You are on page 1of 120

‫الباب الثالث‪-‬شبهات حول النبياء )‪( 3‬‬

‫شبهه حول نبي الله سليمان‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫]ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب*إذ عرض عليه بالعشى‬
‫الصافنات الجياد*فقال إنى أحببت حب الخير عن ذكر ربى حتى‬
‫توارت بالحجاب ردوها على فطفق مسحا ً بالسوق والعناق[‬
‫هل يعقل ان يكون تفسير هذه الية أن نبى الله سليمان الذى‬
‫وصفته الية بأنه نعم العبد وأنه أواب تلهيه الجياد عن صلة‬
‫العصر حتى توارت الشمس واقترب المغرب فدعا الله ان يرد‬
‫الشمس حتى يصلى العصر فردت‪..‬وللتعبير عن غضبه على‬
‫الجياد التى ألهته عن صلة العصر قام وقطع سوقها وأعناقها‬
‫مسحا ً بالسيف!!!‬
‫وهل يعقل ان يقتل نبى الله سليمان حيوانات ل تعقل وتستخدم‬
‫كأداة لدفع عدوان العداء وللزود عن عباد الله المؤمنين الذين‬
‫يدافعون عن دين الله‬
‫وهل نبى الله سليمان الذى وصفه الله بهذه الوصاف الحميدة‬
‫يعترف أن الجياد ألهته عن ذكر الله‬
‫هذا التفسير الخاطئ قد أخفى معنى الية الحقيقى والذى يحمل‬
‫فى طياته إعجاز يضاف إلى جملة العجاز القرآنى‬
‫لنرى ما يقول الطب البيطرى‪ -:‬للحيوانات الهلية أمزجة‬
‫متباينة ‪,‬وطباع تتقلب بين الدعة والشراسة لذلك يجب على من‬
‫يقترب منها الحذر والحيطة خصوصا ً الغريب الذى لم يسبق له‬
‫القتراب منها وخدمتها‪ ,,‬لذلك يجب ان يظهر فاحص الخيل نحوه‬
‫العطف فيربت على رأسه ورقبته وظهره حتى يطمئن الحصان‬
‫ويعلم ان القادم عليه صديق فل يتهيج او يرفس‬
‫ولن أهم أجزاء الحصان قوائمه لنه يجرى عليها‪,‬والجرى من أهم‬
‫صفات الحصان الرئيسية‬
‫فإن أول ما يتجه إليه النسان عند فحص الخيل هو اختبار قوائمه‬
‫ويقول كتاب ]أصول الطب البيطرى[ ولرفع القائمة المامية‬
‫للحصان يمسك الفاحص بزمام الحصان ويقف الفاحص بجوار‬
‫كتفه متجها ً للمؤخرة ثم يربت له على جانب رقبته وكتفه إلى ان‬
‫يصل باليد إلى المرفق فالساعد فيصل‬
‫المسافة بين الركبة والرمانة‪ ,,‬وهنا يشعر الحصان باليد التى‬
‫تمسك اوتار قائمته فيرفع قائمته طائعا ً مختارًا‪.‬‬
‫أما قياس نبض الخيل فهو من أهم المور لن قياس النبض‬
‫يعطى فكرة عن حالة الحصان المرضية‬
‫وقياس نبض الخيل يكون من الشريان تحت الفكى والشريان‬
‫الصدغى والشريان الكعبرى‪...‬وإذا كان قياس نبض الخيل عند‬
‫هدوئه يكشف عن حالة الحصان المرضية‪,,‬فإن قياس نبضه‬
‫لمعرفه حالة قلبه ودرجه إحتماله لبد ان تكون بعد قيام الحصان‬
‫بشوط من الجرى‬
‫لذلك اصبحت هذه الطريقة دستورا ً يعمل بها لفحص الخيول‬
‫فأول الفحص الظاهرى للتأكد من صلحيته شكل ً ومنظرا ً ثانيا ً‬
‫يقوم الحصان بالعدو لشوط كبير قدر الستطاعة ومراقبته اثناء‬
‫العدو ثم قياس نبضه‪] .‬وهذا ما فعله نبى الله سليمان انه امر ان‬
‫تعدو الخيل إلى اقصى وابعد ما يستطاع حتى توارت بالحجاب‬
‫ولم تعد رؤيتها مستطاعة‪,,,‬ثم طلب ان تعود بعد هذا الشوط من‬
‫العدو وبعدها قام بقياس نبضها من الشريان تحت الفكى‬
‫والصدغى والكعبرى ثم قام بفحص الساق لمعرفة اثر العدو عليه‬
‫وطاقة الساق عليه بعد هذا المجهود من العدو‪[.‬‬
‫المصدر‪ :‬كتاب من اليات العلمية للعلمة عبد الرزاق نوفل رحمه‬
‫الله‬
‫================‬
‫شبهة شاول الملك أو جدعون القاضى‬
‫الزهر‬
‫شاول الملك أو جدعون القاضى‬
‫جاء فى سورة البقرة‪) :‬وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم‬
‫طالوت ملكًا‪) ..‬إلخ )‪.(1‬‬
‫وهذه القصة هى قصة طالوت وداود لما فتحا فلسطين‪.‬‬
‫ووجه الشكال أنه قال فيها‪ :‬إن الله امتحن جيش طالوت‬
‫بالشرب من النهر‪ .‬والمتحان لم يكن لجيش طالوت وإنما كان‬
‫لجيش جدعون وهو يحارب أهل مدين ]قضاة ‪1 :7‬ـ ‪.[8‬‬
‫الرد على الشبهة‪:‬‬
‫إن سفر القضاة سفر تاريخى ‪ ،‬وسفر صموئيل الول الذى أورد‬
‫قصة طالوت وداود سفر تاريخى‪ .‬فأى مانع يمنع من خطأ المؤرخ‬
‫فى نقل جزء من قصة إلى قصة أخرى مشابهة لها‪ .‬خاصة وأنه‬
‫ليس معصوما ً كالنبيين والمرسلين الحقيقيين ؟‬
‫ولهذا أمثلة كثيرة منها أن هذا النص مذكور مرتين‪ :‬مرة فى سفر‬
‫الخروج ‪ ،‬ومرة فى سفر التثنية من التوراة السامرية‪ .‬ومذكور‬
‫مرة واحدة فى سفر التثنية من التوراة العبرانية واليونانية‪ .‬وهو‪:‬‬
‫" نبّيا أقمت لهم من حملة إخوتهم مثلك وجعلت خطابى بغيه ؛‬
‫فيخاطبهم بكل ما أوصيه به‪.‬‬
‫ويكون الرجل الذى ل يسمع من خطابه الذى يخاطب باسمى ؛‬
‫أنا أطالبه‪ .‬والمتنبئ الذى يتقح على الخطاب باسمى ما لم أوصه‬
‫من الخطاب ‪ ،‬ومن يخاطب باسم آلهة أخرى ؛ فليقتل ذلك‬
‫المتنبئ‪ .‬وإذ تقول فى سرك‪ :‬كيف يتبين المر الذى لم يخاطبه‬
‫الله ؟ ما يقوله المتنبئ باسم اللهو ل يكون ذلك المر ول يأتى ؛‬
‫هو المر الذى لم يقله الله‪ .‬باّتقاح قاله المتنبئ‪ .‬ل تخف منه "‪.‬‬
‫‪-------------‬‬
‫)‪ (1‬البقرة‪247 :‬‬
‫=================‬
‫شبهة ‪ -‬فرعون بنى برج بابل بمصر‬
‫الزهر‬
‫‪ -‬فرعون بنى برج بابل بمصر‬
‫ً‬
‫إن فى القرآن أن فرعون طلب من هامان أن يبنى له برجا‪ .‬وهذا‬
‫خطأ لن البرج من بناء الناس فى " بابل " من بعد نوح‪.‬‬
‫الرد على الشبهة‪:‬‬
‫إن فرعون طلب من وزيره الملقب بهامان أن يوقد له على‬
‫حا‪ .‬ولم يرد فى القرآن أنه أوقد له على‬ ‫الطين ليجعل له صر ً‬
‫حا‪ .‬ولو أنه أوقد وجعل فما هو الدليل على‬ ‫الطين وجعل له صر ً‬
‫أن صرح مصر هو برج بابل ؟ ومن المحتمل أنه أراد ببناء‬
‫الصرح ؛ التهكم على موسى‬
‫==================‬
‫رؤية رسول الله صلى الله عليه و سلم‬
‫ما يراه النسان في أثناء نومه إن كان شيئا ً يسّره فتلك رؤيا‬
‫صالحة وهي من الله تعالى‪.‬‬
‫قال صلى الله عليه وسلم ‪ " :‬لم يبق من النبوة إل المبشرات "‬
‫رواه البخاري ‪ .‬وقال أيضا ً صلى الله عليه وسلم ‪ " :‬إذا رأى‬
‫أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله تعالى فليحمد الله عليها‬
‫دث بها" رواه الشيخان وفي رواية ‪" :‬فل يحدث بها إل من‬ ‫وليح ّ‬
‫يحب" وإن كانت هذه الرؤيا ل تسره فذلك حلم من الشيطان‬
‫وذ من شرها فإنها ل تضره‬ ‫فلينفث عن يسراه ثلث مرات وليتع ّ‬
‫ول يلقي لها بال ً ول يخبر بها أحدا ً فهي وسوسة من الشيطان ‪.‬‬
‫وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال ‪ :‬سألت النبي صلى الله‬
‫شَرى ِفي ال ْ َ‬
‫حَياةِ الد ّن َْيا وَِفي‬ ‫م ال ْب ُ ْ‬
‫عليه وسلم عن هذه الية ‪ } :‬ل َهُ ْ‬
‫ة{ ]يونس‪ [64 :‬قال‪ :‬ما سألني عنها أحد قبلك هي الرؤيا‬ ‫خَر ِ‬
‫ال ِ‬
‫سنه‬ ‫الحسنة يراها المرء أو ُترى له " رواه الترمذي وأحمد وح ّ‬
‫الترمذي ورواه الطبراني بإسناد قوي‪ .‬عن أبي هريرة رضي الله‬
‫عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬من رآني في المنام‬
‫فقد رآني فإن الشيطان ل يتمثل بي " رواه الشيخان‪ .‬وروى‬
‫الشيخان عن أبي هريرة أيضا ً عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫قال‪ " :‬من رآني فسيراني في اليقظة " ‪.‬‬
‫هكذا يتبين لنا أن من يرى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في‬
‫حسن‬ ‫منامه فهذه رؤيا صالحة وبشارة من الله تعالى إما ب ُ‬
‫الخاتمة والوفاة على اليمان أو أن الرؤيا قد تكون موعظة‬
‫كرة له ‪ .‬وقال العلمة المناوي رحمه الله تعالى ‪:‬‬ ‫لصاحبها وتذ ِ‬
‫يراه رؤية خاصة في الخرة بصفة القرب والشفاعة‪.‬‬
‫ينبغي أوّل ً ملحظة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأوصافه‬
‫الشريفة و أخلقه المنيفة ليسهل تطبيقه بعد الرؤية في المنام‬
‫عليها‪.‬‬
‫و حقيقة الرؤيا اعتقادات يخلقها الله في قلب النائم كما يخلقها‬
‫في قلب اليقظان يفعل ما يشاء ل يمنعه نوم و ل يقظة ‪ .‬و قوله‬
‫من رآني في المنام فقد رآني‪ ،‬أي من رآني في حال النوم فقد‬
‫قا ً أو فكأنما رآني في اليقظة فهو على التشبيه و التمثيل‬ ‫رآني ح ّ‬
‫و ليس المراد رؤية جسمه الشريف و شخصه المنيف بل مثاله‬
‫على التحقيق‪.‬‬
‫ن الشيطان ل يتمّثل بي أي ل يستطيع ذلك لنه سبحانه‬ ‫وقوله فإ ّ‬
‫و تعالى جعله محفوظا ً من الشيطان في الخارج فكذلك في‬
‫المنام سواء رآه على صفته المعروفة أو غيرها قال العلمة‬
‫القرطبي رحمه الله تعالى رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في‬
‫كل حال ليست باطلة ول أضغاثًا‪ ،‬بل هي حق في نفسها‪ ،‬ولو‬
‫ور تلك الصورة‬ ‫ُرؤي على غير صورته صلى الله عليه وسلم‪َ ،‬فت َ‬
‫ص ّ‬
‫ليس من الشيطان‪ ،‬بل هي من قَِبل الله تعالى ‪.‬‬
‫ولقد اتفق العلماء أنه من رأى الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫فت لنا في كتب الشمائل بسند‬ ‫ص َ‬
‫في المنام على الهيئة التي وُ ِ‬
‫صحيح فقد رآه قطعا ً وأما من رآه على غير الصورة المذكورة‬
‫سّنة الصحيحة كأن رآه حليقا ً أسود اللون هنا وقع الخلف‬ ‫في ال ُ‬
‫بين العلماء ‪.‬‬
‫فريق منهم قال إنه يكون قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫في الجملة وإن كان المرئي ليس هو النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫بعينه )أي ذاته( ولكن ُتؤّول هذه الرؤية بحسب اختلف حال‬
‫الرائي لنه صلى الله عليه و سلم كالمرآة الصقيلة ينطبع فيها ما‬
‫يقابلها وفي ذلك يقول النووي رحمه الله تعالى ‪:‬‬
‫والصحيح أنه يراه ‪ -‬صلى الله عليه وسلم الرائي في المنام ‪-‬‬
‫حقيقة‪ ،‬سواء كانت على صورته المعروفة أو غيرها ‪.‬‬
‫ن رؤية الرسول صلى الله عليه و سلم في صورة حسنة‬ ‫و ُيذكر أ ّ‬
‫حسن دين الرائي بخلف رؤيته في صورة شين أو‬ ‫تدل على ُ‬
‫نقص في بعض البدن فإنها تدل على خلل في دين الرائي فبها‬
‫يعرف حال الرائي فلذلك ل يختص برؤيته صلى الله عليه و سلم‬
‫الصالحون بل تكون لهم ولغيرهم ‪.‬‬
‫وقال فريق آخر من المحدثين والعلماء إنه من رآه عليه الصلة‬
‫قَلت إلينا فل ُيعتبر‬
‫والسلم على غير الصورة أو الوصاف التي ن ُ ِ‬
‫أنه رآه‪ ،‬واستدلوا على ذلك بأن بعض التابعين كان إذا رأى النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم في المنام أخبر الصحابة فيقولون له صفه‬
‫شروه بأنه رآه وإل فل ‪.‬‬ ‫لنا فإذا كان رآه على وصفه ب ّ‬
‫سؤال ‪ :‬ما حكم من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام‬
‫فأمره بطاعة ما وماذا لو أمره بمعصية ؟‬
‫الجواب ‪ :‬إذا أمره النبي صلى الله عليه وسلم في المنام بما‬
‫يوافق الشرع كأن أمره بصوم يوم كذا مثل ً ونحو ذلك مما يوافق‬
‫الشرع‪ ،‬يندب للرائي العمل به هو نفسه بشكل خاص ول يأمر به‬
‫الناس ول يندب لغيره أن يأخذ به‪.‬‬
‫ل شيخ السلم زكريا النصاري أن رجل ً رأى رسول الله‬ ‫سئ َ‬ ‫فلقد ُ‬
‫صلى الله عليه وسلم في المنام يأمره أن يأمر المسلمين أن‬
‫يصوموا يوم كذا‪ ،‬فقال ‪ :‬ل يجب علينا صومه ول نأمر به‬
‫المسلمين بل يندب صومه للرائي فقط ‪.‬‬
‫مَر بمعصية ففي ذلك شبهة أوضحها المام النووي فقال ‪:‬‬ ‫ُ‬
‫أما لو أ ِ‬
‫أما الرؤية فجاء بها النص فل يمكن للشيطان أن يتمثل به صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫ت فيه نص يمنع أن يكون‬ ‫أما ما وراء الرؤية كالكلم وغيره فلم يأ ِ‬
‫الشيطان ألقى في سمع النائم وتلعب به ‪ .‬وذلك يكون بأن يرى‬
‫النائم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فيأتي‬
‫الشيطان فيأمر النائم بأمور ويسمعها النائم فيظن أنها من النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهذا ممكن‪ ،‬ورسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم يقول في الحديث الصحيح ‪ " :‬إن الشيطان يجري من ابن‬
‫آدم مجرى الدم في عروقه " ‪..‬‬
‫ومن المعلوم أن الشيطان يحاول أن يلقي في روع النبياء‬
‫فيبطل الله سبحانه وتعالى ما يلقيه فكيف ل يمكن له أن يلقي‬
‫في روع أحدنا وهو نائم ؟ !!! ومن المعلوم أن الشيطان قد‬
‫يتلعب بالنسان في نومه وقد يستعين بعض الفجار بالجن حتى‬
‫يتلعب بإنسان و الحتلم هو باب من تلعب الشيطان بالنسان ‪.‬‬
‫ثم قال النووي ‪ :‬وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم في المنام‬
‫من قبيل الرواية والخبار‪ ،‬والرواية والخبار ل ُيقبل فيه إل‬
‫الضابط‪ ،‬والنائم ل يعتبر ضابطًا‪ ،‬وذلك لنه قد ينسى ويلقى‬
‫الشيطان في روعه أشياء أخرى‪ ،‬ومن المعلوم أن أطول منام ل‬
‫س به النسان أن طويل جدا ً "‪،‬‬ ‫يتجاوز اللحظات القليلة وإنه أح ّ‬
‫بسط هذا الكلم المام النووي في تهذيب السماء والصفات‪.‬‬
‫) الموسوعة السلمية المعاصرة بتصرف‬
‫================‬
‫ظيم ٍ ? )الصافات‪107-‬‬ ‫ع ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ذب ْ ٍ‬
‫فدَي َْناهُ ب ِ ِ‬‫و َ‬
‫َ‬
‫في مقالة بعنوان ‪ ) :‬من الذبيح إسماعيل أم اسحق ؟ ( ُنشرت‬
‫في احدى مواقع التنصير لكاتب اكتفى بأن يوقع عليها باسم ‪:‬‬
‫) الشيخ المقدسي ( دون أن يعرفنا بنفسه اكثر ‪ .‬نفاجأ بموجة‬
‫عارمة من الهجوم الضاري على السلم و المسلمين ل لشيء إل‬
‫لنهم يقولون ربنا الله ! ؛ فيقول الكاتب في صدر مقالته ‪ " :‬كما‬
‫احترف السلم العنف و الرهاب هكذا أيضا احترف المسلمون‬
‫التزوير ‪ .‬لم يشهد التاريخ أمة احترفت التزوير مثل أمة السلم ‪،‬‬
‫تزوير الحقائق و طمس المعالم صفة أساسية تميز بها النسان‬
‫المسلم ‪( !! ) " .‬‬
‫حقا لقد جانبه الصواب بمقولته و تهجمه و سبابه ‪ ،‬فإن كان‬
‫يخاطب بني دينه من النصارى فالبعض لن يرضوا بهذا السباب‬
‫العلني منهم لنه يتنافى مع رسالة المسيح عليه السلم الذي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫يقول ‪) :‬أ َ ِ‬
‫ضيك ُ ْ‬
‫م‬ ‫سُنوا إ َِلى ُ‬
‫مب ْغِ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫م‪ .‬أ ْ‬ ‫عِنيك ُ ْ‬‫كوا ل َ ِ‬ ‫م‪َ .‬بارِ ُ‬
‫داَءك ُ ْ‬
‫حّبوا أع ْ َ‬
‫م ‪ ( .‬متى ‪. 44 - 5‬‬ ‫دون َك ُ ْ‬‫م وَي َط ُْر ُ‬ ‫ن إ ِل َي ْك ُ ْ‬
‫سيُئو َ‬‫ن يُ ِ‬ ‫ذي َ‬‫ل ال ّ ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫صّلوا ل َ ْ‬
‫وَ َ‬
‫هذا حقا إن كان المسلمون أعداءكم و يسيئون إليكم و يطردوكم‬
‫و ل يتعايشون معكم في سلم على أرض وطن واحد ! و إذا كان‬
‫يخاطب الناس كافة من مسلمين و نصارى و يهود دفاعا عن‬
‫قضية معينة ‪ ،‬أو حق يرى أن المسلمين قد سلبوهم إياه ‪ ،‬فقد‬
‫أخطأ مرة ثانية بسبابه و هجومه الذي يسلبه كل الحقوق بل و‬
‫ينفر منه قّراءه و يبعد عنه من ينظر للموضوع بعين الحياد !!‬
‫• ما هو الموضوع ؟‬
‫و يورد الكاتب بعد ذلك مسألة ورد ذكرها في الكتب السماوية و‬
‫جح أو‬ ‫تناولتها أقلم المفسرين المسلمين من قبل من بين مر ّ‬
‫غير مكترث ؛ أل و هي ‪ ) :‬من هو الذبيح اسماعيل أم‬
‫اسحق ؟ ( ‪ ،‬و يورد بعد ذلك دراسة مستفيضة في كتب‬
‫المسلمين كذكره اليات الكريمة التي وردت في هذا الموضوع‬
‫في القرآن و بيان ذكر مرات اسماعيل من ذكر اسحاق عليهما و‬
‫على نبينا الكريم افضل الصلة و السلم محاول اثبات تكريم‬
‫القرآن لسحق عن اسماعيل عليهما السلم ‪ ،‬و ذكر أيضا أراء‬
‫المفسرين مع بيان ما وصلوا اليه من خلف عندما تناولوا هذا‬
‫الموضوع بالدراسة محاول ايضا اثبات أن من ذكروا اسماعيل‬
‫كذبيح بدل من اسحق انما يبدل حقيقة ساطعة كالشمس ‪ ،‬و ذكر‬
‫كذلك بعض من أراء المفسرين اليهود التي وردت في‬
‫) المدراج ( بل و ذكر رأي الشعراء العرب القدامى كالفرزدق و‬
‫جرير و غيره ‪ ،‬ل لشيء إل ليثبت للقاريء أن معظم الفقهاء بل‬
‫و عامة الناس يؤيدون رأيه و الذي اعتبره من صميم عقيدة‬
‫النصارى ؛ و هو أن الذبيح هو اسحق دون اسماعيل عليهما‬
‫السلم !‬
‫و اورد رأيي الشخصي في هذا الموضوع كمسلم ‪ ،‬فأقول ‪ :‬إن‬
‫الذبيح إذا كان إسماعيل أم إسحق عليهما السلم فالمر لن‬
‫يختلف كثيرا ؛ فكلهما نبي كريم و ابن نبي كريم و نحن جميعا‬
‫نؤمن بكل النبياء و برسالتهم دون تفرقة بين احد منهم لقولع‬
‫ن‬
‫مُنو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫من ّرب ّهِ َوال ْ ُ‬ ‫ل إ ِل َي ْهِ ِ‬ ‫مآ أ ُن ْزِ َ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫م َ‬ ‫تبارك و تعالى ‪ ? :‬آ َ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫سل ِ ِ‬ ‫من ّر ُ‬ ‫حد ٍ ّ‬ ‫نأ َ‬ ‫فّرقُ ب َي ْ َ‬ ‫سل ِهِ ل َ ن ُ َ‬ ‫ملئ ِك َت ِهِ وَك ُت ُب ِهِ وَُر ُ‬ ‫ن ِبالل ّهِ وَ َ‬ ‫م َ‬ ‫لآ َ‬ ‫كُ ّ‬
‫صيُر ? ) البقرة‪-‬‬ ‫م ِ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫ك َرب َّنا وَإ ِل َي ْ َ‬ ‫فَران َ َ‬ ‫معَْنا وَأ َط َعَْنا غ ُ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫وََقاُلوا ْ َ‬
‫‪ ، (285‬فالمر اجتباء و تشريف من الحق سبحانه و تعالى و‬
‫كلهما أهل له ‪ .‬و لم يرد في هذا حديث صحيح عن النبي صلى‬
‫الله عليه و سلم فنستند اليه و ينتهي المر ؛ هذا لنه ل يؤثر في‬
‫العقيدة و ل دخل له باليمان ‪ .‬فالمسلم الحق ل يبحث كثيرا في‬
‫هذا ! و كما قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه حين سئل‬
‫عن هذا ‪ :‬إن هذا الشيء ما كنت لنظر فيه ) قصص النبياء –‬
‫ابن كثير (‬
‫• نظرة على القرآن الكريم ‪:‬‬
‫و لكن اذا تناولنا أيضا الموضوع بالدراسة في ظل القرآن الكريم‬
‫ل إ ِّني‬ ‫نرى الحق تبارك و تعالى يورد قصة الذبيح فيقول ‪ ? :‬وََقا َ‬
‫شْرَناهُ‬ ‫ن ‪ O‬فَب َ ّ‬ ‫ب إ ِل َ‬ ‫َ‬
‫حي ِ‬ ‫صال ِ ِ‬
‫َ‬
‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ب ِلي ِ‬ ‫ب هَ ْ‬ ‫ن ‪َ O‬ر ّ‬ ‫ِ‬ ‫دي‬
‫سي َهْ ِ‬ ‫ى َرّبي َ‬ ‫َ‬ ‫ذاه ِ ٌ‬
‫مَنام ِ‬ ‫ي أَرىَ ِفي ال ْ َ‬ ‫ي إ ِن ّ َ‬ ‫ل ي َب ُن َ ّ‬ ‫ي َقا َ‬ ‫سعْ َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ما ب َل َغَ َ‬ ‫حِليم ٍ ‪ O‬فَل َ ّ‬ ‫ب ِغُل َم ٍ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي ِإن‬ ‫جد ُن ِ َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫مُر َ‬ ‫ما ُتؤ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ت افْعَ ْ‬ ‫ل ي َأب َ ِ‬ ‫ذا ت ََرىَ َقا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ك َفانظ ُْر َ‬ ‫ح َ‬ ‫أّني أذ ْب َ ُ‬
‫ن ‪ O‬وََناد َي َْناه ُ َأن‬ ‫جِبي ِ‬ ‫ه ل ِل ْ َ‬ ‫ما وَت َل ّ ُ‬ ‫سل َ َ‬
‫َ‬
‫ما أ ْ‬ ‫ن ‪ O‬فَل َ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ِ‬ ‫شآَء الل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫ذا‬‫ن هَ َ‬ ‫ن ‪ O‬إِ ّ‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫زي ال ْ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫ت الّرؤ َْيآ إ ِّنا ك َذ َل ِ َ‬ ‫صد ّقْ َ‬ ‫م ‪ O‬قَد ْ َ‬ ‫هي ُ‬ ‫ي َإ ِب َْرا ِ‬
‫ن‬
‫ري َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ظيم ٍ ‪ O‬وَت ََرك َْنا ع َل َي ْهِ ِفي ال َ ِ‬ ‫ح عَ ِ‬ ‫ن ‪ O‬وَفَد َي َْناه ُ ب ِذ ِب ْ ٍ‬ ‫مِبي ُ‬ ‫ل َهُوَ ال ْب َل َُء ال ْ ُ‬
‫عَباد َِنا‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن ‪ O‬إ ِن ّ ُ‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫زي ال ْ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫م ‪ O‬ك َذ َل ِ َ‬ ‫هي َ‬ ‫ى إ ِب َْرا ِ‬ ‫سل َ ٌ َ‬
‫م ع َل َ‬ ‫‪َ O‬‬
‫ن ‪ O‬وََباَرك َْنا ع َل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫حاقَ ن َب ِي ّا ً ّ‬ ‫س َ‬ ‫شْرَناه ُ ب ِإ ِ ْ‬ ‫ن ‪ O‬وَب َ ّ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ن?‬ ‫مِبي ٌ‬ ‫سه ِ ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫م ل ّن َ ْ‬ ‫ظال ِ ٌ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫س ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫من ذ ُّري ّت ِهِ َ‬ ‫حاقَ وَ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ى إِ ْ‬ ‫َ‬
‫وَع َل َ‬
‫) الصافات‪ . ( 113 : 99 -‬فنرى أن النص القرآني يورد قصة‬
‫ن ? و كأنه‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫حاقَ ن َب ِي ّا ً ّ‬ ‫س َ‬ ‫شْرَناه ُ ب ِإ ِ ْ‬ ‫الذبيح ثم يورد ‪ ? :‬وَب َ ّ‬
‫يقول ‪ :‬و من بعد هذا جاءت البشرى بإسحق عليه السلم ‪ .‬فمن‬
‫يكون الذبيح ؟ إنه جد ّ يكون المر متكّلفا اذا كان حديث الذبيح‬
‫عن اسحق عليه السلم دون أن يسميه ‪ ،‬ثم يسميه بإسمه ‪ ،‬و‬
‫يبشر أبيه به كنبي و من الصالحين ‪ .‬فهذا يتعارض مع بلغة النص‬
‫القرآني ‪ .‬و الله تعالى أعلى و اعلم ‪.‬‬
‫و نورد أيضا رأي ابن كعب القرظي إذ يقول ‪ :‬يقول الحق تبارك‬
‫و تعالى ‪ ? :‬وا َ‬
‫من وََرآِء‬ ‫حاقَ وَ ِ‬ ‫س َ‬‫ها ب ِإ ِ ْ‬ ‫شْرَنا َ‬ ‫ت فَب َ ّ‬ ‫حك َ ْ‬ ‫ض ِ‬‫ة فَ َ‬ ‫م ٌ‬‫ه َقآئ ِ َ‬ ‫مَرأت ُ ُ‬‫َ ْ‬
‫ب ? )هود‪ (71-‬فكيف تقع البشارة بإسحق و أنه‬ ‫قو َ‬ ‫حاقَ ي َعْ ُ‬ ‫س َ‬ ‫إِ ْ‬
‫سيولد له يعقوب عليهما السلم ‪ ،‬ثم يؤمر أبيه بذبحه و هو صغير‬
‫قبل أن يولد له ؟ ) نفس المرجع السابق ( ‪.‬‬
‫و ما سبق نورده للكاتب ل نريد به اقصاء المر عن احدهما دون‬
‫الخر عليهما السلم جميعا ‪ ،‬و لكن لنثبت له أن استعمال العقل‬
‫و التفكير في نصوص قرآنية ثابتة لن يبلغك ما تريد من زرع بذرة‬
‫الشك في نفس القاريء المسلم بل على العكس انه شيء‬
‫مردود عليه و من نص القرآن فكلمة الله تتكلم عن نفسها ‪.‬‬
‫• و ماذا تقول التوراة ؟‬
‫و ليسمح لي الكاتب هنا بدراسة الموضوع كما تعرضه التوراة و‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫هي َ‬ ‫ن إ ِب َْرا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫مت َ َ‬‫ها ْ‬ ‫ن الل َ‬ ‫مورِ أ ّ‬ ‫ث ب َعْد َ هَذ ِهِ ال ُ‬ ‫حد َ َ‬ ‫لنقرأ النص معا ‪ ) :‬وَ َ‬
‫حيد َ َ‬
‫ك‬ ‫ك وَ ِ‬ ‫خذ ِ اب ْن َ َ‬‫ل‪ُ » :‬‬ ‫قا َ‬ ‫ذا«‪ .‬فَ َ‬ ‫ل‪» :‬هَئ َن َ َ‬ ‫قا َ‬ ‫م«‪ .‬فَ َ‬ ‫هي ُ‬ ‫ه‪َ» :‬يا إ ِب َْرا ِ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫فَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حَرقَ ً‬
‫ة‬ ‫م ْ‬ ‫ك ُ‬ ‫صعِد ْه ُ هَُنا َ‬ ‫مرِّيا وَأ ْ‬ ‫ض ال ْ ُ‬ ‫ب إ ِلى أْر ِ‬
‫حاقَ َواذ ْهَ ْ َ‬ ‫س َ‬ ‫ه إِ ْ‬ ‫حب ّ ُ‬‫ذي ت ُ ِ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ك«‪ ( .‬تكوين ‪.2-1 : 22‬‬ ‫ل لَ َ‬ ‫ذي أ َُقو ُ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫جَبا ِ‬ ‫حد ِ ا ل ْ ِ‬
‫َ‬
‫ع ََلى أ َ‬
‫فنجد النص يسمي اسحق بأنه ابن ابراهيم الوحيد ! و واقع المر‬
‫أن اسحق لم يكن أبدا ابنا وحيدا لبراهيم عليهما السلم في أي‬
‫لحظة من حياته ؛ لنه عندما ولد كان لسماعيل عليه السلم‬
‫أربعة عشر عاما – بنص التوراة ‪ -‬فكيف يكون اسحق وحيده ؟‬
‫هل الرب مثل ل يعترف بزيجة ابراهيم و هاجر لكونها جارية ؟ و‬
‫الجابة ‪ :‬ل ! لن الترواة أيضا تقول ‪) :‬وابن ال ْجارية أ َيضا ً َ‬
‫جعَل ُ ُ‬
‫ه‬ ‫سأ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َِ ِ ْ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫ك ( تكوين ‪ . 13 : 21‬حقا أنه يعترف في مواضع‬ ‫سل ُ َ‬ ‫أ ُم ً َ‬
‫ه نَ ْ‬ ‫ة لن ّ ُ‬ ‫ّ‬
‫اخرى بأنه بإسحق يدعى لبراهيم نسل ) تكوين ‪ 19 : 17‬و ‪: 21‬‬
‫‪ ( 12‬و لكن ليس معنى أن يتبرأ منه ‪ .‬و إن كان قد نبذه و امه‬
‫في البرية فما انقطعت صلته به أبدا و ل صلته بأخيه من بعده‬
‫حاقُ‬ ‫س َ‬ ‫ه إِ ْ‬ ‫بدليل ما تقصه التوراة عن موت ابراهيم فتقول ‪ ) :‬وَد َفَن َ ُ‬
‫فيل َةِ ( تكوين ‪ ، 9 : 25‬و بذلك‬ ‫مك ْ ِ‬ ‫مَغاَرةِ ال ْ َ‬ ‫ل اب َْناه ُ ِفي َ‬ ‫عي ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬‫وَإ ِ ْ‬
‫فلم يكن اسحق الوحيد أبدا !‬
‫ذفت من‬ ‫ح ِ‬‫فالنص بهذا ل يكون معقول عند التفكير فيه ‪ .‬فإذا ُ‬
‫النص كلمة ) وحيدك ( يكون المعنى معقول و مقبول ! أو‬
‫ُتستبدل ) اسحق ( بـ ) إسماعيل ( فيكون ايضا كذلك !‬
‫و ل نريد بهذا أيضا أن نفاضل بين أنبياء الله ‪ -‬كما أسلفنا – ولكن‬
‫لثبت للكاتب أنه إذا أردت اخراج دليل عقليا من التوراة لما تريد‬
‫فهو موجود !‬
‫و في النهاية أقول للكاتب ‪ :‬إن المسلمين ل يكترثون بمسألة‬
‫الذبيح و ل يفاضلون بين أنبياء الله فما هكذا علمنا ديننا ‪ ،‬و ل‬
‫يدخلون في نزاع و ل تفاخر بالجداد مع اليهود أو حتى مع‬
‫الفرس الذين جعلهم الكاتب من نسل اسحق و قد جانبه‬
‫الصواب في ذلك أيضا فهم ليسوا من بنى اسرائيل و ل من بني‬
‫سام من الصل كما هو وارد في كتب التاريخ و كما يعرف العرب‬
‫الذين جعلهم يحرفون التوراة الذين لم يعرفوها من اجل‬
‫صراعهم القادم مع الفرس !!‬
‫أيضا قد أنزل الله عز و جل القرآن على نبيه صلى الله عليه و‬
‫سلم هدى و نور لمن يقرأه و يتدبره و ليس لمن ينظر له بعين‬
‫السخط و الحقد و الكراهية ‪ .‬فالكاتب و غيره ممن يوجهون‬
‫الشبهات للقرآن يوما بعد يوم ل يدرسونه دراسة مستفيضة و‬
‫تبحث أعينهم في كل حرف منه عن نقص أو عيب أو تأويل‬
‫محّرف و ذلك لكي يرضوا غرورهم و ظنهم أنهم قد نالوا منه ‪ ،‬و‬
‫كموا العقل المجرد و الفطرة السليمة‬ ‫حقيقة المر أنهم لو ح ّ‬
‫لوجدوا عكس مايقولون ‪.‬‬
‫اللهم اهدنا لما اختلفنا فيه من الحق بإذنك ‪ ،‬إنك تهدي من تشاء‬
‫إلى صراط مستقيم ‪.‬‬
‫كتبه الخ ‪ /‬طارق‬
‫==================‬
‫شبهة قصة ذى الكفل‬
‫الزهر‬
‫قصة ذى الكفل‬
‫يقول المعترض‪ :‬إنه جاء فى القرآن ذكر نبى اسمه )ذا الكفل(‬
‫وليس فى التوراة مسمى بهذا السم‪ .‬وذكر من كلم البيضاوى‬
‫كلما ً فى شأنه ‪ ،‬وذكر أيضا ً كلما ً لغيره‪.‬‬
‫الرد على الشبهة‪:‬‬
‫هو أنه جاء فى كتاب " نزهة المشتاق " ومؤلفه يهودى يحكى فيه‬
‫تاريخ يهود العراق‪ :‬أن )ذا الكفل( الذى ورد اسمه فى القرآن هو‬
‫نبى الله حزقيال‪ .‬وكان معاصرا ً لسبى اليهود فى بابل‬
‫==================‬
‫شبهة لم تنزل مائدة من السماء‬
‫الزهر‬
‫لم تنزل مائدة من السماء‬
‫إن فى سورة المائدة‪ :‬أن الحواريين قد طلبوا مائدة من السماء‪.‬‬
‫وأن الله قال )إنى منزلها عليكم )ول يقول النجيل‪ :‬إن تلميذ‬
‫المسيح طلبوا منه آية من السماء ‪ ،‬ول يقول‪ :‬إن مائدة نزلت‬
‫من السماء‪.‬‬
‫الرد على الشبهة‪:‬‬
‫إن المعترض غير دارس للنجيل وغير دارس للتوراة‪ .‬وذلك لن‬
‫فى إنجيل يوحنا أن الحواريين طلبوا آية من السماء " فقالوا له‪:‬‬
‫ن‬
‫فأية آية تصنع ؛ لنرى ونؤمن بك ؟ ماذا تعمل ؟ آباؤنا أكلوا الم ّ‬
‫فى البرية‪ .‬كما هو مكتوب‪ :‬أنه " أعطاهم خبزا ً من السماء‬
‫ليأكلوا " ]يو ‪30 :6‬ـ ‪.[31‬‬
‫إنهم طلبوا مائدة من السماء ؛ لنهم قالوا‪ " :‬آباؤنا أكلوا المن‬
‫فى البرية " بعد قولهم " فأية آية تصنع لنرى ونؤمن بك ؟ "‬
‫واستدلوا على أكل آبائهم للمن بقولهم مكتوب فى التوراة أنه‬
‫أعطاهم خبزا ً من السماء ليأكلوا‪ .‬وهذا يدل على أن آباءهم أكلوا‬
‫المن والسلوى فى سيناء‪ .‬والنص هو‪ " :‬وأمطر عليهم مّنا للكل‬
‫وبّر السماء أعطاهم " ]مزمور ‪.[24 :78‬‬
‫فهل نزل المن من السماء ؟ وقد سماه داود ـ عليه السلم ـ‬
‫مائدة فى قوله عنهم‪ " :‬قالو‪ :‬هل يقدر الله أن يرتب مائدة فى‬
‫البرية ؟ " ]مز ‪ [19 :78‬فمعنى نزوله من السماء‪ :‬أنه من جهة‬
‫الله ل من جهة إله آخر‪ .‬ونص إنجيل يوحنا يبين أنهم طلبوا مائدة‬
‫من السماء‪ .‬ذلك قوله‪ " :‬أنه أعطاهم خبزا ً من السماء ليأكلوا "‬
‫فإذا بارك الله فى طعام من الرض ليشبع خلقا ً كثيرا ً ؛ فإنه‬
‫يكون مائدة من السماء‪ .‬كالمن النازل من السماء‪ .‬وهو لم ينزل‬
‫من السماء وإنما كان على ورق الشجر ‪ ،‬وكالسلوى‪.‬‬
‫ومن أعجب العجب‪ :‬أن مؤلف النجيل قال كلما ً عن المسيح فى‬
‫شأن محمد رسول الله ل يختلف اثنان فى دللته عليه صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ .‬وقد استدل المسيح فيه عليه صلى الله عليه وسلم‬
‫بنص فى الصحاح الرابع والخمسين من سفر إشعياء‪.‬‬
‫ل قصة القرآن عن نزول مائدة من السماء‬ ‫ويقول المعترض‪ :‬ولع ّ‬
‫نشأت عن عدم فهم بعض آيات النجيل الواردة فى متى ‪26‬‬
‫ومرقس ‪ 24‬ولوقا ‪ 22‬ويوحنا ‪ .13‬وغرضه من قوله هذا أن ل‬
‫يعرف المسلمون موضع المائدة من الناجيل لنها بصدد كلم من‬
‫المسيح فى شأن محمد رسول الله ‪ ،‬وموضعها الصحاح‬
‫السادس من إنجيل يوحنا‬
‫================‬
‫نبى الله يونس ‪ -‬هل عصى ربه او غوى ؟‬
‫ضبا ً فَظ َ ّ‬
‫ن‬ ‫مَغا ِ‬ ‫ب ُ‬ ‫ن ِإذ ذ ّهَ َ‬ ‫ذا الّنو ِ‬ ‫وردت الشبهة فى قوله تعالى )) وَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َأن ّلن ن ّ ْ‬
‫حان َ َ‬
‫ك‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ت ُ‬ ‫ه إ ِّل أن َ‬ ‫ت أن ّل إ ِل َ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫دى ِفي الظ ّل ُ َ‬ ‫قد َِر ع َل َي ْهِ فََنا َ‬
‫ك‬ ‫فل ْ ِ‬ ‫ن(( و قوله تعالى )) إ ِذ ْ أ َب َقَ إ َِلى ال ْ ُ‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫كن ُ‬ ‫إ ِّني ُ‬
‫و‬
‫ت وَهُ َ‬ ‫حو ُ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ق َ‬ ‫ن * َفال ْت َ َ‬ ‫ضي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫مد ْ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫م فَ َ‬ ‫ساهَ َ‬ ‫ن * فَ َ‬ ‫حو ِ‬ ‫ش ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م (( ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬كيف يعصى يونس أمر ربه ؟ و كيف يظن أن‬ ‫مِلي ٌ‬ ‫ُ‬
‫الله القادر على كل شىء لن يقدر عليه ؟‬
‫بعد الحمد لله و الصلة و السلم على رسول الله‪:‬‬
‫قال المام ابن حزم فى الملل )فأما يونس عليه السلم فلم‬
‫يغاضب ربه ‪ ،‬و لم يقل تعالى أنه ذهب مغاضبا ً ربه ‪ ،‬فمن زاد‬
‫هذه الزيادة كان قائل ً على الله الكذب و زائدا ً فى القرأن ما‬
‫ليس منه ‪ ،‬و هذا ما ل يجوز فإنما هو غاضب قومه و لم يوافق‬
‫ذلك مراد الله تعالى و إن كان يونس لم يقصد بذلك إل رضاء‬
‫الله عز و جل‪،‬و النبياء يقع منهم السهو بغير قصد و يقع منهم‬
‫الشىء يراد به وجه الله فيوافق خلف مراد الله تعالى((‬
‫و هذا هو المعنى الصحيح و الذى يتضح جليا ً بفهم قوله تعالى‬
‫ه(( ‪" ،‬جاء رجل فسأل ابن عباس‪ :‬كيف‬ ‫قد َِر ع َل َي ْ ِ‬ ‫ن َأن ّلن ن ّ ْ‬ ‫))فَظ َ ّ‬
‫يظن نبى الله يونس أن الله لن يقدر عليه؟ فقال ابن عباس‪:‬‬
‫َ‬
‫قد ََر ع َل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ما اب ْت ََله ُ فَ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ما إ ِ َ‬ ‫ليس هذا‪ ،‬ألم تقرأ قول الله تعالى ))وَأ ّ‬
‫ن ((‬ ‫ِ‬ ‫هان َ‬ ‫ل َرّبي أ َ َ‬ ‫قو ُ‬ ‫ه فَي َ ُ‬ ‫رِْزقَ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬‫ن لَ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫قال المام القرطبى فة تفسير قوله تعالى ))فَظ َ ّ‬
‫قد َِر ((‬ ‫نَ ْ‬
‫در الّله‬ ‫كان أّل ي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ق ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه إ ِب ِْليس وَوَقَعَ ِفي ظ َّنه إ ِ ْ‬ ‫ست َن َْزل َ ُ‬ ‫معَْناه ُ ا ْ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫]ِقي َ‬
‫َ‬
‫ي‬
‫فر ‪ُ .‬روِ َ‬ ‫ه كُ ْ‬ ‫ه ; ِلن ّ ُ‬ ‫غوب ع َن ْ ُ‬ ‫مْر ُ‬ ‫دود َ‬ ‫مْر ُ‬ ‫ول َ‬ ‫ذا قَ ْ‬ ‫مَعاقَب َت ِهِ ‪ .‬وَهَ َ‬ ‫ع َل َي ْهِ ب ِ ُ‬
‫سن ‪.‬‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ي عَ ْ‬ ‫مهْد َوِيّ ‪َ ,‬والث ّعْل َب ِ ّ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫كاه ُ ع َن ْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫جب َْير َ‬ ‫سِعيد ْبن ُ‬ ‫ن َ‬ ‫عَ ْ‬
‫ماء‬ ‫ن ال ْعُل َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫جب َْير وَك َِثير ِ‬ ‫سِعيد ْبن ُ‬ ‫طاء وَ َ‬ ‫ل عَ َ‬ ‫ي وََقا َ‬ ‫وَذ َك ََره ُ الث ّعْل َب ِ ّ‬
‫معناه ‪ :‬فَظ َ َ‬
‫وله‬ ‫ن قَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫سن ‪ :‬هُوَ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ضّيق ع َل َي ْهِ ‪َ .‬قا َ‬ ‫ن نُ َ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ َْ ُ‬
‫عد ‪[ 26 :‬‬ ‫در " ] الّر ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫شاء وَي َ ْ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫سط الّرْزق ل ِ َ‬ ‫ت ََعاَلى ‪ " :‬الّله ي َب ْ ُ‬
‫ن قُد َِر ع َل َي ْهِ رِْزقه " ] الط َّلق ‪. [ 7 :‬‬ ‫َ‬
‫م ْ‬ ‫وله " وَ َ‬ ‫ضّيق ‪ .‬وَقَ ْ‬ ‫أيْ ي ُ َ‬
‫سن ‪ .‬وَقَد ََر وَقُد َِر وَقَت ََر وَقُت َِر‬ ‫ح َ‬ ‫سِعيد َوال ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫قو ْ ِ‬ ‫شَبه ب ِ َ‬ ‫ذا اْل َ ْ‬ ‫قُْلت ‪ :‬وَهَ َ‬
‫َ‬
‫ي‬
‫ماوَْرد ِ ّ‬ ‫ما ذ َك ََره ُ ال ْ َ‬ ‫ول ا ِْبن ع َّباس ِفي َ‬ ‫ضي ّقَ وَهُوَ قَ ْ‬ ‫معًْنى ‪ ,‬أيْ ُ‬ ‫بِ َ‬
‫مهْد َوِيّ ‪.‬‬ ‫َوال ْ َ‬
‫كم ; أ َي فَظ َ َ‬
‫ن لَ ْ‬
‫ن‬ ‫نأ ْ‬ ‫ْ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ح ْ‬ ‫ضاء َوال ْ ُ‬ ‫ق َ‬ ‫ذي هُوَ ال ْ َ‬ ‫در ال ّ ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ‪ :‬هُوَ ِ‬ ‫وَِقي َ‬
‫ن‬‫م ْ‬‫خوذ ِ‬ ‫مأ ُ‬ ‫فّراء ‪َ .‬‬ ‫هد َوال ْ َ‬ ‫جا ِ‬ ‫م َ‬ ‫دة وَ ُ‬ ‫ه قََتا َ‬ ‫قوب َةِ ; َقال َ ُ‬ ‫ضي ع َل َي ْهِ ِبال ْعُ ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫نَ ْ‬
‫عة[‬ ‫طا َ‬ ‫ست ِ َ‬ ‫قد َْرة َواِل ْ‬ ‫دون ال ْ ُ‬ ‫كم ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫در وَهُوَ ال ْ ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫فكلمة نقدر عليه ل تشير ههنا إلى معنى الستطاعة فهذا ما ل‬
‫يظنه أحاد الناس فضل ً عن نبى ‪ ،‬و إنما تشير إلى معنى التضييق‪،‬‬
‫فيونس عليه السلم لما دعى قومه للتوحيد و نفروا منه و أذوه‬
‫تركهم غضبانا ً لله و لم يظن أن الله يحاسبه و يضيق عليه لذلك‪،‬‬
‫و إنما حاسبه الله لنه لم يصبر عليهم و خرج منهم قبل الذن ‪،‬‬
‫ت إ ِذ ْ‬
‫حو ِ‬‫ب ال ْ ُ‬
‫ح ِ‬
‫صا ِ‬ ‫ك وََل ت َ ُ‬
‫كن ك َ َ‬ ‫حك ْم ِ َرب ّ َ‬ ‫كما قال تعالى ))َفا ْ‬
‫صب ِْر ل ِ ُ‬
‫م (( و قد نبه رسول الله )ص( إلى هذا المر و‬ ‫مك ْ ُ‬
‫ظو ٌ‬ ‫دى وَهُوَ َ‬ ‫َنا َ‬
‫حذر من أن يسىء إنسان الظن بنبى الله يونس فقال عليه‬
‫الصلة و السلم‪ )) :‬ل يقولن أحدكم إني خير من يونس (( رواه‬
‫البخارى‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه "قال ‪ -‬يعني الله تبارك‬
‫وتعالى ‪ -‬ل ينبغي لعبد لي )وقال ابن المثنى ‪ :‬لعبدي( أن يقول ‪:‬‬
‫أنا خير من يونس بن متى‪ ،‬عليه السلم"رواه مسلم‪.‬‬
‫و قال عليه الصلة و السلم‪)) :‬ما ينبغي لنبي أن يقول ‪ :‬إني خير‬
‫من يونس بن متى(( صحيح أبو داود لللبانى‬
‫و قال عليه الصلة و السلم ))ومن قال أنا خير من يونس بن‬
‫متى فقد كذب(( صحيح ابن ماجة‬
‫و هذا من تعظيم رسول الله )ص( لشأن اخوانه النبياء و دفاعه‬
‫عنهم عليهم صلوات الله أجمعين‬
‫و هفوة نبى الله يونس هذه لو صدرت عن غيره لعتبرها فى‬
‫ميزان الفضيلة و لكن يونس عليه السلم أوخذ يها نظرا ً لرفيع‬
‫مقامه كما نقول دائما ً )حسنات البرار سيئات المقربين( ‪ ،‬و‬
‫فعاقب الله تعالى نبيه يونس بموجب )التربية الخاصة( لتزكية‬
‫نفسيه الطاهرة و السمو بها عن كل شائبة‪ ،‬و قد تضرع عليه‬
‫السلم إلى ربه منيبا ً معترفا ً بخطئه فقال عليه السلم " ل إله إل‬
‫أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين ‪ "..‬فاستجاب له ربه تعالى‬
‫و جعل دعاءه هذا مأثورا ً لرفع الكرب إلى يوم القيامة‪،‬‬
‫================‬
‫ق يونس عليه السلم‬ ‫َ‬
‫من أخطأ في ح ّ‬ ‫ملم ل َ‬ ‫ال َ‬
‫بقلم المهندس مراد عبد الوهاب الشوابكه‬
‫من المشاكل التي يواجهها المسلمون اليوم هي هجر القرءان‬
‫الكريم‪ ،‬فل تكاد تركب في حافلة أو تدخل في سوق إل وتجد‬
‫أصوات الغاني الماجنة تتعالى في كل مكان كأّنها أصوات‬
‫الشياطين‪ ،‬وقّلما تسمع فيها القرءان‪ ،‬وكأن القرءان الكريم قد‬
‫كة ول ينبغي لك أن تسمعه إل في‬ ‫ل فقط على أهل م ّ‬ ‫ُأنزِ َ‬
‫المسجد‪ ،‬فل غرابة إذن أن نجد من بين أبناء المجتمع السلمي‬
‫ل من ل يكاد‬ ‫وسط هذه الجواء الصاخبة بما ل يرضي الله عّز وج ّ‬
‫دلت لغتهم القرآنية الفصيحة بكلمات ماجنة‬ ‫يفهم القرءان‪ ،‬فقد تب ّ‬
‫ركيكة طغت على القلوب الصحيحة فأشربتها بحب الشهوات‬
‫ب الرض والسماوات‪.‬‬ ‫وأبعدتهم عن فهم كلم ر ّ‬
‫وأرجوكم أن تعذروني على هذا الكلم‪ ،‬ولكنها الحقيقة التي لن‬
‫نجد عن قولها مصرفًا‪ ،‬لنها داٌء عضال استشرى في جسد المة‬
‫ضعاف في مهالك الشبهات والفهم الخاطئ‬ ‫حتى أردى بأبنائها ال ِ‬
‫دث إليكم حول تصحيح خطأ‬ ‫لكلم الله عّز وجل‪ ،‬واليوم سنتح ّ‬
‫قت مداركهم اللغوية‬ ‫فاحش وقع فيه الكثيرون من الذين إضي َ ّ‬
‫ك‬‫ن يونس عليه السلم قد ش ّ‬ ‫حتى وصل بهم الحال إلى القول بأ ّ‬
‫في قدرة الله عليه )حاشا لله( ولكن هؤلء للسف اكتفوا بظاهر‬
‫القرءان ولم يفهموا معناه ولم يقرؤوا التفاسير لذا جاءت هذه‬
‫المقالة بعد ما سمعت من بعضهم هذا الفهم الخاطئ‪.‬‬
‫يونس بن مّتى عليه السلم " ذو النون "‪:‬‬
‫ل الذين ورد ذكرهم في القرءان الكريم‬ ‫هو أحد أنبياء الله عّز وج ّ‬
‫لمقصد عظيم هدفه شحذ همم الدعاة إلى الله تعالى وتحذيرهم‬
‫من مغّبة الوقوع في اليأس من الدعوة إليه لن مفاتيح القلوب‬
‫بيد الله عز وجل وما عليك إل البلغ المبين فلعلك مع كثرة‬
‫الدعاء والبلغ توافق لحظة صفاء فطرة عند من تدعو فيكون‬
‫ذلك سببا لهدايته وصلحه ‪.‬‬
‫أما سيدنا يونس عليه السلم فقد أرسله الله إلى أهل نينوى‬
‫ليدعوهم إلى عبادة الله عز وجل‪ ،‬وترك ما يدعون من دونه‪ ،‬فما‬
‫ما‬‫ذبوا دعوته وأصّروا على كفرهم‪ ،‬فل ّ‬ ‫كان جواب قومه إل أن ك ّ‬
‫رأى هذا العناد والكفر تركهم مغاضبًا‪ ،‬فركب البحر‪ ،‬حتى إذا‬
‫ماجت السفينة بمن فيها ألقي بيونس عليه السلم بعد أن‬
‫إستهموا عليه فابتلعه الحوت في بطنه وضّيق عليه في جوفه‬
‫فنادى في الظلمات أن ل اله إل أنت سبحانك اني كنت من‬
‫جاه الله عز وجل مما فيه‪.‬‬ ‫الظالمين‪ ،‬فن ّ‬
‫ما الخطأ الفاحش الذي وقع فيه البعض فهو قولهم بأن سيدنا‬ ‫أ ّ‬
‫ل ونسوا‬ ‫ك في قدرة الله عّز وج ّ‬ ‫يونس عليه السلم كان لديه ش ّ‬
‫بذلك أنهم بمقولتهم هذه قد أخرجوه من دائرة اليمان إلى‬
‫ي‪ ،‬فكيف يرضونه‬ ‫الكفر‪ ،‬وهذا ما ل ينبغي أن يقال عن مؤمن عاد ّ‬
‫لنبي كريم ؟‬
‫وسبب هذا القول هو عدم فهم الية ‪ 87‬من سورة النبياء كما‬
‫ينبغي ‪:‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫دى ِفي‬ ‫ن أن ّلن ّنقد َِر َ‬
‫عليهِ فََنا َ‬ ‫ضبا ً فظ َ ّ‬‫مغا ِ‬‫ب ُ‬ ‫ن إذ ذ ّهَ َ‬ ‫"و َ‬
‫ذا الّنو ِ‬
‫ت أن‬‫ما ِ‬‫ظل َ‬‫ال ّ‬
‫ن"‬‫مي ْ‬‫ظال ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬‫م َ‬‫ت ِ‬ ‫ك إّني ُ‬
‫كن ُ‬ ‫حان َ‬‫سب ْ َ‬
‫ل إله إل أنت ُ‬
‫صدق الله العظيم‬
‫ن‬ ‫ن أن ّلن ّنقد َِر َ‬
‫عليهِ " ليس بمعنى أ ّ‬ ‫ما قول الله عز وجل" فظ َ ّ‬ ‫أ ّ‬
‫ك في قدرة الله عليه‪ ،‬إذ يستوجب ذلك‬ ‫يونس عليه السلم قد ش ّ‬
‫مّنا أن نحيط بمعاني كلمة ّنقد َِر اللغوية ‪:‬‬
‫من المعجم الوسيط ‪:‬‬
‫بإرجاع كلمة ّنقد َِر إلى أصلها الثلثي قَد ََر ‪ ،‬نجد ‪:‬‬
‫ضي َقَ عليه و وابتله ‪ ،‬وفي التنزيل‬‫ه على فلن ‪ :‬معناها ّ‬ ‫قَد ََر الل ُ‬
‫العزيز ‪:‬‬
‫قد ََرعليه رزقه "‬‫ما إذا ما ابتله فَ َ‬ ‫" وأ ّ‬
‫فالقدر إذن هو وقوع البلء من الله عز وجل على النسان نتيجة‬
‫ه ‪ ،‬أما إذا لم يدرك هذا الشخص وقوعه في‬ ‫تقصيرٍ ب َد ََر من ُ‬
‫المحظور فرّبما يتبادر إلى ذهنه ويظن بأن الله لن يعاقبه على‬
‫فعلته ولن يقدر عليه ـ لن يعاقبه ويبتليه ـ وهذا تماما ما حصل مع‬
‫ن أن الله لن‬‫يونس عليه السلم إذ أّنه بعد ما ترك دعوة قومه ظ ّ‬
‫يبتليه لكن الله ضّيق عليه بطن الحوت ‪.‬‬
‫وختاما ً نسأل الله عز وجل أن يفقهنا في الدين ويجعلنا من الذين‬
‫يتدبرون القرءان ويقيمون حروفه وحدوده ‪ ،‬وأن نكون ممن‬
‫سنوا ظ َّنهم بالله وأنبيائه ورسله عليهم الصلة والسلم ‪.‬‬ ‫ح ّ‬
‫مع تحّيات م‪.‬مراد عبد الوهاب الشوابكه‬
‫‪Shau_murad@yahoo.com‬‬
‫المصادر والمراجع ‪:‬‬
‫‪---‬‬
‫)‪ (1‬القرءان الكريم‬
‫)‪ (2‬تفسير القرءان العظيم للمام الحافظ ابن كثير‬
‫)‪ (3‬في ظلل القرءان – سّيد قطب‬
‫)‪ (4‬المعجم الوسيط – الجزء الثاني – ط ‪3‬‬
‫====================‬
‫المفاضلة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين يونس‬
‫بن متى عليه السلم‬
‫الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي‬
‫من درس‪ :‬المفاضلة بين النبياء‬
‫ه ت ََعاَلى‪:‬‬
‫ه الل ّ ُ‬
‫م ُ‬
‫ح َ‬
‫ف َر ِ‬
‫صن ّ ُ‬
‫م ْ‬ ‫َقا َ‬
‫ل ال ُ‬
‫ل‪} :‬ل تفضلوني‬ ‫سل ّ َ‬
‫م َقا َ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬‫صّلى الل ُ‬‫]وأما ما يروى أن النبي َ‬
‫ل‪ :‬ل يفسر لهم هذا الحديث‪،‬‬ ‫ع ََلى يونس{ وأن بعض الشيوخ َقا َ‬
‫ل‪ ،‬فلما أعطوه فسره بأن قرب يونس من‬ ‫حتى يعطى مال ً جزي ً‬
‫الله‪ ،‬وهو في بطن الحوت‪ ،‬كقربي من الله ليلة المعراج‪ ،‬وعدوا‬
‫هذا تفسيرا ً عظيمًا‪ ،‬وهذا يدل ع ََلى جهلهم بكلم الله وبكلم‬
‫رسوله لفظا ً ومعنى‪ ،‬فإن هذا الحديث بهذا اللفظ لم يروه أحد‬
‫من أهل الكتب التي يعتمد عليها‪ ،‬وإنما اللفظ الذي في الصحيح‬
‫}ل ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى{ وفي رواية‬
‫ل‪ :‬إني خير من يونس بن متى فقد كذب{‬ ‫}من َقا َ‬
‫وهذا اللفظ يدل ع ََلى العموم أي‪ :‬ل ينبغي لحد أن يفضل نفسه‬
‫ن أن يفضلوا محمدا ً‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ع ََلى يونس بن متى‪ ،‬ليس فيه نهي ال ْ ُ‬
‫ع ََلى يونس‪ ،‬وذلك لن الله ت ََعاَلى قد أخبر عنه أنه التقمه الحوت‬
‫ب‬ ‫ن إ ِذ ْ ذ َهَ َ‬ ‫ذا الّنو ِ‬ ‫وهو مليم‪ ،‬أي فاعل ما يلم عليه‪ ،‬وقال تعالى‪ :‬وَ َ‬
‫ه إ ِّل‬ ‫َ‬ ‫مَغاضبا ً فَظ َ َ‬
‫ن ل إ ِل َ َ‬ ‫تأ ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫دى ِفي الظ ّل ُ َ‬ ‫قد َِر ع َل َي ْهِ فََنا َ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ن ]النبياء‪.[87:‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مي َ‬ ‫ن الظال ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫حان َك إ ِّني كن ْ ُ‬ ‫سب ْ َ‬‫ت ُ‬ ‫أن ْ َ‬
‫فقد يقع في نفس بعض الّناس أنه أكمل من يونس‪ ،‬فل يحتاج‬
‫إ َِلى هذا المقام‪ ،‬إذ ل يفعل ما يلم عليه‪ ،‬ومن ظن هذا فقد‬
‫ه إ ِّل‬ ‫َ‬
‫ن ل إ ِل َ َ‬ ‫كذب‪ ،‬بل كل عبد من عباد الله يقول ما قال يونس‪ :‬أ ْ‬
‫ن ال ّ‬ ‫َ‬
‫ن ]النبياء‪ [87:‬كما قال أول‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ك إ ِّني ك ُن ْ ُ‬ ‫حان َ َ‬ ‫سب ْ َ‬‫ت ُ‬ ‫أن ْ َ‬
‫م‬‫ن لَ ْ‬ ‫سَنا وَإ ِ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫مَنا أ َن ْ ُ‬ ‫ل‪َ :‬رب َّنا ظ َل َ ْ‬ ‫ال َن ْب َِياء وآخرهم‪ ،‬فأولهم آدم قد َقا َ‬
‫ن ]العراف‪.[23:‬‬ ‫ري َ‬ ‫س ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كون َ ّ‬ ‫مَنا ل َن َ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫فْر ل ََنا وَت َْر َ‬ ‫ت َغْ ِ‬
‫م قال في‬ ‫سل َ‬‫ّ‬ ‫ه ع َلي ْهِ وَ َ‬ ‫َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫مد َ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫وآخرهم وأفضلهم وسيدهم ُ‬
‫الحديث الصحيح حديث الستفتاح من رواية على بن أبي طالب‬
‫وغيره بعد قوله‪} :‬وجهت وجهي{ إ َِلى آخره‪} ،‬اللهم أنت الملك‬
‫ل إله إل أنت‪ ،‬أنت ربي وأنا عبدك‪ ،‬ظلمت نفسي واعترفت‬
‫بذنبي‪ ،‬فاغفر لي ذنوبي جميعًا‪ ،‬ل يغفر الذنوب إل أنت{ إ َِلى آخر‬
‫سي‬ ‫ف ِ‬ ‫ت نَ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ب إ ِّني ظ َل َ ْ‬ ‫سلم‪َ :‬ر ّ‬ ‫الحديث‪ ،‬وكذا قال موسى ع َل َي ْهِ ال ّ‬
‫م ]القصص‪ [16:‬وأيضا ً‬ ‫حي ُ‬ ‫فوُر الّر ِ‬ ‫ه هُوَ ال ْغَ ُ‬ ‫ه إ ِن ّ ُ‬‫فَر ل َ ُ‬ ‫فْر ِلي فَغَ َ‬ ‫َفاغ ْ ِ‬
‫ك َول‬ ‫حك ْم ِ َرب ّ َ‬ ‫صب ِْر ل ِ ُ‬ ‫م لما قيل فيه َفا ْ‬ ‫سل ّ َ‬
‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫فيونس َ‬
‫ه ع َل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫ت ]القلم‪ [48:‬فُنهي نبينا َ‬ ‫حو ِ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ح ِ‬‫صا ِ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ت َك ُ ْ‬
‫م عن التشبه به‪ ،‬وأمره بالتشبه بأولي العزم‪ ،‬حيث قيل له‪:‬‬ ‫سل ّ َ‬ ‫وَ َ‬
‫ُ‬
‫ل ]الحقاف‪ [35:‬فقد يقول‬ ‫س ِ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫م َ‬ ‫صب ََر أوُلوا ال ْعَْزم ِ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫صب ِْر ك َ َ‬ ‫َفا ْ‬
‫من يقول‪) :‬أنا خير منه( وليس للفضل أن يفخر ع ََلى من دونه‪،‬‬
‫فكيف إذا لم يكن أفضل فإن الله ل يحب كل مختال فخور‪.‬‬
‫ل‪} :‬إن‬ ‫م أنه َقا َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫وفي صحيح مسلم عن النبي َ‬
‫ي أن تواضعوا حتى ل يفخر أحد ع ََلى أحد‪ ،‬ول يبغي‬ ‫الله أوحي إل ّ‬
‫أحد ع ََلى أحد{ ‪ ،‬فالله ت ََعاَلى نهى أن يفخر ع ََلى عموم المؤمنين‪،‬‬
‫ل‪} :‬ل ينبغي لعبد أن يقول‪ :‬أنا‬ ‫فكيف ع ََلى نبي كريم‪ ،‬فلهذا َقا َ‬
‫خير من يونس بن متى{ ‪ ،‬فهذا نهي عام لكل أحد أن يتفضل‬
‫ويفتخر ع ََلى يونس‪.‬‬
‫وقوله‪} :‬من قال‪ :‬إني خير من يونس بن متى فقد كذب{ ‪ ،‬فإنه‬
‫ن أفضل‪ ،‬فهذا الكلم يصير أنقص‪ ،‬فيكون كاذبًا‪،‬‬ ‫كا َ‬ ‫لو قدر أنه َ‬
‫وهذا ل يقوله نبي كريم بل هو تقدير مطلق‪ ،‬أي من قال هذا فهو‬
‫حب َط َ ّ‬
‫ن‬ ‫ت ل َي َ ْ‬ ‫شَرك ْ َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ن ل يقوله نبي كما قال تعالى‪ :‬ل َئ ِ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫كاذب وإن َ‬
‫م معصوما ً من‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬‫صّلى الل ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ك ]الزمر‪ [65:‬وإن َ‬
‫كا َ‬ ‫مل ُ َ‬ ‫عَ َ‬
‫الشرك‪ ،‬لكن الوعد والوعيد لبيان مقادير العمال[ اهـ‪.‬‬
‫الشرح‪:‬‬
‫صّلى الل ُ‬
‫ه‬ ‫ه بعض التفاسير لحديث النبي َ‬ ‫ه الل ّ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬
‫صّنف َر ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ذكر ال ُ‬
‫م‪} :‬ل تفضلوني ع ََلى يونس بن متى{ وذكر أن بعض‬ ‫سل ّ َ‬‫ع َل َي ْهِ وَ َ‬
‫أصحاب الطرق أو بعض أدعياء العلم الباطن من مشايخ الصوفية‬
‫الذين يدعون العلم الباطن ‪-‬ولم أستطع أن أعثر ع ََلى ترجمته‪-‬‬
‫يقول في معنى هذا الحديث‪ :‬أنا أفسر لكم معنى هذا الحديث‪،‬‬
‫لكن بشرط أن تعطوني مال ً جزيل ً ‪-‬وسوف أشرحه لكم بالشرح‬
‫الشاري الصوفي‪ -‬ويسمون تفسيرهم للقرآن تفسيرا ً إشاريا ً‬
‫باطنيًا‪.‬‬
‫فيفسرون الية ع ََلى خلف ما جاءت به‪ ،‬كما في كثير من‬
‫تفاسيرهم‪ ،‬مثل تفسير روح المعاني وغيره‪ ،‬فوافقوا ع ََلى ذلك‬
‫ل‪ ،‬وقالوا له‪ :‬اشرح لنا الحديث‪.‬‬ ‫فأعطوه مال ً جزي ً‬
‫ل‪ :‬معناه "إن قرب يونس من الله وهو في بطن الحوت‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬
‫كقربي من الله ليلة المعراج"‪.‬‬
‫قاُلوا‪ :‬يستحق الشيخ أن نعطيه كل المال من أجل هذا المعنى‬ ‫فَ َ‬
‫ه وَت ََعاَلى‪،‬‬ ‫حان َ ُ‬‫سب ْ َ‬ ‫العظيم‪ ،‬وهذا دليل ع ََلى جهلهم بكتاب الله ُ‬
‫م‪ ،‬وجهلهم بالسنة‬ ‫سل ّ َ‬
‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬
‫صّلى الل ُ‬ ‫وبمعاني حديث النبي َ‬
‫أيضًا‪.‬‬
‫وقد قال بعض العلماء‪ :‬إن هذه اللفظة هي‪} :‬ل تفضلوني ع ََلى‬
‫يونس بن متى{ لم تصح وإنما ورد ما يدل ع ََلى معناها عند بعض‬
‫ل‪:‬‬‫م‪} :‬من َقا َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫العلماء‪ ،‬كما في الصحيح قوله َ‬
‫إني خير من يونس بن متى فقد كذب{ ‪ ،‬وقد اختلف العلماء في‬
‫فهم هذا الحديث‪ ،‬فبعض العلماء فهم من هذا أنه يعني النبي‬
‫ه ع َل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫م‪ ،‬أي‪ :‬ل أحد يقول‪ :‬إنه َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫َ‬
‫م خير من يونس‪.‬‬ ‫ّ‬
‫سل َ‬ ‫وَ َ‬
‫والبعض الخر قالوا‪ :‬إن المقصود من قوله‪ :‬إني ‪-‬أي المتكلم‪-‬‬
‫خير من يونس بن متى‪ ،‬فقد كذب‪ ،‬ويقول الحافظ ابن حجر ‪:‬‬
‫ل‪ :‬أنا خير من يونس بن متى فقد كذب{‬ ‫الرواية الخرى }من َقا َ‬
‫خارِيّ وتدل ع ََلى أن المقصود من قوله "إني"‬ ‫هي في صحيح الب ُ َ‬
‫أي المتكلم‪ ،‬لنه يقول‪ :‬من قال "أنا"‪ ،‬فأي أحد من الّناس يقول‪:‬‬
‫أنا خير من يونس بن متى فقد كذب‪ ،‬لكن ُيقال له‪:‬‬
‫ل‪ :‬لم تصح هذه الرواية‪.‬‬ ‫أو ً‬
‫وثانيًا‪ :‬ع ََلى فرض أنها ثبتت‪ ،‬فإن هذا المعنى الذي فهمه بعض‬
‫العلماء‪ ،‬ليس ع ََلى إطلقه‪ ،‬لكن ع ََلى فرض ذلك فل يكون‬
‫م من ربه ليلة‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫مد َ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫تفسيره بأن قرب ُ‬
‫السراء والمعراج مثل قرب يونس‪ ،‬وهو في بطن الحوت‪ ،‬هذا‬
‫ل‪:‬‬ ‫ه وَت ََعاَلى لما اختص الملئكة َقا َ‬ ‫حان َ ُ‬ ‫سب ْ َ‬‫المعنى باطل؛ لن الله ُ‬
‫م الطّيب ]فاطر‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫صعَد ُ الك َل ِ ُ‬ ‫َ‬
‫ل‪ :‬إ ِلي ْهِ ي َ ْ‬ ‫عن ْد َه ُ ]النبياء‪ [19:‬وَقا َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وَ َ‬
‫‪.[10‬‬
‫ن في‬ ‫كا َ‬ ‫م لما عرج به إ َِلى السماء َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫فالنبي َ‬
‫ن أكثر‪ ،‬كلما‬ ‫كا َ‬ ‫َ‬
‫موضع التكريم‪ ،‬وهناك ما يدل ع َلى أن العلو كلما َ‬
‫ك وَت ََعاَلى عنده‪ ،‬ولهذا سمى‬ ‫ن فيه تكريم‪ ،‬وقرب من الله ت ََباَر َ‬ ‫كا َ‬ ‫َ‬
‫ه وَت ََعاَلى المل العلى بهذا السم‪ ،‬لنهم أعلى من أهل‬ ‫حان َ ُ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫الله ُ‬
‫جاَء في الحديث الخر‬ ‫ه وَت ََعالى‪ ،‬وكما َ‬ ‫َ‬ ‫حان َ ُ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫الدنيا لقربهم منه ُ‬
‫}وإذا ذكرني في مل ذكرته في مل خير منه{ ‪.‬‬
‫م لما وصل إ َِلى ذلك‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫فالشاهد أن النبي َ‬
‫ن هذا‬ ‫كا َ‬ ‫المقام العلى الذي لم يصل ولن يصل إليه مخلوق قط‪َ ،‬‬
‫م‪ ،‬فهو في هذه الحالة وبهذا العمل‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫تكريما ً له َ‬
‫أفضل من كل الّناس الذين لم يصلوا إليه وكذلك ال َن ْب َِياء صلوات‬
‫الله وسلمه عليهم أجمعين لم يحظوا بأن يصلوا إ َِلى هذه الدرجة‬
‫م‪ ،‬فهو‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫وإلى هذه المكانة‪ ،‬فهذا تعظيم للنبي َ‬
‫أفضل من يونس بن متى عليهما الصلة والسلم‪.‬‬
‫م‪} :‬ل يقل أحد‪ :‬إني خير من يونس‬ ‫سل ّ َ‬‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫فقوله َ‬
‫م ع ََلى‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫بن متى{ ليس فيه منع تفضيل النبي َ‬
‫سلم‪ ،‬وإنما الذي فيه النهي بأن أحدا ً ليجوز له أن‬ ‫يونس ع َل َي ْهِ ال ّ‬
‫سلم‪ ،‬بأن يقول‪ :‬إن يونس فعل‬ ‫يفضل نفسه ع ََلى يونس ع َل َي ْهِ ال ّ‬
‫ما يلم عليه‪ ،‬وأنا لم أفعل ما ألم عليه‪ ،‬ومع ذلك فإن يونس‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ك إ ِّني ك ُن ْ ُ‬ ‫حان َ َ‬ ‫سب ْ َ‬‫ل‪ُ :‬‬ ‫سلم قد استغفر وتاب‪ ،‬وَقا َ‬ ‫ع َل َي ْهِ ال ّ‬
‫ن ]النبياء‪ .[87:‬وفي قوله هذا دليل ع ََلى أنه فعل ما يلم‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ك َول‬ ‫حك ْم ِ َرب ّ َ‬ ‫صب ِْر ل ِ ُ‬ ‫عليه‪ ،‬كما خاطب الله ت ََعاَلى نبيه بقوله‪َ :‬فا ْ‬
‫ت ]القلم‪.[48:‬‬ ‫حو ِ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ت َك ُ ْ‬
‫ه وَت ََعاَلى ليونس‪ :‬أنه لما أمره أن ينذر‬ ‫حان َ ُ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫وكان سبب لوم الله ُ‬
‫قومه لم يصبر ع ََلى أذاهم ولم يكن له العزم ع ََلى مواجهتهم‪،‬‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫م فَ َ‬ ‫ساهَ َ‬ ‫ن * فَ َ‬ ‫حو ِ‬ ‫ش ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫فل ْ ِ‬ ‫وكذبوه إذ ْ أ َب َقَ إ َِلى ال ْ ُ‬
‫م ]الصافات‪،[142-140:‬‬ ‫مِلي ٌ‬ ‫ت وَهُوَ ُ‬ ‫حو ُ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ق َ‬ ‫ن * َفال ْت َ َ‬ ‫ضي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫مد ْ َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ه وَت ََعاَلى له‪ ،‬وهذا دليل‬ ‫حان َ ُ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫فكان هذا الفعل سببا ً للوم الله ُ‬
‫ع ََلى أنه لم يكن من أولي العزم الذين قال الله ت ََعاَلى فيهم‪:‬‬
‫ُ‬
‫ل ]الحقاف‪ [35:‬فأولوا‬ ‫س ِ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫م َ‬ ‫صب ََر أوُلوا ال ْعَْزم ِ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫صب ِْر ك َ َ‬ ‫َفا ْ‬
‫سلم‪ ،‬وأفضل من آدم ع َل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫العزم أفضل من يونس ع َل َي ْهِ ال ّ‬
‫جد ْ ل َ ُ‬
‫ه‬ ‫م نَ ِ‬ ‫سلم‪ ،‬من هذه الناحية؛ لن الله ت ََعاَلى قال في حقه وَل َ ْ‬ ‫ال ّ‬
‫سلم أيضا ً لم يكن لديه عزم‪،‬‬ ‫ع َْزما ً ]طه‪ [115:‬فآدم ع َل َي ْهِ ال ّ‬
‫ولذلك وقع في معصية الكل من الشجرة‪ ،‬لكن هل معنى هذا أنه‬
‫يجوز لحد ٍ من الّناس أن يقول‪ :‬إنه فعل ما يلم عليه‪ ،‬وأنا أفضل‬
‫منه‪ ،‬لني لم أفعل ما ألم عليه؟ ل يجوز لحد ذلك‪.‬‬
‫ن ]النبياء‪ [87:‬يذكر‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ك إ ِّني ك ُن ْ ُ‬ ‫حان َ َ‬‫سب ْ َ‬ ‫أما قوله‪ُ :‬‬
‫صّنف أن هذه العبارة يقولها كل عباد الله‪ ،‬قالها آدم ع َل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫م ْ‬ ‫ال ُ‬
‫مَنا ل َن َ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫كون َ ّ‬ ‫ح ْ‬ ‫فْر ل ََنا وَت َْر َ‬ ‫م ت َغْ ِ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫سَنا وَإ ِ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫مَنا أن ْ ُ‬ ‫سلم‪َ :‬قال َرب َّنا ظ َل َ ْ‬ ‫ال ّ‬
‫ن ]العراف‪ [23:‬معنى قوله ربنا ظلمنا أنفسنا‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫ري َ‬ ‫س ِ‬‫خا ِ‬ ‫ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫ّ‬
‫سل َ‬ ‫ه ع َلي ْهِ وَ َ‬ ‫َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫إقرار منهما بالظلم‪ ،‬وأيضا قد قالها النبي َ‬ ‫ً‬
‫كما في حديث الستفتاح }أنت ربي وأنا عبدك‪ ،‬ظلمت نفسي‬
‫واعترفت بذنبي{ ‪.‬‬
‫فْر ِلي‬ ‫سي َفاغ ْ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ت نَ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ب إ ِّني ظ َل َ ْ‬ ‫سلم‪َ :‬ر ّ‬ ‫وقالها موسى ع َل َي ْهِ ال ّ‬
‫ه إن الفخر محرم‬ ‫ه الل ّ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬ ‫صّنف َر ِ‬ ‫م ْ‬ ‫]القصص‪ ،[16:‬ويقول ال ُ‬
‫َ‬
‫ومنهي عنه‪ ،‬ول ينبغي للفاضل أن يفتخر ع َلى المفضول‪ ،‬فإذا‬
‫ن كذلك فمن باب أولى أن ل يفتخر المفضول ع ََلى الفاضل!‬ ‫كا َ‬ ‫َ‬
‫ن في عبادته أو في‬ ‫كا َ‬ ‫وكيف يكون لحد ٍ من الّناس كائنا ً من َ‬
‫وليته أن يقول‪ :‬إنه أفضل من يونس بن متى؟!‬
‫وقد تستغربون وتقولون‪ :‬وهل يوجد أحد يقول‪ :‬إنه أفضل من‬
‫نبي من ال َن ْب َِياء؟!‬
‫نقول‪ :‬نعم‪ ،‬هناك كثير من فرق وطوائف الصوفية يرون أن الولي‬
‫سلم الذي‬ ‫أفضل من النبي فما بالكم بنبي الله يونس ع َل َي ْهِ ال ّ‬
‫ه وَت ََعاَلى‪ -‬عنه هذا‬ ‫حان َ ُ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ليس من أولي العزم! والذي ذكر الله ‪ُ -‬‬
‫ت ]القلم‪[48:‬‬ ‫حو ِ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ل‪َ :‬ول ت َك ُ ْ‬ ‫الفعل ولمه عليه وَقا َ‬
‫يكون عندهم أقل بكثير جدًا‪.‬‬
‫م‪} :‬من‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫والخلصة‪ :‬أن الرجح في معنى قوله َ‬
‫قال إني خير من يونس بن متى فقد كذب{ أنه ليس معناه من‬
‫م أفضل من يونس بن متى‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫ل‪ :‬إن محمدا ً َ‬ ‫َقا َ‬
‫ل‪ :‬أنا‪ ،‬أي‪ :‬من قال عن نفسه ذلك‪ :‬ويأتي‬ ‫فقد كذب‪ ،‬لكن من َقا َ‬
‫صّنف أخيرا ً وهو لو أن نبيا ً قال ذلك!!‬ ‫م ْ‬ ‫هنا إشكال كما ذكر ال ُ‬
‫فنقول‪ :‬ل يمكن أن يقول أي نبي إنه أفضل من يونس بن متى‬
‫سلم‪ ،‬فإن‬ ‫ع ََلى سبيل الفخر والنتقاص ليونس بن متى ع َل َي ْهِ ال ّ‬
‫صّلى‬ ‫َ‬
‫مد َ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫القول الذي قاله يونس قاله كل الن ْب َِياء حتى نبينا ُ‬
‫م‪ ،‬وهو أفضل ال َن ْب َِياء جميعًا‪.‬‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫الل ُ‬
‫ه ت ََعاَلى‪:‬‬ ‫ه الل ّ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬‫ف َر ِ‬ ‫صن ّ ُ‬‫م ْ‬
‫ل ال ُ‬ ‫َقا َ‬
‫م أنه سيد ولد آدم لنا ل يمكننا‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫]وإنما أخبر َ‬
‫أن نعلم ذلك إل بخبره إذ ل نبي بعده يخبرنا بعظيم قدره عند‬
‫الله‪ ،‬كما أخبرنا هو بفضائل ال َن ْب َِياء قبله صّلى الله عليهم وسلم‬
‫جاَء في رواية )وهل‬ ‫أجمعين‪ ،‬ولهذا أتبعه بقوله "ول فخر" كما َ‬
‫يقول من يؤمن بالله واليوم الخر‪ :‬إن مقام الذي أسري به إ َِلى‬
‫ربه وهو مقرب معظم مكرم كمقام الذي ألقى في بطن الحوت‬
‫مليم؟!‬ ‫وهو ُ‬
‫وأين المعظم المقرب من الممتحن المؤدب‪ ،‬فهذا في غاية‬
‫التقريب‪ ،‬وهذا في غاية التأديب‪ ،‬فانظر إ َِلى هذا الستدلل لنه‬
‫بهذا المعنى المحرف اللفظ لم يقله الرسول‪ ،‬وهل يقاوم هذا‬
‫الدليل ع ََلى نفي علو الله ت ََعاَلى ع ََلى خلقه الدلة الصحيحة‬
‫الصريحة القطعية ع ََلى علو الله ت ََعاَلى ع ََلى خلقه التي تزيد ع ََلى‬
‫ه الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ألف دليل‪ ،‬كما يأتي الشارة إليها عند قول الشيخ َر ِ‬
‫)محيط بكل شيء وفوقه(‪ ،‬إن شاء الله ت ََعاَلى[ اهـ‪.‬‬
‫الشرح‪:‬‬
‫ه‪ :‬يأتي إشكال وهو قوله صلى الله‬ ‫ه الل ّ ُ‬ ‫م ُ‬‫ح َ‬‫صّنف َر ِ‬ ‫م ْ‬ ‫يقول ال ُ‬
‫ة{ مع القول‬ ‫م ِ‬ ‫قَيا َ‬ ‫م ال ِ‬ ‫علهي وسلم‪ :‬وقوله‪} :‬أنا سيد ولد آدم ي َوْ َ‬
‫م نهى عن الفخر‪ ،‬وعن التفضيل‪ ،‬وأمر‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫بأنه َ‬
‫م أفضل‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫بالتواضع‪ ،‬والتفضيل حق وكونه َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫م‪} :‬أنا سيد ولد آدم{‬ ‫سل َ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫الن ْب َِياء حق‪ ،‬وقوله َ‬
‫حق‪ ،‬فكيف نجمع بين هذا وهذا؟‬
‫م ل ُيعلم فضله‪ ،‬ول‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫يقول‪ :‬يكون الجمع بأنه َ‬
‫ُيعلم تفضيله ع ََلى ال َن ْب َِياء إل بالوحي‪ ،‬والوحي يأتينا عن طريقه‬
‫م بذلك‪،‬‬ ‫سل ّ َ‬‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫م‪ ،‬فهو ُيخبرنا َ‬ ‫سل ّ َ‬‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫كا‬ ‫وإن‬ ‫فخر(‬ ‫)ول‬ ‫رواية‬ ‫توضحه‬ ‫وعليه‬ ‫الخبار‪،‬‬ ‫قبيل‬ ‫من‬ ‫فهذا‬
‫فيها ضعفًا‪.‬‬
‫مةِ ع ََلى‬ ‫قَيا َ‬ ‫م ال ِ‬ ‫فقوله‪) :‬ول فخر( أي لم أقل إني سيد ولد آدم ي َوْ َ‬
‫سبيل الفخر‪ ،‬فإن الفخر منهي عنه‪ ،‬والمر والحال والشأن كما‬
‫م‪} :‬يا عباد الله تواضعوا حتى ل يفخر‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫قال َ‬
‫م }أنا سيد ولد‬ ‫سل ّ َ‬‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫أحد ع ََلى أحد{ فليس قوله َ‬
‫آدم{ من الفخر‪ ،‬وإنما هو من قبيل الخبار بالواقع وبالحقيقة‬
‫م‪،‬‬‫سل ّ َ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫الذي ل يمكن أن نعلمها إل عن طريقه َ‬
‫مةِ وما يكون فيها‪ ،‬ول يعلم ذلك إل‬ ‫قَيا َ‬ ‫م ال ِ‬ ‫فكما أخبر عن ي َوْ َ‬
‫م أنه سيد الناس‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬‫صّلى الل ُ‬ ‫بالخبر‪ ،‬فكذلك قوله َ‬
‫أفضل الّناس في ذلك الموقف‪.‬‬
‫مةِ أمر‬ ‫قَيا َ‬ ‫م ال ِ‬ ‫وهذا يربط الكلم بما قلنا‪ :‬في أول الحديث‪ :‬إن ي َوْ َ‬
‫م ع ََلى الّناس فيه له‬ ‫سل ّ َ‬
‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫خاص وتفضيله َ‬
‫ة{ ‪ ،‬بينما لم‬ ‫م ِ‬ ‫قَيا َ‬ ‫م ال ِ‬ ‫ل‪} :‬أنا سيد ولد آدم ي َوْ َ‬ ‫خصوصية‪ ،‬ولهذا َقا َ‬
‫م‪،‬‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫يقل ذلك مطلقا ً ولم يرد هذا اللفظ عنه َ‬
‫ن هو حق في ذاته‪.‬‬ ‫كا َ‬ ‫ول عن أصحابه مطلقًا‪ ،‬وإن َ‬
‫ويقول رادا ً ع ََلى الشيخ الضال‪ :‬كيف ل يكون هناك فرق بين‬
‫النبي الذي أسري به مكرما ً معززا ً مقربًا‪ ،‬وبين الممتحن المؤدب‬
‫ه وَت ََعاَلى ‍‬
‫؟‬ ‫حان َ ُ‬
‫سب ْ َ‬‫الذي التقمه الحوت تأديبا ً وعقوبة من الله ُ‬
‫فهذه من حذلقة الصوفية ومن إشارتهم التي يفسرون بها كتاب‬
‫ه وَت ََعاَلى ع ََلى ما يقتضيه الهوى ل ع ََلى ما يقتضيه‬ ‫حان َ ُ‬
‫سب ْ َ‬
‫الله ُ‬
‫الدليل والنص الشرعي‪.‬‬
‫ل‪ :‬إني‬ ‫م‪} :‬من َقا َ‬ ‫ّ‬
‫سل َ‬ ‫َ‬
‫ه ع َلي ْهِ وَ َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ف ]قوله َ‬ ‫صن ّ ُ‬
‫م ْ‬
‫ل ال ُ‬ ‫تنبيه‪َ :‬قا َ‬
‫ن أفضل‪،‬‬ ‫كا َ‬‫خير من يونس بن متى فقد كذب{ ‪ ،‬فإنه لو قدر أنه َ‬
‫فهذا الكلم يصبح نقصًا‪ ،‬فيكون كاذبًا!!‬
‫وهذا ل يقوله نبي كريم‪ ،‬بل هو تقدير مطلق‪ ،‬وكما مر بنا أنا‬
‫م ع ََلى جميع ال َن ْب َِياء كما ثبت‬ ‫سل ّ َ‬
‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬‫صّلى الل ُ‬ ‫نفضل النبي َ‬
‫م لم يقل أو غيره من النبياء‪:‬‬ ‫سل ّ َ‬‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬ ‫ذلك‪ ،‬لكنه هو َ‬
‫إني أفضل من فلن من النبياء‪ ،‬لنهم متأدبون صلوات الله‬
‫م أن ل‬ ‫سل ّ َ‬
‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬
‫صّلى الل ُ‬ ‫وسلمه عليهم‪ ،‬ومثلما نهانا النبي َ‬
‫يفخر بعضنا ع ََلى بعض‪ ،‬فإن ال َن ْب َِياء صلوات الله وسلمه عليهم ل‬
‫يفخر بعضهم ع ََلى بعض‪ ،‬مع أن التفضيل بين المؤمنين حاصل‪،‬‬
‫والتفضيل بين ال َن ْب َِياء حاصل‪ ،‬وهذا هو المراد بهذه العبارة‪،‬‬
‫==================‬
‫شبهة هاجر أو السيدة العذراء‬
‫الزهر‬
‫هاجر أو السيدة العذراء‬
‫إنه جاء فى سورة مريم‪ :‬أن مريم لما حملت بالمسيح انتبذت به‬
‫مكانا ً قصّيا‪ .‬وعندئذ قد جعل الله لها تحتها )سرّيا( أى نهرا جاريا ً‬
‫لتشرب منه‪ .‬وهذا فى التوراة عن هاجر أم إسماعيل ؛ فإنها لما‬
‫عطشت هيأ الله لها عين ماء‪ .‬وقد وضعه القرآن على مريم‪.‬‬
‫الرد على الشبهة‪:‬‬
‫إنه فسر السرى بالنهر الجارى‪ .‬وليس كذلك‪ .‬فإن الملك ناداها‬
‫بعدم الحزن ؛ لن الله قد جعل تحت كفالتها ورعايتها غلما ً‬
‫سيكون سّيدا‪ .‬فالسرى هو السيد وليس هو جدول الماء‪ .‬وقد‬
‫دا‪ .‬أى معلما ً للشريعة‪.‬‬ ‫تحقق هذا الوعد ؛ فإن المسيح صار سي ّ ً‬
‫وقال للحواريين عن هذا المعنى‪ " :‬أنتم تدعوننى معلما ً وسيدًا‪.‬‬
‫سنا ً تقولون ؛ لنى أنا كذلك " ]يو ‪13 :13‬‬ ‫ح َ‬
‫و َ‬
‫===================‬
‫شبهة سليمان أو أبشالوم‬
‫الزهر‬
‫سليمان أو أبشالوم‬
‫إن داود وسليمان ـ كما فى القرآن ـ حكما فى الحرث ‪ ،‬وإن‬
‫سليمان راجع داود فى الحكم‪.‬‬
‫ثم ذكر كلم المفسرين فى هذه القضية‪ .‬وعقب عليه بقوله‪:‬‬
‫القضية تليق بأبشالوم بن داود ؛ لنه كان دائما ً يعارض أقوال أبيه‬
‫ول تليق بسليمان‪.‬‬
‫الرد على الشبهة‪:‬‬
‫ً‬
‫إن فى التوراة أن سليمان كان حكيما‪ .‬أحكم من جميع ملوك‬
‫الرض الذين سمعوا بحكمته‪ .‬واللئق بحكمته هو الحكم فى‬
‫الحرث‪ .‬ففى الصحاح الرابع من سفر الملوك الول‪ " :‬وفاقت‬
‫حكمة سليمان حكمة جميع بنى المشرق ‪ ،‬وكل حكمة مصر ‪،‬‬
‫وكان أحكم من جميع الناس من إيثان الرزاحى ‪ ،‬وهيمان‬
‫وكلكول ودردع بنى ماحول ‪ ،‬وكان صيته فى جميع المم حواليه‬
‫وتكلم بثلثة آلف مثل ‪ ،‬وكانت نشائده ألفا وخمسا‪ .‬وتكلم عن‬
‫الشجار من الرز الذى فى لبنان ‪ ،‬إلى الزوفا الثابت فى‬
‫الحائط ‪ ،‬وتكلم عن البهائم وعن الطير وعن الدبيب وعن‬
‫السمك‪ .‬وكانوا يأتون من جميع الشعوب ليسمعوا حكمة سليمان‬
‫من جميع ملوك الرض الذين سمعوا بحكمته " ]امل ‪30 :4‬ـ‬
‫‪.[34‬‬
‫================‬
‫نوح دعا على قومة بالضلل‬
‫نوحا ً ـ عليه السلم ـ قال لله تعالى‪) :‬ول تزد الظالمين إل ضلل ً (‬
‫)‪ (1‬؛ فكيف يدعو نوح ربه أن يزيد الناس ضلل ً ؟‬
‫الرد على الشبهة‪:‬‬
‫إن نوحا ً لم يدع ربه أن يزيد الناس ضلل ً ‪ ،‬وإنما دعا على‬
‫الظالمين من الناس‪ .‬ومثل ذلك‪ :‬ما فى التوراة عن النبياء فإنهم‬
‫دعوا على الظالمين ‪ ،‬ولم يدعوا على كل الناس‪ .‬ففى المزمور‬
‫الثامن عشر‪ " :‬من الرجل الظالم تنقذنى " ـ " مثل طين‬
‫السواق ؛ اطرحهم " ‪ ،‬وفى النجيل يقول المسيح لله عن الذين‬
‫آمنوا به‪ " :‬احفظهم فى اسمك الذين أعطيتنى " ]يو ‪[11 :17‬‬
‫ولم يدع للكل‪.‬‬
‫)‪ (1‬نوح‪.24 :‬‬
‫أ‪.‬د‪ .‬محمود حمدى زقزوق ‪ -‬وزير الوقاف‬
‫جزاه الله خيرا‬
‫================‬
‫شبهة هل طلبوا رؤية الله ؟‬
‫الزهر‬
‫هل طلبوا رؤية الله ؟‬
‫إن فى القرآن أن بنى إسرائيل طلبوا رؤية الله‪ .‬وفى التوراة‬
‫أنهم قالوا لموسى‪ " :‬تكلم أنت معنا ‪ ،‬ول يتكلم معنا الله ؛ لئل‬
‫يموت " ]خر ‪ [ 19 :20‬فعكس القرآن الموضوع‪.‬‬
‫الرد على الشبهة‪:‬‬
‫إن المؤلف جاهل بما فى كتابه‪ .‬وإن فيه‪:‬‬
‫أ ـ أن اليهود رأوا الله‪.‬‬
‫ب ـ وأن موسى طلب رؤية الله‪.‬‬
‫جـ ـ وأنهم طلبوا أن ل يروا الله‪.‬‬
‫كر‬ ‫)أ( فموسى لما أخذ العهد على اليهود أن يعملوا بالتوراة ‪ ،‬ب ّ‬
‫فى الصباح وبنى مذبحا ً فى أسفل الجبل‪ .‬وأخذ العهد‪ .‬ثم قال‬
‫الكاتب‪ " :‬ثم صعد موسى وهارون وناداب وأبيهو وسبعون من‬
‫شيوخ إسرئيل ورأوا إله إسرائيل ‪ ،‬وتحت رجليه شبه صنعة من‬
‫العقيق الزرق الشفاف وكذات السماء فى النقاوة ‪ ،‬ولكنه لم‬
‫يمد يده إلى أشراف بنى إسرائيل فرأوا الله وأكلوا وشربوا "‬
‫]خروج ‪9 :24‬ـ ‪.[11‬‬
‫)ب( وطلب موسى رؤية الله " فقال‪ :‬أرنى مجدك " ورد عليه‬
‫بقوله‪ " :‬ل تقدر أن ترى وجهى‪.‬لن النسان ل يرانى ويعيش "‬
‫]خر ‪.[18 :33‬‬
‫)ج( ولما تجلى الله للجبل ؛ حدث من هيبته حال التجلى نار‬
‫ودخان وارتجف‬
‫كل الجبل جدًا‪ .‬فارتعب بنو إسرائيل من هذا المنظر ‪ ،‬وقالوا‬
‫لموسى‪ :‬إذا أراد الله أن يكلمنا مرة أخرى ؛ فليكن عن طريقك‬
‫يا موسى ونحن لك نسمع ونطيع‪ .‬فرد الله بقوله‪ :‬أحسنوا فيما‬
‫قالوا‪ .‬وسوف أكلمهم فى مستقبل الزمان عن طريق نبى مماثل‬
‫لك يا موسى من بين إخوتهم وأجعل كلمى فى فمه ؛ فيكلمهم‬
‫بكل ما أوصيه به ]تث ‪15 :18‬ـ ‪.[22‬‬
‫==================‬
‫ذبت ثلث‬ ‫المفهوم الصحيح لقول أبو النبياء ‪ :‬إني ك َ َ‬
‫م‬
‫قي ٌ‬
‫س ِ‬‫كذبات وإ ِّني َ‬
‫روى البخاري ومسلم حديث الشفاعة وطلب الناس من إبراهيم ـ‬
‫ذبت ثلث‬ ‫عليه السلم ـ أن يشفع لهم فامتنع وقال "إني ك َ َ‬
‫ل فَعَل َ ُ‬
‫ه‬ ‫كذبات" وهي قوله عندما سألوه عمن كسر الصنام )ب َ ْ‬
‫م( وقوله‬ ‫قي ٌ‬‫س ِ‬‫ذا( وقوله عندما نظر في النجوم )إ ِّني َ‬ ‫ك َِبيُرهُ ْ‬
‫م هَ َ‬
‫عن زوجته سارة إنها أخته‪.‬‬
‫الولى بأن إبراهيم لم يكذب‪ ،‬بل أثبت أنه صادق ولكن بطريقة‬
‫صد ُْقه قضية تحمل معها دليلها‪ ،‬فلو كنت‬ ‫مباشرة‪ ،‬أو كان ِ‬ ‫غير ُ‬
‫طا ماهًرا ول يجيد الكتابة أحد غيرك‪ ،‬ثم سألك‬ ‫أنت مثل ً خطا ً‬
‫شخص ُأمي غير مجيد للكتابة وقال لك‪ :‬أأنت كتبت هذا؟ فقلت‬
‫له باستهزاء‪ :‬بل أنت الذي كتبته‪ ،‬فالغرض هو إثبات الكتابة لك‬
‫مع استهزائك بالسائل الذي ما كان ينبغي أن يوجه هذا السؤال‬
‫الظاهر البطلن‪ .‬ولذلك لما أجابهم إبراهيم ـ عليه السلم ـ بأن‬
‫سَر الصنام هو كبيرهم رجعوا إلى أنفسهم يتهمونها‬ ‫الذي ك َ‬
‫بالغباء‪ .‬لعتقادهم ألوهية من ل يتكلم ول يسمع ول يبصر‪ ،‬ول يرد‬
‫دا‪ ،‬ولكن العناد جعلهم يتمادون في مجادلته وتكذيبه‪.‬‬ ‫عن نفسه كي ً‬
‫ولجئوا أخيًرا إلى التهديد باستعمال القوة والعُْنف‪ ،‬وَهُوَ سلح كل‬
‫عاجز عن الستمرار في المحاجة المنطقية‪.‬‬
‫ما‪ ،‬وسقمه‬ ‫سقي ً‬ ‫ن بالفعل َ‬ ‫كا َ‬ ‫م( بأنه َ‬ ‫قي ٌ‬
‫س ِ‬‫والثانية وهي قوله‪) :‬إ ِّني َ‬
‫نفسي‪ ،‬وذلك من تماديهم في الباطل على الرغم من قوة‬
‫حقّ سيدنا محمد ـ صلى الله عليه‬ ‫حجة‪ ،‬كما قال الله تعالى في َ‬ ‫ال ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫وسلم ـ )فَلعَل َ‬
‫مُنوا ب ِهَ َ‬
‫ذا‬ ‫م ي ُؤ ْ ِ‬
‫نل ْ‬ ‫م إِ ْ‬‫ك ع َلى آَثارِه ِ ْ‬ ‫ف َ‬
‫ك باخعٌ ن َ ْ‬
‫َ‬
‫فا( )سورة الكهف‪ (6 :‬فقد أوهمهم إبراهيم أنه سقيم‬ ‫س َ‬ ‫ثأ َ‬ ‫دي ِ‬
‫ح ِ‬‫ال ْ َ‬
‫الجسم على ما كانوا يعتقدون من تأثير الكواكب في الجسام‪،‬‬
‫وهو في الوقت نفسه سقيم النفس‪ .‬وهذا السلوب من‬
‫المعاريض التي فيها مندوحة عن الكذب‪.‬‬
‫وعن الثالثة وهي وصف زوجته بأنها أخته ـ بأنه صادق في هذا‬
‫الوصف؛ لنها أخته في الدين كما جاء في صحيح الروايات ‪ ،‬وذلك‬
‫ليخلصها من ظ ُْلم الجبار روى مسلم "ج ‪ 15‬ص ‪ 123‬بشرح‬
‫النووي" أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال‪" :‬لم يكذب‬
‫إبراهيم النبي ـ عليه السلم ـ قط إل ثلث كذبات‪ ،‬ثنتين في ذات‬
‫الله‪ :‬قوله إني سقيم وقوله بل فعله كبيرهم‪ ، ،‬وواحدة في شأن‬
‫دم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس‪،‬‬ ‫سارة‪ ،‬فإنه ق ِ‬
‫فقال لها‪ :‬إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك‪ ،‬فإن‬
‫سألك فأخبريه أنك أختي‪ ،‬فإنك أختي في السلم‪ .‬فإني ل أعلم‬
‫ما غيري وغيرك‪ ،‬فلما دخل أرضه رآها بعض أهل‬ ‫في الرض مسل ً‬
‫الجبار أتاه فقال له‪ :‬لقد قدم أرضك امرأة ل ينبغي لها أن تكون‬
‫إل لك‪ .‬فأرسل إليها فأتى بها‪ ،‬فقام إبراهيم ـ عليه السلم ـ إلى‬
‫الصلة‪ ،‬فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها‪ ،‬فقبضت‬
‫يده قبضة شديدة فقال لها‪ :‬ادعى الله أن يطلق يدي ول أضرك‬
‫ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضة الولى‪ ،‬فقال لها مثل ذلك‬
‫ففعلت فعاد فقبضت أشد من القبضتين الوليين‪ ،‬فقال ادعى‬
‫الله أن يطلق يدي فلك الله أل أضرك ففعلت وأطلقت يده ودعا‬
‫الذي جاء بها فقال له‪ :‬إنما أتيتني بشيطان ولم تأتني بإنسان ‪،‬‬
‫فأخرجها من أرضي وأعطها "هاجر" قال‪ :‬فأقبلت تمشي فلما‬
‫رآها إبراهيم ـ عليه السلم ـ انصرف‪ ،‬فقال لها "مهيم"؟ قالت‪:‬‬
‫ما" قال أبو هريرة فتلك‬ ‫خيًرا ‪ ،‬كف الله يد الفاجر وأخدم خاد ً‬
‫ُأمكم يا بني ماء السماء‪.‬‬
‫اسم هذه الجبار مذكور في ص ‪ 81‬من المجلد الثاني من هذه‬
‫الموسوعة‪ .‬ومعنى " مهيم" ما شأنك وما خبرك؟ ومعنى "أخدم‬
‫ما" أعطاني جارية تخدمني وهي هاجر ‪ ،‬والخادم يقع على‬ ‫خاد ً‬
‫الذكر والنثى‪ ،‬والمراد "بماء السماء" العرب كلهم لخلوص نسبه‬
‫ش وعيشهم من‬ ‫وصفائه‪ ،‬وقيل‪ :‬لن أكثرهم أصحاب موا ٍ‬
‫ما ينبت بماء السماء‪ ،‬وقيل‪ :‬المراد بهم‬ ‫صب وَ َ‬‫خ ْ‬
‫المراعي وال ِ‬
‫سَبة إلى جدهم "الدد" وكان يعرف بماء السماء‪.‬‬ ‫النصار ن ِ ْ‬
‫جاء في شرح النووي لهذا الحديث أن المازري قال‪ :‬إن الكذب‬
‫الذي ُيعصم منه النبياء هو الكذب فيما طريقه البلغ عن الله‬
‫متهم منه‬ ‫ص َ‬
‫ع ْ‬
‫تعالى‪ ،‬أما في غير ذلك ففي إمكان وقوعه منهم و ِ‬
‫القولن المشهوران للسلف والخلف‪ ،‬وذكر أن ما قاله إبراهيم‬
‫عن سارة تورية وهي جائزة‪ ،‬وليست كذًبا‪ ،‬ولو كان كذًبا لكان‬
‫جائًزا في دفع الظالمين‪ ،‬فقد اتفق الفقهاء على أنه لو جاء ظالم‬
‫يطلب إنساًنا مختفًيا ليقتله أو يطلب وديعة لنسان ليأخذها غصًبا‬
‫وسأل عن ذلك وجب على من علم ذلك إخفاؤه وإنكار العلم به‪،‬‬
‫وهذا كذب جائز بل واجب لكونه في دفع الظلم‪ ،‬ثم نقل عن‬
‫المازري قوله‪ :‬ل مانع من إطلق الكذب على ما حدث من حديث‬
‫إبراهيم كما أطلقه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومع ذلك‬
‫فالتأويل صحيح ل مانع منه‪.‬‬
‫م( على أنه سيسقم؛ لن النسان‬ ‫قي ٌ‬
‫س ِ‬‫ثم حمل قوله‪) :‬إ ِّني َ‬
‫عرضة للسقم‪ ،‬وأراد به العتذار عن الخروج معهم إلى عيدهم‬ ‫ُ‬
‫ي من الموت‪،‬‬ ‫وشهود باطلهم وكفرهم‪ ،‬وقيل‪ :‬سقيم بما قُد َّر عل ّ‬
‫مى في ذلك الوقت‪.‬‬ ‫ح ّ‬‫وقيل‪ :‬كانت تأخذه ال ُ‬
‫=================‬
‫النبياء معصومون ولو أنكر الجاهلون ‪.‬‬
‫كتب م الدخاخني‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين‬
‫وبعد‬
‫ردا على العضو ‪ /‬عرفه الشواف في منتدى الجامع كتبت هذا‬
‫المقال ‪:‬‬
‫النبياء معصومون ولو أنكر الجاهلون ‪.‬‬
‫ردا علي سؤال للعضو عرفه الشواف ‪:‬‬
‫اقتباس‪:‬‬
‫المشاركة الصليه للعضو ‪/‬عرفه الشواف )منتدي الجامع (‬
‫أما عن موضوع الية القرآنية التي تطلب الستغفار لذنوب‬
‫رسول السلم وذنوب المؤمنين والمؤمنات ) محمد ‪, ( 19 :‬‬
‫فهذا واضح من ظاهر النص وأكد كلمي ترجمة هذه الية إلي‬
‫اللغة النجليزية ‪ ,‬إذن فانا أقدم شرح النص كما هو واضح ول‬
‫أؤول الكلم إلي شيء آخر كما قام بذلك شيوخ السلم ‪ ,‬وهذا‬
‫هو ما يقوله العقل تشرح مجموعة اليات لستخلص العقيدة ول‬
‫تؤول العقيدة ) ‪ ( ########‬علي تفسير اليات ‪.‬‬
‫مثال آخر يثبت كلمي في هذا الموضوع ‪:‬‬
‫وأنا أتصفح برنامج المصحف الرقمي الذي احمله علي الكومبيوتر‬
‫الخاص بي ‪ ,‬استخدمت خاصية البحث به عن كلمة " يفغر " ‪,‬‬
‫فكانت نتيجة البحث ‪ 35‬كلمة ‪ ,‬لكن الذي لفت انتباهي هو كلمة‬
‫يغفر في آية الفتح رقم )‪ , ( 2‬يقول القران ‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه ع َلي ْ َ‬
‫ك‬ ‫مت َ ُ‬
‫م ن ِعْ َ‬
‫خَر وَي ُت ِ ّ‬
‫ما ت َأ ّ‬ ‫ذنب ِ َ‬
‫ك وَ َ‬ ‫من َ‬
‫م ِ‬
‫قد ّ َ‬ ‫ما ت َ َ‬
‫ه َ‬ ‫ك الل ّ ُ‬
‫فَر ل َ َ‬
‫}ل ِي َغْ ِ‬
‫قيما ً { ) الفتح ‪(2‬‬ ‫ست َ ِ‬‫م ْ‬ ‫صَراطا ً ّ‬ ‫ك ِ‬ ‫وَي َهْد ِي َ َ‬
‫لكن الذي اندهشت له هو ما قرأته في تفسير الجللين المحمل‬
‫مع البرنامج ذاته في تفسير هذه الية ‪ ,‬فكتب يقول ‪:‬‬
‫)ليغفر لك الله( بجهادك )ما تقدم من ذنبك وما تأخر( منه لترغب‬
‫أمتك في الجهاد وهو مؤول لعصمة النبياء عليهم الصلة والسلم‬
‫بالدليل العقلي القاطع من الذنوب واللم للعلة الغائية فمدخولها‬
‫مسبب ل سبب )ويتم( بالفتح المذكور )نعمته( إنعامه )عليك‬
‫ويهديك( به )صراطا( طريقا )مستقيما( يثبتك عليه وهو دين‬
‫السلم‪.‬‬
‫ما معني هذا الكلم ؟ وكيف يقبل العقل هذا الكلم ؟‬
‫هنا أضع لك الدليل العقلي الذي لم يذكره تفسير الجللين ‪.‬‬
‫أسمح لي أول ياعزيزي أن نتفق علي ماهو معلوم للعامة من‬
‫الناس ‪:‬‬
‫إن فاقد الشيء ل يعطيه ‪ -‬فكيف يعطي الجاهل العلم إلى‬
‫غيره ؟ أم كيف يعطي الضال الهداية لغيره ؟ وهكذا عبر ما‬
‫شئت بهذا المضمون ‪.‬‬
‫فالشخص الذي يتقدم لتعليم الناس ! يجب أن يكون لديه علم ‪.‬‬
‫وهكذا ‪ ، ....‬الشخص الذي يتصدى لهداية الناس ‪ ،‬الشخص الذي‬
‫يأمر الناس بالخير ‪ .‬الشخص الذي ينهى الناس عن الشر‪.‬‬
‫الشخص الذي ل يرضى للناس الموبقات والذنوب والمفاسد‬
‫والثام ‪.‬‬
‫يجب أن يكون هو قبل كل واحد وقبل أن يكون معلما ً هاديا ً آمرا ً‬
‫وناهيا ً متصفا ً بالعلم والهداية وملتزما ً بكل صفات المر والناهي ‪.‬‬
‫وأن تكون نفسه متصفة بكل صفات الخير والسعادة بعيدة عن‬
‫صفات الضلل والشر‪.‬‬
‫وكما قلت سابقا نقل عن أحد اخوتي في الله ‪ :‬إذا أردت أن تعلم‬
‫إبنتك تعاليم دينيه فهل تذهب بها إلي إنسان فاسق أو فاجر أو‬
‫زاني أو ‪..............‬‬
‫بالطبع الجابة بالنفي يا عزيزي ‪ .‬لن فاقد الشئ ل يعطيه بل‬
‫علي العكس تماما ربما هذا المعلم يغويها وتصبح هي مثله‬
‫تماما ‪.‬‬
‫إن العرف والعقل والشرع بل وكل النظمة الوضعية ل تجيز‬
‫للمذنب أو العاصي أو المجرم أو الظالم أن يكون هاديا ً أو مصلحا ً‬
‫ومرشدا ً وحاكما ً ‪ ،‬ومن المستحيل عقل ً أن يأمر الله تعالى باتباعه‬
‫وإطاعة أشخاص تلبسوا بالمساوي والفساد‪.‬‬
‫إن العاصي فضل ً عن عدم وجوب طاعته يجب ردعه وإرشاده‬
‫ونصحه ل أن يكون هو الناصح المرشد ‪.‬‬
‫إن العاصي المتلبس بالمساوئ والثام يجب نهيه عن أفعاله التي‬
‫يتصف بها ل أن يكون قدوة ومتبعا ً ‪.‬‬
‫إن العاصي والمجرم والظالم وكل ذوي صفة قبيحة مذمومة‬
‫يجب أن يكون منبوذا ً مهجورا ً محتقرا ً ل يصحبه الناس ول‬
‫يخالطونه لئل تسري منه إلى غيره عدوى المساوئ والشرور‬
‫والمفاسد ‪ -‬فالطبع مكتسب من كل مصحوب ‪ -‬ل أن يكون ذلك‬
‫العاصي والمجرم مطاعا ً متبعا ً ‪ ،‬فذلك من أقبح القبائح وأضر‬
‫المساوئ ‪ ،‬حيث تموت الفضيلة وتحيى الرذيلة ويسود الظلم‬
‫وتضيع المقاييس ‪ ،‬وتختل النظمة إذا ساد الفسقة المذنبون‬
‫وتحكم المفسدون الظالمون ‪:‬‬
‫وذلك الحال ولله المثل العلى فالله سبحانه وتعالي حينما يختار‬
‫شخص للهداية والصلح ل يصح إل أن يكون هذا الشخص صالح‬
‫لن يكون معلما ومرشدا للخير ومنهي عن المعاصي ويلتزم‬
‫بأوامر الله وبعيدا عن وساوس الشيطان و‪..............‬‬
‫لذلك يجب أن يكون الرسول المرسل من الله تعالي معصوم من‬
‫الذنوب ‪.‬‬
‫وأنقل لك هنا كلمات د ‪ /‬محمود حمدي زقزقوق عن عصمة‬
‫الرسول الكريم فيقول ‪:‬‬
‫إن عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وكذلك عصمة كل‬
‫الرسل ‪ -‬عليهم السلم ‪ -‬يجب أن تفهم فى نطاق مكانة‬
‫حى إليه‪ ..‬أى أنه ‪-‬‬ ‫الرسول‪ ..‬ومهمة الرسالة‪ ..‬فالرسول‪ :‬بشر ُيو َ‬
‫مع بشريته ‪ -‬له خصوصية التصال بالسماء ‪ ،‬بواسطة الوحى‪..‬‬
‫ولذلك فإن هذه المهمة تقتضى صفات يصنعها الله على عينه‬
‫فيمن يصطفيه ‪ ،‬كى تكون هناك مناسبة بين هذه الصفات وبين‬
‫هذه المكانة والمهام الخاصة الموكولة إلى صاحبها‪.‬‬
‫والرسول مكلف بتبليغ الرسالة ‪ ،‬والدعوة إليها ‪ ،‬والجهاد فى‬
‫سبيل إقامتها وتطبيقها‪ ..‬وله على الناس طاعة هى جزء من‬
‫طاعة الله ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪) -‬أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ( )‬
‫‪) (1‬قل أطيعوا الله والرسول ( )‪) (2‬من يطع الرسول فقد أطاع‬
‫الله ( )‪) (3‬قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ( )‪(4‬‬
‫ولذلك كانت عصمة الرسل فيما يبلغونه عن الله ضرورة من‬
‫ضرورات صدقهم والثقة فى هذا البلغ اللهى الذى اختيروا‬
‫ليقوموا به بين الناس‪ ..‬وبداهة العقل ‪ -‬فضل ً عن النقل ‪ -‬تحكم‬
‫سل الرسالة إذا لم يتخير الرسول الذى يضفى الصدق‬ ‫مْر ِ‬
‫بأن ُ‬
‫على رسالته ‪ ،‬كان عابًثا‪ ..‬وهو ما يستحيل على الله ‪ ،‬الذى‬
‫يصطفى من الناس رسل ً تؤهلهم العصمة لضفاء الثقة والصدق‬
‫حجة على الناس بصدق هذا الذى يبلغون‪.‬‬ ‫على البلغ اللهى‪ ..‬وال ُ‬
‫وفى التعبير عن إجماع المة على ضرورة العصمة للرسول فيما‬
‫يبلغ عن الله ‪ ،‬يقول المام محمد عبده عن عصمة الرسل ‪ -‬كل‬
‫الرسل ‪ .." :-‬ومن لوازم ذلك بالضرورة‪ :‬وجوب العتقاد بعلو‬
‫فطرتهم ‪ ،‬وصحة عقولهم ‪ ،‬وصدقهم فى أقوالهم ‪ ،‬وأمانتهم فى‬
‫تبليغ ما عهد إليهم أن يبلغوه ‪ ،‬وعصمتهم من كل ما يشوه‬
‫السيرة البشرية ‪ ،‬وسلمة أبدانهم مما تنبو عنه البصار وتنفر منه‬
‫الذواق السليمة ‪ ،‬وأنهم منزهون عما يضاد شيًئا من هذه‬
‫الصفات ‪ ،‬وأن أرواحهم ممدودة من الجلل اللهى بما ل يمكن‬
‫معه لنفس إنسانية أن تسطو عليها سطوة روحانية‪ ..‬إن من‬
‫حكمة الصانع الحكيم ‪ -‬الذى أقام النسان على قاعدة الرشاد‬
‫والتعليم ‪ -‬أن يجعل من مراتب النفس البشرية مرتبة ُيعد ّ لها ‪،‬‬
‫ن يصطفيه من خلقه ‪ ،‬وهو أعلم حيث‬ ‫م ْ‬‫بمحض فضله ‪ ،‬بعض َ‬
‫يجعل رسالته ‪ ،‬يميزهم بالفطرة السليمة ‪ ،‬ويبلغ بأرواحهم من‬
‫الكمال ما يليقون معه للستشراق بأنوار علمه ‪ ،‬والمانة على‬
‫مكنون سره ‪ ،‬مما لو انكشف لغيرهم انكشافه لهم لفاضت له‬
‫نفسه ‪ ،‬أو ذهبت بعقله جللته وعظمته ‪ ،‬فيشرفون على الغيب‬
‫بإذنه ‪ ،‬ويعلمون ما سيكون من شأن الناس فيه ‪ ،‬ويكونون فى‬
‫مراتبهم العلوية على نسبة من العالمين ‪ ،‬نهاية الشاهد وبداية‬
‫الغائب ‪ ،‬فهم فى الدنيا كأنهم ليسو من أهلها ‪ ،‬هم وفد الخرة‬
‫فى لباس من ليس من سكانها‪ ..‬أما فيما عدا ذلك ‪ ] -‬أى‬
‫التصال بالسماء والتبليغ عنها [ ‪ -‬فهم بشر يعتريهم ما يعترى‬
‫سائر أفراده ‪ ،‬يأكلون ويشربون وينامون ويسهون وينسون فيما‬
‫ل علقة له بتبليغ الحكام ‪ ،‬ويمرضون وتمتد إليهم أيدى الظلمة ‪،‬‬
‫وينالهم الضطهاد ‪ ،‬وقد يقتلون " )‪.(5‬‬
‫فالعصمة ‪ -‬كالمعجزة ‪ -‬ضرورة من ضرورات صدق الرسالة ‪،‬‬
‫ومن مقتضيات حكمة من أرسل الرسل ‪ -‬عليهم السلم ‪..-‬‬
‫وإذا كان الرسول ‪ -‬كبشر ‪ -‬يجوز على جسده ما يجوز على‬
‫أجساد البشر‪ ..‬وإذا كان الرسول كمجتهد قد كان يمارس الجتهاد‬
‫والشورى وإعمال العقل والفكر والختيار بين البدائل فى مناطق‬
‫وميادين الجتهاد التى لم ينزل فيها وحى إلهى‪ ..‬فإنه معصوم فى‬
‫مناطق وميادين التبليغ عن الله ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪ -‬لنه لو جاز‬
‫عليه الخطأ أو السهو أو مجانبة الحق والصواب أو اختيار غير‬
‫الولى فى مناطق وميادين التبليغ عن الله لتطرق الشك إلى‬
‫صلب الرسالة والوحى والبلغ ‪ ،‬بل وإلى حكمة من اصطفاه‬
‫حجة على الناس‪ ..‬كذلك كانت العصمة صفة‬ ‫وأرسله ليكون ُ‬
‫طا ضرورًيا من شروط رسالة جميع الرسل ‪ -‬عليهم‬ ‫أصيلة وشر ً‬
‫السلم ‪ ..-‬فالرسول فى هذا النطاق ‪ -‬نطاق التبليغ عن الله ‪-‬‬
‫)وما ينطق عن الهوى * إن هو إل وحى يوحى ( )‪ .(6‬وبلغة ما‬
‫هو بقول بشر ‪ ،‬ولذلك كانت طاعته فيه طاعة لله ‪ ،‬وبغير‬
‫العصمة ل يتأتى له هذا المقام‪.‬‬
‫أما اجتهادات الرسول صلى الله عليه وسلم فيما ل وحى فيه ‪،‬‬
‫والتى هى ثمرة لعماله لعقله وقدراته وملكاته البشرية ‪ ،‬فلقد‬
‫كانت تصادف الصواب والولى ‪ ،‬كما كان يجوز عليها غير ذلك‪..‬‬
‫ومن هنا رأينا كيف كان الصحابة ‪ ،‬رضوان الله عليهم فى كثير‬
‫من المواطن وبإزاء كثير من مواقف وقرارات وآراء واجتهادات‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم يسألونه ‪ -‬قبل الدلء بمساهماتهم‬
‫سنة والسيرة‪:‬‬‫فى الرأى ‪ -‬هذا السؤال الذى شاع فى ال ّ‬
‫" يا رسول الله ‪ ،‬أهو الوحى ؟ أم الرأى والمشورة ؟‪ " ..‬فإن‬
‫قال‪ :‬إنه الوحى‪ .‬كان منهم السمع والطاعة له ‪ ،‬لن طاعته هنا‬
‫هى طاعة لله‪ ..‬وهم يسلمون الوجه لله حتى ولو خفيت الحكمة‬
‫من هذا المر عن عقولهم ‪ ،‬لن علم الله ‪ -‬مصدر الوحى ‪-‬‬
‫مطلق وكلى ومحيط ‪ ،‬بينما علمهم نسبى ‪ ،‬قد تخفى عليه‬
‫الحكمة التى ل يعلمها إل الله‪ ..‬أما إن قال لهم الرسول ‪ -‬جواًبا‬
‫عن سؤالهم ‪ :-‬إنه الرأى والمشورة‪ ..‬فإنهم يجتهدون ‪،‬‬
‫ويشيرون ‪ ،‬ويصوبون‪ ..‬لنه صلى الله عليه وسلم هنا ليس‬
‫ما ‪ ،‬وإنما هو واحد من المقدمين فى الشورى والجتهاد‪..‬‬ ‫معصو ً‬
‫ووقائع نزوله عن اجتهاده إلى اجتهادات الصحابة كثيرة ومتناثرة‬
‫فى كتب السنة ومصادر السيرة النبوية ‪ -‬فى مكان القتال يوم‬
‫غزوة بدر‪ ..‬وفى الموقف من أسراها‪ ..‬وفى مكان القتال يوم‬
‫موقعة ُأحد‪ ..‬وفى مصالحة بعض الحزاب يوم الخندق‪ ..‬إلخ‪..‬‬
‫إلخ‪.‬‬
‫ولن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أراد الله له أن يكون‬
‫القدوة والسوة للمة )لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة‬
‫لمن كان يرجو الله واليوم الخر وذكر الله كثيًرا ( )‪.(7‬‬
‫وحتى ل يقتدى الناس باجتهاد نبوى لم يصادف الولى ‪ ،‬كان نزول‬
‫الوحى لتصويب اجتهاداته التى لم تصادف الولى ‪ ،‬بل وعتابه ‪-‬‬
‫أحياًنا ‪ -‬على بعض هذه الجتهادات والختيارات من مثل‪) :‬عبس‬
‫وتولى * أن جاءه العمى * وما يدريك لعله يزكى * أو يذكر‬
‫فتنفعه الذكرى * أما من استغنى * فأنت له تصدى * وما عليك‬
‫أل يزكى * وأما من جاءك يسعى * وهو يخشى * فأنت عنه تلهى‬
‫( )‪ .(8‬ومن مثل‪) :‬يا أيها النبى لم تحرم ما أحل الله لك تبتغى‬
‫مرضاة أزواجك والله غفور رحيم * قد فرض الله لكم تحلة‬
‫أيمانكم والله مولكم وهو العليم الحكيم * وإذ أسر النبى إلى‬
‫بعض أزواجه حديًثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عّرف بعضه‬
‫وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأنى‬
‫العليم الخبير ( )‪ .(9‬ومن مثل‪) :‬ما كان لنبى أن يكون له أسرى‬
‫حتى يثخن فى الرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الخرة‬
‫والله عزيز حكيم * لول كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم‬
‫عذاب عظيم ( )‪.(10‬‬
‫وغيرها من مواطن التصويب اللهى للجتهادات النبوية فيما لم‬
‫يسبق فيه وحى ‪ ،‬وذلك حتى ل يتأسى الناس بهذه الجتهادات‬
‫المخالفة للولى‪.‬‬
‫فالعصمة للرسول صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فيما يبلغ عن الله‬
‫شرط لزم لتحقيق الصدق والثقة فى البلغ اللهى ‪ ،‬وبدونها ل‬
‫يكون هناك فارق بين الرسول وغيره من الحكماء والمصلحين ‪،‬‬
‫ومن ثم ل يكون هناك فارق بين الوحى المعصوم والمعجز وبين‬
‫الفلسفات والبداعات البشرية التى يجوز عليها الخطأ‬
‫والصواب‪ ..‬فبدون العصمة تصبح الرسالة والوحى والبلغ قول‬
‫بشر ‪ ،‬بينما هى ‪ -‬بالعصمة ‪ -‬قول الله ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪ -‬الذى‬
‫مب َّلغ هى‬
‫بلغه وبينه المعصوم ‪ -‬عليه الصلة والسلم ‪ ..-‬فعصمة ال ُ‬
‫ضا ‪ -‬الشرط لنفى العبث‬ ‫الشرط لعصمة البلغ‪ ..‬بل إنها ‪ -‬أي ً‬
‫وثبوت الحكمة لمن اصطفى الرسول وبعثه وأوحى إليه بهذا‬
‫البلغ‪.‬‬
‫إنتهي كلم د ‪ /‬محمود حمدي زقزقوق‬
‫وأعتقد يا عزيزي تعلم الن أن الرسول الكريم لم ) يكن يقترف‬
‫الذنوب مثله مثل باقي البشر ( كما قلت أنت في تفسريرك‬
‫الخاطئ ‪.‬‬
‫فالعتقاد الصحيح في عصمة النبياء أنهم معصومون من الكبائر‬
‫ومن الذنوب التي تحقر الشخصية ‪ ،‬مثل السرقة والخيانة‬
‫والكذب ‪ ،‬ومن الخطأ في تبليغ الوحي ‪ .‬وبالنسبة للنبياء‬
‫يحاسبون على الخطاء الصغيرة جدا التي هي بالنسبة إلينا لعلها‬
‫تكون ليست أخطاء ‪ ،‬كما قيل سيئات المقربين حسنات البرار ‪،‬‬
‫بمعنى أن الله تعالى يؤاخذهم على أخطاء لعلها تكون بالنسبة‬
‫إلينا حسنات وليست أخطاء ‪ ،‬وذلك بسبب قربهم من الله‬
‫تعالى ‪ ،‬فتعظم المحاسبة عليهم‬
‫قال المام القرطبي ‪ :‬قال بعض المتأخرين من علمائنا والذي‬
‫ينبغي أن يقال ‪ :‬إن الله تعالى قد أخبر بوقوع ذنوب من بعضهم ‪,‬‬
‫ونسبها إليهم ‪ ,‬وعاتبهم عليها ‪ ,‬وأخبروا بذلك عن نفوسهم‬
‫وتنصلوا منها ‪ ,‬واستغفروا منها وتابوا ‪ ,‬وكل ذلك ورد في مواضع‬
‫كثيرة ل يقبل التأويل جملتها ‪ ,‬وإن قبل ذلك آحادها ‪ ,‬وكل ذلك‬
‫مما ل يزري بمناصبهم ‪ ,‬وإنما تلك المور التي وقعت منهم على‬
‫جهة الندور ‪ ,‬وعلى جهة الخطأ والنسيان ‪ ,‬أو تأويل دعا إلى‬
‫ذلك ‪ ,‬فهي بالنسبة إلى غيرهم حسنات ‪ ,‬وفى حقهم سيئات‬
‫بالنسبة إلى مناصبهم ‪ ,‬وعلو أقدارهم ; إذ قد يؤاخذ الوزير بما‬
‫يثاب عليه السائس ; فأشفقوا من ذلك في موقف القيامة ‪ ,‬مع‬
‫علمهم بالمن والمان والسلمة ‪ .‬قال ‪ :‬وهذا هو الحق ولقد‬
‫أحسن الجنيد حيث قال ‪ :‬حسنات البرار سيئات المقربين ; فهم‬
‫صلوات الله وسلمه عليهم ‪ -‬وإن كانوا قد شهدت النصوص‬
‫بوقوع ذنوب منهم ‪ ,‬فلم يخل ذلك بمناصبهم ‪ ,‬ول قدح في‬
‫رتبتهم ‪ ,‬بل قد تلفاهم ‪ ,‬واجتباهم وهداهم ‪ ,‬ومدحهم وزكاهم‬
‫واختارهم واصطفاهم ; صلوات الله عليهم وسلمه ‪ .‬ا‪ .‬هـ‬
‫ويقول العلماء أن الفرق بين الخطاء التي قد يقع فيها النبياء‬
‫وغيرهم هي ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬أن النبي لبد أن ينبه من الله على الخطأ إن وقع منه لنه‬
‫محل قدوة ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أنه لبد أن يتوب ويكون بعد التوبة أعلى منزلة من قبلها ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬أن خطأه ل يكون في كل شيء وإنما في صغائر المور‬
‫التي ربما لم تعد أخطاء من غيره لو فعلها ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬أن الله تعالى كتب عليهم وقوعهم في الخطأ أحيانا‬
‫لحكمة بالغة ‪ ،‬وهي لئل يحصل الغلو فيهم ‪ ،‬وليتذكر الناس دائما‬
‫أنهم بشر وليسوا ملئكة ‪ ،‬وأيضا ليتبين للناس أنهم إنما يبلغون‬
‫الوحي ‪ ،‬ول يأتون بالشريعة من عند أنفسهم ‪ ،‬ولهذا فهم يبلغونه‬
‫بكل أمانة حتى ما يأتي به الوحي في نقدهم شخصيا ‪ ،‬فإنهم‬
‫يبلغونه كما أنزل ‪ ،‬كما قالت عائشة رضي الله عنه ‪) :‬لو كان‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا من الوحي لكتم هذه الية‬
‫وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه ‪ ..‬الية ( رواه‬
‫الترمذي وغيره ‪ ،‬مما يدل على أنهم أمناء على وحي الله تعالى ‪.‬‬
‫وهذا القول هو القول الحق الوسط ‪ ،‬قول أهل السنة في مسألة‬
‫عصمة النبياء ‪ ،‬وثمة قولن ضالن في المسألة ‪ :‬فاليهود غلوا‬
‫في نسبة الذنوب إليهم حتى جوزوا وقوع الشرك من النبياء‬
‫حاشا أنبياء الله تعالى وسبحان الله عما يقول الظالمون ‪،‬‬
‫والرافضة والمعتزلة قالوا بعصمة النبياء مطلقا من كل خطأ ‪،‬‬
‫وزادت الرافضة عصمة الئمة من ولد فاطمة إلى اثني عشر‬
‫إماما ‪ ،‬عافانا الله تعالى من سبل الضللة ‪ ،‬ومناهج الغواية ‪.‬‬
‫ك فَت ْ ً‬
‫حا‬ ‫حَنا ل َ َ‬ ‫سؤالك الثاني ياعزيزي عن قول الله تعالي ))إ ِّنا فَت َ ْ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫مت َ ُ‬
‫م ن ِعْ َ‬
‫خَر وَي ُت ِ ّ‬ ‫ما ت َأ ّ‬‫ك وَ َ‬ ‫ذنب ِ َ‬
‫من َ‬‫م ِ‬
‫قد ّ َ‬
‫ما ت َ َ‬‫ه َ‬‫ك الل ّ ُ‬
‫فَر ل َ َ‬ ‫مب ِي ًْنا)‪ (1‬ل ِي َغْ ِ‬ ‫ّ‬
‫ما ((‬‫قي ً‬ ‫ست َ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ً‬
‫صَراطا ّ‬ ‫ك ِ‬ ‫ك وَي َهْد ِي َ َ‬ ‫َ‬
‫ع َلي ْ َ‬
‫اقتباس‪:‬‬
‫المشاركة الصلية بواسطة ‪ /‬عرفة الشواف )منتدي الجامع(‬
‫لكن يا عزيزي هناك أمر آخر لفت انتباهي في كل كلمات‬
‫الغفران ‪ ,‬فانتم تقولون أن القران هو كلم الله أي أن الله هو‬
‫الذي تكلم الي رسوله عن طريق جبريل ‪ ,‬ولكني لم أر مرة‬
‫واحدة في كل كلم الغفران ان الله يقول فيها لرسوله " اغفر‬
‫بضمير المتكلم " ولكن دائما " يغفر الله " وكأن الله ليس هو‬
‫المتكلم بل آخر هو الذي يتكلم ‪ ,‬ففي آية الفتح مثل تبدأ الية ‪:‬‬
‫مِبينا ً { الفتح ‪1‬‬ ‫ك فَْتحا ً ّ‬ ‫حَنا ل َ َ‬ ‫} إ ِّنا فَت َ ْ‬
‫فهنا الله كما يقول القران يقول لرسول السلم إ ِّنا فتحنا‬
‫ه " وهنا يا‬ ‫ك الل ّ ُ‬ ‫فَر ل َ َ‬‫لك ‪ .....‬ثم يكمل في الية الثانية قائل " ل ِي َغْ ِ‬
‫عزيزي محمد لي سؤال ) وان كان خارج الموضوع ( ولكني‬
‫أتمني أن اعرف جوابه و بالعقل لو سمحت ‪:‬لماذا لم يقل هنا‬
‫الله وهو المتكلم " لغفر لك " بدل من " ليغفر الله لك " إذا كان‬
‫هذا الكلم فعل صادر من الله ؟ فكلمة " ليغفر الله لك " تدل‬
‫علي أن آخر هو المتكلم وليس الله ‪ ,‬أما لو كان الحديث بصيغة "‬
‫لغفر لك " فهذا يدل علي أن الله هو المتكلم بالفعل ‪ ....‬فما هو‬
‫رأيك وتفسيرك يا عزيزي في هذه النقطة ؟ ((‬
‫إسمحلي يا عزيزي أن أقتبس الجواب من كلماتك نفسها في‬
‫المشاركة رقم ‪ 64‬من حوارك معي الموجود علي هذا الرابط ‪:‬‬
‫‪http://www.algame3.com/vb/showthread.php?t=66&page=7‬‬
‫اقتباس‪:‬‬
‫المشاركة الصلية بواسطة ‪ /‬عرفه الشواف‬
‫من فضلك أن تفهم يا عزيزي ‪ ,‬لو أردت أن تدرس علوم اللغة‬
‫لكتاب ما ‪ ,‬فمن المفروض أن تدرس علم اللغة في اللغة الصلية‬
‫التي كتب بها هذا الكتاب وليس للغة التي ترجم إليها‪ ,‬مثال لو‬
‫أردت أن تدرس علم اللغة في القران مثل هل ستدرسه في لغته‬
‫النجليزية أو الفرنسية أو الهندية التي ترجم إليها أم ستدرسه‬
‫في اللغة الصلية التي كتب بها وهي العربية ؟‬
‫طبعا العقل يقول سندرسه باللغة الصلية التي كتب بها وهي‬
‫الساس ونطبق عليه علم اللغة الخاص بهذه اللغة التي كتب بها‬
‫اصل ‪.‬‬
‫هل هذا الكلم ضد العقل أم أن هذا ما يقوله العقل ؟‬
‫نعم يا عزيزي هذا الكلم يقوله العقل ولكنك يا عزيزي نظرت‬
‫إلي كلمات القرآن الكريم بعقيدتك التي ل تحاول أن تتركها جانبا‬
‫حتى وأنت تقرأ القرآن الكريم ‪.‬‬
‫فعقيدتك جعلتك تنسي أو تتناس أن القرآن الكريم نزل علي‬
‫رسولنا الكريم في عصر الفصاحة والبلغة ‪ .‬وتحدي الله سبحانه‬
‫وتعالي هؤلء )أهل الفصاحة والبلغة ( أن يأتوا بسورة من مثله‬
‫ولم ولن يستطيعوا ‪.‬‬
‫ْ‬
‫ة‬
‫سوَر ٍ‬‫ما ن َّزل َْنا ع ََلى ع َب ْد َِنا فَأُتوا ب ِ ُ‬ ‫م ّ‬‫ب ّ‬ ‫م ِفي َري ْ ٍ‬‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬
‫قال تعالي ))وَإ ِ ْ‬
‫ن((‬‫صاد ِِقي َ‬‫م َ‬ ‫ن الل ّهِ إ ِ ْ‬
‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫دو ِ‬‫ن ُ‬ ‫م ْ‬‫كم ّ‬‫داَء ُ‬
‫شه َ َ‬ ‫عوا ُ‬ ‫مث ْل ِهِ َواد ْ ُ‬
‫ن ّ‬
‫م ْ‬
‫ّ‬
‫البقرة ‪23‬‬
‫بل يا عزيزي جميع الشبهات التي يضعها المتشككين في القرآن‬
‫الكريم لم ولن يكونوا بأفضل من هؤلء الذين عاصروا الرسول‬
‫الكريم وهم أهل البلغة ‪.‬‬
‫وبالتالي يا عزيزي لو كلماتك هذه فعل يمكن أن تكون شبهه لما‬
‫تركها الحاقدون العالمين باللغة‪.‬‬
‫ستجد يا عزيزي هذا المر وغير ذلك في القرآن الكريم‪ .‬وهذه‬
‫كلها أساليب بلغية ‪.‬‬
‫فعليك ياعزيزي بالرجوع إلي أساليب البيان والفصاحة لتعلم بأن‬
‫هناك لون من ألوان التعبير يسمى بـ ) اللتفات ( لشد انتباه‬
‫المستمع أو جذب ذهنه مثل هذه الية التي لفتت نظرك ) سبحان‬
‫الله ( ‪.‬‬
‫وكذلك )اللتفاف( أي التحول من الغيبة إلى الخطاب‪ ،‬ومن‬
‫الخطاب إلى الغيبة‪ ،‬لمقاصد كثيرة كتخفيف العتاب‪ ،‬أو توجيه‬
‫النظر إلى البعيد أو استحضار المشهد‪ ،‬أو التعظيم‪ ،‬أو التحقير‬
‫ونحو ذلك من مقاصد البلغاء‪.‬‬
‫ول أجد هنا أكثر من أن أقول حقا ل إله إل الله محمد رسول الله‬
‫‪.‬‬
‫فهذه الية بدأت بقوله تعالي )) إنا فتحنا (( بضمير المتكم وإنا‬
‫للتعظيم ‪.‬ثم تحول الكلم من ذكر الفاعل وكأنه ليس هو ليلفت‬
‫إنتباه المستمع إلي الكلم القادم ‪ .‬وهذا ماحدث معك ياعزيزي‬
‫‪.‬وكان هذا هو المراد عند نزول اليه الكريمة ‪:‬‬
‫وبعد أن عرضت عليك المعلوم عندنا من عصمة النبياء ناتي‬
‫لتفسير اليه من واقع الحداث ‪:‬‬
‫فقد كان من خبر صلح الحديبية ما رواه الواقدي في المغازي‬
‫وقال ما موجزه ‪ :‬وثب عمر الى رسول الّله صلي الله عليه‬
‫وسلم و قال ‪ :‬السنا بالمسلمين ؟ قال صلي الله عليه وسلم‪:‬‬
‫بلى ‪ ,‬قال ‪ :‬فعلم نعطي الدنية في ديننا؟ فقال رسول الّله صلي‬
‫الله عليه وسلم‪ :‬أنا عبد الّله و رسوله و لن أخالف أمره و لن‬
‫يضيعني ‪ ,‬وجعل عمر يرد على رسول الّله صلي الله عليه وسلم‬
‫الكلم ‪ ,‬و تكلم مع ابي بكر وابي عبيدة في ذلك فردا عليه ‪,‬‬
‫وكان يقول بعد ذلك ‪ :‬لقد دخلني يومئذ من الشك و راجعت‬
‫النبي صلي الله عليه وسلم مراجعة ما راجعته مثلها قط‪...‬‬
‫و نزلت السورة تعلم بان الصلح فتح للرسول و للمسلمين ‪ ,‬وان‬
‫ما كان المشركون يعدونه ذنبا للرسول في ما تقدم من قيامه‬
‫بمكة بتسفيه أحلمهم و عيب آلهتهم ‪ ,‬و في ما تاخر من قتله‬
‫إياهم في غزوة بدر و غيرها‪ ,‬قد ستر الّله جميعها بذلكم الصلح‬
‫الذي انتج كل تلكم الفتوح‬
‫أرجو أن أكون قد وفقت في الجابة علي أسئلتك يا‬
‫عزيزي ‪.......‬‬
‫================‬
‫النبي لو ط يزني ببناته !!!!‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫احد المواقع النصرانية يرد على الشيخ احمد ديدات‬
‫يقول الشيخ احمد ديدات‪..‬إقرأ فى سفر التكوين ‪ 19‬الية من‬
‫‪20‬وحتى نهاية الصحاح] هو انه ليلة بعد ليلة كانت بنات لوط‬
‫تغرى أبيهن السكير لهدف نبيل)؟(هو حفظ نسل أبيهن[ ل يمكن‬
‫لقارئ مهذب ان يقرأ هذه القصة أمام امه او أخته او ابنته او‬
‫حتى امام خطيبته إذا كانت من النوع الخجول العفيف‪..‬قد‬
‫تصادف أناس فاسدة تتمرغ فى هذا الفسوق ولكن الذواق يجب‬
‫ان ترتقى‪.‬‬
‫‪---------------‬‬
‫يقول الموقع ان الشيخ احمد ديدات يريد فى هذا القتباس ان‬
‫يصل بنا ان الكتاب المقدس هو كتاب فسوق يجب فحصه لنه‬
‫غير مستحق أن يكون كلمة الله‬
‫ويجب الشارة الى نقطتين هامتين لكى نثبت خطأ السيد ديدات‬
‫اول‪-:‬الكتاب المقدس يسجل من هم البشر ويعلن انهم‬
‫خطاة‪,,‬أخطألوط عدة مرات ‪,‬إحداهن ان فشل فى تزويج إبنتيه‬
‫وهو ما دفعهما لفعل ذلك‪...‬وهذه القصة مكتوبة ل لكى تكون لنا‬
‫لفنتبعه ولكن لكى تكون لنا تحذير فنجتنبه‪.‬‬ ‫مث ً‬
‫ها هو الكتاب يقول لنا]ل يقترب إنسان إلى قريب جسده‬
‫ليكشف العورة‪.‬انا الرب‪.‬عورة ابيك وعورة امك ل تكشف ‪..‬إنها‬
‫امك ل تكشف عورتها[‪...‬‬
‫ان قصة خطألوط اعطيت لنا لتكون برهان على عظمة رحمة‬
‫الله وغفرانه‪..‬لنه حتى حينما اخطأت عائلة لوط رحمهم الله‬
‫وجعلهم أمة عظيمة‬
‫يقول ديدات ان القصة ل تصلح ان تكون كلمة الله‪...‬هل يرى‬
‫السيد ديدات ان الكتاب المقدس قد أخطا لنه سجل غفران الله‬
‫لخطايا البشر الساقطة‪.‬‬
‫ويشير الموقع ان القرآن قد ذكر قصة عبادة والد نبى الله‬
‫إبراهيم للوثان وعبادة الوثان هى من الكبائر مثل الزنا فهل‬
‫معنى ذلك ان القرآن يشجع على عبادة الوثان؟؟‬
‫‪--------------‬‬
‫التعقيب‬
‫‪//////////‬‬
‫‪-1‬كيف يزوج لوط عليه السلم ابنتيه وقد كانوا يعيشون فى قرية‬
‫اهلها يمارسون الفاحشة واكتفى رجالهم برجالهم ‪..‬وقد نهاهم‬
‫لوط عليه السلم عن الفاحشة ودعاهم ان يعودوا للفطرة التى‬
‫خلقهم الله عليها وإلى الزواج الشرعى الطبيعى من نساء قومه‬
‫كما ذكر فى القرآن‬
‫] قال يا قوم هؤلء بناتى هن اطهر لكم فاتقوا الله ول تخزون‬
‫فى ضيفى أليس منكم رجل رشيد[‬
‫فردوا عليه‬
‫]قالوا لقد علمت مالنا فى بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد[‬
‫هود ‪79,78‬‬
‫ولوط عليه السلم قد بعثه الله إلى قرية سدوم لكى يدعو اهلها‬
‫لعبادة الله وترك الفواحش وظل فيها حتى امره الله ان يخرج‬
‫بأهله ليل ً عندما اراد الله ان يهلك هذه القرية ‪....‬فهل يريد هذا‬
‫الموقع ان يخرج نبى الله لوط من القرية بأسرته ويعيش فى‬
‫قرية أخرى حتى يزوج بناته دون ان يأذن له الله ويعصاه وهو نبى‬
‫مرسل ويعرض نفسه لغضب وعقاب الله على تفضيله لمصلحة‬
‫اسرته على الدعوة فى سبيل الله؟؟؟‬
‫‪...‬‬
‫‪-2‬عندما اراد الله إهلك قرية سدوم لم يجد بها إل بيت نبى الله‬
‫لوط لكىينقذهم من الهلك ]بإستثناء زوجته[‬
‫أليس هذا معناه انهم كانوا من أهل اليمان والتقوى والطاعة‬
‫والعلم بحدود الله وإجتناب الفواحش التى كان يفعلها قومهم ‪..‬‬
‫فكيف بمجرد خروجهم من القرية يحتسى لوط عليه السلم‬
‫الخمر حتى يفقد وعيه‪ ,,‬وتقوم إبنتيه بفعل فاحشة هى اعظم‬
‫واكبر من الشذوذ الجنسى الذى كان يفعله اهل سدوم‬
‫انفسهم‪.‬إذن فلماذا لم يهلكوا مع الهالكين إذا كانوا ل يعرفون‬
‫الفرق بين الحلل والحرام‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫‪-3‬المبرر الذى ساقه الكتاب المحرف لفعل إبنتى لوط ل يرتقى‬
‫لمستوى العقلء‬
‫الله حين يصطفى من البشر رسل ً فهذا اكبر تعظيم وتكريم‬
‫وتخليد لسم هذا النسان الذى إختاره الله لحمل هذه المانة‬
‫العظيمة‪..‬فالنبياء ل يحتاجون لنسل يحافظ على تخليد أسمائهم‬
‫لن أسمائهم مخلدة ومسطورة فى الكتب السماوية ‪..‬والنبياء‬
‫الذين طلبوا من الله ان يجعل لهم اولد مثل زكريا عليه السلم‬
‫لم يفعلوا ذلك لكى تخلد أسمائهم ولكن لكى يكمل اولدهم‬
‫الرسالة ويصلحوا إعوجاج اقوامهم وتجرئهم على شرع الله‪.‬‬
‫‪..‬‬
‫‪ -4‬عبادة والد إبراهيم عليه السلم للوثان ذكرت فى القرآن فى‬
‫اكثر من سورة وفيها‬
‫‪---‬إستنكار من إبراهيم عليه السلم لهذا الفعل من ابيه وقومه‬
‫‪ ---‬اللجوء للحيلة لكى يثبت لهم ان الوثان ل تضر ول تنفع‬
‫‪ ---‬محاولة قومه لحرقه لنه كشف لهم ضلل عقيدتهم‬
‫‪ --‬نصر الله لنبيه على عبدة الوثان ونجاته من النار ورفع قدره‬
‫بين النبياء فى الدنيا والخرة‬
‫إذن الية ذكرت تنفير من هذا الفعل الشائن الذى ل يغفره الله‬
‫للنسان حتى نجتنبه‬
‫أما قصة لوط وإبنتيه فى التوراة لم تذكر ل تنفير ول تقبيح لهذا‬
‫الفعل ولم تذكر ما هو العقاب الذى انزله الله على بنات لوط‬
‫عليه السلم ول مصير النسل الذى جاء من هذه الفعلة الشنعاء‬
‫‪...‬‬
‫ل نقول فى النهاية إل ]قطعت يد هذا اللعين الذى خاض فى‬
‫عرض نبى الله لوط الكريم[‬
‫==================‬
‫دفاعا عن نبي الله لوط وابنتيه‬
‫م إ َِلى‬ ‫َ‬ ‫)وَأ َ ْ‬
‫جاهُ ْ‬ ‫خَر َ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫ن لَ ّ‬ ‫كا َ‬ ‫ة‪17 .‬وَ َ‬ ‫دين َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ج ال ْ َ‬ ‫خارِ َ‬ ‫ضَعاه ُ َ‬ ‫جاه ُ وَوَ َ‬ ‫خَر َ‬
‫ك‪ .‬ل َ ت َن ْظ ُْر إ َِلى وََرائ ِ َ‬ ‫خار َ‬
‫ف ِفي‬ ‫ق ْ‬ ‫ك وَل َ ت َ ِ‬ ‫حَيات ِ َ‬ ‫ب لِ َ‬ ‫ل‪» :‬اهُْر ْ‬ ‫ه َقا َ‬ ‫ج أن ّ ُ‬ ‫َ ِ ٍ‬
‫ما لوط‪» :‬ل َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ل لهُ َ‬ ‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫ك«‪18 .‬فَ َ‬ ‫َ‬
‫ل ل ِئ َل ت َهْل ِ َ‬ ‫ّ‬ ‫جب َ ِ‬ ‫ْ‬
‫ب إ ِلى ال َ‬ ‫َ‬ ‫ة‪ .‬اهُْر ْ‬ ‫دائ َِر ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫كُ ّ‬
‫ك‬‫ف َ‬ ‫ت ل ُط ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ك وَع َظ ّ ْ‬ ‫ة ِفي ع َي ْن َي ْ َ‬ ‫م ً‬ ‫جد َ ن ِعْ َ‬ ‫ك قَد ْ وَ َ‬ ‫ذا ع َب ْد ُ َ‬ ‫د‪19 .‬هُوَ َ‬ ‫سي ّ ُ‬ ‫َيا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫جب َ ِ‬ ‫ب إ َِلى ال ْ َ‬ ‫ن أهُْر َ‬ ‫سي وَأَنا ل َ أقْد ُِر أ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫قاِء ن َ ْ‬ ‫ست ِب ْ َ‬ ‫ي ِبا ْ‬ ‫ت إ ِل َ ّ‬ ‫صن َعْ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫ب‬‫ة ل ِل ْهََر ِ‬ ‫ريب َ ٌ‬ ‫ة هَذ ِهِ قَ ِ‬ ‫دين َ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ذا ال ْ َ‬ ‫ت‪20 .‬هُوَ َ‬ ‫مو َ‬ ‫شّر ي ُد ْرِك ُِني فَأ ُ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ل َعَ ّ‬
‫َ‬ ‫إل َيها وهي صِغير ٌ َ‬
‫حَيا‬ ‫ة؟( فَت َ ْ‬ ‫صِغيَر ً‬ ‫ي َ‬ ‫ت هِ َ‬ ‫س ْ‬ ‫ك‪) .‬أل َي ْ َ‬ ‫ب إ َِلى هَُنا َ‬ ‫ة‪ .‬أهُْر ُ‬ ‫ِ َْ َ ِ َ َ َ‬
‫مرِ أْيضا ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ذا ال ْ‬ ‫ك ِفي هَ َ‬ ‫جه َ َ‬ ‫ت وَ ْ‬ ‫ه‪» :‬إ ِّني قَد ْ َرفَعْ ُ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫سي«‪21 .‬فَ َ‬ ‫ف ِ‬ ‫نَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬‫ب إ ِلى هَُنا َ‬ ‫سرِِع اهُْر ْ‬ ‫ت ع َن َْها‪22 .‬أ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ة الِتي ت َك َل ْ‬ ‫دين َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ب ال َ‬ ‫ن ل َ أقْل ِ َ‬ ‫أ ْ‬
‫ي‬
‫ع َ‬ ‫ك دُ ِ‬ ‫ك«‪ .‬ل ِذ َل ِ َ‬ ‫جيَء إ َِلى هَُنا َ‬ ‫حّتى ت َ ِ‬ ‫شْيئا ً َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن أ َفْعَ َ‬ ‫طيعُ أ ْ‬
‫َ‬
‫ست َ ِ‬ ‫لّني ل َ أ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ض‬
‫س ع َلى الْر ِ‬
‫َ‬ ‫م ُ َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫شَرقَ ِ‬ ‫صوغ ََر«‪23 .‬وَإ ِذ ْ أ َ ْ‬ ‫دين َةِ » ُ‬ ‫م ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ا ْ‬
‫ريتا ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫موَرة َ ك ِب ْ ِ‬ ‫م وَع َ ُ‬ ‫دو َ‬ ‫س ُ‬ ‫ب ع َلى َ‬ ‫مطَر الّر ّ‬ ‫صوغ ََر ‪24‬فَأ ْ‬ ‫ل لوط إ ِلى ُ‬ ‫خ َ‬ ‫دَ َ‬
‫ل‬‫ن وَك ُ ّ‬ ‫مد ُ َ‬ ‫ك ال ْ ُ‬ ‫ب ت ِل ْ َ‬ ‫ماِء‪25 .‬وَقَل َ َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ب ِ‬ ‫عن ْد ِ الّر ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وََنارا ً ِ‬
‫ن قَل َ َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫حي َ‬ ‫ض‪ِ .. .. .. .‬‬ ‫ت الْر ِ‬ ‫ن وَن ََبا َِ‬ ‫مد ُ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫كا ِ‬ ‫س ّ‬ ‫ميعَ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫دائ َِرةِ وَ َ‬ ‫ال ّ‬
‫سك َ َ‬
‫ن‬ ‫صوغ ََر وَ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ِ‬ ‫صعِد َ ُلو ٌ‬ ‫ط‪30 .‬وَ َ‬ ‫ن ِفيَها ُلو ٌ‬ ‫سك َ َ‬ ‫ن ال ِّتي َ‬ ‫مد ُ َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫خا َ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫سك َ َ‬ ‫صوغ ََر‪ .‬فَ َ‬ ‫ن ِفي ُ‬ ‫سك ُ َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ه لن ّ ُ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ل َواب ْن ََتاه ُ َ‬ ‫جب َ ِ‬ ‫ِفي ال ْ َ‬
‫شا َ‬
‫خ‬ ‫ة‪» :‬أ َُبوَنا قَد ْ َ‬ ‫صِغيَر ِ‬ ‫ت ال ْب ِك ُْر ِلل ّ‬ ‫ه‪31 .‬وََقال َ ِ‬ ‫مَغاَرةِ هُوَ َواب ْن ََتا ُ‬ ‫ِفي ال ْ َ‬
‫ل ع َل َي َْنا ك ََعاد َةِ ك ُ ّ َ‬ ‫س ِفي ال َْر‬
‫م‬ ‫ض‪32 .‬هَل ُ ّ‬ ‫ل الْر ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ل ل ِي َد ْ ُ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ض َر ُ‬ ‫ِ‬ ‫وَل َي ْ َ‬
‫س ً‬ ‫خمرا ً ونضط َجع معه فَنحيي م َ‬ ‫َ‬
‫قَتا‬ ‫س َ‬ ‫ل«‪33 .‬فَ َ‬ ‫ن أِبيَنا ن َ ْ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ََ ْ ِ ُ َ َ ُ ُ ْ ِ‬ ‫قي أَباَنا َ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫نَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫معَ أِبيَها وَل َ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫جعَ ْ‬ ‫ضط َ َ‬ ‫ت ال ْب ِك ُْر َوا ْ‬ ‫خل َ ِ‬ ‫ك الل ّي ْل َةِ وَد َ َ‬ ‫مرا ً ِفي ت ِل ْ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫أَباهُ َ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫ن ال ْب ِك َْر َقال َ ْ‬ ‫ث ِفي ال ْغَد ِ أ ّ‬ ‫حد َ َ‬ ‫مَها‪34 .‬وَ َ‬ ‫قَيا ِ‬ ‫عَها وَل َ ب ِ ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫ضط ِ َ‬ ‫م ِبا ْ‬ ‫ي َعْل َ ْ‬
‫مرا ً الل ّي ْل َ َ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫خ ْ‬ ‫قيهِ َ‬ ‫س ِ‬ ‫معَ أِبي‪ .‬ن َ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ح َ‬ ‫ت ال َْبارِ َ‬ ‫جعْ ُ‬ ‫ضط َ َ‬ ‫ة‪» :‬إ ِّني قَد ِ ا ْ‬ ‫صِغيَر ِ‬ ‫ِلل ّ‬
‫َ‬ ‫أ َْيضا ً َفاد ْ ُ‬
‫قَتا‬ ‫س َ‬ ‫ل«‪35 .‬فَ َ‬ ‫س ً‬ ‫ن أِبيَنا ن َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ي ِ‬ ‫حي ِ َ‬ ‫ه فَن ُ ْ‬ ‫معَ ُ‬ ‫جِعي َ‬ ‫ضط َ ِ‬ ‫خِلي ا ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫معَ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫جعَ ْ‬ ‫ضط َ َ‬ ‫صِغيَرة ُ َوا ْ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ك الل ّي ْل َةِ أْيضا ً وََقا َ‬ ‫مرا ً ِفي ت ِل ْ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫أَباهُ َ‬
‫عها ول َ بقيامها ‪36‬فَحبل َت ابنتا ُلوط م َ‬
‫ما‪.‬‬ ‫ن أِبيهِ َ‬ ‫ٍ ِ ْ‬ ‫َ ِ ِ ََْ‬ ‫جا ِ َ َ ِ ِ َ ِ َ‬ ‫ضط ِ َ‬ ‫م ِبا ْ‬ ‫م ي َعْل َ ْ‬ ‫وَل َ ْ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫موآب ِّيي َ‬ ‫ب« ‪ -‬وَهُوَ أُبو ال ْ ُ‬ ‫موآ َ‬ ‫ه» ُ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫تا ْ‬ ‫ت ال ْب ِك ُْر اْبنا ً وَد َع َ ِ‬ ‫‪37‬فَوَل َد َ ِ‬
‫َ‬
‫مي«‬ ‫ن عَ ّ‬ ‫ه »ب ِ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫تا ْ‬ ‫ت اْبنا ً وَد َع َ ِ‬ ‫صِغيَرة ُ أْيضا ً وَل َد َ ِ‬ ‫م‪َ38 .‬وال ّ‬ ‫إ ِلى الي َ َوْ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫م‪ (.‬تكوين ‪38-17 :19‬‬ ‫ْ‬ ‫مو َ َ‬
‫ن إ ِلى الي َوْ ِ‬ ‫‪ -‬وَهُوَ أُبو ب َِني ع َ ّ‬
‫لحظ الضطراب فى تدوين القصة ‪ ،‬ففى البداية خاف أن يسكن‬
‫فى الجبل وسكن فى صوغر لنها مدينة صغيرة ‪ ،‬ثم جعله كاتب‬
‫هذه السطورة يهرب من المدينة المأهولة إلى الجبل لتهيئة‬
‫المسرح لجريمة الزنى بإبنتيه‪.‬‬
‫والغرض من ذلك هو السياسة الصهيونية التى تهدف إلى استبعاد‬
‫أى نسل آخر خلف نسل يعقوب )إسرائيل( من مشاركتهم فى‬
‫عهد الله مع إبراهيم والمؤمنين به ومنعهم من الحصول على أية‬
‫ميزة‪ ،‬واعتبار أن الله قد خلق العالم من أجل أن يرث فقط بنو‬
‫إسرائيل أرض الميعاد‪.‬‬
‫والدليل على كذب هذه الرواية يأتى من عدة وجوه ‪:‬‬
‫‪ -1‬خوف لوط أن يسكن فى الجبل لعل الشر يدركه فيموت ‪،‬‬
‫ضل السكن فى مدينة صوغر )تكوين ‪ ، (20-19 :19‬ثم‬ ‫وف ّ‬
‫سك َ َ‬
‫ن‬ ‫صوغ ََر وَ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ِ‬ ‫صعِد َ ُلو ٌ‬ ‫تضارب الكاتب مع نفسه فقال )‪30‬وَ َ‬
‫خا َ َ‬ ‫َ‬
‫سك َ َ‬
‫ن‬ ‫صوغ ََر‪ .‬فَ َ‬ ‫ن ِفي ُ‬ ‫سك ُ َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ه لن ّ ُ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ل َواب ْن ََتاه ُ َ‬ ‫جب َ ِ‬‫ِفي ال ْ َ‬
‫ه‪ (.‬تكوين ‪30 :19‬‬ ‫مَغاَرةِ هُوَ َواب ْن ََتا ُ‬ ‫ِفي ال ْ َ‬
‫وقد عاش لوط فى صوغر ‪ 14‬سنة ‪ -‬قبل مولد إسماعيل إلى أن‬
‫بلغ إبراهيم من العمر ‪ 100‬سنة ‪ -‬وهو يعرف هذه المنطقة‬
‫وسكانها جيدا ً ‪ ،‬ولو كان أهلها من الشرار لهلكهم الله كما أهلك‬
‫سدوم وعمورة ‪ ،‬ولما عاش معهم ‪ 14‬سنة! فكيف يخاف الجبل‬
‫ثم يسكن فيه ‪ ،‬ويترك القرية وأهلها الذين نعم بالعيش معهم ‪14‬‬
‫سنة؟ فقد سكن الجبل الذى يخاف منه ل لشىء إل لرغبة كتبة‬
‫التوراة فى ذلك لستكمال هذه القصة المختلقة‪.‬‬
‫‪ -2‬كان لسيدنا لوط عليه السلم أبناء ذكور قبل تدمير سدوم‬
‫وعمورة ‪ ،‬وهم يعيشون فى نفس المكان ‪ ،‬وقد أبلغهم لوط بما‬
‫سيحدث للقرية قبل تدميرها ‪ ،‬كما أبلغ بناته وأصهاره‪ .‬ول شك‬
‫أن الكل صدقه وهرب معه‪ .‬وإخفاء هذا الخبر فى التوراة كان‬
‫متعمدا ً ‪ ،‬لقطع نسب لوط من أبنائه ولستكمال القصة‪) .‬‬
‫َ‬ ‫ل الرجل َن ل ُِلوط‪» :‬من ل َ َ َ‬
‫ك‬‫ك وَب َِني َ‬ ‫صَهاَر َ‬ ‫ك أْيضا ً هَهَُنا؟ أ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫‪12‬وََقا َ ّ ُ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫كا ِ‬‫مهْل ِ َ‬ ‫ن ‪13‬لن َّنا ُ‬ ‫كا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ج ِ‬ ‫خرِ ْ‬ ‫دين َةِ أ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ك ِفي ال ْ َ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ل َ‬ ‫ك وَك ُ ّ‬ ‫وَب ََنات ِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫سل ََنا الّر ّ‬ ‫ب فَأْر َ‬ ‫م الّر ّ‬ ‫ما َ‬‫مأ َ‬ ‫خه ُ ْ‬ ‫صَرا ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ن إ ِذ ْ قَد ْ ع َظ ُ َ‬ ‫كا َ‬ ‫م َ‬ ‫ذا ال ْ َ‬ ‫هَ َ‬
‫صَهاَره ُ اْل ِ‬ ‫َ‬
‫ل‪:‬‬‫ن ب ََنات ِهِ وََقا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫خ ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ط وَك َل ّ َ‬ ‫ج ُلو ٌ‬ ‫خَر َ‬ ‫ه«‪14 .‬فَ َ‬ ‫ل ِن ُهْل ِك َ ُ‬
‫ن‬
‫كا َ‬‫ة«‪ .‬فَ َ‬ ‫دين َ َ‬ ‫م ِ‬‫ك ال ْ َ‬ ‫مهْل ِ ٌ‬ ‫ب ُ‬ ‫ن الّر ّ‬ ‫ن لَ ّ‬ ‫كا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ذا ال ْ َ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫جوا ِ‬ ‫خُر ُ‬ ‫موا ا ْ‬ ‫»ُقو ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫كا ِ‬ ‫مل َ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫كا َ‬ ‫جُر َ‬ ‫ف ْ‬ ‫ما ط َل َعَ ال ْ َ‬ ‫ه‪15 .‬وَل َ ّ‬ ‫صَهارِ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ح ِفي أع ْي ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ماز‬ ‫كَ َ‬
‫ن ل ِئ َّل‬ ‫جود َت َي ْ ِ‬ ‫موْ ُ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫ك َواب ْن َت َي ْ َ‬ ‫مَرأ َت َ َ‬ ‫خذ ِ ا ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ن‪» :‬قُ ْ‬ ‫َ‬
‫ن لوطا َقائ ِلي ْ ِ‬
‫ً‬ ‫جل َ ِ ُ‬ ‫ي ُعَ ّ‬
‫ة«‪ (.‬تكوين ‪15-12 :19‬‬ ‫دين َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ك ب ِإ ِث ْم ِ ال ْ َ‬ ‫ت َهْل َِ َ‬
‫‪ -3‬ولو صدقنا خبر تكذيب أصهاره‪ ،‬فهل لم تصدقه احدى بناته‬
‫المؤمنات اللواتى تربين فى بيت النبوة؟ بالطبع حبك الكاتب هذا‬
‫السيناريو لتنفرد البنتين العذراوتين بأبيهم‪.‬‬
‫‪ -4‬كذب القول المنسوب لبنتى لوط بأنه ليس فى الرض رجل‬
‫ليدخل عليهما كعادة كل الرض ‪ ،‬فهل كانت القرية القريبة من‬
‫الجبل )صوغر( ليس بها إل رجال؟ وهل لم تتزوج ابنتاه‬
‫العذراوتان لمد ‪ 14‬سنة بعد هروبهم من سدوم وعمورة؟‬
‫مع العلم أنهم كانوا يسكنون فى منطقة قريبة ‪ ،‬ل تبعد عن‬
‫المنطقة التى هربوا إليها إل ساعتين سيرا ً على القدام ‪ ،‬فقد‬
‫خرجوا فى الفجر ووصلوا إلى صوغر عند شروق الشمس ‪ ،‬وكل ً‬
‫من الجبل وصوغر كانا قريبين من سدوم ‪ ،‬وكانت هناك مدن‬
‫ً‬
‫أخرى قريبة من صوغر كالتى وردت عندما أنقذ إبراهيم لوطا من‬
‫كر أن الرب قد دمرها‪.‬‬ ‫السر ‪ ،‬ولم ُيذ َ‬
‫ومما يثبت وجود شعوب أخرى فى المنطقة التى عاش فيها لوط‬
‫ما ورد َ بعد ذلك فى )تثنية ‪ (20-19 ، 10-9 :9‬من أن الله قد‬
‫ث بنى لوط أرض اليميين والرفائيين الذين يسكنون المكان‬ ‫أور َ‬
‫الذى أقام فيه لوط ‪ ،‬وعلوة على ذلك فالمسافة بين )صوغر( و‬
‫)حبرون( التى يقيم فيها إبراهيم ل تتعدى ‪ 70‬كيلومتر ‪ ،‬وقد رأى‬
‫إبراهيم بعينيه النار المشتعلة فى سدوم القيبة من صوغر وهو‬
‫فى مكانه‪.‬‬
‫ول يمكن أن ُيقال بأى حال من الحوال إن لوطا ً قد عاش منفردا ً‬
‫هو وابنتيه بدون مخالطة شعب آخر ‪ ،‬فهذا مال يطيقه الشباب‬
‫فضل ً عن شيخ عجوز‪.‬‬
‫‪ -5‬أما فيما يختص بحادثة الزنى فاتلفيق واضح فيها ‪:‬‬
‫أ( إن المخمور الذى ل يستطيع أن يفرق بين بناته والجنبيات‬
‫سكره ‪ ،‬ل يكون فى هذا الوقت قابل ً للجماع‪ .‬والغريب فى‬ ‫لشدة ُ‬
‫باقى القصة أن الب لم يسأل ابنتيه العذراوتين عن سبب‬
‫الحمل؟ ومثل هذا الوضع لو وقع لبعض آحاد الناس لضاقت عليه‬
‫حبت حزنا ً وغما ً ‪ ،‬فهل لم يهتم نبى الله بابنتيه‬ ‫الرض بما ر ُ‬
‫وشرفه؟‬
‫َ‬
‫ت‬‫ت ال ْب ِك ُْر اْبنا ً وَد َع َ ِ‬ ‫ما‪37 .‬فَوَل َد َ ِ‬ ‫ن أِبيهِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ِ‬ ‫ت اب ْن ََتا ُلو ٍ‬ ‫حب ِل َ ِ‬ ‫ب( )‪36‬فَ َ‬
‫َ‬
‫صِغيَرة ُ أْيضا ً‬ ‫ْ‬ ‫موآب ِّيي َ َ‬ ‫َ‬
‫م‪َ38 .‬وال ّ‬ ‫ن إ ِلى الي َ َوْ ِ‬ ‫ب« ‪ -‬وَهُوَ أُبو ال ْ ُ‬ ‫موآ َ‬ ‫ه» ُ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬‫ا ْ‬
‫ن إ َِلى‬‫مو َ‬ ‫مي« ‪ -‬وَهُوَ أُبو ب َِني ع َ ّ‬ ‫ن عَ ّ‬ ‫ه »ب ِ ْ‬ ‫م ُ‬‫س َ‬‫تا ْ‬ ‫ت اْبنا ً وَد َع َ ِ‬ ‫وَل َد َ ِ‬
‫م‪ (.‬تكوين ‪38-36 :19‬‬ ‫ْ‬
‫الي َوْ ِ‬
‫ج( لو كان الموابيين والعمونيين من الزنى لغضب الله عليهم أو‬
‫حتى أهمل شأنهم ‪ ،‬ولكننا نرى فى سفر التثنية أن الله قد‬
‫ب‪ :‬ل ت َُعادِ‬ ‫قال ِلي الّر ّ‬ ‫أعطى أرض اليميين للموآبيين ميراثا ً ‪») :‬فَ َ‬
‫ميَراثًا‪ .‬ل َّني‬ ‫كم َ‬ ‫ُ‬
‫م ِ‬ ‫ضه ِ ْ‬
‫ن أْر ِ‬ ‫طي َ ِ ْ‬ ‫حْربا ً ل َّني ل أع ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫علي ْهِ ْ‬‫ب َول ت ُث ِْر َ‬ ‫موآ َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫سكُنوا ِفيَها‬ ‫ن َ‬ ‫مّيو َ‬ ‫لي ِ‬‫ميَراثا‪)10 .‬ا ِ‬ ‫عاَر« ِ‬ ‫ت» َ‬ ‫ط قَد ْ أع ْطي ْ ُ‬ ‫ل ِب َِني لو ٍ‬
‫ن‪ (.‬سفر التثنية ‪-9 :2‬‬ ‫كالعََناقِّيي َ‬‫ل َ‬ ‫وي ٌ‬ ‫ب ك َِبيٌر وَك َِثيٌر وَط َ ِ‬ ‫شعْ ٌ‬ ‫ل‪َ .‬‬ ‫قَب ْ ً‬
‫مَتى‬ ‫‪ ، 10‬كما أعطى أرض الرفائيين لبنى عمون ميراثًا‪19) :‬فَ َ‬
‫م ل َّني ل‬ ‫علي ْهِ ْ‬ ‫موا َ‬ ‫ج ُ‬ ‫م َول ت َهْ ِ‬ ‫ن ل ت َُعاد ِه ِ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫جاهِ ب َِني ع َ ّ‬ ‫ت ِإلى ت ُ َ‬ ‫قَُرب ْ َ‬
‫ط قَد ْ أ َع ْط َي ْت َُها‬ ‫ميَراثا ً ‪ -‬ل َّني ل ِب َِني ُلو ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫مو َ‬ ‫ض ب َِني ع َ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ن أ َْر‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫طي َ‬ ‫أع ْ ِ‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ِفيَها‬ ‫ن الّرَفائ ِّيو َ‬ ‫سك َ َ‬ ‫ن‪َ .‬‬ ‫ض َرَفائ ِّيي َ‬ ‫ب أْر َ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ي أْيضا ً ت ُ ْ‬ ‫ميَراثًا‪)20 .‬ه ِ َ‬ ‫ِ‬
‫ن‪ (.‬تثنية ‪20-19 :2‬‬ ‫مّيي َ‬ ‫مُز ِ‬ ‫م َز ْ‬ ‫عون َهُ ْ‬ ‫ن ي َد ْ ُ‬ ‫مون ِّيي َ‬ ‫ن العَ ّ‬ ‫قَب ْل ً لك ِ ّ‬
‫وقد أعطى الله الموآبيين والعمونيين ميراث الرض قبل أن‬
‫م‬‫يورث بنى إسرائيل وقبل أن يدخلوا أرض الميعاد ‪ ،‬بل وحّر َ‬
‫أرض الموآبيين والعمونيين على بنى إسرائيل كما ورد فى سفر‬
‫)التثنية ‪ 9 :2‬و ‪(19‬‬
‫ولو كان الرث يستلزم عهدا ً من الرب ‪ ،‬فقد حصل عليه‬
‫العمونيون والموابيون ‪ ،‬وبذلك يكونون قد دخلوا فى جماعة‬
‫ى‬
‫ن ِزن ً‬ ‫ل اب ْ ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫الرب ‪ ،‬لن الرب ل يعطى عهدا ً لبناء الزنى )‪2‬ل ي َد ْ ُ‬
‫حد ٌ ِفي‬ ‫خل من َ‬
‫هأ َ‬ ‫ِ ْ ُ‬ ‫شرِ ل ي َد ْ ُ‬ ‫ل الَعا ِ‬ ‫جي ِ‬ ‫حّتى ال ِ‬ ‫ب‪َ .‬‬ ‫ماع َةِ الّر ّ‬ ‫ج َ‬‫ِفي َ‬
‫ب‪ (.‬تثنية ‪ 2 :23‬وبذلك يكون الموآبيون والعمونيون‬ ‫ماع َةِ الّر ّ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬
‫ليسوا من أبناء زنى ويكون كتبة هذه القصة من الكاذبين‪ .‬ويكون‬
‫بنى إسرائيل قد ادعوا وجود هذا العهد من الله ويكونوا أيضا ً من‬
‫الكاذبين‪.‬‬
‫ولو صدقنا قول التوراة أن العمونيين والموآبيين من نسل‬
‫الزنى ‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك قد حصلوا على عهد من الله وعلى‬
‫إرث ‪ ،‬يكون قد نال عهد الله أبناء الزنى والطهار )بنى إسرائيل(‬
‫‪ ،‬فل ميزة إذن للطهار عن أبناء الزنى ‪ ،‬ويصبح قول التوراة بأن‬
‫بنى إسرائيل شعب الله المختار لنهم أخذوا عهدا ً من الله بتملك‬
‫الرض ‪ ،‬هو قول كذب‪.‬‬
‫وإذا كان هذا شأن الله مع أبناء الزنى وهم أبرياء مما اقترفه‬
‫صابين واللصوص؟ اقرأ نبى الله‬ ‫آباؤهم ‪ ،‬فكيف يكون شأنه مع الن ّ‬
‫يعقوب يكذب على أبيه ويسرق البركة والنبوة من أخيه عيسو‬
‫وبذلك فرض على الله أن يوحى إليه أو اتهم الله بالجهل وعدم‬
‫من‬ ‫علم هذه الحادثة‪) :‬تكوين صح ‪ ، (27‬وفكيف يكون شأنه مع َ‬
‫صارعوه وقهروه؟ فهل هؤلء أيضا ً لهم عهد مع الرب وميراث؟‬
‫ن هذه القصة من وحى خيال كاتب مخمور؟ اقرأ أيضا ً نبى‬ ‫أم أ ّ‬
‫الله يعقوب ُيصاِرع الرب ويغلبه! ) تكوين ‪(30 -24 :32‬‬
‫شرِ ل‬ ‫ل الَعا ِ‬ ‫جي ِ‬ ‫حّتى ال ِ‬ ‫ب‪َ .‬‬ ‫ماع َةِ الّر ّ‬ ‫ج َ‬ ‫ى ِفي َ‬ ‫ن ِزن ً‬ ‫ل اب ْ ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫د( )‪2‬ل ي َد ْ ُ‬
‫ب‪ (.‬تثنية ‪ 2 :23‬ومعنى حتى الجيل‬ ‫َ‬
‫ماع َةِ الّر ّ‬ ‫ج َ‬‫حد ٌ ِفي َ‬ ‫هأ َ‬ ‫من ْ ُ‬‫خل ِ‬ ‫ي َد ْ ُ‬
‫العاشر أى للبد‪ .‬ومع ذلك فإننا نجد أن راعوث كانت موآبية وهى‬
‫أم نبى الله داود الذى كان من ذريته كل ملوك يهوذا حتى السبى‬
‫ي اْبنًا‪.‬‬ ‫ن لِ َ‬ ‫كو ُ‬ ‫ه َأبا ً وَهُوَ ي َ ُ‬ ‫ن لَ ُ‬‫كو ُ‬ ‫‪ ،‬والذى قال عنه الرب‪14 .) :‬أ ََنا أ َ ُ‬
‫إن تعو ُ‬
‫ن‬ ‫م‪15 .‬وَل َك ِ ّ‬ ‫ت ب َِني آد َ َ‬ ‫ضَرَبا ِ‬ ‫س وَب ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ب الّنا‬ ‫ضي ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫ج أؤ َد ّب ْ ُ‬ ‫ِ ْ ََ ّ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‪.‬‬‫م َ‬ ‫ما ِ‬ ‫نأ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ذي أَزل ْت ُ ُ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫شاوُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬
‫ما ن ََزع ْت َُها ِ‬ ‫ه كَ َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫مِتي ل َ ت ُن َْزع ُ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫َر ْ‬
‫ن َثاِبتا ً إ َِلى‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫ك يَ ُ‬
‫كو ُ‬ ‫ك‪ .‬ك ُْر ِ‬
‫سي ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ك إ َِلى الب َد ِ أ َ‬
‫ما َ‬ ‫مل َك َت ُ َ‬
‫م ْ‬ ‫ن ب َي ْت ُ َ‬
‫ك وَ َ‬ ‫م ُ‬
‫‪16‬وَي َأ َ‬
‫د«( صموئيل الثانى ‪.16-14 :7‬‬ ‫ال َب َ ِ‬
‫فل يمكن أن من شرفه الله بهذا الشرف أن يكون من سللة‬
‫زنى‪ .‬كما أن سليمان قد تزوج من نعمة العمونية وأنجب منها‬
‫رحبعام )ملوك الول ‪ ، (21 :14‬ول يمكن أن يكون رؤوس‬
‫جماعة الرب من أمهات زنى ‪ ،‬فضل ً عن أنهم من نسل الرب‬
‫)تبعا ً للتشريع النصرانى( ‪ ،‬فلبد أن يكون هذا التشريع مدسوس‬
‫على التوراة‪.‬‬
‫لكن ما أسباب ذلك؟‬
‫يقول السموال بن يحيى المغربى صاحب كتاب )إفحام اليهود(‬
‫وأحد أحبار اليهود الذين هداهم الله للسلم ‪ ،‬وقد كان أبوه حبرا ً‬
‫يهوديا ً كبيرا ً وإماما ً ضليعا ً فى اليهودية وكذلك كانت أمه ‪ ،‬مما‬
‫جعله قادرا ً على الحكم على التوراة‪“ :‬وأيضا ً فإن عندهم أن‬
‫موسى جعل المامة فى الهارونيين ‪ ،‬فلما ولى طالوت )شاول(‬
‫ل منهم مقتلة عظيمة ‪ ،‬ثم‬ ‫وثقلت وطأته على الهارونيين وقت َ‬
‫انتقل المر إلى داود ‪ ،‬بقى فى نفوس الهارونيين التشوق إلى‬
‫المر الذى زال عنهم ‪ ،‬وكان )عزرا( هذا خادما ً لملك الفرس ‪،‬‬
‫حظيا لديه ‪ ،‬فتوصل إلى بناء بيت المقدس ‪ ،‬وعمل لهم هذه‬
‫التوراة التى بأيديهم ‪ ،‬فلما كان هارونيا ً ‪ ،‬كره أن يتولى عليهم‬
‫فى الدولة الثانية داودىّ ‪ ،‬فأضاف فى التوراة فصلين للطعن فى‬
‫نسب داود ‪ ،‬أحدهما قصة بنات لوط والخر قصة ثامار )مع‬
‫يهوذا( ولقد بلغ ‪ -‬لعمرى ‪ -‬غرضه ‪ ،‬فإن الدولة الثانية كانت لهم‬
‫فى بيت المقدس ‪ ،‬لم يملك عليها داوديون ‪ ،‬بل كان ملوكهم‬
‫هارونيون‪ ”.‬صفحات ‪ 151‬و ‪152‬‬
‫كتبه الخ ‪ /‬ابو بكر‬
‫=====================‬
‫عصمة النبياء شبهات وردود‬
‫النبياء عليهم السلم هم أشرف الخلق وأزكاهم‪ ،‬وأتقاهم لله‬
‫وأخشاهم‪ ،‬ومقامهم مقام الصطفاء والجتباء‪ ،‬وواجب الخلق‬
‫نحوهم التأسي والقتداء‪.‬‬
‫فالواجب أن ُيحفظ لهم هذا المقام‪ ،‬وأن ينزهوا عن مد اللسن‬
‫إليهم بالنقد والتهام‪ ،‬غير أن نفوسا قد غلبها الفسق‪ ،‬مدت‬
‫ألسنتها إلى النبياء بالعيب والتهم‪ ،‬فلم تدع نبيا ‪ -‬إل ما ندر – لم‬
‫ترمه بدعوى العيب والثم‪ ،‬تريد بذلك انتقاصهم‪ ،‬والحط من‬
‫أقدارهم‪ ،‬بل والطعن في القرآن الكريم الذي ذكر عنهم‬
‫أحوالهم‪ ،‬فكان الذب عن أنبياء الله عز وجل متعينا‪ ،‬صونا لدين‬
‫الله‪ ،‬وحفظا لحق أنبيائه عليهم السلم‪.‬‬
‫لكن قبل الخوض في تفاصيل رد ما رمي به النبياء عليهم‬
‫السلم‪ ،‬نحب أن نبين أن المقرر عند السلف أن النبياء عليهم‬
‫السلم ل يتصور في حقهم الخطأ في مقام الوحي والتبليغ‪ ،‬أما‬
‫في غير ذلك من صغائر الذنوب مما ليس في فعله خسة ول‬
‫دناءة‪ ،‬فإنه إن صدر من أحدهم شيء فإنه ل يقر عليه‪ ،‬بل يتبعه‬
‫بالتوبة والنابة‪ .‬وبهذا يبطل ما تعلل به الطاعنون من قولهم‪:‬‬
‫كيف يجوز على النبياء الخطأ وهم في مقام السوة والقدوة ؟‬
‫ونجيب على ذلك بالقول‪ :‬إن الخوف من أن يحصل اللبس في‬
‫مقام التأسي بالنبياء إنما يتصور فيما لو أخطؤوا‪ ،‬واستمروا على‬
‫الخطأ‪ ،‬ثم لم ينبهوا عليه‪ ،‬فيشتبه حينئذ على المقتدي الحال التي‬
‫يجب فيها متابعة النبي من الحال الخرى‪ ،‬أما إن نبهوا على‬
‫التقصير فلن يحصل اشتباه‪ ،‬بل سيتحول المجال إلى مجال‬
‫متابعة من وجه آخر‪ ،‬وهو المتابعة في حسن الرجوع إلى الله‬
‫سبحانه بالتوبة‪ ،‬وبهذا يسلم للنبياء مقام القدوة والسوة‪،‬‬
‫ويحصل لهم شرف التعبد لله عز وجل بالتوبة إليه سبحانه ‪.‬‬
‫وقد تبين لنا من خلل بحثنا أن ما أورده الطاعنون في حق‬
‫النبياء – بعد استبعاد المكذوب عليهم ‪ -‬ل يخرج عن أن يكون‬
‫سوء فهم للنص‪ ،‬أو أن يكون شيئا وقع منهم قبل نبوتهم‪ ،‬أو أمرا‬
‫فعلوه وكان على خلف الولى‪ ،‬أو خطأ ً تابوا منه فتاب الله‬
‫عليهم‪ ،‬فل يحق لي كان أن يتخذ ذلك ذريعة لنتقاصهم وثلمهم ‪.‬‬
‫وقد فصلنا فيما يلي هذه الوجوه‪ ،‬وقررّناها بأمثلتها حتى يتضح‬
‫للقارئ الكريم أن نتاج الدراسة الجادة لشبهات الطاعنين في‬
‫السلم لن تكون إل في صالح السلم‪ ،‬وأن الحق ل يزيده طعن‬
‫الطاعنين إل ثباتا وظهورًا‪:‬‬
‫الوجه الول ‪ :‬ما نسب إلى النبياء من مطاعن مبناها على سوء‬
‫الفهم‬
‫من ذلك ما ادعوه في حق إبراهيم عليه السلم من أنه قد وقع‬
‫في الشرك بادعائه ربوبية الكواكب‪ ،‬مستشهدين على ذلك بقوله‬
‫تعالى‪ }:‬وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والرض وليكون‬
‫ن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما‬ ‫من الموقنين * فلما ج ّ‬
‫أفل قال ل أحب الفلين * فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي‬
‫فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لكونن من القوم الضالين *‬
‫فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا‬
‫قوم إني بريء مما تشركون * إني وجهت وجهي للذي فطر‬
‫السموات والرض حنيفا وما أنا من المشركين {)النعام ‪-76 :‬‬
‫‪ ،(77‬والجواب على ذلك أن إبراهيم عليه السلم إنما قال ما قال‬
‫في مقام المناظرة والمخاصمة لقومه‪ ،‬إذ استعرض لهم الكواكب‬
‫شمسا وقمرا ونجما‪ ،‬وبين لهم بالدليل العقلي انتفاء الربوبية‬
‫عنها‪ ،‬ثم توجه إليهم مخاطبا إياهم بالنتيجة المنطقية لبطلن‬
‫معبوداتهم فقال ‪ } :‬يا قوم إني بريء مما تشركون * إني وجهت‬
‫وجهي للذي فطر السموات والرض حنيفا وما أنا من‬
‫المشركين {‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬كيف يتأتى لبراهيم عليه السلم مناظرة قومه في‬
‫نفي ربوبية الكواكب وهم إنما يعبدون أصناما ً من الحجارة ؟ قلنا‬
‫إن إبراهيم عليه السلم ناظرهم في نفي ربوبية الكواكب حتى‬
‫يتبين لهم انتفاء الربوبية عن آلهتهم التي يعبدونها بطريق الولى‪،‬‬
‫وذلك أنه إذا تبين انتفاء ربوبية الكواكب وهي الكبر والنفع‬
‫للخلق‪ ،‬كان ذلك دليل على انتفاء ربوبية ما دونها من أصنامهم‬
‫التي يعبدونها‪ ،‬لعظم الفارق بين الكواكب وبين أصنامهم التي‬
‫يجهدون في خدمتها دون أدنى نفع منها تجاههم ‪.‬‬
‫ومن ذلك ما ادعوه في حق إبراهيم عليه السلم أيضا ً من أنه‬
‫شك في قدرة الله سبحانه‪ ،‬حين سأله عن كيفية إحيائه الموتى‪،‬‬
‫قالوا ‪ :‬والشك في قدرة الله كفر‪ ،‬واستشهدوا على ذلك بقوله‬
‫تعالى‪ }:‬وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم‬
‫تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير‬
‫فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك‬
‫سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم { ) البقرة ‪ ، ( 260 :‬وأوردوا‬
‫أيضا ما رواه المام البخاري عن أبي هريرة – رضي الله عنه –‬
‫قال ‪ :‬قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ) نحن أحق‬
‫بالشك من إبراهيم إذ قال رب أرني كيف تحي الموتى ‪ ،‬قال‬
‫أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ( ‪.‬‬
‫والجواب على ما أوردوه ببيان أن ما صدر عن إبراهيم عليه‬
‫السلم لم يكن شكا في قدرة الباري سبحانه‪ ،‬فهو لم يسأل‬
‫قائل‪ :‬هل تستطيع يا رب أن تحيى الموتى؟ فيكون سؤاله سؤال‬
‫شك‪ ،‬وإنما سأل الله عز وجل عن كيفية إحيائه الموتى‪،‬‬
‫والستفهام بكيف إنما هو سؤال عن حالة شيء متقرر الوجود‬
‫عند السائل والمسؤول‪ ،‬ل عن شيء مشكوك في وجوده أصل‪،‬‬
‫ولو كان السؤال سؤال شك في القدرة لكانت صيغته‪ " :‬هل‬
‫تستطيع يا رب أن تحيى الموتى ؟ " وكيف يشك إبراهيم في‬
‫قدرة الباري سبحانه وهو الذي حاج النمرود بها‪ ،‬فقال‪ :‬ربي الذي‬
‫يحيى ويميت‪ ،‬وهو الذي يأتي بالشمس من المشرق‪ ،‬فاستدل‬
‫بعموم قدرة الباري على ربوبيته‪.‬‬
‫والسبب المحّرك لبراهيم على طلب رؤية كيفية إحياء الموتى‬
‫ج النمرود قائل‪ :‬إن الله يحيى‬ ‫هو أنه عليه السلم عندما حا ّ‬
‫ويميت‪ ،‬ادعى النمرود هذا المر لنفسه وأرى إبراهيم كيف يحيى‬
‫ويميت‪ ،‬فأحب عليه السلم أن يرى ذلك من ربه ليزداد يقينا‪،‬‬
‫وليترقى في إيمانه من درجة يقين الخبر "علم اليقين" إلى درجة‬
‫يقين المشاهدة "عين اليقين"‪ ،‬وكما جاء في الحديث ) ليس‬
‫الخبر كالمعاينة ( رواه أحمد ‪.‬‬
‫قال المام القرطبي ‪" :‬لم يكن إبراهيم عليه السلم شاكا ً في‬
‫إحياء الله الموتى قط وإنما طلب المعاينة‪ ،‬وذلك أن النفوس‬
‫مستشرفة إلى رؤية ما أخبرت به "‪ ،‬وقال المام الطبري ‪.. " :‬‬
‫مسألة إبراهيم ربه أن يريه كيف يحيي الموتى‪ ،‬كانت ليرى عيانا ً‬
‫ما كان عنده من علم ذلك خبرا ً " ‪.‬‬
‫أما قول النبي صلى الله عليه وسلم‪ ) :‬نحن أحق بالشك من‬
‫إبراهيم ( فمعناه أنه لو كان إبراهيم شاكا ً لكنا نحن أحق بالشك‬
‫منه‪ ،‬ونحن ل نشك فإبراهيم عليه السلم أيضا ل يشك‪ ،‬فالحديث‬
‫مبني على نفي الشك عن إبراهيم عليه السلم‪.‬‬
‫ومن أمثلة سوء فهم النص وتحميله ما ل يحتمل بغية الطعن في‬
‫النبياء ما قاله قوم من أن لوطا عليه السلم كان قليل التوكل‬
‫على الله عز وجل معتمدا على السباب اعتمادا كليا‪ ،‬واستشهدوا‬
‫على ذلك بقوله تعالى ‪ }:‬قال لو أني لي بكم قوة أو آوي إلى‬
‫ركن شديد {) هود‪ ،(80 :‬قالوا‪ :‬والذي يدل على صحة فهمنا أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم عاتبه على قوله ذاك‪ ،‬بقوله‪ ):‬ويرحم‬
‫الله لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد ( متفق عليه‪.‬‬
‫وجوابا ً على ذلك نقول لهم‪ :‬إن هذا سوء فهم منكم للحال التي‬
‫قال فيها لوط عليه السلم ما قال‪ ،‬والسبب الذي حمله على‬
‫ذلك القول ؟ فالنبياء عليهم السلم كانوا ُيبعثون في منعة من‬
‫أقوامهم‪ ،‬فُيبعث النبي من أشرف قبائل قومه وأمنعهم‪ ،‬فتكون‬
‫قبيلته ‪ -‬وإن لم تؤمن به ‪ -‬سندا له تحميه من كيد أعدائه‬
‫ومكرهم‪ ،‬كما قال تعالى عن شعيب } ولول رهطك لرجمناك {‬
‫)هود ‪ ،(91 :‬وكما كان بنو هاشم للنبي صلى الله عليه وسلم‬
‫حماة وسندا ‪.‬‬
‫وأما لوط عليه السلم فلم يبعث في قومه‪ ،‬وإنما بعث في مكان‬
‫هجرته من أرض الشام‪ ،‬فكان غريبا في القوم الذين بعث فيهم‪،‬‬
‫إذ لم يكن له فيهم عشيرة‪ ،‬لذلك عندما خاف عليه السلم أن‬
‫يوقع قومه الفضيحة بأضيافه تمنى أن لو كان بين عشيرته‬
‫ليمنعوه‪ ،‬وهذا من باب طلب السباب‪ ،‬وهو طلب مشروع كما ل‬
‫يخفى‪ ،‬لكن لما كانت هذه السباب غير متوفرة‪ ،‬كان الولى أن‬
‫يتوجه العبد بطلب العون من الله سبحانه‪ ،‬فهو المعين والناصر‪،‬‬
‫ومن هنا جاء عتاب النبي صلى الله عليه وسلم داعيا له بالمغفرة‬
‫والرحمة‪ ،‬فقال عليه الصلة والسلم‪ ) :‬يغفر الله للوط إن كان‬
‫ليأوي إلى ركن شديد ( رواه البخاري ‪ ،‬وقال ‪ ) :‬ويرحم الله لوطا‬
‫لقد كان يأوي إلى ركن شديد ( رواه البخاري ‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬ما نسب إلى النبياء من مطاعن وقعت منهم قبل‬
‫النبوة‬
‫من ذلك ما ادعوه في حق آدم عليه السلم من أنه عصى وأزله‬
‫َ‬
‫الشيطان‪ ،‬قالوا والذي يدل على قولنا‪ ،‬قوله تعالى‪ } :‬فَأك َل َ ِ‬
‫من َْها‬
‫ة‬
‫جن ّ ِ‬ ‫ق ال ْ َ‬
‫من وََر ِ‬ ‫ن ع َل َي ْهِ َ‬
‫ما ِ‬ ‫فا ِ‬
‫ص َ‬
‫خ ِ‬
‫قا ي َ ْ‬ ‫ما وَط َ ِ‬
‫ف َ‬ ‫وآت ُهُ َ‬
‫س ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ت ل َهُ َ‬
‫فَب َد َ ْ‬
‫وى { ) طه‪ (121 :‬وقوله في الية الخرى‪:‬‬ ‫ه فَغَ َ‬ ‫م َرب ّ ُ‬
‫صى آد َ ُ‬ ‫وَع َ َ‬
‫} فأزلهما الشيطان عنها {) البقرة ‪ (36 :‬والجواب على ما‬
‫أورده هؤلء أن ما وقع من آدم عليه السلم كان قبل نبوته‪ ،‬فل‬
‫يصح أن يتخذ ذريعة للطعن فيه عليه السلم‪ ،‬قال المام أبو بكر‬
‫بن فورك‪ ":‬كان هذا من آدم قبل النبوة‪ ،‬ودليل ذلك قوله تعالى ‪:‬‬
‫} ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى { فذكر أن الجتباء والهداية‬
‫كانا بعد العصيان‪ ،‬وإذا كان هذا قبل النبوة فجائز عليهم الذنوب‬
‫وجها ً واحدًا‪ ،‬لن قبل النبوة ل شرع علينا في تصديقهم‪ ،‬فإذا‬
‫بعثهم الله تعالى إلى خلقه وكانوا مأمونين في الداء معصومين‬
‫لم يضر ما قد سلف منهم من الذنوب"‪.‬‬
‫فإن قيل كيف يقال‪ :‬إن ما وقع من آدم عليه السلم كان قبل‬
‫نبوته‪ ،‬أوَ ليست النبوة هي الوحي من الله ؟ والله كان يكلم آدم‬
‫قبل أن يخرجه من الجنة كما تدل على ذلك اليات والحاديث‪،‬‬
‫قلنا‪ :‬النبوة المنفية هنا ليست هي مجرد الوحي‪ ،‬وإنما هي الوحي‬
‫إلى شخص النبي بشرع جديد أو بتجديد شرع سبقه‪ ،‬وهذا ما لم‬
‫تدل الدلة على أن آدم أعطيه عندما كان في الجنة مع زوجته‪،‬‬
‫فصح بذلك القول بأن ما وقع منه عليه السلم كان قبل نبوته‬
‫بالمعنى الخاص‪.‬‬
‫ومع أن ما وقع من آدم عليه السلم كان قبل نبوته إل أنه أتبعه‬
‫بالتوبة والنابة إليه سبحانه‪ ،‬وذلك لصفاء نفسه ومعرفته بمقام‬
‫ربه‪ ،‬قال تعالى‪ } :‬فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو‬
‫التواب الرحيم {)البقرة‪.(37:‬‬
‫ومن أمثلة ما أورده الطاعنون في حق النبياء عليهم السلم‪،‬‬
‫وشنعوا به على القرآن‪ ،‬وكان قبل النبوة ما أوردوه في حق‬
‫موسى عليه السلم من أنه ارتكب جريمة القتل‪ ،‬مستشهدين‬
‫على ذلك بقوله تعالى‪ }:‬ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها‬
‫فوجد فيها رجلين يقتتلن هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه‬
‫الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه‬
‫قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين {) القصص‪:‬‬
‫‪ (15‬قالوا‪ :‬وقد ندم موسى عليه السلم على هذه الجريمة‪،‬‬
‫ومنعه ندمه أن يتقدم بالشفاعة إلى رب العالمين‪ ،‬كما في حديث‬
‫الشفاعة الطويل ‪ ):‬فيأتون موسى‪ ،‬فيقولون‪ :‬يا موسى أنت‬
‫رسول الله‪ ،‬فضلك الله برسالته وبكلمه على الناس‪ ،‬اشفع لنا‬
‫إلى ربك‪ ،‬أل ترى إلى ما نحن فيه‪ ،‬فيقول‪ :‬إن ربي قد غضب‬
‫اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله‪ ،‬وإني قد‬
‫قتلت نفسا لم أؤمر بقتلها‪ ،‬نفسي‪ ،‬نفسي‪ ،‬نفسي (‪.‬‬
‫والجواب على ما أورده هؤلء الطاعنون في حق نبي الله موسى‬
‫عليه السلم أن ما وقع منه عليه السلم كان قبل نبوته‪ ،‬بدليل‬
‫قوله تعالى‪ } :‬قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك‬
‫سنين * وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين * قال‬
‫فعلتها إذا وأنا من الضالين * ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي‬
‫رب حكما وجعلني من المرسلين { ) الشعراء ‪ (21-18 :‬ثم لم‬
‫يكن قصد موسى عليه السلم قتله‪ ،‬وإنما قصد دفعه عن أخيه‪،‬‬
‫فقتله خطأ‪ ،‬وقد استغفر موسى ربه من هذه الفعلة‪ ،‬فغفر له‬
‫سبحانه‪ ،‬قال تعالى ‪ } :‬قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي‬
‫فغفر له إنه هو الغفور الرحيم { ) القصص ‪.( 16 :‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬ما نسب إلى النبياء من مطاعن وكانت في‬
‫حقيقتها أمورا على خلف الولى‬
‫من ذلك ما ادعوه في حق نبي الله سليمان عليه السلم من أنه‬
‫قعد يتفرج ويتمتع بالنظر لخيوله حتى خرج وقت الصلة‪ ،‬ثم‬
‫عندما علم بتضييع وقت الصلة بسبب تلك الخيول قام بذبحها‬
‫فكان في ذلك إهدارا ً للمال‪ ،‬وإزهاقا ً لرواح الخيل في غير وجه‬
‫حق‪ ،‬وزيادة تأخير للصلة‪ ،‬قالوا والذي يدل على ما قلنا قوله‬
‫تعالى‪ }:‬ووهبنا لداوود سليمان نعم العبد إنه أواب * إذ عرض‬
‫عليه بالعشي الصافنات الجياد * فقال إني أحببت حب الخير عن‬
‫ذكر ربي حتى توارت بالحجاب * ردوها علي فطفق مسحا ً‬
‫بالسوق والعناق { ) ص ‪.( 33-30 :‬‬
‫وجوابا ً على ذلك نقول‪ :‬إنه ليس في اليات ‪ -‬محل البحث ‪-‬‬
‫تصريح بأن سليمان عليه السلم قد ضيع الصلة الواجبة‪،‬‬
‫والتصريح الذي في اليات هو أن الخيل قد شغلته عن ذكر الله‪،‬‬
‫وهنا يحتمل أن يكون المراد بذكر الله الصلة المفروضة‪ ،‬ويحتمل‬
‫أن يكون المراد بها صلة النافلة‪ ،‬أو الذكر‪ ،‬وعلى أي احتمال‬
‫فليس في الية أنه ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬ترك الذكر متعمدا‪ ،‬بل‬
‫ظاهرها أنه نسي ذكر ربه باشتغاله بأمر الخيل ‪.‬‬
‫وكذلك ليس في الية تصريح بأن سليمان ذبح الخيل وأزهق‬
‫أرواحها ورماها عبثا‪ ،‬وإنما في الية التصريح بأنه مسح سوقها‬
‫وأعناقها‪ ،‬وقد قال بعض المفسرين أنه مسح الغبار عنها حبا فيها‪،‬‬
‫ومن قال‪" :‬ذبحها" لم يقل رمى لحمها‪ ،‬والظن به عليه السلم‬
‫إذا ذبحها أن يتصدق بلحمها‪ ،‬إذ في ذبحها والتصدق بلحمها ما‬
‫يكون أرضى للرب سبحانه‪ ،‬فكأنه عليه السلم يقول لربه‬
‫سبحانه‪ :‬هذه التي شغلتني عن ذكرك ذبحتها لك‪ ،‬وتصدقت بها‬
‫على عبادك‪.‬‬
‫وبهذا يتبين أن ما وقع من سليمان عليه السلم من اشتغاله‬
‫بالخيل عن ذكر الله إنما هو خلف الولى‪ ،‬وليس من باب‬
‫المعاصي والثام‪ ،‬بل هو من ربما كان من باب النسيان الذي ل‬
‫يؤاخذ عليه النسان ‪.‬‬
‫هذا بعض ما أورده الطاعنون في حق النبياء عليهم السلم‪ ،‬وقد‬
‫أجبنا عنه بما ل نزعم أنه ل مزيد عليه‪ ،‬ولكننا نحسب أننا فتحنا‬
‫أبوابا للحق‪ ،‬تضيء بنورها ظلمات الباطل فتزيلها‪ ،‬وينبغي‬
‫للمسلم إذا عرضت له شبهة من الشبهات تجاه أنبياء الله ودينه‬
‫أن يواجهها بالحجة والبرهان فيبحث في مظان كتب أهل العلم‪،‬‬
‫ويسأل المختصين‪ ،‬عمل بقوله تعالى‪ } :‬فاسألوا أهل الذكر إن‬
‫كنتم ل تعلمون {)النحل‪.(43 :‬‬
‫==================‬
‫مجموعه من الشبهات والرد عليها‬
‫‪YOUNESS‬‬
‫ضبا ً فَظ َ ّ‬
‫ن‬ ‫مَغا ِ‬ ‫ب ُ‬ ‫ن ِإذ ذ ّهَ َ‬ ‫ذا الّنو ِ‬ ‫وردت الشبهة فى قوله تعالى )) وَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َأن ّلن ن ّ ْ‬
‫حان َ َ‬
‫ك‬ ‫سب ْ َ‬‫ت ُ‬ ‫ه إ ِّل أن َ‬ ‫ت أن ّل إ ِل َ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫دى ِفي الظ ّل ُ َ‬ ‫قد َِر ع َل َي ْهِ فََنا َ‬
‫ك‬ ‫فل ْ ِ‬‫ن(( و قوله تعالى )) إ ِذ ْ أ َب َقَ إ َِلى ال ْ ُ‬ ‫مي َ‬ ‫ن ال ّ‬
‫ظال ِ ِ‬ ‫م َ‬
‫ت ِ‬ ‫كن ُ‬ ‫إ ِّني ُ‬
‫و‬
‫ت وَهُ َ‬ ‫حو ُ‬ ‫ه ال ْ ُ‬
‫م ُ‬ ‫ق َ‬‫ن * َفال ْت َ َ‬ ‫ضي َ‬ ‫ح ِ‬‫مد ْ َ‬‫ن ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫ن ِ‬
‫كا َ‬‫م فَ َ‬ ‫ساهَ َ‬ ‫ن * فَ َ‬ ‫حو ِ‬ ‫ش ُ‬‫م ْ‬‫ال ْ َ‬
‫م (( ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬كيف يعصى يونس أمر ربه ؟ و كيف يظن أن‬ ‫مِلي ٌ‬‫ُ‬
‫الله القادر على كل شىء لن يقدر عليه ؟‬
‫بعد الحمد لله و الصلة و السلم على رسول الله‪:‬‬
‫قال المام ابن حزم فى الملل )فأما يونس عليه السلم فلم‬
‫يغاضب ربه ‪ ،‬و لم يقل تعالى أنه ذهب مغاضبا ً ربه ‪ ،‬فمن زاد‬
‫هذه الزيادة كان قائل ً على الله الكذب و زائدا ً فى القرأن ما‬
‫ليس منه ‪ ،‬و هذا ما ل يجوز فإنما هو غاضب قومه و لم يوافق‬
‫ذلك مراد الله تعالى و إن كان يونس لم يقصد بذلك إل رضاء‬
‫الله عز و جل‪،‬و النبياء يقع منهم السهو بغير قصد و يقع منهم‬
‫الشىء يراد به وجه الله فيوافق خلف مراد الله تعالى((‬
‫و هذا هو المعنى الصحيح و الذى يتضح جليا ً بفهم قوله تعالى‬
‫ه(( ‪" ،‬جاء رجل فسأل ابن عباس‪ :‬كيف‬ ‫قد َِر ع َل َي ْ ِ‬ ‫ن َأن ّلن ن ّ ْ‬ ‫))فَظ َ ّ‬
‫يظن نبى الله يونس أن الله لن يقدر عليه؟ فقال ابن عباس‪:‬‬
‫َ‬
‫قد ََر ع َل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ما اب ْت ََله ُ فَ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ما إ ِ َ‬ ‫ليس هذا‪ ،‬ألم تقرأ قول الله تعالى ))وَأ ّ‬
‫ن ((‬ ‫ِ‬ ‫هان َ‬ ‫ل َرّبي أ َ َ‬ ‫قو ُ‬ ‫ه فَي َ ُ‬ ‫رِْزقَ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬‫ن لَ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫قال المام القرطبى فة تفسير قوله تعالى ))فَظ َ ّ‬
‫قد َِر ((‬ ‫نَ ْ‬
‫در الّله‬ ‫كان أّل ي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ق ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه إ ِب ِْليس وَوَقَعَ ِفي ظ َّنه إ ِ ْ‬ ‫ست َن َْزل َ ُ‬ ‫معَْناه ُ ا ْ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫]ِقي َ‬
‫َ‬
‫ي‬
‫فر ‪ُ .‬روِ َ‬ ‫ه كُ ْ‬ ‫ه ; ِلن ّ ُ‬ ‫غوب ع َن ْ ُ‬ ‫مْر ُ‬ ‫دود َ‬ ‫مْر ُ‬ ‫ول َ‬ ‫ذا قَ ْ‬ ‫مَعاقَب َت ِهِ ‪ .‬وَهَ َ‬ ‫ع َل َي ْهِ ب ِ ُ‬
‫سن ‪.‬‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ي عَ ْ‬ ‫مهْد َوِيّ ‪َ ,‬والث ّعْل َب ِ ّ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫كاه ُ ع َن ْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫جب َْير َ‬ ‫سِعيد ْبن ُ‬ ‫ن َ‬ ‫عَ ْ‬
‫ماء‬ ‫ن ال ْعُل َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫جب َْير وَك َِثير ِ‬ ‫سِعيد ْبن ُ‬ ‫طاء وَ َ‬ ‫ل عَ َ‬ ‫ي وََقا َ‬ ‫وَذ َك ََره ُ الث ّعْل َب ِ ّ‬
‫معناه ‪ :‬فَظ َ َ‬
‫وله‬ ‫ن قَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫سن ‪ :‬هُوَ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ضّيق ع َل َي ْهِ ‪َ .‬قا َ‬ ‫ن نُ َ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ َْ ُ‬
‫عد ‪[ 26 :‬‬ ‫در " ] الّر ْ‬ ‫ق ِ‬‫شاء وَي َ ْ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫سط الّرْزق ل ِ َ‬ ‫ت ََعاَلى ‪ " :‬الله ي َب ْ ُ‬
‫ّ‬
‫ن قُد َِر ع َل َي ْهِ رِْزقه " ] الط َّلق ‪. [ 7 :‬‬ ‫َ‬
‫م ْ‬ ‫وله " وَ َ‬ ‫ضّيق ‪ .‬وَقَ ْ‬ ‫أيْ ي ُ َ‬
‫سن ‪ .‬وَقَد ََر وَقُد َِر وَقَت ََر وَقُت َِر‬ ‫ح َ‬ ‫سِعيد َوال ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫قو ْ ِ‬ ‫شَبه ب ِ َ‬ ‫ذا اْل َ ْ‬ ‫قُْلت ‪ :‬وَهَ َ‬
‫َ‬
‫ي‬
‫ماوَْرد ِ ّ‬ ‫ما ذ َك ََره ُ ال ْ َ‬ ‫ول ا ِْبن ع َّباس ِفي َ‬ ‫ضي ّقَ وَهُوَ قَ ْ‬ ‫معًْنى ‪ ,‬أيْ ُ‬ ‫بِ َ‬
‫مهْد َوِيّ ‪.‬‬ ‫َوال ْ َ‬
‫كم ; أ َي فَظ َ َ‬
‫ن‬‫ن لَ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ْ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ح ْ‬ ‫ضاء َوال ْ ُ‬ ‫ق َ‬ ‫ذي هُوَ ال ْ َ‬ ‫در ال ّ ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ‪ :‬هُوَ ِ‬ ‫وَِقي َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫خوذ ِ‬ ‫مأ ُ‬ ‫فّراء ‪َ .‬‬ ‫هد َوال ْ َ‬ ‫جا ِ‬ ‫م َ‬ ‫دة وَ ُ‬ ‫ه قََتا َ‬ ‫قوب َةِ ; َقال َ ُ‬ ‫ضي ع َل َي ْهِ ِبال ْعُ ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫نَ ْ‬
‫عة[‬ ‫طا َ‬ ‫ست ِ َ‬ ‫قد َْرة َواِل ْ‬ ‫دون ال ْ ُ‬ ‫كم ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫در وَهُوَ ال ْ ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫فكلمة نقدر عليه ل تشير ههنا إلى معنى الستطاعة فهذا ما ل‬
‫يظنه أحاد الناس فضل ً عن نبى ‪ ،‬و إنما تشير إلى معنى التضييق‪،‬‬
‫فيونس عليه السلم لما دعى قومه للتوحيد و نفروا منه و أذوه‬
‫تركهم غضبانا ً لله و لم يظن أن الله يحاسبه و يضيق عليه لذلك‪،‬‬
‫و إنما حاسبه الله لنه لم يصبر عليهم و خرج منهم قبل الذن ‪،‬‬
‫ت إ ِذ ْ‬ ‫حو ِ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫صا ِ‬‫كن ك َ َ‬ ‫ك وََل ت َ ُ‬ ‫حك ْم ِ َرب ّ َ‬ ‫صب ِْر ل ِ ُ‬ ‫كما قال تعالى ))َفا ْ‬
‫م (( و قد نبه رسول الله )ص( إلى هذا المر و‬ ‫ظو ٌ‬ ‫مك ْ ُ‬ ‫دى وَهُوَ َ‬ ‫َنا َ‬
‫حذر من أن يسىء إنسان الظن بنبى الله يونس فقال عليه‬
‫الصلة و السلم‪ )) :‬ل يقولن أحدكم إني خير من يونس (( رواه‬
‫البخارى‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه "قال ‪ -‬يعني الله تبارك‬
‫وتعالى ‪ -‬ل ينبغي لعبد لي )وقال ابن المثنى ‪ :‬لعبدي( أن يقول ‪:‬‬
‫أنا خير من يونس بن متى‪ ،‬عليه السلم"رواه مسلم‪.‬‬
‫و قال عليه الصلة و السلم‪)) :‬ما ينبغي لنبي أن يقول ‪ :‬إني خير‬
‫من يونس بن متى(( صحيح أبو داود لللبانى‬
‫و قال عليه الصلة و السلم ))ومن قال أنا خير من يونس بن‬
‫متى فقد كذب(( صحيح ابن ماجة‬
‫و هذا من تعظيم رسول الله )ص( لشأن اخوانه النبياء و دفاعه‬
‫عنهم عليهم صلوات الله أجمعين‬
‫و هفوة نبى الله يونس هذه لو صدرت عن غيره لعتبرها فى‬
‫ميزان الفضيلة و لكن يونس عليه السلم أوخذ يها نظرا ً لرفيع‬
‫مقامه كما نقول دائما ً )حسنات البرار سيئات المقربين( ‪ ،‬و‬
‫فعاقب الله تعالى نبيه يونس بموجب )التربية الخاصة( لتزكية‬
‫نفسيه الطاهرة و السمو بها عن كل شائبة‪ ،‬و قد تضرع عليه‬
‫السلم إلى ربه منيبا ً معترفا ً بخطئه فقال عليه السلم " ل إله إل‬
‫أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين ‪ "..‬فاستجاب له ربه تعالى‬
‫و جعل دعاءه هذا مأثورا ً لرفع الكرب إلى يوم القيامة‪"... ،‬‬
‫‪MOISE‬‬
‫الولى‪:‬‬
‫فل َ ٍ‬
‫ة‬ ‫ن غَ ْ‬ ‫حي ِ‬ ‫ة ع ََلى ِ‬ ‫دين َ َ‬‫م ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫خ َ‬ ‫وردت الشبهة فى قوله تعالى )) وَد َ َ‬
‫م َ‬
‫ه‬
‫ن ع َد ُوّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ذا ِ‬ ‫شيعَت ِهِ وَهَ َ‬ ‫من ِ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫قت َت َِل ِ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫جد َ ِفيَها َر ُ َ‬
‫جلي ْ ِ‬ ‫ن أهْل َِها فَوَ َ‬ ‫ّ ْ‬
‫سى‬ ‫مو َ‬ ‫َ‬
‫ن ع َد ُوّهِ فَوَكَزه ُ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ذي ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫شيعَت ِهِ ع َلى ال ِ‬ ‫من ِ‬ ‫ذي ِ‬ ‫ّ‬
‫ه ال ِ‬ ‫ست ََغاث َ ُ‬ ‫َفا ْ‬
‫ن ‪((..‬‬ ‫مِبي ٌ‬ ‫ل ّ‬ ‫ض ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ع َد ُوّ ّ‬ ‫ن إ ِن ّ ُ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫ضى ع َل َي ْهِ َقا َ‬ ‫ق َ‬ ‫فَ َ‬
‫فقالوا‪ :‬كيف يقتل موسى نفسا ً ؟‬
‫بعد الحمد لله و الصلة و السلم على رسول الله‪:‬‬
‫فإن موسى عليه السلم ل تثريب عليه في قتل القبطى لسببين‪:‬‬
‫الول‪ :‬أنه تدخل عليه السلم لنصرة مؤمن مستضعف إستغاثه‬
‫من يد كافر متجبر‬
‫الثانى‪ :‬أن موسى لم يقصد قتله و إنما قصد ردعه فمات فل‬
‫تعمد ههنا و بالتالى ل تناقض مع عصمته الشريفة‪ ،‬و لعل‬
‫الشكال نشأ فى عقول القوم بسبب الرواية التوراتية التى تظهر‬
‫موسى فى صورة القاتل المتعمد المتربص الذى استطلع الجواء‬
‫ث ِفي ت ِل ْ َ َ‬
‫ما ك َب َِر‬ ‫ك لّيام ِ ل َ ّ‬ ‫حد َ َ‬ ‫ثم أقدم على جريمته‪11 .« )).‬وَ َ‬
‫صرِي ّا ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خوَت ِهِ ل ِي َن ْظ َُر ِفي أث ْ َ‬ ‫ج إ َِلى إ ِ ْ‬ ‫َ‬
‫م ْ‬ ‫جل ً ِ‬ ‫م فََرأى َر ُ‬ ‫قال ِهِ ْ‬ ‫خَر َ‬ ‫ه َ‬ ‫سى أن ّ ُ‬ ‫مو َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ت إ ِلى هَُنا وَهَُناك وََرأى أ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫خوَت ِهِ ‪12‬فالت َ َ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫عب َْران ِي ّا ِ‬ ‫جل ِ‬ ‫ب َر ُ‬ ‫ضرِ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ل(( خروج ‪11 :2‬‬ ‫م ِ‬ ‫مَره ُ ِفي لّر ْ‬ ‫صرِيّ وَط َ‬ ‫م ْ‬ ‫لل ِ‬ ‫قت َ َ‬ ‫حد ٌ ف َ َ‬ ‫سأ َ‬ ‫ل َي ْ َ‬
‫أما الرواية القرأنية فلم تقل أن موسى قتله كى ل يشكل المعنى‬
‫ل‬
‫م ِ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫ضى ع َل َي ْهِ َقا َ‬ ‫ق َ‬ ‫سى فَ َ‬ ‫مو َ‬ ‫بل قال تعالى ))‪.‬فَوَك ََزه ُ ُ‬
‫ن ‪ ((.‬قال القرطبى و ابن كثير عن‬ ‫مِبي ٌ‬ ‫ل ّ‬ ‫ض ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ع َد ُوّ ّ‬ ‫ن إ ِن ّ ُ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬ ‫هد ‪" :‬ب ِك َ ّ‬
‫فهِ ; أيْ د َفَعَ ُ‬
‫ه‬ ‫جا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ه" وََقا َ‬ ‫صا ُ‬ ‫دة قال ‪ " :‬وكزه ب ِعَ َ‬ ‫قََتا َ‬
‫مِع‬ ‫ج ْ‬ ‫ضْرب ب ِ ُ‬ ‫حد ‪ ,‬وَهُوَ ال ّ‬ ‫معًْنى َوا ِ‬ ‫كز َوالل ّْهز َوالل ّْهد ب ِ َ‬ ‫كز َوالل ّ ْ‬ ‫َوال ْوَ ْ‬
‫ن" ((‬ ‫سب ِْعي َ‬ ‫قد ِ ث ََلَثة وَ َ‬ ‫عا ك َعَ ْ‬ ‫مو ً‬ ‫ج ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ال ْك َ ّ‬
‫فما فعله موسى هو أن وكز القبطى و كان شديد القوة عليه‬
‫السلم فلم يحتمل القبطى فمات‪ ،‬و هذه أول مرة فى التاريخ‬
‫يتم فيها الشارة إلى هذا التفريق بين القتل العمد و القتل الخطأ‬
‫و ما يعرف بالضرب المفضى إلى الموت‪ ،‬فالقرأن العظيم هو‬
‫أول من فرق بين هذه الحالت الثلث و لم يسبقه أى نظام‬
‫قانونى فى العالم فى بيان هذا التشريع العادل الراقى و لله‬
‫الحمد و المنة‬
‫الشبهة الثانية‪:‬‬
‫وردت الشبهة فى الحديث البخارى عن أبي هريرة رضي الله‬
‫عنه قال ))أرسل ملك الموت إلى موسى عليهما السلم فلما‬
‫جاءه صكه فرجع إلى ربه فقال أرسلتني إلى عبد ل يريد الموت‬
‫قال ارجع إليه فقل له يضع يده على متن ثور فله بما غطت يده‬
‫بكل شعرة سنة قال أي رب ثم ماذا قال ثم الموت قال فالن‬
‫قال فسأل الله أن يدنيه من الرض المقدسة رمية بحجر قال أبو‬
‫هريرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كنت ثم لريتكم‬
‫قبره إلى جانب الطريق تحت الكثيب الحمر((‬
‫فقالوا كيف يعتدى موسى عليه السلم على ملك الله ؟ و كيف‬
‫يرفض قدر الله؟!‬
‫بعد الحمد لله و الصلة و السلم على رسول الله‪:‬‬
‫أول ً‬
‫قال ابن خزيمة‪} :‬الجواب أن الله لم يبعث ملك الموت لموسى‬
‫وهو يريد قبض روحه حينئذ ‪ ,‬وإنما بعثه إليه اختبارا وإنما لطم‬
‫موسى ملك الموت لنه رأى آدميا دخل داره بغير إذنه ولم يعلم‬
‫أنه ملك الموت ‪ ,‬وقد أباح الشارع فقء عين الناظر في دار‬
‫المسلم بغير إذن ‪ ,‬وقد جاءت الملئكة إلى إبراهيم وإلى لوط‬
‫في صورة آدميين فلم يعرفاهم ابتداء ‪ ,‬ولو عرفهم إبراهيم لما‬
‫قدم لهم المأكول ‪ ,‬ولو عرفهم لوط لما خاف عليهم من‬
‫قومه ‪{ .‬‬
‫ولخص الخطابي كلم ابن خزيمة وزاد فيه أن موسى دفعه عن‬
‫نفسه لما ركب فيه من الحدة ‪ ,‬وأن الله رد عين ملك الموت‬
‫ليعلم موسى أنه جاءه من عند الله فلهذا استسلم حينئذ‪،‬‬
‫قلت ‪ :‬و هذا هو الصواب قطعا ً خاصة و أن الملك لم يأت‬
‫موسى بصورته و إنما جاءه متشكل ً فأنكره موسى ‪ ،‬كما أنه لم‬
‫يبدأ بتخييره قبل قبضه و معلوم أنه ما ُقبض نبى قبل تخييره ‪،‬‬
‫فكان الحال أن فوجىء موسى برجل فى بيته يطلب موته!!‬
‫و الدليل أن موسى عليه السلم لم يفعل ذلك كرها ً لقضاء الله‬
‫كما يزعمون أن الله تعالى ما عاقبه ول عاتبه على ذلك ‪ ،‬بل‬
‫أكرمه فأرسل إليه الملك مرة أخرى و قد عاد كامل ً سليما ً فعلمه‬
‫موسى حينئذ ‪ ،‬فلما خيره أن يموت فى الحال أو أن يضع يده‬
‫على متن ثور و يكون له بكل شعره غطتها يده سنة رد موسى‬
‫ل‪ )) :‬أى رب ثم ماذا ؟ قال‪:‬ثم الموت‪ ،‬قال‪:‬فالن(( أى أن‬ ‫قائ ً‬
‫موسى فضل الموت فى حينه و اللتحاق بالرفيق العلى عن‬
‫العيش فى الدنيا للف السنين الخرى‪ ،‬فكيف يقال أنه كان‬
‫يكره الموت بعد ذلك؟!‬
‫و مرة أخرى نذكر بما ورد فى حديث الشفاعة الكبرى و فيه أن‬
‫الناس يأتون موسى عليه السلم يستشفعونه فيصرفهم و‬
‫يذكرهم بخطيئة واحدة اقترفها و هى قتل القبطى ))فيقول ‪:‬‬
‫لست هناكم‪ ،‬ويذكر قتل النفس بغير نفس‪ ،‬فيستحي من ربه‬
‫فيقول ‪ :‬ائتوا عيسى عبد الله ورسوله((‬
‫فلو كان فعله مع الملك تجاوزا ً لكان أولى بالذكرمن قتل غير‬
‫مقصود لنفس جائرة‪ ،‬و مع ذلك فموسى ل يذكر إل هذه المسألة‬
‫فقط و يعدها خطيئة بيد أنها ليست كذلك كما أوضحنا من قبل ‪،‬‬
‫و أن الله اصطفاه و جعله رسوله و كليمه بعد ذلك كما قال‬
‫هّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سى فَب َّرأه ُ الل ُ‬ ‫مو َ‬ ‫ن آذ َْوا ُ‬ ‫كال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫كوُنوا َ‬ ‫مُنوا َل ت َ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫تعالى ))َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫جيها ً (( و كما قال تعالى فى ثناءه على‬ ‫عند َ الل ّهِ وَ ِ‬‫ن ِ‬ ‫كا َ‬‫ما َقاُلوا وَ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ِ‬
‫سول ً‬‫ن َر ُ‬ ‫خَلصا ً وَ َ‬
‫كا َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ه َ‬
‫كا َ‬ ‫سى إ ِن ّ ُ‬
‫مو َ‬ ‫ب ُ‬ ‫موسى ))َواذ ْك ُْر ِفي ال ْك َِتا ِ‬
‫ن ّب ِي ّا ً ((‬
‫إل أن هذا هو شأن النبياء فى إستعظامهم لكل خطأ غير مقصود‬
‫لشدة تعظيمهم لحق الله تعالى و حرماته‬
‫ثانيا ً‬
‫أعجب ممن يتحدثون عن كراهية الموت و العتراض على قضاء‬
‫الله بينما نجد فى كتبهم أن المسيح قد رفض الموت و طلب من‬
‫الله أن يدفع عنه هذه الكأس المرة‬
‫))‪ 35‬ثم تقدم قليل وخّر على الرض وكان يصّلي لكي تعبر عنه‬
‫الساعة ان امك ‪ 36‬وقال يا ابا الب كل شيء مستطاع لك‬
‫‪.‬فاجز عني هذه الكاس ‪.‬ولكن ليكن ل ما اريد انا بل ما تريد‬
‫انت ‪ ((.‬مرقس ‪36 ،35:14‬‬
‫ل‪)) :‬‬‫و كذلك نجد يائسا ً ساخطا ً على الصليب! فصرخ فى ربه قائ ً‬
‫‪ 34‬وفي الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائل ألوي‬
‫ألوي لما شبقتني ‪.‬الذي تفسيره الهي الهي لماذا تركتني ‪((.‬‬
‫مرقس ‪34:15‬‬
‫‪SOLOMON‬‬
‫جاءت الشبهة فى ما نقلته بعض كتب التفسير عند قوله تعالى‬
‫قينا ع ََلى ك ُرسيه جسدا ث ُ َ‬ ‫َ‬
‫ب((‬‫م أَنا َ‬
‫ْ ِ ّ ِ َ َ ً ّ‬ ‫ن وَأل ْ َ ْ َ‬ ‫سل َي ْ َ‬
‫ما َ‬ ‫))وَل َ َ‬
‫قد ْ فَت َّنا ُ‬
‫و هى روايات تزعم أن سليمان عليه السلم كان له خاتم يكمن‬
‫فيه سر ملكوته فتشكل الشيطان فى هيئته مرة و أخذ الخاتم‬
‫من زوجته التى كانت تحفظه بينما كان سليمان يقضى حاجته‪،‬‬
‫فتسلط الشيطان على ملك سليمان و جار و ظلم‪ ،‬بينما كذب‬
‫الناس سليمان و افتقر حتى وجد الخاتم فى جوف سمكة‬
‫اصطادها يوما ً ‪ ،‬و عاد إليه ملكه ‪ ،‬و من هذه الروايات ما أورده‬
‫ل ا ِْبن‬ ‫السيوطى عن قتادة و مجاهد فى الدر المنثور ‪ ،‬قال‪ }:‬وََقا َ‬
‫قي َْنا ع ََلى‬ ‫ك وَت ََعاَلى " وَأ َل ْ َ‬ ‫وله ت ََباَر َ‬ ‫هد ِفي قَ ْ‬ ‫جا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ُ‬ ‫جيح ع َ ْ‬ ‫أِبي ن َ ِ‬
‫َ‬
‫مان ع َل َي ْهِ‬ ‫سل َي ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫صف فَ َ‬ ‫هآ َ‬ ‫قال ل َ ُ‬ ‫طاًنا ي ُ َ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫دا " َقا َ‬ ‫س ً‬ ‫ج َ‬ ‫سّيه َ‬ ‫ك ُْر ِ‬
‫ما‬ ‫خِبرك فَل َ ّ‬ ‫خاَتمك أ ُ ْ‬ ‫ل أ َرِِني َ‬ ‫ن الّناس ؟ َقا َ‬ ‫فت ُِنو َ‬ ‫ف تَ ْ‬ ‫سَلم ك َي ْ َ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سلم‬ ‫مان ع َلي ْهِ ال ّ‬ ‫سلي ْ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫سا َ‬ ‫حر فَ َ‬ ‫صف ِفي الب َ ْ‬ ‫أع ْطاه ُ إ ِّياه ُ ن َب َذ َه ُ آ َ‬
‫ك وَت ََعاَلى‬ ‫ه الّله ت ََباَر َ‬ ‫من َعَ ُ‬ ‫سّيه وَ َ‬ ‫صف ع ََلى ك ُْر ِ‬ ‫مْلكه وَقَعَد َ آ َ‬ ‫ب ُ‬ ‫وَذ َهَ َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫كا َ‬ ‫ل فَ َ‬ ‫ه َقا َ‬ ‫ه وَأن ْك َْرن َ ُ‬ ‫قَرب ْن َ ُ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ن وَل َ ْ‬ ‫قَربهُ ّ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫مان فَل َ ْ‬ ‫سل َي ْ َ‬ ‫ساء ُ‬ ‫ن نِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫قول أت َعْرُِفون َِني ؟‬ ‫َ‬ ‫ست َطِعم فَي َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سلم ي َ ْ‬ ‫صلة َوال ّ‬ ‫مان ع َلي ْهِ ال ّ‬ ‫سلي ْ َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫حوًتا‬ ‫ما ُ‬ ‫مَرأته ي َوْ ً‬ ‫ه اِ ْ‬ ‫حّتى أع ْطت ْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫مان فَي ُكذ ُّبون َ ُ‬ ‫سلي ْ َ‬ ‫موِني أَنا ُ‬ ‫أطعِ ُ‬
‫مْلكه {‬ ‫جعَ إ ِل َي ْهِ ُ‬ ‫طنه فََر َ‬ ‫خاَتمه ِفي ب َ ْ‬ ‫جد َ َ‬ ‫طنه فَوَ َ‬ ‫ح بَ ْ‬ ‫فت َ َ‬ ‫فَ َ‬
‫سَلم‬ ‫صَلة َوال ّ‬ ‫مان ع َل َي ْهِ ال ّ‬ ‫سل َي ْ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫كا َ‬ ‫و كذا رواه عن قتادة قال }‪َ .َ..‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫إ َ َ‬
‫ما‬‫خات َم ِ َفان ْط َل َقَ ي َوْ ً‬ ‫خل ِبال ْ َ‬ ‫م ي َد ْ ُ‬ ‫مام ل َ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫خَلء أوْ ال ْ َ‬ ‫خل ال ْ َ‬ ‫ن ي َد ْ ُ‬ ‫ذا أَراد َ أ ْ‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫َ‬
‫قاَرفة قاَر َ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫عْند ُ‬ ‫َ‬
‫ه وَذل ِك ِ‬ ‫َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫خر َ‬ ‫ص ْ‬ ‫مام وَذل ِك الشي ْطان َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ْ‬
‫إ ِلى ال َ‬ ‫َ‬
‫خاَتمه‬ ‫شي ْطان َ‬ ‫َ‬ ‫مام وَأع ْطى ال ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫خ َ‬ ‫ل فَد َ َ‬ ‫سائ ِهِ َقا َ‬
‫ح ّ‬ ‫ل ال َ‬ ‫ِفيَها ب َْعض ن ِ َ‬
‫ي‬
‫ق َ‬
‫ُ‬
‫ه وَأل ْ ِ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫مان ِ‬ ‫سل َي ْ َ‬ ‫مْلك ُ‬ ‫كة وَن ُزِع َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫ه َ‬ ‫مت ْ ُ‬ ‫ق َ‬ ‫حر َفال ْت َ َ‬ ‫قاه ُ ِفي ال ْب َ ْ‬ ‫فَأ َل ْ َ‬
‫سّيه‬ ‫قعَد َ ع ََلى ك ُْر ِ‬ ‫جاَء فَ َ‬ ‫ل فَ َ‬ ‫مان َقا َ‬ ‫سل َي ْ َ‬ ‫شَبه ُ‬ ‫طان َ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ع ََلى ال ّ‬
‫جعَ َ‬
‫ل‬ ‫ل فَ َ‬ ‫سائ ِهِ َقا َ‬ ‫مان ك ُّله غ َْير ن ِ َ‬ ‫سل َي ْ َ‬ ‫مْلك ُ‬ ‫ط ع ََلى ُ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ريره وَ ُ‬ ‫س ِ‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬
‫شَياء {‪.‬‬ ‫هأ ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫جعَُلوا ي ُن ْك ُِرو َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫ضي ب َْينه ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫بعد الحمد لله و الصلة و السلم على رسول الله‪:‬‬
‫لشك عقل ً و نقل ً فى كون هذه الخرافات من أكاذيب بنى‬
‫إسرائيل و أباطيلهم‪،‬و أن ابن عباس و غيره تلقوها عن مسلمة‬
‫أهل الكتاب و ليس أدل على ذلك مما ذكره السيوطى فى‬
‫تفسيره قال‪ } :‬و أخرج عبدالرازق‪ ،‬و ابن منذر‪ ،‬عن ابن عباس‬
‫قال‪ :‬أربع أيات من كتاب الله لم أدر ما هى؟ حتى سألت عنهم‬
‫قد ْ فَت َّنا‬ ‫كعب الحبار‪ .....‬و ذكر منها ‪ :‬و سألته عن قوله تعالى ))وَل َ َ‬
‫قينا ع ََلى ك ُرسيه جسدا ث ُ َ‬ ‫َ‬
‫ب(( قال‪ :‬الشيطان أخذ‬ ‫م أَنا َ‬ ‫ْ ِ ّ ِ َ َ ً ّ‬ ‫ن وَأل ْ َ ْ َ‬ ‫ما َ‬ ‫سل َي ْ َ‬ ‫ُ‬
‫خاتم سليمان عليه السلم الذى فيه ملكه‪ ،‬فقذف به فى البحر‪،‬‬
‫فوقع فى بطن سمكة‪ ،‬فانطلق سليمان يطوف إلى أن تصدق‬
‫عليه بتلك السمكة فاشتواها ‪ ،‬فأكلها ‪ ،‬فإذا فيها خاتمه‪ ،‬فرجع له‬
‫ملكه{ ‪،‬‬
‫و كعب الحبار من مسلمة أهل الكتاب المشهورين بحكاية‬
‫ترهات السرائيليات شأنه فى ذلك شأن وهب ابن منبه و غيره‪.‬‬
‫‪ -‬و قد نوهنا مرارا ً أن مثل هذه الروايات ‪ -‬و إن وردت‪ -‬عن نفر‬
‫من الصحابة الكرام فهذا ل ينفى كونها نفسها من السرائيليات‬
‫التى تناقلوها عن مسلمة أهل الكتاب‪ ،‬و ل حجة فى أخبار أمم‬
‫السابقة إل بما وصل إلينا صحيحا ً فى كتاب الله و سنة رسول‬
‫الله )ص(‬
‫و قد نبه إلى ذلك أيضا ً المام القاضى عياض‬
‫‪YOUSSEF‬‬
‫الشبهة ‪:‬‬
‫َ‬
‫ول أن‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ب َِها ل ْ‬ ‫ت ب ِهِ وَهَ ّ‬ ‫م ْ‬‫قد ْ ه َ ّ‬‫وردت الشبهة فى قوله تعالى ))وَل َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫شاء إ ِن ّ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ف ْ‬‫سوَء َوال ْ َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ف ع َن ْ ُ‬‫صرِ َ‬ ‫ن َرب ّهِ ك َذ َل ِ َ‬
‫ك ل ِن َ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫ّرَأى ب ُْر َ‬
‫ن (( فزعموا أن يوسف عليه السلم عزم القيام‬ ‫خل َ ِ‬
‫صي َ‬ ‫م ْ‬‫عَباد َِنا ال ْ ُ‬
‫ِ‬
‫بالفاحشة ‪ ،‬و ساعدهم على السهاب فى بهتانهم بعض الروايات‬
‫الباطلة المنقولة عن مسلمة أهل الكتاب و بعض الصحابة أوردها‬
‫و تبناها ابن جرير و صاحب الدر المنثور و غيرهما ‪ ،‬مفادها‬
‫باختصار أن يوسف عليه السلم حل سراويله فصيح به‪ :‬يا يوسف‬
‫ل تكن كالطير له ريش فإذا زنى قعد ليس له ريش‪ ،‬و قيل ‪ :‬رأى‬
‫كفا ً مكتوبا ً عليها أيات قرأنية بالعبرية‪ ،‬و قيل ‪ :‬رأى صورة يعقوب‬
‫على الحائط‪ ،‬بل و زعموا أنه لما لم يرعوا من رؤية صورة أبيه‬
‫عاضا ً على أنامله ضربه أبوه يعقوب فخرجت شهوته من‬
‫أنامله !!‬
‫بعد الحمد لله و الصلة و السلم على رسول الله‪:‬‬
‫فإن هذه الروايات الباطلة ل تعدو أن تكون من أكاذيب و‬
‫افتراءات السرائيليات و لم يصح أى من هذه الخرافات على‬
‫الطلق على لسان رسول الله عليه الصلة و السلم ‪ ،‬و إنما‬
‫وردت موقوفة كما أن بعض طرقها تصل إلى وهب بن منبه و هو‬
‫من مسلمة أهل الكتاب المشهورين بكثرة اسرائيلياتهم و كذا‬
‫كعب الحبار ‪ ،‬و كان ابن عباس و ابن عمر و غيرهم من الصحابة‬
‫الكرام يحدثون عنهم أخذا ً برخصة ذلك‪ ،‬حتى انه روى عن بعض‬
‫الصحابة أنه كان يملك حمل بعيرين من كتب القوم! و هذه‬
‫مسألة فصل فيها أئمة المحققين‪،‬‬
‫و قد نبه لهذا المر ثلة من كبار المفسرين كالمام ابن كثير و‬
‫القاسمى و السعدى و السنوسى و أبو السعود و الزمخشرى و‬
‫غيرهم‪ ،....‬قال القاسمى} هذا و قد ألصق بعض المفسرين‬
‫المولعين برواية كل غث و ثمين ما تلقفوه من أهل الكتاب و‬
‫بعض المتقولين من تلك الروايات الباطلة التى أنزه قلمى عن‬
‫نقلها لردها‪ ،‬و كلها خرافات و أباطيل{ و ليس أدل على بطلن‬
‫هذه الرويات من تهافتها و اختلفها ‪ ،‬و الحق أبلج و الباطل‬
‫لجلج ‪ ،‬و كذلك ينكشف زيفها من خلل الرواية الموضوعة‬
‫الخرى التى نسبت إلى النبى عليه الصلة و السلم زورا ً أنه لما‬
‫َ‬ ‫م أَ ُ‬ ‫ك ل ِيعل َ َ‬
‫دي ك َي ْد َ‬ ‫ه ل َ ي َهْ ِ‬‫ن الل ّ َ‬ ‫ب وَأ ّ‬ ‫ه ِبال ْغَي ْ ِ‬‫خن ْ ُ‬ ‫م أّني ل َ ْ‬ ‫قرأ‪)) :‬ذ َل ِ َ َ ْ َ‬
‫ن(( قال‪ :‬لما قال يوسف ذلك قال له جبريل‪ :‬ول يوم‬ ‫خائ ِِني َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫هممت بما همت به؟‬
‫و حاشا لله أن يكون رسول الله )ص( قد تلفظ بشىء من هذا‬
‫العبث ‪ ،‬و هو الذى نزه اخوانه النبياء و أكرمهم فى كل موضع‪ ،‬و‬
‫قال فى مديح صبريوسف على البلء ))لو لبثت في السجن طول‬
‫ما لبث يوسف لجبت الداعي(( و قال عليه الصلة و السلم عن‬
‫يوسف أيضا ً ))فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي‬
‫الله ابن خليل الله((‬
‫و قد نسى من دس هذه الرواية )الموضوعة( أن قوله تعالى‬
‫ب(( ليست مقالة سيدنا يوسف‬ ‫ه ِبال ْغَي ْ ِ‬ ‫خن ْ ُ‬ ‫م أَ ُ‬ ‫م أّني ل َ ْ‬
‫ك ل ِيعل َ َ‬
‫))ذ َل ِ َ َ ْ َ‬
‫عليه السلم و إنما هى مقالة امرأة العزيز ‪ ،‬و هو ما يتفق مع‬
‫سياق الية‪ ،‬ذلك‪ :‬أن الملك لما أرسل رسوله إلى يوسف‬
‫لحضاره من السجن قال له‪ :‬ارجع إلى ربك‪ ،‬فاسأله ما بال‬
‫النسوة اللتى قطعن أيديهم فأحضر النسوة‪ ،‬و سألهن‪ ،‬و شهدن‬
‫ببراءة يوسف‪ ،‬فلم تجد امرأة العزيز بدا ً من العتراف بفعلتها و‬
‫مَرأ َةُ‬ ‫تا ْ‬ ‫أن يوسف هو الذى استعصم فلم تقع الفاحشة ))َقال َ ِ‬
‫َ‬
‫ن‬‫م َ‬‫ه لَ ِ‬ ‫سهِ وَإ ِن ّ ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫عن ن ّ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫حقّ أن َا ْ َراَودت ّ ُ‬ ‫ص ال ْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ص َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن َ‬ ‫زيزِ ال َ‬ ‫ِ‬ ‫ال ْعَ‬
‫َ‬ ‫م أَ ُ‬ ‫ك ل ِيعل َ َ‬
‫دي ك َي ْد َ‬ ‫ه ل َ ي َهْ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ب وَأ ّ‬ ‫ه ِبال ْغَي ْ ِ‬ ‫خن ْ ُ‬ ‫م أّني ل َ ْ‬ ‫ن * ذ َل ِ َ َ ْ َ‬ ‫صاد ِِقي َ‬ ‫ال ّ‬
‫ن (( فكل ذلك من قولها ‪ ،‬و لم يكن يوسف حاضرا ً بل‬ ‫خائ ِِني َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫كان فى السجن ‪ ،‬فكيف يعقل أن يصدر منه ذلك فى مجلس‬
‫التحقيق الذى عقده العزيز؟‬
‫و قد انتصر لهذا الرأى السديد المام ابن تيمية و ألف فى ذلك‬
‫ك‬ ‫تصنيفا ً على حده‪ ،‬و قال المام ابن كثير فى تفسيره‪ "} :‬ذ َل ِ َ‬
‫سي‬ ‫ف ِ‬ ‫ذا ع ََلى ن َ ْ‬ ‫ما ا ِع ْت ََرْفت ب ِهَ َ‬ ‫قول إ ِن ّ َ‬ ‫ب " تَ ُ‬ ‫ه ِبال ْغَي ْ ِ‬ ‫خن ْ ُ‬ ‫م أَ ُ‬ ‫ل ِي َعَْلم أّني ل َ ْ‬
‫َ‬
‫ذور‬ ‫ح ُ‬ ‫م ْ‬ ‫مر وََل وَقَعَ ال ْ َ‬
‫َ‬
‫فس اْل ْ‬ ‫ب ِفي ن َ ْ‬ ‫ه ِبال ْغَي ْ ِ‬ ‫خن ْ ُ‬ ‫م أَ ُ‬ ‫جي أّني ل َ ْ‬
‫َ‬
‫ل ِي َعَْلم َزوْ ِ‬
‫َ‬
‫ذا ا ِع ْت ََرْفت‬ ‫مت َن َعَ فَل ِهَ َ‬ ‫دة َفا ْ‬ ‫مَراوَ َ‬ ‫ب ُ‬ ‫شا ّ‬ ‫ذا ال ّ‬ ‫دت هَ َ‬ ‫ما َراوَ ْ‬ ‫اْلك َْبر وَإ ِن ّ َ‬
‫سي‬ ‫ف ِ‬ ‫ما أ ُب َّرئ ن َ ْ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫خائ ِِني َ‬ ‫دي ك َْيد ال ْ َ‬ ‫ن الّله َل ي َهْ ِ‬
‫َ‬
‫ريَئة " وَأ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ل ِي َعَْلم أّني ب َ‬
‫َ‬
‫مّنى‬ ‫دث وَت َت َ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫فس ت َت َ َ‬ ‫ن الن ّ ْ‬ ‫سي فَإ ِ ّ‬ ‫ف ِ‬ ‫ست أ ُب َّرئ ن َ ْ‬ ‫مْرأة وَل َ ْ‬
‫قول ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫" تَ ُ‬
‫حم َرّبي " أيْ إ ِّل‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما َر ِ‬ ‫سوِء إ ِّل َ‬ ‫ماَرة ِبال ّ‬ ‫فس َل ّ‬ ‫ن " الن ّ ْ‬ ‫دته ِل ّ‬ ‫ذا َراوَ ْ‬ ‫وَل ِهَ َ‬
‫و‬
‫ول هُ َ‬ ‫ق ْ‬‫ذا ال ْ َ‬ ‫حيم " وَهَ َ‬ ‫فور َر ِ‬ ‫ن َرّبي غ َ ُ‬ ‫ه الّله ت ََعاَلى " إ ِ ّ‬ ‫م ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫مَعاِني الكلم وَقَد ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ال ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫حكاهُ‬ ‫صة وَ َ‬ ‫ق ّ‬ ‫ق ال ِ‬ ‫سَيا ِ‬ ‫سب ب ِ ِ‬ ‫شَهر َواللَيق َوالن ْ َ‬
‫مام أُبو ال ْعَّباس َر ِ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫م ُ‬ ‫ح َ‬ ‫صرِهِ اْل ِ َ‬ ‫ب ل ِن َ ْ‬ ‫سيره َوان ْت ُد ِ َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ماوَْرد ِيّ ِفي ت َ ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬
‫سف‬ ‫ن ك ََلم ُيو ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫دة وَقَد ْ ِقي َ‬ ‫ح َ‬ ‫ف ع ََلى ِ‬ ‫صِني ٍ‬ ‫الّله فَأفَْرد َه ُ ب ِت َ ْ‬
‫جته " ِبال ْغَي ْ ِ‬
‫ب‬ ‫ه ِفي َزوْ َ‬ ‫خن ْ ُ‬ ‫م أَ ُ‬ ‫َ‬
‫ل ل ِي َعَْلم أّني ل َ ْ‬ ‫قول " َقا َ‬ ‫سَلم ي َ ُ‬ ‫ع َل َي ْهِ ال ّ‬
‫مِلك ب ََراَءِتي وَل ِي َعَْلم‬ ‫" اْليتي َ‬
‫سول ل ِي َعَْلم ال ْ َ‬ ‫دت الّر ُ‬ ‫ما َرد َ ْ‬ ‫ن أيْ إ ِن ّ َ‬ ‫ََْ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫دي ك َْيد‬ ‫ن الّله َل ي َهْ ِ‬ ‫ب وَأ ّ‬ ‫جته " ِبال ْغَي ْ ِ‬ ‫ه " ِفي َزوْ َ‬ ‫خن ْ ُ‬ ‫مأ ُ‬ ‫زيز " أّني ل َ ْ‬ ‫ال ْعَ ِ‬
‫رير وََل اْبن‬ ‫ج ِ‬ ‫ك ا ِْبن َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ذي ل َ ْ‬ ‫ول هُوَ ال ّ ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ذا ال ْ َ‬ ‫ن " اْلَية وَهَ َ‬ ‫خائ ِِني َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫كيع ع َ ْ‬ ‫حد ّث ََنا وَ ِ‬ ‫حد ّث ََنا أُبو ك َُرْيب َ‬ ‫رير ‪َ :‬‬ ‫ج ِ‬ ‫ل ا ِْبن َ‬ ‫واه ُ َقا َ‬ ‫س َ‬ ‫حاِتم ِ‬ ‫أِبي َ‬
‫ع‬
‫م َ‬‫ج َ‬ ‫ما َ‬ ‫ل لَ ّ‬ ‫ن ا ِْبن ع َّباس َقا َ‬ ‫مة ع َ ْ‬ ‫عك ْرِ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ماك ع َ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ن ِ‬ ‫سَراِئيل ع َ ْ‬ ‫إِ ْ‬
‫َ‬
‫ن‬‫فسه ؟ " قُل ْ َ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫سف ع َ ْ‬ ‫ن ُيو ُ‬ ‫ل َراوَد ْت ُ ّ‬ ‫ن هَ ْ‬ ‫سأل َهُ ّ‬ ‫وة فَ َ‬ ‫س َ‬ ‫مِلك الن ّ ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫زيز اْلن‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫مَرأة ال ْعَ‬ ‫ت اِ ْ‬ ‫سوء َقال َ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫مَنا ع َل َي ْهِ ِ‬ ‫ما ع َل ِ ْ‬ ‫ش ل ِل ّهِ َ‬ ‫حا َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫حقّ " الَية َقا َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ه‬
‫خن ْ ُ‬ ‫مأ ُ‬ ‫سف " ذ َل ِك ل ِي َعْلم أّني ل ْ‬ ‫ل ُيو ُ‬ ‫ص ال َ‬ ‫ح َ‬ ‫ص َ‬ ‫ح ْ‬ ‫َ‬
‫ما‬‫مت ب ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫وم هَ َ‬ ‫سَلم ‪ :‬وََل ي َ ْ‬ ‫ريل ع َل َي ْهِ ال ّ‬ ‫جب ْ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ب " فَ َ‬ ‫ِبال ْغَي ْ ِ‬
‫هد‬ ‫ذا َقا َ‬ ‫سي " اْلَية وَهَك َ َ‬ ‫ما أب َّرئُ ن َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫قا َ‬ ‫مت ب ِهِ ؟ فَ َ‬
‫جا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫ل " وَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫هَ َ‬
‫َ‬
‫سن‬ ‫ح َ‬ ‫حاك َوال ْ َ‬ ‫ض ّ‬ ‫ل َوال ّ‬ ‫مة َواْبن أِبي ال ْهُذ َي ْ ِ‬ ‫عك ْرِ َ‬ ‫جب َْير وَ ِ‬ ‫سِعيد ْبن ُ‬ ‫وَ َ‬
‫سَياق ال ْك ََلم ك ُّله‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ِ‬ ‫وى وَأظ َْهر ِل ّ‬ ‫ول اْلّول أقْ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫سد ّيّ َوال ْ َ‬ ‫دة َوال ّ‬ ‫وَقََتا َ‬
‫َ‬
‫سف ع َل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ن ُيو ُ‬ ‫م ي َك ُ ْ‬ ‫مِلك وَل َ ْ‬ ‫ضَرةِ ال ْ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫زيز ب ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫مَرأة ال ْعَ‬ ‫ن ك ََلم ا ِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫مِلك {‬ ‫ضَره ُ ال ْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫ل ب َْعد ذ َل ِ َ‬ ‫م بَ ْ‬ ‫عْنده ْ‬ ‫سَلم ِ‬ ‫ال ّ‬
‫التفسير الصحيح للية‪:‬‬
‫ه الِتي هُوَ ِفي ب َي ْت َِها‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬بدأت اليات الكريمات بقوله تعالى ))وََراوَد َت ْ ُ‬
‫مَعاذ َ الل ّ ِ‬ ‫ت لَ َ‬ ‫َ‬
‫ه(( قال‬ ‫ل َ‬ ‫ك َقا َ‬ ‫ت هَي ْ َ‬ ‫ب وََقال َ ْ‬ ‫وا َ‬ ‫ت الب ْ َ‬ ‫ق ِ‬ ‫سهِ وَغ َل ّ َ‬ ‫ف ِ‬‫عن ن ّ ْ‬ ‫َ‬
‫أبو السعود‪ :‬قوله )معاذ الله( يعكس تقوى قلبه و هو اجتناب منه‬
‫على أتم الوجوه و إشارة إلى التعليل بأنه منكر هائل يجب أن‬
‫يعاذ بالله تعالى للخلص منه‪ ،‬و هذا من شفافية نفس يوسف‬
‫الزكية فقد أراه الله القبيح فى صورته الحقيقية ‪ ،‬و ذلك ما يفتقر‬
‫إليه الكثيرون لذا جاء فى دعاء أبى بكر الصديق رضى الله عنه‬
‫))اللهم أرنا الحق حقًا‪ .‬و ارزقنا اتباعه و أرنا الباطل باطل ً و‬
‫ارزقنا اجتنابه‪((.‬‬
‫َ‬
‫ي(( فيه تمام العتراف بفضل الله و‬ ‫وا َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫ه َرّبي أ ْ‬ ‫وقوله ))إ ِن ّ ُ‬
‫استحضار مراقبته و خشية عقابه لذا قال بعدها ))إنه ل يفلح‬
‫الظالمين((‪ ،‬و قيل ‪ :‬الضمير يعود على العزيز و و لو كان كذلك‬
‫فهو إنتقال سديد لذكر بعض أسباب المتناع المقنعة لمرأة‬
‫العزيز ‪ ،‬فكيف تطلبين منى خيانة سيدى الذى أكرمنى و كفلنى‬
‫فى بيته و طالبك بإكرامى و أنت زوجته؟ فكانت هذه الكلمات‬
‫الموجزة أدق أرشاد لها بألطف طريقة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ها َ‬ ‫ول أن ّرأى ب ُْر َ‬ ‫م ب َِها ل َ ْ‬ ‫ت ب ِهِ وَهَ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫قد ْ ه َ ّ‬ ‫‪ -‬و قوله تعالى )) وَل َ َ‬
‫ه(( الهم هو أول العزيمة و أعله الهمة‪ ،‬قال البغوى‪ :‬الهم‬ ‫َرب ّ ِ‬
‫همان )‪ (1‬هم ثابت معه عزم و رضا و هو مذموم مأخذ به و هذا‬
‫هو مقصود امرأة العزيز )‪ (2‬و هم هو الخاطر و حديث النفس‬
‫بغير تصميم و هو غير مأخذ به ‪ ،‬قال أبو السعود‪ } :‬همه بها‪:‬‬
‫ميله إليها بمقتضى الطبيعة البشرية ميل ً جبليا ً ل يكاد يدخل تحت‬
‫التكليف ل أنه قصدها قصدا ً إختياريًا‪... ،‬و النبياء ليسوا‬
‫معوصومين من حديث النفس و الخواطر الجبلية و لكنهم‬
‫معصومون من طاعتها و النقياد إليها و لو لم توجد لديهم دواعى‬
‫جبلية لكانوا إما ملئكة و إما عالم أخر ‪ ،‬و ل يصلحون قدوة‬
‫للبشر حينئذ‪ ،‬و لما كانوا مأجورين على ترك الملهى لن الترك‬
‫مع وجود الداعى هو العمل المتعبد به المشتمل على جهاد‬
‫النفس {‬
‫و قوله )هم( بعد )همت( من قبيل المشاكلة اللفظية مع اختلف‬
‫الدللة المعنوية و هذا كقوله تعالى )) و مكروا و مكر الله (( و‬
‫قوله ))و جزاء سيئة مثلها‪ ((..‬و قيل‪ :‬العبارة فيها تقديم و تأخيرو‬
‫هو أسلوب مشهور فى لسان الكوفيين و أعلم البصريين فيكون‬
‫المعنى )) لول أن رءا برهان ربه لهم بها(( ‪ ،‬فقوله تعالى ))و هم‬
‫بها(( جواب مقدم‪ ،‬قال ابن حيان و غيره‪ } :‬أى قاربت الثم لول‬
‫أن الله عصمك {‬
‫و معروف فى العربية أن )لول( حرف امتناع لوجود‪ ،‬أى امتناع‬
‫الجواب لوجود الشرط‪ ،‬فيكون الهم ممتنعا ً لوجود البرهان الذى‬
‫ركزه الله تعالى فى فطرته‪ ،‬و المقدم إما الجواب أو دليله على‬
‫خلف بين النحويين‬
‫شاء (( قال‬ ‫ح َ‬‫ف ْ‬ ‫ْ‬
‫سوَء َوال َ‬‫ه ال ّ‬ ‫ف ع َن ْ ُ‬
‫صرِ َ‬ ‫ك ل ِن َ ْ‬‫‪ -‬و قوله تعالى ))ك َذ َل ِ َ‬
‫العلمة أبو السعود‪ } :‬هذه أية بينة و حجة قاطعة على أن يوسف‬
‫لم يقع منه هم بالمعصية ول توجه إليها قط{ و لنتامل بلغة‬
‫النص القرأنى إذ لم يقل ))كذلك لنصرفه عن السوء و‬
‫الفحشاء(( لن هذا المعنى يفيد أنه ذهب إلى الفحشاء فصرفه‬
‫الله عنها ‪ ،‬لذا قال تعالى ))كذلك لنصرف عنه السوء و‬
‫الفحشاء(( و هذا دليل عدم إقدامه على السوء قط بل إن الله‬
‫صرف السوء عنه‪,‬و كذلك المغايرة بين السوء و الفحشاء يبرىء‬
‫يوسف من كل شبهة ‪ ،‬لن الفحشاء هى الثم الكبير و السوء‬
‫لفظ أعم يضم الفواحش و غيرها‪ ،‬و قد أخبر الله تعالى أنه‬
‫صرف عنه كليهما‪ ،‬فيوسف عليه السلم لم يرتكب الزنا ول‬
‫مقدماته‬
‫ن(( دليل قاطع على أن‬ ‫صي َ‬‫خل َ ِ‬
‫م ْ‬ ‫عَباد َِنا ال ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫‪ -‬و قوله تعالى )) إ ِن ّ ُ‬
‫النبياء الذين هم صفوة عباد الله المخلصين الطاهرين يعصمهم‬
‫تعالى من إرتكاب الفواحش‪ ،‬و هذه الية ل تزكى‬
‫لشبهة‪:‬‬
‫َ‬
‫ن ِلي‬‫ل ل َوْ أ ّ‬
‫وردت الشبهة فى قوله تعالى عن نبيه لوط ‪َ )) :‬قا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ديد ٍ (( قال رسول الله )ص( ‪" :‬‬ ‫ش ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م قُوّة ً أوْ آِوي إ ِلى ُرك ْ ٍ‬‫ب ِك ُ ْ‬
‫يرحم الله لوطا ً لقد كان يأوى إلى ركن شديد" فتسائلوا كيف‬
‫يقصر لوط عليه السلم فى التوكل على الله تعالى؟‬
‫بعد الحمد لله و الصلة و السلم على رسول الله‪:‬‬
‫‪ -‬فإن حديث رسول الله )ص( ليس عتابا ً على نبى الله لوط و‬
‫إنما تعجب من حاله عليه السلم إذ بحث المدد و هو ل يعلم‬
‫بوجود ملئكة الرحمن معه فى بيته متشكلين فى صورة البشر‬
‫قال ابن حزم‪ )) :‬ظن بعض الفرق أن ما جاء فى حديث رسول‬
‫الله )ص( إنكار على لوط عليه السلم‪ ،‬و هذا غير صحيح إذ ل‬
‫تخالف بين القولين بل كلهما حق‪ ،‬لن لوطا ً عليه السلم إنما‬
‫أراد منعة عادلة يمنع بها قومه مما هم عليه من فواحش من‬
‫قرابة أو عشيرة أو أتباع مؤمنين دون أن يتعارض هذا مع إيمانه‬
‫التام بأن الله ركنه الشديد و ناصره المجيد‪ ،‬ول جناح على لوط‬
‫عليه السلم فى طلب قوة من الناس لقوله تعالى }وَل َوْل َ د َفْ ُ‬
‫ع‬
‫َ‬
‫ل‬ ‫ض ٍ‬‫ذو فَ ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ض وَل َك ِ ّ‬ ‫ت الْر ُ‬ ‫سد َ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ض لّ َ‬‫م ب ِب َعْ ٍ‬
‫ضه ُ ْ‬ ‫س ب َعْ َ‬ ‫الل ّهِ الّنا َ‬
‫ن {‪((..‬‬ ‫مي َ‬ ‫ع ََلى ال َْعال َ ِ‬
‫و قد طلب رسول الله )ص( من المهاجرين و النصار منعه حتى‬
‫يبلغ رسالة ربه ‪ ،‬و هو أشد الناس توكل ً على الله ‪ ،‬لنه ل تعارض‬
‫بين التوكل و بين تحرى السباب و الخذ بها‪.‬‬
‫و يؤكد هذا المعنى أيضا ً الحديث الذى رواه المام أحمد فى‬
‫مسنده عن أبى هريرة عن النبى عليه الصلة و السلم قال‪:‬‬
‫) قال لوط لو أن لى بكم قوة أو أوى إلى ركن شديد‪ ،‬قال‪ :‬فإنه‬
‫كان يأوى إلى ركن شديد و لكنه عنى عشيرته فما بعث الله نبيا ً‬
‫إل فى ثروة من قومه( و زاد ابن مردويه‪ ) :‬ألم تر إلى قول‬
‫شعيب‪ :‬ولول رهطك لرجمناك(‬
‫‪ -‬و هذا أيضا ً تعريض من نبى الله لوط بالدعاء ‪ ،‬فهو يشهد الله‬
‫على حاله راجيا ً خلصه‪ ،‬و هذا شبيه بتعريض أيوب عليه السلم‬
‫ن‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ي ال ّ‬ ‫حين قال ))واذ ْك ُر ع َبدنا أ َيوب إذ ْ نادى رب َ‬
‫طا ُ‬ ‫سن ِ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ه أّني َ‬ ‫ْ ْ ََ ّ َ ِ َ َ َ ّ ُ‬ ‫َ‬
‫ب (( و الشاهد على هذا ما جاء فى اليات التالية من‬ ‫ذا ٍ‬ ‫ب وَع َ َ‬ ‫ص ٍ‬ ‫ب ِن ُ ْ‬
‫س ُ‬
‫ل‬ ‫ط إ ِّنا ُر ُ‬ ‫بشارة الملئكة إياه بنصر الله تعالى‪َ)) :‬قاُلوا ْ َيا ُلو ُ‬
‫منك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ت ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ل وَل َ ي َل ْت َ ِ‬ ‫ن الل ّي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫قط ٍْع ّ‬ ‫ك بِ ِ‬ ‫سرِ ب ِأ َهْل ِ َ‬ ‫ك َلن يصُلوا ْ إل َي َ َ‬
‫ك فَأ ْ‬ ‫ِ ْ‬ ‫َ ِ‬ ‫َرب ّ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ح أل َي ْ َ‬
‫س‬ ‫صب ْ ُ‬ ‫م ال ّ‬ ‫عد َهُ ُ‬ ‫مو ْ ِ‬‫ن َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫صاب َهُ ْ‬‫ما أ َ‬ ‫صيب َُها َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك إ ِن ّ ُ‬‫مَرأت َ َ‬ ‫حد ٌ إ ِل ّ ا ْ‬ ‫أ َ‬
‫ب ((‬ ‫ري ٍ‬ ‫ق ِ‬‫ح بِ َ‬‫صب ْ ُ‬ ‫ال ّ‬
‫‪IBRAHIM‬‬
‫الشبهة الولى‪ :‬زعموا أن القرأن الكريم نسب الشرك‬
‫إلى إبراهيم عليه السلم فى موضعين ‪:‬‬
‫ذا َرّبي‬ ‫ل هَ َ‬ ‫كبا َقا َ‬‫ً‬ ‫ل َرَأى ك َوْ َ‬ ‫ن ع َل َي ْهِ الل ّي ْ ُ‬‫ج ّ‬ ‫ما َ‬ ‫الول‪ :‬قوله تعالى))فَل َ ّ‬
‫ل هَ َ‬
‫ذا‬ ‫مَر َباِزغا ً َقا َ‬ ‫ق َ‬‫ما َرَأى ال ْ َ‬ ‫ن * فَل َ ّ‬ ‫ب الفِِلي َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ل ل أُ ِ‬ ‫ل َقا َ‬ ‫ما أ َفَ َ‬ ‫فَل َ ّ‬
‫ضاّلي َ‬
‫ن‬ ‫قوْم ِ ال ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كون َ ّ‬‫م ي َهْد ِِني َرّبي ل ُ‬ ‫ل ل َِئن ل ّ ْ‬ ‫ل َقا َ‬ ‫ما أ َفَ َ‬ ‫َرّبي فَل َ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت َقا َ‬
‫ل‬ ‫ما أفَل َ ْ‬ ‫ذا أك ْب َُر فَل َ ّ‬ ‫ذا َرّبي هَ َ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫ة َقا َ‬ ‫س َبازِغ َ ً‬ ‫م َ‬ ‫ش ْ‬‫ما َرأى ال ّ‬ ‫* فَل َ ّ‬
‫ن ((النعام ‪76‬‬ ‫كو َ‬‫شرِ ُ‬ ‫ما ت ُ ْ‬ ‫م ّ‬
‫ريٌء ّ‬ ‫َيا قَوْم ِ إ ِّني ب َ ِ‬
‫جوم ِ *‬ ‫و الثانى‪ :‬قوله عز و جل عن إبراهيم ))فَن َظ ََر ن َظ َْرة ً ِفي الن ّ ُ‬
‫م (( الصافات ‪ ،88‬و التنجيم محرم‬ ‫قي ٌ‬ ‫س ِ‬ ‫ل إ ِّني َ‬ ‫قا َ‬ ‫فَ َ‬
‫بعد الحمد لله و الصلة و السلم على رسول الله‪:‬‬
‫‪ -‬فإنه و الله لمن أكبر الجهل ما ظنه هؤلء فى تلك اليات‬
‫الكريمات أنها تحكى الشرك عن نبى الله إبراهيم و العياذ بالله‪،‬‬
‫و هو خليل الرحمن الذى أثنى عليه فى كل موضع من مواضع‬
‫كانت ل َك ُ ُ‬
‫ه‬
‫معَ ُ‬‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م َوال ّ ِ‬ ‫هي َ‬‫ة ِفي إ ِب َْرا ِ‬ ‫سن َ ٌ‬ ‫ح َ‬‫سوَة ٌ َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫كتابه فقال ))قَد ْ َ َ ْ‬
‫ن الل ّهِ ((‪ ،‬و‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ما ت َعْب ُ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫م وَ ِ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫م إ ِّنا ب َُراء ِ‬ ‫مهِ ْ‬ ‫قو ْ ِ‬ ‫إ ِذ ْ َقاُلوا ل ِ َ‬
‫ن(( و‬ ‫مي َ‬ ‫عال ِ ِ‬ ‫ل وَك ُّنا ِبه َ‬ ‫من قَب ْ ُ‬ ‫شد َه ُ ِ‬ ‫م ُر ْ‬ ‫هي َ‬ ‫قد ْ آت َي َْنا إ ِب َْرا ِ‬ ‫قال تعالى ))وَل َ َ‬
‫قد ضرب الله المثل بحنيفية الخليل و أكد بالنصوص القاطعة‬
‫م‬‫هي َ‬ ‫ن إ ِب َْرا ِ‬ ‫براءته من الشرك و المشركين أبدا ً فقال تعالى ))إ ِ ّ‬
‫كا ُ‬
‫ن (( و قال عز و‬ ‫كي َ‬ ‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫حِنيفا ً وَل َ ْ‬ ‫ة َقاِنتا ً ل ِل ّهِ َ‬ ‫م ً‬‫نأ ّ‬ ‫َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ع‬
‫ن وات ّب َ َ‬ ‫س ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه لله وَهُوَ ُ‬ ‫جه َ ُ‬ ‫م وَ ْ‬ ‫سل َ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ن ِدينا ً ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫جل ))وَ َ‬
‫ل((‪ ،‬و جاءت أحاديث‬ ‫خِلي ً‬ ‫م َ‬ ‫هي َ‬ ‫ه إ ِب َْرا ِ‬ ‫خذ َ الل ّ ُ‬ ‫حِنيفا ً َوات ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫هي َ‬ ‫ة إ ِب َْرا ِ‬ ‫مل ّ َ‬
‫ِ‬
‫رسول الله )ص( منزهة لبينا إبراهيم عن كل شائبة حتى أنه أنكر‬
‫إنكارا ً شديدا ً حين دخل الكعبة المشرفة فوجد صورة لبراهيم‬
‫وإسماعيل عليهما السلم بأيديهما الزلم‪ ،‬فقال عليه السلم‪:‬‬
‫)قاتلهم الله‪ ،‬والله إن استقسما بالزلم قط‪(.‬‬
‫و نبين الحق فى اليات الكريمات على النحو التي‪:‬‬
‫‪ (1‬أما اليات فى سورة النعام فل ريب أن هذا المقام ليس‬
‫مقام نظر و بحث و إنما مقام مناظرة ليقيم الخليل عليه السلم‬
‫الحجة علي قومه ‪ ،‬فأظهر موافقته لهم ظاهريا ً تمهيدا ً لتفنيد‬
‫معتقدهم تفنيدا ً و بيان أن هذه الكواكب النيرة ل تصلح لللوهية‬
‫ول أن تعبد مع الله عز و جل لنها مخلوقة مربوبة مصنوعة‬
‫مدبرة مسخرة تطلع تارة و تأفل أخرى فتغيب عن هذا العالم و‬
‫الرب تعالى ل يغيب عنه شىء ول تخفى عليه خافية و هو الدائم‬
‫الباقى بل زوال ل إله إل هو ول رب سواه‪ ،‬و انتقل بهم من‬
‫الكواكب إلى الشمس إلى القمر فلما انتفت اللوهية عن هذه‬
‫الجرام الثلثة التى هى أنور ما تقع عليه البصار و تحقق الدليل‬
‫القاطع على بطلن عبادتها كشف لهم إبراهيم الحق الكيد و‬
‫أعلن إخلصه لله الواحد القهار و تبرأه التام من شركهم الباطل‪،‬‬
‫َ‬ ‫ذا ربي هَ َ َ‬ ‫ما َرَأى ال ّ‬
‫ت َقا َ‬
‫ل‬ ‫ما أفَل َ ْ‬ ‫ذا أك ْب َُر فَل َ ّ‬ ‫ل هَ َ َ ّ‬ ‫ة َقا َ‬ ‫س َبازِغ َ ً‬ ‫م َ‬ ‫ش ْ‬ ‫)) فَل َ ّ‬
‫ذي فَط ََر‬ ‫ي ل ِل ّ ِ‬ ‫جه ِ َ‬ ‫ت وَ ْ‬ ‫جه ْ ُ‬ ‫ن * إ ِّني وَ ّ‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫ما ت ُ ْ‬ ‫م ّ‬‫ريٌء ّ‬ ‫َيا قَوْم ِ إ ِّني ب َ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ((النعام ‪78‬‬ ‫كي َ‬ ‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ما أن َا ْ ِ‬ ‫حِنيفا ً وَ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ت َوالْر َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫‪ -‬و قد إبتدأ الله تعالى هذه اليات المباركات بالثناء على نبيه‬
‫ن‬
‫كو َ‬ ‫ت َوال َْرض وَل ِي َ ُ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫كو َ‬ ‫مل َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫هي َ‬ ‫ري إ ِب َْرا ِ‬ ‫ك نُ ِ‬ ‫ل‪)) :‬وَك َذ َل ِ َ‬ ‫قائ ً‬
‫ِ‬
‫ن (( النعام ‪ ،75‬فشهد سبحانه لخليله بكمال اليمان‬ ‫موقِِني َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫و امتن عليه بتبصرته و إطلعه على ما اشتمل عليه ملكوته عز و‬
‫جل من الدلة القاطعة و البراهين الساطعة فحصل اليقين و‬
‫العلم التام و تمت نعمة الله ‪،‬‬
‫‪ -‬و مما يؤكد أيضا ً أنه كان فى هذا المقام مناظرا لقومه قوله‬
‫ً‬
‫تعالى فى اليات اللحقة ))وحآجه قَومه َقا َ َ‬
‫جوّني ِفي الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫حا ّ‬ ‫ل أت ُ َ‬ ‫َ َ ّ ُ ْ ُ ُ‬
‫َ‬ ‫ن وَل َ أ َ َ‬
‫ع‬
‫س َ‬ ‫شْيئا ً وَ ِ‬ ‫شاَء َرّبي َ‬ ‫ن ب ِهِ إ ِل ّ أن ي َ َ‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫ما ت ُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫خا ُ‬ ‫دا ِ‬ ‫وَقَد ْ هَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م وَل َ‬ ‫شَرك ْت ُ ْ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫خا ُ‬ ‫فأ َ‬ ‫ن * وَك َي ْ َ‬ ‫عْلما ً أفَل َ ت َت َذ َك ُّرو َ‬ ‫يٍء ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫َرّبي ك ُ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫طانا ً فَأ ّ‬
‫ي‬ ‫سل ْ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ل ب ِهِ ع َل َي ْك ُ ْ‬ ‫م ي ُن َّز ْ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫شَرك ُْتم ِبالل ّهِ َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ن أن ّك ُ ْ‬ ‫خاُفو َ‬ ‫تَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ((النعام ‪80‬‬ ‫مو َ‬ ‫م ت َعْل َ ُ‬ ‫ن ِإن ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫حقّ ِبال ْ‬ ‫نأ َ‬ ‫قي ْ ِ‬ ‫ري َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م(( فإن أبراهيم عليه‬ ‫جو ِ‬ ‫‪ (2‬أما قوله تعالى ))فَن َظ ََر ن َظ َْرة ً ِفي الن ّ ُ‬
‫السلم لم ينظر فى النجوم إعتقادا ً بها و إنما عرض بهذه‬
‫الوسيلة ليتنصل من الذهاب مع معهم فى عيدهم الشركى و‬
‫هيم‬ ‫ل إ ِب َْرا ِ‬ ‫ما َقا َ‬ ‫يتمكن من تحطيم أصنامهم‪ ،‬قال ابن كثير )) إ ِن ّ َ‬
‫ذا ذ َهَُبوا إ َِلى‬ ‫م ِفي ال ْب ََلد إ ِ َ‬ ‫قي َ‬ ‫ك ل ِي ُ ِ‬ ‫مهِ ذ َل ِ َ‬ ‫قو ْ ِ‬ ‫سَلم ل ِ َ‬ ‫صَلة َوال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ع َل َي ْهِ ال‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫خت َِلي‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫بأ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫م فَأ َ‬ ‫عيد ٍ ل َهُ ْ‬ ‫م إ َِلى ِ‬ ‫جه ُ ْ‬ ‫خُرو ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ن قَد ْ أ َزِ َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫م فَإ ِن ّ ُ‬ ‫عيده ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫موا‬ ‫مر فَهِ ُ‬ ‫فس ال ْ‬ ‫حقّ ِفي ن َ ْ‬ ‫ما هُوَ َ‬ ‫م ك َل ً‬ ‫ل لهُ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ها فَ َ‬ ‫سَر َ‬ ‫م لي ُك َ ّ‬ ‫ِبآل ِهَت ِهِ ْ‬
‫من َ‬
‫ن ((‬ ‫ري َ‬ ‫مد ْب ِ ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫وا ع َن ْ ُ‬ ‫ه " فَت َوَل ّ ْ‬ ‫دون َ ُ‬ ‫ق ُ‬‫ما ي َعْت َ ِ‬ ‫ضى َ‬ ‫قت َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫قيم ع ََلى ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ه أن ّ ُ‬ ‫ِ ْ ُ‬
‫و قال قتادة‪" :‬العرب تقول لمن تفكرنظر فى النجوم" أى نظر‬
‫إل السماء متفكرا ً فيما يلهيهم به عنه‪ ،‬الشاهد أنه ما إعتقد فى‬
‫النجوم وما أراد إل التحايل على المشركين كى ل يشهد أعيادهم‬
‫الوثنية و ليكيد ألهتهم الباطلة‬
‫و أيضا ً هذه اليات وردت فى سياق مديح الخليل عليه السلم‬
‫ه‬
‫شيعَت ِ ِ‬ ‫من ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫فابتدأها الله من ختام قصة نوح فقال تعالى))وَإ ِ ّ‬
‫ذا‬ ‫ما َ‬ ‫مهِ َ‬ ‫ل ِل َِبيهِ وَقَوْ ِ‬ ‫سِليم ٍ * إ ِذ ْ َقا َ‬ ‫ب َ‬ ‫قل ْ ٍ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫جاء َرب ّ ُ‬ ‫م *إ ِذ ْ َ‬ ‫هي َ‬ ‫َل ِب َْرا ِ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مي َ‬ ‫ب ال َْعال َ ِ‬ ‫كم ب َِر ّ‬ ‫ما ظ َن ّ ُ‬ ‫ن * فَ َ‬ ‫دو َ‬ ‫ري ُ‬ ‫ن الل ّهِ ت ُ ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ة ُ‬ ‫فكا ً آل ِهَ ً‬ ‫ن * أئ ِ ْ‬ ‫دو َ‬ ‫ت َعْب ُ ُ‬
‫م‪(( ...‬‬ ‫جو ِ‬ ‫* فَن َظ ََر ن َظ َْرة ً ِفي الن ّ ُ‬
‫الشبهة الثانية ‪:‬زعموا أن إبراهيم عليه السلم شك‬
‫رِني‬ ‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫وإ ِذْ َ‬
‫بأ ِ‬ ‫م َر ّ‬ ‫هي ُ‬ ‫ل إ ِب َْرا ِ‬ ‫فى اليمان لقوله تعالى)) َ‬
‫قا َ َ‬
‫كن‬ ‫ول َ ِ‬ ‫ل ب ََلى َ‬ ‫قا َ‬ ‫من َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫لأ َ‬ ‫وَتى َ‬ ‫م ْ‬ ‫حِيي ال ْ َ‬ ‫ف تُ ْ‬ ‫ك َي ْ َ‬
‫قل ِْبي((‬ ‫ن َ‬ ‫مئ ِ ّ‬ ‫ل ّي َطْ َ‬
‫بعد الحمد لله و الصلة و السلم على رسول الله‪:‬‬
‫الجواب على ذلك من وجهين‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن اليمان ثلثة مراتب‪ (1) :‬علم اليقين )‪ (2‬عين اليقين )‬
‫‪ (3‬حق اليقين‬
‫و نضرب مثال ً على ذلك‪ :‬فلو أمن شخص إيمان يقينى ل شك فيه‬
‫أن داخل الحقيبة طعاما ً فهذا علم اليقين‪ ،‬و لو فتح الحقيبة و‬
‫نظر الطعام بعينيه فهذا عين اليقين‪ ،‬و لو أمسك بهذا الطعام و‬
‫أكل منه فهذا حق اليقين‪ ،‬فإبراهيم عليه السلم ما شك فى ربه‬
‫أبدا ً و إنما أراد النتقال من مستوى الستدلل إلى مستوى العيان‬
‫و الرتقاء إلى درجة أعلى من درجات اليمان ‪ ،‬و هذا حال‬
‫المؤمنين دائما ً فى سعيهم إلى الكمال ‪ ،‬فالفرق بين سؤال‬
‫إبراهيم و سؤال غيره‪ ،‬كالفرق بين سؤال موسى رؤية ربه و‬
‫سؤال قومه نفس الطلب‪ ،‬لن سؤال موسى كان سؤال محبة و‬
‫شوق إلى الله ‪ ،‬أما سؤال قومه فكان سؤال ريبة و مكابرة‬
‫و قد تكفل رسول الله )ص( ببيان هذا المعنى و ذلك حين قال‬
‫قوم "شك إبراهيم و لم يشك نبينا" فقال رسول الله)ص(تواضعا ً‬
‫" نحن أحق بالشك من إبراهيم" و النبى عليه الصلة و السلم ل‬
‫سَأل " فكان هذا‬ ‫َ‬
‫ك وََل أ ْ‬ ‫يقع منه الشك أبدا ً و هو القائل " َل أ َ ُ‬
‫ش ّ‬
‫من قبيل افتراض ما ل يمكن وقوعه ليكون أبلغ فى الدللة على‬
‫المعنى المنشود و هو إستحالة وقوع الشك من إبراهيم عليه‬
‫السلم‬
‫و قيل أن المراد ‪:‬نحن أشد إشتياقا ً إلى رؤية ذلك من إبراهيم‪ ،‬و‬
‫قيل ‪ :‬معناه هذا الذى ترون أنه شك نحن أحق به لنه طلب‬
‫لمزيد البيان ل ريبة فى الرحمن الوجه الثانى‪ :‬أن الشك مراد به‬
‫الخواطر التى ل تثبت ل معنى التوقف بين أمرين ‪ ،‬لن الخير‬
‫منفى بالنصوص القاطعة فى الكتاب و السنة و إجماع المة‪ ،‬أما‬
‫الول فهو من دلئل صريح اليمان كما جاء فى الحديث أن بعض‬
‫الصحابة قالوا للنبى عليه السلم‪)) :‬إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم‬
‫أحدنا أن يتكلم به‪ .‬قال ‪" :‬وقد وجدتموه؟" قالوا ‪ :‬نعم‪ .‬قال" ذاك‬
‫صريح اليمان"‪((.‬‬
‫الشبهة الثالثة‪ :‬طعنوا فى عصمة نبى الله إبراهيم‬
‫لقول رسول الله)ص( ‪" :‬لم يكذب إبراهيم النبي‪ ،‬عليه‬
‫السلم‪ ،‬قط إل ثلث كذبات‪ .‬ثنتين في ذات الله‪.‬‬
‫قوله ‪ :‬إني سقيم‪ .‬وقوله ‪ :‬بل فعله كبيرهم هذا‪.‬‬
‫وواحدة في شأن سارة"‬
‫و قوله عليه السلم فى حديث الشفاعة‪" :‬فيأتون إبراهيم‬
‫فيقولون ‪ :‬يا إبراهيم‪ ،‬أنت نبي الله وخليله من أهل الرض‪ ،‬اشفع‬
‫لنا إلى ربك‪ ،‬أل ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول لهم ‪ :‬إن ربي قد‬
‫غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله‪ ،‬ولن يغضب بعده مثله‪،‬‬
‫وإني قد كنت كذبت ثلث كذبات ‪ ،‬نفسي نفسي نفسي‪ ،‬اذهبوا‬
‫إلى غيري‪" ،‬‬
‫بعد الحمد لله و الصلة و السلم على رسول الله‪:‬‬
‫‪ -‬كما هو واضح لكل ذى لب فإن هذه الشبهة ل تستحق عناء الرد‬
‫عليها‪ ،‬و لكننى تعمدت أن أذكرها لنها دليل عصمة إبراهيم عليه‬
‫السلم‪ ،‬فهذه الكذبات الثلثة سيعدها الخليل ذنوبا ً إرتكبها حين‬
‫ُيسئل الشفاعة يوم القيامة‪ ،‬و هذا الحصر ينفى عنه أى خطيئة‬
‫أخرى ‪ ،‬زد على هذا أنها ليست ذنوبا ً فى حقيقة المر‪ ،‬فتالله أى‬
‫إنسان هذا الذى لم يكذب فى حياته كلها إل ثلث كذبات‪ ،‬كلهن‬
‫من قبيل التعريض و اثنتان منهم فى ذات الله ؟!‬
‫فالولى قوله)إنى سقيم( و هو يحتمل معانى كثيرة منها‪ :‬إني‬
‫سقيم أي سأسقم واسم الفاعل يستعمل بمعنى المستقبل كثيرا‬
‫‪ ,‬ويحتمل أنه أراد إني سقيم بما قدر علي من الموت أو سقيم‬
‫الحجة على الخروج معكم‪...‬إلخ‬
‫والثانية قوله ‪ ) :‬بل فعله كبيرهم ( قال القرطبي هذا قاله تمهيدا‬
‫للستدلل على أن الصنام ليست بآلهة وقطعا لقومه في قولهم‬
‫إنها تضر وتنفع ‪ ,‬وهذا الستدلل يتجوز فيه الشرط المتصل ‪,‬‬
‫ولهذا أردف قوله ‪ ) :‬بل فعله كبيرهم ( بقوله ‪ ) :‬فاسألوهم إن‬
‫كانوا ينطقون (‪ ،‬و قال ابن قتيبة معناه إن كانوا ينطقون فقد‬
‫فعله كبيرهم هذا ‪ ,‬فالحاصل أنه مشترط بقوله ‪ ) :‬إن كانوا‬
‫ينطقون ( أو أنه أسند إليه ذلك لكونه السبب ‪.‬‬
‫و الثالث قوله عن ساره أنها أخته و هو أيضا ً تعريض صحيح لنه‬
‫أخوها فى الدين كما قال فى الحديث‪) :‬فأتى سارة قال يا سارة‬
‫ليس على وجه الرض مؤمن غيري وغيرك وإن هذا سألني‬
‫فأخبرته أنك أختي‪...‬الحديث(‬
‫‪ADAM‬‬
‫الشبهة الولى‪:‬أثيرت حول مخالفة أدم عليه السلم‬
‫م‬‫صى آدَ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫و َ‬ ‫لمر الله و أكله من الشجرة ‪،‬قال تعالى)) َ‬
‫وى((‪ .‬فقال المعترض‪ " :‬العصيان من الكبائر‬ ‫غ َ‬ ‫ه َ‬
‫ف َ‬ ‫َرب ّ ُ‬
‫بدليل قوله‪ ) :‬ومن يعص الله ورسوله فإن له نار‬
‫جهنم(‬
‫بعد الحمد لله و الصلة و السلم على رسول الله‪:‬‬
‫فإن قصر المعصية على الكبائر دون الصغائر باطل بشهادة‬
‫جمهور العلماء‪،‬لن العصيان هو مخالفة الوامر سواء كانت‬
‫صغيرة او كبيرة‪ ،‬و الستشهاد بقوله تعالى )) ومن يعص الله‬
‫ورسوله فإن له نار جهنم(( هو استشهاد فاسد لن اطلق اللفظ‬
‫على كبائر الذنوب ل ينفى اطلقه على صغارها‪ ،‬و مثال ذلك‬
‫م‬‫ك ل َهُ ُ‬‫مان َُهم ب ِظ ُل ْم ٍ أ ُوْل َئ ِ َ‬ ‫سوا ْ ِإي َ‬ ‫م ي َل ْب ِ ُ‬
‫مُنوا ْ وَل َ ْ‬
‫نآ َ‬‫ذي َ‬‫قوله تعالى ))ال ّ ِ‬
‫ن(( روى المام أحمد عن ع َْبد الّله بن عباس‬ ‫دو َ‬ ‫مهْت َ ُ‬ ‫َ‬
‫هم ّ‬ ‫ن وَ ُ‬
‫م ُ‬‫ال ْ‬
‫م‬
‫مانه ْ‬ ‫سوا ِإي َ‬ ‫م ي َل ْب ِ ُ‬
‫مُنوا وَل َ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ت هَذ ِهِ اْلَية " ال ّ ِ‬ ‫ما ن ََزل َ ْ‬
‫َقال‪ } :‬ل َ ّ‬
‫م ي َظ ِْلم‬ ‫َ‬
‫سول الّله أي َّنا ل َ ْ‬ ‫قاُلوا َيا َر ُ‬ ‫ك ع ََلى الّناس فَ َ‬ ‫شقّ ذ َل ِ َ‬ ‫ب ِظ ُل ْم ٍ " َ‬
‫ل ال ْعَْبد‬ ‫ل إنه ل َيس ال ّذي تعنو َ‬
‫ما َقا َ‬ ‫مُعوا َ‬ ‫س َ‬‫م تَ ْ‬ ‫ن أل َ ْ‬ ‫ِ َُْ َ‬ ‫فسه ؟ َقا َ ِ ّ ُ ْ َ‬ ‫نَ ْ‬
‫و‬
‫ما هُ َ‬ ‫شْرك ل َظ ُْلم ع َ ِ‬
‫ظيم" إ ِن ّ َ‬ ‫رك ب َِالل ّهِ إ ِ ّ‬
‫ن ال ّ‬ ‫ي َل ت ُ ْ‬
‫ش ِ‬ ‫صاِلح " َيا ب ُن َ ّ‬
‫ال ّ‬
‫شْرك{‬ ‫ال ّ‬
‫‪NOE‬‬
‫وَل‬ ‫ما ورد فى كتاب الله عن قول نوح عليه السلم‪َ )) :‬‬
‫ضَلل ً ((‬ ‫ن إ ِّل َ‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫زِد ال ّ‬ ‫تَ ِ‬
‫فتسائلوا كيف يدعوا نوح على الناس بالضلل؟‬
‫بعد الحمد لله و الصلة و السلم على رسول الله‪:‬‬
‫إن نوحا ً عليه السلم لم يدعوا على الناس بالضلل و إنما دعا‬
‫على الظالمين منهم الذين استكبروا و صدوا عن سبيل الله ‪ ،‬و‬
‫من المعلوم أنه لم يمض نبيا ً فى دعوة قومه زمنا ً مثل الذى‬
‫قضاه نوح عليه السلم ‪ ،‬قال تعالى ))ول َ َ َ‬
‫مهِ‬‫سل َْنا ُنوحا ً إ َِلى قَوْ ِ‬ ‫قد ْ أْر َ‬ ‫َ‬
‫عامًا‪ ((..‬فما أصبر نبى الله نوح‬ ‫ن َ‬ ‫سي َ‬ ‫م ِ‬ ‫خ ْ‬ ‫سن َةٍ إ ِّل َ‬ ‫ف َ‬ ‫م أ َل ْ َ‬ ‫ث ِفيهِ ْ‬ ‫فَل َب ِ َ‬
‫مي ل َي ْل ً وَن ََهارا ً‬ ‫ت قَوْ ِ‬ ‫ب إ ِّني د َع َوْ ُ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫ل‪َ )) :‬قا َ‬ ‫و قد وصفه تعالى قائ ً‬
‫جعَُلوا‬ ‫م َ‬ ‫فَر ل َهُ ْ‬ ‫م ل ِت َغْ ِ‬
‫ما د َع َوْت ُهُ ْ‬ ‫عاِئي إ ِّل فَِرارا ً *وَإ ِّني ك ُل ّ َ‬ ‫م دُ َ‬ ‫م ي َزِد ْهُ ْ‬ ‫*فَل َ ْ‬
‫ست ِك َْبارا ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ست َك ْب َُروا ا ْ‬ ‫صّروا َوا ْ‬ ‫م وَأ َ‬ ‫وا ث َِياب َهُ ْ‬ ‫ش ْ‬ ‫ست َغْ َ‬ ‫م َوا ْ‬ ‫ذان ِهِ ْ‬ ‫م ِفي آ َ‬ ‫صاب ِعَهُ ْ‬ ‫أ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ت ل َهُ ْ‬‫سَرْر ُ‬ ‫م وَأ ْ‬ ‫ت ل َهُ ْ‬ ‫م إ ِّني أع َْلن ُ‬ ‫جَهارا ً *ث ُ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫م إ ِّني د َع َوْت ُهُ ْ‬ ‫*ث ُ ّ‬
‫سَرارا ً ((‬ ‫إِ ْ‬
‫ً‬
‫و استمر نوح عليه السلم مجدا مخلصا فى دعوة قومه و‬ ‫ً‬
‫هدايتهم حتى أخبره الله تعالى أنه لن يؤمن معه إل من أمن‬
‫حي إَلى نو َ‬ ‫ُ‬
‫ن فَل َ‬ ‫م َ‬ ‫من قَد ْ آ َ‬ ‫ك إ ِل ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫من قَوْ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه َلن ي ُؤ ْ ِ‬ ‫ح أن ّ ُ‬ ‫ُ ٍ‬ ‫)) وَأو ِ َ ِ‬
‫ن ((‬ ‫فعَُلو َ‬ ‫كاُنوا ْ ي َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫س بِ َ‬ ‫ت َب ْت َئ ِ ْ‬
‫فحينها تيقن نوح من خبث هؤلء الكافرين و أن فسقهم ران على‬
‫قلوبهم فاستنصر ربه و دعا عليهم ليجزيهم بما يستحقوا على‬
‫ح‬
‫ل ُنو ٌ‬ ‫مشاقاتهم لله و رسوله و محاربة المؤمنين فقال )) وََقا َ‬
‫ضّلوا‬ ‫م يُ ِ‬ ‫ك ِإن ت َذ َْرهُ ْ‬ ‫ن د َّيارا ً *إ ِن ّ َ‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫كافِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬‫ض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب َل ت َذ َْر ع ََلى اْل َْر‬ ‫ّر ّ‬
‫ضّلوا ك َِثيرا ً‬ ‫َ‬
‫فارا ً (( و قال عنهم )) وَقَد ْ أ َ‬ ‫جرا ً ك َ ّ‬ ‫دوا إ ِّل َفا ِ‬ ‫ك وََل ي َل ِ ُ‬ ‫عَباد َ َ‬ ‫ِ‬
‫ضلل ً ((‬ ‫َ‬ ‫ن إ ِل َ‬ ‫ّ‬ ‫مي َ‬ ‫ّ‬
‫وَل ت َزِد ِ الظال ِ ِ‬ ‫َ‬
‫و بهذا كانت هذه دعوة حق فى موقف حق و عن سابق خبر من‬
‫الله تعالى فما كان من العزيز الحكيم إل أن إستجاب لدعوة نبيه‬
‫ن ((‬ ‫جيُبو َ‬ ‫م ِ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ح فَل َن ِعْ َ‬ ‫داَنا ُنو ٌ‬ ‫قد ْ َنا َ‬ ‫))وَل َ َ‬
‫و هذا هو الثابت أيضا ً فى الكتاب المقدس إذ أخبر الرب نوحا ً‬
‫بمصير قومه فأمره بصنع الفلك و جعل عهده مع نسله)) تكوين‬
‫‪((18-13:6‬‬
‫بل و وصل شر الناس إلى درجة جعلت الرب يندم و يتأسف على‬
‫خلق النسان)بزعمهم( ))تكوين ‪((8-5:6‬‬
‫الشبهة الثانية‪ :‬وردت شبهة حول قوله تعالى‪:‬‬
‫ن‬
‫وإ ِ ّ‬ ‫هِلي َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن اب ُِني ِ‬ ‫ب إِ ّ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫ح ّرب ّ ُ‬ ‫دى ُنو ٌ‬ ‫وَنا َ‬ ‫)) َ‬
‫َ‬ ‫ك ال ْحق َ‬
‫ه ل َي ْ َ‬
‫س‬ ‫ح إ ِن ّ ُ‬ ‫ل َيا ُنو ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ن* َ‬ ‫مي َ‬ ‫حاك ِ ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫حك َ ُ‬ ‫تأ ْ‬ ‫وأن َ‬ ‫َ ّ َ‬ ‫عدَ َ‬ ‫و ْ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬ ‫م ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س لك ب ِ ِ‬ ‫ما لي ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫سأل ِ‬ ‫فل ت َ ْ‬ ‫صال ِ ٍ‬ ‫ل غي ُْر َ‬ ‫ع َ‬ ‫ه َ‬ ‫هل ِك إ ِن ّ ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ((‬ ‫هِلي َ‬ ‫جا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫ك أن ت َ ُ‬ ‫عظ ُ َ‬ ‫م إ ِّني أ ِ‬ ‫عل ْ ٌ‬ ‫ِ‬
‫و كانت الشبهة من شقين‪:‬‬
‫أ‪ -‬الول أن نوحا ً طلب من الله ما ل يجوز طلبه و هو انقاذ ابنه‬
‫مع أن الله تعالى قال ))ول تخاطبنى فى الذين ظلموا‪((..‬‬
‫ل غ َي ُْر‬ ‫م ٌ‬ ‫ه عَ َ‬ ‫ك إ ِن ّ ُ‬ ‫ن أ َهْل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ه ل َي ْ َ‬ ‫ح إ ِن ّ ُ‬ ‫ب‪ -‬الثانى فى قوله )) َيا ُنو ُ‬
‫ح (( فزعموا أن ذلك إشارة إلى ارتكاب زوجة نوح الفاحشة‬ ‫صال ِ ٍ‬ ‫َ‬
‫و أن ذلك الولد الغارق هو ابن غير شرعى لها و فى سبيل تمرير‬
‫مث َل ً‬ ‫ه َ‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫ضَر َ‬ ‫هذا البهتان استدلوا بغير دليل و هو قوله تعالى )) َ‬
‫فروا ا ِمرأ َة َ نوح وا ِ َ‬
‫عَباد َِنا‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ت ع َب ْد َي ْ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫كان ََتا ت َ ْ‬ ‫ط َ‬ ‫مَرأة َ ُلو ٍ‬ ‫ُ ٍ َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ن كَ َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ّل ّ ِ‬
‫خَل الّناَر‬ ‫ل اد ْ ُ‬ ‫شْيئا ً وَِقي َ‬ ‫ن الل ّهِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ما ِ‬ ‫م ي ُغْن َِيا ع َن ْهُ َ‬ ‫ما فَل َ ْ‬ ‫خان ََتاهُ َ‬ ‫ن فَ َ‬ ‫حي ْ ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫َ‬
‫ن ((‬ ‫خِلي َ‬ ‫دا ِ‬ ‫معَ ال ّ‬ ‫َ‬
‫بعد الحمد لله و الصلة و السلم على رسول الله‪:‬‬
‫أول‪ :‬إن نوحا ً عليه السلم ما قصد برجاءه مخالفة أمر ربه عز‬
‫من ك ُ ّ‬
‫ل‬ ‫ل ِفيَها ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫وجل و إنما اجتهد فى تأويل قوله تعالى ))قُل َْنا ا ْ‬
‫ك (( فظن نبى الله نوح أن ابنه داخل فى أهله‬ ‫ن وَأ َهْل َ َ‬ ‫ن اث ْن َي ْ ِ‬ ‫جي ْ ِ‬ ‫َزوْ َ‬
‫سب َقَ ع َل َي ْهِ (( و هذا بدافع رقة قلبه و‬ ‫من َ‬ ‫و نسى قوله تعالى ))إ ِل ّ َ‬
‫ست ِعَْلم‬ ‫ؤال ا ِ ْ‬ ‫س َ‬‫ذا ُ‬ ‫عاطفة البوة الفطرية قال المام ابن كثير ‪} :‬هَ َ‬
‫ب‬ ‫ل َر ّ‬ ‫ق" َقا َ‬ ‫ذي غ َرِ َ‬ ‫حال وََلده ال ّ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫سَلم ع َ ْ‬ ‫ن ُنوح ع َل َي ْهِ ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫شف ِ‬ ‫وَك َ ْ‬
‫ق‬
‫ح ّ‬ ‫عدك ال ْ َ‬ ‫جاةِ أ َهِْلي وَوَ ْ‬ ‫دتِني ب ِن َ َ‬ ‫ي " أيْ وَقَد ْ وَع َ ْ‬
‫َ‬
‫ن أهْل ِ ّ‬
‫إن ا ِبِني م َ‬
‫ِ ْ‬ ‫ِ ّ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ؟ { لكن حين‬ ‫مي َ‬ ‫حاك ِ ِ‬ ‫حكم ال َ‬ ‫ُ‬ ‫تأ ْ‬ ‫ف غ َرِقَ وَأن ْ َ‬ ‫خلف فَكي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ذي ل ي ُ ْ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ب‬ ‫ل َر ّ‬ ‫ل‪َ)) :‬قا َ‬ ‫نبهه الله تعالى إلى حقيقة المر أناب إلى ربه قائ ً‬
‫فْر ِلي‬ ‫م وَإ ِل ّ ت َغْ ِ‬ ‫عل ْ ٌ‬‫س ِلي ب ِهِ ِ‬ ‫ما ل َي ْ َ‬ ‫ك َ‬ ‫سأ َل َ َ‬ ‫نأ ْ‬
‫ك أَ َ‬
‫عوذ ُ ب ِ َ ْ‬ ‫إ ِّني أ َ ُ‬
‫ن (( فباركه الله تعالى الله و أيده و‬ ‫ري َ‬ ‫س ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫كن ّ‬ ‫مِني أ َ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫وَت َْر َ‬
‫ت‬ ‫كا ٍ‬ ‫مّنا وََبر َ‬ ‫سل َم ٍ ّ‬ ‫ط بِ َ‬ ‫ح اهْب ِ ْ‬ ‫ل َيا ُنو ُ‬ ‫منحه السلم عز و جل))ِقي َ‬
‫ُ‬
‫ك ((‬ ‫معَ َ‬ ‫من ّ‬ ‫م ّ‬ ‫مم ٍ ّ‬ ‫ك وَع ََلى أ َ‬ ‫ع َل َي ْ َ‬
‫‪-‬ثانيا‪ :‬و أما من زعم أن قوله تعالى )) إنه ليس من أهلك(( يعنى‬
‫أنه ليس ابنه حقيقة و إنما ابن زنى و العياذ بالله ‪ ،‬فهذا قول‬
‫خكى عن بعض السلف لنه من الخبار فل تقام بها‬ ‫باطل و إن ُ‬
‫حجة إل إن ورد عن رسول الله )ص(‪ ،‬و لم يرد مثل هذا على‬
‫لسان الصادق المصدوق و قوله الحق عليه الصلة و السلم‪ ،‬و‬
‫قد أنكر أئمة أهل السنة هذا الرأى و فندوه لن الله تعالى عصم‬
‫أعراض أنبياءه أيضا ً ‪ -‬و يؤكد ذلك اليات البينات التى أنزلها‬
‫تعالى فى حادثة الفك‪ -‬فل يمكن أن تركتب زوجة نبى الفاحشة‬
‫أبدا ً حتى و إن كفرت‪.‬‬
‫قال المام ابن كثير ) و قد نص غير واحد من الئمة على تخطئة‬
‫من ذهب فى تفسير هذا إلى أنه ليس بإبنه ( و قال أيضًا‪ ) :‬وََقا َ‬
‫ل‬
‫ي قَ ّ‬ ‫حد من السَلف ما زنت ا ِ َ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ط َقا َ‬ ‫مَرأة ن َب ِ ّ‬ ‫َ َ َ ْ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ا ِْبن ع َّباس وَغ َْير َوا ِ ِ ْ‬
‫َ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫ول ا ِْبن‬ ‫م وَقَ ْ‬ ‫جاته ْ‬ ‫ن وَع َد ُْتك ن َ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫هلك " أيْ ال ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ه ل َي ْ َ‬ ‫وله " إ ِن ّ ُ‬ ‫وَقَ ْ‬
‫َ‬
‫حانه أغ َْير‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ن الّله ُ‬ ‫ه فَإ ِ ّ‬ ‫حيد ع َن ْ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ذي َل َ‬ ‫حقّ ال ّ ِ‬ ‫ذا هُوَ ال ْ َ‬ ‫ع َّباس ِفي هَ َ‬
‫ب الّله ع ََلى‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫م ّ‬ ‫م َ‬
‫ض َ‬ ‫ذا غ َ ِ‬ ‫شة وَل ِهَ َ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ي ِ‬ ‫مَرأة ن َب ِ ّ‬ ‫كن ا ِ ْ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ِ ْ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫صلى‬ ‫ي َ‬ ‫ديق َزْوج الن ّب ِ ّ‬ ‫ص ّ‬ ‫شة ب ِْنت ال ّ‬ ‫عائ ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫م ال ُ‬ ‫وا أ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َر َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫عوهُ‬ ‫شا ُ‬ ‫ذا وَأ َ َ‬ ‫موا ب ِهَ َ‬ ‫ن ت َك َل ّ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫م وَأن ْك ََر ع ََلى ال ْ ُ‬
‫َ‬
‫سل ّ َ‬ ‫الّله ع َل َي ْهِ وَ َ‬
‫سُبوهُ‬ ‫ح َ‬ ‫م َل ت َ ْ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫صَبة ِ‬ ‫ك عُ ْ‬ ‫جاُءوا ِباْل ِفْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ل ت ََعاَلى " إ ِ ّ‬ ‫ذا َقا َ‬ ‫وَل ِهَ َ‬
‫ن اْل ِْثم‬ ‫م ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫س َ‬ ‫ما ا ِك ْت َ َ‬ ‫م َ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ئ ِ‬ ‫مرِ ٍ‬ ‫ل اِ ْ‬ ‫م ل ِك ُ ّ‬ ‫خْير ل َك ُ ْ‬ ‫ل هُوَ َ‬ ‫م بَ ْ‬ ‫شّرا ل َك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫قوْن َ ُ‬ ‫وله ‪ -‬إ ِذ ْ ت َل َ ّ‬ ‫ظيم ‪ -‬إ َِلى قَ ْ‬ ‫ذاب ع َ ِ‬ ‫ه عَ َ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ذي ت َوَّلى ك ِْبره ِ‬ ‫وَا َل ّ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫سُبون َ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫عْلم وَت َ ْ‬ ‫م ب ِهِ ِ‬ ‫س ل َك ُ ْ‬ ‫ما ل َي ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫واه ِك ُ ْ‬ ‫ن ب ِأفْ َ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫م وَت َ ُ‬ ‫سن َت ِك ُ ْ‬ ‫ب ِأل ْ ِ‬
‫ظيم (‬ ‫عْند الّله ع َ ِ‬ ‫هَي ًّنا ‪ ,‬وَهُوَ ِ‬
‫و كان ابن عباس يقول ‪ ) :‬من قال أنه ليس ابن نوح فقد كذب‬
‫ه"(‬ ‫ح اب ْن َ ُ‬ ‫دى ُنو ٌ‬ ‫بالقرأن ألم تقرأوا قوله تعالى "وََنا َ‬
‫‪-‬و أما نسبة الخيانة إلى امرأتى نوح و لوط بقوله تعالى فى‬
‫سورة التحريم ))فخانتاهما(( ‪ ،‬فالمراد به هنا الخيانة فى اليمان‬
‫ل فى العرض لنهما كفرتا بالله تعالى و هذا كقوله تعالى )) وَِإن‬
‫قد خانوا ْ الل ّه من قَب ُ َ‬
‫م‬
‫ه ع َِلي ٌ‬ ‫م َوالل ّ ُ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫مك َ َ‬ ‫ل فَأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ِ‬ ‫ك فَ َ ْ َ ُ‬ ‫خَيان َت َ َ‬ ‫دوا ْ ِ‬ ‫ري ُ‬ ‫يُ ِ‬
‫م (( و كقوله تعالى )) ول تكن للخائنين خصيما((‬ ‫كي ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ما‬‫قاهُ َ‬ ‫وافِ َ‬ ‫م يُ َ‬ ‫مان ل َ ْ‬ ‫لي َ‬ ‫ما" أيْ ِفي ا ْ ِ‬ ‫خان ََتاهُ َ‬ ‫قال المام ابن كثير‪ ")) :‬فَ َ‬
‫شي ًْئا وََل‬ ‫ك ك ُّله َ‬ ‫جد ذ َل ِ َ‬ ‫م يَ ِ‬ ‫ساَلة فَل َ ْ‬ ‫ما ِفي الّر َ‬ ‫صد ََقاهُ َ‬ ‫مان وََل َ‬ ‫لي َ‬ ‫ع ََلى ا ْ ِ‬
‫ن الّله‬ ‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫م ي ُغْن َِيا ع َن ْهُ َ‬ ‫ل ت ََعاَلى " فَل َ ْ‬ ‫ذا َقا َ‬ ‫ذوًرا وَل ِهَ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ما َ‬ ‫د َفَعَ ع َن ْهُ َ‬
‫َ‬ ‫شي ًْئا " أ َيْ ل ِك ُ ْ‬
‫ن"‬ ‫خِلي َ‬ ‫دا ِ‬ ‫معَ ال ّ‬ ‫خَل الّنار َ‬ ‫ن" ا ُد ْ ُ‬ ‫مْرأت َي ْ ِ‬ ‫ل " ل ِل ْ َ‬ ‫ما " وَِقي َ‬ ‫فرِه ِ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫دين فَإ ِ ّ‬ ‫ل ِفي ال ّ‬ ‫شة ب َ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ما " ِفي َفا ِ‬ ‫خان ََتاهُ َ‬ ‫ه" فَ َ‬ ‫قوْل ِ ِ‬ ‫مَراد ب ِ َ‬ ‫س ال ْ ُ‬ ‫وَل َي ْ َ‬
‫مةِ اْل َن ْب َِياء‬ ‫حْر َ‬ ‫شة ل ِ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫ن ال ْوُُقوع ِفي ال ْ َ‬ ‫مات ع َ ْ‬ ‫صو َ‬ ‫معْ ُ‬ ‫ساء اْلن ْب َِياء َ‬
‫َ‬
‫نِ َ‬
‫َ‬
‫سى ْبن أِبي‬ ‫مو َ‬ ‫ن ُ‬ ‫فَيان الث ّوْرِيّ ع َ ْ‬ ‫س ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫سوَرة الّنور َقا َ‬ ‫مَنا ِفي ُ‬ ‫ما قَد ّ ْ‬ ‫كَ َ‬
‫ه‬
‫قول ِفي هَذ ِ ِ‬ ‫مْعت ا ِْبن ع َّباس ي َ ُ‬ ‫س ِ‬ ‫مان ْبن قَْرم َ‬ ‫سل َي ْ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫شة ع َ ْ‬ ‫عائ ِ َ‬ ‫َ‬
‫خِبر‬ ‫ت تُ ْ‬ ‫مَرأة ُنوح فَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ما " َقا َ‬ ‫اْلَية " فَ َ‬
‫كان َ ْ‬ ‫خَياَنة أ ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫ما َزن ََتا أ ّ‬ ‫ل َ‬ ‫خان ََتاهُ َ‬
‫َ‬ ‫مَرَأة ُلوط فَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضَيافه‬ ‫ومَها ع ََلى أ ْ‬ ‫ل قَ ْ‬ ‫ت ت َد ُ ّ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫خَياَنة ا ِ ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫جُنون وَأ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫أن ّ ُ‬
‫كان ََتا ع ََلى‬ ‫َ‬
‫ما َ‬ ‫ما أن ّهُ َ‬ ‫خَياَنته َ‬ ‫ت ِ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ن ا ِْبن ع َّباس َقا َ‬ ‫ي عَ ْ‬ ‫ل ال ْعَوْفِ ّ‬ ‫وََقا َ‬
‫َ‬
‫معَ ُنوح‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫ذا آ َ‬ ‫سّر ُنوح فَإ ِ َ‬ ‫مَرأة ُنوح ت َط ِّلع ع ََلى ِ‬ ‫ت اِ ْ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ما فَ َ‬ ‫غ َْير ِدينه َ‬
‫ذا‬ ‫ت إِ َ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫مَرَأة ُلوط فَ َ‬ ‫ما ا ِ ْ‬
‫َ‬
‫وم ُنوح ب ِهِ وَأ ّ‬ ‫ن قَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫جَباب َِرة ِ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫خب ََر ْ‬ ‫حد ٌ أ َ ْ‬ ‫أ َ‬
‫َ‬
‫سوء وََقا َ‬
‫ل‬ ‫مل ال ّ‬ ‫ن ي َعْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ديَنة ِ‬ ‫م ِ‬ ‫هل ال ْ َ‬ ‫ت ب ِهِ أ َ ْ‬ ‫خب ََر ْ‬ ‫دا أ َ ْ‬ ‫ح ً‬ ‫ف ُلوط أ َ‬
‫َ‬ ‫ضا َ‬ ‫أ َ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫ما َ‬ ‫ي قَ ّ‬ ‫الضحاك ع َن ا ِبن ع َباس ما بغَت ا ِ َ‬
‫كان َ ْ‬ ‫ط إ ِن ّ َ‬ ‫مَرأة ن َب ِ ّ‬ ‫َ َ ْ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ّ ّ‬
‫حاك‬ ‫ض ّ‬ ‫جب َْير َوال ّ‬ ‫سِعيد ْبن ُ‬ ‫مة وَ َ‬ ‫عك ْرِ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ذا َقا َ‬ ‫دين وَهَك َ َ‬ ‫ما ِفي ال ّ‬ ‫خَياَنته َ‬ ‫ِ‬
‫م ((‬ ‫وَغ َْيره ْ‬
‫فبين لهم رسول الله أن الظلم المقصود فى الية هو الشرك و‬
‫ليس صغائر الذنوب التى ل يخلوا منها أحد‪ ،‬مع أن المعنيين دل‬
‫عليهما لفظ واحد )الظلم(‬
‫قد ْ‬ ‫َ‬
‫و معصية ابينا أدم كانت غفلة ليس أكثر بدليل قوله تعالى))وَل َ‬
‫ه ع َْزمًا(( فبين لنا تعالى‬ ‫جد ْ ل َ ُ‬ ‫م نَ ِ‬ ‫ي وَل َ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ل فَن َ ِ‬ ‫من قَب ْ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ع َهِد َْنا إ َِلى آد َ َ‬
‫أن معصية أدم كانت بسبب النسيان و ضعف العزيمة و لم تصدر‬
‫عن عمد و استكبار‪ ،‬كما أن أدم لم يكن له عهد بالمعاصى و ل‬
‫خبرة له بحيل الشيطان لذا فعندما جاءه الشيطان و أقسم بالله‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ما ل َ ِ‬ ‫ما إ ِّني ل َك ُ َ‬ ‫مه ُ َ‬ ‫س َ‬‫أنه له من الناصحين انخدع أدم بكلمه ))وََقا َ‬
‫ن ((‬ ‫حي َ‬ ‫ص ِ‬‫الّنا ِ‬
‫;قال ابن عباس‪ :‬بعد أن عاتب الله تعالى أدم فقال "أما كان‬
‫فيما منحتك من الجنة و أبحتك منها من دوحة عما حرمت‬
‫عليك؟" فقال أدم‪" :‬بلى رب و لكن و عزتك ما حسبت أن أحدا ً‬
‫يحلف بك كذبا ً‬
‫سَنا وَِإن ل ّ ْ‬
‫م‬ ‫ف َ‬ ‫مَنا َأن ُ‬ ‫‪.‬و قد بادر نبى الله أدم بالتوبة )َقال َ َرب َّنا ظ َل َ ْ‬
‫ن( ‪.‬و غفر الله تعالى له‬ ‫ري َ‬ ‫س ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كون َ ّ‬ ‫مَنا ل َن َ ُ‬‫ح ْ‬ ‫فْر ل ََنا وَت َْر َ‬ ‫ت َغْ ِ‬
‫م(‬
‫حي ُ‬ ‫ب الّر ِ‬ ‫وا ُ‬ ‫ه هُوَ الت ّ ّ‬ ‫ب ع َل َي ْهِ إ ِن ّ ُ‬ ‫ت فََتا َ‬ ‫ما ٍ‬ ‫من ّرب ّهِ ك َل ِ َ‬ ‫م ِ‬ ‫قى آد َ ُ‬ ‫)فَت َل َ ّ‬
‫و بهذا يتبين أن ما صدر من أدم عليه السلم ما كان إل زلة‬
‫سرعان ما تاب منها و اناب إلى ربه فتقبله سبحانه و تاب عليه‬
‫الشبهة الثانية ‪-‬ادعى المبطلون أن ميراث الخطيئة‬
‫خذَ َرب ّ َ‬
‫ك‬ ‫وإ ِذْ أ َ َ‬ ‫ثابت فى القرآن و السنة ‪ ،‬لقوله تعالى )) َ‬
‫عَلى‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫هدَ ُ‬ ‫ش َ‬‫وأ َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫م ذُّري ّت َ ُ‬ ‫ه ْ‬‫ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫هو‬ ‫من ظُ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫من ب َِني آدَ َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َأن ُ‬
‫م‬‫و َ‬ ‫قوُلوا ْ ي َ ْ‬ ‫هدَْنا أن ت َ ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫قاُلوا ْ ب ََلى َ‬ ‫م َ‬ ‫ت ب َِرب ّك ُ ْ‬ ‫س َ‬ ‫م أل َ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬
‫ن(( و لقول رسول الله‬ ‫فِلي َ‬ ‫غا ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫ه َ‬‫ن َ‬ ‫ع ْ‬‫ة إ ِّنا ك ُّنا َ‬ ‫م ِ‬‫قَيا َ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫)ص( فى الحديث‪) :‬فجحد فجحدت ذريته ونسي آدم‬
‫فنسيت ذريته وخطئ آدم فخطئت ذريته(‬
‫فزعموا أن الله أخذ الميثاق من أدم نيابة عن ذريته‪،‬و أن الحديث‬
‫يفيد توريث الخطيئة‬
‫بعد الحمد لله و الصلة و السلم على رسول الله‪:‬‬
‫أ( اما الية الكريمة فما قالت أن الله أخذ الميثاق من ادم بالنيابة‬
‫عن ذريته‪ ،‬فهذا صرف للية عن ظاهرها بغير صارف‪ ،‬اللهم إل‬
‫أهواء النصارى!‬
‫والية صريحة العبارة بأن الرب أخرج ذرية ادم من ظهره بالفعل‬
‫و أشهدهم على انفسهم‪ ،‬وهو ما اكدته الحاديث المتواترة منها‪:‬‬
‫قال رسول الله )ص(‪)) :‬لما خلق الله آدم مسح ظهره فسقط‬
‫من ظهره كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة ثم جعل بين‬
‫عيني كل إنسان كل إنسان منهم وبيصا من نور ثم عرضهم على‬
‫آدم فقال‪ :‬أي رب من هؤلء قال‪ :‬هؤلء ذريتك فرأى رجل منهم‬
‫أعجبه نور ما بين عينيه فقال‪ :‬أي رب من هذا؟ قال‪ :‬رجل من‬
‫ذريتك في آخر المم يقال‪ :‬له داود قال‪ :‬أي رب كم عمره؟ قال‪:‬‬
‫ستون سنة قال فزده من عمري أربعين سنة قال‪ :‬إذن يكتب‬
‫ويختم ول يبدل فلما انقضى عمر آدم جاء ملك الموت فقال‪:‬‬
‫أولم يبقى من عمري أربعون سنة؟ قال‪ :‬أولم تعطها ابنك داود؟‬
‫فجحد فجحدت ذريته ونسي آدم فنسيت ذريته وخطئ آدم‬
‫فخطئت ذريته((‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫ه عَ ْ‬ ‫ي الّله ع َن ْ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ماِلك َر ِ‬ ‫ن أَنس ْبن َ‬ ‫مد ع َ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫مام أ ْ‬ ‫و روى اْل ِ َ‬
‫َ‬
‫وم‬ ‫هل الّنار ي َ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫قال ِللّر ُ‬ ‫ل)) ي ُ َ‬ ‫م َقا َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫صّلى الّله ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فت َد ًِيا‬ ‫م ْ‬ ‫يء أكْنت ُ‬ ‫ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ع َلى الْرض ِ‬ ‫ن لك َ‬ ‫َ‬
‫مة أَرأْيت لوْ كا َ‬ ‫قَيا َ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك قَد ْ‬ ‫مَ ْ‬ ‫ون ِ‬ ‫مْنك أهْ َ‬ ‫دت ِ‬ ‫قول قَد ْ أَر ْ‬ ‫م فَي َ ُ‬ ‫قول ن َعَ ْ‬ ‫ل ‪ :‬فَي َ ُ‬ ‫ب ِهِ َقا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫أَ َ‬
‫شي ًْئا فَأب َْيت إ ِّل أ ْ‬
‫ن‬ ‫رك ِبي َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ن َل ت ُ ْ‬ ‫دم أ ْ‬ ‫ذت ع َل َْيك ِفي ظ َْهر آ َ‬ ‫خ ْ‬
‫ه‬
‫شعَْبة ب ِ ِ‬ ‫ديث ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫حي ْ ِ‬ ‫حي َ‬ ‫ص ِ‬ ‫جاه ُ ِفي ال ّ‬ ‫خَر َ‬ ‫رك ِبي (( أ َ ْ‬ ‫ش ِ‬ ‫تُ ْ‬
‫صّلى‬ ‫ي َ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫ن ا ِْبن ع َّباس ع َ ْ‬ ‫و روى المام أحمد و النسائى ع َ ْ‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫دم ع َلي ْ ِ‬ ‫ن ظْهر آ َ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫ميَثاق ِ‬ ‫ْ‬
‫خذ َ ا ل ِ‬ ‫ن الّله أ َ َ‬ ‫ل )) إ ِ ّ‬ ‫م َقا َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫الّله ع َل َي ْهِ وَ َ‬
‫َ‬
‫ها فَن َث ََر َ‬
‫ها‬ ‫ل ذ ُّرّية ذ ََرأ َ َ‬ ‫صْلبه ك ُ ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫وم ع ََرَفة فَأ ْ‬ ‫مان ي َ ْ‬ ‫سَلم ب ِن َعْ َ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬ ‫م َقاُلوا ب ََلى َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫شهِد َْنا أ ْ‬ ‫ست ب َِرب ّك ُ ْ‬ ‫ل " أل َ ْ‬ ‫م قِب ًَل َقا َ‬ ‫مه ُ ْ‬ ‫م ك َل ّ َ‬ ‫ب َْين ي َد َي ْهِ ث ُ ّ‬
‫َ‬
‫وله "‬ ‫قوُلوا ‪ -‬إ َِلى قَ ْ‬ ‫ن أوْ ت َ ُ‬ ‫غافِِلي َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫مة إ ِّنا ك ُّنا ع َ ْ‬ ‫قَيا َ‬ ‫وم ال ْ ِ‬ ‫قوُلوا ي َ ْ‬ ‫تَ ُ‬
‫ن ((و غير ذلك كثير مما أورده العلمة ابن كثير فى‬ ‫مب ْط ُِلو َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫تقسيره و لله الحمد و المنة‪.‬‬
‫ب( و اما قول رسول الله فى أخر الحديث‪)) :‬فجحد فجحدت‬
‫ذريته ونسي آدم فنسيت ذريته وخطئ آدم فخطئت ذريته(( فهو‬
‫ل يفيد توريث الخطيئة و إنما توريث الطباع‪ ،‬و الفارق بينهما‬
‫كبير‪ ،‬فهذه الصفات هى من طبيعة النسان التى خلقه الله تعالى‬
‫عليها‪ ،‬فكل الناس ينسون و يجحدون و يخطئون لنهم خلقوا‬
‫ضِعيفا ً (( و كما قال‬ ‫ن َ‬ ‫سا ُ‬ ‫لن َ‬ ‫خل ِقَ ا ِ‬ ‫ضعافا ً كما قال تعالى ))وَ ُ‬
‫رسول الله )ص(‪ )) :‬كل إبن أدم خطاء و خير الخطائين‬
‫التوابون((‬
‫و لكن ل يرث احدهم خطيئة اخر ول يرث النسان جحود أخر!‪،‬‬
‫فكل إنسان يتحمل خطأه هو و القاعدة القرأنية المحكمة ))أ َّل‬
‫َ‬ ‫ت َزُِر َوازَِرة ٌ وِْزَر أ ُ ْ‬
‫سَعى(( و قوله‬ ‫ما َ‬ ‫ن إ ِّل َ‬ ‫سا ِ‬ ‫لن َ‬ ‫س لِ ْ ِ‬ ‫خَرى * وَأن ل ّي ْ َ‬
‫مَناه ُ َ‬ ‫ل إنسا َ‬
‫ه(( و قوله سبحانه‬ ‫ق ِ‬ ‫طآئ َِره ُ ِفي ع ُن ُ ِ‬ ‫ن أل َْز ْ‬ ‫تعالى ))وَك ُ ّ ِ َ ٍ‬
‫شّرا ً‬ ‫ل ذ َّرةٍ َ‬ ‫قا َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫م ْ‬ ‫من ي َعْ َ‬ ‫خْيرا ً ي ََره ُ * وَ َ‬ ‫ل ذ َّرةٍ َ‬ ‫قا َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫م ْ‬ ‫من ي َعْ َ‬ ‫))فَ َ‬
‫ه((‬ ‫ي ََر ُ‬
‫و حسبنا فى الرد على من يعتقدون ان الطفل البرىء يولد‬
‫ملطخا ً بخطيئة أدم و يريدون إلصاق ذلك العبث كرها ً بالسلم ان‬
‫نذكر نيفا ً من كلمات رسول الله )ص( فى وصف من تطهر من‬
‫كل الذنوب و الثام‪:‬‬
‫))من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه((‬
‫))أن الله يقول إني إذا ابتليت عبدا من عبادي مؤمنا فحمدني‬
‫على ما ابتليته فإنه يقوم من مضجعه ذلك كيوم ولدته أمه من‬
‫الخطايا‪(( ،‬‬
‫))لما فرغ سليمان بن داود من بناء بيت المقدس سأل الله ثلثا‬
‫حكما يصادف حكمه وملكا ل ينبغي لحد من بعده وأل يأتي هذا‬
‫المسجد أحد ل يريد إل الصلة فيه إل خرج من ذنوبه كيوم ولدته‬
‫أمه فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما اثنتان فقد أعطيهما‬
‫وأرجو أن يكون قد أعطي الثالثة((‬
‫و من الجدير أن نشير ههنا إلى أمر هام و هو أن خروج أبينا أدم‬
‫من الجنة ما كان فقط بسبب زلته هذه ‪ ،‬و لكن أيضا ً لن الله‬
‫تعالى قدر منذ القدم أن يبتلى النسان باستخلفه فى الرض ‪،‬‬
‫ك‬‫ل َرب ّ َ‬ ‫كى يعمرها بالتوحيد و يعبده فيها بظاهر الغيب ))وَإ ِذ ْ َقا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سد ُ‬‫ف ِ‬ ‫من ي ُ ْ‬ ‫ل ِفيَها َ‬ ‫جعَ ُ‬ ‫ة َقاُلوا ْ أت َ ْ‬ ‫ف ً‬‫خِلي َ‬ ‫ض َ‬ ‫ل ِفي الْر ِ‬ ‫ع ٌ‬ ‫جا ِ‬ ‫مل َئ ِك َةِ إ ِّني َ‬ ‫ل ِل ْ َ‬
‫ل إ ِّني‬ ‫ك َقا َ‬ ‫س لَ َ‬‫قد ّ ُ‬ ‫ك وَن ُ َ‬ ‫مد ِ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ح بِ َ‬ ‫سب ّ ُ‬ ‫ن نُ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ماء وَن َ ْ‬ ‫ك الد ّ َ‬ ‫ف ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ِفيَها وَي َ ْ‬
‫َ‬
‫ن((‬ ‫مو َ‬ ‫ما ل َ ت َعْل َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫أع ْل َ ُ‬
‫و ليتم بذلك إختبار اليمان على النس و الجن‪ ،‬قال‬
‫ن((‪،‬و قال عز و جل‬ ‫دو ِ‬ ‫س إ ِّل ل ِي َعْب ُ ُ‬ ‫لن َ‬ ‫ِ‬ ‫ن َوا ْ‬ ‫ج ّ‬‫ت ال ْ ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫سبحانه)) وَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫زيُز‬ ‫مل ً وَهُوَ ال ْعَ ِ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫م أي ّك ُ ْ‬ ‫حَياة َ ل ِي َب ْل ُوَك ُ ْ‬‫ت َوال ْ َ‬ ‫مو ْ َ‬ ‫خل َقَ ال ْ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫))ال ّ ِ‬
‫فوُر (( و قال تعالى )) الذين يؤمنون بالغيب و يقيمون الصلة‬ ‫ال ْغَ ُ‬
‫و مما رزقناهم ينفقون((‬
‫و من أدلة ذلك حديث محاجاة أدم موسى عليه السلم‪ ،‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه و سلم‪ )) :‬احتج آدم وموسى فقال له‬
‫موسى يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة قال له آدم يا‬
‫موسى اصطفاك الله بكلمه وخط لك بيده أتلومني على أمر‬
‫قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة فحج آدم موسى‬
‫فحج آدم موسى فحج أدم موسى فحج أدم موسى((‬
‫و من المعلوم أنه ل يجوز الحتجاج بالقدر لتبرير المعصية و إنما‬
‫يجوز ذلك فى تعليل البتلء‬
‫العجيب أننا نقرأ فى القصة التوراتية أن أدم ما كان يعلم الفرق‬
‫بين الطاعة و المعصية لن الشجرة التى أكل منها هى نفسها‬
‫)شجرة معرفة الخير و الشر( ‪ ،‬فكيف يعاتب على شىء ما كان‬
‫يعلم أنه شر؟؟‬
‫الشبهة الثالثة ‪ -‬أوردوا شبهة حول قول الله تعالى‬
‫ها‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ها َز ْ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫حدَ ٍ‬ ‫وا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ف ٍ‬ ‫من ن ّ ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫)) ُ‬
‫ه‬
‫ت بِ ِ‬ ‫مّر ْ‬ ‫ف َ‬‫فيفا ً َ‬ ‫خ ِ‬ ‫مل ً َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ت َ‬ ‫مل َ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ها َ‬ ‫شا َ‬ ‫غ ّ‬ ‫ما ت َ َ‬ ‫فل َ ّ‬‫ها َ‬ ‫ن إ ِل َي ْ َ‬ ‫سك ُ َ‬ ‫ل ِي َ ْ‬
‫صاِلحا ً ل ّن َ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫كون َ ّ‬ ‫ن آت َي ْت ََنا َ‬ ‫ما ل َئ ِ ْ‬ ‫ه َ‬‫ه َرب ّ ُ‬ ‫وا الل ّ َ‬ ‫ع َ‬‫قَلت دّ َ‬ ‫ما أث ْ َ‬ ‫فل َ ّ‬
‫َ‬
‫ما‬
‫في َ‬ ‫كاء ِ‬ ‫شَر َ‬ ‫ه ُ‬ ‫عل َ ل َ ُ‬‫ج َ‬‫صاِلحا ً َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬‫ما آَتا ُ‬ ‫فل َ ّ‬‫ن* َ‬ ‫ري َ‬ ‫شاك ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫ن((‬‫كو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ش ِ‬‫ما ي ُ ْ‬ ‫ع ّ‬‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫عالى الل ُ‬ ‫َ‬ ‫فت َ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬ ‫آَتا ُ‬
‫فزعموا أن الية القرآنية تتهم أدم عليه السلم بالشرك و‬
‫اعتمدوا فى ذلك على بعض المروايات التى وردت عن بعض‬
‫الصحابة و التابعين‪ ،‬و مفادها أن حواء ما كان يعيش لها ولد‬
‫فطاف بها ابليس و قال سميه عبد الحارث فيحييى‪ ،‬ففعلت كما‬
‫أمرها!‬
‫و لم يقف المر عند هذا الحد بل رفع البعض هذه الرواية )زورا(ً‬
‫إلى النبى عليه السلم‬
‫بعد الحمد لله و الصلة و السلم على رسول الله‪:‬‬
‫يبدو أن النصارى لم يكتفوا بتكفير النبياء فى كتبهم أمثال هارون‬
‫الذى صنع العجل و سليمان الذى عبد الصنام و شاول الذى مات‬
‫منتحرًا‪ ،‬فأرادوا بث سمومهم فى السلم دين الطهارة و الشرف‬
‫من خلل مثل هذه الشبهات المريضة ‪،‬‬
‫فنحمد الله الذى رد كيدهم إلى هذا‪،‬إذ أن هذه الرواية باطلة‬
‫مردودة من جهة العقل و النقل‬
‫من جهة العقل‪:‬‬
‫‪ (1‬ثبت بالنصوص القاطعة فى كتاب الله أن أدم عليه السلم‬
‫من صفوة عباد الله المقربين فى الدنيا و الخرة كقوله تعالى ‪:‬‬
‫ن ع ََلى‬ ‫مَرا َ‬‫ع ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫م َوآ َ‬ ‫هي َ‬
‫ل إ ِب َْرا ِ‬‫م وَُنوحا ً َوآ َ‬ ‫فى آد َ َ‬ ‫صط َ َ‬ ‫ها ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫))إ ِ ّ‬
‫ه‬‫جت ََباه ُ َرب ّ ُ‬‫ما ْ‬ ‫ن((‪ ،‬و قال عز و جل فى ثناء نبيه أدم )) ث ُ ّ‬ ‫مي َ‬ ‫ال َْعال َ ِ‬
‫دى(( و فى هذه الية ثلثة تزكيات لدم عليه‬ ‫ب ع َل َي ْهِ وَهَ َ‬ ‫فََتا َ‬
‫السلم الولى اصطفاءه بقوله )ثم اجتباه ربه( و الثانية التوبة‬
‫عليه بقوله) فتاب عليه( و الثالثة هدايته ) و هدى( و من يهده‬
‫الله فل مضل له‪ ،‬فكيف يقال بعد ذلك لن الشيطان أضل أدم‬
‫عليه السلم؟‬
‫‪ (2‬صح عن النبى عليه الصلة و السلم الحاديث الجازمة فى أن‬
‫أدم عليه السلم من السادة المقربين السابقين من ذلك‪:‬‬
‫م رسول الله )ص(‬ ‫أ‪ -‬فى قصة السراء و المعراج صلى حين أ ّ‬
‫كل النبياء فى بيت المقدس جاء فى الحديث }‪.....‬و لما‬
‫انصرفت قال جبريل‪ :‬يا محمد أتدرى من صلى خلفك؟ قال‬
‫قلت ‪:‬ل‪ ،‬قال‪:‬صلى خلفك كل نبى بعثه الله عز و جل‪ ،‬قال‪ :‬ثم‬
‫أخذ بيدى جبريل فصعد بى إلى السماء فلما انتهينا إلى الباب‬
‫استفتح فقالوا ‪:‬من أنت؟ قال جبريل‪ ،‬قالوا و من معك؟ قال‬
‫محمد‪ ،‬قالوا‪ :‬و قد بعث إليهم؟ قال نعم‪ ،‬قال‪ :‬ففتحوا له و قالوا‬
‫مرحبا ً بك و بمن معك‪ ،‬قال‪ :‬فلما استوى على ظهرها إذا فيها‬
‫أدم فقال جبريل‪:‬يا محمد أل تسلم على أبيك أدم؟قال‪ :‬قلت‬
‫بلى‪ ،‬فأتيته فسلمت عليه‪ ،‬فرد على و قال‪ :‬مرحبا ً بابنى الصالح و‬
‫النبى الصالح‪ {...‬فدل هذا الحديث على مكانة أدم عليه السلم‬
‫إذ كان ضمن النبياء الذين صلى بهم رسول الله ‪ ،‬و كان أول‬
‫النبياء الذين التقاهم رسول الله )ص( فى سماء الرحمن و سلم‬
‫عليه و جبريل ‪.‬‬
‫ب‪ -‬و ضمن حديث الشفاعة قال رسول الله )ص(‪ ...)) :‬فيقول‬
‫بعض الناس ‪ :‬أبوكم آدم‪ ،‬فيأتونه فيقولون ‪ :‬يا آدم أنت أبو‬
‫البشر‪ ،‬خلقك الله بيده‪ ،‬ونفخ فيك من روحه‪ ،‬وأمر الملئكة‬
‫فسجدوا لك‪ ،‬وأسكنك الجنة‪ ،‬أل تشفع لنا إلى ربك‪ ،‬أل ترى ما‬
‫نحن فيه وما بلغنا؟ فيقول ‪ :‬ربي غضب غضبا لم يغضب قبله‬
‫مثله‪ ،‬ول يغضب بعده مثله‪ ،‬ونهاني عن الشجرة فعصيته‪ ،‬نفسي‬
‫نفسي‪ ،‬اذهبوا إلى غيري‪(( ،‬‬
‫فهذا الحديث أكبر دليل على أن أدم ما اخطأ إل حين أكل من‬
‫الشجرة‪ ،‬و لو كان قد أشرك بالله )و حاشاه( لكان من غير‬
‫المعقول أن يخشى غضب الله على زلة بسيطة تاب الله عليه‬
‫منها‪ ،‬و ل يذكر ذنب الشرك الذى هو أعظم الذنوب المخرج من‬
‫الملة بالكلية!!‬
‫‪ (3‬قال رسول الله )ص(‪ } :‬لما خلق الله أدم مسح ظهره‬
‫فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم‬
‫القيامة‪ ,‬و جعل بين عينى كل منهم وبيصا من النور ثم عرضهم‬
‫على أدم فقال أى رب من هؤلء؟ قال‪ :‬هم ذريتك فرأى رجل‬
‫منهم فأعجبه ما بين عينيه فقال‪ :‬أى رب من هذا؟ قال‪ :‬هذا رجل‬
‫من أخر المم من ذريتك يقال له داوود ‪...‬الحديث {‬
‫و هذا الحديث يؤكد أن الله أطلع أدم على ذريته و عرفهم‪ ،‬فكيف‬
‫يشرك أدم بالله كى يعيش له ولد و قد اطلع على كل ذريته و‬
‫علم بخبرهم إلى يوم القيامة؟؟‬
‫من جهة النقل ‪:‬‬
‫‪ (1‬جاءت هذه الرواية موقوفة على الصحابة و من المعلوم أن ما‬
‫ُيروى موقوفا ً على الصحابة أو التابعين من أخبار المم السابقة ل‬
‫حجة به على الشريعة إن خالفها لنه فى الغلب العم يكون‬
‫منقول ً من السرائيليات و من مسلمة أهل الكتاب أخذا ً برخصة‬
‫التحديث عنهم و هذا ما قرره أعلم الئمة المحققين كالقرطبى‬
‫و ابن تيمية و السعدى و ابن كثير و غيرهم‪...‬خاصة و أنها رويت‬
‫عن أبى بن كعب رضى الله عنه و هو مشهور بالسرائيليات‪ ،‬قال‬
‫هل‬‫ن آَثار أ َ ْ‬
‫م ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ابن كثير‪)):‬وَهَذ ِهِ اْلَثار ي َظ َْهر ع َل َي َْها وََالّله أع َْلم أن َّها ِ‬
‫سل ّ َ‬
‫م‬ ‫صّلى الّله ع َل َي ْهِ وَ َ‬ ‫سول الّله َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ديث ع َ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ح ال ْ َ‬ ‫ص ّ‬ ‫ال ْك َِتاب وَقَد ْ َ‬
‫م" ث ُ ّ‬
‫م‬ ‫م وََل ت ُك َذ ُّبوهُ ْ‬ ‫صد ُّقوهُ ْ‬ ‫هل ال ْك َِتاب فََل ت ُ َ‬ ‫م أَ ْ‬ ‫حد ّث َك ُ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫ل" إ ِ َ‬ ‫ه َقا َ‬ ‫أن ّ ُ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ل ع َل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ما د َ ّ‬ ‫حته ب ِ َ‬ ‫ص ّ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫ما ع َل ِ ْ‬ ‫من َْها َ‬ ‫سام فَ ِ‬ ‫م ع ََلى ث ََلَثة أقْ َ‬ ‫خَباره ْ‬
‫َ‬
‫ل‬ ‫ما د َ ّ‬ ‫ذبه ب ِ َ‬ ‫مَنا ك َ ِ‬ ‫ما ع َل ِ ْ‬ ‫من َْها َ‬ ‫سوله وَ ِ‬ ‫سّنة َر ُ‬ ‫ن ك َِتاب الّله أوْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫الد ِّليل ِ‬
‫َ‬
‫ه‬‫كوت ع َن ْ ُ‬ ‫س ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ما هُوَ َ‬ ‫من َْها َ‬ ‫ضا وَ ِ‬ ‫سّنة أي ْ ً‬ ‫ن ال ْك َِتاب َوال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫خَلفه ِ‬ ‫ع ََلى ِ‬
‫ن ب َِني‬ ‫حد ُّثوا ع َ ْ‬ ‫سَلم " َ‬ ‫قوْل ِهِ ع َل َي ْهِ ال ّ‬ ‫ذون ِفي رَِواَيته ب ِ َ‬ ‫مأ ْ ُ‬ ‫فَهُوَ ال ْ َ‬
‫قوْل ِهِ " فََل‬ ‫ذب ل ِ َ‬ ‫دق وََل ي ُك َ ّ‬ ‫ص ّ‬ ‫ذي َل ي ُ َ‬ ‫حَرج " وَهُوَ ال ّ ِ‬ ‫سَراِئيل وََل َ‬ ‫إِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سم الّثاِني أوْ الّثاِلث‬ ‫ق ْ‬ ‫ذا اْلَثر هُوَ ال ْ ِ‬ ‫م " وَهَ َ‬ ‫م وََل ت ُك َذ ُّبوهُ ْ‬ ‫صد ُّقوهُ ْ‬ ‫تُ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِفيهِ ن َ َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ه ي ََراه ُ ِ‬ ‫ي فَإ ِن ّ ُ‬ ‫ي أوْ َتاب ِعِ ّ‬ ‫حاب ِ ّ‬ ‫ص َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ث ب ِهِ ِ‬ ‫حد ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ظر فَأ ّ‬
‫سم الّثاِلث((‬ ‫ق ْ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫‪-‬أما رفع هذه الرواية إلى رسول الله )ص( فهو ل يصح أبدا ً و قد‬
‫ن‬
‫دة ع َ ْ‬ ‫هيم عن قََتا َ‬ ‫مر ْبن إ ِب َْرا ِ‬ ‫مد عن ع ُ َ‬ ‫ص َ‬ ‫رويت من طريق ع َْبد ال ّ‬
‫ديث‬ ‫ح ِ‬ ‫ذا ال َ‬‫ْ‬ ‫مَرة‪ ،‬و قد فنده المام ابن كثير فقال‪ :‬هَ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ن َ‬ ‫سن ع َ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬
‫جه‬ ‫ن ث ََلَثة أوْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫معُْلول ِ‬ ‫َ‬
‫ه ا ِْبن‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ق ُ‬ ‫صرِيّ وَقد ْ وَث َ‬ ‫هيم هَذا هُوَ الب َ ْ‬ ‫مر ْبن إ ِب َْرا ِ‬ ‫ن عُ َ‬ ‫ها " أ ّ‬ ‫حد َ‬ ‫"أ َ‬
‫ج ب ِهِ ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن َقا َ‬ ‫َ‬
‫حت َ ّ‬ ‫حاِتم الّرازِيّ ل ي ُ ْ‬ ‫ل أُبو َ‬ ‫مِعين وَلك ِ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫مْرُفو ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫عا ك َ‬ ‫س َ‬ ‫فسه لي ْ َ‬ ‫مَرة ن َ ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ول َ‬ ‫ن قَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه قَد ْ ُروِيَ ِ‬ ‫" الّثاِني " أن ّ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ن أِبي ِ‬ ‫مر ع َ ْ‬ ‫معْت َ ِ‬ ‫حد ّث ََنا ال ْ ُ‬ ‫حد ّث ََنا ا ِْبن ع َْبد اْلع َْلى َ‬ ‫رير ‪َ :‬‬ ‫ج ِ‬ ‫ل ا ِْبن َ‬ ‫َقا َ‬
‫ن أِبي ال ْعََلء ْبن‬ ‫َ‬
‫ي عَ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫مان الت ّي ْ ِ‬ ‫سل َي ْ َ‬ ‫كر ْبن ع َْبد الّله ْبن ُ‬ ‫حد ّث ََنا ب َ ْ‬ ‫َ‬
‫حاِرث ‪.‬‬ ‫ْ‬
‫دم ا ِْبنه ع َْبد ال َ‬ ‫مى آ َ‬ ‫س ّ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫دب َقا َ‬ ‫جن ْ ُ‬ ‫مَرة ْبن ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ن َ‬ ‫خيرِ ع َ ْ‬ ‫ش ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ذا فَل َوْ َ‬ ‫سَر اْلَية ب ِغَي ْرِ هَ َ‬ ‫َ‬
‫عْنده‬ ‫ذا ِ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫كا َ‬ ‫فسه فَ ّ‬ ‫سن ن َ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫الّثاِلث " أ ّ‬
‫ه‬‫ل ع َن ْ ُ‬ ‫ما ع َد َ َ‬ ‫عا ل َ َ‬ ‫مْرُفو ً‬ ‫مَرة َ‬ ‫س ُ‬ ‫ن َ‬ ‫عَ ْ‬
‫التفسير الصحيح للية ‪:‬‬
‫الحق فى هذه الية الكريمة هو ما ذهب إليه الحسن البصرى‬
‫رضى الله عنه و تابعه فيه الئمة الكابر ‪ ،‬قال ابن كثير‪)) :‬ل َي ْ َ‬
‫س‬
‫ك‬‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫مَراد ِ‬ ‫ما ال ْ ُ‬ ‫واء وَإ ِن ّ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫دم وَ َ‬ ‫سَياق آ َ‬ ‫ذا ال ّ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫مَراد ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ن‬‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫ل الّله " فَت ََعاَلى الّله ع َ ّ‬ ‫ذا َقا َ‬ ‫ن ذ ُّرّيته وَل ِهَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫وال ِد َي ْ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫ما ب َْعده َ‬ ‫كالت ّوْط ِئ َةِ ل ِ َ‬ ‫واء أوًّل َ‬ ‫ح ّ‬ ‫دم وَ َ‬ ‫ل فَذ َك ََر آ َ‬ ‫م َقا َ‬ ‫" ثُ ّ‬
‫قد ْ َزي ّّنا‬ ‫قوْل ِهِ " وَل َ َ‬ ‫جْنس ك َ َ‬ ‫خص إ َِلى ال ْ ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫كر ال ّ‬ ‫ن ذِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ست ِط َْراد ِ ِ‬ ‫كاِل ْ‬ ‫وَهُوَ َ‬
‫َ‬
‫جوم‬ ‫ي الن ّ ُ‬ ‫صاِبيح وَه ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫معُْلوم أ ّ‬ ‫صاِبيح " اْلَية وَ َ‬ ‫م َ‬ ‫ماء الد ّن َْيا ب ِ َ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫ذا‬ ‫ما هَ َ‬ ‫مى ب َِها وَإ ِن ّ َ‬ ‫ي ال ِّتي ي ُْر َ‬ ‫ت هِ َ‬ ‫س ْ‬ ‫ماء ل َي ْ َ‬ ‫س َ‬ ‫ت ب َِها ال ّ‬ ‫ال ِّتي ُزي ّن َ ْ‬
‫ظاِئر ِفي‬ ‫ذا ن َ َ‬ ‫جْنسَها وَل ِهَ َ‬ ‫صاِبيح إ َِلى ِ‬ ‫م َ‬ ‫خص ال ْ َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ست ِط َْراد ِ‬ ‫اِ ْ‬
‫قْرآن وََالّله أع َْلم‪((.‬‬ ‫َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫و قال السعدى رحمه الله‪ ) :‬هذا انتقال من العين إلى الجنس‪،‬‬
‫فاول الكلم عن أدم ثم انتقل الكلم فى الجنس ول شك أن هذا‬
‫موجود فى الذرية كثيرا ً فلذلك قررهم الله على بطلن الشرك ‪،‬‬
‫و أنهم فى ذلك ظالمون أشد الظلم‪،‬سواء كان الشرك فى‬
‫القوال أم الفعال‪،‬فإن الله هو الخالق لهم من نفس واحدة‪،‬‬
‫الذى خلق منها زوجها و جعل لهم من أنفسهم أزواجًا‪ ،‬ثم جعل‬
‫بينهم مودة و رحمة ‪،‬مايسكن بعضهم إلى بعض و يألفه و بتلذذ‬
‫به‪... ،‬ثم أوجد الذرية فى بطون المهات‪ ،‬وقتا ً موقوتا ً تتشوق‬
‫إليه نفوسهم و يدعون الله أن يخرجه سويا ً صحيحًا‪ ،‬فأتم الله‬
‫عليهم نعمته و مع ذلك ظهر منهم من أشرك به سبحانه!( و لذا‬
‫حدثهم الله فى ختام الية بصفة الجمع فقال )فتعالى الله عما‬
‫يشركون( ‪ ،‬و هذا بين ظاهر فى تكملة اليات أيضا ً إذ قال الله‬
‫شي ًْئا وَهُ ْ‬
‫م‬ ‫خل ُقُ َ‬ ‫ما َل ي َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫شرِ ُ‬
‫كو َ‬ ‫تعالى فى اليات اللحقة‪)) :‬أ َي ُ ْ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ن*وَإ ِ ْ‬ ‫صُرو َ‬‫م ي َن ْ ُ‬ ‫سه ُ ْ‬ ‫صًرا وََل أن ْفُ َ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫ن ل َهُ ْ‬‫طيُعو َ‬‫ست َ ِ‬‫ن*وََل ي َ ْ‬ ‫قو َ‬‫خل َ ُ‬
‫يُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫م أن ْت ُ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫موهُ ْ‬‫م أد َع َوْت ُ ُ‬ ‫واٌء ع َل َي ْك ُ ْ‬
‫س َ‬‫م َ‬ ‫دى َل ي َت ّب ُِعوك ُ ْ‬‫م إ َِلى ال ْهُ َ‬‫عوهُ ْ‬ ‫ت َد ْ ُ‬
‫ن((‬ ‫مُتو َ‬ ‫صا ِ‬ ‫َ‬
‫فهذا الحديث كما هو معلوم يشمل كافة المشركين بما فيهم قوم‬
‫النبى عليه الصلة و السلم الذين نصح لهم و دعاهم إلى الهدى‬
‫هو و صحبه فأبوا إل كفورا ً‬
‫عن موقع الجامع‬
‫==================‬
‫م بالفساد‬ ‫يوسف ه ّ‬
‫إ أن يوسف ـ عليه السلم ـ هم بالمرأة وهمت به حسبما جاء فى‬
‫القرآن‪ .‬وأنه لم يهم بها ولم تهم به حسبما جاء فى التوراة‪ .‬وما‬
‫جاء فى التوراة هو المناسب لحوال النبياء‪.‬‬
‫الرد على الشبهة‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ يوجد فرق بين رجل عرف الله ورجل لم يعرفه‪ .‬فالعارف‬
‫بالله ل يقدم على معصية لله ول يقدم على ضرر للبشر‪ .‬والذى‬
‫ل يعرفه ل يستحيى أن يفعل ما يشاء من المعاصى والضرر‪.‬‬
‫وعلى هذا المعنى يوجد فرق بين امرأة العزيز التى تعبد مع‬
‫قومها غير الله وبين يوسف ـ عليه السلم ـ الذى عرف ربه‬
‫بواسطة البراهين التى قادت إلى معرفته فى كونه ‪ ،‬وبما سمعه‬
‫عن الله من آبائه‪ .‬فامرأة العزيز همت به أن يفعل الفاحشة بها ‪،‬‬
‫وهو قد قال لها‪) :‬معاذ الله )وعّلل عدم الفعل بأنه يكون مسيئا ً‬
‫لمن أحسن إليه‪.‬‬
‫وهو سيده‪ .‬والساءة إلى المحسن نوع من أنواع الظلم‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ انظر إلى قوله‪) :‬وراودته )وإلى قوله )معاذ الله )تجد أنها لما‬
‫راودته )همت به )فيكون الهم منها بمعنى طلب فعل الفاحشة‪.‬‬
‫وتجد أنها لما )همت به )صار منه هم بها‪ .‬يفسره قوله )معاذ الله‬
‫)كما فسر همها )وراودته )فيكون همه بها ؛ دفعا ً لها وامتناعا ً‬
‫عنها‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ولو فرضنا أن يوسف غير عارف بالله وغير مقر به مثلها ؛‬
‫فإننا نفرض أنه لو همت به للفعل بها ؛ لهم بها للفعل بها‪ .‬ولول‬
‫أنه رأى برهان وجود الله فى كونه ‪ ،‬لكان قد فعل بها‪ .‬إذ هذا‬
‫شأن الوثنيين‪ .‬وكهذا البرهان ؛ أريناه براهين فى الفاق وفى‬
‫النفس )لنصرف عنه السوء والفحشاء ( )‪.(1‬‬
‫‪ 4‬ـ ول يمكن تفسير )برهان ربه )بعلمة مجىء سيده إلى بيته ؛‬
‫لنه لو ظهرت علمة مجئ سيده ؛ ما استبقا الباب‪ :‬هى للطلب ‪،‬‬
‫وهو للدفع‪ .‬فاستباقهما معناه‪ :‬أنها تغلق البواب وتمنع من‬
‫الفلت وهو يحاول الدفع ‪ ،‬حتى أنها جذبته من خلف ظهره من‬
‫ثوبه ‪ ،‬وعندئذ )ألفيا سيدها لدى الباب ( )‪ (2‬وصرح بأنه غير‬
‫مذنب ‪ ،‬وشهد شاهد بالقرائن من أهل الشهادة أنه غير مذنب‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ على هذا يكون القرآن مقرا ً ببراءة يوسف ـ عليه السلم ـ‬
‫ويكون لفظ الهم فى جانبه على سبيل المشاكلة لنه صرح قبله‬
‫بقوله )معاذ الله ( )‪.(3‬‬
‫)‪ (1‬يوسف‪.24 :‬‬
‫)‪ (2‬يوسف‪.25 :‬‬
‫)‪ (3‬يوسف‪.23 :‬‬
‫================‬
‫بحث قصير لثبات نبوة نبى الله داود‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله والصلة والسلم علي رسول الله وبعد‬
‫هذا بحث جميل كان قد كتبة أخونا الحبيب أبو عبيدة‬
‫بحث قصير لثبات نبوة نبى الله داود‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قَرىَ أفَل َ ْ‬
‫م‬ ‫ل ال ْ ُ‬‫ن أهْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬‫ي إ ِل َي ْهِ ْ‬
‫ح َ‬ ‫جال ً ّنو ِ‬ ‫ك إ ِل ّ رِ َ‬ ‫من قَب ْل ِ َ‬ ‫سل َْنا ِ‬
‫مآ أْر َ‬ ‫" وَ َ‬
‫من قَب ْل ِهِ ْ‬
‫م‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬‫ة ال ّ ِ‬
‫عاقِب َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ض فََينظ ُُروا ْ ك َي ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫سيُروا ْ ِفي الْر‬ ‫يَ ِ‬
‫َ‬
‫ن"‬ ‫قُلو َ‬ ‫قوا ْ أفَل َ ت َعْ ِ‬ ‫ن ات ّ َ‬
‫ذي َ‬‫خي ٌْر ل ّل ّ ِ‬
‫خَرةِ َ‬ ‫داُر ال َ ِ‬‫وَل َ َ‬
‫مقدمه‬
‫لما كانت حياة ألنبياء عليهم الصلة و السلم هى حياة الكمل من‬
‫الناس الذين اختارهم الله عز وجل عن علم و حكمه‪ ,‬و لننا‬
‫مأمورون من الله عز وجل بالقتداء بهم و التأسى بهديهم ‪ ,‬لن‬
‫فى ذلك طاعة لله سبحانه و تعالى و عبادة له قبل كل شئ ‪,,‬‬
‫قال تعالى لنبيه و لنا من بعده " أولئك الذين هدى الله فبهداهم‬
‫اقتده " ‪ ,,‬و لن حياة ألنبياء عليهم الصلة و السلم هى الحياة‬
‫المعصومه ‪ ......‬خاصة فيما يتعلق بالعقيده وما أمروا بتبليغه ‪,‬‬
‫ذلك لن الله تعالى اجتباهم و اصطفاهم عن علم و حكمه‪,,,‬‬
‫كان لزما علينا الدفاع عنهم ‪ ,‬و محو الباطل من سيرتهم ‪ ,‬و رفع‬
‫مكانتهم‪ ,‬و اثبات نبوتهم‪.‬‬
‫الى المبحث‬
‫أراد ابن العرب أن يثير بعض الشبهات عن نبى الله داود من‬
‫حيث كونه نبى أرسله الله الى الناس ليكون بشيرا ونذيرا‪ ,,‬سائل‬
‫أياى بعض ألسئله ‪,,‬أولها هل كان داود نبيا؟ و أين الدليل على‬
‫ذلك؟‬
‫ثم علق بسؤال أخر أل وهو " هل تتحدث من منطلق إيمانك‬
‫القرآني أم من منطلق الكتاب المقدس؟ "‬
‫و أقول بفضل الله ان نبوة نبى الله داود مثبوته فى القرأن‬
‫الكريم و فى أسفار السابقين‪ ,,‬و سوف نشرع باذن الله فى‬
‫اثبات ذلك عسى الله أن يمن علينا بالمغفره ‪ ,,‬و يهدى من يشاء‬
‫الى الصراط المستقيم‪.‬‬
‫أول ‪ :‬الدليل من القرأن العظيم على نبوة داود الكريم‬
‫ب ك ُل ّ هَد َي َْنا وَُنوحا ً هَد َي َْنا‬ ‫قو َ‬ ‫حاقَ وَي َعْ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ه إِ ْ‬ ‫** قوله تعالى‪} :‬وَوَهَب َْنا ل َ ُ‬
‫َ‬
‫ى‬ ‫س َ‬ ‫مو َ‬ ‫ف وَ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ب وَُيو ُ‬ ‫ن وَأّيو َ‬ ‫ما َ‬ ‫سل َي ْ َ‬ ‫داُوود َ وَ ُ‬ ‫من ذ ُّري ّت ِهِ َ‬ ‫ل وَ ِ‬ ‫من قَب ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫ى‬‫س َ‬ ‫عي َ‬ ‫ى وَ ِ‬ ‫حي َ َ‬ ‫ن * وََزك َرِّيا وَي َ ْ‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫زي ال ْ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫ن وَك َذ َل ِ َ‬ ‫هاُرو َ‬ ‫وَ َ‬
‫س وَُلوطا ً‬ ‫سعَ وَُيون ُ َ‬ ‫ل َوال ْي َ َ‬ ‫عي َ‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬ ‫ن * وَإ ِ ْ‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ل ّ‬ ‫س كُ ّ‬ ‫وَإ ِل َْيا َ‬
‫م‬‫وان ِهِ ْ‬ ‫خ َ‬ ‫م وَإ ِ ْ‬ ‫م وَذ ُّرّيات ِهِ ْ‬ ‫ن آَبائ ِهِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن * وَ ِ‬ ‫مي َ‬ ‫ضل َْنا ع ََلى ال َْعال َ ِ‬ ‫وَك ُل ّ فَ ّ‬
‫دي‬ ‫دى الل ّهِ ي َهْ ِ‬ ‫ك هُ َ‬ ‫قيم ٍ * ذ َل ِ َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ّ‬ ‫صَرا ٍ‬ ‫ى ِ‬ ‫َ‬
‫م إ ِل َ‬ ‫م وَهَد َي َْناهُ ْ‬ ‫جت َب َي َْناهُ ْ‬
‫َوا ْ‬
‫َ‬
‫ن*‬ ‫مُلو َ‬ ‫كاُنوا ْ ي َعْ َ‬ ‫ما َ‬ ‫م ّ‬ ‫ط ع َن ْهُ ْ‬ ‫حب ِ َ‬ ‫كوا ْ ل َ َ‬ ‫شَر ُ‬ ‫عَباد ِهِ وَل َوْ أ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫شآُء ِ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ب ِهِ َ‬
‫ؤلِء‬ ‫فْر ب َِها هَ ُ‬ ‫م َوالن ّب ُوّة َ فَِإن ي َك ْ ُ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫ب َوال ْ ُ‬ ‫م ال ْك َِتا َ‬ ‫ن آت َي َْناهُ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك ال ّ ِ‬ ‫أ ُوْل َئ ِ َ‬
‫ن } النعام‬ ‫ري َ‬ ‫كافِ ِ‬ ‫سوا ْ ب َِها ب ِ َ‬ ‫وما ً ل ّي ْ ُ‬ ‫قد ْ وَك ّل َْنا ب َِها قَ ْ‬ ‫فَ َ‬
‫قد ْ وَك ّل َْنا ب َِها‬ ‫ؤلِء فَ َ‬ ‫فْر ب َِها هَ ُ‬ ‫نعم ربنا‪ ,,,,‬صدقت و تعاليت )فَِإن ي َك ْ ُ‬
‫ن(‬ ‫ري َ‬ ‫كافِ ِ‬ ‫سوا ْ ب َِها ب ِ َ‬ ‫وما ً ل ّي ْ ُ‬ ‫قَ ْ‬
‫ثانيا الدليل من السنه على نبوة داود عليه السلم‬
‫** روى عن أبى هريرة رضى الله عنه أن الرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم قال ‪ " :‬ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من‬
‫عمل يده وأن نبى الله داود عليه السلم كان يأكل من عمل‬
‫يده‪ -.‬البخارى و غيره‬
‫** و عن أبى هريره رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله‬
‫عليه و سلم قال ‪ ":‬كان داود النبى فيه غيره شديده ‪ ,‬و كان اذا‬
‫خرج اغلقت ألبواب ‪ ,‬فلم يدخل على أهله أحد حتى يرجع‬
‫‪ --------‬و قبض نبى الله داود صلى الله عليه وسلم ‪ ,‬و غلبت‬
‫عليه يومئذ المضرحيه ‪ – .‬رواه ألمام أحمد‬
‫ثالثا الدليل المبين من أسفار السابقين‬
‫تعجبت كثيرا لما رأيت كلم ابن العرب لما قال لخونا" فرناس‬
‫"أن داود عندنا )أى عند النصارى ملك و ليس نبى(‪ ,,‬فهذه‬
‫العباره ل تخرج ال من نصرانى لم يفتح كتابه قط‪ ,,,‬و أحمد الله‬
‫أنك قلتها يابن العرب ‪ ,,,‬لنثبتها لك نحن من كتابك المقدس ‪.‬‬
‫** متى ‪35" :27‬‬
‫‪........‬لكي يتم ما قيل بالنبي اقتسموا ثيابي بينهم وعلى لباسي‬
‫القوا قرعة ‪"...‬‬
‫" لكى يتم ما قيل بالنبى "‬
‫هكذا كان كاتب أنجيل متى كما قال العلماء يوافق بين ما جاء‬
‫فى العهد القديم و العهد الجديد‪.‬‬
‫و الشاهد هنا فى " لكى يتم ما قيل بالنبى " و نسأل سؤل من‬
‫الذى تنبأ بهذه الفقره على حد قول النصارى و وصف بأنه نبى؟‬
‫تخبرنا ترجمة أبو شواهد للكتاب المقدس أن الكاتب أراد أن‬
‫يشير الى النبؤه الوارده فى المزمور الثانى و العشرين الفقره‬
‫الثامنه عشر و التى جاء فيها " يتقاسمون ثيابى فى ما بينهم ‪ ,‬و‬
‫على لباسى يلقون قرعه "‬
‫و نسأل سؤل أخر لمن تلك المزامير على حد قول النصارى؟‬
‫و يجيب الكتاب المقدس عن هذا السؤال فى تقديمه للمزمور‬
‫الثانى و العشرين‬
‫‪-------‬‬
‫ملحوطة ‪:‬‬
‫ولكن للسف هناك صورة ل توجدي لدي كان ارفقها الخ الحبيب‬
‫لمقدمة العهد القديم ترجمة الحياة‬
‫ونوفرها ان شاء الله تعالي قريبا‬
‫‪-----‬‬
‫اذن كل العهد القديم بناءا على قول هؤلء العلماء قد أوحاه الله‬
‫إلى أنبيائه‪,,,‬‬
‫أليست المزامير المنسوبة الى داود من أهم ألجزاء من العهد‬
‫القديم؟‪ ,,‬بل انى أعرف نصارى ل يؤمنون بالعهد القديم ال‬
‫بالمزامير المنسوبه الى داود‪.‬‬
‫و أنى لتسأل هل كل من هب ودب تسمحون له أن يكتب فى‬
‫كتابكم‪,,,‬هذا ما يوحيه لنا ادعائك أن داود ليس بنبى‪.‬‬
‫أعتقد اننا أثبتنا بما ل يدع مجال للشك أن داود عندكم من‬
‫ألنبياء ‪ ,,‬و بالتالى فأن الشتائم و الكبائر التى جاءت فى كتابكم‬
‫المقدس فى حق داود عليه السلم أنما جاءت فى حق نبى‪.‬‬
‫هذا و الحمد لله و الصلة و السلم على رسول الله ‪.‬‬
‫و أخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‬
‫جزي الله خيرا ً اخونا الحبيب أبو عبيدة‬
‫والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل‬
‫=================‬
‫دفع شبهات القرود حول قصه أوريا مع النبى داود‬
‫جليمو‬
‫السلم عليكم ورحمه الله وبركاته‬
‫الحمد لله الواحد الحد ‪ ,‬الذى اختار واصطفى لنا رسل وفضلهم‬
‫على العالمين‬
‫يعانى النصارى من مشكلت كبرى فى كتبهم ‪ ,‬وخاصه فضائح‬
‫النبياء التى تثبت تحريف كتبهم المقدسه ‪ ,‬اذ من غير المعقول‬
‫ان يختار الله من سفله الناس ودنيه القوم انبياء ويرسلهم لحمل‬
‫رسالته ودعوه الناس الى الخير والبر وهم كما وصفهم الكتاب‬
‫المقدس ‪.‬‬
‫لذلك قام النصارى بمحاوله يائسه لثبات باطل فى كتبهم ‪,‬‬
‫وادعوا ان قصه زنا داود مع قائد جيشه اوريا قد ذكرها القران‬
‫ايضا ‪ ,‬بالتالى ليس من حق المسلمين اتهام الكتاب المقدس‬
‫بنسبه جرائم اخلقيه للنبياء ‪ ,,‬ول اعرف هل اضحك ام ابكى‬
‫على جهل وكذب المنصرين‬
‫ذا‬‫داوُد َ َ‬ ‫‪ ,‬واليكم نص الشبهه حول اليه الكريمه ‪َ )) .‬واذ ْك ُْر ع َب ْد ََنا َ‬
‫اْل َيد إن َ‬
‫ي‬
‫ش ّ‬ ‫ن ِبال ْعَ ِ‬ ‫ح َ‬‫سب ّ ْ‬ ‫ه يُ َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫جَبا َ‬ ‫خْرَنا ال ْ ِ‬ ‫س ّ‬ ‫ب)‪ (17‬إ ِّنا َ‬ ‫ه أّوا ٌ‬ ‫ْ ِ ِّ ُ‬
‫َ‬
‫مل ْك َ ُ‬
‫ه‬ ‫شد َد َْنا ُ‬ ‫ب)‪ (19‬وَ َ‬ ‫ه أّوا ٌ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫شوَرة ً ك ُ ّ‬ ‫ح ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ق)‪َ (18‬والط ّي َْر َ‬ ‫شَرا ِ‬ ‫َواْل ِ ْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫صم ِ إ ِذ ْ‬ ‫خ ْ‬ ‫ك ن َب َأ ال ْ َ‬ ‫ل أَتا َ‬ ‫ب)‪ (20‬وَهَ ْ‬ ‫طا ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ل ال ْ ِ‬ ‫ص َ‬‫ة وَفَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫َوآت َي َْناه ُ ال ْ ِ‬
‫م َقاُلوا َل‬ ‫من ْهُ ْ‬‫فزِع َ ِ‬ ‫داوُد َ فَ َ‬ ‫خُلوا ع ََلى َ‬ ‫ب )‪ (21‬إ ِذ ْ د َ َ‬ ‫حَرا َ‬ ‫م ْ‬ ‫سوُّروا ال ْ ِ‬ ‫تَ َ‬
‫حقّ وََل‬ ‫م ب َي ْن ََنا ِبال ْ َ‬ ‫حك ُ ْ‬ ‫ض َفا ْ‬ ‫ضَنا ع َلى ب َعْ ٍ‬
‫َ‬ ‫ن ب ََغى ب َعْ ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫ص َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫خ ْ‬ ‫تَ َ‬
‫َ‬
‫ع‬
‫س ٌ‬ ‫ه تِ ْ‬ ‫خي ل َ ُ‬ ‫ذا أ ِ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫ط )‪ (22‬إ ِ ّ‬ ‫صَرا ِ‬ ‫واِء ال ّ‬ ‫س َ‬ ‫ط َواهْد َِنا إ َِلى َ‬ ‫شط ِ ْ‬ ‫تُ ْ‬
‫فل ِْنيَها وَع َّزِني ِفي‬ ‫َ‬
‫ل أك ْ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫حد َة ٌ فَ َ‬ ‫ة َوا ِ‬ ‫ج ٌ‬‫ي ن َعْ َ‬ ‫ة وَل ِ َ‬ ‫ج ً‬ ‫ن ن َعْ َ‬ ‫سُعو َ‬ ‫وَت ِ ْ‬
‫ن‬‫جهِ وَإ ِ ّ‬ ‫ك إ َِلى ن َِعا ِ‬ ‫جت ِ َ‬ ‫ل ن َعْ َ‬ ‫ؤا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ك بِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫قد ْ ظ َل َ َ‬ ‫ل لَ َ‬ ‫ب )‪َ (23‬قا َ‬ ‫طا ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫مُلوا‬ ‫مُنوا وَع َ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ض إ ِّل ال ّ ِ‬ ‫لى ب َعْ ٍ‬
‫م عَ َ‬ ‫ضه ُ ْ‬ ‫طاِء ل َي َب ِْغي ب َعْ ُ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ك َِثيًرا ِ‬
‫َ‬
‫خّر‬ ‫ه وَ َ‬ ‫فَر َرب ّ ُ‬ ‫ست َغْ َ‬ ‫ما فَت َّناه ُ َفا ْ‬ ‫داوُد ُ أن ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م وَظ َ ّ‬ ‫ما هُ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ت وَقَِلي ٌ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬‫ال ّ‬
‫ب )‪(24‬‬ ‫َ‬
‫َراك ًِعا وَأَنا َ‬
‫الرد‬
‫أيها القارئ الكريم انت ترى من سياق اليات ان الله مدح داود‬
‫مدحا عظيما فوصفه بأجل الصفات المناسبه لمقام النبيين حقا‬
‫فقال ان له يدا قويه فى مرضاه الله تعالى وانه كثير الرجوع الى‬
‫العمال الصالحه التى ترضى الله تعالى ‪ ,‬وانه لكثره تسبيحه‬
‫وعباده ربه سخر الله له الجماد والحيوان العجم لتسبيح الله‬
‫معه ‪ ,‬ول ريب فى ان ذلك علمه قبول ‪ ,‬ودليل الرضا اذ لو لم‬
‫يرض الله عنه لما أطلعه على اسرار خلقه التى ل يطلع عليها ال‬
‫من اصطفاه من عباده ‪ ,‬ولو لم يقبله لما افهمه تسبيح الجماد‬
‫والحيوان ليزداد بذلك نشاطا فى عباده ربه ‪ ,‬وتفانيا فى الخلص‬
‫له ‪ ,‬ثم اخبر الله سبحانه بأنه ملكه ايضا ملكا عظيما وأنعم عليه‬
‫بالحكمه وهى العلم النافع فى الدين والدنيا ‪ ,‬انعم عليه بنعمه‬
‫الهدايه الى الصواب فى فصل الخصومات‬
‫افل تكفى هذه المزايا العظيمه التى ل تجتمع الى فى كبار النبياء‬
‫للحيلوله بين داود وبين الفعله الشائنه ؟ ل ريب فى ان من كان‬
‫على عذا الحال النتى قصها الله فى كتابه‪ ,‬يستحيل عليه ان‬
‫يجرى مع شهواته الى هذا الحد وبديهى ان الحكمه اسم جامع‬
‫لكل العمال الفضائل النسانيه ‪ ,‬فهل يليق بالحكيم ان تدفع به‬
‫شهوته الى قتل بعض قواده المخلصين بوسيله فاسده طمعا فى‬
‫سلب امرأته ؟ ال ان هذا لو فعله احد الناس لحكم عليه بالدناءه‬
‫والشر والخسه التى ل حد لها ‪ ,‬فضل عمن يؤتيه الله الحكمه ‪,‬‬
‫ان هذا ضرب من ضروب المحال وهل يليق بعد ذلك بأحد من‬
‫يفهم فى كتاب الله هو المثل العلى فى البلغه والفصاحه واليه‬
‫الكبرى فى تنسيق القبول وزنته بموازين الكمال أن يمدح شخصا‬
‫بمثل هذه المدائح مع كونه شهويا شرها ل يستنكف عن ان يقصد‬
‫قتل قائده لغراض فاسده و على هذا يكون قوله وهل اتاك نبأ‬
‫الخصم يفهم كألتى على وجهين ‪:‬‬
‫اول‪ :‬ان داود كان يقضى بين الناس وقد رأى ان يزيد من حرسه‬
‫ارهابا للعداء كما اشاره الى ذلك سبحانه )) وشددنا ملكه ((‬
‫فكان ذلك سببا فى تعطيل القضاء بين الناس الذين لهم قلوب‬
‫ضعيفه ترهب القوه فلم يتمكنوا من عرض قضاياهم فأراد الله‬
‫سبحانه ان يلفت نظره لما عساه أن يقع بسبب اهمال القضاء‬
‫والترفع عن مستوى الناس الضعاف فكان موجودا فى المسجد‬
‫والحرس يحدق به فجاء ملكان فى صوره خصمين وتسورا‬
‫المحراب الى اخر القصه ولهذا لما سمع القصه من احدهما‬
‫دهش وتسرع فى الحكم قبل ان يسمع اجابه الخصم الخر فلما‬
‫انصرف الملكان ظن داود ان هذه فتنه فأستغفر ربه فالستغفار‬
‫كان فى تسرعه فى الحكم ومن الغفله عن أمر القضاء وهو‬
‫ليس بكبيره ‪ ,‬انما هو غير لئق بمقام النبوه فى الجمله فهو ذنب‬
‫بالنسبه لذلك المقام العظيم ‪ .‬وما يرد على ذلك من نسبه‬
‫الكذب الى الملئكه فهو غير سديدلن الغرض منه تمثيل الحادثه‬
‫بصوره مؤثره ول ريب فى ات تمثيل ذلك المر بهذه الصوره له‬
‫قيمته فى نفس سيدنا داود ونفس من يسمعها بعده من الناس ‪.‬‬
‫على ان هذا ل يسمى كذبا لن القرينه قد قامت على المقصود‬
‫منه ‪.‬‬
‫ولو فرضنا جدال ان كلم النصارى والكتاب المقدس فى القصه‬
‫وقعت بين داود عليه السلم و قائده أوريا وقعت فيكون الدليل‬
‫التى هو المنطقى‬
‫ثانيا ‪:‬‬
‫ان الحادثة وقعت مع أوريا وامرأته حقيقة ولكن ليس بهذه‬
‫الصوره الشنيعه ‪ ,‬بل الواقع ان أوريا خطب هذه المراه مجرد‬
‫خطبه ولم يعقد عليها ول معها ‪ ,‬والدليل هو أن النجيل يقول‬
‫على العذراء مريم امرأة يوسف النجار مع أنها لم تتزوج ‪..‬‬
‫‪:Mt:1:20‬‬
‫‪ 20‬ولكن فيما هو متفكر في هذه المور اذا ملك الرب قد ظهر‬
‫له في حلم قائل يا يوسف ابن داود ل تخف ان تأخذ مريم امرأتك‬
‫‪ .‬لن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس‪ (SVD) .‬انجيل متى‬
‫‪1/20‬‬
‫ثم خطبها بعد ذلك ففضلت داود طبعا لنه ملك ‪ ,‬وأوريا لما علم‬
‫كف عن أمرها عن طيب خاطر ‪ ,‬ولكن الله تعالى اعتبر هذا‬
‫العمل ل يتناسب مع مقام داود وان كان فى نفسه ليس جريمة‬
‫تخل بمقام النبوه فعاتبه على هذا العمل ‪ ,‬وهذا هو الواقع الذى‬
‫يقبله العقل ولكن أعداء الفضيلة حرفوه الى هذا الحد المخزى‬
‫وقد ورد عن الخليفه على بن طالب رضى الله عنه انه قال اذا‬
‫سمعت أحد يقول فى داود ما يقوله أهل الكتاب أقمت عليه حد‬
‫القذف وهذا كلم حق يدل على فطنه ذلك الخليفه الراشد‬
‫الجليل وتقديره لفضيله حق قدرها ‪.‬‬
‫دفاع داود عن نفسه ‪ ,‬يقضى على افتراء السفله الكاذبين‬
‫داُوود َ‬‫ن َ‬ ‫سا ِ‬‫ل ع ََلى ل ِ َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫من ب َِني إ ِ ْ‬ ‫فُروا ْ ِ‬‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬‫اليه ) } ل ُعِ َ‬
‫ن{ )‪ (78‬سورة‬ ‫دو َ‬ ‫كاُنوا ْ ي َعْت َ ُ‬
‫صوا وّ َ‬ ‫ما ع َ َ‬‫ك بِ َ‬‫م ذ َل ِ َ‬‫مْري َ َ‬‫ن َ‬ ‫سى اب ْ ِ‬
‫عي َ‬‫وَ ِ‬
‫المائدة‬
‫فهل بقى للمنصرين والمفشرين من شئ بعد ان فضحنا كذبهم ؟‬
‫واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين‬
‫==============‬
‫كشف تحريف اللئيم لقصة هاجر و ابنها الحليم‬
‫كشف تحريف اللئيم لقصة هاجر و ابنها الحليم‬
‫)أول( عهد الله تعالى مع إبراهيم‪-:‬‬
‫على وجه العموم سواء من ناحية إسماعيل أو من ناحية إسحاق‬
‫)عليهما و على نبينا الصلة و السلم( و قد دلت على ذلك‬
‫ق‬
‫حا َ‬ ‫س َ‬ ‫نصوص القرأن و التوراة معا فقال تعالى"وَوَهَب َْنا ل َ ُ‬
‫ه إِ ْ‬
‫َ‬
‫جَره ُ ِفي الد ّن َْيا‬ ‫ب َوآت َي َْناه ُ أ ْ‬ ‫جعَل َْنا ِفي ذ ُّري ّت ِهِ الن ّب ُوّة َ َوال ْك َِتا َ‬ ‫ب وَ َ‬ ‫قو َ‬ ‫وَي َعْ ُ‬
‫ن" ) العنكبوت ‪ (26‬فأوضح الله جل‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫خَرةِ ل َ ِ‬ ‫ه ِفي اْل ِ‬ ‫وَإ ِن ّ ُ‬
‫و عل أن النبوة و الكتاب جعل فى ذرية إبراهيم بصفة عامة و‬
‫ه‬ ‫ن الل ّهِ وَهَب َْنا ل َ ُ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ما ي َعْب ُ ُ‬ ‫م وَ َ‬ ‫ما اع ْت ََزل َهُ ْ‬ ‫قال تعالى"فَل َ ّ‬
‫مت َِنا‬ ‫ح َ‬ ‫من ّر ْ‬ ‫جعَل َْنا ن َب ِي ّا ً )‪ (49‬وَوَهَب َْنا ل َُهم ّ‬ ‫ب وَك ُّل ً َ‬ ‫قو َ‬ ‫حاقَ وَي َعْ ُ‬ ‫س َ‬ ‫إِ ْ‬
‫ه‬
‫سى إ ِن ّ ُ‬ ‫مو َ‬ ‫ب ُ‬ ‫ق ع َل ِي ّا ً )‪َ (50‬واذ ْك ُْر ِفي ال ْك َِتا ِ‬ ‫صد ْ ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫سا َ‬ ‫م لِ َ‬ ‫جعَل َْنا ل َهُ ْ‬ ‫وَ َ‬
‫ب الطوِر‬ ‫ّ‬ ‫جان ِ ِ‬ ‫من َ‬ ‫سول ً ن ّب ِي ّا )‪(51‬وََناد َي َْناه ُ ِ‬ ‫ً‬ ‫ن َر ُ‬ ‫كا َ‬ ‫خلصا وَ َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫كا َ‬ ‫َ‬
‫ن ن َب ِي ّا ً )‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هاُرو َ‬ ‫خاه ُ َ‬ ‫مت َِنا أ َ‬ ‫ح َ‬ ‫من ّر ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫جي ّا ً )‪ (52‬وَوَهَب َْنا ل َ ُ‬ ‫ن وَقَّرب َْناه ُ ن َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫اْلي ْ َ‬
‫ن‬
‫كا َ‬ ‫صاد ِقَ ال ْوَع ْد ِ وَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل إ ِن ّ ُ‬ ‫عي َ‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬ ‫ب إِ ْ‬ ‫‪َ (53‬واذ ْك ُْر ِفي ال ْك َِتا ِ‬
‫صَلةِ َوالّز َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ه‬
‫عند َ َرب ّ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫كاةِ وَ َ‬ ‫ه ِبال ّ‬ ‫مُر أهْل َ ُ‬ ‫ن ي َأ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫سول ً ن ّب ِي ّا ً )‪ (54‬وَ َ‬ ‫َر ُ‬
‫ضي ّا ً )‪)" (55‬مريم ‪ (55-49‬و هذه اليات البينات فصلت‬ ‫مْر ِ‬ ‫َ‬
‫النقاش حول نبوة إسماعيل عند المسلمين أما فى التوراة‬
‫ك‪ .‬إفْعَِلي ب َِها‬ ‫ي‪» :‬هُوَ َ‬ ‫قا َ َ‬ ‫فنقرأ))‪6‬فَ َ‬
‫ك ِفي ي َد ِ ِ‬ ‫جارِي َت ُ ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫سا َ َرا َ‬ ‫م لِ َ‬ ‫ل أب َْرا ُ‬
‫جهَِها‪.‬‬ ‫ن وَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫ساَرايُ فَهََرب َ ْ‬ ‫ك«‪ .‬فَأذ َل ّت َْها َ‬ ‫ن ِفي ع َي ْن َي ْ ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن الِتي‬‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ماِء ِفي الب َّري ّةِ ع َلى ا َلعَي ْ َِ‬ ‫ن ال َ‬ ‫ب ع َلى ع َي ْ ِ‬ ‫ملك الّر ّ‬ ‫ها َ‬ ‫جد َ َ‬ ‫‪7‬فوَ َ‬
‫ت‬‫ن أت َي ْ ِ‬ ‫ن أي ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ساَرايَ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫جارِي َ َ‬ ‫جُر َ‬ ‫ها َ‬ ‫ل‪َ» :‬يا َ‬ ‫شوَر‪8 .‬وََقا َ‬ ‫ق ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ري ِ‬ ‫ِفي ط َ ِ‬
‫موْل َِتي‬ ‫جه ِ َ‬ ‫ن وَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫هارِب َ ٌ‬ ‫ت‪» :‬أَنا َ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ن ت َذ ْهَِبين؟«‪ .‬فَ َ‬ ‫وَإ َِلى أي ْ َ‬
‫ضِعي‬ ‫خ َ‬ ‫ك َوإ ْ‬ ‫موْل َت ِ ِ‬ ‫جِعي إ َِلى َ‬ ‫ب‪» :‬اْر ِ‬ ‫ك الّر ّ‬ ‫مل َ ُ‬ ‫ل ل ََها َ‬ ‫قا َ‬ ‫ي«‪9 .‬فَ َ‬ ‫ساَرا َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ك فَل َ ي ُعَد ّ‬ ‫سل ِ‬ ‫ب‪» :‬ت َك ِْثيرا أك َث ُّر ن َ ْ‬ ‫ك الّر ّ‬ ‫مل َ ُ‬ ‫ل لَها َ‬ ‫ت ي َد َي َْها«‪10 .‬وََقا َ‬ ‫ح َ‬ ‫تَ ْ‬
‫ن إْبنا ً‬ ‫َ‬
‫دي َ‬ ‫حب َْلى فَت َل ِ ِ‬ ‫ت ُ‬ ‫ها أن ْ ِ‬ ‫ب‪َ » :‬‬ ‫ك الّر ّ‬ ‫مل َ ُ‬ ‫ل ل ََها َ‬ ‫ة«‪11 .‬وََقا َ‬ ‫ن ال ْك َث َْر ِ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫مذ َل ّت ِ ِ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ك‪12 .‬وَإ ِن ّ ُ‬ ‫معَ ل ِ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ب قَد ْ َ‬ ‫ن الّر ّ‬ ‫لل ّ‬ ‫عي َ‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬ ‫ه إِ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫نإ ْ‬ ‫عي َ‬ ‫وَت َد ْ ِ‬
‫َ‬
‫م‬‫ما َ‬ ‫حد ٍ ع َل َي ْهِ وَأ َ‬ ‫ل َوا ِ‬ ‫حد ٍ وَي َد ُ ك ُ ّ‬ ‫ل َوا ِ‬ ‫شي ّا ً ي َد ُه ُ ع ََلى ك ُ ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫سانا ً وَ ْ‬ ‫ن إ ِن ْ َ‬ ‫كو ُ‬ ‫يَ ُ‬
‫ن«‪).‬التكوين‪(12-8,16:‬‬ ‫سك ُ ُ‬ ‫خوَت ِهِ ي َ ْ‬ ‫ميِع إ ِ ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫َ‬
‫قال العلمة ابن القيم‪ -:‬و من المعلوم أن يد بنى إسماعيل قبل‬
‫محمد)ص( لم تكن فوق يد بنى إسحاق بل كان فى أيدى بنى‬
‫إسحاق النبوة و الكتاب و الملك إلى أن بعث الله محمدا )ص(‬
‫برسالته و أكرمه بنبوته فصارت بمبعثه يد بنى إسماعيل فوق‬
‫الجميع و قهروا اليهود و النصارى و المجوس و الصابئة و عباد‬
‫الصنام فإن قال أهل الكتاب ‪ :‬نحن ل ننكر هذا و لكن هذه‬
‫بشارة بملكه و ظهوره و قهره ل بنبوته و رسالته ‪.‬‬
‫قال المسلمون‪ :‬الملك ملكان ملك ليس معه نبوة بل هو ملك‬
‫جبار متسلط و ملك نفسه نبوة و البشارة لم تقع بالملك الول و‬
‫ل سيما إن إدعى صاحبه النبوة و الرسالة و هو كاذب مفتر على‬
‫الله فهو من شر الخلق و أفجرهم و أكفرهم فهذا ل تقع البشارة‬
‫بملكه و مباركته و إنما يقع التحذير من فتنته كما وقع التحذير من‬
‫فتنة الدجال بل هذا شر من سنحاريب و نبوختنصر و الملوك‬
‫الظلمة الفجرة الذين يكذبون على الله فالخبار ل تكون بشارة و‬
‫ل يفرح بها إبراهيم و هاجر ‪ ,‬و ل بشر أحد بذلك و ل يكون ذلك‬
‫إثابة لها من خضوعها و ذلها و أن الله قد سمع ذلك و يعظم هذا‬
‫المولود و يجعله أمة عظيمة و هذا عند الجاحدين بمنزلة أن يقال‬
‫‪ :‬إنك ستلدين جبارا ظالما طاغيا يقهل الناس بالباطل و يبدل دين‬
‫النبياء و يكذب على الله و نحو ذلك! فمن حمل هذه البشارة‬
‫على هذا فهو من أعظم الخلق بهتانا و فرية على الله و ليس هذا‬
‫بمستنكر لمة الغضب و عباد الصليب و قد خرج علينا الحاخام‬
‫عوفاديا يوسف يقول ))إن الله نادم لنه خلق العرب(( فحسبنا‬
‫الله و هو نعم الوكيل‪.‬‬
‫)ثانيا( فى بيان أن الذبيح هو إسماعيل‪:‬‬
‫و من السرائيليات ما ذكره بعض المفسرين غند قوله‬
‫ل َيا‬ ‫ي َقا َ‬ ‫سعْ َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ما ب َل َغَ َ‬ ‫حِليم ٍ )‪ (101‬فَل َ ّ‬ ‫شْرَناه ُ ب ِغَُلم ٍ َ‬ ‫تعالى))فَب َ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ل َيا أب َ ِ‬ ‫ذا ت ََرى َقا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ك َفانظ ُْر َ‬ ‫ح َ‬ ‫مَنام ِ أّني أذ ْب َ ُ‬ ‫ي إ ِّني أَرى ِفي ال ْ َ‬ ‫ب ُن َ ّ‬
‫ما‬‫ن )‪ (102‬فَل َ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬
‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ِ‬ ‫شاء الل ّ ُ‬ ‫جد ُِني ِإن َ‬ ‫ست َ ِ‬
‫مُر َ‬ ‫ما ت ُؤ ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫افْعَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م )‪ (104‬قَد ْ‬ ‫هي ُ‬ ‫ن َيا إ ِب َْرا ِ‬ ‫ن )‪ (103‬وََناد َي َْناه ُ أ ْ‬ ‫جِبي ِ‬‫ه ل ِل ْ َ‬ ‫ما وَت َل ّ ُ‬ ‫سل َ َ‬ ‫أ ْ‬
‫ذا ل َهُوَ ال ْب ََلء‬ ‫ن هَ َ‬ ‫ن )‪ (105‬إ ِ ّ‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫زي ال ْ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫ت الّرؤ َْيا إ ِّنا ك َذ َل ِ َ‬ ‫صد ّقْ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ظيم ٍ )‪ (107‬وَت ََركَنا ع َلي ْهِ ِفي‬ ‫ح عَ ِ‬ ‫ن )‪ (106‬وَفَد َي َْناه ُ ب ِذ ِب ْ ٍ‬ ‫مِبي ُ‬
‫زي‬ ‫ج ِ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫م )‪ (109‬ك َذ َل ِ َ‬ ‫هي َ‬ ‫م ع ََلى إ ِب َْرا ِ‬ ‫سَل ٌ‬ ‫ن )‪َ (108‬‬ ‫ري َ‬ ‫خ ِ‬ ‫اْل ِ‬
‫شْرَناهُ‬ ‫ن )‪ (111‬وَب َ ّ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫عَباد َِنا ال ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن )‪ (110‬إ ِن ّ ُ‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ق‬
‫حا َ‬ ‫س َ‬‫ن )‪ (112‬وََباَرك َْنا ع َل َي ْهِ وَع ََلى إ ِ ْ‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫حاقَ ن َب ِي ّا ً ّ‬ ‫س َ‬ ‫ب ِإ ِ ْ‬
‫ن )‪) (113‬الصافات(‬ ‫مِبي ٌ‬ ‫سه ِ ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫م ل ّن َ ْ‬‫ظال ِ ٌ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫س ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫من ذ ُّري ّت ِهِ َ‬ ‫وَ ِ‬
‫فقد روى بعض المفسرين منهم البغوى و إبن جرير روايات عن‬
‫بعض الصحابة و التابعين و كعب الحبار أن الذبيح هو إسحاق و‬
‫لم يقف المر عند هذا الحد بل رفع البعض ذلك زورا إلى النبى‬
‫)ص( و كل الحاديث التى نسبت لرسول الله )ص(فى هذا‬
‫الصدد ضعيفة بل إستثناء سواء ما أخرجه إبن جرير أو الدارقطنى‬
‫أو الطبرانى فى الوسط كما فصل فى ذلك الدكتور محمد أبو‬
‫شهبة فى كتاب )السرائيليات و الموضوعات فى كتب التفسير(‬
‫و الحق أن المرويات فى أن الذبيح إسحاق هى من إسرائيليات‬
‫أهل الكتاب و قد نقلها من أسلم منهم ككعب الحبارو حملها‬
‫عنهم بعض الصحابة و التابعين تحسينا للظن بهم و أخذا برخصة‬
‫التحديث عن أهل الكتاب و الحقيقة أن هذه المرويات هى من‬
‫وضع أهل الكتاب لعداوتهم المتأصلة من قديم الزمان للنبى‬
‫المى و قومه العرب فقد أرادوا ال يكون لسماعيل الجد العلى‬
‫للنبى و العرب فضل انه الذبيح حتى ل ينجر ذلك إلى النبى )ص(‬
‫و العرب و لكى يكون الفضل لجدهم إسحاق و عنصرية اليهود‬
‫أمر ل يحتاج إلى نقاش لذلك حرفوا التوراة و لكن أبى الله إل أن‬
‫يغفلوا عما يدل على هذه الجريمة النكراء و الجانى غالبا يترك‬
‫من الثار ما يدل على جريمته و الحق يبقى له شعاع و لو خافت‬
‫فقد إستبدلو إسم إسماعيل بإسم إسحاق و هذا هو نص التوراة‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ه‪َ» :‬يا‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫م فَ َ‬ ‫هي َ‬ ‫ن إ ِب َْرا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫مت َ َ‬‫ه\ ْ‬ ‫ن \لل َ‬ ‫مورِ أ ّ‬ ‫ث ب َعْد َ هَذ ِهِ \ل ُ‬ ‫حد َ َ‬ ‫))‪1‬وَ َ‬
‫ه‬
‫حب ّ ُ‬‫ذي ت ُ ِ‬ ‫ك \ل ّ ِ‬ ‫حيد َ َ‬ ‫ك وَ ِ‬ ‫خذ ِ \ب ْن َ َ‬ ‫ل‪ُ » :‬‬ ‫قا َ‬ ‫ذا«‪2 .‬فَ َ‬ ‫ل‪» :‬هَئ َن َ َ‬ ‫قا َ‬ ‫م«‪ .‬فَ َ‬ ‫هي ُ‬ ‫إ ِب َْرا ِ‬
‫ة ع ََلى‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حَرقَ ً‬ ‫م ْ‬ ‫ك ُ‬ ‫صعِد ْه ُ هَُنا َ‬ ‫مرِّيا وَأ ْ‬ ‫ض \ل ْ ُ‬ ‫لى أْر ِ‬
‫ب إِ َ‬ ‫حاقَ َو\ذ ْهَ ْ‬ ‫س َ‬ ‫إِ ْ‬
‫ك«‪).‬التكوين‪22:‬و ‪(2-1‬‬ ‫لل َ‬ ‫َ‬ ‫ذي أُقو ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ل \ل ِ‬ ‫جَبا ِ‬ ‫حد ِ \ ل ِ‬ ‫أ َ‬
‫و ليس أدل على كذب هذا من كلمة)) وحيدك(( و إسحاق عليه‬
‫السلم لم يكن وحيده قط! لنه ولد له و لسماعيل نحو اربع‬
‫عشرة إلى خمس عشرة سنة كما نصت على ذلك توراتهم فقد‬
‫جاء ))و كان أبرام إبن ست و ثمانين سنة لما ولدت هاجر‬
‫إسماعيل لبرام(( )التكوين‪(6,16:‬‬
‫و جاء أيضا)) و كان إبراهيم إبن مائة سنة حين ولد له إسحاق((‬
‫)التكوين‪ (5,21 :‬و قد رأينا وفقا للتوراة أن الله قد أعطى العهد‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫ساَرة ُ \ب ْ َ‬ ‫ت َ‬ ‫لبراهيم مع ذريته منذ مولد أسحاق فقد جاء)) ‪9‬وََرأ ْ‬
‫م‪:‬‬‫هي َ‬ ‫ت ل ِب َْرا ِ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ح ‪10‬فَ َ‬ ‫مَز ُ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫هي َ‬ ‫ه ل ِب َْرا ِ‬ ‫ذي وَل َد َت ْ ُ‬ ‫صرِي ّةِ \ل ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫جَر \ل ْ ِ‬ ‫ها َ‬ ‫َ‬
‫معَ \ب ِْني‬ ‫جارِي َةِ ل َ ي َرِ ُ‬ ‫ن هَذ ِهِ \ل ْ َ‬ ‫َ‬ ‫»اط ُْرد ْ هَذ ِهِ \ل ْ َ‬
‫ث َ‬ ‫ن \ب ْ َ‬ ‫ة َو\ب ْن ََها ل ّ‬ ‫جارِي َ َ‬
‫ه‪.‬‬‫ب \ب ْن ِ ِ‬ ‫سب َ ِ‬ ‫م لِ َ‬ ‫هي َ‬ ‫ي إ ِب َْرا ِ‬ ‫جد ّا ً ِفي ع َي ْن َ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ح \ل ْك َل َ ُ‬ ‫قب ُ َ‬‫ق«‪11 .‬فَ َ‬ ‫حا َ‬ ‫س َ‬ ‫إِ ْ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ل \ل ْغُل َم ِ وَ ِ‬ ‫ج ِ‬‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫ح ِفي ع َي ْن َي ْ َ‬ ‫قب ُ ُ‬‫م‪» :‬ل َ ي َ ْ‬ ‫هي َ‬ ‫ه ل ِب َْرا ِ‬ ‫ل \لل ُ‬ ‫قا َ‬ ‫‪12‬فَ َ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل لَ َ‬ ‫قو ُ‬ ‫ك‪ِ .‬في ك ُ ّ‬ ‫جارِي َت ِ َ‬ ‫َ‬
‫قوْل َِها لن ّ ُ‬ ‫معْ ل ِ َ‬ ‫س َ‬ ‫ساَرة ُ \ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ما ت َ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ل َ‬ ‫ِ‬ ‫ج‬‫أ ْ‬
‫ه‬ ‫جعَل ُه أ ُم ً َ‬ ‫ل‪13 .‬وابن \ل ْجارية أ َيضا ً َ‬ ‫س ٌ‬ ‫عى ل َ َ‬
‫ة لن ّ ُ‬ ‫سأ ْ ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ َِ ِ ْ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫حاقَ ي ُد ْ َ‬ ‫س َ‬ ‫ب ِإ ِ ْ‬
‫ك«‪).‬التكوين‪ 21 :‬و ‪(13-9‬‬ ‫سل ُ َ‬ ‫نَ ْ‬
‫فكيف يخلف الله وعده بعد أن أعطاه إياه و يأمره بذبح ولده‬
‫الذى كان قد وعده بمباركته؟ و كيف يكون إسحاق وحيد‬
‫إبراهيم؟ أم أنكم تسلبون إسماعيل حق البنوة بعد أن سلبتموه‬
‫حق النبوة؟!! و الحق أن قصة الذبيح كانت قبل مولد إسحاق‬
‫حين كان إسماعيل هو البن الوحيد لبراهيم ‪.‬‬
‫و قد ذكر العلمة إبن تيمية و تلميذه إبن كثير و كذلك أبن القيم‬
‫أن بعض النسخ جاء فيها )بكرك( بدل من )وحيدك( و هو أظهر‬
‫فى البطلن و أدل فى التحريف ‪.‬‬
‫_ و كون الذبيح هو إسماعيل دلت عليه ظواهر اليات حيث قال‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫حاقَ ن َب ِي ّا ً ّ‬ ‫س َ‬ ‫شْرَناه ُ ب ِإ ِ ْ‬ ‫الله تعالى بعد ذكر قصة الذبيح ))وَب َ ّ‬
‫ن(( فأوضح أن الذبيح هو إسماعيل إذ أتبع قصته بالبشارة‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫بميلد إسحاق و الثار متواترة عن الصحابة و التابعين بأن الذبيح‬
‫إسماعيل و منها ما له حكم الرفع للنبى)ص( و هو ما عليه‬
‫جمهور الصحابة و التابعين و العلماء و منهم ‪ -:‬على و ابن عمرو‬
‫أبو هريرة و مجاهد و أبو الطفيل و سعيد بن الجبير و الشعبى و‬
‫الحسن البصرى و محمد بن كعب القرظى و سعيد بن المسيب‬
‫و أبو جغفر محمد الباقر و أبو صالح و أبو عمرو بن العلء و‬
‫الربيع بن أنس و أحمد بن حنبل و غيرهم كثير و هى إحدى‬
‫روايتين و أقواهما عن ابن عباس و أيضا قصة الذبيح كانت بمكة‬
‫و ايس أى مكان أخر و لذلك جعلت القرابين يوم النحر بها كما‬
‫جعل السعى بين الصفا و المروة و رمى الحجارة تذكيرا بشأن‬
‫إسماعيل و أمه فالمسلمون ل يذبحون لنه ل بد من كفارة دموية‬
‫يتم تقديمها كما يزعم النصارى إنما تخليدا لذكرى نبى ضرب‬
‫المثل فى العبودية لله وإمتثال لمر الله و لطعام البائس و‬
‫م‬‫شَعائ ِرِ الل ّهِ لك ُ ْ‬
‫َ‬ ‫من َ‬ ‫كم ّ‬ ‫ها ل َ ُ‬ ‫جعَل َْنا َ‬ ‫ن َ‬ ‫الفقير إذ يقول تعالى )َوال ْب ُد ْ َ‬
‫جُنوب َُها فَك ُُلوا‬ ‫ت ُ‬ ‫جب َ ْ‬ ‫ذا وَ َ‬ ‫ف فَإ ِ َ‬ ‫وا ّ‬ ‫ص َ‬‫م الل ّهِ ع َل َي َْها َ‬ ‫س َ‬ ‫خي ٌْر َفاذ ْك ُُروا ا ْ‬ ‫ِفيَها َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫شك ُُرو َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫م ل َعَل ّك ُ ْ‬ ‫ها ل َك ُ ْ‬ ‫خْرَنا َ‬ ‫س ّ‬ ‫ك َ‬ ‫معْت َّر ك َذ َل ِ َ‬ ‫قان ِعَ َوال ْ ُ‬ ‫موا ال ْ َ‬ ‫من َْها وَأط ْعِ ُ‬ ‫ِ‬
‫منك ُ ْ‬
‫م‬ ‫وى ِ‬ ‫ق َ‬‫ه الت ّ ْ‬ ‫ُ‬
‫كن ي ََنال ُ‬ ‫َ‬
‫ها وَل ِ‬ ‫ماؤ ُ َ‬ ‫َ‬
‫مَها وَل د ِ َ‬ ‫حو ُ‬ ‫ُ‬
‫هل ُ‬ ‫ّ‬
‫ل الل َ‬ ‫َ‬
‫)‪ (36‬لن ي ََنا َ‬
‫ن)‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫شرِ ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫م وَب َ ّ‬ ‫داك ُ ْ‬ ‫ما هَ َ‬ ‫ه ع ََلى َ‬ ‫م ل ِت ُك َب ُّروا الل ّ َ‬ ‫ها ل َك ُ ْ‬
‫خَر َ‬ ‫س ّ‬
‫ك َ‬ ‫ك َذ َل ِ َ‬
‫‪)) ((37‬الحج((‬
‫و كذلك قد دلت بعض أحاديث و الثار عن الصحابة و التابعين‬
‫على أن الذبيح إسماعيل منها ما رواه الحاكم و ابن جرير و‬
‫غيرهما عن عبد الله بن سعيد الصنابحى قال‪ :‬حضرنا مجلس‬
‫معاوية فتذاكر القوم إسماعيل و إسحاق أيهما الذبيح؟ فقال‬
‫البعض إسماعيل و قال البعض إسحاق فقال معاوية‪ :‬على الخبير‬
‫سقطتم كنا عند رسول الله)ص( فأتى أعرابى فقال ‪ :‬يل رسول‬
‫الله خلفت الكل يابسا و المال عابسا ‪,‬هلك العيال و ضاع المال‬
‫فعد على مما أفاء الله عليك يا إبن الذبيحين فتبسم رسول‬
‫الله)ص( و لم ينكر عليه فقال القوم من الذبيحين يا أمير‬
‫المؤمنين؟ فقال‪ :‬إن عبد المطلب لما أمر بحفر ماء زمزم نذر‬
‫لله لن سهل أمرها أن ينحر بعض ولده فلما فرغ أسهم بينهم و‬
‫كانو عشرة فخرج السهم على عبد الله فأراد أن ينحره فمنعه‬
‫أخواله بنو خزوم و قالو أرض ربك و افد ابنك ففداه بمائة ناقة‬
‫‪,‬قال معاوية‪ :‬هذا واحد و الخر إسماعيل ‪.‬‬
‫كما أن عقد مقارنة بسيطة بين الرواية القرأنية و الرواية‬
‫التوراتية تكشف سمو و رقى النص القرأنى ففى الرواية‬
‫ة دون إعلمه‬ ‫التوراتية نجد إبراهيم و قد قرر ذبح إبنه غدرا و خيان ّ‬
‫و هذا ل يتناسب أبدا مع أخلق النبياء أو حتى مع المعانى‬
‫اليمانية التى يريد الله تعالى أن يعلمنا إياها و هى معانى‬
‫الستسلم لله و حسن الظن بالله و بذل النفس إبتغاء مرضاته‬
‫َ‬
‫صَر‬‫م ع َي ْن َي ْهِ وَأب ْ َ‬ ‫هي ُ‬ ‫ث َرفَعَ إ ِب َْرا ِ‬ ‫فنقرأ فى التوراة ))‪4‬وَِفي \ل ْي َوْم ِ \لّثال ِ ِ‬
‫َ‬
‫ع‬
‫م َ‬ ‫ما هَهَُنا َ‬ ‫سا أن ْت ُ َ‬ ‫جل ِ َ‬ ‫ه‪» :‬ا ْ‬ ‫مي ْ ِ‬‫م ل ِغُل َ َ‬ ‫هي ُ‬ ‫ل إ ِب َْرا ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ن ب َِعيد ٍ ‪5‬فَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ضعَ ِ‬ ‫مو ْ ِ‬‫\ل ْ َ‬
‫ب إ َِلى هَُنا َ‬ ‫حمار وأ َ َ‬
‫ع‬
‫ج ُ‬ ‫م ن َْر ِ‬ ‫جد ُ ث ُ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ك وَن َ ْ‬ ‫م فَن َذ ْهَ ُ‬ ‫ما أَنا َو\ل ْغُل َ ُ‬ ‫\ل ْ ِ َ ِ َ ّ‬
‫َ‬
‫ق‬
‫حا َ‬ ‫س َ‬ ‫ه ع ََلى إ ِ ْ‬ ‫ضعَ ُ‬ ‫حَرقَةِ وَوَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب \ل ْ ُ‬ ‫حط َ َ‬ ‫م َ‬ ‫هي ُ‬ ‫خذ َ إ ِب َْرا ِ‬ ‫ما«‪6 .‬فَأ َ‬ ‫إ ِل َي ْك ُ َ‬
‫ق‬
‫حا ُ‬ ‫س َ‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫معًا‪7 .‬وََقا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ن‪ .‬فَذ َهََبا ك ِل َهُ َ‬ ‫كي َ‬ ‫س ّ‬ ‫خذ َ ب ِي َد ِهِ \لّناَر َو\ل ّ‬ ‫\ب ْن ِهِ وَأ َ َ‬
‫ذا‬ ‫ل‪» :‬هُوَ َ‬ ‫قا َ‬ ‫ذا َيا \ب ِْني«‪ .‬فَ َ‬ ‫ل‪» :‬هَئ َن َ َ‬ ‫قا َ‬ ‫ه‪َ» :‬يا أ َِبي«‪ .‬فَ َ‬ ‫م أِبي ِ‬
‫لبراهي َ‬
‫ِْ َ ِ َ‬
‫ة؟« ‪8‬فَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫م‪:‬‬ ‫هي ُ‬ ‫ل إ ِب َْرا ِ‬ ‫قا َ‬ ‫حَرقَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ل ِل ُ‬ ‫خُرو ُ‬ ‫ن \ل َ‬ ‫ن أي ْ َ‬ ‫ب وَلك ِ ْ‬ ‫حط ُ‬ ‫\لّناُر َو\ل َ‬
‫معًا‪.‬‬ ‫ما َ‬ ‫حَرقَةِ َيا \ب ِْني«‪ .‬فَذ َهََبا ك ِل َهُ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ل ِل ْ ُ‬ ‫خُرو َ‬ ‫ه \ل ْ َ‬ ‫ه ي ََرى ل َ ُ‬ ‫»الل ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫هي ُ‬ ‫ك إ ِب َْرا ِ‬ ‫ه ب ََنى هَُنا َ‬ ‫ه \لل ُ‬ ‫لل ُ‬ ‫ذي َقا َ‬ ‫ضِع \ل ِ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫ما أت ََيا إ ِلى \ل َ‬ ‫‪9‬فَل َ ّ‬
‫ح‬ ‫مذ ْب َ ِ‬ ‫ه ع ََلى \ل ْ َ‬ ‫ضعَ ُ‬ ‫ه وَوَ َ‬ ‫حاقَ \ب ْن َ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ط إِ ْ‬ ‫ب وََرب َ َ‬ ‫حط َ َ‬ ‫ب \ل ْ َ‬ ‫ح وََرت ّ َ‬ ‫مذ ْب َ َ‬ ‫\ل ْ َ‬
‫ه((‬ ‫ح \ب ْن َ ُ‬ ‫ن ل ِي َذ ْب َ َ‬ ‫كي َ‬ ‫س ّ‬ ‫خذ َ \ل ّ‬ ‫م ي َد َه ُ وَأ َ َ‬ ‫هي ُ‬ ‫مد ّ إ ِب َْرا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ب‪10 .‬ث ُ ّ‬ ‫حط َ ِ‬ ‫فَوْقَ \ل ْ َ‬
‫)التكوين ‪22‬و ‪(10-6‬‬
‫ل َيا‬ ‫ي َقا َ‬ ‫سعْ َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ما ب َل َغَ َ‬ ‫بينما نجد فى نص القرأن المجيد ))فَل َ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬
‫ل َيا أب َ ِ‬ ‫ذا ت ََرى َقا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ك َفانظ ُْر َ‬ ‫ح َ‬ ‫مَنام ِ أّني أذ ْب َ ُ‬ ‫ي إ ِّني أَرى ِفي ال ْ َ‬ ‫ب ُن َ ّ‬
‫رين(( فكان هذا‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ّ‬
‫شاء الل ُ‬ ‫جد ُِني ِإن َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫مُر َ‬ ‫ما ت ُؤ ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫افْعَ ْ‬
‫الموقف اليمانى من الب العظيم الذى يعلم جيدا أنه أحسن‬
‫تربية إبنه و يعلم مدى إخلص ذلك البن البار فأراد أن يشركه‬
‫معه فى الجر فسأله و هو واثق من الجواب فأخرجا لنا هذه‬
‫الملحمة الشريفة فى العبودية لله و الستسلم لمره سبحانه و‬
‫خلد الله ذكراهما و أثنى عليهما بأيات تتلى إلى أبد البدين‬
‫)ثالثا( فى قصة هجرة هاجر بنبى الله إسماعيل عليهما السلم ‪:‬‬
‫تختلف القصة عند المسلمين عنها عند أهل الكتاب فى نقطتين‬
‫أساسيتين هما سبب الهجرة و زمن الهجرة و ربما مكان الهجرة‬
‫الذى سعى الكفار لتغييره ففى التوراة كما رأينا سبب الهجرة‬
‫كان العنصرية التى نسبتها التوراة المحرفة لسارة بل و أقرها‬
‫الله تعالى عما يقولون فإبن الجارية ل يجوز له أن يرث مع ابن‬
‫سارة)على حد زعمهم( أما فى القرأن الكريم فسبب هجرة‬
‫إبراهيم معروف و هو إعمار البيت العتيق و إقامة الصلة‬
‫واد ٍ غ َي ْرِ ِذي َزْرٍع‬ ‫س َ‬ ‫َ‬
‫من ذ ُّري ِّتي ب ِ َ‬ ‫ت ِ‬ ‫كن ُ‬ ‫فيه‪,‬يقول تعالى))ّرب َّنا إ ِّني أ ْ‬
‫ك ال ْمحرم ربنا ل ِيقيموا ْ الصل َة َ َفاجع ْ َ‬ ‫عند َ ب َي ْت ِ َ‬
‫س‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ل أفْئ ِد َة ً ّ‬ ‫ْ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ ّ ِ َ َّ ُ ِ ُ‬ ‫ِ‬
‫ن(()إبراهيم ‪(36‬‬ ‫شك ُُرو َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ت ل َعَل ّهُ ْ‬ ‫مَرا ِ‬ ‫ن الث ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫م َواْرُزقُْهم ّ‬ ‫وي إ ِل َي ْهِ ْ‬ ‫ت َهْ ِ‬
‫فوضحت اليات أن إسكان إبراهيم لهله فى واد غير ذى زرع‬
‫إنما هو لقامة الصلة و تمهيد البيت لتهوى إليه أفئدة الناس من‬
‫شتى بقاع الرض و أثر هذه الدعوة المباركة معلوم فمليين‬
‫الناس بمختلف ألوانهم و ألسنتهم يحجون و يعمرون كل عام إلى‬
‫هذه البقاع المباركة ياتون من كل فج عميق و لو كان سبب‬
‫الهجرة هو مجرد إرضاء سارة لكان سبب حقير فمن هذا الذى‬
‫يترك زوجته و إبنه فى منطقة نلئية فقط لرضاء زوجته‬
‫الخرى؟!! و أين العدل بين الزوجات عندئذ؟؟‬
‫أما عن وقت الهجرة فهنا يتكشف التحريف بوضوح فوفقا للتوراة‬
‫كانت هجرة هاجر و إسماعيل لحقة على إنجاب سارة لسحاق‬
‫بل و بسببها وإسماعيل كان عمره وقتها قرابة خمس عشرة‬
‫سنة كما أوضحنا سابقا أى أنه كان شابا يافعا عند الهجرة ل طفل‬
‫رضيعا و هذا خطأ مفضوح بل شك لن سياق النصوص ل يتمشى‬
‫خْبزا ً‬ ‫خذ َ ُ‬ ‫صَباحا ً وَأ َ َ‬ ‫م َ‬ ‫هي ُ‬ ‫إل مع طفل صغير إذ نقرأ))‪14‬فَب َك َّر إ ِب َْرا ِ‬
‫فَها َو\ل ْوَل َد َ‬ ‫ما ع ََلى ك َت ِ ِ‬ ‫ضعا ً إ ِّياهُ َ‬ ‫جَر َو\ ِ‬ ‫ما ل َِها َ‬ ‫طاهُ َ‬ ‫ماٍء وَأ َع ْ َ‬ ‫ة َ‬ ‫وَقِْرب َ َ‬
‫ماُء‬ ‫ما فََرغ َ \ل ْ َ‬ ‫سب ٍْع‪15 .‬وَل َ ّ‬ ‫ت ِفي ب َّري ّةِ ب ِئ ْرِ َ‬ ‫ت وََتاهَ ْ‬ ‫ض ْ‬ ‫م َ‬ ‫صَرفََها‪ .‬فَ َ‬ ‫وَ َ‬
‫ت‬ ‫َ‬
‫دى \ل ْ‬ ‫ت \ل ْوَل َد َ ت َ ْ‬ ‫قْرب َةِ ط ََر َ‬ ‫ن \ل ْ ِ‬
‫ض ْ‬ ‫م َ‬ ‫جارِ ‪16‬وَ َ‬ ‫ش َ‬ ‫ح َ‬ ‫ت إِ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ت‪» :‬ل َ أن ْظُرُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س لن َّها َقال ْ‬ ‫مي َةِ قَوْ ٍ‬ ‫حوَ َر ْ‬ ‫ه ب َِعيدا ن َ ْ‬ ‫قاب ِل ُ‬ ‫م َ‬ ‫ت ُ‬ ‫س ْ‬ ‫جل َ‬ ‫وَ َ‬
‫ع‬
‫م َ‬ ‫س ِ‬ ‫ت‪17 .‬فَ َ‬ ‫صوْت ََها وَب َك َ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ه وََرفَعَ ْ‬ ‫قاب ِل َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ت ُ‬ ‫س ْ‬ ‫جل َ َ‬ ‫د«‪ .‬فَ َ‬ ‫ت \ل ْوَل َ ِ‬ ‫مو ْ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ماِء وَقال لَها‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫س َ‬ ‫ن \ل ّ‬ ‫م َ‬ ‫جَر ِ‬ ‫ها َ‬ ‫ملك \للهِ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫دى َ‬ ‫م‪ .‬وََنا َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َ‬ ‫ت \لغُل ِ‬ ‫صوْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫\لل ُ‬
‫ث‬
‫حي ْ ُ‬ ‫ت \لغُل َم ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫صوْ ِ‬ ‫معَ ل ِ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ه قَد ْ َ‬ ‫ن \لل َ‬ ‫خاِفي ل ّ‬ ‫جُر؟ ل َ ت َ َ‬ ‫ها َ‬ ‫ك َيا َ‬ ‫ما ل ِ‬ ‫َ‬ ‫» َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ة‬‫م ً‬ ‫هأ ّ‬ ‫جعَل ُ ُ‬ ‫سأ ْ‬ ‫ك ب ِهِ لّني َ‬ ‫دي ي َد َ ِ‬ ‫ش ّ‬ ‫م وَ ُ‬ ‫مِلي \ل ْغُل َ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫مي \ ْ‬ ‫و‪ُ18 .‬قو ِ‬ ‫هُ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬‫مَل ِ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫ماٍء فَذ َهَب َ ْ‬ ‫ت ب ِئ َْر َ‬ ‫صَر ْ‬ ‫ه ع َي ْن َي َْها فَأب ْ َ‬ ‫ح \لل ُ‬ ‫ة«‪19 .‬وَفَت َ َ‬ ‫م ً‬ ‫ظي َ‬ ‫عَ ِ‬
‫ن‬‫سك َ َ‬ ‫معَ \لغُل َم ِ فَك َب َِر وَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن \لل ُ‬ ‫كا َ‬ ‫م‪20 .‬وَ َ‬ ‫ت \لغُل َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫س َ‬ ‫ماًء وَ َ‬ ‫ة َ‬ ‫قْرب َ َ‬ ‫\ل ْ ِ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ن ِفي ب َّري ّةِ َفاَرا َ‬ ‫سك َ َ‬ ‫س‪21 .‬وَ َ‬ ‫ي قَوْ ٍ‬ ‫م َ‬ ‫مو َرا ِ‬ ‫ن ي َن ْ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ِفي \ل ْب َّري ّةِ وَ َ‬
‫صَر(()التكوين ‪21‬و ‪(20-14‬‬ ‫ةم َ‬ ‫خذ َت ل َ ُ‬ ‫َ‬
‫م ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫ن أْر ِ‬ ‫ج ً ِ ْ‬ ‫ه َزوْ َ‬ ‫م ُ‬ ‫هأ ّ‬ ‫وَأ َ ْ ُ‬
‫فهل كان ذلك الشاب صاحب الخمس عشرة ربيعا الذى ترعرع‬
‫فى بيئة شرق أوسطية طفل تحمله امه الضعيفة على كتفها؟ ثم‬
‫تطرحه تحت إحدى الشجار؟ ثم تفكر كيف تنقذه من الهلكة و‬
‫هو أخذ فى البكاء؟! فالحمد لله الذى فضح تحريفهم‬
‫و أخيرا نسأل ‪ :‬لماذا يترك إبراهيم أهله فى هذه المنطقة بالذات‬
‫إذا كان كل المطلوب إبعاد إسماعيل فلماذا ل يذهب به إلى مصر‬
‫موطن أمه أو أى منطقة أخرى معمورة ل يخشى فيها على أهله‬
‫من الهلكة؟؟ و لماذا يأتى الملك و يفجر البئر تحت قدم الغلم و‬
‫يعطى له هذه الية العظيمة و الوعد بالمباركة؟ الجابة بوضوح‬
‫أن هذه المنطقة مطلوبة لذاتها كما فصلنا و إسماعيل منذ أن‬
‫ولد و هو فى جبال فاران ) اما الحديث عن بئر سبع والقول بأن‬
‫جبال فاران هى جبال الشام فهو من تحريفاتهم و ترهاتهم‬
‫المتعمدة ( و المعلوم بالثر و التواتر أن جبال فاران هى جبال‬
‫مكة و أن إسماعيل و ذريته سكنوا الجزيرة العربية و العرب‬
‫أصحاب الجزيرة العربية هم أبناء إسماعيل و ل يزال ماء زمزم و‬
‫قواعد البيت و مقام إبراهيم عليه السلم آيات محفوظة من الله‬
‫إلى يومنا هذا و العرب كلهم اجتمعوا على الحج لبيت الله الحرام‬
‫و اختلفوا بينهم فيما أحدثوه من بدع و أوثان حتى بعث الله‬
‫محمدا )ص( بالنور و الهدى و لله الحمد و المنة‪.‬‬
‫و أخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‬
‫==================‬
‫هامان وزير فرعون‬
‫الشبهة‪:‬‬
‫جاء فى القرآن أن هامان كان وزيرا ً لفرعون ‪ .‬وهذا خطأ تاريخى‬
‫؛ لن هامان كان وزيرا ً لحشويرش ملك الفرس فى مدينة بابل ‪.‬‬
‫الرد على‬ ‫وبين فرعون وأحشويرش زهاء ألف سنة‪.‬‬
‫الشبهة ‪:‬‬
‫من أعلم المؤلف بأن هامان كان وزيرا ً لفرعون ؟ وهذا السؤال‬
‫على معنى أن هامان اسم شخص ‪ .‬ول أحد أعلمه بأن هامان‬
‫اسم شخص إل الرواة الذين ل يوثق بمروياتهم ‪ .‬وإذا أصّر على‬
‫أن هامان اسم شخص ‪ .‬فليسّلم بأن فرعون اسم شخص ‪.‬‬
‫ومعلوم أنه لقب " الملك " كان لرئيس المصريين فى زمن‬
‫يوسف ـ عليه السلم ـ وأن لقب " فرعون " كان لرئيس‬
‫المصريين فى زمن موسى ـ عليه السلم ـ مما يدل على تغير‬
‫نظام الحكم ‪.‬‬
‫وإذا صح أن " هامان " لقب لكل نائب عن الملك ‪ ،‬ل اسم‬
‫شخص ‪ .‬فإنه يصح أن ُيطلق على النائب عن فرعون أو عن أى‬
‫ملك من الملوك ‪ .‬وعلى ذلك يكون معنى ‪ ) :‬إن فرعون وهامان‬
‫وجنودهما ( )‪ (1‬هو إن رئيس مصر الملقب بفرعون ‪ ،‬ونائبه‬
‫الملقب بهامان ) وجنودهما كانوا خاطئين ( ومثل ذلك ‪ :‬مثل‬
‫لقب الملك الذى ُيطلق على رؤساء البلد ؛ فإنه يطلق على‬
‫رؤساء فارس واليونان ومصر واليمن وسائر البلد ‪ ،‬ول يتوجه‬
‫على إطلقه خطأ من أخطاء التاريخ ‪.‬‬
‫ل " على من‬ ‫وفى النجيل أن اليهود كانوا يطلقون لقب " المض ّ‬
‫يخالفهم فى الرأى ‪ .‬وإذا أطلقه العبرانيون على رجل منهم‬
‫يقولون له ‪ :‬يا سامرى ‪ ،‬بدل قولهم يا مضل ‪ .‬وذلك لنهم‬
‫يعتبرون السامريين كفارا ً ‪ .‬وإذا أطلقه السامريون على رجل‬
‫منهم يقولون له ‪ :‬يا عبرانى ‪ ،‬بدل قولهم يا مضل ‪ .‬وذلك لنهم‬
‫يعتبرون العبرانيين كفارا ً ‪ .‬وإذا سمع العبرانى عنهم كلمة "‬
‫سامرى " ل يفهم منها أنها اسم شخص ‪ ،‬وإنما يفهم منها أنها‬
‫لقب للذم ‪ .‬وعن هذا المعنى جاء فى إنجيل يوحنا أن علماء‬
‫اليهود قالوا لعيسى ـ عليه السلم ـ ‪ " :‬إنك سامرى ‪ ،‬وبك‬
‫شيطان " ورد عليهم بقوله ‪ " :‬أنا ليس بى شيطان ‪ ،‬لكنى أكرم‬
‫أبى وأنتم تهينوننى ‪ .‬أنا لست أطلب مجدى ‪ُ .‬يوجد من يطلب‬
‫ويدين " ]يو ‪48 : 8‬ـ ‪.[50‬‬
‫‪ (1‬القصص ‪.8 :‬‬
‫====================‬
‫قارون وهامان مصريان‬
‫الشبهة‪:‬‬
‫إن قارون يهودى ‪ ،‬وفرعون مصرى ‪ ،‬وهامان فارسى فكيف‬
‫قاوم هامان نبى الله موسى وهو لم يكن فى زمانه ؟‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬
‫إن هامان ليس اسم شخص ‪ ،‬وإنما هو لقب يدل على نائب‬
‫الرئيس ‪.‬وبهذا المعنى يكون هامان ـ أى النائب عن فرعون ـ قد‬
‫قاوم نبى الله موسى ‪ -‬عليه السلم ‪. -‬‬
‫==================‬
‫العجل الذهبى من صنع السامرى‬
‫الشبهة‪:‬‬
‫إن مدينة السامرة فى فلسطين لم يكن لها وجود لما خرج بنو‬
‫إسرائيل من مصر ‪ ،‬مع موسى ‪ ،‬وسكنوا أرض سيناء ‪ .‬وفيها‬
‫عمل لهم هارون العجل الذهبى كطلبهم ‪ .‬فكيف نتخيل سامريا ً‬
‫يضع لهم العجل قبل أن يكون للسامريين وجود ؟‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ إنه ليس فى فلسطين مدينة تسمى بمدينة السامرة ‪ .‬وإنما‬
‫كان للسامريين مملكة فى فلسطين ‪ ،‬عاصمتها " نابلس "‬
‫المسماة قديما ً " شكيم " وكانت هذه المملكة مكونة من عشرة‬
‫أسباط ‪ .‬وكان للسبطين مملكة فى فلسطين عاصمتها " القدس‬
‫" المسماة قديما ً " أورشليم "‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ولما صعد موسى عليه السلم إلى جبل الطور وتلقى التوراة‬
‫‪ ،‬نزل فوجد اليهود يعبدون عجل ً جسدا ً له خوار ‪ .‬فسأل عن ذلك‬
‫فدلوه على من أغراهم بعبادتهم ‪ .‬فأمسك به وسأله ) ما خطبك‬
‫يا سامرى ( أى ما هذا الذى فعلته أيها المضل ؟ لن كلمة‬
‫) سامرى ( تطلق على المضل ‪ .‬ول تطلق على شخص كاسم‬
‫من السماء‪.‬‬
‫وبهذا المعنى ل يكون الذى أضلهم رجل مسمى بالسامرى ‪ ،‬حتى‬
‫يتوجه الشكال ‪ .‬وإل يلزم أن يكون السامرى من أسماء المسيح‬
‫عيسى ـ عليه السلم ـ فإن اليهود قالوا له ‪ " :‬إنك سامرى ‪ ،‬وبك‬
‫شيطان " ]يو ‪.[48 : 8‬‬
‫==============‬
‫أبو إبراهيم آزر‬
‫الشبهة‪:‬‬
‫إن فى التوراة أن أبا إبراهيم اسمه تارح ‪ .‬وقد أخطأ القرآن فى‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬ ‫قوله إن أباه اسمه آزر ‪.‬‬
‫إن النساب مختلفة بين التوراة السامرية والعبرانية واليونانية ‪.‬‬
‫وإن عدد السنين لكل أب من آدم إلى إبراهيم مختلف فيه بين‬
‫نسخ التوراة الثلثة ‪ ،‬ولوقا كاتب النجيل أزاد على السماء قينان‬
‫‪ .‬نقل عن اليونانية ‪ .‬ومعنى هذا أنه كان يجب على المؤلف‬
‫تصحيح كتبه قبل أن يوجه نقده ‪ .‬ولذلك جاء فى القرآن الكريم ‪:‬‬
‫) إن هذا القرآن يقص على بنى إسرائيل أكثر الذى هم فيه‬
‫يختلفون ( )‪ (1.(1‬النمل ‪.76 :‬‬
‫=================‬
‫مريم العذراء بنت عمران‬
‫الشبهة‪:‬‬
‫إن القرآن نسب مريم العذراء إلى عمران أبى موسى النبى ‪.‬‬
‫وقال ‪ :‬إنها أخت هارون النبى ـ عليه السلم ـ وهذا يخالف ما جاء‬
‫فى إنجيل لوقا أنها بنت هالى ]لوقا ‪ [23 : 3‬ويخالف التاريخ لن‬
‫بين مريم وهارون ألف وستمائة سنة‪.‬‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬
‫فإن المعترض نقل عن النجيل أن مريم بنت هالى ‪ .‬ونقله خطأ ‪.‬‬
‫والنص هو ‪ " :‬ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلثين سنة ‪ .‬وهو على‬
‫ما كان ُيظن ابن يوسف بن هالى بن متثات بن لوى بن ملكى‬
‫بن يّنا بن يوسف " إلى أن أوصل نسبه إلى " ناثان بن داود "‬
‫عليه السلم ‪.‬وهذا النص ل يدل على أنه نسب مريم كما قال‬
‫المؤلف ‪ ،‬وإنما يدل على أنه نسب المسيح ‪ .‬فكيف يكذب القرآن‬
‫بنسب ليس لها ؟ وكيف ينسبون المسيح إلى يوسف بن هالى ‪.‬‬
‫وفى النجيل أنه ل أب له ول سبط له ؟ ذلك قوله عن يوسف ‪" :‬‬
‫ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر " ]متى ‪ ، [24 : 1‬وكيف‬
‫يكذبون القرآن بنسب على سبيل الظن ؟ ذلك قوله ‪ " :‬وهو‬
‫على ما كان ُيظن " وفى إنجيل متى أن المسيح ابن يوسف بن‬
‫يعقوب بن مّتان بن اليعازر بن آليود ‪ .‬إلى أن أوصل نسبه إلى‬
‫سليمان ـ عليه السلم ـ ] متى ‪.[ 1‬‬
‫والحق ‪ :‬أن مريم ابنة عمران الب المباشر لموسى ـ عليه‬
‫السلم ـ وهو أب مباشر لموسى ‪ ،‬وهو أب لمريم لنه رئيس‬
‫العائلة التى تناسلت هى منها ‪ .‬وهارون ابن عمران ‪ .‬وهى من‬
‫نسل هارون ـ عليه السلم ـ فيكون هو أخوها على معنى أنها من‬
‫نسله ‪ .‬أما أبوها المباشر فاسمه " يهويا قيم " وأمها اسمها "‬
‫حنة " كما جاء فى إنجيل يعقوب الذى ل يعترف به النصارى ‪.‬‬
‫والنسب هكذا ‪:‬‬
‫إبراهيم ـ إسحاق ـ يعقوب ـ لوى وهو البن الثالث ليعقوب ‪.‬‬
‫وأنجب لوى ثلثة هم جرشون وقهات ومرارى ‪ .‬وبنوقهات‬
‫عمرام ويصهار وحبرون وعزئييل ‪ .‬وبنو عمرام هارون وموسى‬
‫ومريم‪.‬‬
‫وقد وصى موسى عن أمر الله تعالى أن تتميز السباط التى تريد‬
‫الرث فى بنى إسرائيل ‪ .‬وذلك بأن تتزوج كل بنت فى سبطها ‪.‬‬
‫ففى سفر العدد ‪ " :‬وكل بنت ورثت نصيبا ً من أسباط بنى‬
‫إسرائيل ؛ تكون امرأة لواحد من عشيرة سبط أبيها ؛ لكى يرث‬
‫ل واحد نصيب آبائه " ]عدد ‪ .[8 : 36‬ووصى بأن‬ ‫بنو إسرائيل ك ّ‬
‫يتفرغ سبط لوى للعلم والدين ‪ ،‬ول يكون له نصيب فى الرض ‪،‬‬
‫وإنما يسكن بين السباط فى مدنهم ‪ ،‬ووصى بأن تكون المامة‬
‫فى نسل هارون وحده ‪ .‬وعلى هذه الشريعة نجد فى بدء إنجيل‬
‫لوقا ‪ :‬أن " أليصابات " زوجة زكريا ـ عليه السلم ـ كانت من‬
‫نسل هارون من سبط لوى ‪ ،‬وكان زكريا من نسل هارون من‬
‫سبط لوى ‪ .‬وتزوجت أليصابات زكريا‪ .‬وأن مريم العذراء كانت‬
‫قريبة لليصابات ‪ .‬وإذا ثبت أنها قريبة لها ؛ يثبت أن مريم هارونية‬
‫من سبط لوى ‪ .‬يقول لوقا ‪ " :‬كان فى أيام هيرودس ملك‬
‫اليهودية كاهن اسمه زكريا من فرقة أب ِّيا ‪ ،‬وامرأته من بنات‬
‫هارون ‪ ،‬واسمها أليصابات ‪ . .‬إلخ " ويقول لوقا ‪ " :‬وهو ذا‬
‫أليصابات نسيبتك ‪ . .‬إلخ " ؛ قال لها الملك ذلك وهو يبشرها‬
‫بالحمل بعيسى ـ عليه السلم ـ فإذا صح أنها قريبة لها ونسيبة‬
‫لها‪ .‬فكيف يخطئ المؤلف القرآن فى نسبتها إلى هارون ـ عليه‬
‫السلم ـ ؟‬
‫وفرقة أب ِّيا هى فرقة من بنى هارون ‪ ،‬وهى الفرقة الثامنة من‬
‫الفرق التى عدها داود ـ عليه السلم ـ للعمل فى المناظرة على‬
‫بيت الرب ‪ .‬وخبرهم فى الصحاح الرابع والعشرين من سفر‬
‫أخبار اليام الول ‪.‬‬
‫================‬
‫نوح يدعو للضلل‬
‫الشبهة‪:‬‬
‫إن نوحا ً ـ عليه السلم ـ قال لله تعالى ‪) :‬ول تزد الظالمين إل‬
‫ضلل ً ( )‪ (1‬؛ فكيف يدعو نوح ربه أن يزيد الناس ضلل ً ؟‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬
‫إن نوحا ً لم يدع ربه أن يزيد الناس ضلل ً ‪ ،‬وإنما دعا على‬
‫الظالمين من الناس ‪ .‬ومثل ذلك ‪ :‬ما فى التوراة عن النبياء‬
‫فإنهم دعوا على الظالمين ‪ ،‬ولم يدعوا على كل الناس ‪ .‬ففى‬
‫المزمور الثامن عشر ‪ " :‬من الرجل الظالم تنقذنى " ـ " مثل‬
‫طين السواق ؛ اطرحهم " ‪ ،‬وفى النجيل يقول المسيح لله عن‬
‫الذين آمنوا به ‪ " :‬احفظهم فى اسمك الذين أعطيتنى " ] يو‬
‫‪ [ 11 : 17‬ولم يدع للكل‪.‬‬
‫)‪ (1‬نوح ‪.24 :‬‬
‫============‬
‫فرعون ينجو من الغرق‬
‫الشبهة‪:‬‬
‫إن فى القرآن تناقض فى نهاية فرعون ‪ .‬ففى سورة يونس ‪:‬‬
‫) فاليوم ننجيك ببدنك ( )‪ (1‬وهذا يدل على نجاته من الغرق ‪،‬‬
‫وفى سورة القصص ‪ ) :‬فأخذناه وجنوده فنبذناهم فى اليم ( )‪(2‬‬
‫وهذا يدل على غرقه‪.‬‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬
‫إن المعترض لم يفسر ) فاليوم ننجيك ببدنك ( على المعنى‬
‫الظاهرى ‪ .‬وهو إبعاد الجثة عن الهبوط فى اليم ‪ ،‬وتركها على‬
‫الشاطئ حتى يضعها المحنطون فى المقبرة فيراها كل‬
‫المصريين فيعتبروا ويتعظوا ‪ .‬وفسر على المعنى المجازى كناية‬
‫جه الشبهة على المعنى المجازى وليس‬ ‫عن إفلته من الغرق ‪ .‬وو ّ‬
‫على المعنى الحقيقى ‪.‬‬
‫جه الشبهة ؛ موجود فى التوراة عن‬ ‫والمعنى المجازى الذى به و ّ‬
‫فرعون ‪ .‬ففيها أنه لم يغرق ‪ ،‬وموجود فيها ما يدل على غرقه ‪.‬‬
‫وهذا هو التناقض الذى نسبه إلى القرآن ‪ .‬وسوف نبين ما فى‬
‫التوراة من التناقض عن غرق فرعون ‪ .‬ونسأله هو أن يوفق بين‬
‫المعنيين المتناقضين ‪ .‬وما يجيب به فى التوفيق ؛ يكون إجابة‬
‫لنا ‪.‬‬
‫ففى الصحاح الرابع عشر من سفر الخروج ‪ " :‬فرجع الماء‬
‫وغطى مركبات وفرسان جميع جيش فرعون الذى دخل وراءهم‬
‫فى البحر ‪ .‬لم يبق منهم ول واحد " وفى الصحاح الخامس عشر‬
‫من نفس السفر ‪ " :‬تغطيهم اللجج ‪ .‬قد هبطوا فى العماق‬
‫كحجر " وفى تفسير التوراة ما نصه ‪ " :‬ول سبيل لنا هنا إلى‬
‫الحكم بغرق فرعون ‪ ،‬إذ ل دللة عليه فى هذا النبأ ‪ ،‬ول من قول‬
‫المرّنم ] مز ‪ 53 : 78‬و ‪ [11 : 106‬وساق المفسرون أربع حجج‬
‫على عدم غرقه ‪ .‬ومعنى قولهم ‪ :‬إن قول المرّنم ل يدل على‬
‫غرقه هو ‪ :‬أن داود ـ عليه السلم ـ فى المزمور ‪ 78‬والمزمور‬
‫‪ 106‬قال كلما ً عن فرعون ل يدل صراحة على غرقه ‪.‬‬
‫ونص ‪ 3 : 78‬هو " أما أعداؤهم فغمرهم البحر " ونص ‪: 106‬‬
‫طت المياه مضايقيهم ‪ .‬واحد منهم لم يبق "‪.‬‬ ‫‪ 11‬هو " وغ ّ‬
‫هذا عن عدم غرق فرعون ‪.‬وأما عن غرقه ففى المزمور ‪: 136‬‬
‫‪ " 15‬ودفع فرعون وقوته فى بحر يوسف ؛ لنه إلى البد رحمته‬
‫" وفى ترجمة أخرى ‪ " :‬أغرق فرعون وجيشه فى البحر الحمر‬
‫إلى البد رحمته )‪ " (3‬ومفسرو الزبور ـ وهم أنفسهم الذين‬
‫صرحوا بعدم غرق فرعون ـ كتبوا عن فرعون ‪ " :‬فإن هذا الخير‬
‫قد حاول جهد المستطاع أن يرجع السرائيليين إلى عبوديتهم ؛‬
‫فما تم له ما أراد ‪ ،‬بل اندحر شر اندحار " ا ‪ .‬هـــ ‪.‬‬
‫ومن هذا الذى قدمته يكون من الواجب على المعترض حل‬
‫التناقض الموجود عنده فى أمر فرعون ‪ ،‬قبل أن يوجه كلمه إلى‬
‫القرآن ‪.‬‬
‫‪ (1‬يونس ‪.92 :‬‬
‫)‪ (2‬القصص ‪.40 :‬‬
‫)‪ (3‬جمعية الكتاب المقدس فى لبنان سنة ‪1993‬م‪.‬‬
‫==============‬
‫انتبـاذ مريـم‬
‫الشبهة‪:‬‬
‫إن فى القرآن ‪ :‬أن مريم انتبذت من أهلها مكانا ً شرقّيا ‪ ،‬واتخذت‬
‫لها حجابا ً من قبل أن تحبل بالمسيح ‪ .‬فلماذا انتبذت ؟ هل كانت‬
‫فى مشاجرة مع أهلها وهم المشهورون بالتقوى ؟ ولماذا تسكن‬
‫فتاة عذراء بعيدة عن أهلها ؟‬
‫فى القرآن تناقض فى هذا المعنى ‪ .‬وهو أنه صرح بأنها كانت فى‬
‫المحراب فى كفالة زكريا ‪ ،‬وصرح بأنها انتبذت ‪ .‬أى خرجت منهم‬
‫بعد مشاجرة ‪.‬‬
‫وقال المؤلف ‪ :‬إن القرآن قد خالف النجيل فى مكان سكناها‬
‫من قبل الحبل بعيسى ـ عليه السلم ـ ففى القرآن ‪ :‬أنها كانت‬
‫تسكن فى محراب أورشليم ‪ ،‬أو فى أى مكان مجهول ‪ .‬وفى‬
‫النجيل أنها كانت تسكن فى " الناصرة " ]لو ‪26 : 1‬ـ ‪.[23‬‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ جاء فى إنجيل يعقوب ‪ :‬أن مريم وهى فى سن الثالثة ‪:‬‬
‫ذهبت بها أمها بصحبة أبيها إلى " أورشليم " وسلماها إلى كهنة‬
‫هيكل سليمان ‪ ،‬وكانت علمات السرور تبدو عليها ‪ .‬ثم تركاها‬
‫ورجعا إلى أورشليم ‪ ،‬وعاشت مع الراهبات المنذورات إلى أن‬
‫حبلت ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وإن أنت نظرت فى خريطة فلسطين ‪ .‬تجد حبرون أسفل‬
‫أورشليم وقريبة منها ‪ ،‬وتجد الناصرة على نفس الخط وبعيدة‬
‫عن أورشليم ‪.‬‬
‫فتكون أورشليم غرب الناصرة ‪ ،‬وشرق حبرون ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ وفى النجيل ‪ " :‬وفى ذلك الوقت ولد موسى وكان جميل ً‬
‫دا ‪ .‬فربى هذا ثلثة أشهر فى بيت أبيه ‪ .‬ولما ُنبذ ؛ اتخذته ابنة‬ ‫ج ً‬
‫فرعون ‪ ،‬وربته لنفسها ابنا ً " ]أعمال ‪[21 : 7‬‬
‫قوله " ولما نبذ " ل يدل على أن أهله كرهوه وإنما يدل على‬
‫أنهم وضعوه فى التابوت وهم لوضعه كارهون ‪ .‬ومن ينتبذ عن‬
‫قوم ؛ ل يدل انتباذه عنهم على كرهه لهم ‪ ،‬وإنما يدل على‬
‫ابتعاده عنهم لسبب أو لسباب ‪ .‬وإذا صح وثبت أن ابتعادها عنهم‬
‫كان لعبادة الله ؛ يثبت أنها لم تنتبذ لمشاجرة‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ وقد تبين أن " الناصرة " من نصيب سبط زبولون ـ وهو من‬
‫أسباط السامريين ـ وهى من سبط يهوذا ـ على حد زعمه ـ‬
‫فكيف تكون من سكان الناصرة ؟ وإذا كانت من سكان‬
‫الناصرة ‪ ،‬فلماذا أتت إلى أورشليم لتعد ّ مع سكانه ا‪ .‬وسكان‬
‫أورشليم من سبطى يهوذا وبنيامين ؟ فالحق ما قاله القرآن أنها‬
‫كانت هارونية ‪ .‬ومعلوم أن زكريا وامرأته ويوحنا المعمدان كانوا‬
‫من التابعين لهل أورشليم ‪.‬‬
‫==============‬
‫مريم تلد فى البرية ووليدها يكلمها من تحتها‪.‬‬
‫الشبهة‪:‬‬
‫مريم تلد فى البرية ووليدها يكلمها من تحتها لقد ولدت مريم‬
‫السيد المسيح فى بيت لحم كما تنبأ أنبياء التوراة بذلك قبل‬
‫حدوثه بمئات السنين ‪ ،‬وليس بجوار جذع نخلة ‪ .‬ووضعت مريم‬
‫وليدها فى مذود ]لوقا ‪2 : 2‬ـ ‪ [20‬وغريب أن يكلمها وليدها من‬
‫تحتها ‪ :‬أن تهز جذع النخلة وتأكل من البلح وتشرب من الجدول ‪.‬‬
‫فإذا مّر بها أحد تقول ‪) :‬إنى نذرت للرحمن صوما ً فلن أكلم اليوم‬
‫إنسيا ( )‪ (1‬فأين الصوم وهى الكلة الشاربة المتكلمة ؟‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ولدة المسيح فى بيت لحم ـ كما قال المعترض ـ تدل على‬
‫أن مريم من سكان الخليل التى هى حبرون ‪ ،‬ول تدل على أنها‬
‫من سكان الناصرة ‪ .‬ففى خريطة فلسطين تجد بيت لحم تحت‬
‫أورشليم ‪ ،‬وبعدها حبرون ‪ .‬وعلى هذا تكون مريم بعد حملها‬
‫حبرون )فأجاءها‬ ‫بالمسيح وإحساسها بدنو الوضع ‪ .‬قد اتجهت إلى َ‬
‫المخاض (عند بيت لحم ‪ .‬ولو كانت من الناصرة وأحست بالحمل‬
‫وبالوضع ‪ .‬لتجهت إلى الناصرة ‪ .‬وعندئذ يكون الوضع فى مكان‬
‫بين أورشليم وبين الناصرة ‪ .‬فقولهم بالمخاض فى بيت لحم‬
‫يصدق القرآن فى أنها كانت من نسل هارون الساكنين فى‬
‫حبرون ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وقول المعترض ‪ :‬إن التوراة تنبأت بولدة المسيح فى بيت‬
‫لحم ‪ .‬يقصد به ما جاء فى سفر ميخا وهو " أما أنت يا بيت لحم‬
‫أفراتة وأنت صغيرة أن تكونى بين ألوف يهوذا ‪ ،‬فمنك يخرج لى‬
‫الذى يكون متسلطا ً على إسرائيل ‪ ،‬ومخارجه منذ القديم منذ‬
‫أيام الزل " ]ميخا ‪.[2 : 5‬‬
‫والنبوءة موضوعة وليست من النص الصلى ‪ .‬بدليل ‪ :‬أن‬
‫المسيح كان من الهارونيين من جهة أمه ‪ ،‬وبيت لحم من مدن‬
‫سبط يهوذا ‪ .‬ولو كان له أب لمكن للنصارى نسبته إلى سبط‬
‫أبيه ‪ .‬ولكنه ل أب له ؛ فكيف ينتسب إلى سبط يهوذا أو غير‬
‫سبط يهوذا ؟ وبدليل ‪ :‬أن المتسلط على إسرائيل وهو النبى‬
‫المى التى على مثال موسى ‪ .‬يكون ملكا ً وفاتح بلد ‪ .‬ولم يكن‬
‫المسيح ملكا ً ول فاتح بلد ‪ . .‬وبدليل ‪ :‬أن سفر ميخا مرفوض من‬
‫السامريين ‪ .‬وبدليل أن شراح سفر ميخا يصرحون بالتناقض‬
‫فيه ‪ .‬والنبوءة من مواضع التناقض التى صرحوا بها ‪ .‬يقول‬
‫الشراح ‪ " :‬هناك تعليمان متشابكان فى كتاب ميخا ‪ :‬الول ‪ :‬الله‬
‫يدين شعبه ويعاقبه ]ف ‪ 1‬ـ ‪ 1 : 6 : 3‬ـ ‪ [7 : 7‬الله يعد شعبه‬
‫بالخلص ]ف ‪4‬ـ ‪ 5‬و ‪8 : 7‬ـ ‪ [20‬حين ُيعيده إلى حاله السابقة‬
‫ويجعله بقيادة رئيس من نسل داود ]‪1 : 5‬ـ ‪.[4‬‬
‫‪ 3‬ـ وقد جاء فى إنجيل متى البوكريفى معجزة النخلة‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ وكلم المسيح فى المهد جاء فى برنابا وفى إنجيل الطفولية‬
‫العربى ‪ ،‬وجاء فى تاريخ يوسيفوس ‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ وقال المعترض ‪ :‬إن المسيح كلم أمه من تحتها ‪ :‬أن تهز جذع‬
‫ن تحَتها "‬
‫م ْ‬
‫النخلة ‪ . .‬إلخ ‪ .‬وهو قد قال بذلك على قراءة " َ‬
‫والحق ‪ :‬أن الذى ناداها هو ملك الله نفسه ‪ . .‬وسياق الكلم يدل‬
‫ى هّين‬‫على أنه الملك ‪.‬فإنه قد قال لها ‪ ) :‬كذلك قال ربك هو عل ّ‬
‫ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا ً مقضيا ً ( )‪ ،(2‬ولما‬
‫حملته وانتبذت به وأجاءها المخاض وتمّنت الموت ؛ عاد إلى‬
‫خطابه معها فقال ‪ ) :‬أل تحزنى قد جعل ربك تحتك سريا وهزى‬
‫إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا ً جنيا ً فكلى واشربى وقرى‬
‫عينا ً فإما ترين من البشر أحدا ً فقولى إنى نذرت للرحمن صوما ً‬
‫فلن أكلم اليوم إنسيا ( )‪.(3‬‬
‫وأما كلم المسيح فهو لم يقل إل ) إنى عبد الله أتانى الكتاب‬
‫وجعلنى نبيا وجعلنى مباركا أينما كنت وأوصانى بالصلة والزكاة‬
‫ى‬ ‫ً‬
‫مادمت حّيا وبرا بوالدتى ولم يجعلنى جبارا شقيا والسلم عل ّ‬
‫يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا ( )‪.(4‬‬
‫‪ 6‬ـ المعترض قد غالط فى نقل المعنى بقوله ‪ " :‬وغريب أن‬
‫يكلمها وليدها من تحتها ‪ :‬أن تهز جذع النخلة وتأكل من البلح‬
‫وتشرب من الجدول ؛ فإذا مر بها أحد تقول ‪ ) :‬إنى نذرت‬
‫للرحمن صوما ً فلن أكلم اليوم إنسيا ( )‪ (5‬فأين الصوم وهى‬
‫الكلة الشاربة المتكلمة ؟ "‪.‬‬
‫ووجه المغالطة ‪ :‬أنه يقول فإذا مر بها أحد تقول ‪ . .‬إلخ ‪.‬‬
‫والمعنى الصحيح ‪ :‬أنها ل تقول لكل أحد يمر عليها إنها صائمة‬
‫عن الطعام والشراب ‪ .‬وإنما تقول ‪ :‬ل أتكلم مع أحد فى أمر‬
‫ابنى فى هذه اليام ‪ .‬فجملة ) فإما ترين من البشر ‪ ( . .‬جملة‬
‫مستأنفة ل صلة لها بالطعام وبالشراب ‪ .‬وقولها ‪ ) :‬إنى نذرت‬
‫للرحمن صوما ( تعنى به المعنى المجازى وهو المساك عن‬
‫الكلم بدليل ‪ ) :‬فلن أكلم ( ولم تقل فلن آكل ‪.‬‬
‫)‪ (1‬مريم ‪.26 :‬‬
‫)‪ (2‬مريم ‪.21 :‬‬
‫)‪ (3‬مريم ‪24 :‬ـ ‪.26‬‬
‫)‪ (4‬مريم ‪30 :‬ـ ‪.33‬‬
‫)‪ (5‬مريم ‪.26 :‬‬
‫==============‬
‫لكل أمة رسول منها إليها‪.‬‬
‫الشبهة‪:‬‬
‫إنه جاء فى القرآن أن لكل أمة رسول منها ‪ .‬وهذا يناقض الكتاب‬
‫المقدس فى أن النبياء والرسل هم من بنى إسرائيل وإليهم‬
‫وإلى كل العالم ‪ .‬فإذا صدق ما فى القرآن فكيف لم يخرج للمم‬
‫فى إفريقيا وأوروبا وأمريكا واستراليا وآسيا ‪ :‬أنبياء منهم‬
‫وإليهم ؟ ولو كان لهذه المم أنبياء ـ منها وإليها ـ لجاز أن يكون‬
‫للعرب رسول منهم‪.‬‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬
‫إن كلمة الرسول تأتى على الحقيقة وتأتى على المجاز ‪ .‬فعيسى‬
‫ـ عليه السلم ـ رسول على الحقيقة ‪ .‬وإذا هو أرسل واحدا ً من‬
‫الحواريين إلى قرية من القرى فإنه يكون رسول رسول الله‬
‫عيسى على المجاز ‪ .‬ففى إنجيل متى ‪ " :‬هؤلء الثنا عشر‬
‫أرسلهم يسوع وأوصاهم قائل ً ‪ " :‬إلى طريق أمم ل تمضوا ‪" . .‬‬
‫]متى ‪.[5 : 10‬‬
‫وابتداء الدعوة إلى الله كان فى زمن أنوش بن شعيث بن آدم ؛‬
‫لقوله ‪ " :‬حينئذ ابُتدئ أن ُيدعى باسم الرب " ]تك ‪ [26 : 4‬وظل‬
‫الحال على هذه الدعوة التى كانت دعوة إلى مكارم الخلق‬
‫وعدم سفك الدماء ظلما ً إلى زمان نوح ـ عليه السلم ـ ولم يكن‬
‫من المطعومات شىء محرم فلما خرج نوح من السفينة أعطاه‬
‫الله شريعة فيها أن كل الطعام حلل ‪ ،‬وأن يحب المرء لخيه ما‬
‫يحبه هو لنفسه ‪ ،‬وليس فيها شريعة تبين أن هذا حلل وهذا حرام‬
‫‪ .‬ففى الصحاح التاسع من سفر التكوين ‪ " :‬كل دابة حية تكون‬
‫لكم طعاما ً ‪ .‬كالعشب الخضر دفعت إليكم الجميع ‪ " . .‬وظلت‬
‫شريعة نوح سائدة على العالم إلى أن جاء موسى ـ عليه السلم‬
‫ـ وأعطاه الله التوراة ) موعظة وتفصيل ً لكل شىء ( وأمره أن‬
‫سبط لِوى من بين السباط ليعرفها ويعّرفها للناس ‪.‬‬ ‫يخصص ِ‬
‫ً‬
‫وهذا الذى ذكرته هو ما يقول به أهل الكتاب جميعا ‪ ،‬ونص عليه‬
‫أهل الكتاب فى كتبهم ‪ .‬وعنه فى القرآن الكريم ‪ ) :‬كل الطعام‬
‫كان حل ً لبنى إسرائيل ( )‪ (1‬وهو حلل من أيام نوح ـ عليه‬
‫السلم ـ وعلى ذلك نسأل المعترض هذا السؤال وهو أن الناس‬
‫من آدم أبى البشر إلى موسى الكليم كانت رسلهم من بنى‬
‫إسرائيل أم من غير بنى إسرائيل ؟ إن قلت إن رسلهم كانت من‬
‫بنى إسرائيل يكذبك الواقع والكتب التى تقدسها ‪ ،‬وإن قلت كانت‬
‫من غير بنى إسرائيل فلماذا وجهت السؤال إلى المسلمين ؟‬
‫أما من موسى إلى محمد صلى الله عليه وسلم فإن علماء بنى‬
‫إسرائيل من اللويين والهارونيين كانوا يبلغون التوراة لليهود‬
‫وللمم ‪ ،‬وإذا انطلق واحد منهم إلى المم ؛ فإنه يكون رسول ً إلى‬
‫المم ‪ .‬ليس على الحقيقة ‪ ،‬وإنما على المجاز بمعنى أنه رسول‬
‫رسول الله موسى ـ عليه السلم ـ وظلوا على هذا الحال إلى‬
‫زمان سبى بابل سنة ‪ 586‬ق ‪ .‬م فإنهم وهم فى بابل حرفوا‬
‫التوراة ‪ ،‬وقصروا شريعة موسى على اليهود من دون الناس ‪،‬‬
‫وابتعدوا عن دعوة المم ‪ ،‬وتعصبوا لجنسهم وتآمروا على المم )‬
‫ذلك بأنهم قالوا ليس علينا فى الميين سبيل ( )‪.(2‬‬
‫ومن قبل سبى بابل كان علماؤهم يدعون العرب إلى الله على‬
‫وفق شريعة موسى ‪ .‬فيكون العالم الداعى رسول ً مجازا ‪ .‬وهكذا‬
‫فى سائر بلد العالم ‪ .‬أما من بعد السبى وتخلى العلماء عن‬
‫الدعوة فإن كل أمة سارت على ما عندها من العلم ‪ .‬وقد وبخهم‬
‫المسيح عيسى ـ عليه السلم ـ على إهمالهم فى دعوة المم‬
‫سّيون المراءون ؛ لنكم‬ ‫فّري ِ‬
‫بقوله ‪ " :‬لكن ويل لكم أيها الكتبة وال َ‬
‫ُتغلقون ملكوت السموات قدام الناس ؛ فل تدخلون أنتم ول‬
‫تدعون الداخلين يدخلون " ] متى ‪.[13 : 23‬‬
‫ثم حث أتباعه بالنطلق إلى بلد اليهود أول ً بأمرين هما أن يعملوا‬
‫بالتوراة ‪ ،‬وأن يستعدوا لتركها إذا ما ظهر محمد رسول الله الذى‬
‫يبشر به ‪ .‬وإذا فرغوا من دعوة اليهود فى بلدهم ينطلقون إلى‬
‫المم ‪ ،‬وسماهم رسل ً مجازا ‪ .‬فقال ‪ " :‬إلى طريق أمم ل‬
‫تمضوا ‪ ،‬وإلى مدينة للسامريين ل تدخلوا ‪ ،‬بل اذهبوا بالحرىّ إلى‬
‫رزوا قائلين ‪:‬‬ ‫خراف بيت إسرائيل الضالة ‪ .‬وفيما أنتم ذاهبون ‪ ،‬اك ْ ِ‬
‫" إنه قد اقترب ملكوت السموات " ]متى ‪ .[5 : 10‬وملكوت‬
‫السموات هو مجىء محمد صلى الله عليه وسلم بعد مملكة‬
‫الروم كما أنبأ النبى دانيال فى الصحاح السابع من سفره‪.‬‬
‫)‪ (1‬آل عمران ‪.93 :‬‬
‫)‪ (2‬آل عمران ‪.75 :‬‬
‫===============‬
‫خْلط السمـاء‬ ‫َ‬
‫الشبهة‪:‬‬
‫ذكروا آيتين من سورة النعام ‪ ،‬وأوردوا الشبهة على نص اليتين‬
‫حيث قالوا ‪:‬‬
‫جاء فى سورة النعام )ووهبنا له إسحاق ويعقوب كل ّ هدينا ونوحا ً‬
‫هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى‬
‫وهارون وكذلك نجزى المحسنين * وزكريا ويحيى وعيسى‬
‫وإلياس كل من الصالحين * وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا ً‬
‫وكل ّ فضلنا على العالمين ( )‪.(1‬‬
‫والترتيب التاريخى هو ‪:‬‬
‫أيوب ـ إبراهيم وابن أخته لوط وابناه إسماعيل وإسحاق وحفيده‬
‫يعقوب وابن حفيده يوسف ومن بعده موسى ـ هارون ـ داود ـ‬
‫سليمان ـ إلياس ـ اليسع ـ يونس ـ زكريا ـ يحيى ـ عيسى‪.‬‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ إن الضمير فى ) ومن ذريته ( يعود إلى نوح ‪ ،‬ول يعود إلى‬
‫إبراهيم وذلك لن ) لوطا ( ليس من ذرية إبراهيم ‪ ،‬وإنما خرج‬
‫معه مهاجرا ً إلى الله ‪ ،‬بعدما آمن له ‪ .‬وفى التوراة " ولوطا ً ابن‬
‫أخيه " ]تك ‪.[5 : 12‬‬
‫‪ 2‬ـ إن الترتيب التاريخى غير حاصل لسباب منها ‪ :‬أنه يريد بيان‬
‫فضلهم وصلحهم ؛ ليقتدى الناس بهم ‪.‬‬
‫وفى التوراة أنبياء ل يعرفون تواريخهم ول يعرفون نسبهم ‪،‬‬
‫ومنهم " أيوب " فإن منهم من يقول إنه من العرب ومنهم من‬
‫يقول إنه من الدوميين ومنهم من يجعله اسما ً فرضّيا ‪ .‬بل إن‬
‫قوق وميخا ؛‬ ‫حب ّ‬
‫النبياء أصحاب السفار كإشعياء وإرمياء وملخى و َ‬
‫ل يعرفون هم أنفسهم السابق منهم عن اللحق ‪.‬‬
‫وقد جمعوا أسفارهم فى وقت واحد ‪ .‬ففى الكتاب المقدس‬
‫الصادر عن دار الكتاب المقدس فى الشرق الوسط سنة‬
‫‪1993‬م ما نصه ‪ " :‬كانت أول لئحة وضعت فى سبيل " قانونية‬
‫" العهد القديم وأسفاره تضم أسفار الشريعة الخمسة فى أيام‬
‫عْزرا ]نح ‪ [1 : 8‬حوالى عام ‪ 400‬ق ‪ .‬م ثم زاد المعلمون‬ ‫ِ‬
‫السفار النبوية من يشوع والقضاة حتى إشعياء وإرمياء وحوالى‬
‫سنة ‪ 90‬ق ‪ .‬م التقى معلمو الشريعة اليهود من مختلف البلدان ‪،‬‬
‫فى بلدة " يمنية " الواقعة فى " فلسطين " وثبتوا لئحة نهائية‬
‫وكاملة للسفار المقدسة ‪ . .‬إلخ )‪.(2‬‬
‫)‪ (1‬النعام ‪.86-84 :‬‬
‫)‪ (2‬ص ‪ 3‬الكتاب المقدس طبعة لبنان سنة ‪1993‬م‪.‬‬
‫============‬
‫أخنوخ وليس إدريس‪.‬‬
‫الشبهة‪:‬‬
‫إنه فى القرآن اسم إدريس ‪ .‬واسمه فى التوراة أخنوخ ‪ .‬وقال‬
‫البيضاوى فى تفسيره ‪ :‬إن إدريس هو أخنوخ ‪ .‬ونحن نسأل من‬
‫أين جاء فى القرآن اسم إدريس ؟ والصواب أنه أخنوخ ‪ .‬الرد‬
‫على الشبهة ‪:‬‬
‫إن اسمه فى التوراة السامرية " حنوك " والنص هو ‪:‬‬
‫" وسلك حنوك فى طاعة الله وُفقد ؛ إذ تولته الملئكة " ]تلك‬
‫‪ [24 : 5‬والتوراة اليونانية تضيف حرف السين فى آخر السم‬
‫ليعلم أنه اسم مثل يوسيفوس ـ إدريانوس ‪ .‬وإدريس ؛ فى آخره‬
‫السين ‪ ،‬وكذلك يونس ‪ .‬وهو فى العبرى يونان ‪.‬‬
‫وعيسى ـ عليه السلم ـ فى اليونانى " إيسوس " ‪ ،‬وفى العبرى‬
‫وع " وينطق أحيانا ً " أيشوع " و " يسوع "‪.‬‬ ‫" يهو ش ّ‬
‫وأخنوخ له سفر ل يعترف به النصارى ‪ .‬ومع ذلك نقل منه يهوذا‬
‫فى رسالته ‪ " :‬انظروا جاء الرب مع ألوف قديسيه ؛ ليحاسب‬
‫جميع البشر ‪ ،‬ويدين الشرار جميعا ً على كل شر فعلوه ‪ ،‬وكل‬
‫كلمة سوء قالها عليه هؤلء الخاطئون الفجار " ]يهو ‪14 : 1‬ـ‬
‫‪.[15‬‬
‫وهذا النص يثبت أن كل امرئ بما كسب رهين ‪ ،‬خلفا ً لعتقاد‬
‫فر عن خطايا آدم ‪.‬‬ ‫النصارى فى موت المسيح على الصليب ل ِي ُك َ ّ‬
‫ومفسرو التوراة يستدلون من نقله على ثبوت الحياة من بعد‬
‫الموت ورأى فيلبسون من قوله " الله أخذه " أن ذلك تلطف‬
‫بالتعبير عن الوفاة قبل إكمال العمر ‪ ،‬وأن فى ذلك دليل ً على‬
‫وجود حياة وراء هذه الحياة الرضية ‪ .‬ونزيد على ذلك ‪ :‬أن نقل‬
‫أخنوخ فى متوسط العصر الذى قبل الطوفان ‪ ،‬وأن حياته كانت‬
‫على الرض ‪365‬سنة وهو عدد اليام فى السنة الشمسية وكانت‬
‫سنة العبرانيين ‪ 354‬يوما ً وسنة الكلدانيين ‪ 360‬يوما ً " ا ‪ .‬هــ ‪.‬‬

‫==============‬
‫نوح لم يتبعه الراذل‪.‬‬
‫الشبهة‪:‬‬
‫إن فى القرآن أن نوحا ً ـ عليه السلم ـ نجا معه جماعة من‬
‫المؤمنين من غير أولده ‪ .‬وهذا يخالف ما فى التوراة وما فى‬
‫النجيل من أنه لم ينج معه من المؤمنين أحد غير أولده ‪ .‬وأن‬
‫القرآن بين أن الكافرين بنوح وصفوا المؤمنين به بأنهم أراذل‪.‬‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬
‫‪ -1‬إن الذين خرجوا من السفينة حسب نص التوراة العبرانية ‪:‬‬
‫)‪ -1‬سام ‪ -2 .‬حام ‪ -3 .‬يافث ‪ -4 .‬نوح ‪ -5 .‬امرأته ‪ -6 .‬زوجة‬
‫سام ‪ -7 .‬زوجة حام ‪ -8 .‬زوجة يافث ( فيكون العدد ثمانية‪.‬‬
‫‪ -2‬والدليل على صحة ما فى القرآن ‪ :‬هو أن قابين لما قتل‬
‫هابيل ؛ ولد حنوك ولد عيراد ‪ ،‬وعيراد ولد محويائيل ‪ ،‬ومحويائيل‬
‫ولد متوشائيل ‪ ،‬ومتوشائيل ولد لمك ‪ ،‬ولمك ولد يابال ‪ .‬الذى‬
‫كان أبا ً لساكنى الخيام ورعاء المواشى ‪ .‬واسم أخيه يوبال الذى‬
‫كان أبا ً لكل ضارب بالعود والمزمار ‪ ،‬واسم أخيه توبال قابين ‪.‬‬
‫الضارب كل آلة من نحاس وحديد ]تكوين ‪.[4‬‬
‫قوله عن الثلثة ‪ :‬الذى كان أبا ً لساكنى الخيام ورعاء المواشى ـ‬
‫الذى كان أبا ً لكل ضارب بالعود والمزمار ـ الضارب كل آلة من‬
‫نحاس وحديد ؛ يدل على أنه كان من الناجين غير أبناء نوح ‪.‬‬
‫ولذلك قال مفسرو التوراة ‪ " :‬وسللة قابين سللة الحياة المدنية‬
‫‪ ،‬وسللة شعث سللة الحياة القدسية "‪.‬‬
‫==============‬
‫تهاويل خيالية حول برج بابل‬
‫الشبهة‪:‬‬
‫إنه جاء فى سورة النحل ) قد مكر الذين من قبلهم‪ (1) ( ..‬ثم‬
‫قال ‪ :‬قال البيضاوى ‪ :‬قيل ‪ :‬المراد به نمرود بن كنعان فإنه بنى‬
‫صرحا ً ببابل‪.‬‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬
‫إنه وجه الشبهة على كلم مفسر ‪ .‬وهذا المفسر لم يجزم بأن‬
‫تفسيره هو الصحيح بدليل قوله ‪ " :‬قيل " فكيف يورد شبهة على‬
‫كلم مفسر ؟‬
‫)‪ (1‬النحل ‪.26 :‬‬
‫==============‬
‫اختراع طفل ينطق بالشهادة‬
‫الشبهة‪:‬‬
‫إنه فى سورة يوسف )وشهد شاهد من أهلها ( )‪ (1‬وذكر تفسير‬
‫م لها صبّيا فى المهد‪.‬‬
‫الشيخ البيضاوى وهو أنه قيل إنه ابن ع ّ‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬
‫إن المعنى المراد هو ‪ :‬وشهد شاهد من أهل الشهادة بقرينة‬
‫سر‪،‬‬ ‫ف ّ‬
‫م َ‬
‫الحال ‪ .‬ومع هذا فإنه ل يصح توجيه شبهة على قول ُ‬
‫خاصة أنه قال ‪ " :‬قيل "‪.‬‬
‫)‪ (1‬يوسف ‪.26 :‬‬
‫قلت ‪ :‬قد مر في شبهات حول القرآن أنه طفل نطق بالمهد وهو‬
‫الصحيح‬
‫===============‬
‫الكعبة بيت زحل‪.‬‬
‫الشبهة‪:‬‬
‫فى سورة البقرة ‪ ) :‬وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا ( إلى‬
‫قوله ‪ ) :‬إنك أنت السميع العليم ( )‪.(1‬‬
‫ثم قال ‪ :‬كيف تكون الكعبة بيت الله ‪ ،‬وقد بنيت أول المر لعبادة‬
‫كوكب زحل ؟ واستدل على قوله هذا بأقوال مؤرخين‪.‬‬
‫ُ‬
‫دعى من " أور "‬ ‫وقال ‪ :‬إن فى الكتاب المقدس ‪ :‬أن إبراهيم ُ‬
‫الكلدانيين إلى أرض كنعان ‪ ،‬وت َعَّرب فيها‪.‬‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬
‫حجة‪.‬‬‫‪ 1‬ـ إن أقوال المؤرخين ليست ُ‬
‫‪ 2‬ـ إن إبراهيم ـ عليه السلم ـ لم ُيدع من " أور " كما قال هذا‬
‫المعترض ‪ .‬وإنما خرج من أرض آبائه وهو ل يعلم أين يذهب‪.‬‬
‫ففى الصحاح الثانى عشر من سفر التكوين ‪ " :‬وقال الرب‬
‫لبرام ‪ :‬اذهب من أرضك ‪ ،‬ومن عشيرتك ‪ ،‬ومن بيت أبيك إلى‬
‫الرض التى ُأريك ؛ فأجعلك أمة عظيمة ‪ ،‬وأباركك وأعظم اسمك‬
‫وتكون بركة " ]تك ‪ [2 : 12‬وكان خروجه عن " حاران " والدليل‬
‫على أنه من " حاران " ‪ " :‬وكان أبرام ابن خمس وسبعين سنة‬
‫لما خرج من حاران " ]تك ‪ [4 : 12‬وفى سفر أعمال الرسل ‪" :‬‬
‫فخرج حينئذ من أرض الكلدانيين ‪ ،‬وسكن فى حاران " ]أع ‪: 7‬‬
‫‪ [4‬ففى التوراة أنه خرج من حاران ‪ ،‬وفى النجيل أنه خرج من‬
‫أرض الكلدانيين‪.‬‬
‫فأى النصين هو الصحيح ؟‬
‫=============‬
‫إسماعيل بين النبياء‬
‫الشبهة‪:‬‬
‫إن القرآن ذكر أن إسماعيل كان ) رسول ً نبّيا ( وفى التوراة أنه‬
‫إنسان وحشى ‪ .‬وهذا تناقض ‪.‬‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬
‫‪ -1‬أما إنه كان رسول ً فهذا ل إشكال فيه ‪ .‬فإن الشريعة التى‬
‫كان عليها هى شريعة نوح ـ عليه السلم ـ وكان يبلغها للناس كما‬
‫يبلغها غيره ‪ -2 .‬أما إنه كان نبّيا فهذا هو الشكال عند المؤلف ‪،‬‬
‫وهو ليس بإشكال ‪ .‬لن النبى هو المنبئ بغيب ‪ ،‬ويقع الغيب من‬
‫بعده كما أنبأ به ‪ .‬فلننظر فى إسماعيل ـ بحسب تفسير كلمة‬
‫النبى عندهم ـ هل أنبأ بغيب أم ل ؟ إنه من إبراهيم الذى سار مع‬
‫الله ‪ ،‬ودعا إليه ‪ ،‬ورغب فيه ‪ .‬ولسيره ‪ ،‬وعده الله بالبركة فى‬
‫إسماعيل وإسحاق ‪ .‬والبركة ملك ونبوة وإذ ْ ُوعد إسماعيل بنبى‬
‫من نسله ‪ ،‬وأنبأ بتحقق هذا الوعد ‪ .‬ووقع كما قال ‪ .‬فإنه قد ظهر‬
‫منه محمد صلى الله عليه وسلم فإنه يكون نبّيا‪.‬‬
‫ففى التوراة ‪ " :‬ولما كان أبرام ابن تسع وتسعين سنة ؛ ظهر‬
‫الرب لبرام وقال له ‪ " :‬أنا الله القدير ‪ .‬سر أمامى ‪ ،‬وكن‬
‫كامل ً ؛ فأجعل عهدى بينى وبينك وأكثرك كثيرا ً جدا ً " ]تك ‪: 17‬‬
‫‪1‬ـ ‪ [2‬وعن البركة فى إسحاق ‪ " :‬وأباركها وأعطيك أيضا ً منها‬
‫أبناء ُأباركها فتكون أمما ً وملوك شعوب منها يكونون " ]تك ‪: 17‬‬
‫‪ ، [16‬وعن البركة فى إسماعيل ‪ " :‬وأما إسماعيل فقد سمعت‬
‫لك فيه ‪ .‬ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيرا ً جدا ً ‪ ] " . .‬تك ‪: 17‬‬
‫‪ [20‬وقد قام ببركة إسحاق نبى الله موسى ‪ ،‬وقام ببركة‬
‫إسماعيل نبى الله محمد‪ .‬و إسماعيل قد أنبأ به من قبل ظهوره‪.‬‬

‫==============‬

‫أبناء يعقوب يطلبون أن يلعب يوسف معهم‬


‫الشبهة‪ :‬إنه جاء فى سورة يوسف من القرآن الكريم أن إخوة‬
‫يوسف احتالوا على أبيهم فى أخذ يوسف منه بقولهم ‪ ) :‬أرسله‬
‫معنا غدا يرتع ويلعب ( )‪ (1‬وليس فى التوراة هذه الحيلة‪.‬‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬
‫إن ما جاء فى القرآن ‪ ،‬ولم يجئ فى التوراة ؛ ل يدل على إيراد‬
‫شبهة على القرآن ‪ ،‬وذلك لن نسخ التوراة الثلثة العبرانية‬
‫ما ‪ .‬ففى‬ ‫واليونانية والسامرية ل تتفق على القصة اتفاقا ً تا ّ‬
‫اليونانية صواع الملك ‪ .‬وليس فى العبرانية صواع الملك‪ .‬ففى‬
‫التوراة العبرانية ترجمة البروتستانت ‪ " :‬ولما كانوا قد خرجوا من‬
‫المدينة ولم يبتعدوا ؛ قال يوسف للذى على بيته ‪ :‬قم اسع وراء‬
‫الرجال ‪ ،‬ومتى أدركتهم فقل لهم ‪ " :‬لماذا جازيتم شّرا عوضا ً‬
‫عن خير ؟ أليس هذا هو الذى يشرب سيدى فيه ‪ .‬وهو يتفاءل‬
‫به ؟ أسأتم فيما صنعتم " ]تك ‪4 : 24‬ـ ‪ [5‬وفى الكتاب المقدس‬
‫ترجمة ‪1993‬م بلبنان الصادر عن دار الكتاب المقدس فى‬
‫الشرق الوسط ‪ " :‬فما أن خرجوا من المدينة ‪ ،‬وابتعدوا قليل ً‬
‫حتى قال يوسف لوكيل بيته ‪ :‬قم اتبع هؤلء الرجال ‪ .‬فإذا لحقت‬
‫بهم فقل لهم ‪ :‬لماذا كافأتم الخير بالشر ؟ لماذا سرقتم كأس‬
‫الفضة التى يشرب بها سيدى ‪ .‬وبها يرى أحوال الغيب ؟ أسأتم‬
‫فيما فعلتم " ‪.‬‬
‫فكأس الفضة فى نسخة ‪ ،‬وهو غير موجود فى نسخ أخرى ‪.‬‬
‫)‪ (1‬يوسف ‪.12 :‬‬
‫==========‬
‫أبناء يعقوب يطلبون أن يلعب يوسف معهم‬
‫الشبهة‪:‬‬
‫إنه جاء فى سورة يوسف من القرآن الكريم أن إخوة يوسف‬
‫احتالوا على أبيهم فى أخذ يوسف منه بقولهم ‪ ) :‬أرسله معنا غدا‬
‫الرد على‬ ‫يرتع ويلعب ( )‪ (1‬وليس فى التوراة هذه الحيلة‪.‬‬
‫الشبهة ‪:‬‬
‫إن ما جاء فى القرآن ‪ ،‬ولم يجئ فى التوراة ؛ ل يدل على إيراد‬
‫شبهة على القرآن ‪ ،‬وذلك لن نسخ التوراة الثلثة العبرانية‬
‫ما ‪ .‬ففى‬ ‫واليونانية والسامرية ل تتفق على القصة اتفاقا ً تا ّ‬
‫اليونانية صواع الملك ‪ .‬وليس فى العبرانية صواع الملك‪ .‬ففى‬
‫التوراة العبرانية ترجمة البروتستانت ‪ " :‬ولما كانوا قد خرجوا من‬
‫المدينة ولم يبتعدوا ؛ قال يوسف للذى على بيته ‪ :‬قم اسع وراء‬
‫الرجال ‪ ،‬ومتى أدركتهم فقل لهم ‪ " :‬لماذا جازيتم شّرا عوضا ً‬
‫عن خير ؟ أليس هذا هو الذى يشرب سيدى فيه ‪ .‬وهو يتفاءل‬
‫به ؟ أسأتم فيما صنعتم " ]تك ‪4 : 24‬ـ ‪ [5‬وفى الكتاب المقدس‬
‫ترجمة ‪1993‬م بلبنان الصادر عن دار الكتاب المقدس فى‬
‫الشرق الوسط ‪ " :‬فما أن خرجوا من المدينة ‪ ،‬وابتعدوا قليل ً‬
‫حتى قال يوسف لوكيل بيته ‪ :‬قم اتبع هؤلء الرجال ‪ .‬فإذا لحقت‬
‫بهم فقل لهم ‪ :‬لماذا كافأتم الخير بالشر ؟ لماذا سرقتم كأس‬
‫الفضة التى يشرب بها سيدى ‪ .‬وبها يرى أحوال الغيب ؟ أسأتم‬
‫فيما فعلتم " ‪.‬‬
‫فكأس الفضة فى نسخة ‪ ،‬وهو غير موجود فى نسخ أخرى ‪.‬‬
‫)‪ (1‬يوسف ‪.12 :‬‬
‫================‬
‫وليمة نسائية وهمية‬
‫الشبهة‪:‬‬
‫إنه جاء فى سورة يوسف أن امرأة العزيز هيأت وليمة لبعض‬
‫السيدات وأنهن قطعن أيديهن ‪ .‬وهذا غير معقول ‪.‬‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬
‫كانت دعوة موسى ـ عليه السلم ـ فى الصل عالمية لليهود‬
‫وللمم ‪ .‬وكان فيها الدعوة إلى حميد الصفات ‪ .‬وكان فيها عدم‬
‫احتقار اليهودى للممى ‪ ،‬وعدم التعدى على أمواله وحرماته ‪.‬‬
‫وكان فيها الحث على دعوة الممى إلى معرفة الله وعبادته ‪.‬‬
‫حّرف اليهود التوراة ‪ ،‬وامتنعوا عن دعوة‬ ‫وفى زمان سبى بابل َ‬
‫المم إلى معرفة الله ‪ ،‬وأباح اليهود لنفسهم أخذ الربا من‬
‫الميين ‪ ،‬والزنا بنسائهم ‪ ،‬وسفك دمائهم وما شابه ذلك من‬
‫الصفات الذميمة ‪ .‬وكتبوا ما يدل على ذلك فى التوراة ‪ ،‬وحذفوا‬
‫من التوراة حال تحريفهم لها ما يمنعهم عن ظلم الميين ‪ .‬ومن‬
‫هذا الذى حذفوه ‪ :‬دعوة يوسف ـ عليه السلم ـ للمصريين الذين‬
‫كانوا معه فى السجن إلى عبادة الله تعالى وترك اللهة المتعددة‬
‫‪ ،‬وحذف قول النسوة ليوسف ‪ ) :‬ما هذا بشرا ً إن هذا إل ملك‬
‫كريم ( )‪ (1‬لن هذا يتعارض مع تخليهم عن دعوة المم ‪،‬‬
‫ويتعارض مع ما اتفقوا عليه من العبث بنسائهم ‪ .‬وأل يكن هذا‬
‫صحيحا ً ‪ .‬فما هذه الترهات المكتوبة فى التوراة عن النبياء‬
‫وغيرهم ؟ ففى التوراة أن لوطا ً ـ عليه السلم ـ زنا بابنتيه ]تك‬
‫‪ [19‬وأن سليمان ـ عليه السلم ـ أحب نساء غريبة كثيرة مع بنت‬
‫فرعون ]الملوك الول ‪.[11‬‬
‫وقال كاتب التوراة ‪ :‬إن سليمان ـ عليه السلم ـ هو ابن داود من‬
‫حّثى ‪ .‬أى أنه تعدى على زوجة رجل من المم هو‬ ‫زوجة ُأورِّيا ال ِ‬
‫من قبيلة بنى حث وليس من اليهود ‪ .‬وإذا كان هذا هو المكتوب‬
‫بغية التعدى على نساء المم ؛ فإن العقل ل يتصور أن يضع فى‬
‫التوراة عفة يوسف عن نساء المم ‪ .‬ول يتصور العقل أن يكتب‬
‫عن يوسف أنه فسر حلم الملك من قبل أن يخرج من السجن ‪.‬‬
‫لنه لو كتب ذلك لكان معناه أن يوسف يحسن إلى من أسيئ‬
‫إليه ‪ .‬وهو يريد لليهود أن يسيئوا لمن يحسن ولمن ل يحسن ‪.‬‬
‫وإن أصر مورد الشبهة على إيرادها ‪ .‬ففى نسخ التوراة زيادة‬
‫ونقص ‪ ،‬وفى نسخ النجيل أيضا ً ‪ .‬ومن أمثلة ذلك ‪ :‬المزمور‬
‫المائة والحادى والخمسين ؛ فإنه فى النسخة القبطية فقط ‪.‬‬
‫)‪ (1‬يوسف ‪.31 :‬‬
‫===============‬
‫عدم سجن بنيامين‪.‬‬
‫الشبهة‪:‬‬
‫إن فى القرآن أن يعقوب قال لبنائه بعد رحيل بنيامين إلى‬
‫مصر ‪ ) :‬بل سولت لكم أنفسكم أمًرا فصبر جميل عسى الله أن‬
‫يأتينى بهم جميعا ً ( )‪.(1‬‬
‫وقال المؤلف ‪ :‬إن المفسر البيضاوى يقول ‪ :‬إنه يقصد بقوله‬
‫) بهم جميعًا( يوسف وبنيامين وأخيهما الذى توقف بمصر‪.‬‬
‫وإن القرآن جعل عدد مرات مجىء إخوة يوسف لمصر أربع‬
‫مرات بدل ثلث كما جاء فى التوراة ‪ ،‬وأن فى القرآن أن يوسف‬
‫حبس بنيامين ‪ ،‬وأن إخوة يوسف رجعوا إلى أبيهم بدون شمعون‬
‫وبنيامين‪.‬‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬
‫الخلف بين التوراة وبين القرآن فى سرد حوادث القصة ل يدل‬
‫على عيب فى القرآن ‪ ،‬ويدل على ذلك ‪ :‬ما فى التوراة من زيادة‬
‫ونقص فى النسخة الواحدة ‪ ،‬وفى النسخ الثلث ‪ .‬ومع هذا ففى‬
‫التوراة ما يدل على ما جاء فى القرآن ومن ذلك ‪:‬‬
‫سى‬ ‫‪ 1‬ـ أن يوسف كان قد أنجب ولدين فى مصر هما أفرايم ومن ّ‬
‫]تك ‪ [20 : 46‬ويعقوب أبوه من النبياء الملهمين ‪ ،‬ويدل على‬
‫ذلك أنه يقول ‪ ) :‬إنى لجد ريح يوسف ( )‪ (2‬ـ ) يا بنى اذهبوا‬
‫فتحسسوا من يوسف وأخيه ول تيأسوا من روح الله ( )‪ (3‬فإذا‬
‫قال ) بهم ( بضمير الجمع ‪ .‬وقد صرح من بعد بفقد اثنين هما ‪:‬‬
‫يوسف وأخيه فقط ؛ ل يدل ضمير الجمع على ولد ثالث محبوس‬
‫فى مصر ‪ ،‬وإنما يدل على ولدى يوسف ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أن فى التوراة ما يدل على سجن بنيامين وهو أنه لما دبر‬
‫حيلته فى استبقائه وتمت الحيلة ‪ ،‬طلبوا منه أن يطلقه فرد‬
‫عليهم بقوله ‪ " :‬حاشا لى أن أفعل هذا ‪ .‬الرجل الذى ُوجد‬
‫الكأس فى يده ؛ هو يكون لى عبدا ً ‪ ،‬وأما أنتم فاصعدوا بسلم‬
‫إلى أبيكم " ]تك ‪.[17 : 44‬‬
‫فقوله ‪ " :‬هو يكون لى عبدا ً " معناه ‪ :‬أنه استبقاه فى " مصر "‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ وفى التوراة ما يدل على بقاء كبيرهم فى مصر ‪ ،‬مع يوسف‬
‫وبنيامين ‪ .‬وكبيرهم هو " راوبين " ل شمعون كما قال المعترض‬
‫إنه أخذه رهينة ‪ ،‬ول يهوذا كما قال كاتب التوراة‬
‫ومما يدل على بقاء كبيرهم ‪ :‬أنه استعطف يوسف بقوله ‪" :‬‬
‫فالن ليمكث عبدك عوضا ً عن الغلم عبدا ً لسيدى ‪ ،‬ويصعد الغلم‬
‫مع إخوته ؛ لنى كيف أصعد إلى أبى والغلم ليس معى ؟ لئل‬
‫أنظر الشر الذى يصيب أبى " ]تك ‪33 : 44‬ـ ‪.[34‬‬
‫)‪ (1‬يوسف ‪.83 :‬‬
‫)‪ (2‬يوسف ‪.94 :‬‬
‫)‪ (3‬يوسف ‪.87 :‬‬
‫===============‬
‫قميص سحـرى‪.‬‬
‫الشبهة‪:‬‬
‫إنه جاء فى القرآن أن قميص يوسف لما رآه يعقوب ؛ أتى بصيرا ً‬
‫إلى مصر مع أهله ‪ ،‬وقد كان قد عمى من الحزن ‪.‬‬
‫ونقل من كتب التفسير أنه كان قميص إبراهيم ‪ . .‬إلخ‪.‬‬
‫واستبعد شفاء يعقوب برؤية القميص ‪.‬‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬
‫إن التوراة مصرحة بعمى يعقوب ‪ ،‬وأنه سيبصر إذا وضع يوسف‬
‫يده على عينيه ‪ .‬ذلك قوله ‪ " :‬أنا أنزل معك إلى مصر ‪ ،‬وأنا‬
‫أصعدك أيضا ً ‪ .‬ويضع يوسف يده على عينيك " ]تك ‪ [4 : 46‬هذه‬
‫ترجمة البروتستانت‪ .‬وفى ترجمة الكتاب المقدس بلبنان ‪ " :‬أنا‬
‫أنزل معك إلى مصر ‪ ،‬وأنا أصعدك منها ‪ .‬ويوسف هو يغمض‬
‫عينيك ساعة تموت " فيكون النص فى عدم العمى صراحة فى‬
‫هذه الترجمة ‪.‬‬
‫واتفقت التراجم على ضعف بصر يعقوب " وكانت عينا يعقوب‬
‫كليلتين من الشيخوخة ‪ ،‬ولم يكن يقدر أن يبصر " ]تك ‪: 48‬‬
‫‪.[10‬‬
‫واستبعاد شفاء يعقوب برؤية القميص ؛ ل محل له ‪ .‬وذلك لن‬
‫فى التوراة من هذا كثير ‪ .‬فنبى الله اليسع ـ عليه السلم ـ لما‬
‫مات ودفنوه فى قبره ؛ دفنوا معه بعد مدة ميتا ً ‪ .‬فلما مست‬
‫عظامه عظام اليسع ؛ ردت إليه روحه ‪.‬‬
‫وهذا أشد فى المشابهة من قميص يعقوب ففى الصحاح الثالث‬
‫عشر من سفر الملوك الثانى ‪ " :‬ومات اليشع فدفنوه ‪ .‬وكان‬
‫غزاة موآب تدخل على الرض عند دخول السنة ‪ ،‬وفيما كانوا‬
‫يدفنون رجل ً إذا بهم قد رأوا الغزاة ؛ فطرحوا الرجل فى قبر‬
‫س عظام اليشع ؛ عاش وقام على‬ ‫اليشع ‪.‬فلما نزل الرجل وم ّ‬
‫رجليه " ]‪2‬مل ‪20 : 13‬ـ ‪.[21‬‬
‫===============‬
‫ابنة فرعون أو زوجته‪.‬‬
‫الشبهة‪ :‬إن فى القرآن أن امرأة فرعون هى التى التقطت‬
‫موسى ـ عليه السلم ـ ويقول ‪ :‬إن فى التوراة أن الملتقطة له‬
‫هى ابنة فرعون وليست امرأته ‪ .‬وهذا تناقض ‪.‬‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬
‫إن كلمات التوراة مشكوك فيها‪ .‬والدليل على ذلك ‪ :‬أن اسم‬
‫الرجل فى موضع ‪ ،‬يأتى فى موضع آخر باسم آخر ‪ .‬وكذلك‬
‫المرأة ‪ .‬وهذا يتكرر كثيرا ً ‪ .‬فإسماعيل ـ عليه السلم ـ كانت له‬
‫ابنة اسمها " محلث " وتزوجت " العيس " بن إسحاق ـ عليه‬
‫السلم ـ ]تك ‪ [9 : 28‬وفى ترجمة لبنان " محلة " وفى نفس‬
‫الترجمة " وبسمة " وفى ترجمة البروتستانت " بسمة " ]تك ‪36‬‬
‫‪.[3 :‬‬
‫وفى كتب تفسير التوراة تصريح بكلمات ملتبسة مثل " ثم‬
‫يذبحه كل جماعة إسرائيل فى العشية " ]خر ‪ [6 : 12‬يقولون ‪:‬‬
‫" العشية " هذه اللفظة ملتبسة ‪ " . .‬والشيخ الكبير فى أرض‬
‫مدين مختلف فى اسمه ‪ .‬ففى الخروج ]‪ " [18 : 2‬رعوئيل "‬
‫وفى الخروج ]‪ " [18 : 4‬ثيرون " والبن الول لموسى فى‬
‫ترجمة " جرشوم " وعند يوسيفوس " جرشام " وفى ترجمة‬
‫السبعين " جرسام " ]خر ‪.[22 : 2‬‬
‫==============‬
‫طرح الولد فى النهر صدر قبل ولدة موسى ل بعد إرساليته‬
‫الشبهة‪ :‬إن فى سورة العراف ‪ :‬أن المل من قوم فرعون بعد‬
‫ولدة موسى وظهور نبوته قالوا لفرعون ‪ :‬أتذر موسى وقومه‬
‫قّتل أبناءهم‬
‫سن ُ َ‬
‫ليفسدوا فى الرض ؟ وقد رد عليهم بقوله ‪َ ) :‬‬
‫وتستحيى نساءهم وإنا فوقهم قاهرون ( )‪.(1‬‬
‫وفى سورة القصص ‪ :‬أن قتل البناء واستحياء النساء كانا من‬
‫قبل ولدة موسى وهذا تناقض‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬
‫إن قتل البناء واستحياء النساء كانا من قبل ولدة موسى ـ عليه‬
‫السلم ـ وهو فيما بعد يهدد باستمرار القتل والزيادة فيه ‪.‬‬
‫‪ (1‬العراف ‪.127 :‬‬
‫===============‬
‫هناك شبهات مثارة بشأن النبياء في القرآن الكريم‪ .‬وعلينا أن‬
‫نعلم أن عقيدة أهل السنة والحماعة هي أن النبياء معصومون‬
‫من ارتكاب الكبائر ومن الصرار على الصغائر‪ .‬والن إلى‬
‫الشيهات المثارة في هذا الشأن‪:‬‬
‫‪ -1‬عصى آدم ربه فغوى وأن من يعص الله فهو في نار جهنم‪.‬‬
‫نقول أن المعصية تشمل الكبائر والصغائر وأن معصية آدم من‬
‫الصغائر إذ صدر منه النسيان وضعف العزيمة بعد أن وقع في‬
‫حبائل الشيطان بنص القرآن الكريم‪ .‬وقد استغفر آدم وزوجه‬
‫وتابا إلى الله فتاب الله عليهما كما أخبرنا الله في كتابه الكريم‪.‬‬
‫ثم اجتباه الله وهداه‪.‬‬
‫‪ -2‬الخطيئة ثابتة في القرآن الكريم الذي يقرر أن الله أخذ من‬
‫بني آدم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم حتى ل‬
‫تكون لهم حجة يوم القيامة‪ .‬وجاء في السنة النبوية أن آدم جحد‬
‫فجحدت ذريته ونسى فنسيت ذريته وخطيء فخطئت ذريته‪ .‬وهذا‬
‫توارث للخطيئة في العقيدة المسيحية‪ .‬نقول أن الية تعني والله‬
‫أعلم أن الله غرس الفطرة في النسان منذ البدء وهي حب‬
‫البحث عن الله ومعرفته‪ .‬فالله هو الصل والحقيقة‪:‬‬
‫‪ 12311‬حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج حدثني شعبة عن‬
‫أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم قال "يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة أرأيت لو كان‬
‫ما على الرض من شيء أكنت مفتديا به قال فيقول نعم قد‬
‫أردت منك أهون من ذلك قد أخذت عليك في ظهر آدم ان ل‬
‫تشرك بي شيئا فأبيت ال ان تشرك بي‪) ".‬مسند أحمد‪ .‬ج ‪ .3‬ص‬
‫‪(127‬‬
‫أما أن آدم نسى وخطيء فصار ذلك في ذريته‪ ،‬فإنها الطبائع‬
‫البشرية التي يشترك فيها كل البشر ول تعني خطيئة محددة هي‬
‫خطيئة آدم‪ .‬فكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون‪ .‬وفي‬
‫السلم كل فرد مسلم مسئول عن أعماله قوًل وفعًل بين يدي‬
‫فر الذنوب‬ ‫ن سنًنا وكلها تك ّ‬ ‫الله تعالى‪ .‬وفرض السلم فرائض وس ّ‬
‫والخطايا وترفع درجة العبد المسلم عند الله‪ .‬وعلينا أن نعلم أن‬
‫خروج آدم من الجنة هو لستخلفه وذريته في الرض‪ .‬فقد كانت‬
‫الجنة عبارة عن حديقة في الرض دربه الله فيها على الطاعة‬
‫وعلى النتائج الوخيمة للمعصية ليبدأ خلفته في الرض عن خبرة‬
‫وتجربة يعطيها لولده‪.‬‬
‫كما يحتجون في ذلك بقوله تعالى‪:‬‬
‫َ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫موا ْ أ ّ‬ ‫ة َواع ْل َ ُ‬ ‫ص ً‬
‫خآ ّ‬ ‫م َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫موا ْ ِ‬ ‫ن ظ َل َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫صيب َ ّ‬‫ة ل ّ تُ ِ‬ ‫قوا ْ فِت ْن َ ً‬ ‫}َوات ّ ُ‬
‫ب{ )النفال ‪(25‬‬ ‫قا ِ‬ ‫ديد ُ ال ْعِ َ‬ ‫ش ِ‬ ‫َ‬
‫ل يصيب العذاب والبلء الذين ظلموا فقط وأنما يعم الجميع‬
‫لسكوتهم عن المنكر وعدم النهي عنه أو الثورة أو الحتجاج‬
‫ضده‪.‬‬
‫‪ -3‬زعموا أن الية‪:‬‬
‫سك ُ َ‬
‫ن‬ ‫جَها ل ِي َ ْ‬ ‫من َْها َزوْ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫جعَ َ‬ ‫حد َةٍ وَ َ‬ ‫س َوا ِ‬ ‫ٍ‬ ‫من ن ّ ْ‬
‫ف‬ ‫كم ّ‬ ‫خل َ َ‬
‫ق ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫}هُوَ ال ّ ِ‬
‫وا‬‫قَلت د ّع َ َ‬ ‫ما أ َث ْ َ‬‫ت ب ِهِ فَل َ ّ‬ ‫مّر ْ‬ ‫فا فَ َ‬ ‫في ً‬
‫خ ِ‬ ‫مل ً َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ت َ‬ ‫مل َ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ها َ‬ ‫شا َ‬ ‫ما ت َغَ ّ‬ ‫إ ِل َي َْها فَل َ ّ‬
‫ما‬‫ما آَتاهُ َ‬ ‫ن‪ .‬فَل َ ّ‬ ‫ري َ‬‫شاك ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كون َ ّ‬ ‫صاِلحا ً ل ّن َ ُ‬ ‫ن آت َي ْت ََنا َ‬ ‫ما ل َئ ِ ْ‬ ‫ه َرب ّهُ َ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ن{‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫ه عَ ّ‬ ‫ما فَت ََعاَلى الل ّ ُ‬ ‫ما آَتاهُ َ‬ ‫كاء ِفي َ‬ ‫شَر َ‬ ‫ه ُ‬ ‫جعَل َ ل َ ُ‬ ‫صاِلحا ً َ‬ ‫َ‬
‫)العراف ‪(190 ،189‬‬
‫تدل على أن آدم وحواء أشركا بالله تعالى‪ .‬نقول أن هذ تفسير‬
‫خطأ لنه في حديث الشفاعة عن الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫يعتذر آدم عن التقدم ويذكر ذنبه المعروف للجميع ول يذكر غيره‪.‬‬
‫فدل ذلك على عدم وجود ذنب آخر‪ ،‬والسنة النبوية تفسر‬
‫القرآن‪ .‬وما يقوله قائل بشأن أي آية في القرآن الكريم ل يخرج‬
‫عن إحدى ثلث‪ :‬إما وحي يشرح له‪ ،‬أو تفسير لغوي عرض له‬
‫المفسر‪ ،‬أو رأي أدلى به‪ .‬فما يقوله البعض من رواية ابن كعب‬
‫أن آدم وحواء سميا ابنهما باسم "عبد الحارث" ل دليل عليه‪.‬‬
‫ي ابن كعب الذي‬ ‫ُ‬
‫فهي رواية مقطوعة السند‪ .‬فمن الذي أخبر أب َ ّ‬
‫حى إليه‪ .‬لذلك علينا أن‬ ‫كان كتابّيا واسلم بهذه الرواية وهو ل يو َ‬
‫نفرق بين التفسير والتأريخ‪ .‬التفسير هو تناول الية في إطار‬
‫سياقها وكلماتها‪ .‬والتأريخ هو وجود رواية تلقي الضوء على‬
‫التفسير‪ .‬وإذا كانت بل سند ي ُْرمى بها ول ي ُل َْتفت إليها البتة‪ .‬وقد‬
‫ذكر ابن كثير أنه على مذهب الحسن البصري بخصوص هذه‬
‫الية‪ .‬فهو يرى أن المراد هنا ليس آدم وحواء وإنما المشركون‬
‫ما‬‫ه عَ ّ‬ ‫من ذريته‪ ،‬ولهذا ختم الله الية بعبارة " فَت ََعاَلى الل ّ ُ‬
‫ن" بالجمع‪ .‬وقد ذكر آدم وحواء أوًل كالتوطئة لما بعدهما‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫يُ ْ‬
‫من الوالدين وهو كالستطراد من ذكر الشخص إلى الجنس‪.‬‬
‫وبذلك تحمل اليتان على المعنى العام الذي يشمل كل من‬
‫يشرك بالله تعالى‪ .‬لذلك كانت صيغة ما تلى الية جمًعا‪:‬‬
‫م‬ ‫َ‬
‫ن له ُ ْ‬ ‫طيُعو َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ن‪ .‬وَل َ ي َ ْ‬ ‫قو َ‬ ‫خل َ ُ‬‫م يُ ْ‬ ‫شْيئا ً وَهُ ْ‬ ‫خل ُقُ َ‬ ‫ما ل َ ي َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫"أ َي ُ ْ‬
‫ن‪) ".‬العراف ‪(192 ،191‬‬ ‫صُرو َ‬ ‫م َين ُ‬ ‫سه ُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫صرا ً وَل َ أ َن ْ ُ‬ ‫نَ ْ‬
‫‪ -4‬نوح دعا على الناس‪:‬‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ضلل{ )نوح ‪(24‬‬ ‫ن إ ِل َ‬ ‫مي َ‬ ‫ضّلوا ك َِثيًرا وََل ت َزِد ِ الظال ِ ِ‬
‫ّ‬ ‫}وَقَد ْ أ َ‬
‫ن‬‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫مًنا وَل ِل ْ ُ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ي ُ‬ ‫ل ب َي ْت ِ َ‬ ‫خ َ‬ ‫من د َ َ‬ ‫وال ِد َيّ وَل ِ َ‬ ‫فْر ِلي وَل ِ َ‬ ‫ب اغ ْ ِ‬ ‫}َر ّ‬
‫ن إ ِّل ت ََباًرا{ )نوح ‪(28‬‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫ت وََل ت َزِد ِ ال ّ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫َوال ْ ُ‬
‫نلحظ هنا أن سيدنا نوح قد دعا على الظالمين الذي‬
‫استكبروا عن الحق وصدوا عن سبيل الله وكفروا بحرية العقيدة‬
‫وحرية الختيار‪ .‬وهو نفس تفسير سيدنا نوح‪:‬‬
‫ن د َّياًرا‪ .‬إ ِن ّ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ح ّر ّ َ‬ ‫}وََقا َ‬
‫ك ِإن‬ ‫ري َ‬ ‫كافِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ب ل ت َذ َْر ع َلى الْر ِ‬ ‫ل ُنو ٌ‬
‫فاًرا{ )نوح ‪(27 ،26‬‬ ‫جًرا ك َ ّ‬ ‫دوا إ ِّل َفا ِ‬ ‫ك وََل ي َل ِ ُ‬ ‫عَباد َ َ‬ ‫ضّلوا ِ‬ ‫م يُ ِ‬ ‫ت َذ َْرهُ ْ‬
‫فذكر الفجور قبل الكفر‪ .‬لن اليمان والكفر مخير فيهما النسان‪.‬‬
‫ي أن يفجر ويحجر على الناس حريتهم واختيار‬ ‫ولكنه منه ّ‬
‫عقيدتهم‪.‬‬
‫وقالوا أن ابن نوح في الحقيقة ليس ابنه‪ .‬لقوله‪:‬‬
‫َ‬
‫صال ِح فَل َ ت َ ْ ْ‬ ‫ن أ َهْل ِ َ‬
‫ما‬‫ن َ‬ ‫سأل ِ‬ ‫ل غ َي ُْر َ ٍ‬ ‫م ٌ‬ ‫ه عَ َ‬ ‫ك إ ِن ّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ه ل َي ْ َ‬ ‫ح إ ِن ّ ُ‬ ‫ل َيا ُنو ُ‬ ‫}َقا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن{ )هود ‪(46‬‬ ‫جاه ِِلي َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫ك أن ت َ ُ‬ ‫عظ ُ َ‬ ‫م إ ِّني أ ِ‬ ‫عل ْ ٌ‬ ‫ك ب ِهِ ِ‬ ‫س لَ َ‬ ‫ل َي ْ َ‬
‫فروا ا ِمرأ َة َ نوح وا ِ َ‬
‫ت‬‫ح َ‬ ‫كان ََتا ت َ ْ‬ ‫ط َ‬ ‫مَرأة َ ُلو ٍ‬ ‫ُ ٍ َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ن كَ َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫مث ًَل ل ّل ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫ضَر َ‬ ‫} َ‬
‫شي ًْئا‬ ‫ن الل ّهِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ما ِ‬ ‫م ي ُغْن َِيا ع َن ْهُ َ‬ ‫ما فَل َ ْ‬ ‫خان ََتاهُ َ‬ ‫ن فَ َ‬ ‫حي ْ ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫عَباد َِنا َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ع َب ْد َي ْ ِ‬
‫ن{ )التحريم ‪(10‬‬ ‫خِلي َ‬ ‫دا ِ‬ ‫معَ ال ّ‬ ‫خَل الّناَر َ‬ ‫ل اد ْ ُ‬ ‫وَِقي َ‬
‫إنه ليس ابنه ثم كيف يعصي نوح ربه الذي قاله له ناهّيا‪:‬‬
‫َ‬ ‫فل ْ َ َ‬ ‫صن َِع ال ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مُرَنا وََفاَر‬ ‫جاء أ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫حي َِنا فَإ ِ َ‬ ‫ك ب ِأع ْي ُن َِنا وَوَ ْ‬ ‫نا ْ‬ ‫حي َْنا إ ِل َي ْهِ أ ِ‬ ‫}فَأوْ َ‬
‫سب َقَ ع َل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫من َ‬ ‫ك إ ِّل َ‬ ‫ن وَأ َهْل َ َ‬ ‫ن اث ْن َي ْ ِ‬ ‫جي ْ ِ‬ ‫ل َزوْ َ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫ك ِفيَها ِ‬ ‫سل ُ ْ‬ ‫الت ّّنوُر َفا ْ‬
‫ن{‬ ‫مغَْرُقو َ‬ ‫موا إ ِن ُّهم ّ‬ ‫ن ظ َل َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫خاط ِب ِْني ِفي ال ّ ِ‬ ‫م وََل ت ُ َ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫قو ْ ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫)المؤمنون ‪(27‬‬
‫ك"‬ ‫ن وَأ َهْل َ َ‬ ‫ن اث ْن َي ْ ِ‬ ‫جي ْ ِ‬ ‫ل َزوْ َ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫ك ِفيَها ِ‬ ‫سل ُ ْ‬ ‫أوًل‪ :‬يتضح من الية " َفا ْ‬
‫من‬ ‫حا ظن أن ابنه داخل في أهله ونسي الستشناء "إ ِّل َ‬ ‫أن نو ً‬
‫م" يؤكد قول سيدنا نوح‪:‬‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫قو ْ ُ‬ ‫سب َقَ ع َل َي ْهِ ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ْ‬ ‫ن وَع ْد َ َ‬ ‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫ه فَ َ‬
‫ح ّ‬ ‫ك ال َ‬ ‫ن أهِْلي وَإ ِ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ن اب ُِني ِ‬ ‫ب إِ ّ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫ح ّرب ّ ُ‬ ‫دى ُنو ٌ‬ ‫}وََنا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن{ )هود ‪(45‬‬ ‫مي َ‬ ‫حاك ِ ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫حك َ ُ‬ ‫تأ ْ‬ ‫وَأن َ‬
‫ه‬
‫وحين نبهه الحق تبارك وتعالى إلى خطأ ظنه بقوله‪ " :‬إ ِن ّ ُ‬
‫س لَ َ‬ ‫ما ل َي ْ َ‬ ‫صال ِح فَل َ ت َ ْ َ ْ‬ ‫ن أ َهْل ِ َ‬ ‫ل َي ْ َ‬
‫ه‬
‫ك بِ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫سأل ِ‬ ‫ل غ َي ُْر َ ٍ‬ ‫م ٌ‬ ‫ه عَ َ‬ ‫ك إ ِن ّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫س ِ‬
‫م" أناب إلى الله سريًعا‪:‬‬ ‫عل ْ ٌ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فْر‬ ‫م وَإ ِل ّ ت َغْ ِ‬ ‫عل ْ ٌ‬ ‫س ِلي ب ِهِ ِ‬ ‫ما ل َي ْ َ‬ ‫ك َ‬ ‫سأل َ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫كأ ْ‬ ‫عوذ ُ ب ِ َ‬ ‫ب إ ِّني أ ُ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫}َقا َ‬
‫ن{ )هود ‪(47‬‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫مِني أ ُ‬
‫ري َ‬ ‫س ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫م َ‬ ‫كن ّ‬ ‫ح ْ‬ ‫ِلي وَت َْر َ‬
‫فرد عليه الحق عز وجل بعدها مباشرة‪:‬‬
‫ُ‬
‫معَ َ‬
‫ك‬ ‫من ّ‬ ‫م ّ‬‫مم ٍ ّ‬ ‫ك وَع ََلى أ َ‬ ‫ت ع َل َي ْ َ‬ ‫كا ٍ‬ ‫مّنا وََبر َ‬ ‫سل َم ٍ ّ‬ ‫ط بِ َ‬ ‫ح اهْب ِ ْ‬ ‫ل َيا ُنو ُ‬ ‫}ِقي َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫م{ )هود ‪(48‬‬ ‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫مّنا ع َ َ‬ ‫سُهم ّ‬ ‫م ّ‬ ‫م يَ َ‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫مت ّعُهُ ْ‬ ‫سن ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫م ٌ‬ ‫وَأ َ‬
‫ثانّيا‪ :‬أن ابن نوح هو ابنه على وجه الحقيقة بدليل قول الله‬
‫بنفسه "ونادى نوح ابنه"‪ .‬وإنما معنى "إنه ليس من أهلك" أي‬
‫من الناحية اليمانية‪ .‬وقوله "فخانتاهما" فالمراد الخيانة في‬
‫ما{ )النساء ‪ (105‬و‬ ‫صي ً‬ ‫خ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫خآئ ِِني‬ ‫كن ل ّل ْ َ‬ ‫اليمان كقوله‪} :‬وَل َ ت َ ُ‬
‫قد خانوا ْ الل ّه من قَب ُ َ‬
‫م َوالل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫مك َ َ‬ ‫ل فَأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ِ‬ ‫ك فَ َ ْ َ ُ‬ ‫خَيان َت َ َ‬ ‫دوا ْ ِ‬ ‫ري ُ‬ ‫"}وَِإن ي ُ ِ‬
‫ت‬
‫ما ب َغَ ْ‬ ‫م{ )النفال ‪ .(71‬لذلك قال ابن عباس‪َ " :‬‬ ‫كي ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫م َ‬ ‫ع َِلي ٌ‬
‫دين"‬ ‫ما َ‬ ‫ي قَ ّ‬ ‫اِ َ‬
‫ما ِفي ال ّ‬ ‫خَياَنته َ‬ ‫ت ِ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ط إ ِن ّ َ‬ ‫مَرأة ن َب ِ ّ‬ ‫ْ‬
‫‪ -5‬نسبوا الشرك لسيدنا إبراهيم في قول سيدنا إبراهيم "قال‬
‫هذا ربي" عندما رأى كوكًبا وكررها عندما رأى القمر ثم فعلها مع‬
‫الشمس "هذا ربي هذا أكبر" وأخطأ عندما نظر إلى النجوم وقال‬
‫"إني سقيم"‪ .‬ونسبوا له الشك في قوله‪" :‬رب أرني كيف تحيي‬
‫الموتى" فقال له الله‪" :‬او لم تؤمن" وكل هذا مردود لنه في‬
‫الحالة الولى يقوم سيدنا إبراهيم بمناظرة قومه وإقامة الحجة‬
‫عليهم‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬‫ف َ‬ ‫خا ُ‬ ‫ن وَل َ أ َ‬ ‫دا ِ‬ ‫جوّني ِفي الل ّهِ وَقَد ْ هَ َ‬ ‫حا ّ‬ ‫ل أت ُ َ‬ ‫ه َقا َ‬ ‫م ُ‬ ‫ه قَوْ ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫حآ ّ‬ ‫}وَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما أفَل َ‬ ‫عل ْ ً‬ ‫يٍء ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫سعَ َرّبي ك ُ ّ‬ ‫شي ًْئا وَ ِ‬ ‫شاء َرّبي َ‬ ‫ن ب ِهِ إ ِل ّ أن ي َ َ‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫تُ ْ‬
‫ن{ )النعام ‪(80‬‬ ‫ت َت َذ َك ُّرو َ‬
‫فبدأ بالمدح "هذا ربي" ثم بلفت النظر إلى جهل هذا القول في‬
‫محاججته "ل أحب الفلين" فالنجوم والكواكب تظهر وتختفي‪،‬‬
‫والله ل يغيب ول يتغير‪ .‬وتوضح اليات سير المناظرة ليصل بهم‬
‫في النهاية إلى بطلن ما يعبدون من دون الله وأن العبادة لبد‬
‫أن تكون لله الواحد الحد فقط‪:‬‬
‫َ‬ ‫ل َرَأى ك َوْك ًَبا َقا َ‬
‫لل‬ ‫ل َقا َ‬ ‫ما أفَ َ‬ ‫ذا َرّبي فَل َ ّ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫ن ع َل َي ْهِ الل ّي ْ ُ‬ ‫ج ّ‬ ‫ما َ‬ ‫}فَل َ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫أُ ِ‬
‫ل َقا َ‬
‫ل‬ ‫ما أفَ َ‬ ‫ذا َرّبي فَل َ ّ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫غا َقا َ‬ ‫مَر َبازِ ً‬ ‫ق َ‬ ‫ما َرأى ال ْ َ‬ ‫ن‪ .‬فَل َ ّ‬ ‫ب الفِِلي َ‬ ‫ح ّ‬
‫س‬
‫م َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ما َرَأى ال ّ‬ ‫ن‪ .‬فَل َ ّ‬ ‫ضاّلي َ‬ ‫قوْم ِ ال ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كون َ ّ‬ ‫م ي َهْد ِِني َرّبي ل ُ‬ ‫ل َِئن ل ّ ْ‬
‫َ‬ ‫ذا ربي هَ َ َ‬
‫ريٌء‬ ‫ل َيا قَوْم ِ إ ِّني ب َ ِ‬ ‫ت َقا َ‬ ‫ما أفَل َ ْ‬ ‫ذآ أك ْب َُر فَل َ ّ‬ ‫ل هَ َ َ ّ‬ ‫ة َقا َ‬ ‫َبازِغ َ ً‬
‫َ‬
‫ض‬
‫ت َوالْر َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ذي فَط ََر ال ّ‬ ‫ي ل ِل ّ ِ‬ ‫جه ِ َ‬
‫ت وَ ْ‬ ‫جه ْ ُ‬ ‫ن‪ .‬إ ِّني وَ ّ‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫ما ت ُ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ّ‬
‫ن{ )النعام ‪(79 - 76‬‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫كي َ‬ ‫شرِ ِ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫م َ‬ ‫ما أن َا ِ‬ ‫فا وَ َ‬ ‫حِني ً‬ ‫َ‬
‫بذلك يكون إبراهيم اظرين لنه من الموقنين بشهادة الله له‪:‬‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫ت َوال َْرض وَل ِي َ ُ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫كو َ‬ ‫مل َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫هي َ‬ ‫ري إ ِب َْرا ِ‬ ‫ك نُ ِ‬ ‫}وَك َذ َل ِ َ‬
‫ِ‬
‫ن{ )النعام ‪(75‬‬ ‫موقِِني َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ثانًيا‪ :‬أما نظره في النجوم‪ ،‬فلم ينظر إليها نظرة عبادة وإنما‬
‫ليبتعد بفكره عن دعوة قومه له بحضور عيدهم‪ ،‬ولينفرد بالصنام‬
‫م‪ .‬لقد نظر إلى‬ ‫ه إبراهي َ‬ ‫فيحطمها‪ .‬وسياق اليات يمتدح فيه الل ُ‬
‫ً‬
‫النجوم وقال مقالته ليذهب تفكير قومه مذهًبا خطأ لينتهز‬
‫سر أصنامهم‪ .‬أما تسمية هذا بأنه "كذب" فيحسب‬ ‫الفرصة ويك ّ‬
‫للنبياء الذين يعتبرون هذا خطأ منهم وهو ليس كذلك‪ .‬فقوله‬
‫"إني سقيم" هو مثل قول الله "إنك ميت وإنهم ميتون" فهو دال‬
‫ذا‬‫م هَ َ‬ ‫ه ك َِبيُرهُ ْ‬ ‫ل فَعَل َ ُ‬ ‫ل بَ ْ‬ ‫على المستقبل ول شيء فيه‪ .‬وقوله "}َقا َ‬
‫َفا َ‬
‫ن{ ) ‪ 63‬النبياء( فهذا من قبيل‬ ‫قو َ‬ ‫كاُنوا َينط ِ ُ‬ ‫م ِإن َ‬ ‫سأُلوهُ ْ‬ ‫ْ‬
‫جه قومه أن يسئلوا الصنم الكبير‪ .‬وقد وقع عليهم‬ ‫الستدلل ليو ّ‬
‫هذا وقع الصدمة المسكتة‪:‬‬
‫جعُوَا ْ‬ ‫َ‬
‫ن‪ .‬فََر َ‬ ‫قو َ‬ ‫كاُنوا َينط ِ ُ‬ ‫م ِإن َ‬ ‫سأُلوهُ ْ‬ ‫ذا َفا ْ‬ ‫م هَ َ‬ ‫ه ك َِبيُرهُ ْ‬ ‫ل فَعَل َ ُ‬ ‫ل بَ ْ‬ ‫"}َقا َ‬
‫م ن ُك ِ ُ ْ َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫َ‬ ‫ى َأن ُ‬
‫م‬‫سه ِ ْ‬ ‫ى ُرُءو ِ‬ ‫سوا ع َل َ‬ ‫ن‪ .‬ث ُ ّ‬ ‫مو َ‬ ‫ظال ِ ُ‬ ‫م أنت ُ ُ‬ ‫قال ُوَا ْ إ ِن ّك ُ ْ‬ ‫م فَ َ‬ ‫سه ِ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫َ‬
‫إ ِل َ‬
‫قون‪َ .‬قا َ َ‬
‫ما ل َ‬ ‫ن الل ّهِ َ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ل أفَت َعْب ُ ُ‬ ‫ؤلِء َينط ِ ُ َ‬ ‫هـ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ت َ‬ ‫م َ‬ ‫قد ْ ع َل ِ ْ‬ ‫لَ َ‬
‫َ‬
‫ن الل ّهِ أفَل َ‬ ‫ُ‬
‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ما ت َعْب ُ ُ‬ ‫م وَل ِ َ‬ ‫ف ل ّك ُ ْ‬ ‫م‪ .‬أ ّ‬ ‫ضّرك ُ ْ‬ ‫شْيئا ً وَل َ ي َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫فعُك ُ ْ‬ ‫َين َ‬
‫ن{ )النبياء ‪(67 – 63‬‬ ‫قُلو َ‬ ‫ت َعْ ِ‬
‫وقول سيدنا إبراهيم بشأن السيدة سارة "هي أختي"‪ ،‬فهي‬
‫بالفعل اخته في اليمان‪ .‬ومع ذلك يحسب النبياء هذا التعريض‬
‫خطأ فسبحان الله الذي اختار أنبياءه ورسله بهذا القدر وهذا‬
‫المستوى اليماني العجيب‪.‬‬
‫ثالًثا‪ :‬هناك فرق كبير بين طلب النبياء من الله وطلب أقوامهم‬
‫دا أو للتعجيز في ظنهم‪ .‬فقوم موسى طلبوا منه‬ ‫الذي يأتي جحو ً‬
‫كوا وعلقوا‬ ‫أن يروا الله جهرة‪ ،‬فغضب الله عليهم لنهم ش ّ‬
‫إيمانهم على هذا الحدث‪ .‬وطلب سيدنا موسى نفس الطلب‬
‫شوًقا وحّبا في الله‪ .‬كذلك عندما طلب سيدنا إبراهيم من الله أن‬
‫يريه تجربة حية عياًنا لحياء الموتى‪ .‬طلب ذلك ليس لنه لم‬
‫يؤمن أو لنه يشك‪ ،‬وإنما ليزداد إيماًنا‪ .‬إذ اليمان درجات‪ ،‬وقد‬
‫أراد إبراهيم النتقال لمستوى أعلى من اليمان من خلل‬
‫المشاهدة والمعاينة‪ .‬وقد رأى بنو إسرائيل معجزات المسيح فما‬
‫دا‪ .‬ولما سمع النبي محمد صلى الله عليه‬ ‫زادهم إل نفوًرا وجحو ً‬
‫ما يقولون‪" :‬شك إبراهيم ولم يشك نبينا"‪ ،‬قال بأسلوب‬ ‫وسلم قو ً‬
‫بليغ رائع يؤكد استحالة ذلك بحق النبياء وأنهم يطلبون المزيد‬
‫من الله عن حب وشوق ل عن شك أو ريبة‪" :‬نحن أحق بالشك‬
‫من إبراهيم"‬
‫‪ -6‬زعموا أن سيدنا لوط لم يتوكل على الله حق توكله حين‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫د{ )هود ‪(80‬‬ ‫دي ٍ‬‫ش ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م قُوّة ً أوْ آِوي إ ِلى ُرك ْ ٍ‬ ‫ل ل َوْ أ ّ‬
‫ن ِلي ب ِك ُ ْ‬ ‫قال‪َ} :‬قا َ‬
‫مستشهدين بحديث الرسول عليه الصلة والسلم‪:‬‬
‫‪ 3207‬حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء هو بن أخي جويرية‬
‫حدثنا جويرية عن أسماء عن مالك عن الزهري أن سعيد بن‬
‫المسيب وأبا عبيد أخبراه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬يرحم الله لوطا لقد كان‬
‫يأوي إلى ركن شديد ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف ثم‬
‫أتاني الداعي لجبته‪) ".‬البخاري‪ .‬ج ‪ .3‬ص ‪(1239‬‬
‫الرسول هنا يتعجب أن سيدنا لوط يريد معونة من أهله‪ ،‬والمعونة‬
‫بجواره وهم الملئكة في صورة بشرية وهو ل يدري‪ .‬وسيدنا لوط‬
‫يقصد بذلك معونة بشرية من أهله ومن المؤمنين به تكفيه ليقف‬
‫فا‪ .‬ألم تقرأ قول‬ ‫في وجه الظلم والطغيان الذي ل يحترم ضعي ً‬
‫ما‬ ‫ه ك َِثيًرا ّ‬
‫م ّ‬ ‫ق ُ‬
‫ف َ‬ ‫ما ن َ ْ‬ ‫ب َ‬ ‫شعَي ْ ُ‬ ‫الظالمين لسيدنا شعيب‪َ}" :‬قاُلوا ْ َيا ُ‬
‫ت ع َل َي َْنا‬ ‫َ‬
‫ما أن َ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫مَنا َ‬ ‫ج ْ‬‫ك ل ََر َ‬‫فا وَل َوْل َ َرهْط ُ َ‬
‫ضِعي ً‬ ‫ك ِفيَنا َ‬‫ل وَإ ِّنا ل َن ََرا َ‬‫قو ُ‬‫تَ ُ‬
‫دا هذا‬ ‫ز{ )هود ‪ .(91‬يقول الرسول عليه الصلة والسلم مؤك ً‬ ‫زي ٍ‬
‫ب ِعَ ِ‬
‫المعنى‪:‬‬
‫‪ 10916‬حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أمية بن خالد ثنا حماد بن‬
‫سلمة وأبو عمر الضرير المعني قال ثنا حماد عن محمد بن عمرو‬
‫عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫قال‪" :‬الفاء لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد‪ .‬قال‪ :‬قد‬
‫كان ياوي إلى ركن شديد ولكنه عنى عشيرته فما بعث الله عز‬
‫وجل بعده نبيا ال بعثه في ذروة قومه‪ ".‬قال أبو عمر‪" :‬فما بعث‬
‫الله عز وجل نبيا بعده إل في منعة من قومه‪) ".‬مسند أحمد‪ .‬ج‬
‫‪ .2‬ص ‪(533‬‬
‫فل تعارض بين من يتوكل على الله حق توكله وفي نفس‬
‫الوقت يطلب السباب التي نثرها الله في الكون ليأخذ بها وإل‬
‫عد ذلك تواكًل‪.‬‬
‫كما ادعوا أن سيدنا لوط طلب من قومه أن يزنوا مع بناته‬
‫بدًل من القواط بضيوفه )أقول‪ :‬القواط‪ ،‬نسبة لقوم لوط‪ ،‬ول‬
‫أقول‪ :‬اللواط‪ ،‬نسبة إلى سيدنا لوط‪ ،‬فل يجوز أن ننسب‬
‫الفاحشة لنبي من أنبياء الله وهو الذي نهى عنها(‪:‬‬
‫ل‬ ‫ت َقا َ‬ ‫سي َّئا ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مُلو َ‬ ‫كاُنوا ْ ي َعْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫من قَب ْ ُ‬ ‫ن إ ِل َي ْهِ وَ ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ه ي ُهَْر ُ‬ ‫م ُ‬ ‫جاءه ُ قَوْ ُ‬ ‫}وَ َ‬
‫َ‬
‫ن ِفي‬ ‫خُزو ِ‬ ‫ه وَل َ ت ُ ْ‬ ‫قوا ْ الل ّ َ‬ ‫م َفات ّ ُ‬ ‫ن أط ْهَُر ل َك ُ ْ‬ ‫ؤلء ب ََناِتي هُ ّ‬ ‫َيا قَوْم ِ هَ ُ‬
‫َ‬
‫شيد ٌ { )‪ (78‬سورة هود‬ ‫ل ّر ِ‬ ‫ج ٌ‬ ‫م َر ُ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫في أل َي ْ َ‬ ‫ضي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫في فَل َ‬ ‫ن هَ ُ‬ ‫ن‪َ .‬قا َ‬ ‫ْ‬ ‫جاء أهْ ُ‬ ‫َ‬
‫ضي ْ ِ‬ ‫ؤلء َ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫شُرو َ‬ ‫ست َب ْ ِ‬ ‫دين َةِ ي َ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ل ال َ‬ ‫}وَ َ‬
‫َ‬
‫ن‪.‬‬ ‫مي َ‬ ‫ن ال َْعال َ ِ‬ ‫ك عَ ِ‬ ‫م ن َن ْهَ َ‬ ‫ن‪َ .‬قاُلوا ْ أوَل َ ْ‬ ‫خُزو ِ‬ ‫ه وَل َ ت ُ ْ‬ ‫قوا ْ الل ّ َ‬ ‫ن‪َ .‬وات ّ ُ‬ ‫حو ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫ف َ‬ ‫تَ ْ‬
‫ن { )‪ (71 - 67‬الحجر‬ ‫عِلي َ‬ ‫م َفا ِ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ؤلء ب ََناِتي ِإن ُ‬ ‫ل هَ ُ‬ ‫َقا َ‬
‫د{‬ ‫ري ُ‬ ‫ما ن ُ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ك ل َت َعْل َ ُ‬ ‫حقّ وَإ ِن ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫ما ل ََنا ِفي ب ََنات ِ َ‬ ‫ت َ‬ ‫م َ‬ ‫قد ْ ع َل ِ ْ‬ ‫}َقاُلوا ْ ل َ َ‬
‫)هود ‪(79‬‬
‫هنا أراد سيدنا لوط أن يحمي ضيوفه فعرض على رؤساء قومه‬
‫أن يزوجهم بناته إن كانوا ينوون قضاء شهوتهم بطريق شرعي‪.‬‬
‫وقد كان يحل زواج المؤمنة من الكافر‪ ،‬وكان ذلك في أول‬
‫السلم ثم نسخ‪ .‬فقوله‪" :‬هؤلء بناتي هن أطهر لكم" أي بالزواج‬
‫فهو حلل‪ .‬ول تفهم "أطهر" كتفضيل‪ ،‬فهذا ل يصح‪ ،‬وإنما هذا‬
‫أسلوب بلغي من أسايب العرب مثل "الله أكبر وأعلى وأجل"‪.‬‬
‫وكان سيدنا لوط يعلم علم اليقين رفضهم للحلل وإسراعهم نحو‬
‫الحرام‪ ،‬ولكنه فعل هذا حتى ل تكون لهم أدنى حجة قبل أن‬
‫يأخذهم الله بعذاب بئيس ويقطع دابرهم‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫م‬ ‫م قَوْ ٌ‬ ‫ل أنت ُ ْ‬ ‫ساء ب َ ْ‬ ‫ن الن ّ َ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫شهْوَة ً ّ‬ ‫ل َ‬ ‫جا َ‬ ‫ن الّر َ‬ ‫م ل َت َأُتو َ‬ ‫}إ ِن ّك ُ ْ‬
‫ن{ )العراف ‪(81‬‬ ‫سرُِفو َ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫م‬‫م قَوْ ٌ‬ ‫ل أنت ُ ْ‬ ‫ساء ب َ ْ‬ ‫ن الن ّ َ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫شهْوَة ً ّ‬ ‫ل َ‬ ‫جا َ‬ ‫ن الّر َ‬ ‫م لت َأُتو َ‬ ‫}أئ ِن ّك ْ‬
‫ن{ )النمل ‪(55‬‬ ‫جهَُلو َ‬ ‫تَ ْ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن ِفي َناِديك ُ ُ‬
‫م‬ ‫ل وَت َأُتو َ‬ ‫سِبي َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫قط َُعو َ‬ ‫ل وَت َ ْ‬ ‫جا َ‬ ‫ن الّر َ‬ ‫م ل َت َأُتو َ‬ ‫}أئ ِن ّك ُ ْ‬
‫ت‬‫كن َ‬ ‫ب الل ّهِ ِإن ُ‬ ‫ذا ِ‬ ‫مهِ إ ِّل َأن َقاُلوا ائ ْت َِنا ب ِعَ َ‬ ‫ب قَوْ ِ‬ ‫وا َ‬ ‫ج َ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫منك ََر فَ َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ن { )العنكبوت ‪(29‬‬ ‫صاد ِِقي َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫‪ -7‬زعموا أن سيدنا يوسف بن يعقوب عزم على القيام‬
‫بالفاحشة‪ ،‬في قوله‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫صرِ َ‬ ‫ك ل ِن َ ْ‬ ‫ن َرب ّهِ ك َذ َل ِ َ‬ ‫ها َ‬ ‫ول أن ّرأى ب ُْر َ‬ ‫م ب َِها ل َ ْ‬ ‫ت ب ِهِ وَهَ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫قد ْ ه َ ّ‬ ‫}وَل َ َ‬
‫ن{ )يوسف ‪(24‬‬ ‫صي َ‬ ‫خل َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫عَباد َِنا ال ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫شاء إ ِن ّ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ف ْ‬ ‫سوَء َوال ْ َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ع َن ْ ُ‬
‫مستشهدين بروايات ساقطة إذ ل سند لها‪ .‬والن ننظر في بعض‬
‫اليات‪:‬‬
‫م‬‫ن لَ ْ‬ ‫سهِ وَل َئ ِ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫ه عَ ْ‬ ‫قد ْ َراوَد ْت ُ ُ‬ ‫مت ُن ِّني ِفيهِ وَل َ َ‬ ‫ذي ل ُ ْ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ت فَذ َل ِك ُ ّ‬ ‫َقال َ ْ‬
‫ب‬
‫ل َر ّ‬ ‫ن)‪َ(32‬قا َ‬ ‫ري َ‬ ‫صاِغ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كون َ ْ‬ ‫ن وَل َي َ ُ‬ ‫جن َ ّ‬ ‫س َ‬ ‫مُره ُ ل َي ُ ْ‬ ‫ما َءا ُ‬ ‫ل َ‬ ‫فعَ ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫َ‬
‫ف ع َّني ك َي ْد َهُ ّ‬
‫ن‬ ‫صرِ ْ‬ ‫عون َِني إ ِل َي ْهِ وَإ ِّل ت َ ْ‬ ‫ما ي َد ْ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ي ِ‬ ‫ب إ ِل َ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫نأ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫س ْ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ف ع َن ْ ُ‬ ‫صَر َ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫ه َرب ّ ُ‬ ‫ب لَ ُ‬ ‫جا َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫ن)‪َ(33‬فا ْ‬ ‫جاه ِِلي َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن وَأك ُ ْ‬ ‫ب إ ِل َي ْهِ ّ‬ ‫ص ُ‬ ‫أ ْ‬
‫ما َرأ َُوا‬ ‫ن ب َعْد ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫دا ل َهُ ْ‬ ‫م بَ َ‬ ‫م)‪(34‬ث ُ ّ‬ ‫ميعُ ال ْعَِلي ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ه هُوَ ال ّ‬ ‫ن إ ِن ّ ُ‬ ‫ك َي ْد َهُ ّ‬
‫ن إ ِذ ْ َراوَد ْت ُ ّ‬
‫ن‬ ‫خط ْب ُك ُ ّ‬ ‫ما َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن)‪َ .......(35‬قا َ‬ ‫حي ٍ‬ ‫حّتى ِ‬ ‫ه َ‬ ‫جن ُن ّ ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ت ل َي َ ْ‬ ‫اْلَيا ِ‬
‫ت‬ ‫سوٍء َقال َ ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫مَنا ع َل َي ْهِ ِ‬ ‫ما ع َل ِ ْ‬ ‫ش ل ِل ّهِ َ‬ ‫حا َ‬ ‫ن َ‬ ‫سهِ قُل ْ َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫ف عَ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ُيو ُ‬
‫َ‬ ‫ا َ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ه لَ ِ‬ ‫سهِ وَإ ِن ّ ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫ه عَ ْ‬ ‫حقّ أَنا َراوَد ْت ُ ُ‬ ‫ص ال ْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ص َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن َ‬ ‫زيزِ اْل َ‬ ‫ِ‬ ‫مَرأة ُ ال ْعَ‬ ‫ْ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫دي‬ ‫ه ل ي َهْ ِ‬ ‫ن الل َ‬ ‫ب وَأ ّ‬ ‫ه ِبالغَي ْ ِ‬ ‫خن ْ ُ‬ ‫مأ ُ‬ ‫م أّني ل ْ‬ ‫ن)‪(51‬ذ َل ِك ل ِي َعْل َ‬ ‫صاد ِِقي َ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ما‬ ‫سوِء إ ِّل َ‬ ‫ماَرة ٌ ِبال ّ‬ ‫س َل ّ‬ ‫ف َ‬ ‫ن الن ّ ْ‬ ‫سي إ ِ ّ‬ ‫ف ِ‬ ‫ما أب َّرئُ ن َ ْ‬ ‫ن)‪(52‬وَ َ‬ ‫خائ ِِني َ‬ ‫ك َي ْد َ ال ْ َ‬
‫ك ائ ُْتوِني ب ِ ِ‬
‫ه‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫م)‪(53‬وََقا َ‬ ‫حي ٌ‬ ‫فوٌر َر ِ‬ ‫ن َرّبي غ َ ُ‬ ‫م َرّبي إ ِ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫َر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن)‬ ‫مي ٌ‬ ‫نأ ِ‬ ‫كي ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫م ل َد َي َْنا َ‬ ‫ك ال ْي َوْ َ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫ه َقا َ‬ ‫م ُ‬ ‫ما ك َل ّ َ‬ ‫سي فَل َ ّ‬ ‫ف ِ‬ ‫ه ل ِن َ ْ‬ ‫ص ُ‬ ‫خل ِ ْ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫أ ْ‬
‫م)‪ (55‬وَك َذ َل ِ َ‬
‫ك‬ ‫في ٌ‬ ‫َْ‬ ‫جعَل ِْني ع ََلى َ‬ ‫‪َ(54‬قا َ‬
‫ظ ع َِلي ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫ض إ ِّني َ‬ ‫ن ُالْر ِ‬ ‫خَزائ ِ ِ‬ ‫لا ْ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫مت َِنا َ‬ ‫ح َ‬ ‫ب ب َِر ْ‬ ‫صي ُ‬ ‫شاُء ن ُ ِ‬ ‫ث يَ َ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫من َْها َ‬ ‫ض ي َت َب َوّأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف ِفي اْل َْر‬ ‫س َ‬ ‫مك ّّنا ل ُِيو ُ‬ ‫َ‬
‫مُنوا‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫نَ َ‬
‫ن َءا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫خي ٌْر ل ِل ِ‬ ‫خَرةِ َ‬ ‫جُر ال ِ‬ ‫ن)‪(56‬وَل ْ‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫جَر ال ُ‬ ‫ضيعُ أ ْ‬ ‫شاُء وَل ن ُ ِ‬
‫ن )‪(57‬‬ ‫قو َ‬ ‫كاُنوا ي َت ّ ُ‬ ‫وَ َ‬
‫م‪ ......‬شهادة من صاحبة الشأن ببراءة سيدنا يوسف‪.‬‬ ‫ص َ‬ ‫ست َعْ َ‬ ‫َفا ْ‬
‫َ‬
‫ه‪ ..........‬إشارة إلى‬ ‫عون َِني إ ِل َي ْ ِ‬ ‫ما ي َد ْ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ي ِ‬ ‫ب إ ِل َ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫نأ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫س ْ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫َقا َ‬
‫العزيمة على الفرار من معصية الله‪.‬‬
‫سوٍء‪ .......................‬شهادة من‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫مَنا ع َل َي ْهِ ِ‬ ‫ما ع َل ِ ْ‬ ‫ش ل ِل ّهِ َ‬ ‫حا َ‬ ‫َ‬
‫نساء راودن يوسف عن نفسه‪.‬‬
‫دي ك َي ْد َ ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫م أَ ُ‬ ‫ك ل ِيعل َ َ‬
‫ن)‬ ‫خائ ِِني َ‬ ‫ه َل ي َهْ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ب وَأ ّ‬ ‫ه ِبال ْغَي ْ ِ‬ ‫خن ْ ُ‬ ‫م أّني ل َ ْ‬ ‫ذ َل ِ َ َ ْ َ‬
‫ن‬‫م َرّبي إ ِ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ما َر ِ‬ ‫سوِء إ ِّل َ‬ ‫ماَرة ٌ ِبال ّ‬ ‫س َل ّ‬
‫َ‬
‫ف َ‬ ‫ن الن ّ ْ‬ ‫سي إ ِ ّ‬ ‫ف ِ‬ ‫ما أ ُب َّرئُ ن َ ْ‬ ‫‪(52‬وَ َ‬
‫م ‪ .......‬هذا كلم امرأة العزيز لن يوسف كان‬ ‫حي ٌ‬ ‫فوٌر َر ِ‬ ‫َرّبي غ َ ُ‬
‫ك ائ ُْتوِني ب ِ ِ‬
‫ه‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ساعتها سجيًنا‪ ،‬بدليل قوله بعدها مباشرة‪َ"َ :‬قا َ‬
‫سي‪".‬‬ ‫َ‬
‫ف ِ‬ ‫ه ل ِن َ ْ‬ ‫ص ُ‬ ‫خل ِ ْ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫أ ْ‬
‫م ب َِها‪ ".....‬فيقصد من الهم حديث‬ ‫ت ب ِهِ وَهَ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫قد ْ ه َ ّ‬ ‫أما الية‪ " :‬وَل َ َ‬
‫النفس والخاطر بغير تصميم ول يؤاخذ عليه الفرد‪ .‬فيؤجر سيدنا‬
‫يوسف لخوفه من الله وخشيته له مع وجود الغراءات الدنيوية‬
‫وليكون النبياء قدوة لنا‪ .‬وتؤاخذ امرأة العزيز لنها تعدت حديث‬
‫الخاطر والنفس إلى التنفيذ والدعوة إلى الفاحشة واللحاح‬
‫ه‪ "...‬أي علم من خلل‬ ‫ن َرب ّ ِ‬ ‫ها َ‬ ‫ول َأن ّرَأى ب ُْر َ‬ ‫عليها‪ .‬وقوله‪ " :‬ل َ ْ‬
‫شرع الله أنه ما كان له أن يقع فيها‪ .‬فكفى بشرع الله وكلمه‬
‫برهاًنا‪.‬‬
‫‪ -8‬ادعوا أن سيدنا يونس عصى ربه وظن أن الله غير قادر‬
‫عليه‪ ،‬وذلك في قوله عز من قائل‪:‬‬
‫دى ِفي‬ ‫قد َِر ع َل َي ْهِ فََنا َ‬ ‫ن َأن ّلن ن ّ ْ‬ ‫ضًبا فَظ َ ّ‬ ‫مَغا ِ‬ ‫ب ُ‬ ‫ن ِإذ ذ ّهَ َ‬ ‫ذا الّنو ِ‬ ‫}وَ َ‬
‫ن ال ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن{‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫كن ُ‬ ‫ك إ ِّني ُ‬ ‫حان َ َ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ت ُ‬ ‫ه إ ِّل أن َ‬ ‫ت أن ّل إ ِل َ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫الظ ّل ُ َ‬
‫)النبياء ‪(87‬‬
‫ن‪.‬‬ ‫ضي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫مد ْ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫م فَ َ‬ ‫ساهَ َ‬ ‫ن‪ .‬فَ َ‬ ‫حو ِ‬ ‫ش ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫فل ْ ِ‬ ‫}إ ِذ ْ أ َب َقَ إ َِلى ال ْ ُ‬
‫م { )الصافات ‪(142 - 140‬‬ ‫مِلي ٌ‬ ‫ت وَهُوَ ُ‬ ‫حو ُ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ق َ‬ ‫َفال ْت َ َ‬
‫كا قومه مغاضًبا لهم على إصرارهم على‬ ‫ذهب سيدنا يونس تار ً‬
‫الكفر وعدم الستجابة لمر الله لهم باليمان‪ .‬فتركهم بدون أمر‬
‫من الله له بذلك‪ .‬ظن بذلك أنه يفعل ذلك في الله فظن أن الله‬
‫ضّيق عليه الخناق‪ .‬وذلك واضح‬ ‫لن يعاقبه ولن يقدر عليه بمعنى ي ُ َ‬
‫س ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫من‬‫ط الّرْزقَ ل ِ َ‬ ‫ض ي َب ْ ُ‬
‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫قاِليد ُ ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫في قوله‪}" :‬ل َ ُ‬
‫م{ )الشورى ‪ .(12‬فالرجل اجتهد‬ ‫يٍء ع َِلي ٌ‬ ‫ش ْ‬‫ل َ‬ ‫ه ب ِك ُ ّ‬ ‫قد ُِر إ ِن ّ ُ‬ ‫شاء وَي َ ْ‬ ‫يَ َ‬
‫وأخطأ‪ ،‬والجتهاد ليس بذنب‪ .‬لذلك يقول الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم‪:‬‬
‫‪ 3215‬حدثني محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن قتادة‬
‫قال سمعت أبا العالية حدثنا بن عم نبيكم يعني بن عباس عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬ل ينبغي لعبد أن يقول أنا‬
‫خير من يونس بن متى‪) ".‬البخاري‪ .‬ج ‪ .3‬ص ‪(1244‬‬
‫ولما أعلمه الله أن هذا خطأ وأن قرار النبي بشأن مهمته‬
‫وأداء رسالة الله إنما يصدر من منّزل الرسالة وهو الله‪ ،‬استغفر‬
‫سيدنا يونس لهذا الجتهاد الخاطيء )النبياء ‪(87‬‬
‫سا؟ وذلك في قوله‪:‬‬ ‫‪ -9‬وقالوا‪ :‬كيف يقتل موسى نف ً‬
‫جد َ ِفيَها َر ُ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫جلي ْ ِ‬ ‫ن أهْل َِها فَوَ َ‬ ‫م ْ‬‫فل َةٍ ّ‬ ‫ن غَ ْ‬ ‫ة ع ََلى ِ‬
‫حي ِ‬ ‫دين َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫خ َ‬ ‫}وَد َ َ‬
‫ه‬
‫شيعَت ِ ِ‬‫من ِ‬ ‫ذي ِ‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫ست ََغاث َ ُ‬‫ن ع َد ُوّهِ َفا ْ‬ ‫م ْ‬‫ذا ِ‬ ‫شيعَت ِهِ وَهَ َ‬ ‫من ِ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫قت َت َِل ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫ن‬
‫م ْ‬
‫ذا ِ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫َ‬
‫ضى ع َلي ْهِ َقا َ‬ ‫ق َ‬ ‫سى فَ َ‬ ‫مو َ‬ ‫ن ع َد ُوّهِ فَوَك ََزه ُ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ذي ِ‬ ‫ّ‬
‫ع َلى ال ِ‬ ‫َ‬
‫ن{ )القصص ‪(15‬‬ ‫مِبي ٌ‬‫ل ّ‬ ‫ض ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ع َد ُوّ ّ‬ ‫ن إ ِن ّ ُ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫م ِ‬ ‫عَ َ‬
‫سيدنا موسى كما هو واضح من اليات لم يقصد أن يقتل‪.‬‬
‫فالحادث قتل خطأ‪ .‬وأن سيدنا موسى نوى أن يغيث من استغاث‬
‫به واستجار‪ .‬وكان موسى شديد القوة فوكز المعتدي بضربة‬
‫واحدة فمات منها‪ ،‬وشهد سيدنا موسى أن هذا من عمل‬
‫الشيطان الذي يوسوس ليوقع الخلف بين الناس فيقع ما ل‬
‫ل‬‫تحمد عقباه وما ل يتوقعه أحد‪ .‬وقد قال سيدنا موسى‪َ}" :‬قا َ‬
‫فَعل ْتها إ ً َ‬
‫ن{ )الشعراء ‪ (20‬وذلك من "ضل فلن‬ ‫ضاّلي َ‬‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ذا وَأَنا ِ‬ ‫َ َُ ِ‬
‫الطريق" من عدم معرفته بمعالمه ول يقدح هذا في الشخص‬
‫نفسه‪ .‬كذلك سيدنا موسى الذي لم يكن نبّيا بعد ومن ثم ل توجد‬
‫شريعة يضبط عليها عمله‪.‬‬
‫وقالوا كيف يرفض موسى الموت وهو من قضاء الله وقدره؟‬
‫ن ملك الموت وهو ملك يختلف في طبيعتع عّنا‪،‬‬ ‫وكيف يفقأ عي َ‬
‫واستشهدوا بالحديث‪:‬‬
‫‪ 1274‬حدثنا محمود حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن بن‬
‫طاوس عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪" :‬أرسل ملك‬
‫الموت إلى موسى عليهما السلم فلما جاءه صكه فرجع إلى ربه‬
‫فقال أرسلتني إلى عبد ل يريد الموت فرد الله عليه عينه وقال‬
‫ارجع فقل له يضع يده على متن ثور فله بكل ما غطت به يده‬
‫بكل شعرة سنة قال أي رب ثم ماذا قال ثم الموت قال فالن‬
‫فسأل الله أن يدنيه من الرض المقدسة رمية بحجر قال قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فلو كنت ثم لريتكم قبره إلى‬
‫جانب الطريق ثم الكثيب الحمر‪) ".‬البخاري‪ .‬ج ‪ .1‬ص ‪(449‬‬
‫واضح من الحديث أن موسى لم يعرف ملك الموت في البداية‬
‫وأن الملك عندما رجع إليه وخيره اختار موسى لقاء ربه دون‬
‫تردد ومرحًبا بذلك في شوق‪ .‬أما فقأ عين ملك الموت فلنه‬
‫متشكل في هيئة بشرية فينطبق عليه ما ينطبق على البشر‪.‬‬
‫والله أعلم بخلقه سبحانه‪.‬‬
‫طئون القرآن الكريم لما ذكر السامري في وقت لم‬ ‫خ ّ‬ ‫كذلك ي ُ َ‬
‫يكن للسامرة وجود‪:‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫من ب َعْد ِ َ‬ ‫م َ‬
‫ي{ )طـه ‪(85‬‬ ‫مرِ ّ‬ ‫سا ِ‬ ‫م ال ّ‬ ‫ضل ه ُ ُ‬‫ك وَأ َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ل فَإ ِّنا قَد ْ فَت َّنا قَوْ َ‬ ‫}َقا َ‬
‫من ِزين َةِ ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوْم ِ‬ ‫مل َْنا أوَْزاًرا ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫مل ْك َِنا وَل َك ِّنا ُ‬‫ك بِ َ‬ ‫عد َ َ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫فَنا َ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫}َقاُلوا َ‬
‫ي{ )طـه ‪(87‬‬ ‫مرِ ّ‬ ‫سا ِ‬ ‫قى ال ّ‬ ‫ك أ َل ْ َ‬‫ها فَك َذ َل ِ َ‬ ‫قذ َفَْنا َ‬‫فَ َ‬
‫طا أن يدل السم "السامري" على حتمية‬ ‫نقول أنه ليس شر ً‬
‫وجود مدينة اسمها السامرة وهو من أهلها فتسمى بها‪ .‬لنقرأ ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫ة‪،‬‬
‫ض ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫ْ‬
‫ن ال ِ‬ ‫م َ‬‫ن ِ‬ ‫ن َ‬ ‫جب َ َ‬ ‫َوا ْ‬
‫مَر ب ِوَْزن َت َي ْ ِ‬ ‫شا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مَرةِ ِ‬ ‫سا ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ري( َ‬ ‫م ِ‬ ‫شت ََرى )ع ُ ْ‬
‫مَر‬‫شا ِ‬ ‫سم ِ َ‬ ‫ها ِبا ْ‬ ‫دين َةِ ال ِّتي ب ََنا َ‬ ‫م ِ‬ ‫م ال ْ َ‬‫س َ‬ ‫عا ا ْ‬ ‫ل‪ .‬وَد َ َ‬ ‫جب َ ِ‬ ‫وَب ََنى ع ََلى ال ْ َ‬
‫ة[‪ 1) .‬مل ‪(24 :16‬‬ ‫مَر َ‬ ‫سا ِ‬ ‫ل ]ال ّ‬ ‫جب َ ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬‫ح ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫َ‬
‫ري بشراء جبل وبنى عليه‬ ‫م ِ‬ ‫لقد قام المشتري وهو الملك ع ُ ْ‬
‫مدينة سماها باسم البائع وهو شامر )أو شامير أو شاميد‪ ،‬وتعني‬
‫المحفوظ( فصارت "السامرة" مشتقة من اسم شخص وليس‬
‫ب من‬ ‫العكس‪ .‬كذلك يمكن تمييز الفرد بلقب مشتق من اسم أ ٍ‬
‫آبائه‪ .‬فيمكن تسمية بني شامر بـ"السامريين"‪:‬‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫دي ب ْ ِ‬ ‫ن ع َب ْ ِ‬ ‫شي ب ْ ِ‬ ‫ن ِقي ِ‬ ‫ن بْ ُ‬ ‫سارِ أي َْثا ُ‬ ‫ن ال ْي َ َ‬ ‫م‪َ .‬ع َ ِ‬ ‫خوَت ُهُ ْ‬ ‫مَراِري إ ِ ْ‬ ‫وَب َُنو َ‬
‫َ‬
‫مَر‪.‬‬‫شا َِ‬ ‫ن َ‬ ‫ن َباِني ب ْ ِ‬ ‫صي ب ْ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫قّيا ب ْ ِ‬ ‫حل ْ ِ‬‫ن ِ‬ ‫صَيا ب ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫نأ َ‬ ‫شب َْيا ب ْ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َ‬ ‫خ‪ .‬ب ْ ِ‬ ‫مّلو َ‬ ‫َ‬
‫م الل ّوِّيو َ‬
‫ن‬ ‫خوَت ُهُ ُ‬ ‫ن ل َِوي‪ .‬وَإ ِ ْ‬ ‫مَراِري ب ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫شي ب ْ ِ‬ ‫مو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫حِلي ب ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫بْ ِ‬
‫ه‪) .‬أخبار أول ‪(48 – 44 :6‬‬ ‫ت الل ّ ِ‬ ‫ن ب َي ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫سك َ‬ ‫م ْ‬ ‫مة ِ َ‬ ‫خد ْ َ‬‫ل ِ‬ ‫ن ل ِك ُ ّ‬ ‫مو َ‬ ‫قا ُ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫م‪) .‬أخبار أول ‪(34 :7‬‬ ‫َ‬ ‫وَب َُنو َ‬
‫ة وَأَرا ُ‬ ‫حب ّ ُ‬ ‫ة وَي َ ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫خي وَُرهْ َ‬ ‫مَر‪ :‬آ ِ‬ ‫شا ِ‬
‫فشامر أحد أحفاد لوي هنا‪ ،‬ويمكن تسمية نسله بـ"السامريين"‪.‬‬
‫وقد وقع اللويون في كبيرة عبادة العجل‪:‬‬
‫ع‬
‫م َ‬ ‫جت َ َ‬ ‫ي!« َفا ْ‬ ‫ب َفال َ ّ‬ ‫ن ِللّر ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ل‪َ » :‬‬ ‫حل ّةِ وََقا َ‬ ‫م َ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫سى ِفي َبا ِ‬ ‫مو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫وَقَ َ‬
‫ل‪:‬‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ها ْ‬ ‫ب ال َ ُ‬ ‫ل الّر ّ‬ ‫ذا َقا َ‬ ‫م‪» :‬هَك َ َ‬ ‫ل ل َهُ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ميعُ ب َِني لِوي‪ .‬فَ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ال َي ْهِ َ‬
‫ب اَلى‬ ‫ن َبا ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫جُعوا ِ‬ ‫مّروا َواْر ِ‬ ‫خذ ِهِ وَ ُ‬ ‫ه ع ََلى فَ ِْ‬ ‫ف ُ‬‫سي ْ َ‬ ‫حد ٍ َ‬ ‫ل َوا ِ‬ ‫ضُعوا ك ُ ّ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫ه وَك ُ ّ‬ ‫حب َ ُ‬‫صا ِ‬ ‫حد ٍ َ‬ ‫ل َوا ِ‬ ‫خاه ُ وَك ُ ّ‬ ‫حد ٍ ا َ‬ ‫ل َوا ِ‬ ‫حل ّةِ َواقْت ُُلوا ك ُ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ب ِفي ال ْ َ‬ ‫َبا ٍ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫سى‪ .‬وَوَقَعَ ِ‬ ‫مو َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ب قَوْ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ل ب َُنو لِوي ب ِ َ‬ ‫فعَ َ‬ ‫ه«‪ .‬فَ َ‬ ‫ريب َ ُ‬ ‫حد ٍ ق َ ِ‬ ‫َوا ِ‬
‫ل‪) .‬خر ‪(28 – 26 :32‬‬ ‫ج ٍ‬ ‫ف َر ُ‬ ‫حوُ َثلث َةِ ال ِ‬ ‫ك ال ْي َوْم ِ ن َ ْ‬ ‫ب ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫شعْ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫فالظاهر هنا أن من وقع في هذه الكبيرة هو لوي ويمكن أن‬
‫ وبذلك يسقط الحتجاج على‬.‫يكون من أبناء شامر أي سامري‬
‫ وقد قرأت بحًثا‬."‫تسمية القرآن للشخص المشرك بـ"السامري‬
:‫قا على الرابط التالي‬
ً ‫موث‬
http://www.islamic-awareness.org/Quran/Contrad/External/samaritan.html

:‫أنقل لكم خلصته‬


Until the middle of the 20th century it was commonly believed that the Samaritans
originated from a mixed race people living in Samaria at the time of the Assyrian
conquest (722-721 BCE). In recent years however, new research based on a more
careful study of the Chronicles of the Samaritans has led to a re-evaluation of their
origins. Specifically, with the publication of Chronicle II (Sefer ha-Yamim), the
fullest Samaritan version of their own history became available. A historical analysis
of this chronicle reveals that the Samaritans are the direct descendants of the Joseph
tribes, Ephraim and Manasseh, and until the 17th century C.E. they possessed a high
priesthood descending directly from Aaron through Eleazar and Phinehas. The
common ancestry of both the Jews and Samaritans was also established by recent
genetic studies, going back to Cohen or the Jewish priestly family. This study also
validated both local and foreign origins of the Samaritans.The missionaries and
apologists, ignorant of the Samaritans' own version of their history as well as recent
scholarly investigation and critical analysis, content themselves with repeating the
100 year old claim made by William St. Clair Tisdall. Unfortunately, Tisdall was also
not fully cognizant with the Chronicles of the Samaritans; consequently, the
.missionaries and apologists make claims contrary to recent historical investigation
The Qur'anic mention of the name al-Samiri sometimes translated as "the Samaritan"
(Qur'an 20:85, 87 and 95) is entirely consistent with modern investigations into the
.origin of the Samaritan sect
‫حتى منتصف القرن العشرين كان من المعتقد أن السامريين هم‬
) ‫من جنس مختلط عاشوا في السامرة في زمن الغزو الشوري‬
(‫م‬.‫ ق‬721 – 722
‫وحالًيا ظهرت أبحاث مبنية على دراسة أكثر دقة لخبار‬
‫ خاصة مع نشر‬.‫السامريين وقد أدت إلى إعادة النظر في أصلهم‬
‫سفر الخبار الثاني )سفر هاياميم( وهو النسخة الكمل المتاحة‬
.‫عن تاريخهم‬
‫ويكشف تحليل لهذا السفر عن أن السامريين هم الحفاد‬
‫المباشرين المنحدرين من أسباط سيدنت يوسف بن يعقوب‬
‫م تمتعوا‬.‫ ق‬17 ‫ وحتى القرن‬.‫ومن قبيلتي إفرايم ومنسى‬
.‫ل ورثوه عن سيدنا هارون عبر العازر وفينحاس‬ ٍ ‫بكهنوت عا‬
‫والسللة الشائعة المنحدرة من اليهود والسامريين قد اعترفت‬
‫بها دراسات جينية معاصرة وترجع بهم إلى كوهين أو السرة‬
‫الكهنوتية اليهودية‪ .‬وقد أيدت الدراسة كًل من أصول السامريين‬
‫المحلية والجنبية‪.‬‬
‫ولكن المبشرين ومن على شاكلتهم وقد جهلوا نسخة السامريين‬
‫التاريخية وتجاهلوا التحليلت النقدية والتحقيقات المعاصرة‪،‬‬
‫أقنعوا أنفسهم بترديد زعم وليام كلير تسدال منذ ‪ 100‬عام‪.‬‬
‫ولسوء الحظ لم يكن تسدال على معرفة تامة بسفر تاريخ‬
‫فا‬ ‫السامريين وبالتالي جاء ادعاء المبشرين والمدافعين مخال ً‬
‫للتحقيق التاريخي المعاصر‪ .‬ويذكر القرآن اسم "السامري"‬
‫ما مع‬ ‫ما أحياًنا إلى ‪ (the Samaritan (20: 85، 87، 95‬ويتوافق تما ً‬ ‫مترج ً‬
‫التحقيقات )الدراسات( الحديثة في أصل طائفة السامريين‪.‬‬
‫‪ -10‬قالوا أن سيدنا داود أخطأ واستشهدوا بقول الله عز وجل‪:‬‬
‫داُوود َ‬ ‫ى َ‬ ‫ب‪ .‬إ ِذ ْ د َ َ ُ ْ َ‬
‫خلوا ع َل َ‬ ‫حَرا َ‬ ‫م ْ‬ ‫سوُّروا ْ ال ْ ِ‬ ‫صم ِ إ ِذ ْ ت َ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ك ن َب َا ُ ال ْ َ‬ ‫ل أ ََتا َ‬ ‫)وَهَ ْ‬
‫حك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ض َفا ْ‬ ‫ى ب َعْ‬ ‫ضَنا ع َل َ‬ ‫ى ب َعْ ُ‬ ‫ن ب َغَ‬ ‫ما ِ‬ ‫ص َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫خ ْ‬ ‫م َقاُلوا ْ ل َ ت َ َ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫فزِع َ ِ‬ ‫فَ َ‬
‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫خي ل َ ُ‬ ‫ذآ أ ِ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫ط‪ .‬إ ِ ّ‬ ‫صَرا ِ‬ ‫وآءِ ال ّ‬ ‫س َ‬ ‫ى َ‬ ‫َ‬
‫ط َواهْد َِنآ إ ِل َ‬ ‫شط ِ ْ‬ ‫حقّ وَل َ ت ُ ْ‬ ‫ب َي ْن ََنا ِبال ْ َ‬
‫فل ِْنيَها وَع َّزِني ِفي‬ ‫قا َ َ‬
‫ل أك ْ ِ‬ ‫حد َة ٌ فَ َ‬ ‫ة َوا ِ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ة وَِلي ن َعْ َ‬ ‫ج ً‬ ‫ن ن َعْ َ‬ ‫سُعو َ‬ ‫سعٌ وَت ِ ْ‬ ‫تِ ْ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ً‬
‫ن ك َِثيرا ّ‬ ‫جهِ وَإ ِ ّ‬ ‫ى ن َِعا ِ‬ ‫َ‬ ‫جت ِ َ‬ ‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب‪َ .‬قا َ‬ ‫َ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫ك إ ِل َ‬ ‫ل ن َعْ َ‬ ‫ؤا ِ‬ ‫ك بِ ُ‬ ‫ق د ْ ظل َ‬ ‫لل َ‬ ‫خطا ِ‬
‫مُلوا ْ‬ ‫مُنوا ْ وَع َ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ض إ ِل ّ ال ّ ِ‬ ‫ى ب َعْ‬ ‫م ع َل َ‬ ‫ضه ُ ْ‬ ‫ي ب َعْ ُ‬ ‫طآِء ل َي َب ْغِ َ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫خّر‬ ‫ه وَ َ‬ ‫فَر َرب ّ ُ‬ ‫ست َغْ َ‬ ‫ما فَت َّناه ُ َفا ْ‬ ‫داُوود ُ أن ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م وَظ َ ّ‬ ‫ما هُ ْ‬ ‫ل ّ‬ ‫ت وَقَِلي ٌ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬‫ال ّ‬
‫عند ََنا ل َُزل ْ َ‬ ‫َ‬
‫ب‪.‬‬‫مـآ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫س َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ى وَ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫ك وَإ ِ ّ‬ ‫ه ذ َل ِ َ‬ ‫فْرَنا ل َ ُ‬ ‫ب‪ .‬فَغَ َ‬ ‫كعا ً وَأَنا َ‬ ‫َرا ِ‬
‫حقّ وَل َ‬ ‫س ِبال ْ َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫م ب َي ْ َ‬ ‫حك ُ ْ‬ ‫ض َفا ْ‬ ‫ة ِفي الْر ِ‬ ‫ف ً‬ ‫خِلي َ‬ ‫ك َ‬ ‫جعَل َْنا َ‬ ‫داُوود ُ إ ِّنا َ‬ ‫يَ َ‬
‫ل‬
‫سِبي ِ‬ ‫عن َ‬ ‫ن َ‬ ‫ضّلو َ‬ ‫ن يَ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ل الل ّهِ إ ِ ّ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫عن َ‬ ‫ك َ‬ ‫ضل ّ َ‬ ‫ت َت ّب ِِع ال ْهَوَىَ فَي ُ ِ‬
‫ب( )ص‪(26 – 21 :‬‬ ‫سا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫سوا ْ ي َوْ َ‬ ‫ما ن َ ُ‬ ‫ديد ُ ب ِ َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م عَ َ‬ ‫الل ّهِ ل َهُ ْ‬
‫ذكرنا أن السهو والنسيان ل يقدح في النبياء‪ .‬سيدنا داود هنا في‬
‫موقف يحسد عليه إذ فاجأه ملكان في هيئة بشرين متخاصمين‪.‬‬
‫وفوجيء بهما في داخل محرابه‪ .‬فلما استمع إلى احدهما حكم‬
‫على الفور ونسي أن يستمع للطرف الخر‪ .‬ولما غادرا المكان‬
‫ورجع داود لطبيعته وهدوئه علم أن هذا تجربة من الله يدربه فيها‬
‫على تحري العدل وعدم التأثر والرتباك‪ .‬فما كان منه إل أن خر‬
‫راكًعا لله مستغفًرا‪ .‬فلم يؤاخذه الله على ذلك وإنما أمره‬
‫دا لنه خليفة في الرض وعليه أن ل يتبع‬ ‫باستيعاب الدرس جي ً‬
‫الهوى مستقبًل فالهوى من أسباب الضلل‪ .‬والخطاب هنا‬
‫للمؤمنين‪ ،‬وهذا أسلوب من أساليب اللغة العربية وهو خاب‬
‫القائد ويقصد به المؤمنين في عصره ومن بعده‪ .‬فإذا كان الله‬
‫َ‬
‫ه ‪ ..‬الحزاب‪ (1 :‬فإن ذلك‬ ‫ق الل ّ َ‬ ‫ي ات ّ ِ‬ ‫يقول للنبي " }َيا أي َّها الن ّب ِ ّ‬
‫يؤثر في المؤمن تأثيًرا كبيًرا ويؤدي به إلى السراع في تقوى‬
‫الله أكثر‪.‬‬
‫يدعي بعض المسيحيين أن هذه القصة هي هي التي وردت‬
‫في )‪ 2‬صم ‪ .(14 – 1 :12‬وهذا تضليل ل يخفى على أحد‪ .‬لنقرأ‬
‫أوًل الفقرات‪:‬‬
‫َ‬
‫جل َ ِ‬
‫ن‬ ‫ن َر ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ه‪َ » :‬‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫جاَء إ ِل َي ْهِ وََقا َ‬ ‫د‪ .‬فَ َ‬ ‫داوُ َ‬ ‫ن إ َِلى َ‬ ‫ب َناَثا َ‬ ‫ل الّر ّ‬ ‫س َ‬ ‫»فَأْر َ‬
‫ي غ َن َ ٌ‬
‫م‬ ‫ن ل ِل ْغَن ِ ّ‬ ‫كا َ‬ ‫قيٌر‪ .‬وَ َ‬ ‫خُر فَ ِ‬ ‫ي َوال َ‬ ‫ما غ َن ِ ّ‬ ‫من ْهُ َ‬ ‫حد ٌ ِ‬ ‫ة‪َ ،‬وا ِ‬ ‫حد َ ٍ‬ ‫دين َةٍ َوا ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ِفي َ‬
‫َ‬
‫حد َةٌ‬ ‫ة َوا ِ‬ ‫ج ٌ‬ ‫يٌء إ ِل ّ ن َعْ َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫م ي َك ُ ْ‬ ‫قيُر فَل َ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ما ال ْ َ‬ ‫جد ًّا‪ .‬وَأ ّ‬ ‫قٌر ك َِثيَرة ٌ ِ‬ ‫وَب َ َ‬
‫ْ‬
‫ميعا‪ .‬ت َأك ُ ُ‬ ‫ً‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫معَ ب َِنيهِ َ‬ ‫ه وَ َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫ها وَك َب َِر ْ‬ ‫ها وََرّبا َ‬ ‫صِغيَرة ٌ قَد ِ اقْت ََنا َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫لُ ْ‬
‫جاَء‬ ‫ة‪ .‬فَ َ‬ ‫ه كاب ْن َ ٍ‬ ‫تل ُ‬ ‫ه‪ ،‬وَكان َ ْ‬ ‫ضن ِ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫م ِفي ِ‬ ‫سهِ وَت ََنا ُ‬ ‫ن كأ ِ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ب ِ‬ ‫شَر ُ‬ ‫مت ِهِ وَت َ ْ‬ ‫ق َ‬
‫ْ‬ ‫ف إَلى الرجل ال ْغَن ِي فَع َ َ‬
‫ئ‬ ‫قرِهِ ل ِي ُهَي ّ َ‬ ‫ن بَ َ‬ ‫م َْ‬ ‫مه ِ و َ ِ‬ ‫ن غ َن َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫خذ َ ِ‬ ‫ن ي َأ ُ‬ ‫فا أ ْ‬ ‫ّ َ‬ ‫ّ ُ ِ‬ ‫ضي ْ ٌ ِ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ذي‬ ‫ل ال ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫قيرِ وَهَي ّأ ِللّر ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫ل ال َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ة الّر ُ‬ ‫ج َ‬ ‫خذ َ ن َعْ َ‬ ‫ه‪ ،‬فَأ َ‬ ‫جاَء إ ِلي ْ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ف ال ِ‬ ‫ضي ْ ِ‬ ‫ِلل ّ‬
‫ن‪:‬‬ ‫ل ل َِناَثا َ‬ ‫جد ًّا‪ ،‬وََقا َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫داوُد َ ع ََلى الّر ُ‬ ‫ب َ‬ ‫ض ُ‬ ‫ي غَ َ‬ ‫م َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ه«‪ .‬فَ َ‬ ‫جاَء إ ِل َي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫ة أْرب َعَ َ‬ ‫َ‬ ‫ج َ‬ ‫ل ذ َل ِ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫قت َ ُ‬
‫ك‪ ،‬وَي َُرد ّ الن ّعْ َ‬ ‫فا ِ‬ ‫ل الّر ُ‬ ‫ه يُ ْ‬ ‫ب إ ِن ّ ُ‬ ‫ي هُوَ الّر ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫» َ‬
‫ق«‪ .‬فَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه فَعَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫د‪:‬‬ ‫داوُ َ‬ ‫ن لِ َ‬ ‫ل َناَثا ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ف ْ‬ ‫ش ِ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫هل ْ‬ ‫مَر وَلن ّ ُ‬ ‫ذا ال ْ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫ف لن ّ ُ‬ ‫ضَعا ٍ‬ ‫أ ْ‬
‫مِلكا ً‬ ‫حت ُ َ‬ ‫ل الرب إل َه إسراِئي َ َ‬ ‫ل! هَك َ َ‬ ‫َ‬
‫ك َ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫ل‪ :‬أَنا َ‬ ‫ذا َقا َ ّ ّ ِ ُ ِ ْ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ت هُوَ الّر ُ‬ ‫»أن ْ َ‬
‫ساَء‬ ‫ك وَن ِ َ‬ ‫سي ّد ِ َ‬ ‫ت َ‬ ‫ك ب َي ْ َ‬ ‫ل وَأ َع ْط َي ْت ُ َ‬ ‫شاوُ َ‬ ‫ن ي َد ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫قذ ْت ُ َ‬ ‫ل وَأ َن ْ َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ع ََلى إ ِ ْ‬
‫ك‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل وَي َُهو َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ك‪ ،‬وَأع ْط َي ْت ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ضن ِ َ‬ ‫سي ّد ِ َ‬
‫كا َ‬ ‫ذا‪ .‬وَإ ِ ْ‬ ‫ت إِ ْ‬ ‫ك ب َي ْ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ك ِفي ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫ل‬‫م َ‬ ‫ب ل ِت َعْ َ‬ ‫م الّر ّ‬ ‫ت كل َ‬ ‫قْر َ‬ ‫حت َ َ‬ ‫ذا ا ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ذا‪ .‬ل ِ َ‬ ‫ذا وَك َ‬ ‫ت أِزيد ُ لك ك َ‬ ‫قَِليل كن ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت أورِّيا ال ْ ِ‬ ‫ُ‬
‫ه‬‫مَرأت َ ُ‬ ‫تا ْ‬ ‫خذ ْ َ‬ ‫ف‪ ،‬وَأ َ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫ي ِبال ّ‬ ‫حث ّ ّ‬ ‫ه؟ قَد ْ قَت َل ْ َ‬ ‫شّر ِفي ع َي ْن َي ْ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬
‫ف‬ ‫سي ْ ُ‬ ‫فارِقُ ال ّ‬ ‫ن ل َ يُ َ‬ ‫ن‪َ .‬وال َ‬ ‫مو َ‬ ‫ف ب َِني ع َ ّ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫ت بِ َ‬ ‫ة‪ ،‬وَإ ِّياه ُ قَت َل ْ َ‬ ‫مَرأ ً‬ ‫كا ْ‬ ‫لَ َ‬
‫ن‬‫كو َ‬ ‫ي ل ِت َ ُ‬ ‫حث ّ ّ‬ ‫مَرأ َة َ ُأورِّيا ال ْ ِ‬ ‫تا ْ‬ ‫خذ ْ َ‬ ‫قْرت َِني وَأ َ َ‬ ‫حت َ َ‬ ‫كا ْ‬ ‫د‪ ،‬ل َن ّ َ‬ ‫ك إ َِلى ال َب َ ِ‬ ‫ب َي ْت َ َ‬
‫ن ب َي ْت ِ َ‬ ‫م ع َل َي ْ َ‬ ‫ل الرب‪ :‬هَئ َن َ ُ‬ ‫ة‪ .‬هَك َ َ‬ ‫مَرأ َ ً‬ ‫لَ َ‬
‫خذ ُ‬ ‫ك‪َ ،‬وآ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫شّر ِ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫ذا أِقي ُ‬ ‫َ‬ ‫ذا َقا َ ّ ّ‬ ‫كا ْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ك ِفي‬ ‫سائ ِ َ‬ ‫معَ ن ِ َ‬ ‫جعُ َ‬ ‫ضط َ ِ‬ ‫ك‪ ،‬فَي َ ْ‬ ‫ريب ِ َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ن لِ َ‬ ‫طيهِ ّ‬ ‫ك وَأع ْ ِ‬ ‫م ع َي ْن َي ْ َ‬ ‫ما َ‬ ‫كأ َ‬ ‫ساَء َ‬ ‫نِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مَر‬ ‫ذا ال ْ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫سّر وَأَنا أفْعَ ُ‬ ‫ت ِبال ّ‬ ‫ت فَعَل ْ َ‬ ‫ك أن ْ َ‬ ‫س‪ .‬لن ّ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن هَذ ِهِ ال ّ‬ ‫ع َي ْ ِ‬
‫ن‪» :‬قَد ْ‬ ‫داوُد ُ ل َِناَثا َ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫س«‪ .‬فَ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫م ال ّ‬ ‫دا َ‬ ‫ل وَقُ ّ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ميِع إ ِ ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫م َ‬ ‫دا َ‬ ‫قُ ّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ك‬‫ل ع َن ْ َ‬ ‫ق َ‬ ‫ب أْيضا ً قَد ْ ن َ َ‬ ‫د‪» :‬الّر ّ‬ ‫داوُ َ‬ ‫ن لِ َ‬ ‫ل َناَثا ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ب«‪ .‬فَ َ‬ ‫ت إ َِلى الّر ّ‬ ‫خط َأ ُ‬ ‫أَ ْ‬
‫ر‬
‫م ِ‬
‫َ‬
‫ذا ال ْ‬ ‫ت ب ِهَ َ‬ ‫جعَل ْ َ‬ ‫ك قَد ْ َ‬ ‫ل أ َن ّ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫نأ ْ‬
‫ك‪ .‬ل َ تموت‪ .‬غ َير أ َنه م َ‬
‫َْ ّ ُ ِ ْ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫خط ِي ّت َ َ‬ ‫َ‬
‫موُْلود ُ ل َ َ‬ ‫َ‬
‫ت«‪.‬‬ ‫مو ُ‬ ‫ك يَ ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ن َفال ِب ْ ُ‬ ‫مُتو َ‬ ‫ش َ‬ ‫ب يَ ْ‬ ‫داَء الّر ّ‬ ‫أع ْ َ‬
‫ما‪ ،‬ونكتفي بالشارة إلى‪:‬‬ ‫كما هو واضح فالقصة مختلفة تما ً‬
‫‪ -1‬حكم داود بقتل الرجل المعتدي وأن يأخذ الفقير أربعة‬
‫أضعاف ما خسر‪ .‬وهذا مخالف للشريعة‪.‬‬
‫‪ -2‬وصف الرب داود بأنه محتقر لكلم الرب‪ .‬وهذا كفر‪.‬‬
‫‪ -3‬أن الرب لم يعتب عليه في حكمه‪ ،‬وإنما ترك الموضوع‬
‫برمته ليعاتبه فيما مضى‪.‬‬
‫كن قريب داود من نساء داود نفسه‬ ‫م ّ‬ ‫‪ -4‬توعد الرب بأن ي ُ َ‬
‫ويرتكب معهن جريمة الزنى جهاًرا نهاًرا‪.‬‬
‫‪ -5‬توعده الرب بموت ابنه الرضيع الذي ل ذنب له مع إعفاء‬
‫ذ‪.‬‬ ‫داود من الموت حينئ ٍ‬
‫‪ -11‬يحتجون بما جاء من روايات بشأن قوله في سيدنا سليمان‪:‬‬
‫قينا ع ََلى ك ُرسيه جسدا ث ُ َ‬ ‫َ‬
‫ب{ )ص‬ ‫م أَنا َ‬ ‫ْ ِ ّ ِ َ َ ً ّ‬ ‫ن وَأل ْ َ ْ َ‬ ‫ما َ‬ ‫سل َي ْ َ‬ ‫قد ْ فَت َّنا ُ‬ ‫}وَل َ َ‬
‫‪(34‬‬
‫كل الروايات باطلة لنه هناك فرق كما قلنا بين التفسير والتأريخ‪.‬‬
‫التفسير يدور حول المعاني واللفاظ‪ ،‬والتأريخ يدور حول‬
‫قا علمّيا ل‬ ‫الروايات‪ .‬والرواية التي ل سند لها وغير موثقة توثي ً‬
‫يلتفت إليها البتة‪ .‬وأما ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫بشأن هذه الية فهو ضعيف كما قال السيوطي فى كتابه‬
‫"الللىء المصنوعة فى الحاديث الموضوعة‪ .‬ج ‪ "2‬والصحيح هو‬
‫ما جاء في السنة الصحيحة‪:‬‬
‫‪ 3242‬حدثنا خالد بن مخلد حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن عن أبي‬
‫الزناد عن العرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم قال‪" :‬قال سليمان بن داود لطوفن الليلة على سبعين‬
‫امرأة تحمل كل امرأة فارسا يجاهد في سبيل الله فقال له‬
‫صاحبه إن شاء الله فلم يقل ولم تحمل شيئا إل واحدا ساقطا‬
‫أحد شقيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو قالها لجاهدوا‬
‫في سبيل الله‪) ".‬البخاري‪ .‬ج ‪ .3‬ص ‪(1260‬‬
‫وا منه ونسياًنا ول نشغاله بأمر ما‪.‬‬ ‫فلم يقل ‪ ...........‬أي سه ً‬
‫والسهو والنسيان ل يقدح في حق النبياء‪ .‬فقد نسي رسول الله‬
‫أن يقول‪" :‬إن شاء الله" ذات مرة‪ ،‬فنزل قوله تعالى‪:‬‬
‫كر‬‫ه َواذ ْ ُ‬ ‫شاء الل ّ ُ‬ ‫دا‪ .‬إ ِّل َأن ي َ َ‬ ‫ك غَ ً‬ ‫ل ذ َل ِ َ‬ ‫ع ٌ‬ ‫يٍء إ ِّني َفا ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن لِ َ‬ ‫قول َ ّ‬‫}وََل ت َ ُ‬
‫َ‬
‫دا{‬ ‫ش ً‬ ‫ذا َر َ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫ن َرّبي ِل َقَْر َ‬ ‫سى أن ي َهْد ِي َ ِ‬ ‫ل عَ َ‬ ‫ت وَقُ ْ‬ ‫سي َ‬ ‫ذا ن َ ِ‬ ‫ك إِ َ‬ ‫ّرب ّ َ‬
‫)الكهف ‪(24 ، 23‬‬
‫ويدعون أن سيدنا سليمان كان يفضل حب الدنيا على حب‬
‫الله‪:‬‬
‫َ‬ ‫د‪ .‬فَ َ‬
‫قا َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫ح ّ‬ ‫ت ُ‬ ‫حب َب ْ ُ‬‫يأ ْ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫جَيا ُ‬
‫ت ال ِ‬ ‫صافَِنا ُ‬ ‫ي ال ّ‬ ‫ش ّ‬ ‫ض ع َلي ْهِ ِبالعَ ِ‬ ‫)إ ِذ ْ ع ُرِ َ‬
‫ق‬
‫ف َ‬ ‫ي فَط َ ِ‬ ‫ها ع َل َ ّ‬ ‫دو َ‬
‫ب‪ُ .‬ر ّ‬ ‫جا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ت ِبال ْ ِ‬ ‫واَر ْ‬ ‫ى تَ َ‬ ‫حت ّ َ‬ ‫عن ذ ِك ْرِ َرّبي َ‬ ‫خي ْرِ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ق( )ص‪(3 – 31 :‬‬ ‫ق َوالع َْنا ِ‬ ‫سو ِ‬ ‫سحا ً ِبال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫عرضت على سيدنا سليمان الخيل الجميلة الكثيرة وقت‬
‫العشي وهو من الظهر أو العصر إلى نهاية النهار‪ .‬فغفل عن ذكر‬
‫وا ونسياًنا‪ .‬فعدها خطيئة مبرًرا ذلك بأنه أحب‬ ‫الله وتسبيحه سه ً‬
‫ما تجد في القرآن الكريم النبياَء‬ ‫ة‪ .‬ودو ً‬ ‫الخير عن ذكر الله نافل ً‬
‫ينسبون أي سهو أو نسيان أو ترك الوَْلى بأنه خطأ‪ .‬وهو في‬
‫الحقيقة ليس كذلك لن الله ل يؤاخذ بالسهو والنسيان‪ .‬ولذلك لم‬
‫يستغفر سيدنا سليمان من ذلك بل وأخذ يمسح بيديه على‬
‫أجسام الخيل تعبيًرا عن حب نعم الله والعتراف بفضله سبحانه‪.‬‬
‫‪ -12‬ويقولون أن أيوب نسب الضر للشيطان في قول القرآن‬
‫الكريم‪:‬‬
‫شي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬
‫ص ٍ‬‫ن ب ِن ُ ْ‬
‫طا ُ‬ ‫ي ال ّ‬
‫سن ِ َ‬
‫م ّ‬
‫ه أّني َ‬ ‫ب إ ِذ ْ َناد َىَ َرب ّ ُ‬ ‫)َواذ ْك ُْر ع َب ْد ََنآ أّيو َ‬
‫ب( )ص‪(41 :‬‬ ‫ذا ٍ‬‫وَع َ َ‬
‫إن كلمة "الشيطان" ل تطلق فقط على إبليس وذريته‪ ،‬بل تطلق‬
‫على كل ما يضر‪:‬‬
‫الشيطان اسم لكل عارم من الجن والنس والحيوانات‪) .‬مختار‬
‫الصحاح(‬
‫قال عليه السلم‪) :‬الحسد شيطان والغضب شيطان( )مفردات‬
‫غريب القرآن للصفهاني(‬
‫وعليه تنصرف لفظة "الشيطان" إلى كل ما يضر من الجن‬
‫والنس والحيوانات والميكروبات وما شابه بل والصفات‬
‫المذمومة كالغضب والحسد‪ .‬ويفسر ذلك قول سيدنا أيوب‬
‫نفسه‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن{ )‬‫مي َ‬
‫ح ِ‬‫م الّرا ِ‬ ‫ح ُ‬
‫ت أْر َ‬
‫ضّر وَأن َ‬
‫ي ال ّ‬‫سن ِ َ‬ ‫م ّ‬‫ه أّني َ‬ ‫دى َرب ّ ُ‬ ‫ب إ ِذ ْ َنا َ‬
‫}وَأّيو َ‬
‫‪ (83‬سورة النبياء‬

‫هذا والسلم عليكم‬


‫ورحمة الله‬
‫وبركاته‬
‫أخوكم وصديقكم وزميلكم‬
‫زيد جلل‬
‫‪Zaidgalal‬‬
‫=================‬
‫طرح الولد فى النهر صدر قبل ولدة موسى ل بعد إرساليته‬
‫الشبهة‪:‬‬
‫إن فى سورة العراف ‪ :‬أن المل من قوم فرعون بعد ولدة‬
‫موسى وظهور نبوته قالوا لفرعون ‪ :‬أتذر موسى وقومه ليفسدوا‬
‫قّتل أبناءهم وتستحيى‬ ‫سن ُ َ‬
‫فى الرض ؟ وقد رد عليهم بقوله ‪َ ) :‬‬
‫نساءهم وإنا فوقهم قاهرون ( )‪.(1‬‬
‫وفى سورة القصص ‪ :‬أن قتل البناء واستحياء النساء كانا من‬
‫قبل ولدة موسى وهذا تناقض‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬
‫إن قتل البناء واستحياء النساء كانا من قبل ولدة موسى ـ عليه‬
‫السلم ـ وهو فيما بعد يهدد باستمرار القتل والزيادة فيه ‪.‬‬
‫‪ (1‬العراف ‪.127 :‬‬
‫===============‬
‫داق امرأة موسى‬ ‫ص َ‬
‫َ‬
‫الشبهة‪:‬‬
‫إن فى سورة القصص أن موسى أصدق امرأته من مدين خدمة‬
‫ثمانى أو عشر لبيها ‪ .‬وفى التوراة أنه كان له سبع بنات ل اثنتين‬
‫‪ ،‬وأنه لم يصدق المرأة ‪ .‬ل بالخدمة ول بما يقوم مقامها‪.‬‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬
‫هب أنه كان عنده سبعة ‪ .‬وقدم له اثنتين لئقتين بحاله لينتقى‬
‫واحدة منهما ‪ .‬فما هو الشكال فى ذلك ؟ وحال يعقوب مع خاله‬
‫" لبان " ‪ ،‬كحال موسى مع كاهن مديان ‪ .‬فإنهما كانا يتعيشان‬
‫من رعى الغنم ‪ .‬وخدم يعقوب خاله سبع سنين صداقا ً لبنته‬
‫الولى " ليئة " وخدم سبع سنين أخرى صداقا ً لبنته الخرى "‬
‫راحيل " وموسى هارب من أرض مصر بل مال ‪ .‬فكيف يتزوج‬
‫فى أرض غريبة بل مال ‪.‬‬
‫وفى النص ما يدل على ما اتفقا عليه ‪ .‬وهو " فارتضى موسى‬
‫أن يسكن مع الرجل ‪ .‬فأعطى موسى صفورة ابنته " ارتضى‬
‫على ماذا ؟ ولماذا قال بعد الرتضاء ‪ " :‬فأعطى موسى صفورة‬
‫ابنته " ؟ والنص كله هو ‪ " :‬وكان لكاهن مديان سبع بنات ‪ .‬فأتين‬
‫واستقين وملن الجران ليسقين غنم أبيهن ‪ .‬فأتى الرعاة‬
‫فطردوهن ‪ .‬فنهض موسى وأنجدهن وسقى غنمهن ‪.‬‬
‫فلما أتين إلى رعوئيل أبيهن قال ‪ :‬ما بالكن أسرعتن فى‬
‫المجئ اليوم ؟ فقلن ‪ :‬رجل مصرى أنقذنا من أيدى الرعاة ‪،‬‬
‫وإنه استقى لنا أيضا ً وسقى الغنم ‪ .‬فقال لبناته ‪ :‬وأين هو ؟‬
‫لماذا تركتن الرجل ؟ ادعونه ليأكل طعاما ً ‪ .‬فارتضى موسى أن‬
‫يسكن مع الرجل ‪ ،‬فأعطى موسى صفورة ابنته " ]خر ‪[16 : 2‬‬
‫وفى النص السامرى ‪ " :‬فلما أمعن موسى فى السكنى مع‬
‫الرجل ؛ أعطاه صفورة ابنته لموسى زوجة "‪.‬‬
‫===============‬
‫لم ترث إسرائيل مصر‪.‬‬
‫الشبهة‪:‬‬
‫إن فى القرآن أن بنى إسرائيل ورثوا أرض مصر بعد هلك‬
‫فرعون ‪ .‬وهذا خطأ فإنهم لم يرثوا إل أرض كنعان ‪.‬‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ على قوله ‪ :‬إن دعوة موسى كانت خاصة لبنى إسرائيل ‪.‬‬
‫فإن حدود مصر تبدأ من " رفح " وهم يقولون ‪ :‬إن المواعيد هى‬
‫من النيل إلى الفرات ‪ .‬فيكون الجزء من رفح إلى النيل داخل ً‬
‫فى الرث ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ والرث ليس لستغلل خيرات الرض وتسخير أهلها فى‬
‫مصالح اليهود ‪.‬‬
‫ولكنه " إرث شريعة " فإن الله قال لبراهيم ـ عليه السلم ـ ‪" :‬‬
‫سر أمامى وكن كامل ً " ]تك ‪ [1 : 17‬أى امشى أمامى فى جميع‬
‫البلد لدعوة الناس إلى عبادتى وترك عبادة الوثان ‪ .‬وقد سار‬
‫إبراهيم ودعا بالكلم وبالسيوف ‪ .‬ولذلك سّر الله منه ‪ ،‬ووعده‬
‫بمباركة المم فى نسل ولديه إسحاق وإسماعيل ‪ .‬والبركة معناها‬
‫‪ :‬ملك النسل على المم إذا ظهر منه نبى ‪ .‬وسلمه الله شريعة ‪.‬‬
‫ولما ظهر موسى ـ عليه السلم ـ وسلمه الله التوراة ‪ .‬أمره‬
‫بنشرها بين المم ‪ .‬وإذا نشرها بين أمة فإنه يكون وارثا ً لهذه‬
‫المة " إرث شريعة " إذ هو بنشرها يكون بنو إسرائيل والمم‬
‫متساوون أمام الله فيها ‪ .‬وما فائدة بنو إسرائيل إل التبليغ فقط ‪.‬‬
‫وبه امتازوا عن المم ‪ .‬ويدل على ذلك ‪ :‬إرثهم لرض كنعان ـ كما‬
‫يقولون ـ فإنهم ورثوها لنشر شريعة التوراة فيها ‪ ،‬وكان الرث‬
‫على يد طالوت وداود ـ عليهما السلم ـ وقد قال داود ـ عليه‬
‫السلم ـ لجالوت وهو يحاربه ‪ :‬إن الحرب للرب ‪ .‬أى أن القتال‬
‫فى سبيل الله ‪ .‬ذلك قوله ‪ " :‬وتعلم هذه الجماعة كلها أنه ليس‬
‫بسيف ول برمح يخّلص الرب ؛ لن الحرب للرب ‪ .‬وهو يدفعكم‬
‫ليدنا "]صموئيل الول ‪.[47 : 17‬‬
‫وإذا أراد الله نسخ التوراة يكون معنى النسخ إزالة ملك النسل‬
‫اليهودى عن المم ليقوم النسل الجديد بتبليغ الشريعة التى أقرها‬
‫الله فيهم لتبليغها إلى المم ‪ .‬وهذا ما حدث فى ظهور السلم ‪.‬‬
‫فإن بنى إسماعيل ـ عليه السلم ـ حاربوا وملكوا ونشروا القرآن‬
‫وعلموه للمم ‪ .‬ولهم بركة ‪.‬‬
‫فإن الله قال لبراهيم عن إسماعيل ‪ " :‬وأما إسماعيل فقد‬
‫سمعت لك فيه ‪ .‬ها أنا أباركه " ]تك ‪.[20 : 17‬‬
‫وفى التوراة عن بركة إبراهيم ‪ " :‬وتتبارك فيك جميع قبائل‬
‫الرض " ]تك ‪ [3 : 12‬ومعنى مباركة جميع أمم الرض فى‬
‫إبراهيم ‪ :‬هو أن نسله يبلغون للناس شرائع الله ‪.‬‬
‫وفى التوراة عن إرث بنى إسماعيل للمم ‪ " :‬ويرث نسلك‬
‫أمما ً ‪ ،‬ويعمر مدنا ً خربة " ]إش ‪.[ 3 : 54‬‬
‫‪ 3‬ـ وكتب المؤرخين تدل على أن بنى إسرائيل أقاموا فى مصر ‪.‬‬
‫وقد نقل صاحب تفسير المنار فى سورة يونس عن يونانيين‬
‫قدماء أن موسى ـ عليه السلم ـ رجع إلى مصر بعد هلك جنود‬
‫فرعون وحكم فيها ثلث عشرة سنـة‪.‬‬
‫===============‬
‫ضربات مصر عشر ل تسع‪.‬‬
‫الشبهة‪ :‬ضربات مصر عشر ل تسع إن فى التوراة أن اليات‬
‫البينات عشر ‪ .‬وفى القرآن تسع )‪ .(1‬وهذا تناقض ‪.‬‬
‫الرد على الشبهة ‪:‬‬
‫إن مفسرى التوراة صرحوا بالختلف فى عدد هذه اليات‪.‬‬
‫فالية الثانية وهى الضفادع ؛ يوجد من يقول إنها التماسيح‪.‬‬
‫والية الثالثة قال بعضهم إنها ضربة القمل ‪ ،‬وقال بعضهم إنها‬
‫ضربة البعوض‪.‬‬
‫والية الرابعة قال بعضهم إنها ذباب الكلب خاصة ‪ ،‬وقيل مطلق‬
‫ذباب‪.‬‬
‫)‪ (1‬المقصود باليات التسع ما جاء فى القرآن الكريم فى قوله‬
‫تعالى ‪) :‬ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات( سورة السراء ‪:‬‬
‫‪ ، 101‬وقد ورد ذكر آية الطوفان فى قوله تعالى ‪) :‬فأرسلنا‬
‫مل والضفادع والدم آيات مفصلت‬ ‫عليهم الطوفان والجراد والق ّ‬
‫ما مجرمين( سورة العراف ‪ ،133 :‬أما بقية‬ ‫فاستكبروا وكانوا قو ً‬
‫اليات التسع فقد وردت فى آيات قرآنية أخرى‪.‬‬
‫================‬

‫الفهرس العام‬

You might also like