You are on page 1of 74

‫تاريخ اليمن القديم‬

‫التأريخ المتعلق بحضارات جنوب شبه جزيرة العرب‬

‫اليمن القديمة هي مرحلة من تاريخ الديار اليمنية‬


‫تشتمل على الحضارات الصيهدية بدايًة من األلفية‬
‫الثانية قبل الميالد حتى القرن السابع بعده‪ .‬ينقسم‬
‫التاريخ القديم لثالث مراحل‪ :‬األولى مرحلة مملكة‬
‫سبأ والثانية فترة الدول المستقلة وهي مملكة‬
‫حضرموت ومملكة قتبان ومملكة معين والثالثة عصر‬
‫مملكة حمير وهو آخر أدوار التاريخ القديم‪ .‬مرت‬
‫البالد بعدة أطر من ناحية الفكر الديني بداية بتعدد‬
‫اآللهة إلى توحيدها من قبل الحميريين‪ ]1[.‬وشهدت‬
‫البالد تواجدًا يهوديًا منذ القرن الثاني للميالد‪]2[.‬‬
‫أغلب مصادر تاريخ اليمن القديم هي كتابات خط‬
‫المسند بدرجة أولى تليها الكتابات اليونانية‪ ]3[.‬أما‬
‫كتابات النسابة واإلخباريين بعد اإلسالم فهي مصادر‬
‫مهمة‪ ،‬ولكن ال يمكن االعتماد عليها بشكل كامل لعدم‬
‫قدرتهم قراءة خط المسند واتساع الهوة الزمنية بينهم‬
‫وبين مملكة سبأ‪ ]4[.‬كان لليمنيين القدماء نظام زراعي‬
‫متطور‪ ،‬وعرفوا ببناء السدود الصغيرة في كل واد؛‬
‫وأشهر السدود اليمنية القديمة سد مأرب‪ .‬ازدهرت‬
‫تجارتهم وكونوا محطات وممالك صغيرة منتشرة في‬
‫القوافل‪]6[]5[.‬‬ ‫أرجاء الجزيرة العربية مهمتها حماية‬
‫أسسوا إحدى أهم ممالك العالم القديم المعروفة باسم‬
‫ممالك القوافل‪ ،‬وعرفت بالدهم باسم بالد العرب‬
‫الكالسيكية‪]7[.‬‬ ‫السعيدة في كتابات المؤرخين‬

‫تاريخ البحث العلمي‬


‫إدورد جالزر‬

‫كان للنمساويين الصدارة في دراسة النصوص اليمنية‬


‫القديمة‪ ،‬وأشهر هوالء المستشرق إدورد جالزر الذي‬
‫جمع خالل زياراته الثالث إلى اليمن حوالي ‪1032‬‬
‫نقًش ا قديًم ا‪ ]8[.‬وبالتعاون مع صديقه الفرنسي جوزيف‬
‫هاليفي الذي درس وحده ‪ 800‬نقش في القرن التاسع‬
‫عشر‪ ،‬ودخل اليمن وتجول بأرجائها كيهودي متسول‬
‫ليقي نفسه تحرشات القبائل‪ ]9[.‬كانت هناك محاوالت‬
‫متواضعة من مستشرقين إيطاليين ودنماركيين في‬
‫القرن السادس عشر إال أنها لم تكن مثمرة‪ .‬بعد الحرب‬
‫العالمية األولى‪ ،‬بدأ عدد من الباحثين المصريين‬
‫والسوريين «كشيخ اآلثريين» أحمد فخري‪ ،‬وله كتابان‬
‫عن اليمن وتاريخها القديم‪ ،‬بزيارة اليمن والمشاركة‬
‫في أعمال التنقيب والحفريات‪ .‬أما أول أمريكي يزور‬
‫اليمن فكان الباحث ويندل فيليبس وعدد آخر من‬
‫الباحثين مثل ألبرايت وألبيرت جامه‪ .‬ثم كان كتاب‬
‫المؤرخ العراقي الراحل جواد علي المعنون المفصل‬
‫في تاريخ العرب قبل اإلسالم‪ ،‬وفيه أبدى الدكتور‬
‫جواد رأيه في كثير من المسائل وأطروحات‬
‫المستشرقين فلم يكن متوافقا معهم كليا وال مجرد‬
‫ناقل‪ ،‬بل تناول كتاباتهم وكتابات المؤرخين العرب‬
‫بالنقد والتمحيص كذلك‪ ،‬فهي أبحاث علمية تحتمل‬
‫الخطأ والصواب‪.‬‬

‫في عام ‪ 1987‬قام الباحث األلماني ويرنر دوم بزيارة‬


‫اليمن وتأليف كتاب «اليمن‪ :‬ثالثة آالف سنة من الفن‬
‫والحضارة في العربية السعيدة»‪ ،‬تطرق فيها الكاتب‬
‫ألبحاث حديثة حول تاريخ الفنون والتماثيل‬
‫والمعتقدات الدينية‪ .‬المكتشف من نصوص خط‬
‫المسند يمثل نسبة ضئيلة للغاية من تاريخ سبأ واليمن‬
‫بشكل عام‪ ،‬والدراسات قليلة وغير وافية ومعظم‬
‫النقوش ُن سخ من ِق بل سياح ومستشرقين دخلوا‬
‫اليمن متنكرين خوفًا على حياتهم‪ ،‬ولم تتوفر لهم‬
‫فرصة لدراسة النصوص والمعابد بشكل دقيق‪ .‬فضًال‬
‫أن كل الُم كتشف الذي تم دراسته عثر عليه على ظاهر‬
‫األرض‪ ،‬وما تحتها يتجاوز ذلك‪ .‬هذه معوقات ال تسمح‬
‫بتكوين صورة دقيقة ومكتملة عن التطور السياسي‬
‫للسبئيين وهو ما فتح بابًا للجدال واختالف اآلراء‬
‫النصوص‪]10[.‬‬ ‫والتفسيرات حول دالالت الُم كتشف من‬
‫ولألسف فإن األبحاث األثرية الحديثة في اليمن‬
‫تتعرض لمضايقات وعرقلة بسبب االضطرابات‬
‫المتواصلة‪]12[]11[.‬‬ ‫السياسية‬

‫يجب أن تقرأ كتابات النسابة وأهل األخبار بحذر‬


‫وتمحيص شديد ألن مجال الوضع والكذب فيها‬
‫واسع‪ ]13[.‬والحظ الباحثون في العصر الحديث أن‬
‫الموارد اإلسالمية تحتوي شيئًا من الصحة عن التاريخ‬
‫العربي قبل اإلسالم إذا تعلق األمر بالقرن السادس‬
‫الميالدي على أكثر تقدير‪ ]14[.‬كان المؤرخون‬
‫المسلمون يعتمدون على الشعر إلثبات حوادث‬
‫تاريخية‪ ،‬فيزعمون أن ملكًا أو فارسًا أنشد شعرًا في‬
‫موقعة ما وبذلك تكون الفكرة التي أرادوا إيصالها‬
‫مثبتة تاريخيًا في نظرهم‪ ،‬ووصل بهم األمر إلى نسب‬
‫أبيات شعرية إلى آدم بل إبليس نفسه‪ ]15[.‬وحتى إن‬
‫نقلوا من مصادر مدونة فإنهم يقحمون آراءهم‬
‫وينقلون عنها من منطلق الواعظ والناصح‪ .‬لذلك‬
‫اختلف المؤرخون المسلمون عن اليونان والبيزنطيين‬
‫كثيرًا ‪ :‬فكتابات اليونان وإن عابتها توجهات سياسية‬
‫موثوقية‪]16[.‬‬ ‫إال أنها أكثر‬

‫وعلى هذا فإن قصص اإلخباريين والنسابة ضعيفة ما‬


‫تعلق األمر بالتاريخ العربي قبل اإلسالم عمومًا‬
‫والتاريخ اليمني بشكل خاص ألن اليمنيين كانوا‬
‫يدونون بخط المسند وذكروا في كتابات اليونان‬
‫والبيزنطة ومع ذلك لم يكلف النسابة واإلخباريين‬
‫أنفسهم الرجوع لتلك المصادر باستثناء قليل منهم‬
‫كان على اطالع على كتابات السريان‪ ]17[.‬وقد تنبه‬
‫مؤرخون مسلمون في عصور الحقة لذلك وانتقدوا‬
‫أساليب من سبقهم مثل ابن خلدون‪ ]18[.‬ولكن من بين‬
‫اإلخباريين الذين بذلوا جهدًا معقوًال في هذا الجانب‬
‫كان المؤرخ والجغرافي اليمني أبو محمد الهمداني‬
‫مؤلف صفة جزيرة العرب‪ ،‬إذ كان من القالئل الذين‬
‫حاولوا قراءة نصوص المسند على األقل‪ ،‬وقد زار‬
‫المواقع األثرية بنفسه ودون ما رآه وهو مجهود لم‬
‫يفعله أحد من المؤرخين المسلمين‪ ]19[.‬ولكنه مع ذلك‬
‫[‪]4‬‬ ‫وقع في أخطاء فادحة‬

‫األصول‬
‫منحوتة المرأة تعود إلى األلفية الثالثة قبل الميالد أو بدايات الثانية (القرن العشرين ق‪.‬م)‬

‫ليس من الواضح ما إذا كانت هذه الحضارات القديمة‬


‫منبثقة من حضارات بدائية قامت في العصر البرونزي‬
‫(امتداًد ا للعصور الحجرية) في اليمن أم أنهم نازحون‬
‫من مناطق أخرى خالل العصر الحديدي‪ .‬البعض يعتقد‬
‫أن السبئيين وغيرهم كانوا امتدادًا لحضارات بدائية‬
‫قديمة جدًا قامت في اليمن‪ ،‬إال أن االرتباط اللغوي‬
‫للعرب الجنوبيين مع الكنعانيين بالذات يرجح نزوحهم‬
‫إلى الجنوب على رأي علماء المدرسة األلمانية‬
‫القديمة‪ ]22[]21[]20[.‬وتبقى هذه مجرد نظرية‪ ،‬فسبب‬
‫النزوح إن حدث فعال ال يزال غير معروف‪ .‬اكتشفت‬
‫كتابة مصرية عن تلقي تحتمس الثالث هدايا من‬
‫يمنيين [أ][‪ ]23‬في القرن الخامس العشر قبل الميالد‪،‬‬
‫وهذه الهدايا كانت بخوًر ا مما يدل على قدم سيطرة‬
‫اليمنيين على مناطق إنتاج البخور ويضعف فرضية‬
‫النزوح في العصر الحديدي‪ ]24[.‬كشفت أبحاث قصيرة‬
‫في عام ‪ 2001‬عن وجود حضارة زراعية تعود إلى‬
‫الميالد‪]25[.‬‬ ‫األلفية الرابعة قبل‬

‫ذكرت التوراة ما ٌي فترض أنه نسب سبأ ثالث مرات‬


‫مختلفة فذكر سبأ من نسل الشخصية التوراتية‬
‫إبراهيم من ولد اسمه «قيشان» كان شقيقًا لمدين‬
‫الذي أنجب ديدان‪ ]26[.‬وذكرت التوراة كذلك أن‬
‫السبئيين كانوا يغيرون على أيوب ويسرقون ه‬
‫ويقتلون األطفال وهي تعطي داللة أن عددًا من‬
‫السبئيين كان بدويًا ويغير على المزارعين في مواقع‬
‫قريبة من اليهود‪ ]27[.‬وذكرت التوراة أيضا سبأ أخرى‬
‫شقيقة لحضرموت ومن أبناء يقطان بن عابر وهو‬
‫االدعاء الذي تمسك به النسابة واإلخباريون الذين‬
‫ظهروا بعد اإلسالم‪ ]28[.‬وأنهم كانوا يسكنون «ميشع»‬
‫ونزحو إلى «سفار»‪ ،‬ويعتقد الباحثون أن المقصود‬
‫بسفار عند اليهود هو ظفار يريم‪ ]29[.‬وذكروا سبأ من‬
‫نسل كوش وهي إشارة لشرق أفريقيا‪ ]30[.‬إن أثبت‬
‫هذا التعدد شيئًا‪ ،‬فهو امتداد نفوذ السبئيين إلى عدة‬
‫مناطق‪ ،‬وتعدد المناطق التي قدمت منها القوافل‬
‫اليهود‪]31[.‬‬ ‫السبئية خلط األمور على‬

‫ذكر الباحثون في سياسة العرب الجنوبيين تكوين‬


‫مستعمرات وتمهيد الطرق للقوافل‪ ،‬وبناًء على ذلك فال‬
‫شك أن جماعة من السبئيين كانوا يسكنون على‬
‫مقربة من أرض كنعان‪ ]32[.‬وقد عثرت بعثة اسكتشاف‬
‫أمريكية على آثار من النحاس والحديد وكتابات بخط‬
‫المسند تعود إلى القرن الثامن ق‪.‬م في موقع تل‬
‫الخليفة باألردن يرى الباحثون أن لها عالقة بالمعينيين‬
‫في العال‪ ]34[]33[.‬هذا ال يعني اعتبار التوراة مرجًع ا‬
‫ولكن الوارد فيها قد يعطي لمحة لبعض التواريخ‪ .‬وقد‬
‫عثر األثريون على كتابات سبئية ومعينية في مختلف‬
‫أرجاء شبه الجزيرة العربية في قرية الفاو بل في‬
‫العراق كذلك في موقع وركاء على شاهد قبر‬
‫قديم‪ ]35[.‬واكتشفت كتابات معينية في ميناء‬
‫عصيون جابر وهو حسب العهد القديم أحد الموانئ‬
‫المهمة للملك سليمان وكتابات مشابهة في‬
‫القطيف‪ ]37[]36[.‬ورد في نصوص سومرية كلمة «سبا»‬
‫في كتابة «لجش تلو» ويعتقد أن المقصود أرض سبأ‬
‫وذلك منتصف األلفية الثالثة قبل الميالد‪ ،]38[.‬وقال‬
‫هومل أن كلمة «سابوم» الواردة في نصوص لملوك‬
‫أور هي ذاتها سبأ المذكورة في العهد القديم‬
‫والقرآن‪]39[.‬‬

‫كان التبادل التجاري مبلغ علم العبرانيين‪ ،‬فال يوجد‬


‫في كتبهم سوى أن السبئيين كانوا أثرياء وتجار بخور‬
‫ولبان وأحجار كريمة‪ ]40[.‬المهم في هذه الكتابات‬
‫اليهودية هو توصيفها لحال الجزء الجنوبي من‬
‫الجزيرة العربية‪ .‬وقد وجدت كتابات تصف وضعا‬
‫مشابها في كتابات اليونانيين والرومان‪ .‬كانت‬
‫الكتابات اليونانية في البداية مبالًغ ا فيها ويشوبها‬
‫عنصر األسطورة ولكنها تحسنت بعد االتصال المباشر‬
‫لليونانيين باليمنيين القدماء‪ .‬زيادة أطماع اليونان‬
‫السياسية كانت دافًع ا لهم لدراسة الجزء الجنوبي من‬
‫الجزيرة العربية‪ ،‬ودراسة مواطن ضعفه حتى أنهم‬
‫خزنوا ما كتبوه عن اليمن القديم في خزانة مكتبة‬
‫اإلسكندرية واعتبروه من أسرار الدولة التي ال يطلع‬
‫العامة‪]41[.‬‬ ‫عليها‬

‫أما الوارد بشأن جرهم وإسماعيل فهي قصص متأثرة‬


‫بتراث ديني والتأكد منها من ناحية اآلثار يكاد يكون‬
‫مستحيال‪ ]42[.‬ورد اسم قحطان ولكن في كتابات‬
‫مسندية متأخرة للغاية عن القرن الثاني عشر أو‬
‫التاسع قبل الميالد‪ ،‬ولم تكن بالصورة التي صورها‬
‫اإلخباريون؛ فقد جاء ذكر قحطن كاسم أرض تابعة‬
‫ألحد ملوك كندة‪ ]44[]43[.‬رغم أن عدد النقوش واآلثار‬
‫المكتشفة يتجاوز العشرة اآلف نقش‪ ،‬إال أن الباحثين‬
‫بكثير‪]45[.‬‬ ‫يعتقدون أن ما تحت األنقاض يتجاوز ذلك‬

‫التاريخ‬

‫كتابة سبئية من العصر الوسيط‪ ،‬من كتابات كهذه أخذ الباحثون معرفتهم بتاريخ اليمن القديم‬

‫وجدت شواهد لقبور ميغاليث تعود إلى العصر‬


‫الحجري القديم وال زالت الدراسات بشأن تاريخ اليمن‬
‫القديم في بداياتها‪ ،‬فكثير من األمور ال تزال غامضة‪.‬‬
‫بدأت تظهر عالمات على التحضر في أواسط األلفية‬
‫الثانية قبل الميالد في منطقة صبر تحديدا تعود إلى‬
‫العصر البرونزي وتسبق الممالك الخمس المعروفة‪.‬‬
‫حيث وجدت أطالل لمدينة قديمة ولها أسواق ومباني‬
‫صغيرة وحفر تقود إلى مخابئ لتخزين األمتعة‬
‫الثمينة؛ وال زالت األبحاث جارية حول هذه الحضارة‬
‫الصغيرة من قبل مختصين ألمان‪ ]46[.‬لم تجر أبحاث‬
‫حول الحضارات األصلية التي انبثقت عنها الممالك‬
‫األربع‪.‬‬

‫مملكة سبأ‬

‫في الفترة ما بين ‪ 1000 - 1300‬قبل الميالد نشأت‬


‫مملكة سبأ‪ ،‬وكانت اتحادا ضم عددًا كبيرًا من القبائل‪.‬‬
‫وُي عرف انتماء القبيلة في نصوص خط المسند‬
‫بعبارات داللية من قبيل أبناء اإلله إلمقه أو أبناء اإلله‬
‫عم و«سبأ وأشعبهمو» (سبأ وقبائلهم) وماشابهها من‬
‫عبارات ساعدت الباحثين في تحديد انتماءات‬
‫وأصول القبائل‪ ]49[]48[]47[.‬استطاع عدد من المكاربة‬
‫تشييد عدد من السدود الصغيرة لحفظ المياه‬
‫واالستفادة من مياه األمطار لري األراضي‪ ،‬واكتشف‬
‫عدد من الرسومات الفنية والنقوش المصورة‬
‫لحيوانات في الغالب تعود إلى هذه الفترة ونقوش‬
‫تشير إلى بناء وتشييد لمعابد‪ ،‬معبد أوام تحديًد ا‪،‬‬
‫وذلك في القرن الثامن قبل الميالد‪ ]50[.‬أقام السبئيون‬
‫عالقات تجارية مع الهند واآلشوريين‪ ،‬واشتهروا‬
‫بكونهم
تجار عطور وطيب وبخور وذهب وفضة‬
‫القديم‪]51[.‬‬ ‫وبهارات‪ ،‬وكلها عناصر مهمة للعالم‬

‫ورد في نص آشوري للملك سرجون الثاني تلقيه هدية‬


‫من مكرب سبئي يدعى يثع أمر‪ ،‬ووجد اسم المكرب‬
‫في نقوش يمنية‪ ]52[.‬ووجدت كتابة أخرى للملك‬
‫سنحاريب وتشير إلى تلقيه هدية من مكرب يدعى‬
‫اآلشوري‪]53[.‬‬ ‫كرب إيل أو كرب إيلو حسب اللفظ‬
‫ويستبعد أن يكون نفوذ اآلشوريين قد وصل إلى‬
‫اليمن‪ ،‬وهدف إرسال الهدية كان مجرد تعبير عن‬
‫الصداقة التي تجمع سبأ وآشور الرتباطات تجارية‬
‫قديمة بينهما ومن باب التلطف لآلشوريين إذ كان‬
‫للسبئيين تجارة في أسواق بالد الرافدين‪ ]54[.‬ويعود‬
‫تاريخ الكتابة إلى ‪ 715‬ق‪.‬م [‪ ]55‬ولم يورد اآلشوريون‬
‫اسمه كامال في النص مكتفين بكرب إيل واسمه‬
‫الكامل كرب إيل بين‪ .‬لقبه اآلشوريون بملك وهي‬
‫داللة على عدم معرفتهم بألقاب حكام العربية‬
‫الفترة‪]56[.‬‬ ‫الجنوبية في تلك‬

‫قام عدد من المكاربة بإنشاء عدد من السدود وعملوا‬


‫على إيصال المياه إلى مناطق عديدة في اليمن‪ .‬قاموا‬
‫بتعلية سد رحبم وتقوية دعائمه فزادت مساحة‬
‫األراضي الزراعية وازداد ثراء المزارعين في هذه‬
‫الفترة وبالذات في مأرب التي أصبحت تنافس‬
‫صرواح عاصمة سبأ في تلك الفترة حوالي القرن‬
‫الثامن ق‪.‬م‪ ]57[.‬ظهرت في هذه الفترة نقوش عن عدد‬
‫من الحروب واالنتصارات لسبأ على معين وقتبان‬
‫ونجران‪ .‬وكعادة النقوش‪ ،‬فإنها ال تبدي أسبابا‬
‫لالقتتال وتكتفي بذكر الموقع واسم الملك وعدد‬
‫القتلى المبالغ فيه عادًة من الجانب المهزوم‪ .‬وكان‬
‫عدد القتلى في نجران هو األعلى خالل حملة المكرب‬
‫يثع أمر بين هذه إذ ورد في النص أن خمسة وأربعين‬
‫وقراها‪]58[.‬‬ ‫ألف شخص قتلوا خالل إحراقه لمدنها‬

‫تمثال يصدقئيل فرع‪ ،‬أحد ملوك مملكة أوسان‬

‫في بدايات القرن السابع قبل الميالد‪ ،‬غير المكرب‬


‫كربئيل وتر لقبه من مكرب سبأ إلى ملك‪ ]59[.‬يعتقد أن‬
‫ملك مملكة أوسان بدأ بالهجوم واستطاع السيطرة‬
‫على ممالك صغيرة تابعة لمملكة حضرموت وقتبان‪.‬‬
‫توجه الملك إلى المناطق الساحلية الجنوبية الغربية‬
‫لليمن للسيطرة على الممالك التي استولت عليها‬
‫أوسان‪ .‬استطاع إخضاع هذه الممالك ومنعها من أي‬
‫محاولة لالستفراد بالطريق التجارية‪ ]60[.‬وترجمة‬
‫أوسان أو «أوسن» كما وردت في نصوص المسند هي‬
‫األوس‪ ،‬ألن النون في آخر األعالم هي أداة التعريف‬
‫السبئيين‪]61[.‬‬ ‫بلغة‬

‫كانت سبأ قد بلغت أوجها حتى أواخر القرن الثاني أو‬


‫بدايات األول ق‪.‬م‪ ]62[.‬كان كربئيل وتر ملكا محاربا‪.‬‬
‫دون هذا الملك كتابة طويلة يحكي فيها إنجازاته؛‬
‫عرفت الكتابة عند المتشرقين باسم «كتابة‬
‫صرواح»‪ ]63[.‬هيمنت سبأ على جنوب الجزيرة العربية‬
‫وبقي الملك في ساللة هذا الملك أمدًا طويًال من القرن‬
‫السابع ق‪.‬م وحتى القرن الثالث ق‪.‬م إثر انقالب قام به‬
‫الملك وهبئيل يحز‪ ]64[.‬ووردت عدة نصوص في نفس‬
‫الفترة عن تأديب قوات من حاشد لبدو لم يحددوهم‬
‫تطاولوا على أربابهم ملوك سبأ كما ُي قرأ من النص‪ ،‬وتم‬
‫استرداد أموال سلبها هوالء البدو وُأ خذوا إلى معبد‬
‫مصيرهم‪]65[.‬‬ ‫المقة بمأرب لينظر في‬

‫وشهد القرن السابع والسادس إصالحات وتشييدا‬


‫ألبراج وقالع وحصون‪ ،‬وتحسين نظام الري وبناء عدد‬
‫من السدود وإيصالها ببعضها البعض‪ .‬واستخدمت‬
‫األحجار الكريمة مثل البلق لبناء األبراج في تلك‬
‫الفترة‪ ]66[.‬كانت مملكة كندة القديمة التي تعاقب على‬
‫دعمها أكثر من ملك في صنعاء ومأرب من يوفر‬
‫األمان للقوافل التجارية الخارجة من اليمن إلى العراق‬
‫وفارس‪ .‬وكانت مملكة ديدان تقوم بنفس الوظيفة‬
‫ولكن للقوافل المتجهة نحو الشام ومصر ودول البحر‬
‫األبيض المتوسط وغيرها من الممالك المنتشرة على‬
‫طول الطريق التجارية‪ ]67[.‬لم تكن عالقة هذه الممالك‬
‫في الصحراء جيدة دائما مع ممالك اليمن‪ ،‬حيث‬
‫تكشف عدد من النصوص عن استغالل سلطتهم على‬
‫األعراب لشن هجمات على قوافل خارجة من اليمن أو‬
‫والمصالح‪]68[.‬‬ ‫عائدة إليه على حسب الظروف‬

‫مملكة قتبان (‪ 330‬ق‪.‬م ‪ 100 -‬ق‪.‬م)‬

‫أحد المنحوتات القديمة لمملكة قتبان‬

‫مملكة قتبان هي أحد أقدم الممالك اليمنية نظام‬


‫حكمها بدأ مشابها لسبأ إال أن المعلومات المتوفرة عنها‬
‫قليلة‪ .‬وهناك اعتقاد أن الحميريين ورثة هذه‬
‫المملكة‪ ]69[.‬لم يعرف المؤرخون بعد اإلسالم شيئا‬
‫كثيرا عن قتبان وجعلوه شخصا وساقوا له نسبا‬
‫ينتهي إلى العرنج والعرنج هذا هو اسم حمير‬
‫الحقيقي على حد زعمهم‪ ]70[.‬منازلهم كانت جنوب‬
‫مواطن السبئيين وفي األقسام الغربية المطلة على‬
‫السواحل في اليمن حتى باب المندب‪.‬‬

‫المشكلة التي تواجه الباحثين في تحديد طبيعة‬


‫المملكة القتبانية هو أن أغلب الكتابات والنقوش غير‬
‫مؤرخة بعكس الحميريين‪ ،‬أو أنها مؤرخة بطرق لم‬
‫يستطع الباحثون فهمها‪ .‬استطاعت قتبان في القرن‬
‫الرابع ق‪.‬م هزيمة السبئيين‪ ،‬وسيطروا على طريق‬
‫البخور وأصبحوا القوة األكثر نفوًذ ا بين الممالك‬
‫األربعة‪ ]72[]71[.‬كتابات قتبان عن القوانين أكثر‬
‫بالقياس من تلك السبئية‪ .‬ووردت نصوص تتحدث عن‬
‫أعمال تمهيد لطرق في الجبال‪ ،‬منها نص يتحدث عن‬
‫مشاركة كل أبناء اإلله عم في إنجاز هذا المشروع‬
‫وكان المهندس المشرف على هذا العمل رجل يدعى‬
‫أوس بن يصرع‪ ]73[.‬وكان هدف هذه المشاريع التي‬
‫استعمل فيها األسفلت هو تمهيد الطريق للجنود‪.‬‬
‫وغيرها من األعمال والقوانين التي سنها القتبانيون‬
‫خالل فترة نفوذهم على الممالك األخرى التي تعكس‬
‫متقدم‪]74[.‬‬ ‫وجود فن هندسي‬

‫مملكة َم ْع َّي ن (‪ 330‬ق‪.‬م ‪ 100 -‬ق‪.‬م)‬

‫أسوار مدينة براقش عاصمة مملكة معين‬

‫لم يعرف عنها المؤرخون والنسابة شيئا يذكر‪ ،‬إال أنها‬


‫ذكرت في كتابات اليونان وذكر سترابو أن اسم‬
‫عاصمتهم «قرنا» (قرناو) وأن الحضارم يحدونهم من‬
‫الشرق والسبئيين والقتبانيين من الجنوب‪ ،‬وهي كلها‬
‫تشير إلى محافظة الجوف حاليا وقد وصف سترابو‬
‫هذه الممالك بالبلدان وأن عليها ملكا‪ ،‬وبها معابد‬
‫وبيوت تشبه تلك عند المصريين‪ ]75[.‬وجاء في كتابة‬
‫بالجيزة تعود أليام بطليموس الثاني عن وجود معيني‬
‫في تلك المنطقة وكان وجودًا تجاريًا إذ كانوا يزودون‬
‫بالبخور‪]76[.‬‬ ‫المعابد المصرية‬

‫اكتشف المستشرق جوزيف هاليفي كتابات كثيرة‬


‫تتجاوز األلفي كتابة من تجوله كيهودي متسول في‬
‫عاصمتهم القديمة‪ ]77[.‬وقد عثر على كتابات للمعينين‬
‫في منطقة الجوف السعودية (ليست محافظة الجوف‬
‫اليمنية) وكتابات في الجيزة ويعتقد عدد من‬
‫الباحثين أنهم المقصودين بلفظة «معينيم» في‬
‫التوراة‪ ]78[.‬ليس هناك اتفاق بين الباحثين حول‬
‫منشئها وسقوطها فباحثي المدرسة األلمانية القديمة‬
‫يرون أنهم أصبحوا بدوًا وأعرابًا في القرن األول ق‪.‬م‬
‫الميالد مستشهدين بنصوص سبئية تشير إلى‬
‫انتصارات عليهم‪ ،‬إال أن كتابات اليونان في القرن‬
‫الثاني للميالد والتي تشير إلى المعينيين بأنهم «شعب‬
‫عظيم» تعارض ذلك وتظهر أنهم بقوا على الحضارة‬
‫فترة طويلة‪ُ ]79[.‬ي عتقد أن أول ملك لمعين هو «إيل‬
‫فع يثع» خلفه ملك هو «أبو كرب يشع» وعثر على‬
‫اسمه في العال في كتابة دونها رجل يدعى «أوس بن‬
‫حينها‪]80[.‬‬ ‫حيو» وكان أوس هذا كبير المنطقة‬

‫ورود هذه األسماء في منطقتي الجوف والعال وفي‬


‫توقيت واحد هي السبب وراء إيمان الباحثين أن‬
‫مملكة ديدان والحجر كانت تابعة لملوك مملكة‬
‫معين‪ ]81[.‬وهذه ال«يثع» و«يشع» و«وتر» التي‬
‫تعقب أسماء الملوك هي ألقاب حقيقة وليست جزًء ا‬
‫من أسماء والدتهم‪ ،‬فكلمة «وتر» تعني «المتكبر» أو‬
‫«المتعالي» وكلمة «يثع» تعني المنقذ وكلمة «بين»‬
‫تعني الظاهر‪ ]82[.‬ويقول جواد علي أن مملكة لحيان‬
‫كانت مملكة تابعة لمعين واستقلت عقب ضعفهم في‬
‫اليمن [‪ ]83‬كان ملوك معين يعينون حكاما على‬
‫المناطق الخاضعة لهم خارج اليمن ويسمونهم كبراء‬
‫واكتشف عدد من أسماء هوالء «الكبراء» في منطقة‬
‫العال مهمتهم توفير األمن للقوافل وجمع الضرائب‬
‫واألتاوات‪ ]84[.‬وكان أكبر آلهتهم اإلله ود بعد اإلله‬
‫عثتر‪ ،‬إال أنه بقضاء السبئيين عليها استقلت العال في‬
‫الباحثين‪]85[.‬‬ ‫القرن األول ق‪.‬م على رأي بعض‬

‫مملكة حضرموت (‪ 330‬ق‪.‬م ‪ 275 -‬م)‬

‫برغم الشح الغالب على مصادر دراسة اليمن القديم‪،‬‬


‫تبقى حضرموت أسوأ الممالك األربعة حظًا‪ .‬ليس هناك‬
‫اتفاق بين الباحثين حول مبدأ قيام هذه المملكة‪ .‬أقدم‬
‫رحلة استكشافية كانت في موضع يقال له الحريضة‬
‫حيث عثر المنقبون على آثار لمعبد اإلله سين يعود‬
‫للقرن السابع أو الخامس قبل الميالد‪ ]86[.‬حضرموت‬
‫اسم قبيلة‪ ،‬وكان عليهم مكرب قائم بشؤونهم‪ .‬أول‬
‫كتابة حضرمية مكتشفة تعود للقرن الخامس قبل‬
‫حضرموت‪]87[.‬‬ ‫الميالد وتحكي بناء سور لحماية‬
‫سياستهم كانت قريبة من سياسة الممالك األخرى‬
‫وهي السيطرة على األراضي الخصبة وعقد تحالفات‬
‫مع القبائل الجبلية وتلك المطلة على السواحل‪ .‬بنى‬
‫الحضارم ميناء خور روري القديم المتواجد في‬
‫ظفار‪ ]88[.‬انتهى أمر المملكة بتأسيس مملكة حمير في‬
‫القرن الرابع الميالدي‪.‬‬

‫مملكة حمير‬

‫بعد قرن ونصف من االضطرابات‪ ،‬تمكن شمر يهرعش‬


‫توحيد ممالك اليمن القديم وإخضاعها تحت حكم‬
‫مملكة واحدة‪ ،‬وال توجد دالئل أنه أبقى على بعض‬
‫األقيال لتحكم أراضيها ذاتًي ا كما كان يفعل المكاربة‬
‫والملوك في عصور مضت‪ .‬قام الحميريين بترميم سد‬
‫مأرب وأنهوا النزاعات وأخضعوا القبائل من جديد‬
‫فنعمت اليمن بعصر من االستقرار مكن الحميريين من‬
‫مواصلة سياسة أسالفهم‪ .‬ورد اسم شمر يهرعش‬
‫لثالثة ملوك حميريين وهناك إجماع أن شمر يهرعش‬
‫الثالث حكم مع والده ثم انفرد بالحكم‪ .‬شمر يهرعش‬
‫هو «شمر يرعش» في كتابات أهل األخبار الذين‬
‫اختلقوا األساطير وراء هذه التسميات‪ ،‬إذ جعلوه‬
‫بلقيس‪]91[]90[]89[.‬‬ ‫معاصرا للملك سليمان وحاكًم ا بعد‬
‫هذه األخبار الموضوعة تثبت أن اإلخباريين واليمنيين‬
‫منهم تحديًد ا كانوا على علم بماضي أجدادهم ولكنهم‬
‫لم يستطيعوا قراءة رموز خط المسند واعتمدوا على‬
‫قصص كبار السن والذاكرة الشعبية لتدوين هذا‬
‫التاريخ‪ ]92[.‬توفي شمر يهرعش عام ‪ 330‬للميالد‬
‫حسب معظم التقديرات‪.‬‬

‫نقوش بخط المسند في "مأسل الجمح" في محافظة الدوادمي تحكي انتصاًر ا حققه أسعد الكامل على المناذرة‬
‫تولى الحكم بعد شمر عدد من الملوك واختلف‬
‫الباحثون في ترتيبهم إلى أن ظهر ملك حميري يدعى‬
‫أسعد الكامل‪ .‬ورد في مسند اإلمام أبي حنيفة النعمان‬
‫أنه أول من ضرب الدينار‪ ]93[.‬تولى الحكم عام ‪378‬‬
‫ميالدية‪ .‬عثر على اسمه مدوًن ا بخط المسند في‬
‫موضع يقال له «مأسل الجمح» في محافظة‬
‫الدوادمي السعودية حاليًا‪ ]95[]94[.‬قد بني الحصن‬
‫ليكون موقًع ا لقوات حميرية تحمي القوافل الخارجة‬
‫من اليمن والعائدة إليه‪ .‬وهو موقع مهم يصل اليمن‬
‫بنجد وشرق الجزيرة العربية‪ ]96[.‬عاش هذا الملك‬
‫فترة طويلة فهو تولى الحكم قرابة ‪ 378‬للميالد إلى‬
‫جانب والده حينها ويبدو أنه كان ال يزال شاًب ا يافًع ا‬
‫وتوفي عام ‪ 430‬ميالدية أو بعدها بقليل فتكون مدة‬
‫حكمه قرابة الخمسين عاًم ا‪ .‬كان ملًكا قوًي ا ولذلك كثر‬
‫ذكره ولم تنساه الذاكرة العربية فقد ذكر الطبري أنه‬
‫وصل الصين وهي مبالغة بال شك ولكنها انعكاس لألثر‬
‫الذي تركه‪ ]97[.‬توفي الكامل وتولى الحكم بعده ملوك‬
‫اختلف الباحثون في ترتيبهم وذكرهم بعض أهل‬
‫األخبار‪.‬‬

‫اكتشف نص في ‪ 450‬ميالدية يشير إلى تصدع كبير‬


‫أصاب سد مأرب مما جعل الملك يستعين بعشرين ألف‬
‫عامل لقص األحجار من الجبال وبناء أبواب ومنافذ‬
‫للعمال‪]98[.‬‬ ‫جديدة لخروج الماء وصرف معاشات‬
‫وكان لذلك أثر سيء على كثير من القبائل التي تركت‬
‫مواطنها خوًف ا من الموت‪ ]99[.‬ولألسف لم يخبر النص‬
‫عن أسماء هذه القبائل وفيه دليل على وجود أصل‬
‫تأريخي للروايات العديدة التي يرويها األخباريون عن‬
‫تهدم سد مأرب وتفرق سبأ وإن كان يشوبها الخرافة‬
‫واألساطير‪ ]100[.‬هناك اختالفات بين الباحثين في‬
‫ترتيب وأعداد الملوك إال أن اإلجماع أن سقوط حمير‬
‫كان بمقتل يوسف أسأر عام ‪ 525‬ميالدية‪.‬‬
‫السقوط‬

‫بعد مقتل يوسف‪ ،‬نصبت أكسوم حاكًم ا دمية يدعى‬


‫شميفع أشوع‪ .‬ذكر المؤرخ البيزنطي بروكوبيوس أن‬
‫عددًا من الجيش األكسومي آثر البقاء في أرض‬
‫الحميريين ألنها جيدة جًد ا على حد تعبيره‪ ]101[.‬أحد‬
‫هوالء كان أبرهة األشرم قائد الجيش الذي أعلن نفسه‬
‫«ملكًا بسم المسيح والروح القدس»‪ ]102[.‬استمر‬
‫االقتتال لفترة حتى وصل ألسماع المتقاتلين عن‬
‫تصدع هو الثالث وقبل األخير أصاب سد مأرب كما‬
‫يقرأ من النص المسندي الذي يعود لعام ‪542‬‬
‫ميالدية‪ ]103[.‬توصلوا لهدنة إلعادة ترميم السد وكان‬
‫آخر ترميم يجرى عليه‪ ]104[.‬نسبوا إلى أبرهة هذا‬
‫قصة بعد اإلسالم لم يرد عنها نص مدون بخط المسند‬
‫البيزنطيين‪]105[.‬‬ ‫وال كتابات‬
‫دخل اليمن عصًر ا من االنحطاط قبيل اإلسالم مما‬
‫مكن مكة بأن تصبح مركزا تجارًي ا مهًم ا بل ربما األهم‬
‫في الجزيرة العربية لبعدها عن مراكز الصراع‪ ]106[.‬لم‬
‫تكتشف كتابة تشير إلى الحقبة الفارسية في اليمن‬
‫فتاريخ البالد يكاد يكون مجهواًل خالل هذه الفترة‬
‫سوى ما توارد عن كتابات بيزنطية بسيطة عن وجود‬
‫الفرس في عدن‪ ]107[.‬حكم الحميريين كأذواء بدون‬
‫سلطة فعلية إال على قبائلهم‪ ،‬ويقول صاحب‬
‫المفصل‪]108[:‬‬

‫«أستطيع أن أقول إن وجود الفرس في اليمن‬


‫وحكمهم البالد كان خرافة‪ ،‬وربما وجودهم‬
‫كان اقتصر على عدن وكان تجاريًا‪ ،‬كان الحكم‬
‫الواقعي لألقيال امراء القبائل‪ .‬وال عبرة لما‬
‫نقرأه في الموارد اإلسالمية من استيالء‬
‫الفرس على اليمن‪ ،‬ألن هذه الموارد تناقض‬
‫نفسها حين تذكر أسماء األقيال الذين كانوا‬
‫يحكمون مقاطعات واسعة من اليمن في‬
‫الحقبة الفارسية‪ ،‬وكان منهم من لقب نفسه‬
‫بلقب ملك‪ ،‬وكان له القول والفعل في أرضه‪،‬‬
‫وال وجود لسلطان فارسي عليه»‬

‫استفرد أحد الساتراب بالحكم في العام ‪ 598‬ميالدية‬


‫ودخل أحد هوالء إلى اإلسالم‪ .‬طردهم األسود العنسي‬
‫وأعلن نفسه ملًكا ونبًي ا إلى أن قتله مسلمون يمنيون‬
‫وفًق ا لمصادر متأخرة‪.‬‬

‫ممالك صغيرة‬
‫كانت القوة في يد أربع ممالك رئيسية وهي سبأ‬
‫وحضرموت وقتبان ومعين‪ ،‬ويندرج تحت هذه‬
‫الممالك ممالك صغيرة يشار إليها بألفاظ تدل على‬
‫تبعيتهم إلله المملكة الكبرى‪ .‬من هذه الممالك مملكة‬
‫سمعي وهي مملكة صغيرة وأساس وأصل همدان‪،‬‬
‫وكانت تحت اللواء السبئي طيلة وجودها‪ .‬ومملكة‬
‫هرم وإنابة ونشق ورعين والمعافر هي ليست ممالك‬
‫مؤثرة بل صغيرة وإن جمع بعض من طقوسها‬
‫التعبدية وآلهتها‪.‬‬

‫مملكة أوسان‬

‫عرفت هذه المملكة باسم «أوسن» وتواجدت جنوب‬


‫مملكة قتبان‪ ،‬دمرها كرب إيل وتر وبقيت مملكة‬
‫صغيرة تابعة في غالب تاريخها وكانوا من أبناء اإلله‬
‫ود‪ ]109[.‬وجدت الكثير من التماثيل المصنوعة من‬
‫الذهب منقوش تحتها أسماء الملوك لكن يظهر أنها‬
‫تعرضت لكسر قد يكون لحملة سبأ عليها سبب في‬
‫ذلك‪ ،‬إذ دمر السبئيون قصرهم الملكي وأمر كرب إيل‬
‫وتر بإزالة كل النقوش وتدمير الكتابات عنها كما ورد‬
‫في «كتابة صرواح» التي دونها هذا الملك في القرن‬
‫السابع ق‪.‬م‪ .‬ويبدو أنها كانت مملكة قوية في بداياتها‬
‫إذ جاء في كتابات اليونان أنها كانت تسيطر على‬
‫ساحل زنجبار في أفريقيا‪ ]111[]110[.‬ولم يكونو‬
‫ليتجاوزوا الساحل الغربي لليمن لشرق أفريقيا لو لم‬
‫تكن مملكتهم قوية ولها سيطرة محكمة على مناطق‬
‫واسعة‪ .‬إال أن أطماعها في التوسع انتهت بعد قضاء‬
‫السبئيين عليها‪.‬‬

‫مملكة دمت‬

‫بقايا معبد المقه في شمال إثيوبيا قرب أكسوم‪.‬‬


‫[‪]112‬‬

‫هي مملكة صغيرة قامت في شمال أثيوبيا في القرن‬


‫الثامن ق‪.‬م‪ .‬الكتابات عنها قليلة للغاية دونت بخط‬
‫المسند‪ ،‬وهي أقدم الممالك بشواهد أركيولوجية في‬
‫أثيوبيا‪ ]113[.‬ال يعرف الكثير عن هذه المملكة وهناك‬
‫اعتقاد أنها مملكة قامت من قبل السكان األصليين‬
‫لتلك المناطق بتأثير سبئي والبعض يعتقد أن‬
‫مؤسسيها كانوا سبئيين قدموا من اليمن واختلطوا‬
‫بسكان تلك المناطق‪ ]114[.‬بالكاد يمكن الكتابة عنها‬
‫وعن تاريخها أي شيء‪ .‬وليس من المعروف ما إذا‬
‫كانت هذه المملكة مرحلة سابقة لمملكة أكسوم أم أنها‬
‫إحدى الممالك الصغيرة التي سيطر عليها هوالء‬
‫األكسوميين؛ فتاريخ إثيوبيا شبه مظلم قبل مملكة‬
‫للميالد‪]115[.‬‬ ‫أكسوم التي قامت في القرن األول‬

‫مملكة نجران‬

‫على الرغم من كثرة ذكر نجران في نصوص عربية‬


‫جنوبية مختلفة فإن علم الباحثين عنها قليل للغاية‪.‬‬
‫كانت مطمعا للسبئيين والحميريين وتعرضت للغزو‬
‫واإلحراق مرارًا من باب إخضاعها‪ ،‬وهي داللة على‬
‫أهمية موقعها كمحطة للقوافل‪ .‬وذكرها ملك المناذرة‬
‫باسم «مدينة شمر» ويقصد شمر يهرعش‪ .‬جاء في‬
‫نقش اتجاه قوات حميرية منها نحو مملكة األنباط‬
‫وانتهت بانتصار هذه القوات‪ ]116[.‬ال يعرف الكثير‬
‫عنها رغم كثرة ذكرها في نصوص سبئية‪ ،‬وقد تقود‬
‫االكتشافات في منطقة نجران الكتشاف تاريخ هذه‬
‫المنطقة‪.‬‬

‫مملكة ديدان‬

‫هي مملكة تابعة لمملكة معين من القرن الخامس ق‪.‬م‬


‫حتى بدايات األول ق‪.‬م‪ ]117[.‬قامت في األجزاء‬
‫الشمالية الغربية من شبه الجزيرة العربية وأغلب الظن‬
‫أنها مرحلة سابقة لمملكة لحيان حيث يعتقد بعض‬
‫الباحثين أن اللحيانيين كانوا من سكان العربية‬
‫الجنوبية لورود نص يشير إلى قيل لحياني في اليمن‬
‫اسمه «أب يدع ذو لحيان» واستوطنوا ديدان جنوب‬
‫أراضي األنباط فلما ضعفت حكومة المعينيين في‬
‫اليمن استولى اللحيانيون على المملكة وأسموها على‬
‫اسم قبيلتهم‪ ]118[.‬وليس بين الباحثين اتفاق على‬
‫أصولهم تحديدا ويرى جواد علي أن المعينيين كونوا‬
‫مستعمرات في أعالي الحجاز منذ القرن الخامس قبل‬
‫الميالد ووصفهم باللحيانيين أيام قوة المعينيين‪،‬‬
‫وهدف هذه المستعمرات هو تأمين الطريق التجارية‬
‫من اليمن إلى الشام‪ ]119[.‬ووفقًا ‪ ،‬لورنر كاسكل‪]120[:‬‬

‫«الجدير بالذكر هو أن العهد القديم لديه‬


‫الكثير ليقوله بشأن السبئيين وواضح أنه‬
‫صامت بشأن المعينيين ولكننا نجد ذكرا‬
‫لديدان وظهر في سلسلة األنساب الموضوعة‬
‫في العهد القديم كأخ لسبأ (تكوين ‪ )10:7‬وهو‬
‫ما له تفسير واحد‪ ،‬عندما يتحدث العهد القديم‬
‫عن الديدانيين فإن المقصود هو معين‬
‫والسبب في ذلك االستخدام واضح‪ ،‬وذلك ألن‬
‫قوافل مملكة معين العربية الجنوبية كانت‬
‫تتوقف في ديدان وال تجاوزها‪ ،‬فيقوم‬
‫مواطنوهم في تلك المستعمرة بنقل البضائع‬
‫إلى محطات أخرى؛ هدف هذه المستعمرة هو‬
‫تقصير مشقة السفر على المعينيين»‬
‫أغلب بضاعتهم القادمة جنوب شبه الجزيرة العربية‬
‫كانت موجهة لمصر واليونان ويعتقد كاسكل أن‬
‫اللحيانيين استولوا عليها في منتصف القرن الثاني‬
‫ق‪.‬م قرابة ‪ 150‬ق‪.‬م فقد كان المعينيون يسيطرون‬
‫على أعالي الحجاز من القرن الخامس ق‪.‬م بمساعدة‬
‫من األنباط‪ ،‬بداللة أن أول ملوكهم كان نبطيا‪ ،‬ثم‬
‫عادت للحيان مستغلين ضعف مملكة معين وحروبها‬
‫سبأ‪]121[.‬‬ ‫مع مملكة‬

‫الدين‬
‫دعاء على يد من البرونز موجه لتألب ريام‪.‬‬

‫قدس اليمنيون عثتر والمقه وسين وود وعم‪ .‬وكانت‬


‫العقائد تتمحور حول ثالوث الشمس والقمر وابنتهما‬
‫كوكب الزهرة‪ ،‬وهو افتراض مشكوك فيه من قبل‬
‫بعض الباحثين‪ ]122[.‬اآللهة الرئيسية كانت عثتر ومن‬
‫ثم المقه وعم وود وسين‪ ،‬تليها آلهة القبائل الخاصة‬
‫وكاهل‪]123[.‬‬ ‫كتألب ريام‬

‫عثتر هو النسخة الذكرية من عشتار كما يعتقد‬


‫البعض‪ ،‬لكن أبحاثا جديدة تظهر ميثولوجيا مختلفة‬
‫قليال‪ ،‬ترجح أن عثتر كان أنثى كما تشير إليه‬
‫النصوص اليمنية «أم عثتر» وانقسم إلى قسمين‪ ،‬إله‬
‫ذكر وإلهة أنثى كانا أب وأم البشرية جمعاء‪ ]124[.‬عثتر‬
‫هو أكبر آلهة اليمن ووالد اآللهة كلها‪ ]125[.‬ورغم‬
‫اختالف الباحثين في تحديد فترة نشوء سبأ هناك‬
‫دالئل على قيام المملكة قبل القرن التاسع سماها‬
‫بعض الباحثين بالفترة «المهجورة»‪ ،‬وهي الفترة في‬
‫القرن الثاني عشر والثالث عشر ق‪.‬م [‪ ]126‬فقد وجدت‬
‫كتابات تشير إلى عثتر كاإلله الرئيسي لقبيلة سبأ؛‬
‫ويعتقد أن دخول المقه في المعتقدات السبئية هو‬
‫نتيجة لدخول قبيلة «فيشان» في سبأ فأصبحت سبأ‬
‫تجمعا عشائريا كبيرا يضم عددا كبيرا من القبائل‪،‬‬
‫وانعكس هذا على ديانتهم فكثرت آلهة سبأ كنتيجة‬
‫لهذا التحالف‪ ]127[.‬وكان للثور أو العجل قدسية‬
‫خاصة في اليمن القديم وغيره من حضارات الشرق‬
‫األدنى لتشابه قرونه مع القمر‪ .‬المعينيون كانوا‬
‫يصفون إلههم األكبر ووالدهم ود‪ ،‬وقدس المعينيون‬
‫اآللة منضح وهو مسؤول عن السقيا والماء‪ ،‬واإلله بلو‬
‫وهو إله المصائب والبالوي‪ ،‬واإلله رفوا وهو إله حماية‬
‫الحدود‪ ،‬واإلله حلفن وهو إله القسم والتعهدات‪،‬‬
‫فيقسم به عند عقد االتفاقيات والمعاهدات والعقود‬
‫التجارية‪]128[.‬‬

‫مباخر قديمة والهالل والنقطة تشير إلى اإلله سين‬

‫أما سبأ فإلهها األكبر المقه‪ ،‬واختلف الباحثون حول‬


‫معنى اسمه؛ فاأللف والالم أول اسمه ليست أداة‬
‫للتعريف فأداة التعريف عن العرب الجنوبيين كانت‬
‫الحرف نون في آخر الكلمة‪ .‬وأغلب الظن أنها «إيل‬
‫مقه»‪ ،‬وكلمة مقه تعني «قوي» فيكون معنى االسم‬
‫هو إيل القوي‪« ]129[.‬إيل الحافظ» [‪ ]130‬وربط بعض‬
‫الباحثين بين اسمه ومدينة مكة مفسرين كلمة «مقه»‬
‫السبئية بمعنى معبد فيكون معنى اسمه رب أو إله‬
‫المعبد‪ ]131[.‬وقد كان السبئيون واليمنيون بشكل عام‬
‫يقلبون القاف كافا كما في كلمة مكرب السبئية والتي‬
‫تعني «مقرب»‪ ]131[.‬يزداد عدد اآللهة بازدياد عدد‬
‫القبائل‪ .‬انضمت اإللهة «هبس» وهي زوجة عثتر إلى‬
‫[‪]132‬‬ ‫مجمع اآللهة السبئي مبكرا في القرن السابع ق‪.‬م‬
‫وكانت مسؤولة عن األرض اليابسة والجافة [‪ ]133‬أما‬
‫المقه فهو إله الدولة ورمزها وبني له أربعة وثالثون‬
‫معبدا أشهرهم معبد أوام وبرأن‪ ]134[.‬وسين هو إله‬
‫القمر عند الحضارم وتشير الرموز إليه بهالل ونقطة‬
‫فوقه‪]135[.‬‬

‫تراجعت أهمية اآللهة تدريجيا حتى وحد الحميريون‬


‫اآللهة واعتبروا رحمن إلها أوحد إلى أن دخلت‬
‫اليهودية والمسيحية إلى اليمن‪ .‬مرت هذه االعتقادات‬
‫التوحيدية بعدة أطوار فقد كان ذو سماوي أو «ذو‬
‫سموى» بلغة المسند يذكر مقرونا بعدد من األصنام‬
‫بداية حتى أصبح إله األرض والسماء األوحد ثم‬
‫ترسخ التوحيد وأهملت اآللهة األخرى‪ .‬تم تقديم اإلله‬
‫رحمن وحده في صيغ التعبد غير مقرون بآلهة أخرى‬
‫وهو ما يقلل من فرضية أن التوحيد دخل اليمن‬
‫بتأثير من اليهود والمسيحيين إذ عرف الباحثون ديانة‬
‫الرحمن هذا باسم «التوحيد الحميري» لخصائص لم‬
‫أخرى‪]136[.‬‬ ‫توجد في أديان‬

‫استطاع األركيولوجيون معرفة لمحة بسيطة عن‬


‫معتقدات اليمنيين عن الحياة بعد الموت‪ ،‬فقد وجدت‬
‫عدة مقابر لجثث محنطة موضوعة داخل أكياس من‬
‫الجلد مع ترك الرأس خارجا دون تغطيته في مشهد‬
‫يشبه الوالدة‪ ،‬فاعتبر اليمنيون الموت مرحلة لحياة أو‬
‫والدة من جديد‪ ]137[.‬يطلق على المعابد في اليمن‬
‫لفظة «حرم» و«محرم» وكان يحرم دخولها بمالبس‬
‫متسخة وتمنع النساء من دخولها خالل فترة‬
‫الحيض‪ ]138[.‬ويظهر أنه كان لليمنيين طقوس تعبدية‬
‫تدعى «طوف» (طواف) حول الحرم لها عالقة‬
‫بالطهارة الروحية يعقبه اعتراف بالذنوب للكهنة‬
‫وتقديم القرابين التي غالبا ما تكون من حيوانات‬
‫مفضلة لآللهة وهي الوعالن والغنم والخراف والثيران‪.‬‬
‫عادة ما يكون تقديم القرابين لغفران الذنوب أو لشكر‬
‫اآللهة أمال في زيادة عطاياها‪ ]139[.‬واكتشفت عدة‬
‫حاالت تضحية بالبشر وعادة مايكونون من الغرباء عن‬
‫األسر‪]140[.‬‬ ‫المملكة الذين يقعون في‬

‫االقتصاد‬

‫حصر األمطار وإيصال المياه للمرتفعات الجبلية‪ ،‬نظام سبئي قديم‬


‫كانت الزراعة والتجارة عماد االقتصاد‪ ،‬وبالذات‬
‫البخور والعطور والطيب لما لها من أهمية عند‬
‫الشعوب القديمة لمعتقدات متعلقة بطرد األرواح‬
‫الشريرة من المنازل والمعابد وما شابهها من الطقوس‬
‫التعبدية في العالم القديم‪ .‬كان لنظام الري وحصر‬
‫مياه األمطار أثر كبير في تطور الزراعة في اليمن فقد‬
‫ابتكر اليمنيون القدماء نظام ري قل نظيره في العالم‬
‫واستطاعوا ري الكثير من األراضي الجدباء وشبه‬
‫الصحراوية حتى أوصلوا الماء للمرتفعات‬
‫الجبلية‪ ]141[.‬اهتم اليمنيون بالزراعة‪ ،‬حيث تظهر‬
‫اآلثار تقدما في هذا الجانب‪ ،‬فبنوا السدود الصغيرة‬
‫في كل واد وحوطوا المدرجات الجبلية بصخور‬
‫ومجاري لحصر مياه األمطار وتوجيهها للجهة التي‬
‫يريدونها عن طريق قنوات من عصور قديمة تعود إلى‬
‫الميالد‪]142[.‬‬ ‫األلفية الثانية قبل‬
‫ال توجد أنهار في اليمن فبدأ اليمنيون بالزراعة متأخرا‬
‫بعض آثار لنظم زراعية تعود ‪ 5,200‬سنة‪ ]143[.‬إذا‬
‫إنحبس المطر‪ ،‬صلى اليمنيون آللهتهم طلبا للسقيا‬
‫وكان لديهم سقيتان‪« ،‬سقي خرف ودثا» أي «سقي‬
‫الخريف والربيع» وإن أنعمت عليهم اآللهة قدموا لها‬
‫القرابين شكرا وتقديرا ألفضالها عليهم‪ ]144[.‬حفروا‬
‫الصهاريج المعروفة باسم «نقب» في حضرموت‬
‫وتراوحت أعماقها من ثالثة إلى أربعة أمتار وتوصل‬
‫بمجاري تحت األرض يبلغ طولها عدة كيلومترات‬
‫إليصال المياه إلى المزارع والسكن‪ ]145[.‬وبرع‬
‫اليمنيون في بناء السدود أو «عرمن» (العرم) كما‬
‫تذكر في اللغة القديمة وكان الملوك يدفعون األجور‬
‫للعمال وفي حاالت عديدة كانوا يستعملون خالل‬
‫الطوارئ‪ ]146[.‬يعتقد أن سد مأرب بني في القرن‬
‫الثامن قبل الميالد‪ ]147[.‬ومر هذا السد بأطوار عديدة‬
‫وتعرض للتصدع عدة مرات آخرها في العام ‪575‬‬
‫للميالد‪]148[.‬‬
‫أقام المهندسون في القرن الثامن قبل الميالد سدا‬
‫قويا في الجهة التي تخرج منها السيول إلى المجاري‬
‫عرف باسم وكان طوله قرابة ‪ 577‬مترا‪ .‬كان هذا‬
‫السد هو حجر األساس لسد مأرب الكبير الذي‬
‫أقتطعت حجارته من الجبال ونحتت بإتقان وتم‬
‫إيصالها ببعض باستخدام قطع من قضبان إسطوانية‬
‫مصنوعة من الرصاص والنحاس يبلغ طول الواحد‬
‫منها ‪ 16‬سنتمتًر ا‪ ،‬وقطرها حوالي الثالثة سنتمترات‬
‫ونصف‪ .‬وذلك بصب المعدن في ثقب الحجر‪ ،‬فإذا‬
‫جمد وصار على شكل مسمار يوضع الحجر المطابق‬
‫الذي صمم ليكون فوقه في موضعه بإدخال المسمار‬
‫في الثقب المعمول في الجهة السفلى من ذلك الحجر‪،‬‬
‫وبذلك يرتبط الحجران بعضهما ببعض برباط قوي‬
‫محكم‪ .‬وقد اتخذت هذه الطريقة لشد أزر السد‪،‬‬
‫وليكون في إمكانه الوقوف أمام ضغط الماء وخطر‬
‫وقوع الزالزل‪ ]150[]149[.‬وبنيت الكثير من السدود‬
‫المشابهة والمتصلة ببعضها البعض وقل مثيل هذه‬
‫اليمن‪]152[]151[.‬‬ ‫السدود في العالم القديم باستثناء‬

‫أما التجارة‪ ،‬فقد نشأ سوق العطور والبخور منذ‬


‫األلفية األولى قبل الميالد على األقل في منطقة‬
‫الشرق األدنى وشمال أفريقيا‪ .‬وأهمية البخور تكمن‬
‫في المعتقدات السائدة حينها عن الجن واألشباح‬
‫والعفاريت إذ كانت مرتبطة بطقوس دينية عند كثير‬
‫من الشعوب‪ .‬ولم تكن هذه المحاصيل تزرع إال في‬
‫شرق أفريقيا واليمن والهند وهو سبب اهتمام‬
‫اليمنيين بسواحل أفريقيا كونها مصدر المحصول‬
‫األكثر طلبا في العالم القديم‪ .‬يسمى التاجر «مكر» في‬
‫اللغة القديمة‪ ]153[.‬وذكر اليونان قوافل اليمنيين‬
‫وكيف أنهم كانوا أثري سكان الجزيرة العربية وكانت‬
‫ثرواتهم مطمع الكثير حتى ذكر في العهد القديم أن‬
‫السبئيين سيقدمون بالذهب معظمين لملك اليهود‬
‫المنتظر‪ ]154[.‬بغض النظر عن صحة القصة‪ ،‬هي داللة‬
‫على اتصال تجاري بين السبئيين واليهود وكان‬
‫السبئيون يشترون العبيد والجواري منهم‪ ]155[.‬أشير‬
‫في التوراة إلى قوافل سبأ‪ ،‬وهي قوافل كانت تسير‬
‫من العربية الجنوبية مخترقة العربية الغربية إلى‬
‫فلسطين‪ ،‬فتبيع ما تحمله من سلع هناك‪ .‬وقد كان‬
‫السبئيون يسيطرون على العربية الغربية‪ ،‬حتى بلغت‬
‫حدود مملكتهم أرض فلسطين وُي عتقد أن أهل يثرب‬
‫كانوا أحد المستوطنات اليمنية التي أنشأها السبئيون‬
‫على طول الطريق التجارية المحاذية للبحر‬
‫األحمر‪]156[.‬‬

‫الوارد عن التجارة البحرية قليل مقارنة بالبرية‪ .‬كان‬


‫لحضرموت ارتباط مع الهند وموانئ أهمها ميناء قنا‬
‫الذي يبعد عن مدينة المكال قرابة ‪ 120‬كيلومتر‪.‬‬
‫واليمكن للحضارم أن يصلوا للهند لو لم يكن لهم دراية‬
‫وخبرة في صنع السفن‪ ]157[.‬ولكن السفن العربية لم‬
‫تكن بمستوى الرومانية التي بنيت لظنون عند الرومان‬
‫أن اليمنيين كانوا يملكون أسطوال بحريا قويا كما قال‬
‫مرافق أيليوس غالوس سترابو‪ .‬فقد كان أغسطس‬
‫قيصر يعتقد لما رآه من هيئة التجار والقوافل أن‬
‫السبئيين أهل قتال فأراد السيطرة عليهم‪ ،‬فإما يكونوا‬
‫أصدقاء أو يكونوا خاضعين وال يضطر الرومان لدفع‬
‫مبالغ طائلة لقاء البضائع كون السبئيين كانوا‬
‫أسعارها‪]158[.‬‬ ‫متحكمين في‬

‫اللغة‬

‫كتابة سبئية تعود للقرن الثامن ق‪.‬م‬


‫العربية الجنوبية القديمة كانت اللغة المستخدمة‬
‫وقسمها الباحثون ألربع وهي لغة سبئية ولغة قتبانية‬
‫ولغة معينية واللغة الحضرمية‪ .‬أما الحميرية فال‬
‫تنتمي لهذا التصنيف‪ ]159[.‬مرت اللغة بعدة أطوار؛‬
‫فاللغة المكتشفة على النقوش في القرن التاسع‬
‫والثامن ق‪.‬م تختلف عن تلك التي كتبت بعد الميالد‪.‬‬
‫كانت اللغة تدون باستخدام نظام كتابة متعلق ولكنه‬
‫ليس متطورا عن األبجدية الفينقية القديمة‪ ]160[.‬فهو‬
‫يزيد بسبعة حروف عن الفينقية ودون في نفس‬
‫الفترة تقريبا وهي األلف قبل الميالد‪ ،‬ولكنه نبت من‬
‫نفس األصل‪ ]161[.‬وهو خط الكتابة العربي‬
‫األصلي‪ ]162[.‬يعتقد أن استخدام خط المسند بدأ في‬
‫القرن العاشر ق‪.‬م وتوقف في القرن السادس بعد‬
‫الميالد أي أنه كان نظام كتابة مستخدم في اليمن‬
‫لمدة تزيد عن األلف وخمسمئة سنة من تاريخ‬
‫البالد‪ُ ]163[.‬ي عتقد أَّن توقف استخدام القلم كان قرابة‬
‫ستين سنة قبل النبي محمد‪ ،‬والمؤكد أن دخول‬
‫اليمنيين في اإلسالم كان عامًال مساهمًا لهجره‪]164[.‬‬

‫أغلب الكتابات المكتشفة وجدت منقوشة على ألواح‬


‫أو على صخور‪ ،‬ولم يعثر على كتابة ورقية بالحبر‪.‬‬
‫الورق والحبر أدوات سهلة العطب وال تعيش كالنقش‬
‫على األحجار إن لم تولى رعاية خاصة‪ ،‬وهناك أمل‬
‫عند الباحثين أن يتم اكتشافها بزيادة أعمال التنقيب‪،‬‬
‫أغلبها نصوص دينية وتعبدية أو تخليد إنجازات ملك‬
‫وبناء معبد أو منزل ولم يعثر على كثير من النصوص‬
‫األدبية‪ .‬وكانت القوانين تكتب على صخور كبيرة‬
‫ليراها العامة‪.‬‬

‫الزبور‬

‫ُز ُبر مكتشفة في اليمن‬


‫كان هناك نوع آخر من الكتابة موجود في اليمن‬
‫يسمى الزبور ولم يكن اليمنيون أميين بل تظهر اآلثار‬
‫قدرة األعراب من أهل اليمن على القراءة والكتابة‪.‬‬
‫قال المؤرخون أن المقصود بالزبور هو سفر المزامير‬
‫وأن اليمنيين كانوا يسمونه زبورا فغلب على السفر‬
‫هذه التسمية‪ ]165[.‬الزبور كان األدعية والصلوات التي‬
‫يكتبها عوام الناس من اليمنيين يوميا على أسعف‬
‫النخل أو المصاحف وخالل رحالتهم التجارية‬
‫وتختلف الزبر عن المساند في أنها ال تكتب على ألواح‬
‫أو صخور كبيرة أي أنها ليست شواهد وليست دينية‬
‫بالضرورة فقد يكون بعضها يحتوي على أدعية‬
‫وبعضها إيصاال أو فاتورة‪ .‬وكان ما عرف بالجاهليين‬
‫العرب يعرفون ذلك عن اليمنيين‪ ،‬فذكر الزبور باسم‬
‫زبر وكيف أن أطفال الحميريين كانوا يستطيعون‬
‫والكتابة‪]167[]166[.‬‬ ‫القراءة‬
‫المجتمع‬

‫امرأة اسمها "غليالت" وفيه دعاء لإلله عثتر بتدمير كل من يحاول تخريب الصورة‬

‫التباين الطبقي هو األكثر وضوحا في اليمن في‬


‫العصور القديمة وذلك لعوامل عديدة أهمها نمط‬
‫االستقرار أو التحضر القروي‪ ،‬ووجود نظم وحكومات‬
‫مستقرة وعمل السكان بالزراعة والتجارة‪ .‬هذا ال يعني‬
‫عدم وجود الطبقية عند أهل البادية‪ ،‬ولكنها ليست‬
‫بنفس التباين والوضوح‪ ]168[.‬كان المكرب أعلى طبقة‬
‫اجتماعية في البالد‪ ،‬ولم يحكم منفردًا لوجود مكاربة‬
‫آخرين ال ينظرون ألنفسهم بدرجة أقل‪ .‬وكما يتضح‬
‫من نقوش خط المسند‪ ،‬فقد يتشارك في حكم المملكة‬
‫أكثر من مكرب تصل إلى ثالثة مكاربة في وقت‬
‫واحد‪ .‬يليهم طبقة اسمها «أبعل» و«أسود» وأدق‬
‫ترجمة لها هي أرباب وسادة ومفردها «بعل» وهم‬
‫سادة المجتمع وصفوته وأشرافه ووجهاء أقوامهم‪،‬‬
‫تعني الزعماء الذين يتزعمون أكثر من قبيلة ولديهم‬
‫أراضي وإقطاعيات واسعة‪ ]170[]169[.‬يشاركهم هذه‬
‫المنزلة األقيال وهم مالك إقطاعيون ممن يمتلكون‬
‫أراض كثيرة ولها نفس معنى أبعل بالضبط‪ .‬وطبقة‬
‫اسمها األذواء وهم أشراف وسادة ولكنهم ليسوا‬
‫ملوكا‪ ،‬فنجد عبارات مثل «ذو يزن» ومعناها رئيس أو‬
‫صاحب بيت يزن؛ فهو شريف ولكنه ليس بدرجة‬
‫الملك‪]171[.‬‬ ‫المكرب أو‬
‫وجود سادة وأقيال سيقابله طبقات معدمة محرومة‬
‫كنتيجة طبيعية؛ ويقال لهذه الفئات بلغة المسند‬
‫«قطن» و«آدم» و«صغرم»‪ .‬كان هناك طبقة الجنود‬
‫والمقاتلين ويشار إليهم في النصوص بلفظة «أسدم»‬
‫والميم في آخر األعالم هي أداة التنكير في العربية‬
‫الجنوبية والنون في آخرها وهي مقابل التعريف‬
‫طبقة‪]174[.‬‬ ‫[‪ ]173[]172‬إال أن اليونان اعتبروهم أعلى‬
‫تليهم طبقة أخرى وهم شذاذ القبائل والمرتزقة وكان‬
‫يستعملهم الملوك واإلقطاعيون إلى جانب طبقة‬
‫المحاربين‪ .‬وكانت هناك طبقة من المزارعين يقال لهم‬
‫«قسدن» وجمعهم «قسود»‪ ،‬وهم مزارعون يعملون‬
‫لقاء أجر لألقيال واألذواء ومفروض عليهم الخدمة‬
‫العسكرية والقتال عند وقوع الحرب‪ .‬كون التجار‬
‫وأصحاب القوافل طبقة خاصة بهم وعرفوا باسم‬
‫«مكر» في نصوص المسند وهم دون األقيال واألبعل‬
‫ولكنهم مهمون وعماد اقتصادي للبالد بسبب الضرائب‬
‫يدفعونها‪]175[.‬‬ ‫التي‬
‫شكل العبيد أدنى الطبقات‪ ،‬ويشار إليهم بألفاظ‬
‫«عبدن» و«عبدم» و«آدم»‪ ]176[.‬أما عوام الناس يقال‬
‫لهم «جوم» وهي مرادف قوم ألن الجيم تنطق‬
‫مصرية في العربية الجنوبية القديمة‪ ،‬أو «أخمس»‬
‫وكلمة أخمس تحدد وطن الشخص‪ .‬كلمة «جوم»‬
‫وجدت مقرونة بآلهة فيقال «جوم مقه» أو «جوم‬
‫عثتر» وهي آلهة تتشارك عدد من األقوام في تقديسها‬
‫فال يستدل بها على مملكة الشخص‪ ،‬عكس كلمة‬
‫«أخمس» فيقال في النصوص «أخمس معن» وتعني‬
‫مواطني معين‪ ]177[.‬وتستعمل كلمة «شعبن»‬
‫و«شعبم» كذلك وهي أقرب لقبيلة‪ ]178[.‬تختلف‬
‫المصطلحات من مملكة ألخرى؛ فالسبئيون كانوا‬
‫يطلقون كلمة ملك على ملوك المقاطعات التابعة لهم‬
‫أما المعينيون فكانوا يستعملون كلمة «كبر» (كبير)‬
‫لوصفهم وهم المسؤولون عن المقاطعات البعيدة‬
‫ويقومون مقام حاكم الوالية‪.‬‬
‫التشريعات والقوانين‬

‫كان في كل مقاطعة مجلس مكون من ثمانية أعضاء‪،‬‬


‫مهمة المجلس اإلشراف على الشؤون الزراعية وتمويل‬
‫المزارعين عند الحاجة بحصص من خزينة الدولة‬
‫وجمع الضرائب‪ .‬سن المعبد قانونا ينص عقوبة على‬
‫المزارعين الذين يتركون أعمالهم‪ .‬ولم يكن الملوك‬
‫يستبدون بآرائهم‪ ،‬إذ يستنبط من نصوص المسند‬
‫وجود مجالس محلية لكل مدينة وال شك أن أعضاء‬
‫هذه المجالس كانوا من األقيال واألذواء‪ ،‬وهم مقربون‬
‫من الملك ويحسب لهم حساب‪ ،‬كما يالحظ اختالف‬
‫القوانين من مقاطعة ألخرى‪ ]179[.‬تقلص دور هذه‬
‫المجالس وقضي عليه تماما في عصر الحميريين‪ .‬لم‬
‫تكن مهام هذه المجالس مقصورة على الزراعة‪ ،‬وإن‬
‫كانت أهم الموارد االقتصادية‪ ،‬بل يتعداها إلى اقتراح‬
‫قوانين العقوبات وقوانين تنظيم التجارة‪ .‬تقوم هذه‬
‫المجالس بتقديم اقتراحاتها إلى الملك الذي له القرار‬
‫النهائي بإنفاذ القانون من رده‪ ،‬ودرجت العادة على‬
‫إدراج اسم الملك وأسماء أعضاء المجلس الموافقين‬
‫شرعيته‪]180[.‬‬ ‫على القانون لتأكيد‬

‫كانت هناك مجالس خاصة ألصحاب الحرف والصناع‬


‫اليعرف عدد أعضائها‪ ،‬إال أن الملك ال يقضي بقانون‬
‫يخصهم دون استشارتهم وإدراج أسمائهم في نص‬
‫القانون المتعلق بصناعتهم‪ ]181[.‬ورد في نقوش‬
‫المسند أن شمر يهرعش سن عددا من القوانين تنظم‬
‫بيع وشراء العبيد والمواشي؛ فيتم البيع بعد شهر‬
‫ويحق للمشتري إعادة ما اشتراه خالل عشرة أيام‪،‬‬
‫وإذا اشترى حيوانا ولم يهلك لمدة أسبوع وجب على‬
‫المشتري دفع الثمن كامال ويحق له إعادته إذا نفق‬
‫الحيوان خالل هذا األسبوع وال يحق له االعتراض‬
‫بعدها‪ ]182[.‬الملك اليتدخل إال في األمور المتعلقة‬
‫بالضرائب والقرارات الكبيرة المؤثرة أما قوانين‬
‫والمعبد‪]183[.‬‬ ‫الزواج والميراث فتركت ألهل المجالس‬
‫كانت عقوبة القاتل هي اإلعدام بالسيف‪ ،‬فلم يعرفوا‬
‫غيرها وال توجد دالئل مكتشفة على استعمالهم وسائل‬
‫أخرى كالرجم والصلب وغيرها من وسائل اإلعدام‪ .‬لم‬
‫تحدد قيمة الديات‪ ،‬إال أن نصا سبئيا يعود للقرن‬
‫الثامن ق‪.‬م أمر قبيلة أحد المجرمين بدفع مئتان‬
‫(اليعرف ماهي هاتان المائتان بالضبط) لخزينة المعبد‬
‫لقاء دم مقتول من طبقة «آدم» وهي طبقة دنيا‪.‬‬
‫ويالحظ أن عقوبة القتل لم تطبق على القاتل إلنه من‬
‫طبقة مرموقة أما المقتول فكان من صغار الناس‬
‫المجرم‪]184[.‬‬ ‫والمساكين فاكتفى الكهنة بتغريم أهل‬
‫منعت القوانين أصحاب الحق من ذوي المقتول أخذ‬
‫حقهم بأياديهم بل تفرض عليهم عقوبات إذا ما قاموا‬
‫بذلك‪ ]185[.‬أما عقوبة الثورة والخروج على حكم‬
‫الملك فهي القتل‪ ،‬والقرار النهائي واألخير ليس بيد‬
‫القاضي بل بيد رأس الدولة فوردت نصوص عن عفو‬
‫يصدره الملوك اتجاه اآلخرين‪ .‬ومما يدل على الطبيعة‬
‫الكهنوتية لنظام الحكم‪ ،‬هو اشتراط الملك أن يقدم‬
‫المعفو عنه قربانا في المعبد وأن يسأل اآللهة أن‬
‫يغفروا له تعديه على الملك‪ .‬فاعتبر الخروج على‬
‫الحاكم خروج على اآللهة نفسها‪ ]186[.‬تم بناء السجون‬
‫إليداع المجرمين والثائرين‪ ،‬وكانت مبان محصنة‬
‫ومسورة يشرف عليها الجنود‪ .‬كان هناك عقوبات ال‬
‫تستحق السجن مثل الذين يتهربون من دفع الضرائب‬
‫وعقوبتهم خمسين جلدة في مكان عام‪ ]187[.‬كانت‬
‫التضحية بالبشر والفتيات (الوأد) رائجة لفترة في‬
‫اليمن القديم ولكن ُأ كتشفت كتابة سبئية تقر قانونًا‬
‫البنات‪]188[.‬‬ ‫يمنع وأد‬

‫الفن‬
‫مجسم رأس المرأة يعود للقرن الثالث ق‪.‬م‪ .‬مثل هذه المجسمات كان يوضع على شواهد القبور‪.‬‬

‫بدأ الفن اليمني مع نشوء الحضارات في األلفية الثانية‬


‫ق‪.‬م وكان إلى غاية القرن الخامس ق‪.‬م نقيا من أية‬
‫عوامل خارجية حتى بدأ التأثير اليوناني يظهر جليا‬
‫على طريقة الصناع والنحاتين‪ ]189[.‬الفنون اليمنية‬
‫ليست بتعقيد اليونانية والرومانية التي تحرص على‬
‫إبراز جمال األجسام وكمالها‪ ،‬وهو ما لم يظهر في‬
‫العربية الجنوبية؛ فقلل المؤرخ جواد علي من التأثير‬
‫اليوناني المزعوم‪ .‬هناك أعمال تتشابه مع تلك‬
‫اليونانية لكن غالب األعمال هي انعكاس لثقافة يمنية‬
‫األمم‪]190[.‬‬ ‫بحتة والتأثيرات الخارجية تحدث لكل‬
‫استخدم البالستيك باإلضافة إلى البرونز والذهب‬
‫والمرمر والرخام كثيرا‪ .‬كانت المشكلة التي تواجه‬
‫النحاتين هو عدم قدرتهم على إبراز مالمح اإلنسان‬
‫بشكل واضح وبالطبع اختلفت األعمال باختالف‬
‫الفنان‪ ،‬فنجد أعماًال دقيقة مصورة لكهنة وأناس من‬
‫الطبقات الثرية وبعض األعمال لمزارعين ونحاتين‬
‫بسطاء لم تكن بنفس الجودة‪.‬‬

‫األعمال المصنوعة من البرونز والرخام والمرمر أكثر‬


‫دقة وواقعية من النقود؛ إذ فشل النحاتون في إظهار‬
‫صورة الملوك جيدا على العمالت‪ ،‬لذلك تجد كثيرا من‬
‫العمالت هي نسخ حرفي لعمالت يونانية ورومانية مع‬
‫استبدال الحروف في العملة بحروف عربية جنوبية‪.‬‬
‫ال توجد أعداد كثيرة لتماثيل كبيرة مصورة لبشر‬
‫ويعتقد أن لإلسالم سبب في ذلك بسبب اعتباره لمثل‬
‫هذه التماثيل أصناما‪ .‬عدد كبير من التماثيل الكبيرة‬
‫مكسور وغير واضح المعالم باستثناء ما بقي مطمورا‬
‫تحت األرض واكتشف حديثا فلم تصل إليه أيدي‬
‫العابثين‪ .‬فقد كان ينظر محطمو هذه اآلثار القديمة‬
‫التي تحكي تاريخ أجدادهم على أنها لقوم كفار‬
‫مغضوب عليهم وبالفعل الكثير من اآلثار المكتشفة في‬
‫اليمن مكسور عمدًا ‪ ]191[.‬واستخدمت األحجار لنحت‬
‫األسرة والكراسي والذهب والفضة وآنية األكل‬
‫والشرب‪]192[.‬‬

‫حرص اليمنيون على إقحام رموزهم الدينية في‬


‫المصنوعات فزينوا المباخر والمصابيح التي تضاء‬
‫بالزيت بصور لوعول وثيران‪ .‬واستطاع الباحثون‬
‫استنباط بعض جوانب الحياة اليومية لليمنيين من‬
‫المنحوتات المصورة للناس‪ ،‬وكونوا فكرة عن اللباس‬
‫الذي كانوا يرتدونه وهو ال يختلف كثيرا عما يرتديه‬
‫اليمنيون اليوم‪ ]193[.‬وعثر على نقوش مصورة لنمط‬
‫الحياة لمختلف الطبقات منها نقوش لنساء ثريات‬
‫وهي كثيرة‪ ،‬ومنها نقوش لتصوير احتفاالت وتصوير‬
‫لنساء راقصات وآالت موسيقية ومقاتلين ومزارعين‬
‫وكل طبقات المجتمع من المكرب إلى «اآلدم»‪ .‬وتكمن‬
‫أهمية هذه األعمال في تصوير وضع الحياة في‬
‫اليمن‪]194[.‬‬

‫العمارة‬

‫"التخريم" أو "مولجم" في نصوص خط المسند‪ ،‬فن معماري قديم ال يزال يشاهد في البيوت اليمنية التقليدية‬

‫كان اليمنيون بنائين‪ ،‬ومرد ذلك أنهم أهل حاضرة‬


‫ومساكنهم ثابتة مستقرة‪ ،‬حتى األعراب وأهل الوبر‬
‫منهم كان لديهم منازل تصنع من الديباج؛ ليست‬
‫بتعقيد وثبات المدن‪ ،‬إال أنها ليست خياما‪ .‬وكانت‬
‫البناء‪]195[.‬‬ ‫اللغة المستخدمة ثرية بمصطلحات وألفاظ‬
‫كانت الحجارة المادة األساسية لبناء البيوت في اليمن‬
‫القديم‪ ،‬باستثناء المناطق الساحلية حيث استخدم‬
‫البناءون الطوب‪ ]196[.‬ومن فحص المواقع األثرية‬
‫القديمة ووصوف بعض أهل األخبار مثل الهمداني‬
‫لمعالم وقصور قديمة في اليمن كانت ال زالت باقية‬
‫على أيامه‪ ،‬يتضح أن الطراز المعماري في اليمن‬
‫القديم ال يختلف كثيرا عما هو باد اليوم في صنعاء‬
‫القديمة‪ ،‬وكثير من المباني القديمة هدمت وأخذت‬
‫حجارتها لبناء بيوت جديدة عبر عصور‬
‫مختلفة‪ ]197[]191[.‬كانت هناك عادة في اليمن وهي‬
‫نقش اسم البناء أو مالك المبنى مع ذكر اسم اإلله‬
‫تيمنا به في شاهد يوضع أمام البيت أو المعبد ومن‬
‫هذه الكتابات أخذ الباحثون جل معرفتهم بتاريخ‬
‫اليمن القديم‪.‬‬

‫تحفر الحفر على حسب طول البناء المراد بناؤه‪،‬‬


‫وتوضع الصخور والطين واألسفلت وتخلط بالماء‬
‫وتترك إلى أن تجف‪ ،‬ثم تبنى الجدران القوية‬
‫باستخدام مادة النورة‪ .‬يطلى الجدار الخارجي للمنزل‬
‫بينما يزين الداخلي بنقوش غالبا ماتكون لحيوانات‬
‫كالوعول والثيران‪ .‬وتتكون المباني من ثالث إلى‬
‫خمسة طوابق في الغالب وكان هناك استثناءات‬
‫لقصور الملوك‪ ،‬ويشار إلى الساللم التي تقود إلى‬
‫القديمة‪]198[.‬‬ ‫الطوابق العليا بلفظة «علوه» في اللغة‬
‫أما السقف فهو «ظلل» و«مسقف» ويبنى بنفس‬
‫األدوات التي تستخدم لبناء الجدران‪ ]199[.‬وبنيت‬
‫النوافذ وكانت تصنع من الزجاج الملون بعدة ألوان‬
‫مختلفة إلضاءة المنازل‪ ،‬وال تزال هذه العادة موجودة‬
‫«مصبح»‪]200[.‬‬ ‫إلى اليوم وتسمى باللغة القديمة‬
‫ويطلق على البناء العالي المرتفع كلمة «صرحن»‬
‫(الصرح) باللغة القديمة‪ ]178[.‬أما األبراج والقالع‬
‫والحصون فعرفت باسم «محفدن» (المحفد) في‬
‫نقوش خط المسند وتبنى باستخدام حجر البلق‬
‫القديم وتحوط بخنادق عادة وهي أشبه بثكنات‬
‫عسكرية ليتحصن بها الجنود‪ ]201[.‬كثير من البيوت‬
‫في صنعاء تعود إلى فترة التاريخ القديم بداللة وجود‬
‫كتابات بخط المسند منقوشة على الجدران العليا‬
‫للبيوت‪ ،‬إما أن البيوت تعود للتاريخ القديم أو أن‬
‫حجارة المباني القديمة ُأ ستخدمت لبناء بيوت‬
‫جديدة‪]202[.‬‬

‫الجيش‬

‫يشار إلى الجنود بلفظة «أسد» في نصوص المسند‬


‫وتضاف عبارات مثل «أسدم ملكن» ويقصد بها‬
‫القوات النظامية التابعة للملك؛ إذ كان األقيال‬
‫يستعملون قواتهم الخاصة فتضاف العبارة لتمييز‬
‫جنود الدولة عن غيرهم من المقاتلين والمرتزقة الذين‬
‫يعملون للطبقات الثرية‪ ]203[.‬كانت القوات مخصصة‬
‫ومدربة على قتال األعراب تحديدًا كونهم األقرب إلى‬
‫اليمن‪ ،‬فتعلم اليمنيون كيفية قتالهم فلم تكن جيوش‬
‫اليمن جيوشا توسعية بل هدفها الرئيسي هو تأمين‬
‫الطريق التجارية‪ ]204[.‬ويستدل على الطبيعة‬
‫الدفاعية للجيوش كثرة النصوص الواردة عن تسوير‬
‫المدن التي تغلق أبوابها ليًال ويسهر على مراقبتها‬
‫جنود على األبراج أو المحافد‪ .‬وهدف بناء هذه‬
‫األسوار واألبواب هو منع دخول أو خروج أي أحد‬
‫دون دراية الجنود‪ ]205[،‬يشار إلى الحصون بلفظة‬
‫«تمنع» عند السبئيين و«مصنعت» (مصنعة) عند‬
‫الحميريين‪ ]206[.‬أما حراس األبراج فيطلق عليهم‬
‫«مسجة» بلغة السبئيين أو «مسكت» وتعني‬
‫الماسك‪ ]207[.‬الكتائب الصغيرة ذات النظام العشري‪،‬‬
‫يطلق عليها لفظة «منسرة» في اللغة القديمة وهي‬
‫قوات مدربة على تعقب األعراب في الصحراء‪ ،‬فكل‬
‫«منسرة» ال تقل عن خمسة مقاتلين وال تتجاوز المئة‪،‬‬
‫ومرد ذلك مقاتلة األعراب بطريقتهم في الكر والفر‬
‫والغزو على دفعات إليهام العدو أن مددهم ال‬
‫ينقطع‪]208[.‬‬
‫أستعمل السبئيون الخيول ويشار إلى راكبها بلفظة‬
‫«فرس» (فارس) أما المقاتل على ظهور الجمال فيقال‬
‫له «ركب» (راكب)‪ .‬وكانت لديهم آالت ودبابات‬
‫ولكنهم لم يستعملوها ضد األعراب بل لقتال الممالك‬
‫األخرى أو لشن حمالت عسكرية أو «برث» بلغة‬
‫المسند ضد ممالك أخرى منظمة‪ ]210[]209[.‬وقد تكون‬
‫هذه القوات مجموعة من الفلول تعرف باسم «أحزب»‬
‫(عصابات) مهمتها إشغال العدو من عدة جهات‬
‫فيتفرق الجيش المعادي ويسهل على الغزاة‬
‫اختراقه‪ ]211[.‬واستعمل الجنود الحواجز إلعاقة تقدم‬
‫األعداء وحصارهم في المضايق ثم مهاجمتهم بالسهام‬
‫من األعالي‪ ]212[.‬يقود الملوك جيوشهم أحيانا كما كان‬
‫من كرب إيل وتر وشمر يهرعش‪ ،‬ولكن غالبًا ما توكل‬
‫مهمة قيادة الجيش إلى شخص برتبة «مقتوى» أو‬
‫«قاسد» وهي رتب عسكرية لقادة الجيش أو‬
‫الكتائب‪ ]213[.‬ويشار إلى النصر بكلمة «شرح» في‬
‫اللغة القديمة‪ ]214[.‬وكانوا يستعملون أدالء يشار إليهم‬
‫بلفظة «دليل» وجمعهم «دلول»‪ ،‬مهمتهم جمع‬
‫المعلومات عن الطريق الموصلة لمواقع األعداء‪ .‬ويقال‬
‫(مقدم)‪]215[.‬‬ ‫لقائد مقدمة الجيش «قدم»‬

‫علم الباحثين بوجود قوات بحرية ضئيل‪ ،‬ويستبعد‬


‫أنه كان للحميريين أساطيل قوية‪ ،‬أغلب الظن أنهم‬
‫استطاعوا التوغل في أفريقيا عن طريق قوارب‬
‫صغيرة تحمل المقاتلين‪ ،‬فالمسافة بين باب المندب‬
‫وأفريقيا ليست بعيدة‪ ]216[.‬المالحظ في تركيبة‬
‫الجيش هو اعتماده على التجميع‪ ،‬لم تكتشف دالئل أن‬
‫هناك تدريبات نظامية أو قوات مستعدة للقتال في أي‬
‫لحظة كانت‪ .‬شكل وجود المرتزقة والقوات التابعة‬
‫ألقيال وزعماء القبائل ما يشبه قوى الضغط على‬
‫الحكومة‪ .‬لم يهتم الملوك بإنشاء قوات مدربة لموقع‬
‫اليمن الجغرافي فلم تكن هناك حاجة لليمنيين‬
‫بالتوجه شماًال واالقتتال مع ممالك أخرى‪ .‬السيطرة‬
‫على سواحل أفريقيا المجاورة أو مناطق في الصحراء‬
‫منهم‪]215[.‬‬ ‫العربية لم تكن بحاجة إلى جهد كبير‬
‫فاكتفى الملوك بجمع القبائل والمرتزقة والعبيد إلخماد‬
‫الثورات أو االقتتال مع ممالك مجاورة للسيطرة على‬
‫التجارية‪]217[.‬‬ ‫الطريق‬

‫سرقة وتدمير اآلثار اليمنية‬

‫الكثير من اآلثار اليمنية القديمة يتعرض للتهريب‬


‫ويباع في مزادات علنية حول العالم بل وعلى شبكة‬
‫اإلنترنت‪ ]219[]218[.‬كثير من المواقع األثرية ال تشرف‬
‫عليها أية حراسة‪ ،‬بل إن البعثات األثرية نفسها ال‬
‫تستطيع أن تقوم بعملها بسبب االضطرابات القبلية‬
‫وعدم إدراك اليمنيين بشكل عام ألهمية وقيمة هذه‬
‫اآلثار‪ ،‬بالكاد يجازف لصوص اآلثار للحصول على‬
‫مطامعهم‪ ]220[.‬القبور السبئية المنحوتة على الجبال‬
‫والتي تحوي آثارا بالغة األهمية‪ ،‬معرضة للسرقة‬
‫واإلهمال وسط غياب تام ألجهزة األمن للحفاظ على‬
‫هذه اآلثار وتوفير بيئة آمنة لدراستها‪ ]221[.‬اليمن يمر‬
‫بظروف صعبة‪ ،‬مما يجعل مسألة حماية اآلثار تبدو‬
‫وكأنها ثانوية‪ .‬لكن المحافظة على هذه اآلثار يساعد‬
‫على رسم صورة واضحة للمستقبل واألهم أنه يحفظ‬
‫التاريخ من محاوالت التزوير والتشويه التي قد‬
‫تصيبه‪.‬‬

‫منذ تصاعد الحرب األهلية في مارس ‪ ،2015‬تعرضت‬


‫الكثير من المواقع األثرية لليمن القديم للتدمير نتيجة‬
‫للقصف الجوي السعودي‪ ]224[]223[]222[.‬إلى غاية‬
‫نوفمبر ‪ ،2015‬تم تدمير ‪ 23‬موقعًا أثريًا على‬
‫األقل‪ ]225[،‬وفقا لرويترز‪« ،‬سكان» قالوا بأن الحوثيين‬
‫األسلحة‪]226[.‬‬ ‫استخدموا عدد من المواقع لتخزين‬
‫غير أَّن األمم المتحدة حذرت جميع األطراف من‬
‫توريط المواقع التاريخية في الحرب‪ ]227[.‬وقالت‬
‫إيرينا بوكوفا‪ ،‬أمين عام منظمة اليونسكو أن الهجمات‬
‫على هذه المواقع تحرم اليمنيين من ثقافتهم التي هي‬
‫جزء أصيل من هويتهم‪ ،‬مصدر استيفاء ومدخر ثمين‬
‫المستقبلية‪]228[.‬‬ ‫لإلصالح والتنمية‬

‫انظر أيضًا‬
‫مملكة سبأ‬
‫مملكة حمير‬
‫مملكة حضرموت‬
‫مملكة كندة‬
‫بلقيس‬
‫مملكة معين‬
‫ثقافة اليمن‬
‫مملكة قتبان‬
‫خط المسند‬
‫العرب قبل اإلسالم‬
‫الشرق األدنى القديم‬

You might also like