You are on page 1of 3

‫نبذة عن المسيرة الخضراء‬

‫قامت المسيرة الخضراء على أرض مدينة طرفاية جنوب المغرب‪ ،‬وحدثت المسيرة الخضراء على أرض دولة المغرب في شهر تشرين الثاني عام‬
‫‪1975.‬م بعد أن تم التمهيد لها على مستوى كبير لجميع أفراد الدولة‬

‫سبب تخليد ذكرى عيد المسيرة الخضراء‬


‫تعد المسيرة الخضراء واحدة من رموز بلد المغرب التي ساهمت بشكٍل ما في الحفاظ على أحد أجزاء أراضيه‪ ،‬باإلضافة إلى كونها أكبر مسيرة سلمية‬
‫حصلت في العالم على مدى العديد من األعوام‪ ،‬فقد كانت القوى األجنبية محتلًة للصحراء المغربية منذ عام ‪1884‬م‪ ،‬وعليه فقد قام المغرب بتقديم‬
‫اعتراضات للقضاء الدولي بأن هناك روابط وثيقة بين هذه الصحراء وبين القادة والمغاربة والعرش الذي كان يمثله الحكام المغربيون‪ ،‬في حين أن‬
‫دولة أخرى من جهتها قد قامت بتقديم نفس االعتراضات وقالت بأن الصحراء منسوبة إليها منذ األزل‪ ،‬األمر الذي دفع بعض القبائل التي كانت تسكن‬
‫الصحراء في البحث عن حريتها واستقاللها لتتخلص من النزاع الذي نشأ عليها‪ ،‬وعليه في عام ‪1975‬م وتحديًد ا في شهر أكتوبر أقر القضاء الدولي‬
‫بأن الصحراء تابعة للعرش المغربي وأنها األحق به‪ ،‬إال أن أهالي وسّك ان الصحراء عليهم اتخاذ القرار في ذلك‪ ،‬وعليه تمت دعوة كافة أطراف‬
‫ومواطني المغرب إلى التقدم نحو مسيرة سلمية إلى الصحراء لضمها إلى البالد‪ ،‬األمر الذي دعى الشعب المغربي إلى االحتفال بذلك في كل سنة‬
‫واعتباره عيًد ا لما ترك فيهم من فخر وأثر كبير في االعتزاز بالدولة والوحدة الوطنية التي كانت سبًب ا في الحفاظ على جزء مهم من أراضي المغرب‪،‬‬
‫‪.‬باإلصرار والشجاعة اللذين كانا ضروريين لتحقيق النجاح في ضم الصحراء إلى دولة المغرب كوحدة واحدة ال تتجزأ مع الدول األخرى‬

‫عدد المشاركين في المسيرة الخضراء‬


‫بلغ عدد المشاركين في المسيرة الخضراء ‪ 350‬ألًف ا من المواطنين العزل‪ ،‬الذين ال يملكون أي سالح‪ ،‬باإلضافة إلى ‪ 20‬ألف جندي مغربي توجهوا‬
‫جميعهم نحو الصحراء وتحديًد ا إلى مدينة طرفاية‪ ،‬وذلك في سبيل إقناع قبائل الصحراء إلى االنضمام إلى دولة المغرب بشكل سلمي يظهر ودهم‬
‫‪.‬ومحبتهم‬

‫ما بعد المسيرة الخضراء‬


‫نتج عن القيام بالمسيرة الخضراء توقيع اّت فاقية بين كل من إسبانيا وموريتانيا والمغرب في مدريد عاصمة إسبانيا وذلك في الرابع عشر من شهر‬
‫‪.‬تشرين الثاني عام ‪1975‬م‪ ،‬وتم من خاللها منح المغرب سلطتها على إقليم الصحراء الجنوبي‬

‫تاريخ‬
‫في ‪ 13‬ديسمبر ‪ ، 1974‬اعتبرت الجمعية العامة بأن إستمرار الوضع االستعماري في الصحراء سيهدد اإلستقرار في منطقة شمال غرب إفريقيا‪،‬‬
‫وطلبت الجمعية العامة من محكمة العدل الدولية‪ ،‬اإلجابة عن طلب إستشاري تقدم به المغرب وهو‪ :‬هل كانت الصحراء وقت استعمارها من طرف‬
‫إسبانيا أرضًا ال يملكها أحد؟ وما هي الروابط القانونية بين الصحراء وبين المغرب وموريتانيا؟‬
‫في ‪ 16‬أكتوبر ‪ ،1975‬ردت محكمة العدل الدولية على السؤال األول بالنفي‪ ،‬أما بخصوص السؤال الثاني‪ ،‬فأعربت عن رأيها ومفاده بأن المعلومات‬
‫المقدمة إليها أظهرت وجود روابط والء قانونية بين سلطان المغرب وبعض القبائل الصحراوية وقت االستعمار اإلسباني‪ .‬كما أشارت المحكمة إلى أن‬
‫المعلومات المقدمة إليها لم تثبت أي رابط للسيادة اإلقليمية بين الصحراء والمغرب أو موريتانيا‪ .‬ودعت المحكمة إلى تطبيق قرار الجمعية العامة‬
‫‪( 1514.‬الدورة ‪ )15‬وتمتيع سكان الصحراء بحق تقرير المصير‬

‫االحتفال بذكرى المسيرة الخضراء‬


‫في ‪ 6‬نوفمبر ‪ ،2019‬وبمناسبة الذكرى الـ‪ 44‬للمسيرة الخضراء‪ ،‬خاطب الملك محمد السادس الشعب المغربي قائًال‪« :‬الحمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم‬
‫على موالنا رسول هللا وآله وصحبه‪ .‬شعبي العزيز‪ ،‬لقد كانت المسيرة الخضراء وال تزال‪ ،‬أحسن تعبير عن التالحم القوي بين العرش والشعب‪ .‬كما‬
‫أكدت بالدليل‪ ،‬قدرة المغاربة‪ ،‬ملكا وشعبا‪ ،‬على رفع التحديات التي تواجه األمة‪ .‬وهي مسيرة دائمة؛ فالروح التي مكنت من استرجاع الصحراء‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،1975‬هي التي تدفعنا اليوم‪ ،‬للنهوض بتنمية كل جهات المملكة‪ .‬وهو ما ينطبق على أقاليمنا الجنوبية‪ ،‬التي تعتبر صلة وصل بين المغرب وإفريقيا‪،‬‬
‫‪.‬على الصعيد الجغرافي واإلنساني واالقتصادي‬

‫اتفاقية مدريد (‪ 14‬نوفمبر ‪)1975‬‬


‫في ‪ 14‬نوفمبر ‪ ، 1975‬تم توقيع اتفاقية مدريد وهي اتفاقية ثالثية بين إسبانيا والمغرب وموريتانيا‪ ،‬وتم االتفاق فيها على مايلي‬
‫تؤكد إسبانيا قرارها الذي أعلنته مرارًا في األمم المتحدة‪ ،‬بتصفية االستعمار في الصحراء‪ ،‬وذلك بوضع حد للمسؤوليات والسلطات التي تتوالها في‬
‫هذا اإلقليم بوصفها الدولة المتصرفة‬
‫طبقًا للقرار المذكور ووفقًا للمفاوضات التي أوصت بها األمم المتحدة مع الطرفين المعنيين‪ ،‬تشرع إسبانيا فورًا في إقامة إدارة مؤقتة في اإلقليم‬
‫بمشاركة المغرب وموريتانيا وبتعاون مع (الجماعة)‪ ،‬وتسلم لهذه اإلدارة المسؤوليات والسلطات التي تشير إليها الفقرة السابقة‪ ،‬وبصدد ذلك وقع‬
‫االتفاق على تعيين حاكمين مساعدين باقتراح من المغرب وموريتانيا‪ ،‬وذلك ليعاونا الحاكم العام لإلقليم في مهامه‪ ،‬وينتهي الوجود اإلسباني في األقاليم‬
‫فعليًا ونهائيًا قبل ‪ 28‬فبراير ‪1976‬‬
‫‪.‬يحترم رأي سكان الصحراء المعبر عنه خالل (الجماعة)‬

‫تخبر األقطار الثالثة األمين العام لألمم المتحدة بما هو مقرر في هذه الوثيقة نتيجة للمفاوضات التي جرت وفقًا للمادة الثالثة والثالثين من ميثاق األمم‬
‫‪.‬المتحدة‬

‫إن األقطار الثالثة الموقعة‪ ،‬تصرح بأنها قد توصلت إلى النتائج المذكورة مدفوعة بروح من التفاهم واألخوة وإحترام مبادئ األمم المتحدة‪ ،‬وذلك‬
‫‪.‬كأحسن مساهمة منها في حفظ السالم واألمن الدوليين‬

‫تدخل هذه الوثيقة حيز التنفيذ في نفس اليوم الذي ينشر فيه بالجريدة الرسمية للدولة (قانون تصفية االستعمار في الصحراء) الذي يأذن للحكومة‬
‫‪.‬اإلسبانية في أن تضع موضع التنفيذ االلتزامات التي تتضمنها هذه الوثيقة‬

‫انطالق المسيرة الخضراء (‪ 6‬نوفمبر ‪)1975‬‬


‫في ‪ 5‬نوفمبر ‪ ،1975‬بمدينة أكادير‪ ،‬ألقى الملك الحسن الثاني خطابًا ُم وجهًا لمتطوعي المسيرة الخضراء‪ ،‬ومن ضمن ما جاء في هذا الخطاب‪:‬‬
‫«شعبي العزيز‪ ،‬غدًا إن شاء هللا ستخترق الحدود‪ ،‬غدًا إن شاء هللا ستنطلق المسيرة‪ ،‬غدًا إن شاء هللا ستطؤون أرضًا من أراضيكم وستلمسون رمًال‬
‫من رمالكم وستقبلون أرضًا من وطنكم العزيز»‪ .‬كما نبه الملك الحسن الثاني جميع المتطوعين في خطابه إلى أن المسيرة يجب أن تبقى سلمية‪ ،‬لكي‬
‫تحقق الهدف المطلوب‪ .‬وخاطب قائًال‪« :‬شعبي العزيز‪ ،‬كما قلت لك في خطابي األول‪ ،‬إذا ما لقيت إسبانيًا كيفما كان ذلك اإلسباني‪ ،‬عسكريًا أو مدنيًا‪،‬‬
‫فصافحه وعانقه واقتسم معه مأكلك ومشربك وأدخله مخيمك‪ ،‬فليس بيننا وبين اإلسبان غل وال حقد‪ ،‬فلو أردنا أن نحارب اإلسبان لما أرسلنا الناس‬
‫عزال بل ألرسلنا جيشًا باسًال‪ ،‬ولكننا ال نريد أبدًا أن نطغى وال أن نقتل وال أن نسفك الدماء بل نريد أن نسير على هدى وبركة من هللا في مسيرة‬
‫سلمية»‪ .‬وأشار الملك الحسن الثاني في خطابه إلى أن الحالة الوحيدة التي سيلجأ فيها إلى استخدام القوة هي إذا تعرض المتطوعون العتداء قادم من‬
‫جهة أخرى من غير اإلسبان‪ ،‬حيث قال في خطابه‪« :‬وفيما إذا اعتدى عليك المعتدون من غير اإلسبان‪ ،‬شعبي العزيز في مسيرتك‪ ،‬فاعلم أن جيشك‬
‫الباسل هو موجود‪ ،‬مستعد لحمايتك ووقايتك ضد كل من أراد بك السوء‬
‫وفي األخير ختم الملك الحسن الثاني خطابه قائًال‪« :‬فسر شعبي العزيز على بركة هللا تكلؤك عنايته وتحف بك رعايته‪ ،‬وسدد هللا أقدامك وخطاك وجعل‬
‫هذه المسيرة مسيرة فتح مبين على الشعب المغربي‪ ،‬وعلى إخواننا الصحراويين الذين نحن على أحر من الجمر للقاء بهم ولعناقهم والتعرف عليهم‪.‬‬
‫وإننا نحمد هللا سبحانه وتعالى أن هدانا إلى صراطه المستقيم‪ ،‬وجعلنا ننهج نهجه القويم‪ ،‬راجين منه سبحانه وتعالى أن يديم علينا نعمة الحمد‬
‫والشكر‪ ،‬حتى نحمده كثيرًا ونشكره كثيرًا فيعطينا كثيرًا ويلبي دعواتنا كثيرًا‪ ،‬إنه سميع مجيب وباإلستجابة جدير‪ .‬والسالم عليكم ورحمة هللا تعالى‬
‫وبركاتة‬
‫وقد شارك في المسيرة الخضراء ‪ 350‬ألف متطوع من جميع مناطق المغرب‪ 10% ،‬منهم من النساء‪ .‬وقد كان إختيار الملك الحسن الثاني لهذا العدد‬
‫بالضبط من المشاركين المغاربة نسبة لعدد الوالدات بالمغرب في تلك الفترة‪ .‬وقد تسلح المتطوعون في المسيرة الخضراء بالقرآن والعلم الوطني‬
‫المغربي‪ ،‬ولم ُيحمل خاللها أي سالح‪ ،‬تأكيدًا على أنها مسيرة سلمية‪ ،‬وإنطلقت المسيرة بقدر كبير من اإلنتظام والدقة والتنظيم اللوجستيكي الالفت‪،‬‬
‫فعبرت المسيرة الخضراء حدود الصحراء‪ ،‬تحت ردود فعل عالمية‪ ،‬أما إسبانيا فقد عارضتها‪ ،‬وطلبت عقد اجتماع لمجلس األمن لمواجهتها‪ ،‬كما أعلنت‬
‫من خالل مندوبها في مجلس األمن‪ ،‬أن المسيرة الخضراء هي زحف عسكري مسلح‪ ،‬ولذلك فقد حركت أسطولها البحري إلى المياه اإلقليمية المغربية‪،‬‬
‫‪.‬كما أعلنت أنها قامت بزرع األلغام على مناطق واسعة من الصحراء‬

‫وبعد نجاح المسيرة الخضراء على المستوى الشعبي والعالمي‪ ،‬ودخول المتطوعين المغاربة إلى األراضي الصحراوية المغربية‪ ،‬اضطر اإلسبان إلى‬
‫العدول عن موقفهم المناوئ للمغرب‪ ،‬والبحث عن حل‪ ،‬فبدأت اتصاالتهم بالمغرب‪ ،‬ما دفع الملك الحسن الثاني إلى إصدار أمره بعودة المتطوعين في‬
‫المسيرة إلى طرفاية مؤقتًا‪ ،‬حتى يتم التوصل إلى حل سلمي للمشكلة‪ ،‬وقد ورد في كتاب ذاكرة ملك‪ ،‬أن الصحفي الفرنسي إريك لوران سأل الملك‬
‫الحسن الثاني‪« ،‬في أي وقت بالضبط قررتم وقف المسيرة الخضراء؟» فأجاب الملك‪« :‬في الوقت الذي أدركت فيه جميع األطراف المعنية أنه‬
‫يستحسن أن تحل الدبلوماسية محل الوجود بالصحراء‬
‫في ‪ 9‬نوفمبر ‪ ، 1975‬أعلن الملك الحسن الثاني أن المسيرة الخضراء حققت المرجو منها وطلب من المشاركين في المسيرة الرجوع إلى نقطة‬
‫االنطالق أي مدينة طرفاية‪ .‬وجاء ذلك في خطاب ألقاه بهذه المناسبة قائًال‪« :‬أيها المتطوعون لكم التنويه الوطني من مواطنيكم ومني على ما قمتم به‬
‫من عمل‪ ،‬وعلى ما جسمتموه من قوة سلمية فكرية قدرت على شق األحجار وتمكنت من لفت األنظار إليها من جميع أنحاء العالم لفته نظر اإلعجاب‬
‫والتقدير واإلعظام شعبي العزيز‪ :‬لم تكن لتصل إلى هاته النتائج لوال الثقة الموجودة بيني وبينك‪ ،‬وتلك الثقة الموجودة بينك وبيني المبنية على‬
‫االحترام المتبادل‪ ،‬والمحبة المتبادلة ولدت هي بدورها الوعي‪ ،‬وذلك الوعي بعد ما أصبح وعيا صادقا وإيمانا راسخا ولد الطاعة واالنضباط والنظام‪،‬‬
‫وهذا كله‪ ،‬أتى بالنتائج المتوخاة وباألهداف المنشودة‪ .‬شعبي العزيز‪ ،‬إنني‪ ،‬وأنا أخاطبك أعتقد شخصيا وأومن إيمانا راسخا‪ ،‬بأن مسيرتنا قد أدت‬
‫رسالتها‪ ،‬وأنها قد أدركت هدفها‪ ،‬وأنها وهلل الحمد قد حققت ما كنا كلنا‪ -‬نحن وأصدقاؤنا ومحبونا‪ -‬ننتظر منها‪ ،‬فلذا علينا شعبي العزيز أن نرجع إلى‬
‫منطلقنا‪ ،‬علينا أن نرجع إلى منطلقنا لنعالج األمور والمشاكل بكيفية أخرى وأساليب جديدة‬
‫ومن نتائج حدث المسيرة الخضراء الذي أصبح من العالمات الفارقة في تاريخ المغرب الحديث‪ ،‬قبول إسبانيا إجراء المفاوضات والوصول إلى اتفاقية‬
‫مدريد الموقعة يوم ‪ 14‬نوفمبر ‪ ، 1975‬وهي االتفاقية التي أقرتها الجمعية العامة لألمم المتحدة‪ ،‬والتي بموجبها دخل المغرب إلى العيون سلميًا‪،‬‬
‫وانسحاب اإلدارة اإلسبانية من المنطقة يوم ‪ 26‬فبراير ‪ 1976‬قبل يومين من الموعد المحدد في اتفاقية مدريد الذي كان ‪ 28‬فبراير ‪1976‬‬

‫إعالن المسيرة الخضراء (‪ 16‬أكتوبر ‪)1975‬‬


‫في ‪ 16‬أكتوبر ‪ ،1975‬أي في نفس اليوم الذي أصدرت فيه محكمة العدل الدولية رأيها‪ ،‬أعلن الملك الحسن الثاني من خالل خطاب ألقاه بمدينة‬
‫مراكش‪ ،‬عن تنظيم مسيرة سلمية إلسترجاع األقاليم الصحراوية الجنوبية‪ ،‬ووضع حد لالستعمار اإلسباني‪ .‬وجاء في نص خطابه‪« :‬ماذا بقي علينا أن‬
‫نعمل‪-‬شعبي العزيز؟ بقي لنا أن نتوجه إلى أرضنا الصحراء فتحت لنا أبوابها قانونيًا‪ .‬اعترف لنا العالم بأسره بأن الصحراء كانت لنا منذ قديم الزمن‬
‫واعترف لنا العالم أيضًا بأنه كانت بيننا وبين الصحراء روابط وتلك الروابط لم ُتقطع تلقائيًا وإنما قطعها االستعمار إذن علينا أن نقوم بالتزاماتنا ألن‬
‫الفترة التي عاشتها الصحراء تحت االستعمار لم تكن قط فترة من شأنها أن تقطع العالقات وااللتزامات التي كانت بين المغرب وبين ذلك اإلقليم بل اآلن‬
‫أصبح من المحتم‪ ،‬من المتعين‪ ،‬بل من الواجب الديني وعلماؤنا موجودون هنا إلبداء الفتوى‪ :‬فواجبي الديني كخادم البالد وخادم هذه األمة وكأمير‬
‫المؤمنين وبما أن بيعتهم لي باقية في عنقهم‪ .‬أنني أقوم بواجبي وألتحق بشعبي في الصحراء وكيف سنلتحق؟ وماهي الطريق التي سنستعملها؟ ال‬
‫يمكن في آن واحد أن نتحاكم أمام هيئة األمم المتحدة وأمام محكمة العدل وأن نقوم بحرب تنزف الدماء وتذهب األرواح‪ ،‬هذا تناقض وهذا نوع من‬
‫التعامل لم يكن من شيم المغرب ولن يكون إن شاء هللا من شيم المغرب‪ ،‬ننتظر من حكم الهاي الذي أنا اعتبره حكما وهم يعتبرونه فتوى أو استشارة‬
‫أنا أعتبره حكما وإذا كنا ننتظر من الفتوى أنها تحضر لنا في علبة جميلة مزينة تحضر لنا حججا لصلتنا بالصحراء فهذا من باب الخيال‪ .‬لم يبق شعبي‬
‫العزيز إال شيء واحد‪ ،‬إننا علينا أن نقوم بمسيرة خضراء من شمال المغرب إلى جنوبه ومن شرق المغرب إلى غربه‪ .‬علينا شعبي العزيز أن نقوم‬
‫كرجل واحد بنظام وانتظام لنلتحق بالصحراء لنصل الرحم مع إخواننا في الصحراء وكيف ستكون هذه المسيرة؟ سيشارك في المسيرة ‪ 350‬ألف من‬
‫السكان‪ .‬شعبي العزيز‪ ،‬عليك أن تقدر وتفكر وتقيم ‪ 350‬ألف من السكان ‪ 10‬بالمائة منها من النساء ألن النساء والرجال شقائق في األحكام والحقوق‬
‫وحتى في الوطنية‪ ،‬بل ربما وجدنا من النساء في تاريخ العرب وتاريخ المغرب من هن أكثر غيرًة على وطنهن ووطنيتهن من بعض الرجال‪ .‬المسيرة‬
‫سنذهب فيها بدون سالح‪ ،‬يجب أن نتفق على أننا ال نحارب اسبانيا ذلك أنه ال يمكننا أن نحارب اسبانيا ألنها لم يعد لها دخل في المسألة‪ ،‬ونطلب من‬
‫اسبانيا من اآلن أن تسجل علينا أننا لن نحاربها ولن نشهر عليها الحرب ألنه فيما إذا ماتت روح مغربية أو هلك مغربي واحد فإنها ستكون مسؤولة‬
‫عن ذلك أمام الرأي العام داخل اسبانيا والرأي العام المغربي والرأي العام العالمي‪ .‬وأقول السبانيا‪ :‬أن ‪ 350‬ألف مغربي ومغربية سيدخلون الصحراء‪،‬‬
‫ليست لنا حرب مع اسبانيا أو أي مشكل آخر‪ ،‬مع العلم أن اسبانيا قررت الخروج من الصحراء فلتخرج وتترك األرض ألصحابها ولكن مقابل هذا أقول‬
‫أن المغرب مستعد بل من الواجب عليه أن يقوم بواجب الدفاع عن النفس وحفظ الكرامة وصيانة األرواح فيما إذا وجد في طريقه حاجزا غير حاجز‬
‫اسباني‪ .‬إن كل حاجز اسباني اعترض طريقنا لن نحاربه‪ ،‬فإذن ليس هناك دافع لمحاربته‪ ،‬أما إذا كان هناك عنصر أجنبي عن االسبانيين سوف ال‬
‫نتهاود في الدفاع بل سوف ال نتردد على الزحف ولذلك سيكون الزحف صدا للعدوان ودفاعا عن النفس‬
‫في ‪ 24‬أكتوبر ‪ ،1975‬وجه الملك الحسن الثاني خطابًا إلى المواطنين‪ ،‬ومن بين ما جاء فيه‪« :‬هذه هي مسيرتنا شعبي العزيز‪ ،‬هذه مسيرتنا منذ سنة‬
‫ومنذ ونحن نخطط ونحن نرسم ونحن نجمع الحجج تلو األخرى‪ ،‬الحجج التاريخية والقانونية والبشرية ونحن نحاول أن نفتح األذهان واألفكار للعالم‬
‫بأسره حتى يقتنع من قوة حججنا وحتى يؤمن بحقوقنا‪ .‬قضيتنا سنة كلها ونحن ليل نهار حتى يمكننا أن نلتقي بك شعبي العزيز في الصحراء أن نلتقي‬
‫بك في مسيرة غراء مسيرة مبنية على رؤى حققها هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬ولندخل صحراءنا إن شاء هللا آمنين محلقين رؤوسنا ومقصرين وغير خائفين‬
‫وسنلقاكم تنتظرونا مستبشرين فرحين»‪ .‬وأشار الملك في خطابه إلى فئة من الصحراويين الذين كانوا يدعمون االنفصال عن المغرب وقال لهم في‬
‫خطابه بشكل واضح بأنهم كانوا خاضعين ألطماع المستعمر‪ ،‬وعليهم طي صفحات الماضي وجمع الشمل‪ ،‬وجاء خطاب الملك كما يلي‪« :‬أقول لك شعبي‬
‫العزيز في الصحراء‪ ،‬أقول لك بكيفية واضحة ال مراء فيها‪ ،‬وأتوجه لمن انطوت عليهم حيل المستعمرين أو لعبت بأذهانهم أطماع الطامعين فأقول لهم‪:‬‬
‫ال يمكنني ألتنكر ألخالق النبي صلى هللا عليه وسلم وال ألخالق أجدادي وال ألخالق والدي رحمة هللا عليه‪ ،‬بل واجبي أن أجمع الشمل وان أصالح‬
‫الجميع وان أصافح الجميع‪ ،‬على أن أقول لكم أنني أومن واعتقد وسأفعل ما سأفوه به من قسم وإنني باسمي وباسم إخوانكم الذين هم في المسيرة أعد‬
‫الجميع وأعاهدهم على التناسي وعلى الصفح وعلى طي تلك الصفحات التي لم يكونوا مسؤولين عنها تماما‪ ،‬بل كما قلت في طياتها كانت حيل‬
‫المستعمر وأطماع الطامع»‪ .‬وجاء أيضًا في خطاب الملك‪«:‬إننا لنعلم أن كل من ذهب نحو اإلسبان أو ذهب نحو ما يسمي نفسه بجبهة التحرير إنما‬
‫ذهب مغرورا ذهب ضحية حيل وشبكات‪ .‬فارجعوا إلى رشدكم‪ ،‬أرشدكم هللا ووفقكم‪ ،‬وأعطوا مثاال آخر جديدا للتاريخ على مدى نضجكم‬

You might also like