You are on page 1of 34

‫يوميات بابا عمر وماما ساره‬

‫الحلقه الولى‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫احتضنت يحيى بقوه ونحن عائدين إلى منزلنا وكأني أخاف أن يغيب عن عيني لحظه واحده ‪....‬‬
‫رفضت كل المحاولت أن يحمله أحد بدلً منى في السياره ‪ ...‬أخاف لو تركته أن يتسلل ويدخل‬
‫داخل رحمي مره أخرى !! ل أستطيع أن أبعده عن أحضاني لحظه وعندما طلبت الممرضه أن‬
‫تودعه حجره الطفال كي أستريح من إرهاق الولده رفضت بإصرار وكدت أقتلها ‪ .....‬ورفضت‬
‫حتى أن ينام في سريره الصغير في المستشفى وأصريت أن ينام بجواري وأفسحت له مكاناً‬
‫ليكون ملتصقاً بي ‪ .....‬ألم يكن ينام بجوار قلبي ليام وشهور ؟! كيف أستطيع فراقه وقلبي أحبه‬
‫قبل أن تراه عيني ؟! أجمل طفل رأته عيني ‪ .....‬ول لني أمه أقول هذا ؟ أمه ؟! سبحان ال كيف‬
‫تحولت في شهور قليله من فتاه بريئه تستطيع حشو العالم في جيوبها وتلمع عيونها بالحيويه‬
‫والندفاع والجنون إلى أم هادئه عاقله تخشى من نسمه الهواء أن تصيب ولدها ؟ وتوافق بل‬
‫تردد أن تموت ول يخدش إصبع وليدها ؟ سبحان ال ‪ .....‬ل يمكن أن تتحول النثى إلى هذه‬
‫الدرجه بملء إرادتها بل لبد من غريزه ربانيه تغزو قلبها بعشق هذا الطفل قبل أن تراه كي تقبل‬
‫كل هذا اللم والرهاق حتى يشب وليدها رجلً ‪ .....‬يال حتى في عشق المرأه لطفالها يكون ال‬
‫ثالثهما !!!‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫وال وبقيت أب يا عم عمر !!!! إيه ده ازاى يعنى ؟ يعنى المفروض أعمل إيه ؟ ل أنا بجد لسه‬
‫متلخبط وحاسس إني اتاخدت على خوانه يا رجاله ‪ .......‬يعنى أخرج من البيت لوحدي ونرجع‬
‫تلته ؟ بس برضه حاطير من الفرحه وكل ما أبص ليحيى أشوفه ملك جميل نائم في أحضان أمه‬
‫التي ترفض أن يحمله غيرها ‪....‬وناقص تديهولى على عرض حال دمغه ! بس بجد أنا لو منها‬
‫وشفت العذاب ده كله ل يمكن أخلى حد يلمسه ‪ ....‬الحمد ل إن الم هي اللي بتولد مش الب !!!‬
‫وكفايه العض والخربشه اللي شفتهم من ساره في الولده !! والمشكله إني مش عارف أشيله‬
‫خالص وحاسس إني باشيل قطعه كريستال ستنكسر من أي حركه خاطئه ‪ ....‬والكل يصرخ في ‪:‬‬
‫ساره وأمي وحماتي بألف تحذير ( حاسب حاتلوح رقبته – حط ايدك في ظهره – ما تبوسوش‬
‫جامد – دقنك حاتشوكه !!!! ) حتى قررت أن أتفرج عليه وهو على ذراع أمه ‪ .....‬يعنى لو‬
‫سمحت لي !! رغم إن أنا اللي دفعت كل التكاليف في المستشفى وخلفه ‪ ....‬وكمان اكتشفت إن‬
‫عبارة ( ألف مبروك واللي جاب لك يخلى لك ! ) معناها ادفع يا سيدي من سكات ! سمعتها ألف‬
‫مره من العمال والممرضات في المستشفى حتى توسلت لهم أن نرجع البيت‬
‫فوررررررررررررررراً ‪.‬‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫آه واضح إن تأثير المسكن حايبدأ يروح وبدأت أشعر بأن ‪ 10‬فتوات ادوني علقه جامده جداً أو‬
‫إني مشيت من طنطا لسوان !!!!! آلم في كل جسمي ول أريد إل أن أنام وتركت تحضير الطعام‬
‫وأمور البيت لمي وحماتي وأخذت يحيى بجواري وأنا أكاد أتفتت من التعب واستغرقت في النوم‬
‫في لحظات معدوده ‪ .......‬إيه ده هو أنا لحقت أنام ؟ ده أنا ما كملتش نصف ساعه ؟ ده صوت‬
‫قطه ده ول إيه ؟ ياااااه مين ده ؟! آآآآآآآآه ده يحيى !!!!! إيه يا حبيبي بس ال يهديك بتعيط ليه‬
‫نفسي أنام ولو ساعتين بجد حاموت من التعب ‪ ...‬يا مااااااااما الحقيني أعمل إيه ؟ وجاءت أمي‬
‫على صراخي وهى تضحك وتقول ‪ :‬علشان تعرفي الغلب اللي إنتي وريتهولي وإنتي صغيره !‬
‫فرددت وأنا أكاد أبكى ‪ :‬طيب يا ماما خديه دلوقتي علشان أنام وإدي له رضعه ‪ ...‬وأنا أول ما‬
‫أصحى حاعرف كل حاجه على طول !!!!! فرفضت بإصرار وردت على ‪ :‬بلش دلع قومي رضعي‬
‫الولد ده ميت من الجوع ‪.‬‬
‫فرددت بتعجب ‪ :‬أرضعه ؟! ازاي ؟ مافيش لبن لسه ‪ ..‬ل ل ماعرفش أتكسف يا ماما ‪.‬‬
‫فردت وهى تكاد تضربني ‪ :‬تتكسفي من إيه يا مجنونه إنتي !! يال الولد حايموت من الجوع‬
‫وبعدين هو لما يرضع يا حبيبتي ربنا حايبعت له رزقه وحاييجي اللبن يال بلش دلع ‪.‬‬
‫فرددت باستسلم ‪ :‬طيب يا ماما ‪ ....‬من فضلك أخرجي وأنا حارضعه ‪.‬‬
‫فخرجت وتركتني معه وضممته إلي والقمته صدري بأيدي مرتجفه وأنا أتوقع أن يرفضه أو أل‬
‫يعلم كيف يرضع ‪ .....‬وياللعجب كأنه غريق وجد قارب النجاه وجدته يحرك شفتيه الصغيرتين‬
‫ويرضع بكل هدوء واطمئنان ‪ ...‬سبحان ال من علمه هذا ؟ سبحانك يا رب ‪ ...‬من أين سيأتي‬
‫الحليب ؟‪..‬آه ‪ ..‬أشعر بشرايين صدري تتفتح ‪ ...‬وقنواته المغلقه منذ ولدت تتفتح لتستقبل رزق‬
‫ال من الحليب الطاهر بمجرد أن طلب صغيري رزقه من ال ‪ .......‬وأخذ يرضع يحيى حتى‬
‫ارتوى ونام هانئاً ‪ ....‬وسالت دموعي وأنا أرى عظمه ال تتجلى في هذه المعجزه الربانيه ‪.....‬‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫ممنوع أدخل أوده النوم علشان ساره ويحيى نايمين فيها ‪ ..‬وماما نامت في الوده التانيه‬
‫وحماتي في المطبخ ‪ ....‬طيب أنام فين عند البواب ؟ من أولها كده يا يحيى باشا حانتركن على‬
‫الرف ؟ ماشى يا عم بس لما تكبر حاوريك ! خلص حانام في الصالون وأمري ل بس في البرد‬
‫ده ؟! يال علشان الواحد يقوم عنده كساح ونخلص بقى ! بس ساره وحشتني ويحيى كمان‬
‫وحشني طيب أعمل إيه ؟ فتسحبت لنام بجوارهما في دفء الحجره ومشيت على أطراف أصابعي‬
‫وفتحت الباب بمنتهى الهدوء لجد ساره حبيبتي نائمه في بحر عميق من شده الرهاق وبجوارها‬
‫الباشا الذي احتل مكاني !! ووجدتها فرصه لدقق في ملمحه لجده ورث عيون ساره الجميله‬
‫ولونها الخمري وأخذ لون شعري السود وذقني ولمست بشرته الحريريه وأنا أتمنى أن يكبر‬
‫فورا للعب معه وأعرفه أنى والده ‪ .....‬وقبلته بحرص شديد ولكن يبدو أنى أقلقت منامه فاستيقظ‬
‫يبكى ‪ ...‬وحاولت إسكاته لم أعرف طبعاً فصحيت ساره مفزوعه واكتشفت جريمتي وصرخت في‬
‫‪ :‬حرام عليك يا عمررررررررررررررررررر !!!!!!!‬

‫********************‬
‫الحلقه الثانية‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫ل أدري لماذا تذكرت فيلم الحفيد والب يبكي وهو يشتري لوازم الولده من مغات ودجاج وخلفه‬
‫وأنا مع حماتي نشتري لوازم البيت والمغات وو و ‪ ....‬مع طبعاً الهمز واللمز من حماتي إننا‬
‫مفروض نكون اشترينا كل الحاجات دي قبل الولده ‪ .....‬وأنا أتحجج بأن ساره ولدت قبل ميعادها‬
‫وطبعاً لم أقل إننا لم نملك ما نشتري به جناح كتكوت !! واشترينا كميه من الدجاج تكفي حي‬
‫شبرا وطن مغات وحلبه وسكر وعسل وأرز ووووووو ‪ .......‬وكدت أبكي أنا الخر وأترك حماتي‬
‫وحدها وأتعلل أن عندي مشوار لليونسكو !! لول أني وجدتها وقت الحساب تخرج مبلغاً ضخماً‬
‫وتحاسب هي ‪ ...‬رقصت من السعاده وأنا أقطب جبيني وأقول ‪ :‬ليه كده بس يا طنط ؟ طيب لو ما‬
‫كونتيش تحلفي !!!!!!‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫إيه يا جماعه هو أنا وحش ؟ ازاي آكل فرخه كامله لوحدي ؟ وكمان مسلوقه ؟ ل بجد حرام !!‬
‫ولم تجد توسلتي صدي أمام روسيا وأمريكا أقصد ماما وحماتي ‪ ...‬أخيييراً أجدهم متفقين في‬
‫شيء منذ زواجي أل وهو ضرورة جعلي كالدرفيل بعد الولده من كثرة الطعام ‪ ...‬فأجدني في‬
‫الصباح مضطره إلى شرب كوب كبير جداً من المغات الذي تعلوه طبقات من السمن البلدي‬
‫والمكسرات والذي يكفي وحده إلى جعلي شبعانه لمدة شهر ‪ ....‬ويتبعه كوب كبير من الحلبه‬
‫بالعسل السود مش عارفه ليه وكل ما أبدأ بالعتراض تجتاحني نظرات ناريه من الطرفين‬
‫تجعلني أبتلع الكوب والملعقه أيضاً ‪ .....‬والمشكله إني مطالبه بشرب كميات ل نهائيه من المغات‬
‫والحلبه طوال اليوم ‪ ....‬وعندما أري الكوب الميمون يتجه نحو فمي يكاد لسان حالي يقول ‪:‬‬
‫اشربي يا شابه ماحدش بياكلها بالساهل !! ووقت الغداء أجدني مضطره إلى أكل فرخه ضخمه‬
‫في حجم الديك الرومي وحدي ل أعرف لماذا ؟ ومثلها في العشاء !!!!! ل أعرف لماذا يظنون إن‬
‫من تلد لبد أن تتحول إلى فيل بزلومه ؟ فينك يا عمر ؟!!!!!!!!‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫سبحان ال نفس الهجوم اللي هجم علينا بعد الزفاف هجموا تاني بعد الولده !!! الزيارات ليل‬
‫ونهار بس المره دي الوضع مختلف إن حماتي هي اللي بتقوم بخدمتهم والنساء يدخلون لساره‬
‫في حجره النوم وأنا أتدبس مع الرجاله في الصالون ‪ ....‬ولزم الكل يشرب مغات ليه ولدوا هم‬
‫كمان ؟ بس بصراحه المره دي فيه نقوط كتير ليحيى ‪ ...‬بصراحه هو وش الخير علينا كفايه إنهم‬
‫وافقوا علي موضوع شغلي الجديد في نفس يوم ولدة يحيى ‪ ...‬صحيح سبحان ال عمري ما‬
‫تخيلت معني اليه ( نحن نرزقهم وإياكم ) بالشكل ده ‪ ..‬يعني ربنا قدم رزق الطفال علي رزق‬
‫الباء ‪ ....‬الحمد ل ربنا يخليك لينا يا يحيى ‪.....‬‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫جايبه الوحاشه دي منين يا ساره ؟! كلمه سمعتها من كل من زاروني واغتظت لها جداً وكنت‬
‫أغضب وأكاد أقول محدش يقول علي ابني وحش ده زي القمر ‪ .......‬عندما غمزت لي أمي أن‬
‫الكل لزم يقول كده علشان لو البيبي تعب ل قدر ال مانقولش إنهم حسدوه !!! طيب ما يقولوا‬
‫انه جميل ويقولوا ما شاء ال !!!! ل والغرب إن ماما كانت تأمرني أن أتظاهر بالعياء الشديد‬
‫وإني شفت الهوال في الولده علشان برضه الحسد !!! وكنت أري نظره ناريه منها لو وجدتني‬
‫ضحكت بصوت عالي أو اقترحت الخروج من غرفه النوم للجلوس مع صديقاتي فتعيدني هذه‬
‫النظره إلى النوم علي السرير والتظاهر بالكساح !!‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫آآآآآخ نفسي الضيوف دول يمشوا علشان أنام شويه ‪ ...‬والبيت محتاج فليبينيه علشان يرجع‬
‫لحالته الطبيعيه وطبعاً علشان حماتي هي اللي حاترتب البيت ما ينفعش أطنش ولزم أساعدها‬
‫دي مش ساره علشان أسيبها تعمل كل حاجه وأنا سلطان زماني !! ل والمشكله كمان إن بعد‬
‫حمله الترتيب القاتله لن أستطيع النوم في غرفة النوم كالمعتاد ‪ .....‬يكفيني سهرة امبارح‬
‫والحفله اللي كان نجمها الوحد الستاذ يحيي من سيمفونية صراخ متواصل حتى الفجر وعزف‬
‫منفرد من بكاء ساره لفشلها في إسكاته ‪ .......‬وكنت أنا المتفرج الوحيد في هذه الحفله وحاولت‬
‫المساعده ولكني فشلت بالطبع فأخذت البطانيه وسلمت أمري ل ونمت في الصالون !!! طيب أنا‬
‫في أجازه حالياً حتى السبوع القادم عندما أبدأ العمل في الشركه الجديده ‪ .....‬ودول ناس لزم‬
‫أكون فايق جداً معاهم حاعمل إيه في الحفلت المسائيه للستاذ ؟ ربنا يستر ‪....‬‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫آآآه أخيراً الضيوف مشيوا خلص ‪ ...‬نفسي أنام ‪ ...‬أنا بقيت باعتبر النوم ده حاجه كده زي الحلم‬
‫العربي !! البيه طول النهار نايم وطول الليل صاحي مش فاهمه ليه ؟!! بجد بابقى خلص حارمي‬
‫نفسي من البلكونه علشان ينام وبرضه مافيش فايده ‪ ...‬وطبعاً عمر مش عارفه أصلً أشوفه من‬
‫ساعة الولده علي طول مطرود من الوده ‪ .....‬يا ربي كل المهات بيتعذبوا العذاب ده ؟ طيب‬
‫والم اللي بتصحى بدري علشان شغلها بتعمل إيه ؟ آآآآه الحفله ابتدت جايه يا يحيي باشا !!!!‬

‫*******************‬
‫الحلقه الثالثة‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫اليوم الستاذ يحيى كمل ‪ 6‬أيام من عمره الميمون وال مروا كأنهم ‪ 6‬سنين !!!! على طوووول‬
‫صاحيه طول الليل وطول النهار ‪ ......‬مش عارفه أعمل إيه حاييجي لي انهيار عصبي من قلة‬
‫النوم وبقيت باتخيل حاجات ماشيه علي الحيطه وناس بتكلمني وأنا بارد ردود غريبه ‪ ....‬هو ليه‬
‫كل المواليد بيحبوا يسهروا بالليل ؟ ولو تكرم علي ونام بيكون لنصف ساعه ومش عارفه إيه‬
‫اللي بيحصل ويقوم يعبر عن استيائه إننا جبناه الدنيا الوحشه دي ‪ ......‬بجد مش لقيه وقت حتى‬
‫أسرح شعري ومش عارفه لما ماما حاتسيبني بعد السبوع حاعمل إيه في شغل البيت والطبيخ‬
‫والكوارث اللي ورايا ؟ والمشكله إني باخد وقت طويل جداً لحد ما أعرف الباشا بيعيط ليه ؟‬
‫باكون غالباً في الخر أنا كمان باعيط معاه !!!‪ ...‬لكن ماما ما شاء ال أول ما تشوفه بيعيط‬
‫بتتحول إلى أستاذ أطفال في عين شمس وتقولي ‪ :‬عنده مغص ‪ ..‬عاوز ينام ‪ ..‬عاوز حد يزغزغه‬
‫!!! وعمر التشخيص ما بيطلع غلط !!! طيب أنا حابقي كده إمتى ؟ بعد الطفل العاشر إن شاء ال‬
‫‪.......‬‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫البيت مثل خلية النحل والدي ووالد ساره راحوا علشان يشتروا حاجات السبوع ويوصوا علي‬
‫العقيقه اللي حاتتدبح بكره في سبوع يحيى وطبعاً هم عارفين البير وغطاه ‪ ..‬فتعللوا إنهم بيعرفوا‬
‫في الحاجات دي أكتر مني !! آدي البهات ول بلش !! وجلست في انتظارهم حتى عادوا ومعهم‬
‫صناديق كبيره مليئه بالحلوى والشيكولته وتجمع كل البيت عليهم ‪ ...‬أخواتي وأخوات ساره‬
‫وماما وحماتي كمان وطبعاً أول مره كشاب أحضر عملية تغليف علب السبوع ‪ ...‬في لحظات‬
‫التف الجميع حول السفره وكل واحد أخذ موقعه حتى ساره استغلت فرصه نوم يحيى وانضمت‬
‫لفريق العمل الجبار ‪ ....‬وكأنهم جميعاً طول عمرهم بيغلفوا علب سبوع في الموسكي وأنا الوحيد‬
‫اللي مش فاهم حاجه !! لقيت العلبه بتمر علي ‪ 7‬أشخاص تقريباً حتى تكتمل فالول يحضر العلبه‬
‫ويضع بها قطعة شيكولته والثاني يضع بها البونبوني ثم يسلمها للثالث الذي يغلف الشيكولته‬
‫والبونبوني بغلف دانتيل رقيق ويضعه داخل العلبه والرابع يضع لعبه صغيره " بدلً من التماثيل‬
‫الصغيره التي رفضنا شراءها أنا وساره لحرمتها " ‪ ،‬والخامس يغلف كل هذا بغلف حريري‬
‫ويربط شريط فضي أو ذهبي والسادس والخير يلصق رباط آخر عليه اسم يحيى وتاريخ ميلده‬
‫وآيه مكتوب عليها ( لم نجعل له من قبل سميا ) اخترناها أنا وساره تيمنا بيحيى الرسول عليه‬
‫السلم ‪ ،‬فعلً خرجت علبة السبوع رائعة الجمال ورغم رفضي للفكره لكونها غير إسلميه‬
‫وموافقتي فقط كي ل تحزن ساره وكي ل أفسد علي الجميع فرحتهم ‪ ....‬فكرت في فكره أننا‬
‫نضيف مع اللعبه الصغيره ورقه صغيره مطويه بها بعض الدعيه المستحبه وآداب سنن المولود‬
‫وكيفية شكر ال علي نعمة الولد ووافقني الجميع علي الفكره كي نأخذ ثواباً وأيضاً يفرح الجميع‬
‫‪ ....‬وكلفنا صاحب مطبعه بطبع ورقه الدعيه بحيث تكون صغيره الحجم كي توضع داخل علبة‬
‫السبوع وعجبته الفكره واستأذنا في نشرها ‪ ......‬وبالفعل أضفنا الورقه لعلب السبوع وسبحان‬
‫ال أعطتها شكلً مميزاً عن كل علب السبوع المعروفه ‪ ......‬وكنت واقف أراقب فريق الموسكي‬
‫وهم يعملون بمهاره حتى أصروا جميعاً أن أشاركهم ‪ ...‬وطبعاً أفسدت كذا علبه في الول بس بعد‬
‫كده بقيت حريف أنا كمان ‪.......‬‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫ماما أخبرتني أن ليلة السبوع لبد أن تستحم الم بالماء الساخن وتدلك كل جسدها في وقت طويل‬
‫جداً كي تخرج من جسدها آثار تعب الولده وتعود عروساً مره أخري ولبد أن تصفف شعرها‬
‫جيداً و ترتدي شيئاً جديداً تنام به في هذه الليله !! ضحكت في سري وأنا أسمع التفسير العبقري‬
‫ورغم إني ل أحب أن أتبع عادات ل أفهمها ولكني كنت سعيده بكل هذه الطقوس الخاصه وأريد‬
‫أن أعيش تجربة المومه لول مره بكل تفاصيلها فكنت أوافق علي كل العادات القديمه طالما ليس‬
‫بها شيء حرام ‪ ...‬فوافقت أمي وبالفعل شعرت أني أفضل كثيراً بعد جلسه المساج الجباريه ‪....‬‬
‫وجاء دور يحيى هو الخر لبد أن يستحم في هذه الليله داخل غرفته وكاد قلبي يسقط من الخوف‬
‫عليه لبرودة الجو جدًاًااًًاًاًااًًااً ولنه استحم بالفعل في المستشفي ولكنهم ماما وحماتي أصروا‬
‫وأحضروا بانيو الستحمام البلستيك الخاص به وفرشوه بملبسه كي ل يكون بارداً عليه‬
‫وأغلقوا الباب ‪ .....‬وما أن خلع كل ملبسه حتى صرخ من البروده وأخذت كل أسنانه تصطك‬
‫وتحول مثل القطه الصغيره حديثة الولده التي تصارع المواج وتحول لونه للزرق من شدة‬
‫البكاء ‪ ......‬وحماتي تضحك وترقيه ببعض اليات وأنا ل أتوقف عن البكاء وعمر دخل الغرفه‬
‫ليري عمليه التعذيب هو الخر ولم يحتمل لحظات وخرج ‪ .....‬وأنا أتوسل لهم أن يتركوه بل‬
‫فائده ‪ ....‬وأخييييييراً انتهي الحمام التعذيبي وأحضروه لي وهو ل يكف عن الصراخ وهدأ ونام‬
‫فقط بين أحضاني ‪.......‬‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫هي كل حاجه بتتعمل للم والب خلص بيتركن علي الرف ؟ لزم الواحد يعمل ثوره في البيت ده‬
‫علشان يرجع سي السيد تاني !! بس إيه ده الواد يحيي لونه فتح شويه بعد الحمام واضح إن‬
‫ماما قتلته وهي بتحميه !! ‪ ....‬لكن جميل أوي الجو اللي عملوه في أوده النوم ده هي وحماتي‬
‫‪ ....‬فرشوا مفرش سرير جديد وأشعلوا شموع لبد أن تظل مضيئه طول الليل رمز لنارة طريقه‬
‫إن شاء ال ووضعوا مصحف صغير فوق رأس يحيى وهو نائم ووضعوا ورود ونباتات خضراء‬
‫حول السرير كي تكون حياته كلها خير ورخاء ‪ ......‬وأخيرًا أداروا القرآن في الكاسيت بصوت‬
‫منخفض جداً ليظل دائراً طول الليل كي تظل كلمات القرآن في صدره طول العمر ‪ .......‬وفي هذا‬
‫الجو الجميل رأيت أحب شخصين لي في الوجود ساره وقد أشرق وجهها وأضافت لها المومه‬
‫لمحة حنان تمس القلب ‪ ....‬وحبيبي الصغير وهو نائم كالملئكه وقد استرخي جسده بعد الحمام‬
‫الساخن فنام نوماً عميقاً ورأيته يبتسم لول مره في أحلمه فزاد جمالً فوق جماله ‪ ......‬يا رب‬
‫كيف أشكرك علي كل هذه النعم ؟‬

‫********************‬

‫الحلقه الرابعة‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫استيقظت في الصباح أنا وساره لول مره بدون الحفله المسائيه للستاذ يحيى واضح إن مفعول‬
‫الحمام والقرآن طول الليل جبار معاه ‪ ....‬الحمد ل أول ليله ساره تنام من غير قلق واستيقظت‬
‫مش مصدقه نفسها إنها نامت مره واحده زي الناس الطبيعيه وهمست لها ‪:‬‬
‫صباح الخير يا حبيبتي نمتي كويس ؟‬
‫فردت علي همسا هي الخرى خشية إيقاظه ‪ :‬ياااااااااااه ده أنا مش مصدقه نفسي إني نمت كل ده‬
‫من غير ما يحيى يصحى ‪.....‬‬
‫أنا ‪ :‬ربنا يخليه ليكي يا حبيبتي يال لبسيه حاجه ثقيله علشان آخده معايا ‪...‬‬
‫فردت ساره برعب ‪ :‬علي فين ؟‬
‫أنا ‪ :‬يووووووووووه يا ساره هو إحنا حانتكلم في الموضوع ده تاني ؟ إنتي عارفه علي فين ‪.‬‬
‫فردت بفزع ‪ :‬ل أرجوك يا عمر بلش النهارده استني شويه لحد ما يكبر ‪...‬‬
‫فرددت عليها بعطف ‪ :‬بصي يا ساره يا حبيبتي السنه عن الرسول صلي ال عليه وسلم إن‬
‫المولود في اليوم السابع بيحلق شعره كله والب يتصدق بوزن الشعر وزن مساوي من الفضه‬
‫وكمان إن يتعمل عمليه ختان للمولود في اليوم السابع زي ما الرسول عليه الصلة والسلم عمل‬
‫للحسن والحسين ‪ ....‬عاوزانا نخالف السنه ليه ؟‬
‫فردت بتضرع وكادت تقبل يدي ‪ :‬مش حاخالفها ول حاجه بس احسب وزن الشعر يكون كام‬
‫واتبرع بأكتر منه وبلش تحلق له وأجل موضوع الختان شويه لحد ما يكبر أرجوك يا عمر‬
‫علشان خاطري ‪.‬‬
‫فرق قلبي لرعبها علي وليدها ورددت بحنان ‪ :‬ما تخافيش يا حبيبتي مش ممكن فيه حاجه في‬
‫الدين بتؤذي الوليد ويعني هو مش ابني ما هو أنا كمان خايف عليه ‪.‬‬
‫فبكت بالفعل وهي تخبرني من بين دموعها ‪ :‬ل يا سيدي إنت ما تعبتش فيه زيي ول شفت الموت‬
‫في ولدته وإنت خسران إيه يعني ؟‬
‫فضممتها إلى وقلت لها ‪ :‬إحنا اتفقنا إننا حانربيه تربيه إسلميه من أول يوم في عمره حاترجعي‬
‫في كلمك ول إيه ؟‬
‫ساره ‪........................ :‬‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫ماما وحماتي مشغولين بتوزيع لحم العقيقه التي ذبحها بابا في الصباح علي الفقراء والبيت كله‬
‫في حركه دائمه وأعلنوا حاله الطواريء في المطبخ لعداد وليمه السبوع وطهي بقية العقيقه‬
‫وبقية أخواتي وأخوة عمر يعلقون الزينات ويرتبون الشموع استعداداً للمساء عندما يأتي كل‬
‫الهل والصحاب ‪ .......‬وأنا غائبه عن كل هذا وأكاد أري أشباحاً وقلبي وعقلي مع ابني وهم‬
‫يقطعون جزءاً من جسده آآآآآآآآآه كلما أتذكر هذا ل أتوقف عن البكاء ‪ .....‬وكل دقيقه أتصل بعمر‬
‫علي الموبايل حتى مل مني وأغلقه نهائياً ‪ ...‬وأخيييراً جاء هو ووالده ومعهم يحيى وللغرابه‬
‫وجدته نائم وأخبرني أن الطبيب أعطاه مسكن وسينام فتره وأن الموضوع تم بسهوله وفي دقائق‬
‫‪.......‬‬
‫كدت أقتل عمر وهو يتكلم بهذه البساطه ‪ ....‬صحيح الرجاله قلبهم حجر !! وحضنت يحيى بقوه‬
‫لعوضه قسوة أبيه !! وخلعت عنه الكاب لجده أصبح شبه إبراهيم نصر !! حلقوا له شعره‬
‫بالموس وأصبحت رأسه ما شاء ال زلطه ‪ ............‬وقبل أن أصرخ في عمر وجدته هرب من‬
‫أمامي !! أخذته إلى حجرة النوم وأخذت أبكي بل توقف ‪ ......‬آه لو أعلم أن المومه متعبه بهذا‬
‫الشكل لما كنت تزوجت من الصل ‪ ......‬وأفقت علي يد عمر تربت علي كتفي فدفعته بقوه وعل‬
‫صوتي وأنا أصرخ فيه ‪:‬‬
‫إنت بجد قلبك حجر ول يمكن حاسيبه معاك تاني أبداً أبداً ‪.‬‬
‫فرد بهدوء وكأنه يكلم مجنونه ‪ :‬خلص أوعدك المره الجايه مش حاوديه لبو رجل مسلوخه‬
‫تاني ‪ ...‬مش تعقلي كده يا ساره ؟ ما الولد كويس الحمد ل ‪.‬‬
‫فرددت بعصبيه ‪ :‬استني لما يصحى وشوف حايعمل فيا إيه ‪ .....‬حرام عليك وال ‪.‬‬
‫فرد بحنان ‪ :‬خلص يا ستي لما يصحى أنا اللي حاسكته اتفقنا ؟ وبعدين مش تشوفي أحنا جبنالك‬
‫إيه أنا ويحيى بمناسبة الولده والسبوع ؟‬
‫فرددت بعناد ‪ :‬مش عاوزه منك حاجه ‪.......‬‬
‫فلم يرد علي وأخرج كارت صغير مكتوب عليه بخطه ( أنا بحبك يا ماما المضاء يحيى ‪) ....‬‬
‫فلم أتمالك نفسي وابتسمت وأحسست أن أبني كبر فعلً وهو اللي كتب بخطه ولم أنتظر حتى‬
‫فاجأني عمر بعلبه أنيقه أخرج منها خاتم رائع به فراشات كثيره شبيه بالخاتم الذي أهداه لي في‬
‫قراءة الفاتحه ‪ .....‬ياللرقه ‪ ....‬وخجلت من نفسي ومن عصبيتي ورددت بصوت هامس ‪:‬‬
‫ربنا يخليكوا ليا يا رب ‪.........................‬‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫جلس جميع رجال العائلتين في الصالون بعد الغداء الدسم والتهام العقيقه ساكنين خاشعين في‬
‫استماعهم إلى صوت المقرىء الذي أتيت به ليتلو آيات ال بعد العصر والكل تعجب من الفكره‬
‫‪ ....‬سبحان ال لماذا القرآن لدينا والمقرئين مرتبط فقط بالموت والمآتم ؟ أل نتذكر ال إل في‬
‫الحزن ؟! ورغم استغراب الكل إل إنني وجدت الجميع سعداء ومنتشيين من حلوة صوت الشيخ‬
‫وأثنوا علي في الفكره ‪ .......‬وقطع سكون البيت صوت يحيى وهو يصرخ بشده لم أسمعها منه‬
‫من قبل فاستأذنت وجريت له فوجدته يبكي حتى تحول وجهه للون الزرق وساره حالتها ل‬
‫توصف فأحسست بالذنب الشديد ولكني تمالكت نفسي وأخذته منها وأعطيته نقط الدواء المسكن‬
‫وأخذت أهدهده وأقرأ له القرآن في أذنه حتى نام أخيراً ‪........‬‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫بدأ الناس والصحاب يتوافدون وأنا عيناي متورمتان من البكاء ونهرتني ماما عندما رأتني في‬
‫هذا الشكل وجعلتني أبدل ملبسي بالمر ‪ ......‬وجاءت حماتي واختارت لي طاقم سواريه ل‬
‫أرتديه إل في المناسبات وهمست في أذني أن الناس لبد أن تراني عروس اليوم ‪..........‬‬
‫ودقائق قليله وأصبح البيت يعج بالناس ل أعرف من دعى كل هؤلء ؟!! وخفت علي يحيى من‬
‫هجوم الجميع عليه وأخذته في حضني ل أفارقه وأنا أقرأ المعوذتين باستمرار ‪ .....‬وانطلق‬
‫صوت الطفال يغنون أغاني السبوع الجميله وأضفوا بهجه علي البيت وشعرت إني في فرح‬
‫حقيقي ‪ ........‬ولحظات وانطفأت النوار وأمسك الجميع الشموع كباراً وصغاراً وأخذوا يغنون (‬
‫حلقاتك برجالتك ) وأمي تنثر الملح فوق رؤوس الجميع ومعه السبع حبات والتي علمت أنها‬
‫عاده قديمه أعتقد فرعونيه وهي مكونه من القمح والذره والحلبه ووووو وكل واحد من هذه‬
‫الحبوب يرمز لشيء يتمنون أن يكون في حياة المولود مثل الخير والرخاء ووو ‪ ......‬وهددتني‬
‫ماما أن لبد أن تظل هذه الحبوب مع الملح في أرض الشقه وأمام المنزل أطول فتره ممكنه ولو‬
‫كنستها احتمال تبلغ عني البوليس !!‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫ياااخبر أبيض إيه الفزع ده ؟!! ماما بتدق الهون في ودان يحيى بكل قوه علشان لما يكبر ما‬
‫يخافش من الصوات العاليه بس أنا اعتقد أنه بعد الدق ده مش حايسمع ل عاليه ول واطيه !!!‬
‫ل وكمان حطينه في غربال وبيهزوه مع مجموعه من النصائح اللي تودي في داهيه ( اسمع كلم‬
‫أمك ‪ .....‬اسمع كلم جدتك ‪ -‬طبعاً ‪ -‬ما تسمعش كلم أبوك !! ) حايفسدوا أخلق الولد من دلوقتي‬
‫!!!‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫وجاء وقت البخور وامتلت الشقه برائحته الزكيه وجعلوني أمر من فوقه وأنا أحمل يحيى ‪7‬‬
‫مرات وعمر ل يتوقف عن التقاط الصور لنا وكأننا في فيلم سينمائي ‪ .....‬بس بجد رغم إن كل‬
‫العادات دي مش إسلميه لكن ل يوجد بها ما يضر بل أعطتنا بهجه وذكري لن تنسي ‪......‬‬
‫وأخذت ماما يحيى وأخذت تلف به كل حجرات الشقه وكأنها تريه بيته ‪ ....‬وصرخت عندما‬
‫وجدتها تخرج به إلى البلكونه في هذا البرد الرهيب ‪ .....‬ولكنها أصرت ووجدت كل الجيران‬
‫واقفين في البلكونات وكأنهم يعلمون أن ماما لزم حاتطلع البلكونه ‪ ....‬يا ربي كل المهات شبه‬
‫بعض !!! ولم يكتفوا بالبلكونه ولكنهم خرجوا به إلى خارج الشقه ووراءهم طابور الطفال‬
‫بالشموع ونزلوا به عده طوابق وكل شقه يصلون إليها تستقبلهم المهات برش الملح والزغاريد‬
‫أيضاً ‪ .....‬وأخذ الجميع يأخذون علب السبوع ويعطوننا الهدايا وأغلبها والحمد ل مبالغ ماليه‬
‫‪ .......‬ولم أعد أعرف أين يحيى في هذا المولد ‪ ..‬وأخذت أبحث عنه في كل مكان ‪ ..‬حتى وجدت‬
‫يد تمتد في الزحام لتحتضن يدي ووجدته عمر يقول لي ‪ :‬ألف مبروك يا عروسه !!!!!‬

‫********************‬

‫الحلقه الخامسة‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫مر ثلث أسابيع علي ولدتي يحيى ‪ .....‬زاد وزنه قليلً واستدار وجهه وظهرت ملمحه أكثر ‪..‬‬
‫عمر يصر انه شبهه وأنا أحلف أنه شبهي أنا !! وأصبح يعرف صوتي وعندما أناديه أو أتحدث‬
‫بصوت مرتفع بجواره ينصت ويتوقف عن البكاء ‪ .....‬وماما بتقول لي انه بيعرف رائحة أمه من‬
‫يوم الولده سبحان ال ! وطبعاً ل علقه له بـعمر أبداً لنه حتى الن يعجز عن حمله بصوره‬
‫صحيحه ويكتفي بملعبته وهو علي كتفي لدقائق قصيره !! وده لن أنا نفسي باشوفه طول اليوم‬
‫لساعات قليله علشان الشغل الجديد ‪ ........‬وأحيانا يأتي ول نراه !! أنا سعيده جداً بـيحيى وأشعر‬
‫انه أعطى حياتي طعماً جديداً وأستعجب كيف كنت أعيش بدونه لكن في نفس الوقت أشعر بشعور‬
‫رهيب من الحزن والكتئاب والرغبه الدائمه في البكاء لقل السباب وأحيانا بدون أسباب ‪ ......‬ل‬
‫أعرف سبب رغبتي الجديده في تذكر كل الحداث الحزينه التي مرت علي وتخيل ما يمكن أن‬
‫يحدث من سوء لي ولـيحيى وعمر ‪ ...‬وعندما يتعطف علي يحيى باشا ويسيبني أنام أحلم أحلم‬
‫سيئه جداً بأني دائماً بافقد يحيى وووو ‪ ......‬أحياناً أرفع سماعه التليفون كي ل يكلمني أحد علي‬
‫الطلق حتى ماما ‪ .....‬حتى الكل باكل غصب عني ول اشعر بمذاق اي شئ ول رغبه عندي أن‬
‫استمع إلى عمر وهو يحكي لي كل يوم عن عالمه الجديد بمنتهي الحماس وأنا أسمعه وكأني من‬
‫عالم آخر ‪..........‬‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫يا خبببببببر !!! ده الواحد كان مدفون في شركتي القديمه !! ده أنا كنت بامثل إني باشتغل‬
‫مهندس والظاهر إني كنت شيخ غفر !! الشركه الجنبيه الجديده شغلها من نار مافيش دقيقه دلع‬
‫ول رغي في التليفون ول شرب شاي وسندويتشين فول !! ول مجال للخطأ أو التهاون لنهم‬
‫يطبقون في العمل نظام الفضليه فقط ولو تهاون أحد ل مكان له ويستبدل بمهندس غيره في‬
‫يومين علي الكثر ‪ ......‬وميعاد تسليم المشاريع ل يمكن التأخير فيه إل لو مت مثلً !! والكثر‬
‫انك فقط ل تؤدي العمل المطلوب منك فقط ولكن طول الوقت مطلوب منك أن تطور نفسك وتطور‬
‫الشركه بأفكار ومشاريع جديده تساعد علي سير العمل وتطور الداء وهذه الفكار يؤخذ عليها‬
‫نقاط توضع في ملف كل مهندس وعلي أساسها تتم ترقيته علي قدر عمله ‪ ........‬وليس عن‬
‫طريق القدميه أو عن طريقنا المفضل أن من ينقل كل أخبار الموظفين ويكون جاسوس عليهم‬
‫يكون هو حبيب المدير وأهم موظف في الشركه حتى لو كان لم يدخل حتى محو الميه !!!!!!!‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫ماما قالت لي إن الغم اللي أنا معيشه نفسي فيه سببه اكتئاب ما بعد الولده وده بيحصل لمهات‬
‫كتير ‪ .....‬استغربت جوايا وقلت ليه ربنا يدينا نعمه زي المومه ونكتأب ؟ حاولت أقرأ في‬
‫الموضوع ده ودخلت علي النت لقيت انه بيحصل من اضطراب الهرمونات بعد الولده لنها بتهبط‬
‫فجأه بعد ما كانت مستقره طول شهور الحمل ‪ .......‬واترعبت لما لقيت حالت في اوروبا وأمريكا‬
‫دخلوا حاله مرضيه من الكتئاب وقتلوا أولدهم ومنهم انتحروا !!!! أعوذ بال ربنا يستر ‪........‬‬
‫ل لزم أحاول أخرج من الحاله دي قبل ما أتجنن !! حاحاول اسمع قرآن مادمت مش قادره أقراه‬
‫‪ .....‬أحاول أقرا الجرايد تاني أو أروح للكوافيره اللي نسيت عنوانها فين !! بس وال غصب‬
‫عني كل ما باشوف شكلي في المرايه وان وزني زاد شويه باعيط ولما باحس إني معزوله عن‬
‫العالم وكل حياتي داخل الكوافيل والرضعات والبكاء المستمر باكتأب ‪ .........‬ول شعورياً باحس‬
‫إن عمر هو السبب في كل اللي حصل لي فبابعد عنه أكتر وأكتر !! وهو كمان مشغول جداً في‬
‫شغله ول يفكر أن يشاركني في تربيه يحيى ‪ .......‬حتى إنه ساب أودة النوم وأصبح ينام لوحده‬
‫في الغرفه الصغيره طبعاً من كونشرتو آخر الليل للباشا يحيى !! وعندما أغضب وأطالبه أل‬
‫يتركني وحيده يتعلل بأنه لزم ينام كويس علشان يعرف يشتغل الصبح لن الناس دي ما بتهزرش‬
‫!!! طيب وأنا أعمل إيه ؟ هو ابني لوحدي ؟ ده غير إني أصل مش بأنام طول الليل والصبح‬
‫مطلوب مني إني أراعي البيت وانضف وأطبخ غير المعارك اليوميه لـيحيى والتي ل تجعلني أجد‬
‫وقت لنجاز كل الكوارث اللي ورايا دي ‪ .....‬وبجد حاسه إن أنا وعمر بعدنا عن بعض كل واحد‬
‫في أوده وبينام بدري لنه بيرجع متأخر من الشغل الجديد وأنا أفضل وحيده ‪ ......‬ومش عاوزني‬
‫أكتأب ؟ !!!!!‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫خلص الظاهر شهر العسل خلص خلص وحايبتدي الجواز الصلي !! مش عارف أتكلم مع ساره‬
‫ول نقعد مع بعض زي زمان يا إما نايمه لنها سهرانه طول الليل مع يحيى يا إما بتجري تحضر‬
‫له رضعاته أو بتغير له يا إما مكتأبه ومش عاوزه تتكلم خالص !! وأنا بجد مش عارف أعمل إيه‬
‫؟ ومش عارف أساعدها ازاي يعني اسيب شغلي وأقعد أرضع أنا يحيى ؟ !!! بجد سعيد جداً بأني‬
‫بقيت أب ولو خيروني بين كنوز الدنيا وبين يحيى أختار ابني طبعاً !! بس حاسس إني خلص‬
‫بقيت في المرتبه التانيه عند ساره ‪ ......‬وال وارتكنت علي الرف يا عم عمرر !!!!!!!!‬

‫********************‬

‫الحلقه السادسة‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫النهارده يحيى باشا كمل شهرين بالتمام والكمال خلص بقى راجل قد الدنيا ومحدش عارف يكلمه‬
‫‪ ....‬بقى بيضحك لما ألعبه بجد بجد ابتسامته ل يمكن تتوصف بتمسح عنى أي تعب أو ألم‬
‫‪ ........‬والظاهر هو عارف كده بيعمل كل كارثه والتانيه وبعدين يبتسم لي كأنه بيدينى رشوه‬
‫!!!‪ ....‬آآآآآآآآآه واضح إن جينات الرجوله بتتخلق من بدري أوي !!! ل وواضح انه حايبقى‬
‫شقي جداً عاوز يرفع دماغه على طول علشان يعرف إيه اللي بيحصل في الدنيا من وراه !! ول‬
‫يقبل أي تأخير في طلبات سيادته ولو لدقيقه واحده بيكون كل الشارع سمع صوتنا !! بس بجد كل‬
‫يوم بسأل نفسي ازاي كنت عايشه في الدنيا من غيره ؟؟؟؟ صحيح إني نسيت النوم والراحه‬
‫والخصوصيه بس سبحان ال ربنا بيعوض كل ده بكنز خاص اسمه المومه ‪......‬‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫المدير عاوز تصميم المشروع الجديد جاهز في أقل من شهر حتى لو اضطريت إني أبات في‬
‫الشركه أنا وزمايلي مش مشكله المهم يتسلم في ميعاده بالثانيه ‪ ......‬أمال ليه إحنا في شركاتنا‬
‫العربيه كل حاجه ماشيه بالبركه ؟ وعادى جداً إننا نسمع عن مستشفى مثل بيتبني في عشره‬
‫وعشرين سنه كمان ؟ طبعاً كل ده مش وقت للبناء بس بيشتغلوا يوم ويريحوا شهر !!! بس فعلً‬
‫مش قادر على ضغط الشغل حاسس إني مطحون وكل حاجه عندي بالدقيقه والثانيه ‪ .....‬وأنا‬
‫كمان في مرحله إثبات الذات في الشركه وغير مسموح لي بأي خطأ أو تهاون ‪ ....‬وللسف جو‬
‫البيت لم يعد مشجع زى زمان ‪ .....‬ساره طول الوقت عينيها بتتهمني بالتقصير ناحيتها وناحية‬
‫يحيى ‪ ....‬رغم إنها لم تصرح بده بس أنا باحس بيها ‪ ...‬لكن أعمل إيه بارجع البيت بأكمل شغل‬
‫على الكومبيوتر والنت وبالعافيه بأنام كام ساعه ‪ .....‬مفروض إني أسيب ده كله وأسيب الدوامه‬
‫دي وأسألها يحيى رضع كام مره النهارده ؟ ستات رااااايقه !!!‬
‫قالت ساره ‪:‬‬
‫أجازتي من شغلي انتهت وكان لزم أرجع وإل يستغنوا عن خدماتي ويجيبوا حد تاني ‪ ...‬وكان‬
‫قرار صعب جداً إني أرجع ول أقعد في البيت وخلص ‪ ....‬كنت محتاره جداً في القرار والكل كان‬
‫رأيه إني أتفرغ لتربيه يحيى وخلص وأولهم عمر طبعاً !!!‪ ....‬وأنا كنت حاسه إنها حاجه صعبه‬
‫جداً ‪ .....‬إني مش لقيه وقت أخرج ول أنام زى البني آدمين الطبيعيين ل وكمان أصحى بدري‬
‫وأشتغل !!!‪ .......‬وساعدت حاله الكتئاب اللي كانت عندي ‪ -‬واللي الحمد ل انتهت بمرور الوقت‬
‫وبتقربي إلى ال – ساعدت كمان إني ما يكونش عندي قدره إني اعمل أي حاجه تانيه ‪........‬‬
‫لكن بمرور الوقت أصبحت أفضل في رعاية يحيى وبقيت بأعرف هو بيبكي ليه وحاولت أنظم‬
‫مواعيد رضعاته ‪ .......‬فحسيت إني لزم أرجع أشتغل تاني وخصوصاً إني ل يمكن حالقي وظيفه‬
‫إني أشتغل من البيت تاني !! فصليت استخاره وحسيت إن ده مستقبلي حتى لو كان بسيط بس أنا‬
‫مش عاوزه أكون زوجه و أم بس ل لزم أكون قبل دول ‪ .........‬ساره ‪ ....‬لزم أحافظ على‬
‫شخصيتي وما أسيبهاش تدوب في دوامه البيت والطفال ‪ ،‬حتى لو تعبت شويه لكن أكيد حاتعود‬
‫‪ ......‬ولو ما تعبتش دلوقتي في شبابي حاتعب إمتى ؟ لكن اليام الولى كانت انتحار بجد طول‬
‫الليل سهرانه مع يحيى وبينام بعد الفجر يادوب أصلي وأنام ساعتين وأصحى أقعد على‬
‫الكومبيوتر وأبدأ في إرسال اليميلت والرد على العملء بس طبعاً بامووووت من التعب وأحياناً‬
‫كنت بأنام وأنا قاعده وأصحى مفزوعه من صوت التنبيه في الرسايل اللي بتوصل كل ثانيه !!‬
‫وأفضل أشرب شاي وقهوه لحد ما أفوق وفى خلل كل ده أرتب البيت بسرعه ‪ ......‬ويحيى معايا‬
‫طبعاً باعمل له كل طلباته بدون توقف ‪ ......‬لحد ما ينتهي العمل الساعه ‪ 3‬وباكون خلصت الغداء‬
‫وباحاول أنيم يحيى وأنام جنبه ولو ساعه أو ساعتين وبعدها أصحى أستعد لحضور عمر الساعه‬
‫‪........ 6‬آآآآآآآآآه يا رب ساعدني !!‬
‫ساره ‪ ..‬ساره ‪ ..‬اصحي إنتي نايمه على الكنبه ؟!!‬
‫صحيت من النوم لقيت عمر واقف جنبي بيصحيني فرديت عليه وقولت ‪:‬‬
‫إيه ده إيه ده ؟ إنت جيت إمتى يا عمر ؟ إحنا الصبح ول بالليل ؟‬
‫عمر ‪ :‬الساعه ‪ 7‬بالليل يا ساره ‪ ..‬قومي يا حبيبتي علشان ناكل أنا جعان جداً عاوز آكل بسرعه‬
‫علشان ورايا شغل كتير ‪.....‬‬
‫شعرت بصداع رهيب وأنا أحاول أن أقوم من مكاني ‪ ....‬واتضايقت لما وجدت عمر يسأل عن‬
‫الكل ولم يسأل على أنا أو يحيى ‪ .......‬فرددت بعصبيه عليه ‪ :‬طيب اسأل عليا أنا وابنك قبل ما‬
‫تسأل عن الكل يا سيدي ‪.‬‬
‫فتفاجأ عمر من رد فعلى العصبي ويبدو انه هو كمان كان مشحون على الخر فرد بعصبيه ‪:‬‬
‫هو إحنا مش حانخلص من الموال ده يا ساره ؟! كل يوم تتهميني إني مقصر في حقكم إنتي‬
‫ويحيى ؟! يعنى ليا بيت تاني مثلً بأهتم بيه ؟؟ وإنتي عارفه قد إيه الشغل الجديد متعب ‪ ،‬أعمل‬
‫إيه يعنى ؟‬
‫فرددت بعناد ‪ :‬وال أنا مش باطلب منك تسيب شغلك وتقعد جنبنا ‪ ....‬بس على القل حاول‬
‫تشاركني ولو نفسياً في تربيه يحيى ‪ ..‬ده إنت حتى بتنام في أوده تانيه ‪ ...‬ل أنا بجد تعبت‬
‫وحاسه إني عايشه لوحدي ‪.‬‬
‫فرد بصراخ ‪ :‬يادي النكد الزلي ‪ ...‬مش حانخلص من السيره دي يا ساره ؟ طيب قولي لي ازاي‬
‫أنام وطول الليل يحيى بيصرخ ؟ يعنى أروح الشغل مش نايم علشان أترفد ونقعد على باب السيده‬
‫كلنا ؟ كده أبقى باشاركك نفسياً ؟!!‬
‫فصرخت أنا الخرى ‪ :‬وال ما أعرفش هو مش ابني لوحدي حرام انك تسيبني لوحدي في كل‬
‫حاجه كده ‪............‬‬
‫ففاجأني برده القاسي ‪ :‬وال إنتي اللي سايباني يا هانم !!‪ .......‬قبل ما تتهميني بالتقصير شوفي‬
‫نفسك الول !!! إنتي اللي من يوم ما ولدتي مش مهتمه بنفسك و مش شايفه غير يحيى بس‬
‫وناسيه إن ليكي زوج ‪ ......‬وحتى ما بتسألنيش عملت إيه في الشغل ول ليكي دعوه بيا خالص‬
‫‪ ...‬خلص اتركنت على الرف من أول طفل ‪ ،‬أمال لما يبقوا اتنين تلته حاتعملي إيه ؟ حاترميني‬
‫في الشارع ول إيه ؟‬
‫فذهلت من هجومه على وشعرت بانهيار تاااام ‪ ......‬كل هذا المجهود الرهيب وأكون أنا المقصره‬
‫؟؟؟ فعلً ل حدود لنانيه الرجال ‪ ........‬لم أقوى حتى على البكاء ول الصراخ ‪ ..‬تجمدت الكلمات‬
‫على لساني ‪ ،‬ونظرت إليه وكأني لم أره من قبل ‪ .......‬وشعرت بدوار كبير وسمعت صوته وهو‬
‫يناديني من مكان بعييييد ‪......‬ومادت الرض بي وووو فقدت الوعي ‪............‬‬

‫********************‬

‫الحلقه السابعة‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫فتحت عيني بصعوبه شديده لجد نفسي نائمه في سريري ويحيى نائم بجواري وعمر ينظر لي‬
‫بقلق بالغ وبيده عده عطور يحاول إفاقتي بها ‪ .....‬شعرت بصداع رهيب لم أشعر به من قبل‬
‫وثقل شديد في رأسي ‪ .......‬وتذكرت ما حدث فأغمضت عيني كي ل أري عمر وسالت دموعي‬
‫‪ ......‬همس عمر وهو ممسكاً بيدي ‪:‬‬
‫حمد ل علي السلمه يا حبيبتي ‪ ......‬كده تقلقيني عليكي ده أنا كنت حاموت لما أغمي عليكي‬
‫‪............‬‬
‫أنا ‪. ................. :‬‬
‫عمر ‪ :‬أنا آسف ‪......‬‬
‫أنا ‪. ............ :‬‬
‫عمر ‪ :‬مليون آسف يا حبيبتي ‪ .....‬بس أنا كنت راجع حاموت من التعب وكنت عاوز أرتاح شويه‬
‫علشان ورايا شغل تاني ‪ .........‬بجد أنا مشحون جداً يا ساره ومفتقد حبيبتي جنبي ‪...‬‬
‫فرددت عليه بصوت ضعيف ‪ :‬أنا كمان تعبانه أوي يا عمر ومحتاجاك معايا ‪ ......‬مسئوليه‬
‫المومه متعبه جداً ولزم يكون حد معايا وإنت من يوم ما ولدت وإنت بعيد عننا وحتى بتنام في‬
‫أوده تانيه ‪ ......‬حاسه إني وحيده جداً ‪ ....‬ده أنا بيتهيألي انك مش مبسوط إننا خلفنا يحيى !!!‬
‫فرد بانزعاج ‪ :‬إيه الجنان ده ؟؟!!!!!! ل اله إل ال ‪ .....‬ده أنا أموت لو بس أتجرح إنتي مجنونه‬
‫يا ساره ؟‬
‫فرددت من بين دموعي ‪ :‬أمال إنت بعيد ليه ؟؟‬
‫فرد بحنان بالغ ‪ :‬وال غصب عني ‪ ...‬عاوز أثبت نفسي في الشغل الجديد إنتي عارفه إني لسه‬
‫في فتره اختبار أول شهرين ‪ .....‬معقول من أولها كده أنام في الخط وأروح مش فايق علشان‬
‫يقولوا لي مع السلمه ؟‬
‫فرددت بعناد ‪ :‬طيب والحل ؟‬
‫عمر ‪ :‬يا ساره لزم تعرفي إن أهم حاجه في حياه الراجل هي شغله وأهم حاجه في حياه الست‬
‫هي أولدها وبيتها وكل خناقات الدنيا بتيجي لما طرف من التنين بيفترض العكس من شريكه‬
‫‪ ......‬إحنا التنين لزم نتعب علشان نربي ابننا أحسن تربيه ‪.......‬‬
‫أنا ‪ :‬بس أنا تعبانه أوي يا عمر ‪.....‬‬
‫عمر ‪ :‬خلص يا ساره صدقيني حاحاول وال علي قد ما أقدر إني أساعدك اتفقنا ؟‬
‫فرددت برضا ‪ :‬اتفقنا ‪..........‬‬
‫وجاءت اليام التاليه وكلي تصميم علي تنظيم حياتي وتغييرها لنشعر جميعا بالراحه وبدأت بأني‬
‫استشرت طبيبه أطفال في نوم يحيى المتقطع وسهره بالليل وتعبي معه فردت عليا رد صدمني‬
‫أنني أنا السبب !!! ‪ .....‬يا ربي ناقص يقولوا إني سبب خرم الوزون !!!!‬
‫وجاء توبيخ الطبيبه لي إن المفروض من أول أسبوع أن أحاول أل أرضع يحيى بعد الساعه ‪12‬‬
‫مساءً حتى السادسه صباحاً كي ترتاح معدته وينام باستغراق طوال هذه المده ‪ ......‬لن الطفل‬
‫مادام يستيقظ ليلً ويجد أمه ترضعه كل مره سيستيقظ كل ساعه حتى لو لم يكن جوعان !! لكنه‬
‫لو علم أنها لن ترضعه سيبكي أول يومين وبعدها لن يستيقظ طوال الليل !! طبعاً سمعت كلم‬
‫الطبيبه وأنا فاتحه فمي علمة البلهه ‪ .......‬يعني كان ممكن أرتاح من الغلب ده كله ؟؟؟؟ يا رب‬
‫ساعدني ‪........‬‬
‫وعزمت علي تنفيذ ما قالته الطبيبه بالحرف الواحد واخترت يوم الربعاء مساءً ليكون الخميس‬
‫والجمعه أجازه بعدها وبالفعل حاولت تنظيم رضعاته ولم أرضعه ليلً ‪ .....‬وبالطبع كانت‬
‫استغاثاته دوليه وكان ناقص يقوم يتصل بالبوليس من الست المفتريه دي !! وكدت أضعف‬
‫وأرضعه إل إني صمدت وأنا أبكي من صراخه ‪ ......‬وفي النهايه نام !! فعلً الطفال في غاية‬
‫الذكاء عندما علم أن ل فائده من صراخه نام وأكيد بيقول في سره حسبي ال ونعم الوكيل‬
‫‪ .........‬لكن بعد عده أيام من العذاب الحمد ل استسلم ولم يعد يستيقظ ليلً وأصبحت أنام زي‬
‫مخاليق ربنا ‪ .......‬وبعد أسبوعين آخرين أقنعت عمر إن يحيى أصبح أليف ورجع ينام في أودتنا‬
‫تاني ‪ ..........‬اقتنعت دلوقتي ليه ربنا عمل هجر الفراش وسيله من وسائل تأديب المرأه !!!!‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫الحمد ل أخيرا انتهت فترة الختبار في الشركه وأبدوا إعجابهم بنشاطي ومجهودي وأصبحت‬
‫مهندس دائم في الشركه والهم إني أخييييراً حاقبض مرتبي بعد فتره الختبار المجانيييييه !!‬
‫وال وحاتبقي غني يا واد يا عمر ومحدش حايعرف يكلمك ‪.......‬‬
‫لزم بجد أكافئ ساره وأشتري لها هديه محترمه علي الغلب اللي شافته معايا ‪ ....‬أنا فعلً كنت ل‬
‫أطاق في الفتره اللي فاتت ‪ ......‬مش عارف ليه الست ممكن تركز في كذا حاجه في نفس الوقت‬
‫وتعملها كلها بكفاءه تلقيها بتذاكر لبنها وبتتفرج علي التليفزيون وتتكلم في التليفون وبتطرز‬
‫مفرش في ايديها ومتابعه بقيه ولدها وهما بيلعبوا !! والراجل لو بس بيتكلم في التليفون وحد‬
‫علي صوته ول حاجه بيعمل حريقه في البيت لنه مش مركز في المكالمه !! أنا فعلً لما باركز‬
‫في شغلي مش بأعرف أعمل أي حاجه تانيه ‪ ..........‬بس خلص بقي فترة الضغط الرهيب دي‬
‫عدت علي خير ولزم أعوض ساره ويحيى باشا ‪...........‬‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫إيه كل ده يا عمر ؟؟؟!! مش معقول ؟ إنت قتلت حد ول إيه ؟‬
‫قلت هذه العباره باستغراب شديد وأنا أجد عمر يدخل البيت ومعه سرير هزاز جميل لـيحيى مزود‬
‫بألعاب تصدر أصواتاً لسكاته ‪ ....‬ومجموعه من اللعاب المطاطيه وكذا طقم خروج لـيحيى شيك‬
‫جداً ‪...........‬‬
‫ولم أنتظر لحظه إل وفاجأني بفستان سواريه لي في غاية الناقه ‪ .........‬قفزت من الفرحه وأنا‬
‫أشكره وأقول له ‪:‬‬
‫ده كتير أوي يا حبيبي ‪ .......‬إنت قبضت ول إيه ؟‬
‫رد عليا بفرح ‪ :‬ايوه يا قمر قبضت أخيييراً وكمان اخدت مكافأه شهور الختبار ‪ .....‬يعني‬
‫باختصار أنا حالياً إنسان غني أوي وإنتي مش من مستوايا واحتمال ما أردش عليكي بسهوله !!‬
‫وطبعاً كان جزاؤه ضربه بكل مخدات النتريه وهو يصرخ ويطلب الرحمه ولم أتوقف عن ضربه‬
‫إل عندما فوجئنا أنا وعمر بصوت يحيى يضحك بصوت مسموع علي معركتنا أنا وأبيه ‪......‬‬
‫فجرينا نحوه واحتضناه ونحن ل نصدق آذاننا وأخذنا نضحكه أكثر وأكثر بافتعال الحركات‬
‫المضحكه وهو يزداد في ضحكاته العاليه ‪ ......‬واحتضننا عمر بسعاده بالغه وطلب مني أن‬
‫أرتدي الفستان الجديد ويحيى الملبس الجديده لننا سنخرج للعشاء في أشيك مطعم علي النيل‬
‫‪............‬‬
‫وجريت علي الفور لنلبس أنا ويحيى قبل أن يرجع في كلمه !! وكان شكل يحيى قمر في البدله‬
‫الجديده التي جعلته مثل الرجل الصغير !! واهتممت جداً بمظهري وأخذت وقت طويل في‬
‫الستعداد وخرجت لـعمر ‪..........‬‬
‫عندما رآني عمر قال ‪ :‬اوووووه ما شاء ال ‪ .......‬النسه مرتبطه ؟!!!‬
‫أنا ‪. .............. :‬‬
‫عمر ‪ :‬طيب تسمح النسه القمر دي أني أعاكسها وأديها هديه تليق بالشياكه دي كلها ؟‬
‫وأخرج من جيبه علبه قطيفه بها اسوره رااائعه وألبسها لي وهو يقول ‪:‬‬
‫ربنا يقدرني وأعوضك كل حاجه يا غاليه ‪.....‬‬

‫********************‬

‫الحلقه الثامنة‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫ل أصدق إن مر علي ولدة يحيى ‪ 9‬أشهر !!! وكأني كنت أحمله داخل رحمي بالمس ‪ ..‬أصبح‬
‫إنسان آخر زاد وزنه وأصبح شديد الشبه بي وفي خده غمازه تظهر بشده عندما يضحك ‪ ....‬بدأ‬
‫يحبو علي الرض ويضحك بشده عندما ألعبه وعندما أجري وراءه يحبو بأقصى سرعته ليختبأ‬
‫تحت الكنبه ويتخيل إني ل أراه !! ومتعلق بي بشكل ل يوصف وعندما يجد أي شيء ملقي علي‬
‫الرض ل يتردد أن يتذوقه أولً وان لم يعجبه يعطيه لي بنفس راضيه !!!! مما جعلني طوال اليوم‬
‫ل هم لي إل أن أجعل الرض خاليه ونظيفه ول شيء عليها علي الطلق لنه ل يفرق بين‬
‫المسامير والحلوى كله إلى فمه !! مما يجعلني ل أهدأ طوال اليوم من التفتيش تحت أي كرسي‬
‫يحلو له أن يختبئ تحته عن أي شيء ملقي ولو قطعه كلينكس خوفاً من أن يبتلعها ‪ ....‬مرحله‬
‫خطيره جداً مرحله الحبو دي ربنا يستر وتعدي علي خير من غير ما عمر يطلقني !! لنه لو وجد‬
‫أي شيء ولو بنسه شعر سقطت مني تتحول إلى خناقه كبيره خوفاً علي حياة الباشا !!‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫ياااه علي الروتين والشغل اللي ما بيرحمش أنا بجد تعبت خلص ‪ .......‬نفسي أخد أجازه وأروح‬
‫في مكان فااااضي ل أري أي أحد علي الطلق ‪ ......‬قدمت علي أجازه أسبوع وبالعافيه رضيوا‬
‫علي ‪ 4‬أيام فقط منهم الجمعه والسبت طبعاً !! بس مش مهم ‪ ،‬المهم إني اتخنقت وعاوز تغيير‬
‫حالً وساره كمان مطحونه بين شغلها وبين يحيى اللي أصبح عفريت وعاوز حارس عليه ‪24‬‬
‫ساعه كي ل يبتلع سم فيران مثلً !! كلمت صديق قديم لي يمتلك شاليه منعزل علي شاطئ البحر‬
‫الحمر بعييييييد عن كل العالم ‪ ....‬الظاهر إنهم بنوه علشان يقتلوا فيه حد وبعدين غيروا رأيهم‬
‫‪ .....‬هو شاليه يجنن علي شاطئ البحر مباشره في منطقه منعزله تماماً تبعد عن أي مباني‬
‫حوالي ‪ 30‬كيلو وهو ده اللي أنا عاوزه بالظبط ‪........‬‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫أهلً أهلً بالستاذ يحيى أخبار مغامرات سعادتك إيه النهارده ؟‬
‫قالها عمر وهو يحتضن يحيى الذي هلل لرؤيته وأخذ يقفز بين ذراعيه ‪.........‬‬
‫أنا ‪ :‬أسكت يا عمر ده جننني النهارده طول النهار مستخبي وبادور عليه يا إما تحت السفره يا‬
‫إما جوه دولب المطبخ بيلعب في الحلل !! إنت أكيد كنت جن زيه كده وإنت صغير وهو طالع لك ‪.‬‬
‫ضحك بقوه وأجاب ‪ :‬أيوه كده خليه راجل امال عاوزاه بنوته ؟ أما أنا محضر لك حته مفاجأه‬
‫تحفففففففه ‪.........‬‬
‫قفزت من الفرح وأنا أسمع وأمسكته من رقبته ‪ :‬مفاجأه ؟ إيه يال قول بسرررعه أحسن مش‬
‫حايحصل لك طيب !!‬
‫عمر ‪ :‬يا ساتر يا رب !! هو ده الرد ؟ علي العموم أنا حاقول لـيحيى مش ليكي ‪ :‬بص يا كابتن‬
‫أنا عارف انك ما شوفتش بحر قبل كده علشان كده يال روح هات المايوه بتاعك علشان حانروح‬
‫شاليه يجنن أنا وإنت بس وحانسيب ماما المفتريه دي هنا ‪.......‬‬
‫وكأن يحيى فهم الكلم انه مطلوب منه شيء فأخذ يحبو بسرعه وذهب يحضر الدبدوب المفضل‬
‫عنده واعطاه لبيه وظهرت علمات الحيره علي وجهه عندما غرقنا في الضحك من تصرفه‬
‫وكأنه يقول في سره ‪ :‬العالم دي مجانين ول إيه النظام ؟ !!‬
‫أنا ‪ :‬شاليه إيه يا عمر ؟ إيه ده صاحبك وافق ؟ الشاليه بتاع البحر الحمر ؟!‬
‫فرد في نشوه ‪ :‬أيوه يا ساره ‪ 3‬أيام ما نشوفش ول مخلوق السماء والبحر والهدوووووووء‬
‫‪........‬‬
‫فتحرك القلق داخلي ل اعرف له سبباً وقلت له ‪ :‬هي طبعاً حاجه مغريه جداً بس مش يمكن نحتاج‬
‫حاجه ول تحصل مشكله هناك ؟‬
‫فرد بتبرم ‪ :‬إنتي علي طول متشائمه كده يا بنتي ؟ حايحصل إيه يعني ؟ العفاريت حاياكلونا ؟‬
‫الشاليه مجهز بكل حاجه وحناخد كل أكلنا معانا حايحصل إيه يعني ؟ يال حضري كل لوازمنا‬
‫علشان نلحق نوصل الطريق طويل ‪.........‬‬
‫********************‬
‫وأخييييراً وصلنا مع أول خيوط للفجر المكان منعزل عن العالم ولكنه ساحر ‪ ......‬شاليه رائع من‬
‫طابقين مبني علي الطراز النجليزي وتحيطه حديقه صغيره ومطل علي البحر الذي لم أر في‬
‫صفاء مياهه من قبل ودرجاته الفيروزيه والزرقاء التي تجعلك تسبح ل كل لحظه من فرط روعته‬
‫‪ ........‬وفي الداخل وجدناه مؤسس بذوق راقي وبسيط يجعلك تشعر بالراحه من أول لحظه ‪...‬‬
‫ونسمات البحر الرائعه تغسل عنا تعب العمل وارهاقه وتوقظ المشاعر التي خنقتها الروتين‬
‫والرتابه ‪ ........‬أفرغت الحقائب بسرعه وصلينا الفجر أنا وعمر ولم نستطع النوم فتسللنا وتركنا‬
‫يحيى نائماً وجلسنا علي الرمال الناعمه نراقب الشروق وأشعة الشمس الوليده التي تعانق‬
‫المواج علي استحياء وكأنها عروس خجلى ‪ ......‬نظر لي عمر نظره لم أرها من شهور من فرط‬
‫انشغالنا في العمل والمسئوليات ‪ ....‬وقال لي ‪ :‬بحبك !!!‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫يا سلم لو الواحد يعيش كده طول عمره ‪ ....‬يااه أعصابي رايقه جداً وساره في قمة السعاده‬
‫وهي تحاول أن تبلل أرجل يحيى في مياه البحر وهو خائف وينظر لهذا الشيء الخرافي الذي يراه‬
‫لول مره وكأنه يقول ‪ :‬البتاع ده ما شوفتوش في البيت عندنا قبل كده !!! ثم بعد فتره تعجبه‬
‫اللعبه ويحرك يديه وقدميه بكل قوه حتى يغرق أمه وهي تهدده بانتقامها !!‬
‫قالت ساره ‪:‬‬
‫مرت علينا أمسيه هادئه ونحن ننعم بالهدوء والصفاء ولم يكدرني سوي إني لحظت إن يحيى‬
‫يرفض الطعام منذ عده ساعات ‪ .......‬وبعد فتره وجدته يصرخ ويبكي بل انقطاع حاول عمر‬
‫طمأنتي انه من تغيير الجو ‪ .....‬حاولت تصديق هذا وأعطيته دواء للمغص ولكنه لم يستقر في‬
‫معدته لدقائق وتقيئه بشكل أفزعني ‪ ......‬ولم تمضي إل ساعه ووجدت لديه إسهال رهيب والقيء‬
‫ل ينقطع وحرارته مرتفعه جداً ‪ .......‬صرخت علي عمر الذي ارتبك ولم يدري ماذا يفعل !!‬
‫مرض يحيى من قبل عده مرات ‪ ....‬ولكنه أبداً لم يكن بمثل هذه الشده الرهيبه ‪ ...‬نظرت إليه‬
‫وهو تقريباً مغشي عليه من فرط السوائل التي فقدها بشكل مفاجئ ‪ .....‬ارتجفت ولم تحملني‬
‫قدماي وبكي عمر وهو يرتدي ملبسه بسرعه لنذهب لقرب طبيب ‪ .......‬ولكن أين الطبيب في‬
‫هذا المكان المنعزل وفي هذا الوقت من السنه والذي لم يبدأ فيه موسم التصييف بعد فجميع‬
‫القرى السياحيه – البعيده جداً – أيضا خاويه !!!!!!!!!‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫جرينا علي السياره وساره تحمل يحيى وهو تقريباً فاقد الوعي وفي شده الذبول وأنا ل أعرف‬
‫إلى أين أذهب ؟ ودموع ساره ل تتوقف وهي تردد كلمه واحده بمنتهي الوعيد ‪:‬‬
‫إنت السبب أنا قلت لك بلش المكان المقطوع ده ‪ . ....‬لو حصل حاجه لبني وال لقتلك !!!!‬
‫وكأنه ليس ابني أنا الخر ‪ ......‬فعلً النثى في الصل أم ثم زوجه !!‬
‫مرت نحو ساعه ونصف وأنا أسير بل هدي ول أجد بشائر لي مستشفي أو حتى عياده وأنا‬
‫أصرخ داعياً ال أن يغيثنا ‪ .....‬وكل لحظه يحيى يزداد ذبولً وشحوباً ‪ .....‬وساره يكاد قلبها‬
‫يتوقف من فرط البكاء والدعاء ‪ .....‬حتى أخيراً وجدنا نقطة إسعاف علي الطريق العام ويبدو أنها‬
‫مهجوره فجرينا عليها فلم نجد إل حجره واحده للكشف يبدو إن لم يدخلها مريض من أعوام‬
‫ووجدنا ممرض نصف نائم قابلنا ببرود شديد ‪ .....‬صرخنا به سائلين عن الطبيب فأخبرنا بل‬
‫مباله أنه ليس موجود !!‬
‫ولول مره في حياتي أري ساره الوديعه تتحول إلى نمره شرسه مستعده للقتل في أي لحظه‬
‫وصوتها يصل إلى عنان السماء وهي تصرخ في الممرض بشراسه ‪:‬‬
‫لو في ظرف ‪ 5‬دقايق ما جبتش الدكتور حالً اقسم بال العظيم لقتلك بأيدي وأدفنك في الحته‬
‫المقطوعه دي !!!‬
‫ويبدو إن الرجل ارتعب من غضبها الهائل وفر كالريح يوقظ الطبيب من سكن الطباء ‪ ...‬وجاء‬
‫لنجده طبيب صغير السن حديث التعيين ‪ ....‬ل اعرف كيف يضعون طبيب قليل التجربه في مكان‬
‫وحده ل يجد من يعلمه ويكون مسئول بمفرده عن كل شيء !! وبدأ في الكشف علي يحيى‬
‫وتعابير وجهه غير مطمئنه وبعد قليل أخبرنا أن الحاله محتمل أن تكون تسمم من ابتلعه شيء‬
‫فاسد أدت إلى حالة القيء والسهال الشديدين والهم الن هو إنقاذه من حاله الجفاف الخطيره‬
‫‪.........‬‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫هبط علينا كلمه كالصاعقه وأحسست برعب لم أشعر به في حياتي ‪ .....‬هل سيموت يحيى ؟‬
‫توقف عقلي عن العمل وتوقفت الحياه عن دورانها حتى البكاء ل اقدر عليه ‪ .....‬أنظر إليه وهو‬
‫فاقد الوعي وشاحب شحوب الموتى ‪ .......‬أكيد ابتلع شيء من الشاليه أو البحر في غفله مني‬
‫‪ ....‬بماذا تشعر الم إذا مات ولدها ؟‪ ......‬يا رب لم أستطع الحفاظ علي نعمتك فسامحني‬
‫وأحفظها لي برحمتك وسلطانك ‪ ....‬يا رب ‪ ..‬يا رب ‪.‬‬
‫قال عمر ‪:‬‬
‫انطلقت بأقصى سرعه إلى الصيدليه للمره اللف لحضار المحاليل والدويه التي يطلبها الطبيب‬
‫كل ساعه ‪ ....‬يحيى يزداد ذبولً ول يستعيد وعيه من شدة الجفاف منذ ‪ 5‬ساعات وساره ل‬
‫تفارقه وكل المحاليل تخترق أوردته بل فائده ‪ ......‬يا رب ل أعرف كيف أدعوك في هذه المحنه‬
‫قد أكون ارتكبت العديد من الذنوب ول أستحق غفرانك ‪ ......‬ولكن ارحم هذا الملك من أجل أمه‬
‫التي تفقد الحياه كل دقيقه جواره ‪ ........‬ارحمه من أجلي فهو نبض قلبي وثمرة عمري ‪......‬‬
‫ظهرت أنوار نقطه السعاف أمامي ‪ ...‬أخاف أن أقترب فيأتيني الخبر الذي أهرب من سماعه‬
‫‪ ......‬يا رب ‪ ..‬يا رب ‪.‬‬
‫وقبل أن أصل وجدت رجل عجوز مسكين ينام علي جانب الطريق ‪ ......‬ل أعرف من أين جاء في‬
‫هذا المكان ‪ ،‬ول أعرف من أين جاءني هذا الخاطر فأوقفت السياره وأنا في أمس الحاجه لكل‬
‫دقيقه ‪ ....‬نزلت وأعطيته كل المال الذي في جيبي بدون أن أبقي معي شيء و بدون تفكير ‪....‬‬
‫تذكرت ( داووا مرضاكم بالصدقه ) لعل ال ينقذ ابني الوحيد ‪........‬‬
‫اقتربت وأنا أخشي أن أري وجوه باكيه في انتظاري ‪ ....‬ولكني وجدت ساره تهرول في اتجاهي‬
‫وصوتها مختلط بين البكاء وعدم التصديق وهي تهتف ‪:‬‬
‫يحيى فاق يا عمر !!!!!!‬

‫********************‬

‫الحلقه التاسعة‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫تحول كل بيتنا إلي فوضى منذ أن أصبح يحيى يمشي ‪ ....‬أصبح ل يوجد مقعد في مكانه ول‬
‫مفرش فوق ترابيزه ل سمح ال !! وطبعاً أي ورود أو تحف صغيره أصبح من المستحيل بقائها‬
‫مكانها وأصبح مكانها الوحيد فوق الدولب كي أنقذها من التحطيم المستمر !! ‪ .....‬ل أعرف‬
‫لماذا يحب الطفال استكشاف كل شيء حتى لو رأوه مائه مره ؟ أتعجب عندما أري يحيى ماشياً‬
‫في أمان ال وفجأه يثبت نظره في اتجاه شيء معين وهنا تصفر صفارات النذار في رأسي من‬
‫أني في ثواني سأسمع صوت تحطيم أو دمار ‪ .....‬ثم أجده متجهاً بمشيته التي تشبه مشية البطه‬
‫إلى هدفه كالصاروخ ويكون غالباً كوب أو برواز صوره أو أي شيء ‪ .....‬وهنا أقفز مثل لعبي‬
‫السيرك لنقذ الهدف المسكين من مصيره المحتوم وان نجحت تبدأ مرحله من الصراخ من يحيى‬
‫احتجاجاً علي هذا الظلم البائن !! كنت في البدايه أرق لبكائه وأتراجع عن موقفي كي يكف عن‬
‫البكاء ‪ .......‬ولكني وجدت انه في غاية الخبث علم أن البكاء يخيفني فاستخدمه كسلح ‪ ....‬أي‬
‫شيء يريده بفتح السارينه !! ولكني انتبهت لهذا السلح الجديد وأصبحت ل أهتم لصراخه ‪...‬‬
‫حتى عرف بعد فتره انه ل جدوى معي من البكاء فأصبح ينصرف عني وكأنه يتمتم ( حسبي ال‬
‫ونعم الوكيل !! ) ‪.......‬‬
‫أصبح يحيى هو صديقي الوحيد والوجه الوحيد الذي أراه يبتسم في وجهي منذ أن زارنا الحزن‬
‫وأقام لدينا منذ شهرين ‪ ........‬من يوم وفاة والد عمر ونحن نسكن مع الحزن في كل لحظه‬
‫‪ .......‬أخاف علي عمر من شده حزنه علي أبيه ‪ ......‬أراه شارداً حزيناً ‪ ....‬أستيقظ فل أجده‬
‫بجوازي وأجده يصلي وحيداً وهو يبكي ل ويسأله الصبر علي الفراق ‪ ............‬أحاول بكل‬
‫طاقتي أن أخرجه مما هو فيه بل جدوى ‪ ......‬يا رب خفف عنه وعنا ‪...........‬‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫ل يعلم جنود ربك إل هو ‪ .....‬الموت من جنود ال التي تدفعنا دفعاً إلى الخوف من الوقوف بين‬
‫يدي ال ‪ .......‬ل أعرف كيف اختطف الموت أبي لتحول فجأه من رجل إلى طفل صغير فقد يد‬
‫أبيه في الزحام فوقف يبكي ول يشعر بزحام الدنيا من حوله ‪ ......‬فقط ينتظر وجه أبيه ليعيد له‬
‫المان ‪ ......‬رحمك ال يا أبي كم أتعبتك في طفولتي ‪ ....‬وكم عاندتك في مراهقتي ‪ .......‬وكم‬
‫جادلتك في شبابي ‪ ........‬أندم علي كل يوم لم أقبل به يديك ‪........‬‬
‫وتبقي مشكله أمي ‪ .....‬أنا ابنها الوحيد الرجل وأخواتي البنات متزوجات وفي بلد بعيده مع‬
‫أزواجهن ‪ .......‬وأمي في حال يرثى لها منذ وفاة أبي ‪ ....‬وأنا يومي ًا أزورها بعد عملي وهي‬
‫تعيش في أحزانها وتهمل حتى صحتها ‪ .......‬خوفي عليها يزداد ولكن ماذا أفعل ؟‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫حياتنا انقلبت منذ وفاة والد عمر أصبحت ل أرى عمر إل نادراً ‪ ....‬أصبح يخرج من عمله يذهب‬
‫إلى حماتي ليقضي معها بقية الليل وأحيانا يبات هناك معها ‪ ......‬وأنا أزورها ثلث أو أربع مرات‬
‫في السبوع ‪ .....‬أعد طعام الغداء وأصطحب يحيى وأذهب لها وننتظر عمر ليأتي ونقضي بقية‬
‫اليوم معها ‪ ......‬أشفق عليها من أحزانها ‪ .......‬ل أعرف كيف تشعر المرأه لو فقدت شريك‬
‫حياتها وحبيبها ورجلها الوحيد بعد عشره أكثر من ثلثين عاما ؟؟؟ وقد تحول حزنها إلى عصبيه‬
‫شديده لو غاب عنها عمر يوماً تظل تبكي وتتهمه بأنه ل يحبها ويفضل بيته وزوجته ( اللي هي‬
‫أنا ! ) عنها ‪ ......‬ولو لم أحضر لها يحيى لتراه انصبت فوق رأسي كل صراخ الدنيا ‪ .....‬ازدادت‬
‫أعصابي توتراً وأصبحت تقريباً ل أنام وبيتي فقد الستقرار ول أرى زوجي ‪ ......‬ول أستطيع أن‬
‫انطق بكلمه ‪ ....‬بل علي طول الوقت أن احتمل أعصاب عمر المنهاره وغضب حماتي طوال‬
‫الوقت ‪..........‬‬
‫زارتني ماما ورأتني وأنا ذابله مجهده وقصصت عليها ما أنا فيه ‪ ....‬فردت علي ‪:‬‬
‫معلش يا ساره استحملي ‪ ...‬جوزك معذور ده برضه والده ‪.‬‬
‫أنا ‪ :‬أنا عارفه يا ماما وال ونفسي أخرجه من اللي هو فيه ‪ ......‬ومستحمله عصبيته واكتئابه‬
‫‪ ......‬بس حاسه إني عايشه في دوامه يادوب أصحى الصبح علشان اشتغل وأجهز الكل وأشيله‬
‫وآخد يحيى وأروح لحماتي ونقضي بقية اليوم عندها وطول الوقت باستحمل كلم في منتهي‬
‫الغلسه وكأنها عاوزه تقول لي ( أنا جوزي مات وإنتي كمان واخده ابني ؟ ) بجد يا ماما تعبت‬
‫ومش عارفه اعمل إيه ؟‬
‫ماما ‪ :‬معلش أهم يومين ويعدوا يا ساره خليكي إنتي بنت الصول اللي تقف جنب جوزها وأمه‬
‫في الظروف دي ‪ ......‬يعني لو كنت إنتي مكانه مش كان حايعمل كده ؟‬
‫أنا ‪ :‬مش باين يا ماما إنهم يومين ‪ ......‬إحنا بقالنا شهرين علي الحال ده وعمر مش عاوز‬
‫يسيبها لوحدها أبداً وبصراحه عنده حق بس أنا تعبت أعمل إيه ؟‬
‫فسكتت ماما للحظات وكأنها تفكر في أمر عميق وأجابتني ‪ :‬بصي يا ساره خلينا واقعيين أنا رأيي‬
‫انك تقولي لـعمر يجيب والدته تقعد معاكي هنا ‪..........‬‬
‫فانتفضت كالملسوعه ‪ :‬إيه تعيش معايا هنا ؟ إنتي بتقولي إيه يا ماما ؟ هو إنتي مش عارفه‬
‫طبعها وازاي بتعاملني ؟ حرام عليكي !!‬
‫ماما ‪ :‬بصي يا ساره خليكي عاقله ‪ .....‬مش معقول حاتفضلوا علي الحال ده ومش ممكن‬
‫حاتقولي له ارمي أمك ‪ .....‬علشان ربنا يبارك لك في يحيى ‪ .....‬وبعدين خليها تيجي منك أحسن‬
‫لن ده إن آجلً أو عاجلً حايحصل وهو اللي حايطلب منك إنها تعيش معاكم لنه ابنها الوحيد‬
‫الرجل ‪ ......‬يعني هاتيها منك واعرضي عليه إنتي واحتسبيها عند ربنا ‪........‬‬
‫فسالت دموعي وأنا أري أن كلم أمي منطقي جداً ول مفر منه ‪ :‬بس يا ماما كده حانبقي طول‬
‫اليوم في حرب ‪ ......‬وأكيد حاتحصل مشاكل ‪ .......‬أعمل إيه ؟‬
‫ماما ‪ :‬وال اتكلي علي ال ومادمتي بتعملي كده علشان ترضي ربنا وتريحي جوزك يبقي أكيد‬
‫عمر ربنا ما حايسيبك أبداً إن شاء ال ‪.‬‬
‫صليت استخاره ودعوت ال وقلبي يمتل بالخوف من حياتي التي ستقلب رأساً علي عقب ‪.........‬‬
‫وبكيت بين يدي ال وأنا أسأله العون ‪ .......‬واقتربت من عمر وهو جالس وحده في الصالون‬
‫شارد النظرات ‪ ......‬وهمست له ‪:‬‬
‫مش تروق كده يا حبيبي ‪ .....‬ده إنت تعرف ربنا وربنا يرحمه إن شاء ال ‪..........‬‬
‫عمر ‪ :‬ونعم بال يا ساره وهو حايفضل غالي علي طول ‪ ............‬بس كل ما افتكر والدتي إنها‬
‫لوحدها في الشقه وإنها ممكن يحصل لها حاجه من غير ما أكون معاها باتجنن ‪ ....‬نفسي أكون‬
‫معاها علي طول علشان بالي يرتاح ‪........‬‬
‫فهمست في سري ( وال عند حق يا ماما خليها تيجي مني أحسن !! ) ورددت عليه ‪:‬‬
‫ربنا يخليهالك يا رب ‪ .......‬طيب أنا عندي اقتراح علشان تطمن عليها إيه رأيك تيجي تعيش‬
‫معانا هنا وأنا أحطها جوه عيني ‪ .........‬إيه رأيك ؟‬
‫فصرخ فرحاً ورأيت ابتسامته التي لم أرها من شهور وهو غير مصدق وقال لي ‪ :‬إيه بتقولي إيه‬
‫؟ إنتي بتتكلمي بجد يا ساره ؟ أنا كان نفسي أعرض عليكي الموضوع ده بس كنت متردد‬
‫‪...........‬‬
‫فبلعت توتري وابتسمت له وقلت ‪ :‬ليه بتقول كده يا عمر هو إحنا يعني حانرمي أهالينا ؟ ربنا‬
‫يخليهالك ويقدرني علي خدمتها ‪........‬‬
‫فاحتضنني في قوه وهو يقول لي ‪ :‬بجد مش عارف أقول لك إيه يا ساره إنتي فعلً بنت أصول‬
‫‪ .......‬أنا عارف إن ماما متعبه شويه ‪ ....‬بس صدقيني إن شاء ال مش حاتضايقك خاااالص‬
‫‪.............‬‬
‫وتركني وانطلق إلى التليفون يزف البشري لوالدته ‪....‬‬
‫وأنا أردد وأنا أكاد أبكي ‪ :‬خالص خالص خاااااااااااااااااااااااااااااااااالص !!!!!!!!!!!!‬

‫********************‬

‫الحلقه العاشرة‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫أنا اللي جبت ده كله لنفسي !!!! أقول هذه الكلمه لنفسي كل يوم وكل دقيقه من السيرك اللي‬
‫عايشه فيه من ساعة ما حماتي المصونه شرفتنا بالنتقال إلى الحياه معنا ‪ .........‬ال يسامحك يا‬
‫ماما !! إنتي اللي اقترحتي القتراح الرائع ده !!! حياتي انقلبت بزاويه ‪ 180‬درجه ‪ ........‬لم‬
‫أكن أتخيل أن كل هذا سيحدث في شهر واحد ‪ ....‬البنت بتتجوز علشان يكون لها بيت مستقل‬
‫تكون هي ملكته تفعل به ما تريد ‪ ......‬وقت ما تحب ‪ .....‬تطبخ ما تشاء ‪ ...‬تضرب عن العمال‬
‫المنزليه وتؤجلها ليوم آخر وقت ما يحلو لها ‪ ...........‬افتقدت كل هذا دفعه واحده !! أحسست‬
‫إني ضيفه في بيتي ‪ ....‬وياريت كمان ضيفه دي حتى الضيفه بتخدم وتكرم ‪ ......‬أما أنا تحولت‬
‫إلى أسيره ومراقبه ‪ 24‬ساعه من حماتي ‪ ......‬طول النهار تراقب تحركاتي وتنتقدني في كل‬
‫حاجه ‪ ........‬تراقب تطور حلة المحشي من أول ما نغسل الرز إلى آخر محطه وكل لحظه‬
‫تتحفني بعبارات من نوعيه ( واضح انك لسه بتتعلمي يا ساره ) ( ل ل ل ده مش محشي ده‬
‫يخني !! ) ( عمر ما بيحبش المحشي إل من ايدي أنا !! )‬
‫ول تفكر حتى أن تساعدني في أي شيء ‪ .........‬وأنا ل أرد علي أي كلمه وأحاول أن ابتسم حتى‬
‫تصلبت شفايفي في وضع ابتسامه مسلوقه ل معني لها ‪ .....‬بس علشان ما أطقش وأموت !!‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫يا سلااااااااااااام ربنا يخليكي ليا يا ساره يا حبيبتي ‪ .......‬حلت لي كل مشاكلي مره واحده بقيت‬
‫مطمئن علي ماما كل ساعه ‪ .....‬وساره كمان شايلها جوه عينيها بصراحه ‪ ......‬أنا كنت فاكر‬
‫إني كل يوم حالقي خناقات لرب السما ‪ ....‬لكن الحمد ل الدنيا هاديه وجميله والتنين زي‬
‫السمنه علي العسل !!!!!!!! بصراحه مش أي واحده تستحمل ماما أنا عارف إنها صعبه وبتحب‬
‫تتدخل في كل حاجه بس حاعمل إيه يعني ؟ ربنا يخليها لي يا رب ‪ ......‬ويخلي لي ساره وتفضل‬
‫بعقلها الراسي كده علي طول !!!!!!!‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫أنا خلااااااااص ماعدش فيا ريحه العقل !!! قربت أتجنن وأسيب البيت ‪ ........‬كل حاجه في الدنيا‬
‫حماتي مدخله نفسها فيها ‪ .......‬حتى تربيتي لـيحيى كل حاجه غلط في غلط !! لو أكلته جزر‬
‫يبقي لاااااااا البطاطس أفيد كتير ‪ ......‬ولو أكل شيكولته يبقي سنانه حاتقع ولو حرمته منها‬
‫يبقي أنا أم مفتريه !!! بجد مش عارفه اعمل إيه ول أملك إل الطاعه لكل كلمها ولو جادلتها‬
‫ندخل في جدال يستمر لساعات فأسمع كلمها وأنا أموت من الغيظ ‪............‬‬
‫والمشكله الكبر كمان هي في وجود عمر ‪ .....‬بتستأثر بيه وكأنه زوجها هي !! تقعد تتكلم معاه‬
‫بالساعات وتطلب مني أعملهم فنجانين قهوه علشان القعده تحلو !! ولو بعد الشر قعدت أتكلم‬
‫معاه علي انفراد في أي موضوع لزم تعرف بنتكلم في إيه وإل تزعل وتتقمص والود ودها إنها‬
‫تنام معانا في نفس الوده !!!‬
‫بجد أنا تعبت خلص ولزم الوضع يتغير لزم اطلب من عمر إنها ترجع شقتها ونرجع نزورها‬
‫زي الول ‪ .......‬بس ازاي اقدر أطلب منه كده ؟ أكيد الدنيا حاتولع ويبقي شكلي إني باطرد أمه‬
‫‪ .....‬ل ل ما ينفعش الحل ده ‪ ...‬أنا عارفه الدين والصول وكمان لو عمر عمل كده في أمي أكيد‬
‫حاقتله !!‬
‫أنا عارفه إني مهما عملت ل يمكن تحبني زي بنتها ‪ .....‬دي الطبيعه البشريه أنا برضه مش‬
‫حاحب زوجة يحيى ابني !! يعني بعد ما اتعب وأربي تاخده راجل علي الجاهز ؟!! طيب يبقي أنا‬
‫أشيل فكره إنها تحبني من دماغي وأحاول أتقبل الوضع وأحسنه وخلص ‪ ........‬ودخل عمر‬
‫علي وأنا غارقه في التفكير وضاربه بوز وقاللي ‪:‬‬
‫إيه يا ساره بتفكري في إيه ده كله ؟‬
‫أنا ‪ :‬ول حاجه يا عمر بس تعبانه شويه ‪........‬‬
‫عمر ‪ :‬من إيه يا حبيبتي ‪ .....‬مش ماما بتساعدك في تربية يحيى ؟!!‬
‫( ياخرااااااابي !!! بتساعدني ؟!!! ) طبعاً قلتها في سري ورديت عليه وأنا مفروسه ‪ :‬طبعاً طبعاً‬
‫ربنا يخليهالنا ‪........‬‬
‫فرد عليا بحنان ‪ :‬وال أنا حاسس بيكي يا حبيبتي وعارف إن ماما صعبه شويه ‪ ....‬بس اعمل‬
‫إيه أنا ابنها الراجل الوحيد ‪ ....‬أرميها يعني ؟‬
‫فسالت دموعي رغما عني وقلت له ‪ :‬يا عمر أنا ل يمكن أقول كده وأنا اللي طلبت منك إنها تيجي‬
‫هنا ‪ ....‬بس بجد أنا حاسه إني بقيت ضيفه في البيت مش صاحبته بانفذ كل كلمها وبتنتقد كل‬
‫حاجه باعملها في البيت ومحسساني طول الوقت إني مش بافهم في أي حاجه ‪ ......‬بجد تعبت‬
‫‪ ......‬أعمل إيه ؟‬
‫فأخذ وقتا طويل قبل أن يرد وجاء صوته مليئاً بالحيره وهو يرد علي ‪:‬‬
‫بصي يا ساره ‪ .....‬أنا عارف إن عندك حق ‪ ...‬بس حطي نفسك مكانها دي ست فقدت عشره‬
‫عمرها كله ولقت نفسها وحيده وكمان سابت بيتها فبتعتبرني أنا رجلها الوحيد في الدنيا ومتخيله‬
‫انك إنتي اللي واخداني منها ‪ .....‬فنفسياً كده بتغير منك ومن حبي ليكي وبتحاول تحسسك إنها‬
‫أحسن منك في كل حاجه ‪ ........‬معلش لزم نراعي تفكيرها ده ‪ ........‬حاولي تصاحبيها وتخليها‬
‫تشيل فكره الغيره دي من دماغها ‪.........‬‬
‫فرديت بفراغ صبر ‪ :‬وال حاولت مافيش فايده ‪.........‬‬
‫فرد بعصبيه ‪ :‬بصي يا ساره أنا مش حاتكلم في الموضوع ده تاني ‪ .......‬أنا ل يمكن أغضبها‬
‫أبداً علشان خاطرك ‪ ......‬ولو اخترت بين بيتي وبين رضاها حاختارها هي ‪ .....‬واعرفي إني لو‬
‫ما عملتش ده وأغضبتها علشانك ‪ ........‬ابنك يحيى حايعمل فيكي كده وحايرميكي علشان مراته‬
‫( الديان ل يموت ) ومش حاتكلم في الموضوع ده تاني يا ساره ‪ ........‬تصبحي علي خير ‪.‬‬
‫أنا ‪ ....... :‬وإنت ‪!!!!!!!!!!! .........‬‬

‫********************‬
‫الحلقه الحادية عشر‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫( البحر من خلفي وحماتي من أمامي ) !!!!!!!! عمر فجر القنبله في وشي وسابني أواجه‬
‫المشكله لوحدي !! يعني كان حايحصل إيه لو كلم والدته ووصاها عليا شويه ؟ خلص الدنيا‬
‫حاتولع ؟ طيب أعمل إيه يا رب ؟ أنا بجد تعبانه ومش عارفه ارتاح ول دقيقه ل من حماتي ول‬
‫من يحيى ‪ .....‬بيطلب كل دقيقه طلب لما خلص جنني ‪ .....‬باحس انه فاضي وبيتسلى ‪.....‬‬
‫فاضي وبيتسلى ؟! فاضي ‪ ..............‬إيه ده ؟ معقووووووول ؟!!‬
‫معقول يا سي يحيى أنت اللي حاتحل لي الحدوته العويصه دي ؟ قمت من مكاني وأحضرت له‬
‫مكعبات أحضرها له والدي وأبعدتها عنه حتى يكبر ويستطيع اللعب بها ‪ ...‬وأول ما رآها هجم‬
‫عليها يبعثرها من مكانها وجلست معه أريه كيف يركبها ‪ ....‬وما هي إل دقائق حتى استغرق‬
‫باللعب بها وان لم يستطع تركيبها ولكنه أخذ يلعب بها ويكتشفها والهم انه بعد عني ولم يطلب‬
‫أي طلبات أخري !!‬
‫طيب ما هي حماتي نفس الحكايه بالظبط ‪ ........‬حياتها فارغه جداً وخاصةً بعد موت والد عمر‬
‫‪ ....‬وأنا من أقوم بكل العمال المنزليه ول أحاول أن أتعبها في شيء ‪ ......‬فل يبقى لها إل‬
‫الفراغ واللعب مع يحيى والتفرغ التام لنتقادي !!! طيب ما أنا لو رحت ضيفه عند أي أسره‬
‫وكنت ل أفعل أي شيء طوال ‪ 24‬ساعه الطبيعي جداً إني سأتفرغ لمراقبتهم لبسوا إيه ؟ عملوا‬
‫إيه ؟ ‪ .....‬خلص يبقي الحل الوحيد إني أشغلها طول اليوم ‪ .....‬خلص حاجيب لحماتي‬
‫مكعبات !!!!!!!‬
‫أنا كمان من ناحيتي لزم أقلل إحساسي إنها غازيه لبيتي واني خلص مش عارفه ارتاح طول ما‬
‫هي موجوده ‪ ........‬بصراحه في وجودها مريحاني من يحيى في أوقات كتير وخصوصاً وأنا‬
‫باشتغل الصبح علي الكومبيوتر ‪ .......‬وكمان في حاجه مهمه إن في وجودها عمر مش بيتخانق‬
‫معايا خالص حتى لو لقى البيت بيتحرق !! ودي حاجه جمييييييييله جدًاًاًااًًاًاًااً ‪ ،‬أنا حاحاول‬
‫أحسسها إني باحبها علشان هي كمان تحاول تحبني ‪ .......‬مش كفايه إنها ادتني عمر حبيبي‬
‫علشان استحملها ؟ ومش بس استحملها ل أحاول أحبها ؟‬
‫قال عمر ‪:‬‬
‫بصراحه ساره عندها حق في شكوتها من ماما ‪ ...‬بس كان لزم أوقف الموضوع بحزم علشان‬
‫ما يكبرش ويتحول لخناقه وأنا حاولت قبل ما هي تشتكي ومن غير ما تعرف إني ألفت نظر ماما‬
‫إنها تخف شويه علي ساره ‪ ....‬بس طبعاً من بعيد لبعيد علشان ما أزعلهاش ‪ ...‬زي اللي‬
‫بيوصف لواحد أزاي يروح اسكندريه عن طريق أسوان !!! وال أنا نفسي أرضي الطرفين بس‬
‫مش عارفه أزاي ؟ ل ورد فعل ماما كان غريب جداً !! نظرت لي نظره طوييييييييييله وسابتني‬
‫ومشيت !!!‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫وبدأت خطوات الخطه الجهنميه اللولبيه في شغل فراغ حماتي وكمان تهدئه نفسيتها الثائره‬
‫داااائماً !! أول حاجه إني دعوتها إننا نصلي جماعه أنا وهي كل الفروض بعد ما كانت تصلي‬
‫وحدها ‪ ....‬في الول اعترضت كالمعتاد بحجه إنها ل تقدر علي الوقوف الطويل فأحضرت لها‬
‫كرسي صغير تصلي عليه ‪ ...‬وبدأت أوقظها لصلة الفجر بعد أن كنت أتركها تنام ‪ .....‬وسبحان‬
‫ال بعد عدة أيام من صلتنا معاً أنا وهي لنت معاملتها لي بعض الشيء ‪ .....‬وجعلنا لنا ورداً‬
‫يومياً من القرآن ‪ .....‬كيف يجمعنا ال خمس مرات يوميا ويفرقنا الشيطان ؟‬
‫وتشجعت إني طلبت منها أن نذهب أنا وهي يومياً درس لتعليم التجويد في المسجد المجاور بعد‬
‫صلة العصر‪ ....‬وكنت أتوقع كلمتين في العظم ورفض دون أسباب !! ولكن لدهشتي وجدتها‬
‫وافقت بسهوله ووجدتها فرصه لتعلم شيء جديد والخروج أيضاً ‪ .....‬وسبحان ال وجدتها عندما‬
‫تقربت ل أكثر وشغلت وقتها أكثر ‪ .....‬أحبتني قليلً !! وتغيرت معاملتها لي في أشياء كثيره‬
‫‪ .....‬بل وبعد عدة أسابيع من انتظامنا في درس التجويد يومياً ‪ ....‬وجدتها تدعو لي لول مره في‬
‫حياتها !!!!!!! ولول مره أكتشفت الجانب الطيب فيها الذي كان مختبيء وراء عصبيتها‬
‫وانتقادها لكل الناس ‪ .....‬وتحسنت علقتي بها كثيراً ‪ .......‬لن أقول إنها أصبحت مثل علقة الم‬
‫بابنتها ولكن علي القل الجانب العدائي بيننا قل كثيراً وأصبحت أفتح لها قلبي وأحكي لها عن‬
‫عملي بعد أن كان كل كلمنا عباره عن قذاف ناريه !!!! بل وتهورت مره واشتكيت لها من‬
‫عصبية عمر في موقف معين وظلمه لي ‪ .........‬حقيقه لم تقف ضد حبيب قلبها بالطبع كما كنت‬
‫أطمع !! ولكن علي القل لم تهاجمني زي زمان بأني متجوزه سيد الناس كلها !! ولكنها طيبت‬
‫خاطري بكلمتين وهذا يكفيني !!!‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫وال لو علمت كل امرأه علي الرض إنها عندما ترضي أهل زوجها وبالخص والديه أن حبها في‬
‫قلبه سيتضاعف لنتهت كل مشاكل الكون !! كل وقوف ساره بجواري وحنانها معي وعشرتها‬
‫الطيبه وحبها لي كوم ‪ .....‬ورعايتها لمي واهتمامها بها ومحاوله تغييرها واتقاءها ال فيها‬
‫كوووووووووووووم تاني !! حب ساره في قلبي تضاعف واحترامي لها أصبح ل يوصف ‪.......‬‬
‫لبد أن أكافيء هذا الملك الصابر ‪ ....‬نزلت اشتريت لها حلقاً صغيراً ماسياً علي شكل قلبين‬
‫صغيرين ‪ .....‬وجريييييييييت علي حبيبتي ‪ .........‬وجدتها في انتظاري جميله كالمعتاد وحدها‬
‫دون ماما ويحيى باشا ‪.........‬‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫وحشتيني يا حبيبتي ‪ ....‬ماما فين ويحيى ؟‬
‫قالها عمر بعد أن دخل ووجدني لوحدي فقلت له ‪:‬‬
‫وأنت كمان وحشتني يا حبيبي ‪ ....‬طنط يا سيدي عرفتها علي الحاجه فوزيه اللي في الدور‬
‫الخامس من كام يوم ‪ .....‬أنت عارف هي كمان وحيده بعد جواز ولدها ‪ ....‬واتصاحبوا علي‬
‫طول وبقت طنط بتاخد يحيى وبتطلع لها كل يوم تشرب معاها فنجان قهوه ويفتكروا أيام ما كان‬
‫الرغيف بـ ‪ 3‬مليم !!‬
‫عمر ‪ :‬قصدك إن ماما عجوزه صح ؟ يا ماااااااااااااااماااااااااااا !!!‬
‫فوضعت يدي علي فمه قبل إن يفضحني ‪ :‬بس يا عم أنا ما صدقت إنها ترضى عني شويه عاوز‬
‫توقع بنا ليه ؟‬
‫فضحك وهو يقول ‪ :‬ل وال ده أنا مش عارف أشكرك أزاي علي معاملتك لماما بجد احترامي‬
‫وحبي ليكي زاد ‪ ....‬أنا جبت لك هديه يا رب تعجبك ‪.........‬‬
‫ففتحت العلبه ورأيت الحلق الرائع ولم أصدق انه ماس إل عندما أقسم لي عمر ولم أعرف كيف‬
‫أشكره ‪................‬‬
‫ومن زماااااااااااااااااااان سكتت شهرزاد عن الكلم المبااااااااح ‪...........‬‬

‫********************‬

‫الحلقه الثانية عشر‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫الكابتن يحيى أتم سنتين من عمره المديد ‪ ........‬أصبح شقي جداً وملمح شخصيته ظهرت ‪...‬‬
‫ورث العصبيه من عمر ومني العند طبعاً !! أصبح يقلدنا جميعاً في الكلم وينطق الكثير من‬
‫الكلمات بطريقته الكوميديه ‪ ...‬أجملها علي الطلق كلمه ( ماما ) ‪ ...‬يرشوني بها كي تذيب أي‬
‫غضب داخلي من أي كارثه فعلها ‪ .......‬وما أكثر حوادثه وكوارثه التي ل تنقطع ‪ .....‬وعلى‬
‫رأسها معركة الطعام اليوميه التي تجعلني أتمنى أن أطعم حي شبرا بأكلمله ول أطعمه طبقاً واحداً‬
‫!! يرفض الطعام بأغلب صوره ويتمنى أن يمتل العالم شيكولته وحلوى ولتذهب كل الطعمه إلى‬
‫الصين ‪ .........‬وعندما أتم العامين بدأنا الكارثه الحقيقيه في حياه كل أم وهي مأساة تعليمه‬
‫استخدام الحمام وحده والستغناء عن الحفاضات !! ل يمكن وصف العذاب الذي عشته لسايبع‬
‫طويله ‪ ...‬أصبحت عصبيه وتعبت من هذا الصراع ‪ ....‬ل أعرف كيف تحولت حياتي كلها إلى‬
‫وجبات طعام وحفاضات وصراخ ؟!‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫بعد ما سافرت أمي إلى أختي في السعوديه لعمل عمره وقضاء عدة أشهر معها ‪ ....‬خل البيت‬
‫منها بعد ما اعتدت وجودها ‪ ......‬سبحان ال يظل الرجل طفلً يشتاق إلى حضن أمه مهما طال‬
‫به العمر ‪.......‬‬
‫العمل في الشركه تتطور مراحله بشكل ل يوصف وتتوسع المشروعات به ‪ ..‬وترقيت في منصبي‬
‫تبعاً لمجهودي رغم قصر المده ‪ ....‬وأصبح مطلوب مني تدريب بعض المهندسين الجدد الذين‬
‫يلحقوا للعمل في الشركه وملزمتهم حتى يتقنوا العمل ‪ ....‬عشت معهم لحظات التوتر الولى‬
‫والخوف من المجهول واهتزاز الثقه في الموهبه الذي عشته قبلهم في أيامي الولى هنا ‪....‬‬
‫منهم من يتخطى أشهر الختبار ويثبت نجاحه ومنهم من تتعثر خطواته ويعود من حيث أتى !!‬
‫حتى جاءتنا في يوم مهندسه شابه اسمها آيه ‪ ...‬من أول لحظه شعر الجميع أن شخصيتها‬
‫متفرده ‪ ....‬درست الهندسه في الخارج رغم صغر سنها مما أعطي موهبتها ثقلً ل يستهان به‬
‫‪ ....‬خطوطها حساسه وأفكارها متجدده ‪ ....‬ورغم هذا تتمتع بحياء المبتدئين ول تتطاول علي‬
‫أحد ‪ ....‬جعلتني في أحيان كثيره في حيره كيف أكون من يدربها وفي رأسها أفكار أنا شخصياً ل‬
‫أعرفها من قبل !! ولكنها كانت تنصت لي ملحظه مني حتى لو كانت تعرفها من قبل وتتظاهر‬
‫بالتعلم مما أثار إعجاب الجميع بها لتواضعها ونبوغها في سنها الصغير ‪........‬‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫الملل يحيط بي من كل جانب ‪ ..‬عملي علي الكومبيوتر ل جديد به أبداً نفس اليميلت ونفس‬
‫الكلمات ونفس الشخاص ‪ ....‬حتى أكاد أن أقوم به وأنا مغمضة العينين ولم يعد يستغرق من‬
‫يومي سوي ‪ 3‬أو ‪ 4‬ساعات وبقية اليوم في نفس الروتين ‪ .....‬أحادث يحيى طوال اليوم حتى ل‬
‫أحادث نفسي ‪ ......‬عمر ل أراه سوي ساعتين في اليوم بعد أن ترقى في منصبه ‪ ....‬وبعد أن‬
‫يعود ل يكون لديه رغبه في أي كلم أو حديث ‪ ....‬يعود منهكاً يلعب مع يحيى قليلً ويستمع‬
‫لحاديثي المكرره عن معاركي اليوميه مع يحيى في محاولة إطعامه أو إدخاله الحمام ‪ ...‬وطبعاً‬
‫ينام أول ما أبدأ كلمي !!!‪....... ..‬‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫شخصية آيه تزداد تألقاً كل يوم ‪ ...‬أصبحت محط انتباه الجميع في أسابيع قليله بموهبتها‬
‫وشخصيتها الجذابه في الحديث حتى ما تكاد تتحدث حتى تستحوذ علي عقل محدثها من ثقافتها‬
‫وإدراكها للعديد من جوانب الحياه ‪ ...‬حتى علمت منها إنها تحضر ندوات ثقافيه ومعارض‬
‫تشكيليه ‪ .....‬وتأخذ دورات للغات في الجامعه المريكيه ‪ .....‬ل أعلم من أين تأتي بالوقت لتفعل‬
‫كل هذا ؟ وأكثر ما أثار إعجاب الجميع بها هو التزامها بدينها رغم دراستها بالخارج ‪ .....‬مما‬
‫جعلنا نزداد احتراماً وإعجاباً بها ‪.......‬‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫عمر يحكي لي عن المهندسه الجديده منذ أكثر من ساعه ‪ .....‬لم أره من قبل يتحدث عن أحد‬
‫وتلمع عيونه بهذا الشكل ‪ .....‬كتمت غيرتي وبادلته الحديث وأنا أراه يلصق بها كل الصفات‬
‫الرائعه من التدين والثقافه وجاذبية الشخصيه وأيضاً الجمال !!‬
‫عمر ‪ :‬إنتي ما تتصوريش يا ساره البنت دي مميزه قد إيه ‪ ...‬قليل أوي لما الواحد يشوف بنت‬
‫موهوبه في الهندسه بالشكل ده ‪....‬‬
‫أنا ‪ :‬ليه هو انتم مش عندكم مهندسات في الشركه ؟‬
‫عمر ‪ :‬ل فيه طبعاً ‪ ....‬بس أغلبهم بعيدين عن التصميم مش موهوبين زيها ‪ ....‬بيشتغلوا في‬
‫التنفيذ بس ‪.......‬‬
‫داريت غيظي وأنا أقول له ‪ :‬أكيد مش بتقول إنها دارسه هندسه بره ده شيء طبيعي إنها تكون‬
‫متميزه ‪.....‬‬
‫قال لي وعيونه تلمع ‪ :‬هي مميزه في الهندسه بس يا بنتي ؟ دي مثقفه بشكل كبير جداً مافيش‬
‫حاجه في الدنيا إل وعندها فكره عنها ‪ ....‬سياسه فن أدب ‪ ....‬ما شاء ال بجد عليها ‪....‬‬
‫أنا ‪ :‬مممممممممممممممممم ‪.‬‬
‫لم يلحظ إني أريد غلق الموضوع وأكمل ‪ :‬ل وكمان متدينه بتراعي ربنا في كل تصرفاتها ‪.....‬‬
‫وواضح كمان إن عيلتها مـ ‪. .....‬‬
‫قاطعته لغلق الموضوع قبل أن أنفجر وحاولت تصنع البتسام وأنا أحدثه ‪ :‬اسكت يا عمر‬
‫النهارده يحيى رمى ريموت التليفزيون من الشباك و ‪ ....‬دخل المطبخ فتح ازازة الزيت وبهدل‬
‫أرض المطبخ ‪ .....‬ولما جيت أجري وراه قام ‪..........‬‬
‫قاطعني وقال ‪ :‬تصبحي علي خير يا ساره ‪ .......‬عندي شغل بدري !!‬

‫***********‬
‫الحلقه الثالثة عشر‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫اليام الماضيه عشت أسوأ أيام في عمري ‪ ....‬إحساس ل يوصف بعدم المان ‪ ....‬عندما أرى‬
‫زوجي وحبيب عمري وكأنه ليس معي ‪ ....‬تائه في عالم آخر ‪ .....‬أشعر به بغريزة النثى التي ل‬
‫تخطىء ‪ .....‬وما يطمئني قليلً انه متدين ولن يفعل شيء حرام ‪ .....‬لكن حتى المتدينين أكثر‬
‫الناس زواجاً علي زوجاتهم !! ولكن يبدو أن سحر هذه الفتاه أكبر من مقاومته ‪ .....‬وظروف‬
‫وجودها معه لساعات طويله رغماً عنه يجعله يسحر بطريقه تفكيرها وجاذبيتها ‪ ....‬أنا أعلم‬
‫زوجي جيداً ل ينجذب كثيراً لمرأه جميله فارغة العقل ‪ ....‬ولكن ما أخشي عليه فعلً منه هي‬
‫امرأه شديدة الذكاء والتميز ‪ .......‬هي فعلً القادره علي جعل حصونه تهتز ‪ ......‬ولكن أين أنا ؟‬
‫ألست حبيبته كما يدعي ؟ كيف تشاركني في قلبه أو حتى في عقله امرأه أخرى ‪ .......‬هل لو‬
‫رأيت أفضل رجل في العالم سيشارك عمر في قلبي ؟ لكن يبدو أن قلب الرجل مثل محطة القطار‬
‫كل واحده ممكن تركبه !!‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫أنا خلص قربت أتجنن عايش في صراع رهيب ‪ .....‬طول الوقت حاسس إني باعمل حاجه غلط‬
‫‪ ....‬مش عارف إيه اللي بيحصل ؟‪ ....‬عمري ما اتشديت ول أعجبت بواحده بالشكل ده ‪ ....‬بجد‬
‫تعبت من التفكير باحاول إني أبعد عنها بكل الطرق حتى إني حاولت إني أخلي واحد تاني يدربها‬
‫مافيش فايده أترفض طلبي ‪ .......‬باحاول إني ل أنفرد معها في مكان علي الطلق ول أحاول إني‬
‫اكلمها في أي شيء شخصي وكلمي معها رسمي جداً وفي حدود العمل فقط ‪ .......‬ولكن دون‬
‫جدوى ‪ ...........‬أشعر أن تفكيري فيها ل يتوقف ‪ ،‬فهي شخصيه شديدة التميز والذكاء تجعلك ل‬
‫تستطيع إل أن تملك عقلك وتفكيرك ‪ ....‬ولكني أحب ساره فعلً ‪ ...‬ولكن عندما أقارنها بآيه أجد‬
‫فرقاً كبيراً في كل شيء !!‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫حاولت لوم نفسي بأن يحيى شغلني عن عمر وحاولت التجديد في شكلي وفي المنزل وكتمت‬
‫غضبي وغيرتي وتجاهلت حديثه عنها وحاولت إرضاءه ‪ .......‬حاولت استعادة ليالي شهرزاد بل‬
‫فائده !! عمر يضيع مني !! حاولت التودد إليه وفتح مواضيع جديده للحديث معه وتحاشيت‬
‫الحديث عن معارك يحيى اليوميه فكان يسمعني بل اهتمام وكأن عقله في مكان آخر ‪ ........‬حتى‬
‫لو كانت هذه البنت متفوقه عني في كل شيء فل يجوز حتى المقارنه بين شريك العمر وأي أحد‬
‫آخر ‪ .....‬فالزوجه تحب الشعر البيض الذي يغزو شعر زوجها بعد الزواج فهو دليل شاهد علي‬
‫عشرتهم الطويله وأيامهم التي قضوها سوياً ‪ ....‬هل إذا وجدت رجلً أكثر شباباً تترك زوجها‬
‫لجله ؟!!! يا رب ارفع هذه الفتنه وساعدني وأعد إلي زوجي وحبيبي !!‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫الشركه ستنظم حفله بمناسبة حصولها علي مناقصه عالميه ‪ ........‬وكل المهندسين وأسرهم‬
‫سيحضرون فكرت في العتذار ولكني لم استطع ‪ ....‬والغريبه إن ساره وافقت علي الفور‬
‫وتحمست جداً للحضور معي ‪ .....‬يا ترى شعرت بشيء ؟ ل أظن !! ولكني ل أريد أن تجتمع‬
‫ساره وآيه في مكان واحد ‪ ..‬ربنا يستر !!‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫جاءتني فرصه الحفله لرى غريمتي عن قرب ‪ ......‬أشعر إن ال سيأخذ لي حقي ‪ .......‬ولكني‬
‫عندما أراها سأحترق من الغيره ‪ .....‬أخاف أن أقتلها والواد يحيى ما يلقيش حد يربيه !!‬
‫اشتريت فستان سهره قمه في الناقه وأرسلت يحيى إلى ماما من قبل الحفله بعدة ساعات كي‬
‫أتجهز وأحاول أن أريح أعصابي ول أظهر لـعمر توتري ‪ ....‬ولول مره أخذت ساعات في ارتداء‬
‫ملبسي لني في كل مره لم أكن راضيه عن مظهري ‪ ....‬آآآه عندما يفقدك اعز الناس لك ثقتك‬
‫في نفسك !! من سيعطيها لك ؟!! وعندما جاء موعد الحفله و رآني عمر بالفستان الجديد لم‬
‫يغازلني كعادته إذا ارتديت شيئاً جديداً ولكن رد بسرعه ودون اهتمام ( آه حلو أوي ‪ ...‬يال‬
‫علشان اتأخرنا !!!! ) ‪.‬‬
‫وأخيييراً وصلنا الحفله وكانت مقامه في فندق أنيق والديكورات رائعه والموسيقى تريح العصاب‬
‫والجميع في أبهى صورهم ‪ ....‬لم نتبادل أنا وعمر إل كلمات قليله طوال الطريق وكل منا غارق‬
‫في عالمه ‪ .......‬وأخذت أدور ببصري بحثاً عن عدوتي اللدوده ولم أستغرق وقتاً طويلً حتى‬
‫عرفتها ‪ ....‬شابه جميله جذابه المظهر وذات أناقه واضحه ولمسه مميزه في مظهرها ‪.....‬‬
‫وكالعاده يجتمع حولها الكثير وتستأثر هي بالحديث ‪ ،‬وأكد لي ظنوني لمعه عيون زوجي عندما‬
‫رآها وكلمه المفاجىء بعد صمت عن جمال الجو !!!!‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫أعقل كده يا سي عمر وما تخليش ساره تاخد بالها ‪ ....‬وال أنا حاسس إن ساره حاسه بإعجابي‬
‫بـآيه ‪ ،‬بس معقول ؟ دي كانت بتعاملني كويس جداً اليام اللي فاتت ‪ ...‬يبقى أحسن حاجه إني‬
‫أتعامل طبييييعي جداً ‪ ...‬يا ما شاء ال دي آيه جايه بنفسها تسلم علينا ‪ .....‬أنا باقول أنفد بجلدي‬
‫وأهرب من هنا علي الهند !!‪........‬‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫جائت آيه تسلم علينا وقالت ‪ :‬أهلً أهلً باشمهندس عمر ‪ ....‬عندك حق تخبي عننا المدام ‪ ...‬ما‬
‫شاء ال زي القمر ‪..‬‬
‫( أنا اللي قمر برضه !! منك ل يا شيخه !! ) قولتها في سري طبعاً ‪ ،‬ورددت تحت أسناني ‪ :‬ال‬
‫يكرمك انتي اللي قمر يا باشمهندسه !!‬
‫آيه ‪ :‬علي فكره الباشمهندس عمر كلمنا عنك انتي ويحيى كتير !!‬
‫( كمان ؟!!! ما شاء ال بتكلموا في حاجات غير الشغل ؟ ) برضه في سري ‪ ،‬ورددت بكيد أنثوي‬
‫‪ :‬أصل هو ما يقدرش يبعد عننا أبداً !!‬
‫قال عمر ‪:‬‬
‫اوباااااا دخلنا في كيد الحريم لما أغير الموضوع أحسن ما نبات في القصر العيني ‪....‬‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫وغير عمر الموضوع وأخذ يتكلم في الرياضه والسياسه والست هانم ما شاء ال ل تكف عن‬
‫الكلم لحظه في أي موضوع ‪ ...‬ثقافتها وجاذبيتها ل توصف ‪ .....‬حتى لو سألتها عن سياسة‬
‫موزمبيق الداخليه أكيد حاترد !!‪ .......‬أخذت أدعو ال كيف انتصر علي هذه الفاتنه التي سحرت‬
‫عقل زوجي وأنا إلى جواره ؟ وأخذت أتكلم معها حديثاً عادياً حتى سألتها سؤال غير مجرى‬
‫الحداث تماماً ‪.........‬‬
‫عمر بيقول لي انك متميزه جداً في شغلك يا آيه ‪ ..‬ما شاء ال ‪ ...‬يا ترى فكرتي تستمري في‬
‫الشغل بعد الجواز والولد ؟‬
‫وكأني ضغطت علي جرح قديم فقطبت جبينها وقالت ‪ :‬وال الظاهر إني حافضل أشتغل علي طول‬
‫ومش حافكر في الرتباط تاني ‪.‬‬
‫وكأني وجدت كنزا فلم أدع الخيط يفلت من يدي وقلت لها ‪ :‬تاني ؟ انتي ارتبطي قبل كده ؟ معقوله‬
‫؟‬
‫فردت بمراره قديمه تفاجأ لها سي عمر ‪ :‬الحقيقه أنا إتخطبت مرتين قبل كده وماحصلش نصيب‬
‫بس الظاهر المشكله فيا أنا ‪ ..‬أنا مش أحب أبداً سيطرة الرجل الشرقي علي زوجته يمكن علشان‬
‫عشت بره فتره لكن أول ما كانت تبدأ قائمة الوامر والنواهي لسي السيد كنت أنهي العلقه فوراً‬
‫‪ ....‬فل أتخيل أبداً أل أكون أنا صاحبه الرأي الول والخير في حياتي !! علشان كده مش عاوزه‬
‫أخوض تجربه الرتباط تاني !!‬
‫( ال ال ال قولي كمان يا ست !! ) في سري طبعاً ‪ ،‬ولم أستطع أن أخفي سعادتي بخيبة أمل‬
‫عمر لمعرفته جانب من شخصيتها تفاجأ له كثيراً ‪ .....‬ولكني تظاهرت بالحزن لجلها وأنا أقول‬
‫بخبث ‪ :‬بس الست بتلقي سعاده كبيره لما بتطيع زوجها وتحس إنها بتتنازل علشان ترضيه‬
‫وينجح في حياته ‪.‬‬
‫فردت بملل كأنها تحادث إنسانه من القرن الماضي ‪ :‬ل أرجوكي بلش الكلم الغريب ده اللي‬
‫باسمعه من كل البنات هنا في مصر ‪ ....‬أنا شخصيتي كده ومش حاتغير ‪.‬‬
‫وطبعاً أنهيت الكلم معها بعد وعد أكيد أننا نكون أصدقاء للبد !! وأخبرت عمر إني أريد أن‬
‫أغادر الحفله كي ل أتأخر عن يحيى ‪ ........‬وكان في حاله غريبه من عدم التوازن ومراجعة‬
‫نفسه والخجل معاً !!‬
‫وفي السياره تحدث بلهجة المذنب الذي ينتظر المساك به وقال لي وكأنه يداري خيبه أمله ‪ :‬علي‬
‫فكره انتي كنتي جميله أوي النهارده يا ساره ‪ ..‬ربنا يخليكي ليا !!‬
‫فرددت بغضب لم يره مني من قبل ‪ :‬ياااه لسه فاكر ؟ طيب أنا عاوزاك في كلمتين لما نروح يا‬
‫عمر !!‬

‫********************‬

‫الحلقه الرابعة عشر‬


‫قالت ساره ‪:‬‬
‫بدأ عمر بالكلم كي يدفعني أن أتكلم حتى ينتهي ترقبه لما سأقول وقال ببراءه ‪ :‬إيه يا ساره مالك‬
‫إنتي من ساعة ما سبنا الحفله وإنتي مش طبيعيه !! فيه حاجه مضايقاكي ؟‬
‫فانفجر البركان داخلي وصرخت فيه لبروده ‪ :‬وكمان بتسأل ؟ ل ده إنت بجد عاوز تموتني !!‬
‫عل صوته هو الخر لتخويفي ‪ :‬فيه إيه يا ساره ؟ إنتي بتزعقي كده ليه ؟ أنا ماسمحش انك‬
‫تكلميني كده !!‬
‫فلم أهتم بالتهديد وواصلت بقوه لم أعرفها في نفسي ‪ :‬شوف يا عمر ما تهددنيش أنا علي طول‬
‫باحترمك وأطيعك وأسمع كلمك ‪ .....‬لكن المره دي أنا اللي حاتكلم وإنت حاتسمعني ‪ ...‬وانسي‬
‫انك بتكلم مراتك الطيبه الهاديه واسمعني لحد ما اخلص كلمي خالص !!!!‬
‫ولول مره المح نظره تشبه الخوف في عيونه من حالتي الجنونيه ‪ :‬وقال لي اهدي بس وبطلي‬
‫زعيق فيه إيه ؟‬
‫فحاولت تمالك أعصابي وقلت له ‪ :‬شوف يا عمر إحنا أتجوزنا بعض يمكن من غير قصه حب لكن‬
‫ربنا أكرمنا وحبينا بعض والحب ده كبر مع عشرتنا وربنا رزقنا كمان بـيحيى ورزقك شغل جديد‬
‫والهم من كده إن ربنا رزقنا طاعته وجمعنا في حبه ‪ ....‬صح ؟‬
‫فأجاب بملل ‪ :‬إيه يا ساره المقدمات دي كلها عاوزه تقولي إيه أنا عاوز أنام !!‬
‫فرددت بغيظ ‪ :‬تنام ؟! يا عمر أنا بقالي أكتر من شهرين تقريباً مش بانام ‪ ........‬من أول ما‬
‫إعجابك بالست آيه بدأ ‪........‬‬
‫فتحول وجهه للوان الطيف عند إلقائي القنبله ‪ :‬آيه ؟ آيه مين ؟ إيه يا بنتي التهريج ده أنا أعجب‬
‫بـآيه ؟‬
‫فرديت بزهق من إنكاره ‪ :‬بص يا عمر الست عندها ردار رهيب بتقدر تعرف إحساس جوزها‬
‫رايح فين ويبقي غبي اللي يتجاهل الردار ده ول يفتكر إنها مش واخده بالها ‪ ....‬شوف أنا من‬
‫أول مره حكيت لي عنها وأنا حاسه إن فيه حاجه مش طبيعيه ‪ ....‬لكن قلت مش معقول عمر‬
‫يعمل كده ‪ .....‬لكن كل ما كانت تيجي سيرتها حالك كله يتقلب ‪ ...‬وكنت بتقارنها بيا في كل حاجه‬
‫‪ .......‬حاولت أصبر لكن إنت كنت كل يوم بتبعد عني وبقيت في دنيا تانيه خالص ‪.......‬‬
‫فاهتزت كلماته وحاول النكار ولكنه لم يستطع ‪ :‬يا ساره أنا ‪.....‬‬
‫فقاطعته ‪ :‬بص يا عمر أرجوك ماتكدبش اعمل أي حاجه غير انك تكدب أوعي تقع من نظري‬
‫بكدبك ‪......‬‬
‫وكأنه طفل ضاق عليه الخناق ويريد العتراف بذنبه ‪ :‬ل مش حاكدب يا ساره ‪ ...‬أنا فعلً أعجبت‬
‫بيها لنها فعل شخصيه مميزه ‪ ....‬لكن أنا مش خاين يا ساره إنتي معتبره دي خيانه ؟!‬
‫فصرخت ‪ :‬ل وال ؟ أمال دي إيه ؟! وال لو كان إعجاب عادي ما كانش فرق معايا إحنا طول‬
‫اليوم بنعجب بشخصيات ناس وبتفكيرهم وبثقافتهم ‪ ...‬لكن أول ما بندخل باب البيت بنسيبهم بره‬
‫لن العلقه الزوجيه حاجه مقدسه ماينفعش ندخل فيها شركاء ‪.........‬‬
‫فرد بضعف لم أعهده فيه ‪ :‬يا بنتي إنتي محسساني انك قفشتينا في كازينو علي النيل ‪ ....‬أقسم‬
‫لك بال إني عمري ما إتكلمت معاها أي كلم خاص حتى كلمي عنك وعن يحيى كان قدام كل‬
‫المهندسين مش خاص ليها ‪ ....‬وال العظيم أنا بخاف ربنا في كل حاجه بس بجد غصب عني ‪....‬‬
‫تواجدي معاها أوقات طويله في الشغل خلني أعجب بشخصيتها وتميزها ‪ ....‬حاولت أبعد عن‬
‫تدريبها رفضوا ‪....‬أعمل إيه أنا مش حجر يا ساره ‪.........‬‬
‫تحرك عطفي عليه وأخفضت من صوتي قليلً وسألته ‪ :‬طيب ليه من أول ما حسيت بالحساس ده‬
‫ما قلتليش ؟‬
‫فابتسم وقال ‪ :‬أيوه علشان كنت ألقي نفسي متقطع في أكياس سوده !!‬
‫فرددت بكرامتي المجروحه ‪ :‬طيب أنا قصرت في حاجه من حقوقك علشان تعجب بواحده تانيه يا‬
‫عمر وكمان تقارنها بيا ؟‬
‫فرد بعناد ‪ :‬إنتي خلص بقي يحيى رقم واحد في حياتك وأنا رقم اتنين !!‬
‫فهمست في سري ( يادي الخيبه علي عقل الرجاله !! ) ورديت ‪ :‬بص بلش الحجه الخايبه دي‬
‫اللي كل واحد بيبررها لنفسه علشان يعمل حاجه في دماغه ‪ .....‬لو كنت مهتمه بـيحيى فدي‬
‫حاجه تسعدك لنه مش ابن جوزي الولني وإنت بتربيه ‪ .....‬ده ابنك ‪ ..‬ولزم أول فتره في‬
‫حياتي يعتمد عليا في كل حاجه ‪ ....‬لكن أتحداك انك تقول إني أهملتك !!‬
‫عمر ‪ :‬ل ما أهملتنيش لكن فين ساره بتاعة زمان المتوهجه اللي كلها ذكاء وثقافه وجاذبيه‬
‫‪ ....‬؟‬
‫فأكلمت كلمه ‪ :‬وتسلط ‪ .....‬ليه نسيت تقول ده ؟ مش إنت بتقارني بـآيه ؟ قارن بقي الحلو‬
‫والوحش ‪ ....‬قارن لو كانت آيه هي اللي مكاني كانت وقفت جنبك لحد ما تنجح في شغلك ؟ ول‬
‫كانت سابت شغلها علشان خاطرك ؟ ول استوعبت والدتك وشالتها في عينيها ‪ .......‬بيتهيألي لو‬
‫كانت عاشت هنا شهر واحد مش بس كانت سابتك ل كانت بلغت عنك النتربول !!‬
‫عمر ‪. ............................. :‬‬
‫أنا ‪ :‬شوف يا عمر أنا مش أحسن واحده في الدنيا وفيا عيوب كتير زي أي حد ‪ ....‬لكن ماينفعش‬
‫أساساً إننا نفتح باب المقارنه بشريك الحياه بأي حد تاني حتى لو كان أحسن منه في كل حاجه‬
‫‪ .......‬ربنا سمى الشركه دي الميثاق الغليظ يعني زي العقده المتينه اللي ماينفعش إن حد تالت‬
‫يدخل فيها ‪ .......‬لننا لو فتحنا باب المقارنه يبقي بنفتح كل أبواب الشيطان لتدمير البيت ‪......‬‬
‫إل لو كنت ناوي تتجوز تاني دي تبقي حدوته تانيه !!‬
‫فرد بفزع ‪ :‬أتجوز ؟! إيه ده يا ساره إنتي خلص خلتيني خاين وبادور علي زوجه تانيه ؟ أنا‬
‫فعلً باحبك ‪.........‬‬
‫فرديت من بين دموعي ‪ :‬اللي بيحب حد يشوفه أحسن واحد في الدنيا ‪ .....‬حتى لو السنين غيرته‬
‫‪ .....‬لو مرض ‪ ....‬لو شعره شاب ‪ .....‬لو شكله اتغير ‪ .......‬لنه أصلً بيعتبر وجوده في الدنيا‬
‫مرتبط بحياته ‪ .....‬ماينفعش يقارن بينه وبين أي حد لنه أصلً مش شايف غيره ‪ ....‬زي ما أنا‬
‫مش شايفه أي راجل في الدنيا غيرك ‪.......‬‬
‫فتحرك حنانه وحبه ولم يقوي علي دموعي وانهياري ‪ :‬أنا أسف يا ساره أنا بجد جرحتك غصب‬
‫عني ‪ ....‬أسف عمري ما حاعمل كده تاني أبداً ولو حتى بالتفكير ‪ .....‬وال الشيطان هو اللي‬
‫ضخم لي عيوبك وحسنها هي في نظري ‪ ....‬أنا فعلً بعدت عن ربنا شويه من انشغالي في الشغل‬
‫الفتره اللي فاتت ‪ .....‬لكن أوعي تشكي لحظه إني مش باحبك ‪ .....‬اعتبريها غلطه صغيره من‬
‫ابنك التاني ولو اتكررت ابقي اعملي اللي إنتي عاوزاه ‪ .......‬أنا عمري ما كدبت عليكي أبداً ‪.....‬‬
‫أرجوكي صدقيني المره دي ومش حاتندمي ‪........‬‬
‫فرق قلبي لكلمه وكدت أسامحه علي الفور ولكني أحببت أن أشعره بكبر خطأه حتى ل يكررها ‪:‬‬
‫حاحاول أصدقك لكن بجد أنا محتاجه فتره أكون فيها لوحدي علشان استعيد ثقتي فيك وفي حياتنا‬
‫‪ .....‬حاروح لماما كام يوم لحد ما أعصابي تهدا ‪.....‬‬
‫فرد بحزم ‪ :‬ل أنا مش موافق ‪.......‬‬
‫فرديت بعناد ‪ :‬عمر أنا محتاجه الفتره دي إننا نبعد عن بعض كام يوم ‪ .....‬وحاقول لماما انك‬
‫مسافر في شغل ‪ ....‬أنا بجد مش قادره أقعد في البيت هنا ‪ ....‬ما تضغطش علي أعصابي أرجوك‬
‫‪.........‬‬
‫فرد بحزن ‪ :‬زي ما تحبي يا ساره ‪ ........‬لكن أرجوكي خليكي متأكده من حاجه واحده إن قلبي‬
‫عمره ما دخله واحده غيرك ‪.‬‬

‫********************‬
‫الحلقه الخامسة عشر ( قبل الخيره )‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫أصبحت وحدي في المنزل بعد رحيل ساره ويحيى إلى بيت والدها ‪ .....‬البيت كئيب موحش‬
‫بدونهم سبحان ال ل نعرف قيمه الشيء إل عندما نفقده ‪ .....‬مثل ملبس النسان أو ساعته ل‬
‫يشعر بها إل عندما يرتديها أو يخلعها لكن طوال ما هي موجوده معه ل يشعر بها ‪ ......‬شعرت‬
‫بكبر الفقد عندما رحلوا ‪........‬‬
‫ساره الحبيبه التي تمل الدنيا بهجه وتفاؤل ‪ .......‬التي تمتص كل همومي مهما كانت مرهقه‬
‫‪ .......‬أصبحت أدخل المنزل وكأني داخل مقبره ‪ .....‬ل حياه ول حركه ‪ .....‬ولعب يحيى في كل‬
‫مكان تذكرني بمشيته المضحكه واختباءه وراء الكراسي ظناً منه إني ل أراه وكلماته القليله التي‬
‫تساوي كنوز الدنيا ‪......‬‬
‫كيف أضعت كل هذا من أجل إنسانه بالكاد أعرفها ولم أر منها إل مظهرها البراق الذي يخفي‬
‫شخصيه متسلطه ‪ ...‬وحتى لو كانت شخصيتها رائعه كيف أسمح للشيطان أن يجعلني اخسر‬
‫استقراري من أجلها ؟ أليس ال هو من أختار لي ساره وأختارني لها ؟ كيف أظن أن اختياري أنا‬
‫أفضل ؟! وأبدأ المقارنه السخيفه والظالمه ؟! يا رب ساره تنسي كل اللي حصل وترجع لي تاني‬
‫‪..................‬‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫بيتي وحشني أوي ‪ .......‬مش عارفه أنام في اودتي القديمه اللي عشت فيها أكتر من ‪ 20‬سنه ؟‬
‫سبحان ال !! طبعاً ماما فرحانه جداً بوجودي ونفسها إن سفر عمر الوهمي يستمر شهور ‪.....‬‬
‫لكن بابا بغريزته وذكاؤه لم يصدق فكرة سفر عمر ولحظ من نظراتي الذابله وردودي المقتضبه‬
‫علي عمر في التليفون أن هناك مشكله ولكنه لم يسأل واكتفي بالدعاء لي ولعمر ‪........‬‬
‫وأخوتي سعداء بالطبع بوجودي أنا ويحيى ويلعبون معه ويشترون له مليون شيكولته في اليوم‬
‫‪ ........‬ولكن يبدأ الصراخ والشكوى عندما يمزق يحيى أوراقهم أو كتبهم أو يعبث بأدويه ماما أو‬
‫يلقي نظارة بابا من الشباك !!‬
‫عندها أشعر بالحرج وأضربه تنفيساً عن ضيقي وحرجي وأشعر فعلً أني غريبه ‪ .........‬وأني‬
‫أفسدت نظام حياتهم وأحدثت فوضى في البيت ‪ ........‬وعندما يصحى يحيى بالليل ويطلب طلباته‬
‫العجيبه ويكون أخوتي ناييمن علشان مدارسهم أكون نفسي أقتله علشان ما يصحيش حد من‬
‫صراخه وآخذه وأتسحب في الظلم وأجلس به في الصاله حتى يتعطف علي وينام ‪..............‬‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫أنا مش عارف الحقيقه ساره كانت بتعمل كل شغل البيت والطبيخ كل يوم ازاي ؟ الشقه في ظرف‬
‫كام يوم تحولت إلى ما يشبه السطبل ‪ ...‬ولكي أصل إلى ملبسي قبل الشغل بابقى عامل زي‬
‫البهلوان بعد ما كنت أصحى أجدهم مكويين ومرتبين وألبسهم زي الباشا ‪.....‬‬
‫الن أبحث عن شراباتي فل أجد إل كل فرده لون ‪ .....‬وحاولت أغسل الملبس التي تحولت إلى‬
‫جبل وطمأنت نفسي أن الغساله الوتوماتيك هي اللي بتغسل ومافيش مشاكل فوضعت كل الملبس‬
‫مع بعض واخترت برنامج قوي جداً وانتظرت النتيجه المبهره ‪....‬‬
‫وطبعاً كانت كارثه مدويه لم أعرف أن الملبس تفصل قبل الغسيل كي ل تبهت اللوان علي‬
‫بعضها وكانت النتيجه أني خسرت عده قمصان غاليه تحولوا إلى اللون الكحلي من بنطلون لعين‬
‫دسسته في وسطهم ‪ ...........‬ده ساره لما تيجي حاحطها فوق دماغي ‪ .....‬منك ل يا آيه !!!!‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫عمر يحاول أن يكلمني عشرين مره في اليوم ‪ ...‬ول أرد عليه وأكتفي أحياناً بإعطاء الموبايل‬
‫لـيحيى كي يسمع صوت والده ‪ .......‬ووقتها يبدأ في الضحك والحديث المتقطع والذي لم أفهم‬
‫منه إل يحيى وهو يسأل ( بابا فين ؟ ) حتى الطفل يفتقده بشده ‪.....‬‬
‫وأحاول أحياناً أن أرد عليه وأوهم نفسي أني أرد فقط شفقه عليه من التصالت المتكرره ولكن‬
‫الحقيقه إني أشتاق لسماع صوته الذي لم أحب صوتاً غيره ‪.....‬‬
‫ورغم هذا أرد عليه بكلمات معدوده وهو يسألني أن أعود إليه وأعود لبيتي ‪ .....‬وأنا أصر علي‬
‫موقفي ومن داخلي أتمني أن أعود إليه وأنسى كل ما حدث ولكني أريده أن يشعر انه جرحني‬
‫بشده ول يكررها أبداً ‪.........‬‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫لم أستطع النوم وقمت أصلي ركعتين قيام الليل وجلست أقرأ بعض القرآن وفتحت درج البوفيه‬
‫الذي كنا خصصناه أنا وساره لختم المصحف بصوره دوريه وشعرت بالخجل الشديد وأنا أري إني‬
‫في خلل شهرين لم أقرأ إل أجزاء بسيطه مقابل ما قرأته ساره ‪....‬‬
‫بل وعجبت إني وجدتها كتبت علي بعض الجزاء أن أمي هي التي ختمتها !!! حتى ماما يا ساره‬
‫؟!‬
‫شعرت إني بعدت عن ال في الفتره الماضيه ولهذا كان من السهل أن يسيطر الشيطان على‬
‫تفكيري ‪ .......‬رغم أني كنت أري من هي تفوق آيه جمالً وذكاء في شركتي القديمه ولكن أبداً لم‬
‫أنظر لواحده لني كنت أخشي ال ‪.........‬‬
‫ودعوت ال كثيراً أن يصلح من حالي ويرد لي زوجتي وابني واستقرار بيتي ‪ .....‬وجلست في‬
‫جلستي هذه وقت طويل وأنا ل أعرف ماذا أفعل ساره ل تقبل اعتذاري ول ترد علي مكالماتي‬
‫وعندما أقول لها إني سأذهب لحضرها بالقوه ترفض بشده وتقول لي أنها ستخبر الجميع‬
‫بمشكلتنا لو فعلت هذا ‪ .........‬ماذا أفعل يا رب ؟‬
‫وهداني ال إلى حل بسيط ل أعرف كيف تاه عن بالي واستحاله أن ترفضه ساره بأي حال من‬
‫الحوال ولكنه سيستغرق عده أيام في تنفيذه ‪ .......‬ولكن ل يهم سأجند كل أصدقائي أن يتموه في‬
‫أقصر وقت ممكن وال المستعان ‪........‬‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫مر علي تركي لبيتي حوالي أسبوعين فعلً اشتقت للعوده بجنون وما يزيدني حيره أن عمر لم‬
‫يتصل من عدة أيام !!! إيه ده خلص مش عاوزني ؟ طيب أعمل إيه دلوقتي ؟ كان لزم أزعل‬
‫أوي كده ؟‬
‫طلبته علي الموبايل بعدما زاد قلقي أن يكون حدث له مكروه ‪ .......‬فلم يرد ‪ !! ....‬جلست أكاد‬
‫أموت من القلق ول أعرف ماذا أفعل وفكرت أن أخبر والدي بكل شيء ليذهب له ولكني لم أستطع‬
‫وقضيت يوماً طويلً هاجمتني فيه كل الهواجس الرهيبه ‪ ،‬حتى جاء الليل وأنا أكاد أنهار حتى‬
‫جاءني صوت يحيى صارخا ( بابا جه بابا جه !!!!!!! )‬
‫لم أصدق أذني وجريت لراه يلعب أم أن عمر جاء بالفعل ؟! ووجدته ينظر إلي بشوق وكدت‬
‫أجري عليه وألقي نفسي بين ذراعيه أمام الجميع ولكني خجلت وجلست أراقبه صامته وأنا أراه‬
‫يخبر والدي أنه عاد من السفر مباشرةً علينا !! ( ياكدااااب ) ويخبر ماما انه جائع جداً من طول‬
‫السفر !!! ويقبل يحيى بجنون وأراه يوزع هدايا علي الجميع وينظر إلي باسماً وكأنه يقول‬
‫أتحداكي أن تكذبيني بعد الفيلم ده كله !!!!‬
‫وكل هذا وأنا صامته ل أتكلم وقمت لحضر الطعام مع أمي وتركته جالساً مع أبي وقلبي يكاد‬
‫يطير من الفرحه لرؤيته وقرب عودتي لبيتي ‪....‬‬
‫ولم يتعمد أن ينفرد بي أو يعطيني هديه مثل الجميع ‪ ....‬وأخييييراً همس لي بكلمه واحده (‬
‫وحشتييييييييني ) وأخرج من جيبه شيئا ظننته هديه ولكني وجدته جواز سفري !!‬
‫فتحته من دهشتي وعقدت لساني المفاجأه وصرخت من الفرحه والدهشه العارمه ‪( ........‬‬
‫معقووووووووووووووووول ؟!! )‬

‫********************‬
‫الحلقه السادسة عشر والخيره‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫جلست على مقعدي في الطائره وأنا أتلو آيات قرآنيه وأشعر برهبه كبيره ول أتوقف عن النظر‬
‫إلى ساعتي وإلى خريطة سير الطائره وأكاد استحلف الدقائق أن تمر كي أصل إلى ما حلمت به‬
‫منذ كنت طفله ‪ ...‬ل أكاد أصدق نفسي إني بملبس الحرام وبعد ساعات سألمس ( الكعبه ) بيدي‬
‫‪ ...‬أنظر إلى عمر بحب الكون كله الذي أهداني هذه الهديه التي تفوق كنوز الرض ‪......‬‬
‫ل أستطيع أن أصف فرحتي منذ رأيت تأشيرة العمره علي جواز سفري ومن وقتها وأنا أكاد‬
‫أستوقف الناس في الشارع لخبرهم أن ال دعاني ضيفه علي ( بيته الكريم ) ‪ ....‬فكم من أغنياء‬
‫رفض ال أن يدخلوا ( بيته الكريم ) وألهاهم في متع الدنيا كي يحرموا من هذا الشرف الرفيع‬
‫‪ ....‬وكم من فقراء ل يملكون قوت يومهم دعاهم ال إلى رحابه الطاهره ‪ .....‬فنحن ل نذهب إلى‬
‫الحج أو العمره بإرادتنا بل ال هو من يدعونا إليه ‪.‬‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫أشعر بنبضات قلبي تعلو علي محركات الطائره وهي تهبط في مطار جده ‪ ...‬أتحسس ملبس‬
‫الحرام كي أصدق فعلً إني ل أحلم ‪ ...‬ساره تكاد تطير من الفرحه وكل دقيقه تشكرني علي هذه‬
‫الهديه والعجيب إنها لم تفتح أي حوار أو عتاب في مشكلتنا بل وكأنها نسيت كل أحداث العالم‬
‫وتذكرت فقط إنها ذاهبه إلى ال ‪.......‬‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫هبطنا إلى مطار جده الفاخر وحدثت ماما ويحيى في التليفون وبكيت عندما سمعت صوته ولكني‬
‫لم أستطع أن أصحبه معي من مشقه الرحله ‪ ...‬أول مره أفارقه من يوم مولده ولكني أفارق ابني‬
‫لذهب إلى حبيبي وملذي وملجأي ‪........‬‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫ركبنا الوتوبيس الموصل إلى مكه وركبت ساره بجواري وأخذت أنظر إلى جميع الركاب وأتأمل‬
‫وجوههم المشتاقه إلى زيارة ( بيت ال ) وأتأمل الشيوخ منهم وأتساءل كيف سيقدر هذا الشيخ‬
‫الواهن علي أداء المناسك ؟ وكيف يجتمع كل هذا الحب في قلوب كل المسلمين إلى شيء لم يروه‬
‫أبداً ويقضون حياتهم كلها في شوق إلى رؤية ( بيت ال العظم ) ‪ ......‬قد تجد من يجادل في‬
‫أشياء في الدين ولكن ل يمكن أن تجد مسلماً قلبه ل يتوق إلى زيارة مكه والمدينه ‪...‬‬
‫ودخلنا أسوار مكه وأخذت أتأمل شوارعها الواسعه وأسواقها الكثيره وخيرها الذي ل ينقطع‬
‫وأتخيل أن مساكن الصحابه كانت في محل الفنادق الفارهه ‪ ....‬وكيف كانوا يتحملون هذه الحراره‬
‫العاليه التي نشكو منها الن في وجود المكيفات ؟ كيف تحملوا العذاب فوق رمال الصحراء كي ل‬
‫يتخلوا عن دينهم ؟ ونحن ل نصبر علي القيام لصله الفجر ؟‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫وصلنا الفندق ووضعنا حقائبنا وتوضأنا أنا وعمر ورفضت تناول أي طعام أو حتى أن أستريح‬
‫وهرولنا لندخل ( الحرم ) ‪ ....‬ومشينا في السواق وأنا ل أكاد أرى البائعين السيويين والفارقه‬
‫ول أرى بضائعهم الكثيره ول تحيد عيني عن اتجاه ( الحرم ) ‪.......‬‬
‫حتى أخيراً وصلنا إلى أبوابه وتعالت دقات قلبي وأنا اخلع حذائي وتمس قدمي رخامه البارد دوماً‬
‫وأشعر ببرودته في كل جسدي وقلبي ‪ ......‬أحاطني سلم داخلي لم أعرفه من قبل وأنا أرى‬
‫أبواب ( الحرم ) الكثيره وحوائطه الجليله وكأني سائره داخل حلم ل أريده أن ينتهي ‪.....‬‬
‫حتى أخيراً وصلنا إلى صحن ( الكعبه ) ورأيتها لول مره في عمري ‪ ....‬لم أصدق عيني‬
‫وأحسست أني أحلم وانتفضت وكأن زلزال هزني بقوه ونفض عن قبلي سباته وغفلته الطويله‬
‫ليخبره انه قد ولد الن فقط ‪ ..........‬ولم أتمالك نفسي من الخشوع والرهبه فسجدت وبكيت بكاء‬
‫لم أعرفه طوال حياتي ‪...............‬‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫هل أستحق أن أكون هنا يا رب العالمين ؟ لقد أخطأت كثيراً وأذنبت كثيراً ويملؤني الخجل من أن‬
‫أقف في( بيتك الكريم ) وأنا ل أستحق هذا الشرف ‪ ....‬أرى ( بيتك ) بعيني وقد أخطأت عيني‬
‫كثيراً ؟ أطوف حول ( الكعبه ) بقدمي وطالما عصت قدمي ؟ ما هذه الرحمه ؟ إنها ل تكون إل من‬
‫رب رحيم عظيم ‪........‬‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫أطوف حول ( الكعبه ول أشعر بالزحام ول أشعر بافتقادي لبني ول أشعر بزوجي بجواري ولو‬
‫كان كنزاً ملقي تحت أقدامي ما شعرت به ‪ ....‬عرفت الن لماذا النظر إلى ( الكعبه ) عباده ‪.......‬‬
‫رؤيتي لها تغسل قلبي وروحي من دنس الذنوب وتفاهة الدنيا وصراعاتها الشرسه ‪ ...‬انه ليس‬
‫فقط إحساس ولكنه تغيير داخلي يحيطني ويشعرني إني أولد من جديد ‪.......‬‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫أمسك بيد ساره كي ل تتوه مني في الزحام وأراها وهي ل تتوقف عن البكاء من خشية ال‬
‫وأشكر ال علي هذه الزوجه الصالحه التي لول فضل ال ثم وجودها بجواري وصبرها علي لم‬
‫أكن أحقق أي نجاح ‪ ......‬ل أعرف لماذا أشعر بنوع جديد من الحب تجاهها ولد هنا ‪ ....‬هل هو‬
‫الحب في ال جمعني بها غير حبي لها كزوجه وأم ابني ؟ اللهم اجمع قلبينا علي حبك فهذا الحب‬
‫ل يمكن أن يموت ‪.......‬‬
‫قالت ساره ‪:‬‬
‫وصلت للشوط الخير من الطواف وأنا أتصبب عرقاً ودموعاً ‪ .....‬دعوت دعوات كثيره وبكيت‬
‫بين يدي ال أكثر وتذللت بين يديه أن يبدأ حسابي من يوم دخلت بيته ‪ ....‬شكرت ال علي نعمه‬
‫التي أغرقني بها ولم أشعر بها إل عندما سمعت دعوات المجاورين لي والتي يشكو كل منهم حاله‬
‫وابتلؤه إلى ال ‪.......‬‬
‫صلينا ركعتين في مقام ( إبراهيم ) ثم طاب لنا أن نصلي أكثر وأكثر ولم نشعر بالوقت وقلوبنا‬
‫ساجده في رحاب ال الطاهره وحمام الحرم يطوف حولنا وكأنه سعيد بضيوف الرحمن ‪........‬‬
‫ذهبنا إلى المسعى بين ( الصفا والمروه ) وبدأنا السعي ونحن نذكر ال ونبتهل في دعاؤه ولم‬
‫أعرف في البدايه المسافه التي يجب أن نهرول فيها حتى وجدناها محدده بضوئين أخضرين‬
‫وهرولت مع عمر تيمنا بالسيده ( هاجر ) حتى لفتت نظري سيده فاضله إن الهروله للرجال فقط‬
‫في هذه المسافه ‪.........‬‬

‫قال عمر ‪:‬‬


‫وصلنا إلى الشوط الخامس وأنا ل أقوى علي السير فالمسافه طويله جداً وتعجبت كيف لمرأه‬
‫ضعيفه مثل السيده ( هاجر ) أن تهرول كل هذه المسافه ‪ 7‬مرات بحثاً عن ماء لوليدها ؟ ونحن‬
‫الرجال ل نقوى علي السير مع وجود الرض الرخاميه والسقف الواقي من لفحه الشمس ؟‬
‫ساره أنهكت ونبح صوتها من فرط الدعاء والبكاء بين يدي ال ‪ .....‬وأخيراً انتهينا من السعي‬
‫وأجلست ساره تستريح وتدعو علي جبل ( الصفا ) وذهبت أحضر لها ( ماء زمزم ) وأصريت أن‬
‫أسقيها بنفسي وشربت معها حتى ارتوينا ‪ .....‬وأخذنا ندعو سوياً أن يحفظ ال ابننا يحيى‬
‫ويجعله من حفظة القرآن وندعو أن ل يكون هذا آخر عهدنا بالبيت وأن يأتي بنا ال في هذه‬
‫الزياره الكريمه مرات ومرات ‪....‬‬

‫قالت ساره ‪:‬‬


‫نظرت إلى عمر وكأني أراه لول مره في عمري كله ويملؤني إحساس إن قلبي مليء من ناحيته‬
‫بحب من نوع جديد ‪ .....‬حب في ال ‪ .......‬حب أقوي وأعمق مئات المرات من حبي له كرجل أو‬
‫كزوجي فهذا ممكن أن يضيع أمام أي مشكله ‪ ....‬أما أن أشعر أني أرضيه لني أرضي ال فيه‬
‫وأحبه لني أحب ال فيه ‪ .....‬فهذا ل يمكن أن يضيع ول يمكن أن ينتهي ‪ ....‬دعوت ال أن‬
‫يحفظه لي ويجمع قلبينا سوياً حتى نهاية العمر في زمره المتحابين في جلله ‪ .....‬اللهم أحفظ‬
‫علينا نعمتك التي ل تمنحها إل للقليل من عبادك وعلمنا شكرها وحق رعايتها ‪ ......‬اللهم أدم‬
‫علينا الحب فيك ومنك وبك يا رب العالمين ‪.‬‬

‫********************‬

You might also like