Professional Documents
Culture Documents
مناسك الحج (بالترتيب خطوة خطوة)
مناسك الحج (بالترتيب خطوة خطوة)
الحمد هلل رب العالمين ،الرحمن الرحيم ،مالك يوم الدين ،والصالة والسالم على رسول هللا ،وعلى آله وأزواجه وأصحابه أجمعين،
:وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد
يستعد المسلم لهذه الرحلة ،فإذا وصل إلى الميقات اس ُتحِبَّ له أن يغتسل ويتطيب ،وأن المرأة إذا وصلت إلى الميقات وهي حائض أو
ُ .ن َفساء تغتسل و ُت ِ
حر م مع الناس ،وتفعل ما يفعله الحاج غير الطواف بالبيت
.ويُستحب لمن أراد اإلحرام أن يتعاهد شاربه وأظفاره وعانته وإبطيه ،فيأخذ ما تدعو الحاجة إلى أخذه
.وأما المرأة ،فيجوز لها أن ُت حرم فيما شاءت من أسود أو أخضر أو غيرهما ،لكن ليس لها أن تلبس النقاب والقفازين حال إحرامها
ثم بعد الفراغ من الغسل والتنظيف ولبس ثياب اإلحرام ،يصلي ركعتين ،ثم ينوي بقلبه الدخول في النسك الذي يريده من حج أو عمرة،
ويشرع له التلفظ بما نوى ،فإن كانت نيته العمرة قال" :لبيك عمرة" أو "اللهم لبيك عمرة" ،وإن كانت نيته الحج قال" :لبيك ًّ
حجا" أو
".اللهم لبيك ح ًّج ا" ،واألفضل أن يكون التلفظ بذلك بعد استوائه على مركوبه من دابة أو سيارة أو غيرهما
:المواقيت خمسة
.ذو الحليفة؛ وهو ميقات أهل المدينة ،وهو المسمى عند الناس اليوم أبيار عليٍّ ):األول(
الجُحْ فة؛ وهي ميقات أهل الشام ،وهي قرية خراب تلي موضع (رابغ) ،والناس اليوم يحرمون من رابغ ،ومن أحرم من رابغ ):الثاني(
.فقد أحرم من الميقات؛ ألن راب ًغا قبلها بيسير
.قرن المنازل؛ وهو ميقات أهل نجد ،وهو المسمى اليوم (السيل) ):الثالث(
.وهذه المواقيت قد و َّقتها النبي صلى هللا عليه وسلم لمن ذكرنا و َمن مرَّ عليها ِمن غيرهم ،ممن أراد الحج أو العمرة
والواجب على من مر عليها أن يُحرم منها ،ويحرُم عليه أن يتجاوزها بدون إحرام إذا كان قاص ًدا مكة يريد ح ًّجا أو عمرة ،سواء كان -
.مروره عليها من طريق األرض أو من طريق الجو
مالحظة :والمشروع لمن توجه إلى مكة من طريق الجو بقصد الحج أو العمرة أن يتأهب لذلك بالغسل ونحوه قبل الركوب في الطائرة،
فإذا دنا من الميقات لبس إزاره ورداءه ،ثم لبَّى بالعمرة إن كان الوقت متس ًعا ،وإن كان الوقت ضي ًقا لبى بالحج ،وإن لبس إزاره ورداءه
قبل الركوب أو قبل الدنو من الميقات ،فال بأس ،ولكن ال ينوي الدخول في النسك ،وال يلبي بذلك إال إذا حاذى الميقات أو دنا منه ،وبعض
جو ز أن يبدأ باإلحرام عند قيام الطائرة ،خشية أن تكون لسرعتها تتجاوز الميقات من غير إحرام .الفقهاء َّ
.مسألة :من أراد العمرة وهو في الحرم ،فعليه أنه يخرج إلى الحل ويُحرم بالعمرة منه
:اعلم أن األنساك التي يحرم بها الحاج ثالثة أفضلها التمتع أو اإلفراد
نسك التمتع :أن يحرم بالعمرة فينويها بقلبه ويتلفظ بلسانه قائاًل " :لبيك عمرة" ،أو "اللهم لبيك عمرة" ،ثم يلبي بتلبية النبي صلى هللا عليه
وسلم وهي(( :لبيك اللهم لبيك ،لبيك ال شريك لك لبيك ،إن الحمد والنعمة لك والملك ،ال شريك لك)) ،و ُي ْكثِر من هذه التلبية ومن ذكر هللا
سبحانه حتى يصل إلى البيت ،فإذا وصل إلى البيت ،قطع التلبية ،وطاف بالبيت سبعة أشواط ،وصلى خلف المقام ركعتين ،ثم خرج إلى
صره ،وبذلك تمت عمرته ،وح َّل له كل شيء حرم عليه الصفا ،وطاف بين الصفا والمروة سبعة أشواط ،ثم حلق شعر رأسه أو ق َّ
.باإلحرام ،ثم يحرم بالحج من مكة يوم التروية ،ويجب عليه أن ينحر َه ْديًا
.مالحظة :اختلفوا في وقت ذبح هديِ التمتع؛ فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أنه يختص بأيام النحر الثالثة
وذهب الشافعية إلى أنها ال تختص بزمان ،بل يجوز أن يذبحها بعد اإلحرام بالحج في التمتع ،ويجوز قبل اإلحرام بالحج بعد التحلل من
.العمرة في األظهر
نسك اإلفراد :أن ينوي اإلحرام بالحج فقط ،قائاًل " :لبيك ح ًّجا" ،ويبقى محر ًم ا إلى أن يفرغ من أعمال الحج ،فإذا فرغ من أعمال الحج،
.عاد إلى خارج حدود الحرم فاعتمر وأتى بأعمال العمرة ،وليس عليه هد ٌ
ي
ينوي ح ًّجا وعمرة معً ا ،ثم يمضي في أعمال الحج ،فتندرج تحتها العمرة أيضا ،ويجب عليه أن ينحر هديًا
َ .نسك القِران :أن
.ال يجوز للمحرم بعد نية اإلحرام سواء كان ذكرً ا أو أنثى أن يأخذ شيًئ ا من شعره أو أظفاره أو يتطيب
مخيط ا على جملته يعني على هيئته التي فصل وخيط عليها؛ كالقميص ،أو على بعضه؛ كالفانيلة ً وال يجوز َّ
للذ َك ِر خاصة أن يلبس
.والسراويل والخفين والجوربين ،إال إذا لم يجد إزارً ا ،جاز له لبس السراويل ،وكذا من لم يجد نعلين ،جاز له لبس الخفين
.ويجوز للمحرم لبس الخِفاف التي ساقها دون الكعبين؛ لكونها من جنس النعلين
.ويجوز للمحرم أن يغتسل ويغسل رأسه ويحكه إذا احتاج إلى ذلك برفق وسهولة ،فإن سقط من رأسه شيء بسبب ذلك ،فال حرج عليه
ً
مخيط ا لوجهها؛ كالبرقع والنقاب ،أو ليديها؛ كالقفازين ،والقفازان :ما يُخاط أو يُنسج من الصوف أو ويحرم على المرأة المحرمة أن تلبس
.القطن أو غيرهما على قدر اليدين
.ويُباح لها من المخيط ما سوى ذلك؛ كالقميص والسراويل والخفين والجوارب ونحو ذلك
.وكذلك يُباح لها سدل خمارها على وجهها إذا احتاجت إلى ذلك عند المرور باألجانب ،وإن مسَّ الخمار وجهها ،فال شيء عليها
.وأما ما اعتادته الكثيرات من النساء من جعل العصابة تحت الخمار لترفعه عن وجهها ،فال أصل له
ويجوز للمحرم من الرجال والنساء غسل ثيابه التي أحرم فيها من وسخ أو نحوه ،ويجوز له إبدالها بغيرها ،وال يجوز له لبس شيء من
.الثياب مسه الزعفران أو الورس
ويحرم على المحرم من الرجال والنساء قتل الصيد البري ،والمعاونة في ذلك ،وتنفيره من مكانه ،وعقد النكاح والجماع وخطبة النساء
.ومباشرتهن بشهوة
غطى رأسه ،أو تطيب ناسيًا أو جاهاًل ،فال فدية عليه ،ويزيل ذلك متى ذكر أو علِم ،وهكذا من حلق رأسه أو ً
مخيطا ،أو َّ وإن لبس المحرم
اًل َّ ًئ
.أخذ من شعره شي ا أو قلم أظافره ناسيًا أو جاه ،فال شيء عليه
.ويحرم على المسلم محرمًا كان أو غير محرم ،ذكرً ا كان أو أنثى قتل صيد الحرم ،والمعاونة في قتله بآلة أو إشارة أو نحو ذلك
ويحرم تنفيره من مكانه ،ويحرم قطع شجر الحرم ونباته األخضر ولُقطته إال لمن يعرفها ،و ِم ًنى ومزدلفة من الحرم ،وأما عرفة فمن
.ال ِح ِّل
:الفصل الخامس :فيما يفعله الحاج عند دخول مكة ،وبيان ما يفعله بعد دخول المسجد الحرام من الطواف وصفته
فإذا وصل المحرم إلى مكة اس ُتحِب له أن يغتسل قبل دخولها ،فإذا وصل إلى المسجد الحرام سُنَّ له تقديم رجله اليمنى ،ويقول( :بسم هللا،
.والصالة والسالم على رسول هللا ،أعوذ باهلل العظيم ،وبوجهه الكريم ،وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم ،اللهم افتح لي أبواب رحمتك)
فإذا وصل إلى الكعبة ،قطع التلبية قبل أن يشرع في الطواف إن كان متمت ًعا أو معتمرً ا ،ثم قصد الحجر األسود واستقبله ،ثم يستلمه بيمينه
ويقبله إن تيسر ذلك ،وال يؤذي الناس بالمزاحمة ،ويقول عند استالمه" :بسم هللا وهللا أكبر" ،فإن شق التقبيل استلمه بيده أو عصاَ ،و َق َّب َل ما
".استلمه به ،فإن شق استالمه أشار إليه وقال" :هللا أكبر
وال يُقبِّل ما يشير به ،ويجعل البيت عن يساره حال الطواف ،ويطوف سبعة أشواط ،و َير ُم ُل في جميع الثالثة اُأل َول من الطواف األول،
وهو الطواف الذي يأتي به أول ما يقدم مكة ،سواء كان معتمرً ا أو متمت ًعا أو محرمًا بالحج وحده ،أو قار ًنا بينه وبين العمرة ،ويمشي في
.األربعة الباقية يبتدئ كل شوط بالحجر األسود ،ويختم به ،والرَّ َمل هو اإلسراع في المشي مع مقاربة الخطى
ويُستحب له أن يضطبع في جميع هذا الطواف دون غيره ،واالضطباع أن يجعل وسط الرداء تحت منكبه األيمن ،وطرفيه على عاتقه
األيسر ،وإن شك في عدد األشواط بنى على اليقين وهو األقل ،فإذا شك هل طاف ثالثة أشواط أو أربعة ،جعلها ثالثة ،وهكذا يفعل في
.السعي
.وبعد فراغه من هذا الطواف ،يرتدي بردائه فيجعله على كتفيه ،ويجعل طرفيه على صدره ،قبل أن يصلي ركعتي الطواف
وال يشرع الرَّ َم ل واالضطباع في غير هذا الطواف ،وال في السعي ،وال للنساء ،ويكون حال الطواف متطهرً ا من األحداث واألخباث،
.خاض ًعا لربه ،متواضعًا له
.ويستحب له أن يكثر في طوافه من ذكر هللا والدعاء ،وإن قرأ فيه شيًئ ا من القرآن ،فحسنٌ
فإذا حاذى الركن اليماني استلمه بيمينه ،وقال" :بسم هللا وهللا أكبر" ،وال يُقبِّله ،فإن شق عليه استالمه ،تركه ومضى في طوافه ،وال يشير
إليه ،وال يكبر عند محاذاته ،ويستحب له أن يقول بين الركن اليماني والحجر األسودَ ﴿ :ر َّب َنا آ ِت َنا فِي ال ُّد ْن َيا َح َس َن ًة َوفِي اآْل خ َِر ِة َح َس َن ًة َوقِ َنا
ار ﴾ [البقرة]201 : َ .ع َذ َ
اب ال َّن ِ
.وكلما حاذى الحجر األسود ،استلمه وقبَّله وقال" :هللا أكبر" ،فإن لم يتيسر استالمه وتقبيله ،أشار إليه كلما حاذاه وكبَّر
وال بأس بالطواف من وراء زمزم والمقام ،وال سيما عند الزحام والمسجد كله محل للطواف ،ولو طاف في أروقة المسجد أجزأه ذلك،
.ولكن طوافه قرب الكعبة أفضل إذا تيسر ذلك
فإذا فرغ من الطواف ،صلى ركعتين خلف المقام إذا تيسر له ذلك ،وإن لم يتيسر له ذلك لزحام ونحوه ،صاَّل هما في أي موضع من
ُون ﴾ و﴿ قُ ْل ه َُو هَّللا ُ َأ َح ٌد ﴾ ،ثم يقصد الحجر األسود فيستلمه بيمينه ،إن تيسر له
المسجد ،ويسن أن يقرأ فيهما بعد الفاتحة ﴿ قُ ْل َيا َأ ُّي َها ْال َكا ِفر َ
.ذلك
ص َفا َو ْال َمرْ َو َة مِنْ
ثم يخرج إلى الصفا من بابه فيرقاه ،أو يقف عنده ،والرقي على الصفا أفضل إن تيسر ويقرأ عند ذلك قوله تعالىِ ﴿ :إنَّ ال َّ
اِئر هَّللا ِ ﴾ [البقرة]158 : َ .ش َع ِ
ويستحب أن يستقبل القبلة ويحمد هللا ويكبره ،ويقول" :ال إله إال هللا ،وهللا أكبر ،ال إله إال هللا وحده ال شريك له ،له الملك وله الحمد ،يحيي
ويميت وهو على كل شيء قدير ،ال إله إال هللا وحده ،أنجز وعده ،ونصر عبده ،وهزم األحزاب وحده" ،ثم يدعو بما تيسر رافعً ا يديه،
ويكرر هذا الذكر والدعاء ثالث مرات ،ثم ينزل فيمشي إلى المروة حتى يصل إلى العلم األول ،فيسرع الرجل في المشي إلى أن يصل
إلى العلم الثاني ،وأما المرأة ،فال يشرع لها اإلسراع بين العلمين؛ ألنها عورة ،وإنما المشروع لها المشي في السعي كله ،ثم يمشي فيرقى
المروة ،أو يقف عندها ،والرقي عليها أفضل إن تيسر ذلك ،ويقول ويفعل على المروة كما قال وفعل على الصفا ،ما عدا قراءة اآلية؛
اِئر هَّللا ِ ﴾ [البقرة ،] 158 :فهذا إنما يشرع عند الصعود إلى الصفا في الشوط األول فقط ،ثم ص َفا َو ْال َمرْ َو َة مِنْ َش َع ِ
وهي قوله تعالىِ ﴿ :إنَّ ال َّ
.ينزل فيمشي في موضع مشيه ،ويسرع في موضع اإلسراع حتى يصل إلى الصفا ،يفعل ذلك سبع مرات ذهابه شوط ،ورجوعه شوط
ويستحب أن يكثر في سعيه من الذكر والدعاء بما تيسر ،وأن يكون متطهرً ا من الحدث األكبر واألصغر ،ولو سعى على غير طهارة
.أجزأه ذلك ،وهكذا لو حاضت المرأة أو نفست بعد الطواف ،سعت وأجزأها ذلك
فإذا كمل السعي حلق رأسه أو قصره ،والحلق للرجل أفضل ،فإن قصر وترك الحلق للحج فحسنٌ ،وإذا كان قدومه مكة قريبًا من وقت
.الحج فالتقصير في حقه أفضل ليحلق بقية رأسه في الحج
فإذا فعل المحرم ما ُذ كر ،فقد تمت عمرته ،وحل له كل شيء حرم عليه باإلحرام ،إال أن يكون قد ساق الهدي من الحل ،فإنه يبقى على
.إحرامه حتى يحل من الحج والعمرة جمي ًعا
تطفْ بالبيت وال تسعى بين الصفا والمروة حتى تطهر ،فإذا طهرت ،طافت وسعت وإذا حاضت المرأة أو نفست بعد إحرامها بالعمرة ،لم ُ
وقصرت من رأسها وتمت عمرتها بذلك ،فإن لم تطهر قبل يوم التروية ،أحرمت بالحج من مكانها الذي هي مقيمة فيه ،وخرجت مع
الناس إلى ِم ًن ى ،وتصير بذلك قارنة بين الحج والعمرة ،وتفعل ما يفعله الحاج من الوقوف بعرفة ،وعند المشعر ،ورمي الجمار ،والمبيت
ً
واحدا ،وأجزأها ذلك بمزدلفة و ِم ًن ى ،ونحر الهدي والتقصير ،فإذا طهرت ،طافت بالبيت وسعت بين الصفا والمروة طوا ًفا واح ًدا ،وسعيًا
.عن حجها وعمرتها جمي ًعا
وإذا رمت الحائض والنفساء الجمرة يوم النحر وقصرت من شعرها ،حل لها كل شيء حرم عليها باإلحرام؛ كالطيب ونحوه ،إال الزوج
.حتى تكمل حجها كغيرها من النساء الطاهرات ،فإذا طافت وسعت بعد الطهر ،حل لها زوجها
:الفصل السادس :في حكم اإلحرام بالحج يوم الثامن من ذي الحجة والخروج إلى منى
.فإذا كان يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة اس ُتحب للمحلِّين بمكة ومن أراد الحج من أهلها اإلحرا ُم بالحج من مساكنهم
ويُستحب أن يغتسل ويتنظف ويتطيب عند إحرامه بالحج ،كما يفعل ذلك عند إحرامه من الميقات ،وبعد إحرامهم بالحج يُسن لهم التوجه
إلى ِم ًن ى قبل الزوال أو بعده من يوم التروية ،ويكثرون من التلبية إلى أن يرموا جمرة العقبة ،ويصلُّون ب ِم ًنى الظهر والعصر والمغرب
ُصلُّوا كل صالة في وقتها قصرً ا بال جمع ،إال المغرب والفجر ،فال يقصران.والعشاء والفجر ،والسنة أن ي َ
.ثم بعد طلوع الشمس من يوم عرفة يتوجه الحاج من منى إلى عرفة ،ويسن أن ينزلوا بنمرة إلى الزوال ،إن تيسر ذلك
فإذا زالت الشمس يسن لإلمام أو نائبه أن يخطب الناس خطبة تناسب الحال يبين فيها ما يشرع للحاج في هذا اليوم وبعده ،ويأمرهم فيها
بتقوى هللا وتوحيده واإلخالص له في كل األعمال ،ويحذرهم من محارمه ،ويوصيهم فيها بالتمسك بكتاب هللا وسنة نبيه صلى هللا عليه
وسلم ،والحكم بهما والتحاكم إليهما في كل األمور؛ اقتداء بالنبي صلى هللا عليه وسلم في ذلك كله ،وبعدها يصلون الظهر والعصر قصرً ا
.وجم ًعا في وقت األولى بأذان واحد وإقامتين
ثم يقف الناس بعرفة ،وكلها موقف إال بطن ع َُر َن َة ،ويُستحب استقبال القبلة وجبل الرحمة إن تيسر ذلك ،فإن لم يتيسر استقبالهما ،استقبل
القبلة وإن لم يستقبل الجبل ،ويستحب للحاج في هذا الموقف أن يجتهد في ذكر هللا سبحانه ،ودعائه ،والتضرع إليه ،ويرفع يديه حال
الدعاء ،وإن لبَّى أو قرأ شيًئ ا من القرآن فحسنٌ ،ويُسن أن يكثر من قول( :ال إله إال هللا وحده ال شريك له ،له الملك وله الحمد ،يحيي
.ويميت ،وهو على كل شيء قدير)
).سبحان هللا ،والحمد هلل ،وال إله إال هللا ،وهللا أكبر(
ال حول ( )،ال إله إال هللا ،وال نعبد إال إياه ،له النعمة ،وله الفضل ،وله الثناء الحسن ،ال إله إال هللا مخلصين له الدين ولو كره الكافرون(
).وال قوة إال باهلل
َ .ر َّب َنا آ ِت َنا فِي ال ُّد ْن َيا َح َس َن ًة َوفِي اآْل خ َِر ِة َح َس َن ًة َوقِ َنا َع َذ َ
اب ال َّن ِ
ار ﴾ [البقرة﴿ ]201 :
اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ،وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي ،وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي ،واجعل الحياة (
).زيادة لي في كل خير ،والموت راحة لي من كل شر
).اللهم إني اعوذ بك من زوال نعمتك ،وتحول عافيتك ،وفجاءة نقمتك ،وجميع سخطك(
).أعوذ باهلل من جهد البالء ،ودرك الشقاء ،وسوء القضاء ،وشماتة األعداء(
والح َز ن ،ومن العجز والكسل ،ومن الجبن والبخل ،ومن المأثم والمغرم ،ومن غلبة ال َّدين وقهر الرجال ،أعوذ(
َ اللهم إني أعوذ بك من الهم
).بك اللهم من البرص ،والجنون ،والجذام ،ومن سيئ األسقام
اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا واآلخرة ،اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ،اللهم استر عوراتي (
وآمن روعاتي ،واحفظني من بين يدي ومن خلفي ،وعن يميني وعن شمالي ،ومن فوقي ،وأعوذ بعظمتك أن ُأغتال من تحتي ،اللهم اغفر
).لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري ،وما أنت أعلم به مني
اللهم إني أسألك الثبات في األمر ،والعزيمة على الرشد ،وأسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك ،وأسألك قلبًا سليمًا ولسا ًنا صاد ًقا ،وأسألك (
).من خير ما تعلم ،وأعوذ بك من شر ما تعلم ،وأستغفرك لِما تعلم ،إنك عالم الغيوب
).اللهم رب النبي محمد عليه الصالة والسالم ،اغفر لي ذنبي ،وأذهب غيظ قلبي ،وأعِ ذني من مضالت الفتن ما أبقيتني(
اللهم رب السماوات ورب األرض ورب العرش العظيم ،ربنا ورب كل شيء ،فالق الحب والنوى ،منزل التوراة واإلنجيل والقرآن( ،
أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته ،أنت األول فليس قبلك شيء ،وأنت اآلخر فليس بعدك شيء ،وأنت الظاهر فليس فوقك
).شيء ،وأنت الباطن فليس دونك شيءِ ،
اقض عني ال َّدين ،وأغنني من الفقر
).اللهم أعطِ نفسي تقواها ،وز ِّكها أنت خير من زكاها ،أنت وليها وموالها(
).اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل ،وأعوذ بك من الجبن والهرم والبخل ،وأعوذ بك من عذاب القبر(
اللهم لك أسلمت ،وبك آمنت ،وعليك توكلت ،وإليك أنبت ،وبك خاصمت ،أعوذ بعزتك أن تضلني ال إله إال أنت ،أنت الحي الذي ال (
).يموت ،والجن واإلنس يموتون
علم ال ينفع ،ومن قلب ال يخشع ،ومن نفس ال تشبع ،ومن دعوة ال يُستجاب لها(
).اللهم إني أعوذ بك من ٍ
اللهم إني أسألك من الخير كله ،عاجله وآجله ،ما علمت منه وما لم أعلم ،وأعوذ بك من الشر كله ،عاجله وآجله ،ما علمت منه وما لم (
أعلم ،وأسألك من خير ما سألك منه عبدك ونبيك محمد صلى هللا عليه وسلم ،وأعوذ بك من شر ما استعاذ منه عبدك ونبيك محمد صلى
).هللا عليه وسلم
اللهم إني أسألك الجنة وما قرَّ ب إليها من قول أو عمل ،وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل ،وأسألك أن تجعل كل قضاء(
).قضيته لي خيرً ا
ال إله إال هللا وحده ال شريك له ،له الملك وله الحمد ،يحيي ويميت ،بيده الخير ،وهو على كل شيء قدير ،سبحان هللا ،والحمد هلل ،وال إله(
).إال هللا ،وهللا أكبر ،وال حول وال قوة إال باهلل العلي العظيم
اللهم ص ِّل على محمد وعلى آل محمد ،كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ،إنك حميد مجيد ،وبارك على محمد وعلى آل محمد( ،
).كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ،إنك حميد مجيد
َ .ر َّب َنا آ ِت َنا فِي ال ُّد ْن َيا َح َس َن ًة َوفِي اآْل خ َِر ِة َح َس َن ًة َوقِ َنا َع َذ َ
اب ال َّن ِ
ار ﴾ [البقرة﴿ ]201 :
وال يزال الحجاج في هذا الموقف مشتغلين بالذكر والدعاء والتضرع إلى أن تغرب الشمس ،فإذا غربت ،انصرفوا إلى مزدلفة بسكينة
.ووقار ،وأكثروا من التلبية ،وأسرعوا في المتسع ،وال يجوز االنصراف قبل الغروب
فإذا وصلوا إلى مزدلفة ،صلوا بها المغرب ثالث ركعات ،والعشاء ركعتين جم ًع ا بأذان وإقامتين من حين وصولهم إليها ،سواء وصلوا
.إلى مزدلفة في وقت المغرب ،أو بعد دخول وقت العشاء
وما يفعله بعض العامة من لقط حصى الجمار من حين وصوله إلى مزدلفة قبل الصالة ال أصل له ،ومن أي موضع لقط الحصى أجزأه
ذلك ،وال يتعين لقطه من مزدلفة ،بل يجوز لقطه من ِم ًن ى ،والسنة التقاط سبع في هذا اليوم يرمي بها جمرة العقبة ،أما في األيام الثالثة،
.فيلتقط من ِم ًن ى كل يوم إحدى وعشرين حصاة يرمي بها الجمار الثالث
.وال يُستحب غسل الحصى ،بل يرمي به من غير غسل ،وال يرمي بحصى قد رُمي به
ويبيت الحاج في هذه الليلة بمزدلف َة ،ويجوز للضعفاء من النساء والصبيان ونحوهم أن يدفعوا إلى ِم ًنى آخر الليل ،وأما غيرهم من
الحجاج ،فيتأكد في حقهم أن يقيموا بها إلى أن يصلوا الفجر ،ثم يقفوا عند المشعر الحرام ،فيستقبلوا القبلة ،ويكثروا من ذكر هللا وتكبيره
والدعاء إلى أن يسفروا ج ًّد ا ،ويستحب رفع اليدين هنا حال الدعاء ،وحيثما وقفوا من مزدلفة ،أجزأهم ذلك ،وال يجب عليهم القرب من
.المشعر وال صعوده
.فإذا أسفروا ج ًّدا انصرفوا إلى ِم ًن ى قبل طلوع الشمس ،وأكثروا من التلبية في سيرهم ،فإذا وصلوا إلى محسر استحب اإلسراع قلياًل
َ .وجوَّ ز بعض الفقهاء َأنْ يدفع الحاج من مزدلفة بعد نصف الليل ،وبعضهم جوَّ ز البقاء فيها بقدر حط الرحال ثم يدفع ،وال دم عليه
فإذا وصلوا إلى ِم ًن ى قطعوا التلبية عند جمرة العقبة ،ثم رموها من حين وصولهم بسبع حصيات متعاقبات ،يرفع يده عند رمي كل حصاة
ويكبِّر ،ويستحب أن يرميها من بطن الوادي ،ويجعل الكعبة عن يساره و ِم ًن ى عن يمينه ،وإن رماها من الجوانب األخرى ،أجزأه إذا وقع
الحصى في المرمى ،وال يشترط بقاء الحصى في المرمى ،وإنما المشترط وقوعه فيه ،فلو وقعت الحصاة في المرمى ،ثم خرجت منه
.أجزأت ،ويكون حصى الجمار مثل حصى الخذف ،وهو أكبر من ال ِحمِّص قلياًل
ثم بعد الرمي ينحر هديه ،ويُستحب أن يقول عند نحره أو ذبحه( :بسم هللا وهللا أكبر ،اللهم هذا منك ولك) ،ويوجه إلى القبلة ،والسنة نحر
اإلبل قائمة معقولة يدها اليسرى ،وذبح البقر والغنم على جنبها األيسر ،ولو ذبح إلى غير القبلة ترك السنة وأجزأته ذبيحته ،ويستحب أن
يأكل من هديه ،ويُهدي ويتصدق ،ويمتد وقت الذبح إلى غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق ،فتكون مدة الذبح يوم النحر وثالثة
.أيام بعده
ثم بعد نحر الهدي أو ذبحه ،يحلق رأسه أو يقصره ،والحلق أفضل ،وال يكفي تقصير بعض الرأس ،بل ال بد من تقصيره كله كالحلق،
.والمرأة تقصر من كل ضفيرة قدر أنملة فأقل ،وبعض الفقهاء جوَّ ز أاَّل يقل عدد الشعرات حل ًقا أو تقصيرً ا عن ثالث شعرات
وبعد رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير يُباح للمحرم كل شيء حرم عليه باإلحرام إال النساء ،ويسمى هذا التحلل :التحلل األول ،ويُسن
له بعد هذا التحلل التطيب والتوجه إلى مكة ليطوف طواف اإلفاضة ،ويسمى هذا الطواف طواف اإلفاضة ،وطواف الزيارة ،وهو ركن
.من أركان الحج ،ال يتم الحج إال به
.ثم بعد الطواف وصالة الركعتين خلف المقام يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعً ا ،وهذا السعي لحجه والسعي األول لعمرته
وبقي على إحرامه إلى يوم النحر ليس عليه إال سعي واحد ،فإذا سعى أواًل بعد طواف القدوم ،كفاه ذلك عن السعي
َ وهكذا من أفرد الحج
.بعد طواف اإلفاضة
واألفضل للحاج أن يرتب هذه األمور األربعة يوم النحر كما ُذكر ،فيبدأ أواًل برمي جمرة العقبة ،ثم النحر ثم الحلق أو التقصير ثم
الطواف بالبيت والسعي بعده للمتمتع ،وكذلك للمفرد والقارن ،إذا لم يسعيا مع طواف القدوم ،فإن قدم بعض هذه األمور على بعض أجزأه
.ذلك ،ويدخل في ذلك تقديم السعي على الطواف
واألمور التي يحصل للحاج بها التحلل التام ثالثة؛ وهي رمي جمرة العقبة ،والحلق أو التقصير ،وطواف اإلفاضة مع السعي بعده لما ُذكر
آن ًفا ،فإذا فعل هذه الثالثة ح َّل له كل شيء حرم عليه باإلحرام من النساء والطيب ،وغير ذلك ،ومن فعل اثنين منها ح َّل له كل شيء حرم
.عليه باإلحرام ،إال النساء ،ويسمى هذا بالتحلل األول
.ويستحب للحاج الشرب من ماء زمزم والتضلع منه ،والدعاء بما تيسر من الدعاء النافع ،وماء زمزم لما شرب له
وبعد طواف اإلفاضة والسعي ممن عليه سعي يرجع الحجاج إلى ِم ًن ى فيقيمون بها ثالثة أيام بلياليها ،ويرمون الجمار الثالث في كل يوم
.من األيام الثالثة بعد زوال الشمس ،ويجب الترتيب في رميها
فيبدأ بالجمرة األولى؛ وهي التي تلي مسجد الخيف فيرميها بسبع حصيات متعاقبات يرفع يده عند كل حصاة ،ويسن أن يتأخر عنها،
.ويجعلها عن يساره ،ويستقبل القبلة ،ويرفع يديه ،ويكثر من الدعاء والتضرع
.ثم يرمي الجمرة الثانية كاألولى ،ويُسن أن يتقدم قلياًل بعد رميها ،ويجعلها عن يمينه ،ويستقبل القبلة ويرفع يديه فيدعو كثيرً ا
ثم يرمي الجمرات في اليوم الثاني من أيام التشريق بعد الزوال ،كما رماها في اليوم األول ،ويفعل عند األولى والثانية ،كما فعل في اليوم
.األول
والرمي في اليومين األولين من أيام التشريق واجب من واجبات الحج ،وكذا المبيت بمنى في الليلة األولى والثانية واجب ،إال على السقاة
.والرعاة ونحوهم ،فال يجب
رخصوا فيثم بعد الرمي في اليومين المذكورين من أحب أن يتعجَّ ل من م ًن ى ،جاز له ذلك ويخرج قبل غروب الشمس ،وبعض الفقهاء َّ
.الرمي يوم التعجل قبل الظهر ،ثم يخرج بعد الظهر
.ومن تأخر وبات الليلة الثالثة ،ورمى الجمرات في اليوم الثالث ،فهو أفضل وأعظم أجرً ا
ويجوز لولي الصبي العاجز عن مباشرة الرمي أن يرمي عنه جمرة العقبة وسائر الجمار ،بعد أن يرمي عن نفسه ،وهكذا البنت الصغيرة
.العاجزة عن الرمي يرمي عنها وليها
ويجوز للنائب أن يرمي عن نفسه ،ثم عن مستنيبه كل جمرة من الجمار الثالث ،وهو في موقف واحد ،وال يجب عليه أن يكمل رمي
.الجمار الثالث عن نفسه ،ثم يرجع فيرمي عن مستنيبه
:فصل
.ويجب على الحاج إذا كان متمت ًعا أو قار ًنا ولم يكن من حاضري المسجد الحرام د ٌم؛ وهو شاة أو سُبع َب ْد َنة أو سُبع بقرة
فإن عجز المتمتع والقارن عن الهديِ ،وجب عليه أن يصوم ثالثة أيام في الحج ،وسبعة إذا رجع إلى أهله ،وهو مخيَّر في صيام الثالثة،
.إن شاء صامها قبل يوم النحر ،وإن شاء صامها في أيام التشريق الثالثة
.واألفضل أن يقدم صوم األيام الثالثة على يوم عرفة ليكون في يوم عرفة مفطرً ا
ويجوز صوم الثالثة األيام المذكورة متتابعة ومتفرقة ،وكذا صوم السبعة ال يجب عليه التتابع فيها ،بل يجوز صومها مجتمعة ومتفرقة،
.واألفضل تأخير صوم السبعة إلى أن يرجع إلى أهله
فإذا أراد الحجاج الخروج من مكة وجب عليهم أن يطوفوا بالبيت طواف الوداع ليكون آخر عهدهم بالبيت ،إال الحائض والنفساء ،فال
.وداع عليهما
.فإذا فرغ من توديع البيت ،وأراد الخروج من المسجد ،مضى على وجهه حتى يخرج ،وال ينبغي له أن يمشي ال َق ْه َقرى
:الفصل التاسع :في حكم حج الصبي الصغير هل يجزئه عن حجة اإلسالم؟
.وهكذا العبد المملوك والجارية المملوكة يصح منهما الحج وال يجزئهما عن حجة اإلسالم
ثم إن كان الصبي دون التمييز نوى عنه اإلحرام وليُّه ،فيجرده من المخيط ويلبي عنه ،ويصير الصبي محرمًا بذلك ،فيُمنع مما يمنع عنه
المحرم الكبير ،وهكذا الجارية التي دون التمييز ينوي عنها اإلحرام وليها ويلبي عنها ،وتصير محرمة بذلك ،و ُتمنع مما ُتمنع منه
.المحرمة الكبيرة ،وينبغي أن يكونا طاهري الثياب واألبدان حال الطواف؛ ألن الطواف يشبه الصالة ،والطهارة شرط لصحتها
ين أحرما بإذن وليهما ،وفعال عند اإلحرام ما يفعله الكبير من الغسل والطيب ونحوهما ،ووليهما هو َ
مميز ِ وإن كان الصبي والجارية
المتولي لشؤونهما القائم بمصالحهما ،سواء كان أباهما أو أمهما أو غيرهما ،ويفعل الولي عنهما ما عجزا عنه كالرمي ونحوه ،ويلزمهما
يف
فعل ما سوى ذلك من المناسك؛ كالوقوف بعرفة ،والمبيت بمنى ومزدلفة ،والطواف ،والسعي ،فإن عجزا عن الطواف والسعي طِ َ
ِي بهما محمولين ،واألفضل لحاملهما أاَّل يجعل الطواف والسعي مشتركين بينه وبينهما ،بل ينوي الطواف والسعي لهما بهما ،و ُسع َ
.ويطوف لنفسه طوا ًفا مستقاًّل ،ويسعى لنفسه سعيًا مستقاًّل ،فإن نوى الحامل الطواف عنه وعن المحمول ،أجزأه ذلك
ويُؤ َم ر الصبي المميز والجارية المميزة بالطهارة من الحدث والنجس قبل الشروع في الطواف كالمحرم الكبير ،وليس اإلحرام عن الصبي
.الصغير والجارية الصغيرة بواج ٍ
ب على وليهما ،بل هو نفل ،فإن فعل ذلك ،فله أجر ،وإن ترك ذلك ،فال حرج عليه ،وهللا أعلم
.و ُتسن زيارة مسجد النبي صلى هللا عليه وسلم قبل الحج أو بعده
فإذا وصل الزائر إلى المسجد اس ُتحِب له أن يُق ِّدم رجله اليمنى عند دخوله ويقول( :بسم هللا والصالة والسالم على رسول هللا ،أعوذ باهلل
العظيم وبوجهه الكريم ،وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم ،اللهم افتح لي أبواب رحمتك) ،ثم يصلي ركعتين فيدعو هللا فيهما بما أحب
من خيري الدنيا واآلخرة ،وإن صالهما في الروضة الشريفة ،فهو أفضل ،ثم بعد الصالة يزور قبر النبي صلى هللا عليه وسلم وقبري
صاحبيه أبي بكر وعمر رضي هللا عنهما ،فيقف تجاه قبر النبي صلى هللا عليه وسلم بأدب وخفض صوت ،ثم يسلم عليه ،عليه الصالة
والسالم قائاًل ( :السالم عليك يا رسول هللا ورحمة هللا وبركاته) ،وإن قال الزائر في سالمه( :السالم عليك يا نبي هللا ،السالم عليك يا خيرة
هللا من خلقه ،السالم عليك يا سيد المرسلين وإمام المتقين ،أشهد أنك قد بلغت الرسالة ،وأديت األمانة ،ونصحت األمة ،وجاهدت في هللا
حق جهاده) ،فحسنٌ ؛ ألن هذا كله من أوصافه صلى هللا عليه وسلم ويصلي عليه ،عليه الصالة والسالم ،ويدعو له ،ثم يسلم على أبي بكر
.وعمر رضي هللا عنهما ،ويدعو لهما ،ويرضى عنهما
.وهذه الزيارة إنما تشرع في حق الرجال خاصة ،أما النساء فليس لهن زيارة شيء من القبور
ويُسن للزائر أن يصلي الصلوات الخمس في مسجد الرسول صلى هللا عليه وسلم ،وأن يكثر فيه من الذكر والدعاء وصالة النافلة ،وأن
.يكثر من صالة النافلة في الروضة الشريفة
أما صالة الفريضة ،فينبغي للزائر وغيره أن يتقدم إليها ،ويحافظ على الصف األول بما استطاع ،التي ليس فيها شد الرحال لقصد القبر
.وحده؛ جم ًع ا بين األحاديث ،وهللا سبحانه وتعالى أعلم
.ويستحب لزائر المدينة أن يزور مسجدَ قباء ويصلي فيه ،ومن تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صالة ،كان له كأجر عمرة
ويسن له زيارة قبور البقيع وقبور الشهداء وقبر حمزة رضي هللا عنه ((وكان النبي صلى هللا عليه وسلم يُعلِّم أصحابه إذا زاروا القبور أن
يقولوا :السالم عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ،وإنا إن شاء هللا بكم الحقون ،نسأل هللا لنا ولكم العافية)) ،وقد ((مر النبي صلى
.هللا عليه وسلم بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه ،فقال :السالم عليكم يا أهل القبور ،يغفر هللا لنا ولكم ،أنتم سلفنا ونحن باألثر))
.وصلى هللا وسلم على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ،وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين