غرفة نوم مظلمة. يسمع صوت أنين ،ثم صراخ. الصوت النجدة ...النجدة. تنار الغرفة .فينكشف ديكورها البسيط .سرير انفرادي ،خزانة مالبس ثالثية األبواب ،مرآة حائطية دائرية الشكل ،خزانة في وسطها تلفاز و جهاز فيديو و بعض الكتب و إطارين صغيرين لصور شيخ و زوجته بمالبس عراقية و صورة لصاحب الغرفة ( شاب في الثالثين ، أبيض البشرة ،بشارب صغير أسود ،حليق الذقن ،مسرح الشعر بمالبس صيفية ضاحك القسمات و خلفه موقع أثري في بابل.يظهر الشاب بثياب النوم ،مقتعدا سريره مفزوعا من هول الكابوس الذي عاشه. الشاب ( متنهدا الصعداء ) الحمد هلل ..كان مجد كابوس . ينظر الشاب إلى المنبه بجانبه على مائدة الليل. الساعة تشير إلى السابعة إال ربع. يتمطط الشاب ..يتتأب ،وهو يقرأ وريد الصبح ..ينهض ،و يخرج من الغرفة. قطع .2المشهد داخلي .شقة /الحمام .صباحا الشاب تحت المرش يأخذ حماما دافئا. يتوقف المرش من إنزال الماء . يغادر الشاب الحمام . تخرج من المرش قطرتين من الماء ،ثم قطرة من دم .ببطء تهوي إلى البالط و تختلط مع الماء متحللة . .3المشهد داخلي .شقة /مطبخ .صباحا . المطبخ صغير بتأثيث بسيط . يحمل الشاب و قد ارتدى ثيابا شتويا ابرق القهوة ،يمأل فنجانا كبيرا ،يضع اإلبريق ،يضيف إلى القهوة ثالث معالق سكر ،يحمل الفنجان و طبق بسكويت ممتلئ ،و يغادر المطبخ قاصدا غرفة نومه. .4المشهد داخلي .شقة /غرفة النوم .صباحا يدخل الشاب الغرفة يضع فنجان القهوة و الطبق فوق الطاولة ،يحمل جهاز التحكم عن بعد ، ويشغل التلفاز .يقتعد السرير متناوال فطوره. ال شيء يبث في التلفاز ،الشاشة مشوشة ،نقاط بيضاء ال غير . الشاب مستغربا يغير القنوات .نفس الشاشة تتكرر . الشاب ( مستغربا ) ماذا يحدث ،هل أغلقت كل القنوات أم ماذا؟ النقاط البيضاء في الشاشة تتخللها بعض النقاط الحمراء. يوقف الشاب التلفزة ،ويتناول فطوره. ينظر إلى الساعة . إنها السابعة و عشرون دقيقة. الشاب آه ،لقد تأخرت ! ينهض مسرعا ،يفتح خزانة المالبس ،يتناول معطفا شتويا .يغلق باب الخزانة .يرتدي معطفه ناظرا إلى المرآة .يحمل محفظته المتواجدة فوق الخزانة ،ويخرج. .5المشهد داخلي .العمارة /رواق .صباحا إضاءة الرواق خافت. يخرج الشاب من شقته ،يغلق الباب بالمفتاح ،و ينزل األدراج. أثناء النزول تبدأ اإلضاءة تقل .ال يسمع إال صوت وقع قدمي الشاب على البالط. فجأة ،يقف الشاب و قد بدأ يتسلل إلى دواخله القلق .ينظر إلى أعلى فال يرى أحد .ينظر إلى أسفل نفس المشهد يتكرر .يتصنت بتركيز .ال صوت ،إنه السكون المطلق. الشاب ( مستغربا ) سبحان هللا ..كأن العمارة خالية على عروشها ! يعاود النظر إلى ساعة يده. الساعة السابعة و النصف. الشاب ما األمر ؟ ربما ساعتي عاطلة ..سأنزل و أرى. يهبط الشاب األدراج .يقصد مخرج العمارة. يقف الشاب عند أخر آخر الدرج وقد زاد اضطرابه وقلقه . الظالم الدامس يحجب الرؤية خارجا . الشاب ما األمر ؟ هذا غي طبيعي ! في حذر ،و بخطى بطيئة يتقدم الشاب نحو باب العمارة الرئيسي .يقف عند الحافة .يطل برأسه نحو الخارج. الشاب ( باندهاش ) الشيء ! سبحان هللا ..ماذا حل بالمدينة ؟ ببطء و حذر يتقدم خارج العمارة ،ويقف محدقا في استغراب وقلق في ما حوله. السواد في كل مكان . الشاب كأني واقف في فراغ ! يتقدم الشاب خطوات ضاربا األرض من تحته ليتأكد من وجودها .يسمع صوت وقع قدميه جيدا وصداه يتردد. الشاب ( بقلق ) ماذا حدث هنا يا إلهي ؟ يتقدم الشاب وهو ال يرى إال ذاته. الشاب ( مناديا بصوت مرتفع ) أووووويي ..هل من أحد ؟ يتردد صدى صوت الشاب مبتعدا. الشاب هل يسمعني بشر ؟ يتردد الصدى وحده مبتعدا . يقف الشاب ،و يلتفت .العمارة اختفت .ابتلعها السواد الدامس. الشاب يقف منفردا يحيط به السواد و الصمت من كل جانب . الشاب ( وقد اشتد فزعه) ما األمر ..ماذا يحدث هنا يا أ هللا ؟ يدور الشاب في مكانه مفزوعا وهو يصرخ . الشاب هل من أحد ..هل يسمعني إنس أو جان ؟ يدع الشاب محفظته تسقط ،وينطلق راكضا. بعد برهة يتوقف . الظالم و الصوت في كل مكان . فجأة ،يتناهى إلى السمع صوت هدير هائل آت من بعيد . يصخ الشاب السمع. الشاب ( قلقا ) ما هذا ؟ كأنه ..كأنه ..موج ..أجل موج ! رويدا ،رويدا يرتفع الهدير مقتربا. يلتفت الشاب وقد حدد اتجاه الصوت. الشاب ( قلقا و ممعنا النظر في اتجاه الصوت) يا إلهي ما هذا ؟ تسقط على جهة الشاب قطرة دم .يتحسس الشاب جبهته بيمناه .ينظر إلى أصابعه وقد تلطخت باألحمر القاني. بفزع يعاود تحسس جبهته. الشاب ( مفزوعا ) دم ..من أين جاء هذا الدم . يحدق إلى أعلى ..فال يبصر إلى السواد . الهدير الهائل يرتفع مقتربا . فجأة ،تظهر موجة هائلة حمراء قانية مرتفعة أمامه ،مخترقة السواد و مصحوبة بدوي انفجار و رعود. يقف الشاب في مواجهتها مفزوعا ،مشدوها ،مشلول الحركة. في لمح البصر تصدمه الموجة و تحمله في طريقها. قطع .6المشهد داخلي .شقة /غرفة النوم .ليال الغرفة يتسلل إليها نور خافت قمري من النافذة المفتوحة على الخارج. الشاب يستيقظ من نومه مفزوعا ،يتصبب عرقا . يمد يده ،ينير المصباح ،يقتعد سريره ،ينكشف الغطاء عن جدعه العاري .يتفقد الغرفة .يحدق في المنبه. إنها الواحدة ليال. يمد يده إلى قنينة الماء المتواجدة بجانب المنبه .يشرب مرتويا . الشاب ( متنهدا الصعداء ) الحمد هلل ..كان مجرد كابوس . يمد الشاب يده نحو الحائط خلفه ،يضغط على الزر ،ف تشرع مروحية تهوية معلقة في السقف في الدوران. الشاب ( ماسحا عرق جبهته بساعده األيمن) الجو حار هذه الليلة. من فتحة أنفه اليسرى يسيل رعاف خفيف .يمد الشاب أصبعه و يتحسسه. الشاب ( متذمرا ) اللعنة ،إني أرعف من جديد ! قطع .7المشهد داخلي .شقة /الحمام .ليال يقف الشاب عند المغسل ،متصفحا أنفه النازف في المرآة. من علبة اإلسعافات المعلقة بجانب المرآة ،يسحب الشاب قنينة دواء سائل وقطعة قطن طبية. يفتح القنينة و يصب الدواء على القطن .يسد فتحة أنفه بالقطن ،و يتفحص أنفه جيدا في المرآة. يتأمل وجهه في المرآة وكأنه يكتشفه ألول مرة .يالحظ الهالة الداكنة المحيطة بعينيه و اصفرار بشرته. الشاب ( مندهشا ) من يراني يعتقد أني مريض و العياذ باهلل ! قطع .8المشهد داخلي .الشقة /غرفة النوم .ليال يستلقي الشاب في سريره .يحدق قليال في الخارج من خالل النافذة . السماء صافية ،و القمر بدر .السكون يرافق حركة المروحة . يمد الشاب يده و يطفأ المصباح. فجأة ،يعاود الشاب إنارة الغرفة .يقتعد السرير ،يتحسس أنفه ،الرعاف يعاوده من كلتا فتحتي أنفه. الشاب ( متذمرا ) اللعنة ..الرعاف مرة أخرى ! قطع .9المشهد داخلي .شقة الشاب .ليال يغادر الشاب غرفة نومه متجها بسرعة نحو الحمام و هو يضغط على أنفه. يدخل الحمام .يقصد المغسل .يفتح علبة اإلسعافات .يسحب قنينة الدواء و كيس القطن الطبي. بينما هو يحضر الدواء بخفة ،تبدأ عينيه بالنزيف. الشاب (فزعا) ما هذا يا إلهي ؟ يحدق الشاب في المرآة . الشاب مستحيل ..كيف يحدث هذا ؟ نزيف عينيه يضاف إليه فجأة نزيف من أذنيه. قنينة الدواء تسقط متدحرجة في المغسل مراقة .فيسارع الشاب بانفعال إلى التقاطها غير أن ألما حادا ،مباغتا في بطنه يجعله يجثم على ركبتيه يتلوى ،ثم يتقيأ دما . أرضية الحمام تتحول إلى بركة دم . يصيح الشاب متألما. ينزف الدم من كل كيانه. يتمسك الشاب بالمغسل محاوال الوقوف ،غير أن قواه تخونه فيسقط مستلقيا على بطنه . يشعر الشاب باالختناق ،يحاول الصراخ ،فال ينبعث منه غير حشرجة خافتة. يزحف بصعوبة نحو الباب ،و قبل أن يصل ينهار مغما عليه. قطع .10المشهد داخلي .مستشفى /غرفة اإلنعاش .ليال يفتح الشاب عينيه فزعا ،متصببا عرقا فاغرا فاه . إنه مسجى في سرير اإلنعاش ،في مستشفى ،في بغداد وهي تتعرض لقصف جوي عنيف.