You are on page 1of 87

‫اهلندوسية‬

‫يف ميزان تعاليمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬


‫سؤال وجواب‬

‫إعداد وأتليف‬

‫د‪.‬هيثم طلعت‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬


‫الـمقدمة‬
‫بسم هللا واحلمد هلل والصالة والسالم على رسول هللا وعلى آله وصحبه‬
‫ومن وااله‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فاهلندوسية قد تكون داينة لكنها بتعريف أكثر دقة هي‪ :‬طريقة يف احلياة‪.‬‬
‫يشكل أتباع اهلندوسية حوايل ‪ %15‬من سكان العامل‪ ،‬فأتباعها يزيدون‬
‫على مليار ومئيت مليون إنسان‪.‬‬
‫كثريا عرب الزمن‪...‬‬
‫وقد تغريت اهلندوسية ً‬
‫فاهلندوسية بعد عصر الفيدات‪ Vedas‬صارت متتليء ابإلشكاالت‬
‫بعضا منها يف هذا الكتاب‪.‬‬
‫العقلية والعلمية والفطرية واليت سنرصد ً‬
‫نعم!‬
‫لقد ابتعدت اهلندوسية بشدة عن تعاليم الفيدات األصلية (املصادر‬
‫األصلية للداينة اهلندوسية)‪ ،‬واتبعت تعاليم الناس والن َّساك والبهاغافاد غيتا‬
‫‪ भगवद्गीता Bhagavad Gita‬والتانرتا الباطنية ‪.Tantras‬‬
‫سأحاول يف هذا الكتاب الصغري أن أحاكم اهلندوسية احلالية للعقل والعلم‬
‫احلديث واملنطق وتعاليم الفيدات األصلية اليت ما زالت بني أيدي اهلندوس حىت‬
‫أن بقااي احلق الذي يف الفيدات والذي يف فطرة‬ ‫الساعة‪ ،‬وأان على يقني َّ‬

‫‪3‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫اهلندوسي كفيالن إبيصال اهلندوسي بسالم إىل الدين احلق‪.‬‬


‫فالفيدات هي‪ :‬أقدس كتب اهلندوسية على اإلطالق‪.‬‬
‫هي‪ :‬ذلك الدافع حنو النظر يف غاية وجود اإلنسان‬
‫ومآله‪ ،‬وتوجيه هذا الدافع حنو اإلميان ابهلل والعبودية له مبا‬ ‫والفطرة‬
‫شرع‪.‬‬
‫والدين احلق هو‪ :‬تلك الرسالة اليت مشلت بقااي احلق يف الفيدا وهي‬
‫صوت الفطرة وهي وحي هللا للعاملني‪ ،‬وهي الرسالة الناطقة آباثر توحيد هللا يف‬
‫تعاليم األابنيشاد ‪.उपनिषद् Upanishad‬‬
‫أحاول يف هذا الكتاب الصغري أن أجري مقارنة يسرية بني هندوسية عصر‬
‫الفيدا وهندوسية اليوم!‬
‫كثريا‪...‬‬
‫فقد تغريت اهلندوسية ً‬
‫جدا عن بقااي التعاليم التوحيدية النقية الصافية يف‬
‫بعيدا ً‬
‫لقد ابتعدت ً‬
‫الفيدا‪ ،‬فأنت يف اهلندوسية احلالية جتد االعتقاد بوحدة الوجود حيث يتحد‬
‫اخلالق ابملخلوق‪ ،‬فيصري املخلوق هو عني اخلالق‪ ،‬وهذا االعتقاد العجيب ال‬
‫يناقض تعاليم الفيدا الصرحية فحسب‪ ،‬بل ويناقض بديهيات عقلية‪ ،‬إذ كيف‬
‫حيل اإلله يف كل شيء‪ ،‬مث أنت أيها اهلندوسي تسعى للوصول إليه مبجموعة‬
‫حال فيك؟‬‫من الطقوس واملمارسات وهو يف األصل ٌ‬
‫أليس هذا إشكال عقلي ظاهر؟‬
‫‪4‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫إن االعتقاد بوحدة الوجود يدعو للقول بنسبية احلقيقة‪ ،‬فكل الدايانت‬ ‫مث َّ‬
‫أحجارا هي ابلتايل تعبد اإلله‪ ،‬ألن اإلله وف ًقا هلذه العقيدة‬
‫ً‬ ‫أصناما أو‬
‫اليت تعبد ً‬
‫حال يف كل شيء وهو كل شيء‪.‬‬ ‫هو الصنم واحلجر فاإلله ٌ‬
‫ونسبية احلقيقة هذه تدمر املعىن والقيمة كما سأوضح يف الكتاب‪.‬‬
‫أضف إىل ما سبق أن الفيدا تدعو صراحةً لإلميان ابإلله املنفصل عن‬
‫خلقه‪ ،‬فهذه املخلوقات هي خملوقات هللا‪ ،‬وهللا ال تسعه خملوقاته ليحل فيها‪.‬‬
‫وحتديدا يف الريج فيدا ‪" :ऋग्वेद‬اي هللا! الشمس والعامل‬
‫ً‬ ‫تقول الفيدا‬
‫(‪)1‬‬
‫كالمها‪ ،‬ال يقدران أن حييطاك ويسعاك"‪.‬‬
‫فهذا دليل واضح من الفيدا على خطأ االعتقاد بوحدة الوجود‪ ،‬فاهلل‬
‫مستقل عن خلقه‪.‬‬
‫ويف اهلندوسية احلالية جتد االعتقاد بتناسخ األرواح حيث تنتقل أرواح‬
‫البشر بعد الوفاة إىل كائنات أخرى لتولد من جديد يف كائن حي جديد‪ ،‬فكل‬

‫(‪ )1‬ريج فيدا‪ ،‬مندل‪ ،1:‬سوكت‪ ،10:‬منرتا‪.8:‬‬


‫‪Rig Veda 1.10.8‬‬
‫ً‬
‫مصدر نصوص الفيدا اليت سأوردها يف هذا الكتاب يه نقال عن كتاب‪ :‬دعوة اهلندوس إىل اإلسالم‪،‬‬
‫رسالة دكتوراة من إعداد‪ :‬د‪ .‬إبراهيم عبد الغفور‪ ،‬من إصدارات دار إيالف ادلويلة‪.‬‬
‫وقد قمت بمراجعة وحترير هذه انلصوص بنفيس من الفيدا النسخة السنسكريتية ‪Sanskrit text‬‬
‫والرتمجة اإلجنلزيية املعتمدة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وأحيانا أضع املصطلح هنا كأسماء الفيدات بنفس طريقة انلطق الغربية هل لشيوعها‪ ،‬وأحيانا أستخدم‬
‫املصلطح بطريقة نطقه يف السنسكريتية‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫إنسان كانت له حياة سابقة يف كائن حي آخر قبله وهكذا‪ ،‬وهذه العقيدة تولد‬
‫صحيحا فكيف ال يولد الرضع بنفس‬
‫ً‬ ‫إشكاالت كثرية‪ ،‬فإذا كان تناسخ األرواح‬
‫(‪)1‬‬
‫القدرات العقلية للبالغني؟‬
‫إن عقيدة تناسخ األرواح تقوم على تسلسل الوالدات املتكررة‪ ،‬فكيف‬ ‫مث َّ‬
‫هذا وقد أثبت العلم املعاصر أن للحياة بداية‪ ،‬واألرض ذاهتا هلا بداية وليست‬
‫أزلية‪.‬‬
‫صح تناسخ األرواح فاملفرتض أن تكون أعداد الكائنات احلية اثبتة‪،‬‬
‫مث لو َّ‬
‫ألهنا تتناسخ فيما بني بعضها البعض‪ ،‬وهذا ال يقول به إنسان اليوم!‬
‫واألهم من ذلك أن الفيدا ال تقول بتناسخ األرواح‪ ،‬حىت قال العامل‬
‫اهلندوسي شري ستياكام ودايلنكار‪" :‬إن عقيدة التناسخ ليست يف الفيدات‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وأان أحتدى من يقول بذلك"‪.‬‬
‫طقوسا دينية‬
‫ً‬ ‫وخري دليل على صحة كالم ودايلنكار َّ‬
‫أن اهلندوس يؤدون‬
‫قدمية تسمى‪" :‬شرادة ‪ ،"श्राद्ध Śrāddha‬وهدف هذه الطقوس هو‪:‬‬
‫تسكني أرواح املوتى‪.‬‬
‫‪ s‬فكيف تتناسخ األرواح وهم يسكنون أرواح املوىت؟‬

‫أيضا االعتقاد بـ‪ :‬الكارما‪ ،‬حيث َّ‬


‫أن البشر‬ ‫ومن عقائد اهلندوسية احلالية ً‬
‫‪(1) Cogan, Robert. (1998), Critical Thinking: Step by Step, University Press‬‬
‫‪of America, pp. 202–203.‬‬
‫ً‬
‫(‪ )2‬أواكمن‪ ،‬ص‪ ،104‬نقال عن كتاب‪ :‬دعوة اهلندوس إىل اإلسالم‪ ،‬ص ‪.99‬‬

‫‪6‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫فاسدا سيولد يف حياة‬


‫طب ًقا للكارما يولودون نتيجةً ألعماهلم السابقة‪ ،‬فمن كان ً‬
‫أخرى جديدة يف طبقة أقل أو ببالءات أكرب‪.‬‬
‫وعلى هذا فاهلندوس ينظرون للشخص املبتلى على َّ‬
‫أن ابتالءه هو نتيجةً‬
‫شوش يفسد احلياة‬‫آلاثم ارتكبها يف حياة سابقة‪ ،‬وهذا التصور املغلوط امل َّ‬
‫أن ما يف الناس من بالء‬ ‫أبكملها فهو ال يقدم أية خدمة لإلنسانية‪ ،‬بل يقرر َّ‬
‫إن هذا نوعٌ من مصاحلة‬ ‫هو عقوبة طبيعية على جرمية سابقة يف حياة سابقة‪َّ ،‬‬
‫التخلف والظلم والطبقية‪.‬‬
‫‪ s‬لكن اإلشاكل األكرب‪ :‬أين توجد عقيدة الاكرما هذه يف الفيدا؟‬

‫إن الفيدات تصرح أب َّن هناك جنة وانر يهبها هللا للناس حبسب أعماهلم‪،‬‬
‫َّ‬
‫وليس والدات جديدة يف حيوات أخرى‪.‬‬
‫خالدا يف املكان الذي تودع فيه مجيع أنواع املتع‬
‫تقول الريج فيدا‪" :‬اجعلين ً‬
‫(‪)1‬‬
‫والسرور‪ ،‬والذي تعطي فيه ما تشتهيه األنفس"‪.‬‬
‫أيضا من العقائد األساسية يف اهلندوسية احلالية‪ :‬السعي للتخلص من‬
‫ً‬
‫الوالدات املتكررة وتناسخ األرواح والوصول ملرحلة ما يعرف بـ"املوكشا‬
‫‪ "मोक्ष Moksha‬واليت فيها يتوحد اإلنسان مع الذات اإلهلية‪ ،‬لكن هذه‬
‫متاما للوجود‪ ،‬فيصبح اهلدف من الوجود هو‬
‫الفكرة تقوم على نظرة تشاؤمية ً‬
‫حماولة التخلص من الوجود!‬

‫(‪ )1‬ريج فيدا‪ ،‬مندل‪ ،9 :‬سوكت‪ ،113 :‬منرتا‪.11-9 :‬‬

‫‪7‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫وهذه الفكرة خطرية على اجملتمع فهي جتعل اإلنسان بال وازع من خوف‪،‬‬
‫يوما ما‬
‫جمددا وسيخلص يف والدة قادمة ً‬
‫فمهما ارتكب من فواحش سيولد ً‬
‫والبد‪.‬‬
‫متاما لتعاليم الفيدا اليت تنص على عقوبة الظاملني‬
‫وهذا األمر خمالف ً‬
‫واملذنبني يف مكان خاص هبم‪ ،‬كما تقول الريج فيدا‪" :‬مكان غاية العمق بعيد‬
‫(‪)1‬‬
‫قعره للمذنبني"‪.‬‬
‫‪ s‬فأين هذا املاكن من فكرة تكرار الوالدات؟‬

‫أما عن أشهر مشكالت اهلندوسية احلالية العلمية فهي‪ :‬نظرهتا لطبيعة‬


‫أن الكون ينحل مث يتشكل وهكذا إىل‬ ‫نشأة الكون‪ ،‬فاهلندوسية احلالية تفرتض َّ‬
‫ما ال هناية‪ ،‬وهذا خطأ علمي عجيب خمالف للعلم احلديث‪.‬‬
‫أن العلم احلديث يقرر َّ‬
‫أن هلذا الكون بداية مطلقة وأنَّه مل‬ ‫متاما َّ‬
‫فمن املعلوم ً‬
‫تسبقه أكوان أخرى‪.‬‬
‫فالكون علميًا مفطور‪ ...‬مبدع على غري مثال سابق‪.‬‬
‫وهذه ابملناسبة نفس العقيدة املوجودة يف الفيدا‪ ،‬ففي الفيدا هناك حياة‬
‫دنيا ظهرت فجأة وهناك اآلخرة‪ ،‬أما يف الفلسفات اليت جاءت يف مرحلة‬
‫متأخرة من اهلندوسية كالبوراانت ‪ ،Puranas‬فقد ظهر فيها جليًا القول‬
‫بتكرار العامل وأزليته‪.‬‬
‫(‪ )1‬ريج فيدا‪ ،‬مندل‪ ،4 :‬سوكت‪ ،5 :‬منرتا‪.5 :‬‬

‫‪8‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫لقد خالفت اهلندوسية احلالية عقيدة الفيدا‪ ،‬وخالفت العلم احلديث‪،‬‬


‫وخالفت اإلسالم الذي حيمل احلق الذي نطقت به الفيدا‪.‬‬
‫أن الكون ظهر على‬ ‫فعقيدة املسلمني اليت أوحاها هللا يف القرآن الكرمي َّ‬
‫َ‬
‫َ َ َ َ ى أ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ‬
‫ض أم ًرا‬ ‫ات َواأل أر ِض وإِذا ق‬
‫غري مثال سابق‪ ،‬فقد قال هللا يف كتابه ﴿بدِيع السماو ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬
‫فإِن َما َيقول ل كن ف َيكون﴾ [‪ ]١١٧‬سورة البقرة‪.‬‬
‫فالكون مبدع يف مفهوم اإلسالم أي‪ :‬ظهر على غري مثال سابق‪.‬‬
‫رجل يرعى الغنم منذ‬
‫وهذا هو ما انتهى إليه العلم‪ ،‬وهو ما أخرب به ٌ‬
‫عاما‪ ،‬يدعى حممد بن عبد هللا رسول هللا ونيب اإلسالم ﷺ‪.‬‬
‫‪ً 1400‬‬
‫يف هذا الكتاب أانقش كثري من اإلشكاالت اليت تواجه اهلندوسية‪،‬‬
‫وأعرض يف املقابل الرؤية اإلسالمية للعامل واحلياة والثواب والعقاب والغاية من‬
‫متاما مع بقااي الفيدا ومع الفطرة‪.‬‬
‫الوجود واليت تتوافق ً‬
‫أن اإلسالم هو أدق وأوثق وأحكم منوذج يف جواب احلاجة‬ ‫وأبني كيف َّ‬
‫اإلنسانية ملعرفة كيف حنيا‪ ،‬ويف حتليل معىن الوجود اإلنساين وغاية الوجود‬
‫اإلنساين مبا يوافق الفطرة والعقل والعلم‪.‬‬
‫ويقدم هذا الكتاب بعض األدلة على صحة دين اإلسالم‪ ،‬والبشارات‬
‫هبذا الدين من الفيدا‪ ،‬فالفيدات بشَّرت ابإلسالم وبشَّرت ابلرسول حممد ﷺ‪،‬‬
‫ودعت اهلندوس لإلميان به‪.‬‬
‫واإلسالم ليس دينًا على األرض ضمن األداين‪ ،‬بل هو الدين التوحيدي‬
‫‪9‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫األوحد الذي بعث هللا به مجيع األنبياء‪ ،‬فجميع األنبياء أتوا بدعوة الناس‬
‫للتوحيد ومل يبق على هذا التوحيد النقي اليوم سوى اإلسالم‪ ،‬بينما بقية‬
‫قل أو كثر‪.‬‬
‫الدايانت صار هلا من الشرك نصيب َّ‬
‫َ‬
‫﴿ َومن‬ ‫وهللا ال يقبل من البشر دينًا غري اإلسالم‪ ،‬قال هللا تعاىل يف كتابه‬
‫أ‬
‫َ َ َ‬
‫اْلاِس َ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫أ َ‬‫ً‬ ‫ََ‬ ‫أَ أ‬ ‫َ‬
‫َأَ‬ ‫أ‬ ‫َ‬
‫ين﴾ [‪ ]٨٥‬سورة‬ ‫ِ ِ‬ ‫اإلسَل ِم دِينا فلن يقبل مِنه َوه َو ِيف اْلخِرة ِ مِن‬
‫يبتغِ غْي ِ‬
‫آل عمران‪.‬‬
‫فاإلسالم هو الدين الذي أرسل هللا به مجيع األنبياء والرسل‪.‬‬
‫أن‪ :‬فيه معىن االستسالم هلل وعبادة هللا وحده‪،‬‬ ‫وسة اإلسالم األساسية َّ‬
‫ونفي أي جتسيد هلل يف أصنام أو أواثن كما يف اهلندوسية احلالية‪.‬‬
‫مسلما هلل‪ ،‬وبيان معىن‬
‫ً‬ ‫مث ُيتم الكتاب ببيان كيف يصبح اإلنسان‬
‫اإلسالم وضرورة اإلسالم‪.‬‬
‫فلنبدأ رحلة الكتاب على بركة هللا‪...‬‬
‫‪ -1 s‬ما يه اهلندوسية؟‬

‫اهلندوسية‪ :‬هي داينة أو مبعىن أصح‪" :‬طريقة يف احلياة"‪ ،‬وهي تشمل مجلة‬
‫(‪)1‬‬
‫من الطقوس والشعائر والعبادات والكتب املقدسة واملفاهيم الكونية والوجودية‪.‬‬
‫وقد تشكلت اهلندوسية عرب قرون طويلة من الزمن ومن خالل جتمعات‬

‫(‪ )1‬دراسة اهلندوسية‪ ،‬أرفيند شارما (غري مرتجم)‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫متناقضا‪ ،‬وال جتد‬


‫ً‬ ‫أحياان‬
‫متنوعا و ً‬ ‫ً‬ ‫نظاما إميانيًا‬
‫معقدة من املذاهب جتيز ً‬
‫اهلندوسية احلالية مشاحة يف ذلك‪ ،‬فاهلندوسية احلالية ال متلك عقيدة واحدة أو‬
‫نصا ملزًما يتم التحاكم إليه‪.‬‬
‫احدا أو َّ‬
‫مرجعا و ً‬
‫ً‬
‫وإن كانت الفيدات ‪ Vedas‬أقدس كتب اهلندوس على اإلطالق إال َّ‬
‫أن‬
‫اهلندوس وكما سنعرض يف هذا الكتاب صاروا ُيالفوهنا بصورة عجيبة‪،‬‬
‫أفكارا متباعدة ال‬
‫فأصبحت اهلندوسية مبخالفتها للفيدا تقبل تصورات متنوعة و ً‬
‫عالقة هلا بعصر الفيدات األول‪.‬‬
‫وهتدف اهلندوسية يف اجململ إىل التخلص من املعاانة‪ ،‬وسنشرح فيما بعد‬
‫كيفية التخلص من املعاانة يف مفهومهم‪ ،‬وكيف خالفوا عقيدة الفيدا يف‬
‫(‪)1‬‬
‫اخلالص واليت فيها الكثري من بقااي احلق‪.‬‬
‫‪ -2 s‬كيف نشأت هذه ادليانة بهذا التشابك؟‬

‫اهلندوسية تعين اهلند‪ :‬اهلند الدولة واملناخ والتاريخ والتشابك والتقاليد‪.‬‬


‫فهي داينة تكاد تكون حصرية ابهلند‪ ،‬حيث يوجد يف اهلند قرابة ‪%95‬‬
‫(‪)2‬‬
‫من اهلندوس يف العامل‪.‬‬
‫وقد نشأت اهلندوسية على إرث الفيدات األوىل لكنها لألسف امتزجت‬
‫بفلسفات ومعتقدات وكتب وتصورات تشكلت عرب قرون من الزمن‪ ،‬فقد‬

‫(‪ )1‬اهلندوسية‪ :‬العقيدة واملمارسة‪ ،‬جينني د‪ .‬فاولر (غري مرتجم)‪.‬‬


‫‪)2(http://www.pewforum.org/files/2012/12/globalReligion-tables.pdf‬‬

‫‪11‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫اتبعت اهلندوسية يف مرحلة اتلية لعصر الفيدات تعاليم الن َّساك والتانرتا الباطنية‬
‫‪ Tantras‬والبهاغافاد غيتا ‪.भगवद्गीता‬‬
‫ومنذ قرابة العام ‪ 1500‬قبل امليالد وحىت العام ‪ 500‬ميالدية زامحت‬
‫كثري من هذه التصورات والفلسفات الفيدات وطغت عليها‪ ،‬حىت أننا مل نعد‬
‫نرى اليوم على السطح إال هذه التصورات والفلسفات‪.‬‬
‫‪ -3 s‬ما يه عقيدة اهلندوس باتلحديد؟‬

‫اهلندوسية احلالية هي عقيدة تؤمن بعدد كبري من اآلهلة‪ ،‬ففي اهلندوسية‬


‫عدد ال حصر له من اآلهلة‪ ،‬واهلندوس مع ذلك يؤمنون ابهلل الواحد‪.‬‬
‫فهم يتصورون أن اإلله حيل يف كل هذه املسبوكات اليت يقدسوهنا‪.‬‬
‫وهنا قد يتصور البعض َّ‬
‫أن‪ :‬إميان اهلندوس إبله واحد واعتبار أن هذه‬
‫صورا لإلله ليس وثنية!‬
‫التماثيل واملسبوكات ً‬
‫وهذا خطأ شديد!‬
‫صورا لإلله الواحد هو أصل العقيدة الوثنية املخالفة‬
‫أن التماثيل ً‬ ‫فاعتقاد َّ‬
‫لتعاليم األنبياء ولتعاليم الفيدات يف كل اتريخ البشر‪.‬‬
‫فكل املشركني املخالفني لألنبياء واملخالفني لتعاليم الفيدات كانوا يؤمنون‬
‫ابهلل‪ ،‬لكنهم جيعلون األصنام متثيالً لإلله‪ ،‬فإميان املشركني بوجود هللا وأنه واحد‬
‫ال ينفي عنهم الكفر به والكفر أبنبيائه والكفر ابلفيدات طاملا اختذوا هذه‬

‫‪12‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫األصنام‪.‬‬
‫فالفيدات صرحية وقاطعة يف حترمي اختاذ األصنام‪ ،‬أو التقرب هلا‪ ،‬أو‬
‫تقديسها‪.‬‬
‫تقول الفيدا‪" :‬الذي يعبد من دون هللا األشياء املصنوعة‪ ،‬فهو يغرق يف‬
‫(‪)1‬‬
‫أحقااب"‪.‬‬
‫الظلمات ويذوق عذاب النار ً‬
‫فمن يتخذ هذه األصنام اليت صارت متتليء هبا الداينة اهلندوسية اليوم‬
‫فهو طب ًقا للفيدا سيخلد يف النار‪.‬‬
‫أيضا‪" :‬مالك الكل عامل الغيب‪ ،‬الذي ال حيتاج إىل معاونة‬
‫وتقول الفيدا ً‬
‫آهلة أخرى‪ ،‬ذلك هو هللا الذي يستحق أن يعبده اإلنسان‪ ،‬والذين يتخذون من‬
‫دائما املصائب الكربى‬‫دون هللا آهلة أخرى‪ ،‬فأولئك األشقياء‪ ،‬جيدون ً‬
‫(‪)2‬‬
‫املخيفة"‪.‬‬
‫بل لقد ورد يف البهاغافاد غيتا ‪:भगवद्गीता Bhagavad Gītā‬‬
‫"الذين يعبدون اآلهلة ينالون اآلهلة‪ ،‬والذين يعبدون األسالف ينالون األسالف‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫والذين يعبدون الشيطان ينالون الشيطان‪ ،‬والذين يعبدونين جيدونين"‪.‬‬
‫فهذه النصوص وغريها الكثري تدعو اهلندوس صراحةً لتوحيد هللا وترك‬

‫(‪ )1‬جير فيدا‪ ،‬سوكت‪ ،40:‬منرتا‪.9:‬‬


‫(‪ )2‬ريج فيدا‪ ،‬مندل‪ ،1‬سوكت‪ ،7:‬منرتا‪.9:‬‬
‫(‪ )3‬بهااغفاد غيتا‪.25-9 ،‬‬

‫‪13‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫هذه األصنام‪ ،‬حىت يقول مهارشي داينند سرسويت‪" :‬ال يوجد حرف يف‬
‫الفيدات يدل على عبادة األصنام املصنوعة من احلجر وغريه"‪.‬‬
‫فما ترك اهلندوس عقيدة التوحيد يف الفيدات إال على يد تعاليم ابطلة‬
‫جاءت يف مرحلة اتلية متأخرة‪.‬‬
‫يؤكد القرآن الكرمي الذي أنزله هللا على نبيه حممد ﷺ َّ‬
‫أن الذين يعبدون‬
‫األصنام يزعمون أهنم يؤمنون ابهلل الواحد ومع ذلك فهم ابختاذ هذه األصنام‬
‫كافرون ابهلل‪.‬‬
‫أَ َ‬ ‫َ َ َ َ أ َ َّ أ َ َ َ َّ‬
‫الس َم َ‬
‫ات َواأل أرض‬
‫ِ‬ ‫او‬ ‫﴿ول ِِئ سأتلهم من خلق‬ ‫قال هللا تعاىل يف القرآن الكرمي‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫َيلقول َّن اللـه﴾ [‪ ]٣٨‬سورة الزمر‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ ََ أ َ‬ ‫َّ أ‬
‫﴿ َول ِِئ سأتلَهم من خلقهم َ‬ ‫َ َأ‬ ‫َ‬
‫سورة‬ ‫يلقولن اللـه﴾ [‪]٨٧‬‬ ‫وقال هللا تعاىل‬
‫الزخرف‪.‬‬
‫كافرا ابهلل ابتفاق القرآن والفيدا‪.‬‬
‫فاختاذ هذه األصنام جيعل اإلنسان ً‬
‫َّ َ َ ً‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ أ‬
‫ون اللـ ِه أ أوثانا‬
‫يقول هللا تعاىل يف القرآن الكرمي ﴿إِنما تعبدون مِن د ِ‬
‫أً َ أَ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ َ َ أ‬ ‫َ‬ ‫َ أ ً َّ َّ َ َ أ‬ ‫َ َأ‬
‫ون اللـ ِه ال يملِكون لك أم ِرزقا فابتغوا‬
‫وَتلقون إِفاك إِن اَّلِين تعبدون مِن د ِ‬
‫َ َأ أ َ َ‬ ‫أ‬ ‫ِّ أ َ أ‬ ‫َ َّ‬
‫ون﴾ [‪ ]١٧‬سورة العنكبوت‪.‬‬ ‫الرزق َواعبدوه َواشكروا ل إِيل ِه ترجع‬
‫ِ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ـ‬ ‫عِند الل‬

‫مجيعا‪.‬‬
‫فابتغوا عند هللا الرزق واعبدوه وحده‪ ،‬فهو الذي سنرجع إليه ً‬
‫ومل يبق على توحيد هللا ونبذ كل صور الشرك اليوم على وجه األرض سوى‬

‫‪14‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫اإلسالم‪.‬‬
‫لذلك جيب على كل هندوسي أن ينظر يف أمر اإلسالم ببصرية ودون‬
‫تعصب‪ ،‬وينظر لعقيدة التوحيد يف هذا الدين وهل توافق فطرته وتوافق ما عليه‬
‫الفيدا‪ ،‬أم ال؟‬
‫إن دعوة كل األنبياء الذين أرسلهم هللا إىل البشر هي يف‪ :‬إفراد هللا‬ ‫َّ‬
‫ابلعبادة‪ ،‬وهذا يكون‪ :‬بنـ ْزع كل األصنام والتسليم مبا جاءت به رسل هللا‪ ،‬وما‬
‫جاء به خامتهم حممد بن عبد هللا ﷺ‪.‬‬
‫‪ -4 s‬كيف نشأت فكرة تمثيل اإلل الواحد بعرشات األصنام يف‬
‫اهلندوسية؟‬

‫مشكلة اهلندوسية احلالية الكربى بعد عصر الفيدات هي يف افرتاض أن‬


‫صفات اإلله املتعددة تتطلب ذو ًاات متعددة‪ ،‬أي‪ :‬تتطلب آهلة متعددة‪.‬‬
‫صنما ميثل تلك الصفة‪.‬‬
‫فهم يفرتضون أن لكل صفة إهلية ً‬
‫فاخلالق عندهم أصبح‪:‬‬
‫برامها‪ :‬من حيث هو خالق الكون‪.‬‬
‫وفشنو‪ :‬من حيث هو حافظ الكون‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وشيفا‪ :‬من حيث هو مدمر الكون‪.‬‬
‫وهذا افرتاض خمالف لبديهيات العقل والفطرة وخمالف ملا هو موجود يف‬

‫(‪)1‬موسوعة الفلسفة الرشقية وادلين‪ ،‬ستيفان شوماخر‪ ،‬ص‪.397‬‬

‫‪15‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫الفيدا‪ ،‬فتعدد الصفات ال يقتضي تعدد الذوات‪.‬‬


‫وقواي وأديبًا‪.‬‬
‫إنساان ذكيًا ً‬
‫فقد يكون ً‬
‫فال يلزم من تعدد الصفات تعدد ذوات ذلك اإلنسان‪.‬‬
‫فاإلنسان الذكي هو نفسه القوي هو نفسه األديب‪.‬‬
‫وهلل املثل األعلى!‬
‫وتؤكد الفيدا على نفس هذه احلقيقة‪ ،‬فقد ورد يف الريج فيدا‪" :‬هو يسمى بـ‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫اندر‪ ،‬مرت و وايو وهو ماترشوا‪ ،‬العقالء يذكرون اإلله الواحد أبساء خمتلفة"‪.‬‬
‫والنصوص أبساء هللا وصفاته كثرية يف الفيدات‪.‬‬
‫فاألساء والصفات تقوم ابلذات الواحدة‪.‬‬
‫هذا ما عليه الفيدات األوىل وهو ما عليه العقيدة اإلسالمية‪ ،‬فاهلل سبحانه‬
‫الواحد يف اإلسالم له األساء احلسىن والصفات العال‪ ،‬قال هللا تعاىل‬
‫أ َ ى ٌ َ ٌ َّ َ ى َ َّ َ َّ أ َ‬
‫ْح ىـن َّ‬ ‫َ‬
‫الرحِيم﴾ [‪ ]١٦٣‬سورة البقرة‪.‬‬ ‫﴿ َوإِل ىـهكم إِلـه وا حِد ال إِلـه إِال هو الر‬

‫فاهلل هو الرمحن وهو الرحيم‪.‬‬


‫أَ‬ ‫َ َ َ َّ‬ ‫َّ َّ‬
‫ويقول هللا تعاىل يف القرآن الكرمي ﴿ه َو اللـه اَّلِي ال إِل ىـه إِال ه َو الملِك‬
‫َ َّ‬ ‫أ َ َ َّ‬ ‫أ َ َ‬ ‫أ َ َّ‬ ‫أَ‬ ‫أ َأ‬ ‫أ أ‬ ‫َّ َ‬ ‫أ ُّ‬
‫اْلبار المتك ِّ ِرب سبحان اللـ ِه عما‬ ‫القدوس السَلم المؤمِن المهي ِمن الع ِزيز‬
‫َ‬ ‫أ‬
‫ون﴾ [‪ ]٢٣‬سورة احلشر‪.‬‬ ‫رشك‬‫ي ِ‬

‫(‪ )1‬ريج فيدا‪ :‬مندل‪ ،1 :‬سوكت‪ ،164 :‬منرتا‪.46 :‬‬

‫‪16‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫فتعدد األساء والصفات يقوم ابهلل الواحد‪.‬‬


‫واملشكلة الثانية يف فكرة جتسيد صفات اإلله يف صور أصنام خمتلفة‪ ،‬أنَّه‬
‫ال أمان للكون مع هذه الوثنيات‪.‬‬
‫لذلك القرآن الكرمي ينفي عن هللا كل هذه التصورات الوثنية‪ ،‬ويثبت أن‬
‫َ َ ٌ َّ َّ‬ ‫َأ َ َ‬
‫اختاذ آهلة مع هللا يقتضي عدم أمان الكون كله ﴿لو َكن ف ِ‬
‫ِيهما آل ِهة إِال اللـه‬
‫َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ِّ أ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ أ َ َ َّ‬
‫ون﴾ [‪ ]٢٢‬سورة األنبياء‪.‬‬ ‫لفسدتا فسبحان اللـ ِه َر ِب الع أر ِش عما ي ِصف‬

‫لو كانت آهلة مع هللا لفسدت السماوات واألرض‪.‬‬


‫َأ ََأَ‬ ‫َ َ‬ ‫األَ أ‬
‫َّ َ َ َ أ‬ ‫َ َ َّ َ َ أ َ ُّ َ أ َ َ أ َ َ َ َ‬
‫ِيه َّن بل أتيناهم‬
‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫م‬ ‫و‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ات‬‫او‬ ‫م‬ ‫الس‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫د‬ ‫﴿ول ِو اتبع اْلق أهواءهم لفس‬
‫َ‬ ‫ُّ أ‬ ‫أ‬ ‫َ َ‬ ‫أ‬
‫ون﴾ [‪ ]٧١‬سورة املؤمنون‪.‬‬ ‫بِذِك ِره أِم فه أم عن ذِك ِرهِم مع ِرض‬

‫‪ -5 s‬كيف ينظر اهلندوس للعَلقة بني اْلالق واملخلوق؟‬

‫اهلندوس اليوم يف أغلبهم يؤمنون بوحدة الوجود‪ ،‬حيت يتحد اخلالق‬


‫ابملخلوق‪ ،‬فاإلله يف اهلندوسية احلالية حيل يف خملوقاته‪ ،‬حبيث تصري املوجودات‬
‫(‪)1‬‬
‫واملوجد شيءٌ واحد‪.‬‬
‫وهذا األمر خمالف ألبسط بديهيات العلم والعقل والرصد والفيدا‪.‬‬

‫(‪ )1‬موسوعة اهلندوسية‪ ،‬جونز ورايان ومجيس د‪ ،.‬ص‪( 315‬غري مرتجم)‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫‪ s‬وهناك كثْي من اإلشاكالت العلمية والعقلية يف فلسفة وحدة الوجود‪،‬‬


‫ومنها‪:‬‬

‫اإلشاكل األول‪ :‬اإلله عندهم حيل يف كل شيء‪ ،‬إذن ما معىن ممارسة‬


‫طقوس من أجل الوصول للتوحد مع اإلله فيما يعرف بـ‪" :‬املوكشا ‪Moksha‬‬
‫‪"मोक्ष‬؟‬
‫حال فيه وهو ٌّ‬
‫حال فيك؟‬ ‫كيف تصل لشيء هو فيك‪ ...‬فأنت ٌّ‬
‫اإلشاكل اثلاين‪ :‬الزالت واخلطااي مبفهومهم لوحدة الوجود هي ذات اإلله‪،‬‬
‫ألن اإلله عندهم هو الزلة وهو اخلطيئة وهو الزان وهو القتل فهو ٌّ‬
‫حال يف كل‬
‫شيء‪ ،‬وهو ذات كل شيء؛ فلماذا التخلص من الزالت واخلطااي إذن؟‬
‫ملاذا حيرصون أشد احلرص على االبتعاد عن الشهوات واألهواء الدنيوية؟‬
‫أليست املعصية ضمن وحدة الوجود؟‬
‫أليست الدنيا نفسها هي اإلله ذاته؟‬
‫ليس مثة مربر للحرص على فعل اخلري وف ًقا هلذا التصور اهلندوسي احلايل‪.‬‬
‫لكن اجلميع حيرص على فعل اخلري ويعلم َّ‬
‫أن هذا واجب‪ ،‬أليس كذلك؟‬
‫َّ‬
‫إن احلرص على فعل اخلري هو استجابة لنداء الفطرة النقي‪ ،‬فهذا دليل‬
‫فطري مباشر على خطأ فلسفة وحدة الوجود‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫اإلشاكل اثلالث‪ :‬القول بوحدة الوجود دعا إىل القول بنسبية احلقيقة‪،‬‬
‫أحجارا هي عندهم تعبد اإلله‪ ،‬ألن اإلله يف‬
‫ً‬ ‫أصناما أو‬
‫فكل الدايانت اليت تعبد ً‬
‫حال يف كل شيء وهو كل شيء‪.‬‬ ‫تصورهم هو الصنم وهو احلجر فاإلله ٌ‬
‫ونسبية احلقيقة هذه تدعو لضياع املعىن والقيمة‪ ،‬فكل شيء يصري صو ًااب!‬
‫أضف إىل ما سبق َّ‬
‫أن‪ :‬االعتقاد بوحدة الوجود ال جييب عن سؤال‪ :‬من‬
‫أين جاء العامل؟‬
‫فافرتاض أن ذات اخلالق هو ذات املخلوق هذا افرتاض ساقط عقالً‪ ،‬ألنه‬
‫يفرتض تعلق ظهور الشيء على ظهوره‪.‬‬
‫وهذا تناقض غريب‪ ،‬وحمال عقلي‪.‬‬
‫فكيف يكون الشيء سببًا لظهور نفسه‪ ،‬إذا مل يكن قد ظهر بعد أصالً‪.‬‬
‫أيضا اثبت علميًا َّ‬
‫أن الكون بكل ما فيه حادث‪،‬‬ ‫اإلشاكل الرابع‪ :‬أنَّه ً‬
‫وهذا اثبت عند مجيع العقالء‪.‬‬
‫فالكون حادث بكل طاقته ومادته ومكانه وزمانه‪...‬‬
‫وقد ثبت َّ‬
‫أن للكون بداية أبدلة ال حصر هلا‪ ،‬فعلميًا‪ :‬مل يكن مثة كون مث‬
‫ظهر الكون‪.‬‬
‫وطاملا مل يكن مثة كون‪ ،‬فـ‪ :‬كيف نقول بوحدة الوجود؟‬
‫َّ‬
‫إن وحدة الوجود لو كانت صحيحة فإهنا تقتضي أزلية العامل أو على األقل‬
‫‪19‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫أزلية املادة‪.‬‬
‫الغريب َّ‬
‫أن اهلندوس املعاصرين يصرون على القول أبزلية العامل املادي ألنه‬
‫القول الضروري الذي يربر وحدة الوجود‪.‬‬
‫يقول العامل اهلندوسي وويكانند ‪" :Wiwekanand‬املكان ال جيري‬
‫(‪)1‬‬
‫عليها زمان وال أييت عليها حدوث"‪.‬‬
‫فاهلندوس املعاصرون اضطروا للقول أبزلية العامل املادي حىت يتوافقوا مع‬
‫فكرة وحدة الوجود‪.‬‬
‫وما كان هلم أن يدخلوا يف ذلك‪ ،‬وما كان هلم االعتقاد ابتداءًا بوحدة‬
‫الوجود‪ ،‬لكن الشيطان قعد البن آدم أبطرقه‪ ،‬فهو جيتال بين اإلنسان عن دين‬
‫األنبياء كلما سنحت له فرصة‪.‬‬
‫َ َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ي َ َأ‬
‫اء ُكه أم‪،‬‬ ‫قال هللا تعاىل يف احلديث القدسي‪« :‬إين خلقت عِبادِي حنف‬
‫َ أ َأ‬ ‫َ َ أ‬ ‫َ أَ َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َّ َ َ أ‬
‫وإنه أم أتتهم الشياطِني فاجتاتلأه أم عن دِينِ ِه أم‪َ ،‬وح َّرمت عليهم ما أحللت‬
‫أ َ ً (‪)2‬‬ ‫َأ أ أ‬ ‫أ ََ َ َ أ أ َ أ أ‬
‫رشكوا يب ما لم أن ِزل به سلطانا»‪.‬‬
‫هلم‪ ،‬وأمرتهم أن ي ِ‬
‫فكل البشر كانوا على توحيد هللا‪ ،‬فأتتهم الشياطني وأغرهتم هبذه‬
‫الكفرايت‪.‬‬
‫‪(1) Hinduism, Wiwekanand, p61-63.‬‬
‫ً‬
‫نقال عن كتاب‪ :‬دعوة اهلندوس إىل اإلسالم‪ ،‬تأيلف د‪ :‬إبراهيم بن عبد الغفور نليل شهادة ادلكتوراة‪،‬‬
‫دار إيالف للنرش واتلوزيع‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫(‪ )2‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2865:‬‬

‫‪20‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫(‪)1‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬


‫آدم بأطرق ِ ِه»‪.‬‬ ‫وقال النيب ﷺ‪« :‬إن الشيطان قعد ِ‬
‫البن‬

‫فالشيطان يلتمس أي طريق غواية لإلنسان‪ ،‬وليس من جناة إال ابلتسليم‬


‫مبا كان عليه األنبياء من توحيد وعبادة‪.‬‬
‫لقد صرحت الفيدا أن العامل خملوق وله بداية‪.‬‬
‫وأن هللا مستقل عن خلقه ال حيل فيهم‪.‬‬
‫فكيف وصل اهلندوس هلذه املرحلة من االعتقاد بوحدة الوجود؟‬
‫تقول الريج فيدا ‪" :ऋग्वेद‬اي هللا! الشمس والعامل كالمها‪ ،‬ال يقدران أن‬
‫(‪)2‬‬
‫حييطاك ويسعاك"‪.‬‬
‫هذا دليل واضح من الفيدا على خطأ االعتقاد بوحدة الوجود‪ ،‬فاهلل‬
‫مستقل عن خلقه‪ ،‬والشمس والقمر ليسا مها اإلله‪.‬‬
‫أيضا‪" :‬هللا هو الذي خلق الليل والنهار‪ ،‬وهو مالك‬
‫وتقول الريج فيدا ً‬
‫(‪)3‬‬
‫الدنيا وما فيها‪ ،‬وهو الذي خلق الشمس والقمر‪ ،‬واألرض والسماء"‪.‬‬
‫فأي عقيدة أظهر من ذلك يف نفي وحدة الوجود وأزلية العامل املادي؟‬
‫وتقول اليجر فيدا‪" :‬وهو الذي مل ُيلق شيء قبله‪ ،‬وهو خالقنا ومالكنا‬

‫(‪ )1‬صحيح سنن النسايئ‪ ،‬ح‪3134:‬‬


‫(‪ )2‬ريج فيدا‪ ،‬مندل‪ ،1:‬سوكت‪ ،10:‬منرتا‪.8:‬‬
‫(‪ )3‬ريج فيدا‪ ،‬مندل‪ ،10 :‬سوكت‪ ،190:‬منرتا‪.3-2 :‬‬

‫‪21‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫(‪)1‬‬
‫ويعلم كل شيء"‪.‬‬
‫فاهلل مل ُيلق شيء قبله فهو األول والعامل خلقه هللا وليس أزليًا‪" :‬هو‬
‫(‪)2‬‬
‫العظيم مالك األرض والسماء"‪.‬‬
‫والقرآن الكرمي يقرر نفس هذه احلقيقة اجللية‪ ،‬فقد أوحى هللا لنبيه حممد‬
‫أن هللا منفصل عن خلقه مستو‬ ‫بن عبد هللا ﷺ منذ أكثر من ‪ 1400‬عام َّ‬
‫على عرشه ال حيل يف خملوقاته وال حتل فيه‪.‬‬
‫َّ َ َّ‬ ‫أَأ َ َ َأَ َ‬ ‫َ َ َ َّ َ َ‬ ‫َّ َّ‬
‫ات َواألرض َوما بينهما ِيف ِست ِة أيامٍ‬ ‫قال هللا تعاىل ﴿اللـه اَّلِي خلق السماو ِ‬
‫َ َ َ َ َ َ َّ َ‬ ‫َ ِّ َ َ َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ أ َ َ ى َ َ أ َ أ َ َ‬
‫يع أفَل تتذكرون﴾ [‪]٤‬‬ ‫ل وال ش ِف ٍ‬ ‫ثم استوى لَع العر ِش ما لكم ِمن دون ِ ِه مِن و ٍِ‬
‫سورة السجدة‬
‫فأصل عقيدة األنبياء وأصل دينهم وشريعتهم أن هللا اخلالق الواحد األحد‬
‫منفصل عن خلقه غري حال فيهم!‬
‫ٌ‬ ‫ابئن‪ ،‬أي‬
‫ٌ‬
‫َّ‬
‫اإلشاكل اْلامس يف فلسفة وحدة الوجود أن‪ :‬هذه الفلسفة ال جتيب‬
‫عن السؤال األهم‪ :‬من أين جاء العامل؟‬
‫كيف ظهر العامل وف ًقا هلذه الفلسفة؟‬
‫مث‪ :‬من الذي قال هبذه الفلسفة ابتداءًا؟‬

‫(‪ )1‬جير فيدا‪ ،‬سوكت‪ ،32 :‬منرتا‪.13:‬‬


‫(‪ )2‬ريج فيدا‪ ،‬مندل‪ ،1:‬سوكت‪ ،100 :‬منرتا‪.1:‬‬

‫‪22‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫وما هو الدليل عليها؟‬


‫تساؤالت كثرية وإشكاالت أكثر تكتنف هذه العقيدة اليت خالفت العلم‬
‫احلديث والعقل والفيدا ودين األنبياء‪.‬‬
‫‪ -6 s‬كيف تنظر اهلندوسية للحياة واملوت؟‬

‫تقوم اهلندوسية احلالية على فكرة تناسخ األرواح ودورة التوالد اليت ال‬
‫تنتهي‪ :‬فنحن يف التصور اهلندوسي ندور يف حلقة دائرية من الوالدات‪ ،‬فكل‬
‫موجودا يف كائن قبله وستنتقل روحه بعد موته لكائن آخر وهكذا‪،‬‬
‫ً‬ ‫مولود كان‬
‫(‪)1‬‬
‫وهذا ما يعرف يف اهلندوسية مبصطلح‪ :‬السامسارا ‪.संसार Saṃsāra‬‬
‫‪ s‬وهناك عدة إشاكالت عقلية وعلمية يف مسألة تناسخ األرواح هذه‬
‫ومنها‪:‬‬

‫‪Tertullian's‬‬ ‫اإلشاكل األول‪ :‬ويعرف بـ"اعرتاض ترتليان‬


‫صحيحا فكيف ال يولد‬
‫ً‬ ‫‪ "objection‬وهو يقول‪ :‬إذا كان تناسخ األرواح‬
‫(‪)2‬‬
‫الرضع بنفس القدرات العقلية للبالغني؟‬
‫صحيحا‪ ،‬فاملفرتض َّ‬
‫أن أعداد‬ ‫ً‬ ‫اإلشاكل اثلاين‪ :‬لو كان تناسخ األرواح‬

‫‪http://1stholistic.com/prayer/hindu/hol_hindu-samsara-and-‬‬
‫)‪karma.htm(1‬‬
‫ُ‬
‫( املوقع يتبع جملة بوذية تقدم حبوث معرفية يف ابلوذية وطقوسها)‪.‬‬
‫(‪Cogan, Robert. (1998), Critical Thinking: Step by Step, University Press )2‬‬
‫‪of America, pp. 202–203.‬‬
‫‪23‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫الكائنات احلية اثبتة‪ ،‬ألهنا تتناسخ فيما بني بعضها البعض يف دورات من‬
‫الوالدات‪ ،‬وهذا ال يقول به عاقل اليوم!‬
‫فقد ثبت أنَّه كان هناك زمان ليس للكرة األرضية فيه وجود أصالً‪ ،‬وكان‬
‫هناك زمان مل يكن للكائنات احلية على األرض وجود‪ ،‬وكان هناك زمان مل تكن‬
‫جدا‪ ،‬مث ازدادت مع الوقت وهذا‬
‫الكائنات حية فيه هبذا العدد بل كانت قليلة ً‬
‫أيضا إبمجاع البشر اليوم‪.‬‬
‫ً‬
‫وكان هناك زمان فيه أعداد البشر أقل مما هم عليه اليوم‪.‬‬
‫فأعداد البشر ليست اثبتة ابإلمجاع‪ ،‬فكيف حيدث تناسخ أرواح يف‬
‫دورات اثبتة؟‬
‫اإلشاكل اثلالث‪ :‬ملاذا ال يوجد من يتذكر احلياة املاضية – الوالدة‬
‫السابقة‪ -‬اليت كان فيها‪ ،‬إال من أبناء تلك الفلسفة؟‬
‫كانت هناك امرأة أمريكية تدعى روث سيمنز ‪،Ruth Simmons‬‬
‫ادعت أهنا تناسخ لروح امرأة أخرى تسمى بريدي موريف ‪Bridey‬‬
‫‪ Murphy‬وبدأت روث سيمنز يف استحضار ذكرايهتا السابقة حني كانت‬
‫بريدي موريف يف القرن التاسع عشر يف أيرلندا‪ ،‬وبعد تقصي ابحثني حلياة روث‬
‫سيمنز تبني أن هلا جارة قدمية من أيرلندا تدعى بريدي موريف‪ ،‬فأخذت ذكرايت‬
‫(‪)1‬‬
‫بريدي عن أيرلندا ونسبتها لنفسها‪ ،‬وادعت أهنا هي بريدي‪.‬‬

‫(‪ )1‬توصيف حالة روث سيمزن ‪https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/12116612 :‬‬

‫‪24‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫فتناسخ األرواح وهم وخيال وُيالف أبسط بديهيات العلم واحلس‪.‬‬


‫يقول بول إدواردز رئيس حترير املوسوعة الفلسفية واألستاذ جبامعة‬
‫(‪)1‬‬
‫نيويورك‪" :‬تناسخ األرواح جمرد خيال يتعارض مع العلم احلديث"‪.‬‬
‫فاإلنسان إذا مات لن يولد يف حياة أخرى‪.‬‬
‫دائما تؤكد على هذه احلقيقة‪ ،‬وال يوجد يف الفيدات أي‬ ‫والفيدات ً‬
‫(‪)2‬‬
‫حديث عن تناسخ األرواح أو عن السامسارا‪.‬‬
‫حىت قال العامل اهلندوسي شري ستيا كام ودايلنكار‪" :‬إن عقيدة التناسخ‬
‫(‪)3‬‬
‫ليست يف الفيدات وأان أحتدى من يقول بذلك"‪.‬‬
‫طقوسا دينية‬
‫ً‬ ‫أن اهلندوس يؤدون‬‫وخري دليل على صحة كالم ودايلنكار َّ‬
‫تسمى‪" :‬شرادة ‪ "श्राद्ध Śrāddha‬وهدفها تسكني أرواح املوتى‪.‬‬
‫فكيف تتناسخ االرواح واهلندوس يسكنون أرواح املوتى؟‬
‫والقرآن الكرمي الذي أنزله هللا على نبيه حممد ﷺ‪ ،‬قام ابلرد على القائلني‬
‫َأَ َ َأ‬ ‫أ َ َّ َ َ َ ُّ أ َ َ‬
‫ادلنيا نموت َوَنيا َوما َنن‬ ‫بتكرار احلياة ممن قالوا ﴿إِن ِيه إِال حياتنا‬

‫ً‬
‫(نقال عن مقاالت موقع د‪ .‬فوز كردي)‪.‬‬
‫‪)1( Edwards, Paul. (2001), Reincarnation: A Critical Examination,‬‬
‫‪Prometheus Books.‬‬
‫‪)2( Yuvraj Krishan: Bharatiya Vidya Bhavan, 1997.‬‬
‫ً‬
‫(‪ )3‬أواكمن‪ ،‬ص‪ ،104‬نقال عن كتاب‪ :‬دعوة اهلندوس إىل اإلسالم‪ ،‬تأيلف د‪ :‬إبراهيم بن عبد الغفور‬
‫نليل شهادة ادلكتوراة‪ ،‬دار إيالف للنرش واتلوزيع‪ ،‬ص ‪.99‬‬

‫‪25‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫ب َمبعوث َ‬ ‫أ‬
‫ِني﴾ [‪ ]٣٧‬سورة املؤمنون‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َ َ أ َ أ َ َ أ َ ِّ‬ ‫ََ َ‬
‫﴿أل أم ي َر أوا ك أم أهلكنا قبلهم ِم َن‬ ‫فرد هللا عليهم قوهلم يف كتابه العزيز فقال‬
‫ون﴾ [‪ ]٣١‬سورة يس‪.‬‬ ‫َ‬
‫جع‬ ‫الأقرون َأ َّنه أم إ َ أيله أم َال يَ أ‬
‫ر‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫فليس ملن ميوت عودة إىل الدنيا أو رجعة مرًة أخرى‪.‬‬
‫َ‬ ‫أَأََ أ‬ ‫َّ‬ ‫أَأ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫سورة‬ ‫﴿ال يذوقون فِيها الموت إِال الموتة األ ى‬
‫ول﴾ [‪]٥٦‬‬ ‫قال هللا تعاىل‬
‫الدخان‪.‬‬
‫فهذه عقيدة املسلمني‪ ،‬وهي عقيدة الفيدا اليت هجرها اهلندوس مع‬
‫األسف‪.‬‬
‫اإلشاكل الرابع يف تناسخ األرواح‪ :‬هم يزعمون أن الغاية هي الوصول‬
‫ملرحلة التوحد مع املطلق أو ما يعرف ابملوكشا‪ ،‬للتخلص من هذه الوالدات‬
‫املتكررة‪ ،‬وهذا معناه أن الوالدات املتكررة عذاب‪.‬‬
‫لكن من قال أن الوالدات املتكررة عذاب؟‬
‫إن أغلب البشر لو سألتهم هل تتمنون أن تولدوا اثنيةً وأن جتربوا احلياة‬
‫مرًة أخرى فلن يرتدد كثريون منهم يف اإلجابة بنعم‪.‬‬
‫مث إن هذه النظرة التشاؤمية للوجود على أنه عذاب هي نظرة كاذبة؛‬

‫)‪ (1‬يقول القرطيب يف تفسريه‪ :‬وهذه اآلية رد ىلع من زعم أن من اخللق من يرجع قبل القيامة بعد‬
‫املوت‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫نعم ال حتصى‪.‬‬
‫فالوجود فيه خريٌ كثري وفيه ٌ‬
‫فاملوكشا هي خالص ومهي من شيء غري موجود يف احلقيقة!‬
‫اإلشاكل اْلامس‪ :‬فلسفة تناسخ األرواح تدفع حنو عدم االكرتاث بفعل‬
‫حتما سيخلص‬
‫ألن اإلنسان ً‬ ‫أية جرمية أو معصية‪ ،‬فهي تربر الرتكاب اجلرائم‪َّ ،‬‬
‫يف والدة قادمة من الوالدات والبد‪ ،‬فليستمتع هبذه الوالدة اليت هو فيها‪.‬‬
‫َّ‬
‫إن هذا األمر ميثل مصاحلة مع ارتكاب أي جرمية‪ ،‬ورمبا هلذا السبب تعترب‬
‫(‪)1‬‬
‫حتديدا‪.‬‬
‫اهلند من أعلى املعدالت عامليًا يف ارتكاب اجلرمية وجرمية االغتصاب ً‬
‫واهلند من أعلى الدول يف معدالت جرائم االغتصاب اجلماعي‪.‬‬
‫‪ -7 s‬ما هو مصدر فكرة تكرار الوالدات وتناسخ األرواح عند‬
‫اهلندوس؟‬

‫ال أحد يعرف كيف نشأت هذه األفكار وال من الذي أسسها‪ ،‬وال ما‬
‫هو دليله على ذلك‪.‬‬
‫وال يوجد دليل على تكرار الوالدات يف الفيدات‪ ،‬وال توجد كلمة واحدة‬
‫عن تناسخ األرواح يف الفيدات‪ ،‬ومل تظهر هذه األفكار إال يف فلسفات‬
‫البوراانت ‪ Puranas‬املتأخرة‪.‬‬
‫وال يستبعد أن تكون هذه األفكار قد قفزت إىل ذهن أحد النساك‬

‫‪(1) https://en.wikipedia.org/wiki/Rape_in_India‬‬
‫‪27‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫اهلندوس‪ ،‬كنوع من التخيالت نتيجة اجللوس لفرتات طويلة بدون أكل أو‬
‫شرب كما جيري يف طقوس الرباان ‪.Prana‬‬
‫ومن املعلوم أن طقوس الرباان تشتمل على اجللوس لفرتات طويلة يف وضع‬
‫معني دون أكل أو شرب‪.‬‬
‫وهذا السكون التام لساعات يف وضعية معينة بدون طعام أو شراب‪،‬‬
‫يؤدي مع الوقت إىل خلل يف أيوانت الدماغ بسبب نقصان جلكوز الدم‬
‫فتحصل إفرازات غري منضبطة من هرمون اإلندورفني وتبدأ حتصل مشاعر‬
‫(‪)1‬‬
‫هلوسة حقيقية‪.‬‬
‫فما يراه النساك وما سطروه يف البوراانت من تكرار الوالدات هو أقرب إىل‬
‫اهللوسة أو التخدير الدماغي‪.‬‬
‫وهذا بتقرير العلم احلديث‪ ،‬حيث أنَّه طب ًقا للمركز الوطين األمريكي‬
‫لبحوث التقانة احليوية‪ ،‬وهو موقع حكومي ويعد من أكرب املراجع البحثية‬
‫الطبية يف العامل‪ ،‬يقرر أن نقص اجللوكوز يف الدم لفرتات طويلة هبذه الصورة‬
‫(‪)2‬‬
‫يؤدي إىل اهللوسة‪.‬‬
‫قال اإلمام الذهيب رمحه هللا‪" :‬مث العابد العري من العلم‪ ،‬مىت زهد وتبتل‬

‫(‪https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/8931651)1‬‬
‫( موقع املركز الوطين األمريكي بلحوث اتلقانة احليوية وهو موقع حكويم ويعد من أكرب املراجع‬
‫ابلحثية الطبية يف العالم)‪.‬‬
‫)‪ (2‬املصدر السابق‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫وجاع‪ ،‬وترك اللحم والثمار‪ ،‬واقتصر على الدقة والكسرة‪ ،‬الزمته خطرات النفس‬
‫ووجل الشيطان يف ابطنه وخرج‪ ،‬فيعتقد أنه قد وصل‪ ،‬وخوطب وارتقى‪ ،‬فيتمكن‬
‫(‪)1‬‬
‫منه الشيطان ويوسوس له"‪.‬‬
‫لذلك َّ‬
‫حذر اإلسالم من التقشف هبذه الصورة والتشديد على النفس هبذا‬
‫الشكل‪.‬‬
‫فهذا التشديد على النفس يؤدي خللل التصورات وفساد الدين مع الوقت‪.‬‬
‫أ َ أ َ َ َ َ َّ َّ َ أ َ‬
‫﴿قل من ح َّرم ِزينة اللـ ِه ال ِِت أخ َرج‬‫قال هللا عز وجل يف القرآن الكرمي‪:‬‬
‫َ َ َّ ِّ َ‬
‫الر أز ِق﴾ [‪ ]٣٢‬سورة األعراف‪.‬‬
‫َ ِّ‬
‫ات مِن ِ‬
‫ل ِ ِعبا ِده ِ والطيِب ِ‬

‫وقال رسول هللا ﷺ‪" :‬ال تشددوا على أنفسكم ؛ فيشدد هللا ْ‬
‫عليك ْم ‪،‬‬
‫قوما شدَّدوا على أنفسهم ‪ ،‬فشدَّد هللا عليهم فت ْلك بقاايهم يف الصوامع‬ ‫فإ َّن ً‬
‫َ َ أ َ َّ ً أ َ َ َ َ َ َ أ َ َ َ أ‬
‫(‪)2‬‬
‫اها َعلي ِه أم﴾ [‪ ]٢٧‬سورة احلديد"‪.‬‬ ‫والداير ﴿ورهبانِية ابتدعوها ما كتبن‬

‫فهذا التشدد ولَّد هلوسات أفرزت هذه التصورات املخالفة للفيدا واليت‬
‫أصبحت اليوم أحد أصول اهلندوسية‪.‬‬
‫ولو نظران يف املقابل إىل املعجزات احلقيقية اليت يؤيد هللا هبا أنبيائه‪،‬‬
‫فاملعجزات حتدث فجأةً ودون إعداد مسبق‪ ،‬ويراها الناس ويشهدوهنا أبم‬
‫أعينهم‪ ،‬وال ميكن للبشر أن أيتوا مبثلها!‬

‫(‪ )1‬سري أعالم انلبالء‪ ،‬ترمجة أمحد ابن أيب احلواري‪ ،‬نقال عن موقع د‪.‬فوز كردي‪.‬‬
‫)‪ (2‬سنن أيب داود‪ ،‬ح‪ ،4904 :‬درجة احلديث‪ :‬صحيح‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫وهذا هو الفرق بني أخبار األنبياء وأخبار الرائني من نساك اهلندوس‪.‬‬


‫‪ -8 s‬كيف ينظر اهلندوس إىل الكون؟‬

‫طب ًقا للفلسفة اهلندوسية فإن الكون يف حالة احنالل مث يعاود الظهور مرةً‬
‫أخرى‪ ،‬وهكذا بطريقة دائمة‪.‬‬
‫حيث يتشكل الكون مث ينحل مث يعاد تشكله وهكذا‪.‬‬
‫وهذا التصور عن الكون الذي ينحل مث يتشكل‪ ،‬هو خطأ علمي‪.‬‬
‫فالكون علميًا مل تسبقه أكوان أخرى‪ ،‬بل هو مفطور ومبدع على غري‬
‫مثال سابق‪.‬‬
‫وهذه هي عقيدة املسلمني اليت أخرب هبا رجل يرعى الغنم على قراريط‬
‫عاما يدعى حممد بن عبد هللا رسول هللا ونيب اإلسالم‬ ‫ألهل مكة منذ ‪ً 1400‬‬
‫أبن هذا الكون مبدع على غري مثال سابق‪ ،‬فقال هللا‬ ‫ﷺ‪ ،‬لقد أوحى هللا له َّ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ ى َ أ َ َّ َ َ‬ ‫أَ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ‬
‫ض أم ًرا فإِنما يقول ل‬ ‫ات َواأل أر ِض وإِذا ق‬
‫تعاىل يف القرآن الكرمي ﴿بدِيع السماو ِ‬
‫َ‬
‫كن ف َيكون﴾ [‪ ]١١٧‬سورة البقرة‪.‬‬
‫‪ -9 s‬مِم يتشلك جسم اإلنسان يف اهلندوسية؟‬

‫يتشكل جسم اإلنسان يف اهلندوسية من قوى العناصر اخلمسة‪ :‬املاء‬


‫واألرض واهلواء والنار واألثري‪.‬‬
‫وكل الكون بكل ما فيه جاء من هذه العناصر اخلمسة‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫ولكل عنصر من العناصر اخلمسة ما يقابله من الكواكب‪ ،‬فاملريخ انري‬


‫وزحل أرضي‪ ،‬ولكل عضو يف اإلنسان ما يقابله من العناصر اخلمسة فالطحال‬
‫أرضي والقلب انري‪.‬‬
‫وكل ما يف الوجود يصنف وفق العناصر اخلمسة حىت األزمنة‪ ،‬وما الداء‬
‫عندهم إال خلل يف توازن العناصر اخلمسة‪.‬‬
‫وقد شاعت فكرة العناصر اخلمسة من خالل الرباان ‪ Prana‬اليت متثل‬
‫طقوسا جتويعية وجلسات سكون اتم لساعات طويلة‪.‬‬
‫ً‬
‫ولألسف انتشرت فكرة العناصر اخلمسة يف العامل وترتب عليها كثري من‬
‫علوم العالج ابلطاقة‪.‬‬
‫فأصل علوم العالج ابلطاقة واملاكروبيوتك والفينج شوي والعالج ابأللوان‬
‫وغريها من املمارسات تقوم على ضبط هذه العناصر‪.‬‬
‫فضبط هذه العناصر اخلمسة عندهم جيلب الرزق ويدفع الشر‪.‬‬
‫ويف املعابد اهلندوسية اليوم يتم التدليك لضبط هذه العناصر اخلمسة‪،‬‬
‫ابعتبار أن هذا عالج لكثري من األمراض‪.‬‬
‫وهذه الفكرة فكرة العناصر اخلمسة ال تنتمي للعلم يف شيء‪.‬‬
‫وال عالقة هلا ال ابلفيزايء وال الطب‪.‬‬
‫بل إن العلم حيكم عليها وعلى املمارسات املرتبطة هبا أبهنا نوع من اخلرافة‬

‫‪31‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫والوهم والدجل‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫علما زائ ًفا‪.‬‬
‫فقد مت تصنيف فكرة العناصر اخلمسة ابعتبارها ً‬
‫(‪)2‬‬
‫ومت احلكْم على املمارسات املرتبطة هبا على أهنا خيال وتومهات‪.‬‬
‫ورمبا تكون فكرة العناصر اخلمسة قد قفزت لذهن أحد الن َّساك بنفس‬
‫الطريقة اليت قفزت هبا فكرة الوالدت املتكررة وتناسخ األرواح‪ ،‬فال دليل عقلي‬
‫وال علمي وال منطقي عليها‪.‬‬
‫فهي جمرد فكرة ختيلية‪.‬‬
‫أن ممارسات هذه الفكرة هي جمرد طلسمات وثنية وتعلٌّق‬ ‫واملشكلة َّ‬
‫ابلكواكب واألشكال والرموز واأللوان والتمائم اليت ما أنزل هللا هبا من‬
‫(‪)3‬‬
‫سلطان‪.‬‬
‫وقد سبق اإلسالم العلم احلديث يف التحذير من هذه املمارسات املرتبطة‬
‫بفكرة العناصر اخلمسة‪ ،‬فهذه املمارسات تؤدي إىل أتخر تلقي العالج‬
‫الصحيح‪ ،‬وتؤدي لعيش اإلنسان يف أوهام موزاية للعامل الواقعي‪ ،‬وتؤدي لتعلق‬
‫حذر اإلسالم أشد التحذير من هذه املمارسات‪ ،‬قال‬ ‫اإلنسان بغري هللا‪ ،‬لذلك َّ‬
‫ٌ َّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫واكفر فأما‬ ‫مؤمن يب‬ ‫هللا عز وجل يف احلديث القدسي‪« :‬أصبح من عبادي‬

‫‪(1) "Energy – (according to New Age thinking)", The Skeptic's Dictionary,‬‬


‫‪2011-12-19.‬‬
‫‪(2) "Some Notes on Wilhelm Reich, M.D", Quackwatch.org, 15-02-2002.‬‬
‫(‪ )3‬قمت بمناقشة مسألة العالج بالطاقة يف كتاب اكمل مستقل بعنوان‪ :‬اإلحلاد الرويح‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫ٌ‬
‫مؤمن يب ٌ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫بالكوكب‪ ،‬وأما من‬
‫ِ‬ ‫َكفر‬ ‫بفضل اَّللِ ورْحتِ ِه فذلك‬
‫ِ‬ ‫من قال م ِطرنا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)1‬‬
‫بالكواكب»‪.‬‬
‫ِ‬
‫ٌ‬
‫مؤمن‬ ‫فذلك ٌ‬
‫َكفر يب‬ ‫قال م ِطرنا بن أو ِء كذا وكذا‬

‫فمن آمن ابلكواكب وأتثريها على البشر و َّأهنا تتدخل يف األرزاق فقد كفر‬
‫ابهلل‪ ،‬ومن آمن ابهلل فقد كفر بتدخل الكواكب يف أقدار البشر‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ََ‬ ‫َّ‬
‫(‪)2‬‬
‫رشك»‪.‬‬ ‫مائم‪ ،‬واتلي َولة‬
‫الرىق‪ ،‬واتلَّ َ‬
‫وقد قال رسول هللا ﷺ‪« :‬إن ُّ‬

‫لذلك املسلم ال يصدق خرافة أتثري العناصر اخلمسة والطلسمات والتمائم‬


‫املرتبطة هبا‪.‬‬
‫إن اإلسالم يقرر َّ‬
‫أن صناعة الطالسم واألشكال اهلندسية وبندوالت‬ ‫بل َّ‬
‫الطاقة وغريها من األمور املرتبطة ابلعناصر اخلمسة‪ ،‬واعتقاد َّ‬
‫أن هذه‬
‫مضارا هو عني الشرك والكفر ابهلل‪.‬‬
‫منافعا أو تدفع ً‬
‫الطلسمات تورث ً‬
‫وقد رأى رسول هللا ﷺ رجالً ويف يده حلقة من ص ْفر فقال‪« :‬ما هذا؟‬
‫أ‬ ‫َ َّ َ أ‬ ‫أ‬ ‫َّ أ ً‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬مِن الواهن ِة قال‪ :‬ما تزيدك إال َوهنا‪ ،‬انبِذها عنك فإنك إن تمت ويه‬
‫أ‬
‫(‪)3‬‬
‫عليك و ُِك َت عليها»‪.‬‬
‫ً (‪)4‬‬
‫ويف رواية‪« :‬فإنك لو مت ويه عليك ما أفلحت أبدا»‪.‬‬

‫(‪ )1‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.71:‬‬


‫(‪ )2‬صحيح اجلامع‪ ،‬ح‪.1632 :‬‬
‫(‪)3‬صحيح ابن حبان‪ ،‬ح‪.6085:‬‬
‫(‪)4‬صحيح من رواية اهليتيم امليك‪ ،‬الزواجر‪ ،‬م‪ 1‬ص‪.166‬‬

‫‪33‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه هللا‪« :‬صناعة طالسم تورث منافع‬
‫(‪)1‬‬
‫وتدفع مضار هذا هو الشرك األكرب»‪.‬‬
‫وهذه هي نفس العقيدة اليت تقررها البهاغافاد غيتا ‪Bhagavad‬‬
‫‪ भगवद्गीता Gītā‬حيث تقول‪" :‬الذين يعبدون اآلهلة ينالون اآلهلة‪،‬‬
‫والذين يعبدون األسالف ينالون األسالف‪ ،‬والذين يعبدون الشيطان ينالون‬
‫(‪)2‬‬
‫الشيطان‪ ،‬والذين يعبدونين جيدونين"‪.‬‬
‫فكل من يتعلق بغري هللا من هذه الطلسمات فهو عابد لغري هللا‪.‬‬
‫ومصريه طب ًقا للفيدا اخللود يف النار‪ ،‬تقول اليجر فيدا‪" :‬الذي يعبد من‬
‫دون هللا األشياء املصنوعة‪ ،‬فهو يغرق يف الظلمات ويذوق عذاب النار‬
‫(‪)3‬‬
‫أحقااب"‪.‬‬
‫ً‬
‫ً‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫أَ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َّ‬
‫ِيعا﴾ [‪ ]٣١‬سورة الرعد‪.‬‬
‫قال ربنا سبحانه ﴿بل ل ِلـ ِه األمر َج‬
‫أ‬ ‫أ َ‬ ‫َ‬
‫سألت فاسأل َ‬
‫اهلل ‪ ،‬وإذا استعنت فاست ِعن‬ ‫ِ‬ ‫وقال النيب ﷺ‪« :‬إذا‬
‫(‪)4‬‬
‫باهللِ»‪.‬‬
‫لذلك املسلم ال يصدق خرافة أتثري العناصر اخلمسة والكواكب‬
‫والطلسمات والتمائم‪ ،‬بل هو يعتقد َّأهنا عني الوثنية والضالل والدجل واخلرافة‪.‬‬

‫(‪ )1‬جمموع الفتاوى‪ ،‬م‪9‬ص‪.34‬‬


‫(‪ )2‬بهااغفاد غيتا‪.25-9 ،‬‬
‫(‪ )3‬جير فيدا‪ ،‬سوكت‪ ،40:‬منرتا‪.9:‬‬
‫)‪ (4‬سنن الرتمذي‪ ،‬ح‪ ،2516:‬صحيح‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫‪ -10 s‬ما يه صورة املجتمع اهلندويس؟‬

‫نظرا إلميانه بفكرة تناسخ األرواح وفكرة الكارما هو‬


‫اجملتمع اهلندوسي ً‬
‫جمتمع طبقي ال حمالة‪.‬‬
‫حيث أن اإلنسان الفاسد سيولد الوالدة التالية يف طبقة أدىن مما كان‬
‫عليها‪.‬‬
‫مستحق ملعاانته‪...‬‬
‫ٌ‬ ‫وابلتايل فاملبتلى‬
‫ترسيخ كامل للطغيان يف وجه الفقراء واملبتـلني وعدم االكرتاث‬
‫ٌ‬ ‫وهذا‬
‫هبم‪َّ ...‬‬
‫إن هذا تطبيع صريح مع الطغيان‪.‬‬
‫‪ s‬ويف اهلندوسية ينقسم البرش إىل أربعة طبقات وهم‪:‬‬

‫‪ -1‬الربامهن‪ :‬املعلمون والكهنة‪.‬‬


‫‪ -2‬الكشاتراي‪ :‬احملاربون وامللوك‪.‬‬
‫‪ -3‬الفيشية‪ :‬املزارعون والتجار‪.‬‬
‫‪ -4‬الشودرا‪ :‬العمال‪.‬‬
‫وأقل الطبقات هم‪ :‬املنبوذون الشودرا ممن يتعاطون أعماالً مدنسة –من‬
‫وجهة نظرهم‪ -‬مثل النظافة واخلدمة‪.‬‬
‫وطبقة كل إنسان حتدد نوع عمله ولباسه وطعامه‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫والزواج يتم يف إطار الطبقة الواحدة‪.‬‬


‫حمكوم ابالنتماء إىل أن ميوت إىل الطبقة اليت ولد فيها‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫فاملرء‬
‫وهذا التصور الطبقي انبع كما قلت من اإلميان بعقيدة تناسخ األرواح‬
‫وعقيدة الكارما –العقاب واجلزاء‪ ،-‬فالشودرا يستحق أن يكون من املنبوذين‪،‬‬
‫حتما يف والدات سابقة كان صاحب آاثم‪ ،‬فولد يف هذه الطبقة‪.‬‬
‫ألنه ً‬
‫وهذا التصور املغلوط املشوش يفسد احلياة أبكملها‪ ،‬فبهذا التصور ميكن‬
‫أن نعترب َّ‬
‫أن مساعدة املنبوذين هي نوع من عدم احرتام الكارما‪.‬‬
‫إن هذا نوع من مصاحلة التخلف والظلم والطبقية والطغيان‪.‬‬
‫لقد أنتجت فلسفة تناسخ األرواح وفلسفة الكارما هذه الطبقية‪ ،‬وأنتجتا‬
‫هذا التصور اخلاطيء ألانس مساكني ومرضى وضعفاء‪ ،‬ليس أبيديهم شيء‪.‬‬
‫لقد َّفوتت اهلندوسية فرصة مساعدة هؤالء وتقدمي يد العون هلم‪.‬‬
‫وهذه النظرة اهلندوسية هي نظرة خمالفة لطبيعة الفطرة اإلنسانية‪ ،‬تلك‬
‫الفطرة اليت تدفع حنو العطف على الضعفاء واملساكني واملرضى‪ ،‬وحتث على‬
‫الشعور ابلواجب جتاههم من تقدمي اخلدمات وحماولة رفع ما هبم من أذى‬
‫وبالء‪.‬‬
‫ال أدرى كيف ابتعد اهلندوس عن عقيدة اإلميان ابليوم اآلخر املسطورة يف‬
‫الفيدا‪ ،‬تلك العقيدة اليت تصلح هبا حياة اإلنسان وتصلح هبا نظرته للعامل‪،‬‬

‫‪36‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫فمحاسبة اإلنسان تكون يف اآلخرة بني يدي هللا‪ ،‬وكل البشر يولدون أبرايء‪،‬‬
‫وتقدمي يد العون للمبتلني من الناس هذا يرفع منزلة اإلنسان عند هللا يف اآلخرة‪.‬‬
‫فأي النظرتني أوىل وأصلح لإلنسان وأقرب لفطرته؟‬
‫فلسفة الكارما‪ ...‬أم عقيدة الفيدات؟‬
‫(‪)1‬‬
‫جاء يف الريج فيدا‪" :‬اي هللا أنت تعطي الرجل الصاحل أحسن اجلزاء"‪.‬‬
‫خالدا يف املكان الذي توجد فيه مجيع أنواع املتع‬
‫وجاء فيها‪" :‬اجعلين ً‬
‫(‪)2‬‬
‫والسرور‪ ،‬والذي يعطي فيه ما تشتهيه األنفس"‪.‬‬
‫فهذه عقيدة الفيدا‪.‬‬
‫هناك جنة ينعم فيها الصاحلون‪.‬‬
‫أيضا طب ًقا للفيدا عذاب أعد للمذنبني‪.‬‬
‫وهناك ً‬
‫(‪)3‬‬
‫تقول الريج فيدا‪" :‬مكان غاية العمق بعيد قعره للمذنبني"‪.‬‬
‫فأين هذه األماكن من فكرة تكرار الوالدات وتناسخ األرواح؟‬
‫أين املكان الشديد العمق للمذنبني يف فلسفة الكارما؟‬
‫إذن فلسفة الكارما ككل هي اخرتاع بشري وتصور خمالف لروح الفيدات‪.‬‬

‫(‪ )1‬ريج فيدا‪ ،‬مندل‪ ،1:‬سكوت‪ ،1:‬منرتا‪.6:‬‬


‫(‪ )2‬ريج فيدا‪ ،‬مندل‪ ،9 :‬سوكت‪ ،113 :‬منرتا‪.11-9 :‬‬
‫(‪ )3‬ريج فيدا‪ ،‬مندل‪ ،4 :‬سوكت‪ ،5 :‬منرتا‪.5 :‬‬

‫‪37‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫مجيعا هي‪ :‬اإلميان ابليوم اآلخر واجلنة والنار‪،‬‬


‫لقد كانت عقيدة األنبياء ً‬
‫و َّ‬
‫أن البشر يولدون أبرايء بال ذنب‪.‬‬
‫وهذه هي العقيدة اليت تتفق مع الفطرة وتصاحلها‪ ،‬وختاصم الظلم‬
‫والتخلف والطبقية والطغيان‪.‬‬
‫فدين األنبياء يسعى لالرتقاء ابإلنسان‪ ،‬ويدعو جلعل الناس سواسية‪.‬‬
‫وقيمة اإلنسان يف اإلسالم ليست يف طبقته وال يف شكله وال يف حالته‬
‫الصحية وال يف مستواه املادي وإمنا قيمة اإلنسان بقدر ما يقدم من أعمال صاحلة‪.‬‬
‫واإلسالم يدعو لالرتقاء ابجلميع وجتاهل األنساب واألحساب‪.‬‬
‫عموما‪.‬‬
‫بل ويرفض بشدة فكرة املنبوذين والفكر الطبقي ً‬
‫َ َ‬ ‫َّ َ أ‬ ‫َ‬
‫قال هللا تعاىل يف القرآن الكرمي ﴿يَا أ ُّي َها انلَّاس إِنا َخلق َناكم ِّ ِمن ذك ٍر َوأ َ ى‬
‫نَث‬
‫أ َّ َّ َ‬ ‫َ َّ َ أ َ‬ ‫أ‬ ‫َّ َ أ َ َ‬ ‫وبا َو َق َبائ َِل ِتلَ َع َ‬
‫ً‬ ‫َ َ أَ‬
‫ارفوا إِن أكرمكم عِند اللـ ِه أتقاكم إِن اللـه‬ ‫َوجعلناك أم شع‬
‫َ ٌ َ‬
‫ِيم خبِ ٌْي﴾ [‪ ]١٣‬سورة احلجرات‪.‬‬ ‫عل‬
‫َ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)1‬‬
‫ْسع به ن َسبه»‪.‬‬‫أ أ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ‬
‫وقال رسول هللا ﷺ‪« :‬من بطأ به عمله‪ ،‬لم ي ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫وقال ﷺ‪« :‬ال يأتيين انلاس بأعماهلم وتأتوين بأنسابكم»‪.‬‬
‫فاألنساب ال قيمة هلا وال وزن يف اإلسالم‪.‬‬
‫وقال رسول هللا ﷺ‪« :‬يا أيها انلاس أال إن ربكم واحد‪ ،‬وإن أباكم‬

‫(‪)1‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2699 :‬‬


‫(‪ )2‬حسنه الواديع يف الصحيح املسند‪ ،‬ح‪.1426 :‬‬

‫‪38‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫واحد‪ ،‬أال ال فضل لعريب لَع عجيم‪ ،‬وال لعجيم لَع عريب‪ ،‬وال ألْحر لَع‬
‫(‪)1‬‬
‫أسود‪ ،‬وال ألسود لَع أْحر إال باتلقوي»‪.‬‬
‫ُّ‬
‫الض َع َ‬
‫فاء ‪ ،‬فإنما ترزقون و ت َ‬
‫نَصون‬ ‫ﷺ‪« :‬ابغوين‬ ‫وقال‬
‫(‪)2‬‬
‫بضعفائ ِكم»‪.‬‬
‫ُّ‬
‫الض َع َ‬
‫فاء ‪ ،‬فإنما ترزقون و ت َ‬
‫نَصون‬ ‫فانظر هلذه الصورة «ابغوين‬
‫بضعفائ ِكم»‪ ،‬والصورة اليت ينظرها اهلندوس للضعفاء‪.‬‬
‫لقد جبلت النفس البشرية على العاطفة حنو الفقراء والضعفاء والبسطاء‬
‫والبله من الناس‪ ،‬فمعاندة اهلندوسية احلالية هلذه الفطرة مشكلة حقيقية‪.‬‬
‫‪ -11 s‬هل بالفعل يقدس اهلندوس األبقار؟‬

‫مصدرا للعطاء‪ ،‬وهناك‬


‫ً‬ ‫البقرة يف اهلندوسية هلا تقديس خاص ابعتبارها‬
‫أيضا مسألة أخرى وهي التصور اهلندوسي املعاصر املرتبط َّ‬
‫أبن اإلله حيل يف‬ ‫ً‬
‫خملوقاته مبا فيهم األبقار فيما يعرف بـ‪ :‬فلسفة وحدة الوجود‪ ،‬فالبقرة هلا صور‬
‫خمتلفة من التقديس يف اهلندوسية‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وتقام احتفاالت خاصة لألبقار ابستمرار يف أحناء خمتلفة من اهلند‪.‬‬
‫ويف املقابل قدَّمت الفيدات تنزيه هللا وتعظيمه على كل شيء وعلى كل‬

‫(‪)1‬رواه ابليهيق يف شعب اإليمان واحلديث صحيح‪ ،‬السلسلة الصحيحة‪ ،‬ح‪.2700:‬‬


‫(‪ )2‬سنن أيب داود والرتمذي وصححه األبلاين يف صحيح اجلامع وصحيح أيب داود‪ ،‬ح‪.2594:‬‬
‫(‪ )3‬أسطورة ابلقرة املقدسة‪ ،‬دوجيندرا نارايان (غري مرتجم)‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫خملوق‪.‬‬
‫فقد ورد يف الريج فيدا‪" :‬أان هللا املوجود قبل كل شيء‪ ،‬وأان املالك لكل‬
‫العامل‪ ،‬وأان املنعم احلقيقي واملختار الكل جلميع النعم‪ ،‬فينبغي لكل األرواح ان‬
‫(‪)1‬‬
‫تناديين لإلعانة واإلمداد"‪.‬‬
‫فهذا نص واضح كالشمس ينفي فكرة وحدة الوجود فاهلل هو خالق العامل‬
‫ومستقل عن العامل‪.‬‬
‫أيضا يف هذا النص حتذير من تقديس العامل املادي أو االستغاثة‬ ‫و ً‬
‫ابملخلوقات‪ ،‬فال يتوجه طلب املدد من أحد إال من هللا خالق األبقار وخالق‬
‫كل شيء‪.‬‬
‫وعقيدة التسليم هلل وحده هي جوهر عقيدة اإلسالم‪.‬‬
‫أن األبقار وكل شيء مادي من حولنا هو مسخر لنا‪ ،‬قد‬ ‫فاإلسالم يقرر َّ‬
‫َّ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َّ َ َ‬
‫خلقه هللا بفضله‪ ،‬قال هللا تعاىل يف القرآن الكرمي﴿وسخر لكم ما ِيف السماو ِ‬
‫ات‬
‫َ ً ِّ أ َّ َى َ َ َ ِّ َ أ َ َ َ َّ َ‬ ‫أ‬ ‫أَ‬ ‫َ َ‬
‫ات ل ِقومٍ يتفكرون﴾ [‪ ]١٣‬سورة اجلاثية‪.‬‬ ‫وما ِيف األر ِض َجِيعا ِمنه إِن ِيف ذل ِك ْلي ٍ‬

‫هذه عقيدة اإلسالم وهي فطرة اإلنسان‪.‬‬


‫لن يستطيع اهلندوسي العودة ملا كانت عليه الفيدا من توحيد وتسليم هلل‬
‫إال ابإلسالم‪ ،‬فاإلسالم هو الناطق بكل احلق يف الفيدا وهو الذي يصحح كل‬

‫(‪ )1‬ريج فيدا‪ ،‬مندل‪ ،10:‬سوكت‪ ،48:‬منرتا‪.1:‬‬

‫‪40‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫أخطاء البشر‪ ،‬وينفي كل حتريفات البشر للوحي اإلهلي‪.‬‬


‫‪ -12 s‬لكن اهلندوسية فيها اليشء الكثْي من اتلعفف وحماوالت‬
‫ابلعد عن املعصية‪ ،‬أليست هذه سمة ممزية؟‬

‫قد أشرت ساب ًقا إىل موضوع التشدد الزائد يف اهلندوسية‪ ،‬لكن الذي أود‬
‫أن وخز املعصية وأتنيب الضمري هي أمور طبيعية مرتبطة‬ ‫أن أقوله هنا َّ‬
‫ابلتكليف اإلهلي‪.‬‬
‫فبما أننا مكلفون فنحن نشعر بتأنيب الضمري يف حال ارتكاب أية‬
‫خمالفة‪.‬‬
‫َ‬ ‫أ َ َّ َّ َ َ‬
‫﴿ف ِط َرت اللـ ِه ال ِِت فط َر انلَّاس‬ ‫فهذه فطرة‪ ،‬قال هللا تعاىل يف القرآن الكرمي‬
‫َأ‬
‫َعلي َها﴾ [‪ ]٣٠‬سورة الروم‪.‬‬
‫أمام هذه الفطرة يشعر اإلنسان بوخز الضمري مع أية خمالفة لقيم اخلري‬
‫واحلق‪.‬‬
‫وقد أرشد هللا عز وجل يف الرسالة اخلامتة ‪-‬اإلسالم‪ -‬إىل طريق االستغفار‬
‫أيضا أمر هللا برد املظامل إىل أهلها وهبذا‬
‫والتوبة من خمالفة قيم اخلري واحلق‪ ،‬و ً‬
‫ميحو هللا الذنب‪.‬‬
‫لكننا جند يف اهلندوسية طريقة أخرى ملقاومة الذنب وهي التشديد املبالغ‬
‫فيه على النفس‪ ،‬إىل جانب جمموعة من املمارسات والتأمالت والطقوس‬
‫متاما‪.‬‬
‫السكونية اليت يسكن صاحبها ً‬
‫‪41‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫‪ -13 s‬لكن أليس السكون اتلام واْللسات اتلأملية يف اهلندوسية يه‬


‫أمور جيدة؟‬

‫التأمل يف اهلندوسية كما حيصل يف جلسات اليوجا اليت ظهرت يف فلسفة‬


‫الرباان ‪ Prana‬املتأخرة‪ :‬ليس تدُّبرا ملخلوقات هللا وحكمته‪ ،‬وليس للنظر يف‬
‫بديع صنعه وآالء نعمه‪.‬‬
‫وإمنا التأمل عند هؤالء هو نوع من السكون التام وتفريغ الذهن من أية‬
‫شاردة أو واردة‪.‬‬
‫فهو سكون اتم كسكون املوت يتم فيه إسكات العقل عن التفكري‬
‫‪Silence your Mind During Yoga.‬‬
‫وهذه اجللسات التأملية السكونية الغريبة اليت ظهرت يف عصر ما بعد‬
‫الفيدات‪ ،‬أثَّرت على تفكريهم وبدأت أتتيهم اهلالوس والتخيالت‪ ،‬وبدأت‬
‫الشياطني تعبث يف عقوهلم‪.‬‬
‫وبعضهم يظن أنَّه قام بتحصيل معارف‪ ،‬وما جرى له ليس أكثر من‬
‫هلوسات نتيجة خلل أيوانت الدماغ مع عدم األكل والسكون التام كما‬
‫(‪)1‬‬
‫أوضحت قبل ذلك‪.‬‬
‫فالتأمل السكوين الطويل واجلوع الشديد يؤداين إىل مثل هذه اهلالوس‪،‬‬
‫ويعرتف هبذا أحد أشهر مؤسسي مدارس التأمل السكوين يف العامل ميكاو‬

‫‪)1( https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/8931651‬‬

‫‪42‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫أوسوي ‪.Mikao Usui‬‬


‫حيث قرر أنه بدأ يفقد وعيه ويصاب ابهللوسة بعد ساعات طويلة من‬
‫(‪)1‬‬
‫اجلوع واحلرمان‪ ،‬ويف هذه اللحظة بدأت أتتيه اخلواطر‪.‬‬
‫أكد عامل األمراض النفسية دونوفان راكليف ‪Donovan‬‬ ‫وقد َّ‬
‫‪ Rawcliffe‬يف حبث مستقل أن اخلواطر اليت أتيت نتيجةً هلذه املمارسات ال‬
‫(‪)2‬‬
‫فرق بينها وبني الوهم املرضي الناشيء عن هلوسة‪.‬‬
‫أن أغلب جلسات اليوجا هي جلسات معيبة صحيًا‪،‬‬ ‫أضف إىل ما سبق َّ‬
‫وطول التعود عليها يؤدي إىل االرتباك والتشوش وفقدان اإلحساس ابملكان‬
‫(‪)3‬‬
‫والزمان‪ ،‬وهذا يضعف الذاكرة ويعجل ابلزهامير‪.‬‬
‫لقد ابتعدت اهلندوسية هبذه املمارسات عن الفيدات وابتعدت عن تعاليم‬
‫األنبياء‪.‬‬
‫لقد دعا اإلسالم إىل التفكر والتدبر والتأمل يف خملوقات هللا‪ ،‬وهو تفكر‬
‫وتدبر وأتمل يؤدي إىل عمل وطاعة وشكر هلل واجتهاد يف احلياة‪ ،‬وليس‬

‫ً‬
‫(‪ )1‬الريكي للمبتدئني‪ ،‬ديفيد إف فينلس‪ ،‬ص‪ ،35-30‬نقال عن (اتلطبيقات املعارصة لفلسفة‬
‫االستشفاء الرشقية‪ ،‬د‪.‬هيفاء بنت نارص الرشيد)‪.‬‬
‫‪)2( Rawcliffe, Donovan, (1988), Occult and Supernatural phenomena,‬‬
‫‪Dover Publications, p. 123‬‬
‫‪)3( An introduction to complementary medicine, Simon Borg Olivier, p.290‬‬
‫(نقال عن‪ :‬حركة العرص اجلديد‪ ،‬د‪.‬هيفاء بنت نارص الرشيد)‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫سكون وإسكات للعقل يعقبه سكون‪.‬‬


‫َ‬ ‫َّ َ َ أ‬
‫ِين يذكرون‬ ‫فالتفكر احلق هو الذي يؤدي إىل الطاعة واإلانبة هلل ﴿اَّل‬
‫َّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ أ‬ ‫أ َ َ َ َ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ ً َ ً‬
‫ات َواأل أر ِض َربنا ما‬ ‫ودا َو َ ى‬
‫لَع جنوب ِ ِهم ويتفكرون ِيف خل ِق السماو ِ‬ ‫اللـه قِياما وقع‬
‫ار﴾ [‪ ]١٩١‬سورة آل عمران‪.‬‬ ‫َ َ أ َ َ ى َ َ ً أ َ َ َ َ َ َ َ َ َّ‬
‫خلقت هـذا باطَِل سبحانك ف ِقنا عذاب انل ِ‬
‫فهذا هو التفكر الذي أتى به اإلسالم وهو الذي يتوافق مع طبيعة الفطرة‬
‫اإلنسانية ويعني اإلنسان على شكر نعم هللا احمليطة به والنظر يف هذه النعم‪.‬‬
‫أما جلسات السكون التام يف اهلندوسية احلالية فهي مرابض شيطان‪،‬‬
‫حيث متد الشياطني هؤالء ببعض املدد والرؤى واملكاشفات أثناء جلسات‬
‫التأمل السكوين فتأتيهم اخلواطر بفكرة الوالدات املتكررة واخلواطر بفكرة تناسخ‬
‫األرواح واخلواطر بفكرة وحدة الوجود واخلواطر بفكرة جتسد اإلله يف األصنام‬
‫فيلقي النساك إىل أوليائهم هبذه اخلواطر والتعاليم فيضلوا ويضلوا‪.‬‬
‫اْلربات كما حيصل يف اهلندوسية‬
‫ِ‬ ‫‪ -14 s‬ما العيب يف االنقطاع يف‬
‫اْلايلة؟‬

‫اهلندوسية حتارب الغريزة والشهوة ليس من ابب هتذيبها كما شريعة‬


‫جرا إىل‬
‫اإلسالم ولكن من ابب إحراق اجلسد‪ ،‬فاهلندوسية احلالية جتر اإلنسان ً‬
‫الرهبانية وترك الدنيا‪.‬‬
‫حيث تنظر اهلندوسية إىل َّ‬
‫أن نسيان الغريزة يكون بنسيان اجلسد‪.‬‬
‫فيذهب اهلندوسي الذي يريد املوكشا إىل اخلرابت ليتعفن فيها جسده‪،‬‬
‫‪44‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫ويقضي بقية عمره متسوالً حىت ميوت‪.‬‬


‫وهذا خلل كارثي يدمر اإلنسان واألسرة واجملتمع‪.‬‬
‫فالغريزة والشهوة منحة إهلية لتكوين أسرة وأتسيس جمتمع وللسعي والكد‬
‫وبناء حياة‪.‬‬
‫والغريزة تعاجل بتهذيبها ووضعها يف جماريها الطبيعية‪ ،‬ال أبن حنرق اجلسد‪.‬‬
‫فمن هذا الذي قال أن غاية وجودان تكمن يف أن‪ :‬نتسول وجبة طعام‪ ،‬مث‬
‫نقضي بقية اليوم يف اخلرابت إىل أن منوت؟‬
‫من قال أننا جئنا إىل هذا العامل من أجل أن نرتدي قطعة قماش زعفرانية‬
‫مث ننزوي عن العامل إىل أن أييت املوت؟‬
‫إن أدىن احلشرات أوعى منا ملهمة الوجود وعمارة األرض وإصالح احلياة‪،‬‬
‫فأنت جتد أسراب النحل تعمل يف جهد ونظام خلريها وخري أوالدها‪ ،‬وجتد‬
‫الباكرتاي الدقيقة تنتظم يف األمعاء لتفيد وتستفيد‪.‬‬
‫واحلياة ككل تسري بنواميس وعمل‪.‬‬
‫إن اهلندوسية احلالية تدعو للبطالة والتقاعس والتسول‪ ،‬لقد صار التسول‬
‫يف اهلندوسية منهج حياة‪.‬‬
‫والسؤال هنا‪ :‬ما معىن أن يعتزل اهلندوسي الناس‪ ،‬وأن يتوطن يف رؤوس‬
‫اجلبال واملواضع البعيدة عن العمران‪ ،‬ما هي الفائدة اليت ستعود على الناس من‬

‫‪45‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫ذلك؟‬
‫إن الدين احلق وطريقة احلياة الصحيحة هي طريقة جد ونصيحة وخمالطة‬
‫وإصالح هلم وصرب على أذاهم‪ ،‬وليست تفلتًا منهم يف الوداين‬
‫ٌ‬ ‫للناس‬
‫والصحاري!‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ويصرب لَع أذاهم‬
‫ِ‬ ‫قال رسول هللا ﷺ‪« :‬املسلِم إذا َكن خمالطا انلَّاس‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫خْي َ‬
‫(‪)1‬‬
‫املسلم اَّلي ال خيالط انلَّاس وال يصرب لَع أذاهم»‪.‬‬
‫ِ‬ ‫من‬ ‫ٌ‬

‫‪ -15 s‬ما يه الطريقة األصلح ملقاومة الشهوة واتلخلص من اَّلنوب؟‬

‫أصل مقاومة الشهوة والغريزة هو أصل فطري وأصل تكليفي‪ ،‬واملسلم يلتزم‬
‫بطريقة هتذيب الشهوة كما أمر الوحي اإلهلي‪.‬‬
‫فهناك زواج صاحل‪ ،‬وهناك غض من البصر‪ ،‬وهناك تقوى هلل يف السر‬
‫والعلن‪ ،‬وهناك حتذير إهلي من عقوبة ارتكاب املعصية‪.‬‬
‫وهناك طريقة للتوبة إذا أخطأ اإلنسان وضعفت نفسه‪.‬‬
‫لكن يف اهلندوسية جند الشخص اهلندوسي الذي يريد أن يصل للموكشا‬
‫يرتك زوجته وأوالده ووظيفته وينام على األرصفة ويف اخلرابت ويتسول وجبة‬
‫طعامه‪ ،‬ويظل يف إحراق جسده هبذه الكيفية إىل أن ميوت‪ ،‬فهل هذه طريقة‬
‫سوية لتهذيب النفس؟‬

‫(‪ )1‬صحيح سنن الرتمذي‪ ،‬ح‪.2507 :‬‬

‫‪46‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫إن النساك اهلندوس والذي يزيد عددهم يف اهلند اليوم على ‪ 5‬مليون‬‫َّ‬
‫انسك ال يكتفون إبمث تضييع من يعولون بل هم أبنفسهم يصبحون حباجة إىل‬
‫من يعوهلم ويطعمهم‪.‬‬
‫لقد َّ‬
‫هذب اإلسالم النفس اإلنسانية أبفضل طريقة وأحكم طريقة‪.‬‬
‫فقد َّقرر اإلسالم حرمة تقصري الرجل يف حق من يعول‪ ،‬فقال رسول هللا‬
‫ي‬
‫(‪)1‬‬
‫إثما أن يضي َع َم أن يقوت»‪.‬‬
‫ً‬
‫ﷺ‪« :‬كىف باملر ِء‬

‫أن إصالح النفس وهتذيبها يكون بعمل الصاحلات‬ ‫مث َّقرر اإلسالم َّ‬
‫ومقاومة الشهوة دون مغادرة العامل‪ ،‬فاإلنسان يف اإلسالم ميكنه أن يعيش يف‬
‫جمتمعه وأن يبنيه وأن ينجو عند هللا يف نفس الوقت دون احلاجة إلحراق اجلسد‬
‫هبذه الصورة يف اهلندوسية‪.‬‬
‫َ َّ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ َ أ َ َ َ َ َ َ ِّ َ َ َ َّ أ َ َ أ َ‬
‫﴿وأما من خاف مقام رب ِ ِه ونَه انلفس ع ِن الهوى [‪ ]٤٠‬فإِن‬ ‫قال هللا تعاىل‬
‫أ أ‬ ‫أ َ‬
‫اْل َّنة ِ َ‬
‫يه ال َمأ َو ىى [‪ ﴾]٤١‬سورة النازعات ‪.‬‬ ‫َ‬

‫فاخلوف من هللا وعمل الصاحلات هو طريق اجلنة‪ ،‬ولو كنت تعيش يف‬
‫أحد القصور‪.‬‬
‫ََ أَ َ‬
‫فتهذيب النفس ال يستلزم إحراق اجلسد‪ ،‬قال هللا تعاىل ﴿فَل اقتح َم‬
‫َ أ ََ‬ ‫َ أ َ ٌ َ‬ ‫َ ُّ َ َ‬ ‫َ َأ َ َ أَََ‬ ‫أََََ‬
‫العقبة [‪َ ]١١‬وما أد َراك ما العقبة [‪ ]١٢‬فك َرقب ٍة [‪ ]١٣‬أ أو إِطعام ِيف ي أومٍ ذِي مسغب ٍة‬
‫َ َ‬ ‫َّ َ َ َ َّ َ َ‬ ‫َأ أ ً َ َأََ‬ ‫َ ً َ َأ َ‬
‫ِين آمنوا َوت َواص أوا‬
‫ْتب ٍة [‪ ]١٦‬ثم َكن مِن اَّل‬ ‫[‪ ]١٤‬يتِيما ذا مق َرب ٍة [‪ ]١٥‬أو مِسكِينا ذا م‬

‫)‪ (1‬صحيح سنن أيب داود‪ ،‬ح‪ ،1692 :‬درجة احلديث‪ :‬صحيح‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫أ أ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫َ‬


‫ْح ِة [‪ ]١٧‬أول ىـئِ َك أ أص َحاب ال َمي َم َن ِة [‪ ﴾]١٨‬سورة البلد‪.‬‬
‫َّ أ َ َ َ أ َ أ َ‬
‫رب وتواصوا بِالمر‬
‫بِالص ِ‬
‫فحىت تفوز ابجلنة عليك أن حترر العبيد وتطعم الفقراء وتعمل الصاحلات‬
‫وتوصي الناس ابخلري‪.‬‬
‫هبذا تنجو‪.‬‬
‫وليس أبن تعتزل الناس وتتسول بقية عمرك!‬
‫‪ -16 s‬ملاذا يرفض اإلسَلم اهلندوسية؟‬

‫اعتقاداي‪ ،‬بل صارت‬


‫ً‬ ‫توجها‬
‫اهلندوسية اليوم ليست دينًا وال مذهبًا وال ً‬
‫وطقوسا ال‬
‫ً‬ ‫خليطًا من الفيدات مع فلسفات وتعاليم نساك واتنرتا ابطنية‪،‬‬
‫حصر هلا‪.‬‬
‫ولذلك مل يعد للهندوسية نظام الهويت تعبدي واحد‪ ،‬أو منظومة طقوسية‬
‫حمددة املالمح‪ ،‬أو منهج ديين اثبت‪ ،‬أو هيكل ديين مركزي جيمع اهلندوس‪ ،‬لن‬
‫جتد اليوم شيئًا من ذلك‪ ،‬فأنت حرفيًا أمام شتات من آالف التجمعات الدينية‬
‫(‪)1‬‬
‫متاما!‬
‫املستقلة الهوتياً ً‬
‫مشوش كهذا ما أنزل به من سلطان؟‬
‫فكيف يتعبد هللا بشيء َّ‬
‫وكيف يتخذ هذا اخلليط املشوش من التصورات غاية يف احلياة؟‬
‫جتسدا هلل!‬
‫مث انظر الختاذ اهلندوس احلاليني لألصنام ً‬

‫(‪ )1‬اهلندوس‪ :‬معتقدهم ادليين وممارساتهم‪ ،‬جويلوس ج‪ .‬يلبرن‪ ،‬ص‪.8‬‬

‫‪48‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫جتسيدا له وتقرًاب منه‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أصناما‬


‫ً‬ ‫وقد وصف هللا عز وجل الذين يتخذون‬
‫أَ‬ ‫َّ‬
‫َ َّ َ َ‬ ‫أَ‬ ‫َ َ َّ‬
‫اَتذوا مِن دون ِ ِه أو ِ َيل َ‬
‫اء‬ ‫أبهنم كفار‪ ،‬فقال سبحانه ﴿أال ل ِلـ ِه ا ِّ ِ‬
‫دلين اْلال ِص واَّلِين‬
‫َ‬ ‫َأَ‬ ‫أ َ ى َّ َّ َ َ أ‬ ‫َ َ َ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ َأ‬
‫ىف إِن اللـه حيكم بينه أم ِيف ما ه أم فِي ِه‬ ‫ما نعبده أم إِال ِيلق ِّ ِربونا إِىل اللـ ِه زل‬
‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َّ َ َ أ‬ ‫َأَ‬
‫ـه ال َيهدِي َم أن ه َو َكذ ٌِب كف ٌار﴾ [‪ ]٣‬سورة الزمر‪.‬‬ ‫خيتلِفون إِن الل‬

‫واهلندوس ابختاذ هذه األصنام خالفوا الفيدات كما أوضحت من قبل‪،‬‬


‫برهاان فطرًاي على جعلهم أصنامهم‬ ‫وخالفوا فطرهم‪ ،‬فهم يعلمون أهنم ال ميلكون ً‬
‫َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫َّ َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َّ َ أ َ أ َ أ َ‬
‫جتسيدا هلل ﴿أمن يبدأ اْللق ث َّم ي ِعيده َومن ي أرزقكم ِم َن السماءِ َواأل أر ِض أإِل ىـه‬ ‫ً‬
‫ِني﴾ [‪ ]٦٤‬سورة النمل‪.‬‬ ‫َّم َع اللَّـه قل هاتوا ب أرهانك أم إن كنت أم َصادق َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫وأىن هلم الربهان!‬


‫وأىن هلم الربهان!‬
‫فمشكلة اهلندوسية احلالية أهنا تضخم الوثنية وجتعلها ركنًا من أركان‬
‫الدين‪.‬‬
‫فاألواثن يف كل مكان‪.‬‬
‫ويتجسد اإلله يف الوثن‪.‬‬
‫وهناك آالف األشكال من األواثن والصور واأليقوانت يف اهلندوسية‪.‬‬
‫فاهلندوسية صارت داينة األواثن واملسبوكات البشرية واأليقوانت‪.‬‬
‫أيضا اهلندوسية احلالية تقول بـ‪ :‬وحدة الوجود‪.‬‬
‫ً‬

‫‪49‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫واهلندوسية احلالية تقول بـ‪ :‬أزلية العامل‪.‬‬


‫أيضا هي تؤسس للطبقية‪.‬‬
‫و ً‬
‫واهلندوسية احلالية تقول بتجسد اإلله يف البشر‪" :‬األفااتر"‪.‬‬
‫وتقول بتجسد اإلله يف األصنام واألواثن‪" :‬شاكيت"‪.‬‬
‫واهلندوسية احلالية تقول بـ‪ :‬تناسخ األرواح‪.‬‬
‫وتقول بـ‪ :‬بتكرار الوالدات‪.‬‬
‫وتقول بـ‪ :‬العناصر اخلمسة وما يتبعها من طلسمات ومتائم وتعلق بغري هللا‪.‬‬
‫لكل هذا فاإلسالم يرفض اهلندوسية‪ ،‬فهي خالفت تعاليم األنبياء ونسيت‬
‫التوحيد‪.‬‬
‫واإلسالم يدعو كل هندوسي للعودة هلل من خالل اإلسالم‪ ،‬فلن تكون‬
‫هناك جناة عند هللا بغري ذلك‪.‬‬
‫َ‬ ‫أ‬ ‫َّ‬
‫اإل أسَلم﴾ [‪ ]١٩‬سورة آل عمران‪.‬‬ ‫َّ ِّ َ َ‬
‫قال هللا تعاىل ﴿إِن ا ِ‬
‫دلين عِند اللـ ِه ِ‬
‫أ‬ ‫ً ََ أََ أ‬ ‫َ َ َأَ َأَ أ أ َ‬
‫اإلسَل ِم دِينا فلن يقبل مِنه َوه َو ِيف اْلخ َِرة ِ‬
‫﴿ومن يبتغِ غْي ِ‬ ‫وقال تعاىل‪:‬‬
‫َ َ‬
‫اْلاِس َ‬ ‫أ‬
‫ين﴾ [‪ ]٨٥‬سورة آل عمران‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫مِن‬
‫أَ‬ ‫َ َأ‬ ‫َأ َ أ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أَ َ َ أ َ أ‬
‫ايل أوم أكملت لك أم دِينك أم َوأتممت عليك أم ن ِعم ِِت‬ ‫وقال تعاىل‪﴿ :‬‬
‫أ َ‬ ‫َ‬
‫اإل أسَل َم د ًِينا﴾ [‪ ]٣‬سورة املائدة‪.‬‬ ‫َ َ‬
‫ور ِضيت لكم ِ‬

‫‪50‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫فال جناة للهندوسي وال ألي إنسان إال هبذا الدين‪ ...‬اإلسالم‪.‬‬
‫فاإلسالم ليس دينًا على األرض ضمن األداين‪ ،‬بل هو الدين التوحيدي‬
‫األوحد الذي بعث هللا به مجيع األنبياء‪ ،‬فجميع األنبياء أتوا بدعوة الناس‬
‫للتوحيد ومل يبق على هذا التوحيد النقي اليوم سوى اإلسالم‪ ،‬بينما بقية‬
‫قل أو كثر‪.‬‬
‫الدايانت صار هلا من الشرك نصيب َّ‬
‫فاإلسالم هو عبادة هللا وحده دون كل ما سواه‪ ،‬وطاعة أوامره وترك نواهيه‬
‫والوقوف عند حدوده‪ ،‬واإلميان بكل ما أخرب به مما كان وما يكون‪ ،‬والتربؤ من‬
‫كل األصنام والصور واأليقوانت‪.‬‬
‫َ‬ ‫أ َ َ َ ِّ َ َ ِّ أ َّ َ َّ َ‬
‫سورة‬ ‫صفون﴾ [‪]١٨٠‬‬
‫﴿سبحان رب ِك ر ِب ال ِعزة ِ عما ي ِ‬ ‫قال هللا سبحانه‪:‬‬
‫الصافات‪.‬‬
‫تنزه هللا عما يصفه به اهلندوس من جتسده يف األصنام‪.‬‬
‫َ أ‬
‫﴿ َو َسَل ٌم َلَع الم أر َسل َ‬ ‫َ‬
‫ِني﴾ [‪ ]١٨١‬سورة الصافات‪.‬‬
‫سالم على املرسلني الذين يعرفون الناس برهبم‪ ،‬وينزهونه عن كل نقيصة‪.‬‬
‫‪ -17 s‬ملاذا جيب لَع لك هندويس أن يعتنق اإلسَلم؟‬

‫إىل جانب َّ‬


‫أن اإلسالم هو الدين الذي ارتضاه هللا لعباده وهو الشريعة‬
‫اإلهلية اليت ال يقبل هللا غريها‪ ،‬إىل جانب ذلك فالكتب اهلندوسية واليت رمبا‬
‫يكون فيها من بقااي النبوات ما فيها‪ ،‬نقلت الكثري من البشارات ابإلسالم‬

‫‪51‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫وبقدوم نيب اإلسالم حممد ﷺ‪ ،‬وهذا أدعى العتناق اهلندوسي لإلسالم وعدم‬
‫تردده يف طريق جناته الوحيد بني يدي هللا يوم القيامة‪.‬‬
‫وسأذكر بعض البشارت من الكتب اهلندوسية املقدسة ابإلسالم‪.‬‬
‫لكن قبل الدخول يف البشارات من كتب اهلندوس أود أن نتذكر حال‬
‫تشريعات اهلندوس وكيف حيرق اهلندوسي جسده من أجل أن يتطهر‪.‬‬
‫طقوسا تقشفية غري طبيعية‪.‬‬
‫وكيف ميارس اهلندوس ً‬
‫واحلال ليس ببعيد عن أهل الكتاب‪ ،‬فأهل الكتاب وخاصةً اليهود كانت‬
‫أيضا أغالل كثرية يف الطهارة وقيود شديدة يف املأكوالت‪ ،‬وأغالل‬
‫عليهم ً‬
‫خاصة ابألحكام التشريعية اليت فرضت عليهم لظلمهم وبغيهم وفسادهم‪.‬‬
‫َ أَ َ َأ‬ ‫َ أ ِّ َ َّ َ َ‬
‫ِين هادوا ح َّرمنا علي ِه أم‬
‫يقول هللا عز وجل يف القرآن الكرمي ﴿فبِظل ٍم ِمن اَّل‬
‫َّ َ‬ ‫َّ أ َ أ َ َ ِّ أ َ َ‬ ‫َ ِّ َ‬
‫يل اللـ ِه كثِ ًْيا ﴾ [‪ ]١٦٠‬سورة النساء‪.‬‬
‫ات أحِلت لهم وبِص ِدهِم عن سبِ ِ‬
‫طيِب ٍ‬

‫ويكفيك أن تقرأ يف سفر الالويني ابلتوراة أحكام احليض على املرأة‬


‫اليهودية‪ ،‬تقول التوراة‪:‬‬
‫ضطجع علْيه يف ط ْمثها يكون جن ًسا‪ ،‬وك ُّل ما ْجتلس علْيه يكون‬ ‫و ك ُّل ما ت ْ‬
‫جن ًسا‪.‬‬
‫س فراشها يـ ْغسل ثيابه وي ْستح ُّم مباء‪ ،‬ويكون جن ًسا إىل الْمساء‪.‬‬ ‫وك ُّل م ْن م َّ‬
‫اعا ْجتلس علْيه‪ ،‬يـ ْغسل ثيابه وي ْستح ُّم مباء‪ ،‬ويكون جن ًسا إىل‬
‫س مت ً‬‫وك ُّل م ْن م َّ‬
‫الْمساء‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫وإ ْن كان على الْفراش أ ْو على الْمتاع الَّذي هي جالسةٌ علْيه عْندما مي ُّسه‪،‬‬
‫يكون جن ًسا إىل الْمساء‪.‬‬
‫اضطجع معها رج ٌل فكان ط ْمثـها علْيه يكون جن ًسا سْبـعة أ َّايم‪ .‬وك ُّل‬ ‫وإن ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫ضطجع علْيه يكون جن ًسا‪.‬‬
‫فراش ي ْ‬
‫فكانت هذه األحكام الشديدة لقساوة بين إسرائيل وغلظة قلوهبم‪.‬‬
‫وقد أخربهم هللا يف التوراة‪ ،‬أنَّه سريسل نبيًّا يرفع عنهم كل هذه األغالل‪.‬‬
‫ويف وقت احتضار النيب يعقوب عليه السالم تقول لنا التوراة أنَّه مجع بنيه‬
‫االثين عشر وبدأ يوصيهم‪ ،‬يف وصية يعقوب الشهرية يف التوراة‪ ،‬تقول التوراة‪:‬‬
‫اجتمعوا ألنْبئك ْم مبا يصيبك ْم يف آخر األ َّايم‪.‬‬ ‫ودعا يـ ْعقوب بنيه وقال‪ْ :‬‬
‫اصغ ْوا إىل إ ْسرائيل أبيك ْم‪....‬‬
‫اسعوا اي بين يـ ْعقوب‪ ،‬و ْ‬
‫اجتمعوا و ْ‬
‫ْ‬
‫مجيعا‬
‫مث قال ليهوذا‪ ،‬ويهوذا جد األنبياء‪ :‬داود وسليمان واملسيح عليهم ً‬
‫الصالة والسالم‪.‬‬
‫قال له‪:‬‬
‫يب م ْن يـهوذا وم ْشرتعٌ م ْن ب ْني ر ْجلْيه ح َّىت أيْيت شيلون وله‬
‫ال يـزول قض ٌ‬
‫(‪)2‬‬
‫يكون خضوع شعوب‪.‬‬

‫(‪ )1‬سفر الالويني‪ ،‬إصحاح ‪ ،15‬األعداد ‪.24-20‬‬


‫(‪ )2‬سفر اتلكوين‪ ،‬إصحاح‪ ،49 :‬األعداد‪ 2-1 :‬و‪.10‬‬

‫‪53‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫جدا!‬
‫هذا النص بال خالف بني أهل الكتاب ميثل بشارة عظيمة ومهمة ً‬
‫فهو بشارة عن شخص سيأيت وسوف تنتقل له النبوة وينتقل له احلكم‬
‫والتشريع‪.‬‬
‫يب م ْن يـهوذا‪ :‬القضيب هو صوجلان احلكم‪ ،‬يعين سيكون يف‬
‫ال يـزول قض ٌ‬
‫ذرية يهوذا األنبياء احلكام‪.‬‬
‫ح َّىت أيْيت شيلون وله يكون خضوع شعوب‪.‬‬
‫فمن هو شيلون الذي تنبأ به يعقوب عليه السالم والذي ستخضع له‬
‫الشعوب؟‬
‫قبل أن جنيب عن هذا السؤال علينا أن نعلم َّ‬
‫أن آخر أنبياء بين إسرائيل‬
‫هو املسيح عليه السالم‪ ،‬وكان من نسل يهوذا‪.‬‬
‫مث حصل توقف مفاجيء لألنبياء يف بين إسرائيل!‬
‫وطب ًقا لنبوءة يعقوب عليه السالم فاملفرتض أ ْن يكون قد حصل انتقال‬
‫للحكم والنبوة والتشريع إىل شخص آخر من خارج يهوذا بعد توقف الرسالة يف‬
‫بين إسرائيل‪ ،‬أليس كذلك؟‬
‫ومن البديهي َّ‬
‫أن هذا الشخص ليس هو املسيح‪ ،‬ألن املسيح كان من‬
‫نسل يهوذا!‬
‫وهذا الشخص ستستلم أمته أرض يهوذا نفسها طب ًقا لنبوءة يعقوب "ال‬

‫‪54‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫يب م ْن يـهوذا وم ْشرتعٌ م ْن ب ْني ر ْجلْيه ح َّىت أيْيت شيلون‪ ،‬وله يكون‬
‫يـزول قض ٌ‬
‫خضوع شعوب" ستستلم أمة هذا النيب القادم األرض‪ ...‬ستستلم فلسطني‪،‬‬
‫وستخضع ألمته أكرب االمرباطورايت!‬
‫وقد استلم عمر بن اخلطاب رضي هللا عنه يف خالفته أرض يهوذا ودانت‬
‫بالد الشام والعراق وفارس ابإلسالم‪.‬‬
‫فهذه حقيقة ال حتتاج إيل طول نظر أو حترير!‬
‫إذن التاريخ يقول لنا َّ‬
‫أن النبوءة اليت يف وصية يعقوب لبنيه قد حتققت‪ ،‬ومل‬
‫تنطبق على نيب غري حممد ﷺ ومل حتصل بتفاصيلها ألمة غري أمته!‬
‫لكن ما معىن كلمة شيلون؟‬
‫شيلون تعين‪ :‬معطي الراحة أو رافع األغالل ‪Rest-giver‬؛ وهذا هو‬
‫املعىن الذي ذهبت له الكثري من مواقع الدراسات الكتابية املتخصصة يف العهد‬
‫(‪)1‬‬
‫القدمي‪.‬‬
‫فيعقوب عليه السالم يبشرهم ابلشخص الذي سريفع عنهم األغالل‬
‫والقيود اليت كانت عليهم‪.‬‬

‫‪)1( https://www.christiancourier.com/articles/1101-who-is-the-‬‬
‫‪mysterious-shiloh‬‬
‫‪Rest-giver or peace-bringer.‬‬
‫‪http://www.abideinchrist.com/messages/gen49v8.html‬‬
‫‪Shiloh is the man of rest, the giver of rest or rest-bringer.‬‬
‫‪55‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫َ َ‬ ‫َّ َ َ َّ َ َّ َ َّ أ ِّ َّ َّ‬
‫جيدونه‬ ‫ِ‬ ‫ِي‬‫اَّل‬ ‫واآلن لنقرأ قوله تعاىل ﴿اَّلِين يتبِعون الرسول انل َّ‬
‫ِب األ ِِم‬ ‫ِ‬ ‫َأ‬
‫َ َ أ َ أ َ أ َ َ ُّ‬ ‫أَ أ‬ ‫َّ أ َ َ أ‬ ‫َ أ‬ ‫َ أ ً‬
‫وف وينهاهم ع ِن المنك ِر و حيِل‬ ‫يل يأمرهم بِالمعر ِ‬
‫جن ِ‬‫اإل ِ‬
‫مكتوبا عِندهم ِيف اتلورا ة ِ و ِ‬
‫أ َ َ َ َ َ َ َ أ أ أ َ أ َ أ َ أ َ َ َّ َ َ أ‬ ‫َ َأ‬ ‫َّ ِّ َ‬ ‫َ‬
‫ات َو حيَ ِّ ِرم علي ِهم اْلبائ ِث ويضع عنهم إِْصهم واألغَلل ال ِِت َكنت‬ ‫لهم الطيِب ِ‬
‫َأ‬
‫َعلي ِه أم﴾ [‪ ]١٥٧‬سورة األعراف‪.‬‬

‫صره ْم و ْاأل ْغالل الَّيت كان ْ‬


‫ت علْيه ْم‪ :‬لقد أتت شريعة اإلسالم‬ ‫ويضع عْنـه ْم إ ْ‬
‫السمحة اليسرية اليت رفعت كل تلك األغالل والقيود‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫واآلن دعوان ننتقل إىل كتب اهلندوس املقدسة‪.‬‬
‫واهلندوسية هي األخرى كما ذكرت متتليء ابلطقوس العسرية يف إحراق‬
‫الشهوة للتطهر من الذنوب‪.‬‬
‫فتأيت كتب اهلندوس لتبشر بنيب عظيم يضع عنهم إصرهم ويطهرهم من‬
‫ذنوهبم‪.‬‬
‫تقول كتب اهلندوس‪" :‬كالكي يولد يف الثاين عشر من ظهور القمر يف‬
‫(‪)2‬‬
‫شهر مادهو"‪.‬‬
‫وكالكي تعين‪ :‬املطهر من الذنوب‪.‬‬
‫وشهر مادهو‪ :‬هو شهر الربيع احملبب للنفوس‪.‬‬

‫(‪ )1‬قد َّ‬


‫فصلت يف بشارة يعقوب عليه السالم بلنيه‪ ،‬قبل ادلخول يف بشارات اهلندوسية لكونها ديلل‬
‫مستقل ىلع صحة اإلسالم من خارج اإلسالم‪.‬‬
‫(‪ )2‬اكليك بران‪ ،‬أدهياي‪ ،2:‬شلوك‪.15:‬‬

‫‪56‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫فالنيب القادم الذي سيطهرهم من ذنوهبم سيولد يف الثاين عشر من شهر‬


‫الربيع‪.‬‬
‫والنيب حممد ﷺ كما هو معلوم عند مجهور أهل العلم من املسلمني ولد‬
‫(‪)1‬‬
‫يف الثاين عشر من شهر ربيع األول‪.‬‬
‫أما عن مكان ميالده ﷺ فهو يف كتب اهلندوس املقدسة‪" :‬يولد كالكي‬
‫(‪)2‬‬
‫يف قرية مشبهل‪ ،‬عند سدنة البيت‪ ،‬يف بيت رجل يدعى وشنوايش"‪.‬‬
‫أما قرية مشبهل فتعين‪ :‬البلد اآلمن‪.‬‬
‫ً‬ ‫أ َأ َ َ ََ‬ ‫ِّ‬ ‫أ َ َ أ‬
‫﴿ َوإذ قال إب َرا هِيم َرب اجعل ه ىـذا ب ً‬
‫َلا آمِنا﴾ [‪]١٢٦‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والبلد اآلمن هو مكة‬
‫سورة البقرة‪.‬‬
‫والنيب ﷺ ولد يف مكة‪.‬‬
‫أما قول‪" :‬يف بيت رجل يدعى وشنوايش" فكلمة وشنوايش تعين‪ :‬عبد‬
‫هللا‪.‬‬
‫أما أم هذا النيب القادم فتدعى سوميت‪" :‬يولد كالكي يف بيت وشنوايش‬
‫(‪)3‬‬
‫من زوجته سوميت"‪.‬‬

‫ً‬
‫(‪ )1‬صحيح السرية انلبوية‪ ،‬حممد بن نارص األبلاين‪ ،‬ص‪ ،13‬نقال عن كتاب‪ :‬دعوة اهلندوس إىل‬
‫اإلسالم‪ ،‬رسالة دكتوراة من إعداد‪ :‬د‪ .‬إبراهيم عبد الغفور‪ ،‬ص‪.198‬‬
‫(‪ )2‬اكليك بران‪ ،‬أدهياي‪ ،2:‬شلوك‪.4:‬‬
‫(‪ )3‬اكليك بران‪ ،‬أدهياي‪ ،2:‬شلوك‪.11:‬‬

‫‪57‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫وسوميت من األمن‪ ...‬تعين‪ :‬آمنة‪.‬‬


‫ومن املعلوم أن حممد بن عبد هللا ﷺ أمه اسها آمنة‪.‬‬
‫وطب ًقا للهندوسية فإن كالكي سيخرج من قريته مشبهل‪ ،‬وسيحارب‬
‫الشيطان ويقضي على الظالم والفساد والطغيان‪ ،‬مث يعود إليها يف آخر أايمه‪،‬‬
‫وبعد ذلك يرفعه هللا إىل السماء‪.‬‬
‫وكل مسلم يعرف هذه احلقيقة‪ ،‬فالنيب حممد بن عبد هللا ﷺ غادر مكة‬
‫إىل املدينة ونشر التوحيد بني الناس مث عاد ملكة فاحتًا قبل وفاته بسنوات قليلة‪.‬‬
‫وقد أضافت اهلندوسية هلذا النيب القادم صفات ال نوافقهم عليها‪ ،‬مثل َّ‬
‫أن‬
‫كالكي عندهم هو جتسد هلل –كعادهتم‪ -‬تعاىل هللا عن ذلك‪ ،‬وقد فصلنا قبل‬
‫ذلك الرد على هذا االفرتاء من كتب الفيدا‪.‬‬
‫فاهلل ال يتجسد يف خملوقاته وال تسعه ساواته وال أرضه‪.‬‬
‫لكن من الصفات اليت استوقفتين يف كتبهم عن هذا النيب القادم أنه يركب‬
‫(‪)1‬‬
‫فرسا أبيض‪ ،‬وقد كان للنيب ﷺ فرس أبيض يدعى املرجتز‪.‬‬
‫ً‬
‫فرسا‬
‫وتصور متاثيل اهلندوس صورة النيب القادم كالكي على أنه ميتطي ً‬
‫أبيض ويرفع السيف على عاتقه‪ ،‬وكل الصور والتماثيل اهلندوسية اليت رأيتها‬
‫لكالكي تصوره هبذه الصورة‪.‬‬

‫(‪ )1‬رواه احلاكم يف املستدرك وقال‪ :‬هذا حديث صحيح اإلسناد‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫نيب جماهد‪ ،‬وهذه صفة النيب حممد بن عبد هللا ﷺ فقد جاهد‬‫فهو ٌ‬
‫ابلسيف‪ ،‬وحارب أعداء هللا‪.‬‬
‫أيضا من صفات النيب القادم كالكي يف كتبهم أنه‪ُ :‬يرب ابلغيب‪ ،‬ويكون‬
‫ً‬
‫من أشراف قومه‪ ،‬وقليل الكالم وسخي وقوي البنية ومعرتف ابجلميل‪.‬‬
‫لكن من الصفات املميزة له‪" :‬إن كالكي يهلك الشيطان مبساعدة أربعة‬
‫(‪)1‬‬
‫من أصحابه"‪.‬‬
‫وال يرد يف ذهن كل مسلم حني يقرأ هذا النص إال‪ :‬أبو بكر الصديق‬
‫رضي هللا عنه وعمر بن اخلطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أيب طالب‪.‬‬
‫فهؤالء هم أقرب صحابة النيب ﷺ إليه‪ ،‬وهم الذين ساندوه من أول‬
‫دعوته وهم خلفاؤه من بعده‪.‬‬

‫فكان للنيب ﷺ أربعة مميزين ً‬


‫جدا من الصحابة قريبني منه وساندوه يف‬
‫دعوته ابلفعل‪.‬‬
‫وهم الذين قادوا خالفة املسلمني بعد وفاته ابلرتتيب‪:‬‬
‫‪ -1‬أبو بكر الصديق‪.‬‬
‫‪ -2‬عمر بن اخلطاب‪.‬‬
‫‪ -3‬عثمان بن عفان‪.‬‬

‫(‪ )1‬اكليك بران‪ ،‬أدهياي‪ ،2:‬شلوك‪.5:‬‬

‫‪59‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫‪ -4‬علي بن أيب طالب‪.‬‬


‫ومبقتل علي بن أيب طالب رضي هللا عنه‪ ،‬انتهى زمن اخلالفة الراشدة‪.‬‬
‫أيضا أن املالئكة تنزل من السماء لتساعده يف‬
‫ومن سات كالكي ً‬
‫(‪)1‬‬
‫حروبه‪.‬‬
‫وهذه سة من سات اجلهاد اإلسالمي يف عهد النيب ﷺ‪ ،‬حيث نزلت‬
‫َ َّ‬ ‫أ َأ َ‬
‫املالئكة من السماء يف غزواته ﷺ‪ ،‬قال هللا تعاىل ﴿إِذ تست ِغيثون َربك أم‬
‫َ أ ِّ َ أ َ َ َ‬
‫ِكة م أردف َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ أ َ َ َ َ أ َ ِّ‬
‫ِني﴾ [‪ ]٩‬سورة األنفال‪.‬‬ ‫فاستجاب لكم أ ِين م ِمدكم بِأل ٍف ِمن المَلئ ِ ِ‬

‫وكالكي يف كتب اهلندوس سيذهب للجبل ليتعلم من امللك العظيم "براش‬


‫(‪)2‬‬
‫رام" مث يتوجه حنو الشمال مث يعود لقريته قبل أن يرفعه هللا إىل السماء‪.‬‬
‫وبراش رام عند اهلندوس هو‪ :‬ملك عظيم أييت ابلعذاب على الكافرين‪،‬‬
‫وهو عند املسلمني جربيل‪.‬‬
‫وقد ذهب النيب ﷺ ابلفعل إىل جبل حراء ونزل عليه جربيل عليه‬
‫مهاجرا إىل املدينة‪ ،‬مث عاد فاحتًا ملكة‬
‫ً‬ ‫السالم‪ ،‬مث توجه النيب ﷺ حنو الشمال‬
‫قبل وفاته بسنوات قليلة‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وكالكي يف كتب اهلندوس سيكون آخر الرسل‪.‬‬

‫(‪ )1‬اكليك بران‪ ،‬أدهياي‪ ،2:‬شلوك‪.7:‬‬


‫(‪ )2‬اكليك بران‪ ،‬أدهياي ‪ ،3‬شلوك ‪.5-1‬‬
‫ْ‬
‫(‪ )3‬بهاغوت بران‪ ،‬اسكند‪ ،1:‬أدهياي‪ ،3:‬شلوك‪.25 :‬‬

‫‪60‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫َّ َ َ َ َّ ٌ‬
‫أن النيب حممد ﷺ هو آخر األنبياء واملرسلني ﴿ما َكن حممد‬ ‫ومن املعلوم َّ‬
‫ني َو َاك َن اللَّـه بك ِّل َ أ‬ ‫َّ َ َّ َ َ َ‬
‫ات َم انلَّب ِّي َ‬ ‫ى‬ ‫أ ََ‬ ‫َ َ َ َ ِّ ِّ َ‬
‫َش ٍء‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫خ‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ـ‬‫الل‬ ‫ول‬‫س‬‫ر‬ ‫ن‬‫ك‬‫ِ‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫م‬‫ِك‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫ج‬ ‫أبا أح ٍد ِمن ِر‬
‫َ ً‬
‫ِيما﴾ [‪ ]٤٠‬سورة األحزاب‪.‬‬ ‫عل‬

‫وقد وردت صفة النيب القادم يف كتب اهلندوس أنَّه‪ :‬كثري احلمد‪...‬‬
‫نراشْنس‪.‬‬
‫فـ‪ :‬نراشنس تعين‪ :‬كثري احلمد‪.‬‬
‫أي حممد أو أمحد‪.‬‬
‫وكال اإلسني مها لرسول هللا ﷺ فهو‪ :‬حممد وهو أمحد‪.‬‬
‫ومن صفات نراشنس أنَّه‪" :‬يكون مركبه اإلبل‪ ،‬وتكون له اثنتا عشرة‬
‫(‪)1‬‬
‫زوجة‪ ،‬وهو ميس السماء مبركبته مث ينزل"‪.‬‬
‫وهذه الصفات ال تنطبق على أحد سوى النيب حممد ﷺ‪.‬‬
‫فأما مركبه اإلبل فهذا معلوم عن حاله ﷺ‪ ،‬وهذا ابملناسبة فيه إشارة‬
‫مهمة وهي على الرغم من حديث كتب اهلندوس أنَّه سيكون آخر األنبياء‪ ،‬إال‬
‫(‪)2‬‬
‫أنه سيبعث قبل السيارات والطائرات‪.‬‬
‫وفيه إشارة أخرى وهي َّ‬
‫أن هذا النيب القادم سيكون من خارج اهلندوس‬

‫(‪ )1‬أتهر ويد‪ ،‬اكند‪ ،20:‬سوكت‪ ،127:‬منرتا‪.2:‬‬


‫(‪ )2‬دعوة اهلندوس إىل اإلسالم‪ ،‬رسالة دكتوراة من إعداد‪ :‬د‪ .‬إبراهيم عبد الغفور‪ ،‬ص‪.215‬‬

‫‪61‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫الربامهة َّ‬
‫ألهنم حيرمون اإلبل‪.‬‬
‫أن له اثنيت عشرة زوجة فهذا معلوم من سرية النيب حممد ﷺ‪.‬‬
‫وأما َّ‬
‫وأما كونه ميس السماء مبركبته مث ينزل‪ ،‬فهذا حال رحلة اإلسراء واملعراج‬
‫اليت يؤمن حبصوهلا للنيب ﷺ كل مسلم‪ ،‬حني صعد ﷺ إىل السماء‪.‬‬
‫وتتحدث كتب اهلندوس املقدسة يف نفس الفصل عن هجرة نراشنس‬
‫خريا فتقول‪" :‬أيها الناس وقروا نراشنس أان أحفظ ذلك املهاجر مقيم‬
‫وتثين عليه ً‬
‫(‪)1‬‬
‫األمن"‪.‬‬
‫ذلك املهاجر‪ :‬من أعظم أحداث السرية النبوية هجرة النيب حممد ﷺ من‬
‫مكة إىل املدينة لينشر األمن والتوحيد بني الناس‪.‬‬
‫ويف املنرتا التالية تتحدث عن جهاده ﷺ فتقول‪" :‬املسبح مع املسبحني‬
‫(‪)2‬‬
‫ُيرج للحروب ويؤمن الناس"‪.‬‬
‫فهو نيب جماهد ينشر األمن بني الناس جبهاده يف سبيل هللا‪.‬‬
‫وهناك عشرات النصوص ابلبشارت ابإلسالم وبنيب اإلسالم وبسريته‬
‫وبدعوته ومبكة املكرمة يف كتبهم‪.‬‬
‫وقد ُيتلف بعض اهلندوس مع بعض هذه النصوص‪ ،‬وقد ينكروا كوهنا‬

‫(‪ )1‬أتهر ويد‪ ،‬اكند‪ ،20:‬سوكت‪ ،127:‬منرتا‪.1:‬‬


‫(‪ )2‬أتهر ويد‪ ،‬اكند‪ ،20:‬سوكت‪ ،127:‬منرتا‪ 5:‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫تشري إشارة صرحية إىل النيب ﷺ‪ ،‬وهذه أمور ال ينبغي أن تشغل اهلندوسي‬
‫كثريا‪ ،‬فهذه البشارات يف األساس هي من ابب االستئناس ال‬
‫الباحث عن احلق ً‬
‫أكثر‪ ،‬ولذلك مل أطيل يف سرد البشارات على كثرهتا وتنوعها‪ ،‬ألن أعظم برهان‬
‫على صحة اإلسالم هو رسالة اإلسالم نفسها ودعوة التوحيد ونداء الفطرة فيه‬
‫وخواء كل دين على األرض من كمال تلبية احلاجة اإلنسانية ملعرفة غاية‬
‫اإلنسان ومآله‪.‬‬
‫فلم يبق على األرض سوى وثنيات مشوشة وشركيات وإحلاد‪ ،‬ومل يبق على‬
‫التوحيد النقي وعلى تنزيه هللا سوى اإلسالم‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َل َول َ أم ي َ أ‬
‫الص َمد [‪ ]٢‬ل َ أم يَ أ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ َ ٌ‬ ‫أ‬
‫ودل [‪َ ]٣‬ول أم يكن ل‬ ‫ِ‬ ‫﴿قل ه َو اللـه أحد [‪ ]١‬اللـه‬
‫َ‬
‫كف ًوا أ َح ٌد [‪ ﴾]٤‬سورة اإلخالص‪.‬‬
‫‪ -18 s‬ما هو اإلسَلم؟‬

‫ج‪ :‬اإلسالم هو‪ :‬االستسالم واخلضوع واالنقياد هلل تعاىل‪.‬‬


‫ً ِّ َّ أ َ أ َ َ َ أ َ َّ َ َ أ ٌ َ َّ َ َ‬ ‫َ َ أ َ أ َ‬
‫قال جل شأنه ﴿ومن أحسن دِينا ِممن أسلم وجهه ل ِلـ ِه وهو حم ِسن واتبع‬
‫َّ َ أ َ َ َ ً َ َّ َ َ َّ أ َ َ َ ً‬
‫ِيم خلِيَل﴾ [‪ ]١٢٥‬سورة النساء‪.‬‬ ‫مِلة إِبرا هِيم حنِيفا واَتذ اللـه إِبرا ه‬

‫ومعىن أ ْسلم و ْجهه للَّـه‪ :‬أي استسلم هلل وانقاد له سبحانه تعاىل وتقدس‬
‫ربُّنا‪ ،‬وهذا أحسن الناس دينًا‪.‬‬
‫َوب َ ِّ أ أ َ‬ ‫أ َى ٌ َ ٌ َ َ َ أ‬ ‫َ َ‬
‫رش المخبِتِني﴾ [‪]٣٤‬‬
‫ِ ِ‬ ‫﴿فإِل ىـهكم إِلـه وا حِد فله أسلِموا‬ ‫وقال تعاىل‬
‫سورة احلج‪.‬‬
‫‪63‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫ومعىن فـله أ ْسلموا أي‪ :‬استسلموا حلكمه‪.‬‬


‫فهذه اآلايت تفيد َّ‬
‫أن معىن اإلسالم هو االستسالم املطلق هلل تعاىل‪،‬‬
‫برضى وقبول‪ ،‬وهذا هو‬
‫جل يف عاله‪ ،‬واالمتثال لشرعه ومنهجه ً‬‫واالنقياد له َّ‬
‫جوهر اإلسالم وحقيقته‪.‬‬
‫فاإلسالم هي االستسالم هلل يف قضائه وشرعه‪.‬‬
‫َ َّ‬ ‫دل َ‬ ‫َّ‬
‫ين عِند اللـ ِه‬ ‫﴿إِن ا ِّ ِ‬ ‫واإلسالم هو دين هللا جلميع البشر‪ ،‬قال تعاىل‬
‫أ َ‬
‫اإل أسَلم﴾ [‪ ]١٩‬سورة آل عمران‪.‬‬
‫ِ‬
‫﴿ َو َمن يَبأ َتغِ َغ أ َ‬
‫ْي‬ ‫فاإلسالم هو الدين الذي ال يقبل هللا غريه من األداين‬
‫َ‬ ‫َ أَ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫أََ أ‬ ‫ً ََ‬ ‫أ أ َ‬
‫سورة آل‬ ‫اإلسَل ِم دِينا فلن يقبل مِنه َوهو ِيف اْلخ َِرة ِ مِن اْل ِِ‬
‫اِسين﴾ [‪]٨٥‬‬ ‫ِ‬
‫عمران‪.‬‬
‫واإلسالم هو الدين الذي أرسل هللا به مجيع األنبياء والرسل‪ ،‬فدين األنبياء‬
‫واحد وهو اإلسالم‪ ،‬وكل األنبياء أتوا ابلتوحيد وإن اختلفت شرائعهم‪.‬‬
‫َ َ َّ َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َأ َ‬
‫ِك مِن َّ‬ ‫َ َ َأ َ أَ‬
‫وِح إ ِ أيل ِه أنه ال إِل ىـه‬
‫ول إِال ن ِ‬
‫ٍ‬ ‫س‬‫ر‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ا‬ ‫ن‬‫﴿وما أرسل‬ ‫قال هللا تعاىل‬
‫َّ َ َ َ أ‬
‫ون﴾ [‪ ]٢٥‬سورة األنبياء‪.‬‬
‫إِال أنا فاعبد ِ‬

‫ومل يبق على هذا التوحيد دين سوى اإلسالم‪.‬‬


‫اإلسالم هو الدين التوحيدي األوحد اليوم على األرض‪.‬‬
‫نصيب ق َّل أو‬
‫ٌ‬ ‫بينما كل املنتسبني للشرائع األخرى أصبح هلم من الشرك‬

‫‪64‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫كثر‪ ،‬فبعد موت األنبياء وبعد أن تركوا الناس على التوحيد اختذ الناس مع‬
‫الوقت الشركيات‪ ،‬ومل يبق اليوم على التوحيد النقي الذي جاء به األنبياء دين‬
‫سوى اإلسالم‪.‬‬
‫لذلك أعظم دليل على صحة اإلسالم ينبغي أن يلتفت له اهلندوسي هو‬
‫رسالة هذا الدين التوحيدية النقية‪.‬‬
‫‪ -19 s‬هل يف اإلسَلم جواب لألسئلة الِت حارت العقول يف اإلجابة‬
‫عنها‪ :‬مِن أين جئنا؟ وملاذا َنن هنا يف هذا العالم؟ وإىل أين املصْي؟‬

‫ج‪ :‬االسالم أجاب عن كل هذه األسئلة يف آية واحدة من القرآن الكرمي‪،‬‬


‫َ َ َ َ َأ أ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ َ َ أ‬
‫قال ربنا سبحانه ﴿وما ِِل ال أعبد اَّلِي فطر ِين وإِيل ِه ترجعون﴾ [‪ ]٢٢‬سورة‬
‫يس‪.‬‬
‫من أين جئت؟ هللا خلقين (الَّذي فطرين)‪.‬‬
‫وإىل أين أان ذاهب؟ سوف أذهب إىل هللا ألحاسب على عملي (وإلْيه‬
‫تـ ْرجعون)‪.‬‬
‫ملاذا جئت إىل هذا العامل؟ لعبادة هللا وألخترب‪.‬‬
‫ملاذا أعبد هللا؟ من الطبيعي أن أعبد هللا الذي فطرين‪ ،‬فهذه طبيعة العالقة‬
‫بني العبد وربه‪ ...‬أ ْن يعبد العبد ربه وخالقه (وما يل ال أ ْعبد الَّذي فطرين)‪.‬‬
‫َ َ َ َ‬
‫ِل ال‬
‫﴿و م ا ِ‬ ‫آية واحدة مجعت جواب أهم ثالثة أسئلة حيار فيها البشر‬

‫‪65‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫َ َ َ أ أ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ أ‬


‫ون﴾ [‪ ]٢٢‬سورة يس‪.‬‬‫أعبد اَّلِي فطر ِين وإِيل ِه ترجع‬
‫ً‬
‫‪ -20 s‬كيف علمت أن حممدا ﷺ رسول من عند اهلل؟‬

‫ج‪ :‬تعدُّد دالئل اإلعجاز يفيد التواتر املعنوي واليقني التام‪.‬‬


‫فأرسطو فيلسوف مبجموع أعماله وليس جبملة قاهلا أو حتليل فلسفي‬
‫أجراه‪.‬‬
‫وأبوقراط طبيب مبجموع مشاريعه الطبية وليس جبراحة قام هبا‪.‬‬
‫وكذلك تعدد دالئل اإلعجاز املنقولة عن النيب حممد ﷺ تفيد التواتر‬
‫املعنوي واليقني التام أنَّه نيب‪.‬‬
‫فإذا نظرت يف سريته ﷺ ووجدته صادقًا وقد اشتهر ابلصدق ابعرتاف‬
‫أشد الناس له عداوًة‪ ،‬ومل يرم بكذب وال فجور‪ ،‬مث هو ُيرب ابملغيبات فتقع كما‬
‫هي‪ ،‬وقبل ذلك تتفق عقيدته اليت دعا هلا من أول يوم مع عقيدة األنبياء‬
‫مجيعا‪ ،‬مث هو الذي يبشر األنبياء به وتبشر كتب اهلندوس املقدسة بقدومه ﷺ‬ ‫ً‬
‫قبل أن أييت مبئات السنني‪ ،‬فكل هذا يفيد التواتر املعنوي واليقني التام على‬
‫صحة الرسالة‪.‬‬
‫مث ماذا عن أعظم آية أتى هبا وهي القرآن الكرمي؟‬
‫القرآن الذي حتدى هللا به أهل البيان‪ ،‬أن أيتوا مبثله أو بسورة منه‪ ،‬فما‬
‫فعلوا‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬
‫َّ‬ ‫َ أ َ َ أ ِّ‬ ‫َ ِّ أ َ أ‬ ‫أ َأ‬ ‫َ أ‬ ‫َأ َ‬
‫ون اللـ ِه‬ ‫د‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫ط‬ ‫ت‬ ‫اس‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ع‬ ‫اد‬ ‫و‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ث‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ة‬
‫ٍ‬ ‫ور‬‫س‬ ‫ب‬ ‫ا‬‫و‬‫ت‬‫أ‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫اه‬‫اف َ َ‬
‫ْت‬ ‫ون‬ ‫ول‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫﴿أم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِني﴾ [‪ ]٣٨‬سورة يونس‪.‬‬ ‫إن كنت أم َصادق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ أ َ‬ ‫َأ‬
‫ب ِّ ِم َّما ن َّزنلَا َ ى‬
‫لَع‬ ‫أ‬ ‫َ‬
‫وقال هللا عز وجل يف القرآن الكرمي ﴿وإِن كنتم ِيف ري ٍ‬
‫اءكم ِّمن دون اللَّـه إن كنت أم َصادق َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ِّ ِّ أ َ أ‬ ‫َ أ َ َأ‬
‫ِني‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫ه‬ ‫ش‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫اد‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫ور‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫عبدِنا فأ ِ‬
‫ب‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ت‬
‫َّ أ‬ ‫اْل َِج َ‬ ‫َ أ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َّ‬ ‫َ َ أ َ َ َّ‬ ‫َ َّ َ أ َ‬
‫ارة أعِدت‬ ‫ار ال ِِت َوقودها انلَّاس و‬ ‫[‪ ]٢٣‬فإِن ل أم تفعلوا َولن تفعلوا فاتقوا انل‬
‫ين [‪ ﴾]٢٤‬سورة البقرة‪.‬‬ ‫ل أِل َاكف ِر َ‬
‫ِ‬
‫َ َأ‬ ‫َّ َ أ‬
‫الحظ قوله تعاىل﴿ل أم تف َعلوا َولن تف َعلوا ﴾ [‪ ]٢٤‬سورة البقرة‪.‬‬
‫فما فعلوا‪ ،‬وال قدروا‪.‬‬
‫ومل يزل القرآن الكرمي يتحدى بلغاء املشركني وأهل الفصاحة‪ ،‬وهم يف كل‬
‫هذا انكصون عن معارضته‪ ،‬حمجمون عن مماثلته‪.‬‬
‫يقول د‪.‬عبد هللا دراز رمحه هللا‪" :‬أمل يكن ُيش الرسول ﷺ هبذا التحدي‬
‫أن يثري محيتهم األدبية؟‬
‫مجيع حذرون؛ وماذا عساه يصنع لو أن مجاعة من‬‫فيهبوا ملنافسته وهم ٌ‬
‫كالما يساميه ولو يف بعض نواحيه!‬
‫بلغائهم تعاقدوا على أن ُيرجوا ً‬
‫مث لو طوعت له نفسه أن يصدر هذا احلكم على أهل عصره فكيف‬
‫يصدره على األجيال القادمة؟‬
‫مالئ يديه‬
‫رجل يعرف قدر نفسه إال وهو ٌ‬
‫إن هذه مغامرة ال يتقدم إليها ٌ‬

‫‪67‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫من تصاريف القضاء‪ ،‬وخرب السماء‪ ،‬وهكذا رماها بني أظهر العامل‪ ،‬فكانت‬
‫هي القضاء املربم‪ ،‬فكل من عارضه ابء ابلعجز الواضح‪ ،‬والفشل الفاضح‪ ،‬على‬
‫(‪)1‬‬
‫مر العصور والدهور"‪.‬‬
‫لقد رأى هؤالء املشركون أن جتميع اجليوش وحتزيب األحزاب حملاربة رسول‬
‫هللا ﷺ أهون وأيسر من معارضة القرآن وقبول التحدي‪ ،‬فهذا ابلغ جهدهم‬
‫َ‬ ‫أ َأ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫أَأ‬
‫آن َوالغوا فِي ِه لعلكم تغلِبون﴾ [‪]٢٦‬‬
‫َ َ أ أ‬ ‫َ َأ َ‬ ‫ََ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ‬
‫﴿وقال اَّلِين كفروا ال تسمعوا ل ِه ىـذا القر ِ‬
‫سورة فصلت‪.‬‬
‫مجيعا وال األمم اليت نقل هلا التحدي بشيء يسرتيح له‬
‫فلم أيت العرب ً‬
‫املالحدة ويرحيون به غريهم‪.‬‬
‫يقول األلوسي رمحه هللا‪" :‬فلم ينطق أحد منهم إىل يومنا هذا ببنت شفه‬
‫وال أعرب عن موصوف أو صفة"‪.‬‬
‫َّيب ﷺ يـ ْقرأ يف‬‫قال جبري بن مطعم ومل يكن قد َأسلم بعد‪ :‬س ْعت الن َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫َ‬
‫أ َأ َ أ أ‬ ‫أ‬
‫َش ٍء أم هم اْلال ِقون‬ ‫امل ْغرب ابلطُّور‪ ،‬فـل َّما بـلغ هذه اآلية‪﴿ :‬أم خلِقوا مِن غ ِ‬
‫ْي‬
‫ِّ َ َ أ‬ ‫َ‬ ‫َأ َ‬ ‫َ‬ ‫أ َ َ َ َّ‬ ‫َّ‬
‫الس َم َ‬ ‫َأ َ َ‬
‫ات َواأل أرض بل ال يوق ِنون [‪ ]٣٦‬أم عِنده أم خ َزا ئ ِن َرب ِك أم‬
‫ِ‬ ‫او‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ق‬ ‫[‪ ]٣٥‬أم خل‬
‫َ‬ ‫أ َ أ‬
‫ون [‪ ﴾]٣٧‬سورة الطور‪.‬‬ ‫هم المصي ِطر‬
‫(‪)2‬‬
‫قال‪ :‬كاد قـ ْليب أ ْن يطري"‪.‬‬

‫)‪ (1‬انلبأ العظيم‪ ،‬د‪ .‬عبد اهلل دراز رمحه اهلل‪ ،‬ص‪.45-44‬‬
‫)‪ (2‬صحيح ابلخاري‪ ،‬ح‪.4854 :‬‬

‫‪68‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫فالقرآن فيه أسرار عجيبة تصل للنفس اإلنسانية‪.‬‬


‫أن نساء املشركني كن يزدمحن حول بيت أيب بكر حني يقرأ‬ ‫أتمل كيف َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫القرآن من فرط اجنذاهبن وأتثرهن به‪ ،‬حىت أفزع ذلك رجال قريش‪.‬‬
‫ولذلك اجتمعت كلمة وفود العرب على أال يسمعوا للقرآن وال يسمعوه‬
‫أهليهم‪ ،‬فهذا هو السبيل الوحيد للبقاء على الكفر‪.‬‬
‫ومن عجائب القرآن الكرمي وعجائبه ال تنفد ما ذكره د‪.‬عبد هللا دراز رمحه‬
‫هللا يف قضية نزول آايت القرآن يف أوقات متفاوته‪ ،‬مث يشري النيب ﷺ إىل وضع‬
‫بعض اآلايت يف أماكن حمددة بني السور وآايت آخرى بني سور أخرى‪ ،‬مث‬
‫تظهر يف األخري كل سورة كبناء مستقل‪ ،‬يقول رمحه هللا‪" :‬يف وقت نزول القرآن‬
‫كانت بعض املواضيع يف القرآن تتزايد مبعزل عن مواضيع أخرى‪ ،‬وتكون‬
‫تدرجييًا وحدات مستقلة بعد أن تنضم إليها آايت أخرى نزلت بعدها‪ ،‬وأن‬
‫بعضها كانت تضاف هنا‪ ،‬واألخرى تتداخل مع غريها هناك‪ ،‬حبسب أمر‬
‫الرسول ﷺ الذي كان يتلقاه بدوره من الروح القدس‪.‬‬
‫فإذا أخذان يف اعتباران التواريخ اليت ال حصر هلا ‪ -‬تواريخ نزول آايت‬
‫القرآن الكرمي‪ ،-‬والحظنا أن هذا الوحي كان بوجه عام مرتبطًا بظروف‬
‫ومناسبات خاصة‪ ،‬فإن ذلك يدعوان إىل التساؤل عن الوقت الذي متت فيه‬
‫عملية تنظيم كل سورة على شكل وحدة مستقلة‪.‬‬

‫)‪ (1‬صحيح ابلخاري‪ ،‬ح‪.3905 :‬‬

‫‪69‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫قطعا متفرقة ومرقمة من بناء قدمي‪ ،‬كان يراد إعادة بناؤه‬


‫وكأن القرآن كان ً‬
‫يف مكان آخر على نفس هيئته السابقة‪ ،‬وإال فكيف ميكن تفسري هذا الرتتيب‬
‫الفوري واملنهجي يف آن واحد‪ ،‬فيما يتعلق بكثري من السور؟‬
‫ولكن أي ضمان اترُيي يستطيع أن يتحصل عليه اإلنسان عند وضع‬
‫مثل هذه اخلطة إزاء األحداث املستقبلة‪ ،‬ومتطلباهتا التشريعية‪ ،‬واحللول املنشودة‬
‫هلا‪ ،‬فضالً عن الشكل اللغوي الذي جيب أن تقدم به هذه احللول‪ ،‬وتوافقها‬
‫األسلويب مع هذه السورة بدالً من تلك؟‬
‫أال نستنتج ان اكتمال هذه اخلطة وحتققها ابلصورة املرجوة‪ ،‬يتطلب تدخالً‬
‫(‪)1‬‬
‫من خالق عظيم‪ ،‬تتوفر عنده القدرة على إقامة هذا التنسيق املنشود؟"‪.‬‬
‫فالقرآن معجزة مستقلة على صدق نبوته ﷺ‪.‬‬
‫ومعجزات النيب حممد ﷺ اليت جرت على يديه كثرية تزيد على األلف‬
‫بكثري‪ ،‬والعهد هبا قريب وانقلوها هم أصدق اخللق وأبرهم‪.‬‬
‫وهؤالء الرواة الذين نقلوا إلينا هذه املعجزات كانوا ال جييزون الكذب فيما‬
‫متعمدا فليتبوأ‬
‫ً‬ ‫أن من كذب عليه‬ ‫دق فكيف يكذبون عليه‪ ،‬وهم يعلمون َّ‬ ‫َّ‬
‫مقعده من النار‪ ،‬كما حذر هو ﷺ‪.‬‬
‫وبعض معجزاته ﷺ شهدها آالف الصحابة ممن كانوا حوله ﷺ‪،‬‬
‫وبعضها رواه العشرات منهم فكيف جيمعون على الكذب يف كل هذا؟‬
‫)‪ (1‬كتاب مدخل إىل القرآن الكريم‪ ،‬د‪ .‬عبد اهلل دراز‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫ومثال على معجزاته اليت حضرها مجع كبري من الناس‪ :‬حديث حنني‬
‫اجلذع وهو حديث مشهور متواتر حيث كان النيب ﷺ ُيطب على جذع‪،‬‬
‫فلما عمل له املنرب ورقي عليه وخطب حن اجلذع‪ ،‬وأن أنني الصيب‪ ،‬ومل يزل يئن‬
‫وحين حىت ضمه النيب ﷺ فسكت‪.‬‬
‫هذا احلديث رواه من الصحابة‪ :‬أنس بن مالك‪ ،‬وجابر بن عبد هللا‪ ،‬وعبد‬
‫هللا بن عباس‪ ،‬وعبد هللا بن عمر‪ ،‬وأيب بن كعب‪ ،‬وأيب سعيد‪ ،‬وسهل بن سعد‪،‬‬
‫وعائشة بنت أيب بكر‪ ،‬وأم سلمة‪.‬‬
‫فهل مثل هذا العدد من الصحابة جيمع على الكذب يف رواية خرب كهذا؟‬
‫إن بعض معجزاته شهدها آالف الصحابة مثل نبع املاء من بني‬ ‫بل َّ‬
‫أصابعه الشريفة حىت توضأ منه وشرب ألف ومخسمائة صحايب‪ ،‬واحلديث‬
‫متواتر ورواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫أيضا جاءت به‬‫وتكثري الطعام اليسري ليطعم منه اجليش العظيم وهذا ً‬
‫األخبار املتواترة عن الصحابة‪ ،‬وقد ذكر البخاري وحده معجزات تكثري الطعام‬
‫(‪)1‬‬
‫على يد النيب ﷺ يف مخسة مواضع من صحيحه‪.‬‬
‫فإذا كانت أدلة الصدق اثبتة واملعجزات حافلة على نبوته ﷺ‪ ،‬فأىن‬
‫لعاقل أن يكذب بكل هذا؟‬

‫)‪ (1‬ابلخاري)‪ ، (1217‬ابلخاري )‪ ،(2618‬ابلخاري )‪ ،(3578‬ابلخاري )‪ ،(4101‬ابلخاري‬


‫)‪ .(6452‬ولكها أحداث ووقائع خمتلفة متباينة وهذا يف ابلخاري وحده!‬

‫‪71‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫وهذه أمثلة أخرى يسرية من معجزاته ﷺ‪:‬‬


‫أخرب ﷺ يف ليلة من الليايل أبن رحيًا شديدة ستهب‪ ،‬وهنى الناس عن‬
‫(‪)1‬‬
‫القيام‪ ،‬فقام رجل فحملته الريح وألقته يف مكان بعيد عن مكانه‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وأخرب ﷺ مبوت النجاشي يف اليوم الذي مات فيه‪ ،‬و َّ‬
‫كرب عليه أر ًبعا‪.‬‬
‫وأخرب النيب ﷺ بشهادة عمر وعثمان وعلي وطلحة والزبري رضي هللا‬
‫عنهم أمجعني‪ ،‬وأهنم لن ميوتوا على فـرشهم كما ميوت الناس‪.‬‬
‫فقد صعد رسول هللا ﷺ اجلبل ذات يوم هو وأبو بكر وعمر وعثمان‬
‫وعلي وطلحة والزبري‪ ،‬فتحركت الصخرة‪ ،‬فقال رسول هللا ﷺ للجبل‪" :‬اهدأ‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫صديق أو شهيد"‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫نيب أو‬
‫فما عليك إال ٌ‬
‫فحكم لنفسه ابلنبوة وأليب بكر ابلصديقية وللباقني أبهنم سيكونون‬
‫شهداء‪ ،‬وحصل ما أخرب به ﷺ‪.‬‬
‫وهناك ‪ 150‬حديثًا دعا فيهم النيب ﷺ ربَّه وأجيب يف احلال والناس‬
‫(‪)4‬‬
‫يشهدون!‬

‫(‪ )1‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.3319 :‬‬


‫(‪ )2‬صحيح ابلخاري‪ ،‬ح‪.1333:‬‬
‫(‪ )3‬صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.2417:‬‬
‫(‪ )4‬مجع هذه األحاديث سعبد ين عبد القادر باشنفر‪ ،‬يف كتابه دالئل انلبوة‪ ،‬والكتاب من إصدارات‬
‫دار ابن حزم‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫وحيث سأل أهل َّ‬


‫مكة رسول هللا ﷺ أ ْن يريـهم آيةً‪ ،‬فأراهم القمر شقَّني‪،‬‬
‫حىت ر ْأوا حراءً بينهما‪ ،‬وهذا احلديث متواتر‪ ،‬أي أنه يف أعلى درجات الصحة‪.‬‬
‫وقد كان النيب ﷺ يقرأ سورة القمر اليت فيها معجزة شق القمر يف اجملامع‬
‫الكبار كاجلمع واألعياد ليسمع الناس ما فيها من معجزاته ﷺ وكان يستدل‬
‫هبا على صدق نبوته‪.‬‬
‫مث إخبار النيب ﷺ أبن آدم هو آخر اخللق من الكائنات احلية‪" :‬وخلق‬
‫(‪)1‬‬
‫العصر من يوم اجلمعة ؛ يف آخر اخللق"‪.‬‬
‫آدم بعد ْ‬
‫أثبت أن البشر هو آخر‬
‫وهذه احلقيقة صارت اآلن اثبتة علميًا‪ ،‬فالعلم َّ‬
‫ظهورا على األرض‪ ،‬فكيف علم ﷺ َّ‬
‫أبن آدم عليه السالم‬ ‫الكائنات احلية ً‬
‫ظهورا على األرض بعد ظهور النبات واحليوان؟‬
‫آخر الكائنات ً‬
‫َ َ َ أ َ َّ أ َ َ َّ َ َ َ َ أ َ َ َ َ َ َ َّ أ‬
‫ني فمح أونا آية اللي ِل‬
‫﴿وجعلنا الليل وانلهار آيت ِ‬ ‫وانظر لقول هللا عز وجل‬
‫ً‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫أ‬
‫َو َج َعل َنا آيَة انلَّ َهار مب ِ َ‬
‫َصة﴾ [‪ ]١٢‬سورة اإلسراء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فمح ْوان آية اللَّْيل‪ :‬أي َّ‬
‫أن القمر وهو آية الليل كان مضيئًا مث حمي ضوؤه‪.‬‬
‫وهذا ابلفعل ما فسر به الصحابة اآلية الكرمية فقد روى اإلمام ابن كثري‬
‫أن عبد هللا بن عباس رضي هللا عنهما قال‪" :‬كان القمر يضيء كما‬ ‫يف تفسريه َّ‬
‫تضيء الشمس‪ ،‬وهو آية الليل‪ ،‬فمحي"‪.‬‬

‫(‪ )1‬صحيح اجلامع‪.8188 ،‬‬

‫‪73‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫والعجيب َّ‬
‫أن هذا ما انتهى إليه العلم اليوم‪ ،‬فقد نشرت انسا على موقعها‬
‫الرسي وقناهتا الرسية‪ :‬احلقبة األوىل من عمر القمر وكان فيها مضيئًا‬
‫(‪)1‬‬
‫متوهجا‪.‬‬
‫ً‬
‫فقد ثبت ابلتواتر وقوع اآلايت واإلخبار ابملغيبات ودقائق أسرار األرض‬
‫والسماوات اليت ال حصر هلا على يد رجل واحد ﷺ‪ ،‬ونزول القرآن عليه‪،‬‬
‫مؤيدا من عند هللا ومل ميت حىت متت‬
‫وجاء مبا عليه النبيني من قبله‪ ،‬وكان ً‬
‫الشريعة وكملت‪.‬‬
‫نيب هو رشاد العقل!‬
‫فالقطع أبنه ٌ‬
‫فآايته ﷺ الغيبية تزيد على األلف‪.‬‬
‫ونقلة املعجزات هم صحابته أصدق اخللق وأبرهم بعده‪.‬‬
‫والعجيب أن كبار الصحابة أسلموا قبل أن يروا املعجزات‪ ،‬فهم أسلموا‬
‫أن النيب حممد ﷺ صادق‪ ،‬وأنَّه مل يكذب قط‪.‬‬‫ألهنم يعلمون َّ‬
‫وهذا املوقف من كبار الصحابة هو موقف عقلي حكيم‪ ،‬فصدق النيب‬
‫صلى هللا وعليه وسلم دليل كاف مستقل إلثبات صحة النبوة‪ ...‬وهذا ألن‪:‬‬
‫نيب‪ ...‬فالنيب‬
‫الشخص الذي يدَّعي النبوة إما أن يكون‪ :‬أصدق الناس‪ ،‬ألنه ٌّ‬
‫هو أصدق الناس‪.‬‬

‫‪(1) http://www.nasa.gov/mission_pages/LRO/news/vid-tour.html‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=UIKmSQqp8wY‬‬
‫‪74‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫شأان‪.‬‬
‫كذاب يف أعظم األمور ً‬
‫وإما أن يكون‪ :‬أكذب الناس‪ ،‬ألنه يفرتي ً‬
‫(‪)1‬‬
‫وال ُيتلط أصدق الناس أبكذب الناس إال على أجهل الناس‪.‬‬
‫فما أيسر أن يستطيع العاقل أن مييز بني أصدق الناس وأكذب الناس‪.‬‬
‫وقد اعرتف املشركون يف أول يوم من بعثته ﷺ أنه مل يكذب قط‪ ،‬فقالوا‬
‫(‪)2‬‬
‫له‪" :‬ما جَّربْـنا علْيك كذ ًاب"‪.‬‬
‫وحني سأل هرقل أبو سفيان قبل أن يسلم‪" :‬هل كنتم تتهمونه ابلكذب‬
‫قبل أن يقول ما قال؟"‪.‬‬
‫فقال أبو سفيان‪" :‬ال"‪.‬‬
‫فقال هرقل‪" :‬مل يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على هللا"‪.‬‬
‫مث أكمل هرقل فقال قولته الشهرية‪" :‬لو كنت عنده لكنت غسلت عن‬
‫(‪)3‬‬
‫قدميه"‪.‬‬
‫فقد عجز الكفار عن إظهار كذبة واحدة يف كل حياته ﷺ‪ ،‬ولذلك‬
‫َأ‬
‫أنكر القرآن عليهم كفرهم مع علمهم حباله هذا قبل بعثته فقال ربنا سبحانه﴿أم‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َأ‬
‫ون﴾ [‪ ]٦٩‬سورة املؤمنون‪.‬‬ ‫ل أم يع ِرفوا َرسوله أم فه أم ل منكِر‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫(‪ )1‬ثبوت انلبوات عقال ونقال‪ ،‬ابن تيمية‪ ،‬دار ابن اجلوزي‪ ،‬ص‪ ،573‬وبمعناه يف نفس املصدر ص‪.318‬‬
‫(‪ )2‬صحيح ابلخاري‪ ،‬ح‪.4971:‬‬
‫(‪ )3‬صحيح ابلخاري‪ ،‬ح‪.7:‬‬

‫‪75‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫فحال النيب وسريته دليل مستقل على أنه نيب ﷺ‪.‬‬


‫فإذا كانت دواعي الصدق عامة متعاضدة على نبوته ﷺ‪ ،‬فأىن هلندوسي‬
‫عاقل أن يكذب بكل هذا؟‬
‫‪ -21 s‬هل يكيف اإليمان باهلل والكفر باألنبياء كما يفعل بعض‬
‫اهلندوس؟‬

‫ج‪ :‬ال‪.‬‬
‫اإلميان بوجود هللا مع عدم اإلميان ابألنبياء ال يكفي حىت يكون اإلنسان‬
‫مسلما هلل‪ ،‬فما معىن أن تؤمن أبن هللا هو اخلالق الرازق املدبر‪ ،‬مث تكفر بوحيه‬
‫ً‬
‫وتنكر رسله؟‬
‫هذا كفر أكرب‪.‬‬
‫بل ليس هناك أعظم ج ًرما من الذي يرد على هللا وحيه‪ ،‬قال هللا تعاىل‬
‫َ أ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ َّ َ َ أ‬
‫ني اللـ ِه َورسلِ ِه‬ ‫ِين يكفرون بِاللـ ِه َورسلِ ِه َوي ِريدون أن يف ِّ ِرقوا ب‬ ‫﴿إِن اَّل‬
‫ى‬
‫َأ َ َ َ َ ً‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫َ أ‬ ‫َأ‬ ‫َ أ‬ ‫َ‬
‫َويقولون نؤمِن بِبع ٍض َونكفر بِبع ٍض َوي ِريدون أن يتخِذوا بني ذل ِك سبِيَل [‪]١٥٠‬‬
‫َ َ‬ ‫َ َ ًّ َ أ َ أ َ أ َ‬ ‫أ َ‬ ‫َ َ‬
‫ين َعذابًا ُّم ِه ًينا [‪ ﴾]١٥١‬سورة النساء‪.‬‬ ‫أول ىـئِك هم الاكف ِرون حقا َوأعتدنا ل ِلاكف ِِر‬

‫فمن يؤمن ابهلل ويكفر ابألنبياء فهو الكافر ح ًقا‪.‬‬


‫فكل من كفر بنيب من األنبياء فهو كافر ابهلل ألنه أنكر وحي هللا‪ ،‬لذلك‬
‫فأهل الكتاب من اليهود والنصارى كفروا لكفرهم بنبوة حممد بن عبد هللا ﷺ‬

‫‪76‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫َ َ‬
‫ِين فِيها‬
‫ادل‬
‫َ َ َّ َ‬
‫ار جهن َم خ ِ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫يف‬ ‫ك َفروا م أِن َأ أهل الأك َِتاب َوالأم أرشك َ‬
‫ِني‬
‫َّ َّ َ َ‬
‫﴿إِن اَّلِين‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ربيَّ ِة﴾ [‪ ]٦‬سورة البينة‪.‬‬ ‫َ ى َ أ َ ُّ أ َ‬
‫أولـئِك هم رش ال ِ‬
‫َ‬
‫ووعيد هللا بدخوهلم النار حق ﴿ف َح َّق َوعِي ِد﴾ [‪ ]١٤‬سورة ق‪.‬‬
‫فليس اإلسالم وليست النجاة جملرد إقرار اإلنسان َّ‬
‫أبن هللا هو اخلالق الرازق‬
‫احمليي املميت فحسب‪ ،‬بل البد من اإلميان برسله‪.‬‬
‫إذن فاإلميان بوجود هللا والكفر ابألنبياء ال يكفي وال ينفع العبد عند هللا‬
‫يوم القيامة‪ ،‬إذ البد أن يعبد هللا ويتم اإلميان بكل رسله‪.‬‬
‫ولو كان اإلميان بوجود هللا كافيًا ملا أرسل هللا رسله وال أنزل كتبه‪ ،‬ألن‬
‫مجيعا يعرفون هللا ابلفطرة‪.‬‬
‫البشر ً‬
‫فاهلل الذي خلقك وهداك ورزقك هو وحده املستحق أن تعبده كما شرع‬
‫من خالل رسله وأنبيائه‪.‬‬
‫فينبغي اإلميان جبميع األنبياء وخبامتهم حممد بن عبد هللا ﷺ‪.‬‬
‫‪ -22 s‬ملاذا خلق اهلل الرش؟‬
‫َ‬
‫أو بمعىن آخر‪ :‬كيف يرد املسلم لَع "معضلة الرش"؟‬

‫أكرب مشكلة يف اهلندوسية وفلسفة اهلندوسية‬ ‫ج‪ :‬فتنة الشر هي تقريبًا‬


‫يف اخلرابت حىت يتخلص من الشر‪ ،‬وتعترب‬ ‫تقوم على أن اإلنسان يعيش‬
‫بسبب الشر الذي ارتكبه اإلنسان يف حياة‬ ‫اهلندوسية أن تكرار الوالدات‬

‫‪77‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫سابقة‪.‬‬
‫وهذا كله خطأ فالشر موجود يف العامل ببساطة‪ :‬ألننا مكلفون‪.‬‬
‫ألننا يف عامل اختباري‪.‬‬
‫أ ً‬ ‫أ‬
‫َّ ِّ َ َ أ‬ ‫َأ‬
‫ْي ف ِت َنة﴾ [‪ ]٣٥‬سورة األنبياء‪.‬‬ ‫َ‬
‫قال ربنا سبحانه ﴿ونبلوكم ب ِ ِ‬
‫الرش واْل ِ‬
‫فاخلري والشر ألنك مكلف‪ ،‬والتكليف هو غاية وجودك‪.‬‬
‫َ أ َ َ ًَ‬ ‫َ ُّ‬ ‫َ َ َ أ َ أ َ َ أَ َ َ أ‬ ‫َّ‬
‫اْلياة ِ َيلبل َوك أم أيك أم أحسن عمَل َوه َو‬
‫﴿اَّلِي خلق الموت و‬ ‫قال هللا تعاىل‬
‫أَ‬ ‫أ‬
‫ال َع ِزيز الغفور﴾ [‪ ]٢‬سورة امللك‪.‬‬
‫فطاملا أننا مكلفون إذن من الطبيعي أن يكون هناك فنت وبالء ومن‬
‫الطبيعي أن نستوعب الشر‪.‬‬
‫فالشر وبعض األمل والقدرة على ارتكاب املعصية هو املقتضى الطبيعي‬
‫والنتيجة البديهية حلرية اإلرادة والتكليف اإلهلي‪.‬‬
‫ووجود الشر والبالء واملصائب والشهوات هؤالء ُيرجون أفضل ما يف‬
‫اإلنسان الصاحل وأسوأ ما يف اإلنسان الفاسد‪.‬‬
‫وجبانب الشر حنن نعيش خري ال حيصى‪.‬‬
‫ونعم ال حتصى‪.‬‬
‫والشر بسيط ويسري جبوار اخلري الكبري الذي حنيا فيه‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫خرجت من املكان الذي ولدت فيه!‬


‫ولو مل يكن هناك شر يف العامل ملا ْ‬
‫وملا وجدت حضارة وال بنيت مدن وال مصانع وال بيوت وال احتاج الناس‬
‫إىل عمل وال ف َّكر الناس يف مقاومة مرض أو حل مشكلة أو اخرتاع فكرة‬
‫جللب الراحة!‬
‫وملا احتاج اإلنسان أن ينتقل من مكان والدته أصالً‪.‬‬
‫إذ ال شر وال عناء وال بالء وال تعب وال مشاكل تبحث هلا عن حلول!‬
‫فلماذا التعب والسهر والتفكري والعمل؟‬
‫فالشر هو الضرورة اليت البد منها يف الدنيا!‬
‫فتدبر!‬
‫وكثري من الناس ينزل هبم البالء والشر فيعودون إىل هللا ويصبحون من‬
‫الصاحلني فسبحان هللا العظيم وحبمده‪.‬‬
‫فكل أقدار هللا فيها حكمة وخري وإن بدا يف بعضها شر أو ضيق أو أذى‬
‫ظاهرًاي‪ ،‬لكنها يف األخري تكتنف على خري عظيم وحكمة إهلية ابلغة‪.‬‬
‫آاثما يف حياة سابقة‪.‬‬
‫فالشر ألنك مكلف وليس ألنك ارتكبت ً‬
‫‪ -23 s‬ما يه مظاهر التسليم هلل تعاىل؟‬
‫ً‬
‫أو بصيغ ٍة أخرى‪ :‬كيف تعرف أنك مسلم هلل مستسلم ل استسَلما‬
‫ً‬
‫َكمَل؟‬

‫‪79‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫ج‪ :‬عالمات االستسالم هلل تعاىل أربع وهي‪:‬‬


‫أ َّ‬
‫أوالً‪ :‬العبودية هلل يف كل صغرية وكبرية يف حياتك‪ ،‬قال تعاىل ﴿قل إِن‬
‫َى َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫اي َو َم َماِت ل ِلَّـه َر ِّب الأ َعالَم َ‬ ‫َ َأ‬
‫حم َي َ‬ ‫َ َ‬
‫رشيك ل َوبِذل ِك أم أِرت‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫]‬ ‫‪١٦٢‬‬‫[‬ ‫ني‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫صَل ِِت َونس ِِك و‬
‫ني [‪ ﴾]١٦٣‬سورة األنعام‪.‬‬ ‫َو َأنَا َأ َّول الأم أسلم َ‬
‫ِِ‬

‫صاليت ونسكي و ْحمياي وممايت للَّـه رب الْعالمني‪ :‬كل شيء أفعله هلل‪ ،‬فهي‬
‫عبودية هلل يف كل عمل‪ ،‬وهذه أوىل مظاهر وعالمات التسليم هلل‪.‬‬
‫مستسلما هلل متام االستسالم‪ :‬هي اتباع ما‬
‫ً‬ ‫العالمة الثانية حىت تكون‬
‫َ َ ُّ َ َّ َ َ َ‬
‫أمر هللا به واجتناب ما هنى عنه‪ ،‬قال ربنا سبحانه ﴿يا أيها اَّلِين آمنوا أطِيعوا‬
‫َّ َ َ َ َ َ َ َ َ َّ أ َ أ َ َ أ َ أ َ َ‬
‫اللـه ورسول وال تولوا عنه وأنتم تسمعون﴾ [‪ ]٢٠‬سورة األنفال‪.‬‬
‫َ َّ ً‬ ‫ِّ أ‬ ‫أ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ ُّ َ‬
‫سورة‬ ‫السل ِم َكفة﴾ [‪]٢٠٨‬‬
‫﴿يا أيها اَّلِين آمنوا ادخلوا ِيف ِ‬ ‫وجل‬
‫عز َّ‬
‫وقال َّ‬
‫البقرة‬
‫يف الس ْلم أي‪ :‬يف اإلسالم‪.‬‬
‫ْادخلوا يف السْلم كافَّ ًة‪ :‬أي التزموا بكل ما أمر به هللا وانتهوا عما هنى عنه‪.‬‬
‫أمرين هللا بشيء يف القرآن أو أمرين بشيء يف سنة نبيه ﷺ أفعله‪....‬‬
‫هناين عن شيء أنتهي عنه‪ ،‬فهذا هو متام االستسالم واالنقياد هلل‪.‬‬
‫سلم بتحكيم ما شرع هللا‪،‬‬
‫العالمة الثالثة على التسليم هلل هي أن‪ :‬نُ َّ‬
‫فنرضى بشرعه ونقبل به‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫نقبل بكل تشريع إهلي يف القرآن وسنة النيب حممد ﷺ‪َّ ،‬‬
‫ألن هللا يعلم ما‬
‫أَ‬ ‫َّ‬ ‫ََ َ أ َ َ أ َ ََ‬
‫اْلبِْي﴾ [‪ ]١٤‬سورة امللك‪.‬‬ ‫يصلح خلقه ﴿أال يعلم من خلق َوه َو الل ِطيف‬
‫أ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫وقال سبحانه ﴿ َو َم أن أ أح َسن م َِن اللـ ِه حك ًما﴾ [‪ ]٥٠‬سورة املائدة‪.‬‬
‫فاهلل هو الذي يعلم ما يصلح الناس يف دنياهم ويف آخرهتم‪.‬‬
‫وتطبيق شرع هللا يطهر الناس وجيعلهم يعيشون يف أمان‪.‬‬
‫َّ‬ ‫أ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َأ َ أَ‬
‫ول إِال ِيلطاع بِإِذ ِن اللـ ِه﴾ [‪]٦٤‬‬
‫﴿وما أرسلنا مِن رس ٍ‬ ‫قال هللا عز وجل‬
‫سورة النساء‪.‬‬
‫فاهلل مل يرسل الرسل حىت نرتك شرعهم وحنتكم إىل شرع غريهم‪.‬‬
‫َ َ َّ ى َ ِّ َ َ َ َ َ أ َ‬ ‫ِّ َ َ أ‬ ‫ََ‬
‫كموك فِيما شج َر بينه أم ث َّم‬
‫ويقول سبحانه ﴿فَل َو َرب ِك ال يؤمِنون حَّت حي ِ‬
‫َأ ً‬ ‫َ ِّ‬ ‫َ ً ِّ َّ َ َ أ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِيما﴾ [‪ ]٦٥‬سورة النساء‪.‬‬ ‫جيدوا ِيف أنف ِس ِه أم ح َرجا ِمما قضيت َويسلِموا تسل‬
‫ال ِ‬
‫فالبد من التسليم التام ملا شرع هللا فالتسليم لشرع هللا من عالمات االنقياد‬
‫لإلسالم!‬
‫أما العالمة الرابعة على التسليم هلل تعاىل فهي‪ :‬التسليم ألقدار هللا‪،‬‬
‫قدره هللا سبحانه حبكمته وابلتايل فاملسلم يستسلم هلل يف كل‬‫فكل شيء َّ‬
‫أقداره ‪ ...‬يف اخلري والشر‪.‬‬
‫إن أصابت املسلم سراء شكر‪ ،‬وإن أصابته ضراء صرب‪.‬‬
‫فكل بالء حلكمة ولتكليف‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫فكل شيء بتقدير هللا عز وجل‪ :‬الصحة واملرض والغىن والفقر‪ ...‬كل‬
‫شيء بتقديره وحكمته‪ ،‬وعلى املسلم الرضا ابألقدار ألن هللا هو الذي يقدرها‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َأ‬ ‫َّ َ‬ ‫َّ‬
‫َش ٍء خلق َناه بِق َد ٍر﴾ [‪ ]٤٩‬سورة القمر‪.‬‬
‫قال ربنا سبحانه ﴿إنا لك أ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫وقال تعاىل ﴿قل لن ي ِصيبَ َنا إِال َما ك َت َب اللـه نلَا﴾ [‪ ]٥١‬سورة التوبة‪.‬‬
‫لن يصيبنا إال ما قدر هللا لنا‪.‬‬
‫َّ‬ ‫أ‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫َ‬
‫وت إِال بِإِذ ِن اللـ ِه﴾ [‪ ]١٤٥‬سورة‬‫وقال عز من قائل ﴿ َوما َكن ِنلَف ٍس أن تم‬
‫آل عمران‪.‬‬
‫اآلجال قدرها هللا‪.‬‬
‫وكل شيء حيصل يف الكون وكل ذرة تسري يف العامل وكل حادث حيدث‪،‬‬
‫إمنا حيدث بعلم هللا ومشيئة هللا وبتقدير هللا وحبكمة هللا وبقدرة هللا‪.‬‬
‫َأ‬
‫َش ٍء فق َّد َره تقد ً‬ ‫ََ‬
‫قال ربنا سبحانه ﴿ َوخل َق لك أ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َ‬
‫ِيرا ﴾ [‪ ]٢‬سورة الفرقان‪.‬‬
‫فهو سبحانه خلق كل شيء وقدَّر كل شيء‪ ،‬وما شاء كان وما مل يشأ مل‬
‫يكن‪.‬‬
‫فأان كمسلم مطالب ابلتسليم بكل أقدار هللا عز وجل‪.‬‬
‫مسلما هلل‪.‬‬
‫وهبذا يصبح اإلنسان ً‬
‫‪ s‬ويف اْلتام!‬

‫‪82‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫‪ s‬كيف أدخل يف اإلسَلم؟‬


‫َ َّ‬ ‫دل َ‬ ‫َّ‬
‫ين عِند اللـ ِه‬ ‫﴿إِن ا ِّ ِ‬ ‫اإلسالم هو دين هللا جلميع البشر‪ ،‬قال تعاىل‬
‫أ َ‬
‫اإل أسَلم﴾ [‪ ]١٩‬سورة آل عمران‪.‬‬
‫ِ‬
‫﴿ َو َمن يَ أب َتغِ َغ أ َ‬
‫ْي‬ ‫فاإلسالم هو الدين الذي ال يقبل هللا غريه من األداين‬
‫ً َ َ أ َ َ أ َ َ أ َ َ أَ‬
‫اْلاِس َ‬ ‫أ أ َ‬
‫ين﴾ [‪ ]٨٥‬سورة آل عمران‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫اإلسَل ِم دِينا فلن يقبل مِنه وهو ِيف اْلخِرةِ مِن‬
‫ِ‬

‫ولذلك جيب على كل إنسان هندوسي وغري هندوسي أن يعتنق اإلسالم‪.‬‬


‫ففي اإلسالم النجاة من النار والفوز برضا هللا وابجلنة‪.‬‬
‫والدخول يف اإلسالم نعمة من أعظم النعم‪ ،‬بل هو أعظم وأهم شيء يف‬
‫وجودك‪.‬‬
‫واإلسالم يف حقيقته رجوع إىل الفطرة والعقل والفيدا‪.‬‬
‫وادلخول يف اإلسَلم أمره يسْي وال حيتاج إىل طقوس وال أمور رسمية‪ ،‬فقط‬
‫لَع اإلنسان أن ينطق بالشهادتني‪ ،‬وذلك بأن يقول‪ :‬أشهد أن ال هلإ إال اهلل وأشهد‬
‫ً‬
‫أن حممدا رسول اهلل‪.‬‬

‫مسلما‪.‬‬
‫وهو هبذا صار ً‬
‫مث يبدأ يف ممارسة اإلسالم‪.‬‬
‫كل حبسب لغته‪ ،‬حىت يتعلم املسلم‬
‫وأوصي مبتابعة موقع إسالم هاوس‪ٌ ،‬‬
‫اجلديد كيف ميارس اإلسالم‪.‬‬
‫‪83‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫رابط املوقع‪/https://islamhouse.com/ar :‬‬

‫‪84‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫الفهرس‬

‫املقدمة ‪3 ..........................................................................................................‬‬

‫‪s‬فكيف تتناسخ األرواح وهم يُسكنون أرواح املوىت؟ ‪6 ...................................................‬‬

‫‪s‬فأين هذا املاكن من فكرة تكرار الوالدات؟ ‪8 ............................................................‬‬

‫‪ -1s‬ما يه اهلندوسية؟‪10 .....................................................................................‬‬

‫‪ -2s‬كيف نشأت هذه ادليانة بهذا التشابك؟ ‪11 ..........................................................‬‬

‫‪ -3s‬ما يه عقيدة اهلندوس باتلحديد؟ ‪12 .................................................................‬‬

‫‪ -4s‬كيف نشأت فكرة تمثيل اإلهل الواحد بعرشات األصنام يف اهلندوسية؟ ‪15 .......................‬‬

‫‪ -5s‬كيف ينظر اهلندوس للعالقة بني اخلالق واملخلوق؟ ‪17 .............................................‬‬

‫‪s‬وهناك كثري من اإلشاكالت العلمية والعقلية يف فلسفة وحدة الوجود‪ ،‬ومنها‪18 .................... :‬‬

‫‪ -6s‬كيف تنظر اهلندوسية للحياة واملوت؟ ‪23 .............................................................‬‬

‫‪s‬وهناك عدة إشاكالت عقلية وعلمية يف مسألة تناسخ األرواح هذه ومنها‪23 ........................:‬‬

‫‪ -7s‬ما هو مصدر فكرة تكرار الوالدات وتناسخ األرواح عند اهلندوس؟ ‪27 ........................‬‬

‫‪ -8s‬كيف ينظر اهلندوس إىل الكون؟ ‪30 ...................................................................‬‬

‫‪ِ -9s‬مم يتشلك جسم اإلنسان يف اهلندوسية؟‪30 ...........................................................‬‬

‫‪ -10s‬ما يه صورة املجتمع اهلندويس؟‪35 ..................................................................‬‬

‫‪s‬ويف اهلندوسية ينقسم البرش إىل أربعة طبقات وهم‪35 .................................................. :‬‬

‫‪ -11s‬هل بالفعل يقدس اهلندوس األبقار؟ ‪39 ............................................................‬‬

‫‪85‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫‪ -12s‬لكن اهلندوسية فيها اليشء الكثري من اتلعفف وحماوالت ابلعد عن املعصية‪ ،‬أليست هذه‬
‫سمة ممزية؟ ‪41 .....................................................................................................‬‬

‫‪ -13s‬لكن أليس السكون اتلام واجللسات اتلأملية يف اهلندوسية يه أمور جيدة؟ ‪42 ..............‬‬

‫اخلربات كما حيصل يف اهلندوسية احلايلة؟ ‪44 ........................‬‬


‫‪ -14s‬ما العيب يف االنقطاع يف ِ‬

‫‪ -15s‬ما يه الطريقة األصلح ملقاومة الشهوة واتلخلص من اذلنوب؟‪46 ...............................‬‬

‫‪ -16s‬ملاذا يرفض اإلسالم اهلندوسية؟ ‪48 ..................................................................‬‬

‫‪ -17s‬ملاذا جيب ىلع لك هندويس أن يعتنق اإلسالم؟‪51 ..................................................‬‬

‫وهم اذلين قادوا خالفة املسلمني بعد وفاته بالرتتيب‪59 ................................................... :‬‬

‫‪ -18s‬ما هو اإلسالم؟ ‪63 .....................................................................................‬‬

‫ج‪ :‬اإلسالم هو‪ :‬االستسالم واخلضوع واالنقياد هلل تعاىل‪63 ............................................. .‬‬

‫فاإلسالم يه االستسالم هلل يف قضائه ورشعه‪64 ........................................................... .‬‬

‫اإلسالم هو ادلين اتلوحيدي األوحد ايلوم ىلع األرض‪64 .................................................. .‬‬

‫‪ -19s‬هل يف اإلسالم جواب لألسئلة اليت حارت العقول يف اإلجابة عنها‪ِ :‬من أين جئنا؟ وملاذا حنن‬
‫هنا يف هذا العالم؟ وإىل أين املصري؟ ‪65 ........................................................................‬‬

‫حممدا ﷺ رسول من عند اهلل؟‪66 .............................................‬‬


‫ً‬ ‫‪ -20s‬كيف علمت أن‬

‫ثم ماذا عن أعظم آية أىت بها ويه القرآن الكريم؟ ‪66 .......................................................‬‬

‫‪ -21s‬هل يكيف اإليمان باهلل والكفر باألنبياء كما يفعل بعض اهلندوس؟ ‪76 .....................‬‬

‫‪ -22s‬ملاذا خلق اهلل الرش؟ ‪77 ................................................................................‬‬

‫أو بمعىن آخر‪ :‬كيف ي ُرد املسلم ىلع "معضلة الرش"؟ ‪77 .....................................................‬‬

‫‪86‬‬
‫اهلندوسية يف مزيان تعايلمها األصلية والعقل والفطرة السليمة‬

‫‪ -23s‬ما يه مظاهر التسليم هلل تعاىل؟ ‪79 .................................................................‬‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫استسالما اكمال؟ ‪79 .........................‬‬ ‫أو بصيغة أخرى‪ :‬كيف تعرف أنك مسلم هلل مستسلم هل‬
‫ً‬
‫أوال‪ :‬العبودية هلل يف لك صغرية وكبرية يف حياتك‪80 ........................................................ ،‬‬
‫ً‬
‫مستسلما هلل تمام االستسالم‪80 ............................................ :‬‬ ‫العالمة اثلانية حىت تكون‬
‫ُ‬
‫العالمة اثلاثلة ىلع التسليم هلل يه أن‪ :‬ن َّسلم بتحكيم ما رشع اهلل‪ ،‬فرنىض برشعه ونقبل به‪80 .......‬‬
‫َّ‬
‫أما العالمة الرابعة ىلع التسليم هلل تعاىل فيه‪ :‬التسليم ألقدار اهلل‪ ،‬فلك يشء قدره اهلل سبحانه حبكمته‬
‫وباتلال فاملسلم يستسلم هلل يف لك أقداره ‪ ...‬يف اخلري والرش‪81 .............................................‬‬

‫‪s‬ويف اخلتام! ‪82 .................................................................................................‬‬

‫‪s‬كيف أدخل يف اإلسالم؟ ‪83 .................................................................................‬‬

‫الفهرس‪85 ........................................................................................................‬‬

‫‪87‬‬

You might also like