Professional Documents
Culture Documents
كليـــــة الحــــقوق
أستاذ التعليم العالي ..........جامعة الجزائر .......مشرفا ومقر ار أ .د /منصور مولود
جريدة رسمية:ر.ج
رائد رسمي:ر.ر
النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري:د.م.ع.ق.م.ن
رأي المجلس الدستوري رقم:ر.د.م.ر
قرار المجلس الدستوري رقم:ر.د.م.ق
مقـــــدمة :
لقد ظهر وتطور دور القاضي الدستوري بالتزامن مع ظهور الدساتير المدونة في
()1
خالل القرنين التاسع عشر والعشرين ،في كل من الواليات المتحدة األمريكية، العالم
وأوربا ،كما أدى تزايد تدخل الدولة في حياة األفراد بواسطة األعمال التشريعية ،إلى وجود كم
هائل من النصوص التشريعية.
تتميز نصوص الدستور الجامد بالسمو على خالف القواعد القانونية األخرى ونتيجة
لذلك فان قواعد الدستور جاءت تعبر على اإلرادة الشعبية أو ما يسمى بالسلطة المؤسسة،
وقواعد القانون األخرى جاءت تعبر على إرادة األغلبية البرلمانية ،أو الهيئة المنتخبة أو ما
يسمى بالسلطة المشتقة ،و باتالي اليمكن للقانون ان يخالف الدستور .
يعالج الدستور المجاالت المتتمثلة في تنظيم السلطات العامة في الدولة ،وتحديد العالقة
فيما بينها وكذا االعتراف بالحقوق والحريات األساسية للفرد وحمايتها ،وبالتالي نجد القوانين
األدنى درجة منه تأتي لتكريس هذه المبادئ وال يمكنها مخالفة أو تجاوز النص الدستوري في
الشكل أو في المضمون.
وحماية للمنظومة القانونية ألي مجتمع سياسي يقوم على عالقة نظامية بين الحاكم
والمحكوم ،في إطار عقد سياسي واجتماعي ،يتضمن قواعد ملزمة للطرفين في نفس الوقت
- 1يعود تاريخ أول دستور مدون إلى ما قام به الفيلسوف أرسطو عندما قام بجمع وتصنيف دساتير 158مدينة داخل
وخارج اليونان ،للتوسع أنظر مصطفى محمود عفيفي ،رقابة دستورية القوانين في مصر والدول األجنبية ،جامعة عين
شمس ،مكتبة سعيد رأفة ،1990 ،ص .5
كما يعود إلى المسلمين الفضل في إيجاد أول دستور مكتوب من خالل نظام الصحيفة التي تبناها رسول اهلل صلى اهلل
عليه وسلم عندما هاجر من مكة إلى المدينة وهي وثيقة معلقة في جدار مسجد قباء بالمدينة المنورة مكونة من 47فقرة
حددت العالقة بين المسلم ودولة اإلسالم وبين المسلين وأهل الذمة وعالقة دولة اإلسالم بغيرها من الدول والقبائل في
مسائل الصلح واألحالف والتجارة للتوسع ،أنظر محمد حميد اهلل،رسالة دكتوراه .الوثائق السياسية للعهد النبوي ،بيروت،
مؤسسة الرسالة ،1936 ،ص .46
أما في القرن الثامن عشر فأول دستور مدون هو دستور الواليات المتحدة األمريكية الذي حرره جورج واشنطن سنة 1787
والذي نقل به الواليات المستقلة عن بريطانيا الى كنفدرالية في 1781ثم إلى دستور 17سبتمبر 1787والذي حول هذه
الواليات المستقلة إلى دولة مركبة في شكل فيدرالية.
1
بحيث ال يخالف القانون األدنى درجة نصوص الدستور ،وفي هذا حماية للدولة ومؤسساتها
وللحقوق والحريات الفردية والجماعية.
صار من الضرورة إيجاد هيئة تكلف بحماية نصوص الدستور من القوانين ،فاهتدى
الفقه إلى القاضي الدستوري باعتباره ينوب عن السلطة التأسيسية عند قيامه بمهام الرقابة
الدستورية في حماية العقد الذي اتفق ووافق عليه الشعب في اطار مجلس تاسيسي رغم أن
القاضي الدستوري اليتدخل في ارادة المشرع اال انه يتمتع بصالحيات التاثيرعلى القانون من
خالل تفسيره .
تقوم السلطة السياسية المنتخبة ديمقراطيا بتنفيد القانون ،ولوضع هذه التصورات
والقواعد والضوابط في المجال العملي تم إسناد هذه المهمة إما إلى القضاء ،والجهات
القضائية مند التجربة االمريكية ابتداء من الحكم الشهير للمحكمة العليا للواليات المتحدة
االمريكية و التي كان على راسها القاضي مارشال والتي من خاللها صار من حق القاضي
الغاء نص قانوني يخالف الدستور(.)1
- 1تعود وقائع هذه القضية إلى أن االتحاديين أعدوا برنامجا شامال للسيطرة على السلطة القضائية فأصدر الكونغرس
األمريكي سنة 1801قانونا جديد سنة 1987لتنظيم هذه السلطة وتضمن هذا القانون إنشاء 06محاكم جديدة إقليمية
واقتضى هذا اإلنشاء تعيين 6قضاة جدد للعمل بها ،كما خول الكونغرس األمريكي لرئيس الجمهورية أن يعين عددا آخر
من القضاة في المحاكم الجزائية.
وقبل أن تنتهي فترة رئاسة ( )ADAMSسارع بتعيين 42قاضيا للصلح في إقليم كولومبيا وقد أقر الكونغرس هذا التعيين
ووقعت الق اررات وختمت بختم الدولة لكنها لم تسلم ألصحابها.
وبعدما تم تنصيب رئيس جديد للواليات المتحدة يسمى ( )JEFFERSONأمر وزير خارجيته ( )ADAMSبتسليم ق اررات
التعيين ل 25قاضيا و توقيف ق اررات تعيين 17قاض الباقين وكان من بين الذين وقفت ق ارراتهم القاضي ماربوري الذي
عرض القضية رفقة باقي القضاة على القاضي (مارشال) وهذا األخير قضى باختصاص المحكمة في النظر ،وفي جلسة
في فبراير 1803بعدما عالج المسألة من كل الجوانب توصل القاضي مارشال إلى النهاية اآلتية... « :أنه إذا لم يكن من
سلطة المحكمة أن تصدر أم ار على عريضة إلى ( )ADAMSفال بد أن يكون مرجع ذلك أن القانون غير دستوري ومن
ثم فهو عاجز عن منحها هذه السلطة» وشرح ذلك قائل « :أن المحكمة الفيدرالية العليا من واجبها أن تلغي قانونا أصدره
رئيس الجمهورية وصادق عليه الكونغرس إذا كان مخالفا للدستور».
وبهذا استبعد القاضي "مارشال" قانون أصدره الرئيس ووافق عليه الكونغرس لمخالفته للدستور ومنذ ذلك الحكم صار من
حق القضاء أألمريكي مراقبة مدى مطابقة التشريعات للدستور ،»...للتوسع أكثر أنظر /علي يوسف الشكري ،مبادئ
القانون الدستوري والنظم السياسية ،القاهرة ،دار ايتراك للطباعة والنشر والتوزيع ،2003 ،ص 460وما بعدها.
تعود رقابة الدستورية بطريق الدفع في الواليات المتحدة األمريكية إلى الحكم الصادر في قضية Marberyعام 1803
للتوسع أنظر=
2
وظهراتجاه يرفض إسناد هذه المهمة إلى القضاء العتبارات تاريخية ،وتجارب سياسية
سابقة مثل فرنسا ،في ثورة ،1789ورئ بأنه من االفضل إسناد هذه المهمة إلى جهة غير
قضائية ،و أنشأت عدة أطر لممارسة القضاء الدستوري مع أإلشارة إلى الدور الذي كان
يلعبه مجلس الدولة الفرنسي بمناسبة رقابته لق اررات السلطة التنفيذية والتحقق من عدم تعدي
السلطة التنفيذية على اختصاصات التشريع المبينة في المادة 34من دستور ،1958وهي
من صميم مهام القاضي الدستوري لكن دور مجلس الدولة الفرنسي اقتصر على التحقق دون
أن يقرر مخالفة النص التنظيمي للدستور إذا تثبت من ذلك وقد قضى مجلس الدولة الفرنسي
في هذا الشأن بمايلي ... « :الدفع بعدم دستورية قانون إللغاء الق اررات اإلدارية التي تستند
عليه ليس طبيعيا أو في عداد الوسائل التي يجوز مناقشتها أمام القاضي.)1(»...
وضع المجلس الد ستوري الفرنسي حدا نهائيا لتقاليد فرنسية تعتمد على السيادة البرلمانية،
بحيث جعل المجلس الدستوري يراقب األعمال الصادرة عن البرلمان قبل إصدارها وهذا ما
حددته المادة ،)2(61وبدالك خالفت فرنسا الواليات المتحدة األمريكية و ألمانيا.
يمارس المجلس الدستوري الفرنسي رقابة بعدية على القوانين و التي تعتبر ضمانة
للحقوق والحريات استدراكا للنقص من خالل تعديل دستورها في 23يوليو ،2008وتبني
المسألة األولية الدستورية ،هذا التعديل الذي أجاز للفرد الفرنسي بمناسبة نزاع منشور أمام
القضاء أن يدفع بأن النص المراد تطبيقه غير دستوري اويمس مجال حقوقه وحرياته
األساسية .وبعد تأكد قاضي الموضوع من جدية الدفع عليه أن يحيله على محكمة النقض أو
مجلس الدولة ،الذي تقوم بتصفيته والتأكد من توفر شروط الدفع ثم إحالته على المجلس
الدستوري ألخذ رأيه حول مدى مطابقة أو مخالفة النص للدستور وبناء على رد هذا األخير
يحدد مسار الدعوى ،كما بين القانون العضوي رقم 1523/2009الذي جاء لتحديد
3
كييفيات تطبيق هذه المادة و أعطى الحق للفرد الفرنسي بالطعن في قانون يعتقد بعدم
دستوريته بطريقة غير مباشرة أمام المجلس الدستوري ،وهو ما يسمى بنظام المسألة األولية
الدستورية وهي عبارة عن تصفية للموضوع محل الطعن من طرف قضاة مجلس الدولة أو
قضاة محكمة النقض وحدد هذا القانون شروط قبول الطعن ومعايير اإلحالة وآجالها وطبيعة
الق اررات الصادرة في شأن اإلحالة واالثارالمترتبة على ذلك.)1(...
ظهر منهج جديد في عمل المجلس الدستوري الفرنسي الستدراك النقائص التي كان
يعاني منها القضاء الدستوري الفرنسي مقارنة مع نظرائه في الواليات المتحدة األمريكية
وبعض المحاكم الدستورية األوروبية ،والسؤال الجدير بالمعالجة ينصب على كيفية تعامل
دساتير الدول المغاربية مع المسألة األولية الدستورية .
اتبع المغرب وتونس نظام المحكمة الدستورية والجزائر تطرح مشروع لتعديل الدستور
الجزائري 1996والشيء نفسه بالنسبة لموريتانيا.
يضبط القاضي الدستوري باإلضافة إلى مهمته في ممارسة رقابة على أعمال البرلمان
حتى ال تخالف الدستور مجال اختصاص كل من القانون والتنظيم حيث يلزم كل سلطة
عمومية دستورية وخاصة السلطتين التشريعية والتنفيذية بعدم تجاوز المجاالت المحددة لها
في الدستور في الجانب الشكلي والموضوعي ،حتى يتحقق مبدأ الفصل بين السلطات الذي
نستنتجه من روح الدستور وليس من نصوصه وللقاضي الدستوري عدة وسائل ومناهج عمل
لتحقيق هذه المهمة.
يؤدي القاضي الدستوري مهمة الفصل في المنازعة االنتخابية بمختلف أنواعها وعلى
مختلف مراحلها وفق إجراءات محددة ويتحول بذلك إلى محكمة فصل المنازاعات االنتخابية
ومبرر ذلك أن االنتخاب هو سلطة تمنح للشعب أي الهيئة الناخبة والتي تمكنهم من ممارسة
السلطة بطريقة مباشرة أو بالنيابة عن طريق انتخاب من ينوبهم ويعبر عن إرادتهم ويقوم
- 1أتركان محمد ،دعوى الدفع بعدم الدستورية في التجربة الفرنسية ،اإلطار القانوني والممارسة القضائية ،الدار البيضاء،
مطبعة النجاح الجديدة ،2013 ،ص .14-13
4
بتسيير شؤون الحكم وبهذا يتمتع الحاكم بمشروعية يستطيع من خاللها التعبير باسم الشعب
وعن إرادته(.)1
إن االرتباط القوي الموجود بين الديمقراطية واالنتخابات يجعل من االنتخابات اآللية
الوحيدة ،التي تمكن من الوصول إلى حكومة ديمقراطية ،تتمتع برضا المحكومين وهي آلية
ال بد أن تكون حرة ونزيهة ،وذات مصداقية والجهة المكلفة بالسهر على نزاهة وصدقية
االنتخاب هو القاضي الدستوري من خالل سهره على االنتخابات بمختلف أشكالها
واالستفتاء ،وحتى يتم ذلك ال بد أن يقوم الناخب بالتعبير عن رأيه في شروط توفر الحرية
والمصداقية.
أسندت الدساتير للقاضي الدستوري بعض المهام الخاصة واألدوار االستشارية ،منها ما
يتعلق برئيس الهيئة الممارسة للقضاء الدستوري كتوليه منصب رئاسة الدولة في حاالت
خاصة ،واستشارية قبل إعالن الحالة االستثنائية ومنها ما يتعلق بالهيئة الممارسة للقضاء
الدستوري مجتمعة ،كحالة تمديد عهدة البرلمان ،أو حالة تعديل الدستور ،أو حالة حدوث
مانع لرئيس الجمهورية وتفعيل حالتي الشغور المؤقت والشغور النهائي.
يحمي القاضي الدستوري الحقوق والحريات األساسية للمواطن التي تتطور باتزامن مع
تطور حياة األفراد من نظام األسرة إلى نظام الجماعة السياسية المنظمة و ظهور المفهوم
الحديث للدولة واقترانه بمفاهيم أخرى كمفهوم األمة ،والسلطة والحكومة،هده التطورات أدت
بدورها إلى تطور حقوق أألفراد وحرياتهم في إطار مجتمع أكثر تعقيدا هذه الحقوق التي تم
االعتراف بها وحمايتها في الدساتير والمبادئ ذات القيمة الدستورية واإلعالنات العالمية
لحقوق اإلنسان ،والمواطن ،فمن صلب مهام القاضي الدستوري حماية هذه الحقوق وتمكين
المواطن من كسب اآلليات اإلجرائية التي تمكنه من االتصال بالقاضي الدستوري لحماية
حقوقه و حرياته والمتمثلة في االخطار او الدفع .
من خالل هذه المهام المبينة في الدساتير والمشار إليها في المبادئ ذات القيمة
الدستورية نجد دول المغرب العربي محل دراستنا اعتمدت على نفس الجهة التي اعتمدت
- 1بغلول عباس ،المجلس الدستوري ودوره في الرقابة على االنتخابات الرئاسية والتشريعية وعمليات االستفتاء ،دراسة
مقارنة ،القاهرة ،دار الكتاب الحديث ،2015 ،ص .11
5
عليها فرنسا وهي نظام المجلس الدستوري ،بحيث تم النص عليه في الجزائر من خالل
2 1
ويدعم في ثم غاب تماما في مرحلة 1965ليعود في دستور 1989 دستور1963
3
فالجزائر لم تحد عن تبني فكرة الرقابة السياسية بواسطة مجلسا دستوريا دستور 1996
متبعة للنظام الفرنسي ،وتطرح حاليا عدة أفكار بمناسبة التعديل الدستوري القادم ،تتمحور
حول تفعيل دور المجلس الدستوري الحالي والحفاظ عليه كآلية و تبني الية المسالة الدستورية
االولية أو استبدال اآللية تماما والذهاب نحو إنشاء محكمة دستورية على غرار المغرب
وتونس حيث نجد المغرب بعدما تبنى نظام الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى للقضاء من
خالل دساتير 41972 ،1970 ،1962انتقل إلى نظام المجلس الدستوري من خالل
دساتير 51992و ،6 1996وفي دستوره األخير المؤرخ في 01جويلية 2011تخلى عن
7
في حين نجد تونس بعدما غاب المجلس الدستوري نهائيا وتبني نظام المحكمة الدستورية
وجود أي صورة لممارسة القضاء الدستوري منذ استقاللها إلى غاية إنشاء مجلسا دستوريا
سنة ،8 1987هذا المجلس الذي كان له دور ضعيف دعم عدة مرات لكنه بقي مجرد آلية
- 1المادة 63من دستور الجزائر 10سبتمبر ،1963الجريدة الرسمية المؤرخة في 10سبتمبر ،1963العدد .64
- 2المادة 154مرسوم رئاسي رقم 18 – 89المؤرخ في 28فبراير ،1989المتضمن دستور 23فبراير 1989الجريدة
الرسمية المؤرخة في أول مارس ،1989العدد .9
- 3مرسوم رئاسي رقم 438-96مؤرخ في 26رجب عام 1417الموافق 7ديسمبر سنة ،1996يتعلق بإصدار نص
التعديل الدستوري ،المصادق عليه في استفتاء 28نوفمبر سنة ،1996الجريدة الرسمية المؤرخة في 8ديسمبر،1996
العدد .76
- 4دستور المملكة لـ 7ديسمبر ،1962صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف صادر في ديسمبر ،1962الجريدة
الرسمية للملكة المغربية بتاريخ 19دجنبر ،1962عدد 2616مكرر؛ دستور المملكة لـ 1970الصادر األمر بتنفيذه
الظهير الشريف رقم 1.70.1777الصادر في 31يوليوز ،1970الجريدة الرسمية بتاريخ فاتح غشت ،1970عدد
3013؛ دستور المملكة المغربية لـ 1مارس 1972الصادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.062.72الجريدة
الرسمية بتاريخ 15مارس ، 1972عدد .3098
- 5دستور المملكة المراجع بتاريخ 9سبتمبر 1992صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.92.155صادر في 9
أكتوبر ،1992الجريدة الرسمية للملكة المغربية المؤرخة في 14أكتوبر ،1992عدد .4172
- 6دستور المملكة المراجع في 13سبتمبر 1996صادر األكمر بتنفيذه الظهير الشرييف رقم 1.96.157صادر في 7
أكتوبر ،1996الجريدة الرسمية المؤرخة في 10أكتوبر ،1996عدد .4420
- 7دستور 1يوليو 2011الصادر بالظهير الشريف رقم 1.11.91المؤرخ في 21شعبان 1423هجري الموافق 29
يوليو .2011
- 8قانون عدد 57لسنة 1959في 25ذي القعدة 1378الموافق ألول جوان 1959في ختم دستور الجمهورية التونسية
واصداره ،الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 30بتاريخ 01جوان .1959
6
معطلة ألسباب سيتم التطرق إليها في متن الرسالة فإن دستور تونس 2014تخلى عن
()1
وعرفت موريتانيا نظام الغرفة الدستورية من المجلس الدستوري وأنشئ محكمة دستورية
()3
ثم انتقلت إلى نظام المجلس الدستوري من خالل دستور خالل دستوري 1961 ،)2(1959
.)4(1991
نشأت هيئات القضاء الدستوري في دول المغرب العربي بعد االستقالل ،سواء تلك التي
ظهرت في شكل غرف دستورية على مستوى الهيئات القضائية أو تلك التي ظهرت مباشرة
في شكل مجلس دستوري ،ثم تطورت داخل هذه األنظمة الدستورية بطرق مختلفة وساهمت
السلطات الدستورية الثالث التنفيذية والتشريعية والقضائية في تعيين أعضائها بأشكال مختلفة
ودرجات متفاوتة سواء داخل الدولة ذاتها من مرحلة إلى مرحلة أو على مستوى المنطقة
ككل ،وكان لهاته المساهمة تأثير مختلف على أداء القاضي الدستوري وعلى استقالليته،
كما تم تنظيم هيئات القضاء الدستوري من الجانب البشري والجانب المؤسساتي بطرق
وأشكال غير متشابهة ،فمن الدول المغاربية من ألحقه مباشرة برئاسة الجمهورية أو الو ازرة
األولى ،ومنها من جعلها غرفة ،أو محكمة تابعة للسلطة القضائية ومنها من أنشأ لها هيئة
مستقلة بنظامها الداخلي واجراءات عملها واستقاللية قضاتها .
يتصرف القاضي الدستوري وفق إجراءات عمل خاصة من لحظة تلقي اإلخطار ،إلى
لحظة إصدار الرأي أو القرار ،من خالل المداولة والتحقيق والتي يلتزم في سيره بمواعيد
واجراءات حددها له الدستور واألنظمة القانونية ذات الصلة ،وفي األخير يصدر رأيا ،أو
ق ار ار نهائيا حائ از على حجية الشيء المقضي فيه يلزم السلطات العمومية الدستورية واإلدارية
والقضائية.
7
تعود أهمية اختيار هذا الموضوع إلى حداثة التجربة بالنسبة لدول المغرب العربي في
مجال القضاء الدستوري مقارنة بالتجارب األمريكية واألوروبية.
تعد من دعائم دولة القانون التي تم النص عليها في كل دول المغرب العربي ،دعامة
وجود قضاء دستوري قوي وفعال يحمي الدستور ،والديمقراطية ،والعملية االنتخابية ،والحقوق
والحريات ،ويفسر الدستور في بعض األحيان ويلزم من خالل ذلك السلطات العامة في
الدولة بضوابطه ،فإنه من الضرورة العلمية والعملية البحث في كل جوانب اآللية التي
اعتمدتها هذه الدساتير لممارسة القضاء الدستوري وتحديد مكامن العلل هل تكمن في اآللية
ذاتها أم أن عوامل أخرى سياسية وثقافية وتاريخية وقانونية تساهم في عرقلة هذه اآللية
وتكون بذلك هذه الدراسة أداة في يد الباحث الجامعي والناشط في الميدان السياسي حتى تعم
الفائدة.
جعلني البحث في ميدان القانون الدستوري أبحث باستمرار في هذا الموضوع وبدأت
تتشكل ل
دي عدة تساؤالت حول الدور الذي يلعبه القاضي الدستوري ومدى مساهمته في تطوير
الحياة السياسية واثراء االجتهاد القضائي الدستوري وخلق مرجعية في تسيير الحكم وممارسة
السلطة في في دول المغرب العربي و مقاربة دلك بالدور الدي يلعبه القضاء الدستوري في
فرنسا و الواليات المتحدة االمريكية.
قد دعت اعلى سلطة في الدولة الجزائرية الى البحث في هدا الموضوع من خالل كلمة
رئيس الجمهورية بمناسبة الذكرى العشرين لتأسيس المجلس الدستوري الجزائري والتي جاء
فيها مايلي ... « :وأغتنم هذه الفرصة لكي أشجع المجلس الدستوري على نشر الثقافة
القانونية الدستورية ،داعيا جميع الهيئات الوطنية وأخص بالذكر المجلس الدستوري الموقر
إلى التقدم أكثر على محيطه الوطني بالتواصل مع الجامعات ومراكز البحث وفتح األبواب
أمام الباحثين ورجال القانون والطلبة.)1(»...
- 1أنظر خطاب رئيس الجمهورية الجزائرية مؤرخ في 31أكتوبر 2009بمناسبة الذكرى العشرون لتأسيس المجلس
الدستوري ،خطب ورسائل مديرية الصحافة واالتصال رئاسة الجمهورية ،2009 ،ص .229
8
أتمنى أن تكون هذه الدراسة مساهمة ولو بسيطة جدا تفيد الباحثين في محيطنا المغاربي
وكذا للناشطين في الحقل السياسي والدستوري لنتعلم كيف نستفيد من تجاربنا في الجزائر
وتجارب غيرنا ممن يشتركون معنا ونتقاطع معهم في محاور كثيرة سواء في المغرب العربي
أو في أوربا.
ومن الصعوبات التي واجهتني في البحث هو االلتزام بالتحفظ ،الذي يبديه أعضاء
المجالس الدستورية ،وال يقدمون أشياء كثيرة وال يكتبون إال القليل رغم أن غالبيتهم يجمعون
بين التكوين الجامعي والممارسة العملية وحتى عند مشاركتهم في الملتقيات واأليام الدراسية
ينسحبون مباشرة بعد االفتتاح تجنبا للمناقشة ،وبذلك نحرم من توظيف المعلومات باستثناء
البعض الذي يحاول محاوالت ولكنها تبقى قليلة مقارنة بما يكتب وينشر في اوربا.
واخترت توظيف عدة مناهج تماشيا مع طبيعة الدراسة بحيث استعمل المنهج المقارن،
والمنهج التحليلي ،باعتبار الد ارسة مقارنة بين دول المغرب العربي ،وفي هذه المقارنة احتاج
إلى التحليل بهدف إبراز األفكار ،ومعالجتها وأعتمد على إبراز خصائص ممارسة القضاء
الدستوري في كل دولة من دول المغرب العربي من مرحلة دستورية إلى أخرى ثم إجراء
المقارنة بين كل دول المغرب العربي ،ويتم ذلك على ضوء النص الدستوري واألنظمة
الداخلية للمجالس الدستورية ،والمحاكم الدستورية المغاربية ،وآراء وق اررات وأحكام هذه
الهيئات الممارسة للقضاء الدستوري.
تنصب هذه الدراسة على دول المغرب العربي (الجزائر ،تونس ،المغرب وموريتانيا) وقد
تم استبعاد ليبيا نظ ار لطبيعة نظامها الذي ال يعتمد على دستور مدون ،وال على سلطات
دستورية هذا قبل الثورة وحتى بعد الثورة لم تظهر أية مالمح للتوجهات الجديدة في مجال
الرقابة الدستورية ،لكن يمكن أن أعود إلى مرحلة الحكم الملكي في ليبيا في بعض مراحل
الدراسة التاريخية للمقارنة فقط كما أأكد أنني ال ألتزم بجغرافيا محددة بحيث ألجأ إلى إعطاء
أمثلة من أية دولة تملك خصوصية تفيد البحث في مجال القضاء الدستوري ،أما عن الناحية
ا لزمنية فسأركز على الدساتير النافذة مع العودة إلى الدساتير القديمة لمعرفة تطور القضاء
الدستوري في كل دولة وفي المنطقة كلها وهذا ما يبرر إشكالية البحث اآلتية:
9
هل يمكن للقاضي الدستوري في دول المغرب العربي أن يؤدي وظائفه في اطار
الهيئات و اآلليات الحالية في مجال ضبط السلطات العمومية الدستورية في االطار
القانوني و الدستوري و االشراف بصفة فعالة وبقوة الزامية على االنتخابات ؟
وبناء على هذه اإلشكالية نقسم الدراسة إلى بابين يخصص األول لهيئات ممارسة
القضاء الدستوري ويتضمن فصلين يدرس األول نشأة هيئات القضاء الدستوري و تطورها
والثاني تنظيمها.
أما الباب الثاني فيعالج اختصاصات القاضي الدستوري و أحكام الدعوى الدستورية و
يقسم الى فصلين يبين االول االختصاص النوعي المزدوج للقاضي الدستوري في مجالي
الرقابة الدستورية والمنازعة االنتخابية ثم أحكام الدعوى الدستورية في باب ثان .
10
الباب األول
11
إذا كان من دعائم دولة القانون والحق تواجد جهاز قضائي مستقل وسيد يضمن الخضوع
واالمتثال للقانون ،فإن القضاء الدستوري يعتبر في عصر تطور الدولة الحديثة دعامة
أساسية لبناء دولة الحق والقانون وتتقاسم مهمة القيام بالقضاء الدستوري في العالم إما هيئة
قضائية ضمن الجهاز القضائي أو محكمة دستورية خاصة تنشئ لهذا الغرض أو مجلسا
دستوريا.
كما يعتبر القضاء الدستوري في تطور مستمر موازاة مع التطورات التي تعرفها حقوق
األفراد وحرياتهم وتنظيم العالقة بين أجهزة الدولة وكل هذا يصب في تقرير فكرة المشروعية
ودولة القانون.
إن ممارسة القضاء الدستوري لمهمة الرقابة على دستورية القوانين يهدف إلى تحقيق
حكم القانون والمؤسسات والقضاء على حكم األشخاص إذ أن مفهوم الدولة والسلطة تغير
وتطور وصار الحاكم منظما للجماعة ،فقديما كان ممثل الشعب له دور التنظيم والتأطير
للعالقات السياسية داخل مجتمعه بواسطة القانون الناتج والمعبر عن اإلرادة العامة.
إن البرلمان لم يعد بإمكانه أن يشرع ويراقب التشريع في نفس الوقت رغم أنه معبر عن
اإلرادة العامة بل ال بد أن يخضع عمل البرلمان إلى مراقبة القضاء الدستوري حتى يستقيم
ألن القانون الصادر عن البرلمان ال يكتسب شرعية إال إذا كان مطابقا للدستور حيث األول
يعبر عن السلطة المنبثقة والثاني يعبر عن السلطة المؤسسة.
كما تم تنظيم هيئات القضاء الدستوري من الجانب البشري والجانب المؤسساتي بطرق
وأشكال غير متشابهة ،فمن الدول المغاربية من ألحقه مباشرة برئاسة الجمهورية أو الو ازرة
األولى ومنها من جعلها غرفة أو محكمة تابعة للسلطة القضائية ومنها من أنشأ لها هيئة
مستقلة بنظامها الداخلي واجراءات عملها واستقاللية قضاتها ،لكن كيف أثر تدخل السلطات
الدستورية التنفيذية والتشريعية والقضائية على هيئات القضاء الدستوري في دول المغرب
12
العربي وكذلك كيف نقيم الجانب التنظيمي للهيئة الممارسة للقضاء الدستوري وهل حقق هذا
التنظيم االستقاللية للقاضي الدستوري ،ولهذا اقترحنا معالجة هذه المسائل في فصلين األول
منهما يعالج نشأة هيئات القضاء الدستوري و تطورها والثاني يتطرق إلى تنظيم هيئات
القضاء الدستوري.
13
الفصل األول
14
اعتبا ار أن فرنسا هي الوطن األم ومهدا لفكرة الرقابة على دستورية القوانين بواسطة هيئة
غير قضائية على خالف الواليات المتحدة األمريكية وهي المصدر األصيل والتجربة الفعلية
والممارسة العريقة والناضجة بوضوح معالمها لنظام الرقابة السياسية على دستورية القوانين
أجد من المنطق ،والمنهجية السليمة تاريخا تقتضي مني قبل التطرق إلى هيئات ممارسة
القضاء الدستوري في كل من (الجزائر – تونس – المغرب وموريتانيا) والتي اعتمدت كلها
نظام المجلس الدستوري الفرنسي أن أوضح نظام عمل المجلس الدستوري الفرنسي قبل
التطرق إلى نظام وتنظيم المجالس الدستورية في الدول موضوع الدراسة حتى تكون المقارنة
صادقة وأمينة وموضوعية وتحقق الغرض منها.
ال بد من اإلشارة إلى أن بعض دول المغرب العربي عرفت نظام الغرفة الدستورية قبل
االنتقال إلى نظام المجلس الدستوري على غرار المملكة المغربية من خالل دساتير ،1962
1972 ،1970وموريتانيا من خالل دستور ،1960كما أن المملكة المغربية تخلت على
نظام المجلس الدستوري الذي تبنته من خالل دساتير 1992و 1996وتبنت نظام المحكمة
الدستورية من خالل دستور ،2011أما موريتانيا فتخلت على نظام الغرفة الدستورية من
خالل دستور 1991وتبنت نظام المجلس الدستوري ،أما الجزائر وتونس فبقيت على نفس
النهج وهو المجلس الدستوري لكن ما يميز النظام الجزائري هو تخليه عن أي نوع من أنواع
الرقابة في دستور 1976ثم العودة إلى نظام المجلس الدستوري ،الذي تبناه من خالل
دستور 1963ومن خالل دساتير 1989و .1996وعادت تونس إلى نظام المحكمة
الدستورية من خال ل دستور . 2014
أما من حيث طريقة تعيين أعضاء هيئات القضاء الدستوري فتراوحت بين االنتخاب
والتعيين واختلفت من دولة إلى دولة أخرى واختلفت في الدولة نفسها من مرحلة دستورية إلى
أخرى وتنوع دور السلطات الدستورية الثالث في ذلك (تشريعية ،تنفيذية وقضائية) ونعالج في
مبحث أول :نشأة هيئات القضاء الدستوري .وفي المبحث الثاني :تركيبة هيئات القضاء
الدستوري.
15
المبحث األول :نشأة هيئات القضاء الدستوري
اختلفت الدراسات في تحديد طبيعة المجلس الدستوري منذ نشأته وظهوره أول مرة في
دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة 04أكتوبر 1958وحتى الدول المغاربية التي اعتمدته
(الجزائر -تونس -المغرب وموريتانيا) لم تحدد طبيعته فمن هاته الدراسات من تميل إلى
إضفاء الطبيعة السياسية على المجلس الدستوري وله مبرراته ومنها من يرى أن المجلس
الدستوري ذو طبيعة قضائية وله في ذلك مبرراته أما الدراسات التوفيقية فترى أن للمجلس
الدستورية طبيعة مختلطة.
أنشئ المجلس الدستوري الفرنسي في دستور 1958وهو يشوبه كثير من الغموض في
معرفة طبيعته ،واستمر منذ ذلك الحين السجال بين الفقهاء ،هل هو هيئة سياسية أم هيئة
قضائية أم هيئة بالمعنى العام " "Sui generisوقدموا في ذلك عدة حجج ،بيد أن هذه
الحجج بقيت بدورها ناقصة الوضوح()1؛ فيرى أنصار المدرسة الفرنسية أن المجلس الدستوري
هيئة ذات طبيعة سياسية ويبررون ذلك بأن الهيئة المؤهلة للسهر على احترام الدستور ال
يمكن أن تكون إال هيئة سياسية معينة بشكل ديمقراطي(.)2
يهدف أنصار الطبيعة السياسية للمجلس الدستوري اعطاء الطابع السياسي على المجلس
الدستوري وأن ينسحب هذاالطابع على أعماله ،وبهذا تكون أعمال المجلس الدستوري سياسية
وليست قضائية الشيء الذي يتعارض مع الديمقراطية التي تعترف باالنتخاب فقط كوسيلة
إلضفاء الشرعية على السياسي(.)3
إن الدستور الفرنسي لم يحدد طبيعة المجلس الدستوري بعدما نص عليه لكن جعله حاميا
للدستور رفقة رئيس الجمهورية وهذه مهمة سياسية باعتبار منصب رئيس الجمهورية سياسيا
وليس قضائيا حيث كل من رئيس الجمهورية والمجلس الدستوري لهما نفس المهمة وهي
- 1هنري روسيون ،المجلس الدستوري ،ترجمة وطفة محمد ،بيروت ،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع،
[د.س ،].ص .12-11
- 2المرجع نفسه .
- 3رشيدة العام ،المجلس الدستوري الجزائري ،دار الفجر للنشر والتوزيع ،2006 ،ص .12-11
16
حماية الدستور لكن الوسائل تختلف 1وبالعودة إلى تركيبة المجلس الدستوري الفرنسي في
دستور 4أكتوبر 1958نجدها تخلو من القضاة ومن ممثلين عن السلطة القضائية ووجود
الهيئات السياسية ممثلة بقوة الشيء الذي يبرر إضفاء الطابع السياسي على المجلس
الدستوري الفرنسي.
في حين نجد دول المغرب العربي محل الدراسة اختلفت فمنها من تبنى نظام الغرفة
الدستورية و حتى نظام المحكمة الدستورية الى جانب المجلس الدستوري ونتناول الموضوع
في أربعة مطالب نخصصها لكل من الجزائر ،المغرب ،تونس وموريتانيا.
مر النظام السياسي الجزائري بمرحلتين :من األحادية الحزبية ثم إلى التعددية.
تم النص على المجلس الدستوري الجزائري في دستور 10سبتمبر 1963والتي لم تأت
النصوص التطبيقية لتنظيمه حيث جمد الدستور بتاريخ 3أكتوبر 1963بسبب استعمال
رئيس الجمهورية آنذاك المادة 59من الدستور واعالن حالة الطوارئ ،وتجميد العمل
بالدستور ،فما كان باإلمكان تحديد طبيعته من خالل مادة أو مادتين في الدستور باستثناء
أنه تم النص عليه في الباب المتعلق بالسلطة القضائية تحت عنوان "العدالة" وحدد مهامه
على سبيل الحصر كما بين تشكيلته.2
يتضح من خالل التشكيلة التي نصت عليها المادة 63من دستور 1963أن
األعضاء الذين يتكون منهم المجلس الدستوري يغلب عليهم الطابع القضائي أكثر من الطابع
السياسي كالرئيس األول للمحكمة العليا ورئيسا الحجرتين المدنية واإلدارية في المحكمة
العليا ،كما أنه من الجانب الشكلي فقد تم النص على المجلس الدستوري في الباب السادس
17
المعنون بالعدالة قبل النص على المجالس العليا كالمجلس األعلى للقضاء والمجلس األعلى
للدفاع والمجلس األعلى االقتصادي واالجتماعي.
بالعودة إلى تلك المرحلة يبدو أن القضاة كانوا أكثر استعدادا لتوجيه العمل داخل
المجلس الدستوري بحكم تمرسهم وتكوينهم على خالف ممثلي مجلس النواب أو ممثل رئيس
الجمهورية الذين ال يملكون تكوين قانوني كما أن عدم إعطاء حق للمؤسسات السياسية في
تعيين رئيس المجلس الدستوري وترك ذلك لالنتخاب وعدم إعطاء رئيس المجلس الدستوري
صوتا مرجحا كل ذلك يؤشر على أن األعمال داخل المجلس تأخذ الطابع القضائي المحض
من حيث المداولة واتخاذ القرار الشيئ الذي يغلب الطبيعة القضائية للمجلس الدستوري من
خالل دستور .1963
أما في مرحلة دستور 18نوفمبر 1976بعد الميثاق الوطني 1975واللذان أغفال معا
النص على الرقابة الدستورية وجعلها من اختصاص الهيئات المركزية للحزب باعتبار أولوية
الحزب على الدولة وعلوية الميثاق الوطني على الدستور ،كما تم النص على هيئات أخرى،
ووسائل أخرى للرقابة كالرقابة السياسية ،والرقابة الشعبية ،والرقابة المالية.1
أما بعد اإلصالحات السياسية التي شهدتها الجزائر في أعقاب أحداث 05أكتوبر
1988واصدار دستور 23فبراير 1989عاد المجلس للظهور حيث تم النص عليه من
خالل المادة 154وجاء في الباب المتعلق بالرقابة والهيئات االستشارية باعتباره هيئة رقابة
على دستورية القوانين وهيئة استشارية بالنسبة لرئيس الجمهورية(.)2
وجاءت فكرة تعديل دستور 23فبراير 1989بعد اعتالء المجلس األعلى للدولة الحكم
بعد توقيف المسار االنتخابي في جانفي 1991وعدم إتمام الدور الثاني من االنتخابات
التشريعية التعددية األولى في الجزائر .وتزامن شغور منصب رئيس الجمهورية باالستقالة مع
18
شغور منصب رئيس المجلس الشعبي الوطني بالحل األمر الذي أدى إلى حدوث فراغ
مؤسساتي بدأ التفكير في تعديل الدستور وتم تعيين لجنة خبراء لتقدم مشروع تعديل دستور
1989إلى المجلس األعلى للدولة وجاء في الباب المتعلق بالقضاء الدستوري مقترح يقضي
باستبدال المجلس الدستوري المنصوص عليه في المادة 153من دستور 1989بمحكمة
دستورية وحددت اختصاصاتها بمراقبة مدى دستورية المعاهدات ،والقوانين والتنظيمات في
إطار أحكام الدستور.1...
ال بد من اإلشارة إلى أن دستور 1989لم ينص على القوانين العضوية وال على األوامر
الرئاسية وانما جاء النص عليها الحقا في دستور 28نوفمبر .1996
وقد اقترح الخبراء تعديل الفقرة الثانية من المادة 153من دستور 1989لتصبح على
الشكل اآلتي «:تسهر على صحة االستفتاء واالنتخابات الرئاسية وتعلن النتائج».2
ومن مهام المحكمة الدستورية أنها تجتمع للنظر في الطعون المتعلقة بنتائج االستفتاء
واالنتخابات الرئاسية واالنتخابات التشريعية.
كما جاء في مقترح لجنة الخبراء أن كل ما يتعلق بتنظيم المحكمة الدستورية ونشاطها
واخطارها يتم تنظيمها عن طريق قانون عضوي وليس عن طريق التنظيم وهذا لعدم السماح
للسلطة التنفيذية بالتأثير عليها.
أما من حيث التشكيلة فقد اقترحت لجنة الخبراء 09أعضاء ويتم تعيينهم على الشكل
اآلتي:
19
03 -أعضاء يختارون من طرف الجمعية العامة للمحكمة العليا من بين القضاة
الممارسين على مستوى المحكمة العليا.
وعلى عكس ما كان سائدا في دستور 1989فإن رئيس المجلس الشعبي الوطني يمكنه
تعيين ممثلين ثالثة على المجلس خارج نواب المجلس الشعبي الوطني.
كما اقترحت لجنة الخبراء أن يتم تنصيب األعضاء بمرسوم رئاسي وعهدة لمدة 09
سنوات غير قابلة لتجديد ويجدد الثلث كل 03سنوات أما رئيس المحكمة الدستورية فيتم
تعينه لمدة كاملة 09سنوات من طرف رئيس الجمهورية.1
وتصدر هذه المحكمة ق اررات فيما يتعلق بمدى دستورية القوانين والتنظيمات
والمعاهدات على خالف المجلس الدستوري الذي كان يصدر أراء وق اررات واعطاء حق
اإلخطار إلى رئيس المحكمة العليا استثناء في بعض الحاالت وهذا في حالة ما إذا قدم أحد
المتقاضين طعنا بعدم دستورية نص تشريعي أو تنظيمي يريد القاضي تطبيقه عليه ،تقوم
المحكمة أو المجلس القضائي الذي رفع إليه الطعن بتحويله إلى رئيس المحكمة العليا وال بدا
من اإلشارة إلى أن هذه الطريقة في اإلخطار أخذت به فرنسا في تعديل 23يوليو .2008
كما أوصت لجنة الخبراء بضرورة عرض مشاريع القوانين العضوية والقوانين المتعلقة
بالحريات األساسية قبل إصدارها على المحكمة الدستورية وكذا النظام الداخلي للمجلس
الشعبي الوطني ،قبل تطبيقه كما يسجل األستاذ بوسومة ما يلي« :ال بدا أن تتمتع القوانين
المتعلقة بالحريات األساسية بحماية خاصة».2
وحسب لجنة الخبراء المكلفة بتعديل دستور 1989فإن تعديل المادة 156يوسع حق
إخطار المحكمة الدستورية إلى رئيس الجمهورية ،رئيس المجلس الشعبي الوطني وكذا رئيس
عدد نواب المجلس الشعبي الوطني ،أما المادة 157فقد اقترحت أجل الحكومة والى
30يوم لتصدر المحكمة الدستورية قرار ابتداء من تاريخ اإلخطار.
1
- Ibid, p. 41.
2 - Ibid.
20
وفي حالة االستعجال وبطلب مبرر من الطاعن تقلص اآلجال إلى 10أيام ،ويتم نشر
ق اررات المحكمة الدستورية في الجريدة الرسمية للجمهورية الج ازئرية وتكون ق ارراتها نهائية
وملزمة للسلطات العمومية وكل السلطات اإلدارية والقضائية.1
وجاء في المادة 154من دستور 23فبراير 1989ما يلي «:يتكون المجلس الدستوري
من 03أعضاء يعينهم رئيس الجمهورية بما فيهم رئيس المجلس و 02اثنان ينتخبهما
المجلس الشعبي الوطني ،واثنان تنتخبهما المحكمة العليا من بين أعضائها.)2(»...
كما نشير إلى أنه بعدما دخلت الجزائر مرحلة استثنائية بعد تجميد االنتخابات التشريعية
1991واستبدال دستور 1989بدستور صغير يسمى دستور أرضية الوفاق الوطني 29
جانفي )1994جاء في مادته 41من خالل فرع معنون بالمجلس الدستوري ما يلي:
« يمارس رئيس الدولة ورئيس المجلس الوطني االنتقالي الصالحيات المنصوص عليها في
المادة 154من الدستور لصالح رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الشعبي الوطني على
التوالي».
أما دستور 1996فإن القراءة األولى لدستور الجزائر 28نوفمبر 1996وكذا النصوص
القانونية األخرى كالنظام الداخلي رقم 2000/48المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري
والنظام الداخلي للمجلس الدستوري ال تحدد لنا طبيعة المجلس الدستوري هل هو هيئة
()3
من دستور 28نوفمبر 1996 سياسية أم هيئة قضائية ولقد أحالت المادة 02/167
الحق للمجلس الدستوري في تحديد نظامه الداخلي حيث نص على مايلي« :يحدد المجلس
الدستوري قواعد عمله» إال أن هذه القواعد لم تحدد طبيعة هذا المجلس الشيء الذي جعل
األمر أكثر غموضا.4
21
وبما أن الجوانب القانونية والنصوص المنشئة والمنظمة لقواعد عمل المجلس الدستوري
الجزائري بقيت ساكتة على تحديد طبيعته بقي البحث في إجراءات عمله ومدى حجيتها من
أجل استنتاج طبيعته وتحديدها.
لقد تم النص على المجلس الدستوري في الباب الثالث من الدستور – الفصل الثاني-
المعنون بـ "المؤسسات االستشارية" ولم يتم النص عليه في الفصل الثالث من الباب الثاني
المعنون "بالسلطة القضائية" ،وهنا يتضح تجنب المؤسس الدستوري إعطاء الصفة القضائية
للمجلس الدستوري وحسب رأي األستاذة رشيدة العام أن المشرع الجزائري قصد ذلك حتى ال
تكون نفس المهمة بين القاضي العادي والقاضي الدستوري تحت عنوان السلطة القضائية
وتعقب على ذلك قائلة« :إن القاضي الدستوري ليس مهمته تطبيق القانون وانما مراقبته أما
القاضي العادي فإنه يخضع للقانون ،تحت القاضي الدستوري».1
وكذلك إعطاء المجلس الدستوري الجزائري حق ممارسة الرقابة على دستورية القوانين
بطريقة سابقة (مشاريع القوانين ) المادة – 01/165المادة ( 06ق .ع) يوحي بأنه مجلس
ذو طبيعة سياسية لكن منحه حق ممارسة الرقابة على دستورية القوانين بصفة (الحقة)
المادة ( 6ق .ع) المادة 1/156أي بعد صدور القوانين في الجريدة الرسمية ونفاذها ينفي
عليه الصفة أو الطبيعة السياسية لكن الرقابة الالحقة تضفي عليه الطابع القضائي.2
وتبرير ذلك يكمن في أن القرار الذي يصدر عن المجلس الدستوري بإلغاء قانون ساري
المفعول يحمل نفس عناصر وخصائص األحكام القضائية الصادرة عن الجهات القضائية
من حيث الحجج واألسباب ومن خالل مناقشة النصوص المعروضة عليه -وفي األخير
يتوج هذا المسار بإصدار رأي أو قرار حسب الحالة وهذا القرار نهائي ويكتسي حجية الشيء
المقضي حسب المادة 54النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري فيه وال يمكن
الطعن فيها وهذه كلها خصائص األحكام القضائية التي تجعل المجلس الدستور الجزائري
22
هيئة ذات طبيعة قضائية ألن أحكام المحاكم في سلم القضاء العادي أو سلم القضاء اإلداري
عندما تصل درجة معينة تصبح أحكاما نهائية حائزة على حجية الشيء المقضي فيه.
أما االختالف بين أعمال المجلس الدستوري وأعمال الهيئات القضائية فإن قرار المجلس
الدستوري يعتبر هيئة واحدة أما أحكام المحاكم فتضمن مبدأ التقاضي على درجتين.1
وكذلك من حيث تحريك النزاع فاالتصال بالمجلس الدستوري يكون عن طريق حق
اإلخطار المادة 166دستور 96الذي يعطى بنص الدستور لهيئات معينة دون تحديد
شكليات معينة على رسالة اإلخطار المادة 09النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري
عكس االتصال بالمحاكم والجهات القضائية يكون الحق الممنوح فيها دستوريا لكل األفراد
متى توفر فيهم شرطا الصفة والمصلحة ،وتتطلب عريضة الدعوى أشكاال معينة يحددها
القانون.2
أما فيما يخص المنازعات االنتخابية المواد 31الى 35من النظام المحدد لقواعد عمل
المجلس الدستوري فنجد تشابها كبي ار بين إجراءات عمل المحكمة عندما يطرح عليها النزاع
للنظر فيه واجراءات عمل المجلس الدستوري الذي يتحول إلى محكمة تنازع انتخابي حيث
تستقبل عريضة طعن من الطاعن وهو غالبا المتضرر 3من العملية االنتخابية وفق شكليات
معينة وفي حدود آجال محددة ويتم إعالم المطعون ضده شخصا كان أو هيئة ويعطي له
حق تبادل العرائض و الدفوع وتقديم الطلبات وفي النهاية يتم إصدار حكم لفائدة طرف ضد
طرف آخر يحمل حال نهائيااامنازعة.4
- 1مداولة مؤرخة في 25ربيع األول 1421الموافق 28يونيو سنة ،2000المحددة لقواعد عمل المجلس الدستوري،
الجريدة الرسمية )،العدد (48المؤرخة في 6غشت سنة .2000تقابلها المادة 54من مداولة 03ماي ،2012ج .ر
عدد .26
- 2رشيدة العام ،مرجع سابق ،ص .125
- 3المرجع نفسه.
- 4المواد ،35 ،34 ،33 ،32 ،31النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري 06أوت ،2000نص المواد جاءت
في المداولة المؤرخة في 03ماي 2012ج .ر عدد 26المتعلقة بالنظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري.
23
أما من الجانب البشري فإن كال الجهازين يختلفان ألن الجهات القضائية مشكلة من
قضاة فقط معينين لمدى الحياة أي إلى غاية نهاية عالقة العمل.
أما أعضاء المجلس الدستوري الجزائري فهم ممثلون عن السلطات الثالث (التنفيذية،
التشريعية ،القضائية) ويتم تعيينهم لمدة 06سنوات غير قابلة للتجديد فكلما غلب على
أعضاء المجلس الدستوري التخصص القضائي مالت الكفة إلى اعتبار المجلس ذو طبيعة
قضائية وكلما غلبت على أعضائه الصفة السياسية الحزبية اعتبر المجلس الدستوري مجلسا
أو هيئة ذات طبيعة سياسية خاصة إذا كانت أغلبية حزبية مسيطرة على البرلمان فإنها
ستكون ممثلة بعدد كاف داخل المجلس الدستوري كما أنها تجعل رئيس المجلس الشعبي
الوطني ورئيس مجلس األمة المالكان لحق اإلخطار يلعبان دو ار مهما في إعطاء طبيعة
سياسية للمجلس الدستوري.1
وكذلك من حيث التسمية التي أعطاها المؤسس الدستوري لهذه الهيئة من خالل دستور
28نوفبمر 1996وهي تسمية – مجلس -فهو ينفي عليه الطبيعة القضائية بحيث لو أراد
ذلك لسماه – المحكمة الدستورية -ولكن المجلس الدستوري ذاته من خالل نصوصه الخاصة
اعتمد في تركيبة هيئاته الداخلية على تسمية هيئات مثل (كتابة الضبط للمجلس) وهي
مصلحة موجودة على مستوى الجهات القضائية فقط.2
لكن المؤسس الدستوري من خالل دستور 1996/11/28سمى مجلس الدولة وهو أعلى
درجة في القضاء اإلداري ولم يسميها المحكمة اإلدارية العليا ،وكذا المجلس القضائي
باعتباره جهة استئناف في القضاء العادي ولم يسميها محكمة االستئناف الشيء الذي
يجعلني اعتقد بأن المؤسس الدستوري الجزائري لم يقصد بهاته التسميات إضفاء طبيعة
معينة على المجلس أو نفي طبيعة أخرى عليه.
-كما يرى األستاذ "الياس جوادي" بأن « :استعمال المشرع الجزائري تسمية مجلس
دستوري بدال من تسمية محكمة دستورية له داللة ،على تحديد طبيعة الهيئة باعتبار أن
24
المجلس يوحي بوجود عملية تشاور وابداء الرأي في قضايا قانونية أما تسمية محكمة
فالمحكمة توحي بأن هناك تحقيقا ثم حكما » (.)1
-أما بالنسبة ألعضاء المجلس الدستوري فلم يشترط المشرع الجزائري الخبرة القانونية
في أعضائه وجعل السلطة القضائية ممثلة في عضوين فقط ،لكن الواقع يبين أن أعضاء
المجلس الدستوري منذ نشأته في الجزائر هم رجال قانون.
-أما بعض الفقهاء الفرنسيين ومنهم األستاذ " "Walineيدافعون عن الصفة القضائية
لق اررات المجلس الدستوري رغم تسليمهم بتكوينه السياسي ويخلصون إلى أن « :المجلس
الدستوري هو هيئة سياسية تمارس وظيفة قضائية وهو هيئة رقابة شبه قضائية واستدلوا على
ذلك بمبررين:
-أن ق ارراته تتمتع بقوة الشيء المقضي فيه ،وتلزم كل السلطات العامة بما فيها
السلطات القضائية حسب المادة 62من دستور فرنسا .)2( » 1958
أما المشرع الدستوري اللبناني فقد فصل في الطبيعة القضائية للمجلس الدستوري وذلك
من خالل المادة األولى من قانون إنشاء المجلس الدستوري المعدلة بالقانون رقم 99/150
والتي جاء فيها ما يلي «:إن المجلس الدستوري هيئة دستورية مستقلة ذات صفة قضائية»
وتكون رقابته الحقة على إصدار القانون ونشره ،وهنا يلتقي المجلس الدستوري اللبناني مع
- 1إلياس جوادي ،رقابة دستورية القوانين ،دراسة مقارنة ،بيروت ،منشورات الحلبي الحقوقية ،2009 ،ص .70
- 2المرجع نفسه ،ص .72-70
25
المجلس الدستوري الفرنسي في اعتبار أحكام المجلس الدستوري حائزة على حجية الشيء
المقضي فيه.
وبالرجوع إلى المادة 03من قانون إنشاء المجلس الدستوري اللبناني والتي اشترطت في
أعضاء المجلس الدستوري أن يكونوا حتما من المشتغلين بالقانون إذ يجب اختيارهم من بين
القضاة السابقين الذين مارسوا القضاء العدلي ،أو اإلداري ،أو المالي مدة عشرين سنة على
األقل ،أو من بين األساتذة األصليين في التعليم العالي الذين مارسوا مادة من مواد القانون
عشرين سنة على األقل ،أو من بين المحامين أصحاب عشرين سنة خبرة على األقل ،رغم
تعيينهم من قبل السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية فهم ال يمارسون عمل سياسي وال
يملكون تكوين سياسي .إضافة إلى المادة 07من قانون إنشاء المجلس الدستوري اللبناني
التي تمنع الجمع بين عضوية المجلس الدستوري وعضوية الو ازرة أو النيابة أو أية هيئة
رسمية أخرى أو أية وظيفة عامة مهما كانت.
هذه الضمانات تجع ل المجلس الدستوري اللبناني هيئة ذات طابع قضائي رغم أن هيئات
سياسية تشارك في تكوينه(.)1
لقد مرت التجربة المغربية بنظام الغرفة الدستورية على مستوى المجلس القضائي (فرع
أول) ثم نظام المجلس الدستوري (فرع ثان) ثم نظام المحكمة الدستورية (فرع ثالث).
على عكس الجزائر وفرنسا نجد المغرب انتقل من نظام الغرفة الدستورية على مستوى
المجلس األعلى إلى نظام المجلس الدستوري بحيث عرف عدة تطورات من خالل دساتير
المملكة المغربية إذ نصت دساتير 1972 ،1970 ،1962على إنشاء غرفة دستورية على
مستوى المجلس األعلى في بابها العاشر ،وبحكم المعطيات السياسية والدستورية ظهر
دور هذه الغرفة الدستورية ضعيفا جدا بالقياس مع المهمة التي كانت منتظرة منها فلم تكن
26
هذه الغرفة تتمتع بضمانات االستقاللية من جهة ،ومن جهة أخرى كانت اختصاصاتها
ضعيفة.1
فبموجب نص الفصل 93من دستور 1962تم تأسيس غرفة دستورية بالمجلس األعلى
وكلفت بمهمة مراقبة مدى دستورية القوانين ،وكانت تركيبتها مختلطة تظم عددا من القضاة،
وممثلين عن البرلمان ،وعضوا من أساتذة كليات الحقوق يعينه الملك.
وتغيرت تركيبة الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى سنة 1970وذلك بحذف عضو ممثل
ومعين من طرف مجلس المستشارين بعد إلغاء هذا المجلس سنة ،1970والذي كان يشكل
الغرفة العليا في البرلمان المغربي حينذاك ،وتم التخلي على الثنائية البرلمانية واستبدالها
بمجلس واحد سمي مجلس النواب.2
أ ما من حيث تشكيلتها فبينتها الدساتير السابق ذكرها في الباب العاشر ولم تكن محكمة
دستورية مستقلة بذاتها كما هو الحال بالنسبة للمحكمة الدستورية في جمهورية مصر العربية
والتي نص عليها دستور 1971وانما مجرد غرفة من غرف المجلس األعلى تحت رئاسة
رئيس المجلس األعلى ذاته .وكانت الغرفة الدستورية تضم 05أعضاء في دستور .1962
يمثلون هؤالء األعضاء :قاض من الغرفة اإلدارية للمجلس األعلى ،وأستاذان من كليات
الحقوق يعينان بمرسوم ملكي لمدة 6سنوات ،وعضوين آخرين :أحدهما يعينه رئيس مجلس
النواب ،واآلخر يعينه رئيس مجلس المستشارين (غرفتي البرلمان المغربي) وذلك في بداية
كل عهدة نيابية أو عقب أي تجديد جزئي للغرفتين.
وما نالحظه أن عدد أعضاء الغرفة الدستورية قد تقلص إلى 04أعضاء بعد إلغاء
الغرفة العليا للبرلمان المغربي (مجلس المستشارين) في دستور .31970
- 1عبد العزيز النويضي ،المجلس الدستوري بالمغرب ،الرباط ،منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،سلسلة
مؤلفات وأعمال الجامعية ،2005 ،ص .35
-2عبد السالم محمد الغنامي ،مراقبة دستورية القوانين في المغرب والقانون المقارن ،مذكرة ماجستير ،جامعة محمد
الخامس ،كلية الحقوق ،2000-1999 ،ص .313 -312
- 3عبد العزيز النويضي ،مرجع سابق ،ص .36 – 35
27
وفي دستور 1972وصل عدد أعضاء الغرفة الدستورية إلى 07أعضاء وصارت
مشكلة كاآلتي:
3-ثالثة أعضاء يعينهم الملك لمدة 4سنوات ثم ارتفعت المدة إلى 6سنوات من خالل
التعديل الدستوري المؤرخ في ،1980/5/23أي مدة الفترة النيابية.
-ثالثة أعضاء يعينهم رئيس مجلس النواب بعد استشارة الكتل في المجلس ،وحددت
اختصاصات الغرفة الدستورية في هاته المرحلة في:
-إبداء الرأي في إمكانية تغيير النصوص الصادرة في صيغة قانون بواسطة مرسوم ،إذا
كان مضمون تلك النصوص يدخل في إطار اختصاصات السلطة التنظيمية.
-البت في الخال ف الناشئ بين الحكومة والبرلمان عندما تدفع الحكومة برفض اقتراح
أو تعديله باعتباره ال يدخل ضمن اختصاص القانون.
-النظر في صحة انتخاب أعضاء البرلمان وفي حاالت التنافي المتعلقة بالبرلمانين
وتقرير شغور مقعد برلماني.
كما أن االتصال بالغرفة الدستورية والطلب منها ممارسة رقابة دستورية كانت مقتصرة
على الوزير األول (سلطة تنفيذية) ورئيس مجلس النواب (سلطة تشريعية) أما في حالة
الطعون االنتخابية ا لبرلمانية فكان الطعن متاحا للناخبين في الدائرة المعنية بالنزاع
وللمترشحين في نفس الدائرة االنتخابية ،وللعامل وكذا أمين اللجنة الوطنية لإلحصاء ،وهذا
الشيء جعل اجتهاد الغرفة الدستورية ضعيفا ومجاالت تدخلها ضيقة جدا ،كما لوحظ على
حلولها في المنازعات االنتخابية نقص التعليل والتسبيب وق ارراتها المتعلقة بالمنازعات
28
االنتخابية لم تكن تنشر في الجريدة الرسمية ولم يوجد نص قانوني أو دستوري يحدد بأن
ق اررات الغرفة الدستورية غير قابلة للطعن الشيء الذي يجعلها تتمتع بحجية نسبية.1
أما المحكمة الدستورية في ليبيا والتي تم النص عليها من خالل دستور 07أكتوبر
1951فكانت أول خطوة لتنظيم الرقابة الدستورية في المغرب العربي حيث تم إسناد هذه
المهمة للمحكمة العليا والتي تعتبر أعلى هيئة قضائية في النظام القضائي الليبي ،ويمكن
القول أن الدستور الليبي هو أول دستور عربي كرس مسألة الرقابة القضائية على دستورية
القوانين ،2وقد خصص الدستور الليبي للرقابة القضائية على دستورية القوانين الفصل الثامن
من خالل 18مادة وهي من المادة ( 141إلى )158منها 16مادة تنظم المحكمة العليا من
حيث طرق تشكيلها واختصاصاتها بما في ذلك االختصاص بمراقبة دستورية القوانين وقد
جاء قانون المحكمة العليا االتحادية في 10نوفمبر .31953
وقد أدى تعديل الدستور الليبي بموجب القانون 1لسنة 1963والتي تحولت من خالله
ليبيا من دولة اتحادية إلى دولة بسيطة إلى إلغاء جميع المواد الدستورية المتعلقة
باختصاصات المحكمة العليا وتحول تنظيم المحكمة بواسطة نص قانوني وبذلك فقدت السند
الدستوري وبقيت المحكمة تمارس اختصاصاتها في مجال الرقابة الدستورية وفقا لقانونها
القديم الصادر سنة 1953ومختلف تعديالته وواصلت في ممارسة مهامها بعد ثورة الفاتح
سبتمبر .41969
أما في مرحلة ثورة الفاتح سبتمبر 1969وما بعدها عرفت ليبيا ثالثة وثائق دستورية
وهي:
29
● وثيقة اإلعالن الدستوري بتاريخ /11ديسمبر1969/
تلى هذا اإلعالن قرار مؤتمر الشعب العام بتاريخ 2مارس 1977القاضي بإعالن
سلطة الشعب وصدر بناء عليه قانون جديد للمحكمة العليا سنة 1982ألغيت بموجبه
اختصاصات المحكمة العليا في الرقابة على دستورية القوانين ثم جاءت الوثيقة الثالثة وهي
الوثيقة الخضراء لحقوق اإلنسان والتي صدرت سنة 1988وفي هذه الفترة تم تعديل القانون
82/06الخاص بالمحكمة العليا وصدر قانون جديد رقم 94/14الذي أعاد للمحكمة العليا
اختصاصاتها بمراقبة دستورية القوانين.
وبناء عليه فإن ممارسة المحكمة العليا الليبية للرقابة على دستورية القوانين مرت
بمرحلتي امتدت منذ قيام الثورة حتى سنة 1982وهي كانت امتداد لما جاء في الدستور
الملكي امتدت منذ 1994إلى سقوط نظام القذافي بعد ثورة 17فبراير .)1(2011
وتتشكل المحكمة العليا من عدة دوائر (دائرة القضاء الدستوري)( ،دائرة القضاء
اإلداري)( ،دائرة النقض المدني والجنائي)( ،دائرة األحوال الشخصية)( ،دائرة الطعون
االنتخابية) و(شعبتي الفتوى والتشريع)(.)2
ونشير إلى أن جمهورية موريتانيا اإلسالمية عرفت كذلك نظام الغرفة الدستورية
بالمحكمة العليا ،بحيث بعدما نص دستورها الصادر في 22مارس 1959على لجنة
دستورية تتألف من 05أعضاء 03منهم رجال قانون وهم رئيس الغرفة الدستورية الذي
أوجب الدستور بأن يكون أكبر رجال القضاء والقانون مرتبة ،باإلضافة إلى قاض من قضاة
المحكمة العليا اإلدارية وأستاذ من كلية الحقوق إلى جانب عضوين آخرين يعين أحدهما
الوزير األول ويعين الثاني من طرف رئيس الجمعية الوطنية(.)3
30
أما دستور 20مايو 1961فقد أخذ على مبدأ الرقابة على دستورية القوانين لكنه أحدث
تغيي ار تمثل في إلغاء اللجنة الدستورية التي جاء بها دستور 1959وحول اختصاصاتها إلى
غ رفة دستورية بالمحكمة العليا .وجعلها تتشكل من رئيس المحكمة العليا ومستشارين إداريين
معينين لمدة سنتين أحدهما يعينه رئيس الجمهورية والثاني يعينه رئيس الجمعية الوطنية،
وبعد االنقالب العسكري الذي حدث في موريتانيا غابت مؤسسة رئيس الجمهورية لصالح
رئيس الدولة وغابت مؤسسة الجمعية الوطنية لصالح اللجنة العسكرية وبذلك لم يبقى مجال
للرقابة على دستورية القوانين.
إال أن االنقالبي ن أوجدوا صيغة مشابهة لما كان سائدا على مستوى الغرفة الدستورية
بالمحكمة العليا من خالل القانون .)1(83/144
لقد تم النص على المجلس الدستوري المغربي في الباب السادس من دستور المملكة
المغربية المؤرخ في 4سبتمبر 1992بعد النص مباشرة على المؤسسة الملكية والبرلمان
والحكومة ،وصار مؤسسة قائمة بذاتها مستقلة إداريا وتنظيميا وماليا ،وصارت عنص ار قائما
بذاته ،وكان المجلس الدستوري يتكون من 09أعضاء حسب الفصل 77من دستور 1992
من(:)2
31
03 -أعضاء يعينهم رئيس مجلس النواب بعد استشارة الكتل النيابية.
ويتم تعيينهم لمدة 06سنوات قابلة للتجديد ،ويجدد كل 03ثالثة سنوات نصف كل
فئة ،وعند أول تعيين يعين عضوان عن كل فئة لمدة 03سنوات ،وعضوان عن كل فئة لمدة
06سنوات حسب الفصل 78من الدستور(.)1
وقد توسع حق اإلحالة على المجلس الدستوري لربع أعضاء مجلس النواب وللملك،
إلى جانب الوزير األول ،ورئيس مجلس النواب ،يصبح رئيس المجلس الدستوري يستشار من
طرف الملك عندما يقرر إعالن الحالة االستثنائية وذلك إلى جانب رئيس مجلس النواب،
ولتقوية سلطة المجلس الدستوري نص دستور 04سبتمبر 1992على أنه« :ال تقبل أي
طريقة من طرق الطعن وتلزم كل السلطات العامة وجميع الجهات اإلدارية والقضائية» هذا
األمر الذي يعطي قوة لدور المجلس الدستوري على خالف ما كان سائدا على مستوى
الغرفة الدستورية كما رأينا سابقا(.)2
رغم األشياء اإليجابية التي جاء بها دستور 04سبتمبر 1992بالنسبة لمؤسسة
المجلس الدستوري إال أنه سجل عليه عدة ثغرات منها :قصر مدة العضوية في المجلس ب:
06سنوات وقابليتها للتجديد مرة واحدة الشيء الذي ال يقدم الضمانة الكافية لألعضاء،
بحيث أبقى على الوضع القائم مع أعضاء الغرفة الدستورية وهو الخوف من االجتهاد خارج
اإلطار السياسي المحدد من الهيئات األخرى لتجنب عدم التجديد ،وقد تم تدارك ذلك فعال
من خالل دستور 1996حيث ارتفعت مدة العضوية إلى تسع ( )09سنوات غير قابلة
للتجديد ،كما أعيد التوازن بين حق الملك في التعيين وحق البرلمان في ذلك بحيث أصبح
الملك يعين 06أعضاء ويعين رئيسا غرفتي البرلمان كل واحد منهما 03أعضاء ليصبح
32
عدد أعضاء المجلس الدستوري في دستور 1996اثني عشرة عضوا 06منهم يعينهم الملك
و 06منهم يعينهم البرلمان بالتساوي(.)1
إن هذا التطور واالنتقال من إسناد مهمة القضاء الدستوري في المغرب من مجرد
غرفة دستورية بالمجلس األعلى ضعيفة وغير مستقلة ال إداريا وال تنظيما ،وال ماليا ،ضعيفة
االختصاص ،وتابعة للسلطات التي تعينها إلى مجلس دستوري في دستور ،1992ثم إلى
مجلس دستوري في دستور 1996/09/04بتركيبة ثرية ومتوازنة واستقاللية في المجاالت
اإلدارية والتنظيمية والمالية ،واختصاصات أكثر توسعا ال شك سيخدم دولة القانون في
المغرب من خالل تفعيل دور القاضي الدستوري في المجاالت المنوطة به السيما في حماية
حقوق األفراد وحرياتهم ،وارساء دولة القانون والمؤسسات ،وكذلك المساهمة في صنع
االجتهاد القضائي في مجال القضاء الدستوري ولعب دورها االستشاري بالنسبة لمؤسسة
الملك ،لكن هذا يتوقف على كفاءة األعضاء وتخصصهم ونزاهتهم.
يتم اختيار أعضاء المحكمة الدستورية من بين الشخصيات صاحبة التكوين العالي في
القانون والقضاء والفقه واإلدارة والذين مارسوا مهامهم لفترة تفوق 15سنة والمعرفون بالتجرد
33
والنزاهة وأحال الدستور من خالل مادته 13على قانون عضوي خاص بالمحكمة الدستورية
يبين تنظيم المحكمة وسيرها واإلجراءات المتبعة أمامها ووضعية أعضائها وحالة التنافي بين
عضوية المحكمة ومهام أخرى.1
نجد المحكمة الدستورية المغربية تم النص عليها في الباب الثامن والمواد من 129إلى
134من دستور 22011في حين دستور تونس 2014نص عليها في القسم الثاني
وخصص لها المواد من 118إلى ،3124أما المحكمة الدستورية النمساوية فقد نشأت في
دستور 1920وخصص لها المادة 174فتعتبر أول محكمة دستورية نشأت في أوروبا،4
كما تم النص على المحكمة الدستورية األلمانية في دستور 23مايو 1949وصدر قانون
المحكمة الدستورية األلمانية في 12مارس عام .51951
ومن حيث تكوين المحكمة الدستورية فبينت المادة 130من دستور المغرب عدد
أعضائها إثني عشرة عضوا ،ونفس العدد تتكون منه المحكمة الدستورية التونسية حسب
المادة 118من الدستور .أما عدد قضاة المحكمة الدستورية األلمانية 16قاضيا وتتكون
المحكمة الدستورية في النمسا من 14قاضيا.
ويعود هذا التفاوت في العدد حسب اعتقادي كون كل من ألمانيا والنمسا تقوم على نمط
فدرالي عكس تونس والمغرب التي تقوم على نمط الدولة البسيطة وبالتفحص في طريقة
انتخاب أو تعيين قضاة المحكمة الدستورية نجد المادة 130من دستور المغرب تعطي
لرئيس الدولة حق تعيين 06أعضاء أي نصف العدد وستة اآلخرين نصفهم ينتخب من
34
طرف مجلس النواب والنصف اآلخر ينتخب من طرف مجلس المستشارين من بين
كل مجلس. المرشحين الذين يقدمهم كتل كل مجلس باعتماد طريقة التصويت بأغلبية
في حين نجد حق تعيين وانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية التونسية حسب المادة
02/118فإن كل من رئيس الجمهورية ومجلس نواب الشعب والمجلس األعلى للقضاء كل
واحد منهم يعين أربعة أعضاء وهذا على خالف المحكمة الدستورية المغربية أين ال تلعب
السلطة القضائية أو المجلس األعلى للقضاء أي دور في تعيين قضاة المحكمة الدستوري
كما يعتمد الدستور التونسي على التعيين وليس على االنتخاب وربما مرد ذلك هو البحث
عن الكفاءة ،أما المحكمة الدستورية األلمانية فيعين كل مجلس من مجلس برلمانها ثمانية
قضاة والمحكمة بذاتها تتكون من دائرتي اختصاص مختلفة تتكون كل دائرة من ( 08ثمانية)
قضاة يعين كل مجلس 04منها ،1أما في النمسا فإن تعيين قضاة المحكمة يكون مناصفة
بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وبالتالي فكل من ألمانيا والنمسا ال تعطي أي دور للسلطة
القضائية أو المجالس العليا للقضاء للتدخل في تعيين أو انتخاب قضاة المحاكم الدستورية،
وفي البحث عن شروط ومدة العهدة التي تحكم العضوية في المحكمة الدستورية المغربية
نجد إنفراد المغرب بإعطاء حق لألمين العام للمجلس العلمي األعلى بأن يقترح عضوا على
الملك حتى يعينه ضمن 06أعضاء الذين يعينهم الملك وهناك من يعيب على هذا األمر
كون إشراك مؤسسة ذات طابع ديني ممثلة في المجلس العلمي األعلى في اقتراح عضو من
بين األعضاء الذين يعينهم الملك إضافة مجانية ال تجد لها مبر ار خاصة إذا طرح نقاش
حول مدى حياد هذا العضو والحياد عنصر مهم في قضاة المحكمة الدستورية خاصة إذا
كان الملك له الصفة الدينية وهو أمير المؤمنين فما الحاجة إلى ممثل جهة دينية.2
أما مدة العضوية فحددها الدستور المغربي من خالل الفصل 130بتسع 09سنوات
غير قابلة للتجديد 3واتفق في ذلك مع الدستور التونسي الذي حدد فترة عضوية قضاة
المحكمة الدستورية بـ 09سنوات 4لكن اختلف معه بحيث ينص الدستور التونسي على
35
تجديد ثلث أعضاء المحكمة الدستورية كل ثالثة سنوات ،أما قضاة المحكمة الدستورية
النمساوية فيستمرون في عملهم حتى بلوغ سن 70عاما.
أما قضاة المحكمة الدستورية األلمانية في بداية نشأتها لم يكن يحدد لهم سنة تقاعد
محدد لكن بعد تعديل الدستور 1970نص على أن يكون سن التقاعد 68عاما وأن مدة
تعيين قضاة المحكمة الدستورية األلمانية 12عاما غير قابلة للتجديد وتنتهي الوالية حتما
ببلوغ سن التقاعد ولو لم يقضي العضو إثنتي عشر سنة ،1ويبدو أن طول المدة وعدم
قابليتها للتجديد تحقق ضمانة واستقاللية أكثر للقاضي الدستوري على عكس قصر المدة مع
قابليتها للتجديد والتي تكرس التبعية ،ويشترط في عضو المحكمة الدستورية المغربية الطابع
القانوني والقضائي حيث يختارون من بين الشخصيات صاحبة التكوين العالي في مجال
القانون والكفاءة القضائية أو الفقهية أو اإلدارية وأصحاب خبرة مهنية تفوق 25سنة قضوها
في مهنهم والمعترف لهم بالتجربة والنزاهة ومواصفات الحياد والنزاهة وهذا تماشيا مع مهمة
قاضي دستور.2
ويوجد اتفاق حسب ما جاء في الدستور التونسي بحيث تشترط المادة 118منه بأن
يكون إثني عشر قاضيا بالمحكمة الدستورية من ذوي الكفاءة ،كما تشترط في فقرتها الثانية
من أعضاء المحكمة الدستورية من المختصين في القانون ،كما تحدد في فقرتها بأن يكون
األخيرة بأن ينتخب رئيس المحكمة ونائبه من المختصين في القانون .3
أما المحكمة الدستورية األلمانية رغم اعتماد االختيار على بعض المعايير السياسية
فإن االختيار كان دائما يتجه إلى كبار رجال القانون العام وأصحاب الخبرة القضائية الكبيرة
وممن بلغوا 40عاما ،وتطلب في أعضاء المحكمة الدستورية األلمانية أن يكونوا من ذوي
36
الخبرة القانونية الطويلة إال أنه لم يشترط حد أدنى للتعيين كما تم تحددها بـ 40سنة لقضاة
المحكمة الدستورية األلمانية.1
ونجد الدستور المغربي من خالل مادته 131يحيل على قانون عضوي يحدد قواعد
تنظيم المحكمة الدستورية المغربية وسيرها واإلجراءات المتبعة أمامها ووظيفة أعضائها ،كما
يحدد هذا القانون العضوي أيضا مجموعة من المهام ال يجوز الجمع بينها وبين عضوية
المحكمة الدستورية ،كما يحدد طريقة إجراء التجديدين األولين لثلث أعضائها ،وكيفيات
تعيين من يحل محل أعضائها الذين استحال عليهم القيام بمهامهم أو استقالوا أو توفوا أثناء
مدة عضويتهم .2في حين نجد المادة 119من دستور تونس نصت صراحة على منع الجمع
بين عضوية المحكمة الدستورية ومباشرة أي وظائف أو مهام أخرى ولم تحيل على القانون
وفي هذا قوة وصرامة أكثر .ثم يعود الدستور التونسي من خالل الفصل 124منه ليحيل
على القانون المسائل المتعلقة بتنظيم المحكمة الدستورية واإلجراءات المتبعة أمامها
والضمانات التي يتمتع بها أعضاؤها 3دون ذكر الوظائف التي تمنع الجمع بينها وبين
عضوية المحكمة الدستورية ألن المعالجة كانت نهائية ولم تفتح الباب لممارسة بعض
الوظائف كالتدريس بالجامعة.
وعلى خالف تونس والمغرب نجد المحكمة الدستورية األلمانية هي التي تضع نظامها
الداخلي وفي هذا عامل مهم لالستقاللية وقد بقيت المحكمة الدستورية األلمانية بدون نظام
داخلي لمدة 20ع شرون عاما بعد إنشائها ولكن بحكم الدستور وبحكم قانونها تستطيع أن
تضع قواعد عملها وبالفعل ثم وضع الئحة نظامها الداخلي وتم تعديلها وصدرت الئحة جديد
بدأ سريانها في أول أكتوبر 1975وتكونت هذه الالئحة من فصلين فصل يتعلق بالتنظيم
الداخلي للمحكمة وفصل يتعلق باإلجراءات المتبعة أمامها وتم إقرار واصدار هذه الالئحة
37
من طرف الجمعية العمومية للمحكمة وجاءت هذه الالئحة جامعة ومستفيدة من حوالي ربع
قرن من الممارسة الفعلية للمحكمة الدستورية األلمانية في الميدان.1
كما أن هذه المحكمة الدستورية يمكن للمواطن المغربي الطعن أمامها بعدم دستورية
قانون أثناء نزاع منشور أمامها متى توفرت فيه الصفة والمصلحة وتعلق األمر بالمساس
بالحقوق والحريات التي يتمتع بها الفرد .وجعلت المادة 134ق اررات المحكمة الدستورية
نهائية وملزمة لكافة السلطات .3وهذا ماجاء به تعديل المادة 61من دستور فرنسا 1958و
ما سمي بالمسألة األولية الدستورية.
إن إقرار سمو الدستور وعلوه يفترض إيجاد هيئة تضمن هذا السمو ،وقد بدى واضحا
في الستينات أن هذا السمو فقد معناه في تونس ،وذلك بإحداث محاكم استثنائية ،واصدار
مجموعة من القوانين غير الدستورية ضاربة بعرض الحائط الحقوق األساسية والحريات
العامة للمواطن ،إضافة إلى عدم انسجام رؤية القضاء لمسألة هذه الرقابة ،وعدم قدرتها على
ضمان احترام سمو الدستور دفع بنخبة للمطالبة بإحداث هيئة تسند إليها مهمة الرقابة على
دستورية القوانين والحفاظ على سمو الدستور الضامن لحقوق وحريات المواطن ،واالتجاه
الغالب كان يميل لتبني رقابة سياسية على النمط الفرنسي (مجلس دستوري) ،واستبعاد الرقابة
38
القضائية 1وقد مر النظام التونسي بمرحلتين مرحلة ما قبل دسترة المجلس الدستوري ومرحلة
ما بعد دسترة المجلس الدستوري وهذا ما نعالجه في فرعين.
تم االستجابة لهذا المطلب من خالل مشروع تعديل دستوري تقدمت به الحكومة في
فيفري 1971حيث جاء في الفصل 68من مشروع تعديل الدستور الذي عرضه رئيس
الجمهورية على مجلس األمة (البرلمان) في 01فيفري 1971ما يلي:
-إثبات حالة شعور منصب رئاسة الجمهورية ،وذلك بطلب من رئيس مجلس األمة
والوزير األول.
وقد صرح الوزير األول التونسي آنذاك بمايلي« :اقتضى النظر إحداث المجلس
الدستوري وهو مؤسسة دستورية جديدة ،وضعت لضمان احترام الدستور بصفة فعالة،
ومهمته الرئيسية الحرص على تأمين الموافقة والتطابق بين الدستور وبين القوانين على
اختالف أنواعها».3
وكان يندرج إنشاء المجلس الدستوري آنذاك في إطار تطوير المؤسسات الدستورية
واعادة التوازن للعالقات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية ،وقد ألقى رئيس الدولة في تلك
- 1زهير المظفر ،المجلس الدستوري ،تونس ،المطبعة الرسمية ،1993 ،ص .30
- 2جويدة قيقة ،قراءة في فقه القضاء الدستوري ،تونس ،مجمع األطرش للكتاب المختص ،2011 ،ص .8
- 3مداوالت مجلس األمة التونسي ،جلسة 09فبراير ،1971ص ،533ج ر عدد .1971/24
39
المرحلة خطابا بتاريخ 08جوان 1970أعلن فيه عن تكليف لجنة للقيام بتعديل الدستور
بحيث تصبح الحكومة مسؤولة في وقت واحد أمام رئيس الدولة ومجلس األمة (البرلمان) ،إال
أن األحداث السياسية في ذلك الوقت أدت إلى العدول والتراجع على إنشاء المجلس
الدستوري وافراغه من أي محتوى وتبري ار لذلك جاء في خطاب الوزير األول مايلي « :وربما
يتساءل البعض عن األسباب التي أدت إلى العدول عن إحداث هذه الهيئة ،والجواب أننا
تبينا بعد التفكير العميق أنه قد يحدث تناقض بين الدستور وبين تكوين هيئة قانونية ،ذلك
أن الدستور ينص على أن رئيس الدولة هو الساهر عليه أي على تطبيقه وال اعتقد أن هناك
هيئة قادرة على السهر على احترام الدستور أكثر من مجلس األمة ،وال يمكن أن يسن
المجلس قوانين مخالفة لمفهوم الدستور ولمنطوقه ».1
وكان من الواضح أن هذا التعديل ال يتم ألن مجلس األمة صادق على عدة قوانين
مخالفة للدستور ،وذلك باعتراف من الحكومة ذاتها ،وقد صرح وزير الداخلية آنذاك أمام
لجنة السياسات لمجلس األمة التونسي ،بمناسبة إلغاء الفصل 109من القانون االنتخابي
بما يلي« :إن الفصل 109يتعارض مع بعض أحكام الدستور ولو كان هناك مجلس
دستوري قائم لوقع رفضه من الغرفة بسبب ذلك».2
40
ورغم ذلك نص نفس الدستور في مادته 151على إنشاء مجلس دستوري يسهر على
حماية الدستور.1
وبهذا فشلت أول محاولة لتعديل الدستور نتيجة لخيارات سياسية فرضت نفسها حينذاك
وفشلت معها أول مبادرة إلحداث مجلس دستوري في الجمهورية التونسية ،وجاء تعديل
الدستور في 08أفريل 1976مخيبا لآلمال إذ لم يتضمن أية إشارة للرقابة على دستورية
القوانين رغم أنه أحدث مجاال مخصصا للقانون في المواد 34و 35منه الشيء الذي كان
يقتضي إيجاد هيئة تفرض احترام هذا المجال (القانون).
وبقيت المطالبة بإحداث مجلس دستوري من أهم مطالب النخبة السياسية ورجاالت
القانون في الدولة وهو ما تم تكريسه فعال بعد تحول 07 ،نوفمبر سنة ،1987أو ما يسمى
بالعهد الجديد في تونس والتحوالت األساسية.
أصدر الرئيس السابق زين العابدين بن على بعد توليه السلطة في 07نوفمبر 1987
أم ار رئاسيا (مرسوما رئاسيا) عدد 1414لسنة 1987مؤرخ في 16ديسمبر 1987الذي
ينص باألخص على تكليف المجلس بالنظر في مشاريع القوانين التي يعرضها عليه رئيس
الجمهورية بغرض إبداء رأيه في مدى مطابقتها للدستور وهكذا اعتبر هذا المجلس أول هيئة
يتم إنشاؤها بتونس لتتولى مهمة الرقابة الدستورية على مشاريع القوانين.2
41
أما المادة الثانية فجاء فيها ما يلي « :يكلف المجلس الدستوري بالنظر في مشاريع
القوانين التي يعرضها عليه رئيس الجمهورية الضامن الحترام الدستور ،وذلك لغرض إبداء
رأيه في مطابقتها للدستور ».1
أما المادة 03فجاء فيها «:ويمكن لرئيس الجمهورية أن يعرض للدرس على المجلس
الدستوري كل المسائل التي تتعلق بسير المؤسسات ».2
وما يعاب على المجلس الدستوري حينذاك هو إنشاؤه بأمر ترتيبي الشيء الذي يجعل
إلغاؤه بكل سهولة احتراما لقاعدة توازي األشكال وكان من األجدر إنشاؤه بنص دستوري حتى
ال تبقى هذه الهيئة خاضعة وعرضة لألهواء السياسية حيث يقول في هذا الشأن األستاذ
الهادي بن مراد « :إن إحداث المجلس الدستوري للجمهورية بمقتضى مقرر إداري (األمر
الترتيبي) ال يوفر الضمانات الفعلية الستق ارره ،وال يمكن أال ينعكس ذلك على هياكله وان
توازي التكتالت يقتضي أن ما أحدث بأمر يمكن أن يحذف بنفس اإلجراء وذلك فإن المجلس
الدستوري للجمهورية ال يتمتع مطلقا بالضمانات التي يوفرها إحداثه بمقتضى الدستور وبذلك
يبقى خاضعا لتقلبات الحياة السياسية ».3
كما عبر عن ذلك األستاذ رافع بن عاشور عن رأيه بما يلي « :إن إحداث المجلس
الدستوري بأمر رئاسي يجعل من هذا الهيكل الجديد هيكال تابعا ال هيكال دستوريا منفصال
عن السلطة التنفيذية وعن السلطة التشريعية ففي حين تستمد السلطة التنفيذية والسلطة
التشريعية وجودهما من السلطة التأسيسية فإن المجلس الدستوري يستمد وجوده من سلطة
مؤسسة استم ارريتها بيدها واستقالليتها مهددة ».4
- 1المادة 02من األمر الترتيبي رقم 87/1414المؤرخ في 16ديسمبر ،1987والمتعلق بإحداث المجلس الدستوري
للجمهورية التونسية ،الرائد الرسمي ،عدد .88
- 2المادة 3من األمر الترتيبي رقم 87/1414المؤرخ في 16ديسمبر ،1987والمتعلق بإحداث المجلس الدستوري
للجمهورية التونسية ،الرائد الرسمي ،عدد .88
3 - H. BEN MRED, Commentaire sur le décret instituant le conseil Constitutionnel de la
République , Actualité juridique tunisienne n° 1 et 2, Faculté de droit et des sciences
Politiques de Tunis. 1989 p. 92.
المجلة القانونية التونسية ،1988 مسألة مراقبة دستورية القوانين وتطوراتها في آخر سنة ، 1987 - 4رافع بن عاشور،
جامعة تونس ،ص .13
42
لكن األستاذ زهير المظفر يرى« :أن النص على إحداث المجلس الدستوري التونسي
بواسطة مرسوم رئاسي له ما يبرره في تلك المرحلة التي كان يبحث فيها الرئيس عن وسيلة
لمراقبة القوانين الصادرة عن البرلمان والتي كانت تمس أمو ار جوهرية مثل حقوق المواطن
وحرياته وقانون األحزاب حيث بلغ عدد القوانين الصادرة في الجريدة الرسمية سنة 1989
( 145قانونا) وهي أعلى نسبة سجلت منذ إنشاء الدستور التونسي سنة 1954وأهم هذه
القوانين قانون األحزاب وقانون اإلعالم (مجلة الصحافة)».1
وقد جاء في كلمة للرئيس زين العادين بن علي في بيان صادر في 29جويلية 1989
ما يلي «:ولذلك بادرنا أول ما بادرنا إلى معالجة األوضاع السياسية في البالد باتخاذ جملة
من الق اررات الرامية إلى إعادة الحياة السياسية إلى مسارها الطبيعي...وأحدثنا المجلس
الدستوري ليساعدنا على تبيين مطابقة القوانين للدستور».2
كما أوكلت المادة 60من قانون االنتخابات إلى رئيس المجلس الدستوري مهمة رئاسة
لجنة الطعون المتعلقة بالمنازعات في االنتخابات التشريعية.3
43
أما الفصل الثالث :فجاء بما يلي«:يتركب المجلس الدستوري من تسعة أعضاء بما فيهم
الرئيس يختارهم رئيس الجمهورية خاصة من بين ذوي الخبرة القانونية المتميزة وذلك بقطع
النظر عن السن».
الفصل الرابع«:يعين رئيس الجمهورية رئيس وأعضاء المجلس الدستوري بمقتضى أمر».
الفصل الخامس« :يسهر رئيس المجلس الدستوري على سير أعمال المجلس وادارة شؤونه
ويمثله لدى الغير».
الفصل السادس« :ينظر المجلس الدستوري في مشاريع القوانين التي يعرضها عليه رئيس
الجمهورية قبل إحالتها على مجلس النواب وذلك لغرض إبداء رأيه في مطابقتها للدستور أو
الءمتها له».1
وبالعودة إلى تحليل هذه النصوص السيما الفصل األول من القانون عدد 39لسنة
1990المؤرخ في 18أفريل 1990والمتعلق بتنظيم المجلس الدستوري التونسي
وصالحياته نجدها تعتبر المجلس الدستوري هيئة استشارية ال تمارس أي دور رقابي وغير
متمتعة باالستقالل الم الي والشخصية القانونية الشيء الذي يرجح الطابع السياسي للهيئة،
ونركز على كلمة هيئة.
أما المادة الثانية من القانون نفسه فمن خالل نصها على تركيبة المجلس والتي تشير
إلى أنه يتم اختيار أعضائه التسعة من طرف رئيس الجمهورية من ذوي الكفاءة والخبرة
القانونية المتميزة بقطع النظر عن سنهم يوحي بالرغبة في تجنب أصحاب الخبرة السياسية
وهي إشارة إلى إبقاء المجلس الدستوري في إطار العمل التقني المحض وابعاده عن
االتجاهات السياسية والحزبية باألخص .فيظهر من حيث الواجهة هيئة قضائية وبهذا ال
يمكن تمييز طبيعة المجلس الدستوري التونسي من حيث الطبيعة القضائية أو الطبيعة
السياسية فمن حيث التشكيلة يظهر أنه هيئة قضائية أما من حيث الدور االستشاري الذي
يقدمه لرئيس الجمهورية والدور الذي يلعبه في المجال االنتخابي وكذا إبداء رأيه في مشاريع
- 1القانون عدد 39لسنة 1990مؤرخ في 18أفريل 1990المتعلق بالمجلس الدستوري التونسي ،الرائد الرسمي ،عدد
27مؤرخة في 20أفريل .1990
44
القوانين (الرقابة السابقة) يجعله هيئة ذات طابع سياسي خاصة أنه لم يتم النص عليه في
الدستور ولكن تم إنشاؤه بواسطة نص تنظيمي صادر عن السلطة التنفيذية.
لقد ارتقى المجلس الدستوري إلى مؤسسة دستورية تم النص عليها من خالل الباب
التاسع بعد التعديل الذي مس الدستور التونسي بتاريخ 06نوفمبر .11995
ولقد تبعه تعديل آخر في سنة 1997جعل من أراء المجلس الدستوري آراء ذات حجية
كاملة وذلك ما نص عليه القانون المتعلق بالتعديل الدستوري المؤرخ في 27أكتوبر .1997
ودعم هذا التحول في مسار المجلس الدستوري التونسي من خالل قانون التعديل
الدستوري المؤرخ في 01جوان 2002والذي وسع من دائرة الحقوق األساسية في الدستور
هذه األخيرة أدت إلى دعم استقاللية المجلس الدستوري وتقوية صالحياته.
- 1قانون دستوري عدد 90لسنة 1995مؤرخ في 06نوفمبر 1995يتعلق بالمجلس الدستوري ،الرائد الرسمي ،عدد
.99
2 - M. CHAREF EDDINE, Le Control de constitutionnalité des lois et des droits
fondamentaux in , VI journée Maghrébines de droit constitutionnel, 06/07 mars 2008, Faculté
de droit et des sciences Politiques de Tunis, Association tunisienne de droit constitutionnel , la
justice constitutionnelle aux Maghreb, p. 1-2.
45
ولدعم هذا التحول ودعم استقاللية المجلس الدستوري – نصت المادة 75منه على عدم
قابلية الجمع بين الوظائف بالنسبة لألعضاء الستة ( )06المعينون من طرف رئيس
الجمهورية دون األعضاء الثالثة المعينون بحكم وظائفهم ،حيث جعلت عضوية المجلس
الدستوري تتنافى مع المهام الحكومية والبرلمانية ،كما تتعارض مع مهمة رئاسة هيئة نقابية
أو حزبية أو ممارسة أية نشاطات من شأنها أن تمس بحياد أعضاء المجلس الدستوري أو
تمس بنزاهتهم كما جاء القانون العضوي المؤرخ في 12جويلية 2004مضيفا عدة نشاطات
ومهام تتنافى مع العضوية بالمجلس الدستوري.1
ثانيا -توسيع صالحيات المجلس الدستوري في الرقابة السابقة على مشاريع القوانين
قبل إصدار القانون من طرف رئيس الجمهورية عليه إخطار المجلس الدستوري بمراقبة
مدى دستوريته سواء كان مشروع قانون عضوي (أساسي) أو مشروع قانون عادي ،وكذا
مراقبة التعديالت المتعلقة بمشروع القانون من قبل السلطة التشريعية ،وبمناسبة ممارسة
المجلس الدستوري لمشاريع القوانين قبل إصدارها يصدر رأيا مسببا وملزما هذا الرأي يصدر
في الجريدة الرسمية للجمهورية التونسية.2
ال بد أن نشير إلى أن اإلخطار يكون إجباريا من طرف رئيس الجمهورية في
مجاالت حددتها المادة 72من دستور تونس على سبيل الحصر فباإلضافة إلى مشاريع
القوانين العضوية يكون اإلخطار وجوبيا في مشاريع القوانين العقوبات المقابلة لها،
اإلجراءات أمام مختلف الجهات القضائية العفو ،وكذا المبادئ العامة لنظام الملكية والحقوق
العينية والتعليم والصحة العمومية والحق في العمل والضمان االجتماعي.3
كما يكون اإلخطار إلزاميا في كل مشاريع القوانين المتعلقة بالحقوق األساسية لألفراد.
1 Ibid.
- 2المادة 72من الدستور التونسي المعدل في 06نوفمبر ( 1997نص مترجمة من الفرنسية).
- 3المادة 72من الدستور التونسي المعدل في 06نوفمبر ( 1997مادة مترجمة من الفرنسية).
46
ثالثا -طبيعة اآلراء الصادرة عن المجلس الدستوري التونسي
جاء في المادة 75من الدستور التونسي بعد التعديل الذي أدخل عليه سنة 1997بأن
آراء المجلس الدستوري يجب أن تكون مبررة وتلزم كل السلطات العمومية ،وهذا النص
الدستوري يقدم لنا عدة استنتاجات:
- 1إن تبرير أراء المجلس الدستوري التي تنشر في الجريدة الرسمية ابتداء من سنة
2004سواء كانت إيجابية بالحكم بدستورية مشروع القانون أو كانت سلبية بالحكم بعدم
دستورية مشروع القانون فإن هذا العمل يثبت القانون ويزيد في الثقافة الدستورية سواء بالنسبة
للنوا ب في البرلمان باعتبارهم أصحاب سن القانون أو بالنسبة للمواطن الذي يقوي ثقافته
القانونية من خالل اطالعه على محتوى الرأي.1
- 2إن إلزامية الرأي المقدم من طرف المجلس الدستوري حول مشاريع القوانين بالنسبة
للسلطات (التشريعية ،التنفيذية والقضائية) ال يتنافى مع المهمة االستشارية للمجلس
الدستوري.2
- 3إن المادة 75من الدستور التونسي تجعل المجلس الدستوري التونسي يراقب مرة
ثانية مشروع القانون بعد تقديم وادخال تعديالت وتؤكد ذلك المادة 52التي تسمح لرئيس
الجمهورية بتأجيل إصدار القانون إال بعد مراقبة مدى مطابقة التعديالت مع رأي المجلس
الدستوري الذي أصدره بمناسبة ممارسته للمراقبة األولية على مشروع القانون.3
أما بالنسبة للسلطة التنفيذية فإن المادة 23من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس
الدستوري التونسي تفرض على الحكومة رفع المواد المشوبة بعدم الدستورية قبل عرض
القانون على البرلمان(.)4
47
الفرع الثالث :المحكمة الدستورية
جاء النص على محكمة دستورية من خالل القسم الثاني من دستور تونس 2014حيث
نصت المادة 118منه على محكمة دستورية واعتبرتها هيئة قضائية صرفة تتكون من
12عضوا من ذوي الكفاءة وأشترطت ان يكون ¾ من المختصين في القانون وذوي خبرة ال
تقل عن 20سنة .وأعطت حق التعيين لكل من رئيس الجمهورية ومجلس النواب و
المجلس األعلى للقضاء 04أعضاء لكل منهم .وحددت مدة العضوية بـ 09سنوات مع
تجديد الثلث كل 03سنوات وينتخب األعضاء رئيس المحكمة الدستورية ونائبه على أن
يكونا من ¾ المختصين في القانون .كما منعت المادة 119من نفس الدستور الجمع بين
عضوية المحكمة الدستورية ومباشرة أية مهام أو وظائف أخرى في حين حددت المادة
120اختصاصات المحكمة الدستورية وجعلت المادة 121أحكامها نهائية حائزة على حجية
الشيء المقضي فيه ،أما المادة 123فأعطت للمواطن التونسي حق الدفع بعدم دستورية
قانون وفق إجراءات ومواعيد وحاالت يحددها قانون عادي أحالت عليه المادة .124
قبل أن يعرف النظام الدستوري الموريتاني نظام المجلس الدستوري الحالي عرف
ثالثة مراحل في تنظيم القضاء الدستوري ونبينها من خالل الفروع اآلتية:
وكانت تتشكل اللجنة الدستورية من خمسة أعضاء يرأسها قاض باإلضافة إلى أحد قضاة
القضاء اإلداري عضوا وأستاذ قانون يتم تعينهما بمرسوم يتخذ على مستوى مجلس الوزراء
أما العضوان الباقيان فأحدهما يعينه الوزير األول يتم تعيينه بقرار من رئيس الجمعية الوطنية
وهذا حسب المادة 41من دستور موريتانيا المؤرخ في 22مارس 1959والمادة األولى من
48
قانون 1959/58المنظم للجنة الدستورية.1
وأسندت لهات ه اللجنة مهمة مراقبة مدى دستورية القوانين بعد تلقيها طلبا من الوزير األول
كما لها أن تفصل مجال القانون عن التنظيم وتبطل مداوالت البرلمان التي تكون خارج إطار
الدورات ولها دور في المنازعة االنتخابية المتعلقة بانتخاب النواب.2
لكن ما يالحظ من الناحية العملية أن هاته اللجنة كان عمرها قصير ولم تمنح الوقت
الكافي لممارسة أي نشاط وذلك بسبب قصر عمر دستور 22مارس 1959وطابعه
االنتقالي والذي انعكس على جميع المؤسسات التي أحدثها حيث ألغى واستبدل هذا الدستور
بدستور 20ماي .1961
وقد نص هذا الدستور على تحويل اختصاص اللجنة الدستورية التي أنشئت في ظل
دستور 22مارس 1959إلى المحكمة العليا والتي تمارسها من خالل غرفة دستورية تعتبر
إحدى غرف المحكمة العليا ويتم تشكيلها داخلها.
ورغم أن المحكمة العليا الموريتانية التي أقرها ونص عليها دستور 20ماي 1961تمثل
هرم النظام القضائي إال أن اختصاصاتها الدستورية التي تمارسها من خالل غرفتها
الدستورية كانت أقرب إلى المجلس الدستوري الفرنسي منها إلى المحاكم الدستورية
األوروبية.4
- 1المرجع نفسه.
- 2المواد 42 ،33 ،31 ،27 ،22من دستور موريتانيا 22مارس .1959
3 M.,OULD DABI, Quelques réflections sur l'évolution et la nature du régime politique
Mauritanien de 1960 – 1978 , R. M. D. E, n° 1- 87, p. 31 et s.
- 4محمد فال ولد المجتبي ،مرجع سابق ،ص .09 ،08
49
وما يالحظ أن دستور موريتانيا بعد االستقالل أحدث غرفة دستورية بالمحكمة العليا
شبيها بتلك الغرفة التي أحدثتها دساتير المملكة المغربية 1972 ،1970 ،1960بالمجلس
األعلى المغربي ،ولكن الممارسة العملية لهذه الغرفة كانت ضعيفة ومحدودة وفي هذا الشأن
يرى األستاذات بدر خان ومحمد ولد خباز أنه« :إذا كانت هذه الغرفة الدستورية قد أصدرت
بعض األحكام في بعض المسائل ذات الطابع الدستوري كبيان مجال كل من السلطتين
التشريعية والتنظيمية وصحة االنتخابات الرئاسية والتشريعية إال أن هذه المحكمة ...لم
تصدر حكما واحدا يتعلق بدستورية القوانين في ظل الجمهورية األولى».1
وخالل فترة الحكم المدني التي امتدت من االستقالل إلى سنة 1978صدر عن الغرفة
الدستورية بالمحكمة العليا 20ق اررا ،منها 11عشرة قرار في مجال المنازعات االنتخابية
و 06ق اررات متعلقة بمراقبة مدى مطابقة النظام الداخلي للجمعية الوطنية مع الدستور،
وق اررين اثنين تعلقا بالفصل بين مجالي القانون والتنظيم ،وقرار واحد جاء متعلق ببعض
إجراءات مشروع قانون اإلجراءات المدنية والتجارية واإلدارية.2
*عدم فعالية طرية إخطار الغرفة الدستورية والذي يتنافى مع حرية التقاضي.
* سيطرة الحزب الواحد على النظام السياسي وطريقة الحكم في موريتانيا واستمرت
الغرفة الدستورية في عملها في مرحلتها إلى سنة 1978تاريخ االنقالب العسكري على حزب
الشعبي الموريتاني.
- 1بدر خان ومحمد ولد خباز ،عالقة السلطة القضائية بالسلطتين التنفيذية والتشريعية في ظل التنظيم الدستوري
الموريتاني ،نقال عن عبد الرزاق مصلح ،المجالس الدستورية في دول المغرب العربي ،رسالة لنيل شهادة الدراسات المعمقة
في القانون العام ،كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس ،1992 /1991 ،ص .10
- 2عبد الرزاق مصلح ،مرجع سابق ،ص .9
50
الفرع الثالث :القضاء الدستوري في مرحلة الحكم العسكري
نصت جميع المواثيق التي أصدرها العسكر على إلغاء ترتيبات دستور 1961خاصة ما
تعلق بالسلطتين التنفيذية والتشريعية ،وأن السلطة تمارسها القوات المسلحة ،1ومن خالل ذلك
أصبحت اللجنة العسكرية تمارس السلطة التشريعية بواسطة أوامر.
وفي مرحلة صدور القانون 83/144المتعلق بإعادة تنظيم القضاء أعطى هذا
األخير للمحكمة العليا حق البت في مدى مطابقة النصوص التشريعية والتنظيمية للميثاق
الدستوري ،وجاءت المادة 23من القانون 83/144ليفضي حق لكل من أعضاء الحكومة
ورئيس الدولة بالطعن في دستورية النصوص القانونية والتشريعية.
لكن رغم ما جاء به هذا القانون إال أن الرقابة الدستورية كانت غائبة والمحكمة العليا
كانت مشلولة بسبب طبيعة الحكم العسكري الذي ال يعترف بأي نوع من أنواع الرقابة.
كما أن المحاكم العادية واإلدارية لم تقبل االختصاص بالنظر في مدى دستورية القانون،
بحيث رفضت طلبا فرعيا تقدم به شخص مدعي يطلب من خالله إلغاء األمر القانوني الذي
استند عليه رئيس الدولة في توقيع العقوبة المطعون فيها مبررة موقفها بأن األمر القانوني
محل الطعن يرقى إلى درجة العمل التشريعي وأن الوضع الحالي للمؤسسات ال يسمح بمراقبة
دستورية القوانين.2
الفرع الرابع :نشأة المجلس الدستوري وتطوره
قد برز المجلس الدستوري الموريتاني في إطار مرحلة جديدة من تطور القضاء
الدستوري والحياة الدستورية في موريتانيا وكان متمي از من حيث السلطات الواسعة التي منحه
51
إياه الدستور باإلضافة إلى طريقة تعيين أعضاءه والضمانات التي يتمتعون بها .وظهر
مستقال من الجانب المؤسساتي والجانب القانوني.1
كما أن الدستور الموريتاني لم يتطرق إلى تحديد طبيعة المجلس الدستوري الموريتاني
مثلما هو الحال ب النسبة للمجلس الدستوري الجزائري والفرنسي لكن من خالل البحث
والتمحيص في بعض أحكامه يظهر أنه هيئة ذات طبيعة قضائية.2
أوال – نشأته :
حسب نص المادة 86من دستور موريتانيا 12يوليو 1991فإن المجلس الدستوري
الموريتاني يتكون من ستة أعضاء فالعدد ( )06ال يوجد له مبرر واقعي حيث يخالف عدد
أعضاء المجلس الدستوري الفرنسي ( )09أعضاء والمجلس الدستوري الجزائري ()09
أعضاء ،والمجلس الدستوري المغربي ( )12عضوا ،والمجلس التونسي ( )09أعضاء إال أنه
يزيد عن المجلس الدستوري السنغالي الذي يبلغ عدد أعضائه ( )05خمسة أعضاء.3
ويتم اختيار أعضاء المجلس الدستوري الموريتاني من قبل السلطات السياسية على
خال ف بعض الدول التي تعتمد كلية على االنتخاب من قبل البرلمان مثل المحكمة الدستورية
األلمانية والبرتغالية والمجرية والسويسرية والبولونية مع مراعاة االختالف في األغلبية
المطلوبة في التصويت كما تختلف طريقة تعيين أعضاء المجلس الدستوري الموريتاني عن
تلك الدول التي تعتمد كلية على التعيين من قبل السلطات السياسية مثلما هو الحال في
فرنسا وبعض الدول التي تأخذ بتجربتها كما ال تتفق مع بعض الدول التي تأخذ بنظام المزج
بين التعيين من طرف البرلمان والتعيين من طرف السلطة التنفيذية مثل إيطاليا النمسا بلجيكا
ورومانيا.4
ثانيا -تطوره وطبيعته :
إن الدستور الموريتاني لم يتطرق إلى تحديد طبيعة المجلس لكن بالعودة إلى األحكام
التي تنظم المجلس الدستوري نستطيع أن نتبين أن السلطات التي يمارسها هي اختصاصات
52
ذات طابع قضائي وأهم ميزة هي ما نصت عليه المادة 02/87من دستور موريتانيا 1991
والتي اعتبرت أن ق اررات المجلس الدستوري الموريتاني تتمتع بحجية الشيء المقضي فيه(.)1
كما أن المجلس الموريتاني أكد الطابع القضائي لبعض أحكامه حيث ميز بينها وبين
المهام االستشارية التي يقوم بها( ،)2ومن هنا يتبين لنا أن المجلس الدستوري الموريتاني لم
يخرج عن القاعدة المكرسة من خالل المجلس الدستوري الفرنسي ونظرائه في الجزائر
والمغرب وتونس فهو هيئة سياسية من حيث تشكيلته وهو هيئة قضائية من حيث
اختصاصاته وبعض إجراءات عمله ومن حيث القيمة القانونية لألعمال التي تصدر عنه من
حيث أنها تملك حجية الشيء المقضي فيه وملزمة بالنسبة لكافة السلطات.
جاء المجلس الدستوري الموريتاني متأث ار إلى حد بعيد بالمجلس الدستوري الفرنسي
المنصوص عليه في دستور 04أكتوبر 1958وذلك من خالل طريقة تشكيلته التي تعتمد
على التعيين وكذلك الضمانات التي منحت للقضاة الدستوريين وكذا نظام تحريكه واجراءات
عمله ونوعية المهام واالختصاصات التي منحت له شأنه في ذلك شأن باقي المجالس
الدستورية في دول المغرب العربي سواء من ناحية التنظيم أو االختصاصات وهذا ما يتم
التطرق إليه في العناصر القادمة من البحث.
53
وكذلك ت طرح مسألة تعيين أعضاء المجلس الدستوري أو أية هيئة يعهد لها بممارسة
القضاء الدستوري العالقة بين رئيس الهيئة وأعضائها وكيف تكون متوازنة.
إن األمر الذي يجيبنا على هذا الطرح هو تحديد دور كل السلطات (تنفيذية ،تشريعية،
قضائية) في تعيين أو تشكيل المجالس الدستورية في كل من الجزائر ،تونس والمعرب
وموريتانيا.
نعالج من خالل هذا المبحث ثالثة مطالب:
-نبين في المطلب األول :السلطة التنفيذية في تشكيلة هيئات القضاء
الدستوري.
-وفي مطلب ثان :أطر تأثير السلطة التشريعية على هيئات القضاء الدستوري
من خالل التعيين واالنتخاب.
-وفي مطلب ثالث :دور السلطة القضائية على تشكيل هيئات القضاء
الدستوري.
المطلب األول:دور السلطة التنفيذية في تشكيلة هيئات القضاء الدستوري
نعالج من خالل الفرع األول مجال السلطة التنفيذية بين التعيين واالنتخاب .وفي فرع
ثان :نوضح دور السلطة التنفيذية في تشكيل هيئات القضاء الدستوري في المغرب .وفي فرع
ثالث :نبين دور وتأثير السلطة التنفيذية في تشكيل المجلس الدستوري التونسي .وفي فرع
رابع دور وتأثير السلطة التنفيذية على تشكيل المجلس الدستوري الموريتاني.
الفرع األول :دور السلطة التنفيذية من خالل التعيين و االنتخاب
54
عضوا واحدا فقط ،ويعتبر هذا العدد ضئيل مقارنة بالسلطة التشريعية التي تعين ()03
أعضاء .وكذا السلطة القضائية التي تعين ( )03أعضاء كذلك وهذا من بين 07أعضاء
المشكلون ألعضاء المجلس الدستوري ،أضف إلى ذلك كون رئيس المجلس الدستوري يتم
انتخابه من طرف زمالئه وال يتم تعيينه من طرف السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية).1
والدور الضعيف الذي لعبته السلطة التنفيذية في تلك المرحلة يرجع إلى النهج المتبع بعد
االستقالل واالعتماد على القيادة الجماعية للدولة واجتناب الحكم الفردي كما كان الشأن في
قيادة الثورة ضد االحتالل الفرنسي فكان للجنة التأسيسية التي أعدت مشروع دستور 10
سبتمبر 1963والتي كان كل أعضائها من حزب جبهة التحرير الوطني قد جعلت القيادة
الفعلية للحزب وليست للدولة ،وذلك انعكس على الدستور ،وعلى تشكيل باقي السلطات
ووظائفها.
وقد جمد العمل بدستور 10سبتمبر 1963بعد أيام فقط من صدوره حيث استعمل
رئيس الجمهورية المادة 59من الدستور والتي تنص على إعالن حالة الطوارئ وتجميد
العمل بالدستور ،وهذه المادة تنص على ما يلي «:في حالة الخطر الوشيك الوقوع يمكن
لرئس الجمهورية اتخاذ تدابير استثنائية لحماية استقالل األمة ،ومؤسسات الجمهورية ويجتمع
المجلس الوطني وجوبا».2
وقد بينت المادة 64من دستور 10سبتمبر 1963اختصاصات هذا المجلس الدستوري
بحيث جعلته يفصل في دستورية القوانين واألوامر التشريعية بطلب من رئيس المجلس
الوطني ،والمالحظ أن مهمة المجلس الدستوري كانت تنحصر بمراقبة القوانين الصادرة عن
المجلس الوطني واألوامر التشريعية الصادرة عن رئيس الجمهورية فقط.
كما أعطى حق اإلخطار لرئيس المجلس الوطني دون رئيس الجمهورية والنتيجة أن
دستور 10سبتمبر 1963قلص من دور السلطة التنفيذية في تشكيلة المجلس الدستوري
55
ولكن عدم صدور النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري وتجميد الدستور يجعلنا غير
قادرين على الحكم على مدى تأثر المجلس الدستوري في دستور 1963بالسلطة التنفيذية.1
جاء دستور 18نوفمبر 1976بعد فترة فراغ دستوري دامت مدة 13سنة كان يحكم
الجزائر فيها إما قانون الطوارئ واما أوامر مجلس الثورة التي سادت بعد تغيير النظام في
حركة 19جوان 1965والتي اعتبرها البعض من رجال القانون الدستوري في الجزائر
دستور صغير (بيان حركة 19جوان .2)1965
إن دستور 18نوفمبر 1976جاء خاليا من النص على المجلس الدستوري ولم يتطرق
للرقابة على دستورية القوانين ،لكنه نص على الرقابة بصفة عامة ،وبين أهدافها وهي ضمان
حسن سير أجهزة الدولة في نطاق احترام كل من الميثاق الوطني والدستور.
واعتبر الميثاق الوطني هو المرجع األساسي بالنسبة للدستور وحدد الهيئات المكلفة
بالرقابة حسب االختصاصات المختلفة ألجهزة الدولة من رقابة سياسية تمارس من طرف
األجهزة القيادية للحزب ،والدولة ،ورقابة شعبية تمارس عن طريق المجالس الشعبية المنتخبة
والمجالس العمالية حسب المادة 187من دستور .1976
أما الرقابة في جانبها المالي فتمارس بواسطة مجلس المحاسبة حسب المادة 190من
دستور .31976
واعتبرت المواد 114و 115من دستور 1976حق الرقابة وحماية الدستور لرئيس
الجمهورية باعتباره حامي الدستور ،وكذا حقه في االعتراض على القوانين.
والمالحظ أن هذه الرقابة رقابة بعدية تنسجم وشكل النظام السياسي السائد حينذاك والذي
56
كان يجعل الدولة تذوب في الحزب وأولوية الميثاق الوطني عن الدستور(.)1
حيث جاء في المادة 154منه النص على تشكيله المجلس الدستوري بحيث جعله يتكون
من 07أعضاء 03أعضاء يعينهم رئيس الجمهورية بما فيهم رئيس المجلس الدستوري و02
عضوان ينتخبهما المجلس الشعبي الوطني و 02عضوان ينتخبهما المجلس األعلى (جهة
طعن بالنقض في المواد المدنية واإلدارية).3
وجعل رئيس الجمهورية باعتباره رئيس السلطة التنفيذية يعين ثالثة أعضاء من بين
السبعة بمن فيهم رئيس المجلس الدستوري الذي يملك صوتا مرجحا وله عدة مهام داخل
المجلس الدستوري وله دور استشاري بالنسبة لرئيس الجمهورية دون أن يقيد رئيس الجمهورية
(السلطة التنفيذية) بأي قيد أو شرط عند تعيين األعضاء الثالثة ويتم تعيين رئيس المجلس
الدستوري لعهدة كاملة مدتها 06سنوات وال يخضع للتجديد النصفي مثل باقي األعضاء.
وما يالحظ على دستور 23فبراير 1989أنه جاء في فترة قصيرة بعد أحداث 05
أكتوبر ،1988وجاء كردة فعل لتهدئة األوضاع الشيء الذي جعل السلطة التنفيذية تحاول
المسك باألمور وهذا ما جعل الدستور يعطي لها عدة صالحيات وجاء الدستور مشوبا
بمجموعة من الثغرات التي أدت إلى فراغ دستوري والذي أدى بدوره إلى أزمة مؤسساتية
تبعتها أزمة أمنية.
- 1عبد اهلل بوقفة ،القانون الدستوري (تاريخ ودساتير الجمهورية الجزائرية) مراجعات تاريخية سياسية قانونية ،عين مليلة،
دار الهدى ،2008 ، ،ص .147
- 2المرجع نفسه.
- 3المادة 154من دستور الجزائر 23فبراير .1989
57
رابعا -دستور 28نوفمبر : 1996
أما في دستور 28نوفمبر 1996والذي جاء ألول مرة بتبني نظام االزدواجية في
البرلمان بإنشاء مجلس األمة كغرفة ثانية للبرلمان إلى جانب المجلس الشعبي الوطني حسب
المادة 98والتي جاء فيها ما يلي «:يمارس السلطة التشريعية برلمانا يتكون من غرفتين،
وهما المجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة ،وله السيادة في إعداد القانون والتصويت
عليه» وازدواجية القضاء بإنشاء المحاكم اإلدارية ومجلس الدولة باعتباره قضاء إداري إلى
جانب القضاء العادي وتبني ازدواجية القضاء والقانون على عكس ما كان سائدا من خالل
تبني وحدة القضاء وازدواج القانون من خالل إنشاء الغرفة اإلدارية بالمجلس القضائي (جهة
استئناف عادية) والغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى للقضاء (جهة نقض إدارية) وهذا حسب
المادة 152من دستور 28نوفمبر .11996
وقد تغيرت تشكيلة المجلس الدستوري الجزائري بارتفاع عدد أعضائها من 07أعضاء
في دستور 23فبراير 1989إلى تسعة أعضاء في دستور 1996حيث جاء في المادة
164منه مايلي«:يتكون المجلس الدستوري من تسعة أعضاء ،ثالثة أعضاء من بينهم
رئيس المجلس يعينهم رئيس الجمهورية ،واثنان ينتخبهما المجلس الشعبي الوطني واثنان
ينتخبهما مجلس األمة ،وعضو تنتخبه المحكمة العليا وعضوا واحدا ينتخبه مجلس الدولة».2
ما يالحظ بعد القراءة األولى أن السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية تقوم
بتعيين 1/3ثلث أعضاء المجلس دون تقيدها بأي شرط أو قيد في هذا االختيار الشيء الذي
يجعل السلطة التنفيذية توظف هذا االختيار غير المقيد كما تشاء باإلضافة إلى اعتبار
رئيس المجلس الدستوري من بين الثالثة أعضاء الذين تعينهم السلطة التنفيذية.
وبالعودة إلى الصالحيات التي يتمتع بها رئيس المجلس الدستوري الجزائري والمتمثلة في
كونه صاحب الصوت المرجح داخل المجلس في حالة تساوي األصوات وكذلك الدور
- 1المادة 152من دستور الجزائر لعام ....« : 1996يؤسس مجلس الدولة كهيئة مقومة ألعمال الجهات القضائية
واإلدارية.»...
- 2عبد القادر شربال ،ق اررات وآراء المجلس الدستوري في تأويل أحكام الدستور الجزائري ،الجزائر ،دار هومة للطباعة
والنشر والتوزيع ،2012 ،ص .27
58
االستشاري الذي يلعبه في حالة استشارته من طرف رئيس الجمهورية قبل إعالن حالة
الطوارئ حسب المادة 91من الدستور .11996
وهو الذي يتلقى رسالة اإلخطار المقدمة من طرف الهيئات صاحبة اإلخطار المبينة في
الدستور والتي يكون غير ملزم بعرضها على باقي األعضاء مع العلم ما لهذه الرسالة من
أهمية في التأثير على سير عمل المجلس الدستوري.
كما يتمتع رئيس المجلس الدستوري بحق تعيين المقرر هذا األخير الذي يتلقى رسالة
إخطار مرفقة بالنص المشوب بعدم الدستورية باإلضافة إلى االقتراحات المقدمة من طرف
الجهة صاحب ة اإلخطار ،هذا المقرر الذي يعطيه القانون حق االستعانة بأي خبير إلتمام
مهمته والتي يعرضها على المجلس للتداول حولها.
إنه بتحليل بسيط يتضح لنا أن المقرر يكون مواليا سياسيا لرئيس المجلس الدستوري
الذي عينه ورئيس المجلس الدستوري يكون مواليا لرئيس السلطة التنفيذية الذي عينه،
وبالنتيجة هذا يعني إلزامية توافق النظرة السياسية في الطرح إن لم نقل النظرة الحزبية.
وبهذا يكون عمل المجلس الدستوري في اتجاه واحد وهو تحقيق األهداف السياسية
للسلطة التنفيذية ويتحول المجلس الدستوري إلى وسيلة تأييد عوض أن يكون وسيلة لضبط
السلطات ويتغلب فيه الجانب السياسي عن الجانب القانوني.
وكذلك رئيس المجلس الدستوري هو الشخصية الثالثة المؤهلة لقيادة الدولة حيث في حالة
تزامن شغور منصب رئيس الجمهورية مع شغور منصب رئيس مجلس األمة فإن رئيس
المجلس الدستوري يتولى قيادة الدولة لمدة 45يوما تنظم فيه انتخابات رئاسية وهذا حسب ما
جاء في المادة 96من دستور 28نوفمبر .21996
لكن ما نالحظه في هذه النقطة أن منصب رئيس الدولة هو أعلى منصب في الدولة
- 1المادة 91من دستور ... « :1996واستشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس األمة ورئيس الحكومة
ورئيس المجلس الدستوري.»...
- 2المادة 96من الدستور المؤرخ في 28نوفمبر ... «:1996يتولى رئيس المجلس الدستوري وظائف رئيس الدولة
حسب الشروط المبينة سابقا.»...
59
ال يكفي لمن يعتليه ولو مؤقتا أن يكون مؤهال في مجال معين بل ال بد أن يكون صاحب
تكوين شامل في الجوانب السياسية والقانونية واالقتصادية ألن تسيير شؤون الدولة وتنظيم
انتخابات رئاسية ليس باألمر الهين حتى ولو كان هذا الرئيس المؤقت يتمتع بمجموعة من
المستشارين فلهذا أجد أن المشرع الدستوري الجزائري عندما أعطى حق تعيين رئيس المجلس
الدستوري لرئيس الجمهورية كان قد أصاب بعضا من الصواب .ألنه في حالة ما ترك هذا
األمر أي تعيين رئيس المجلس الدستوري لالنتخاب من طرف أعضاء المجلس الدستوري
فإن االحتمال مفتوحا ألن يكون رئيسا المجلس الدستوري قاضيا من السلطة القضائية
(مجلس الدولة أو المحكمة العليا) والقاضي بحكم تكوينه بعيد عن السياسة وبهذا دوره
االستشاري بالنسبة لرئيس الجمهورية يكون محدودا وقيادته للدولة في فترة انتقالية يكون
صعبا.
وكذلك الحال إذا أسفر االنتخاب على رئيس مجلس دستوري ممثال للبرلمان فيكون
شخصيته حزبية تتمتع باألغلبية داخل البرلمان ملتزمة بأدبيات وبرنامج حزب سياسي أكثر
من التزامها بسياسة الدولة في كل جوانبها الشيء الذي يجر المجلس الدستوري إلى حقل
السياسة ويبعده عن مهمته األساسية.
وبالعودة إلى تدخل السلطة التنفيذية في تشكيل السلطة التشريعية السيما الثلث
الرئاسي 1/3الذي يعينه رئيس الجمهورية بصفته رئيس السلطة التنفيذية حسبما جاء في
المادة 101من دستور 28نوفمبر 1996فإن هذا الثلث الرئاسي والذي يبلغ عدده 48
عضوا من مجموع 144عضوا يشكلون مجلس األمة (الغرفة الثانية في البرلمان الجزائر)،
وهذا الثلث يلعب دو ار كبي ار في انتخاب العضوين الممثلين لمجلس األمة على مستوى
المجلس الدستوري الشيء الذي يجعل منهم دعما إضافيا للسلطة التنفيذية داخل المجلس
الدستوري.1
أما السلطة القضائية الممثلة بقاض عن المحكمة العليا باعتبارها أعلى جهة نقض في
القضاء العادي وقاض عن مجلس الدولة باعتباره أعلى جهة نقض في القضاء اإلداري نعلم
60
أن الدستور الجزائري لـ 28نوفمبر 1996أعطى حق تعيين القضاة لرئيس السلطة التنفيذية
بناء على نص المادة 07/78من الدستور ،وكذا تعيين رئيس مجلس الدولة المادة 04/78
باعتبارها جهة نقض عليا في القضاء اإلداري ممثلة بعضو في المجلس الدستوري.1
واعتبار أن السلطة القضائية مستقلة حسب الدستور الجزائري 1996والذي ينص في
المادة 147منه «:ال يخضع القاضي إال للقانون »...إال أن االعتقاد الذي يسود دائما أن
صاحب التعيين له تأثي ر ولو غير مباشر على الشخص المعين خاصة إذا علمنا أن المادة
164من دستور 28نوفمبر 1996تجعل التعيين لمدة 06سنوات غير قابلة للتجديد وال
تجعله مدى الحياة الشيء الذي يجعل القاضي بعد إنهاء المهمة في المجلس الدستوري يعود
لممارسة مهامه على مستوى الجهات القضائية بتعين جديد من طرف السلطة التنفيذية ،على
عكس المحكمة الفيدرالية العليا بالواليات المتحدة األمريكية التي تجعل القاضي معينا لمدى
الحياة.
الفرع الثاني :مجال السلطة التنفيذية في تشكيل هيئات القضاء الدستوري في المغرب
نعالج في نقطة أولى دور السلطة التنفيذية وتأثيرها على الغرفة الدستورية ،وفي نقطة
ثانية :دورها وتأثيرها على المجلس الدستوري وفي نقطة ثالثة تأثيرها على المحكمة
الدستورية.
أوال -دور السلطة التنفيذية في تشكيلة الغرفة الدستورية في المجلس األعلى :
إن أول ما نالحظه هو زيادة عدد أعضاء الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى وكذا تزايد
األعضاء في المجلس الدستوري المغربي تزايدا مستم ار فهل لهذا التزايد من داللة ؟
61
في ألمانيا و 09تسعة أعضاء في الجزائر دستور 06 ، 1996أعضاء في موريتانيا دستور
1991في تونس لم يتم تحديد العدد.1
أما في اليابان تتكون المحكمة العليا من 15قاضيا و 22قاضيا في السويد و 18قاضيا في
النرويج و 35قاضيا في سويس ار إن لهذا التزايد المستمر داللة واضحة وهي اتساع مهام
الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى من دستور إلى دستور ومن مرحلة سياسية إلى مرحلة
سياسية أخرى في المغرب.2
إن رئيس المجلس األعلى هو في نفس الوقت رئيس الغرفة الدستورية وهذا الرئيس يعينه
الملك باإلضافة إلى عضوين في دستور .1962حسب الفقرة األولى من الفصل 101من
دستور 1962ونفس العدد بالنسبة لدستور 1970حسب الفقرة األولى من الفصل 94من
دستور .1970
لكن االنتقال ظهر في دستور 1972من خالل انتقال العدد إلى ثالثة أعضاء أما رئيس
مجلس النواب فكان يعين عضوا واحدا خالل دستور 1962ودستور 1970حسب الفقرة
الثانية من الفصل 101دستور 1962والفقرة الثانية من الفصل 94من دستور .1970
أما في دستور 1972من خالل الفصل 79فقرة 01صار رئيس مجلس النواب يعين ثالثة
أعضاء من الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى.3
ما نالحظه أن الملك في المغرب يمارس سلطة التعيين في الغرفة الدستورية بصفة فعلية
دون أن يتلقى اقتراح من أية جهة على عكس ملك إسبانيا الذي ال يعين في المحكمة
الدستورية إال بناء على اقتراح حسب المادة 05من الدستور اإلسباني .1978
لكن دستور 1962و 1970يلزم الملك بأن يختار ويعين أعضاء الغرفة الدستورية
بالمحكمة العليا من بين قضاة الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى وأساتذة كليات الحقوق بعضو
واحد من كل فئة وهذا حسب الفصل 93من دستور 1962والفصل 74من دستور
- 1نور الدين أشحشاح ،الرقابة على دستورية القوانين في المغرب ،دراسة مقارنة ،أطروحة لنيل شهادة دكتوراه في
القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية الحقوق أكدال ،2001-2000 ،ص .193-192
- 2المرجع نفسه.
- 3المرجع نفسه ،ص .197
62
.11970
ولم يكن اختيار الملك ألحد قضاة الغرفة اإلدارية مشروطا باقتراح مسبق من طرف
المجلس األعلى للقضاء كما هو الشأن بالنسبة لتعيين قضاة المحاكم العادية باإلضافة إلى
أن ظهائر التعيين (مراسيم التعيين) ال تخضع للتوقيع المزدوج مع الوزير األول.
أما منذ صدور دستور 1972فصارت حرية الملك المغربي مطلقة في تعيين أعضاء
الغرفة الدستورية لكن إذا قورنت هذه السلطة المطلقة بسلطة الملك بإسبانيا فإننا نجد هذا
األخير مقيد باقتراح المادة 159من دستور إسبانيا 1978كما نجد سلطة رئيس الواليات
المتحدة األمريكية في تعيين قضاة المحكمة الفيدرالية العليا مقيدة بموافقة ومصادقة مجلس
الشيوخ أما في ألمانيا فإن رئيس الدولة مغيب تماما على لعب هذا الدور أي التعيين في
المحكمة الفيدرالية العليا.2
إن تركيبة الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى بالمملكة المغربية يظهر الدور الكبير التي
تلعبه السلطة التنفيذية مجسدة في المؤسسة الملكية خاصة بعد إعطاء حرية كاملة للملك في
التعيينات ،الشيء الذي جعل هذه الغرفة أداة من جهة لمراقبة البرلمان (العمل التشريعي)
ومن جهة أخرى وسيلة لضبط العالقة بين األحزاب من خالل التعيينات التي تخضع لتحقيق
التوازنات السياسية و الجهوية في المغرب األمر الذي يحرص عليه الملك دائما في تعييناته
من أجل ضمان الوالء.3
جاء النص على المجلس الدستوري في المغرب ألول مرة من خالل دستور 04
سبتمبر 1992وخصص له مكانة هامة من الناحية الشكلية ،حيث جاء في الباب السادس
بعد المؤسسة الملكية ومؤسستي الحكومة والبرلمان ،وصار المجلس الدستوري المغربي
يتشكل من رئيس المجلس الدستوري الذي يعينه الملك بظهير شريف ويعين الملك أيضا
63
أربعة أعضاء وأربعة يعينهم رئيس مجلس النواب بعد استشارة الفرق النيابية.1
وبالنظر إلى السلطات التي يتمتع بها رئيس المجلس الدستوري داخل المجلس الدستوري
ذاته وكذلك باعتباره يستشار من طرف الملك بصفة فردية في بعض المسائل وعلى رأسها
إعالن حالة الطوارئ يجعل السلطة التنفيذية مجسدة في المؤسسة الملكية توجه وتسيطر على
المجلس الدستوري خاصة إذا أضفنا أن الملك يعين أربعة أعضاء في المجلس دون أن يتقيد
بأي قيد على عكس رئيس مجلس النواب الذي يعين أربعة أعضاء بعد استشارة الفرق
البرلمانية بمعنى أن هذا األخير يخضع للحسابات السياسية والحزبية داخل البرلمان ألنه إذا
لم يخضع آلراء الكتل البرلمانية في التعيينات سيخسر مواقفهم في المسائل الباقية على
عكس السلطة التنفيذية المجسدة في المؤسسة الملكية التي تكون صاحبة فضل على من
عينتهم في المجلس الدستوري وتنتظر منهم رد الجميل عن طريق الوالء.
أما في دستور 1996فتغيرت األمور بحيث صار الملك يعين 06أعضاء ويعين رئيسا
غرفتي البرلمان 06أعضاء ثالثة يعينهم رئيس مجلس النواب وثالثة يعينهم رئيس مجلس
المستشارين بعد عودة الغرفة العليا بالبرلمان المغربي والتي اختفت في دستور .1972
وقد جاء في الفصل 79من دستور 1996المغربي ما يلي «:يتألف المجلس الدستوري
من ستة أعضاء يعينهم الملك لمدة تسع سنوات ،وستة أعضاء يعين ثالثة منهم رئيس
مجلس النواب ،وثالثة رئيس مجلس المستشارين لنفس المدة بعد استشارة الفرق ويتم كل
ثالثة سنوات تجديد كل فئة من أعضاء المجلس الدستوري يختار الملك رئيس المجلس
الدستوري.
64
تعين خمسة أعضاء وأربعة للسلطة التشريعية حيث كان عدد أعضاء المجلس الدستور ي
في دستور 1992تسعة أعضاء كذلك هذا التوازن في دستور 1996لم يكن موجودا في
دستور 1972حيث كانت السلطة التنفيذية تعين أربعة أعضاء في الغرفة الدستورية مقابل
ثالثة أعضاء تعينهم السلطة التشريعية.
ويمتاز الملك (رئيس السلطة التنفيذية) بحرية مطلقة وال يتقيد بأي قيد أو شرط في تعيين
06أعضاء في المجلس الدستوري ومنهم رئيس المجلس الدستوري الذي له مكانة خاصة
ومؤثرة ،ومن بين امتيازات رئيس المجلس الدستوري أنه يعين ألول وهلة لمدة 09سنوات
أي مدة كاملة وهو الذي يعين المقررين في مختلف القضايا التي تحال على المجلس
الدستوري لدراستها ويستشار من قبل الملك قبل إعالن حالة االستثناء في البالد وقبل حل
البرلمان أو أح د مجلسيه وهذا الرئيس هو الذي يحيل على المجلس ملف طلب أحد أعضاء
المجلس الدستوري بإعفائه من المهمة بمبادرة منه.1
إما بإحالة من أحد رئيسي غرفتي البرلمان أو من وزير العدل ورئيس المجلس الدستوري
هو الذي يدعو المجلس لالجتماع ،ويطلعونه باقي األعضاء على كل تغيير يط أر على
أنشطتهم الخارجية إذا ما كان من شأنها مخالفة القانون التنظيمي للمجلس الدستوري ويقدم
األعضاء استقاالتهم إلى الرئيس ويتقاضى رئيس المجلس الدستوري تعويضا يساوي
آمر
التعويض الذي يتلقاه رئيس مجلس البرلمان ،ويمارس التسيير اإلداري والمالي بصفته ا
بالصرف وهذا االختصاص يجعله يتمتع بسلطة مالية ففي الجانب اإلداري يمارس سلطة
سلمية على كل موظفي المجلس الدستوري بمختلف المصالح ،هذه األخيرة التي تلعب دو ار
مهما في إنتاج عمل المجلس الدستوري من حيث التحضير واالستشارة.2
65
رئيس المجلس الدستوري هو اآلمر بالصرف في ميزانية المجلس كما يمكنه أن يعين آم ار
مساعدا بالصرف.
ويتولى محاسب ملحق بالمجلس الدستوري بقرار من وزير المالية القيام لدى رئيسه
بجميع الصالحيات المسندة إلى المحاسبين العموميين بمقتضى األنظمة المعمول بها.1
كما يرجع حق األخذ بالمبادرة في تعيين أعضاء المجلس الدستوري للملك وهكذا فإن
أعضاء المجلس الدستوري الذي تم النص عليه في دستور 1992لم يتم تعيينهم إلى غاية
مارس 1994أما أعضاء المجلس الدستوري الذي نص عليه دستور 1996لم يتم تعيينهم
إلى غاية 8يونيو 1999وبقي رئيسا مجلس النواب ينتظران مبادرة الملك بالتعيين حتى
يتمكنا من تعيين 06أعضاء الخاصين بالبرلمان.2
أهم ما يالحظ عن الدور الذي تلعبه السلطة التنفيذية بالمغرب مجسدة في المؤسسة
الملكية في تعيين أعضاء المجلس الدستوري هو أن العدد المخصص لها في تزايد وارتفاع
مستمر حسب ك ل الدساتير المغربية التي نصت على تشكيلة الغرفة الدستورية بالمجلس
األعلى أو تلك الدساتير التي نصت على تشكيلة المجلس الدستوري المغربي ،وهذا ما
يختلف مع النظام الدستوري الجزائري من حيث تدبدب العدد من األعضاء المخصص
للسلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية حيث من حقه تعيين عضوا واحد في دستور
1963إلى 03أعضاء في دستور 1989إلى ثالثة أعضاء في دستور 1996لكنها تتفق
في جعل تعيين رئيس المجلس الدستوري من صالحيات السلطة التنفيذية باستثناء دستور
الجزائر 1963الذي جعل رئاسة المجلس الدستوري باالنتخاب من طرف األعضاء .
أما من حيث عدم تقييد السلطة التنفيذية في المغرب ا(الملك) بأية قيود ابتداء من دستور
1972في تعيين أعضاء المجلس الدستوري المغربي يتفق مع عدم تقييد سلطة رئيس
الجمهورية في تعيين أعضاء المجلس الدستوري في الجزائر.
- 1المرجع نفسه.
- 2المرجع نفسه ،ص .70
66
ثالثا -دور السلطة التنفيذية في تشكيل المحكمة الدستورية المغربية :
حسب ما جاء في الفصل 130من دستور المملكة المغربية المؤرخ في 1يوليو 2011
فإن المحكمة الدستورية تتألف من اثني عشرة عضوا وهو نفس العدد الذي كان يتألف منه
المجلس الدستوري المغربي في ظل دستور .1996يتم تعيين ستة منهم أي النصف من قبل
الملك أي السلطة التنفيذية ومن بين هؤالء الستة عضوا واحدا يقترحه األمين العام للمجلس
العلمي األعلى وستة أعضاء الباقون ويمثلون نصف أعضاء المحكمة الدستورية 03منهم
ينتخبهم مجلس النواب والثالثة اآلخرون ينتخبهم مجلس المستشارين من بين المترشحين
الذين يقدهم مكتب كل مجلس وذلك بأغلبية أصوات 2/3من المجلس.
كما يعين الملك رئيس المحكمة الدستورية من بين األعضاء الذين تتألف منهم.
ما يالحظ أن دور السلطة التنفيذية مجسدة في شخص الملك يلعب دو ار جوهريا
ومؤث ار في تشكيل المحكمة الدستورية بالمغرب خاصة عند تعيين رئيس المحكمة الدستورية
من طرف الملك وما لهذا الرئيس من اختصاصات في الظروف العادية والظروف الغير
عادية.1
سبق وأن أشرت في هذه الدراسة إلى أن إنشاء المجلس الدستوري التونسي جاء
بمقتضى األمر الترتيبي عدد 1414لسنة 1987المؤرخ في 16ديسمبر 1987حسب ما
جاء في الفصل أألول من هذا األمر «:أحدثت هيئة استشارية تسمى المجلس الدستوري
للجمهورية».2وبعد المراجعة الدستورية بتاريخ 06نوفمبر 1995ارتقت هذه الهيئة إلى هيئة
67
منصوص عليها دستوريا وخصص لها الباب التاسع كله وبعد هذا التعديل األخير صار
المجلس الدستور التونسي يتشكل من 09أعضاء.1
ولهذا سنتطرق في فقرة أولى إلى المجلس الدستوري قبل تعديل ،1995وفي فقرة ثانية
للمجلس الدستوري بعد تعديل ،1995وفي فقرة ثالثة إلى مرحلة ما بعد تعديل 01جوان
.2002
كان المجلس الدستوري يتشكل من أحد عشرة عضوا كما جاء في نص الفصل 04من
أمر 16ديسمبر 1987الذي أحدث المجلس الدستوري.
وبعد صدور قانون 18أفريل 1990والمتعلق بالمجلس الدستوري تقلص عدد أعضاء
هذه الهيئة إلى 09أعضاء وهذا العدد يتساوى مع أعضاء المجلس الدستوري الفرنسي في
دستور 1958/10/ 04المادة .56كما يساوي عدد أعضاء المجلس الدستوري الجزائري في
دستور 1996/11/28المادة 164ويتم تعيين رئيس المجلس الدستوري من طرف رئيس
الجمهورية بمقتضى أمر رئاسي.2
« يعين رئيس الجمهورية رئيس وأعضاء المجلس الدستوري بمقتضى أمر ».
يظهر من خ الل معالجة هذا الفصل أن كل أعضاء المجلس الدستوري يتم تعيينهم من
طرف السلطة التنفيذية مجسدة في مؤسسة رئيس الجمهورية وهنا يختلف تماما على دور
السلطة التنفيذية في تعيين أعضاء المجلس الدستوري فنجد في فرنسا السلطة التنفيذية تعين
03أعضاء (دستور )1958أما في الجزائر فالسلطة التنفيذية تعين 1/3ثلث األعضاء
68
(دستور )1996أما دستور المملكة المغربية فالسلطة التنفيذية تعين 1/3نصف العدد الكلي
للمجلس الدستوري أي 09أعضاء.1
أما رئيس المجلس الدستوري التونسي فيتم تعيينه من طرف السلطة التنفيذية (رئيس
الجمهورية) ويتفق هنا النظام الدستوري التونسي مع الدستور الفرنسي المادة 56والدستور
الجزائري المادة 164والدستور المغربي المادة ،51وحتى الدول التي أخذت بنظام الرقابة
القضائية على دستورية القوانين فإنها منحت حق تعيين رئيس الهيئة المكلفة بالقضاء
الدستوري إلى السلطة التنفيذية (رئيس جمهورية أو الملك) على غرار الواليات المتحدة
األمريكية ،النمسا ،تشيكوسلوفاكيا سابقا.
وحسب اعتقاد األستاذ زهير المظفر « :فإن االنتخاب كما له إيجابياته له سلبياته
والمتمثلة في القضاء على اللحم ة الموجودة داخل المجلس في حال طغيان المصلحة
الشخصية والحزبية حين الترشح لرئاسة المجلس الدستوري وانقسام أعضائه حسب ميول
الناخبين ويرى أن التعيين يفصل في المسألة وال يتركه للنزاع ».2
كما يرى األستاذ ) (D. ROUSSEAUأنه « :مهما يكن من أمر فإن الدراسات
المقارنة بينت أن الرؤساء معينين كانوا أو منتخبين ال تتأثر استقالليتهم في ممارستهم
لوظائفهم بطريقة تعيينهم».3
وبالعودة ودراسة الصالحيات التي يتمتع بها رئيس المجلس الدستوري التونسي نجدها
عديدة حسب ما بينته فصول القانون 18أفريل 1990ومنها صالحيات أخرى مستمدة من
الدستور والمجلة االنتخابية أي (قانون االنتخابات).
جاء في الفصل األول من النظام الداخلي للمجلس الدستوري الصادر باألمر 2241
لسنة 1990والمؤرخ في 21ديسمبر 1990ما يلي« :ينعقد المجلس الدستوري بمبادرة من
رئيسه أو بطلب كتابي من خمسة أعضائه يوجه إلى رئيس المجلس».
69
كما يضبط المجلس الدستوري جدول أعمال المجلس حسب الفصل الثاني من النظام
الداخلي والذي جاء فيه«:توجه الدعوى النعقاد المجلس الدستوري من قبل رئيسه أو عند
التعذر من قبل أكبر األعضاء سنا وذلك قبل أسبوع على األقل من انعقاد المجلس،
ويختصر الرئيس هذا األجل عند االستعجال».
ويعين رئيس المجلس الدستوري المقرر في صورة استعجال النظر ويرأس الجلسات
ويحفظ نظامها ويرفعها ويسهر على التصويت عند االقتضاء ويعلن على نتيجته حسبما جاء
في الفصل 03من النظام الداخلي للمجلس الدستوري التونسي.
كما يتولى الرئيس صياغة التقرير السنوي بمساعدة ثالثة أعضاء يضمنه عرضا على
نشاط المجلس واستنتاجاته ومقترحاته فيما يتعلق بتطوير التشريع.
كما أن رئيس المجلس الدستوري هو اآلمر بالصرف لميزانية المجلس الدستوري حسب
الفصل 17من قانون 18أفريل 1990ويمثل المجلس الدستوري لدى الغير ويتولى عرض
التقرير السنوي على رئيس الجمهورية.1
70
أما فيما يخص مراقبة االستفتاء المذكورة في الفصل 36من المجلة االنتخابية التونسية،
أوكل إلى نفس اللجنة حق مراقبتها واعتبار رئيس المجلس الدستوري عضوا فيها إال أنها لم
تقم بهذه المهمة بسب عدم إجراء أي استفتاء في تونس.1
أنشئت لجنة النظر في الطعون االنتخابية بعد تعديل المجلة االنتخابية في 29ديسمبر
1988وتتكون حسب الفصل 106من:
«الرئيس األول للمحكمة اإلدارية ،والرئيس األول لمحكمة التعقيب النقض ويرأسها رئيس
المجلس الدستوري».2
إن الطبيعة االستشارية للمجلس الدستوري للجمهورية تجعل رئيس الجمهورية ينفرد
بتعيين كل أعضائه.
تختلف هذه الطريقة عن الطريقة المقررة في فرنسا والتي تعتمد على إشراك السلطتين
التنفيذية والتشريعية في التعيين بحسب دستور ،1958كما تختلف عن الجزائر التي تشرك
كل من السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية في التعيين سواء بالتعيين المباشر أو
باالنتخاب دستور 1996وكما تختلف عن المغرب الذي يجمع في التعيين بين السلطة
التنفيذية مجسدة في المؤسسة الملكية والسلطة التشريعية مناصفة في دستور .1996
وال بد من اإلشارة إلى أنه توجد عدة أنظمة لتشكيلة المجالس الدستورية فمنها من تعتمد
بصفة كاملة على التعيين مثل فرنسا ومنها من تعتمد كلية على االنتخاب مثل ألمانيا
والبرتغال والمجر (انتخاب أعضاء المحاكم الدستورية) ،وهناك من تزاوج بين التعيين
واالنتخاب مثل (إيطاليا المحكمة الدستورية العليا) واسبانيا والنمسا وبلجيكا ورومانيا.
إن السلطة التنفيذية في تونس في تلك المرحلة كانت تحاول السيطرة على األمور بعد
اعتالء الرئيس بن علي الحكم وكانت مجبرة على استعمال عدة آليات من أجل تحقيق ذلك
- 1المرجع نفسه.
- 2المرجع نفسه.46 ،
71
ومن بين هذه اآلليات نجد إنشاء المجلس الدستوري للجمهورية عن طريق أمر ترتيبي
(مرسوم رئاسي) وفي نفس اليوم أي 16ديسمبر 1987صدر أمر ترتيبي آخر يقضي
بتعيين أعضاء المجلس الدستوري.
فهو يدل على أن السلطة التنفيذية كانت تبحث على دور محدد للمجلس الدستوري وهو
آلية لمراقبة العمل البرلماني وهيئة استشارية بالنسبة لرئيس الجمهورية وبالتالي فإن هذا
المجلس تابعا كلية للسلطة التنفيذية.
بعد النص على المجلس الدستوري في الباب التاسع من التعديل الدستوري المؤرخ في
06نوفمبر 1995صار المجلس الدستوري التونسي يتكون من 09أعضاء 06أعضاء بما
فيهم رئيس المجلس الدستوري يتم تعيينهم من طرف السلطة التنفيذية ممثلة في مؤسسة
رئيس الجمهورية أما األعضاء الثالثة الباقون فهم أعضاء بحكم وظيفتهم وهم الرئيس األول
لمجلس النقض والرئيس األول للمحكمة اإلدارية والرئيس األول لمجلس المحاسبة وهذه
الوظائف من الوظائف السامية في الدولة والتي يتم تعيين أصحابها من طرف رئيس السلطة
التنفيذية.1
- 1هدى بن خليفة ،المجلس الدستوري في ظل تنقيح 01جوان ،2002رسالة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في القانون
العام والمالي ،جامعة 07نوفمبر بقرطاج ،كلية العلوم القانونية والسياسية واالجتماعية ،2004 ،3ص .8
72
تركيبة المجلس الدستوري من خالل الفصل ( 75جديد) في الفقرة السادسة منه فصار يتكون
المجلس الدستوري التونسي من 09أعضاء 04أعضاء بمن فيهم رئيس المجلس يعينهم
رئيس الجمهورية وعضوان يعينهم رئيس مجلس النواب وثالثة أعضاء بصفتهم تلك وهم
الرئيس األول لمحكمة التعقيب والرئيس األول للمحكمة اإلدارية والرئيس األول لدائرة
المحاسبات وبهذا تعددت السلطات التي لها حق التعيين في المجلس الدستوري التونسي
بعدما كان هذا الحق مقتص ار على رئيس الجمهورية(.)1
مع المالحظة أن الطابع االستشاري للمجلس الدستوري التونسي هو الذي جعل حق
التعيين مقتص ار على رئيس الجمهورية دون السلطات األخرى وفي هذا الشأن يقول األستاذ
لزهر بعوني « :فإن...التفكير في تعدد السلط المكلفة بتعيين أعضاء المجلس يمكن أن يطرح
لو تعلق األمر بهيكل غير استشاري.2»...
رابعا -المحكمة الدستورية :
حسب المادة 118من دستور تونس 2014فانه لكل من رئيس الجمهورية ومجلس
النواب والمجلس االعلى للقضاء تعيين 12عضوا بالتساوي و ما يالحظ في هذا المجال
اشراك السلطة القضائية الول مرة في تشكيل المحكمة الدستورية التونسية وبالتساوي مع
السلطتين التنفيذية والتشريعية.3
الفرع الرابع :مدى تأثير السلطة التنفيذية على المجلس الدستوري الموريتاني
عرفت موريتانيا نظام الغرفة الدستورية بالمحكمة العليا في دستور 20ماي 1960قبل
أن تنتقل إلى نظام المجلس الدستوري في دستور 20ماي 1991فهل كان هذا االنتقال
ألسباب ومبررات عملية لمواكبة التطور الذي جاء به دستور 1991أم أن ضعف نظام
الغرفة الدستورية هو الذي أدى إلى تبني نظام المجلس الدستوري وهذا ما نعالجه في
نقطتين.
73
أوال -دور السلطة التنفيذية في تشكيل الغرفة الدستورية الموريتانية :
لم يتطرق دستور موريتانيا المؤرخ في 20مايو 1961إلى تشكيل المحكمة العليا أو إلى
تشكيل الغرفة الدستورية وانما أحال على القانون لتحديد تشكيل المحكمة العليا الموريتانية
واختصاصاتها واإلجراءات المتبعة أمامها ،وهذا حسب المادة 03/51من دستور ،)1(1961
وصدر قانون ينظم المحكمة العليا لموريتانيا مؤرخ في 20يوليو ،1965وكانت حسب هذا
القانون تتشكل المحكمة العليا الموريتانية من ( 06ستة) أعضاء دائمين وهم :الرئيس ونائبان
للرئيس ومستشارين قانونيين ومستشار مالي ويعين رئيس الجمهورية اثنين منهما وهما
الرئيس وأحد المستشارين القانونيين ويعين رئيس الجمعية الوطنية المستشار القانوني الثاني
وكان البرلمان في ظل دستور 1961يتكون من غرفة واحدة فقط هي (الجمعية الوطنية) أما
المستشار المالي فيتم تعيينه بقرار وزاري مشترك بين وزيري العدل والمالية أما نائبا الرئيس
فلم يحدد القانون طريقة تعينهما وربما يتم تعينهما بمرسوم رئاسي يؤخذ على مستوى مجلس
الوزراء وبذلك يكون تعينهما من طرف رئيس الجمهورية بطريقة غير مباشرة.2
فهذا التشكيل بالنسبة للمحكمة العليا الموريتانية بصفة عامة لكن تشكيلة المحكمة عندما
تمارس اختصاص الرقابة الدستورية يتغير ويصبح يضم كل األعضاء السابقين باستثناء
المستشار المالي.
ويالحظ هيمنة السلطة التنفيذية بتعيينها ل 05أعضاء من بين الستة المكونون للمحكمة
العليا وهم رئيس الجمهورية 04أعضاء ووزير العدل ووزير المالية (المستشار المالي) مقابل
عضو واحد تعينه السلطة التشريعية (المستشار القانوني الثاني).
إن هذا التدخل الواضح للسلطة التنفيذية في تشكيل المحكمة العليا الموريتانية ومن خالل
الغرفة الدستورية يمس باستقاللية قضاة المحكمة ونزاهتهم ويتعارض مع المادة 47من
دستور موريتانيا 20مايو 1961التي أقرت استقالل السلطة القضائية عن باقي السلطات.3
74
كما نشير إلى أن الغرفة الدستورية بالمحكمة العليا الموريتانية ال تعتمد أسلوب الرقابة
الالحقة على دستورية القوانين التي تعتمد على أسلوب الدفع والتي يلغي القانون الساري
المفعول والمحكوم بعدم دستوريته أو على األقل تمتنع المحاكم عن تطبيقه وانما تعتمد على
الرقابة السابقة شأنها شأن المجلس الدستوري الفرنسي المنصوص عليه في دستور 04
أكتوبر .11958
يتم تعيين أعضاء المجلس الدستوري من طرف كل من رئيس الجمهورية ورئيس الجمعية
الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ ويعين رئيس الجمهورية ثالثة أعضاء بمن فيهم رئيس
المجلس الدستوري ويعين رئيس الجمعية الوطنية عضوين بينما يعين رئيس مجلس الشيوخ
عضو واحد.2
لكن هذا المنحى المستقى من النموذج الفرنسي ال يسلم من عدة نقائص كونه معرضا
النتقادات مرتبطة بالطابع السياسي للطريقة الفرنسية الختيار أعضاء المجلس الدستوري،3
وما يالحظ أن السلطة التنفيذية في النظام الموريتاني من خالل رئيس الجمهورية تسيطر
على المجلس ال دستوري خاصة عندما يقوم الرئيس أي رئيس الجمهورية الموريتانية بتعيين
رئيس المجلس الدستوري هذا الرئيس صاحب الصوت المرجح واالختصاصات الواسعة
75
والمهيمن على إدارة المجلس الدستوري كهيئة إدارية على سيره واجراءات عمله .واألمر نفسه
نجده في النظام الدستوري الجزائري باستثناء دستور الجزائر 10سبتمبر 1963أين كان
رئيس المجلس الدستوري ينتخب من طرف زمالئه أعضاء المجلس الدستوري فإن دساتير
1989و 1996جعلت تعيين رئيس المجلس الدستوري من اختصاص السلطة التنفيذية
ممثلة في رئيس الجمهورية ونفس الحال والوضع بالنسبة للمغرب وتونس.
وال بد من اإلشارة أن هناك من يطرح في فرنسا فكرة إعادة النظر في تعيين أعضاء
المجلس الدستوري الفرنسي بعد تعديل 23جويلية 2008وتبني المادة 61مكرر والتي
زادت ووسعت من اختصاصات المجلس الدستوري الفرنسي ومن الجهات التي تملك حق
تحريك المجلس الدستوري الفرنسي ولهذا داللة كبيرة تفيد بأن المؤسس الدستوري الفرنسي لم
يجد الصيغة المثلى التي تسمح بإنشاء مجلس دستوري يستطيع االستجابة للصالحيات
والمهام الجديدة التي أنيطت به.
76
الفرع األول :تدخل السلطة التشريعية في تشكيل المجلس الدستوري الجزائري
مرت الجزائر بأربعة دساتير منذ استقاللها إلى غاية إتمام هذه الدراسة فدستور ما بعد
االستقالل 10سبتمبر 1963نص على إنشاء مجلسا دستوريا أوكل له مهمة ممارسة دور
القاضي الدستوري ،ثم جاء دستور 18نوفمبر 1976والذي أغفل النص نهائيا على أي
هيئة لممارسة القضاء الدستوري بل ترك مهمة ممارسة الرقابة إلى الهيئات المركزية للحزب
والمجالس المحلية المنتخبة والمجالس العمالية وكذا هيئات الرقابة المالية وبعد أحداث 05
أكتوبر 1988جاء دستور 1989/02/23والذي نص على هيئة توكل لها مهمة ممارسة
القضاء الدستوري وهي«:المجلس الدستوري» ونفس األمر بالنسبة لدستور 28نوفمبر
1996مع بعض التعديالت ،وفي كل هذه الدساتير كان يتغير ويتفاوت دور السلطة
التشريعية في تشكيل المجلس الدستوري قوة وضعفا وهذا ما سأبينه في 04مراحل.
جاء النص في المادة 27من دستور 1963على المجلس الوطني باعتباره ممثال
للشعب ينتخب لمدة 05أعوام باالقتراع العام المباشر والسري وتتولى جبهة التحرير الوطني
اقتراح المرشحين إليه.
كما جاء في المادة 63من دستور 1963بأن المجلس الدستوري يتألف من رئيس
المحكمة العليا ،ورئيسي الحجرتين المدنية واإلدارية في المحكمة العليا ،وثالثة نواب يعينهم
المجلس الوطني وعضو يعينه رئيس الجمهورية.
في أول قراءة لنص المادة 63من دستور 10سبتمبر 1963نجد أن السلطة التشريعية
ممثل ة في المجلس الوطني تعين ثالثة نواب من بين السبعة الذين يشكلون المجلس الدستوري
- 1إدريس بوك ار ،تطور المؤسسات الدستورية في الجزائر منذ االستقالل من خالل الوثائق والنصوص الرسمية ،الجزء
األول ،الجزائر ،ديوان المطبوعات الجامعية ،2005 ،ص .55-50
حزب جبهة التحرير الوطني :هو الحزب الذي كان يحكم البالد منفردا قبل إقرار التعددية الحزبية في دستور 23نوفمبر
.1989
77
لكن ما يؤخذ على المادة أنها تكلمت عن التعيين ولم تحدد من يملك صالحية تعيين ثالثة
أعضاء هل هو رئيس المجلس الوطني أو كل أعضاء المجلس الوطني وهنا تتحول إلى
ترشح وانتخاب أو ترشيح وتزكية ،إذا علمنا أن كل أعضاء المجلس الوطني بما فيهم رئيس
المجلس يرشحون من قبل جبهة التحرير الوطني الحزب الوحيد آنذاك فنجد أن الهيئات
القيادية للحزب تلعب دور في تحديد الثالثة نواب الذين يمثلون السلطة التشريعية في
المجلس الدستوري واعتقد أن المؤسس الدستوري كان يريد ترك هذه المسألة إلى القانون
المنظم للمجلس الدستوري والنظام الداخلي للمجلس الوطني.
ويبدو أنه لو تم النص صراحة في الدستور عن كيفية قيام السلطة التشريعية بتعيين
ممثليها في المجلس الدستوري لكان األمر أفضل خاصة أن الدستور في مادته 63حدد كل
من رئيس المحكمة العليا ورئيسي الحجرتين المدنية واإلدارية بالمحكمة العليا كممثلين
للسلطة القضائية ولم يترك أي غموض وحتى بالنسبة للعضو الممثل للسلطة التنفيذية فإن
النص الدستوري من خالل المادة 63أعطى حق تعينه لرئيس الجمهورية بكل وضوح ولم
يقيده بشرط أو قيد فكان على النص الدستوري فيما يتعلق بممثلي السلطة التشريعية
(المجلس الوطني) أن يكون أكثر وضوحا وتدقيقا.
أما عن رئيس المجلس الدستوري فيتم انتخابه من طرف أعضاء المجلس الدستوري على
عكس ما جاء في الدساتير الجزائرية الالحقة وهذا مكسب تم التخلي عنه بعد هيمنة السلطة
التنفيذية في الدساتير الجزائرية الالحقة.
وهذا الرئيس أي رئيس المجلس الدستوري المنتخب من طرف أعضاء المجلس الدستوري
في دستور 1963ليس له صوتا زائدا عند تساوي األصوات .يظهر أن رئيس المجلس
الدستوري يكون من نواب المجلس الوطني لماذا؟ باعتبار أن كل النواب الثالثة الممثلون
للمجلس الوطني هم مرشحو حزب جبهة التحرير الوطني وبالتالي ال يمكن أن نتصور أن
يترك الحزب هيئة مثل المجلس الدستوري تدار من طرف شخصية مستقلة تعينه السلطة
التنفيذية أو حتى تحت رئاسة قاضي الذي بحكم تكوينه يعتبر بعيدا عن السياسة والتحزب.
78
إن المجلس الدستوري في دستور 10سبتمبر 1963رغم أنه لم يرى النور ولم ينصب
بسبب تجميد الرئيس (رئيس الجمهورية) في تلك المرحلة العمل بهذا الدستور واستعمال
المادة 59من دستور 1963والتي تسمح له باعالن حالة اإلجراءات االستثنائية إال أن
المجلس الدستوري تغلب عليه الطبيعة السياسية والتحكم الحزبي رغم وجود ثالثة رؤساء
لهيئات قضائية متعددة ولكن ال يمكن الحكم على مدى تأثير السلطة التشريعية على أداء
المجلس الدستوري في دستور 1963بما أنه لم يصدر أي رأي أو قرار وبما أنه لم يجتمع
ولم ينصب أعضاؤه أصال.
لم تعرف الجمهورية الجزائرية المستقلة دستو ار منذ تجميد العمل بدستور 10سبتمبر
1963حيث في 19جوان 1965جاء البيان رقم 01لمجلس الثورة الذي أزاح الرئيس عن
الحكم وتولى مجلس الثورة قيادة البالد( .)1وفي 22نوفمبر 1976بعد استفتاء نظم للشعب
بتاريخ 19نوفمبر )2(1976تم تبني دستور جديد.
وجاء هذا الدستور خاليا من النص على أية هيئة يوكل لها ممارسة القضاء الدستوري
وجعل الرقابة تمارس بعدة وسائل وعدة هيئات حيث نص الفصل الخامس منه على الرقابة
تحت عنوان "وظيفة المراقبة".
فبعدما حدد أهداف الرقابة في المادة 184منه في آخر فقرة من هذه المادة جاء
مايلي...«:تستهدف المراقبة أخي ار التحقق من التطابق بين أعمال اإلدارة والتشريع وأوامر
الدولة».
أما المادة 85فحددت وبينت الهيئات المكلفة بالرقابة بحيث جعلت المراقبة بمدلولها
الشعبي تمارس من قبل المجالس المنتخبة محليا ووطنيا ،والمجالس العمالية المنتخبة ،أما
المراقبة السياسية فتمارسها األجهزة القيادية في الحزب والدولة طبقا للميثاق الوطني وألحكام
الدستور وهذا يطرح مشكل أن رقابة المطابقة تكون مع مصدرين وهما الميثاق الوطني
79
والدستور وهنا اإلشكال المطروح هل يعتبر كل من الميثاق الوطني والدستور في نفس
الد رجة من حيث الكتلة الدستورية أو هناك تدرج بينهما بحيث يعلو الميثاق الوطني على
الدستور؟
أما أشكال الرقابة األخرى على جميع المستويات (المالية اإلدارية الخ) فإنها تمارس
حسب مواد أخرى في الدستور وفي التشريع.
إن المالحظ في هذا الدستور غياب تام لمبدأ الفصل بين السلطات حيث نجد الدستور
ينص على وظائف وال ينص على سلطات عكس دستور 10سبتمبر 1963فالسلطة
الفعلية كانت بيد الحزب الواحد وليست بيد الدولة وبالتالي أولوية الحزب عن الدولة ضف
إلى ذلك أن مبدأ سمو الدستور وعلو مواده ال يظهر باعتبار الدستور خاضعا للميثاق
الوطني ويبقى الغموض سائدا في تحديد الوثيقة األسمى في الدولة ولهذا ال يمكن أن نتصور
أن توجد هيئة تعمل على ممارسة قضاء دستوري ،رغم أن المادة 111من التعديل الدستوري
الصادر بموجب القانون ( 07 )06/79جويلية 1979يجعل رئيس الجمهورية يحمي
الدستور في فقرته الثالثة.1
أما الفقرة الثالثة من المادة 104من التعديل الدستوري المؤرخ في 3نوفمبر 1988قد
جعل رئيس الجمهورية حاميا للدستور دون التطرق إلى الميثاق الوطني ولها داللة كبيرة من
ناحية التحول السياسي بعد أحداث 05أكتوبر .21988
وتتمثل هذه الداللة في رغبة رئيس الجمهورية في التخلي عن مهمته كأمين عام لحزب
جبهة التحرير الوطني وبعد ذلك العمل على فصل الدولة على الحزب والتقيد بالدستور
باعتباره أدى يمينا دستورية باحترام الدستور ،واعتبار أن الدستور قانون الدولة والميثاق
الوطني قانون الحزب وفصل الحزب عن الدولة يقتضي فصل الميثاق عن الدستور األمر
الذي يجعل الرئيس الشاذلي في وضعية تسمح له بمواجهة أحداث 05أكتوبر 1988والقيام
بإصالحات عميقة التزم بها في خطابه المؤرخ في 10أكتوبر 1988دون العودة إلى هياكل
- 1التعديل الدستوري صدر بموجب القانون 06 - 79مؤرخ في 7جويلية ،1979جريدة رسمية عدد 28مؤرخة في
10أكتوبر .1979
- 2تعديل 3نوفمبر 1988منشور في الجريدة الرسمية ،عدد ، 45مؤرخة في 05نوفمبر .1988
80
الحزب الذي كان مصابا بالشيخوخة والصراعات والحسابات الضيقة التي أدت إلى انفجار
الوضع.
وكدليل على ما استنتجه هو أن رئيس الجمهورية آنذاك عند قيامه بتعديل دستور 18
نوفمبر 1976لم يتبع اإلجراءات المنصوص عليها في الدستور ذاته والتي تلزمه بالعودة
إلى البرلمان المشكل من مناضلي الحزب وانما لجأ إلى االستفتاء الشعبي مباشرة الممنوح له
وفق المادة 14/111من دستور 1976تجنبا للعراقيل التي كان يتوقعها من الحزب
والبرلمان.
جاء دستور 23فبراير 1989بعد أحداث 05أكتوبر 1988وهي أحداث عبر فيها
الشعب عن رفضه لسياسة نظام الحزب الواحد بأشكال مختلفة أسرعت القيادة آنذاك إلى
إحداث تعديل دستوري بتاريخ 03نوفمبر 1988ونظم استفتاء للشعب حول المواد المعدلة،
لكن هذه المواد المعدلة لم تتطرق إطالقا إلى النص على مجلس دستوري أو هيئة تمارس
الرقابة على دستورية القوانين.
الزاوية األولى :تكمن في عدد األعضاء المخصص لكل سلطة ،زاوية ثانية طريقة تعيين
كل سلطة ألعضائها ،وزاوية ثالثة كيفية اختيار رئيس المجلس الدستوري.
وما يهمنا في هذا المطلب هو كيف نظم دستور 23فبراير 1989دور السلطة
التشريعية في ت شكيلة المجلس الدستوري وما مدى تأثير ذلك الدور على أداء المجلس؟
واجراء مقارنة مع ما تم في دستور 1963الذي رأيناه سابقا.
81
إن السلطة التشريعية لها حق تعيين عضوين من المجلس الشعبي الوطني ممثلين عنها
في المجلس الدستوري فمقارنة بدستور 1963خسرت مقعدا داخل المجلس باعتبارها كانت
تعين 03أعضاء باإلضافة إلى أن السلطة التشريعية في دستور 1963كان ممثلوها في
المجلس الدستوري يعينون من طرف زمالئهم في حزب جبهة التحرير الوطني.
أما رئيس المجلس الدستوري الذي كان ينتخب من طرف أعضاء المجلس الدستوري في
دستور 1963صار يعين من طرف السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية في دستور
1989وحتى الصوت المرجح الذي كان ال يتمتع به رئيس المجلس الدستوري والدور
االستشاري بالنسبة لرئيس الجمهورية صار يتمتع به في دستور .1989
ما يستنتج أن دستور 1989أعطى أولوية وتفوق للسلطة التنفيذية على السلطة
التشريعية في الجانب الشكلي وفي جوانب كثيرة ليست هذه الدراسة مجاال للتطرق إليها
بالتفصيل ،ومن المجاالت التي تظهر تفوق السلطة التنفيذية على باقي السلطات وباألخص
على السلطة التشريعية باعتبار السلطة القضائية مستقلة نجدها تتمثل في المساهمة في
تشكيلة وتركيبة المجلس الدستوري .بحيث تدهور دور السلطة التشريعية في مجال المساهمة
في تشكيلة المجلس الدستوري الجزائري من خالل دستور 23فبراير 1989من جانب عدد
األعضاء الذي كان في دستور 1963ثالثة أعضاء انخفض إلى عضوين ومن حيث
التعيين من طرف المجلس تحول إلى انتخاب عضوين على مستوى مجلس شعبي تعددي
يصعب فيه التوافق السياسي ،وكذا ظهور صالحيات جديدة ومهمة وصوت مرجح بالنسبة
لرئيس المجلس الدستوري وجعله يعين من طرف رئيس السلطة التنفيذية عكس ما كان عليه
األمر في دستور 1963أين كان رئيس المجلس الدستوري ينتخب من طرف أعضاء
المجلس الدستوري ذاته وال يملك صوتا مرجحا وال صالحيات مهمة.
82
رابعا -مرحلة دستور 28نوفمبر : 1996
بعد صدور البيان الثاني للمجلس الدستوري الجزائري بعد تنصيبه في ظل دستور 1989
وفحواه هو تثبيت الشعور النهائي لرئاسة الجمهورية مع اقترانها بشغور المجلس الوطني
نتيجة حله من طرف رئيس الجمهورية ودعوته النتخابات تشريعية مسبقة تم توقف المسار
االنتخابي قبل إتمامه وتشكيل مجلس شعبي وطني جديد.1
وانشاء هيئات ومؤسسات لتسيير المرحلة االنتقالية التي دامت إلى غاية صدور دستور
جديد وهو دستور 28نوفمبر .1996حسب المادة 98من دستور 28نوفمبر 1996
فالسلطة التشريعية يمارسها برلمان يتكون من غرفتين وهما المجلس الشعبي الوطني ومجلس
األمة وينتخب أعضاء المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلي في البرلمان الجزائري) عن
طريق االقتراع العام المباشر والسري المادة 101من الدستور لمدة 5سنوات حسب المادة
102من الدستور ،أما أعضاء مجلس األمة (الغرفة العليا في البرلمان الجزائري) فيتم
من أعضائها ينتخبون عن طريق االقتراع تشكيلها عن طريق االنتخاب والتعيين بحيث
غير المباشر والسري من بين ومن طرف أعضاء المجالس الشعبية البلدية والمجالس الشعبية
الثلث الباقي فيعينه رئيس الجمهورية من بين الشخصيات والكفاءات الوطنية الوالئية أما
في المجاالت العلمية والثقافية والمهنية واالقتصادية واالجتماعية المادة .2101
83
والسؤال المطروح هل الزيادة في عدد أعضاء السلطة التشريعية داخل المجلس الدستوري يعد
فعال تحقيقا لدور فعال تلعبه هذه األخيرة على أداء المجلس الدستوري ؟
الزاوية األولى :بالعودة إلى تركيبة وتكوين مجلس األمة والذي يلعب فيه رئيس السلطة
ثلث أعضائه المادة ( )101من دستور ،)1(1996 التنفيذية دو ار مهما بقيامه بتعين
واعتبا ار أن مجلس األمة له حق انتخاب عضوين في المجلس الدستوري فإنه من المسلم به
أن يكون على األقل أحد العضوين المنتخبين على مجلس األمة مواليا للسلطة التنفيذية التي
عينته ،وغالبا ما يلعب دور المقرر داخل المجلس الدستوري بما أن رئيس المجلس الدستوري
ذاته معين من طرف السلطة التنفيذية ،وبالنظر إلى الصالحيات الممنوحة للمقرر من طرف
النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري فهنا كفة السلطة التنفيذية تترجح خاصة إذا
علمنا أن رئيس المجلس الدستوري غير ملزم بتعين مقر ار محددا وانما هي سلطة مطلقة
يتمتع بها ،أضف إلى أن المقرر له حسب المادة ( )12من النظام المحدد لقواعد عمل
المجلس الدستوري بأن يستعين بأي خبير من خارج المجلس الدستوري الستشارته ،وهذا ما
يجعل دور المقرر فعاال ومهما مقارنة بباقي أعضاء المجلس الدستوري(.)2
الزاوية الثانية :باعتبار أحزاب التحالف الرئاسي في البرلمان الجزائري صاحبة أغلبية
كبيرة في المجلس فهذا يجعل الوالء السياسي يكون لرئيس الجمهورية باعتباره الرئيس الشرفي
للتحالف الرئاسي وهذا يؤدي إلى سيطرة السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية في
داخل المجلس الدستوري.
الزاوية الثالثة :وبالمقارنة بدستور 1963فإن السلطة التشريعية كانت متفوقة على
السلطة التنفيذية باعتبار أن ثالثة أعضاء من بين السبعة الذين يشكلون المجلس الدستوري
يعينهم المجلس الوطني عضو واحد تعينه السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية.
84
أما مقارنة بين الوضعية في دستور 1989ودستور 1996فإن دور السلطة
التشريعية تقهقر في مواجهة السلطة التنفيذية حيث كان نصيب السلطة التشريعية 2عضوين
يمثالن المجلس الشعبي الوطني وهذا المجلس منتخب من طرف الشعب ال دخل للسلطة
التنفيذية في تشكيلته على عكس دستور 1996الذي أعطى للسلطة التنفيذية حق تعيين
1/3من مجلس األمة كما رأينا سابقا.
الزاوية الرابعة :أما من حيث رئيس المجلس الدستوري والدور المحوري الذي يلعبه على
مستوى أعمال المجلس باإلضافة إلى الدور االستشاري الذي يقدمه لرئيس السلطة التنفيذية
فبعدما كان ينتخب من طرف أعضاء المجلس الدستوري في دستور 1963وهذا في صالح
السلطة التشريعية التي كان لها حق تعيين 03أعضاء من بين 07أعضاء يشكلون المجلس
الدستوري أين كان نصيب السلطة التنفيذية عضوا واحدا.
في دستور 1989صار الرئيس أي رئيس المجلس الدستوري يعين من طرف رئيس
السلطة التنفيذية وله صوت مرجح وصالحيات واسعة وتكرس نفس الحال في دستور 1996
وجعل رئيس المجلس الدستوري صاحب الصوت المرجح واالختصاصات الواسعة يعين من
طرف رئيس السلطة التنفيذية.
إن كل من دستور 1989ودستور 1996عندما أعطى حق تعيين رئيس المجلس
الدستوري لرئيس السلطة التنفيذية أي رئيس الجمهورية قد أصاب بعضا من الصواب من
زاوية أن رئيس المجلس الدستوري له مهام وأدوار مهمة جدا في إدارة شؤون الدولة كالدور
الذي يلعبه في حالة تزامن شغور منصب رئيس الجمهورية ورئاسة مجلس األمة فهذا الرئيس
يتولى رئاسة الدولة ويقود األمة وينظم انتخابات رئاسية.
وله دور أيضا في إعالن حالة الطوارئ ،وان هذه المهام من األهمية التي تكتسيها لو
ترك منصب رئاسة المجلس الدستوري لالنتخاب كما كان الشأن في دستور 1963أين كان
الحزب الواحد يسطر على السياسات وما على األعضاء إال التنفيذ وااللتزام.
فالوضع في دستور 1989و 1996مختلف تماما لوجود برلمان تعددي ووصول ممثل
عن لبرلمان (األحزاب) إلى رئاسة المجلس الدستوري يكون غير مؤهل لقيادة البالد باعتباره
يغلب عليه الفكر وااللتزام الحزبي.
85
كما لو أفرز االنتخاب ممثال عن السلطة القضائية رئيسا للمجلس الدستوري فالقاضي
بحكم تكوينه البعيد عن السياسة ومنصب رئيس المجلس الدستوري يتطلب تكوينا سياسيا واذا
احتاج رأيا تقنيا يستعين بالخبراء.
ومن أجل هذا أعتقد أن دستور 1989و 1996عندما أعطى حق تعيين رئيس المجلس
الدستوري لرئيس الجمهورية صاحب الشرعية االنتخابية أعطاها له ليس بصفته ممثل السلطة
التنفيذية وانما بصفته منتخبا من طرف الشعب وممثال له (لألمة).
الفرع الثاني :مجال السلطة التشريعية في تشكيلة هيئات القضاء الدستوري المغربي
كما سبق وأن رأينا في هذه الدراسة فإن المغرب مر بمرحلتين هامتين المرحلة األولى
اعتمد فيها على الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى كهيئة قضائية صرفة لممارسة القضاء
الدستوري ،ثم تحول في دستور 1992إلى إنشاء مجلس دستوري توكل له مهمة ممارسة
القضاء الدستوري ،وقد لعبت السلطة التشريعية في المغرب أدوا ار متفاوتة في تشكيل كل من
الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى والمجلس الدستوري ،هذا ما نتطرق له في نقطتين:
لقد نصت دساتير 1972 ،1970 ،1962على إنشاء غرفة دستورية بالمجلس
األعلى (أعلى درجة في القضاء العادي) في الباب العاشر ،وبهذا فإن المغرب لم يسلك
طريق إنشاء محكمة دستورية خاصة مثلما هو الشأن في جمهورية مصر العربية كما أنه لم
يمكن كل المحاكم من ممارسة القضاء الدستوري مثلما هو الحال في الواليات المتحدة
األمريكية وكان المؤسس الدستوري المغربي يجعل القضاء الدستوري جزءا من القضاء
العاد ي والقضاء اإلداري بحيث جعل رئيس المجلس األعلى في نفس الوقت هو رئيس الغرفة
الدستورية وفي دستور 1962كانت تتشكل الغرفة الدستورية من 5أعضاء قاضي واحد عن
الغرفة اإلدارية للمجلس األعلى ،وأستاذان من كليات الحقوق يعينان بمرسوم ملكي لمدة 06
سنوات باإلضافة إلى عضوين 1أحدهما يعينه رئيس مجلس النواب والثاني يعينه رئيس
86
مجلس المستشارين (الغرفة العليا في البرلمان المغربي) ويتم ذلك في بداية كل عهدة نيابية
أو بعد كل تجديد جزئي للمجلسين.1
والمالحظ أن نصيب السلطة التشريعية في تشكيلة الغرفة الدستورية في ضل دستور
المغرب 1962كانت عضوين من بين 05أعضاء وهنا بالنظر إلى الدور المحدد للغرفة
الدستورية وطريقة إجراءات عملها وحجية أحكامها باعتبارها غرفة ضمن هيئة قضائية
منصوص عليها دستوريا .وهي المجلس األعلى للقضاء كان دور السلطة التشريعية ضعيفا
جدا.
كما أن دستور 1970جعل السلطة التشريعية تخسر عضوا على مستوى الغرفة
الدستورية باعتبار دستور 1970ألغى الغرفة العليا للبرلمان المغربي وهي (مجلس
المستشارين) فصارت السلطة التشريعية ممثلة بعضو واحد من مجلس النواب.2
أما في دستور المغرب 1970ارتفع عدد أعضاء الغرفة الدستورية إلى 07أعضاء
فباإلضافة إلى رئيسها الذي هو في نفس الوقت رئيس المجلس األعلى تتكون الغرفة
الدستورية كاآلتي:
-ثالثة أعضاء يعينهم الملك لمدة أربع سنوات ،صارت المدة 06سنوات بعد
تعديل الدستور .1980
-ثالثة أعضاء يعينهم رئيس مجلس النواب بعد استشارة فرق المجلس.
من خالل دستور 1972صار نصيب السلطة التشريعية مساويا لنصيب السلطة
التنفيذية في تعيين نصف أعضاء الغرفة الدستورية ،لكن هذا الدور لم يكن ليؤثر في سير
الغرفة الدستورية باعتبارها مؤسسة ضعيفة من حيث البناء الدستوري والمؤسساتي وغياب
استقالل أعضائها كما رأينا في الدراسة سابقا.3
ال يمكن إجراء مقارنة بين الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى المغربي مع النماذج المتبعة
في كل من الجزائر وتونس وحتى فرنسا ألن هذه الدول تأخذ مباشرة بالرقابة التي تعتمد على
87
مجلس دستوري ،لكن هذا ال يمنعنا من إجراء مقارنة ولو بسيطة مع بعض الدول الرائدة في
إسناد القضاء الدستوري إلى محكمة دستورية أو إلى القضاء الدستوري وهذه المقارنة من
أجل توضيح نقطة محددة وهي دور السلطة التشريعية في تعيين أعضاء المحكمة الدستورية
فنجد مثال المحكمة العليا في الواليات المتحدة األمريكية تتشكل من 09أعضاء يعينون
لمدى الحي اة من طرف رئيس الدولة (السلطة التنفيذية) لكن هذا التعيين يتوقف على موافقة
مجلس الشيوخ ( الغرفة العليا في البرلمان).
-أما المحكمة الدستورية للنمسا التي نشأت وفق دستور 1920والتي أعيد النص عليها
في دستور 1945تحت تسمية (المحكمة الدستورية الفيدرالية) فكانت تتكون من 14قاضيا.
-أما المحكمة الفيدرالية األلمانية فتتكون من 16قاضيا بعضهم ينتخبهم مجلس النواب
والنصف اآلخر ينتخبهم مجلس الشيوخ أي غرفتي البرلمان واأللماني.
والمالحظ من هذه المقارنة أن السلطة التشريعية في هذه الدول تلعب دو ار كبي ار جدا في
تشكيلة الهيئة القضائية الممارسة لمهمة القضاء الدستوري سواء بالطريق المباشر وهو
التعيين واالنتخاب أو بالطريق الغير مباشر وهو االقتراح والموافقة القبلية على التعيينات التي
ال نجده متوف ار في الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى المغربي من خالل دساتير المملكة
المغربية 1972 ،1970 ،1962بحيث الغرفة الدستورية تبقى ضعيفة وال تأثير للسلطة
التشريعية عليها بتاتا«:ألن هذه الغرفة ما أنشئت لضبط العالقة بين السلطتين التشريعية
والتنفيذية وانما جاءت لتقوية السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية باعتبارها غرفة
دستورية مهمتها فقط مراقبة القانون الصادر عن البرلمان وجاءت متأثرة بخلفية إنشاء
88
المجلس الدستوري الفرنسي لتقوية سلطات الرئيس ديغول في مواجهة البرلمان وهذا حسب»
رأي األستاذ نور الدين أشحشاح.1
حسب الفقرة الثانية من المادة 77من دستور المغرب 1992فإن المجلس الدستوري
المغربي يتكون من:
-أربعة أعضاء يعينهم رئيس المجلس النواب بعد استشارة الفرق النيابية
باإلضافة إلى رئيس المجلس الدستوري الذي يعينه الملك.
عند قراءة هذه المادة يظهر دور الملك واضحا في تعيين 04أعضاء في المجلس
الدستوري باإلضافة إلى رئيس المجلس الدستوري لكن الغموض يتعلق بدور رئيس مجلس
النواب الذي يعين أربعة أعضاء بعد استشارة الفرق النيابية.2
حيث جاء في نص المادة 306من النظام الداخلي لمجلس النواب «:لرؤساء الفرق
البرلمانية أن يقدموا أسماء المقترحين لعضوية المجلس الدستوري».
اعتبر المجلس الدستوري هذه المادة غير مطابقة للدستور باعتبار النص الدستوري جاء
فيه مايلي «:رئيس مجلس النواب يعين نصف أعضاء المجلس الدستوري بعد استشارة الفرق
البرلمانية ال باقتراح من رؤسائها» وبهذا رفض المجلس الدستوري إعطاء الحق لرؤساء
الفرق البرلمانية باقتراح أسماء على رئيس مجلس النواب خاصة أن هذا الحق يعتبر تقييدا
لرئيس المجلس الدستوري رأيه وحمايته لرئيس مجلس النواب بتصريحه بعدم دستورية المادة
307من النظام الداخلي لمجلس النواب واعتبر أن الذي يعين أعضاء المجلس الدستوري
هو رئيس مجلس النواب وليس مجلس النواب.3
89
أما نص المادة 79من دستور 1996فجاء فيها ما يلي «:يتألف المجلس الدستوري من
06أعضاء يعينهم الملك لمدة تسع سنوات ،و 06أعضاء يعين ثالثة منهم رئيس مجلس
النواب وثالثة رئيس مجلس المستشارين لنفس المدة بعد استشارة الفرق ،ويتم كل ثالثة
سنوا ت تجديد ثلث أعضاء كل فئة من أعضاء المجلس الدستوري ،يختار الملك رئيس
المجلس الدستوري من بين األعضاء الذين يعينهم ،مهمة رئيس وأعضاء المجلس غير قابلة
للتجديد».1
إن دور السلطة التشريعية قد يظهر من ناحية العدد بحيث صارت تعين 06أعضاء
حسب المادة 79من دستور ،1996ثالثة منهم يعينهم رئيس مجلس النواب (الغرفة السفلى
في البرلمان المغربي) وثالثة آخرون يعينهم رئيس مجلس المستشارين (الغرفة العليا في
البرلمان المغربي) ،وصار العدد متساويا للعدد الذي تعينه السلطة التنفيذية مجسدة في
مؤسسة الملك وهو 06أعضاء بما فيهم رئيس المجلس الدستوري صاحب الصوت المرجح
والعهدة الكاملة والصالحيات الواسعة مقارنة بباقي األعضاء ومقارنة بالغرفة الدستورية التي
كانت السلطة التشريعية تعين فيها عضوين في دستور 1962وخسرت عضوا في دستور
90
1970بحيث صارت تعين عضوا واحدا بعد إلغاء مجلس المستشارين في دستور 1970
عاد العدد وارتفع إلى 03أعضاء في دستور 1972يعينهم رئيس مجلس النواب بعد
استشارة الفرق النيابية.
أما دستور 1992من خالل مادته 77صارت السلطة التشريعية تعين أربعة أعضاء في
المجلس الدستوري أما في الدستور الحالي 1996فصارت السلطة التشريعية تعين 06
أعضاء من بين 12عضوا يشكلون المجلس الدستوري.
نسجل عدة مالحظات على هذا التغيير من حيث المكاسب التي حصلت عليها السلطة
التشريعية:
-التزايد في عدد األعضاء المعينين من طرف السلطة التشريعية كان بصفة مستمرة
باستثناء النزول في دستور 1970بعد إلغاء مجلس المستشارين (الغرفة العليا في البرلمان
المغربي).
-في دستور 1970صار نصيب السلطة التشريعية عضو واحد من أصل 05أعضاء
بعد تقليص مقعد واحد في الغرفة الدستورية بسبب إلغاء (مجلس المستشارين).
-أما في دستور 1972فزاد األعضاء الذين يمثلون السلطة التشريعية إلى 03أعضاء
من بين 07أعضاء بما فيهم رئيس الغرفة الدستورية الذي هو في نفس الوقت رئيس
المجلس األعلى للقضاء.
وقد تطور عدد أعضاء السلطة التشريعية بالمجلس الدستوري في ظل دستور 1996
وصار مساويا لعدد األعضاء الذين يعينهم الملك 06أعضاء لكل من السلطة التشريعية
و 06أعضاء للسلطة التنفيذية مجسدة في مؤسسة الملك لكن رئيس المجلس الدستوري يكون
91
من بين الستة ( )06أعضاء الذين يعينهم الملك وله صوت مرجح وصالحيات استشارية
واسعة دون باقي أعضاء المجلس الدستوري.
ومقارنة مع دور السلطة التشريعية في الجزائر منذ دستور 1963نجد نفس المسار مع
بعض االختالفات وهي:
- 1أن المغرب عرف الغرفة الدستورية ضمن الجهاز القضائي األمر الذي لم تعرفه
الجزائر منذ استقاللها.
- 3من حيث عدد األعضاء الممثلون للسلطة التشريعية في المجلس الدستوري نجد
الجزائر انتقلت من ثالثة ( )03أعضاء من بين السبعة ( )07المشكلون للمجلس الدستوري
لكنه تميز على نضيره المغربي في كون رئيس المجلس الدستوري ينتخب من طرف زمالئه
أي أعضاء المجلس الدستوري الشيء الذي لم يعرفه المغرب سواء في عهد الغرفة الدستورية
أو المجلس الدستوري أما في دستور 1989فصارت السلطة التشريعية من حقها تعيين
عضوين ( )02في المجلس الدستوري من بين 07أعضاء وخسرت بالتالي عضوا لصالح
السلطة التنفيذية نفس الحال بالنسبة للعضو الذي خسرته السلطة التشريعية في حصتها في
تعيين أعضاء الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى للقضاء وذلك بعد إلغاء (مجلس
المستشارين) (الغرفة العليا في البرلمان المغربي) دستور المغرب .1970
أما دستور 1996فارتفع عدد حصة السلطة التشريعية إلى 04أعضاء من بين 09
أعضاء يشكلون المجلس الدستوري وهذا بعد تبني دستور 1996الجزائري لالزدواجية
البرلمانية بإنشائه للغرفة العليا تحت تسمية (مجلس األمة) هذه الغرفة التي صارت تنتخب
عضوين يمثالنها في المجلس الدستوري المادة .1164
باإلضافة إلى محافظة الغرفة السفلى (المجلس الشعبي الوطني) على حصته وهي
92
عضوين ينتخبهما المجلس الشعبي الوطني المادة .164
لكن االختالف بين األمرين في كل من الجزائر والمغرب يكمن في كون الغرفة العليا
في البرلمان الجزائري (مجلس األمة) تتدخل السلطة التنفيذية في تشكيلتها من خالل حق
رئيس الجمهورية في تعيين ثلث أعضائها المادة .1101
أما مجلس المستشارين (الغرفة العليا بالبرلمان المغربي) فال دخل للسلطة التنفيذية في
تشكيلها المادة 02/38دستور المغرب 21996والفصل 45من دستور .31992
فالملك في المغرب ال يتدخل في تشكيلة البرلمان المغربي أما رئيس الجمهورية في
أعضاء مجلس األمة الشيء الذي يجعل للسلطة التنفيذية تأثير الجزائر فيشارك في تعيين
على تشكيلة المجلس الدستوري بواسطة أعضاء يمثلون السلطة التشريعية الغرفة العليا،
وطبيعة النظام السياسي الجزائري المبني على األغلبية الرئاسية داخل البرلمان الجزائري
بغرفتيه تجعل والء األعضاء المعينين من قبل رئيس الجمهورية لسياسة الرئيس التي تتوافق
مع سياسة أحزاب التحالف التي ينتمي إليها األغلبية في غرفتي البرلمان الجزائري وهذا
األمر يسهل التوافق في اختيار ممثلين عن مجلس األمة يوالون السلطة التنفيذية بدعمهم
لسياسة رئيس الجمهورية.
أما مجلس المستشارين الغرفة العليا في البرلمان المغربي وفق دستور 1996المادة 38
ودستور 1992الفصل 45فإنه يتكون من ممثلين عن فئات عمالية ومهنية وجهوية قطاعية
بعيدة إلى حد ما عن التكوين السياسي وال تخضع في أغلبها إلى التيارات السياسية وال
تتدخل السلطة التنفيذية في تشكيلتها.
تتألف المحكمة الدستورية بالمملكة المغربية من 12عضوا نصفهم يتم انتخابهم من
طرف البرلمان المغربي 03أعضاء عن كل غرفة بعد اقتراح يقدمه كل مجلس على حدة
93
أي مجلس النواب ومجلس المستشارين من بين المترشحين الذين يقدمهم مكتب كل مجلس
وذلك باالقتراع العام المباشر والسري وبأغلبية ثلثي أعضاء كل مجلس ،ويجدد ثلث أعضاء
هؤالء األعضاء كل ثالث سنوات.1
وهنا تقريبا حافظ المؤسس الدستوري المغربي على نفس العدد الذي كان يتشكل منه
المجلس الدستوري في ظل دستور 1996وعلى نفس الطريقة أي االنتخاب وبهذا يكون قد
خلق توازنا بين دور السلطة التنفيذية مجسدة في شخص الملك والسلطة التشريعية بمجلسيها
مجلس النواب ومجلس المستشارين.
رأينا في الدراسة سابقا أن إنشاء المجلس الدستوري التونسي تم ألول مرة بواسطة أمر
ترتيبي رقم 1414مؤرخ في 16ديسمبر 1987ولم يرقى إلى النص عليه دستوريا إال
الحقا وكان المجلس الدستوري التونسي يتكون من إحدى عشرة عضوا حسب ما نص عليه
الفصل 04من األمر المؤرخ في 16ديسمبر 1987المنشئ للمجلس الدستوري وكان كل
أعضائه يتم اختيارهم من طرف رئيس الجمهورية من بين الشخصيات المباشرة لمهامها أو
المحالة على التقاعد باعتبار كفاءاتها في الميدان القانوني والسياسي.2
وهنا لم يكن للسلطة التشريعية أي دور يذكر في تشكيلة المجلس الدستوري التونسي
وكان الحق كله للسلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية التونسية لكن بتقييده بضرورة أن
يكون هذا االختيار من فئتين هما رجال القانون ورجال السياسة ذوي الكفاءات سواء كانوا
مباشرين لمهامهم أو متقاعدين وهذا ما يوضح فيه المشرع التونسي في إضفاء الطابع
القضائي والسياسي للمجلس الدستوري متأث ار بالنموذج الفرنسي دستور 04أكتوبر 1958مع
التشدد في خصوصية النظام التونسي بعد 07نوفمبر .1987
94
وما يثير االنتباه أن الرئيس التونسي السابق أصدر أم ار بتعيين أعضاء المجلس
الدستوري بتاريخ 1987/12/16وهو نفس التاريخ الذي أصدر فيه األمر الترتيبي إلنشاء
المجلس الدستوري ذاته.1
وبتاريخ 12جوان 1989تم إدخال تحويالت على تركيبة المجلس الدستوري بحيث
أضيف كل من رئيس محكمة التعقيب ورئيس المحكمة اإلدارية ورئيس دائرة الحسابات
كأعضاء بالمجلس الدستوري للجمهورية.2
وخفض عدد أعضاء المجلس الدستوري من 11أحد عشر عضوا إلى تسعة أعضاء
لكن أعطى الحق لرئيس السلطة التنفيذية في تعيينهم ،حيث يقوم رئيس الجمهورية باختيارهم
خاصة من أصحاب الخبرة القانونية المتميزة بغض النظر عن سنهم ،وما نالحظه في هذا
التغيير إضافة إلى خفض العدد من 11عضوا في األمر الترتيبي 1414المؤرخ في 16
ديسمبر 1987جعل رئيس الجمهورية ملزما بأن يختار غالبية أعضاء المجلس الدستوري
من أصحاب الخبرة القانونية وهذا ما نفهمه عندما ينص الفصل 03منه...«:خاصة من بين
()4
بعد هذا التعديل فإن دور السلطة التشريعية غائبا تماما .وقد صدر ذوي الخبرة القانونية»
أمر تعيين األعضاء التسعة في المجلس الدستوري بمقتضى أمر مؤرخ في 08ماي 1990
أي بعد 20يوما من صدور قانون 18أفريل 1990والمتعلق بالمجلس الدستوري عكس ما
كان عليه أألمر في التعيين األول بتاريخ 16دسيمبر .1987
المالحظ كذلك أن تعيين رئيس كل من محكمة التعقيب والمحكمة اإلدارية ورئيس دائرة
الحسابات الذين أصبحوا أعضاء في المجلس الدستوري بمقتضى أمر 12جوان 1989قد
95
تخلى عنهم وصار أعضاء المجلس الدستوري 09تسعة أعضاء يمكن أن يكون من بينهم
رؤساء الهيئات الثالثة السابقة الذكر لكن باعتبارهم من أصحاب الخبرة القانونية المتميزة
وليس بصفاتهم الوظيفية.1
باإلضافة إلى أعضاء آخرين حسب وظائفهم وهم رئيس األول لمحكمة التعقيب والرئيس
األول للمحكمة اإلدارية والرئيس األول لدائرة الحسبات وكل هذه الهيئات تمثل السلطة
القضائية.
كما جاء تعديل 27أكتوبر 1997الذي أضفى الصيغة إللزامية على آراء المجلس
96
الدستوري لجميع السلطات ( تنفيذية ،تشريعية ،وقضائية) ضمانا لسمو الدستور ،ثم جاء
تعديل 01جوان 2002الذي وسع مجال الحقوق األساسية في الدستور األمر الذي عزز
من استقاللية المجلس الدستوري.1
إن التطور الزمني للمجلس الدستوري التونسي منذ إنشائه بمرسوم رئاسي سنة 1987
وارتقائه إلى مؤسسة منصوص عليها دستوريا في تعديل دستور تونس في 06نوفمبر
1995نالحظ أنه من الناحية الشكلية ارتقى بحيث انتقل من إنشاء المجلس الدستوري عن
طريق مرسوم رئاسي يسمح ألي رئيس جديد في تونس إلغاءه بنفس النص أي مرسوم رئاسي
وهذا في حد ذاته يعتبر تهديدا لمصداقية المجلس وأعضاؤه ،وما أنجر عن ذلك من حماية
الحقوق وحريات المواطنين.
أما النص على المجلس الدستوري بواسطة نص دستوري تصبح السلطة التأسيسية وحدها
القادرة على تعديل هذه الهيئة أو إلغائها وهذا يشكل ضمانة مهمة لتحقيق نزاهة ومصداقية
أعلى هيئة ضامنة لحقوق وحريات األفراد.
أما دور السلطة التشريعية في تعيين أو انتخاب المجلس الدستوري التونسي فكانت غائبة
تماما عن ذلك من خالل نص إنشائه في 1987بحيث كان رئيس الدولة يعين كل
أعضائه.2
حتى وبعد التعديل الذي جاء في 12جوان 1989والذي أنقص عدد أعضاء المجلس
الدستوري إلى 09أعضاء عوضا عن 11عضوا ،لكنه حافظ على قاعدة إبعاد السلطة
التشريعية من لعب أي دور في تشكيلة المجلس الدستوري وأبقى هذا االختصاص من حق
رئيس السلطة التنفيذية مجسدا في رئس الجمهورية التونسية.
أما بعد تعديل الدستور التونسي بتاريخ 06نوفمبر 1995وارتقاء المجلس الدستوري إلى
هيئة دستورية من خالل النص عليه في الباب التاسع فقد حافظ على نفس العدد وهو 09
أعضاء محترما القاعدة الرقمية للمجالس والمحاكم الدستورية في غالبيته ،بحيث نجد المجلس
1 -R. BENACHOUR et. A. LACHAAL, Le Contrôle de la constitutionnalité des lois état de
la question, Annuaire international de justice constitutionnelle, 1993, p. 641.
2 - Ibid.
97
الدستوري الفرنسي يتكون من 09أعضاء والمجلس الدستوري الجزائري يتكون من 09
أعضاء المادة 163من دستور 28نوفمبر 1996والمجلس الدستوري المغربي بتكون من
09أعضاء في دستور 1992والمحكمة الدستورية المغربية تتكون من 12عضوا حسب
دستور .2011
لكنه ألول مرة يعطي الحق للسلطة التشريعية ممثلة في رئيس مجلس النواب في تعيين
عضوين من بين التسعة المشكلون للمجلس الدستوري التونسي.1
وال بد أن نشير بأن التشكيلة األولى للمجلس الدستوري التونسي في ظل األمر الترتيبي
1414المؤرخ في 1987/12/16وكذا األمر الرئاسي المتعلق بتعيين وتسمية أعضاء
المجلس الدستوري التونسي والصادر في نفس اليوم أي تاريخ 1987/12/16ضم 09رجال
قانون من بين 11عضوا ومن بين هؤالء التسعة نجد 04أساتذة حقوق و 03أعضاء من
بين 11عضوا مارسوا مهام و ازرية وبعض األعضاء رغم تعيينهم في المجلس الدستوري
حافظوا على مهامهم ومناصبهم السياسية أما رئيس المجلس الدستوري فحافظ على منصبه
كعضو في اللجنة السياسية للحزب الحاكم (التجمع الوطني الدستوري).2
وعضو آخر إضافة إلى رئيس المجلس الدستوري حافظ على منصبه كأمين عام للحزب
الحاكم (التجمع الدستوري الديمقراطي RCDوسابقا الحزب االجتماعي الدستور .)PSP
ونظ ار لعدم وجود الئحة عدم الجمع بين أية مهام وعضوية المجلس الدستوري التونسي
في مرسوم 1987بعض األعضاء حافظوا على صفاتهم كنواب لمجلس النواب التونسي لكن
بعد ذلك نص قانون االنتخاب في تونس على عدم قابلية أعضاء المجلس الدستوري للترشح
لالنتخابات التشريعية.3
وقد جاء التعديل األول لتشكيلة المجلس الدستوري التونسي نتيجة لشغور ثالثة ()03
مناصب بسبب ترشح 03من أعضائه لالنتخابات التشريعية المسبقة التي نظمت بتاريخ 02
98
أفريل ،1989وتم تعويضهم بكل من الرئيس األول لمحكمة التعقيب ،والرئيس األول
للمحكمة اإلدارية ،والرئيس األول لمجلس المحاسبة.1
وما يالحظ بين التشكيلة األولى والتشكيلة الثانية أن التعيين أو االستخالف باألحرى لم
يخضع للقاعدة التي تجعل رئيس السلطة التنفيذية يعين أعضاء المجلس الدستوري من بين
الكفاءات السياسية والقانونية الفصل 04من األمر 1414المؤرخ في 16ديسمبر ،1987
بحيث لم تنص المادة على الصفة الوظيفية لألعضاء المعينين وانما ركزت على الصفة
والمؤهل الشخصي والسؤال المطروح لماذا تم استبدال أو استخالف أعضاء تم تعيينهم
اعتبا ار لصافاتهم ومؤهالتهم الشخصية بأعضاء نظ ار لصفاتهم الوظيفية.
أما التعديل الموالي لتشكيلة المجلس الدستوري التونسي فكانت بمناسبة تقليص عدد
أعضائه إلى 09أعضاء بواسطة القانون 39المؤرخ في 18أفريل 1990من خالل
الفصل 03منه والذي ألغى عضوية كل من رؤساء محكمة التعقيب والمحكمة اإلدارية
ومجلس المحاسبة وجعل األعضاء التسعة يختارهم رئيس الجمهورية من بين ذوي الخبرة
القانونية.2
أما تعديل 16سبتمبر 1992فقد تم تسمية رئيس جديد للمجلس وهو أستاذ قانون
دستوري (السيد زهير المظفر) وذلك بمقتضى األمر 1650المؤرخ في 16سبتمبر 1992
وأهم ما لوحظ على هذا األمر هو اإلبقاء على رئيسي محكمة التعقيب ورئيس المحكمة
اإلدارية وذكرهم بصفاتهم الشخصية دون وظائفهم وعدم إبقاء رئيس مجلس المحاسبة ضمن
1 - Ibid.
- 2زهير المظفر ،مرجع سابق ،ص .149
3 - R.. BENACHOUR et. A. LACHAAL, Ibid, p. 643.
99
األعضاء وفي هذا الشأن يرى األستاذ زهير المظفر «بأن هذا التعيين يعتبر دليل على أن
رئيس السلطة التنفيذية يأخذ بعين االعتبار الكفاءة عند التعيين وال يهتم بالوظيفة».1
إنه والى غاية تعديالت 16سبتمبر 1992لم تكن السلطة التشريعية في تونس تلعب
دو ار في تشكيلة المجلس الدستوري التونسي على عكس ما كان للسلطة التشريعية من دور
في الجزائر حيث كانت تعين 03أعضاء في المجلس الدستوري الذي يتكون من 07
أعضاء في دستور 1963و 02عضوان في دستور 23فبراير 1989من بين 07أعضاء
يشكلون المجلس الدستوري الجزائري ،أما في المغرب ففي مرحلة الغرفة الدستورية بالمجلس
األعلى من خالل دستور 1962كانت السلطة التشريعية تختار عضوين أحدهما يعينه
رئيس مجلس النواب واآلخر يعينه رئيس مجلس المستشارين.
أما في دستور 1970خسرت السلطة التشريعية عضوا بسب إلغاء مجلس المستشارين
الغرفة العليا بالبرلمان المغربي ،أما في دستور 1972وبارتفاع أعضاء الغرفة الدستورية إلى
07أعضاء صار نصيب السلطة التشريعية 03أعضاء من بين السبعة أعضاء يعينهم
رئيس مجلس النواب بعد استشارة الغرفة البرلمانية.
وبمقارنة بالدور الذي لعبته السلطة التشريعية في الجزائر في مرحلة دساتير 1963إلى
1989وكذا الدور الذي لعبته السلطة التشريعية في المغرب في تشكيلة الغرفة الدستورية
بالمجلس األعلى للقضاء ن جدها تتطور ،لكن في تونس السلطة التشريعية لم تلعب أي دور
في تشكيلة المجلس الدستوري التونسي منذ إنشائه في 16سبتمبر 1987إلى غاية تعديالت
06نوفمبر .1995
100
أول ما يالحظ هو النص على المجلس الدستوري في الباب التاسع بعد عدة مجالس
أقل أهمية منه كالمجلس االقتصادي واالجتماعي على عكس الدستور الجزائري الذي نص
عليه في الباب الثالث (الرقابة والمؤسسات االستشارية) وأعطى له مهمتين رئيسيتين من
الجانب الشكلي وهي الدور الرقابي والدور استشاري (دستور )1996والدستور المغربي الذي
نص على المجلس الدستوري في الباب السادس ودستور موريتانيا الذي نص عليه في الباب
السادس.1
نالحظ من خالل المقارنة من الناحية الشكلية أن هذه الدساتير جاءت في نفس المرحلة
الزمنية أي بداية إلى منتصف تسعينات القرن الماضي وما ميز تلك المرحلة من تغيرات
سياسية في العالم األمر الذي يمكن أن يفسر الدوافع التي جعلت النظام السياسي التونسي
ينص في دستوره على المجلس الدستوري دون إعطائه األهمية الالئقة من الجانب الشكلي.
أما من ناحية تركيبة المجلس الدستوري التونسي من خالل الفقرة الخامسة من المادة 75
فتعطي الحق لرئيس مجلس النواب (السلطة التشريعية) في تعيين عضوين من بين تسعة
أعضاء يشكلون المجلس الدستوري يعني أقل من 1/3ثلث أعضائه ،أما في الجزائر
فالسلطة التشريعية لها حق تعيين 04أربعة أعضاء من بين 09أعضاء الذين يشكلون
المجلس الدستوري الجزائري أي أكثر من 1/3حسب المادة 164دستور 28نوفمبر
،1996وفي المغرب نجد دستور 1996يعطي الحق للسلطة التشريعية في تعيين 06
أعضاء من بين 12عضو يشكلون المجلس الدستوري المغربي حسب الفصل 78منه
نصف عدد أعضاء المجلس الدستوري مناصفة مع السلطة التنفيذية أما موريتانيا فبناء على
دستور 1991/07/12في مادته 81فإن حصة السلطة التشريعية 03أعضاء 02اثنان
يعينهم رئيس الجمعية الوطنية و 01عضو يعينه رئيس مجلس الشيوخ وبهذا لها نصيب
النصف من العدد الكلي مناصفة مع السلطة التنفيذية.
- 1دستور الجزائر المؤرخ في 28نوفمبر 1996؛ دستور المغرب المؤرخ في 15سبتمبر 1996؛ دستور مورتانيا
المؤرخ في 12يوليو .1991
101
رغم أن السلطة التنفيذية مجسدة في شخص رئيس الجمهورية تعين ثالثة أعضاء من
بينهم رئيس المجلس الدستوري صاحب الصوت المرجح وكذا أداء أعضاء المجلس
الدستوري اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية.1
الفرع الرابع :مدى تدخل السلطة التشريعية في تشكيل المجلس الدستوري الموريتاني
لقد مر نظام القضاء الدستوري الموريتاني بمرحلتين وهما :مرحلة الغرفة الدستورية
بالمحكمة العليا والمجلس الدستوري وسنعالج الدور الذي لعبته السلطة التشريعية في تشكيل
الجهازين وما مدى تأثير ذلك.
أوال -مرحلة الغرفة الدستورية :
بمقتضى القانون المؤرخ في 20يوليو 1965والمتعلق بقانون إعادة تنظيم القضاء
والذي جاء تطبيقا للمادة 03/51من دستور موريتانيا 20مايو 1961تتكون المحكمة
العليا وفقا للمادة 06من ق انون تنظيم القضاء من :الرئيس ،نائبان للرئيس ،مستشارين
قانونيين ،مستشار مالي من هؤالء الستة ( )06يقوم رئيس الجمعية الوطنية (الغرفة السفلى
في البرلمان الموريتاني) بتعيين المستشار القانوني الثاني 2وبهذا يكون نصيب السلطة
التشريعية 01من 06وهذا عدد قليل جدا إذا قورن بالجزائر 04أعضاء من 09وتونس
1/3الثلث والمغرب 1/2النصف.
ثانيا -مرحلة المجلس الدستوري :
حسب المادة 86من الدستور الموريتاني يتكون المجلس الدستوري الموريتاني من 06
أعضاء يعين رئيس الجمهورية 03ثالثة أعضاء ويعين رئيس الجمعية الوطنية 02اثنين
ويعين رئيس مجلس الشيوخ 01واحد ،ومنه يظهر أن دور السلطة التشريعية قد تطور
فبعدما كان نصيبها 01من 06أعضاء تتشكل منهما المحكمة العليا صار 03أعضاء من
06ستة أي النصف وبهذا يتساوى مع دور السلطة التشريعية في المغرب من خالل دستور
1996والتي تعين األعضاء مناصفة مع الملك الممثل للسلطة التنفيذية فأول ما يالحظ أن
- 1سيدي محمد ولد سيدي أب ،النظام القانوني للرقابة على دستورية القوانين في موريتانيا ،المجلة المغربية لإلدارة
المحلية والتنمية ،عدد ،22يناير -مارس ،1998ص .38 – 37
- 2جعفر ولد المرابط ولد جعفر ،مرجع سابق ،ص .53 – 52
102
هذا العدد الذي يتشكل منه المجلس الدستوري الموريتاني هو ضئيل مقارنة بالمجالس
الدستورية في المغرب العربي.1
لم يشترط المؤسس الدستوري الموريتاني على رئيس الجمعية الوطنية أو على رئيس
مجلس الشيوخ طريقة معينة لتعيين األعضاء ،وهذا من شأنه جعل التعيين سلطة وامتياز
لشخص وليس لهيئة منتخبة ممثلة لإلرادة العامة وكان من األجدر إشراك البرلمان في اقتراح
أسماء على رئيسي غرفتيه حتى يكون التعيين جماعي تراعى فيه عدة مسائل على غرار ما
تنص عليه تشكيل المحكمة الدستورية اإلسبانية.
المطلب الثالث :مدى مساهمة السلطة القضائية في تشكيل هيئات القضاء الدستوري
نظ ار للطبيعة المتميزة للمجالس الدستورية في كل من الجزائر والمغرب وتونس وموريتانيا
وترنحها بين الطبيعة القضائية والطبيعة السياسية لعبت السلطات الدستورية الثالث (تنفيذية،
تشريعية ،وقضائية) دو ار متفاوتا في تشكيل هذه المجالس ،وهذا الدور انعكس بصور متفاوتة
على أداء هذه المجالس لمهامها ،وبعدما عالجت في المطلبين األولين من هذا المبحث دور
كل من السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية في تشكيل المجالس الدستورية ومدى تأثير هذا
الدور على أداء هذه المجالس نخصص هذا المطلب الثالث من نفس المبحث لدراسة دور
السلطة القضائية في تشكيل المجالس الدستورية في كل من (الجزائر ،المغرب ،تونس
وموريتانيا) معتمدين على نفس المنهج وهو المنهج التحليلي والمقارن في الدولة الواحدة ذاتها
من مرحلة إلى مرحلة ثم مقارنة بين الدول األربعة محل الدراسة (الجزائر ،المغرب ،تونس،
موريتانيا ) وعندما يتطلب الدراسة وتكون المقارنة مثرية نتطرق إلى المقارنة بأنظمة دستورية
أخرى دون التقيد بمرحلة زمنية معينة أو بجغرافيا محددة ،وذلك من خالل أربعة فروع:
103
الفرع األول :الدور البارز في النظام الدستوري الجزائري
لقد وضحت في بداية هذه الدراسة أن الجزائر منذ أول دستور في 10سبتمبر 1963
نص على إنشاء مجلس دستوري وأعطى وبين تشكيلته من خالل المادة 63فكان المجلس
الدستوري يتألف من الرئيس األول للمحكمة العليا ،ورئيسا الحجرة المدنية واإلدارية بالمحكمة
العليا ،باإلضافة إلى ثالثة أعضاء عن السلطة التشريعية وعضو يعينه رئيس الجمهورية
باإلضافة إلى النص على المجلس الدستوري جاء في الباب المتعلق بالسلطة القضائية تحت
عنوان "العدالة".
- 1هناك تساوي بين األعضاء الممثلين للسلطة القضائية واألعضاء الممثلين للسلطة
التشريعية ( )03لكل سلطة وضعف تمثيل السلطة التنفيذية بعضو واحد (.)01
- 3رئيس المجلس الدستوري يتم انتخابه من طرف زمالئه في المجلس وهذا يسمح
لثالثة أعضاء الممثلين عن السلطة القضائية أن يكون أحدهم رئيسا للمجلس الدستوري ،وفي
هذه ا لحالة يجمع بين رئاسة المحكمة العليا ورئاسة المجلس الدستوري أو رئاسة الحجرة
104
المدنية أو اإلدارية ورئاسة المجلس الدستوري وهذا األمر غير مستساغ باعتبار المجلس
الدستور هيئة دستورية مستقلة والقضاء مستقل.
- 4إن رئيس المجلس الدستوري حسب المادة 63من دستور 10سبتمبر 1963ال
يملك صوتا مرجحا وهنا في حالة غياب عضو وتساوي األصوات بين 06أعضاء الباقون
ما هو الحل ؟
- 5بالعودة إلى نص المادة 54من دستور 10سبتمبر 1963والتي تنص على أن
رئيس الجمهورية يعين الموظفين في جميع المناصب المدنية والعسكرية وباعتبار رئاسة
المحكمة العليا ورئاسة الحجرة المدنية ورئاسة الحجرة اإلدارية من المناصب المدنية فإن
رئيس الجمهورية يعين من يشغلهم وهو حق دستوري بالنسبة له ،وهؤالء الرؤساء هم أعضاء
في المجلس الدستوري بصفاتهم الوظيفية وبالتالي فإنهم يمثلون السلطة التنفيذية وال يمثلون
السلطة القضائية.
جاءت هذه المرحلة بعد فراغ دستوري عاشته الجزائر لمدة 13سنة وسيرت عن طريق
قوانين استثنائية ومؤسسات دولة استثنائية اعتمدت في حكمها على الشرعية الثورية كبديل
للشرعية االنتخابية والمشروعية الدستورية بدءا بتعليق العمل بدستور عام 1963إلى التغيير
في الحكم ابتداء بتاريخ 19جوان 1965إلى غاية صدور دستور 22نوفمبر 1976وقبله
الميثاق الوطني لسنة .1975
في هذه المرحلة من تاريخ الجزائر المستقلة ال يمكن تصور وجود قضاء دستوري النعدام
كل المسائل التي نشأ من أجلها القضاء الدستوري وهي وجود مبدأ الفصل بين السلطات
وكذا دستور جامد.
إنه بعد تبني دستور 22نوفمبر 1976وكأنه جسد النظام السياسي والدستوري الذي
كان سائدا بحيث كل الممارسات السياسية للحزب الواحد تم إفراغها في نص تنظيري سياسي
وهو الميثاق الوطني سنة 1975ثم كل ما جاء في ميثاق 1975تم تحويله إلى نصوص
105
دستور (تقنية) من خالل دستور 1976/11/22ولم يظهر أثر للرقابة على دستورية القوانين
كآلية لتحقيق دولة الحق والقانون واحترام مبدأ الفصل بين السلطات وتبعا لذلك لم يتم النص
على آلية معينة (مجلس دستوري) (محكمة دستورية) لتحقيق هذا المبدأ وظهرت الرقابة في
أشكال مختلفة من رقابة حزبية (هياكل الحزب) ،رقابة شعبية (مجالس منتخبة)( ،مجالس
عمالية) رقابة مالية (جهات إدارية مختصة) وهذا حسب المادة 186من الدستور.1
وال بد أن نسجل أنه بمناسبة المؤتمر الخامس لحزب جبهة التحرير الوطني في شهر
ديسمبر 1983أوصى بإنشاء هيئة عليا تحت سلطة رئيس الجمهورية األمين العام للحزب
مكلفة بالبت في مدى دستورية القوانين...وبقيت مجرد رأي غير محقق إلى غاية تبني دستور
23فبراير .21989
لقد جاء دستور 23فبراير 1989بعد األحداث الداخلية والخارجية وانهيار المعسكر
االشتراكي وأحداث 05أكتوبر ،1988وجاء هذا الدستور ثريا ومغاي ار تماما لدستور 22
نوفمبر 1976كما رأينا في هذه الدراسة سابقا وقد نص على إنشاء مجلس دستوري تم
تنصيبه فعال يوم 08مارس .1989
ففي دستور 1989يتشكل المجلس الدستوري من 07أعضاء بما فيهم رئيس المجلس
من بين هؤالء السبعة للسلطة القضائية تعين عضوين ممثلين عن المجلس األعلى للقضاء
باعتباره جهة نقض للقضاء العادي والقضاء اإلداري ألن الجزائر من خالل دستور 1989
أخذت بازدواجية القانون ووحدة القضاء ،مع اإلشارة إلى أنه لم توضع أية شروط سواء
بواسطة الدستور أو بواسطة القانون الختيار عضو المجلس الدستوري.
باستثناء النص من خالل المادة 154من دستور 23فبراير 1989بأن يكون العضوين
الممثلين للمجلس األعلى لقضاء من بين أعضائها وهذا ما ينتج عنه إلزامية اختيار ممثلين
- 1المواد ،190 ،189 ،188 ،187 ،186 ،185 ،184 ،183 ،من دستور الجزائر لعام .1976
2 -R. BENACHOUR etA . LACHAAL, op.cit, pp. 639- 640.
106
في المجلس الدستوري هم قضاة متمرسين هذا األمر ال ينطبق على السلطة التشريعية
(المجلس الشعبي الوطني) بحيث يمكنه تعيين عضوين من خارج المجلس لعدم دقة النص
الدستوري.
أما رئيس المجلس الدستوري فيتم تعيينه من طرف رئيس السلطة التنفيذية (رئيس
الجمهورية) لمدة عهدة كاملة ( 06سنوات).1
وعند مقارنة المجلس الدستوري الذي تم النص عليه في دستور 10سبتمبر 1963
والمجلس الدستوري الذي تم النص عليه في دستور 1989/02/23وتنظيمه من خالل
نظامه الداخلي المصادق عليه بتاريخ 07أوت 1989نجد أن عدد أعضاء المجلس لم
يتغير بقي ( ) 07أعضاء بما فيهم رئيس المجلس الدستوري أما من الناحية الشكلية فإن
دستور 1963نص على المجلس الدستوري في الباب المتعلق بالسلطة القضائية تحت
عنوان "العدالة" أما دستور 1989فنص على المجلس الدستور في الباب المعنون "الرقابة
والهيئات االستشارية" ،ولهذا التغيير داللته من حيث أن دستور 1963اعتبره ضمن الجهاز
القضائي ،أما دستور 1989فأبعده تماما عن السلطات الدستورية وجعله ضمن الهيئات
التابعة لرئيس الجمهورية تقوم بمهام استشارية ومهام رقابية رفقة مجموعة من الهيئات
األخرى كالمجلس األعلى اإلسالمي والمجلس األعلى للمحاسبة.
أما بالنسبة للسلطة القضائية كانت تملك 03أعضاء في دستور 1963يمثلونها على
مستوى المجلس الدستوري صارت تملك عضوين فقط يمثلونها في المجلس الدستوري قي
دستور 1989رغم أن عدد أعضاء المجلس الدستوري بقي 07أعضاء.
كان يعين أعضاء كل من المحكمة العليا ورئيسا الحجرة المدنية واإلدارية اعتبا ار
لوظائفهم في دستور 1963أما في دستور 1989صار ينتخب عضوان من المجلس
األعلى للقضاء من بين أعضائها يعني لكفاءاتهم العلمية والمهنية .
107
كان رئيس المجلس الدستوري ينتخب من طرف زمالئه وال يملك صوتا مرجحا في
دستور 1963صار في دستور 1989يعين من طرف السلطة التنفيذية وله صوتا مرجحا.
ورغم أننا لم نتطرق لدور السلطة القضائية وتأثيرها على أداء المجلس الدستوري في ظل
دستور 1963وهذا كما رأينا بسبب عدم إنشاء المجلس الدستوري أصال وتعليق العمل
بدستور 1963إال أنه وبمقارنة بسيطة نجد أن السلطة القضائية تقلص دورها في تشكيلة
المجلس الدستوري من خالل دستور 1989وذلك لصالح السلطة التنفيذية بحيث من 03
أعضاء انخفض حق السلطة القضائية إلى عضوين وكذا في نفس الوقت ارتفع حق السلطة
التنفيذية من عضو واحد في دستور 1963إلى 03أعضاء في دستور .1989
صار رئيس المجلس الدستوري يعين من طرف رئيس السلطة التنفيذية ( رئيس
الجمهورية) وله صوت مرجح واختصاصات مهمة جدا ينفرد بها على باقي أعضاء المجلس
الدستوري في حين دستور 1963جعله ينتخب من طرف زمالئه أعضاء المجلس الدستوري
وال يملك صوتا مرجحا ومنه اعتقد أن المؤسس الدستوري الجزائري من خالل دستور 23
فبراير 1989جعل نصيبا للسلطة القضائية في تشكيلة المجلس الدستوري ( )02عضوين
ليس بهدف إعطائها دور في توجيه المجلس الدستوري وانما إليجاد أهل االختصاص داخل
المجلس للقيام بعمل تقني أما التأثير الحقيقي فكان للسلطة التنفيذية.
تتكون السلطة القضائية من خالل دستور 1996من القضاء العادي والقضاء اإلداري
حيث قبل هذا الدستور كانت الجزائر تعتمد على وحدة القضاء وازدواجية القانون أي وجود
غرفة إدارية على مستوى مجالس االستئناف وغرفة إدارية على مستوى جهات النقض العادية
أي المجلس األعلى.1
إنه وبناء على نص المادة 164من الدستور صار من حق السلطة القضائية أن تنتخب
عضوين واحد تنتخبه المحكمة العليا وعضو آخر ينتخبه مجلس الدولة وما يعاب على هذه
108
المادة أنها لم تجعل انتخاب العضوين يكون من بين أعضاء المحكمة العليا وأعضاء مجلس
الدولة وحتى النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري المؤرخ في 28يوليو 2000لم
يتفطن لهذه النقطة.
أما من ناحية عدد أعضاء المجلس الدستوري فارتفع إلى 09أعضاء بمن فيهم رئيس
المجلس الدستوري وبقي نصيب السلطة القضائية 02من 09بعدما كان 02من 07
أعضاء في دستور .1989
وبهذا تقهقر دور السلطة القضائية وتأثيرها على المجلس الدستوري أمام هيمنة السلطة
التنفيذية في دستور 1989بوجود 03أعضاء للسلطة التنفيذية مقابل عضوين للسلطة
القضائية والسلطة التنفيذية تعين رئيس المجلس الدستوري صاحب الصوت المرجح
والصالحيات الواسعة وزاد هذا التقهقر في دستور 28نوفمبر 1996أمام السلطة التشريعية
التي صارت تملك حق انتخاب 04أعضاء ،اثنان عن المجلس الشعبي الوطني وعضوان
عن مجلس األمة (الغرفة العليا للبرلمان المستحدثة في دستور .3)1996
صار دور السلطة القضائية ضعيفا جدا في التأثير على عمل المجلس الدستوري خاصة
في ظل نظام سياسي جزائري يعتمد على تحالف بين البرلمان والحكومة في إطار تحالف
رئاسي حيث تبقى السلطة القضائية من خالل ممثليها في المجلس الدستوري صامتة أمام
109
األغلبية الرئاسية وكذا عدم امتالكها لحق إخطار المجلس الدستوري بجعلها مشلولة وفي هذه
النقطة أقترح إعطاء حق إخطار المجلس الدستوري لكل من رئيس المحكمة العليا ورئيس
مجلس الدولة في مجال الحقوق والحريات األساسية للمواطن حتى ال يتم السكوت على
اختراق الدستور في هذا المجال سواء بنص تشريعي أو بنص تنظيمي علما أن النص
التشريعي أو النص التنظيمي ال يمكن مراقبته من طرف المجلس الدستوري إال بعد إخطاره
من طرف رئيس الجمهورية رئيسي غرفتي البرلمان وبما أن مجاالت الحقوق األساسية
والحريات للمواطن من المجاالت التي وقعت الجزائر على االتفاقيات والصكوك الدولية التي
تنظمها وضمنتها الجزائر في دساتيرها لكنها لم تعطي اآللية الكافية لحمايتها من تعدي
المشرع .برلمان كان أم سلطة تنفيذية خاصة إذا علمنا بأن طبيعة النظام السياسي الجزائري
تقوم على تحالف رئاسي يجعل السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية تتبع نفس الخط ولهذا
أرى أن السلطة القضائية باعتبارها مستقلة بنص الدستور .وأعضاؤها في المجلس الدستوري
بعيدين عن السياسة بحكم تكوينهم ومهامهم يمكن أن تلعب دو ار أكثر أهمية في إعطاء
المجلس الدستوري دو ار أكبر في حماية حقوق األفراد وحرياتهم وحتى ال يصبح هذا الحق
معرقل للعمل التشريعي المعبر عن اإلرادة الشعبية نحدده في مجاالت معينة وهي حقوق
األفراد وحرياتهم األساسية باعتبارها حقوق طبيعة أساسية معترف بها دستوريا.
وبالمقارنة مع المجلس الدستوري اللبناني فقد جعل تكوين المجلس الدستوري مناصفة بين
السلطتين التنفيذية والتشريعية ولم يعطي أي دور للسلطة القضائية في هذا المجال.1
أما المجلس الدستوري الفرنسي فيتألف من 09أعضاء معينون كلهم ،وهو نفس العدد
الذي يتشكل منه المجلس الدستوري الجزائري دستور .1996/11/28
كما أن المجلس الدستوري الفرنسي يتكون بقوة القانون من كل رؤساء الجمهورية الفرنسية
القدماء لكنه لم يسبق ألحد منهم وأن حضر اجتماع المجلس الدستوري باستثناء (ريني كوبي
وف أورويل) األول بشكل متقطع والثاني بشكل منضبط جدا.
110
أما فيما يتعلق بتسمية األعضاء في المجلس الدستوري الفرنسي فإن المادة 157منه
أعطت صالحية تعيين 03من 09إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الشيوخ يعين 06
الباقون.
وما أعيب على هذا النظام أنه مسيس كثير كونه يخضع لالعتبارات الحزبية ويشابه
التعيينات في النظام األمريكي والتي تكون من طرف رئيس الجمهورية بعد مصادقة مجلس
الشيوخ.1
الفرع الثاني :الوجود في مرحلة الغرفة الدستورية والغياب في مرحلة المجلس الدستوري
المغربي
أشرت من خالل هاته الدراسة إلى أن المغرب عرف نظام الغرفة الدستورية بالمجلس
األعلى للقضاء كهيئة ممارسة للقضاء الدستوري ،وذلك من خالل دساتير ،1970 ،1962
1972ثم انتقل إلى نظام المجلس الدستوري من خالل دساتير 1992و ،1996وبعدها
111
إلى نظام المحكمة الدستورية في دستور 2011ولهذا تتطلب من الدراسة تبيان دور وتأثير
السلطة القضائية في مرحلة الغرفة الدستورية ثم دور وتأثير السلطة القضائية في مرحلة
المجلس الدستوري ثم مرحلة المحكمة الدستورية.
لقد تم النص على الغرفة الدستورية في الباب العاشر باعتبارها جزءا من السلطة
القضائية يرأسها رئيس المجلس األعلى للقضاء وتتشكل من قاض من الغرفة اإلدارية
بالمجلس األعلى للقضاء وبقي عضو واحد وهو قاض عن المحكمة اإلدارية رغم انخفاض
العدد في دستور 1970من 5أعضاء إلى 4أعضاء وذلك بسبب إلغاء مجلس المستشارين
(الغرفة العليا في البرلمان المغربي).
أما في دستور 1972فغاب ممثل السلطة القضائية وهو قاض عن المحكمة اإلدارية
بحيث أصبح عدد أعضاء الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى للقضاء 6أعضاء ثالثة منهم
يعينهم الملك (سلطة تنفيذية وثالثة يعينهم رئيس مجلس النواب (سلطة تشريعية) باإلضافة
1
إلى رئيس الغرفة الدستورية الذي هو في نفس الوقت رئيس المجلس األعلى للقضاء
نالحظ أن دستور المغرب 1962أشترط أن يتم تعيين عضوان قاض وأستاذ من كليات
الحقوق من طرف الملك باإلضافة إلى عضوية رئيس المجلس األعلى بصفته رئيس الغرفة
الدستورية وهو بطبيعة تكوينه قاض واختصاصه بنفس المنصب وبنفس الغرفة في دستوري
1972 ،1970لها دالله على محاولة إعطاء دور للطابع القضائي على تشكيلة هذه
الغرفة.2
وقد كان حق اإلحالة في الغرفة الدستورية يتمتع به كل من الوزير األول ورئيس مجلس
النواب ،وفي حالة النزاع االنتخابي يتوسع هذا الحق إلى الناخبين في الدائرة االنتخابية
112
المعنية بالنزاع وللمترشحين والعامل وأمين اللجنة الوطنية لإلحصاء ولم يكن هذا الحق
ممنوحا ألعضاء السلطة القضائية وغلب على دور الغرفة الدستورية في تلك المرحلة قلة
التدخالت ،واالجتهاد وكان طابع ق ارراتها في حل النزاع االنتخابي يتسم بقلة التعليل
والتسبيب ،ولهذه األسباب لم تكن باستطاعة الغرفة الدستورية تصحيح أي مسار انتخابي ال
يتعاون مع إرادة اإلدارة اإلقليمية في إنجاح تشكيلة سياسية معينة باإلضافة إلى أن ق اررات
الغرفة الدستورية في المجال االنتخابي لم تكن تنشر في الجريدة الرسمية كما أنها لم تكن
تحوز حجية الشيء المقضي فيه.1
وأول ما نالحظه على دستور 1972أنه قلص من الطابع القضائي للغرفة الدستورية
لصالح الطابع السياسي ملغيا كل دور للسلطة القضائية وذلك بالعودة إلى تشكيلة الغرفة
الدستورية التي خلت من ممثلي السلطة القضائية على عكس دستوري .1970 ،1962
كما أضاف دستور 1972بموجب الفصل 96منه المهام والوظائف التي تتنافى
وعضوية الغرفة الدستورية وأضيفت اختصاصات أخرى للغرفة الدستورية لم ينص عليها
الدستوري المغربي لسنة 1972صراحة لكن من خالل الفصل 97منه أشار إلى أن هناك
اختصاصات للغرفة الدستورية تطرقت إليها القوانين التنظيمية.2
يرى األستاذ رافع بن عاشور« :بأن الغرفة الدستورية بالمغرب حافظت من خالل دساتير
1972 ،1970 ،1962على نفس القاعدة وهي تمثيل السلطتين التنفيذية والتشريعية مع
اختالف تقسيم حصصها وأبعاد السلطة القضائية باستثناء رئيس الغرفة الدستورية الذي يملك
صفة القاضي باعتباره رئيس المجلس األعلى للقضاء».3
أما المحكمة العليا في موريتانيا والتي أوكلت إليها مهمة ممارسة الرقابة على دستورية
القوانين فإنها تتشكل من الرئيس ويعين لمدة 5سنوات من طرف رئيس الجمهورية باقتراح
من رئيس الجمعية الوطنية ويتم اختياره من بين الشخصيات المعروفة بالكفاءة في ميادين
113
القانون واإلدارة مع اشتراط أن يكون دينه اإلسالم ،ويتمتع بحصانة كبيرة تتمثل في عدم
قابليته للتوقيف أو العزل وال يمكن إقالته قبل نهاية مدة عضويته وال يمكن متابعته قضائيا إال
بترخيص من المجلس األعلى للقضاء الذي يرأسه رئيس الجمهورية إال في حالة ارتكاب
الخيانة أو التلبس بالجريمة.
كما تتكون المحكمة العليا من 02نائبين للرئيس معينين أحدهما من قضاة القانون
الوضعي واآلخر من قضاة القانون (الشرعي) ومستشارين معينين بنفس الطريقة باإلضافة
إلى مستشار مالي يعين لمدة سنتين بقرار مشترك بين وزير المالية ووزير العدل ويكون من
بين موظفي و ازرة المالية وأهم ميزة تفرقها عن الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى المغربي هو
أن تشكيلة المحكمة ال تبقى قارة في كل االختصاصات ذلك أنه بالنسبة للمادة الدستورية
تصبح المحكمة العليا تتكون من 05خمسة أعضاء على النحو التالي:
-رئيس المحكمة العليا رئيسا
-نائبا رئيس المحكمة العليا عضوان
-مستشاران معينان لمدة سنتين أحدهما من طرف رئيس الجمهورية والثاني من
طرف مجلس األمة (الجمعية الوطنية).
والمالحظ أن المؤسس الدستوري الموريتاني أدرك أن المحكمة العليا في المادة
الدستورية تتطلب العنصر القضائي والتخصص القانوني فلهذا يحاول إدماج العنصر
السياسي بإعطاء حق التعيين لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الجمعية الوطنية.1
ثانيا -مرحلة المجلس الدستوري :
إن دستور المغرب لسنة 1992أخرج الجهاز القضائي من رقابة دستورية القوانين
بعد إلغاءه للغرفة الدستورية على مستوى المجلس األعلى للقضاء ونص على هيئة وجعلها
مؤسسة دستورية مستقلة تسمى المجلس الدستوري.
وقد تم النص على المجلس الدستوري في الباب السادس من الدستور قبل النص على
السلطة القضائية وخصص للمجلس الدستوري الفصول من 76إلى 79وبين تشكيلته
وصار يتشكل من 4أعضاء يعينهم الملك لمدة 6سنوات و 4أعضاء يعينهم رئيس مجلس
-1سيدي أمحمد ولد سيدي أب ،مرجع سابق ،ص .33 – 32
114
النواب لنفس المدة بعد استشارة الفرق النيابية أما رئيس المجلس الدستوري فيعينه الملك لنفس
المدة من خارج األعضاء الثمانية السابق ذكرهم ،ويجدد كل ثالث سنوات نصف كل فئة من
أعضاء المجلس الدستوري وصدر ظهير شريف رقم 1.94.124بتاريخ 25فبراير 1994
يقضي بتنفيذ القانون التنظيمي (العضوي) رقم 29.93المؤرخ في 2مارس 1994والمتعلق
بالمجلس الدستوري.1
ي طرح تعيين األعضاء على مستوى المجلس الدستوري إشكالية السلطات التي لها حق
التعيين (السلطة التنفيذية ،البرلمان ،الجهاز القضائي) وما لهذا الحق في التعيين من تأثير
على سير وأداء المجلس الدستوري ،كما يطرح مشكلة الكفاءة في عضوية المجلس الدستوري
بين السياسي والقانوني إضافة إلى إيجاد توازن داخل المجلس نفسه بين الرئاسة واألعضاء.2
وما يالحظ على المجلس الدستوري المغربي وفق دستور 1992فإنه يخلو من أي ممثل
عن السلطة القضائية على غير ما كان عليه الحال في مرحلة الغرفة الدستورية واعتقد أن
األمر يعود إلى إتباع المغرب للنموذج الفرنسي من خالل دستور 4أكتوبر 1958والذي
أبعد القضاء عن أي دور في مجال القضاء الدستوري نظي ار للماضي والدور الذي لعبه
القضاة في فرنسا قبل قيام الثورة الفرنسية.
115
في مرحلة الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى أين كان رئيس المجلس األعلى للقضاء هو
نفسه رئيس الغرفة الدستورية.1
وبالعودة إلى المجلس الدستوري الفرنسي نجد كل أعضائه معينين حسب المادة 56من
دستور 4أكتوبر 1958باإلضافة إلى أعضاء بحكم القانون وهم رؤساء الجمهورية الفرنسية
السابقون.
يتم تعين األعضاء التسعة المشكلون للمجلس الدستوري الفرنسي بين رئيس الجمهورية
ورئيس مجلس الشيوخ وهنا تشابه مع الدستور المغربي لسنة 1992وسنة 1996أين
يشترك الملك والبرلمان في تعيين أعضاء المجلس الدستوري .كما يشتركان في إقصاء
السلطة القضائية من حق تعيين أعضاء المجلس الدستوري على خالف المؤسس الدستوري
الجزائري الذي أعطى وأبقى على حق السلطة القضائية في تعيين أعضاء المجلس الدستوري
ففي دستور 1963كان لها حق تعيين 3أعضاءهم رئيس المحكمة العليا ورئيسي الحجرتين
المدنية واإلدارية وفي دستور 23فبراير 1989أعطى للسلطة القضائية جهة طعن في
القضاء العادي والقضاء اإلداري .أما دستور 1996فقد أعطى للسلطة القضائية حق
انتخاب عضوين في المجلس الدستوري أحدهما يمثل المحكمة العليا (جهة نقض للقضاء
العادي) واآلخر يمثل مجلس الدولة باعتباره (جهة نقض في القضاء اإلداري).
أما المغرب فيتفق مع الجزائر وفرنسا من حيث عدد أعضاء المجلس الدستوري وهو 9
أعضاء في دستور المغرب 1992ودستور الجزائر 1996أما دستور المغرب 1996فقد
رفع العدد إلى 12عضوا متجاو از أعضاء المجلس الدستوري الجزائري والفرنسي.
كما ينفرد دستور الجزائر 1963بجعل رئاسة المجلس الدستوري تكون باالنتخاب من
بين أعضاء المجلس الدستوري على عكس فرنسا والمغرب ،أين يكون رئيس المجلس
الدستوري معينا.
116
ثالثا – مرحلة المحكمة الدستورية بالمغرب :
نص دستور المغرب المؤرخ في 01يوليو 2011على محكمة دستورية خلفا للمجلس
الدستوري.
ذهب دستور المغرب 01يوليو 2011إلى تبني المراقبة القضائية على دستورية
القوانين والتي تهدف إلى التأكد من أن القوانين واألعمال الصادرة عن السلطات العامة
مطابقة للدستور وتم النص على إنشاء محكمة دستورية لتعويض المجلس الدستوري الذي
حل محل الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى للقضاء كما رأينا في الدراسة سابقا والمحكمة
جاءت متأثرة بالنظام المتبع في الدول األنجلوسكسونية.1
نصت المادة 129من دستور المغرب 2011على إحداث محكمة دستورية وخصص
لها الباب العاشر من الدستور مباشرة بعد النص على السلطة القضائية وتتكون من
شخصيات ذات تكوين عالي في القانون وكفاءات قضائية وفقهية وادارية والذين مارسوا
مهامهم لفترة تتجاوز 15سنة والمشهود لهم بالتجربة والنزاهة وركز المشرع على توفر شرط
الحياد والكفاءة على عكس أعضاء المجلس الدستوري ،وهكذا أعطى المشرع حق تعيين 06
أعضاء للملك يقترح واحد منهم األمين العام للمجلس العلمي األعلى وينتخب الستة اآلخرون
من طرف مجلسي البرلمان مناصفة من المترشحين الذين يقدمهم مكتب كل مجلس ويتم
تعيين أعضاء المحكمة الدستورية لمدة 09سنوات غير قابلة للتجديد ويتم تغيير ثلث
األعضاء كل ثالثة سنوات.2
- 1أمغار محمد ،المحكمة الدستورية في مشروع الدستور ومراقبة القوانين ،منشور بالموقع التالي :
http:// www. Ohew ar. Org/ debat/ show. Art. asp. Aid = 265 798 (consulté le : 25 janvier
2015).
- 2المرجع نفسه،
117
. 1990وقد حرمت كل من السلطة التشريعية والسلطة القضائية ،من تعيين أعضائه وهذا
بسبب اعتبار المجلس الدستوري التونسي هيئة استشارية بالنسبة لرئيس الجمهورية التونسية،
ويتم التعيين بمقتضى أمر صادر عن رئيس الجمهورية ينشر في الجريدة الرسمية (الرائد
الرسمي).
أما في أول تعديل لتشكيلة المجلس الدستوري التونسي بتاريخ 12جوان 1989أصبح
كل من الرئيس األول لمحكمة التعقيب ورئيس المحكمة اإلدارية ورئيس دائرة الحسابات
أعضاء بالمجلس الدستوري للجمهورية.1
أما التعيين الجديد الذي جاء بتاريخ 16سبتمبر 1992بمقتضى األمر عدد 1650
لسنة 1992فلم تتضمن اإلشارة إلى الصفة الوظيفية للرئيس األول لمحكمة التعقيب والرئيس
األول للمحكمة اإلدارية ،كما لم تشمل تعيين الرئيس األول لدائرة الحسابات مما يوحي بأن
هذا التعيين تراجع عن الصفة الوظيفية للعضو المعين واعتماده الصفة الشخصية للعضو
المعين المتمثلة في الخبرة والكفاءة في المجال القانوني.2
اعتقد أن السلطة التنفيذية في تونس ممثلة في شخص رئيس الجمهورية في تلك المرحلة
لم تكن ترغب في ترك المجال ألية سلطة أخرى ال تشريعية وال قضائية في مشاركتها في
118
الحكم ولهذا لم تكن تقصد من وراء تعيين رؤساء هيئات قضائية متمرسون في مجال القانون
العام إال بحثا عن التكامل بين السياسي والقانوني لعرقلة العمل التشريعي ومراقبته في صالح
توسيع مجال العمل التنظيمي الذي يمارسه رئيس الجمهورية.
ومقارنة بالمجلس الدستوري الموريتاني الذي يتكون حسب المادة 81من دستور 20
جويلية 1991والمادة األولى من القانون العضوي رقم 92 /004المؤرخ في 18فبراير
1992والمتضمن تنظيم المجلس الدستوري فإن هذا األخير يتكون من 6أعضاء ثالثة
أعضاء يعينهم رئيس الجمهورية وعضوين يعينهم رئيس المجلس الوطني وعضو واحد يعينه
رئيس مجلس الشيوخ ويتم تعيين رئيس المجلس الدستوري من قبل رئيس الجمهورية ،وهذا
الرئيس يملك صوتا مرجحا في حالة تساوي األصوات داخل المجلس وال تخضع الهيئات
صاحبة التعيين ألي شرط إال الشروط العامة لممارسة الوظائف العامة في الدولة على تمكن
بعض األنظمة المغاربية التي تشترط الكفاءة في مجال القانون مثل المغرب في دستور
1992وتونس.1
الفرع الرابع :دور السلطة القضائية في المجلس الدستوري الموريتاني والغرفة الدستورية
يعين أعضاء المجلس الدستوري الموريتاني من طرف كل من السلطة التنفيذية ممثلة في
رئيس الجمهورية ورئيسا مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية ممثالن عن السلطة التشريعية وال
يعطي أي دور للسلطة القضائية في هذا التعيين.2
إنه حتى وان كان إشراك السلطتين التنفيذية والتشريعية في تعيين أعضاء المجلس
الدستوري له ما يبرره وهو طبيعة المهام الموكلة لهذا المجلس فإن غياب السلطة القضائية
يجعل هذا المجلس ناقصا من حيث عنصر التخصص القانوني والقضائي.3
ويبدو هنا النقل واضحا عن المجلس الدستوري الفرنسي الدي تم النص عليه في دستور
04أكتوبر 1958ال من حيث إشراك السلطتين التشريعية والتنفيذية في تعيين أعضاءه
- 1سيدي أمحمد ولد سيدي آب ،مرجع سابق ،ص .33 – 32
- 2محمد فال ولد المجتبي ،مرجع سابق ،ص .20
- 3المرجع نفسه .
119
وابعاد السلطة القضائية عن ذلك وانما حتى في اعتماده على التعيين عوض االعتماد على
التعيين واالنتخاب.
وما يميز نظام تعيين أعضاء المجلس الدستوري الموريتاني الدور القوي الذي تلعبه
السلطة التنفيذية مجسدة في رئيس الجمهورية الذي يعين نصف أعضاء المجلس بمن فيهم
رئيسه صاحب االختصاصات والمهام المتميزة على باقي األعضاء 1هذا خالف المجلس
الدستوري الفرنسي الذي يعين من خالله الرئيس 03أعضاء من بين 09أعضاء يشكلون
المجلس الدستوري الفرنسي وعلى خالف كذلك المجلس الدستوري الجزائري الذي يعين
الرئيس فيه 03أعضاء من بين األعضاء 09الذين يشكلون المجلس الدستوري الجزائري
في ظل دستور ،1996ويتفق مع النظام الدستوري المغربي الذي يعين فيه الملك نصف
األعضاء مناصفة مع البرلمان.
ويبدو أنه من المستحسن إعطاء دور للسلطة القضائية بأي شكل ممكن في المساهمة
في تشكيل المجلس الدستوري الموريتاني كأن يتم إعطاء حق تعيين بعض أعضاء المجلس
الدستوري من طرف رؤساء هيئات القضاء العدلي أو القضاء اإلداري والمالي.2
كما يمكن استشارة الهيئات القضائية العليا في موريتانيا من طرف رئيس الجمهورية عند
قيامه بتعيين أعضاء المجلس الدستوري الموريتاني ،إن إشراك السلطة القضائية في عملية
اختيار أعضاء المجلس الدستوري ال يمس البتة باستقالل القضاء وانما يضخ فيه العنصر
المتخصص الذي يجعل خبرته وممارسته على مستوى القضاء العادي والقضاء اإلداري في
صالح القضاء الدستوري ولقد أخذت الجزائر بهذا المنطق بحيث هي الدولة الوحيدة في
المغرب العربي التي أعطت حق لمجلس الدولة كأعلى هيئة في القضاء اإلداري والمحكمة
العليا كأعلى هيئة في القضاء العادي حق تعيين قاضي لكل منهما.
إن الشيء المشترك في األنظمة المغاربة هو عدم إعطاء أي دور للسلطة القضائية سواء
في تشكيلة مجالسها أو غرفها الدستورية وهذا لتأثرها بالنموذج الفرنسي الذي يملك رصيدا
120
سلبيا حول دور المحاكم البرلمانية والقضاة قبل الثورة الفرنسية باستثناء النظام الدستوري
الجزائري الذي ورغم تأثره بالنموذج الفرنسي دستور 1958/10/4إال أنه أعطى السلطة
القضائية دو ار متفاوتا من دستور 1976 ، 1963أين كان القضاء وظيفة فقط والسلطة
للحزب (حزب جبهة التحرير الوطني) حيث كان ال تأثير في أية هيئة إال تأثير الحزب
الحاكم إلى دساتير ( )1996 ،1989أين لعبت السلطة القضائية دو ار ضعيفا مقارنة
بالسلطتين التنفيذية والتشريعية التي تمتلك شرعية انتخابية تمثيلية مقارنة مع القاضي
المعين ألداء وظيفة عمومية.
121
الفصل الثاني
هيئات القضاء الدستوري
122
يعتبر المجلس الدستوري من أهم الهيئات الدستورية في الدولة نظ ار للدور الذي يلعبه في
تحقيق دولة القانون والزام السلطات الحاكمة في الدولة باحترام سمو الدستور ولهذا فإن
ضرورة تنظيمية كجهاز أمر بالغ األهمية قبل تزويده بصالحيات تمكنه من أداء مهامه
ت مكن صعوبة تنظيمه نظ ار لطبيعته المختلفة من دولة إلى دولة وكذا يرتبط التنظيم بالمهمة
دور مهما في
المنتظرة من المجلس الدستوري حسب رؤية السلطة السياسية التي تلعب ا
تشكيلته البشرية كما رأينا في الفصل السابق من هذه الدراسة ،الشيء الذي يجعل االختالف
في تنظيمه الهيكلي أمر مقبول بين كل من الجزائر ،المغرب وتونس وموريتانيا لكن هناك
نقاط تقاطع بين هاته الدول والسبب يعود أنها كلها نهلت من نفس المنهل وهو المجلس
الدستوري الفرنسي.
كما توجد آليات تس اهم من خاللها األجهزة اإلدارية للمجالس الدستورية أو المحاكم
الدستورية في إثراء وتسهيل عمل القاضي الدستوري وهي مصالح موجودة على مستوى
المجالس الدستورية تؤثر إيجابا وسلبا على عضو المجلس الدستوري ومساره المهني وظروف
عمله ،كما نجد أن النظام القانوني للقاضي الدستوري ال بد أن ينص ويحقق مجموعة من
الضمانات التي تسمح بأن يكون هذا األخير في راحة وقدرة على أداء مهام بدء بوضع
مجموعة من الشروط والضوابط المتعلقة بالعضوية مثل تجديد العهدة وعدم القابلية للعزل
وأحوال التنافي لمهامه كقاضي دستوري مع وظائف ومهام أخرى كما تمنحه القوانين
مجموعة من االمتيازات كالحصانة والتعويضات باإلضافة إلى فرض مجموعة من االلتزامات
كااللتزام بسرية األعمال والتحفظ ،كل هاته المسائل يبقى تقديرها وتأثيرها نسبي على أداء
القاضي الدستوري.
ولهذا نقسم هذا الفصل إلى مبحثين يتطرق األول منهما إلى تنظيم األجهزة اإلدارية
لهيئات القضاء الدستوري وثانيهما إلى مكانة عضو المجلس الدستوري.
123
المبحث األول :تنظيم هيئات القضاء الدستوري
يتكون المجلس الدستوري الفرنسي من أمانة عامة والمصلحة القانونية والمصلحة اإلدارية
والمالية ومصلحة النشر والعالقات الخارجية باإلضافة إلى مصلحة التوثيق كل هذه المصالح
تقوم بمهام مختلفة ومتكاملة من أجل إنجاح عمل المجلس الدستوري الفرنسي باإلضافة إلى
مصالح تنشئ ألرغراض معينة وللقيام بمهام محددة في مناسبات محددة ،وال يختلف كثي ار
تنظيم األجهزة اإلدارية في كل من الجزائر وتونس والمغرب و موريتانيا سواء من حيث
الهياكل أو االختصاصات رغير أن نظام الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى المغربي قبل
دستور 1992اختلف باعتبارها رغرفة قضائية ضمن هيكل قضائي صرف لكن االختالفات
التي تبدوا بسيطة في بعض األحيان لها تأثير مهم على قيام المجلس الدستوري بمهامه
خاصة بعض الهياكل على رغرار منصب األمين العام للمجلس الدستوري الذي نجده في
النظام الفرنسي وفي كل األنظمة المغاربية (الجزائر المغرب تونس وموريتانيا) لكن بهامش
من االختصاصات.
نبين كل هذه المصالح ثم نعالج التنظيم الداخلي للمجالس الدستورية في كل من الجزائر
وتونس والمغرب وموريتانيا في أربعة مطالب.
المطلب األول :األجهزة اإلداريةلهيئات القضاء الدستوري
نبين الهياكل واألجهزة اإلدارية المشكلة للمجالس الدستورية المغاربية في أربعة فروع كل
من المجلس الدستوري الجزائري والمجلس الدستوري التونسي ثم الغرفة الدستورية والمجلس
الدستوري المغربي والمجلس الدستوري الموريتاني.
الفرع األول :أجهزة المجلس الدستوري الجزائري واختصاصاتها
أوال -تحديد الجهة المخولة بسن النص الذي ينظم المجلس الدستوري :
ررغم أن الدستور الجزائري 1996نص في فقرته الثانية من المادة 167بأن يحدد
المجلس الدستوري قواعد عمله إال أنه لم يحدد ال صراحة وال ضمنيا الجهة التي لها
صالحية كيفيات تنظيم المجلس الدستوري كجهاز إداري األمر الذي أدى إلى رغموض حول
إلى من يعود االختصاص بتنظيم هذا الجهاز على النص التشريعي الذي يصدر عن
124
البرلمان أم النص التنظيمي الذي يصدر عن رئيس الجمهورية ؟ .1
بالعودة إلى االختصاصات المهمة التي يتمتع بها المجلس الدستوري في مجاالت الرقابة
الدستورية والمنازعة االنتخابية وكذا المهام الخاصة التي أسندها له الدستور كان ال بدا من
دعمه بجهاز إداري قوي بشريا وماديا وذلك من خالل نص قانوني قوي من حيث الدرجة.
ويرى في هذا الشأن األستاذ بوشعير أن القراءة الصحيحة للدستور تؤدي إلى اعتبار
تنظيم المجلس الدستوري يدخل ضمن السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية المبينة في المادة
01/116دستور 1989والمادة 1/125دستور 1996واللتان تقضيان بأن يمارس رئيس
الجمهورية السلطة التنظيمية في المسائل رغير المخصصة للقانون.3
أما فرنسا ومن خالل المادة 63من دستور 1958/10/04فإن تنظيم المجلس
الدستوري الفرنسي تم عن طريق قانون عضوي ،4أما تونس فإن تنظيم المجلس الدستوري
التونسي في بداية ن شأته تم تنظيمه عن طريق نص ترتيبي أي عن طريق التنظيم ،5وفي
موريتانيا تم تنظيم المجلس الدستوري عن طريق قانون عضوي ،6أما المجلس الدستوري
المغربي والمحكمة الدستورية المغربية فقد أحال النص الدستوري على قانون عضوي
لتنظيمها.
125
ويبدو أن المؤسس الدستوري الجزائري قصد عدم إعطاء اختصاص تنظيم المجلس
الدستوري للبرلمان وذلك حفاظا على استقاللية هذه الهيئة التي من مهامها األساسية مراقبة
العمل التشريعي الصادر عن البرلمان وخوفا من أن يعمد البرلمان إلى تضمين أحكام في
النص القانوني المتعلق بتنظيم المجلس الدستوري تجعل هذا األخير رغير قادر على أداء
مهامه وفي األخير عاد االختصاص إلى رئيس الجمهورية يمارسها في إطار السلطة
التنظيمية من خالل المادة 116من دستور 1989والتي تقابلها المادة 125من دستور
.1996
صدر مرسوم رئاسي رقم 143 - 89مؤرخ في 7أوت 1989تعلق بالقواعد الخاصة
بتنظيم المجلس الدستوري والقانون األساسي لبعض موظفيه لكنه مجرد نص تنظيمي لم
يتطرق إلى كيفيات سير المجلس واجراءات عمله باعتبار أن النص الدستوري هو الذي حدد
هذه المسائل ،وأحال من خالل المادة 02/157والمادة 02/167على المجلس الدستوري
إلعداد نظام عمله وبهذا ابتعد المرسوم الرئاسي 143/89على التدخل في شؤون المجلس
الدستوري كهيئة تداولية أي القضاة الدستوريون ونظم الجوانب اإلدارية للمجلس الدستوري
كجهاز إداري ،ومن المسائل التي تطرق إليها المرسوم الرئاسي مسألة إعالن قائمة أعضاء
المجلس الدستوري وانتهاء العضوية وشغور منصب رئيس المجلس الدستوري وكيفيات
استخالفه وأجهزته كاألمانة العامة ومختلف مصالحه ومركز الدراسات والبحث وطرق تعيين
الموظفين والتسيير المالي والمحاسبة للمجلس الدستوري كمرفق عمومي يخضع لقواعد
المحاسبة العمومية.
وتتكون إدارة المجلس الدستوري من مجموعة من المصالح يسهر على تسييرها أمينا
عاما يعينه رئيس الجمهورية بناء على مقترح من رئيس المجلس الدستوري 1وتتوزع مختلف
- 1مرسوم رئاسي رقم 240-99مؤرخ في 17رجب عام 1420الموافق 27أكتوبر سنة ،1999يتعلق بالتعيين في
الوظائف المدنية والعسكرية للدولة،الجريدة الرسمية ،العدد 76المؤرخة في 31أكتوبر سنة.1999
126
المصالح على قطبين هما قطب الدراسات والبحوث ومديرية التوثيق وقطب يمثل المصالح
اإلدارية التابعة لمديرية اإلدارة العامة.1
إن األمين العام بالنسبة للمجلس الدستوري الجزائري يتم تعينه بمقرر صادر من رئيس
المجلس الدستوري المفوض في هذا الشأن من رئيس الجمهورية وفقا للمرسوم 89/214
المؤرخ في 1989/8/20والمقرر المؤرخ في 1993/1/11والذي يحدد التنظيم الداخلي
للم صلحة اإلدارية للمجلس الدستوري وال يشترط في منصب األمين العام للمجلس الدستوري
الجزائري إال الشروط العامة لتولي الوظيفة العمومية باإلضافة إلى اشتراط أن يكون لهذا
الموظف تكوينا يال ئم مهامه وخبرة 5سنوات على األقل لدى أجهزة الدولة ،2وهذه الخبرة
زائد التكوين ف ي االختصاص مهمة جدا باعتبار المهام التي يقوم بها األمين العام هي تسيير
مرفقا عموميا بجوانبه البشرية واإلدارية (التنسيق بين المصالح) باإلضافة إلى المهام ذات
االختصاص والمتعلقة بأعمال المجلس الدستوري ونجد طريقة تعيين أمين عام المجلس
الدستوري الجزائري تختلف عن طريقة تعيين أمين عام المجلس الدستوري الفرنسي من حيث
أن األول يعين بمقرر من رئيس المجلس الدستوري المفوض له من رئيس الجمهورية
الفرنسية ولهذا األمر انعكاس كبير على العالقة بين األمين العام للمجلس الدستوري وأعضاء
المجلس الدستوري.
127
إن تعيين األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي بواسطة مرسوم رئاسي يجعله في
إطار عالقة مباشرة مع رئيس الجمهورية ألنه عين بنفس الشكليات التي يعين بها رئيس
المجلس الدستوري وأعضاء المجلس الدستوري األمر الذي يجعله ينصب من طرف رئيس
الجمهورية ذاته بمرسوم رئاسي احتراما لقاعدة توازي األشكال.
ف ي حين أن أمين عام المجلس الدستوري الجزائري يعين بمقرر (عمل إداري) من طرف
رئيس المجلس الدستوري الجزائري الشيء الذي يجعله في عالقة تبعية المرؤوس لرئيسه
ويمكن عزله واستخالفه بنفس اإلجراء اإلداري (مقرر).
أما نقطة االختالف الثانية تتمثل في كون النظام القانوني الجزائري يشترط في من يتولى
منصب األمين العام للمجلس الدستوري خبرة 5سنوات لدى أجهزة الدولة على األقل زائد
مالئمة التكوين الذي قام به للمهمة المسندة له الشيء الذي ال نجده عند المشرع الفرنسي.
والمهمة األساسية الملقاة على عاتق أمين عام المجلس الدستوري الجزائري هي القيام
باألعمال التحضيرية الالزمة التي تسبق الق اررات التي يتخذها المجلس الدستوري ومتابعة
ذلك بالعمل على تطبيقها وتطبيق كل القوانين والمبادرة بالتوضيح واالقتراح كلما دعت
ضرورة تطبيق القوانين أو الق اررات.
كما يعمل األمين العام للمجلس الدستوري الجزائري على التنسيق بين مختلف المصالح
واألجهزة الموجودة على مستوى المجلس الدستوري وحسن سيرها وبكل وضوح فإن مهمة
األمين العام على مستوى المجلس الدستوري تتمثل في تحضير وتنظيم أعماله ،وهذا حسب
ما جاء في المادة 7من المرسوم الرئاسي 143/89المؤرخ في 07أوت .11989
أما أثناء انعقاد جلسة المجلس الدستوري للتداول فإنه يقوم بتسجيل اآلراء والق اررات
وحفظها حسب المادة 02/19من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري.2
- 1المادة 7من مرسوم رئاسي رقم 143-89مؤرخ في 5محرم عام 1410الموافق 7رغشت 1989يتعلق بالقواعد
الخاصة بتنظيم المجلس الدستوري والقانون األساسي لبعض موظفيه،الجريدة الرسمية العدد 15المؤرخة في 7رغشت سنة
.1989
- 2المادة 02/19من النظام المؤرخ في 03ماي 2012المتعلق بالنظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري ،ج ر
عدد .26
128
كما يقوم أمين عام المجلس الدستوري بالتنسيق والربط بين مختلف مصالح المجلس
الدستوري ويساعد رئيس المجلس الدستوري في كل مهامه وألجل ذلك يوجد على مستوى
األمانة العامة مكتب البريد واالتصال لتسجيل الصادر والوارد إلى ومن المجلس الدستوري
ويساعده أيضا في مهامه مدير الدراسات ومدي ار للبحث.
ومن أجل قيام المجلس الدستوري بمهامه في مجالي البحث والدراسات يعتمد تنظيما
يتكون من مدير عام يساعده مديرو دراسات وبحث ورؤساء مصالح تحت السلطة المباشرة
لألمين العام للمجلس الدستوري وهذا المركز يكون تابعا إداريا وماليا للمجلس الدستوري
وحتى يستطيع مركز البحث من النشاط في ظروف مالئمة كان من المفترض أن يصدر
النص التنظيمي الذي يحكمه سنة 2000لكنه تأخر إلى رغاية سنة .2002ويرى في هذا
الشأن األستاذ سيعد بوشعير «:كان األمين العام للمجلس ومديري الدراسات والبحث
يخضعون في مرتباتهم للمرسوم الذي يحكم إطارات القطاعات الو ازرية دون رئاسة الجمهورية
وقد تمكن رئيس المجلس ررغم معارضة األمانة العامة من إقناع الرئيس سنة 1995بإدراج
الوظائف المذكورة أعاله ضمن المرسوم المحدد لمرتبات إطارات الرئاسية ،ذلك أن المرتبات
األصلية كانت من الضعف بحيث ال تشجع ذوي الكفاءات العلمية على تولي تلك
المناصب».1
يرأسها مدير يعين بواسطة مقرر رسمي من طرف رئيس المجلس الدستوري يتكفل بحفظ
وتنظيم وتسيير كل الوثائق التي لها عالقة بالمجلس الدستوري وتتشكل من عدة مصالح
هي:
- 1مصلحة الدراسات :يرأسها رئيس مصلحة يعمل تحت السلطة السلمية لمدير
الوثائق وتتمثل مهمة المصلحة القيام بالبحث وتحديد كل ما يتعلق بنشاطات وأعمال
129
المجلس الدستوري ويتم ذلك بعد مراجعة الكتب والمجالت والدوريات المتوفرة على مستوى
المجلس الدستوري مثل الكتب.
- 2مصلحة تحليل الوثائق واستغاللها :ينظم ويرتب الوثائق المتعلقة بأعمال المجلس
الدستوري وحفظها وكذا تسيير األرشيف باعتماد الطرق الحديثة احتسابا لتلف هذه الوثائق
ومت ابعه ما ينشر في الصحافة وتحليلها بنية إعانة المجلس الدستوري في مجال ما يكتب.
- 3مصلحة كتابة ضبط المجلس الدستوري :رغالبا ما نجد هذه المصلحة على مستوى
الجهات القضائية (المحاكم) وهي تقوم بتسجيل وصول ملفات اإلخطار وتبليغ اآلراء
والق اررات الصادرة عن المجلس للهيئات المعنية بالتبليغ أما في حالة النزاع االنتخابي فتحول
إلى كتابة ضبط فعلية حيث تستقبل الطعون الخاصة باالنتخابات بكل أنواعها.
- 4مديرية الموظفين والوسائل :تعنى هذه المديرية بتسيير الجانب اإلداري والمالي
لموظفي المجلس الدستوري وعلى رأسها مدي ار معينا بمقرر من رئيس المجلس الدستوري،
وتتشكل من عدة مصالح حسب ما جاء في المادة 6من المقرر 1993/1/11وهذه
المصالح هي:1
ب -مصلحة الميزانية والمحاسبة :باعتبار المجلس الدستوري هيئة مستقلة ماليا فإنها
تقوم بإعداد ميزانيتها السنوية وتصادق عليها تم تشرع في عمليات اإلنفاق وتنفيذ الميزانية،
ومصلحة الميزانية هي المصلحة المؤهلة إلعداد مشروع الميزانية وعرضه على رئيس
المجلس الدستوري باعتباره آم ار بالصرف ثم الشروع في تنفيذها وتسيير الميزانية.
مصلحة الوسائل العامة :تقوم هذه المصلحة بتسيير وصيانة كل ممتلكات ج -
المجلس الدستوري من معدات وأجهزة والقيام بصيانتها دوريا والحرص على سالمتها.
- 1المادة 6من المقرر المؤرخ في 11يناير 1993المحدد للتنظيم الداخلي للمصلحة اإلدارية للمجلس الدستوري ،رغير
منشور.
130
- 5مراكز الدراسات والبحوث الدستورية :هذه الهيئة من خالل تسميتها (مركز) وليس
(مديرية) يوحي بأن مهامها ال تكتسب أي طابع إداري وانما تكتسي طابعا علميا حيث نظم
هذا المركز بموجب مرسوم رئاسي رقم 157/2مؤرخ في 2002/5/16وكان الهدف من
إنشاء هذا المركز تتمثل في إثراء القانون الدستوري وتمحورت أعمال هذا المركز حول النقاط
التالية:
وفي سبيل تحقيق ذلك يمكن هذا المركز االتصال بأي شخص أو جهة تمتلك كفأة في
مجال القانون الدستوري ويمكن أن تثري هذه األهداف المذكورة.1
ويرأس هذا المركز مدي ار عاما يعمل تحت السلطة السلمية لألمين العام للمجلس
الدستوري ومنذ إنشاء هذا المركز وهو يتفتح داخليا وخارجيا على جميع الهيئات التي لها
صلة بموضوعات اختصاصه.
كما نشير إلى أن هذه المصالح والمديريات والمراكز ليست حصرية إذ يمكن للمجلس
الدستوري أن يطلب ويوظف مستخدمين الزمين لسير جهازه بواسطة مقرر مشترك بين رئيس
المجلس الدستوري ووزير المالية وكذا الوزير المكلف بالوظيفة العمومية.2
أما بالنسبة للمجلس الدستوري الفرنسي فإن األمانة العامة يرأسها أمين عام جرى التقليد
في فرنسا أن يكون عضوا من مجلس الدولة الفرنسي 3لكن رئيس المجلس الدستوري لسنة
( 1983دانيال مايير) قام بتكسير هذا التقليد وعين القاضي "برنار بوالن" من الهيئة
-1مرسوم رئاسي مؤرخ في 16ماي 2002تحت رقم 157 - 02معدل ومتمم للمرسوم الرئاسي 143 - 89الخاص
بتنظيم المجلس الدستوري والقانون األساسي لبعض موظفيه.
- 2رشيدة العام ،مرجع سابق ،ص .143 – 142
ème
3 - Y., GUCHE, La V République, Paris, Economica, 3eme éd, 1994, p. 327.
131
القضائية ويعين األمين العام بمرسوم رئاسي بعد أن يقترحه رئيس المجلس الدستوري ويمكن
لألمين العام تحديد شخص يساعده في مهامه يسمى (المكلف بمهمة).
إن أول مهمة تقع على األمين العام هي السهر على حسن سير المجلس وأعماله ويقوم
رئيس المجلس الدستوري بمنحه تفويضا باإلمضاء حتى يسهل مهامه في الجوانب
واإلجراءات ذات الطابع اإلداري فقط متعلقة بتسيير األجهزة والموظفين«:كما أن له دو ار
أساسيا ومؤث ار على رئيس المجلس والمستشارين من خالل مرحلة تحضير القرار إلى رغاية
وجوده الصامت أثناء المداوالت».1
الوجود الصامت يعني عدم التدخل أثناء الجلسات واالكتفاء بالصمت واالستماع لكن من
خالل الوثائق واألعمال التمهيدية التي يحضرها يظهر وجوده جليا خالل االجتماع ،فهو
بمجرد تلقي المجلس إلخطار ما من الجهات المخولة بذلك دستوريا يشرع في أعماله
التحضيرية.
ولإلشارة فإن األمين العام بالمجلس الدستوري الفرنسي رغالبا ما اعتبر العضو العاشر
في المجلس الدستوري الفرنسي من قبل الكثير نظ ار للدور الذي يلعبه ولهذا تناوب على هذا
المنصب منذ سنة 1993كل من ( )Oscharameckوكان عضو في مجلس شورى الدولة
ومدي ار سابقا في مكاتب العديد من الوزراء وكذا المحامي (شوارترنبرع وجوسان) وهو أستاذ
مشارك في جامعة باريس األولى وصاحب العديد من المؤلفات القيمة كما يقوم األمين العام
للمجلس الدستوري الفرنسي باالتصال بالهيئات التي تمارس القضاء الدستوري في العالم
محاوال تصدير النموذج الفرنسي وافادة أكبر عدد خارج فرنسا من أعضاء المجالس
الدستورية أو الباحثين في مجال القضاء الدستوري .
كما تظم البنية اإلدارية للمجلس الدستوري الفرنسي مرفقا قانونيا ومرفقا إداريا ،ومرفقا
للمكتبة والتوثيق والمعلوماتية ومرفقا للصحافة باإلضافة إلى مكلف بالمهام يعنى بتكوين
متدربين يختارون من بين الطالب المتفوقين في كليات الحقوق كما استحدث
132
( )Oscharameckكتابة للضبط الشيء الذي يدعم الصفة القضائية للمجلس الدستوري
الفرنسي.
أما بعد صدور قانون 18أفريل 1990المتعلق بالمجلس الدستوري أصبح هذا األخير
يتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة وما يترتب على ذلك من استقالل إداري واستقالل مالي
وتميز بتنظيم إداري بسيط.
لقد جاء في الفصل الخامس من قانون 18أبريل 1990المتعلق بالمجلس الدستوري أن
رئيس المجلس الدستوري هو الذي يسهر على سير أعمال المجلس وادارة شؤونه ويمثله لدى
الغير ،ولم يكن بإمكان المجلس الدستوري التونسي تعيين اإلطار اإلداري والموظفين وذلك
لسببين:
أما السبب األول ،كونه لم يتم المصادقة على أول ميزانية للمجلس إال بمقتضى قانون
المالية الصادر في 31ديسمبر 1990وثانيهما عدم صدور األمر المتعلق بالمجلس
الدستوري.
133
وبسبب ذلك واصلت الو ازرة األولى اإلشراف على شؤون المجلس الدستوري اإلدارية
والمالية والتنظيمية.1
وبصدور األمر عدد 324لسنة 1991الذي أحدث مصالح بالمجلس الدستوري كل
الهياكل األساسية اإلدارية للمجلس الدستوري وأصبح المجلس الدستوري التونسي يتكون من
إدارتين فرعيتين اإلدارة الفرعية للدراسات والمتابعة (أوال) اإلدارة الفرعية للشؤون اإلدارية
والمالية (ثانيا).
يشرف على هذه المصلحة موظف سامي من سلك مستشاري المصالح العمومية تهتم
هذه اإلدارة بإعداد الوثائق والوسائل الضرورية ألعمال المجلس والمساهمة في إنجاز
الدراسات والبحوث ،وكل ما يتعلق باألعمال التحضيرية للجلسات وتقوم أيضا بتدوين
المداوالت ومسكها وحفظها وتتولى متابعة إنجاز التقرير السنوي للمجلس الذي يقدم لرئيس
الجمهورية.2
تقوم هذه اإلدارة بإدارة شؤون الموظفين البالغ عددهم 25عضوا من النواحي اإلدارية
والمالية كصرف األجور والمنح والقيام بجميع النفقات والقيام بأعمال التموين والصيانة
واعداد ميزانية التسيير والتجهيز.3
يتوفر المجلس الدستوري المغربي على جهاز إداري مشكل من عدة مصالح إدارية
تابعة للمجلس يعود لرئيس المجلس الدستوري تحديد مهامها واختصاصاتها وتسند اإلدارة إلى
األمين العام للمجلس الدستوري تحت سلطة رئيس المجلس الدستوري حيث نصت في هذا
الشأن المادة 38من الظهير الشريف رقم 1 – 94 – 124الصادر في 26فبراير 1994
134
والقاضي بتنفيذ القانون التنظيمي العضوي رقم 92/23المتعلق بالمجلس الدستوري المغربي
على ما يلي «:يتولى تسيير المصالح اإلدارية للمجلس الدستوري تحت سلطة رئيسه ،أمين
عام يعين بظهير شريف».
تحدد المصالح اإلدارية واختصاصاتها بقرار من رئيس المجلس الدستوري ويقوم األمين
العام للمجلس الدستوري بتبليغ ق اررات المجلس وتسجيل اإلحاالت الواردة عليه من السلطات
المختصة وتبليغ العرائض المتعلقة بالنزاعات االنتخابية ويتخذ جميع التدابير الالزمة
لتح ضير وتنظيم أعمال المجلس الدستوري ويكون مسؤوال عن مسك وحفظ ملفاته
ومستنداته».
ولألمين العام للمجلس الدستوري دور بالغ األهمية بحيث يقوم بمساعدة رئيس المجلس
الدستوري في المجاالت والمهام اآلتية:
كما يتولى األمين العام تسيير مصالح المجلس الدستوري والتنسيق بينها وله التفويض
بالتوقيع من طرف رئيس المجلس الدستوري في المسائل ذات الصبغة اإلدارية فقط ويقترح
مشروع ميزانية المجلس على الرئيس للمصادقة عليها حسب المادة 39من القانون 23/92
المتعلق بتنظيم المجلس الدستوري.2
إن رئيس المجلس الدستوري المغربي وباعتباره أم ار بالصرف لميزانية المجلس هذا ال
يمنعه من تعيين األمين العام للمجلس الدستوري المغربي كآمر بالصرف مساعدا في إطار
135
القوانين والتنظيمات المعمول بها ويساعد اآلمر بالصرف محاسبا عموميا يعينه وزير
المالية.1
كما يتوفر الجهاز اإلداري للمجلس الدستوري المغربي على عدة موظفين إداريين وقضاة
منتدبين على مستوى المجلس الدستوري لمساعدة رئيسه وأعضائه في القيام بمهامه.
ويتم تعيين هؤالء األطر اإلدارية من موظفين وقضاة بقرار مشترك تتخذه الدائرة الو ازرية
التي ينتمي إليها المعنيون ورئيس المجلس الدستوري .2واعتمادا على الصالحيات التي
منحت لرئي س المجلس الدستوري في مجال تنظيم المصالح اإلدارية للمجلس الدستوري فقد
اتخذ هذا األخير قرار بتاريخ 23جويلية 1999حدد بمقتضاه مصالح المجلس الدستوري
وكانت كاآلتي:
أوال -ديوان الرئيس :هيئة تقوم على تنظيم مصالح رئيس المجلس الدستوري تحت
رئاسة األمين العام.
ثانيا -مصلحة كتابة الضبط :وهي مصلحة من خالل تسميتها تقوم بتحضير الجوانب
القضائية للملفات فتقوم بتسجيل الرسائل الواردة على المجلس الدستوري وتحضير الملفات
لدراستها على مستوى المجلس الدستوري وتقوم باألعمال التحضيرية التي يطلبها أعضاء
المجلس الدستوري بمناسبة الفظ في النزاع االنتخابي كما تقوم هذه المصلحة بتبليغ ق اررات
المجلس الدستوري إلى السلطات المعنية وتحتفظ بالملفات في األرشيف.3
ثالثا -مصلحة الدراسات والعالقات الخارجية :تتشكل هذه المصلحة من خبراء يقومون
بمهمة مساعدة المجلس الدستوري ويمكن للمجلس أن يوظفهم للقيام بأعمال محددة.4
- 1المادة 40من الظهير الشريف 194 .124الصادر في 25فبراير 1994والقاضي بتنفيذ القانون 23/92المتعلق
بالمجلس الدستوري المغربي.
- 2المادة 41الظهير الشريف ،رقم 1 .92 .122الصادر في 25فبراير 1994والقاضي بتنفيذ القانون 23/29
المتعلق بالمجلس الدستوري المغربي.
- 3عبد العزيز النويضي ،مرجع سابق ،ص .83 – 82
- 4المرجع نفسه ص .84
136
رابعا -مصلحة التوثيق :فهي مصلحة تضع تحت تصرف الموظفين والباحثين كل ما
يوجد في المكتبة من كتب وم ارجع متعلقة بالقانون الدستوري وعلم السياسة وكل المراجع
المرتبطة بها.1
خامسا -مصلحة إدارة الموارد واإلدارة العامة :تختص هذه المصلحة بتسيير شؤون
الموظفين واعداد وتنفيذ ميزانية المجلس الدستوري في جانبي التسيير أما التحضير فيعهد
إلى مصلحة التجهيز التي تقوم بتجهيز المجلس الدستوري.2
سادسا -مصلحة المحاسبة :تقوم هذه المصلحة بأداء نفقات المجلس الدستوري
سجالت حساباته ويقدم المجلس العمومي المشرف على المصلحة الحساب المالي للتسيير
سنويا إلى رئيس المجلس الدستوري.3
من المعلوم أن المجلس الدستوري يجتمع في مواعيد محددة للتداول حول مسألة معينة
يتم إخطاره بها ويصدر بشأنه رأيا أو ق ار ار نهائيا رغير قابل للطعن أمام أي جهة أخرى وحتما
أنه يسبق صدور هذا الرأي أو القرار مجموعة من اإلجراءات والتحضيرات ويلحق به كذلك
مجموعة من اإلجراءات سواء يتعلق هذا الرأي أو القرار بمناسبة رقابة دستورية قانون ما أو
تعلق بالفض في نزاع انتخابي ،والمعلوم أيضا أن أعضاء المجلس الدستوري المنتخبون أو
المعينون ال يمارسون أي عمل إداري ألن اختصاصهم محدد بنص الدستور أو قوانين
عضوية تنظم عملهم ،وباعتبار المجلس الدستوري هيئة إدارية تتكون من عدة مصالح
ويعمل بها أشخاص يملكون صفة الموظف العمومي فهي الجهة المؤهلة والمكلفة بتحضير
كل أعمال ا لمجلس الدستوري اإلدارية منها والفنية واعتمادا على االستنتاج المنطقي فكلما
كانت األجهزة اإلدارية للمجلس الدستوري قوية ومنسجمة من حيث الموظفين القائمين عليها
(كفاءة مهنية واختصاص) ومن حيث المصالح المكونة للمجلس الدستوري (مديريات
137
ومصالح ومراكز بحث) أدى هذا إلى تقوية المجلس الدستوري والعكس صحيح ،ولهذا نبين
من خالل هذا المطلب مدى تأثير الجانب البشري والجانب الهيكلي على عمل المجلس
الدستوري من خالل فرعين.
أوال -من حيث مهام األمين العام :توجد بالمجلس الدستوري الفرنسي الذي نص عليه
دستور 4أكتوبر 1958أمانة عامة يوجد على رأسها أمينا عاما استقر العرف على أن
يكون هذا الشخص من مجلس الدولة وهذا لكون مجلس الدولة الفرنسي أعلى هيئة قضائية
في القضاء اإلداري ،هذا األخير الذي نشأ في فرنسا وجاء كمنتوج للفقه الفرنسي ومن يشتغل
في مجلس الدولة يمتلك خبرة كبيرة جدا في مجال النزاع الذي يكون أطرافه أشخاص عمومية
ذات طابع إداري (المنازعة اإلدارية) فيكون هذا الشخص أكثر قدرة على تنظيم شؤون
المجلس الدستوري (األمانة العامة) من موظف إطار مارس مهام إدارية بحثة ال عالقة لها
بالجانب القضائي على عكس األمين العام بالمجلس الدستوري الجزائري الذي لم يشترط
القانون ولم يجري العرف على تعيينه من جهة معينة بل اشترط فقط الشروط العامة لممارسة
وظيفة عامة وأن يكون لهذا الموظف تكوينا يالئم منصبه وخبرة عمل فعليه ال تقل عن 5
سنوات على األقل لدى أجهزة الدولة.1
في حين نجد األمين العام للمجلس الدستوري المغربي ال يشترط فيه أي شرط بحيث
تشير المادة 38من الظهير الشريف 194 .124إلى طريقة تعيين أمين عام المجلس
الدستوري وتحديد مهامه دون ذكر أية شروط أخرى.2
أما المجلس الدستوري التونسي وررغم تمتعه بالشخصية القانونية من خالل قانون 18
أفريل 1990إال أنه لم ينتدب اإلطار اإلداري لتنظيمه وأعطى صالحيات إدارة هياكله
لرئيس المجلس الدستوري ذاته ،وهذا حسب ما جاء في الفصل الخامس من قانون 18أفريل
138
1990والذي نص على ما يلي «:يسهر رئيس المجلس الدستوري على سير أعمال المجلس
وادارة شؤونه ويمثله لدى الغير».1
والمالحظ أن المشرع الجزائري استعمل معيا ار مبهما في اشتراط أن يكون األمين العام
للمجلس الدستوري يملك تكوينا يالئم منصبه وهذا باعتبار أن منصب األمين العام يجمع بين
عدة مهام تنصهر بعضها مع بعض من تسيير الموارد البشرية والجوانب المالية والجوانب
اإلدارية إلى ممارسته لعمل فني تقني قانوني دقيق ومحدد واشرافه على مراكز بحث
ودراسات تتطلب معرفة بالجانب األكاديمي.
ويبدو أنه كان من األحسن أن يترك هذا األمر إلى شخص موظف سامي اشتغل على
مستوى الهيئات القضائية وخاصة الغرف اإلدارية بالمجلس القضائي أو الغرفة اإلدارية
بالمحكمة العليا لمدة معينة لتقارب األعمال بين األجهزة اإلدارية لهذه الغرف وأعمال الجهاز
اإلداري للمجلس الدستوري والتمسك بما جرى به العرف في فرنسا بأن يكون األمين العام
للمجلس الدستوري الفرنسي من الموظفين على مستوى مجلس الدولة الفرنسي.
في حين نجد أمين عام المجلس الدستوري المغربي يعين بظهير شريف دون تحديد أي
شرط إال الشروط العامة لممارسة الوظيفة العامة إنه وبالنظر إلى االختصاصات التي يتمتع
بها األمين العام للمجلس الدستوري المغربي ال يمكن أن يكون إال موظفا صاحب
اختصاص .ألنه يمارس في نفس الوقت عمل إداري وعمل تسيير للمال وعمل إجرائي في
تحضير أعمال المجلس الدستوري وعمل قانوني وترك هذا األمر دون تحديد ربما قصد منه
المشرع المغربي عدم تقييد صاحب الحق في التعيين (الملك) حتى ال يغلب اختصاص على
اختصاص ويترك سلطة تقدير وتقييم وتحديد من هو مؤهال لهذا المنصب لصالح (الملك).
يعين األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي بواسطة مرسوم رئاسي بعد أن يقترحه
رئيس المجلس الدستوري ولألمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي تفويضا باإلمضاء
وبمساعدة شخص مكلف بمهامه في حين أن األمين العام للمجلس الدستوري الجزائري يعين
139
عن طريق مقرر يوقعه رئيس المجلس الدستوري بتفويض من رئيس الجمهورية وال يملك
تفويضا بالتوقيع وتنهى مهامه بمقرر إداري من رئيس المجلس الدستوري احتراما لقاعدة
توازي األشكال وهنا يظهر الفرق واضحا بحيث من يعين بمرسوم رئاسي ويملك تفويض
باإلمضاء يكون في وضع يقدم فيه أحسن ممن يعين بمقرر إداري وال يملك أي تفويض
بالتوقيع.1
كما نسجل أن أمين عام المجلس الدستوري الفرنسي يتطلب حضوره اإللزامي بمناسبة
المنازعة االنتخابية ،2وال بد من التوضيح أن األمين العام دائم الحضور في كل جلسات
المجلس الدستوري كما جاء في الدراسة سابقا لكن بمناسبة دراسة منازعة انتخابية فهو عضو
(قانون) وليس عضوا (صامتا).3
أما األمين العام للمجلس الدستوري الجزائري فمهمته األساسية وهي السهر على إعداد
وتحضير الق اررات وكلمة "يسهر" نفهمها بمعنى يشرف ويتابع ويراقب كل مراحل إعداد
وتحضير الق اررات المتعلقة بالمجلس الدستوري ثم بعدها يعمل على تطبيقها فمهمته حسب
المادة 7من المرسوم 143/98هي تحضير وتنظيم أعمال المجلس.4
وما يالحظ أنه لم يتم التطرق إلى دور إضافي يلعبه األمين العام للمجلس الدستوري
الجزائري بمناسبة المنازعة االنتخابية حيث يتحول دور المجلس الدستوري إلى مهام محكمة
تنازع انتخابات تتطلب أكثر دقة وتحكم فني وهذا يبدوا حسب اعتقادي لألمرين:
أولهما :أن المؤسس الدستوري الجزائري اكتفى بالمهمة الرئيسية لألمين العام وهي تنظيم
وتحضير أعمال المجلس الدستوري ويكون ضمنها كل األعمال المتعلقة بالنزاع االنتخابي
140
با عتبارها جزءا من مهام المجلس الدستوري الجزائري ولهذا لم يخصص النزاع االنتخابي
بنص.
ثانيهما :أن المؤسس الدستوري الجزائري ترك حرية للمجلس الدستوري الجزائري في
معالجة النزاع االنتخابي ولم يرد أن يضيق عليه بنص محدد.
إن دور األمين العام للمجلس الدستوري المغربي يظهر في إحداث هذا المنصب الذي
جاء بناء على القانون التنظيمي رقم 29/93كما رأينا سابقا .ويتم تعيين هذا األمين العام
من طرف الملك بواسطة ظهير شريف دون أن يعطي حق االقتراح إلى رئيس المجلس
الدستوري كما هو الحال بالنسبة لفرنسا لكن من الناحية الواقعية يتم االقت ارح من طرف رئيس
المجلس الدستوري.1
يتولى األمين العام للمجلس الدستوري المغربي حسب القانون التنظيمي 92/193مهام
ذات طبيعة إدارية وتنحصر في تسيير المصالح اإلدارية للمجلس الدستوري تحت سلطة
رئيسه أي رئيس المجلس الدستوري الذي يمكن أن يفوضه صالحياته اإلدارية والمالية.
كما يتولى األمين العام للمجلس الدستوري المغربي مهام ذات طبيعة إجرائية قضائية
وتتمثل في تبليغ الق اررات المجلس الدستوري لألطراف المعنية وتسجيل رسائل اإلخطار
الواردة من الجهات صاحبة حق اإلخطار وتبليغ العرائض المتعلقة بالنزاع االنتخابي.2
ويرى األستاذ عبد الرحيم المنار السليمي من خالل دراسته لواقع المجلس الدستوري
المغربي بأن« :النص وان جعل األمين العام للمجلس الدستوري المغربي أداة ربط بين
الجهازين اإلداري والقضائي للمجلس الدستوري المغربي فإن الممارسة الفعلية تبين قطيعة
كبيرة حيث أن دور األمين العام بقي إداريا صرفا ويرجع ذلك لسببين:
السبب األول :يتمثل في طبيعة تكوين من يمارس مهمة األمين العام للمجلس الدستوري
الذي له تكوين إداري وخبرة في العمل اإلداري الذي يعتمد على عالقة رئيس بمرؤوسه
ورؤساءه التي تجعله يبتعد تماما عن الجانب القضائي لجهله به.
- 1تم تعيين السيد عبد العزيز الشرقاوي أمينا عاما للمجلس الدستوري المغربي بعدما اقترحه السيد عباس القيسي رئيس
المجلس الدستوري المغربي والذي سبق أن عمال سويا في األمانة العامة للحكومة.
- 2عبد الرحيم منار السليمي ،مرجع سابق ،ص .108 – 107
141
السبب الثاني :إن واضعي القانون التنظيمي المغربي الذي ينظم المجلس الدستوري
المغربي استعاروا الفكرة جاهزة من فرنسا لكن إرغفال محتوى األمين العام بالمجلس الدستوري
الفرنسي باإلضافة إلى العمل اإلداري الذي يقوم به فهو فاعل أساسي في المعالجة
القضائية ،فهو يقوم بالتنسيق بين مختلف أطراف المنازعة الدستورية باإلضافة إلى أنه
يساعد القاضي الدستوري المقرر في مده بالوثائق الضرورية للعمل ويلعب دو ار فعاال في
تنظيم جلسات بين القاضي الدستوري المقرر وأي شخص يمكنه أن يقدم خبرة مفيدة لهذا
المقرر ،ويمكن لألمين العام بالمجلس الدستوري الفرنسي أن يقدم للقاضي الدستوري المقرر
الحلول المناسبة في بعض المسائل ،ويقوم بمساعدته في تحرير مشروع القرار الدستوري».1
وما يالحظ أن األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي على عكس واقع الحال في كل
من المغرب والجزائر يتجاوز في بعض األحيان ما تمنحه النصوص التنظيمية حيث نجده
حاض ار في كل المداوالت ررغم أن ذلك ال تبيحه النصوص القانونية باستثناء المنازعة
االنتخابية ،ويستمد مبرر حضوره في كل المداوالت من المرسوم المنظم لألمانة العامة
للمجلس الدستوري الفرنسي والتي تلزمه بإعداد مختصر عن أعمال المجلس الدستوري.2
باإلضافة إلى أن األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي هو الناطق الرسمي باسم
المجلس الدستوري أمام وسائل اإلعالم كلما تطلب األمر ذلك بمناسبة صدور ق اررات من
المجلس الدستوري على األخص ،كما أنه منذ سنة 1986يقوم بإعداد كرونولوجيا لالجتهاد
القضائي يجمع فيها مجموعة من المعطيات المرتبطة بأعمال المجلس الدستوري الفرنسي
وذلك بمبادرة منه تحت مسؤوليته وبعيدا عن مسؤولية المجلس الدستوري.3
إن المقارنة بين الدور الذي يلعبه األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي ونظرائه في
كل من الجزائر والمغرب تبدو بعيدة جدا نظ ار الختالف الثقافة والمكاسب القانونية داخل
المجالس الدستورية من جهة ومن جهة أخرى الختالف المحيط الذي يعمل فيه األمين العام
142
للمجلس الدستوري الفرنسي مع المحيط العام الذي يعمل فيه نظرائه في المغرب والجزائر
وتونس وموريتانيا.
لكن يبدوا أن إعطاء أهمية وصالحيات أكثر لألمين العام للمجالس الدستورية لكل من
الجزائر والمغرب وتونس وموريتانيا أمر ضروري باعتبار األمين العام يستوجب أهلية وكفاءة
في مجال التنظيم اإلداري ومعرفة قانونية متينة في مجال العمل القضائي فهو المستشار
األول لرئيس المجلس الدستوري خاصة في حالة ما إذا كان هذا األخير ال يملك معارف
في المجال القانوني والقضائي.1
كما يبدو أنه ال بد من إعادة النظر في شروط تعيين األمين العام للمجلس الدستوري
(الكفاءة اإلدارية –القضائية -الخبرة) وكذا توسيع صالحياته في مجال معالجة المنازعة
المعروضة على القاضي الدستوري وكذا التنسيق والعمل مع اللجان بالبرلمانات لتطوير
العمل التشريعي.
إن تأثير األجهزة اإلدارية على عمل المجلس الدستوري ذات أهمية بالغة بالنظر إلى
الدور الذي تلعبه هذه األجهزة في تقوية أو إضعاف قيام المجلس الدستوري بمهامه كما جاء
في الدراسة سابقا والسيما منصب األمين العام الذي يعتبر المحرك األساسي لعمل المجلس
الدستوري والمركز الذي تمر عليه كل أعمال المجلس الدستوري سواء اإلدارية منها أو
القضائية فلهذا نجد دور األمين العام للمجلس الدستوري مؤث ار جدا في كل أعمال المجلس
الدستوري فهو يضمن سير األجهزة اإلدارية للمجلس الدستوري تحت سلطة رئيس المجلس
الدستوري فطريقة تعيي ن األمين العام ومن يقترحه مهمة جدا في مستقبل عمله وعالقاته
بباقي أعضاء المجلس الدستوري والسيما رئيس المجلس الدستوري فكلما تم اقتراحه من
طرف رئيس المجلس كلما كانت ثقة بين رئيس المجلس الدستوري وأمينه العام األمر الذي
يضفي ليونة على العالقة بينهما كما يرى األستاذ ) 2ROUSSEAU (Dو في تعليقه
1 -N.A BERNOUSSI, le contrôle de constitutionnalité au Maghreb, Thèse pour l'obtention du
doctorat d'Etat en droit, Université Med V, Maroc , 1998, p. 357.
2 - D.ROUSSEAU, La justice Constitutionnelle en Europe, op. cit, p. 31.
143
على المرسوم المؤرخ في 13نوفمبر « :1999يتخذ اإلجراءات الالزمة لتحضير وتنظيم
أعمال المجلس».
« فإن دراسة هذا النص تبين أن دور األمين العام للمجلس الدستوري ال تقتصر على
تسجيل العرائض وتحرير محاضر الجلسات وتجميع الق اررات أو على التحضير المادي
للجلسات فهو أي األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي حسب األستاذ (...روسو) هو
بمثابة إحدى المراكز األساسية في الجانب الفكري والقانوني والسياسي بالنسبة للمجلس
الدستوري.
حيث كل الق اررات تمر على مكتبه في مرحلة معينة وليس من أجل قراءتها أو التوقيع
عليها بل هو الذي يزود العضو المقرر بالمجلس الدستوري بكل العناصر والمعلومات
المتعلقة بالقضية موضوع الدراسة كما أن األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي هو الذي
ينشط اللقاءات مع ممثلي الو ازرات أو األمناء العامون للحكومة الفرنسية وبناءا على
المحادثات التي ي قوم بها ممثل الو ازرة أو المستشار الحكومي التي يحررها مع األمين العام
للمجلس الدستوري يقوم بإعداد مشروع القرار».1
إن هذا الدور القوي الذي يسمح لألمين العام للمجلس الدستوري من التحكم في كل هذه
العمليات من الجانب الفكري والسياسي والقانوني والتقني يتطلب أمينا عاما صاحب شخصية
قوية خاصة إذا كان يعمل مع أعضاء مجلس دستوري ال يقبلون التدخل في أعمالهم
ويحبذون القيام بأعمالهم بمفردهم وهنا تظهر قوة شخصية األمين العام للمجلس الدستوري
الذي يحاول إقناع أعضاء المجلس الدستوري بالمبررات القانونية التي يصعب عدم
االنصياع لها.
ويذكر روسو أن األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي صار منذ 1986يناقش
باستمرار ق اررات المجلس الدستوري األمر الذي بدأ يفقد أعمال المجلس الدستوري سريتها.2
144
يبدو من خالل الدور الذي يلعبه األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي أنه محرك
وأحد ضوابط القضاء الدستوري ولهذا ال بد على الجزائر ،المغرب ،وتونس وموريتانيا خلق
يتم اقتراحه من طرف رئيس المجلس تقليد بأن يكون األمين العام للمجلس الدستوري
الدستوري من بين فئة معينة من الشخصيات التي تجمع بين عدة مهارات (الخبرة،
التخصص ،الكفاءة) الشيء الذي يجعل المجالس الدستورية المؤسسة األكثر فعالية واال بقي
دور األمانة العامة واألمين بالمجلس الدستوري دور إداري جامد.
كما يستحسن أن يكون أحد قضاة أو مستشاري مجلس الدولة في الجزائر للتقارب
والتشابه الموجود بين المهام التي يؤديها قضاة و مستشارو مجلس الدولة وتلك المهام التي
يقوم بها األمين العام للمجلس الدستوري ونفس األمر بالنسبة لتونس والمغرب خاصة بالنسبة
للمجلس األعلى للقضاء قبل دستور 1992كما جاء في الدراسة سابقا فقضاة هذه الغرفة
على دراية وخبرة بالنزاعات والمسائل المتعلقة بالقضاء الدستوري األمر الذي يجعل من
قضاتها أحد أهم الشخصيات المؤهلة لمنصب أمين عام المجلس الدستوري المغربي.
كما أشير إال أن أرغلب أعضاء المجلس الدستوري في الدول المغاربية هم أصحاب
تكوين سياسي وذلك باعتبارهم ممثلين لغرفتي البرلمان وبعضهم معين من طرف السلطة
التنفيذية العتبارات سياسية أيضا األمر الذي يجعل وجود أمين عام قوي على رأس أمانة
عامة قوية وفعالة أكثر من ضرورة.
يعتبر اختيار القاضي الدستوري المقرر مسألة مهمة ومن الق اررات المهمة التي يتخذها
رئيس المجلس الدستوري فتعيين القاضي الدستوري المقرر تبدأ عملية النظر والمعالجة
للمنازعة الدستورية وهذا الحق في التعيين تمنحه القوانين العضوية المنظمة للمجلس
الدستوري لصالح رئيس المجلس الدستوري فهو حق فردي يتمتع به دون تدخل من باقي
أعضاء المجلس الدستوري اآلخرين وهذه المسألة تطرح عدة إشكاالت ولها عدة انعكاسات
خاصة مع رغياب معايير واضحة لتعيين القاضي الدستوري المقرر ،كما هو الشأن بالنسبة
للقاضي المقرر على مستوى الجهات القضائية أين يعوض العرف والقضاء النص المكتوب.
145
فمثال نجد رئيس المحكمة الدستورية البلغارية يعين القاضي المقرر بعد أن يعد ملفا لكل
قاضي مسبق يتضمن تكوينه وتخصصه وعدد الملفات التي اشتغل عليها بصفته قاضيا
مقرر .أما رئيس المحكمة الدستورية اإلسبانية فيعتمد على القرعة في تحديد القاضي
ا
الدستوري المقرر تجري في بداية كل سنة قضائية بحيث يعطي لكل قاض رقم تسلسلي
يجعله تلقائيا معين في قضية تتناسب مع رقمه التسلسلي.1
إن تعيين القاضي الدستوري المقرر على مستوى المجلس الدستوري الفرنسي فيعتمد
رئيس المجلس على التناوب بين القضاة ،مع األخذ بمعيارين:
واعتمادا على هذين المعيارين صار القاضي الدستوري المقرر يميل إلى التخصص
حيث كان يعين األستاذ "جورج فيديل" الذي كان عضو بالمجلس الدستوري الفرنسي سنة
1980في القضايا المتعلقة بالقانون الدستوري االقتصادي (الخوصصة ،دستورية حق
الملكية).2
أما بالعودة إلى التجربة المغربية نجد أن منح سلطة تعيين القاضي الدستوري المقرر
لرئيس المجلس الدستوري المغربي تطرح مسألتين:
146
المسألة األولى :تتمثل في عالقة هذا القاضي الدستوري المقرر بكل من الحكومة
والبرلمان في هذه الحالة إما أن يعين رئيس المجلس الدستوري المغربي القاضي الدستوري
المقرر الذي يتأمل في أن يحرر مشروع قرار مرن ال يختلف عليه أعضاء المجلس
الد ستوري وتسهل مهمة رئيس المجلس الدستوري وال يقع في حرج ال مع الحكومة وال مع
البرلمان.
إما أن يعين قاضي دستوري مقرر صاحب مهنية وتخصص فيحرر مشروع قرار يطرح
كثير من اإلشكاالت الشيء الذي يجعل رئيس المجلس الدستوري المغربي يجد صعوبة عند
التصويت بين األعضاء الممثلين للسلطتين التنفيذية والتشريعية ويوقعه في حرج مع الحكومة
أو البرلمان في حالة إصدار قرار بعدم دستورية قانون ضروري للحكومة أو البرلمان.
المسألة الثانية :تتمثل في مدى انعكاس تعيين القاضي الدستوري المقرر على أداء
المجلس ذاته واجتهاداته ،بحيث تعيين قاضي دستوري مقرر صاحب كفاءة مهنية وتخصص
يجر باقي أعضاء المجلس الدستوري لالجتهاد وخلق سوابق إيجابية على عكس ذلك فإن
تعيين قاضي دستوري رغير متخصص يجمد االجتهاد بإبقائه على السوابق السلبية السابقة.1
إنه في تحديد معايير تعيين القاضي الدستوري المقرر على مستوى المجلس الدستوري
المغربي ،يرى رئيسه أن ذلك يتم «طبقا للتوزيع المتوازن للمهام» ،وهو تشخيص عام وكالم
رغير دقيق إذ ما تمت مقارنة برأي أحد قضاة المجلس الدستوري المغربي«:الذي اعتبر أن
التخصص وتكوين األعضاء هو المعيار المتبع حاليا في تعيين القضاة المقررين وأن كل
القضاة الدستوريون يمكنهم القيام بمهام قاضي دستوري مقرر بمناسبة المنازعة االنتخابية
ألنها منازعة ال تتطلب التخصص».2
إن هذا التسيير هو الذي جعل أرغلب اجتهادات وق اررات المجلس الدستوري المغربي في
ما يتعلق بالمنازعة االنتخابية ضعيفة التعليل رغامضة المواقف عديمة االجتهاد القضائي
147
وكثر رفض طلبات الطاعنين لمبررات شكلية واجرائية وتشابهت الق اررات مع ق اررات سابقة أو
ما يسمى بالق اررات النماذج في مضمونها (.1)Décisions types
والبد أن نشير أن ثمة فرق بين القاضي الدستوري المقرر والقاضي المحقق بحيث أن
القاضي الدستوري المقرر يمكنه االستعانة بقاضي محقق في مسألة التزوير االنتخابي .هذا
األخير يقدم له تقري ار مفصال يعتمد عليه القاضي الدستوري المقرر ،كما يمكن أن يكون
القاضي الدستوري المقرر هو نفسه القاضي الدستوري المحقق إذا طلب منه رئيس المجلس
الدستوري القيام بإجراء تحقيق في الموضوع وبذلك يستمع للشهود ويقوم باإلجراءات التحقيقية
الالزمة في عين المكان كم ا يمكن لرئيس المجلس الدستوري تعيين قاضي دستوري آخر
للقيام بمهام التحقيق بدال من القاضي الدستوري المقرر.2
لقد جاء في المادة 12من القانون عدد 48المؤرخ في 6أوت 2000والمتعلق تنظيم
المجلس الدستوري الجزائري ما يفيد بأن رئيس المجلس الدستوري بمجرد تسجيل رسالة
اإلخطار يعين مقر ار .من بين أعضائه يتكفل بالتحقيق في الملف ويتولى تحضير مشروع
الرأي أو القرار ،3أما المادة 12من نفس القانون فقد خولت القاضي الدستوري المقرر حق
جمع كل الوثائق الضرورية والمعلومات المتعلقة بالموضوع واالستعانة بأي خبير من أجل
أداء مهامه يختاره هو ،4ثم في المادة 13من نفس القانون بينت أن القاضي الدستوري
المقرر ملزم بعد انتهاء أشغاله أن يسلم إلى رئيس المجلس الدستوري والى كل عضو فيه
نسخة من الملف موضوع اإلخطار مرفقا بالتقرير أو مشروع الرأي أو القرار.5
148
أول ما يالحظ أن النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري لم يتطرق إلى
االختالف لتحديد بعض المعايير التي يعتمدها رئيس المجلس الدستوري في تعيين القاضي
الدستوري المقرر.
أنه ونظ ار للسرية التي يلتزم بها أعضاء المجلس الدستوري الجزائري خاصة في مسألة
تعيين القاضي الدستوري المقرر وأعماله لم أستطع الحصول على اسم القضاة الدستورين
المقررين وال على وظائفهم السابقة قبل التحاقهم بالمجلس حتى أقوم بدراسة استخلص من
خاللها على األقل المعايير المتكررة في تعيين القاضي الدستوري المقرر في الجزائر.
فدائما كانت تعرقلني المادة 18من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري
الجزائري والتي جاء في فقرتها الثانية...«:ال يجوز أن يضطلع عليها إال أعضاء المجلس
الدستوري» ويقصد بكلمة عليها محاضر جلسات المجلس الدستوري كما جاء في الفقرة
األولى من المادة .)1(19
من حيث المديريات المتواجدة على مستوى المجالس الدستورية بكل من الجزائر وتونس
والمغرب نجدها ال تتعدى نوعين من المديريات ،النوع األول يهتم بالجوانب اإلدارية والمالية
للمجلس كهيئة مستقلة ماليا واداريا وكذا الجانب اإلداري لموظفيه وكل ما يتعلق بدفع رواتبهم
وتسيير ملفاتهم المالية.
والنوع الثاني يهتم بالجوانب القضائية المتعلقة بالمجلس الدستوري كهيئة تداولية.
والمالحظ أنه كلما كان المجلس الدستوري كمرفق إداري أو كمؤسسة عمومية ذات طابع
إداري مستقال عن الو ازرة ألولى (السلطة التنفيذية) كلما زاد في تحسين أدائه ،فالمجلس
الدستوري الجزائري مستقل إداريا وماليا (صاحب ميزانية خاصة) رئيسه يملك صفة األمر
بالصرف ويدير حساباته محاسب عمومي معتمد على عكس المجلس الدستوري التونسي
الذي نجده تابعا من حيث السلطة اإلدارية إلى الوزير األول وبالتالي بميزانية تابعة لميزانية
- 1المادة 18من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري مداولة مؤرخة في 03ماي ،2012ج ر عدد .26
149
ا لو ازرة األولى وال يعدو أن يكون مجرد دائرة إدارية على مستوى الو ازرة األولى وهذا حسب
الفصل 9من األمر .11414
أما بعد صدور قانون 18أفريل 1990أصبح المجلس الدستوري التونسي يتمتع
باالستقالل المالي واإلداري ،وكانت تركيبته اإلدارية بسيطة حيث ال يتجاوز عدد أعضائه
25إداريا ،وكان المجلس الدستوري التونسي يتكون من إدارة فرعية للدراسات والمتابعة
مهمتها إعداد الوثائق والوسائل الضرورية ألعمال المجلس والمساهمة في إنجاز الدراسات
والبحوث وكل ما يتعلق باألعمال التحضيرية للجلسات كما تقوم بتدوين المداوالت ومسكها
وحفظها وتتولى متابعة إنجاز التقرير السنوي للمجلس المقدم إلى رئيس الجمهورية وما يقابله
في المجلس الدستوري المغربي نجد أن رئيس المجلس الدستوري المغربي الذي يعين بظهير
شريف كما رأينا سابقا منحه القانون حق إنشاء مصالح المجلس الدستوري وفي هذا الشأن
أصدر رئيس المجلس الدستوري المغربي قرار مؤرخا في 23جويلية 1999حدد بمقتضاه
مصالح المجلس بمصلحة كتابة الضبط مهمتها تسجيل الرسائل الواردة إلى المجلس وتهيئ
الملفات ألعضاء المجلس للتداول حولها.
أما مصلحة الدراسات والعالقات الخارجية فتتشكل من خبراء مهمتهم مساعدة المجلس
في أعماله الفنية.
أما األمين العام للمجلس الدستوري المغربي فباإلضافة إلى التسيير اليومي لشؤون
المجلس يقوم بتبليغ ق ارراته إلى الجهات المعنية بها ويسجل الحاالت الواردة من السلطة
المعنية كما يبلغ العرائض المتعلقة بالنزاعات االنتخابية األمر الذي لم يتطرق له المؤسس
الدستوري التونسي.2
وعلى عكس النظام الدستوري التونسي الذي اعتمد على مديرتين فرعيتين واحدة
للدراسات والمتابعة ( فنية) والثانية لإلدارة والمالية (إدارية) نجد المؤسس الدستوري الجزائري
يعتمد على مجموعة من المديريات مثل مديرية الوثائق مديرية الموظفين والوسائل ونجد
150
المؤسس ا لدستوري الجزائري يتميز عن نظريه في المغرب وتونس بنصه على مركز
الدراسات والبحوث الدستورية هذا المركز الذي تم النص عليه بواسطة مرسوم رئاسي.1
إن النظام الدستوري المغربي أنشأ مصلحة للدراسات والعالقات الخارجية تتشكل من
خبراء يقومون لدى المجلس بمهمة المساعدة كما يسمح للمجلس أن يوظف بعض
المستشارين ألعمال محددة وبقيت مجرد مصلحة تدير أعمال البحث بطريقة إدارية ولم
ترتقي إلى مستوى مركز يدل عليه اسمه كما فعل المؤسس الدستوري الجزائري.
كما نشير إلى أن المجلس الدستوري الفرنسي باإلضافة إلى المصالح التي يعتمد عليها
في أداء مهامه يمكنه بمناسبة النظر في النزاع االنتخابي أو االستفتاء أن يستعين بعدد من
األشخاص لمساعدته في هذه المهمة فمثال نجد رئيس المجلس الدستوري الفرنسي بمناسبة
االنتخابات البرلمانية يعين عشرة نواب مقررين سنة قبل االنتخاب مهمتهم دراسة المنازعة
الخاصة باالنتخابات البرلمانية ويتم اختيارهم من بين مجلس الدولة ومجلس المحاسبة.2
أما بمناسبة االنتخابات الرئاسية واالستفتاء فيستعين رئيس المجلس الدستوري بمندوبين
وهم من قضاة مجلس الدولة ومجلس المحاسبة ويتم تعيينهم ألداء مهام ميدانية ويقدمون
تقارير حول هذه العمليات كما يمكن رئيس المجلس الدستوري االستعانة بمستشارين للقيام
بهذه المهمة.3
هذا الشيء رغير موجود في النظام الدستوري لكل من المغرب والجزائر وتونس وموريتانيا
ررغم أهميته ونجاعته من الناحية العلمية.
الفرع الثاني :انعكاس الجانب المؤسساتي على أداء المجلس الدستوري
إن استقالل المجلس الدستوري كمؤسسة يأخذ ثالثة صور هي االستقالل اإلداري
واالستقالل المؤسساتي واالستقالل المالي ولهذا االستقالل أهمية في القضاء على تأثير
السلطة التنفيذية على أعماله وهذا ما نحاول دراسة كيف تمت معالجته في كل من الجزائر
والمغرب وتونس وموريتانيا.
- 1المرسوم الرئاسي 157 - 02مؤرخ في 16ماي 2002معدل ومتمم للمرسوم الرئاسي .143 - 89
- 2رشيدة العام ،مرجع سابق ،ص .20
،3المرجع نفسه.
151
أوال -االستقالل المؤسساتي :
إن المجلس الدستوري المغربي ابتداء من دستوري 1992تم تقديمه في الترتيب
الدستوري من الباب العاشر إلى الباب السادس على عكس الغرفة الدستورية بالمجلس
األعلى التي كانت تابعة لجهاز قضائي هو المجلس األعلى للقضاء (السلطة القضائية).
أما في الجزائر ومنذ أول دستور بعد االستقالل ( 10سبتمبر )1963فتم النص عليه
ضمن الباب المتعلق بالسلطة القضائية لكن دستوري كل من 23فبراير 1989و 28فبراير
1996فنص عليه في باب مستقل تحت عنوان (الرقابة والهيئات االستشارية).
أما في تونس فقد أنشأ المجلس الدستوري التونسي بواسطة مرسوم رئاسي كان تابعا
للسلطة التنفيذية الو ازرة األول ثم ارتقى بعد تعديالت الدستور التونسي سنة 1995إلى
مؤسسة مستقلة منصوص عليه دستوريا أما في موريتانيا فقد تم النص عليه دستوريا في
دستور .1991
يتوفر المجلس الدستوري المغربي على عدة مصالح ذات طابع إداري وعلى مجموعة من
الموظفين يعملون تحت السلطة السلمية لألمين العام للمجلس الدستوري وهو كمجلس يستقل
عن كل الو ازرات وحتى عن الو ازرة األولى بحيث يقوم رئيسه بتحديد هياكل المصالح اإلدارية
واختصاصات كل مصلحة كما أن له الحق في تفويض توقيعه إلى األمين العام للمجلس
الدستوري وفق نظرية التفويض التي يحكمها القانون اإلداري.1
152
في حين نجد التنظيم اإلداري للمجلس الدستوري الجزائري تم بواسطة المرسوم الرئاسي
214 - 89وكذا المقرر المؤرخ في 11يناير 1993الذي يحدد التنظيم الداخلي للمصلحة
اإلدا رية بالمجلس الدستوري وكلفه بأهم مهمة وهي تنظيم وتحضير أعمال المجلس الدستوري
حسب ما جاء في المادة 7من المرسوم .1143 - 98
والمالحظ هنا أن جميع رؤساء المصالح والمديريات وحتى األمين عام للمجلس
الدستوري يتم تعيينهم من طرف رئيس المجلس الدستوري بتفويض من رئيس الجمهورية وهذا
قبل تعديل 21أبريل 2001على عكس ما هو الحال في تعيين رؤساء المصالح بالنسبة
للمجلس الدستوري المغربي.
ويبدو أن السلطة التنفيذية في النظام الجزائري ممثله في رئيس الجمهورية لها دور حتى
في تعيين رؤساء المصالح والمديريات وهذا األمر كان من األحسن ترك أمر تعيين األمين
العام للمجلس الدستوري وكذا رؤساء المديريات ورؤساء المصالح من االختصاصات
الصرفة لرئيس المجلس الدستوري بصفته معين بواسطة مرسوم رئاسي ومنصب من طرف
رئيس الجمهورية ويتم هذا التعيين أي تعيين األمين العام للمجلس الدستوري ورؤساء
المديريات والمصالح وفق التعيينات التي تتم في ممارسة الوظيفة العامة باعتبار أن مهامهم
إدارية بحثه وال تكتسي أي طابع سياسي أو دبلوماسي خاصة إذا علمنا أن قاعدة توازي
األشكال تفترض أن يكون عزلهم بنفس طريقة تعيينهم بحيث يتم بواسطة مقرر صادر عن
رئيس المجلس الدستوري وبتفويض من رئيس الجمهورية والسؤال الذي يبقى رغامض هو هل
يعود رئيس المجلس الدستوري إلى رئيس الجمهورية في كل مرة يعين فيها رئيس مصلحة
بالمجلس أو يعزله ؟
فإذا كنا نتفهم أن المجلس الدستوري هيئة استشارية لرئيس الجمهورية لكن تشكيلته ال
يستقل بها رئيس الجمهورية وحده بل تشاركه في ذلك السلطتان التشريعية والتنفيذية فيحق
لرئيس الجمهورية تعيين رئيس المجلس حتى يتجنب تغليب مصلحة الحزب على مصلحة
153
الدولة لكن تعيين رؤساء المصالح والمديريات كان يكفي تعيينهم بواسطة عمل إداري بعيد
تماما عن صالحيات رئيس الجمهورية.
أما المجلس الدستوري التونسي الذي أصبحت له شخصية معنوية مستقلة منذ قانون 18
أفريل 1990فإنه ررغم ذلك لم يقم بانتداب اإلطار اإلداري الذي يسيره وبقي تابعا للو ازرة
األولى إلى أن صدر األمر 324لسنة 1991في 4مارس 1991والذي تضمن إحداث
مصالح بالمجلس الدستوري وأصبح للمجلس الدستوري التونسي إدارتين فرعيتين األولى
تختص بالدراسات والمتابعة والثانية تختص بالشؤون اإلدارية والمالية .ويشرف على اإلدارة
األولى إطار سامي ينتمي إلى سلك مستشاري المصالح العمومية أما اإلدارة الثانية فيرأسها
موظف سامي تعينه الو ازرة األولى.1
ونجد األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي يتم تعيينه بواسطة مرسوم رئاسي بعد أن
يتم اقتراحه من طرف رئيس المجلس الدستوري ويبدو أن هذه الطريقة أكثر فعالية بحيث أن
رئيس المجلس الدستوري يقترح على رئيس الجمهورية اسم يحبذ ويسهل التعامل معه وهذا
الشيء الذي ينعكس إيجابا على أداء المجلس الدستوري.
كما يستطيع رئيس المجلس الدستوري بمناسبة االنتخابات الرئاسية واالستفتاء االستعانة
بمندوبين وهم من قضاة مجلس الدولة ومجلس المحاسبة وينتقلون إلى الميدان لمتابعة عملية
154
االنتخاب أو االستفتاء وذلك بتقديم تقرير عن سير العمليات كما يمكن لرئيس المجلس
الدستوري االستعانة في مهامه بمستشارين.1
ما يالحظ في الهيكلة البشرية للمجلس الدستوري الفرنسي أنها مرنة تسمح في كل مناسبة
باالستعانة بأشخاص أو هيئات معينة من أجل تسهيل مهمة المجلس الدستوري بحثا دائما
عن التخصص والخبرة الموجودة عند قضاة مجلس الدولة (جهة قضاة إداري)أو قضاة
مجلس المحاسبة (جهة قضاء مالي ومحاسبي) وحتى مستشاري األمر الذي نكاد نفتقده في
المجالس الدستوري المغاربية ررغم بعض المحاوالت الناتجة عن قوانين اإلصالح السياسي في
الجزائر والمغرب لكنها تبقى رغير كافية.
كما أشير إلى أنه في بعض المهام الملقاة على عاتق المجلس الدستوري ال يمكن
لمصلحة ومديرياته العادية أن تقدم فيها شيء مقبول فلذلك ال بد من خلق ألية للتعاون بين
الهيئات والمصالح الموجودة على مستوى المجلس الدستوري وتلك الموجودة على مستوى
مجلس الدولة (الجزائر) ومجلس المحاسبة (الجزائر) من أجل تقديم عمل مقبول من جميع
النواحي خاصة وأن ق اررات المجلس الدستوري حائزة على األمر المقضي فيه الشيء الذي
يجعلها رغير قابلة للمراجعة.
للمجلس الدستوري المغربي اعتمادات من الميزانية العامة للدولة ويتم تحضير مشروع
ميزانية المجلس الدستوري سويا من طرف أمينه العام ثم تعرض على رئيس المجلس
الدستوري للموافقة عليها باعتباره آمر بالصرف الذي يمكنه أن يعين آم ار مساعدا بالصرف
أما إجراء العمليات أو المرحلة المالية لإلنفاق أو النفقة فيقوم به محاسب ملحق بالمجلس
الدستوري يعينه وزير المالية ويقوم بجميع العمليات المسندة إلى المحاسبين العموميين
بمقتضى القوانين المعمول بها.2
155
أما في الجزائر فإن المجلس الدستوري يتمتع باالستقالل المالي حيث يتمتع بميزانية
خاصة ويقوم مكتب الميزانية والمحاسبة على مستوى مديرية الموظفين والوسائل بالمجلس
الدستوري الجزائري بإعداد مشروع ميزانية المجلس الدستوري ثم تعرض من طرف األمين
العام على رئيس المجلس الدستوري بصفته آمر بالصرف الذي يصادق عليها ويبدأ في
العمليات المح اسبية بمعية محاسب عمومي معتمد ومنتدب من طرف و ازرة المالية لتنفيذ
الشق المحاسبي للميزانية وهذا حسب المقرر المؤرخ في 11يناير .11993
وحسب التجربة العملية فيما يتعلق بإعداد وتنفيذ ميزانية المجلس الدستوري الجزائري فإن
دوره يتوقف فقط في دفع رواتب الموظفين بواسطة مصلحة الداخلية أما مرتبات الرئيس
وأعضاء المجلس الدستوري الجزائري فتصرف من رئاسة الجمهورية وقد سعى بعض رؤساء
المجلس الدستوري الجزائري للطلب من رئاسة الجمهورية إسناد هذا االختصاص إلى المجلس
الدستوري لكن دون نتيجة وذلك بغية تحقيق استقاللية األعضاء أو القضاة الدستوريون ونفس
الحال بالنسبة للتعويض عن السفريات التي تصرف من رئاسة الجمهورية وبقي دور رئيس
المجلس الدستوري الجزائري مقتص ار على طلب االعتمادات من رئاسة الجمهورية ،دون أن
يلعب دو ار في إعداد ميزانية المجلس الدستوري ررغم أنه يملك صفة اآلمر بالصرف ودون أن
يدا فع على ميزانية مجلسه أمام البرلمان ررغم أن المرسوم الرئاسي 143/89نص على
إلزامية تسجيل االعتمادات الالزمة لعمل المجلس الدستوري في باب التكاليف المشتركة
بالميزانية العامة للدولة ورئيس المجلس الدستوري هو اآلمر بالصرف الذي يخضع لقواعد
المحاسبة العمومية وله حق تفويض إمضاءه لألمين العام للمجلس الدستوري أو أي موظف
مكلف بالتسيير المالي والمحاسبي حسب المادة 11من المرسوم .2143/89
هل هذه الممارسة في الواقع جاءت متعمدة من رئاسة الجمهورية إلبقاء السيطرة على
المجلس الدستوري من خالل القناة المالية أم أن األمر يعود مجرد عمل تقني واداري ال
يستطيع المجلس الدستوري القيام به ولهذا أبقي على مستوى رئاسة الجمهورية.
156
أما في تونس فنجد المجلس الدستوري التونسي رغير متمتع باالستقالل المالي بحيث يتبع
للو ازرة األولى التي تسهر على القيام بكل عملياته المحاسبة ويعتبر إحدى دوائرها اإلدارية.
يرى بعض الفقه أن استقالل القضاء الذي يعتبر شرطا أساسيا لتحقيق حيادية القاضي
ونزاهته ال يرتبط فقط بطريقة تعيين القاضي وتأثير السلطة التي عينته على أدائه وانما
يرتبط أساسا بالوضعية القانونية للقاضي " "Le statutوما هو مهم في النظام القانوني
لعضو المجلس الدستوري ليس كيف تم تعيينه وما هي السلطة التي عينته بقدر ما هو
متعلق بحصوله على نظام قانوني " "institusيسمح له باإلفالت والتنصل من تأثير السلطة
157
صاحبة التعيين ألن أصحاب هذا الرأي يرون أنه ال يمكن عزل السلطات الدستورية
الثالث (تنفيذية ،تشريعية ،قضائية) من التدخل في تعيين القضاة الدستوريون".1
ويرى األستاذ عبد العزيز النويضي أن الشروط النظامية لعضو المجلس الدستوري تعد
أساسية وتتضاعف درجة أهميتها عندما تعجز طرق التعيين عن توفير الضمانات الكافية
الستقاللية القاضي الدستوري .وتتعلق الشروط النظامية لعضو المجلس الدستوري بكل من
مدة العهدة التي يقضيها عضو المجلس الدستوري وما مدى قابليتها للتجديد وعدم قابلية
العضو للعزل وبأحوال التنافي مع مهمة قاضي دستوري واالستقالل المادي للقاضي
الدستوري.2
إن استقال ل أعضاء المجلس الدستوري وحيادهم أمران مهمان لكل من السلطة التنفيذية
والسلطة التشريعية باعتبار السلطة القضائية مستقلة بنص الدستور وال شأن لها بأعضاء
المجلس الدستوري وان هذا الحياد وهذه النزاهة هي التي تسمح للمجلس الدستوري بالتأكد من
مدى مطابقة نص تشريعي أو تنظيمي للدستور وبهذا تكون القاعدة القانونية في الدولة سليمة
من قاعدة الهرم إلى قمته ،دون التأثر بميوالت وخيارات السلطتين التنفيذية والتشريعية وحتى
ال ينحرف عضو المجلس الدستوري من رقابة فنية قانونية إلى رقابة مالئمة على التشريع
وعلى الغرض من التشريع ويدخل في باب السياسة وتعالج هذه المسائل من خالل الفروع
اآلتية:
لم يشترط الدستور الجزائري في من ينتخب أو يعين في المجلس الدستوري سنا معينا
على رغرار المجلس الدستوري الفرنسي المنصوص عيه في دستور 04أكتوبر ،1958مع
- 1النويضي عبد العزيز ،العدالة والسياسية االنتخابات والقضاء الدستوري في المغرب ،الدار البيضاء ،مطبعة النجاح
الجديدة .1997 ،ص .144
- 2المرجع نفسه ،ص .145 – 144
158
اإلشارة إلى أن ممثلي البرلمان بغرفتيه وهما المجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة
يخضعون لشروط الترشح للبرلمان حسب قانون االنتخابات فالمترشح للمجلس الشعبي
الوطني يشترط فيه 25سنة والمترشح لمجلس األمة يشترط فيه 35سنة أما الثلث الرئاسي
ا لذي يعينه رئيس الجمهورية فال يشترط فيه سن معين .1ونجد كل دول المغرب العربي لم
تشترط سنا معينا لمن يتولى منصب القاضي الدستوري تأسيا بالمجلس الدستوري الفرنسي
الذي لم يشترط سنا معينا في من يشغل منصب قاضي دستوري ال من خالل النص
الدستوري وال من خالل القانون العضوي المنظم للمجلس الدستوري ونستثني ليبيا التي
اشترطت من خالل قانون المحكمة العليا الصادر بتاريخ 10أكتوبر 1953في كل من
يعين مستشار بالمحكمة العليا أن ال تقل سنه عن خمسة وثالثين سنة.2
فنجد المشرع التونسي لم ينص على شرط السن ولم يعطيه أية أهمية سواء من خالل
األمر 1414لسنة 1987أو من خالل تنقيح 1جوان 2002والذي أبقى على حرية كبيرة
ل سلطة التعيين ولم يقيدها بتحديد السن و كان الهدف من عدم تحديد سن معينة هو السماح
بجمع أجيال مختلفة واالستفادة منها في مجلس واحد.3
وعندما نقول عدم تحديد السن نقصد عدم تحديد الحد األدنى والحد األقصى لكن ما
يجب مالحظته أنه ررغم أن النص الدستوري والتشريعي لم يأخذ بقاعدة تحديد سن عضو
المجلس الدستوري لكن الممارسة الفعلية للسلطات صاحبة حق التعيين ركزت ضمنيا على
سن معين بحيث سن األعضاء لم ينزل عن 40سنة.
أما المشرع المغربي لم يحدد سنا معينة لعضوية المجلس الدستوري ولم يشر لذلك من
خالل النصوص الدستورية والقانون المنظم للمجلس الدستوري المغربي شأنه شأن النص
الدستوري الجزائري على خالف تونس الذي جاءت فيها عبارة "بقطع النظر عن السن".4
- 1المواد 90و 108من القانون العضوي 01 - 12المؤرخ 12يناير 2012المتضمن قانون االنتخابات الجزائري ،ج
ر عدد 01مؤرحة في 14يناير .2012
- 2جعفر ولد مرابط ولد جعفر ،مرجع سابق ،ص .67
- 3فريد غربال ،مرجع سابق ،ص .50 – 49
- 4جعفر ولد مرابط ولد جعفر ،المرجع نفسه ،ص .68
159
وقد ذهب المؤسس الدستوري الموريتاني إلى اشتراط حد أدنى للسن لمن يريد عضوية
المجلس الدستوري الموريتاني ،حيث اشترطت المادة 81على أن ال يقل عمر العضو في
المجلس الدستوري عن خمس وثالثين " 35سنة" ولم يقم المؤسس الدستوري الموريتاني
بتحديد سن أقصى لعمر عضو المجلس الدستوري مع المالحظة أن ما أخذ به الدستور
الموريتاني مخالفا لما أخذت به كل الدول المغاربية وكذا فرنسا .
أما أعضاء المحكمة الدستورية التي نصت عليها دستور المملكة المغربية لسنة 2011
في بابه الثامن فلم تتطرق إلى تحديد سن معينة ألعضاء المحكمة الدستورية ررغم اشتراطها
عدة شروط أخرى منها ما تم النص عليه في الدستور ومنها ما تم اإلحالة بشأنه على قانون
عضوي.1
أما في لبنان فلم يتم تحديد حد أدنى أو حد أقصى لسن العضو المعين أو المنتخب في
المجلس الدستوري إال أنه تم األخذ بهذا الشرط في حالة تساوي األصوات عند تعيين مجلس
النواب لنصف أعضاء المجلس الدستوري فالفوز يكون للنائب األكبر سنا وقد تم اقتراح في
مشروع تعديل القانون المنظم للمجلس الدستوري بأن ال يتجاوز سن العضو المعين أو
المنتخب في المجلس الدستوري اللبناني 72سنة وكان اقتراح من النائبان طبارة وبطرس
حرب وبعدما تمت دراسة المقترح من طرف اللجنة المختصة على تسوي مجلس النواب
اقترحت 74سنة عوضا عن 72سنة ،وقد جاء في القانون الجديد المنظم للمجلس
الدستوري اللبناني بأن ال يقل سن العضو المرشح لعضوية المجلس الدستوري اللبناني عن
50سنة وال يزيد عن 74عاما.2
يبدو أن تحدي د سن معينة بحدها األدنى أو حدها األقصى لم يعتبر معيار مؤث ار في أداء
عضو المجلس ا لدستوري ألنه نجد من هو صغير في السن ويملك خبرة ألنه اشتغل بعدة
مجاالت ويجمع بين التكوين النظري والخبرة العلمية وفي المقابل نجد من هو كبير في السن
لكنه ال يملك الخبرة وانما يملك األقدمية كما أننا يمكن أن نجد من تجاوز 70سنة وال يزال
160
يملك الحيوية والررغبة في العمل واالجتهاد وفي المقابل نجد من هو في سن الثالثين لكنه ال
يملك الررغبة والحيوية فإذا السن ليست معيا ار للحكم على أداء عضو المجلس الدستوري.
عادة ما تشترط الدساتير شرط الكفاءة في من يترشح لعضوية المجلس الدستوري أو
المحكمة الدستورية وهذا لخصوصية هذه المؤسسة وللدور الذي تلعبه على المستوى السياسي
في الظروف العادية والظروف رغير العادية ،لكن ما نالحظه هو أن الدستور الجزائري على
رغرار الدستوري الفرنسي المؤرخ في 04أكتوبر 11958لم ينص على توفر أية شروط في
من يترشح لعضوية المجلس الدستوري ال من حيث السن وال من حيث التكوين الجامعي أو
الخبرة المهنية.2
وحسب المادة 164من دستور الجزائر 28نوفمبر 1996فإنها تركز كثي ار على
ضرورة تخلي المرشح لعضوية المجلس الدستوري عن ممارسة وظيفته أو المهام التي كان
مكلف بها بمجرد تعيينه عضوا في المجلس الدستوري.
لكن عدم تقييد السلطات صاحبة حق تعيين أو انتخاب أعضاء المجلس الدستوري يعني
أنها ستختار بدون ضوابط فالواقع يؤكد أن السلطات صاحبة حق التعيين تراعي عدة
معطيات في اختيار من يمثلها في المجلس الدستوري وتعتبر هذه الشروط شروط ضمنية
يحترمها صاحب حق التعيين .وهناك من يرى في هذا المجال «:أنه إذا كان من الصعوبة
بما كان الفصل في الكفاءة التقنية ألعضاء المجلس الدستوري بصفة قطعية رغير أن فحص
المهن الممارسة من طرف األعضاء قبل دخولهم المجلس تبين لنا أن األرغلبية منهم تنتمي
إلى المجال القانوني كما أن األرغلبية منهم كانت تابعة إلى مكاتب وزارية أو إلى المجلس
حزب مما يبين لنا نوع من االندماج بين
الشعبي الوطني وجميعهم ناضلوا في صفوف األ ا
السلطة السياسية وأعضاء المجلس الدستوري».3
161
يبدو أن ما وصل اليه األستاذ من نتيجة متمثلة في االندماج بين السلطة السياسية
والمجلس الدستوري كالم تنقصه الدقة ألن ما نالحظه هو تعيين على أرس المجلس
الدستوري شخصيات ال تملك تكوينا قانونيا .وعدم االعتماد على أساتذة قانون ومحامين
وقضاة جمعوا بين التكوين النظري في الجامعة والممارسة في الميدان أما عن أعضاء
المجلس الدستوري المتعاقبين فنالحظ أنهم يمثلون برلمانات ومجالس نيابية ال تملك الشرعية
وال الصفة التمثيلية وهذا لطبيعة االنتخابات في الجزائر وللمعايير التي يصل بها المترشح
إلى المجالس النيابية وهذا ينعكس بطبيعة الحال على المجلس الدستوري كمؤسسة من حيث
ضعف االجتهاد القضائي ورغياب المبادرة والتبريرات القانونية لآلراء والق اررات.
ونجد في تونس القانون العضوي لسنة 1996أعاد تكرار أحكام قانون 18أفريل 1990
المتعلقة بالمجلس الدستوري التونسي فقد استعمل أسلوب يوحي بامتالك رئيس جمهورية
تونس امتياز في اختيار تعيين أعضاء المجلس الدستوري التونسي ،وبهذا فهو يتمتع بالحرية
المطلقة في اختيار أعضاء المجلس الدستوري .1لكن ما جاء به المرسوم رقم 764/90
المؤرخ في 08ماي 21990المتعلق بتسمية المجلس الدستوري طرح مشكال بنصه على
تعيين ثالثة أعلى قضاة في الدولة بأسمائهم متبوعة بوظائفهم.3
إن الممارسة العملية من طرف السلطة صاحبة التعيين في المجلس الدستوري التونسي
تبين عدم إعطاء أهمية للطبيعة السياسية لألعضاء والميول إلى أصحاب الكفاءة في المجال
القانوني.
إن التدقيق في مؤهالت 23عضوا الذين شغلوا عضوية المجلس الدستوري منذ 1987
إلى 1995تبين أن 21منهم يملكون تكوينا في مجال القانون واشتغلوا أو مارسوا مهاما
ذات طبيعة قضائية منهم 09أساتذة قانون و 07قضاة و 05محامون وما يالحظ هو نقص
أو رغياب العضو صاحب التكوين السياسي األمر الذي يجعل أعمال المجلس الدستوري
قضائية بحتة تفتق د للمسة السياسية ويحبذ اإلكثار من العنصر المتخصص في القانون
162
الدستوري حتى يكون هناك ثراء فكري واختالف في وجهات النظر األمر الذي يرقى بعمل
المجس الدستوري.1
ويرى األستاذ سعيد بوشعير أن هناك نقطتين ال بد من االهتمام بهما إلعطاء نجاعة
للمجلس الدستوري وهما مدة العهدة و تخصص األعضاء ،ففي هذه النقطة بالذات يرى
ضرورة أن يكون عضو المجلس الدستوري متخصص ملم بمختلف جوانب القانون العام
والخاص سواء تعلق بالجوانب اإلدارية أو المالية أو االقتصادية وحتى الدولية وأن يكون
متمكنا نظريا وعمليا من التحليل والتأصيل واالستدالل في القانون الدستوري وهذه المؤهالت
ال تتحقق بين عشية وضحاها وانما تتطلب ممارسة طويلة في المؤسسة حتى تؤهل العضو
للمشاركة الفعلية في تطوير فقه المجلس الدستوري.2
وفي المغرب ررغم أن المؤسس الدستوري المغربي لم ينص على شرط الكفاءة صراحة في
الدستور بالنسبة للمجلس الدستوري فقد نص على كفاءة أعضاء الغرفة الدستورية والذين ال
بد أن يتم اختيارهم من بين فقهاء القانون العام والخاص والقضاة ومن المتخصصين في
الفقه اإلسالمي.3
أما عن كفاءة قضاة المحكمة الدستورية المغربية التي تم النص عليها من خالل دستور
01جويلية 2011فتم النص على مجموعة من المعايير يتوجب توفرها في أعضاء
المحكمة الدستورية وتتركز هذه المعايير في الطابع القضائي والتكوين القانوني ويجب
اختيارهم من بين الشخصيات المتوفرة على تكوين في مجال القانون وعلى كفاءة قضائية أو
فقهية أو إدارية والذين مارسوا مهنتهم لمدة تتجاوز 15سنة والمشهود لهم بالتجربة والنزاهة
والحياد.4
163
إن مسألة كفاءة أعضاء المجلس الدستوري الموريتاني لم يتطرق لها الدستور وال رغيره
من النصوص القانونية المنظمة للمجلس الدستوري ويبدو أن المؤسس الدستوري الموريتاني
ترك حرية كاملة للسلطات صاحبة حق التعيين في المجلس الدستوري من أجل اختيار من
تراه مناسبا لهذه المهمة لكن من الناحية العملية فإن تعيينات أعضاء المجلس الدستوري
الموريتاني يغلب عليه عنصر الكفاءة القانونية وررغم رغياب شروط معينة تلزم السلطات
صاحبة حق التعيين من مراعاتها إال أن هاته األخيرة تحرص على إخضاع هؤالء األعضاء
العتبارات محددة ينبغي مراعاتها.1
ما يالحظ على مدى احترام الكفاءة في تعيين أعضاء المجلس الدستوري الموريتاني فإنه
منذ تنصيبه في شهر ماي 1992إلى رغاية 1996فقد تم اختيار جميع األعضاء من بين
أصحاب الكفاءة القانونية منهم 04قضاة ومحاميان اثنان و وزير سابق للعدل ورئيس أسبق
للمحكمة العليا.2
ومن حيث المستوى العلمي وطبيعة المؤهالت الدراسية فقد انتمى الى المجلس الدستوري
متحصالن على شهادة الدكتوراه في القانون العام وخمسة من حملة اإلجازة في الحقوق
وشخص إداري واحد باإلضافة إلى اثنين من خريجي المدرسة العليا لما وراء البحار (فرنسا)
وبهذا فإن اعتبار الكفاءة في المجال القانوني شرط قائم لكنه رغير معلن عنه .أما الخبرة
السياسية فظهرت بوجود ثالثة وزراء سابقين أحدهم دبلوماسي .3
أما في فرنسا فإن السلطتين التنفيذية والتشريعية تراعي شرط الكفاءة ضمنيا حتى وان لم
يتم النص عليه قانونا حيث لوحظ أنه من بين الخمسة واألربعين عضو الذين اشتغلوا
المجلس الدستوري الفرنسي للفترة من سنة 1959إلى 1989نجد 33منهم قانونيون
(أساتذة -قضاة ومحامون) والباقي 12من خارج التخصص القانوني وهذا يدل على أنه
على األقل القانونيون يحملون ليسانس في الحقوق .4أما من جانب الخبرة فإن قرابة نصف
164
من شغل عضوية المجلس الدستوري في هاته الفترة خالل انتداباتهم هم أعضاء سابقون في
الحكومة أو في البرلمان.1
وبمقارنة بسيطة نجد ما ذهبت إليه موريتانيا وتونس ررغم نقصه أفضل مما ذهبت إليه
الجزائر والمغرب اللتان أرغفلتا تماما الحديث أو اإلشارة إلى شرط الكفا ءة.
يبدو لو اتبع المؤسس الدستوري في دول المغرب العربي ما أخذت به بعض الدول
الغرب ية التي اشترطت الكفاءة صراحة بنص دستوري في أعضاء المحاكم الدستورية بحيث
نجد في ألمانيا يشترط في 08الثمانية قضاة المنتخبين على مستوى المحكمة الدستورية
األلمانية أن يكون على األقل 03ثالثة قضاة منهم ينتمون إلى المحكمة الفيدرالية العليا منذ
03ثالثة سنوات وخ مسة أعضاء من رغير القضاة لهم تكوين قانوني أو حائزين على
شهادات قانونية عليا ،أما في إيطاليا فال يمكن تعيين قضاة بالمحكمة الدستورية إال من بين
القضاة والمحامين وأساتذة القانون.2
نص دستور الجزائر 1996/11/28في مادته 164فقرة 4على أن مدة عضوية رئيس
المجلس الدستوري هي 6سنوات رغير قابلة للتجديد أما باقي األعضاء الثمانية فنصت المادة
164في فقرتها الخامسة على أن مدة عضوية األعضاء 6سنوات رغير قابلة للتجديد مع
تجديد نصف عدد أعضاء المجلس الدستوري كل ثالثة سنوات.3
وتبرز أهمية وقيمة تحديد العهدة ألنه في حالة عدم تحديدها كان يمكن للسلطات
صاحبة التعيين أن تررغب أعضاء المجلس الدستوري بتنصيبهم في وظائف عليا بعد انتهاء
عهدتهم في المجلس الدستوري السيما السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية الذي
165
يملك حق التعيين في المناصب العليا المدنية والعسكرية حسب المادة 78فقرة 2من دستور
28نوفمبر 1996والمرسوم الرئاسي .144/89
أما في فرنسا فمدة عضوية أعضاء المجلس الدستوري 9سنوات رغير قابلة للتجديد
بحيث يجدد ثلث األعضاء كل 3سنوات باستثناء رئيس المجلس الدستوري الذي يؤدي عهدة
كاملة مدتها 9سنوات ويظهر الفرق بين المجلس الدستوري الجزائري والمجلس الدستوري
الفرنسي في طريقه التجديد النصفي حيث يتم في الجزائر عن طريق القرعة أما في فرنسا
فيتم عن طريق القرعة أو يتم النص عليه في قرار التعيين األول.
ويبدأ حساب مدة العضوية من يوم تبليغ محضر المداولة إلى رئيس الجمهورية أو رئيس
المجلس الشعبي الوطني أو رئيس مجلس األمة أو رئيس المحكمة العليا أو رئيس مجلس
الدولة وهذا حسب المواد 58 ،57من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري
الجزائري.2
أما المغرب فقد أحدث تطو ار في دستور 1996فبعدما كانت عضوية المجلس الدستوري
في دستور 1992ستة ( )6سنوات قابلة للتجديد ،أصبح أعضاء المجلس الدستوري المغربي
في دستور 1996يعينون لمدة 9سنوات رغير قابلة للتجديد وهنا نالحظ مسايرة للمجلس
الدستوري الفرنسي من حيث المدة بين دستوري 1996 – 1989وهي ستة ( )6سنوات
رغير قابلة للتجديد فالمغرب زادت من مدة العضوية ( )9سنوات عوض ( )6سنوات وألغت
إمكانية التجديد بحثا عن تحقيق استقاللية أكبر للقاضي الدستوري.3
وفي دستور 2011صارت مدة عضوية أعضاء المحكمة الدستورية المغربية 09
سنوات رغير قابلة للتجديد.
- 1المرسوم الرئاسي 44 - 89مؤرخ في 10أفريل 1989متعلق بالتعيين في الوظائف المدنية والعسكرية ج ر رقم 15
مؤرخة في 12أفريل .1989
- 2المواد 58 ،57من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري رقم 48المؤرخ في 8أوت .2000
- 3مليكة الصروخ ،مرجع سابق ،ص .268 ،267
166
أما في تونس ومع بروز أول مجلس دستوري سنة 1987باعتباره هيئة استشارية لم يكن
محدد المدة ررغم أن رئيس الجمهورية التونسية راع في تعييناته مدة طويلة نسبيا مع عدم
قابليتها للتجديد.1
أما في موريتانيا فمدة عضوية أعضاء المجلس الدستوري هي تسع سنوات رغير قابلة
للتجديد المادة 81من الدستور الموريتاني 1991ويتجدد ثلث أعضائه كل ثالث سنوات.
ومن حيث انتداب هؤالء األعضاء فإنها تكون ثالثة أعوام بالنسبة لعضوين وستة أعوام
بالنسبة لعضوين وتسعة أعوام بالنسبة لعضوين الباقيين ويعين رئيس الجمهورية عضوا من
كل مجموعة ويعين رئيس الجمعية الوطنية عضوا لمدة تسعة أعوام وعضوا لمدة ثالثة أعوام
ويعين رئيس مجلس الشيوخ عضوا لمدة ستة أعوام وهذا حسب المادة 3من القانون النظامي
للمجلس الدستوري الموريتاني.2
وما يالحظ في مدة عضوية أعضاء المجلس الدستوري أنه كلما طالت المدة أعطت
ضمانة أكثر للعضو ألن قصر مدة العضوية يجعل القاضي الدستوري ينتظر جزاءا من
السلطة التي عينته سواء بالتجديد له في المجلس إذا كانت العضوية قابلة للتجديد أو بتعيينه
بعد انتهاء مهامه في وظيفة يتطلع إليها وهذا يجعله يبتعد عن النزاهة والحياد إلرضاء
السلطة صاحبة التعيين أما إطالة المدة بالنسبة لعضوية المجالس والمحاكم الدستورية وعدم
قابليتها للتجديد أعتقد أنها تجعل القاضي الدستوري في حل عن السلطة التي عينته بحيث ال
ينتظر منها جزاء وال يخشى من عقابها ولهذا يكون أكثر استق ار ار باعتباره حام للشرعية
ومدافعا وحاميا للحقوق والحريات الفردية والجماعية وفاصال للمنازعات بين السلطات
الدستورية والسياسية في البالد.
167
سنوات رغير قابلة للتجديد .كما تختلف هذه األنظمة في طريقة التجديد حيث تجعله الجزائر
خاضعا للقرعة أما فرنسا فتجعله خاضعا ألول تعيين وتتفق معها المغرب وموريتانيا.
وببدو أن العضو الذي يتم تعيينه من طرف رئيس الجمهورية أو رئيسا رغرفتي البرلمان
ويتم تحديد مدته بـ 3سنوات في قرار تعيينه األول يكون أقل استقاللية ونزاهة ألنه يعلم
مسبقا أنه سيتم استخالفه بعد ثالثة سنوات كما أنه يحس بأنه في مركز أقل قوة من العضو
المعين لمدة 6أو 9سنوات في نفس قرار التعيين ولهذا أعتقد أن طريقة القرعة المعتمدة في
التجديد النصفي ألعضاء المجالس الدستورية والذي تبنته الجزائر أكثر نجاحا.
يبدو من خالل الدراسة أنه ال بد أن نسلم بأن طول مدة العضوية في الهيئات الدستورية
(مجلس دستوري أو محكمة دستورية) يعتبر عامال أساسيا في استقاللية هذه الهيئة
ومصداقيتها وأكبر دليل على ذلك ما اشتهر على أعضاء المحكمة العليا األمريكية حيث
رأى فيهم األمريكيون بأنهم ال يستقلون وال يموتون إال نادرا ،وهذا تعبي ار من األمريكيين على
طول المدة التي يقضيها أعضاء المحكمة العليا الفيدرالية وتفسي ار لهذا المعني قال األستاذ:
"إيزمان" بأنهم أي قضاة المحكمة العليا الفيدرالية «ال يخشون السلطات السياسية وال
ينتظرون منها شيئا».1
ونظ ار لنجاح التجربة األمريكية قلدتها عدة دول أوروبية منها ألمانيا قبل 2ديسمبر
1970أين كان ثلث أعضاؤها ينتخبون لمدى الحياة.
لكن لطول المدة عيوب منها تقاعس األعضاء الدستورين عن االجتهاد وافتقاد الررغبة في
االجتهاد خاصة مع التقدم في السن األمر الذي دفع بألمانيا بعد 2ديسمبر 1970إلى
تحديد مدة عضوية المحكمة الدستورية الفيدرالية والتي تتكون من 16قاضيا يتوزعون على
رغرفتين كل رغرفة تضم 8قضاة ينتخبون لمدة 12سنة رغير قابلة للتجديد .2أما إسبانيا
168
فاختارت مدة 9سنوات رغير قابلة للتجديد 1إيطاليا 9سنوات رغير قابلة للتجديد .2والمغرب
في دستوره الجديد 09ألعضاء المحكمة الدستورية.3
إن مدة التسع سنوات رغير قابلة للتجديد إال في حالة العضو الذي استخلف عضو آخر
يمكن أن يج دد له شرط أن يكون العضو المستخلف الذي عوض الشخص المتوفي أو
المستقيل لم تتجاوز مدة خالفته 3ثالثة سنوات بالمجلس الدستوري بصفته عضوا مستخلفا
وتضاف إليها 9سنوات في المجلس الدستوري الجديد وبهذا يؤدي عهدة مدتها 12سنة في
المجلس الدستوري.4
إن طول مدة العهدة يعتبر ضمانة في وجه السلطة السياسية ،ولضمان توازن بين تجديد
المجلس الدستوري الفرنسي واستم ارريته هناك التجديد الجزئي كل ثالثة سنوات ،وال يسمح
بوضع أية طريقة لوضع حد لمهمة عضو المجلس الدستوري إال بالوفاة أو االستقالة أو
اإلقالة.5
169
و ينص الدستور الجزائري 28نوفمبر 1996على أن يجدد نصف أعضاء المجلس
الدستوري كل ثالثة سنوات باستثناء رئيس المجلس الدستوري الذي يمارس والية كاملة مدتها
6سنوات لكن التجربة الجزائرية بالوقائع والتواريخ أثبتت أن أول رئيس مجلس دستوري
جزائري عين بمرسوم رئاسي بتاريخ 8مارس 1989وانتهت عهدته بعد مرور ستة ()6
سنوات عين رئيسا آخر بمرسوم رئاسي مؤرخ في 27مارس 1995وبعملية حسابية فكانت
مدته تنتهي يوم 27مارس ،2001إال أنه عمليا لم يستخلف برئيس ثالث إلى رغاية أفريل
2002وبهذا يكون الرئيس الثاني للمجلس الدستوري الجزائري قضى مدة 7سنوات في
رئاسة المجلس الدستوري وهنا خرق واضح للدستور حسب مفهومنا القانوني (النصي)
للدستور.1
لكن رئيس المجلس الدستوري في العهدة الثانية صرح بعد استخالفه بما يلي «:أنا لم
أتجاوز العهدة التي كلفت طيلتها برئاسة المجلس فتعيني جاء بتاريخ 1995/3/27ثم جاء
تنصيب آخر بتاريخ 21أبريل 1998عقب تعديل الدستور والذي نتج عنه تعديل تركيبة
المجلس...ومن ثم فإن عهدتي تنتهي رسميا في 2001/4/21بعد إتمام ست سنوات ...
فقد انسحبت قبل 19أبريل 2001حتى ال أكمل ستة سنوات كاملة وأكون بذلك مخترقا
للقوانين».2
والمالحظ أن رئيس المجلس الدستوري قد تجاوز العهدة المبينة في الدستور إذ العبرة
بالتنصيب األول الذي كان قبل تعديل الدستور 1996أما التنصيب الثاني الذي جاء بعد
تعديل الدستور 1996ال تأثير له وأوضح ذلك على الشكل اآلتي:
إن التنصيب األول قي 27مارس 1995جاء بعد تعيين بمرسوم رئاسي وجاء التنصيب
تنفيذا له أما التنصيب الثاني فلم يكن بعد تعيين ثاني بمرسوم رئاسي ألنه رغير منطقي أن
يعين رئيس المجلس الدستوري في نفس المنصب ولنفس العهدة بمرسومين رئاسيين إال إذا
سبق المرسوم الثاني استقالة أو إقالة ثم تم قبولها ثم تم التعيين بمرسوم جديد.
170
وما يدعم هذا التحليل هو أن مسألة تعيين رئيس المجلس الدستوري نظمها النص
الدستوري وهذا ألهمية المنصب وال يمكن تجاوز ما نص عليه الدستور في إجراءات التعيين
ولهذا أعتبر أن التنصيب الثاني عمل إداري ال يعتد به في حساب مدة العهدة برئاسة
المجلس الدستوري.
وحتى رئيس المجلس الدستوري في إحدى تصريحاته جاء فيها ما يلي...«:وبالفعل فأنا
أبلغت الرئيس بانتهاء مهامي في التاريخ المحدد وحصل هناك تفاهم بيننا بطلب من رئيس
الجمهورية لتمديد مهامي بشكل مؤقت».1
وربما اعتمد رئيس الجمهورية على المادة 180فقرة 2من الدستور التي تنص على
أن يمدد العمل بتشكيلة المجلس الدستوري التي نصبت قبل صدور دستور 1996وجعله
مفتوحا إلى رغاية تنصيب المؤسسات الممثلة فيه وهي مجلس األمة (الغرفة العليا في
البرلمان) ومجلس الدولة جهة القضاء اإلداري بعد تبني دستور الجزائر 1996الزدواجية
القوانين والقضاء وازدواجية البرلمان.2
واعتمادا على هذا الطرح فإن المجلس الدستوري الجزائري الذي نصب بتاريخ 27مارس
1995أعيد تنصيبه من جديد بعد دستور 1996وبهذا تكون المدة القانونية قد احترمت.
أما عن باقي أعضاء المجلس الدستوري فيجدد نصفهم كل ثالثة سنوات عن طريق
القرعة حسب المادة 3/164من دستور 28نوفمبر 1996وبالرجوع إلى النظام في المغرب
والذي عرف نظام الغرفة الدستورية قبل أن يعرف نظام المجلس الدستوري كما رأينا في هذه
الدراسة سابقا .فإن مدة عضوية أعضاء الغرفة الدستورية كانت لمدة قصيرة قابلة للتجديد
وكان عدد أعضاء هذه الغرفة الدستورية قليال .مقارنة بالمحاكم الدستورية في إسبانيا وايطاليا
وألمانيا والنمسا ،ومصر والواليات المتحدة األمريكية .حيث كان عدد 5أعضاء في دستور
1962وأربعة في دستور 1970وفي دستور .31972
- 1المرجع نفسه.
- 2المادة 180من دستور 28نوفمبر .1996
- 3عبد العزيز النويضي ،مرجع سابق ،ص .38 – 37
171
وقد بين األمر المؤرخ في 9ماي 1977المتعلق بتنظيم الغرفة الدستورية في الفصل
رقم 11منه بأن مهام األعضاء المعينين تكون قابلة للتجديد فلقد اتبع النظام المغربي نظام
الفترة القصيرة المتجددة الشيء الذي يبدو أنه يتنافى مع استقاللية قاضي الغرفة الدستورية
بحيث يجعله يعمل تحت ضغط التجديد وعدم التجديد.1
ويبدو أنه كلما كانت مدة العهدة طويلة تحقق للعضو االستقاللية ررغم عدم قابليتها
للتجديد بحيث يجتهد القاضي الدستوري في مواقفه دون الخضوع لعاملي التجديد وعدم
التجديد.
إال أن األستاذ عبد العزيز النويضي يرى «:بأن بعض األشخاص تكون شخصيتهم أميل
إما للخضوع أو االستقاللية كما يكشف عن ذلك مسار حياتهم ومواقفهم ،بغض النظر عن
الضمانات رغير أن وجود الضمانات في مؤسسة دستورية هو خير من عدم وجودها».2
وفي مرحلة ثانية بالمغرب وهو تبني دستوري 1992و 1996لنظام المجلس الدستوري
والغاء نظام ا لغرفة الدستورية كما جاء في الدراسة سابقا .فقد كان أعضاء المجلس الدستوري
المغربي يعينون لمدة 6سنوات قابلة للتجديد نفس األمر مع المجلس الدستوري الجزائري زاد
ورفع الدستور المغربي المدة إلى 9سنوات وذلك بعد ما نص عليه القانون التنظيمي رقم
29/93أصبح أعضاء المجلس الدستوري يعينون لمدة 9سنوات رغير قابلة للتجديد متفقة
مع العهدة التي يقضيها أعضاء المجلس الدستوري الفرنسي 3والمالحظ أنه زادت مدة العهدة
وانعدمت إمكانية التجديد األمر الذي يؤدي حسب رأي إلى مزيد من استقاللية القاضي
الدستوري المغربي بحيث يتخلص من عملي التجديد وعدم التجديد وطول المدة كافية لتقديم
عمل مقبول.
لكن ما يجب أن نشير إليه هو أنه ال يقضي كل األعضاء مدة 9سنوات كاملة
فالثلث 3/1يجدد كل ثالثة سنوات بمعنى أن ثلث األعضاء يقضي 3سنوات وثلث آخر
- 1المرجع نفسه.
-2المرجع نفسه.
- 3المادة 2من الظهير الشريف " :194 ،124يعين أعضاء المجلس الدستوري لمدة ست سنوات قابلة للتجديد مرة
واحدة"؛ مليكة الصروخ ،مرجع سابق ،ص .271 – 269
172
يقضي 6سنوات وثلث أخير يقضي 9سنوات وهذا حسب نظام القرعة وهذا يطرح أشكال
تفاوت الدرجات داخل المجلس الدستوري ذاته فأصحاب المدة الكاملة هم فقط من يتمتع
باستقاللية.
ويتفق كذلك المجلس الدستوري المغربي مع نظيره في موريتانيا الذي تكون مدة عضويته
9سنوات رغير قابلة للتجديد .ويتجدد ثلث أعضاؤه كل 3سنوات وهذا حسب المادة الثانية
من القانون النظامي للمجلس الدستوري الموريتاني.1
وبالعودة إلى النظام الدستوري التونسي فإنه قد أثير نقاش على مستوى مجلس النواب
التونسي حول مدة عهدة أعضاء المجلس الدستوري التونسي وذلك من طرف لجنة الشؤون
السياسية والعالقات الخارجية وفي رد لمدير الديوان الرئاسي جاء ما يلي «:إن هذه المدة
ليست مرتبطة بمبدأ االنتخابات وال بصفة اتخاذ القرار ،وبما أنها ليست كذلك فإن الصفة
االستشارية ال تقتضي تحديد مدة زمنية محددة لمهام أعضاء هذا المجلس».2
وقام عمليا الرئيس التونسي في تلك المرحلة بمراعاة جانبي التجديد واالستم اررية بحيث
في التشكيلة الثانية للمجلس الدستوري التونسي حافظ 6أعضاء على عضويتهم كما حافظ
في التركيبة األخيرة 4أعضاء على عضويتهم.3
وحسب رأي األستاذ زهير المظفر فإنه«:استحسن اعتماد طريقة التعيين لمدة 9سنوات
رغير قابلة للتجديد مع تجديد ثلث األعضاء كل ثالثة سنوات هذا الرأي الذي يعتبر متماشيا
مع النظام الفرنسي والنظام المغربي ومخالفا للنظام الجزائري للمجالس الدستورية».
أما بعد دسترة المجلس الدستوري التونسي من خالل المراجعة الدستورية المؤرخة في 6
نوفمبر 1995وتخصيص الباب التاسع من الدستور للنص على المجلس الدستوري وفي
تعديل جاء في 1997من خالل القانون الدستوري المؤرخ في 1997/10/27والذي جعل
173
من أراءه إلزامية كما وسعت المراجعة الدستورية المؤرخة في 1جوان 2002من دائرة
الحقوق األساسية في الدستور األمر الذي وسع من صالحيات المجلس الدستوري التونسي.1
فنجد أعضاء المجلس الدستوري التسعة يتم تعيين 6منهم بمن فيهم رئيس المجلس
الدستوري لمدة 3سنوات قابلة للتجديد مرتين أما ثالثة أعضاء الباقون فهم معينون بوظائفهم
على التوالي:
الرئيس األول لمحكمة النقض ،الرئيس األول للمحكمة اإلدارية ،والرئيس األول لمجلس
المحاسبة.2
فما يالحظ على المدة التي يقضيها أعضاء المجلس الدستوري التونسي خاصة 6
أعضاء المعينين فهي قصيرة جدا لم تأخذ بها باقي األنظمة على رغرار الجزائر والمغرب
وفرنسا وموريتانيا لكنها قابلة للتجديد مرتين بحيث يمكن للعضو أن يجدد له رئيس الجمهورية
مرتين فيؤدي عهدة مدتها 9سنوات وهي نفس المدة التي يقضيها أعضاء المجلس الدستوري
الفرنسي والمجلس الدستوري المغربي في دستور .1996
إن قصر المدة مع قابليتها للتجديد تجعل رئيس الجمهورية يتحكم إلى حد بعيد في توجيه
هذا المجلس وهذا حسب رأي ما تعود عليه النظام السياسي التونسي في طريقة تسييره
وتحكمه في المؤسسات.
أما بعد تعديل الدستور التونسي في 01جوان 2002فقد تطرق إلى تجديد عهدة عضو
المجلس الدستوري من خالل الفصل ( 75جديد) من الدستور فنص في فقرته السادسة على
أن مدة عضوية أعضاء المجلس الدستوري المعينين من طرف رئيس الجمهورية ورئيس
المجلس النواب هي «:ثالثة سنوات قابلة للتجديد مرتين 3»...وأكدت ذلك المواد السادسة
174
والسابعة من القانون األساسي المتعلق بالمجلس الدستوري التونسي المؤرخ في 12جويلية
.12004
وال بد من اإلشارة إلى أن النظام التونسي يعتمد نوعين من مدة العضوية بالنسبة
لألعضاء المعينين من طرف رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب هي 03سنوات قابلة
للتجديد مرتين ،وهناك أعضاء معينين بصفتهم الوظيفية أي الرئيس األول لمحكمة التعقيب
والرئيس األول للمحكمة اإلدارية والرئيس األول لدائرة الحسابات فمدة عضويتهم مرتبطة بمدة
بقائهم في الوظيفة فتوقف ممارسة الوظيفة أو تغييرها يؤدي إلى توقف العضوية في المجلس
الدستوري.2
مع اإلشارة إلى أن قانون المحكمة العليا في ليبيا نص في مادته ( )07على المدة
التي يقضيها رئيس المحكمة العليا وهي سنة واحدة بعدما يعينه الملك في ظل دستور ليبيا
1951ولم يحدد القانون مدة عضوية باقي قضاة المحكمة العليا الليبية.3
أما بالنسبة للمحكمة العليا في موريتانيا فقد أحال بشأنه الدستور الموريتاني لسنة 1961
إلى القانون والذي لم ينص ال على مدة العضوية وال على عدد األعضاء المشكلون للمحكمة
العليا شأنه شأن المحكمة العليا الليبية على خالف المحكمة العليا األمريكية التي حددت
أعضائها بـ 09أعضاء معينين لمدى الحياة.4
أما القانون المؤرخ في 20يوليو 1965والمتعلق بإعادة تنظيم العدالة والمتعلق أيضا
بالمحكمة العليا الموريتانية فقد نصت على العهدة التي يقضيها رئيس المحكمة العليا الذي
يعينه رئيس الجمهورية لمدة 05سنوات وال يمكن عزله قبل انتهاء هذه المدة أو حتى إقالته
كما حدد المدة بسنتين بالنسبة للمستشارين الثالثة القانونيين والمستشار المالي.5
- 1الفصالن السابع والثامن من القانون األساسي عدد ،52لسنة 2004ج ر في 12جويلية ،2004يتعلق بالمجلس
الدستوري التونسي.
- 2هدى بن خليفة ،المرجع نفسه ،ص .26
- 3جعفر ولد المرابط ولد جعفر ،مرجع سابق ،ص .72
- 4المرجع نفسه ،ص .73 – 72
- 5المرجع نفسه ،ص .73
175
يبدو أن تحديد عهدة عضو المجلس الدستوري ال بد أن تتماشى مع المهام التي أوكلها
له المؤسس الدستوري ولهذا ال بد من النص عليها في متن الدستور وأن تكون 09سنوات
رغير قابلة للتجديد حتى ال تستطيع السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية تعديلها ومن خالل
ذلك المساس بنزاهة واستقاللية عضو المجلس الدستوري.
ال يمكن عزل عضو المجلس الدستوري الفرنسي وانما يتوقف عن ممارسة مهامه إما
بإرادته (االستقالة) أو الوفاة أو إقالة يقررها المجلس الدستوري ذاته وفقا إجراءات محددة.
ونص النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري عن كيفيات إقالة عضو
المجلس الدستوري من خالل المواد .64 ،63 ،62
حيث بين أنه حينما تصبح الشروط المطلوبة لممارسة مهمة أحد أعضائه رغير متوفرة
يعقد المجلس الدستوري اجتماعا بحضور كل أعضائه أو عندما يخل العضو بواجباته إخالال
خطي ار ويفصل المجلس الدستوري إثر مداولة باإلجماع في قضية العضو المعني دون
حضوره واذا سجل عليه أم ار خطي ار يطلب منه المجلس تقديم استقالته ويشعر السلطة التي
عينته في المجلس الدستوري الستخالفه حسب المادة 64من نفس القانون التي تبين كيفيات
استخالف العضو المتوفي أو المستقيل أو المقال من طرف المجلس الدستوري ومنه فإن
المؤسس الدستوري الجزائري لم يتكلم عن عزل عضو المجلس الدستوري وانما بين حاالت
استخالفه وحالة إ قالته من طرف أعضاء المجلس الدستوري وهذه ضمانة كبيرة تجعل عضو
المجلس الدستوري ال يخضع ألية سلطة سياسية في عزله ررغم أنه يتم تعيينه من طرف
السلطات السياسية كما رأينا سابقا.1
أما فيما يتعلق بعزل عضو المجلس الدستوري المغربي فإنه ،حسب األستاذ عبد العزيز
النويضي «:إن عضو المجلس الدستوري ال يمكن عزله أو إقالته من مهمته قبل نهاية واليته
ما دام متوف ار على الشروط ال يوجد في حالة تنافي مع عضويته بالمجلس الدستوري ويلتزم
- 1المواد 64 ،63 ،62من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري ،المؤرخ في مداولة 03ماي ،2012جريدة
رسمية رقم .26
176
باالمتناع عن كل ما ينال من استقالليته ومن كرامة المنصب الذي يستغله ،وما دام ممتنعا
نهائيا من مزاولة مهامه وما لم يقدم عضو المجلس الدستوري استقالته بصفة اختيارية».1
كما أن القانون التنظيمي رقم 8/98لعام 1998في فقرته الرابعة من المادة 10العاشرة
حدد أربع حاالت إلقالة عضو المجلس الدستوري المغربي وهي:
-م ازولة نشاط أو قبول منصب أو نيابة انتخابية تتنافى مع عضوية المجلس
الدستوري.
-فقدان التمتع بالحقوق السياسية والمدنية
-حدوث عجز بدني مستديم يمنع العضو من مزاولة مهامه بصورة نهائية.
-اإلخالل بااللتزامات العامة والخاصة المشار إليها بالمادة 07من القانون
التنظيمي للمجلس الدستوري.2
وعند توفر حالة من هذه الحاالت فيتم إخطار المجلس الدستوري من طرف رئيس مجلس
النواب ،رئيس مجلس المستشارين ،وزير العدل ،رئيس المجلس الدستوري ويعود االختصاص
للمجلس الدستوري ليبت في هذا اإلعفاء بالعودة إلى نص المادة 16من القانون التنظيمي
للمجلس الدستوري فإن المجلس يستمع إلى العضو المقرر الذي يعينه رئيس المجلس
الدستوري للبت في الموضوع.3
وال تكون المداولة صحيحة إال إذا حضرها 9من أصل 12عضوا على خالف القانون
الجزائري الذي يشترط اإلجماع المادة 63من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري
ويتم اتخاذ القرار النهائي بأرغلبية ثلثي أعضاء المجلس الدستوري المغربي أي 8أعضاء من
12عضوا األمر الذي يختلف مع النظام الجزائري الذي يشترط اإلجماع بين أعضاء المجلس
الدستوري الجزائري ويبدو أن القانون الجزائري كان أكثر ضمانة لعضو المجلس الدستوري
- 1عبد العزيز النويضي ،المجلس الدستوري بالمغرب ،مرجع سابق ،ص .77
- 2المختار هنوني ،الرقابة على دستورية القوانين العادية بالمغرب بين النص والممارسة ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات
العليا المعمقة ،جامعة عين الشق ،الدار البيضاء ،2004-2004 ،ص .25
-3عبد العزيز النويضي ،مرجع سابق ،ص .77
177
حين اشترط اإلجماع ألن توفر حاالت اإلقالة هي مسائل ثابتة وليست مسائل خالفية حتى
تخضع لنظام التصويت باألرغلبية.
كما يشترط القانون المغربي بأن تتضمن ديباجة النص الصادر عن المجلس الدستوري
المغربي في هذا الصدد النصوص التي تستند عليها وأن تكون مسببة وموقعة من قبل
األعضاء الحاضرين في الجلسة وتصدر الق اررات باسم الملك وتنشر بالجريدة الرسمية خالل
أجل ال يزيد عن 30ثالثين يوما من تاريخ صدورها.1
إن السؤال الذي يطرح هو هل يكفي عدم تجديد عهدة القاضي الدستوري لضمان
استقالليته ،أم يمكن للجمع بين منصبه ووظيفة أخرى أو مهمة انتخابية تأثير على
استقالليته .يمكن للتأثير السياسي أن يجد طريقه بين منصب قاضي دستوري ووظيفة أخرى
أو نشاط يمارسه في نفس الوقت وبهذا ال يمكن للشخص الواحد أن يكون قاضيا وطرفا في
النزاع الشيء الذي يبرر وجود قاعدة التنافي بين عضوية المجلس الدستوري وممارسة أية
مهمة أو وظيفة أو نشاط آخر لكن تطبيقات التنافي مع بعض الوظائف والمهام والنشاطات
وتروحت بين الصرامة في المفاهيم والتطبيقات وبعض
اختلف تطبيقاتها من دولة إلى أخرى ا
المرونة ،ونجد أكثر الدول صرامة في هذا المجال ألمانيا التي منعت قاضي المحكمة
الدستورية من ممارسة أية مهمة أو نشاط باستثناء األستاذية بالجامعة وتدريس مادة القانون
في جامعة ألمانية .وال تسمح له بتدريس مادة أخرى وال تسمح له بالتدريس خارج ألمانيا ،2أما
التشريع اإليطالي فجعل قاضي المحكمة الدستورية ال يمارس أية مهمة سواء كانت خاصة
أو عامة على اإلطالق.3
أما بعض الدول فتتعامل مع مبدأ التنافي ببعض من المرونة مثل فرنسا فررغم أن
دستورها 04أكتوبر 1958في مادته 57لم يجيز الجمع بين عضوية المجلس الدستوري
178
وتولي الو ازرة أو عضوية البرلمان 1بعد إحالته على القانون العضوي المنظم للمجلس
الدستوري الفرنسي أضاف هذا النظام حالة أخرى للتنافي وهي عضوية المجلس االقتصادي
واالجتماعي 2وهو ما جعل األعضاء المنتمون إلى هذه الهيئات مستقلين إذا قبلوا بعضويتهم
في المجلس الدستوري وذلك ما لم يبدو ررغبتهم المخالفة للتعيين في المجلس الدستوري خالل
ثمانية ( )8أيام من تاريخ نشر تعيينهم ،3أما إذا اختاروا بقائهم ضمن هيئاتهم التي يتبعونها
قبل تعيينهم في المجلس الدستوري فيعوضون ويعتبرون في حكم المستقلين.4
إن اإلشكال الذي يطرح في النظام الدستوري الفرنسي هو فيما يتعلق باألعضاء المعينين
بحكم القانون وهم رؤساء الجمهورية السابقون الذين يمارسون وظيفة أو نشاط معين وهم بقوة
القانون أعضاء في المجلس الدستوري الفرنسي فهل يلزمهم القانون باالستقالة من وظائفهم؟
بالطبع النص القانوني لم يجب على ذلك سواء بطلبهم تقديم استقاالتهم أو بتعويضهم.
أما األستاذ "فرنسوا لوشير" فيرى«:بأنه ال بد من حرمان العضو بحكم القانون من التواجد
بالمجلس الدستوري إذا ترشح إلى رئاسة الجمهورية».
مع اإلشارة إلى أنه خارج هذا اإلطار فأثناء ممارسة عضو المجلس الدستوري لمهامه ال
يمكن تعيين العضو في وظيفة عمومية وال يرقى باالختيار من وظيفة كان يمارسها قبل
االلتحاق بالمجلس الدستوري إلى وظيفة أعلى منها 5فالمفهوم من النص القانوني فإن التنافي
يكون في الترقية ويسمح بممارسة العضو في المجلس الدستوري لوظيفة عمومية.
179
إن التنافي يكون إذا عين عضو المجلس الدستوري في وظيفة وهو يمارس عضويته
بالمجلس الدستوري أما إذا كان يمارس الوظيفة قبل تعيينه في المجلس الدستوري فيمكنه أن
يستمر فيها.
وبعد ما رأينا نظامين أحدهما متشدد في تطبيق مبدأ التنافي مع عضوية المجلس
الدستوري أو المحكمة الدستورية وأي مهمة أو نشاط عام أو خاص (ألمانيا) ونظام آخر
أبدى نوع من الليونة في تطبيق مبدأ التنافي لضمان استقاللية القاضي الدستوري (فرنسا)
فسنبين في الفروع اآلتية كيف نظم كل من المشرع وتعامل مع مبدأ التنافي في كل من
الجزائر المغرب وتونس وموريتانيا من خالل الفروع األربعة اآلتية:
الفرع األول :حاالت التنافي وتطبيقاتها على أعضاء المجلس الدستوري الجزائري
نقصد بالتنافي عدم إمكانية الجمع بين عضوية المجلس الدستوري وممارسة أية عهدة
انتخابية أخرى أو مهمة في القطاع العام أو الخاص أو أية وظيفة عامة وعلى العضو
المعين في المجلس الدستوري التوقف عن ممارسة أي عضوية في هيئة أخرى أو وظيفة أو
تكليف بمهمة والهدف من هذا المنع هو النأي بهذه المهمة (مهمة القضاء الدستوري) من كل
ما قد يتسرب إليها من تأثير بسبب االنتماء إلى المهام والوظائف األخرى.
إن عضو المجلس الدستوري الذي يراقب مدى تطابق مشروع القانون مع الدستور ال
يعقل أن يكون في نفس الوقت نائبا في البرلمان وسبق له وأن ساهم في سن هذا القانون.
حسب المادة 164من دستور الجزائر 1996فإن صفة عضو المجلس الدستوري
تتنافى مع ممارسة أي نشاط آخر.1
ويظهر من أهم أوجه مبدأ عدم الجمع بين عضوية المجلس الدستوري الجزائري ومهام
ووظائف أخرى تلك التي تهدف إلى التفرغ التام للمهمة على مستوى المجلس الدستوري فإن
الجمع بين عضوية المجلس الدستوري والوظيفة التشريعية أو التنفيذية أو القضائية فيها
مساس بمبدأ الفصل بين السلطات.2
-1المادة 164من دستور 28نوفمبر ... ":1996بمجرد انتخاب أعضاء المجلس الدستوري أو تعيينهم يتوقفون عن
ممارسة أي عضوية أو أي وظيفة أو تكليف أو مهمة أخرى."...
2 - D.ROUSSEAU, La justice constitutionnelle, en Europe, op.cit, p. 63.
180
وفي احترام هذا المبدأ تحرر من تأثير البرلمان وتأثير الحزب وتأثير الحكومة وحسب
األستاذ [ " D. ROUSSEAU" :كل المحاكم الدستورية تسن قوانين وقواعد أساسية تهدف
إلى استقالل ونزاهة وظائف القاضي الدستوري].1
كما أنه من أوجه حماية استقالل القاضي هو عدم انخراطه في حزب سياسي فإن
2
قانون األحزاب السياسية يمنع عضو المجلس الدستوري من االنضمام إلى حزب سياسي
واذا كان العضو مناضال في حزب سياسي قبل انتخابه أو تعيينه في المجلس الدستوري
فعليه تجميد هذه العضوية إلى رغاية نهاية عهدته على مستوى المجلس الدستوري الجزائري
وفي هذا الصدد نصت المادة 60من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري
الجزائري على أنه يتعين على أعضاء المجلس الدستوري ،فور انتخابهم أو تعيينهم قطع أية
صلة مع أي حزب سياسي طيلة عهدتهم طبقا للمادة 10من القانون العضوي المتعلق
باألحزاب السياسية.3
رأينا في الدراسة سابقا أن المغرب قبل أن يعرف نظام المجلس الدستوري قد عرف
نظام الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى للقضاء وذلك من خالل دساتير ،1970 ،1962
1972ولهذا نبين مبدأ التنافي وتطبيقاته على أعضاء الغرفة الدستورية في نقطة أولى ثم
تطبيق مبدأ التنافي على أعضاء المجلس الدستوري المغربي الذي ظهر في دستور 1992
ودعم في الدستور المغربي .1996
حسب الظهير الشريف المؤرخ في 9مايو 1991فإن صفة قاضي بالغرفة الدستورية
بالمجلس األعلى المغربي تتنافى وتتعارض مع كل نشاط من شأنه أن يمس بمصداقيتها
وبكرامة قاضي الغرفة الدستورية كما تتعارض مهمة قاضي بالغرفة الدستورية مع الو ازرة أو
181
النيابة في البرلمان حسب المادة 4من الظهير الملكي المؤرخ في 9مايو ،1977وتتنافى
مهمة قاضي بالغرفة الدستورية مع قيادة حزب سياسيا (الفصل )3ورئاسة إدارة عمومية
الفصل 3من الظهير الملكي.1
لقد تأثر المشرع المغربي إلى حد كبير بالنموذج الفرنسي في إق ارراه لمبدأ التنافي بين
مهام قاضي دستوري ونشاطات أخرى فقد أحال الدستور المغربي من خالل الفقرة الثانية من
المادة 80على القانون التنظيمي لتحدي د الوظائف التي ال يمكن الجمع بينها وبين عضوية
المج لس الدستوري والمهام الحكومية والمهام النيابية وهذا المنع كان ساريا على الغرفة
الدستورية في دساتير ( )1972 ،1970 ،1962وبقي مستم ار في عهد المجلس الدستوري
دستوري (.2)1996 ،1992
أما فيما يتعلق بالعضوية في المجلس األعلى لإلنعاش والتخطيط فصارت ال تنافي
والغرفة الدستورية ابتداء من القانونين التنظيمي الصادر على التوالي سنة 1970و1977
أما بعد اعتماد دستور 1992للمجلس الدستوري فصارت عضوية المجلس الدستوري تتنافى
مع مؤسسة المجلس االقتصادي واالجتماعي.3
كما ال يجيز المشرع المغربي الجمع بين عضوية المجلس الدستوري وبين ممارسة وظيفة
أو أي مهمة انتخابية أو الحصول على منصب مهما كان في شركة يكون أكثر من نصف
رأس مالها مملوكا لشخص اعتباري أو أكثر من أشخاص القانون العام ويسري هذا المنع
حتى على موظفي المجلس الدستوري حسب المادة الرابعة من القانون التنظيمي 29/93في
فقرتها 2و 3وكذا المادة الخامسة في فقرتها الثانية.4
182
لقد ذكر المشرع المغربي الوظائف التي تتنافى مع عضوية المجلس الدستوري على
سبيل الحصر حيث جعل لها معايير وبمفهوم المخالفة تبين أن ممارسة أية وظيفة في
القطاع الخاص والقطاعات التي ال يملك األشخاص العامة االعتبارية فيها أكثر من نصف
رأس مالها مسموح به.1
كما نشير إلى أن المشرع المغربي جعل عضوية المجلس الدستوري تتنافى مع قيادة
حزب سياسي أو نقابة أو شغل منصب قيادي فيها أو أية هيئة ذات طابع سياسي مهما
كانت طبيعتها أو شكلها وهذا حسب المادة 07من القانون التنظيمي رقم 29/93المحدد
لقواعد عمل المجلس الدستوري المغربي 2ونفس المنع نجدها في فرنسا واسبانيا.
في أول مقارنة بين المشرع المغربي والمشرع الجزائري في نقطة تناول مبدأ التنافي مع
عضوية المجلس الدستوري نجد المشرع الجزائري نظمها عن طريق النص الدستوري (المادة
)2/164أما المشرع المغربي فقد أحال مسألة تنظيم التنافي التنظيمي رقم ( )29/93ولهذه
المسألة داللة حيث أن تنظيم المسالة بنص دستوري هو أكثر ضمانة واستقرار من تنظيمها
بنص قانوني.
وفي مقارنة ثانية يظهر التشابه بينهما في أن كل من مبدأ التنافي في النظام الجزائري
والنظام المغربي جاء عن طريق النظام الداخلي المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري وأبعد
السلطتين التشريعية والتنفيذية من التدخل في تنظيم مبدأ التنافي ال عن طريق قانون وال عن
طريق التنظيم وهذه في ذاتها تعتبر ضمانة ألعضاء المجلس الدستوري في الجزائر والمغرب
بحيث منحه حق سن نظامه الداخلي والتصويت عليه يبعد عنه تدخل السلطتين التنفيذية
والتشريعية التي يمكنها التأثير على القاضي الدستوري من خالل السماح له بممارسة بعض
الوظائف العامة سواء كانت تابعة للجهاز التنفيذي أو الجهاز التشريعي.
- 1المادة 2/5من القانون التنظيمي 29/93جاء فيها ...":ويلحق بالمجلس الدستوري الموظفون والمستخدمون
العموميون المعنيون أعضاء فيه لمدة عضويتهم به أركان نظامه األساسي يسمح بذلك ،وينادون بحكم القانون إلى فاده
األصلي المدة المذكورة.
- 2المادة ....": 7شغل منصب مسؤول أو قيادي في حزب سياسي أو نقابة أو أية هيئة ذات طابع سياسي أو نقابي
كيفما كانت طبيعتها أو شكلها أو ممارسة نشاط فهما يتنافى مع أحكام الفقرة األولى أعاله بصورة عامة."..
183
ثالثا -التنافي وعضوية المحكمة الدستورية :
لقد بينت المادة 131من دستور المملكة المغربية 01جويلية 2011بأن مسألة تنافي
عضوية المحكمة الدستورية مع مجموعة من الوظائف والمهام يتم تبيانها عن طريق قانون
عضوي وباألخص ما يتعلق منها بالمهن الحرة. 1
وبما أن القانون التنظيمي لم يصدر إلى حد كتابة هذه الرسالة فإنه تبقى تنافي عضوية
المحكمة الدستورية المغربية وبعض المهن رغير محددة.
الفرع الثالث :تطبيقات مبدأ التنافي على أعضاء المجلس الدستوري التونسي
نميز في تونس دائما بين مرحلتين ،المرحلة األولى تمتد من إنشاء المجلس الدستوري
بتاريخ 16ديسمبر 1987إلى رغاية التعديل الدستوري المؤرخ في 6نوفمبر 1995أين تم
النص على المجلس الدستوري في باب خاص به في الدستور ،أما المرحلة الثانية فتمتد منذ
النص على المجلس الدستوري في تعديل 6نوفمبر 1995إلى تاريخ إتمام هذه الدراسة
ولهذا نتطرق إلى كيفية معالجة المشرع التونسي لمبدأ التنافي مع عضوية المجلس الدستوري
في مرحلتين:
لم ينص ولم يبين األمر 16ديسمبر 1987المنشئ للمجلس الدستوري التونسي حاالت
التنافي بين عضوية مجلس النواب وعضوية المجلس الدستوري لكنه عمليا قدم السيد عبد
العزيز بن ضياء الذي كان عضو المجلس النواب في تاريخ تعيينه على رأس المجلس
الدستوري استقالة إلى رئيس مجلس النواب في جلسة علنية عقدت بتاريخ 17ديسمبر
1987أي بعد مرور يوم كامل على تعيينه على رأس المجلس الدستوري للجمهورية
التونسية وكان تبرير استقالته من مجلس النواب معتمدا على أن مسؤولياته الجديدة تتنافى
مع صفته السياسية.2
184
وقد أثارت هذه االستقالة جدال قانونيا بين النواب داخل مجلس النواب التونسي حيث
اعتبر البعض أن مجلة االنتخابات (قانون االنتخابات) في تونس ال يمنع الجمع بين النيابة
وعضوية المجلس الدستوري إال أن األستاذ بن ضياء رأى في هذا الجمع مساس بروح
الدستور الذي ينص على مبدأ الفصل بين السلطات وفي األخير قبل رئيس مجلس النواب
استقالة السيد بن ضياء.
وهذا الموقف دفع المشرع التونسي إلى تعديل المجلة االنتخابية (قانون االنتخابات) في
29ديسمبر 1988والذي نص على عدم إمكانية الترشح لعضوية مجلس النواب بالنسبة
لرئيس وأعضاء المجلس الدستوري حسب الفصل 77منه عمال بأحكام الفصلين 17و78
من المجلة االنتخابية التونسية وقدم كل من السادة الباجي قايد السبسي – وعبد الرؤوف
بكر استقالتهما م ن المجلس الدستوري حتى يتمكنا من الترشح لالنتخابات التشريعية المسبقة
والتي جرت بتاريخ 2أفريل 1989وقد قبلت االستقالة بمقتضى األمر رقم 1989/359
المؤرخ في 8مارس .11989
وما أكد هذا االتجاه هو إعالن رئيس مجلس النواب التونسي في جلسة 30أكتوبر
1990عن حصول شغور بمجلس النواب تبعا لتعيين صالح الدين بالي رئيسا للمجلس
الدستوري ،ولهذا اإلعالن داللة على أن من عين في منصب عضوية المجلس الدستوري
يعد مستقيال تلقائيا من مجلس النواب.2
مع اإلشارة إلى أن تعديل قانون االنتخابات التونسي في 29ديسمبر 1988نصت على
عدم إمكانية أعضاء المجلس الدستوري للترشح لالنتخابات التشريعية.3
ويظهر هذا التنافي بين عضوية المجلس الدستوري التونسي وصفة نائب في البرلمان
من حيث عدم استصارغة أن يكون النائب في البرلمان الذي صوت واقترح القانون وساهم في
صناعته هو نفس الشخص الذي يراقب مدى مطابقة هذا القانون (مشروع القانون) مع
الدستور هذا من جهة.
185
ومن جهة أخرى نجد رئيس المجلس الدستوري التونسي في نفس الوقت هو رئيس لجنة
الطعون في االنتخابات التشريعية واإلعالن النهائي على النتائج حسب الفصل 106مكرر
من المجلة االنتخابية التونسية األمر الذي يتطلب الحيادية في شخص رئيس المجلس
الدستوري.1
تم النص على المجلس الدستوري التونسي من خالل تعديل 6ديسمبر 1995وارتقى
إلى مؤسسة دستورية خصص لها الباب التاسع من الدستور وقد نصت الفقرة السادسة من
المادة 75منه بما يفيد أن أعضاء المجلس الدستوري الستة ( )6ال يمكنهم ممارسة وظائف
حكومية أو برلمانية وال مهام قيادات سياسية أو نقابية أو ممارسة أي نشاطات من شأنها
المساس بحيادهم أو استقالليتهم ،كما أضاف القانون العضوي المنظم للمجلس الدستوري
التونسي الصادر بتاريخ 12جويلية 2004حاالت أخرى للتنافي مع عضوية المجلس
الدستوري.2
وبعد تعديل الدستور التونسي 01جوان 2002لم يستدرك هذا النص المتعلق بتحديد
حاالت التنافي مع عضوية المجلس الدستوري وانما جاء في المادة 75من هذا الدستور بعد
التعديل مايلي« :ال يمكن ألعضاء المجلس الدستوري ممارسة مهام حكومية أو نيابية ،كما
ال يمكن لهم االضطالع بمهام قيادية حزبية أو نقابية أو بأنشطة من شأنها المساس بحيادهم
أو باستقالليتهم ويضبط القانون عند االقتضاء حاالت عدم الجمع األخرى».3
حسب الفصل 119من الدستور التونسي الجديد 2013فإنه يمنع الجمع بين عضوية
المحكمة الدستورية ومباشرة أي وظائف أو مهام أخرى ،وهذه المادة جاءت مطلقة في منع
كل الوظائف والمهام على عضو المحكمة الدستورية التونسية في الوقت الذي نجد الفصل
124من نفس الدستور يحيل على القانون لضبط المسائل المتعلقة بتنظيم المحكمة
186
واإلجراءات المتبعة أمامها والضمانات التي يتمتع بها أعضاؤها ،في حين مسألة التنافي
عالجها بمادة دستورية منفصلة.1
وهنا يختلف المؤسس الدستوري التونسي عن المؤسس الدستوري الجزائري فاألول منع
الجمع بين عضوية المجلس الدستوري التونسي وممارسة مهام قيادية في الحزب أما الثاني
يمنع أي اتصال مع األحزاب وألزم عضو المجلس الدستوري الجزائري بتجميد عالقته بحزبه
بمجرد انتخابه أو تعيينه في المجلس الدستوري.
كما أحالت المادة 75من الدستور التونسي المعدل في 01جوان 2002على القانون
األساسي المنظم للمجلس الدستوري لتحديد حاالت أخرى تتنافى مع العضوية في المجلس
الدستوري وبالفعل بينت المادة 10من قانون 12جويلية ،2004فنصت على عدم إمكانية
ممارسة عضو المجلس الدستوري التونسي مهام حكومية أو العضوية بالمجلس النواب أو
مجلس المستشارين أو المجلس االقتصادي واالجتماعي وعدم تحمل نيابة انتخابية عامة
جهوية أو محلية وعدم االضطالع بمهام قيادية حزبية أو نقابية أو مهنية مهما كانت
درجتها.
كما أنه ال يمكن لألعضاء المعينين مباشرة وظيفة عمومية أو أن يشغلوا وظيفة مقابل
أجر في مؤسسة عامة أو منشأة عمومية.2
أما الفقرة الثانية من المادة العاشرة فإنها سمحت لعضو المجلس الدستوري التونسي
بممارسة مهام مثل الموظفين واألعوان العموميون التي ال تمس بالعضوية بالمجلس
الدستوري كما أن المادة 11من نفس القانون سمحت لعضو المجلس الدستوري التدريس في
الجامعة والمشاركة في النشاطات ذات الطابع العلمي بشرط إعالم رئيس المجلس الدستوري
التونسي بذلك.3
187
الفرع الرابع :تطبيقات مبدأ تنافي على أعضاء المجلس الدستوري الموريتاني
كما نصت المادة 04من المرسوم المتعلق بالتزامات أعضاء المجلس الدستوري ما يفيد
أن على كل عضو في المجلس الدستوري الموريتاني يريد الترشح النتداب انتخابي أن يطلب
إجازة ألرغراض الحملة االنتخابية 4وقد استمد المشرع الموريتاني هذا األمر من القرار الشهير
الصادر عن المجلس الدستوري الفرنسي المؤرخ في 07نوفمبر 1983والحامل لرقم
83/993والذي أكد من خالله أن النصوص ال تقتضي عدم قابلية القاضي الدستوري ألن
ينتخب النتداب برلمان أو أي منصب انتخابي آخر.5
باإلضافة إلى هذه التعارضات مع العضوية في المجلس الدستوري الموريتاني فإن عضو
المجلس الدستوري أثناء تأدية مهمته ال يمكن تعيينه في وظيفة عمومية أو أن تتم ترقيته
باألفضلية.6
188
المطلب الثالث :امتيازات والتزامات القاضي الدستوري
تتمثل امتيازات القاضي الدستوري في مدى تمتعه بالحصانة والنظام التعويضي الذي
يتقاضاه والتزامه بالسرية واستقاللية نظامه التأديبي وهذا ما نبينه في الفروع اآلتية:
يتمتع القاضي الدستوري في المحكمة الدستورية اإلسبانية بحصانة وذلك بنص صريح
جاءت به المادة الثانية والعشرين من القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية اإلسبانية بحيث
جعلت قضاة المحكمة ال يمكن متابعتهم نظ ار ألرائهم التي يعبرون عليها بمناسبة وأثناء
مزاولة وظائفهم 1ونفس األمر بالنسبة لقضاة المحكمة الدستورية اإليطالية أما بالنسبة لقضاة
المحكمة الدستورية األلمانية فجعلت رئيس الدولة قبل إحالة القاضي الدستوري على التقاعد
المسبق أو طرده في حال ما إذا قام بتقصير خطير في أعماله إلى أمر من الجمعية العامة
للمحكمة ذاتها.2
وهذا يعتبر في حد ذاته ضمانة لحماية القاضي الدستوري في ألمانيا أين ال يمكن طرده
أو إحالته على التقاعد حتى ولو ارتكب تقصي ار خطي ار إال بعد أمر بالموافقة الصريحة من
الجمعية العامة للمحكمة الدستورية التي يعتبر هذا القاضي عضوا فيها.
أما النظام الفرنسي فلم يتطرق بصراحة إلى مدى تمتع عضو المجلس الدستوري
بالحصانة أثناء التعبير عن آراءه بمناسبة ممارسة وظائفه الشيء الذي يوحي بأن حرية
عضو المجلس الدستوري الفرنسي أثناء ممارسة وظيفة مطلقة لكن تمارس في إطار الدستور
وهذا المفهوم يستنتج بمفهوم المخالفة لدراسة المادة السابعة من القانون العضوي المنظم
للمجلس الدستوري الفرنسي والتي جاء في فقرتها الثانية ما يوحي بأن على عضو المجلس
الدستوري الفرنسي أن ال يتخذ أي موقف علني أو اإلدالء بأي فتوى في القضايا ،التي سبق
للمجلس الدستوري أن قضى فيها أو يحتمل أن يصدر منه قرار بشأنها.3
189
وما يالحظ على هذه الموانع المتعددة تقييد لعضو المجلس الدستوري الفرنسي وعدم
تمكينه من حصانة تجعله أكثر حرية وما يدعم هذا التقييد ما جاء في المادة الثانية من
األمر الصادر في 13نوفمبر 1959والمتعلق بأعضاء المجلس الدستوري الفرنسي والذي
سار في نفس المنوال السابق.1
أما المادة الثالثة في فقرتها الثانية من أمر 7نوفمبر 1958جعلت عضو المجلس
الدستوري ملزم بكتم سر المداوالت والتصويت.
أما بالنسبة لعضو المجلس الدستوري الجزائري فهو ملزم قانونا لعدم إبداء رأيا علنيا أو
استشارة أو حوار صحفي في المواضيع التي تعد من اختصاصه أو تلك المطروحة عليه
(المجلس الدستوري للدراسة).2
جاءت المادة 62بينت نتيجة اإلخالل الخطير بواجبات عضو المجلس الدستوري،
وجعلت المجلس الدستوري يفصل فيها باإلجماع بعد مداولة في قضية العضو المعني دون
- 1المرجع نفسه.
- 2المادة 59من المداولة المؤرخة في 03مايو 2012المتعلق بالمجلس الدستوري الجزائري ج ر عدد .26
190
حضوره واذا ثبت عليه هذا اإلخالل الخطير يطلب المجلس الدستوري من العضو المعني
1
تقديم استقالته ويشعر السلطة المعنية بذلك قصد استخالفه وفق المادة .63
ويب دو الغموض في حالة ارتكاب عضو المجلس الدستوري جناية متلبس بها فكيف تتم
محاكمته علما أن المشرع اللبناني من خالل مادته التاسعة ( )9من قانون النظام الداخلي
ألعضاء المجلس الدستوري وضعت استثناءا وحيدا على حصانة القاضي الدستوري (عضو
المجلس الدستوري) وهي الجناية المشهودة (المتلبس بها) عدا ذلك ال يجوز رفع دعوى
جنائية على عضو المجلس الدستوري أو اتخاذ أي إجراء جزائي بحقه أو إلقاء القبض عليه
طوال مدة واليته ،2إال بإذن الهيئة العامة للمجلس الدستوري في حالة إدانته بجناية متلبس
بها ،وبعد ذلك يقوم وزير العدل اللبناني بطلب اإلذن بالمالحقة والمتابعة الجزائية إلى رئيس
المجلس الدستوري هذا األخير يدعو المجلس لدراسة الطلب وتقديم تقري ار بشأنه إلى الهيئة
العامة خالل أسبوع وتفصل الهيئة العامة في الطعن بعد االستماع إلى العضو المشتكى منه
دون أن يشترك هو في التصويت وتصدر قرارها في مدة أسبوع آخر ،حسب المواد ،10
12 ،11من القانون الداخلي للمجلس الدستوري اللبناني ،وتعتبر هذه المداوالت ضمانة
لحصانة القاضي الدستوري ضد الدعاوى الكيدية.3
أما المشرع الجزائري لم يتطرق إلى هذه النقطة وجعل المجلس الدستوري هو من يمارس
السلطة التأديبية والعقابية على أعضائه دون اللجوء إلى أية جهة قضائية أخرى وان كان هذا
يعتبر ضمانة قوية الستقاللية عضو المجلس الدستوري الجزائري وحمايته إال أن بعض
األخطاء التي ترقى إلى مستوى الجنايات المتلبس بها والتي تتطلب التحقيق الجنائي ال أعتقد
أنه بإمكان المجلس الدستوري الجزائري البت فيها خاصة إذا علمنا أنه ال يملك قانون
إجراءات جنائية لتحديد المسؤولية من عدمها ويبدو أنه من األفضل جعل المسؤولية الجنائية
لعضو المجلس الدستوري تخضع لطرق ووسائل أخرى مثل ما أخذ به المشرع اللبناني مع
الحرص على عدم المساس باستقاللية وحصانة عضو المجلس الدستوري نظ ار للمهمة
- 1المادة 62من المداولة المؤرخة في 03مايو 2012المتعلق بالمجلس الدستوري الجزائري ج ر عدد .26
- 2إلياس جوادي ،مرجع سابق ،ص .55
- 3المرجع نفسه.
191
الحساسة التي يكلف بها وباعتباره حاصال على حصانة برلمانية سواء كان ممثال عن
مجلسي البرلمان وكذا حصانة القاضي باعتباره ممثال عن المحكمة العليا أو مجلس الدولة.
أما المشرع المغربي فقد تأثر كثي ار بالنظام الفرنسي في مسألة منح الحصانة لعضو
المجلس الدستوري إذ نجد المادة 14من القانون التنظيمي رقم 93/92في بابه الثاني
المعنون بسير المجلس الدستوري ما يفيد أن أعضاء المجلس الدستوري المغربي يمارسون
مهامهم بعد أداء القسم أمام الملك بنزاهة في ظل احترام الدستور وأن يكتموا سر المداوالت
والتصويت وأال يتخذوا أي موقف علني أو يفتوا في أية مسألة من المسائل التي تدخل في
نطاق اختصاصات المجلس الدستوري.
كما أشارت المادة 17من نفس القانون بأن مداوالت المجلس الدستوري المغربي رغير
علنية وال يجوز للمعنين باألمر أن يطلبوا االستماع إليهم خاللها ويقصد بالمعنيين باألمر
العضو محل المداولة.1
ويوجد تطابق كبير بين محتوى المادة 14من قانون 93/92المتعلق بتنظيم المجلس
الدستوري المغربي والفقرة الثانية من المادة الثالثة من أمر 7نوفمبر 1958المتعلق بتنظيم
المجلس الدستوري الفرنسي.
لم يتعرض قانون 18أبريل 1990المحدث للمجلس الدستوري التونسي إلى الحصانة
القضائية ألعضائه إذ أن طبيعته االستشارية كما رأينا في الدراسة سابقا تجعل من أعضائه
ال يتمتعون بالحصانة التي يتمتع بها القضاة بصفة عامة وقضاة المحاكم الدستورية بصفة
خاصة ويرى في هذه النقطة األستاذ زهير المظفر ما يلي ... « :وفي إطار تطوير هذه
المؤسسات نعتقد أن سحب الحصانة القضائية على أعضاء المجلس الدستوري من شأنه أن
يزيد في دعم عمله باعتبار أن هذه الحصانة تتماشى مع طبيعة الدور الذي قد يضطلع به
المجلس خاصة أن التطبيق العملي أبرز بوضوح أن أعضاء المجلس يتمتعون بحرية كاملة
في إبداء آرائهم».2
192
ونالحظ أنه جاء في المادة 06من األمر عدد 1414المؤرخ في 16ديسمبر 1987
المتعلق بإحداث المجلس الدستوري للجمهورية بتونس ما يفيد بأن تكون أراء المجلس
الدستوري سرية ويقتصر تبليغها على رئيس الجمهورية.
كما دعمت نفس الفكرة من خالل المادة 10من قانون 39لسنة 90المؤرخ في 18
أفريل 1990والمتعلق بالمجلس الدستوري حيث جاء فيها ما يفيد بأن يكون رأي المجلس
الدستوري معلال ويبلغ إلى رئيس الجمهورية دون سواه هذا األخير الذي يمكن له أن يحيل
رأي المجلس الدستوري على مجلس النواب حسب الفصل 11من القانون رقم 39لسنة
.1990
كما أن الفصل 12من القانون رقم 39لسنة 1990تؤكد سرية أراء المجلس وتبليغه
إلى رئيس الجمهورية دون سواه.
كما يقدم رئيس المجلس الدستوري تقري ار سنويا مفصال كل سنة إلى رئيس الجمهورية
حول نشاط المجلس يتضمن أراء المجلس واقتراحاته حسب الفصل 13من نفس القانون رقم
39لسنة .1990
إن مداوالت المجلس الدستوري التونسي سرية وعلى أعضائه التقيد بهذه السرية أثناء
مباشرتهم لمهامهم وبعد انتهائها وهذا ما أكدته المادة 14من قانون 39لسنة .11990
ما يالحظ أنه ال تتوفر حصانة كافية للقاضي الدستوري على مستوى المجالس الدستورية
بالنسبة للدول التي تأ خذ بالرقابة السياسية على عكس ذلك نجد القاضي الدستوري على
مستوى المحاكم الدستورية يتمتع بكل الحصانة المفروض أن تكون في القاضي حتى تحقق
له النزاهة والمصداقية والحياد.
وحسب نص المادة 81من دستور موريتانيا 1981فإن عضو المجلس الدستوري يتمتع
بحصانة برلمانية وقد تم تحديد هذه الحصانة في إطار الباب الثالث من الدستور المتعلق
بالسلطة التشريعية ،حيث نصت المادة 50على عدم متابعة عضو البرلمان وال البحث عنه
-1المواد 14 ،13 ،12 ،11من قانون 39لسنة 1990المتعلق بتنظيم المجلس الدستوري التونسي.
193
وال توقيفه وال اعتقاله وال محاكمته بسبب ما يدلي به من أراء أو تصويت أثناء ممارسته
لمهامه وأيضا ال يرخص بمتابعة أو توقيف عضو من أعضاء البرلمان أثناء دوراته ألسباب
جنائية أو جنحيه ماعدا التلبس بالجريمة إال بإذن من الغرفة التي ينتمي إليها.
كما أن المادة أكدت على أنه ال يرخص توقيف عضو من أعضاء البرلمان خارج دوراته
إال بإذن من مكتب الغرفة التي ينتمي إليها باستثناء في حالة التلبس بالجريمة والمتابعات
المرخص بها أو صدور حكم نهائي بشأنه.
كما تشير المادة إلى أنه يعلق اعتقال عضو البرلمان أو متابعته إذا طلبت ذلك الغرفة
التي ينتمي إليها.1
وقد اختلفت اآلراء في موريتانيا من طرف المختصين على تقدير سحب الحصانة
البرلمانية على أعضاء المجلس الدستوري فرأى البعض أن طبيعة المجلس الدستوري وأعماله
ال تتالءم مع طبيعة عضو البرلمان وأعماله ولهذا كان يستحسن سحب الحصانة القضائية
المنصوص عليها في المادة 90من الدستور على عضو المجلس الدستوري أحسن لكن
هناك رأي آخر يرى بأن المادة 50من دستور موريتانيا 1991حددت محتويات الحصانة
بالدقة والتفصيل على عكس المادة 90من نفس الدستور التي جاءت عامة وتحتمل عدة
تأويالت.
إن الحل الذي ذهب إليه المؤسس الدستوري الموريتاني في شأن سحب الحصانة
البرلمانية على أعضاء المجلس الدستوري جاء مخالفا تماما لباقي المجالس الدستورية
المغاربية التي ال تقر ألعضائها بحصانة عضو البرلمان 2على عكس بعض المحاكم
الدستورية مثل المحكمة الدستورية اإليطالية واإلسبانية التي يتمتع قضاتها بالحصانة
البرلمانية.3
194
ويعتبر أداء اليمين الذي يؤديه أعضاء المجلس الدستوري الموريتاني أمام رئيس
الجمهورية من أهم اال لتزامات نظ ار ألنه يبدأ بالقسم باهلل وهو التزام ديني قبل أن يكون التزام
قانوني ومن ضمن ما يحتويه اليمين االلتزام بسر المداوالت والتصويت.1
ثانيا -النظام التعويض يعتبر االستقالل المادي والنظام التعويضي الذي يتمتع به
القاضي الدستوري عامال أساسيا من عوامل استقالليته ونزاهته وحياده.
في حين نجد عضو المجلس الدستوري الفرنسي يتقاضى راتبا شهريا يساوي التعويض
الذي يتقاضاه موظفو الدولة الفرنسية المصنفين خارج السلم ،أي ما مقداره 50.000فرنك
فرنسي سنة 1996ويقتطع منه الضريبة على الدخل وينخفض هذا التعويض إلى النصف
2
في حالة ممارسة عضو المجلس الدستوري الفرنسي نشاطا مهنيا ح ار كالمحماة أو الطب
3
وبالمقارنة نجد رئيس المحكمة العليا األمريكية يتقاضى راتبا ال يفوته إلى راتب رئيس الدولة
أما مرتبات أعضاء المحكمة الدستورية اإلسبانية فهي تعادل مرتبات الوزراء.
يتقاضى عضو المجلس الدستوري المغربي تعويضا ماليا يساوي التعويض المالي الذي
يتقاضاه النائب في البرلمان ويستفيد رئيس المجلس الدستوري من تعويض إضافي عن
التمثيل ومجموعة من االمتيازات العينية المستحقة لرئيس مجلس النواب وهذا حسب ما بينته
المادة 13من القانون التنظيمي للمجلس الدستوري المغربي رقم .429/93
ونجد األمر نفسه بالنسبة لعضو المجلس الدستوري الموريتاني بناء على المرسوم رقم
92/007المؤرخ في 1992/4/5المحدد للعالوات واالمتيازات التي يتمتع بها أعضاء
المجلس الدستوري الموريتاني.5
- 1نص أداء اليمين جاء في المادة 03من القانون النظامي المتعلق بالمجلس الدستوري الموريتاني رقم .92/043
- 2زهير المظفر ،مرجع سابق ،ص .26
- 3هنري روسيون ،مرجع سابق ،ص .26
- 4مليكة الصروخ ،القانون الدستوري ،مرجع سابق ،ص .273
- 5المختار هنوني ،مرجع سابق ،ص .27
195
كما أن النظام المغربي يسمح لعضو المجلس الدستوري المغربي االستمرار في ممارسة
نشاط خاص ال يتنافى مع مهنته كعضو مجلس دستوري.
تتمثل االولى في إلزام العضو الذي يمارس مهنة حرة بعدم التفرغ لمهنته أو تجارته على
حساب مهنته بالمجلس الدستوري ألن هذه األخيرة جاء إليها باختيار وهو يتلقى راتبا
وتعويضا عليها وال يقبل إهمالها لصالح النشاط الثاني.
أما الثانية فان العضو الذي يمارس مهام خاصة إلى جانب عضويته بالمجلس الدستوري
يكون أكثر راحة من الجانب المالي مقارنة بعضو المجلس الدستوري الذي يتفرغ فقط
لممارسة مهنته بالمجلس الدستوري وينصح بإتباع ما جاء به المشرع الفرنسي في مادته
الثانية من القانون العضوي المنظم للمجلس الدستوري الفرنسي والتي تجعل راتب عضو
المجلس الدستوري الذي يمارس نشاطا خاصا ينخفض إلى النصف.1
لقد ألزم النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري المغربي أعضاء المجلس بحفظ
سر المداوالت وعدم اتخاذ أي موقف علني أو اإلدالء برأي في القضايا التي سبق للمجلس
الدستوري أن فصل فيها أو تلك التي تحتمل أن يصدر ق ار ار في شأنها وهذا حسب المادة 7
من القانون التنظيمي رقم 29/93المنظم للمجلس الدستوري المغربي 2وتقابلها المادة 59
من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري والذي يلزم أعضاء المجلس
الدستوري الجزائري بإلزامية التحفظ.3
196
أما في فرنسا فإن أعضاء المجلس الدستوري الفرنسي بمناسبة القسم الذي يؤدونه أمام
رئيس الجمهورية يلتزمون بأن يحافظوا على سرية المداوالت والتصويت وبأن ال يتبنوا أي
موقف عام وبأن ال يقدموا أية استشارة في حقل المسائل التي تدخل في صالحيات المجلس
وفي هذا الصدد يرى األستاذان VEDELو « DELVOLVEأن المقصود بهذه العبارة
هو أال يظهر أعضاء المجلس الدستوري الفرنسي في أية وثيقة محتملة النشر وذات صلة
بنشاط عام أو خاص صفاتهم كأعضاء مجلس دستوري».1
وقد جاء في الفصل 14من قانون 18أبريل 1990المتعلق بالمجلس الدستوري
التونسي إلزام أعضائه بسرية المداوالت والتقيد بهذه السرية أثناء مباشرتهم لمهامهم وبعد
انتهائها وبهذا فإن القانون يمنع أعضاء المجلس الدستوري التونسي إفشاء أسرار المداوالت
وكذا آراء المجلس فيما يطرح عليه سواء كان ذلك أثناء أدائهم لعهدهم أو حتى بعد انتهائها
وهذه السرية مبررة كونها تحقق حماية لحرية المداولة وحرية إبداء الرأي خاصة باعتبار
المجلس الدستوري التونسي هيئة استشارية.2
وهما هل هذا االلتزام يشمل القاضي الدستوري أثناء تأدية وظيفته أو يتبعه مدى الحياة ؟
بالنسبة لإلجابة عن التساؤل األول ونقال عن األستاذ عبد الرحيم المنار السليمي في
كتاب مناهج عمل القاضي الدستوري بالمغرب يقول أن هذا التساؤل طرح في فرنسا بعد
إصدار ( )Noelionالرئيس السابق للمجلس الدستوري الفرنسي كتاب تحت عنوان:
197
حيث أورد في هذا الكتاب بصفة صريحة أنه لن يظل إلى أجل رغير محدد مرتبطا بسرية
العمل التي تسود في المداوالت والتصويت في المجلس الدستوري الفرنسي بعد انتهاء
عضويته وكشف عن الطريقة التي اتخذ بها بعض الق اررات بل أسماء المقررين والمصوتين
والممتنعين والمعارضين فيها.1
إن الخلط والجمع بين سرية المداوالت والتصويت وبين عدم اتخاذ أي موقف علني أو
تقديم رأي في مس ألة معروضة عل المجلس الدستوري أو يحتمل عرضها يصبح مفهوم
االلتزام بالسر واسعا يشمل وثائق الملف واسم المقرر ومضمون التقرير وعدد القضاة
المؤيدون والمعارضون للقرار المصوت عليه وهذه المعلومات ضرورية لسير باقي هياكل
المجلس الدستوري بحيث هذه السرية تفرض على القاضي الدستوري المقرر أن يعمل منفردا
ألن استعانته بخبراء تجعل المعلومة تنتقل إليهم وحتى تخلق حاجز بين القاضي المقرر
واألمين العام للمجلس الدستوري الذي يزوده بالوثائق واألحكام والق اررات السابقة ليسهل عليه
أداء مهمته وهذه الوثائق رغالبا ما تكون نصوص واجتهادات وأراء القضاة الدستوريون
السابقون.
كذلك فإن امتداد هذه السرية إلى إدارة المجلس الدستوري بكافة مكوناته تخلق أزمة في
محيطها المؤسساتي فاألمين العام للمجلس الدستوري يبقى بعيدا على العمل القضائي منغلقا
في مكتبه على العمل اإلداري.
وبالنسبة لألعضاء الذين يمارسون التدريس في الجامعة وخاصة أساتذة القانون الدستوري
فهم عادة يتجنبون المداخالت في الملتقيات واأليام الدراسية ومناقشات أطروحات الماجستير
والدكتوراه مكتفون بحضور شرفي حتى ال يسقطون في إفشاء سر المداوالت.2
فنجد في المغرب مثال حالة األستاذ عبد اللطيف المنوني (عضو المجلس الدستوري
المغربي الذي يرأس الجمعية المغربية للقانون الدستوري ولم يسبق له أن ساهم بأية مداخلة
ضمن أعمالها إذ أنه يكتفي عادة بتناول كلمة افتتاح أشغال ملتقيات الجمعية التي عادة ما
198
يخضرها أعضاء المجلس الدستوري المغربي وينسحبون بمجرد بداية مناقشة المداخالت
تفاديا الوقوع في إفشاء سر المداوالت.
كما يالحظ تراجع نشاط األساتذة الجامعيين داخل مختلف نشاطات الجامعة بمجرد
دخولهم المجلس الدستوري.
وقد أصدر الرئيس السابق للمجلس الدستوري الجزائري وهو أستاذ جامعي كتابا قيما في
2012جمع فيه ما بين المعارف النظرية والتجربة الميدانية وقد استفدنا منه كثي ار في
تحضير هذه الرسالة.
وما يالحظ باستثناء هذا الكتاب فإن أراء وق اررات المجلس الدستوري الجزائري والتي
تصدر في الجريدة الرسمية أو في مجالت الفقه الدستوري تكاد تخلو من التحليل والدراسة
من طرف أساتذة القانون الدستوري الذين مارسوا مهاما على مستوى المجلس الدستوري
واستطاعوا الجمع بين العمل الميداني والمعلومات النظرية فررغم طبيعة النزاعات المرفوعة
أمامهم ما تعلق منها بالمنازعة االنتخابية أو المنازعة في مدى دستورية القوانين أو حاالت
شغور منصب رئاسة الجمهورية ال نجد كتابة علمية ومعالجة تخلق رصيد من الفقه
واالجتهاد والسؤال المطروح هل يعود هذا األمر إلى االلتزام الصارم بالسرية واجتناب التحليل
الذي يؤدي إلى تسريب معلومات أم أن األمر ال يعدوا مجرد رغياب تقاليد التحليل والمعالجة
العلمية كلما صدرت أعمال عن المجلس الدستوري الجزائري خاصة إذا علمنا وأن أعلى
سلطة في البالد ممثلة في رئيس الجمهورية الذي شجع أعمال البحث في مجال الرقابة
الدستورية في خطابه بمناسبة الذكرى العشرين إلنشاء المجلس الدستوري الجزائري.
199
ال يمين أمام رئيس الجمهورية ومما جاء في هذا اليمين االلتزام بعدم إفشاء أسرار المفاوضات
والتصويت وعدم اتخاذ أي موقف علني أو تقديم مشورة في أية مسألة تدخل ضمن
اختصاصات المجلس الدستوري.1
وما يالحظ هو أنه لم يتم النص على العقوبة الواجب تطبيقها على العضو الذي يخالف
محتوى اليمين التي أداها على خالف بعض المحاكم الدستورية التي حددت العقوبة وجعلتها
تتراوح بين اإلنذار والتوقيف واإلقالة.2
أما الموقف الموريتاني فقد جاء في المادة 07من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس
الدستوري الموريتاني بأن يخضع أعضاء المجلس الدستوري طيلة مزاولتهم لمهامهم اللتزام
تام بالتحفظ وهذا المفهوم جاء واسعا مبهما محتويا على عدة موانع وانجرت عليه عدة
التزامات مثل عدم تقديم استشارة حول القضايا التي طرحت أو كانت ستطرح على المجلس
لدراستها وكذا تجنب اتخاذ موقف علني بشأن قضية عرضت أو ستعرض على المجلس
للنظر فيها .وبمعنى دقيق هو التزام عضو المجلس الدستوري الموريتاني بعدم الخوض في
أية مسألة تقع خارج دائرة المهام التي كلف بها في إطار التحقيق والمداولة 3وامتداد الواجب
التحفظ يمنع ظهور صفة عضو المجلس الدستوري في أي منشور والغاية هي عدم السماح
لهم باستغالل صفتهم كأعضاء بالمجلس الدستوري ألرغراض شخصية.
كما يدخل تحت االلتزام بالتحفظ عدم القيام بأي سلوك متعارض مع الوالء للنظام
الجمهوري وكذا إلطالع المجلس الدستوري بأي تغيير الذي يط أر على نشاطاتهم أثناء مدة
عضويتهم في المجلس الدستوري.
وبعد ما تطرقنا في هذا الباب إلى كل ما يتعلق بهيئات المكلفة بممارسة القضاء
الدستوري في دول المغرب العربي من حيث نشأتها وتطورها ودور السلطات العمومية
- 1نص أداء اليمين في تونس ﴿:أقسم باهلل العظيم أن أقوم بوظائفي بكل إخالص وأمانة وأن أمارسها بكل حياد في
نطاق احترام الدستور وأن ألتزم بعدم إفشاء سر المفاوضات والتصويت وأن ال أتخذ أي موقف علني أو أقدم المشورة في أية
مسألة تدخل في اختصاصات المجلس الدستوري﴾.
- 2سميرة الزغالمي مرزوق ،مرجع سابق ،ص .24
- 3المرجع نفسه ،ص .45
200
الدستورية في تشكيلها والنظام القانوني ألعضائها نعالج في الباب الثاني اختصاصات
القاضي الدستوري المزدوجة والمتمثلة في الرقابة على دستورية القوانين والفصل في المنازعة
االنتخابية وكذا نتطرق إلى مهام أخرى استشارية منحها المؤسس الدستوري للقاضي
الدستوري ،وكذلك مناهج واجراءات عمله ومدى حجيتها.
201
الباب الثاني
اختصاصات القاضي الدستوري
و احكام الدعوى الدستورية
202
لقد منحت الدساتير المغاربية السابقة ،أوالنافذة ،ومختلف النصوص القانونية ذات الصلة،
والمتعلقة بتنظيم الهيئات الممارسة للقضاء الدستوري ،سواء كانت محكمة دستورية أو غرفة
دستورية على مستوى هيئة قضائية ،أو مجلسا دستوريا مجموعة من االختصاصات والمهام
للقاضي الدستوري ،اختلفت هذه االختصاصات من دولة إلى دولة كما اختلفت في الدولة
نفسها من مرحلة إلى مرحلة ،حتى أنها غابت تماما في بعض األحيان مثلما هو الحال في
الجزائر منذ دستور 1976إلى غاية ،1989وفي تونس منذ االستقالل إلى تاريخ 16
نوفمبر 1987تاريخ إنشاء المجلس الدستوري.
ما يالحظ أن هذه االختصاصات جاءت حول محاور محددة ،تمثلت في الرقابة على
دستورية القوانين في شقيها اإللزامي واالختياري ،فجعلت رقابة القوانين العضوية واألنظمة
الداخلية للمجالس النيابية ،رقابة وجوبية ،وجعلت رقابة القوانين العادية والتنظيمات
والمعاهدات اختيارية ،باإلضافة إلى دورها في تحديد اختصاصات كل من السلطتين
التشريعية والتنفيذية بفصل مجال القانون ،عن التنظيم حسبما جاء مبينا في الدساتير.
أيضا منح المؤسس الدستوري للقاضي الدستوري حق السهر على إنجاح العملية
االنتخابية ومكنه من لعب دور المحكمة االنتخابية لحل النزاع االنتخابي ،باإلضافة إلى
ذلك فإن للقاضي الدستوري دور استشاري ،منحه إياه المؤسس الدستوري في حاالت محددة
مثل شغور منصب رئيس الجمهورية و إعالن حالة الطوارئ ،وتمديد عهدة البرلمان وتعديل
الدستور ،وحالة الظروف االستثنائية.
حتى يتمكن القاضي الدستوري من القيام بهذه االختصاصات والمهام مكنه المؤسس
الدستوري والنظام الداخلي من آليات عمل ،ومناهج متمثلة في التحقيق ،والمداولة وجعل
ق ارراته نهائية حائزة على حجية الشيء المقضي فيه ،ونعالج هذا الباب من خالل الفصلين
اآلتيين:
203
الفصل األول
اعتبا ار لوجود عالقة قوية بين العملية االنتخابية والممارسة الديمقراطية فاالنتخاب ،هو
االلية الوحيدة التي من خاللها تقوم حكومات ديمقراطية تمثيلية ،وتجعل سلطة الحكومة تعبير
عن ارادة الشعب الحرة المعبر عنها بواسطة انتخابات نزيهة ،و دور القاضي الدستوري في
هذا المسار ،هو المساهمة في بروز مؤسسات دستورية ،منتخبة ذات شرعية وصدقيه،
وبالتالي كيف يوظف القاضي الدستوري في دول المغرب العربي هذه اآلليات وهل يلعب
الدور الذي منحه له الدستور في ذلك ?هذا ما نعالجه في(مبحث ثاني).
204
المبحث األول:اختصاصات في مجال الرقابة الدستورية
يمارس القاضي الدستوري نوعين من الرقابة على دستورية القوانين من حيث إلزامية
الرقابة ،وهما الرقابة الوجوبية ،والتي تخص نوعين من القوانين وهي القوانين العضوية
واألنظمة الداخلية للمجالس النيابية ويكون اإلخطار ،بها الزاميا تقوم به جهات يحددها
الدستور او القوانين ذات الصلة كما انه ال يمكن العمل بها و اصدارها قبل الموافقة القبلية
والصريحة من المجلس او المحكمة الدستورية والسؤال المطروح هو لماذا اقتصرت الرقابة
الوجوبية على هدين النوعين من القوانين ? و ماهي الخصوصية التي تميزها? وما عالقتها
بالنص الدستوري والمبادئ ذات القيمة الدستورية ?هذا ما نعالجه في مطلب اول ثم نبين نوع
ثان من الرقابة والتي ال يكون االخطار فيها الزاميا وتتعلق بالقونين والمعاهدات و التنظيمات
والتي يمكن اصدارها دون خضوعها لمراقبة القاضي الدستوري وهنا نجد خصوصية المجلس
الدستوري الجزائري الذي يحق له ممارسة الرقابة على القوانين بعد صدورها في الجريدة
الرسمية و باخطار من رئيس الجمهورية باالضافة الى دور القاضي الدستوري في ممارسة
الرقابة بنوعيها القبلية والبعدية على القوانين االستفتائية هذا ما نعالجه في مطلب ثان.
المطلب األول :الرقابة الوجوبية (اال لزامية)
هناك طائفة من القوانين تخضع وجوبيا لرقابة القاضي الدستوري بناء على نص دستوري
وال يحتاج القاضي الدستوري إلى إخطار من طرف هيئة معينة أو رفع دعوى قضائية
لمهاجمة قانون مشوب بعدم الدستورية أو إلى تقديم دفع بمناسبة النظر في دعوى منشورة
أمام القاضي كما هو الشأن في الواليات المتحدة األمريكية ،وهذه الطائفة من القوانين هي
القوانين العضوية واألنظمة الداخلية للمجالس النيابية.
كما أن هناك طائفة أخرى من القوانين ،ال تخضع إلزاميا لرقابة القاضي الدستوري بل ال
بد أن يتلقى إخطا ار ،من طرف هيئة يحددها الدستور وهي القوانين العادية ،والتنظيمات
والمعاهدات ،ولهذا نعالج من خالل هذا المطلب النوع األول وهي الرقابة الوجوبية (فرع
أول) والنوع الثاني الرقابة االختيارية (فرع ثاني).
205
الفرع األول:الرقابة على القوانين العضوية (األساسية)
إن إخضاع القوانين العضوية لرقابة أصلية من القاضي الدستوري و وجوبية شأنها شأن
النظام الداخلي للمجالس النيابية ينطلق من خصوصية هذه الفئة من القوانين المستمدة من
نظامها القانوني الخاص وألهميتها العملية وقدرتها على التأثير في النظام السياسي
والدستوري لكل بلد.
فبالنسبة للقوانين العضوية فهي تختلف على القوانين العادية من حيث تعريفها وتحديد
إجراءات سنها وتبيين مرتبتها في الهرم الدستوري ،ومدى الحماية التي خصت بها من طرف
المشرع ،حتى ال يتم االعتداء عليها من طرف صاحب التشريع العادي أو صاحب السلطة
التنظيمية.
تعود نشأة هذه الطائفة من القوانين إلى فرنسا تماشيا مع التاريخ السياسي الفرنسي 1و
أول ما ظهرت صراحة كانت في دستور فرنسا ،1958الذي ميز بين القوانين التنظيمية
والقوانين العادية ،واعتبرت جنسا أو طائفة جديدة من القواعد القانونية .
بالعودة إلى التاريخ السياسي ،والدستوري الفرنسي ،نجد دستور الجمهورية الفرنسية الثالثة
عند تطبيقه صدرت عدة قوانين تنظيميه وكانت تأخذ تسمية " Senatus consulte
.2 "organique
أما دستور فرنسا 1948فميزته أنه أول دستور نص صراحة على مصطلح القانون
األساسي ،حيث ورد في المادة 115منه على أن تسن القوانين األساسية بواسطة الجمعية
الوطنية التأسيسية وعلى أن هذه القوانين سيتم تحديدها بواسطة قانون خاص.3
206
وقد عرفت هذه الطائفة من القوانين انتشا ار بعد ما تبناها دستور الجمهورية الفرنسية
الخامسة 1958مثل إسبانيا دستور ...1978المغرب في دساتيره الخمسة ،...الجزائر
دستور ، ... 1996تونس ،1959موريتانيا ،1991وهناك دول أوروبية لم تأخذ تماما بفكرة
القانون التنظيمي مثل ألمانيا دستور 1949وايطاليا دستور.11947
ويقول األستاذ برمضان في شأن القوانين التنظيمية المختلفة عن القوانين العادية بأن«:
القانون التنظيمي المختلف على القانون العادي ،هو مفهوم أجنبي على روح القانون الثوري
القائم على وحدة القانون ،ويضيف بأن مفهوم القانون الدستوري المتميز دوره عن القانون
العادي لم يفرض نفسه إال بصعوبة ،نظ ار لهيمنة البرلمانية المطلقة عليه وهو ما يفسر أن
ظهور القوانين التنظيمية كفئة قانونية خاصة ومستقلة يندرج في سياق تفتيت القانون
"".2»"L'atomisation de la loi
للعقلنة كما يرى األستاذ CAMBYبأن طائفة القوانين التنظيمية …« :هي آلية
البرلمانية » ،أما األستاذ ..«: Ch.SIRATال يرى من طائفة القوانين العضوية سوى
وصفة من بين عدة وصفات هدفها احتواء اختصاص المجالس البرلمانية» .3
أما من حيث تعريف القوانين األساسية فإن الدساتير أحجمت عن إعطائها تعريفا محددا
بل اكتفت بذكر المجاالت المخصصة لها فقط واختلفت الدساتير في تسميتها فبينما نجدها
في الدستور الفرنسي والمغربي تسمى بالقوانين التنظيمية ،نجدها في تونس تسمى القوانين
األساسية ،4والقوانين النظامية في موريتانيا ،5أما في الجزائر فتسمى القوانين العضوية.6
وتظهر المشكلة في عدم إعطاء تعريف للقوانين العضوية واالكتفاء بذكر مجاالتها على
سبيل الحصر وتعدادها ،هو إقصاء لعدة مجاالت من التنظيم بقانون عضوي رغم أنها تعتبر
امتدادا ماديا للدستور لها نفس الخصائص التي تجعلها تحتاج إلى التنظيم بقوانين عضوية.
207
في غياب تعريف من قبل الدستور ،جاء الفقه بعدة تعريفات من بينها ما جاء به الفقه
الفرنسي والذي يعتبر القوانين العضوية تلك القوانين التي يعطيها الدستور تلك الصفة ويتم
سنها وفق إجراءات خاصة منصوص عليها في الدستور.
كما يرى األستاذ مصطفى قلوش بأنها «:مجموعة من القوانين التي يضفي عليها الدستور
صفة القوانين التنظيمية والتي يصوت عليها البرلمان وفق إجراءات خاصة مغايرة لتلك
المتبعة في وضع وتعديل القوانين العادية.1»...
من خالل هذه التعاريف يبدو التخلي عن المعيار المادي في تعريف القوانين التنظيمية
وهو تنظيم السلطات لفائدة المعيار الشكلي أي الجهة المحددة لها وفي هذا توسيع لمجال
القوانين التنظيمية خارج إطار تنظيم السلطات ولهذا اتفق الفقه تقريبا على تحديد ثالثة
شروط شكلية ال بد من توفرها في القوانين التنظيمية ويصفها األستاذ «: F. LUCHAIR
بأنه ال بد أن تتوافر فيها الشروط اآلتية:
وبهذه المفاهيم فإن كل نص حدده الدستور وأعطاه صفة القانون العضوي يعتبر كذلك
حتى ولو لم يتطرق ذلك النص إلى مجاالت تدخل في مجال التخصص الدستوري(المعيار
المادي) وبمفهوم المخالفة فإن كل نص أو قانون لم يعطيه الدستور صفة القانون التنظيمي
ال يعتبر كذلك حتى ولو كان مجاله هي معالجة مجال يدخل في صميم القانون الدستوري.
- 5مصطفى قلوش ،رقابة دستورية القوانين على ضوء الفصل 26من الدستور المغربي ،المجلة المغربية للمنازعات
القانونية ،العددان .6-5
1-F. LUCHAIRE, Les Lois Organiques devant le conseil constitutionnel , R. D. P., 1991. p.
382.
208
وتمارس عليها رقابة قبلية أي قبل إصدارها حتى يقرر المجلس الدستوري مدى مطابقتها
للدستور وفي حالة توصل المجلس الدستوري الفرنسي إلى نتيجة مفادها أن هذه القوانين
مخالفة للدستور فإنه يمنع إصدارها والعمل بها.1
إضافة إلى طائفة أخرى من القوانين العضوية تم النص عليها في الدستور ولم تشملها
المادة 123من دستور .41996
ولإلشارة فإن هذا النوع من القوانين ال يمكن إصداره من قبل رئيس الجمهورية حتى يتلقى
الرأي من طرف المجلس الدستوري وتؤكد ذلك المادة 165من دستور الجزائر 1996
بنصها على أن المجلس الدستوري يبدي رأيه وجوبا في دستورية القوانين العضوية بعد
مصادقة البرلمان عليها وفي حالة ما جاء رأي المجلس الدستوري قاضيا ،بأن القانون
-1محمد سلمان عبد العزيز ،رقابة دستورية القوانين ،القاهرة ،دار الفكر العربي ،1995 ،ص .200
-2إلياس جوادي ،مرجع سابق ،ص .81
-3المادة 123من دستور الجزائر لعام .1996
-4مسعود شيهوب ،الرقابة على دستورية القوانين النموذج الجزائري ،مجلة النائب ،العددان 2005 ،6-5ص – 36
.37
209
العضوي محل الرقابة غير مطابق للدستور فإن لرئيس الجمهورية أحد خيارين بينتهما المادة
02من النظام الداخلي للمجلس الدستوري.1
-1الحالة األولى :إذا صرح المجلس الدستوري بأن القانون المعروض عليه لفحص
مدى مطابقته للدستور يتضمن حكما ،غير مطابق للدستور مع عدم مالحظته بأن الحكم
المعني ال يمكن فصله عن باقي أحكام القانون يمكن لرئيس الجمهورية أن يصدر القانون
بدون الحكم المخالف للدستور أي المواد المخالفة للدستور.2
-2الحالة الثانية :بمفهوم المخالفة لنص المادة 02من النظام المحدد لقواعد عمل
المجلس الدستوري فإنه إذا صرح المجلس الدستوري أن القانون المعروض عليه يتضمن
حكما غير مطابق للدستور ،والحظ في ذات الوقت أن الحكم المعني ال يمكن فصله عن
باقي أحكام القانون ،في هذه الحالة على رئيس الجمهورية أن يطلب من البرلمان قراءة
جديدة للنص وفي هذه الحالة يعرض الحكم المعدل على المجلس الدستوري لمراقبة مطابقته
للدستور.3
ما يالحظ على نص المادة 02من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري أنها
تنقصها الدقة خاصة عندما تقول...«:أن يطلب من البرلمان قراءة جديدة للنص»...هل
المقصود بكلمة نص كل النص القانوني ؟ أم تقصد النص الذي قضى المجلس الدستوري
بعدم دستوريته خاصة وأنه مرتبط بباقي القانون في كليته ؟ وتعديله يمكن أن يؤدي بالمساس
بباقي النص.
وتطلق على هذه الطائفة من القوانين عدة تسميات فقد تسمى القوانين التنظيمية في فرنسا
والمغرب أو األساسية في تونس أو العضوية في الجزائر أو النظامية في موريتانيا.
210
يبدو أن هذه التسميات مرتبطة بالوظيفة التي تؤديها هذه الطائفة من القوانين ولهذا
تختلف من دستور إلى دستور فمن يعتبرها قوانين مهمتها تنظيم السلطات فيجعلها تنظيمات
ومن يعتبرها مكملة للدستور يعتبرها قوانين أساسية.
211
الذي يحيل في هذا المجال على القوانين العضوية فإن المشرع ألزم الهيئة صاحبة التشريع
بقوانين عضوية بااللتزام بمجموعة من اإلجراءات تعتبر أكثر صعوبة وتعقيدا من إنتاج
القانون العادي.
-1تحديد مجاالت القوانين العضوية :
إن نص المادة 123من دستور الجزائر 1996اشترط بأن تتم المصادقة على القانون
العضوي بنسبة األغلبية المطلقة للنواب أي %50فاكثر في المجلس الشعبي الوطني
أعضاء مجلس األمة كما جعل رئيس الجمهورية ملزما بإخطار باإلضافة إلى مصادقة
المجلس الدستوري لمراقبة مدى مطابقة القانون العضوي للدستور قبل إصداره.1
وأنه بناء على رأي المجلس الدستوري الجزائري رقم 99/08المؤرخ في 99/2/21جاء
مايلي …«:اعتبا ار أن المجلس الدستوري يتأكد عند إخطاره بالقوانين العضوية ،وقبل الفصل
في مطابقتها شكال وموضوعا للدستور ،من أن المصادقة على هذه القوانين العضوية قد
تمت من حيث الشكل وفق اإلجراءات المنصوص عليها في المادة 123من الدستور».2
وتتم مراقبة مدى مطابقة القوانين العضوية مع الدستور من ناحيتين تختص الناحية
اللثانيةأولى الجانب الشكلي اإلجرائي ،بمعنى هل احترمت اإلجراءات والشكليات المنصوص
عليها في الدستور عند إنتاج القانون العضوي بمختلف مراحله من مرحلة االقتراح إلى مرحلة
المصادقة ؟
أما الناحية الثانية فالدراسة تتم من الجانب الموضوعي فتتم مقارنة مواد القانون العضوي
مع ما جاء في الدستور ويستعمل المجلس الدستوري في هذا المجال عدة مناهج وأساليب.3
مع اإلشارة إلى أن هناك مجاالت أخرى يتم تنظيمها بواسطة قوانين عضوية جاء النص
عليها في دستور 28نوفمبر ،1996ومنها تنظيم المحكمة العليا ،ومجلس الدولة ومحكمة
التنازع وعملهم واختصاصاتهم األخرى (المادة ،)153تشكيل المجلس األعلى للقضاء
212
وعمله ،وصالحياته األخرى (المادة ،)157المحكمة العليا للدولة المختصة بمحاكمة رئيس
الجمهورية والوزير األول يتم تنظيمها وسيرها واجراءات بواسطة قانون عضوي (المادة
.)158
تنظيم حالة الطوارئ وحالة الحصار بموجب قانون عضوي (المادة ،1)92تنظيم حالة
وفاة أحد المرشحين لرئاسة الجمهورية (المادة ،)89انتخاب النواب وأعضاء مجلس األمة،أو
تعيينهم وشروط انتخابهم وحاالت التنافي (المادة ،)103الحاالت التي يقبل فيها البرلمان
استقالة أحد أعضائه (المادة ،)108حاالت استخالف النائب أو عضو مجلس األمة
صاحب المنصب الشاغر (المادة .)112
تنظيم المجلس الشعبي الوطني ،ومجلس األمة وعملها والعالقات الوظيفية بينهما وبين
الحكومة (المادة .)115
-تحديد إجراءات أخرى لسن التشريع ،الفقرة األخيرة من المادة 120التي تحيل على
إتباع اإلجراءات المتبعة وفق المادة .115
إنه وبعملية حسابية بسيطة نجد هناك ثمانية عشرة مادة في الدستور مخصصة لمعالجة
ثمانية عشر مجال بواسطة قانون عضوي ،وفي المقابل نجد 30حالة على سبيل الحصر
ذكرتها المادة 122من دستور ،1996لصالح القانون العادي فالنسبة المئوية تتجاوز 50
18( %مجال من 30مجال) ،ولهذه النسبة المئوية داللتها.
يبدو أن النظام الجزائري لم يصدر كل القوانين العضوية التي تم النص عليها في
الدستور رغم أهمية المجاالت التي تعالجها على عكس المؤسس التشريعي الفرنسي الذي
أصدر كل القوانين العضوية التي نص عليها الدستور باستثناء القانون العضوي المتعلق
بتطبيق المادة 34من الدستور الفرنسي لعام .21958
-1المواد 92 ،158 ،157 ،153 ،123من دستور الجزائر لعام 1996المعدل والمتمم.
-2فطة نبالي ،دور المجلس الدستوري في رقابة مطابقة القوانين العضوية للدستور ،المجلة النقدية للقانون والعلوم
السياسية ،العدد ،2ص .135
213
كما نشير إلى أنه استمر العمل بالقوانين العادية في الجزائر بعد تبني دستور 1996في
مجاالت مخصصة للقانون العضوي وهذا اعتمادا على الفقرتين األولى والثانية من المادة
180والتي سمحت باستمرار مفعول القوانين التي تتعلق بمواضيع تدخل ضمن مجال
القوانين العضوية إلى أن تعدل أو تستبدل وفق اإلجراءات المنصوص عليها في
الدستور ،وهذا اإلجراء جاء تفاديا للوقوع في فراغ تشريعي ،وخاصة أن تلك المرحلة أي
مرحلة صدور دستور ،1996/12/28جاءت بعد مرحلة فراغ مؤسساتي كانت الدولة
الجزائرية تعمل على إعادة انتخاب المؤسسات الدستورية ،التي بدورها تصنع وتنتج القوانين
العضوية.1
كما نالحظ أن رئيس الجمهورية ملزم بإخطار المجلس الدستوري بمراقبة مدى مطابقة
القانون العضوي للدستور حسب المادة 165من الدستور ،ويبدي المجلس الدستوري رأيه
خالل العشرين ( 20يوما) الموالية لإلخطار ،حسب المادة 167من الدستور .1996
لكن الدستور الجزائري لسنة 1996ترك بابا لرئيس الجمهورية يمكنه أن يستغني من
خالله على القوانين العضوية باللجوء إلى االستفتاء حول المجاالت المخصصة للقانون
العضوي بهدف إلغاء ضمني لقانون عضوي نافذ أو تعديل قانون عضوي آخر باعتماده
على المادة 08/77من الدستور ذاته.2
وهذا األمر موجود في النظام الفرنسي حيث تخول المادة 11من دستور فرنسا 1958
لرئيس الجمهورية بين دورتي البرلمان وبناء على اقتراح من الحكومة أو بناء على اقتراح من
غرفتي البرلمان أن يعرض لالستفتاء أي مشروع قانون يتضمن تنظيم السلطات مع العلم أن
تنظيم السلطات يدخل في مجال القوانين األساسية (العضوية) في الدستور الفرنسي.3
214
كما يمكن لرئيس الجمهورية في الجزائر تفادي عرض القوانين العضوية على المجلس
الدستوري وذلك بتضمين القوانين العادية مواد تدخل في مجاالت القانون العضوي ،وبما أن
القانون العادي غير خاضع وجوبا لرقابة المجلس الدستوري فإنه يمكن أن يخالف الدستور
باإلضافة إلى أن الرقابة الالحقة للمجلس الدستوري على القوانين الصادرة في الجريدة
الرسمية والنافذة ال يمكنه مراقبتها إال بعد إخطاره من رئيس الجمهورية أو أحد رئيسي غرفتي
البرلمان حسب المادة 166من دستور ،1996وبهذا لن يتم اإلخطار بسبب وجود أغلبية
رئاسية بالبرلمان الجزائري.1
أما فيما يتعلق بمصادقة رئيس الجمهورية على معاهدة تتضمن تعديل قانون عضوي فإذا
كان بإمكانه المصادقة على معاهدة تعدل قانون عادي باعتبار الدستور جعل المعاهدة تسمو
على القانون العادي (المادة ،)132وبناء عليه واعتبار أن القانون العضوي هو قانون
بالمفهوم الواسع لكلمة قانون وليس بمفهوم التشريع فإن المعاهدة التي يصادق عليها رئيس
الجمهورية تسمو على القانون العضوي وبهذا يمكن أن تعدله.2
ال بد من أن نوضح بأن مرتبة القوانين العضوية ليست محل اتفاق فقهي ولم يفصل فيها
المجلس الدستوري الجزائري ،فإذا كانت قوانين مطبقة ومكملة للدستور وتخضع لرقابة مدى
مطابقتها له في الشكل وفي المضمون فهذا يدل على أنها أدنى درجة من الدستور ،أما
بالنسبة للمعاهدات الدولية فقد فصلت المادة 132من الدستور في ذلك باعتبار القانون جاء
بصفته العامة فهي أدنى درجة من المعاهدات التي تشكل مرجعية بالنسبة للقانون العضوي
أي أحكام القانون الدولي.3
أما اإلشكال في درجة القوانين العضوية مقارنة باألنظمة الداخلية لغرفتي البرلمان فهل
إلزام األنظمة الداخلية لغرفتي البرلمان بأن تطابق القانون العضوي المكمل للدستور يجعلها
215
في مرتبة أقل منه فقد رأى بعض الفقه أن للقوانين العضوية نفس درجة القانون العادي ورأى
بعض آخر بأن للقوانين العضوية درجة أسمى من القانون العادي.
القاضي الدستوري هو الذي يفصل في مدى التدرج بين القانون العضوي والقانون العادي
باعتبار األول امتداد ماديا للدستور لكنه يعتبر كالهما تشريع.1
يرى بعض الكتاب أن القوانين العضوية ال يحكمها معيار التدرج الهرمي ،وانما يحكمها
معيار التخصص ،وبذلك فهي قوانين عادية من حيث الدرجة ،وقوانين متخصصة من حيث
المجال،فقط لكنها ال تملك مرتبة دستورية.
إال أن البعض يرى أن القوانين العضوية تملك مرتبة أعلى من التنظيم ،واألنظمة
الداخلية للبرلمان ،لكنها تساوي القانون العادي.
بالنتيجة فإن رقابة القاضي الدستوري لمدى مطابقة القانون العضوي للدستور ينطلق من
أن القانون العضوي يدخل ضمن الكتلة الدستورية ،وبهذا ال بد أن يخضع القانون العادي
للقانون العضوي.
يرى األستاذ -مصطفى قلوش ...«:-يفرق بين نوعين من الرقابة على القوانين
التنظيمية (العضوية) ،فيجعل من أحدها رقابة أصلية ،والثانية ،رقابة عرضية ويقصد
بالرقابة األصلية التي يمارسها المجلس الدستوري بناء على إحالة وجوبية من أجل التقرير
بصفة أصلية بأن القانون ال يتضمن ما يتعارض مع الدستور ،وفي إطار هذا النمط من
الرقابة يملك المجلس الدستوري الحق في النظر في القوانين المعروضة عليه من ناحية
الشكل والجوهر من أجل تبيين مدى اتفاقها أو مخالفتها مع مقتضيات الدستور وأحكامه،
والتي تقابلها الرقابة العرضية ويقصد بها تلك الرقابة التي يمارسها المجلس الدستوري من
غير أن يكون مطلوبا منه النظر في دستورية القوانين».2
ثالثا – رقابة القاضي الدستوري للجانب الموضوعي للقوانين العضوية :
حدد المشرع سواء ،في فرنسا ،أو في الجزائر ،أو المغرب وتونس مجال القانون العضوي
على سبيل الحصر وكذا مجال القانون العادي ،وجعلها من اختصاص البرلمانات لكن
بإجراءات إعداد وتصويت وتعديل مختلفة وترك باب التنظيم مفتوحا لصالح رئيس الدولة أو
216
لصالح الوزير األول ،وأول ما يواجهه القاضي الدستوري عند بسط رقابته على مشروع
القانون العضوي هو تحديد ما إذا كان المجال الذي يعالجه مشروع القانون العضوي يدخل
في االختصاصات التابعة له أم أنه اخترق مجاالت تدخل في اختصاص القانون العادي،
وفي مرحلة الحقة يجد القاضي الدستوري نفسه ملزما برقابة مدى احترام مشروع القانون
العضوي ذاته الختصاصه النوعي وعدم تعديه على مجاالت اختصاص قانون عضوي آخر،
ولهذا نعالج هذا النوع من الرقابة في نقطتين:
- 1رقابة القاضي الدستوري لالختصاص المحدد دستوريا للقانون العضوي :
لقد اعتمد المجلس الدستوري الفرنسي بشأن احتواء القانون العضوي على مواد تدخل في
Reclassement ou مجال اختصاص القانون العادي تقنية إعادة التصنيف":
.1"déclassement
يفسر هذا المعنى عمليا بأن المجلس الدستوري الفرنسي ،وبمناسبة رقابته على مشروع
القوانين العضوية ،إذا وجده يتضمن مواد تدخل في مجال اختصاص القانون العادي فإنه ال
يقضي بعدم دستوريته وانما يراقب مدى مطابقتها للدستور ،بصفتها قانون عادي وليس
بصفتها قانون عضوي ،ويعيد تصنيفها في مجال القانون العادي وال يحكم بعدم دستوريتها
وهذا ما جاء في قرار 26جوان 1987وقرار 10مارس .21988
كما اعتمد المجلس الدستوري نفس الحل ،إذا تعلق األمر باحتواء مشروع قانون عضوي
محل رقابة أمام المجلس الدستوري ،على مواد تدخل في مجال اختصاص النظام الداخلي
ألحدى غرفتي البرلمان.3
أما في حالة ما إذا تضمن قانون عادي أحكاما تدخل ضمن مجال اختصاص قانون
عضوي ف إن القاضي الدستوري الفرنسي يصرح بعدم دستورية تلك األحكام التشريعية التي
تدخلت في مجال اختصاص القانون العضوي.4
217
-2دور القاضي الدستوري في رقابة االختصاص النوعي للقوانين العضوية:
تتم رقابة القاضي الدستوري الجزائري على مشروع القانون العضوي في إطار مدى
مطابقت ه للدستور من حيث إتباع المشرع إجراءات حددها الدستور في إنتاج القانون العضوي
وأنه احترم المجال الذي حدده له الدستور ولم يعتدى على مجال القانون العادي كما يراقب
مدى مطابقة مشروع القانون العضوي مع أحكام الدستور من الجانب الموضوعي.1
ومن خالل رأي المجلس الدستوري الجزائري المؤرخ في 16نوفمبر 2002رقم 13أكد
على خصوصية المجال المحدد للقوانين العضوية ،ومن بين ما جاء في قرار المجلس
الدستوري الجزائري ما يفيد أن إدراج الدستور الجزائري تنظيم القانون األساسي للقضاء ضمن
مجال القانون العضوي حسب المادة 05/ 123من دستور 1996فقد حدد للقانون العضوي
اختصاصا حصريا وبهذا يكون المجلس الدستوري الجزائري قد أكد اختصاصه بمراقبة مدى
احترام القانون العضوي للمجال المحدد دستوريا.2
بالنتيجة فإن القاضي الدستوري الجزائري ال يكتفي برقابة مدى احترام القانون العضوي
لمجاله مقارنة بمجال القانون العادي وانما يهدف إلى إبقاء كل قانون عضوي في مجاله
الخاص به دستوريا.3
أما في مسألة رقابة القاضي الدستوري الجزائري على توزيع االختصاص بين القانون
العادي والقانون العضوي باعتبارهما تشريعا صادر من نفس الجهة ومختلفا من حيث
مجاالته ومن حيث إجراءات سنه ومن حيث إلزامية خضوعه للرقابة من طرف المجلس
الدستوري بعد صدوره فقد توجه المجلس الدستوري الجزائري إلى المجلس الشعبي الوطني
(الغرفة السفلى في البرلمان الجزائري) داعيا إياه إلى احترام توزيع االختصاصات بين
-1رأي رقم /13ر .ق .ع /م د 02 /مؤرخ في 16نوفمبر 2006يتعلق بمطابقة القانون العضوي المتضمن القانون
األساسي للقضاء مع الدستور ،ج ر رقم 76مؤرخة في 24نوفمبر ،2006أحكام الفقه الدستوري الجزائري رقم ،7
،2007ص .11
- 2فطة نبالي ،دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات العامة ،مجال ممدود وحول محدود ،أطروحة دكتوراه
علوم ،جامعة مولود معمري ،كلية الحقوق ،2010 ،ص .155 – 154
- 3المرجع نفسه.
218
التشريع العادي والتشريع العضوي وعدم إخضاع أحكام ذات طبيعة تشريعية عادية إلجراءات
إعداد القوانين العضوية.1
وحسب رأي المجلس الدستوري رقم 10ما يفيد أنه باعتبار المادة 59من النظام الداخلي
للمجلس الشعبي الوطني موضوع اإلخطار تخضع كل مشروع أو مقترح قانون تضمن حكما
أو أحكاما تدخل في مجال اختصاص القانون العضوي خاضعا لإلجراءات المطلوبة عند
إعداد قانون عضوي والمصادقة عليه مما يستنتج أن األحكام التي تدخل ضمن القانون
العادي تخضع إلجراءات اإلعداد والمصادقة نفسها.2
إن إجراءات القانون العضوي التي نص عليها الدستور و مجال تدخل كل من القانون
العضوي والقانون العادي جاء محددا في المواد 122و 123من دستور 1996باإلضافة
إلى أحكام أخرى في الدستور وأن الدستور أقر لكل صنف منهما إجراءات مصادقة مختلفة
فالقانون العضوي يخضع ألحكام الفقرتين 01و 02من المادة 123من الدستور ويخضع
قبل صدوره وجوبا لرقابة مطابقة للدستور المادة 165من دستور 1996على عكس القانون
العادي.
بالنتيجة توصل المجلس الدستوري الجزائري إلى أن المجلس الشعبي الوطني قد أخل
بتوزيع االختصاص المحدد في الدستور بين التشريع بقوانين عضوية والتشريع بقوانين
عادية.3
كما جاء في رأي المجلس الدستوري الجزائري رقم 01المؤرخ في 17يونيو 2005
بمناسبة مراقبة مدى مطابقة القانون العضوي المتعلق بالتنظيم القضائي للدستور ما يفيد أن
المشرع عندما أقر بإمكانية إنشاء هيئات قضائية تسمى "أقطاب قضائية متخصصة من
خالل المادة 24من مشروع القانون العضوي المتعلق بالتقسيم القضائي يكون قد أخل بتوزيع
219
االختصاص بين القانون العضوي والقانون العادي المبين في المواد 122و 123من
الدستور".1
أما في تونس فقد جاء في الفصل 28من الدستور أن القوانين المنصوص عليها
بالفصول 71-70-69-68-67-66-10-09-08-04تعتبر قوانين أساسية (عضوية)
كما أضاف بأن القانون االنتخابي وقانون الميزانية يأخذ شكل قانون أساسي وبالرجوع إلى
تفحص هذه النصوص نجدها تتعلق بالمجاالت اآلتية:
علم الجمهورية التونسية وشعارها (الفصل ، )04حرية الفكر والتعبير والصحافة والنشر
واالجتماع وتأسيس الجمعيات والحق النقابي ( فصل ، )08حرمة المسكن وسرية المراسالت
( فصل ، )09حرية التنقل داخل البالد والى خارجها واختيار مقر اإلقامة (فصل )10
،إجراءات انتخاب القضاة ( فصل ،)66المجلس األعلى للقضاء (فصل )67صالحيات
وتركيبة المحكمة العليا واجراءاتها (فصل ، )68مجلس الدولة ومشموالته واج ارءاته (فصل
،)69تركيب المجلس االقتصادي واالجتماعي وعالقاته بمجلس النواب ( فصل ،)70
ممارسة المجالس البلدية والمجالس الجهوية المصالح المحلية (فصل .2)71
تتمحور هذه الفصول حول الحريات وحقوق المواطن وتنظيم السلطات الدستورية
واجراءات عملها وهكذا تكون هذه المحاور امتداد للدستور بالمفهوم المادي.3
كما حدد الدستور إجراءات لصياغة القوانين األساسية تختلف عن تلك المحددة لصياغة
القانون العادي ،فال يعرض مشروع قانون أساسي على مداولة النواب إال بعد مضي 15
يوما على إيداعه ،لتمكين النواب من فحصه بطريقة جدية وتعميق النظر فيه وتتم المصادقة
- 1رأي رقم / 01ر .ق .ع /م د 05 /مؤرخ في 17يونيو 2005يتعلق بمدى مراقبة القانون العضوي المتعلق بالتنظيم
القضائي للدستور ،ج ر رقم 05مؤرخة في 20جويلية .2005
- 2زهير المضفر ،مرجع سابق ،ص .93 – 92
- 3المرجع نفسه.
220
على القانون األساسي بأغلبية 2/3من مجلس النواب ،وتعرض مشاريع القوانين األساسية
وجوبا على المجلس الدستوري ليبت مدى مطابقتها للدستور.1
إن رقابة القاضي الدستوري التونسي لمشاريع القوانين المعروضة عليه تتم من حيث
الشكل ومن حيث الموضوع.
فمن حيث الشكل تكتسي الشكليات واإلجراءات أهمية كبيرة في مجال رقابة دستورية
القوانين ،وقبل الفصل في الناحية الشكلية يجد القاضي الدستوري التونسي نفسه ملزما
بتصنيف النصوص إلى قوانين أساسية ،وقوانين عادية ،من جهة وتحديد المجال المخصص
لكل منهما من جهة أخرى ،بمعنى أنه ال يمكن تقديم مشروع قانون عادي في المجاالت
المنصوص عليها في الفصول 71- 70- 69- 68- 67- 66- 10 -9 – 8- 4
المذكور سابقا ألنها مجاالت يتم التشريع فيها بواسطة قانون عضوي ،وذلك بإحالة عليها
بناء على الفصل 28من الدستور.2
واإلشكال يطرح أمام القاضي الدستوري التونسي ألن الدستور لم يحدد اختصاصات
التشريع العادي على سبيل الحصر بل ذكرها فقط في الفصلين 34و 35من التعديل
الدستوري المؤرخ في 08أفريل ،1976خالفا لما جاء في دساتير فرنسا ،المغرب ،الجزائر
وموريتانيا ،التي حددت دساتيرها على سبيل الحصر مجال التشريع بقوانين عادية ،ومنعت
عليها الخروج على هذه المجاالت.
أما من حيث الموضوع فإن القاضي الدستوري التونسي يتأكد من مطابقة القانون
األساسي للدستور ،من حيث أحكامه وعندما تتسم صياغة نص من أحكام القانون العضوي
بالغموض ،مما يجعل له إمكانية عدة تأويالت بحيث تكون إحدى التأويالت مخالفة صراحة
لنص دستوري فالقاضي الدستوري يجد نفسه أمام خيارين.3
221
*الخيار األول :هو طلب من المشرع توضيح الفصل المعني بإعادة صياغته ،قبل إبداء
الرأي فيه
*الخيار الثاني:إما أن يقر مطابقته للدستور مع إعادة صياغته ضمن مذكرة مستقلة .1
جاء حسب مفهوم الفصل 72من الدستور التونسي على أن وجوب عرض مشاريع
القوانين المتعلقة بالقوانين األساسية ،ومشاريع القوانين المتعلقة بالجنسية ،وبالحالة الشخصية
وبااللتزامات ،وبضبط الجرائم والعقوبات المطبقة عليها ،لنظام الملكية وللحقوق العينية
وللتعليم وللصحة العمومية ،وللشغل وللضمان االجتماعي.2
نذكر أن الرقابة الوجوبية للمجلس الدستوري التونسي ،تنبسط على كل القوانين األساسية
،وهي رقابة مدى مطابقة القانون األساسي مع الدستور ،دون سواه وكذلك ال بد أن نشير إلى
أن المعاهدات الدولية المستوفية الشروط وفق الفصل 52من الدستور التونسي تعتبر أقوى
من القوانين نفس األمر مع المادة 132من الدستور الجزائري ...«:1996تسمو على
القانون.»...
تعتبر المادة 32من الدستور التونسي قاعدة آمرة تدخل ضمن تنظيم هرم النصوص
ولهذا البد للتشريع األساسي أن يحترمها .
تمارس رقابة على التشريع األساسي في هذا المجال وفي ذلك احتراما للقاعدة الدستورية
المبينة في الفصل 32من الدستور التونسي ،قبل أن تكون احترما للمعاهدة الدولية ذاتها
،ونفس المنطق يسري على احترام القانون العادي للقانون األساسي.3
يعرض رئيس الجمهورية على المجلس الدستوري مشاريع القوانين ،التي تقدم بها النواب
بعد المصادقة عليها ،وخالل أجل الختم والنشر المنصوص عليه في الفصل 52من
الدستور ،وهذا في حالة العرض الوجوبي على المجلس الدستوري طبقا للفقرة األولى من
-1المرجع نفسه.
-2الفصل 72من الدستور التونسي .1959
3- M.CHAREF EDDINE, op.cit., p. 1 – 2.
222
الفصل 72من الدستور ،ويعلم بذلك رئيس مجلس النواب ،وتطبق في هذه الحالة أحكام
المادة 03من الفصل 73من الدستور.1
يبدو هنا تشابه كبير بين األسلوب المعتمد في دستور الجزائر 1996من خالل المادة
123والمادة 165وكذا الدستور التونسي من خالل الفصل 72و 74من دستور 1959
وهذه المواد تلزم رئيسي الجمهوريتين بعرض مشاريع القوانين األساسية على المجلس
الدستوري بعد المصادقة عليها وقبل إصدارها وهنا يتضح لنا التأثر الواضح والكبير بما جاء
في الدستور الفرنسي .1958
نشير من الناحية الواقعية في مسار المجلس الدستوري التونسي أنه حسب المادة 07من
قانون 18أفريل 1990المنشئ المنظم للمجلس الدستوري التونسي فإن كل القوانين العضوية
وبعض القوانين العادية المتعلقة بمجاالت محددة والتي أوجب هذا القانون العرض الوجوبي
لها على المجلس الدستوري التونسي إال أن الرئيس التونسي لم يعرض وال قانون متعلق
بالمصادقة على معاهدة دولية على المجلس الدستوري ألخذ رأيه قبل إصداره ومنها القانون
رقم 51/90المؤرخ في 07مارس 1990والمتعلق بالمصادقة على اتفاقية بين تونس
والنمسا حول الحماية االجتماعية.2
وكذلك هناك بعض القوانين التي تم إصدارها من طرف رئيس الجمهورية دون عرضها
على المجلس الدستوري التونسي حسب ما ينص عليها القانون مثل القانون رقم 15/91
المؤرخ في 25فبراير 1991المتعلق بتعديل قانون العمل.3
-1فدوى مرابط ،المجلس الدستوري والرقابة على دستورية القوانين في المغرب العربي ،المجلة المغربية للمنازعات
القانونية ،العددان ،2007 ،6-5ص .84
2- R.BENACHOUR et A. LACHAAL, op.cit., p. 650.
3- Ibid. p. 651.
المادة 07من قانون 18أفريل 90يتعلق بالمجلس الدستوري التونسي ":يعرض رئيس الجمهورية على المجلس الدستوري
مشاريع القوانين األساسية كما يعرض عليه مشاريع القوانين المتعلقة:
األساليب العامة لتطبيق الدستور -
بالجنسية -
بااللتزامات -
223
رابعا -مدى تداخل وتباعد الرقابة على القوانين العضوية في األنظمة المغاربية :
من حيث المهلة المخصصة بين إيداع مقترح القانون العضوي أو مشروع القانون
العضوي للمداولة من طرف البرلمان نجد كما يلي:
يتم إقرار القانون العضوي أو تعديله في المغرب بداية من طرف المجلس المعروض عليه
النص أوال ،ثم يحال النص على المجلس الثاني للتداول عليه وهذا في أجل 10أيام ،واذا لم
تتم الموافقة على مشروع القانون العضوي أو مقترح القانون العضوي بعد تالوتين في كل
مجلس ،أو بعد تالوة واحدة في كل مجلس ،و إذا طلبت الحكومة االستعجال ،تقوم الحكومة
بتشكيل لجنة ثنائية من المجلسين لحل الخالف واقت ارح بدائل على المواد محل االختالف،
وبعده تقوم الحكومة بعرض النص بعد إدخال التعديالت عليه على المجلسين للمصادقة
عليه واق ارراه.
ال يجوز في هذه الحالة ألي مجلس إدخال أي تعديل على النص إال بموافقة الحكومة
واذا فشلت اللجنة المختلطة في اقتراح نص مشترك ،أو إذا لم يقر أحد المجلسين النص
المقترح من الحكومة ،يمكن للحكومة أن تقترح على مجلس النواب بمفرده ،النص محل
الخالف بعد إجراء تعديالت عليه ،على ضوء المناقشة البرلمانية وفي هذه الحالة األخيرة ال
يمكن لمجلس النواب المصادقة على النص المقترح من الحكومة إال باألغلبية المطلقة
لألعضاء الذين يتألف منهم.
يمر مشروع القانون العضوي في الجزائر على المجلس الشعبي الوطني بعد مضي 20
يوما ،من إيداعه لدى أمانة المجلس الشعبي الوطني ،وبعد أن يحصل على األغلبية المطلقة
أعضائه ،ثم ألعضاء المجلس الشعبي يحول إلى مجل األمة الذي يصوت عليه ب
بضبط الجرائم والعقوبات المنطبقة عليها واإلجراءات أمام مختلف أصناف المحاكم -
بالعفو التشريعي -
-بالمبادئ العامة لنظام الملكية وللحقوق العينية وللتعليم وللصحة وللشغل وللضمان االجتماعي
224
يحول إلى رئيس الجمهورية الذي ال يمكنه إصداره إال بعد أخذ رأي المجلس الدستوري وجوبا
حسب المادة 165من الدستور ،ونجد المادة 73من الدستور التونسي تلزم رئيس الجمهورية
بأن يعرض القوانين األساسية على المجلس الدستوري ،ألخذ رأيه قبل عرضها على مجلس
النواب أو عرضها على االستفتاء ،ويعرض رئيس الجمهورية التونسية المشاريع المتعلقة
بتعديل القوانين األساسية على المجلس الدستوري قبل عرضها على مجلس النواب حسب
المادة .52
في حين نجد الفصل 74من الدستور التونسي في مسألة القوانين األساسية والتي تلزمه
بعرضها قبل إصدارها على المجلس الدستوري وهنا يقصد مشاريع القوانين التي تقدم بها
النواب وليست مشاريع القوانين التي تقدمت بها الحكومة ،على مجلس النواب وبعد المصادقة
عليها يعرضها على المجلس الدستوري ويعلم بذلك رئيس مجلس النواب.
يبدو أن المؤسس الدستوري يفرق بين مسار يتبعه بشأن القوانين األساسية التي تكون في
شكل مشروع قانون من قبل الحكومة ،ومسار تلك المشاريع التي تأتي في شكل مقترح قانون
من طرف مجلس النواب.
اذا صرح المجلس الدستوري الجزائري بأن مشروع القانون العضوي فيه أحكام مخالفة
للدستور يالحظ بأنه ال يمكن فصل تلك األحكام على باقي نص مشروع القانون ،فال يتم
إصدار هذا القانون من رئيس الجمهورية وهذا ما أكده المجلس الدستوري في رأي صدر له
يتعلق بمراقبة مطابقة القانون العضوي المتعلق بالتنظيم القضائي مع الدستور.1
أما إذا قضى المجلس الدستوري الجزائري بأن حكما أو مادة أو فقرة في نص مشروع
القانون العضوي المعروض عليه غير مطابقة للدستور ،دون أن يالحظ في نفس الراي بأن
هاته المواد ال يمكن فصلها على باقي النص ،يمكن لرئيس الجمهورية أن يصدر هذا النص
من دون األحكام المخالفة للدستور ،كما يمكنه أن يطلب من البرلمان قراءة جديدة للنص
-1قرار مؤرخ في 23مارس 2003وكذا المواد 03/02/01من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري
رقم 2000المؤرخ في 28جويلية 2000ج ر 06أوت .2000العدل والمتمم بمداولة 3مايو .2012
225
وفي هذه الحالة يشترط 2/3أعضاء المجلس الشعبي الوطني ،1يعرض النص المعدل على
رقابة المجلس الدستوري من جديد ليبدي رأيه فيه.2
يبدو في هذه الحالة أن رئيس الجمهورية في الجزائر وفق أحكام دستور 28نوفمبر
، 1996يمارس حقه في طلب قراءة ثانية من المجلس الشعبي الوطني وفق المادة 127من
الدستور والتي تنص في فقرتها األخيرة...«:وفي هذه الحالة ال يتم إقرار القانون إال بأغلبية
المجلس الشعبي الوطني باعتبار القانون سبق وأن حصل على أغلبية ثلثي
مجلس األمة في المداولة األولى فهذا األمر مقبول عندما يتعلق بقانون عادي».
تأتي المادة 02من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري في آخرها وتنص
على ... « :أو أن يطلب من البرلمان قراءة جديدة للنص وفي هذه الحالة يعرض الحكم
المعدل على المجلس الدستوري لمراقبة مطابقة للدستور».
أ -أن النص الدستوري في المادة 127منه أدخل المجلس الشعبي الوطني في المداولة
الثانية دون مجلس األمة ،أما في النظام الداخلي للمجلس الدستوري المادة 03أدخلت
البرلمان بغرفتيه في المداولة الثانية ،لمراقبة مشروع القانون العضوي واإلشكالية هل نأخذ
بالنص الدستوري الذي يعتبر القاعدة العامة في إصدار القوانين أو نعتمد على النص
الخاص واإلمكانية الثانية هل المقصود في المادة 02من النظام المحدد لقواعد عمل
المجلس الدستوري بكلمة برلمان أن تتم المداولة الثانية لكل غرفة على حدا أم تتم القراءة
تحت قبة البرلمان أي الغرفتين مجتمعتين؟.
ب-في حالة تم المصادقة على األحكام المعدلة من طرف البرلمان في المداولة الثانية
وفق المادة 02من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري ،ثم أصدر المجلس
الدستوري رأيا بعدم مطابقتها للدستور فماذا يكون مصيرها؟ أو أن رئيس الجمهورية يعود
226
لإلمكانية األولى وهو إصدار نص القانون دون المواد أو األحكام أو الفقرات التي نص
المجلس الدستوري بعدم مطابقتها للدستور ؟
وهناك تشابه مع مقتضيات الدستور المغربي أين يحيل الوزير األول المغربي مشروع
القانون العضوي على المجلس الدستوري ،ليبت في مدى مطابقته للدستور خالل شهر واحد
أو ثمانية أيام في حالة االستعجال ،وفي حالة ما جاء قرار المجلس الدستوري المغربي
يقضي بأن هناك بعض المواد غير مطابقة للدستور والحظ بإمكانية فصلها على باقي النص
المعروض عليه فإنه يسمح بإصدار النص ،2دون المواد الذي قرر المجلس الدستوري عدم
دستوريتها.
صدر قرار عن المجلس الدستوري المغربي حول المحكمة العليا وبإحالة من الوزير األول
،قضى المجلس الدستوري بدستوريته باستثناء المادة 11منه والتي وردت مخالفة للدستور
ألنها تخالف مبدأ دستوريا وهو استقاللية القضاء.3
كما أحال الوزير األول الموريتاني القانون النظامي الذي يعدل المادة الثانية من األمر
القانوني رقم 91/029المؤرخ في 07أكتوبر 1991المتضمن القانون النظامي (العضوي)
المتعلق بسير مجلس الشيوخ (الغرفة العليا في البرلمان الموريتاني) ،وذلك في 20جوان
،1993والذي أعلن فيه مطابقة هذا القانون للدستور وتم إصداره.4
227
كما أحال الوزير األول الموريتاني على المجلس الدستوري القانون النظامي (العضوي)،
الخاص بأعضاء مجلس الشيوخ الذين يمثلون الموريتانيين بالخارج ،وأعلن فيه عدم مطابقة
هذا القانون للدستور.1
وأحال الوزير األول الموريتاني القانون النظامي العضوي المتعلق بانتخاب الشيوخ
الممثلين الموريتانيين المقيمين في الخارج ،وأعلن المجلس الدستوري مطابقة هذا القانون
النظامي للدستور.3
باإلضافة إلى إحالة من الوزير األول على المجلس الدستوري بتاريخ 16جانفي 1995
للقانون النظامي (العضوي) ،الذي يعدل أحكام المادة 66من القانون النظامي (العضوي)
رقم 94/ 012المتضمن النظام األساسي للقضاء وأعلن مطابقته للدستور.4
تعتبر المجالس النيابية مستقلة تماما في وضع أنظمتها الداخلية من الناحية اإلجرائية
وتظهر بمظهر البرلمان السيد ،إال أن المرتبة القانونية التي تتخذها هذه الطائفة من القوانين
في الهرم الدستوري ال تؤكد ذلك ،بحيث نجد مجال تدخلها غير محدد سلفا وعدم التحديد هذا
ال يجعل النواب يضمنون قانونهم الداخلي ما يشاءون.
-1قرار رقم 006أ .م بتاريخ 20يوليو 1993ج .ر عدد 30يونيو ،94ص .352
-2قرار قم ،007أ .م بتاريخ 21يوليو 1993ج.ر عدد 30يونيو ،94ص .354
-3قرار رقم 009أ م بتاريخ 14فبراير 1994ج.ر عدد 30يونيو ،94ص .355
-4قرار 010أ م بتاريخ 24يناير ،1995ج.ر عدد 15مارس ،1995ص .56
228
هناك عدة مسائل تميز األنظمة الداخلية للمجالس النيابية ،فهي قواعد تخاطب فئة معينة
وهم أعضاء البرلمان أو الموظفون به أو كل من يحظر إليه في إطار محدد كالزوار
وأعضاء الحكومة أو نوابهم ،و رغم أن قواعده ال تخاطب عامة الناس إال أنها تبقى محافظة
عل خصائص القاعدة القانونية.
كما أن قواعد النظام الداخلي للمجالس النيابية يسهر المجلس على تنفيذها ،عكس
القواعد القانونية األخرى ،التي توكل مهمة تنفيذها للحكومة ومنه فإن قواعد النظام الداخلي
للمجالس النيابية صنيعة صرفه لهاته المجالس ،فال يمكن أن تتدخل فيها الحكومة وال
المجلس النيابي الثاني سواء في وضعها ،أو مناقشتها ،أو التصويت عليها 1،بل أنه أكثر
من ذلك ال يخضع مشروع قانون ،أو مقترح قانون ،وانما الجهة المختصة بوضعها يحددها
الدستور ،ويمنع أية جهة من المبادرة بنصه في مختلف الدساتير كما سيأتي الحقا بأن يضع
كل مجلس نيابي نظامه الداخلي احتراما لروح الدستور القائم على مبدأ الفصل بين
السلطات.2
تتميز قواعد النظام الداخلي للمجالس النيابية بأنها ال تخضع لإلصدار في بعض
األنظمة وال تحتاج إلى النشر كغيرها من القوانين.
ثانيا -مبررات خضوع األنظمة الداخلية للمجالس النيابية للمطابقة الدستورية :
تجعل الدساتير هذه الطائفة من القوانين تخضع لرقابة وجوبية ملزمة من طرف القاضي
الدستوري حتى ال تمنح نفسها ما لم تمنحه السلطة التأسيسية األصلية أي الدستور وفي نفس
الوقت تجعل اإلحالة على القاضي الدستوري من طرف رئيس المجلس النيابي ذاته الذي أعد
هذا القانون حفاظا على هذه االستقاللية الممنوحة للمجالس النيابية في هذا المجال.
لكن هذه المميزات ليست قاعدة عامة في كل الدول فمثال نجد في إسبانيا وآيسالندا هناك
تعاون بين الحكومة والمجلس النيابي في إعداد النظام الداخلي للمجلس النيابي.3
229
ويرى األستاذ M. AMELLERأنه....«:لو تركت المبادرة باقتراح قواعد النظام
الداخلي للمجالس النيابية إلى الحكومة ال فقدت المجالس حريتها في التداول.1»...
لكن رغم هذه المبررات التي تحمل مؤشرات استقالل المجالس النيابية بإعداد أنظمتها
الداخلية احتراما لمبدأ الفصل بين السلطات ،الذي ينتقى من روح الدستور إال أن الواقع
يثبت تدخل الدستور والقوانين العضوية األساسية في اإلنقاص من هذه الحرية بأشكال
متفاوتة ،منها إلزامية خضوع هذه األنظمة للدستور وان كان في هذا الخضوع منطق باعتبار
الدستور معبر عن السلطة التأسيسية األصلية فإن خضوع قواعد النظام الداخلي للمجالس
النيابية للقانون العضوي ،الذي هو صنيعة الحكومة إلى حد بعيد فيه انتقاص من حرية
المجالس النيابية.
ثالثا -األصول الفكرية لرقابة القاضي الدستوري على األنظمة الداخلية للمجالس
النيابية :
بناء على الفقرة األولى من المادة 61من دستور فرنسا 1958يخضع النظام الداخلي
لكل من الجمعية الوطنية ،ومجلس الشيوخ ،لرقابة المجلس الدستوري قبل العمل بهما،
ووضع المجلس الدستوري منذ البداية مجموعة ضوابط يلتزم بها قبل الشروع في ممارسة هذه
الرقابة مثل عدم قبوله بفحص بعض المواد من النظام الداخلي دون غيره وانما فحص النظام
الداخلي كله ،وكذا امتداد رقابته على التعديالت المتعلقة بهذا النظام الداخلي .وكأن يكون
هذا النظام دائم التطبيق ،بحيث ال يراقب المجلس الدستوري الفرنسي قواعد ذات طبيعة
مؤقتة.2
حاول الفقه في فرنسا أن يضبط العالقة بين النظام الداخلي لمجلس البرلمان والدستور
وقسمها إلى ثالث طوائف تتكون الطائفة األولى من مواد النظام الداخلي تأتي تطبيقا
لنصوص الدستور.
-1المرجع نفسه.
-2المادة 61من دستور فرنسا لعام .1958
230
اما الطائفة الثانية تكمل أو تحد من النصوص الدستورية.
1
والطائفة الثالثة تتضمن مواد غير واردة في الدستور.
يرى الفقه أنه إذا كان من السهل مراقبة مدى مطابقة الطائفة األولى من قواعد النظام
الداخلي لغرفتي البرلمان مع الدستور ،فإنه يصعب في الطائفة الثانية ،والثالثة ،وتتحول رقابة
المجلس الدستوري من مراقبة مطابقة في الشكل والمضمون ،إلى رقابة مالءمة ومن هنا
يصبح ضروريا خضوع الطوائف الثالثة من قواعد النظام المحدد لمجلس البرلمان لرقابة
القاضي الدستوري.
والسؤال الذي يطرح هو هل إذا كانت المادة 61من الدستور نصت صراحة على خضوع
النظام الداخلي لمجلس البرلمان لرقابة المجلس الدستوري ؟ فهل تمتد هذه المادة لتشمل رقابة
النظام الداخلي للبرلمان عندما يجتمع بغرفتيه على هيئة مؤتمر؟
كما يرى أيضا.. «:أن الجمعية الوطنية لها مهام متعددة في الدستورمن التمثيل والتشريع
والرقابة وهذه المهام ال يمارسها البرلمان المجتمع في شكل مؤتمر وبناء عليه فهو يجتمع إال
في حالة تعديل الدستور وفق المادة 89من الدستور.3»...
ذهب المجلس الدستوري الفرنسي في اتجاه معاكس حيث على عكس رفضه الصريح
لممارسة رقابة على القوانين االستفتائية ،فقد أعلن منذ 1962رفضه ممارسة رقابة القانون
عبد الحفيظ الشيحي ،القضاء الدستوري وحماية الحريات األساسية في القانون المصري والفرنسي ،القاهرة ،دار النهضة
العربية ،2001 ،ص .492
-2المرجع نفسه ،ص .493
3 -F. HAMON et C. WEINER La justice constitutionnelle Documentations
francaise in Document d’Etudes, n° 1, 15e éd, 2006, pp. 6 – 12.
231
الستفتائي الناتج عن إرادة الشعب مباشرة ،في الوقت الذي قبل برقابة النظام الداخلي
الخاص باجتماع مجلس البرلمان الفرنسي في شكل مؤتمر ،وبرر ذلك كون المادة 17من
المرسوم المتعلق بالمجلس الدستوري الفرنسي وان لم تنص صراحة على حقه في رقابة
النظام الداخلي للبرلمان المجتمع بغرفتيه في شكل مؤتمر ،إال أن روح الدستور ال تمنع ذلك
وربما يتوسع ذلك الحقا إلى ممارسة رقابة على القانون أالستفتائي.1
وطرح جدال في فرنسا في تحديد نوع القواعد القانونية التي تخضع لها قواعد األنظمة
الداخلية للبرلمان ،وما طرح هذا الجدل هو الممارسة العملية للمجلس الدستوري الفرنسي
بمناسبة رقابته على األنظمة الداخلية للبرلمان حيث أخضعها للدستور كما أخضعها للقوانين
األساسية (العضوية) ،وحتى إلى نصوص القانون العادي.2
فباإلضافة إلى إخضاع قواعد األنظمة الداخلية للبرلمان إلى الدستور ،ومقدمات الدستور
وكذا القوانين األساسية ،فقد تم إخضاعها من طرف المجلس الدستوري للمراسيم التي تحمل
قانون أساسي الصادرة بمقتضى المادة 92من الدستور الفرنسي ،والتي جاءت نتيجة
ضرورية في بداية الجمهورية الخامسة لوضع السلطات العامة ،ومنها مرسوم 24أكتوبر
،1958الخاص بعدم الجمع بين النيابة ،وأي وظيفة أخرى ،ومرسوم 07نوفمبر 1958
المتعلق بالتعويض بالحق في التصويت ،ومرسوم 06يناير 1959الخاص بقوانين الميزانية
العامة.
صدرت في هذا الشأن عدة ق اررات عن المجلس الدستوري الفرنسي مثل قرار 08جويلية
1966صدرت ،و 20قرار نوفمبر 1969أعلن من خاللهما أن األنظمة الداخلية لمجلس
البرلمان يتم فحص مدى مطابقتها للدستور والقوانين األساسية.3
232
تخضع قواعد النظام الداخلي للبرلمان الفرنسي للمراسيم الحاملة لقانون أساسي التي تأتي
في إطار تطبيق المادة 92من دستور 1958وباألخص مرسوم 7نوفمبر 1958والذي
رغم أنه ال يحمل قانون أساسي ،لكنه يتعلق بتحديد وظائف كال مجلسي البرلمان الفرنسي
والسيما المواد 04و ، 05منه المتعلقتان بتقديم الطلبات وتكوين اللجان والمادة 06منه
المتعلقة بلجان التحقيق والرقابة.
تعود األصول الفكرية لممارسة رقابة دستورية على األنظمة الداخلية للبرلمان إلى ظهور
فكرة "البرلمانية المعقلنة" ،التي جاءت بها الجمهورية الخامسة الفرنسية ،من خالل دستور
، 1958/10/04بهدف الحد من سيطرة البرلمان بعد تجارب الجمهوريات الفرنسية السابقة
مع البرلمانات السيما الجمهورية الثالثة والرابعة.1
ومن نتائج هذا المنطق تم إنشاء المجلس الدستوري الفرنسي ،كأداة للحد من سيطرة
البرلمان وكبح األغلبية الحاكمة في البرلمان ومنعها من إجراء تعديالت جذرية تمس
بالتوازنات السياسية داخل البلد ،وقد يصل هذا الخروج عن التوازنات إلى حد االنحراف عن
القواعد والمبادئ الدستورية للجمهورية ،والتي جاءت نتيجة نضال ومسار سياسي ودستوري
طويل ،ومن ثم أعطى المشرع الفرنسي حق للمجلس الدستوري لبسط رقابته على مدى
مطابقة النظام الداخلي لمجلس الشيوخ والنواب مع الدستور حفاظا على مبدأ المشروعية
وضمانا لسمو الدستور شكال وموضوعا.2
ينظم النظام الداخلي للمجالس النيابية سير مؤسسة دستورية كبرى مؤثرة بقوة في النظام
السياسي للدولة حتى أن بعض الفقه الكالسيكي اعتبر قواعد النظام الداخلي للمجالس
النيابية دستو ار موازيا للدستور وامتدادا له وتفسي ار له في نفس الوقت.3
يقول األستاذ Michel DEBREفي هذا الشأن ... «:كل ما يهم اإلجراءات التشريعية
كون ق اررات
كل ما يهم العالقات بين المجالس ،كل ما يهم عالقات المجلس الحكومة ُي ُ
233
تجاوز الطبيعة التنظيمية بالمعنى المحدد ،إنها ذات نفس دستوري ،وتمس وظائف
المؤسسات ،وان الخاصية الدستورية للنظام الداخلي جد واضحة1»....ومن ثم يعتبر النظام
الداخلي للمجالس النيابية والتأويالت التي تعطي له نوعا من القانون الموازي لقانون
الدستور.
تكون رقابة القاضي الدستوري على األنظمة الداخلية للمجالس النيابية مركزة على
المسائل التي يفصل فيها الدستور ،أو القانون العضوي ،أو القانون العادي ،والتي تشكل
هامشا من الحرية لهذه المجالس ،والتي يمكن أن تسيء استغاللها مثل عدد اللجان وعدد
نواب الرئيس ،وحق البرلماني في العضوية في أكثر من لجنة ،ولجوء البرلمان لخدمات
خارجية تساهم الحكومة في توفيرها ،وتحديد وقت التدخالت وأجال تقديم بعض التقارير.2
تهدف هذه الرقابة على النظام الداخلي للمجالس النيابية من طرف القاضي الدستوري إلى
الحرص على عدم تعدي البرلمان اختصاصاته ،إلى المساس باختصاصات مسندة للحكومة
دستوريا ،أو باقي المؤسسات الدستورية األخرى ،كما أن موافقة القاضي الدستوري على
النظام الداخلي للمجالس النيابية ،يعطيها قوة وثبات وحجية وحماية تدعم حقوق البرلمان
والمركز القانوني ألعضائه ،باعتبار النظام الداخلي يفصل في اختصاصات النواب وكيفيات
ممارستها ،وحقوق أعضاء البرلمان وواجباتهم ،وبإعطائها المطابقة الدستورية تصبح ذات
حجية في مواجهة باقي السلطات الدستورية.3
كما يمكن تعريف األنظمة الداخلية للبرلمان بأنها مجموعة القواعد التنظيمية التي تحكم
الحياة البرلمانية ،حيث تعمل على تنظيم السير الداخلي للبرلمان ،واإلجراءات المتبعة أثناء
المناقشات والمداوالت وانضباط أعضائه ،كما تحدد هياكله وأجهزته وطريقة تشكيلها وطريقة
عملها واختصاصاتها ،وكذا عالقاتها فيما بينها ،ومع المؤسسات األخرى ،سواء داخل الدولة
أو خارجها كاالتحاد الدولي للبرلمانات ،واالتحاد اإلقليمي للبرلمانات.4
234
رابعا -خصائص وتطبيقات الرقابة على دستورية األنظمة الداخلية للبرلمانات
المغاربية :
تضع في كل من الجزائر ،المغرب ،تونس وموريتانيا البرلمانات أنظمتها الداخلية
وتصادق عليها لكن هذه األنظمة ال تصبح نافذة حتى تتم المصادقة عليها من طرف
القاضي الدستوري والقضاء بمطابقتها للدستور.1
- 1من حيث إعداد األنظمة الداخلية للبرلمان وخضوعها لرقابة القاضي الدستوري :
نجد الدستور المغربي في مادته 44يعطي حق وضع النظام الداخلي واق ارراه والتصويت
عليه لمجلسي البرلمان المغربي ،وهما مجلس النواب ،ومجلس الشيوخ ،لكن هذا النظام
الداخلي رغم موافقة المجلس المعني به عليه ،فال يصير نافذا إال بعد أن يصرح المجلس
الدستوري بمطابقته ألحكام الدستور ونفس االحكام حافظ علية دستور 2011بحيث تخضع
االنظمة الداحلية للبرلمان لرقابة المحكمة الدستورية المغربية التي عوضت المجلس
الدستوري.2
كما أحال الدستور المغربي 1996من خالل الفصل 80منه على قانون تنظيمي
(عضوي) يتعلق بالمجلس الدستوري يحدد من خالله الكيفيات واإلجراءات التي يتوجب
إتباعها لممارسة المجلس الدستوري مهمة الرقابة على األنظمة الداخلية لبرلمان.
جعلت المادة 165في فقرتها األخيرة من دستور الجزائر 1996النظام الداخلي لغرفتي
البرلمان وهما المجلس الشعبي الوطني ،ومجلس األمة ،خاضعة لرقابة المطابقة من طرف
المجلس الدستوري ،3وتقابل ما جاء في هذه المادة 155من دستور 1989التي تجعل
المجلس الدستوري يفصل في مدى مطابقة النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني
للدستور.4
.1المرجع نفسه.
-2المادة 44من دستور المغرب ":1996يضع كل المجلسين نظامه الداخلي ويقره بالتصويت يبقى مجرد مشروع غير
قابل للتطبيق ما لم يصرح المجلس الدستوري بمطابقته ألحكام الدستور" و الماد 45من دستور المغرب .2011
-3المادة " 1/165كما يفصل المجلس الدستوري في مطابقة النظام الداخلي لكل من غرفتي البرلمان للدستور حسب
اإلجراءات المذكورة في الفقرة السابقة".
4 -B. YELLES CHAOUCHE, le Conseil constitutionnel en Algérie, du contrôl de la
constitutionnalité à la créativité normative, Alger, O. P. U, 1999, p. 93.
235
يقوم كل من المجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة بإعداد نظاميهما الداخليان
ويصادقان عليهما ،هذا حسب الفقرة األخيرة من المادة 115من دستور الجزائر .1996
ونشير إلى أن التعديالت التي يدخلهما أحد المجلسين على نظامه الداخلي تخضع لرقابة
مطابقة من طرف المجلس الدستوري الجزائري وفق المادة 165من الدستور.1996
بالنسبة للنظام الداخلي للبرلمان التونسي قبل تعديالت الدستور 2002كانت تخضع
لرقابة ذاتية من طرف المجلس النيابي ذاته وال يمكن تنفيذها إال بعد التصويت عليها
وحصولها على نسبة األغلبية المطلقة للنواب ،لكن بعد هذه التعديالت صار من اختصاص
1
بعد المجلس الدستوري الرقابة على مدى مطابقة النظام الداخلي للبرلمان مع الدستور،
إعداده والمصادقة عليه من طرف البرلمان التونسي.2
تقدم للمجلس الدستوري القوانين النظامية (العضوية) قبل إصدارها والنظم الداخلية
للغرفتين البرلمانية قبل تنفيذها في موريتانيا وذلك للبت في مدى مطابقتها للدستور ويتم
إحالة هذا ا لنوع من القوانين على المجلس الدستوري من طرف الغرفة التي قامت بإعدادها
وهذا حسب ما جاء في األمر 92/04المتعلق بقواعد عمل المجلس الدستوري الموريتاني
المؤرخ في 18فبراير .31992
وبالنتيجة فإن كل من الجزائر ،المغرب وموريتانيا اتبعت نفس النهج الذي اتبعته فرنسا
ا لتي جعلت عرض النظام الداخلي لغرفتي البرلمان الفرنسي الزامية على المجلس الدستوري
ليقر مطابقتها للدستور قبل بداية العمل بها ،كما التحقت تونس بنفس النهج بعدما كان نظام
برلمانها الداخلي غير معني برقابة المطابقة من قبل المجلس الدستوري حيث كان البرلمان
التونسي يتمتع باستقاللية كاملة في وضع نظامه الداخلي والمصادقة عليه ،يصير النظام
الداخلي للبرلمان التونسي نافذا بمجرد المصادقة عليه باألغلبية المطلقة للنواب في جلسة
علنية حسب الفصل 61من النظام الداخلي لمجلس النواب بالجمهورية التونسية قبل
التعديل.
236
أضاف التعديل الدستوري لسنة 2002إلى مهام المجلس الدستوري التونسي النظر في
دستورية النظام الداخلي لمجلس النواب ومجلس المستشارين حيث جاء في الفصل 74منه
ما يجعل رأي المجلس الدستوري التونسي ملزما قبل نفاذ النظام الداخلي للبرلمان.1
أما لبنان رغم انتهاجه أسلوب المجلس الدستوري على الطريقة الفرنسية إال أنه في مسألة
األنظمة الداخلية للبرلمان خالفها في ذلك بحيث أنه أجاز لمجلس النواب إعداد نظامه
الداخلي ولم يلزمه بذلك وبأن يصدره بشكل قانوني كما فعل في شأن النظام المحدد لقواعد
عمل المجلس الدستوري اللبناني.2
ويعتبر النظام الداخلي لمجلس النواب اللبناني نافذا بمجرد المصادقة عليه من طرف
البرلمان وال يحتاج إلى رقابة المجلس الدستوري حسب المادة 146من النظام الداخلي
لمجلس النواب بالجمهورية اللبنانية.
هذا األمر أدى إلى اختالف في تحديد طبيعة النظام الداخلي لمجلس النواب اللبناني بين
من يعتبره غير حاصل على صفة قانون وبين البعض اآلخر الذي يعتبره قانون عادي وفق
اإلجراءات الشكلية التي أتبعها مجلس النواب في إعدادها ومن ذلك فهو يخضع لرقابة
المجلس الدستوري بصفته قانون عادي.3
كما جاء في المادة 65من الدستور السوري بأن يضع مجلس الشعب نظامه الداخلي
لتنظيم أ سلوب الفصل فيه وكيفية ممارسة مهامه ،ولم يشر إلى وجوب إخضاعه لرقابة
الدستورية ،وحتى المادة 204من النظام الداخلي لمجلس الشعب السوري ذاتها ،تنص على
أن يعمل به فور إق ارره ومن هذا فإن مجلس الشعب السوري يتمتع بالحرية المطلقة في وضع
نظامه الداخلي ،وفي المقابل يشترط المشرع حصول النظام الداخلي لمجلس الشعب السوري
237
على أغلبية مطلقة لعدد أعضائه حسب المادة 192من الدستور الشيء الذي اعتبر كافيا
ويغني عن إخضاعه للرقابة من طرف المحكمة الدستورية.1
انتهجت الكويت أسلوب الرقابة الالحقة على دستورية القوانين واللوائح حيث جاء في
المادة 173من دستورها على مايلي «:يعين القانون الجهة القضائية التي تختص بالفصل
في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح يبين صالحياتها واإلجراءات التي تتبعها
ويكفل القانون حق كل من الحكومة وذوي الشأن في الطعن لدى تلك الجهة في دستورية
القوانين والل وائح وفي حالة تقرير الجهة المذكورة عدم دستورية قانون أو الئحة يعتبر كأن لم
يكن».2
بعدها جاء تطبيقا لهذه المادة قانون إنشاء محكمة دستورية تختص دون غيرها بتفسير
نصوص الدستور ،وتفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين والمراسيم بقوانين
واللوائح وفي الطعون الخ.3…..
وباعتبار أن الالئحة الداخلية للمجلس التشريعي ال تنفذ إال بعد صدورها ونشرها في
الجريدة الرسمية فإن هذه الالئحة تعتبر قانونا بالمفهوم الشكلي للقانون ،وتخضع لرقابة
الدستورية وفق األحكام التي ذكرناها سابقا.4
وما يميز النهج الكويتي في إخضاع النظام الداخلي لغرفتي البرلمان هو تميزه بين أحكام
النظام الداخلي لمجلس األمة ،حيث جاء في المادة 117منه ما يعطي الحق لمجلس األمة
في وضع نظامه الداخلي ،الذي يحدد فيه نظام سير المجلس ولجانه وأصول المناقشة
والتصويت ،والسؤال ،واالستجواب،وسائر الصالحيات المنصوص عليها في الدستور ،كما
بين هذا النظام الداخلي لمجلس األمة الكويتي الجزاءات التي تترتب على مخالفة العضو
238
للنظام أو غيابه عن جلسات المجلس أو اللجان بدون عذر مشروع ،بالرغم من اعتماد
الكويت على الرقابة الالحقة على القوانين (رقابة قضائية) ،إال أنه وظف بعض آليات
الرقابة السابقة السياسية بتحديدها لمجال النظام الداخلي واعطاء المجلس التشريعي
استقالليته في إعداد نظامه الداخلي.
- 2من حيث خصائص الرقابة على دستورية األنظمة الداخلية للبرلمانات المغاربية :
من خالل النص الدستوري على مبدأ إلزامية خضوع األنظمة الداخلة للبرلمانات إلى
رقابة مطابقة للدستور ،من طرف القاضي الدستوري في كل من الجزائر ،المغرب ،تونس
وموريتانيا ولدارسة اآلراء والق اررات الصادرة عن القاضي الدستوري بمناسبة ممارسته لرقابة
المطابقة الدستورية على األنظمة الداخلية للبرلمان في هاذه الدول ،وبالرجوع للقوانين
العضوية (النظامية) ،التي تحدد شروط عمل المجالس الدستورية نصل إلى أن الرقابة على
دستورية األنظمة الداخلية للبرلمان تتميز بمجموعة من الخصائص يعالج من خاللها النقاط
اآلتية:
أوكل الدستور الجزائري 1996مهمة هذه الرقابة إلى جهة واحدة وهي المجلس الدستوري
بنص صريح جاء في المادة ،103/165التي جعلت من مهمة المجلس الدستوري الفصل
في مطابقة النظام الداخلي لكل من غرفتي البرلمان للدستور ،وكذا المادة 03و 4من النظام
المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري ،التي جاءت تطبيقا لنص المادة 165من
2
الدستور.
كما جعل المؤسس الدستوري الجزائري هذه الرقابة إلزامية يمارسها القاضي الدستوري
الجزائري وجوبيا ،بعد إخطاره من طرف رئيس الجمهورية ،وهذا ما جاء في نص المادة
-1سعيد بوشعير ،دليل اتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية ،الجزائر ،المطبعة الرسمية ،1996 ،ص .102
-2المادة 03من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري رقم ،2000مؤرخ في 06أوت ،2000ج ر
عدد .2000/48والمعدل والمتمم بالمداولة المؤرخة في 03مايو ،2012ج ر رقم .26
239
166من الدستور ،1والمادة 3من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري
التي تلزم عرض النظام الداخلي بطريقة مسبقة على المجلس الدستوري ،قبل الشروع في
العمل به والمادة 166من الدستور ،1996التي تلزم رئيس المجلس الشعبي الوطني ،ورئيس
مجلس األمة بعرض نظامها الداخلي على المجلس الدستوري قبل الشروع في العمل به
ونفس األمر بالنسبة للتعديالت التي تمس بالنظام الداخلي لغرفتي البرلمان الجزائري ،وهذا ما
بينته المادة 4فقرة أخيرة من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري.2
صدر رأي للمجلس الدستوري الجزائري بمناسبة ممارسة رقابته على النظام الداخلي
للمجلس الشعبي الوطني سنة 2000رقم 10الصادر في ،2000/05/13أكد أن اإلخطار
جاء من طرف رئيس الجمهورية وفق نفس اإلجراءات المتبعة بمناسبة بسط الرقابة على
القوانين العضوية ،3ويستشف ذلك من المادة 165من دستور ،1996التي تنص على
إتباع نفس اإلجراءات في عرض النظام الداخلي لكل من غرفتي البرلمان على المجلس
الدستوري وتحيل على اإلجراءات المذكورة سابقا وفي أعلى المادة نفسها أي المادة 165من
دستور 1996تنص على" :يخطر رئيس الجمهورية المجلس الدستوري وجوبا إلبداء رأيه".4
ال بد أن نشير إلى أن دستور 1989لم يكن واضحا في جعل النظام الداخلي للمجلس
الشعبي الوطني خاضعا إلزاميا لرقابة المجلس الدستوري السابقة وهذا ما يستنتج من المادة
155من دستور 1989والتي جاء فيها «:كما يفصل في مطابقة النظام الداخلي للمجلس
الشعبي الوطني للدستور».5
240
كما نشير إلى أن البرلمان الجزائري عندما يجتمع بغرفتيه في شكل مؤتمر حسب
الحاالت التي حددها له الدستور الج ازئري لسنة ،1996فإنه يخضع لقواعد سير تدخل في
طائفة األنظمة الداخلية للمجالس النيابية وهذا ما بينته المادة 100من القانون العضوي رقم
02/99المؤرخ في 08مارس 1999والذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس
األمة وعملهما ،وكذا العالقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة والتي أعطت للبرلمان حق
وضع نظامه الداخلي عندما يجتمع في شكل مؤتمر.1
مع اإلشارة إلى أنه ال يوجد نص دستوري يبيح للبرلمان هذا العمل كما ال يوجد نص
دستوري يمنعه من القيام بذلك،لكن المجلس الدستوري الجزائري باجتهاده وقبوله بمراقبة مدى
مطابقة النظام الداخلي للبرلمان المجتمع بغرفتيه وتقديم له توجيهات بأن ال يدرج ضمن هذا
النظام الداخلي مواضيع تعود إلى القوانين العضوية ،قد أكد على حقه في ممارسة هذا النوع
من الرقابة.2
اجتمع البرلمان الجزائري بغرفتيه في شكل مؤتمر مرتين بمناسبة تعديل الدستور سنة
، 2002وتعديل الدستور سنة ،2008وفق المادة 176من دستور ،1996لكن النظام
الداخلي لغرفتي البرلمان ،لم يعرض على المجلس الدستوري لرقابة مدى مطابقته للدستور
وهنا السؤال الذي يبقى غامضا ،ما هو النظام الداخلي الذي يخضع له نواب البرلمان
المجتمع بغرفتيه بمناسبة التعديالت الدستورية المذكورة ؟
في حين نجد المجلس الدستوري الفرنسي قبل ومارس رقابة قبلية على النظام الداخلي
للبرلمان الفرنسي في شكل مؤتمر ،وذلك للمصادقة على تعديل الدستور ،بقرار مؤرخ في 20
سبتمبر .31963
-1فطة نبالي ،دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات ،مرجع سابق ،ص .170
-2رأي المجلس الدستوري رقم /08ر .ق .ع /م .د 99 /أحكام الفقه الدستوري ،المرجع السابق ،ص .21
" ...واعتبا ار أنه إذا كان من صالحية البرلمان أن يوضع قواعد سيره عندما يكون مجتمعا بغرفتيه في نص غير النصين
المذكورين في الفقرة الثالثة من المادة 115من الدستور ،فإنه يتعين أال تدرج في هذا النص ،عند إعداده مواضيع من
اختصاص القانون العضوي".
3 -D. ROUSSEAU, Droit du contentieux constitutionnel, op.cit., P 165- 166.
241
اتفق المشرع المغربي مع المشرع الجزائري في مركزية الجهة المكلفة برقابة مدى مطابقة
النظام الداخلي لغرفتي البرلمان مع الدستور ،وجعلها من اختصاص المجلس الدستوري
،وذلك بموجب الفصل 81من دستور المغرب ،1996وال يجوز العمل بهذا النظام إلى بعد
أن يصرح المجلس الدستوري المغربي بمطابقته للدستور ،وفق المادة 44من الدستور
المغربي وهذا النهج المتمثل في إسناد الرقابة على دستورية األنظمة الداخلية للمجالس
النيابية ،اتبعته المغرب سواء في عهد الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى من خالل دساتير
،1972 ،1970 ،1962أو في عهد المجلس الدستوري دساتير ،11996 ،1992أما
دستور 2011فقد نص على إنشاء محكمة دستورية ولم يصدر القانون الذي ينظمها.
يمارس القاضي الدستوري المغربي على األنظمة الداخلية للمجالس النيابية رقابة إلزامية،
واجبارية ،ألن الدستور منع صراحة العمل بها قبل صدور رأي المجلس الدستوري ليقضي
بمطابقتها للدستور ،أو الشروع في تطبيقها قبل إحالتها على المجلس الدستوري أصال ،وهذا
ما جاء في الفصل 44من الدستور ،2وأكد هذه المسألة الفصل 81من دستور 1996
المغربي ،وهذا التأكيد يوحي لنا تساوي القيمة القانونية بين القوانين التنظيمية واألنظمة
الداخلية للبرلمان في المغرب ،ويجعل القوانين العادية أقل درجة منهما.
وطبيعة هذه الرقابة باإلضافة إلى أنها مركزة في جهة واحدة حددها الدستور والزامية فإنها
تكون سابقة على صدور القانون فهي تمر في المرحلة بين التصويت والمصادقة عليها من
طرف مجلس البرلمان المعني ،الذي وضعها وقبل الشروع في تطبيقها ،والعمل بها فهي من
ثم رقابة سابقة ووقائية.3
لكن ف ي الواقع العملي المغربي كما هو الحال في الواقع العملي الجزائري سبق أن تم
تعديل في أحكام النظام الداخلي لمجلس النواب المغربي وتعلقت التعديالت بتغيير عدد
أعضاء مكتب المجلس ومهامهم ،وعدد اللجان الدائمة واختصاصاتها ،والعدد الذي تتألف
242
منه الغرف النيابية وشرع في تطبيقه قبل عرضه على المجلس الدستوري ،1دون أن يترتب
جزاء على عدم العرض لهذه التعديالت على المجلس الدستوري ،ثم السؤال الذي يطرح ما
هو نوع الجزاءات المترتبة على عدم عرض تعديالت النظام الداخلي لغرفتي البرلمان على
القاضي الدستوري و الشروع في العمل بها؟ هل يمكن أن تلغى التشريعات التي صادق
عليها البرلمان؟ ال نجد جواب في النص القانوني وال في االجتهاد القضائي رغم أن هذا
األمر حدث في المغرب ولم يتعامل معه المجلس الدستوري المغربي.
نص المشرع المغربي على وجوب إحالة النظام الداخلي ألحدى غرفتي البرلمان فور
التصويت والمصادقة عليها إلى المجلس الدستوري ،ويستوي في ذلك النظام الداخلي األصلي
أوالتعديالت المدخلة عليه وهذا ما أكدته المادة 21من القانون التنظيمي المحدد لقواعد عمل
المجلس الدستوري المغربي التي تلزم رئيسا مجلس النواب ومجلس المستشارين بإحالة
نظامهما الداخلي على المجلس الدستوري على الفور ،وكذا التعديالت المدخلة عليهما بعد
أن يتم المصادقة عليهما من طرف المجلس.2
اتفق المشرع الجزائري مع نظيره المغربي في جعل إحالة النظام الداخلي لمجلس البرلمان
على القاضي الدستوري فورية بمجرد التصويت والمصادقة عليها من طرف مجلس البرلمان
المعني ،وهذا ما بينته المادة 115من دستور ،1996وكذا المواد 03و 04من النظام
المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري.3
ونفس الحكم ينسحب على التعديالت المتعلقة بالنظام الداخلي لمجلس البرلمان الجزائري.
في حين نجد المشرع الفرنسي من خالل المادة 01/61من دستور 1958جعل المجلس
الدستوري يمارس رقابة على مدى مطابقة النظام الداخلي لغرفتي البرلمان الفرنسي قبل العمل
243
بهما ،حيث ألزم الجمعية الوطنية ،ومجلس الشيوخ ،بعد المصادقة على أنظمتهما الداخلية
عرضها على المجلس الدستوري.1
وا تخذ المشرع الفرنسي هذه الخطوة لسبب ما حدث في الجمهورية الثالثة ،والرابعة ،أين
كانت المجالس البرلمانية تمنح لنفسها ما لم يمنحه لها الدستور ،من خالل األنظمة الداخلية
لمجالسها النيابية ،األمر الذي دفع بأصوات عديدة وفاعلة تنادي لجعل رقابة المجلس
الدستوري على النظام الداخلي للجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ إجبارية ،وقبلية بعدما كانت
اختيارية ،وتكون اإلحالة فورية بعملية اإلخطار من طرف رئيسا غرفتي البرلمان على عكس
الجزائر ،التي أعطت حق اإلخطار إلى رئيس الجمهورية ،ويخرج عن الرقابة الوجوبية كل ما
يتعلق باإلجراءات الخاصة سير المجلس النيابي ،واألشخاص المساعدين للنواب
والبرلمانين.2
كما أوجب الدستور الموريتاني عرض النظم الداخلية لغرفتي البرلمان قبل تنفيذها وذلك
بغرض التأكد من مطابقتها للدستور حسب المادة 86منه ،وتحال هذه األنظمة الداخلية
والتعديالت التي أدخلت عليها من طرف رئيس الجمهورية،التي أقرت هذا النظام على
المجلس الدستوري حسب المادة 17من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري
الموريتاني.3
وتعتبر اإلحالة الفورية لألنظمة الداخلية للمجالس النيابية على القاضي الدستوري للحكم
على مدى مطابقتها للدستور ضرورية جدا ،باعتبار أن البرلمان ال يستطيع القيام بمهامه إال
وفق نظامه الداخلي واذا تعطل هذا النظام الداخلي تعطلت مؤسسة دستورية هامة بحجم
البرلمان.
غير أن هذه اإلحالة الفورية لم يتم تحديدها بميعاد معين فمثال في الجزائر ال توجد مدة
تلزم رئيسا المجلس الشعبي الوطني ،ورئيس مجلس األمة ،بعرض النظام الداخلي لمجلس
244
البرلمان الجزائري على رئيس الجمهورية ،ليتمكن من إخطار المجلس الدستوري لشأنه ،فال
المادة 04وال المادة 03من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري حددت أجال بعد
التصويت ،والمصادقة ،على النظام الداخلي إلحدى غرفتي البرلمان يلزم خاللهما رئيسا
البرلمان بعرض نظامهما الداخلي على رئيس الجمهورية ،في حين المادة 167ألزمت
المجلس الدستوري ،بأن يعطي رأيه أو ق ارراه بعد مضي 20يوما من تاريخ إخطاره من
طرف الجهة صاحبة اإلخطار ،وكذلك المادة 126من دستور 1996قيدت رئيس
الجمهورية بأن يصدر القانون في أجل 30يوما ابتداء من تاريخ تسلمه إياه ،وبينت على
توقيف حساب هذا األجل في حالة إخطار المجلس الدستوري من إحدى الجهات صاحبة
حق اإلخطار.
وحتى في حالة طلب رئيس الجمهورية من المجلس الشعبي الوطني قراءة ثانية حول
قانون تم التصويت عليه فهو مقيد بأن يتم ذلك في خالل أجل الثالثين ( )30يوما حسب ما
جاء في المادة 127من دستور 1996واإلشكال المطروح هو لماذا هناك مجموعة من
المواعيد يلتزم بها المجلس الدستوري من تاريخ إخطاره وهي 20يوما ومواعيد يلتزم بها
رئيس الجمهورية من تاريخ استالمه القانون المصادق عليه وهي 30يوما ،وال يوجد ميعاد
محدد لرئيسي غرفتي البرلمان بين تاريخ المصادقة وتاريخ العرض على رئيس الجمهورية
فنفترض لو تقاعسا رئيسا غرفتي البرلمان عن عرض القانون فما هو جزاء ذلك ؟
نجد مثال في المغرب أنه بين المصادقة على النظام الداخلي أو التعديالت الخاصة به
واحالتها على المجلس الدستوري ،تتراوح المدة بين 07إلى 15يوما ،فمثال النظام الداخلي
لمجلس النواب صوت عليه بتاريخ 22نوفمبر 1994وتمت إحالته في 7ديسمبر 1994
يعني بعد مضي 15يوما.1
يبدو من الضرورة تحديد أجل يلزم رئيسا البرلمان بعرض نظامهما الداخلي بعد المصادقة
عليه على المجلس الدستوري ،مباشرة وجعل هذه المدة قصيرة تتراوح بين 03أيام و 05أيام
أقصى حد.
245
مع اإلشارة إلى أن الرقابة التي يمارسها القاضي الدستوري على األنظمة الداخلية لغرفتي
البرلمان هي رقابة مجردة على القانون ،وليست رقابة لحل نزاع وتهدف إلى التحقق من مدى
مطابقة أحكام النظام الداخلي لغرفتي البرلمان مع أحكام الدستور ،احتراما لروح الدستور
المبني على مبدأ الفصل بين السلطات ،كما يراقب المجلس الدستوري الجزائري مدى مطابقة
النظام الداخلي لغرفتي البرلمان مع القانون العضوي المنظم للعالقات الوظيفية مع الحكومة،
حيث نجد المجلس الدستوري في إحدى آراءه يؤكد على وجوب مطابقة أحكام النظام الداخلي
للمجلس الشعبي الوطني ،مع القانون العضوي المحدد للعالقات الوظيفية بين الحكومة
ومجلس البرلمان في مسألة التشاور مع الحكومة في تحديد جدول األعمال.1
أما رقابة المجلس الدستوري الجزائري على مدى مطابقة النظام الداخلي إلحدى غرفتي
البرلمان مع القانون العادي ففي رأي المجلس الدستوري الجزائري صادر في 13ماي 2000
نص على مايلي... «:واعتبا ار أن المشرع حرصا منه على عدم اإلخالل بمبدأ الفصل بين
السلطات ،قد خول المجلس الشعبي الوطني بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 61من الفصل
الثاني من القانون 21/90المؤرخ في 24محرم عام 1413الموافق ل 15أوت 1990
والمتعلق بالمحاسبة العمومية صالحية تضمين نظامه الداخلي قواعد تنفيذ الميزانية ،واعتبا ار
والحال هاته ،أن تحديد القواعد الخاصة المطبقة على محاسبة المجلس الشعبي الوطني ،ال
ي عد في حد ذاته صالحية تمكن مكتب المجلس الشعبي الوطني من وضع قواعد أخرى غير
تلك المنصوص عليها في قانون المحاسبة العمومية المذكورة أعاله وانما يقصد منه القواعد
المتعلقة برقابة تنفيذ الميزانية المجلس الشعبي الوطني».2
يتضح من هذا الرأي وجوب مطابقة النظام الداخلي إلحدى مجلسي البرلمان مع القانون
العادي وعدم تجاوزه من حيث مجال االختصاص ومن حيث مضمون النص ،أما الحالة
العكسية ،وهي إمكانية المصادقة على قانون عادي يخالف النظام الداخلي ألحد مجلسي
البرلمان ،يرى الفقه الفرنسي عدم إمكانية ذلك وبرر ذلك كون الخضوع اإلجباري لرقابة
-1رأي رقم /09ر .ن .د /م .د 99 /أحكام الفقه الدستوري الجزائري ،مرجع سابق ،ص .29
-2رأي رقم / 10ر .ن .د /م د /2000أحكام الفقه الدستوري الجزائر ،مرجع سابق ،ص .13
246
األنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان من طرف القاضي الدستوري يعطيها أهمية كبرى فهي
تتعلق بتنظيم مؤسسة دستورية مهمة ولهذا ال يجوز المصادقة على قانون عادي يخالفاها.
وذهب الفقه الفرنسي إلى التمييز بين نوعين من المواد الداخلة في النظام الداخلي لمجلس
البرلمان فالنوع األول يتعلق بتلك المواد التي جاءت تطبيقا لمادة دستورية وهذه ال بد من
عدم مخالفتها من طرف القانون أما النوع الثاني فيتعلق بطائفة من المواد ،لم تأتي لتطبيق
مواد دستورية وانما هي مواد إجرائية بحته وتلك يمكن أن يخالفها قانون عادي.1
يبدو أن رقابة مدى تطابق النظام الداخلي إلحدى غرفتي البرلمان مع القانون العادي
والعكس ال يدخل في باب رقابة خضوع القانون األدنى درجة للقانون األعلى درجة وانما من
باب منع التداخل في تنظيم مسألة معينة وايجاد التكامل بين النصوص التي تحكم مؤسسة
دستورية هامة مثل البرلمان.
يبدو أن االختالف بين هذه الدول ظهر أيضا في تحديد أنواع القوانين التي ال بد أن
يطبقها النظام الداخلي لمجلس البرلمان فمنها من جعله خاضعا للدستور وللقانون العضوي
وحتى للقانون العادي ،وهناك من فرق بين طبيعة قواعد النظام الداخلي ذاته وصنفها إلى
قواعد ذات طبيعة دستورية وأخرى ذات طبيعة إجرائية.
-1فطة نبالي ،دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات العامة ،مرجع سابق ،ص .174
247
المطلب الثاني :الرقابة غير اإللزامية
نجد بموازاة الرقابة اإللزامية للقوانين العضوية (األساسية) ،واألنظمة الداخلية للمجالس
النيابية ،هناك رقابة غير إلزامية ،أو اختيارية ،يمارسها القاضي الدستوري عل أنواع أخرى
من النصوص القانونية سواء كانت صادرة عن البرلمان كالقوانين العادية ،أو صادرة على
السلطة التنفيذية (التنظيم) ،أو صادرة على اإلرادة الشعبية مباشرة (القوانين االستثنائية)
وتلك النصوص القانونية التي يتفق عليها الهيئات الدولية في شكل معاهدات وتنظم إليها
الدولة (المعاهدة) ،وتعالج كل هذه النصوص باختالف أنواعها ومدى خضوعها لرقابة
القاضي الدستوري ،في كل من الجزائر ،والمغرب ،تونس وموريتانيا من خالل فرعين يبين
الفرع األول وضعية كل من القانون العادي والتنظيم من رقابة القاضي الدستوري ،وكذا
وضعية كل من المعاهدات والقوانين االستفتائية.
ارتبط تحديد مجال القانون ارتباط وثيقا في تطور الفقه الدستوري ،والقانون الفرنسي
ورغبته في الحد من تأثير البرلمانية التقليدية بحيث يكون مجال القانون "التشريع"محدد على
سبيل الحصر ومجال التنظيم "الالئحة" مطلق حسب ما جاء في دستور 1958للجمهورية
الفرنسية الخامسة ،وقد سار في هذا االتجاه كل من الجزائر والمغرب وتونس التي حددت
دساتيرها مجال القانون على سبيل الحصر وأطلقت مجال التنظيم تأسيا بالنظام الفرنسي.1
ومن هذا المنطلق نجد المشرع المغربي قد وزع الوظيفة التشريعية ،بين الحكومة والبرلمان
،كأصل عام وحدد على سبيل الحصر المجاالت التي يشرع فيها البرلمان وبينها في الفصل
46من دستور ،1996وهذه الحاالت المنصوص عليها في المادة 46بعد مرورها بكل
اإلجراءات الشكلية والموضوعية تصدر في شكل قانون ،أما المواضيع األخرى التي تخرج
248
عن مجال القانون والتي نصت عليها المادة 47فبعد استيفائها إلجراءاتها الشكلية تصدر في
شكل مراسيم.1
نصت المادة 120من دستور 1996الجزائري على أن يكون كل مشروع قانون أو
مقترح قانون موضوع للمناقشة من طرف المجلس الشعبي الوطني ،ومجلس األمة ،حتى تتم
المصادقة عليه ،2وبناء على هذه المادة يعتبر قانونا كل مقترح قانون تقدم به النواب أو
مشروع قانون تقدمت به الحكومة وتمت المصادقة عليه من طرف مجلسي البرلمان الجزائري
وفق اإلجراءات والشكليات التي يحددها الدستور ذاته والقوانين التي يحيل عليها.
حدد الدستور الجزائري مجاالت التشريع بقوانين على سبيل الحصر من خالل المادة
122من دستور ،1996وفي مجاالت أخرى حددها الدستور على سبيل الحصر 3وترك
مجال التنظيم مفتوحا خارج مجاالت التشريع بقوانين من خالل المادة 125منه.
أما المادة 61في الفقرة الثانية من دستور فرنسا 1958فقد حددت الرقابة على دستورية
القوانين العادية وجعلتها سابقة عن المصادقة عليها من طرف رئيس الجمهورية.
تنصب الرقابة على دستورية القوانين العادية وفقا إلجراءات التشريع العادي وتهدف هذه
الرقابة إلى الحيلولة دون إصدار قوانين تخالف النص الدستوري في الشكل أو في الموضوع
وتكون رقابة سابقة قبل المصادقة على مشروع القانون من طرف رئيس الدولة وتكون الحقة
بإلغاء القانون المخالف للدستور حتى ولو صار نافذا وتم نشره في الجريدة الرسمية.4
ونشير إلى أن الجزائر جعلت الرقابة على دستورية القوانين سابقة عن المصادقة عليها
من طرف رئيس الجمهورية وفي هذا المقام يصدر المجلس الدستوري رأياكما قد تكون الحقة
بعد صدور القانون في الجريدة الرسمية وهنا يصدر المجلس الدستوري الجزائري ق ار ار.5
249
تكون الرقابة في المغرب وموريتانيا على دستورية القوانين رقابة سابقة فقط وهذا حسب
المادة 86من دستور موريتانيا ،1مع مالحظته أن المغرب لم يعرف نظام الرقابة على
دستورية القوانين العادية في عهد الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى في ظل دساتير ،1962
،1972 ،1970وقد صارت هذه الرقابة من اختصاص المجلس الدستوري المغربي الذي
أنشئ سنة 1992ودعم في دستور ،21996أما دستور 1جويلية 2011فقد أخذ بالرقابة
القضائية عن طريق محكمة دستورية.
أما الرقابة على دستورية القوانين العادية في تونس فهي مختلفة عنها في باقي دول
المغرب العربي ،بحيث تنصب فقط على مشاريع القوانين وال تنصب على القوانين وهي ذات
طبيعة استشارية بالنسبة لرئيس الجمهورية لكنها تصبح إجبارية إذا أخذ بها.3
أما من حيث اإلحالة فتحال القوانين العادية في المغرب برسالة من طرف الجهة صاحبة
اإلخطار أو برسالة أو عدة رسائل تتضمن إمضاء ربع أعضاء مجلس النواب أو ربع
أعضاء مجلس المستشارين ،ويقوم المجلس الدستوري في هذه الحالة بتبليغ الملك أو الوزير
األول ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين بمشروع القانون الذي أحيل عليه
ويحق للوزير األول كما يحق لرئيس كل مجلس وأعضائه إبداء مالحظات في شأن المسألة
المعروضة على المجلس الدستوري للدراسة وهذا وقف المادة 22من القانون التنظيمي
المتعلق بالمجلس الدستوري المغربي.4
250
وينهي قرار المجلس الدستوري القاضي بمطابقة مشروع القانون المعروض عليه للفحص
على الدستور وفق سريان أجل إصدار هذا القانون.1
تتم إحالة القوانين العادية في النظام الدستوري الجزائري قبل المصادقة عليها من طرف
رئيس الجمهورية ومن طرف الجهة التي تدفع بعدم دستورية هذا المشروع القانوني ،ويكون
ذلك بواس طة رسالة موجهة إلى المجلس الدستوري أو عدة رسائل إذا تطلب األمر ذلك ويقوم
المجلس الدستوري بإصدار رأي في خالل مدة 20يوما من تاريخ استالمه رسالة اإلخطار
وق اررات المجلس الدستوري الجزائري ال تقبل أي طريقة من طرق الطعن وهي ذات حجية في
مواجهة كل المؤسسات العمومية وفق المادة 54من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس
الدستوري الجزائري.2
وحسب المادة 86من الدستور الموريتاني فلرئيس الجمهورية ورئيس الجمعية الوطنية
ورئيس مجلس الشيوخ الحق في تقديم القانون قبل إصداره لرقابة المجلس الدستوري ويتم ذلك
من طرف الجهة التي أثارت عدم الدستورية بواسطة رسالة موجهة إلى المجلس الدستوري،
كما أن حق اإلخطار مقرر لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجلس
نواب الجمعية الوطنية وثلث أعضاء مجلس الشيوخ ،3ويكون المجلس الشيوخ وثلث
الدستوري الموريتاني مقيد بأجل شهر واحد للرد على اإلحالة وتخفض المدة إلى 08أيام في
حالة االستعجال بطلب من رئيس الجمهورية وتوقف اإلحالة على المجلس الدستوري إصدار
القانون محل اإلحالة أمام المجلس الدستوري وفق المادة 86من دستور موريتانيا.4
ينفرد المجلس الدستوري الموريتاني بحل الخالف بين الحكومة والبرلمان حول القانون
المالي حيث أنه ال تقبل مقترحات وتعديالت عمومية أو تضخيمها إال إذا كانت مصحوبة
بمقترح يتضمن ما يعادلها من زيادة في الواردات أو المدخرات ،كما يمكن أن ترفض حينما
251
يتعلق بموضوع من اختصاص السلطة التنظيمية عمال بالمادة 59أو تنافى تفويضا
بمقتضى المادة 60من الدستور الموريتاني.1
ونشير أن حق إحالة مشاريع القوانين وفق المادة 40من الدستور التونسي هي حق
لرئيس الجمهورية التونسية وحده باعتبار المجلس الدستوري هيئة استشارية لصالح رئيس
الجمهورية وتتم الرقابة على دستورية القوانين بصورتين رقابة مطابقة وهي البحث في
المطابقة الحرفية بين النص القانوني والنص الدستوري ورقابة مالءمة فهي مدى مالءمة
النص القانوني مع األهداف األساسية للدستور.2
-1شروط تتعلق بطبيعة النص القانوني المعروض على رقابة القاضي الدستوري :
بمعنى أن المجلس الدستوري غير مطالب بالفصل بخالف بين طرفين بل يكمن دور
المجلس الدستوري في النظر إلى مدى مطابقة النص المحال عليه مع الدستور فالطعن
يكون موجه إلى العمل القانوني ذاته وال يأخذ بعين االعتبار الطرف أو الجهة التي صدر
عنها النص القانوني محل الرقابة.4
252
- 2شروط تتعلق بصفة الطاعنين :
حددت دساتير الدول المغاربية (الجزائر ،تونس ،المغرب وموريتانيا) جهات محددة تملك
حق إخطار المجلس الدستوري ليمارس رقابته على القوانين العادية وحددتها في رئيس الدولة
الوزير األول األقلية من النواب في كل مجلس مع بعض االختالفات وهذا تأسيا بالنموذج
الفرنسي الذي منح حق إخطار المجلس الدستوري الفرنسي في أول مرة لكل من رئيس
الجمهورية ،1الوزير األول رئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ ثم معه في تعديل
الدستور 29أكتوبر 1974إلى ستين ( )60عضوا من الجمعية الوطنية أو 60شيخا من
مجلس الشيوخ ،تم توسع هذا الحق إلى المواطنين في تعديل 23جويلية .22008
يبدو أن الجزائر لم تعطي حق اإلخطار في الرقابة االختيارية للوزير األول وال إلى األقلية
البرلمانية وال إلى المواطنين ،الشيء الذي ساهم في ضعف المجلس الدستوري الجزائري منذ
نشأته سنة ، 1989والذي بقي ينتظر فقط في القوانين العضوية واألنظمة الداخلية للبرلمان
كونه ذات إخطار إلزامي أما مجال نظره في رقابة القوانين العادية بقي ضعيفا مقارنة بحجم
القوانين التي تصدر عن البرلمان والسيما في بعض المجاالت التي تمس بحقوق المواطن
والحريات األساسية ،على عكس المغرب الذي منح هذا الحق لكل من الوزير األول والملك
كجهاز تنفيذي والى رئيس مجلس النواب أعضاء 1/4أحد المجلسين الجهاز التشريعي
لكنه لم يمنح هذا الحق للمواطنين في ظل دستور 1996اال ان دستور يوليو ،2011الذي
أنشأ محكمة دستورية وألغى تماما المجلس الدستوري لجأ إلى طريقة الدعوى القضائية.3
في حين فصلت تونس مسألة العرض الوجوبي بالنسبة لجميع القوانين العادية المتصلة
بالحقوق والحريات وأعطت حق إخطار المجلس الدستوري إلى رئيس الجمهورية وحده
باعتبار أن المجلس الدستوري التونسي هيئة استشارية بالنسبة لرئيس الجمهورية 4الى غاية
دستور 2014الذي منح المواطن التونسي هذا الحق.
253
ثانيا -رقابة القاضي الدستوري على التنظيم :
يقوم المجلس الدستوري بحماية مجال الالئحة من تعدي البرلمان ،فعندما جاء دستور
الجمهورية الفرنسية الخامسة ،1958بالفصل بين مجالي القانون والتنظيم وحيث حصر
مجال القانون في المادة 34وما عادا ذلك أصبح من مجال الالئحة المادة 137وأخذ بهذا
المفهوم كل من الدستوري الجزائري 1996الذي حدد مجال القانون في المادة 122وأطلق
مجال الالئحة (التنظيم) في المادة ، 125وكذلك النظام المغربي الذي حدد مجال القانون في
الفصل 46من دستور 1996ومجال الالئحة أطلقه في المادة 41منه واإلشكال الذي
يطرح على القاضي الدستوري هو تعدى البرلمان (القانون) على السلطة التنفيذية (الالئحة).1
أو العكس وتأخذ هذه الرقابة وجهتين:
في هذه الحالة عندما يقوم المجلس الدستوري بدراسته ألي نص قانوني فهو يبين ويقرر
إن كان للنص طابع قانوني أو طابعا تنظيميا فإذا تلقى النص على أساس أنه نص ذو طابع
تشريعي واكتشف بعد تفحصه أنه يعود لمجال التنظيم (الالئحة) ،فإنه يقوم بتجريده من
طابعة التشريعي ويعطيه طابعة الحقيقي أي التنظيمي ،ولكن هذا ال يمنع من وجود إجراءات
ذات طابع تنظيمي تقريبا في كل النصوص التشريعية.2
كما يمكن للحكومة أن تدفع أمام المجلس الدستوري لتدافع عن مجالها في مواجهة تعدي
البرلمان وفق المادة 41من دستور فرنسا ، 1958وذلك عندما يتبين للحكومة أن مشروع
قانون أو مقترح قانون ،أو تعديل قانون ،يقوم به البرلمان هو من المجال التنظيمي.
وفي حالة عدم االتفاق بين الحكومة وأحد رئيسي غرفتي البرلمان حول موضوع المقترح
يمكن إخطار المجلس الدستوري من طرف إحدى الجهات المتخاصمة.3
254
وعلى المجلس الدستوري الفرنسي أن يجتمع في ظرف ثمانية أيام ويعطي لكل نص
طابعه الخاص به ،وقد صدر قرار عن المجلس الدستوري الفرنسي رقم 143مؤرخ في 30
يوليو ،1988لم يقرر فيه عد م دستورية نص تشريعي احتوى على نصوص ذات طابع
تنظيمي وانما أعطى لكل نص طابعه الخاص ،ومن خالله يحدد للمشرع اإلجراءات الواجب
إتباعها بالنسبة للبرلمان ونفس األمر بالنسبة للحكومة.
فهنا دور المجلس الدستوري يكون وقائيا بحيث يتمثل دوره في منع المصادقة على نص
قانوني يحمل في صلبه نصوص ذات طابع تنظيمي ،بحيث من حق الحكومة عدم قبول
النص ألن فيه اعتداء على اختصاصاتها.1
نظمت هذا النوع من الحماية المادة 02/37من دستور فرنسا 1958وتسمح هذه المادة
للحكومة و بطلب منها الحصول على ترخيص من المجلس الدستوري بتعديل من خالل
مرسوم وذلك بعد أخذ رأي مجلس الدولة ،أي قانون ال يدخل منذ 1958في المجال المحدد
للقانون.
وقد خلص الفقه الفرنسي بأن بمناسبة هذا النوع من الرقابة ال يكون أمام رقابة دستورية
القوانين وانما يكون بصدد حماية مجال التنظيم سواء قبل إصداره "المادة 531أو بعد
إصدار القانون المادة ،02/37ومن خالل ذلك تحقق مبدأ دستوري متمثل في الفصل بين
مجال القانون والالئحة ويتضح أن دور المجلس الدستوري هو مراقبة مدى مطابقة القانون
للدستور ،وانما مدى التزام كل من القانون والالئحة بالمجال المخصص لها ،وهنا يلعب
القاضي الدستوري دور الحكم الدستوري.2
-3واقع رقابة القاضي الدستوري على التنظيم في دول المغرب العربي :
255
والتي تقابلها المادة 159من دستور ،1989فرغم أن مشاريع القوانين تعرض وجوبا على
مجلس الدولة وفق المادة 119من دستور 1996 ،والذي بدوره ينقحها من كل ما فيها
اعتداء على النص الدستوري ،إال أن هذه النصوص بعد المناقشة والتعديالت في مجلس
البرلمان قبل المصادقة عليها يمكن أن تتضمن نصوص فيها اعتداء على الدستور ،ولهذا
لم يكتفي المؤسس الدستوري الجزائري على رقابة مجلس الدولة باعتباره أعلى جهة في
القضاء اإلداري وانما يخضع كل من القانون والتنظيم لرقابة المجلس الدستوري.1
وفي هذا الشأن يقوم المجلس الدستوري الجزائري ببسط رقابته على توزيع االختصاص
بين التنظيم والتشريع.
كما رأينا في هذه الدراسة سابقا فإن المؤسس الدستوري الجزائري من خالل دستور 28
نوفمبر ،1996حدد مجال السلطة التنفيذية في التشريع عن طريق المراسيم وحدد مجال
السلطة التشريعية في التشريع عن طريق القوانين فأطلق مجال التنظيم في المادة 125وحدد
مجال التشريع في المادة 122وفي مجاالت أخرى محددة حص ار في الدستور.2
فحدد بذلك 30حالة يشرع فيها البرلمان وفق المادة 122من دستور ،1996والتي
تقابلها المادة 115من دستور ، 1989أما المادة 125فنصت على ممارسة رئيس
الجمهورية السلطة التنظ يمية في المسائل الغير المخصصة للقانون ،فجاءت على اطالقتها
فبالنتيجة نجد المجال التشريعي محدد والمجال التنظيمي مطلق.
256
تُمارس رقابة القاضي الدستوري الجزائري على السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية
باعتبارها عمل مستقل يمارسه رئيس الجمهورية باعتباره رئيس السلطة التنفيذية ،1وفي هذا
الصدد طرح تساؤل حول مدى خضوع التنظيم المستقل لرئيس الجمهورية إلى رقابة المجلس
الدستوري والذي من صالحيته أو مدى خضوع التنظيم التكميلي والذي هو من صالحية
الوزير األول لرقابة المجلس الدستوري.2
وقد أكد في هذه المسألة أمين عام سابق بالمجلس الدستوري األستاذ بن هني أحمد... «:
أنه من األحرى أن يمارس المجلس الدستوري ،رقابته على النصوص الكاشفة أو المبينة
للتنظيم المستقل ،على أن يمارسها على النصوص التي تطبق القوانين الموافق عليها من
طرف البرلمان ألن هذه األخيرة تكشف عن رقابة الشرعية أكثر منها عن رقابة
الدستورية ،»...وبالتالي فتكون رقابة الشرعية أمام القاضي اإلداري وليس أمام المجلس
الدستوري ،ألن المرسوم التنفيذي الذي يعود للمجال التنظيمي للوزير األول حسب المادة
فاألولى أن تكون رقابة
02/125من دستور ،1996جاء تنفيذا لقانون صادق عليه البرلمان ْ
المجلس الدستوري على القانون ذاته وليس على المرسوم التنفيذي الذي جاء تطبيقا له.3
وما يالحظ أنه منذ إنشاء المجلس الدستوري واعطائه صالحية بسط رقابة على التنظيم
المستقل لرئيس الجمهورية (المراسيم الرئاسية) ،المادة 165من دستور 1996لم يمارس
المجلس الدستوري هذا االختصاص بسبب عزوف الجهات صاحبة اإلخطار وهي رئيس
الجمهورية ،رئيس المجلس الشعبي الوطني ،ورئيس مجلس األمة عن إخطار المجلس
الدستوري في هذا المجال.4
-3وافي أحمد و بوك ار إدريس ،النظرية العامة للدولة والنظام السياسي الجزائري في ظل دستور ،1989الجزائر ،المؤسسة
الجزائرية للطباعة ،1992 ،ص .330
2 -O. BENDOUROU, Le Conseil constitutionnel Algerien, , in R.D.P n 6 NOV-DEC 1991 P
11.
-3سليمة مسراتي ،مدى تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات في النظام الدستوري الجزائري ،مرجع سابق ،ص .229
-4إدريس بوك ار ،الوجيز في القانون الدستوري والنظم السياسية ،القاهرة ،دار الكتاب الحديث ،2003،ص .230
257
نشير إلى أن رئيس الجمهورية في الدستور الجزائري 28نوفمبر 1996باإلضافة إلى
السلطة التنظيمية التي يستمدها من الدستور مباشرة حسب المادة ،01/125ومارسها عن
طريق المراسيم الرئاسية فهو يساهم في عملية التشريع بصفة استثنائية في حاالت بينتها
المادة 124من دستور ،1996على سبيل الحصر وهي حاالت شغور المجلس الشعبي
الوطني ،وبين دورتي البرلمان ،والحالة االستثنائية المادة 93،ويشترط أن تعرض هذه
القوانين في أول دورة يعقدها البرلمان على كل غرفة من البرلمان الجزائري للموافقة عليها مع
اإلشارة إال أن التشريع بأوامر الممنوح لرئيس الجمهورية وفق المادة 124يكون في كل
المجاالت التي حددها الدستور لصالح البرلمان سواء تلك التي حددتها المادة ،122أو
المادة ( 123القوانين العضوية) ،أو كل مادة أعطت صالحية التشريع للبرلمان ورغم أنه ال
يوجد نص صريح يلزم عرضها على المجلس الدستوري بعد المصادقة عليها من طرف
غرفتي البرلمان وقبل إصدارها من طرف رئيس الجمهورية إال أن روح الفقرة الثانية من المادة
124توحي بإمكانية خضوعها لرقابة المجلس الدستوري.1
وبعد مصادقة البرلمان بغرفتيه على األوامر التشريعية ،تصبح قانون عادي يمكن أن
يخضع للرقابة السابقة أو الرقابة الالحقة للمجلس الدستوري بعد إخطاره من طرف جهة من
الجهات صاحبة اإلخطار ،أما إذا لم يوافق عليه البرلمان بغرفتيه فتصبح الغية وهنا ال
مجال لطرح مشكلة مدى خضوعها لرقابة المجلس الدستوري.
أما األوامر التشريعية التي لم يتم عرضها على غرفتي البرلمان في أول جلسة له للموافقة
عليها بسبب عدم جدولتها أو ألي سبب فما هو مصيرها خاصة إذا علمنا أن األوامر التي
ال يوافق عليها البرلمان بعد عرضها عليه تعد الغية ؟
اعتقد أن هذه األوامر التي تتخذ في مجلس الوزراء ويتم نشرها في الجريدة الرسمية والتي
ال تعرض على البرلمان في جلسته األولى للمصادقة عليها ألي سبب تعد الغية ألن قواعد
الدستور كلها آمرة وملزمة وما دامت المادة 124جعلت هذا النوع من النصوص القانونية
واجبة العرض على البرلمان بغرفتيه للمصادقة عليها وجعلت عدم المصادقة عليها جزاؤه
-1المرجع نفسه.
258
اإللغاء فإن إغفال عرضها على البرلمان في أول جلسة له ال يعطيها مبر ار لتبقى نافذة وانما
تعد الغية بعد أن يصدر البرلمان قانون ينظم نفس الموضوع الذي نظم بأمر من رئيس
الجمهورية في إطار المادة 124من الدستور.
ويعتبر هذا اإللغاء إلغاء ضمنيا حتى ولو أعاد البرلمان انتاج نفس المواد القانونية في
شكل نص قانوني حتى ال تتأثر المراكز القانونية.
أما إذا رأى البرلمان أن النص كله غير موافق عليه فيصدر قانون يلغيه ضمنيا هذا إذا
تعلق األمر بالنسبة إلغفال عرض أمر رئاسي اتخذ في إطار المادة 124من الدستور وكان
منظما لمجال من مجاالت القانون العادي ،أما إذا كان مجال اإلغفال يتعلق بقانون عضوي
فإن المسألة تصبح أكثر تعقيدا ألن القانون العضوي امتداد مادي للدستور كما وضحنا في
هذه الدراسة سابقا وال يمكن التعامل معه خارج إطار اإلجراءات والضوابط التي حددها له
الدستور ذاته ،حتى وان أخذ شكل أم ار رئاسيا ،خاصة من حيث إلزامية خضوعه لرقابة
المجلس الدستوري.
في هذه الحالة التي أناقشها فإن األمر الرئاسي المتخذ في إطار المادة 124من
الدستور ،إذا نظم مجاال ال يدخل في إطار التشريع بقوانين عضوية وتم إغفال عرضه على
غرفتي البرلمان للمصادقة عليه ،وبقي ساري المفعول فإنه يفلت من الرقابة القضائية
(القضاء اإلداري) ،ألنه ال يعتبر حتى عمل إداري بالمعيار العضوي ويفلت من رقابة
القاضي الدستوري ،ألنه ليس تنظيم حسب المادة 2/125وليس قانون عادي ألنه ال يخضع
إلجراءات سن القانون العادي ،الذي يتوجب المصادقة عليه من طرف البرلمان المادة 98
من الدستور.
كما أنه ال يخضع للرقابة الوجوبية والقبلية من طرف المجلس الدستوري باعتباره قانون
عضوي وفق المادة 123والمادة 165من دستور .1996
وبالنتيجة فهو ال يخضع ألي نوع من أنواع الرقابة باستثناء رأي مجلس الدولة قبل أن
يتخذ هذا األمر في مجلس الوزراء (المادة ،)119ورقابة مجلس الدولة غير كافية خاصة
إذا تعلق موضوعه بمجال من مجاالت القانون العضوي.
259
يبدو هناك إشكال بالنسبة لألوامر التي تدخل في مجال القوانين العضوية (المادة 123
دستور ) 1996والتي بدورها تخضع لرقابة سابقة و وجوبية من طرف المجلس الدستوري
لألسباب والمبررات التي رأيناها في الفرع األول سابقا ،فإن عرض هذا النوع من األوامر بعد
مصادقة البرلمان عليها هو عرض وجوبي من طرف رئيس الجمهورية واال ال يمكنه إصدارها
استجابة لنص المادة 123من دستور ،1996خاصة إذا علمنا أن النصوص القانونية التي
تأتي في شكل أوامر تصدر في الجريدة الرسمية وتنفذ مباشرة ألن علة وجودها االستعجال
وبهذا تخلق مراكز قانونية أو تعدل منها أو تلغيها وربما هذه المراكز القانونية تتمتع بحماية
دستورية.1
وهناك رأي يرى بأن هذه األوامر ال تتحول إلى قوانين إال بعد موافقة البرلمان عليها ومن
ثم تخضع لرقابة قبلية من طرف المجلس الدستوري وقبل ذلك تبقى هذه األوامر محافظة
على طبيعتها اإلدارية وخاضعة لرقابة القاضي اإلداري.
وهناك رأي آخر ويهدف إلى استقرار البناء القانوني في الدولة واعتماد أن القوانين
العضوية تمس مسائل مهمة في الدولة ال بد من التحقق من مطابقتها للدستور قبل أن
تصبح سارية المفعول بمجرد اتخاذها من طرف رئيس الجمهورية وقبل نشرها في الجريدة
الرسمية.2
يبدو لي أنه من اإلثراء في النص الدستوري إضافة فقرة في المادة 124تفيد بأنه إذا كان
التشريع بأوامر المبين في المادة 124يمس إحدى المجاالت المخصصة للقوانين العضوية،
فالبد أن تخضع وجوبيا قبل إصدارها من طرف رئيس الجمهورية لرقابة المجلس الدستوري
مع مراعاة صفة االستعجال فيها فيما يتعلق بإجراءات اإلخطار واصدار رأي المجلس
الدستوري.
وبمناسبة حماية المجلس الدستوري الجزائري للمجال التنظيمي أصدر قرار مؤرخ في 30
أوت 1989جاء فيه مايلي ...«:ونظ ار لكون هذا اإلجراء يشكل أم ار موجها للسلطة التنفيذية
260
وال يندرج بتاتا ضمن صالحيات النائب الدستورية ونص المادة 21على هذا النحو يستبعد
مبدأ الفصل بين السلطات ،1»...وهنا المجلس الدستوري يحمي المجال التنظيمي المستقل
الذي يمارسه رئيس الجمهورية والمجال التنظيمي التنفيذي الذي يمارسه الوزير األول تطبيقا
لمبدأ الفصل بين السلطات.
كما صدر قرار عن المجلس الدستوري في إطار حماية التنظيم المستقل لرئيس
الجمهورية جاء فيه مايلي...«:نظ ار لكون الجواز الدبلوماسي ،يسلم حسب األعراف الدولية
لكل سلطة تابعة للدولة ،ملزمة بمهمة دائمة أو مؤقتة تمثليه أو في إطار نشاط دولي يهم
الدولة ،وبهذه الصفة فهو يسلم حسب إرادة السلطة التنفيذية وحدها طبقا للمواد ،74 ،67
166من الدستور ،ونظ ار لكونه ال يعود حينئذ للقانون المحدد مجاله خاصة في المادة 115
من الدستور 1989أن ينص على كيفيات تسليم وثائق السفر أو وضعها حيز التداول أو
استعمالها ألن ذلك من اختصاص السلطة التنفيذية وحدها وكما هي محددة في المادة 116
من الدستور».2
كما جاء في رأي للمجلس الدستوري الجزائري رقم 12مايلي « :واعتبا ار أنه يستنتج من
الدستور السيما من المادتين 122و 123أن المرتبة التشريعية الالئقة والمرتبطة بالمهمة
الوطنية لعضو البرلمان واستفادته من سفره في الداخل والخارج من المساعدات والتشريعات
المرتبطة بصفة البرلمانية ،مواضيع ال تندرج ضمن مجال القانون.
واعتبا ار أن المؤسس الدستوري ينص صراحة بموجب الفقرة األولى من المادة 125من
الدستور أن المسائل غير المخصصة للقانون يعود لالختصاص فيها للسلطة التنظيمية
لرئيس الجمهورية واعتبا ار بالنتيجة أن المشرع حيث أدرج المواضيع المذكورة أعاله ضمن
القانون قد خالف مبدأ الفصل بين السلطات».3
-1قرار رقم 02ق ،ق ،م د 89أحكام الفقه الدستوري الجزائري ،مرجع سابق ،ص .22
-2قرار رقم ،02ق .ق ،م د 89أحكام الفقه الدستوري الجزائري ،مرجع سابق ،ص .23
-المواد 116 -74 -67من دستور 1989تقابلها المواد 125 ،77 ،70على الترتيب من دستور .1996
-3رأي رقم / 12ر .ق /م د /01 /أحكام الفقه الدستوري الجزائري ،مرجع سابق ،ص .11 ،10
-المادة 115من دستور 1989تقابلها المادة 122من دستور .1996
261
البد أن نشير أن هيئات الرقابة الدستورية في المغرب العربي ال تعطي حق مراقبة
القاضي الدستوري للتنظيم وانما تجعله من اختصاص القاضي اإلداري رغم أن هذه الهيئات
تجد نفسها مرغمة في الفصل بين مجال التنظيم والقانون لتحدد مجال كل واحد منهما لكنها
ال تباشر رقابة مباشرة على التنظيم.
وبالرجوع إلى النظام القضائي الفرنسي نجد كل من مجلس الدولة والمحاكم اإلدارية هي
الجهة المراقبة لدستورية التنظيمات أو ما يسمى باألعمال اإلدارية ،1أما دساتير ألمانيا
والنمسا ،إسبانيا ،البرتغال واليونان ،فإنها تجعل محاكمها الدستورية مختصة في مراقبة مدى
دستورية األعمال والق اررات اإلدارية.
أما المحكمة الدستورية في الواليات المتحدة األمريكية فهي صاحبة االختصاص في كل
دعوى متعلقة بالرقابة الدستورية سواء كان موضوعها قانون أو تنظيم.
وبالنتيجة فإن مراقبة األعمال اإلدارية (التنظيم) يعود إما للقاضي الدستوري على مستوى
المحاكم الدستورية حسب النموذج األوروبي ،والذي يعتبر أكثر انتشا ار أو يعود إلى مجلس
الدولة حسب النموذج الفرنسي ،أو يكون من اختصاص المحاكم العادية حسب النموذج
األمريكي.2
وفي هذا الشأن يقول األستاذ... « : L. FAVOREU :على األقل هناك ثمانية أسباب
تميز النموذج األوروبي عن النموذج األمريكي وهي وجود نزاع دستوري مستقل عن النزاعات
األخرى واحتكار ال قرار المتعلق بهذا النزاع من طرف جهة قضائية واحدة المحكمة الدستورية
وخصوصية هذه المحكمة وطريقة إخطارها وطبيعة المنازعة الدستورية ذاتها والنتائج المترتبة
عل الق اررات الصادرة عن هذه الجهات القضائية ،واختالف الثقافة القانونية باعتبار المحكمة
الدستورية األمريكي ة تعتبر مشرع في ظل هذا المجال أما في أوروبا المجلس الدستوري يعتبر
مشرع مشارك (.3 »)Co législateur
262
يبدو أن المؤسس الدستوري الجزائري بإخضاعه التنظيم إلى رقابة المجلس الدستوري
القبلية و البعدية واعطاء حق اإلخطار إلى جهات محددة ال تتصور أن تقوم بإخطار
المجلس ا لدستوري بمراقبة مدى مطابقة نص تنظيمي مرسوم رئاسي كان أو مرسوم تنفيذي
ألسباب متعددة ،يعتبر شاذا عن القاعدة بدون مبرر فهذا النوع من األعمال ال بد أن يخضع
لرقابة مجلس الدولة باعتباره أعلى جهة في القضاء اإلداري بعد مهاجمته بدعوى قضائية
لقررات السلطات المركزية وعلى مجلس الدولة مراقبة مدى مطابقة
كما هو الشأن بالنسبة ا
العمل التنظيمي مع الدستور ،واذا التبس عليه األمر يطلب رأيا تفسيريا من المجلس
الدستوري ويأخذ به على سبيل االستئناس حتى ال يكون المجلس الدستوري له أي تأثير على
ق اررات مجلس الدولة.
جعل الدستور الجزائري ،1996كل المعاهدات التي تحتاج إلى التصديق سواء تلك التي
تتطلب موافقة البرلمان ،أو تلك التي ال تتطلب موافقة إلى الرقابة االختيارية للمجلس
الدستوري.1
كما استثنى المؤسس الدستوري الجزائري اتفاقيات الهدنة ومعاهدات السلم التي جعلها
خاضعة لرقابة وجوبية من طرف المجلس الدستوري ،حيث نص في المادة 97من دستور
،1996والتي تقابلها المادة 91من دستور ،1989ما يفيد قيام رئيس الجمهورية بتوقيع
اتفاقيات الهدنة ومعاهدات السلم ،ويتلقى رأي المجلس الدستوري في االتفاقيات المتعلقة
بهما ،ويعرضهما فو ار على كل غرفة من البرلمان لتوافق عليها صراحة ،ونجد الدستور
الجزائري قد سكت على المعاهدات ذات الشكل المبسط.
يبدو هناك استنساخ كبير عن المادتين 53و 54من دستور فرنسا ، 1958الذي حدد
المجاالت الخاضعة وجوبا للمصادقة من البرلمان في المادة 53منه وأطلق باقي المعاهدات
263
للرقابة االختيارية في المادة ،54وبالرغم من سمو المعاهدات على القوانين إال أن المجلس
الدستوري الفرنسي أصدر ق ار ار في 15يناير ،1975اعتبر أنه ال يملك مراقبة عدم مطابقة
نص قانوني مع معاهدة دولية وأضاف... «:أن القانون المتعارض مع معاهدة ليس
بالضرورة معارضا للدستور.1»...
أما المادة 131من الدستور الجزائري 1996والتي تقابلها المادة 122من دستور
،1989فتبين أنواع المعاهدات التي ال يصادق عليها رئيس الجمهورية إال بعد أن توافق
عليها صراحة كل غرفة من البرلمان ،وهذه المجاالت تتمثل في اتفاقيات الهدنة ومعاهدات
السلم والتحالف واالتحاد والمعاهدات المتعلقة بحدود الدولة والمعاهدات المتعلقة بقانون
األشخاص والمعاهدات التي تترتب عليها نفقات غير واردة في ميزانية الدولة ،إذا فهذا النوع
من المعا هدات ال بد أن يعرض على البرلمان ليوافق عليها كل غرفة على حدى ثم تتم
المصادقة عليها من طرف رئيس الجمهورية.2
يالحظ أن هناك معاهدات اكتفى المؤسس الدستوري بتصديق رئيس الجمهورية عليها
دون عرضها على البرلمان للحصول على موافقته الصريحة ،ونتيجة لذلك يمكن أن يصادق
رئيس الجمهورية على معاهدة تخالف النص القانوني (التشريع الصادر عن البرلمان).
- 1محمد طاهر أورحمون ،االتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان التي انضمت إليها الجمهورية الجزائرية ،
المجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية ،الجزء ،36العدد رقم .1998
-2المادة 131من دستور 1996تقابلها المادة 122من دستور 1989الجزائر.
3 -A. DJEBAR, La politique conventionnelle en Algérie, Alger, OPU , 2000.
264
رئيس الجمهورية في كل مراحل التفاوض الذي ال يخضع إلجراء التصديق .1فمحتوى المادة
52من دستور فرنسا 1958يبين لنا أن اإلجراءات المتبعة في إبرام المعاهدة والمصادقة
عليها هي التي تفرق بين المعاهدة واالتفاق الشيء الذي ال نجد له مقابال في الدستور
الجزائري.
كما أن المؤسس الدستوري الفرنسي أخضع نوع من المعاهدات لموافقة الشعب عن طريق
االستفتاء بناء على اقتراح من الحكومة أو بناء على اقتراح الغرفتين البرلمانيتين معا ،أو
بمبادرة من ( ) أعضاء البرلمان مدعمة بعشر ( ) الناخبين المسجلين في القوائم
االنتخابية ،حسب ما جاء في المادة 11من دستور ، 1958وتتمثل هذه المعاهدات في
تلك المتعلقة والمؤثرة في سير المؤسسات.2
ومقارنة مع المادة 11/77من دستور الجزائر ،فإن رئيس الجمهورية يضطلع بإبرام
المعاهدات الدولية ويصادق عليها وال يجوز له تفويض هذا الحق في إبرام المعاهدات
والمصادقة عليها ،حسب نص المادة 87من دستور ، 1996في حين نجد الدستور الفرنسي
1958يعطي هذا الحق لكل من رئيس الجهورية ،ورئيس الحكومة ،والشعب إال أن رئيس
الجمهورية الجزائري يمكنه العودة إلى إرادة الشعب مباشرة في كل قضية ذات أهمية وطنية
حسب المادة 10/77من دستور ،31996ويمكن أن يدرج المصادقة على المعاهدات في
هذا اإلطار إال أن الجزائر المستقلة ،لم يتم المصادقة على معاهدة بواسطة االستفتاء الشعبي
إلى غاية تاريخ كتابة هذه األطروحة.
أما بالنسبة للمعاهدات ذات الشكل المبسط فهي تصبح نافذة بمجرد التوقيع عليها فكيف
تخضع لرقابة القاضي الدستوري الجزائري ،وبهذا يصبح تأويل المادة 168من دستور
1996يصب في أن المعاهدات المعنية بالعرض على المجلس الدستوري ،هي تلك
1- Art 52 Constitution Française 1958 : " Le président de la République négocie et ratifie les
traités IL est informe de toute négociation tendant à la conclusion d'un accord non soumis à
la ratification " .
-2فطة نبالي ،دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات العامة ،مرجع سابق ،ص .180
-3المادة ": 10/77يمكنه أن يستشير الشعب في كل قضية ذات أهمية وطنية عن طريق االستفتاء".
265
المعاهد ات المستوجبة للتصديق ،لكن ال يوجد مانع قانوني يكبح الحكومة من أن تطلب من
رئيس الجمهورية عرض هذا النوع من المعاهدات على المجلس الدستوري قبل التوقيع
عليها.1
ال يعتبر الدستور الفرنسي المعاهدة قانون وانما مشروع قانون حتى تتم المصادقة عليها
وسار في نفس النهج المشرع الجزائري ،لكن السؤال الذي يبقى مطروح هو ما مصير
المعاهدات التي لم يتم عرضها على المجلس الدستوري ؟ وبعد العمل بها ظهر أنها مخالفة
للدستور إن المعاهدات التي تمت المصادقة عليها ال تخضع لرقابة الحقة من المجلس
الدستوري الجزائري.
ما يجب مالحظته في هذا الشأن أن المؤسس الدستوري الفرنسي استعمل مصطلح
االلتزام الدولي في المادة 54من دستور ،1958وهو أوسع من مفهومي المعاهدة واالتفاق
وأعطى حق للمجلس الدستوري بمراقبة مدى دستورية ق اررات المنظمات الدولية وتطابقها مع
دستور فرنسا.2
يمكن المجلس الدستوري أن يخطر لمراقبة مشروع أي التزام دولي ليقرر مدى مطابقته
للدستور ،وفي حالة ما إذا ثبت مخالفة االلتزام الدولي للدستور ،فإن الدستور هو الذي يعدل
وهنا نصبح أمام مراقبة مدى مطابقة الدستور لاللتزام الدولي وهذا يعاكس مفهوم الرقابة
الدستورية تماما.3
على خالف المؤسس الدستوري الجزائري الذي لم يطرح خصوصية االلتزام الدولي وانما
ركز على رقابة مدى دستورية المعاهدات واالتفاقيات الدولية وجعلها رقابة محدودة باعتبارها
-1فطة نبالي ،دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات العامة ،مرجع سابق ،ص .181
2 –F. LUCHAIRE, Le conseil constitutionnel, p. 230.
بمناسبة الموافقة على معاهدة المجموعة األوروبية استعمل تعديل دستوري وجه في ذلك الشأن المجلس الدستوري الفرنسي
مايلي ":المصادقة على معاهدة المجموعة األوروبية ال يمكن أن يحصل إال بعد التعديل الدستوري" ،وقد تم فعال التعديل
الدستوري في 25جويلية 1992وكان االستفتاء حول المعاهدة في 20سبتمبر .1992
- 3هنري روسيون ،مرجع سابق ،ص .155
266
تمارس بعد إخطار اختياري من طرف الجهات صاحبة اإلخطار باستثناء اتفاقيات الهدنة
ومعاهدات السلم التي تخضع لرقابة سابقة ووجوبية كما جاء سابقا.
لم يتطرق الدستور الجزائري إلى االتفاقيات التي تصادق عليها الحكومة ومدى خضوعها
لرقابة قبلية من طرف المجلس الدستوري.1
لم يعزل المجلس الدستوري نفسه عن الطبيعة السياسية للمعاهدات واالتفاقيات الدولية
التي تبرمها الدولة الفرنسية والتي تحقق لها مصلحة هامة واستراتيجيه ومنها معاهدة
االنضمام لالتحاد األوروبي ومعاهدة توحيد العملة األوروبية وظهر ذلك واضحا في أحكامه
وق ارراته المتعلقة بهذا الشأن فبدى المجلس الدستوري غير محايدا في مراقبة مدى مطابقة
المعاهدات والدستور بعيدا عن االعتبارات السياسية ومدى ارتباطها بالمصالح العليا للدولة
الفرنسية.2
أما من حيث مكانة المعاهدات الدولية في الكتلة الدستورية فقد قررت المادة 55من
دستور فرنسا 1958بأن المعاهدات أو االتفاقيات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية
والموافقة عليها ونشرها وفق لإلجراءات القانونية المبينة في الدستور تسمو وتعلو على كل
القوانين.
كما جاء في المادة 54من دستور فرنسا 1958ما يفيد أنه إذا أعلن المجلس الدستوري
بعد طلب من رئيس الجمهورية أو الوزير األول أو رئيس أحد المجلسين أو ستين عضوا من
الجمعية الوطنية أو مجلس الشيوخ ،أن أحد التعهدات الدولية يحتوي على حكم مخالف
للدستور ،فإن الترخيص بالتصديق عليه ،أو إق ارراه ،ال يمكن أن يتم إال بعد القيام بتعديل
الدستور.3
-1فطة نبالي ،دور المجلس الدستوري الجزائري في حماية الحقوق والحريات ،مرجع سابق ،ص .183
-2عوض عبد الجليل عوض الترساوي ،المعاهدات الدولية أمام القضاء الدستوري ،دراسة مقارنة في القضاء الدستوري
المصري ،والمجلس الدستوري الفرنسي ،القاهرة ،دار النهضة العربية ،2008 ،ص 26.
1 - F. LUCHAIRE, Le conseil constitutionnel, op.cit., p. 230.
267
وما يفهم من هذه المواد أن المعاهدة ترتب في نفس درجة النص الدستوري ويكون الخيار
إما رفض المعاهدة أو تعديل النص الدستوري ،حتى يتماشى مع المعاهدة ،على عكس
ال حالة التي يتعارض فيها النص القانوني مع الدستور ،فإن النص الدستوري هو المرجع
والنص القانوني هو الذي يختفي.
يالحظ أن الدستور الفرنسي يعتبر ديباجة الدستور واعالنات الحقوق األساسية للمواطن
كلها نصوص ذات طبيعة دستورية ،فإذا تعارضت معاهدة دولية مع مبادئ تم اإلعالن عليها
في اإلعالنات الفرنسية لحقوق السياسية والمدنية فهل تعدل هذه اإلعالنات التي تمثل مرجع
بالنسبة للدستور الفرنسي؟
تهدف الرقابة على مدى دستورية المعاهدات إلى تحقيق ضمانة مفادها أنه ال يمكن ألي
نص من معاهدة دولية أن يدخل حيز النفاذ في إطار المنظومة القانونية للدولة إذا كان ال
يتطابق مع المبادئ الدستورية السائدة في الدولة.
جاء في الفصل 72من الدستور التونسي ما يفيد أن المجلس الدستوري التونسي يراقب
مدى دستورية مشاريع القوانين التي يحولها عليه رئيس الجمهورية من حيث مطابقتها
وموافقتها للدستور.
كما أن المادة 47من الدستور ذاته حددت بعض المجاالت وجعلتها تخضع للرقابة
الوجوبية من طرف المجلس الدستوري بعد إخطاره من طرف رئيس الجمهورية.1
ألزمت الفقرة الثانية من المادة 72رئيس الجمهورية التونسية بأن يخطر المجلس
الدستوري ليبسط رقابته على المعاهدات التي حددتها المادة 62من الدستور.2
268
أما المادة 19من القانون العضوي رقم 2004 -52المؤرخ في 2004/07/12والمنظم
للمجلس الدستوري التونسي من خالل فقرتها األولى جعلته ملزم بأن يعرض على المجلس
الدستوري المسائل المنصوص عليها بالفصول 74 ،73 ،72 ،35من الدستور.1
بناء على هذه النصوص المذكورة فإن رئيس الجمهورية التونسية ملزم بأن يعرض على
المجلس الدستوري المعاهدات المبينة في المادة 02من الدستور وهي المعاهدات المتعلقة
باتحاد المغرب العربي والتي يكون محتواها يؤدي إلى تعديل الدستور والمعاهدات
المنصوص عليها في الفقرة األولى من المادة .272
ونشير إلى أن المجلس الدستوري التونسي لم يقضي بعدم مطابقة معاهدة دولية مع
الدستور ،إال في حالة واحدة تعلقت بمشروع قانون تضمن المصادقة على االتفاقية المتعلقة
بإنشاء الشركة الدولية اإلسالمية للتمويل والتجارة من خالل رأيه رقم ،2006/67حتى
ال صياغة الجديدة لمشروع هذا القانون أي قانون المصادقة على االتفاقية المنشئة للشركة
الدولية اإلسالمية للتجارة والتمويل ،تم رفضه بواسطة المجلس الدستوري المؤرخ في 2007
تحت الرقم .32007/04
باستثناء هذين الرأيين قضى المجلس الدستوري التونسي بمطابقة ما عرض عليه من
معاهدات دولية مع الدستور.
-1المادة 72فقرة 01و 02من دستور تونس المعدل بالقانون الدستوري رقم 90المؤرخ في 06نوفمبر ،1990والقانون
العضوي رقم 2004/52المؤرخ في 2004/07/12المنظم للمجلس الدستوري التونسي.
-2المادة 72فقرة 01من دستور تونس المعدل بالنص الدستوري رقم 90المؤرخ في 06نوفمبر .1990
3 - KH. MEJRI, Les avis du conseil constitutionnel Tunisien en Matière de traités
internationaux ,in , VI journée Maghrébines de droit constitutionnel, 06/07 mars 2008,
Association tunisienne de droit constitutionnel - la justice constitutionelle au maghreb-
Faculté de droit et des séances Politique de Tunis, 2008, p. 7.
269
-1طبيعة الرقابة :
ال تخرج طبيعة العالقة بين القاعدة الدستورية التي تعتبر مرجعا والقاعدة الدولية التي
تحاول الدخول في المنظومة القانونية للدولة على ثالثة أطر ففي حدها األدنى ال بد أن ال
تشكل عالقة عدم تضاد Rapport de non Contrariété ،أو عدم مالءمة ، non
compatibilitéأو تكون هذه العالقة أكثر إيجابية فتشكل عالقة مالءمة compatibilité
واذا اتسعت أكثر فتشكل عالقة مطابقة .1Conformité
نص الفصل 72من القانون المتضمن التعديل الدستوري التونسي الحامل للرقم 76
المؤرخ في 2نوفمبر ،1998على ما يفيد بأن المجلس الدستوري التونسي ينظر في
المالء مة والمطابقة مع الدستور وهذا التوجيه من المادة يجعل أعضاء المجلس الدستوري
يتجهون إلى مراقبة مدى مالءمة ومطابقة القانون المتضمن المصادقة على المعاهدة مع
الدستور وهذا التوسع في طبيعة المراقبة هو الذي يسمح بإدماج عدة نصوص من المعاهدات
الدولية في المنظومة القانونية الداخلية لتونس.2
ولقد دأب المجلس الدستوري التونسي على اعتبار المطابقة هي عدم التضاد
( )Conformité = non contrariétéوقرر في عدة أراء أن كل ماال يتضاد مع الدستور
يعتبر مطابقا له.
عندما يراقب القاضي الدستوري التونسي مدى مطابقة نص من معاهدة دولية مع الدستور
فإن القاعدة الدستورية المرخصة تتوسع إلى محتوى النص الدستوري وروحه وديباجته.
وبالنتيجة فإن طبيعة الرقابة التي يمارسها القاضي الدستوري التونسي على المعاهدات
الدولية هي طبيعة واسعة تعتمد على روح النص وال تقف عند حرفيته فهو يقوم بالمراقبة
أخذا بعين االعتبار الظرف السياسي وظروف أخرى العتماد االتفاق أو المعاهدة الدولية.
270
-2أثار الرقابة :
اشترط المجلس الدستوري بمناسبة مشروع القانون المتضمن المصادقة على االتفاقية
المنشئة للمنظمة االقتصادية اإلفريقية المبرمة بين منظمة االتحاد اإلفريقي وتونس ،قبل
المصادقة عليها اعتماد تصريح تفسيري الذي بمقتضاه تصرح الجمهورية التونسية بأن
تطبيق وتفسير بنود هذا االتفاق والسيما المواد 19 ،18 ،14 ،13 ،10 ،05و 87ال يمكن
في أي حال أن تعارض دستور 01جوان 1959والسيما المواد 49 ،18 ،03 ،01و.58
التزمت الحكومة التونسية برأي المجلس الدستوري التونسي بتنظيمها لمشروع القانون
المتضمن المصادقة على االتفاقية ،واعتبر رأي المجلس الدستور التونسي رأيا تفسيريا.1
إذا كان كل من المجلس الدستوري الفرنسي ،الجزائري والتونسي يختص برقابة مدى
دستورية المعاهدات بناء على نصوص دستورية واضحة ،2األمر الذي لم تنص عليه
الدساتير المغربية .1996 ،1992 ،1972 ،1970 ،1962
وأكد هذه المسألة قرار الغرفة الدستورية المغربية رقم 01المؤرخ في 31ديسمبر 1963
والذي جاء فيه مايلي ... «:تمارس االختصاصات المسندة إليها بفصول الدستور و...أن
فصول الدستور عدد 43وعدده 50وعدد 56وعدد 63والفصل 13في فقرته الثامنة وهي
الفصول التي حددت اختصاصات الغرفة الدستورية لم تسند للغرفة الدستورية أي اختصاص
في موضوع المعاهدات واالتفاقيات الدولية».3
271
بطريقة غير مباشرة وذلك ببسط رقابة على القانون المتضمن المصادقة على المعاهدة أو
االتفاق الدولي والتي تتطلب موافقة البرلمان.1
ونشير إلى أن التصديق على االتفاقيات المتعلقة باألموال العمومية من طرف البرلمان ال
يتم المصادقة عليها إال بعد موافقة البرلمان عليها في المغرب والجزائر 2على عكس الدستور
التونسي الذي بقي متحفظا في هذه المسألة رغم أن المادة 36من الدستور التونسي تنص
على أن الضرائب والقروض العمومية وااللتزامات المالية لم يمكن إقرارها إال بواسطة قانون
والقانون من اختصاص البرلمان.3
كما نجد في المغرب كل المعاهدات المتعلقة بااللتزامات المالية للدولة وتلك التي تنشئ
دين واالتفاقيات التي تنقص من مصادر واتفاق االنضمام إلى المنظمات الدولية التي تعمل
على إنقاص الموارد العمومية واتفاق االشتراكات التي تؤدي إلى إنقاص في الموارد تخضع
وجوبا إلى مصادقة البرلمان عليها.4
ونشير إلى أن الدستور المغربي لسنة 1996طرح إشكاال فيما يتعلق بالرقابة على
المعاهدات حيث نص في مادته 31على مايلي «:تقع المصادقة على المعاهدات التي
يمكن أن تكون غير متفقة مع نصوص الدستور بإتباع المسطرة المنصوص عليها فيما يرجع
لتعديله».5
وهذه المادة حسب األستاذ عبد العزيز النويضي... «:تطرح عدة تساؤالت تتمثل في
تحديد الجهة المؤهلة لتقرر ما إذا كانت المعاهدة غير متفقة مع نصوص الدستور واذا
كانت الفقرة الثالثة من المادة 31من دستور المغرب 1996تقصد بالجهة المجلس
الدستوري المغربي فمن يملك حق إحالة المعاهدة على المجلس الدستوري ليفحصها».6
272
لم تتم اإلجابة على هذين التساؤلين ال من خالل النص الدستوري وال من خالل القانون
التنظيمي للمجلس الدستوري وفي هذا يقول األستاذ عبد العزيز النويضي «:يمكن أن نفهم
بأن المجلس الدستوري يتدخل لمراقبة اتفاق أو معاهدة مع الدستور إذا تم اإلحالة عليه
للقانون الذي تم الموافقة على المعاهدة بواسطته وذلك طبقا للفقرة الثانية من المادة 31من
الدستور والفقرة الثالثة من الفصل 81حيث نجد الفقرة الثانية من الفصل 31تنص على أن
الملك ال يصادق على المعاهدات التي تترتب عليها تكاليف تلزم مالية الدولة إال بعد الموافقة
عليها بقانون» ،أما الفقرة الثالثة من الفصل 81فهي تسمح بإحالة القوانين قبل إصدار
األمر بتنفيذها على المجلس الدستوري ،ليبت في مدى مطابقتها للدستور والهيئات التي لها
حق اإلحالة هي الملك الوزير األول أو رئيسا مجلس البرلمان أو ربع أعضاء أي مجلس من
مجلسي البرلمان.1
على عكس فرنسا والجزائر نجد المغرب التي تحيل المعاهدة مباشرة على رقابة المجلس
الدستوري بوضوح شأنها شأن القوانين العادية فإن المغرب يجعل الرقابة على القانون
المصادق بواسطته على االتفاق وليس على االتفاق ذاته وهنا عدم وضوح في ما تبناه
المؤسس الدستوري المغربي في تحديد العالقة بين الدستور والقاعدة الدولية وتحديد العالقة
بين القانون الداخلي والقانون الدولي.
273
الدستوري على إنجاح العملية االنتخابية الرئاسية والتشريعية في دول المغرب العربي
مستدلين بالتجربة الفرنسية من خالل المطالب اآلتية:
تمر عملية انتخاب رئيس الجمهورية بعدة مراحل بدء بمرحلة الترشح إلى مرحلة البت
في الطعون االنتخابية ،واعالن النتائج النهائية وهذا ما نتطرق له من خالل الفروع اآلتية،
مع اإلشارة أنه سيتم استبعاد النظام المغربي من هذا المطلب باعتبار نظام الحكم فيه ملكيا
وال يخضع لالنتخاب.
أما الفصل 40من دستور الجمهورية التونسية المعدل في 01جوان 2002فقد نصت
على مايلي «:ويبت المجلس الدستوري في صحة الترشح ويعلن عن نتيجة االنتخابات
وينظر في الطعون المقدمة إليه في هذا الصدد وفقا لما يضبطه القانون االنتخابي».2
274
إن المؤسس الدستوري التونسي يستعمل مصطلح "يبت" بمعنى يفصل والفصل يتطلب
التدخل بعد إثارة نزاع على عكس المؤسس الدستوري الجزائري الذي يستعمل مصطلح
"يسهر" والذي يفيد حق التدخل التلقائي.
نجد المادة 19من الدستوري اللبناني تقضي بأن يبت المجلس الدستوري في النزاعات
والطعون الناشئة على االنتخابات الرئاسية 2وفي نفس السياق جاءت المادة 23من القانون
93/250المتعلق بتنظيم المجلس الدستوري اللبناني لتؤكد هذا الحق.
استعملت فرنسا عبارة "يسهر" من خالل المادة 58من دستور 1958حيث جاء فيها ما
يفيد أن المجلس الدستوري يسهر على تنظيم انتخاب رئيس الجمهورية ويفحص الشكاوى
المتعلقة بانتخابات رئاسة الجمهورية كما يعلن عن نتائج االقتراع.3
وهنا يلتقي دور المج لس الدستوري الفرنسي مع نظيره في الجزائر وموريتانيا من حيث
استعمال مصطلح "يسهر" ويختلف عن دور نظيره في تونس ولبنان اللذان يستعمالن
مصطلح "يبت" أو يفصل وقد سبق وأن تم التطرق للفرق بين هذين المصطلحين.
ويلعب القاضي الدستوري دو ار مهما في مرحلة قبول الترشح لمنصب رئيس الجمهورية
نعالجه في نقطة أولى ثم في البث في النزاع المتعلق بالعملية االنتخابية نقطة ثانية.
يختص المجلس الدستوري الجزائري حسب القانون العضوي المتعلق بنظام االنتخابات
رقم 01/12باستقبال ملفات الترشح لرئاسة الجمهورية حسب المادة 136من قانون
االنتخابات والمادة نفسها تبين طلب الترشح والوثائق المرفقة به ،وهذه المادة طويلة من
275
الناحية الشكلية حيث تتضمن 14فقرة وهي تدل على كثرة الشروط ودقتها باعتبار أهمية
المنصب ،ويتم تقديم ملف الترشح في أجال 45يوما من تاريخ نشر مرسوم استدعاء الهيئة
الناخبة على مستوى كتابة ضبط المجلس الدستوري مقابل وصل استالم حسب المادة 23ن
م ق ع م دج.1
إن المادة 138من القانون العضوي لالنتخابات تفيد بأن المجلس الدستوري يفصل في
صحة الترشيحات لمنصب رئيس الجمهورية بقرار في أجل أقصاه 10أيام كاملة من تاريخ
إيداع التصريح بالترشح ويبلغ قرار المجلس الدستوري إلى المعني تلقائيا وفور صدوره.2
وما يالحظ على هذه المادة أنها ال تعطي الحق للمترشح الذي رفض طلب ترشحه الحق
في الطعن أمام المجلس الدستوري وال الطعن أمام أية جهة أخرى قضائية مما يمس بحق
دستوري وهو حق الترشح خاصة إذا كان الخطأ مادي في إحدى الوثائق يتطلب تفسير من
جهة أخرى يستأنس به المجلس الدستوري على خالف المجلس الدستوري الفرنسي الذي فتح
باب المراجعة للمترشح أمامه.
يرفق طلب الترشح بكل الوثائق التي بينتها المادة 137من قانون االنتخابات إضافة إلى
ما نصت عليه المادة 73من دستور 28نوفمبر 1996وينبغي أن يودع ملف الترشح من
قبل المترشح نفسه لدى كتابة ضبط المجلس الدستوري وال يمكن للمواطن الذي قدم ترشحه
لرئاسة الجمهورية االنسحاب إال في حالة الوفاة أو حدوث مانع قانوني.3
أما الفقرة 04من الفصل 40من دستور الجمهورية التونسية بعد تعديل 01جوان
2002فإنها تعطي للمجلس الدستوري حق تلقي الترشيحات لرئاسة الجمهورية التونسية ويتم
تسجيل الترشح بدفتر خاص لدى المجلس الدستوري وبذلك عوض المجلس الدستوري
التونسي اللجنة الخاصة التي كان منصوص عليها في المادة 40قبل التعديل والتي عدلت
مهامها في 25جويلية 1988وأصبح المجلس الدستوري التونسي هو صاحب االختصاص،
-1المواد 137 ،136من قانون االنتخابات رقم 01/12المؤرخ في 12جانفي 2012ج ر رقم .01
-2المادة 138من قانون االنتخابات .01/12
-3المادة 141من القانون العضوي لالنتخابات رقم 01/12المؤرخ في 12يناير ،2012ج ر رقم .1
276
وبناء على المادة 40فقرة 4أن الترشح يسجل بدفتر خاص لدى المجلس الدستوري .1وهكذا
عوض المجلس الدستوري اللجنة الخاصة المنصوص عليها في المادة 40قبل تعديل 01
جوان 2002والتي كانت تستقبل الترشيحات على مستوى مقر اللجنة.2
أما الفقرة األخيرة من المادة 26من الدستور الموريتاني فتعطي الحق للمجلس الدستوري
بأن يستقبل الترشحات لرئاسة الجمهورية ويبت في صحتها ويتأكد من توفر الشروط
المطلوبة ويعلن أسماء وصفات وأصول المنتخبين الذين تبنوا الترشحات لرئاسة الجمهورية ثم
يعلن عن أسماء المترشحين المقبولين للتنافس على منصب الرئاسة وتحيلها على الحكومة
لنشرها.3
ينتخب رئيس الجمهورية في لبنان عن طريق نواب البرلمان وليس عن طريق الشعب
حسب المادة 49من دستور لبنان ،4وفي هذه الحالة فإن مجلس النواب اللبناني يتحول إلى
هيئة انتخابية وليس هي ئة تشريعية وبالتالي فإن المجلس النيابي هو المكلف باستقبال ملف
الترشح والبت في صحته ويلقي دور المجلس الدستوري اللبناني حسب المادة 23من القانون
رقم 93/250المنظم للمجلس الدستوري البت فقط في صحة االنتخاب والنزاعات الناتجة
عنه وذلك تطبيقا لنص المادة 19من دستور لبنان التي تقتضي بأن يبت المجلس الدستوري
في النزاعات والطعون الناشئة عن االنتخابات الرئاسية.5
ال يلعب المجلس الدستوري الفرنسي أي دور في تحديد تاريخ االنتخابات الرئاسية وانما
يثبت ويعلن عن شغور منصب رئاسة الجمهورية فقط ،أما دوره في تلقي ملفات الترشح فتقيد
ملفات طلب الترشح للرئاسة الفرنسية على مستوى قلم ضبط المجلس الدستوري ويفحص
277
مدى تحقق شروط الترشح لرئاسة الجمهورية ويعلن عن الئحة تظم أسماء المترشحين
المقبولين للتنافس على رئاسة الجمهورية.1
فنجد المجلس الدستوري الفرنسي يراقب هل احترم المترشحون شروط الترشح المبينة في
النصوص القانونية كما يتأكد المجلس الدستوري من قيام كل مترشح بدفع الكفالة المالية التي
يشترطها القانون ،وكل هذه الفحوصات لملفات المترشحين تتم بسرعة ألن القانون يشترط
الفصل فيها 19عشرة يوما قبل الدور األول من االنتخابات كما عليه أن ينشر الئحة
المترشحين المقبولين 16عشرة يوم قبل اليوم األول لالقتراع.2
إن قرار المجلس الدستوري بعد قيامه بالتحقيق في ملفات طلب الترشح النتخابات الرئاسة
في فرنسا يمكن أن يكون محل اعتراض من طرف الشخص الذي قدم أكثر من تزكية واحدة
فقط ،وقبل مضي يوم كامل من تاريخ نشر قائمة المترشحين المقبولين للرئاسة في فرنسا.
كما جاء تعديل 18جوان 1976ليعدل المادة 07من دستور 1958الفرنسي وحدد
تدخل المجلس الدستوري في حالة وفاة أو حدوث مانع ألحد المترشحين النتخابات الرئاسة
وهذه الحالة تم التعامل معها حسب ظروف الحالة فإذا كانت الوفاة أو قام المانع خالل 7
أيام السابقة لغلق استقبال الملفات يستطيع المجلس الدستوري تقرير تأجيل االنتخابات ،أما
إذا كانت الوفاة أو قام المانع قبل بداية الدور األول وتم تعليق قائمة المرشحين للرئاسة
الفرنسية فإن المجلس الدستوري يؤجل االنتخابات ،أما إذا كانت وفاة المترشح أو حدوث
المانع له كان بين دورتي االنتخابات ومس أحد المترشحين اإلثنين للدور الثاني فإن المجلس
الدستوري يقرر إعادة العملية االنتخابية برمتها بما فيها الدور األول ،مع المالحظ أن هذه
الحالة لم تقع في فرنسا حتى نعرف كيف يتصرف المجلس الدستوري الفرنسي.3
أما قانون االنتخابات الجزائري فبين حالة وفاة أو حدوث مانع لمترشح رئاسي بعدا إيداع
الترشيحات وليس بعد اإلعالن عن قائمة المترشحين المقبولين وجعل نتيجة ذلك تمديد أجل
278
إيداع الترشيحات حيث ال يتجاوز هذا التمديد مدة شهر الباقية عن تاريخ االقتراع للدورة
األولى لتقديم ترشيح جديد حسب المادة 141من قانون االنتخابات.1
أما حالة وفاة مترشح أو حدوث مانع قانوني له بعد نشر قائمة المترشحين في الجريدة
الرسمية فإنه يتم تأجيل تاريخ االقتراع لمدة أقصاها خمسة عشر ( )15يوما ،حسب الفقرة
الثالثة من المادة 142واإلشكال المطروح ،هل تأجيل االقتراع هدفه إعطاء فرصة الستقبال
ملف جديد لمترشح جديد يستخلف المترشح المنسحب بسبب الوفاة أو المانع القانوني فقط أم
أن هذه اآلجال الجديدة مفتوحة لباقي المترشحين الذين رفضت ملفاتهم بسبب تجاوز اآلجال
القانونية وبذلك يمكنهم إتمام الوثائق الناقصة واالستفادة من هذه اآلجال؟
أما الفقرة الثالثة من المادة 149من قانون االنتخابات الجزائري رقم 01/12فإنها تنص
على حالة انسحاب أحد المترشحين االثنين إلى الدور الثاني وتجعل جزاء ذلك إتمام العملية
االنتخابية إلى نهايتها دون االعتداد بانسحاب المترشح اآلخر ،2وفي هذه الحالة نشعر أن
هذه الفقرة جاءت توجسا من االنسحابات من السباق للرئاسيات على خلفية االنسحابات
الجماعية في انتخابات الرئاسية سنة 1999في الجزائر ،وجاءت لتغلق الباب أمام المس
بنزاهة العملية االنتخابية.3
في حين نجد الفقرة التي تليها تبين حالة وفاة أو حدوث مانع قانوني ألي من المترشحين
االثنين للدور الثاني فنتيجة ذلك هي قيام المجلس الدستوري ضرورة من جديد بمجموعة
العمليات االنتخابية وفي هذه الحالة يمدد المجلس الدستوري آجال تنظيم االنتخابات الجديدة
لمدة أقصاها ستون يوما (.4)60
- 1المادة 141من القانون 01/12المؤرخ في 2يناير 2012والمتعلق باالنتخابات " ال يقبل وال يعتد بانسحاب المترشح
بعد إيداع الترشيحات .
في حالة وفاة أو حدوث مانع قانوني ،يمنح أجل آخر لتقديم ترشيح جديد وال يمكن أن يتجاوز هذا األجل الشهر السابق
لتاريخ االقتراع أو الخمسة " "15يوما في الحالة المذكورة في المادة 88من الدستور."...
- 2المادة 141من القانون 01/12المتعلق باالنتخابات.
- 3المادة 143من القانون 01/12المتعلق باالنتخابات.
-4رشيدة العام ،مرجع سابق ،ص .168
279
وهنا يلتقي المجلس الدستوري الجزائري مع المجلس الدستوري الفرنسي في ضرورة إعادة
العملية االنتخابية برمتها.
أما في تونس وبعد تعديل الدستور سنة 2002فصار للمجلس الدستوري التونسي دور
في مراقبة صحة ملفات الترشح لرئاسة تونس.
كما يقوم المجلس الدستوري الموريتاني وفقا للمادة 26فقرة أخيرة والمادة 83من الدستور
بإعالن نتائج االنتخابات الرئاسية ،وبعد إعالن النتائج يستقبل الطعون المتعلقة بصحة
االنتخابات الرئاسية ويسمح ألي مترشح أن يتقدم بواسطة عريضة كتابية بدعوى تتعلق
بصحة االقتراع أو فرز األصوات ،ويبت المجلس الدستوري في الدعوى في أجل ثمانية أيام
من تاريخ الطعن وبناء على جدية الطعن يتم تقرير إلغاء االنتخابات كليا ،أو جزئيا حسب
جسامة وطبيعة تلك المخالفات.1
أوكل المشرع الفرنسي مهمة إعالن نتائج االنتخابات الرئاسية بقرار من المجلس
الدستوري بوصفه قاضي انتخابات وهذه السلطة نفسها هي التي تفصل في كافة المنازعات
المتعلقة باالنتخابات الرئاسية وهو نفس االتجاه الذي سار فيه المؤسس الدستوري الجزائري
بحيث أعطى للمجلس الدستوري حق إعالن النتائج والفصل في المنازعات المتعلقة
بانتخابات الرئاسة وهو نفس الشأن بالنسبة لتونس وموريتانيا وهذا األمر من شأنه دعم
اختصاصات القاضي الدستوري في مجال المنازعة االنتخابية.
280
مندوبين للتحقيق ميدانيا في صحة الطعون بل يراقب الوثائق التي تصله من الجهات
صاحبة اإلخطار.1
كما أن المجلس الدستوري ال يمارس أية رقابة وال يفصل في أية منازعة متعلقة بالعمليات
التي تسبق عملية االقتراع كالمنازعات المتعلقة بالتسجيل على قوائم االنتخاب أو الشطب أو
اإلغفال ،وتلك المتعلقة بالحملة االنتخابية كذلك نجد قرار المجلس الدستوري المتعلق بتحديد
قائمة المترشحين المقبولين للرئاسة غير قابل للمنازعة.2
كما نشير إلى أن المجلس الدستوري الجزائري ال يملك حق النظر في مدى مشروعية
النصوص القانونية المنظمة للعملية االنتخابية بل يراقب مدى مطابقتها للدستور فقط حسب
4
المادة 163من دستور 28نوفمبر .1996
يعهد بمراقبة الجانب التنظيمي لالنتخابات الرئاسية إلى لجنة منشئة لهذا الغرض تسمى
اللجنة الوطنية المستقلة لمراقبة االنتخابات الرئاسية.5
أحدثت بمناسبة أربع انتخابات رئاسية في الجزائر أربع لجان وطنية سياسية لمراقبة كل
عملية انتخابية وهي لجان تنشئ بمناسبة كل انتخابات رئاسية وفق مراسيم رئاسية تبين
-1فطة نبالي ،دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات العامة ،مرجع سابق ،ص .457
-2المرجع نفسه.
-3المادة 138من القانون العضوي 01/12المؤرخ في 12يناير .2012
-4المادة 163من دستور 28نوفمبر ،1996المعدل والمتمم.
-5مرسوم رئاسي رقم 269-95مؤرخ في 22ربيع الثاني عام 1416هـ الموافق ل 17سبتمبر ،1995يتعلق باللجنة
الوطنية المستقلة لمراقبة االنتخابات الرئاسية ،الجريدة الرسمية مؤرخ في 17سبتمبر ،1995العدد .52
281
تشكيالتها واختصاصاتها ،1وهذه اللجان بدورها تسن نظامها الداخلي وتصادق عليه وتقوم
بتنصيب لجانها المحلية على مستوى الواليات والبلديات وممثليات الجزائر بالخارج.
وما يعاب على هذه اللجنة رغم اختصاصاتها الواسعة في مجال رقابة العملية االنتخابية
أنها ال تملك حق إخطار المجلس الدستوري لحل أي نزاع ويستشف ذلك من حيثيات ق اررات
المجلس الدستوري المتعلقة بالمنازعة االنتخابية حيث ال يشير إلى هذه اللجنة وحتى المرسوم
الذي أنشأها فال يشير له.
لقد منح حق الطعن أمام المجلس الدستوري بمناسبة االنتخابات الرئاسية لجهات وأطراف
محددة وهي المترشح لرئاسة الجمهورية أو من يمثله قانونا ،ويتم الطعن داخل مكتب
التصويت في المحضر الموجود لدى رئيس مكتب التصويت ،ويخطر المجلس الدستوري فو ار
بذلك عن طريق البرق ،ويكون الطعن وفق إجراءات شكلية معينة وعرض للوقائع واسنادات
الطعن ويسجل هذا الطعن لدى كتابة ضبط المجلس الدستوري.
يتم الفصل فو ار في النزاع من طرف المجلس الدستوري قبل إعالن النتائج على خالف
االنتخابات التشريعية التي تعطي أجل 72ساعة للمجلس الدستوري واعتقد أن الفرق الزمني
يعود لكثرة المترشحين وكثرة الجهات واألطراف التي تملك حق الطعن أمام المجلس
الدستوري مقارنة باالنتخابات الرئاسية وقد سبق للمجلس الدستوري الجزائري وأن رفض
الطعن من طرف ناخبين بمناسبة االنتخابات الرئاسية لسنة 1995النعدام الصفة.2
في حين نجد في فرنسا القانون يسمح لكل ناخب أن يطعن في صحة العمليات المتعلقة
باالنتخابات الرئاسية الفرنسية ،حيث يمكن ألي ناخب تقديم احتجاجه في محضر االقتراع
-1المرسوم الرئاسي رقم 01 - 99مؤرخ في 17رمضان عام 1419الموافق ل 04جانفي ،1999يتعلق باللجنة
الوطنية المستقلة لمراقبة االنتخابات الرئاسية ج ر عدد 01في 06جانفي .1999
المرسوم الرئاسي 20 - 04مؤرخ في 16ذو الحجة عام 1424الموافق 7فبراير 2004يحدث لجنة سياسية وطنية
لمراقبة االنتخابات الرئاسية المقررة 08أفريل 2004ج ر 08مؤرخة في 8فبراير .2004
المرسوم الرئاسي 61 - 09مؤرخ في 11صفر 1430الموافق ل 7فبراير سنة 2009يحدث لجنة سياسية وطنية لمراقبة
االنتخابات الرئاسية 09أفريل ،2009ج ر رقم 09مؤرخة في 08فبراير .2009
-2إعالن المجلس الدستوري مؤرخ في 23نوفمبر 1995يتعلق بنتائج انتخاب رئيس الجمهورية ج ر 72مؤرخ في 26
نوفمبر ،1995أحكام الفقه الدستوري الجزائري.
282
لكنه ال يمكن أن يطعن مباشرة أمام المجلس الدستوري وكذا يحق لممثل الدولة على مستوى
المحافظة الذي يمكنه أن يحيل بصفة مباشرة نتائج عمليات االقتراع في دائرته االنتخابية
على المجلس الدستوري كما أن هذا الحق يتمتع به المترشح الرئاسي خالل 48ساعة من
انتهاء عملية االقتراع.1
أما في تونس فإن المادة 40من الدستور التونسي المعدل في 01جوان 2002أوكلت
مهمة الفصل في النزاع االنتخابي بمناسبة االنتخابات الرئاسية إلى المجلس الدستوري بعدما
كانت هذه المهمة تسند إلى لجنة خاصة تنشئ بواسطة أمر ترتيبي (مرسوم رئاسي) وجاء
في المادة 40بعد التعديل مايلي ...«:ويعلن عن نتيجة االنتخابات وينظر في الطعون
المقدمة إليه في هذا الصدد وفقا لما يضبطه القانون االنتخابي» فهذه الفقرة جعلت المجلس
الدستوري التونسي هيئة قضائية تفصل في نزاع.2
ال يتعدى دور المجلس الدستوري التونسي إلى رقابة التسجيل على القوائم االنتخابية
وتوزيع البطاقات فإن هذه االختصاصات تبقى من صالحيات القضاء العادي والمحكمة
اإلدارية وفق ما نصت عليه أحكام قانون االنتخابات التونسي وانما ينظر في النزاع المتعلق
في صحة الترشح واعالن النتائج.3
ويحق لكل مترشح لالنتخابات الرئاسية في تونس الطعن في صحة العملية االنتخابية
ونتائجها بالنسبة للدورة األولى من االنتخابات الرئاسية ويتم ذلك بتقديم طعن أمام كتابة
ضبط المجلس الدستوري في أجل ثمانية وأربعين ( )48ساعة من غلق مكاتب االقتراع.4
1-D. ROUSSEAU, Droit du contentieux constitutionnel, op.cit. p. 391 ;G. DRAGO), La
Défense de la constitution à regret, Contrôle de constitutionnalité par voie préjudicielle ,la
saisine par les citoyens, in. Colloque organisé avec le Soutien de Ministère de la justice ,
Paris, Le 16 Février 2009, p. 201.
-2هدى بن خليفة ،مرجع سابق ،ص .98
-3المرجع نفسه.
-4الفصل 69من المجلة االنتخابية التونسية المعدلة سنة .2003
283
أما من حيث كيفية تقديم الطعون واالعتراضات إلى المجلس الدستوري فإنها تخضع
للفصلين 32و 33من قانون 12جويلية 2004المتعلق بتنظيم المجلس الدستوري
التونسي.1
فحسب المادة « 32ال تقبل االعتراضات والطعون إال في صيغة مكتوبة وممن له
الصفة وحسب اإلجراءات واآلجال المنصوص عليها بالمجلة االنتخابية وتوجه هذه
االعتراضات والطعون إلى كتابة المجلس الذي يحيلها فو ار إلى رئيس المجلس ».
وبمناسبة االنتخابات الرئاسية التونسية لسنة 2004والتي جرت في دورة واحدة فاز بها
الرئيس السابق زين العابدين بن علي بأغلبية األصوات في الدور األول ،تلقى المجلس
الدستوري التونسي طعنا يرمي إلى الحكم بعدم سالمة كل العملية االنتخابية الرئاسية والغاء
نتائجها برمتها ،ولقد قضى المجلس الدستوري بقبول هذا الطعن شكال ورفضه في
المضمون.3
كما قضى المجلس الدستوري التونسي في نفس االنتخابات الرئاسية بقبول أحد الطعون
شكال ومضمونا بعدما تبين له أن عملية فرز األصوات بالمكتب رقم 17بخزامة من دائرة
سوسة لم تراع فيها أحكام قانون االنتخابات السيما المادتين 50و 51وقضى بذلك بإلغاء
أصوات ذلك المكتب وعددها ( )400أربعة مائة صوت حسب التوزيع بين المرشحين.4
284
تقضي المادة 70من قانون االنتخابات أنه في حالة المرور إلى الدور الثاني فإن حق
الطعن أمام المجلس الدستوري يبقى للمترشحين االثنين المشاركين في الدورة الثانية وال يبقى
الحق يتمتع به باقي المترشحين الذين شاركوا في الدورة األولى ،كما تطبق نفس هذا
إجراءات تقديم الطعن التي تم النص عليها في الدورة األولى وفي مختلف الحاالت يبت
المجلس الدستوري في النزاعات ويعلن عن النتائج في ظرف يومين من أجل تقديم الطعون.1
يتلقى المجلس الدستوري الموريتاني وفق المادة 83من الدستور الطعون المتعلقة بصحة
االنتخابات الرئاسية وفي هذا اإلطار يمكن ألي مترشح لالنتخابات الرئاسية أن يقدم طعنا
بواسطة عريضة كتابية يتعلق بصحة االقتراع أو فرز األصوات وتتم دراسة القضية والفصل
فيها خالل ثمانية ( )08أيام من تاريخ الطعن واذا ثبت لدى المجلس صحة هذه اإلدعاءات
ينبغي على المجلس تقدير جسامتها وبعد ذلك القضاء بإلغائها جزئيا أو كاملة.2
نشير إلى أن ق اررات المجلس الدستوري التونسي في مجال النزاع االنتخابي بمناسبة
االنتخابات الرئاسية تلتقي مع الق اررات الصادرة عن المجلس الدستوري الفرنسي والمجلس
في كونها كلها نهائية تتمتع بحجية الدس توري الجزائري والمجلس الدستوري الموريتاني
الشيء المقضي فيه وبأنها ملزمة للجميع وهذا ما يجعل هذه المجالس تميل إلى سلطة
قضائية وتقترب في مجال المنازعة االنتخابية من المحاكم الدستورية.
جاء في ق ار ار المجلس الدستوري التونسي عدد 2004/08المؤرخ في 28أكتوبر 2007مايلي" :وحيث تبين مما سبق ذكره
أن جميع المطاعن المثارة والرامية إلى إلغاء نتائج االنتخابات الرئاسية برمتها فاقدة السند واقعا وقانونا مما يتجه معه
القضاء برفضها ولهذه األسباب قرر المجلس قبول الطعن شكال ورفضه أصال".
-1هيفاء يونس ،مرجع سابق ،ص .46
-2محمد فال ولد المجتبي ،مرجع سابق ،ص .139
285
ثانيا :إعالن عن النتيجة النهائية النتخابات الرئاسية :
بناء يعود اختصاص إعالن نتائج االنتخابات الرئاسية إلى المجلس الدستوري الفرنسي
على المواد 58و 59من دستور 1958/10/04الفرنسي حيث يراقب عدد األصوات
المحصل عليها بالنسبة لكل مترشح ويحدد المترشح الفائز باألغلبية المطلقة في الدور األول
وفي حالة عدم حصول أي مترشح على األغلبية المطلقة في الدور األول يعلن عن
المترشحين الفائزين للمنافسة في الدور الثاني.1
و يمكن لكل مترشح أو ناخب على مستوى دائرته االنتخابية أن يقدم طعنا يسجله على
مستوى مكتب التصويت كما يحق الطعن لرئيس البلدية في أجال 48ساعة من ساعة غلق
مكاتب التصويت وبناء على جدية هذه الطعون يمكن للمجلس الدستوري أن يلغي االنتخابات
جزئيا أو كليا.2
يمتد اختصاص المجلس الدستوري الفرنسي إلى االطالع على الحساب المالي للحملة
االنتخابية للمترشح وفي أجال شهرين من تاريخ إعالن النتائج النهائية النتخابات الرئاسية
ف ي فرنسا على كل مترشح أن يقدم الحساب المالي من إرادات ونفقات زائد الوثائق الثبوتية
مؤش ار ومصادق عليها من طرف خبير مالي وفي هذه الحالة إما يوافق المجلس الدستوري
على الحساب المالي أو يدخل عليه تعديالت أو يلغيه ويتم نشر ذلك بواسطة قرار.3
تقوم اللجان االنتخابية الوالئية بعد إتمام عملية االقتراع بإيداع محاضرها فو ار لدى أمانة
ضبط المجلس الدستوري في ظرف مختوم وذلك بعد مرور 72ساعة الموالية لغلق مكاتب
; 1-J.P.CAMBY, le Conseil constitutionnel, juge électoral, éd. Sirey, Paris, 1996, p. 199
D.ROUSSEAU; Droit du contentieux constitutionnel, op.cit., p. 397.
2- Ibid., p. 398.
3- La loi organique n° 90-38 du 10 mai 1990 modifie par la loi organique du 5 avril 2006.
286
االقتراع 1وتمنح مدة الطعن يوم واحد وهي مدة قصيرة جدا يقوم من خاللها رئيس المجلس
الدستوري بتعيين مقرر أو أكثر ليقوم بفحص الطعون في الشكل والمضمون ويقرر مدى
صدقيتها وله الحرية في طلب أي وثيقة تساعده في عمله ويختم عمله بتحرير تقرير مع
مشروع قرار للمجلس ويجتمع المجلس الدستوري في جلسة مغلقة ويتخذ ق ار ار نهائيا يبلغ
للمعنيين في أجال عشرة أيام من تاريخ تسلم المحاضر.2
يقوم بعد ذلك المجلس الدستوري بإعالن نتائج الفحص واإلعالن عن الفائز بالرئاسة وفي
حالة عدم حصول أي مرشح على األغلبية المطلقة يعلن عن اسمي المترشحين المنتقلين
للدور الثاني.3
صدر عن المجلس الدستوري الجزائري إعالن قدم فيه نتائج انتخابات أبريل 1999قدم
فيها نتائج المترشحين ورفض الطعون المقدمة شكال ومضمونا.4
-1المادة 157فقرة 02من قانون االنتخابات 01/12المؤرخ في 12جانفي .2012وتقابلها المادة 162من قانون
االنتخابات .07-97
-2رشيدة العام ،مرجع سابق ،ص .170
-3المادة 142من القانون العضوي لالنتخابات رقم .01-12
-4اإلعالن رقم 01مؤرخ في 20أفريل .1999
-5المادة 209من القانون االنتخابي .01-12
-6المادة 02-209من القانون االنتخابي .01-12
-7المادة 04-209من القانون االنتخابي .01-12
287
لقد قام المجلس الدستوري بتعويض رئيس الجمهورية المنتخب سنة 1999نسبة % 30
من نفقات حملته االنتخابية تناسبا مع عدد األصوات التي حصل عليها وبعدما وجد تطابقا
تقنيا في حساب حملته االنتخابية.1
ال بد من اإلشارة إلى أنه بعد انتهاء الدور األول من انتخابات الرئاسة الفرنسية يعلن
المجلس الدستوري الفرنسي عدد المصوتين وعدد األصوات التي تحصل عليها كل مترشح
في أجل أقصاه يوم األربعاء الموالي ليوم االقتراع على الساعة الثامنة مساءا ،كما يمكن
تعديل النتائج الخاصة بالدور األول على ضوء الطعون المقدمة له من طرف الجهات
صاحبة حق الطعن في نتائج انتخابات الرئاسة الفرنسية.2
وفي تحديد تاريخ إعالن نتائج االنتخابات الرئاسية يتم تحديد بداية العهدة الرئاسية
وانتهائها.
288
كما نشير إلى أن المجلس الدستوري الفرنسي بمناسبة إعالن فوز الرئيس François
MITTERRANDفي رئاسيات 1988ضمن قرار المجلس الدستوري التصريح بالذمة
المالية للرئيس تطبيقا للقانون العضوي المؤرخ في 11مارس 1988إنه استناد لكلمة "يسهر"
التي جاءت في المادة 58من دستور فرنسا 04أكتوبر 1958سمح المجلس الدستوري
لنفسه في إحدى اجتهاداته القضائية ألن يقدم بيانا يوضح فيه كل ما تم مالحظته من بداية
العملية االنتخابية إلى نهايتها.1
يعلن المجلس الدستوري الجزائري حسب المادة 145من القانون العضوي رقم 01-12
المتعلق باالنتخابات النتائج النهائية لالنتخابات الرئاسية في مدة أقصاه ( )10عشرة أيام من
تاريخ تسلمه محاضر اللجان الوالئية وهنا يتفق المشرع الجزائري مع المشرع الفرنسي في
تحديد اآلج ال لكنهما يختلفان في تاريخ بداية حساب اآلجال ففي فرنسا يبدأ حساب اآلجال
من ساعة غلق مكاتب التصويت ،أما في الجزائر فيبدأ حساب آجال العشر ( )10أيام من
تاريخ استالم المجلس الدستوري محاضر اللجان المنصوص عليها في المواد 159 ،151
من القانون 01-12المتعلق باالنتخابات .
واذا علمنا أن اللجان االنتخابية لها 72ساعة لتسليم المحاضر ابتداء من ساعة غلق
مكاتب التصويت.2
أي تاريخ إعالن نتائج االنتخابات الرئاسية في الجزائر يمتد إلى 13يوما ابتداء من
ساعة غلق مكاتب التصويت وهي مدة طويلة مقارنة مع فرنسا ( )10عشرة أيام ،خاصة إذا
كنا بصدد انتخابات رئاسية تنافسية فيها دور ثاني ومنافسة إلى غاية إعالن النتيجة النهائية
على غرار ما حدث في انتخابات فرنسا 06ماي 2012وانتخابات مصر 16و 17جوان
2012وانتخابات تونس .2014مع اإلشارة إلى أن المادة 89من دستور الجزائر 1996
تعالج حالة مهمة جدا وهي حالة وفاة أحد المترشحين للدور الثاني لالنتخابات الرئاسية أو
انسحابه أو حدوث أي مانع آخر له فتعطي الحق لرئيس الجمهورية الممارس للعهدة ولو
1- Ibid.
-2المادة ،4-159والمادة 2-157من القانون العضوي لالنتخابات المؤرخ في 12يناير .2012
289
كان ضمن المترشحين اإلثنين للدور الثاني االستمرار في أداء مهامه إلى غاية اإلعالن عن
إنتخاب رئيس الجمهورية وفي هذه الحالة يتدخل المجلس الدستوري الجزائري ويمدد مهلة
إجراء هذه االنتخابات مدة أقصاها 60يوما ،ويحيل في ذلك على قانون عضوي يبين
كيفيات وشروط تطبيق هذه األحكام ،وبما أن هذه الحالة لم تحدث في الجزائري بمناسبة 05
انتخبات فال يمكن توقع جميع الحاالت التي يمكن أن تقع ولهذا نعالج المسألة على ضوء
االحتماالت والنصوص القانونية:
االحتمال األول :يكون حول إنسحاب أحد المترشحين للدور الثاني فقانون االنتخابات
01/12في مادته 143فقرة 03تنص أنه في حالة إنسحاب أي من المترشحين اإلثنين
للدور الثاني ،تستمر العملية االنتخابية إلى غاية نهايتها دون االعتداد بانسحاب المترشح
وهنا مخالفة صريحة لنص المادة 89من دستور . 1996
االحتمال الثاني :تأتي نفس المادة في فقرتها الموالية لتنص على حالتي الوفاة أو حدوث
مانع قاوني ألحد المترشحين للدور الثاني ،فهنا يتدخل المجلس الدستوري ويعلن ظرورة القيام
من جديد بمجموع العمليات االنتخابية وفي هذه الحالة يمدد المجلس الدستوري أجال تنظيم
االنتخابات الجديدة لمدة أقصاها 60يوما.
وهنا نجد توافق بين ما جاء في هذه الفقرة من المادة 143من قانون 01/12
المتعلق باالنتخابات وما جاء في المادة 89فقرة 02لكن السؤال هو إعادة تنظيم مجموع
العمليات االنتخابية هل يتم بناء على قانون االنتخابات 01/12وبهذا مدة 60يوما تصبح
غير كافية إلعادة مجموع العمليات االنتخابية أم أن إعادة مجموع العمليات االنتخابية يكون
وفق قانون عضوي أحالت عليه المادة 89من دستور 1996ويراعي هذا القانون اآلجال
والمواعيد ؟
باإلضافة إلى ذلك لو كان أحد المترشحين للدور الثاني لالنتخابات الرئاسية هو الرئيس
الممارس مثلما هو الحال في انتخابات 17أفريل 2014وحدث له مانع قانوني أو وفاة فهل
تطبق عليه أحكام المادة 88من الدستور المتعلقة بشغور منصب رئيس الجمهورية أم نطبق
290
عليه أحكام المادة 89من دستور الجزائري 1996المتعلق فقط بالدور الثاني لالنتخابات
الرئاسية بصفته مترشح كباقي المترشحين ومتأهل للدور الثاني ؟ !
أما من حيث أجال إعالن نتائج االنتخابات الرئاسية في تونس والتي كانت مهمة إعالن
انتخاب نتائج الرئاسية في تونس تعود إلى اللجنة الدستورية التي تقبل وتبت في ملفات
الترشح للرئاسة .1وتتشكل هذه اللجنة من رئيس مجلس النواب بصفته رئيس اللجنة ورئيس
المجلس الدستوري كعضو ومفتي الجمهورية والرئيس األول للمحكمة اإلدارية والرئيس األول
لمحكمة التعقيب وتعلن هذه اللجنة النتائج النهائية لالنتخابات الرئاسية في تونس بعد
استفائها ودراستها لكل الطعون التي قدمت لها.2
أما بعد تعديل الدستور في 1جوان 2002من خالل الفصل 40منه مهمة إعالن
النتائج االنتخابات الرئاسية للمجلس الدستوري التونسي وهنا يلتقي دور المجلس الدستوري
التونسي مع نظرائه في الجزائر وفرنسا وموريتانيا.
وبناء على نص الفصل 70فقرة ثانية من قانون االنتخابات التونسي أنه إذا لم يسجل أي
طعن في اآلجال القانونية يعلن المجلس الدستوري في اليوم الموالي النتهاء آجال تقديم
الطعون عن انتخاب المترشح الذي أحرز األغلبية المطلقة لألصوات المصرح بها في الدورة
األولى.3
وفي حالة عدم حصول أي مرشح على األغلبية المطلقة فإنه يعلن عن إسمي المترشحين
االثنين المتنافسين في الدور الثاني.
لم تكن مراقبة صحة االنتخابات التشريعية من صميم اختصاص هيئات القضاء الدستور
فمثال في فرنسا والى غاية دستور 1946كان البرلمان نفسه مختص بممارسة رقابة على
-1الفصل 40من دستور تونس فقرة أخيرة الذي عدل بالقانون الدستوري عدد 88لسنة 1998المؤرخ في 25جويلية
" :1998وتبث اللجنة في صحة الترشح وتعلن عن نتيجة االنتخابات وتنظر في الطعون المقدمة إليها في هذا الصدد".
-2هيفاء يونس ،مرجع سابق ،ص .56
-3المرجع نفسه ،ص .57
291
االنتخابات التشريعية ،1وهذا الفكر موروث عن مرحلة ما قبل الثورة الفرنسية أين كان فحص
سلطات أعضاء البرلمان يعود للبرلمان نفسه ولم يكن بإمكان هيئة أخرى ممارسة هذا
االختصاص غير المجالس البرلمانية ،2وهذه الممارسة ما تزال منتشرة في عدة دول مثل
ألمانيا ،حيث ال يتعدى اختصاص المحكمة الدستورية فيها كونها جهة استئناف في الق اررات
الصادرة عن مجلس النواب ،3وهذا على عكس المحكمة الدستورية النمساوية التي تتدخل في
النظر في المنازعات االنتخابية السياسية ،واإلدارية ،والمهنية ،باعتبارها محكمة عليا
لالنتخابات.4
اتجه النظام الفرنسي بعد دستور 1946إلى إعطاء حق مراقبة االنتخابات التشريعية
للمجلس الدستوري ،وجعله ال يتدخل إال بعد إعالن نتائج االنتخابات التشريعية فالنص
الدستوري الفرنسي لم يستعمل كلمة "يسهر " التي استعملها بمناسبة االنتخابات الرئاسية وتبعه
فيها المؤسس الدستوري الجزائري والموريتاني ،وانما استعمل مصطلح "يفصل" كما أن
مختلف القوانين المنظمة للعملية االنتخابية تكون بعد إعالن النتائج أما مرحلة الترشح
والتسجيل والشطب من القوائم االنتخابية فيعود االختصاص فيها إلى لجان منشئة لهذا
الغرض والى المحاكم العادية واإلدارية.
باستثناء قانون تقسيم الدوائر االنتخابية الذي يتم مراقبته من طرف المجلس الدستوري
الفرنسي ،أما المجلس الدستوري التونسي فمن خالل الفصل 72من تعديل 01جوان
2002والذي جاء فيه مايلي «:يبت المجلس الدستوري في الطعون المتعلقة بانتخاب
أعضاء المجلس النواب وأعضاء مجلس المستشارين» 5في حين يفصل المجلس الدستوري
1- Art 8 de la constitution française de 1946: " Chacune des deux chambres est juges de
l'éligibilité des membres et de la régularité de leur élection il peut seule recevoir leur
démission".
-2نور الدين أشحشاح ،مرجع سابق ،ص .231
3- Art 41 de la loi fédérale Allemand: "… Contre les décisions de Bendeshtash , le recour
devant le tribunal constitutionnel est ouvert".
-4نور الدين أشحشاح ،مرجع سابق ،ص .231
-5هدى بن خليفة ،مرجع سابق ،ص .104
292
الجزائري بناء على الفقرة الثانية من المادة 163من دستور 28نوفمبر 1996في
المنازعات المتعلقة باالنتخابات التشريعية.1
جاء في المادة 84من الدستور الموريتاني على أن المجلس الدستوري «يبت ...في حالة
نزاع متعلق بصحة انتخاب النواب والشيوخ» ،كما جاء في المادة 44من القانون المنظم
للمجلس الدستوري الموريتاني «:يتمتع المجلس الدستوري بالنظر في القضايا المقدمة إليه
بصالحية الحكم في كل قضية أو استثناء يبرز عند دراسة الطلب».2
أما المؤسس الدستوري المغربي فقد نص من خالل مادته 81على أن المجلس الدستوري
يفصل في صحة انتخاب أعضاء البرلمان المقسم لمجلس نواب ومجلس مستشارين كما تم
تنظيم المنازعة االنتخابية من خالل المواد 29و 35من القانون التنظيمي للمجلس الدستوري
المغربي.3
كما سبقت اإلشارة إليه فإن المجلس الدستوري الجزائري غير مختص بمراقبة عملية
ان تخاب نواب المجلس الشعبي الوطني أو أعضاء مجلس األمة إال في مرحلة الطعون بعد
إعالن النتائج أما العمليات السابقة للتصويت وكل ما ينجر عنها من منازعات فيعود
االختصاص فيها إلى اللجان الوطنية سواء السياسية أو القضائية التي ينص عليها قانون
االنتخابات 4وتسمى اللجنة الوطنية لإلشراف على االنتخابات و تسمى الثانية اللجنة الوطنية
-1فطة نبالي ،دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات العامة ،مرجع سابق ،ص .416
-2محمد فال ولد المجتبي ،مرجع سابق ،ص .129
-3نور الدين أشحشاح ،مرجع سابق ،ص .233
-4المادة 168من القانون العضوي .01 – 12
293
لمراقبة االنتخابات ،كما يعود االختصاص في المنازعة المتعلقة بالعملية االنتخابية قبل
التصويت إلى المحاكم العادية 1والمحاكم اإلدارية.2
أما المجلس الدستوري يعود إلى مرحلة ما قبل التصويت إذا كان في عمليات التسجيل
والشطب من القوائم االنتخابية تأثير على نتيجة التصويت ،3كما أن المجلس الدستوري ال
يتدخل في رقابة صحة الترشح لعضوية المجلس الشعبي الوطني أو مجلس األمة على
خالف االنتخابات الرئاسية التي تم دراسة ملفات المترشحين وكذا صدقية التوقيعات أمامه.
فبال نسبة لالنتخابات البرلمانية تدرس الملفات وكل ما يتعلق بها من شروط أمام لجنة
والئية وتصدر هذه األخيرة قرار بقبول أو رفض الطعن يبلغ إلى المعني الذي يحق له الطعن
أمام المحكمة االدارية.4
تتأكد اللجنة الوالئية من صحة الترشح وكذا من صحة التوقيعات وصدقيتها بالنسبة
للقوائم الحرة حيث تنص المادة 92بإلزامية حصول القائمة الحرة على توقيع دعم من طرف
400موقع في الدائرة االنتخابية المعنية بها القائمة الحرة.5
يرى األستاذ منصور مولود ...«:تبقى هذه اللجان الوطنية لمراقبة االنتخابات تحرص
على مدى احترام اإلدارة للقوانين والتنظ يمات الخاصة لالنتخابات وعلى مدى حيادها وبالتالي
فهي عبارة حكم يهدف إلى القضاء على األخطار التي قد تقع بمناسبة العملية
االنتخابية.6»...
أما المجلس الدستوري الفرنسي فيشكل محكمة استئناف بالنسبة للطعون المتعلقة برفض
الترشح لالنتخابات التشريعية فطلب الترشح يودع لدى المحافظة " La Préfecture de
294
1
" départementالتي تفصل في طلب الترشح بق اررات قابلة للطعن أمام المجلس الدستوري
على خالف المشرع الجزائري الذي جعل الطعن في ق اررات اللجنة الوالئية قابل للطعن أمام
المحكمة اإلدارية وق اررات هذه األخيرة نهائية غير قابلة للطعن.2
أما بالنسبة النتخابات أعضاء المجلس األمة فإن المجلس الدستوري الجزائري أعطى
نفسه حق النظر في ملفات الترشح وذلك بمناسبة التجديد النصفي لنصف أعضاء مجلس
األمة المنتخبين فقضى ببطالن ترشح عضو في والية معينة دون أن ينازع في ذلك من لهم
الصفة وهم المترشحون فقط ،حيث من تلقاء نفسه وبعد اطالعه على محاضر الفرز وجد أن
المترشح ال يتوفر فيه السن القانونية للترشح ولعضوية مجلس األمة ،3وقد تم تكريس هذا
االجتهاد في نص قانوني تضمنته المادة 48مكرر 01المستحدثة بالمداولة المؤرخة في 14
جانفي ،2009والتي جاء فيها مايلي «:يمكن المجلس الدستوري أن يطلب من الجهات
المختصة موافاته بملفات المترشحين القانونين باالنتخابات بغرض التأكد من استيفاءها
الشروط القانونية واتخاذ قرار بشأنها».4
295
وما يالحظ على هذا االجتهاد أنه لو كان طلب المجلس الدستوري االطالع على ملفات
المترشحين قبل عملية التصويت ال كان أحسن ألن عدد الملفات قليل باعتبار التجديد
النصفي ألعضاء مجلس األمة المنتخبين يشمل 48مقعدا فقط ،ويسمح للمترشح إتمام ملفه
قبل التصويت أو االنسحاب تاركا الفرصة لغيره ومن الحزب الذي ينتمي إليه ،أما الحال أن
تلغى نتيجة االنتخاب من المترشح الفائز بعد تزكيته من زمالئه أعضاء المجالس الشعبية
البلدية و الوالئية بسبب خطأ في الملف أو نقص لم تنتبه له لجنة تلقي ملفات الترشح فهذا
غير مستساغ فعوضا من معاقبة اللجنة على عدم حرصها يعاقب المترشح.
كما يمتد اختصاص المجلس الدستوري الجزائري إلى رقابة المرسوم الرئاسي المتضمن
استدعاء الهيئة االنتخابية ومدى مطابقته للقانون العضوي لالنتخابات دون أن يمتد ذلك إلى
مراقبة النصوص التنظيمية التي تحكم العملية االنتخابية على عكس المجلس الدستوري
الفرنسي الذي يراقب النصوص التنظيمية للعملية االنتخابية.1
لو أعطى المشرع الجزائري دو ار أكبر لمجلس الدولة باعتباره أعلى جهة في القضاء
اإلداري ال كان هناك مجموعة من االجتهادات القضائية في مادة المنازعة االنتخابية
باعتبارها متشابهة في عدة جوانب مع المنازعة اإلدارية وال سهل األمر على المجلس
الدستوري الستنباط أحكامه بناء على اجتهادات مجلس الدولة.
أما في فرنسا فإن المجلس الدستوري الفرنسي له حق النظر في كل المسائل المثارة حول
صحة عمليات االقتراع 2إن هذا النص جعل بعض الفقهاء يعتقد أن المجلس الدستوري
يستطيع أن يستقبل دعاوى عن طريق الدفع في المنازعة االنتخابية لكن المجلس الدستوري
الفرنسي فند هذا التفسير واعتبر اختصاصه مقيد فقط في مجال محدد (قاضي انتخابات)
مرتك از على أن اختصاصاته في مجال رقابة دستورية القوانين مبينة على سبيل الحصر في
المادة 61من دستور 04أكتوبر 1958وال يمكنه إضافة اختصاصات أخرى غير تلك
المنصوص عليها دستوريا.
-1فطة نبالي ،دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات العامة ،مرجع سابق ،ص .419
2- Art 44 de L'ordonnance du 7 novembre 1958.
296
وبالنتيجة فإن دور المجلس الدستوري الجزائري ال يمتد إلى رقابة مرحلة ما قبل التصويت
في االنتخابات التشريعية كما ال يمكنه مراقبة مشروعية النصوص المنظمة للعملية
االنتخابية.
أما في تونس حسب الفقرة الرابعة من الفصل 72بعد تعديل 01جوان 2002فأصبح
المجلس الدستوري التونسي يبت في الطعون المنصبة على انتخاب مجلس النواب وأعضاء
مجلس المستشارين كما نصت المواد 37 ،36 ،35من قانون 12جويلية 2004رقابة
االنتخابات التشريعية وهذا االختصاص كان من قبل تعديل قانون االنتخابات وحسب الفصل
106من قانون االنتخابات القديم يعود لمجلس النواب ذاته.1
وبناء على المادة 72بعد تعديل الدستور في 01جوان 2002فإن المجلس الدستوري
التونسي يختص بالنظر في الطعون المتعلقة بالترشح وسالمة العملية االنتخابية أما ما دون
ذلك من المنازعات المتعلقة بالتسجيل والشطب من القوائم االنتخابية وتوزيع البطاقات فهي
باقية من اختصاص القضاء العدلي والمحكمة اإلدارية مثلما هو الشأن في الجزائر.
وخالفا لالنتخابات الرئاسية فإن المجلس الدستوري التونسي يراقب العملية االنتخابية
التشريعية من خالل طعن مقدم إليه وال ينظر في صحة طلبات الترشح التي تقدم إلى الوالي
أومن ينوبه.2
أما الدستور المغربي فإنه جعل المجلس الدستوري المغربي يبت في نتائج االقتراع
والطعون المقدمة أمامه وال يبث في صحة الترشح الموكول لجهات أخرى.3
وفي موريتانيا وحسب المادة 84من الدستور فإن المجلس الدستوري الموريتاني يبت في
حالة نزاع متعلق بصحة انتخاب النواب أو الشيوخ.4
297
كما أن المادة 44من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الموريتاني تعطيه
الحق البت في كل المنازعات المتعلقة بانتخاب النواب والشيوخ لكن المجلس ال يبدو متجها
في هذا التوسع في اختصاصاته في مجال المنازعة االنتخابية حيث يحصر المجلس اهتمامه
في مسائل مرتبطة بموضوع الطعن دون توسع.1
ال ينظر المجلس الدستوري الموريتاني في مدى دستورية النصوص المنظمة للعملية
االنتخابية فيعتبر نفسه قاضيا يطبق أحكام القانون على النزاع المرفوع أمامه غير أن هذا ال
يقلل من دوره في عملية االنتخابات التشريعية.2
ال يتعرض المجلس الدستوري الموريتاني للعمليات التي تسبق التصويت والتي تثور حول
التسجيل والشطب من القوائم االنتخابية أو إيداع الترشيحات أو بمناسبة الحملة االنتخابية،
شأنه في ذلك شأن نظرائه في الجزائر وتونس والمغرب لكن المجلس الدستوري يمكنه العودة
إلى رقابة هذه المسائل بعد إعالن نتائج الفرز وتحديد المترشح الفائز وبعد أن يصله طعنا
من أحد المترشحين ويتضح من خالل النصوص المتعلقة بتنظيم المجلس الدستوري
الموريتاني و نظام اإلجراءات المتبع بشأن النزاعات االنتخابية الصادر عن المجلس
الدستوري ذاته وكذا مضمون وحيثيات ق اررات المجلس الدستوري الموريتاني ذات الصلة أن
المجلس يمكنه أن يتعرض لكل المسائل المتنازع فيها قبل عملية التصويت إذا ما أثارتها
الطعون ويبت فيها بق اررات نهائية وملزمة.3
منذ أول دستور للجزائر المستقلة 1963وبموجب مادته 19كان يعود االختصاص إلى
لجنة تحقيق السلطات التي تبت في صحة االنتخابات 4وتعتبر هذه اللجنة لجنة سياسية
وليست قضائية مهمتها محددة بالنظر في صحة االنتخابات التشريعية ،أما دستور 1976
298
الذي جاء بعد فراغ دستوري منذ تعطيل العمل بدستور 1963إلى غاية 1976فقد أوكل
مهمة رقابة االنتخابات التشريعية وحل المنازعات المتعلقة بها إلى المجلس األعلى للقضاء
باعتباره أعلى درجة نقض بالنسبة للقضاء اإلداري والقضاء العادي ،ألن الجزائر في تلك
المرحلة كانت تأخذ بنظام وحدة القضاء وازدواجية القانون.1
أما المادة 98من قانون االنتخابات الحالي رقم 01/12فتعطي الصالحية للمجلس
الدستوري لضبط نتائج االنتخابات التشريعية واعالنها في أجل أقصاه 72ساعة من تاريخ
- 1فاطمة بن سنوسي ،المنازعات االنتخابية ،أطروحة لنيل شهادة دكتوراه ،جامعة الجزائر ،1كلية الحقوق،2011 ،
ص .264
- 2المرجع نفسه.
- 3المادة 100من القانون 13-89الصادر في 04أوت 1989والمتعلق باالنتخابات ج ر عدد .32
- 4المادة 18من قانون 07-97الصادر في 06مارس 1997المتعلق باالنتخابات.
299
استالم نتائج لجان الدوائر االنتخابية واللجان االنتخابية الوالئية ولجان المقيمين في الخارج
ويبلغها إلى الوزير المكلف بالداخلية وعند االقتضاء إلى رئيس المجلس الشعبي الوطني.1
ال بد أن نشير أن الطعون المتعلقة باالنتخابات التشريعية تخص غرفتي البرلمان الغرفة
السفلى وهي المجلس الشعبي الوطني والغرفة العليا وهي مجلس األم التي تختلف طريقة
انتخاب كلتي الغرفتين األمر الذي يجعل دراسة كل هيئة وطريقة انتخابها على حدى
ضروريا.
يقدم المترشح أو ممثله القانوني أو الحزب السياسي عريضة طعن عادية لدى كتابة
ضبط المجلس الدستوري في أجال 48ساعة الموالية إلعالن نتائج اقتراع نواب المجلس
الشعبي الوطني.2
أما في تونس وبعد تعديل الدستور في 01جوان 2002وكذا المجلة االنتخابية في 04
أوت 2003صار النظر في الطعون المتعلقة بنتائج انتخاب أعضاء مجلس النواب من
اختصاص المجلس الدستوري التونسي وهذه الصالحية جعلت منه بمثابة الهيئة القضائية
الفاصلة في المنازعات المتعلقة باالنتخابات التشريعية.3
أعطى الفصل 106من المجلة االنتخابية التونسية حق الطعن في نتائج االنتخابات لكل
مترشح خالل 03أيام العمل الموالية إلعالن النتائج من قبل وزير الداخلية ويبت المجلس
فيها خالل 05أيام من تاريخ انتهاء أجل الطعن.4
إن الفرق في اآلجال واضح ففي تونس األجل 72ساعة أما في الجزائر 48ساعة أما
في الجهات المالكة لحق اإلخطار نجدها في الجزائر 03جهات أما في تونس جهة واحدة
وهي المترشح.
300
أما فيما يخص الطعن في نتائج انتخاب مجلس النواب المغربي فإن العريضة توجه في
أجل خمسة عشر يوما من تاريخ اإلعالن عن نتيجة االقتراع إلى األمانة العامة للمجلس
الدستوري أو إلى عامل مقر الجهة أو عامل العمالة أو اإلقليم الذي جرت فيه العمليات
االنتخابية أو إلى كاتب ضبط المحكمة االبتدائية التي يجري االنتخاب في دائرتها.
ويتم إيداع الطعن مقابل وصل هذا الوصل يتضمن الوثائق والمستندات المقدمة من
طرف الطاعن إلثبات ادعاءاته وتقرير طلبه.1
أما إذا تم الطعن أمام عامل الجهة أو المحكمة االبتدائية فعلى هذه األخيرة إشعار أمانة
المجلس الدستوري بهذا الطعن عن طريق البرق أو الفاكس ويتم تسجيل العرائض بأمانة
المجلس الدستوري بحسب ترتيب وصولها أما تلك التي تصل من عمال العمالت وكتاب
الضبط بالمحاكم االبتدائية يشار إلى تاريخ استالمها.2
لم يلعب المجلس الدستوري الموريتاني ا ي دور في المنازعة االنتخابية البرلمانية قبل سنة
1994وهذا بسبب تنظيم انتخابات 1994قبل تنصيب المجلس الدستوري الذي تم النص
عليه في دستور موريتانية 1991حيث كانت اختصاصات حل المنازعة االنتخابية تعود
للمحكمة العليا بموريتانيا.3
تلقى المجلس الدستوري الموريتاني في أفريل 1994تاريخ أول تجديد جزئي لمجلس
الشيوخ ،عريضتي طعن في نتائج تلك االنتخابات وارتفع عدد الطعون إلى 09طعون عند
التجديد النصفي لمجلس الشيوخ في أفريل 1996ليصل إلى 51طعنا فيما يخص انتخاب
مجلس النواب (الجمعية الوطنية) في أكتوبر .41996
- 1عبد العزيز النويضي ،المجلس الدستوري ورقابته على االنتخابات التشريعية ،الرباط ،منشورات المجلة المغربية
لإلدارة المحلية والتنمية ،2001 ،ص .98
- 2المرجع نفسه ،ص .29
- 3محمد فال ولد المجتبي ،مرجع سابق ،ص .133
- 4المرجع نفسه ،ص .134
301
يسمح المشرع الفرنسي لصنفين من األشخاص من منازعة انتخاب نائب بالجمعية
الوطنية وهم الناخبون المسجلون في الدائرة االنتخابية والمترشح.1
ولم يمنح هذا الحق إلى الحزب السياسي أو أية جمعية مشاركة في االنتخابات وحتى ولو
كان المترشح الطاعن أمام المجلس الدستوري جاء ترشحه ضمن قائمة الحزب أو الجمعية
أما من حيث اآلجال فللطعن أجل 10أيام من تاريخ إعالن النتائج االقتراع .2وبمقارنة
بسيطة نجد الناخب الجزائري ال يملك حق الطعن في نتائج انتخاب أعضاء المجلس الشعبي
الوطني على عكس نضيره الفرنسي.
- 2الطعن في الجانب الموضوعي :
بعد رفع عريضة الطعن في انتخاب عضو المجلس الشعبي الوطني من طرف صاحب
الصفة في ذلك حسب ما يحدده قانون االنتخابات يقوم المجلس الدستوري الجزائري بإشعار
النائب الذي اعترض على انتخابه حتى يقوم هذا األخير بتقديم دفوعه الكتابية خالل 4أربعة
أيام من تاريخ تسليمه طبقا للمادة 02/166من قانون 01-12والتي تقابلها المادة 118من
األمر 07-97المتعلق باالنتخابات سابقا.
كما يمكن للمجلس الدستوري أن يطلب من السلطات المعنية بالعملية االنتخابية أن تضع
تحت تصرفه جميع الوثائق المتعلقة بعملية االقتراع التي لها تأثير على موضوع النزاع
ويفصل المجلس الدستوري خالل 03أيام في الطعن المرفوع أمامه بعد التحري الذي يقوم به
المقرر أو المقررون.3
يمكن للمجلس الدستوري الجزائري أن يستعين بقضاة أو خبراء حسب المادة 48من
النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لدقة ومصداقية التحقيق .
وطبقا للمادة 48مكرر 02من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري المعدل
والمتمم فإنه خالل عملية التحقيق يمكن للمجلس الدستوري أن يستعين بمحاضر اإلحصاء
302
البلدي للتصويت ومحاضر األصوات لمكاتب التصويت وقوائم توقيع الناخبين واألوراق
الملغاة واألوراق المتنازع فيها وهذه الوثائق كلها تعكس واقع عملية االقتراع يوم االقتراع وهذا
1
ما تضمنه قرار المجلس الدستوري الصادر في 17جوان .1997
يتخذ المجلس الدستوري ق ارره بشأن الطعون المرفوعة إليه في مادة المنازعة في
انتخاب أعضاء المجلس الشعبي الوطني خالل ثالثة أيام ويتضمن القرار التأشيرات
والحيثيات والمنطوق وتعتبر ق ارراته نهائية.
يمكن أن يتضمن قرار المجلس الدستوري إلغاء نتيجة انتخابات دائرة معينة كما يمكن
أن يتضمن القرار فوز مرشح آخر أو قائمة أخرى بعد إعادة فرز النتائج.
يمتد اختصاص المجلس الدستوري الجزائري إلى فحص شروط عضوية مترشح فائز في
المجلس الشعبي الوطني واذا اتضح للمجلس الدستوري عدم توفر شرط من شروط عضوية
المجلس الشعبي الوطني في مترشح فائز يتم تبليغ القرار إلى الوزير المكلف بالداخلية وكذا
إلى رئيس المجلس الشعبي الوطني واألطراف المعنية.2
ميز ا لمشرع التونسي بين الطعن المنصب على سالمة العملية االنتخابية وذلك المنصب
على حق الترشح وكذا الطعن المتعلق بنتائج العملية االنتخابية بالنسبة للطعن في عملية
قبول الترشح ورفضها فتشترط المادة 106من قانون االنتخابات التونسي أن يكون الطعن
من المترشح ضمن قائمة تحصلت على الوصل النهائي.3
أما بالنسبة للحالة الثانية وهي حالة الطعن في سالمة العملية االنتخابية ونتائجها فوفقا
للفقرة الثالثة من المادة 106من قانون االنتخابات التونسي فإن حق الطعن يتمتع به كل
مترشح لالنتخابات التشريعية ونفس األحكام تطبق على انتخاب أعضاء الغرفة العليا ما
تسمى في تونس مجلس المستشارين ،وذلك اعتبا ار أن قانون 2004المنظم للمجلس
الدستوري التونسي جمع في باب واحد أحكام انتخاب غرفتي البرلمان التونسي ولم يفرق
303
بينهما بل جاء هذ ا الباب تحت عنوان االنتخابات التشريعية األمر الذي يجعل األحكام
تنسحب على المجلسين.1
يشترط قانون االنتخابات التونسي من خالل الفصل 106أن تقدم الطعون إلى كتابة
المجلس الدستوري وأضاف قانون 2004المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري التونسي
شرط أن تكون الطعون مكتوبة حيث جاء في المادة 32منه ما يفيد بعدم قبول االعتراضات
والطعون إال في صيغة مكتوبة.2
كما يشترط المشرع التونسي على كتابة المجلس الدستوري بأن تحيل الطعون
باالعتراضات فور استالمها على رئيس المجلس الدستوري وفق للمادة 25من قانون 2004
المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري التونسي ،3أما المادة 106في فقرتها السادسة من
قانون االنتخابات التونسي فتشير إلى ضرورة تضمين الشكايات بالوقائع والمستندات القانونية
مرفوقة بكل وثائق اإلثبات وترفض الشكايات بدون ذلك.4
يبدو أن المشرع الجزائري أكثر دقة من المشرع التونسي حيث نجده من خالل المادة 38
من قانون 2000المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري يحدد بدقة العناصر
الواجب أن تحتويها عريضة الطعن تحت طائلة الرفض.5
304
صدر قرار عن المجلس الدستوري الجزائري بتاريخ 24ماي 2012متعلق باالنتخابات
التشريعية التي جرت في 10ماي 2012وبمناسبة عريضة طعن تقدمت بها المترشحة بيازة
نبيلة بتاريخ 16ماي 2012والتي تعترض من خاللها على صحة عملية التصويت بالدائرة
االنتخابية عنابة.
وبعد إطالع المجلس الدستوري على مجموع أوراق ملف الطعن وبعد إشعار المطعون
ضدهم وبعد االطالع على المالحظات الكتابية للمطعون ضدهم وبعد التحقيق وبعد
االستماع إلى العضو المقرر في تالوة تقريره وبعد المداولة قرر مايلي:
في الموضوع :تصحيح نتائج االنتخابات التشريعية للدائرة االنتخابية عنابة الواردة في
إعالن المجلس الدستوري رقم /01إ .م .د 12 /المؤرخ في 15مايو 2012والمتضمن
نتائج انتخاب المجلس الشعبي الوطني على النحو اآلتي:
-القرار رقك / 06ق .م .د 12/المؤرخ في 03رجب عام 1433الموافق لـ 24ماي
2012والذي تقدمت به األستاذة محيوت نورة (محامية) عن قائمة حزب جبهة القوى
االشتراكية.
وما يالحظ على هذه الطعون أنها جاءت تطعن في نتائج فرز األصوات في دوائر
انتخاب ية معينة وبعدما استلم المجلس الدستوري رسالة الطعن من طرف أصحاب الصفة وفي
اآلجال القانونية قام بإحضار صناديق التصويت ومحاضر الفرز واألوراق المرفقة وأعاد فرز
األصوات وأعاد تحرير محاضر الفرز ومحاضر تركيز األصوات وأعطى المقعد المتنازع
حوله إلى القائمة المترشحة التي تستحقه تطبيقا للمادة 166من قانون االنتخابات.
305
أما المشرع اللبناني فقد جعل الطعن في انتخاب أعضاء المجلس النيابي يقدم بموجب
استدعاء يسجل لدى أمانة المجلس الدستوري اللبناني يذكر فيه معلومات تخص الطاعن
والدائرة االنتخابية التي ترشح فيها واسم النائب المعترض على صحة انتخابه واألسباب التي
بني عليها الطعن وترفق بالطعن كل الوثائق والمستندات التي تؤيد صحة الطعن.1
ويتم تبليغ الطعن باألساليب اإلدارية إلى رئيس المجلس النيابي ووزير الداخلية كما يبلغ
االعتراض إلى النائب المعترض على صحة انتخابه مرفقا بكل المستندات ولهذا األخير أجل
15يوما من تاريخ تبليغه ليقدم دفوعه ولكل من الطاعن والمطعون ضده أن يستعين بمحام
أمام المجلس الدستوري.
ما يالحظ أن المشرع اللبناني لم يحدد ما هو دور المجلس حيث أن المحام في أي نزاع
بين طريفين حول خصومه محددة يحددها قانون اإلجراءات المتعلقة بتلك الخصومة سواء
كانت مدنيه أو إدارية أو جزائية أما في هذا النوع من النزاع االنتخابي ما هو قانون
اإلجراءات الذي يتبعه المحامي؟
ألزم القانون اللبناني و ازرة الداخلية بأن تقدم جميع المحاضر والمستندات والوثائق المتوفرة
لديها إلى المجلس الدستوري من أجل التحقيقات الالزمة.2
يفصل المجلس الدستوري المغربي في نتائج االقتراع والطعون المتعلقة بها والمقدمة أمامه
حيث يقوم رئيس المجلس الدستوري المغربي بتعيين مقر ار يعلم النائب المطعون في عدم
أحقية انتخابه بعريضة ويعطيه أجال للرد عليها كتابيا ويمكن للمقرر أو أي عضو عينه
المجلس الدستوري المغربي لمتابعة النزاع والتحقيق فيه أن يجري التحقيق الضروري والالزم
في عين المكان.3
306
كما يلزم القانون التنظيمي للمجلس الدستوري المغربي كل جهة تملك محاضر العملية
االنتخابية وكل الوثائق الالزمة لها أن تسلمها إلى المجلس الدستوري إذا طلب منها ذلك،
كما يمكن للمقرر أن يتلقى يمين الشهود وتصريحاتهم واثر ذلك يحرر المقرر محض ار يطلع
عليه المعنيون في المجلس الدستوري الذين بإمكانهم وضع مالحظات كتابية خالل ثمانية
أيام.1
تنص المادة 34من القانون التنظيمي للمجلس الدستوري المغربي في فقرتها األولى على
مايلي «:عندما تكون القضية جاهزة يبت فيها المجلس الدستوري بعد االستماع إلى تقرير
المقرر داخل 60يوما.»...
قيد المشرع المغربي المجلس الدستوري بآجال البت وجعلها مغلقة في 60يوما ولم يقيد
المقرر بآجال محددة حتى يجعل القضية جاهزة للبت مع علمنا أن التحقيق كإجراء قانوني
مقيد بآجال األمر الذي يجعل المجلس الدستوري المغربي ال يبت في نزاعات متعلقة
بانتخاب أعضاء مجلس النواب بعد مرور سنتين األمر الذي ال نجده في الجزائر حيث يلزم
المجلس الدستوري في البت في الطعون المرفوعة أمامه خالل 03أيام.2
وحسب األستاذ عبد العزيز النويضي ...«:فإن هذا التأخر الفادح في البت في الطعون
االنتخابية يعد قصو ار خطي ار للعدالة كما ينتج عنه عدم استقرار في المراكز القانونية
لألشخاص ولما يشكله من إحساس بالغبن بعد تجاوز فترة معقولة دون بت– كفترة سنة مثال
كما أن التأخر يشكل هاجسا مستم ار للمطعون في انتخابه فإذا تجاوز التعطل أكثر من سنة
ووصل إلى سنتين أو ثالثة بالنسبة لوالية تشريعية تستمر 05سنوات فإنه يقترب من العبث
والسيما عندما يكون القرار هو إلغاء االقتراع.3»...
-1المادة 33من قانون 93-29المتعلق بتنظيم المجلس الدستوري المغربي " :يجب على كل جهة تودع لديها محاضر
العمليات االنتخابية ومالحقها أن توجهها إلى المجلس الدستوري إذا طلب منها ذلك .وللمجلس الدستوري أن يطلب بإجراء
تحقيق في الموضوع ويكلف المقرر المعين بتلقي تصريحات الشهود بعد أدائهم اليمين بين يديه ويدلي الشهود بشهادتهم
للمقرر في غيبة الطاعن والمنتخب المنازع في انتخابه ويؤدون القسم المنصوص عليه في الفصل 85من قانون المسطرة
المدنية.
ويحرر المقرر محض ار بذلك ويدعو المعنيين باألمر لالطالع عليه في األمانة العامة للمجلس الدستوري وايداع مالحظاتهم
في شأنه كتابة في غضون ثمانية أيام وللمجلس الدستوري كذلك أن يكلف عضوا من أعضائه أو المقرر المعين للقيام في
عين المكان بإجراء التحقيق التي يرى ضرورة القيام به".
-2المادة 1-34من قانون 29 - 93المنظم للمجلس الدستوري المغربي.
-3عبد العزيز النويضي ،المجلس الدستوري في المغرب ،مرجع سابق ،ص .102-101
307
كما يقترح األستاذ النويضي تعديل القانون التنظيمي للمجلس الدستوري ليتم تحديد آجال
قصيرة للبت في النزاع االنتخابي.
وحسب المادة 35من قانون المجلس الدستوري المغربي فإن المجلس الدستوري إذا قضى
لفائدة الطاعن إما أن يلغي االنتخاب المطعون فيه واما أن يصحح النتائج الحسابية التي
أعلنتها لجنة اإلحصاء ويعلن المرشح الفائز بصورة قانونية.1
وقد صدر عن المجلس الدستوري المغربي في مادة االنتخابات البرلمانية عدة ق اررات منها
القرار رقم 680/08المتعلق باالنتخابات التشريعية التي جرت في 07سبتمبر 2007
النتخاب أعضاء مجلس النواب والذي قضى من خالله برفض طلب إلغاء نتيجة االقتراع
الذي أجري بدائرة "ابن امسك" وكذا ق اررات 681/08الذي يخص نفس االنتخابات ورفض
من خالله المجلس الدستوري المغربي إلغاء نتيجة اقتراع دائرة "مديونة" وكذا قرار 683/08
الذي رفض من خالله المجلس إلغاء نتيجة االقتراع الذي جرى بدائرة "وجدة أنكاد".2
ج اء مجلس األمة كغرفة ثانية في البرلمان الجزائري بعد تعديل الدستور في 28نوفمبر
منه عن طريق االقتراع العام غير المباشر 1996من خالل المادة 101منه وينتخب
والسري من بين ومن طرف أعضاء المجالس الشعبية المحلية لعهدة 06سنوات حسب
المادة 102من الدستور ،وتشمل عملية التصويت 96عضوا يمثلون 48والية تتكون منها
الجمهورية الجزائرية أما 48عضوا الباقون فيتم تعيينهم من طرف رئيس الجمهورية في إطار
اختصاصاته الدستورية.3
يتم الترشح لعضوية مجلس األمة عن طريق مأل استمارة وفقا لما يبينه قانون االنتخابات
01/12والسيما المادة 109منه حيث يقدم المترشح نسختين على مستوى الوالية ويوقع
308
عليهما أما المترشح ضمن حزب سياسي ال بد له من شهادة تزكية من الحزب يقدمها ويوقع
عليها رئيس الحزب.1
ويحق لكل مترشح لعضوية مجلس األمة أن يحتج على نتائج االقتراع بتقديم طعن لدى
كتابة ضبط المجلس الدستوري في األربعة والعشرين 24ساعة التي تلي إعالن النتائج.2
ويأخذ الطعن شكل طلب يشبه عريضة يودعها لدى كتابة ضبط المجلس الدستوري مرفقة
بالمستندات التي تؤكد ادعاءاته.
وحسب المادة 127من القانون رقم 01/12فإن المجلس الدستوري الجزائري يبت في
انتحاب اعضاء مجلس االمة وتعتبر هذه الشروط نفسها التي يتطلبها القانون الفرنسي ويلزم
توفرها في عريضة الطعن إال أن المشرع الفرنسي يمكنه استثناء أن يرخص أجال لصاحب
الطعن لكي يتمكن من تكملة الوثائق.3
استحدثت غرفة ثانية في البرلمان التونسي سميت مجلس المستشارين بعد تعديل
2002/06/01ونجد قانون االنتخابات المعدل في 04أوت 2003جعل الطعون المتعلقة
بانتخاب أعضاء مجلس المستشارين هي نفسها األحكام المتعلقة بانتخاب أعضاء مجلس
النواب فيما يخص أجال تقديم الطعون وآجال البت فيها ونظ ار لخصوصية انتخاب مجلس
المستشارين نص قانون االنتخابات التونسي بأن حق الطعن يكون للمترشح المعني بالدائرة
االنتخابية التي ترشح فيها والمترشح عن قطاع معين ال يمكنه الطعن إال في االنتخابات
المتعلقة بقطاعه.
كما أن طبيعة القوائم الموسعة التي تظم عدة مترشحين لقطاع واحد يمكن لكل مترشح أن
يطعن في عملية االنتخاب التي يخص قطاعه.4
309
أما الدستور المغربي لسنة 1996ومن خالل مادته 81جعل المجلس الدستوري يفصل
في صحة انتخاب أعضاء البرلمان بغرفتيه مجلس النواب ومجلس المستشارين كما تطرق
القانون التنظيمي للمجلس الدستوري المغربي من خالل المواد من 29إلى 35إلى هذه
المسألة.1
جاءت المادة 29شاملة بحيث حددت أجل 15يوما من تاريخ إعالن نتائج انتخاب
البرلمان بغرفيته.2
تنص المادة 41من األمر القانوني المتعلق بالمجلس الدستوري الموريتاني على مايلي«:
يمكن للمجلس عندما يحكم لصالح طلب ما وحسب الحاالت إلغاء االنتخاب المعترض عليه
أو تعديل إعالن لجنة اإلحصاء واعالن نجاح المترشح المنتخب بصفة رسمية» وهذه المادة
مستمدة من األمر 07نوفمبر 1958المنظم للمجلس الدستوري الفرنسي ومن خالل ذلك
فإن المجلس الدستوري الموريتاني يمارس قضاء كامال وليس قضاء إلغاء فحسب.
كما أن المادة 84من دستور موريتانية جعلت البت في حالة ن ازع متعلق بصحة انتخاب
النواب والشيوخ يعود للمجلس الدستوري وأخذت كال المجلسين لنفس األحكام ،كما بينت
المواد من 32إلى 45من القانون النظامي للمجلس الدستوري الموريتاني دور هذا األخير
في البت في النزاعات المتعلقة بصحة انتخاب أعضاء البرلمان أو قابلية انتخابهم.3
ويتم الطعن عن طريق طلب مكتوب يوجه إلى األمانة العامة للمجلس الدستوري أو إلى
حاكم المقاطعة التي جرى فيها االقتراع وفي هذه النقطة كان من األجدر بالمشرع الجزائري
310
أن يفتح حق الطعن للمترشحين والناخبين ويسمح بأن يكون ذلك على مستوى المحكمة
اإلدارية المختصة محليا نظ ار لكبر مساحة الجزائر وصعوبة التوجه إلى مقر المجلس
الدستوري بالجزائر العاصمة خاصة مع قصر اآلجال.
بعد أن تنتهي اللجان االنتخابية الوالئية واللجنة االنتخابية للمقيمين بالخارج من أعمالها
في أجل أقصاه اليوم الموالي ليوم االقتراع على الساعة 12زوال ،يقوم رئيس المجلس
الدستوري الجزائري بتعيين أعضاء كمقررين الذين يقومون بمراقبة صحة عمليات االنتخاب
في عدة دوائر ويمكن للمقرر أن يستعين بقضاة من المحكمة العليا ومن مجلس الدولة وبعد
أن يقوم المقرر بالتحقيق يعد ق ار ار معلال إما بإلغاء االنتخاب أو بتعديل المحضر بإعالن
الفائز وفي حالة إلغاء االقتراع تنظم انتخابات أخرى في أجل أقصاه ثمانية أيام من تبليغ
قرار المجلس الدستوري.1
وقد سبق أن نظر المجلس الدستوري الجزائري في ( 16ستة عشرة) طعنا بمناسبة
المنتخبين وقضى بأن انتخاب أعضاء مجلس األمة في 25ديسمبر 1997يعني
كل الطعون مرفوضة لتجاوزها لآلجال القانونية المبينة في المادة 166من قانون االنتخابات
.207/97
ويمكن أن تكون األخطاء كثيرة ومتنوعة ال تسمح اآلجال المحددة في قانون االنتخابات
وهي 48ساعة من جمعها وارفاقها بالوثائق الثبوتية وارسالها إلى المجلس الدستوري ولهذا
من األحسن تمديد اآلجال المبينة في المادة 166إلى 08أيام من تاريخ اإلعالن عن نتائج
انتخاب أعضاء مجلس األمة المنتخبين وقد تكون األخطاء مادية موجودة على مستوى
محاضر فرز األصوات أو فيما يتعلق بشروط قابلية العضو للترشح أو عدم توقيع أعضاء
مكتب التصويت على القوائم االنتخابية وبمناسبة انتخاب اعضاء مجلس األمة المنتخبين
311
في ديسمبر 1997صحح المجلس الدستوري الجزائري نتائج بعد دراسته لطعن مقدم يحتج
الطاعن من خالله أنه أثناء الفرز تم إلغاء أوراق صحيحة بسبب كونها مطوية عدة مرات
وأقر المجلس الدستوري بأنها نظامية ال يشوبها عيب إال أنها كانت مطوية أكثر من مرة
وأدى هذا التصحيح إلى إعادة حساب األصوات أخذا بعين االعتبار األوراق المطوية وأعلن
بذلك عن الفائز بالتصويت.1
نصف أعضاء كما قام المجلس الدستوري الجزائري بإلغاء االنتخاب المتعلق بتجديد
مجلس األمة المنتخبين في والية من تلقاء نفسه دون أن يتلقى طعنا بذلك وهذا بعد أن وجد
من خالل إطالعه على المحاضر والمرفقات وملفات المترشحين أن أحد المترشحين لم يتوفر
فيه شرط السن المطلوبة لعضوية مجلس األمة.2
كما أن المجلس الدستوري الجزائري ألغى نتائج اقتراع في عدة واليات بعد تلقيه عدة
طعون من طرف مترشحين لتجديد نصف أعضاء مجلس األمة المنتخبين ألسباب عدم
توقيع أعضاء مكتب التصويت على القائمة 3تصويت ثالثة ناخبين بالواليات 4أو عدم
شرعية أوراق تصويت لحملها عالمات لم ينص عليها القانون ،5كما ألغى نتائج االنتخاب
بسبب تسرب أوراق التصويت قبل البدء في عملية االقتراع وتبين بعد التحقيق أن عدد أوراق
التصويت يفوق عدد الناخبين المصوتين ،6هذه الق اررات أدت إلى إلغاء االنتخابات في
الواليات المعنية بها وتمت إعادتها بعد 08أيام.
- 1القرار المؤرخ في 12صفر عام 1418هـ الموافق ل 17يونيو سنة ،1997أحكام الفقه الدستوري الجزائري ،ص
.58 -57
- 2القرار رقم /01ق .م .د 04 /مؤرخ في 11ذي القعدة عام 1424هـ الموافق ل 04يناير سنة ،2004أحكام الفقه
الدستوري الجزائري ،ص .71
- 3القرار رقم / 02ق .م .د 04 /مؤرخ في 15ذي القعدة عام 1424هـ الموافق ل 08يناير سنة ،2004أحكام الفقه
الدستوري الجزائري ،ص .74
- 4القرار رقم /03ق .م .د 04 /مؤرخ في 15ذي القعدة عام 1424هـ الموافق ل 08يناير سنة ،2004أحكام الفقه
الدستوري الجزائري ،ص .77
- 5القرار رقم /04ق .م .د 04 /مؤرخ في 15ذي القعدة عام 1424هـ الموافق ل 08يناير سنة ،2004ج ر ،عدد
،05أحكام الفقه الدستوري الجزائري ،2004 ،ص .82
- 6القرار رقم /05ق .م .د 04 /مؤرخ في 27ذي القعدة عام 1424هـ الموافق ل 20يناير سنة ،2004ج ر ،عدد
،07أحكام الفقه الدستوري الجزائري ،2004 ،ص .88
312
أما في تونس فإن الطعون المتعلقة بصحة انتخاب مجلس المستشارين فبمجرد ورودها
إلى المجلس الدستوري التونسي يعين هذا األخير مقر ار أو عدة مقررين للتحقيق في الطعن
تطبيقا ألحكام المادة 33من قانون جويلية 2004المنظم للمجلس الدستوري التونسي ويمكن
للمقرر أن يستمع ألي شخص وأن يطلب إحضار أية وثيقة ترتبط باالنتخابات.1
يظهر المجلس الدستوري في هذا الصدد بصفته كمحكمة قضائية تعتمد على األدلة
والقرائن وشهادة الشهود إلصدار قرارها حول النزاع المطروح وهذا االتجاه نجد المجلس
الدستوري اللبناني يأخذ به حيث يمكن للمقرر المعين من طرف المجلس الدستوري أن يستمع
للشهود ويطلب الوثائق وهو يلعب دور قاضي التحقيق.2
وما يالحظ أن المقرر في النظام اللبناني يتمتع بعدة صالحيات وفقا للمادة 39من
النظام الداخلي للمجلس الدستوري اللبناني حيث يمكنه تعيين خبير ،وسماع الشهود بعد
اليمين والطلب من اإلدارات المعنية التقارير والسجالت واستدعاء الموظفين المختصين
الستجوابهم.3
كما سبق وأن رأينا من خالل هذه الدراسة فإن الغرفة الثانية للبرلمان المغربي تسمى
4
مجلس المستشارين ويتم انتخاب أعضاءها عن طريق االقتراع غير المباشر على القائمة
واعتبا ار أن القانون الذي يحكم مجلس المستشارين لم يبين طرق الطعن في القائمة التي
تشمل مجموعة مرشحين يختلف عددهم حسب كل هيئة ممثلة في مجلس المستشارين.5
تطرح عدة تساؤالت بالنسبة للطعن في صحة انتخاب أعضاء مجلس المستشارين في
المغرب من حيث هدف الطعن هل يكون ضد مرشح بعينه أو ضد القائمة كلها ؟ وماهي
طبيعة قرار المجلس الدستوري هل يلغي نتيجة العضو المنتخب المطعون في انتخابه ؟ أم
يلغي كل العملية االنتخابية ويعيدها ؟
313
إذا تفحصنا المواد 53 ،52 ،51 ،50من قانون 32/97المتعلق بمجلس المستشارين
فإن هذه المواد ال تجيب على اإلشكال المطروح إال أن المجلس الدستوري المغربي سمح
بتقديم طعن ضد منتخب متنازع في انتخابه فرديا بمعزل على القائمة وهذا من خالل ق ارره
1
رقم 2001 - 432الصادر في 6فبراير 2001
وبما أن المجلس الدستوري قد أجاز الطعن ضد منتخب في الالئحة بشكل انفرادي فإن
األصل العام هو الطعن ضد الالئحة بأكملها وينتج هنا حالتين:
أ -الحالة األولى :
عندما يشوب االنتخاب خروقات قانونية أو تدليس تؤدي إلى فوز قائمة معينة فإن
الطاعن يطلب إلغاء القائمة االنتخابية لذلك فإن المجلس الدستوري يقضي في قرارها بإلغاء
الالئحة برمتها.2
ب -الحالة الثانية :
في هذه الحالة يكون العيب يمس مرشح بذاته ضمن القائمة كعدم حصوله على األهلية
القانونية وعدم تفطن اإلدارة لذلك في هذا الصدد يالحظ أن أغلب الطعون التي وجهت
للمجلس الدستوري المغربي كانت حول أفراد بذواتهم ولم تكن موجهة ضد القائمة كلها.3
أما عن تلقي الطعن فإن المجلس الدستوري بمجرد تلقيه الطعن في عملية انتخاب
أعضاء مجلس المستشارين يتم تعيين مقر ار هذا األخير يؤدي وظيفة أساسية تتمثل في
اعداد ملف الدعوى االنتخابية من تاريخ تكليفه بالمهمة إلى حين إعداد مشروع القرار وقد
وصفه أحد الباحثين "بالشخص المفتاح" 4الذي يستعين به قاضي االنتخاب في حل المنازعة
المعروضة عليه وأي تقصير في مهمته يؤدي إلى التأثير على نوعية قرار القاضي.
-1قرار رقم 2001 . 432صادر في 06فبراير 2001ج ر عدد 05 /4879مارس ،2001ص .726
" لكن حيث أنه بخصوص الجهة األولى من الدفع فالمادة 51من نفس القانون المستدل بها أجازت للناخبين والمرشحين
الم عنيين باألمر إمكانية الطعن ضد الق اررات التي تتخذها مكاتب التصويت والمكاتب المركزية واللجان الجهوية لالحصاء
أمام المجلس الدستوري ،كما يستفاد من مبنى ومعنى أحكام المادة 31من القانون التنظيمي للمجلس الدستوري أن المشرع
أجاز صراحة تقديم الطعن ضد منتخب متنازع في انتخابه انفراديا حين عبر بلفظ المنتخب المنازع في انتخابه".
-2خالد الشرقاوي السموني ،مرجع سابق ،ص .50
-3المرجع نفسه ،ص .75
-4المرجع نفسه ،ص .77
314
تتلخص مهام المقرر في إشعار العضو البرلماني المطعون في انتخابه على نسخة من
عريضة الطعن وجمع عناصر الدعوى من مالحظات كتابية ووثائق وتقارير التي تم إنجازها
في مرحلة التحقيق وفي هذا اإلطار يمكن تكليف المقرر بتلقي تصريحات الشهود بعد
أداءهم اليمين بين يديه كما يمكنه االنتقال إلى عين المكان إلجراء تحقيق يرى ضرورة القيام
به ،وهذا المقرر هو الذي يجهز القضية حتى يصدر فيها المجلس الدستوري ق ار ار.1
ال يطرح مشكل الوقت في فرنسا ألن الملفات تسند دراستها باإلضافة إلى المقررين
المساعدين والذين يختارون من مجلس الدولة ومحكمة الحسابات ،3الشيء الذي يفسر أن
المجلس الدستوري الفرنسي يقوم بتصفية جميع ملفات الطعون االنتخابية المحالة عليه في
ظرف ال يتجاوز سنة واحدة.4
أما من حيث إصدار قرار المجلس الدستوري فإن هذا األخير يبت في القضية عندما
تكون جاهزة في أجل ستين يوما إال أن المجلس الدستوري قد يتذرع بعدم جاهزية القضية
ويؤجل البت فيها خصوصا وأن القانون ال يلزمه بأجل معين لجعل القضية جاهزة الشيء
الذي يفتح الباب للتأثير السياسي على القاضي الدستوري فكلما كانت رغبة الفاعل السياسي
تسير في اتجاه الفصل يتم تجهيز القضية للفصل بأقصى سرعة وعندما تكون رغبة الفاعل
السياسي في عدم تجهيز القضية للفصل يتم التذرع بعدم جاهزية القضية للفصل ألجل غير
محدد.
ويكون قرار المجلس الدستوري المغربي إما برفض طلب الطاعن وابقاء النتائج على
حالها أو إلغاء االنتخاب برمته واعادته واما إعادة فرز األصوات وحساب النتائج وتعيين
المترشح الفائز في االنتخاب.
315
وبعد معالجة دور القاضي الدستوري في دول المغرب العربي في الفصل في النزاع
االنتخابي سجلت مجموعة من النقائص وجب على المؤسس الدستوري والمؤسس التشريعي
المغربي تداركها تمثلت هذه النقائص في اآلتي:
* تحسين مناهج عمل القاضي الدستوري في مجال الفصل في النزاع االنتخابي والذي
يتمثل في تحديد آجال للفصل في المنازعات االنتخابية ،تحسين طرق التحقيق وتوسيع دور
المقرر إلى مقررين مساعدين يختارون من المحاكم اإلدارية على غرار ما هو معمول به في
فرنسا .
* توسيع حق الطعن إلى أكبر فئة في المجتمع لها دور فاعل في العملية االنتخابية مع
ضمان حقوق األطراف المتنازع وكذا نشر وتبليغ األحكام الصادرة بمناسبة الفصل في النزاع
االنتخابي واعطاء مساحة أكبر للقاضي الدستوري من أجل اكتسابه جرأة أكبر في حل النزاع
االنتخابي الشيء الذي يحقق العدالة والمشروعية بين المترشحين.1
أما في المغرب فإن جهاز الرقابة لم يخول الحق ولم يعطي أية إمكانية للتدخل أثناء
سير عملية االقتراع ،2ونفس الحال بالنسبة للمجلس الدستوري في الجزائر وتونس اللذان ال
يتدخالن في يوم االقتراع ،وانما يبدأ دور المجلس الدستوري الجزائري بعد تلقي محاضر
النتائج التي تم إعدادها وارسالها من طرف اللجان الوالئية لالنتخابات في أظرفة مغلقة
ومختومة وبعد فحصها يعلن عن النتائج النهائية.
- 1عبد العزيز النويضي ،االنتخابات والقضاء الدستوري في المغرب ،مرجع سابق ،ص .53
-2المرجع نفسه ،ص .54
316
كما للمجلس الدستوري الجزائري حق النظر في الطعون المتعلقة بعملية االستفتاء ويتخذ
في شأنها ق ار ار وفقا للمادة 167من القانون العضوي لالنتخابات رقم .101 - 12
ويحق لكل ناخب أو مستفتي في العملية االستفتائية أن يطعن في صحة االستفتاء من
خالل محضر متواجد في مكتب التصويت ويحيل قانون االنتخابات على التنظيم ليبين
شروط الطعن الشكلية والموضوعية وميعاده القانوني وبناء على الطعن يدرس المجلس
الدستوري الطعن ويصدر في شأنه ق ار ار إما بإلغاء األصوات أو إعادة توزيعها أو إلغاء
أصوات المكتب أو إلغاء أصوات المركز ،ويعلن النتيجة النهائية.2
317
الفصل الثاني
المهام الخاصة بالقاضي الدستوري
وأحكام الدعوى الدستورية
318
يمارس القاضي الدستوري في دول المغرب العربي على غرار النظام الفرنسي ،مهام
خاصة استشارية في الظروف العادية والظروف االستثنائية ،باإلضافة إلى االختصاصات
األصلية المنصوص عليها في الدستور ،وتحدد هذه المهام الخاصة وفق للدستور وللقوانين
التي يحيل عليها الدستور ذاته ،كما يتمتع القاضي الدستوري بإج ارءات عمل مختلفة عن
القاضي العادي ،والقاضي اإلداري على حسب طبيعة نشاطه سواء تعلق بممارسة رقابة
الدستورية ،أو الفصل في منازعة انتخابية ،وتقديم رأي استشاري لكنه يخضع في أغلب
الحاالت إلى تحريكه من طرف جهات محددة بواسطة المؤسس الدستوري ،أو النص
التشريعي ،وبعد تحريكه بواسطة اإلخطار ،أواإلحالة ،يتبع إجراءات عمل ممثلة في التحقيق
والمداولة وفي األخير يصدر القاضي الدستوري آراء أو ق اررات حسب الحالة نهائية وملزمة.
منح المؤسس الدستوري للقاضي الدستوري باإلضافة إلى االختصاصات المحددة دستوريا
في مجالي الرقابة الدستورية والمنازعة االنتخابية عدة مهام أخرى استشارية في حالة متعددة
كحالة شغور منصب رئاسة الدولة ،وحالة تزامن شغور منصب رئاسة الدولة ورئاسة المجلس
النيابي ،وحالة تمديد عهدة البرلمان ،وتعديل الدستور ،هذا في حالة الظروف العادية التي
يتوقعها المؤسس الدستوري عند سن الدستور ،كما يلعب القاضي الدستوري دو ار مهما في
إعالن حالة الطوارئ ،ورفعها ،باعتبارها حالة خاصة ينظمها الدستور ويوازن من خاللها بين
ضرورة الحفاظ على استمرار الدولة ومؤسساتها ،وضرورة عدم المساس بالحقوق والحريات
األساسية للمواطن ،وفي هذه الحاالت يملك القاضي الدستوري عدة آليات حتى يتمكن من
التدخل وهو ما اتفق دستوريا على تسميته باإلخطار وتحديد الجهة التي تملك حق إخطار
المجلس الدستوري وضوابط هذا اإلخطار واجراءاته ،سواء في مجال الرقابة الدستورية أو
مجال النزاع االنتخابي ،أو في حالة الدور االستشاري ،كما فتحت التعديالت الدستورية
الجديدة في تونس والمغرب الحق لمواطنيها الخطار المحكمة الدستورية بطريقة غير مباشرة
في مجال الحقوق والحريات المعترف بها دستوريا وفق اجراءات خاصة احال بشانها على
القانون ،ولهذا نعالج في هذا الفصل مايلي:
319
المبحث األول :المهام الخاصة بالقاضي الدستوري ووسائل تحريكه
للقاضي الدستوري مهام خاصة نص عليها الدستور والقوانين ذات الصلة سواء بالنسبة
لرئيس المجلس الدستوري أو للمجلس الدستوري كهيئة ،وتتم هذه األدوار في الظروف
العاديةمثل حلة شغور منصب رئيس الجمهورية و حالة تمديد عهدة البرلمان وحالة
االنسحاب او حدوث مانع الحد المترشخين للدور الثاني لالنتخابات الرئاسية و حالة تعديل
الدستور و ما ينجر عن هذه الحاالت من مساس بالمشروعية ودولة القانون والظروف غير
العادية،مثل حاالت الطوارئ والحصار و الحالة االستثنائية كما أن القاضي الدستوري الذي
يمارس مهام على مستوى المجلس الدستوري يحتاج إلى تحريكه من طرف جهات معينة عن
طريق اإلخطارو لالخطار ظوابط و احكام ومواعيد واجال تختلف من دولة الى دولة فهل
تعتبر هده الضوابط عرقلة ام الية تنظيم؟ على عكس القاضي المتواجد على مستوى المحاكم
العادية ،أو القاضي الدستوري المتواجد على مستوى محكمة دستورية خاصة ،والذي ينظر
في الدعوى المرفوعة إليه من طرف ذوي الصفة والمصلحة ،والتساؤل المطروح كيف تعامل
المؤسس الدستوري في دول المغرب العربي مع هذه الحاالت ؟ولهذا نقسم هذا المبحث إلى
مطلبين:
للقاضي الدستوري مهام خاصة نصت عليها الدساتير غير تلك المتعلقة بالرقابة على
دستورية القوانين والسهر على العمليات االنتخابية واالستفتاء يمارسها إما بصفة إنفرادية عن
طريق رئيسه واما يمارسها كهيئة في الظروف العادية والظروف غير العادية وهذا ما نعالجه
في فرعين.
320
الفرع األول :المهام الخاصة بالقاضي الدستوري في الظروف العادية
لقد توقع المؤسس الدستوري حين سنه لبنود الدستور حاالت يمكن وقوعها أثناء السير
العادي لمؤسسات الدولة ووضع لها حلوال في متن الدستور ومن هذه الحاالت ،شغور
منصب رئيس الدولة وما يترتب عنه من إجراءات ،حل البرلمان ،إجراء تعديل الدستور وهذا
ما سيتم معالجته من خالل النقاط اآلتية:
سبق وأن رأينا أن المجلس الدستوري ال يتحرك إال بعد إخطاره من طرف إحدى الجهات
المبينة في الدستور ،لكن بناء على المادة 55من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس
الدستوري الجزائري أن هذا األخير يجتمع بقوة القانون إذا توافرت الحالة المنصوص عليها
في المادة 88من دستور 28نوفمبر .11996
تبين المادة 88من دستور 28نوفمبر 1996والتي تقابلها المادة 84من دستور 23
فبراير 1989حالة إصابة رئيس الجمهورية بمرض خطيرو مزمن فيجتمع المجلس الدستوري
بقوة القانون ليتأكد ويتثبت من حقيقة هذا المانع وله في ذلك أن يعتمد على جميع الوسائل
المالئمة وبعد تأكده من ثبوت المانع لرئيس الجمهورية يقترح بموافقة جميع أعضائه يعني
باإلجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع.2
وحسب رأي األستاذ سعيد بوشعير وهو يفسر عبارة «:بكل الوسائل المالئمة» إمكانية
اتصال المجلس الدستوري باألطباء المشرفون على عالج الرئيس ليتأكد من المانع لكنه يرى
أن النص الدستوري لم يحدد من هي الجهة المبادرة بإثارة موضوع حدوث المانع للرئيس هل
هي المالحظة فقط لتغيب الرئيس.
- 1المادة 55من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري مداولة 03ماي ، 2012ج .ر عدد .26
« يجتمع المجلس الدستوري بقوة القانون في الحاالت المنصوص عليها في المادة 88من الدستور يمكنه في هذا اإلطار
أن يقوم بجميع التحقيقات ويستمع ألي شخص مؤهل والى أي سلطة معنية».
- 2عبد القادر شربال ،مرجع سابق ،ص .48
321
كما يطرح تساؤل حول كيفية االتصال باألطباء فهل يعتمد المجلس الدستوري على
الشهادات الطبية أو يتعامل مباشرة مع األطباء كما يطرح تساؤل آخر هو هل من صالحية
األطباء االستنتاج بأن رئيس الجمهورية لم يعد قاد ار على ممارسة مهامه؟» ،ولهذا يقترح
األستاذ بوشعير...«:تحديد طريقة المالحظة أي مالحظة حدوث المانع ويلزم المالحظين
الصحيين بإعالم المجلس الدستوري بالحالة الصحية للرئيس حتى يمكن لهذا األخير أن
يتدخل من أجل إثبات المانع والتقدم بعد ذلك باإلجماع بمقترح الى البرلمان المجتمع بغرفتيه
من أعضائه ويكلف رئيس مجلس األمة بتولي رئاسة ليصرح بثبوت المانع بأغلبية
الدولة بالنيابة لمدة 45يوما مع مراعاة أحكام المادة 90من دستور .1»1996
ويثور تساؤل حول استمرار المانع لرئيس الجمهورية بعد مضي 45يوما األولى حول
تحديد الجهة التي تقوم بإخطار المج لس الدستوري حتى يجتمع ويقترح شغور المنصب نهائيا
باالستقالة هل هو رئيس الدولة بالنيابة أم الهيئة الطبية المشرفة على عالج الرئيس ومتابعة
حالته الصحية ،فالدستور لم يتطرق إلى هذه التفاصيل و في هذا الشان يرى األستاذ
بوشعير... «:أنه من حيث الحفاظ على تطبيق الدستور ينبغي توضيح مثل هذه الحاالت
التي قد تشغل إلبعاد الرئيس بإيهام المجلس الدستوري أثناء 45يوما بأنه غير قادر على
العودة إلى منصبه ومن ثمة التصريح بالشغور النهائي.2»...
يبدو أنه من األحسن جعل الهيئة الطبية المشرفة على معالجة رئيس الجمهورية ومتابعة
حالته الصحية تعمل تحت اإلشراف المباشر لمن يمارس رئاسة الدولة بالنيابة سواء رئيس
مجلس األمة أو رئيس المجلس الدستوري حسب الحالة وعلى هذا األخير أن يطلع باقي
أعضاء المجلس الدستوري بالحالة الصحية لرئيس الجمهورية يوميا بتفاصيلها مع إلزامهم
بعامل السرية.
كما يطرح إشكال حول اقتراح حدوث المانع هل يقصد به إجماع 07أعضاء الذين
يحققون النصاب أو حضور 09أعضاء من 09ولو كان االحتمال الثاني هو المقصود
322
وافتراضا حدث مانع ألحد أعضائه أو انتهت عهدة بعض أعضائه ولم يتم التجديد لهم فكيف
يكون العمل؟
وبعدما يتلقى البرلمان المنعقد بغرفتيه اقتراح إعالن ثبوت حدوث المانع لرئيس
ثلثيه ثبوت المانع لرئيس الجمهورية ويكلف حينئذ الجمهورية يعلن هذا األخير بأغلبية
رئيس مجلس األمة بتولي رئاسة الدولة بالنيابة لمدة أقصاها 45خمسة وأربعون يوما.1
وفي حالة استمرار المانع لرئيس الجمهورية بعد مضي مدة 45يوما المنصوص عليه
في الفقرة الثانية من المادة 88من دستور 1996يجتمع المجلس الدستوري بقوة القانون
وبنفس الشروط المطبقة سابقا ويعلن الشغور النهائي باالستقالة وجوبا ،وتطبق في تلك
الحالة أحكام الفقرة الثالثة من المادة 88من دستور 1996والمتعلقة باالستقالة.2
كما يجتمع المجلس الدستوري بقوة القانون في حالة استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته
ويثبت شغور رئاسة الجمهورية نهائيا يبلغ البرلمان الذي يجتمع وجوبا ويكلف رئيس مجلس
األمة بتولي رئاسة الدولة لمدة أقصاها ستون ( )60يوما تنظم خاللها انتخابات رئاسية دون
أن يترشح لها.3
أما الحالة التي يقترن فيها شغور رئاسة الجمهورية بسبب االستقالة أو الوفاة بشغور
رئاسة مجلس األمة ألي مانع كان ،فإن المجلس الدستوري يجتمع بقوة القانون ويؤكد
باإلجماع الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية باالستقالة أو بالوفاة وحصول المانع لرئيس
مجلس األمة ويعهد برئاسة الدولة إلى رئيس المجلس الدستوري ،4هذه الحالة لم تتطرق لها
الفقرة األخيرة من المادة 84من دستور 1989واكتفت باقتران وفاة رئيس الجمهورية مع
شغور رئاسة المجلس الشعبي الوطني بالحل ولم تنص على شغور رئاسة الجمهورية
باالستقالة ،لكنه كان بإمكان المجلس الدستوري أن يجتهد ويسحب حكم الوفاة على االستقالة
ويتفادى الفراغ المؤسساتي الذي حدث في جانفي .1991
- 1المادة 88فقرة 03 ،02 ،01من دستور 28نوفمبر 1996تقابلها المادة 84من دستور 23فبراير .1989
323
هذه الحالة لم يتم النص عليها من خالل دستور 1989حيث اقترنت استقالة رئيس
الجمهورية في 11يناير 1992مع حل المجلس الشعبي الوطني بمرسوم رئاسي مؤرخ في
04جانفي 11992األمر الذي خلق فراغا في منصب رئاسة الدولة تم تغطيته باجتهادات
خارج إطار الدستور إلى غاية إعادة انتخاب رئيس جمهورية في أفريل .21995
في هذه الحاالت يظهر الدور القوي الذي يلعبه المجلس الدستوري باعتبار المسألة
تخص أعلى سلطة دستورية في البالد وضرورة عدم بقائها شاغرة فقد اجتمع المجلس
الدستوري الجزائري وأصدر بيانا في 11جانفي 1992بعد اطالعه على رسالة استقالة
الرئيس في تلك المرحلة وجاء في البيان مايلي «:بعد االطالع على رسالة استقالة الرئيس
الشاذلي بن جديد من رئاسة الجمهورية بتاريخ 11جانفي 1992فإن المجلس الدستوري في
اجتماعه المنعقد يوم 11جانفي 1992يثبت الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية.
اعتبا ار من جهة أخرى أن الدستور لم ينص في أحكامه على حالة اقتران شغور المجلس
الشعبي الوطني عن طريق الحل بشغور رئاسة الجمهورية باالستقالة ،اعتبا ار بأن الظروف
التي تمت خاللها استقالة رئيس الجمهورية كانت مرتبطة باألوضاع السائدة في البالد،يصرح
بأنه يتعين على المؤسسات المخولة بالسلطات الدستورية...أن تسهر على استم اررية الدولة
وتوفير الشروط الضرورية للسير العادي للمؤسسات وللنظام الدستوري» ،3لكنه كان بإمكان
المجلس الدستوري أن يجتهد ويسحب حكم الوفاة على االستقالة ويتفادى الفراغ المؤسساتي
الذي حدث في جانفي .1991
وبناء على البيان صرح المجلس األعلى لألمن بإنشاء هيئات مؤقتة لسد الشغور في
رئاسة الدولة وتم اإلعالن عن عدة مؤسسات انتقالية لتسيير مرحلة انتقالية دامت إلى غاية
انتخاب رئيس جمهورية في أفريل 1995وتعديل الدستور 28نوفمبر ،1996واكمال
-1بيان 11جانفي ،1992أحكام الفقه الدستوري الجزائري ،مرجع سابق ،ص .52
-2المرسوم الرئاسي رقم 01 -92المؤرخ في 28جمادي الثانية عام 1412الموافق لـ 04يناير ،1992يتضمن حل
المجلس الشعبي الوطني ،ج ر عدد 2مؤرخة في 08يناير .1992
-3بيان 11جانفي 1992أحكام الفقه الدستوري الجزائري مرجع سابق ،ص .52
324
انتخاب البرلمان بغرفتيه،1مع المالحظة بأن دور المجلس الدستوري انكمش كثي ار في هذه
المرحلة االنتقالية حيث أصحاب القرار استبدلوا دستور 1989في بعض أحكامه بأرضية
الوفاق الوطني .1994
أما في تونس فإننا نفرق بين مرحلتين تمت فيها معالجة مسألة شغور منصب رئيس
الجمهورية بصفة مختلفة وهما مرحلة ما قبل تعديل 01جوان 2002وما بعدها.
كان لوفاة الرئيس بورقيبة أثر كبير عند المهتمين بالشأن الدستوري السيما أن الفصل
57من دستور تونس 1959في نصه األصلي قد سكت عن تنظيم حالة شغور منصب
رئيس الجمهورية والسلطة التي لها صالحية إعالن الشغور مما فتح الباب لعدة اجتهادات.2
حتى تعديل الدستور في 1988والسيما المادة 57منه لم تعالج مسألة شغور منصب
رئيس الجمهورية بعمق بل اكتفت بتحديد السلطة التي تتولى منصب الرئاسة مؤقتا إلى حين
انتخاب رئيس جديد وجاء فيها مايلي«:عند شغور منصب رئيس الجمهورية لوفاة أو
االستقالة أو لعجز دائم ،يتولى فو ار رئيس مجلس النواب مهام رئاسة الدولة بصفة مؤقتة
ألجل أدناه 45يوما وأقصاه 60يوما» وهنا اآلجال ممتدة بين مدتين على عكس المؤسس
الدستوري الجزائري الذي يجعلها محدد ب 45يوما وفق المادة 88من دستور 1996
الجزائري او 60يوما.3
أوكل الدستور بعد تعديل الفاتح من جوان 2002من خالل الفصل 57مهمة معاينة
شغور منصب رئيس الجمهورية لوفاة أو استقالة أو لعجز دائم إلى المجلس الدستوري حيث
جاء في المادة 57بعد تعديلها مايلي «:عند شغور منصب رئيس الجمهورية لوفاة أو
-1إعالن مؤرخ في 09رجب عام 1412الموافق ل 14يناير 1992يتضمن إقامة مجلس أعلى للدولة يمارس كل
اختصاصات رئيس الجمهورية ،ج ر رقم 03مؤرخة في 15يناير .1992
-2هدى بن خليفة ،مرجع سابق ،ص .89
-3فريد غربال ،مرجع سابق ،ص .213
325
الستقالة أو لعجز تام ،يجتمع المجلس الدستوري فورا ،ويقر الشغور النهائي باألغلبية
المطلقة ألعضائه ،ويبلغ تصريحا في ذلك إلى رئيس مجلس االستشاريين ورئيس مجلس
النواب الذي يتولى فو ار مهام رئاسة الدولة بصفة مؤقتة ألجل أدناه 45خمسة وأربعون يوما
وأقصاه 60يوما».1
كما فسر األستاذ زهير المضفر «:منح المجلس الدستوري مهمة معاينة إقرار الشغور
النهائي في منصب رئاسة الجمهورية إلى تركيبة المجلس المتنوعة ولما يتمتع به من خبرة
وحياد واستقاللية».2
نشير إلى أن الرئيس السابق زين العابدين بن علي عندما تولى السلطة في 07نوفمبر
1987خلفا للرئيس لحبيب بورقيبة كان المجلس الدستوري لم يؤسس بعد واعتمد بن علي
على الفصل 57من الدستور في نصه األصلي حيث جاء في بيان الرئاسة المؤرخة في 07
نوفمبر 1987مايلي «:عمال بالفصل 57من الدستور نتولى بعون اهلل وتوفيقه رئاسة
الجمهورية ».3
326
إن إعطاء مهمة إعالن حالة شغور منصب رئاسة الجمهورية والتأكد منها للمجلس
الدستوري التونسي تؤكد أهمية ودور هذه الهيئة في الحفاظ على استم اررية مؤسسات الدولة
وابعاد البالد عن حالة الفراغ وما تفرزه من نتائج وعواقب سيئة على البالد واستقرارها.
يبدو أن دور المجلس الدستوري التونسي من خالل المادة 57جديدة يختلف عن دور
المجلس الدستوري الجزائري في إعالن حالة شغور منصب رئيس الجمهورية فإذا جئنا إلى
النصاب القانوني حتى يكون اجتماع المجلسين صحيح لم يتطرق له المؤسس الدستوري
الجزائري وال المؤسس الدستوري التونسي بمعنى هل حضور 07أعضاء من 09أعضاء
يكفي أم يشترط حضور األعضاء التسعة كلهم ،أما من حيث طريقة التصويت في الوقت
الذي يشترط المشرع الجزائري تصويت باإلجماع يشترط المشرع التونسي األغلبية بمعنى 05
أصوات من 09أصوات.
أما من حيث نوع العمل الذي يصدر عن المجلس الدستوري الجزائري فإنه يقدم اقتراح
من أعضاء البرلمان المجتمع " "Propositionثم يتم اإلعالن عن الشغور بأغلبية
بغرفتيه أما المجلس الدستوري التونسي فإنه يعلن تصريح بشغور منصب رئاسة الجمهورية
باألغلبية وال يحتاج إلى تصويت من البرلمان وانما هذا التصريح بمثابة تكليف لرئيس مجلس
النواب بتولى الرئاسة مؤقتا .
واذا عدنا إلى نوع االقتراح الذي يقدمه المجلس الدستوري الجزائري للبرلمان المجتمع
بغرفتيه وفق المادة 88فقرة 01من دستور 1996والمادة 55من النظام المحدد لقواعد
عمل المجلس الدستوري الجزائري فإن في هذا الطرح أن المادة 55من النظام المحدد لقواعد
عمل المجلس الدستوري الجزائري سمحت للمجلس الدستوري أن يقوم بجميع التحقيقات
ويستمع إلى أي شخص مؤهل والى أية سلطة معنية من أجل التأكد من حدوث المانع لرئيس
الجمهورية كما اشترطت المادة 88من دستور 1996في فقرتها األولى أن يكون اقتراح
الشغور على البرلمان باإلجماع ثم بعد ذلك يجعل اإلعالن عن الشغور من منصب رئيس
مع العلم ا ن تركيبة الجمهورية بتصويت من البرلمان المجتمع بغرفتيه وبأغلبية
ثلث الغرفة العليا أي مجلس األمة معين من طرف رئيس البرلمان الجزائري فيه
327
أعضائه في التصريح بشغور الجمهورية ثم لو افترضنا أن البرلمان لم يحصل أغلبية
منصب رئيس الجمهورية فهل نتيجة ذلك هو عدم جدوى كل العمل والتحقيقات التي قام بها
المجلس الدستوري ؟
أما في موريتانيا فإن المجلس الدستوري يتحقق من الشغور أو حدوث المانع لرئيس
الجمهورية ويتولى رئيس مجلس الشيوخ رئاسة الدولة بالنيابة ويتم انتخاب رئيس جديد خالل
مدة 03أشهر ابتداء من تاريخ قرار شغور منصب الرئاسة أو حصول المانع النهائي ،وفي
هذه اآلجال يختلف الوضع في موريتانيا عن الجزائر التي تشترط 45يوما أو 60يوما
وتونس التي تجعل المدة بين 45يوما و 60يوما.
ويشترط الدستور الموريتاني في عدم حدوث قوة قاهرة تؤدي إلى توقف حساب اآلجال
وجعل هذه القوة القاهرة خاضعة لتقدير المجلس الدستوري الموريتاني األمر الذي ال نجده في
الجزائر وتونس ،1مع اإلشارة إلى أن المجلس الدستوري الموريتاني ال يجتمع من تلقاء نفسه
مثلما هو الحال بالنسبة للمجلس الدستوري الجزائري والمجلس الدستوري التونسي وانما يتم
التحقق من حدوث مانع لرئيس الجمهورية بناء على المادة 40من الدستور ويبت في األمر
باألغلبية المطلقة ألعضائه على عكس ما يشترطه المؤسس الدستوري الجزائري وهو
اإلجماع وما يشترطه المؤسس الدستوري التونسي وهو األغلبية البسيطة.2
تخطر الحكومة الفرنسية المجلس الدستوري في حالة حدوث مانع لرئيس الجمهورية
3
يحول دون قدرته على ممارسة وظائفه ،ويجتمع بناء على ذلك المجلس الدستوري الفرنسي
ويثبت الحالة ثم يعلن حالة الشغور ويعلن في نفس الوقت تكليف رئيس مجلس الشيوخ
الغرفة العليا في البرلمان للقيام بهذه المهمة مؤقتا وفي حالة شغور منصب رئيس مجلس
328
الشيوخ أيضا فإن الحكومة تقوم بهذه المهمة إلى حين إجراء انتخابات رئاسية مسبقة أو
تعافي الرئيس المنتخب.1
لقد تم تحديد عهدة البرلمان بغرفتيه بنص دستوري ولهذا ال يمكن تمديد عهدة إحدى
غرفتي البرلمان أو كليهما إال ألسباب قوية ووفقا إلجراءات محددة ودقيقة كما أنه من
صالحيات رئيس الدولة القي ام بحل البرلمان أو إحدى غرفتيه قبل نهاية العهدة الدستورية
وهذا في حاالت محددة يبينها الدستور ووفقا إجراءات معينة وكما يستشار المجلس الدستوري
في حالة تعديل الدستور فهذا ما نبينه من خالل النقطتين اآلتيتين:
جاء في الفقرة األخيرة من المادة 102من دستور الجزائر 28نوفمبر 1996ما يفيد أن
تمديد مهمة البرلمان ال تكون إال في ظروف خطيرة جدا ال تسمح بإجراء انتخابات عادية
وأن البرلمان المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا يثبت هذه الحالة بقرار ،بناء على مقترح من
رئيس الجمهورية واستشارة المجلس الدستوري.2
كما أن رئيس الدولة بالنيابة أو رئيس الدولة حسب الحالة يمكنه استشارة المجلس
الدستوري لتمديدعهدة البرلمان لنفس األسباب كون المادة 90لم تحضر عليه تمديد عهدة
البرلمان وانما حضرت عليه إقالة الحكومة أو تعديلها حيث نجد المادة 129التي أشارت
إليها المادة 90في فقرتها الثالثة ال تسمح لرئيس الدولة بالنيابة حل البرلمان لكنها سكتت
عن إمكانية تمديد عهدة البرلمان كما منعته من تعديل الدستور وفقا المواد ،176 ،174
177ولو كانت نية المؤسس الدستوري تنصرف إلى منعه من تمديد عهدة البرلمان ال تمت
اإلشارة إلى ذلك صراحة.
مع اإلشارة إلى أن النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري نص في
المادة 56منه على وجوب الفصل في الموضوع دون تعطيل عندما يستشار المجلس
-1عبد العزيز النويضي ،المجلس الدستوري بالمغرب ،مرجع سابق ،ص .33
-عبد القادر شربال ،مرجع سابق ،ص .51 2
329
الدستوري في إطار المادة 90من الدستور ،وكذا المادة 58منه 1التي تنص على أن
فور عندما يستشار في إطار المادة 102من دستور
المجلس الدستوري يجتمع ويبدي رأيه ا
.21996
جاء في المادة 176من دستور الجزائر 28نوفمبر 1996في الباب الرابع المعنون
(التعديل الدستوري) من الفصل الثاني المعنون (المؤسسات االستشارية) ما يعطي دو ار
جوهريا للمجلس الدستوري وللقاضي الدستوري كهيئة استشارية تساعد رئيس الجمهورية في
القيام بمهامه بحيث إذا أراد رئيس الجمهورية إجراء تعديل دستوري دون الخضوع ألحكام
المادة 174من نفس الدستور والتي تلزمه بإجراء استفتاء شعبي فعليه أخذ رأي المجلس
الدستوري حول مشروع التعديل الدستوري ولهذا فهو ملزم أي رئيس الجمهورية بأن يرسل
مشروع تعديل الدستور إلى المجلس الدستوري ويسأله هل يمس هذا المشروع بالمبادئ العامة
التي تحكم المجتمع الجزائري وحقوق اإلنسان والمواطنين وحرياتهما؟ هل يمس بأي كيفية
التوازنات األساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية؟ وعلل رأيه بأن مشروع التعديل
الدستوري ال يمس بهذه المسائل هنا يمكن لرئيس الجمهورية إصدار القانون المتضمن
التعديل الدستوري مباشرة دون عرضه على االستفتاء الشعبي لكن بعد الموافقة عليه من
ثالثة أرباع البرلمان بغرفتيه.3 طرف
فهنا نالحظ أن المجلس الدستوري يلعب دو ار تقريريا وليس استشاريا ألن الدور
االستشاري ال يكون ملزم لرئيس الجمهورية وانما يأخذ به على سبيل االستئناس أما في
الحالة التي نصت عليها المادة 176يكون رأي المجلس الدستوري بعد التعليل ملزما لرئيس
الجمهورية.
-1المادة 56من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري ،مداولة 3مايو ،2012ج .ر ،عدد :.26
"عندما يستشار المجلس الدستوري في إطار المادة 90من الدستور يفصل في الموضوع دونما تعطيل".
-2المادة 58من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري " :عندما يستشار المجلس الدستوري في إطار
أحكام المادة 102من الدستور يجتمع ويبدي رأيه فورا".
-3المادة 176من دستور 28نوفمبر .1996
330
ونشير إلى أن المجلس الدستوري قدم رأيين معللين بالنسبة لتعديلين قام بهما رئيس
الجمهورية في ظل دستور 28نوفمبر ،1996حيث كان التعديل األول بواسطة القانون
03/02المؤرخ في 10أفريل 2002والتعديل الثاني كان بواسطة القانون 19 - 08المؤرخ
في 15نوفمبر .2008
وال بد من المالحظة هنا بأن تعديل الدستور بواسطة القانون 19/08المؤرخ في 15
نوفمبر 2008وباألخص المادة 74منه التي جعلت العهدات الرئاسية مفتوحة بعد ما كانت
محددة بعهدتين قبل التعديل اعتبرها المجلس الدستوري ال تمس بالتوازن بين السلطات رغم
أن هذا المنصب ال يتعلق بإعادة تنظيم داخلي للسلطة التنفيذية ألن رئيس الجمهورية هو
رئيس السلطة التنفيذية وفي نفس الوقت هو رئيس الدولة وله عدة مهام ووظائف
واختصاصات ينص عليها الدستور ويكرسها العرف الدستوري تتجاوز اختصاصات السلطة
التنفيذية وفتح العهدة الرئاسية ال يؤثر فقط على السلطة التنفيذية وانما له إمتداد في التأثير
على باقي الس لطات األخرى وحتى على مبدأ الفصل بين السلطات الذي يستنتج من روح
الدستور الجزائري .1996
ان اعتبار المجلس الدستوري بأن تعديل المادة 74من دستور 1996ال يمس باتوازن
بين السلطات غير واضح ،خاصة إذا أخدنا في االعتبار أن المادة 74قبل التعديل تمتلك
شرعية شعبية ألن دستور 1996تم عن طريق استفتاء شعبي أما تعديلها في الصميم لم
يمر على االستفتاء الشعبي ولو كان األمر كذلك واستعمل رئيس الجمهورية في تعديل المادة
74من دستور 1996صالحياته في العودة إلى اإلرادة الشعبية وفق المادة 174من
الدستور أو المادة 77فقرة 10ال كان االمر اكثر و ضوحا ،كما استعمل الرئيس شادلي بن
جديد المادة 111فقرة 14من دستور 1976في تعديل الدستور في 03نوفمبر 1988
والتي استحدث من خالله منصب رئيس الحكومة ، ،أما تعديل المادة 74دون استفتاء
شعبي فهو ينقص من مشروعية اإلجراء.
331
الفرع الثاني :مهامه في الظروف غير العادية
توقع المؤسس الدستوري عند صياغة نصوص الدستور إمكانية وقوع ظروف استثنائية
تعرقل السير الحسن للدولة ومؤسساتها ومنحت لرئيس الجمهورية حق اتخاذ تدابير واجراءات
نظمها الدستور ذاته وهذه التدابير قد تمس بحريات وحقوق األفراد وكذا تخل بالتوازن بين
السلطات.
332
تتمثل في استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس األمة والمجلس الدستوري
واالستماع إلى المجلس األعلى لألمن ومجلس الوزراء.1
تترتب على إعالن الحالة االستثنائية إنفراد رئيس الجمهورية بصالحية اتخاذ مجموعة
من اإلجراءات والتي يراها مناسبة للحفاظ على استقالل الوطن ،وسالمة وحدته الترابية
واستمرار مؤسساته الدستورية ،وفي هذا المجال يصبح رئيس الجمهورية يمارس عمال من
أعمال السيادة الغير خاضعة ألي شكل من أشكال الرقابة ،سواء كانت هذه اإلجراءات
صادرة عنه أو كانت صادرة عن جهة حددها قانون إعالن الحالة االستثنائية ،2ونظ ار
لخطورة هذه النتائج وامكانية أن تمس بالحقوق والحريات األساسية التي ضمنها الدستور
أوجب الدستور ذاته استشارة المجلس الدستوري.
وتنتهي الحالة االستثنائية حسب األشكال واإلجراءات التي بينتها المادة 93والتي أوجبت
إعالنها وبهذا فإن استشارة المجلس الدستوري عند رفع الحالة االستثنائية يعد إلزاميا.3
وما يالحظ أنه عند إعالن حالة الطوارئ أو الحصار يستشار رئيس المجلس الدستوري
بمفرده لكن عند إعالن الحالة االستثنائية يستشار المجلس الدستوري كهيئة هل يعود السبب
-1الفقرة 02من المادة 93من دستور 28نوفمبر ... ":1996وال يتخذ مثل هذا اإلجراء إال بعد استشارة رئيس المجلس
الشعبي الوطني ،ورئيس مجلس األمة والمجلس الدستوري واالستماع إلى المجلس األعلى لألمن ومجلس الوزراء."...
-2رابح بوسالم ،مرجع سابق ،ص .52
-3المادة 93فقرة أخيرة من دستور الجزائر ":1996تنتهي الحالة االستثنائية ،حسب األشكال واإلجراءات السالفة الذكر
والتي أوجبت إعالنها".
333
كون الحالة االستثنائية أكثر شدة من حالة الطوارئ أو الحصار؟ وما يدعم هذا الطرح هو
أن رئيس الجمهورية قبل إعالن الحالة االستثنائية يتوجب عليه االستماع للمجلس األعلى
لألمن ومجلس الوزراء لكن عندما يأتي إلى إقرار حالة الطوارئ والحصار يكتفي برأي الوزير
األول.
يتبين لنا من خالل المواد 93 ،92 ،91من دستور 28نوفمبر 1996دور المجلس
الدستوري وهو تقديم رأيا غير ملزم لرئيس الجمهورية لكن باعتبار المجلس الدستوري هيئة
استش ارية لرئيس الجمهورية والذي يساهم معه في الحفاظ على سمو الدستور وحمايته فإن
رئيس الجمهورية ال يمكنه أن يتجاهل رأي المجلس الدستوري كلية ،وباعتباره أيضا يسهر
على حماية الدستور.1
تقيد المادة 90في فقرتها الرابعة رئيس الجمهورية قبل إعالن وتقرير الحالة االستثنائية
استشارة المجلس الدستوري ،حتى ال ينفرد رئيس الجمهورية بممارسة سلطات محددة من
شأنها المساس بالحقوق والحريات األساسية للمواطنين.2
وتتم إجراءات إعالن حالة الطوارئ بمراسالت رسمية حفاظا على استقاللية المؤسسات
بحيث يجتمع المجلس الدستوري بمقره الرسمي ويبعث رأيه بمراسلة رسمية موجهة إلى رئيس
الدولة لكن ما حدث بعد استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد في 11جانفي 1992فقد اجتمع
هذا األخير مع أعضاء المجلس الدستوري في مقر سكناه وليس في مقر رئاسة الجمهورية
الطالعهم على رسالة االستقالة وحسب رأي األستاذ سعيد بوشعير ...« :وهو إجراء أقل ما
يقال عنه أنه احتقار للمجلس الدستوري رغم ما يمكن قوله أن ذلك كان بسبب ظروف
خاصة ،إال أننا ال نقر بهذا التبرير الواهي.3»...
كما أن رئيس الدولة ملزم باستشارة رئيس المجلس الدستوري بصفة انفرادية قبل تقرير
حالة الطوارئ أو الحصار لما إلعالن هذه الحالة من تأثير على الحقوق والحريات ،ولقد
عرفت الجزائر تقرير حالة استثنائية في 1963وألغيت بعد تبني دستور 1976إلغاء ضمنيا
334
وليس وفق إجراءات قانونية ثم تم تمديد حالة الطوارئ من جانفي 1992إلى فبراير 2010
خارج إطار الدستور ودون استشارة البرلمان في حالة التمديد كما ينص عليه الدستور ثم تم
رفع حالة الطوارئ بواسطة مرسوم رئاسي في .12011
ويرى األستاذ بوشعير أنه... «:أن تتم إجراءات االستشارة بين المستشير والمشير وفق
إجراءات كتابية رسمية ويمكن أن تتطور إلى عقد لقاءات بين الطرفين لتوضيح بعض
المسائل والنقاط وفي حالة عقد لقاء بين مؤسسة ورئاسة الدولة والمجلس الدستوري كهيئة أو
رئيسه يجب تجنب أي نوع من الضغوط المعنوية ،والمادية ،واالقتصار فقط على طرح
الموضوع وعناصره المختلفة وأثاره فقط».2
و تعود أصول الرقابة على ممارسة سلطات الحالة االستثنائية إلى فرنسا وبالضبط إلى
دستور 04أكتوبر ،1958من خالل مادته 16ولكن نشأة نظرية الظروف االستثنائية في
حد ذاتها وتحويل كل السلطات في يد السلطة التنفيذية الممثلة في رئيس الدولة ،تعود إلى
ما قام به رئيس " "REICHتنفيذا ألحكام دستور فيمار " "Weimarالذي يسمح في حالة
المساس بالنظام العام في البلدان أن يتخذ التدابير الالزمة من أجل تسوية الوضعية بما في
ذلك استدعاء القوات المسلحة وكذا تعطيل ممارسة عدد من الحقوق األساسية.3
إن هدف المادة 16من دستور فرنسا 04أكتوبر 1958هو التأطير القانوني لسلطات
األزمة أو السلطات االستثنائية التي يتم االعتراف بها لرئيس الدولة وقد استعملها أول مرة
الجنرال ديغول رئيس فرنسا في 23أفريل 1961على إثر انقالب الجنراالت في الجزائر.4
ال بد أن نالحظ بأن المجلس الدستوري الفرنسي على عكس نضيره الجزائري يستشار في
مرحلتين المرحلة األولى عند إعالن الحالة االستثنائية والحالة الثانية عند تطبيق إجراءات
-1المرجع نفسه.
-2المرجع نفسه ،ص .42
335
المادة 16األمر الذي ال نجده متوفر لدى المجلس الدستوري الجزائر ،كما أن المؤسس
الدستوري الفرنسي ينص على حالة واحدة هي الحالة االستثنائية.
يبدو أن غياب رقابة مجلس الدولة الفرنسي على إجراءات المادة 16من دستور 04
أكتوبر ، 1958فتحت الباب للبحث عن جهة أخرى تقوم بهذه المهمة فلم يبقى إلى المجلس
الدستوري أو البرلمان.1
إن دور المجلس الدستوري الفرنسي يتم في مرحلتين من تطبيق المادة 16من الدستور
وهما:
- 1المرحلة األولى :تتعلق بأخذ رأي المجلس الدستوري قبل إعالن العمل بالمادة 16
من الدستور حيث أن المادة 16تتطلب نوعين من الشروط لتطبيقها فالنوع األول يتمثل في
الشروط الموضوعية كوجود خطر جسيم وحال وأن يؤدي هذا الخطر إلى إعاقة المؤسسات
الدستورية للدولة ،والنوع الثاني شروطا شكلية تتمثل في أخذ رأي المجلس الدستوري وكذا رأيا
كل من رئيسي غرفتي البرلمان ورئيس الوزراء وتوجيه رسالة لألمة.2
وقد تم فعال استشارة المجلس الدستوري الفرنسي في 23أفريل 1961وقد تحقق من
توفر الشروط الموضوعية إلعالن الحالة االستثنائية وتأكد من استحالة قيام المؤسسات
الدستورية بمهامها مع االنقالب الذي حدث في الجزائر والذي قام مجموعة من الجنراالت
336
الذين كانوا يحكمون الجزائر وال يتفقون مع سياسة ديغول وأردوا فصل الجزائر عن السلطة
المركزية في فرنسا.1
نجد في هذا الصدد النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري ال يشير إلى
حالة عدم قدرة المجلس الدستوري على االجتماع وما مدى تأثير ذلك على قرار رئيس
الجمهورية في إعالن الحالة االستثنائية فالمادة 57من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس
الدستوري الجزائري تكتفي بالنص أنه عندما يستشار المجلس الدستوري في إطار أحكام
المادتين 97 ،93من الدستور 1996يجتمع ويبدي رأيه فو ار ولم تتطرق إلى استحالة
اجتماعه ألي سبب وما مدى تأثير ذلك على تطبيق المادة 93من دستور 28نوفمبر
.1996
على عكس المادة 54من القانون األساسي الخاص بالمجلس الدستوري الفرنسي الذي
تتطلب أن يكون رأي المجلس الدستوري مكتوبا ومنشو ار ويشير الفقه الفرنسي أنه إذا كانت
الظروف تحول دون اجتماع المجلس الدستوري إلبداء الرأي فإن عدم تمكن المجلس
الدستوري من إبداء هذا الرأي ال يحول دون العمل بالمادة 16من الدستور.3
- 2المرحلة الثانية :يلعب المجلس الدستوري الفرنسي دو ار استشاريا فيما يتعلق برقابة
اإلجراءات المتخذة بناء على المادة 16من دستور 04أكتوبر ،1958و حددت كل من
المادة 16من الدستور والمادة 54من القانون الخاص بالمجلس الدستوري الفرنسي الهدف
من أخذ رأي المجلس الدستوري،وهو الحرص على عودة السير المنتظم للسلطات العامة في
1 - = «Considérant qu'en raison de ces actes de subversion d'une part les institutions de la
République Se trouve menacées d'une manière grave et immédiate, d'autre part, les pouvoirs
publics constitutionnels ne peuvent Fonctionner d'une Façon régulière».
2-F. LUCHAIRE, le conseil constitutionnel, op.cit., p. 407.
3- Ibid.
337
أسرع وقت ممكن ومن هنا فإن للمجلس الدستوري دور ضعيف ،حيث يقدم رأيا غير ملزم
لرئيس الجمهورية وتبعا لذلك ال يمكن للمجلس الدستوري منع رئيس الدولة من االعتداء على
الحقوق والحريات عند تطبيقه للمادة 16من دستور فرنسا .11958
وصار المجلس الدستوري يتدخل بقوة القانون للتحقق من استم اررية هذه الظروف
ويصدر رأيه بنفس الكيفية بعد مرور شهرين من تطبيق السلطات االستثنائية.2
وما يالحظ أن المؤسس الدستوري الفرنسي يجتهد للتضييق ،والتقليل ،من لجوء رئيس
الجمهورية إلى تطبيق المادة 16من الدستور واللجوء إلى تقييد الحقوق والحريات األساسية
للمواطن الفرنسي ويحاول أن يغلق الباب أمام السلطة التنفيذية حتى ال تعتدي على التشريع
بحجة تطبيق أحكام المادة 16من دستور فرنسا 04أكتوبر .1958
338
ثانيا– دور القاضي الدستوري التونسي في إعالن الحالة االستثنائية :
جاء في الفصل 46من دستور تونس المعدل في 01جوان 2002النص على التدابير
االستثنائية ،التي يتخذها رئيس الجمهورية التونسية في حالة وجود خطر داهم مهدد لألمن
الوطني واستقالل البالد ،وهذه الشروط الموضوعية إلعالن التدابير االستثنائية أضافت لها
المادة 46من دستور تونس شروط شكلية متمثلة في استشارة الوزير األول ورئيس مجلس
النواب ومجلس المستشارين.1
يبدو أن الرئيس التونسي قبل اإلطاحة به كان يسعى إلى االنفراد بتسيير الحالة
االستثنائية ألسباب متعلقة بسياسته في الحكم.
كما جاء في نص المادة 59من دستور المغرب 01جويلية ، 2011أنه إذا كانت حوزة
التراب الوطني مهددة أو وقع من األحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستوري،
يمكن للملك أن يعلن حالة االستثناء بظهير بعد استشارة كل من رئيس الحكومة ،رئيس
مجلس النواب ،رئيس المستشارين ورئيس المحكمة الدستورية وتوجيه خطاب لألمة ويركز
339
الدستور المغربي الجديد ،على بقاء الحريات والحقوق األساسية المنصوص عليها في
الدستور ،مضمونه كما ينص على أن حالة االستثناء ترفع بمجرد انتفاء األسباب التي دعت
إليها وباتخاذ نفس اإلجراءات الشكلية المقررة إلعالنها ،لكنه لم يحدد المعايير واإلجراءات
المتبعة للتأكد من انتفاء أسباب إعالن حالة االستثناء ،أو بقاء أسباب استمرارها ،وبين
األستاذ كريم لحرش الشروط الموضوعية والشكلية إلعالن حالة االستثناء حسب قراءته
للدستور المغربي 2011بالشكل األتي:1
-رئيس الحكومة
أما الشروط الشكلية فإن الملك يستشير كل من رئيسي غرفتي البرلمان ورئيس
المجلس الدستوري وهنا تشابه مع ما نص عليه المشرع الفرنسي والجزائري واختالف مع
المؤسس الدستوري التونسي تماما الذي غيب فيه دور المجلس الدستوري أو دور رئيسه مع
1
-كريم لحرش ،مرجع سابق ،ص .78 – 77
340
اختالف آخر في إلزامية استشارة الوزير األول في الجزائر وفرنسا وغياب دوره االستشاري
في المغرب.1
كما نشير إلى أن المجلس الدستوري الموريتاني وفقا للمادة 39من دستور موريتانيا
المؤرخ في 20يوليو 1991يقوم بدور استشاري بالنسبة لرئيس الجمهورية قبل إعالن حالة
الظروف االستثنائية وتطبيق أحكام المادة 39منه والتي تستوجب حدوث تهديد خطير
لمؤسسات الدولة واألمن واالستقالل وحوزة البالد وكذلك عندما تعرقل السير المنتظم للسلطة
العمومية الدستورية.3
فيقوم رئيس الدولة باستشارة المجلس الدستوري ،والوزير األول ،ورئيسي غرفتي البرلمان،
وهنا تشابه كبير مع ما جاء في المادة 16من دستور فرنسا 1958ويطلب من المجلس
الدستوري تقديم رأيه حول مدى توافر شروط تطبيق المادة 39ويكون هذا الرأي معلال
ومنشور في الجريدة الرسمية حسب المادة 53من األمر 04/92المؤرخ في 18فبراير
1992المتضمن القانون العضوي للمجلس الدستوري ،التي تتوافق تماما مع المادة 54من
القانون المنظم للمجلس الدستوري الفرنسي.4
341
تبين المادة 54من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الموريتاني أن رئيس
الجمهورية يعلم المجلس الدستوري ويأخذ رأيه حول التدابير الذي يريد اتخاذها في إطار
الحالة االستثنائية.1
أما المادة 93من دستور الجزائر 28نوفمبر 1996فهي تعالج الحالة االستثنائية وال
تعالج حالة الحصار ولهذا فإن الحالة االستثنائية المنصوص عليها في المادة 93لم يتم
تحديدها بقانون عضوي وبهذا فإن المجلس الدستوري الجزائري ال يلعب أي دور في ممارسة
رقابة على اإلجراءات المتخذة في الحاالت االستثنائية .
يبدو أنه على المؤسس الدستوري الجزائري أن يستعمل مصطلحا دقيقا ألن الدقة في
المصطلح مهمة جدا ألننا بصدد نص دستوري يحتمل التأويل وكلما قلت نصوص الدستور
ومواده وتوحدت مصطلحاته كلما كان أكثر إيجابية لتفادي كثرة التأويالت ولهذا كان على
1 - Art54 de la loi organique n° 92-04 du 18 février 1992 : " Le président de la république
avise le conseil constitutionnel des mesures qu'il se propose de prendre le conseil
constitutionnel, lui donne Sons délai son avis".
-2جاء في المادة 92من دستور الجزائر 1996ما يلي ":يحدد تنظيم حالة الطوارئ أو حالة الحصار بموجب قانون
عضوي".
342
المؤسس الدستوري الجزائري أن ال يذكر ثالث مصطلحات وهي حالة الطوارئ وحالة
الحصار والحالة االستثنائية وكان عليه استعمال مصطلح واحد يشمل الحاالت الثالثة.
احتراما لقاعدة توازي األشكال ترفع الحالة االستثنائية بنفس اإلجراءات الموضوعية
والشكلية التي أعلنت بناء عليها فيستشار المجلس الدستوري الجزائري في مدى استمرار
الظروف التي أدت إلى إعالن الحالة االستثنائية إ احتراما لقاعدة توازي األشكال.
يتم االتصال بالقاضي الدستوري على مستوى المجالس الدستورية بواسطة اإلخطار أو
اإلحالة على عكس القاضي الدستوري المتواجد على مستوى المحاكم العادية الذي يتم
االتصال به عن طريق الدعوى القضائية أو القاضي الدستوري المتواجد على مستوى محكمة
دستورية خاصة أين يتم االتصال به عن طريق الدعوى القضائية فاإلخطار ليس بالمصطلح
المعروف في اإلجراءات القضائية والمنازعات أمام الجهات القضائية ولهذا نبين اإلخطار في
فرع أول ثم نوضح ميعاد ممارسته وضوابطه في فرع ثان.
نعالج من خالل هذا الفرع مفهوم اإلخطار ثم الجهات التي لها حق إخطار القاضي
الدستوري.
-1اإلخطار لغة:
-2اإلخطار اصطالحا:
هو تلك اآللية التي يتم بواسطتها االتصال بالمجلس الدستوري والتي من خاللها يستطيع
المجلس الدستوري الشروع في ممارسة رقابته على موضوع معين.
343
يعتبر اإلخطار من أهم اإلجراءات التي تحرك رقابة دستورية القوانين واتباعا لتحديد
الجهة التي تتمتع بحق اإلخطار يتحقق سمو الدستور واحترامه 1ويثير مسألة اإلخطار
تحديد الجهة التي لها حق ممارسة هذا اإلجراء وقد ظهر اتجاهان في هذا الصدد.
االتجاه األول :يقر هذا االتجاه بحق كل مواطن في إخطار هيئة الرقابة الدستورية كلما
رأى أن القانون غير دستوري أو يضر بحقوقه.
االتجاه الثاني :يرفض هذا االتجاه االعتراض على كل القوانين وال يقبل بتوسيع حق
اإلخطار إلى جهات أخرى غير السلطات الدستورية.
وبين هاتين االتجاهين ظهر اتجاه ثالث توفيقي يرى ضرورة حماية حقوق األفراد
وحرياتهم وضرورة قيام هيئات الرقابة بعملها بعيدا عن االنشغاالت باإلخطارات الهامشية
وهو حل وصفه األستاذ رافع بن عاشور بأنه الوجه الثاني للديمقراطية والتسييس
.2Démocratisation et politisation
– 1الجزائر :
حدد الدستور الجزائري 1963الجهات التي يحق لها إخطار المجلس الدستوري فجاء
في مادته 64بأن يتم إخطار المجلس الدستوري من طرف رئيس الجمهورية ورئيس المجلس
الوطني ،3ونالحظ أن المادة 64استعملت مصطلح "طلب" بدل من مصطلح "إخطار" أما
دستور ، 1989في مادته 56فأبقى على رئيس الهيئتين وأعطاهما حق إخطار المجلس
344
الدستوري وهما رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الشعبي الوطني ،1وهنا المؤسس الدستوري
يستعمل مصطلح "اإلخطار" على خالف الطلب الذي استعمله في دستور .1963
أما في ظل دستور 28نوفمبر 1996ومن خالل المادة 166منه فإن حق اإلخطار
باإلضافة إلى رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الشعبي الوطني فقد أسند إلى رئيس مجلس
األمة ،2باعتبار مجلس األمة الغرفة الثانية في البرلمان الجزائري بعد ما تبناه الدستور من
خالل المادة 98منه ،3وأول ما يالحظ هو إقصاء السلطة القضائية من حق إخطار
المجلس الدستوري رغم أنها ممثلة بعضوين واحد عن المحكمة العليا والثاني عن مجلس
الدولة.
ويرى األستاذ منصور مولود ...« :أن المؤسس الدستوري الجزائري من خالل الدساتير
السابقة 1989 ،1963وحتى دستور ،1996أقصر حق إخطار المجلس الدستوري على
هيئات سياسية عامة ،دون منح هذا الحق ألعضاء البرلمان ،حيث أصبح من الضروري
تبني نظام ال رقابة الدستورية من النمط "كلسن" إلعطاء األقلية البرلمانية الحق في تحريك
الرقابة مما يسمح بالحماية ضد دكتاتورية األغلبية.4»...
أما في فرنسا والى غاية إصالح 29أكتوبر 1974فإن السلطات التي كان لها حق
إخطار المجلس الدستوري تتمثل في كل من رئيس الجمهورية والوزير األول ورئيس الجمعية
الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ.5
يبدو أن الوزير األول في الجزائر ال يملك حق إخطار المجلس الدستوري رغم أنه يساهم
بدور كبير في إعداد مشاريع القوانين التي تدرس على مستوى مجلس الوزراء وبناء عليه فإن
- 1جاء في المادة 56من دستور 23فبراير 1989مايلي " :يخطر رئيس الجمهورية أو رئيس المجلس الشعبي الوطني
المجلس الدستوري".
- 2جاء في المادة 166من دستور 28نوفمبر 1996مايلي " :يخطر رئيس الجمهورية أو رئس المجلس الشعبي
الوطني أو رئيس مجلس األمة ،المجلس الدستوري."...
-3جــاء فــي المــادة 98مــن دســتور 28نــوفمبر 1996مــايلي ":يمــارس الســلطة التش ـريعية برلمــان يتكـون مــن غ ـرفتين وهمــا
المجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة."...
4
- M.MANSOUR, La fonction gouvernementale en Algérie, Thèse de doctorat d'Etat,
Faculté de droit, Université d'Alger, 2001, p. 166.
-5علي يوسف الشكري ،مبادئ القانون الدستوري والنظم السياسية ،القاهرة ،دار ايتراك للطباعة والنشر والتوزيع،2004 ،
ص459
345
علم السياسة يثبت أن السلطات الدستورية إذا كانت تسير في اتجاه سياسي واحد وتحقق
تعايش فيما بينها فإنها ال تستخدم اإلخطار وهذا في حد ذاته خطر على المشروعية وهذا ما
حدث فعال في فرنسا بين مرحلة 1974و 1981عندما حجمت األكثرية في مجلس الشيوخ
الفرنسي والمنتمية إلى الوسط على معاداة الديغوليين وهذا السبب الذي جعل جيسكار ديستان
عام 1974يدفع باتجاه تعديل الدستور وتوسيع حق اإلخطار إلى المعارضة لتجاوز خطر
االنسداد.1
وما يالحظ في الجزائر هو انتماء الهيئات الثالث رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس
الشعبي الوطني ورئاسة مجلس األمة إلى نفس االتجاه السياسي (التحالف الرئاسي) هذا
التحالف صاحب األغلبية الرئاسية في البرلمان الجزائري األمر الذي يؤدي بطبيعته إلى
انسداد أو عزوف عن القيام باإلخطار وهذا ما لوحظ بالنسبة لعدد القوانين التي صدرت وتم
إخطار المجلس الدستوري بعدد محدود منها.
لكن أال توجد مبررات لحصر حق إخطار المجلس الدستوري في هذه الهيئات الثالث ؟
هناك من يرى أن إعطاء حق اإلخطار لرئيس الجمهورية مبرره أنه حائز على وكالة شعبية
باعتباره منتخب عن طريق االقتراع العام المباشر والسري وهو يمارس هذا الحق بصفته
حاميا للدستور وفق المادة 70من الدستور ذاته.أما عن حق رئيس غرفتي البرلمان في
اإلخطار فهذا باعتبارهما ممثالن لهيئتين منتخبتين من طرف الشعب.2
كما أن الغاية من إنشاء مجلس دستوري هي فظ النزاع وخلق التوازن بين السلطتين
التنفيذية والتشريعية بمعنى أدق فصل مجال التشريع على التنظيم ولهذا اإلخطار يكون
للسلطتين التنفيذية والتشريعية أما السلطة القضائية فمهمتها هي تطبيق القانون فقط وليست
طرفا في الصراع أما كونها ممثلة بأعضاء في المجلس الدستوري فذلك حتى يعطي المجلس
الدستوري طابع التخصص فقط.3
346
أما عن الوزير األول والذي ال يعتبر صاحب دور مهم في النظام الدستوري الجزائري
والسيما بعد تعديل الدستور في 2008وما نتج عنه من تقليص صالحياته وتقزيم دوره في
تنسيق العمل الحكومي وتطبيق برنامج رئيس الجمهورية فإن السلطة التنفيذية حقها في
اإلخطار مضمون لصالح رئيس الجمهورية وال حاجة ألن يمارسه الوزير األول على عكس
الدور الذي يلعبه الوزير األول في النظام الفرنسي والذي يؤهله إلى اكتساب حق اإلخطار.1
- 2في تونس:
أما في تونس فإن حق إخطار المجلس الدستوري يعود لرئيس الجمهورية وحده ويعود
ربما مبرر ذلك إلى كون المجلس الدستوري هيئة استشارية تابعة لرئيس الجمهورية وليست
هيئة ذات طابع قضائي فرئيس الجمهورية في تونس يستشير المجلس الدستوري من أجل
تطوير مشاريع القوانين وجعلها منسجمة مع النظام القانوني فقط كما أن الرئيس يمكن أن
يوظف رئيس المجلس الدستوري سياسيا حتى يظهر بصفة الحاكم غير المستبد الذي يحترم
اختصاصاته الدستورية.2
ويرى األستاذ رافع بن عاشور ...«:إن فاعلية أي جهاز رقابة يقوى ويضعف تبعا
إلجراءات اإلخطار وكلما كان حق اإلخطار مفتوح كلما توسعت الرقابة وصارت أكثر
فعالية.3»...
وترى األستاذة نادية البرنوسي ...«:أن رئيس الجمهورية ال يستطيع تفويض حقه في
اإلخطار إلى هيئات أخرى ألن التفويض يكون بنص دستوري ال يسمح لصاحب
االختصاص األصيل وهو رئيس الجمهورية أن يفوض هيئة تابعة له ،والدستور التونسي ال
347
يعطي رئيس الجمهورية هذا التفويض وبناء عليه فإن كل تفويض يقوم به الرئيس التونسي
فهو غير دستوري باستثناء الحالة المنصوص عليها في المادة 56والمتعلقة بحالة حدوث
مانع مؤقت لرئيس الجمهورية يستطيع هذا األخير تفويض بواسطة مرسوم اختصاصاته إلى
الوزير األول.1»...
وهذا ما حاول القيام به الوزير األول التونسي (الغنوشي) عندما فر الرئيس زين العابدين
بن علي إلى السعودية بعد الثورة الشعبية في تونس في 14يناير 2011واعتبر ما حدث
مانع مؤقت لرئيس الجمهورية وعليه فإن الوزير األول يتمتع باختصاصات الرئيس إلى حين
عودته لكن بعدما تم التراجع عن ذلك واجتمع المجلس الدستوري التونسي على أساس المادة
57واعتبر الشغور نهائي لرئيس الجمهورية وكلف رئيس المجلس النيابي برئاسة الدولة
مؤقتا.
إن مختلف التعديالت الدستورية المتعاقبة على الدستور التونسي بما فيها تعديل 01
جوان 2002أبقت على حق إخطار المجلس الدستوري لرئيس الجمهورية مبعدة بذلك
السلطة التشريعية واألفراد عن ممارسة هذا الحق.
إضافة إلى حرمان السلطات العامة من حق إخطار المجلس الدستوري التونسي فإن
المؤسس ا لدستوري حرم المجلس الدستوري من اإلخطار التلقائي وحرم المواطن التونسي من
الطعن أمام المجلس الدستوري وهذا الحرمان يؤدي إلى ضعف الرقابة ويقلل من االعتماد
عليها كآلية لحماية الدستور وحقوق وحريات المواطن ويقارن األستاذ "أندري هوريو"...«:
بين حق األفراد في الطعن بعدم دستورية قانون ما في الواليات المتحدة األمريكية وفرنسا قبل
تعديل 2008فعدم االعتراف بحق األفراد برفع طعن أمام المجلس الدستوري الفرنسي يقابله
إقرار هذا الحق في أمريكا في حين أنه في فرنسا مقرر لصالح السلطات.2»...
1
- N.A BERNOUSSI, op.cit., p. 362 et 536.
-2سميرة مرزوق الزغالمي ،مرجع سابق ،ص .24
348
وفي تونس نجد هذا الحق مقرر لرئيس الجمهورية فقط دون السلطات العامة وال
المواطنين ،ذلك فإذا كان الهدف من الرقابة الدستورية هو حماية حقوق األفراد وحرياتهم
فكان من الواجب عدم حرمانهم من ممارسة هذا الحق واللجوء مباشرة للمجلس الدستوري.1
ب -السلطات صاحبة حق اإلخطار بعد تعديل 01جوان : 2002
أعيد طرح مش كلة تحديد السلطة التي لها حق إحالة مشاريع القوانين على المجلس
الدستوري التونسي باعتبار المجلس الدستوري ال يتحرك من تلقاء نفسه وذلك بمناسبة تعديل
الدستور 1جوان ،2002حيث بالعودة إلى كل النصوص المتعلقة بالمجلس الدستوري قبل
تاريخ هذا التعديل ومنذ إحداث المجلس الدستوري في ،1987احتكر حق اإلحالة على
المجلس الدستوري من طرف جهة واحدة وهي رئاسة الجمهورية.2
أبقى تنقيح 1جوان 2002على نظام مركزية حق اإلخطار ،في مسألة رقابة الدستورية
،لكن كون هذا التعديل وسع من صالحيات المجلس الدستوري وكان لهذا التعديل تأثير
على تح ديد الجهة صاحبة اإلخطار ،فقد توسع حق اإلخطار إلى كل من رئيس مجلس
النواب ،ورئيس مجلس المستشارين ،بمناسبة بسط رقابة المجلس الدستوري على األنظمة
الداخلية لكل مجلس وحق اإلخطار صار حقا لكل رئيس حسب الحالة وهذا حسب ما نصت
عليه المادة 2-19من قانون 12جويلية ، 2004المتعلق بالمجلس الدستوري التونسي.3
أزالت هذه المادة الغموض الذي جاءت بها المادة 75بعد التعديل حيث نصت«:يعرض
النظام الداخلي لمجلس النواب ولمجلس المستشارين على المجلس الدستوري قبل العمل بهما
وذلك للنظر في مطابقتهما للدستور أو مالءمتهما له» فجاء األمر مبني للمجهول ولم يذكر
رئيسي غرفتي البرلمان.4
كما صار المجلس الدستوري التونسي يمارس اإلخطار الذاتي " "L'autosaisineوهذا
في الحالة المنصوص عليها في المادة 57بعد التعديل والمتعلقة بشغور منصب رئاسة
349
الجمهورية،1وبمناسبة االنتخابات الرئاسية واالنتخابات التشريعية وصحة االستفتاء أصبح
عديد من الجهات التي تملك الصفة أن تخطر المجلس الدستوري حول منازعة انتخابية.2
لقد انتقلت تونس من نظام احتكار حق إخطار المجلس الدستوري من طرف رئيس
الجمهورية إلى تعدد الجهات التي يمكن أن تقوم بإخطار المجلس الدستوري وذلك تماشيا مع
توسع دور المجلس الدستوري التونسي من خالل تعديل 1جوان .2002
إن إحالة النصوص القانونية على الغرفة الدستورية يمارسها كل من الوزير األول ورئيس
مجلس النواب ،حيث يقوم الوزير األول المغربي بتبليغ القوانين التنظيمية التي تصدر عن
مجلس النواب ،وهذا حسب ما بينته المادة 16من القانون التنظيمي للغرفة الدستورية،
وكذلك يحق للوزير األول عرض القوانين المبينة في إطار المادة 47من دستور 1972
على الغرفة الدستورية.3
كما يخطر رئيس مجلس النواب الغرفة الدستورية حتى ت ارقب النظام الداخلي لمجلس
النواب وكل التعديالت التي تدخل عليه وسبق للغرفة الدستورية في قرارها عدد 1أن رفضت
الفصل في مدى دستورية الفصلين 12و 24من النظام الداخلي لمجلس النواب ألن اإلحالة
تمت من طرف 06ستة نواب وليس من طرف رئيس مجلس النواب وورد في ذلك قرار.4
أجبر المؤسس الدستوري المغربي أمام ضغط المعارضة المغربية على توسيع حق
اإلخطار إلى سلطات عامة أخرى ولهذا صار من حق كل من الوزير األول ورئيس مجلس
-1المرجع نفسه.
-2المرجع نفسه.
-3عبد الرزاق مصلح ،مرجع سابق ،ص ..35
... " -4أن هذه الغرفة لكي تنظر في دستورية النظام الداخلي لمجلس النواب يجب إحالته عليها من طرف رئيس المجلس
دون سواه وأنه ليست لباقي النواب صالحية لعرضه كال أو جزءا على نظرها للغاية المذكورة مما يجعل الطلب المرفوع من
طرف السادة النواب المذكورين أعاله الرامي إلى البت في دستورية فصلين من القانون الداخلي ورفض المصادقة عليهما
غير مقبول (الفصالن 12و 24من القانون 11الداخلي) لهذه األسباب تصرح بأن المطلب غير مقبول".
350
النواب والملك و ربع أعضاء مجلس النواب إخطار المجلس الدستوري الذي نص عليه
دستور 1992كبديل عن الغرفة الدستورية .
* الملك :وفق المادة 79من دستور المملكة المغربية 1996فإن لملك البالد الحق في
إخطار المجلس الدستوري وهذا الحق لم يكن يملكه الملك في ظل الغرفة الدستورية.2
* الوزير األول :نظ ار للمسؤولية التي يتحملها الوزير األول المغربي في ظل النظام
السياسي المغربي فإنه يتمتع بحق إخطار المجلس الدستوري.3
* رئيس مجلس النواب :يتمتع رئيس مجلس النواب المغربي بحق إخطار المجلس
الدستوري نظ ار ألهمية دوره في صناعة التشريع.
- 4الفصل الحادي والثمانون 81من دستور المغرب " :1996تحال القوانين التنظيمية قبل إصدار األمر بتنفيذها والنظام
الداخلي لكل من غرفتي البرلمان قبل الشروع في تطبيقها إلى المجلس الدستوري ليبت في مطابقتها للدستور.
وللملك أو الوزير األول أو رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين أو ربع أعضاء مجلس النواب أو أعضاء
مجلس المستشارين أن يحيلوا القوانين قبل إصدار األمر بتنفيذها إلى المجلس الدستوري ليبت في مطابقتها للدستور".
351
- 4السلطات صاحبة حق اإلخطار في موريتانيا :
يملك المؤسس الدستوري الموريتاني فرصا أكبر لممارسة رقابته وهذا لتعدد الجهات التي
تملك حق إخطاره مقارنة بباقي دول المغرب العربي وتتمثل الجهات صاحبة حق إخطار
المجلس الدستوري الموريتاني في كل من:
أ -رئيس الجمهورية :يحق لرئيس الجمهورية إحالة القوانين العادية على المجلس
الدستوري وفق المادة 86فقرة 03من الدستور وكذا االلتزامات الدولية وفق المادة 79من
الدستور.
كما أن لرئيس الجمهورية أن يطلب من المجلس الدستوري وفق المادة 62من الدستور
البت في خالف قد يقع بين الحكومة والبرلمان بعد دفع الحكومة بعدم قبول مقترحات أو
تعديالت على مشروع قانون الحكومة من طرف أعضاء البرلمان وفي هذا الصدد يرى
األستاذ أحمد سالم ولد ببوط...«:أن إسناد هذا الحق لرئيس الجمهورية ال ينسجم مع غيره
من اختيارات دستور 20يوليو ،1991حيث يرى أن الوزير األول هو الذي يشترك باسم
السلطة التنفيذية في اإلجراءات التشريعية مما يجعله األنسب لتولي إخطار المجلس
الدستوري بهذا الشأن عند االقتضاء.1»...
الوزير األول :حسب المادة 17من النظام األساسي للمجلس الدستوري ب -
الموريتاني فإن الوزير األول يحيل القوانين النظامية (العضوية) بعد المصادقة عليها من
طرف البرلمان على المجلس الدستوري فهنا دور الوزير األول ال يتعدى استالم القوانين
ووضعها لدى المجلس الدستوري وفقا للمادة 86من دستور موريتانيا.2
ال يملك الوزير األول الموريتاني حق إحالة القوانين األساسية على المجلس الدستوري
من تلقاء نفسه وانما الدستور يلزمه بالقيام بهذه العملية اإلدارية وهذا الموقف يشكل تراجعا
352
على الدور الذي كان يلعبه الوزير األول في ظل الغرفة الدستورية حيث كان من حق
أعضاء الحكومة إحالة األوامر القانونية على المحكمة العليا.1
إال أن الوزير األول الموريتاني من حقه طلب من المجلس الدستوري نزع الطابع
التشريعي ( )Délégalisationمن النصوص التي تعود إلى اختصاص الطابع التنظيمي
والهدف من ذلك هو تمكين السلطة التنفيذية من تعديلها بواسطة مراسيم حسب ما نصت
عليه المادة 54من الدستور.2
- 2األقلية البرلمانية:
لقد أعطى التعديل الدستوري الفرنسي المؤرخ في 01أكتوبر ،1974والذي انصب على
إمكانية إخطار المجلس الدستوري بناء على المادة 61من دستور 04أكتوبر 1958وتم
تكملة هذا التعديل بتعديل 25جوان 1992الذي غير المادة 54المتعلقة بمراقبة مدى
مطابقة االلتزامات الدولية مع الدستور أعطى الحق لستين نائبا ( )60أو ( )60شيخا مراجعة
353
المجلس الدستوري الفرنسي والمطالبة بمراقبة مدى دستورية نص قانوني أو التزام دولي 1مع
اإلشارة إلى أن العميد فافورو ...«:يرى أن هذا العدد 60ستون كبير وتمنى لو كان العدد
( )50خمسون مثلما هو الحال في إسبانيا 50خمسون نائبا أو 50شيخا.2»...
يبدو أنه ليس شرطا أن يكون 60نائبا أو 60شيخا من المعارضة بل يمكن أن يكون
هؤالء الستون من األغلبية الحاكمة إذا فقد التجانس السياسي داخل البرلمان وهذا ما حدث
فعال سنة 1975عندما طرح جزء من الديغوليين األغلبية الحاكمة في تلك المرحلة قانون
"في" " " VEILالقانون الذي يسمح باإلجهاض لرقابة المجلس الدستوري ونفس الحال بالنسبة
لقانون ذو الصلة بـ ( )Bioéthiqueالذي يعني قانون أخالقيات البيولوجي العـام .31974
ويالحظ أن اإلخطارات التي قدمت للمجلس الدستوري من طرف األقلية البرلمانية هي
الغالبة مقارنة بتلك المقدمة من طرف رئيس الجمهورية أو الوزير األول أو من طرف رئيس
مجلس البرلمان وحتى سنة 1994تقدم النواب ( )284مائتان وأربع وثمانون طلبا" بعدم
دستورية قانون أو نص في قانون وصدر من المجلس الدستوري 199حكم حول هذه
الطلبات وقضى 92منها بعدم الدستورية.4
كان يقصد التعديل الدستوري الصادر بواسطة القانون الدستوري رقم 904المؤرخ في
ستون برلمانيا ،وكان هذا 29أكتوبر ،1979ستون نائبا أو ستون شيخا وال يقصد
الغموض محل تعديل برلماني عند مناقشة مشروع هذا القانون حيث تمت اإلشارة إلى
ضرورة احترام الثنائية البرلمانية في اإلخطار ورغم أن العدد 60ستون كبير وال يسمح للكتل
البرلمانية بإخطار المجلس الدستوري وهناك بعض رجال الفقه الدستوري الفرنسي من ينصح
بضرورة تخفيض عدد النواب إلى 20نائبا ،وعدد الشيوخ إلى 15شيخا ،يمكنهم إخطار
المجلس الدستوري وهو العدد األدنى لتشكيل كتلة على مستوى مجلس النواب ( 60نائب)
،أو كتلة على مستوى مجلس الشيوخ ( 15شيخ).5
354
كما أن اشتراط عدد 60نائبا ،أو 60شيخا ،له ما يبرره مثل عدم السماح لكثرة
اإلخطارات المشابهة األمر الذي يرهق المشرع والمجلس الدستوري.
يبدو أن المؤسس الدستوري الجزائري والتونسي ،لم يعطي األقلية في البرلمان حق
إخطار المجلس الدستوري ألسباب ومبررات مختلفة ،رغم أن النقل واضح على ما جاء في
دستور عام 1958الفرنسي ،أما المغرب فقد أعطى حق اإلخطار إلى األقلية في البرلمان
منذ دستور ،1992وكذا الحال في دستور 1996أما موريتانيا ،فقد أعطت حق األقلية
البرلمانية حق إخطار المجلس الدستوري.
ب -المغرب وموريتانيا :أعطى الدستور المغربي 1992والمعدل سنة ، 1996كل من
عدد النواب و من عدد أعضاء مجلس المستشارين إخطار المجلس الدستوري المغربي
وهذا من أجل توسيع مجال الرقابة واعطاء وسيلة للمعارضة.
ثلث عدد مجلس الشيوخ ،بحق إخطار المجلس ثلث عدد مجلس النواب، يتمتع
الدستوري الموريتاني ،وذلك وفق المادة 86والمادة 79من الدستور.1
هذا الحق الذي تتمتع به األقلية في البرلمان الموريتاني يمكنها من مواجهة األغلبية
داخل البرلمان فإذا استطاعت األغلبية حشد أصوات نوابها لصالح قانون معين تعتقد األقلية
أنه ال يعبر عن إرادة األمة ،أمكن لهذه األقلية تعطيل هذا القانون من خالل الدفع أمام
المجلس الدستوري بعدم دستوريته.
أما من حيث عدد النواب أو عدد المستشارين الثلث فيرى البعض من المختصين
بالحياة الدستورية في موريتانيا أنه كبير ويصعب تحصيله ويقترحون تخفيضه إلى نفس العدد
المشترط في تكوين الكتل البرلمانية.2
يالحظ من الناحية العملية أنه رغم تمتع األقلية البرلمانية في موريتانيا والمغرب من حق
إخطار المجلس الدستوري حول القوانين العادية ،وااللتزامات الدولية ،إال أن هذه المجالس لم
- 1المادة 86من دستور موريتانيا المؤرخ في 20جوان ..." : 1991وكذلك لرئيس الجمهورية ولرئيس الجمعية الوطنية
ولرئيس مجلس الشيوخ ولثلث ( ) نواب الجمعية الوطنية ولثلث ( ) أعضاء مجلس الشيوخ تقديم القانون قبل إصداره إلى
المجلس الدستوري."...
-محمد فال ولد المجتبي ،مرجع سابق ،ص .63 2
355
تقم بهذه اإلخطارات ولم تحرك هذه اآللية في صالح الديمقراطية ودولة القانون وعلى عكس
ما حدث بعد تعديل الدستور الفرنسي سنة ، 1974واعطاء هذا الحق لألقلية البرلمانية.
يبدو أن هذا السلوك السلبي يرجع حسب اعتقادي إلى عاملين أولهما نقص أو ضعف
الثقافة الدستورية لدى النواب وصعوبة إجماعهم وتحقيق الحد أو العدد المطلوب دستوريا
لتقديم اإلخطار ،وثانيهما هو سيطرة السلطة التنفيذية على الحياة الدستورية والسياسية
وتدهور وتقهقر دور البرلمانات.
يؤدي التجاهل المستمر في إحالة القوانين على المجلس الدستوري من الناحية العملية
إلى تعطيل الرقابة الدستورية على القوانين العادية ،وااللتزامات الدولية ،وتبقى الرقابة
الدستورية مجرد تصور قانوني بعيد عن الواقع ولقد تم استنتاج هذه المالحظات من الواقع
بحيث معدالت النشاط التشريعي ال تتناسب تماما مع عدد اإلحاالت فيما وصل نشاط
البرلمان الموريتاني خالل دوراته الثمانية األولى إلى إنتاج ( )14أربعة عشرة قانونا للدورة
الواحدة فإن عدد اإلحاالت لم يتجاوز الحالتين في كل ثالثة دورات.1
- 3حق األفراد في االتصال بالقاضي الدستوري :
أ -المسألة األولية الدستورية :
تبنى الدستور الفرنسي من خالل تعديل 23جويلية 2008المسألة األوليةالدستورية
والتي سمح من خاللها ألول مرة بمراقبة نص تشريعي بعد صدوره ونفاذه وذلك بهدف حماية
الحقوق والحريات األساسية للمواطن الفرنسي ،التي تعتبر من المبادئ الدستورية العامة،
وبهذه الخطوة يكون القضاء الدستوري الفرنسي اقترب كثي ار من نظرائه في أوروبا.
سمح هذا التعديل للفرد الفرنسي بمنازعة نص تشريعي في مجال الحقوق والحريات وفق
إجراءات محددة أشرك فيها القاضي العادي،والقاضي اإلداري ،إلى جانب القاضي الدستوري
-1خارج إطار رقابة دستورية القوانين ،طلب رئيس مجلس الشيوخ رأي المجلس الدستوري مرتين وكانت االستشارة األولى
حول انطباق مقتضيات التعارض مع عضوية البرلمان على الحالة الخاصة بموظف في البنك المركزي ،أما االستشارة
الثانية فكانت حول قيمة قانون خضع لتغيير طفيف بمناسبة إصداره من طرف الجهات المختصة وفي الحالتين أعلن
المجلس الدستوري أنه ال يستطيع اإلجابة على طلب الرئيس مجلس الشيوخ لعدم االختصاص وقد صاغ المجلس هذا
االمتناع في الق اررين 2/001 :د بتاريخ 2ديسمبر 1992؛ /001م د بتاريخ 30يناير .19963
-2محمد فال ولد المجتبي ،مرجع سابق ،ص .66
356
،ويعد هذا التعديل اتساع دور المجلس الدستوري الفرنسي فباإلضافة إلى الرقابة القبلية على
صدور القانون والتي تمارس بواسطة اإلخطار من جهات دستورية محددة تم السماح للفرد
الفرنسي بتحريك دعوى ضد القانون الدستوري ،1هذا األمر نجده في المحكمة الدستورية
األلمانية،والمحكمة اإلسبانية ،التي باإلضافة إلى تحريكها من طرف جهات دستورية معنية
للنظر في مدى دستورية قانون ساري المفعول فإنها تنظر في النزاعات والطعون المرفوعة
إليها من المواطنين وبإحالة من المحاكم العادية واإلدارية ،2وفي هذه اآللية ضمانة أكبر
لحماية الحقوق والحريات األساسية للمواطن عن طريق إشراك القضاء بطرق مختلفة،
باإلضافة إلى أن المحاكم الدستورية في ألمانيا ،واسبانيا ،تقبل الطعن المباشر من مواطنيها
في حالة تعرضهم لتجاوز النص القانون من السلطات العمومية.3
تسمح المسألة األولية الدستورية بمراقبة مدى مطابقة التشريع للدستور وتتعدى ذلك إلى
مراقبة مدى مطابقة التشريع للمبادئ الدستورية العليا ،واإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان
واعالن الحقوق السياسية و المدنية ،فعلى المجلس الدستوري أن يراقب مدى احترام التشريع
الفرنسي لحقوق وحريات المواطن الفرنسي مهما كان مصدر هذه الحريات والحقوق وله أن
يتوسع في ذلك إلى خارج إطار الوثيقة الدستورية ونجد المجلس الدستوري الفرنسي يركز
على احترام المادة 16من إعالن ،1789والمتعلق بمبدأ فصل السلطات وضمان الحقوق
وحماية المراكز القانونية المكتسبة وحق الطعن والمساواة أمام القانون واجراءات وضمانات
المحكمة الجنائية وبالتالي فإن إعالن 1789شكل إلى يومنا هذا المصدر األساسي للحقوق
والحريات التي تثيرها المسألة األولية الدستورية أمام القاضي الدستوري ،4كما أن ديباجة
دستور فرنسا ، 1946يشكل أيضا حقال واسعا لممارسة هذا النوع من الرقابة على التشريع
357
حيث جاء في ديباجة 1946النص على مجموعة من الحقوق والحريات من بينها حق
إنشاء الجمعيات ،واستقاللية األستاذ الباحث ،مبدأ الكرامة اإلنسانية ،وعدم انتهاك الحرمة
الجسدية لإلنسان ،والحرية النقابية ،حق مساهمة العمال في تسيير مؤسساتهم ،الحق في
العمل ،الحق في حياة أسرية عادية الحق في الحماية الصحية.1
لم يكن يسمح لألفراد بإخطار المجلس الدستوري الفرنسي إلى غاية تعديالت الدستور
التي أقرت سنة 2008والتي نصت في المادة 61مكرر معدلة بأنه يحق لألفراد وبمناسبة
دعوى منشورة أمام القاضي العادي أو القاضي اإلداري الدفع بعدم دستورية قانونا ما ،وهذه
تعتبر رقابة الحقة على القانون بعد صدوره ودخوله حيز النفاذ ،وتتم هذه اإلجراءات بعد أن
يتأكد القاضي الذي رفعت أمامه الدعوى من جدية الدفع بعدم الدستورية يقوم بإحالته على
مجلس الدولة (قضاء إداري) ،أو على محكمة النقض (قضاء عادي) ،هذه األخيرة تقوم
بإحالة الدفع بعد قيامها بالتصفية على المجلس الدستوري حتى يقرر مدى دستورية القانون
محل الطعن بعدم الدستورية ،واذا قرر المجلس الدستوري ذلك يلغى األحكام التشريعية
المشوبة بعدم الدستورية.2
لقد استطاع هذا التعديل إشراك المواطن الفرنسي في عملية الرقابة على دستورية القوانين
بطريقة غير مباشرة وبهذا اكتمل النقص الذي كانت تعاني منه آلية الرقابة السابقة التي
سمحت بصدور عدة قوانين رغم عدم دستوريتها وبهذا صار باإلمكان مراقبة مدى دستورية
القانون حتى بعد صدوره ودخوله حيز النفاذ.3
1
- Ibid,.
2
- G.DRAGO, la défense de la constitution, op. cit. p. 26.
3
- Ibid,.
358
الدستوري بهذه المسألة بواسطة إحالة من طرف مجلس الدولة أو محكمة النقض ويتم
إصدار قرار في آجال محددة،يحدد قانون عضوي شروط تطبيق هذه المادة».1
يضاف إلى ذلك ما جاء في المادة 62من التعديل الدستوري والتي ترتبط بالمادة 1-61
التي تبدي أن األحكام التي يثبت عدم دستوريتها بناء على المادة 61معدلة ال يمكن
إصدارها.
وبناء عليه فإن األحكام التي أقر المجلس الدستوري الفرنسي عدم دستوريتها بناء على
نص المادة 61من التعديل الدستوري 2008تلغى ابتداء من تاريخ نشر قرار المجلس
الدستوري أو ابتداء من تاريخ الحق يحدده قرار المجلس الدستوري ذاته ،ويحدد المجلس
الدستوري الشروط والحدود التي تترتب على النتائج التي ترتبت على هذه األحكام.2
ال يمكن الطعن في ق اررات المجلس الدستوري فهي ملزمة للسلطات العمومية وكل سلطة
إدارية وقضائية.3
ال بد من اإلشارة إلى أن المجلس الدستوري الفرنسي قام بمراقبة قانون ساري المفعول
قبل صدور تعديالت ، 2008وذلك بمناسبة ق ارره المؤرخ في 25جانفي 1985المسمى
بحالة الطوارئ في كاليدونيا الجديدة واعتبر في هذا القرار أنه بإمكانه بسط الرقابة على
قانون ساري المفعول بمناسبة فحصه ألحكام تشريعية معدلة له أو مكملة له محالة عليه.4
1
- Art 61 alénia 01 de la loi constitutionnel n° 2008, 724 du 23 juillet 2008, modernisation des
institutions de la V République, p. 11890.
2
- Art 62 la Lois du 23 Juillet 2008.
3
-G. DRAGO., la défense de la constitution, op.cit, p., 26.
4
- Ibid., p. 38.
359
لسنة 1990لكن سارت المسائل على خالف ذلك تماما بحيث أن مشروع القانون العضوي
الذي أحالت عليه المادة 1-61من التعديل الدستوري في 23يوليو 2008جاء مخالفا
تماما لمشروع القانون العضوي لسنة 1990وذلك الختالف أحكام المادة 1-61من قانون
23يوليو 2008ذاته.
-الشرط األول أن تكون أحكام المادة القانونية موضوع النزاع تشكل نزاعا جديا حول
مدى دستوريتها.
يمر الدفع بعدم الدستورية الذي أقرته المادة 61من قانون 23جويلية 2008لصالح
األفراد إلى معالجة مزدوجة تتم من طرف قاضي الموضوع الذي قام الدفع أمامه بمناسبة
نظره في منازعة عادية ،أو إدارية ،فإذا تأكد من جدية الدفع وصحة تأسيسه وعدم صدور
قرار من المجلس الدستوري بشأن مدى دستوريته يحيل القضية مع الدفع على مجلس الدولة
أو محكمة النقض ،حسب الحالة ويقوم في المرحلة الالحقة رئيس مجلس الدولة أو رئيس
محكمة النقض بإحالة القانون محل الدفع بعدم الدستورية على المجلس الدستوري بعد قيامه
بالتصفية ،2يقوم المجلس الدستوري بالفصل في الموضوع ويصدر ق ارره في أجل 03أشهر.3
1
- Ibid.
2
- D.ROUSSEAU; Droit du contentieux constitutionnel, op.cit., p. 68.
3
-H. ROUSSILLION, op.cit., p. 109.
360
ت -اآلثار المترتبة عن الدفع بعدم الدستورية :
إذا صرح المجلس الدستوري بمطابقة القانون محل الدفع بعدم الدستورية للدستور استمر
القاضي في النظر في الدعوى المنشورة أمامه وتطبيق القانون على النزاع ،أما إذا صرح
المجلس الدستوري بعدم مطابقة القانون محل الدفع بعدم الدستورية للدستور فإن القانون يلغي
وتتوقف الدعوى الموضوعة أمام القاضي العادي ،أو القاضي اإلداري.1
يكون إلغاء القانون المشوب بعيب عدم الدستورية بأثر فوري وال يتمتع بالرجعية ضمانا
الستقرار المعامالت ،وذلك من تاريخ نشر قرار المجلس الدستوري ،ويكون قرار المجلس
الدستوري ملزما لجميع السلطات وغير قابل للطعن وال يمكن تطبيق القانون المحكوم بعدم
دستوريته في الدعاوى المنشورة أمام القضاء والمستقبلية.2
أما دول المغرب العربي فلم تعترف بحق أفرادها بإخطار المجلس الدستوري سواء بطريقة
مباشرة ،أو بطريقة غير مباشرة ،ورغم أن الجزائر اعترفت بحق المجلس الدستوري بممارسة
رقابة على القوانين بعد صدورها في الجريدة الرسمية ودخولها حيز النفاذ إال أن حق
اإلخطار بقي تتمتع به السلطات العمومية فقط ممثلة في رئيس الجمهورية ،أما المغرب
وتونس وموريتانيا فلم تعترف بحق ممارسة األفراد لحق اإلخطار ،الى غاية دستور 2011
المغربي ودستور 2014التونسي حيث تبنى المغرب نظام المحكمة الدستورية في دستوره
الجديد المؤرخ في 1جويلية 2011األمر الذي سيفتح الباب للمواطنين عن طريق الدعوى
القضائية.،حيث جاء في المادة 133منه ما يعطي الحق للمواطن المغربي إذا كان طرفا في
نزاع بالدفع بعدم دستورية قانون سيطبق على النزاع وهذا القانون يمس بالحقوق والحريات
التي يضمنها الدستور وعلى المحكمة الدستورية أن تنظر في هذا الدفع وتصدر في شأنه
قرار ،وأحالت المادة 133على قانون تنظيمي يحدد شروط واجراءات تطبيق هذه المادة.3
1
- D.ROUSSEAU, Ibid,. p. 68.
2
- D.ROUSSEAU, Ibid., p.110.
3
-المادة 1-33دستور المملكة المغربية لعام .2011
361
وبهذا يمارس الدفع بعدم دستورية القوانين من طرف المتقاضين بمناسبة نظر محاكم
الموضوع في دعوى منشورة أمامهم ،سواء كانت متعلقة بالقانون المدني أو التجاري أو
الجنائي أو اإلداري ،ويتم ذلك بأن يتقدم المتهم أو المدعي بدفع يطلب من خالله الحكم بعدم
دستورية القانون المراد تطبيقه عليه وهذه الطريقة تشبه دعوى الدفع في الواليات المتحدة
وعندما يقوم القاضي المدني أو القاضي اإلداري بإحالة الدفع على المحكمة الدستورية فلها
أن تحكم إما رفض الطعن إذا تحققت أن الحكم المطعون فيه مطابق للدستور ويتم االستمرار
في النظر في الدعوى األصلية وفي الحالة العكسية يستبعد القانون محل الطعن بعدم
الدستورية ويستمر في النظر في الدعوى األصلية دون إلغاء القانون وانما استبعاده فقط.
كما يمكن للمحكمة الدستورية المغربية بمناسبة النظر في الدفع األمر بإيقاف البت في
الدعوى األصلية وصرف األطراف إلى رفع دعوى أصلية أمامها للنظر في مدى دستورية
القانون محل الطعن،1كما منح الدستور التونسي 2014الحق للمواطن التونسي بالدفع بعدم
دستورية قانون وفق اجراءات احال بشانها الى قانون عضوي لم يصدر بعد.
لكن عدم صدور القانون التنظيمي المبين لشروط واجراءات تطبيق هذا النوع من النزاع
جعل الممارسة منعدمة وبذلك ال نجد المادة األولية لنعتمد عليها في الدراسة والتحليل.
يبدو أن المبررات التي جاء على أثرها تعديل 23جويلية ، 2008والذي من خاللها
أعطي الفرد في فرنسا حق إخطار المجلس الدستوري بطريقة غير مباشرة جاءت مقنعة إلى
حد بعيد ولهذا كان على المؤسس الدستوري في دول المغرب العربي االستفادة من هذه
التجربة وتوظيفها إيجابيا خاصة أن معظم أحكام دساتير دول المغرب العربي مستلهمة من
دستور فرنسا لعام .1958
أما عن ا لجزائر فإن حصر سلطة اإلخطار في الهيئات الثالثة وهم رئيس الجمهورية
ورئيسي غرفتي البرلمان من شأنها تجميد عمل المجلس الدستوري خاصة إذا علمنا أن
الجهات الثالثة من نفس االتجاه السياسي.
1
-كريم لحرش ،مرجع سابق ،ص .161-160
362
ولهذا يحبذ توسيع هذا الحق إلى األقلية في البرلمان ،كما هو الحال في فرنسا على
شرط أن تكون أقلية مسئولة حتى ال تعرقل العمل التشريعي واضافة مادة في الدستور
من عدد أعضاء تعطي الحق ل الخمس من عدد النواب إخطار المجلس الدستوري وكذا
مجلس األمة كما يحبذ إعطاء رئيس المجلس الدستوري أكثر حرية للتحرك التلقائي فيما
يخص القوانين التي تمس بالحقوق والحريات.
باعتبار اإلخطار وسيلة االتصال بالمجلس الدستوري حتى يمكن لهذا األخير أن يتحرك
فإن المؤسس الدستوري والمؤسس التشريعي جعال له ميعاد وآجال كما قيده بشروط حتى
يكون صحيحا وهذا ما نبينه في نقطتين:
لم يكن المؤسس الدستوري الجزائري دقيقا في تحديد مواعيد إخطار المجلس الدستوري
بالنسبة للرقابة االختيارية ،فالنصوص المتعلقة بالرقابة االختيارية ،يمكن أن تحال على
المجلس الدستوري الجزائري ،عندما تكون مشاريع قوانين ،أو بعدما تصبح قوانين سارية
المفعول والمجاالت الخاضعة للرقابة االختيارية في الدستور الجزائري ،كما رأينا في هذه
الدراسة هي القوانين والتنظيمات والمعاهدات.1
لكن بناء على نص المادة 165من دستور ، 1996فإن إخطار المجلس الدستوري
بالنسبة للرقابة السابقة تكون بين فترة المصادقة على مشروع القانون من طرف البرلمان وبين
إصداره من طرف رئيس الجمهورية ،وجاء في المادة 5من النظام المحدد لقواعد عمل
المجلس الدستوري ،بأن المجلس الدستوري يفصل في دستورية المعاهدات ،والقوانين
والتنظيمات ،إما برأي أو بقرار دون تحديد ميعاد لذلك.2
363
مع العل م أن رئيس الجمهورية وفق المادة 126من الدستور ملزم بإصدار القانون بعد
30يوما من تاريخ تسلمه،1فإن اآلجال تكون محصورة في 30يوما أما رقابة المجلس
الدستوري في الجزائر على القوانين التي صدرت في الجريدة الرسمية فإن المؤسس الدستوري
لم يقيد السلطات صاحبة اإلخطار بميعاد معين فيمكن لهذه األخيرة إخطار المجلس
الدستوري بمراقبة قانون ساري المفعول في أي وقت وهذا ما قام به رئيس الجمهورية حيث
أخطر المجلس الدستوري لمراقبة مدى دستورية قانون محافظة الجزائر الكبرى الذي صدر
في 31ماي 2007وتم اإلخطار سنة 2000أي بعد 3سنوات من سريانه وصدر قرار
عن المجلس الدستوري في هذا الشأن.2
ال يتم إخطار المجلس الدستوري الفرنسي إال حول مشاريع القوانين فهو ال يمارس رقابة
الحقة على القوانين السارية المفعول لكن بعد تعديالت ،2008أعطى األفراد حق إخطار
المجلس الدستوري لمراقبة قانون ساري المفعول كما رأينا في الفرع السابق ،وحسب المادة
61من دستور فرنسا ،1958فإن ميعاد إخطار المجلس الدستوري هو 15يوما وهي اآلجال
التي تلزم الرئيس الفرنسي بإصدار القانون بعد استالمه حسب المادة 10من دستور فرنسا
.31958
وفي الحالة االستعجالية وبطلب من الجهة صاحبة االختصاص فإن اآلجال تخفض إلى
8أيام.
يعطي القانون األساسي المتعلق بالمجلس الدستوري التونسي من خالل فصله 21مدة
شهر كأقصى حد للمجلس الدستوري تبدأ من تاريخ استالمه مشروع القانون إلبداء رأيه
و 10عشرة أيام في الحالة االستعجالية وعند االقتضاء وفي حاالت استثنائية يتم التمديد لمدة
الشهر ،بأسبوعين وذلك بقرار من المجلس.4
-1المادة 126من دستور 28نوفمبر " :1996يصدر رئيس الجمهورية القانون في أجل ثالثين ( )30يوما ابتداء من
تاريخ تسلمه إياه."...
-2أنظر قرار إلغاء محافظة الجزائر الكبرىرقم / 02ق ا /م د 2000مؤرخ في 27فبراير 2000آراء وق اررات المجلس
الدستوري الجزائري ،2012-1989مرجع سابق ،ص .134
-3عبد العزيز محمد سلمان ،رقابة دستورية القوانين ،مرجع سابق ،ص .200
-4المادة 21من القانون األساسي عدد 2004/52المؤرخ في 12جويلية 2004المتعلق بالمجلس الدستوري التونسي.
364
لم يحدد المشرع التونسي الحاالت االستثنائية التي تسمح بتمديد مدة الشهر األمر الذي
يسمح للمجلس الدستوري التمديد في كل مرة وبهذا تصبح اآلجال ( )45خمسة وأربعين
يوما.1
ان قراءة الفصل 21من القانون 2004/52نجده أخرج الحاالت المنصوص عليها في
الفصل 35من الدستور وهذه الحاالت متعلقة بالدفع بعدم قبول أي مشروع قانون أو أي
تعديل يتضمن تدخال في مجال السلطة التنظيمية العامة والذي يحيله رئيس الجمهورية على
المجلس الدستوري وجعل أجاله 10أيام وليس 30يوما قابل للتمديد بأسبوعين وبذلك أخرج
المشرع التونسي حالة اإلخطار الواردة في المادة 35من الدستور المعدل في 1جوان
2002من قواعد األجل العادي واألجل االستثنائي المنصوص عليهما في المادة 21من
القانون األساسي عدد .252
وهناك حاالت استعجاليه نص عليها المشرع التونسي من خالل قانون عدد 2004 /52
في فصله 21وحددها بـ(عشرة أيام) وهذا األجل يختلف عن كل من فرنسا ،وموريتانيا التي
حددته ب ( )08ثمانية أيام.3
لم يخرج المؤسس الدستوري المغربي عن القاعدة بحيث جعل آجال إخطار المجلس
الدستوري المغربي شه ار كامال ،وفق المادة 81من دستور المغرب ،1996سواء تعلق
األمر بفحص دستورية القوانين العادية ،أو التنظيمية (العضوية) ،أو األنظمة الداخلية
لمجلس البرلمان ،وتخفض المدة إلى 08أيام في حالة االستعجال ،على عكس تونس التي
جعلتها 10أيام.4
" مع مراعاة أحكام الفقرة الثانية من الفصل 35من الدستور ،يبدي المجلس رأيه في أجل أقصاه شهر من تاريخ بلوغ
اإلحالة إليه وعشرة أيام في حالة استعجال النظر ويمكن عند االقتضاء في حاالت استثنائية وبقرار من المجلس التمديد في
أجل الشهر بأسبوعين".
-1سميرة مرزوق الزغالمي ،مرجع سابق ،ص .37
-2هدى بن خليفة ،مرجع سابق ،ص .40
-3المرجع نفسه ،ص .41
-4عبد العزيز النويضي ،المجلس الدستوري بالمغرب ،مرجع سابق ،ص .94
365
يعود للحكومة وحدها طلب االستعجال دون غيرها من جهات اإلخطار األخرى ومن
أسباب التعجيل ،هو توقف نشاط الحكومة في قطاع معين على صدور ذلك القانون محل
النظر من طرف المجلس الدستوري مثل قانون المالية ،أو قد يكون موضوع اإلخطار هو
تعديل بعض المواد ضمن قانون عضوي سبق وأن أصدر المجلس الدستوري رأيا بمطابقته
للدستور ،فما هو المبرر لبقائه شه ار كامال ،والمطلوب من المجلس مراقبة بعض المواد
المعدلة فقط كما قد ترى الحكومة المغربية بأن األقلية في البرلمان تخطر المجلس الدستوري
لمراقبة قانون ما من أجل تعطيل النشاط الحكومي وبهذا تكون مدة شهر طويلة ومعرقلة قد
تطلب الحكومة من المجلس الدستوري التعجيل في البت.1
لكن المجلس الدستوري غير ملزم باالستجابة إلى طلب الحكومة بالتعجيل في كل
الحاالت بل له أن يرفض ذلك إذا كانت ظروف عمله ال تسمح كأن يكون بصدد النظر في
قانون عضوي طويل أو إصابة المقرر بمرض ويرى األستاذ عبد العزيز النويضي... « :أن
المجلس الدستوري يجب أن يكون معز از بالوسائل البشرية بما فيها الخبرة القانونية التي
تسمح له بمواجهة ضغوط العمل وأن يكون عمله عقالنيا ومنظما لمواجهة مختلف
االحتماالت بما في ذلك متابعة بعض القوانين التنظيمية أو العادية أثناء نقاشها في البرلمان
وفحص دستورية بعض مقتضياتها التي من المحتمل أن تثير إشكالية وذلك حتى يسهل البت
فيها عند إحالتها عليه غير أن اعتبارات المنطق والواقع يجب أخذها باالعتبار ،ونرى أن
الحكومة ال يجب أن تلجأ إلى طلب البت المستعجل عندما ال تكون هناك مبررات تدعو
إليه ،وأن يقع تشاور أحيانا قبل طلب المسطرة االستعجالية حتى ال يطالب المجلس بما يفوق
طاقته فيؤثر ذلك إما عن اجتهاده واما على احترامه لآلجال المحددة دستوريا.2»...
ينظر المجلس الدستوري الموريتاني في النصوص المعروضة عليه في أجل شهر وفقا
للفقرتين األولى ،والثانية ،من المادة 86من الدستور الموريتاني ويتعلق األمر بالقوانين
النظامية (العضوية) ،واألنظمة البرلمانية ،وكذا القوانين العادية ونفس األجل يطبق في حالة
-1المرجع نفسه.
-2المرجع نفسه ،ص .95
366
قيام الوزير األول بإخطار المجلس الدستوري بناء على المادة 59من الدستور والمتعلقة
بطلب إعالن الطابع التنظيمي للترتيبات ذات الصفة التشريعية.1
تنص المادة 70من دستور موريتانيا على أن رئيس الجمهورية يصدر القانون بعد ثمانية
أيام من استالمه كأدنى حد وثالثين يوما على األكثر من يوم إحالته من طرف البرلمان على
عكس المادة 126من الدستور الجزائري التي ال تشترط حدا أدنى وانما تكتفي بالحد
األقصى 30يوما ،لكن ربما يوجد مبرر للمؤسس الدستوري الموريتاني باشتراطه حدا أدنى
حتى تتمكن الجهات األخرى صاحبة اإلخطار من إعداد ملف إخطار المجلس الدستوري
ومدة 08أيام كافية وهذا األمر ال يأخذ به المؤسس الدستوري الجزائري في اعتقادي لحصر
جهات اإلخطارفي ثالثة جهات منسجمة سياسيا ال يمكن أن تتصرف أية جهة دون توافق
مع الجهات األخرى في هذا المجال.
تتطلب الحاالت االستعجالية تخفيض آجال اإلخطار إلى ( )08ثمانية أيام في حالة
حسب المادة 03/86من دستور موريتانيا 1991وهو نفس األجل الذي تبنتها المغرب
وفرنسا باستثناء تونس الذي جعلته 10أيام.2
أما المجاالت التي يمكن تطبيق حالة االستعجال عليها فتتمثل رقابة دستورية القوانين
النظامية ،األنظمة البرلمانية العادية ،والنصوص ذات الصفة التشريعية التي تطلب السلطة
التنفيذية إعالن طابعها التنظيمي ،وكذا طلبات تقدمها الحكومة لرفض مقترحات يتقدم بها
النواب عند مناقشة مشاريع القوانين فينظر المجلس في هذه الطلبات في أجل ( )08ثمانية
أيام.3
367
حدد المؤسس الدستوري الموريتاني الجهة التي لها حق طلب االستعجال في رئيس
الجمهورية بالنسبة الستعجال النظر في القوانين األساسية ،وذلك بمقتضى المادة 86من
الدستور على خالف كل من المؤسس الدستوري في فرنسا ،والمغرب1،الذي أسند هذا األمر
إلى الوزير األول ،واتفاقا مع المؤسس الدستوري التونسي ،الذي أسند حق طلب االستعجال
إلى رئيس الجمهورية.2
أما إذا تعلق األمر بنظر المجلس الدستوري الموريتاني بطلب تغيير نصوص تشريعية
إلى طابع تنظيمي فإن من يطلب االستعجال هو رئيس الحكومة ،3مع اإلشارة إلى أن أجل
8أيام ال يعتبر أجال استثنائيا ،وانما هو أجل عادي بالنسبة لطلب الوزير األول حسب
المادة 28من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الموريتاني.
يوجد تناقض بين المادتين 24و 28من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري
الموريتاني ،فاألول تعتبر طلب الوزير األول من المجلس الدستوري تحويل الطابع التشريعي
للنصوص إلى طابع تنظيمي حالة استعجالية تقلص فيها اآلجال إلى 08أيام والمادة 28
تعتبر أن هذه الحالة آجالها العادية هي 08أيام.4
تنص المادة 08من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري بأن يتم
إخطار المجلس الدستوري برسالة توجه إلى رئيسه وذلك في إطار أحكام المادتين 165
-المادة 3-61من دستور فرنسا لعام 1958؛ المادة 28من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري المغربي. 1
4
- Art 24 l’'ordonnance n° 92-24 du 18 Février 1992, Portant loi organique sur CC. " Dans le
cas Prévue a l'article 59 de la constitution le C. Constitutionnel est saisi par le premier
ministre".
Art 28: " Le C. constitutionnel, se prononce dans le délai de huit jours par une déclaration
motivée".
368
و 166من الدستور ،وتكون هذه الرسالة مرفقة بالنص الذي يعرض على المجلس الدستوري
إلبداء رأيه فيه أو اتخاذ قرار بشأنه.1
لم يحدد المؤسس التشريعي الجزائري صيغة معينة أو شكل معين لرسالة اإلخطار ولم
يلزم السلطات صاحبة اإلخطار بدفع رسم معين واعتبر أن هذه الرسائل ال تنشر في الجريدة
الرسمية على عكس رسائل اإلخطار في النظام الفرنسي التي يتم نشرها في الجريدة الرسمية
بقوة القانون ،2وعليه فإن رسالة اإلخطار تأخذ الشكل الذي حررته الجهة صاحبة اإلخطار.3
وحتى في النظام الفرنسي فإن اإلخطار يتم دون تحديد شكل معين أو شرط ،توجه إلى
رئيس المجلس الدستوري ،4أما إذا كان اإلخطار من طرف البرلمانيين في الجمعية الوطنية
أو في مجلس الشيوخ فإنه يتم برسالة واحدة موقعة من طرف ستون برلمانيا ،أو بواسطة 60
رسالة ،لكل برلماني رسالة خاصة به.5
تسجل حسب المادة 09من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري
رسالة اإلخطار لدى األمانة العامة للمجلس الدستوري في سجل اإلخطار مقابل وصل
استالم تسلمه األمانة لصاحب اإلخطار ،هذا اإلشعار باالستالم يشكل بداية حساب مهلة
( )20عشرين يوما الممنوحة للمجلس الدستوري للبت في اإلخطار.
يوحي لنا مفهوم المادة 10من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري ما يفيد أن
السلطات صاحبة اإلخطار إذ استعملته ،ال يمكن سحبه ألن المادة تنص على أن يشرع
المجلس الدستوري في فحص النصوص المعروضة عليه بمجرد استالم رسالة اإلخطار.6
-1المادة 8من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري مداولة المؤرخ في 03ماي ،2012ج ر عدد .26
-2إلياس جوادي ،مرجع سابق ،ص .129
-3سليمة مسراتي ،إخطار المجلس الدستوري الجزائري ،في ظل دستور ،1996مذكرة ماجستير جامعة الجزائر ،كلية
الحقوق ،2002 ،ص .71
4
-D. ROUSSEAU, Droit du contentieux constitutionnel, op.cit., p. 118.
- 5عمار عباس ،نفيسة بختي ،تأثير النظام اإلجرائي على رقابة المجلس الدستوري وسبل إصالحه ،مجلة دراسات
قانونية ،العدد ،2008 ،2ص .30-29
-المادتان 10 ،9من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري ،بتاريخ 03ماي ،2012ج .ر عدد .26 6
369
تكون رسالة اإلخطار مرفقة بالنص المطلوب مدى مطابقته للدستور سواء قبل صدوره
في الجريدة الرسمية ،أو بعد ذلك إلبداء رأيا أو اتخاذ قرار في شأنه ،وال يشير الدستور
الجزائري وال النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري على إرفاق رسالة اإلخطار
بأسباب اإلخطار ،أو أن ترفق رسالة اإلخطار بوثيقة توضيحية لكن سكوت المؤسس
الدستوري والمؤسس التشريعي عن ذلك ،ال يفهم منه أنه يمنعها فلو قامت الجهة صاحبة
اإلخطار بإرفاق رسالة اإلخطار لبيان أسباب اإلخطار وتقديم تفسيرات وتوضيحات عن
طريق ملحق ثم تنظر مدى يكون رد المجلس الدستوري.
أما فيما يتعلق بعملية الرقابة فإن المادة 10من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس
الدستوري تعطي الحق لرئيس المجلس الدستوري بتعيين مقر ار من بين أعضاء المجلس يكلفه
بالتحقيق في الملف وتحضير مشروع الرأي أو القرار وذلك بمجرد استالم رسالة اإلخطار.1
ال تخضع رسالة اإلخطار في فرنسا ألي شكل محدد في ما يتعلق بالجهات األربعة
صاحبة اإلخطار وهما رئيس الجمهورية ،الوزير األول ،ورئيس الجمعية الوطنية ،ورئيس
مجلس الشيوخ ،ويتم ذلك بواسطة رسالة عادية ترسل إلى رئيس المجلس الدستوري وأعضائه
أو إلى أمينه العام.2
أما المادة 18من أمر 07نوفمبر 1958والمتعلق بالمجلس الدستوري الفرنسي والذي
تم تعديله بواسطة قانون عضوي رقم 52 -74مؤرخ في 23ديسمبر 1974تشترط في
اإلخطارات التي يقوم بها 60نائبا من الجمعية الوطنية ،أو 60شيخا من مجلس الشيوخ
بان تتم برسالة واحدة ،أو بعدة رسائل ،تحمل في مجموعها توقيعات 60نائبا ،أو 60شيخا
على األقل ،3إن المعمول به في فرنسا وهو أن يتضمن اإلخطار ثالثة وثائق:
-المادة 10من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري ،ج .ر رقم 26مؤرخة في 03ماي .2012 1
2
-D. ROUSSEAU, Droit du contentieux constitutionnel, op.cit., p. 363.
3
- Art 18, de la Loi organique n° 74-52 du 23 Décembre 1974 modifiant l'ordonnance du 7
Novembre 1958 concernant le C.C français : " Lorsqu' une loi est déférée au conseil
constitutionnel à l'initiative de parlementaires, le conseil est saisi par une ou plusieurs lettres
comportant au total les signatures du main soixante députés au soixante sénateurs ".
370
أ -رسالة إخطار موجهة إلى رئيس المجلس الدستوري وأعضائه أو األمين العام للمجلس
الدستوري موقعة من طرف رئيس الفوج البرلماني الموقع أو من طرف كل برلماني صاحب
المبادرة.
ب -رسالة توضيحية ( )Un mémoire ampliatifبدون أن يشترط فيها شكل معين
لكن غالبا ما تكون مشابهة لتلك المعمول بها في القضاء اإلداري.
ت -قائمة اسمية للنواب الموقعين تحمل اسم النائب أو الشيخ ،الدائرة التي يمثلها
والتوقيع الكتابي.1
ال بدا من اإلشارة أنه يتم مراقبة شرعية التوقيعات على مستوى أمانة المجلس الدستوري
فيقوم األمين العام للمجلس الدستوري بمطابقة توقيع النائب ،أو الشيخ ،مع سجل توقيعات
النواب والشيوخ في بداية العهدة التشريعية والموجودة على مستوى سجل لدى أمانة المجلس
الدستوري.2
أما من حيث نشر رسالة اإلخطار فإنه يتم نشر رسالة اإلخطار رفقة قرار المجلس
الدستوري الفرنسي في الجريدة الرسمية ،ويتم ذلك من خالل محور خاص تحت عنوان
"المجلس الدستوري" .
يجعل نشر رسائل اإلخطار الرأي العام الفرنسي والبرلمانيين خاصة أصحاب المبادرة
باإلخطار يعرفون األسس والمبررات التي اعتمد عليها المجلس الدستوري في اتخاذ ق ارره
1
- le conseil constitutionnel à 40 ans op.cit., p. 363.
2
- Ibid., p. 363.
3
- " Il incombe aux auteurs de saisines de permettre, par une signature manuscrite
l'authentification des requêtes qu’ils entendent adresser au conseil constitutionnel".
371
وكيف تعامل هذا األخير مع الحجج ،والدفوع ،واألسانيد ،التي اعتمدتها الجهات صاحبة
اإلخطار في دفعها بعدم دستورية مشروع قانون وكل هذا في صالح تطوير العمل التشريعي.
يبدو من األفضل لو اتبع المؤسس الدستوري والتشريعي الجزائري ،نفس المنهج وجعل
أراء وق اررات المجلس الدستوري ترفق برسائل اإلخطار ،تعميما للفائدة وازالة ألي غموض.
تتسم إجراءات اإلحالة على المجلس الدستوري الموريتاني بالبساطة والوضوح الستنادها
باألساس على ما استقر عليه العرف وعدم النص عليها ال في الدستور ،وال في القانون
العضوي المتعلق بالمجلس الدستوري الموريتاني ،فحسب المادة 17و 18من النظام
األساسي للمجلس الدستوري الموريتاني ،تتم اإلحالة على المجلس الدستوري عن طريق
خطاب ،أو عدة خطابات ،حسب الحالة يعني الجهة صاحبة اإلخطار سلطة واحدة أو
مجلس الشيوخ ،يتم ثلث مجلس النواب ،أو ثلث مجموعة نواب فإن الخطاب القادم من
برسائل متعددة ،ومختلفة ،وال تكون في تاريخ واحد وانما في عدة تواريخ بشرط عدم تجاوزها
لآلجال القانونية.1
ال يوجد أي نص قانوني يشترط تبيان أسباب اإلخطار ،وهذا ربما يعود لفكرة أساسها
انتفاء فكرة المصلحة في المنازع أمام المجلس الدستوري ويأخذ هذا المعنى إلى أن...«:
رقابة الدستورية تتبع القضاء الموضوعي وليس القضاء الشخصي ...فإن من له الحق في
تحريك رقابة الدستورية ،يمارس في حقيقة األمر وظيفة ميكانيكية ،تعفيه من إثبات وجود
حق معتدي عليه ،أو على األقل مصلحة في الطعن بعدم الدستورية وهذا ما يميز القضاء
1
- Art 18 de la loi n° 92- 04 du 18 Février 1992 Portant loi organique sur le C. constitutionnel:
Lorsque une loi est déféré au conseil constitutionnel a l'initiative du parlementaire, le conseil
est saisi par une ou plusieurs lettres comportant au total les signatures d'au moins le tiers des
députés ou le tiers des sénateurs…".
372
الدستوري ...على سائر جهات القضاء األخرى ...ويمكن القول أن الهيئات المختصة بحق
اإلخطار يقوم بالطعن دفاعا على الدستور.1»...
جرت العادة أن يرفق الوزير األول الموريتاني خطاب اإلحالة على المجلس الدستوري
بمذكرة شرح.
يالحظ أن المجلس الدستوري الموريتاني بالنسبة لإلخطار الوجوبي ملزم في النظر في
كل بنود ومواد القانون ،أما بالنسبة لإلحالة ،أو اإلخطار الغير وجوبي ،فالسؤال المطروح هو
هل يتقيد المجلس الدستوري بالنظر فقط في المواد التي تثيرها الجهة صاحبة اإلخطار؟ فمن
الناحية العملية لم يواجه المجلس الدستوري الموريتاني هذه اإلشكالية.
لكن المجلس الدستوري الموريتاني قد سبق وأن أقر لنفسه من حيث المبدأ حق النظر في
مواد لم يثرها الطاعن ،أو صاحب اإلخطار ،وعدم التقيد بالمطالب التي أثارتها رسالة
اإلخطار ،واتبع في ذلك تقنيتين استعمالها التجربة الفرنسية وهما تقنية ""L'inséparation
عدم القابلية لالنفصال ،وكذا أعمال سلطة التصدي " Le pouvoir de soulèves
.2"d'office
جاء وفي هذا الصدد قرار المجلس الدستوري الموريتاني رقم /006مايلي ...«:نظ ار إلى
أن الفقرة 1من المادة 2من القانون النظامي المعروض على المجلس الدستوري ال يمكن
فصلها عن هذا القانون ككل ،وبالتالي فإنه يجب إعالن هذا القانون غير مطابق
للدستور ، 3»...وقد اعتمد المجلس الدستوري الموريتاني على المادة 22من القانون
النظامي للمجلس الدستوري التي تبيح له اتخاذ هذا القرار.4
-2محمد عبد اللطيف محمد ،القضاء الدستوري في فرنسا في خمس سنوات ( )2004 – 1999القاهرة ،دار النهضة
العربية ،2005 ،ص .119
-2محمد فال ولد المجتبي ،مرجع سابق ،ص .56
-3قرار رقم 006/أ .م المتعلق بإحالة من الوزير الموريتاني األول بتاريخ 10يوليو 1993والمطلوب من خاللها مراقبة
مدى مطابقة القانون النظامي المتعلق بانتخاب الشيوخ الذين يمثلون الموريتانيين المقيمين في الخارج.
-4نص المادة 22من القانون 01-92المتعلق بالمجلس الدستوري الموريتاني " :في حالة إعالن المجلس أن القانون
المعروض عليه يتضمن ترتيبا مخالفا للدستور وال يمكن فصله عن مجموع القانون ،فإن هذا القانون ال يمكن إصداره".
373
استعمل سلطة التصدي المجلس الدستوري الموريتاني بصورة غير مباشرة في قرار/
007م .أ المتعلق بالنظام األساسي للقضاء ،حيث ورد فيه... «:نظ ار في هذه الحالة إلى
أنه لن يتسن للمجلس الدستوري أن يكشف على الفور أي تعارض بين الدستور واألحكام
األخرى في القانون النظامي المعروض عليه.1»...
من حيث أثر اإلحالة فإن القوانين التي يتم إحالتها على المجلس الدستوري الموريتاني
وفقا للمادة 4-67من الدستور ال يمكن إصدارها إال بعد صدور رأي المجلس الدستوري
واعالنه بمطابقتها للدستور.
تؤدي اإلحالة إلى توقيف آجال إصدارها حسب المادة 86من الدستور الموريتاني وكذا
القوانين المتعلقة بالموافقة على االلتزامات الدولية وتطبيقها حسب المادة 79من الدستور وال
يمكن رفع أجل تعليق اإلصدار إال بعد إعالن المجلس الدستوري الموريتاني مطابقتها
للدستور.2
ويجب اإلشارة إلى أن رئيس الجمهورية الموريتاني عندما يقوم بإصدار القانون ال يشير
في صيغة اإلصدار إلى تصريح المجلس الدستوري.3
لم يشر الدستور التونسي إلى رسالة اإلخطار وانما أحال على القانون المنظم للمجلس
الدستوري التونسي ،وحتى هذا القانون الذي صدر سنة 2004تحت العدد ، 52لم يحدد أية
شكليات ،أو شروط لرسالة اإلخطار ،وبهذا يبدو أن المؤسس التشريعي التونسي ترك مسألة
شكل اإلحالة إلى الجهة صاحبة اإلخطار باعتبار المجلس الدستوري هيئة استشارية بالنسبة
لرئيس الجمهورية.
-1قرار رقم 007/أ .م " :تمت اإلحالة عن طريق الوزير األول الموريتاني في 12يوليو 1993وفقا للمادة 1-86من
الدستور يطلب من خاللها مراقبة مدى دستورية القانون النظامي المتعلق بالنظام األساسي للقضاء.
-2محمد فال ولد المجتبي ،المرجع نفسه ،ص .58
-3المرسوم عدد 52لسنة 1992مؤرخ في 18يونيو ،1992المتعلق بصيغ إصدار القوانين من طرف رئيس الجمهورية.
374
يغيب داخل العالقة بين المجلس الدستوري التونسي وباقي المؤسسات ما يسمى بالطعون
الدستورية ،ولذلك يرجع إلى الفكرة التي تم االستناد عليها في تأسيس المجلس الدستوري
التونسي ،ومفاد هذه الف كرة العمل وفق منطق االستشارة وليس منطق التقاضي بين مختلف
أطراف المؤسسات الدستورية.1
تشير المادة 22من القانون التنظيمي رقم 29-93المتعلق بالمجلس الدستوري المغربي
فقط إلى أن إجراءات إحالة القوانين العادية على المجلس الدستوري ،تتم تحريكها برسالة أو
عدة رسائل تتضمن في مجموعها إمضاءات عدد من أعضاء مجلس النواب ومجلس
المستشارين ال يقل عن ربع األعضاء الذين تتألف منهم كل من المجلسين المذكورين.2
وهذه الرسالة باإلخطار ال تشترط الصفة فيرفعها صاحب اإلخطار للتصدي لقانون
مخالف للدستور دون مصلحة خاصة ،أو شخصية ،يدفع عنها فالمشكل غير مطروح عندما
تكون رسالة إخطار واحدة من جهة إخطار واحدة لكن اإلشكال عندما يكون اإلخطار من
عدد من مجلس النواب ،أو عدد من مجلس المستشارين ،ويجد المجلس الدستوري نفسه
أمام عدد من الدفوع مختلفة وفي بعض األحيان متناقضة حول نص قانوني واحد خاصة أن
القانون التنظيمي للمجلس الدستوري لم يعالج مثل هذه اإلشكاليات الشيء الذي يجعل عمله
أكثر صعوبة وتعقيدا.3
كما يطرح إشكال عندما يقوم البرلمانيون بانتداب محام أو خبير مالي لتحرير مذكرة
الطعن وليس رسالة اإلحالة وامضائها من طرف المحامي أو الخبير المالي فهل يعتد بذلك
1
- N.A BERNOUSSI, op.cit., p. 362.
-2المادة 22من الظهير الشريف رقم 01 .94 .124الصادر في 14رمضان 1414الموافق لـ 25فبراير 1994المنفذ
للقانون التنظيمي رقم 29-93المتعلق بالمجلس الدستوري المغربي " :تكون إحالة القوانين إلى المجلس الدستوري في
الحاالت المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من الفصل 79من الدستور برسالة من الجهة التي تتخذ المبادرة بذلك أو
برسالة أو عدة رسائل تتضمن في مجموعها إمضاءات عدد من أعضاء مجلس النواب ال يقل عن ربع األعضاء الذين
يتألف منهم هذا المجلس.
-3عبد الرحيم المنار السليمي ،مرجع سابق ،ص .122
375
اإلمضاء أمام المجلس الدستوري المغربي ؟ ألن المادة 22من القانون 93 – 29المتعلقة
بالمجلس الدستوري المغربي تشترط توقيع أعضاء مجلس النواب أو أعضاء مجلس
المستشارين وال تشترط توقيع الخبراء والمحامون.1
يشترط القانون التنظيمي على النواب أ،و أعضاء مجلس المستشارين ،التوقيع باليد لكن
في حالة االستعجال ترسل الرسائل بواسطة الفاكس والمشكل المطروح أمام القاضي
الدستوري المغربي هل يعتد بالفاكس ،ففي قرار للمجلس الدستوري الفرنسي صادر في 30
ديسمبر 1996يحمل رقم 386 – 96قرر من خالله القبول بتوقيعات عن طريق الفاكس
بسبب االستعجال مع إلزام النواب إحضار رسائل اإلخطار األصلية الحقا.2
أما اإلشكال الرابع فإن المجلس الدستوري المغربي ال يفحص أسماء النواب ،أو أعضاء
مجلس المستشارين ،الذين صوتوا على القانون ثم وقعوا رسالة إخطار ضد نفس القانون
والسؤال هل يحتمل أن يصوت النواب مع القانون ثم يطعن في مدى دستوريته ؟!.
وحسب األستاذ عبد الرحيم المنار السليمي...« :هذا ليس بغريب عن الثقافة البرلمانية
في المغرب وبالتالي فالسؤال المطروح أمام القاضي الدستوري في هذه الحالة ،هو هل
البرلماني الذي صوت على قانون عادي معين يمكنه اللجوء إلى المجلس الدستوري ضمن
فريق الطعن إللغائه!؟».3
لكن يمكن للبرلماني المغربي أن يرد على هذا االستفهام بأنه صوت على القانون برمته
ويطعن في بعض مواده وهذا مقبول منطقيا.
كما تطرح إشكالية أمام القاضي الدستوري المغربي في مدى صالحيته في النظر في كل
مواد القانون المطعون في عدم دستوريتها أما يكتفي بما طلبه أصحاب اإلخطار؟
376
تؤدي كثرة الطعون في نفس القانون إلى تعطيل نشره ألن الطعن أمام المجلس الدستوري
المغربي يوقف النشر واإلصدار خاصة إذا كنا أمام قانون ذا أهمية استراتيجيه كقانون
المالية.
كما أن هناك إشكال ية ممكن أن يصادفها القاضي الدستوري وهي قيام الجهات صاحبة
حق اإلخطار بسحب رسائل اإلخطار فما هو الموقف في هذه الحالة لو افترضنا أن الوزير
األول أو أحد رئيسي غرفتي البرلمان قام باإلخطار تم سحبه فلو قبل القاضي الدستوري بهذا
السحب فإن القانون يتم إصداره ونشره ،فإن كان هذا مع السلطات الثالثة المذكورة (الوزير
األول ،رئيس مجلس النواب ،رئيس مجلس المستشارين) فكيف الحال مع المبادرة للنواب أو
ألعضاء مجلس المستشارين.1
حدث نفس األمر أمام المجلس الدستوري الفرنسي حيث صوت البرلمان على قانون
ولكنه لم ينشر وكان موضوع رسالة إخطار (إحالة أو طعن) أمام المجلس الدستوري من
طرف ستين نائبا ،ويومين بعد اإلحالة سحب بعض النواب توقيعاتهم من الرسالة مما جعل
اإلخطار ال يتوفر على النصاب القانوني ،وكان يعتقد هؤالء النواب المنسحبون بأن
انسحابهم سوف يجعل اإلخطار كأن لم يكن لكن القاضي الدستوري الفرنسي قرر بأن العبرة
بتوفر النصاب يوم تقديم رسالة اإلخطار وال تأثير لالنسحاب على ذلك.2
أثير تساؤل حول موقف القاضي الدستوري الفرنسي لماذا لم يأخذ بقاعدة تجعل سحب
الطاعن لطعنه توقف الدعوى ،فاجاب ان القضاء العادي يقوم على مبدأ انتفاء المصلحة
يؤدي إلى انتفاء الدعوى ،لكن القاضي الدستوري الفرنسي رأى أن المصلحة في الطعن
برقابة دستورية القوانين هي مصلحة للنظام العام الدستوري وليس مصلحة ألصحاب حق
اإلخطار.3
-1المرجع نفسه.
-2المرجع نفسه ،ص .127
-3المرجع نفسه .
377
ال بد من اإلشارة إلى أن المغرب من خالل تبينه لدستور 2جويلية 2011اتبع نظام
الرقابة القضائية على دستورية القوانين ،وأنشأ لذلك محكمة دستورية يتم الطعن أمامها
بواسطة الدعوى القضائية لكن القانون العضوي الذي يحكم هذه المحكمة لم يصدر إلى غاية
إنهاء هذه الدراسة.
378
المبحث الثاني:إجراءات عمل القاضي الدستوري ومدى حجية أعماله
يعتمد القاضي الدستوري في سير أعماله على التحقيق ،والمداولة ،والتي تختلف تماما
على سير أعمال القاضي العادي ،والقاضي اإلداري ،وحتى القاضي الدستوري الذي يمارس
على مستوى الهيئات القضائية ،كما أن لألعمال الصادرة عن القاضي الدستوري حجية
مطلقة فهي نهائية غير قابلة للطعن وملزمة للسلطات العمومية ،والسلطات القضائية ،وهذا
ما يتم معالجته في مطلبين:
رأينا في المبحث السابق كيفية وضع المجلس الدستوري يده على القانون المطعون فيه
بعدم الدستورية ،ون رى في هذا المطلب كيف يقوم القاضي الدستوري بمعالجة النزاع وما هي
اإلجراءات التي يتبعها للفصل في دستورية القانون المعروض عليه فتجيبنا النصوص
الدستورية والقوانين المتعلقة بالمجالس الدستورية المغاربية والمجلس الدستوري الفرنسي كون
هذه اإلجراءات تتمثل في التحقيق والمداولة وهذا ما سيتم معالجته من خالل فرعين:
يعتمد التحقيق على قيام قاضي دستوري بعدة مهام إلعداد ملف حول القانون المطعون
فيه بعدم الدستورية ،ويسمى هذا القاضي بالقاضي المقرر ،فكيف يتم تعيينه وماهي مهامه
نعالجها في نقطتين.
بناء على نص المادة 11من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري
فإن رئيس المجلس الدستوري يعين بمجرد تسجيل رسالة اإلخطار مقر ار من بين أعضائه
379
يتكفل بالتحقيق في الملف ويتولى تحضير مشروع الرأي أو القرار ،1ويدوم عمل القاضي
الدستوري المقرر أقل من 20يوما ،وهي المهلة الممنوحة للمجلس الدستوري الجزائري
للفصل في الطعون المرفوعة إليه.2
ال يحتاج المقرر بالنسبة لإلخطارات المشوبة بعيب عدم االختصاص إلى التحقيق وانما
يحضر رأيا أو ق ار ار بالرفض مع ذكر أسباب ذلك وفقا للدستور والقوانين المسيرة لمؤسسات
الدولة أما إذا كان الطعن مستوفيا لجوانبه الشكلية فإن المقرر يستطيع االطالع على ما شاء
من المراجع واالستعانة بأي خبير ليساعده في مهمته.3
يقوم رئيس المجلس الدستوري الفرنسي بمجرد استالمه رسالة اإلخطار بتعيين مقر ار من
بين أعضاء المجلس ذاته حسب المادة 19من األمر المؤرخ في 07نوفمبر 4،1958إن
صالحية تعيين المقرر من اختصاصات رئيس المجلس الدستوري األمر الذي ال يسمح بأن
يكون هو مقر ار أي يقوم بتعيين نفسه ،ويمكن أن يتم تعيين مقررين اثنين لنفس الموضوع
نظ ار لحجمه أو ألهميته ،ويجب الحفاظ على السرية في اسم المقرر حتى ال يكون تحت أي
نوع من الضغوط ويقوم بمهمته في هدوء ،وعلى الرغم من أن تعيين القاضي الدستوري
المقرر هو من اختصاص رئيس المجلس الدستوري إال أن هذا التعيين يخضع لعدة معايير
منها االختصاص ،وطبيعة القانون موضوع التحقيق 5بصفة عامة نجد القضاة الدستوريون
بفرنسا غير متخصصين لكن في بعض المجاالت كالجوانب المتعلقة بقوانين المالية نجد
عامل التخصص.
-1المادة 11من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري مداولة بتاريخ 3مايو 2012ج ر رقم .26
-2المادة 167من الدستور الجزائري 28نوفمبر 1996المعدل والمتمم.
-3جاء في المادة 12من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري ما يلي" :يخول المقرر أن يجمع
المعلومات والوثائق المتعلقة بالملف الموكل إليه ،ويمكنه أن يستشير أي خبير يختاره".
4
- Art 19 de l’ordonnance du 7 novembre 1958: " L'appréciation de la conformité à la
constitution est faite sur le rapport d'un membre du conseil dans les délais fixés par le
troisième Alinéa de L'Article 61 de la constitution".
5
- le conseil constitutionnel à 40 ans op.cit., p. 372.
380
وأنتجت الممارسة داخل المجلس الدستوري الفرنسي بعض القضاة المتخصصين في
قضايا واحاالت معينة ،ومنهم األستاذ "جورج فيديل" المختص في القانون الدستوري فأثناء
عضويته بالمجلس الدستوري سنة 1980كلف بإعداد مشاريع أراء حول مواضيع ذات
طبيعة دستورية مثل الخوصصة ،مبدأ دستورية حق الملكية ،...ومن هذه الق اررات التي
اعتبرت ذات أهمية قصوى في تأثير المجلس الدستوري الفرنسي في النظام السياسي
الفرنسي ذلك القرار المتعلق بقانون التأميم رقم 132/81المؤرخ في 16جانفي ،11982
وهناك قضاة دستوريون مختصون في المجال المتعلق بقوانين االتحاد األوروبي ،2والقضايا
المالية ،3والقضايا المتعلقة باإلعالم.4
-2تعيين القاضي الدستوري المقرر في المغرب:
يعتبر تعيين القاضي الدستوري المقرر خطوة مهمة يقوم بها رئيس المجلس الدستوري
المغربي لبدء إجراءات النظر في الطعن الدستوري وهذا الحق يمنح شخصيا لرئيس المجلس
الدستوري بناء على نص القانون 29/93المتعلق بالمجلس الدستوري المغربي .5وال يمكن
أن يتدخل أي عضو من أعضاء المجلس الدستوري في تعيين المقرر ،حتى ولو في حالة
غيابه وتثير مسألة حق رئيس المجلس الدستوري المطلق تعيين المقرر دون تقييده بمعايير
معينة مشكلة فال بد من األخذ بعين االعتبار عوامل التخصص والمهنية والخبرة السابقة،6
إنه بالرجوع إلى بعض التجارب األوروبية نجد رئيس المحكمة الدستورية البلغارية يعد قائمة
مسبقة بأسماء القضاة وتخصصاتهم والملفات المتحكمين فيها ثم يتم التعيين من الجدول وفقا
لهذه المعايير ،أما في فرنسا فإن رئيس المجلس الدستوري يعتمد أسلوب التناوب بين القضاة
1
- Décision N° 081 – 132 D. C de 16 Janvier 1982 et N° 82 – 139 C. c du 11 Février 1982
(loi de nationalisation) décision N° 86/207 DC du 25 – 26 Janvier.
( M.CHATNET -2مستشار دولة وزير سابق عين في المجلس الدستوري الفرنسي سنة )1968مختص في القضايا
األوروبية.
( M. LECOUZT -3عين في المجلس الدستوري الفرنسي سنة 1979محامي مختص في القضايا المالية).
( MGROSs -4عين بالمجلس الدستوري سنة ،1977محامي تخصص في القضايا السمعي بصري),.
-5جاء في المادة 16من القانون 29- 93المتعلق بالمجلس الدستوري المغربي ما يلي" :يبت المجلس الدستوري في
القضايا المعروضة عليه بعد االستماع إلى تقرير عضو من أعضائه يعينه الرئيس."...
-6عبد الرحيم المنار السليمي ،مرجع سابق ،ص .166
381
مع األخذ بعين االعتبار الكفاءات والخبرة في ملفات معينة كالقوانين ذات الطابع المالي التي
تتطلب مقر ار متحكما في تقنيات المالية.1
أما بالعودة إلى التجربة المغربية فإن رئيس المجلس الدستوري عندما يأتي إلى تعيين
القاضي الدستوري المقرر يكون أمامه احتمالين:
أ -االحتمال األول :هو تعيين مقرر يعد مشروع رأي يتماشى مع األغلبية البرلمانية
وبالتالي ال يجد رئيس المجلس الدستوري صعوبة عند التصويت على المشروع.
ب -االحتمال الثاني :فهو يعين مقرر ذا كفاءة مهنية وتخصص يقنع من خالله باقي
األعضاء باتخاذ اتجاه معين من القانون المعروض عليهم األمر الذي يضع رئيس المجلس
الدستوري في مأزق.2
كما أن اسم القاضي الدستوري المقرر في المغرب يكون سريا على عكس ما كان معموال
به في مرحلة الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى قبل دستور ،1992أين كان يتم اإلعالن
على أسماء المقررين.3
أما في المرحلة الحالية فإن رئيس المجلس الدستوري المغربي يعتمد على معيار "التوزيع
المتوازن للمهام" ،والذي يعني التخصص والتكوين في المجال هو المحدد للقاضي الدستوري
المقرر ،فنجد في المنازعة االنتخابية كل أعضاء المجلس الدستوريين يمكن أن يقوموا بدور
المقرر ألن هذا المجال ال يتطلب التخصص وهذا حسب رأي األستاذ عبد اللطيف
المنوني.4
في أول جلسة يعقدها المجلس الدستوري التونسي يعرض من خاللها رئيس الجلسة
جدول األعمال ويقوم بتعيين المقرر.
382
وجاء في الفصل 6من قانون 1أبريل 1996مايلي «:المجلس يعين من بين أعضائه
مقررين اثنين إلعداد تقرير كتابي حول مشاريع القوانين المعروضة عليه وكذلك بالنسبة
للمعاهدات المنصوص عليها بالفصل 2من الدستور والمسائل المتعلقة بتنظيم المؤسسات
الدستورية وسيرها».1
يتم تعيين القاضي المقرر عادة باالعتماد على التخصص ،فإذا كان مشروع القانون
متعلق بالمادة الجزائية فإن المقرر يكون عضوا مختصا في القانون الجنائي واذا كان القانون
متعلق بالمادة التجارية فإن المقرر يكون مختصا في القانون التجاري ومن محاسن هذه
الطريقة ضمان التعمق في دراسة المسألة واعداد مشروع وأرضية عمل دقيقة.4
مع المالحظة أنه في حالة االستعجال فإن رئيس المجلس الدستوري هو من يعين
المقررين ربما للوقت وفقا ألحكام المادة 10من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس
الدستوري التونسي.5كما يمكن للمقرر عند القيام بمهامه االستعانة بكل من يرى فائدة في
االستماع إليه وجاء في المادة 11من النظام الداخلي للمجلس الدستوري مايلي «:يمكن
للمجلس دعوة من يرى فائدة في االستماع إلى رأيه في موضوع معروض عليه» .6ودور
هؤالء يقتصر على توضيح بعض النقاط الفنية.
383
- 4تعيين القاضي الدستوري المقرر في موريتانيا :
بناء على المادة 19من القانون النظامي المتعلق بالمجلس الدستوري الموريتاني فإن
تقييم المطابقة للدستور يتم بناء على تقرير عضو من المجلس الدستوري ،1كما أن المشرع
الموريتاني لم يحدد طريقة تعيين المقرر وال الجهة صاحبة التعيين لكن العرف جرى في
موريتانيا أن يتم تعيين المقريين من طرف رئيس المجلس الدستوري تأث ار بالنموذج الفرنسي،
ويأتي تعيين المقرر في موريتانيا بناء على مالئمة تخصصه مع نوع القضية المطروحة مع
مراعاة نوعا من التوازن في شخص المقررين ،2وهي نفس الطريقة المعتمدة في تعيين
المقررين في النظام التونسي ويختلف عن تونس في كون رئيس المجلس الدستوري التونسي
يعين مقررين أما في موريتانيا فيتم تعيين مقرر واحد.
يبدو أنه من األحسن تحديد معايير محددة الختيار القاضي الدستوري المقرر بموريتانيا،
خاصة إذا علمنا أن اإلخطار قد يأتي من عدد نواب من البرلمان الشيء الذي يجعل تعيين
العضو المقرر بعيدا على التأثير السياسي ما أمكن ذلك.
ويبقى اسم القاضي الدستوري المقرر سريا غير معلوم وكذا كل وثائق الملف المعهود به
إليه ،كما سهل عملية السرية في التحقيق عمل المجلس من خالل إبعاد المقرر الذي يباشر
التحقيق من التعرض للضغوط والتدخالت لتوجيه التحقيق.3
يشكك بعض الفقهاء في ضرورة تلك السرية التي تعتمدها المجالس الدستورية وتطرح في
المقابل قضية الشفافية ،التي ينبغي أن تقوم عليها الرقابة الدستورية ،األمر الذي يجعلها أكثر
انسجاما مع الديمقراطية واضفاء مصداقية أكبر على ق اررات المجلس الدستوري ذلك أن
1 - Art 19 de L'ordonnance n° 92- 04 du 18 Février 1992, Portant loi organique sur le c.
constitutionnel: " L'appréciation de la conformité à la constitution est faite sur le rapport d'un
membre du conseil dans les délais fixés par le troisième alinéa de l'article 86 de la
constitution".
-2محمد فال ولد المجتبي ،مرجع سابق ،ص .78
3
-H. ROUSSILLON, op.cit., p. 30.
384
وضوح التسبيب يجعلها مفهومة أكثر لدى المهتمين ،كما تسهم هذه الشفافية في اإلجراءات
إلى تكريس وبلورة فقه قضاء دستوري وابراز اتجاهاته.1
يبدو أن المجالس الدستورية المغاربية وتماشيا مع هذا عليها ،أن تضفي مزيدا من
الشفافية والوضوح في قيامها باإلجراءات ،ومختلف مراحل التحقيق الذي أوصلها إلى تبني
قرار معين الذي يوجه المنتوج التشريعي ،أو العمل الحكومي ،في اتجاه معين ويعطي أكثر
حيوية لعمل المجلس الدستوري ،ودور أكثر نجاعة في ضبط الحياة السياسية.
ماهي الخطوات التي يتبعها القاضي الدستوري المقرر بعد تعيينه ؟ هل يعمل بصفة
منفردة أم له مساعدين ؟ ما هو نوع الوثيقة التي يعدها للمداولة ؟ هل هي تقرير أو مشروع
رأي أو قرار دستوري ؟ هذا ما نعالجه في كل من الجزائر ،تونس ،المغرب وموريتانيا في
النقاط التالية:
يقوم رئيس المجلس بمجرد تسجيل رسالة اإلخطار لدى أمانة المجلس الدستوري
الجزائري ،بتعيين مقر ار من بين أعضاء المجلس يكلف بالتحقيق في الملف الذي عهد به
2
ويخول هذا المقرر بجمع المعلومات ومختلف الوثائق ،المتعلقة بالملف وبإمكانه إليه
االستعانة بالخبراء.3
ويستخلص من هذا أن المجلس ككل ال يتدخل إال بعد إتمام المقرر بمهمته واعداد،
ملفا كامال وشامال حول الموضوع بعد قيامه ببحث وتحقيق واستشارات متعددة وبعد ذلك
يجتمع المجلس بدعوى من رئيسه لمناقشة مشروع الرأي ،أو القرار .4تظهر اإلجراءات التي
يتبعها المجلس الدستوري الجزائري في عمل المقرر بسيطة وغير معقدة.
1
-D. ROUSSEAU, Le droit du contentieux constitutionnel, op.cit., pp. 34 – 35.
-2المادة 11من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري.
-3المادة 12من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري ،مرجع سابق.
-4عمار عباس ونفسية بختي ،مرجع سابق ،ص .30
385
يقوم المقرر بالمهمة التي كلف بها في خالل 20يوما من تاريخ تسجيل رسالة اإلخطار
وهي المدة التي حددتها المادة 167من الدستور كي يرد فيها المجلس الدستوري على
اإلخطارات الواردة إليه.1
في حين نجد مهمة المقرر في النظام الفرنسي هي إدارة التحقيق واعداد مشروع قرار
مرفق بتقرير والذي يخضع للمداولة والتصويت من طرف المجلس الدستوري الفرنسي ويمكنه
االستفادة من األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي صاحب الخبرة القضائية واإلدارية في
المجال والذي يلعب دور المستشار القانوني للعضو المقرر في فرنسا 2الشيء الذي يغيب
عن األمين العام للمجلس الدستوري الجزائري والذي ال بد أن يراعى في تعيينه عامل الخبرة
القضائية والتكوين القانوني وصفة الباحث األكاديمي حتى يتمكن من تقديم المساعدة الكاملة
لعضو المجلس الدستوري المقرر وتتم هذه المساعدة من خالل جمعه ألكبر عدد من الوثائق
المتعلقة بالموضوع بالتنسيق مع مصلحة الشؤون القانونية بالمجلس الدستوري ويقوم األمين
العام بالتنسيق بين مختلف األطراف داخل المجلس الدستوري ويمكن للقاضي الدستوري
المقرر القيام بكل االتصاالت التي يرغب فيها من أجل وضوح الرؤية حول الملف المطروح
بين يديه.3
كما أن العضو المقرر يتصل بعد تعينه باألمين العام للحكومة لعقد اجتماع غير رسمي
ويتم من خالله وبحضور أيضا األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي وأعضاء مصلحة
الشؤون القانونية بالمجلس الدستوري هذا من جهة وعن الطرف اآلخر يحضر األمين العام
للحكومة ،وكذا األشخاص الذين تابعوا صياغة مشروع القانون محل النظر على مستوى
الحكومة ،وهم أعضاء ديوان الو ازرات أو أعضاء المصالح المعنية.4
386
يعتبر هذا االجتماع غير رسمي وال يختم بتقرير ،أو محضر اجتماع ،وبعد هذا االجتماع
يقوم األمين العام للحكومة بإرسال مالحظاته إلى القاضي الدستوري المقرر حول المواد محل
اإلخطار ويقوم المجلس الدستوري عن طريق أمانته العامة بإرسالها إلى الجهات أصحاب
اإلخطار ويمكن ألصحاب اإلخطار بداية من ،1986إثارة نقاط لم يتم التطرق إليها في
رسالة اإلخطار األولى ،وتدفع المقرر بطرحها على ممثل األمانة العامة للحكومة التي يجيب
عليها.1
ولم ينص النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الفرنسي على إجراءات غلق
التحقيق ،ولهذا يمكن ألصحاب اإلخطار في مرحلة التحقيق الدفع واثارة نقاط أخرى تعتبر
أوجه طعن ويتميز هذا الطابع من النقاش بالسرية ،وال يأخذ أي شكل علني وفي هذه المرحلة
من التحقيق يمكن أن يتلقى المقرر إرساليات من أفراد أو من جماعات معينة تتضمن
مالحظات معينة ،والتي ال يقوم بتحويلها ال إلى الحكومة والى الجهات صاحبة اإلخطار،
وانما يأخذ بها على سبيل االستئناس وتسمى هذه المالحظات ".2"Portes étroites
ال بد أن نالحظ أن البرلمان غير حاضر في هذه المرحلة من النقاش فالجهة الوحيدة
التي تدافع على مشروع القانون هي الحكومة حتى ولو تعلق األمر بمبادرة برلمانية بالقانون
وليس مشروع حكومة ،وحتى لو أن إحدى نقاط الخالف لم تجد حال يتم الموافقة عليها من
طرف البرلمان خالل مناقشته للقانون محل الطعن.3
يختلف النظام التونسي عن نظيره الفرنسي والجزائري في كون المجلس الدستوري يعين
عضوين مقررين اثنين يكلفان بنفس المهمة ونفرق في تونس بين مرحلة ما قبل تعديل
الدستور في 1جوان ، 2002أين كان كل أعضاء المجلس الدستوري يشتركون في تعيين
المقررين وبين مرحلة ما بعد تعديل الدستور في 1جوان ،2002حيث أصبح تعيين المقرر
من اختصاص رئيس المجلس الدستوري ويكون مقر ار واحدا يكلف بمهمة التحقيق واعداد
387
مشروع رأي حول القانون المطعون فيه بعدم الدستورية ،والمحال عليه من طرف رئيس
المجلس الدستوري.
جاء قانون 12جويلية ،2004وهو القانون المتعلق بتنظيم المجلس الدستوري وفصل
في المسألة من خالل نص المادة األولى منه التي تنص على مايلي « :يسهر رئيس
المجلس الدستوري على سير أعمال المجلس».1
يالحظ أن قانون 12جويلية 2004تعامل مع تحديد عدد المقررين بنوع من عدم الدقة
حيث فبعد أن نص على تعيين مقرر واحد فقط فيما يخص الرقابة الدستورية نجده في
الفصل 33و ،36ينص على أن رئيس المجلس الدستوري يعين من بين أعضائه مقر ار
وعدة مقررين لدراسات الشكايات ،والطعون فهو يختلف في المادة االنتخابية عن العدد
المحدد في مادة الرقابة الدستورية.2
يعتبر العضو المقرر في النظام التونسي محو ار أساسيا في سير التحقيق ومن خالله
سير أعمال المجلس الدستوري ،حيث نجده يكلف بإعداد التقرير الكتابي الذي يعتمد كوثيقة
عمل أساسية وله في سبيل ذلك حرية في إتمام مهمته.
مع المالحظة أنه في حالة تعيين مقررين يمكنهم تقديم تقرير مشترك كأرضية عمل
ويتضمن هذا التقرير في العادة تقديم للمشروع ،وعرضا لألحكام التي تثير إشكاال حول مدى
مطابقتها للدستور ،ولفت أنظار أعضاء المجلس إلى مختلف االختالالت الشكلية
والموضوعية ،التي احتواها مشروع القانون محل النظر ،3وفي العادة يستغرق التقرير أسبوع
أو أسبوعين حسب أهمية وحجم مشروع القانون ولم يحدد النظام المتعلق بالمجلس الدستوري
388
التونسي طبيعة التقرير هل يعرض على المجلس الدستوري شفاهة ،أو كتابيا ولهذا المجلس
يعمل بالصيغتين.1
يبدو أن المجلس الدستوري والعضو المقرر يجد نفسه في بعض األحيان يتعامل مع
مشروع قانون ذا طبيعة تقنية ولهذا سمحت المادة 22في فقرتها 2للمجلس بأن يستدعي
من يرى فائدة في سماعه ويقتصر دور هؤالء في توضيح الرؤية فقط من الجانب الفني.2
كما يمكن للمجلس الدستوري التونسي أن ينتدب خبي ار أو خبراء ويدفع لهم تعويضات
مقابل قيامهم بمهام لصالح المجلس في حدود ما تسمح به ميزانية المجلس الدستوري
التونسي.3
ويعتبر الرجوع إلى الخبراء والمختصين قبل البحث في مدى مطابقة مشروع القانون
خطوة تعبر عن وعي أعضاء المجلس الدستوري بأن المشاريع المعروضة عليهم متخصصة
جدا مثل قوانين المالية ،وقانون زرع األعضاء.
تحمل كل الق اررات الصادرة عن المجلس الدستوري المغربي عبارة ...« :وبعد االستماع
إلى العضو المقرر والمداولة طبقا للقانون »...وأول ما يالحظ غياب قانون إجراءات يحكم
عمل القاضي الدستوري المقرر في المغرب ،شأنه شأن نظرائه في الجزائر وفرنسا وتونس
وربما عدم الكتابية في إجراءات عمل القاضي الدستوري المقرر تمنحه مزيدا من الحرية في
جمع المعلومات.4
وعدم وجود المقرر المساعد كما هو الشأن بفرنسا يجعل القاضي الدستوري المغربي يقف
على كل اإلجراءات بنفسه ،وله الصالحية في الحصول على أية وثيقة تساعده في مهمته
- 2المادة 22من القانون عدد 52المؤرخ في 12جويلية ..." :2004وللمجلس دعوة من يرى فائدة في االستماع إلى
رأيه في الموضوع المعروض عليه".
-3سميرة مرزوق الزغالمي ،المرجع نفسه ،ص .40
جاء في الفصل 13من النظام الداخلي للمجلس الدستوري التونيسي مايلي ":لرئيس المجلس باقتراح من المجلس وفي
حدود االعتمادات المضبوطة بالميزانية للغرض تكليف خبير أو خبراء للقيام بأعمال معينة تندرج ضمن أهداف المجلس".
-عبد الرحيم المنار السليمي ،مرجع سابق ،ص .183 4
389
بنفسه ويستعمل في ذلك النصوص القانونية ،السوابق القضائية ،االجتهاد القضائي تقرير
اللجان البرلمانية ،وكذا االعتماد على مكتبة المجلس الدستوري.
إن الطعن في المادة االنتخابية يجد فيه القاضي الدستوري المقرر مجموعة من
النصوص اإلجرائية موزعة بين قوانين االنتخابات وقوانين أخرى ،حيث يستطيع استقبال
عريضة طعن وتقديمها إلى الطرف المطعون ضده ليرد على ادعاءات الطاعن وفي الطعن
االنتخابي تكون إجراءات عمل القاضي الدستوري المقرر أشبه بالمنازعة القضائية اإلدارية
كما يتلقى تصريحات الشهود واجراء التحقيقات الضرورية في عين المكان بالنسبة للطعن
االنتخابي.1
إنه وبعد انتهاء القاضي الدستوري المقرر من مهامه يقوم بإعداد التقرير أو مشروع
القرار الدستوري وال يوجد نص يلزمه بتسليم هذا التقرير ،أو مشروع القرار لباقي أعضاء
المجلس الدستوري المغربي على عكس المشرع الجزائري من خالل المادة 13من النظام
المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري التي تنص على أن يسلم المقرر بعد انتهاء أشغاله
إلى رئيس المجلس الدستوري والى كل عضو في المجلس نسخة من الملف موضوع
اإلخطار مرفقا بالتقرير ومشروع الرأي أو القرار.2
والمستغرب في النظام المغربي هو على أي أساس تتم مناقشة التقرير أو مشروع القرار
إذا قام أعضاء المجلس الدستوري باستالمه يوم المداولة فالقريب للعقل والمنطق أن يسلم
مشروع القرار أو التقرير إلى أعضاء المجلس الدستوري عن طريق رئيس المجلس الدستوري
على األقل 48ساعة قبل اجتماع المجلس للتداول.
وما يالحظ على عمل القاضي الدستوري المغربي المقرر مقارنة بنظرائه في بعض
األنظمة المقارنة نسجل النقاط اآلتية :
أ -غياب مساعدين للقاضي الدستوري المقرر سواء من داخل المجلس الدستوري أو من
خارجه على خالف البرتغال اين يقوم القاضي الدستوري بتعيين مساعدا له يختاره بنفسه
-المادة 14من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري المؤرخ في 3ماي .2012 2
390
ويكون عادة أستاذ جامعي مختص فيحبذ تعميم هذه التجربة في المغرب ،الجزائر ،تونس
وموريتانيا.
وكذلك في التجربة الفرنسية يتم في السنة التي تجرى فيها االنتخابات اختيار المجلس
الدستوري قائمة من عشرة ( )10أعضاء كمقررين مساعدين يختارون عادة من مجلس الدولة
،ومجلس المحاسبة بالتساوي ،وتسند إليهم من طرف رئيس المجلس الدستوري إعداد ملف
معين وتحليل معطياته والقيام بالتحقيقات الالزمة والتدقيق في بعض اإلجراءات الشكلية
المرافقة للعملية االنتخابية.1
ب -العمل باالعتماد على قاضي دستوري مقرر واحد يجعل المجلس الدستوري يتداول
على تقرير أو مشروع دستوري واحد وفي حالة كون موضوع المداولة مشروع قانون كبير
ومن نوع القوانين الفنية الدقيقة مثل قانون 34/98و 35/98بالمغرب ،المتعلق بتحويل
المنشآت العامة إلى القطاع الخاص ،وقوانين المالية.
إن االعتماد على مقررين أو أكثر يكون أكثر نجاعة كما أخذ به المشرع التونسي قبل
تنقيح الدستور في 1جوان .2002
- 4دور القاضي الدستوري المقرر في موريتانيا :
إن جميع المهام التي يقوم بها القاضي الدستوري الموريتاني تتميز بالسرية فيما يخص
اسم المقرر أو وثائق الملف في عهدته وحتى محتوى التقرير الذي يعده المقرر نهاية تحقيقه
وهذه السرية فيها حماية ألعضاء المجلس الدستوري الموريتاني وللمقرر ذاته من جهات
مختلفة خاصة إذا كانت القضية محل النظر ذات حساسية ،وهذا االتجاه من السرية نجده
في أغلب دول العالم ،سواء تلك التي تأخذ بنظام المجلس الدستوري أو األخرى التي تأخذ
بنظام الجهات القضائية كالمحاكم والغرف الدستورية.2
391
لم تبين التجربة التي يمتلكها المجلس الدستوري الموريتاني بصفة كافية الدور الذي يلعبه
المقرر بحيث أغلب اإلخطارات كانت تلك اإلخطارات الوجوبية حول القوانين العضوية
واألنظمة الداخلية للبرلمان وتكاد تنعدم اإلخطارات المتعلقة بالقوانين العادية.
أما عن النشر فيحبذ لو يقوم المجلس الدستوري الموريتاني بنشر ما توصل إليه التحقيق
بالموازاة مع نشر قرار المجلس الدستوري معه ألن علة السرية تنتفي بعد نشر القرار ،وهي
الضغط على أعضاء المجلس وحتى يتسنى للجميع معرفة الحيثيات واالعتبارات التي بني
عليها قرار المجلس الدستوري الموريتاني.1
الفرع الثاني:المداولة
تختلف المداولة في عمل المجلس الدستوري عنها في عمل المحاكم العادية لسببين
اثنين:
السبب األول كون المداولة أمام المحاكم العادية تتم بين موظفين عموميين (قضاة
المحاكم) أما مداوالت المجلس الدستوري فيتم بين أشخاص تتم تعيينهم من طرف سلطات
عمومية وبعضهم متحزب السبب الثاني ألن القاضي الدستوري من خالل المداولة يجد مجال
تكوين مستمر تلتقي من خالل هذه المداوالت عدة تجارب مختلفة (قضاة عاديون ،محامون،
أساتذة جامعيون ،إطارات حزبية الخ .2)...وبالتالي فإن مداوالت المجلس الدستوري تقود إلى
عدة تساؤالت:
من يدير المناقشة ؟ ومن يستدعي المجلس الدستوري لالنعقاد؟ كيف يتم تحديد جدول
األعمال؟ هل تكون المداوالت شفوية أم كتابية؟ هل هناك محاضر للجلسات ومن يحررها ؟
هل يتم اتخاذ الق ارر داخل المجلس الدستور بالتراضي أم يترك التصويت للنهاية ؟ هل يمكن
ألعضاء المجلس الدستوري االستعانة بالخبراء والفنيين في مرحلة المداولة ؟
392
ولهذا نعالج من خالل هذا الفرع نقطتين تخصص األولى منهما إلجراءات انعقاد
المجلس الدستوري للمداولة والثاني لكيفية إنتاج الرأي أو القرار داخل المجلس الدستوري.
بعدما يقوم القاضي الدستوري المقرر بتسليم نسخة من ملف موضوع اإلخطار والتقرير
ومشروع الرأي أو مشروع القرار بحسب
الحالة يجتمع المجلس الدستوري الجزائري للتداول بناء على استدعاء من رئيسه.1
أما القاضي الدستوري المقرر في فرنسا ،فإنه وبمساعدة األمين العام للمجلس الدستوري
الفرنسي يقوم بتحرير مشروع القرار مسبوقا بتقرير يوضح القضية المعروضة على المجلس
للمداولة كما يمكن للقاضي الدستوري المقرر بفرنسا أن يرفق التقرير بعدة مالحظات أساسية
وكذلك مشروع قرار ثاني .ويتم توزيع هذا الملف على أعضاء المجلس الدستوري بأيام قبل
المداولة من طرف األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي ويتضمن هذا الملف مشروع
القرار ،ونص القانون موضوع اإلخطار ،وكل الوثائق الضرورية للتداول ،وتنعقد جلسة اتخاذ
القرار باستدعاء من رئيس المجلس الدستوري واذا حدث له مانع من طرف العضو األكبر
سنا.2
أما في تونس فإن المداولة تتم باالستماع إلى القاضي الدستوري المقرر حسب الفصل
22من قانون جويلية 2004والمتعلق بالمجلس الدستوري التونسي ،3ويتضمن عرض
القاضي الدستوري المقرر تقديم المشروع وعرض األحكام المعيبة بعدم الدستورية وبمجرد
االستماع إلى هذا التقرير يشرع األعضاء في مناقشة األحكام المعيبة بعدم الدستورية
-1المادة 13من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري .مداولة مؤرخة في 03ماي .2012
2
- Le Conseil Constitutionnel a 40 Ans, op.cit., p. 381.
- 3فصل 22من قانون 12جويلية 2004المتعلق بالمجلس الدستوري التونسي" :تبدأ مداوالت المجلس باالستماع إلى
المقرر ،ثم يكلف رئيس المجلس المقرر بصياغة مشروع رأي على ضوء التوجهات األساسية التي يقرها المجلس ،وتبقى
الجلسة مفتوحة إلى أن يلتئم المجلس للبت في مشروع الرأي بأغلبية أعضائه."..
393
فيستبعد بعضها ويثبت بعضها مبدئيا ،ويمكن للمجلس الدستوري التونسي أن يستعين بخبراء
ليستأنس بآرائهم في مسائل ذات طبيعة تقنية وفنية دون مشاركتهم في المداولة.1
وللمجلس الدستوري التونسي أيضا أن ينتدب خبراء بواسطة التعاقد لالستفادة من
2
والمتعلق بالمجلس الدستوري معارفهم هذا حسب الفصل 1من قانون 12جويلية 2004
التونسي كما ال يمكن لهؤالء الخبراء المشاركة في مداوالت المجلس ألنها سرية 3وباالستعانة
بالفنيين والخب ارء فإن تقرير القاضي الدستوري المقرر في تونس ال يشكل وحده أرضية العمل
بالنسبة لقضاة المجلس الدستوري ،وانما حتى األعمال واالستشارات التي يقدمها الفنيون
والخبراء تعتمد كأرضية لعمل قضاة المجلس الدستوري التونسي حتى ولو كانت مقدمة
شفاهيا.
يلتقي المؤسس الدستوري التونسي مع نظيره الجزائري في كون المقرر بعد إنهاء عمله
يسلم نسخة من ملف موضوع األخطار مرفقا بالتقرير ومشروع الرأي أو القرار إلى كل عضو
من أعضاء المجلس الدستوري بما فيهم الرئيس وهذا حسب المادة 13من النظام المحدد
لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري ،والشأن نفسه بالنسبة لنظيره الفرنسي مع بعض
االختالفات الجزئية أما من حيث االستدعاء لالجتماع فإن المجلس الدستوري الجزائري
يستدعى من رئيسه ،أو من يستخلفه هو في حالة حدوث مانع للرئيس دون أن تحدد المادة
14من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري تعريفا للمانع هل هو المرض
أو السفر أو القيام بمهمة أو وجوده على رأس الدولة في حالة تطبيق أحكام المادة 88من
دستور 1996المتعلقة بالشغور المؤقت لرئاسة الجمهورية.
فبالنسبة لفرنسا يكون من يستخلف رئيس المجلس الدستوري العضو األكبر سنا أما في
الجزائر فيكون المستخلف يعينه أو يحدده مسبقا رئيس المجلس ذاته وهذا يوحي حسب
394
اعتقادي إلى االعتماد على عامل الثقة أكثر من االعتماد على عامل السن وربما يعتمد
دائما رئيس المجلس الدستوري على العنصر الذي يرى فيه أكثر حيادية وأكثر تخصصا
حيث أنه يمكن لو اعتمد على قاعدة السن فيكون أكبر األعضاء سنا رجل سياسي ممثل
للبرلمان ال يملك تكوينا قانونيا يساعده على إدارة الجلسات ،كما أنه يحتمل أن يريد رئيس
المجلس الدستوري اإلبقاء على رئاسة الجلسات في األعضاء الثالثة الذين يعينهم رئيس
الجمهورية أي السلطة التنفيذية وربما هناك أسباب أخرى ومبررات ال تخطر على بالي من
خالل هذه الدراسة.
وال ينعقد المجلس الدستوري الجزائري إال بحضور 7أعضاء من 9كما هو الحال
بالنسبة للمجلس الدستوري الفرنسي ،و أحدث المجلس الدستوري الفرنسي استثناء حيث يمكنه
االجتماع بأقل من 7أعضاء في حالة القوة القاهرة ويثبت ذلك في محضر.1
أما من يتولى قلم جلسات المجلس الدستوري الجزائري فإنه األمين العام 2إن جلسات
المجلس الدستوري الجزائري مغلقة وسرية 3وال ينشر محتواها وال يمكن ألي شخص اإلفصاح
عنها 4وال كيف تم التصويت وال كيف وزعت األصوات.
يكون النصاب بحضور كل األعضاء في حالة توفر ظرف المادة 88من الدستور
5
والمتعلقة بشغور منصب رئاسة الجمهورية ،أي حضور 9على 9والتصويت باإلجماع
حسب األستاذ علي بوبترة ...« :إن المعمول به في الجزائر فإن المداولة تكون على شكل
نقاش بين أعضاء المجلس وكل طرف يقدم الحجج واألدلة إلقناع زمالئه وال يكون التصويت
على اتخاذ قرار أو رأي إال في حاالت قليلة جدا عند استحالة التوفيق بين وجهات النظر
1
- Art 14 : de L'ordonnance du 7 novembre 1958, Précité : " Les décisions et les avis du
conseil constitutionnel sont rendus par sept conseillers au moins, sauf cas de force majeure
dument constatée au procès verbal".
-2المادة 17من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري.
-3المادة 1/18من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري.
-4المادة 54من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري.
-المادة 88من دستور الجزائر 28نوفمبر 1996المعدل والمتمم. 5
395
وبالتالي الحصول على أغلبية األصوات ،ففي هذه الحالة يلجأ إلى عملية التصويت كحل
نهائي.1»...
كما نجد المجلس الدستوري المغربي يعقد جلساته بدعوة من رئيسه واذا حدث له عائق
يوجه أكبر األعضاء سنا الدعوى الجتماع المجلس ويتولى رئاسته األكبر سنا حسب المادة
15من قانون المتعلق بالمجلس الدستوري المغربي2على خالف المجلس الدستوري الجزائري
الذي يستخلف رئيس المجلس الدستوري في حالة حدوث مانع له بعضو هو من يختاره
ويتوفر النصاب بحضور 9أعضاء من أعضاء المجلس الدستوري المغربي من بين 12
عضوا ويصدر ق ارراته باسم الملك 3ويتم التصويت بأغلبية الثلث على عكس النظام الجزائري
والفرنسي الذي يشترط األغلبية ولم يفصل المشرع المغربي في حساب الثلث هل هو ثلث
أألعضاء الذين يتكون منهم المجلس الدستوري المغربي حيث األعضاء المتداولون أم ثلث
جاء في المادة 16من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري المغربي مايلي... « :
وتصدر ق اررات باسم الملك وتتخذ أغلبية ثلثي األعضاء الذين يتألف منهم.»...
كما تكون جلسات المجلس سرية وال يسمح للمعنيين باألمر طلب سماعهم أمام أعضاء
المجلس الدستوري.
وجرت العادة أن يجتمع المجلس الدستوري المغربي يومين متتاليين في األسبوع وهما
الثالثاء واألربعاء وتتم البت في عدة قضايا في جلسة واحدة .4يقود رئيس المجلس الدستوري
- 2المادة 15من القانون رقم 29 – 93المتعلق بالمجلس الدستوري المغربي المعدل والمتمم بالقانون التنظيمي رقم 98
08 -المؤرخ في 5أكتوبر ،1998ج .ر عدد .4627
-المادة 16من القانون التنظيمي رقم 29 - 93المتمم والمعدل. 3
396
المغربي المداولة ويدير النقاش في الجلسة ،1وال يحضر جلسات المجلس الدستوري المغربي
إال القضاة الدستوريون على عكس فرنسا والجزائر أن يحظر الجلسات األمين العام للمجلس
الدستوري حيث نجد األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي يحضر الجلسات ويعهد له
2
مهمة إعداد محضر لجلسات ،باإلضافة إلى أعضاء المصلحة القانونية بالمجلس الدستوري
كما يالحظ عدم اإلشارة إلى سبب غياب قاضي دستوري عن المداولة في المغرب على
عكس فرنسا أين يمكن أن يغيب القاضي الدستوري عن المداولة بطلب منه ويتم العمل بهذه
التقنية في فرنسا حيث تتم اإلشارة إلى القاضي الذي طلب عدم الحضور للمداولة في متن
القرار ومثال على ذلك قرار مجلس الدستوري الفرنسي رقم 399-98ق م المؤرخ في 05
ماي ،1998حيث قدم القاضي P. MAZEAUDطلب بعدم المشاركة في هذا القرار.3
وتنطلق المناقشات بين أعضاء المجلس الدستوري المغربي بعد تالوة القاضي المقرر
للتقرير أو مشروع القرار ،ويمكن أن تتجاوز الجلسة يوما واحد لكن قليال ما يحدث هذا
وحسب األستاذ عبد اللطيف المنوني ...« :فإن جلسات المجلس الدستوري المغربي تأخذ
وقت حسب أهمية الملف وان كانت في غالب األحيان تتم في جلسة واحدة أما في ما يعرفه
المجلس الدستوري الفرنسي ومن خالل بعض الق اررات يتبين تعدد الجلسات أيام متعددة
.4»...
وما يالحظ أن المجلس الدستوري المغربي يجتمع شكليا لينتج ق اررات نماذج خاصة في
المادة االنتخابية.
تحكم سير مداوالت المجلس الدستوري الموريتاني قواعد ثابتة ودقيقة تحدد كيفية انعقاده
والنصاب القانوني لصحة انعقاده فيجتمع المجلس الدستوري الموريتاني بدعوة من رئيسه أو
-1في استمارة قدمت ألعضاء المجلس الدستوري المغربي طرح عليهم سؤال :هل توجد إجراءات خاصة بالمداولة ،فكان
الجواب بنعم ومن أهم اإلجراءات قيادة الرئيس لجلسات المجلس الدستوري دون غيره ،استمارة وزعت من طرف األستاذ عبد
الرحيم المنار السليمي في كتابه المذكور في الهامش رقم.01
2
- Art 3 du décret n° 59 -1293 du 13 novembre 1959, relatif à l'organisation du secrétariat du
conseil constitutionnel français.
-3عبد الرحيم المنار السليمي ،المرجع نفسه ،ص .192
-4المرجع نفسه.
397
من أكبر األعضاء سنا إذا تعذر ذلك على الرئيس 1وهو نفس اإلجراء المتبع في فرنسا
وتونس والمغرب باستثناء الجزائر الذي تكون الرئاسة إذا تعذر على رئيس المجلس الدستوري
الحضور لصالح عضوا يعينه رئيس المجلس الدستوري سلفا ولم يتم تحديد مكان معين
النعقاد المجلس الدستوري الموريتاني على عكس المجلس الدستوري التونسي الذي ينعقد
بتونس العاصمة واستثناء باقتراح من رئيسه وموافقة رئيس الجمهورية التونسية ينعقد في
مكان آخر في الجمهورية التونسية.2
أما فيما يتعلق باستمرار عمل المجلس الدستوري الموريتاني فإنه يعمل وفق النطالق
السنة القضائية.3
وتتخذ الق اررات داخل المجلس الدستوري الموريتاني واآلراء من طرف أربعة أعضاء على
األقل ما عدا حالة القوة القاهرة المالحظة شرعا في المحضر وهذا النصاب يمثل األغلبية
المطلقة 4من 6أعضاء يتكون منهم المجلس الدستوري الموريتاني حسب المادة 86من
4
وهذه األغلبية مقبولة تتماشى مع ما أخذت به كل من فرنسا دستور موريتانيا 1991
والجزائر.
398
ويتم تحدي د جدول األعمال حسب تواريخ وصول اإلحاالت إليه من طرف الجهات
صاحبة حق اإلخطار وينتهي جدول األعمال بإنهاء المهمة ولم يسبق أن وجد المجلس
الدستوري الموريتاني مشاكل في ازدحام العمل لقلة اإلخطارات ولسرعة البت فيها.1
وتدور مداوالت المجلس الدستوري الموريتاني في سرية وتتخذ ق ارراته على أساس األغلبية
فال ينضح شيء على طبيعة المواقف التي يبديها األعضاء أثناء المناقشات وال عن توزيع
األصوات عند التصويت وذلك بهدف حماية القضاة الدستوريون من الضغوط المختلفة وهذه
الحماية تعمق النقاش وتجعله أكثر فعالية 2ونفس الشيء نجده في الجزائر وتونس والمغرب
وفرنسا.
يكون الرأي الصادر عن المجلس الدستوري في هذا المجال إلزاميا حيث ال تصدر
القوانين حتى يقدم المجلس الدستوري رأيه بمطابقتها للدستور واال تأخذ مسار آخر ،وهذا ما
جاء في نص المادة 126من دستور ، 1996بأن رئيس الجمهورية يصدر القانون في أجل
30يوما من تاريخ استالمه ،غير أنه إذا حدث إخطار من طرف جهة صاحبة حق
اإلخطار حول هذا القانون وهذه الجهات تحددها المادة 166من دستور ،1996فإن هذا
399
األجل يوقف حتى يفصل المجلس الدستوري في مدى مطابقة القانون محل اإلخطار
للدستور.1
تبين هذه المادة إلزامية رأي المجلس الدستوري بحيث توقف آجال اإلصدار حتى يصدر
هذا الرأي.
تصدر أراء المجلس الدستوري في نفس األشكال التي تصدر بها األحكام القضائية
فهي تحتوي على التأشيرات ،والمبررات ،واألحكام ،وتتضمن التأشيرات اسم الجهة صاحبة
اإلخطار ،وتاريخ اإلخطار ،وتاريخ تسجيله ،وكذا القانون موضوع اإلخطار ومجموع
النصوص المتعلقة بإجراءات ممارسة الرقابة الدستورية.2
أما فيما يخص المبررات فإن المجلس الدستوري يحدد مبدئيا األحكام التي تثير عدم
الدستورية من طرف صاحب اإلخطار ،وتلك التي يثيرها من تلقاء نفسه ويحدد محتواها،
ويحدد الحيثية المتعلقة بكل حكم من أحكام القانون محل الطعن على حدة ويستعمل عبارة
"اعتبا ار أن" ،هذه العبارة تستعمل في األصل من طرف القضاء العادي ،والقضاء اإلداري
والسيما مجلس الدولة الفرنسي.3
يقترح المجلس من خالل الرأي أحكام بديلة لكل مادة مخالفة للدستور أو يجمع مجموعة
من األحكام تهدف لنفس اإلجراء ويعطيها الصياغة الصحيحة ،والمطلوب من القضاة
الدستوريين على مستوى المجلس الدستوري الجزائري ،اإلجابة بوضوح هل القانون المطعون
فيه بعدم الدستورية مطابق أو غير مطابق للدستور في بعض أحكامه أو النص ككل.
400
- 2اعتبارات الرأي أو القرار :
يأخذ منطوق الرأي أو القرار عبارة "يقرر" أو "لهذه األسباب يصدر الرأي أو القرار
اآلتي...وكان على المجلس الدستوري حسب األستاذ شاوش يلس ...« :أن يكون أكثر دقة
بحيث إذا كان بصدد تقديم رأي يستعمل كلمة "يقول" " "Direواذا كان بصدد تقديم قرار
يستعمل كلمة "يقرر – .2»..."Déclarer
تتم صياغة المنطوق على شكل بنود مرقمة خالفا للمجلس الدستوري الفرنسي الذي
يصبغها على شكل مواد.3
تكون صيغة نشر الرأي أو القرار في الجريدة الرسمية على الشكل اآلتي « :ينشر هذا
الرأي في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ».
يتضمن رأي أو قرار المجلس الدستوري تاريخ الجلسة أو الجلسات التي استقرت بها
المداولة وكذا توقيع رئيس المجلس الدستوري وتوقيع األعضاء الذين حضروا الجلسة أو
الجلسات.4
-1فطة نبالي ،دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات ،مرجع سابق ،ص .355
2
- B.YELLES CHAOUCHE , Le conseil constitutionnel, op. cit., p. 35.
3
- G.DRAGO, Contentieux constitutionnel Français, op.cit., p. 528.
-4المادة 1/19من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري.
401
ال يمكن للمجلس الدستوري الفرنسي اتخاذ القرار إال بعد توفر النصاب القانوني أي
بحضور 7أعض اء من مجموع أعضاءه التسعة دون احتساب األعضاء الحكميين وهم
رؤساء الجمهورية السابقين في فرنسا ،وصار يتم اإلعالن على أسماء األعضاء المتداولون
منذ عام ،11995ويعتمد التصويت داخل المجلس الدستوري الفرنسي على األغلبية البسيطة
ويكون صوت الرئيس مرجحا عند تساوي األصوات وتحاط طريقة التصويت بالسرية حفاظا
على استقاللية القضاة الدستوريون فال ينشر اسم من صوت بالموافقة وال من صوت بالرفض
وحتى من امتنع عن التصويت ،ويمكن للمداولة أن تستغرق ساعات قليلة كما يمكنها أن
تدوم لعدة أيام ،فبالنسبة للقرار الصادر بتاريخ 25فبراير 1982والمتعلق بقانون الالمركزية
استغرق 4أربعة أيام.2
نشير أنه يستطيع المجلس الدستوري الفرنسي أن يجتمع بأقل نصاب 07أعضاء من
،9وهذا في حالة القوة القاهرة المبررة كما أن نظام التصويت يمكن أن يشترط األغلبية
المطلقة وال يكون صوت الرئيس مرجحا ،وهذا في حالة اإلعالن عن شغور منصب رئاسة
الجمهورية حسب المادة 31من األمر المؤرخ في 07نوفمبر 1958والمتعلق بالمجلس
الدستوري الفرنسي.3والحالةالمتعلقة باجتماع المجلس الدستوري الفرنسي للتداول حول النظر
في إخالل بعض أعضاء المجلس الدستوري بالتزامه ،حسب المادة 06من النظام المحدد
ل قواعد عمل المجلس الدستوري الفرنسي ،ويتم التصويت داخل المجلس إما برفع األيدي أو
بواسطة األوراق سريا.
402
أ -ال يمكن أن يشارك في اتخاذ القرار إال القضاة الدستوريون الذين شاركوا في كل
مراحل إعداد القرار ،وهذا اإلجراء لم ينص عليه القانون إال في ما يتعلق بمحاكم االستئناف
حسب المادة 07من قانون 20أفريل 1810والذي تم توسيعه إلى كل المحاكم والهيئات
القضائية بتاريخ 04ديسمبر .1857
ب -أن يتم جمع أراء مجموعة األعضاء من طرف رئيس الهيئة القضائية وعلى هؤالء
األعضاء واجب التعبير وهذا يتعارض حسب رأي األستاذ LUCHAIREمع سرية
التصويت بالورقة واالمتناع ،واالمتناع يترتب عليه جنحة إنكار العدالة من طرف القاضي
حسب المادة 4من القانون المدني الفرنسي واعتبار أن المجلس الدستوري هيئة قضائية
وليس هيئة سياسية يمكن للعضو السياسي اتخاذ موقف سياسي باالمتناع.
ت -كل قرار قضائي ال بد من تبريره حتى ولو لم ينص القانون على ذلك وهذا الشرط
موجود بالنسبة لق اررات المجلس الدستوري حسب المادة 19من آمر 07نوفمبر 1958
وحتى بالنسبة لق اررات المجلس الدستوري الفرنسي فيما يتعلق برفضه ترشح مواطن
لالنتخابات الرئاسية الفرنسية ال بد أن يكون مبررا.
ث -وكل الق اررات القضائية ال بدا أن يتضمن قرار المجلس الدستوري النقاط التالية:
من حيث التوقيع يوقع قرار المجلس الدستوري الفرنسي من طرف رئيسه والمقرر واألمين
العام للمجلس الدستوري بناء على المادة 18من قانون 7نوفمبر 1958ويتم نشر ق اررات
المجلس الدستوري الفرنسي في الجريدة الرسمية أما اآلراء فإن نشرها ليس إلزامي باستثناء
1
-F. LUCHAIRE (F.), Le conseil constitutionnel, op.cit., p. 103.
403
الرأي الذي يقدمه المجلس الدستوري لرئيس الجمهورية الفرنسية بمناسبة تطبيق المادة 16
من دستور 4أكتوبر 1958والمتعلقة بحالة الحصار.
تلزم بعض األحكام المجلس الدستوري بإعالم بعض الجهات بآرائه فنجده في مادة
المنازعة االنتخابية ملزم بإعالم المجلس المعني حسب المادة 40من النظام المحدد لقواعد
عمل المجلس الدستوري الفرنسي ،وكل اآلراء والق اررات تبلغ بها الجهات صاحبة اإلخطار
وكل الق اررات واآلراء التي تم نشرها في الجريدة الرسمية يتم نشرها الحقا في مجلة ق اررات
المجلس الدستوري ويتم طبعها ونشرها من مجلة DALLOZابتداء من سنة 1993
بمساهمة المجلس الدستوري.1
أما في تونس فإن إنتاج رأي المجلس الدستوري وفقا للفصل 22من القانون المؤرخ في
12جويلية 2004والمتعلق بالنظام المحددلقواعد عمل المجلس الدستوري التونسي يجعله
يمر بمرحلتين:
على ضوء التوجهات األساسية التي يقرها المجلس يقوم المقرر بصياغة مشروع الرأي
وهي بمثابة حوصلة وجمع وترتيب مختلف اآلراء والتوجهات التي دارت في جلسة المداولة
ويتضمن مشروع الرأي التركيز على المواد المعيبة بعدم الدستورية وتحديد المواد الدستورية
التي تخالفها هذه األ حكام المعيبة بعدم الدستورية وتنتهي بنتيجة مفادها أن الحكم أو األحكام
غير مطابقة للدستور أو مطابقة له.2
يكون رأي المجلس الدستوري معلال وذلك صار ملزما منذ تعديل 02نوفمبر 1998
الذي اشترط بأن تكون أراء المجلس الدستوري التونسي معللة وملزمة لجميع السلطات
ويقصد بالتعليل االستدالل القانوني في بناء الحكم 3وفي هذا الصدد يرى األستاذ فتحي عبد
الناظر...«:أن التعليل ال يطالب به إال عندما يثار إشكال دستوري »...كما يرى األستاذ
1
- Ibid., p. 104.
-2هدى بن خليفة ،مرجع سابق ،ص .48
-3سميرة مرزوق الزغالمي ،مرجع سابق ،ص .42
404
األزهر بوعوني... «:بتنصيصه على األهمية الخاصة لتعليل وعلى فوائده الجمة عندما
يكون المشروع حامال في طياته إلشكال دستوري أو ألكثر من إشكال.1»...
إن التعليل يجعل مشروع الرأي قائما على الحجة والبرهان واالستنتاج ومراعاة الدستور
من ناحية أخرى.
كذلك للتعليل أهمية في العالقة بين رئيس الجمهورية والمجلس الدستوري حيث من
خالله يفهم رئيس الجمهورية األسباب التي استند عليها القضاة الدستوريون في حماية
الدستور وتظهر فائدة التعليل أيضا في كونه يدفع القضاة الدستوريون إلى البحث في الفقه
الدستوري وبالضبط في فقه القضاء الدستوري المقارن الشيء الذي ينعكس على أعمالهم،
وبعد االنتهاء من صياغة مشروع الرأي ينتقل المجلس إلى المرحلة الموالية وهي مرحلة
المصادقة على مشروع الرأي.
- 3المادة 25من النظام الداخلي للمجلس الدستوري التونسي المؤرخ في 12جويلية ... ":2004ويبت المجلس الدستوري
بمقتضى تصريح معلل بأغلبية أعضائه".
405
المجلس الدستوري الجزائري ،والفرنسي ،وهي 07أعضاء من 09وكذلك المجلس الدستوري
المغربي الذي يتشرط الثلثين.1
وما يالحظ أن قانون 12جويلية 2004التونسي لم يتطرق إلى مسألة حق القاضي
الدستوري في االمتناع عن التصويت كما هو الحال على مستوى المجلس الدستوري
الفرنسي ،2لكن غالبا ما يتم إصدار الرأي باإلجماع داخل المجلس الدستوري التونسي وال يتم
اللجوء إلى التصويت.
تسجل بعد المصادقة مالحظات المجلس المتعلقة بالجوانب الشكلية والموضوعية في
مذكرة مستقلة تتم تالوتها والموافقة عليها حسب نفس اإلجراءات المتبعة في المصادقة على
مشروع الرأي ،ثم يقوم رئيس المجلس الدستوري بإرسال الرأي إلى رئيس الجمهورية في نفس
يوم المصادقة أو اليوم الذي يليه كأقصى تقدير مرفوقا بمشروع القانون موضوع اإلخطار
والمذكرة المرفقة مؤش ار على كل صفحة منه من طرف رئيس المجلس الدستوري واحالة الرأي
إلى رئيس مجلس النواب ،أو رئيس مجلس المستشارين ،إذا كان األمر يتعلق برأي حول
النظام الداخلي ألحد المجلسين.3
إذا كان مشروع القانون ال يثير أي إشكال قانوني يحيله رئيس الجمهورية على مجلس
النواب ومجلس المستشارين مرفوقا برأي المجلس الدستوري ،أما إذا وجد في مشروع القانون
مشكال دستوريا فيأمر رئيس الجمهورية بمراجعته واألخذ بعين االعتبار مالحظات المجلس
الدستوري وبعدها يعيده رئيس الجمهورية إلى المجلس الدستوري ليراقب المواد التي أعلنها
مخالفة للدستور فقط ويعين لذلك نفس المقرر ويتبع نفس اإلجراءات في المرة الثانية.4
تدون أعمال المجالس في النهاية في محضر جلسات من طرف إطارات المجلس في
سرية وفي بعض األحيان يعهد بهذه المهمة إلى أحد أعضاء المجلس الدستوري.5
406
إن جل اإلجراءات المتبعة من قبل المجلس الدستوري المغربي أو أمامه تتم النص عليها
من خالل القانون التنظيمي المحدد لقواعد عمله ،وهي تميل كثي ار إلى الطابع القضائي
اإلجرائي ،ذلك ألن المجلس يتوج عمله بإصدار قرار نهائي معلل مستندا على الدستور
واضعا حدا لنزاع وهذه خصائص األحكام القضائية.
وتبدأ إجراءات إنتاج الرأي أو القرار داخل المجلس الدستوري المغربي بعد توفر النصاب
األعضاء أي 8أعضاء من 12عضوا ،يشكلون المجلس الدستوري المغربي ويستمع وهو
المجلس إلى تقرير العضو المقرر في جلسة سرية ودون حضور أطراف النزاع لكل منهم
إرفاق طلباتهم بمذكرات مكتوبة ووثائق ومستندات ويصدر القرار باسم الملك ويتشكل من 4
أجزاء.1
-األساس القانوني الذي يسمى المقدمة الكبرى في مصطلح المجلس الدستوري الجزائري
ويتمثل في الدستور أو القانون العضوي.
-رسالة اإلخطار تحديد الجهة صاحبة اإلخطار بتاريخ رسالة اإلخطار والمذكرات
الكتابية إن وجدت وأجوبتها عند الضرورة ،ومحاضر فيما يخص المنازعة االنتخابية أو
عمليات االستفتاء.
-تعليل المجلس حيث يبرز هذا األخير األسباب التي استند عليها لتبرير مواقفه
وأحكامه.
يبرز هذا التعليل الجوانب المطابقة والجوانب الغير مطابقة للدستور في النصوص
المحالة عليه ،ويكون التعليل طويال في حالة القوانين التنظيمية واألنظمة الداخلية لغرفتي
البرلمان ،أما إذا تعلق األمر بتحديد طبيعة نص قانوني أو التصريح بشغور مقعد في
2
البرلمان فيكون التعليل قصيرا.
-1عبد العزيز النويضي ،المجلس الدستوري بالمغرب ،مرجع سابق ،ص .88
-2المرجع نفسه.
407
-يكون منطوق القرار مسبوقا بعبارة "لهذه األسباب" وهذه عبارة مستعملة في األحكام
القضائية وغالبا ما يتضمن فقرتين األولى تحمل عبارة "يصرح بق ارره" والثانية تحمل عبارة
"يأمر بنشر" ق ارره في الجريدة الرسمية وتبليغ نسخة منه إلى جهة اإلحالة أو كل طرف معني
بالقرار ،ويتميز قرار المجلس الدستوري المغربي باإليجاز إال إذا تعلق القرار بمراقبة النظام
الداخلي للبرلمان.
وبعد المنطوق تتم اإلشارة إلى مكان وتاريخ صدور القرار ويتم توقيعه من كل أعضاء
المجلس المشاركين في المجلس التي صدر خاللها.1
كما تخضع ق اررات المجلس الدستوري الموريتاني لضوابط شكلية تختلف حسب طبيعة
كل قرار لكنها تجتمع في كونها كلها معللة 3الضوابط الشكلية تتمثل فيمايلي:
-تأخذ الق اررات المتعلقة برقابة الدستورية القوانين واألنظمة البرلمانية بالحرفين إ .م
(إعالن مطابقة) أو )Déclaration de conformité( D. Cوقبل ذلك نجد رقم القرار.
-تتم اإلشارة في بد اية كل قرار إلى تحديد مصدر رسالة اإلخطار تاريخها وموضوعها
وفيما عدا المنازعة االنتخابية ،فإن المجلس ال يتطرق كثي ار إلى الجانب الشكلي وانما يتطرق
للبحث في الجوانب الموضوعية.
-يسرد التأشيرات أي النصوص الدستورية والقانونية التي يعتمدها للنظر في الموضوع.
-الحيثيات التي يبنى عليها قرار المجلس الدستوري الموريتاني.
-إعالن الحكم الذي توصل إليه حيث يتم إدراجه من خالل عدة مواد حسب مضمون
القرار.
408
– يشار في النسخة األصلية للقرار إلى أسماء األعضاء الذين شاركوا في المداوالت والى
تاريخها ويتم التوقيع من طرف رئيس المجلس الدستوري وكل من المقرر واألمين العام.1
ولتعليل ق اررات المجلس الدستوري عدة مزايا لخصها األستاذ زهير المظفر فيما يلي:
« ...أن التعليل من شأنه أن يدفع المجلس الدستوري إلى إيجاد الحجج القانونية المدعمة
لرأيه وجعله يعمق النظر والبحث والرجوع إلى فقه القضاء المقارن عند االقتضاء.
-إن التعليل يطور عمل المجلس الدستوري ويدفعه إلى االضطالع بدور إنشائي بما
يمكنه من تكريس واستنباط مجموعة من المبادئ...
-إن التعليل يجعل المجلس يتبع منطقا قانونيا معينا في التحليل والتأويل ،وبالتالي التقيد
بالمبادئ التي أقرها في فقه قضائه وااللتزام بها.»...
- 7من حيث محتوى القرار :
يتضمن محتوى القرار الصادر عن المجلس الدستوري الموريتاني ثالثة أنواع من األحكام
نتناولها في مايلي:
ويكون ذلك عندما يصل المجلس الدستوري إلى قناعة مفادها أن النص المعروض
عليه للفحص ليس فيها ما يخالف الدستور.
سبق و ان لجأ المجلس الدستوري الموريتاني إلى استعمال هذه التقنية كثي ار أي تقنية
المطابقة مع التحفظ " "Déclaration de conformité sous rèserveمنها القرار رقم
/001إ .م المؤرخ في 20جوان 1992حيث وردت 14إشارة إلى هذه التقنية وكذا القرار
رقم /02م .إ المتعلق بنظام الجمعية الوطنية الذي أشار إلى التقنية في 6حاالت.3
409
ولتوضيح هذه التقنية بمثال تطبيقي نجد أن المجلس يصرح بمطابقة مادة من القانون
المعروض عليه بشرط تفسيرها وفق منطق معين ومنها ... « :يمكن أن تكون أشغال لجنة
بقرار من رئيسها موضوع بيان للصحافة .» ...
ال يمكن النظر إلى هذه المقتضيات على أنها مطابقة للدستور إال إذا كانت تأخذ تأويال
مفاده أنها ال تطبق على لجان التحقيق أو لجان الرقابة الذي يتم إنشاؤها وفق المادة 12من
النظام الخاص بمجلس الشيوخ.1»...
كما يمكن أن تأخذ قاعدة المطابقة بالتحفظ شكل تقديم توجيهات حول الطريقة التي
ينبغي أن تطبق بها بعض المواد من النص المعروض للفحص من قبل المجلس الدستوري
فقد جاء في نفس القرار المذكور أعاله مايلي ...«:نظ ار إلى أن ترتيبات المواد 16فقرة 4
و 54فقرة 1و 4و 47الفقرة 2و 74الفقرة 4المحددة لفترة الكالم وعند الخطباء ال يمكن
اعتبارها مطابقة للدستور إال بالنظر إلى ترتيبات المادة 54من الدستور التي تنص على أنه
للوزراء الحق في حضور الجلسات وتستغرق المداوالت في المجلس الدستوري الموريتاني فترة
قصيرة ال تتجاوز اليوم الواحد لكن بعض الق اررات تم اتخاذها بعد مداولة مفتوحة لعدة أيام
نظ ار ألهمية القانون أو لكثرة مواده واحاالته مثل القرار رقم /001إ .م المتعلق بنظام مجلس
الشيوخ الذي تم التداول حوله في ثالثة أيام وكذا القرار رقم /002إ .م المتعلق بنظام
الجمعية الوطنية الذي تم التداول حوله في يومين».
يعتمد المجلس الدستوري الجزائري في مداولته القياس بين القانون أو المعاهدة التي
أخطر بها وبين أحكام الدستور ويرتب على هذا القياس جزاء ينطلق به ويعتبر هذا الجزاء
بمثابة نتيجة فالدستور بالنسبة له المقدمة الكبرى في مواجهة المقدمة الصغرى والتي هي
القانون أو المعاهدة وقد انتهج المجلس الدستوري الجزائري هذه المنهجية منذ ق ارراته وآرائه
األولى.2
410
ويظهر هنا جليا في ق ارره رقم /02ق .أ المتعلق بقانون محافظة الجزائر الكبرى حيث
جاء في متنه مايلي... «:واعتبار أن المؤسس الدستوري حيث أقر في المادة ( 15فقرة
أولى) من الدستور أن "الجماعات اإلقليمية للدولة هي البلدية والوالية" فإنه يقصد حصر
التقسيم اإلقليمي للبالد في هاتين الجماعتين اإلقليميتين دون سواهما».
واعتبار أنه إذا كان المؤسس الدستوري قد خول المشرع بمقتضى المادة 122فقرة 10
من الدستور صالحية التشريع في مجال التقسيم اإلقليمي للبالد ،فإنه يتعين عليه حين
ممارسة هذه الصالحية.»......
وسبق أن حدث مثل هذا التصرف من خالل قرار المجلس الدستوري الموريتاني رقم
/007إ م حول النظام األساسي للقضاء حيث قضى المجلس الدستوري الموريتاني بعدم
مطابقة بعض أحكامه مع الدستور األمر الذي دفع الرئيس الموريتاني إلى طلب قراءة ثانية
حول القانون من طرف البرلمان.1
في حالة إعالن المجلس الدستوري أن القانون المعروض عليه يتضمن حكما مخالفا
للدستور ،وال يمكن فصله عن القانون ككل فإن هذا القانون ال يمكن إصداره حسب المادة
22من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الموريتاني والتي تتوافق مع نص
المادة 02من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري.2
وذلك من خالل ق ارره رقم /001إ .م المتعلق بنظام مجلس الشيوخ والذي جاء
فيها...«:ويترتب على ما سبق أن التصويت برفع اليد وأيضا التصويت بالجلوس والقيام ال
يمكن العمل بهما فيما يخص التعيينات الشخصية إال في الحاالت التي تنص عليها ترتيبات
قانونية معمول بها والتي بالطبع يمكن للبرلمان أن يغيرها في كل وقت».3
-1قرار المجلس الدستوري رقم /007إ .م تم إبالغ المجلس الدستوري به في 12يوليو 1993من طرف الوزير األول
الموريتاني ،وفق المادة 01/86من الدستور حول نص القانون النظامي المتعلق بالنظام األساسي للقضاء.
-2المواد 22من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الموريتاني والمادة 02من النظام المحدد لقواعد عمل
المجلس الدستوري الجزائري.
-3قرار رقم /001إ .م متعلق بنظام مجلس الشيوخ.
411
لم يكن في مقدور المجلس الدستوري الموريتاني التصدي لمدى دستورية أحكام نافذة
ولكنه يستغل الفرصة ليطلب من البرلمان بطريقة لبقة استبدال هذه األحكام.1
إذا كانت األحكام المعروضة على المجلس الدستوري الموريتاني غير مطابقة للدستور
فإنه يعلن عدم المطابقة ،فإذا كان النص بمجمله غير مطابق للدستور فاإلشكال غير
مطروح أما إذا كان جزء فقط منه غير مطابق للدستور فإنه يكون أمام عدة نتائج:
في حالة إمكانية فصل األحكام المشوبة بعدم الدستورية على باقي النص يمكن لرئيس
الجمهورية الموريتانية إصداره أو طلب قراءة ثانية من البرلمان وهنا تشابه مع المجلس
الدستوري الجزائري.2
كما أكد المجلس في ق ارره رقم /002إ .م المتعلق بنظام الجمعية الوطنية على أنه«:
...نظ ار إلى أن المادة 32من النظام المعروض على المجلس تنص على أن رئيس
الجمعية يقدر الترتيب الذي يمنح فيه الكالم للنواب الذين أبدوا الرغبة في التدخل ،نظ ار إلى
أن هذه الترتيبات التي تنبثق عن السلطات الضرورية لرئيس الجمعية في مجال تنظيم وادارة
المناقشات البرلمانية ،ال يمكن اعتبارها مطابقة للدستور إال إذا كان مفهومها أن النواب
المسجلين يجب أن يسمح لهم بالتعبير عن وجهة نظرهم أمام الجمعية.3»...
تنم هذه التقنيات المس تعملة من طرف المحاكم الدستورية وكذا المجالس الدستورية على
صرامة القاضي الدستوري ومرونته في نفس الوقت وتدخل في ما يسمى حسب األستاذ D.
« : ROUSSEAUبالق اررات الوسيطة " "Les Décisions intermédiairesوالتي
يعتبرها اعتمادا على عاملين األول يتمثل في الحرص على عدم االصطدام مع البرلمان
والعامل الثاني يتفادى إلغاء القانون نظ ار للنتائج التي قد تترتب على ذلك.4»...
412
المطلب الثاني :مدى حجية أراء وق اررات القاضي الدستوري
تتمتع أراء وق اررات المجلس الدستوري بحجية الشيء المقضي فيه كما أن لها قوة
إلزامية.
يقصد في األحكام القضائية بكونها نهائية أنها ال تقبل الطعن سواء بطرق الطعن العادية
أو طرق الطعن الغير عادية وبهذا فمآلها النفاذ وفق ما صدرت واذا أردنا سحب هذه الصفة
النهائية على آراء وق اررات المجالس الدستورية في المغرب العربي و محاكمها الدستورية
نجدها تصدر إما آراء واما ق اررات ولهذا نبين الصفة النهائية آلراء المجالس الدستورية والتي
تصدر قبل صدور القانون في الجريدة الرسمية وبين ق اررات المجلس الدستوري من خالل
نقطتين وأحكام المحاكم الدستورية.
جاء في نص المادة 54من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري أن
آراء وق اررات المجلس الدستوري ملزمة لكافة السلطات العمومية والقضائية واإلدارية وغير
قابلة ألي طعن ،1كما جاء في نص المادة 62من دستور فرنسا لعام 1958ما يفيد أن
ق اررات المجلس الدستوري الفرنسي لها حجية في مواجهة السلطات العمومية وكذا السلطات
اإلدارية والقضائية.2
وما يالحظ من الناحية الشكلية نقل واضح ألحكام المادة 62من دستور ،1958ولكن
لماذا لم يتم النص على هذه الحجية في الدستور وتركت للنظام المحدد لقواعد عمل المجلس
الدستوري ؟ كمانجد ق اررات المجلس الدستوري اللبناني نهائية غير قابلة للطعن وملزمة لكل
السلطات اإلدارية والقضائية.
-1المادة 54من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري,مداولة مؤرخة في 03ماي ،2012ج .ر عدد
.26
-2المادة 62من دستور فرنسا 04أكتوبر .1958
413
أما في تونس فبعد ما كانت أراء المجلس الدستوري التونسي استشارية بالنسبة لرئيس
الجمهورية أصبحت ملزمة بعد التعديل الدستوري في 1جوان ، 2002فعند إنشاء المجلس
الدستوري التونسي في 16ديسمبر 1987بواسطة األمر ،1414كان هذا المجلس يصدر
آراء استشارية ولم تكن تلزم صاحب االستشارة وهو رئيس الجمهورية وال السلطات العمومية
حيث كان يمكن للرئيس األخذ بها كلية أو األخذ بجزء منها أو عدم األخذ بها تماما على
عكس اآلراء التي يقدمها المجلس الدستوري الجزائري وفق المادة 167من دستور 1996
والتي تعتبر ملزمة حيث توقف آجال إصدار القانون .
ألزم قانون 1990المجلس الدستوري التونسي بتعليل آ ارئه وبالتالي أصبحت هذه اآلراء
مستندة على منطق قانوني وفي السياق نفسه جاء التعديل الدستوري بالقانون رقم 76المؤرخ
في 2نوفمبر 1998من خالل الفصل 75منه والذي نص على إلزامية أراء المجلس
الدستوري إال ما تعلق بالمسائل الخاصة بتنظيم وسير المؤسسات كما حافظ تعديل 1جوان
2002على الصيغة اإللزامية آلراء المجلس الدستوري التونسي.1
وال بدا من اإلش ارة إلى أن اآلراء الصادرة عن المجلس الدستوري التونسي ال تكون ملزمة
إال بالنسبة للقوانين ذات العرض أي اإلخطار الوجوبي وأما تلك التي يخضع لإلخطار
االختياري فإن ق ارراته غير ملزمة بشأنها وهذا ما جاء في نص المادة 75من تعديل الدستور
1جوان 2002والتي تنص...«:إال في حالة صدور الرأي في المسائل المنصوص عليها
بالفقرة األخيرة من الفصل 72من الدستور ،»...وهذه تخص المسائل المتعلقة بتنظيم
المؤسسات الدستورية وسيرها ،فال تكتسي إلزامية فهي استشارية بالنسبة لرئيس الجمهورية
فهناك تناسب بين إلزامية الرأي وطريقة الطعن فكلما كان الطعن وجوبي كان الرأي ملزما
والعكس صحيح.2
-1هدى بن خليفة ،مرجع سابق ،ص .77تنص المادة 75بعد تنقيح الدستور التونيسي في 1جوان 2002على ما
يلي " :يكون رأي المجلس الدستوري معلال ،وهو ملزم لجميع السلطات العمومية."..
والمقصود بالسلطات العمومية في مداولة مجلس النواب التونسي إثر مناقشة تعديل 2نوفمبر 1998هي السلطات التنفيذية
والتشريعية والقضائية واإلدارية".
-2هدى بن خليفة ،مرجع سابق ،ص 78
414
ونجد أراء المجلس الدستوري الجزائري متمتعة باإللزامية الكاملة شأنها شأن الق اررات التي
تصدر عنه وفق المادة 165من الدستور حيث أن المجلس الدستوري الجزائري ،أصدر قرار
في قضية ترشح السيد محفوظ نحناح ،والذي طعن في قرار المجلس الدستوري القاضي
برفض ملف ترشحه لالنتخابات الرئاسية 2009حيث جاء في القرار مايلي... « :عدم
اختصاص المجلس في النظر في الدعاوى المرفوعة ضد المجلس الدستوري والمتعلقة
بق ارراته وآ ارئه».
وبسحب هذا القرار نجده ينطبق على األفراد في المنازعة االنتخابية حيث أن الق اررات
الصادرة بشأن طعونهم االنتخابية غير قابلة للطعن أمام أية جهة وهي ملزمة.
يمنع على الجهات صاحبة اإلخطار إعادة نص قانوني صدر فيه رأيا أو ق ار ار من
المجلس الدستوري الجزائري وهذا ما أكده من خالل ق ارره رقم 96 - 01المؤرخ في 6أوت
1996والمتعلق بالمادة 06 - 108من قانون االنتخابات حيث جاء فيه مايلي ...« :يثبت
قرار المجلس الدستوري رقم 01ق .ق .م .د 89في نقطته الرابعة ويصرح بالتالي...غير
مطابق للدستور.» ...
كما جاء في المادة 22من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري ما
يفيد ويؤكد على أن آراء المجلس الدستوري نهائية ،1ونشرها مباشرة في الجريدة الرسمية
يغلق الباب تماما أمام أي طريقة للطعن فيها ،وجاء في بيان للمجلس الدستوري الجزائري
يؤكد تمسكه بق ارراته وآراءه حيث من خالل بيان 25يوليو 1995حول شرط إرفاق الجنسية
األصلية للزوج بمناسبة الترشح لالنتخابات الرئاسية وقال في البيان ... «:يذكر ويتمسك ...
بق ارره رقم 01الذي قرر فيه أن شرط إرفاق شهادة الجنسية الجزائرية األصلية لزوج المترشح
غير مطابق للدستور».2
- 1المادة 22من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري ":ترسل آراء وق اررات المجلس الدستوري إلى
األمين العام للحكومة لنشرها في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية".
-نبالي فطة ،دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات ،مرجع سابق ،ص .362 2
415
وقد حدث في الجزائر سنة 1995حسب األستاذ سعيد بوشعير ... «:لدى ترشح السيد
اليامين زروال لرئاسة الجمهورية بعد ما كان يشغل منصب رئيس الدولة أراد محيطه وربما
بموافقته أي موافقة ليامين زروال بمنع شخصين من الترشح ومنافسة اليامين زروال وهما
عبد الحميد مهري وطالب اإلبراهيمي على اعتبار زوجة كل واحد منهما ال تحمل الجنسية
الجزائرية األصلية وانما تحمالن الجنسية الجزائرية المكتسبة.
وبعدما وصل إلى علم رئيس المجلس الدستوري بمشروع قانون االنتخابات تضمينه لمادة
في هذا السياق اتصل برئيس الحكومة وذكره بقرار المجلس الدستوري سنة 1989والذي
قضى بعدم دستورية هذا الشرط ،والذي أجابه بخضوعه لضغوط تمنعه من االستجابة لذلك،
األمر الذي دفع برئيس المجلس الدستوري طلب مقابلة مع رئيس الدولة عشية عرض
المشروع على مجلس الوزراء وتم ذلك بأن حذفت شرط الجنسية الجزائرية األصلية وتم
االكتفاء بشرط الجنسية الجزائرية فقط ،لكن الشرط بقي من الشروط المحددة حص ار في
الدستور ،ولو تقدم مترشح بملفه كان على المجلس الدستوري قبول ملفه تغليبا للنص
الدستوري على النص القانوني.
وبوصول مشروع النص إلى المجلس الوطني االنتقالي ،1أعيد نفس الشرط فتم االتصال
بين رئيس المجلس الدستوري ورئيس المجلس الوطني االنتقالي ،فأجاب هذا األخير بأنه ال
يقدر على فعل شيء أمام الضغوط.2
وبالفعل صدر النص متضمنا شرط الجنسية األصلية لزوج المترشح ،وكان رئيس
المجلس الدستوري أعلم أعضاء المجلس الدستوري فرادى بالوضعية وأبدوا تمسكهم إما احترام
دستور 1989أو االستقالة الجماعية ،وكان رئيس المجلس الدستوري يتمنى أن يقوم رئيس
الدولة بإخطاره حول مدى دستورية المادة 108من قانون االنتخابات للبت في مدى
- 1المجلس الوطني االنتقالي هو هيئة انتقالية غير منتخبة نصبت في مكان المجلس الشعبي الوطني الذي حل في 4
يناير 1991في مرحلة الفراغ الدستوري والمؤسساتي الذي عاشته الجزائر بعد مرحلة الغاء انتخابات المجلس الشعبي
الوطني في ديسمبر .1991
- 2سعيد بوشعير ،المجلس الدستوري في الجزائر ،مرجع سابق ،ص 150وما يليها.
416
دستوريتها غير أن ذلك لم يحدث وقام على إثر ذلك رئيس المجلس الدستوري بدعوة المجلس
لالنعقاد رسميا ومناقشة الموضوع.
وأصدر المجلس الدستوري بعد المناقشة بيان 25يوليو ،1995يتمسك فيه بقرار 1989
المتعلق بعدم دستورية شرط الجنسية األصلية لزوج المترشح وأرسلت نسخة منه للتلفزة وأخرى
لوكالة األنباء لكن لم يتم نشر البيان.
وبعدها تم ترتيب لقاء بين رئيس المجلس الدستوري ورئيس الدولة وكذا الوزير المستشار
لغرض إيجاد حل فتمسك رئيس المجلس الدستوري بموقف المجلس.
وتم لقاء ثان بين رئيس الدولة ورئيس المجلس الدستوري طرح من خال له رئيس الدولة
على رئيس المجلس الدستوري إمكانية سحب البيان ،فأكد له عدم إمكانية ذلك وعندها طرح
رئيس الدولة سؤال عن الحل للموضوع فأجابه رئيس المجلس الدستوري ،وكان الجواب هو
قيام رئيس الدولة بإخطار المجلس الدستوري حول مدى دستورية المادة 108من قانون
االنتخابات ونشر البيان في وسائل اإلعالم وكان ذلك وصدر قرار يثبت قرار 1989ولم يتم
التراجع عنه ألن التراجع يعني إمكانية تجاوز أراء وق اررات المجلس الدستوري.1»...
417
السريان إال من تاريخ صدور قرار المجلس الدستوري المغربي بمطابقة هذا النص سواء كان
قانونا عاديا أو تنظيميا أي عضويا.1
صرح المؤسس الدستوري الموريتاني بأن ق اررات المجلس الدستوري تتمتع بسلطة الشيء
المقضي فيه أي أنها نهائية وأنها ملزمة لجميع السلطات العمومية وال يمكن تنفيذ حكم سبق
وأن أقر المجلس الدستوري الموريتاني عدم دستوريته 2وذلك وفقا للمادة 87من دستور
موريتانيا ،3ونجد المادة 87من دستور موريتانيا وكذا المادة 54من النظام المحدد لقواعد
عمل المجلس الدستوري الجزائري والمادة 81من دستور المغرب 1996والمادة 75من
التعديل الدستوري التونسي 01جوان 2002كلها تستلهم أحكامها من المادة 62من دستور
فرنسا 04أكتوبر 1958مع االختالف في الصياغة فقط ،ولقد جاء في قرار للمجلس
الدستوري الموريتاني حول النظام الداخلي للجمعية الوطنية الموريتانية مايلي ...« :إذا كان
الدستور يخول في مواقع مختلفة للمجلس الدستوري صالحيات استشارية فيجب اإلشارة إلى
أنه في مجال نظم الجمعيات يمارس المجلس الدستوري صالحيات قضائية طبقا لترتيبات
المادتين 86و 87والتين تشيران في هذه الحالة إلى سلطة الشيء المقضي فيه .»...وبناء
على هذا القرار فإن ق اررات المجلس الدستوري الموريتاني نهائية وال يمكن الطعن فيها أمام
أية جهة قضائية.4
يصدر المجلس الدستوري الجزائري آراء إذا عرض عليه النص القانوني قبل صدوره
في الجريدة الرسمية أي بين مرحلة المصادقة عليه من طرف غرفتي البرلمان وبين إصداره
من طرف رئيس الجمهورية وسواء تعلق هذا النص بمجال القوانين العضوية واألنظمة
الداخلية لغرفتي البرلمان أو تعلق بقانون عادي أو معاهدة أو نص تنظيمي وهذه اآلراء
-1عبد العزيز النويضي ،المجلس الدستوري بالمغرب ،مرجع سابق ،ص .104
-2محمد فال ولد المجتبي ،مرجع سابق ،ص .114
-3جاء في المادة 87من دستور موريتانيا ":1991ال يصدر أو ينفذ حكم أقر المجلس الدستوري عدم دستوريته.
تتمتع ق اررات المجلس الدستوري بسلطة الشيء المقضي فيه ،ال يقبل الطعن في ق اررات المجلس الدستوري وهي ملزمة
للسلطات العمومية وجميع السلطات اإلدارية والقضائية".
-4محمد فال ولد المجتبي ،مرجع سابق ،ص .115
418
إلزامية ونهائية كما رأينا في الفرع األول من هذا المطلب لكن المجلس الدستوري الجزائري
وفقا للمادة 165من دستور 28نوفمبر 1996يصدر ق ار ار في حالة ما تم إخطاره من
طرف الجهات صاحبة اإلخطار حول مراقبة مدى دستورية نص قانوني صدر في الجريدة
الرسمية وهو ساري المفعول وهنا يكون دور المجلس الدستوري مختلف عن دوره في المرة
األولى فرقابته في المرة األولى هي وقائية ولكن في هذه المرة تكون تقريرية وهناك من اعتبر
أنه ال فرق من حيث الحجية بين آراء وق اررات المجلس الدستوري الجزائري وانما الفرق فقط
في توقيتها فاآلراء تصدر قبل صدور القانون والق اررات تصدر بعد صدوره في الجريدة
الرسمية ويصدر قرار المجلس الدستوري إما بالنص على دستورية القانون المعروض عليه
أو بعدم دستوريته وهذا ما تعالجه في نقطتين:
إذا جاء قرار المجلس الدستوري قاضيا بمطابقة القانون الذي عرض عليه مع الدستور
فإن هذا القانون يكتسب حجية لكل نصوصه بدستوريته ،وال يمكن إعادة الطعن فيه بعدم
الدستورية ،ولو أخذنا مثاال واقعيا فإننا نجد المعاهدات بعدما يقضي المجلس الدستوري
الجزائري بمطابقته للدستور وفق المادة 165من دستور 28نوفمبر 11996وبعد أن
يصادق عليها رئيس الجمهورية وفق المادة 2132من نفس الدستور فإنها تأخذ مكانة أسمى
من القانون العادي وتأتي في المرتبة الثانية بعد الدستور.3
وال بد من اإلشارة إلى أنه للمجلس الدستوري مهلة 20يوما من تاريخ استالمه رسالة
اإلخطار ليفصل في دستورية القانون المعروض عليه لكن السؤال المطروح هو لو
تجاوز المجلس الدستوري هذه المدة فما الجزاء المترتب عن ذلك ؟ فمثال في لبنان نجد أن
- 3فوزي أو صديق ،الوافي في شرح القانون الدستوري والنظم السياسية ،الجزائر ،دار الكتاب الحديث ،1996 ،ص
.280
419
تجاوز المجلس الدستوري للمهلة المخصصة له تكسب القانون موضوع الطعن قرينة
الدستورية.1
لكن إذا تجاوز المجلس الدستوري مهلة 20يوما ولم يصدر ق ارره في القانون الذي
عرض عليه فإن هذا القانون ال يكتسب قرينة الدستورية ألنه لم يتم النص على هذه القرينة
ال صراحة وال ضمنيا من خالل الدستور وال من خالل النظام المحدد لقواعد عمل المجلس
الدستوري الجزائري ،كما أن قرينة الدستورية ال يمكن إعمالها في الرقابة الوجوبية المنصوص
عليها في المادة 165من الدستور.
حدت مهلة 30يوما للمجلس الدستوري الفرنسي وتجاوزها دون النظر في القانون يجعل
القانون محل الطعن سليما ويتوجب إصداره ،2كما أن هناك اجتهاد يستعمله المجلس
الدستوري الجزائري وهي تقنية المطابقة مع التحفظات حيث يقضي بمطابقة النص
المعروض عليه مع الدستور مع إدخال بعض المصطلحات وتغيير بعض المصطلحات جاء
بها المشرع حتى يتجنب الحكم بعدم الدستورية 3وهذا االجتهاد لم ينص عليه الدستور وال
القانون المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري وانما هو اجتهاد فقط وما يعاب عليه
هو تدخل المجلس الدستوري في تعديل التشريع وتهدف هذه التقنية إلى اجتناب إلغاء النص
القانوني المعروض عليه واعطاءه تفسي ار يتناسب مع الدستور ويلتزم المشرع بتفسير المجلس
الدستوري للنص حتى يبقى منسجما مع الدستور ،وقد جاء في رأي المجلس الدستوري
الجزائري رقم 01المؤرخ في 23يوليو 2007والمتعلق بمراقبة القانون العضوي المتضمن
تأجيل االنتخابات لتجديد المجالس الشعبية البلدية والوالئية المنبثقة عن انتخابات 10أكتوبر
2002واالنتخابات الجزئية ليوم 24نوفمبر 2002مع الدستور حيث جاء فيه مايلي...« :
- 1المادة 21من قانون إنشاء المجلس الدستوري اللبناني" :إذا لم يصدر القرار من المجلس الدستوري اللبناني ضمن
المهلة المذكورة وهي خمسة عشرة يوما من تاريخ تحديد موعد الجلسة عقب تقديم المقرر لتقريره يعتبر النص موضوع
المراجعة مقبوال".
-المادة 61من دستور فرنسا لعام .1958 2
3
- B.YELLES CHAOUCHE, la technique des rèserves dans la jurisprudence du conseil
constitutionnel Algérien, Revue du conseil constitutionnel, n° 1 ,2013, p. 8.
420
وبما أن المادة 10تنص على أن الشعب ح ار في اختيار ممثليه وفقا للدستور ،فهي تشكل
مرجعا أساسيا في هذا القانون وبالتالي فإن عدم إدراج المشرع هذه المادة ضمن تأشيرات
القانون العضوي موضوع اإلخطار يعد سهوا يتعين تداركه .1»...
كما يمكن أن تأخذ تقنية التحفظات نوع العيب الذي يشوب القانون موضوع الرقابة وبهذا
يمكن أن يصير المجلس الدستوري الجزائري شريكا في التشريع ففي هذه الحالة يشير
المجلس الدستوري فقط للمادة المعيبة بعدم الدستورية وليس لكل القانون ويعيد صياغتها حتى
تصير مطابقة للدستور حيث جاء في رأي المجلس الدستوري الجزائري رقم /006ر .ق .ع/
م .د /الصادر في 19ماي 1998والمتعلق بمطابقة القانون العضوي لمجلس الدولة على
الدستور والذي جاء فيه مايلي ... « :واعتبا ار أن المؤسس الدستوري استعمل في المادة
180من الدستور مصطلح "تنصيب"» ،وأن المشرع حين استعمل في المادة 44من القانون
العضوي موضوع اإلخطار مصطلح "تأسيس" يكون قد أضفى غموضا على المعنى الذي
يقصده م ما يستوجب إزالته ،فهنا قام المجلس الدستوري بإعادة صياغة النص وتغيير
مصطلح جاء في النص األصلي حتى ال يرفض النص بسبب عدم دستوريته والسؤال
المطروح هل يمكن للمجلس الدستوري أن يعدل عمل من اختصاص البرلمان ؟ ويستعمل
المجلس الدستوري الجزائري عبارة "تحت طائلة التحفظات المعبر عنها أعاله يصرح المجلس
الدستوري أن المواد ...مطابقة للدستور".2»...
وفي الرأي ذاته المذكور أعاله عبر المجلس الدستوري الجزائري صراحة على المعني
حيث قال ...« :واعتبا ار أن المشرع حين اعتمد صياغة "الواليات"» يكون قد أحدث لبسا قد
يفهم منه إقصاء نواب البرلمان الممثلين للجالية الوطنية المقيمة بالخارج من تزكية قوائم
التشريحات المنصوص عليها في المادتين 82و 109من قانون االنتخابات ،وبالتالي
فالمشرع لم يكن يقصد إقصاءهم ،ألن خالف ذلك قد يعد إخالال بمبدأ المساواة المنصوص
-1قرار قم /1ر .م .د /الصادر في 23يونيو .2007يتعلق بمراقبة مطابقة القانون العضوي المتضمن تأجيل االنتخابات
10أكتوبر .2002
-2إلياس جوادي ،مرجع سابق ،ص .169
421
عليه في المادة 29من الدستور .»...وبالتالي يكون المصطلح مطابقا للدستور شريطة
مراعاة هذا التحفظ 1ونالحظ أن لهذه التحفظات طابعا إجباريا وعدم األخذ بها من طرف
المشرع يؤدي إلى عدم دستورية القانون.
حسب المادة 169من دستور الجزائري 28نوفمبر 1996فإن أري المجلس الدستوري
القاضي بعدم دستورية نصا تشريعيا أو تنظيميا فإن هذا النص يفقد أثره ابتداء من يوم قرار
المجلس ،2كما أن المادة 168من نفس الدستور تنص على أنه إذا كان رأي المجلس
الدستوري قاضيا بعدم دستورية معاهدة أو اتفاق فال يتم المصادقة عليها 3فنتيجة رأي أو قرار
المجلس الدستوري بعدم دستورية النص المعروض عليه يؤدي إلى فقدان هذا النص ألثره من
تاريخ قرار المجلس الدستوري.
ونجد أن المشرع الجزائري من خالل المادة 54من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس
الدستوري سوى بين القيمة اإللزامية لآلراء والق اررات في مواجهة كل السلطات حيث ال يمكن
الطعن فيها بأي طريق.4
كما نشير إلى أن رأي المجلس الدستوري الذي يقدمه لرئيس الجمهورية في إطار المادة
176من الدستور المتعلقة بتعديل الدستور ال يعد إلزاميا ألن هذه النصوص المعروضة
عليه يمكن أن ترفض من طرف الشعب من خالل االستفتاء فرأي المجلس الدستوري في هذا
اإلطار يعد وقائيا فقط إذا تم االستفتاء على مشروع التعديل وقبل به الشعب.
- 1رأي المجلس الدستوري الجزائري رقم /1ر .م /الصادر في 23يوليو .2007
- 2المادة 169من دستور 28نوفمبر .1996
- 3المادة 168من دستور 28نوفمبر .1996
- 4محمد بوسلطان ،الرقابة على دستورية المعاهدات في الجزائر» ،مجلة المجلس الدستوري ،العدد ،2013/ 1ص
.43
422
خــــاتــــمــــــــــــة :
اختلفت الهيئات الممارسة للقضاء الدستوري في دول المغرب العربي ،من حيث نشأتها
ودور المؤسسات الدستورية الثالث في تشكيلها لكنها تشابهت في نقاط أخرى.
ونجد النظام المغربي انتقل من نظام الغرفة الدستورية إلى نظام المجلس الدستوري وأخي ار
نظام المحكمة الدستورية في دستور 2011في حين نجد النظام الجزائري بعدما تبنى بعد
االستقالل مباشرة نظام المجلس الدستوري غاب أي تنظيم للقضاء الدستوري في دستور
1976ثم أعاد نظام المجلس الدستوري في دستوري 1989و 1996أما النظام التونسي فلم
يعرف نظام القضاء الدستوري منذ االستقالل إلى غاية 16نوفمبر 1987أين أنشئ
المجلس الدستوري ثم ارتقى إلى مؤسسة دستورية بعد التعديل الدستوري 1995ودعم بعد
التعديل الدستوري 1جوان 2002ثم جاء دستور 26جانفي 2014بالنص على المحكمة
الدستورية.
وفي موريتانيا عرفت نظام الغرفة الدستورية ثم بعدها نظام المجلس الدستوري في دستور
1991وقد اختلف دور السلطات الثالث (تنفيذية ،تشريعية ،قضائية) من بلد إلى بلد وفي
البلد نفسه من مرحلة دستورية إلى أخرى في تشكيل هيئة القضاء الدستوري والتأثير عليها.
وما لوحظ أن بعد كل تعديل دستوري ووصول رئيس جديد لهرم السلطة يكون تعديل على
تشكيلة المجلس الدستوري في صالح السلطة التنفيذية على حساب السلطتين التشريعية
والقضائية لكن بتفاوت.
وكان لهذا الدور تأثي ار كبي ار على توجيه عمل المجلس الدستوري وق ارراته وحاول كل نظام
االستلهام من التجربة الفرنسية مع إضافة لمسة خاصة به.
و ارتبط دور السلطات الدستورية بتطوير األنظمة الدستورية بشكل عام حيث أن االنتقال
من األحادية الحزبية إلى التعددية وتطور الدساتير ومحاوالتها تكريس مبدأ الفصل بين
السلطات وعناصر دولة القانون واالتساع في تكريس الحريات والحقوق األساسية للمواطن
والسيما األساسيةمنها جعل القضاء الدستوري في دول المغرب العربي يتطور بصفة محتشمة
423
فالحظت وجود تطور في النصوص القانونية يقابلها جمود في الذهنيات والممارسات حيث
السلطة التنفيذية مهيمنة من جميع جوانب القضاء الدستوري.
وهناك تغييب تام للسلطة القضائية باستثناء الجزائر التي أعطاها حق انتخاب ممثلين
عنها في المجلس الدستوري.
فمن حيث المقاييس المعيارية التي يقدمها القاضي الدستوري في تفعيل عملية مراقبة
مدى مطابقة النصوص القانونية للدستور لم يتوسع القاضي الدستوري المغربي من خالل
اجتهاداته إلى العهود الدولية والمواثيق المتعلقة بإعالنات حقوق اإلنسان والمواطن رغم أن
دول المغرب العربي صادقت عليها وانضمت إليها.
كما أني لم أجد دور مهم للقاضي الدستوري في دول المغرب العربي في وضع معايير
للتعامل مع العرف الدست وري وكيفية استغالله ليدمج في المصادر الدستورية رغم أن رئيس
الجمهورية في الجزائر مارس عدة مهام غير موجودة في الدستور ومنها االستماع إلى
الوزراء في الجلسات الرمضانية ،كما أن قانوني الوئام المدني والمصالحة الوطنية في
الجزائر باعتبارهما عمل سياسي أخذ قالبا قانونيا لم نجد دو ار يذكر للمجلس الدستوري
الجزائري من حيث االعتماد في حيثياته وآرائه وق ارراته على قانون استفتائي أما مشاركة
القاضي الدستوري المغاربي في عملية التشريع من خالل إدخاله بعض المصطلحات
القانونية وتعديل البعض اآلخر بمناسبة مراقبة مدى دستورية قانون تم التصويت عليه من
طرف البرلمان يجعله يساهم في عملية التشريع وحتى عندما يلزم المشرع باالعتماد على
التفسير الذي يعطيه المجلس الدستوري للنص القانوني فهنا يظهر القاضي الدستوري وكأنه
مشرع مشارك للبرلمان في مهمته.
ويبقى النظام القانوني لعضو المجلس الدستوري أو قاضي المحكمة الدستورية ال يوفر
الضمانات الالزمة الستقالليته.
أما من حيث االختصاصات والمهام فإن تمتع القاضي الدستوري على مستوى المجالس
الدستورية بالدول المغاربية محل الدراسة بصالحيات متفاوتة في مجال الرقابة الدستورية
424
مستنبطة في جلها من النظام الفرنسي فهو يمارس نوعين من الرقابة فالرقابة اإللزامية جاءت
على سبيل الحصر وتنصب على أنواع معينة من القوانين وهي القوانين العضوية واألنظمة
الداخلية للبرلمان وتستمد هذا االختصاص قوته من الدستور ،إال أن الغموض يبقى مالزما
لفئة القوانين العضوية من حيث عدم وجود تعريف تشريعي يضبطها وكذا عدم تحديد
مكانتها في الكتلة الدستورية رغم قيمة المجاالت التي تعالجها واعطاء القاضي الدستوري
حق الرقابة على الجوانب اإلجرائية والجوانب الموضوعية للقوانين العضوية من شأنه
المساهمة في إنشاء وتنظيم مؤسسات دستورية شرعية في إطار دولة القانون واحترام مبد أ
الفصل بين السلطات ،لكن يبدو أن عدم وضوح هذه القوانين واعتبارها مكملة ومطبقة
للدستور تكسبها صفة السمو لكن المشرع الدستوري الجزائري أعطى رئيس الجمهورية حق
استفتاء الشعب في كل مسألة ذات أهمية ولهذا فإن القوانين العضوية تصبح مهددة باإللغاء
أو التعديل عن طريق القوانين االستفتائية النابعة عن اإلرادة الشعبية والتي ال يمكن للقاضي
الدستوري مراقبتها.
كما أن للقاضي الدستوري واجب الرقابة على األنظمة الداخلية لغرفتي البرلمان وهنا نجد
إجماع على مستوى دول المغرب العربي في ضرورة ممارسة القاضي الدستوري لرقابة قبلية
وملزم ة على األنظمة الداخلية لغرفتي البرلمان والتي تقوم هذه الغرف بإعداد أنظمتها
الداخلية دون إشراك السلطة التنفيذية احتراما لمبدأ الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
كما أن قواعد األنظمة الداخلية لغرفتي البرلمان يسهر البرلمان ذاته على تنفيذها على
خالف القواعد القانونية األخرى التي يعهد بتنفيذها إلى السلطة التنفيذية وتتميز رقابة
األنظمة الداخلية للمجالس النيابية المغاربية بأنها رقابة إلزامية وسابقة ومركزية وتتم إحالتها
من جهات يحددها الدستور وتكون اإلحالة فورية على المجلس الدستوري كل هذه المميزات
تبين أهمية األنظمة الداخلية للبرلمان باعتباره اآللية التي تنشط بواسطتها مؤسسة دستورية
في حجم البرلمان.
باإلضافة إلى واجب القاضي الدستوري مراقبة القوانين العضوية واألنظمة الداخلية
للبرلمان بعد إخطار إلزامي من طرف جهات محددة يبينها الدستور ،فإن القاضي الدستوري
425
يمكن إخطاره بصفة غير ملزمة لمراقبة مدى مطابقة القوانين العادية والتنظيم والمعاهدات مع
الدستور فبالنسبة للقوانين العادية والتنظيم الذي تسيطر عليه السلطة التنفيذية ألسباب عديدة
أهمها تراجع دور البرلمان وكذا ظهور عدة قوانين ذات طابع تقني وفني يسهل على
الحكومة معالجته مقارنة مع البرلمان.
إن توفير الحماية لحقوق اإلنسان وحرياته األساسية هو مجال عمل القاضي الدستوري
وتعتبر المسألة الدستورية ذات األولية وكل ما جاءت به من أحكام نتيجة طبيعية لتطور
الفقه الدستوري في فرنسا وايجاد آليات تواكب تطور حماية حقوق وحريات اإلنسان التي
تنص عليها مختلف العهود والصكوك الدولية التي انضمت إليها دول المغرب العربي لكن
في الواقع عدم تمكين المواطن في هذه الدول بحق الدفع بعدم دستورية نص تشريعي أو
تنظيمي يمس بحقوقه وحرياته األساسية يجعل من هذا االنضمام إلى العهود الدولية مجرد
إجراء شكلي وبالتالي يكون من األحسن إعطاء هذا الحق للمواطن في دول المغرب العربي
مع إعطاء حرية أكثر للقاضي الدستوري في العودة إلى اعتماد كل المصادر التي تؤصل
لحقوق اإلنسان وحرياته والخروج عن إطار الوثيقة الدستورية بمراقبة مدى مطابقة التشريع
مع اإلعالنات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق اإلنسان والمواطن وكذا المبادئ الدستورية
العامة وديباجة الدساتير باعتبارها نصوص توجيهية عامة وبذلك يفتح الباب أمام القاضي
الدستوري لالجتهاد أكثر من خالل الممارسة والمعالجة كما يمكنه حتى مراقبة مدى مطابقة
العرف الدستوري مع المبادئ الدستورية العامة بحيث يستطيع من خالل آراءه وق ارراته إما
مواجهة عرف دستوري يخالف المبادئ الدستورية العامة واما إعادة توجيهه مع مراعاة عدم
426
مساسه باختصاص المشرع وذلك باتخاذ مجموعة من اإلجراءات واآلليات التي سبقتنا إليها
الدول المتطورة في هذا المجال مثل ألمانيا وفرنسا والواليات المتحدة األمريكية.
أما فيما يتعلق باألوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية الجزائرية والتي تعتبر استثناء عن
حق البرلمان في التشريع فمن األحسن إلغاؤها لعدم وضوحها وعدم استساغتها ال من الجانب
الشكلي وال من الجانب الموضوعي.
كما أن القاضي الدستوري يلعب دو ار مهما وبار از في المنازعة االنتخابية سواء تعلقت
باالنتخابات الرئاسية أو االنتخابات التشريعية أو االستفتاء ،لكن يبدو أنه من األحسن لو
يتسع ويمتد دور المجلس الدستوري في الدول المغاربية إلى مراقبة مرحلة المرسوم الذي يتم
من خالله استدعاء الهيئة الناخبة وكذا القانون المتعلق بتقسيم الدوائر االنتخابية وتحديدها
على غرار ما هو معمول به في فرنسا ألن قانون تقسيم الدوائر االنتخابية له انعكاس على
نتيجة االنتخاب النهائية.
أما المراسيم التي يحيل عليها قانون االنتخابات فهي تنظم العملية االنتخابية بتفاصيلها
ولهذا كان من األحسن إخضاعها إلى الرقابة القبلية من طرف القاضي الدستوري وان
استعصى ذلك فتح الطريق أمام المواطنين للطعن فيها بعدم الدستورية أمام المحاكم اإلدارية
واعطاء الحق لهذه األخيرة لإلحالة على المجلس الدستوري ،وما يشجع على هذا االقتراح هو
استعمال المؤسس الدستوري الجزائري كلمة "يسهر على صحة "...فكلمة "يسهر" تعني
االضطالع والفصل في كل صغيرة وكبيرة لها عالقة بسير العملية االنتخابية التي من شأنها
إنشاء مؤسسات دستورية شرعية كما يبدو أن إعطاء حق الطعن في االنتخابات الرئاسية أو
التشريعية إلى فئات وأطراف محددة وقصر المواعيد وتعقيدها بالنسبة لمترشحين ال يملكون
الخبرة الكافية في رفع النزاع أمام القاضي االنتخابي من شأنه أن يضيع حقوق كثيرة على
المواطنين والمترشحين ولهذا يبدو من األفضل التوسيع في المواعيد والتبسيط في اإلجراءات.
ويساهم القاضي الدستوري في ضمان استم اررية الدولة في الظروف غير العادية حيث
يتدخل ويجتمع تلقائيا في حالة حدوث مانع مؤقت لرئيس الجمهورية ويقترح إعالن شغور
منصب رئيس الجمهورية ويتخذ كل اإلجراءات النابعة عن هذا القرار حتى أن رئيس المجلس
427
الدستوري في الجزائر يمكن أن يتولى رئاسة الدولة في حالة تزامن شغور منصب رئاسة
الجمهورية ومنصب رئاسة مجلس األمة وما حدث في تونس يوم 14يناير 2011بعد
مغادرة الرئيس بن علي الحكم إثر الثورة الشعبية في تونس حيث اجتمع المجلس الدستوري
وفق المادة 57من دستور تونس 1959وأعلن الشغور النهائي لمنصب رئاسة الجمهورية
وعين رئيس مجلس الشعب رئيس لتونس بالنيابة وأفشل محاولة دائرة الرئيس المخلوع من
استعمال التفويض لصالح الوزير األول فدور القاضي الدستوري جد مهم في األوقات
العصيبة في حياة الدول ،كما يستشار في حالة تمديد عهدة البرلمان وحاالت تعديل الدستور
وينوب في بعض األحيان عن السلطة التأسيسية في ذلك لكن يبدو أن القاضي الدستوري في
دول المغرب العربي ال يزال تنقصه الجرأة في مثل هذه المواقف ويبدو أنه ينتظر دائما
إيحاءات من السلطة التنفيذية صاحبة تعيين أهم أعضائه ويتصرف كأنه هيئة استشارية ال
أكثر رغم أنه مؤسسة دستورية مستقلة لها دو ار استشاري فعال لكن لها دور تقريري في بعض
الحاالت.
وأثناء الظروف غير العادية يشارك القاضي الدستوري في إعالن الحالة االستثنائية
ورفعها لكن يبقى دوره ضعيفا بحيث ال يراقب مدى توفر شروط رفع الحالة االستثنائية كما
هو الحال بالنسبة للنظام الفرنسي وبما أن الحالة االستثنائية هي خروج عن الشرعية
الدستورية لحماية الشرعية الدستورية فإن القاضي الدستوري باعتباره مشاركا مع رئيس
الجمهورية في حماية الدستور فال بد أن يبقى في اجتماع مفتوح مالزما لرئيس الجمهورية
معينا له ومراقبا لكل الق اررات التي يتخذها في مجال الحقوق والحريات وتقييدها بواسطة
آليات قانونية وتنظيمية من شأنها أال تعرقل رئيس الجمهورية على تسيير الحالة االستثنائية
وكذلك ال تمس بالحقوق والحريات األساسية التي يعترف بها الدستور ويضمنها.
428
القانونية والتنظيمية وحتى المعاهدات مع تحديد الجهات صاحبة حق اإلخطار يجعل
المجلس الدستوري في عطلة سنوية وال يعمل إال عند نهاية الدورة الخريفية أو الدورة الربيعية
للبرلمان وبمناسبة الرقابة ذات األخطار الوجوبي رغم أن مجموعة من النصوص التشريعية
والتنظيمية تمرر وتصدر في الجرائد الرسمية رغم عدم مطابقتها للدستور فلهذا يبدوا إعادة
النظر في النظام اإلجرائي لتحريك رقابة المجلس الدستوري في الدول المغاربية.
بدءا بإعطاء وتوسيع حق اإلخطار إلى الكتل البرلمانية وكذا إلى المواطنين عن طريق
دعوى الدفع واشتراط محامي بمناسبة التنازع أمام المحاكم اإلدارية ومجلس الدولة في
الجزائر ،يساعد على ذلك والتبسيط في ممارسة حق اإلخطار سواء من جانب األقلية
البرلمانية أو المواطنين خاصة من حيث المواعيد في النزاع االنتخابي.
تعتمد كل المجالس الدستورية في المغرب العربي مقتدية بالمجلس الدستوري الفرنسي في
سير عملها على التحقيق والمداولة فالدور الذي يلعبه القاضي الدستوري المقرر بعد استالمه
رسالة اإلخطار واعداد مشروع الرأي أو القرار مهم جدا لكن يبدو أنه ال يستطيع القيام
بالعمل على أكمل وجه إذا لم يكن من أهل االختصاص في الجوانب الفنية للقوانين خاصة
أن النصوص القانونية صارت تعالج مسائل ذات طبيعة فنية فلهذا ال بد من مراعاة
االختصاص عند تعينه وتزويده باآلليات القانونية التي تسمح له باستشارة أصحاب
االختصا ص وحتى السماح له باالتصال بلجنة الشؤون القانونية على مستوى البرلمان
لتدارس مشروع القانون واالضطالع على وجهة النظر الغائبة عنه.
وفيما يخص المداولة فهي أسلوب تمارسه الجهات القضائية في إصدار احكامها فهي
تطرح عدة تساؤالت من حيث سير المناقشة وتحديد جدول األعمال ثم كيفية اتخاذ القرار
داخل المداولة كما أن السرية التي تميز أعمال المداولة وان كان لها ما يبررها إال أن نشرها
واعالنها كذلك له ما يبرره ،ولهذا يبدو من األحسن نشر المداوالت رفقة القرار الصادر عن
المجلس الدستوري في الجريدة الرسمية حتى يضطلع عليه الجميع.
وتع تبر الق اررات واآلراء الصادرة عن المجالس الدستورية في الدول المغاربية نهائية غير
قابلة للطعن أمام أية جهة أخرى ،كما أنها ملزمة لجميع السلطات العمومية الدستورية
429
القضائية واإلدارية وهي بذلك تتفق مع األحكام القضائية الصادرة من الجهات القضائية
والمستنفذة لجميع طرق الطعن العادية وغير العادية وهذا وان كان من شأنه أن يعطي قوة
واستقرار آلراء وق اررات المجلس الدستوري فإن هذا األخير مكون من بشر يجتهدون فيصيبون
ويخطئون واعطاء ق ارراتهم هذه الصفة يمكن أن تمس بحقوق وحريات دستورية فلهذا يبدو
فتح الباب لمراجعة ق ارراته وآراءه بصفة تلقائية من طرف المجلس الدستوري ذاته دون إخطار
في حاالت معينة يكون أحسن ويفتح الباب حتى لقضاة المجلس الدستوري أنفسهم لتطوير
أعمالهم خاصة لو تم إنشاء آلية تكوين قضاة متخصصين في المنازعة اإلدارية الدستورية
على مستوى المحكمة العليا وخلق آلية للتعاون بينهم وبين قضاة المجالس الدستورية.
و يبدو ان االعتماد على نظام المحكمة الدستورية الخاصة واالبتعاد على نظام المجلس
الدستوري له اهمية كبيرة لثبوت فشله في مسائل كثيرة واتباع توجه المؤسس الدستوري
المغربي والتونسي اللذاني نصا على محكمة دستورية خاصة رغم عدم صدور القوانين التي
تحكم سير هذه المحاكم الى غاية اتمام هذه الدراسة.و إشراك السلطتين التنفيذية والتشريعية
في عضوية المحكمة الدستورية نظ ار الطبيعة مهامها.
و كذا إعطاء المواطن في دول المغرب العربي حق الطعن أمام المحكمة الدستورية مع
اشتراط بعض الشروط الشكلية اإلضافية لرفع الدعوى كوجود محامي.
بالظافة الى توسيع دائرة النصوص القانونية الخاضعة وجوبيا لرقابة المحكمة الدستورية
واالعتماد على المجال الذي يعالجه النص القانوني أكثر من االعتماد على درجة القانون.
و إعطاء قضاة المحكمة الدستورية ضمانات استقاللية أكبر وذلك بتحقيق استقالل
القضاء بصفة عامة وابعاد السلطة التنفيذية عليه.
و إيجاد آلية لرقابة قضاة المحكمة الدستورية على ممارسات رئيس الدولة بعد إعالن
حالة الطوارئ واثنائها.
430
كما يبدو إعطاء حق للقاضي الدستوري المقرر باالستعانة بخبير في القانون الدستوري
عند تكليفه بمهمة إعداد مشروع الرأي أو القرار عامال مهما في تطوير اعماله.اظافة الى
السماح بانتداب قضاة من مجلس الدولة وأساتذة القانون العام لمساعدة القضاة الدستوريون
في السهر على العمليات االنتخابية سنة قبل االنتخابات الرئاسية أو البرلمانية.
و توسيع حق اإلخطار ألحزاب المعارضة التي حصلت على أكثر من % 10في آخر
انتخابات المجلس الشعبي الوطني وفق آليات وضوابط يحددها القانون.
كما ان صدور القوانين العضوية المنظمة للمحاكم الدستورية في المغرب و تونس وكذا
التعمق في تطبيق المسالة االولية الدستورية في فرنسا ستبين لنا هل تغيير هيئات ممارسة
القضاء الدستوري افضل ام تفعيل االليات الموجودة و دعمها افضل ولكن في اطار تغيير
دستوري شامل في انماط سير مؤسسات الدولة هذا ما تبينه دراسات في المستقبل اتمنى ان
تتناول الموضوع.
431
قائمة المراجع
أوال -باللغة العربية :
- 1النصوص القانونية والتنظيمية:
أ -الجزائر :
) – ( 1الدساتير :
– دستور ،1963ج ر عدد 64مؤرخة في 10سبتمبر .1963
) – ( 2القوانين :
-قانون عضوي رقم 07 -97مؤرخ في 06مارس ،1997المتعلق بنظام االنتخابات ،ج ر عدد 12
مؤرخة في 6مارس .1997
-قانون عضوي رقم 01 – 04مؤرخ في 7فبراير سنة ، 2004يعدل و يتمم األمر رقم 07 – 97
المؤرخ في 6مارس سنة ،1997المتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام االنتخابات ،ج ر عدد 9
مؤرخة في 11فبراير .2004
-قانون عضوي رقم 08 – 07مؤرخ في 28يوليو ،2007يعدل ويتمم األمر رقم 07 – 97
المتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام االنتخابات ،ج ر عدد 48مؤرخة في 29يوليو .2007
-قانون عضوي رقم 01 - 12مؤرخ في 12يناير ،2012المتضمن قانون االنتخابات ،ج ر عدد
،1مؤرخة في 14يناير .2012
432
-قانون عضوي رقم 04 - 12مؤرخ في 12يناير ،2012يتعلق باالحزاب السياسية ،ج ر عدد 2
مؤرخة في 15يناير .2012
– أمر 10جويلية 1965القاضي بإسناد جميع صالحيات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في
دستور 1963إلى مجلس الثورة ،ج ر عدد 00مؤرخة في 00يوليو .1965
-أمر رقم 09 -97مؤرخ في 6مارس 1997المتضمن القانون العضوي المتعلق باألحزاب السياسية،
ج ر عدد 12مؤرخة في 6مارس .1997
-قانون رقم 11- 89مؤرخ في 5يوليو سنة 1989يتعلق بالجمعيات ذات الطابع السياسي ،ج ر عدد
27مؤرخة في 5يوليو .1989
-قانون رقم 13 – 89مؤرخ في 7غشت سنة 1989يتضمن قانون االنتخابات ،ج ر عدد 32مؤرخة
في 7غشت .1989
-قانون رقم 06 – 91مؤرخ في 17رمضان عام 1411الموافق 2ابريل سنة 1991يعدل ويتمم
القانون رقم 13-89المؤرخ في 7غشت 1989والمتضمن قانون االنتخابات ،الجريدة الرسمية العدد14
-مرسوم التشريعي رقم 02 -93المؤرخ في 6يناير سنة ،1993يتضمن تمديد مدة حالة الطوارئ،
ج.ر عدد 08المؤرخة في 7فبراير سنة .1993
) – ( 3التنظيمات :
-مرسوم رئاسي رقم 43 -89المؤرخ في 4ابريل سنة ،1989يتعلق بنشر التشكيلة االسمية للمجلس
الدستوري،ج.ر،عدد 15المؤرخة في 12ابريل .1989
-مرسوم رئاسي رقم 143-89مؤرخ في الموافق 7غشت 1989يتعلق بالقواعد الخاصة بتنظيم
المجلس الدستوري والقانون األساسي لبعض موظفيه،ج.ر عدد 15المؤرخة في 7غشت سنة .1989
433
مرسوم رئاسي رقم 196 -91مؤرخ في 4يونيو سنة ،1991يتضمن تقرير حالة الحصار ،ج.ر ،عدد
29المؤرخة في 12يونيو سنة .1991
-23مرسوم رئاسي رقم 336 -91مؤرخ في 22سبتمبر سنة 1991يتضمن رفع حالة الحصار،
ج.ر عدد 44المؤرخة في 25سبتمبر .1991
-مرسوم رئاسي رقم 01- 92المؤرخ في 4يناير سنة ،1992يتضمن حل المجلس الشعبي الوطني،
ج.ر عدد02المؤرخة في 8يناير .1992
-مرسوم رئاسي رقم 44 -92مؤرخ في 9فبراير سنة 1992يتضمن إعالن حالة الطوارئ ،ج.ر ،عدد
10المؤرخة في 9فبراير .1992
-مرسوم رئاسي رقم 320 -92مؤرخ في 11غشت سنة ،1992يتمم المرسوم رئاسي رقم 44 -92
المؤرخ في 9فبراير سنة 1992والمتضمن إعالن حالة الطوارئ ،ج.ر ،عدد61المؤرخة في 12
غشت سنة .1992
-مرسوم رئاسي رقم 40 -94مؤرخ في 29يناير سنة ،1994يتعلق بنشر األرضية المتضمنة
الوفاق الوطني حول المرحلة االنتقالية ،ج.ر عدد 06المؤرخة في 31يناير سنة .1994
-مرسوم رئاسي المؤرخ في 20مارس سنة ،1995يتضمن تعيين رئيس المجلس الدستوري وأحد
أعضائه ،ج.ر ،عدد 18المؤرخة في 5ابريل سنة .1995
-مرسوم رئاسي رقم 269 -95مؤرخ في 17سبتمبر سنة ،1995يتعلق باللجنة الوطنية المستقلة
لمراقبة االنتخابات رئاسية ،ج.ر ،عدد 52المؤرخة في 17سبتمبر سنة .1995
-مرسوم رئاسي رقم 348 -96مؤرخ في 14أكتوبر سنة ،1996يتضمن استدعاء مجموع الناخبين
والناخبات لالستفتاء المتعلق بمشروع تعديل الدستور ،ج.ر ،عدد 61المؤرخة في 16أكتوبر .1996
-مرسوم رئاسي رقم 58- 97مؤرخ في 6مارس سنة ،1997يتعلق باللجنة الوطنية المستقلة لمراقبة
االنتخابات التشريعية ،ج.ر ،عدد 12المؤرخة في 6مارس .1997
-مرسوم رئاسي رقم 126 – 98المؤرخ في 21ابريل سنة ،1998يتعلق بنشر التشكيلة االسمية
للمجلس الدستوري ،ج.ر عدد 25المؤرخة في 26ابريل سنة .1998
434
المرسوم الرئاسي رقم 01-99مؤرخ في ل 04جانفي ،1999يتعلق باللجنة الوطنية المستقلة لمراقبة
االنتخابات الرئاسية ج ر عدد 01في 06جانفي .1999
-مرسوم رئاسي رقم 240-99مؤرخ في افق 27أكتوبر سنة ،1999يتعلق بالتعيين في الوظائف
المدنية و العسكرية للدولة،ج.ر ،عدد 76المؤرخة في 31أكتوبر سنة .1999
-مرسوم رئاسي رقم 157 – 02مؤرخ في 16ماي سنة ،2002يعدل ويتمم المرسوم رئاسي رقم 89
– 143المؤرخ في 7غشت سنة 1989والمتعلق بالقواعد الخاصة بتنظيم المجلس الدستوري والقانون
-مرسوم رئاسي رقم 20 – 04المؤرخ في 7فبراير سنة ،2004يحدث لجنة سياسية وطنية لمراقبة
االنتخابات ا لرئاسية ل 8ابريل سنة ،2004ج.ر ،عدد 8المؤرخة في 8فبراير سنة .2004
-مرسوم رئاسي رقم 105 – 04المؤرخ في 5ابريل سنة ،2004يتمم المرسوم رئاسي رقم – 89
143المؤرخ في 7غشت سنة 1989والمتعلق بالقواعد الخاصة بتنظيم المجلس الدستوري والقانون
األساسي لبعض موظفيه ،ج.ر عدد 21المؤرخة في 7ابريل سنة .2004
-مرسوم رئاسي رقم 115 – 07المؤرخ في 17ابريل سنة ،2007يحدث لجنة سياسية وطنية لمراقبة
االنتخابات التشريعية ل 17مايو سنة 2007ج.ر العدد 25المؤرخة في -17ماي .2007
-مرسوم رئاسي رقم 61 – 09المؤرخ في 7فبراير سنة ،2009يحدث لجنة سياسية وطنية لمراقبة
االنتخابات رئاسية ليوم 9ابريل سنة ،2009ج.ر ،عدد 09المؤرخة في 8فبراير سنة .2009
-مرسوم رئاسي رقم 08-14المؤرخ في 17جانفي 2014المتضمن استدعاء الهيئة الناخبة ،ج ر
عدد ،02مؤرخة في 18يناير .2014
-مرسوم رئاسي رقم 09-14المؤرخ في 17جانفي 2014يتضمن تعيين أعضاء اللجنة الوطنية
لإلشراف على االنتخابات الرئاسية ،ج ر عدد ،02مؤرخة 18جانفي .2014
-مرسوم تنفيذي رقم 303 – 95المؤرخ في 7أكتوبر سنة ،1995يضبط كيفيات تطبيق أحكام
المادة 117من القانون 13 – 89المؤرخ في 07غشت سنة ،1989المعدل و المتمم ،و المتضمن
قانون االنتخابات،التي تطبق في االنتخابات الرئاسية ،ج.ر ،عدد 58المؤرخة في 08أكتوبر سنة
.1995
435
-مرسوم تنفيذي رقم 56 – 99المؤرخ في 02مارس سنة 1999يحدد كيفيات تطبيق المادة 166من
األمر 07 – 97المؤرخ في لـ 06مارس سنة 1997و المتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام
االنتخابات ،ج.ر ،العدد 14المؤرخة في 07مارس .1999
-مرسوم تنفيذي رقم 178 – 99المؤرخ في ل 3غشت سنة ،1999يحدد كيفيات تطبيق المادة 166
من األمر 07 – 97المؤرخ في 06مارس سنة 1997والمتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام
االنتخابات ،ج.ر ،عدد 53المؤرخة في 08مارس .1999
-مرسوم تنفيذي رقم 01-14مؤرخ في 15جانفي ،2014يتضمن إجراء إكتتاب التوقيعات الفردية
لصالح المترشحين لالنتخابات الرئاسية والتصديق عليها ،ج ر عدد .2014 -02
-مرسوم التنفيذي رقم 24 -14مؤرخ في 1فبراير 2014يحدد شروط تصويت المواطنين الجزائريين
المقيمين في الخارج لالنتخابات الرئاسية ج .ر عدد 05مؤرخة في 02فبراير .2014
-مرسوم تنفيذي رقم 25 -14مؤرخ في 1فبراير 2014يحدد كيفيات إشهار الترشيحات في االنتخاب
لرئاسة الجمهورية ج .ر عدد 5مؤرخةفي 02فبراير .2014
الذي يحدد إجراءات عمل المجلس الدستوري ،ج ر عدد 60مؤرخة في 24نوفمبر .1991
-مداولة مؤرخة في 29ديسمبر سنة ،1996تعدل وتتمم النظام المؤرخ في 7غشت سنة ،1989الذي
يحدد إجراءات عمل المجلس الدستوري ،الجريدة الرسمية ،عدد 3مؤرخة في 12يناير سنة .1997
-مداولة مؤرخة في 13أبريل سنة ،1997تعدل وتتمم النظام المؤرخ في 7غشت سنة ،1989الذي
يحدد إجراءات عمل المجلس الدستوري ،الجريدة الرسمية ،عدد 25المؤرخة في 27أبريل .1997
-مداولة مؤرخة في 28يونيو سنة ،2000المحددة لقواعد عمل المجلس الدستوري ،الجريدة الرسمية
436
-6مداولة مؤرخة في 14يناير ،2009تعدل وتتمم النظام المؤرخ في 28يونيو سنة .2000المحدد
لقواعد عمل المجلس الدستوري ،الجريدة الرسمية،عدد 4المؤرخة في 18يناير سنة .2009
-7مداولة مؤرخة في 03مايو 2012المتعلقة بالنظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري
جريدة رسمية عدد 26مؤرخة في 3ماي .2012
-8النظام الداخلي المؤرخ في 23يناير 2014ج .ر عدد 5مؤرخة في 2فبراير 2014م.
-9خطاب رئيس الجمهورية الجزائرية مؤرخ في 2009/10/31بمناسبة الذكرى العشرون لتأسيس
المجلس الدستوري ،خطب ورسائل مديرية الصحافة واالتصال رئاسة الجمهورية.2009،
- 10بيان 19جوان 1965صدر في الجريدة الرسمية عدد 56المؤرخة في 06جويلية .1965
ب -تونس
) – ( 1الدساتير :
57لسنة 1959مؤرخ في ا ألول جوان 1959في ختم دستور الجمهورية التونسية قانون عدد
واصداره ،الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 30بتاريخ 1جوان .1959
قانون دستوريعدد 13لسنة 1975يتعلق بتنقيح الفصلين 51/40من الدستور ،الرائد رسمي للجمهورية
التونسية عدد 19بتاريخ 18مارس .1975
قانون دستوريعدد 88لسنة 1988ينقح الدستور ،الرائد الرسمي للجمهورية التونسيةعدد ،50بتاريخ 26
جويلية .1988
قانون دستور عدد 90لسنة 1995مؤرخ في 06نوفمبر 1995يتعلق بالمجلس الدستوري ،الرائد الرسمي
للجمهورية التونسيةعدد 90بتاريخ 10نوفمبر .1995
قانون دستوري عدد 76لسنة 1998مؤرخ في 02نوفمبر 1998يتعلق بتنقيح الفقرة األولى من الفصل
75من الدستور ،الرائد الرسمي للجمهورية التونسية ،عدد 89بتاريخ 06نوفمبر .1998
قانون دستوري) عدد 51لسنة 2002مؤرخ في 01جوان 2002يتعلق بتنقيح بعض أحكام الدستور،
الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 45بتاريخ 03جوان .2002
437
-قانون دستوريعدد 51لسنة 2002مؤرخ في 01جوان 2002يتعلق بتنقيح بعض أحكام الدستور،
) – ( 2القوانين :
-قانون أساسي عدد 118لسنة 1993مؤرخ في 27ديسمبر 1993يتعلق بتنقيح واتمام المجلة
االنتخابية ،الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 29بتاريخ 28ديسمبر .1993
-قانون أساسيعدد 26لسنة 1996مؤرخ في 1أفريل 1996يتعلق بالمجلس الدستوري ،الرائد الرسمي
للجمهورية التونسية عدد 27بتاريخ 02أفريل .1996
لسنة 2003مؤرخ في 04أوت 2009يتعلق بتنقيح واتمام المجلة -قانون أساسي عدد 58
االنتخابية ،الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 62بتاريخ 5أوت .2003
-قانون أساسيغدد 52لسنة 2004مؤرخ في 12جويلية 2004يتعلق بالمجلس الدستوري ،الرائد الرسمي
للجمهورية التونسية عدد 56بتاريخ 13جويلية .2004
-قانون أساسيعدد 19لسنة 2009مؤرخ في 13أفريل 2009يتعلق بتنقيح واتمام المجلة االنتخابية،
الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 30بتاريخ 14أفريل .2009
-قانون غدد 25لسنة 1969مؤرخ في 8أفريل 1969يتعلق بالمجلة االنتخابية ،الرائد الرسمي
للجمهورية التونسية عدد 14بتاريخ 15أفريل .1969
-قانون عدد 39لسنة 1990مؤرخ في 18أفريل 1990يتعلق بالمجلس الدستوري ،الرائد الرسمي
للجمهورية التونسية عدد 27بتاريخ 20أفريل .1990
-مداوالت مجلس األمة التونسي ،1976 ،ص ،78ج.ر عدد .1976 -08
438
-مداوالت مجلس النواب التونسي العدد 28جلسة 26مارس ،1990ص 1902
ج– موريتانيا
) – ( 1الدساتير :
-دستور 22مارس .1959
دستور 20مايو.1961
-الميثاق الدستوري ،للجنة العسكرية لالنقاذ الوطني في 10يوليو .1978
) – ( 2القوانين :
القانوني النظامي رقم 21-2009صادر بتاريخ 2أبريل 2009يعدل ويكمل بعض أحكام األمر القانوني
رقم 027- 91الصادر بتاريخ 07أكتوبر 1991المتضمن القانون النظامي المتعلق بانتخاب رئيس
الجمهورية.
-أمر قانوني عدد 12لسنة 1991المتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية .
أمر قانونيعدد 4لسنة 1992المتعلق بالمجلس الدستوري.
-أمر قانوني رقم 04-92الصادر بتاريخ 18فبراير 1992المتضمن النظام المتعلق بالمجلس
الدستوري ،مجموعة النصوص القانونية الدستورية والتنظيمية والق اررات واألعمال المتعلقة بالمجلس
الدستوري في الجمهورية اإلسالمية الموريتانية ،المطبعة الوطنية الموريتانية .1999
439
بانتخاب النواب في الجمعية الوطنية ،الجريدة الرسمية للجمهورية اإلسالمية الموريتانية عدد 1129بتاريخ
30أكتوبر .2006
-أمر قانوني رقم 001-2007صادر بتاريخ 3يناير 2007يعدل ويكمل بعض أحكام األمر القانوني
رقم 027-91الصادر بتاريخ 07أكتوبر 1991المتضمن القانون النظامي المتعلق بانتخاب رئيس
الجمهورية ،الجريدة الرسمية للجمهورية أإلسالمية الموريتانيةعدد 1136بتاريخ 31يناير .2007
-أمر قانوني رقم 002-2007صادر بتاريخ 03يناير 2007يعدل ويكمل بعض ترتيبات األمر
القانوني رقم 029-91الصادر بتاريخ 07أكتوبر 1991المتضمن القانون النظامي المتعلق بانتخاب
-مرسومعدد 041اسنة 1992المتعلق بتنظيم األمانة العامة والنظام المالي للمجلس الدستوري.
-مرسوم عدد 42لسنة 1992المحدد لعالوات و امتيازات أعضاء للمجلس الدستوري.
-مرسومعدد 43لسنة 1992المتعلق بالتزامات أعضاء المجلس الدستوري .
-03االنظمة و المداوالت :
نظام رقم /001ا .ا /1994 /م .د بتاريخ 10مارس 1994يتضمن اإلجراءات المتبعة أمام المجلس
الدستوري بالنسبة للنزاع حول انتخاب النواب والشيوخ ،مجموعة النصوص القانونية الدستورية والتنظيمية
والق اررات واألعمال المتعلقة بالمجلس الدستوري في الجمهورية اإلسالمية الموريتانية المطبعة الوطنية
الموريتانية .1999
نظام رقم /002ا .ا /1997 /م .د بتاريخ 5غشت 1997يكمل قواعد اإلجراءات المتبعة أمام المجلس
الدستوري بالنسبة النتخاب رئيس الجمهورية ،مجموعة النصوص القانونية الدستورية والتنظيمية والق اررات
واألعمال المتعلقة بالمجلس الدستوري في الجمهورية اإلسالمية الموريتانية المطبعة الوطنية الموريتانية
.1999
440
د -المغرب
) – ( 1الدساتير :
-دستوري المملكة لـ 07ديسمبر 1962صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف صادر في ديسمبر
،1992الجريدة الرسمية للمملكة المغربية )عدد 2616مكرر( بتاريخ 19دجنبر .1962
-دستوري المملكة لـ 1970صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف) رقم ( 1 .70.177صادر في31
يوليوز ،1970الجريدة الرسمية للمملكة المغربية )عدد ( 3013بتاريخ فاتح غشت .1970
-دستوري المملكة لـ 01مارس 1972صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف )رقم (1 .062.72صادر
في 1مارس ،1972الجريدة الرسمية للمملكة المغربية )عدد (3098بتاريخ 15مارس .1972
-دستوري المملكة المراجع لـ 09سبتمبر 1992صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف )رقم 1 .92.155
(صادر في 09أكتوبر ،1992الجريدة الرسمية للمملكة المغربية )عدد ( 4172بتاريخ 14أكتوبر
.1992
-دستوري المملكة المراجع لـ 13سبتمبر 1996صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف )رقم 1 .96.157
أكتوبر ،1996الجريدة الرسمية للمملكة المغربية عدد 4420بتاريخ 10أكتوبر (صادر في 07
.1996
) – ( 2القوانين :
-ظهير شريف) رقم (1-77-176بتاريخ 9مايو 1977بمثابة القانون التنظيمي للغرفة الدستورية
بالمجلس األعلى .الجريدة الرسمية )عدد 3366مكرر( بتاريخ 10مايو.1977.
441
-قانون تنظمي )رقم (29 /93المتعلق بالمجلس الدستوري الصادر بتنفيذه الظهير الشريف) رقم /124
( 1 -94صادر في 25فبراير ،1994الجريدة الرسمية للمملكة المغربية )عدد ( 4244بتاريخ 02
مارس .1994
-قانون تنظمي )رقم (31 /97المتعلق بالمجلس الدستوري الصادر بتنفيذه الظهير الشريف) رقم /185
(1 -97صادر في 4سبتمبر ،1997الجريدة الرسمية للمملكة المغربية )عدد (4516بتاريخ 11
سبتمبر .1997
المتعلق بمجلس المستشارين الصادر بتنفيذه الظهير الشريف )رقم -قانون تنظمي )رقم (32 /97
النواب كما وقع تغيره وتتميمه بالقانون التنظيمي )رقم ( 06/ 02الصادر بتنفيذه الظهير الشريف) رقم
( 1 -02 /213صادر في فاتح أغسطس ،2002الجريدة الرسمية للمملكة المغربية )عدد 5026
(بتاريخ فاتح أغسطس ...2002
ويتمم بموجبه القانون التنظيمي )رقم ( 29/ 93المتعلق بالمجلس -قانون تنظمي) رقم (49/07
الدستوري الصادر بتنفيذه الظهير الشريف) رقم ( 1 -08 /69صادر في 23مارس ،2007الجريدة
الرسمية للمملكة المغربية )عدد ( 5679بتاريخ 3نوفمبر 2008
( يتعلق بمدونة االنتخابات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف )رقم (1- 97 /83 قانون) رقم 9 /97
صادر في 02أبريل ،1997الجريدة الرسمية للمملكة المغربية ) عدد (4470بتاريخ 3أبريل .1997
442
فرنسا-و
: ( – الدساتير1 )
-. Constitution du 1946
: ( – القوانين2 )
: ( – التنظيمات3 )
443
- .L'ordonnance n° 58. 1067 du 7 novembre 1958 modifiée portant loi organique
sur le conseil constitutionnel (Français).
444
-الق اررات واآلراء واإلعالنات والبيانات
-ق اررات وأراء واعالنات وبيانات المجلس الدستوري الجزائري ،نشرية أحكام الفقه الدستوري الجزائري،
المجلس الدستوري ،للسنوات .2007 – 1997
-قرار في اإلعالن عن القائمة النهائية للمترشحين النتخابات رئيس الجمهورية المعنية ليوم األحد 24
أكتوبر ،2004الرائد الرسمي للجمهورية التونسية )عدد (79بتاريخ أول أكتوبر .2004
-الرأي عدد أ 2005 – 2للمجلس الدستوري بخصوص انتخاب أعضاء مجلس المستشارين ،الرائد
الرسمي للجمهورية التونسية )عدد (49بتاريخ 2جوان .2005
للمجلس الدستوري بخصوص مشروع قانون يتعلق بالموافقة على -الرأي )عدد (2008 – 10
بروتوكول إضافي لالتفاقية األوروبية المتوسطية التي تقيم شراكة بين الجمهورية التونسية من جهة
والمجموعة األوروبية والدول األعضاء ضمنها ،من جهة أخرى ،الرائد الرسمي للجمهورية التونسية) ،عدد
( 30بتاريخ 11أفريل .2008
-ق اررات واعالنات المجلس الدستوري الموريتاني ما بين سنتي ،1999 – 1992نشرية المجلس
الدستوري الموريتاني ،مجموعة النصوص القانونية الدستورية والتنظيمية والق اررات واألعمال المتعلقة
بالمجلس الدستوري في الجمهورية اإلسالمية الموريتانية ،المطبعة الوطنية الموريتانية.1999 ،
-قرار رقم / 05م .د /نيابات /أركيز (مقاطعة) ،الجريدة الرسمية للجمهورية أإلسالمية الموريتانية )عدد
( 1136بتاريخ 31يناير .2007
. -قرار المجلس الدستوري رقم 01ق .م د 14 /مؤرخ في 05ربيع األول عام 1435الموافق لـ 07
يناير سنة 2014يتعلق باستخالف نائب في المجلس الشعبي الوطني ج ر) عدد 22 ، (03يناير
.2014
-.قرار وزاري مشترك مؤرخ في 04ربيع الثاني 1435الموافق 04فبراير 2014يتعلق بتعيين أعضاء
األمانة الدائمة للجنة الوطنية لمراقبة االنتخابات الرئاسية ليوم 17أبريل لسنة ،2014ج ر) عدد ، (08
18فبراير .2014
445
الكتب :
-أتركان محمد ،دعوى الدفع بعدم الدستورية في التجربة الفرنسية ،اإلطار القانوني والممارسة القضائية،
الدار البيضاء ،مطبعة النجاح الجديدة.2013 ،
-أوصديق فوزي ،الوافي في شرح القانون الدستوري والنظم السياسية ،الجزائر ،دار الكتاب الحديث،
.1996
-أوزيان محمد ،المحكمة الدستورية بالمغرب نحو رؤية استشرافية ،سلسلة المعارف القانونية والقضائية،
الرباط ،منشورات مجلة الحقوق.2014 ،
-ابراهيم درويش ،القانون الدستوري النظرية العامةو الرقابة الدستورية ،القاهرة ،دار النهضة العربية،
1990ط2004.
-ابراهيم الحمادي حميد ،الرقابة على دستورية القوانين في دولة اإلمارات العربية المتحدة ،القاهرة،
المركز القومي لإلصدارات القانونية.2011 ،
-بغلول عباس ،المجلس الدستوري ودوره في الرقابة على االنتخابات الرئاسية والتشريعية وعمليات
االستفتاء ،دراسة مقارنة ،القاهرة ،دار الكتاب الحديث.2014 ،
-بوشعير السعيد ،المجلس الدستوري في الجزائر ،الجزائر ،ديوان المطبوعات الجامعية.2012 ،
-بوشعير السعيد ،النظام السياسي الجزائري ،ط ،2 .عين مليلة ،دار الهدى.1993 ،
-بوشعير السعيد ،دليل اتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية ،الجزائر ،المطبعة الرسمية.1996 ،
-بوقفة عبد اهلل ،القانون الدستوري (تاريخ ودساتير الجمهورية الجزائرية) مراجعات تاريخية سياسية
-الترساوي عوض عبد الجليل عوض ،المعاهدات الدولية أمام القضاء الدستوري ،دراسة مقارنة في
القضاء الدستوري المصري ،والمجلس الدستوري الفرنسي ،القاهرة ،دار النهضة العربية.2008 ،
-الجمل يحي ،القضاء الدستوري في مصر ،القاهرة ،دار النهضة العربية .2001
-جوادي إلياس ،رقابة دستورية القوانين ،دراسة مقارنة ،بيروت ،منشورات الحلبي الحقوقية.2009 ،
446
-روسيون هنري ،المجلس الدستوري ،ترجمة وطفة محمد ،بيروت ،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر
والتوزيع[ ،د.س.].
-السليمي عبد الرحيم المنار ،مناهج عمل القاضي الدستوري ،دراسة سوسيو قضائية ،الرباط ،منشورات
المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية.2006 ،
-السموني الشرقاوي خالد ،المجلس الدستوري ورقابته على االنتخابات التشريعية ،الرباط ،دار أبي
رقراق للطباعة والنشر.2005 ،
-شربال عبد القادر ،ق اررات وآراء المجلس الدستوري في تأويل أحكام الدستور الجزائري ،الجزائر ،دار
-محمد سلمان عبد العزيز ،رقابة دستورية القوانين ،القاهرة ،دار الفكر العربي.1995 ،
-محمد سلمان عبد العزيز ،رقابة دستورية القوانين المحكمة الدستورية العليا طبيعتها مهامها وأهم
مبادئها ،القاهرة ،دار الفكر العربي.1995 ،
-محمد عبد اللطيف محمد ،القضاء الدستوري في فرنسا في خمس سنوات ( )2004 – 1999القاهرة،
447
-مسراتي سليمة ،نظام الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر على ضوء دستور 1996واجتهادات
المجلس الدستوري الجزائري ( ،)2010- 1989الجزائر ،دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع.2012 ،
-المصدق رقية ،القانون الدستوري والمؤسسات السياسية ،ج ،1 .الدار البيضاء ،دار توبقال للنشر،
.1990
-المظفر زهير ،المجلس الدستوري ،تونس ،المطبعة الرسمية.1993 ،
-منصور مولود ،بحوث في القانون الدستوري ،الجزائر ،موفم للنشر.2010 ،
-النويضي عبد العزيز ،العدالة والسياسية االنتخابات والقضاء الدستوري في المغرب الدار البيضاء،
-النويضي عبد العزيز ،العدالة والسياسة ،االنتخابات والقضاء الدستوري في المغرب .الرباط ،منشورات
المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية.2001 ،
-النويضي عبد العزيز ،المجلس الدستوري بالمغرب ،الرباط ،منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية
والتنمية ،سلسلة مؤلفات وأعمال الجامعية.2005 ،
-النويضي عبد العزيز ،المجلس الدستوري ورقابته على االنتخابات التشريعية ،الرباط ،منشورات المجلة
المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية.2001 ،
-وافي أحمد وبوك ار إدريس ،النظرية العامة للدولة والنظام السياسي الجزائري في ظل دستور ،1989
الجزائر ،المؤسسة الجزائرية للطباعة.1992 ،
أ – األطاريح :
-أشحشاح نور الدين ،الرقابة على دستورية القوانين في المغرب ،دراسة مقارنة ،أطروحة لنيل شهادة
دكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية الحقوق أكدال.2001-2000 ،
-بن سنوسي فاطمة ،المنازعات االنتخابية ،أطروحة لنيل شهادة دكتوراه ،جامعة الجزائر ،1كلية
الحقوق.2012-2011 ،
-الداعلي يحي ،القضاء الدستوري ودوره في بناء دولة القانون بالمغرب ،بحث لنيل الدكتوراه في القانون
العام ،جامعة الحسن الثاني ،كلية الحقوق.2007-2006 ،
448
-الفقي محمد فرج محمد ،الرقابة على دستورية القوانين في ليبيا ،رسالة دكتوراه ،جامعة عين شمس،
كلية الحقوق.1998 ،
-مسراتي سليمة ،مدى تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات في النظام الدستوري الجزائري ،أطروحة لنيل
شهادة الدكتوراه في القانون العام ،جامعة الجزائر ،كلية الحقوق.2010-2009 ،
-نبالي فطة ،دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات العامة ،مجال ممدود وحول محدود،
أطروحة دكتوراه علوم ،جامعة مولود معمري ،كلية الحقوق.2010 ،
ب – المذكرات :
-بن خليفة هدى ،المجلس الدستوري التونسي في ظل تنقيح 01جوان ،2002رسالة لنيل شهادة
الدراسات المعمقة في القانون العام والمالي ، ،جامعة 07نوفمبر بقرطاج ،كلية العلوم القانونية والسياسية
واالجتماعية.2005-2004 ،
-بوسالم رابح ،المجلس الدستوري الجزائري ،تنظيمه وطبيعته ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في
الحقوق ،فرع القانون العام ،جامعة اإلخوة منتوري.2005-2004 ،
-جعفر ولد المرابط ولد جعفر ،الرقابة على دستورية القوانين في دول المغرب العربي ،رسالة مقدمة لنيل
درجة الماجستير في القانون ،معهد البحوث والدراسات العربية ،القاهرة .2001
-الزغالمي سميرة مرزوق ،المجلس الدستوري التونسي ،رسالة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في العلوم
السياسية ،جامعة تونس المنار ،كلية الحقوق والعلوم السياسية.2005 ،
-غربال فريد ،المجالس الدستورية في العالم العربي ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام،
جامعة تونس المنار ،كلية الحقوق والعلوم السياسية.2008-2007 ،
-الغنامي عبد السالم محمد ،مراقبة دستورية القوانين في المغرب والقانون المقارن ،جامعة محمد
الخامس ،كلية الحقوق.2000-1999 ،
-محمد فال ولد المجتبي ،المجلس الدستوري في موريتانيا ،رسالة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في
العلوم السياسية ،جامعة تونس ،كلية الحقوق والعلوم السياسية.1996-1995 ،
-مسراتي سليمة ،إخطار المجلس الدستوري ،مذكرة ماجستير ،جامعة الجزائر ،معهد الحقوق.2002 ،
449
-مصلح عبد الرزاق ،المجالس الدستورية في دول المغرب العربي ،دراسة مقارنة ،رسالة لنيل شهادة
الدراسات المعمقة في القانون العام ،الجامعة ،الكلية.1992-1991 ،
-مملوك ليلى ،المجلس الدستوري التونسي واالتفاقيات الدولية ،مذكرة لنيل شهادة ماجستير في الحقوق،
اختصاص قانون عام داخلي ،جامعة تونس المنار ،كلية الحقوق.2008-2007 ،
-هنوني المختار ،الرقابة على دستورية القوانين العادية بالمغرب بين النص والممارسة ،جامعة الحسن
الثاني ،كلية الحقوق ،عين الشق.2005-2004 ،
-يونس هيفاء ،رقابة المجلس الدستوري التونسي على االنتخابات ،مذكرة اإلحراز على شهادة
الماجستير في القانون العام ،جامعة سوسة ،كلية الحقوق والعلوم االقتصادية والسياسية.2007-2006 ،
-أورحمون محمد طاهر ،االتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان التي انضمت إليها الجمهورية
الجزائرية ،المجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية ،الجزء ،36العدد 1سنة .1998
-بنبا محمد بن أحمد ،الرقابة على دستورية القوانين في موريتانيا ،المجلة الجزائرية للعلوم القانونية
واالقتصادية والسياسية ،الجزء 41عدد .2003 ،4
-بن عاشور رافع ،مسألة مراقبة دستورية القوانين وتطوراتها في آخر سنة 1987المجلة القانونية
التونسية ،1988جامعة تونس .1988
-بوسلطان محمد ،الرقابة على دستورية المعاهدات في الجزائر ،مجلة المجلس الدستوري ،العدد ،1
.2013
-الجماعي الحسن » ،نظام المنازعات االنتخابية المتعلقة بانتخاب أعضاء البرلمان أية خصوصية «،
المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،العدد .2009 ،88-87
-سيدى محمد ولد سيدي آب ،التطور الدستوري والسياسي في موريتانيا ،المجلة الجزائرية للعلوم
القانونية واالقتصادية والسياسية ،الجزء ،41العدد .2000 ،4
450
سيدى محمد ولد سيدي آب ،النظام القانوني للرقابة على دستورية القوانين في موريتانيا « ،المجلة
المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،العدد .1998 ،22
-شيهوب مسعود ،المجلس الدستوري قاضي انتخابات تقنية التحفظات في اجتهاد المجلس الدستوري ،
مجلة المجلس الدستوري ،العدد .2013 ،1
شيهوب مسعود الرقابة على دستورية القوانين النموذج الجزائري « ،مجلة النائب ،العددان .2005 ،6-5
-عمار عباس ونفيسة بختي » ،تأثير النظام اإلجرائي على رقابة المجلس الدستوري وسبل إصالحه ،
مجلة دراسات قانونية ،العدد .2008 ،2
-المدور رشيدة ،خصائص الرقابة على دستورية األنظمة الداخلية للبرلمان ومنهجهما في التطبيق
المغربي ،دراسة مقارنة ،مجلة الحقوق – الكويت ،العدد .2008 ،1
-مرابط فدوى ،المجلس الدستوري والرقابة على دستورية القوانين في المغرب العربي ،المجلة المغربية
للمنازعات القانونية ،العددان .2007 ،6-5
-مصطفى قلوش ،رقابة دستورية القوانين على ضوء الفصل 26من الدستور المغربي ،المجلة
المغربية للمنازعات القانونية ،العددان .2007 ،6-5
-نبالي فطة ،دور المجلس الدستوري في رقابة مطابقة القوانين العضوية للدستور ،المجلة النقدية
للقانون والعلوم السياسية ،العدد .2011 ،2
.
451
OUVRAGES:
- R. BENACHOUR et A. LACHAAL, Le Contrôle de la constitutionnalité des
lois état de la question annuaire international de justice constitutionnelle, Paris
,presse universitaire,Economica, 1993.
452
-D. ROUSSEAU, La justice Constitutionnelle en Europe , Paris Montchrestien,
1992.
II.THESES
-N.A. BERNOUSSI, le contrôle de constitutionnalité au Maghreb Thèse pour
l'obtention du doctorat d'Etat en droit université Med V, Maroc , 1998.
III-ARTICLE
-P. AVRIL et J.P GICQUEL Le conseil constitutionnel, Paris, 06eme, éd 2011.
453
- H.BENMRAD, commentaire sur le décret instituant le conseil
constitutionnel de la république ,Actualité juridique Tunisienne n°1 et 2
Tunis Publications, Faculté de droit et sciences politiques , 1989.
2008.
454
-M. JOELLE, R. FICHOT, Le conseil constitutionnel, la question Prioritaire
de constitutionnalité et les droits et les libertés que la constitution garantit,
Revue C. R. D. F n° 9,2011.
Site internet
- (www. Legi France. Gouv. Fr/ ../ PPF AF. Htm).
455
الفهـــرس
01 مقدمة
11 الباب األول :الهيئات الممارسة للقضاء الدستوري
14 الفصل األول :نشأة هيئات القضاء الدستوري و تطورها
16 المبحث األول :نشأة هيئات القضاء الدستوري
17 المطلب األول :نشأة المجلس الدستوري الجزائري وتطوره
17 الفرع األول :مرحلة األحادية الحزبية
18 الفرع الثاني :مرحلة التعددية الحزبية
26 المطلب الثاني :نشأة هيئات القضاء الدستوري المغربي وتطورها
26 الفرع األول :الغرفة الدستورية
31 الفرع الثاني :المجلس الدستوري
33 الفرع الثالث :المحكمة الدستورية
38 المطلب الثالث :نشأة المجلس الدستوري التونسي وتطوره
39 الفرع األول :مرحلة ما قبل دسترة المجلس الدستوري
45 الفرع الثاني :مرحلة دسترة المجلس الدستوري
48 الفرع الثالث :المحكمة الدستورية
48 المطلب الرابع :نشأة هيئات القضاء الدستوري الموريتاني وتطورها
48 الفرع األول :اللجنة الدستورية
49 الفرع الثاني :وضعية القضاء الدستوري الموريتاني في ظل دستور 20ماس 1961
51 الفرع الثالث :القضاء الدستوري في مرحلة الحكم العسكري
51 الفرع الرابع :نشأة المجلس الدستوري وتطوره
53 المبحث الثاني :تركيبة هيئات القضاء الدستوري
54 المطلب األول :دور السلطة التنفيذية في تشكيلة هيئات القضاء الدستوري
54 الفرع األول:دور السلطة التنفيذية من خالل التعيين واالنتخاب
61 الفرع الثاني :مجال السلطة التنفيذية في تشكيل هيئات القضاء الدستوري في المغرب
456
67 الفرع الثالث :دور السلطة التنفيذية في تشكيل المجلس الدستوري التونسي
73 الفرع الرابع :مدى تاثير السلطة التنفيذية على تشكيلة المجلس الدستوري الموريتاني
76 المطلب الثاني:دور السلطة التشريعية من خالل التعيين واالنتخاب
77 الفرع األول :تدخل السلطة التشريعية في تشكيل المجلس الدستوري الجزائري
86 الفرع الثاني :مجال السلطة التشريعية في تشكيلة هيئات القضاء الدستوري المغربي
94 الفرع الثالث :السلطة التشريعية وتأثيرها في تشكيل المجلس الدستوري التونسي
102 الفرع الرابع :مدى تدخل السلطة التشريعية في تشكيل المجلس الدستوري الموريتاني
103 المطلب الثالث :مدى مساهمة السلطة القضائية في تشكيل هيئات القضاء الدستوري
104 الفرع األول :الدور البارز في النظام الدستوري الجزائري
111 الفرع الثاني :الوجود في مرحلة الغرفة الدستورية والغياب في مرحلة المجلس الدستوري
117 الفرع الثالث :تأثير السلطة القضائية على المجلس الدستوري التونسي
119 الفرع الرابع :دور السلطة القضائية على المجلس الدستوري الموريتاني والغرفة الدستورية
122 الفصل الثاني :هيئات القضاء الدستوري
124 المبحث األول :تنظيم هيئات القضاء الدستوري
124 المطلب األول :األجهزة اإلدارية لهيئات واختصاصاتها
124 الفرع األول:أجهزة المجلس الدستوري الجزائري و اجتصاصاتها
133 الفرع الثاني :أجهزة المجلس الدستوري التونسي و اجتصاصاتها
134 الفرع الثالث :أجهزة المجلس الدستوري المغربي و احتصاصاتها
137 المطلب الثاني :مساهمة األجهزة اإلدارية في بناء المجالس الدستورية المغاربية
138 الفرع األول :تأثير الجانب البشري في عمل المجلس الدستوري
151 الفرع الثاني:انعكاس الجانب المؤسساتي على عمل المجلس الدستوري
157 المبحث الثاني :النظام القانوني للقضاة الدستوريين
157 المطلب األول :أحكام العضوية
158 الفرع األول :شروط العضوية
165 الفرع الثاني :تجديد العهدة
457
176 الفرع الثالث :عدم القابلية للعزل
178 المطلب الثاني :أحكام التنافي
180 الفرع األول :حاالت التنافي و تطبيقاتهاعلى أعضاء المجلس الدستوري الجزائري
181 الفرع الثاني :تطبيقات التنافي على أعضاء المجلس الدستوري المغربي
184 الفرع الثالث :تطبيقات التنافي على أعضاء المجلس الدستوري التونسي
188 الفرع الرابع -تطبيقات التنافي على أعضاء المجلس الدستوري الموريتاني
189 المطلب الثالث :امتيازات و التزامات القاضي الدستوري
189 الفرع األول :االمتيازات
196 الفرع الثاني :االلتزامات
202 الباب الثاني :اختصاصات القاضي الدستوري و أحكام الدعوى الدستورية
458
318 الفصل الثاني :المهام الخاصة بالقاضي الدستوري و احكام الدعوى الدستورية
320 المبحث األول :المهام الخاصة بالقاضي الدستوري ووسائل تحريكه
320 المطلب األول :المهام الخاصة بالقاضي الدستوري
321 الفرع األول :المهام الخاصة بالقاضي الدستوري في الظروف العادية
332 الفرع الثاني :مهامه في الظروف غير العادية
343 المطلب الثاني :وسائل تحريك القاضي الدستوري
343 الفرع األول :اإلخطار والجهات المخول لها ممارسته
363 الفرع الثاني :آجال ممارسة حق اإلخطار وضوابطه
379 المبحث الثاني :إجراءات عمل القاضي الدستوري ومدى حجية أعماله
379 المطلب األول :التحقيق والمداولة
379 الفرع األول :التحقيق
392 الفرع الثاني :المداولة
413 المطلب الثاني :مدى حجية أراء وق اررات القاضي الدستوري
413 الفرع األول :تمتع آراء و ق اررات المجلس الدستوري بالصفة النهائية
418 الفرع الثاني :القوة اإللزامية لق اررات المجلس الدستوري
423 خاتمة
432 قائمة المراجع
456 الفهرس
459