You are on page 1of 112

‫لماذا نق ّلد؟ كيف؟ ومن؟‬

‫ا� � � � � �س� � � � ��م ال � � �ك � � �ـ � � �ـ � � �ت� � ��اب‪ :‬ي�س�ألونك عن التقليد؟‬


‫ال� � � � � � � � � � � �ك � � � � � � � � � � ��ات � � � � � � � � � � ��ب‪ :‬ال�شيخ د‪� .‬أكرم بركات‬
‫ال � � � � � � � � �ن � � � � � � � ��ا� � � � � � � � � �ش � � � � � � � ��ر‪ :‬بيت ال�سراج للثقافة والن�شر‬
‫الطبع ��ة التا�سع ��ة ع�ش ��ر‪ :‬بيروت ‪1438‬هـ ‪2017 -‬م‬
‫جميع الحقوق محفوظة للم�ؤلف©‬
‫لماذا نق ّلد؟ كيف؟ ومن؟‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫سلسلة على منبر القائم |‬


‫ق�ضايا تالم�س حاجة النا�س في الفكر‬
‫وال�سلوك وت�ضيء على طريق �سعادة‬
‫�ضح برنامجها تناولها ال�شيخ د‪.‬‬ ‫الإن�سان‪ ،‬وتو ّ‬
‫�أكرم بركات على منبر م�سجد القائم |‬
‫ثوب‬
‫ثم �ألب�سها َ‬
‫في ال�ضاحية الجنوب ّية لبيروت ّ‬
‫الكلمات المكتوبة بين يديك ع�سى �أن‬
‫تكون محالًّ للقبول‪.‬‬
‫المق ّدمة‬

‫وال�صالة وال�سالم على �أ�شرف الخلق و�س ّيد بني الب�شر‬


‫مح ّمد و�آله الطاهرين‪.‬‬
‫ال َيخفى ما للتقليد من �أهم ّية في حياة الم�سلم‪ ،‬وكذا‬
‫�آثاره في �سلوك الفرد و�أفعاله‪ ،‬بل في ر�سم معالم المجتمع‬
‫المرتبط بالعلماء الأعالم بو�ساطة التقليد‪.‬‬
‫وحينما نط ُّل على المجتمع المتد ِّين المت�ش ِّرف باالنت�ساب‬
‫�إلى مذهب �أهل البيت ‪ R‬نالحظ �أنّ التقليد هو جزء‬
‫�أ�سا�س من التربية االجتماع ّية في �شتّى المجاالت‪ ،‬وهو‬
‫يحت ّل موقع ًا متق ّدم ًا في ما يع ِّلمه الآباء للأبناء عند م�شارفة‬
‫ال�شرعي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تكليفهم‬
‫لكن مع ذلك تبقى هناك �أ�سئلة في تفا�صيل التقليد وبع�ض‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪6‬‬

‫ما يتع ّلق به‪ ،‬ن�سمعها كثير ًا من النا�س‪ ،‬ال �س َّيما في الآونة‬
‫الأخيرة‪ ،‬حينما ثلم المجتمع بفقد ُث َّلة من المراجع العظام‬
‫ليليهم عدد من المراجع الم� ّؤهلين للمرجع ّية الفقه ّية‪ ،‬م ّما‬
‫�أ َّدى �إل��ى ن�شوء �أ�سئلة يتع ّلق بع�ضها بالطريقة ال�صحيحة‬
‫ال�شرعي‪ .‬وبع�ضها الآخ��ر يدور حول �شرط‬ ‫ّ‬ ‫لإح��راز التقليد‬
‫الأعلم ّية في المرجع‪ ،‬وبع�ضها في مفردات �أخرى‪.‬‬
‫وهذه الأ�سئلة كانت ال�سبب في كتابة هذا البحث الذي‬
‫�أردته �صغير ًا في الحجم‪� ،‬سه ًال في العبارة ليفهمه العا َّمة‬
‫من النا�س‪ ،‬لع ّله ينير معبر التقليد بم�صباح ال�شرع الحنيف‪،‬‬
‫ليعبروه بد ّقة و�سالم‪ ،‬راجي ًا من المولى تعالى ح�سن القبول‪.‬‬
‫رب العالمين‪.‬‬
‫والحمد هلل ِّ‬
‫�أكرم بركات‬
‫بيروت‪/‬جمادى‬
‫الأولى‪1423/‬هـ‬

‫***‬
‫ما معنى التقليد؟‬

‫التقليد في اللغة‬
‫التقليد‪ ،‬لغ ًة‪ ،‬ي�أتي من معنى القالدة‪ ،‬وهي التي تع َّلق في‬
‫العنق(((‪.‬‬
‫وقد �سمعنا كثير ًا ما ورد عن الإمام الح�سين‪ُ Q‬‬
‫«خ َّط‬
‫مخط القالدة على جيد الفتاة»((( �أي‬ ‫الموت على ولد �آدم َّ‬
‫على عنقها‪ .‬لذا ُيقال ق َّلدته قالد ًة �أي جعلتها في عنقه‪.‬‬
‫وقد تكون عمل ّية التقليد وجعل القالدة في العنق ماد ّية‬
‫الوطني حينما يجعل الو�سام‬
‫َّ‬ ‫الو�سام‬
‫َ‬ ‫ملمو�سة‪ ،‬كما ُيقال‪ :‬ق َّلده‬
‫في عنقه‪ .‬وقد تكون عمل ّية التقليد معنو ّية يراد منها �إلزام‬
‫((( الطريحي‪ ،‬مجمع البحرين‪ ،‬تحقيق �أحمد الح�سيني‪ ،‬ط‪ ،2‬قم‪ ،‬مكتبة الن�شر والثقافة‬
‫الإ�سالمية‪ 1408 ،‬هـ‪ ،‬ج‪� ،3‬ص‪.132‬‬
‫((( القزويني‪ ،‬عبد الكريم‪ ،‬قم‪ ،‬مكتبة ال�شهيد ال�صدر‪ ،‬الوثائق الر�سمية‪� ،‬ص‪.77‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪8‬‬

‫الآخر‪ ،‬وجعل ال�شيء في ذ َّمته‪ ،‬كما نقول لمن يذهب لزيارة‬


‫الأماكن المط َّهرة‪« :‬ق ّلدتك الدعاء والزيارة»‪� ،‬أي جعلتهما‬
‫في ذ ّمتك‪ ،‬كما ُتجعل القالدة في الرقبة‪ ،‬وهذا كناية عن‬
‫الإل��زام‪ .‬وفي هذا المعنى ورد حديث الخالفة‪« :‬فق َّلدها‬
‫ر��س��ول اهلل‪ P‬عل ّياً‪� »Q‬أي �ألزمه بها‪� ،‬أي جعلها في‬
‫رقبته وولاّ ه �أمرها(((‪.‬‬
‫التقليد في العقيدة‬
‫وبهذا المعنى ا�صطلح �أهل العلم على قبول قول الآخر‬
‫من غير دليل بـ «التقليد»‪� ،‬س ِّمي بذلك لأنّ المق ِّلد في �أمور‬
‫العقيدة‪ ،‬يجعل ما يعتقده من قول الآخر‪ ،‬من حقّ �أو باطل‪،‬‬
‫قالد ًة في عنق من ق َّلده‪.‬‬
‫ذم القر�آن الكريم المق ِّلدين لآبائهم في العقيدة‬ ‫وقد َّ‬
‫فقال تعالى‪َ }:‬قالُو ْا بَ ْل نَ َّت ِب ُع َما �أَ ْل َف ْينَا َع َل ْيهِ �آبَاءنَا �أَ َولَ ْو َكا َن �آبَا�ؤُ ُه ْم‬
‫َال يَ ْعقِ ُلو َن � َش ْيئ ًا{(((‪.‬‬

‫((( الطريحي‪ ،‬مجمع البحرين‪ ،‬ج‪� ،3‬ص‪.132‬‬


‫((( �سورة البقرة‪ ،‬الآية‪.170 :‬‬
‫‪9‬‬ ‫؟ديلقتلا ىنعم ام‬

‫التقليد في الفقه‬
‫غوي ال�سابق ا�ستُعمل لفظ التقليد في الفقه‬ ‫وبالمعنى ال ّل ّ‬
‫إ�سالمي‪ ،‬فالمك ّلف حينما يتبع المجتهد في فتاواه‪ ،‬فهو‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫يعمل على ذ ّمته وك�أ ّنه و�ضع القالدة في رقبة مرجع التقليد‬
‫رمزي عن تحميله الم�س�ؤول ّية يوم القيامة‪ ،‬فالمك ّلف‪،‬‬ ‫كتعبير ّ‬
‫حينما يق ِّلد تقليد ًا �صحيح ًا‪ ،‬فهو ال ُي�س�أل يوم القيامة عن‬
‫تفا�صيل �أعماله التي عملها على ذ ّم��ة مرجع التقليد‪ ،‬بل‬
‫الم�س�ؤول في ذلك هو المرجع نف�سه‪.‬‬
‫الخميني{ التقليد في‬ ‫ّ‬ ‫وبهذا المعنى ع� َّرف الإم��ام‬
‫تحرير الو�سيلة بقوله‪« :‬التقليد ه��و العمل م�ستنداً �إل��ى‬
‫فتوى فقيه مع ّين»(((‪.‬‬
‫اال�صطالحي تت ّمة ف��ي م��ا ي��أت��ي تحت‬
‫ّ‬ ‫ولمعنى التقليد‬
‫عنوان‪« :‬كيف نق ّلد؟»‪ .‬وقبل ذلك نجيب عن ت�سا�ؤل يتع ّلق‬
‫ب�أ�صل التقليد‪� ،‬أال وهو لماذا نق ّلد؟ فه ُل َّم بنا �إليه‪.‬‬

‫((( الإمام الخميني‪ ،‬روح اهلل‪( ،‬ال‪ ،‬ط)من�شورات �سفارة الجمهورية الإ�سالمية‪ 1407 ،‬هـ‪،‬‬
‫بيروت‪ .‬تحرير الو�سيلة‪ ،‬ج‪� ،1‬ص‪.3‬‬
‫لماذا نقلِّد؟‬

‫لماذا نرجع �إل��ى الفقيه نتَّبعه في ما فهمه من �أحكام‬


‫الإ�سالم؟‬
‫�إنّ الجواب عن هذا ال�س�ؤال يج ُّرنا �إلى الت�سا�ؤل الأ�سا�س‬
‫عن �س ِّر خلق الإن���س��ان‪ ،‬وال��ذي يجده الإن�سان في �أعماق‬
‫وجدانه؛ �إذ ك ّل �إن�سان منذ �صغره‪ ،‬يع�شق الكمال‪ ،‬بل ي�سعى‬
‫نحوه‪.‬‬
‫وفي تحليل حركة الإن�سان‪ ،‬منذ نعومة �أظ�ف��اره‪ ،‬نجده‬
‫ي�سعى نحو هدف يعتقده كماله‪ ،‬فال�صغير في بداية ن�ش�أته‬
‫قد يعتقد �أنّ كماله يتح ّقق حينما يحبو‪ ،‬في�سعى جاهد ًا نحو‬
‫الحبو‪ ،‬وحينما يحبو يعرف �أنّ الحبو لي�س كماله‪ ،‬في�سعى نحو‬
‫الم�شي؛ لعله يح ّقق من خالله كماله فيم�شي‪ ،‬لك ّنه ُيدرك بعد‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪12‬‬

‫ذلك �أ َّنه لم يح ّقق الكمال المن�شود‪ .‬حينها ين�شد �أمر ًا �آخر؛‬


‫لع ّل به يكون كماله‪ .‬وقد يرى �أ ّنه النطق والتك ّلم‪ ،‬في�سعى نحوه‬
‫فيتك َّلم‪ ،‬وقد ي�صبح ف�صيح ًا‪ ،‬لك ّنه ي�شعر �أنّ نار ع�شق الكمال‬
‫ما زالت تلتهب في داخله‪.‬‬
‫هنا قد يجعل له قدوة يظنّ كماله يتح ّقق حينما ي�صبح مثلها‪.‬‬
‫وقد تكون القدوة �أب��اه �أو مع ِّلمه �أو قائد ًا‪ ...‬وي�صل �إلى‬
‫م�ستوى قدوته �أو �أعلى منها‪ ،‬لك ّنه ي�شـعر �أن ذلـك الظم�أ نحو‬
‫الكمال ما زال في داخله‪.‬‬
‫غاية الخلق وا�شتباه الكبار‬
‫وي�ستم ّر الإن�سان كبير ًا يبحث عن كماله‪:‬‬
‫٭ يظنّ بع�ض النا�س �أنّ المال يح ّقق كمالهم‪ ،‬وحينما‬
‫ي�صبحون �أغنياء‪ ،‬ال يزول �شعورهم بالحاجة �إلى �أن‬
‫يتكاملوا‪.‬‬
‫٭ ويظنّ البع�ض �أنّ ال�سلطة ُتح ِّقق كمالهم ف َي ِ�ص ُلون‬
‫�إليها‪ ،‬لكن َّ �شعورهم بالحاجة �إلى الكمال يبقى‪.‬‬
‫٭ ويظنّ البع�ض �أنّ الجاه يح ّقق كمالهم ف َي�ص ُلون اليه‬
‫‪13‬‬ ‫ا‬
‫دِّلقن اذمل‬

‫لكنهم ي�شعرون بذلك الجوع المعنوي �أ ّن��ه ما زال‬


‫موجود ًا في داخلهم‪ .‬هنا يعرف الإن�سان‪ ،‬بفطرته‬
‫ال�سليمة‪� ،‬أ ّنه ي�سعى نحو الكمال المطلق الخالي من ك ّل‬
‫عيب ونقي�صة‪ ،‬و�أنّ ك ّل ما ظ ّنه الكمال كان خداع ًا؛ لأنّ‬
‫الكمال المطلق لي�س في تلك الماد ّيات التي كان ي�سعى‬
‫�إليها بل الكمال المطلق يعرفه الإن�سان بفطرته‪ ،‬كيف‬
‫وهو بارئ تلك الفطرة وخالقها‪.‬‬
‫الخميني{‪« :‬ف �ي��ا �أ ّي �ه��ا‬ ‫ّ‬ ‫ي�ق��ول �إم ��ام الأ ّم ��ة ال��راح��ل‬
‫ال�ه��ائ�م��ون ف��ي وادي ال� َ�ح � ْي��رة‪ ،‬وال���ض��ائ�ع��ون ف��ي �صحاري‬
‫ال�ضالالت‪ ،‬بل �أ ّيتها الفرا�شات الهائمة حول �شمعة جمال‬
‫ع�شاق الحبيب الخالي من العيوب‪،‬‬ ‫الجميل المطلق‪ ،‬ويا ّ‬
‫ال �إلى كتاب الفطرة‪ ،‬وت�ص َّفحوا‬ ‫أزلي‪ ،‬عودوا قلي ً‬ ‫والدائم ال ّ‬
‫كتاب ذاتكم‪ ،‬لت َر ْوا � ّأن الفطرة الإله ّية قد ُكتبت فيه بقلم‬
‫�ض{»(((‪.‬‬ ‫ال�س َما َو ِات َوالأَ ْر َ‬
‫القدرة } َو َّج ْه ُت َو ْجهِ َي ِل َّلذِ ي َف َط َر َّ‬
‫�إذ ًا كمال الإن�سان يتح ّقق حينما ي�سير على طريق الكمال‬

‫((( منهج ّية الثورة الإ�سالم ّية‪� ،‬ص‪( 7‬والآية في �سورة الأنعام رقم ‪.)79‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪14‬‬

‫المطلق‪ ،‬وهو و�إن كان ال يمكن له الو�صول �إلى المطلق لفقره‬


‫الذاتي‪ ،‬لك ّنه يقترب منه ليح ّقق كماله ال ّ‬
‫إن�ساني كما �ص ّور‬ ‫ّ‬
‫القر�آن الكريم كمال �س ّيد بني الب�شر بقوله تعالى‪ }:‬ثُ َّم َدنَا‬
‫اب َق ْو َ�س ْي ِن �أَ ْو �أَ ْدنَى{(((‪.‬‬
‫َفتَ َدلَّى* َف َكا َن َق َ‬
‫وعليه فالكالم ك ُّل الكالم هو كيف ُيح�سن الإن�سان ال�سير‬
‫في طريق كماله؟‬
‫دور التقليد في تحقيق كمال الإن�سان‬
‫وهنا ي�أتي دور التقليد‪ ،‬لأنّ لهذه الطريق قوانين قد‬
‫ح َّددها خالقها‪ ،‬والإن�سان بقدراته العقل ّية وو�سائله الأخرى‪،‬‬
‫ال ي�ستطيع معرفة هذه القوانين التي ُن ِظ َمت ل�صالح الإن�سان‬
‫في دنياه و�آخرته‪ ،‬وفي ج�سده وروحه‪ ،‬وفي فرده ومجتمعه‪.‬‬
‫لذا كانت الحاجة �إلى الأنبياء والر�سل ليب ّينوا لنا معالم‬
‫هذه الطريق وقوانينها فنهتدي بها �أثناء �سيرنا فيها‪.‬‬
‫وكانت ر�سالة الإ�سالم حاملة القوانين الخالدة لم�سيرة‬
‫الإن�سان‪ .‬ومع غياب �صاحب ال�شريعة الأعظم‪ P‬وغيبة‬
‫((( �سورة النجم‪ ،‬الآيتان‪.9-8 :‬‬
‫‪15‬‬ ‫ا‬
‫دِّلقن اذمل‬

‫ما�سة ليقوم ُث ّلة من النا�س‬


‫�آخر مب ِّين لها| كانت الحاجة َّ‬
‫يدر�سون هذه القوانين ليع ِّرفوها للنا�س؛ وذلك لعدم �إمكان ّية‬
‫الدرا�سة المبا�شرة من ك ّل النا�س لم�صادر هذه القوانين‪.‬‬
‫وه��ؤالء الدار�سون الوا�صلون �إلى معرفة تلك القوانين هم‬
‫الفقهاء‪.‬‬
‫ومن لم ي�ستطع الو�صول �إلى معرفتها عن طريق الدرا�سة‬
‫كان �أمامه باب لمعرفة قوانين ال�شريعة عبر االعتماد على‬
‫ه�ؤالء الفقهاء‪ ،‬وهذا الباب ي�س ّمى «التقليد»‪.‬‬
‫لذا فالتقليد ــ الذي هو اتباع للفقهاء الذين در�سوا وو�صلوا‬
‫�إلى معرفة قوانين اهلل في حياة الإن�سان ــ هو المع َت َمد لمعرفة‬
‫القوانين للعبور في طريق الكمال‪.‬‬

‫�إذ ًا الجواب عن ال�س�ؤال‪ :‬لماذا نق ّلد؟ هو‪:‬‬


‫�أ ّننا نق ِّلد لكي نعبر طريق الكمال التي هي‬
‫غاية خلقنا‪ ،‬كما �أراد اهلل �أن يكون العبور‪ ،‬ال‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪16‬‬

‫كما تهوى �أنف�سنا‪.‬‬


‫وهنا تكمن الأهم ّية الكبرى في التقليد‪.‬‬
‫أخي الحبيب‪:‬‬
‫�إن عرفت لماذا نق ّلد َّ‬
‫فهلم بنا لنتع ّرف على‬
‫جواب ال�س�ؤال التالي حول دليلنا على وجوب‬
‫التقليد‪.‬‬
‫دليلنا على التقليد‬

‫ي�ستدل العلماء المجتهدون‪ ،‬كدليل على وجوب التقليد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫قد‬


‫ببع�ض الآيات القر�آن ّية كقوله تعالى‪َ } :‬ف ْا�س�أَلُو ْا �أَ ْه َل ال ِّذ ْك ِر ِ�إن‬
‫ُكنتُ ْم َال تَ ْع َل ُمو َن{(((‪.‬‬
‫وقد ي�ستد ّلون ببع�ض الروايات كالتي وردت عن الإمام‬
‫الح�سن الع�سكري ‪« :Q‬ف�أ ّما من كان من الفقهاء �صائناً‬
‫لنف�سه‪ ،‬حافظاً لدينه‪ ،‬مخالفاً لهواه‪ ،‬مطيعاً لأمر مواله‪،‬‬
‫فللعوا ّم �أن يق ِّلدوه»(((‪.‬‬
‫يتوجه �إلينا نحن غير المجتهدين‪ :‬هل‬ ‫لكنّ ال���س��ؤال ّ‬
‫ن�ستدل على التقليد بهذه الآيات وتلك الروايات؟‬ ‫ّ‬ ‫ن�ستطيع �أن‬

‫((( �سورة الأنبياء‪ ،‬الآية‪ 7 :‬و�سورة النحل‪ ،‬الآية ‪.43‬‬


‫((( الح ّر العاملي‪ ،‬محمد بن الح�سن‪ ،‬و�سائل ال�شيعة ج‪� ،18‬ص‪.95‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪18‬‬

‫الجواب هو‪ :‬كلاّ ‪ ،‬لأنّ اال�ستدالل بها خا�ضع لجملة �أمور ال‬
‫العادي غير المجتهد‪ .‬فبالن�سبة �إلى الرواية‬ ‫ّ‬ ‫تتو ّفر عند الإن�سان‬
‫ال��واردة عن الإمام الع�سكري ‪ Q‬ما �أدران��ا نحن‪ ،‬هل هي‬
‫ي�صح �أن ُن َع ِّو َل عليها دلي ًال‬
‫معتبرة من حيث ال�سند �أم ال؟ حتى ّ‬
‫في وجوب التقليد‪ ،‬وهل هي معار�ضة بغيرها �أم ال؟‬
‫وهل تحمل معنى الوجوب �أم ال؟‬
‫وبالن�سبة �إلى الآية الكريمة ال�سابقة نت�ساءل عن المراد‬
‫من �أهل الذكر‪ ،‬فهل هم الأئ ّمة المع�صومون فقط‪� ،‬أم ت�شمل‬
‫يف�سرها ب�أهل الكتاب؟‬ ‫العلماء غيرهم �أي� ًضا‪ ،‬مع كون البع�ض ِّ‬
‫تدل على الوجوب‬ ‫و�أي� ًضا نت�ساءل‪ :‬هل �صيغة الأمر «ا�س�ألوا» ّ‬
‫�أم ال؟‬
‫�إنّ الأجوبة عن تلك الأ�سئلة ال يمكن للإن�سان العا ّم ّي غير‬
‫المجتهد �أن يجيب عنها فكيف يعتمد عليها دلي ًال في تقليده؟‬
‫انتبه‬
‫�إ ّياك �أن تقول‪� :‬إنا نعتمد على الفقهاء في توثيق الرواية‪،‬‬
‫وعلى الأ�صول ّيين في �أنّ �صيغة الأمر ّ‬
‫تدل على الوجوب‪.‬‬
‫‪19‬‬ ‫ديلقتلا ىلع انليلد‬

‫�إ ّي��اك �أن تقول ه��ذا هنا في بداية الت�سا�ؤل عن دليلك‬


‫على التقليد؟ لأ ّنه جواب يعتمد على التقليد ت�سويغ ًا للتقليد‪،‬‬
‫فحينها تكون ُمق ِّلد ًا ودليلك هو التقليد‪.‬‬
‫وه��ذا الأم��ر �أ�شبه بقول القائل‪� :‬أن��ا �أق� ِّل��د لأنّ المرجع‬
‫الفالني يقول بوجوب التقليد على من ال ي�ستطيع اجتهاد ًا �أو‬ ‫ّ‬
‫احتياط ًا‪.‬‬
‫�صحة تقليده للآخرين‬ ‫ي�ستدل على ّ‬ ‫ّ‬ ‫ف ��إنّ ه��ذا القائل‬
‫دليل على‬ ‫بتقليده للآخرين‪� ،‬أو َي ِ�ص ُّح �أن يكون ما يحتاج �إلى ٍ‬
‫�شيء هو الدليل عليه؟!!‬
‫ت�صحيح الم�سار‬
‫�إذ ًا ما هو دليلنا ــ نحن الذين لم نو َّفق لالجتهاد ــ على‬
‫التقليد؟‬
‫ال �ج��واب‪ :‬ينطلق م��ن عقولنا ور�ؤي�ت�ن��ا ل��واق��ع المجتمع‬
‫«ان النا�س حينما يواجهون متط ّلبات‬ ‫العقالئي ف�إ ّننا نجد ّ‬ ‫ّ‬
‫ال�ح�ي��اة ي�ج��دون�ه��ا مت�ش ّعبة ج � � ّداً‪ ،‬ف�ه�ن��اك ح��اج��ات طب ّية‬
‫و� �ص �ن��اع � ّي��ة وزراع � � ّي� ��ة وه �ن��د� �س � ّي��ة وه� �ك ��ذا‪ .‬وب �ع ����ض ه��ذه‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪20‬‬

‫جل النا�س ب�شكل وا�ضح‪ ،‬فك ّل �إن�سان‪،‬‬ ‫المتط ّلبات قد يعرفها ُّ‬
‫بحكم التجربة ال�ساذجة في حياته‪ ،‬يعلم �أ ّنه �إذا تع َّر�ض �إلى‬
‫مناخ بارد فج�أة فقد ي�صاب ب�أعرا�ض ُح ّمى‪ ،‬ولكنّ كثيراً من‬
‫�أ�ساليب الوقاية والعالج ال يعرفها �إ َّال عن طريق الطبيب‪،‬‬
‫وال يعرفها الطبيب �إ َّال بالبحث والجهد‪ ،‬وهكذا الحال في‬
‫مجال التعمير والبناء ومجاالت الزراعة وال�صناعة‪ ،‬على‬
‫اختالف فروعها‪.‬‬
‫ومن هنا وجد ك ّل �إن�سان �أ ّن��ه ال يمكن عمل ّي ًا �أن يتح ّمل‬
‫العلمي الكامل في ك� ّل ناحية من‬ ‫ّ‬ ‫بمفرده البحث والجهد‬
‫نواحي الحياة؛ لأنّ هذا‪ ،‬عادة‪� ،‬أكبر من قدرة الفرد وعمره‬
‫من ناحية‪ ،‬وال يتيح له العمق في ك ّل تلك النواحي بالدرجة‬
‫الكبيرة‪ ،‬من ناحية �أخرى‪ ،‬فا�ستق ّرت المجتمعات الب�شر ّية‬
‫يتخ�ص�ص لك ّل مجال من مجاالت المعرفة والبحث‪،‬‬ ‫على �أن ّ‬
‫عدد من النا�س‪ ،‬فيكتفي ك ّل فرد في غير مجال اخت�صا�صه‪،‬‬
‫بما يعلمه على البديهة‪ ،‬ويعتمد في ما زاد عن ذلك‪ ،‬على‬
‫ذوي االخت�صا�ص مح ّم ًال �إ ّي��اه��م الم�س�ؤول ّية ف��ي تقدير‬
‫‪21‬‬ ‫ديلقتلا ىلع انليلد‬

‫الموقف‪ ،‬وكان ذلك لون ًا من تق�سيم العمل بين النا�س �سار‬


‫عليه الإن�سان بفطرته منذ �أبعد الع�صور‪.‬‬
‫ي�شذ الإ�سالم عن ذلك‪ ،‬بل جرى على الأ�سا�س نف�سه‬ ‫ولم َّ‬
‫الذي �أخذ به الإن�سان في ك ّل مناحي حياته‪ ،‬فو�ضع مبد�أي‬
‫التخ�ص�ص ف��ي علوم‬ ‫ّ‬ ‫االج�ت�ه��اد والتقليد‪ ،‬فاالجتهاد ه��و‬
‫المتخ�ص�صين؛ فك ّل‬
‫ّ‬ ‫ال�شريعة‪ ،‬والتقليد هو االعتماد على‬
‫مك ّلف يريد التع ّرف على الأحكام ال�شرع ّية يعتمد �أ ّو ًال على‬
‫بداهته الدينية العا ّمة‪ ،‬وما ال يعرفه بالبداهة من �أحكام‬
‫المتخ�ص�ص‪ ،‬ولم‬ ‫ّ‬ ‫الدين‪ ،‬يعتمد في معرفته على المجتهد‬
‫يك ّلف اهلل تعالى ك ّل �إن�سان باالجتهاد ومعاناة البحث والجهد‬
‫ال�شرعي‪ ،‬توفير ًا للوقت‬
‫ّ‬ ‫العلمي من �أجل التع ّرف على الحكم‬
‫ّ‬
‫إن�ساني على ك� ّل حقول الحياة‪ .‬كما لم‬ ‫وتوزيع ًا للجهد ال ّ‬
‫المتخ�ص�ص المجتهد ب�أن‬ ‫ّ‬ ‫ي��أذن اهلل �سبحانه وتعالى لغير‬
‫ال�شرعي من الكتاب‬ ‫ّ‬ ‫يحاول التع ّرف المبا�شر على الحكم‬
‫وال�س ّنة‪ ،‬ويعتمد على محاولته‪ ،‬بل �أوج��ب عليه �أن يكون‬
‫التع ُّرف على الحكم عن طريق التقليد واالعتماد على العلماء‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪22‬‬

‫المجتهدين»(((‪.‬‬
‫�إذ ًا فجوابنا‪ ،‬نحن غير المجتهدين‪ ،‬عن وجوب التقليد‪،‬‬
‫العقالئي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫إن�ساني‬
‫ي�أتي من قراءة عقولنا لواقع المجتمع ال ّ‬
‫فنكون في جوابنا غير مق ِّلدين‪ ،‬بل نجتهد ــ ال بمعنى االجتهاد‬
‫اال�صطالحي ــ لنتع ّرف بعقولنا على وجوب التقليد‪.‬‬
‫ّ‬
‫لذا حينما �سئل الإمام الخامنئي} في �أ ّول م�س�ألة في‬
‫�أجوبة الإ�ستفتاءات‪ :‬هل وجوب التقليد م�س�ألة تقليد ّية؟ �أم‬
‫اجتهاد ّية؟ �أجاب قائ ًال‪« :‬هو م�س�ألة اجتهاد ّية عقل ّية»(((‪.‬‬

‫((( ال�شهيد ال�صدر‪ ،‬محمد باقر‪ ،‬الفتاوى الوا�ضحة‪� ،‬ص‪.90-89‬‬


‫((( الإمام الخامنئي‪ ،‬علي‪� ،‬أجوبة اال�ستفتاءات‪ ،‬ج‪� ،1‬ص‪.1‬‬
‫‪23‬‬ ‫ديلقتلا ىلع انليلد‬

‫حينما يواجه غير المجتهد ال�س�ؤال التالي‪:‬‬


‫ما هو دليلك على وجوب التقليد؟ فما هو‬
‫جوابه ال�صحيح؟‬

‫ال�سبب‬ ‫�صح �أم‬ ‫الجواب‬


‫خط�أ‬
‫لأ ّنه ال يمكنه الت�أ ّكد من‬ ‫الآية القر�آن ّية‪:‬‬
‫المراد منها‬ ‫‪r‬‬ ‫‪1‬‬
‫} َف ْا�سَ�ألُو ْا َ�أ ْه َل ال ِّذ ْك ِر‪{...‬‬
‫لأنه ال يمكنه الت�أ ّكد من‬ ‫‪r‬‬
‫الرواية‪« :‬ف�أ ّما من كان‬ ‫‪2‬‬
‫اعتبار ال�سند‬ ‫من الفقهاء�صائناً‪»..‬‬
‫ّ‬
‫ا�ستدل بالتقليد على‬ ‫لأ ّنه‬ ‫‪r‬‬
‫الفالني‬
‫ّ‬ ‫لأنّ المرجع‬ ‫‪3‬‬
‫التقليد‬ ‫يقول بوجوب التقليد‬
‫�إنّ هذا الأمر يرجع �إلى‬ ‫ت�سالم العقالء على �أنّ‬
‫فطرة الإن�سان ال�سليمة‬ ‫‪‬‬ ‫المتخ�ص�ص يرجع‬ ‫ّ‬ ‫غير‬ ‫‪4‬‬
‫المتخ�ص�ص‬
‫ّ‬ ‫�إلى‬
‫وهكذا تع َّرفنا على �أن الإن�سان بنظرته العقلية وبكونه �أحد‬
‫عقالء هذا المجتمع‪ ،‬ي�صل �إلى لزوم �أن يق ِّلد في �أمور دينه‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪24‬‬

‫تخ�ص�ص بها‪ ،‬لكن هل يجب على ك ّل �إن�سان �أن يق ّلد؟‬


‫من َّ‬
‫مخت�ص ببع�ض النا�س دون بع�ض �آخر؟‬
‫ٌّ‬ ‫�أم �أنّ ذلك‬
‫خا�صة؟ �أم �أ ّنه‬
‫وبعبارة �أخرى‪ :‬هل لوجوب التقليد �شروط ّ‬
‫عا ّم على الجميع؟‬
‫هذا ما نتع ّرف عليه في ال�صفحات الآتية‪.‬‬
‫ن يجب التقليد؟‬
‫على مـ َ ْ‬
‫�إنّ هناك نوعين من ال�شروط ال يجب التقليد �إلاّ على من‬
‫تح ّققت فيه‪:‬‬
‫الأول‪� :‬شرط تكويني‬
‫وهو عبارة عن التكليف الذي �ش ّرف اهلل تعالى به الإن�سان‬
‫وك َّرمه؛ وذلك لأ ّنه يع ِّبر عن قابل ّية الإن�سان لتح ّمل الم�س�ؤول ّية‬
‫الإله ّية خالف ًا لغيره من كائنات الأر�ض‪ ،‬وهذا ما ع َّبر عنه‬
‫ال�س َما َو ِات َو َْ أال ْر ِ�ض َوا ْل ِجبَالِ‬ ‫تعالى } ِ�إنَّا َع َر ْ�ضنَا َْ أال َمانَ َة َع َلى َّ‬
‫ال َن�سا ُن‪((({...‬وعليه‬ ‫َف�أَبَ ْي َن �أَن يَ ْحمِ ْلنَ َها َو�أَ ْ�ش َف ْق َن مِ ْن َها َو َح َم َل َها ْ إِ‬
‫ف�إنْ �أ ّدى الإن�سان المك َّلف ما �أوجبه اهلل عليه ا�ستحقّ ثواب ًا‬
‫عظيم ًا‪ .‬و�إن ع�صى وخالف الأوامر الإله ّية ي�ستحقّ العقاب‬
‫والعذاب لأ ّنه يكون قد ظلم نف�سه وخان الأمانة‪.‬‬
‫((( �سورة الأحزاب‪ ،‬الآية‪.72 :‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪26‬‬

‫�شروط التكليف‬
‫وللتكليف �شروط ال يتح ّقق بدونها وهي‪:‬‬
‫‪1-1‬البلوغ‪ :‬فالإن�سان غير البالغ ال يتع ّلق التكليف بذ َّمته‪ ،‬فهو ال‬
‫يُعا َقب في الآخرة على ما يقترف من �أعمال �س ّيئة‪َّ ،‬‬
‫لكن ف�ضل‬
‫اهلل تعالى قد يطا ُل �أعماله الح�سنة لينال ثوابها في الآخرة‪.‬‬
‫نعم عدم ت�سجيل �س ّيئات على غير البالغ في الآخرة‪ :‬ال يعني‬
‫�إعفاءه من الم�س�ؤول ّية في الدنيا‪ ,‬فهو �إن ت�س ّبب ب�إ�ضرار‬
‫الآخرين ك�إتالف �أموالهم �أو �سرقتها �أو ما �شاكل فيجب عليه‬
‫بعد بلوغه �أن يتح َّمل الم�س�ؤول ّية ب�سبب ت�صرفاته تلك‪.‬‬
‫عالمات البلوغ‬
‫وللبلوغ عالمات ي�صل �إليها الإن�سان عند تح ُّقق �إحداها وهي‪:‬‬
‫�أ ــ �أن يبلغ عمر ًا مع ّين ًا يختلف بين ال ّذ َكر والأنثى‪.‬‬
‫ففي ال ّذ َكر يتح ّقق البلوغ عند و�صوله �إلى �سنّ الخام�سة‬
‫ع�شرة قمر ّية‪ ،‬وهي ما ُيوازي �أرب َع ع�شر َة �سنة و�سبعة �أ�شهر‬
‫�شم�س ّية (ميالد ّية) تقريب ًا‪ .‬وفي الأنثى يتح ّقق البلوغ عند‬
‫و�صولها �إلى �سن التا�سعة قمرية‪ ،‬وهي ما يوازي ثماني �سنوات‬
‫وت�سعة �أ�شهر �شم�س ّية (ميالد ّية) تقريب ًا‪.‬‬
‫‪27‬‬ ‫؟ديلقتابجي ْنَـم ىلع‬
‫ل‬

‫المني‪.‬‬
‫ب ــ خروج ّ‬
‫ج ــ نبات ال�شعر الخ�شن على العانة التي هي المو�ضع‬
‫الواقع بين العورة ونهاية البطن‪.‬‬
‫‪2-2‬العقل‪ :‬فالمجنون غي ُر مك َّلف ــ كما هو وا�ضح ــ فقد‬
‫ُرفع القلم عنه حتى يفيق من جنونه‪.‬‬
‫يتوجه �إليه؛‬
‫‪3-3‬القدرة‪ :‬فمن عجز عن �أداء التكليف ال َّ‬
‫لقول اهلل تعالى‪َ } :‬ال يُ َكلِّ ُف اهللُ نَ ْف ً�سا �إِ َّال ُو ْ�س َع َها{(((‪.‬‬
‫علمي‬
‫ّ‬ ‫الثاني‪� :‬شرط‬
‫وهو عبارة عن عدم و�صول الإن�سان �إلى مرحلة االجتهاد‪،‬‬
‫ال�شرعي من‬
‫ّ‬ ‫فالمجتهد ــ وهو القادر على ا�ستنباط الحكم‬
‫ال�شرعي في �ضوء فهمه‬
‫ّ‬ ‫الأد ّلة ــ ي�ستطيع �أن يحدِّ د بنف�سه تكليفه‬
‫لل�شريعة المق َّد�سة‪ ،‬فهو عالم‪ .‬والتقليد هو رجو ٌع من الجاهل‬
‫�إلى العا ِلم‪� ،‬أ ّما العالم فمرجعه �إلى نف�سه‪ ،‬ال �إلى عالم �آخر‪.‬‬
‫وكذلك ف�إنّ من ا�ستطاع �أن يحتاط في �أعماله بحيث ي�ستطيع‬
‫�أن يحدّد تكليفه ب�صورة يتي َّقن �أنّ ذ ّمته بريئة �أمام الواقع المجهول‬
‫((( �سورة البقرة‪ ،‬الآية‪.286 :‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪28‬‬

‫لديه‪ ،‬ال يجب عليه �أن يق ِّلد‪ ،‬بل يمكنه �أن يحتاط في �أعماله‪.‬‬
‫لكنَّ العمل باالحتياط لي�س بال�سهل �إذ ال ب ّد فيه من «مراعاة ك ّل‬
‫االحتماالت الفقه ّية للمورد م ّما يحتمل وجوب مراعاته(((‪.‬‬
‫لذا �أجاب الإمام الخامنئي} «حينما �سئل عن الأرجح َّية‬
‫ب�ي��ن التقليد وال�ع�م��ل ب��االح�ت�ي��اط ب�ق��ول��ه ‪-‬ك�م��ا ف��ي �أج��وب��ة‬
‫اال�ستفتاءات‪« :‬حيث �إ ّن العمل باالحتياط موقوف على معرفة‬
‫موارده‪ ،‬وعلى العلم بكيف ّية االحتياط‪ ،‬وال يعرفهما � اّإل القليل‪،‬‬
‫م�ضافاً �إلى �أ ّن العمل باالحتياط يحتاج غالباً �إلى �صرف الوقت‬
‫الأزيد‪ ،‬فالأولى تقليد المجتهد الجامع لل�شرائط»(((‪.‬‬

‫ال�شرعي‬
‫ّ‬ ‫طرق الو�صول �إلى الحكم‬

‫‪ 3‬ــ التقليد‬ ‫‪ 2‬ــ االحتياط‬ ‫‪ 1‬ــ االجتهاد‬

‫((( الإمام الخامنئي‪ ،‬علي‪� ،‬أجوبة اال�ستفتاءات‪ ،‬ج‪� ،1‬ص‪.6‬‬


‫((( الم�صدر ال�سابق‪� ،‬ص‪.5‬‬
‫بماذا نقلِّد؟‬

‫بعد �أن تع َّرفنا على �شروط من يجب عليه التقليد ُنجيب‬


‫عن �س� ٍؤال مفاده‪ :‬ما هي الأمور التي يجب على المك َّلف غير‬
‫المجتهد وغير المحتاط �أن يق ِّلد فيها؟‬
‫والجواب‪ :‬هناك ثالث دوائر ال يجب التقليد في اثنتين‬
‫منها ويجب في الثالثة وهي‪:‬‬
‫الدائرة(‪� :)1‬أ�صول الدين‬
‫فقد م َّر الكالم في عدم جواز التقليد في �أ�صول العقيدة‪،‬‬
‫بل يجب فيها النظر والتحقيق للو�صول �إلى الحقيقة‪.‬‬
‫يقول المرحوم ال�شيخ مح ّمد ر�ضا المظ ّفر في «عقائد‬
‫الإمام ّية»‪ّ �« :‬إن الذي نعتقده � ّأن عقو َلنا هي التي َ‬
‫فر�ضتْ‬
‫الخ ْلق ومعرف َة خالقِ الكون‪ ،‬كما َ‬
‫فر�ضتْ‬ ‫علينا النظ َر في َ‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪30‬‬

‫علينا النظ َر في دعوى من يدَّعي النب َّو َة وفي معجزته‪ ،‬وال‬


‫ي�ص ُّح عندها تقلي ُد الغير في ذل��ك مهما ك��ان ذل��ك الغير‬
‫ِ‬
‫منزلة وخطراً»(((‪.‬‬
‫الدائرة (‪ :)2‬ال�ضرورات‬
‫هناك �أفعال وا�ضحة الحكم عند المك َّلفين كال�صالة‬
‫�ضروري عند الم�سلمين دون �أدنى‬
‫ّ‬ ‫والحج‪ ،‬فوجوبها‬
‫ّ‬ ‫وال�صوم‬
‫�شك و�شبهة‪ ،‬فمثل هذه الأفعال ال يجب فيها التقليد ف�ض ًال‬ ‫ّ‬
‫عن االجتهاد‪.‬‬
‫من هنا اعتاد الفقهاء في ر�سائلهم العمل ّية �أن ي�ستثنوا‬
‫ال�ضرور ّيات من وجوب التقليد لغير المجتهد والمحتاط‪.‬‬
‫الخميني { في تحرير الو�سيلة‪« :‬اعلم‬ ‫ّ‬ ‫يقول الإمام‬
‫�أ ّنه يجب على ك ّل مك ّلف غير بالغ مرتبة االجتهاد في غير‬
‫ال�ضرورات من عباداته ومعامالته‪ ،‬ولو في الم�ستح ّبات‬
‫والمباحات‪� ،‬أن يكون � ّإما مقلداً �أو محتاطاً‪.(((»...‬‬

‫((( المظفَّر‪ ،‬محمد ر�ضا‪ ،‬عقائد الأمامية‪ ،‬تحقيق الطريحي‪� ،‬ص‪ 234‬ـ ‪.235‬‬
‫((( ج‪� ،1‬ص‪.7‬‬
‫‪31‬‬ ‫ا‬
‫دِّلقن اذمب‬

‫الدائرة (‪ :)3‬الفروع غير ال�ضرور ّية‬


‫فمن خالل عبارة الإمام الراحل { المتق ّدمة نفهم �أنّ‬
‫دائرة وجوب التقليد‪ ،‬لغير المجتهد والمحتاط بعد ا�ستثناء‬
‫�أ�صول الدين وال�ضرورات‪ ،‬ت�شمل ك ّل الأفعال بما ّ‬
‫يعم الأحكام‬
‫التكليف ّية الخم�سة‪ :‬الوجوب والحرمة والكراهة واال�ستحباب‬
‫والإباحة‪.‬‬
‫تو�ضيحي‬
‫ّ‬ ‫بيان‬
‫الجواب‪:‬‬ ‫ال�س�ؤال‪:‬‬
‫(‪)r‬‬ ‫�أ�صول الدين؟‬

‫(‪)r‬‬ ‫ال�ضرور ّيات؟‬ ‫هل يجب التقليد في‬

‫(‪)a‬‬ ‫فروع الدين غير ال�ضرور ّية؟‬


‫كيف نقلِّد؟‬

‫ي�س�أل بع�ض النا�س‪ ،‬حينما يريدون تقليد مرجع ما‪ :‬كيف‬


‫يتح ّقق التقليد؟ هل يجب �أن نتل ّفظ ب�شيء مح َّدد؟ ف�إن كان‬
‫الجواب‪ :‬نعم‪ ،‬فماذا يجب �أن نقول؛ لكي يتح ّقق م َّنا التقليد‬
‫ال�صحيح؟‬
‫والجواب‪� :‬إنّ المتّفق عليه �أنّ التقليد ال ي�شترط في تح ّققه‬
‫� ّأي تل ُّفظ‪ ،‬وال �أي �أخطار �صورة في الذهن‪ ،‬بل هو يتح ّقق‬
‫حينما يعمل المك َّلف وهو معتم ٌد في عمله على فتوى الفقيه‪.‬‬
‫الخميني { «التقليد هو العمل م�ستنداً �إلى‬ ‫ّ‬ ‫يقول الإمام‬
‫فتوى فقيه مع َّين»(((‪.‬‬
‫لكنْ وقع الكالم في �أنّ االلتزام بفتوى المجتهد‪ ،‬هل ُيع ُّد‬
‫(((الإمام الخميني‪ ،‬روح اهلل‪ ،‬تحرير الو�سيلة‪ ،‬ج‪� ،1‬ص‪.7‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪34‬‬

‫تقليد ًا؟ �أم ال ب َّّد من العمل �إ�ضافة �إلى االلتزام؟ فمنهم من‬
‫قال �إن االلتزام يكفي من دون عمل‪ ،‬ف�إذا �أخذ ر�سالة المرجع‬
‫والتزم بالعمل بما فيها كفى في تح ّقق التقليد‪ ،‬و�إن لم يعمل‬
‫بعد‪ ،‬وقد ذهب �إلى هذا الر�أي المرحوم ال�س ّيد الطباطبائي‬
‫اليزدي{ في العروة الوثقى(((‪.‬‬
‫في حين �أ�ص َّر بع�ض الفقهاء على �أنّ التقليد ال ب ّد في‬
‫الخميني‬
‫ّ‬ ‫تح ّققه من العمل بالفتوى كما يظهر من كالم الإمام‬
‫{ ال�سابق‪.‬‬
‫وتظهر الثمرة العمل ّية بين القولين في ما لو التزم مك َّل ٌف‬
‫ما بفتاوى مرجع مع َّين‪ ،‬وقبل مبادرته ب� ِّأي عمل ُت ُو ِّف َي ذلك‬
‫المرجع‪ ،‬فهل ُيع ّد ما قام به تقليد ًا �أم ال؟ فمن قال �إنّ االلتزام‬
‫�صحة التقليد يكون هذا تقليد ًا‪ ،‬ومن‬ ‫من دون عمل يكفي في ّ‬
‫قال �إن االلتزام ال يكفي وحده‪ ،‬بل ال ب َّّد من �ضميمة العمل‬
‫ف�إنَّ هذا ال يكون تقليد ًا‪.‬‬

‫((( اليزدي‪ ،‬محمد كاظم‪ ،‬العروة الوثقى‪ ،‬من�شورات م� ّؤ�س�سة الأعلمي بيروت‪ ،‬ج‪� ،1‬ص‪4‬‬
‫(وقد علق المرحوم ال�س ّيد الخوئي { على الفتوى ال�سابقة لل�سيد اليزدي ب�أن‬
‫التقليد هو اال�ستناد �إلى فتوى الغير في العمل)‪.‬‬
‫‪35‬‬ ‫دِّلقن فيك‬

‫وهذا الأمر له �أثر في م�س�ألة تقليد الميت كما ي�أتي �إن‬


‫�شاء اهلل تعالى‪.‬‬
‫�إلى هنا عرفنا معنى التقليد‪ ،‬وغايته‪ ،‬ودليلنا عليه‪ ،‬وعلى‬
‫من يجب‪ ،‬وبما يتح ّقق‪ ،‬وكيف يتح ّقق؟ يبقى ال�س�ؤال‪ :‬من‬
‫نق ِّلد؟‬
‫فلنكمل البحث‪.‬‬
‫من نقلّد؟‬

‫ذكر الفقهاء �شروط ًا ال ب ّد من تو ُّف ِرها في المرجع ِ‬


‫لي�ص ّح‬
‫تقليده‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ 1‬ــ الحياة‪:‬‬
‫والمق�صود من هذا ال�شرط �أنّ المك َّلف في بداية �أمره ال‬
‫الحي‪ ،‬فال يجوز تقليد الميت ابتدا ًء‬
‫يتوجه �إلى المرجع ّ‬
‫ب ّد �أن ّ‬
‫على ر�أي م�شهور الفقهاء‪ ،‬بل قال العالم المح ّقق الفا�ضل‬
‫التوني «ال يجوز تقليد الميت مطلقاً لفوات �أهل ّيته بالموت‪،‬‬
‫وه��ذا ه��و الم�شهور بين �أ�صحابنا خ�صو�صاً المت� ّأخرين‬
‫ال بخالفه م ّمن يُعتدُّ بقوله»(((‪.‬‬
‫منهم‪ ،‬بل ال نعلم قائ ً‬
‫ويت�أ َّكد الإ�شكال في تقليد الميت الذي م�ضى على وفاته‬
‫((( الفا�ضل التوني‪ ،‬الوافية‪� ،‬ص‪.300‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪38‬‬

‫وقت طويل‪ ،‬وذلك للتط ُّور الحا�صل في نظرة الفقهاء �إلى‬


‫الأد َّلة ال�شرع ّية‪ ،‬والتفاتهم �إلى دقائق علم ّية‪ ،‬بحيث لو َّ‬
‫اطلع‬
‫المتق ّدمون من الفقهاء على هذه التحقيقات لأ َّثر ذلك في‬
‫ا�ستنباطهم للأحكام ال�شرع ّية‪.‬‬
‫تو�ضيحي‬
‫ّ‬ ‫مثال‬
‫ونعر�ض لذلك مثا ًال علم ّي ًا ــ مع محاولة تو�ضيحه ــ‪:‬‬
‫من القواعد الأ�صول ّية التي ت�ؤ ّثر كثير ًا في حركة المجتهد‬
‫وا�ستنباطه للأحكام ال�شرع ّية «قاعدة اال�ست�صحاب» وهي‬
‫تعني �أنّ الإن�سان حينما يكون على يقين �سابق ب�شيء ّثم ّ‬
‫ي�شك‬
‫ّ‬
‫بال�شك‪،‬‬ ‫فيه بعد ذلك ف�إ ّنه يبني على ذلك اليقين وال يعب�أ‬
‫�شك بعد ذلك‪،‬‬ ‫فمث ًال‪ :‬لو تي َّقن المك َّلف ب�أ ّنه قد ّ‬
‫تو�ض�أ‪ّ ،‬ثم ّ‬
‫هل نام بعد الو�ضوء بحيث نق�ض و�ضو�ؤه؟! هنا ت�أتي قاعدة‬
‫اال�ست�صحاب لتقول ل��ه‪ :‬اب� ِ�ن على يقينك ال�سابق وال تعب�أ‬
‫بال�شك اللاّ حق‪ ،‬ف�أنت �شرع ًا على و�ضوء‪.‬‬
‫ّ‬
‫ولكن حين نراجع ت�أريخ هذه القاعدة الأ�صول ّية نالحظ‬
‫�أنّ بع�ض الفقهاء المتق ّدمين (قد�س اهلل �أ�سرارهم) حينما‬
‫‪39‬‬ ‫؟دّلقننم‬

‫نظروا في �أد َّلتها رف�ضوها؛ لأ ّنهم لم يلتفتوا �إلى �أ ّي��ة رواية‬


‫تدل عليها وبعد تلك المرحلة اكت�شف الفقهاء‪ ،‬من‬ ‫معتبرة ّ‬
‫خالل تحقيقاتهم العلم ّية‪ ،‬بع�ض الروايات المعتبرة ّ‬
‫تدل ب�شكل‬
‫محكم على هذه القاعدة‪ ،‬حتى �أ�ضحت م�س َّلمة عند الفقهاء‪.‬‬
‫فهنا نقول‪ :‬لو التفت �أولئك المتق ّدمون من الفقهاء �إلى‬
‫روايات قاعدة اال�ست�صحاب لغ َّيروا بع�ض �آرائهم االجتهاد ّية‬
‫اعتماد ًا عليها‪ ،‬ولك َّنهم لم يلتفتوا �إليها‪ .‬وعليه كيف يجوز لنا‬
‫�أن نق ِّلدهم؟!‬
‫التقليد اال�ستمراري‬
‫ما تق ّدم من عدم جواز تقليد الميت كان في المك َّلف الذي‬
‫يريد التقليد في بداية �أمره‪� ،‬أ ّما من كان يق ِّلد مرجع ًا فمات‪،‬‬
‫ف�إنّ حكمه يختلف‪ ،‬فمن الخط�أ �أن يرجع �إلى فتوى الميت‬
‫الخميني{‬
‫ّ‬ ‫في م�س�ألة تقليد الميت‪ ،‬ف�إذا كان يق ِّلد الإمام‬
‫الذي كان يجيز البقاء على تقليد الميت في بع�ض ال�صور‪،‬‬
‫فبعد وفاة الإمام{ ال يجوز لمق ّلده �أن يعتمد على فتواه‬
‫التوجه‬
‫هذه ويبقى على تقليده‪ ،‬بل ال ب َّّد‪ ،‬في هذه الحال‪ ،‬من ُّ‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪40‬‬

‫الحي ال��ذي تتو َّفر فيه �شروط التقليد‪،‬‬ ‫�إل��ى مرجع التقليد ّ‬
‫وهذا المرجع هو الذي يق ِّرر له حكمه وتكليفه‪.‬‬
‫فقد يقول له‪« :‬يجب عليك البقاء على تقليد المرجع‬
‫الميت في ك ّل فتاواه طالما هو بنظرك �أعلم من الأحياء»‪.‬‬
‫وقد يقول له كالقول الأ ّول‪ ،‬ولكن لي�س في ك ّل فتاواه‪ ،‬بل‬
‫ين�س‪.‬‬
‫بما حفظ منها ولم َ‬
‫الحي‪.‬‬
‫وقد يخ ِّيره بين البقاء على تقليد الميت وتقليد ّ‬
‫عملي على ذلك نعر�ض هذه الم�س�ألة‪:‬‬ ‫وكمثال ّ‬
‫الخميني{ وبعد‬ ‫ّ‬ ‫ل��و �أنّ مك َّلف ًا ك��ان يق ِّلد الإم���ام‬
‫وفاته رحمه اهلل وجد �شروط مرجع ّية التقليد في الإم��ام‬
‫الخامنئي} فرجع �إليه لي�س�أله‪ :‬ما هو تكليفي في التقليد؟‬
‫فجواب الإمام الخامنئي } هو التالي‪� :‬أنت �أمام خيارات‬
‫ثالثة يجوز �أن تتبع �أ ّي ًا منها‪:‬‬
‫الأ ّول‪� :‬أن تبقى على تقليد الإمام الراحل{ في ك ّل فتاواه‪.‬‬
‫الثاني‪� :‬أن تق ّلدني في ك ّل فتاواي‪.‬‬
‫ال�ث��ال��ث‪� :‬أن تبقى على تقليد الإم��ام الراحل{ في فتاواه‬
‫‪41‬‬ ‫؟دّلقننم‬

‫وتق ِّلدني في �أ َّية فتوى �شئت بدون ا�ستثناء حتى لو كان ر�أيُ‬
‫الإم��ام الراحل{ مخالف ًا لر�أيي على نحو الفتوى ال‬
‫االحتياط‪ .‬ولكن بعد عدولك � َّإلي‪ ،‬ال يجوز لك الرجوع �إلى‬
‫ر�أي الإمام الراحل{ في ما عدلت � َّإلي من الفتاوى‪.‬‬
‫فمث ًال لو بقيت على تقليد الإمام { في فتاواه‪ ،‬لك ّنك‬
‫عدلت � َّإلي في فتوى �صالة الم�سافر‪ ،‬وكانت فتواي الإتمام في‬
‫ال�صالة‪ ،‬بينما كان ر�أي الإمام { التق�صير فيها‪ ،‬فهنا‬
‫بعد عدولك �إل� َّ�ي في هذه الفتوى‪ ،‬يتع َّين عليك الإتمام في‬
‫ال�صالة‪ ،‬وال يجوز لك الرجوع �إلى فتوى الإمام { التي‬
‫هي وجوب تق�صير ال�صالة‪.‬‬
‫وبعد �أن ّتم الكالم عن ال�شرط الأ ّول من �شروط مرجع‬
‫التقليد ننتقل �إلى ال�شرط الثاني لنعقبه ببق ّية ال�شروط‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ البلوغ‪:‬‬
‫وهذا ال�شرط محرز في الفقهاء ع��ادة‪ ،‬و�إن كان بع�ض‬
‫فقهائنا كالعلاّ مة الح ّلي والفا�ضل الهندي‪ ،‬قيل فيهم �إ ّنهم‬
‫و�صلوا �إلى رتبة االجتهاد قبل مرحلة بلوغهم‪.‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪42‬‬

‫‪ 3‬ـ العقل‪:‬‬
‫وهو �شرط وا�ضح‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ الذكورة‪:‬‬
‫وقد ن�سب �إلى العلماء الت�سالم عليه لأد َّلة ُذ ِك َرتْ في مح ّلها‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ طهارة المولد‪:‬‬
‫�أي عدم التو ُّلد من زنا وذلك لح�سا�سية من�صب المرجع ّية‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ الإيمان‪:‬‬
‫�أي كون المرجع على مذهب �أهل البيت ‪� R‬إمامي ًا اثنا‬
‫ع�شري ًا وهذا �شرط وا�ضح‪� ،‬أي� ًضا وهو م�ستفاد من عدة �أخبار‬
‫واردة عن �أهل البيت ‪ R‬كقول الإمام �أبي الح�سن ‪Q‬‬

‫أخذن معالم دينك من غير �شيعتنا»(((‪.‬‬ ‫لعلي بن �سويد‪« :‬ال ت� ّ‬


‫‪ 7‬ـ العدالة‪:‬‬
‫الخميني { «ب�أ ّنها ملكة را�سخة باعثة‬
‫ّ‬ ‫ف�سرها الإمام‬
‫وقد َّ‬
‫على مالزمة التقوى من ترك المح َّرمات وفعل الواجبات»(((‪.‬‬
‫((( المجل�سي‪ ،‬محمد باقر‪ ،‬بحار الأنوار‪ ،‬ج‪� ،2‬ص‪.82‬‬
‫(((الإمام الخميني‪ ،‬روح اهلل‪ ،‬تحرير الو�سيلة‪ ،‬ج‪� ،1‬ص‪.11‬‬
‫‪43‬‬ ‫؟دّلقننم‬

‫ومعنى كونها ملكة �أ ّنها �صفة را�سخة في النف�س تجعل‬


‫الإن�سان يفعل الواجب ويترك الحرام بدون تكلُّف‪.‬‬
‫وتف�سير الإم��ام { للعدالة ب�أ ّنها ملكة را�سخة في‬
‫ف�سرها ب�أ ّنها تقت�صر على فعل الواجبات وترك‬ ‫مقابل من َّ‬
‫المح َّرمات‪ ،‬حتى لو لم يكن لدى الإن�سان ملكة في ذلك(((‪.‬‬
‫ولتو�ضيح الفرق بين كون العدالة ملكة تبعث على فعل‬
‫الواجبات وت��رك المح ّرمات‪ ،‬وكونها مق�صورة على فعل‬
‫الواجبات وترك المح ّرمات‪ ،‬و�إن لم تكن ملكة‪ ،‬نم ّثل للتو�ضيح‬
‫بالمثال التالي‪:‬‬
‫�إنّ التع ّلم ال�صحيح على الآلة الكاتبة يكون بو�ضع الأ�صابع‬
‫خا�ص والمتع ّلم في بداية تد ُّربه‪ُ ،‬يالحظ‬
‫على �أزرار الآلة ب�شكل ّ‬
‫و�ضع ّية الأ�صابع على الأزرار ب�شكل دقيق وفي هذه الفترة‬
‫قد يكتب ب�شكل �سليم دون �أ ّية �أخطاء‪ ،‬ولكن ببطء وتك ّلف؛‬
‫لأ ّنه لم يح�صل على «ملكة» ال�ضرب على الآلة الكاتبة‪ ،‬وبعد‬
‫فترة تدريب ّية نجده يكتب ب�سرعة فائقة دون التفات دقيق �إلى‬
‫((( �أنظر الغروي‪ ،‬علي‪ ،‬التنقيح في �شرح العروة الوثقى‪ ،‬قم‪ ،‬م�ؤ�س�سة �آل البيت‪،R‬‬
‫ج‪� ،1‬ص‪ 252‬ـ ‪.253‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪44‬‬

‫و�ضع ّية �أ�صابعه على الأزرار ودون �أن ي�شعر بتكلُّف؛ وذلك لأ ّنه‬
‫�أ�صبح لديه «ملكة» في ال�ضرب على الآلة الكاتبة‪.‬‬
‫وهكذا ف�إنّ �صاحب ملكة العدالة يفعل الواجبات ويترك‬
‫المح ّرمات من دون �شعور بالتكلُّف بخالف غيره‪.‬‬
‫تو�ضيحي لتف�سير معنى الملكة الم�أخوذة في‬ ‫ّ‬ ‫�إ ّن��ه مثال‬
‫العدالة عند بع�ض الفقهاء‪ ،‬و�إن كان فيه بع�ض الم�سامحة‬
‫في الت�شبيه‪.‬‬
‫وعلى ك ّل حال ف�إنّ معنى العدالة و�إن كان ما م َّر �إلاّ �أ ّنها في‬
‫المرجع مطلوبة ب�صفة �آكد لح�سا�سية موقعه لذا قال الإمام‬
‫الخميني{ في تحرير الو�سيلة‪« :‬يجب �أن يكون المرجع‬ ‫ّ‬
‫للتقليد عالماً مجتهداً ع��اد ًال ورع �اً في دين اهلل‪ ،‬بل غير‬
‫مكب على الدنيا‪ ،‬وال حري�صاً عليها وعلى تح�صيلها جاهاً‬ ‫ّ‬
‫وم��ا ًال على الأح��وط‪ ،‬وفي الحديث (من كان من الفقهاء‬
‫�صائناً لنف�سه حافظاً لدينه‪ ،‬مخالفاً لهواه‪ ،‬مطيعاً لأمر‬
‫مواله فللعوا ّم �أن يق ِّلدوه)»(((‪.‬‬

‫((( الم�صدر ال�سابق‪� ،‬ص‪.13‬‬


‫‪45‬‬ ‫؟دّلقننم‬

‫وق��د �أ َّك��د الإم��ام الخامنئي} على �أهم ّية ال�صيانة‬


‫النف�س ّية في مرجع التقليد بقوله‪« :‬ن �ظ��راً �إل��ى ح�سا�سية‬
‫و�أهم ّية من�صب المرجع ّية ُي�شترط على الأحوط وجوباً في‬
‫مرجع التقليد‪� ،‬إ�ضاف ًة �إلى العدالة‪ ،‬الت�س ّلط على النف�س‬
‫الطاغية وعدم الحر�ص على الدنيا»(((‪.‬‬
‫‪ 8‬ــ االجتهاد‪ :‬ف�أد ّلة التقليد ان�ص ّبت على اتباع العالم‬
‫العارف بالقوانين الإ�سالم ّية وكيف ّية فهمها وا�ستنباطها من‬
‫الأد ّل��ة‪ ،‬وقد ع َّبرت عنه الن�صو�ص بالفقيه ت��ارة «من كان‬
‫من الفقهاء �صائناً لنف�سه‪ ..‬فللعوا ّم �أن يق ّلدوه» والعارف‬
‫والناظر تارة �أخرى‪.‬‬
‫وقد ا�شتهر التعبير عنه بالمجتهد نظر ًا للجهد الكبير‬
‫الذي يحتاجه الإن�سان للو�صول �إلى مرحلة ا�ستنباط الأحكام‬
‫ال�شرع ّية من الأدلة المق َّررة‪.‬‬
‫واالجتهاد على ق�سمين‪:‬‬
‫‪1-1‬اجتهاد كامل‪ ،‬وي�س ّمى ذو االجتهاد الكامل بالمجتهد‬
‫((( الإمام الخامنئي‪ ،‬علي‪� ،‬أجوبة اال�ستفتاءات‪ ،‬ج‪� ،1‬ص‪.4‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪46‬‬

‫ال�شرعي‬
‫ّ‬ ‫المطلق وهو القدير على ا�ستخراج الحكم‬
‫من دليله المق َّرر في مختلف �أبواب الفقه‪.‬‬
‫‪2-2‬اج�ت�ه��اد ن��اق����ص‪ ،‬وي���س� ّم��ى ذو االج �ت �ه��اد الناق�ص‬
‫المتجزئ وه��و ال��ذي اجتهد ف��ي بع�ض‬ ‫ِّ‬ ‫بالمجتهد‬
‫الم�سائل ال�شرع ّية دون بع�ض‪ ،‬فكان ق��دي��ر ًا على‬
‫ال�شرعي ف��ي نطاق م�ح��دود من‬
‫ّ‬ ‫ا�ستخراج الحكم‬
‫الم�سائل فقط‪.‬‬
‫والقدر المتي ّقن من االجتهاد الذي هو �شرط في مرجع‬
‫التقليد‪ ،‬هو االجتهاد الكامل المطلق‪� .‬أ ّما االجتهاد الناق�ص‬
‫ففيه تف�صيل وارد في مح ِّله‪.‬‬
‫يبقى الكالم عن الأعلم ّية و�شرط ّيتها في مرجع التقليد‪،‬‬
‫ح�سا�سة وغاية في الأهم ّية نعقد لها البحث التالي‪.‬‬ ‫وهي نقطة ّ‬
‫أعلميـّة مرجع التقليد‬

‫معنى الأعلم‬
‫قبل البحث عن �شرط َّية الأعلم ّية في مرجع التقليد ال ب ّد‬
‫من تحديد معنى الأعلم ّية الذي رغم كونه لم يرد في �آية وال‬
‫قوي في �أبحاث الفقهاء المت� ّأخرين‬ ‫رواية‪� ،‬إلاّ �أ ّنه ظهر ب�شكل ّ‬
‫نتيجة التع ّمق وال�ت��و� َّ��س��ع الحا�ص َل ْين ف��ي ِع� ْل� َم� ِ�ي الأ��ص��ول‬
‫والفقه(((لذا ف�إنّ معنى الأعلم ّية لم ينح�صر عند الفقهاء في‬
‫دائرة واحدة‪ ،‬بل كانت عندهم نظر ّيتان في تحديدها‪.‬‬
‫الخا�صة)‬
‫ّ‬ ‫النظر ّية الأولى (الأعلم ّية‬
‫وهي التي �سادت في الكتب الفقه ّية التي ُع� ِّرف الأعلم‬

‫((( انظر‪ :‬الها�شمي‪ ،‬محمود‪ ،‬نظرة جديدة في والية الفقيه‪ ،‬قم‪� ،‬ص‪.26‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪48‬‬

‫فيها ب�أ ّنه «الأعرف بالقواعد والأ�ش ّد مهارة من غيره في‬


‫تطبيقها على �صغرياتها»(((‪.‬‬
‫ولتو�ضيح ه��ذا المعنى نعر�ض م�ث��ا ًال تقريب ّي ًا ف��ي علم‬
‫الطب‪ ،‬فمن هو الأعلم بين الأط ّباء؟‬ ‫تطبيقي هو ّ‬
‫ّ‬
‫هل هو‪:‬‬
‫‪1-1‬المحيط بالنظر ّيات الطب ّية‪ ،‬قديمها وحديثها‪� ،‬أكثر‬
‫من غيره؟‬
‫اطالع ًا يزيد على‬ ‫المطلع على تفا�صيل الأمرا�ض ّ‬ ‫‪�2-2‬أم ّ‬
‫الآخرين؟‬
‫‪�3-3‬أم الأعرف ب�أ�سماء الأدوية؟‬
‫‪�4-4‬أم الأعلم بالنظر ّيات الطب ّية وتفا�صيل الأمرا�ض‪،‬‬
‫والأع��رف بتطبيق تلك النظر ّيات على �أفرادها في‬
‫الخارج؟‬
‫ال ّ‬
‫�شك �أنّ الأعلم بين الأط ّباء هو الأخير‪.‬‬
‫وكذلك الحال في الأعلم بين المجتهدين‪ ،‬فهو بالإ�ضافة‬

‫((( �أنظر الغروي‪ ،‬علي‪ ،‬التنقيح‪ ،‬ج‪� ،1‬ص‪.204‬‬


‫‪49‬‬ ‫ديلقتلا عجرم ةّـيملعأ‬

‫�إلى �إحاطته بالقواعد المق َّررة‪ ،‬ال ب ّد �أن يكون �أ�ش َّد مهارة من‬
‫غيره في تطبيق هذه القواعد على ما ي�س ّمى بال�صغريات ب�أن‬
‫يتمتّع ب�أح�سن �سليقة في هذا التطبيق‪.‬‬
‫فقد يحيط العالم بالقواعد الأ�صول ّية ب�شكل كبير‪ ،‬ولكن‬
‫حينما يريد �أن يط ّبقها على �صغرى وردته في �صالة من كان عمله‬
‫في ال�سفر مث ًال‪ ،‬ف�إ ّنه قد ال يكون في هذا التطبيق ذا مهارة تفوق‬
‫غيره‪ ،‬فهذا رغم �إحاطته بالقواعد‪ ،‬لي�س هو الأعلم بين الفقهاء‪.‬‬
‫لذا كان الأعلم هو «الأعرف بالقواعد والأ�ش ّد مهارة من‬
‫غيره في تطبيقها على �صغرياتها»‪.‬‬
‫النظر ّية الثانية (الأعلم ّية بالمجموع)‬
‫وهذه النظر ّية في تحديد معنى الأعلم‪ ،‬ت�ستبطن المعنى‬
‫ال�سابق في النظرية الأولى �إلاّ �أ ّنها تمتاز عنها ب�إ�ضاءة قام‬
‫بها بع�ض الفقهاء م�ش ّدد ًا على �أنّ الأعلم ّية ال تكون بدونها‪.‬‬
‫في حين ط��رح بع�ض الفقهاء �إ�ضافة �إل��ى المعنى ال�سابق‬
‫للأعلم ّية وجعلها �أ�سا�س ًا في �أهل ّية الفقيه للتقليد‪ .‬وها هنا‬
‫نذكر الإ�ضاءة والإ�ضافة‪.‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪50‬‬

‫ا�ضاءة على مفهوم الأعلم ّية‬


‫قام �آية اهلل ال�س ّيد محمود الها�شمي بطرح بع�ض المعارف‬
‫التي اعتبر �أنّ لها ت�أثير ًا كبير ًا في �أعلم ّية المجتهد‪ ،‬في‬
‫الفقهي في الم�سائل التي يريد �أن ي�ستنبطها‪ ،‬وهي‬ ‫ّ‬ ‫اجتهاده‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫‪1-1‬فهم روح الإ�سالم الذي يح�صل �إثر الإحاطة الدقيقة‬
‫بالآيات القر�آن ّية وال�ضرور ّيات الدين ّية‪ ،‬والم�س ّلمات‬
‫الإ�سالم ّية‪ ،‬والأ ّول ّيات الفقه ّية‪ ،‬والإلمام الكامل بما‬
‫النبي الأك��رم ‪ P‬والأئ� ّم��ة الأط�ه��ار ‪.R‬‬ ‫ط َّبقه ّ‬
‫النبي ‪ P‬والإم��ام‬ ‫و ُيالحظ ه��ذا الأم��ر في �سيرة ّ‬
‫َ‬
‫مب�سوط ِي اليد‬ ‫علي بن �أبي طالب ‪ Q‬حيث كانا‬
‫وم�س�ؤو َل ْين عن الحكومة حتى نعرف كيف ّية تطبيق‬
‫الأحكام الإ�سالم ّية وتنفيذها‪.‬‬
‫‪2-2‬فهم الثقافة والأمور الفكر ّية والحقوق ّية المعا�صرة‬
‫حد ما‪ ،‬مثل م�سائل «البنوك»‪ ،‬وم�سائل االقت�صاد‬ ‫�إلى ٍّ‬
‫إ�سالمي‪ ،‬وم�سائل الق�ضاء في الإ�سالم‪ ،‬ف�إنّ عدم‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫‪51‬‬ ‫ديلقتلا عجرم ةّـيملعأ‬

‫الإل �م��ام بهذه الأم ��ور ق��د يوجب ال��وه��ن الكبير في‬
‫اال�ستنباط وا�ستظهار الفقيه في مثل تلك الم�سائل‪.‬‬
‫‪3-3‬ال��وق��وف على المعارف ال���ص��ادرة ع��ن �أه��ل البيت‬
‫المع�صومين الأطهار ‪ R‬في الم�سائل الكالم ّية‬
‫والم�سائل الأخالق ّية‪ ،‬والمعارف الأخرى الموجودة‬
‫في الروايات والمنت�شرة في الكتب غير الفقه ّية ف�إنّ‬
‫هذا م�ؤ ّثر ج ّد ًا في ا�ستظهار الن�صو�ص واال�سـتفادة‬
‫منها ومعرفة الأد َّلة‪.‬‬
‫واعتبر ال�س ّيد الها�شمي �أ ّنه ال ب ّد من مالحظة هذه الأمور‬
‫ّثم �صياغة تعريف دقيق ج ّد ًا للأعلم ّية في �ضوئها(((‪.‬‬
‫إ�ضافة �إلى �شروط المرجع ّية‬ ‫ٌ‬ ‫�‬
‫ما تق ّدم من �شروط المرجع ّية كان هو المتعارف ذكره في‬
‫ر�سائل الفقهاء‪� .‬إلاّ �أ ّنه بعد التط ّورات الميدان ّية التي ح�صلت‬
‫في العالم المعا�صر‪ ،‬م ّما يجعلها تلقي بثقلها على مرجع ّية‬
‫التقليد لتزيد من م�س�ؤوليتها في دائرة واليتها‪ ،‬بد�أ جملة من‬
‫((( انظر المرجع ال�سابق‪ ،‬من �ص‪� 29‬إلى �ص‪.37‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪52‬‬

‫الفقهاء الكبار بالحديث عن �شرط �آخر‪ ،‬في مرجع التقليد‪،‬‬


‫ي�ش ّكل �أ�سا�س ًا في �أهل ّيته للمرجع ّية‪.‬‬
‫ول�ع� ّل �أ ّول م��ن ط��رح ه��ذا ال�شرط ف��ي ر�سالته العمل ّية‬
‫هو ال�شهيد ال�سعيد �آي��ة اهلل العظمى ال�س ّيد مح ّمد باقر‬
‫ال�صدر{ مع ِّبر ًا عنه بالكفاءة الواقع ّية‪ .‬قال{ في‬
‫«الفتاوى الوا�ضحة»‪« :‬المجتهد المطلق �إذا توافر فيه‬
‫�سائر ال�شروط ال�شرع ّية في مرجع التقليد‪ ...‬جاز للمك ّلف‬
‫العامة في �ش�ؤون‬ ‫�أن يق ِّلده‪ ..‬وكانت له الوالية ال�شرع ّية ّ‬
‫الم�سلمين �شريطة �أن ي�ك��ون ك �ف ��ؤاً ل��ذل��ك م��ن الناحية‬
‫الدين ّية والواقع ّية معاً»(((‪.‬‬
‫وقد ب َّين ال�س ّيد الها�شمي خلف َّية �شرط ال�شهيد ال�صدر‬
‫هذا بقوله‪ّ �« :‬إن المرجع ال يكون م��ن قبيل ال��رج��وع �إل��ى‬
‫الطبيب‪ّ � ،‬إن الطبيب قد ال يكون م�سلماً‪ ،‬ولكن نرجع �إليه‪،‬‬
‫لأ ّننا نريد �أن ن�ستفيد من خبرته وطبابته‪ ،‬و�إن المرجع ّية‬
‫والرجوع �إلى المق َّلد في الحقيقة �أمر مه ّم ج ّداً‪� ،‬إنها نوع‬

‫((( ال�شهيد ال�صدر‪ ،‬محمد باقر‪ ،‬الفتاوى الوا�ضحة‪ ،‬من�شورات دار التعارف‪� ،‬ص‪.115‬‬
‫‪53‬‬ ‫ديلقتلا عجرم ةّـيملعأ‬

‫من الوالية �أو على الأق ّل قيادة حقوق ّية فقه ّية وتم ّثل الق ّوة‬
‫المق ّننة ب�أ�سرها؛ ل ّأن النا�س ي�أخذون ك ّل قوانين حياتهم‬
‫من بدايتها �إلى نهايتها من المرجع»(((‪.‬‬
‫ثم عر�ض ال�س ّيد الها�شمي �شرط ال�شهيد ال�صدر {‬

‫م��ؤ ّك��د ًا عليه‪ ،‬ال �س َّيما �أنّ مرجع ّية الفقيه تم ّثل نوع ًا من‬
‫القيادة للمجتمع «لأ َّن الذين يق ِّلدونه‪� ،‬شاء �أم �أبى‪ ،‬يتابعونه‬
‫في نظراتهم و�أ�سماعهم ويالحقونه بقلوبهم‪ ،‬ماذا يقول‬
‫مرجعهم ومق َّلدهم؟ وماذا يفتي؟ حتى يق ّلدوه ويتابعوه‬
‫الخا�صة والعا ّمة‪ .‬ولأجل هذا ال ب ّد �أن تتو َّفر‬
‫ّ‬ ‫في حياتهم‬
‫خا�صة �أخرى جامعها ال ّلياقة‬ ‫في مرجع التقليد �شرائط ّ‬
‫والكفاءة في قيادة مق ِّلديه»(((‪.‬‬
‫�أعلم لكنَّه لي�س المرجع‬
‫ومن لطيف ما نقل في �شرط ال ّلياقة والكفاءة في مرجع‬
‫ق�صة ح�صلت مع المرحوم �آية اهلل العظمى ال�شيخ‬‫التقليد ّ‬

‫((( الها�شمي‪ ،‬محمود‪ ،‬نظرة جديدة في والية الفقيه‪� ،‬ص‪.40‬‬


‫((( الم�صدر ال�سابق‪� ،‬ص‪.41‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪54‬‬

‫ح�سين الح ِّلي{ الذي كان يرى فيه الكثير من العلماء �أ ّنه‬
‫�أعلم المجتهدين في ع�صره‪ ،‬مع �أنّ المت�ص ّدي للمرجع ّية في‬
‫ع�صره كان المرجع الكبير ال�س ّيد مح�سن الحكيم{‪� ،‬إذ‬
‫ُينقل �أنّ �أحدهم �س�أل ال�شيخ الح ِّلي{‪ :‬لماذا لم تت�ص َّد‬
‫للمرجع ّية مع �أ ّنك �أعلم من ال�س ّيد الحكيم؟ ف�إذا بالجواب‬
‫المفاجىء من هذا العالم الجليل بما مفاده‪ّ �« :‬أن ال�س ّيد‬
‫الحكيم نجح في تربية �أبنائه» ولع ّله ي�شير بكالمه هذا �إلى‬
‫�أنّ من �شروط المرجع ّية ح�سن الإدارة لها وال ّلياقة في ذلك‪،‬‬
‫وهذا ما كان يتمتّع به المرحوم ال�س ّيد الحكيم{ ب�شكل‬
‫وا�ضح‪.‬‬
‫و�شرط ال ّلياقة هذا لم يقف عند طرح عنوانه في كتاب‬
‫ال�شهيد ال�صدر‪ ،‬بل جاء �صاحب الخبرة الطويلة في مرجع ّية‬
‫التقليد وال��ذي ا�ستطاع �أن ينقل الر�سالة العلم ّية ليجعلها‬
‫ر�سالة عمل ّية بحقّ في ق�ضايا الفرد والمجتمع والدولة‪ ،‬وهو‬
‫الخميني{ الذي �أ ّكد في نداء الخام�س ع�شر من‬ ‫ّ‬ ‫الإمام‬
‫وجهه �إلى الحوزات العلم ّية والعلماء‪،‬‬ ‫رجب ‪1409‬هــ والذي َّ‬
‫‪55‬‬ ‫ديلقتلا عجرم ةّـيملعأ‬

‫على جملة من الخ�صو�ص ّيات في مرجع التقليد فقال{‪:‬‬


‫«وعلى المجتهد �أن يل َّم بق�ضايا ع�صره‪ ،‬وال يمكن لل�شعب‬
‫ولل�شباب وحتى للعوا ّم �أن يقبلوا من مرجعهم ومجتهدهم‬
‫�أن يقول‪� :‬إ ّنني ال �أبدي ر�أياً في الق�ضايا ال�سيا�س ّية»‪.‬‬
‫ومن خ�صو�ص ّيات المجتهد الجامع معرفة �أ�ساليب التعامل‬
‫مع حيل وتحريفات الثقافة الحاكمة على العالم‪ ،‬وامتالك‬
‫واالطالع على كيف ّية التعامل‬ ‫الب�صيرة والنظرة االقت�صاد ّية‪ّ ،‬‬
‫مع االقت�صاد الحاكم على العالم‪ ،‬ومعرفة ال�سيا�سات‪،‬‬
‫وحتى ال�سيا�س ّيين ومعادالتهم المو�ضوعة‪ ،‬و�إدراك المركز ّية‬
‫وال�شيوعي‬
‫ّ‬ ‫أ�سمالي‬
‫ّ‬ ‫ونقاط الق ّوة وال�ضعف في القطبين الر�‬
‫والذي هو في الحقيقة �إدراك لحقيقة اال�ستراتيج ّية الحاكمة‬
‫على العالم‪ .‬ويجب �أن يكون لدى المجتهد المهارة والذكاء‬
‫والفرا�سة لهداية مجتمع �إ��س�لام� ّ�ي كبير‪ ،‬ب��ل وحتى غير‬
‫أخالق والتقوى‪ ،‬والزهد التي‬ ‫إ�سالمي‪ُ ،‬ي�ضاف �إلى ذلك كله ال ُ‬‫ّ‬ ‫�‬
‫هي من �ش�أن المجتهد‪� ،‬أن يكون في الواقع مدير ًا ومد ِّبر ًا(((‪.‬‬

‫الخميني �إلى العلماء‪� ،‬ص‪.22-21‬‬


‫ّ‬ ‫((( نداء الإمام‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪56‬‬

‫وعلى �ضوء ه��ذه الإ�ضافة في �شروط المرجع ّية وتلك‬


‫اال� �ض��اءة ف��ي معنى الأعلم ّية نتج تعبير جديد ف��ي ب ِّينات‬
‫الأعلم ّية هو «الأعلم ّية بالمجموع»‪.‬‬
‫خال�صة الأقوال في �شروط المرجع‬
‫يمكن تلخي�ص م��ا �سبق ذك��ره م��ن وجهة النظر حول‬
‫ال�شروط المعتبرة في مرجع التقليد بالتالي‪:‬‬
‫االت �ج��اه الأ ّول‪ :‬اعتبر ال�شروط التقليد ّية ال ��واردة في‬
‫الر�سائل العمل ّية والتي م َّر ذكرها‪ ،‬من دون �إ�ضافة �شيء‪ ،‬وبدون‬
‫�إ�ضاءة جديدة‪ ،‬على معنى الأعلم ّية بل اقت�صر على المعنى‬
‫الخا�صة»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التقليدي لها الذي �س ّميناه �سابق ًا‪« :‬الأعلم ّية‬
‫االتجاه الثاني‪ :‬فيه �إ�ضاءة على معنى الأعلم ّية ب�إ�ضافة‬
‫بع�ض المعارف لتح ّققها‪ ،‬و�إ�ضافة �شرط ال ّلياقة والكفاءة في‬
‫لي�ص َّح تقليده‪.‬‬
‫مرجع التقليد ِ‬
‫وبعد �أن عرفنا معنى الأعلم ّية نعود �إلى ال�س�ؤال ال�سابق‪:‬‬
‫هل الأعلم ّية �شرط في مرجع التقليد؟ وهنا ال ب ّد من التف�صيل‬
‫بين المجتهد وغيره‪.‬‬
‫‪57‬‬ ‫ديلقتلا عجرم ةّـيملعأ‬

‫الأعلم ّية ووظيفة المجتهد‬


‫�أ َّم��ا المجتهد‪ ،‬فهو ال��ذي ُيحدِّ د الجواب على ح�سب ما‬
‫ي�ستظهره من الأد ّلة ال�شرع ّية‪.‬‬
‫مع العلم �أنّ �شرط الأعلم ّية في المرجع هو المعروف بين‬
‫المجتهدين‪ ،‬بل عن ظاهر ال�س ّيد المرت�ضى في كتاب الذريعة‬
‫�أ ّنه من الم�س َّلمات عند ال�شيعة‪ .‬وعن المح ّقق الثاني{‬

‫دعوى الإجماع عليه‪ ،‬نعم ن�سب �إلى بع�ض العلماء المت� ّأخرين‬
‫عن ال�شهيد الثاني عدم وجوب تقليد الأعلم(((‪.‬‬
‫ال�شيخ الأن�صاري وتقليد الأعلم‬
‫ومن لطيف ما ورد في ق�ضية �أعلم ّية المرجع‪ ،‬ما ورد‬
‫ق�صة المرجع الكبير ال�شيخ مرت�ضى الأن�صاري{‬ ‫في ّ‬
‫الذي �أق َّر ب�أعلم ّيته ودعا ال�شيعة �إلى تقليده‪ ،‬مرج ُع ال�شيعة‬
‫الكبير وعال ُمهم الف ّذ ال�شيخ مح ّمد ح�سن النجفي (�صاحب‬
‫كتاب الجواهر{) ُقبيل وفاته‪� .‬إلاّ �أنّ ال�شيخ الأن�صاري‪،‬‬
‫بعد وفاة �صاحب الجواهر‪ ،‬رف�ض �أن يت�س َّلم زمام المرجع ّية‬
‫((( انظر‪ :‬الغروي‪ ،‬علي‪ ،‬التنقيح في �شرح العروة الوثقى‪ ،‬ج‪� ،1‬ص‪.134‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪58‬‬

‫مفيد ًا �أنّ �أحد العلماء من زمالئه‪ ،‬ويدعى المازندراني‪ ،‬كان‬


‫�أعلم منه �أثناء درا�ستهما في كربالء‪ .‬وفع ًال تج َّمد و�ضع‬
‫مرجع ّية التقليد ب�إ�صرا ٍر من ال�شيخ الأن�صاري حتّى ت ّمت‬
‫مرا�سلة ال�شيخ المازندراني الذي �أفاد �أ ّنه كان وقتها �أعلم‬
‫من ال�شيخ الأن�صاري‪� ،‬إلاّ �أ ّنه �أق َّر �أنّ زميله الكبير‪ ،‬بعد �إكمال‬
‫درا�ساته و�أبحاثه في الحوزة العلم ّية �أ�صبح �أعلم منه‪ ،‬ودعا‬
‫النا�س �إلى تقليد ال�شيخ الأن�صاري لي�صبح المرجع العا ّم‬
‫ل�شيعة �أهل البيت‪.(((R‬‬
‫الأعلم ّية ووظيفة غير المجتهد‬
‫ات�ضح م ّما م � َّر �أنّ المجتهد يجيب ع��ن ال���س��ؤال حول‬
‫وجوب تقليد الأعلم بح�سب ما ي�ستظهره من الأد ّلة‪� .‬أ ّما غير‬
‫المجتهد ف�إنّ م�سلكه في تحديد وجوب تقليد الأعلم يختلف‪.‬‬
‫ولتو�ضيح ذلك نطرح �س�ؤ ً‬
‫اال له فروع ثالثة‪:‬‬
‫ي�ص ّح لغير المجتهد‪ ،‬ليح ّدد وظيفته في وجوب تقليد‬
‫هل ِ‬
‫الأعلم‪� ،‬أن يعتمد على‪:‬‬
‫((( انظر‪ :‬كالنتر‪ ،‬المكا�سب‪ ،‬ج‪ ،1‬المقدِّ مة‪.‬‬
‫‪59‬‬ ‫ديلقتلا عجرم ةّـيملعأ‬

‫�أ ــ القر�آن الكريم‬


‫ب ــ الأحاديث ال�شريفة‬
‫ج ــ �أحد مراجع التقليد؟‬
‫والجواب‪:‬‬
‫ي�ص ّح منه �أن يرجع �إلى القر�آن‬ ‫�أ ــ �إنّ غير المجتهد ال ِ‬
‫لي�ستنطق �آياته؛ لأنّ لذلك �أدوات علم ّية ال يمتلكها‬
‫لي�صـل �إلـى النتيجـة التي تب ّرىء ذ ّمته‪ .‬وكمثال على‬
‫يتم�سك بقولـه‬
‫ي�ص ّح من غير المجتهد �أن ّ‬ ‫ذل��ك‪ :‬ال ِ‬
‫تعـالى‪َ } :‬ف ْا�س َ�ألُو ْا َ�أ ْه َل ال ِّذ ْك ِر ِ �إن ُكنتُ ْم َال تَ ْع َل ُمو َن{(((‪،‬‬
‫ويبني على �أ ّنه ال ي�شترط تقليد الأعلم طالما �أنّ الآية‬
‫خا�ص؛ وذلك لأنّ هناك جملة من‬ ‫لي�س فيها تحديد ّ‬
‫المقدِّ مات ال ب َّّد من �أن يكون لديه �أجوبة عنها منها‪:‬‬
‫‪1-1‬ما المراد ب�أهل ال ّذ ْكر؟ هل هم العلماء ب�شكل عا ّم؟‬
‫�أم علماء �أه��ل الكتاب؟ �أم هم خ�صو�ص �أه��ل بيت‬
‫الع�صمة ‪R‬؟‬
‫((( �سورة النحل‪ ،‬الآية‪ 43 :‬و�سورة الأنبياء‪ ،‬الآية ‪.7‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪60‬‬

‫‪2-2‬هل الآية واردة في خ�صو�ص الم�سائل العقائد ّية؟ �أم‬


‫ت�شمل الفروع الفقه ّية؟‬
‫‪3-3‬على فر�ض �أنّ المراد من �أهل الذكر هم العلماء‪ ،‬فهل‬
‫َع َد ُم تحديد موا�صفات �أهل الذكر يفيد الإطالق �أم‬
‫ال؟‬
‫‪4-4‬هل يوجد رواي��ات معتبرة تتع ّلق بهذه الآي��ة لتحدِّ د‬
‫خا�صة؟‬
‫وجهتها ال�صحيحة وقد تق ِّيدها بقيود ّ‬
‫العامي غير المجتهد �أن‬‫ّ‬ ‫العادي‬
‫ّ‬ ‫�إذ ًا ال ِ‬
‫ي�ص ّح للإن�سان‬
‫يعتمد على �آي��ات القر�آن الكريم ليح ّدد م�سلكه في وجوب‬
‫تقليد الأعلم �أو عدمه‪.‬‬
‫ي�ص ّح لغير المجتهد �أن يرجع �إلى الروايات‬ ‫ب ــ وكذلك ال ِ‬
‫الواردة عن �أهل بيت الع�صمة ‪ R‬ك�أن يرجع �إلى ما‬
‫ورد عن الإمام الح�سن الع�سكري ‪« Q‬من كان من‬
‫الفقهاء �صائناً لنف�سه‪ ،‬حافظاً لدينه‪ ،‬مخالفاً لهواه‪،‬‬
‫مطيعاً لأمر مواله فللعوام �أن يق ِّلدوه»((( ليتم�سك‬

‫((( الحر العاملي‪ ،‬و�سائل ال�شيعة‪ ،‬ج‪� ،18‬ص‪.95‬‬


‫‪61‬‬ ‫ديلقتلا عجرم ةّـيملعأ‬

‫ب�إطالقها؛ وذلك لأ ّنه ال ي�ستطيع التعــ ُّرف علـى مـدى‬


‫اعتـبار هـذه الرواية ليثق ب�صدورهـا عن المع�صـوم‬
‫‪� .Q‬إ��ض��اف�ـ��ة �إل �ـ��ى �أنّ لال�سـتفادة م��ن داللتها‬
‫يطلع عليها لي�صل �إلى نتيجة مب ّرئة‬‫مق ّدمات علم ّية لم ّ‬
‫ِّ‬
‫للذ ّمة‪.‬‬
‫ي�ص ّح لغير المجتهد �أن يعتمد على ر�أي‬ ‫ج ــ و�أي� ًضا ال ِ‬
‫مرجع لي�س هو الأعلم‪ ،‬ليحدِّ د على �أ�سا�سه م�سلكه في‬
‫تقليد الأعلم‪ ،‬فلو كان هذا المرجع يقول بعدم وجوب‬
‫ي�ص ّح من غير المجتهد االعتماد‬ ‫تقليد الأعلم‪ ،‬فكيف ِ‬
‫على ر�أيه طالما هو لم يحرز كونه الأعلم؟ فلع ّل الواقع‬
‫هو وجوب تقليد الأعلم‪ ،‬وهذا ي��ؤ ّدي �إلى عدم جواز‬
‫تقليد من يقول بعدم وجوب تقليد الأعلم طالما هو‬
‫لي�س ب�أعلم‪.‬‬
‫غير المجتهد واالتجاه ال�صحيح‬
‫وبناء على ما م�ضى‪ ،‬كيف ُيحدِّ د غير المجتهد تكليفه في‬
‫م�س�ألة وجوب تقليد المرجع الأعلم؟‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪62‬‬

‫والجواب‪:‬‬
‫توجه لمعرفة وجوب التقليد بو�ساطة عقله‬ ‫�إنّ المك َّلف كما ّ‬
‫العقالئي‪ ،‬ف�إ ّنه في تحديد وجوب تقليد‬ ‫ّ‬ ‫ونظرته �إلى المجتمع‬
‫الأعلم ال ب ّد من �أن يرجع �إلى العقل والعقالئ ّية �أي� ًضا؛ ف�إ ّنهمـا‬
‫ال�سـبيل للو�صـول �إلـى النتيجة التي تب ّرىء ذ َّمته �أمام اهلل من‬
‫وجهها �إليه‪ ،‬وحينها يعلم المك َّلف �أنّ «عقله‬ ‫التكاليف التي ّ‬
‫ي�ستق ّل بلزوم الرجوع �إل��ى الأعلم عند العلم بالمخالفة‬
‫بينه وبين غير الأعلم في الفتوى»(((‪ ،‬وما ذلك �إلاّ لأنّ غير‬
‫المجتهد‪ ،‬بعد �أن ت�أ َّكد من �أ َّنه مك َّلف بالقيام بتكاليف �ش ّرعها‬
‫اهلل تعالى في ر�سالته الخالدة ف�إ ّنه يعلم �أ ّنه ال ب ّد من ال�سعي‬
‫لإبراء ذ ّمته من هذه التكاليف ولال�ستفادة منها في م�ساره‬
‫الكمالي الذي يريده اهلل تعالى له‪.‬‬
‫ّ‬
‫تو�صل هذا المك َّلف (غير المجتهد) �إلى �أنّ الو�سيلة‬ ‫وقد ّ‬
‫الأي�سر لبراءة ذ ّمته هي التقليد‪ ،‬ولك ّنه الآن يواجه �س�ؤا ًال‪ :‬هل‬
‫يق ِّلد الأعلم بين المجتهدين؟ �أو يق ِّلد غير الأعلم منهم؟‬
‫((( هذا التعبير وارد في تقريرات المرحوم ال�س ّيد �أبي القا�سم الخوئي { في التنقيح‪،‬‬
‫ج‪� ،1‬ص‪.134‬‬
‫‪63‬‬ ‫ديلقتلا عجرم ةّـيملعأ‬

‫وقبل الدخول في الجواب نلفت �إلى �أ ّنه قد يظنّ البع�ض �أنّ‬


‫في�ص ّح‬
‫له الحر َّية ال�شرع ّية في تقليد الأعلم �أو غير الأعلم‪ِ ،‬‬
‫منه اختيار تقليد �أ ّيهما �شاء‪ ،‬لكنّ هذا البع�ض �سيتخ ّلى عن‬
‫هذه القناعة حينما يواجه دليلين وا�ضحين يقودانه نحو‬
‫تقليد الأعلم‪� ،‬أال وهما‪:‬‬
‫الدليل الأ ّول (تقليد الأعلم �ضمانة النجاة)‬
‫ف�إنّ من يواجه ال�س�ؤال ال�سابق‪ ،‬حول وجوب تقليد الأعلم‬
‫�أم ال‪ ،‬يجد �أمامه جواب ًا مبدئ ّي ًا يقول له‪ :‬لو ق َّلدت الأعلم ف�أنت‬
‫حينها تتي َّقن من براءة ذ ّمتك‪� ،‬أ ّما لو ق َّلدت غيره ف�أنت قد‬
‫تبقى في حالة عدم اليقين ببراءة الذ َّمة‪ ،‬وذلك لأنّ تكليفك‬
‫�إ ّما وجوب تقليد الأعلم على نحو التعيين واالنح�صار‪ ،‬و�إ ّما‬
‫�أ ّنه يجوز لك تقليده وتقليد غيره على نحو التخيير‪ .‬وعقل‬
‫المبدئي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الإن�سان غير المجتهد‪ ،‬بعد مواجهة هذا الجواب‬
‫يوجهه بالت�أكيد نحو تقليد الأعلم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ـي المرجـع الإمـام الخـامنئي }‬ ‫و�إلـى هـذا �أ�شـار الول ّ‬
‫حينما �سئل عن دليله في احتياطه في الوجـــوب في تقليد‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪64‬‬

‫الأعلـم فقـــال‪« :‬و�أ ّم� ��ا ال��دل�ي��ل عليه ف �ه��و‪ ...‬حكم العقل‬
‫لدوران الأمر حينئذٍ بين التعيين والتخيير»(((‪.‬‬
‫توجه عقل الإن�سان في هذا المورد نحو تقليد‬ ‫وفل�سفة ُّ‬
‫الأعلم َت ْك ُمن في خلف ّي ٍة ُت�ش ِّك ُل �أ�سا�س ًا في حركة الإن�سان في‬
‫هذه الحياة‪ ،‬وعنوان هذه الخلف ّية هو التالي «� ّإن ما يح ِّرك‬
‫الإن�سان هو ق ّوة المحتمل ال ق ّوة االحتمال»‪.‬‬
‫ولتو�ضيح هذه القاعدة نطرح هذا المثال‪:‬‬
‫لو �أنّ رج ًال كان ي�سير على د ّراج��ة في ال�شارع‪ ،‬فاحتمل‬
‫بن�سبة �سبعين بالمئة‪� ،‬أثناء م�سيره‪� ،‬أنّ قطعة مال ّية متدن ّية‬
‫القيمة ‪ -‬ولنفتر�ض �أ ّنها خم�سون ليرة لبنان ّية ‪ -‬قد وقعت منه‬
‫ف�إ ّننا نجد �أنّ هذا الرجل ال يتو ّقف بل يتابع م�سيره‪ ،‬مع �أنّ‬
‫االحتمال هو ‪ ،٪ 70‬لكنّ المحت َمل هو خم�سون ليرة لبنان ّية‪.‬‬
‫بينما لو �أنّ هذا الرجل احتمل �أثناء م�سيره بن�سبة ‪ ،٪ 5‬وقوع‬
‫مليون ليرة لبنان ّية منه ف�إ ّننا نجده يتو ّقف بال تر ّدد مع �أن‬
‫احتمال الوقوع هو ‪ ،٪ 5‬لكن المحت َمل هو مليون ليرة‪.‬‬
‫((( الإمام الخامنئي‪ ،‬علي‪� ،‬أجوبة اال�ستفتاءات‪ ،‬ج‪� ،1‬ص‪.6‬‬
‫‪65‬‬ ‫ديلقتلا عجرم ةّـيملعأ‬

‫وتف�سير هذا �أنّ المح ِّرك للإن�سان لي�س ق ّوة االحتمال‪،‬‬


‫فاحتمال بن�سبة �سبعين بالمئة لم يح ِّركه‪ ،‬لكن احتمال خم�سة‬
‫بالمئة ح َّركه‪ .‬فالمح ِّرك له هو ق ّوة المحتمل‪� ،‬إذ �إنّ الذي‬
‫حركه هو المليون ليرة‪ ،‬بينما لم تحركه الخم�سون ليرة‪.‬‬
‫وعليه نفهم ما معنى ك��ون المح ِّرك للإن�سان هو ق ّوة‬
‫المحت َمل ال ق ّوة االحتمال‪.‬‬
‫وفي م�س�ألتنا المطروحة وهي‪ :‬هل يجب تقليد الأعلم؟‬
‫�أم يجوز تقليد غيره؟ ف�إنّ هذه الخلف ّية الفكر ّية الكامنة في‬
‫بغ�ض النظر‬‫الإن�سان والتي ت�ش ّكل �أ�سا�س ًا في حركته تقول له‪ّ :‬‬
‫عن ن�سبة االحتمال في وجوب تقليد الأعلم �أو عدم وجوبه‪،‬‬
‫ف�إنّ �أمامك محت َم ًال قو ّي ًا تواجهه‪� ،‬أال وهو نعيم الآخ��رة �أو‬
‫عذابها‪ ،‬فحينما تق ِّلد الأعلم ُتحرز النجاة‪� ،‬أ ّما حينما تق ِّلد‬
‫غير الأعلم فاحتمال عدم ب��راءة الذ ّمة والمطالبة الإله ّية‬
‫وارد بغ�ض النظر عن ن�سبته المئو ّية‪ ،‬لذا فق ّوة المحتمل هذه‬
‫وتوجهه لتقليد الأعلم‪.‬‬
‫تح ِّرك الإن�سان ّ‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪66‬‬

‫الدليل الثاني (تقليد الأعلم خيار العقالء)‬


‫ف�إ�ضاف ًة �إل��ى الدليل ال�سابق على تقليد الأع�ل��م‪ ،‬ف��إنّ‬
‫المت�سائل عن وجوب تقليد الأعلم �أم ال‪ُ ،‬يالحظ في حياة‬
‫االجتماعي ما ير�شده نحو تحديد الجواب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫العقالء و�سيرهم‬
‫فالعقالء حينما يواجهون م�شكلة تحتاج �إلى ح ّل من �أحدهم‪،‬‬
‫ويكون �أ�صحاب الح ّل متع ّددين ومختلفين في كفاءاتهم‬
‫يتوجهون‬‫وبينهم من هو معروف ب�أكفئ ّيته و�أعلم ّيته‪ ،‬ف�إ ّنهم ّ‬
‫�إليه بال تردد‪ .‬وكمثال على ذلك‪ ،‬لو �أ�صيب �إن�سان بم�شكلة‬
‫مر�ض ّية في قلبه‪ ،‬واحتاج �إلى عمل ّية جراح ّية لقلبه‪ ،‬ف�إ ّنه‬
‫حينما يجد ع�شرة �أطباء في جراحة القلب‪ ،‬ي�ستطيع �أن يجري‬
‫العمل ّية الجراح ّية عند � ّأي منهم‪ ،‬في الوقت الذي يريده‪ ،‬ومن‬
‫دون تفاوت في �أجرة العمل‪ .‬لك ّنه �إذا علم �أن واحد ًا منهم هو‬
‫�أعلمهم و�أكف�أهم و�أكثرهم خبرة‪ ،‬ف�إ ّنه من دون تر ّدد ّ‬
‫يتوجه‬
‫نحو هذا الطبيب الأعلم دون غيره‪ .‬وهكذا الحال في �سائر‬
‫�ش�ؤون العقالء و�أمورهم‪ ،‬ف�إ ّنهم‪ ،‬حينما يعرفون الأعلم بين‬
‫يتوجهون نحوه دون غيره‪.‬‬ ‫�أ�صحاب االخت�صا�ص‪ّ ،‬‬
‫‪67‬‬ ‫ديلقتلا عجرم ةّـيملعأ‬

‫العقالئي وال�سيرة القائمة بينهم يعتبره‬


‫ّ‬ ‫وه��ذا البناء‬
‫الفقهاء دلي ًال ّ‬
‫يتم�سكون به الثبات الأحكام ال�شرع ّية‪ ،‬وذلك‬
‫ب�ضم �أمر �آخر �إليها هو �إم�ضاء المع�صوم لها الذي يفهم‬ ‫ّ‬
‫تدخله لرف�ض هذه ال�سيرة‪ ،‬فلو كان المع�صوم ال‬ ‫من عدم ّ‬
‫ير�ضى ب�سير العقالء وتوجههم نحو الأعلم ــ مث ًال ــ ّ‬
‫لتدخل‬
‫مب ّين ًا ال�صواب‪ ،‬ولك ّنه لم ّ‬
‫يتدخل‪ ،‬فنعلم �إم�ضاءه لهذا البناء‬
‫العقالئي ور�ضاه عنه‪ .‬و�إلى داللة بناء العقالء و�سيرتهم على‬
‫وجوب تقليد الأعلم ير�شد الإمام الخامنئي} حينما �سئل‬
‫عن دليله على االحتياط في الوجوب في تقليد الأعلم بقوله‪:‬‬
‫«و� ّأما الدليل عليه فهو بناء العقالء»(((‪.‬‬

‫((( الإمام الخامنئي‪ ،‬علي‪� ،‬أجوبة اال�ستفتاءات‪ ،‬ج‪� ،1‬ص‪.6‬‬


‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪68‬‬

‫حينما يواجه غير المجتهد هذا ال�س�ؤال‪:‬‬


‫هل يجب تقليد المجتهد الأعلم؟ �أم يجوز‬
‫تقليد غيره من المجتهدين؟ فكيف ي�صل‬
‫�إلى الجواب ال�صحيح ال�شافي؟‬
‫�صح‪/‬‬
‫ال�سبب‬ ‫خط�أ‬ ‫االحتمال‬
‫خط�أ عدم الكفاءة في تحديد معنى الآيات‬ ‫‪1‬‬
‫الرجوع �إلى القر�آن‬
‫�صحة‬
‫عدم الكفاءة في معرفة ّ‬ ‫‪ 2‬الرجوع �إلى الروايات خط�أ‬
‫�صدورها وتحديد داللتها‬
‫‪ 3‬الرجوع �إلى المجتهد خط أ� لأ ّنه �إن لم يكن �أعلم فكيف ِ‬
‫ي�ص ّح‬
‫االعتماد عليه‬
‫�صح لأ ّنه مقت�ضى االحتياط وبه يتي ّقن من‬
‫ّ‬ ‫‪ 4‬مراجعة العقل الداعي‬
‫براءة ذ ّمته‬ ‫�إلى تقليد الأعلم‬
‫ما ورد في االحتمال الرابع‬ ‫�صح‬‫ّ‬ ‫‪ 5‬مراجعة �سيرة العقالء‬
‫الداعية �إلى تقليد الأعلم‬
‫‪69‬‬ ‫ديلقتلا عجرم ةّـيملعأ‬

‫�إن ال�سبيل المو�ضوعي لعلم المك ّلف غير‬


‫المجتهد وال المحتاط ب �ب��راءة ذ ّم�ت��ه في‬
‫تطبيق الأحكام الإله ّية‪ ،‬هو تقليد المجتهد‬
‫الأعلم‪.‬‬
‫كيف نتعرّف على األعلم؟‬

‫يتو�صل غير المجتهد من المك ّلفين �إلى وجوب تقليد‬


‫بعد �أن ّ‬
‫الأعلم ف�إ ّنه �سي�س�أل عن الو�سيلة التي من خاللها يتع ّرف على‬
‫الأعلم‪ ،‬وهنا يجد �أمامه الو�سائل التالية التي د ّونها الفقهاء‬
‫في كتبهم بعد �أن ا�ستفادوها من الأد ّلة المعتمدة‪:‬‬
‫الو�سيلة الأولى ما يفيد العلم‬
‫فمن الوا�ضح �أنّ و�صول المك ّلف �إلى مرحلة العلم والقطع‬
‫واليقين ب�أنّ فالن ًا هو �أعلم‪ ،‬ي�ش ّكل و�سيلة تب ّرىء ذ ّمته �أمام‬
‫اهلل تعالى‪ ،‬لكنّ الكالم هو في الطريق التي تو�صل الإن�سان‬
‫�إلى هذا العلم‪.‬‬
‫وقد طرح الفقهاء طريق ًا علم ّي ًا لمعرفة الأعلم هي االختبار‬
‫ال�شخ�صي‪ ،‬وذل��ك ب ��أن يح�ضر المك َّلف عند المجتهدين‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪72‬‬

‫الواقعين في دائرة الأعلم ّية ال�ستماع ا�ستدالالتهم ومبانيهم‬


‫االطالع على كتبهم‬ ‫العلم ّية ور ّدهم للإ�شكاالت الواردة‪� ،‬أو ّ‬
‫العلم ّية و�أبحاثهم لتحديد الأعلم بينهم‪ .‬وال يخفى �أنّ الذي‬
‫ي�ستطيع القيام بهذا االختبار هو العالم الوا�صل �إلى مرحلة‬
‫علم ّية متق ّدمة ي�ستطيع م��ن خاللها تحديد الأع�ل��م بين‬
‫العامي غير العالم ف�إ ّنه يفتقد هذه‬
‫ّ‬ ‫المجتهدين‪� ،‬أ ّما المك ّلف‬
‫الو�سيلة‪ ،‬فال ب ّد له من و�سيلة �أخرى‪.‬‬
‫وهنا ي�أتي ما طرحه الفقهاء بعنوان‪« :‬ال�شياع» كو�سيلة‬
‫لتقليد الأعلم‪ ،‬والمق�صود به �أن ينت�شر في الأو�ساط العلم ّية‪،‬‬
‫�أو في الأو�ساط العا ّمة �أعلم ّية فالن‪ ،‬ف�إنّ �أفاد هذا ال�شياع‬
‫المطلع عليه يكون قد ح�صل على الو�سيلة المب ّرئة‬ ‫علم ًا عند ّ‬
‫للذ ّمة‪.‬‬
‫الموهم‬
‫ِ‬ ‫ال�شياع‬
‫ون�ؤ ّكد هنا �أنّ ال�شياع بنف�سه لي�س و�سيلة �صحيحة لإبراء‬
‫الذ ّمة‪ ،‬بل يكون و�سيلة كذلك �إن �أفاد العلم واليقين‪ .‬ويتّ�ضح‬
‫الأمر حينما ندر�س كيف ّية ن�شوء ال�شياع‪ ،‬فقد ين�ش�أ ال�شياع من‬
‫‪73‬‬ ‫ملعألا ىل ع فّرعتن فيك‬

‫حملة �إعالم ّية لم تنطلق من �أ�س�س علم ّية �صحيحة‪ ،‬فالإعالم‬


‫قد ي�ؤ ّثر في �صناعة �شياع بق�ض ّية غير واقع ّية‪ ،‬ويكون للإعالم‬
‫دور في �إيهام النا�س بواقع ّيتها‪ .‬ونتيجة ذل��ك قد يت�ش ّكل‬
‫ال�شياع الموهم ب�صدق الق�ض ّية‪ ،‬بينما تكون الحقيقة على‬
‫خالفها‪ ،‬وال يوجد مانع من �أن تكون هذه الق�ض ّية هي اجتهاد‬
‫عالم �أو �أعلم ّيته‪.‬‬
‫من هنا ف ��إنّ ال�شياع ال��ذي ُيعتمد عليه كو�سيلة لإثبات‬
‫الأعلم ّية هو ما �أف��اد اليقين والقطع بها‪ ،‬ال مطلق ال�شياع‬
‫كيفما يتح ّقق‪.‬‬
‫ه��ل االط��م��ئ��ن��ان ب��الأع��ل��م�� ّي��ة و�سيلة لتحديد‬
‫الأعلم؟‬
‫ي�ص ّح االعتماد عليه‬
‫الحظنا م ّما م َّر �أنّ ما يفيد العلم ِ‬
‫في التع ّرف على الأعلم من المجتهدين‪ ،‬فهل �إنّ ما يفيد‬
‫ي�ص ّح االعتماد عليه كذلك؟‬ ‫االطمئنان ِ‬
‫ال ب ّد �أ ّو ًال من معرفة معنى االطمئنان‪ ،‬ومن ّثم نجيب عن‬
‫هذا ال�س�ؤال‪.‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪74‬‬

‫معنى االطمئنان‬
‫المعنى المعروف لالطمئنان‪ ،‬في لغة العرب‪ ،‬هو ال�سكون‪،‬‬
‫فالمطمئنّ �إلى ال�شيء هو الذي �سكنت نف�سه �إليه ولم يقلق(((‪.‬‬
‫(((‬
‫لذا فمعنى قوله تعالى } َو َر ُ�ضو ْا بِا ْل َحيا ِة الدُّ ْنيَا َو ْاط َم�أَ ُّنو ْا ِب َها{‬
‫�أي �سكنوا �إليها‪.‬‬
‫وه ��ذا المعنى لالطمئنان ك��ان منا�سب ًا لجعل لفظ‬
‫خا�ص ًا لتحديد ن�سبة ركون النف�س �إلى‬ ‫االطمئنان ا�صطالح ًا ّ‬
‫ما تواجهه ليم ّثل االطمئنان درجة عالية من الركون هي دون‬
‫العلم بقليل‪.‬‬
‫وهذا الأمر هو من نتائج ع�صر الترجمات من لغة اليونان‬
‫خا�صة في تلك‬ ‫�إلى ال ّلغة العربية‪ ،‬حينما وجدت م�صطلحات ّ‬
‫ال ّلغة لم تقابل بمثلها في لغة العرب‪ ،‬فا�ضط ّر المترجمون‬
‫�إلى اختيار بع�ض الألفاظ المنا�سبة في معانيها لتكون ترجمة‬
‫منا�سبة للم�صطلحات اليونان ّية‪.‬‬
‫وكمثال على ذلك‪ ،‬ورد في لغة اليونان م�صطل ٌح يحدِّ د‬
‫((( انظر الطريحي‪ ،‬مجمع البحرين‪ ،‬ج‪� ،6‬ص‪.277‬‬
‫((( �سورة يون�س‪ ،‬الآية‪.7 :‬‬
‫‪75‬‬ ‫ملعألا ىل ع فّرعتن فيك‬

‫ركون النف�س �إلى ما تواجهه بن�سبة ‪ %100‬فاختير لفظ العلم‬


‫مقابل ذلك الم�صطلح‪.‬‬
‫كما ورد في لغة اليونـان م�صطلـ ٌح يحـدِّ د ركون النفـ�س �إلى‬
‫ما تواجهه بن�سب ٍة هي فـوق الــ‪ %50‬وتحت الــ‪ %100‬فاختير‬
‫الظنّ في لغة العرب ي�أتي بمعنى‬ ‫«الظنّ » مع �أنّ ّ‬ ‫لذلك لفظ ّ‬
‫االعتقاد‪ ،‬وقد يكون االعتقـاد قطع ّي ًا �أي بن�سـبة ‪ %100‬كما ورد‬
‫في تف�سير قوله تعالى‪َ } :‬ف َظ َّن �أَن لَّن نَّ ْقدِ َر َع َل ْيهِ { ب�أنّ المعنى‬
‫علم واعتقد �أن لن ن�ض ِّيق عليه‪ ،‬وم��ع ذل��ك ا�ستعمل لفظ‬
‫اليوناني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫خا�ص يوازي ذلك الم�صطلح‬ ‫«الظنّ » كم�صطلح ّ‬
‫و�أي� ًضا في لغة اليونان ورد م�صطلح يحدِّ د ركون النف�س‬
‫�إل��ى ما تواجهه بن�سبة هي دون الـــ‪ %05‬فاختير له في لغة‬
‫العرب‪ ،‬لفظ «الوهم» مع �أنّ لهذا ال ّلفظ معنى �آخر في �أ�سا�س‬
‫اللغة‪ ،‬كما هو معلوم ووا�ضح‪.‬‬
‫والنتيجة �أنَّ ع�صر الترجمات �أنتج معاني جديدة لألفاظ‬
‫خا�صة بهـا‪ ،‬وانت�شـرت بـين‬ ‫عرب ّية �أ�ضحت م�صطلحات ّ‬
‫النا�س‪ ،‬حتى �إنّ كثـير ًا مـنهم لـم يعـد يلتفت �إلى المعانـي‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪76‬‬

‫الأ�صل ّيـة قبـل ذلــك العـ�صر ويمكن تلخي�ص ما تق ّدم بالتالي‪:‬‬


‫ن�سبة ركون النف�س �إلى ما تواجهه‬ ‫الم�صطلح العربي‬
‫‪%100‬‬ ‫علم (يقين ــ قطع)‬
‫بين ‪ %50‬و‪%100‬‬ ‫ظنّ‬
‫�أقل من ‪%50‬‬ ‫وهم‬
‫ينج م��ن ه��ذه التغييرات �أو فقل‬ ‫ولفظ االطمئنان ل��م ُ‬
‫التحديدات للمعاني؛ �إذ �صار لفظ االطمئنان ا�صطالح ًا‬
‫لن�سبة الظنّ القو ّية المتاخمة للعلم كن�سبة الــ‪ %99‬فاالطمئنان‬
‫في اال�صطالح هو �أعلى درج��ات الظنّ ‪ ،‬لك ّنه ال ي�صل �إلى‬
‫درجة العلم واليقين‪.‬‬
‫وبعد �أن عرفنا معنى االطمئنان بالتحديد‪ ،‬ننتقل لمعالجة‬
‫ال�س�ؤال ال�سابق‪:‬‬
‫هل االطمئنان بالأعلم ّية و�سيلة لتحديد الأعلم؟‬
‫لنقل �أ ّو ًال‪ :‬ما معنى «االطمئنان بالأعلم ّية»؟‬
‫�إنّ معناه هو ركون النف�س‪ ،‬بن�سبة متاخمة للعلم‪ ،‬ب�أنّ فالن ًا‬
‫هو �أعلم المجتهدين‪.‬‬
‫‪77‬‬ ‫ملعألا ىل ع فّرعتن فيك‬

‫وهنا ال ب ّد من التركيز على معنى ال�س�ؤال قبل الجواب‪،‬‬


‫فال�س�ؤال ال�صحيح هو‪ :‬هل االطمئنان بالأعلم ّية طريق لإبراء‬
‫الذ ّمة؟‬
‫ولي�س‪ :‬هل االطمئنان �إلى ال�شخ�ص (المجتهد) طريق‬
‫لإبراء الذ ّمة؟‬
‫و�إ ّنما ن�ؤكد على هذا لأنّ البع�ض قد ي�س�أل ال�س�ؤال الثاني‬
‫ي�ص ُّح تقليدي له؟ ومراده‪:‬‬ ‫فيقول �أنا مطمئنّ �إلى فالن‪ ،‬فهل ِ‬
‫�أن��ا مرتاح نف�س ّي ًا �إليه لأ ّن��ه مث ًال ــ عالم معروف بالتقوى‬
‫والعمل ال�صالح م ّما يوجب ركون النف�س وراحتها �إليه‪.‬‬
‫هنا نقول‪� :‬إنّ هذا ال�س�ؤال خاطىء قبل �أن ت�أتي الإجابة‬
‫عنه لأنّ االطمئنان ال�صالح لل�س�ؤال عنه هو االطمئنان‬
‫ب�أعلم ّية المجتهد بمعنى ح�صول ركون النف�س �إلى �أ َّنه الأعلم‬
‫بين المجتهدين بن�سبة عالية متاخمة للعلم واليقين‪ ،‬ولي�س‬
‫النف�سي �إلى الآخر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫االطمئنان بمعنى االرتياح‬
‫القلبي‬
‫ّ‬ ‫و�إلاّ فقد تح�صل هذه الراحة النف�س ّية والركون‬
‫بالن�سبة �إلى عالم جليل عامل لك ّنه غير مجتهد‪ ،‬ف�أين هذا‬
‫من التقليد ال�صحيح؟!!‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪78‬‬

‫وع ْود ًا �إلى ال�س�ؤال‬


‫َ‬
‫هل االطمئنان بالأعلم ّية طريق لإبراء الذ ّمة؟‬
‫نجيب‪� :‬إنّ بع�ض الفقهاء لم يذكر االطمئنان �إلى جانب‬
‫العلم حينما تح ّدث عن الو�سيلة للتع ُّرف �إلى الأعلم‪ ،‬كما‬
‫يظهر ذلك من خالل مراجعة كتاب «العروة الوثقى» لآية‬
‫اهلل العظمى ال�س ّيد اليزدي { مع تعليق ع � ّدة مراجع‬
‫الخميني‬
‫ّ‬ ‫عليه((( وكما يظهر في كتاب تحرير الو�سيلة للإمام‬
‫{ �إذ يقول‪« :‬يثبت االجتهاد باالختبار وبال�شياع المفيد‬
‫للعلم‪ (((»...‬ولم يذكر االطمئنان �إلى جانب العلم‪.‬‬
‫بينما �ص َّرح بع�ض الفقهاء ب�أنّ االطمئنان بالأعلم ّية هو‬
‫ولي الأمر الإمام‬
‫كالعلم بها في براءة الذ ّمة‪ ،‬كما ذكر ذلك ّ‬
‫الخامنئي } في �أجوبة اال�ستفتاءات بقوله‪�« :‬إحراز اجتهاد‬
‫�أو �أعلم ّية مرجع التقليد ال ب ّد �أن يكون باالختبار �أو بح�صول‬
‫العلم ولو من ال�شياع المفيد للعلم �أو باالطمئنان»(((‪.‬‬
‫((( العروة الوثقى‪ ،‬من�شورات م� ّؤ�س�سة الأعلمي‪ ،‬ج‪� ،1‬ص‪.8‬‬
‫(((الإمام الخميني‪ ،‬روح اهلل‪ ،‬تحرير الو�سيلة‪ ،‬من�شورات دار المنتظر‪ ،‬ج‪� ،1‬ص‪.6‬‬
‫((( الإمام الخامنئي‪ ،‬علي‪� ،‬أجوبة اال�ستفتاءات‪ ،‬من�شورات الدار الإ�سالم ّية‪ ،‬ج‪� ،1‬ص‪.11‬‬
‫‪79‬‬ ‫ملعألا ىل ع فّرعتن فيك‬

‫والدليل على جعل االطمئنان بالأعلم ّية و�سيلة �شرع ّية‬


‫لتقليد الأعلم هو �أنّ االطمئنان‪ ،‬و�إن لم يكن علم ًا بالمعنى‬
‫الم�صطلح عليه وهو ما كانت ن�سبة الركون فيه ‪� %100‬إلاّ‬
‫�أ ّنه علم عادي‪ ،‬وقد جرت �سيرة العقالء على الأخذ به في‬
‫حجة في ال�شريعة لوجب على المع�صوم‬ ‫�أمورهم‪ .‬فلو لم يكن ّ‬
‫«النبي ‪ P‬والأئ ّمة ‪� »R‬أن يتدخل ليب ِّين عدم �شرع ّية‬ ‫ّ‬
‫التم�سك به‪ ،‬وبما �أنّ المع�صوم ‪ Q‬لم يتدخ ّل فنكت�شف‬ ‫ّ‬
‫�أ ّنه ّ‬
‫حجة في ال�شريعة الإ�سالم ّية الغ َّراء‪.‬‬
‫وه��ذا ما ورد في تقريرات المرحوم �آي��ة اهلل العظمى‬
‫ال�س ّيد الخوئي { عند الحديث عن االجتهاد‪ ،‬ففيها‪« :‬كما‬
‫حجة عقالئ ّية ولم‬ ‫يثبت باالطمئنان؛ لأ ّنه علم عادي وهو ّ‬
‫يردع عنها في ال�شريعة المقدّ�سة»(((‪.‬‬

‫((( الخوئي‪� ،‬أبو القا�سم‪ ،‬االجتهاد والتقليد‪ ،‬ط‪ ،3‬قم‪ ،‬ان�صاريات‪1410 ،‬هـ‪� ،‬ص‪.208‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪80‬‬

‫�إلى هنا و�صلنا �إلى النتيجة التالية‪:‬‬


‫تثبت �أعلم ّية المجتهد بــ‪:‬‬
‫ال�شخ�صي وال�شياع‬
‫ّ‬ ‫ما يفيد العلم كاالختبار‬
‫�إن �أفاد ذلك‪.‬‬
‫ال�شخ�صي‬
‫ّ‬ ‫ما يفيد االطمئنان كاالختبار‬
‫وال�شياع �إن �أفاد ذلك �أي� ًضا‪.‬‬
‫يبقى الحديث عن الو�سيلة الثانية‪:‬‬

‫الو�سيلة الثانية‪ :‬البيـِّنة‬


‫والمراد منها �شهادة َع ْد َل ْين من �أهل الخبرة‪ ،‬ك�أن يكونا‬
‫مجتهدين �أو عالمين قد تاخم علمهما االجتها َد‪ ،‬فو�صال �إلى‬
‫�أبوابه‪ .‬ف�إنّ �شهد عادالن من �أهل الخبرة على �أعلم ّية مجتهد‬
‫مح َّدد فقد ذكر الفقهاء �أنّ �شهادتهما هذه و�سيلة �شرع ّية‬
‫لتحديد الأعلم وتقليده‪.‬‬
‫‪81‬‬ ‫ملعألا ىل ع فّرعتن فيك‬

‫وقد �س َّلم الفقهاء ب�شرع ّية هذه الو�سيلة‪ ،‬بنا ًء على قاعدة‬
‫م�ق� َّررة في الفقه الإ��س�لام� ّ�ي هي «� ّأن ال�م��و��ض��وع��ات تثبت‬
‫تدخل ال�شرع ليو�ضح �أ ّنه ال يكتفي بالب ّينة بل‬ ‫بالب ِّينة» �إلاّ �إذا َّ‬
‫يحتاج الأمر �إلى �شروط �أخرى‪.‬‬
‫«والمو�ضوعات» هنا‪ُ ،‬ي��راد منها ما يقابل «الأح �ك��ام»‪،‬‬
‫فحينما يتح ّدث ال�شرع ع��ن ح��رم��ة الخمر‪ ،‬فالحكم هو‬
‫الحرمة‪ ،‬والمو�ضوع هو الخمر‪� .‬أ ّم��ا الحرمة فلها و�سائل‬
‫خا�صة لإثباتها‪ ،‬و�أ ّما الخمر الذي هو مو�ضوع للحرمة فما‬ ‫ّ‬
‫هي الو�سيلة لإثباتها‪� ،‬أي لإثبات �أنّ هذا ال�سائل في هذه‬
‫الك�أ�س هو خمر؟ هنا ت�أتي القاعدة‪« :‬المو�ضوعات تثبت‬
‫بالب ِّينة» فلو جاء عادالن و�أخبرا �أنّ هذا ال�سائل هو خمر‪،‬‬
‫حجة في �إثبات الخمر ّية‪.‬‬ ‫ف�إنّ كالمهما يكون ّ‬
‫و�إذا عك�سنا المطلب و�شهد �شاهدان ع��دالن من �أهل‬
‫الخبرة‪� ،‬أنّ هذا ال�سائل هو خل‪ ،‬ولي�س بخمر‪ ،‬يكون قولهما‬
‫ي�ص ّح االعتماد عليها ل�شرب ال�سائل المذكور‪.‬‬ ‫حجة �أي� ًضا ِ‬ ‫ّ‬
‫وكون فالن هو الأعلم بين الفقهاء يعتبر مو�ضوع ًا يثبت‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪82‬‬

‫من خالل الب ِّينة كما ذكرنا‪ .‬ولم يقت�صر بع�ض الفقهاء على‬
‫�إثبات المو�ضوع بالب ّينة‪ ،‬بل قالوا يكفي خبر الثقة الواحد‬
‫في �إثبات المو�ضوع من دون حاجة �إلى عادلين اثنين‪ ،‬وط َّبق‬
‫ه�ؤالء الفقهاء ما قالوه على بحثنا في تحديد الأعلم‪ ،‬فاكتفوا‬
‫بخبر الث ّقة الواحد من �أه��ل الخبرة في �إثبات الأعلم ّية‪،‬‬
‫كما ذك��ر ذل��ك المرحوم ال�س ّيد الخوئي{ ف��ي منهاج‬
‫ال�صالحين(((‪.‬‬

‫((( منهاج ال�صالحين‪ ،‬ج‪� ،1‬ص‪.10‬‬


‫‪83‬‬ ‫ملعألا ىل ع فّرعتن فيك‬

‫تو�صلنا �إليه في البحث ال�سابق‪،‬‬


‫ولتو�ضيح ما َّ‬
‫نعر�ض الجدول التالي‪:‬‬
‫�صحيحة‬ ‫و�سيلة تحديد الأعلم‬
‫�أو خاطئة‬
‫ال�شخ�صي المفيد للعلم �أو االطمئنان‬
‫ّ‬ ‫االختبار‬
‫ال�شياع المفيد للعلم �أو االطمئنان‬
‫ال�شياع غير المفيد للعلم �أو االطمئنان‬
‫االطمئنان بمعنى ركون النف�س بن�سبة ‪� %99‬إلى �أن فالن ًا �أعلم المجتهدين‬
‫االطمئنان بمعنى االرتياح النف�سي �إلى �أحد العلماء (ال على �أ�سا�س �أ ّنه الأعلم)‬

‫�شهادة عادلين من �أهل الخبرة على الأعلم ّية‬


‫�شهادة عالمين لي�سا من �أهل الخبرة على الأعلم ّية‬
‫كيف نقرأ البيـِّنة على التقليد؟‬

‫تقدَّم �أنّ و�سائل تحديد الأعلم ثالث‪ :‬العلم واالطمئنان والب ِّينة‪.‬‬
‫وبما �أنّ الو�سيلتين الأو َل � َي � ْي��ن «العلم واالط�م�ئ�ن��ان» ال‬
‫وبال�شكل ال�صحيح ال��ذي ب َّي َّناه لكثير من‬ ‫ّ‬ ‫تتوف َّران‪ ،‬ع��ادة‬
‫النا�س‪ ،‬احت َّلت الب ِّينة الموقع الوا�سع في معرفة الأعلم‪.‬‬
‫وعند النظر في الب ّينات المتع ّلقة بتقليد المرجع نالحظ‬
‫�أ ّنها قد �صيغت بتعابير مختلفة تنطلق من خلف ّيات متن ِّوعة لدى‬
‫�أ�صحابها؛ لذا كان ال ب ّد من العلم بكيف ّية قراءة الب ّينات قراءة‬
‫علم ّية �صحيحة للت�أ ُّكد من كونها و�سيلة �إلى براءة الذ ّمة‪.‬‬
‫وكنموذج لهذه الب ّينات‪ ،‬ن�ستعر�ض ال�شهادات التي �أُدليت‬
‫ولي �أمر الم�سلمين الإمام الخامنئي} التي تن َّوعت‬ ‫بحقّ ّ‬
‫�ضمن التالي‪:‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪86‬‬

‫‪ 1‬ـ ال�شهادة ببراءة الذ ّمة‬


‫ويوجد كثير من ال�شهادات من هذا النوع نعر�ض منها‪:‬‬
‫‪ 1‬ــ �شهادة �آية اهلل ال�شيخ ع ّبا�س واعظ طب�سي‪.‬‬
‫مجز ومبرىء‬
‫‪� ...‬إنّ تقليد ح�ضرة �آي��ة اهلل الخامنئي ٍ‬
‫للذ ّمة‪ ،‬و�أقوى للنظام والحكومة الإ�سالم ّية‪.‬‬
‫‪ 29‬جمادى الثانية ‪1415‬هـ‪73/9/17/‬‬
‫‪ 2‬ـ �شهادة �آية اهلل �إ�سماعيل فردو�سي بور‬
‫‪ ...‬التقليد ل�سماحة �آية اهلل العظمى الخامنئي في ك ّل‬
‫الم�سائل ال �إ�شكال فيه ومبرىء للذ ّمة‪.‬‬
‫‪73/9/15‬‬
‫‪ 3‬ـ �شهادة �آية اهلل �أ�سد اهلل �إيماني‪:‬‬
‫‪� ...‬إنّ رجوع عموم ال�شيعة والم�ؤمنين �إلى ال�س ّيد ّ‬
‫المعظم‬
‫في �أخذ الفتاوى ال�شرع ّية �سيكون �صحيح ًا ومبرئ ًا للذ ّمة �إن‬
‫�شاء اهلل‪.‬‬
‫‪73/9/13‬‬
‫‪87‬‬ ‫ديلقتلا ىلع ةنِّـيبلا أرقن فيك‬

‫‪ 4‬ـ �شهادة �آية اهلل ال�س ّيد علي �أكبر قر�شي‪:‬‬


‫�إ ّنني �أرى �أنّ مرجع ّية وجواز تقليد �سماحة القائد ّ‬
‫المعظم‬
‫ح�ضرة �آية اهلل الخامنئي (م ّد ظ ّله العالي) �أمر م�س ّلم‪.‬‬
‫‪ 27‬جمادى الثانية ‪1415‬ه ـ‬
‫‪ 5‬ـ �شهادة �آية اهلل ال�شيخ ع ّبا�س محفوظي‪:‬‬
‫بالأخذ بعين االعتبار ال�شروط التي ينبغي تح ّققها في‬
‫الفقيه �أعتبر تقليد المجاهد ح�ضرة �آية اهلل الخامنئي جائز ًا‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ �شهادة �آية اهلل ال�س ِّيد ع ّبا�س خاتم يزدي‪:‬‬
‫‪ ...‬نظر ًا �إلى ما �أحرزناه وانك�شف لدينا من تو ُّفر الم� ّؤهالت‬
‫ال�شرع ّية للمرجع ّية والتقليد في �شخ�ص زعيم الأ ّمة‪ ،‬قائد‬
‫الثورة الإ�سالم ّية الع ّالمة المجاهد الفقيه المت�ض ّلع �آية اهلل‬
‫ال�س ّيد علي الح�سيني الخامنئي دامت بركاته المتتالية‪ ،‬نرى‬
‫المعظم له (�أدام اهلل ظله الوارف) ال �إ�شكال فيه‬ ‫ّ‬ ‫�أنّ تقليد‬
‫ومجز ومبرىء للذ ّمة �إن �شاء اهلل‪.‬‬
‫ٍ‬
‫(((‬
‫‪ 27‬جمادى الثانية ‪1415‬ه ـ‬
‫((( راجع هذه ال�شهادات في كتاب الإمام الخامنئي‪ ،‬القائد المرجع }‪ ،‬ط‪ ،1‬جمعية‬
‫المعارف الإ�سالم ّية الثقافية‪� ،‬إبتدا ًء من �ص ‪.58‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪88‬‬

‫تعليق‬
‫ت�صب في خانة كون تقليد‬ ‫الحظ �أنّ هذه ال�شهادات ك ّلها ُّ‬‫ُي َ‬
‫الإم��ام الخامنئي} مبرئ ًا للذ ّمة ولم تتع َّر�ض لأعلم ّيته‪.‬‬
‫وهذا النوع من ال�شهادات قد ينطلق من االعتقاد بالأعلم ّية‪،‬‬
‫وقد ينطلق من خلف ّية �أنّ ال�شاهد ال ُيعتبر الأعلم ّية في مرجع‬
‫التقليد‪ ،‬ويرى �أنّ الإمام الخامنئي هو مجتهد مطلق يجوز‬
‫تقليده‪ ،‬بل قد يكون بنظره هو الأَ ْولى والأ�صلح للتقليد‪ ،‬نظر ًا‬
‫للخ�صائ�ص التي يتمتّع بها‪ .‬ون�ستطيع �أن نقر�أ هذه الخلف ّية‬
‫بو�ضوح في ال�شهادة التي �أدلى بها العلاّ مة ال�شيخ عبد الهادي‬
‫الف�ضلي‪ ،‬وهي التالية‪:‬‬

‫الحمد للهَّ و�سالم على عباده الذين ا�صطفى‪ .‬وبعد‪:‬‬


‫ف ��إنّ االلتزام بنظر ّية الأعلم في التقليد‪ ،‬من حيث العمل‬
‫والحـ َرج‬
‫والتطبيق‪ ،‬فيها �شيء غير قليل من الوقوع في ال ُع ْ�سـر َ‬
‫لالختـالف فـي مفهـوم الأعلـم‪ ،‬و�شبه ا�ستحالة المقارنة‬
‫بين جميع المجتهدين المتعا�صرين لتعيين من هو الأعلم‪،‬‬
‫‪89‬‬ ‫ديلقتلا ىلع ةنِّـيبلا أرقن فيك‬

‫مرجح في تحديد من‬ ‫وتعار�ض الب ّينات دائم ًا من غير وجود ّ‬


‫هو الأعلم‪ ..‬كما �أنّ الم�سيرة العمل ّية التي كـان عليهـا �أتبـاع‬
‫�أهـل البيت‪ R‬في الرجوع �إلى الفقهاء الذين كانوا في‬
‫ع�صرهم‪ ،‬والذين �أمر و�أر�شد �أئ ّمتنا الأطهار ‪R‬بالرجوع‬
‫�إليهم كانوا يتفاوتون في م�ستوياتهم العلم ّية‪ ..‬وكذلك ما‬
‫في روايات التقليد من �شمول ّية للأعلم وغيره‪ ،‬مثل‪« :‬ف� ّأما‬
‫من كان من الفقهاء �صائناً لنف�سه‪ ،‬حافظاً لدينه‪ ،‬مخالفاً‬
‫ل�ه��واه‪ ،‬مطيعاً لأم��ر م��واله‪ ،‬فللعوا ّم �أن يق ّلدوه»‪ ،‬و«�أم��ا‬
‫الحوادث الواقعة فارجعوا فيها �إلى رواة �أحاديثنا ف�إ ّنهم‬
‫حجة اهلل عليهم»‪ ،‬م ّما ُي�ستفاد منه جواز‬ ‫حجتي عليكم‪ ،‬و�أنا ّ‬ ‫ّ‬
‫تقليد المف�ضول مع وجود من هو �أف�ضل منه‪ ،‬ك ّل هذا ُي�س ّلمنا‬
‫تي�سر الو�صول �إلى معرفته وتحديده‬ ‫�إلى �أنّ تقليد الأعلم‪� ،‬إن ّ‬
‫متي�سر ــ هو من باب الأولى‪ ،‬ولي�س واجب ًا‪.‬‬
‫ــ وهذا غير ّ‬
‫وفي �ضوء هذا علينا �أن نبحث عن الأ�صلح لتو ّلي من�صب‬
‫المرجع ّية‪ ،‬تلبي ًة لمتط ّلبات حياتنا المعا�صرة ال�ضرور ّية والم ّلحة‪.‬‬
‫والأ�صلح ــ هنا ــ هو من لديه الم�ؤهلاّ ت الإدار ّي��ة والقياد ّية‪،‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪90‬‬

‫ويتم ّتع بنظرة م�ستوعبة لأبعاد حياة النا�س و�أو�ضاعهم‪ ،‬ويتح ّلى‬
‫بالأ�صالة واال�ستقالل ّية والعمق في اال�ستنباط‪.‬‬
‫اطالعي على كتابات �آية اهلل‬ ‫وهذه الموا�صفات‪ ،‬من خالل ّ‬
‫العظمى ال�س ّيد الخامنئي} اال�ستدالل ّية‪ ،‬وفتاواه العمل ّية‪،‬‬
‫ومواقفه الإ�سالم ّية العا ّمة‪ ،‬متم ّثلة في �شخ�ص ّيته المباركة؛‬
‫لهذا دعوت �إلى تقليده‪ ،‬و�إلى العمل على توحيد المرجع ّية‬
‫القياد ّية في �شخ�صه الكريم؛ ذلك لأنّ اختياره للمه ّمة يح ّقق‬
‫لنا الخروج من عهدة الم�س�ؤول ّية �أمام اهلل تعالى‪ ،‬كما يح ّقق‬
‫لنا الوفاء لأ ّمتنا الإ�سالم ّية العظيمة‪� .‬أ�س�أله �سبحانه �أن يو ّفق‬
‫يحب وير�ضى‪� .‬إنه ولي التوفيق وهو الغاية‪.‬‬ ‫الجميع لما ّ‬
‫عبد الهادي الف�ضلي‬
‫‪1420/8/25‬هــ‬

‫وعلى ٍّ‬
‫كل ف�إنّ هذا النوع من ال�شهادات‪ ،‬ببراءة الذ ّمة‪،‬‬
‫ال تكون المعتمد الأ�سا�س في التقليد‪ ،‬طالما توجد �شهادات‬
‫بالأعلم ّية‪ .‬وهذا ما نالحظه في الأنواع التالية من ال�شهادات‪:‬‬
‫‪91‬‬ ‫ديلقتلا ىلع ةنِّـيبلا أرقن فيك‬

‫(الخا�صة)‬
‫ّ‬ ‫‪ 2‬ـ ال�شهادة بالأعلم ّية‬
‫ونعر�ض نموذج ًا لها‪:‬‬
‫� �ش �ه��ادة �آي� ��ة اهلل ال �� �س � ّي��د ج�ع�ف��ر ال�ح���س�ي�ن��ي ال�ك��ري�م��ي‬
‫بالأعلم ّية‬

‫بعد ال�سالم عليكم‪� ،‬أ ّيها الأخوة الكرام‪� ،‬أيدكم اهلل تعالى‪،‬‬
‫والدعاء لكم بخير الدنيا والآخرة‪.‬‬
‫ولي �أمر الم�سلمين‪،‬‬
‫�أ ّما ما �س�ألتم من �أعلم ّية ال�س ّيد القائد ّ‬
‫�آية اهلل العظمى ال�س ّيد الخامنئي} ف�أقول �إ ّني طيلة �سنين‬
‫�أجال�س ال�س ّيد القائد‪ ،‬وا�شترك في جل�سة �شورى الإفتاء‬
‫بمح�ضر من جنابه‪ ،‬مع ح�ضور ع��دة من الفقهاء العظام‬
‫المعروفين (دامت �إفا�ضاتهم) فر�أيت ال�س ّيد القائد‪} ،‬‬

‫أدق نظر ًا و�أ�سرع انتقا ًال و�أقوى ا�ستنباط ًا للفروع من الأ�صول‪،‬‬ ‫� ّ‬


‫من غيره من المراجع العظام (حفظهم اهلل تعالى)‪ .‬ف�إنّ‬
‫ك��ان ذل��ك هو الميزان في الأعلم ّية كما هو كذلك‪ ،‬فهذا‬
‫الميزان قد لم�سته من مباحثات ال�س ّيد القائد}‪ ،‬ومن‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪92‬‬

‫هنا �أعترف و�أ�شهد ب�أ ّنه �أعلم �أقرانه المعا�صرين‪ ،‬نفعنا اهلل‬
‫تعالى و�إ ّياكم بزعامته و�إفا�ضاته و�إر�شاداته‪.‬‬
‫وال�سالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬
‫(((‬
‫ال�س ّيد جعفر الح�سيني الكريمي‬
‫‪1419/11/26‬ه ـ‬
‫‪ 3‬ـ ال�شهادة بالأعلم ّية (بالمجموع)‬
‫ونعر�ض نموذج ًا لها‪:‬‬
‫�أ ـ �شهادة �آية اهلل ال�س ّيد محمود الها�شمي‬
‫بعد �أن عر�ض ال�س ّيد الها�شمي �إ�ضاءته في معنى الأعلم ّية‪،‬‬
‫كما تق ّدم �آنف ًا قال‪:‬‬
‫«ال ب ّد من التنبيه �إلى � ّأن القائد (�آي��ة اهلل ال�س ّيد علي‬
‫الخامنئي) يتم ّتع ب�شكل وا�سع بهذه الخ�صو�ص ّية‪ ،‬ويلتزم‬
‫في االجتهاد با�ستنباط الأحكام الفقه ّية من باطن الفقه‪،‬‬
‫و�أ ّنه ال يت�أ ّثر بالعوامل الخارج ّية‪ ،‬وهذه من مم ِّيزات ال�س ّيد‬
‫((( ع�ضو جامعة المد ّر�سين و�أحد �أ�ساتذة البحث الخارج في ُقم المقدّ�سة وع�ضو مجل�س‬
‫�شورى االفتاء في مكتب الإمام الخامنئي‪ ،‬ح�ضر �أبحاث ال�س ّيد الخوئي{ مدة ‪24‬‬
‫الخميني{ ‪ 14‬عام ًا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عام ًا و�أبحاث الإمام‬
‫‪93‬‬ ‫ديلقتلا ىلع ةنِّـيبلا أرقن فيك‬

‫المعظم‪ ،‬ولهذا ترون ب� ّأن فتاواه غالباً تتطابق مع‬ ‫ّ‬ ‫القائد‬
‫فتوى الم�شهور من العلماء‪ ،‬حيث يتل ّقى �أق��وال العلماء‬
‫عظمة واحترام وتقدير ث ّم يدخل في البحث‪،‬‬ ‫الكبار بك ّل َ‬
‫وهذا الأمر من الأمور المه ّمة في الأعلم ّية‪ ،‬وفي االقتراب‬
‫من الحقيقة والواقع(((‪.‬‬
‫وم ��ن ه ��ذه ال�خ�ل�ف� ّي��ة دع ��ا �آي ��ة اهلل ال�ه��ا��ش�م��ي الإم ��ام‬
‫الخامنئي} �إلى الت�ص ّدي للمرجع ّية حين تو ِّفي المرحوم‬
‫�آية اهلل العظمى ال�س ّيد الكلبايكاني قائ ًال‪:‬‬
‫حظات منتظر ًة ت�صدِّي �سماحتكم ل�ش�ؤون‬ ‫«‪ ...‬و ُت َعدُّ ال ّل ُ‬
‫المرجع ّية و�إدارة الحوزات العلم ّية‪ ،‬راجي ًة من مح�ضركم‬
‫ال�شريف مل َء الفراغ الحا�صل في هذا ال�ش�أن»(((‪.‬‬
‫ب ـ �شهادة �آية اهلل ال�شيخ مح ّمد يزدي‬
‫وعلى منوال االتجاه الذي تب ّناه ال�س ّيد الها�شمي‪� ،‬أدلى �آية‬
‫اهلل يزدي بال�شهادة التالية‪:‬‬

‫((( الها�شمي‪ ،‬محمود‪ ،‬نظرة جديدة في والية الفقيه‪� ،‬ص‪.38-37‬‬


‫((( الإمام الخامنئي‪ ،‬علي‪ ،‬القائد المرجع‪� ،‬ص‪.100‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪94‬‬

‫ف��ي ظ � ّل ال�خ�لاف الحا�صل بين الفقهاء ال�ع�ظ��ام‪ ،‬في‬


‫معنى الأعلم ّية وكيف ّية �إح��رازه��ا‪ ،‬ف�إ ّني �أعتقد �أنّ �آي��ة اهلل‬
‫الخامنئي} ه��و الأع�ل��م والأق ��وى‪ ،‬م��ن حيث المجموع‪،‬‬
‫بالن�سبة �إل��ى العلوم والأم��ور ال�ّلزاّ زم��ة في التقليد والقيام‬
‫ب�أعباء مرجع ّية الأ ّمة الإ�سالم ّية‪.‬‬
‫وعليه يمكنكم تقليده في ك� ّل الم�سائل التي هي مورد‬
‫الحاجة كما كنت قد كتبت ذلك �سابق ًا‪.‬‬
‫(((‬
‫مح ّمد يزدي‬
‫‪77/12/18‬هـ‪�.‬ش‬
‫ج ـ �شهادة �آية اهلل ال�شيخ �إبراهيم جناتي‬
‫با�سمه تعالى‬
‫من الم�س َّلم �أن الأعلم ّية �شرط في المرجع ّية والأعلم يجب‬
‫�أن يالحظ من حيث المجموع‪ .‬لأنّ من ال�شروط هو المعرفة‬

‫((( ع�ضو مجل�س �صيانة الد�ستور في الجمهور ّية الإ�سالم ّية‪ .‬وع�ضو مجل�س الخبراء‪،‬‬
‫ورئي�س ال�سلطة الق�ضائية ال�سابق‪.‬‬
‫‪95‬‬ ‫ديلقتلا ىلع ةنِّـيبلا أرقن فيك‬

‫والتب�صر ب�أمور الزمان‪ ،‬ويجب �أن تتوفر في المرجع القدرة‬


‫على �إدراك المتغيرات والعالقات الخارجية والداخل ّية‪.‬‬
‫فبنظري الأ�صلح والأعلم من حيث المجموع هو ح�ضرة �آية‬
‫اهلل الخامنئي}‪.‬‬
‫(((‬
‫مح ّمد �إبراهيم جناتي‬
‫‪ 73/9/9‬هــ �ش‪.‬‬
‫وهكذا تتالت ال�شهادات في �أعلم ّية الإمام الخامنئي}‬

‫الخا�صة‪ ،‬وت��ارة الأعلم ّية بالمجموع‬ ‫ّ‬ ‫الحظ ًة ت��ارة الأعلم ّية‬
‫وتارة مطلقة الأعلم ّية من دون تحديد‪ ،‬وم ّما ق َّدمناه يتب َّين‬
‫حال ال�شهادات الأخرى بالأعلم ّية التي منها‪:‬‬
‫�شهادة �آية اهلل ال�شيخ �أحمد ج ّنتي بالأعلم ّية‬
‫با�سمه تعالى‬
‫ملاِ ك الأعلم ّية عندي �أن يكون الفقيه �أقدر على ا�ستنباط‬
‫الأح�ك��ام من م�صادرها و�أد ّل�ت�ه��ا ال�شرع ّية‪ ،‬مع مالحظة‬
‫ّ‬
‫المر�شحين‬ ‫الزمان والمكان والمقت�ضيات‪ .‬و�أنا ال �أعرف في‬
‫((( ع�ضو مجل�س الخبراء‪.‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪96‬‬

‫للمرجع ّية اليوم‪� ،‬أقوى و�أقدر من ال�س ّيد القائد }‪� .‬أ�ضف‬
‫�إل��ى ذلك �أنّ الم�س�ألة‪ ،‬اليوم‪ ،‬م�س�ألة الإ�سالم والكفر‪ ،‬ال‬
‫م�س�ألة الأحكام الفرع ّية فح�سب‪ ،‬فليت ِّق اهلل امر�ؤ و ْلينظر في‬
‫عواقب الأمور ومكائد ال�شياطين وعدائهم للإ�سالم وعزمهم‬
‫على هدم �أركانه وتحطيم الم�سلمين الأ�صيلين المح ّمد ّيين‪،‬‬
‫واهلل من ورائهم محيط‪ .‬ر ّبنا‪ ،‬عليك تو ّكلنا و�إليك �أنبنا‬
‫و�إليك الم�صير‪.‬‬
‫ّ (((‬
‫�أحمد جنتي‬
‫‪/6‬رجب‪1414/‬هــ‬

‫�شهادة �آية اهلل ال�شيخ مح ّمد علي الت�سخيري بالأعلم ّية‬


‫با�سمه تعالى‬
‫�سماحة �آية اهلل الت�سخيري‪.‬‬
‫ولي‬
‫ما ر�أي �سماحتكم حول تقليد قائد الثورة الإ�سالم ّية ّ‬
‫�أمر الم�سلمين ال�س ّيد علي الخامنئي}؟‬
‫((( رئي�س مجل�س �صيانة الد�ستور في الجمهور ّية الإ�سالم ّية‪� ،‬إمام جمعة طهران الم�ؤقت‪.‬‬
‫‪97‬‬ ‫ديلقتلا ىلع ةنِّـيبلا أرقن فيك‬

‫وال�صالة وال�سالم على مح ّمد �س ّيد النب ّيين و�آله الطاهرين‬


‫المع�صومين‪ ،‬وبعد‪ ،‬فقد طلب م ّني بع�ض �إخ��وان��ي الم�ؤمنين‬
‫�أن �أبدي ر�أيي ب�صراحة في م�س�ألة تقليد �س ّيدي الكريم وقائد‬
‫وولي �أمر الم�سلمين �سماحة �آية اهلل العظمى ال�س ّيد علي‬
‫الم�ؤمنين ّ‬
‫الخامنئي} على ر�ؤو�س الم�سلمين‪ .‬و�إ ّني بعد معرفتي بعلمه‬
‫الغزير ور�أيه ال�سديد في مختلف مجاالت ال�شريعة الإ�سالم ّية‪.‬‬
‫ونظراته في الفرد والمجتمع‪� ،‬أ�شهد ب�أعلم ّيته‪ ،‬وبذلك يتع ّين‬
‫عندي تقليده حفظه اهلل تعالى‪ .‬واهلل على هذا �شهيد‪.‬‬
‫�أ�س�أل اهلل ج ّل وع ّال �أن يو ّفقه لإعالء �ش�أن الر�سالة‪ ،‬وقيادة‬
‫هذه الأ ّمة لما فيه عال�ؤها و�س�ؤددها وتحقيق الأهداف التي‬
‫ولي التوفيق‪.‬‬
‫الخميني الراحل{ واهلل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ر�سمها الإمام‬
‫(((‬
‫مح ّمد علي الت�سخيري‬
‫‪/6‬ذو الحجة‪1418/‬هــ م ّكة المك ّرمة‪.‬‬
‫رب العالمين‬ ‫والحمد هلل ّ‬
‫((( ع�ضو جامعة المدر�سين و�أمين عام المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب‪.‬‬
‫المصادر والمراجع‬

‫‪ 1‬ـــ القر�آن الكريم‪.‬‬


‫‪ 2‬ـــ الإمام الخامنئي‪ ،‬علي‪� ،‬أجوبة اال�ستفتاءات‪ ،‬ال�س ّيد علي‬
‫الح�سيني الخامنئي‪ ،‬من�شورات دار الو�سيلة‪1416 ،‬هــ‪،‬‬
‫بيروت‪.‬‬
‫‪ 3‬ـــ بحار الأنوار‪ ،‬ال�شيخ مح ّمد باقر المجل�سي‪ ،‬من�شورات‬
‫دار الكتب الإ�سالم ّية‪ ،‬طهران‪.‬‬
‫‪ 4‬ـــالإمام الخميني‪ ،‬روح اهلل‪ ،‬تحرير الو�سيلة‪ ،‬الإمام روح‬
‫الخميني‪ ،‬من�شورات �سفارة الجمهور ّية‬‫ّ‬ ‫اهلل المو�سوي‬
‫الإ�سالم ّية الإيران ّية‪1407 ،‬هــ بيروت‪.‬‬
‫‪ 5‬ـــ التنقيح في �شرح العروة الوثقى‪ ،‬الميرزا علي الغروي‬
‫التبريزي‪ ،‬من�شورات م� ّؤ�س�سة �آل البيت‪ُ ،‬قم‪.‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪100‬‬

‫‪ 6‬ـــ العروة الوثقى‪ ،‬ال�س ّيد مح ّمد كاظم الطباطبائي اليزدي‪،‬‬


‫من�شورات الأعلمي‪ ،‬الطبعة الثانية‪1404 ،‬هـ بيروت‪.‬‬
‫‪ 7‬ـــ عقائد الإمام ّية‪ ،‬ال�شيخ مح ّمد ر�ضا المظ ّفر‪ ،‬تحقيق‬
‫مح ّمد ج��واد الطريحي‪ ،‬من�شورات م� ّؤ�س�سة الإم��ام‬
‫علي‪ ،‬الطبعة الأولى ‪1417‬هـ ُقم‪.‬‬‫ّ‬
‫‪ 8‬ـــ الفتاوى الوا�ضحة‪ ،‬ال�شهيد ال�س ّيد مح ّمد باقر ال�صدر‪،‬‬
‫من�شورات دار التعارف‪ ،‬الطبعة ال�ساد�سة‪1399 ،‬هـ‬
‫بيروت‪.‬‬
‫‪ 9‬ـــ مجمع البحرين‪ ،‬ال�شيخ فخر الدين الطريحي‪ ،‬تحقيق‬
‫�أحمد الح�سيني‪ ،‬من�شورات م� ّؤ�س�سة الوفاء‪1403 ،‬هـ‬
‫بيروت‪.‬‬
‫‪ 01‬ـــ منهاج ال�صالحين‪ ،‬ال�س ّيد �أب��و القا�سم المو�سوي‬
‫الخوئي‪ ،‬من�شورات دار �أ�سامة‪ ،‬دم�شق‪.‬‬
‫‪ 11‬ـــ المكا�سب‪ ،‬ال�شيخ مرت�ضى الأن�صاري‪ ،‬تحقيق ال�س ّيد‬
‫مح ّمد كالنتر‪ ،‬من�شورات دار الكتاب‪ ،‬الطبعة الثالثة‪،‬‬
‫‪1410‬هــ ُقم‪.‬‬
‫‪101‬‬ ‫عجارملاو رداصملا‬

‫‪ 21‬ـــ الإم��ام الخامنئي‪ ،‬القائد المرجع‪� ،‬إع��داد ون�شر‬


‫جمعية المعارف الإ�سالم ّية الثقاف ّية‪ ،‬الطبعة الأولى‬
‫‪1421‬هـ بيروت‪.‬‬
‫‪ 31‬ـــ منهج ّية الثورة الإ�سالم ّية‪ ،‬من�شورات م� ّؤ�س�سة ن�شر‬
‫الخميني‪� ،‬إيران‪.‬‬
‫ّ‬ ‫�آثار الإمام‬
‫الخميني { �إلى العلماء‪ ،‬هد ّية مج ّلة‬
‫ّ‬ ‫‪ 14‬ـــ نداء الإمام‬
‫بق ّية اهلل‪.‬‬
‫‪ 15‬ـــ نظرة ج��دي��دة ف��ي والي��ة الفقيه‪ ،‬ال�س ّيد محمود‬
‫الها�شمي‪.‬‬
‫‪ 16‬ـــ الوافية‪ ،‬الفا�ضل التوني‪.‬‬
‫‪ 17‬ـــ الوثائق الر�سمية‪ ،‬ال�س ّيد عبد الكريم الح�سيني‬
‫القزويني‪ ،‬من�شورات مكتبة ال�شهيد ال�صدر‪ُ ،‬قم‪.‬‬
‫‪ 18‬ـــ و�سائل ال�شيعة‪ ،‬ال�شيخ مح ّمد بن الح�سن الح ّر‬
‫العاملي‪ ،‬تحقيق ال�شيرازي‪ ،‬من�شورات دار �إحياء‬
‫التراث العربي‪ ،‬الطبعة الخام�سة ‪1403‬هـ بيروت‪.‬‬
‫‪19‬ــ الخوئي‪� ،‬أبو القا�سم‪ ،‬االجتهاد والتقليد‪ ،‬ط‪ ،3‬قم‪،‬‬
‫ان�صاريات‪1410 ،‬هـ‪� ،‬ص‪.208‬‬
‫الفهرس‬
‫المقدّ مة ‪5............................................‬‬
‫ما معنى التقليد؟‪7.....................................‬‬
‫التقليد في اللغة‪7............................................‬‬
‫التقليد في العقيدة‪8.........................................‬‬
‫التقليد في الفقه ‪9...........................................‬‬
‫لماذا نقلِّد؟ ‪11.........................................‬‬
‫غاية الخلق وا�شتباه الكبار ‪12...............................‬‬
‫دور التقليد في تحقيق كمال الإن�سان‪14.....................‬‬
‫دليلنا على التقليد ‪17..................................‬‬
‫انتبه ‪18.....................................................‬‬
‫ت�صحيح الم�سار‪19..........................................‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪104‬‬

‫على مـ َنْ يجب التقليد؟ ‪25..............................‬‬


‫الأول‪� :‬شرط تكويني‪25......................................‬‬
‫�شروط التكليف ‪26..........................................‬‬
‫عالمات البلوغ ‪26...........................................‬‬
‫الثاني‪� :‬شرط علميّ ‪27......................................‬‬
‫بماذا نقلِّد؟‪29.........................................‬‬
‫الدائرة(‪� :)1‬أ�صول الدين ‪29...............................‬‬
‫الدائرة (‪ :)2‬ال�ضرورات‪30.................................‬‬
‫الدائرة (‪ :)3‬الفروع غير ال�ضروريّة ‪31.....................‬‬
‫بيان تو�ضيحيّ ‪31............................................‬‬
‫كيف نقلِّد؟ ‪33.........................................‬‬
‫من نقلّد؟ ‪37...........................................‬‬
‫‪ 1‬ــ الحياة‪37.............................................. :‬‬
‫مثال تو�ضيحيّ ‪38...........................................‬‬
‫التقليد اال�ستمراري ‪39......................................‬‬
‫‪ 2‬ـ البلوغ‪41................................................ :‬‬
‫‪105‬‬ ‫عجارملاو رداصملا‬

‫‪ 3‬ـ العقل‪42................................................ :‬‬


‫‪ 4‬ـ الذكورة‪42............................................. :‬‬
‫‪ 5‬ـ طهارة المولد‪42........................................ :‬‬
‫‪ 6‬ـ الإيمان‪42.............................................. :‬‬
‫‪ 7‬ـ العدالة‪42.............................................. :‬‬
‫�أعلميـ ّة مرجع التقليد‪47...............................‬‬
‫معنى الأعلم‪47..............................................‬‬
‫الخا�صة) ‪47.....................‬‬
‫ّ‬ ‫النظريّة الأولى (الأعلميّة‬
‫النظريّة الثانية (الأعلميّة بالمجموع)‪49....................‬‬
‫ا�ضاءة على مفهوم الأعلميّة‪50..............................‬‬
‫�إ�ضاف ٌة �إلى �شروط المرجعيّة‪51.............................‬‬
‫�أعلم لكنَّه لي�س المرجع ‪53..................................‬‬
‫خال�صة الأقوال في �شروط المرجع ‪56......................‬‬
‫الأعلميّة ووظيفة المجتهد‪57................................‬‬
‫ال�شيخ الأن�صاري وتقليد الأعلم ‪57..........................‬‬
‫الأعلميّة ووظيفة غير المجتهد ‪58...........................‬‬
‫غير المجتهد واالتجاه ال�صحيح‪61..........................‬‬
‫الدليل الأوّل (تقليد الأعلم �ضمانة النجاة)‪63..............‬‬
‫الدليل الثاني (تقليد الأعلم خيار العقالء) ‪66..............‬‬
‫كيف نتعرّ ف على الأعلم؟‪71............................‬‬
‫الو�سيلة الأولى ما يفيد العلم ‪71.............................‬‬
‫ال�شياع الموهِ م ‪72...........................................‬‬
‫هل االطمئنان بالأعلميّة و�سيلة لتحديد الأعلم؟‪73..........‬‬
‫معنى االطمئنان‪74..........................................‬‬
‫هل االطمئنان بالأعلميّة و�سيلة لتحديد الأعلم؟‪76..........‬‬
‫وعَ وْد ًا �إلى ال�س�ؤال ‪78........................................‬‬
‫الو�سيلة الثانية‪ :‬البيـِّنة ‪80...................................‬‬
‫كيف نقر�أ البيـ ِّنة على التقليد؟ ‪85......................‬‬
‫‪ 1‬ـ ال�شهادة ببراءة الذمّة‪86.................................‬‬
‫تعليق‪88.....................................................‬‬
‫(الخا�صة) ‪91........................‬‬
‫ّ‬ ‫‪ 2‬ـ ال�شهادة بالأعلميّة‬
‫‪ 3‬ـ ال�شهادة بالأعلميّة (بالمجموع)‪92.......................‬‬
‫الم�صادر والمراجع‪99..................................‬‬
‫صدر للمؤلف‬
‫‪1-1‬حقيقة الجفر عند ال�شيعة‪ ،‬بيروت‪ ،‬بيت ال�سراج للثقافة‬
‫والن�شر‪.‬‬
‫‪2-2‬حقيقة م�صحف فاطمة عند ال�شيعة‪ ،‬بيروت‪ ،‬بيت ال�سراج‬
‫للثقافة والن�شر‪ .‬حائز على ج��ائ��زة �أف�ضل كتاب لعام‬
‫الدولي في �إيران‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪2003‬م‪ ,‬في مهرجان الوالية‬
‫‪3-3‬والية الفقيه‪ ،‬بين البداهة واالختالف‪ ،‬بيروت‪ ،‬بيت ال�سراج‬
‫للثقافة والن�شر‪ .‬ر�سالة ماج�ستير حازت على درجة ممتاز‪,‬‬
‫مع التنويه والتو�صية بالن�شر‪.‬‬
‫‪4-4‬درو���س ف��ي علم ال��دراي��ة‪ ،‬ب�ي��روت‪ ،‬بيت ال�سراج للثقافة‬
‫والن�شر‪ .‬معتمد في المناهج الدرا�سية الحوزو ّية‪.‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪108‬‬

‫وليال ع�شر (من وحي عا�شوراء)‪ ،‬بيروت‪ ،‬بيت ال�سراج‬ ‫‪ٍ 5-5‬‬
‫للثقافة والن�شر‪.‬‬
‫‪6-6‬برقية الح�سين‪ ،Q‬بيروت‪ ،‬بيت ال�سراج للثقافة والن�شر‪.‬‬
‫مترجم �إلى الإنكليزية والفرن�س ّية‪:‬‬
‫‪The Telegram of Hussein (pbuh).‬‬
‫‪Le Télégramme d’Al-Houssein (Qu’Allah le salue).‬‬

‫‪7-7‬و�أتممناها بع�شر (م��ن وح��ي ع��ا� �ش��وراء)‪ ,‬ب�ي��روت‪ ،‬بيت‬


‫ال�سراج للثقافة والن�شر‪.‬‬
‫‪8-8‬الم�سائل الم�صطفاة في �أحكام الطهارة وال�صالة فوز دو‬
‫ايغوا�سو‪.‬‬
‫‪�9-9‬أحكام الن�ساء‪ .‬فوز دو ايغوا�سو‪.‬‬
‫قم‪.‬‬
‫‪ 1010‬التبليغ من وحي التجربة‪ّ ،‬‬
‫‪«( Paulo em busca da verdade 1111‬ب��اول��و» الباحث عن‬
‫الحقيقة ‪ -‬باللغة البرتغالية)‪.‬‬
‫‪( «Assalat» A ORACAO NO ISLAM 1212‬ال���ص�لاة في‬
‫الإ�سالم باللغة البرتغالية)‪.‬‬
‫‪1313‬مخت�صر الواجبات في الإ�سالم (‪UM RESUMO DOS‬‬

‫‪)DEVERES NO ISLAM‬‬
‫‪109‬‬ ‫عجارملاو رداصملا‬

‫‪1414‬خيوط القبعة‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار ال�صفوة‪.‬‬


‫‪1515‬حائك القبعة (الإمام ال�س ّيد عبد الح�سين �شرف الدين)‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬دار ال�صفوة‪.‬‬
‫‪1616‬التكفير‪� ،‬ضوابط الإ�سالم وتطبيقات الم�سلمين‪ ،‬دار الأمير‬
‫للثقافة والعلوم‪.‬‬
‫المهدي|‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪1717‬قافلة الب�شرية‪ ،‬من �سفينة ن��وح �إل��ى دول��ة‬
‫بيروت‪ ،‬بيت ال�سراج للثقافة والن�شر‪.‬‬
‫‪1818‬هذا ر�سول اهلل ‪ ،P‬بيروت‪ ,‬بيت ال�سراج للثقافة والن�شر‪.‬‬
‫‪1919‬محا�ضرات في الثقافة الإ�سالمية بيروت‪ ،‬بيت ال�سراج‬
‫للثقافة والن�شر‪.‬‬
‫مجموعة ي�س�ألونك‪ ,‬وت�ضم‪:‬‬
‫‪2020‬ي�س�ألونك عن اهلل‪ ,‬بيروت‪ ،‬بيت ال�سراج للثقافة والن�شر‪.‬‬
‫مترجم �إلى الإنكليزية والفرن�س ّية‪:‬‬
‫‪They ask you about Allah.‬‬
‫‪Ils t’interrogent à propos Allah.‬‬

‫‪2121‬ي�س�ألونك عن الأنبياء‪ ,R‬بيروت‪ ،‬بيت ال�سراج للثقافة‬


‫والن�شر‪.‬‬
‫مترجم �إلى الإنكليزية والفرن�سية‪:‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪110‬‬

‫‪They ask you about prophets‬‬


‫‪Ils t›interrogent sur les prophetes‬‬

‫‪2222‬ي�س�ألونك عن الأئمة‪ ،R‬بيروت‪ ،‬بيت ال�سراج للثقافة‬


‫والن�شر‪.‬‬
‫مترجم �إلى الإنكليزية والفرن�سية‪:‬‬
‫‪They ask you about Imams.‬‬
‫‪ils t›interrogent sur les imams‬‬

‫الولي‪ ،‬بيروت‪ ،‬بيت ال�سراج للثقافة والن�شر‪.‬‬


‫‪2323‬ي�س�ألونك عن ّ‬
‫‪2424‬ي�س�ألونك عن التقليد‪ ،‬بيروت‪ ،‬بيت ال�سراج للثقافة والن�شر‪.‬‬
‫(بين يدي القارىء)‪.‬‬
‫مترجم �إل��ى الإنكليزية والفرن�س ّية (مركز ن��ون للت�أليف‬
‫والترجمة)‪:‬‬
‫‪They ask you about Imitation.‬‬
‫‪Il t’interrogent sue le Taqlid.‬‬

‫‪2525‬ي�س�ألونك عن القبر‪ ،‬بيروت‪ ،‬بيت ال�سراج للثقافة والن�شر‪.‬‬


‫مترجم �إلى الإنكليزية‪:‬‬
‫‪They ask you about Death & the Barrier (The Call for‬‬
‫)‪Departure‬‬
‫‪111‬‬ ‫عجارملاو رداصملا‬

‫‪2626‬ي�س�ألونك عن القيامة‪ ،‬بيروت‪ ,‬بيت ال�سراج للثقافة والن�شر‪.‬‬


‫مترجم �إلى الإنكليزية والفرن�سية‪:‬‬
‫‪They Ask You about Resurrection‬‬
‫‪Ils t›interrogent sur la resurrection‬‬

‫مجموعة تعارفوا‪ ,‬وت�ضم‪:‬‬


‫‪2727‬دليل العرو�سين بين الخطوبة وال��زف��اف‪ ،‬ب�ي��روت‪ ،‬بيت‬
‫ال�سراج للثقافة والن�شر‪.‬‬
‫مترجم �إلى الإنكليزية‪:‬‬
‫‪Bride & Bridegroom Manual From Engagement to Marriage‬‬

‫‪�2828‬سعادة الزوجين في ثالث كلمات‪ ،‬بيروت‪ ،‬بيت ال�سراج‬


‫للثقافة والن�شر‪.‬‬
‫‪ 32929‬حقوق لحياة زوج ّية ناجحة‪ ،‬بيروت‪ ،‬بيت ال�سراج للثقافة‬
‫والن�شر‪.‬‬
‫�صالحا؟ بيروت‪ ،‬بيت ال�سراج للثقافة والن�شر‪.‬‬
‫‪3030‬كيف تجعل ولدك ً‬
‫‪3131‬كيف نتوا�صل مع النا�س؟ بيروت‪ ،‬بيت ال�سراج للثقافة والن�شر‪.‬‬
‫‪3232‬كيف نبني مجتم ًعا �أرق��ى؟ بيروت‪ ،‬بيت ال�سراج للثقافة‬
‫والن�شر‪.‬‬
‫يسألونك عن التقليد‬ ‫‪112‬‬

‫‪�3333‬آية الو�صايا الع�شر‪ ،‬بيروت‪ ,‬بيت ال�سراج للثقافة والن�شر‪.‬‬


‫مجموعة يز ّكيهم‪ ,‬وت�ضم‪:‬‬
‫‪3434‬ميزان ال�سير وال�سلوك‪ ،‬بيروت‪ ،‬بيت ال�سراج للثقافة والن�شر‪.‬‬
‫‪3535‬برنامج ال�سير وال�سلوك‪ ،‬بيروت‪ ،‬بيت ال�سراج للثقافة والن�شر‪.‬‬
‫‪3636‬هكذا تكون �سعيدً ا‪ ،‬بيروت‪ ،‬بيت ال�سراج للثقافة والن�شر‪.‬‬
‫‪.Finding Happiness‬‬ ‫مترجم �إلى الإنكليزية‪:‬‬
‫‪3737‬كيف ترجع كما ولدتك �أمك؟ بيروت‪ ،‬بيت ال�سراج للثقافة والن�شر‪.‬‬
‫‪�3838‬شهر اهلل �آدابه ‪ -‬منا�سباته ‪� -‬أوليا�ؤه‪ ,‬بيروت‪ ,‬بيت ال�سراج‬
‫للثقافة والن�شر‪.‬‬
‫‪3939‬ال تَق َر ُبوا‪ ،‬بيروت‪ ،‬بيت ال�سراج للثقافة والن�شر‪.‬‬
‫‪4040‬كيف نتوا�صل مع اهلل‪ ،‬بيروت‪ ،‬بيت ال�سراج للثقافة والن�شر‪.‬‬

‫يمكنك ت�صفح جميع هذه الكتب وغيرها‬


‫على موقع �سراج القائم|‬
‫‪www.sirajalqaem.com‬‬

You might also like