You are on page 1of 3

‫اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﻧﻘدي ﻋﻧد اﻟﻐزاﻟﻲ‪:‬‬

‫ﻛﻣ ــﺎ أن اﻟﺷ ــك ﻋﻧ ــد اﻟﻐ ازﻟ ــﻲ ﻗ ــد ﺷ ــﻣل ﺟﻣﯾ ــﻊ اﻟﻣ ــذاﻫب واﻟﻔ ــرق‪ ،‬واﻟﺗ ــﻲ ﺣ ــددﻫﺎ‬
‫ﺑﺄﺻــﻧﺎف اﻟطــﺎﻟﺑﯾن‪ ،‬ﻛــذﻟك ﺗوﺟــﻪ ﺑﺎﻟﻧﻘــد إﻟــﻰ ﻛــل ﻫــذﻩ اﻟﻣــذاﻫب واﻟﻔــرق‪ ،‬ﻓﻧﻘــد اﻟﻣﺗﻛﻠﻣــﯾن‬
‫واﻟﻔﻼﺳ ــﻔﺔ واﻟﺑﺎطﻧﯾ ــﺔ واﻟﺻ ــوﻓﯾﺔ‪ ،‬وﺳ ــوف ﻧﻘﺗﺻ ــر ﻫﻧ ــﺎ ﻋﻠ ــﻰ ﺑﯾ ــﺎن ﻧﻘ ــدﻩ ﻟﻠﻔﻼﺳ ــﻔﺔ ﻷﻧ ــﻪ‬
‫اﻟﻣذﻫب اﻷﻗرب إﻟـﻰ اﻟد ارﺳـﺔ‪ ،‬وﻷﻫﻣﯾـﺔ ﻫـذا اﻟﻧﻘـد ﻓـﻲ ﺗـﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺳـﻔﺔ‪ .‬وﺑﺳـﺑب ﻫـذا اﻟﻧﻘـد‬
‫ﻣــن ﻗﺑــل اﻟﻐ ازﻟــﻲ ﻟﻠﻔﻼﺳــﻔﺔ‪ ،‬دﻓــﻊ اﻟــﺑﻌض ﻣﻛــن اﻟﺑــﺎﺣﺛﯾن إﻟــﻰ اﻟﻘــول إﻟــﻰ أن اﻟﻔﻠﺳــﻔﺔ ﻗــد‬
‫ﻣﺎﺗت وﺿﺎﻋت ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻧﻘد اﻟﻐزاﻟﻲ ﻟﻬﺎ‪.‬‬

‫وﻗﺑل ﺑﯾﺎن اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﻛﻔر ﺑﻬﺎ اﻟﻐزاﻟﻲ اﻟﻔﻼﺳـﻔﺔ واﻟﺗـﻲ ﺑـدﻋﻬم ﻓﯾﻬـﺎ‪ ،‬ﻻﺑـ ّد ﻣـن‬
‫اﻹﺷــﺎرة إﻟــﻰ أن اﻟﻐ ازﻟــﻲ ﻟــم ﯾُﺣــرم وﯾﻬــﺎﺟم اﻟﻔﻼﺳــﻔﺔ ﺑﻛــل ﻓروﻋﻬــﺎ‪ .‬ﺑــل ﻋﻠــﻰ اﻟﻌﻛــس ﻓﻘــد‬
‫أدرك أن اﻟﻣﻧط ــق واﻟرﯾﺎﺿ ــﯾﺎت واﻟطﺑﯾﻌﯾ ــﺎت واﻷﺧ ــﻼق واﻟﺳﯾﺎﺳ ــﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫ ــﺎ ﻓ ــروع ﻣ ــن‬
‫اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ إﻧﻣﺎ ﻫـﻲ ﻓـروع ﻻ ﻏﺑـﺎر ﻋﻠﯾﻬـﺎ ‪ ،‬ﺑـل ﺣـض اﻟﻣﺳـﻠم ﻋﻠـﻰ أن ﯾﻘ ارﻫـﺎ وﯾـﺗﻌﻠم ﻣﻧﻬـﺎ‬
‫وﯾﺄﺧذ ﻋن ﻋﻠﻣﺎﺋﻬﺎ‪ ،‬وﻫو ﻧﻔﺳﻪ ﻗد اﺳﺗﻔﺎد ﻣﻧﻬـﺎ ﺟﻣﯾﻌـﺎً ﻓـﻲ ﻓﻠﺳـﻔﺗﻪ اﻟدﯾﻧﯾـﺔ‪ ،‬وﻋﻠـﻰ ﺳـﺑﯾل‬
‫اﻟﻣﺛــﺎل ﻓﻘــد اﺳــﺗﻔﺎد اﻟﻐ ازﻟــﻲ ﻣــن اﻟﻣﻧطــق ﻛﺛﯾ ـ اًر ﻓــﻲ د ارﺳــﺗﻪ ﻋﻠــم أﺻــول اﻟﻔﻘــﻪ‪ ،‬وﻛــذﻟك‬
‫اﺳــﺗﻔﺎد ﻣــن اﻟﻔﻠﺳــﻔﺔ اﻟطﺑﯾﻌﯾــﺔ واﻷﺧﻼﻗﯾــﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳــﯾﺔ‪ ،‬وﻏﯾرﻫــﺎ ﻓــﻲ ﺑﻧــﺎء ﻓﻠﺳــﻔﺗﻪ اﻟﺧﺎﺻــﺔ‬
‫ﺑﻪ‪.‬‬

‫ﻟﻛ ــن اﻟﺣﻘ ــل اﻟوﺣﯾ ــد ﻣ ــن ﺑ ــﯾن ﺣﻘ ــول اﻟﻔﻠﺳ ــﻔﺔ اﻟﺗ ــﻲ ذﻛرﻧﺎﻫ ــﺎ‪ ،‬واﻟ ــذي وﺟ ــﻪ إﻟﯾ ــﻪ‬
‫اﻟﻐ ازﻟــﻲ ﻧﻘــدﻩ ﻣــن ﺧﻼﻟــﻪ إﻟــﻰ اﻟﻔﻼﺳــﻔﺔ اﻟﺳــﺎﺑﻘﯾن )اﻟﻔــﺎراﺑﻲ واﺑــن ﺳــﯾﻧﺎ( ﻫــو)اﻹﻟﻬﯾــﺎت(‪.‬‬
‫ﻓﻛ ــل اﻟﻣﺳ ــﺎﺋل اﻟﺗ ــﻲ أﺷ ــﻛل ﻋﻠﯾﻬ ــﺎ اﻟﻐ ازﻟ ــﻲ ﻓ ــﻲ ﻛﺗﺎﺑ ــﻪ) ﺗﻬﺎﻓ ــت اﻟﻔﻼﺳ ــﻔﺔ( ﻫ ــﻲ ﺗﺧ ــص‬
‫اﻟﺟﺎﻧــب اﻹﻟﻬــﻲ أو اﻹﻟﻬﯾــﺎت‪ .‬وأول ﻣــﺎ ﺑــدأ اﻟﻐ ازﻟــﻲ ﺑــﻪ ﻫــو د ارﺳــﺔ اﻟﻔﻠﺳــﻔﺔ ﺣﯾــث وﻗــف‬
‫ﻋﻠﻰ ﺣﻘﺎﺋﻘﻬﺎ وﻣﺿﺎﻣﯾﻧﻬﺎ‪ ،‬وﻗد ﺑﯾن ذﻟك ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ )ﻣﻘﺎﺻد اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ(‪ ،‬ﺣﯾث ﺑﯾن أﻗﺳـﺎم‬
‫اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ واﻟﺗﻲ ﺣﺻرﻫﺎ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺳﺎم ﻫﻲ‪:‬‬
‫اﻟﻘﺳـــم اﻷول‪-‬اﻟـــدﻫرﯾون‪ :‬وﯾ ــرى أن ﻫ ــؤﻻء ﺟﺣ ــدوا اﻟﺻ ــﺎﻧﻊ اﻟﻣ ــدﺑر)اﷲ(‪ ،‬وﻫ ــم ﺑ ــذﻟك‬
‫زﻧﺎدﻗﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻘﺳــم اﻟﺛــﺎﻧﻲ‪-‬اﻟطﺑﯾﻌﯾــون‪ :‬وﯾــرى أن ﻫــؤﻻء أﻛﺛــروا ﻓــﻲ ﺑﺣــﺛﻬم ﻋــن اﻟطﺑﯾﻌــﺔ وﻋﺟﺎﺋــب‬
‫اﻟﺣﯾوان واﻟﻧﺑﺎت‪ ،‬وﻋﻠم اﻟﺗﺷرﯾﺢ ﻓﻲ أﻋﺿﺎء اﻟﺣﯾوان وزﻋﻣوا أن اﻟﻧﻔس ﺗﻣوت وﻻ ﺗﻌـود‪،‬‬
‫ﻓﺟﺣدوا اﻵﺧرة‪ ،‬وﻫم أﯾﺿﺎً زﻧﺎدﻗﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻘﺳــم اﻟﺛﺎﻟــث‪-‬اﻹﻟﻬﯾــون‪ :‬اﻟــذﯾن ﻛﺷــﻔوا ﻋــن ﺗﻬﺎﻓــت أﻗ ـوال اﻟﺳــﺎﺑﻘﯾن‪ ،‬وﻟﻛــن ﺑﻘﯾــت ﻓــﻲ‬
‫أﻓﻛــﺎرﻫم رواﺳــب ﻣــن اﻟﺑــدع ﺗوﺟــب ﺗﻔﻛﯾ ــرﻫم‪ ،‬وﯾﻌﺗــرف اﻟﻐ ازﻟــﻲ أن ﻓــﻲ ﻋﻠــوﻣﻬم ﻣ ــﺎ ﻻ‬
‫ﯾﺟــب ﺗﻛﻔﯾـرﻩ ﻛــﺎﻟﻣﻧطق واﻟطﺑﯾﻌﯾــﺎت واﻟﺗــﻲ ﻻ ﺗﺗﻌﻠــق ﺑﺎﻟــدﯾن أﺻـﻼً‪ ،‬وﻫــؤﻻء ﻫــم اﻟﻔــﺎراﺑﻲ‬
‫واﺑن ﺳﯾﻧﺎ‪.‬‬

‫وﺑﻌـ ــد أن ﺑـ ــﯾن اﻟﻐ ازﻟـ ــﻲ أﻗﺳـ ــﺎم اﻟﻔﻼﺳـ ــﻔﺔ وﻋـ ــرض ﻣـ ــذﻫﺑﻬم ﻓـ ــﻲ ﻛﺗﺎﺑـ ــﻪ)ﻣﻘﺎﺻـ ــد‬
‫اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ( ﺑدأ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ )ﺗﻬﺎﻓت اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ( ﯾُﺑﯾن اﻏﺎﻟﯾطﻬم‪ ،‬وﺣﺻر اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﺗـﻲ وﻗﻌـوا‬
‫ﺑﻬ ــﺎ اﻟﻔﻼﺳ ــﻔﺔ ﻓ ــﻲ اﻏ ــﺎﻟﯾط ﻓ ــﻲ ﻋﺷـ ـرﯾن ﻣﺳـ ـﺄﻟﺔ‪ ،‬ﻛﻔ ــرﻫم ﻓ ــﻲ ﺛ ــﻼث ﻣﻧﻬ ــﺎ وﺑ ــدﻋﻬم ﻓ ــﻲ‬
‫اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻷﺧرى‪ .‬أﻣﺎ اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﻛﻔر ﺑﻬﺎ اﻟﻐزاﻟﻲ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻓﻬﻲ‪:‬‬

‫‪ -١‬إﻧﻛـــﺎرﻫم ﺑﻌـــث اﻷﺟﺳـــﺎد‪ :‬ﻓﺎﻟﻔﻼﺳــﻔﺔ ﻛﺎﻟﻔــﺎراﺑﻲ واﺑــن ﺳــﯾﻧﺎ ﻗــد ذﻫﺑ ـوا إﻟــﻰ اﻹﻧﺳــﺎن‬
‫ﯾﺣﺷر ﯾوم اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ ﺑروﺣﻪ ﻓﻘط‪ ،‬ﻟذﻟك ﻗﺎﻟوا ﺑﻣﺎ ﯾﺳـﻣﻰ )ﺑﺎﻟﻣﻌـﺎد اﻟروﺣـﺎﻧﻲ( وﺑﺎﻟﺗـﺎﻟﻲ ﻓـﺎن‬
‫اﻟﺛواب واﻟﻌﻘﺎب ﻓﻲ اﻵﺧـر ﻫـو ﻟـﻸرواح ﻓﻘـط دون اﻷﺟﺳـﺎد‪ .‬وﻗـد ﻛﻔـر اﻟﻐ ازﻟـﻲ اﻟﻔﻼﺳـﻔﺔ‬
‫ﺑﻬــذﻩ اﻟﻣﺳــﺄﻟﺔ ﻋﻠــﻰ اﻋﺗﺑــﺎر أﻧﻬــﺎ ﻣﺧﺎﻟﻔــﺔ ﻟﻣــﺎ ﺟــﺎء ﺑــﻪ اﻟﺷــرع أو اﻟﻘـرآن ﻣــن إن اﻹﻧﺳــﺎن‬
‫ﯾﺣﺷر ﺑروﺣﻪ وﺑدﻧﻪ‪.‬‬

‫‪ -٢‬ﻗﺻورﻫم ﻋﻠم اﷲ ﻋﻠﻰ اﻟﻛﻠﯾﺎت دون اﻟﺟزﺋﯾﺎت‪ :‬ﻓـﺎﷲ ﺑـرأي اﻟﻔﻼﺳـﻔﺔ ﯾﻌﻠـم اﻷﺷـﯾﺎء‬
‫ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﻛﻠﻲ‪ ،‬وﻻ ﯾﻌﻠم ﺟزﺋﯾﺎت اﻷﺷﯾﺎء ﻷن ﻋﻠﻣﻪ ﺑﻬﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ ﺗﻐﯾر اﻟـذات اﻹﻟﻬﯾـﺔ‬
‫اﻟﺗــﻲ ﻫــﻲ ﺛﺎﺑﺗــﺔ وﺑﻌﯾــدة ﻋــن اﻟﺗﻐﯾــر واﻟﺗﺑــدل‪ .‬أﻣــﺎ اﻟﻐ ازﻟــﻲ ﻓﻘــد ﻛﻔــرﻫم ﺑﻬــذﻩ اﻟﻣﺳــﺄﻟﺔ ﻷن‬
‫ْض وََﻻ ﻓِـﻲ‬
‫َـﺎل ذَ ﱠرةٍ ﻓِـﻲ ْاﻷَر ِ‬
‫ﱢﻚ ِﻣ ْﻦ ِﻣﺜْـﻘ ِ‬ ‫ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﯾؤﻣﻧون ﺑﺎﻵﯾﺔ اﻟﻛرﯾﻣﺔ) َوﻣَﺎ ﻳَـ ْﻌﺰ ُ‬
‫ُب َﻋ ْﻦ َرﺑ َ‬
‫ﺴﻤَﺎ ِء(‪ .‬ﻓﺎﷲ ﯾﻌﻠم ﻛل اﻷﺷﯾﺎء‪ ،‬ظﺎﻫ ار وﺑﺎطﻧﻬﺎ ‪ ،‬ﺻﻐﯾرﻫﺎ وﻛﺑﯾرﻫﺎ‪.‬‬
‫اﻟ ﱠ‬

‫‪ -٣‬ﻗوﻟﻬم ﺑﻌد اﻟﻌﺎﻟم وأزﻟﯾﺗﻪ‪ :‬ﺣﯾث ذﻫـب اﻟﻔﻼﺳـﻔﺔ إﻟـﻰ أن اﻟﻌﻠـم ﻗـدﯾم أزﻟـﻲ ﻣﺗـﺄﺛرﯾن‬
‫ﺑﺄرﺳطو ﻓﻲ ذﻟك‪ ،‬ﻟﻛﻧﻬم ﺣﺎوﻟوا اﻟﺗوﻓﯾق ﺑـﯾن ﻗـوﻟﻬم ﻫـذا وﺑـﯾن اﻟﺷـرع وﻣـﺎ ﺻـرح ﺑـﻪ ﻣـن‬
‫ان اﷲ ﺧﺎﻟق اﻟﻌﺎﻟم‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟوا ﺑﻧظرﯾﺔ اﻟﻔـﯾض اﻟﺗـﻲ ﻣـن ﺧﻼﻟﻬـﺎ ﻓﺳـروا ﺻـدور اﻟﻌﺎﻣـل ﻋـن‬
‫اﷲ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﻐزاﻟﻲ ﻓﻘد رﻓض رأي اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻫذا‪ ،‬وﻗرر أن اﻟﻌﺎﻟم ﺣﺎدث وﻣﺧﻠوق ﻣن ﻗﺑـل‬
‫اﷲ‪ ،‬ﺑﻣﻌﻧﻰ أﻧﻪ ﻻ وﺟـود ﻟﻌـﺎﻟم ﻗﺑـل ﺧﻠﻘـﻪ واﻋﺗﺑـﺎرﻩ ﻗـدﯾم ﻗـدم اﷲ ﻛﻣـﺎ ﻓﻌـل اﻟﻔـﺎراﺑﻲ واﺑـن‬
‫ﺳﯾﻧﺎ ﻣن ﻗﺑل‪.‬‬

‫وﻗــد اﻋﺗﻣــد اﻟﻐ ازﻟــﻲ ﻓــﻲ ﻧﻘــدﻩ ﻟﻠﻔﻼﺳــﻔﺔ ﻋﻠــﻰ ﻋــدد ﻣــن اﻟﻣرﺟﻌﯾــﺎت‪ ،‬واﻟﺗــﻲ ﻣﻧﻬــﺎ‬
‫اﻋﺗﻣ ــﺎدﻩ ﻋﻠ ــﻰ ﻣﻌط ــﻰ اﻟﺷـ ـرﯾﻌﺔ وﺗط ــﺎﺑق اﻟﺣ ــدود ﻣﻌﻬ ــﺎ‪ .‬ﻓﻣوﻗ ــف اﻟﻐ ازﻟ ــﻲ ﻣ ــن اﻟﻌﻘ ــل‬
‫واﻟﺷرﯾﻌﺔ أو اﻟﻧﻘل ﻫو ﻣوﻗف ﻣﺗﺳﺎوي‪ ،‬ﻓﻛﻣﺎ أن اﻟﻌﻘل ﺿروري وﻣﻬـم ﻓـﻲ اﻻﺳـﺗدﻻﻻت‬
‫اﻟﻣﻧطﻘﯾــﺔ واﻟرﯾﺎﺿــﯾﺔ‪ ،‬ﻛــذﻟك اﻟﺷــرع ﻻ ﻏﻧــﻰ ﻋﻧــﻪ ﻓــﻲ اﻟﺑﺣــث ﻋــن اﻟﺣﻘﯾﻘــﺔ‪ ،‬ﻓﻛــل ﻣﻧﻬﻣــﺎ‬
‫ﻣﻛﻣل ﻟﻶﺧر‪ .‬وﻻﺑ ّد ﻟﻠﺑﺎﺣث ﻋن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓﻲ ﻛـل ﻣﺟـﺎل ﻣـن ﻣﺟـﺎﻻت اﻟﻣﻌرﻓـﺔ أن ﯾوﻓـق‬
‫ﺑﯾن اﻻﺛﻧﯾن‪ ،‬اﻟﻌﻘل واﻟﺷـرع‪ ،‬وﯾﻌﺑـر اﻟﻐ ازﻟـﻲ ﻋـن ﻫـذﻩ اﻟﻌﻼﻗـﺔ ﺑـﯾن اﻟﺷـرع واﻟﻌﻘـل ﺑﻘوﻟـﻪ‪:‬‬
‫أن اﻟﺷــرع ﻋﻘــل ﻣــن ﺧــﺎرج‪ ،‬واﻟﻌﻘــل ﺿــرع ﻣــن داﺧــل‪ ،‬وﻫﻣــﺎ ﻣﺗﺿــﺎدان ﺑــل ﻣﺗﺣــدان وان‬
‫اﻟﻌﻘــل ﻟــن ﯾﻬﺗــدي إﻻ ﺑﺎﻟﺷــرع‪ ،‬واﻟﺷــرع ﻟــن ﯾﺗﺑــﯾن إﻻ ﺑﺎﻟﻌﻘــل‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌﻘــل ﻛﺎﻷﺳــﺎس‪ ،‬واﻟﺷــرع‬
‫ﻛﺎﻟﺑﻧﺎء‪ ،‬وﻟن ﯾﻐﻧﻲ أﺳﺎس ﻣﺎ ﻟم ﯾﻛن ﻫﻧﺎ ﺑﻧﺎء‪ ،‬وﻟن ﯾﺑت ﺑﻧﺎء ﻣﺎ ﻟم ﯾﻛون أﺳﺎس‪.‬‬

You might also like