You are on page 1of 9

‫عذاب القبر بين القرآن والسنن‬

‫محمد أكديد‬
‫األربعاء ‪ 08‬نونبر ‪10:33 - 2017‬‬
‫تذكير ال بد منه‪:‬‬

‫أحب أن أش ير أوال إلى أن نق دنا للتمثالت والرواي ات األس طورية ال تي‬


‫تش وش على الكث ير من العقائ د واألطروح ات الديني ة الص حيحة ال يقتص ر‬
‫على طائف ة من المس لمين أو م ذهب بعين ه‪ ،‬ب ل يس تهدف ج ذور هات ه‬
‫الخرافات والموضوعات الغريبة عند كل الطوائف والتيارات اإلسالمية من‬
‫الس نة والش يعة والص وفية وح تى الع وام ال ذين ال يفرق ون بين هات ه‬
‫الم ذاهب‪ .‬فأح اديث ورواي ات "نهاي ة الع الم" ال تي تكلمن ا عنه ا مثال في‬
‫المقال السابق‪ 1‬توجد داخل كل هاته المذاهب‪ ،‬بل في كل األدي ان ويق دمها‬
‫ك ل فري ق وف ق أيديولوجيت ه الخاص ة ال تي ينتص ر به ا ألطروحات ه ورؤاه‬
‫الدينية‪.‬‬

‫ذلك أن التفكير األس طوري الخ رافي ال ذي ك ان يفس ر ب ه اإلنس ان الب دائي‬
‫الكثير من ظواهر الطبيعة والسنن الكونية ال تي ك ان يق ف أمامه ا ع اجزا‪،‬‬
‫ما زال يتع ايش م ع اإلنس ان وسيس تمر في الت أثير علي ه إلى قي ام الس اعة‬
‫رغم كل مح اوالت األدي ان الرس الية تص حيح الكث ير من هات ه اإلنحراف ات‪،‬‬
‫ورغم تقدم العلم وتطور أسس ومظاهر التفكير العلمي اليوم‪ .‬فمازال أك ثر‬
‫الن اس (وال يقتص ر األم ر على المس لمين فق ط) يرفض ون أو ي ترددون في‬
‫استخدام عقولهم في نقد ما يتوصلون به س معا في الغ الب أو ح تى ق راءة‬
‫(وال داعي للت ذكير بنس ب تفش ي األمي ة في أغلب دول الع الم الث الث)‬
‫ويكتفون بقوالب جاهزة خاصة في ما يتعلق بالدين‪ ،‬يأخذونها لألسف عن‬
‫جماع ة تقليدي ة تم ارس الوص اية على ال دين من ب اب الس لطة‪ .‬دع اة‬
‫وفقه اء ومتطفل ون في غ الب األح وال يفك رون بعقلي ة الق رون الوس طى‪،‬‬
‫وي دافعون عن ت راث يح وي الكث ير من المتناقض ات ال تي يص طدم بعض ها‬
‫بالعق ل وص ريح الق رآن (م ا دمن ا نتكلم هن ا عن ال تراث اإلس المي)‪ .‬ب ل‬
‫ويرفض ون أي محاول ة للنق د والتمحيص في إط ار غربل ة ه ذا ال تراث أو‬
‫إعادة قراءته بموضوعية وبروح حداثية تستجيب لمنطق العص ر‪ .‬وال أدل‬
‫على ذل ك من الحمل ة ال تي اس تهدفت الب احث "رش يد أيالل" عن دما انتق د‬
‫ص حيح البخ اري م ع أن الكث ير من علم اء الح ديث كالش يخ األلب اني خالل‬
‫الفترة المعاصرة قد طعنوا في الكثير من أحاديث هذا الكتاب‪ ،‬وكتب حول ه‬
‫قب ل ذل ك الكث ير من األبح اث والمق االت ال تي توق ف أص حابها بحي اد‬
‫وموضوعية على عدد من المتناقض ات ال تي تش اركه فيه ا الكث ير من كتب‬
‫السنن التي اختل ط فيه ا الغث والس مين بس بب حرك ة الوض ع ال تي نش طت‬
‫بع د وف اة الرس ول (ص) خاص ة خالل العص ر األم وي بس بب الص راعات‬
‫والفتن الطائفية وإ قب ال المس لمين على اإلس رائيليات وت راث األمم الس ابقة‬
‫‪.2‬‬

‫عذاب القبر وأدلة المؤيدين‪:‬‬

‫م ازالت مس ألة ع ذاب الق بر تخل ق ج دال كب يرا بين فقه اء المس لمين على‬
‫غ رار الكث ير من المس ائل المفتوح ة على ك ل الت أويالت‪ ،‬ب الرغم من‬
‫مح اوالت بعض المت أخرين الحس م في ه ذه القض ية اس تنادا إلى ت راث‬
‫المحدثين الذي يط رح ه ذه القض ية من ب اب المس لمات ويش حذ له ا عق ول‬
‫العوام‪.3‬‬

‫وذلك باالعتم اد على الكث ير من األح اديث ال تي تش ير إلى حس اب وع ذاب‬


‫القبر والتي جاء بعضها في عدد من كتب الص حاح عن د الس نة‪ .‬حيث ورد‬
‫عن النبي (ص) مثال في ص حيح مس لم‪" :‬إن ه ذه األم ة تبتلى في قبوره ا‪،‬‬
‫فل وال أن ال ت دافنوا ل دعوت اهلل أن يس معكم من ع ذاب الق بر ال ذي أس مع‬
‫من ه" وفي ه أيض ا أن الن بي (ص) ق ال‪" :‬إذا ف رغ أح دكم من التش هد األخ ير‬
‫فليتع وذ باهلل من أرب ع‪ :‬من ع ذاب جهنم‪ ،‬ومن ع ذاب الق بر‪ ،‬ومن فتن ة‬
‫المحيا والممات‪ ،‬ومن شر فتنة المسيح الدجال"‪ .‬وفي حديث آخر ج اء في‬
‫الص حيحين أن الن بي (ص) م ر بق برين فق ال‪" :‬إنهم ا ليع ذبان وم ا يع ذبان‬
‫في كب ير‪ ،‬أم ا أح دهما‪ :‬فك ان ال يس تبرئ من الب ول‪ ،‬وأم ا اآلخ ر‪ :‬فك ان‬
‫يمش ي بالنميم ة" إلى غ ير ذل ك من األح اديث ال تي بلغت عن د بعض هم ح د‬
‫رب‬
‫س ئل عن ه ذه المس ألة‪" :‬الحم د هلل ِّ‬ ‫لما ُ‬
‫الت واتر‪ ،‬إذ يق ول ابن تيمي ة َّ‬
‫جميع ا باتف اق أه ل الس نة‬
‫ً‬ ‫العالمين‪ ،‬بل العذاب والنعيم على النفس والب دن‬
‫وتعذب منفردة عن الب دن‪ ،‬وتع ذب متص لة بالب دن‪،‬‬‫والجماعة‪ ،‬تُنعم النفس َّ‬
‫دن متَّص ل ب ه"‪ .4‬ويق ول ش ارح العقي دة الطحاوي ة (ص‪" :)450‬وق د‬
‫والب ُ‬
‫ت واترت األخب ار عن رس ول اهلل (ص) في ثب وت ع ذاب الق بر ونعيم ه لمن‬
‫كان لذلك أهال‪ ،‬وسؤال الملكين فيجب اعتقاد ثب وت ذل ك واإليم ان ب ه‪ ،‬وال‬
‫نتكلم عن كيفيته‪ ،‬إذ ليس للعقل وقوف على كيفيت ه‪ ،‬لكون ه ال عه د ل ه ب ه‬
‫في هذه الدار‪ ،‬والشرع ال يأتي بما تحيله العقول‪ ،‬ولكن قد يأتي بم ا تح ار‬
‫فيه العقول"‪.‬‬

‫ويق ول القس طالني في إرش اد الس اري (‪" :)2/460‬وق د ك ثرت األح اديث‬
‫في عذاب القبر حتى قال غ ير واح د إنه ا مت واترة‪ ،‬وإ ن لم تص ح مثله ا لم‬
‫يصح شيء في أمر الدين"‪.‬‬
‫ومع الكم الهائل من األحاديث ال تي يس تخدمها ه ؤالء لنص رة م ذهبهم في‬
‫ع ذاب الق بر‪ ،‬ي أتون ببعض اآلي ات ال تي اختل ف حوله ا المفس رون كقول ه‬
‫تع الى في س ورة غ افر‪" :‬وح اق ب آل فرع ون س وء الع ذاب (‪َّ )45‬‬
‫الن ُار‬
‫آل ِف ْر َع ْو َن َ‬
‫َأش َّد‬ ‫اع ُة َْأد ِخلُ وا َ‬
‫الس َ‬
‫وم َّ‬ ‫ِ‬
‫ون َعلَ ْي َها ُغ ُد ًّوا َو َعش ًّيا ۖ َو َي ْو َم تَقُ ُ‬
‫ض َ‬‫ُي ْع َر ُ‬
‫اب (‪ ،")46‬حيث يفسرون عرض آل فرع ون على الن ار بالع ذاب‪ .‬فهم‬ ‫ا ْل َع َذ ِ‬
‫اآلن يع ذبون في قب ورهم وف ق ه ذا التأوي ل إلى قي ام الس اعة! وه و م ا‬
‫سنجيب عنه من خالل عرض أدلة المعارضين لهاته العقيدة‪.‬‬

‫أدلة المعارضين‪:‬‬

‫اختلفت طائفة من المسلمين في عذاب القبر هل يصيب الروح والجسد أم‬


‫ال روح فق ط‪ ،‬إذ يق ول القرط بي في الت ذكرة (ص ‪ ":)138‬وق د قي ل إن‬
‫الع ذاب لل روح دون الجس د‪ ،‬وم ا ذكرن اه ل ك أوال ه و األص ح"‪ ،‬وأنك رت‬
‫طوائف أخرى كالمعتزلة والفالسفة والخوارج وبعض الشيعة ه ذه العقي دة‬
‫من أساس ها‪ ،‬حيث يق ول القاض ي عب د الجب ار المع تزلي‪":‬وأنك ر مش ايخنا‬
‫ع ذاب الق بر ونعيم ه في ك ل ح ال"‪ .5‬ويق ول أب و الحس ن األش عري‪:‬‬
‫"والخوارج ال يقولون بعذاب القبر وال ترى أن أحدا يعذب في قبره"‪.6‬‬

‫ويذهب الكثير من الحداثيين الي وم إلى إنك ار ه ذه العقي دة لكونه ا تص طدم‬


‫م ع الكث ير من اآلي ات القرآني ة ال تي ت ؤخر الحس اب والج زاء إلى ي وم‬
‫القيام ة‪ .‬فاإليم ان بحس اب الق بر وج زاءه ين اقض عقي دة اإليم ان ب اليوم‬
‫اآلخ ر‪ ،‬ألن ه ذا اإليم ان يتطلب موض وعيا اإليم ان ب أن الحس اب يجب أن‬
‫يكون في اليوم اآلخر أي بعد أن تقوم الساعة ويبعث اهلل الخلق من جدي د‬
‫لحس ابهم‪ ،‬وه و نفس م اذهب إلي ه الش يخ مت ولي الش عراوي (رحم ه اهلل)‬
‫عندما سأله سائل عن عذاب القبر‪ ،‬فرد عليه بأنه ال عذاب إال بع د حس اب‬
‫وال حساب إال يوم العرض أي يوم القيامة‪.‬‬

‫يقول تعالى‪" :‬وال تحسبن اهلل غافال لما يعمل الظالمو ۖن إنما ي ؤخرهم لي وم‬
‫س‬‫تش خص في ه األبص ار" (إب راهيم‪ ،)42-‬ويق ول في آي ة أخ رى‪ُ " :‬ك ُّل َن ْف ٍ‬
‫ور ُك ْم َي ْوم ا ْل ِق َيام ِة ۖ فَمن ُز ْح ِز َح َع ِن َّ‬
‫الن ِ‬
‫ار‬ ‫ُأج‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫َذاِئقَ ُة ا ْلم و ِت ۖ وِإ َّنم ا تُوفَّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ َ َ‬
‫ور" (آل عم ران‪-‬‬ ‫َو ُْأد ِخ َل ا ْل َج َّن َة فَقَ ْد فَ َاز ۖ َو َم ا ا ْل َح َي اةُ ال ُّد ْن َيا ِإاَّل َمتَ اعُ ا ْل ُغ ُر ِ‬
‫اء‬ ‫ِ‬ ‫ِإ ُّ‬
‫الس َم ُ‬‫س ْت (‪َ )8‬وِإ َذا َّ‬ ‫وم طُم َ‬ ‫‪ ،)185‬وفي س ورة المرس الت‪ " :‬فَ َذا الن ُج ُ‬
‫س ُل ُأقِّتَ ْت (‪ِّ )11‬‬
‫َأِلي َي ْوٍم‬ ‫فُ ِر َج ْت (‪َ )9‬وِإ َذا ا ْل ِج َب ا ُل ُن ِس فَ ْت (‪َ )10‬وِإ َذا ُّ‬
‫الر ُ‬
‫ص ِل (‪َ )14‬و ْي ٌل‬ ‫ص ِل (‪َ )13‬و َم ا َْأد َر َ‬ ‫ِ‬
‫اك َم ا َي ْو ُم ا ْلفَ ْ‬ ‫ُأجلَ ْت (‪ )12‬ل َي ْوِم ا ْلفَ ْ‬ ‫ِّ‬
‫ين (‪ ")15‬فاهلل ق د أج ل حس اب الن اس إلى ي وم الفص ل‪ ،‬حيث‬ ‫َي ْو َمِئ ٍذ لِّ ْل ُم َك ِّذ ِب َ‬
‫توعد المكذبين يومئذ بالعقاب‪ .‬وبذلك فال مع نى ألن يع اقبهم قب ل ذل ك وإ ال‬
‫فسيخلف وعيده لهم‪.‬‬

‫ومث ل ذل ك م ا ج اء في س ورة الزلزل ة بع د أن ذك ر أح وال قي ام الس اعة‪،‬‬


‫َأش تَاتًا لِّ ُي َر ْوا ْ‬
‫َأع َم الَ ُه ْم (‪ )6‬فَ َمن َي ْع َم ْل‬ ‫اس ْ‬ ‫ص ُد ُر َّ‬ ‫ِئ ٍ‬
‫الن ُ‬ ‫حيث يق ول‪"َ :‬ي ْو َم ذ َي ْ‬
‫شًّرا َي َرهُ (‪ ")8‬فالن اس قب ل‬ ‫ال َذَّر ٍة َ‬‫ال َذَّر ٍة َخ ْي ًرا َي َرهُ (‪َ )7‬و َمن َي ْع َم ْل ِمثْقَ َ‬
‫ِمثْقَ َ‬
‫قيام الساعة لم يقفوا بعد على أعمالهم أكانت شرا أم خيرا‪ ،‬وقد تزيد ه ذه‬
‫األعم ال أو تنقص كم ا ج اء في الح ديث ال ذي أخرج ه مس لم في ص حيحه‬
‫عن رس ول اهلل (ص) أن ه ق ال‪" :‬من س ن في اإلس الم س نة حس نة ك ان ل ه‬
‫أجرها وأجر من عمل بها من بعده ال ينقص ذلك من أج ورهم ش يئا‪ ،‬ومن‬
‫سن في اإلسالم سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل به ا من بع ده‬
‫ال ينقص ذلك من أوزارهم شيئا"‪.‬‬

‫أم ا في س ورة يس‪ ،‬ف نرى األم وات يتس اءلون عمن بعثهم من جدي د من‬
‫مرق دهم في إش ارة واض حة إلى أنهم ك انوا رق ودا أي نيام ا‪ ،‬وأن ال زمن‬
‫ك ان بالنس بة إليهم متوق ف‪ ،‬كأص حاب الكه ف ال ذين ذك رت قص تهم في‬
‫اَأْلج َد ِ‬
‫اث ِإلَ ٰى‬ ‫ور فَ ِإ َذا ُهم ِّم َن ْ‬ ‫القرآن الكريم‪ ،‬إذ يقول تعالى‪" :‬و ُن ِف َخ ِفي ُّ‬
‫الص ِ‬
‫ون (‪ )51‬قَ الُوا َي ا َو ْيلَ َن ا َمن َب َعثََن ا ِمن َّم ْرقَ ِد َنا ۜ ۗ َٰه َذا َم ا َو َع َد‬ ‫ر ِّب ِهم ي ِ‬
‫نس لُ َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ون (‪.")52‬‬ ‫سلُ َ‬ ‫ق ا ْل ُم ْر َ‬ ‫الر ْح َٰم ُن َو َ‬
‫ص َد َ‬ ‫َّ‬
‫أم ا اآلي ات ال تي يحتج به ا ع ادة أنص ار أطروح ة ع ذاب الق بر‪ ،‬فهي ال‬
‫تشير صراحة إلى العذاب‪ .‬فاآلي ة ال تي أش رنا إليه ا في س ورة غ افر ح ول‬
‫عق اب آل فرع ون إنم ا تتح دث عن الع رض وليس الع ذاب‪ .‬وذل ك مص داقا‬
‫ضا (‬‫ين َع ْر ً‬ ‫ض َنا جه َّنم يومِئ ٍذ لِّ ْل َك ِ‬
‫اف ِر َ‬ ‫لقول ه تع الى في س ورة الكه ف‪"َ :‬و َع َر ْ َ َ َ َ ْ َ‬
‫‪ .")100‬وه و م ا أش ار إلي ه بعض الفقه اء بالع ذاب المعن وي‪ ،‬كم ا يش ير‬
‫آخ رون إلى أن هات ه اآلي ة تخص آل فرع ون لتعنتهم وتج برهم وتح ديهم‬
‫لمبعوث اهلل تعالى رغم كل اآليات التي رأوها عيانا‪.‬‬

‫ون ۖ‬
‫افقُ َ‬ ‫اب م َن ِ‬‫ِّم َن ْ ِ‬
‫أم ا قول ه تع الى في س ورة التوب ة‪"َ :‬و ِم َّم ْن َح ْولَ ُكم‬
‫اَأْلع َر ُ‬
‫س ُن َع ِّذ ُب ُهم‬ ‫َأه ِل ا ْل َم ِدي َن ِة ۖ َم َر ُدوا َعلَى ِّ‬
‫النفَ ا ِ‬
‫َن ْح ُن َن ْعلَ ُم ُه ْم ۚ َ‬
‫ق اَل تَ ْعلَ ُم ُه ْم ۖ‬ ‫َو ِم ْن ْ‬
‫ذاب األول يقص د ب ه‬ ‫اب َع ِظ ٍيم (‪ ")101‬فالع‬ ‫ُّون ِإلَ ٰى َع َذ ٍ‬
‫َّمَّرتَ ْي ِن ثَُّم ُي َرد َ‬
‫فض يحتهم‪ ،‬حيث فض حهم اهلل بكش ف أم ورهم‪ ،‬وس رائرهم للن اس على‬
‫لس ان رس ول اهلل (ص)‪ ،‬والع ذاب الث اني ق د يقص د ب ه الس بي والقت ل‬
‫والجوع والخ وف ال ذي أص بح يترص دهم بع د أن ق ويت ش وكة المس لمين‪.‬‬
‫وكالهما في الدنيا‪ ،‬وليس بالضرورة أن ي ؤول الع ذاب الث اني بع ذاب الق بر‬
‫كم ا ذهب إلى ذل ك ع دد من المفس رين‪ ،‬ألن ه ال دلي ل علي ه في ص ريح‬
‫اآلي ات القرآني ة‪ ،‬والعقائ د ال تأخ ذ من اآلي ات المتش ابهة‪ ،‬أي تل ك ال تي‬
‫تحتمل التأويل‪.‬‬

‫أم ا حي اة ال برزخ ال تي يتح دث عنه ا البعض من خالل قول ه تع الى في‬


‫ون (‪)99‬‬ ‫ال َر ِّب ْار ِج ُع ِ‬ ‫ت قَ َ‬‫َأح َد ُه ُم ا ْل َم ْو ُ‬
‫اء َ‬ ‫"حتَّ ٰى ِإ َذا َج َ‬
‫س ورة المومن ون‪َ :‬‬
‫ت ۚ َكاَّل ۚ ِإ َّن َه ا َكِل َم ٌة ُه َو قَاِئلُ َه ا ۖ َو ِمن َو َراِئ ِهم‬
‫يم ا تَ َر ْك ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫ص ال ًحا ف َ‬ ‫َأع َم ُل َ‬ ‫لَ َعلِّي ْ‬
‫ون (‪ ،")100‬حيث يق دمون ال برزخ ال وارد في ه ذه‬ ‫َب ْر َز ٌخ ِإلَ ٰى َي ْوِم ُي ْب َعثُ َ‬
‫اآلية كحياة أخرى بين العالمين –عالم الدنيا وع الم اآلخ رة‪ -‬وه و تعس ف‬
‫واض ح وتأوي ل ال تس نده في الق رآن آي ات ص ريحة‪ ،‬ألن ال برزخ ببس اطة‬
‫يع ني الح اجز والفاص ل بين ش يئين‪ ،‬كقول ه تع الى في س ورة الرحم ان‪:‬‬
‫ان (‪ ")21‬أي ح اجز‬‫ان (‪َ )20‬ب ْي َن ُه َم ا َب ْر َز ٌخ ال َي ْب ِغ َي ِ‬
‫"م َر َج ا ْل َب ْح َر ْي ِن َي ْلتَ ِق َي ِ‬
‫َ‬
‫يمنع اختالطهما‪ .‬وليس هناك أي دليل في القرآن الكريم على وج ود حي اة‬
‫أخرى بين الحياة الدنيا والحياة اآلخرة‪.‬‬

‫وهك ذا تب دو أدل ة المعارض ين لع ذاب الق بر أك ثر تماس كا وانس جاما م ع‬


‫ص ريح اآلي ات في الق رآن الك ريم‪ ،‬و أح د أهم أرك ان العقي دة اإلس المية‬
‫الصحيحة والمتوافق عليه ا بين جمي ع المس لمين‪ .‬أال وه و اإليم ان ب اليوم‬
‫اآلخر‪ ،‬حيث سيحاسب ك ل الن اس وألول م رة على أعم الهم في ال دنيا بع د‬
‫قيام الس اعة وبعث الخل ق من جدي د أي ي وم القيام ة‪ ،‬لي أتي بع دها الج زاء‬
‫ثوابا أو عقابا حس ب م ا ق دمت أي ديهم‪ .‬وه و م ا تقتض يه الحكم ة و الع دل‬
‫اإلالهي‪ ،‬بحيث ال يمكن أن يع ذب اهلل عب اده قب ل حس ابهم وال مع نى ألن‬
‫يحاسب المرء مرتين‪ ،‬مرة في القبر ومرة في اليوم اآلخر! مم ا يض ع ك ل‬
‫الت أويالت والرواي ات ال تي تتح دث عن ع ذاب الق بر موض ع تش كيك‬
‫واستغراب‬

You might also like