تعال قد اتذن خليل ‪ ،‬كما اتذ إبراهيم خليل ‪ ،‬ولو‬
‫كنت متخذا من أمت خليل ‪ ،‬لتذت أبا بكر خليل ‪ ،‬أل وإن من كان قبلكم‬
‫كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصاليهم مساجد ‪ ،‬أل فل تتخذوا القبور مساجد‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫إن أناكم عن ذلك "‬
‫اللة ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬فتح القدير ‪. 1/370‬‬
‫‪ .2‬أخرجه مسلم ف كتاب فضائل الصحابة ‪. ( 2383) 4/1855‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب الصلة ( ‪ ، 1/665 )466‬ومسلم ف كتاب‬
‫الساجد ومواضع الصلة ( ‪ 1/377 )532‬واللفظ له ‪.‬‬
‫واللة ترد عند أغلب الصوفية حول العن القرآن السابق ‪ ،‬فإما يقصدون‬
‫باللة أن تتل جيع العضاء بب الحبوب ‪ ،‬أو يعنون تلية القلب عما سوى‬
‫الحبوب ‪ ،‬أو تلل مودة ف القلب ل تدع فيه خلء إل ملته ( ‪. )1‬‬
‫ويذكر القشيى أن اللة لبسة يلبسها الق لن شاء ‪ ،‬ل صفة يكتسبها العبد‬
‫وأن الليل هو الحتاج بالكلية إل الق ف كل نفَس ‪ ،‬ليس له شئ منه ‪ ،‬بل‬
‫هو باللّه ل ف جيع أنفاسه وأحواله ‪ ،‬اشتقاقا من اللة الت هى الصاصة وهى‬
‫الاجة ‪ ،‬ويقال ‪ :‬إنه من اللة الت هى الحبة ‪ ،‬واللة أن تباشر الحبة جيع‬
‫أجزائه ‪ ،‬وتتخلل سره حت ل يكون فيه مساغ للغي ‪ ،‬قال تعال ‪ :‬وَاتّخَذَ اللّهُ‬
‫ِإبْرَاهِيمَ خَلِيل [النساء‪ ، ]125 /‬فلما صفاه اللّه سبحانه عنه وأخله منه ‪ ،‬نصبه‬
‫للقيام بقه ‪ ،‬بعد امتحائه عن كل شئ إل اللّه سبحانه ( ‪. )2‬‬
‫واللة من منظور وحدة الوجود هى تقق العبد بصفات الق ‪ ،‬بيث تلله‬
‫الق فيكون العبد مرآة الق ( ‪. )3‬‬
‫ومعن قوله تعال ‪ :‬وَاتّخَذَ اللّهُ ِإبْرَاهِيمَ خَلِيل [النساء‪ ، ]125 /‬أى ياله‬
‫ويداخله ف خلل ذاته وصفاته وأفعاله ‪ ،‬بيث ل يذر منها بقية ‪ ،‬أو يسد خلله‬
‫ويقوم بدل ما يفن منه ‪ ،‬عند تكميله وفقره إليه ( ‪. )4‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .2‬لطائف الشارات ‪، 1/367‬‬ ‫‪ .1‬كشاف التهانوى ص ‪. 232‬‬
‫‪. 368‬‬
‫‪ .3‬معجم الكاشان ص ‪. 179‬‬
‫‪ .4‬تفسي القرآن لبن عرب ‪ ، 1/289‬وقارن مع أدب الدنيا والدين ‪،‬للماوردى طبعة‬
‫مطبعة السعادة سنة ‪1921‬م ص ‪. 21‬‬

‫قال ابن عرب ‪ ( :‬إنا سى الليل خليل ‪ ،‬لتخلله وحصره جيع ما اتصف به‬
‫الذات اللية ‪ ،‬قال الشاعر ‪:‬‬
‫قد تللت مسلك الروح من ‪ :‬وبذا سى الليل خليل‬
‫كما يتخلل اللون التلون ‪ ،‬فيكون العرض بيث جوهره ‪ ،‬ما هو الكان‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫التمكن ‪ ،‬أو لتخلل الق وجود صورة إبرهيم )‬
‫وليست درجة اللة أعلى من الحبة عندهم ‪ ،‬كما ورد ف الصول القرآنية‬
‫ولكنها أدون وأقل ‪ ،‬يقول الكاشان ‪ ( :‬الليل وإن كان أعلى مرتبة من‬
‫الصفى ‪ ،‬لكنه أدون من البيب ‪ ،‬لن الليل مب يوشك أن يتوهم فيه بقية‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫غيية والبيب مبوب ل يتصور فيه ذلك )‬
‫**********************************‬
‫‪ - 57‬الخلــــــــــــوة‬
‫**********************************‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫اللوة ‪ :‬خل فلن بفلن صار معه ف خلء ‪ ،‬ويرد على عدة معان ( ‪: )3‬‬
‫‪ -1‬خل بعن انفرد وانتهى إل خلوة كقوله تعال ‪ :‬ا ْقتُلُوا يُوسُفَ َأوْ‬
‫اطْرَحُوهُ ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬فصوص الكم ص ‪ ، 88 ، 87‬والفتوحات الكية ‪ 2/362‬وما بعدها ‪ ،‬وانظر‬
‫تعليق الدكتور أب العل عفيفى ف شرحه على الفصوص ف معن الليل ‪. 2/57‬‬
‫‪ .2‬تفسي القرآن لبن عرب ‪. 1/289‬‬
‫‪ .3‬لسان العرب ‪ ، 11/218‬والفردات ص ‪ ، 158‬وكتاب العي ‪. 4/306‬‬
‫أَرْضًا َيخْلُ َلكُ ْم وَجْهُ َأبِيكُمْ [يوسف‪ ، ]9 /‬وقوله ‪َ :‬وإِذَا َخَلوْا إِلَى َشيَاطِيِنهِمْ‬
‫سَتهْ ِزئُونَ [البقرة‪ ، ]14 /‬وقال النب ‪ ،‬لعمر بن‬ ‫قَالُوا ِإنّا َم َعكُمْ ِإنّمَا نَحْ ُن مُ ْ‬
‫الطاب ‪ " :‬يا عمر إنك رجل قوي ‪ ،‬ل تزاحم على الجر ‪ ،‬فتؤذي‬
‫الضعيف ‪ ،‬إن وجدت خلوة فاستلمه ‪ ،‬وإل فاستقبله فهلل وكب " ( ‪ ، )1‬وعن‬
‫ابن عباس رضي اللّه عنهما ‪ ،‬أنه سع النب ‪ ،‬يقول ‪ " :‬ل يلون رجل بامرأة‬
‫ول تسافرن امرأة إل ومعها مرم " ( ‪ ، )2‬وقال خبيب بن الرت ‪ " :‬كنت مع‬
‫رسول اللّه ف طريق مكة ‪ ،‬فأصبت خلوة من رسول اللّه ‪ ،‬فدنوت منه‬
‫فقال ‪ :‬قل أعوذ برب الفلق حت ختمها ‪ ،‬ث قال ‪ :‬قل أعوذ برب الناس حت‬
‫ختمها ‪ ،‬ث قال ‪ :‬ما تعوذ الناس بأفضل منهما " ( ‪ ، )3‬وقال سعد بن معاذ‬
‫لمية بن خلف ‪ " :‬انظر ل ساعة خلوة ‪ ،‬لعلي أن أطوف بالبيت ‪ ،‬فخرج به‬
‫قريبا من نصف النهار " ( ‪. )4‬‬
‫‪ -2‬خل بعن سبق ومضى ‪ ،‬ومنه قوله تعال ‪ :‬كُلُوا وَاشْ َربُوا َهنِيئًا بِمَا‬
‫سْبتُمْ َأنْ تَ ْدخُلُوا‬
‫َأسَْل ْفتُمْ فِي الَيّا ِم الْخَاِلَيةِ [الاقة‪ ، ]24 /‬وقوله ‪َ :‬أمْ حَ ِ‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫جّن َة وَلَمّا َي ْأتِكُ ْم َمثَ ُل الّذِينَ خََلوْا مِنْ َقبِْلكُمْ [البقرة‪ ، ]214 /‬وعن ابن عمر‬
‫الْ َ‬
‫رضي اللّه عنهما ‪ ،‬عن رسول اللّه قال ‪ " :‬إنا أجلكم ف أجل من خل من‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪.1‬ضعيف ‪ ،‬أخرجه أحد ف السند ‪ )( 191‬ف سنده رجل مبهم ‪ ،‬والبيهقى ف السنن‬
‫الكبى ( ‪. 5/80 )9043‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الهاد ‪. ( 3006) 6/166‬‬
‫‪ .3‬صحيح السناد أخرجه النسائى ف كتاب الستعاذة ‪. ( 5429) 8/250‬‬
‫‪ .4‬أخرجه البخارى ف كتاب الغازى ‪. ( 3950) 7/329‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫المم ‪ ،‬ما بي صلة العصر إل مغرب الشمس )‬
‫‪ -3‬خل من المر برء منه ول يصبه ‪ ،‬قال ‪ " :‬مر النب بامرأة ‪ ،‬وهي‬
‫تبكي عند قب ‪ ،‬فقال ‪ :‬اتقي اللّه واصبي ‪ ،‬فقالت ‪ :‬إليك عن ‪ ،‬فإنك خلو من‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫مصيبت "‬
‫‪ -4‬وخليت فلنا تركته ‪ ،‬يقال لكل ترك تلية ‪ ،‬نو قوله تعال ‪ :‬فَِإنْ تَابُوا‬
‫َوأَقَامُوا الصّل َة وَآتَوْا الزّكَاةَ َفخَلّوا َسبِيَلهُمْ [التوبة‪ ، ]5 /‬وعن السور بن مرمة‬
‫قال رسول ال ‪ " :‬يا ويح قريش لقد أكلتهم الرب ماذا عليهم لو خلوا بين‬
‫وبي سائر الناس فإن أصابون كان الذي أرادوا وإن أظهرن ال عليهم دخلوا‬
‫ف السلم " ( ‪ )3‬وقال ابن عمر رضي ال عنهما ‪ " :‬رأيت على عهد النب‬
‫كأن بيدي قطعة إستبق فكأن ل أريد مكانا من النة إل طارت إليه ورأيت‬
‫كأن اثني أتيان أرادا أن يذهبا ب إل النار فتلقاها ملك فقال ل ترع خليا عنه‬
‫( ‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫"‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ -5‬والرأة اللية الخلة عن الزوج ‪ ،‬وقال مالك رحه ال ف الرجل يقول‬
‫لمرأته ‪ :‬أنت خلية ‪ ،‬أو برية ‪ ،‬أو بائنة ‪ ( :‬إنا ثلث تطليقات للمرأة الت قد‬
‫( ‪)5‬‬
‫‪.‬‬ ‫دخل با )‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب أحاديث النبياء ‪. ( 3459) 6/571‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الحكام ‪. ( 7154) 13/142‬‬
‫‪ .3‬أخرجه أحد ف السند ‪ )( 18431‬والبخارى ف كتاب الشروط ( ‪. )2734‬‬
‫‪ .4‬أخرجه البخارى ف كتاب المعة ‪. ( 1158) 3/48‬‬
‫‪ .5‬انظر موطأ مالك كتاب الطلق ‪. 2/584‬‬
‫اللوة ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫واللوة ف الصطلح الصوف ‪ ،‬تأتى على معن النفراد والوحدة والتخلى‬
‫لذكر ال ‪ ،‬فاللفظ باق عندهم على معناه اللغوى ‪ ،‬روى عن بشر بن الاف‬
‫(ت‪227 :‬هـ) أنه قال فيمن يتفرد ويتار اللوة ‪ ( :‬ليتق ال تعال عند‬
‫خلوته وليلزم بيته ‪ ،‬وليكن أنيسه ال عز وجل وكلمه ) ( ‪ ، )1‬ويروى عن ذى‬
‫النون الصرى (ت‪245 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬ل أر شيئا أبعث لطلب الخلص‬
‫من الوحدة ‪ ،‬لنه إذا خل ل ير غي اللّه تعال ‪ ،‬فإذا ل ير غيه ل يركه إل‬
‫حكم اللّه ‪ ،‬ومن أحب اللوة ‪ ،‬فقد تعلق بعمود الخلص واستمسك بركن‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫كبي من أركان الصدق )‬
‫وينسب ليحى بن معاذ الرازى (ت‪258 :‬هـ) أن السلم ف خلوة دائمة‬
‫لن اللوة ‪ ،‬إنا تكون ف النس بال ‪ ،‬فقال ‪ ( :‬أنظر أنسك باللوة ‪ ،‬أو‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫أنسك معه ف اللوة ‪ ،‬فإن كان أنسك باللوة ‪ ،‬ذهب أنسك إذا خرجت منها‬
‫‪ ،‬وإن كان أنسك به ف اللوة ‪ ،‬استوت لك الماكن ف الصحارى والبارى )‬
‫( ‪ )3‬ولب عثمان الغرب (ت‪373 :‬هـ) ‪ ( :‬من اختار اللوة على الصحبة ‪،‬‬
‫ينبغى أن يكون خاليا من جيع الذكار إل ذكر ربه ‪ ،‬وخاليا من جيع الرادات‬
‫إل رضا ربه ‪ ،‬وخاليا من مطالبة النفس من جيع السباب ‪ ،‬فإن ل يكن بذه‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬اللمع ص ‪. 277‬‬
‫‪ .2‬طبقات الصوفية ص ‪. 21‬‬
‫‪ .3‬الرسالة القشيية ص ‪. 301‬‬
‫الصفة فإن خلوته توقعه ف فتنة أو بلية ) ( ‪ ، )1‬وروى عن سهل بن عبد اللّه‬
‫التسترى (ت‪293 :‬هـ) ‪ ( :‬ل تصح اللوة إل بأكل اللل ‪ ،‬ول يصح أكل‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫اللل إل بأداء حق اللّه )‬
‫ويذكر أن النيد بن ممد (ت‪297 :‬هـ) سئل عن اللوة ؟ فقال ‪ ( :‬إن‬
‫السلمة مصاحبة لن طلب السلمة ‪ ،‬فترك الخالفة وترك التطلع إل ما أوجب‬
‫العلم مفارقته ) ( ‪. )3‬‬
‫وقال الكيم الترمذى (ت‪320 :‬هـ) ف بداية تصوفه ‪ ( :‬ووقع على حب‬
‫اللوة ف النل والروج إل الصحراء ‪ ،‬فكنت أطوف ف تلك الربات ‪ ،‬فلم‬
‫يزل ذلك دأب ‪ ،‬وطلبت أصحاب صدق ‪ ،‬يعينونن على ذلك فعز على‬
‫( ‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫فاعتصمت بذه الرابات واللوات )‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫ويعب الكاشان عن هذه العان السابقة بقوله ‪ ( :‬اللوة عند الصوفية ‪ ،‬مادثة‬
‫السر مع الق بيث ل يرى غيه ‪ ،‬هذا حقيقة اللوة ومعناها ‪ ،‬وأما صورتا‬
‫( ‪)5‬‬
‫‪.‬‬ ‫فهى ما يتوصل به إل هذا العن من التبتل إل ال والنقطاع عن الغي )‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬السابق ص ‪. 300‬‬
‫‪ .2‬السابق ص ‪. 301‬‬
‫‪ .3‬اللمع ص ‪. 277‬‬
‫‪ .4‬ختم الولياء ص ‪. 16 ، 15‬‬
‫‪ .5‬معجم اصطلحات الصوفية للكاشان ص ‪. 161‬‬
‫واللوة أصبحت منذ وقت مبكر إل عصرنا ‪ ،‬علما على مكان مصوص‬
‫للصوفية اتذوه رباطا ‪ ،‬سواء كان الكان ملحقا بالسجد أو منفردا عنه‬
‫يتمعون فيه للحضرة الصوفية وتلوة الوراد والذكر ‪ ،‬وساع قصائد النشدين‬
‫ف مدح الولياء والعارفي ‪ ،‬حت أصبحت اللوة مزارا للعامة والريدين ‪ ،‬ومقرا‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫للحتفالت بالوالد والعياد‬
‫**********************************‬
‫‪ -58‬الخليفـــــــــــــة‬
‫**********************************‬
‫الليفة ‪ :‬اللفة النيابة عن الغي ‪ ،‬وهى على نوعي ( ‪: )2‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ -1‬اللفة لعجز النوب عنه أو غيبتة أو موته ‪ ،‬كقوله تعال ‪  :‬وَقَا َل مُوسَى‬
‫لَخِي ِه هَارُونَ ا ْخُل ْفنِي فِي َق ْومِي [العراف‪ ، ]142 /‬وقال تعال ‪ُ :‬ه َو الّذِي‬
‫َجعََلكُمْ خَلئِفَ فِي الَ ْرضِ فَمَنْ َكفَرَ َفعََليْهِ ُكفْرُه ُ [فاطر‪ ، ]39 /‬ومنها ما قاله‬
‫عمر بن الطاب ‪ " :‬إن ل أعلم أحدا أحق بذا المر ‪ ،‬من هؤلء النفر‬
‫الذين توف رسول اللّه وهو عنهم راض ‪ ،‬فمن استخلفوا بعدي ‪ ،‬فهو‬
‫الليفة فاسعوا له وأطيعوا " ( ‪. )3‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬انظر ف بيان وظيفة الرباط عند الصوفية وأماكنها ‪ ،‬النتظم ف تاريخ اللوك‬
‫والمم ‪ ، 10/100‬ومعجم الدباء لياقوت الموى ‪. 5/290‬‬
‫‪ .2‬الفردات ص ‪ ، 156‬ولسان العرب ‪ ، 9/89‬كتاب العي ‪. 4/267‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب النائز ‪. ( 1392) 3/301‬‬
‫ف السفر ‪ " :‬اللّهم أنت الصاحب ف‬ ‫وعن ابن عمر ‪ ،‬كان من دعائه‬
‫السفر والليفة ف الهل " ( ‪ ، )1‬ومن حديث أب سعيد الدري ‪ ،‬قال رسول‬
‫اللّه ‪ " :‬إذا بويع لليفتي ‪ ،‬فاقتلوا الخر منهما " ( ‪ ، )2‬وعن النواس بن‬
‫الدجال ذات غداة ‪ ،‬فخفض فيه ورفع ‪،‬‬ ‫سعان ‪ ،‬قال ‪ :‬ذكر رسول اللّه‬
‫فقال ‪ " :‬غي الدجال أخوفن عليكم ‪ ،‬إن يرج وأنا فيكم ‪ ،‬فأنا حجيجه‬
‫دونكم ‪ ،‬وإن يرج ولست فيكم ‪ ،‬فامرؤ حجيج نفسه ‪ ،‬واللّه خليفت على كل‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫مسلم "‬
‫‪ -2‬اللفة لتشريف الستخلف أو ابتلئه ‪ ،‬وعلى هذا الوجه الخي استخلف‬
‫اللّه آدم وذريته ف الرض ‪ ،‬فقال سبحانه ‪َ :‬وإِذْ قَالَ َربّكَ لِلْمَلِئ َكةِ ِإنّي‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫جَاعِلٌ فِي الَ ْرضِ خَلِي َفةً [البقرة‪ ]30 /‬على وجه البتلء كما قال ‪ِ :‬إنّا َخَل ْقنَا‬
‫ج َنبْتَلِيهِ [النسان‪ ، ]2 /‬وقال أيضا ‪ :‬يَا دَاوُودُ ِإنّا‬ ‫الِنسَا َن مِ ْن نُ ْط َفةٍ َأمْشَا ٍ‬
‫س بِالْحَقّ [ص‪ ، ]26 /‬وعن أب‬ ‫َجعَ ْلنَاكَ َخلِي َفةً فِي الَ ْرضِ فَا ْحكُ ْم َبيْنَ النّا ِ‬
‫سعيد الدري قال ‪ " :‬ما استخلف خليفة إل له بطانتان بطانة تأمره‬
‫(‬
‫بالي وتضه عليه ‪ ،‬وبطانة تأمره بالشر وتضه عليه والعصوم من عصم اللّه "‬
‫‪. )4‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه مسلم ف كتاب الج ‪. ( 1342) 2/978‬‬
‫‪ .2‬أخرجه مسلم ف كتاب المارة ‪. ( 1853) 3/1480‬‬
‫‪ .3‬أخرجه مسلم ف كتاب الفت ‪. ( 2937) 4/2250‬‬
‫‪ .4‬أخرجه البخارى ف كتاب القدر ‪. ( 6611) 11/58‬‬
‫قال لذيفة ‪ " :‬ث تكون دعاة الضللة ‪ ،‬فإن رأيت يومئذ خليفة ال ف‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الرض فالزمه "‬
‫الليفة ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫والليفة ف الصطلح الصوف ‪ ،‬يتوافق ف الغلب مع ما سبق ‪ ،‬فالوائل‬
‫يعنون بالليفة آدم وذريته ‪ ،‬حيث استخلفهم ال ف الرض ‪ ،‬وابتلهم فيها‬
‫واستأمنهم على ملكه ‪ ،‬كما ذكره أبو سعيد الراز (ت‪279 :‬هـ) ف شأن‬
‫النبياء عليهم السلم ‪ ،‬والعلماء والصالي من بعدهم رضى ال عنهم ‪ ،‬كيف‬
‫ملكوا الدنيا ‪ ،‬وكانوا أزهد الناس فيها ؟ فبي أنم كانوا أمناء ال تعال ف‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫أرضه على سره ‪ ،‬وعلى أمره ونيه وعلمه ‪ ،‬وموضع وديعته والنصحاء له ف‬
‫خلقه وبريته ‪ ،‬وهم الذين عقلوا عن ال تعال أمره ونيه ‪ ،‬وفهموا لاذا خلقهم‬
‫وما أراد منهم ‪ ،‬وإل ما ندبم ‪ ،‬فسمعوا ال عز وجل يقول ‪ :‬آ ِمنُوا بِاللّهِ‬
‫ستَخَْلفِيَ فِيهِ [الديد‪ ]7 /‬ث قال ‪ :‬ثُمّ‬ ‫وَ َرسُولِ ِه َوَأنْ ِفقُوا مِمّا َجعََلكُ ْم مُ ْ‬
‫ض مِ ْن َبعْ ِدهِمْ ِلنَنْ ُظرَ َكيْفَ تَعْ َملُونَ [يونس‪، ]14 /‬‬
‫َجعَ ْلنَاكُمْ خَلئِفَ فِي الَ ْر ِ‬
‫فأيقن القوم أنم وأنفسهم ل تعال ‪ ،‬وكذلك ما خولم وملكهم فإنا هو له ‪،‬‬
‫غي أنم ف دار اختبار وبلوى ‪ ،‬وخلقوا للختبار والبلوى ف هذه الدار ‪ ،‬فمن‬
‫ملك شيئا من الدنيا ‪ ،‬فهو معتقد أن الشئ ل تعال ل له ‪ ،‬إل من طريق حق ما‬
‫خوله ال تعال واستخلفه ‪ ،‬وهو مبلى به حت يقوم بالق فيه ‪ ،‬فكانوا خزانا ل‬
‫جل ذكره ‪ ،‬خارجي من ملكهم ف ملكهم ‪ ،‬ناعمي بذكر ال وعبادته ‪ ،‬غي‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أحد ف السند ‪ )( 22916‬وأبو داود ( ‪ )4244‬وحسنه الشيخ اللبان ‪4/95‬‬
‫‪.‬‬
‫ساكني إل ما ملكوا ‪ ،‬ل يستوحشون من فقده إن فقدوه ‪ ،‬ول يفرحون به إن‬
‫وجدوه ( ‪. )1‬‬
‫وقال الكيم الترمذى (ت‪320 :‬هـ) ‪ ( :‬وللخليفة شأن ف ملك‬
‫الستخلف والدمى هو اللق الوحيد الذى خلق لذلك ‪ ،‬فقد خلق آدم بيديه ‪،‬‬
‫وعلمه الساء كلها ‪ ،‬وقد خلقنا لحبته ‪ ،‬وجعلنا موضعا لتوارد متلف مشيئاته‬
‫واقتضى منا الدمة والوقوف بي يديه وتنفيذ هذه الشيئات ‪ ،‬فولية الرء قائمة‬
‫على تنفيذ أحكام ال ‪ ،‬فإنه إذا وف ل بالصدق ف سعيه إليه وله ‪ ،‬حت يرقيه‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫إل درجة المر بالعروف والنهى عن النكر ‪ ،‬ث وله خزانته وصيه من أمنائه‬
‫على حكمه ‪ ،‬فمن ول ال تدبيهم وأدبم وولهم وليته ‪ ،‬فهم أولو المر‬
‫وخلفاء ال صرخوا إل ال مضطرين ‪ ،‬فأجابم وكشف السوء عنهم ‪ ،‬وجعلهم‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫خلفاء الرض بل إله إل ال )‬
‫ويذكر القشيى (ت‪465 :‬هـ) أن ابتداء ظهور السر ف آدم وذريته حي‬
‫قال ‪َ :‬وإِذْ قَالَ َربّكَ ِللْمَلِئكَةِ ِإنّي جَاعِلٌ فِي الَ ْرضِ خَلِي َفةً ‪ ،‬فلما ركب‬
‫صورته ل يكونوا رأوا مثلها ف بديع الصنعة وعجيب الكمة ‪ ،‬فعندها ترجت‬
‫الظنون وتقسمت القلوب وتنت القاويل ‪ ،‬وإنا قال للملئكة ذلك تشريفا‬
‫وتصيصا لدم باللفة ( ‪. )3‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬كتاب الصدق ص ‪. 39:32‬‬
‫‪ .2‬نوادر الصول للحكيم الترمذى ص ‪. 383 ، 382‬‬
‫‪ .3‬لطائف الشارات ‪. 1/74،75‬‬
‫ولبن عرب (ت‪638 :‬هـ) بلسان أهل الظاهر حيث يشرح العن السابق‬
‫الذى يوافق الصول القرآنية ‪ ،‬فيقول ‪ ( :‬إن اللفة مدرجة ف جيع النوع‬
‫َوَأنْ ِفقُوا مِمّا َجعََلكُمْ‬ ‫النسان ‪ ،‬كما نبه عليه سبحانه وتعال ف قوله ‪:‬‬
‫خَلفِيَ فِيه ِ [الديد‪ ، ]7 /‬فهذا النوع النسان مستخلف من قبل الق بقدر‬ ‫ستَ ْ‬
‫مُ ْ‬
‫وسعه ‪ ،‬فأدناهم الستخلف على نفسه ‪ ،‬وأكملهم الستخلف على العال‬
‫بأسره ) ( ‪ ، )1‬ويقول أيضا ‪ ( :‬وكما أن الليفة قد استخلف من استخلفه ف‬
‫ماله ‪ ،‬وجيع أحواله لا اتذه وكيل ‪ ،‬فاستخلف العبد ربه ‪ ،‬لا اتذه وكيل‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫خلفة مطلقة ‪ ،‬واستخلف الرب عبده خلفة مقيدة ‪ ،‬بسب ما تعطيه ذاته‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫ونشأته )‬
‫وربا يعن ابن عرب بالليفة ف فلسفته أمرا آخر ينبعث من نظرته الباطنة‬
‫الغلفة بفكره ف وحدة الوجود فمن ذلك ‪:‬‬
‫( ‪ -1‬الليفة هو الذى يتلقى المر من ال مباشرة بل واسطة كما يتلقى اللفاء‬
‫المر من الرسل ف ظاهر الشرع ‪ ،‬فيقول ‪ ( :‬ل ف الرض خلئف عن ال‬
‫وهم الرسل ‪ ،‬وأما اللفة اليوم ‪ ،‬يقصد اللفة الظاهرة ‪ ،‬فعن الرسل ل عن‬
‫ال فإنم ما يكمون إل با شرع لم الرسول ل يرجون عن ذلك ) ( ‪ )3‬ويقول‬
‫ف اللفة الباطنة عند الصوفية ‪ ( :‬الليفة الق هو القطب القائم بورثة النبوة‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬بلغة الواص ق ‪. 23‬‬
‫‪ .2‬الفتوحات الكية ‪. 3/299‬‬
‫‪ .3‬فصوص الكم ‪. 1/162‬‬

‫فالرسول صلى ال عليه وسلم مات وما نص بلفة عنه إل أحد ول عينه‬
‫لعلمه أن ف أمته من يأخذ اللفة عن ربه ‪ ،‬فيكون خليفة عن ال مع الوافقة ف‬
‫الكم الشروع ) ( ‪. )1‬‬
‫وهذا الليفة أو كما يسميه القطب أو الغوث ‪ ،‬تت يده وزيران إمامان‬
‫وهو موضع نظر الق ‪ ،‬وله ما للخليفة من خصائص وحقوق وواجبات ‪ ،‬إذا‬
‫وله ال سبحانه وتعال نصب له ف حضرة الثال سريرا أقعده عليه ‪ ،‬فإذا نصب‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫له ذلك السرير ‪ ،‬خلع عليه جيع الساء الت يطلبها العال ‪ ،‬وتطلبه فيظهر با‬
‫حلل وزينة ‪ ،‬وأمر ال العال ببيعته على السمع والطاعة ‪ ،‬فيدخل ف بيعته كل‬
‫مأمور أعلى وأدن إل العالي من اللئكة والفراد من البشر ‪ ،‬الذين ل يدخلون‬
‫تت دائرة القطب وما له فيهم تصرف ) ( ‪ ، )2‬وعلى هذا أصبح لكل طريقة‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫صوفية خليفة أعظم يرجعون إليه ف أمورهم‬
‫( ‪ -2‬الليفة هو ال على اعتبار الوحدة ‪ ،‬فالعبد يستخلف ربه ف دعائه عند‬
‫ابن عرب ل على معن الستعانة والتوكل ‪ ،‬وال يستخلف العبد ل على معن‬
‫البتلء والتكليف ‪ ،‬ولكن على اعتبار الظهور والتعينات ‪ ،‬يقول مى الدين ابن‬
‫عرب ‪ ( :‬يقول رسول ال ف دعائه ربه ف سفره ‪ " :‬أنت الصاحب ف‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الفتوحات الكية ‪. 4/148‬‬
‫‪ .2‬بلغة الواص ق ‪ ، 60‬فصوص الكم ‪. 1/163‬‬
‫‪ .3‬البناء الجتماعى للطريقة الشاذلية ف مصر للدكتور فاروق أحد مصطفى ص ‪319‬‬
‫‪.‬‬
‫السفر والليفتة ف الهل " ( ‪ ، )1‬فما جعله خليفة ف أهله ‪ ،‬إل عند فقدهم إياه‬
‫فينوب ال عن كل شئ ‪ ،‬أى يقوم فيه مقام ذلك الشئ بويته ) ( ‪. )2‬‬
‫ومن كلمه أيضا ‪ ( :‬وإنا كانت اللفة لدم عليه السلم دون غيه من‬
‫أجناس العال ‪ ،‬لكون ال تعال خلقه على صورته ) ( ‪. )3‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫ويقول ‪ ( :‬إن النسان هو العي القصودة ل من العال ‪ ،‬وإنه الليفة حقا‬
‫( ‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫وإنه مل ظهور الساء اللية وهو الامع لقائق العال كله )‬
‫**********************************‬
‫‪ - 59‬الخــــــــــــوف‬
‫**********************************‬
‫الوف ‪ :‬ضد المن ‪ ،‬وهو توقع مكروه عن أمارة مظنونة أو معلومة كما‬
‫أن الرجاء والطمع ‪ ،‬توقع مبوب عن أمارة مظنونة أو معلومة ‪ ،‬قال ال تعال ‪:‬‬
‫ف مَا َأشْرَ ْكتُ ْم وَل تَخَافُونَ أَّنكُمْ َأشْرَ ْكتُ ْم بِاللّهِ [النعام‪. ]81 /‬‬
‫وَ َكيْفَ أَخَا ُ‬
‫ويستعمل الوف ف المور الدنيوية والخروية ( ‪: )5‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬جزء من حديث ابن عمر أخرجه مسلم ف كتاب الج ‪. )( 1342‬‬
‫‪ .2‬الفتوحات الكية ‪. 137 ،3/136‬‬
‫‪ .3‬السابق ‪. 1/263‬‬
‫‪ .4‬السابق ‪. 1/125‬‬
‫‪ .5‬الفردات ص ‪ ، 162‬ولسان العرب ‪ ، 9/99‬وكتاب العي ‪. 4/312‬‬
‫صبَ َح‬
‫‪ -1‬فمن الوف التعلق بالمور الدنيوية قوله تعال عن موسى ‪َ :‬فأَ ْ‬
‫فِي الْمَدِيَنةِ خَاِئفًا َيتَرَّقبُ [القصص‪ ]18 /‬وقوله تعال ‪َ :‬وِإنْ ِخ ْفتُمْ أَل ُتقْسِطُوا‬
‫ن النّسَاءِ َمْثنَى َوثُلثَ وَ ُربَاعَ [النساء‪]3 /‬‬ ‫فِي اْليَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ َلكُ ْم مِ َ‬
‫وقوله ‪َ :‬وإِنْ ِخ ْفتُ ْم ِشقَاقَ بَْيِنهِمَا فَاْب َعثُوا َحكَمًا مِنْ َأهْلِ ِه وَ َحكَمًا مِنْ َأهِْلهَا‬
‫[النساء‪ ، ]35 /‬وعن أسامة بن زيد ‪ ،‬قال ‪ " :‬بعثنا رسول اللّه ف سرية‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫فأدركت رجل ‪ ،‬فقال ‪ :‬ل إله إل اللّه ‪ ،‬فطعنته ‪ ،‬فوقع ف نفسي من ذلك‬
‫فذكرته للنب ‪ ،‬فقال رسول اللّه ‪ :‬أقال ل إله إل اللّه وقتلته ؟ قلت ‪ :‬يا‬
‫رسول اللّه ‪ ،‬إنا قالا خوفا من السلح ‪ ،‬قال ‪ :‬أفل شققت عن قلبه حت تعلم‬
‫أقالا أم ل ؟ " ( ‪ ، )1‬وقد ورد ف السنة ما يدل على خوفه من أمور تقع فيها‬
‫أمته منها ‪:‬‬
‫أ‪ -‬عن أب سعيد الدري قال ‪ " :‬أخوف ما أخاف عليكم ‪ ،‬ما يرج‬
‫اللّه لكم من زهرة الدنيا ‪ ،‬قالوا ‪ :‬وما زهرة الدنيا يا رسول اللّه ؟ ‪ ،‬قال‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ :‬بركات الرض "‬
‫ب‪ -‬وعن جابر قال ‪ " :‬إن أخوف ما أخاف على أمت ‪ ،‬عمل قوم‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫لوط "‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه مسلم ف كتاب اليان ‪. ( 96) 1/96‬‬
‫‪ .2‬أخرجه مسلم ف كتاب الزكاة ‪. ( 1052) 2/728‬‬
‫‪ .3‬حديث حسن ‪ ،‬أخرجه الترمذى ف كتاب الدود ( ‪ 4/58 )1457‬وابن ماجه‬
‫ف سننه ( ‪. 2/856 )2563‬‬
‫ح‪ -‬وعن عمر بن الطاب ‪ ،‬أن رسول اللّه قال ‪ " :‬إن أخوف ما‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫أخاف على أمت ‪ ،‬كل منافق عليم اللسان "‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫د‪ -‬ومن حديث ممود بن لبيد ‪ ،‬أن رسول اللّه قال ‪ " :‬إن أخوف ما‬
‫أخاف عليكم الشرك الصغر قالوا ‪ :‬وما الشرك الصغر يا رسول اللّه ؟‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬الرياء"‬
‫هـ‪ -‬وعن أب الدرداء قال ‪ " :‬عهد إلينا رسول اللّه أن أخوف ما‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫أخاف عليكم الئمة الضلون "‬
‫‪ -2‬ومن الوف التعلق بالمور الخروية ‪ ،‬قوله تعال ‪َ :‬تتَجَافَى ُجنُوُبهُمْ‬
‫عَ ْن الْ َمضَاجِ ِع يَ ْدعُونَ َرّبهُمْ َخوْفًا َوطَ َمعًا [السجدة‪ ، ]16 /‬وقوله ‪:‬‬
‫َويَ ْرجُونَ َرحْ َمتَ ُه َويَخَافُونَ عَذَابَهُ [السراء‪ ، ]57 /‬وعن أب هريرة ‪ ،‬عن النب‬
‫قال ‪ " :‬سبعة يظلهم ال تعال ف ظله يوم ل ظل إل ظله ‪ ،‬وذكر منهم ‪..‬‬
‫( ‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫ورجل دعته امرأة ذات منصب وجال ‪ ،‬فقال ‪ :‬إن أخاف ال "‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه أحد ف السند ‪ ، )( 144‬وابن حبان ف صحيحه برقم ( ‪ )80‬وقال شعيب‬
‫الرناؤوط ‪ :‬إسناده صحيح على شرط البخارى ‪. 1/281‬‬
‫‪ .2‬أخرجه أحد ف السند ‪ )( 23119‬والطبان ف الكبي ( ‪ )4301‬وصححه‬
‫اللبان ف سلسلة الحاديث الصحيحة ( ‪. )951‬‬
‫‪ .3‬أخرجه أحد ف السند ‪ )( 26939‬والدارمى ف القدمة ( ‪ )211‬وصححه‬
‫اللبان ف سلسلة الحاديث الصحيحة ( ‪. )1582‬‬
‫‪ .4‬أخرجه البخارى ف كتاب الزكاة ‪. ( 1423) 3/344‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫والوف يطلق كاصطلح شرعى على صلة الحارب ‪ ،‬فعن ابن عباس‬
‫‪ ،‬ف الضر أربعا ‪ ،‬وف السفر‬ ‫قال ‪ ( :‬فرض اللّه الصلة على لسان نبيكم‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫ركعتي ‪ ،‬وف الوف ركعة )‬
‫الوف ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫والوف ف الصطلح الصوف ‪ ،‬اسم جامع لقيقة اليان ‪ ،‬وهو علم‬
‫الوجود واليقان ‪ ،‬وهو سبب اجتناب كل نى ‪ ،‬ومفتاح كل أمر ‪ ،‬وليس شئ‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫يرق شهوات النفوس ‪ ،‬فيزيل آثار آفاتا إل مقام الوف‬
‫والوف عندهم معن يتعلق بالستقبل ‪ ،‬وهو ما يذر من الكروه ف‬
‫الستأنف ‪ ،‬لنه إنا ياف أن يل به مكروه ‪ ،‬أو يفوته مبوب ‪ ،‬ول يكون هذا‬
‫إل لشئ يصل ف الستقبل ‪ ،‬فأما ما يكون ف الال موجودا ‪ ،‬فالوف ل‬
‫يتعلق به ‪ ،‬والوف من ال تعال ‪ ،‬هو أن ياف أن يعاقبه ال ‪ ،‬إما ف الدنيا‬
‫وإما ف الخرة ‪ ،‬وقد فرض ال سبحانه على العباد أن يافوه فقال تعال ‪:‬‬
‫وَخَافُونِي إِنْ ُكْنتُ ْم ُمؤْ ِمنِيَ [آل عمران‪ ، ]175 /‬وقال ‪ :‬فَِإيّايَ فَا ْر َهبُونِي‬
‫[النحل‪ ]51 /‬ومدح الؤمني بالوف ‪ ،‬فقال ‪َ :‬يخَافُون َ َرّبهُمْ مِنْ َفوِْقهِمْ‬
‫[النحل‪ ]50 /‬وينقسم الوف إل نوعي ( ‪: )3‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه مسلم ف كتاب صلة السافرين ‪. ( 687) 1/479‬‬
‫‪ .2‬قوت القلوب ‪. 2/225‬‬
‫‪ .3‬الرسالة القشيية ‪ ، 1/342‬حياة القلوب على هامش قوت القلوب ‪. 2/183‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫أ ‪ -‬الوف الواجب وهو ما ينع من الحرمات ويمل على القيام بالواجبات ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬الوف الندوب وهو ما ينع عن كل مكروه وعن تعاطى الشبهات ‪.‬‬
‫روى عن أب سليمان الداران (ت‪215 :‬هـ) ‪ :‬أنه قال ( إذا سكن الوف‬
‫القلب أحرق الشهوات ) ( ‪ ، )1‬وينسب إل شقيق البلخى (ت‪:‬قبل ‪237‬هـ)‬
‫قوله ‪ ( :‬من ل يكن معه ثلثة أشياء ‪ ،‬ل ينجو من النار ‪ ،‬المن والوف‬
‫والضطراب ) ( ‪ ، )2‬ولذى النون الصرى (ت‪245 :‬هـ) ‪ ( :‬إذا صح اليقي‬
‫ف القلب صح الوف فيه ‪ ،‬فالوف رقيب العمل والرجاء شفيع الحن ) ( ‪. )3‬‬
‫ويروى عن يى بن معاذ الرازى (ت‪258 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬مسكي ابن‬
‫آدم لو خاف من النار ‪ ،‬كما ياف من الفقر لدخل النة ) ( ‪ ، )4‬ويذكر أن‬
‫النيد بن ممد (ت‪297 :‬هـ) سئل عن الوف ؟ فقال ‪ ( :‬هو توقع العقوبة‬
‫مع مارى النفاس ) ( ‪. )5‬‬
‫ويروى عن أب على الدقاق (ت‪410 :‬هـ) قال ‪ ( :‬الوف من شرط‬
‫اليان وقضيته لقوله تعال ‪ :‬وَخَافُونِي إِنْ ُكْنتُ ْم ُمؤْ ِمنِيَ [آل عمران‪) ]175 /‬‬
‫( ‪)6‬‬
‫‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬طبقات الصوفية ص ‪. 81‬‬
‫‪.2‬السابق ص ‪. 66‬‬
‫‪ .3‬السابق ص ‪ ، 21‬ص ‪. 24‬‬
‫‪ .4‬الرسالة القشيية ‪. 345 /1‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .5‬السابق ‪. 346 /1‬‬
‫‪ .6‬السابق ‪. 343 /1‬‬
‫ولا كان الوف ما يسكن القلب ‪ ،‬وهو من العان الت ل ترى ‪ ،‬كانت‬
‫معرفته بظهور علماته على الائف ‪ ،‬وقد ذكروا بعضا منها ( ‪: )1‬‬
‫( ‪ -1‬الائف يبصر ما هو فيه من الي والشر ‪.‬‬
‫( ‪ -2‬ليس الائف الذى يبكى ويسح عينيه ‪ ،‬إنا الائف من يترك ما ياف‬
‫إن يعذب عليه ‪.‬‬
‫( ‪ -3‬علمة الوف الزن الدائم ‪.‬‬
‫( ‪ -4‬الائف من أنزل نفسه منلة السقيم ‪ ،‬الذى يتمى من كل شئ مافة‬
‫طول السقام ‪.‬‬
‫( ‪ -5‬علمة الوف التحي والضطراب ‪.‬‬
‫( ‪ -6‬علمة الوف قصر المل ‪.‬‬
‫( ‪ -7‬علمة الوف دوام الراقبة ف السر والعلنية ‪.‬‬
‫( ‪ -8‬علمة الوف الورع عن الثام ظاهرا وباطنا ‪.‬‬
‫( ‪ -9‬علمة الوف النحول ف السم ‪ ،‬والصفرار ف اللون ‪ ،‬وقد تتفتت‬
‫منه الرارة ويفضى إل الوت ‪.‬‬
‫ويتهد الكى ف تفصيل مقامات الوف دون دليل ‪ ،‬فيقول ‪ :‬الوف اسم‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .1‬انظر الرسالة القشيية ‪ ، 1/348:342‬واللمع ف التصوف ص ‪90:89‬‬
‫وقوت القلوب ‪ ، 2/229:225‬ومنارات السائرين ومقامات الطائرين ص‬
‫‪ ، 380‬وإحياء علوم الدين ‪. 4/173:163‬‬
‫جامع لقامات الائفي ‪ ،‬ث يشتمل على خس طبقات ف كل طبقة ثلث‬
‫مقامات (‪: )1‬‬
‫‪‬فالقام الول من الوف ‪ :‬هو التقوى ‪ ،‬وف هذا القام التقون والصالون‬ ‫‪‬‬

‫والعاملون ‪.‬‬
‫والقام الثان من الوف ‪ :‬هو الذر ‪ ،‬وف هذا القام الزاهدون والورعون‬ ‫‪‬‬

‫والاشعون ‪.‬‬
‫والقام الثالث ‪ :‬هو الشية وف هذا طبقات العالي والعابدين والحسني ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫والقام الرابع ‪ :‬هو الوجل ‪ ،‬وهذا للذاكرين والخبتي والعافي ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫والقام الامس ‪:‬هو الشفاق وهو للصديقي ‪ ،‬وهم الشهداء والحبون‬ ‫‪‬‬

‫وخصوص القربي ‪ ،‬وخوف هؤلء عن معرفة الصفات لجل‬


‫الوصوف ل عن مشاهدة الكتساب لجل العقوبات ‪.‬‬
‫ويذكر الكاشان أن الائفي من اللّه سبحانه ‪ ،‬منهم من يبلغ الوف به إل‬
‫حد النلع عن طمأنينة المن خوفا من العقوبة أو من الكر أو اليبة ‪ ،‬ويقسم‬
‫الوف إل أنواع (‪: )2‬‬
‫‪ .1‬خوف العامة ‪ :‬من العقوبة تصديقا بالوعيد ‪.‬‬
‫‪ .2‬خوف أرباب الراقبة ‪ :‬من الكر ف جريان النفاس ‪.‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .3‬خوف الاصة ‪ :‬إجلل وهيبة ‪ ،‬إذ ليس ف مقام الصوص وحشة الوف‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬قوت القلوب ‪. 2/241‬‬
‫‪ .3‬لطائف العلم ‪. 1/458:456‬‬
‫فاليبة والجلل هو أقصى درجة يشار إليها ف غاية الوف ‪ ،‬فإن الوف من‬
‫العراض ‪ ،‬إنا يكون على قدر القبال وحيثما كان القبال أت كان الوف من‬
‫العراض أشد وحيث ل أت من إقبال اللّه على عبده ‪ ،‬فكذا ل خوف أشد من‬
‫الجلل واليبة ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫‪ -60‬الدعـــــــــــــوى‬
‫**********************************‬
‫الدعوى ‪ :‬الدعاء إل الشئ الث على قصده ‪ ،‬قال تعال عن يوسف عليه‬
‫السلم ‪ :‬قَالَ رَبّ السّجْنُ أَ َحبّ إَِليّ ِممّا يَ ْدعُوَننِي إَِليْهِ [يوسف‪ ]3 3 /‬وَاللّهُ‬
‫يَ ْدعُو إِلَى دَارِ السّلمِ [يونس‪ ، ]2 5 /‬والدعوة ترد على معن النداء والطلب‬
‫كقوله تعال ‪ :‬قَالُوا ا ْدعُ َلنَا َربّك َ ُيَبيّنْ َلنَا مَا َل ْوُنهَا [البقرة‪، ]6 9 /‬‬
‫شَتهِي أَنفُسُكُ ْم وََلكُمْ فِيهَا مَا تَ ّدعُونَ‬
‫وقوله سبحانه ‪ :‬وََلكُمْ فِيهَا مَا تَ ْ‬
‫[فصلت‪ ]3 1 /‬أى ما تطلبون ‪ ،‬وعن أم عطية رضى ال عنها قالت ‪ " :‬أمرنا أن‬
‫نرج اليض يوم العيدين وذوات الدور ‪ ،‬فيشهدن جاعة السلمي ودعوتم ‪،‬‬
‫ويعتزل اليض عن مصلهن " ( ‪ ، )1‬وعن أب هريرة ‪ ،‬قال ‪ " :‬حق السلم‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫على السلم خس ‪ ،‬رد السلم وعيادة الريض واتباع النائز وإجابة الدعوة‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫وتشميت العاطس "‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب الصلة ( ‪. 1 / 5 5 6 )3 5 1‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب النائز ( ‪. 1 3 / 1 3 5 )1 2 4 0‬‬
‫والدعوى الدعاء ‪ ،‬كقوله تعال ‪َ :‬فمَا كَانَ َد ْعوَاهُمْ إِذْ جَا َءهُمْ بَ ْأ ُسنَا‬
‫[العراف‪ ، ]5 /‬والدعاء أن يدعى شيئا أنه له ‪ ،‬كما روى عن ثابت بن الضحاك‬
‫‪ ،‬عن النب قال ‪ " :‬ليس على رجل نذر فيما ل يلك ‪ ،‬ولعن الؤمن كقتله‬
‫‪ ،‬ومن قتل نفسه بشيء ف الدنيا عذب به يوم القيامة ‪ ،‬ومن ادعى دعوى كاذبة‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫ليتكثر با ‪ ،‬ل يزده اللّه إل قلة "‬
‫والدعوة متصة أيضا بادعاء النسبة ‪ ،‬فعن عبد ال بن عمرو بن العاص أن‬
‫( ‪)2‬‬
‫رجل قال ‪ :‬فلن ابن ‪ ،‬فقال رسول اللّه ‪ " :‬ل دعاوة ف السلم "‬
‫وأصل الدعوة للحالة الت عليها النسان نو القعدة واللسة ‪ ،‬قال تعال ‪:‬‬
‫حمْدُ‬
‫حّيُتهُمْ فِيهَا سَل ٌم وَآ ِخرُ َد ْعوَاهُمْ َأنْ الْ َ‬
‫َد ْعوَاهُمْ فِيهَا ُسبْحَانَكَ الّلهُ ّم َوتَ ِ‬
‫ب اْلعَالَمِيَ [يونس‪ ، ]1 0 /‬وعن ابن مسعود ‪ ،‬قال النب ‪ " :‬ليس منا‬
‫ِللّهِ رَ ّ‬
‫من لطم الدود ‪ ،‬وشق اليوب ودعا بدعوى الاهلية " ( ‪ ، )3‬وروى عن جابر‬
‫‪ ،‬قال ‪ " :‬كسع رجل من الهاجرين رجل من النصار فاجتمع‬ ‫بن عبد اللّه‬
‫قوم ذا وقوم ذا ‪ ،‬وقال هؤلء يا للمهاجرين ‪ ،‬وقال هؤلء يا للنصار فبلغ‬
‫ذلك النب ‪ ،‬فقال ‪ :‬دعوها فإنا منتنة ‪ ،‬أل ما بال دعوى أهل الاهلية‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه مسلم ف كتاب اليان ( ‪. 1 / 1 1 0 )1 1 0‬‬
‫‪ .2‬أخرجه أحد ف السند ( ‪ )6 9 3 2‬واللفظله ‪ ،‬وأبو داود ف كتاب الطلق (‬
‫‪ )2 2 7 4‬وقال اللبان ‪ :‬حسن صحيح ‪. 2 8 3 /2‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب النائز ( ‪. 3 / 1 9 5 )1 2 9 4‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫أل ما بال دعوى أهل الاهلية "‬
‫الدعوى ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫الدعوى ف الصطلح الصوف أن تضيف النفس إليها ما ليس لا ‪ ،‬بادعاء‬
‫النسبة لال شريف يتوق إليه ( ‪. )2‬‬
‫روى عن مالك بن دينار والسن البصرى وشقيق البلخى ‪ ،‬أنم ذهبوا لزيارة‬
‫رابعة العدوية (ت‪1 8 5 :‬هـ) ف مرضها ‪ ،‬فقال لا السن ‪ :‬ليس بصادق ف‬
‫دعواه من ل يصب على ضرب موله ‪.‬‬
‫فقالت رابعة ‪ :‬هذا كلم يشم فيه رائحة النانية ‪.‬‬
‫فقال شقيق ‪ :‬ليس بصادق ف دعواه من ل يشكر على ضرب موله ‪.‬‬
‫فقالت رابعة ‪ :‬يب أن يكون أحسن من هذا ‪.‬‬
‫فقال مالك ‪ :‬ليس بصادق ف دعواه من ل يتلذذ بضرب موله ‪.‬‬
‫فقالت رابعة ‪ :‬يب أن يقال أحسن من هذا ‪.‬‬
‫فقالوا لا ‪ :‬تكلمى أنت يا رابعة ‪.‬‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫فقالت ‪ :‬ليس بصادق ف دعواه من ل ينس الضرب ف مشاهدة موله‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه أحد ف السند ( ‪ )1 4 2 2 1‬واللفظ له ‪ ،‬وأخرجه البخارى ف كتاب‬
‫الناقب ( ‪ ، )3 5 1 8‬وانظر كتاب العي للخليل بن أحد ‪ ، 2 / 2 2 1‬والغرب ف‬
‫ترتيب العرب ‪ ، 1 / 2 8 8‬والفردات ص ‪. 1 7 0‬‬
‫‪ .2‬اللمع ص ‪. 4 2 8‬‬
‫‪ .3‬تذكرة الولياء ‪. 7 2 ، 7 1 /1‬‬
‫ويروى عن سهل بن عبد ال التسترى (ت‪2 9 3 :‬هـ) أنه قال ‪ :‬أغلظ‬
‫حجاب بي العبد وبي ال ‪ ،‬الدعوى ‪ ،‬وقال منشدا ‪:‬‬
‫ولا ادعيت الب قالت كذبتن ‪ :‬فما ل أرى العضاء منك كواسيا ( ‪. )1‬‬
‫وينسب إل أب عمرو الزجاجى أنه سأل النيد (ت‪2 9 7 :‬هـ) عن الحبة ؟‬
‫فقال ‪ ( :‬تريد الشارة ؟ قلت ‪ :‬ل ‪ ،‬قال ‪ :‬تريد الدعوى ؟ قلت ‪ :‬ل ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫فأيش تريد ؟ قلت ‪ :‬عي الحبة ‪ ،‬فقال ‪ :‬أن تب ما يب ال تعال ‪ ،‬ف عباده‬
‫وتكره ما يكره ال تعال ف عباده ) ( ‪. )2‬‬
‫ويذكر لبن عطاء الدمى (ت‪3 1 1 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬ثلثة مقرونة بثلثة‬
‫( ‪)3‬‬
‫الفتنة مقرونة بالنية ‪ ،‬والحبة مقرونة بالختيار ‪ ،‬والبلوى مقرونة بالدعوى )‬
‫‪.‬‬
‫ولب الي القطع ( ت‪3 4 0 :‬هـ) ‪ ( :‬الدعوى رعونة ل يتمل القلب‬
‫إمساكها ‪ ،‬فيلقيها إل اللسان ‪ ،‬فتنطق با ألسنة المقى ‪ ،‬ول يعرف العمى ما‬
‫يبصره البصي من ماسنه وقبائحه ) ( ‪. )4‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫وروى عن أب عمرو الزجاجى (ت‪3 4 8 :‬هـ) أنه كان يقول ‪ ( :‬من ليس‬
‫له دعوى ‪ ،‬فليس فيه معن ) ( ‪ ، )5‬ويعن بذلك أن تضيف النفس إليها من‬
‫الطاعات الت ليست من أخلقها وتكون معها بينة لا تدعى ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬اللمع ص ‪. 4 2 9‬‬
‫‪ .2‬طبقات الصوفية ص ‪. 1 6 3‬‬
‫‪ .3‬السابق ص ‪. 2 6 9‬‬
‫‪ .5‬اللمع ص ‪. 4 2 9‬‬ ‫‪ .4‬السابق ص ‪. 3 7 2‬‬
‫وقال السي بن منصور اللج (ت‪3 0 9 :‬هـ) معبا عن مذهبه اللول‬
‫‪ ( :‬ما صحت الدعاوى لحد ‪ ،‬إل لبليس وأحد ‪ ،‬غي أن إبليس سقط عن‬
‫العي ‪ ،‬وأحد كشف له عن عي العي ‪ ،‬قيل لبليس ‪ :‬اسجد ‪ ،‬ولحد ‪ :‬انظر‬
‫غ اْلبَصَ ُر َومَا‬
‫هذا ما سجد‪ ،‬وأحد ما نظر ‪ ،‬ما التفت يينا ول شال ‪ :‬مَا زَا َ‬
‫َطغَى [النجم‪ ، ]1 7 /‬أما إبليس فإنه دعا ‪ ،‬لكنه ما رجع عن حوله ‪ ،‬وأحد‬
‫ادعى ورجع عن حوله ‪ ،‬بقوله ‪ :‬بك أحول وبك أصول ‪ ،‬وبقوله ‪ :‬يا مقلب‬
‫القلوب وقوله ‪ :‬ل أحصى ثناء عليك ) ( ‪. )1‬‬
‫وقال أيضا ‪ ( :‬فصاحب وأستاذى إبليس وفرعون ‪ ،‬إبليس هدد بالنار وما‬
‫رجع عن دعواه ‪ ،‬وفرعون أغرق ف اليم ‪ ،‬وما رجع عن دعواه ‪ ،‬ول يقر‬
‫بالواسطة أبدا ‪ ،‬وإن قتلت أو صلبت أو قطعت يداى ورجلى ‪ ،‬ما رجعت عن‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫دعواى )‬
‫**********************************‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ -61‬الدنيـــــــــــــا‬
‫**********************************‬
‫الدنيا ‪ :‬الدنو القرب ويستعمل ف الزمان والكان والنلة ( ‪: )3‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الطواسي للحلج نشر ماسينيون ص ‪. 5 1 ،5 2‬‬
‫‪ .2‬السابق ص ‪. 52‬‬
‫‪ .3‬كتاب العي للخليل بن أحد ‪ ، 7 / 75‬الفردات ص ‪. 17 2‬‬
‫‪ -1‬قرب الزمان ‪ :‬ومنه سيت الدنيا لقرب انتهائها ‪ ،‬كقوله تعال عن إبراهيم‬
‫[النحل‪]1 2 2 /‬‬ ‫سَن ًة َوِإنّهُ فِي الخِ َرةِ لَمِ ْن الصّالِحِيَ‬
‫‪ :‬وَآَتْينَاهُ فِي ال ّدْنيَا حَ َ‬
‫والدنيا معاش النسان ‪ ،‬ووسيلته إل الخرة ‪ ،‬فمهما طال زمان الرء فيها فهو‬
‫منصرم ‪ ،‬وعن أب هريرة ‪ ،‬كان يقول ‪ " :‬اللّهم أصلح ل دين الذي هو‬
‫عصمة أمري ‪ ،‬وأصلح ل دنياي الت فيها معاشي ‪ ،‬وأصلح ل آخرت الت فيها‬
‫‪ " :‬إنا العمال‬ ‫معادي " ( ‪ ، )1‬ومن حديث عمر بن الطاب ‪ ،‬قال‬
‫بالنيات ‪ ،‬وإنا لكل امرئ ما نوى ‪ ،‬فمن كانت هجرته إل دنيا يصيبها ‪ ،‬أو إل‬
‫امرأة ينكحها ‪ ،‬فهجرته إل ما هاجر إليه " ( ‪ ، )2‬وعن أب بن كعب ‪ ،‬قال‬
‫رجل ‪ " :‬يا رسول اللّه ‪ ،‬أرأيت إن جعلت صلت كلها عليك ؟ قال ‪ :‬إذن‬
‫يكفيك اللّه تبارك وتعال ما أهك من دنياك وآخرتك " ( ‪ ، )3‬ومن حديث أنس‬
‫‪ ،‬أن النب مر بقوم يلقحون ‪ ،‬فقال ‪ :‬لو ل تفعلوا لصلح ‪ ،‬قال فخرج‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫شيصا فمر بم ‪ ،‬فقال ‪ :‬ما لنخلكم ‪ ،‬قالوا ‪ :‬قلت كذا وكذا ‪ ،‬قال ‪ :‬أنتم أعلم‬
‫( ‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫بأمر دنياكم "‬
‫‪ -2‬قرب الكان ‪ :‬كقوله تعال ‪ُ :‬قطُوُفهَا دَانَِيةٌ [الاقة‪ ، ]2 3 /‬وقوله ‪:‬‬
‫َومِ ْن النّخْ ِل مِ ْن طَ ْل ِعهَا ِقْنوَانٌ دَانَِيةٌ [النعام‪ ، ]9 9 /‬وعن أب سعيد الدري ‪،‬‬
‫قال ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه مسلم ف كتاب الذكر ( ‪. 4 / 2 0 8 7 )2 7 2 0‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب بدء الوحى ( ‪. 1 / 1 3 )1‬‬
‫‪ .3‬أخرجه أحد ف السند ( ‪ )2 0 7 3 6‬واللفظ له ‪ ،‬وقال اللبان ‪ :‬حسن ‪،‬‬
‫والترمذى ف كتاب صفة القيامة والرقاق ( ‪ 4 / 6 3 6 )2 4 5 7‬وقال ‪ :‬حسن‬
‫صحيح ‪.‬‬
‫‪ .4‬أخرجه مسلم ف كتاب الفضائل ( ‪. 4 / 1 8 3 6 )2 3 6 3‬‬
‫أسيد بن حضي ‪ :‬فرفعت رأسي إل السماء فإذا مثل الظلة فيها أمثال الصابيح‬
‫فخرجت حت ل أراها ‪ :‬قال رسول ال ‪ :‬وتدري ما ذاك ؟ تلك اللئكة‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫دنت لصوتك ولو قرأت لصبحت ينظر الناس إليها ل تتوارى منهم )‬
‫‪ -3‬قرب النلة والكانه ‪ :‬وعب به عن عدة أشياء ‪ ،‬عب بالدن عن الصغر‬
‫ب الَ ْكبَرِ‬‫فيقابل بالكب نو ‪ :‬وََلنُذِي َقّنهُ ْم مِ ْن اْلعَذَابِ الَ ْدنَى دُونَ اْلعَذَا ِ‬
‫ك وَل أَ ْكثَرَ [الجادلة‪ ، ]7 /‬وعب بالدن عن‬ ‫[السجدة‪ ]2 1 /‬وَل أَ ْدنَى مِنْ ذَلِ َ‬
‫حيَاةَ ال ّدنْيَا‬‫الرذل والحقر ‪ ،‬فيقابل بالي والبقى نو قوله ‪ :‬بَ ْل ُت ْؤثِرُونَ الْ َ‬
‫وَالخِ َرةُ َخيْرٌ َوأَْبقَى [العلى‪ ]1 7 : 1 6 /‬وقوله تعال ‪ :‬قَالَ َأتَسَْتبْدِلُونَ الّذِي‬
‫ُهوَ أَ ْدنَى بِالّذِي ُهوَ َخيْرٌ [البقرة‪ ، ]6 1 /‬وعب بالدن عن الول ‪ ،‬فيقابل‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫بالخر نو قوله ‪َ :‬وِإنّ َلنَا لَل ِخ َرةَ وَالُولَى [الليل‪ ، ]1 3 /‬وقوله سبحانه‬
‫وتعال ‪َ :‬لعَّلكُ ْم َتَت َفكّرُونَ فِي ال ّدنْيَا وَالخِ َرةِ [البقرة‪ ، ]2 2 0 : 2 1 9 /‬وعب‬
‫بالدن عن القرب فيقابل بالقصى والبعد ‪ ،‬كما روى عن جابر بن عبد ال‬
‫‪ ،‬قال ‪ " :‬إن إبليس يضع عرشه على الاء ث يبعث سراياه ‪ ،‬فأدناهم منه‬
‫منلة أعظمهم فتنة ييء أحدهم ‪ ،‬فيقول ‪ :‬فعلت كذا وكذا ‪ ،‬فيقول ‪ :‬ما‬
‫صنعت شيئا ‪ ،‬قال ‪ :‬ث ييء أحدهم ‪ ،‬فيقول ‪ :‬ما تركته حت فرقت بينه وبي‬
‫امرأته ‪ ،‬قال ‪ :‬فيدنيه منه ‪ ،‬ويقول ‪ :‬نعم أنت " ( ‪ ، )2‬ونو قوله تعال ‪ :‬إِذْ‬
‫ل ِمْنكُمْ [النفال‪]4 2 /‬‬
‫صوَى وَالرّ ْكبُ َأسْفَ َ‬
‫َأْنتُ ْم بِاْلعُ ْدوَةِ ال ّدْنيَا َوهُ ْم بِاْلعُ ْد َوةِ اْل ُق ْ‬
‫‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب فضائل القرآن ( ‪. 8 / 68 0 )50 1 8‬‬
‫‪ .2‬أخرجه مسلم ف كتاب صفة القيامة ( ‪. 4 / 216 7 )28 1 3‬‬
‫الدنيا ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫حظي اصطلح الدنيا باهتمام بالغ لدى الصوفية ‪ ،‬وعند الوائل منهم على‬
‫وجه الصوص ‪ ،‬فهم ما برحوا يحصون حقيقتها وغايتها وموقعها ف قلوبم‬
‫وإن كانت أغلب أقوالم تنصب على ذمها والذر منها ‪ ،‬وتصويرها ف أبشع‬
‫ما يكون للنفس ‪ ،‬وأفعالم أيضا تدل على النفور منها مطلقا إل ما ل بد لم‬
‫منه ‪ ،‬روى عن أب سليمان الدران (ت‪2 1 5 :‬هـ) ‪ ،‬أنه قال ‪ ( :‬لكل شئ‬
‫مهر ومهر النة ‪ ،‬ترك الدنيا با فيها ) ( ‪ ، )1‬وينسب أيضا لحد بن أب‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫الوارى (ت‪2 3 0 :‬هـ) ‪ :‬أنه قال ‪ ( :‬الدنيا مزبلة وممع الكلب ‪ ،‬وأقل من‬
‫الكلب من عكف عليها ‪ ،‬فإن الكلب يأخذ منها حاجته ‪ ،‬وينصرف والحب‬
‫لا ‪ ،‬ل يزايلها بال ) ( ‪ ، )2‬ويذكر لشقيق البلخى (ت‪:‬قبل ‪2 3 7‬هـ) ‪:‬‬
‫( عملت ف القرآن عشرين سنة ‪ ،‬حت ميزت الدنيا من الخرة ‪ ،‬فأصبته ف‬
‫حيَاةِ ال ّدْنيَا وَزِينَُتهَا‬
‫ع الْ َ‬
‫حرفي ‪ ،‬وهو قوله تعال ‪َ :‬ومَا أُوتِيتُمْ مِ ْن شَيْءٍ فَ َمتَا ُ‬
‫َومَا ِعنْدَ اللّهِ َخيْ ٌر َوَأْبقَى [القصص‪ ، )3 ( ]6 0 /‬ويروى أن أحد بن خضرويه‬
‫(ت‪2 4 0 :‬هـ) استقرض من رجل مائة ألف درهم ‪ ،‬فقال له الرجل ‪ :‬أليس‬
‫أنتم الزهاد ف الدنيا ؟ ما تصنع بذه الدراهم ؟ قال ‪ :‬أشترى با لقمة ‪ ،‬فأضعها‬
‫ف فم مؤمن ول أجترئ ‪ ،‬أن أسأل ثوابه من ال تعال ‪ ،‬قال ‪ :‬ل ؟ ‪ ،‬قال ‪ :‬لن‬
‫الدنيا كلها ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬طبقات الصوفية ص ‪. 8 1‬‬
‫‪ .2‬السابق ص ‪. 1 0 2‬‬
‫‪ .3‬السابق ص ‪. 6 4‬‬
‫ل تزن عند ال جناح بعوضة ‪ ،‬وما مائة ألف درهم ف الدنيا من جناح‬
‫بعوضة ؟ لو أخذتا فطلبت با شيئا ما الذى تعطى با ؟ والدنيا كلها لا هذا‬
‫القدر ؟ ( ‪ ، )1‬ولب على الثقفى (ت‪3 2 8 :‬هـ) ‪ ( :‬أف من أشغال الدنيا إذا‬
‫أقبلت ‪ ،‬وأف من حسراتا إذا أدبرت ‪ ،‬والعاقل من ل يركن إل شئ ‪ ،‬إذا أقبل‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫كان شغل ‪ ،‬وإذا أدبر كان حسرة )‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫ومن أمثلة الجتهاد الحمود للصوفية ‪ ،‬ف كشف حقيقة الدنيا ومعرفتها ‪،‬‬
‫من خلل البحث ف الصول القرآنية والنبوية ‪:‬‬
‫[ ‪ - 1‬ما كتبه الارث بن أسد الحاسب (ت‪2 4 3 :‬هـ) عن الغرور بالدنيا ‪،‬‬
‫إذ يبي أن الغرة بالدنيا عن الخرة ‪ ،‬إيثار الدنيا والشتغال با عن الخرة ‪،‬‬
‫حيَاةُ ال ّدْنيَا وَل َيغُ ّرّنكُ ْم بِاللّ ِه اْلغَرُورُ‬
‫وهو قوله عز وجل ‪ :‬فَل َتغُ ّرّنكُ ْم الْ َ‬
‫حيَاةُ ال ّدْنيَا إِل َمتَاعُ اْلغُرُورِ [آل عمران‪/‬‬ ‫[فاطر‪ ]5 /‬وقول ال تعال ‪َ :‬ومَا الْ َ‬
‫‪ ، ]1 8 5‬فاغتر الكافرون با ‪ ،‬لا رأوا من فعل ال عز وجل بم ‪ ،‬من‬
‫إكرامه لم بالدنيا ورفعتها وسعتها ‪ ،‬فظنوا أن ذلك ل يكن من ال عز‬
‫وجل ‪ ،‬إل لنلتهم عنده وأنم أحق بالي من غيهم ‪ ،‬ث هم بعد ذلك على‬
‫وجهي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬فرقة منهم شكاك ف الخرة ‪ ،‬يقولون ف أنفسهم وبألسنتهم ‪ ،‬إن يكن ل‬
‫عز وجل معاد ‪ ،‬فنحن أحق به من غينا ‪ ،‬ولنا فيه النصيب الوفر اغترارا با‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬السابق ص ‪. 1 0 4‬‬
‫‪ .2‬السابق ص ‪. 3 6 4‬‬
‫ظهر لم من خي الدنيا وكرامتها ‪ ،‬وقد حكى ال ذلك عن الرجلي اللذين‬
‫تاورا ‪ ،‬فقال الكافر منهما للمؤمن الحاور له ‪َ :‬ومَا َأظُنّ السّا َعةَ قَائِ َمةً‬
‫وََلئِنْ ُردِدْتُ إِلَى َربّي لَ ِج َدنّ َخيْرًا ِمْنهَا مُنقََلبًا [الكهف‪. ]3 6 /‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫ب‪ -‬وفرقة منهم يغترون بنعم ال عز وجل ف الدنيا ‪ ،‬فل يرون أن ال عز‬
‫وجل أخذهم بعقوبة ف الدنيا ‪ ،‬وأنه إنا أعطاهم ما أعطاهم من الدنيا لا علم‬
‫منهم من الي ‪ ،‬وأنم عنده بالنلة العظمى ‪ ،‬كقول ال عز وجل إخبارا عن‬
‫مقال موسى لقارون ‪ ،‬يوفه بأس ال عز وجل فقال ‪ :‬قَالَ ِإنّمَا أُوتِيتُ ُه عَلَى‬
‫عِ ْل ٍم عِندِي [القصص‪ ، ]7 8 /‬فقال ال عز وجل ‪َ :‬أوَلَ ْم َيعْلَمْ َأنّ اللّهَ َقدْ َأهْلَكَ‬
‫مِنْ َقبْلِ ِه مِنْ القُرُو ِن مَ ْن ُهوَ َأشَ ّد ِمنْهُ ُق ّوةً َوأَ ْكثَرُ َج ْمعًا [القصص‪ ، ]7 8 /‬أى ل‬
‫ينع ال عز وجل ما أعطاهم من نعيم الدنيا لا كفروا أن يعذبم ‪ ،‬فلم يعلم‬
‫قارون أن ال عز وجل قد فعل ذلك بغيه ‪ ،‬وذلك من ال عز وجل استدراج‬
‫لن أراد أن يهلكه ويعذبه ‪ ،‬ليغتر بنعم ال عز وجل ‪َ :‬سنَسْتَدْ ِر ُجهُ ْم مِنْ َحْيثُ‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫[القلم‪]4 4 /‬‬ ‫ل َيعْلَمُونَ‬
‫ث يقول ف الكشف عن حقيقة الدنيا ف بيان قرآن دقيق ‪ ( :‬أخبنا ال أن‬
‫الدنيا فتنة وبلوى واختبار ‪ ،‬وأنا ليست بدليل على رضا ال عن العباد ‪ ،‬أل‬
‫تسمع قوله تعال ‪َ :‬فَأمّا الِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلهُ َربّهُ َفأَكْ َرمَ ُه َوَنعّمَهُ َفَيقُولُ َربّي‬
‫أَكْ َر َمنِي َوَأمّا إِذَا مَا اْبتَلهُ َفقَدَ َر عََليْهِ ِرزْقَهُ َفَيقُولُ َربّي َأهَانَنِي [الفجر‪]1 6 : 1 5 /‬‬
‫قال ال عز وجل ‪ :‬كَل فكذبما جيعا ‪ ،‬فليس هذا بكرامت ول هذا بوان‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬الرعاية لقوق ال ص ‪ ، 3 4 3‬ص ‪. 3 4 5‬‬
‫ولكن الكري من أكرمته بطاعت على أى حال كان ‪ ،‬فقيا كان أو غنيا ‪ ،‬فاغتر‬
‫الكافرون بظاهر نعم ال عز وجل ‪ ،‬وظنوا أن ذلك من كرامتهم على ال عز‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫سبُونَ َأنّمَا نُ ِم ّدهُمْ بِهِ مِ ْن مَالٍ َوبَنِيَ‬
‫َأيَحْ َ‬ ‫وجل وكذلك وصفهم ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫شعُرُونَ [الؤمنون‪) ]5 6 : 5 5 /‬‬
‫ت بَل ل يَ ْ‬
‫خيْرَا ِ‬
‫نُسَا ِرعُ َلهُمْ فِي الْ َ‬
‫[ ‪ - 2‬وياول أبو طالب الكى (ت‪3 8 6 :‬هـ) أن يستقصى حقيقة‬
‫الدنيا معتمدا على مموع الصول القرآنية ‪ ،‬وما يسفر عنه البحث فيها ‪ ،‬فقال‬
‫‪ ( :‬ل يكن لعبد أن يعرف الزهد ‪ ،‬حت يعرف الدنيا أى شئ هى ‪ ،‬فقد قال‬
‫الناس ف الزهد أشياء كثية ‪ ،‬ونن غي متاجي إل ذكر أقوالم ‪ ،‬با بي ال‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫تعال وأغن بكتابه الذى جعل فيه الشفاء والغن )‬
‫ويعتمد الكى ف معرفة الدنيا ‪ ،‬على مموعة من اليات الت وصفت حقيقة‬
‫ويقارن بينها إل أن يصل إل وصف واحد يبي حقيقة الدنيا ‪:‬‬
‫الية الول ‪ :‬وتبي الدنيا من خلل حصر أنواع الشتهيات فيها ‪ ،‬وهى سبعة‬
‫ت مِنْ‬
‫ش َهوَا ِ‬
‫أصناف وردت ف قوله سبحانه وتعال ‪ُ :‬زيّنَ لِلنّاسِ ُحبّ ال ّ‬
‫س ّو َمةِ‬
‫خيْلِ الْمُ َ‬
‫ض ِة وَالْ َ‬
‫ي وَالْ َقنَاطِيِ الْ ُم َقنْطَ َرةِ مِنْ ال ّذهَب ِ وَاْلفِ ّ‬
‫النّسَاءِ وَاْلَبنِ َ‬
‫حيَاةِ ال ّدْنيَا وَاللّ ُه عِنْ َدهُ حُسْنُ الْمَآبِ [آل عمران‪/‬‬‫ع الْ َ‬ ‫ك َمتَا ُ‬
‫وَا َلنْعَا ِم وَالْحَرْثِ ذَلِ َ‬
‫‪ ]1 4‬يقول أبو طالب الكى معقبا ‪ ( :‬فهذه سبعة أوصاف ‪ ،‬هى جلة متاع‬
‫الدنيا ‪ ،‬وما تفرع من الشهوات رد إل أصل من أصول هذه المل ‪ ،‬فمن‬
‫أحب جيعها فقد ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬السابق ص ‪. 3 4 6‬‬
‫‪ .2‬قوت القلوب ‪. 2 4 5 /1‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫أحب جلة الدنيا ‪ ،‬ومن أحب أصل منها أو فرعا من أصل ‪ ،‬فقد أحب بعض‬
‫الدنيا ‪ ،‬وعلمنا بنص كلم ال أن الشهوة دنيا ‪ ،‬وفهمنا من دليله أن الاجات‬
‫ليست بدنيا لنا تقع ضرورات ‪ ،‬فإذا ل تكن الاجة دنيا ‪ ،‬دل أنا ل تسمى‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫شهوة وإن كانت قد تشتهى )‬
‫الية الثانية ‪ :‬وتبي الدنيا من خلل علل الشتهاء فيها وحصرها ف خسة‬
‫حيَاةُ ال ّدنْيَا َل ِعبٌ وََل ْه ٌو وَزِيَنةٌ َوَتفَاخُ ٌر َبْينَكُ ْم َوَتكَاثُرٌ فِي‬
‫أنواع ‪ :‬اعَْلمُوا َأنّمَا الْ َ‬
‫ا َل ْموَا ِل وَا َلوْلدِ [الديد‪ ، ]2 0 /‬يقول الكى معقبا ‪ ( :‬فرد الوصاف السبعة‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫إل خسة معان ‪ ،‬هى وصف من أحب تلك السبعة )‬
‫الية الثالثة ‪ :‬وتبي اختصار العلل ‪ ،‬وتركيزها ف معني جامعي من العلل‬
‫المسة السابقة ‪ِ :‬إنّمَا الَيَاةُ ال ّدْنيَا َل ِعبٌ [ممد‪. ]3 6 /‬‬
‫الية الرابعة ‪ :‬وتبي الدنيا من خلل وصف واحد جامع ‪ ،‬يرجع إليه ما سبق‬
‫ن اْل َهوَى [النازعات‪/‬‬
‫ف َمقَامَ َربّهِ َوَنهَى الّن ْفسَ عَ ْ‬
‫فقال تعال ‪َ :‬وَأمّا مَنْ خَا َ‬
‫‪ ]4 0‬فصارت الدنيا طاعة النفس للهوى ‪ ،‬فمن نى نفسه عن الوى ‪ ،‬فهو ل‬
‫يؤثر الدنيا ‪ ،‬وإذا ل يؤثر الدنيا ‪ ،‬فهذا هو الزاهد الذى ل يفرح بعاجل موجود‬
‫من حظ النفس ‪ ،‬ول يزن على مفقود من ذلك ‪ ،‬يأخذ الاجة من كل شئ‬
‫عند الاجة إل الشئ ‪ ،‬ول يتناول عند الاجة إل سد الفاقة ‪ ،‬ول يطلب‬
‫الشئ قبل الاجة ‪ ،‬فأول الزهد دخول غم الخرة ف القلب ‪ ،‬ث وجود حلوة‬
‫العاملة ل تعال ‪ ،‬ول يدخل هم الخرة ‪ ،‬حت يرج هم الدنيا ‪ ،‬ول تدخل‬
‫حلوة ــــــــــــــــــــ‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .24 5‬السابق ‪/1‬‬ ‫‪ .1‬السابق ‪2 /1‬‬
‫‪. 246‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫العاملة ‪ ،‬حت ترج حلوة الوى )‬
‫[ ‪ -3‬وعلى الوتية نفسها يبي أبو حامد الغزال (ت‪5 0 5 :‬هـ) أن معرفة ذم‬
‫الدنيا ل تكفي ما ل يعرف الرء حقيقة الدنيا الذمومة ما هى ؟ وما الذى ينبغى‬
‫أن يتنب منها ‪ ،‬وما الذى ل يتنب ‪ ،‬فل بد من بيان الدنيا الذمومة الأمور‬
‫باجتنابا ‪ ،‬لكونا عدوة قاطعة لطريق ال ‪ ،‬ما هى ؟ يقول ‪ ( :‬دنياك وآخرتك‬
‫عبارة عن حالتي من أحوال قلبك ‪ ،‬فالقريب الدان منها يسمى دنيا ‪ ،‬وهو كل‬
‫ما قبل الوت ‪ ،‬والتراخى التأخر يسمى آخرة ‪ ،‬وهو ما بعد الوت ‪ ،‬فكل ما‬
‫لك فيه حظ ونصيب وغرض وشهوة ولذة عاجل الال قبل الوفاة ‪ ،‬فهى الدنيا‬
‫ف حقك ) ( ‪ ، )2‬إل أنه يبي أن جيع ما ييل إليه الرء ‪ ،‬وله فيه نصيب وحظ‬
‫فليس بذموم بل هو ثلثة أقسام ( ‪: )3‬‬
‫القسم الول ‪ :‬ما يصحبك ف الخرة وتبقى معك ثرته بعد الوت ‪ ،‬وهو‬
‫شيئان العلم والعمل فقط ‪ ،‬ويعن بالعلم العلم بال وصفاته وأفعاله ‪ ،‬وملئكته‬
‫وكتبه ورسله ‪ ،‬وملكوت أرضه وسائه ‪ ،‬والعلم بشريعة نبيه ‪ ،‬ويعن بالعمل‬
‫العبادة الالصة لوجه ال تعال ‪ ،‬وقد يأنس العال بالعلم ‪.‬‬
‫القسم الثان ‪ :‬وهو القابل له على الطرف القصى ‪ ،‬كل ما فيه حظ عاجل‬
‫ول ثرة له ف الخرة أصل ‪ ،‬كالتلذذ بالعاصى كلها ‪ ،‬والتنعم بالباحات الزائدة‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬السابق ‪. 24 6 /1‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .2‬إحياء علوم الدين ‪. 3 / 214‬‬
‫‪ .3‬السابق ‪. 3 / 215‬‬
‫على قدر الاجات ‪ ،‬والضرورات الداخلة ف جلة الرفاهية والرعونات‬
‫كالتنعم بالقناطي القنطرة من الذهب والفضة ‪ ،‬واليل السومة والنعام والرث‬
‫والغلمان والوارى واليول والواشى والقصور والدور ‪ ،‬ورفيع الثياب ولذائذ‬
‫الطعمة ‪ ،‬فحظ العبد من هذا كله هى الدنيا الذمومة ‪ ،‬وفيما يعد فضول أو ف‬
‫مل حاجة نظر طويل ‪.‬‬
‫القسم الثالث ‪ :‬وهو متوسط بي الطرفي ‪ ،‬كل حظ ف العاجل معي على‬
‫أعمال الخرة ‪ ،‬كقدر القوت من الطعام ‪ ،‬والقميص الواحد الشن ‪ ،‬وكل ما‬
‫ل بد منه ‪ ،‬ليتأتى للنسان البقاء والصحة ‪ ،‬الت با يتوصل إل العلم والعمل‬
‫وهذا ليس من الدنيا كالقسم الثان ‪ ،‬لنه معي على القسم الول ووسيلة إليه‬
‫فمهما تناوله العبد على قصد الستعانة به على العلم والعمل ‪ ،‬ل يكن به‬
‫متناول للدنيا ول يصر به من أبناء الدنيا ‪ ،‬وإن كان باعثه الظ العاجل دون‬
‫الستعانة على التقوى ‪ ،‬التحق بالقسم الثان وصار من جلة الدنيا ‪.‬‬
‫**********************************‬
‫‪ -62‬الذكـــــــــــــر‬
‫**********************************‬
‫الذكر ‪ :‬الفظ للشيء وجريانه على اللسان ‪ ،‬والذكر نوعان ( ‪: )1‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ -1‬ذكر بالقلب ‪ ،‬ويراد به هيئة للنفس با يكن للنسان أن يفظ ما يقتنيه‬
‫من ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬متار الصحاح ص ‪ ، 93‬ولسان العرب ‪ ، 4/308‬والفردات ص ‪. 179‬‬
‫العرفة ‪ ،‬وهو كالفظ إل أن الفظ يقال اعتبارا بإحرازه ‪ ،‬والذكر يقال اعتبارا‬
‫باستحضاره ‪ ،‬وحضور الشئ ف القلب ذكره وتذكره ‪ ،‬بإرادة أو بغي إرادة‬
‫وضده نسيانه وتناسيه ‪ ،‬بإرادة أيضا أو بغي إرادة ‪ ،‬قال تعال ‪:‬‬
‫ت َومَا َأنْسَانِي إِل‬ ‫ت الْحُو َ‬
‫خ َرةِ فَِإنّي نَسِي ُ‬
‫قَالَ أَ َرَأيْتَ إِذْ َأ َوْينَا إِلَى الصّ ْ‬
‫ضْيتُمْ َمنَا ِسكَكُمْ‬
‫شيْطَانُ َأنْ أَذْكُرَه ُ [الكهف‪ ، ]6 3 /‬وقال سبحانه ‪ :‬فَإِذَا َق َ‬ ‫ال ّ‬
‫فَاذْكُرُوا اللّهَ كَذِكْرِكُ ْم آبَاءَكُمْ َأوْ َأشَدّ ذِ ْكرًا [البقرة‪ ، ]2 0 0 /‬وعن ابن عباس‬
‫رضي اللّه عنهما أنه قال ‪ " :‬إن أم الفضل سعته وهو يقرأ ‪ ،‬والرسلت عرفا‬
‫فقالت ‪ :‬يا بن ‪ ،‬واللّه لقد ذكرتن بقراءتك هذه السورة ‪ ،‬إنا لخر ما سعت‬
‫من رسول اللّه ‪ ،‬يقرأ با ف الغرب " (‪. )1‬‬
‫‪ -2‬ذكر باللسان سواء باستحضار القلب أو غيه ‪ ،‬قال تعال ‪ :‬يَا َأّيهَا‬
‫سبّحُوهُ بُكْ َر ًة َوأَصِيل [الحزاب‪]42:41/‬‬
‫الّذِينَ آ َمنُوا اذْكُرُوا اللّهَ ذِ ْكرًا َكثِيًا َو َ‬
‫‪ ،‬وعن كعب بن عجرة ‪ ،‬عن رسول ال قال ‪ " :‬معقبات ل ييب قائلهن‬
‫أو فاعلهن دبر كل صلة مكتوبة ‪ ،‬ثلث وثلثون تسبيحة ‪ ،‬وثلث وثلثون‬
‫تميدة ‪ ،‬وأربع وثلثون تكبية " (‪ )2‬وعن أب هريرة ‪ ،‬قال رسول اللّه ‪:‬‬
‫" رغم أنف رجل ذكرت عنده ‪ ،‬فلم يصل علي " (‪ ، )3‬ومن حديث ابن عباس‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب الذان (‪. 2/287 )763‬‬
‫‪ .2‬أخرجه مسلم ف كتاب الساجد (‪. 1/418 )596‬‬
‫‪ .3‬أخرجه الترمذى ف كتاب الدعوات (‪ )3545‬وقال اللبان ‪ :‬حسن صحيح‬
‫‪ 5/550‬وابن حبان ف صحيحه (‪. 3/189 )908‬‬
‫‪ ،‬كان النب يدعو ويقول ‪ " :‬رب اجعلن لك ‪ ،‬شكارا لك ‪ ،‬ذكارا لك‬
‫رهابا لك ‪ ،‬مطواعا لك ‪ ،‬مبتا إليك ‪ ،‬أواها منيبا " (‪. )1‬‬
‫والذكر قد يطلق على بعض العان الصطلحية الواردة ف الصول القرآنية‬
‫والنبوية منها ‪ :‬القرآن ساه ال ذكرا لقوله تعال ‪ :‬وَقَدْ آتَْينَاكَ مِنْ َل ُدنّا ذِكْرًا‬
‫حمِ ُل َي ْومَ اْل ِقيَامَ ِة وِزْرًا [طه‪ ]1 0 0 : 9 9 /‬وقوله ‪َ :‬وهَذَا‬‫ض َعنْهُ فَِإنّ ُه يَ ْ‬ ‫مَنْ َأعْ َر َ‬
‫ذِكْ ٌر ُمبَا َركٌ أَنزَْلنَاهُ أََفأَْنتُمْ لَ ُه مُنكِرُون َ [النبياء‪ ، ]5 0 /‬وقوله ‪ِ :‬إنّا نَحْ ُن َنزّْلنَا‬
‫الذّكْ َر َوِإنّا لَهُ لَحَاِفظُونَ [الجر‪ ، ]9 /‬ويطلق أيضا على اللوح الحفوظ ‪ :‬لا‬
‫روى عن عمران بن حصي ‪ ،‬قال ‪ " :‬كان اللّه ول يكن شيء غيه وكان‬
‫(‪)2‬‬
‫عرشه على الاء ‪ ،‬وكتب ف الذكر كل شيء ‪ ،‬وخلق السموات والرض "‬
‫‪ ،‬وعن أب هريرة ‪ ،‬قال ‪ " :‬لقي آدم موسى فقال ‪ :‬أنت آدم الذي خلقك‬
‫اللّه بيده ‪ ،‬وأسجد لك ملئكته ‪ ،‬وأسكنك النة ‪ ،‬ث فعلت ؟ ‪ ،‬فقال ‪ :‬أنت‬
‫موسى الذي كلمك اللّه ‪ ،‬واصطفاك برسالته ‪ ،‬وأنزل عليك التوراة ‪ ،‬ث أنا‬
‫أقدم أم الذكر ؟ قال ‪ :‬ل بل الذكر ‪ ،‬فحج آدم موسى ‪ ،‬فحج آدم موسى‬
‫عليهما السلم " (‪. )3‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .1‬أخرجه الترمذى ف كتاب الدعوات (‪ )3551‬وقال اللبان ‪ :‬صحيح ‪5/554‬‬
‫وأبو داود (‪. 2/83 )1510‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب بدء اللق (‪. 6/331 )3192‬‬
‫‪ .3‬أخرجه أحد ف السند (‪ )9664‬واللفظ له ‪ ،‬وأخرجه البخارى ف كتاب‬
‫أحاديث النبياء (‪. )3409‬‬
‫ويطلق الذكر أيضا على خطبة المعة والصلة ‪ :‬لا روى عن أب هريرة‬
‫قال رسول ال ‪ " :‬إذا كان يوم المعة ‪ ،‬كان على كل باب من أبواب‬
‫السجد اللئكة ‪ ،‬يكتبون الول فالول ‪ ،‬فإذا جلس المام طووا الصحف‬
‫وجاءوا يستمعون الذكر " (‪ ، )1‬ولقوله تعال عن النافقي ‪َ :‬وإِذَا قَامُوا إِلَى‬
‫س وَل يَذْكُرُونَ اللّهَ إِل َقلِيل [النساء‪]142/‬‬
‫الصّلةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُو َن النّا َ‬
‫قال رسول اللّه ‪ " :‬والذي نفسي بيده لو‬ ‫ولا روى عن حنظلة السيدي‬
‫تدومون على ما تكونون عندي وف الذكر ‪ ،‬لصافحتكم اللئكة على فرشكم‬
‫وف طرقكم " (‪ ، )2‬ويطلق الذكر أيضا على مالس العلم ‪ ،‬على اعتبار ما فيها‬
‫قال ‪" :‬‬ ‫من ذكر ال والتعلق بطاعته ‪ ،‬لا روى عن أب هريرة ‪ ،‬عن النب‬
‫إن ل تبارك وتعال ملئكة سيارة فضل ‪ ،‬يتتبعون مالس الذكر ‪ ،‬فإذا وجدوا‬
‫ملسا فيه ذكر قعدوا معهم ‪ ،‬وحف بعضهم بعضا بأجنحتهم ‪ ،‬حت يلئوا ما‬
‫بينهم وبي السماء الدنيا ‪ ،‬فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إل السماء " (‪ )3‬وعن‬
‫قال ‪ " :‬إذا مررت برياض النة ‪ ،‬فارتعوا‬ ‫أنس بن مالك أن رسول اللّه‬
‫(‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫قالوا ‪ :‬وما رياض النة ؟ قال ‪ :‬حلق الذكر "‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب بدء اللق (‪. 6/351 )3211‬‬
‫‪ .2‬أخرجه مسلم ف كتاب التوبة (‪. 4/2106 )2750‬‬
‫‪ .3‬أخرجه مسلم ف كتاب الذكر (‪. 4/2069 )2689‬‬
‫‪ .4‬أخرجه الترمذى ف كتاب الدعوات (‪ ) )3510‬وقال اللبان ‪ :‬حسن ‪5/532‬‬
‫والطبان ف العجم الكبي (‪. 11/95 )11158‬‬
‫الذكر ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫والذكر عند العتدلي من الصوفية ‪ ،‬ورد ف أغلب عباراتم متوافقا مع العن‬
‫القرآن ‪ ،‬كما أنه يثل ركنا قويا ف طريق الق سبحانه وتعال ‪ ،‬بل هو عمدة‬
‫المر ‪ ،‬فل يصل أحد إل ال عندهم إل بدوام الذكر ‪ ،‬لقوله تعال ‪ :‬يَا َأّيهَا‬
‫الّذِينَ آ َمنُوا اذْكُرُوا اللّهَ ذِ ْكرًا َكثِيًا [الحزاب‪ ، ]4 1 /‬ومن خصائصه أنه غي‬
‫مؤقت ‪ ،‬بل ما من وقت من الوقات إل والعبد مأمور بذكر ال ‪ ،‬إما فرضا‬
‫وإما ندبا ‪ ،‬والذكر بالقلب مستدام ف عموم الالت ‪ ،‬لقوله تعال ‪ :‬الّذِينَ‬
‫يَذْ ُكرُونَ اللّه َ ِقيَامًا وَُقعُودًا وَعَلَى ُجنُوِبهِ ْم َوَيتَ َفكّرُونَ فِي خَلْقِ السّمَاوَاتِ‬
‫وَالَرْض ِ [آل عمران‪ ، ]1 9 1 /‬قياما بق الذكر وقعودا عن الدعوى فيه ‪،‬‬
‫والذكر عندهم على ضربي ‪ :‬ذكر اللسان وذكر القلب ‪ ،‬فذكر اللسان به يصل‬
‫العبد إل استدامة ذكر القلب والتأثي لذكر القلب ‪ ،‬فإذا كان العبد ذاكرا‬
‫بلسانه وقلبه فهو الكامل ف وصفه ف حل سلوكه (‪ ، )1‬وما ورد ف معن الذكر‬
‫عندهم ‪ ،‬ما روى عن أحد بن الوارى (ت‪230:‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬إنا كره‬
‫النبياء الوت ‪ ،‬لنقطاع الذكر عنهم ‪ ،‬وعلمة حب ال حب ذكر ال ‪ ،‬فإذا‬
‫أحب ال العبد أحبه ‪ ،‬ول يستطيع العبد أن يب ال حت يكون البتداء من ال‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫بالب له ‪ ،‬وذلك حي عرف منه الجتهاد ف مرضاته ) (‪ ، )2‬وينسب إل ذى‬
‫النون الصرى (ت‪248:‬هـ) ‪ ،‬أنه قال ‪ ( :‬من ذكر ال تعال ذكرا على‬
‫القيقة نسى ف جنب ذكره كل شئ ‪ ،‬وحفظ ال تعال عليه كل شئ وكان له‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .2‬طبقات الصوفية ص ‪101‬‬ ‫‪ .1‬الرسالة القشيية ‪. 2/468:464‬‬
‫‪.‬‬
‫عوضا عن كل شئ ) (‪ ، )1‬ويذكر لب عثمان النيسابورى (ت‪298:‬هـ)‬
‫أنه قال ‪ ( :‬الذكر الكثي ‪ ،‬أن تذكره ف ذكرك له ‪ ،‬أنك ل تصل إل ذكره إل‬
‫به وبفضله ) (‪ ، )2‬وعن أب ممد الريرى (ت‪311:‬هـ) أنه قال ‪:‬‬
‫( ذكرك منوط بك إل أن يتصل ذكرك بذكره ‪ ،‬إذ ذاك يرفع ويلص من‬
‫العلل ‪ ،‬فما قارن حدث قدما ‪ ،‬إل تلشى وبقى الصل وذهبت الفروع ‪ ،‬كأن‬
‫ل تكن ) (‪ ، )3‬ويروى أن أبا بكر الواسطى (ت‪:‬بعد ‪320‬هـ) سئل عن‬
‫الذكر فقال ‪ :‬الروج من ميدان الغفلة إل قضاء الشاهد ‪ ،‬على غلبة الوف‬
‫وشدة الب له ) (‪ )4‬وعنه أيضا ‪ ( :‬الذاكرون ف ذكره أكثر غفلة من الناسي‬
‫لذكره لن ذكره سواه ) (‪. )5‬‬
‫وينسب لب العباس الدينورى (ت‪:‬بعد ‪340‬هـ) ‪ ( :‬اعلم أن أدن الذكر‬
‫أن ينسى ما دونه ‪ ،‬وناية الذكر أن يغيب الذاكر ف الذكر عن الذكر ‪،‬‬
‫ويستغرق بذكوره عن الرجوع إل مقام الذكر ‪ ،‬وهذا حال فناء الفناء ) (‪. )6‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .1‬الرسالة ‪. 2/466‬‬
‫‪.2‬طبقات الصوفية ص ‪. 174‬‬
‫‪ .3‬السابق ص ‪. 263‬‬
‫‪ .4‬الرسالة ‪. 2/466‬‬
‫‪ .5‬طبقات الصوفية ص ‪. 305‬‬
‫‪ .6‬السابق ص ‪. 447‬‬
‫ويذكر الكلباذى (ت‪380:‬هـ) أن حقيقة الذكر ‪ ،‬أن تنسى ما سوى‬
‫كرْ َربّكَ إِذَا نَسِيت َ [الكهف‪]2 4 /‬‬
‫الذكور ف الذكر ‪ ،‬لقوله تعال ‪ :‬وَاذْ ُ‬
‫يعن إذا نسيت ما دون ال ‪ ،‬فقد ذكرت ال (‪. )1‬‬
‫ويقسم الكاشان (ت‪735:‬هـ) الذكر عند الصوفية على أنواع منها ‪ ،‬ما‬
‫يتفق مع العان السابقة أو يفترق ‪ ،‬فيذكر منها (‪: )2‬‬
‫(‪ -1‬ذكر العامة ‪ :‬وهو ما يتقرب به عامة أهل اليان ‪ ،‬من ذكر ال تعال إما‬
‫بكلمة الشهادة ‪ ،‬وهى كلمة ل إله إل ال ‪ ،‬وإما غيها من التسبيحات‬
‫والدعية والذكار ‪.‬‬
‫(‪ -2‬ذكر الصوص ‪ :‬وهو الذكر الذى يكون من تلقي الشيخ الرشد لذكر‬
‫معي ‪ ،‬إما كلمة ل إله إل ال أو غيها ‪ ،‬وذلك لزالة قيد وحجاب معي‬
‫مرشد إل إزالته شيخ عارف بأدواء النفوس ‪ ،‬يكون تلقينه لذلك الذكر‬
‫أقوى أثرا ف إزالة ظلمة الجب ‪ ،‬عندما تكون اللزمة لذلك الذكر عن‬
‫حضور يدفع كل خاطر ‪ ،‬حت خاطر الق أيضا ‪ ،‬وينع كل تفرقة تطر‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫بالبال ‪ ،‬ويعل الم ها واحدا بيث ل يطر بالبال غي الذكور ‪ ،‬متوجها‬
‫إليه بتوجه ساذج عن العقائد القيدة ‪ ،‬بل على اعتقاد ما يعلم الق نفسه‬
‫بنفسه ف نفسه ‪ ،‬ويعلم كل شئ وعلى ما تعلم رسله وتفهمه عنه ‪ ،‬بيث‬
‫ل يدخل خلوة الذكر إل وهو خال عن كل معتقد ‪ ،‬سوى اليان با جاء‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬التعرف ص ‪. 103‬‬
‫‪ .2‬لطائف العلم ص ‪471 :468‬‬
‫من عند ال ‪ ،‬على مراد ال ‪ ،‬وبا أخب به رسول ال ‪ ،‬على مراد‬
‫رسول ال ‪.‬‬
‫(‪ -3‬الذكر الظاهر ‪ :‬ويعن به ذكر اللسان ‪ ،‬الذى بداومته يصل اللص‬
‫من الغفلة والنسيان ‪.‬‬
‫(‪ -4‬الذكر الفى ‪ :‬وهو الذكر بالنان مع سكوت اللسان ‪.‬‬
‫(‪ -5‬ذكر السر ‪ :‬و هو ما يتجلى له من الواردات ‪.‬‬
‫(‪ -6‬الذكر الشامل ‪ :‬يعن به استعمال الظاهر والباطن ‪ ،‬فيما يقرب من ال‬
‫تعال بيث يكون اللسان مشغول بالذكر ‪ ،‬والوارح بالطاعات ‪ ،‬والقلب‬
‫بالواردات ‪.‬‬
‫( ‪ -7‬الذكر الكب ‪ :‬يعن به ما وقعت الشارة إليه ‪ ،‬بقوله تعال ‪ :‬وَلَذِكْ ُر‬
‫اللّهِ أَ ْكبَر ُ [العنكبوت‪ ]45/‬والراد به كمال العرفة والطاعة ‪ ،‬قال ‪ " :‬أنا‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫أعرفكم بال وأتقاكم له " (‪ ، )1‬فمن كان ف معرفته ‪ ،‬وطاعته على هذا‬
‫الد فهو صاحب الذكر الكب ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬

‫‪ .1‬ل يرد ف الديث لفظ ‪ ( :‬أنا أعرفكم بال ) ‪ ،‬ولكنه أخرجه مسلم ف كتاب‬
‫أنه سأل رسول ال‬ ‫الصيام (‪ 2/779 )1108‬عن عمر بن أب سلمة‬
‫سل هذه ‪ ،‬لم سلمة ؟ فأخبته أن رسول ال‬ ‫أيقبل الصائم ؟ فقال له رسول ال‬
‫يصنع ذلك فقال ‪ :‬يا رسول ال ‪ ،‬قد غفر ال لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ‪،‬‬
‫‪ :‬أما وال إن لتقاكم ل وأخشاكم له ‪.‬‬ ‫فقال له رسول ال‬
‫(‪ -8‬الذكر الرفع ‪ :‬وهو الذكر الكب لنه أرفع الذكار ‪ ،‬ويسمى الذكر‬
‫كرَك َ [الشرح‪]4 /‬‬
‫الرفوع أيضا ‪ ،‬وإليه الشارة بقوله ‪ :‬وَرََف ْعنَا لَكَ ذِ ْ‬
‫فإنه تعال رفعه بذكره وطاعته له ‪ ،‬إل مرتبة ف الذكر ل يعلوها غيه من‬
‫اللئق ‪.‬‬
‫(‪ -9‬الذكر الرفوع ‪ :‬وهو الرفع ‪ ،‬وقد يعن بالذكر الرفوع ذكر الق‬
‫لعبده جزاء له على ذكره لربه ‪ ،‬كما جاء ف الكلمات القدسية أنه تعال‬
‫يقول ‪ ( :‬من ذكرن ف نفسه ذكرته ف نفسى ‪ ،‬ومن ذكرن ف مل‬
‫ذكرته ف مل خي منهم ) (‪. )1‬‬
‫(‪ -10‬الذكر القيقى ‪ :‬يعن به الذكر النسوب إل الذكر بالقيقة ‪ ،‬فلما‬
‫كانت الفعال كلها إنا هى منسوبة إل الق حقيقة ل إل العبد ‪ ،‬كذلك‬
‫صار الذكر القيقى ‪ ،‬إنا هو الذكر النسوب إل الق تعال ل إل العبد‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫لن الذكر النسوب إل العبد ‪ ،‬ليس له هذه النسبة القيقية ‪ ،‬فإن ذكر‬
‫العبد ليس هو الذكر القيقى ‪ ،‬وأن المر ف هذا العن وغيه من جيع ما‬
‫يضاف إل الق واللق ‪ ،‬من باب التسمية القيقية والجازية (‪. )2‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ ،‬قال‬ ‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف التوحيد (‪1/2 )6856‬ص ‪ 187‬عن أب هريرة‬
‫‪ " :‬يقول ال تعال ‪ :‬أنا عند ظن عبدي ب وأنا معه إذا ذكرن ‪ ،‬فإن ذكرن ف‬ ‫النب‬
‫نفسه ذكرته ف نفسي وإن ذكرن ف مل ذكرته ف مل خي منهم وإن تقرب إل بشب‬
‫تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إل ذراعا تقربت إليه باعا وإن أتان يشي أتيته هرولة "‬
‫‪.‬‬
‫‪ .2‬انظر ف مصطلح الذكر عند ابن عرب العجم الصوف د‪ /‬سعاد حكيم ص ‪. 272‬‬

‫**********************************‬
‫‪ -63‬ذو العقــــــــــــل‬
‫**********************************‬
‫ذو العقل ‪ :‬أصل العقل المساك والستمساك ‪ ،‬كعقل البعي بالعقال ‪ ،‬فعن‬
‫أنس بن مالك قال ‪ " :‬بينما نن جلوس مع النب ف السجد دخل رجل على‬
‫جل فأناخه ف السجد ث عقله ‪ ،‬ث قال لم ‪ :‬أيكم ممد ؟ " ( ‪ )1‬وعن عدي بن‬
‫ط ا َل ْس َو ِد‬
‫خْي ِ‬
‫ض ِم ْن اْل َ‬
‫ط ا َلْبَي ُ‬
‫خْي ُ‬
‫حات قال ‪ " :‬لا نزلت ‪َ :‬حتّى َيَتَبّي َن َل ُك ْم اْل َ‬
‫[البقرة‪ ، ]187 /‬عمدت إل عقال أسود ‪ ،‬وإل عقال أبيض فجعلتهما تت وسادت‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ ،‬فجعلت أنظر ف الليل فل يستبي ل ‪ ،‬فغدوت على رسول اللّه فذكرت له‬
‫ذلك ‪ ،‬فقال ‪ :‬إنا ذلك سواد الليل وبياض النهار ( ‪ ، )2‬والعقل يقال لمرين ( ‪: )3‬‬
‫‪ -1‬القوة التهيئة لقبول العلم ‪ ،‬وهى الغريزة الت وضعها اللّه ف قلوب‬
‫المتحني من عباده ‪ ،‬وهذا يعرف بفعاله ول نعرف كيفيته ‪ ،‬وإليه الشارة‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب العلم ( ‪. 1 / 1 7 9 )6 3‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الصوم ( ‪. 4 / 1 5 7 )1 9 1 6‬‬
‫‪ .3‬الفردات ص ‪ 3 4 2 ، 3 4 1‬بتصرف ‪ ،‬وانظر العقل ومكانته ف القرآن الكري‬
‫إعداد سيد ممد يوسف منصور اللبان ‪ ،‬رسالة ماجستي مطوط كلية أصول الدين‬
‫جامعة الزهر القاهرة سنة ‪1 9 8 5‬م ص ‪. 3 3‬‬
‫بقول النب ‪ ( :‬رفع القلم عن ثلثة وذكر منها الجنون حت يعقل ) (‪ )1‬وكل‬
‫موضع فيه رفع التكليف عن العبد لعدم العقل فلجل هذا العن ‪.‬‬
‫‪ -2‬العلم الذى يستفيده النسان بتلك الغريزة أو القوة يقال له عقل ‪،‬‬
‫كقوله تعال ‪َ :‬ومَا يَ ْعقُِلهَا إِل اْلعَالِمُون َ [العنكبوت‪ ، ]4 3 /‬وقال جابر بن عبد‬
‫اللّه يقال ‪ " :‬جاء رسول اللّه يعودن وأنا مريض ل أعقل ‪ ،‬فتوضأ وصب‬
‫علي من وضوئه فعقلت " (‪. )2‬‬
‫وكل موضع ذم اللّه فيه الكفار بعدم العقل ‪ ،‬فإشارة إل هذا العن دون‬
‫الول نو قوله تعال ‪ :‬صُ ّم ُبكْ ٌم عُ ْميٌ َفهُ ْم ل َيعْقِلُون َ [البقرة‪ ، ]1 7 1 /‬ونو‬
‫ذلك من اليات ‪ ،‬والعقل يقال أيضا للعوض الال القدر ف الشرع مقابل‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫القتل أو الراح ‪ ،‬فعن أب جحيفة قال ‪ :‬قلت لعلي بن أب طالب ‪ :‬هل عندكم‬
‫كتاب ؟ قال ‪ :‬ل ‪ ،‬إل كتاب اللّه ‪ ،‬أو فهم أعطيه رجل مسلم ‪ ،‬أو ما ف هذه‬
‫الصحيفة ‪ ،‬قلت ‪ :‬فما ف هذه الصحيفة ؟ قال ‪ :‬العقل وفكاك السي ‪ ،‬ول‬
‫يقتل مسلم بكافر ) (‪. )3‬‬
‫وعن أب هريرة أنه قال ‪ " :‬قضى رسول اللّه ف جني امرأة من بن‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه الترمذى ف كتاب الدود ( ‪ )1 4 2 3‬وقال الشيخ اللبان رحه ال ‪:‬‬
‫صحيح ‪ ، 4 / 3 2‬وابن ماجه ف سننه ( ‪ ، 1 / 6 5 8 )2 0 4 1‬والدارمى (‬
‫‪ 2 / 2 2 5 )2 2 9 6‬وأحد ف مسنده ( ‪. ) 1 1 8 3‬‬
‫‪ .2‬أخرجه البخارى ف كتاب الوضوء ( ‪. 1 / 3 6 0 )1 9 4‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب العلم ( ‪. 1 / 2 4 6 )1 1 1‬‬
‫ليان سقط ميتا ‪ ،‬بغرة عبد أو أمة ‪ ،‬ث إن الرأة الت قضى لا بالغرة توفيت‬
‫فقضى رسول اللّه بأن مياثها لبنيها وزوجها وأن العقل على عصبتها " ( ‪. )1‬‬
‫ذو العقل ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫والعقل عند أوائل الصوفية ‪ ،‬غريزة ف قلوب المتحني من عباده ‪ ،‬أقام به‬
‫على البالغي الجة ‪ ،‬يولد العبد با ث يزيد ‪ ،‬فالعقل الذى منحنا اللّه قادر على‬
‫التفكي ‪ ،‬وعلى معرفة ما أنزل اللّه ‪ ،‬وكل إنسان بلغ سن الرشد ‪ ،‬فقد تمل‬
‫مسئولية ناتة من أنه عاقل ‪ ،‬واللّه ل يهلك قوما إل ويذكرهم ‪ ،‬وياطب‬
‫عقلهم با يفهم من عب ‪ ،‬وإذا كان اللّه قد من علينا بالعقل ‪ ،‬فلكى ياطبنا‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫بواسطته‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫والعاقل عند أوائل الصوفية هو من أطاع اللّه واهتدى بديه ‪ ،‬يقول الارث‬
‫بن أسد الحاسب ‪ ( :‬أل فمن رغب منكم ف العقل ‪ ،‬وأراد السبيل إل اكتسابه‬
‫فإن أفضل ما تستفيد بالعقل أن تطيع اللّه فيما افترض عليك ‪ ،‬وتتجنب ما حرم‬
‫اللّه عليك ‪ ،‬فمت فعلت ذلك أخذت من العقل بنصيب ‪ ،‬فبذلك جاءت‬
‫الخبار أن العاقل ‪ ،‬من أطاع اللّه ول عقل لن عصاه ) ( ‪. )3‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب الفرائض ( ‪. 1 2 / 2 5 )6 7 4 0‬‬
‫‪ .2‬ماهية العقل ومعناه للحارث الحاسب تقيق ‪ ،‬د‪ /‬حسي القوتلى طبعة بيوت ‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،1 9 7 2‬ص ‪ 1 0 5‬ص ‪ ،1 6 4‬وانظر الزيد عن العقل عند أوائل الصوفية ف‬
‫رسالة ماجستي بعنوان ‪ :‬موقف الصوفية من العقل حت ناية القرن الرابع الجرى ‪،‬‬
‫للدكتور ممد عبد ال الشرقاوى ‪ ،‬مكتبة كلية دار العلوم جامعة القاهرة ( ‪)2 6 8‬‬
‫‪1 9 8 1‬م ‪.‬‬
‫‪ .3‬الرزق اللل وحقيقة التوكل على اللّه للمحاسب ص ‪. 1 1‬‬
‫ويبي الحاسب أن اللّه دعا العقول إل النظر ف آياته ‪ ،‬والفكر ف عجائب‬
‫صنعه ‪ ،‬لن ف ذلك سبيل لم إل معرفته ‪ ،‬وإل العلم بأنه الالق الرازق الله‬
‫الواحد سبحانه وأن من دونه خلق له ‪ ،‬وأن اللق كلهم مألوهون مستعبدون ل‬
‫يلكون لنفسهم نفعا ول ضرا ول يلكون موتا ول حياة ول نشورا ويستدل‬
‫ض وَا ْختِلفِ الّليْلِ‬
‫لذلك ‪ ،‬بقوله تعال ‪ِ :‬إنّ فِي َخلْقِ السّمَاوَاتِ وَالَ ْر ِ‬
‫وَالّنهَارِ ليَاتٍ لُولِي الَْلبَابِ الّذِينَ يَذْ ُكرُونَ اللّهَ ِقيَامًا وَُقعُودًا َوعَلَى ُجنُوِبهِمْ‬
‫ت هَذَا بَاطِل ُسبْحَانَكَ َف ِقنَا‬ ‫ت وَالَ ْرضِ َرّبنَا مَا َخَلقْ َ‬ ‫َوَيَتفَكّرُونَ فِي خَلْقِ السّمَاوَا ِ‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫ب النّارِ [آل عمران‪ ، ]1 9 1 : 1 9 0 /‬وبقوله ‪َ :‬سنُرِيهِ ْم آيَاِتنَا فِي الفَاقِ‬
‫عَذَا َ‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫[فصلت‪]5 3 /‬‬ ‫حقّْ‬
‫سهِم َحتّى َيتََبيّنَ َلهُمْ َأنّهُ الْ َ‬
‫وَفِي َأنْفُ ِ‬
‫ويقول الكيم الترمذى (ت‪3 2 0 :‬هـ) ‪ ( :‬العقل اسم واحد ‪ ،‬وسلطانه‬
‫ناقص وزائد ‪ ،‬يقوى بقوة أركانه ‪ ،‬ويزداد بزيادة سلطانه ‪ ،‬يعقل النفس عن‬
‫متابعة الوى ‪ ،‬كما ينع العقال الدابة من مرتعها ومرعاها ‪ ،‬والعاقل هو الذى‬
‫يعقل عن ال أمره ونيه ومواعظه ‪ ،‬ووعده ووعيده ‪ ،‬ويفهم مراده ف الشياء‬
‫على قدر ما يوفقه ‪ ،‬ويكشف له من تعظيم أمره واجتناب مناهيه ‪ ،‬وهذه كلها‬
‫ل توجد إل بلطف ال ‪ ،‬وحسن نظره إليه ‪ ،‬فيفضله على غيه باللب الوصوف‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪ ،‬ث يعل للعقل مقامات متنوعة ‪:‬‬ ‫والنور العروف )‬
‫‪ -1‬عقل الفطرة ‪ :‬وهو الذى يرج به الصب والرجل من صفة النون ‪،‬‬
‫فيعقل ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬القصد والرجوع إل اللّه ص ‪. 5 8‬‬
‫‪ .2‬بيان الفرق بي الصدر والقلب الفؤاد واللب ص ‪. 7 7‬‬
‫ما يقال له ‪ ،‬لنه يؤمر وينهى ‪ ،‬وييز بي الي والشر ‪ ،‬ويعرف به الكرامة من‬
‫الوان ‪ ،‬والربح من السران ‪ ،‬والباعد من اليان ‪ ،‬والقرابة من الجانب ‪.‬‬
‫‪ -2‬عقل الجة ‪ :‬وهو الذى به يستحق العبد من ال تعال الطاب ‪ ،‬فإذا بلغ‬
‫اللم يتأكد نور العقل ‪ ،‬الذى وصف بنور التأيد ‪ ،‬فيؤيد عقله ‪ ،‬فيصل إل‬
‫خطاب ال تعال ‪.‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ -3‬عقل التجربة ‪ :‬وهو أنفع الثلثة وأفضلها ‪ ،‬لنه يصي حكيما بالتجارب‬
‫يعرف ما ل يكن بدليل ما قد كان ‪ ،‬وهو ما قال رسول ال ‪ " :‬ل حكيم‬
‫إل ذو تربة ‪ ،‬ول حليم إل ذو عثرة " (‪. )1‬‬
‫‪ -4‬العقل الوروث ‪ :‬وصفته أن يكون الرجل كبيا عاقل ‪ ،‬حكيما‬
‫عليما حليما وقورا ‪ ،‬قد ابتلى بولد سفيه أو تلميذ سفيه ‪ ،‬ل ينتفع من صحبته‬
‫فيورث ال تبارك وتعال ببكته عقله ونوره ‪ ،‬وضياءه ونفعه ووقاره وسكينته‬
‫وسته لذا السفيه ‪ ،‬فيتغي حاله ف الوقت فيصي وقورا عاقل على سبيل سلفه ‪،‬‬
‫وهذا إنا يورث يعاينه النسان بوفاة الكبي العاقل وتغي الال ف السفيه الاهل‬
‫(‪. )2‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬ضعيف ‪ ،‬أخرجه الترمذى ف كتاب الب والصلة ( ‪ )1 9 5 6‬وقال الشيخ اللبان ‪:‬‬
‫ل حليم إل‬ ‫قال ‪ " :‬قال رسول ال‬ ‫ضعيف ‪ ، 4/379‬عن أب سعيد الدري‬
‫ذو عثرة ول حكيم إل ذو تربة " قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب ل نعرفه‬
‫إل من هذا الوجه ‪ ،‬وأخرجه أحد ف السند ( ‪ )1 0 6 3 4‬وأخرجه البخارى ف‬
‫‪ " :‬ل حكيم‬ ‫كتاب الدب موقوفا على معاوية بن أب سفيان بلفظ ( وقال معاوية‬
‫‪ .2‬السابق ص ‪. 7 6‬‬ ‫إل ذو تربة " ‪. 1 0 / 5 4 6‬‬
‫أما العاقل عند أصحاب الوحدة فهو العتنق لبدأهم ‪ ،‬وهو الذى يرى اللق‬
‫ف الظاهر ‪ ،‬والق ف الباطن ‪ ،‬ويكون الق عنده مرآة للخلق وتتفى الرآة‬
‫حت تصي ف صورة يظهر هو نفسه فيها ‪ ،‬وهذا هو الحتجاب الطلق ‪ ،‬فيى‬
‫الوجود الواحد بعينه حقا من وجه ‪ ،‬وخلقا من وجه ‪ ،‬فل يتجب بالكثرة عن‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫شهود الوجه الواحد الحد بذاته ‪ ،‬ول يزاحم ف شهود كثرة الظاهر أحدية‬
‫الذات الت يتجلى فيها ‪ ،‬ول يتجب بأحدية وجه الق عن شهود الكثرة‬
‫اللقية ‪ ،‬ول يزاحم ف شهوده أحدية الذات التجلية ف الجال كثرتا ‪ ،‬وإل‬
‫ذلك أشار بن عرب ف قوله ( ‪: )1‬‬
‫ففى اللق عي الق إن كنت ذا عي‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫وف الق عي اللق إن كنت ذا عقل‬
‫**********************************‬
‫‪ -64‬الـــــــــــــذوق‬
‫**********************************‬
‫الذوق ‪ :‬مصدر ذاق الشيء يذوقه ذوقا ‪ ،‬والذاق طعم الشيء والذوق يقال‬
‫ف الحسوسات والعنويات ( ‪: )3‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬معجم الكاشان ص ‪ 1 8 1‬وكشاف التهانوى ‪ 2 / 3 3 5‬والتعريفات ص ‪. 1 1 3‬‬
‫‪ .2‬السابق ص ‪. 1 8 1‬‬
‫‪ .3‬لسان العرب ‪ ، 1 0 / 1 1 1‬وكتاب العي ‪ 5 / 2 0 1‬والفردات ص ‪. 1 8 2‬‬
‫‪ -1‬الذوق ف الحسوسات هو وجود الطعم بالفم ‪ ،‬وأصله فيما يقل تناوله‬
‫دون ما يكثر ‪ ،‬فإن ما يكثر منه يقال له الكل ‪ ،‬قال ال تعال ‪َ :‬فلَمّا ذَاقَا‬
‫ج َرةَ بَدَتْ َل ُهمَا َسوْآُتهُمَا [العراف‪ ، ]2 2 /‬وروى عن جابر قال ‪" :‬‬
‫الشّ َ‬
‫مكث النب وأصحابه وهم يفرون الندق ثلثا ‪ ،‬ل يذوقوا طعاما " ( ‪، )1‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫وعن أب هريرة قال ‪ " :‬الفأرة مسخ وآية ذلك أنه يوضع بي يديها لب الغنم‬
‫فتشربه ويوضع بي يديها لب البل فل تذوقه ‪ ،‬فقال له كعب ‪ :‬أسعت هذا‬
‫من رسول اللّه ؟ قال ‪ :‬أفأنزلت علي التوراة ؟ " (‪. )2‬‬
‫‪ -2‬الذوق ف العنويات من باب التشبيه ‪ ،‬ومنه عدة معان ‪:‬‬
‫أ‪ -‬الذوق ‪ :‬تعبيا عن استشعار حلوة الماع ‪ ،‬لا روى عن عائشة رضي اللّه‬
‫عنها ‪ ،‬جاءت امرأة رفاعة القرظي النب ‪ ،‬فقالت ‪ " :‬كنت عند رفاعة‬
‫فطلقن ‪ ،‬فأبَتّ طلقي ‪ ،‬فتزوجت عبد الرحن بن الزبي ‪ ،‬إنا معه مثل‬
‫هدبة الثوب ‪ ،‬فقال ‪ :‬أتريدين أن ترجعي إل رفاعة ؟ ‪ ،‬ل ‪ :‬حت تذوقي‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫عسيلته ويذوق عسيلتك "‬
‫ب‪ -‬الذوق ‪ :‬تعبيا عن استشعار سكرات الوت ‪ ،‬ومنه قوله تعال ‪ :‬كُ ّل‬
‫َن ْفسٍ ذَاِئ َق ُة الْ َموْت ِ [آل عمران‪ ]1 8 5 /‬وعن عائشة رضي اللّه عنها ‪ :‬أن‬
‫أبا‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه أحد ف السند ( ‪ 3 / 30 0 )13 7 9 9‬واللفظ له ‪ ،‬وأخرجه البخارى ف‬
‫كتاب الغازى برقم ( ‪. )41 0 0‬‬
‫‪ .2‬أخرجه مسلم ف كتاب الزهد ( ‪. 4 / 229 4 )29 9 7‬‬
‫‪ .3‬أخرجه البخارى ف كتاب الشهادات ( ‪. 5 / 295 )2 6 3 9‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫فقبله ‪ ،‬قال ‪" :‬بأب أنت وأمي‬ ‫بكر جاء فكشف عن رسول اللّه‬
‫طبت حيا وميتا والذي نفسي بيده ل يذيقك اللّه الوتتي أبدا " ( ‪، )1‬‬
‫ومن حديث عائشة رضى ال عنها ‪ ،‬قال عامر بن فهية ‪:‬‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫إن وجدت الوت قبل ذوقه ‪ :‬إن البان حتفه من فوقه‬
‫ج‪ -‬الذوق ‪ :‬تعبيا عن الحساس بالل والعذاب ‪ ،‬ومنه قوله تعال ‪ :‬كُلّمَا‬
‫جلُودًا غَيْ َرهَا ِليَذُوقُوا اْلعَذَابَ [النساء‪]5 6 /‬‬
‫جتْ جُلُو ُدهُ ْم بَدّْلنَاهُمْ ُ‬
‫َنضِ َ‬
‫وعن أب هريرة قال ‪ " :‬جاء مشركوا قريش ياصمون رسول اللّه‬
‫حبُونَ فِي النّا ِر عَلَى وُجُو ِههِمْ ذُوقُوا َمسّ‬
‫ف القدر ‪ ،‬فنلت ‪َ :‬ي ْومَ يُسْ َ‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫َسقَر ِإنّا كُلّ شَيْءٍ َخَل ْقنَا ُه ِبقَدَر ٍ [القمر‪" ]4 9 : 4 8 /‬‬
‫د‪ -‬الذوق ‪ :‬تعبيا عن الحساس بالرحة والنعمة ‪ ،‬كقوله تعال ‪ :‬وََلئِنْ أَذَ ْقنَا‬
‫الِنسَانَ ِمنّا َرحْ َم ًة ثُ ّم نَ َز ْعنَاهَا ِمنْهُ ِإنّهُ َلَيئُوسٌ َكفُورٌ [هود‪ ، ]9 /‬وقوله ‪:‬‬
‫ستْهُ [هود‪. ]1 0 /‬‬ ‫ضرّاءَ مَ ّ‬‫وََلئِنْ أَذَ ْقنَاهُ َنعْمَا َء َبعْدَ َ‬
‫ضرَبَ اللّ ُه َمثَل‬ ‫و‪ -‬الذوق ‪ :‬تعبيا عن البتلء والختبار كقوله تعال ‪ :‬وَ َ‬
‫ت ِبَأنْعُمِ‬
‫قَ ْرَيةً كَاَنتْ آ ِمَنةً مُ ْط َمِئّنةً َي ْأتِيهَا رِزُْقهَا َرغَدًا مِنْ كُ ّل َمكَانٍ َف َكفَرَ ْ‬
‫ف بِمَا كَانُوا َيصَْنعُون َ [النحل‪]1 1 2 /‬‬ ‫خوْ ِ‬ ‫ع وَالْ َ‬
‫س الْجُو ِ‬ ‫اللّهِ َفأَذَاَقهَا اللّهُ ِلبَا َ‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه البخارى ف كتاب الناقب ( ‪. 7 / 24 )3 6 7 0‬‬
‫‪ .2‬أخرجه أحد ف السند ( ‪ 6 / 22 1 )25 8 9 8‬واللفظ له ‪ ،‬وأخرجه البخارى ف‬
‫كتاب الج ( ‪. 7 / 26 3 )18 8 9‬‬
‫‪ .3‬أخرجه مسلم ف كتاب القدر ( ‪. 4 / 20 46 )2 6 5 6‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫فاستعمال الذوق مع اللباس ‪ ،‬من أجل أنه أريد به التجربة والختبار‬
‫أى فجعلها بيث تارس الوع والوف ‪ ،‬وعن خباب بن الرت قال‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ " :‬إن سألت اللّه أن ل يذيق بعضهم بأس بعض فمنعنيها "‬
‫الذوق ف الصطلح الصوف ‪:‬‬
‫الذوق ف الصطلح الصوف يراد به الذوق اليان ‪ ،‬تشبيها له بالتذوق ف‬
‫الحسوسات ‪ ،‬فالذواق الت يشي القوم إليها ‪ ،‬هى علوم ل تنال إل لن كان‬
‫خال القلب عن جيع العلئق والعوائق كلها ‪ ،‬وتقرير ذلك عندهم أنه لا‬
‫استحال على القوة الذائقة أن تدرك شيئا من الطعوم ‪ ،‬ما ل تكن خالية عن‬
‫التكيف بميعها ‪ ،‬لكون الرطوبة اللعابية النبعثة من آلة اللعاب ‪ ،‬إذا ل تكن‬
‫عدية الطعم ‪ ،‬فإنه ل يكن لا أن تؤدى الطعوم على وجهه ‪ ،‬كما يشاهد ذلك‬
‫من حال الرضى ‪ ،‬إذا تكيفت قوتم الذائقة بكيفية طعم اللط الغالب ‪ ،‬فإن‬
‫طعم الشياء الأكولة والشروبة ‪ ،‬ل تتأدى إل مشوبة بطعم ذلك اللط الغالب‬
‫فكذا حال القوة الدركة للحقائق من النسان ‪ ،‬فإنا ما ل تكن خالية عن‬
‫التكيف بشئ من العقائد والراء الترسخة فيها ‪ ،‬فإنا ل مالة يستحيل عليها أن‬
‫تؤدى إل نفس كيفية تلك القائق على ما هى عليه ف أنفسها ‪ ،‬ليمكن النفس‬
‫( ‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫من الطلع على وجه الق فيها‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬أخرجه الترمذى ف كتاب الفت ( ‪ )21 7 5‬وقال الشيخ اللبان ‪ :‬صحيح‬
‫‪. 4 / 471‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .2‬انظر لطائف العلم ‪ ، 1 / 47 3 : 471‬والتعريفات للجرجان ص ‪، 1 1 2‬‬
‫وكشاف اصصطلحات الفنون للتهانوى ‪ 2 / 32 1‬بتصرف ‪.‬‬
‫وما ورد عنهم ف مصطلح الذوق ‪ ،‬ما روى عن ذى النون الصرى‬
‫(ت‪2 4 8 :‬هـ) أنه قال ‪ ( :‬لا أراد أن يسقيهم من كأس مبته ‪ ،‬ذوقهم‬
‫( ‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫من لذاذته وألعقهم من حلوته )‬
‫وينسب لحد بن عطاء الروذبارى (ت‪3 6 9 :‬هـ) ‪ ( :‬الذوق لهل‬
‫الواجيد فأهل الغيبة إذا شربوا طاشوا وأهل الضور إذا شربوا عاشوا ) ( ‪، )2‬‬
‫ويذكر السراج الطوسى (ت‪3 8 7 :‬هـ) أن الذوق عندهم هو ابتداء الشرب ‪،‬‬
‫وينقل عن بعضهم قوله ‪:‬‬
‫( ‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫يقولون ثكلى ومن ل يذق ‪ :‬فراق الحبة ل يثكل‬
‫أما الجويرى (ت‪4 6 5 :‬هـ) فعنده أن الذوق مثل الشرب ‪ ،‬ولكن‬
‫الشرب ل يستعمل إل ف الفرح ‪ ،‬أما الذوق فإنه ينطبق على الفرح والبلء ‪،‬‬
‫كأن يقول قائل ‪ :‬ذقت اللف وذقت البلء ‪ ،‬وذقت الراحة فكل هذا يصح ‪،‬‬
‫ويكن أن يقال ف الشرب ‪ :‬شربت بكأس الوصال ‪ ،‬وبكأس الود ‪ ،‬قال تعال‬
‫‪ُ :‬كلُوا وَاشْ َربُوا َهنِيئًا [الطور‪ ]1 9 /‬وحينما ذكر الذوق ‪ ،‬قال جل شأنه ‪:‬‬
‫ُذقْ إِنّكَ َأْنتَ اْلعَزِي ُز اْلكَرِي ُ [الدخان‪ ، ]4 9 /‬وف موضع آخر ‪ ،‬قال ‪ :‬ذُوقُوا‬
‫( ‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫[القمر‪]4 8 /‬‬ ‫س َسقَر َ‬
‫َم ّ‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .1‬اللمع ص ‪. 44 9‬‬
‫‪ .2‬طبقات الصوفية ص ‪. 4 9 8‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫‪ .3‬اللمع ص ‪. 44 9‬‬
‫‪ .4‬كشف الحجوب ص ‪. 47 5‬‬
‫وقال أبو القاسم القشيى (ت‪4 6 5 :‬هـ) ‪ ( :‬ومن جلة ما يرى ف‬
‫كلمهم ‪ ،‬الذوق والشرب ‪ ،‬ويعبون بذلك عما يدونه من ثرات التجلى‬
‫ونتائج الكشوفات وبوادة الواردات ‪ ،‬وأول ذلك الذوق ث الشرب ث الرى‬
‫فصفاء معاملتم يوجب لم ذوق العان ‪ ،‬ووفاء منازلتهم يوجب لم الشرب‬
‫ودوام مواصلتم يقتضى لم الرى ‪ ،‬فصاحب الذوق متساكر ‪ ،‬وصاحب‬
‫الشرب ‪ ،‬سكران وصاحب الرى صاح ) ( ‪. )1‬‬
‫والذوق عند الصوفية كما تقدم ذوق إيان ‪ ،‬لكن تتنوع دللته عندهم على‬
‫حسب اليان با يعتقده كل منهم ‪ ،‬فالوائل ذوقهم تشهد له الصول القرآنية‬
‫والنبوية ‪ ،‬لن أصول التوحيد السن قائمة ف اعتقادهم ‪ ،‬لكن اللول منهم‬
‫مشربه ف الذوق الفناء عن شهود السوى والتاد بال ‪ ،‬ويرى صاحب الذوق‬
‫السابق أدن منه ف النلة ‪ ،‬كذلك الذوق ف مفهوم القائلي بوحدة الوجود‬
‫ذوق إيان نبع من نفى الفرق لن الكل تعينات لذاته ‪ ،‬يقول ابن الفارض ‪:‬‬
‫وعن بالتلويح يفهم ذائق ‪ :‬غن عن التصريح للمتعنت‬
‫منحتك علما إن ترد كشفه فرد ‪ :‬سبيلى واشرع ف اتباع شريعت‬
‫فمنبع صدى من شراب نقيعة ‪ :‬لدى فدعن من سراب بقيعة ( ‪. )2‬‬
‫فذوق ابن عرب وابن الفارض ومن شاكلهما يتلف عن ذوق اللج وأب‬
‫يزيد ‪ ،‬يتلف عن ذوق القشيى والسراج الطوسى وغيها ‪ ،‬فكل قد علم‬
‫مشربه اليان وذوقه الروحان ‪.‬‬
‫معجم المصطلحات الصوفية التى تجيزها الصول القرآنية والنبوية‬
‫‪538‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .2‬ديوان ابن الفارض ص ‪. 7 5 ، 6 0‬‬ ‫‪ .1‬الرسالة ‪. 1 / 2 3 9‬‬

You might also like