You are on page 1of 12

‫بسم اللـه الرحمن الرحيم‬

‫عــذاب‬
‫القبـــر‬
‫إن المـد ل نمـده ونستعينـه ونستغفره ونعـوذ باللـه من شرور أنفسنا ومن سيئات‬
‫أعمالنا من يهده اللـه فل مضل له ومن يضلل فل هادي له ‪.‬‬
‫واشهد أن ل اله إلّ اللـه وحده ل شريك له وأشهد أن ممدا عبده ورسولـه ‪:‬‬
‫{ يَاأَّيهَا اّلذِينَ ءَامَنُوا اّتقُوا اللـه حَ ّق ُتقَاِتهِ وَل تَمُوُت ّن إِل َوأَنُْت ْم ُمسْلِمُونَ } ‪.‬‬
‫[ آل عمران ‪. ] 102 -‬‬
‫{ يَاأَّيهَا النّاسُ اّتقُوا َرّبكُ ُم الّذِي خَ َلقَ ُكمْ ِم ْن َنفْسٍ وَاحِ َد ٍة وَخَ َل َق مِ ْنهَا َز ْو َجهَا َوبَثّ مِ ْنهُمَا ِرجَال‬
‫[ النساء ‪-‬‬ ‫كَثِيًا َوِنسَا ًء وَاتّقُوا اللـه اّلذِي َتسَا َءلُونَ ِب ِه وَالَ ْرحَا َم إِ ّن اللـه كَانَ عَلَ ْي ُكمْ َرقِيبًا } ‪.‬‬
‫‪.]1‬‬
‫ح َل ُكمْ أَ ْعمَـالَ ُكمْ َوَيغْفِـرْ‬
‫{ يَاأَّيهَا اّلذِينَ ءَامَنُوا اّتقُوا اللـه وَقُولُوا قَوْل َسدِيدًا(‪)70‬يُصْلِ ْ‬
‫[ الحزاب ‪-‬‬ ‫لَكُـ ْم ُذنُوبَ ُك ْم وَ َم ْن يُطِ ِع اللـه وَ َرسُوَلهُ فَ َق ْد فَازَ َفوْزًا عَظِيمًا } ‪.‬‬
‫‪. ] 71 ، 70‬‬
‫أما بعـــد ‪:‬‬
‫فإن أصدق الديث كتاب اللـه وخي الدى هدى ممد وشر المور مدثاتا وكل مدثة بدعة‬
‫وكل بدعة ضللة وكل ضللة ف النار ‪.‬‬
‫أحبت ف اللـه ‪:‬‬
‫فى رحاب الدار الخرة‬
‫سلسلة علمية كرية تمع بي النهجية والرقائق وبي التأصيل العلمى والسلوب الوعظى ‪ ،‬الدف‬
‫منها تذكي الناس بالخرة ف عصر طغت فيه الاديات والشهوات وانصرف فيه كثي من الناس عن طاعة‬
‫رب الرض والسموات ‪.‬‬
‫لعل الغافل أن ينتبه ولعل النائم أن يستيقظ قبل أن تأتيهم الساعة بغتة وهم يصمون فل يستطيعون‬
‫توصية ول إل أهلهم يرجعون ‪.‬‬
‫لقــد انتهينا ف اللقاء الاضى مع النازة وهى ف طريقها إل القب تتكلــم ‪ ، !!.‬كما ف‬
‫صحيح البخارى من حديث أب سعيد الدرى رضى اللـه عنه أن النب قــال ‪:‬‬
‫(( إذا وضعت النازة واحتملها الرجال على أعناقهم ‪ ،‬فإن كانت صالة قالت ‪ :‬قدمون ‪ ،‬وإن‬
‫كانت غي ذلك قالت ‪:‬يا ويلها ‪ ،‬أين يذهبون با ؟ يسمع صوتا كل شئ إل الثقلي ‪-‬أو قال ‪ :‬إل‬
‫النسان ‪ -‬ولو سع النسان لصعق )) (‪. )1‬‬
‫وها نن قد وصلنا بالنازة إل القب فقف معى الن عند القب وأهواله وفتنة القب وأحواله ‪ .‬أسأل‬
‫اللـه جل وعل أن يفظنا وإياكم من فتنته إنه ول ذلك والقادر عليه ‪.‬‬
‫وكعادتنا فسوف ينتظم حديثنا اليوم مع حضراتكم ف هذه العناصر التالية ‪-:‬‬
‫‪ :‬الدلة على عذاب القبر ونعيمه ‪.‬‬ ‫أول ً‬
‫ثانيا ً ‪ :‬أسباب عذاب القبر ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬ما السبيل للنجاة من عذاب القبر ‪.‬‬
‫فأعرن قلبك وسعك أيها البيب الكري واللـه أسال أن يعلن وإياكم من يستمعون القول‬
‫فيتبعون أحسنه إنه ول ذلك والقادر عليه ‪.‬‬

‫أول ً ‪ :‬الدلة على عذاب القبر ونعيمه‬

‫نن اليوم ف أمس الاجة لذا الوضوع الذى نن بصدده فهو من الهية بكان ل سيما بعد ما‬
‫قرأنا على صفحاتٍ سوداء ف مقال أسود بعنوان " عذاب القب خرافات وخزعبلت " !!‬
‫هكذا يعنون لقاله فضيلة الستاذ الدكتور ث يتطاول هذا الستاذ الدكتور الرىء فيقول ‪ " :‬إن‬
‫جيع الحاديث الت وردت ف مسألة عذاب القب مرد خرافات " !!! ‪ ،‬ث أظهر جهله الفادح ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫" إن عذاب القب غيب والقرآن َبيّن لنا أن النب ل يعلم الغيب " !! جهل مركب ‪!..‬‬
‫معن ذلك يا فضيلة الدكتور أنه ينبغى أن ننكر ونكذب كل أمر غيب أخبنا به الصطفى ‪،‬‬
‫كاليان باللـه ‪ ،‬وكاليان باللئكة ‪ ،‬وكاليان باليوم الخر وكاليان بالقدر خيه وشره ‪ ...‬إل‬
‫سائر الغيبيات الت أخب عنها رسول اللـه ‪.‬‬
‫نسى هذا السكي قول رب العالي ف سيد الرسلي ‪:‬‬

‫‪ )(1‬رواه البخارى رقم (‪ ، )1314‬فى الجنائز ‪ ،‬باب حمل الرجال الجنازة دون النساء ‪ ،‬ا والنسائى فى (‪ ، )4/41‬فى‬
‫الجنائز ‪ ،‬باب السرعة بالجنازة ‪.‬‬
‫[النجم ‪، 3 :‬‬ ‫{ َومَا يَنْ ِطقُ َع ِن اْلهَوَى(‪)3‬إِنْ هُ َو إِل َوحْ ٌي يُوحَى(‪)4‬عَلّ َم ُه َشدِي ُد الْ ُقوَى }‬
‫‪.]5‬‬
‫ب ل َريْبَ فِيهِ ُهدًى لِلْ ُمّتقِيَ(‬
‫أما تقرأ يا مسكي ف سورة البقرة قوله تعال { ال(‪َ )1‬ذلِكَ اْلكِتَا ُ‬
‫ب ‪ [ } ..‬البقرة ‪.]2 ،1:‬‬
‫‪)2‬اّلذِينَ ُي ْؤمِنُو َن بِاْلغَيْ ِ‬
‫وتنيت يا فضيلة الدكتور لو قرأت من جديد هذه اليات ‪ ،‬إن أول صفة من صفات الؤمني اليان‬
‫بالغيب ‪.‬‬
‫وخرج علينا أستاذ آخر فكتب كتابا ضخما يزيد عن الثلثائة صفحة ‪ ،‬ينفى فيه من أول صفحة‬
‫إل آخر صفحة عذاب القب ونعيمه ‪ ،‬بَِل ّى أعناق النصوص ليا عجيبا ‪ ،‬وها أنا الن أرد على هؤلء‬
‫التطاولي الكذبي النكرين ‪ ،‬الذين قال عنهم المام القرطب والمام الافظ ابن حجر ‪ " :‬ل ينكر‬
‫عذاب القب إل اللحدة ‪ ،‬والزنادقة ‪ ،‬والوارج ‪ ،‬وبعض العتزلة ‪ ،‬ومن تذهب بذهب الفلسفة ‪،‬‬
‫وخالفهم جيع أهل السنة "‬
‫وقال المام أحد رحه اللـه ‪ " :‬عذاب القب حق ومن أنكره فهو ضال مضل "‬
‫أيها البيب ‪ :‬سأقدمُ إليك سيلً من الدلة الصحيحـة على عذاب القب من كلم الصادق‬
‫الصدوق الذى ل ينطق عن الوى ولن أطيل الوقفة مع القرآن ! لاذا ؟! ‪ ..‬لن القرآن حّال ذو أوجه‬
‫كما قال على بن أب طالب لبن عباس وهو ف طريقه لناظرة الوارج ‪.‬‬
‫قال على ‪ :‬يا ابن عباس جادلم بالسنة ول تادلم بالقرآن فإن القران حّال ذو أوجه‪.‬‬
‫اسـتهل الديث بي يدى هذا العنصر الام بقدمة اقتبسها من كلم أئمتنـا العلم وأبدأ هذه‬
‫القدمة بكلم دقيق نفيس للمام ابن أب العز النفى شـارح العقيـدة الطحـاوية على شارحها‬
‫ومصنفها الرحة من اللـه جل وعل ‪.‬‬
‫ب القب هو عذاب البزخ ‪ ،‬وكل إنسان مات وعليه نصيب من العذاب فله‬ ‫قال ‪ :‬اعلم أن عذا َ‬
‫نصيبه من العذاب ُقبِرَ أو ل ُيقْب سواء أكلته السباع أو احترق فصار رمادا ف الواء أو نسف أو غرق ف‬
‫البحر ‪.‬‬
‫تأملوا يا من تكمون العقول ف هذا الدليل الذى رواه البخارى ومسلم من حديث أب هريرة‬
‫رضى اللـه عنه أن النب قال ‪ (( :‬قال رجل ‪ ،‬ل يعمل حسنة قط لهله ‪ :‬إذا مات فحرقوه ‪ .‬ث‬
‫ذروه ‪ ،‬نصفه ف الب ونصفه ف البحر فواللـه لئن قدر اللـه عليه ليعذبنه عذابا ل يعذبه أحدا من‬
‫العالي ‪ .‬فلما مات الرجل فعلوا ما أمرهم ‪ .‬فأمر اللـه الب فجمع ما فيه ‪ ،‬وأمر اللـه البحر فجمع‬
‫ما فيه ‪ .‬ث قال ‪ :‬ل فعلت هذا ؟ قال ‪ :‬من خشيتك ‪ ،‬وأنت أعلم فغفر اللـه له )) (‪. )1‬‬
‫الشاهد من الديث أن اللـه أحياه بعدما حُرِق وذُرِىَ رماده ف البحر والب فقال له اللك كن‬
‫فكان على الفور ‪.‬‬
‫قال تعال ‪ { :‬إِ ّن مََثلَ عِيسَى عِن َد اللـه كَمََثلِ ءَادَ َم خَ َل َقهُ مِن ُترَابٍ ُث ّم قَا َل َلهُ كُن فََيكُونُ } ‪.‬‬
‫[ آل عمران ‪. ] 59 :‬‬
‫وقال تعال ‪َ { :‬أوْ كَالّذِي َمرّ عَلَى َق ْرَيةٍ َوهِ َي خَا ِويَةٌ عَلَى ُعرُوشِهَا قَا َل َأنّى يُحْيِي َه ِذهِ اللـه َبعْدَ‬
‫ض َيوْ ٍم قَا َل َبلْ لَبِثْتَ مِاَئةَ عَامٍ‬
‫ت يَ ْومًا َأ ْو بَعْ َ‬
‫ت قَالَ لَبِ ْث ُ‬
‫مَ ْوِتهَا َفَأمَاَتهُ اللـه مِاَئةَ عَا ٍم ُثمّ َبعََثهُ قَالَ َكمْ لَبِثْ َ‬
‫جعَ َلكَ ءَاَي ًة لِلنّاسِ وَانْ ُظرْ ِإلَى اْلعِظَامِ‬
‫ك وَ َشرَاِبكَ َل ْم يََتسَّنهْ وَانْ ُظرْ ِإلَى حِمَارِ َك َولِنَ ْ‬
‫فَانْ ُظ ْر ِإلَى َطعَامِ َ‬
‫شيْ ٍء َقدِيرٌ } ‪ [ .‬البقرة‬
‫شزُهَا ُثمّ َن ْكسُوهَا لَحْمًا فَلَمّا تَبَّي َن َلهُ قَالَ أَعْ َل ُم أَ ّن اللـه عَلَى ُك ّل َ‬
‫ف نُ ْن ِ‬
‫كَيْ َ‬
‫‪. ] 259 :‬‬
‫ف تُحْيِي الْ َم ْوتَى قَا َل َأوََلمْ تُ ْؤ ِمنْ قَالَ بَلَى وََل ِكنْ‬
‫وقال تعال ‪َ { :‬وِإذْ قَالَ ِإْبرَاهِيمُ َربّ أَ ِرنِي َكيْ َ‬
‫ص ْر ُهنّ ِإلَ ْيكَ ُثمّ ا ْج َعلْ عَلَى ُك ّل جََب ٍل مِ ْنهُ ّن ُجزْءًا ُث ّم ادْ ُع ُهنّ‬
‫خذْ أَ ْرَب َعةً ِم َن الطّ ْيرِ فَ ُ‬
‫لِيَطْمَِئ ّن قَلْبِي قَالَ َف ُ‬
‫[ البقرة ‪. ] 260 :‬‬ ‫َيأْتِيَنكَ َسعْيًا وَاعْ َل ْم أَ ّن اللـه َعزِي ٌز حَكِيمٌ }‬
‫إن قدرة اللـه ل تدها حدود ‪ ،‬ل يعجزه شئ ف الرض ول ف السماء وأنى هذه القدمة بكلم‬
‫نفيس للمام ابن القيم رحه اللـه تعال ‪:‬‬
‫" إن اللـه تعال قد جعل الدور ثلثة ‪ ،‬وهى دار الدنيا ‪ ،‬ودار البزخ ‪ ،‬ودار القرار " ث قال ‪" :‬‬
‫وجعل اللـه لكل دار أحكاما تتص با ‪ ،‬فجعل اللـه الحكام ف دار الدنيا تسي على البدان‪،‬‬
‫والرواح تبع لا ‪ ،‬وجعل الحكام ف دار البزخ تسرى على الرواح ‪ ،‬والبدان تبع لا ‪ ،‬وجعل‬
‫الحكام ف دار القرار تسرى على الرواح والبدان معا "‬
‫ث قال ابن القيم ‪ " :‬واعلم أن سعة القب ‪ ،‬وضيقه ‪ ،‬ونوره ‪ ،‬وناره ليس من جنس العهود للناس ف‬
‫عال الدنيا " ‪.‬‬
‫ث ضرب للناس مثل عقليا دقيقا رائعا فقال ‪:‬‬
‫" انظر إل الرجلي النائمي ف فراش واحد أحدها يرى ف نومه أنه ف نعيم ‪ ،‬بل وقد يستيقظ وأثر‬
‫النعيم على وجهه ويقص عليك ما كان فيه من النعيم ‪ ،‬قد يقول لك المد ل لقد رأيتن الليلة وأنا مع‬

‫‪ )(1‬رواه البخارى رقم (‪ ، )7506‬فى التوحيد ‪ ،‬باب قول اللـه تعالى { يريدون أن يبدلوا كلم اللـه } ‪ ،‬ومسلم رقم (‬
‫‪ ، )2756‬فى التوبة ‪ ،‬باب فى سعة رحمة اللـه تعالى وأنها سبقت غضبه ‪ ،‬والموطأ (‪ ، )1/240‬فى الجنائز ‪ ،‬باب جامع‬
‫الجنائز ‪ ،‬النسائى (‪ )4/113‬فى الجنائز ‪،‬باب أرواح المؤمنين ‪.‬‬
‫رسول اللـه ورأيت النب وكلمت النب ورد عل ّى النب وقال ل النب ‪..‬ال‬
‫من رأى النب ف النام فقد رآه حقا ‪ ،‬وأخوه إل جواره ف فراش واحد قد يكون ف عذاب‬
‫ويستيقظ وعليه أثر العذاب ويقص عليك ويقول كابوس كاد أن ينق أنفاسى !!‬
‫هل تدبرت أخى ف اللـه ف هذا الكلم ؟!! الرجلن ف فراش واحد هذه روحه كانت ف النعيم ‪،‬‬
‫وهذا روحه كانت ف العذاب مع أن أحدهم ل يعلم عن الخر شيئا ‪.‬‬
‫هذا ف أمر الدنيا فما بالك بأمر البزخ الذى ل يعلمه إل اللـه ؟!!‬
‫مقدمة دقيقة ولو تدبرتا لوقفت على القيقة ‪.‬‬
‫وأنا أقول ‪ :‬مت كان العقل حاكما على الشرع والدين ؟!!‬
‫ل در عَلىّ يوم أن قال ‪ " :‬لو كان أمر الدين بالعقل لكان السح عل باطن الف أول من السح‬
‫على أعله " (‪. )1‬‬
‫إليك الدلة الصحيحة الصرية عن عذاب القب أستهلها بذه الترجة الفقهية البليغة لمام الدنيا ف‬
‫))‬ ‫الديث ‪ -‬المام البخارى ‪ -‬فقد ترجم ف كتاب النائز بابا بعنوان ((باب ما جاء ف عذاب القب‬
‫وتكفى هذه الترجة ‪ ،‬ولقد َفقُ َه البخارى ف تراجه كما قال علماء الديث وعلماء الرح ‪ ،‬وساق‬
‫البخارى ف هذا الباب اليات الكرية عن اللـه جل وعل وروى فيه الحاديث الصحيحة عن رسول‬
‫اللـه ‪ ،‬وسأكتفى بآية واحدة استدل با جيع أهل السنة بل خلف على ثبوت عذاب القب ‪:‬‬
‫ق بِآ ِل ِفرْ َعوْنَ سُو ُء اْلعَذَابِ(‪)45‬النّا ُر ُي ْعرَضُونَ عَلَ ْيهَا ُغدُوّا وَ َعشِيّا‬
‫قال اللـه تعال ‪ { :‬وَحَا َ‬
‫وََيوْ َم َتقُو ُم السّا َعةُ َأ ْدخِلُوا ءَالَ ِفرْ َعوْ َن َأشَ ّد الْ َعذَابِ } ‪ [ .‬غافر ‪. ] 46 ، 45 :‬‬
‫قال جيع علماء أهل السنة ‪ :‬ذكر اللـه ف هذه الية عذاب دار البزخ وعذاب دار القرار ذكرا‬
‫صريا ‪ ،‬وحاق بآل فرعون سوء العذاب ‪ ،‬النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ‪ :‬أى صباحا ومساءا هذا‬
‫ف دار البزخ ‪ ،‬ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ‪ :‬أى يوم القيامة ‪.‬‬
‫فذكر اللـه عذابي ف الية ‪ :‬عذابا ف الدنيا وعذابا ف الخرة عذاب دار البزخ وعذاب دار‬
‫القرار ‪.‬‬
‫وقبل أن أزف إليك الدلة الصحيحة الت تلقم النكرين الحجار أود أن أنوه إل أن اللـه قد أنزل‬
‫على النب وحيي وأوجب اللـه على عباده اليان بما أل وها القرآنُ والسنة الصحيحة ‪.‬‬
‫انطلق هؤلء النكرون وقالوا‪ ...‬كفانا القرآن وظنوا أنم بذه الدعوى الت يغن بطلنا عن إبطالا ‪،‬‬
‫‪ )(1‬رواه أبو داود رقم (‪ )162،163،164‬فى الطهارة ‪ ،‬باب كيف المسح ‪ ،‬وصححه الشيخ اللبانى ‪ ،‬والرناؤوط فى‬
‫تخريج جامع الصول ‪.‬‬
‫ويغن فسادها عن إفسادها أنم قد خدعونا واللـه ما خدعوا إل أنفسهم ‪..‬‬
‫من كَذّبَ بالسنة الصحيحة فقد كفر بالقرآن ‪ ..‬ومن رد السنة فقد رد القرآن ‪.‬‬
‫تدبر معى آيات اللـه عز وجل ‪َ { :‬ومَـا ءَاتَـاكُـ ُم ال ّرسُـو ُل فَخُـذُوهُ َومَـا َنهَـاكُـمْ‬
‫عَنْـ ُه فَانْتَهُـوا وَاتّقُوا اللـه إِ ّن اللـه شَدِيدُ اْلعِقَابِ }‬
‫[ الشر ‪. ] 7 :‬‬
‫وقال تعال ‪ { :‬من يطع الرسول فقد أطاع اللـه ومن تول فما أرسلناك عليهم حفيظا }‬
‫[ النساء ‪. ] 80 :‬‬
‫جدُوا فِي َأْن ُفسِ ِهمْ‬
‫جرَ بَيَْنهُ ْم ُثمّ ل يَ ِ‬
‫حكّمُو َك فِيمَا شَ َ‬
‫وقال تعال ‪ { :‬فَل وَ َرّبكَ ل ُيؤْمِنُو َن حَتّى يُ َ‬
‫ت َوُيسَلّمُوا َتسْلِيمًا } ‪.‬‬
‫حَ َرجًا مِمّا قَضَيْ َ‬
‫[ النساء ‪. ] 65 :‬‬
‫وقال تعال ‪َ { :‬ومَا كَا َن لِ ُم ْؤ ِمنٍ وَل مُ ْؤمَِنةٍ ِإذَا قَضَى اللـه وَ َرسُوُلهُ َأ ْمرًا أَ ْن َيكُو َن َل ُهمُ الْخَِي َرةُ‬
‫ضلّ ضَلل مُبِينًا }‪[.‬الحزاب‪. ] 36 :‬‬
‫ِمنْ َأ ْمرِ ِه ْم وَ َم ْن َيعْصِ اللـه وَ َرسُوَل ُه َفقَدْ َ‬
‫وقال تعال ‪ { :‬يَاأَّيهَا اّلذِينَ ءَامَنُوا ل تُ َق ّدمُوا بَ ْينَ َيدَيِ اللـه وَ َرسُولِ ِه وَاّتقُوا اللـه إِ ّن اللـه‬
‫ج َهرُوا َل ُه بِاْل َقوْلِ‬
‫ص ْوتِ النِّبيّ وَل َت ْ‬
‫صوَاَتكُ ْم َفوْقَ َ‬
‫سَمِيعٌ َعلِيمٌ(‪)1‬يَاأَّيهَا اّلذِينَ ءَامَنُوا ل تَ ْر َفعُوا أَ ْ‬
‫شعُرُونَ } [ الجرات ‪. ] 2 ،1 :‬‬
‫ط أَعْمَالُ ُك ْم وََأنُْتمْ ل َت ْ‬
‫ض أَ ْن تَحَْب َ‬
‫ج ْه ِر َبعْضِ ُكمْ لِبَعْ ٍ‬
‫كَ َ‬
‫فالسنة حكمها مع القرآن على ثلثة أوجه‪.‬‬
‫قال ابن القيم ف إعلم الوقعي ‪ :‬السنة مع القرآن على ثلثة أوجه ‪:‬‬
‫الوجه الول ‪ :‬أن تأتى السنة مؤكدة لا جاء به القرآن وهذا من باب تضافر الدلة ‪.‬‬
‫الوجه الثان ‪ :‬أن تأتى السنة مبينة وموضحة لا أجله القرآن ‪.‬‬
‫قال تعال ‪ { :‬وأقيموا الصلة } لكن ل يذكر عدد الصلوات ‪ ،‬ول أركان الصلة‪ ،‬ول كيفية‬
‫الصلة ول مواقيت الصلة ‪ ،‬فجاء البيب الصطفى لكى يبي لنا عددها وأركانا وكيفيتها ومواقيتها‬
‫وهكذا ‪.‬‬
‫الوجه الثالث ‪ :‬أن تأتى السنة موجبة أو مرمة لا سكت عنه القرآن ‪ ،‬قال الصطفى ‪ (( :‬أل‬
‫يوشك رجل شبعان متكئ على أريكته يقول عليكم بذا القرآن فما وجدت فيه من حلل فأحلوه‬
‫وما وجدت فيه من حرام فحرموه )) قال الصطفى ‪ (( :‬أل إن ما حرم اللـه كما حرم رسول‬
‫اللـه )) (‪.)1‬‬
‫وإليكم الحاديث الصحيحة الت تثبت أن عذاب القب حقيقة ل ريب ‪:‬‬
‫ففى الديث الذى رواه أحد والاكم وغيه وحسنه الشيخ اللبان " كان عثمان إذا وقف على‬
‫القب بكى وإذا ذكر النة والنار ل يبكى فقيل له ‪ :‬يا عثمان تذكر النة والنار فل تبكى فإذا وقفت على‬
‫القب تبكى ‪ ،‬قال عثمان ‪ :‬لقد سعت رسول اللـه يقول ‪ (( :‬القب أول منازل الخرة فإن نى منه‬
‫صاحبه فما بعده أيسر منه ‪ ،‬وإن ل ينجو منه صاحبه فما بعده أشد منه )) ‪.‬‬
‫حينما مر على قبين فقال ‪ (( :‬أما إنما‬ ‫وانظر إل هذا الديث الصحيح قال الصطفى‬
‫ليعذبان وما يعذبان ف كبي)) ث قال (( أما أحدها فكان يشى بالنميمة ‪ ،‬وأما الخر فكان ل يستتر‬
‫من بوله ‪ -‬أو ل يتنه من بوله ‪. )2( )) -‬‬
‫ف مع هذا الديث الصحيح الذى رواه البخارى ومسلم من حديث‬
‫• وَقِ ْ‬
‫ابن عباس رضى اللـه عنهما أن النب كان يدعو اللـه ويقول ‪ (( :‬اللـهم إن أعوذ بك من عذاب‬
‫القب )) (‪. )3‬‬
‫وف الديث الذى رواه مسلم وأحد وابن حبان والبزار وغيهم من حديث زيد بن ثابت رضى‬
‫اللـه عنه ‪ (( :‬بينما النب ف حائط لبن النجار على بغلة له ونن معه إذ جاءت به ( أى البغلة )‬
‫فكادت تلقيه ‪ ،‬وإذا أقب ستة ‪ ،‬أو خسة ‪ ،‬فقال ‪ (( :‬من يعرف أصحاب هذه ا َلقْبُر ؟ )) قال رجل ‪:‬‬
‫أنا ‪ ،‬قال ‪ (( :‬فمت ماتوا ؟ )) قال ‪ :‬ف الشرك ‪ ،‬فقال ‪ (( :‬إن هذه المة تُبْتَلَى ف قبورها فلول أن ل‬
‫تدافنوا لدعوت اللـه أن ُيسْ ِمعَكُم مـن عذاب القب الذى أسع منه )) ث أقبل علينـا بوجهـه‬
‫فقال ‪ (( :‬تعوذوا باللـه من عذاب القب )) قالوا ‪ :‬نعوذ باللـه من عذاب القب (‪. )4‬‬
‫وف الديث الصحيح الذى رواه البخارى ومسلم من حديث عائشة رضى اللـه عنها قالت ‪:‬‬
‫‪ )(1‬رواه أحمد رقم ( ‪ )17128‬وأبو داود رقم (‪ )4604‬فى السنة باب فى لزوم السنة والحاكم ‪ ،‬وهو فى صحيح الجامع‬
‫رقم (‪. )8186‬‬
‫‪ )(2‬رواه البخارى رقم (‪ ، )216‬فى الوضوء ‪ ،‬باب من الكبائر أن ل يستتر من بوله ‪ ،‬ومسلم رقم (‪ ، )292‬فى الطهارة ‪،‬‬
‫باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الستبراء منه ‪ ،‬والترمذى رقم (‪ ، )70‬فى الطهارة ‪ ،‬باب ما جاء فى التشديد فى‬
‫البول ‪ ،‬وأبو داود رقم (‪ )20،21‬فى الطهارة ‪ ،‬باب الستبراء من البول ‪ ،‬والنسائى فى الطهارة ‪ ،‬باب التنزه عن البول ‪.‬‬
‫‪ )(3‬رواه البخارى رقم (‪ )1377‬فى الجنائز ‪ ،‬باب التعوذ من عذاب القبر ‪ ،‬ومسلم رقم (‪ ، )588‬فى المساجد ‪ ،‬باب ما‬
‫يستعاذ منه فى الصلة ‪ ،‬و الترمذى رقم (‪ )3599‬فى الدعوات ‪ ،‬باب الستعاذة من جهنم ‪ ،‬والنسائى (‪، )4/275،276‬‬
‫فى الستعاذة ‪ ،‬باب الستعاذة من عذاب جهنم ‪.‬‬
‫‪ )(4‬رواه مسلم (‪ ، )2867‬فى صفة الجنة ‪،‬باب عرض مقعد الميت من الجنة والنار عليه ‪.‬‬
‫ت علىّ امرأة من يهود الدينة فذكرت عذاب القب فقالت الرأة لعائشة ‪ :‬أعاذك اللـه من عذاب‬
‫(( َدخََل ْ‬
‫القب فلما خرجت اليهودية سألت عائشة النب عن عذاب القب فقال ‪َ (( :‬نعَمْ عذاب القب)) وف‬
‫فقالت عائشة ‪ " :‬فما رأيت النب يصلى بعدها إل ويستعيذ من عذاب‬ ‫))‬ ‫رواية (( عذاب القب حق‬
‫القب " (‪. )1‬‬
‫واسع إل هذا الديث العمدة ف السألة ‪ ،‬وهو أصل من أصول هذا الباب رواه المام أحد ف‬
‫مسنده وابن حبان ف صحيحه والبيهقى ف سننه والنسائى ف سننه وأبو داود ف سننه ورواه الاكم ف‬
‫الستدرك وصححه على شرط الشيخي وأقره المام الذهب وصحح الديث المام ابن القيم ف كتاب‬
‫تذيب السنن وإعلم الوقعي وأطال النفس للرد على من َأعَلّ هذا الديث وصحح هذا الديث الشيخ‬
‫اللبان وغيه من حديث الباء بن عازب رضى اللـه عنه أنه قال ‪ :‬خرجنا مع النب ف جنازة رجل‬
‫من النصار فلما انتهينا إل القب جلس النب على شفي القب ( حافة القب ) وجلسنا حوله وكأن على‬
‫رؤوسنا الطي ( ل يتكلمون ) وف يد النب عود ينكـت بـه الرض ث رفـع النبـى رأسـه‬
‫فنظـر وقـال لصحـابـه ‪ (( :‬استعيذوا باللـه من عذاب القب ‪ ،‬استعيذوا باللـه من عذاب‬
‫القب ‪ ،‬استعيذوا باللـه من عذاب القب )) قالا النب مرتي أو ثلثـة ثـم التفـت إليهــم النب‬
‫وقال ‪ (( :‬إن العبد الؤمن إذا كان ف انقطاع من الدنيا وإقبال من الخرة نزل إليه من السماء‬
‫ملئكة بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس ‪ ،‬معهم كفن من أكفان النة ‪ ،‬وحنوط من حنوط النة‬
‫فيجلسون منه مد البصر ‪ ،‬ث يئ ملك الوت حت يلس عند رأسه فيقول ‪ :‬يا أيتها النفس الطيبة‬
‫سقَاء فيأخذها ‪،‬‬
‫اُخرجى إل مغفرة من اللـه ورضوان ‪ ،‬فتخرج فتسيل كما تسيل القطرة من ِفىّ ال ّ‬
‫فإذا أخذها ل يدعوها ف يده طرفة عي حت يأخذوها ‪ ،‬فيجعلوها ف ذلك الكفن ‪ ،‬وف ذلك النوط‬
‫‪ ،‬فيخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الرض فيصعدون با فل يرون على مل من‬
‫اللئكة إل قالوا ‪ :‬ما هذا الروح الطيب ؟ فيقولون ‪ :‬فلن بن فلن ‪ ،‬بأحسن أسائه الت كانوا‬
‫يسمونه به ف الدنيا ‪،‬حت ينتهوا به إل السماء الدنيا ‪ ،‬فيستفتحون له ‪،‬فيفتح له ‪ ،‬فيشيعه من كل‬
‫ساء مقربوها إل السماء الت تليها ‪ ،‬حت ينتهى إل السماء السابعة ‪،‬فيقول اللـه عز وجل ‪ :‬اكتبوا‬
‫كتاب عبدى ف عليي وأعيدوا عبدى إل الرض ‪ ،‬فإن منها خلقتهم ‪ ،‬وفيها أعيدهم ‪ ،‬ومنها‬
‫أخرجهم تارة أخرى ‪ ،‬فتعاد روحه ‪،‬فيأتيه ملكان ‪ ،‬فيجلسانه فيقولن ‪ :‬من ربك ؟ فيقول ‪ :‬رب‬

‫‪ )(1‬رواه البخارى رقم (‪ )1372‬فى الجنائز ‪ ،‬باب عذاب القبر ‪ ،‬ومسلم رقم (‪ ، )584‬فى المساجد ‪ ،‬باب استحباب التعوذ‬
‫من عذاب القبر ‪ ،‬والنسائى (‪ ، )4/104‬فى الجنائز ‪ ،‬باب التعوذ من عذاب القبر ‪.‬‬
‫اللـه ‪ ،‬فيقولن له ‪ :‬ما دينك ؟ فيقول دين السلم ‪ ،‬فيقولن له ‪ :‬ما هذا الرجل الذى بعث فيكم‬
‫؟ فيقول هو رسول اللـه ‪ ،‬فيقولن له وما علمك ؟ فيقول ‪ :‬قرأت كتاب اللـه فأمنت به‬
‫وصدقت ‪ ،‬فينادى مناد من السماء أن صدق عبدى فأفرشوه من النة ‪ ،‬وألبسوه من النة ‪،‬‬
‫وافتحوا له بابا إل النة ‪،‬فيأتيه من روحها وطيبها ‪،‬ويفسح له ف قبه مد بصره ‪ ،‬ويأتيه رجل حسن‬
‫الوجه حسن الثياب ‪ ،‬طيب الريح ‪ ،‬فيقول ‪ :‬أبشر بالذى يسرك ‪ ،‬هذا يومك الذى كنت توعد ‪،‬‬
‫فيقول له ‪ :‬من أنت ؟ فوجهك الوجه الذى يئ بالي ‪ ،‬فيقول ‪ :‬أنا عملك الصال ‪ ،‬فيقول ‪ :‬رب‬
‫أقم الساعة ‪ ،‬رب أقم الساعة ‪ ،‬حت أرجع إل أهلى ومال ‪ ...‬وإن العبد الكافر إذا كان ف انقطاع‬
‫من الدنيا ‪ ،‬وإقبال من الخرة ‪ ،‬نزل إليه من السماء ملئكة سود الوجوه ‪ ،‬معهم السوح فيجلسون‬
‫منه مد البصر ث يئ ملك الوت حت يلس عند رأسه ‪،‬فيقول ‪ :‬أيتها النفس البيثة اخرجى إل‬
‫سخط من اللـه وغضب ‪ ،‬فتفرق ف جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف البلول‪،‬‬
‫فيأخذها ‪ ،‬فإذا أخذها ل يدعوها ف يده طرفة عي حت يعلوها ف تلك السوح ‪ ،‬ويرج منها كأنت‬
‫ريح جيفة وجدت على وجه الرض ‪،‬فيصعدون با فل يرون با على مل من اللئكة إلّ قالوا ‪ :‬ما‬
‫هذه الروح البيثة ؟! فيقولون ‪ :‬فلن بن فلن بأقبح أسائه الت كان يسمى با ف الدنيا فيستفتح‬
‫له ‪ ،‬فل يفتح له ‪ ،‬ث قرأ { ل تفتح لم أبواب السماء } فيقول اللـه عز وجل ‪ :‬اكتبوا كتابه ف‬
‫سجي ف الرض السفلى ‪ ،‬فتطرح روحه طرحا ً فتعاد روحه ف جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه‬
‫فيقولن له ‪ :‬من ربك ؟ فيقول ‪ :‬هاه ‪ ..‬هاه‪ ..‬ل أدرى ‪ ،‬فيقولن ‪ :‬له ما دينك ؟ فيقول ‪ :‬هاه ‪..‬‬
‫ث فيكم ؟ فيقول ‪ :‬هاه ‪ ..‬هاه‪ ..‬ل أدرى ‪،‬‬
‫هاه‪ ..‬ل أدرى ‪ ،‬فيقولن له ‪ :‬ما هذا الرجل الذى ُبعِ َ‬
‫فينادى منادٍ من السماء ‪ :‬أن كذب عبدى ‪ ،‬فأفرشوه من النار وافتحوا له بابا إل النار فيأتيه من‬
‫حرها وسومها ‪ ،‬ويضيق عليه قبه حت تتلف أضلعه ‪ ،‬ويأتيه رجل قبيح الوجه ‪ ،‬قبيح الثياب ‪،‬‬
‫منت الريح ‪ ،‬فيقول ‪ :‬أبشر بالذى يسوؤك ‪ ،‬هذا يومك الذى كنت توعد فيقول ‪ :‬من أنت فوجهك‬
‫الوجه يئ بالشر ؟ فيقول ‪ :‬أنا عملك البيث ‪ ،‬فيقول ‪ :‬رب ل تقم الساعة !! )) (‪. )1‬‬
‫معذرة أيها البيب لقد أطلت عليك الولة مع الدلة على عذاب القب ونعيمه ‪ ،‬وسأعرج سريعا‬
‫على العنصرين الخرين وهى أسباب عذاب القب ‪ ،‬ما السبيل للنجاة ؟ ‪ ،‬وذلك بعد جلسة الستراحة ‪.‬‬
‫وأقول قول هذا واستغفر اللـه ل ولكم‬

‫‪ )(1‬رواه أبو داود رقم (‪ )3212‬فى الجنائز ‪ ،‬باب الجلوس عند القبر ‪ ،‬ورواه ابن خزيمة والحاكم ‪ ،‬والبيهقى فى شعب‬
‫اليمان ‪ ،‬وقد جمع اللبانى روايات هذا الحديث من جميع مصادره وصححه فى صحيح الجامع رقم (‪. )1676‬‬
‫الطبة الثانية‬
‫إن المد ل نمده ونستعينه ونستغفره ‪ ،‬ونعوذ باللـه من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ‪ ،‬من‬
‫يهده اللـه فل مضل له ومن يضلل فل هادى له ‪.‬‬
‫وأشهد أن ل إله إل اللـه وأشهد أن ممدا عبده ورسوله ‪.‬‬
‫أما بعد‪..‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬أسباب عذاب القبر‬

‫والديث عنها له وجهان ممل ومفصل ‪ ،‬أما الجمل فإن معصية اللـه عز وجل أصل لكل بلء‬
‫وعلى رأس هذه العاصى الشرك ‪ ،‬فإن أعظم زاد تلقى اللـه به هو التوحيد ‪ ،‬وإن أبشع وأعظم ذنب‬
‫تلقى اللـه به هو الشرك ‪ ،‬قال اللـه ‪ { :‬إ ّن الشّر َك لَظُلمُ عَظِيمُ } [ لقمان ‪.]13 -‬‬
‫أما التفصيل فقد ذكر النب كما ذكرت آنفا أن النميمة من أسباب عذاب القب ‪ ،‬وهناك الن‬
‫أناس متخصصون ف النميمة ‪.‬‬
‫فالنميمة سبب من أسباب عذاب القب ‪ ،‬وأيضا عدم الستتار من البول ‪ ،‬وعدم التنه منه وهذا ما‬
‫ذكره النب ف حديثه الذى كنا بصدده من قبل‪.‬‬
‫أيضا من أسباب عذاب القب الكذب والربا وهجر القرآن كما ف حديث سرة بن جندب الطويل‬
‫الذى رواه البخارى الذى ل يتسع القال لذكره الن لقد ذكر فيه النب من أسباب عذاب القب‬
‫الكذب والرياء وهجر القرآن والزنا ‪ ،‬والغلول (كل شئ يأخذ من الغنيمة قبل أن تقسم ) ويدخل تت‬
‫الغلول السحت والرام ‪.‬‬
‫فعن أب هريرة رضى اللـه عنه قال ‪ :‬خرجنا مع رسول اللـه إل خيب ففتح اللـه علينا ‪ ،‬فلم‬
‫نغنم ذهبا ‪ ،‬ول وَرِقا ‪ ،‬غنمنا التاع والطعام والثياب ‪ ،‬ث انطلقنا إل الوادى يعن وادى القرى ومع‬
‫رسول اللـه عبد له ‪،‬وهبه له رجل من جذام يدعى رفاعة بن يزيد من بن الضّبيب ‪ ،‬فلما نزلنا‬
‫حلّ رحله ‪ ،‬فرمى بسهم ‪ ،‬فكان فيه حتفه فقلنا ‪ :‬هنيئا له الشهادة يا‬
‫الوادى قام عبد رسول اللـه يَ ُ‬
‫رسول اللـه ‪ ،‬فقال رسول اللـه ‪ (( :‬كل والذى نفسى ممد بيده ‪ ،‬إن الشّمْلَة ( إزار يتشح به )‬
‫لتلتهب عليه نارا ‪ ،‬أخذها من الغنائم يوم خيب‪ ،‬ل يصبها القاسم )) قال ‪ :‬ففزع الناس فجاء رجل‬
‫((‬ ‫بشراك أو شراكي ( الشراك ‪ :‬سي من سيور النعل ) فقال أصبته يوم خيب فقال رسول اللـه ‪:‬‬
‫شراك من نار ‪ ،‬أو شراكان من نار )) (‪. )1‬‬
‫أيها الحباب ‪ :‬والسؤال الن فما السبيل للنجاة من عذاب القب ؟!‬
‫ثالثا ً ‪ :‬السبيل للنجاة من عذاب القبر‬

‫أقول لك بإياز شديد ‪ ،‬أعظم سبيل للنجاة من عذاب القب أن تستقم على طاعة اللـه جل وعل‬
‫وأن تتبع هدى النب ‪.‬‬
‫قال اللـه عز وجل ‪ { :‬إِ ّن اّلذِي َن قَالُوا َربّنَا اللـه ُثمّ اسَْتقَامُوا تَتََن ّزلُ َعلَ ْي ِهمُ الْمَلِئ َكةُ أَل تَخَافُوا‬
‫حنُ أَ ْولِيَاؤُ ُك ْم فِي الْحَيَاةِ ال ّدنْيَا َوفِي ال ِخ َرةِ‬
‫شرُوا بِالْجَّن ِة الّتِي كُنُْت ْم تُو َعدُونَ(‪)30‬نَ ْ‬
‫ح َزنُوا وََأْب ِ‬
‫وَل تَ ْ‬
‫سكُ ْم َولَ ُكمْ فِيهَا مَا َتدّعُونَ(‪ُ)31‬نزُل ِمنْ َغفُورٍ َرحِيمٍ } ‪.‬‬
‫وََل ُكمْ فِيهَا مَا َتشَْتهِي َأنْ ُف ُ‬
‫[ فصلت ‪. ] 32 ، 30 :‬‬
‫ومن أنفع السباب كذلك للنجاة من عذاب القب ما ذكره المام ابن القيم ف كتابه القيم ( الروح )‬
‫‪ ،‬قال ‪ :‬ومن أنفعها أن يتفكر النسان قبل نومه ساعة ليذكر نفسه بعمله ‪ ،‬فإن كان مقصرا زاد ف‬
‫عمله وإن كان عاصيا تاب إل اللـه ‪ ،‬وليجدد توبة قبل نومه بينه وبي اللـه ‪.‬‬
‫فإن مات من ليلته على هذه التوبة فهو من أهل النة ‪،‬ناه اللـه من عذاب القب ومن عذاب النار‬
‫‪.‬‬

‫ومن أعظم السباب الت تنجى من عذاب القب ‪:‬‬


‫أن تداوم على العمل الصال كالتوحيد ‪ ،‬والصلة ‪ ،‬والصيام ‪ ،‬والصدقة ‪ ،‬والج ‪ ،‬وحضور مالس‬
‫العلم والعلماء الت ضيعها أناس كثيون وانشغلوا عنها بلهو قتل الوقت ‪.‬‬
‫أيضا من أعظم السباب المر بالعروف والنهى عن النكر ‪ ،‬وبر الوالدين ‪ ،‬وصلة الرحام ‪ ،‬كل‬
‫عمل يرضى الرب فهو عمل صال ينجى صاحبه من عذاب القب والنار ‪.‬‬
‫وأبشركم ‪ ...‬أن من أعظم العمال الت تنجى صاحبها من عذاب القب الشهادة ف سبيل اللـه‬

‫‪ )(1‬أخرجه البخارى رقم (‪ ، )4234‬فى المغازى ‪ ،‬باب غزوة خيبر ‪ ،‬ومسلم رقم (‪ ، )115‬فى اليمان ‪ ،‬باب غلظ تحريم‬
‫الغلول ‪ ،‬الموطأ (‪ )2/459‬فى الجهاد ‪ ،‬باب ما جاء فى الغلول‪ ،‬وأبو داود رقم (‪ )2711‬فى الجهاد ‪ ،‬باب فى تعظيم الغلول‬
‫‪ ،‬النسائى (‪ )4/24‬فى اليمان والنذور ‪.‬‬
‫ورد ف الديث الذى رواه الاكم وحسن إسناده الشيخ اللبان أن النب قال ‪:‬‬
‫(( للشهيد عند اللـه ست خصال ‪ ،‬الول ‪ :‬يغفر له مع أول دفعة من دمه ‪ ،‬ويرى مقعده من‬
‫النة ‪ ،‬الثانية ‪ :‬ينجيه اللـه عز وجل من عذاب القب‪ ،‬الثالثة ‪ :‬يأمنه اللـه يوم الفزع الكب ‪،‬‬
‫الرابعة ‪ :‬يلبسه اللـه تاج الوقار ‪ ،‬الياقوتة فيه خي من الدنيا وما فيها ‪ ،‬الامسة ‪ :‬يزوجه اللـه بثنتي وسبعي‬
‫زوجة من الور العي ‪ ،‬السادسة ‪ :‬يشفعه اللـه ف سبعي من أهله ))‪.‬‬
‫ولن أترك مكان هذا إل بعد أن أزف إليكم حديثا يل القلب أمل ورضا ‪ ،‬والـديث رواه‬
‫الـحاكم ف الستدرك وصححه وأقره الذهب وصحح إسـناده الشـيخ اللبان ف مشكاة الصابيح‬
‫عن ابن مسعود رضى اللـه عنه قال ‪:‬‬
‫(( سورة اللك ‪ ،‬تبارك الذى بيده اللك ‪ ،‬هى الانعة وهى النجية تنجيه من عذاب القب )) (‪. )1‬‬

‫‪ ..........‬الدعــــاء‬

‫‪ )(1‬رواه الترمزى رقم (‪ )2892‬فى ثواب القرآن وصحح إسناده شيخنا اللبانى ‪.‬‬

You might also like