You are on page 1of 47

‫المقدمة‪:‬‬

‫يترتب عن ممارسة التجارة اكتساب التاجر لمال هام يسمى باألصل التجاري‪،‬‬
‫وهو يتمثل في مجموع األموال المنقولة المخصصة لممارسة نشاط تجاري بهدف جلب‬
‫الزبائن‪ ،‬وهو من أهم ما ابتدعه الفكر –الممارسة التجارية‪ -‬قبل أن يتوصل إلى تعريفه‬
‫وتحديده وتنظيمه‪.‬‬

‫حيث اهتدى الفرنسيون إلى ايجاد وخلق فكرة األصل التجاري في معامالتهم‬
‫ال تجارية من أجل تحقيق هدفين‪ :‬استعماله واستغالله كأداة للحصول على القروض في‬
‫‪1‬‬
‫اطار الرهن‪ ،‬ثم تنظيم المنافسة بين التجار الذين يعملون في نوع معين من التجارة‪.‬‬

‫واذا غاب عن القانون الفرنسي االهتمام فعال بتعريف مؤسسة األصل التجاري‬
‫وبيان طبيعتها وتحديد عناصرها‪ ،‬فإنه قام على العكس من ذلك‪ ،‬بتنظيم التصرفات‬
‫‪2‬‬
‫القانونية التي ترد على األصل التجاري‪.‬‬

‫حيث تدخل المشرع الفرنسي لتنظيم األصل التجاري بعدما استقر في المعامالت‬
‫اليومية من خالل قانون ‪ 17‬مارس ‪ .1909‬وقبل ذلك كان القانون الفرنسي يفرض‬
‫مجرد رسوم على بيع األصل التجاري من خالل قانون ‪ 28‬فبراير ‪ 1872‬ثم قانون‬
‫‪3‬‬
‫فاتح مارس ‪ 1898‬المنظم للرسم على رهن األصل التجاري‪.‬‬

‫في حين أن المشرع المغربي لم يعرف الحديث عن مؤسسة األصل التجاري إال‬
‫بإصداره لظهير ‪ 31‬دجنبر ‪ 1914‬المنظم لبيع األصل التجاري ورهنه وتقديمه حصة‬
‫في شركة‪ ،‬والمقتبس من قانون ‪ 1909‬الفرنسي‪ .‬هذا الظهير الذي كتب له أن يعمر‬
‫طوال مدة ثمانين سنة لكي تحل محله المقتضيات الواردة في مدونة التجارة‪ ،4‬والتي‬
‫خصص المشرع المغربي الكتاب الثاني منها لمؤسسة األصل التجاري‪ ،‬حيث جمع‬
‫قواعده في قسمين تناول في األول تعريف األصل التجاري وعناصره فقد نص في‬
‫المادة ‪ 79‬من مدونة التجارة "األصل التجاري مال منقول معنوي يشمل جميع األموال‬
‫المنقولة المخصصة لممارسة نشاط تجاري أو عدة أنشطة تجارية"‪.‬‬

‫‪ 1‬نجيم أهتوت‪ ،‬الوجيز في القانون ط األولى ‪ .2020‬ص ‪ 74‬بتصرف‬


‫‪ 2‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في األصل التجاري‪ ،‬ج ‪ ،1‬ط الثانية ‪ 2014‬ص ‪ 26‬بتصرف‬
‫‪ 3‬نجيم أهتوت‪ ،‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪74‬‬
‫‪ 4‬الظهير الشريف رقم ‪ 1.96.83‬صادر في ‪ 15‬ربيع األول ‪( 1417‬فاتح غشت ‪ .)1996‬بتنفيذ القانون رقم‬
‫‪ 95.15‬المتعلق بمدونة التجارة‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ ،4418‬بتاريخ ‪ 3‬أكتبر ‪ ،1996‬ص ‪.2187‬‬
‫‪3‬‬
‫قد أحسن المشرع المغربي بتعريفه لمؤسسة األصل التجاري حيث من القصور‬
‫والخلل المنطقي تنظيم مؤسسة بأحكام غير معرفة‪ ،‬وكما يقول المناطقة "الحكم على‬
‫الشيء فرع عن تصوره"‪.‬‬

‫بعد أن عرف المشرع مؤسسة األصل التجاري نص في المادة ‪ 80‬على‬


‫عناصره‪:‬‬

‫"يشمل األصل التجاري وجوبا على زبناء وسمعة تجارية‪.‬‬

‫ويشمل أيضا كل األموال األخرى الضرورية إلستغالل األصل كاإلسم التجاري‬


‫والشعار والحق في الكراء واألثاث التجاري والبضائع والمعدات واألدوات وبراءات‬
‫اإلختراع والرخص وعالمات الصنع والتجارة والخدمة والرسوم والنماذج الصناعية‬
‫وبصفة عامة كل حقوق الملكية الصناعية أو األدبية أو الفنية الملحقة باألصل"‪.‬‬

‫العناصر الواردة في المادة أعاله تشكل في مجموعها مال مستقل قائم الذات‬
‫يطلق عليه األصل التجاري‪ ،‬وقد اختلف الفقه في تحديد طبيعته القانونية حيث كيفه‬
‫جانب من الفقه على أنه مجموعة قانونية من االموال تشمل الحقوق والديون المرتبطة‬
‫بالمشروع التجاري‪ ،‬في حين كيفه جانب آخر من الفقه على أنه مجموعة فعلية أو‬
‫واقعية تربط بين األموال المشكلة لها‪ ،‬إال أن الظاهر من تعريف المشرع المغربي أنه‬
‫ساير تكيف الغالب األعم من الفقه بتكيف األصل التجاري كملكية معنوية‪.‬‬

‫ويظهر من المادة ‪ 80‬أن األصل التجاري يتكون من أموال منقولة مادية‬


‫كاألثاث التجاري والبضائع والمعدات واألدوات‪ ،‬وأموال معنوية كالحق في الكراء‬
‫والرخص وحقوق الملكية الصناعية أو االدبية وزبناء وسمعة تجارية‪ ،‬إال أن المالحظ‬
‫من صياغة المادة ‪ 80‬أن هذه العناصر منها ما هو وجوبي الوجود لوجود األصل‬
‫التجاري أال وهما عنصري الزبناء والسمعة التجارية أما باقي العناصر فوجودها يعود‬
‫إلى طبيعة النشاط التجاري المزاول من قبل التاجر‪.‬‬

‫وعند تصفحنا القسم الثاني الخاص بالعقود المتعلقة باألصل التجاري‪ ،‬نجد‬
‫المشرع أولى اهتماما كبير لبيع األصل التجاري‪ ،‬وهو موضوع هذه الدراسة‪ ،‬فقد‬
‫خصص له المواد من ‪ 81‬إلى ‪ 103‬باإلضافة إلى األحكام المشتركة بين بيع االصل‬
‫التجاري ورهنه في المواد ‪ 111‬إلى ‪ 151‬من المدونة إال أن المشرع المغربي لم يذكر‬
‫تعريفا لعقد بيع األصل التجاري‪ ،‬وحسب المادة الثانية من مدونة التجارة التي تحيل‬

‫‪4‬‬
‫على القانون المدني عند خلو هذه المدونة من مقتضى ما مالم يتعارض مع أحكام‬
‫المدونة فنقول أن عقد بيع األصل التجاري هو عقد بمقتضاه ينقل البائع األصل‬
‫التجاري مقابل ثمن يلتزم المشتري بدفعه له في ضوء أحكام الكتابة والشهر‪.‬‬

‫هذا الموضوع له أهمية بمكان باعتبار أن بيع األصل التجاري له نتائج‬


‫اقتصادية هامة من نواحي ثالثة‪:‬‬

‫بالنسبة للدولة‪ :‬أن بيع األصل التجاري يعد عملية هامة‪ ،‬وذلك بالنظر‬ ‫‪-‬‬
‫لكثرتها‪ ،‬وبالتالي فإنها تشكل واقعة تقتضي اقتطاع رسوم جبائية تغذي خزينة الدولة‪.‬‬

‫بالنسبة للبائع ودائنيه‪ :‬يعتبر األصل التجاري في العديد من الحاالت‬ ‫‪-‬‬


‫أهم جزء من ذمته‪ ،‬وبالتالي الضمان العام للدائنين‪.‬‬

‫بالنسبة للمشتري‪ :‬حيث يعتبر األصل التجاري استثمارا هاما بالنسبة‬ ‫‪-‬‬
‫للمشتري‪ ،‬وذلك بالنظر لتواجد أصول تجارية ذات قيمة اقتصادية ومالية كبيرة‪.‬‬

‫مما أنتج لبيع األصل التجاري نظام قانوني استثنائي ومعقد‪ ،‬فرضته القيمة‬
‫التجارية لألصل التجاري ودوره المحوري في الذمة المالية لألطراف‪ ،‬ولم يأت التخلي‬
‫النسبي أو الكلي عن القواعد التقليدية التي تحكم البيوع عامة في القانون المدني‬
‫اعتباطا‪ ،‬وإنما نحا المشرع المغربي‪ ،‬وكذا التشريعات المقارنة‪ ،‬هذا المنحى ألن قواعد‬
‫القانون المدني ال تقدم أو توفر ضمانات فعالة لمؤسسة األصل التجاري ولالئتمان‬
‫وحقوق األطراف واألغيار‪ ،‬األسباب والعلل التي دفعت إلى ابتكار حلول جديدة‬
‫تتناسب مع قيمة االصل التجاري‪ ،‬تتعلق خاصة بتحرير العقود وشهرها‪ ،‬والتعرض‬
‫وامتياز البائع‪ ،‬والزيادة بالسدس‪ ،‬ودعوى الفسخ لعدم دفع الثمن‪ ،‬وتطهير الديون‬
‫المقيدة‪ ،‬واجراءات التقييد‪ ،‬وتوزيع الثمن‪ ،‬والحجوز‪ ،‬وغيرها من المؤسسات القانونية‬
‫‪1‬‬
‫الهامة‪.‬‬

‫انطالقا مما سبق تطرح إشكالية أساسية مفادها إلى أي حد وفق المشرع‬
‫المغربي في توفير ضمانات ناجعة وفعالة لمؤسسة األصل التجاري ولالئتمان ولحقوق‬
‫االطراف واالغيار‪ ،‬من خالل افراده بيع االصل التجاري بقواعد خاصة ومميزة؟‬

‫وعليه تترتب مجموعة من التساؤالت الفرعية على الشكل التالي‪:‬‬

‫أحمد شكري السباعي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ج ‪ ،3‬ط االولى ‪ 2013‬ص‪.9‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪5‬‬
‫ما هي شروط بيع األصل التجاري؟‬ ‫‪-‬‬

‫ما هي صور بيع األصل التجاري؟‬ ‫‪-‬‬

‫ما اآلثار المترتبة عن بيع األصل التجاري؟‬ ‫‪-‬‬

‫اقتضت منا طبيعة الدراسة المنجزة االعتماد على المنهج التحليلي قصد تفكيك‬
‫مقتضيات النصوص القانونية والوقوف على قصد المشرع منها‪ ،‬وذلك باالعتماد على‬
‫التقسيم الثنائي التالي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬شروط بيع االصل التجاري‬ ‫‪-‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬آثار بيع األصل التجاري‬ ‫‪-‬‬

‫‪6‬‬
‫المبحث األول‪ :‬شروط عقد بيع األصل‬
‫التجاري وصوره‬
‫نظم المشرع المغربي بيع األصل التجاري في مدونة التجارة من خالل المواد‬
‫من ‪ 81‬إلى ‪ ،103‬باإلضافة إلى األحكام العامة الواردة في الفصول ‪ 478‬إلى ‪ 618‬من‬
‫ظهير االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫لألهمية التي أصبح عليها األصل التجاري والدور الفعال الذي يلعبه في دفع‬
‫عجلة االقتصاد والتنمية إلى جانب العقود الواردة على العقارات والمنقوالت‪ ،‬فان بيع‬
‫األصل التجاري قد يتخذ مجموعة من الصور نتطرق في هذا العرض إلى أهمها‬
‫وألجل ذلك فإننا سنعالج في إطار المطلب األول أركان بيع األصل التجاري على أن‬
‫نخوض في المطلب الثاني في أهم الصور التي قد يتخذها هذا البيع‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬شروط بيع األصل التجاري‬


‫ب الرغم من الخصوصية التي يمتاز بها عقد بيع األصل التجاري كونه ماال‬
‫منقوال معنويا‪ ،‬إال أنه وكسائر العقود وجب أن تتوفر فيه مجموعة من األركان العامة‬
‫المشتركة مع جميع العقود من أهلية ورضا ومحل وسبب نعالجها من خالل الفقرة‬
‫األولى وأركان خاصة يتميز بها عقد بيع األصل التجاري نظرا للخصوصية التي‬
‫يمتاز بها التي تتمثل في الكتابة والشهر نعالجها من خالل الفقرة الثانية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬األركان العامة لبيع‬


‫األصل التجاري‬
‫كأي عقد بيع‪ ،‬فانه البد النعقاد عقد بيع األصل التجاري من توفر األركان‬
‫العامة وهي‪:‬‬

‫األهلية‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫يملك الراشد بائعا كان أو مشتريا كامل الحرية إلبرام عقد بيع األصل التجاري‬
‫أو شرائه‪ ،‬ويعتبر هذا البيع والشراء عملية تجارية من جانبهما‪ ،‬فمن جانب البائع يعتبر‬
‫أخر عمل تجاري يقوم به ومن جانب المشتري تعتبر عملية الشراء أول عملية‬
‫لممارسة التجارة‪ ،‬وبعبارة أخرى يعتبر مشتري األصل التجاري تاجرا سواء مارس‬
‫‪7‬‬
‫نشاطه على وجه االعتياد أو االحتراف المادة ‪ 6‬من مدونة التجارة‪ ،‬إال إذا منح هذا‬
‫األصل إلى غيره قصد استغالله عن طريق التسيير الحر‪ ،‬حيث يكتسب المسير الحر‬
‫‪1‬‬
‫في هذه الحالة وحده صفة تاجر المادة ‪ 153‬من مدونة التجارة‪.‬‬

‫يعتبر كل شخص بلغ ‪ 18‬سنة شمسية كاملة ولم يثبت من أسباب نقصان أهليته‬
‫أو انعدامها كامل األهلية لمباشرة حقوقه وتحمل التزاماته‪.‬‬

‫هكذا فكل من بلغ ‪ 18‬سنة شمسية كاملة ولم يلحقه عارض من عوارض األهلية‬
‫كالجنون والسفه يعتبر راشدا ومتمتعا بأهلية كاملة لممارسة مختلف أنواع التصرفات‬
‫القانونية سواء كانت مدنية أو تجارية‪ ،‬كما يتحمل بمختلف االلتزامات المترتبة عن‬
‫‪2‬‬
‫التجار عند ممارسته بكيفية اعتيادية أو احترافية لألنشطة التجارية‪.‬‬

‫لكن التساؤل المطروح في هذا السياق هو هل يمكن للقاصر ابرام عقد بيع‬
‫األصل التجاري؟‬

‫يجيبنا الدكتور أحمد شكري السباعي حول التساؤل المطروح بما يلي "نظن أن‬
‫القاصر المأذون له ال يسوغ له بيع األصل التجاري وال شراء األصل التجاري إن لم‬
‫ينل الترشيد الذي يجعله كالراشد كامل األهلية للقيام بسائر التصرفات القانونية إلى‬
‫جانب اإلدارة (ويقصد هنا األستاذ السباعي إدارة و تسيير األصل التجاري) (المادة‬
‫‪ 218‬ف ‪ 5‬من مدونة األسرة) إذ اإلذن يقتصر على إدارة جزء من أمواله بقصد‬
‫االختبار فقط (المادة ‪ 226‬ف ‪ 1‬من مدونة األسرة)‪ ،‬بل ال يجوز للوصي أو المقدم أن‬
‫يستثمر أموال القاصر في التجارة (من بينها شراء األصل التجاري) إال بعد الحصول‬
‫على إذن خاص من القاضي عمال بمقتضيات مدونة األسرة (المادة ‪14‬ف ‪ 1‬من مدونة‬
‫التجارة)‪ ،‬وإذا تم الحصول على هذا اإلذن وجب قيده في السجل التجاري للوصي أو‬
‫المقدم (المادة ‪14‬ف‪ 2‬من مدونة التجارة)‪ ،‬وقد أكدت ذلك المادة ‪ 271‬من مدونة‬
‫األسرة التي تشترط لبيع عقار أو منقول (األصل التجاري مال منقول معنوي عمال‬
‫بالمادة ‪ )79‬تتجاوز قيمته عشرة أالف درهم أو ترتيب حق عيني عليه أو المساهمة‬
‫بجزء من مال المحجور في شركة مدنية أو تجارية كتقديم األصل التجاري حصة في‬
‫شركة مثال أو استثماره في التجارة أو المضاربة إال بعد الحصول على اإلذن من‬
‫القاضي المكلف بشؤون القاصرين مع مراعاة المواد ‪ 272‬إلى ‪ 274‬من مدونة األسرة‪.‬‬

‫أحمد شكري السباعي‪ ،‬م‪.‬س‪ .‬ج‪ ،3.‬ط األولى‪ ،‬ص‪64‬‬ ‫‪1‬‬

‫محمد أطويف‪ ،‬الوجيز في شرح القانون التجاري‪ ،‬ط األولى ‪ ،2016‬ص ‪139‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪8‬‬
‫ومادام الوصي أو المقدم ال يملك الحق في بيع األصل التجاري فال يمكن لهما أن يأذن‬
‫للقاصر بإجراء هذا البيع ففاقد الشيء ال يعطيه‪ ،‬إال أن هذه التحجيرات ال تجري على‬
‫‪1‬‬
‫الولي ‪-‬األب أو األم‪.-‬‬

‫السبب‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫يعتبر المشرع المغربي السبب ركنا جوهريا في االلتزام يترتب على انعدامه‬
‫وعدم مشروعيته بطالن العقد‪ .‬وهذا ما نص عليه الفصل ‪ 62‬من ق ل ع "االلتزام‬
‫الذي ال سبب له أو المبني على سبب غير مشروع يعد كأن لم يكن‪.‬‬

‫يكون السبب غير مشروع إذا كان مخالفا لألخالق الحميدة أو النظام العام أو‬
‫القانون"‪.‬‬

‫ويفترض المشرع أن لكل التزام سبب حقيقي ومشروع وإن لم يذكر حيث نص‬
‫في الفصل ‪ 63‬من ق ل ع "يفترض في كل التزام أن له سببا حقيقيا مشروعا ولو لم‬
‫يذكر"‬

‫بما أن بيع األصل التجاري من العقود التبادلية يعتبر سبب التزام البائع هو‬
‫االلتزام المقابل الذي التزم به المشتري‪ 2.‬وبما أن البائع سبب التزامه دائما هو التزام‬
‫المشتري بدفع الثمن له‪ ،‬فال يمكن تصور سبب التزام البائع غير مشروع في بيع‬
‫األصل التجاري‪ ،‬على العكس من ذلك يكون سبب التزام المشتري غير مشروع اذا‬
‫كان األصل التجاري مخصص لمزاولة عمل غير مشروع‪.‬‬

‫أما بخصوص سبب العقد –السبب الدافع أو الباعث‪ -‬فيتسم بطابع شخصي‬
‫بحيث يتغير من عقد آلخر في النوع الواحد من العقود تبعا لمقاصد المتعاقدين‬
‫ونواياهم‪ 3.‬وقد يكون سبب العقد غير مشروع إذا قصد به البائع حرمان دائنيه من‬
‫الضمان الذي يمثله األصل التجاري الذي يريد اخراجه من ذمته‪ ،‬وتهريبه عن دائنيه‪.‬‬

‫رضا الطرفين‪:‬‬

‫أحمد شكري السباعي‪ ،‬م‪.‬س‪ .‬ج‪ ،3.‬ط األولى‪ ،‬ص‪66‬‬ ‫‪1‬‬

‫مأمون الكزبري‪ ،‬نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي‪ ،‬ج‪ ،1.‬ص‪ 175.‬بتصرف‬ ‫‪2‬‬

‫مأمون الكزبري‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ج‪ ،1.‬ص‪ 167.‬بتصرف‬ ‫‪3‬‬

‫‪9‬‬
‫عقد البيع من عقود التراضي‪ ،‬بل إنه العقد الذي نبتت فيه بذرة رضائية العقود‬
‫"العقد شريعة المتعاقدين" فاألفراد أحرار في معامالتهم يتعاقدون وفق مشيئة إرادتهم‪،‬‬
‫وال إجبار أو اكراه ألحدهم على األخر وما وظيفة القانون سوى حماية األفراد في‬
‫أموالهم وأعراضهم وتحقيق حرياتهم دون تعارض‪.‬‬

‫وعليه فان رضا الطرفين يشترط أن يكون سليما وخاليا من كل عيب من عيوب‬
‫اإلرادة‪.‬‬

‫ولما كان األصل التجاري مال معنوي يتكون من مجموعة من العناصر‪ ،‬منها‬
‫ما هو معنوي‪ ،‬مثل عنصر الزبناء و السمعة‪ ،‬فانه من المحتمل أن يقع المشتري في‬
‫الغلط حيث يتصور تصورا غير مطابق للواقع سواء من حجم الزبناء أو رقم األعمال‪،‬‬
‫كما انه قد يتم إيقاعه في ذلك من قبل البائع إما بممارسة طرق احتيالية أو بمجرد‬
‫‪1‬‬
‫السكوت‪ ،‬وقد يتم تغليط المشتري عن طريق شخص يعمل لحساب البائع‪.‬‬

‫المحل‪:‬‬ ‫ت‪-‬‬

‫ينص الفصل ‪ 57‬من ق ل ع على "أن األشياء واألفعال والحقوق المعنوية‬


‫الداخلة في دائرة التعامل تصلح وحدها ألن تكون محال لاللتزام ويدخل في دائرة‬
‫التعامل جميع األشياء التي ال يحرم القانون صراحة التعامل بشأنها"‪.‬‬

‫تنص المادة ‪ 80‬من مدونة التجارة "يشتمل األصل التجاري وجوبا على زبناء‬
‫وسمعة تجارية‪.‬‬

‫ويشمل أيضا كل األموال األخرى الضرورية الستغالل األصل‪ ،‬كاالسم‬


‫التجاري‪ ،‬والشعار وال حق في الكراء‪ ،‬واألثاث التجاري والبضائع والمعدات‪ ،‬واألدوات‬
‫وبراءات االختراع‪ ،‬وبصفة عامة لكل حقوق الملكية الصناعية أواألدبية أو الفنية‬
‫الملحقة باألصل"‪.‬‬

‫محمد أطويف‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 200‬بتصرف‬ ‫‪1‬‬

‫‪10‬‬
‫وعليه فان المحل يجب أن يكون موجودا أي أن ينصب البيع على األصل‬
‫التجاري قائم وإال كان العقد باطال النعدام المحل‪ .‬ولما كان عنصر الزبناء عنصرا‬
‫مهما في المبيع‪ ،‬فإن غياب هذا العنصر يجعل البيع ينصب على شيء غير موجود‬
‫فيكون العقد باطال النعدام محله‪ .‬ويجب تحديد العناصر التي يشملها البيع سواء‬
‫العناصر المادية أو المعنوية‪.‬‬

‫وإذا كان األصل التجاري يشمل أحد العناصر التي تخضع لقواعد التفويت‬
‫الخاصة مثل حقوق الملكية الصناعية واألدبية والفنية فإنه يجب مراعاة تلك القواعد في‬
‫‪1‬‬
‫بيعه ويجب تثبيتها كتابة تحت طائلة البطالن‪.‬‬

‫ويجب أن يتم تحديد ثمن بيع األصل التجاري‪ ،‬وينبغي أن يكون جديا وحقيقيا‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وتمييز ثمن العناصر المعنوية والبضائع والمعدات كل على حدة عند تحديد ثمن البيع‪.‬‬

‫وفي األخير وبناء على المادة ‪ 2‬من مدونة التجارة ومن خالل ما تم بسطه أعاله‬
‫من مقتضيات قانونية فإنه يتم تطبيقها لفض النزاعات المتعلقة ببيع األصل التجاري‬
‫‪3‬‬
‫على اعتبارها المرجع العام لواقع المعامالت التجارية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬األركان الخاصة لبيع‬


‫األصل التجاري‬
‫نظرا للدور الهام الذي يلعبه االصل التجاري فقد خص المشرع انتقاله بالبيع‬
‫بأركان خاصة اضافة لألركان العامة الموضوعية تتمثل في الكتابة أوال والشهر ثانيا‪.‬‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 56‬من قانون الملكية الصناعية بالنسبة لبراءة االختراع‬


‫‪ 2‬محمد أطويف‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 200‬و ‪ 201‬بتصرف‬
‫‪ 3‬تنص المادة ‪ 2‬من مدونة التجارة يفصل في المسائل التجارية بمقتضى قوانين وأعراف وعادات التجارة‬
‫وبمقتضى القانون المدني ما لم تتعارض قواعده مع المبادئ األساسية للقانون التجاري‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫أوال‪ :‬الكتابة‬

‫تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 81‬من مدونة التجارة على أنه "يتم بيع األصل‬
‫التجاري أو تفويته وكذا تقديمه حصة في شركة أو تخصيصه بالقسمة أو بالمزاد‪ ،‬بعقد‬
‫رسمي أو عرفي‪ ،‬ويودع ثمن البيع لدى الجهة المؤهلة قانونا لالحتفاظ بالودائع ‪" ...‬‬

‫يستنتج من خالل المادة أعاله أن القانون المغربي ال يسمح بأن يتم انجاز بيع‬
‫األصل التجاري خارج صيغة الكتابة كما أنه لم يلزم المتعاقدين بمحرر معين‪ ،‬بل منح‬
‫لهم الخيار بين المحرر الرسمي والمحرر العرفي‪ ،‬ولكن نظرا للدور الوظيفي الذي‬
‫أصبحت تتسم به الشكلية الحديثة المتمثل في الدور الحمائي فقد كان من األفضل لو‬
‫استبعد المشرع المحرر العرفي واكتفى بالمحرر الرسمي‪ ،‬ألن هذا األخير يتسم بمزايا‬
‫حمائية أكثر للمتعاقدين‪ ،‬لما له من حجية قوية في اإلثبات على خالف المحرر العرفي‬
‫الذي ال يشكل أي دور حمائي‪.1‬‬

‫كما أن المادة المذكورة نصت في فقرتها الثانية على أال يخلو المحرر المضمن‬
‫فيه عقد بيع األصل التجاري سواء كان عرفيا أو رسميا بمجموعة من البيانات وهي‪:‬‬

‫"ينص العقد على‪:‬‬

‫‪ .1‬اسم البائع وتاريخ التفويت ونوعيته وثمنه مع تمييز ثمن العناصر‬


‫المعنوية والبضائع والمعدات‬

‫حالة تقييد االمتيازات والرهون المقامة على األصل‬ ‫‪.2‬‬

‫‪ .3‬وعند االقتضاء‪ ،‬الكراء وتاريخه ومدته ومبلغ الكراء الحالي واسم‬


‫وعنوان المكري‬

‫مصدر ملكية األصل التجاري"‬ ‫‪.4‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن هذه البيانات الواردة على سبيل الحصر‪ ،‬يجب أن يتم‬
‫‪2‬‬
‫التنصيص عليها في عقد البيع وليس في وثيقة ملحقة به‪.‬‬

‫‪ 1‬يسرى اليزغي ‪ ,‬الشكلية في العقود الواردة على األصل التجاري ‪ ,‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود‬
‫واألعمال ‪ ,‬سنة الجامعية ‪, 2019/2018‬الصفحة ‪13‬‬
‫‪ 2‬عز الدين بنستي ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪133‬‬
‫‪12‬‬
‫لكن على الرغم من تنصيص مدونة التجارة على شرط الكتابة بخصوص عقد‬
‫بيع األصل التجاري إال أن اإلشكال المطروح بهذا الخصوص‪ ،‬هو طبيعة هذه الكتابة‪،‬‬
‫هل تعتبر الكتابة هنا شكلية انعقاد‪ ،‬ال يتم البيع بدونها أم أنها تبقى مجرد شكلية إثبات؟‬
‫‪1‬‬
‫نظرا ألن التشريع المغربي لم طبيعة الكتابة المتطلبة في عقد بيع األصل التجاري‪.‬‬

‫فهناك من الفقه من يقول بأن الكتابة المنصوص عليها في الفصل ‪ 81‬من م‪.‬ت‬
‫هي لالنعقاد ويؤسسون رأيهم على مجموعة من الحجج أهمها‪:‬‬

‫المادة ‪ 81‬من م ت جاءت بصيغة واضحة‪ ،‬وال لبس فيها مؤداها وجوب‬
‫تحرير العقد المنصب على بيع األصل التجاري‪ ،‬فالنص يشير حرفيا إلى أن تمام بيع‬
‫األصل التجاري‪ ،‬يتم بعقد رسمي أو عرفي‪ ،‬فكيف يمكن بعد ذلك القول بان الكتابة‬
‫ليست ركنا من أركان عقد بيع األصل التجاري؟؟ وما قيمة اللغة إذا لم يأخذ بمعناها‬
‫‪2‬‬
‫الواضح واستعضنا عنها إلى معناها المرموز‪.‬‬

‫كما أن المادة المذكورة أوجبت بتضمين العقد لمجموعة من البيانات محددة‬


‫وواضحة وأنه على ضوء هذه البيانات يمكن إعمال مقتضيات المادة ‪ 82‬من م ت‪،‬‬
‫وذلك بالنظر إلى مدى صحتها من عدم ذلك‪ ،‬والى مدى إهمال ذكر بيان منها من عدمه‬
‫‪3‬‬
‫وهذا ال يمكن أن يتحقق في نظرنا إال إذا كان العقد مكتوبا‪.‬‬

‫كما يضيف أنصار هذا االتجاه أن "استنفاذ جميع اإلجراءات القانونية الشكلية‬
‫لتفويت األصل التجار ي‪ ،‬يستوجب توافر عقد مكتوب وإال فلن يتم تسجيل البيع في‬
‫السجل التجاري‪ ،‬كما ال يمكن اداء واجبات التسجيل والتمبر لدى إدارة الضرائب إال‬
‫بعد اإلدالء بعقد مكتوب"‪. 4‬‬

‫‪ 1‬ينص الفصل ‪ 489‬من ق ل ع " إذا كان البيع عقارا أو حقوقا عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا‬
‫رسميا‪ ،‬وجب أن يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ‪ ،‬وال يكون له أثر في مواجهة الغير إال إذا سجل في‬
‫الشكل المحدد بمقتضى القانون"‪ .‬فمن خالل هذا النص فان الكتابة المنصوص عليها هي لالنعقاد التي تشترط‬
‫لوجود العقد قانونا وبالتالي فالعقد ال يثبت بأية وسيلة أخرى من وسائل اإلثبات مهما قام الدليل على اتجاه اإلرادة‬
‫إليه أمام شكلية الكتابة المطلوبة لإلثبات فهي ال تأثير لها على قيام العقد من عدمه‪ ،‬بحيث يمكن إثباته بجميع‬
‫وسائل اإلثبات األخرى كبداية الحجة الكتابية المعززة بالشهادة أو القرائن أو اليمين ‪.‬‬
‫‪ 2‬نور الدين عسري‪ ،‬بيع األصل التجاري في التشريع المغربي في ضوء االجتهاد القضائي‪ ،‬ط األولى‪،2002،‬‬
‫ص‪108:‬‬
‫‪ 3‬نور الدين عسري‪ ،‬نفس المرجع المذكور‪ ،‬نقال عن يسرى اليزغي م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 21‬و‪22‬‬
‫‪ 4‬عز الدين بنستي ‪ ,‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪132‬‬
‫‪13‬‬
‫وخالفا لالتجاه الفقهي السابق يذهب اتجاه أخر‪ 1‬إلى أن الكتابة ليست لالنعقاد‬
‫وإنما لإلثبات فقط وحججهم في ذلك لو أن المشرع المغربي أراد اعتبار الكتابة شرط‬
‫انعقاد‪ ،‬لرتب صراحة على تخلفها بطالن العقد‪.‬‬

‫في حين أن األستاذ شكري السباعي ذهب خالف الرأيين السابقين تماما‪ ،‬ذلك أنه‬
‫يرى أن الكتابة ليست شرطا شكليا في عقد بيع األصل التجاري‪ ،‬وال شرطا إلثباته‪،‬‬
‫واعتبر أن موقف المشرع المغربي ال يساير التطورات االقتصادية واالجتماعية التي‬
‫طالت المجتمع الحالي‪ ،‬كما أن هناك أسباب قوية تفرض على المشرع أن يراجع موقفه‬
‫‪2‬‬
‫ويجعل من الكتابة شرط انعقاد يترتب على تخلفها البطالن‪.‬‬

‫من خالل ما ذكر أعاله من أراء فقهية يتضح لنا أن الكتابة المنصوص عليها في‬
‫المادة ‪ 81‬من مدونة التجارة ال يمكن تصنيفها على أساس أنها لالنعقاد النعدام ترتيب‬
‫جزاء البطالن‪ ،‬كما أنه ال يصح القول بأنها لإلثبات‪ ،‬ألن هذا األخير في المجال‬
‫التجاري يتميز بالحرية طبقا للمادة الثانية من مدونة التجارة‪.‬‬

‫إال أنه في رأينا نعتقد أنها شكلية خاصة‪ ،‬ذلك أنها تمكننا من االستمرار في‬
‫اإلجراءات الالحقة للكتابة من تسجيل وإشهار‪ ....‬وتحافظ نسبيا على المبدأ السائد‬
‫لحرية اإلثبات في المجال التجاري‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلشهار‬

‫لم يكتف المشرع المغربي بالكتابة لتحرير عقد بيع األصل لتجاري‪ ،‬بل اشترط‬
‫أن يتم شهر بيع األ صل التجاري بطريقة رسمية‪ ،‬ولكن هذا الشهر قيده المشرع‬
‫بإجراءات قانونية مهمة تميزه عن غير من البيوع التجارية ابتداء من التسجيل (أ)‬
‫ومرورا باإليداع (ب) وأخير تقييده بالسجل التجاري ونشره (ج)‪.‬‬

‫التسجيل‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫‪ 1‬فؤاد معالل‪ ،‬شرح القانون التجاري المغربي الجديد‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬نونبر سنة ‪،2001‬‬
‫الصفحة ‪ ، 169 :‬عبد الرحيم شميعة‪ ،‬القانون التجاري األساسي‪ ،‬األعمال التجارية ‪-‬نظرية التاجر ‪-‬األصل‬
‫الجاري‪ ،‬مطبعة ووراقة سجلماسة‪ ،‬مكناس‪ 2013 ،‬صفحة ‪ 236 :‬مأخوذ عن يسرى اليزغي مرجع سابق صفحة‬
‫‪24 :‬‬
‫‪ 2‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪116‬و‪117‬‬
‫‪14‬‬
‫أول إجراء يتوقف عليه شهر عقد بيع األصل التجاري‪ ،‬هو تسجيله من لدن‬
‫المصالح الضريبية وذلك من خالل تقديم العقد الرسمي أو العرفي قصد استخالص‬
‫رسم التسجيل والتمبر طبقا لما هو منصوص عليه في المادة ‪ 127‬من مدونة‬
‫للضرائب‪.‬‬

‫إذ يخضع عقد بيع األصل التجاري لواجب أو رسم تسجيل قدره ‪ 6‬في المئة‬
‫طبقا لما هو منصوص عليه في المادة ‪ 133‬من مدونة العامة للضرائب‪.‬‬

‫كما أنه يتضح من خالل مقتضيات المادة ‪ 83‬من م ت أن المشرع المغربي‬


‫جعل التسجيل الضريبي سابق عن كل إجراءات الشهر األخرى‪ ،‬وعلى ضوئه تتوقف‬
‫سالمة وقبول باقي اإلجراءات‪ 1.‬وذلك ألجل حماية المصالح العامة للدولة وكذا حفظ‬
‫العقود وإشهارها خصوصا العرفية منها وثابتة التاريخ‪.‬‬

‫اإليداع‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫بعد مرحلة تسجيل عقد بيع األصل التجاري واستخالص الرسوم الواجبة عليه‬
‫والمحددة نسبتها قانونا‪ ،‬وجب إيداع نسخة من العقد الرسمي أو نظير من العقد العرفي‬
‫لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة بمسك السجل التجاري التي يوجد بدائرتها المركز‬
‫الرئيسي لألصل التجاري داخل اجل خمسة عشر يوما من تاريخ البيع‪ ،‬وتتجلى أهمية‬
‫هذا الشرط في ما يتحه من إمكانية جعل العقد المودع متاح للجميع ولكل من يهمه األمر‬
‫للحصول على نسخة منه لإلطالع‪.‬‬

‫التقييد بالسجل التجاري والنشر‪:‬‬ ‫ت‪-‬‬


‫بعد اإليداع يتم تقييد مستخرج من ذلك العقد في السجل التجاري طبقا للفقرة‬
‫الثانية من المادة ‪ 83‬من م ت ووفق شروط وبيانات إلزامية حددها المشرع في الفقرتين‬
‫المواليتين من المادة المذكورة وال تعتبر عملية الشهر تامة إال بقيام كاتب الضبط‬
‫بنشر المستخرج المقيد بالسجل التجاري بكامله‪ ،‬وبدون أجل في الجريدة الرسمية وفي‬
‫إحدى جرائد اإلعالنات القانونية التي تصدر في المنطقة التي يوجد فيها مقر األصل‬

‫أحمد شكري السباعي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪150‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪15‬‬
‫التجاري أو مركزه الرئيسي على نفقة األطراف ومعاودة المشتري لعملية النشر هذه‬
‫‪1‬‬
‫بين اليوم الثامن والخامس عشر من النشر األول‪.‬‬

‫كما أن البيوع المتعلقة باألصول التجارية ال يحتج بها ضد الغير إال من تاريخ‬
‫التقييد وأن المالك المسجل هو المالك الظاهر‪ .‬وعليه لو تم بيع األصل التجاري مرتين‬
‫وأسرع أحد المشترين إلى تقييد شراءه لصار هو المالك الشرعي إذا ما توافر شرطان‪:‬‬
‫أولهما أن يكون حسن النية‪ ،‬وثانيهما أن تنقضي مدة اإلشهار دون أن يقع تعرض وال‬
‫يعني إطالقا ضياع حقوق المشتري المتأخر عن التقييد‪ ،‬فحقوقه تظل ثابتة اتجاه البائع‬
‫في ضوء أحكام ضمان االستحقاق‪ ،‬والثمن ال يقدر كال حسب قيمته زمن الشراء بل‬
‫حسب القيمة الحالية‪ ،‬وله أن يتابعه زجريا عند ثبوت سوء النية‪ .‬لكن إن كان المشتري‬
‫‪2‬‬
‫الذي أسرع الى التقييد سيء النية فانه ال يستفيد من حق األسبقية والتقييد ال يصح‪.‬‬

‫الهدف من عملية الشهر هذه هي إحاطة دائني البائع علما بالبيع ‪ ،‬وكذلك إحاطة‬
‫‪3‬‬
‫دائني المشتري علما بالحقوق التي بقيت للبائع في ذمة مدينهم‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬صور بيع األصل التجاري‬


‫تطرقت مدونة التجارة لنوعين من البيوع الواردة على األصل التجاري وهما‬
‫البيع الرضائي‪ 4‬أو االتفاقي الذي يعتبر األصل العام في عمليات البيع لكونه األكثر‬
‫شيوعا وتنشيطا للحركة التجارية واألعلى مردودية من الناحية االقتصادية‪ ،‬والبيع‬
‫القضائي‪ 5‬أو الجبري الذي يتم في الحاالت التي يجد فيها التاجر نفسه مجبرا على بيع‬
‫أصله التجاري قضائيا (الفقرة األولى)‪ ،‬والبيع يمكن أن يرد على أصل تجاري تقليدي‬
‫ويمكن كذلك أن يرد على أصل تجاري إلكتروني (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫محمد أطويف‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪202‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبد الرحمان بلعكيد‪ ،‬وثيقة البيع بين النظر والعمل‪ ،‬طبعة ‪ ،1995‬ص‪ 275 :‬و‪276‬‬ ‫‪2‬‬

‫محمد أطويف ‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪ .202‬بتصرف‬ ‫‪3‬‬

‫المواد من ‪ 81‬إلى ‪ 103‬من مدونة التجارة (القانون رقم ‪.)15.95‬‬ ‫‪4‬‬

‫المواد من ‪ 113‬إلى ‪ 119‬من نفس المدونة‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪16‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬البيع الرضائي والبيع‬
‫القضائي‬
‫بتحقق األركان السابق دراستها نكون أمام بيع رضائي لألصل التجاري األمر‬
‫الذي يتطلب منا الوقوف عند تعريف هذه المؤسسة وتحديد أهم اإلشكاالت التي‬
‫تعترضها (أوال)‪ ،‬وبعد ذلك التطرق إلى مؤسسة البيع القضائي لألصل التجاري وأهم‬
‫حاالت هذا البيع وإجراءاته باقتضاب (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬البيع الرضائي لألصل التجاري‬

‫يعتبر البيع الرضائي من أكثر العمليات المألوفة التي ترد على األصل التجاري‬
‫بالمقارنة مع غيرها من التصرفات األخرى حيث ينجر هذا البيع عن اتفاق وتراضي‬
‫بين البائع – مالك األصل التجاري – والمشتري‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى مدونة التجارة نجد أنها لم تعرف البيع الرضائي لألصل‬
‫التجاري‪ ،‬لذا يبقى تعريفه خاضعا للتعريف الذي جاء به الفصل ‪ 478‬من قانون‬
‫اإللتزامات والعقود‪ ،‬وذلك عمال بالمادة الثانية من مدونة التجارة وبما أن البيع‬
‫الرضائي حسب الفصل ‪" :478‬البيع عقد بمقتضاه ينقل أحد المتعاقدين لآلخر ملكية‬
‫شيء أو حق‪ ،"...‬والذي يجمع الشيء والحق في قالب واحد هو المال وما األصل‬
‫التجاري إال مال منقول معنوي بتعبير المادة ‪ 79‬من مدونة التجارة‪ ،1‬غير أن مؤسسة‬
‫البيع الرضائي لألصل التجاري تعترضها مجموعة من اإلشكاالت نعرضها كاآلتي‪:‬‬

‫أ‪ -‬البيع اإلفرادي لعناصر األصل التجاري وبيع هذه العناصر مع األصل‪:‬‬

‫يتكون األصل التجاري من مجموعة من العناصر المادية والمعنوية المخصصة‬


‫للمارسة النشاط التجاري وتختلف هذه العناصر من حيث أهميتها بحسب نوع النشاط‬
‫التجاري الذي يمارسه التاجر‪ .2‬وتدخل هذه العناصر المكونة لألصل التجاري رفقت‬

‫‪ 1‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في األصل التجاري‪ ،‬ج‪ ،3 .‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2013‬ص‪ ،23 .‬بتصرف‪.‬‬
‫‪ 2‬فؤا د معالل‪ ،‬شرح القانون التجاري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬نظرية التاجر والنشاط التجاري‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،2018‬ص‪ 168 .‬و‪ .169‬بتصرف‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫هذا األخير في الذمة المالية للتاجر بحيث يجوز له التصرف فيها بالبيع إما إفرادا‬
‫ومستقلة عن األصل التجاري أو مع األصل ذاته وليس هناك ما يمنعه قانونا من ذلك‪.‬‬
‫وهنا تثور إشكالية حول القانون الواجب التطبيق في هذه الحاالت أهو القانون المنظم‬
‫لبيع األصل التجاري أم القانون المنظم لبيع وشراء هذه العناصر؟ وما إذا كان التفويت‬
‫اإلفرادي لعنصر الزبناء والسمعة التجارية تفويتا لألصل التجاري؟‬

‫فبخصوص القانون الواجب التطبيق في حالة بيع عناصر األصل التجاري سواء‬
‫إفراديا أم مع األصل ذاته‪ .‬فقد جعلها المشرع خاضعة لقوانينها الخاصة‪ ،‬وهذا ما تؤكده‬
‫المادة ‪ 90‬من مدونة التجارة بتنصيصها على خضوع حقوق الملكيتين الصناعية‬
‫واألدبية ل لتشريع المنظم لها‪ .‬وقد ورد التنصيص على هذين العنصرين على سبيل‬
‫المثال ال الحصر‪.1‬‬

‫وما يؤكد ذلك أن المشرع المغربي قد وضع قوانين خاصة‪ 2‬ألغلب العناصر‬
‫التي يتألف منها األصل التجاري أما بالنسبة للعناصر التي لم يخصصها المشرع بتنظيم‬
‫خاص يتم الرجوع بشأنها إلى القانون المشترك أو قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫أما بخصوص البيع أو التفويت اإلفرادي لعنصر الزبناء والسمعة التجارية فإنه‬
‫ال يعتبر تفويتا لألصل التجاري‪ ،‬ألن بيع األصل التجاري يترتب عليه بيع كل العناصر‬
‫التي يتكون منها إذا لم يتم استبعادها باالتفاق ويخضع للمواد من ‪ 81‬إلى ‪ 103‬من‬
‫مدونة التجارة أما البيع اإلفرادي للزبناء يجعل البائع –التاجر‪ -‬يحتفظ بكل العناصر‬
‫األخرى ويخضع هذا البيع لالتفاق المبرم بين األطراف‪.3‬‬

‫ب‪ -‬البيع السري أو الخفي لألصل التجاري‪:‬‬

‫في حاالت كثيرة قد يعمد مالك األصل التجاري إلى بيع أو تفويت أصله في‬
‫صورة عقد من نوع آخر كأن يقوم بتفويت أصله التجاري في صورة عقد هبة للتهرب‬
‫من الرسوم والواجبات الضريبية‪ ،‬وقد يعمد إلى إخفاء بيع أصله التجاري عبر اإليحاء‬

‫‪ 1‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في األصل التجاري‪ ،‬ج‪ ،2 .‬ص‪ ،63 .‬وج‪ ،3 .‬ص‪.31 .‬‬
‫فؤاد معالل‪ ،‬شرح القانون التجاري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬سنة ‪ ،2018‬ص‪ .198 .‬بتصرف‪.‬‬
‫‪ 2‬القانون رقم ‪ 17.97‬لسنة ‪ 2000‬المتعلق بحماية الملكية الصناعية والقانون ‪ 2.00‬لسنة ‪ 2000‬المتعلق‬
‫بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة والقانون ‪ 49.16‬المتعلق بكراء العقارات والمحالت المتخصصة لإلستغالل‬
‫التجاري أو الصناعي أو الحرفي والمواد ‪ 69‬غلى ‪ 74‬من مدونة التجارة بالنسبة لإلسم التجاري والعنوان‬
‫التجاري والشعار‪.‬‬
‫‪ 3‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في األصل التجاري‪ ،‬ج‪ ،1 .‬الطبعة الثانية‪ ،‬سنة ‪ ،2014‬من ص‪ 480 .‬إلى‬
‫‪ ،483‬بتصرف‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫بيع مجرد عنصر من عناصره المعنوي كالزبناء‪ ،‬وذلك تهربا من حقوق الدائنين وقد‬
‫يعمد إلى بيع كل العناصر المكونة لألصل التجاري بعقود مختلفة وذلك إلخفاء الثمن‬
‫الحقيقي‪.‬‬

‫وتصديا لهذه اإلشكاالت نستدعي آثار الصورية المحددة في الفصل ‪ 22‬من‬


‫قانون اإللتزامات والعقود‪ .‬وبمقتضاه يتحول البيع الصوري إلى بيع أصل تجاري تجاه‬
‫الغير‪.1‬‬

‫ج‪ -‬بيع األصل التجاري غير المسجل‪:‬‬

‫يترتب عن ممارسة الشخص عمال من األعمال التجارية بطبيعتها‪ 2‬على سبيل‬


‫االحتراف أو االعتياد اكتسابه صفة التاجر ومن ثم اكتساب لمال مهم يسمى األصل‬
‫التجاري‪ ، 3‬لكن قد يحدث أن يكون هذا التاجر غير مسجل بالسجل التجاري‪ .‬وهذا ال‬
‫يمنعه من امتالك أصل تجاري على اعتبار أن التسجيل في السجل التجاري مجرد‬
‫قرينة بسيطة يمكن إثبات عكسها وهذا ما أكده قرار صادر عن محكمة االستئناف‬
‫بالدار البيضاء‪" 4‬إن تسجيل األصل التجاري بالسجل التجاري ال يعتبر حجة قاطعة في‬
‫مواجهة الغير بل قرينة بسيطة قابلة إلثبات عكسها عمال بمقتضيات ظهير ‪7/5/1927‬‬
‫الخا ص بمؤسسة السجل التجاري"‪ .‬وعليه يمكن لهذا التاجر بيع أصله التجاري لكن‬
‫هذا البيع ال يرتب آثاره إال بين طرفي العقد فقط وال يمكن االحتجاج به في مواجهة‬
‫الغير وذلك حماية لحقوقهم نظرا لغياب إجراءات الشهر لكون األصل التجاري غير‬
‫مسجل أصال بالسجل التجاري حسب جانب من الفقه‪ .5‬إال أن جانبا آخر من الفقه‪ ،6‬أكد‬
‫على ان هذا البيع ينفذ في حق األطراف والغير وأن أداء الثمن وحده هو الذي ال يحتج‬
‫به في مواجهة هذا الغير عمال بالمادة ‪ 89‬من مدونة التجارة معززين موقفهم بالقرار‬
‫الصادر عن المجلس األعلى‪ 7‬عدد ‪ 1050‬المؤرخ في ‪ 97/02/13‬الملف المدني عدد‬
‫‪": 25/2458‬إن جزاء عدم نشر عقد بيع األصل التجاري هو عدم إبراء ذمة المشتري‬
‫‪ 1‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في األصل التجاري‪ ،‬ج‪ ،1 .‬الطبعة الثانية‪ ،‬سنة ‪ ،2014‬ص‪ 480 .‬و‪.481‬‬
‫والجزء الثاني‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2013‬ص‪ 34 .‬و‪ ،35‬بتصرف‪.‬‬
‫‪ 2‬المواد ‪ 6‬و‪ 7‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪ 3‬سعيد الروبيو‪ ،‬كتاب القانون التجاري‪ ،‬طبعة ‪ ،2014‬ص‪ .95 .‬بتصرف‪.‬‬
‫‪ 4‬ملف عدد ‪ 1717/91‬صادر بتاريخ ‪ 19/07/1991‬حكم منشور بمجلة المحاكم المغربية ‪ ،‬العدد ‪ ،74‬ص‪.‬‬
‫‪ .101‬مأخوذ من مقال منشور بالمجلة اإللكترونية "المنصة القانونية ‪ "www.sajplus.com‬تحت عنوان‬
‫"المنازعات المتعلقة باألصل التجاري"‪.‬‬
‫‪ 5‬فؤاد معالل‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.200 .‬‬
‫‪ 6‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ج‪ ،3 .‬الطبعة األولى‪ ،‬ص‪ .‬من ‪ 157‬إلى ‪ ،159‬بتصرف‪.‬‬
‫‪ 7‬أورد أحمد شكري السباعي في كتابه الوسيط‪ ،‬ج‪ ،3 .‬الطبعة األولى‪ ،‬ص‪.158 .‬‬
‫‪19‬‬
‫تجاه دائني البائع الذين لهم حق التعرض لدفع ثمن البيع وليس بينهم المكري مالك رقبة‬
‫المحل المعد للتجارة ألنه ال يملك حق التعرض ألجل استيفاء مبلغ الكراء"‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬البيع القضائي‬

‫لم تتطرق مدونة التجارة لتعريف مؤسسة البيع القضائي أو الجبري لألصل‬
‫التجاري كما هو الشأن بالنسبة للبيع الرضائي لألصل التجاري‪ .‬مما دفع بالفقه‬
‫المغربي‪ 1‬للتدخل لوضع تعريف لهذه المؤسسة حيث عرف لنا البيع القضائي بأنه‬
‫"البيع الذي يتم بتدخل من القضاء ورقابته وإشرافه إليجاد حل عادل وفقا للقانون‬
‫واالجتهاد عند االقتضاء لنزاع قائم بين تاجر مالك األصل التجاري ودائن له يرغب في‬
‫استيفاء ديونه إن تعذر عليه الحصول عليها وديا" وعليه فما البيع القضائي لألصل‬
‫التجاري في حقيقته إال مجموعة من اإلجراءات القضائية غايتها نقل ملكية األصل‬
‫التجاري من المدين المنفذ عليه إلى المشتري قصد استخالص دائني األصل التجاري‬
‫المبيع لديونهم‪ .‬وسنقتصر خالل هذه الدراسة على التطرق ألهم حاالت البيع القضائي‬
‫لألصل التجاري على أن نتناول بإيجاز إجراءات هذا البيع‪.‬‬

‫أ‪ -‬حاالت البيع الجبري لألصل التجاري‪:‬‬

‫تتعدد حاال ت بيع األصل التجاري عن طريق المحكمة ويتعدد المستفيدون من‬
‫هذه الحاالت بحسب درجاتهم –دائن مقيد – دائن عادي‪ -‬وفق الشكل الذي حددته‬
‫مدونة التجارة وعليه فإننا سنتطرق ألهمها‪:‬‬

‫‪ -1‬بيع األصل التجاري بناء على طلب‪:‬‬

‫في هذا اإلطار يتم البيع الجبري لألصل التجاري بناء على طلب قضائي مرفوع‬
‫أمام المحكمة التجارية‪ 2‬التي يقع بدائرتها األصل التجاري إما من طرف الدائن مقيد –‬
‫الدائن المرتهن أو البائع في إطار حق االمتياز – أو من طرف دائن عادي‪.‬‬

‫أحمد شكري السباعي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ج‪ ،3 .‬الطبعة األولى‪ ،‬ص‪ 394 .‬و‪ .395‬بتصرف‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة الخامسة من القانون رقم ‪ 53.95‬المتعلق بإحداث المحاكم التجارية‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪20‬‬
‫فبخصوص البيع بناء على طلب دائن عادي فقد خصه المشرع بمسطرة خاصة‬
‫تخضع ألحكام المادة ‪ 118‬من مدونة التجارة المتعلقة بالديون المرتبطة باستغالل‬
‫األصل التجاري وإلعمال نص هذه المادة يجب توفر الشروط اآلتية‪:‬‬

‫* أن يكون األصل التجاري مملوكا للمدين وتتعطل هذه المسطرة إذا كان‬
‫المستغل غير مالك لألصل باستغالل المسير الحر لكون نتائج هذه المسطرة تصب في‬
‫ذمة األخير وليس ذمة المالك الذي يخضع للمادتين ‪ 152‬و‪ 153‬من مدونة التجارة‪.‬‬

‫* أن يكون الدين الذي يطالب به الدائن مرتبط باستغالل األصل التجاري‪.1‬‬

‫* أن ال تصدر المحكمة األمر بالبيع إال إذا أصدرت حكما باألداء على أن يكون‬
‫األمر بالبيع في نفس الحكم الذي قضى باألداء‪.‬‬

‫* أن تصدر المحكمة األمر باألداء بناء على طلب الدائن وليس من تلقاء نفسها‪.‬‬

‫أما بخصوص البيع بناء على طلب دائم مقيد –الدائن المرتهن أو البائع‪ -‬والذي‬
‫يعرف بأنه كل دائن منحه المشرع امتيازا عن باقي الدائنين العاديين لمالك األصل‬
‫التجاري شريطة التقيد بواجبات الشهر في السجل التجاري‪ ،2‬وتجدر اإلشارة هنا أنه‬
‫بعد تعديل المادة ‪ 131‬من مدونة التجارة بموجب القانون ‪ 21.18‬فإنه يجب تعويض‬
‫المقتضيات المتعلقة بتقييد االمتياز والرهن بالسجل التجاري بالمقتضيات المتعلقة بتقييد‬
‫االمتياز والرهن في السجل اإللكتروني للضمانات المنقولة‪ 3‬لضمان حق االمتياز‪ .‬فإن‬
‫هذا البيع يخضع ألحكام المادة ‪ 114‬من مدونة التجارة والفصل ‪ 1219‬من ظهير‬
‫االلتزامات والعقود الذي أحالت‪ 4‬عليه المادة المذكورة بموجب التعديل الذي طالها‬
‫بمقتضى القانون ‪ 21.18‬ونخص بالذكر إجراءات اإلنذار والجهة الموجهة لها واألجل‪.‬‬
‫وإلعمال هذين النصين يشترط توفر الشروط اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون الطالب دائنا مقيدا – امتيازا البائع والدائن المرتهن – ومحافظ على‬
‫امتيازه‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون الدين مستحقا جزئيا أو كليا‪.‬‬


‫‪ 1‬عز الدين ينستي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.158 .‬‬
‫‪ 2‬عز الدين ينستي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.160 .‬‬
‫‪ 3‬تم تعويض المادة ‪ 131‬من مدونة التجارة بالمادة السابعة من القانون رقم ‪.21.18‬‬
‫‪ 4‬جاءت هذه اإلحالة بمقتضى التتميم والتغيير الذي طال الفقرة األولى من المادة ‪ 114‬من مدونة التجارة بموجب‬
‫المادة الثامنة من القانون ‪ 21.81‬المتعلق بالضمانات المنقولة‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫‪ -‬أن يوجه الدائن المرتهن إنذارا باألداء المبالغ المستحقة إلى الراهن وإلى‬
‫المدين حسب الحالة‪.‬‬

‫‪ -‬أن يحدد االنذار أجال ال يقل عن ‪ 15‬يوما لتمكين الدائن من المبلغ المستحق‪.‬‬

‫‪ -‬أن يقيد الدائن المرتهن بعد إنقضاء األجل المذكور االنذار الموجه من قبله في‬
‫السيجل الوطني االلكتروني للضمانات المنقولة‪.‬‬

‫‪ -2‬بيع األصل التجاري بناء على حجز تنفيذي‪:‬‬

‫يخضع بيع األصل التجاري بناء على الحجز التنفيذي لألحكام الواردة في‬
‫المادتين ‪ 113‬و‪ 120‬من مدونة التجارة‪ .‬والغاية من إخضاع المشرع‪ ،‬البيع بناء على‬
‫الحجز التنفيذي ألحكام المادتين المذكورتين هي تجنب تفتيت األصل التجاري وفقدان‬
‫قيمته وضياع زبنائه فبموجب المادة ‪ 113‬خول المشرع لكل دائن – الحاجز تنفيذيا‪-‬‬
‫سواء كان عاديا أو مقيدا بل وحتى للخزينة العامة كدائن ممتاز – الذي يباشر حجزا‬
‫تنفيذيا على عنصر من عناصر األصل التجاري قصد الحصول على ديونه التي تتعذر‬
‫استيفاؤها وديا أن يطلب من المحكمة بيع األصل التجاري جملة مع عناصره إذا ظهر‬
‫له أن هذه العناصر ال تكفي الستيفاء ديونه وال يقتصر هذا الطلب على الدائنين فقط بل‬
‫المشرع سمح حتى للمدين المحجوز عليه بتقديمه إذا ظهر له أن بيع عناصر األصل‬
‫التجاري سيؤدي إلى إنقاص قيمته ككل‪ ،‬وجاءت هذه المادة للتوقيف بين المصالح‬
‫المتعارضة للدائنين الراغبين في استيفاء ديونهم والمدين المحجوز عليه‪.‬‬

‫أما المادة ‪ 120‬فقد أجازت بيع العناصر المكونة لألصل التجاري كال على حدة‬
‫متى كان البيع بموجب حجز تنفيذي شريطة إخطار الدائنين المقيدين قبل اإلخطار‬
‫المذكور بـ ‪ 15‬يوما على األقل وذلك حماية لحقوق الدائنين المقيدين الذين مكنهم‬
‫المشرع من خالل هذه المادة من رفع طلب ضد المعنيين باألمر لبيع األصل بجميع‬
‫عناصره إذا اتضح لهم أن بيع هذه العناصر كل على حدة سيتفتت األصل التجاري مما‬
‫يضر بمصالحهم‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫حيث عمد المشرع من خالل هذه المادتين إلى التوفيق بين المصالح المتعارضة‬
‫لكل من الدائن الحاجز والدائن المقيد والمدين المحجوز عليه‪ ،‬فالمادة ‪ 113‬مقررة‬
‫لصالح الدائن الحاجز والمدين أما المادة ‪ 120‬فمقررة لصالح الدائنين المقيدين‪.1‬‬

‫ب‪ -‬إجراءات البيع القضائي‪:‬‬

‫يخضع البيع القضائي لألصل التجاري لإلجراءات المنصوص عليها في المواد‬


‫‪ 115‬و‪ 116‬و‪ 117‬من مدونة التجارة‪ .‬تعتبر إجراءات موحدة تسري على سائر البيوع‬
‫القضائية أو الجبرية ويمكن تقسيمها إلى قسمين رئيسيين نوجز في عرضهما كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -1‬اإلجراءات الممهدة للبيع الجبري لألصل التجاري‪:‬‬

‫تعتبر اإلجراءات الممهدة للبيع الجبري لألصل التجاري بمثابة مقدمات للتنفيذ‬
‫الجبري تتم بعد صدور الحكم أو القرار القاضي بالبيع في ظروف من العالنية لحماية‬
‫الحقوق المتواجدة‪ ،2‬ويتعلق األمر بإجراءات التبليغ والشهر‪:‬‬

‫‪ -‬التبليغ‪:‬‬

‫وبالرجوع إلى الفقرة األولى من المادة ‪ 115‬من مدونة التجارة نجدها تنص‬
‫على تبليغ مزدوج األول يقع على عاتق كاتب الضبط بحيث يبلغ هذا األخير المحكوم‬
‫عليه بالحكم أو في حالة االستئناف بالقرار القاضي ببيع األصل التجاري فور صدوره؛‬
‫والثاني يقع على عاتق المحكوم له تجاه البائعين السابقين طبقا للمادة ‪ 103‬من مدونة‬
‫التجارة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ويخضع هذا التبليغ طبقا للشروط المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية‬
‫الفقرة الثانية من المادة ‪.115‬‬

‫‪ -‬الشهر القانوني‪:‬‬

‫أحمد شكري السباعي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ح‪ ،3 .‬ص‪.356 .‬‬ ‫‪1‬‬

‫أحمد شكري السباعي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ج‪ ،3 .‬ص‪.406 .‬‬ ‫‪2‬‬

‫الفصول ‪ 37‬و‪ 38‬و‪ 39‬و‪ 40‬و‪ 41‬من قانون المسطرة المدنية‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪23‬‬
‫وبالرجوع إلى الفقرة الثالثة من المادة ‪ 115‬من مدونة التجارة نجدها تنص‬
‫"يقوم كاتب الضبط في الوقت نفس بالشهر القانوني على نفقة الطالب المسبقة‪ .‬ويبين‬
‫اإلعالن على المزاد في تاريخ إفتتاحه ومدته وإيداع الوثائق بكاتبة الضبط كما ينص‬
‫على شروط البيع"‪.‬‬

‫يعلق إعالن البيع بالمزاد بالمدخل الرئيسي للعقار الذي يوجد فيه األصل‬
‫التجاري وكذا باللوحة المخصصة لإلعالنات في مقر المحكمة وفي أي مكان يكون‬
‫مناسبا لإلعالن وينشر عالوة على ذلك في إحدى الجرائد المخول لها نشر اإلعالنات‬
‫القانونية" (ف ‪ 4‬مادة ‪ 115‬من مدونة التجارة)‪.‬‬

‫‪ -2‬إجراءات البيع بالمزاد العلني‪:‬‬

‫بعد تمام المسطرة التمهيدية تأتي مرحلة البيع بالمزاد العلني إذا حل اليوم‬
‫والساعة المعينين إلجراء المزايدة ولم يؤدي المدين ما بذمته من ديون (ف ‪ .1‬م ‪117‬‬
‫من مدونة التجارة)‪.‬‬

‫‪ -‬المزايدة‪:‬‬

‫إذا حل اليوم والساعة المعينان دون أداء المدين ما بذمته يذكر عون التنفيذ‬
‫باألصل التجاري موضوع المزايدة وما يتحمله من تكاليف والعروض الموجودة وآخر‬
‫أجل لقبول عروض جديدة ويرسوا المزاد على المتزايد الذي يقدم أعلى عرض أو قدم‬
‫كفيال موسرا (ف ‪ 1‬م ‪ 117‬م‪.‬ت)‪.‬‬

‫‪ -‬إعادة البيع‪:‬‬

‫إذا لم ينفذ الراسي عليه المزاد شروط المزايدة ولم يستجب لإلنذار الموجه إليه‬
‫باحترام التزاماته خالل ‪ 10‬أيام يعاد بيع األصل التجاري بمزايدة جديدة على ذمة‬
‫المشتري المتخلف داخل أجل الموالي أل ‪ 10‬أيام (م ‪ 119‬من مدونة التجارة)‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬بيع األصل التجاري‬


‫التقليدي واألصل التجاري اإللكتروني‬
‫شهد العالم خالل العقدين األخيرين تطورا هائال في مجالي التكنولوجيا‬
‫واالتصاالت األمر الذي استفاد منه قطاع التجارة فظهر إلى الوجود ما يعرف بالتجارة‬
‫‪24‬‬
‫اإللكترونية‪ ،‬أي االنتقال إلى ممارسة النشاط التجاري داخل العالم االفتراضي وظهور‬
‫أنشطة تجارية جديدة‪ 1‬للوجود داخل العالم االفتراضي وطفت إلى الوجود فكرة األصل‬
‫التجاري اإللكتروني التي أرقت الباحثين في مجال القانون بين من ينفي وجود شيء‬
‫يسمى األصل التجاري اإللكتروني وأن كل ما في األمر هو تدبير إلكتروني لمؤسسات‬
‫تقليدية‪ 2‬وبين من يقر بأهميته وينادي بدراسة هذه المؤسسة ومحاولة تأصليها‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 79‬من مدونة التجارة نجدها تعرف األصل التجاري بأنه‬
‫مال منقول معنوي يشمل جميع األموال المخصصة للمارسة نشاط تجاري أو عدة‬
‫أنشطة تجارية حيث أن هذا التعريف يستغرق األصل التجاري التقليدي المتعارف عليه‬
‫الذي له وجود على أرض الواقع واألصل التجاري اإللكتروني الذي يرتكز وجوده‬
‫وعناصر تكوينه على وجوده في العالم الرقمي وسنقتصر في هذه الفقرة على المقاربة‬
‫بين األصل التجاري التقليدي واإللكتروني من خالل العناصر الوجوبية – الزبناء‬
‫والسمعة التجارية (أوال) وخصوصيات األصل اإللكتروني ومدى تقاربها مع حق‬
‫الكراء (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مقاربة بين األصل التجاري التقليدي واإللكتروني من حيث العناصر‬


‫الوجوبية‬

‫بالرجوع إلى تعريف األصل التجاري –التقليدي‪( -‬المادة ‪ 79‬من مدونة‬


‫التجارة) وإلى العناصر الوجوبية التي يجب أن يشتمل عليها –الزبناء والسمعة‬
‫التجارية‪ -‬وغيرها من العناصر (المادة ‪ )80‬نجد أنها تتماشى مع عناصر األصل‬
‫التجاري اإللكتروني مع بعض الخصوصية‪ .‬إذ يعتبر عنصر الزبناء والسمعة التجارية‬
‫من أهم عناصر األصل التجاري فبغياب هذين العنصرين ينعدم وجود األصل التجاري‬
‫ولوالها لما تحدثنا عن األصل التجاري من األصل سواء في شكله التقليدي أو الحديث‬
‫عرف الفقه الزبناء بأنهم مجموعة من األشخاص ثبتوا على التعامل مع األصل‬ ‫وقد ّ‬
‫التجاري ثقة في التاجر المستثمر وتصرفاته وقدراته على خلق وتحسين العالقات‬
‫التجارية واإلنسانية بأمانة وصدق واستقامة ومهارات في التنظيم واإلنجاز‪ .3‬أما‬
‫السمعة التجارية فيقصد بها قدرة المتجر على استقطاب الزبناء بسبب شهرته أو‬

‫مثال‪ :‬كتقديم خدمة عقد اإليواء للمواقع وللمحالت اإللكترونية‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫تدوينة نشرها الدكتور مصطفى بونجة المحامي واألستاذ بكلية الحقوق بطنجة على حسابه الفايسبوكي‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫أحمد شكري السباعي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ج‪ ،1 .‬الطبعة الثانية‪ ،‬ص‪.471 .‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪25‬‬
‫موقعه‪ . 1‬وهذا التعريف الذي وضعه الفقه لعنصر الزبناء والسمعة التجارية لألصل‬
‫التجاري التقليدي يمكن أن يمتد ليشمل عنصر الزبناء والسمعة التجارية لألصل‬
‫التجاري اإللكتروني مع اختالف بسيط يتعلق بوجود هذه العناصر في العالم الرقمي‬
‫رفقة األصل‪.‬‬

‫وإذا أخذنا على سبيل المثال موقع ‪ www.jumia.ma‬المتخصص في بيع‬


‫األشياء المنقولة فإن عنصر الزبناء في هذا الموقع يتمثل في األشخاص الذين وثقوا‬
‫بالموقع وتعاملوا معه باستمرار وذلك إنشائهم لحساب الزبون بالموقع حيث يمنحهم‬
‫عروضا وهدايا لثقتهم بالموقع وتشجيعاتهم لهم على االستمرار في التعامل معه‬
‫كإعفائهم من مصاريف الشحن أو تخصيصهم بتخفيضات خاصة ‪..‬‬

‫أما عنصر السمعة التجارية –الزبناء العرضيون‪ -‬فإنها تتمثل في األشخاص‬


‫الذين قاموا بزيارة الموقع دون القيام بإنشاء حساب الزبون‪ ،‬ويتم تحديد الزبائن في هذا‬
‫النوع من المواقع –األصل التجاري اإللكتروني‪ -‬ببرمجية تقوم على بناء قاعدة بيانات‬
‫تتضمن معلومات حول كل زبون إسمه بريده اإللكتروني رقم هاتفه وعنوانه‪ .‬أما‬
‫بخصوص السمع التجارية فإنه يتم تحديدها بناء على برمجية إحصائية تقوم بإحصاء‬
‫عدد الزائرين للموقع في اليوم الواحد‪.‬‬

‫في حين يرى البعض أن مفهوم الزبناء في األصل التجاري اإللكتروني –‬


‫المواقع اإللكترونية‪ -‬يختلف عما هو عليه بالنسبة لألصل التجاري التقليدي فهذا األخير‬
‫يستمر تواجده على عائدات الزبناء‪ ،‬أما األصل التجاري اإللكتروني متوقف على ما‬
‫حققه من العائدات إثر اإلعالنات التي يعرضها‪.‬‬

‫وبالتالي فنجاحه واستمراره رهين بتواجد عقود دعائية أو إيجار الحيز‬


‫اإلعالني‪ 2‬إال أن هذا الرأي مردود عليه لكون أن أغلب األصول التجارية اإللكترونية‬
‫الجادة ال تحتاج ألن تقدم على إبرام عقود دعائية وال إلى إيجار الحيز اإلعالني‪.‬‬
‫ونخص بالذكر إضافة للمثال السابق أصول تجارية إلكترونية مغربية مثل‬
‫‪ www.markoub.ma‬الذي يقوم بمهمة السمسرة في مجال نقل المسافرين بين‬
‫شركات النقل –حافالت السفر‪ -‬وبين الزبناء الراغبين في السفر مقابل أجر يتمثل في‬

‫‪ 1‬عبد الواحد حمداوي‪ ،‬القانون التجاري الدولي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2005‬ص‪.132 .‬‬
‫‪ 2‬مأخوذ من عرض لماستر القانون والمقاولة بجامعة موالي إسماعيل تحت عنوان "األصل التجاري‬
‫اإللكتروني"‪ ،‬من إعداد الطلبة لوطفي الشرقاوي وياسين العاصيمي وعبد الكريم مهدان‪ ،‬تحت إشراف األستاذ‬
‫الدكتور عبد الرحيم شمعية‪ ،‬ص‪.7 .‬‬
‫‪26‬‬
‫نسبة من ثمن التذكرة ويعتمد هذا األصل على نفس البرمجيات التي سبق ذكرها في‬
‫المثال السابق‪ .‬ونذكر كذلك األصل التجاري اإللكتروني الضخم الذي أسسه رجال‬
‫أعمال شباب مغاربة ‪ youcan.shop‬المتخصص في توفير كل المواد البرمجية‬
‫وتبسيطها إلنشاء متجر إلكتروني (من مساحة وآليات التحليل وقوالب لعرض السلع‬
‫والخدمات ‪ )...‬للراغبين في ممارسة التجارة اإللكترونية مقابل نسبة من األرباح التي‬
‫سيحققها المتجر التي تتمثل في ‪ 1%‬يعتمد كذلك على نفس البرمجيات التي سبق ذكرها‬
‫ويبلغ عدد المتاجر اإللكترونية –زبناء هذا األصل‪ -‬التي أنشأت من خالل هذه المنصة‬
‫اإللكترونية ‪ 300.000‬متجر ويبلغ حجم المعامالت التي حققتها متاجر المغاربة فقط‬
‫المنشأة بهذه المنصة ألزيد من ‪ 200‬مليون دوالر خالل سنة ‪ 2021‬حسب تصريح أحد‬
‫الشركاء المؤسسين لهذا األصل اإللكتروني لقناة ‪" 2M‬محمد باعبيت" خالل فقرة‬
‫ضيف الظهيرة وغيرها الكثير من األصول التجارية اإللكترونية‪.‬‬

‫وبالنظر إلى حجم مساهمات هذه األصول اإللكترونية في االقتصاد الوطني‬


‫وحجم األموال المستثمرة في هذا المجال خصوصا مجال التجارة اإللكترونية فعلى‬
‫المشرع التدخل لتنظيم مجال التجارة اإللكترونية بترسانة قانونية شاملة تتالئم‬
‫وخصوصياته فبالرغم من المجهودات التي قام بها المشرع المغربي في المجال الرقمي‬
‫بإصداره مجموعة من القوانين‪ ،‬كالقانون رقم ‪ 59.05‬المتعلق بالتبادل اإللكتروني‬
‫للمعطيات‪ ،‬والقانون ‪ 07.03‬المتعلق بالجرائم التي تهم نظام المعالجة اآللية للمعطيات‪،‬‬
‫والقانون ‪ 44.20‬المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعامالت اإللكترونية‪ ،‬والقانون ‪88.17‬‬
‫المتعلق بإحداث المقاوالت بطريقة إلكترونية ومواكبتها‪ .‬إال أن هذه القوانين ال ترقى‬
‫إلى درجة اإلحاطة بمجال التجارة اإللكترونية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مقاربة بين األصل اإللكتروني والتقليدي من حيث الخصوصيات الرقمية‬

‫لقيام أصل تجاري إلكتروني يجب أن يتوفر بالضرورة على عنصر اإلستضافة‬
‫والتي يقابلها في اللغة اإلنجليزية ‪ ،Hosting‬وعنصر اسم النطاق والذي يقابله في‬
‫اللغة اإلنجليزية ‪ ،domain name‬وباجتماع هذين العنصرين نكون أمام المحل أو‬
‫الموقع اإللكتروني الذي يمكن أن يزاول فيه التاجر نشاطه التجاري اإللكتروني لجذب‬
‫الزبناء والذي يوازي المحل الذي يزاول فيه التاجر التقليدي نشاطه التجاري في العالم‬
‫الواقعي‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫واالستضافة‪ 1‬هي عقد يبرم عن بعد يكتري بموجبه شخص من شركة أو موقع‬
‫مساحة معينة على حاسوب ضخم متصل بشبكة األنترنت على الدوام لتخزين بيانات‬
‫نشاطه مقابل أجرة محددة‪.‬‬

‫أما االسم النطاق فهو عقد يبرم عن بعد يكتري بموجبه شخص خدمة إسم‬
‫النطاق من شركة أو موقع متخصص في نظام اسم النطاق ‪domain Name‬‬
‫‪ System‬اختصارها ‪ DNS‬وهي خدمة تقوم على ترجمة أسماء النطاقات من كلمات‬
‫إلى أرقام ‪ IP2‬الذي يشكل عنوانا يستخدم لتعريف الحاسوب داخل شبكة األنترنت‬
‫مقابل أجر محدد‪.‬‬

‫وبإبرام هذين العقدين نكون أمام ما يمكن أن نصطلح عليه بعقد الكراء‬
‫اإللكتروني المزدوج الذي يقابله عقد الكراء التجاري‪ 3‬بالنسبة لألصل التجاري‬
‫التقليدي‪ .‬وبمقتضاه يكتسب التاجر سواء بالنسبة لألصل التجاري التقليدي أو‬
‫اإللكتروني الحق في الكراء الذي يعتبر عنصرا معنويا يدخل عند وجوده ضمن‬
‫العناصر المعنوية والمادية األخرى التي يتألف منها األصل التجاري ويمنح للتاجر‬
‫الم ستثمر المكتري الحق في تجديد عقد كراء العقار أو المحل المكترى عند إنتهائه بقوة‬
‫القانون‪.4‬‬

‫وإذا كان الحق في الكراء عنصر من عناصر األصل التجاري بحيث يحق‬
‫للتاجر التصرف فيه بالبيع إفراديا أو مع األصل سواء تعلق بأصل تجاري تقليدي أو‬
‫إلكتروني إال أن هناك بعض االختالفات الجوهرية بهذا الخصوص بين النوعين‪.‬‬

‫‪ -‬الحق في الكراء بالنسبة لألصل التجاري التقليدي ينصب على العقار في حين‬
‫أن الحق في الكراء بالنسبة لألصل التجاري اإللكتروني ينصب على محل –اإلستضافة‬
‫والنطاق‪ -‬في العالم الرقمي‪.‬‬

‫‪ 1‬يستعمل أغلب الباحثين في مجال القانون أثناء البحث في هذا الموضوع مصطلح عقد اإليواء للداللة على‬
‫"‪ "hosting‬وهي ترجمة معيبة لهذا المصطلح‪ .‬والمصطلح الصحيح الذي يقابل كلمة "‪ "hosting‬في اللغة‬
‫العربية هو اإلستضافة‪.‬‬
‫‪ IP 2‬هو اختصار لجملة ‪Internet Protocol‬‬
‫‪ 3‬بموجب القانون رقم ‪ 49.16‬المتعلق بكراء العقارات أو المحالت المخصصة لالستعمال التجاري أو الصناعي‬
‫أو الحرفي‪.‬‬
‫‪ 4‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في األصل التجاري‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬ص‪.12 .‬‬
‫‪28‬‬
‫‪ -‬أن المكري في األصل التجاري التقليدي ال يمكنه إفراغ التاجر الذي توقف‬
‫عن أداء الوجيبة الكرائية إال عن طريق القضاء‪ ،‬أما في األصل اإللكتروني فإنه بمجرد‬
‫ت وقف التاجر عن أداء الوجيبة الكرائية فإنه يتم إقفال محله وإفراغ بياناته عن طريق‬
‫حذفها‪.‬‬

‫‪ -‬أن اإلنذار بأداء الوجيبة الكرائية بالنسبة لألصل التقليدي توجه إلى عنوان‬
‫التاجر ‪-‬موطن‪ /‬محل إقامته‪ -‬ويعتمد على نظرية التسليم‪ ،‬في حين أن اإلنذار بأداء‬
‫الوجيبة الكرائية بالنسبة لألصل اإللكتروني فإنه يوجه إلى البريد اإللكتروني الذي‬
‫تعامل به التاجر ويعتمد على نظرية اإلرسال‪.‬‬

‫وفي األخير نود اإلشارة إلى أنه إذا كان من الممكن تنزيل أحكام البيع الرضائي‬
‫لألصل التجاري التقليدي على األصل التجاري اإللكتروني‪ ،‬فإن تنزيل أحكام البيع‬
‫القضائي على هذا النوع من األصول التجارية يعد مستحيال ويطرح العديد من‬
‫اإلشكاالت‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬آثار عقد بيع األصل‬
‫التجاري‬
‫سبقت اإلشارة في المبحث األول من هذه الدراسة إلى أن مشرعنا المغربي قد‬
‫نظم عقد بيع األصل التجاري بقواعد خاصة‪ ،‬إضافة إلى القواعد العامة وذلك كله راجع‬
‫إلى خصوصية وطبيعة هذا المال‪ ،‬ولذلك فمتى أبرم العقد صحيحا أي موافقا لألركان‬
‫والشروط التي حددها المشرع فإنه تترتب عليه آثار قانونية معينة سواء بالنسبة لطرفي‬
‫العقد (البائع أو المشتري) أو بالنسبة لألغيار فنقصد هنا دائني بائع األصل التجاري‬
‫خاصة إذا علمنا أن هذا المال غالبا ما يكون هو الضمانة األهم في ذمة مدينهم‪.‬‬

‫ولذلك سنحاول من خالل هذا المبحث أن نتعرض آلثار بيع األصل التجاري‬
‫بالنسبة ألطرافه (المطلب األول)‪ ،‬على أن نخصص (المطلب الثاني) آلثار بيع األصل‬
‫التجاري بالنسبة لدائني البائع‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬آثار بيع األصل التجاري‬


‫بالنسبة ألطرافه‬
‫سنقوم من خالل هذا المطلب بتناول آثار عقد بيع األصل التجاري بالنسبة للبائع‬
‫وذلك في (الفقرة األولى)‪ ،‬ثم أثار بيع األصل التجاري بالنسبة لمشتري هذا المال في‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬آثار عقد بيع األصل‬


‫التجاري بالنسبة للبائع‬
‫نحن نعلم بأن عقد البيع يصنف ضمن العقود الملزمة للجانبين أو التبادلية‪ ،‬ألنه‬
‫يرتب التزامات متبادلة ومتقابلة على عاتق الطرفين معا‪ ،‬ومنه فإن معرفة اآلثار التي‬
‫يرتبها عقد بيع األصل التجاري بالنسبة للبائع تتطلب منا أن نتناول بشيء من التفصيل‬
‫الحقوق التي يقررها القانون للبائع (أوال) ثم اإللتزامات التي يرتبها عليه (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الحقوق أو الضمانات التي يقررها القانون لبائع األصل التجاري‬

‫‪30‬‬
‫حين يقرر البائع بيع أصله التجاري الذي يملكه‪ ،‬ويقوم فعال بإبرام عقد البيع مع‬
‫المشتري صحيحا وموافقا لضوابطه القانونية التي قررها المشرع‪ .1‬فإن هذا األخير‬
‫يتدخل ليقرر له حقوقا وضمانات معينة فريدة من نوعها ويتعلق األمر بحق اإلمتياز (أ)‬
‫ودعوى الفسخ (ب) وهذه الضامانات هي نفسها المطبقة في حقل البيوع العقارية‪.2‬‬

‫أ‪ -‬حق اإلمتياز على ثمن البيع‪:‬‬

‫يستفيد بائع األصل التجاري المؤجل الثمن بضمانة هامة وتسمى بإمتياز بائع‬
‫األصل التجاري بعبارة المشرع المغربي في المادة ‪ 391‬من م‪.‬ت "‪ ...‬امتياز البائع‬
‫‪."...‬‬

‫وهذا الحق معناه أن يتقدم البائع على جميع دائني من باع له محله أي‬
‫(المشتري) إلستيفاء الثمن ألن حقوق دائني المشتري نشأت بعد حق البائع‪ ،4‬وال يعقل‬
‫أن تقدم حق وقهم على حقوقه هو‪ .‬ولذلك ارتأى المشرع إعطاء حق اإلمتياز لهذا األخير‬
‫على األصل التجاري المبيع يضمن له إستيفاء ثمنه منه‪.‬‬

‫لكن هذا الحق أي –حق اإلمتياز‪ -‬ال يمكن أن يستفيد منه البائع إال إذا احترم‬
‫مجموعة من الشروط الواردة في المادتين ‪ 91‬و‪ 92‬من مدونة التجارة ويتعلق األمر‬
‫بما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يقيد البائع امتيازه في السجل الوطني اإللكتروني للضمانات المنقولة‬


‫داخل أجل خمسة عشر يوما تبتدئ من تاريخ عقد البيع حسب المادة ‪ 92‬من م‪.‬ت وذلك‬
‫كله تحت طائلة البطالن‪ .‬وال يخضع هذا القيد للنشر في الجرائد‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يحترم األجل المحدد للتقييد المذكور أعاله‪ ،‬مما يجعل حقوقه ثابتة بما‬
‫فيها الحق في إستيفاء الثمن وبالتالي إمكانية اإلحتجاج به في مواجهة التسوية والتصفية‬
‫القضائية للمشتري‪.‬‬

‫‪ 1‬ونعني بذلك األركان العامة والخاصة التي خصصنا لها المطلب األول من المبحث األول من هذه الدراسة‪.‬‬
‫‪ 2‬عز الدي بنستي‪ ،‬دراسات في القانون التجاري المغربي‪ ،‬ج‪( 2 .‬األصل التجاري)‪ ،‬الطبعة األولى‪،2001 ،‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ص‪.145 .‬‬
‫‪ 3‬تم تغيير وتتميم المادة ‪ 91‬أعاله بمقتضى المادة الثامنة من القانون رقم ‪ 21.18‬المتعلق بالضمانات المنقولة‪.‬‬
‫‪ 4‬فؤاد معالل‪ ،‬شرح القانون التجاري الجديد‪ ،‬ج‪ ،1 .‬نظرية التاجر والنشاط التجاري‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬مطبعة‬
‫النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،2018 ،‬ص‪.205 .‬‬
‫‪31‬‬
‫‪ -3‬أن يبين في عقد البيع وفي التقييد عناصر األصل التجاري التي يترتب عليها‬
‫اإلمتياز فإذا لم يعنيها على وجه الدقة شمل اإلسم التجاري والشعار والحق في الكراء‬
‫والزبناء والسمعة التجارية‪.‬‬

‫‪ -4‬يجب أن توضع أثمان متميزة بالنسبة لعناصر األصل التجاري المعنوية‬


‫وللبضائع وللمعدات‪.1‬‬

‫وتكمن أهمية هذا التحديد في أن امتياز البائع ال يمارس على األصل التجاري‬
‫ككل‪ ،‬بل يمارس عبر تجزيء اإلمتياز على البضائع واألدوات ثم العناصر المعنوية‪.‬‬

‫إن احترام الشروط القانونية المشار إليها سابقا إلمتياز البائغ تخول لهذا األخير‬
‫ضمانات هامة إلستيفاء دينه‪ .‬وهكذا يستفيد البائع من حق األولوية في إستيفاء دينه ثم‬
‫من حق تتبع األصل التجاري في اي يد كان‪.‬‬

‫* حق األفضلية‪:‬‬

‫مفاد ذلك أن امتياز البائغ يخول له حق األفضلية‪ ،‬األولوية‪ ،‬األسبقية في إستيفاء‬


‫دينه على جميع دائني المشتري‪ .2‬وهو يتمتع بهذا الحق ولو تم بيع األصل التجاري‬
‫بالمزاد العلني‪.3‬‬

‫إن امتياز بائع األصل التجاري يجعله يفضل ويسبق على الدائنين العاديين‬
‫للمشتري وكذلك على الدائنين المقيدين كأصحاب الرهن الرسمي على األصل التجاري‬
‫حتى ولو تم تقييد هذا الرهن قبل تقييد امتياز البائع ألن امتياز البائع على الثمن يبدأ من‬
‫تاريخ عقد البيع وليس من تاريخ تقييده‪ ،‬مع اإلشارة طبعا إلى أن هذا الحق يحتج به‬
‫أيضا في مواجهة التسوية والتصفية القضائية للمشتري‪.4‬‬

‫‪ 1‬عبد الرحيم شميعة‪ ،‬محاضرات في القانون التجاري‪ ،‬النظرية العامة لألعمال التجارية‪ ،‬األصل التجاري –‬
‫الشركات التجارية ‪.‬مطبعة ووراقة سجلماسة ط ‪ 3‬سنة ‪ 2003‬ص ‪170 .‬‬
‫‪ 2‬عبد الرحيم شميعة‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.171 .‬‬
‫‪ 3‬عز الدين بنستي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.145 .‬‬
‫‪ 4‬أنظر الفقرة األخيرة من المادة ‪ 92‬من م‪ .‬ت‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫* حق التتبع‪:‬‬

‫باإلضافة إلى حق األفضلية‪ ،‬فإن البائع صاحب اإلمتياز – يتمتع أيضا بحق‬
‫التتبع الذي يمكنه من إستيفاء الثمن من الحائز الفرعي لألصل التجاري‪ ،‬وال يمكن لهذا‬
‫األخير أن يحتج بأي ضرر مادام قد اطلع على وجود اإلمتياز في السجل الوطني‬
‫اإللكتروني‪.‬‬

‫ب‪ -‬حق طلب فسخ البيع‪:‬‬

‫يملك بائع األصل التجاري إلى جانب –حق اإلمتياز‪ -‬الحق في ممارسة دعوى‬
‫تسمى بدعوى الفسخ ك جزاء لعدم تنفيذ المشتري اللتزامه المقابل بدفع الثمن المؤجل‪.1‬‬

‫لكن حتى يستفيد بائع األصل التجاري بهذا الحق أصال‪ ،‬وحتى يتمكن من‬
‫إسترجالع األصل المبيع دون إلحاق الضرر باألغيار ونعني بذلك دائني المشتاري‬
‫لذلك‪ ،‬فيتعين عليه أن يحترم مجموعة من الشروط وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪ -‬يجب على البائع الذي يريد ممارسة دعوى الفسخ إلمتناع المشتري عن الوفاء‬
‫بالثمن اإلشارة إليها صراحة في تقييد اإلمتياز‪ ،‬المادة ‪ 99‬م‪.‬ت‪.‬‬

‫‪ -‬دعوى الفسخ تقتصر على العناصر التي يشملها عقد البيع فقط شأنها شأن‬
‫اإلمتياز في ذلك‪.2‬‬

‫‪ -‬يتعين على البائع الذي أراد ممارسة دعوى الفسخ أن يبلغ ذلك للدائنين‬
‫المقيدين على األصل في الموطن الذي اختاروه في تقييداتهم ومن ثم فال يمكن أن‬
‫يصدر الحكم إال بعد مرور ثالثين يوما من هذا التبليغ‪.3‬‬

‫أما بخصوص آثار الفسخ قد حددتها المادة ‪ 100‬من م‪.‬ت على النحو التالي‪:‬‬

‫* حين يتم فسخ البيع سواء رضا أو قضاء‪ ،‬فإنه يثبت للبائع حق استرداد جميع‬
‫عناصر األصل التجاري التي تناولها عقد البيع بما فيها العناصر التي لحقها انقضاء‬
‫امتيازه عليها أو إقامة الدعوى في شأنها‪.‬‬

‫عز الدين بنستي ‪.‬م ‪ .‬س‪.‬ص ‪148‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر المادة ‪ 99‬من م‪.‬ت‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر الفقرة األولى من المادة ‪ 101‬من م‪.‬ت‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪33‬‬
‫* أما ما يتعلق بالبضائع والمعدات الموجودة وقت إسترداد الحيازة فإنه يحاسب‬
‫على ثمنها بناء على تقديرها بواسطة خبرة حضورية رضائية أو قضائية على أن‬
‫يخصم ما هو مستحق له بموجب اإلمتياز على األثمان الخاصة بالبضائع والمعدات‪،‬‬
‫ويبقى الزائد إن كان ضمانا للدائنيين المقيدين إن وجدوا وإال فللدائنين العاديين‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإللتزامات التي يرتبها القانون على بائع األصل التجاري‬

‫بمجرد تمام العقد باستيفائه لكل األركان المنصوص عليها قانونا ينعقد بيع‬
‫األصل التجاري ويرتب التزامات قانونية معينة على عاتق البائع منها‪ :‬التزام البائع‬
‫بنقل ملكية األصل التجاري وتسليمه (أ) باإلضافة إلى اإللتزام بالضمان (ب)‪.‬‬

‫أ‪ -‬إلتزام البائع بنقل الملكية وبالتسليم‪:‬‬

‫بقيام عقد بيع األصل التجاري صحيحا أي مستوفيا لكل أركانه وشروطه‪ ،‬تنتقل‬
‫ملكية األصل التجاري من البائع إلى المشتري ويصبح هذا األخير مالكا ويحق له‬
‫التصرف في مشتراه (البيع‪ ،‬الرهن وغيرها)‪ ،‬غير أنه إذا كان األصل التجاري يحتوي‬
‫على عناصر تخضع لقواعد تفويت خاصة‪ ،‬فإنه يجب إحترام تلك القواعد في تفويتها‬
‫باإلضافة إلى قواعد تفويت األصل التجاري ككل مثال ذلك‪ :‬براءة اإلختراع وعالمة‬
‫الصنع والحق في الكراء‪.‬‬

‫أما بخصوص التسليم فلقد سبقت اإلشارة إلى أن المشرع نظم بيع األصل‬
‫التجاري بقواعد قانونية خاصة إلى جانب القواعد العامة‪ ،‬وبالتالي إذا كان تسليم المبيع‬
‫في إطار هذه القواعد األخيرة يتم بمجرد أن يتخلى البائع عن الشيء المبيع ويضعه‬
‫تحت تصرف المشتري بحيث يستطيع المشتري حيازته بدون عائق‪ ،‬فإن األصل‬
‫التجاري وبحكم طبيعة العناصر التي يتكون منها الشك بأن تسليمه ستكون له‬
‫خصوصية في هذا المجال‪.‬‬

‫بالنسبة للبضائع والمعدات وغيرها من العناصر المادية فإن تسليمها يتم‬


‫بعرضها على المشري ووضعها تحت تصرفه أو تسليم مفاتيح المخازن التي تتواجد‬
‫بها أو سندات نقلها‪ ،‬أما بخصوص الحق في الكراء وحقوق الملكية الصناعية‪ ،‬وحقوق‬

‫‪34‬‬
‫الملكية األدبية والفنية مادامت من ضمن العناصر المعنوية‪ ،‬فإنه يتعين احترام‬
‫إجراءات شكلية خاصة منها إجراء التقييدات القانونية بالجهة التي لها صالحية حفظ‬
‫هذه الحقوق فضال عن التقيد بأحكام السجل المعد لهذه الغاية‪.1‬‬

‫ب‪ -‬إلتزام البائع بالضمان‪:‬‬

‫يترتب على بيع األصل التجاري التزام البائع بضمان اإلستحقاق (‪ )1‬وضمان‬
‫العيوب الخفية(‪ )2‬إلى جانب إلتزامه بضمان أفعاله الشخصية ونعني بذلك اإللتزام –‬
‫بعدم المنافسة‪ -‬وقد ارتأينا أن نتحدث عن هذا اإللتزام األخير حين الحديث عن حقوق‬
‫المشتري وذلك حتى يكون هناك انسجام ما بين فقرات هذه الدراسة‪.‬‬

‫‪ -1‬ضمان البائع إلستحقاق األصل التجاري‪:‬‬

‫إن هذا اإللتزام يجد أساسه القانوني في الفصل ‪ 534‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،2‬ومفاده أن‬
‫بائع األصل التجاري يضمن لمشتريه اإلستحقاق الذي قد يقع ضده من قبل الغير وذلك‬
‫بسبب حق كان موجود عند البيع‪ ،3‬وعليه فإذا حرم المشتري من حوز األصل المبيع‬
‫بسبب إدعاء شخص من الغير أن له حق على األصل التجاري كما لو كان موضوعا‬
‫لبيع سابق مثال‪ ،‬إذ يكون اإلستحقاق كلي منه‪ ،‬وقد يكون إستحقاق جزئي مثال براءة‬
‫اختراع أو حق إيجار من حق الغير هنا يترتب الضمان على البائع ومن ثم يحق‬
‫للمشتري أن يطلب فسخ البيع ويرد الثمن مع التعويض طبعا إذا كان له موجب‪ 4‬أو‬
‫يطلب إنقاص الثمن‪.‬‬

‫‪ -2‬ضمان البائع للعيوب الخفية‪:‬‬

‫‪ 1‬عبد العزيز توفيق‪ ،‬العمليات التي ترد على األصل التجاري‪ ،‬الحلقة الثانية‪ ،‬مجلة المحاماة‪ ،‬العدد ‪ ،19‬ص‪.68 .‬‬
‫‪ 2‬ينص الفصل ‪ 534‬من ق‪.‬أل‪.‬ع على ما يلي ‪":‬ويلتزم البائع أيضا بقوة القانون بأن يضمن للمشتري اإلستحقاق‬
‫الذي يقع ضده‪ ،‬بمقتضى حق كان موجودا عند البيع"‪.‬‬
‫يكون االستحقاق من حوز الشيء المبيع في الحاالت اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬إذا حرم المشتري من حوز الشيء المبيع كله أو بعضه‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كان المبيع في حوز الغير ولم يتمكن المشتري من استرداده منه‪.‬‬
‫‪ -‬إذا اضطر المشتري لتحمل خسارة من أجل افتكاك المبيع"‪.‬‬
‫‪ 3‬نور الدين عسري‪ ،‬بيع األصل التجاري في التشريع المغربي في ضوء اإلجتهاد القضائي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار‬
‫القلم للطباعة والنشر والتوزيع سنة ‪ .2002‬الرباط ص ‪.232‬‬
‫‪ 4‬قرار محكمة اإلستئناف التجارية بفاس رقم ‪ 586‬الصادر بتاريخ ‪ 2001/05/22‬ف الملف عدد‪ 209‬و‪201‬‬
‫(غير منشور)‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫قد تظهر عيوب خفية في األصل التجاري والتي تكون من شأنها أن تنقص من‬
‫قيمته نقصا مسحوسا مثال‪ :‬سحب رخصة اإلستغالل‪ ،‬أو إنقضاء براءة إختراع أو‬
‫صدور قرار إداري بإغالق المحل وغيرها ومن ثم متى وجد هذا العيب الخفي فإنه‬
‫يكون من حق المشتري إما فسخ البيع والتعويض عن الضرر‪ ،‬وإما إنقاص الثمن‪.1‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن هذا العيب يوجد في جميع أنواع البيوع الواردة على‬
‫المنقوالت والعقارات على السواء‪ ،‬ويجب بالتالي تقدير العيب تبعا لطبيعة الشيء‬
‫المبيع فإذا كان محل البيع هو عنصر الزبناء‪ ،‬فال يمكن أن تتمسك بالعيوب التي تلحق‬
‫فقط عنصر من العناصر المادية‪ ،‬كالمعدات مثال‪ ،‬وبالتالي فيجب أن يكون العيب الخفي‬
‫ذو طبيعة من شأنها أن تقلص من عدد الزبائن‪.2‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آثار عقد بيع األصل‬


‫التجاري بالنسبة للمشتري‬
‫لقد عمل المشرع المغربي وهو بصدد وضع األحكام القانونية المتعلقة ببيع‬
‫األصل التجاري على تكريس ضمانات هامة لمشتري هذا المال‪ ،‬تمثل حقوقه القانونية‬
‫(أوال) كما رتب في نفس الوقت التزامات معينة على عاتقه (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الحقوق أو الضمانات التي يقررها القانون للمشتري‬

‫معلوم أن لعقد بيع األصل التجاري أهمية كبرى في تنشيط الحياة االقتصادية‪،‬‬
‫ولما كان مشتري هذا المال غالبا ما يكون شخصا عاديا ال دراية له بخبايا البيع‬
‫المنصبة على األصل التجاري‪ ،‬والذي قد يعمل على تسخير إمكانيات مالية باهضة من‬
‫أجل االستثمار في شراء أصل تجاري معين دون أن يعلم ما يوجد على عاتق هذا المال‬
‫الذي اشتراه من تكاليف ورهون من قبل الغير‪ ،‬نجد أن المشرع المغربي وهو بصدد‬
‫وضع األحكام المنظمة لهذا العقد عمل على إيجاد ضمانات هامة من أجل حماية‬
‫مشتري هذا المال سواء على مستوى القواعد العامة أو في إطار نصوص خاصة‪ .‬ومن‬
‫هذه الحقوق (الحق في اإلعالم) (أ)‪ ،‬ثم (الحق في عدم المنافسة) (ب)‪.‬‬

‫أ‪ -‬الحق في اإلعالم‪:‬‬

‫فؤاد معالل‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.207 .‬‬ ‫‪1‬‬

‫عز الدين بنستي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.144 .‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪36‬‬
‫برجوعنا إلى المادتين ‪ 81‬و‪ 82‬من مدونة التجارة يتضح أن المشرع المغربي‬
‫قد عمل على إعطاء عملية البيع المنصبة على األصل التجاري شفافية أكبر حماية‬
‫لمشتري هذا المال‪ .‬والشك أن الشخص حين يرغب في شراء األصل التجاري فهو‬
‫غالبا ما يتوخى إبرام صفقة ناجحة وذات مرودوية اقتصادية‪.1‬‬

‫ولقد فطن المشرع الفرنسي إلى هذه المسألة بعد ‪ 26‬سنة من إصداره للقانون‬
‫المنظم للعمليات الواردة على األصل التجاري قانون ‪ 29‬يونيو ‪ 1935‬فأوجب على‬
‫البائع تمكين المشتري من معرفة الحقيقة االقتصادية لألصل التجاري‪ ،‬خاصة إذا علمنا‬
‫أن تركيبة هذا المال قد تسقط المشتري في جهل لقيمته التجارية‪ .‬وهذا ما دفع بالمشرع‬
‫الفرنسي إلى ضرورة توفير إعالم جيد للمشتري حول قيمة هذا المال من خالل تمكينه‬
‫من معرفة رقم أعمال أرباح األصل التجاري للسنوات الثالثة األخيرة لإلستغالل‪.‬‬

‫وحيث يترتب عن تخلفه كشف حقيقة مؤداها اعتبار األصل التجاري في حالة‬
‫خسارة‪ . 2‬وعليه‪ ،‬فإذا لم يتدارك البائع هذا البيان فإنه يكون ملزما بتخفيض الثمن وذلك‬
‫بما يزيل الضرر عن المشتري‪.3‬‬

‫مع ذلك نرى بأن مشتري األصل التجاري في مدونة التجارة كان أقل حظا من‬
‫مشتري األصل التجاري طبقا للقانون الفرنسي ألنه بالرغم من البيانات الهامة التي‬
‫حددتها المادة ‪ 81‬من مدونة التجارة‪ .4‬فإنها تبقى قليلة وال تخدم كثيرا مصلحة‬
‫ا لمشتري‪ .‬خاصة إذا علمنا أن هاجس هذا األخير األكبر هو معرفة الصفقة التي ابرمها‬
‫هل هي مربحة أم ال؟ وهذا يعني أنه قام بشراء أصل تجاري يتناسب مع قيمة ما دفع‬
‫فيه‪ ،‬ولذلك نرى أنه على المشرع المغربي أن يسلك نفس النهج الذي سلكه المشرع‬
‫الفرنسي وأن يلزم البائع بتمكين المشتري بما يجعله على علم بالحقيقة االقتصادية‬
‫لألصل التجاري‪.‬‬

‫عبد الرحيم شميعة‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.160 .‬‬ ‫‪1‬‬

‫عز الدين بنستي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.144 .‬‬ ‫‪2‬‬

‫نفس المرجع والموضع‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ .....‬ينص العقد على‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -‬اسم البائع وتاريخ عقد التفويت ونوعيته وثمنه مع تمييز ثمن العناصر المعنوية والبضائع والمعدات‪.‬‬
‫‪ -‬حالة تقييد اإلمتيازات والرهون المقامة على األصل‪.‬‬
‫‪ -‬وعند االقتضاء‪ ،‬الكراء وتاريخه ومدته ومبلغ الكراء الحالي واسم وعنوان المكري‪.‬‬
‫‪ -‬مصدر ملكية األصل التجاري‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫ولقد أشارت المادة ‪ 81‬من م‪.‬ت إلى مجموعة من البيانات التي يتعين أن ينص‬
‫عليها عقد بيع األصل التجاري ويتعين علينا أن نميز فيها ما بين تخلف أحد هذه‬
‫البيانات (‪ )1‬وبين عدم صحة أحد هذه البيانات (‪.)2‬‬

‫‪ -1‬تخلف أحد بيانات عقد بيع األصل التجاري‪:‬‬

‫بالرجوع إلى المادة ‪ 82‬من م‪.‬ت نجد أن فقرتها األولى تنص على أنه "إذا لم‬
‫يشتمل عقد البيع على أحد البيانات المنصوص عليها في المادة السابقة جاز للمشتري‬
‫أن يطلب التصريح بإبطال العقد في حالة تضرره من جراء ذلك"‪.‬‬

‫يتضح من الفقرة السابقة أن المشرع المغربي أعطى للمشتري في حالة تخلف‬


‫أحد البيانات الواردة في المادة ‪ 81‬من م‪.‬ت الحق في أن يطلب التصريح بإبطال العقد‬
‫لكن بشرط في حالة تضرره من جراء ذلك‪.‬‬

‫‪ -2‬إيراد بيانات غير صحيحة بعقد بيع األصل التجاري‪:‬‬

‫نصت المادة ‪ 82‬في فقرتها الثانية على أنه "‪...‬‬

‫إذا كانت البيانات المذكورة في العقد غير صحيحة جاز للمشتري أن يطلب‬
‫التصريح بإبطال العقد أو بتخفيض الثمن في حالة تضرره من جراء ذلك"‪.‬‬

‫يتضح من الفقرة أعاله أن المشرع أعطى للمشتري حق الخيار إما بالتصريح‬


‫بإبطال العقد وإما أن يطلب التخفيض من الثمن وذلك في حالة قيام البائع بإيراد بيانات‬
‫غير صحيحة في العقد‪ .‬مثال ذلك‪ :‬كأن يغير البائع بيانات عقد كراء المحل الذي‬
‫يمارس فيه األصل التجاري‪.‬‬

‫كما يظهر من المادة ‪ 82‬من م‪.‬ت أن طلب تخفيض من الثمن أو التصريح‬


‫بإبطال العقد ال يستفيد منه المشتري إال إذا لحقه ضرر من جراء إيراد بيانات غير‬
‫صحيحة‪ ،‬نالحظ أن المادة ‪ 82‬من م‪.‬ت أعطت للمشتري وحده أن يطلب التصريح‬
‫بإبطال العقد دون البائع الذي يتعين عليه أن يلتزم بذكر كل البيانات الواردة في المادة‬
‫المذكورة وهو ما أكدته محكمة االستئناف التجارية بفاس في قرار صادر عنها حيث‬
‫قضت ما يلي ‪ ...":‬المشرع بموجب المادتين ‪ 81‬و‪ 82‬من م‪.‬ت خول الحق للمشتري‬
‫دون البائع طلب إبطال عقد بيع األصل التجاري إذا لم يكن متوفرا على البيانات‬
‫المحددة قانونا‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫والحكم الذي راعى ذلك وقضى بإتمام إجراءات البيع يعد في محله ويتعين‬
‫تأييده"‪.1‬‬

‫قرار آخر ذهب في نفس اإلتجاه وحيث قضى بما يلي ‪":‬إبطال عقد البيع لنقص‬
‫في بياناته القانونية مقررة لفائدة المشتري وحده‪ ،‬إن المشرع أعطى الحق فقط للمشتري‬
‫في أن يطلب التصريح بإبطال عقد بيع األصل التجاري في حالة تضرره من جراء‬
‫عدم تضمين هذا العقد البيانات المنصوص عليها قانونا‪ ،‬كحالة تقييد اإلمتيازات‬
‫والرهون المقامة على األصل التجاري‪ ،‬أما البائع فال صفة له للمطالبة بإبطال العقد"‪.2‬‬

‫وفي األخير تجدر اإلشارة إلى أن المشتري قيده المشرع بأجل سنة إلقامة‬
‫دعوى اإلبطال يبدأ من تاريخ عقد البيع‪.‬‬

‫ب‪ -‬الحق في عدم المنافسة‪:‬‬

‫يشكل الحق في عدم المنافسة حق من حقوق المشتري وإلتزام من التزامات‬


‫البائع باالمتناع‪ ،‬ويجد هذا الحق أساسه القانوني في الفصل ‪ 533‬من ق‪.‬ل‪.‬ع والذي‬
‫بموجبه يمتنع البائع عن كل فعل من شأنه أن يمنع أو يضايق المشتري في ممارسة‬
‫حقوقه على األصل التجاري‪ .3‬ويجب عليه خاصة أن يمتنع عن منافسته بمزاولة نفس‬
‫التجارة في دائرة ن شاط األصل المبيع‪ ،‬وهو إلتزام بديهي تفرضه عملية التفويت إذ‬
‫سيكون من قبيل العبث تمكين التاجر بعد بيعه ألصله التجاري من فتح محل مماثل‬
‫بجواره يسترد به كافة أو غالبية زبنائه‪.4‬‬

‫ويشترط في هذا اإللتزام أي –اإللتزام بعدم المنافسة‪ -‬الذي هو التزام يجد‬


‫أساسه في نص القانون‪ ،‬والذي ينحذر من إلتزام البائع بالضمان لكي يكون صحيحا‬
‫توفر بعض الشروط منها ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون محدد من حيث الزمان بحيث تحدد له مدة معقولة ال يجوز للبائع‬
‫خاللها أن يمارس نشاطه التجاري ألنه ال يتصور حتى منطقيا تقييد حرية الشخص‬
‫مدى الحياة‪.‬‬

‫‪ 1‬قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بفاس رقم "‪ "185‬الصادر بتاريخ ‪ 2011/2/10‬ملف عدد‬
‫‪( ،2010/871‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪ 2‬القرار عدد ‪ 1379‬الصادر بتاريخ ‪ 5‬نونبر ‪ 2008‬في الملف عدد ‪.2008/2/3/104‬‬
‫‪ 3‬فؤاد معالل‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.206 .‬‬
‫‪ 4‬نفس المرجع أعاله‬
‫‪39‬‬
‫‪ -‬أن يكون محددا أيضا من حيث المكان بحيث تحدد له منطقة معينة يمنع على‬
‫البائع أن يزاول تجارة مماثلة في حدودها‪.‬‬

‫‪ -‬وأيضا أن يمارس البائع نشاط تجاري مغاير ال يؤثر على التجارة التي كان‬
‫يمارسها في األصل المبيع‪.1‬‬

‫وإذا ثار نزاع حول هذا االلتزام فإن األمر يعود لسلطة التقديرية لقاضي‬
‫الموضوع الذي يقدر كل حالة على حدة في ضوء الظروف والمالبسات المحيطة‬
‫بالقضية فيما إذا كان هناك فعال إخالل بهذا اإللتزام أم ال‪.2‬‬

‫مع العلم أن المتعاقدان نادرا ما يتركان األمر للقضاء وإنما يفضلون تضمين‬
‫عقودهم نص يوضح الحدود التي سيلتزمها البائع‪ ،‬وهو التزام صحيح إذا استوفى‬
‫الشروط التي سبقت اإلشارة إليها‪ ،‬أما إذا كان هذا المنع مطلق الشك فيه أنه سيكون‬
‫باطال لما فيه من إعتداء على الحرية الشخصية للبائع‪.3‬‬

‫بل قد يكون هذا اإللتزام ضمني في العقد‪ ،‬ألن هذا األخير ما كان ليبرم لو أن‬
‫المشتري علم بأن البائع سيقوم بعمل من األعمال التي قد تحول الزبناء من المحل‬
‫المباع إلى المحل الجديد فور إبرام العقد وفي هذا الصدد قضت المحكمة اإلبتدائية‬
‫بالدار البيضاء "بصحة الشرط المدرج في عقد بيع المحل التجاري والذي يتمثل في‬
‫عدم المنافسة من قبل البائعة في مكان وزمان محددين‪ ،‬واعتبرته تبعا لذلك للبائعة وكذا‬
‫زوجها سواء كان نظام زواجها يخضع لنظام اختالط األموال أو فصلها"‪.4‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإللتزامات التي يرتبها القانون على المشتري‬

‫يتحمل المشتري تجاه البائع بإلتزامين أساسيين حسب الفصل ‪ 576‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‬
‫هما‪ :‬اإللتزام بدفع الثمن (أ) واإللتزام بتسلم المبيع‪.‬‬

‫أ‪ -‬اإللتزام بدفع الثمن‪:‬‬

‫‪ 1‬نجيم أهتوت‪ ،‬محاضرات في القانون التجاري‪ ،2019 -2018 ،‬مكتبة األنوار‪ ،‬ص‪.87 .‬‬
‫‪ 2‬عز الدين بنستي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.141 .‬‬
‫‪ 3‬محمد أخياط‪ ،‬القانون التجاري المغربي الجديد‪ ،‬مطبعة دار النشر الجسور وجدة‪ ،‬طبعة ‪ ،2000‬ص‪.240 .‬‬
‫‪ 4‬حكم منشور في مجلة المحاكم المغربية بتاريخ ‪ .1946/12/10‬ص ‪ ،291‬أخذا عن الدكتور عز الدين بنستي‪،‬‬
‫م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.141‬‬
‫‪40‬‬
‫برجوعنا إلى الفصل ‪ 577‬من ق‪.‬ل‪.‬ع نجد أن المشرع المغربي قد ألزم‬
‫المشتري بأن يدفع الثمن للبائع في التاريخ وبالطريقة التي تم تحديدها في العقد‪ ،‬أما إذا‬
‫سكت العقد عن ذلك يعتبر أن البيع قد أبرم معجل الثمن ويتعين على المشتري أن يدفعه‬
‫في نفس وقت حصول التسليم‪.‬‬

‫أما عن دفع الثمن في إطار البيع المنصب على األصل التجاري فإنه في غالب‬
‫األحيان ما يتفق المتعاقدان أي البائع والمشتري على أن يؤدي الثاني لألول الثمن على‬
‫شكل أقساط دورية شهرية أو سنوية أو نصف سنوية خاصة إذا علمنا أن بعض‬
‫األصول التجارية تكون قيمتها مرتفعة جدا‪.‬‬

‫ومع ذلك إذا كان الثمن معجال وتم تسجيل البيع في السجل التجاري فإنه يتعين‬
‫على المشتري أال يؤديه للبائع إال بعد أن تمر مدة التعرض المحدد في خمسة عشر يوما‬
‫التي قررها المشرع لفائدة دائني البائع وإذا مرت المدة‪ ،‬ولم يتقدم أي متعرض جاز له‬
‫أن يدفعه حينها للبائع وال مسؤولية عليه تجاه دائني البائع‪.1‬‬

‫أما اإلجراءات األخرى فهي عادية قد تطال سائر البيوع وشائعة العمل في‬
‫فرنسا وهي‪:‬‬

‫‪ -‬اإلتفاق على وضع الثمن لدى وسيط (موثق أو غيره) خوفا من اإلعسار وهو‬
‫في صالح البائع أكبر منه في صالح المشتري‪ .‬وهذا اإلجراء إلزامي في بالدنا عمال‬
‫بالمادة ‪ 81‬في فقرتها األولى من مدونة التجارة التي تلزم إيداع ثمن البيع لدى جهة‬
‫مؤهلة قانونا لإلحتفاظ بالودائع تحت مسؤولية البائع والمشتري‪.2‬‬

‫‪ -‬اللجوء إلى تحرير كمبياالت أو سندات ألمر‪ ،‬في حالة ما إذا كان األداء على‬
‫دفعات أو أقساط بغية خصمها لدى أحد البنوك‪ ،‬وتعرف هذه العملية بمصطلح سند‬
‫األصل التجاري‪.3‬‬

‫ب‪ -‬اإللتزام بتسلم المبيع‪:‬‬

‫‪ 1‬فؤاد معالل‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.208 .‬‬


‫‪ 2‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في األصل التجاري (دراسة في قانون التجارة المغربي وفي القانون المقارن‬
‫والفقه والقضاء)‪ ،‬في العقود التي ترد على األصل التجاري البيع والرهن وتقديم األصل التجاري حصة في‬
‫الشركة‪ ،‬والتسيير الحر والكراء التجاري‪ ،‬ج‪ ،3 .‬الطبعة األولى‪ ،2013 ،‬ص‪.252 .‬‬
‫‪ 3‬نفس المرجع أعاله‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫إلى جانب دفع الثمن فإن المشتري يلتزم كذلك بتسلم المبيع‪ ،1‬ونظرا ألن التسلم‬
‫ما هو إال واقعة مادية يتجسد فيها انتقال المبيع إلى المشتري‪ ،‬لذلك فهو يختلف‬
‫باختالف المال المتعاقد عليه فإذا كان من العقارات فإن تسلمها يكون بوضعها تحت‬
‫تصرف المشتري ومناولة مفاتيحها‪ ،‬أما إذا كانت منقوالت فإن استالمها يكون بحيازتها‬
‫حيازة مادية متى كان المنقول محددا بالذات أما المعنية بالنوع فإن تسلمها يرتبط‬
‫ارتباطا وثيقا بفرزه‪.2‬‬

‫لكن نظرا للعناصر المكونة لألصل التجاري‪ ،‬فإن طريقة تسلمه تختلف بحسب‬
‫العناصر التي وقع البيع عليها مثال بخصوص البضائع مادامت من ضمن العناصر‬
‫المادية فإن تسلمها يتم عن طريق الحيازة المادية المباشرة أو حيازة السندات المخولة‬
‫ملكيتها إذا كانت موجودة بمستودعات أو مخازن عمومية‪ .‬إذ أن المخزن العمومي يسلم‬
‫للمودع عند قيامه بوضع بضائعه لديه سندين يتضمان البيانات الخاصة بهوية هذا‬
‫األخير‪ ،‬وبالبضائع المودعة من حيث نوعها وكميتها‪ ،‬أحدهما يأتي في شكل إيصال‬
‫والثاني في شكل بطاقة رهن‪ .‬وبالتالي متى تم تظهير اإليصال برفقة بطاقة الرهن فإن‬
‫‪3‬‬
‫ذلك يقيد انتقال ملكية البضاعة إلى المظهر إليه الذي يمكنه سحبها من المحزن‪.‬‬

‫أما بخصوص براءة اإلختراع مثال فإن تسلمها يستوجب حيازة السندات‬
‫القانونية المتعلقة بملكية هذه الحقوق باسم المالك الجديد بالسجل المعد لهذه الغاية‪.4‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬آثار بيع األصل‬


‫التجاري بالنسبة لدائني البائع‬
‫يشكل األصل التجاري الضمانة األهم لدائني البائع لذا منحهم المشرع في مدونة‬
‫التجارة حقين أساسيين هما‪ :‬حق التعرض على دفع ثمن البيع إلى البائع في مرحلة‬
‫أولى (الفقرة األولى)‪ ،‬وحق زيادة السدس من ثمن البيع (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪ 1‬أنظر الفصل ‪ 580‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪.‬‬


‫‪ 2‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬العقود الخاصة‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬عقد بيع‪ ،‬مطبعة األمنية –الرباط‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،2017‬ص‪.286 .‬‬
‫‪ 3‬فؤاد معالل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪100‬‬
‫‪ 4‬نور الدين عسري‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪.288 .‬‬
‫‪42‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬حق التعرض‬
‫التعرض هو فعل مادي أو إجراء قانوني يقصد به منازعة الحائز في حيازته‪،‬‬
‫ويدخل في إطار اإلجراءات التحفظية‪ ،‬بحيث أنه ال يعتبر حجزا وإنما مجرد إجراء‬
‫قانوني يتوخى منه تمكين الدائن من التعريف بنفسه وفق شكليات معينة وداخل أجل‬
‫معين‪ ،1‬وبإستقراء المادة ‪ 84‬من مدونة التجارة يتضح أن المشرع لم يضع تعريفا‬
‫يتعلق بمسطرة التعرض وإنما إكتفى بالتنصيص على أنه يجوز لدائني البائع‪ ،‬سواء‬
‫كان الدين واجب األداء أم ال‪ ،‬أن يتعرضوا على دفع ثمن البيع له‪ .‬وحسب الفقرة الثالثة‬
‫من نفس المادة فإنه يستثنى من ذلك المكري بحيث ال يجوز له بالرغم من كل شرط‬
‫مخالف أن يتعرض من أجل استيفاء أكرية جارية أو مستحقة مستقبال‪.2‬‬

‫أوال‪ :‬شروط التعرض‬

‫لكي يكون التعرض صحيحا البد من احترام الشروط التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬احترام أجل التعرض وهو ‪ 15‬يوما بعد النشر الثاني فمن هنا تأتي العبرة‬
‫من عملية النشر في الجريدة الرسمية أو إحدى الجرائد المخول لها نشر اإلعالنات‬
‫القانونية والتي يتوخى منها إخبار دائني البائع من عملية البيع التي يقدم عليها في‬
‫غيبتهم‪.3‬‬

‫‪ -2‬وقوع التعرض على أداء ثمن البيع‪ ،‬بمعنى أن التعرض ال يكون على البيع‪،‬‬
‫وإنما على تسليم أو تفويت الثمن من المشتري إلى البائع‪ ،‬فيجب أن يودع الثمن في‬
‫صندوق المحكمة أو أي جهة مؤهلة لإلحتفاظ بالودائع‪.4‬‬

‫‪ -3‬وقوع شكل التعرض إما عبر رسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل توجه‬
‫إلى كتابة ضبط المحكمة التي تم إيداع العقد بها أي تسجيل البيع وشهره‪ ،‬أو بإيداع‬
‫التعرض بتلك الكتابة مباشرة مقابل وصل‪.5‬‬

‫فهد مخلفي‪ ،‬حماية الدائنين في عقد بيع األصل التجاري‪ ،‬بحيث نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء ‪.2015‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر الفقرة الثالثة من المادة ‪ 84‬من مدونة التجارة‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر المادة ‪ 83‬من مدونة التجارة‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫أنظر المادة ‪ 81‬من مدونة التجارة‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫أنظر الفقرة األولى من المادة ‪ 84‬من مدونة التجارة‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪43‬‬
‫‪ -4‬يجب أن يبين المتعرض في الطلب تحت طائلة البطالن مبلغ الدين وأسبابه‬
‫والموطن المختار داخل دائرة المحكمة‪.1‬‬

‫هكذا خول القانون التجاري للدائنين حق تقديم تعرضهم على الثمن‪ ،‬وال يهم إذا‬
‫كان الدين يتعلق باستغالل األصل التجاري‪ ،‬أو دين مدني‪ ،‬وما إذا كان الدين حاال أو لم‬
‫يحل أجل استحقاقه‪ ،2‬فيتعرضون لخطر ضياع حقوقهم‪ ،‬السيما وأن البيع ال يستتبع‬
‫بقوة القانون انتقال الديون إلى المشتري‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬آثار تقديم التعرض‬

‫يترتب عن تقديم التعرض مجموعة من اآلثار وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪ -1‬متى تم التعرض خالل المدة القانونية إلتزام المشتري‪ 3‬بعدم دفع الثمن إلى‬
‫البائع إذ يتجمد الثمن بين يدي المشتري‪.‬‬

‫‪ -2‬إذا قام المشتري بوفاء الثمن قبل إعالم الدائنين به أو قبل إنصرام أجل‬
‫االعتراض الممنوح لدائني البائع أو دون مراعاة اإلعتراض المقدم فإن مثل هذا الوفاء‬
‫ال يكون مبرءا لذمته إتجاه الدائنين‪.‬‬

‫‪ -3‬إذا كان التعرض بدون سند أو بدون سبب أو باطال من حيث الشكل ولم تقم‬
‫دعوى في الموضوع‪ ،‬جاز للبائع أن يطلب من قاضي المستعجالت اإلذن بقبض ثمن‬
‫البيع بالرغم من وجود التعرض‪.4‬‬

‫‪ -4‬متى دفع المشتري الثمن للبائع بناء على أمر من قاضي المستعجالت برئت‬
‫ذمته قبل المتعرضين‪ ،‬وانتقلت بالتالي آثار التعرضات إلى كتابة الضبط للمحكمة‬
‫المختصة على أن يوقع تصريحا يعلن فيه بأنه يجهل وجود دائنين آخرين‪ ،‬غير الذين‬
‫أشار إليهم البائع في طلبه لقبض الثمن‪.5‬‬

‫وفي حالة عدم التعرض داخل المدة المحددة فإن البائع يستحق الثمن من‬
‫المشتري حتى ولو ثبت حقيقة وجود دائنين‪ ،‬حيث جاء في قرار لمحكمة االستئناف‬

‫أنظر الفقرة الثانية من المادة ‪ 84‬من مدونة التجارة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫فهد مخلفي‪ ،‬حماية الدائنين في عقد بيع األصل التجاري‪ ،‬بحث نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء ‪.2015‬‬ ‫‪2‬‬

‫المادة ‪ 84‬من مدونة التجارة‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫المادة ‪ 88‬من مدونة التجارة‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫المادة ‪ 87‬من مدونة التجارة‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪44‬‬
‫‪ ...":‬باإلطالع على التعرض المقدم من طرف المستأنف يتبين أنه حدد جزء من الدين‬
‫ولم يقم بإدراج المبالغ المستحقة حسب الثابت من رسالة التعرض ولم يتقدم بأي‬
‫تعرض آخر إضافي داخل األجل المحدد في المادة ‪ 84‬من مدونة التجارة وأن اكتفائه‬
‫بالقول بأنه حفظ حقه في اإلدالء بديونه في الرسالة فإنه يتعين عليه اإلدالء بها داخل‬
‫األجل المذكور‪ ،‬مادام المشرع قد وضع حدا أقصى من حق الدائن التعرض خالله‬
‫حسب الثابت من المادة أعاله وهو ما لم يقم به بل أكثر من ذلك فالمستأنف عليه قام‬
‫بإيداع مبلغ الدين تعرض من أجله المستأنف على ثمن ببيع األصل التجاري بصندوق‬
‫المحكمة لتبرئة ذمته مما يبقى معه طلب المستأنف عليها وجيها وهو ما انتهى إليه‬
‫األمر المستأنف عن صواب مما يقتضي تأييده‪.1‬‬

‫وأخيرا‪ ،‬فإن المشرع سمح للبائع أن يتقدم بعد انصرام ‪ 10‬أيام على المهلة‬
‫المقررة لقبول التعرضات لدى قاضي المستعجالت يطلب لقبض الثمن رغم التعرض‬
‫على أن يودع البائع لدى كتابة الضبط –مبلغا كافيا للوفاء بالديون التي تعرض‬
‫أصحابها‪ -‬يحدده قاضي المستعجالت متى ثبت الدين باعتراف من البائع أو يوجب‬
‫حكم‪ ،‬ويستفيد الدائنين المتعرضين بحق األفضلية على المبلغ في مواجهة بقية الدائنين‬
‫الذين لم يتعرضوا‪.2‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حق الزيادة بالسدس‬


‫باإلضافة إلى حق التعرض فقد أعطى المشرع لدائني بائع األصل التجاري‬
‫ضمانة هامة تتمثل في حق المزايدة بالسدس‪ ،‬وذلك في حالة عدم كفاية ثمن البيع‬
‫لتغطية الديون أو في حالة ما إذا استشعر هؤالء أن هناك تواطؤ بين البائع والمشتري‬
‫على إخفاء جزء من الثمن الحقيقي إضرارا بهم‪.‬‬

‫وهكذا يتعين علينا الوقوف عند شروط هذا الحق (أوال)‪ ،‬وكذلك آثاره (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬شروط الزيادة بالسدس‬

‫لقيام هذا الحق يشترط توافر الشروط التالية‪:‬‬

‫قرار لمحكمة االستئناف التجارية بفاس رقم ‪ 993‬الصادر بتاريخ ‪ 24/06/2009‬ملف عدد ‪.475/2009‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 85‬من مدونة التجارة‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ -1‬أن يكون البيع رضائي بمعنى غير حاالت البيع العلني الذي يتم بطلب من‬
‫السنديك في التسوية أو التصفية القضائية‪ ،‬وبطلب من الشركاء على الشياع لألصل‬
‫التجاري وكذلك في حالة البيع القضائي‪.1‬‬

‫ويجب اإلشارة إلى أن الزيادة بالسدس ال تتم في باقي العمليات أو التصرفات‬


‫التي ال تتخذ شكل بيع ولو وردت على األصل التجاري‪ ،‬وكما أن إجراءات الزيادة‬
‫بالسدس ال تجري على أي مؤسسة أو مقاولة ال تتخذ بشكل أصل تجاري‪.2‬‬

‫‪ -2‬يتعين أن يكون المزايد بالسدس أو المزايد على المزايد على غرار البائع‬
‫والمشتري األول نفسه متمتعا بأهلية تملك األصل التجاري والتصرف فيه وأهلية‬
‫التقاضي‪.3‬‬

‫‪ -3‬أن يكون ثمن بيع األصل التجاري المعلن عنه غير كافي لوحده بالوفاء‬
‫بدوين الدائن‪ ،‬وإال فال مصلحة لهم في التعرض‪.4‬‬

‫‪ -4‬وال يستفيد الدائن من طلب إعادة البيع بزيادة السدس إال إذا قدم كفيال لضمان‬
‫أداء الثمن‪ ،‬وتحمالت المزاد أو أن يثبت قدرته على التسديد وذلك حماية للبائع من‬
‫التعسف‪.5‬‬

‫‪ -5‬ويجب أن يكون طلب الزيادة بالسدس داخل أجل شهر من عملية النشر‬
‫الثانية‪.‬‬

‫‪ -6‬أن يكون بيع األصل التجاري في المزاد العلني بشرط السدس على الثمن‬
‫الرئيسي لألصل التجاري دون أن يشمل البضائع واألدوات والمعدات أي سدس قيمة‬
‫العناصر المعنوية‪.‬‬

‫المادة ‪ 95‬من مدونة التجارة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في األصل التجاري‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ص‪.220 .‬‬ ‫‪2‬‬

‫أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في األصل التجاري‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ص‪.211 .‬‬ ‫‪3‬‬

‫المادة ‪ 94‬من مدونة التجارة‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫المادة ‪ 93‬من مدونة التجارة‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪46‬‬
‫وحتى توضح الصورة نورد المثال اآلتي‪:‬‬

‫إذا بيع أصل تجاري بمبلغ إجمالي ‪ 100.000‬درهم على أساس ‪ 40.000‬درهم‬
‫للعناصر المادية ‪ 60.000‬للعناصر المعنوية فرأى أحد الدائنين المتعرضين بأن هذا‬
‫الثمن المعلن عنه يقل عن القيمة الحقيقية لألصل التجاري أي أن الثمن المذكور ال‬
‫يكفي لتغطية الديون المترتبة على التاجر حتى يمارس الدائنون المتعرضون امتيازهم‬
‫على هذا الثمن ففي هذه الحالة يقوم بزيادة جديدة عن الثمن المعلن عنه قدرها السدس‬
‫لكن ليس من الثمن بل من قيمة العناصر المعنوية لألصل التجاري المبيع كما يلي‪:‬‬

‫العناصر المادية ‪ 40.000‬درهم – العناصر المعنوية ‪ 60.000‬درهم الثمن‬


‫المصرح به ‪ – 100.000‬سدس قيمة العناصر المعنوية ‪.10.000‬‬

‫الثمن المطلوب من الدائنين المزايدة عليه هو‪:‬‬

‫‪60.0000 + 40.000 + 10.000 = 110.000‬‬

‫وهذا هو الثمن الذي يطرح به األصل التجاري للمزايدة‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬آثار الزيادة بالسدس‬

‫إذا تمت الزيادة بالسدس وفق شروطها التي يتطلب القانون توافرها فإنه يترتب‬
‫عنه اآلثار التالية‪:‬‬

‫‪ -‬إذا رسا المزاد على المشتري تثبت ملكيته لألصل التجاري بأثر رجعي يعود‬
‫إلى تاريخ عقد البيع وليس إلى تاريخ المزايدة‪ ،‬أما في حالة ما إذا رسا المزاد على‬
‫شخص آخر غير المشتري األصلي أو األول فقد هذا األخير ملكية األصل التجاري ألن‬
‫عقد البيع ينفسخ بأثر رجعي كذلك‪ ،‬ويحق له في هذه الحالة الرجوع على البائع‬
‫بالتعويض عن الضرر الالحق به من جراء فسخ البيع لعدم وفاء البائع بالتزام ضمان‬
‫االستحقاق‪.2‬‬

‫‪ 1‬نقال عن الموقع االلكتروني‪ https:// anibrass.blogspot.com‬مقال بعنوان "البيع الرضائي لالصل‬


‫التجاري"‪.‬‬
‫‪ 2‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في األصل التجاري‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ص‪.221 .‬‬
‫‪47‬‬
‫إن أثر التعرضات يبقى قائما وينتقل إلى ثمن المزايدة والذي يجعل الثمن‬
‫بإضافة الزيادة غير قابل للتصرف على أن يوزع بين الدائنين دون أن يأخذ البائع سوى‬
‫الفائض إن كان هناك فائض‪.1‬‬

‫إذا لم ينفذ الراسي عليه المزاد شروط المزايدة ولم يستجيب لإلنذار الموجه إليه‬
‫باحترام التزاماته خالل عشرة أيام يعاد بيع األصل التجاري بالمزاد على ذمته‪.2‬‬

‫إذا نجح المزاد انتقلت حقوق الدائنين المتعرضين إلى المبلغ الذي رسا عليه‪،‬‬
‫وإذا لم ينجح تحمل المتعرض مصاريف إجرائه باإلضافة إلى سدس الثمن الذي التزم‬
‫به كزيادة‪.3‬‬

‫يتعين على دائني البائع إذا رسا ثمن البيع نهائيا‪ ،‬سواء وقع المزاد أم ال‪ ،‬أن‬
‫يتفقوا على توزيع الثمن رضائيا أو حبيا أما إجراء التوزيع قضائيا فيتم طبقا للقواعد‬
‫المنصوص عليه في قانون المسطرة المدنية‪.4‬‬

‫الفقرة الثانية من المادة ‪ 97‬من مدونة التجارة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 119‬من مدونة التجارة‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫فهد مخلفي‪ ،‬حماية الدائنين في عقد بيع األصل التجاري‪ ،‬بحث نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء ‪.2015‬‬ ‫‪3‬‬

‫أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في األصل التجاري‪ ،‬الجزء الثاثل‪ ،‬ص‪.222 .‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪48‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫إنطالقااا ماان إشااتغالنا فااي تحلياال مؤسسااة بيااع األصاال التجاااري‪ ،‬وكشااف أغوارهااا‬
‫وبيااان تفاصاايلها‪ ،‬بشاايء ماان اإلختصااار والتركيااز الغياار المخاال‪ ،‬تبااين لنااا أن المشاارع‬
‫المغربي نظم بيع اال صل التجاري بقواعد خاصة واستثنائية قصد توفير الحماية األعدل‬
‫لكل متأثر بهذا العقد‪ ،‬الاذي يعاد محارك مان محركاات عجلاة اإلقتصااد والتنمياة‪ ،‬إال أن‬
‫الترسانة القانونية المغربية يعتريها بعض القصور والانقص فاي ماواطن عادة‪ ،‬آثرناا أن‬
‫نقدمها على شكل توصيات إلتمام القصد من تنظيم بيع األصل التجاري بقواعد خاصة‪:‬‬

‫يجب على المشرع المغرب الحسم في شكلية الكتابة أهاي لإلنعقااد أم لإلثباات أم‬ ‫‪-‬‬
‫أنها شكلية خاصة إلتمام إجراءات البيع‪.‬‬

‫‪ -‬علااى المشاارع المغربااي إعااادة النظاار فااي وسااائل الشااهر المنصااوص عليهااا فااي‬
‫المادة ‪ 83‬لكونها ال تحقق الغاية المرجو منها بالشكل المتطلب‪.‬‬

‫علااى المشاارع المغربااي الااتخلص ماان احتشااامه والتاادخل لتنظاايم مجااال التجااارة‬ ‫‪-‬‬
‫اإللكترونية بمنظومة قانونية شاملة‪ ،‬تتالءم وطبيعة هذا المجال‪.‬‬

‫‪ -‬يجااب علااى المشاارع المغرباااي مواكبااة التطااور وتنظااايم بيااع األصاال التجااااري‬
‫األلكتروني‪.‬‬

‫‪ -‬على المشرع المغربي التنصيص على الجزاء المترتب على عدم تقيد الدائن‬
‫المرتهن باإلخطار واألجل الوارد في المادة ‪.120‬‬
‫‪ -‬على المشرع المغربي أن يظيف بيان آخر إلى جانب البيانات المذكورة في‬
‫المادة ‪ 81‬من مدونة التجارة‪ ،‬تعرف المشتري بالقيمة اإلقتصادية لألصل‬
‫التجاري اال وهو رقم أعمال وأرباح األصل التجاري خالل الثالث السنوات‬
‫األخيرة لإلستغالل‪.‬‬

‫‪49‬‬

You might also like