Professional Documents
Culture Documents
الفيدرالية
الفيدرالية
ما بين استنكار من قبل البعض وترحيب من قبل اآلخرين في الداخل والخارج ،جاء قرار مؤتمر الحوار الوطني اليمني الذي تشكل بناءا
على ضغط الشارع وبناءا على المبادرة الخليجية ( )2011/11/23التي تخلى بموجبها الرئيس السابق على عبد هللا صالح عن السلطة،
باتباع نظام حكم فيدرالي سعيا منه لتأطير تبعات المناطقية والجهوية والوصول إلى حل وسط ما بين التقسيم والوحدة في إطار الدولة
المركزية وربما لتدعيم أسس تلك الدولة وتوسيع دوائر صنع السياسة ،وجاء قرار الرئيس عبد ربه منصور هادي رقم 2لسنة 2014
بتشكيل لجنة تحديد
األقاليم
وبينما تتفاوت تقديرات الكتاب والباحثين لمدي سيطرة القبيلة على السياسة اليمنية ويجتمع معظمهم على أن القبيلة والجيش
يلعبان الدور األكبر في السياسة اليمنية إال أن فريق عمل الحكم الرشيد في مؤتمر الحوار الوطني الذي أنهى أعماله آخر
الشهر الماضي شدد على ضرورة وضع قواعد وأسس قانونية تحول دون تدخل القبيلة في سلطات الدولة واختصاصاتها من
أجل الوصول إلى الدولة المدنية القائمة على مبدأ سيادة القانون.
أوردت وثيقة الحوار الوطني الشامل ثالثة عشر سببا حقوقيا وقانونيا وخمسة عشر سببا اقتصاديا قويا ،وستة عشر عنصرا
ثقافيا واجتماعيا كانت كافية لتفجير القضية الجنوبية من وقت آلخر عبر محطات مختلفة بدئا من استقالل الجنوب في
الثالثين من نوفمبر عام ،1967وصوال إلى مشروع الوحدة االندماجية عام 1990بكافة مساوئها وتأجيلها لألسس الحقيقية
للصراع ،ثم انفجار األزمة ثانية في حرب العام 1994بين الشمال والجنوب والسياسات االقتصادية واالجتماعية الخاطئة
بعدها والتي أدت إلى تأجيج الحراك الجنوبي بقوة في عام ،2007فبرغم صدور قانون السلطة المحلية عام 2000م إال أن
عدم تخصيص موارد تتناسب والصالحيات
التي نقلها القانون من المركز إلى الوحدة اإلدارية وكذلك غياب الرقابة زادت من سوء اإلدارة وسوء الجانب االقتصادي للمواطنين وخاصة في
المحافظات الجنوبية ،وليس الحديث عن الوحدة والفيدرالية مقتصرا على القضية الجنوبية إذ تدخل محافظة صعده وقضية الحوثيين النقطة الساخنة
على امتداد التاريخ اليمني -على الخط في الحديث عن الوحدة والفيدرالية ومن ثم رأى الفريق المصغر للقضية الجنوبية بمؤتمر الحوار الوطني أن
الفيدرالية هي الحل للقضية الجنوبية والقضايا الجهوية والقبلية األخرى.
ويثير قرار تبني الفيدرالية في اليمن مخاوف وشكوك البعض من أنصار الوحدة بشكلها التقليدي في الداخل وفي بعض الدول العربية
المجاورة وغير المجاورة خاصة بعد التجربتين العراقية التي آلت إلى ما يشبه الدويالت ،كما يثير إبقاء الوضع على ما هو عليه مخاوف
وشكوك أنصار الحل الفيدرالي في إطار الوحدة والذي تقره وثيقة الحوار الوطني الشامل -من المصير السوداني ،وكال وجهتي النظر
لها وجاهتها ،لكن ثمة فروقا جوهرية في بنية الدولة ما بين اليمن وكل من العراق والسودان إذ أن التقسيم في كال البلدين وخيارات
الفيدرالية أو االنفصال جاءا بعد احتالل للعراق وتدخالت وضغوط دولية كثيفة في الحالة السودانية بينما خيار الفيدرالية في اليمن يمكن
اعتباره قرارا وطنيا باألساس وهو قد جاء بعد ثورة وفي طيات عملية تحول ديمقراطي قادها الداخل اليمني باألساس وإن كان للمحيط
العربي السعودي والخليجي تأثير فيها فهو نتاج لعملية الحراك الثوري في الشارع وألهمية اليمن الستقرار المنطقة برمتها.
فقد جرب العراق والسودان خيار الوحدة والدولة المركزية التي تفرض وجودها بالقوة ال بالمساواة في الحقوق والواجبات على أساس
المواطنة والتوزيع العادل للسلطة والثروة بناءا على نظام محلي قوي يضمن ديمقراطية تشاركية تتفادى عيوب وأخطاء الديمقراطية
التمثيلية التي تتهاوى ،وسرعان ما هوت التجربتين بمجرد الدخول في أول اختبار حقيقي الختيارات الناس وبغض النظر عن مآل
التجربتين فإن الوحدة ال يمكن فرضها بالقوة ،كما أن دول مجلس التعاون الخليجي المجاورة لليمن شهدت تجربة فيدرالية ناجحة في
دولة اإلمارات العربية المتحدة ،إال أن ثمة ظروفا اقتصادية واجتماعية وسكانية تكاد تكون مختلفة في التجربة اإلماراتية عنها في اليمن
الدولة الخليجية األكبر عددا بعد السعودية التي تتخوف من اشتعال الصراع في اليمن من جديد كما يتخوف جناح فيها من إمكانية نجاح
التجربة اليمنية في التحول الديمقراطي على المدى المتوسط
واعتبارها نموذجا من قبل بعض بلدان الخليج الذي كان يسير في ركاب السعودية ولم تعد قادرة على تسييره
بمفردها دون األخذ في االعتبار التطورات المحلية واإلقليمية والدولية في التعامل مع كل من بلدانه الستة.
ويثور لدي البعض تساؤالت حول مستقبل مشايخ القبائل الذين تعج بهم دواوين عموم المحافظات اليمنية اإلحدى والعشرين
والمقننة أوضاعهم في إطار مصلحة شئون القبائل-حال تطبيق الفيدرالية ويحلم هؤالء بأن تكون الفيدرالية مخرجا الزمات
البالد لفتح آفاق جديدة للنهوض بالبلد من الوضع الراهن بعيدا عن كوابيس الفساد من المشايخ والمتنفذين الن الشعب قد سئم
هذا
الحال
كما أن الشارع اليمني نفسه وإن كان منقسما حول نظام الدولة الفيدرالية االتحادية ذات األقاليم المتعددة من منطلق الخوف
من التمييز بين األقاليم على أساس الثروات الطبيعية الموجودة في كل إقليم أو عدد سكانه أو حتى تخوفات من إعادة تقسيم
اليمن تحت مسمى األقاليم ،إال أن الجميع يتفقون على أن نظام يتجاوز هذه المخاوف ويحقق قدرا من الالمركزية هو نظام
يعبر عن روح ثورة الحادي عشر من فبراير 2011
ففي التحليل األخير فإن استقرار الرأي في مؤتمر الحوار الوطني على تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم أربعة منها في الشمال
وهي ( :إقليم الجند ويضم واليتي تعز واب وهما اكبر كتلة سكانية في البالد واقليم تهامة ويضم والية الحديدة وريمة
والمحويت ،وحجة إقليم سبأ ويضم محافظات ذمار والبيضاء ومأرب والجوف ،وإقليم صنعاء ويضم صنعاء وريفها
ومحافظتي عمران
وصعدة).
واثنان في الجنوب هما (اإلقليم الشرقي ويضم واليات حضرموت والمهرة وسقطرى ،وإقليم عدن ويضم واليات عدن وأبين ولحج
والضالع في الجنوب) وهو ما سيضمن لليمن ومستقبله حياة كريمة هادئة مستقرة ناهيك أن الخريطة السياسية للدولة اليمنية االتحادية
ستتغير تماما خالل تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم جديدة تتمتع كل منها بدرجة كبيرة من االستقاللية في إطار نظام اتحادي قوي وسيمثل هذا
النظام الجديد نقلة نوعية في حياة اليمن الجديد يمن فبراير 2011/م يمن الثورة الشبابية والحرية والعدالة االجتماعية واالستقالل.
قد تكون الفيدرالية حال للنزاعات القبلية والمناطقية والمذهبية التي أرهقت الدولة اليمنية الموحدة والتي لم تستطع تجاوزها
على مدار قرابة عشرين عاما من الوحدة ،لكن هذه الفيدرالية تظل حبرا على ورق ما لم توسع من حريات المواطنين
وتطبق مفهوم الالمركزية والمواطنة والديمقراطية التشاركية الذي نصت عليه وثيقة الحوار الوطني الشامل ووضعت أسسا
منطقية وموضوعية لكل اإلجراءات والمؤسسات التي سوف تنبني على قرار الفيدرالية ،بل إنها قد تؤدي إلى منزلقات
اخطر من تلك التي في العراق والسودان ما لم تفعل كل البنود والمبادئ الواردة في وثيقة الحوار تلك وما لم تستلهم تجارب
الدول األخرى ذات الظروف المشابهة سواء في المنطقة العربية أو
حتى في األقاليم المختلفة من العالم.
الرابط https://democraticac.de/?p=48667
جورج أندرسون :مقدمة عن الفيدرالية ،ترجمة مها تكال كندا منتدى األنظمة الفيدرالية ،2007 ،ص.18
مجلة األندلس
159
العدد ( )43المجلد ( )8إبريل -يونيو 2021م
للعلوم اإلنسانية واالجتماعية
يكون االتحاد الفيدرالي بإحدى صيغتين :األولى :تتم بين عدة دول مستقلة اتفقت طوعا ً على أن تتوحد العتبارات سياسية ،أو اقتصادية أو غير ذلك.
الصيغة الثانية :أن تقرر دولة ما إعادة صياغة نمط وحدتها باالنتقال من الدولة البسيطة إلى الدولة الفيدرالية؛ وذلك لمعالجة مشاكل قائمة أو رغبة
في تحقيق مزيد من التطور والنماء ،كما حدث
في تجارب بعض الدول ومنها :البرازيل ،وبلجيكا ،واسبانيا ،وماليزيا ،وسويسرا .ان النظام الفيدرالي يختلف من دولة ألخرى ،وفقا لخصائص تلك
الدولة ،وما يتناسب ومجتمعها ،فهناك دول فيدرالية كبيرة من حيث المساحة وعدد السكان ،مثل :الواليات المتحدة األمريكية ،وروسيا وغيرهما،
وفي المقابل هناك دول فيدرالية صغيرة من حيث المساحة ،وعدد السكان ،مثل :سويسرا ،واإلمارات العربية المتحدة ،كما أن هناك دول فيدرالية
تتميز بالتعدد والتنوع المجتمعي وتضم أجناسا ً وأعراقا ً ،واثنيات متعددة ،مثل :الهند وماليزيا ،وفي المقابل هناك دول فيدرالية ال توجد فيها أجناس
وأعراق واثنيات متعددة ،كاإلمارات ،وألمانيا.)5( .
ثانيا ً :خلفية تاريخيه عن النظام الفيدرالي في اليمن:
أ -الفيدرالية في التاريخ القديم
تأسست الدولة اليمنية القديمة من اتحاد قبائلي وفق مفهوم القبيلة المستقرة الزراعية وليس القبيلة البدوية المتنقلة ،وكانت للقبيلة في اليمن خصوصية
تنفرد بها قائمة على المصالح الدنيوية المشتركة ألبنائها ،وانعكس كل ذلك على شكل نظام الحكم السياسي ،والتنظيم اإلداري للدولة في اليمن منذ
القدم ،وال يزال تأثيره قائما ً حتى الوقت الحاضر وساد في الدول اليمنية القديمة نظام الحكم الملكي ،وكانت سلطة الملك مقيده يشاركه في إدارة
شؤون الحكم مجلس يسمى (األقيال) ،ويتكون من زعماء القبائل وكبار المالك ،ويشاركونه في إصدار التشريعات والقوانين الخاصة بالتملك
والضرائب وغيرها ،وهو نظام كان سائد في معظمـ الدول اليمنية القديمة خالفا ً لما كان سائد في الدول المعاصرةـ ،وهو نظام قائم على الشورى او
أشبه ما يكون بنظام شبة ديمقراطي مقارنة بحكم الملوك الذين حكموا في تلك الحقبة من الزمن كآشور ،وبابل ومصر وإيران )6(،.يقول تعالى :
ُون) ( ) 7واما التنظيم اإلداري للدولة فكانت الممالك اليمنية القديمة تقوم على ت يَا َأ ُّيهَا ْال َمُأَل َأ ْف ُتونِي فِي َأ ْم ِري مَا ُك ُ
نت َقاطِ عَ ًة َأ ْمرً ا حتى َت ْش َهد ِ ( َقالَ ْ
أساس اتحادي ،حيث ساد (نظام) القيالة) ،وهو نظام حكم محلي
( )4الفيدرالية-السويد :المؤسسة الدولية للديمقراطية واالنتخابات
السويد ، IDEA ،2015 :ص.
) 6عيبان محمد السامعي الفيدرالية في اليمن ماضيا وحاضرا ،موقع الحوار المتمدن تاريخ الزيارة 2020/3/17
الرابط https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid
) 7القرآن الكريم ،سورة النمل اية رقم .32
يقوم على أساس اتحادي أو شبه اتحادي يتمتع فيه األمراء المحليون باستقالل ذاتي ،وكان يُطلق على هؤالء األمراء لقب األقيال ويتولى القيل تدبير
شؤون المخالف الذي يتواله ؛ أما المستوى األعلى فيتعلق بالمهامـ السيادية ،وبشكل عام فان التقسيم اإلداري للدولة ،وتوزيع السلطة في اليمن القديم
يشبه إلى حد كبير النظام الفيدرالي المعاصر (. )8
ب الفيدرالية في التاريخ اإلسالمي:
تشير المصادر التاريخية إلى أنه وبعد انتشار اإلسالم في ربوع اليمن قُ سمت إلى ثالثة مخاليف وهي :مخالف الجند ،وكان مركزهـ مدينة الجند ،
ومخالف صنعاء وكان مركزه مدينة صنعاء ،ومخالف حضرموت ،وكان مركزه حضرموت،
وقد عيّن الرسول (علية افضل الصالة والسالم وعلى اله والة على تلك المخاليف ،حيث عيّن باذان واليا ً على مخالف صنعاء؟ ،وزياد
بن لبيد البياضي واليا ً على مخالف حضرموت ،والصحابي الجليل معاذ بن جبل واليا ً على إقليم الجند باإلضافة إلى تعيينه واليا ً عاما ً
على اليمن ( )9واستمر هذا التقسيم في زمن الخلفاء ،قبل أن يتحوّ ل الحكم إلى ملك وراثي ارستقراطي بقيام الدولة األموية ،حيث
دخلت اليمن في نفق مظلم ونشأت دويالت صغيرة خاضت حروبا ً بينية لردح طويل من الزمن( )10وظلت اليمن
خارجة عن السيطرة الفعلية لإلمبراطوريات اإلسالمية المتعاقبة طوال قرون من الزمن ،إذ بقيت تتمتع بما يشبه الحكم الذاتي نظراً لبعدها الجغرافي
عن عواصم تلك الدول ،وفي النصف الثاني من القرن السادس عشر الميالدي خضعت اليمن للسيطرة العثمانية ،ولم يستقر الوضع للعثمانيين
طويالً ،فقد
واجهوا مقاومة كبيرة من اليمنيين اضطرتهم لمغادرة اليمن عام 1635م ،ثم عادوا مرة أخرى عام 1872م ،ولقد عمل العثمانيون على إعادة تقسيم
المناطق التي يسيطرون عليها إلى وحدات إدارية تبدأ باأللوية (مفردها :اللواء) ،وهي المدن الكبرى صنعاء ،وتعز ،وإب ،والحديدة ،ثم يليها قضاء
وهي المديرية ،وتمتعت هذه الوحدات بصالحيات إدارية واسعة ،إلى أن تم عقد اتفاق "صلح دعان" عام 1911م بين أحمد عزت باشا مندوب
السلطان العثماني ،وبين اإلمام يحيى حميد الدين ،وبموجبه خرج العثمانيون بصورة نهائية من اليمن واستمر التقسيم اإلداري في اليمن كما هو أيام
العثمانيون ،اما في جنوب اليمن
6
(11).
6
فقد خضع للسيطرة البريطانية ابتدا ًء من احتالل عدن عام
1839م ،وشرعت سلطة االحتالل البريطانية في عقد اتفاقيات ومعاهدات مع السلطنات والمشيخات
( )8عيبان محمد السامعي ،مرجع سابق.
)9عيبان محمد السامعي ،الفيدرالية في اليمن ماضيا وحاضرا ،مرجع سابق
) 10رياض االحمدي ،الفيدرالية في اليمن تاريخ الفكرة ومؤشرات الفشل ،صنعاء :مركز نشوان الحميري 2014م،
ص .17
)11الفيدرالية في اليمن ،موقع نشوان نيوز ،الرابط https://nashwannewsتاریخ الزيارة 2019/12/7م
التي كانت قائمة آنذاك ،فيما يسمى اتحاد شكلي سمي بمحميات عدن و في ال 30نوفمبر 1967م
تحقق االستقالل و رحلت بريطانيا من جنوب اليمن
ج الفيدرالية بعد إعادة تحقيق الوحدة 1990م
)(12
بقيام دولة الوحدة ( الجمهورية اليمنية ) في / 22مايو 1990م ،احتلت المركزية الحكم المحلي أهمية خاصة حيث تضمن دستور 1991م
الالمركزية اإلدارية والمالية في إطار الدولة البسيطة ،وانتخاب المجالس المحليّة بكامل هيئاتها ،بما في ذلك انتخاب المحافظين ومدراء المديريات،
ومنحت
هذه المجالس صالحية إدارة الشأن المحلي كسلطة مستقلة ( ، )13ولكن ذلك كان سببا رئيسا ً من أسباب الخالف بين طرفي الوحدة
حزب المؤتمر الشعبي العام والحزب االشتراكي اليمني آنذاك ،فطرح الحزب االشتراكي فكرة الفيدرالية كحالً للصراع ،وأسفر
الخالف حول هذه المسألة ومسائل أخرى تتعلق بالحكم الى حدوث أزمة سياسية حادة في اليمن عام 1993م ،مما دفع ع الطرفين
للبحث عن حلّ ،وتم على إثر ذلك التوصل الى اتفاق بين طرفي الوحدة الحزب االشتراكي وحزب المؤتمر الشعبي العام التفاق سمي
( بوثيقة العهد واالتفاق) تم توقيعه في األردن ،وبموجبة ُمنحت المجالس المحلية
)(14
المنتخبة صالحيات واسعة وبعد عام 1994م لم يتم العمل بذلك ،وجاء بعد ذلك قانون السلطة المحلية الذي تم إصداره في العام 2000م ،إذ منح
القانون السلطة التنفيذية خيارين ،هما :تعيين رؤساء المجالس المحلية ،كالمحافظين ومدراء المديريات ،أو يتم انتخابهم من المواطنين ،ويتم منح
المجالس المحلية صالحيات وفقا لما هو منصوص في الدستور ،وفي عام 2008م تم انتخاب المحافظين من قبل أعضاء المجالس المحلية ،إال أن
أغلبية أعضاء تلك المجالس كانوا موالين للسلطة المركزية ،مما يؤدي حُكما ً إلى تنصيب المحافظين الذين يقع عليهم خيار رئيس الجمهورية| (.)15
ثالثا ً :خلفيه عن قرار التقسيم لألقاليم
بعد دخول اليمن في ازمة سياسيه ابان ثورات الربيع العربي ،و قيام ثورة /11فبراير2011 /م ،وتوقيع المبادرة الخليجية لتنظم االنتقال السلمي
للسلطة في اليمن ،والتي كان من بنودها عقد مؤتمر للحوار الوطني ،حيث تم عقد مؤتمر الحوار الوطني خالل الفترة من 2013/3/25م الى
2014/3/25م
( )12رياض االحمدي ،مرجع سابق ص.24
) 1احمد محمد علي التغيير -اإلصالح الديمقراطي في اليمن ضروراته ومعوقاته ،صنعاء :االفاق للطباعة والنشر 2011م ص18.
) 14علي عبد القوي الغفاري الوحدة اليمنية :الواقع والمستقبل ،صنعاء :مؤسسة الكتاب المدرسي 1997م ،ص )15( .27مشير العثماني ،الفيدرالية
في اليمن المأزق ومقترحات الحل المنظمة العربية للقانون الدستوري ،تونس :نوفمبر
2020م ص.18
وكان من ضمن القضايا المطروحة في المؤتمر القضية الجنوبية ،وقضية صعده،ـ ومن ضمن الحلول التي طرحت لحل القضية الجنوبية تقسيم اليمن
الى أقاليم ،ولكن المؤتمر انقضى دون التوصل الى اتفاق حول موضوع تقسيم األقاليم ،وعددها ،وكان من ضمن مخرجات المؤتمر صدور وثيقة
الحل للقضية الجنوبية الصادرة بتاريخ 2013/12/23م ،التي اكدت على ضرورة تحول نظام الحكم في اليمن من النظام المركزيـ البسيط الى
النظام االتحادي الفيدرالي ،وفوضت مكونات مؤتمر الحوار الوطني رئيس الجمهورية آنذاك ،ورئيس مؤتمر الحوار الوطني ( عبدربه منصور
هادي لتشكيل
،
لجنه برئاسته لدراسة االنتقال من نظام الحكم المركزيـ البسيط الى نظام فيدرالي اتحادي وكانت بعض القوى السياسية قد طرحت عدة خيارات
لتوزيع األقاليم في اليمن ما بين ستة اقاليم وأربعه اقاليم في الشمال ,واثنان في الجنوب ،وهذا الطرح تبناه حزب اإلصالح وحزب المؤتمر الشعبي
العام وخيار االقليمين إقليم في الشمال ،واخر في الجنوب تبناه الحزب االشتراكي ،وبعض فصائل الحراك الجنوبي المعتدلة ) او اي خيار ما بين
هذه الخيارات والخروج بقرار ويكون قرار اللجنة نافذا ،وقد قام رئيس الجمهورية (هادي) بتشكيل لجنه في اواخر شهر يناير 2014م ،وقد بدأت
اللجنة اولى اجتماعاتها بتاريخ /29يناير 2014/م ،و اختتمت اعمالها بصدور قرار التقسيم المعلن بتاريخ وقد تم تقسيم اليمن الى ستة أقاليم (
)18على النحو التالي:
/10فبراير2014/م
)(17
)(16
-1-إقليم أزال ،ويضم كال من محافظات صعدهـ ،صنعاء ،ذمار ،عمران) - 2 .إقليم سبأ ،ويضم كالً من محافظات (مأرب الجوف ،البيضاء)-3 .
إقليم عدن ،ويضم كال من محافظات (عدن ،ابين ،الضالع ،لحج) -4إقليم حضرموت ،ويضم كال من محافظات (حضرموت ،شبوة ،المهرة
وسقطرة -5إقليم الجند ،ويضم كال من محافظات (تعز واب)
-6إقليم تهامة ،ويضم كال من محافظات الحديدة ،المحويت ،وريمه وحجه)
16عدنان المقطري ،خيار الدولة االتحادية في اليمن الخلفيات والمبررات وتحديات االنتقال مجلة سياسات عربية العدد
( )33يوليو 2018ص.18
)17مشير العثماني ،مرجع سابق،ص.25
18
) انظر جدول توزيع األقاليم ص.7
أوالً :الفيدرالية في مؤتمر الحوار ومسودة الدستور.
طرح تغيير شكل الدولة في اليمن ضمن مداوالت مؤتمر الحوار الوطني الشامل ( )18مارس/آذار
25 - 2013يناير/كانون الثاني ، 2014ووضع مقترح «الشكل االتحادي» على طاولة النقاش ضمن
حزمة معالجات للقضية الجنوبية ،وقد حظي الشكل االتحادي من حيث المبدأ بالقبول العام ( ،)3باعتباره
الشكل الوحيد الذي يقدم حال وسطا بين قطبين متنافرين؛ الوحدة االندماجية واالنفصال الناجز.
ومصادقة لقول شهير الشيطان يكمن في التفاصيل» ،فقد ظهرت معضلة تباين مواقف القوى المشاركة في مؤتمر
الحوار بشأن التفاصيل التي ينبغي األخذ بها ضمن ترتيبات االنتقال إلى الشكل االتحادي.
وتصدرت إشكالية تعيين الحدود واجهة النزاع فحجبت ما دونها من قضايا خالفية في أروقة مؤتمر الحوار،
وتركز الجدل على عدد األقاليم وحدودها أي) الواليات التي سيتكون منها كل إقليم ،وأصر الحراك الجنوبي أن
يكون الجنوب إقلي ًما واحدًا ضمن حدود ما كانت تُعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ( حدود ما قبل 22
مايو/أيار ،)1990بينما أغلبية مكونات مؤتمر الحوار طالبت بدولة اتحادية متعددة األقاليم ،خشية أن يأخذ مطلب
الطرف اآلخر مسا ًرا يفضي إلى االنفصال ،خاصةً وأن الحراك الجنوبي وضع ضمن رؤيته أن يكون الشكل
الفيدرالي مجرد مرحلة انتقالية محطة ترانزيت لمدة ثالث أو خمس سنوات ،يعقبها
عجز مؤتمر الحوار عن إيجاد مخرج إلشكالية تعيين الحدود ،ومن ورائها القضية الجنوبية التي ُمنحت اهتما ًما
وتدلياًل مفرطَيْن استنزفا مسار العملية االنتقالية على حساب القضايا الرئيسية األخرى ( ، )4وقد أقرت وثيقة حل
القضية الجنوبية في 23ديسمبر/كانون األول 2013تفويض رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة تحديد األقاليم»،
وفي 28يناير/كانون الثاني ،2014أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 2لعام 2014بتشكيل اللجنة برئاسته
مكونة من 22عضوا ،وحدد مهامها بموجب تفويض مؤتمر الحوار بدراسة خيار ستة أقاليم (أربعـة فـي الشمال،
واثنان في الجنوب) وخيار إقليمين ،وأي خيار ما بين هذين الخيارين يحقق التوافق ،وأن يُثبت ما تقرره اللجنة في
مسودة الدستور.
وفي 10فبراير/شباط ، 2014اعتمدت اللجنة خيار الستة األقاليم إقليمـان في الجنوب ،وأربعة في الشمال»،
وفق ما يلي:
-إقليم سبأ ،ويضم واليات مأرب ،الجوف ،البيضاء - .إقليم الجند ،ويضم واليتي :تعز ،إب.
وأن تكون مدينة صنعاء عاصمة اتحادية غير خاضعة لسلطة أي إقليم ،ويتم وضع ترتيبات خاصة بها في
الدستور لضمان حياديتها واستقالليتها ،وتكون عدن مدينة إدارية واقتصادية وذات وضع خاص في إطار إقليم
عدن ،وتتمتع بسلطات تشريعية وتنفيذية مستقلة .واعترض الحراك الجنوبي على عدد األقاليم ،ألنه شطر الجنوب
إلى إقليمين ،بينما اعترض أنصار هللا على حدود األقاليم بسبب ضم صعدة مسقط رأس أسرة (الحوثي إلى إقليم
آزال المفتقر للثروات والمنفذ إلى البحر ( ، )5فضال عن تحفظات تتوارى خلف اعتبارات سياسية يستعصي معها
على أنصار هللا تحقيق نفوذ سياسي أو انتخابي ضمن إقليم يمتلك المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني لإلصالح
فيه حضورًا قويا آنذاك.
وأثيرت هواجس أخرى من قبيل أنه قرار يمهد لالنفصال حين أخذ بتصنيف الشمال والجنوب ،ومنح فرصة
إلعادة مراجعة هذه الحدود على نحو قد ال يخدم تماسك هياكل الدولة وبنيتها الوطنية والترابية ،وأنها حدود تقسم
اليمن إلى أغنياء في إقليمي سبأ وحضرموت ،وفقراء في بقية األقاليم ،باإلضافة إلى ما اعتبرت نوايا ُمريبة
الستحداث صراع طائفي حين جمعت الزيدية في إقليم واحد (آزال) ،والشافعية في بقية األقاليم.
ومع
ذلك فقد تس َّك نت جدة مثل هذه االعتراضات بعد مساومات ووعود أن تأتى الصياغة الدستورية بتوافقات تعالج مثل هذه
اإلشكاليات.