You are on page 1of 17

‫تقييم أداء المرشد‬

‫ميادين التفكير في القرآن الكريم‬


‫األكاديمي والتحسين‬
‫المستمر‬
‫الفتاح‬ ‫د‪ .‬محمد السيد عبد‬
‫أستاذ علم النفس املشا ك‬
‫ر‬
‫تقديم‬
‫د‪ .‬محمد السيد عبد الفتاح‬
‫أهمية التفكير‬

‫للتفكير أهمية كبيرة في حياة اإلنسان وبخاصة المسلم وفيما يلي عرض‬
‫ألهمها‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تكريم اﷲ تعالى لإلنسان على سائر المخلوقات‪ ،‬قال اﷲ تعالى‪۞:‬‬
‫َولَ َقدْ َك َّر ْم َنا َبنِي آدَ َم َو َح َم ْل َنا ُه ْم فِي ا ْل َب ِّر َوا ْل َب ْح ِر َو َر َز ْق َناهُم ِّمنَ َّ‬
‫الط ِّي َبا ِ‬
‫ت‬
‫ِير ِّم َّمنْ َخلَ ْق َنا َت ْفضِ ايًل {اإلسراء‪.}70:‬‬ ‫ض ْل َنا ُه ْم َعلَى َكث ٍ‬ ‫َو َف َّ‬
‫التفكير عبادة أو التعبد بالتفكير‬

‫ال يقل مقصد التفكير عن العبادات التي جاء بها‬


‫هذا الدين‪ ،‬بل هو من جملتها‪ .‬يشهد لهذا قوله‬
‫ﷲ قِ َيا ًما َوقُعُو ًدا َو َعلَى‬ ‫ين َي ْذ ُكر َ‬
‫ُون ََّ‬ ‫تعالى‪﴿:‬الَّ ِذ َ‬
‫ض‬ ‫ت َواألرْ ِ‬ ‫ُون فِي َخ ْل ِق ال َّس َم َاوا ِ‬ ‫ُج ُن ِ‬
‫وب ِه ْم َو َي َت َف َّكر َ‬
‫ك َفقِ َنا َع َذ َ‬
‫اب‬ ‫اطال ُسب َْحا َن َ‬‫ت َه َذا َب ِ‬‫َر َّب َنا َما َخلَ ْق َ‬
‫ار﴾[آل عمران‪.]191 :‬‬ ‫ال َّن ِ‬
‫وقد صح أن التفكر مقصد ابتدأ به في‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬ودلت عليه اآليات‬
‫القرآنية الكريمة‪ .‬وهذا ما يؤكده‬
‫الكرماني بالقول‪َ « :‬ق ْوله‪﴿:‬إِن فِي َذلِك‬
‫آل َيات لقوم يتفكرون﴾‪َ ،‬وبعد َها ﴿إِن فِي‬
‫يعقلُونَ ﴾‪ ،‬ألن بالتفكر‬ ‫َذلِك آل َيات لقوم ْ‬
‫فِي اآل َيات يعقل َما جعلت اآليات َدلِيال‬
‫َعلَ ْي ِه‪َ ،‬ف ُه َو األول ا ْل ُم َؤدِّي إِلَى‬
‫ال َّثانِي»‪.)]16[(.‬‬
‫المقاصد الفكرية للقرآن الكريم‬

‫اس َما‬ ‫﴿وأَ ْن َز ْل َنا إِ َل ْي َك ِّ‬


‫الذ ْك َر لِ ُت َب ِّينَ لِل َّن ِ‬ ‫قال تعالى‪َ :‬‬
‫ُن ِّزل َ إِلَ ْي ِه ْم َولَ َعلَّ ُه ْم َي َت َف َّك ُرونَ ﴾[النحل‪.]44 :‬‬
‫فها هنا نصت اآلية على مقصدين من إنزال‬
‫القرآن الكريم‪ ،‬هما‪:‬‬
‫اس﴾‪ .‬قال ابن‬ ‫المقصد األول‪ :‬التبين ﴿لِ ُت َب ِّينَ لِل َّن ِ‬
‫عاشور في تعرضه لآلية‪« :‬والالم على هذا‬
‫الوجه لذكر العلة األصلية في إنزال‬
‫القرآن»([‪.)]32‬‬
‫﴿ولَ َعلَّ ُه ْم َي َت َف َّك ُرونَ ﴾‪ .‬قال‬
‫المقصد الثاني‪ :‬التفكير َ‬
‫ابن عاشور في تعرضه لآلية‪« :‬عطف لعلهم‬
‫يتفكرون حكمة أخرى من حكم إنزال‬
‫القرآن»([‪.)]33‬‬
‫مقصد البيان‬
‫ومن مقاصد التفكير في القرآن الكريم‪ :‬البيان‪ .‬وهو الوضوح الذي ال‬
‫يداخله غبش‪ ،‬أو تسيطر عليه عتمة االعتقادات والسلوكات الدنيوية‬
‫والتعبدية‪.‬‬
‫فالسلوكات المنحرفة في الدنيا‪ ،‬والتعبدات المرفوضة في الشرع‪،‬‬
‫واالعتقادات المنحرفة في التصورات اإلنسانية‪ ،‬مرجعها عدم استبانة‬
‫الخير من الشر‪ ،‬والصحيح من الغلط‪.‬‬

‫ت لَ َعلَّ ُك ْم َت َت َف َّك ُرونَ ﴾[البقرة‪:‬‬ ‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬ك َذلِ َك ُي َب ِّينُ َّ‬
‫ﷲُ لَ ُك ُم اآل َيا ِ‬
‫‪.]219‬‬
‫مقصد التخلص من فكر الجماعة وسلطانها وسطوتها‬

‫قال تعالى في بيان هذا المقصد الجليل من التفكير‪﴿:‬قُلْ إِ َّن َما أَعِ ُظ ُك ْم‬
‫صاح ِِب ُك ْم ِّمن‬ ‫َلِل مثنى وفرادى ُث َّم َت َت َف َّك ُرو ْا َما ِب َ‬ ‫ِب َواحِدَ ٍة أَن َتقُو ُمو ْا ِ َّ ِ‬
‫ِج َّنةٍ﴾[سبأ‪.]46 :‬‬
‫قال الشعراوي‪« :‬ولذلك يأمر المنهج اإليماني أن على الواحد منا إن‬
‫أراد أن يناقش قضية أهي حق أم باطل‪ ،‬فال يصح أن نناقشها في‬
‫حشد من الناس‪ ،‬ولكن‪ ،‬فلنناقشها أوالً في نفوسنا‪ ،‬لنتبين الحق فيها‬
‫من الضالل‪ ،‬ولذلك يقول الحق سبحانه‪﴿:‬قُلْ إِ َّن َمآ أَعِ ُظ ُك ْم ِب َواحِدَ ٍة أَن‬
‫صاح ِِب ُك ْم ِّمن ِج َّنةٍ﴾[سبأ‪:‬‬ ‫َلِل مثنى وفرادى ُث َّم َت َت َف َّك ُرو ْا َما ِب َ‬ ‫َتقُو ُمو ْا ِ َّ ِ‬
‫‪.]46‬‬
‫كأن الحق يهدينا إلى كيفية التمييز‪ ،‬فإما أن نناقش أنفسنا‪ ،‬وإما أن‬
‫يتناقش اثنان حتى يمكن أن يقتنع أحدهما برأي اآلخر دون أن يشهد‬
‫ثالث هزيمته‪ ،‬فيكابر ويجادل»‬
‫مقصد التخلص من التفكير من خالل مراد القوم‬

‫وهذا المقصد القرآني شبيه بالسابق‪ ،‬فهناك صنف من البشر توقف التفكير عندهم‪،‬‬
‫وتخلصوا من معاناته المضنية بتركه‪ .‬وإلى جانبهم أناس آخرون ال يوقفون‬
‫التفكير‪ ،‬ولكن عطب تفكيرهم أنهم يفكرون من خالل مراد القوم‪ .‬تجدهم يجتهدون‬
‫في التفكير إلرضاء القوم من خالل ما يريدون هم‪.‬‬
‫اهنا تأتي اآلية القرآنية‪ ،‬لتحذر من هذا المقصد السيء‪ .‬والذي حذرت منه من‬
‫ف َقدَّ َر ُث َّم َن َظ َر ُث َّم َع َب َ‬
‫س‬ ‫ف َقدَّ َر ُث َّم قُتِل َ َك ْي َ‬‫خالل قوله تعالى‪﴿:‬إِ َّن ُه َف َّك َر َو َقدَّ َر َفقُتِل َ َك ْي َ‬
‫سأ ُ ْ‬
‫صلِي ِه‬ ‫ش ِر َ‬ ‫اس َت ْك َبر َف َقال َ إِنْ ه ََذا إِال سِ ْح ٌر ُي ْؤ َث ُر إِنْ َه َذا إِال َق ْول ُ ا ْل َب َ‬ ‫س َر ُث َّم أَدْ َب َر َو ْ‬
‫َو َب َ‬
‫ش َر﴾[المدثر‪:‬‬ ‫ش ِر َعلَ ْي َها ت ِْس َع َة َع َ‬ ‫اح ٌة لِ ْل َب َ‬
‫س َق ُر ال ُت ْبقِي َوال َت َذ ُر لَ َّو َ‬ ‫س َق َر َو َما أَدْ َرا َك َما َ‬ ‫َ‬
‫‪ 18‬إلى‪.]30‬‬
‫مقصد البحث عن المصالح جلبا‪ ،‬والمفاسد دفعا‬

‫ومن مقاصد التفكر أن تكون هذه العملية هادية إلى المصالح‬


‫واستكمالها وتكثيرها‪ ،‬فينطلق المكلف في االحتيال لها جلبا‪.‬‬
‫وإلى المفاسد بدفعها أو التقليل منها‪ .‬ويشهد لهذا قوله تعالى في‬
‫سياق حديثه عن بعض المحرمات (الخمر والميسر)‪ ،‬وعن‬
‫المندوبات (اإلنفاق)‪َ ﴿ :‬ي ْسأَلُو َن َك َع ِن ا ْل َخ ْم ِر َوا ْل َم ْيسِ ِر قُلْ فِي ِه َما‬
‫اس َوإِ ْث ُم ُه َما أَ ْك َب ُر مِنْ َن ْف ِع ِه َما َو َي ْسأَلُو َن َك‬ ‫إِ ْث ٌم َك ِبي ٌر َو َم َناف ُِع لِل َّن ِ‬
‫ت لَ َعلَّ ُك ْم‬ ‫َم َاذا ُي ْنفِقُونَ قُ ِل ا ْل َع ْف َو َك َذلِ َك ُي َب ِّينُ َّ‬
‫ﷲُ لَ ُك ُم ْاآل َيا ِ‬
‫َت َت َف َّك ُرونَ ﴾[البقرة‪.]220-219 :‬‬
‫وها هنا نجد علماء المقاصد يستدلون بهذه اآلية في باب عدم‬
‫تمحض المصالح والمفاسد‪ ،‬وأن االختيار السديد الذي دلت‬
‫عليه اآلية هو جلب ما غلبت مصالحه‪ ،‬ودفع ما قلت مفاسده‬
‫وإهدار اعتباره‪.‬‬
‫مقصد تجنب اإلضاعة والضياع‬

‫ها هنا نجد أنفسنا مرة أخرى أمام آية قرآنية تختم بالتفكر والتفكير‪ ،‬وأن المقصد‬
‫هو تجنب الضياع واإلضاعة‪.‬‬
‫اخ َتلَ َط ِب ِه َن َب ُ‬
‫ات‬ ‫اء َف ْ‬ ‫اء أَ ْن َز ْل َناهُ مِنَ َّ‬
‫الس َم ِ‬ ‫قال تعالى‪﴿ :‬إِ َّن َما َم َثل ُ ا ْل َح َيا ِة ال ُّد ْن َيا َك َم ٍ‬
‫از َّي َن ْت َو َظنَّ‬ ‫ض ُز ْخ ُر َف َها َو َّ‬ ‫األر ُ‬
‫ت ْ‬ ‫اس َواأل ْن َعا ُم َح َّتى إِ َذا أَ َخ َذ ِ‬ ‫ض ِم َّما َيأْ ُكل ُ ال َّن ُ‬ ‫األر ِ‬
‫ْ‬
‫ارا َف َج َع ْل َناهَا َحصِ يداا َكأَنْ لَ ْم َت ْغنَ‬ ‫أَهْ لُ َها أَ َّن ُه ْم َقا ِد ُرونَ َعلَ ْي َها أَ َتاهَا أَ ْم ُر َنا لَ ْيًل أَ ْو َن َه ا‬
‫ت لِ َق ْو ٍم َي َت َف َّك ُرونَ ﴾[يونس‪.]24 :‬‬ ‫صل ُ اآل َيا ِ‬ ‫س َك َذلِ َك ُن َف ِّ‬ ‫األم ِ‬
‫ِب ْ‬
‫فكل من أهدر التفكر حري به ساعتها أن يضيع في ماله الذي هو كلية من كليات‬
‫الشريعة‪ ،‬بل وجميع ما أضاع فيه عمره أو بعض عمره‪ ،‬أو أضاع ما استهلك‬
‫فيه اآلباء الجهود لتشييده‪ .‬ولذلك قال تعالى‪َ ﴿ :‬ف َج َع ْل َناهَا َحصِ يداا َكأَنْ لَ ْم َت ْغنَ‬
‫س﴾‪ ،‬فقد تم حصدها وإهالكها‪ .‬وهذه المهلكة مقصد يجب إعمال التفكير‬ ‫األم ِ‬
‫ِب ْ‬
‫صل ُ‬‫فيه‪ ،‬حتى ال نقع فيها أو نكرر التجارب الفاشلة‪ ،‬ولربما القاتلة‪َ ﴿ :‬ك َذلِ َك ُن َف ِّ‬
‫ت لِ َق ْو ٍم َي َت َف َّك ُرونَ ﴾‪.‬‬‫اآل َيا ِ‬
‫التفكير هو الوسيلة لفهم التكاليف السـماوية‬

‫والقيام على تطبيقها بالصورة‬


‫الصحيحة التي أرادها الشرع‪ .‬قال‬
‫تعالى‪:‬‬
‫َف َل ْو َال َن َف َر مِن ُكل ِّ ف ِْر َق ٍة ِّم ْن ُه ْم َطا ِئ َف ٌة‬
‫الدِّين َولِ ُين ِذ ُروا َق ْو َم ُه ْم‬‫ِ‬ ‫ِّل َي َت َف َّق ُهوا فِي‬
‫إِ َذا َر َج ُعوا إِ َل ْي ِه ْم َل َع َّل ُه ْم َي ْح َذ ُرونَ‬
‫التوبة (‪)122‬‬
‫التفكير هو الوسيلة الموصلة للطاعة أو المعصية‬

‫ش ْي ٍء َف َم َتا ُع ا ْل َح َيا ِة ال ُّد ْن َيا َو ِزي َن ُت َها ۚ َو َما عِندَ َّ ِ‬


‫ﷲ‬ ‫َو َما أُوتِي ُتم ِّمن َ‬
‫َخ ْي ٌر َوأَ ْب َقى ۚ أَ َف ًَل َت ْعقِلُونَ {القصص‪}60:‬‬

‫من خالل اآليات يدرك المسلم أن الدنيا ليست هي النهاية وإنما‬


‫ال تساوي صفرا أمـام اآلخرة‪ .‬فصاحب التفكير يسعد حيث آمن‬
‫بأن الدنيا دار سعي وعمل واآلخرة دار حساب وعليه فالتفكير‬
‫في آيات القرآن الكريم يكسب الفرد األمن والطمأنينة‬
‫يشبع التفكير في القرآن الفرد حب االستطالع‬

‫والرغبة في معرفة المزيد مـن الحقائق والمعلومات عن‬


‫جوانب الحياة المتعددة سواء في الماضـي الـذي لـم يـؤرخ فـي‬
‫الحضارات القديمة كقوله تعـالى ‪َّ :‬ذلِ َك َم َثل ُ ا ْل َق ْو ِم الَّذِينَ َك َّذ ُبوا‬
‫ص لَ َعلَّ ُه ْم َي َت َف َّك ُرونَ ] {األعراف‪.}176:‬‬ ‫ص َ‬ ‫ص ا ْل َق َ‬ ‫ص ِ‬‫ِبآ َياتِ َنا ۚ َفا ْق ُ‬
‫أو في الحاضر المستمر‪ ،‬فقد حرضنا الحق سبحانه على‬
‫التفكير في الكون من حولنـا وفـي أنفسـنا كمـا فـي قولـه‬
‫ين * َوفِي أَ ْنفُ ِس ُك ْم أَ َف َال‬ ‫ات لِ ْلمُوقِ ِن َ‬
‫ض آ َي ٌ‬ ‫تعـالى‪َ {[ :‬وفِي ْاألَرْ ِ‬
‫ون * َف َو َربِّ ال َّس َما ِء‬ ‫ُون * َوفِي ال َّس َما ِء ِر ْزقُ ُك ْم َو َما ُتو َع ُد َ‬ ‫ْصر َ‬ ‫ُتب ِ‬
‫ون} } [الذاريات ‪]23-20‬‬ ‫ض إِ َّن ُه لَ َح ٌّق ِم ْث َل َما أَ َّن ُك ْم َت ْن ِطقُ َ‬‫َو ْاألَرْ ِ‬
‫ك فِي ِه ِبأَمْ ِرهِۦ َولِ َت ْب َت ُغو ْا مِن َفضْ لِهِۦ‬
‫ى ْٱلفُ ْل ُ‬
‫ﷲُ ٱلَّذِى َس َّخ َر لَ ُك ُم ْٱل َبحْ َر لِ َتجْ ِر َ‬
‫ُون(‪{ )12‬الجاثية}‬ ‫َولَ َعلَّ ُك ْم َت ْش ُكر َ‬

‫ت‬ ‫ت َو َما فِى ْٱألَ ْر ِ‬


‫ض َجمِي اعا ِّم ْن ُه ۚ إِنَّ فِى َذلِ َك ل َ َءا َي ٍ‬ ‫س َّخ َر لَ ُكم َّما فِى َّ‬
‫ٱلس َم َو ِ‬ ‫َو َ‬
‫لِّ َق ْو ٍم َي َت َف َّك ُرونَ (‪{ )13‬الجاثية}‬

‫فتسخير ﷲ البحر وما في السماوات وما في األرض لإلنسان يقتضي أن‬


‫يبذل اإلنسـان وسعه لالستفادة من هذه المسخرات‪ ،‬وال سيما أن التسخير‬
‫معلال‪" :‬لتجري الفلك فيه"‪" ،‬لتبتغـوا من فضله"‪ .‬فإهمال اإلنسان لهذه‬
‫المسخرات وعدم انتفاعه بها تقصير وعجز ال يليق بالمسـلم‪ ،‬ثم إن‬
‫تسخيرها يحتاج إلى تفكر وتدبر‪ ،‬ولذا فقد ختمت اآليات بقوله‪" :‬إن في ذلك‬
‫آليات لقـوم يتفكرون"‪)1(.‬‬
‫الكشف عن السنن اإللهية في حياة البشر والمجتمعات وقيام الحضارات‬

‫ان َٰ َع ِق َب ُة ْٱل ُم َك ِّذ ِب َ‬


‫ين‬ ‫ٱنظرُو ْا َكي َ‬
‫ْف َك َ‬ ‫ت مِن َق ْبلِ ُك ْم ُس َننٌ َفسِ يرُو ْا فِى ْٱألَرْ ِ‬
‫ض َف ُ‬ ‫َق ْد َخلَ ْ‬
‫{آلعمران‪.}137:‬‬
‫فاهلل سبحانه يأمر بالنظر في وقائع الحياة وأحداثها‪ ،‬ألنها ال تحدث جزافـا‪،‬‬
‫بـل هـي محكومة بسنن وأسباب‪ ،‬والمسلمون "ليسوا بدعا في الحياة‪،‬‬
‫فالنواميس التي تحكم الحياة جاريـة ال تتخلف‪ ،‬واألمور ال تمضي جزافا‪،‬‬
‫إنما هي تتبع هذه النواميس‪ .‬فإذا هم درسوها‪ ،‬وأدركـوا مغازيها‪ ،‬تكشفت لهم‬
‫الحكمة من وراء األحداث‪ ،‬وتبينت لهـم األهـداف مـن وراء الوقـائع‪،‬‬
‫واطمأنوا إلى ثبات النظام الذي تتبعه األحداث‪ ،‬وإلى وجود الحكمة الكامنة‬
‫وراء هذا النظام‪.‬‬

‫إن النظر في كيفية تكون الظواهر الكونية أو االجتماعية يحتاج إلى تفكر‬
‫وتدبر ونظـر متفحص متخصص متواصل‪ ،‬ألن الرؤية العابرة يستطيعها‬
‫معظم الناس ع ِالِمهم وجاهلهم أمـا اكتشاف السنن فإنه يحتاج إلى الجهابذة‬
‫المتدبرين المتفكرين‪.‬‬
‫التثبت من صدق األفكار والمبادئ والمعتقدات‬

‫ت ال َّت ْو َراةُ َو ْاإلِن ِجي ُل‬


‫نزلَ ِ‬‫ُ‬ ‫ب لِ َم ُت َحاجُّ َ‬ ‫َيا أَهْ َل ْال ِك َتا ِ‬
‫ون ِفي إِب َْرا ِهي َم َو َما أ ِ‬
‫ون (‪ )65‬آل عمران‬ ‫إِ َّال ِمن َبعْ ِد ِه ۚ أَ َف َال َتعْ قِل ُ َ‬
‫فمـا ينبغي أن يكون سيدنا إبراهيم عليه السالم يهوديا وال نصرانيا‬
‫ألن بعثته كانت قبـل اليهوديـة والنصرانية‬
‫ﷲ َما َال َين َف ُع ُك ْم َش ْي ًئا َو َال َيضُرُّ ُك ْم (‪ )66‬أُفٍّ‬ ‫ون َّ ِ‬‫ون ِمن ُد ِ‬ ‫َقا َل أَ َف َتعْ ُب ُد َ‬
‫ون (‪{ )67‬األنبياء}‬ ‫ﷲ ۖ أَ َف َال َتعْ ِقلُ َ‬
‫ون َّ ِ‬‫ون ِمن ُد ِ‬ ‫لَّ ُك ْم َولِ َما َتعْ ُب ُد َ‬
‫ً‬
‫شكرا لكم‬
‫د ‪ .‬محمد السيد عبد الفتاح‬
‫‪+966591194581‬‬
‫‪meabdelfatah@nu.edu.sa‬‬

‫‪1‬‬
‫‪7‬‬

You might also like