You are on page 1of 77

‫إهـــــــــــــــــــداء‬

‫نهدي هذا العمل إلى من قال فيهما‬

‫"و اخفض لهما جناح الذل من الرحمة و قل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا "‬

‫سورة اإلسراء اآلية ‪.24‬‬

‫إلى اإلخوة و األخوات ‪ ،‬إلى كل األهل و األقارب ‪،‬‬

‫إلى جميع األصدقاء‪،‬‬

‫إلى كل من عرفناهم من قريب أو بعيد‪،‬‬

‫إلى من رفعوا رايات العلم و التعليم‪.‬‬

‫‪.‬أساتذتنا األفاضل‬
‫شكر و تقدير‬

‫بعد أن من اهلل علينا بإنجاز هذا العمل ‪ ،‬فإننا نتوجه إليه اهلل سبحانه و تعالى أوال و‬
‫أخرا بجميع ألوان الحمد و الشكر على فضله و كرمه الذي غمرنا به فوفقنا إلى ما نحن‬
‫فيه راجيين منه دوام نعمه و كرمه ‪ ،‬و انطالقا من قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪":‬من ال‬
‫يشكر الناس ال يشكر اهلل "‪ ،‬فإننا نتقدم بالشكر و التقدير و العرفان إلى األستاذ المشرف‬
‫"برابح محمد"‪ ،‬على إشرافه على هذه المذكرة و على الجهد الكبير الذي بذله معنا ‪ ،‬و‬
‫على نصائحه القيمة التي مهدت لنا الطريق إلتمام هذه الدراسة‪ ،‬فله منا فائق التقدير و‬
‫االحترام ‪ ،‬كما نتوجه في هذا المقام بالشكر الخاص ألساتذتنا الذين رافقونا طيلة المشوار‬
‫الدراسي و لم يبخلوا في تقديم يد العون لنا‪.‬‬

‫و ندين بالشكر أيضا إلى كل عمال مؤسسة جامعة وهران ‪ ،2‬الذين ساعدونا من‬
‫خالل تقديم جميع التسهيالت و مختلف التوضيحات و المعلومات المقدمة من طرفهم‬
‫إلنجاز هذا البحث‪.‬‬

‫و في الختام نشكر كل من ساعدنا و ساهم في هذا العمل سواء من قريب أو بعيد‬


‫حتى و لو بكلمة طيبة أو ابتسامة عطرة‪.‬‬
‫‪:‬قائمة المختصرات‬

‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‪ :‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية‪.‬‬

‫ق‪.‬ع‪.‬ج‪ :‬قانون العقوبات الجزائري‪.‬‬

‫ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج‪ :‬قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪.‬‬

‫‪.‬ض‪.‬ش‪.‬ق‪ :‬ضباط الشرطة القضائية‬

‫ص‪ :‬صفحة‪.‬‬

‫ص‪.‬ص‪ :‬من الصفحة إلى الصفحة‪.‬‬

‫‪Ed: édition.‬‬

‫‪P : page.‬‬
‫مقدمة‬
‫مقدمة‬

‫يحتل موضوع الحريات العامة أهمية كبيرة على الصعيد الوطني و الدولي حيث عقدت بشأنه‬

‫العديد من المؤتمرات الدولية‪ ،‬كما تم إبرام جملة من االتفاقيات الدولية التي أدمجتها مختلف الدول في‬

‫و قوانينها الداخلية بعد أن أجبرتها الثورات و االنتفاضات التي قام بها الشعوب عبر‬ ‫دساتيرها‪،‬‬

‫التاريخ للحصول على حقوقهم و حرياتهم العامة بدون قيود أو تضييق أو اضطهاد ‪ ،‬و هذا ما دفع‬

‫الدول في العالم إلى احترام هذه الحريات و حمايتها لتحقيق األمن و االستقرار على المستوى الوطني‪،‬‬

‫و توفير البيئة المناسبة إلبداع الفرد و تشجيع المواهب و االبتكارات‪ ،‬و تكوين جيل واعي بحقوقه و‬

‫واجباته في إطار دولة القانون التي تكرس هذه الحريات‪.‬‬

‫تعد الحرية ‪ La liberté‬إحدى الكلمات العصية على التعريف‪ ،‬و ذلك ألنها تملك من القيمة أكثر‬

‫مما تملك من معنى‪ ،‬و ألنها تغني أكثر مما تتحدث‪ ،‬و قد عبر الفقيه مونتسكيو عن ذلك‪ ،‬منذ زمن‬

‫طويل‪ ،‬إذ قال إنه ال توجد كلمة مستعصية على التعريف مثل الحرية‪.‬‬

‫و الحرية لغة هي الخالص من التقييد و العبودية و الظلم و االستبداد‪ ،‬و أن يكون للفرد المقدرة‬

‫على االختيار‪ ،‬و أن يفعل ما يشاء‪ ،‬وقتما يشاء‪ ،‬فهو صاحب إرادته و ملٌك لنفسه‪ ،‬و من ثم فإن الحرية‬

‫نقيض العبودية ‪.servitude‬‬

‫أما من الناحية القانونية فإن الحرية هي القدرة على التصرف ضمن مجتمع منظم ‪Société‬‬

‫‪ ،organisée‬وفقًا للتحديد الذاتي‪ ،‬و لكن ضمن القيود و القواعد القانونية الموجودة و السارية في ذلك‬

‫المجتمع‪ .‬و ال تملك الحرية وجودًا لذاتها‪ ،‬بل ال بد أن تكون محًال العتراف قانونٍّي بها‪ ،‬يحدد‬

‫مضمونها‪ ،‬و ينظم ممارستها ضمن نطاق ضرورات الحياة االجتماعية‪ ،‬بل يذهب جانب من الفقه إلى‬

‫القول‪ :‬إن مضمون و حدود الحرية يرسمان عن طريق المواطنين و المجتمع في كليته‪ ،‬و ذلك استنادًا‬

‫‪2‬‬
‫مقدمة‬

‫إلى أن قانون الحرية كما عرفت الجزائر غداة االستقالل خمس دساتير‪ :‬دستور ‪ ،11963‬دستور‬

‫‪ ،21976‬دستور ‪ ،31989‬دستور ‪ 41996‬الذي عدل ثالث مرات بموجب األمر ‪ ، 503-02‬و األمر‬

‫رقم ‪619-08‬و القانون رقم ‪ ،701-16‬و دستور ‪ ،2020‬الجزائر التي تدرجت في إقرار إصالحات‬

‫على أكثر من صعيد‪ ،‬قطعت مرحلة جديدة بهذه التعديالت الدستورية في مجال ترسيخ اإلصالحات‬

‫السياسية بالنظر إلى المكاسب التي حملها الدستور في مجال ممارسة الديمقراطية في الدولة و ترسيخ‬

‫مبدأ دولة القانون‪ ... ،8‬تماشيا مع إعالن حقوق اإلنسان و المواطن لسنة ‪ 91789‬الذي تضمن شروطا‬

‫معينة يجب توافرها في الدستور و تتمثل في تضمينه لحقوق اإلنسان و حرياته و ضمانات ممارستها‬

‫مكانًا هندسيًا لكل تناقضات المجتمع في لحظة ما من تاريخه‪.10‬‬

‫إذا عدنا إلى الدستور الجزائري نجد أن المؤسس الدستوري في النصوص المتعلقة بالحقوق و‬

‫الحريات يتنقل بين استعمال مصطلح الحريات األساسية و مصطلح الحقوق األساسية‪ .‬فأحيانا يستخدم‬

‫مصطلح الحق و أحيانا يستخدم مصطلح الحرية فننص مثال على حرية المعتقد و حرية الرأي و حرية‬

‫التجارة و حرية االبتكار الفكري و العلمي و الفني و كذا على حريات التعبير و إنشاء الجمعيات و‬

‫االجتماع‪ .‬بينما جاء في مواد أخرى النص على حق إنشاء األحزاب السياسية و الجمعيات و التنقل و‬

‫دستور الجزائر الصادر ب ‪ 8‬سبتمبر ‪ ،1963‬الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية‪ ،‬العدد ‪ 64‬سنة ‪1963‬‬ ‫‪1‬‬

‫األمر رقم ‪ 97-76‬المؤرخ في ‪ 22‬نوفمبر الذي يتضمن إصدار دستور الجمهورية الجزائرية‪ ،‬ج ‪.‬ر‪.‬ج ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫ج العدد ‪ 94‬المؤرخة ب ‪ 24‬نوفمبر ‪.1976‬‬


‫‪3‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 19-89‬المؤرخ في ‪ 28‬فبراير ‪ ،1989‬يتعلق بنص تعديل الدستور الموافق عليه في استفتاء ‪ 23‬فبراير ‪،1989‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ 9‬الصادر ب ‪ 1‬مارس ‪1989‬‬
‫‪4‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 438-96‬المؤرخ في ‪ 7‬ديسمبر ‪1996‬يتعلق بإصدار نص تعديل الدستور المصادق عليه في استفتاء ‪ 28‬نوفمبر‬
‫‪ ،1996‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ 76‬المؤرخة في ‪ 8‬ديسمبر ‪.1996‬‬
‫القانون رقم ‪ 03-02‬المؤرخ في ‪ 10‬أبريل ‪ 2002‬ج ‪.‬ر‪.‬ج ‪.‬ج رقم ‪ 25‬المؤرخة في ‪ 14‬أبريل ‪.2002‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪6‬القانون رقم ‪ 19-08‬المؤرخ في ‪ 15‬نوفمبر ‪ 2008‬ج ‪.‬ر‪.‬ج ‪.‬ج رقم ‪ 63‬المؤرخة في ‪ 16‬نوفمبر ‪.2008‬‬
‫القانون رقم ‪ 01-16‬المؤرخ في ‪ 6‬مارس ‪ 2016‬ج‪ .‬ر ‪.‬ج ‪.‬ج د رقم ‪ 14‬المؤرخة في ‪ 7‬مارس ‪.2016‬‬ ‫‪7‬‬

‫للمزيد من المعلومات انظر على الموقع االلكتروني ‪.https://www.radioalgérie.dz‬اطلع يوم‪ 05/03/2021‬على الساعة ‪.18:00‬‬ ‫‪8‬‬

‫المادة ‪ 11‬من دستور ‪ 1963‬صادقت الجزائر بموجبه على اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والمواطن الذي أصدرته الجمعية العامة التأسيسية‬ ‫‪9‬‬

‫الوطنية في ‪ 26‬أغسطس ‪.1789‬‬


‫‪ http://arab-ency.com.sy/law/detail/163574‬تم اإلطالع يوم ‪ 04/06/2021‬على الساعة ‪16:16‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪3‬‬
‫مقدمة‬

‫التعليم و الرعاية الصحية و الحق النقابي و الحق في العمل و الحق في اإلضراب‪...‬الخ‪ .‬و ما يمكن‬

‫قوله من خالل ما سبق أن هناك فرق بين الحرية و الحق و إن أمكن في بعض األحيان أن يحل كل‬

‫منها مكان اآلخر إن كانت الغاية واحدة (القدرة الذاتية على التصرف أو على المطالبة‪...‬الخ) لذلك تعد‬

‫الحرية هي األصل و ما الحق إال وسيلة لممارستها و بصورة منظمة و دائمة‪ ،‬و من هنا فإن الحرية‬

‫هي حق اإلنسان و قدرته على اختيار تصرفاته و ممارسة نشاطاته المختلفة‪.‬‬

‫من أجل ضمانات أكثر أقر المش‪w‬رع الجزائ‪w‬ري الحماي‪w‬ة ألهم المب‪w‬ادئ ال‪w‬تي ج‪w‬اء به‪w‬ا الدس‪w‬تور ال‪w‬تي‬

‫تتمث‪w‬ل خصوص‪ww‬ا في الفص‪ww‬ل بين الس‪w‬لطات ‪ ،‬اس‪w‬تقالل العدال‪w‬ة ‪ ،‬الحماي‪w‬ة القانوني‪w‬ة و رقاب‪w‬ة عم‪w‬ل الس‪w‬لطات‬

‫العمومي‪ww‬ة‪ ،‬ذل‪ww‬ك من خالل تج‪ww‬ريم بعض األفع‪ww‬ال ال‪ww‬تي تمس المص‪ww‬الح ال‪ww‬تي يحميه‪ww‬ا‪ ،‬من‪ww‬ذ ص‪ww‬دور ق‪ww‬انون‬

‫العقوبات سنة ‪ 11966‬جرم المشرع الجزائري بعض األفعال التي اعتبرها جرائما ماسة بالحريات‪ ،‬لق‪ww‬د‬

‫ع‪w‬الج المش‪w‬رع الجزائ‪w‬ري موض‪w‬وع ج‪w‬رائم االعت‪w‬داء على الحري‪w‬ات في القس‪w‬م الث‪w‬اني المعن‪w‬ون ب االعت‪w‬داء‬

‫على الحريات من الفصل الثالث تحت عنوان الجنايات و الجنح ضد الش‪w‬يء العم‪w‬ومي من الكت‪w‬اب الث‪w‬الث‬

‫بعنوان الجنايات و الجنح و عقوباتها من الجزء الثاني الخاص بالتجريم من ق‪ww‬انون العقوب‪ww‬ات الجزائ‪ww‬ري‪.‬‬

‫فنج‪ww‬د المش‪ww‬رع نص عليه‪ww‬ا في الم‪ww‬واد من ‪ 107‬إلى ‪ .111‬غ‪ww‬ير أن‪ww‬ه تج‪ww‬در اإلش‪ww‬ارة أن الج‪ww‬رائم الم‪ww‬ذكورة‬

‫في ه‪ww‬ذا القس‪ww‬م ليس‪ww‬ت الج‪ww‬رائم الوحي‪ww‬دة الماس‪ww‬ة بالحري‪ww‬ات‪ ،‬إذ نج‪ww‬د في فح‪ww‬وى بعض الم‪ww‬واد التجريمي‪ww‬ة أنه‪ww‬ا‬

‫ماسة بالحريات على غرار انتهاك حرمة مسكن ‪...‬‬

‫تكمن أهمية دراسة موضوع البحث في أن الحرّي ة هي وسيلة إلشباع الّر غبات اإلنسانّية و‬

‫الحاجات الفطرّية في الّتعبير عن الّر أي ومشاركة الّن اس مشاكلهم و همومهم و ما يجول في خواطرهم‪،‬‬

‫فعندما يكون هناك هامش حرّية لألفراد تراهم يشعرون بالّس عادة‪ ،‬ألّنهم قادرون على الّتعبير عن آرائهم‬

‫بكّل حرّية و الّتنفيس عن مشاكلهم و همومهم بدون أن يتعّر ضوا للّض غط و اإلكراه من أحد ‪.‬كما أن‬
‫أمر رقم ‪ 156-66‬مؤرخ في‪ 8‬يونيو ‪ ،1966‬ج ر ج ج عدد ‪ 49‬مؤرخة في ‪ 11‬يونيو ‪ 1966‬يتضمن قانون العقوبات‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪4‬‬
‫مقدمة‬

‫الحرية هي وسيلة لإلبداع‪ ،‬فاإلبداع ال يكون و ال يزدهر إال بوجود هامش الحرّية التي تمّك ن اإلنسان‬

‫من الّتفكير بدون حدود أو عوائق‪ ،‬كما أّنها وسيلة البتكار الحلول و األفكار الخّالقة‪.‬‬

‫أما عن الصعوبات التي واجهتنا فتتمثل في قلة الدراسات و المراجع المتخصصة بموضوع‬

‫جرائم االعتداء على الحريات‪.‬‬

‫اعتم‪ww w‬دنا في دراس‪ww w‬تنا على المنهج التحليلي من أج‪ww w‬ل دراس‪ww w‬ة الموض‪ww w‬وع بالتفص‪ww w‬يل معتم‪ww w‬دين على‬

‫النصوص القانونية‪.‬‬

‫إن حماي‪ww‬ة حق‪ww‬وق اإلنس‪ww‬ان و الحري‪ww‬ات العام‪ww‬ة مس‪ww‬ألة داخلي‪ww‬ة باألس‪ww‬اس إذ أن‪ww‬ه مهم‪ww‬ا ك‪ww‬انت الجه‪ww‬ود‬

‫الدولي ‪ww‬ة ناجح ‪ww‬ة في توف ‪ww‬ير ه ‪ww‬ذه الحماي ‪ww‬ة إال أن المس ‪ww‬ؤولية األولى و األخ ‪ww‬يرة تلقى على ع ‪ww‬اتق الدول ‪ww‬ة من‬

‫أج‪ww‬ل تط‪ww‬بيق النص‪ww‬وص الدولي‪ww‬ة و الداخلي‪ww‬ة في مج‪ww‬ال حماي‪ww‬ة الحري‪ww‬ات‪ ،‬و ل‪ww‬ذلك ف‪ww‬الجزائر تعم‪ww‬ل على دعم‬

‫حماي ‪ww‬ة الحري ‪ww‬ات من خالل العدي ‪ww‬د من اإلج ‪ww‬راءات الداخلي ‪ww‬ة‪ ،‬و ال ‪ww‬تي منه ‪ww‬ا س ‪ww‬ن النص ‪ww‬وص ال ‪ww‬تي تض ‪ww‬من‬

‫الحماي‪w‬ة س‪w‬واء على الص‪w‬عيد ال‪w‬دولي أو على المس‪w‬توى الوط‪w‬ني‪ ،‬و وض‪w‬ع تل‪w‬ك النص‪w‬وص ال‪w‬تي س‪w‬بق س‪w‬نها‬

‫موض‪ww‬ع التنفي‪ww‬ذ و ه‪ww‬ذه المرحل‪ww‬ة األخ‪ww‬يرة هي الغاي‪ww‬ة ال‪ww‬تي من المف‪ww‬ترض الوص‪ww‬ول إلى تحقيقه‪ww‬ا‪ ،‬ف‪ww‬التنظير‬

‫للحريات ال يعني شيئا إن ظلت حبرا على ورق ‪.‬‬

‫فالسؤال المطروح هو‪ :‬فيما تتمثل الحريات العام‪w‬ة و ه‪w‬ل هي حري‪w‬ة مطلق‪w‬ة وم‪w‬ا هي الج‪w‬رائم ال‪w‬تي‬

‫تمسها و كيف نظمها المشرع الجزائري؟‬

‫‪5‬‬
‫مقدمة‬

‫لإلجابة على هذه اإلش‪w‬كالية نقس‪w‬م موض‪w‬وع بحثن‪w‬ا إلى فص‪w‬لين رئيس‪w‬يين‪ :‬نتط‪w‬رق في البداي‪w‬ة لمفه‪w‬وم‬

‫الحري‪ww‬ات العام‪ww‬ة و الج‪ww‬رائم ال‪ww‬تي ق‪ww‬د ت‪ww‬رتكب ض‪ww‬دها(الفص‪ww‬ل األول) ثم نع‪ww‬الج العقوب‪ww‬ات ط‪ww‬رق تنظيمه‪ww‬ا في‬

‫ظل القانون الجزائري(الفصل الثاني) لنتوصل في األخير إلى مجموعة من النتائج‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة‬

‫ضدها طبقا للقانون الجزائري‬


‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫تنقسم الحريات إلى الشخصية و الحريات العامة و من بين الحريات األساسية أو الشخصية‬

‫الفردية التي يمكن اإلشارة إليها ضمن هذه المجموعة و التي ظهرت تباعا في االهتمامات الفكرية‬

‫الفردية و العامة و تضمنتها النصوص التشريعية باالهتمام و التكريس هي حرية التمتع باألمن واألمان‬

‫و احترام اإلنسان ككائن قائم بذاته حرا بال تقييد و إهدار لكرامته و حرية الذهاب و اإلياب و احترام‬

‫الذات الشخصية ‪.‬‬

‫أعطى المؤسس الدستوري الجزائري اهتماما خاصا بالحقوق و الحريات األساسية للمواطنين‪ ،‬و‬

‫برر ذلك من خالل إدراجها في جميع الدساتير التي عرفتها الدولة الجزائرية بدءا بدستور ‪ 1963‬الذي‬

‫أعلن فيه عن انضمام الجزائر إلى اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،1‬كما نصت المادة ‪ 41‬من القانون‬

‫رقم ‪ 01\16‬المؤرخ في ‪ 6‬مارس سنة ‪ 2016‬المتضمن التعديل الدستوري على معاقبة كل من يمس‬

‫سالمة اإلنسان البدنية و المعنوية‪ 2‬مدينه لكثره االعتداءات التي تمت عليها‪ ،‬قام المشرع الجزائري‬

‫بتجريمها و المعاقبة عليها بموجب األمر ‪ 156\66‬المؤرخ في ‪ 8‬يونيو ‪ 1966‬المعدل و المتمم‬

‫المتضمن لقانون العقوبات في المواد من ‪ 110،110 107‬مكرر‪.111 ،‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مضمون الحريات العامة‬

‫لم يرد نص قانوني صريح في القانون الجزائري يعرف الحرية‪ ،‬لكن نجد أن المشرع الدستوري‬

‫الجزائري بالرغم من أنه قد أدرج الحريات العامة في متن الدستور‪ ،‬إال أنه أشار إلى مصطلح الحرية‬

‫‪ 1‬هواري ليلى‪ "،‬الرقابة القضائية على سلطات اإلدارة في مجال حماية الحقوق والحريات األساسية"‪ ،‬مجلة القانون‪ ،‬معهد الحقوق بالمركز‬
‫الجامعي غليزان‪ ،‬جوان ‪.2012‬ص‪.78‬‬
‫‪2‬المادة ‪ 41‬من دستور ‪ 2016‬بقولها "يعاقب القانون على المخالفات المرتكبة ضد الحقوق والحريات‪ ،‬وعلى كل ما يمس سالمة اإلنسان البدنية‬
‫والمعنوية"‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫في ديباجة جميع الدساتير التي عرفتها الجمهورية منذ االستقالل‪ ،‬مغلبا عليها في المضمون الطابع‬

‫التاريخي‪ ،‬الفلسفي‪ ،‬الديني و التحرري‪.‬‬

‫تعرف الحرية على أنها " قدرة اإلنسانة في إتيان كل عمل ال يضر باآلخرين‪ ،‬و أن تكفل له هذه‬

‫الحرية كل شيء بما فيها حرية التعبير عن الرأي و تقيد بعدم إضرار الشخص بغيره"‪ .1‬أما عن‬

‫مضمون الحريات فتنقسم بين فردية و جماعية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الحريات الفردية‬

‫نقصد بالحريات الفردية مجموعة الحريات الذاتية أو الشخصية التي تتميز بأنها لصيقة بالفرد‪ ،‬إذ‬

‫ال يمكن تجريد الفرد منها و كل مساس بها يعتبر مساسا بإنسانيته و بخصوصيته البشرية‪ ،‬سنتطرق‬

‫على ثالثة فروع نعالج في األول حرية األمن‪ ،‬أما الفرع الثاني فيعالج حرية التمتع بالحياة الخاصة‪ ،‬أما‬

‫الفرع الثالث فسيعالج حرية التنقل‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬حرية األمن و األمان‬

‫تجب في البداية اإلشارة أنه ال يوجد أهم من الحريات العامة كالحق في "األمان"‪ ،‬ألن ممارسة‬

‫الحريات العامة األخرى من طرف الفرد مرهونة بأمنه و سالمته‪ ،‬سواءا النفسية أو الجسدية و غياب‬

‫مظاهر الخوف و العبودية ‪ ،‬بحيث أن الفرد ال يخاف على شخصه وال على أمالكه‪.‬‬

‫يعرف الحق في األمن بأنه حالة الفرد التي ال يمكن أن يتم القبض عليه‪ ،‬اعتقاله أو سجنه‬

‫بطريقة تعسفية و إنما فقط في ظل أحكام القانون و بما يرسمه من الحدود و اإلجراءات القانونية‬

‫السارية المفعول‪ ،‬باإلضافة على وضع هذه االستثناءات تحت مراقبة القاضي المختص‪.‬‬

‫عماد ملوخية‪ ،‬الحريات العامة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2012،‬ص ص‪.13-6 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪9‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫هذه الحرية تؤدي بنا إلى الحديث عن الضمانات المقدمة لحمايتها‪ ،‬التي يجب أن تكون قانونية‬

‫و فعلية في نفس الوقت‪ ،‬منظمة قانونيا و تحت مراقبة القاضي‪.‬‬

‫نص دستور الجمهورية على هذه المسألة بداية من الديباجة في فقرتها التاسعة(‪ )9‬حيث أشار‬

‫على أن " إن الشعب يعتزم على جعل الجزائر في منأى عن الفتنة و العنف و عن كل تطرف من‬

‫خالل ترسيخ قيمة الروحية و الحضارية التي تدعو إلى الحوار و المصالحة و األخوة في ظل‬

‫احترام الدستور وقوانين الجمهورية‪.‬‬

‫إن الشعب الجزائري نضل و يناضل دوما في سبيل الحرية و الديمقراطية و هو متمسك بسيادته‬

‫و استقالله الوطنيين‪ ..." ،‬و ضمان الحرية لكل فرد في إطار دولة ديمقراطية وجمهورية‪."....‬‬

‫هذه الفقرة من الديباجة جاءت للتأكيد من البداية على ضرورة أمن األفراد و ضرورة القضاء‬

‫على مظاهر الخوف و االعتداءات على األفراد و ممتلكاتهم داخل المجتمع من خالل ترسيخ قيمة‬

‫الروحية و الحضارية التي تدعو إلى الحوار و المصالحة و األخوة"‪.‬‬

‫نجد أحكام أخرى من الدستور عالجت هذا الموضوع بنوع من الدقة و الوضوح‪ ،‬فجاءت المادة‬

‫‪ 26‬من الدستور صريحة بالنسبة لهذه المسألة بنصها على أن " الدولة مسؤولة عن أمن األشخاص و‬

‫الممتلكات"‪.‬‬

‫كما أن المادة ‪ 58‬جاءت لتمنع إدانة شخص بدون النص القبلي على تجريم فعل معين‪ ،‬فنصت‬

‫على أنه " ال إدانة إال بمقتضى قانون صادر قبل ارتكاب الفعل المجرم"‪ ،‬و جاءت المادة ‪ 56‬لتبرئ‬

‫كل شخص متهم حتى تثبت إدانته من طرف القضاء بنصها على أن " كل شخص يعتبر بريئا حتى‬

‫تثبت جهة قضائية نظامية إدانته في إطار محاكمة عادلة تؤمن له الضمانات الالزمة للدفاع عن‬

‫نفسه"‪ .‬أما المادة ‪ 59‬من الدستور فجاءت لتعالج مسألة المتابعة أو الوقف أو الحجز و كذا مسألة‬

‫‪10‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫الحبس المؤقت فنصت على أنه " ال يتابع أحد‪ ،‬و ال يوقف أو يحتجز‪ ،‬إال في الحاالت المحددة‬

‫بالقانون‪ ،‬و طبقا لألشكال التي نص عليها‪."........‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬حرية التمتع بالحياة الخاصة‬

‫يقصد بهذه الحرية أنها حق أي إنسان في احترام حياته الخاصة و حمايتها من التدخل أو‬

‫اإلعالن‪ .‬تنصرف الحياة الخاصة للشخص إلى أموره و أحواله التي تخصه وحده‪ ،‬و تقوم غالبا على‬

‫السرية‪ ،‬و من ثمة يكون له الحق في عدم إطالع الغير عليها أو كشفها‪.1‬‬

‫إن حرية التمتع بالحياة الخاصة تتعلق بالشؤون الداخلية و الشخصية لألفراد‪ ،‬فال يمكن‬

‫أو التسجيل أو أخذ صور لألشخاص دون موافقتهم‪ ،‬أو محاولة األخذ بالحديث عن أمور‬ ‫االستماع‬

‫تدخل في هذا المجال‪.‬‬

‫لقد جاء دستور الجمهورية بعدة أحكام تكرس الضمان و تسمح بالحماية القانونية و الفعلية لهذه‬

‫الحرية المقدسة‪ .‬فإذا كانت الفقرة األولى من المادة ‪ 46‬قد جاءت لحماية الحياة الخاصة لألفراد بنصها‬

‫" ال يجوز انتهاك حرمة حياة المواطن الخاصة‪ ،‬و حرمة شرفه‪ ،‬و يحميها القانون "‪ ،‬فإن الفقرة الثانية‬

‫جاءت لتوضح صورة من صورها وهي " سرية المراسالت واالتصاالت الخاصة بكل أشكالها"‪ .‬و‬

‫التأكيد على ضمانها من طرف الدولة بنصها "سرية المراسالت و االتصاالت الخاصة بكل أشكالها‬

‫مضمونة‪".‬‬

‫كما أن نفس المادة من الدستور أكدت على عدم جواز أي مساس بهذه الحرية إال في الحاالت‬

‫التي يجيزها القضاء بنصها" و ال يجوز بأي شكل المساس بهذه الحقوق دون أمر معلل من السلطة‬

‫القضائية و يعاقب القانون على انتهاك هذا الحكم"‪.‬‬

‫محمود عاطف البنا‪ ،‬الوسيط في النظم السياسية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬مصر‪ ،1994،‬ص ‪.474‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪11‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫إن التعديل الدستوري أضاف صورة جديدة من صور الحياة الخاصة للمواطن و هي "المعطيات‬

‫الشخصية" في إطار معالجتها في مجال اإلعالم اآللي و االنترنت‪ ،‬و أشار إلى ضمانها و شدد على‬

‫المعاقبة على انتهاكها مخصصا لها فقرة خاصة" حماية األشخاص الطبيعيين في مجال معالجة‬

‫المعطيات ذات الطابع الشخصي حق أساسي يضمنه القانون و يعاقب على انتهاكه"‪.‬‬

‫بما أن السكن هو المكان الذي يعيش فيه الفرد بمعزل عن أنظار و أذان الغير فإن دستور‬

‫الجمهورية منح أهمية قصوى لهذه المسألة ‪ ،‬فاعتبر "حرمة السكن" هي صورة أخرى من صور الحياة‬

‫الخاصة‪ ،‬بحيث نصت المادة ‪ 47‬على أنه " تضمن الدولة عدم انتهاك حرمة السكن"‪ .‬فال تفتيش إال‬

‫بمقتضى القانون و في إطار احترامه‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬حرية التنقل‬

‫إن حرية التنقل أو بما يسمى عادة حرية الذهاب و اإلياب‪ ،‬هي حرية أساسية لكل فرد وتتمثل‬

‫في تنقله من مكان آلخر بمحض إرادته و تبعا لرغبته في ذلك ‪.‬‬

‫لقد أكد الدستور خاصة تعديل سنة ‪ 2016‬في أحكامه على أهمية هذه الحرية و منحها القيمة‬

‫الدستورية التي تستحقها كحرية عامة سواءا يكون هذا التنقل على مستوى المجاالت الداخلية أو خارج‬

‫الوطن‪ ،‬و وضع كل تقييد تحت رقابة السلطة القضائية و بقرار مبرر من طرفها‪ .‬حيث نص في مادته‬

‫‪ 155‬على أنه" يحق لكل مواطن يتمتع بحقوقه المدنية و السياسية ‪ ،‬أن يختار بحرية موطن إقامته‪ ،‬و‬

‫أن يتنقل عبر التراب الوطني‪ .‬حق الدخول إلى التراب الوطني و الخروج منه مضمون له‪ .‬ال يمكن‬

‫األمر بأي تقييد لهذه الحقوق إال لمدة محددة و بموجب قرار مبرر من السلطة القضائية"‪.‬‬

‫أنظر المادة ‪ 55‬من دستور ‪ ،2016‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪12‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحريات الجماعية‬

‫نقصد بالحريات الجماعية‪ ،‬مجموعة الحريات التي تتطلب ممارستها انضمام الفرد لغيره من‬

‫األفراد حتى يتمكن من ممارسة حرية معينة و ال يمكن له ممارستها لوحده أو بشكل انفرادي و إنما تتم‬

‫الممارسة جماعة و تتعلق هذه الحريات بالحياة العامة و هي عديدة بدورها‪.‬‬

‫سنتطرق في هذا المطلب لثالثة أنواع نتناولها في ثالثة فروع و هي حرية الجمعيات و األحزاب‬

‫السياسية‪ ،‬حرية االجتماع و المظاهرات‪ ،‬و حرية التعبير‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬حرية إنشاء الجمعيات و األحزاب السياسية‬

‫تتطلب مقتضيات الحياة االجتماعية‪ ،‬خاصة المعاصرة‪ ،‬إنشاء تجمعات لألفراد بهدف الدفاع عن‬

‫مصالح معينة‪ ،‬و المشاركة في دفع الحياة داخل المجتمع نحو التطور و االزدهار و ذلك بشكل مستمر‬

‫و دائم‪ .‬وقد يكون هدف هذه التجمعات سياسي بحت فنكون هنا أمام األحزاب السياسية‪.‬‬

‫حرية إنشاء الجمعيات حرية عامة تهدف إلى منح كل فرد الحق في تكوين و إنشاء الجمعيات‬

‫ذات األهداف المختلفة و ذلك للعمل مع األعضاء اآلخرين و البحث في المسائل التي تهم هذه‬

‫الجمعيات‪ ،‬و لتحقيق األغراض التي أنشأت ألجلها ‪ ،‬و للدفاع عن المبادئ التي أسست ألجلها‪ ،‬و لكل‬

‫شخص كامل الحرية في االنضمام إلى الجمعية القائمة بالفعل متى شاء‪ ،‬من دون ضغط أو إكراه من‬

‫أحد‪.1‬‬

‫لقد جاء دستور الجمهورية بنص صريح لضمان هذه الحرية في مضمون المادة ‪48‬‬

‫"حريات ‪......‬إنشاء الجمعيات‪.....‬مضمون للمواطن" بينما تعرض التشريع إلى تأطير ممارسة هذه‬

‫الحريات في إطار القانون رقم ‪. 206-12‬‬

‫عبد الغني بسيوني عبد اهلل ‪ ،‬النظم السياسية‪ ،‬أسس التنظيم السياسي‪،‬منشأة المعارف‪،‬اإلسكندرية‪،‬مصر‪،1995،‬ص‪.377‬‬ ‫‪1‬‬

‫القانون رقم ‪ 06-12‬المؤرخ في ‪ 12‬يناير‪ ،2012‬يتعلق بالجمعيات‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪ ،02‬الصادرة بتاريخ ‪ 15‬فيفري ‪.2012‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪13‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫أما فيما يخص حرية إنشاء األحزاب السياسية‪ ،‬فإنه و من المسلم به في المجتمعات المعاصرة‪،‬‬

‫أن حرية إنشاء األحزاب السياسية من بين الحريات العامة التي أعطتها غالبية النظم القانونية في العالم‬

‫قصوى‪ ،‬لما لها من دور فعال و أساسي في مسألة إدارة شؤون المجتمع اآلنية و المستقبلية‪ .‬ة لقد‬

‫نظمها المشرع في القانون العضوي رقم ‪ 04-1‬في ‪12‬يناير‪.2012‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬حرية االجتماع و حرية المظاهرات‬

‫تعتبر هاتين الحريتين من بين التجمعات المؤقتة لألفراد‪ ،‬بحيث أنه ما يميز هؤالء األفراد هو‬

‫الطابع المؤقت و المتغير لتواجدهم‪.‬‬

‫تعد حرية االجتماع من بين الحريات العامة التي تناولتها معظم النظم القانونية المعاصرة‪ ،‬و هي‬

‫مظهر من مظاهر الممارسة الفعلية للحريات العامة األخرى‪ ،‬خاصة حرية التعبير‪ ،‬الفكر و الرأي‪،‬‬

‫بحيث تعتبر وسيلة للممارسة الجماعية لهذه الحريات و ذلك بالتقاء مجموعة من األفراد للتعبير عن‬

‫أو مناقشة موضوع ما‪.1‬‬ ‫أفكار معينة‬

‫خصص دستور الجمهورية نصا صريحا لضمان هذه الحرية تناولته المادة ‪" 84‬حريات‬

‫التعبير‪....‬و االجتماع‪ ،‬مضمونة للمواطن" فيما ترك مسألة التفصيل في كيفية ممارسة هذه الحرية إلى‬

‫التشريع حيث تناولت نصوص القانون رقم ‪ 28-89‬المؤرخ في ‪ 31‬ديسمبر ‪ 1989‬المعدل بالقانون‬

‫رقم ‪ 19-91‬المؤرخ في ‪ 2‬ديسمبر‪ 1991‬و المتعلق باالجتماعات و المظاهرات العمومية‪.2‬‬

‫الشافعي محمد بشير‪ ،‬قانون حقوق اإلنسان‪ ،‬مصادره وتطبيقاته الوطنية و الدولية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬نشأة المعارف‪،‬اإلسكندرية‪،2004،‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.207‬‬
‫الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية‪ ،‬عدد ‪62‬نالصادرة بتاريخ ‪4‬ديسمبر ‪،1991‬ص ‪.2377‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪14‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫الفرع الثالث‪ :‬حريات التعبير‬

‫بما أن حريات الرأي و التعبير هي حريات عامة أساسية في حياة الفرد و المجتمع‪ ،‬فإنه ال قيمة‬

‫لها إذا لم يستطع الفرد و الجماعة ممارستها في الحياة العملية‪ ،‬باإلضافة إلى الوسائل األخرى‬

‫كالتجمع في الساحات أو األماكن أو الطرقات العامة‪ ،‬هناك وسائل أخرى كالكتابة و الرسم والخطابة‬

‫أو الحديث بصفة علنية‪.‬‬

‫تخضع هذه الحريات غلى عدة عوامل منها إمكانية الفرد و الجماعة من ممارستها من الناحية‬

‫القانونية و ما يسمح به القانون و التنظيم لدولة معينة‪ ،‬و كذا ما تسمح به اإلمكانيات المادية التي‬

‫تفرض نفسها في الكثير من األحيان‪ ،‬فحرية التعبير تسمح للفرد و الجماعة بالفصح عن آرائهم‪،‬‬

‫أفكارهم و معتقداتهم و نشرها للعلن تجاه قضية أو موضوع ما‪ ،‬و ذلك بالقول أو الكتابة أو حتى‬

‫التصرف‪ ،‬و بأي وسيلة من الوسائل المناسبة و المتاحة لذلك باستعمال وسائل االتصال و التعبير‬

‫المعروفة كالصحف و اإلذاعة و التلفزيون و المسرح و السينما‪ ،1‬و كذا االنترنت بما فيها شبكات‬

‫التواصل االجتماعي‪ .‬هذه الوسائل التي يستعملها الفرد و الجماعة في التعبير عن أرائهم و أفكارهم و‬

‫نشرها للعلن تسمى ب "حريات التعبير" أو "وسائل اإلعالم واالتصال" و ذلك بهدف التفرقة بينها و‬

‫بين حرية التعبير‪ .‬من هنا نقصد بحريات التعبير مدى حرية استعمال وسائل التعبير للتمكن من‬

‫التجسيد و االستمتاع بمبدأ حرية التعبير‪.‬‬

‫إذا كانت وسائل التعبير تلعب دورا كبيرا و فعاال في تفعيل حرية التعبير و في تطور المجتمع و‬

‫تنميته وازدهاره‪ ،‬فإنها تلعب دورا أكثر أهمية في تعبئة الرأي العام‪ ،‬توجيهه و إعالمه و هذا ما يؤدي‬

‫بنا مباشرة إلى الحديث عن إمكانية مساس هذه األخيرة بالنظام و األمن العام‪ .‬لذلك توجب ممارستها‬

‫في إطار الدستور‪ ،‬القانون و التنظيم الساري المفعول الذي يختلف من دولة ألخرى‪ .‬كما أن هذه‬
‫‪1‬‬
‫‪Jacques Mourgeon(1938-2005) et Jean-Pierre Théron ,Les libertés publiques, édition Presses Universitaires de‬‬
‫‪France, Paris,1979‬‬

‫‪15‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫الوسائل تعتبر أداة للمعارضة السياسية و للمراقبة على السلطات األخرى في الدولة و لهذا سميت‬

‫"بالسلطة الرابعة"‪.‬‬

‫المقصود باإلعالم هو "عملية جمع و تخزين و معالجة و نشر األنباء و البيانات و الصور و‬

‫الحقائق و الرسائل و اآلراء و التعليقات المطلوبة من أجل فهم الظروف الشخصية و البيئية و الوطنية‬

‫و الدولية‪ ،‬و التصرف تجاهها عن علم ودراية‪ ،‬و الوصول إلى وضع يمكن من اتخاذ القرارات‬

‫السليمة"‪ 1‬أما االتصال فهو "عملية تبادل األنباء والحقائق واآلراء والرسائل فيما بين األفراد‬

‫والجماعات"‪.2‬‬

‫يدخل في إطار الحريات العامة حرية التعبير المقروءة و المكتوبة أو بما يسمى بحرية الصحافة‬

‫المكتوبة ‪ ،‬حرية الوسائل السمعية أو بما يسمى باإلذاعة‪ ،‬حرية وسائل التعبير السمعية البصرية‬

‫كالتلفزيون‪ ،‬حرية المسرح‪ ،‬حرية السينما‪..‬‬

‫فيما نجد أن دستور الجمهورية نص صراحة على ضمان هذه الحريات في فحوى نص المادة‬

‫‪ ،48‬و المادة ‪ 44‬فقرة ‪1‬و‪" 2‬حرية االبتكار الفكري و الفني والعلمي مضمونة للمواطن وال تقيد بأي‬

‫شكل من أشكال الرقابة القبلية‪.‬‬

‫ال يمكن استعمال هذه الحرية للمساس بكرامة الغير و حريتهم و حقوقهم‪.‬‬

‫نشر المعلومات و األفكار و الصور و اآلراء بكل حرية مضمون في إطار القانون واحترام‬

‫ثوابت األمة وقيمها الدينية و األخالقية والدينية‪."....‬‬

‫نور الدين بلبل‪،‬اإلعالم و قضايا الساعة‪،‬دار البعث‪،‬قسنطينة‪،‬الجزائر‪،1984،‬ص‪.15‬‬ ‫‪1‬‬

‫نور الدين بلبل‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.16‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪16‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مفهوم جرائم التعدي على الحريات طبقا للقانون الجزائري‬

‫أعطى المؤسس الدستوري الجزائري اهتماما خاصا ب‪ww‬الحقوق و الحري‪ww‬ات األساس‪ww‬ية للمواط‪ww‬نين‪ ،‬و‬
‫برر ذلك من خالل إدراجها في جميع الدساتير التي عرفتها الدولة الجزائرية ب‪w‬دءا بدس‪w‬تور ‪ 1963‬ال‪w‬ذي‬
‫أعلن فيه عن انضمام الجزائر إلى اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪ ،1‬كما نصت المادة ‪ 41‬من الق ‪ww‬انون‬
‫رقم ‪ 01\16‬الم‪ww‬ؤرخ في ‪ 6‬م‪ww‬ارس س‪ww‬نة ‪ 2016‬المتض‪ww‬من التع‪ww‬ديل الدس‪ww‬توري على معاقب‪ww‬ة ك‪ww‬ل من يمس‬
‫س ‪ww‬المة اإلنس ‪ww‬ان البدني ‪ww‬ة والمعنوي ‪ww‬ة‪ 2‬مدين ‪ww‬ه لك ‪ww‬ثره االعت ‪ww‬داءات ال ‪ww‬تي تمت عليه ‪ww‬ا‪ ،‬ق ‪ww‬ام المش ‪ww‬رع الجزائ ‪ww‬ري‬
‫بتجريمه‪ww w‬ا و المعاقب‪ww w‬ة عليه‪ww w‬ا بم‪ww w‬وجب األم‪ww w‬ر ‪ 156\66‬الم‪ww w‬ؤرخ في ‪ 8‬يوني‪ww w‬و ‪ 1966‬المع‪ww w‬دل و المتمم‬
‫المتضمن لقانون العقوبات في المواد من ‪ 110،110 107‬مكرر‪ 111 ،‬ضمن القسم المعنون باالعتداء‬
‫على الحريات‪.‬‬

‫إال أنه تجدر اإلشارة إلى أن‪w‬ه هن‪w‬اك ج‪w‬رائم تع‪w‬دي على الحري‪w‬ات أخ‪w‬رى لم ي‪w‬درجها المش‪w‬رع ض‪w‬من‬
‫الحريات‪.‬‬ ‫قسم االعتداء على‬

‫المطلب األول‪ :‬جرائم التعدي على الحريات المنصوص عليها ضمن قسم االعتداء على‬

‫الحريات من قانون العقوبات‬

‫ع‪ww‬رفت الحري‪ww‬ة بع‪ww‬دة تع‪ww‬ابير ومع‪ww‬اني‪ ،‬فهن‪ww‬اك من يع‪ww‬بر عنه‪ww‬ا بتعب‪ww‬ير "الحري‪ww‬ات العام‪ww‬ة" أو "ب‪ww‬الحقوق‬

‫األساسية للفرد" أو الحريات الفردية األساسية أو بمعنى شمولي من استعمل تعبير "حقوق اإلنسان"‪.‬‬

‫حيث أعطى المؤس‪ww w w‬س الدس‪ww w w‬توري الجزائ‪ww w w‬ري اهتمام‪ww w w‬ا خاص‪ww w w‬ا ب‪ww w w‬الحقوق و الحري‪ww w w‬ات األساس‪ww w w‬ية‬

‫للمواط‪ww w‬نين‪ ،‬و ب‪ww w‬رر ذل‪ww w‬ك من خالل إدراجه‪ww w‬ا في جمي‪ww w‬ع الدس‪ww w‬اتير ال‪ww w‬تي عرفته‪ww w‬ا الدول‪ww w‬ة الجزائري‪ww w‬ة ب‪ww w‬دءا‬

‫بدستور ‪ 1963‬الذي أعلن فيه عن انضمام الجزائر إلى اإلعالن العالمي لحق‪ww‬وق اإلنس‪ww‬ان‪ ،3‬كم‪ww‬ا نص‪ww‬ت‬

‫المادة ‪ 41‬من القانون رقم ‪ 01\16‬المؤرخ في ‪ 6‬مارس سنة ‪ 2016‬المتض‪ww‬من التع‪w‬ديل الدس‪w‬توري على‬

‫‪ 1‬أ‪ .‬هواري ليلى‪ "،‬الرقابة القضائية على سلطات اإلدارة في مجال حماية الحقوق والحريات األساسية"‪ ،‬مجلة القانون‪ ،‬معهد الحقوق بالمركز‬
‫الجامعي غليزان‪ ،‬جوان ‪.2012‬‬
‫‪2‬المادة ‪ 41‬من دستور ‪ 2016‬بقولها "يعاقب القانون على المخالفات المرتكبة ضد الحقوق والحريات‪ ،‬وعلى كل ما يمس سالمة اإلنسان البدنية‬
‫والمعنوية"‪.‬‬
‫‪3‬أ‪ .‬هواري ليلى‪ "،‬مرجع سابق‪.‬ص‪.18‬‬

‫‪17‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫معاقب‪ww‬ة ك‪ww‬ل من يمس س‪ww‬المة اإلنس‪ww‬ان البدني‪ww‬ة والمعنوي‪ww‬ة‪ 1‬مدين‪ww‬ه لك‪ww‬ثره االعت‪ww‬داءات ال‪ww‬تي تمت عليه‪ww‬ا‪ ،‬ق‪ww‬ام‬

‫المش‪ww‬رع الجزائ‪ww‬ري بتجريمه‪ww‬ا و المعاقب‪ww‬ة عليه‪ww‬ا بم‪ww‬وجب األم‪ww‬ر ‪ 156\66‬الم‪ww‬ؤرخ في ‪ 8‬يوني‪ww‬و ‪1966‬‬

‫المعدل و المتمم المتضمن لقانون العقوبات في المواد من ‪ 110،110 107‬مكرر‪.111 ،‬‬

‫الفرع األول‪ :‬جريمة القبض على األفراد وإ ساءة استعمال السلطة‬

‫سنتطرق في هذا الفرع إلى كل جريمة على حدا‪:‬‬

‫أوال‪ :‬جريمة القبض على األفراد والتوقيف دون وجه حق‬

‫يعت ‪ww‬بر قي ‪ww‬د حري ‪ww‬ة الف ‪ww‬رد في التح ‪ww‬رك والتج ‪ww‬وال في غ ‪ww‬ير الح ‪ww‬االت ال ‪ww‬تي يق ‪ww‬رر فيه ‪ww‬ا الق ‪ww‬انون بع ‪ww‬دم‬

‫المش ‪ww‬روعية باعتب ‪ww‬اره ع ‪ww‬دوانا على الحري ‪ww‬ة الفردي ‪ww‬ة ب ‪ww‬ل فع ‪ww‬ل جرم ‪ww‬ه الق ‪ww‬انون كم ‪ww‬ا ان ‪ww‬ه ق ‪ww‬د نص المش ‪ww‬رع‬

‫الجزائ ‪ww‬ري على الح ‪ww‬االت ال ‪ww‬تي يج ‪ww‬وز فيه ‪ww‬ا لض ‪ww‬باط الش ‪ww‬رطة القض ‪ww‬ائية اللج ‪ww‬وء فيه ‪ww‬ا إلى التوقي ‪ww‬ف للنظ ‪ww‬ر‬

‫والقبض على األشخاص‪.‬‬

‫هذه الح‪ww‬االت منص‪ww‬وص عليه‪ww‬ا في الم‪ww‬ادة‪ 51‬من ق‪ww‬انون اإلج‪ww‬راءات الجزائي‪ww‬ة‪ .2‬ه‪ww‬ذا باإلض‪ww‬افة إلى تحدي‪ww‬د‬

‫اآلجال القانونية للتوقيف للنظر و كل خرق لهذه القواعد ي‪w‬رتب مس‪w‬ؤولية جزائي‪w‬ة للض‪w‬باط و يعت‪w‬بر حبس‪w‬ا‬

‫تعسفيا كما عبرت عن‪w‬ه الم‪w‬ادة ‪ 107‬من ق‪w‬انون العقوب‪w‬ات يع‪w‬اقب الموظ‪w‬ف إذا أم‪w‬ر بعم‪w‬ل تحكمي أو م‪w‬اس‬

‫بالحرية الفردية أو بالحقوق الوطنية للمواطن أو أكثر‪.‬‬

‫كم‪ww‬ا ق‪ww‬د نص في الم‪ww‬ادة‪ 51‬الفق‪ww‬رة األخ‪ww‬يرة على أن‪ww‬ه إذا تم انته‪ww‬اء اآلج‪ww‬ال المح‪ww‬ددة للتوقي‪ww‬ف للنظ‪ww‬ر‬

‫يعرض ضابط الشرطة القضائية إلى العقوبات ذلك لحبسه شخصا تعسفيا‪.‬‬

‫‪1‬المادة ‪ 41‬من دستور ‪ 2016‬بقولها "يعاقب القانون على المخالفات المرتكبة ضد الحقوق والحريات‪ ،‬وعلى كل ما يمس سالمة اإلنسان البدنية‬
‫والمعنوية"‪.‬‬
‫‪2‬المادة ‪ 51‬من األمر رقم ‪ 02-15‬المؤرخ في ‪ 23‬يوليو ‪ 2015‬يعدل ويتمم قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬ج ر ج ج العدد ‪ 40‬المؤرخة في ‪23‬‬
‫جويلية ‪.2015‬‬

‫‪18‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫إال أن هذه الجريمة كسائر الج‪w‬رائم األخ‪w‬رى يجب أن يت‪w‬وفر فيه‪w‬ا القص‪w‬د الجن‪w‬ائي عن‪w‬د قي‪w‬ام عنص‪w‬ر‬

‫الش‪ww‬رطة القض‪ww‬ائية عن تعم‪ww‬د إح‪ww‬داث القبض بغ‪ww‬ير وج‪ww‬ه ح‪ww‬ق و هي اتج‪ww‬اه اإلرادة إلى ارتك‪ww‬اب فع‪ww‬ل بقص‪ww‬د‬

‫حرمان فرد ما من حريته في التجول و الحركة دون وجه حق مع علمه بذلك‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬جريمة إساءة استعمال السلطة ضد األفراد‬


‫رغب ‪ww‬ة من ‪ww‬ه في حماي ‪ww‬ة حرم ‪ww‬ة المن ‪ww‬ازل أورد المش ‪ww‬رع الجزائ ‪ww‬ري في ق ‪ww‬انون العقوب ‪ww‬ات و في مادت ‪ww‬ه‬

‫‪ 135‬تجريما خاصا على كل من أساء استعمال سلطته بانتهاك‪ww‬ه لحرم‪ww‬ة المن‪ww‬ازل حيث تنص على ‪ ":‬ك‪ww‬ل‬

‫موظف في السلك اإلداري أو القضاء و كل ضابط شرطة و كل قائد أو أحد رجال القوة العمومي‪w‬ة دخ‪w‬ل‬

‫بص ‪ww‬فته الم ‪ww‬ذكورة م ‪ww‬نزل أح ‪ww‬د المواط ‪ww‬نين بغ ‪ww‬ير رض ‪ww‬اه و في غ ‪ww‬ير الح ‪ww‬االت المق ‪ww‬ررة في الق ‪ww‬انون و بغ ‪ww‬ير‬

‫اإلج ‪ww‬راءات المنص ‪ww‬وص عليه ‪ww‬ا في ‪ww‬ه‪ "...‬فنك ‪ww‬ون بص ‪ww‬دد ه ‪ww‬ذه الجريم ‪ww‬ة م ‪ww‬تى ق ‪ww‬ام ض ‪ww‬ابط الش ‪ww‬رطة القض ‪ww‬ائية‬

‫بص‪ww‬فته ه‪ww‬ذه ال‪ww‬دخول إلى م‪ww‬نزل م‪ww‬واطن أو مح‪ww‬ل مس‪ww‬كون أو مع‪ww‬د للس‪ww‬كن بغ‪ww‬ير رض‪ww‬اء ص‪ww‬احبه وخ‪ww‬ارج‬

‫الحاالت المنصوصة قانونا و دون مراعاة لإلجراءات‪.1‬‬

‫تتم‪ww‬يز جنح‪ww‬ة إس‪ww‬اءة اس‪ww‬تعمال الس‪ww‬لطة عن جنح‪ww‬ة انته‪ww‬اك حرم‪ww‬ة م‪ww‬نزل و ال‪ww‬تي تقابله‪ww‬ا بخص‪ww‬وص‬

‫ص‪ww‬فة الفاع‪ww‬ل‪ ،‬ف‪ww‬إذا ك‪ww‬ان الفاع‪ww‬ل في الجريم‪ww‬ة الثاني‪ww‬ة ه‪ww‬و ك‪ww‬ل م‪ww‬واطن في جريم‪ww‬ة إس‪ww‬اءة اس‪ww‬تعمال الس‪ww‬لطة‬

‫ينبغي أن يك‪ww‬ون موظف‪ww‬ا أو ض‪ww‬ابطا للش‪ww‬رطة القض‪ww‬ائية أو ينتمي إلى أف‪ww‬راد الق‪ww‬وة العمومي‪ww‬ة كم‪ww‬ا ينبغي أن‬

‫يك‪ww‬ون ال‪ww‬دخول إلى المس‪ww‬كن به‪ww‬ذه الص‪ww‬فة‪ ،‬ف‪ww‬إذا دخ‪ww‬ل الض‪ww‬ابط بص‪ww‬فته و ه‪ww‬و ي‪ww‬ؤدي عمل‪ww‬ه وفق‪ww‬ا للق‪ww‬انون م‪ww‬ع‬

‫رضاء صاحب المنزل فإن الجريمة ال تقوم‪ ،‬على قرار ما إذا كان أحد عناص‪ww‬ر الض‪ww‬بطية القض‪ww‬ائية ب‪ww‬أن‬

‫دخوله إلى منزل الشخص قد تم تنفيذ التعليمات من رئيسه اإلداري و كانت غير قانوني‪ww‬ة ال يع‪ww‬د ه‪ww‬ذا من‬

‫قبيل ما يجيزه القانون‪.2‬‬

‫‪ 1‬د‪ .‬طاهري حسين‪ ،‬كتاب "عالقة النيابة العامة بالضبط القضائي‪ ،‬دار الهدى"‪ ،‬الجزائر‪ 2014 ،‬ص ‪.198‬‬
‫‪ 2‬القرار الصادر عن الغرفة الجنائية األولى للمحكمة العليا بتاريخ ‪ 30‬جوان ‪ ،1981‬نشرة القضاء ‪ ،1989‬العدد ‪.95‬‬

‫‪19‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫يتمث ‪ww‬ل ال ‪ww‬ركن المعن ‪ww‬وي له ‪ww‬ذه الجريم ‪ww‬ة في القص ‪ww‬د الجن ‪ww‬ائي الع ‪ww‬ام‪ ،‬و يتمث ‪ww‬ل في قي ‪ww‬ام الموظ ‪ww‬ف أو‬

‫ض‪.‬ش‪.‬ق أو ينتمي إلى أف‪ww w‬راد الق‪ww w‬وة العمومي‪ww w‬ة عن قص‪ww w‬د دخ‪ww w‬ول م‪ww w‬نزل ش‪ww w‬خص تنفي‪ww w‬ذا لتعليم‪ww w‬ات غ‪ww w‬ير‬

‫قانوني‪ww‬ة‪ ،‬و تتج‪ww‬ه إرادت‪ww‬ه إلى ارتك‪ww‬اب الفع‪ww‬ل بقص‪ww‬د انته‪ww‬اك حرم‪ww‬ة م‪ww‬نزل و حرم‪ww‬ان الف‪ww‬رد من حريت‪ww‬ه م‪ww‬ع‬

‫علمه بأن هذا الفعل ال يجيزه القانون‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬االمتناع أو المعارضة عن إجراء فحص طبي لشخص تحت الحراسة القضائية‬

‫أو االمتناع عن تقديم السجالت الخاصة‬

‫و تتمثل هاتين الجريمتين فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬االمتناع عن إجراء الفحص الطبي لشخص تحت الحراسة القضائية أو المعارضة‬

‫عليه‬

‫ض‪ww‬مانة لحماي‪ww‬ة الحري‪ww‬ة الفردي‪ww‬ة للش‪ww‬خص عن طري‪ww‬ق حماي‪ww‬ة الس‪ww‬المة الجس‪ww‬دية للمحتج‪ww‬ز‪ ،‬أو بمع‪ww‬نى‬

‫آخ‪ww w‬ر الموق‪ww w‬وف للنظ‪ww w‬ر في مراك‪ww w‬ز الش‪ww w‬رطة أو ال‪ww w‬درك من أي اعت‪ww w‬داء أو إي‪ww w‬ذاء ال‪ww w‬ذي يمارس‪ww w‬ه عنص‪ww w‬ر‬

‫الش‪ww‬رطة القض‪ww‬ائية‪ .‬حيث تنص الم‪ww‬ادة‪ 51‬ق‪ww‬انون اإلج‪ww‬راءات الجزائي‪ww‬ة في فقرته‪ww‬ا األخ‪ww‬يرة على أن‪ww‬ه ل‪ww‬دى‬

‫انقض ‪ww‬اء مواعي ‪ww‬د الحج ‪ww‬ز يك ‪ww‬ون من المتعين إج ‪ww‬راء فحص ط ‪ww‬بي للش ‪ww‬خص إذا م ‪ww‬ا طلب ذل ‪ww‬ك مباش ‪ww‬رة أو‬

‫أو عائلته و في أي لحظة أثناء أو بعد التوقي‪ww‬ف‪ .1‬والمالح‪ww‬ظ أن ه‪ww‬ذه الم‪ww‬ادة ج‪ww‬اءت‬ ‫بواسطة محاميه‬

‫جوازية و لم تتضمن االلتزام ألنه يتوقف بناء على طلب الشخص‪.‬‬

‫وعلي‪ww w‬ه ق‪ww w‬ام المش‪ww w‬رع الجزائ‪ww w‬ري في ق‪.‬ع‪.‬ج وفي مادت‪ww w‬ه ‪ 110‬مك‪ww w‬رر الفق‪ww w‬رة الثاني‪ww w‬ة بمعاقب‪ww w‬ة ك‪ww w‬ل‬

‫ض‪.‬ش‪.‬ق ق‪ww w‬ام بممارس‪ww w‬ات غ‪ww w‬ير مش‪ww w‬روعة على ش‪ww w‬خص و ه‪ww w‬و تحت الحراس‪ww w‬ة القض‪ww w‬ائية و تعريض‪ww w‬ه‬

‫‪1‬د‪ .‬طاهري حسين‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.165‬‬

‫‪20‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫للض‪ww w‬غوطات مخالف‪ww w‬ة لألوام‪ww w‬ر الص‪ww w‬ادرة طبق‪ww w‬ا للم‪ww w‬ادة ‪ 51‬من ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج من وكي‪ww w‬ل الجمهوري‪ww w‬ة و ك‪ww w‬ذا‬

‫الدستور في المادة ‪ 60‬منه في فقرتها الرابعة‪.1‬‬

‫تتمث ‪ww‬ل ه ‪ww‬ذه الممارس ‪ww‬ات في العن ‪ww‬ف الص ‪ww‬ادر من عنص ‪ww‬ر الش ‪ww‬رطة القض ‪ww‬ائية س ‪ww‬واء ك ‪ww‬ان تع ‪ww‬ذيب أو‬

‫ض‪ww‬رب وه‪ww‬ذا يعت‪ww‬بر مساس‪ww‬ا بإنس‪ww‬انيه الش‪ww‬خص وك‪ww‬ذا االي‪ww‬داء النفس‪ww‬ي من قص‪ww‬ر و إك‪ww‬راه أو ت‪ww‬رغيب للت‪ww‬أثير‬

‫على إرادته الحرة و الضغط عليها‪ ،‬هذا ما يؤدي بضابط الشرطة القضائية االمتناع عن إج‪ww‬راء الفحص‬

‫الطبي للموقوف حتى ال يتم معرفة الممارسات الالإنسانية التي مورست عليه و ينف‪ww‬ذ من الج‪ww‬زاء المق‪ww‬رر‬

‫لمخالف‪ww‬ة األوام‪ww‬ر أو المعارض‪ww‬ة على القي‪ww‬ام ب‪ww‬ه‪ .‬ك‪ww‬ذلك إخف‪ww‬اء لألم‪ww‬راض المص‪ww‬اب به‪ww‬ا الموق‪ww‬وف ال‪ww‬تي من‬

‫الممكن الغرض منها إلحاق الضرر به و عدم الوصول إلى الحقيقة‪.‬‬

‫أما عن الركن المعنوي لهذه الجريمة و هو قيام ض‪.‬ش‪.‬ق عن قصد االمتناع عن إج‪ww‬راء الفحص‬

‫الطبي للموقوف للنظر‪ ،‬و اتجاه إرادته إلى مخالفة األوام‪w‬ر أو المعارض‪ww‬ة علي‪w‬ه م‪w‬ع علم‪w‬ه ب‪w‬أن ه‪w‬ذا الفع‪w‬ل‬

‫يلحق الضرر بالموقوف للنظر‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االمتناع عن تقديم السجالت الخاصة المنصوص عليها في المادة ‪ 52‬من قانون‬

‫اإلجراءات الجزائية‬

‫يؤس‪ww‬س في ك‪ww‬ل مرك‪ww‬ز للش‪ww‬رطة أو ال‪ww‬درك الوط‪ww‬ني س‪ww‬جل خ‪ww‬اص ت‪ww‬رقم ص‪ww‬فحاته تختم و يوق‪ww‬ع علي‪ww‬ه‬

‫وكي‪ww‬ل الجمهوري‪ww‬ة دوري‪ww‬ا حيث يل‪ww‬تزم ض‪.‬ش‪.‬ق بتق‪w‬ديم ه‪ww‬ذا الس‪ww‬جل للس‪ww‬لطة المختص‪ww‬ة بالرقاب‪ww‬ة على عمل‪ww‬ه‬

‫من نيابة و قاضي التحقيق‪ ،‬غرفه االتهام و رؤسائه المباشرين‪ ،‬إال أنه هن‪w‬اك تج‪w‬اوزات يق‪w‬وم به‪w‬ا ض‪w‬ابط‬

‫الشرطة القضائية و للحماية من ذلك قام المشرع بتجريم هذه األفعال و إقرار الجزاءات لها‪.‬‬

‫‪1‬المادة ‪ 60‬الفقرة الرابعة من الدستور الجزائري التي تنص‪ ..." :‬ولدى انتهاء مدة التوقيف للنظر يجب أن يجرى فحص طبي على الشخص‬
‫الموقوف إن طلب ذلك على أن يعلم بهذه اإلمكانية في كل حاالت الفحص الطبي إجباري بالنسبة للقصر"‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫و عليه تتمثل هذه التجاوزات في جريمة امتناع ض‪.‬ش‪.‬ق عن تس‪ww‬ليم الس‪ww‬جل الخ‪ww‬اص المنص‪ww‬وص‬

‫علي‪ww w‬ه في ‪ 152‬من ق إ ج في الفق‪ww w‬رة الثالث‪ww w‬ة‪ ،‬فمن أس‪ww w‬باب ارتك‪ww w‬اب ه‪ww w‬ذه الجريم‪ww w‬ة ه‪ww w‬و المماطل‪ww w‬ة للقي‪ww w‬ام‬

‫بأغراض شخصية مقابل مب‪ww‬الغ مالي‪ww‬ة معت‪ww‬برة ‪ ،‬إلح‪ww‬اق الض‪ww‬رر بالس‪ww‬جل المتمث‪ww‬ل في التمزي‪ww‬ق أو الح‪ww‬رق ‪،‬‬

‫تج‪ww‬اوز م‪ww‬دة اس‪ww‬تجواب الموق‪ww‬وف للنظ‪ww‬ر و ف‪ww‬ترات الراح‪ww‬ة ال‪ww‬تي تتخلله‪ww‬ا المنص‪ww‬وص عليه‪ww‬ا قانون‪ww‬ا‪ ،‬تزوي‪ww‬ر‬

‫توقيع الموقوف للنظر أو عدم اإلشارة في السجل في حال امتناعه عن التوقي‪w‬ع‪ ،‬ع‪w‬دم ذك‪w‬ر األس‪w‬باب ال‪w‬تي‬

‫اس ‪ww‬تدعت إلى التوقي ‪ww‬ف و غيره ‪ww‬ا من األس ‪ww‬باب ال ‪ww‬تي ت ‪ww‬ؤدي بض ‪ww‬ابط الش ‪ww‬رطة القض ‪ww‬ائية إلى االمتن ‪ww‬اع عن‬

‫تقديم هذا السجل مخالفين بذلك أحكام المادة ‪ 52‬من ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج‪.‬‬

‫يتمثل الركن المعنوي لهذه الجريمة في قي‪w‬ام ض‪.‬ش‪,‬ق باالمتن‪w‬اع عن تق‪w‬ديم ه‪w‬ذه الس‪w‬جالت مخالف‪w‬ا‬

‫لألحك‪ww w‬ام القانوني‪ww w‬ة و ذل‪ww w‬ك من خالل اتج‪ww w‬اه اإلرادة إلى ارتك‪ww w‬اب تج‪ww w‬اوزات متمثل‪ww w‬ة في ع‪ww w‬دم تس‪ww w‬ليم ه‪ww w‬ذه‬

‫السجالت مع علمه بذلك‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬عدم احترام الحصانة القضائية و تسلم محبوس دون أمر إيداع‬

‫و تتمثل هاتين الجريمتين في ما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬جريمة عدم احترام الحصانة القضائية‬

‫تع ‪ww‬د الحص ‪ww‬انة القض ‪ww‬ائية من أهم الض ‪ww‬مانات الممنوح ‪ww‬ة لن ‪ww‬واب المجلس الش ‪ww‬عبي الوط ‪ww‬ني و مجلس‬

‫األم‪ww‬ة حيث تعت‪ww‬بر امتي‪ww‬از ي‪ww‬ؤدي إلى إعف‪ww‬اء المتمت‪ww‬ع به‪ww‬ا من عبء أو تكلي‪ww‬ف يفرض‪ww‬ه الق‪ww‬انون الع‪ww‬ام على‬

‫جمي ‪ww‬ع األش ‪ww‬خاص ال ‪ww‬ذين يوج ‪ww‬دون على إقليم الدول ‪ww‬ة‪ ،‬كم ‪ww‬ا تعت ‪ww‬بر م ‪ww‬انع ق ‪ww‬انوني م ‪ww‬ؤقت للمتابع ‪ww‬ة الجزائي ‪ww‬ة‬

‫بانتهاء العهدة البرلماني‪ww‬ة‪ ،2‬مم‪ww‬ا ال يج‪ww‬وز مت‪ww‬ابعتهم إال بع‪ww‬د إذن من المجلس المنتمين ل‪ww‬ه و ه‪ww‬ذا م‪ww‬ا نص‪ww‬ت‬

‫‪1‬المادة ‪ 52‬من األمر رقم ‪.02-15‬‬


‫‪ 2‬عماد محمد رضا التميمي‪ "،‬أثر الحصانة على المسؤولية الجنائية في الفقه اإلسالمي"‪ ،‬المجلد‪ ،41‬العدد‪ ،1‬عمادة البحث العلمي‪ ،‬الجامعة‬
‫األردنية‪ ،2014 ،‬ص ‪.84‬‬

‫‪22‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫علي‪ww‬ه الم‪ww‬ادة ‪ 127‬من الدس‪ww‬تور الجزائ‪ww‬ري‪ 1‬ان‪ww‬ه ق‪ww‬د يتع‪ww‬رض أص‪ww‬حاب الحص‪ww‬انة القض‪ww‬ائية إلى التعس‪ww‬ف و‬

‫حماي ‪ww‬ة من ذل ‪ww‬ك أق ‪ww‬ر المش ‪ww‬رع الجزائ ‪ww‬ري الحماي ‪ww‬ة لهم من خالل ف ‪ww‬رض عقوب ‪ww‬ات على ك ‪ww‬ل من لم يح ‪ww‬ترم‬

‫الحصانة القضائية‪.‬‬

‫وعلي ‪ww‬ه ق ‪ww‬د نص ‪ww‬ت الم ‪ww‬ادة ‪ 111‬من ق ‪ww‬انون العقوب ‪ww‬ات على معاقب ‪ww‬ة ك ‪ww‬ل ق ‪ww‬اض أو ض ‪ww‬ابط بالش ‪ww‬رطة‬

‫القض‪ww‬ائية يج‪ww‬ري متابع‪ww‬ات أو يق‪ww‬وم بإص‪ww‬دار أم‪ww‬ر أو حكم‪ww‬ا أو يوق‪ww‬ع عليهم‪ww‬ا و يص‪ww‬در أم‪ww‬را قض‪ww‬ائيا ض‪ww‬د‬

‫شخص متمتع بالحصانة القضائية في غير حاالت التلبس بالجريمة بدون أن يتحصل قبل ذلك على رف‪ww‬ع‬

‫الحصانة عنه وفقا لما نص عليه القانون‪.‬‬

‫بالت‪ww‬الي تتمث‪ww‬ل ص‪ww‬فة الج‪ww‬اني له‪ww‬ذه الجريم‪ww‬ة أن يك‪ww‬ون قاض‪ww‬يا س‪ww‬واء أك‪ww‬ان قاض‪ww‬ي نياب‪ww‬ة أو تحقي‪ww‬ق أو‬

‫حكم أو أن يكون ض‪.‬ش‪.‬ق ‪.‬‬

‫أما بالنسبة للركن المادي فيتمثل في ما يلي‪:‬‬

‫‪-1‬القيام بالمتابعات‪ ،‬إصدار أمر أو حكم أو التوقيع عليهما‪.‬‬

‫‪ -2‬أن ينص‪ww‬ب الفع‪ww‬ل على ش‪ww‬خص متمت‪ww‬ع بالحص‪ww‬انة القض‪ww‬ائية‪ ،‬و من المتمتعين به‪ww‬ا‪ :‬الش‪ww‬عبي الوط‪ww‬ني و‬

‫مجلس األمة الذين ال يمكن متابعتهم بدون رفع الحصانة القضائية عنها‪.‬‬

‫لق ‪ww‬د نص ‪ww‬ت الم ‪ww‬واد من‪ 573‬إلى ‪ 2581‬من ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج على إج ‪ww‬راءات خاص ‪ww‬ة تطب ‪ww‬ق إذا م ‪ww‬ا ارتكب‬

‫عضو من أعض‪w‬اء الحكوم‪w‬ة أو أح‪w‬د أعض‪w‬اء قض‪w‬اة المحكم‪w‬ة العلي‪w‬ا أو أح‪w‬د ال‪w‬والة أو رئيس أح‪w‬د المج‪w‬الس‬

‫القض‪ww w‬ائية أو الن‪ww w‬ائب الع‪ww w‬ام ل‪ww w‬دى المجلس القض‪ww w‬ائي جناي‪ww w‬ة أو جنح‪ww w‬ة‪ .‬م‪ww w‬ع العلم أن القض‪ww w‬اة و ض‪.‬ش‪.‬ق‬

‫يتمتعون بامتياز التقاضي المتمثل في متابعتهم خارج دائرة اختصاص الجهة القضائية التي يعملون بها‪.‬‬

‫‪1‬أنظر المادة ‪ 127‬من الدستور المعدل بموجب القانون رقم ‪ 01-16‬مرجع سابق‪.‬‬
‫أنظر المواد في قانون العقوبات‬ ‫‪2‬‬

‫‪23‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫يتمث‪ww‬ل العنص‪ww‬ر المعن‪ww‬وي له‪ww‬ذه الجريم‪ww‬ة في أنه‪ww‬ا تع‪ww‬د من الج‪ww‬رائم العمدي‪ww‬ة و تتطلب القص‪ww‬د الجن‪ww‬ائي‬

‫بعنص‪ww‬ريه‪ ،‬كي‪ww‬ف يش‪ww‬ترط ان يك‪ww‬ون الق‪ww‬ائم فع‪ww‬ل على علم ب‪ww‬أن الش‪ww‬خص الم‪ww‬راد متابعت‪ww‬ه أو إص‪ww‬دار أم‪ww‬ر أو‬

‫حكم مع توقيعهما أو إصدار أمر قضائي ضده متمتع بالحص‪ww‬انة القض‪ww‬ائية ب‪ww‬الرغم من ذل‪ww‬ك يق‪w‬وم بمتابعت‪ww‬ه‬

‫و هذا في غير حاالت التلبس بالجريم‪w‬ة و دون الحص‪ww‬ول على رف‪ww‬ع الحص‪ww‬انة عن‪w‬ه م‪w‬ع إرادت‪w‬ه في تحقي‪w‬ق‬

‫النتيجة المتمثلة في إحداث الضرر بهذا الشخص‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تسلم محبوس دون أمر إيداع أو رفض تقديمه للسلطات أو األشخاص المخول لهم‬

‫زيارته‬

‫ق‪ww‬د نص‪ww‬ت على ه‪ww‬ذه الجريم‪ww‬ة الم‪ww‬ادة ‪ 110‬ق‪ww‬انون العقوب‪ww‬ات بقوله‪ww‬ا ‪ ":‬ك‪ww‬ل ع‪ww‬ون في مؤسس‪ww‬ة إع‪ww‬ادة‬

‫التربي‪ww‬ة أو في مك‪ww‬ان مخص‪ww‬ص لحراس‪ww‬ة المقب‪ww‬وض عليهم يتس‪ww‬لم مس‪ww‬جونا دون أن يك‪ww‬ون مص‪ww‬حوبا ب‪ww‬أوامر‬

‫حبس قانونية أو يرفض تقديم هذا المسجون إلى السلطات أو األشخاص المخول لهم زيارته‪.1"....‬‬

‫ب‪ww‬ذلك ق‪ww‬د ح‪ww‬ددت ه‪ww‬ذه الم‪ww‬ادة م‪ww‬رتكب الجريم‪ww‬ة و ه‪ww‬و ك‪ww‬ل ع‪ww‬ون في مؤسس‪ww‬ة إع‪ww‬ادة التربي‪ww‬ة‪ ،‬أو في مك‪ww‬ان‬

‫مخص‪ww‬ص لحراس‪ww‬ة المقب‪ww‬وض عليهم س‪ww‬واء ك‪ww‬انت ه‪ww‬ذه المؤسس‪ww‬ات مؤسس‪ww‬ات وقاي‪ww‬ة ب‪ww‬دائرة اختص‪ww‬اص ك‪ww‬ل‬

‫محكم ‪ww‬ة‪ ،‬أو مؤسس ‪ww‬ات إع‪ww‬ادة التربي ‪ww‬ة الواقع ‪ww‬ة ب ‪ww‬دائرة اختص ‪ww‬اص ك ‪ww‬ل مجلس قض ‪ww‬ائي أو مؤسس ‪ww‬ات إع‪ww‬ادة‬

‫التأهيل‪ ،‬أو كانت مراكز مخصصة للنساء أو األحداث‪.2‬‬

‫و عليه يتمثل الركن المادي لهذه الجريمة في إحدى األفعال التالية‪:‬‬

‫المادة ‪ 110‬من القانون رقم ‪ 23-06‬المؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪ 2006‬يتضمن قانون العقوبات‪ ،‬ج ج ر العدد ‪ 84‬المؤرخة في ‪ 24‬ديسمبر‬ ‫‪1‬‬

‫‪.2006‬‬
‫‪2‬المادة ‪ 28‬من القانون ‪ 04-05‬المؤرخ في ‪ 6‬فبراير سنة ‪ 2005‬المتضمن قانون تنظيم السجون وإ عادة اإلدماج االجتماعي للمحبوسين‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫تسلم مسجون دون أمر حبسه أي دون أمر إيداع سواء كان صادر عن وكيل‬ ‫‪-1‬‬

‫الجمهورية في حالة التلبس بجنحة أو قاضي التحقيق أو قاضي الحكم إذا كانت العقوبة تفوق‬

‫سنة‪ ،‬أو أمر بالقبض صادر عن هذه األخيرين‪.‬‬

‫رفض بدون أمر من القاضي المحقق تقديم المسجون إلى السلطات أو األشخاص‬ ‫‪-2‬‬

‫المخول لهم زيارته كمحاميه أو أحد أقاربه‪.1‬‬

‫بالنس‪w‬بة لل‪w‬ركن المعن‪w‬وي فتع‪w‬د ه‪w‬ذه الجريم‪w‬ة عمدي‪w‬ة تتطلب القص‪w‬د الجن‪w‬ائي الع‪w‬ام بعنص‪w‬ريه مث‪w‬ل في‬

‫كون المسجون لم يكن مصحوبا بأوامر إض‪w‬افة إلى رفض تس‪w‬ليمه للس‪w‬لطات أو تقديم‪w‬ه لمن لهم الح‪w‬ق في‬

‫زيارته دون وجود منع القاضي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬جرائم االعتداء على الحريات األخرى‬

‫نص المشرع الجزائري على جرائم أخرى مضمونها االعتداء على الحريات‪ ،‬إال أن المشرع‬

‫الجزائري لم يدرجها ضمن قسم االعتداء على الحريات التي سنتطرق إليها فيما يلي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الجرائم الماسة بحرية التمتع الخاصة‬

‫سنتطرق إلى بعض هذه الجرائم في النقاط اآلتية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬االستماع أو التسجيل أو أخذ صور لألشخاص دون موافقتهم‬

‫أ‪-‬جريمة التقاط أو تسجيل أو نقل األحاديث الخاصة‬

‫حرص المشرع الجزائري على حماية الحياة الخاصة لألفراد ضد وسائل التجسس عليها و‬

‫محاولة كشفها‪ ،‬فوضع نصوصا خاصة بذلك في قانون العقوبات بعد تعديله بالقانون رقم ‪23-06‬‬

‫بن وارث‪" ،‬مذكرات في القانون الجزائي الجزائري‪ ،‬القسم الخاص"‪ ،‬دار هومة‪ ،2003 ،‬ص‪.77‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪25‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫المؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر‪ ،12006‬و بالرجوع إلى نص المادة ‪ 303‬مكرر من ق ع ج يمكن تحديد‬

‫األركان الواجب توافرها في جريمة التقاط أو تسجيل أو نقل المكالمات أو األحاديث الخاصة أو السرية‬

‫من خالل استقراء النص القانوني المجرم و المعاقب على إتيانها‪ ،‬أين أوجب المشرع الجزائري‬

‫ضرورة توافر الشروط المحددة بالمادة ‪ 303‬مكرر‪ ،‬بأن يتم االعتداء بالمساس بحرية الحياة الخاصة‬

‫لألشخاص عن طريق إتيان أحد األفعال المادية المحددة بالتقاط أو تسجيل أو نقل المكالمات أو حديث‬

‫خاص أو سري بأي تقنية كانت‪ ،‬تاركا المجال مفتوح أمام استعمال أي جهاز من األجهزة المخصصة‬

‫لذلك‪ ،‬من دون إذن هذا الشخص أو رضاه على أن يتم االعتداء عمدا بعلم و إرادة حرة و هو ما‬

‫يعبر عنه بالركن المعنوي‪ ،‬فتترتب المسؤولية الجزائية المستوجبة للعقاب المحدد بالنص التجريمي‪.‬‬

‫*الركن المادي‬

‫جريمة التقاط و تسجيل أو نقل المكالمات أو األحاديث الخاصة أو السرية تقوم على فعل إيجابي‪،‬‬

‫يتحقق بثالث صور هي‪ :‬التنصت أو االلتقاط أو التسجيل و نقل المكالمات أو األحاديث الخاصة‪ .‬و‬

‫المقصود باألحاديث في هذه الجريمة األصوات و األقوال الصادرة من األشخاص بصرف النظر عن‬

‫لغة أطراف الحديث‪.2‬‬

‫يشترط لقيام هذه الجريمة الحصول على األحاديث الخاصة أن يكون الكالم الذي تم التنصت‬

‫عليه أو تسجيله أو نقله ذا طابع خصوصي أو سري‪ ،‬و يستوي بعد ذلك أن يكون صادرا في مكان عام‬

‫أو في مكان خاص ‪ ،‬فالعبرة ليست بطبيعة المكان بل بطبيعة الحديث‪ ،‬إذ العبرة من التجريم هب حماية‬

‫الحياة الخاصة لألشخاص و لو تم ذلك في مكان عام‪.‬‬

‫القانون رقم ‪ 23-06‬المؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر‪ ،2006‬المعدل و المتمم لقانون العقوبات‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،24‬المؤرخة في ‪ 24‬ديسمبر‬ ‫‪1‬‬

‫‪.2006‬‬
‫‪ 2‬محمد الشهاوي‪ ،‬الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة‪،‬الطبعة األولى‪،‬القاهرة‪،‬دار النهضة العربية‪،2005،‬ص‪.296‬‬

‫‪26‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫كما يشترط لتجريم فعل االلتقاط أو التسجيل أو النقل للمكالمات أو األحاديث الخاصة أو السرية‬

‫أن يتم ذلك دون رضا المجني عليه‪ .‬فالرضا يعد عنصرا من عناصر الركن المادي للجريمة الذي‬

‫ينتفي بتوافر هذا الرضا‪.‬‬

‫*الركن المعنوي‬

‫تعتبر هذه الجريمة من الجرائم العمدية‪ ،‬فال تقوم عن طريق الخطأ غير العمدي أو اإلهمال‪ ،‬و‬

‫يجب أن يتوافر القصد الجنائي بعنصريه العلم و اإلرادة‪.‬‬

‫إباحة االعتراض في المراسالت السلكية والالسلكية في التحري في قانون اإلجراءات الجزائية‬ ‫‪‬‬

‫إن المشرع الجزائري وتحت ضغط تفاقم الجرائم سن القانون ‪ 06/22‬المؤرخ في‬

‫‪ 20/12/2006‬الذي شرع اللجوء إلى التنصت تحت عنوان اعتراض المراسالت السلكية و الالسلكية‬

‫من طرف القضاء في التحري في الجرائم حيث أدرج مفهوم التنصت دون اإلشارة إليه بصريح العبارة‬

‫‪ ،‬في الفصل الرابع من ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج تحت عنوان في اعتراض المراسالت و تسجيل األصوات و التقاط‬

‫الصور حيث خصص له ستة (‪ )06‬مواد من المادة ‪ 65‬مكرر‪ 5‬إلى المادة ‪ 65‬مكرر‪ ، 10‬تناول فيها‪:‬‬

‫‪ -‬سلطة تقدير اللجوء إلى اعتراض المراسالت‪.‬‬

‫‪ -‬أطر التحقيق الممارس فيها اعتراض المراسالت‪.‬‬

‫‪ -‬أنواع الجرائم التي تستعمل فيها تقنية اعتراض المراسالت‪.‬‬

‫‪ -‬شروط اإلذن باعتراض المراسالت الشكلية ومضمونه و مدته‪.‬‬

‫‪ -‬السلطات واألشخاص المكلفين بأعمال التنصت وغيرها من ترتيبات خاصة بهذه الوسيلة الجديدة في‬

‫التحري‪.‬‬

‫ب‪-‬جريمة التقاط أو تسجيل أو نقل صورة‬

‫‪27‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫جرم المشرع الجزائري هذه األفعال من خالل المادة ‪ 303‬مكرر الفقرة األولى من ق ع ج‪.‬‬

‫*الركن المادي‬

‫يقوم الركن المادي لهذه الجريمة بااللتقاط أو التسجيل أو النقل لصورة شخص في مكان خاص‬

‫بغير إذن صاحبها‪ ،‬و يتحقق السلوك اإلجرامي للجريمة بالتقاط الصورة أو تسجيل الصورة على المادة‬

‫المعدة لذلك بوسيلة أيا كانت نوعها لمشاهدتها بعد ذلك‪ ،‬و كذا نقل الصورة أي تحويلها أو إرسالها من‬

‫مكان تواجد اإلنسان إلى مكان آخر‪ ،‬ومن أمثلة ذلك إرسال الصور عن طريق الهاتف‪.1‬‬

‫قد اشترط المشرع الجزائري لتحقق االعتداء على حرمة الحياة الخاصة عن طريق التصوير أن‬

‫تكون صورة الشخص قد التقطت و هو في مكان خاص‪ ،‬و ال أهمية للوضع الذي كان عليه الشخص‪.‬‬

‫*الركن المعنوي‬

‫تعتبر هذه الجريمة من الجرائم العمدية و يستشف ذلك من خالل استعمال المشرع في نص‬

‫المادة ‪ 303‬مكرر من ق‪.‬ع‪.‬ج "‪....‬كل من تعمد المساس بحرمة الحياة الخاصة باألفراد‪ "...‬و من ثم‬

‫فإن صورة الركن المعنوي فيها يأخذ صورة القصد الجنائي و يكفي لتحقيق هذا الركن القصد الجنائي‬

‫بعنصريه العلم و اإلرادة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬انتهاك حرمة مسكن‬

‫جرم المشرع الجزائري العديد من األفعال التي تشكل اعتداء على المسكن أو تمس حرمة أو‬

‫حرية استعماله‪ ،‬سواء تم ذلك من طرف شخص عادي أو من قبل موظف عام الذي يقتحم مسكنا دون‬

‫رضا صاحبه ‪ ،2‬أو في غير األحوال المنصوص عليها قانونا‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد الشهاوي‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪273‬‬


‫أحمد عبد الحكيم عثمان‪ ،‬تفتيش األشخاص وحاالت بطالنه من الناحيتين العلمية والعملية‪ ،‬مصر‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬د ط‪،2002، ،‬ص ص‬ ‫‪2‬‬

‫‪42/43‬‬

‫‪28‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫*الركن االمادي‬

‫أ‪ -‬السلوك اإلجرامي في جريمة انتهاك حرمة المسكن التي يرتكبها الشخص العادي‪ :‬يتمثل‬

‫جوهر السلوك في هذا الجريمة عن طريق الفعل أو االمتناع عن الفعل‪.‬‬

‫الفعل‪ :‬يتمثل في الدخول الذي يقصد به الولوج إلى مسكن أو اقتحامه من طرف خدعة‪ ،‬و‬

‫الدخول باالقتحام دون رضا صاحب المسكن‪ ،‬سواء كان الدخول بطريقة عادية أو باستعمال العنف‬

‫(الكسر) طبقا للمادة‪/295‬ف ‪ 2‬ق‪.‬ع‪.‬ج‪ .‬أما عن تحقق صورة الدخول فقد يتم خلسة عندما يكون دون‬

‫مسوغ مشروع في مسكن الغير بأي طريقة دون رضا المجني عليه‪ ،‬و قد يكون عن طريق االحتيال‬

‫لنيل رضا المجني عليه‪ .‬و قد يكون انتهاك حرمة مسكن عن طريق االمتناع عن الخروج من المسكن‪،‬‬

‫أو من مكان اإلقامة الخاص أو من ملحقاته رغم إراد صاحب المسكن‪ ،‬مما يعني أن البقاء يفترض أن‬
‫‪1‬‬
‫يكون مسبوقا بدخول مشروع‪.‬‬

‫ما تقدم يتضح أن السلوك اإلجرامي في جريمة انتهاك حرمة المسكن التي يرتكبها الشخص تقوم‬

‫في حالة دخول الجاني ضد اإلرادة الصريحة أو الضمنية أو‪ ،‬و قد يكون بقاءه ضد اإلرادة الصريحة‪،‬‬

‫أو كذلك عن طريق الخلسة أو االحتيال‪ ،2‬ذلك بطريقة تقليدية أو مستحدثة من خالل إخفاء كاميرا‬

‫للتصوير و المراقبة دون علم صاحب المسكن من أجل اإلطالع على تفاصيل حياته الخاصة‪.3‬‬

‫ب‪ -‬السلوك اإلجرامي في جريمة انتهاك حرمة المسكن التي يرتكبها موظف عام‪ 4‬و يتعلق‬

‫األمر بإساءة استعمال السلطة المتعلقة بالوظيفة و التي تتحقق عن طريق عدم مراعاة ممثل السلطة‬

‫علي أحمد الزغبي‪ ،‬حق الخصوصية في القانون الجنائي "دراسة مقارنة"‪ ،‬طرابلس‪ ،‬لبنان‪ ،‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬دط‪،2006 ،‬ص ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.213/217‬‬
‫نفس المرجع ص‪218‬‬ ‫‪2‬‬

‫نفس المرجع ص ‪195‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-‬الموظف العام المختص في القيام بإجراء التفتيش هو ضابط الشرطة القضائية‪ ،‬أو المحضر القضائي‪ ،‬حيث يعتبر معتديا متى قام بانتهاك‬ ‫‪4‬‬

‫اإلجراءات القانونية‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫اإلجراءات الشكلية المنصوص عليها في القانون‪ ،‬كضرورة الحصول على إذن سلطة التحقيق لتفتيش‬

‫المسكن حتى في حالة التلبس‪.‬‬

‫ج‪ -‬محل الجريمة‪ :‬تنصب هذه الجريمة على مسكن معين ومحدد ذاته‪ ،‬و يرد المسكن في هذا‬

‫السياق بمفهومه الواسع‪ ،‬سواء كان مسكون فعال أو معد للسكن وملحقاته‪ ،‬متى كان حيزا يصلح كنطاق‬

‫للحياة الخاصة سواء كان مملوكا أو مستأجرا ومهما كانت الفترة‪ ، 1‬و يكون ساكنه مواطن طبقا للمادة‬

‫‪ 295‬ق‪.‬ع‪.‬ج ‪ ،‬و ذلك تطبيقا لمبدأ اإلقليمية‪ ،‬مما جعله يتعرض للنقد ألنه استثنى األجنبي من حماية‬

‫حرمة المسكن خالفا لغيره من التشريعات و المعاهدات الدولية‪ .‬و المالحظ أن انتهاك حرمة مسكن ال‬

‫تكون باقتحامها فقط‪ ،‬بل عن طريق زرع أجهزة التجسس و التصنت متناهية الصغر‪ ،‬مثل تثبيتها في‬

‫مالبس الشخص دون علمه‪ ،‬فتقوم بتسجيل كل ما يدور في مسكنه من محادثات وأفعال‪.‬‬

‫*الركن المعنوي‬

‫انتهاك حرمة مسكن من الجرائم العمدية‪ ،‬من حيث توافر القصد العام‪ ،‬من حيث توافر العلم و‬

‫اإلرادة و سواء تمت من طرف شخص عادي أو موظف عام‪ ،‬حيث تتجه نية الفاعل إلى اقتحام‬

‫مسكن و دخوله و البقاء فيه ضد إرادة صاحبه عن طريق الدخول المفاجئ‪ ،‬أو باستعمال طرق‬

‫احتيالية‪ ،‬أو عن طريق الغش‪ ،‬حيث أن الجاني يعلم بحقيقة دخوله مسكن الغير دون رغبته و موافقته‬

‫قدري عبد الفتاح الشهاوي‪،‬مناط التفتيش‪ ،‬قيوده وضوابطه‪ ،‬القاهرة‪،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ط‪،2006، 1‬ص ‪142‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪30‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫‪.1‬و من هذا المنطلق البطالن يلحق التفتيش الذي ال يحاط بضمانات قانونية‪ .2‬فلكل شخص الحق في‬

‫التمتع بحريته داخل مسكنه الذي أكدت على حمايته المادتان ‪ 135‬و‪ 295‬ق‪.‬ع‪.‬ج‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الجرائم الماسة بحرية التنقل‬

‫إن تمتع المواطن بالحريات العامة و حق التنقل بصفة عامة‪ ،‬و حرية الخروج من التراب‬

‫الوطني بصفة خاصة ال يفهم منه أنه حق مطلق‪ ،‬و على حساب المصلحة العامة للدولة و المجتمع‪،‬‬

‫فالمشرع يضع أحيانا بعض القيود على حرية الخروج من التراب الوطني تحقيقا للمصلحة العامة و‬

‫لحسن سير العدالة‪ ،‬و ضمانا لعدم إفالت المجرمين من العقاب‪ ،3‬من ذلك ما نص عليه المشرع‬

‫الجزائري في المادة ‪ 36‬مكرر‪ 1‬من ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج‪.‬‬

‫المنع من مغادرة التراب الوطني هو إجراء من اإلجراءات االحتياطية في مواجهة المشتبه فيه‬

‫في مرحلة البحث و التحري‪ ،‬استحدث بموجب المادة ‪ 7‬من األمر ‪ 02-15‬المعدل و المتمم لقانون‬

‫اإلجراءات الجزائية التي أضافت المادة ‪ 36‬مكرر ‪ 1‬التي تنص على منح النيابة العامة ممثلة في وكيل‬

‫الجمهورية صالحية منع كل شخص توجد ضده أدلة ترجح ضلوعه في جناية أو جنحة من مغادرة‬

‫التراب الوطني خالل تسيير مرحلة البحث و التحري و ذلك بشروط أحكام المادة ‪ 36‬مكرر‪ 1‬من ق إ‬

‫ج ج التي تشكل ضمانة للمشتبه فيه في هذه المرحلة‪.‬‬

‫و لعل ما يهدد ضمانات الحرية العامة في هذا اإلجراء هو أن المادة ‪ 36‬مكرر‪ 1‬من قانون‬

‫اإلجراءات الجزائية ال تمنح صراحة لوكيل الجمهورية سلطة إلزام ضابط الشرطة القضائية بتقديم‬

‫تقرير مسبب من أجل رفع أمر المنع من مغادرة التراب الوطني ‪ ،‬و مادام أنه مقيد بذلك الشرط طبقا‬

‫علي أحمد الزغبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 245-240‬‬ ‫‪1‬‬

‫قدري عبد الفتاح الشهاوي‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪189‬‬ ‫‪2‬‬

‫عم ‪ww‬ارة عب ‪ww‬د الحمي ‪ww‬د عم ‪ww‬ارة زينب‪ ،‬الحري ‪ww‬ات الفردي ‪ww‬ة في ظ ‪ww‬ل أم ‪ww‬ر المن ‪ww‬ع من مغ ‪ww‬ادرة ال ‪ww‬تراب الوط ‪ww‬ني‪،‬حولي ‪ww‬ات الجزائ ‪ww‬ر‪،1‬الع ‪ww‬دد‪،33‬الج ‪ww‬زء‬ ‫‪3‬‬

‫األول‪،‬مارس‪،2019‬ص‪.282‬‬

‫‪31‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫لنص المادة ‪ 36‬مكرر‪ ، 1‬فإنه يتعين على المشرع التدخل في هذا الشأن بتعديل المادة المذكورة بمنح‬

‫وكيل الجمهورية حق تجاوز التقرير المسبب في حالة تعسف ض‪.‬ش‪.‬ق أو تقصيره في تقديم التقرير‬

‫المسبب في أجل ‪ 6‬أشهر المقررة قانونا وجوبا‪ ،‬و إلزام وكيل الجمهورية برفعه بعد انقضاء المدة‬

‫المحددة ‪ ،‬بحكم أن ض‪.‬ش‪.‬ق ال يجوز له تلقي أوامر أو تعليمات إال من الجهة القضائية التي يتبعها‬

‫أثناء مباشرته لوظيفته في البحث و التحري طبقا لنص المادة ‪ 17‬من ق‪.‬إ‪.‬ج‪ ،‬و طالما إن إجراء المنع‬

‫من مغادرة التراب الوطني مرتبط بممارسة الضبط القضائي عند وقوع الجريمة و في مرحلة البحث و‬

‫التحري فإنه يفترض في المشرع أن ينص صراحة على تمكين وكيل الجمهورية من صالحية توجيه‬

‫تعليمة ل ض‪.‬ش‪.‬ق بتقديم تقرير مسبب من أجل رفع أمر المنع من مغادرة التراب الوطني‪ ،‬ضمانا‬

‫لحسن سير العدالة و تكريسا فعليا لقرينة البراءة‪.1‬‬

‫الفرع الثالث‪:‬الجرائم الماسة بالحريات الجماعية‬

‫هناك العديد من الحريات الجماعية نذكر منها حرية المظاهرات‬

‫المنع من المظاهرات و االجتماعات‬ ‫‪‬‬

‫يعد الحق في التجمع أو {التظاهر} السلمي من ضمن أهم الحقوق التي كفلتها جل المواثيق‬

‫واالتفاقيات و الدولية ‪ ،‬و المشرع الجزائري كرس هذا الحق بناءا على ما تنص عليه هذه االتفاقيات و‬

‫المواثيق الدولية التي صادقت عليها الجزائر ‪ ،‬فقد تضمنت الدساتير والتشريعات المتعاقبة التنصيص‬

‫على هذا الحق ‪ ،‬غير أن الضمانات الدستورية و القانونية ال تزال محدودة ‪ ،‬و تمس بالحق في التجمع‬

‫السلمي‪.‬‬

‫عمارة عبد الحميد عمارة زينب‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.296‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪32‬‬
‫طبقا للقانون الجزائري‬ ‫مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها‬ ‫الفصل االول‬

‫صحيح أن المشرع الجزائري قد اعترف بالحق في التجمع السلمي لألفراد و ذلك من خالل‬

‫التوقيع على العديد من االتفاقيات و المواثيق الدولية التي تكرس هذا الحق ‪ ،‬كما أن دساتير الجزائر‬

‫المتعاقبة قد كرست الحق في التجمع السلمي دون سواه‪ ،‬فالمؤسس الدستوري كان يعمل على تكريس‬

‫هذا الحق متجنبا إقرار حق األفراد في التظاهر السلمي الن الداللة االصطالحية متباينة بين التظاهر و‬

‫التجمع السلمي‪ ،‬كما القانون ‪ 89-29‬و التعديل الذي مسه من خالل القانون ‪ 91- 19‬و ان اعترف‬

‫بحق األفراد في التجمع السلمي إال انه وضع عليه العديد من القيود التي بأصل ممارسة هذا الحق ‪ ،‬و‬

‫هذا أمر تعودنا عليه لدى المشرع الجزائري في جميع ما يتعلق بالحقوق و الحريات األساسية ‪،‬‬

‫فاالعتراف الدستوري بكل هذه الحقوق مضمون دستوريا لكن القوانين مقيدة للممارسة هذه الحقوق و‬

‫ليست منظمة لها ‪ ،‬فالحق في التجمع السلمي في الجزائر حاله كحال الحق في تأسيس الجمعيات و‬

‫األحزاب السياسية ‪ ،‬فهو يعاني تدخل السلطة التنفيذية بل هيمنتها من خالل اعتماد نظام التصريح‬

‫المسبق عند ممارسة هذه الحقوق‪ ،‬و هذا يتعارض مع االتفاقيات و المواثيق الدولية التي تعد الجزائر‬
‫‪1‬‬
‫طرفا فيها ‪.‬‬

‫من خالل دراستنا لهذا الفصل نستخلص بأن المشرع الجزائري أعطى اهتماما خاصا بالحقوق‬ ‫‪‬‬

‫والحريات األساسية للمواطنين‪ ،‬كذلك المصلحة العامة‪ ،‬فقد برز ذلك من خالل تجريم‬

‫االعتداءات التي تمسها و ذلك من خالل قانون العقوبات‪.‬‬

‫بوطيب بن ناصر‪،‬الحق في التجمع السلمي في النظام القانوني الجزائري‪،‬دفاتر السياسة و القانون‪،‬العدد‪،15‬جوان ‪ ،2016‬ص‪.625‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪33‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬

‫الحريات و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬


‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫بعد أن تطرقنا في الفصل السابق لمفهوم الحريات العامة و أصنافها و الجرائم التي يمكن أن‬

‫تمس هذه الحريات‪ ،‬سنتطرق اآلن إلى العقوبات المقررة لتلك الجرائم و كذا طرق تنظيمها و الحدود‬

‫التي ترد عليها‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الجزاءات المقررة لجرائم االعتداء على الحريات و متابعتها‬

‫سنتطرق في المطلب األول إلى العقوبات المقررة لهذه الجرائم و في المطلب الثاني سنتطرق‬

‫إلى طرق متابعتها‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬العقوبات المقررة لجرائم االعتداء على الحريات‬

‫ق ‪ww‬د ي ‪ww‬رتكب ض ‪ww‬باط الش ‪ww‬رطة القض ‪ww‬ائية أثن ‪ww‬اء مزاول ‪ww‬ة مه ‪ww‬امهم أفع ‪ww‬ال مخالف ‪ww‬ة للق ‪ww‬انون مم ‪ww‬ا يس ‪ww‬تدعي‬

‫بالض ‪ww‬رورة توقي ‪ww‬ع العقوب ‪ww‬ة عليهم‪ ،‬غ ‪ww‬ير أن تل ‪ww‬ك األخط ‪ww‬اء تتف ‪ww‬اوت من حيث طبيعته ‪ww‬ا و درجته ‪ww‬ا فهن ‪ww‬اك‬

‫أخطاء ذات ط‪w‬ابع إداري ت‪w‬ترتب عنه‪w‬ا عقوب‪w‬ات تأديبي‪w‬ة‪ ،‬و هن‪w‬اك أفع‪w‬ال تت‪w‬وفر فيه‪w‬ا عناص‪w‬ر الجريم‪w‬ة مم‪w‬ا‬

‫تستدعي عقوبات جزائية‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫الفرع األول‪ :‬العقوبات الجزائية المقررة لجرائم االعتداء على الحريات المنصوص عليها‬

‫في القسم الرابع‬

‫اوال‪ :‬العقوبة المقررة لجريمة القبض على األفراد والتوقيف دون وجه حق‬
‫الج‪ww‬زاء المق‪ww‬رر له‪ww‬ذه الجريم‪ww‬ة نص‪ww‬ت علي‪ww‬ه الم‪ww‬ادة ‪ 1110‬من ق‪ww‬انون العقوب‪ww‬ات‪ ،‬و تتمث‪ww‬ل في الحبس‬

‫من س ‪ww w w‬تة أش ‪ww w w‬هر إلى س ‪ww w w‬نتين وبغرام ‪ww w w‬ه من ‪ 20.000‬دج إلى ‪ 100.000.‬دج‪ ،‬و ق ‪ww w w‬د ح ‪ww w w‬دد المش ‪ww w w‬رع‬

‫الجزائري صفة الجاني مرتكب هذا الفعل و التي تف‪w‬رض علي‪w‬ه ه‪w‬ذه العقوب‪w‬ة و ه‪w‬و ك‪w‬ل ع‪w‬ون في مؤسس‪w‬ة‬

‫إع‪ww‬ادة التربي‪ww‬ة أو في مك‪ww‬ان مخص‪ww‬ص بحراس‪ww‬ة المقب‪ww‬وض عليهم على أن تك‪ww‬ون األفع‪ww‬ال المرتكب‪ww‬ة متمثل‪ww‬ة‬

‫في أن يتس‪ww‬لم مس‪ww‬جون دون أن يك‪ww‬ون مص‪ww‬حوبا ب‪ww‬أوامر حبس قانوني‪ww‬ة أو ي‪ww‬رفض تق‪ww‬ديم ه‪ww‬ذا المس‪ww‬جون إلى‬

‫الس‪ww‬لطات أو األش‪ww‬خاص المخ‪ww‬ول لهم زيارت‪ww‬ه ب‪ww‬دون أن يثبت وج‪ww‬ود من‪ww‬ع من القاض‪ww‬ي المحق‪ww‬ق أو ي‪ww‬رفض‬

‫تقديم سجالته إلى هؤالء األشخاص المختصين‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االمتناع عن إجراء الفحص الطبي لشخص تحت الحراسة القضائية أو المعارضة‬
‫عليه‬
‫أق ‪ww‬ر المش ‪ww‬رع الجزائ ‪ww‬ري العقوب ‪ww‬ة لك ‪ww‬ل ض ‪ww‬ابط بالش ‪ww‬رطة القض ‪ww‬ائية يمتن ‪ww‬ع أو يع ‪ww‬ترض عن إج ‪ww‬راء‬

‫الفحص الطبي لشخص تحت الحراسة القضائية الواقعة تحت سلطته و ذل‪ww‬ك ب‪ww‬الحبس من ش‪ww‬هر إلى ثالث‪ww‬ة‬

‫أش‪ww w‬هر و بغرام‪ww w‬ة من ‪ 20.000‬دج إلى ‪ 100.000‬دج أو بإح‪ww w‬دى ه‪ww w‬اتين العقوب‪ww w‬تين فق‪ww w‬ط مختلف‪ww w‬ا ب‪ww w‬ذلك‬

‫األوامر الصادرة من وكيل الجمهورية المنصوص عليها في المادة ‪ 51‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫المادة ‪ 110‬من القانون ‪ 23-06‬الصادر في ‪ 20‬ديسمبر ‪ 2006‬المتضمن تعديل قانون العقوبات رقم ‪. 156-66‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫ثالثا‪ :‬العقوبات المقررة لجريمة االمتناع عن تقديم السجالت الخاصة المنصوص عليها في‬
‫المادة ‪ 52‬من قانون اإلجراءات الجزائية‬
‫نظ‪ww‬را ألهمي‪ww‬ة ه‪ww‬ذه الس‪ww‬جالت ف‪ww‬رض المش‪ww‬رع الجزائ‪ww‬ري الحماي‪ww‬ة له‪ww‬ا و ف‪ww‬رض العقوب‪ww‬ات على ك‪ww‬ل‬

‫ضابط بالشرطة القضائية إذا امتنع عن تقديمها إلى األشخاص المختصين بإجراء الرقابة حيث ح‪ww‬دد ه‪ww‬ذا‬

‫الج ‪ww‬زاء ب ‪ww‬الحبس من س ‪ww‬تة أش ‪ww‬هر إلى س ‪ww‬نتين و بغرام ‪ww‬ة من ‪ 20.000‬دج إلى ‪ 100.000‬دج وهي نفس‬

‫العقوبة المقررة في المادة ‪ 110‬من قانون العقوبات‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬العقوبة المقررة لجريمة عدم احترام الحصانة القضائية‬


‫نظرا ألهمية الحصانة القضائية و الضمانات الممنوحة للمتمتعين بها‪ ،‬إال أن هناك تجاوزات يقوم‬

‫به‪ww‬ا القاض‪ww‬ي أو الض‪ww‬ابط بالش‪ww‬رطة القض‪ww‬ائية ض‪ww‬دهم مخ‪ww‬الفين ب‪ww‬ذلك م‪ww‬ا ه‪ww‬و منص‪ww‬وص علي‪ww‬ه في الدس‪ww‬تور‬

‫الجزائري لذلك فرض المشرع الجزائري في قانون العقوبات في مادته ‪ 1111‬و ذلك ب‪ww‬الحبس لم‪ww‬دة س‪ww‬تة‬

‫أشهر إلى ثالث سنوات‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬العقوبات المقررة لجريمة تسلم محبوس دون أمر إيداع أو رفض تقديمه للسلطات‬
‫أو األشخاص المخول لهم زيارته‬
‫تح‪ww‬دد العقوب‪ww‬ة له‪ww‬ذه الجريم‪ww‬ة ب‪ww‬الحبس من س‪ww‬تة أش‪ww‬هر إلى س‪ww‬نتين و بغرام‪ww‬ة من ‪ 20.000‬دج إلى‬

‫‪ 100.000‬دج على كل عون في مؤسسة إعادة التربية أو في مكان مخصص لحراسة المقبوض عليهم‬

‫الرتكابهم هذه الجريمة‪.‬‬

‫المادة ‪ 111‬من األمر رقم ‪.47-75‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪37‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫سادسا‪ :‬العقوبات المقررة لجريمة الحجز التحكمي‬


‫جعل المشرع الجزائري هذه الجريمة جناية فما هو منصوص علي‪ww‬ه في الم‪ww‬ادة ‪ 1109‬من ق‪.‬ق‪.‬ج‬

‫عقوب‪ww‬ة الس‪ww‬جن الم‪ww‬ؤقت من ‪ 5‬الى ‪ 10‬س‪ww‬نوات على أن يتحم‪ww‬ل مس‪ww‬ؤولية الموظ‪ww‬ف الشخص‪ww‬ية و ه‪ww‬و من‬

‫يتحمل المسؤولية المدني‪w‬ة و يمكن للدول‪w‬ة أن تح‪w‬ل محل‪w‬ه و يك‪w‬ون له‪w‬ا ح‪w‬ق الرج‪w‬وع علي‪w‬ه و ه‪w‬ذا م‪w‬ا نص‪w‬ت‬

‫علي ‪ww‬ه الم ‪ww‬ادة ‪ 2108‬من ق ‪ww‬انون العقوب ‪ww‬ات بقوله ‪ww‬ا "م ‪ww‬رتكب الجناي ‪ww‬ات المنص ‪ww‬وص عليه ‪ww‬ا في الم ‪ww‬ادة ‪107‬‬

‫مسؤول شخصيا مسؤولية مدنية و كذلك الدولة على أن يكون لها حق الرجوع على الفاعل"‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪:‬العقوبات التأديبية‬

‫يخضع عناصر الضبط القضائي لهيئة تنظمها مجموعة من النصوص القانونية و التنظيمية التي‬

‫تحدد مهامها و تبين المسار المهني ألعضائها بدءا بالتوظيف‪ ،‬التكوين ثم التسيير‪ ،‬و تتضمن النصوص‬

‫المتعلقة بإدارة األفراد عادة القانون األساسي كما هو الشأن بالنسبة ألعضاء الدرك الوطني‪ ،‬أو على‬

‫شكل قوانين أو أوامر‪ ،‬أو مراسيم كما هو الحال بالنسبة للموظفين التابعين لألمن الوطني‪ .‬و عليه‬

‫تحتوي هذه النصوص جزاءات تأديبية مقررة لكل موظف أخل بواجباته‪ ،‬أو ارتكابه أخطاء ال يمكن‬

‫اعتبارها جريمة حتى تتطلب المتابعة القضائية‪ ،‬و تتمثل هذه العقوبات في اإلنذار‪ ،‬التوبيخ التوقيف‬

‫المؤقت عن العمل‪ ،‬الفصل النهائي ‪ ،‬أو الحجز لمدة ‪ 8‬أيام هذا بالنسبة لموظفي األمن الوطني‪ ،‬أما‬

‫أعضاء الدرك الوطني فالجزاءات التأديبية التي يتعرضون لها تتمثل في اإلنذار‪ ،‬التوبيخ‪ ،‬التوقيف‬

‫البسيط‪ ،‬التوقيف عن العمل أو تغيير نوعيه المنصب‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫المادة ‪109‬من ق‪.‬ع‪.‬ج‪.‬‬
‫المادة ‪ 108‬من نفس القانون‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪38‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الجزاءات المقررة لجرائم االعتداء األخرى‬

‫سنتطرق اآلن إلى ذكر عقوبات بعض الجرائم التي تطرقنا لها سابقا‬

‫أوال‪ :‬العقوبات المقررة لجريمة االستماع أو تسجيل أو أخذ صورة لألشخاص دون‬
‫موافقتهم‬
‫قد كرس قانون العقوبات الجزائري ما جاء في الدستور بخصوص حق سرية المكالمات الهاتفية‬

‫ضمنيا ما لم يتم االعتراض بأمر قانوني حيث هناك مواد قانونية صريحة في هذا الشأن منها‬

‫المواد ‪ 107‬و ‪ 137‬ق ع ج التي تجرم قيام الموظفين بالتعدي على حقوق األفراد المشروعة منها‬

‫الخاصة بمراسالتهم بكل أنواعها و نتناول خاصة ما نصت عليه المواد ‪ 303‬و ‪ 303‬مكرر و ما يليها‬

‫حول اعتراض المراسالت السلكية والالسلكية ‪.‬‬

‫في المادة ‪ 303‬ق ع ج وماء جاء به قانون ‪ 06/23‬المؤرخ في ‪ 20/12/2006‬تنص على ما‬

‫يلي‪" :‬كل من يفض أو يتلف رسائل أو مراسالت موجهة إلى الغير و ذلك بسوء نية و في غير‬

‫الحاالت المنصوص عليها قانونا في المادة ‪ ، 137‬يعاقب بالحبس من شهر واحد(‪ )01‬إلى سنة واحدة‬

‫(‪ )01‬و بغرامة من ‪ 25000‬دج إلى ‪ 100000‬دج أو بإحدى هاتين العقوبتين ‪.‬‬

‫أما المادة ‪ 303‬مكرر فتنص على أنه ‪" :‬يعاقب بالحبس من ستة(‪ )06‬أشهر إلى ثالث (‪)03‬‬

‫سنوات و بغرامة من ‪ 50000‬دج إلى ‪ 300000‬دج كل من تعمد المساس بحرمة الحياة الخاصة‬

‫لألشخاص بأية تقنية كانت وذلك ‪:‬‬

‫‪39‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫بالتقاط ‪ ،‬أو تسجيل أو نقل مكالمات أو أحاديث خاصة أو سرية في غير إذن صاحبها أو‬ ‫‪-1‬‬

‫رضاه‪.‬‬

‫في التقاط ‪ ،‬أو تسجيل أ‪ ,‬نقل صورة لشخص في مكان خاص بغير إذن صاحبها أو رضاه‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫يعاقب على الشروع في ارتكاب الجنحة المشار إليها في هذه المادة بالعقوبة ذاتها المقررة‬

‫بالجريمة التامة ‪.‬إن صفح الضحية يضع حدا للمتابعة الجزائية ‪.‬‬

‫كما تضيف المادة ‪ 303‬مكرر‪ 1‬على أنه تسلط نفس العقوبة المشار إليها في المادة ‪ 303‬على‬

‫كل من يقوم بنشر أو االحتفاظ أ‪ ,‬وضع في متناول الجمهور تلك التسجيالت المنصوص عليها في‬

‫المادة ‪ 303‬مكرر وخاصة بواسطة الصحافة ‪.‬‬

‫أما المادة ‪ 107‬فتنص على أن "يعاقب الموظف بالسجن المؤقت من خمس الى عشر سنوات إذا‬

‫أمر بعمل تحكمي أو ماس سواء بالحرية الشخصية للفرد أو بالحقوق الوطنية لمواطن أو أكثر"‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬العقوبات المقررة لجريمة انتهاك حرمة مسكن‬


‫أوجب المشرع الجزائري عقوبات لجريمة انتهاك حرمة مسكن كما يأتي‪:‬‬

‫إذا وقعت جريمة انتهاك حرمة مسكن من قبل شخص عادي‪ :‬و قد فرق القانون في هذه‬ ‫‪-1‬‬

‫الحالة بين أمرين‪.‬‬

‫الحالة البسيطة‪ :‬التي دلت عليها المادة ‪ 295‬ق ع ج و التي جاء فيها‪" :‬كل من يدخل فجأة أو‬ ‫أ‪-‬‬

‫خدعة أو يقتحم منزل مواطن يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات‪ ،‬و بغرامة من ‪ 1000‬دج‬

‫‪40‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫إلى ‪ 10.000‬دج"‪ ،‬و المالحظ أن جانب الردع في هذه الحالة ضعيف ألن العقوبة غير مشددة‬

‫وغي متناسبة مع حجم انتهاك حرمة مسكن الذي هو مناط الحياة الخاصة األساسي‪.‬‬

‫الحالة المشددة‪ :‬و التي نصت عليها المادة ‪/ 295‬ف ‪ 2‬ق ع ج و التي جاء فيه "‪...‬و إذا ارتكبت‬ ‫ب‪-‬‬

‫الجنحة بالتهديد‪ ،‬أو بالعنف تكون العقوبة بالحبس من خمس سنوات على األقل إلى عشر سنوات‬

‫على األكثر وبغرامة من ‪ 5000‬دج إلى ‪ 20.000‬دج"‪ ،1‬و يعود التشديد لسببين‪ :‬ارتكاب الجريمة‬

‫باستعمال أسلوب التهديد بكل أنواعه‪ ،‬وثانيا استعمال العنف‪ ،‬ولم يحدد المشرع نوع أو طبيعة‬

‫العنف المعتبر في هذه الحالة‪ ،‬هل هو استعمال السالح الناري أو األبيض‪ ،‬أو المساس بالسالمة‬

‫الجسدية للضحية أو أيضا العنف اللفظي الذي يحقق انتهاك حرمة مسكن كرها عن صاحبه‪.‬‬

‫ارتكاب الجريمة عن طريق التهديد‪ :‬و هو ظرف يغير الجريمة من جنحة إلى جناية‪ ،‬و هو‬ ‫‪-2‬‬

‫يعني توجيه عبارة أو ما في حكمها إلى الضحية عمدا‪ ،‬من شأنها إحداث الخوف في نفسه‬

‫من أن يكون عرضة لجريمة أو تشهير به أو نسبة تهم شائنة إلى شخصه‪.‬‬

‫ارتكاب الجريمة باستخدام العنف‪ :‬يعني استعمال كل وسيلة غير عادية أثناء الدخول إلى‬ ‫‪-3‬‬

‫مسكن الغير‪ ،‬فقد يقع العنف على األشخاص أو األموال حتى يتمكن المنتهك من اقتحام‬

‫حرمة مسكن‪ ،‬فقد يكون بالكسر أو التسلق أو باستعمال المفاتيح المقلدة أو المسروقة‪ ،‬المادة‬

‫‪ 395‬ق ع ج‪.‬‬

‫حالة وقوع جريمة انتهاك حرمة مسكت من قبل موظف عام‪ :‬و التي أوردها المشرع‬ ‫‪-4‬‬

‫الجزائري تحت عنوان" إساءة استعمال السلطة وفقا للمادة ‪ 135‬ق ع ج و التي أوردت‬

‫القانون رقم ‪ 04-82‬المؤرخ في ‪ 13‬فيفري ‪، ، 1982‬يعدل ويتمم األمر رقم ‪ 156-66‬المؤرخ في ‪ 18‬صفر عام ‪ 1386‬هـ الموافق لـ‪8‬‬ ‫‪1‬‬

‫يونيو ‪ 1966‬المتضمن قانون العقوبات‪ ،‬ج ر ‪، 7‬ص‪323‬‬

‫‪41‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫الشروط سابقة الذكر ذاتها باإلضافة إلى شرط ارتكابها من طرف موظف عام مستغال‬

‫وظيفته من خالل‪:‬‬

‫‪ -‬منتهك المسكن يكون موظف عام‪.‬‬

‫‪ -‬يرتكب الموظف العام الجريمة مستغال وظيفته أي عن طريق إساءة استعمال السلطة التي‬

‫منحه إياها القانون‪.‬‬

‫فهو يعاقب‪ ،‬كما تقع باطلة كل أعمال التحقيق التي قام بها‪ ،‬و رغم ذلك تعتبر العقوبة في هذه‬

‫الحالة غير رادعة تفتقد للصرامة و ال تتناسب مع خطورة هذه الجريمة‪ .‬هذا دون إغفال ما نصت عليه‬

‫المادة ‪ 107‬ق‪.‬ع‪.‬ج‪ ،‬حيث يعاقب الموظف بالسجن من ‪ 5‬إلى ‪ 10‬سنوات إذا أمر بعمل تهكمي أو‬

‫ماس بالحرية الشخصية للفرد أو بالحقوق الوطنية للمواطن أو أكثر‪ .‬و يالحظ تشديد العقوبة في هذه‬

‫الحالة بالنظر إلى خطورة األفعال المنسوبة للموظف التي تصل حد المساس بحرية الفرد أو حقوقه‪ ،‬و‬

‫قد يكون من باب تحقيق العدالة‪ ،‬و زيادة الردع لو تم تشديد العقوبة أيضا في حالة انتهاك الموظف‬

‫لمسكن أي شخص‪ .‬وقد نص المشرع الجزائري على تجريم فعل القتل أو الضرب أو الجرح إذا وقع‬

‫لرفع اعتداء على حياة الشخص أو سالمة جسمه أو لمنع تسلق الحواجز أو الحيطان أو مداخل المنازل‬

‫أو األماكن المسكونة‪ ،‬أو توابعها أو كسر شيء أثناء الليل‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬العقوبات المقررة للجرائم الماسة بحرية التنقل‬


‫في حالة عدم تعديل المادة ‪ 36‬مكرر‪ 1‬و اإلبقاء عليها كما هي‪ ،‬فإنه و تكريسا لقرينة البراءة من‬

‫منطلق أن مبدأ األصل في المتهم البراءة‪ ،‬يتعين على المشرع النص على قواعد تجريمية عقابية تقرر‬

‫‪42‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫المسؤولية الجزائية الشخصية لضباط الشرطة القضائية عندما يمتنعون عن تحرير التقرير المسبب‬

‫لتمكين وكيل الجمهورية من رفع أمر المنع من مغادرة التراب الوطني‪ ،‬باعتبار هذا االمتناع يعد فعال‬

‫تحكميا معاقب عليه بموجب المادة ‪ 107‬من ق‪.‬ع‪.‬ج‪.1‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬طرق متابعة جرائم االعتداء على الحريات‬

‫يستخلص مما سبق أن مرتكب جرائم االعتداء على الحريات غالبا ما يكون ض‪.‬ش‪.‬ق بالتالي‬

‫متابعته تكون كاآلتي‪:‬‬

‫إن ال‪ww‬دعوى المرفوع‪ww‬ة ض‪ww‬د ض‪.‬ش‪.‬ق م‪ww‬اهي في الواق‪ww‬ع إال دع‪ww‬وى قض‪ww‬ائية كب‪ww‬اقي ال‪ww‬دعاوى األخ‪ww‬رى و‬

‫ال‪ww‬تي ت‪ww‬رمي إلى ممارس‪ww‬ة س‪ww‬لطة الت‪ww‬أديب على ض‪ww‬ابط الش‪ww‬رطة القض‪ww‬ائية‪ ،‬و ق‪ww‬د نظم المش‪ww‬رع الجزائ‪ww‬ري‬

‫قواعد المساءلة التأديبية بواسطة غرفة االتهام‪.2‬‬

‫كم ‪ww‬ا يمكن إقام ‪ww‬ة ال ‪ww‬دعوى التأديبي ‪ww‬ة ض ‪ww‬د أي عنص ‪ww‬ر من عناص ‪ww‬ر الض ‪ww‬بطية القض ‪ww‬ائية أّي ا ك ‪ww‬انت الجه ‪ww‬ة‬

‫اإلدارية التي ينتمي إليها من اجل األخطاء المهنية التي ارتكبها أثن‪w‬اء أداء وظيفت‪w‬ه س‪w‬واء حص‪ww‬ل ذل‪w‬ك في‬

‫مرحله جمع االستدالالت في مرحله التحريات األولية‪.‬‬

‫الفرع االول ‪:‬المتابعة التأديبية‬


‫إن األخط ‪ww‬اء المهني ‪ww‬ة ال ‪ww‬تي يرتكبه ‪ww‬ا ض‪.‬ش‪.‬ق الموظف ‪ww‬ون و األع ‪ww‬وان المن ‪ww‬وط لهم بعض مه ‪ww‬ام‬

‫الضبط القضائي تعرف بأنه‪w‬ا التك‪w‬ييف الق‪w‬انوني للس‪w‬لوك المنح‪w‬رف ال‪w‬ذي يص‪w‬در عنهم و يتمث‪w‬ل في قي‪w‬امهم‬

‫عمارة عبد الحميد عمارة ليندة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.297‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبد اهلل أوهيبية‪" ،‬شرح قانون إجراءات التحري والتحقيق"‪ ،‬دار هومة للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة ‪ ،4‬الجزائر‪ ،2013 ،‬ص ‪.302‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪43‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫بعم‪ww w‬ل محظ‪ww w‬ور عليهم أو امتن‪ww w‬اعهم عن عم‪ww w‬ل مف‪ww w‬روض عليهم و بالت‪ww w‬الي س‪ww w‬يكونون موض‪ww w‬وع المس‪ww w‬ائلة‬

‫التأديبية‪.‬‬

‫ب ‪ww‬النظر لألخط ‪ww‬اء المهني ‪ww‬ة المرتكب ‪ww‬ة في أثن ‪ww‬اء ممارس ‪ww‬ة المه ‪ww‬ام المق ‪ww‬ررة في الق ‪ww‬وانين األساس ‪ww‬ية للض ‪ww‬باط‬

‫المعن‪ww‬يين هن‪ww‬اك تج‪ww‬اوزات مهني‪ww‬ة يرتكبه‪ww‬ا ض‪ww‬باط الش‪ww‬رطة القض‪ww‬ائية مرتبط‪ww‬ة بمباش‪ww‬رة مه‪ww‬امهم المنص‪ww‬وص‬

‫عليها في قانون اإلجراءات الجزائية و هي كاآلتي‪:‬‬

‫ع ‪ww‬دم االمتث ‪ww‬ال دون م ‪ww‬برر لتعليم ‪ww‬ات النياب ‪ww‬ة العام ‪ww‬ة ال ‪ww‬تي تعطى ل ض‪.‬ش‪.‬ق في إط ‪ww‬ار البحث و‬ ‫‪-1‬‬

‫التحري عن الجرائم و إيقاف مرتكبيها‪.‬‬

‫الته‪ww w‬اون في إخط‪ww w‬ار وكي‪ww w‬ل الجمهوري‪ww w‬ة عن الوق‪ww w‬ائع ذات الط‪ww w‬ابع الج‪ww w‬زائي ال‪ww w‬تي تص‪ww w‬ل إلى علم‬ ‫‪-2‬‬

‫ضباط الشرطة القضائية أو تلك التي يباشر هذا األخير التحريات بشأنها‪.‬‬

‫توقيف األشخاص للنظر دون إخطار وكيل الجمهورية المختص إقليميا عند اتخاذ هذا اإلجراء‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫المساس بسرية المعلومات التي قد يتحصل عليها بمناسبة مباشرة مهامه‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫تفتيش مساكن المشتبه فيهم دون إذن من السلطة المختصة و في غير الحاالت التي ينص عليه‪ww‬ا‬ ‫‪-5‬‬

‫القانون‪.‬‬

‫خرق قواعد اإلجراءات الخاصة بممارسة االختصاصات االستثنائية‪.‬‬ ‫‪-6‬‬

‫‪44‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬إجراءات سير الدعوى التأديبية‬


‫بم ‪ww‬وجب الم ‪ww‬وجب الم ‪ww‬ادة ‪ 1207‬من ق‪.‬إ‪.‬ج الجزائ ‪ww‬ري ف ‪ww‬إن إج ‪ww‬راءات المتابع ‪ww‬ة تك ‪ww‬ون أم ‪ww‬ام غرف ‪ww‬ة‬

‫االتهام إما بناء على طلب من النائب العام أو من رئيس غرفة االته‪w‬ام و له‪w‬ا أن تنظ‪w‬ر في ذل‪w‬ك من تلق‪w‬اء‬
‫‪.‬‬
‫نفسها بمناسبة القضية المعروضة أمامها‬

‫و يستشف من صريح هذا النص ما يلي‪:‬‬

‫أنه يمكن إقامة دعوى تأديبية ضد أي ض‪.‬ش‪.‬ق أيا كانت الجه‪ww‬ة اإلداري‪ww‬ة ال‪ww‬تي ينتمي إليه‪ww‬ا من‬ ‫‪-1‬‬

‫أجل االخالالت المنسوبة إلي‪w‬ه في مباش‪w‬رة مهام‪w‬ه طبق‪w‬ا لق‪w‬انون اإلج‪w‬راءات الجزائي‪w‬ة س‪w‬واء حص‪w‬ل‬

‫ذلك في مرحلة جمع االستدالالت أو في مرحله التحريات األولية‪.‬‬

‫إن المتابع ‪ww‬ة تق ‪ww‬ع بن ‪ww‬اء على طلب الن ‪ww‬ائب الع ‪ww‬ام ل ‪ww‬دى المجلس القض ‪ww‬ائي أو بن ‪ww‬اء على طلب رئيس‬ ‫‪-2‬‬

‫غرفة االتهام في إطار السلطات الخاصة التي خولته‪w‬ا ل‪w‬ه الم‪w‬واد من ‪ 202‬إلى ‪ 205‬اإلج‪w‬راءات‬

‫الجزائية كما يجوز لغرفة االتهام أن تنظر في ذلك من تلقاء نفس‪w‬ها بمناس‪w‬بة ال‪w‬دعوى المعروض‪w‬ة‬

‫عليها و على إثر استئناف أمر من أوامر قاضي التحقيق‪.‬‬

‫إن الجه ‪ww‬ة المختص ‪ww‬ة ب ‪ww‬النظر في ال ‪ww‬دعوى التأديبي ‪ww‬ة هي غرف ‪ww‬ة االته ‪ww‬ام ال ‪ww‬تي ينتمي إليه ‪ww‬ا ض ‪ww‬ابط‬ ‫‪-3‬‬

‫الشرطة القضائية أو الموظف أو العون المنوط له بعض صالحيات الضبط القضائي‪.2‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬إجراءات التحقيق والمحاكمة‬


‫طبق ‪ww‬ا لنص الم ‪ww‬ادة ‪ 208‬من ق ‪ww‬انون اإلج ‪ww‬راءات الجزائي ‪ww‬ة فإن ‪ww‬ه‪" :‬إذا ط ‪ww‬رحت القض ‪ww‬ية على غرف ‪ww‬ة‬

‫االته‪ww‬ام فإنه‪ww‬ا ت‪ww‬أمر ب‪ww‬إجراء تحقي‪ww‬ق و تس‪ww‬مع طلب‪ww‬ات الن‪ww‬ائب الع‪ww‬ام و أوج‪ww‬ه دف‪ww‬اع ض‪ww‬ابط الش‪ww‬رطة القض‪ww‬ائية‬
‫‪1‬المادة ‪ 207‬من القانون رقم ‪.07-17‬‬
‫محمد حزيط‪" ،‬مذكرات في قانون اإلجراءات الجزائية"‪ ،‬دار هومة للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الطبعة ‪ ،2007 ،2‬ص ‪.80‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪45‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫ص ‪ww‬احب الش ‪ww‬أن و يتعين أن يك ‪ww‬ون ه ‪ww‬ذا األخ ‪ww‬ير ق ‪ww‬د مكن مق ‪ww‬دما من االطالع على ملف ‪ww‬ه المحف ‪ww‬وظ ض ‪ww‬من‬

‫ملفات ضباط الشرطة القضائية لدى النيابة العامة بالمجلس ‪"..‬‬

‫من خالل نص ه‪ww w‬ذه الم‪ww w‬ادة نس‪ww w‬تخلص ب‪ww w‬أن التحقي‪ww w‬ق وج‪ww w‬وبي في القض‪ww w‬ايا المتبع‪ww w‬ة ض‪ww w‬د ض‪ww w‬ابط‬

‫الش‪ww‬رطة القض‪ww‬ائية المع‪ww‬ني ب‪ww‬األمر فال تج‪ww‬وز إحالت‪ww‬ه إلى غرف‪ww‬ة االته‪ww‬ام ومحاكمت‪ww‬ه دون اس‪ww‬تجوابه وتمكين‪ww‬ه‬

‫من تقديم أوجه دفاع‪w‬ه‪ .‬كم‪w‬ا يجب على غرف‪w‬ة االته‪w‬ام إخط‪w‬ار و اس‪w‬تطالع رأي الن‪w‬ائب الع‪w‬ام ل‪w‬دى المجلس‬

‫قبل النظر في الدعوى التأديبية التي أقامتها لدى المجلس من تلقاء نفس‪ww‬ها بن‪ww‬اءا على طلب رئيس‪ww‬ها‪ .‬حيث‬

‫لض‪ww‬باط الش‪ww‬رطة القض‪ww‬ائية الح‪ww‬ق في االطالع على ملف‪ww‬اتهم المحفوظ‪ww‬ة بالنياب‪ww‬ة العام‪ww‬ة ل‪ww‬دى المجلس‪ .‬كم‪ww‬ا‬
‫‪.‬‬
‫يجوز للمعني بالمتابعة أن يوكل محامي للدفاع عنه‬

‫اوال‪ :‬الدعوى العمومية‬


‫إن األحكام الخاصة ال‪w‬تي وض‪w‬عت من ط‪w‬رف المش‪w‬رع الجزائ‪w‬ري بش‪w‬أن المتابع‪w‬ة الجزائي‪w‬ة لعناص‪w‬ر‬

‫الض‪ww w‬بطية القض‪ww w‬ائية ال تطب‪ww w‬ق عليهم جميع‪ww w‬ا إنم‪ww w‬ا تطب‪ww w‬ق على فئ‪ww w‬ة واح‪ww w‬دة فق‪ww w‬ط و هي ض‪.‬ش‪.‬ق دون‬

‫األعوان و الموظفين المشار إليهم في المادة ‪ 19‬و‪ 24‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫يق ‪ww‬وم وكي ‪ww‬ل الجمهوري ‪ww‬ة بمج ‪ww‬رد إخط ‪ww‬اره بالقض ‪ww‬ية بإرس ‪ww‬ال مل ‪ww‬ف ال ‪ww‬دعوى إلى الن ‪ww‬ائب الع ‪ww‬ام ل ‪ww‬دى‬

‫المجلس القضائي فإذا ما رأى ثمة محال للمتابعة عرض األم‪w‬ر على رئيس المجلس القض‪w‬ائي ال‪w‬ذي ي‪w‬أمر‬

‫بدوره بتعيين قاض‪ww‬ي التحقي‪w‬ق للتحقي‪w‬ق في القض‪w‬ية يك‪w‬ون من غ‪w‬ير قض‪ww‬اة جه‪w‬ات االختص‪ww‬اص ال‪w‬تي يتبعه‪w‬ا‬

‫ض‪.‬ش‪.‬ق المتابع‪ ،‬و عند االنتهاء من التحقيق معه يحال أمام جه‪ww‬ة الحكم المختص‪ww‬ة ال‪ww‬تي يتبعه‪ww‬ا المحق‪w‬ق‬

‫أو أمام غرفة االتهام للمجلس القضائي المختص‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫نالحظ أن الهدف من أن تك‪w‬ون جه‪w‬ة االختص‪ww‬اص بمتابع‪w‬ة ض‪.‬ش‪.‬ق غ‪w‬ير الجه‪w‬ة ال‪w‬تي ك‪w‬ان يباش‪w‬ر‬

‫في دائرته ‪ww‬ا اختصاص ‪ww‬ه ه ‪ww‬و الحي ‪ww‬اد و ع ‪ww‬دم التح ‪ww‬يز لض ‪ww‬ابط الش ‪ww‬رطة القض ‪ww‬ائية المت ‪ww‬ابع‪ .‬و علي ‪ww‬ه يع ‪ww‬د ه ‪ww‬ذا‬

‫اإلجراء إجراء جوهري يترتب على مخالفته خرق القانون و تعريض قرار غرفة االتهام للنقض‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬دعوى التعويض‬


‫إن المس‪ww‬ؤولية المدني‪ww‬ة بش‪ww‬كل ع‪ww‬ام تق‪ww‬وم على ثالث‪ww‬ة أرك‪ww‬ان المتمثلين ‪:‬في الخط‪ww‬أ‪ ,‬الض‪ww‬رر والعالق‪ww‬ة‬

‫الس‪ww‬ببية بينهم‪ww‬ا‪ ،‬حيث ان الخط‪ww‬أ ق‪ww‬د نس‪ww‬ب إلى عض‪ww‬و الض‪ww‬بط القض‪ww‬ائي وه‪ww‬و أس‪ww‬اس المس‪ww‬ؤولية المدني‪ww‬ة فال‬

‫تقوم بدونه‪ ،‬الضرر يصيب المدعي الذي يطالب بالتعويض والعالقة السببية في حدوث الضرر‪.1‬‬

‫كم‪ww‬ا أن رج‪ww‬ال الض‪ww‬بطية القض‪ww‬ائية و هم يقوم‪ww‬ون ب‪ww‬أداء مه‪ww‬امهم ق‪ww‬د يلحق‪ww‬ون أض‪ww‬رار جس‪ww‬يمة س‪ww‬واء‬

‫باألشخاص المقصودين بعمليات الضبطية القضائية أو بالغير‪.‬‬

‫و علي‪ww w‬ه فالمش‪ww w‬رع الجزائ‪ww w‬ري ق‪ww w‬د أج‪ww w‬از اللج‪ww w‬وء إلى القض‪ww w‬اء الم‪ww w‬دني أو القض‪ww w‬اء الج‪ww w‬زائي بس‪ww w‬بب‬

‫الجريمة المرتكبة و ذلك وفقا لقواعد مضبوطة تتحدد بمبدأ حق المتضرر من الجريم‪ww‬ة في االختي‪ww‬ار بين‬

‫القضائيين للمطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر أمام القضاء المختص‪.‬‬

‫هذه األخطاء التي يرتكبها ض‪.‬ش‪.‬ق قد تكون ذات طابع مدني محض‪ ،‬و ق‪w‬د تك‪w‬ون خط‪w‬اء جنائي‪w‬ة‬

‫تشكل جريم‪w‬ة وفق‪w‬ا لق‪w‬انون العقوب‪w‬ات أو أح‪w‬د الق‪w‬وانين المكمل‪w‬ة ل‪w‬ه‪ ،‬س‪w‬واء ك‪w‬انت جناي‪w‬ة أو جنح‪w‬ة أو مخالف‪w‬ة‬

‫تسبب ضرر المدعي الذي بدوره سوف يطالب بالتعويض بحس‪w‬ب م‪w‬ا ي‪w‬راه محقق‪w‬ا لمص‪w‬لحته‪ ،‬ف‪w‬إن اختي‪w‬ار‬

‫الشق الجنائي تكون دعواه المدنية بالتبعية للدعوى العمومية‪.‬‬

‫طاهري حسين‪" ،‬عالقة النيابة العامة بالضبط القضائي"‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪،2004 ،‬ص ‪.194‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪47‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫بالت ‪ww‬الي أحك ‪ww‬ام المس ‪ww‬ؤولية المدني ‪ww‬ة ألعض ‪ww‬اء الض ‪ww‬بطية القض ‪ww‬ائية تج ‪ww‬د س ‪ww‬ندها الق ‪ww‬انوني في الق ‪ww‬انون‬

‫المدني‪ ،‬و أيضا القانون الجزائي في حالة ما إذا كان التعويض أساسه خطأ مرتكب عن جريمة‪ ،‬فإذا م‪ww‬ا‬

‫نسب إلى أحدهم خطأ و سبب ضررا غير فان‪w‬ه يت‪w‬ابع وفق‪w‬ا للقواع‪w‬د العام‪w‬ة في الق‪w‬انون الم‪w‬دني طبق‪w‬ا لنص‬

‫المادة ‪ 124‬من نفس او طبقا لقواعد اإلجراءات الجزائية إذا اختار المضرور الشق الجزائي‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬مدى مسؤولية الدولة عن أعمال الضبطية القضائية‬


‫إذا قام عناصر الضبطية القضائية بإحداث الضرر و كان الس‪w‬بب في‪w‬ه س‪w‬واء ك‪w‬ان م‪w‬ادي أو معن‪w‬وي‬

‫أو جسماني للغ‪w‬ير فإن‪w‬ه يس‪w‬أل مس‪w‬ؤولية شخص‪ww‬ية عنه‪w‬ا و يك‪w‬ون مل‪w‬زم ب‪w‬التعويض طبق‪w‬ا ألحك‪w‬ام العام‪w‬ة في‬

‫المس ‪ww‬ؤولية‪ .‬و القض ‪ww‬اء المختص في ذل ‪ww‬ك ه ‪ww‬و القض ‪ww‬اء الع ‪ww‬ادي ه ‪ww‬ذا من جه ‪ww‬ة و من جه ‪ww‬ة أخ ‪ww‬رى باعتب ‪ww‬ار‬

‫جهاز الضبطية القضائية مرفق من المرافق العامة للدولة فإنه يمكن مساءلتها طبقا لنص المادة الس‪w‬ابعة‬

‫من ق ‪ww‬انون اإلج ‪ww‬راءات الجزائي ‪ww‬ة عن األض ‪ww‬رار ال ‪ww‬تي تس ‪ww‬ببها س ‪ww‬لوكيات الض ‪ww‬بطية القض ‪ww‬ائية للغ ‪ww‬ير و لكن‬

‫بشرط أن يك‪w‬ون الخط‪w‬أ الم‪w‬رتكب بمناس‪w‬بة تأدي‪w‬ة وظيفت‪w‬ه أو بس‪w‬ببها‪ ،‬فيح‪w‬ق للمض‪w‬رور إن يلج‪w‬أ إلى الغرف‪w‬ة‬

‫اإلدارية للمجلس القضائي المختص للمطالبة بالتعويض عن األضرار التي لحقت بها‪.1‬‬

‫لق‪ww‬د أق‪ww‬ر المش‪ww‬رع الجزائ‪ww‬ري الح‪ww‬االت ال‪ww‬تي يمكن أن ت‪ww‬رتب مس‪ww‬ؤولية الدول‪ww‬ة عن أعم‪ww‬ال الض‪ww‬بطية‬

‫القضائية و هي حاالت التع‪w‬دي على الحري‪w‬ات الفردي‪w‬ة ال‪w‬تي نص عليه‪w‬ا المش‪w‬رع ص‪w‬راحة في نص الم‪w‬ادة‬

‫‪ 108‬من قانون العقوبات‪ ،‬كما أقر ك‪w‬ذلك المس‪w‬ؤولية المدني‪w‬ة في ه‪w‬ذه الحال‪w‬ة على الدول‪w‬ة ال‪w‬تي تح‪w‬ل به‪w‬ذه‬

‫الطريقة مح‪w‬ل الفاع‪w‬ل‪ ،‬و بالت‪w‬الي ف‪w‬إن الدول‪w‬ة تس‪w‬أل عن األخط‪w‬اء ال‪w‬تي ارتكبه‪w‬ا الموظ‪w‬ف بمناس‪w‬بة مباش‪w‬رة‬

‫‪ 1‬أحمد محيو‪" ،‬المنازعات اإلدارية"‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬الجزائر‪ ،2003 ،‬ص ‪.100‬‬

‫‪48‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫وظيفت‪ww‬ه دون أن يمت‪ww‬د ه‪w‬ذا الض‪ww‬رر إلى أخطائ‪ww‬ه الخاص‪ww‬ة وله‪ww‬ا الع‪ww‬ودة علي‪ww‬ه لتع‪ww‬ويض الخس‪ww‬ائر ال‪ww‬تي لحقت‬

‫خزينة الدولة جراء تعويض المضرور من الجريمة أو العمل غير المشروع لعضو الضبط القضائي‪.‬‬

‫بعد دراستنا لهذا الفصل رأينا أن المشرع الجزائري قد وضع آليات قانونية و قضائية لحماية‬

‫الحقوق و الحريات‪ ،‬ذلك من خال الضوابط القانونية المكرسة في ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج و المتمثلة في الرقابة‬

‫بنوعيها القضائية و اإلدارية و كذلك متابعتها من قبل الجهات القضائية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الرقابة على جرائم االعتداء على الحريات و طرق تنظيمها‬

‫سنتطرق في هذا المبحث إلى دراسة طرق الرقابة على أعمال ض‪.‬ش‪.‬ق المنافية للحريات‬

‫العامة و في االخير نتطرق إلى كيفية تنظيم هذه الحريات‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الرقابة على جرائم االعتداء على الحريات‬

‫يخض‪ww‬ع عناص‪ww‬ر الش‪ww‬رطة القض‪ww‬ائية إلش‪ww‬راف وكي‪ww‬ل الجمهوري‪ww‬ة المباش‪ww‬ر في إدارة ك‪ww‬ل محكم‪ww‬ة‪ ،‬و‬

‫إلش‪ww‬راف الن‪w‬ائب في دائ‪w‬رة المجلس القض‪ww‬ائي على أن ه‪w‬ذه الرقاب‪w‬ة تقتص‪ww‬ر على وظيف‪w‬ة الض‪ww‬بط القض‪ww‬ائي‪،‬‬

‫دون أعمال وظيفتهم المعتادة و التي يخضعون في أدائها لرؤسائهم اإلداريين فقط‪.1‬‬

‫كم‪ww‬ا أن األعم‪ww‬ال ال‪ww‬تي ينف‪ww‬ذها أعض‪ww‬اء الش‪ww‬رطة القض‪ww‬ائية في إط‪ww‬ار إج‪ww‬راءات التحري‪ww‬ات تق‪ww‬ع تحت‬

‫إدارة و إش‪ww w w‬راف النياب‪ww w w‬ة العام‪ww w w‬ة و رقاب‪ww w w‬ة غرف‪ww w w‬ة االته‪ww w w‬ام من خالل نص الم‪ww w w‬ادة ‪ 12‬في فق‪ww w w‬رة ‪ 2‬من‬

‫أحمد شوقي الشلقاني‪"،‬مبادئ اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائري"‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.162‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪49‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج‪ ،2‬يت‪ww‬بين أن األعم‪ww‬ال ال‪ww‬تي ينف‪ww‬ذها عناص‪ww‬ر الش‪ww‬رطة القض‪ww‬ائية تتم تحت إدارة وكي‪ww‬ل الجمهوري‪ww‬ة‬

‫وإ شراف النائب العام و رقابة غرفة االتهام‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬رقابة النيابة العامة‬

‫القضائي‪:‬‬ ‫اوال‪ :‬إدارة وكيل الجمهورية ألعمال الضبط‬


‫إخطار وكيل الجمهورية بالشكاوي والبالغات‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫لق ‪ww‬د أق ‪ww‬ر المش ‪ww‬رع الجزائ ‪ww‬ري ال ‪ww‬واجب الملقى على ض ‪ww‬ابط الش ‪ww‬رطة القض ‪ww‬ائية بخص ‪ww‬وص وظيفت ‪ww‬ه‬

‫المتعلق ‪ww‬ة بمرحل ‪ww‬ة جم ‪ww‬ع االس ‪ww‬تدالالت و أن ‪ww‬ه غالب ‪ww‬ا م ‪ww‬ا يتلقى البالغ‪ ،‬و بالت ‪ww‬الي علي ‪ww‬ه إلى ح ‪ww‬د كب ‪ww‬ير عبء‬

‫البحث عن الجريمة على ض‪w‬وء البالغ‪w‬ات ال‪w‬تي يتلقاه‪w‬ا‪ .1‬حيث أن البالغ ه‪w‬و نق‪w‬ل نب‪w‬أ الجريم‪w‬ة إلى مس‪w‬مع‬

‫الضبطية القضائية‪.‬‬

‫كم‪ww‬ا يجب على عناص‪ww‬ر الض‪ww‬بط القض‪ww‬ائي إعالم وكي‪ww‬ل الجمهوري‪ww‬ة بجمي‪ww‬ع الج‪ww‬رائم ال‪ww‬تي وص‪ww‬لت‬

‫إليها أو نقلت إلى علمهم عن طريق الش‪w‬كاوي والبالغ‪w‬ات ال‪w‬تي تلقاه‪w‬ا وك‪w‬ذا المحاض‪ww‬ر ال‪w‬تي حرروه‪w‬ا و‬

‫أي مخالفة لهذا االلتزام يعرض القائمين به إلى المتابعة من طرف وكي‪ww‬ل الجمهوري‪ww‬ة بع‪ww‬د اس‪ww‬تطالع رأي‬

‫النائب العام‪ .‬يجب عليهم كذلك عليهم إبالغه بما وصلت إليه تحرياتهم و ذلك بإرفاق أصل المحاضر و‬

‫نسخة منها مصادق عليها و كل الوثائق المرفقة و األشياء المضبوطة ‪ ،‬و يدعم هذا االلتزام ما ج‪ww‬اء في‬

‫نص المادة ‪ 18‬من ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج‪ ،2‬و الهدف من إعالم وكيل الجمهورية هو السماح له بتوجيه تعليمات‪ww‬ه لهم‬

‫‪2‬المادة ‪ 12‬من القانون رقم ‪ 07-17‬المؤرخ في ‪ 27‬مارس ‪ 2017‬متضمن قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬ج ر ج ج العدد ‪ 20‬المؤرخة في ‪29‬‬
‫مارس ‪.2017‬‬
‫‪1‬طاهري حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.115‬‬
‫‪2‬المادة ‪ 18‬من قانون اإلجراءات الجزائية‬

‫‪50‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫في ال‪ww‬وقت المناس‪ww‬ب و ك‪ww‬ذا التوجيه‪ww‬ات الض‪ww‬رورية للح‪ww‬د من اإلج‪ww‬رام و تق‪w‬دير النح‪ww‬و ال‪ww‬ذي يجب أن يتخ‪ww‬ذه‬

‫كل ملف بما أنه يعد كل خرق لهذا االلتزام يتعرض القائم به لمراقب‪ww‬ة و مس‪ww‬اءلة غرف‪ww‬ة االته‪ww‬ام‪ ،‬حيث أن‬

‫أي إهم‪ww‬ال أو ت‪ww‬أخير في القي‪ww‬ام بتنظيم العم‪ww‬ل والمحافظ‪ww‬ة على ال‪ww‬دليل‪ .‬و للنياب‪ww‬ة العام‪ww‬ة الح‪ww‬ق في مراجع‪ww‬ة‬

‫ال‪ww‬دفاتر الخاص ‪ww‬ة على مس‪ww‬توى مرك‪ww‬ز الش‪ww‬رطة والتأك‪ww‬د من البالغ‪ww‬ات و الش‪ww‬كاوى و اإلج‪ww‬راءات المتخ‪ww‬ذة‬

‫بشأنها‪.‬‬

‫كم‪ww‬ا أوردت الم‪ww‬ادة ‪ 62‬من ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج ض‪ww‬رورة أن يخط‪ww‬ر ض‪.‬ش‪.‬ق وكي‪ww‬ل الجمهوري‪ww‬ة ف‪ww‬ورا عن‪ww‬د‬

‫علمهم بالعثور على جثة شخص وكان س‪w‬بب الوف‪w‬اة مجه‪w‬وال أو مش‪w‬كوك في‪w‬ه ‪ ،‬س‪w‬واء ك‪w‬انت الوف‪w‬اة نتيج‪w‬ة‬

‫أو بدون ‪ww‬ه و بع ‪ww‬د إخط ‪ww‬ار وكي ‪ww‬ل الجمهوري ‪ww‬ة على ض‪.‬ش‪.‬ق أن يتنقل ‪ww‬وا ب ‪ww‬دون تمه ‪ww‬ل إلى مك ‪ww‬ان‬ ‫عن ‪ww‬ف‬

‫الحادث مباشرة المعاينات األولية‪.1‬‬

‫إلى ج‪ww‬انب ذل‪ww‬ك في الح‪ww‬االت ال‪ww‬تي يج‪ww‬يز فيه‪ww‬ا الق‪ww‬انون ل ض‪.‬ش‪.‬ق أن يباش‪ww‬روا مهمتهم على كاف‪ww‬ه‬

‫ت ‪ww w‬راب الجمهوري ‪ww w‬ة الجزائري ‪ww w‬ة في حال ‪ww w‬ة االس ‪ww w‬تعجال أو في كاف ‪ww w‬ة دائ ‪ww w‬رة اختص ‪ww w‬اص المجلس القض ‪ww w‬ائي‬

‫الملحقون به‪ ،‬يتعين عليهم أن يخبروا مسبقا وكيل الجمهورية الذين يعملون في دائرة اختصاصه‪.‬‬

‫كم ‪ww‬ا يق ‪ww‬وم الموظف ‪ww‬ون و األع ‪ww‬وان المن ‪ww‬وط بهم قانون ‪ww‬ا بعض مه ‪ww‬ام الض ‪ww‬بط القض ‪ww‬ائي بإخب ‪ww‬ار وكي ‪ww‬ل‬

‫الجمهوري‪ww‬ة بك‪ww‬ل م‪ww‬ا يقوم‪ww‬ون ب‪ww‬ه من أعم‪ww‬ال المعاين‪ww‬ات و ض‪ww‬بط المخالف‪ww‬ات و الجنح ال‪ww‬تي خ‪ww‬ولهم الق‪ww‬انون‬

‫القي ‪ww‬ام به ‪ww‬ا طبق ‪ww‬ا لنص الم ‪ww‬واد ‪ 26 ،25 ،23 ،21‬من ق ‪ww‬انون اإلج ‪ww‬راءات الجزائي ‪ww‬ة‪ ،‬ل ‪ww‬ه وح ‪ww‬ده س ‪ww‬لطة‬

‫المادة ‪ 62‬من نفس القانون‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪51‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫التصرف في المحاضر و تمكينه من مباشرة اختصاص‪ww‬اته في المالئم‪ww‬ة بين تحري‪ww‬ك ال‪ww‬دعوى العمومي‪ww‬ة و‬

‫رفعها و بين حفظها‪.1‬‬

‫الرقاب‪w‬ة الص‪w‬ارمة ال‪w‬تي تمارس‪w‬ها النياب‪w‬ة العام‪w‬ة يمكن معرف‪ww‬ة م‪w‬ا إذا ال‪w‬تزم ض‪ww‬ابط الش‪w‬رطة القض‪ww‬ائية‬

‫باألعم ‪ww‬ال الملق ‪ww‬اة على عاتق ‪ww‬ه و أوله ‪ww‬ا قب ‪ww‬ول البالغ ‪ww‬ات و الش ‪ww‬كاوى ثم اس ‪ww‬تعمالها في ح ‪ww‬دود الص ‪ww‬الحيات‬

‫المخولة له‪.‬‬

‫مراقبة المحاضر توجيه التحري والتصرف فيه والتوقيف للنظر‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫و تتمثل في‪:‬‬

‫‪ -1‬فحص النيابة لمحاضر الضبط القضائي‪:‬‬

‫تبرر رقابة النياب‪w‬ة العام‪w‬ة على ه‪w‬ذه المحاض‪ww‬ر كونه‪w‬ا تمل‪w‬ك التص‪ww‬رف فيه‪w‬ا باتخ‪w‬اذ اإلج‪w‬راء المالئم‪،‬‬

‫سواء بتحريك الدعوى أو بالحفظ أو التماس إجراء تحقيق يتولى القيام به قاضي التحقيق‪.‬‬

‫إن عناص‪ww‬ر الض‪ww‬بطية القض‪ww‬ائية خاض‪ww‬عين لس‪w‬لطة وكي‪w‬ل الجمهوري‪w‬ة‪ ،‬و به‪w‬ذه الص‪ww‬فة ف‪ww‬إنهم ملزم‪w‬ون‬

‫بتنفيذ األوام‪w‬ر و التعليم‪w‬ات ال‪w‬تي يتلقونه‪w‬ا من‪w‬ه و أي تق‪w‬اعس في ه‪w‬ذا المج‪w‬ال يع‪w‬رض ص‪ww‬احبه للج‪w‬زاء‪ ،2‬و‬

‫تنص‪www‬ب رقاب ‪ww‬ة وكي ‪ww‬ل الجمهوري ‪ww‬ة على األوض‪www‬اع الش ‪ww‬كلية له ‪ww‬ذه المحاض ‪ww‬ر‪ ،‬و ألهميته ‪ww‬ا المتعل ‪ww‬ق بن ‪ww‬وع‬

‫الجريم‪ww‬ة و النص‪ww‬وص القانوني‪ww‬ة المطبق‪ww‬ة عليه‪ww‬ا وهوي‪ww‬ة الش‪ww‬خص المحتج‪ww‬ز إذا تعل‪ww‬ق األم‪ww‬ر بمحض‪ww‬ر حج‪ww‬ز‬

‫تحت الرقابة‪ ،3‬كما تخول له سلطة اإلدارة مراقب‪w‬ه المحاض‪w‬ر من حيث التوقي‪w‬ع و الت‪w‬اريخ و خ‪w‬اتم الوح‪w‬دة‬

‫باي فيصل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.24‬‬ ‫‪1‬‬

‫معراج جديدي‪ ،‬الوجيز في اإلجراءات الجزائية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2002 ،‬ص ‪.17‬‬ ‫‪2‬‬

‫طاهري حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.171‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪52‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫ال‪ww‬تي ينتمي إليه‪ww‬ا من ح‪ww‬رر المحض‪ww‬ر‪ ،‬من حيث االختص‪ww‬اص الن‪ww‬وعي من‪ww‬ه‪ ،‬و المحلي‪ ،‬و الشخص‪ww‬ي‪ ،‬و‬

‫بأن المحضر قد تم تحريره أثناء تأدية مه‪w‬ام الوظيف‪w‬ة إلى ج‪w‬انب ض‪ww‬رورة تبي‪w‬ان ص‪ww‬فة مح‪w‬رره‪ ،‬و ه‪w‬ذا ل‪w‬ه‬

‫أهميه في إضفاء الصفة القانونية على محاضر الضبطية القضائية‪.‬‬

‫‪ -2‬التصرف في محاضر الضبط القضائي‪:‬‬

‫جرى العمل أن عضو النيابة إذا كشف األخطاء أو النق‪w‬ائص في المحاض‪ww‬ر ال‪ww‬تي يتلقاه‪ww‬ا و خلوه‪ww‬ا‬

‫من بيانات أساسية أن يعيدها لض‪ww‬ابط الش‪w‬رطة القض‪ww‬ائية لتص‪ww‬حيحها و اس‪w‬تكمال النق‪w‬ائص ح‪w‬تى يتمكن من‬

‫التصرف فيها‪ ،‬فتصرف النيابة العامة في هذه المحاضر ال يتم إال إذا جاءت خالية من العيوب و س‪ww‬ليمة‬

‫من النق‪ww‬ائص‪ ،‬و إذا ك‪ww‬انت ال‪ww‬دالئل غ‪ww‬ير كافي‪ww‬ة إلقام‪ww‬ة ال‪ww‬دعوى‪ ،‬أو ك‪ww‬انت عناص‪ww‬ر الجريم‪ww‬ة غ‪ww‬ير مت‪ww‬وفرة‬
‫‪.‬‬
‫فيأمر عضو النيابة بالحفظ‬

‫إن األم‪ww‬ر بالحف‪ww‬ظ يس‪ww‬ند إلى س‪ww‬بب ق‪ww‬انوني بن‪ww‬اء علي‪ww‬ه ال يج‪ww‬وز تحري‪ww‬ك ال‪ww‬دعوى الجنائي‪ww‬ة و األس‪ww‬باب‬

‫نوعان‪ .‬النوم األول المتمثل في األسباب القانوني‪ww‬ة و هي الحف‪w‬ظ لع‪ww‬دم الجريم‪ww‬ة‪ ،‬المتن‪ww‬اع العق‪w‬اب‪ ،‬المتن‪ww‬اع‬

‫المسؤولية لعدم إمكان تحريك الدعوى العمومية النقضاء الدعوى العمومية‪.‬‬

‫أم‪ww‬ا الن‪ww‬وع الث‪ww‬اني فيتعل‪ww‬ق بموض‪ww‬وع ال‪ww‬دعوى العمومي‪ww‬ة وأطرافه‪ww‬ا و هي الحف‪w‬ظ لع‪ww‬دم معرف‪ww‬ة المتهم‪،‬‬

‫عدم كفاية األدلة ولعدم الصحة‪.‬‬

‫كم‪ww w‬ا أن الطلب االفتت‪ww w‬احي إلج‪www‬راء التحقي‪ww w‬ق يع‪ww w‬د وج‪ww w‬ه من أوج‪ww w‬ه التص‪ww w‬رف ال‪ww w‬ذي يجري‪ww w‬ه وكي‪ww w‬ل‬

‫الجمهوري ‪ww‬ة في محاض ‪ww‬ر الش ‪ww‬رطة القض ‪ww‬ائية‪ ،‬و في ه ‪ww‬ذه الحال ‪ww‬ة يت ‪ww‬بين ل ‪ww‬ه ان الوق ‪ww‬ائع المعروض ‪ww‬ة أمام ‪ww‬ه‬

‫تستدعي تحقيقا دقيقا و معمقا و ذلك لخطورتها وتشعبها‬


‫‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫أم‪ww‬ا بالنس‪ww‬بة للتكلي‪ww‬ف بالحض ‪ww‬ور ال‪ww‬ذي يوجه‪ww‬ه وكي‪ww‬ل الجمهوري‪ww‬ة للمتهم يع‪ww‬د ك‪ww‬ذلك وج‪ww‬ه من أوج‪ww‬ه‬

‫التصرف الذي يقوم به حيث يعتبر رفعا للدعوى و تحريكا لها‪ ،‬كما البد أن يشمل ه‪ww‬ذا التكلي‪ww‬ف البيان‪ww‬ات‬

‫الجوهري‪www‬ة من اس‪www‬م المتهم ‪ ،‬التهم الموجه‪www‬ة إلي‪www‬ه‪ ،‬النص‪ww w‬وص القانوني ‪ww‬ة ال ‪ww‬تي تع ‪ww‬اقب على ذل‪www‬ك‪ ،‬الجه‪www‬ة‬

‫المصدرة للتكليف‪ ،‬المحكمة المطل‪w‬وب الحض‪w‬ور أمامه‪w‬ا‪ ،‬ت‪w‬اريخ الجلس‪w‬ة‪ ،‬و به‪w‬ذا تخ‪w‬رج القض‪w‬ية لتع‪w‬رض‬

‫أمام المحكمة‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬مراقبة التوقيف للنظر‬


‫إن مراقبة وكيل الجمهورية إلجراء التوقي‪ww‬ف للنظ‪ww‬ر حقيقي و فعلي‪ ،‬حيث أل‪ww‬زم الق‪w‬انون ض‪.‬ش‪.‬ق‬

‫أن يق ‪ww‬دموا ل ‪ww‬ه التقري ‪ww‬ر عن دواعي التوقي ‪ww‬ف للنظ ‪ww‬ر حيث يك ‪ww‬ون مض ‪ww‬مون ه ‪ww‬ذا التقري ‪ww‬ر متعل ‪ww‬ق بالعناص ‪ww‬ر‬

‫األولية لظروف الجريمة واألسباب التي تبرر التوقيف‪.‬‬

‫و عليه فإن سلطة الشرطة القضائية في توقيف شخص للنظر خاصة لمراقب‪ww‬ة وكي‪ww‬ل الجمهوري‪ww‬ة و‬

‫تتمثل المراقبة في هذه الحال‪w‬ة من خالل األعم‪w‬ال التالي‪w‬ة‪ :‬االطالع على الس‪w‬جل الخ‪w‬اص ب‪w‬التوقيف للنظ‪w‬ر‪،‬‬

‫تع‪ww‬يين ط‪ww‬بيب لفحص الموق ‪ww‬وف للنظ‪ww‬ر س‪ww‬واء تلقائي‪ww‬ا أو بن‪ww‬اء على طلب أف ‪ww‬راد عائلت‪ww‬ه أو محامي‪ww‬ه‪ ،‬زي‪ww‬ارة‬

‫األماكن المخصصة للتوقيف للنظر و التأكد من أنها تستجيب للشروط الالئقة بكرامة اإلنسان‪.2‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إشراف النائب العام على الضبطية القضائية‬


‫يع‪w‬د الن‪w‬ائب الع‪w‬ام رئيس الهيئ‪w‬ة المكلف‪w‬ة باإلش‪w‬راف و إدارة الض‪ww‬بط القض‪ww‬ائي‪ ،‬وكي‪w‬ل الجمهوري‪w‬ة بم‪w‬ا‬

‫أن‪w‬ه يعت‪w‬بر م‪w‬دير الض‪w‬بطية القض‪w‬ائية على مس‪w‬توى المحكم‪w‬ة يعم‪w‬ل تحت س‪w‬لطة الن‪w‬ائب الع‪w‬ام ال‪w‬ذي يع‪w‬ود ل‪w‬ه‬

‫اإلش‪ww w‬راف على ه‪ww w‬ذه الفئ‪ww w‬ة على مس‪ww w‬توى المجلس القض‪ww w‬ائي‪ ،‬و مع‪ww w‬نى ذل‪ww w‬ك ان‪ww w‬ه إذا ك‪ww w‬انت قي‪ww w‬ادة وكي‪ww w‬ل‬
‫‪1‬‬
‫طاهري حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪176‬‬
‫طاهري حسين‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.163،164،165‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪54‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫الجمهوري‪ww‬ة للض‪ww‬بطية القض‪ww‬ائية هي قي‪ww‬ادة مباش‪ww‬رة ف‪ww‬إن الن‪ww‬ائب الع‪ww‬ام تك‪ww‬ون قيادت‪ww‬ه غ‪ww‬ير مباش‪ww‬رة‪ ،‬و يك‪ww‬ون‬

‫إشراف النائب العام على توجيه و مراقبة أعمال الض‪ww‬بطية القض‪ww‬ائية على مس‪ww‬توى المجلس القض‪ww‬ائي م‪ww‬ع‬

‫مطالب‪ww‬ة الجه‪ww‬ة القض‪ww‬ائية المختص‪ww‬ة و ال‪ww‬تي هي غرف‪ww‬ة االته‪ww‬ام ب‪ww‬النظر في ك‪ww‬ل مخالف‪ww‬ة مرتكب‪ww‬ة من ط‪ww‬رف‬

‫ضباط الشرطة القضائية‪.‬‬

‫و تهدف هذه المطالبة إلى تجريدهم من صفة الضبطية القضائية ومتابعتهم جزائيا عن أي تقصير‬

‫أو إخالل يقع منهم طبقا ألحكام المواد ‪ 208 207 206‬من ق‪.‬إ‪.‬ج ‪.‬ج‪.‬‬

‫كما أنه قد اكتفى المشرع بالنص على أن للن‪ww‬ائب الع‪ww‬ام س‪ww‬لطة اإلش‪ww‬راف من خالل نص الم‪ww‬ادة ‪12‬‬

‫من ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج في فقرته ‪ww‬ا الثاني ‪ww‬ة‪ .1‬كم ‪ww‬ا ل ‪ww‬ه س ‪ww‬لطة إمس ‪ww‬اك مل ‪ww‬ف ف ‪ww‬ردي لك ‪ww‬ل ض‪.‬ش‪.‬ق من خالل نص‬

‫الم‪ww w‬ادة ‪ 18‬مك‪ww w‬رر حيث يش‪ww w‬رف ك‪ww w‬ذلك على تنقي‪ww w‬ط ض‪ww w‬باط الش‪ww w‬رطة القض‪ww w‬ائية و ال‪ww w‬تي يتواله‪ww w‬ا وكي‪ww w‬ل‬

‫الجمهورية تحت سلطة و إشراف النائب العام‪ ،‬و من أهم السلطات المخولة للنائب العام كسلطة إش‪ww‬راف‬

‫على الض‪ww‬بطية القض‪ww‬ائية تتمث‪ww‬ل في مس‪ww‬ك ملف‪ww‬ات ض‪ww‬باط الش‪ww‬رطة القض‪ww‬ائية‪ ،‬اإلش‪ww‬راف على تنقي‪ww‬ط ض‪ww‬باط‬

‫الشرطة القضائية وتنفيذ التسخيرات‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬رقابة غرفة االتهام‬


‫لغرفة االتهام بالمجلس القضائي مراقبة أعمال ض‪.‬ش‪.‬ق الذين يمارسون مه‪ww‬امهم ض‪ww‬من الش‪ww‬روط‬

‫المح‪ww‬ددة في الم‪ww‬ادتين ‪ 12‬و ‪ 13‬من ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج‪ ،2‬حيث يرف‪ww‬ع األم‪ww‬ر أو التظلم إلى غرف‪ww‬ة االته‪ww‬ام في حال‪ww‬ة‬

‫اإلخالالت أو التج‪ww‬اوزات أو األخط‪ww‬اء المرتكب‪ww‬ة من ط‪ww‬رف ض‪.‬ش‪.‬ق نتيج‪ww‬ة لمباش‪ww‬رتهم لمه‪ww‬امهم‪ ،‬يرف‪ww‬ع‬

‫المادة ‪ 12‬من القانون رقم ‪.07-17‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادتين ‪ 12‬و ‪ 13‬من قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪55‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫األم ‪ww‬ر مباش ‪ww‬رة إلى غرف ‪ww‬ة االته ‪ww‬ام على مس ‪ww‬توى المجلس القض ‪ww‬ائي إم ‪ww‬ا من ط ‪ww‬رف الن ‪ww‬ائب الع ‪ww‬ام أو وكي ‪ww‬ل‬

‫الجمهوري‪ww‬ة ال‪ww‬ذي يتلقى في أغلب األحي‪ww‬ان الش‪ww‬كاوى و التظلم‪ww‬ات من المواط‪ww‬نين بمحكمت‪ww‬ه‪ ،‬و بع‪ww‬د تحقق‪ww‬ه‬

‫من االدع ‪ww‬اءات أو االتهام ‪ww‬ات الموجه ‪ww‬ة لض ‪ww‬باط الش ‪ww‬رطة القض ‪ww‬ائية يرس ‪ww‬ل األم ‪ww‬ر إلى الن ‪ww‬ائب الع ‪ww‬ام ل ‪ww‬دى‬

‫المجلس القض‪ww‬ائي ال‪ww‬ذي يع‪ww‬د رئيس‪ww‬ه من الناحي‪ww‬ة التدريجي‪ww‬ة و ه‪ww‬ذا األخ‪ww‬ير يتخ‪ww‬ذ اإلج‪ww‬راءات الالزم‪ww‬ة ض‪ww‬د‬

‫ض‪ww‬باط الش‪ww‬رطة القض‪ww‬ائية‪ .‬كم‪ww‬ا يمكن أن يرف‪ww‬ع األم‪ww‬ر أو التظلم من رئيس غرف‪ww‬ة االته‪ww‬ام‪ ،‬كم‪ww‬ا يج‪ww‬وز له‪ww‬ا‬

‫كذلك أن تنظر من تلقاء نفسها بمناسبة نظرها في قضية مطروحة أمامها طبقا للفقرة ‪ 1‬من المادة ‪207‬‬

‫من قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫كم‪ww‬ا لغرف‪ww‬ة االته‪ww‬ام أن تن‪ww‬دب ألح‪ww‬د المستش‪ww‬ارين أو أح‪ww‬د قض‪ww‬اة للتحقي‪ww‬ق في القض‪ww‬ية و تطلب إج‪ww‬راء‬

‫التحقي‪ww‬ق و تس‪ww‬مع طلب‪ww‬ات الن‪ww‬ائب الع‪ww‬ام و أوج‪ww‬ه دف‪ww‬اع ض‪.‬ش‪.‬ق ص‪ww‬احب الش‪ww‬أن‪ ،‬كم‪ww‬ا يتعين أن يك‪ww‬ون ه‪ww‬ذا‬

‫األخير قد مكن مقدما من االطالع على ملفه المحفوظ ضمن ملفات الشرطة القضائية لدى النياب‪ww‬ة العام‪ww‬ة‬

‫للمجلس و يجوز ل ض‪.‬ش‪.‬ق المتهم أن يستعين بمحام للدفاع عنه‪.‬‬

‫اوال‪ :‬الرقابة على القضاة‬


‫إن المجلس األعلى للقضاء هو المؤسسة الدستورية التي أنشئت من أج‪w‬ل تعزي‪w‬ز اس‪w‬تقاللية الس‪w‬لطة‬

‫القض‪ww‬ائية كث‪ww‬الث س‪ww‬لطة و لتك‪ww‬ريس مب‪ww‬دأ الفص‪ww‬ل بين الس‪ww‬لطات‪ ،‬بحيث أس‪ww‬س في أول دس‪ww‬تور للجمهوري‪ww‬ة‬

‫الجزائري‪ww‬ة لس‪ww‬نة ‪ 1963‬في مادت‪ww‬ه ‪ ،165‬و أس‪ww‬ندت ل‪ww‬ه مه‪ww‬ام دس‪ww‬تورية تتمث‪ww‬ل في متابع‪ww‬ة و إدارة المس‪ww‬ار‬

‫المهني للقضاة‪ ،‬بحيث يس‪w‬تدعي في‪w‬ه القض‪w‬اة المش‪w‬كلين له‪w‬ذه الهيئ‪w‬ة للقي‪w‬ام بمتابع‪w‬ة المس‪w‬ار المه‪w‬ني ل‪w‬زمالئهم‬

‫من تعيين و ترقية‪ ،‬هذا ما هو منصوص عليه في الفصل األول بعنوان تعيين القضاة و نقلهم و ترقيتهم‬

‫‪1‬المادة ‪ 65‬من الدستور ‪.1963‬‬

‫‪56‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫من الب‪ww w‬اب الث‪ww w‬اني المعن‪ww w‬ون بص‪ww w‬الحيات المجلس األعلى للقض‪ww w‬اء من الق‪ww w‬انون العض‪ww w‬وي رقم ‪12 -04‬‬

‫المؤرخ ‪ 6‬سبتمبر ‪ 2006‬المتعلق بتشكيل المجلس األعلى للقضاء و عمله و صالحياته‪.‬‬

‫كم‪www‬ا للمجلس األعلى للقض‪www‬اء ص‪www‬الحية رقاب‪www‬ة انض‪www‬باط القض ‪ww‬اة و ت ‪ww‬أديبهم في ح ‪ww‬ال م‪www‬ا اذا ق‪www‬اموا‬

‫بإجراءات أو تدخالت أو مناورات ضد تنفيذ القانون أو أوامر الحكومة‪ ،‬ألن هذا يعت‪ww‬بر س‪ww‬لوك من ش‪ww‬أنه‬

‫المساس بنزاهتهم و بالتالي سوف يكونون مسؤولون أمام نفس المجلس‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الرقابة القضائية على ضباط الشرطة القضائية العسكري‬


‫إذا تعلق األمر ب ض‪.‬ش‪.‬ق التابعين لألمن العسكري‪ ،‬فإن غرفة االتهام الموجودة على مستوى‬

‫مجلس قضاء الجزائر العاصمة هي صاحبة االختصاص بالنظر في االختالالت أو التجاوزات أو‬

‫األخطاء المرتكبة من طرف هؤالء الضباط‪ ،‬فيرفع لها األمر في هذه الحالة من قبل النائب العام بعد‬

‫استطالع على رأي وكيل الجمهورية العسكري الموجود في المحكمة العسكرية المختص إقليميا طبقا‬

‫لنص المادة ‪ 207‬فقرة ‪ 12‬من ق‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬و عندما تطرح القضية أو األمر على غرفة االتهام فإن هذه‬

‫األخيرة تأمر بإجراء التحقيق مع الضحايا‪ ،‬الشهود‪ ،‬و الضباط وتندب لذلك غرفة االتهام أحد‬

‫المستشارين أو أحد قضاة التحقيق للتحقيق في القضية و تطلب إجراء تحقيق من إحدى جهات الضبطية‬

‫القضائية و يتعين أن تكون هذه األخيرة قد مكنت مقدما من االطالع على الملف الخاص المرسل من‬

‫قبل وكيل الجمهورية العسكري المختص إقليميا و يجوز لضباط الشرطة القضائية العسكريين المعنيين‬

‫باألمر باالستعانة بمحامي للدفاع عنهم‪ ،‬و تجدر المالحظة عند االطالع على القانون العسكري فإنه‬

‫‪21‬المادة ‪ 207‬من القانون رقم ‪.07-17‬‬

‫‪57‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫يحيلنا في كثير من أحكامه إلى قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬بمعنى هذا األخير مطبق في القضايا‬

‫العسكرية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬طرق تنظيم ممارسة الحريات العامة و القيود التي ترد عليها‬

‫س‪ww‬نتطرق في ه‪ww‬ذا المطلب إلى ط‪ww‬رق تنظيم ممارس‪ww‬ة الحري‪ww‬ات العام‪ww‬ة في الف‪ww‬رع األول ثم س‪ww‬نعالج‬

‫مسألة القيود أو الحدود التي تقع على ممارسة الحريات العامة في الفرع الثاني‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬طرق تنظيم ممارسة الحريات العامة‬

‫إذا كانت الحريات العامة هي حريات معرف‪ww‬ة على أس‪ww‬اس ثالث‪ww‬ة مع‪ww‬ايير متكامل‪ww‬ة‪ ،‬و ال‪ww‬تي تتمث‪ww‬ل في‬

‫اإلعالن عنه ‪ww‬ا بم ‪ww‬وجب نص ‪ww‬وص قانوني ‪ww‬ة رس ‪ww‬مية ع ‪ww‬ادة نص ‪ww‬وص دس ‪ww‬تورية‪ ،‬و تك ‪ww‬ون مض ‪ww‬مونة بمختل ‪ww‬ف‬

‫الوسائل القانوني‪w‬ة بم‪w‬ا في ذل‪w‬ك عن طري‪w‬ق عقوب‪w‬ات قانوني‪w‬ة في حال‪w‬ة االعت‪w‬داء عليه‪w‬ا‪ ،‬ف‪w‬إن مس‪w‬ألة تنظيمه‪w‬ا‬

‫وتهيئتها في الحياة العملية‪ ،‬يكون عن طريق التشريع‪ ،‬الذي يبين وحده شروط و كيفيات ممارستها‪.‬‬

‫إن االختص ‪ww‬اص التش ‪ww‬ريعي في مج ‪ww‬ال ش ‪ww‬روط و كيفي ‪ww‬ات ممارس ‪ww‬ة الحري ‪ww‬ات العام ‪ww‬ة‪ ،‬جعلت من ‪ww‬ه‪،‬‬

‫معظم دس ‪ww‬اتير دول الع ‪ww‬الم مب ‪ww‬دأ أساس ‪ww‬ي‪ .‬ه ‪ww‬ذا م ‪ww‬ا أق ‪ww‬ره دس ‪ww‬تور الجمهوري ‪ww‬ة في نص مادت ‪ww‬ه ‪ 140‬فق ‪ww‬رة ‪1‬‬

‫بصريح العبارة‪ ،‬يشرع البرلمان في الميادين التي يخصصها له الدستور في المجاالت اآلتية‪:‬‬

‫حق‪ww w‬وق األش‪ww w‬خاص وواجب‪ww w‬اتهم األساس‪ww w‬ية‪ ،‬الس‪ww w‬يما نظ‪ww w‬ام الحري‪ww w‬ات العمومي‪ww w‬ة‪ ،‬و حماي‪ww w‬ة الحري‪ww w‬ات‬

‫الفردي‪ww‬ة‪ ،‬و واجب‪ww‬ات المواط‪ww‬نين‪ ،‬م‪ww‬ع ذل‪ww‬ك نج‪ww‬د أن نص‪ww‬وص أخ‪ww‬رى متفرق‪ww‬ة في فح‪ww‬وى دس‪ww‬تور الجمهوري‪ww‬ة‬

‫تش ‪ww‬ير إلى مس ‪ww‬ألة الممارس ‪ww‬ة و تجعله ‪ww‬ا من اختص ‪ww‬اص الق ‪ww‬انون‪ .‬و ذل ‪ww‬ك لك ‪ww‬ون التش ‪ww‬ريع يع ‪ww‬بر عن اإلرادة‬

‫‪58‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫الجماعي ‪ww‬ة من جه ‪ww‬ة‪ ،‬و من جه ‪ww‬ة أخ ‪ww‬رى نج ‪ww‬د أن الق ‪ww‬انون (خاص ‪ww‬ة العض ‪ww‬وي) يم ‪ww‬ر ب ‪ww‬إجراءات خاص ‪ww‬ة و‬

‫مراح‪ww‬ل معين‪ww‬ة يوض‪ww‬ع فيه‪ww‬ا تحت الرقاب‪ww‬ة خاص‪ww‬ة رقاب‪ww‬ة المجلس الدس‪ww‬توري‪ 1‬ح‪ww‬تى ال يك‪ww‬ون هن‪ww‬اك اعت‪ww‬داء‬

‫على الحريات العامة‪.2‬‬

‫هناك ثالث طرق من أجل تنظيم ممارسة الحريات العامة وهي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬النظام العقابي‬


‫يعت‪ww‬بر ه‪ww‬ذا النظ‪ww‬ام‪ ،‬عكس م‪ww‬ا تملي‪ww‬ه التس‪ww‬مية‪ ،‬األك‪ww‬ثر حري‪ww‬ة مقارن‪ww‬ة ب‪ww‬النظم األخ‪ww‬رى‪ .‬ح‪ww‬تى أن الفقي‪ww‬ه‬

‫جورج مورانج ( ‪ ) George Mourange‬أش‪w‬ار إلى أن الحري‪w‬ات المنظم‪w‬ة عن طري‪w‬ق النظ‪w‬ام العق‪w‬ابي‪ 3‬هي‬

‫حريات كاملة‪.‬‬

‫بحيث أن الحري‪ww‬ة في ظ‪ww‬ل ه‪ww‬ذا النظ‪ww‬ام هي المب‪ww‬دأ و أن تقيي‪ww‬دها ه‪ww‬و االس‪ww‬تثناء‪ .‬بمع‪ww‬نى أن‪ww‬ه‪ ،‬ترتك‪ww‬ز‬

‫الحرية العامة في تنظميها على حرية الفرد في تص‪ww‬رفاته تبع‪w‬ا لرغبات‪w‬ه و إرادت‪w‬ه‪ ،‬بش‪w‬رط أن تك‪w‬ون هن‪w‬اك‬

‫رقابة قضائية بعدية يختص بها القاضي الجزائي‪.‬‬

‫عموم‪ww‬ا إن ق‪ww‬انون العقوب‪ww‬ات ه‪ww‬و ال‪ww‬ذي يض‪ww‬ع ح‪ww‬دود ممارس‪ww‬ة الحري‪ww‬ات العام‪ww‬ة‪ ،‬مبين‪ww‬ا م‪ww‬ا ه‪ww‬و مب‪ww‬اح و‬

‫ماهو غير مباح‪ ،‬فممارسة حرية التعبير مثال في إطار حرية اإلعالم تسمح لك‪ww‬ل ف‪ww‬رد التعب‪ww‬ير عن آراءه‬

‫طالع قرار المجلس الدستوري رقم ‪ 4‬ق ق‪ ،‬م د‪ 91 .‬مؤرخ في ‪ 28‬أكتوبر ‪، 1991‬يتعلق بالفقرة الثانية من المادة ‪ 54‬من القانون رقم ‪-91‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 70 17‬المؤرخ في ‪ 15‬أكتوبر ‪، 1991‬الذي يعدل و يتمم القانون رقم ‪ 13-89‬المؤرخ في ‪ 7‬أوت ‪، 1991‬والمتضمن قانون االنتخابات‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية رقم ‪، 53‬الصادرة بتاريخ ‪ 30‬أكتوبر ‪، 1991‬ص ‪.2107‬‬
‫رابح سانة‪ ،‬محاضرات في الحريات العامة‪ ،‬المركز الجامعي نور البشير‪،‬معهد الحقوق و العلوم السياسية‪،‬البيض الجزائر‪،‬السنة الجامعية‬ ‫‪2‬‬

‫‪،2015/2016‬ص ‪35‬‬
‫‪ 3‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪36‬‬

‫‪59‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫و أفك‪ww‬اره دون أن يك‪ww‬ون هن‪ww‬اك حظ‪ww‬ر قبلي‪ ،‬لكن بعض األفع‪ww‬ال مجرم‪ww‬ة‪ ،‬كج‪ww‬رائم اإلهان‪ww‬ة‪ ،‬الس‪ww‬ب‪ ،‬الق‪ww‬ذف‬

‫إلخ‪.‬‬

‫إذا تمعنا في النظام العقابي‪ ،‬نجد أن القاض‪w‬ي الج‪w‬زائي ه‪w‬و المختص بعملي‪w‬ة المراقب‪w‬ة و ال‪w‬تي تك‪w‬ون‬

‫رقابة بعدية في إطار ممارسة هذا النوع من الحريات العام‪ww‬ة‪ .‬في آن واح‪ww‬د يلعب دور الم‪ww‬راقب و ك‪ww‬ذلك‬

‫دور الضامن‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬النظام الوقائي‬


‫عكس النظ‪ww‬ام العق‪ww‬ابي‪ ،‬يعت‪ww‬بر النظ‪ww‬ام الوق‪ww‬ائي أك‪ww‬ثر تض‪ww‬ييق على الحًر ي‪ww‬ة من النظ‪ww‬ام العق‪ww‬ابي‪ .‬فه‪ww‬و‬

‫يخضع ممارسة حرية ما إلى ترخيص مسبق و أوليا يمنح من اإلدارة‪.‬‬

‫فه‪ww‬و وق‪ww‬ائي ألن‪ww‬ه يمن‪ww‬ع وق‪ww‬وع التص‪ww‬رفات أو األفع‪ww‬ال الممنوع‪ww‬ة قب‪ww‬ل وقوعه‪ww‬ا و ليس معاقب‪ww‬ة الفاع‪ww‬ل‬

‫بع ‪ww‬د أن أنتجت األفع ‪ww‬ال أثره ‪ww‬ا في الواق ‪ww‬ع الملم ‪ww‬وس‪ .‬ف ‪ww‬إذا ك ‪ww‬ان النظ ‪ww‬ام العق ‪ww‬ابي يعتم ‪ww‬د على منح الثق ‪ww‬ة في‬

‫تصرفات و أفعال األفراد‪ ،‬ف‪ww‬إن النظ‪w‬ام الوق‪ww‬ائي يعتم‪w‬د على مب‪w‬دأ الش‪w‬ك في التص‪ww‬رفات و األفع‪w‬ال‪ ،‬و ب‪w‬ذلك‬

‫فه ‪ww‬و نظ ‪ww‬ام خ ‪ww‬وف من الفوض ‪ww‬ى و من المس ‪ww‬اس بالنظ ‪ww‬ام الع ‪ww‬ام و المب ‪ww‬ادئ األساس ‪ww‬ية ال ‪ww‬تي تحكم العيش في‬

‫المجتمع الواحد‪ ،‬هذا الخوف يظهر في تدخل السلطة العامة‪ ،‬بصفة مشددة و ذلك بوسيلة الترخيص‪.‬‬

‫تبع‪ww‬ا له‪ww‬ذا النظ‪ww‬ام يج‪ww‬د الف‪ww‬رد نفس‪ww‬ه ال يخض‪ww‬ع لرغبات‪ww‬ه و إرادت‪ww‬ه في ممارس‪ww‬ة حريت‪ww‬ه‪ ،‬و إنم‪ww‬ا يجب‬

‫ًاستفاء اإلجراءات و الكيفيات القانونية الموضوعة مسبًقا ‪.‬‬

‫من جه‪ww w‬ة أخ‪ww w‬رى تجب اإلش‪ww w‬ارة إلى أن منح الرخص ‪ww w‬ة يتم من ط‪ww w‬رف اإلدارة و ليس من ط‪ww w‬رف‬

‫القضاء‪ ،‬هنا تطرح مسألة السلطة التقديرية لإلدارة و ال‪w‬دوافع ال‪w‬تي ت‪w‬ؤدي ب‪w‬اإلدارة إلى االمتن‪w‬اع عن منح‬

‫‪60‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫الرخص ‪ww‬ة و بالت ‪ww‬الي من ‪ww‬ع ممارس ‪ww‬ة حري ‪ww‬ة عام ‪ww‬ة معين ‪ww‬ة‪ ،‬و هن ‪ww‬ا يت ‪ww‬دخل القاض ‪ww‬ي اإلداري لمراقب ‪ww‬ة أعم ‪ww‬ال‬

‫اإلدارة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬النظام المختلط‬


‫إذا كان النظام العقابي هو نظام يوصف باألكثر ليبرالية‪ ،‬و إذا كان النظام الوقائي يوصف ب‪ww‬دوره‬

‫أنه األكثر مساسا بالحريات العامة‪ ،‬إن النظام المختلط يوصف بأنه النظام الوسطي الذي يخفف من حدة‬

‫كل نوع‪ .‬بحيث أنه ال يس‪w‬مح للف‪w‬رد بممارس‪w‬ة حريت‪w‬ه مباش‪w‬رة وتبع‪w‬ا لمعرفت‪w‬ه لم‪w‬ا ه‪w‬و مب‪w‬اح و م‪w‬ا ه‪w‬و غ‪w‬ير‬

‫مباح‪ ،‬كم‪w‬ا ه‪w‬و الح‪w‬ال في إط‪w‬ار النظ‪w‬ام العق‪w‬ابي‪ .‬و أن‪w‬ه أك‪w‬ثر حري‪w‬ة من النظ‪w‬ام الوق‪w‬ائي ألن ممارس‪w‬ة الف‪w‬رد‬

‫لحريته ال تتوقف فقط على الخضوع لقرار إداري‪ .‬فبمقتضى النظام المختلط ال يترتب على عاتق الف‪w‬رد‬

‫تقديم طلب للحصول على ت‪w‬رخيص من اإلدارة لممارس‪w‬ة حريت‪w‬ه و إنم‪w‬ا علي‪w‬ه فق‪w‬ط التص‪ww‬ريح لإلدارة بأن‪w‬ه‬

‫س‪w‬يمارس حريت‪w‬ه و تكتفي هن‪w‬ا اإلدارة فق‪w‬ط بعملي‪w‬ة تس‪w‬جيل أو ت‪w‬دوين تص‪w‬ريحه و يس‪w‬مى ك‪w‬ذلك ه‪w‬ذا النظ‪w‬ام‬

‫ب "نظام التصريح األولى" أو ما سماه الق‪w‬انون الجزائ‪ww‬ري في إط‪ww‬ار الق‪w‬انون رقم ‪ 06 - 12‬الم‪ww‬ؤرخ في‬

‫‪ 12‬يناير‪ 2012‬الذي يتعلق بالجمعيات ب "التصريح التأسيسي"‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬حدود ممارسة الحريات العامة‬

‫تبعا لطبيعة كل حرية في إطار القانون الذي ينظم ممارس‪ww‬تها‪ .‬ق‪ww‬د تك‪ww‬ون ه‪ww‬ذه الح‪ww‬دود كقاع‪w‬دة عام‪ww‬ة‬

‫تحكم ممارس‪ww‬ة جمي‪ww‬ع الحري‪ww‬ات العام‪ww‬ة بص‪ww‬فة عام‪ww‬ة‪ .‬ه‪ww‬ذه القواع‪ww‬د العام‪ww‬ة يمكن أن تتعل‪ww‬ق بع‪ww‬دم المس‪ww‬اس‬

‫بكيان الدولة و بنظامها القانوني ككل‪ ،‬كما يمكن أن تتعل‪ww‬ق بحماي‪ww‬ة النظ‪ww‬ام الع‪ww‬ام و ك‪ww‬ذا الحري‪ww‬ات األخ‪ww‬رى‬

‫لألفراد‪.‬‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 7‬فقرة ‪ 1‬تنص على أنه "يخضع تأسيس الجمعية إلى تصريح تأسيسي وإلى تسليم وصل تسجيل"‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية ‪75‬‬
‫الجزائرية‪ ،‬عدد رقم ‪، 02‬الصادرة بتاريخ ‪ 15‬يناير ‪، 2012‬ص ‪.35‬‬

‫‪61‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫أوال‪ :‬المحافظة على كيان الدولة‬


‫من المس‪w‬لم ب‪w‬ه أن الدول‪w‬ة‪ ،‬كتنظيم اجتم‪w‬اعي و ق‪w‬انوني‪ ،‬أم‪w‬ر حتمي و أساس‪w‬ي في اس‪w‬تمرارية و أمن‬

‫و س‪ww w‬المة الف‪ww w‬رد و الجماع‪ww w‬ة‪ ،‬و بم‪ww w‬ا أنه‪ww w‬ا ض‪ww w‬رورية لكي‪ww w‬ان المجتم‪ww w‬ع و مؤسس‪ww w‬اته الحيوي‪ww w‬ة في مختل‪ww w‬ف‬

‫المج ‪ww w‬االت السياس ‪ww w‬ية‪ ،‬االقتص ‪ww w‬ادية‪ ،‬االجتماعي ‪ww w‬ة‪ ،‬و الثقافي ‪ww w‬ة و معظم المراف ‪ww w‬ق العام ‪ww w‬ة ال ‪ww w‬تي تل ‪ww w‬بي معظم‬

‫الرغبات و االحتياجات‪ .‬فإن المحافظة على كيانها و ديمومة استمراريتها‪ ،‬مبدأ أساسي تبنته المجتمعات‬

‫البش‪ww w‬رية بم‪ww w‬رور العص‪ww w‬ور و من‪ww w‬ذ الق‪ww w‬دم‪ .1‬إذا س‪ww w‬لمنا بالمقاب‪ww w‬ل أن الحري‪ww w‬ات العام‪ww w‬ة تم‪ww w‬ارس في إطاره‪ww w‬ا‬

‫الدستوري و القانوني‪ ،‬فإنه يتحتم على الفرد و الجماعة المحافظة على كيان الدولة‪.‬‬

‫فال يمكن االعت‪ww‬داء على الدول‪ww‬ة باس‪ww‬م ممارس‪ww‬ة الحري‪ww‬ات العام‪ww‬ة‪ .‬ألن زاول الدول‪ww‬ة أو تهدي‪ww‬د كيانه‪ww‬ا‬

‫يؤدي حتما إلى زوال الحريات العامة نفسها و ذلك بانتشار مظاهر الفوضى و العنف‪.‬‬

‫على هذا األس‪ww‬اس وبن‪w‬اءا على م‪w‬ا س‪w‬بق ي‪w‬ترتب على الس‪w‬لطات العمومي‪w‬ة واجب ت‪w‬ولي زم‪w‬ام األم‪w‬ور‬

‫في الدول ‪ww‬ة به ‪ww‬دف الحف ‪ww‬اظ على كيانه ‪ww‬ا و إس ‪ww‬تمراريتها‪ ،‬ش ‪ww‬ريطة أن يك ‪ww‬ون ذل ‪ww‬ك بن ‪ww‬وع من الموازن ‪ww‬ة بين‬

‫ممارسة الحريات العامة و وجود كيان الدولة و ذلك في إطار الدستور و قوانين الجمهورية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬حفظ النظام العام واحترام دستور و قوانين الجمهورية‬


‫تتميز فكرة النظام العام بالتغير أو عدم الثبات من جه‪ww‬ة و من جه‪ww‬ة أخ‪ww‬رى بالنس‪ww‬بية‪ ،‬فالنظ‪ww‬ام الع‪ww‬ام‬

‫يتغ‪ww‬ير بتغ‪ww‬ير الظ‪ww‬روف ال‪ww‬تي يتم فيه‪ww‬ا االض‪ww‬طراب و الش‪ww‬غب‪ ،‬و يتم‪ww‬يز بالنس‪ww‬بية ألن الس‪ww‬لطة التقديري‪ww‬ة في‬

‫األمين شريط‪ ،‬الوجيز في القانون الدستوري و المؤسسات السياسية المقارنة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪، 2011 ،‬ص ‪.53 -47‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪62‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫ضرورة فرضه ترجع عادت إلى سلطة الضبط اإلداري التي أوكل لها مهم‪w‬ة ف‪w‬رض قي‪w‬ود وح‪w‬دود معين‪w‬ة‬

‫على ممارسة حرية عامة معينة‪ ،‬و التي تؤدي إلى استتابه و المحافظة عليه ‪.1‬‬

‫بم‪ww‬ا أن الق‪ww‬انون يق‪ww‬وم س‪ww‬الفا بعملي‪ww‬ة الموازن‪ww‬ة بين ممارس‪ww‬ة حري‪ww‬ة عام‪ww‬ة معين‪ww‬ة و مب‪ww‬دأ حف‪ww‬ظ النظ‪ww‬ام‬

‫العام‪ ،‬و ذلك باعتماد طريق‪w‬ة من ط‪w‬رق تنظيم ممارس‪w‬ة ه‪w‬ذه الحري‪w‬ة (ال‪w‬ترخيص المس‪w‬بق‪ ،‬التص‪ww‬ريح إلخ)‪،‬‬

‫فإن العملية التشريعية في هذا اإلطار تبين لنا بأن الحرية تمارس في إط‪w‬ار المحافظ‪w‬ة على النظ‪w‬ام الع‪w‬ام‪.‬‬

‫فال يمكن للحرية أن تمارس بصفة مطلقة‪ ،‬ألن ذلك يؤدي إلى الفوضى و حيث كانت الفوضى اس‪ww‬تحالت‬

‫أو انعدمت الحياة وانتهكت حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫من جهة أخرى ال يمكن أن تصادر الحري‪w‬ات العام‪w‬ة و يتم االعت‪w‬داء عليه‪w‬ا باس‪w‬م حف‪w‬ظ النظ‪w‬ام الع‪w‬ام‬

‫ألنه بدوره نسبي (القرارات اإلدارية خاضعة لمراقبة القاضي اإلداري)‪ .‬من هنا يتبين مدى أهمية تقنين‬

‫ممارسة الحريات العامة و توضيح ش‪w‬روط و كيفي‪w‬ات ممارس‪w‬تها من ط‪w‬رف الس‪w‬لطة التش‪w‬ريعية‪ ،‬ال‪w‬تي هي‬

‫ب‪ww‬دورها و بمناس‪ww‬بة العملي‪ww‬ة التش‪ww‬ريعية يف‪ww‬رض عليه‪ww‬ا رقاب‪ww‬ة خالل عملي‪ww‬ة إنت‪ww‬اج الق‪ww‬وانين من قب‪ww‬ل المجلس‬

‫الدستوري‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬حماية حريات اآلخرين و حماية الحريات ذاتها‬


‫يتفق العديد من فقهاء القانون على أن ممارسة كل فرد أو جماعة لحريتها العامة‪ ،‬تق‪w‬ف عن‪w‬د بداي‪w‬ة‬

‫ممارسة حريات اآلخ‪w‬رين‪ ،‬طبق‪w‬ا له‪w‬ذا المب‪w‬دأ و إذا س‪w‬لمنا بأن‪w‬ه يتم‪w‬يز ب‪w‬المنطق و الص‪w‬حة‪ ،‬فإن‪w‬ه يش‪w‬كل ن‪w‬وع‬

‫منً التعايش و التوازن بين األفراد داخل المجتمع و يساهم في انسجامه‪ ،‬إستمراريته‪ ،‬سالمته و أمنه‪.‬‬

‫‪ 1‬مريم عروس‪،‬النظام القانوني للحريات العامة في الجزائر‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة ماجستير في القانون‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم اإلدارية‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر‪،1999-1998 ،‬ص ‪3‬‬

‫‪63‬‬
‫العقوبات المقررة لجرائم التعدي على‬ ‫الفصل الثاني‬
‫الحريات‬
‫و الرقابة عليها و طرق متابعتها‬

‫إن ممارس ‪ww‬ة الحري ‪ww‬ات العام ‪ww‬ة من ط ‪ww‬رف الف ‪ww‬رد و الجماع ‪ww‬ة‪ ،‬ال يك ‪ww‬ون س ‪ًw‬ببا في انتف ‪ww‬اء أو االعت ‪ww‬داء‬

‫على حري ‪ww‬ات و حق ‪ww‬وق األف ‪ww‬راد و الجماع ‪ww‬ات األخ ‪ww‬رى‪ .‬فيجب إيج ‪ww‬اد‪ ،‬م ‪ww‬رة أخ ‪ww‬رى‪ ،‬عملي ‪ww‬ة الموازن ‪ww‬ة بين‬

‫ه‪w‬ذين المب‪w‬دأين األساس‪w‬يين به‪w‬دف المحافظ‪w‬ة على عملي‪w‬ة االنس‪w‬جام داخ‪w‬ل المجتم‪w‬ع و ك‪w‬ذا اس‪w‬تمراريته‪ .‬ه‪w‬ذا‬

‫ما يحاول أن يجسده الدستور و التش‪w‬ريع في إط‪w‬ار تق‪w‬نين ممارس‪w‬ة الحري‪w‬ات العام‪w‬ة‪ .‬و في بعض األحي‪w‬ان‬

‫ما يقرره التنظيم في اطار عملية الضبط اإلداري في مجال تأطير ممارسة الحريات العامة‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫خاتمة‬
‫خاتمة‬

‫م ‪ww‬ا يمكن استخالص ‪ww‬ه من دراس ‪ww‬ة موض ‪ww‬وع االعت ‪ww‬داء على الحري ‪ww‬ات‪ ،‬نج ‪ww‬ذ أن ‪ww‬ه ق ‪ww‬د حظي باهتم ‪ww‬ام‬

‫الدارس ‪ww‬ين و الب ‪ww‬احثين لخط ‪ww‬ورة ه ‪ww‬ذه الج ‪ww‬رائم‪ ،‬إذ نج ‪ww‬د أن المش ‪ww‬رع الجزائ ‪ww‬ري ق ‪ww‬د ج ‪ww‬رم ك ‪ww‬ل فع ‪ww‬ل يمس‬

‫ب‪ww‬الحقوق و الحري‪ww‬ات األساس‪ww‬ية و ك‪ww‬ذلك اس‪ww‬تقرار الدول‪ww‬ة‪ ،‬من هن‪ww‬ا يمكن حص‪ww‬ر أهم النت‪ww‬ائج ال‪ww‬تي توص‪ww‬لنا‬

‫إليها من خالل دراستنا فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬يعتبر الدستور الضمانة األولى و األساسية للحريات العامة فه‪w‬و ال‪w‬ذي يعين نظ‪w‬ام الحكم و ي‪w‬بين وض‪w‬ع‬

‫والحريات‪.‬‬ ‫السلطات العامة وي حدد الحقوق‬

‫‪ -‬نج‪ww‬د أن ج‪ww‬رائم االعت‪ww‬داء على الحري‪ww‬ات حظيت بأحك‪ww‬ام عام‪ww‬ة في ق‪ww‬انون العقوب‪ww‬ات من‪ww‬ذ ص‪ww‬دوره ألول‬

‫مرة و خصص لها قسما خاصا بها‪.‬‬

‫‪ -‬تخصيص إجراءات خاصة من أجل منع تفشي الجرائم التي س‪ww‬بق لن‪ww‬ا التط‪ww‬رق له‪ww‬ا‪ ،‬س‪ww‬واء ك‪ww‬انت ماس‪ww‬ة‬

‫بالحريات الفردية و الحقوق بصفة مباشرة أو غير مباشرة‪.‬‬

‫‪ -‬إلزامية حماية السلطة القضائية للحريات العامة‪ :‬و حمايتها للحري‪ww‬ات واجب منص‪ww‬وص علي‪ww‬ه دس‪ww‬توريا‬

‫و يتجس ‪ww‬د دور القاض ‪ww‬ي في حماي ‪ww‬ة الحري ‪ww‬ات من خالل ع ‪ww‬دة مه ‪ww‬ام منه ‪ww‬ا مثال أن ‪ww‬ه من واجب القاض ‪ww‬ي أن‬

‫يفص ‪ww‬ل في القض ‪ww‬ايا المعروض ‪ww‬ة علي ‪ww‬ه‪ ،‬و أيض ‪ww‬ا حي ‪ww‬اد اإلدارة و الرقاب ‪ww‬ة‪ :‬و ه ‪ww‬و تجس ‪ww‬يد ه ‪ww‬ذا المب ‪ww‬دأ يك ‪ww‬ون‬

‫بالتمييز بين رجال السياسة و رجال اإلدارة العاملين في النطاق الحكومي ‪.‬‬

‫‪ -‬الرقابة اإلدارية و القضائية على أعمال اإلدارة‪ :‬و تكون بواس‪ww‬طة القض‪ww‬اء اإلداري ال‪ww‬ذي ي‪ww‬راقب م‪ww‬دى‬

‫احترام االدارة للقوانين‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫قائمة المراجع و المصادر‬
‫قائمة المراجع و المصادر‬

‫‪ .I‬النصوص القانونية و التنظيمية‬

‫النصوص القانونية‬ ‫‪‬‬

‫الدستور‬ ‫أ‪-‬‬

‫دس ‪ww‬تور ‪ 1963‬للجمهوري ‪ww‬ة الجزائري ‪ww‬ة الديمقراطي ‪ww‬ة الش ‪ww‬عبية‪ ،‬ج ر ج ج الع ‪ww‬دد ‪ 63‬المؤرخ ‪ww‬ة‬ ‫‪-1‬‬

‫بتاريخ ‪ 8‬سبتمبر ‪.1963‬‬

‫دس ‪ww w w‬تور ‪ ،1976‬األم ‪ww w w‬ر رقم ‪ 97-76‬الم ‪ww w w‬ؤرخ في ‪ 22‬نوفم ‪ww w w‬بر ‪ 1976‬يتض ‪ww w w‬من إص ‪ww w w‬دار‬ ‫‪-2‬‬

‫دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪.‬‬

‫دس‪ww‬تور ‪ ،1989‬المرس‪ww‬وم الرئاس‪ww‬ي رقم ‪ 18-23‬الم‪ww‬ؤرخ في ‪ 28‬ف‪ww‬براير يتعل‪ww‬ق بنش‪ww‬ر نص‬ ‫‪-3‬‬

‫تعديل الدستور الموافق عليه في استفتاء ‪ 23‬فبراير ‪.1989‬‬

‫دس‪ww w‬تور ‪ ،1996‬المرس‪ww w‬وم الرئاس‪ww w‬ي رقم ‪ 438-96‬الم‪ww w‬ؤرخ في ‪ 7‬ديس‪ww w‬مبر ‪ 1996‬يتعل‪ww w‬ق‬ ‫‪-4‬‬

‫بإصدار نص تعديل الدستور‪ ،‬المصادق عليه في استفتاء ‪ 28‬نوفمبر ‪.1996‬‬

‫التع‪ww w‬ديل الدس‪ww w‬توري رقم ‪ 03-02‬الم‪ww w‬ؤرخ في ‪ 10‬أبري‪ww w‬ل ‪ 2002‬المتض‪ww w‬من تع‪ww w‬ديل دس‪ww w‬تور‬ ‫‪-5‬‬

‫‪ 1996‬رقم ‪.438 -96‬‬

‫التع ‪ww‬ديل الدس ‪ww‬توري رقم ‪ 19-08‬الم ‪ww‬ؤرخ في ‪ 15‬نوفم ‪ww‬بر ‪ 2008‬المتض ‪ww‬من تع ‪ww‬ديل دس ‪ww‬تور‬ ‫‪-6‬‬

‫‪ 1996‬رقم ‪. 438-96‬‬

‫التعديل الدستوري رقم ‪ 01-16‬المؤرخ في ‪ 6‬مارس ‪2016‬المعدل لدستور ‪.438- 96‬‬ ‫‪-7‬‬

‫المعاهدات الدولية‬ ‫ب‪-‬‬

‫اإلعالن الع‪ww w‬المي لحق‪ww w‬وق اإلنس‪ww w‬ان و الم‪ww w‬واطن ال‪ww w‬ذي أص‪ww w‬درته الجمعي‪ww w‬ة العام‪ww w‬ة التأسيس‪ww w‬ية‬ ‫‪‬‬

‫الوطنية في ‪ 26‬أغسطس ‪. 1789‬‬

‫‪68‬‬
‫قائمة المراجع و المصادر‬

‫التشريع‬ ‫ت‪-‬‬

‫األمر رقم ‪ 156-66‬الصادر في ‪ 8‬جوان ‪ 1966‬المتضمن قانون العقوبات الجزائري ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫األمر رقم ‪ 155-66‬الصادر في ‪ 8‬جوان ‪ 1966‬المتضمن قانون اإلج‪w‬راءات الجزائي‪w‬ة‬ ‫‪-2‬‬

‫الجزائري‪.‬‬

‫‪-7‬األم‪ww w w‬ر رقم ‪ 03-06‬الص‪ww w w‬ادر في ‪ 15‬يولي‪ww w w‬و ‪ 2006‬المتض‪ww w w‬من الق‪ww w w‬انون األساس‪ww w w‬ي‬ ‫‪-3‬‬

‫للوظيفة العمومية‪.‬‬

‫‪-12‬القانون ‪ 07-17‬الصادر في ‪ 27‬مارس ‪ 2017‬المتضمن تع‪ww‬ديل ق إ ج رقم ‪-66‬‬ ‫‪-4‬‬

‫‪.155‬‬

‫المؤلفات‬ ‫‪.II‬‬

‫أوال‪ :‬المؤلفات باللغة العربية‬

‫المؤلفات العامة‬ ‫أ‪-‬‬

‫أحم ‪ww‬د محي ‪ww‬و‪ ،‬المنازع ‪ww‬ات اإلداري ‪ww‬ة‪ ،‬دي ‪ww‬وان المطبوع ‪ww‬ات الجامعي ‪ww‬ة‪ ،‬الطبع ‪ww‬ة الخامس ‪ww‬ة‪ ،‬الجزائ ‪ww‬ر‪،‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪.2003‬‬

‫أحمد شوقي الشلقاني‪ ،‬مبادئ اإلجراءات الجزائية في التش‪ww‬ريع الجزائ‪ww‬ري‪ ،‬الج‪ww‬زء الث‪ww‬اني‪ ،‬دي‪ww‬وان‬ ‫‪-2‬‬

‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.‬‬

‫األمين ش‪ww‬ريط‪ ،‬الوج‪ww‬يز في الق‪ww‬انون الدس‪ww‬تور والمؤسس‪ww‬ات السياس‪ww‬ية المقارن‪ww‬ة‪ ،‬دي‪ww‬وان المطبوع‪ww‬ات‬ ‫‪-3‬‬

‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2011،‬‬

‫‪69‬‬
‫قائمة المراجع و المصادر‬

‫بن وارث‪ ،‬مذكرات في القانون الجزائي الجزائري‪ ،‬القسم الخاص‪ ،‬دار هومة ‪.2003،‬‬ ‫‪-4‬‬

‫عب‪ww w w‬د الغ‪ww w w‬ني بس‪ww w w‬يوني عب‪ww w w‬د اهلل‪ ،‬النظم السياس‪ww w w‬ية‪ ،‬أس‪ww w w‬س التنظيم السياس‪ww w w‬ي‪ ،‬منش‪ww w w‬أة المع‪ww w w‬ارف‪،‬‬ ‫‪-5‬‬

‫اإلسكندرية‪.2012 ،‬‬

‫‪-6‬طاهري حسين‪ ،‬عالقة النيابة العامة بالضبط القضائي‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪.2004 ،‬‬

‫‪-7‬محم ‪ww w‬د حزي ‪ww w‬ط‪ ،‬م ‪ww w‬ذكرات في ق ‪ww w‬انون اإلج ‪ww w‬راءات الجزائي ‪ww w‬ة‪ ،‬دار هوم ‪ww w‬ة للنش ‪ww w‬ر و التوزي ‪ww w‬ع ‪،‬الطبع ‪ww w‬ة‬

‫‪.2،2007‬‬

‫‪-8‬محمود عاطف البنا‪ ،‬الوسيط في النظم السياسية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬مصر ‪.1994‬‬

‫‪-9‬معراج جديدي‪ ،‬الوجيز في اإلجراءات الجزائية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2002،‬‬

‫المؤلفات المتخصصة‬ ‫ب‪-‬‬

‫أحم‪ww‬د عب‪ww‬د الحكيم عثم‪ww‬ان‪ ،‬تف‪ww‬تيش األش‪ww‬خاص و ح‪ww‬االت بطالن‪ww‬ه من الن‪ww‬احيتين العلمي‪ww‬ة و العملي‪ww‬ة‪،‬‬ ‫‪-1‬‬

‫منشأة المعارف‪ ،‬مصر‪ ،‬د ط ‪.2002‬‬

‫طاهري حسين‪ ،‬كتاب عالقة النيابة العامة بالضبط القضائي‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪.2014‬‬ ‫‪-2‬‬

‫عم‪ww‬اد محم‪ww‬د رض‪ww‬ا التميمي‪ ،‬أث‪ww‬ر الحص‪ww‬انة على المس‪ww‬ؤولية الجنائي‪ww‬ة في الفق‪ww‬ه اإلس‪ww‬المي‪ ،‬المجل‪ww‬د‬ ‫‪-3‬‬

‫‪،41‬العدد‪،1‬عمادة البحث العلمي‪ ،‬الجامعة األردنية ‪.2014‬‬

‫علي أحم ‪ww‬د الزغ ‪ww‬بي‪ ،‬ح ‪ww‬ق الخصوص ‪ww‬ية في الق ‪ww‬انون الجن ‪ww‬ائي‪ ،‬دراس ‪ww‬ة مقارن ‪ww‬ة‪ ،‬المؤسس ‪ww‬ة الحديث ‪ww‬ة‬ ‫‪-4‬‬

‫للكتاب ‪،‬طرابلس لبنان ‪.2006‬‬

‫عماد ملوخية‪ ،‬الحريات العامة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية ‪.2012‬‬ ‫‪-5‬‬

‫‪70‬‬
‫قائمة المراجع و المصادر‬

‫قدري عبد الفتاح الشهاوي‪ ،‬مناط التفتيش‪ ،‬قي‪w‬وده و ض‪ww‬وابطه‪ ،‬الق‪w‬اهرة‪ ،‬دار النهض‪ww‬ة العربي‪w‬ة‪ ،‬ط‬ ‫‪-6‬‬

‫‪.1،2006‬‬

‫محم‪w‬د الش‪w‬هاوي‪ ،‬الحماي‪w‬ة الجنائي‪w‬ة لحرم‪w‬ة الحي‪w‬اة الخاص‪ww‬ة‪ ،‬الطبع‪w‬ة األولى‪ ،‬دار النهض‪ww‬ة العربي‪w‬ة‪،‬‬ ‫‪-7‬‬

‫القاهرة ‪.2005‬‬

‫نور الدين بلبل‪ ،‬اإلعالم وقضايا الساعة‪ ،‬دار البعث‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪.1984‬‬ ‫‪-8‬‬

‫ثانيا‪ :‬المؤلفات بالغة الفرنسية‬

‫‪ Jacques Mourgeon(1938-2005) et Jean-Pierre Théron ,Les libertés‬‬


‫‪publiques, édition Presses Universitaires de France, Paris,1979‬‬

‫األطروحــــــــــــــــــــــــــات و‬ ‫‪.III‬‬

‫المذكرات الجامعية‬

‫م ‪ww‬ريم ع ‪ww‬روس‪ ،‬النظ ‪ww‬ام الق ‪ww‬انوني للحري ‪ww‬ات العام ‪ww‬ة في الجزائ ‪ww‬ر‪،‬م ‪ww‬ذكرة لني ‪ww‬ل ش ‪ww‬هادة الماجس ‪ww‬تير في‬ ‫‪‬‬

‫القانون‪،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة الجزائر ‪1999-1998‬‬

‫المقاالت العلمية‬ ‫‪.IV‬‬

‫ب‪ww‬وطيب بن ناص‪ww‬ر‪ ،‬الح‪ww‬ق في التجم‪ww‬ع الس‪ww‬لمي في النظ‪ww‬ام الق‪ww‬انوني الجزائ‪ww‬ري‪ ،‬دف‪ww‬اتر السياس‪ww‬ة و‬ ‫‪-1‬‬

‫القانون‪ ،‬العدد‪ ،15‬جوان‪.2016‬‬

‫رابح س‪ww w‬انة‪ ،‬محاض‪ww w‬رات في الحري‪ww w‬ات العام‪ww w‬ة‪ ،‬المرك‪ww w‬ز الج‪ww w‬امعي ن‪ww w‬ور البش‪ww w‬ير‪ ،‬معه‪ww w‬د الحق‪www‬وق‬ ‫‪-2‬‬

‫والعلوم السياسية‪ ،‬البيض الجزائر‪.2015/2016،‬‬

‫‪71‬‬
‫قائمة المراجع و المصادر‬

‫عم‪www‬ارة عب‪www‬د الحمي‪www‬د عم‪www‬ارة زينب‪ ،‬الحري‪www‬ات الفردي‪www‬ة في ظ ‪ww‬ل أم ‪ww‬ر المن ‪ww‬ع من مغ‪www‬ادرة ال‪www‬تراب‬ ‫‪-3‬‬

‫الوطني‪ ،‬حوليات الجزائر‪ ،1‬العدد‪ ،3‬الجزء األول‪ ،‬مارس ‪.2019‬‬

‫ه‪ww‬واري ليلى‪ ،‬الرقاب‪ww‬ة القض ‪ww‬ائية على س‪ww‬لطات اإلدارة في مج‪ww‬ال الحق‪ww‬وق و الحري‪ww‬ات األساس‪ww‬ية‪،‬‬ ‫‪-4‬‬

‫مجلة القانون‪ ،‬معهد الحقوق بالمركز الجامعي بغليزان‪ ،‬جوان ‪.2012‬‬

‫‪72‬‬
‫الفهرس‬
‫الفهرس‬

‫مقدمة ‪1..............................................................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬مفهوم الحريات العامة و الجرائم المرتكبة ضدها طبقا للقانون الجزائري‪7.............‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مضمون الحريات العامة ‪8............................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الحريات الفردية ‪9...............................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحريات الجماعية ‪13...........................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مفهوم جرائم التعدي على الحريات طبقا للقانون الجزائري‪17.......................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬جرائم التعدي على الحريات المنصوص عليها ضمن قسم االعتداء على الحريــات‬
‫من قانون العقوبات ‪18..........................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬جرائم االعتداء على الحريات األخرى ‪26........................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬العقوبات المقررة لجرائم التعدي على الحريات و الرقابة عليها و طرق متابعتها‪36...‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الجزاءات المقررة لجرائم االعتداء على الحريات و متابعتها ‪36.......................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬العقوبات المقررة لجرائم االعتداء على الحريات ‪37..............................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬طرق متابعة جرائم االعتداء على الحريات ‪44...................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الرقابة على جرائم االعتداء على الحريات و طرق تنظيمها‪50.......................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الرقابة على جرائم االعتداء على الحريات ‪50....................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬طرق تنظيم ممارسة الحريات العامة و القيود التي ترد عليها‪58................‬‬

‫خاتمة ‪65............................................................................................‬‬

‫قائمة المراجع و المصادر ‪67........................................................................‬‬

You might also like