You are on page 1of 2

‫مدخل التزكية (عقيدة)‬

‫اإللحاد بين الوهم والحقيقة‬


‫اركَ َوتَعَالَى‪:‬‬ ‫قَا َل ه‬
‫َّللاُ تَبَ َ‬
‫ال أَ ْعبُدُ‬
‫ال َي ْسأَلُكُ ْم أَجْ ًرا َوهُم ُّم ْهتَدُونَ ۝ َو َما لِي َ‬ ‫سلِينَ ۝ ات ه ِب ُعوا َمن ه‬ ‫﴿ …قَا َل َيا قَ ْو ِم ات ه ِب ُعوا ا ْل ُم ْر َ‬
‫عت ُ ُه ْم‬
‫شفَا َ‬‫عنِي َ‬ ‫الرحْ َمن بِض ٍُّر ه‬
‫ال ت ُ ْغ ِن َ‬ ‫ط َرنِي َو ِإلَ ْي ِه ت ُ ْر َجعُونَ ۝ أَأَتهخِ ذُ مِن دُونِ ِه آ ِل َهةً ِإن ي ُِرد ِْن ه‬ ‫الهذِي فَ َ‬
‫ون ۝ قِي َل ادْ ُخ ِل ا ْل َجنهةَ‬ ‫ين ۝ إِنِي آ َمنتُ بِ َربِكُ ْم فَا ْس َمعُ ِ‬ ‫ون ۝ إِنِي إِذًا لهفِي َ‬
‫ضال ٍّل ُّمبِ ٍّ‬ ‫ال يُن ِقذُ ِ‬ ‫ش ْيئًا َو َ‬
‫َ‬
‫…﴾‪.‬‬
‫المحور األول‪ :‬مفهوم اإللحاد و أنواعه‪:‬‬
‫‪ .1‬تعريف اإللحاد‬
‫اإللحاد ‪ :‬لغة‪ :‬الميل عن القصد‪ ،‬واصطالحا‪ :‬هو مذهب فكري اعتقادي مادي‪ ،‬يقوم على فكرة‬
‫أساسها إنكار وجود الخالق سبحانه وتعالى‪ ،‬وإنكار كل الحقائق الدينية‪ ،‬واعتبار الدين وهم صنعه‬
‫اإلنسان‪ ،‬والكون وجد صدفة‪.‬‬
‫‪ .2‬أنواع اإللحاد وشبهاته‬
‫ض آ َياتٌ ِل ْل ُموقِنِينَ ﴾‪ ،.‬و الملحدون ينكرون‬
‫﴿وفِي ْاْل َ ْر ِ‬
‫اإللحاد بإنكار وجود هللا‪ :‬قال تعالى‪َ :‬‬ ‫•‬
‫وجود الخالق ويدعون أن هذا الكون وجد صدفة‪ ،‬وينكون تسيير الخالق لهذا الكون بدعوى أن‬
‫الكون يسير بمحض قانون الطبيعة‪.‬‬
‫اإللحاد في أسماء هللا وصفاته‪ :‬و الملحدون يصفون هللا تعالى بما ال يليق بجالله وعظمته‪ ،‬إما‬ ‫•‬
‫ّلِل اْل َ ْس َما ُء‬
‫﴿و ِ ه ِ‬
‫بتعطيل اْلسماء والصفات عن معانيها‪ ،‬أو تشبيهه سبحانه بمخلوقاته‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬‬
‫سيُجْ زَ ْونَ َما كَانُوا يَ ْع َملُونَ ﴾‪ ،.‬أو تكييفها‪.‬‬ ‫ا ْل ُح ْسنَى فَادْعُوهُ ِب َها َوذَ ُروا الهذِينَ يُ ْلحِ دُونَ فِي أَ ْس َمائِ ِه َ‬
‫اإللحاد بالقرآن الكريم كله أو بعضه‪ :‬وهو أن يؤمن البعض ببعض الحقائق واْلحكام في‬ ‫•‬
‫القرآن الكريم وينكرون الباقي بدعوى عدم فهمها أو عدم مالئمتها ْلفكارهم وحياتهم‪ ،‬كمن‬
‫تنكر فرضية الحجاب الشرعي بسبب عدم اقتناعها باآليات القرآنية‪ ،‬وهؤالء هم من قال فيهم‬
‫ض فَ َما َجزَ اء َمن يَ ْفعَ ُل ذَلِكَ مِ نكُ ْم‬ ‫ب َوتَ ْكفُ ُرونَ بِبَ ْع ٍّ‬‫ض ا ْل ِكتَا ِ‬‫الحق سبحانه وتعالى‪﴿ :‬أَفَتُؤْ مِ نُونَ بِبَ ْع ِ‬
‫ب﴾‪.‬‬‫ي فِي ا ْل َحيَاةِ الدُّ ْنيَا َويَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة ي َُردُّونَ إِلَى أَش َِد ا ْلعَذَا ِ‬ ‫إِ ه‬
‫ال خِ ْز ٌ‬
‫اإللحاد بيوم البعث‪ :‬هناك طائفة تنكر البعث والحساب والجنة والنار‪ ،‬ويعتقدون أن ال‬ ‫•‬
‫ِي ِإال َح َياتُنَا الدُّ ْن َيا نَ ُموتُ َونَحْ َيا َو َما يُ ْه ِلكُنَا ِإال‬ ‫﴿وقَالُوا َما ه َ‬ ‫حياة بعد الموت‪ .‬قال تعالى في حقهم‪َ :‬‬
‫الده ْه ُر﴾‪ ،‬و يمكن الرد عليهم بمقارنة أي اْلمرين أصعب هل الخلق من الشيء أو إعادة إحياء‬
‫المخلوق‪.‬‬
‫اإللحاد بالرسل‪ :‬فالملحدون ينكرون الرسل‪ ،‬ويدعون بأنهم بشر كباقي البشر ال يتميزون‬ ‫•‬
‫عنهم بشيء‪ ،‬يقول هللا تعالى" ماأنتم إال بشر مثلنا وما أنزل الرحمان من شيء إن أنتم إال‬
‫تكذبون"‬
‫المحور الثاني‪ :‬منهج القرآن الكريم في دحض الملحدين‪:‬‬
‫تتنوع أساليب القرآن الكريم في الرد على الملحدين‪ ،‬فتارة يستعمل اْلسلوب الوصفي التصويري‬
‫لتقريب المعنى إلى أذهانهم علهم يقتنعون‪ ،‬وتارة يستعمل أسلوب الترغيب والترهيب بالشدة أو‬
‫اللين في الخطاب‪ ،‬وتارة يذكرهم بالحساب اْلخروي وما ينتظرهم من عذاب‪ ،‬وتارة أخرى‬
‫يضرب اْلمثلة ليتضح المقال‪ ،‬وأيضا يعرض حججهم الناكرة لوجود هللا ويبطلها بأدلة مقنعة…‬
‫و من أمثلة ذلك‪:‬‬

‫قال تعالى‪“ :‬قل لئن اجتمعت الجن واإلنس على أن يأتوا بمثل هذا القرآن ال يأتون بمثله‬ ‫▪‬
‫ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا”‪.‬‬
‫ض َبل ال‬
‫اْلر َ‬
‫ت َو ْ‬ ‫ش ْيءٍّ أَ ْم هُ ُم ا ْلخَا ِلقُونَ ‪ .‬أَ ْم َخلَقُوا ال ه‬
‫س َم َوا ِ‬ ‫غي ِْر َ‬ ‫قال تعالى‪“ :‬أَ ْم ُخ ِلقُوا ْ‬
‫مِن َ‬ ‫▪‬
‫سيْطِ ُرونَ ”‪.‬‬ ‫يُو ِقنُونَ ‪ .‬أَ ْم ِع ْن َدهُ ْم خَزَ ا ِئ ُن َر ِبكَ أَ ْم هُ ُم ا ْل ُم َ‬

‫إن أول من يمكن من خالله د حض الملحدين حول قضية الخلق‪ ،‬أنه ال توجد صنعة بدون صانع‬
‫وكذلك الخلق ال وجود له بدون خالق‪ ،‬والذين يدعون أن الكون وجد صدفة إثر إنفجار عظيم‬
‫حسب آخر ماتوصلوا إليه فنرد عليهم بقوله تعلى " أو لم ير الذين كفروا أن السماوات و األرض‬
‫كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفال يومنون" كما أن أن القرآن الكريم‬
‫مليء باإلعجازات العلمية التي لم تكتشف إال مؤخرا عن طريق العلم و التي تدل على أن هللا‬
‫العليم بكل شيء هو الخالق و المسير‪ ،‬وخير دليل على ذلك مرحل تكون الجنين في قوله تعالى‪:‬‬
‫ِين (‪ )13‬ث ُ َّم َخلَ ْقنَا‬ ‫ين (‪ )12‬ث ُ َّم َجعَ ْلنَاهُ نُ ْطفَةً فِي قَ َر ٍار َّمك ٍ‬ ‫سانَ مِ ن سُ َاللَ ٍة ِمن طِ ٍ‬ ‫اْلن َ‬ ‫" َولَقَ ْد َخلَ ْقنَا ْ ِ‬
‫شأنَاهُ َخ ْلقًا‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ظا َم لَحْ ًما ث ُ َّم أن َ‬ ‫ظا ًما فَ َك َ‬
‫س ْونَا ا ْل ِع َ‬ ‫َ‬
‫ضغَة ِع َ‬ ‫ً‬
‫ضغَة فَ َخلَ ْقنَا ا ْل ُم ْ‬ ‫َ‬
‫علَقَةً فَ َخلَ ْقنَا ا ْلعَلَقَة ُم ْ‬ ‫النُّ ْطفَةَ َ‬
‫س ُن ا ْل َخا ِل ِقينَ (‪ )14‬ث ُ َّم إِنَّكُم بَ ْع َد َٰذَ ِلكَ لَ َم ِيت ُونَ (‪[ ")15‬المعارج]‪ ....،‬وكثيرة‬ ‫َّللاُ أَحْ َ‬
‫اركَ َّ‬ ‫آ َخ َر ۚ فَتَبَ َ‬
‫هي اْلمثلة التي تصب في نفس االتجاه‪.‬‬

‫المحور الثالث‪ :‬آثار اإللحاد على تصور الفرد وسلوكه‪:‬‬


‫‪ .1‬الخروج عن الفطرة ‪ :‬فطرنا هللا تعالى على العبادة كفطرتنا على األكل والشرب والتنفس والنوم …‪،‬‬

‫فاإلنسان لزاما أن يعبد فإما أن يعبد حجرا أو دابة أو شهوته أو هواه‪ ،‬أو يرتفع عن ذلك كله ويعبد‬

‫الذي خلقهم‪ ،‬ومن تم فإذا أنكر الملحدون العبودية فستضطرب فطرتهم ولن تكون سوية‪ ،‬قال سبحانه‪:‬‬

‫علَ ْي َها﴾‪.‬‬ ‫َّللا الهتِي فَ َ‬


‫ط َر النه َ‬
‫اس َ‬ ‫ِّين َحنِيفًا ف ْ‬
‫ِط َرةَ ه ِ‬ ‫﴿فَأَقِ ْم َوجْ َهكَ لِل ِد ِ‬

‫‪ .2‬العذاب النفسي ‪:‬توعد هللا الذين يلحدون به بالقلق واالضطراب والحرب النفسية‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬فَ َم ْن ي ُِر ِد‬

‫ضيِِّقًا َح َرجًا َكأَنه َما يَ ه‬


‫ص هع ُد فِي‬ ‫ُضلههُ يَجْ عَلْ َ‬
‫صد َْرهُ َ‬ ‫ِْلس ََْل ِم َو َم ْن ي ُِر ْد أَ ْن ي ِ‬ ‫َّللا أَ ْن يَ ْه ِديَهُ يَ ْش َرحْ َ‬
‫صد َْرهُ ل ْ ِ‬ ‫هُ‬

‫ال هس َماءِ﴾‪.‬‬

‫‪ .3‬العذاب المادي ‪:‬يعذب هللا المَلحدة في الدنيا قبل اآلخرة‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬فََلَ ت ُ ْع ِجبْكَ أَ ْم َوالُ ُه ْم َوالَ أَ ْوال ُد ُه ْم‬

‫َّللا ِل ُي َع ِذِّ َب ُهم ِب َها فِي ْال َح َيا ِة ال ُّد ْن َيا َوت َْزهَقَ أَنفُ ُ‬
‫س ُه ْم َوهُ ْم كَاف ُِرونَ ﴾‪.‬‬ ‫ِإنه َما ي ُِري ُد ه ُ‬

You might also like