Professional Documents
Culture Documents
عرض بيع الأصل التجاري-1
عرض بيع الأصل التجاري-1
يترتب عن ممارسة التجارة اكتساب التاجر لمال هام يسمى باألصل التجاري،
وهو يتمثل في مجموع األموال المنقولة المخصصة لممارسة نشاط تجاري بهدف جلب
الزبائن ،وهو من أهم ما ابتدعه الفكر –الممارسة التجارية -قبل أن يتوصل إلى تعريفه
وتحديده وتنظيمه.
حيث اهتدى الفرنسيون إلى ايجاد وخلق فكرة األصل التجاري في معامالتهم
ال تجارية من أجل تحقيق هدفين :استعماله واستغالله كأداة للحصول على القروض في
1
اطار الرهن ،ثم تنظيم المنافسة بين التجار الذين يعملون في نوع معين من التجارة.
واذا غاب عن القانون الفرنسي االهتمام فعال بتعريف مؤسسة األصل التجاري
وبيان طبيعتها وتحديد عناصرها ،فإنه قام على العكس من ذلك ،بتنظيم التصرفات
2
القانونية التي ترد على األصل التجاري.
حيث تدخل المشرع الفرنسي لتنظيم األصل التجاري بعدما استقر في المعامالت
اليومية من خالل قانون 17مارس .1909وقبل ذلك كان القانون الفرنسي يفرض
مجرد رسوم على بيع األصل التجاري من خالل قانون 28فبراير 1872ثم قانون
3
فاتح مارس 1898المنظم للرسم على رهن األصل التجاري.
في حين أن المشرع المغربي لم يعرف الحديث عن مؤسسة األصل التجاري إال
بإصداره لظهير 31دجنبر 1914المنظم لبيع األصل التجاري ورهنه وتقديمه حصة
في شركة ،والمقتبس من قانون 1909الفرنسي .هذا الظهير الذي كتب له أن يعمر
طوال مدة ثمانين سنة لكي تحل محله المقتضيات الواردة في مدونة التجارة ،4والتي
خصص المشرع المغربي الكتاب الثاني منها لمؤسسة األصل التجاري ،حيث جمع
قواعده في قسمين تناول في األول تعريف األصل التجاري وعناصره فقد نص في
المادة 79من مدونة التجارة "األصل التجاري مال منقول معنوي يشمل جميع األموال
المنقولة المخصصة لممارسة نشاط تجاري أو عدة أنشطة تجارية".
العناصر الواردة في المادة أعاله تشكل في مجموعها مال مستقل قائم الذات
يطلق عليه األصل التجاري ،وقد اختلف الفقه في تحديد طبيعته القانونية حيث كيفه
جانب من الفقه على أنه مجموعة قانونية من االموال تشمل الحقوق والديون المرتبطة
بالمشروع التجاري ،في حين كيفه جانب آخر من الفقه على أنه مجموعة فعلية أو
واقعية تربط بين األموال المشكلة لها ،إال أن الظاهر من تعريف المشرع المغربي أنه
ساير تكيف الغالب األعم من الفقه بتكيف األصل التجاري كملكية معنوية.
وعند تصفحنا القسم الثاني الخاص بالعقود المتعلقة باألصل التجاري ،نجد
المشرع أولى اهتماما كبير لبيع األصل التجاري ،وهو موضوع هذه الدراسة ،فقد
خصص له المواد من 81إلى 103باإلضافة إلى األحكام المشتركة بين بيع االصل
التجاري ورهنه في المواد 111إلى 151من المدونة إال أن المشرع المغربي لم يذكر
تعريفا لعقد بيع األصل التجاري ،وحسب المادة الثانية من مدونة التجارة التي تحيل
4
على القانون المدني عند خلو هذه المدونة من مقتضى ما مالم يتعارض مع أحكام
المدونة فنقول أن عقد بيع األصل التجاري هو عقد بمقتضاه ينقل البائع األصل
التجاري مقابل ثمن يلتزم المشتري بدفعه له في ضوء أحكام الكتابة والشهر.
بالنسبة للدولة :أن بيع األصل التجاري يعد عملية هامة ،وذلك بالنظر -
لكثرتها ،وبالتالي فإنها تشكل واقعة تقتضي اقتطاع رسوم جبائية تغذي خزينة الدولة.
بالنسبة للمشتري :حيث يعتبر األصل التجاري استثمارا هاما بالنسبة -
للمشتري ،وذلك بالنظر لتواجد أصول تجارية ذات قيمة اقتصادية ومالية كبيرة.
مما أنتج لبيع األصل التجاري نظام قانوني استثنائي ومعقد ،فرضته القيمة
التجارية لألصل التجاري ودوره المحوري في الذمة المالية لألطراف ،ولم يأت التخلي
النسبي أو الكلي عن القواعد التقليدية التي تحكم البيوع عامة في القانون المدني
اعتباطا ،وإنما نحا المشرع المغربي ،وكذا التشريعات المقارنة ،هذا المنحى ألن قواعد
القانون المدني ال تقدم أو توفر ضمانات فعالة لمؤسسة األصل التجاري ولالئتمان
وحقوق األطراف واألغيار ،األسباب والعلل التي دفعت إلى ابتكار حلول جديدة
تتناسب مع قيمة االصل التجاري ،تتعلق خاصة بتحرير العقود وشهرها ،والتعرض
وامتياز البائع ،والزيادة بالسدس ،ودعوى الفسخ لعدم دفع الثمن ،وتطهير الديون
المقيدة ،واجراءات التقييد ،وتوزيع الثمن ،والحجوز ،وغيرها من المؤسسات القانونية
1
الهامة.
انطالقا مما سبق تطرح إشكالية أساسية مفادها إلى أي حد وفق المشرع
المغربي في توفير ضمانات ناجعة وفعالة لمؤسسة األصل التجاري ولالئتمان ولحقوق
االطراف واالغيار ،من خالل افراده بيع االصل التجاري بقواعد خاصة ومميزة؟
5
ما هي شروط بيع األصل التجاري؟ -
اقتضت منا طبيعة الدراسة المنجزة االعتماد على المنهج التحليلي قصد تفكيك
مقتضيات النصوص القانونية والوقوف على قصد المشرع منها ،وذلك باالعتماد على
التقسيم الثنائي التالي:
6
المبحث األول :شروط عقد بيع األصل
التجاري وصوره
نظم المشرع المغربي بيع األصل التجاري في مدونة التجارة من خالل المواد
من 81إلى ،103باإلضافة إلى األحكام العامة الواردة في الفصول 478إلى 618من
ظهير االلتزامات والعقود.
لألهمية التي أصبح عليها األصل التجاري والدور الفعال الذي يلعبه في دفع
عجلة االقتصاد والتنمية إلى جانب العقود الواردة على العقارات والمنقوالت ،فان بيع
األصل التجاري قد يتخذ مجموعة من الصور نتطرق في هذا العرض إلى أهمها
وألجل ذلك فإننا سنعالج في إطار المطلب األول أركان بيع األصل التجاري على أن
نخوض في المطلب الثاني في أهم الصور التي قد يتخذها هذا البيع.
األهلية: أ-
يملك الراشد بائعا كان أو مشتريا كامل الحرية إلبرام عقد بيع األصل التجاري
أو شرائه ،ويعتبر هذا البيع والشراء عملية تجارية من جانبهما ،فمن جانب البائع يعتبر
أخر عمل تجاري يقوم به ومن جانب المشتري تعتبر عملية الشراء أول عملية
لممارسة التجارة ،وبعبارة أخرى يعتبر مشتري األصل التجاري تاجرا سواء مارس
7
نشاطه على وجه االعتياد أو االحتراف المادة 6من مدونة التجارة ،إال إذا منح هذا
األصل إلى غيره قصد استغالله عن طريق التسيير الحر ،حيث يكتسب المسير الحر
1
في هذه الحالة وحده صفة تاجر المادة 153من مدونة التجارة.
يعتبر كل شخص بلغ 18سنة شمسية كاملة ولم يثبت من أسباب نقصان أهليته
أو انعدامها كامل األهلية لمباشرة حقوقه وتحمل التزاماته.
هكذا فكل من بلغ 18سنة شمسية كاملة ولم يلحقه عارض من عوارض األهلية
كالجنون والسفه يعتبر راشدا ومتمتعا بأهلية كاملة لممارسة مختلف أنواع التصرفات
القانونية سواء كانت مدنية أو تجارية ،كما يتحمل بمختلف االلتزامات المترتبة عن
2
التجار عند ممارسته بكيفية اعتيادية أو احترافية لألنشطة التجارية.
لكن التساؤل المطروح في هذا السياق هو هل يمكن للقاصر ابرام عقد بيع
األصل التجاري؟
يجيبنا الدكتور أحمد شكري السباعي حول التساؤل المطروح بما يلي "نظن أن
القاصر المأذون له ال يسوغ له بيع األصل التجاري وال شراء األصل التجاري إن لم
ينل الترشيد الذي يجعله كالراشد كامل األهلية للقيام بسائر التصرفات القانونية إلى
جانب اإلدارة (ويقصد هنا األستاذ السباعي إدارة و تسيير األصل التجاري) (المادة
218ف 5من مدونة األسرة) إذ اإلذن يقتصر على إدارة جزء من أمواله بقصد
االختبار فقط (المادة 226ف 1من مدونة األسرة) ،بل ال يجوز للوصي أو المقدم أن
يستثمر أموال القاصر في التجارة (من بينها شراء األصل التجاري) إال بعد الحصول
على إذن خاص من القاضي عمال بمقتضيات مدونة األسرة (المادة 14ف 1من مدونة
التجارة) ،وإذا تم الحصول على هذا اإلذن وجب قيده في السجل التجاري للوصي أو
المقدم (المادة 14ف 2من مدونة التجارة) ،وقد أكدت ذلك المادة 271من مدونة
األسرة التي تشترط لبيع عقار أو منقول (األصل التجاري مال منقول معنوي عمال
بالمادة )79تتجاوز قيمته عشرة أالف درهم أو ترتيب حق عيني عليه أو المساهمة
بجزء من مال المحجور في شركة مدنية أو تجارية كتقديم األصل التجاري حصة في
شركة مثال أو استثماره في التجارة أو المضاربة إال بعد الحصول على اإلذن من
القاضي المكلف بشؤون القاصرين مع مراعاة المواد 272إلى 274من مدونة األسرة.
محمد أطويف ،الوجيز في شرح القانون التجاري ،ط األولى ،2016ص 139 2
8
ومادام الوصي أو المقدم ال يملك الحق في بيع األصل التجاري فال يمكن لهما أن يأذن
للقاصر بإجراء هذا البيع ففاقد الشيء ال يعطيه ،إال أن هذه التحجيرات ال تجري على
1
الولي -األب أو األم.-
السبب: ب-
يعتبر المشرع المغربي السبب ركنا جوهريا في االلتزام يترتب على انعدامه
وعدم مشروعيته بطالن العقد .وهذا ما نص عليه الفصل 62من ق ل ع "االلتزام
الذي ال سبب له أو المبني على سبب غير مشروع يعد كأن لم يكن.
يكون السبب غير مشروع إذا كان مخالفا لألخالق الحميدة أو النظام العام أو
القانون".
ويفترض المشرع أن لكل التزام سبب حقيقي ومشروع وإن لم يذكر حيث نص
في الفصل 63من ق ل ع "يفترض في كل التزام أن له سببا حقيقيا مشروعا ولو لم
يذكر"
بما أن بيع األصل التجاري من العقود التبادلية يعتبر سبب التزام البائع هو
االلتزام المقابل الذي التزم به المشتري 2.وبما أن البائع سبب التزامه دائما هو التزام
المشتري بدفع الثمن له ،فال يمكن تصور سبب التزام البائع غير مشروع في بيع
األصل التجاري ،على العكس من ذلك يكون سبب التزام المشتري غير مشروع اذا
كان األصل التجاري مخصص لمزاولة عمل غير مشروع.
أما بخصوص سبب العقد –السبب الدافع أو الباعث -فيتسم بطابع شخصي
بحيث يتغير من عقد آلخر في النوع الواحد من العقود تبعا لمقاصد المتعاقدين
ونواياهم 3.وقد يكون سبب العقد غير مشروع إذا قصد به البائع حرمان دائنيه من
الضمان الذي يمثله األصل التجاري الذي يريد اخراجه من ذمته ،وتهريبه عن دائنيه.
رضا الطرفين:
مأمون الكزبري ،نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي ،ج ،1.ص 175.بتصرف 2
9
عقد البيع من عقود التراضي ،بل إنه العقد الذي نبتت فيه بذرة رضائية العقود
"العقد شريعة المتعاقدين" فاألفراد أحرار في معامالتهم يتعاقدون وفق مشيئة إرادتهم،
وال إجبار أو اكراه ألحدهم على األخر وما وظيفة القانون سوى حماية األفراد في
أموالهم وأعراضهم وتحقيق حرياتهم دون تعارض.
وعليه فان رضا الطرفين يشترط أن يكون سليما وخاليا من كل عيب من عيوب
اإلرادة.
ولما كان األصل التجاري مال معنوي يتكون من مجموعة من العناصر ،منها
ما هو معنوي ،مثل عنصر الزبناء و السمعة ،فانه من المحتمل أن يقع المشتري في
الغلط حيث يتصور تصورا غير مطابق للواقع سواء من حجم الزبناء أو رقم األعمال،
كما انه قد يتم إيقاعه في ذلك من قبل البائع إما بممارسة طرق احتيالية أو بمجرد
1
السكوت ،وقد يتم تغليط المشتري عن طريق شخص يعمل لحساب البائع.
المحل: ت-
تنص المادة 80من مدونة التجارة "يشتمل األصل التجاري وجوبا على زبناء
وسمعة تجارية.
10
وعليه فان المحل يجب أن يكون موجودا أي أن ينصب البيع على األصل
التجاري قائم وإال كان العقد باطال النعدام المحل .ولما كان عنصر الزبناء عنصرا
مهما في المبيع ،فإن غياب هذا العنصر يجعل البيع ينصب على شيء غير موجود
فيكون العقد باطال النعدام محله .ويجب تحديد العناصر التي يشملها البيع سواء
العناصر المادية أو المعنوية.
وإذا كان األصل التجاري يشمل أحد العناصر التي تخضع لقواعد التفويت
الخاصة مثل حقوق الملكية الصناعية واألدبية والفنية فإنه يجب مراعاة تلك القواعد في
1
بيعه ويجب تثبيتها كتابة تحت طائلة البطالن.
ويجب أن يتم تحديد ثمن بيع األصل التجاري ،وينبغي أن يكون جديا وحقيقيا،
2
وتمييز ثمن العناصر المعنوية والبضائع والمعدات كل على حدة عند تحديد ثمن البيع.
وفي األخير وبناء على المادة 2من مدونة التجارة ومن خالل ما تم بسطه أعاله
من مقتضيات قانونية فإنه يتم تطبيقها لفض النزاعات المتعلقة ببيع األصل التجاري
3
على اعتبارها المرجع العام لواقع المعامالت التجارية.
تنص الفقرة األولى من المادة 81من مدونة التجارة على أنه "يتم بيع األصل
التجاري أو تفويته وكذا تقديمه حصة في شركة أو تخصيصه بالقسمة أو بالمزاد ،بعقد
رسمي أو عرفي ،ويودع ثمن البيع لدى الجهة المؤهلة قانونا لالحتفاظ بالودائع " ...
يستنتج من خالل المادة أعاله أن القانون المغربي ال يسمح بأن يتم انجاز بيع
األصل التجاري خارج صيغة الكتابة كما أنه لم يلزم المتعاقدين بمحرر معين ،بل منح
لهم الخيار بين المحرر الرسمي والمحرر العرفي ،ولكن نظرا للدور الوظيفي الذي
أصبحت تتسم به الشكلية الحديثة المتمثل في الدور الحمائي فقد كان من األفضل لو
استبعد المشرع المحرر العرفي واكتفى بالمحرر الرسمي ،ألن هذا األخير يتسم بمزايا
حمائية أكثر للمتعاقدين ،لما له من حجية قوية في اإلثبات على خالف المحرر العرفي
الذي ال يشكل أي دور حمائي.1
كما أن المادة المذكورة نصت في فقرتها الثانية على أال يخلو المحرر المضمن
فيه عقد بيع األصل التجاري سواء كان عرفيا أو رسميا بمجموعة من البيانات وهي:
وتجدر اإلشارة إلى أن هذه البيانات الواردة على سبيل الحصر ،يجب أن يتم
2
التنصيص عليها في عقد البيع وليس في وثيقة ملحقة به.
1يسرى اليزغي ,الشكلية في العقود الواردة على األصل التجاري ,رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود
واألعمال ,سنة الجامعية , 2019/2018الصفحة 13
2عز الدين بنستي ،م.س ،ص 133
12
لكن على الرغم من تنصيص مدونة التجارة على شرط الكتابة بخصوص عقد
بيع األصل التجاري إال أن اإلشكال المطروح بهذا الخصوص ،هو طبيعة هذه الكتابة،
هل تعتبر الكتابة هنا شكلية انعقاد ،ال يتم البيع بدونها أم أنها تبقى مجرد شكلية إثبات؟
1
نظرا ألن التشريع المغربي لم طبيعة الكتابة المتطلبة في عقد بيع األصل التجاري.
فهناك من الفقه من يقول بأن الكتابة المنصوص عليها في الفصل 81من م.ت
هي لالنعقاد ويؤسسون رأيهم على مجموعة من الحجج أهمها:
المادة 81من م ت جاءت بصيغة واضحة ،وال لبس فيها مؤداها وجوب
تحرير العقد المنصب على بيع األصل التجاري ،فالنص يشير حرفيا إلى أن تمام بيع
األصل التجاري ،يتم بعقد رسمي أو عرفي ،فكيف يمكن بعد ذلك القول بان الكتابة
ليست ركنا من أركان عقد بيع األصل التجاري؟؟ وما قيمة اللغة إذا لم يأخذ بمعناها
2
الواضح واستعضنا عنها إلى معناها المرموز.
كما يضيف أنصار هذا االتجاه أن "استنفاذ جميع اإلجراءات القانونية الشكلية
لتفويت األصل التجار ي ،يستوجب توافر عقد مكتوب وإال فلن يتم تسجيل البيع في
السجل التجاري ،كما ال يمكن اداء واجبات التسجيل والتمبر لدى إدارة الضرائب إال
بعد اإلدالء بعقد مكتوب". 4
1ينص الفصل 489من ق ل ع " إذا كان البيع عقارا أو حقوقا عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا
رسميا ،وجب أن يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ ،وال يكون له أثر في مواجهة الغير إال إذا سجل في
الشكل المحدد بمقتضى القانون" .فمن خالل هذا النص فان الكتابة المنصوص عليها هي لالنعقاد التي تشترط
لوجود العقد قانونا وبالتالي فالعقد ال يثبت بأية وسيلة أخرى من وسائل اإلثبات مهما قام الدليل على اتجاه اإلرادة
إليه أمام شكلية الكتابة المطلوبة لإلثبات فهي ال تأثير لها على قيام العقد من عدمه ،بحيث يمكن إثباته بجميع
وسائل اإلثبات األخرى كبداية الحجة الكتابية المعززة بالشهادة أو القرائن أو اليمين .
2نور الدين عسري ،بيع األصل التجاري في التشريع المغربي في ضوء االجتهاد القضائي ،ط األولى،2002،
ص108:
3نور الدين عسري ،نفس المرجع المذكور ،نقال عن يسرى اليزغي م.س ،ص 21و22
4عز الدين بنستي ,م .س ،ص 132
13
وخالفا لالتجاه الفقهي السابق يذهب اتجاه أخر 1إلى أن الكتابة ليست لالنعقاد
وإنما لإلثبات فقط وحججهم في ذلك لو أن المشرع المغربي أراد اعتبار الكتابة شرط
انعقاد ،لرتب صراحة على تخلفها بطالن العقد.
في حين أن األستاذ شكري السباعي ذهب خالف الرأيين السابقين تماما ،ذلك أنه
يرى أن الكتابة ليست شرطا شكليا في عقد بيع األصل التجاري ،وال شرطا إلثباته،
واعتبر أن موقف المشرع المغربي ال يساير التطورات االقتصادية واالجتماعية التي
طالت المجتمع الحالي ،كما أن هناك أسباب قوية تفرض على المشرع أن يراجع موقفه
2
ويجعل من الكتابة شرط انعقاد يترتب على تخلفها البطالن.
من خالل ما ذكر أعاله من أراء فقهية يتضح لنا أن الكتابة المنصوص عليها في
المادة 81من مدونة التجارة ال يمكن تصنيفها على أساس أنها لالنعقاد النعدام ترتيب
جزاء البطالن ،كما أنه ال يصح القول بأنها لإلثبات ،ألن هذا األخير في المجال
التجاري يتميز بالحرية طبقا للمادة الثانية من مدونة التجارة.
إال أنه في رأينا نعتقد أنها شكلية خاصة ،ذلك أنها تمكننا من االستمرار في
اإلجراءات الالحقة للكتابة من تسجيل وإشهار ....وتحافظ نسبيا على المبدأ السائد
لحرية اإلثبات في المجال التجاري.
ثانيا :اإلشهار
لم يكتف المشرع المغربي بالكتابة لتحرير عقد بيع األصل لتجاري ،بل اشترط
أن يتم شهر بيع األ صل التجاري بطريقة رسمية ،ولكن هذا الشهر قيده المشرع
بإجراءات قانونية مهمة تميزه عن غير من البيوع التجارية ابتداء من التسجيل (أ)
ومرورا باإليداع (ب) وأخير تقييده بالسجل التجاري ونشره (ج).
التسجيل: أ-
1فؤاد معالل ،شرح القانون التجاري المغربي الجديد ،مطبعة النجاح الجديدة ،الطبعة الثانية ،نونبر سنة ،2001
الصفحة ، 169 :عبد الرحيم شميعة ،القانون التجاري األساسي ،األعمال التجارية -نظرية التاجر -األصل
الجاري ،مطبعة ووراقة سجلماسة ،مكناس 2013 ،صفحة 236 :مأخوذ عن يسرى اليزغي مرجع سابق صفحة
24 :
2أحمد شكري السباعي ،م.س ،ص116و117
14
أول إجراء يتوقف عليه شهر عقد بيع األصل التجاري ،هو تسجيله من لدن
المصالح الضريبية وذلك من خالل تقديم العقد الرسمي أو العرفي قصد استخالص
رسم التسجيل والتمبر طبقا لما هو منصوص عليه في المادة 127من مدونة
للضرائب.
إذ يخضع عقد بيع األصل التجاري لواجب أو رسم تسجيل قدره 6في المئة
طبقا لما هو منصوص عليه في المادة 133من مدونة العامة للضرائب.
اإليداع: ب-
بعد مرحلة تسجيل عقد بيع األصل التجاري واستخالص الرسوم الواجبة عليه
والمحددة نسبتها قانونا ،وجب إيداع نسخة من العقد الرسمي أو نظير من العقد العرفي
لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة بمسك السجل التجاري التي يوجد بدائرتها المركز
الرئيسي لألصل التجاري داخل اجل خمسة عشر يوما من تاريخ البيع ،وتتجلى أهمية
هذا الشرط في ما يتحه من إمكانية جعل العقد المودع متاح للجميع ولكل من يهمه األمر
للحصول على نسخة منه لإلطالع.
15
التجاري أو مركزه الرئيسي على نفقة األطراف ومعاودة المشتري لعملية النشر هذه
1
بين اليوم الثامن والخامس عشر من النشر األول.
كما أن البيوع المتعلقة باألصول التجارية ال يحتج بها ضد الغير إال من تاريخ
التقييد وأن المالك المسجل هو المالك الظاهر .وعليه لو تم بيع األصل التجاري مرتين
وأسرع أحد المشترين إلى تقييد شراءه لصار هو المالك الشرعي إذا ما توافر شرطان:
أولهما أن يكون حسن النية ،وثانيهما أن تنقضي مدة اإلشهار دون أن يقع تعرض وال
يعني إطالقا ضياع حقوق المشتري المتأخر عن التقييد ،فحقوقه تظل ثابتة اتجاه البائع
في ضوء أحكام ضمان االستحقاق ،والثمن ال يقدر كال حسب قيمته زمن الشراء بل
حسب القيمة الحالية ،وله أن يتابعه زجريا عند ثبوت سوء النية .لكن إن كان المشتري
2
الذي أسرع الى التقييد سيء النية فانه ال يستفيد من حق األسبقية والتقييد ال يصح.
الهدف من عملية الشهر هذه هي إحاطة دائني البائع علما بالبيع ،وكذلك إحاطة
3
دائني المشتري علما بالحقوق التي بقيت للبائع في ذمة مدينهم.
عبد الرحمان بلعكيد ،وثيقة البيع بين النظر والعمل ،طبعة ،1995ص 275 :و276 2
16
الفقرة األولى :البيع الرضائي والبيع
القضائي
بتحقق األركان السابق دراستها نكون أمام بيع رضائي لألصل التجاري األمر
الذي يتطلب منا الوقوف عند تعريف هذه المؤسسة وتحديد أهم اإلشكاالت التي
تعترضها (أوال) ،وبعد ذلك التطرق إلى مؤسسة البيع القضائي لألصل التجاري وأهم
حاالت هذا البيع وإجراءاته باقتضاب (ثانيا).
يعتبر البيع الرضائي من أكثر العمليات المألوفة التي ترد على األصل التجاري
بالمقارنة مع غيرها من التصرفات األخرى حيث ينجر هذا البيع عن اتفاق وتراضي
بين البائع – مالك األصل التجاري – والمشتري.
وبالرجوع إلى مدونة التجارة نجد أنها لم تعرف البيع الرضائي لألصل
التجاري ،لذا يبقى تعريفه خاضعا للتعريف الذي جاء به الفصل 478من قانون
اإللتزامات والعقود ،وذلك عمال بالمادة الثانية من مدونة التجارة وبما أن البيع
الرضائي حسب الفصل " :478البيع عقد بمقتضاه ينقل أحد المتعاقدين لآلخر ملكية
شيء أو حق ،"...والذي يجمع الشيء والحق في قالب واحد هو المال وما األصل
التجاري إال مال منقول معنوي بتعبير المادة 79من مدونة التجارة ،1غير أن مؤسسة
البيع الرضائي لألصل التجاري تعترضها مجموعة من اإلشكاالت نعرضها كاآلتي:
أ -البيع اإلفرادي لعناصر األصل التجاري وبيع هذه العناصر مع األصل:
1أحمد شكري السباعي ،الوسيط في األصل التجاري ،ج ،3 .الطبعة األولى ،سنة ،2013ص ،23 .بتصرف.
2فؤا د معالل ،شرح القانون التجاري ،الجزء األول ،نظرية التاجر والنشاط التجاري ،الطبعة الخامسة ،سنة
،2018ص 168 .و .169بتصرف.
17
هذا األخير في الذمة المالية للتاجر بحيث يجوز له التصرف فيها بالبيع إما إفرادا
ومستقلة عن األصل التجاري أو مع األصل ذاته وليس هناك ما يمنعه قانونا من ذلك.
وهنا تثور إشكالية حول القانون الواجب التطبيق في هذه الحاالت أهو القانون المنظم
لبيع األصل التجاري أم القانون المنظم لبيع وشراء هذه العناصر؟ وما إذا كان التفويت
اإلفرادي لعنصر الزبناء والسمعة التجارية تفويتا لألصل التجاري؟
فبخصوص القانون الواجب التطبيق في حالة بيع عناصر األصل التجاري سواء
إفراديا أم مع األصل ذاته .فقد جعلها المشرع خاضعة لقوانينها الخاصة ،وهذا ما تؤكده
المادة 90من مدونة التجارة بتنصيصها على خضوع حقوق الملكيتين الصناعية
واألدبية ل لتشريع المنظم لها .وقد ورد التنصيص على هذين العنصرين على سبيل
المثال ال الحصر.1
وما يؤكد ذلك أن المشرع المغربي قد وضع قوانين خاصة 2ألغلب العناصر
التي يتألف منها األصل التجاري أما بالنسبة للعناصر التي لم يخصصها المشرع بتنظيم
خاص يتم الرجوع بشأنها إلى القانون المشترك أو قانون االلتزامات والعقود.
أما بخصوص البيع أو التفويت اإلفرادي لعنصر الزبناء والسمعة التجارية فإنه
ال يعتبر تفويتا لألصل التجاري ،ألن بيع األصل التجاري يترتب عليه بيع كل العناصر
التي يتكون منها إذا لم يتم استبعادها باالتفاق ويخضع للمواد من 81إلى 103من
مدونة التجارة أما البيع اإلفرادي للزبناء يجعل البائع –التاجر -يحتفظ بكل العناصر
األخرى ويخضع هذا البيع لالتفاق المبرم بين األطراف.3
في حاالت كثيرة قد يعمد مالك األصل التجاري إلى بيع أو تفويت أصله في
صورة عقد من نوع آخر كأن يقوم بتفويت أصله التجاري في صورة عقد هبة للتهرب
من الرسوم والواجبات الضريبية ،وقد يعمد إلى إخفاء بيع أصله التجاري عبر اإليحاء
1أحمد شكري السباعي ،الوسيط في األصل التجاري ،ج ،2 .ص ،63 .وج ،3 .ص.31 .
فؤاد معالل ،شرح القانون التجاري ،الجزء األول ،الطبعة الخامسة ،سنة ،2018ص .198 .بتصرف.
2القانون رقم 17.97لسنة 2000المتعلق بحماية الملكية الصناعية والقانون 2.00لسنة 2000المتعلق
بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة والقانون 49.16المتعلق بكراء العقارات والمحالت المتخصصة لإلستغالل
التجاري أو الصناعي أو الحرفي والمواد 69غلى 74من مدونة التجارة بالنسبة لإلسم التجاري والعنوان
التجاري والشعار.
3أحمد شكري السباعي ،الوسيط في األصل التجاري ،ج ،1 .الطبعة الثانية ،سنة ،2014من ص 480 .إلى
،483بتصرف.
18
بيع مجرد عنصر من عناصره المعنوي كالزبناء ،وذلك تهربا من حقوق الدائنين وقد
يعمد إلى بيع كل العناصر المكونة لألصل التجاري بعقود مختلفة وذلك إلخفاء الثمن
الحقيقي.
لم تتطرق مدونة التجارة لتعريف مؤسسة البيع القضائي أو الجبري لألصل
التجاري كما هو الشأن بالنسبة للبيع الرضائي لألصل التجاري .مما دفع بالفقه
المغربي 1للتدخل لوضع تعريف لهذه المؤسسة حيث عرف لنا البيع القضائي بأنه
"البيع الذي يتم بتدخل من القضاء ورقابته وإشرافه إليجاد حل عادل وفقا للقانون
واالجتهاد عند االقتضاء لنزاع قائم بين تاجر مالك األصل التجاري ودائن له يرغب في
استيفاء ديونه إن تعذر عليه الحصول عليها وديا" وعليه فما البيع القضائي لألصل
التجاري في حقيقته إال مجموعة من اإلجراءات القضائية غايتها نقل ملكية األصل
التجاري من المدين المنفذ عليه إلى المشتري قصد استخالص دائني األصل التجاري
المبيع لديونهم .وسنقتصر خالل هذه الدراسة على التطرق ألهم حاالت البيع القضائي
لألصل التجاري على أن نتناول بإيجاز إجراءات هذا البيع.
تتعدد حاال ت بيع األصل التجاري عن طريق المحكمة ويتعدد المستفيدون من
هذه الحاالت بحسب درجاتهم –دائن مقيد – دائن عادي -وفق الشكل الذي حددته
مدونة التجارة وعليه فإننا سنتطرق ألهمها:
في هذا اإلطار يتم البيع الجبري لألصل التجاري بناء على طلب قضائي مرفوع
أمام المحكمة التجارية 2التي يقع بدائرتها األصل التجاري إما من طرف الدائن مقيد –
الدائن المرتهن أو البائع في إطار حق االمتياز – أو من طرف دائن عادي.
أحمد شكري السباعي ،م .س ،ج ،3 .الطبعة األولى ،ص 394 .و .395بتصرف. 1
20
فبخصوص البيع بناء على طلب دائن عادي فقد خصه المشرع بمسطرة خاصة
تخضع ألحكام المادة 118من مدونة التجارة المتعلقة بالديون المرتبطة باستغالل
األصل التجاري وإلعمال نص هذه المادة يجب توفر الشروط اآلتية:
* أن يكون األصل التجاري مملوكا للمدين وتتعطل هذه المسطرة إذا كان
المستغل غير مالك لألصل باستغالل المسير الحر لكون نتائج هذه المسطرة تصب في
ذمة األخير وليس ذمة المالك الذي يخضع للمادتين 152و 153من مدونة التجارة.
* أن ال تصدر المحكمة األمر بالبيع إال إذا أصدرت حكما باألداء على أن يكون
األمر بالبيع في نفس الحكم الذي قضى باألداء.
* أن تصدر المحكمة األمر باألداء بناء على طلب الدائن وليس من تلقاء نفسها.
أما بخصوص البيع بناء على طلب دائم مقيد –الدائن المرتهن أو البائع -والذي
يعرف بأنه كل دائن منحه المشرع امتيازا عن باقي الدائنين العاديين لمالك األصل
التجاري شريطة التقيد بواجبات الشهر في السجل التجاري ،2وتجدر اإلشارة هنا أنه
بعد تعديل المادة 131من مدونة التجارة بموجب القانون 21.18فإنه يجب تعويض
المقتضيات المتعلقة بتقييد االمتياز والرهن بالسجل التجاري بالمقتضيات المتعلقة بتقييد
االمتياز والرهن في السجل اإللكتروني للضمانات المنقولة 3لضمان حق االمتياز .فإن
هذا البيع يخضع ألحكام المادة 114من مدونة التجارة والفصل 1219من ظهير
االلتزامات والعقود الذي أحالت 4عليه المادة المذكورة بموجب التعديل الذي طالها
بمقتضى القانون 21.18ونخص بالذكر إجراءات اإلنذار والجهة الموجهة لها واألجل.
وإلعمال هذين النصين يشترط توفر الشروط اآلتية:
-أن يكون الطالب دائنا مقيدا – امتيازا البائع والدائن المرتهن – ومحافظ على
امتيازه.
-أن يحدد االنذار أجال ال يقل عن 15يوما لتمكين الدائن من المبلغ المستحق.
-أن يقيد الدائن المرتهن بعد إنقضاء األجل المذكور االنذار الموجه من قبله في
السيجل الوطني االلكتروني للضمانات المنقولة.
يخضع بيع األصل التجاري بناء على الحجز التنفيذي لألحكام الواردة في
المادتين 113و 120من مدونة التجارة .والغاية من إخضاع المشرع ،البيع بناء على
الحجز التنفيذي ألحكام المادتين المذكورتين هي تجنب تفتيت األصل التجاري وفقدان
قيمته وضياع زبنائه فبموجب المادة 113خول المشرع لكل دائن – الحاجز تنفيذيا-
سواء كان عاديا أو مقيدا بل وحتى للخزينة العامة كدائن ممتاز – الذي يباشر حجزا
تنفيذيا على عنصر من عناصر األصل التجاري قصد الحصول على ديونه التي تتعذر
استيفاؤها وديا أن يطلب من المحكمة بيع األصل التجاري جملة مع عناصره إذا ظهر
له أن هذه العناصر ال تكفي الستيفاء ديونه وال يقتصر هذا الطلب على الدائنين فقط بل
المشرع سمح حتى للمدين المحجوز عليه بتقديمه إذا ظهر له أن بيع عناصر األصل
التجاري سيؤدي إلى إنقاص قيمته ككل ،وجاءت هذه المادة للتوقيف بين المصالح
المتعارضة للدائنين الراغبين في استيفاء ديونهم والمدين المحجوز عليه.
أما المادة 120فقد أجازت بيع العناصر المكونة لألصل التجاري كال على حدة
متى كان البيع بموجب حجز تنفيذي شريطة إخطار الدائنين المقيدين قبل اإلخطار
المذكور بـ 15يوما على األقل وذلك حماية لحقوق الدائنين المقيدين الذين مكنهم
المشرع من خالل هذه المادة من رفع طلب ضد المعنيين باألمر لبيع األصل بجميع
عناصره إذا اتضح لهم أن بيع هذه العناصر كل على حدة سيتفتت األصل التجاري مما
يضر بمصالحهم.
22
حيث عمد المشرع من خالل هذه المادتين إلى التوفيق بين المصالح المتعارضة
لكل من الدائن الحاجز والدائن المقيد والمدين المحجوز عليه ،فالمادة 113مقررة
لصالح الدائن الحاجز والمدين أما المادة 120فمقررة لصالح الدائنين المقيدين.1
تعتبر اإلجراءات الممهدة للبيع الجبري لألصل التجاري بمثابة مقدمات للتنفيذ
الجبري تتم بعد صدور الحكم أو القرار القاضي بالبيع في ظروف من العالنية لحماية
الحقوق المتواجدة ،2ويتعلق األمر بإجراءات التبليغ والشهر:
-التبليغ:
وبالرجوع إلى الفقرة األولى من المادة 115من مدونة التجارة نجدها تنص
على تبليغ مزدوج األول يقع على عاتق كاتب الضبط بحيث يبلغ هذا األخير المحكوم
عليه بالحكم أو في حالة االستئناف بالقرار القاضي ببيع األصل التجاري فور صدوره؛
والثاني يقع على عاتق المحكوم له تجاه البائعين السابقين طبقا للمادة 103من مدونة
التجارة.
3
ويخضع هذا التبليغ طبقا للشروط المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية
الفقرة الثانية من المادة .115
-الشهر القانوني:
الفصول 37و 38و 39و 40و 41من قانون المسطرة المدنية. 3
23
وبالرجوع إلى الفقرة الثالثة من المادة 115من مدونة التجارة نجدها تنص
"يقوم كاتب الضبط في الوقت نفس بالشهر القانوني على نفقة الطالب المسبقة .ويبين
اإلعالن على المزاد في تاريخ إفتتاحه ومدته وإيداع الوثائق بكاتبة الضبط كما ينص
على شروط البيع".
يعلق إعالن البيع بالمزاد بالمدخل الرئيسي للعقار الذي يوجد فيه األصل
التجاري وكذا باللوحة المخصصة لإلعالنات في مقر المحكمة وفي أي مكان يكون
مناسبا لإلعالن وينشر عالوة على ذلك في إحدى الجرائد المخول لها نشر اإلعالنات
القانونية" (ف 4مادة 115من مدونة التجارة).
بعد تمام المسطرة التمهيدية تأتي مرحلة البيع بالمزاد العلني إذا حل اليوم
والساعة المعينين إلجراء المزايدة ولم يؤدي المدين ما بذمته من ديون (ف .1م 117
من مدونة التجارة).
-المزايدة:
إذا حل اليوم والساعة المعينان دون أداء المدين ما بذمته يذكر عون التنفيذ
باألصل التجاري موضوع المزايدة وما يتحمله من تكاليف والعروض الموجودة وآخر
أجل لقبول عروض جديدة ويرسوا المزاد على المتزايد الذي يقدم أعلى عرض أو قدم
كفيال موسرا (ف 1م 117م.ت).
-إعادة البيع:
إذا لم ينفذ الراسي عليه المزاد شروط المزايدة ولم يستجب لإلنذار الموجه إليه
باحترام التزاماته خالل 10أيام يعاد بيع األصل التجاري بمزايدة جديدة على ذمة
المشتري المتخلف داخل أجل الموالي أل 10أيام (م 119من مدونة التجارة).
وبالرجوع إلى المادة 79من مدونة التجارة نجدها تعرف األصل التجاري بأنه
مال منقول معنوي يشمل جميع األموال المخصصة للمارسة نشاط تجاري أو عدة
أنشطة تجارية حيث أن هذا التعريف يستغرق األصل التجاري التقليدي المتعارف عليه
الذي له وجود على أرض الواقع واألصل التجاري اإللكتروني الذي يرتكز وجوده
وعناصر تكوينه على وجوده في العالم الرقمي وسنقتصر في هذه الفقرة على المقاربة
بين األصل التجاري التقليدي واإللكتروني من خالل العناصر الوجوبية – الزبناء
والسمعة التجارية (أوال) وخصوصيات األصل اإللكتروني ومدى تقاربها مع حق
الكراء (ثانيا).
تدوينة نشرها الدكتور مصطفى بونجة المحامي واألستاذ بكلية الحقوق بطنجة على حسابه الفايسبوكي. 2
أحمد شكري السباعي ،م .س ،ج ،1 .الطبعة الثانية ،ص.471 . 3
25
موقعه . 1وهذا التعريف الذي وضعه الفقه لعنصر الزبناء والسمعة التجارية لألصل
التجاري التقليدي يمكن أن يمتد ليشمل عنصر الزبناء والسمعة التجارية لألصل
التجاري اإللكتروني مع اختالف بسيط يتعلق بوجود هذه العناصر في العالم الرقمي
رفقة األصل.
1عبد الواحد حمداوي ،القانون التجاري الدولي ،الطبعة األولى ،سنة ،2005ص.132 .
2مأخوذ من عرض لماستر القانون والمقاولة بجامعة موالي إسماعيل تحت عنوان "األصل التجاري
اإللكتروني" ،من إعداد الطلبة لوطفي الشرقاوي وياسين العاصيمي وعبد الكريم مهدان ،تحت إشراف األستاذ
الدكتور عبد الرحيم شمعية ،ص.7 .
26
نسبة من ثمن التذكرة ويعتمد هذا األصل على نفس البرمجيات التي سبق ذكرها في
المثال السابق .ونذكر كذلك األصل التجاري اإللكتروني الضخم الذي أسسه رجال
أعمال شباب مغاربة youcan.shopالمتخصص في توفير كل المواد البرمجية
وتبسيطها إلنشاء متجر إلكتروني (من مساحة وآليات التحليل وقوالب لعرض السلع
والخدمات )...للراغبين في ممارسة التجارة اإللكترونية مقابل نسبة من األرباح التي
سيحققها المتجر التي تتمثل في 1%يعتمد كذلك على نفس البرمجيات التي سبق ذكرها
ويبلغ عدد المتاجر اإللكترونية –زبناء هذا األصل -التي أنشأت من خالل هذه المنصة
اإللكترونية 300.000متجر ويبلغ حجم المعامالت التي حققتها متاجر المغاربة فقط
المنشأة بهذه المنصة ألزيد من 200مليون دوالر خالل سنة 2021حسب تصريح أحد
الشركاء المؤسسين لهذا األصل اإللكتروني لقناة " 2Mمحمد باعبيت" خالل فقرة
ضيف الظهيرة وغيرها الكثير من األصول التجارية اإللكترونية.
لقيام أصل تجاري إلكتروني يجب أن يتوفر بالضرورة على عنصر اإلستضافة
والتي يقابلها في اللغة اإلنجليزية ،Hostingوعنصر اسم النطاق والذي يقابله في
اللغة اإلنجليزية ،domain nameوباجتماع هذين العنصرين نكون أمام المحل أو
الموقع اإللكتروني الذي يمكن أن يزاول فيه التاجر نشاطه التجاري اإللكتروني لجذب
الزبناء والذي يوازي المحل الذي يزاول فيه التاجر التقليدي نشاطه التجاري في العالم
الواقعي.
27
واالستضافة 1هي عقد يبرم عن بعد يكتري بموجبه شخص من شركة أو موقع
مساحة معينة على حاسوب ضخم متصل بشبكة األنترنت على الدوام لتخزين بيانات
نشاطه مقابل أجرة محددة.
أما االسم النطاق فهو عقد يبرم عن بعد يكتري بموجبه شخص خدمة إسم
النطاق من شركة أو موقع متخصص في نظام اسم النطاق domain Name
Systemاختصارها DNSوهي خدمة تقوم على ترجمة أسماء النطاقات من كلمات
إلى أرقام IP2الذي يشكل عنوانا يستخدم لتعريف الحاسوب داخل شبكة األنترنت
مقابل أجر محدد.
وبإبرام هذين العقدين نكون أمام ما يمكن أن نصطلح عليه بعقد الكراء
اإللكتروني المزدوج الذي يقابله عقد الكراء التجاري 3بالنسبة لألصل التجاري
التقليدي .وبمقتضاه يكتسب التاجر سواء بالنسبة لألصل التجاري التقليدي أو
اإللكتروني الحق في الكراء الذي يعتبر عنصرا معنويا يدخل عند وجوده ضمن
العناصر المعنوية والمادية األخرى التي يتألف منها األصل التجاري ويمنح للتاجر
الم ستثمر المكتري الحق في تجديد عقد كراء العقار أو المحل المكترى عند إنتهائه بقوة
القانون.4
وإذا كان الحق في الكراء عنصر من عناصر األصل التجاري بحيث يحق
للتاجر التصرف فيه بالبيع إفراديا أو مع األصل سواء تعلق بأصل تجاري تقليدي أو
إلكتروني إال أن هناك بعض االختالفات الجوهرية بهذا الخصوص بين النوعين.
-الحق في الكراء بالنسبة لألصل التجاري التقليدي ينصب على العقار في حين
أن الحق في الكراء بالنسبة لألصل التجاري اإللكتروني ينصب على محل –اإلستضافة
والنطاق -في العالم الرقمي.
1يستعمل أغلب الباحثين في مجال القانون أثناء البحث في هذا الموضوع مصطلح عقد اإليواء للداللة على
" "hostingوهي ترجمة معيبة لهذا المصطلح .والمصطلح الصحيح الذي يقابل كلمة " "hostingفي اللغة
العربية هو اإلستضافة.
IP 2هو اختصار لجملة Internet Protocol
3بموجب القانون رقم 49.16المتعلق بكراء العقارات أو المحالت المخصصة لالستعمال التجاري أو الصناعي
أو الحرفي.
4أحمد شكري السباعي ،الوسيط في األصل التجاري ،الجزء الثاني ،الطبعة الثانية ،ص.12 .
28
-أن المكري في األصل التجاري التقليدي ال يمكنه إفراغ التاجر الذي توقف
عن أداء الوجيبة الكرائية إال عن طريق القضاء ،أما في األصل اإللكتروني فإنه بمجرد
ت وقف التاجر عن أداء الوجيبة الكرائية فإنه يتم إقفال محله وإفراغ بياناته عن طريق
حذفها.
-أن اإلنذار بأداء الوجيبة الكرائية بالنسبة لألصل التقليدي توجه إلى عنوان
التاجر -موطن /محل إقامته -ويعتمد على نظرية التسليم ،في حين أن اإلنذار بأداء
الوجيبة الكرائية بالنسبة لألصل اإللكتروني فإنه يوجه إلى البريد اإللكتروني الذي
تعامل به التاجر ويعتمد على نظرية اإلرسال.
وفي األخير نود اإلشارة إلى أنه إذا كان من الممكن تنزيل أحكام البيع الرضائي
لألصل التجاري التقليدي على األصل التجاري اإللكتروني ،فإن تنزيل أحكام البيع
القضائي على هذا النوع من األصول التجارية يعد مستحيال ويطرح العديد من
اإلشكاالت.
29
المبحث الثاني :آثار عقد بيع األصل
التجاري
سبقت اإلشارة في المبحث األول من هذه الدراسة إلى أن مشرعنا المغربي قد
نظم عقد بيع األصل التجاري بقواعد خاصة ،إضافة إلى القواعد العامة وذلك كله راجع
إلى خصوصية وطبيعة هذا المال ،ولذلك فمتى أبرم العقد صحيحا أي موافقا لألركان
والشروط التي حددها المشرع فإنه تترتب عليه آثار قانونية معينة سواء بالنسبة لطرفي
العقد (البائع أو المشتري) أو بالنسبة لألغيار فنقصد هنا دائني بائع األصل التجاري
خاصة إذا علمنا أن هذا المال غالبا ما يكون هو الضمانة األهم في ذمة مدينهم.
ولذلك سنحاول من خالل هذا المبحث أن نتعرض آلثار بيع األصل التجاري
بالنسبة ألطرافه (المطلب األول) ،على أن نخصص (المطلب الثاني) آلثار بيع األصل
التجاري بالنسبة لدائني البائع.
30
حين يقرر البائع بيع أصله التجاري الذي يملكه ،ويقوم فعال بإبرام عقد البيع مع
المشتري صحيحا وموافقا لضوابطه القانونية التي قررها المشرع .1فإن هذا األخير
يتدخل ليقرر له حقوقا وضمانات معينة فريدة من نوعها ويتعلق األمر بحق اإلمتياز (أ)
ودعوى الفسخ (ب) وهذه الضامانات هي نفسها المطبقة في حقل البيوع العقارية.2
يستفيد بائع األصل التجاري المؤجل الثمن بضمانة هامة وتسمى بإمتياز بائع
األصل التجاري بعبارة المشرع المغربي في المادة 391من م.ت " ...امتياز البائع
."...
وهذا الحق معناه أن يتقدم البائع على جميع دائني من باع له محله أي
(المشتري) إلستيفاء الثمن ألن حقوق دائني المشتري نشأت بعد حق البائع ،4وال يعقل
أن تقدم حق وقهم على حقوقه هو .ولذلك ارتأى المشرع إعطاء حق اإلمتياز لهذا األخير
على األصل التجاري المبيع يضمن له إستيفاء ثمنه منه.
لكن هذا الحق أي –حق اإلمتياز -ال يمكن أن يستفيد منه البائع إال إذا احترم
مجموعة من الشروط الواردة في المادتين 91و 92من مدونة التجارة ويتعلق األمر
بما يلي:
-2أن يحترم األجل المحدد للتقييد المذكور أعاله ،مما يجعل حقوقه ثابتة بما
فيها الحق في إستيفاء الثمن وبالتالي إمكانية اإلحتجاج به في مواجهة التسوية والتصفية
القضائية للمشتري.
1ونعني بذلك األركان العامة والخاصة التي خصصنا لها المطلب األول من المبحث األول من هذه الدراسة.
2عز الدي بنستي ،دراسات في القانون التجاري المغربي ،ج( 2 .األصل التجاري) ،الطبعة األولى،2001 ،
مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،ص.145 .
3تم تغيير وتتميم المادة 91أعاله بمقتضى المادة الثامنة من القانون رقم 21.18المتعلق بالضمانات المنقولة.
4فؤاد معالل ،شرح القانون التجاري الجديد ،ج ،1 .نظرية التاجر والنشاط التجاري ،الطبعة الخامسة ،مطبعة
النجاح الجديدة الدار البيضاء ،2018 ،ص.205 .
31
-3أن يبين في عقد البيع وفي التقييد عناصر األصل التجاري التي يترتب عليها
اإلمتياز فإذا لم يعنيها على وجه الدقة شمل اإلسم التجاري والشعار والحق في الكراء
والزبناء والسمعة التجارية.
وتكمن أهمية هذا التحديد في أن امتياز البائع ال يمارس على األصل التجاري
ككل ،بل يمارس عبر تجزيء اإلمتياز على البضائع واألدوات ثم العناصر المعنوية.
إن احترام الشروط القانونية المشار إليها سابقا إلمتياز البائغ تخول لهذا األخير
ضمانات هامة إلستيفاء دينه .وهكذا يستفيد البائع من حق األولوية في إستيفاء دينه ثم
من حق تتبع األصل التجاري في اي يد كان.
* حق األفضلية:
إن امتياز بائع األصل التجاري يجعله يفضل ويسبق على الدائنين العاديين
للمشتري وكذلك على الدائنين المقيدين كأصحاب الرهن الرسمي على األصل التجاري
حتى ولو تم تقييد هذا الرهن قبل تقييد امتياز البائع ألن امتياز البائع على الثمن يبدأ من
تاريخ عقد البيع وليس من تاريخ تقييده ،مع اإلشارة طبعا إلى أن هذا الحق يحتج به
أيضا في مواجهة التسوية والتصفية القضائية للمشتري.4
1عبد الرحيم شميعة ،محاضرات في القانون التجاري ،النظرية العامة لألعمال التجارية ،األصل التجاري –
الشركات التجارية .مطبعة ووراقة سجلماسة ط 3سنة 2003ص 170 .
2عبد الرحيم شميعة ،م .س ،ص.171 .
3عز الدين بنستي ،م .س ،ص.145 .
4أنظر الفقرة األخيرة من المادة 92من م .ت.
32
* حق التتبع:
باإلضافة إلى حق األفضلية ،فإن البائع صاحب اإلمتياز – يتمتع أيضا بحق
التتبع الذي يمكنه من إستيفاء الثمن من الحائز الفرعي لألصل التجاري ،وال يمكن لهذا
األخير أن يحتج بأي ضرر مادام قد اطلع على وجود اإلمتياز في السجل الوطني
اإللكتروني.
يملك بائع األصل التجاري إلى جانب –حق اإلمتياز -الحق في ممارسة دعوى
تسمى بدعوى الفسخ ك جزاء لعدم تنفيذ المشتري اللتزامه المقابل بدفع الثمن المؤجل.1
لكن حتى يستفيد بائع األصل التجاري بهذا الحق أصال ،وحتى يتمكن من
إسترجالع األصل المبيع دون إلحاق الضرر باألغيار ونعني بذلك دائني المشتاري
لذلك ،فيتعين عليه أن يحترم مجموعة من الشروط وهي كالتالي:
-يجب على البائع الذي يريد ممارسة دعوى الفسخ إلمتناع المشتري عن الوفاء
بالثمن اإلشارة إليها صراحة في تقييد اإلمتياز ،المادة 99م.ت.
-دعوى الفسخ تقتصر على العناصر التي يشملها عقد البيع فقط شأنها شأن
اإلمتياز في ذلك.2
-يتعين على البائع الذي أراد ممارسة دعوى الفسخ أن يبلغ ذلك للدائنين
المقيدين على األصل في الموطن الذي اختاروه في تقييداتهم ومن ثم فال يمكن أن
يصدر الحكم إال بعد مرور ثالثين يوما من هذا التبليغ.3
أما بخصوص آثار الفسخ قد حددتها المادة 100من م.ت على النحو التالي:
* حين يتم فسخ البيع سواء رضا أو قضاء ،فإنه يثبت للبائع حق استرداد جميع
عناصر األصل التجاري التي تناولها عقد البيع بما فيها العناصر التي لحقها انقضاء
امتيازه عليها أو إقامة الدعوى في شأنها.
33
* أما ما يتعلق بالبضائع والمعدات الموجودة وقت إسترداد الحيازة فإنه يحاسب
على ثمنها بناء على تقديرها بواسطة خبرة حضورية رضائية أو قضائية على أن
يخصم ما هو مستحق له بموجب اإلمتياز على األثمان الخاصة بالبضائع والمعدات،
ويبقى الزائد إن كان ضمانا للدائنيين المقيدين إن وجدوا وإال فللدائنين العاديين.
بمجرد تمام العقد باستيفائه لكل األركان المنصوص عليها قانونا ينعقد بيع
األصل التجاري ويرتب التزامات قانونية معينة على عاتق البائع منها :التزام البائع
بنقل ملكية األصل التجاري وتسليمه (أ) باإلضافة إلى اإللتزام بالضمان (ب).
بقيام عقد بيع األصل التجاري صحيحا أي مستوفيا لكل أركانه وشروطه ،تنتقل
ملكية األصل التجاري من البائع إلى المشتري ويصبح هذا األخير مالكا ويحق له
التصرف في مشتراه (البيع ،الرهن وغيرها) ،غير أنه إذا كان األصل التجاري يحتوي
على عناصر تخضع لقواعد تفويت خاصة ،فإنه يجب إحترام تلك القواعد في تفويتها
باإلضافة إلى قواعد تفويت األصل التجاري ككل مثال ذلك :براءة اإلختراع وعالمة
الصنع والحق في الكراء.
أما بخصوص التسليم فلقد سبقت اإلشارة إلى أن المشرع نظم بيع األصل
التجاري بقواعد قانونية خاصة إلى جانب القواعد العامة ،وبالتالي إذا كان تسليم المبيع
في إطار هذه القواعد األخيرة يتم بمجرد أن يتخلى البائع عن الشيء المبيع ويضعه
تحت تصرف المشتري بحيث يستطيع المشتري حيازته بدون عائق ،فإن األصل
التجاري وبحكم طبيعة العناصر التي يتكون منها الشك بأن تسليمه ستكون له
خصوصية في هذا المجال.
34
الملكية األدبية والفنية مادامت من ضمن العناصر المعنوية ،فإنه يتعين احترام
إجراءات شكلية خاصة منها إجراء التقييدات القانونية بالجهة التي لها صالحية حفظ
هذه الحقوق فضال عن التقيد بأحكام السجل المعد لهذه الغاية.1
يترتب على بيع األصل التجاري التزام البائع بضمان اإلستحقاق ( )1وضمان
العيوب الخفية( )2إلى جانب إلتزامه بضمان أفعاله الشخصية ونعني بذلك اإللتزام –
بعدم المنافسة -وقد ارتأينا أن نتحدث عن هذا اإللتزام األخير حين الحديث عن حقوق
المشتري وذلك حتى يكون هناك انسجام ما بين فقرات هذه الدراسة.
إن هذا اإللتزام يجد أساسه القانوني في الفصل 534من ق.ل.ع ،2ومفاده أن
بائع األصل التجاري يضمن لمشتريه اإلستحقاق الذي قد يقع ضده من قبل الغير وذلك
بسبب حق كان موجود عند البيع ،3وعليه فإذا حرم المشتري من حوز األصل المبيع
بسبب إدعاء شخص من الغير أن له حق على األصل التجاري كما لو كان موضوعا
لبيع سابق مثال ،إذ يكون اإلستحقاق كلي منه ،وقد يكون إستحقاق جزئي مثال براءة
اختراع أو حق إيجار من حق الغير هنا يترتب الضمان على البائع ومن ثم يحق
للمشتري أن يطلب فسخ البيع ويرد الثمن مع التعويض طبعا إذا كان له موجب 4أو
يطلب إنقاص الثمن.
1عبد العزيز توفيق ،العمليات التي ترد على األصل التجاري ،الحلقة الثانية ،مجلة المحاماة ،العدد ،19ص.68 .
2ينص الفصل 534من ق.أل.ع على ما يلي ":ويلتزم البائع أيضا بقوة القانون بأن يضمن للمشتري اإلستحقاق
الذي يقع ضده ،بمقتضى حق كان موجودا عند البيع".
يكون االستحقاق من حوز الشيء المبيع في الحاالت اآلتية:
-إذا حرم المشتري من حوز الشيء المبيع كله أو بعضه.
-إذا كان المبيع في حوز الغير ولم يتمكن المشتري من استرداده منه.
-إذا اضطر المشتري لتحمل خسارة من أجل افتكاك المبيع".
3نور الدين عسري ،بيع األصل التجاري في التشريع المغربي في ضوء اإلجتهاد القضائي ،الطبعة األولى ،دار
القلم للطباعة والنشر والتوزيع سنة .2002الرباط ص .232
4قرار محكمة اإلستئناف التجارية بفاس رقم 586الصادر بتاريخ 2001/05/22ف الملف عدد 209و201
(غير منشور).
35
قد تظهر عيوب خفية في األصل التجاري والتي تكون من شأنها أن تنقص من
قيمته نقصا مسحوسا مثال :سحب رخصة اإلستغالل ،أو إنقضاء براءة إختراع أو
صدور قرار إداري بإغالق المحل وغيرها ومن ثم متى وجد هذا العيب الخفي فإنه
يكون من حق المشتري إما فسخ البيع والتعويض عن الضرر ،وإما إنقاص الثمن.1
وتجدر اإلشارة إلى أن هذا العيب يوجد في جميع أنواع البيوع الواردة على
المنقوالت والعقارات على السواء ،ويجب بالتالي تقدير العيب تبعا لطبيعة الشيء
المبيع فإذا كان محل البيع هو عنصر الزبناء ،فال يمكن أن تتمسك بالعيوب التي تلحق
فقط عنصر من العناصر المادية ،كالمعدات مثال ،وبالتالي فيجب أن يكون العيب الخفي
ذو طبيعة من شأنها أن تقلص من عدد الزبائن.2
معلوم أن لعقد بيع األصل التجاري أهمية كبرى في تنشيط الحياة االقتصادية،
ولما كان مشتري هذا المال غالبا ما يكون شخصا عاديا ال دراية له بخبايا البيع
المنصبة على األصل التجاري ،والذي قد يعمل على تسخير إمكانيات مالية باهضة من
أجل االستثمار في شراء أصل تجاري معين دون أن يعلم ما يوجد على عاتق هذا المال
الذي اشتراه من تكاليف ورهون من قبل الغير ،نجد أن المشرع المغربي وهو بصدد
وضع األحكام المنظمة لهذا العقد عمل على إيجاد ضمانات هامة من أجل حماية
مشتري هذا المال سواء على مستوى القواعد العامة أو في إطار نصوص خاصة .ومن
هذه الحقوق (الحق في اإلعالم) (أ) ،ثم (الحق في عدم المنافسة) (ب).
36
برجوعنا إلى المادتين 81و 82من مدونة التجارة يتضح أن المشرع المغربي
قد عمل على إعطاء عملية البيع المنصبة على األصل التجاري شفافية أكبر حماية
لمشتري هذا المال .والشك أن الشخص حين يرغب في شراء األصل التجاري فهو
غالبا ما يتوخى إبرام صفقة ناجحة وذات مرودوية اقتصادية.1
ولقد فطن المشرع الفرنسي إلى هذه المسألة بعد 26سنة من إصداره للقانون
المنظم للعمليات الواردة على األصل التجاري قانون 29يونيو 1935فأوجب على
البائع تمكين المشتري من معرفة الحقيقة االقتصادية لألصل التجاري ،خاصة إذا علمنا
أن تركيبة هذا المال قد تسقط المشتري في جهل لقيمته التجارية .وهذا ما دفع بالمشرع
الفرنسي إلى ضرورة توفير إعالم جيد للمشتري حول قيمة هذا المال من خالل تمكينه
من معرفة رقم أعمال أرباح األصل التجاري للسنوات الثالثة األخيرة لإلستغالل.
وحيث يترتب عن تخلفه كشف حقيقة مؤداها اعتبار األصل التجاري في حالة
خسارة . 2وعليه ،فإذا لم يتدارك البائع هذا البيان فإنه يكون ملزما بتخفيض الثمن وذلك
بما يزيل الضرر عن المشتري.3
مع ذلك نرى بأن مشتري األصل التجاري في مدونة التجارة كان أقل حظا من
مشتري األصل التجاري طبقا للقانون الفرنسي ألنه بالرغم من البيانات الهامة التي
حددتها المادة 81من مدونة التجارة .4فإنها تبقى قليلة وال تخدم كثيرا مصلحة
ا لمشتري .خاصة إذا علمنا أن هاجس هذا األخير األكبر هو معرفة الصفقة التي ابرمها
هل هي مربحة أم ال؟ وهذا يعني أنه قام بشراء أصل تجاري يتناسب مع قيمة ما دفع
فيه ،ولذلك نرى أنه على المشرع المغربي أن يسلك نفس النهج الذي سلكه المشرع
الفرنسي وأن يلزم البائع بتمكين المشتري بما يجعله على علم بالحقيقة االقتصادية
لألصل التجاري.
-اسم البائع وتاريخ عقد التفويت ونوعيته وثمنه مع تمييز ثمن العناصر المعنوية والبضائع والمعدات.
-حالة تقييد اإلمتيازات والرهون المقامة على األصل.
-وعند االقتضاء ،الكراء وتاريخه ومدته ومبلغ الكراء الحالي واسم وعنوان المكري.
-مصدر ملكية األصل التجاري.
37
ولقد أشارت المادة 81من م.ت إلى مجموعة من البيانات التي يتعين أن ينص
عليها عقد بيع األصل التجاري ويتعين علينا أن نميز فيها ما بين تخلف أحد هذه
البيانات ( )1وبين عدم صحة أحد هذه البيانات (.)2
بالرجوع إلى المادة 82من م.ت نجد أن فقرتها األولى تنص على أنه "إذا لم
يشتمل عقد البيع على أحد البيانات المنصوص عليها في المادة السابقة جاز للمشتري
أن يطلب التصريح بإبطال العقد في حالة تضرره من جراء ذلك".
إذا كانت البيانات المذكورة في العقد غير صحيحة جاز للمشتري أن يطلب
التصريح بإبطال العقد أو بتخفيض الثمن في حالة تضرره من جراء ذلك".
38
والحكم الذي راعى ذلك وقضى بإتمام إجراءات البيع يعد في محله ويتعين
تأييده".1
قرار آخر ذهب في نفس اإلتجاه وحيث قضى بما يلي ":إبطال عقد البيع لنقص
في بياناته القانونية مقررة لفائدة المشتري وحده ،إن المشرع أعطى الحق فقط للمشتري
في أن يطلب التصريح بإبطال عقد بيع األصل التجاري في حالة تضرره من جراء
عدم تضمين هذا العقد البيانات المنصوص عليها قانونا ،كحالة تقييد اإلمتيازات
والرهون المقامة على األصل التجاري ،أما البائع فال صفة له للمطالبة بإبطال العقد".2
وفي األخير تجدر اإلشارة إلى أن المشتري قيده المشرع بأجل سنة إلقامة
دعوى اإلبطال يبدأ من تاريخ عقد البيع.
-أن يكون محدد من حيث الزمان بحيث تحدد له مدة معقولة ال يجوز للبائع
خاللها أن يمارس نشاطه التجاري ألنه ال يتصور حتى منطقيا تقييد حرية الشخص
مدى الحياة.
1قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بفاس رقم " "185الصادر بتاريخ 2011/2/10ملف عدد
( ،2010/871غير منشور).
2القرار عدد 1379الصادر بتاريخ 5نونبر 2008في الملف عدد .2008/2/3/104
3فؤاد معالل ،م .س ،ص.206 .
4نفس المرجع أعاله
39
-أن يكون محددا أيضا من حيث المكان بحيث تحدد له منطقة معينة يمنع على
البائع أن يزاول تجارة مماثلة في حدودها.
-وأيضا أن يمارس البائع نشاط تجاري مغاير ال يؤثر على التجارة التي كان
يمارسها في األصل المبيع.1
وإذا ثار نزاع حول هذا االلتزام فإن األمر يعود لسلطة التقديرية لقاضي
الموضوع الذي يقدر كل حالة على حدة في ضوء الظروف والمالبسات المحيطة
بالقضية فيما إذا كان هناك فعال إخالل بهذا اإللتزام أم ال.2
مع العلم أن المتعاقدان نادرا ما يتركان األمر للقضاء وإنما يفضلون تضمين
عقودهم نص يوضح الحدود التي سيلتزمها البائع ،وهو التزام صحيح إذا استوفى
الشروط التي سبقت اإلشارة إليها ،أما إذا كان هذا المنع مطلق الشك فيه أنه سيكون
باطال لما فيه من إعتداء على الحرية الشخصية للبائع.3
بل قد يكون هذا اإللتزام ضمني في العقد ،ألن هذا األخير ما كان ليبرم لو أن
المشتري علم بأن البائع سيقوم بعمل من األعمال التي قد تحول الزبناء من المحل
المباع إلى المحل الجديد فور إبرام العقد وفي هذا الصدد قضت المحكمة اإلبتدائية
بالدار البيضاء "بصحة الشرط المدرج في عقد بيع المحل التجاري والذي يتمثل في
عدم المنافسة من قبل البائعة في مكان وزمان محددين ،واعتبرته تبعا لذلك للبائعة وكذا
زوجها سواء كان نظام زواجها يخضع لنظام اختالط األموال أو فصلها".4
يتحمل المشتري تجاه البائع بإلتزامين أساسيين حسب الفصل 576من ق.ل.ع
هما :اإللتزام بدفع الثمن (أ) واإللتزام بتسلم المبيع.
1نجيم أهتوت ،محاضرات في القانون التجاري ،2019 -2018 ،مكتبة األنوار ،ص.87 .
2عز الدين بنستي ،م .س ،ص.141 .
3محمد أخياط ،القانون التجاري المغربي الجديد ،مطبعة دار النشر الجسور وجدة ،طبعة ،2000ص.240 .
4حكم منشور في مجلة المحاكم المغربية بتاريخ .1946/12/10ص ،291أخذا عن الدكتور عز الدين بنستي،
م.س ،ص .141
40
برجوعنا إلى الفصل 577من ق.ل.ع نجد أن المشرع المغربي قد ألزم
المشتري بأن يدفع الثمن للبائع في التاريخ وبالطريقة التي تم تحديدها في العقد ،أما إذا
سكت العقد عن ذلك يعتبر أن البيع قد أبرم معجل الثمن ويتعين على المشتري أن يدفعه
في نفس وقت حصول التسليم.
أما عن دفع الثمن في إطار البيع المنصب على األصل التجاري فإنه في غالب
األحيان ما يتفق المتعاقدان أي البائع والمشتري على أن يؤدي الثاني لألول الثمن على
شكل أقساط دورية شهرية أو سنوية أو نصف سنوية خاصة إذا علمنا أن بعض
األصول التجارية تكون قيمتها مرتفعة جدا.
ومع ذلك إذا كان الثمن معجال وتم تسجيل البيع في السجل التجاري فإنه يتعين
على المشتري أال يؤديه للبائع إال بعد أن تمر مدة التعرض المحدد في خمسة عشر يوما
التي قررها المشرع لفائدة دائني البائع وإذا مرت المدة ،ولم يتقدم أي متعرض جاز له
أن يدفعه حينها للبائع وال مسؤولية عليه تجاه دائني البائع.1
أما اإلجراءات األخرى فهي عادية قد تطال سائر البيوع وشائعة العمل في
فرنسا وهي:
-اإلتفاق على وضع الثمن لدى وسيط (موثق أو غيره) خوفا من اإلعسار وهو
في صالح البائع أكبر منه في صالح المشتري .وهذا اإلجراء إلزامي في بالدنا عمال
بالمادة 81في فقرتها األولى من مدونة التجارة التي تلزم إيداع ثمن البيع لدى جهة
مؤهلة قانونا لإلحتفاظ بالودائع تحت مسؤولية البائع والمشتري.2
-اللجوء إلى تحرير كمبياالت أو سندات ألمر ،في حالة ما إذا كان األداء على
دفعات أو أقساط بغية خصمها لدى أحد البنوك ،وتعرف هذه العملية بمصطلح سند
األصل التجاري.3
لكن نظرا للعناصر المكونة لألصل التجاري ،فإن طريقة تسلمه تختلف بحسب
العناصر التي وقع البيع عليها مثال بخصوص البضائع مادامت من ضمن العناصر
المادية فإن تسلمها يتم عن طريق الحيازة المادية المباشرة أو حيازة السندات المخولة
ملكيتها إذا كانت موجودة بمستودعات أو مخازن عمومية .إذ أن المخزن العمومي يسلم
للمودع عند قيامه بوضع بضائعه لديه سندين يتضمان البيانات الخاصة بهوية هذا
األخير ،وبالبضائع المودعة من حيث نوعها وكميتها ،أحدهما يأتي في شكل إيصال
والثاني في شكل بطاقة رهن .وبالتالي متى تم تظهير اإليصال برفقة بطاقة الرهن فإن
3
ذلك يقيد انتقال ملكية البضاعة إلى المظهر إليه الذي يمكنه سحبها من المحزن.
أما بخصوص براءة اإلختراع مثال فإن تسلمها يستوجب حيازة السندات
القانونية المتعلقة بملكية هذه الحقوق باسم المالك الجديد بالسجل المعد لهذه الغاية.4
-1احترام أجل التعرض وهو 15يوما بعد النشر الثاني فمن هنا تأتي العبرة
من عملية النشر في الجريدة الرسمية أو إحدى الجرائد المخول لها نشر اإلعالنات
القانونية والتي يتوخى منها إخبار دائني البائع من عملية البيع التي يقدم عليها في
غيبتهم.3
-2وقوع التعرض على أداء ثمن البيع ،بمعنى أن التعرض ال يكون على البيع،
وإنما على تسليم أو تفويت الثمن من المشتري إلى البائع ،فيجب أن يودع الثمن في
صندوق المحكمة أو أي جهة مؤهلة لإلحتفاظ بالودائع.4
-3وقوع شكل التعرض إما عبر رسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل توجه
إلى كتابة ضبط المحكمة التي تم إيداع العقد بها أي تسجيل البيع وشهره ،أو بإيداع
التعرض بتلك الكتابة مباشرة مقابل وصل.5
فهد مخلفي ،حماية الدائنين في عقد بيع األصل التجاري ،بحيث نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء .2015 1
43
-4يجب أن يبين المتعرض في الطلب تحت طائلة البطالن مبلغ الدين وأسبابه
والموطن المختار داخل دائرة المحكمة.1
هكذا خول القانون التجاري للدائنين حق تقديم تعرضهم على الثمن ،وال يهم إذا
كان الدين يتعلق باستغالل األصل التجاري ،أو دين مدني ،وما إذا كان الدين حاال أو لم
يحل أجل استحقاقه ،2فيتعرضون لخطر ضياع حقوقهم ،السيما وأن البيع ال يستتبع
بقوة القانون انتقال الديون إلى المشتري.
-1متى تم التعرض خالل المدة القانونية إلتزام المشتري 3بعدم دفع الثمن إلى
البائع إذ يتجمد الثمن بين يدي المشتري.
-2إذا قام المشتري بوفاء الثمن قبل إعالم الدائنين به أو قبل إنصرام أجل
االعتراض الممنوح لدائني البائع أو دون مراعاة اإلعتراض المقدم فإن مثل هذا الوفاء
ال يكون مبرءا لذمته إتجاه الدائنين.
-3إذا كان التعرض بدون سند أو بدون سبب أو باطال من حيث الشكل ولم تقم
دعوى في الموضوع ،جاز للبائع أن يطلب من قاضي المستعجالت اإلذن بقبض ثمن
البيع بالرغم من وجود التعرض.4
-4متى دفع المشتري الثمن للبائع بناء على أمر من قاضي المستعجالت برئت
ذمته قبل المتعرضين ،وانتقلت بالتالي آثار التعرضات إلى كتابة الضبط للمحكمة
المختصة على أن يوقع تصريحا يعلن فيه بأنه يجهل وجود دائنين آخرين ،غير الذين
أشار إليهم البائع في طلبه لقبض الثمن.5
وفي حالة عدم التعرض داخل المدة المحددة فإن البائع يستحق الثمن من
المشتري حتى ولو ثبت حقيقة وجود دائنين ،حيث جاء في قرار لمحكمة االستئناف
فهد مخلفي ،حماية الدائنين في عقد بيع األصل التجاري ،بحث نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء .2015 2
44
...":باإلطالع على التعرض المقدم من طرف المستأنف يتبين أنه حدد جزء من الدين
ولم يقم بإدراج المبالغ المستحقة حسب الثابت من رسالة التعرض ولم يتقدم بأي
تعرض آخر إضافي داخل األجل المحدد في المادة 84من مدونة التجارة وأن اكتفائه
بالقول بأنه حفظ حقه في اإلدالء بديونه في الرسالة فإنه يتعين عليه اإلدالء بها داخل
األجل المذكور ،مادام المشرع قد وضع حدا أقصى من حق الدائن التعرض خالله
حسب الثابت من المادة أعاله وهو ما لم يقم به بل أكثر من ذلك فالمستأنف عليه قام
بإيداع مبلغ الدين تعرض من أجله المستأنف على ثمن ببيع األصل التجاري بصندوق
المحكمة لتبرئة ذمته مما يبقى معه طلب المستأنف عليها وجيها وهو ما انتهى إليه
األمر المستأنف عن صواب مما يقتضي تأييده.1
وأخيرا ،فإن المشرع سمح للبائع أن يتقدم بعد انصرام 10أيام على المهلة
المقررة لقبول التعرضات لدى قاضي المستعجالت يطلب لقبض الثمن رغم التعرض
على أن يودع البائع لدى كتابة الضبط –مبلغا كافيا للوفاء بالديون التي تعرض
أصحابها -يحدده قاضي المستعجالت متى ثبت الدين باعتراف من البائع أو يوجب
حكم ،ويستفيد الدائنين المتعرضين بحق األفضلية على المبلغ في مواجهة بقية الدائنين
الذين لم يتعرضوا.2
وهكذا يتعين علينا الوقوف عند شروط هذا الحق (أوال) ،وكذلك آثاره (ثانيا).
قرار لمحكمة االستئناف التجارية بفاس رقم 993الصادر بتاريخ 24/06/2009ملف عدد .475/2009 1
45
-1أن يكون البيع رضائي بمعنى غير حاالت البيع العلني الذي يتم بطلب من
السنديك في التسوية أو التصفية القضائية ،وبطلب من الشركاء على الشياع لألصل
التجاري وكذلك في حالة البيع القضائي.1
-2يتعين أن يكون المزايد بالسدس أو المزايد على المزايد على غرار البائع
والمشتري األول نفسه متمتعا بأهلية تملك األصل التجاري والتصرف فيه وأهلية
التقاضي.3
-3أن يكون ثمن بيع األصل التجاري المعلن عنه غير كافي لوحده بالوفاء
بدوين الدائن ،وإال فال مصلحة لهم في التعرض.4
-4وال يستفيد الدائن من طلب إعادة البيع بزيادة السدس إال إذا قدم كفيال لضمان
أداء الثمن ،وتحمالت المزاد أو أن يثبت قدرته على التسديد وذلك حماية للبائع من
التعسف.5
-5ويجب أن يكون طلب الزيادة بالسدس داخل أجل شهر من عملية النشر
الثانية.
-6أن يكون بيع األصل التجاري في المزاد العلني بشرط السدس على الثمن
الرئيسي لألصل التجاري دون أن يشمل البضائع واألدوات والمعدات أي سدس قيمة
العناصر المعنوية.
أحمد شكري السباعي ،الوسيط في األصل التجاري ،الجزء الثالث ،ص.220 . 2
أحمد شكري السباعي ،الوسيط في األصل التجاري ،الجزء الثالث ،ص.211 . 3
46
وحتى توضح الصورة نورد المثال اآلتي:
إذا بيع أصل تجاري بمبلغ إجمالي 100.000درهم على أساس 40.000درهم
للعناصر المادية 60.000للعناصر المعنوية فرأى أحد الدائنين المتعرضين بأن هذا
الثمن المعلن عنه يقل عن القيمة الحقيقية لألصل التجاري أي أن الثمن المذكور ال
يكفي لتغطية الديون المترتبة على التاجر حتى يمارس الدائنون المتعرضون امتيازهم
على هذا الثمن ففي هذه الحالة يقوم بزيادة جديدة عن الثمن المعلن عنه قدرها السدس
لكن ليس من الثمن بل من قيمة العناصر المعنوية لألصل التجاري المبيع كما يلي:
إذا تمت الزيادة بالسدس وفق شروطها التي يتطلب القانون توافرها فإنه يترتب
عنه اآلثار التالية:
-إذا رسا المزاد على المشتري تثبت ملكيته لألصل التجاري بأثر رجعي يعود
إلى تاريخ عقد البيع وليس إلى تاريخ المزايدة ،أما في حالة ما إذا رسا المزاد على
شخص آخر غير المشتري األصلي أو األول فقد هذا األخير ملكية األصل التجاري ألن
عقد البيع ينفسخ بأثر رجعي كذلك ،ويحق له في هذه الحالة الرجوع على البائع
بالتعويض عن الضرر الالحق به من جراء فسخ البيع لعدم وفاء البائع بالتزام ضمان
االستحقاق.2
إذا لم ينفذ الراسي عليه المزاد شروط المزايدة ولم يستجيب لإلنذار الموجه إليه
باحترام التزاماته خالل عشرة أيام يعاد بيع األصل التجاري بالمزاد على ذمته.2
إذا نجح المزاد انتقلت حقوق الدائنين المتعرضين إلى المبلغ الذي رسا عليه،
وإذا لم ينجح تحمل المتعرض مصاريف إجرائه باإلضافة إلى سدس الثمن الذي التزم
به كزيادة.3
يتعين على دائني البائع إذا رسا ثمن البيع نهائيا ،سواء وقع المزاد أم ال ،أن
يتفقوا على توزيع الثمن رضائيا أو حبيا أما إجراء التوزيع قضائيا فيتم طبقا للقواعد
المنصوص عليه في قانون المسطرة المدنية.4
فهد مخلفي ،حماية الدائنين في عقد بيع األصل التجاري ،بحث نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء .2015 3
أحمد شكري السباعي ،الوسيط في األصل التجاري ،الجزء الثاثل ،ص.222 . 4
48
خاتمة:
إنطالقااا ماان إشااتغالنا فااي تحلياال مؤسسااة بيااع األصاال التجاااري ،وكشااف أغوارهااا
وبيااان تفاصاايلها ،بشاايء ماان اإلختصااار والتركيااز الغياار المخاال ،تبااين لنااا أن المشاارع
المغربي نظم بيع اال صل التجاري بقواعد خاصة واستثنائية قصد توفير الحماية األعدل
لكل متأثر بهذا العقد ،الاذي يعاد محارك مان محركاات عجلاة اإلقتصااد والتنمياة ،إال أن
الترسانة القانونية المغربية يعتريها بعض القصور والانقص فاي ماواطن عادة ،آثرناا أن
نقدمها على شكل توصيات إلتمام القصد من تنظيم بيع األصل التجاري بقواعد خاصة:
يجب على المشرع المغرب الحسم في شكلية الكتابة أهاي لإلنعقااد أم لإلثباات أم -
أنها شكلية خاصة إلتمام إجراءات البيع.
-علااى المشاارع المغربااي إعااادة النظاار فااي وسااائل الشااهر المنصااوص عليهااا فااي
المادة 83لكونها ال تحقق الغاية المرجو منها بالشكل المتطلب.
علااى المشاارع المغربااي الااتخلص ماان احتشااامه والتاادخل لتنظاايم مجااال التجااارة -
اإللكترونية بمنظومة قانونية شاملة ،تتالءم وطبيعة هذا المجال.
-يجااب علااى المشاارع المغرباااي مواكبااة التطااور وتنظااايم بيااع األصاال التجااااري
األلكتروني.
-على المشرع المغربي التنصيص على الجزاء المترتب على عدم تقيد الدائن
المرتهن باإلخطار واألجل الوارد في المادة .120
-على المشرع المغربي أن يظيف بيان آخر إلى جانب البيانات المذكورة في
المادة 81من مدونة التجارة ،تعرف المشتري بالقيمة اإلقتصادية لألصل
التجاري اال وهو رقم أعمال وأرباح األصل التجاري خالل الثالث السنوات
األخيرة لإلستغالل.
49