You are on page 1of 463

‫جامعـــة الجـــــزائر ‪1‬‬

‫بن يوسف بن خدة‬

‫كليـــــة الحــــقوق‬

‫القضاء الدستوري في الدول المغاربية‬


‫أطروحــــة لنيل شهادة الدكتوراه علوم في القانون العام‬

‫بــإشـــــراف‬ ‫إعــداد الطــالب‪:‬‬

‫األستاذ الدكتور‪ :‬منصور مولود‬ ‫بن سالم جمال‬

‫أعضاء لجنة المناقشة‬

‫أستاذة التعليم العالي…………جامعة الجزائر‪.........……..‬رئيسا‬ ‫أ‪ .‬د‪ /‬غوتي سعاد‬

‫أستاذ التعليم العالي‪ ..........‬جامعة الجزائر ‪.......‬مشرفا ومقر ار‬ ‫أ ‪ .‬د‪ /‬منصور مولود‬

‫أ ستاذ محاضر‪ .............‬جامعة الجزائر …‪………......‬عضوا‬ ‫بورايو محمد‬ ‫د‪/‬‬

‫أستاذة محاضرة‪….............‬جامعة الجزائر‪.. ..........‬عضوا‬ ‫د‪ /‬بن زاغو نزيهة‬

‫…جامعة تزي وزو…‪…......‬عضوا‬ ‫أستاذة محاضرة‪.........‬‬ ‫د‪./‬حسين فريدة‪.‬‬

‫أستاذ التعليم العالي‪..........‬جامعة البليدة ‪...............‬عضوا‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬قزو محمد أكلي‪.‬‬

‫السنة الجامعية‪2015/2014 :‬‬


‫كلمة شكر‬

‫أتقدم بجزيل الشكر لجميع األساتذة الكرام الذين‬


‫تعلمت على أيديهم‬
‫وأخص بالشكر‬
‫األستاذ المشرف نفعنا هللا بعلمه وبثمار بحثه المستمر‬
‫إهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــداء‬

‫إلى روح جدي شهيد ثورة التحرير‬


‫إلى الوالدين العزيزين‬
‫إلى الزوجة الكريمة‬
‫إلى إبني العزيز هشام‬
‫إلى أساتذتي األفاضل‬
‫إلى طلبتي الكرام‬
‫إلى كل طالب علم أهدي هذا العمل المتواضع‬

‫وأسأل اهلل التوفيق للجميع‬


‫قائمة المختصرات‬

1- C.C : Conseil constitutionnel.


2- L.G.D.J : Librairie générale de doit et de jurisprudence
3- O.P.U : Office des publications universitaires
4- P.U.F : Presse universitaire de France
5- R.A.S.J.E.P : Revue algérienne des sciences juridiques
économiques et politiques
6- R.D.P : Revue du droit public
7- R.F.D.C : Revue française de droit constitutionnel
8- R.M.A.L.D : La revue marocaine d’administration locale et de
développement.
9- R.M.D.E : Revue marocaine de droit et Economie
10-D.C.C : Décision du conseil constitutionnel
11-J.O.R.T : Journal officiel de la république tunisienne
12- R.C.C : Revue du conseil constitutionnel
13- P.U : Presse universitaire

‫جريدة رسمية‬:‫ر‬.‫ج‬
‫رائد رسمي‬:‫ر‬.‫ر‬
‫ النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‬:‫د‬.‫م‬.‫ع‬.‫ق‬.‫م‬.‫ن‬
‫ رأي المجلس الدستوري رقم‬:‫ر‬.‫د‬.‫م‬.‫ر‬
‫ قرار المجلس الدستوري رقم‬:‫ر‬.‫د‬.‫م‬.‫ق‬
‫مقـــــدمة ‪:‬‬
‫لقد ظهر وتطور دور القاضي الدستوري بالتزامن مع ظهور الدساتير المدونة في‬
‫(‪)1‬‬
‫خالل القرنين التاسع عشر والعشرين‪ ،‬في كل من الواليات المتحدة األمريكية‪،‬‬ ‫العالم‬
‫وأوربا‪ ،‬كما أدى تزايد تدخل الدولة في حياة األفراد بواسطة األعمال التشريعية‪ ،‬إلى وجود كم‬
‫هائل من النصوص التشريعية‪.‬‬

‫تتميز نصوص الدستور الجامد بالسمو على خالف القواعد القانونية األخرى ونتيجة‬
‫لذلك فان قواعد الدستور جاءت تعبر على اإلرادة الشعبية أو ما يسمى بالسلطة المؤسسة‪،‬‬
‫وقواعد القانون األخرى جاءت تعبر على إرادة األغلبية البرلمانية‪ ،‬أو الهيئة المنتخبة أو ما‬
‫يسمى بالسلطة المشتقة‪ ،‬و باتالي اليمكن للقانون ان يخالف الدستور ‪.‬‬

‫يعالج الدستور المجاالت المتتمثلة في تنظيم السلطات العامة في الدولة‪ ،‬وتحديد العالقة‬
‫فيما بينها وكذا االعتراف بالحقوق والحريات األساسية للفرد وحمايتها‪ ،‬وبالتالي نجد القوانين‬
‫األدنى درجة منه تأتي لتكريس هذه المبادئ وال يمكنها مخالفة أو تجاوز النص الدستوري في‬
‫الشكل أو في المضمون‪.‬‬

‫وحماية للمنظومة القانونية ألي مجتمع سياسي يقوم على عالقة نظامية بين الحاكم‬
‫والمحكوم ‪،‬في إطار عقد سياسي واجتماعي‪ ،‬يتضمن قواعد ملزمة للطرفين في نفس الوقت‬

‫‪ - 1‬يعود تاريخ أول دستور مدون إلى ما قام به الفيلسوف أرسطو عندما قام بجمع وتصنيف دساتير ‪ 158‬مدينة داخل‬
‫وخارج اليونان‪ ،‬للتوسع أنظر مصطفى محمود عفيفي‪ ،‬رقابة دستورية القوانين في مصر والدول األجنبية‪ ،‬جامعة عين‬
‫شمس‪ ،‬مكتبة سعيد رأفة‪ ،1990 ،‬ص ‪.5‬‬
‫كما يعود إلى المسلمين الفضل في إيجاد أول دستور مكتوب من خالل نظام الصحيفة التي تبناها رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم عندما هاجر من مكة إلى المدينة وهي وثيقة معلقة في جدار مسجد قباء بالمدينة المنورة مكونة من ‪47‬فقرة‬
‫حددت العالقة بين المسلم ودولة اإلسالم وبين المسلين وأهل الذمة وعالقة دولة اإلسالم بغيرها من الدول والقبائل في‬
‫مسائل الصلح واألحالف والتجارة للتوسع‪ ،‬أنظر محمد حميد اهلل‪،‬رسالة دكتوراه ‪ .‬الوثائق السياسية للعهد النبوي‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪ ،1936 ،‬ص ‪.46‬‬
‫أما في القرن الثامن عشر فأول دستور مدون هو دستور الواليات المتحدة األمريكية الذي حرره جورج واشنطن سنة ‪1787‬‬
‫والذي نقل به الواليات المستقلة عن بريطانيا الى كنفدرالية في ‪1781‬ثم إلى دستور ‪ 17‬سبتمبر ‪ 1787‬والذي حول هذه‬
‫الواليات المستقلة إلى دولة مركبة في شكل فيدرالية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫بحيث ال يخالف القانون األدنى درجة نصوص الدستور‪ ،‬وفي هذا حماية للدولة ومؤسساتها‬
‫وللحقوق والحريات الفردية والجماعية‪.‬‬

‫صار من الضرورة إيجاد هيئة تكلف بحماية نصوص الدستور من القوانين ‪ ،‬فاهتدى‬
‫الفقه إلى القاضي الدستوري باعتباره ينوب عن السلطة التأسيسية عند قيامه بمهام الرقابة‬
‫الدستورية في حماية العقد الذي اتفق ووافق عليه الشعب في اطار مجلس تاسيسي رغم أن‬
‫القاضي الدستوري اليتدخل في ارادة المشرع اال انه يتمتع بصالحيات التاثيرعلى القانون من‬
‫خالل تفسيره ‪.‬‬

‫تقوم السلطة السياسية المنتخبة ديمقراطيا بتنفيد القانون ‪ ،‬ولوضع هذه التصورات‬
‫والقواعد والضوابط في المجال العملي تم إسناد هذه المهمة إما إلى القضاء‪ ،‬والجهات‬
‫القضائية مند التجربة االمريكية ابتداء من الحكم الشهير للمحكمة العليا للواليات المتحدة‬
‫االمريكية و التي كان على راسها القاضي مارشال والتي من خاللها صار من حق القاضي‬
‫الغاء نص قانوني يخالف الدستور(‪.)1‬‬

‫‪ - 1‬تعود وقائع هذه القضية إلى أن االتحاديين أعدوا برنامجا شامال للسيطرة على السلطة القضائية فأصدر الكونغرس‬
‫األمريكي سنة ‪ 1801‬قانونا جديد سنة ‪1987‬لتنظيم هذه السلطة وتضمن هذا القانون إنشاء ‪ 06‬محاكم جديدة إقليمية‬
‫واقتضى هذا اإلنشاء تعيين ‪ 6‬قضاة جدد للعمل بها‪ ،‬كما خول الكونغرس األمريكي لرئيس الجمهورية أن يعين عددا آخر‬
‫من القضاة في المحاكم الجزائية‪.‬‬
‫وقبل أن تنتهي فترة رئاسة (‪ )ADAMS‬سارع بتعيين ‪ 42‬قاضيا للصلح في إقليم كولومبيا وقد أقر الكونغرس هذا التعيين‬
‫ووقعت الق اررات وختمت بختم الدولة لكنها لم تسلم ألصحابها‪.‬‬
‫وبعدما تم تنصيب رئيس جديد للواليات المتحدة يسمى (‪ )JEFFERSON‬أمر وزير خارجيته (‪ )ADAMS‬بتسليم ق اررات‬
‫التعيين ل ‪ 25‬قاضيا و توقيف ق اررات تعيين ‪ 17‬قاض الباقين وكان من بين الذين وقفت ق ارراتهم القاضي ماربوري الذي‬
‫عرض القضية رفقة باقي القضاة على القاضي (مارشال) وهذا األخير قضى باختصاص المحكمة في النظر‪ ،‬وفي جلسة‬
‫في فبراير ‪ 1803‬بعدما عالج المسألة من كل الجوانب توصل القاضي مارشال إلى النهاية اآلتية‪... « :‬أنه إذا لم يكن من‬
‫سلطة المحكمة أن تصدر أم ار على عريضة إلى (‪ )ADAMS‬فال بد أن يكون مرجع ذلك أن القانون غير دستوري ومن‬
‫ثم فهو عاجز عن منحها هذه السلطة» وشرح ذلك قائل‪ « :‬أن المحكمة الفيدرالية العليا من واجبها أن تلغي قانونا أصدره‬
‫رئيس الجمهورية وصادق عليه الكونغرس إذا كان مخالفا للدستور»‪.‬‬
‫وبهذا استبعد القاضي "مارشال" قانون أصدره الرئيس ووافق عليه الكونغرس لمخالفته للدستور ومنذ ذلك الحكم صار من‬
‫حق القضاء أألمريكي مراقبة مدى مطابقة التشريعات للدستور‪ ،»...‬للتوسع أكثر أنظر‪ /‬علي يوسف الشكري‪ ،‬مبادئ‬
‫القانون الدستوري والنظم السياسية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار ايتراك للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،2003 ،‬ص ‪ 460‬وما بعدها‪.‬‬
‫تعود رقابة الدستورية بطريق الدفع في الواليات المتحدة األمريكية إلى الحكم الصادر في قضية ‪ Marbery‬عام ‪1803‬‬
‫للتوسع أنظر=‬

‫‪2‬‬
‫وظهراتجاه يرفض إسناد هذه المهمة إلى القضاء العتبارات تاريخية‪ ،‬وتجارب سياسية‬
‫سابقة مثل فرنسا‪ ،‬في ثورة ‪ ،1789‬ورئ بأنه من االفضل إسناد هذه المهمة إلى جهة غير‬
‫قضائية ‪ ،‬و أنشأت عدة أطر لممارسة القضاء الدستوري مع أإلشارة إلى الدور الذي كان‬
‫يلعبه مجلس الدولة الفرنسي بمناسبة رقابته لق اررات السلطة التنفيذية والتحقق من عدم تعدي‬
‫السلطة التنفيذية على اختصاصات التشريع المبينة في المادة ‪ 34‬من دستور ‪ ،1958‬وهي‬
‫من صميم مهام القاضي الدستوري لكن دور مجلس الدولة الفرنسي اقتصر على التحقق دون‬
‫أن يقرر مخالفة النص التنظيمي للدستور إذا تثبت من ذلك وقد قضى مجلس الدولة الفرنسي‬
‫في هذا الشأن بمايلي‪ ... « :‬الدفع بعدم دستورية قانون إللغاء الق اررات اإلدارية التي تستند‬
‫عليه ليس طبيعيا أو في عداد الوسائل التي يجوز مناقشتها أمام القاضي‪.)1(»...‬‬

‫وضع المجلس الد ستوري الفرنسي حدا نهائيا لتقاليد فرنسية تعتمد على السيادة البرلمانية‪،‬‬
‫بحيث جعل المجلس الدستوري يراقب األعمال الصادرة عن البرلمان قبل إصدارها وهذا ما‬
‫حددته المادة ‪ ،)2(61‬وبدالك خالفت فرنسا الواليات المتحدة األمريكية و ألمانيا‪.‬‬

‫يمارس المجلس الدستوري الفرنسي رقابة بعدية على القوانين و التي تعتبر ضمانة‬
‫للحقوق والحريات استدراكا للنقص من خالل تعديل دستورها في ‪ 23‬يوليو ‪ ،2008‬وتبني‬
‫المسألة األولية الدستورية ‪ ،‬هذا التعديل الذي أجاز للفرد الفرنسي بمناسبة نزاع منشور أمام‬
‫القضاء أن يدفع بأن النص المراد تطبيقه غير دستوري اويمس مجال حقوقه وحرياته‬
‫األساسية‪ .‬وبعد تأكد قاضي الموضوع من جدية الدفع عليه أن يحيله على محكمة النقض أو‬
‫مجلس الدولة‪ ،‬الذي تقوم بتصفيته والتأكد من توفر شروط الدفع ثم إحالته على المجلس‬
‫الدستوري ألخذ رأيه حول مدى مطابقة أو مخالفة النص للدستور وبناء على رد هذا األخير‬
‫يحدد مسار الدعوى ‪ ،‬كما بين القانون العضوي رقم ‪ 1523/2009‬الذي جاء لتحديد‬

‫=‪- W. RIVERO, Droit administratif, 20° édition, Dalloz, 2004, p. 270.‬‬


‫‪ - 1‬أنظر حكم ‪ ARRIGHI‬الصادر عام ‪ ،1936‬مجموعة ‪ 1937 STERY‬الجزء الثالث‪ ،‬ص ‪ ،33‬مع تعليق‬
‫‪ Mestre‬وينظر أيضا حكم ‪ Magivem‬الصادر في ‪ 08‬جويلية ‪ 1966‬مجموعة مجلس الدولة‪ ،‬وينظر حكم محكمة‬
‫النقض الدائرة الجنائية الصادر في ‪ 26‬فبراير ‪ 1974‬والمنشور في مجموعة دالوز‪ ،‬ص ‪.273‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 61‬من دستور فرنسا ‪ «:1958‬ينبغي أن تخضع القوانين العضوية قبل إصدارها ولوائح الجمعيات البرلمانية‬
‫قبل تطبيقها للمجلس الدستوري الذي يقرر مطابقتها للدستور‪.»...‬‬

‫‪3‬‬
‫كييفيات تطبيق هذه المادة و أعطى الحق للفرد الفرنسي بالطعن في قانون يعتقد بعدم‬
‫دستوريته بطريقة غير مباشرة أمام المجلس الدستوري‪ ،‬وهو ما يسمى بنظام المسألة األولية‬
‫الدستورية وهي عبارة عن تصفية للموضوع محل الطعن من طرف قضاة مجلس الدولة أو‬
‫قضاة محكمة النقض وحدد هذا القانون شروط قبول الطعن ومعايير اإلحالة وآجالها وطبيعة‬
‫الق اررات الصادرة في شأن اإلحالة واالثارالمترتبة على ذلك‪.)1(...‬‬

‫ظهر منهج جديد في عمل المجلس الدستوري الفرنسي الستدراك النقائص التي كان‬
‫يعاني منها القضاء الدستوري الفرنسي مقارنة مع نظرائه في الواليات المتحدة األمريكية‬
‫وبعض المحاكم الدستورية األوروبية‪ ،‬والسؤال الجدير بالمعالجة ينصب على كيفية تعامل‬
‫دساتير الدول المغاربية مع المسألة األولية الدستورية ‪.‬‬

‫اتبع المغرب وتونس نظام المحكمة الدستورية والجزائر تطرح مشروع لتعديل الدستور‬
‫الجزائري ‪ 1996‬والشيء نفسه بالنسبة لموريتانيا‪.‬‬

‫يضبط القاضي الدستوري باإلضافة إلى مهمته في ممارسة رقابة على أعمال البرلمان‬
‫حتى ال تخالف الدستور مجال اختصاص كل من القانون والتنظيم حيث يلزم كل سلطة‬
‫عمومية دستورية وخاصة السلطتين التشريعية والتنفيذية بعدم تجاوز المجاالت المحددة لها‬
‫في الدستور في الجانب الشكلي والموضوعي‪ ،‬حتى يتحقق مبدأ الفصل بين السلطات الذي‬
‫نستنتجه من روح الدستور وليس من نصوصه وللقاضي الدستوري عدة وسائل ومناهج عمل‬
‫لتحقيق هذه المهمة‪.‬‬

‫يؤدي القاضي الدستوري مهمة الفصل في المنازعة االنتخابية بمختلف أنواعها وعلى‬
‫مختلف مراحلها وفق إجراءات محددة ويتحول بذلك إلى محكمة فصل المنازاعات االنتخابية‬
‫ومبرر ذلك أن االنتخاب هو سلطة تمنح للشعب أي الهيئة الناخبة والتي تمكنهم من ممارسة‬
‫السلطة بطريقة مباشرة أو بالنيابة عن طريق انتخاب من ينوبهم ويعبر عن إرادتهم ويقوم‬

‫‪ - 1‬أتركان محمد ‪ ،‬دعوى الدفع بعدم الدستورية في التجربة الفرنسية‪ ،‬اإلطار القانوني والممارسة القضائية‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة‪ ،2013 ،‬ص ‪.14-13‬‬

‫‪4‬‬
‫بتسيير شؤون الحكم وبهذا يتمتع الحاكم بمشروعية يستطيع من خاللها التعبير باسم الشعب‬
‫وعن إرادته(‪.)1‬‬

‫إن االرتباط القوي الموجود بين الديمقراطية واالنتخابات يجعل من االنتخابات اآللية‬
‫الوحيدة‪ ،‬التي تمكن من الوصول إلى حكومة ديمقراطية‪ ،‬تتمتع برضا المحكومين وهي آلية‬
‫ال بد أن تكون حرة ونزيهة‪ ،‬وذات مصداقية والجهة المكلفة بالسهر على نزاهة وصدقية‬
‫االنتخاب هو القاضي الدستوري من خالل سهره على االنتخابات بمختلف أشكالها‬
‫واالستفتاء‪ ،‬وحتى يتم ذلك ال بد أن يقوم الناخب بالتعبير عن رأيه في شروط توفر الحرية‬
‫والمصداقية‪.‬‬

‫أسندت الدساتير للقاضي الدستوري بعض المهام الخاصة واألدوار االستشارية‪ ،‬منها ما‬
‫يتعلق برئيس الهيئة الممارسة للقضاء الدستوري كتوليه منصب رئاسة الدولة في حاالت‬
‫خاصة ‪،‬واستشارية قبل إعالن الحالة االستثنائية ومنها ما يتعلق بالهيئة الممارسة للقضاء‬
‫الدستوري مجتمعة‪ ،‬كحالة تمديد عهدة البرلمان‪ ،‬أو حالة تعديل الدستور‪ ،‬أو حالة حدوث‬
‫مانع لرئيس الجمهورية وتفعيل حالتي الشغور المؤقت والشغور النهائي‪.‬‬

‫يحمي القاضي الدستوري الحقوق والحريات األساسية للمواطن التي تتطور باتزامن مع‬
‫تطور حياة األفراد من نظام األسرة إلى نظام الجماعة السياسية المنظمة و ظهور المفهوم‬
‫الحديث للدولة واقترانه بمفاهيم أخرى كمفهوم األمة‪ ،‬والسلطة والحكومة‪،‬هده التطورات أدت‬
‫بدورها إلى تطور حقوق أألفراد وحرياتهم في إطار مجتمع أكثر تعقيدا هذه الحقوق التي تم‬
‫االعتراف بها وحمايتها في الدساتير والمبادئ ذات القيمة الدستورية واإلعالنات العالمية‬
‫لحقوق اإلنسان‪ ،‬والمواطن‪ ،‬فمن صلب مهام القاضي الدستوري حماية هذه الحقوق وتمكين‬
‫المواطن من كسب اآلليات اإلجرائية التي تمكنه من االتصال بالقاضي الدستوري لحماية‬
‫حقوقه و حرياته والمتمثلة في االخطار او الدفع ‪.‬‬

‫من خالل هذه المهام المبينة في الدساتير والمشار إليها في المبادئ ذات القيمة‬
‫الدستورية نجد دول المغرب العربي محل دراستنا اعتمدت على نفس الجهة التي اعتمدت‬

‫‪ - 1‬بغلول عباس ‪ ،‬المجلس الدستوري ودوره في الرقابة على االنتخابات الرئاسية والتشريعية وعمليات االستفتاء‪ ،‬دراسة‬
‫مقارنة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،2015 ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪5‬‬
‫عليها فرنسا وهي نظام المجلس الدستوري‪ ،‬بحيث تم النص عليه في الجزائر من خالل‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫ويدعم في‬ ‫ثم غاب تماما في مرحلة ‪ 1965‬ليعود في دستور ‪1989‬‬ ‫دستور‪1963‬‬
‫‪3‬‬
‫فالجزائر لم تحد عن تبني فكرة الرقابة السياسية بواسطة مجلسا دستوريا‬ ‫دستور ‪1996‬‬
‫متبعة للنظام الفرنسي‪ ،‬وتطرح حاليا عدة أفكار بمناسبة التعديل الدستوري القادم‪ ،‬تتمحور‬
‫حول تفعيل دور المجلس الدستوري الحالي والحفاظ عليه كآلية و تبني الية المسالة الدستورية‬
‫االولية أو استبدال اآللية تماما والذهاب نحو إنشاء محكمة دستورية على غرار المغرب‬
‫وتونس حيث نجد المغرب بعدما تبنى نظام الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى للقضاء من‬
‫خالل دساتير ‪ 41972 ،1970 ،1962‬انتقل إلى نظام المجلس الدستوري من خالل‬
‫دساتير ‪ 51992‬و‪ ،6 1996‬وفي دستوره األخير المؤرخ في ‪ 01‬جويلية ‪ 2011‬تخلى عن‬
‫‪7‬‬
‫في حين نجد تونس بعدما غاب‬ ‫المجلس الدستوري نهائيا وتبني نظام المحكمة الدستورية‬
‫وجود أي صورة لممارسة القضاء الدستوري منذ استقاللها إلى غاية إنشاء مجلسا دستوريا‬
‫سنة ‪ ،8 1987‬هذا المجلس الذي كان له دور ضعيف دعم عدة مرات لكنه بقي مجرد آلية‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 63‬من دستور الجزائر ‪ 10‬سبتمبر ‪ ،1963‬الجريدة الرسمية المؤرخة في ‪ 10‬سبتمبر ‪ ،1963‬العدد ‪.64‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 154‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 18 – 89‬المؤرخ في ‪ 28‬فبراير ‪ ،1989‬المتضمن دستور ‪ 23‬فبراير‪ 1989‬الجريدة‬
‫الرسمية المؤرخة في أول مارس ‪ ،1989‬العدد ‪.9‬‬
‫‪ - 3‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 438-96‬مؤرخ في ‪ 26‬رجب عام ‪ 1417‬الموافق ‪ 7‬ديسمبر سنة ‪ ،1996‬يتعلق بإصدار نص‬
‫التعديل الدستوري‪ ،‬المصادق عليه في استفتاء ‪ 28‬نوفمبر سنة ‪ ،1996‬الجريدة الرسمية المؤرخة في ‪ 8‬ديسمبر‪،1996‬‬
‫العدد ‪.76‬‬
‫‪ - 4‬دستور المملكة لـ ‪ 7‬ديسمبر ‪ ،1962‬صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف صادر في ديسمبر ‪ ،1962‬الجريدة‬
‫الرسمية للملكة المغربية بتاريخ ‪ 19‬دجنبر ‪ ،1962‬عدد ‪ 2616‬مكرر؛ دستور المملكة لـ ‪ 1970‬الصادر األمر بتنفيذه‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.70.1777‬الصادر في ‪ 31‬يوليوز ‪ ،1970‬الجريدة الرسمية بتاريخ فاتح غشت ‪ ،1970‬عدد‬
‫‪3013‬؛ دستور المملكة المغربية لـ ‪ 1‬مارس ‪ 1972‬الصادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.062.72‬الجريدة‬
‫الرسمية بتاريخ ‪ 15‬مارس ‪ ، 1972‬عدد ‪.3098‬‬
‫‪ - 5‬دستور المملكة المراجع بتاريخ ‪ 9‬سبتمبر ‪ 1992‬صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.92.155‬صادر في ‪9‬‬
‫أكتوبر ‪ ،1992‬الجريدة الرسمية للملكة المغربية المؤرخة في ‪ 14‬أكتوبر ‪ ،1992‬عدد ‪.4172‬‬
‫‪ - 6‬دستور المملكة المراجع في ‪ 13‬سبتمبر ‪ 1996‬صادر األكمر بتنفيذه الظهير الشرييف رقم ‪ 1.96.157‬صادر في ‪7‬‬
‫أكتوبر ‪ ،1996‬الجريدة الرسمية المؤرخة في ‪ 10‬أكتوبر ‪ ،1996‬عدد ‪.4420‬‬
‫‪ - 7‬دستور ‪ 1‬يوليو ‪ 2011‬الصادر بالظهير الشريف رقم ‪ 1.11.91‬المؤرخ في ‪ 21‬شعبان ‪ 1423‬هجري الموافق ‪29‬‬
‫يوليو ‪.2011‬‬
‫‪ - 8‬قانون عدد ‪ 57‬لسنة ‪ 1959‬في ‪ 25‬ذي القعدة ‪ 1378‬الموافق ألول جوان ‪ 1959‬في ختم دستور الجمهورية التونسية‬
‫واصداره‪ ،‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 30‬بتاريخ ‪ 01‬جوان ‪.1959‬‬

‫‪6‬‬
‫معطلة ألسباب سيتم التطرق إليها في متن الرسالة فإن دستور تونس ‪ 2014‬تخلى عن‬
‫(‪)1‬‬
‫وعرفت موريتانيا نظام الغرفة الدستورية من‬ ‫المجلس الدستوري وأنشئ محكمة دستورية‬
‫(‪)3‬‬
‫ثم انتقلت إلى نظام المجلس الدستوري من خالل دستور‬ ‫خالل دستوري ‪1961 ،)2(1959‬‬
‫‪.)4(1991‬‬

‫نشأت هيئات القضاء الدستوري في دول المغرب العربي بعد االستقالل‪ ،‬سواء تلك التي‬
‫ظهرت في شكل غرف دستورية على مستوى الهيئات القضائية أو تلك التي ظهرت مباشرة‬
‫في شكل مجلس دستوري‪ ،‬ثم تطورت داخل هذه األنظمة الدستورية بطرق مختلفة وساهمت‬
‫السلطات الدستورية الثالث التنفيذية والتشريعية والقضائية في تعيين أعضائها بأشكال مختلفة‬
‫ودرجات متفاوتة سواء داخل الدولة ذاتها من مرحلة إلى مرحلة أو على مستوى المنطقة‬
‫ككل‪ ،‬وكان لهاته المساهمة تأثير مختلف على أداء القاضي الدستوري وعلى استقالليته‪،‬‬
‫كما تم تنظيم هيئات القضاء الدستوري من الجانب البشري والجانب المؤسساتي بطرق‬
‫وأشكال غير متشابهة‪ ،‬فمن الدول المغاربية من ألحقه مباشرة برئاسة الجمهورية أو الو ازرة‬
‫األولى‪ ،‬ومنها من جعلها غرفة‪ ،‬أو محكمة تابعة للسلطة القضائية ومنها من أنشأ لها هيئة‬
‫مستقلة بنظامها الداخلي واجراءات عملها واستقاللية قضاتها ‪.‬‬

‫يتصرف القاضي الدستوري وفق إجراءات عمل خاصة من لحظة تلقي اإلخطار‪ ،‬إلى‬
‫لحظة إصدار الرأي أو القرار‪ ،‬من خالل المداولة والتحقيق والتي يلتزم في سيره بمواعيد‬
‫واجراءات حددها له الدستور واألنظمة القانونية ذات الصلة‪ ،‬وفي األخير يصدر رأيا‪ ،‬أو‬
‫ق ار ار نهائيا حائ از على حجية الشيء المقضي فيه يلزم السلطات العمومية الدستورية واإلدارية‬
‫والقضائية‪.‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 118‬من دستور تونس ‪ 26‬جانفي‪2014‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 41‬من دستور موريتانيا ‪ 22‬مارس ‪.1959‬‬
‫‪ 3‬المواد ‪ 42 ،33 ،31 ،27 ،22‬من دستور موريتانيا ‪ 22‬مارس ‪.1961‬‬
‫‪ - 4‬المادة ‪ 80‬من دستور موريتانيا ‪ 12‬جويلية ‪.1991‬‬

‫‪7‬‬
‫تعود أهمية اختيار هذا الموضوع إلى حداثة التجربة بالنسبة لدول المغرب العربي في‬
‫مجال القضاء الدستوري مقارنة بالتجارب األمريكية واألوروبية‪.‬‬

‫تعد من دعائم دولة القانون التي تم النص عليها في كل دول المغرب العربي‪ ،‬دعامة‬
‫وجود قضاء دستوري قوي وفعال يحمي الدستور‪ ،‬والديمقراطية‪ ،‬والعملية االنتخابية‪ ،‬والحقوق‬
‫والحريات‪ ،‬ويفسر الدستور في بعض األحيان ويلزم من خالل ذلك السلطات العامة في‬
‫الدولة بضوابطه‪ ،‬فإنه من الضرورة العلمية والعملية البحث في كل جوانب اآللية التي‬
‫اعتمدتها هذه الدساتير لممارسة القضاء الدستوري وتحديد مكامن العلل هل تكمن في اآللية‬
‫ذاتها أم أن عوامل أخرى سياسية وثقافية وتاريخية وقانونية تساهم في عرقلة هذه اآللية‬
‫وتكون بذلك هذه الدراسة أداة في يد الباحث الجامعي والناشط في الميدان السياسي حتى تعم‬
‫الفائدة‪.‬‬

‫جعلني البحث في ميدان القانون الدستوري أبحث باستمرار في هذا الموضوع وبدأت‬
‫تتشكل ل‬

‫دي عدة تساؤالت حول الدور الذي يلعبه القاضي الدستوري ومدى مساهمته في تطوير‬
‫الحياة السياسية واثراء االجتهاد القضائي الدستوري وخلق مرجعية في تسيير الحكم وممارسة‬
‫السلطة في في دول المغرب العربي و مقاربة دلك بالدور الدي يلعبه القضاء الدستوري في‬
‫فرنسا و الواليات المتحدة االمريكية‪.‬‬

‫قد دعت اعلى سلطة في الدولة الجزائرية الى البحث في هدا الموضوع من خالل كلمة‬
‫رئيس الجمهورية بمناسبة الذكرى العشرين لتأسيس المجلس الدستوري الجزائري والتي جاء‬
‫فيها مايلي‪ ... « :‬وأغتنم هذه الفرصة لكي أشجع المجلس الدستوري على نشر الثقافة‬
‫القانونية الدستورية‪ ،‬داعيا جميع الهيئات الوطنية وأخص بالذكر المجلس الدستوري الموقر‬
‫إلى التقدم أكثر على محيطه الوطني بالتواصل مع الجامعات ومراكز البحث وفتح األبواب‬
‫أمام الباحثين ورجال القانون والطلبة‪.)1(»...‬‬

‫‪ - 1‬أنظر خطاب رئيس الجمهورية الجزائرية مؤرخ في ‪ 31‬أكتوبر ‪ 2009‬بمناسبة الذكرى العشرون لتأسيس المجلس‬
‫الدستوري ‪ ،‬خطب ورسائل مديرية الصحافة واالتصال رئاسة الجمهورية‪ ،2009 ،‬ص ‪.229‬‬

‫‪8‬‬
‫أتمنى أن تكون هذه الدراسة مساهمة ولو بسيطة جدا تفيد الباحثين في محيطنا المغاربي‬
‫وكذا للناشطين في الحقل السياسي والدستوري لنتعلم كيف نستفيد من تجاربنا في الجزائر‬
‫وتجارب غيرنا ممن يشتركون معنا ونتقاطع معهم في محاور كثيرة سواء في المغرب العربي‬
‫أو في أوربا‪.‬‬

‫ومن الصعوبات التي واجهتني في البحث هو االلتزام بالتحفظ‪ ،‬الذي يبديه أعضاء‬
‫المجالس الدستورية‪ ،‬وال يقدمون أشياء كثيرة وال يكتبون إال القليل رغم أن غالبيتهم يجمعون‬
‫بين التكوين الجامعي والممارسة العملية وحتى عند مشاركتهم في الملتقيات واأليام الدراسية‬
‫ينسحبون مباشرة بعد االفتتاح تجنبا للمناقشة‪ ،‬وبذلك نحرم من توظيف المعلومات باستثناء‬
‫البعض الذي يحاول محاوالت ولكنها تبقى قليلة مقارنة بما يكتب وينشر في اوربا‪.‬‬

‫واخترت توظيف عدة مناهج تماشيا مع طبيعة الدراسة بحيث استعمل المنهج المقارن‪،‬‬
‫والمنهج التحليلي‪ ،‬باعتبار الد ارسة مقارنة بين دول المغرب العربي‪ ،‬وفي هذه المقارنة احتاج‬
‫إلى التحليل بهدف إبراز األفكار‪ ،‬ومعالجتها وأعتمد على إبراز خصائص ممارسة القضاء‬
‫الدستوري في كل دولة من دول المغرب العربي من مرحلة دستورية إلى أخرى ثم إجراء‬
‫المقارنة بين كل دول المغرب العربي‪ ،‬ويتم ذلك على ضوء النص الدستوري واألنظمة‬
‫الداخلية للمجالس الدستورية‪ ،‬والمحاكم الدستورية المغاربية‪ ،‬وآراء وق اررات وأحكام هذه‬
‫الهيئات الممارسة للقضاء الدستوري‪.‬‬

‫تنصب هذه الدراسة على دول المغرب العربي (الجزائر‪ ،‬تونس‪ ،‬المغرب وموريتانيا) وقد‬
‫تم استبعاد ليبيا نظ ار لطبيعة نظامها الذي ال يعتمد على دستور مدون‪ ،‬وال على سلطات‬
‫دستورية هذا قبل الثورة وحتى بعد الثورة لم تظهر أية مالمح للتوجهات الجديدة في مجال‬
‫الرقابة الدستورية‪ ،‬لكن يمكن أن أعود إلى مرحلة الحكم الملكي في ليبيا في بعض مراحل‬
‫الدراسة التاريخية للمقارنة فقط كما أأكد أنني ال ألتزم بجغرافيا محددة بحيث ألجأ إلى إعطاء‬
‫أمثلة من أية دولة تملك خصوصية تفيد البحث في مجال القضاء الدستوري ‪،‬أما عن الناحية‬
‫ا لزمنية فسأركز على الدساتير النافذة مع العودة إلى الدساتير القديمة لمعرفة تطور القضاء‬
‫الدستوري في كل دولة وفي المنطقة كلها وهذا ما يبرر إشكالية البحث اآلتية‪:‬‬

‫‪9‬‬
‫هل يمكن للقاضي الدستوري في دول المغرب العربي أن يؤدي وظائفه في اطار‬
‫الهيئات و اآلليات الحالية في مجال ضبط السلطات العمومية الدستورية في االطار‬
‫القانوني و الدستوري و االشراف بصفة فعالة وبقوة الزامية على االنتخابات ؟‬

‫وبناء على هذه اإلشكالية نقسم الدراسة إلى بابين يخصص األول لهيئات ممارسة‬
‫القضاء الدستوري ويتضمن فصلين يدرس األول نشأة هيئات القضاء الدستوري و تطورها‬
‫والثاني تنظيمها‪.‬‬

‫أما الباب الثاني فيعالج اختصاصات القاضي الدستوري و أحكام الدعوى الدستورية و‬
‫يقسم الى فصلين يبين االول االختصاص النوعي المزدوج للقاضي الدستوري في مجالي‬
‫الرقابة الدستورية والمنازعة االنتخابية ثم أحكام الدعوى الدستورية في باب ثان ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫الباب األول‬

‫الهيئات الممارسة للقضاء الدستوري‬

‫‪11‬‬
‫إذا كان من دعائم دولة القانون والحق تواجد جهاز قضائي مستقل وسيد يضمن الخضوع‬
‫واالمتثال للقانون‪ ،‬فإن القضاء الدستوري يعتبر في عصر تطور الدولة الحديثة دعامة‬
‫أساسية لبناء دولة الحق والقانون وتتقاسم مهمة القيام بالقضاء الدستوري في العالم إما هيئة‬
‫قضائية ضمن الجهاز القضائي أو محكمة دستورية خاصة تنشئ لهذا الغرض أو مجلسا‬
‫دستوريا‪.‬‬

‫كما يعتبر القضاء الدستوري في تطور مستمر موازاة مع التطورات التي تعرفها حقوق‬
‫األفراد وحرياتهم وتنظيم العالقة بين أجهزة الدولة وكل هذا يصب في تقرير فكرة المشروعية‬
‫ودولة القانون‪.‬‬

‫إن ممارسة القضاء الدستوري لمهمة الرقابة على دستورية القوانين يهدف إلى تحقيق‬
‫حكم القانون والمؤسسات والقضاء على حكم األشخاص إذ أن مفهوم الدولة والسلطة تغير‬
‫وتطور وصار الحاكم منظما للجماعة‪ ،‬فقديما كان ممثل الشعب له دور التنظيم والتأطير‬
‫للعالقات السياسية داخل مجتمعه بواسطة القانون الناتج والمعبر عن اإلرادة العامة‪.‬‬

‫إن البرلمان لم يعد بإمكانه أن يشرع ويراقب التشريع في نفس الوقت رغم أنه معبر عن‬
‫اإلرادة العامة بل ال بد أن يخضع عمل البرلمان إلى مراقبة القضاء الدستوري حتى يستقيم‬
‫ألن القانون الصادر عن البرلمان ال يكتسب شرعية إال إذا كان مطابقا للدستور حيث األول‬
‫يعبر عن السلطة المنبثقة والثاني يعبر عن السلطة المؤسسة‪.‬‬

‫كما تم تنظيم هيئات القضاء الدستوري من الجانب البشري والجانب المؤسساتي بطرق‬
‫وأشكال غير متشابهة‪ ،‬فمن الدول المغاربية من ألحقه مباشرة برئاسة الجمهورية أو الو ازرة‬
‫األولى ومنها من جعلها غرفة أو محكمة تابعة للسلطة القضائية ومنها من أنشأ لها هيئة‬
‫مستقلة بنظامها الداخلي واجراءات عملها واستقاللية قضاتها‪ ،‬لكن كيف أثر تدخل السلطات‬
‫الدستورية التنفيذية والتشريعية والقضائية على هيئات القضاء الدستوري في دول المغرب‬

‫‪12‬‬
‫العربي وكذلك كيف نقيم الجانب التنظيمي للهيئة الممارسة للقضاء الدستوري وهل حقق هذا‬
‫التنظيم االستقاللية للقاضي الدستوري‪ ،‬ولهذا اقترحنا معالجة هذه المسائل في فصلين األول‬
‫منهما يعالج نشأة هيئات القضاء الدستوري و تطورها والثاني يتطرق إلى تنظيم هيئات‬
‫القضاء الدستوري‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫الفصل األول‬

‫نشأة هيئات القضاء الدستوري و تطورها‬

‫‪14‬‬
‫اعتبا ار أن فرنسا هي الوطن األم ومهدا لفكرة الرقابة على دستورية القوانين بواسطة هيئة‬
‫غير قضائية على خالف الواليات المتحدة األمريكية وهي المصدر األصيل والتجربة الفعلية‬
‫والممارسة العريقة والناضجة بوضوح معالمها لنظام الرقابة السياسية على دستورية القوانين‬
‫أجد من المنطق‪ ،‬والمنهجية السليمة تاريخا تقتضي مني قبل التطرق إلى هيئات ممارسة‬
‫القضاء الدستوري في كل من (الجزائر – تونس – المغرب وموريتانيا) والتي اعتمدت كلها‬
‫نظام المجلس الدستوري الفرنسي أن أوضح نظام عمل المجلس الدستوري الفرنسي قبل‬
‫التطرق إلى نظام وتنظيم المجالس الدستورية في الدول موضوع الدراسة حتى تكون المقارنة‬
‫صادقة وأمينة وموضوعية وتحقق الغرض منها‪.‬‬

‫ال بد من اإلشارة إلى أن بعض دول المغرب العربي عرفت نظام الغرفة الدستورية قبل‬
‫االنتقال إلى نظام المجلس الدستوري على غرار المملكة المغربية من خالل دساتير ‪،1962‬‬
‫‪ 1972 ،1970‬وموريتانيا من خالل دستور ‪ ،1960‬كما أن المملكة المغربية تخلت على‬
‫نظام المجلس الدستوري الذي تبنته من خالل دساتير ‪ 1992‬و‪ 1996‬وتبنت نظام المحكمة‬
‫الدستورية من خالل دستور ‪ ،2011‬أما موريتانيا فتخلت على نظام الغرفة الدستورية من‬
‫خالل دستور ‪ 1991‬وتبنت نظام المجلس الدستوري‪ ،‬أما الجزائر وتونس فبقيت على نفس‬
‫النهج وهو المجلس الدستوري لكن ما يميز النظام الجزائري هو تخليه عن أي نوع من أنواع‬
‫الرقابة في دستور ‪ 1976‬ثم العودة إلى نظام المجلس الدستوري‪ ،‬الذي تبناه من خالل‬
‫دستور ‪ 1963‬ومن خالل دساتير ‪ 1989‬و‪ .1996‬وعادت تونس إلى نظام المحكمة‬
‫الدستورية من خال ل دستور ‪. 2014‬‬

‫أما من حيث طريقة تعيين أعضاء هيئات القضاء الدستوري فتراوحت بين االنتخاب‬
‫والتعيين واختلفت من دولة إلى دولة أخرى واختلفت في الدولة نفسها من مرحلة دستورية إلى‬
‫أخرى وتنوع دور السلطات الدستورية الثالث في ذلك (تشريعية‪ ،‬تنفيذية وقضائية) ونعالج في‬
‫مبحث أول ‪ :‬نشأة هيئات القضاء الدستوري‪ .‬وفي المبحث الثاني‪ :‬تركيبة هيئات القضاء‬
‫الدستوري‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫المبحث األول‪ :‬نشأة هيئات القضاء الدستوري‬

‫اختلفت الدراسات في تحديد طبيعة المجلس الدستوري منذ نشأته وظهوره أول مرة في‬
‫دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة ‪ 04‬أكتوبر ‪ 1958‬وحتى الدول المغاربية التي اعتمدته‬
‫(الجزائر‪ -‬تونس‪ -‬المغرب وموريتانيا) لم تحدد طبيعته فمن هاته الدراسات من تميل إلى‬
‫إضفاء الطبيعة السياسية على المجلس الدستوري وله مبرراته ومنها من يرى أن المجلس‬
‫الدستوري ذو طبيعة قضائية وله في ذلك مبرراته أما الدراسات التوفيقية فترى أن للمجلس‬
‫الدستورية طبيعة مختلطة‪.‬‬

‫أنشئ المجلس الدستوري الفرنسي في دستور ‪ 1958‬وهو يشوبه كثير من الغموض في‬
‫معرفة طبيعته‪ ،‬واستمر منذ ذلك الحين السجال بين الفقهاء‪ ،‬هل هو هيئة سياسية أم هيئة‬
‫قضائية أم هيئة بالمعنى العام " ‪ "Sui generis‬وقدموا في ذلك عدة حجج‪ ،‬بيد أن هذه‬
‫الحجج بقيت بدورها ناقصة الوضوح(‪)1‬؛ فيرى أنصار المدرسة الفرنسية أن المجلس الدستوري‬
‫هيئة ذات طبيعة سياسية ويبررون ذلك بأن الهيئة المؤهلة للسهر على احترام الدستور ال‬
‫يمكن أن تكون إال هيئة سياسية معينة بشكل ديمقراطي(‪.)2‬‬

‫يهدف أنصار الطبيعة السياسية للمجلس الدستوري اعطاء الطابع السياسي على المجلس‬
‫الدستوري وأن ينسحب هذاالطابع على أعماله‪ ،‬وبهذا تكون أعمال المجلس الدستوري سياسية‬
‫وليست قضائية الشيء الذي يتعارض مع الديمقراطية التي تعترف باالنتخاب فقط كوسيلة‬
‫إلضفاء الشرعية على السياسي(‪.)3‬‬

‫إن الدستور الفرنسي لم يحدد طبيعة المجلس الدستوري بعدما نص عليه لكن جعله حاميا‬
‫للدستور رفقة رئيس الجمهورية وهذه مهمة سياسية باعتبار منصب رئيس الجمهورية سياسيا‬
‫وليس قضائيا حيث كل من رئيس الجمهورية والمجلس الدستوري لهما نفس المهمة وهي‬

‫‪ - 1‬هنري روسيون‪ ،‬المجلس الدستوري‪ ،‬ترجمة وطفة محمد‪ ،‬بيروت‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫[د‪.‬س‪ ،].‬ص ‪.12-11‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسه ‪.‬‬
‫‪ - 3‬رشيدة العام‪ ،‬المجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬دار الفجر للنشر والتوزيع‪ ،2006 ،‬ص ‪.12-11‬‬

‫‪16‬‬
‫حماية الدستور لكن الوسائل تختلف‪ 1‬وبالعودة إلى تركيبة المجلس الدستوري الفرنسي في‬
‫دستور ‪ 4‬أكتوبر ‪ 1958‬نجدها تخلو من القضاة ومن ممثلين عن السلطة القضائية ووجود‬
‫الهيئات السياسية ممثلة بقوة الشيء الذي يبرر إضفاء الطابع السياسي على المجلس‬
‫الدستوري الفرنسي‪.‬‬

‫في حين نجد دول المغرب العربي محل الدراسة اختلفت فمنها من تبنى نظام الغرفة‬
‫الدستورية و حتى نظام المحكمة الدستورية الى جانب المجلس الدستوري ونتناول الموضوع‬
‫في أربعة مطالب نخصصها لكل من الجزائر‪ ،‬المغرب‪ ،‬تونس وموريتانيا‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬نشأة المجلس الدستوري الجزائري وتطوره‬

‫مر النظام السياسي الجزائري بمرحلتين ‪ :‬من األحادية الحزبية ثم إلى التعددية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مرحلة األحادية الحزبية‬

‫تم النص على المجلس الدستوري الجزائري في دستور ‪ 10‬سبتمبر ‪ 1963‬والتي لم تأت‬
‫النصوص التطبيقية لتنظيمه حيث جمد الدستور بتاريخ ‪ 3‬أكتوبر ‪ 1963‬بسبب استعمال‬
‫رئيس الجمهورية آنذاك المادة ‪ 59‬من الدستور واعالن حالة الطوارئ‪ ،‬وتجميد العمل‬
‫بالدستور‪ ،‬فما كان باإلمكان تحديد طبيعته من خالل مادة أو مادتين في الدستور باستثناء‬
‫أنه تم النص عليه في الباب المتعلق بالسلطة القضائية تحت عنوان "العدالة" وحدد مهامه‬
‫على سبيل الحصر كما بين تشكيلته‪.2‬‬

‫يتضح من خالل التشكيلة التي نصت عليها المادة ‪ 63‬من دستور ‪ 1963‬أن‬
‫األعضاء الذين يتكون منهم المجلس الدستوري يغلب عليهم الطابع القضائي أكثر من الطابع‬
‫السياسي كالرئيس األول للمحكمة العليا ورئيسا الحجرتين المدنية واإلدارية في المحكمة‬
‫العليا‪ ،‬كما أنه من الجانب الشكلي فقد تم النص على المجلس الدستوري في الباب السادس‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه ‪.‬‬


‫‪ - 2‬سعيد بوشعير ‪ ،‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر ‪ ،2012 ،‬ص ‪.13 -12‬‬

‫‪17‬‬
‫المعنون بالعدالة قبل النص على المجالس العليا كالمجلس األعلى للقضاء والمجلس األعلى‬
‫للدفاع والمجلس األعلى االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬

‫بالعودة إلى تلك المرحلة يبدو أن القضاة كانوا أكثر استعدادا لتوجيه العمل داخل‬
‫المجلس الدستوري بحكم تمرسهم وتكوينهم على خالف ممثلي مجلس النواب أو ممثل رئيس‬
‫الجمهورية الذين ال يملكون تكوين قانوني كما أن عدم إعطاء حق للمؤسسات السياسية في‬
‫تعيين رئيس المجلس الدستوري وترك ذلك لالنتخاب وعدم إعطاء رئيس المجلس الدستوري‬
‫صوتا مرجحا كل ذلك يؤشر على أن األعمال داخل المجلس تأخذ الطابع القضائي المحض‬
‫من حيث المداولة واتخاذ القرار الشيئ الذي يغلب الطبيعة القضائية للمجلس الدستوري من‬
‫خالل دستور ‪.1963‬‬

‫أما في مرحلة دستور ‪ 18‬نوفمبر ‪ 1976‬بعد الميثاق الوطني‪ 1975‬واللذان أغفال معا‬
‫النص على الرقابة الدستورية وجعلها من اختصاص الهيئات المركزية للحزب باعتبار أولوية‬
‫الحزب على الدولة وعلوية الميثاق الوطني على الدستور‪ ،‬كما تم النص على هيئات أخرى‪،‬‬
‫ووسائل أخرى للرقابة كالرقابة السياسية‪ ،‬والرقابة الشعبية‪ ،‬والرقابة المالية‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مرحلة التعددية الحزبية‬

‫أما بعد اإلصالحات السياسية التي شهدتها الجزائر في أعقاب أحداث ‪ 05‬أكتوبر‬
‫‪ 1988‬واصدار دستور ‪ 23‬فبراير ‪ 1989‬عاد المجلس للظهور حيث تم النص عليه من‬
‫خالل المادة ‪ 154‬وجاء في الباب المتعلق بالرقابة والهيئات االستشارية باعتباره هيئة رقابة‬
‫على دستورية القوانين وهيئة استشارية بالنسبة لرئيس الجمهورية(‪.)2‬‬

‫وجاءت فكرة تعديل دستور ‪ 23‬فبراير ‪ 1989‬بعد اعتالء المجلس األعلى للدولة الحكم‬
‫بعد توقيف المسار االنتخابي في جانفي ‪ 1991‬وعدم إتمام الدور الثاني من االنتخابات‬
‫التشريعية التعددية األولى في الجزائر‪ .‬وتزامن شغور منصب رئيس الجمهورية باالستقالة مع‬

‫‪ - 1‬دستور ‪ 18‬نوفمبر ‪ ،1976‬والميثاق الوطني ‪.1975‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 154‬من دستور ‪ 23‬فبراير ‪.1989‬‬

‫‪18‬‬
‫شغور منصب رئيس المجلس الشعبي الوطني بالحل األمر الذي أدى إلى حدوث فراغ‬
‫مؤسساتي بدأ التفكير في تعديل الدستور وتم تعيين لجنة خبراء لتقدم مشروع تعديل دستور‬
‫‪ 1989‬إلى المجلس األعلى للدولة وجاء في الباب المتعلق بالقضاء الدستوري مقترح يقضي‬
‫باستبدال المجلس الدستوري المنصوص عليه في المادة ‪ 153‬من دستور ‪ 1989‬بمحكمة‬
‫دستورية وحددت اختصاصاتها بمراقبة مدى دستورية المعاهدات‪ ،‬والقوانين والتنظيمات في‬
‫إطار أحكام الدستور‪.1...‬‬

‫ال بد من اإلشارة إلى أن دستور ‪ 1989‬لم ينص على القوانين العضوية وال على األوامر‬
‫الرئاسية وانما جاء النص عليها الحقا في دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪.1996‬‬

‫وقد اقترح الخبراء تعديل الفقرة الثانية من المادة ‪ 153‬من دستور ‪ 1989‬لتصبح على‬
‫الشكل اآلتي‪ «:‬تسهر على صحة االستفتاء واالنتخابات الرئاسية وتعلن النتائج»‪.2‬‬

‫ومن مهام المحكمة الدستورية أنها تجتمع للنظر في الطعون المتعلقة بنتائج االستفتاء‬
‫واالنتخابات الرئاسية واالنتخابات التشريعية‪.‬‬

‫كما جاء في مقترح لجنة الخبراء أن كل ما يتعلق بتنظيم المحكمة الدستورية ونشاطها‬
‫واخطارها يتم تنظيمها عن طريق قانون عضوي وليس عن طريق التنظيم وهذا لعدم السماح‬
‫للسلطة التنفيذية بالتأثير عليها‪.‬‬

‫أما من حيث التشكيلة فقد اقترحت لجنة الخبراء ‪ 09‬أعضاء ويتم تعيينهم على الشكل‬
‫اآلتي‪:‬‬

‫‪ 03 -‬أعضاء بما فيهم رئيس المحكمة الدستورية يعينهم رئيس الجمهورية‪.‬‬

‫‪ 03 -‬أعضاء يعينهم رئيس المجلس الشعبي الوطني وال ينتخبون‪.‬‬

‫‪1 - M .BOUSSOUMAH, L'opération Constituante de 1996, Alger, O. P. U , 2012, p. 39.‬‬


‫‪ -‬النص األصلي بالفرنسية‪:‬‬
‫‪" Veille à la régularité du référendum et de l'élection présidentielle et en proclame le résultat".‬‬
‫‪2 - M .BOUSSOUMAH, op cit, p. 40.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ 03 -‬أعضاء يختارون من طرف الجمعية العامة للمحكمة العليا من بين القضاة‬
‫الممارسين على مستوى المحكمة العليا‪.‬‬

‫وعلى عكس ما كان سائدا في دستور ‪ 1989‬فإن رئيس المجلس الشعبي الوطني يمكنه‬
‫تعيين ممثلين ثالثة على المجلس خارج نواب المجلس الشعبي الوطني‪.‬‬

‫كما اقترحت لجنة الخبراء أن يتم تنصيب األعضاء بمرسوم رئاسي وعهدة لمدة ‪09‬‬
‫سنوات غير قابلة لتجديد ويجدد الثلث كل ‪ 03‬سنوات أما رئيس المحكمة الدستورية فيتم‬
‫تعينه لمدة كاملة ‪ 09‬سنوات من طرف رئيس الجمهورية‪.1‬‬

‫وتصدر هذه المحكمة ق اررات فيما يتعلق بمدى دستورية القوانين والتنظيمات‬
‫والمعاهدات على خالف المجلس الدستوري الذي كان يصدر أراء وق اررات واعطاء حق‬
‫اإلخطار إلى رئيس المحكمة العليا استثناء في بعض الحاالت وهذا في حالة ما إذا قدم أحد‬
‫المتقاضين طعنا بعدم دستورية نص تشريعي أو تنظيمي يريد القاضي تطبيقه عليه‪ ،‬تقوم‬
‫المحكمة أو المجلس القضائي الذي رفع إليه الطعن بتحويله إلى رئيس المحكمة العليا وال بدا‬
‫من اإلشارة إلى أن هذه الطريقة في اإلخطار أخذت به فرنسا في تعديل ‪ 23‬يوليو ‪.2008‬‬

‫كما أوصت لجنة الخبراء بضرورة عرض مشاريع القوانين العضوية والقوانين المتعلقة‬
‫بالحريات األساسية قبل إصدارها على المحكمة الدستورية وكذا النظام الداخلي للمجلس‬
‫الشعبي الوطني‪ ،‬قبل تطبيقه كما يسجل األستاذ بوسومة ما يلي‪« :‬ال بدا أن تتمتع القوانين‬
‫المتعلقة بالحريات األساسية بحماية خاصة»‪.2‬‬

‫وحسب لجنة الخبراء المكلفة بتعديل دستور ‪ 1989‬فإن تعديل المادة ‪ 156‬يوسع حق‬
‫إخطار المحكمة الدستورية إلى رئيس الجمهورية‪ ،‬رئيس المجلس الشعبي الوطني وكذا رئيس‬
‫عدد نواب المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬أما المادة ‪ 157‬فقد اقترحت أجل‬ ‫الحكومة والى‬
‫‪ 30‬يوم لتصدر المحكمة الدستورية قرار ابتداء من تاريخ اإلخطار‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Ibid, p. 41.‬‬
‫‪2 - Ibid.‬‬

‫‪20‬‬
‫وفي حالة االستعجال وبطلب مبرر من الطاعن تقلص اآلجال إلى ‪ 10‬أيام‪ ،‬ويتم نشر‬
‫ق اررات المحكمة الدستورية في الجريدة الرسمية للجمهورية الج ازئرية وتكون ق ارراتها نهائية‬
‫وملزمة للسلطات العمومية وكل السلطات اإلدارية والقضائية‪.1‬‬

‫وجاء في المادة ‪ 154‬من دستور ‪ 23‬فبراير ‪ 1989‬ما يلي ‪«:‬يتكون المجلس الدستوري‬
‫من ‪ 03‬أعضاء يعينهم رئيس الجمهورية بما فيهم رئيس المجلس و‪ 02‬اثنان ينتخبهما‬
‫المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬واثنان تنتخبهما المحكمة العليا من بين أعضائها‪.)2(»...‬‬

‫كما نشير إلى أنه بعدما دخلت الجزائر مرحلة استثنائية بعد تجميد االنتخابات التشريعية‬
‫‪ 1991‬واستبدال دستور ‪ 1989‬بدستور صغير يسمى دستور أرضية الوفاق الوطني ‪29‬‬
‫جانفي ‪ )1994‬جاء في مادته ‪ 41‬من خالل فرع معنون بالمجلس الدستوري ما يلي‪:‬‬
‫« يمارس رئيس الدولة ورئيس المجلس الوطني االنتقالي الصالحيات المنصوص عليها في‬
‫المادة ‪ 154‬من الدستور لصالح رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الشعبي الوطني على‬
‫التوالي»‪.‬‬

‫أما دستور ‪ 1996‬فإن القراءة األولى لدستور الجزائر ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬وكذا النصوص‬
‫القانونية األخرى كالنظام الداخلي رقم ‪ 2000/48‬المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‬
‫والنظام الداخلي للمجلس الدستوري ال تحدد لنا طبيعة المجلس الدستوري هل هو هيئة‬
‫(‪)3‬‬
‫من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪1996‬‬ ‫سياسية أم هيئة قضائية ولقد أحالت المادة ‪02/167‬‬
‫الحق للمجلس الدستوري في تحديد نظامه الداخلي حيث نص على مايلي‪« :‬يحدد المجلس‬
‫الدستوري قواعد عمله» إال أن هذه القواعد لم تحدد طبيعة هذا المجلس الشيء الذي جعل‬
‫األمر أكثر غموضا‪.4‬‬

‫‪1 - Ibid,, P 41.‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 154‬من دستور ‪ 23‬فبراير ‪.1989‬‬
‫‪ - 3‬رشيدة العام‪ ،‬المرجع ا لسابق ‪ ،‬ص ‪.124 ،123‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫وبما أن الجوانب القانونية والنصوص المنشئة والمنظمة لقواعد عمل المجلس الدستوري‬
‫الجزائري بقيت ساكتة على تحديد طبيعته بقي البحث في إجراءات عمله ومدى حجيتها من‬
‫أجل استنتاج طبيعته وتحديدها‪.‬‬

‫لقد تم النص على المجلس الدستوري في الباب الثالث من الدستور – الفصل الثاني‪-‬‬
‫المعنون بـ "المؤسسات االستشارية" ولم يتم النص عليه في الفصل الثالث من الباب الثاني‬
‫المعنون "بالسلطة القضائية"‪ ،‬وهنا يتضح تجنب المؤسس الدستوري إعطاء الصفة القضائية‬
‫للمجلس الدستوري وحسب رأي األستاذة رشيدة العام أن المشرع الجزائري قصد ذلك حتى ال‬
‫تكون نفس المهمة بين القاضي العادي والقاضي الدستوري تحت عنوان السلطة القضائية‬
‫وتعقب على ذلك قائلة‪« :‬إن القاضي الدستوري ليس مهمته تطبيق القانون وانما مراقبته أما‬
‫القاضي العادي فإنه يخضع للقانون‪ ،‬تحت القاضي الدستوري»‪.1‬‬

‫وكذلك إعطاء المجلس الدستوري الجزائري حق ممارسة الرقابة على دستورية القوانين‬
‫بطريقة سابقة (مشاريع القوانين ) المادة ‪ – 01/165‬المادة ‪ ( 06‬ق‪ .‬ع) يوحي بأنه مجلس‬
‫ذو طبيعة سياسية لكن منحه حق ممارسة الرقابة على دستورية القوانين بصفة (الحقة)‬
‫المادة (‪ 6‬ق‪ .‬ع) المادة ‪ 1/156‬أي بعد صدور القوانين في الجريدة الرسمية ونفاذها ينفي‬
‫عليه الصفة أو الطبيعة السياسية لكن الرقابة الالحقة تضفي عليه الطابع القضائي‪.2‬‬

‫وتبرير ذلك يكمن في أن القرار الذي يصدر عن المجلس الدستوري بإلغاء قانون ساري‬
‫المفعول يحمل نفس عناصر وخصائص األحكام القضائية الصادرة عن الجهات القضائية‬
‫من حيث الحجج واألسباب ومن خالل مناقشة النصوص المعروضة عليه ‪ -‬وفي األخير‬
‫يتوج هذا المسار بإصدار رأي أو قرار حسب الحالة وهذا القرار نهائي ويكتسي حجية الشيء‬
‫المقضي حسب المادة ‪ 54‬النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري فيه وال يمكن‬
‫الطعن فيها وهذه كلها خصائص األحكام القضائية التي تجعل المجلس الدستور الجزائري‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.184‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 165‬من المرسوم الرئاسي رقم ‪ 438 – 96‬المؤرخ في ‪ 26‬رجب عام ‪ 1417‬الموافق ‪ 7‬ديسمبر سنة ‪،1996‬‬
‫يتعلق بإصدار نص تعديل الدستوري‪ ،‬المصادق عليه في استفتاء ‪ 28‬نوفمبر سنة ‪ ، 1996‬الجريدة الرسمية )العدد ‪(76‬‬
‫المؤرخة في ‪ 8‬ديسمبر ‪.1996‬‬

‫‪22‬‬
‫هيئة ذات طبيعة قضائية ألن أحكام المحاكم في سلم القضاء العادي أو سلم القضاء اإلداري‬
‫عندما تصل درجة معينة تصبح أحكاما نهائية حائزة على حجية الشيء المقضي فيه‪.‬‬

‫أما االختالف بين أعمال المجلس الدستوري وأعمال الهيئات القضائية فإن قرار المجلس‬
‫الدستوري يعتبر هيئة واحدة أما أحكام المحاكم فتضمن مبدأ التقاضي على درجتين‪.1‬‬

‫وكذلك من حيث تحريك النزاع فاالتصال بالمجلس الدستوري يكون عن طريق حق‬
‫اإلخطار المادة ‪ 166‬دستور‪ 96‬الذي يعطى بنص الدستور لهيئات معينة دون تحديد‬
‫شكليات معينة على رسالة اإلخطار المادة ‪ 09‬النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‬
‫عكس االتصال بالمحاكم والجهات القضائية يكون الحق الممنوح فيها دستوريا لكل األفراد‬
‫متى توفر فيهم شرطا الصفة والمصلحة‪ ،‬وتتطلب عريضة الدعوى أشكاال معينة يحددها‬
‫القانون‪.2‬‬

‫أما فيما يخص المنازعات االنتخابية المواد ‪31‬الى ‪ 35‬من النظام المحدد لقواعد عمل‬
‫المجلس الدستوري فنجد تشابها كبي ار بين إجراءات عمل المحكمة عندما يطرح عليها النزاع‬
‫للنظر فيه واجراءات عمل المجلس الدستوري الذي يتحول إلى محكمة تنازع انتخابي حيث‬
‫تستقبل عريضة طعن من الطاعن وهو غالبا المتضرر‪ 3‬من العملية االنتخابية وفق شكليات‬
‫معينة وفي حدود آجال محددة ويتم إعالم المطعون ضده شخصا كان أو هيئة ويعطي له‬
‫حق تبادل العرائض و الدفوع وتقديم الطلبات وفي النهاية يتم إصدار حكم لفائدة طرف ضد‬
‫طرف آخر يحمل حال نهائيااامنازعة‪.4‬‬

‫‪ - 1‬مداولة مؤرخة في ‪ 25‬ربيع األول ‪ 1421‬الموافق ‪ 28‬يونيو سنة ‪ ،2000‬المحددة لقواعد عمل المجلس الدستوري‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية ‪ )،‬العدد ‪ (48‬المؤرخة في ‪ 6‬غشت سنة ‪ .2000‬تقابلها المادة ‪ 54‬من مداولة ‪ 03‬ماي ‪ ،2012‬ج‪ .‬ر‬
‫عدد ‪.26‬‬
‫‪ - 2‬رشيدة العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.125‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪ - 4‬المواد ‪ ،35 ،34 ،33 ،32 ،31‬النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري ‪ 06‬أوت ‪ ،2000‬نص المواد جاءت‬
‫في المداولة المؤرخة في ‪ 03‬ماي ‪ 2012‬ج‪ .‬ر عدد ‪ 26‬المتعلقة بالنظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫أما من الجانب البشري فإن كال الجهازين يختلفان ألن الجهات القضائية مشكلة من‬
‫قضاة فقط معينين لمدى الحياة أي إلى غاية نهاية عالقة العمل‪.‬‬

‫أما أعضاء المجلس الدستوري الجزائري فهم ممثلون عن السلطات الثالث (التنفيذية‪،‬‬
‫التشريعية‪ ،‬القضائية) ويتم تعيينهم لمدة ‪ 06‬سنوات غير قابلة للتجديد فكلما غلب على‬
‫أعضاء المجلس الدستوري التخصص القضائي مالت الكفة إلى اعتبار المجلس ذو طبيعة‬
‫قضائية وكلما غلبت على أعضائه الصفة السياسية الحزبية اعتبر المجلس الدستوري مجلسا‬
‫أو هيئة ذات طبيعة سياسية خاصة إذا كانت أغلبية حزبية مسيطرة على البرلمان فإنها‬
‫ستكون ممثلة بعدد كاف داخل المجلس الدستوري كما أنها تجعل رئيس المجلس الشعبي‬
‫الوطني ورئيس مجلس األمة المالكان لحق اإلخطار يلعبان دو ار مهما في إعطاء طبيعة‬
‫سياسية للمجلس الدستوري‪.1‬‬

‫وكذلك من حيث التسمية التي أعطاها المؤسس الدستوري لهذه الهيئة من خالل دستور‬
‫‪ 28‬نوفبمر ‪ 1996‬وهي تسمية – مجلس‪ -‬فهو ينفي عليه الطبيعة القضائية بحيث لو أراد‬
‫ذلك لسماه – المحكمة الدستورية‪ -‬ولكن المجلس الدستوري ذاته من خالل نصوصه الخاصة‬
‫اعتمد في تركيبة هيئاته الداخلية على تسمية هيئات مثل (كتابة الضبط للمجلس) وهي‬
‫مصلحة موجودة على مستوى الجهات القضائية فقط‪.2‬‬

‫لكن المؤسس الدستوري من خالل دستور ‪ 1996/11/28‬سمى مجلس الدولة وهو أعلى‬
‫درجة في القضاء اإلداري ولم يسميها المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬وكذا المجلس القضائي‬
‫باعتباره جهة استئناف في القضاء العادي ولم يسميها محكمة االستئناف الشيء الذي‬
‫يجعلني اعتقد بأن المؤسس الدستوري الجزائري لم يقصد بهاته التسميات إضفاء طبيعة‬
‫معينة على المجلس أو نفي طبيعة أخرى عليه‪.‬‬

‫‪ -‬كما يرى األستاذ "الياس جوادي" بأن ‪ « :‬استعمال المشرع الجزائري تسمية مجلس‬
‫دستوري بدال من تسمية محكمة دستورية له داللة‪ ،‬على تحديد طبيعة الهيئة باعتبار أن‬

‫‪ - 1‬رشيدة العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.126 ،125‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫المجلس يوحي بوجود عملية تشاور وابداء الرأي في قضايا قانونية أما تسمية محكمة‬
‫فالمحكمة توحي بأن هناك تحقيقا ثم حكما » (‪.)1‬‬

‫‪ -‬أما بالنسبة ألعضاء المجلس الدستوري فلم يشترط المشرع الجزائري الخبرة القانونية‬
‫في أعضائه وجعل السلطة القضائية ممثلة في عضوين فقط‪ ،‬لكن الواقع يبين أن أعضاء‬
‫المجلس الدستوري منذ نشأته في الجزائر هم رجال قانون‪.‬‬

‫‪ -‬أما بعض الفقهاء الفرنسيين ومنهم األستاذ "‪ "Waline‬يدافعون عن الصفة القضائية‬
‫لق اررات المجلس الدستوري رغم تسليمهم بتكوينه السياسي ويخلصون إلى أن ‪ « :‬المجلس‬
‫الدستوري هو هيئة سياسية تمارس وظيفة قضائية وهو هيئة رقابة شبه قضائية واستدلوا على‬
‫ذلك بمبررين‪:‬‬

‫‪ -‬أن المجلس الدستوري يتولى الفصل في مسألة قانونية أو نزاع قانوني‪.‬‬

‫‪ -‬أن ق ارراته تتمتع بقوة الشيء المقضي فيه‪ ،‬وتلزم كل السلطات العامة بما فيها‬
‫السلطات القضائية حسب المادة ‪ 62‬من دستور فرنسا ‪.)2( » 1958‬‬

‫إن الجهات التي منحت حق اإلخطار في الدستور الجزائري ‪ 1996‬وهي‪ :‬رئيس‬


‫الجمهورية‪ ،‬ورئيس المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬ورئيس مجلس األمة حسب المادة ‪ 166‬اعتقد‬
‫أنها طريقة خفية إلبقاء العامل السياسي يتحكم في توجيه اآللية القضائية حسب النظرة‬
‫السياسية واال لماذا تحرم المعارضة من حق إخطار المجلس الدستوري ؟‬

‫أما المشرع الدستوري اللبناني فقد فصل في الطبيعة القضائية للمجلس الدستوري وذلك‬
‫من خالل المادة األولى من قانون إنشاء المجلس الدستوري المعدلة بالقانون رقم ‪99/150‬‬
‫والتي جاء فيها ما يلي ‪ «:‬إن المجلس الدستوري هيئة دستورية مستقلة ذات صفة قضائية»‬
‫وتكون رقابته الحقة على إصدار القانون ونشره‪ ،‬وهنا يلتقي المجلس الدستوري اللبناني مع‬

‫‪ - 1‬إلياس جوادي ‪ ،‬رقابة دستورية القوانين‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬بيروت‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،2009 ،‬ص ‪.70‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.72-70‬‬

‫‪25‬‬
‫المجلس الدستوري الفرنسي في اعتبار أحكام المجلس الدستوري حائزة على حجية الشيء‬
‫المقضي فيه‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 03‬من قانون إنشاء المجلس الدستوري اللبناني والتي اشترطت في‬
‫أعضاء المجلس الدستوري أن يكونوا حتما من المشتغلين بالقانون إذ يجب اختيارهم من بين‬
‫القضاة السابقين الذين مارسوا القضاء العدلي‪ ،‬أو اإلداري‪ ،‬أو المالي مدة عشرين سنة على‬
‫األقل‪ ،‬أو من بين األساتذة األصليين في التعليم العالي الذين مارسوا مادة من مواد القانون‬
‫عشرين سنة على األقل‪ ،‬أو من بين المحامين أصحاب عشرين سنة خبرة على األقل‪ ،‬رغم‬
‫تعيينهم من قبل السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية فهم ال يمارسون عمل سياسي وال‬
‫يملكون تكوين سياسي‪ .‬إضافة إلى المادة ‪ 07‬من قانون إنشاء المجلس الدستوري اللبناني‬
‫التي تمنع الجمع بين عضوية المجلس الدستوري وعضوية الو ازرة أو النيابة أو أية هيئة‬
‫رسمية أخرى أو أية وظيفة عامة مهما كانت‪.‬‬

‫هذه الضمانات تجع ل المجلس الدستوري اللبناني هيئة ذات طابع قضائي رغم أن هيئات‬
‫سياسية تشارك في تكوينه(‪.)1‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نشأة هيئات القضاء الدستوري المغربي وتطورها‬

‫لقد مرت التجربة المغربية بنظام الغرفة الدستورية على مستوى المجلس القضائي (فرع‬
‫أول) ثم نظام المجلس الدستوري (فرع ثان) ثم نظام المحكمة الدستورية (فرع ثالث)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الغرفة الدستورية‬

‫على عكس الجزائر وفرنسا نجد المغرب انتقل من نظام الغرفة الدستورية على مستوى‬
‫المجلس األعلى إلى نظام المجلس الدستوري بحيث عرف عدة تطورات من خالل دساتير‬
‫المملكة المغربية إذ نصت دساتير ‪ 1972 ،1970 ،1962‬على إنشاء غرفة دستورية على‬

‫مستوى المجلس األعلى في بابها العاشر‪ ،‬وبحكم المعطيات السياسية والدستورية ظهر‬
‫دور هذه الغرفة الدستورية ضعيفا جدا بالقياس مع المهمة التي كانت منتظرة منها فلم تكن‬

‫‪ - 1‬إلياس جوادي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.76 -73‬‬

‫‪26‬‬
‫هذه الغرفة تتمتع بضمانات االستقاللية من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى كانت اختصاصاتها‬
‫ضعيفة‪.1‬‬

‫فبموجب نص الفصل ‪ 93‬من دستور ‪ 1962‬تم تأسيس غرفة دستورية بالمجلس األعلى‬
‫وكلفت بمهمة مراقبة مدى دستورية القوانين‪ ،‬وكانت تركيبتها مختلطة تظم عددا من القضاة‪،‬‬
‫وممثلين عن البرلمان‪ ،‬وعضوا من أساتذة كليات الحقوق يعينه الملك‪.‬‬

‫وتغيرت تركيبة الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى سنة ‪ 1970‬وذلك بحذف عضو ممثل‬
‫ومعين من طرف مجلس المستشارين بعد إلغاء هذا المجلس سنة ‪ ،1970‬والذي كان يشكل‬
‫الغرفة العليا في البرلمان المغربي حينذاك‪ ،‬وتم التخلي على الثنائية البرلمانية واستبدالها‬
‫بمجلس واحد سمي مجلس النواب‪.2‬‬

‫أ ما من حيث تشكيلتها فبينتها الدساتير السابق ذكرها في الباب العاشر ولم تكن محكمة‬
‫دستورية مستقلة بذاتها كما هو الحال بالنسبة للمحكمة الدستورية في جمهورية مصر العربية‬
‫والتي نص عليها دستور ‪ 1971‬وانما مجرد غرفة من غرف المجلس األعلى تحت رئاسة‬
‫رئيس المجلس األعلى ذاته‪ .‬وكانت الغرفة الدستورية تضم ‪ 05‬أعضاء في دستور ‪.1962‬‬
‫يمثلون هؤالء األعضاء‪ :‬قاض من الغرفة اإلدارية للمجلس األعلى‪ ،‬وأستاذان من كليات‬
‫الحقوق يعينان بمرسوم ملكي لمدة ‪ 6‬سنوات‪ ،‬وعضوين آخرين‪ :‬أحدهما يعينه رئيس مجلس‬
‫النواب‪ ،‬واآلخر يعينه رئيس مجلس المستشارين (غرفتي البرلمان المغربي) وذلك في بداية‬
‫كل عهدة نيابية أو عقب أي تجديد جزئي للغرفتين‪.‬‬

‫وما نالحظه أن عدد أعضاء الغرفة الدستورية قد تقلص إلى ‪ 04‬أعضاء بعد إلغاء‬
‫الغرفة العليا للبرلمان المغربي (مجلس المستشارين) في دستور ‪.31970‬‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬المجلس الدستوري بالمغرب‪ ،‬الرباط‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة‬
‫مؤلفات وأعمال الجامعية‪ ،2005 ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪ -2‬عبد السالم محمد الغنامي ‪ ،‬مراقبة دستورية القوانين في المغرب والقانون المقارن‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،2000-1999 ،‬ص ‪.313 -312‬‬
‫‪ - 3‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.36 – 35‬‬

‫‪27‬‬
‫وفي دستور ‪ 1972‬وصل عدد أعضاء الغرفة الدستورية إلى ‪ 07‬أعضاء وصارت‬
‫مشكلة كاآلتي‪:‬‬

‫‪ 3-‬ثالثة أعضاء يعينهم الملك لمدة ‪ 4‬سنوات ثم ارتفعت المدة إلى ‪ 6‬سنوات من خالل‬
‫التعديل الدستوري المؤرخ في ‪ ،1980/5/23‬أي مدة الفترة النيابية‪.‬‬

‫‪ -‬ثالثة أعضاء يعينهم رئيس مجلس النواب بعد استشارة الكتل في المجلس‪ ،‬وحددت‬
‫اختصاصات الغرفة الدستورية في هاته المرحلة في‪:‬‬

‫‪ -‬مراقبة مطابقة القانون الداخلي للبرلمان لمقتضيات الدستور‬

‫‪ -‬إبداء الرأي في إمكانية تغيير النصوص الصادرة في صيغة قانون بواسطة مرسوم‪ ،‬إذا‬
‫كان مضمون تلك النصوص يدخل في إطار اختصاصات السلطة التنظيمية‪.‬‬

‫‪ -‬البت في الخال ف الناشئ بين الحكومة والبرلمان عندما تدفع الحكومة برفض اقتراح‬
‫أو تعديله باعتباره ال يدخل ضمن اختصاص القانون‪.‬‬

‫‪ -‬مراقبة مطابقة القوانين التنظيمية (العضوية) للدستور قبل األمر بتنفيذها‪.‬‬

‫‪ -‬يتم إستشارة الغرفة من طرف الملك قبل حل مجلس النواب‬

‫‪ -‬النظر في صحة انتخاب أعضاء البرلمان وفي حاالت التنافي المتعلقة بالبرلمانين‬
‫وتقرير شغور مقعد برلماني‪.‬‬

‫كما أن االتصال بالغرفة الدستورية والطلب منها ممارسة رقابة دستورية كانت مقتصرة‬
‫على الوزير األول (سلطة تنفيذية) ورئيس مجلس النواب (سلطة تشريعية) أما في حالة‬
‫الطعون االنتخابية ا لبرلمانية فكان الطعن متاحا للناخبين في الدائرة المعنية بالنزاع‬
‫وللمترشحين في نفس الدائرة االنتخابية‪ ،‬وللعامل وكذا أمين اللجنة الوطنية لإلحصاء‪ ،‬وهذا‬
‫الشيء جعل اجتهاد الغرفة الدستورية ضعيفا ومجاالت تدخلها ضيقة جدا‪ ،‬كما لوحظ على‬
‫حلولها في المنازعات االنتخابية نقص التعليل والتسبيب وق ارراتها المتعلقة بالمنازعات‬

‫‪28‬‬
‫االنتخابية لم تكن تنشر في الجريدة الرسمية ولم يوجد نص قانوني أو دستوري يحدد بأن‬
‫ق اررات الغرفة الدستورية غير قابلة للطعن الشيء الذي يجعلها تتمتع بحجية نسبية‪.1‬‬

‫أما المحكمة الدستورية في ليبيا والتي تم النص عليها من خالل دستور ‪ 07‬أكتوبر‬
‫‪ 1951‬فكانت أول خطوة لتنظيم الرقابة الدستورية في المغرب العربي حيث تم إسناد هذه‬
‫المهمة للمحكمة العليا والتي تعتبر أعلى هيئة قضائية في النظام القضائي الليبي‪ ،‬ويمكن‬
‫القول أن الدستور الليبي هو أول دستور عربي كرس مسألة الرقابة القضائية على دستورية‬
‫القوانين‪ ،2‬وقد خصص الدستور الليبي للرقابة القضائية على دستورية القوانين الفصل الثامن‬
‫من خالل ‪ 18‬مادة وهي من المادة (‪ 141‬إلى ‪ )158‬منها ‪ 16‬مادة تنظم المحكمة العليا من‬
‫حيث طرق تشكيلها واختصاصاتها بما في ذلك االختصاص بمراقبة دستورية القوانين وقد‬
‫جاء قانون المحكمة العليا االتحادية في ‪ 10‬نوفمبر ‪.31953‬‬

‫وقد أدى تعديل الدستور الليبي بموجب القانون ‪ 1‬لسنة ‪ 1963‬والتي تحولت من خالله‬
‫ليبيا من دولة اتحادية إلى دولة بسيطة إلى إلغاء جميع المواد الدستورية المتعلقة‬
‫باختصاصات المحكمة العليا وتحول تنظيم المحكمة بواسطة نص قانوني وبذلك فقدت السند‬
‫الدستوري وبقيت المحكمة تمارس اختصاصاتها في مجال الرقابة الدستورية وفقا لقانونها‬
‫القديم الصادر سنة ‪ 1953‬ومختلف تعديالته وواصلت في ممارسة مهامها بعد ثورة الفاتح‬
‫سبتمبر ‪.41969‬‬

‫أما في مرحلة ثورة الفاتح سبتمبر ‪ 1969‬وما بعدها عرفت ليبيا ثالثة وثائق دستورية‬
‫وهي‪:‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه ‪.‬ص ‪.39 - 37‬‬


‫‪ - 2‬محمد فرج محمد الفقي ‪ ،‬الرقابة على دستورية القوانين في ليبيا‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫‪ ،1998‬ص ‪.514‬‬
‫‪ - 3‬جعفر ولد المرابط ولد جعفر‪ ،‬الرقابة على دستورية القوانين في دول المغرب العربي‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل درجة‬
‫الماجستير في القانون‪ ،‬معهد البحوث والدراسات العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2001 ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.41‬‬

‫‪29‬‬
‫● وثيقة اإلعالن الدستوري بتاريخ ‪/11‬ديسمبر‪1969/‬‬

‫تلى هذا اإلعالن قرار مؤتمر الشعب العام بتاريخ ‪ 2‬مارس ‪ 1977‬القاضي بإعالن‬
‫سلطة الشعب وصدر بناء عليه قانون جديد للمحكمة العليا سنة ‪ 1982‬ألغيت بموجبه‬
‫اختصاصات المحكمة العليا في الرقابة على دستورية القوانين ثم جاءت الوثيقة الثالثة وهي‬
‫الوثيقة الخضراء لحقوق اإلنسان والتي صدرت سنة ‪ 1988‬وفي هذه الفترة تم تعديل القانون‬
‫‪ 82/06‬الخاص بالمحكمة العليا وصدر قانون جديد رقم ‪ 94/14‬الذي أعاد للمحكمة العليا‬
‫اختصاصاتها بمراقبة دستورية القوانين‪.‬‬

‫وبناء عليه فإن ممارسة المحكمة العليا الليبية للرقابة على دستورية القوانين مرت‬
‫بمرحلتي امتدت منذ قيام الثورة حتى سنة ‪ 1982‬وهي كانت امتداد لما جاء في الدستور‬
‫الملكي امتدت منذ ‪ 1994‬إلى سقوط نظام القذافي بعد ثورة ‪ 17‬فبراير ‪.)1(2011‬‬

‫وتتشكل المحكمة العليا من عدة دوائر (دائرة القضاء الدستوري)‪( ،‬دائرة القضاء‬
‫اإلداري)‪( ،‬دائرة النقض المدني والجنائي)‪( ،‬دائرة األحوال الشخصية)‪( ،‬دائرة الطعون‬
‫االنتخابية) و(شعبتي الفتوى والتشريع)(‪.)2‬‬

‫ونشير إلى أن جمهورية موريتانيا اإلسالمية عرفت كذلك نظام الغرفة الدستورية‬
‫بالمحكمة العليا‪ ،‬بحيث بعدما نص دستورها الصادر في ‪ 22‬مارس ‪ 1959‬على لجنة‬
‫دستورية تتألف من ‪ 05‬أعضاء ‪ 03‬منهم رجال قانون وهم رئيس الغرفة الدستورية الذي‬
‫أوجب الدستور بأن يكون أكبر رجال القضاء والقانون مرتبة‪ ،‬باإلضافة إلى قاض من قضاة‬
‫المحكمة العليا اإلدارية وأستاذ من كلية الحقوق إلى جانب عضوين آخرين يعين أحدهما‬
‫الوزير األول ويعين الثاني من طرف رئيس الجمعية الوطنية(‪.)3‬‬

‫‪ - 1‬محمد فرج محمد الفقي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.470‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.514 – 513‬‬
‫‪ -1‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬المجلس الدستوري في موريتانيا‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في العلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة تونس‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،96 -1995 ،‬ص ‪.9 – 8‬‬

‫‪30‬‬
‫أما دستور ‪ 20‬مايو ‪ 1961‬فقد أخذ على مبدأ الرقابة على دستورية القوانين لكنه أحدث‬
‫تغيي ار تمثل في إلغاء اللجنة الدستورية التي جاء بها دستور ‪ 1959‬وحول اختصاصاتها إلى‬
‫غ رفة دستورية بالمحكمة العليا‪ .‬وجعلها تتشكل من رئيس المحكمة العليا ومستشارين إداريين‬
‫معينين لمدة سنتين أحدهما يعينه رئيس الجمهورية والثاني يعينه رئيس الجمعية الوطنية‪،‬‬
‫وبعد االنقالب العسكري الذي حدث في موريتانيا غابت مؤسسة رئيس الجمهورية لصالح‬
‫رئيس الدولة وغابت مؤسسة الجمعية الوطنية لصالح اللجنة العسكرية وبذلك لم يبقى مجال‬
‫للرقابة على دستورية القوانين‪.‬‬

‫إال أن االنقالبي ن أوجدوا صيغة مشابهة لما كان سائدا على مستوى الغرفة الدستورية‬
‫بالمحكمة العليا من خالل القانون ‪.)1(83/144‬‬

‫كبير بين الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى المغربي‬


‫ا‬ ‫وبمقارنة بسيطة نجد تشابها‬
‫التي نصت عليها دساتير ‪ 1972 ،1970 ،1962‬والغرفة الدستورية بالمحكمة العليا‬
‫الموريتانية التي نص عليها دستور ‪ 20‬مايو ‪ 1961‬وذلك من حيث اعتبار رئيس الجهة‬
‫القضائية (المجلس األعلى للقضاء في المغرب والمحكمة العليا في موريتانيا‪ ،‬رئيسا للغرفة‬
‫الدستورية بقوة القانون‪ .‬ومساهمة كل من السلطتين التنفيذية والتشريعية في تشكيل كل غرفة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المجلس الدستوري‬

‫لقد تم النص على المجلس الدستوري المغربي في الباب السادس من دستور المملكة‬
‫المغربية المؤرخ في ‪ 4‬سبتمبر ‪ 1992‬بعد النص مباشرة على المؤسسة الملكية والبرلمان‬
‫والحكومة‪ ،‬وصار مؤسسة قائمة بذاتها مستقلة إداريا وتنظيميا وماليا‪ ،‬وصارت عنص ار قائما‬
‫بذاته‪ ،‬وكان المجلس الدستوري يتكون من ‪ 09‬أعضاء حسب الفصل ‪ 77‬من دستور ‪1992‬‬
‫من(‪:)2‬‬

‫‪ 03 -‬أعضاء يعينهم الملك باإلضافة إلى رئيس المجلس‪.‬‬

‫‪ - 1‬جعفر ولد المرابط ولد جعفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.42‬‬


‫‪ - 2‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ 03 -‬أعضاء يعينهم رئيس مجلس النواب بعد استشارة الكتل النيابية‪.‬‬

‫‪ 03 -‬أعضاء يعينهم رئيس مجلس المستشارين بعد استشارة الكتل النيابية‪.‬‬

‫ويتم تعيينهم لمدة ‪ 06‬سنوات قابلة للتجديد‪ ،‬ويجدد كل ‪ 03‬ثالثة سنوات نصف كل‬
‫فئة‪ ،‬وعند أول تعيين يعين عضوان عن كل فئة لمدة ‪ 03‬سنوات‪ ،‬وعضوان عن كل فئة لمدة‬
‫‪ 06‬سنوات حسب الفصل ‪ 78‬من الدستور(‪.)1‬‬

‫وقد توسع حق اإلحالة على المجلس الدستوري لربع أعضاء مجلس النواب وللملك‪،‬‬
‫إلى جانب الوزير األول‪ ،‬ورئيس مجلس النواب‪ ،‬يصبح رئيس المجلس الدستوري يستشار من‬
‫طرف الملك عندما يقرر إعالن الحالة االستثنائية وذلك إلى جانب رئيس مجلس النواب‪،‬‬
‫ولتقوية سلطة المجلس الدستوري نص دستور ‪ 04‬سبتمبر ‪ 1992‬على أنه‪« :‬ال تقبل أي‬
‫طريقة من طرق الطعن وتلزم كل السلطات العامة وجميع الجهات اإلدارية والقضائية» هذا‬
‫األمر الذي يعطي قوة لدور المجلس الدستوري على خالف ما كان سائدا على مستوى‬
‫الغرفة الدستورية كما رأينا سابقا(‪.)2‬‬

‫رغم األشياء اإليجابية التي جاء بها دستور ‪ 04‬سبتمبر ‪ 1992‬بالنسبة لمؤسسة‬
‫المجلس الدستوري إال أنه سجل عليه عدة ثغرات منها‪ :‬قصر مدة العضوية في المجلس ب‪:‬‬
‫‪ 06‬سنوات وقابليتها للتجديد مرة واحدة الشيء الذي ال يقدم الضمانة الكافية لألعضاء‪،‬‬
‫بحيث أبقى على الوضع القائم مع أعضاء الغرفة الدستورية وهو الخوف من االجتهاد خارج‬
‫اإلطار السياسي المحدد من الهيئات األخرى لتجنب عدم التجديد‪ ،‬وقد تم تدارك ذلك فعال‬
‫من خالل دستور ‪ 1996‬حيث ارتفعت مدة العضوية إلى تسع (‪ )09‬سنوات غير قابلة‬
‫للتجديد‪ ،‬كما أعيد التوازن بين حق الملك في التعيين وحق البرلمان في ذلك بحيث أصبح‬
‫الملك يعين ‪ 06‬أعضاء ويعين رئيسا غرفتي البرلمان كل واحد منهما ‪ 03‬أعضاء ليصبح‬

‫‪ - 1‬الفصل ‪ 78‬من دستور المملكة المغربية‪ 04 ،‬سبتمبر ‪.1992‬‬


‫‪ - 2‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.41‬‬

‫‪32‬‬
‫عدد أعضاء المجلس الدستوري في دستور ‪ 1996‬اثني عشرة عضوا ‪ 06‬منهم يعينهم الملك‬
‫و‪ 06‬منهم يعينهم البرلمان بالتساوي(‪.)1‬‬

‫إن هذا التطور واالنتقال من إسناد مهمة القضاء الدستوري في المغرب من مجرد‬
‫غرفة دستورية بالمجلس األعلى ضعيفة وغير مستقلة ال إداريا وال تنظيما‪ ،‬وال ماليا‪ ،‬ضعيفة‬
‫االختصاص‪ ،‬وتابعة للسلطات التي تعينها إلى مجلس دستوري في دستور ‪ ،1992‬ثم إلى‬
‫مجلس دستوري في دستور ‪ 1996/09/04‬بتركيبة ثرية ومتوازنة واستقاللية في المجاالت‬
‫اإلدارية والتنظيمية والمالية‪ ،‬واختصاصات أكثر توسعا ال شك سيخدم دولة القانون في‬
‫المغرب من خالل تفعيل دور القاضي الدستوري في المجاالت المنوطة به السيما في حماية‬
‫حقوق األفراد وحرياتهم‪ ،‬وارساء دولة القانون والمؤسسات‪ ،‬وكذلك المساهمة في صنع‬
‫االجتهاد القضائي في مجال القضاء الدستوري ولعب دورها االستشاري بالنسبة لمؤسسة‬
‫الملك‪ ،‬لكن هذا يتوقف على كفاءة األعضاء وتخصصهم ونزاهتهم‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬المحكمة الدستورية‬

‫جاء في الباب الثامن من دستور المملكة المغربية المؤرخ في ‪ 01‬جويلية ‪2011‬‬


‫حيث تنص المادة ‪ 129‬ما يلي‪ «:‬تحدث محكمة دستورية » ونصت المادة ‪ 130‬من نفس‬
‫الدستور على تشكيلتها حيث جعلتها تتكون من اثني عشرة عضوا‪ ،‬يتم تعيينهم لمدة تسع‬
‫سنوات غير قابلة للتجديد‪ .‬ستة منهم يعينهم الملك و‪ 3‬ينتخبون من طرف مجلس النواب و‪3‬‬
‫ينتخبهم مجلس المستشارين من بين المرشحين الذين يقدمهم مكتب كل مجلس ويتم‬
‫التصويت عليهم باالقتراع السري وبأغلبية ‪ 2/3‬من أعضاء كل مجلس ويتم تجديد ثلث كل‬
‫فئة بعد كل ثالثة سنوات‪ .‬أما رئيس المحكمة الدستورية فيعينه الملك من بين األعضاء‬
‫االثني عشرة‪.2‬‬

‫يتم اختيار أعضاء المحكمة الدستورية من بين الشخصيات صاحبة التكوين العالي في‬
‫القانون والقضاء والفقه واإلدارة والذين مارسوا مهامهم لفترة تفوق ‪ 15‬سنة والمعرفون بالتجرد‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.41 – 40‬‬


‫‪ - 2‬المواد ‪ ،130 ،129‬من دستور المملكة المغربية المؤرخ في ‪ 1‬يوليو ‪.2011‬‬

‫‪33‬‬
‫والنزاهة وأحال الدستور من خالل مادته ‪ 13‬على قانون عضوي خاص بالمحكمة الدستورية‬
‫يبين تنظيم المحكمة وسيرها واإلجراءات المتبعة أمامها ووضعية أعضائها وحالة التنافي بين‬
‫عضوية المحكمة ومهام أخرى‪.1‬‬

‫نجد المحكمة الدستورية المغربية تم النص عليها في الباب الثامن والمواد من ‪ 129‬إلى‬
‫‪ 134‬من دستور ‪ 22011‬في حين دستور تونس ‪ 2014‬نص عليها في القسم الثاني‬
‫وخصص لها المواد من ‪ 118‬إلى ‪ ،3124‬أما المحكمة الدستورية النمساوية فقد نشأت في‬
‫دستور ‪ 1920‬وخصص لها المادة ‪ 174‬فتعتبر أول محكمة دستورية نشأت في أوروبا‪،4‬‬
‫كما تم النص على المحكمة الدستورية األلمانية في دستور ‪ 23‬مايو ‪ 1949‬وصدر قانون‬
‫المحكمة الدستورية األلمانية في ‪ 12‬مارس عام ‪.51951‬‬

‫ومن حيث تكوين المحكمة الدستورية فبينت المادة ‪ 130‬من دستور المغرب عدد‬
‫أعضائها إثني عشرة عضوا‪ ،‬ونفس العدد تتكون منه المحكمة الدستورية التونسية حسب‬
‫المادة ‪ 118‬من الدستور‪ .‬أما عدد قضاة المحكمة الدستورية األلمانية ‪ 16‬قاضيا وتتكون‬
‫المحكمة الدستورية في النمسا من ‪ 14‬قاضيا‪.‬‬

‫ويعود هذا التفاوت في العدد حسب اعتقادي كون كل من ألمانيا والنمسا تقوم على نمط‬
‫فدرالي عكس تونس والمغرب التي تقوم على نمط الدولة البسيطة وبالتفحص في طريقة‬
‫انتخاب أو تعيين قضاة المحكمة الدستورية نجد المادة ‪ 130‬من دستور المغرب تعطي‬
‫لرئيس الدولة حق تعيين ‪ 06‬أعضاء أي نصف العدد وستة اآلخرين نصفهم ينتخب من‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 131‬من دستور المملكة المغربية المؤرخ في ‪ 1‬يوليو ‪.2011‬‬


‫‪ - 3‬محمد أوزيان ‪ ،‬المحكمة الدستورية بالمغرب نحو رؤية استشرافية‪ ،‬سلسلة المعارف القانونية والقضائية‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫منشورات مجلة الحقوق‪ ،2014 ،‬الرباط المغرب‪ ،‬ص ‪.7 – 6‬‬
‫‪ - 3‬المواد من ‪ 118‬إلى ‪ 124‬من دستور تونس ‪-26‬جانفي ‪.2014‬‬
‫‪ - 4‬يحي الجمل‪ ،‬القضاء الدستوري في مصر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬ص ‪.90‬‬
‫‪ - 5‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫تجب اإلشارة إلى أن هذه المحكمة أصبحت محكمة دستورية أللمانيا برمتها بعد عودة ألمانيا الشرقية إلى األم بتاريخ ‪3‬‬
‫أكتوبر ‪.1990‬‬

‫‪34‬‬
‫طرف مجلس النواب والنصف اآلخر ينتخب من طرف مجلس المستشارين من بين‬
‫كل مجلس‪.‬‬ ‫المرشحين الذين يقدمهم كتل كل مجلس باعتماد طريقة التصويت بأغلبية‬

‫في حين نجد حق تعيين وانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية التونسية حسب المادة‬
‫‪ 02/118‬فإن كل من رئيس الجمهورية ومجلس نواب الشعب والمجلس األعلى للقضاء كل‬
‫واحد منهم يعين أربعة أعضاء وهذا على خالف المحكمة الدستورية المغربية أين ال تلعب‬
‫السلطة القضائية أو المجلس األعلى للقضاء أي دور في تعيين قضاة المحكمة الدستوري‬
‫كما يعتمد الدستور التونسي على التعيين وليس على االنتخاب وربما مرد ذلك هو البحث‬
‫عن الكفاءة‪ ،‬أما المحكمة الدستورية األلمانية فيعين كل مجلس من مجلس برلمانها ثمانية‬
‫قضاة والمحكمة بذاتها تتكون من دائرتي اختصاص مختلفة تتكون كل دائرة من ‪( 08‬ثمانية)‬
‫قضاة يعين كل مجلس ‪ 04‬منها‪ ،1‬أما في النمسا فإن تعيين قضاة المحكمة يكون مناصفة‬
‫بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وبالتالي فكل من ألمانيا والنمسا ال تعطي أي دور للسلطة‬
‫القضائية أو المجالس العليا للقضاء للتدخل في تعيين أو انتخاب قضاة المحاكم الدستورية‪،‬‬
‫وفي البحث عن شروط ومدة العهدة التي تحكم العضوية في المحكمة الدستورية المغربية‬
‫نجد إنفراد المغرب بإعطاء حق لألمين العام للمجلس العلمي األعلى بأن يقترح عضوا على‬
‫الملك حتى يعينه ضمن ‪ 06‬أعضاء الذين يعينهم الملك وهناك من يعيب على هذا األمر‬
‫كون إشراك مؤسسة ذات طابع ديني ممثلة في المجلس العلمي األعلى في اقتراح عضو من‬
‫بين األعضاء الذين يعينهم الملك إضافة مجانية ال تجد لها مبر ار خاصة إذا طرح نقاش‬
‫حول مدى حياد هذا العضو والحياد عنصر مهم في قضاة المحكمة الدستورية خاصة إذا‬
‫كان الملك له الصفة الدينية وهو أمير المؤمنين فما الحاجة إلى ممثل جهة دينية‪.2‬‬

‫أما مدة العضوية فحددها الدستور المغربي من خالل الفصل ‪ 130‬بتسع ‪ 09‬سنوات‬
‫غير قابلة للتجديد‪ 3‬واتفق في ذلك مع الدستور التونسي الذي حدد فترة عضوية قضاة‬
‫المحكمة الدستورية بـ ‪ 09‬سنوات‪ 4‬لكن اختلف معه بحيث ينص الدستور التونسي على‬

‫‪ - 1‬يحي الجمل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬


‫‪ - 2‬محمد أوزيان ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.6‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 130‬من دستور المغرب ‪.2011‬‬
‫‪ - 4‬المادة ‪ 118‬من دستور المغرب ‪.2014‬‬

‫‪35‬‬
‫تجديد ثلث أعضاء المحكمة الدستورية كل ثالثة سنوات‪ ،‬أما قضاة المحكمة الدستورية‬
‫النمساوية فيستمرون في عملهم حتى بلوغ سن ‪ 70‬عاما‪.‬‬

‫أما قضاة المحكمة الدستورية األلمانية في بداية نشأتها لم يكن يحدد لهم سنة تقاعد‬
‫محدد لكن بعد تعديل الدستور ‪ 1970‬نص على أن يكون سن التقاعد ‪ 68‬عاما وأن مدة‬
‫تعيين قضاة المحكمة الدستورية األلمانية ‪ 12‬عاما غير قابلة للتجديد وتنتهي الوالية حتما‬
‫ببلوغ سن التقاعد ولو لم يقضي العضو إثنتي عشر سنة‪ ،1‬ويبدو أن طول المدة وعدم‬
‫قابليتها للتجديد تحقق ضمانة واستقاللية أكثر للقاضي الدستوري على عكس قصر المدة مع‬
‫قابليتها للتجديد والتي تكرس التبعية‪ ،‬ويشترط في عضو المحكمة الدستورية المغربية الطابع‬
‫القانوني والقضائي حيث يختارون من بين الشخصيات صاحبة التكوين العالي في مجال‬
‫القانون والكفاءة القضائية أو الفقهية أو اإلدارية وأصحاب خبرة مهنية تفوق ‪ 25‬سنة قضوها‬
‫في مهنهم والمعترف لهم بالتجربة والنزاهة ومواصفات الحياد والنزاهة وهذا تماشيا مع مهمة‬
‫قاضي دستور‪.2‬‬

‫ويوجد اتفاق حسب ما جاء في الدستور التونسي بحيث تشترط المادة ‪ 118‬منه بأن‬
‫يكون إثني عشر قاضيا بالمحكمة الدستورية من ذوي الكفاءة‪ ،‬كما تشترط في فقرتها الثانية‬
‫من أعضاء المحكمة الدستورية من المختصين في القانون‪ ،‬كما تحدد في فقرتها‬ ‫بأن يكون‬
‫األخيرة بأن ينتخب رئيس المحكمة ونائبه من المختصين في القانون ‪.3‬‬

‫أما المحكمة الدستورية األلمانية رغم اعتماد االختيار على بعض المعايير السياسية‬
‫فإن االختيار كان دائما يتجه إلى كبار رجال القانون العام وأصحاب الخبرة القضائية الكبيرة‬
‫وممن بلغوا ‪ 40‬عاما‪ ،‬وتطلب في أعضاء المحكمة الدستورية األلمانية أن يكونوا من ذوي‬

‫‪ - 1‬يحي الجمل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬


‫‪ - 2‬كريم لحرش‪ ،‬الدستور الجديد للمملكة المغربية‪ ،‬شرح وتحليل‪ ،‬الرباط‪ ،‬مكتبة الرشاد‪ ،‬سلسلة العمل التشريعي واالجتهاد‬
‫القضائي ‪ ،‬العدد ‪ ،2013 - 03‬ص ‪.17‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 118‬من دستور تونس ‪.2014‬‬

‫‪36‬‬
‫الخبرة القانونية الطويلة إال أنه لم يشترط حد أدنى للتعيين كما تم تحددها بـ ‪ 40‬سنة لقضاة‬
‫المحكمة الدستورية األلمانية‪.1‬‬

‫ونجد الدستور المغربي من خالل مادته ‪ 131‬يحيل على قانون عضوي يحدد قواعد‬
‫تنظيم المحكمة الدستورية المغربية وسيرها واإلجراءات المتبعة أمامها ووظيفة أعضائها‪ ،‬كما‬
‫يحدد هذا القانون العضوي أيضا مجموعة من المهام ال يجوز الجمع بينها وبين عضوية‬
‫المحكمة الدستورية‪ ،‬كما يحدد طريقة إجراء التجديدين األولين لثلث أعضائها‪ ،‬وكيفيات‬
‫تعيين من يحل محل أعضائها الذين استحال عليهم القيام بمهامهم أو استقالوا أو توفوا أثناء‬
‫مدة عضويتهم‪ .2‬في حين نجد المادة ‪ 119‬من دستور تونس نصت صراحة على منع الجمع‬
‫بين عضوية المحكمة الدستورية ومباشرة أي وظائف أو مهام أخرى ولم تحيل على القانون‬
‫وفي هذا قوة وصرامة أكثر‪ .‬ثم يعود الدستور التونسي من خالل الفصل ‪ 124‬منه ليحيل‬
‫على القانون المسائل المتعلقة بتنظيم المحكمة الدستورية واإلجراءات المتبعة أمامها‬
‫والضمانات التي يتمتع بها أعضاؤها‪ 3‬دون ذكر الوظائف التي تمنع الجمع بينها وبين‬
‫عضوية المحكمة الدستورية ألن المعالجة كانت نهائية ولم تفتح الباب لممارسة بعض‬
‫الوظائف كالتدريس بالجامعة‪.‬‬

‫وعلى خالف تونس والمغرب نجد المحكمة الدستورية األلمانية هي التي تضع نظامها‬
‫الداخلي وفي هذا عامل مهم لالستقاللية وقد بقيت المحكمة الدستورية األلمانية بدون نظام‬
‫داخلي لمدة ‪ 20‬ع شرون عاما بعد إنشائها ولكن بحكم الدستور وبحكم قانونها تستطيع أن‬
‫تضع قواعد عملها وبالفعل ثم وضع الئحة نظامها الداخلي وتم تعديلها وصدرت الئحة جديد‬
‫بدأ سريانها في أول أكتوبر ‪ 1975‬وتكونت هذه الالئحة من فصلين فصل يتعلق بالتنظيم‬
‫الداخلي للمحكمة وفصل يتعلق باإلجراءات المتبعة أمامها وتم إقرار واصدار هذه الالئحة‬

‫‪ - 1‬يحي الجمل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.89‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 131‬من دستور المغرب ‪.2011‬‬
‫‪ - 3‬المواد ‪ 119‬و‪ 124‬من دستور تونس ‪.2014‬‬

‫‪37‬‬
‫من طرف الجمعية العمومية للمحكمة وجاءت هذه الالئحة جامعة ومستفيدة من حوالي ربع‬
‫قرن من الممارسة الفعلية للمحكمة الدستورية األلمانية في الميدان‪.1‬‬

‫أما المادة ‪ 132‬من دستور المملكة المغربية ‪ 2011‬فحددت اختصاصات المحكمة‬


‫الدستورية في مجال الرقابة الوجوبية على األنظمة الداخلية للبرلمان وعلى القوانين العضوية‬
‫وكذا دورها في مجال االنتخابات البرلمانية وعمليات االستفتاء كما بينت الجهات التي لها‬
‫حق إحالة القوانين عليها‪.2‬‬

‫كما أن هذه المحكمة الدستورية يمكن للمواطن المغربي الطعن أمامها بعدم دستورية‬
‫قانون أثناء نزاع منشور أمامها متى توفرت فيه الصفة والمصلحة وتعلق األمر بالمساس‬
‫بالحقوق والحريات التي يتمتع بها الفرد‪ .‬وجعلت المادة ‪ 134‬ق اررات المحكمة الدستورية‬
‫نهائية وملزمة لكافة السلطات‪ .3‬وهذا ماجاء به تعديل المادة ‪ 61‬من دستور فرنسا ‪ 1958‬و‬
‫ما سمي بالمسألة األولية الدستورية‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬نشأة المجلس الدستوري التونسي وتطوره‬

‫إن إقرار سمو الدستور وعلوه يفترض إيجاد هيئة تضمن هذا السمو‪ ،‬وقد بدى واضحا‬
‫في الستينات أن هذا السمو فقد معناه في تونس‪ ،‬وذلك بإحداث محاكم استثنائية‪ ،‬واصدار‬
‫مجموعة من القوانين غير الدستورية ضاربة بعرض الحائط الحقوق األساسية والحريات‬
‫العامة للمواطن‪ ،‬إضافة إلى عدم انسجام رؤية القضاء لمسألة هذه الرقابة‪ ،‬وعدم قدرتها على‬
‫ضمان احترام سمو الدستور دفع بنخبة للمطالبة بإحداث هيئة تسند إليها مهمة الرقابة على‬
‫دستورية القوانين والحفاظ على سمو الدستور الضامن لحقوق وحريات المواطن‪ ،‬واالتجاه‬
‫الغالب كان يميل لتبني رقابة سياسية على النمط الفرنسي (مجلس دستوري)‪ ،‬واستبعاد الرقابة‬

‫‪ - 1‬يحي الجمل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪94‬‬


‫‪ - 2‬المواد ‪ 134 ،133‬من دستور المملكة المغربية ‪ 1‬يوليو ‪.2011‬‬
‫‪ - 3‬المواد ‪ 134 ،133‬من دستور المملكة المغربية ‪ 1‬يوليو ‪.2011‬‬

‫‪38‬‬
‫القضائية‪ 1‬وقد مر النظام التونسي بمرحلتين مرحلة ما قبل دسترة المجلس الدستوري ومرحلة‬
‫ما بعد دسترة المجلس الدستوري وهذا ما نعالجه في فرعين‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مرحلة ما قبل دسترة المجلس الدستوري‬

‫تم االستجابة لهذا المطلب من خالل مشروع تعديل دستوري تقدمت به الحكومة في‬
‫فيفري ‪ 1971‬حيث جاء في الفصل ‪ 68‬من مشروع تعديل الدستور الذي عرضه رئيس‬
‫الجمهورية على مجلس األمة (البرلمان) في ‪ 01‬فيفري ‪ 1971‬ما يلي‪:‬‬

‫صالحيات المجلس الدستوري هي‪:‬‬

‫‪ -‬التحقق من مالئمة مشاريع القوانين األساسية (العضوية) لنص الدستور‪.‬‬

‫‪ -‬تسجيل المترشحين لرئاسة الجمهورية في سجل خاص والنظر في صحة ترشحهم‪.‬‬

‫‪ -‬اإلعالن عن نتائج االنتخابات الرئاسية‬

‫‪ -‬البت في صحة االنتخابات الرئاسية‪ ،‬وذلك عند معارضة أحد المترشحين‪.‬‬

‫‪ -‬إثبات حالة شعور منصب رئاسة الجمهورية‪ ،‬وذلك بطلب من رئيس مجلس األمة‬
‫والوزير األول‪.‬‬

‫‪ -‬ويضبط قانون أساسي (عضوي) تركيبة المجلس الدستوري وتنظيمه‪.2‬‬

‫وقد صرح الوزير األول التونسي آنذاك بمايلي‪« :‬اقتضى النظر إحداث المجلس‬
‫الدستوري وهو مؤسسة دستورية جديدة‪ ،‬وضعت لضمان احترام الدستور بصفة فعالة‪،‬‬
‫ومهمته الرئيسية الحرص على تأمين الموافقة والتطابق بين الدستور وبين القوانين على‬
‫اختالف أنواعها»‪.3‬‬

‫وكان يندرج إنشاء المجلس الدستوري آنذاك في إطار تطوير المؤسسات الدستورية‬
‫واعادة التوازن للعالقات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية‪ ،‬وقد ألقى رئيس الدولة في تلك‬

‫‪ - 1‬زهير المظفر ‪ ،‬المجلس الدستوري ‪ ،‬تونس‪ ،‬المطبعة الرسمية‪ ،1993 ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪ - 2‬جويدة قيقة ‪ ،‬قراءة في فقه القضاء الدستوري‪ ،‬تونس‪ ،‬مجمع األطرش للكتاب المختص‪ ،2011 ،‬ص ‪.8‬‬
‫‪ - 3‬مداوالت مجلس األمة التونسي‪ ،‬جلسة ‪ 09‬فبراير ‪ ،1971‬ص ‪ ،533‬ج ر عدد ‪.1971/24‬‬

‫‪39‬‬
‫المرحلة خطابا بتاريخ ‪ 08‬جوان ‪ 1970‬أعلن فيه عن تكليف لجنة للقيام بتعديل الدستور‬
‫بحيث تصبح الحكومة مسؤولة في وقت واحد أمام رئيس الدولة ومجلس األمة (البرلمان)‪ ،‬إال‬
‫أن األحداث السياسية في ذلك الوقت أدت إلى العدول والتراجع على إنشاء المجلس‬
‫الدستوري وافراغه من أي محتوى وتبري ار لذلك جاء في خطاب الوزير األول مايلي‪ « :‬وربما‬
‫يتساءل البعض عن األسباب التي أدت إلى العدول عن إحداث هذه الهيئة‪ ،‬والجواب أننا‬
‫تبينا بعد التفكير العميق أنه قد يحدث تناقض بين الدستور وبين تكوين هيئة قانونية‪ ،‬ذلك‬
‫أن الدستور ينص على أن رئيس الدولة هو الساهر عليه أي على تطبيقه وال اعتقد أن هناك‬
‫هيئة قادرة على السهر على احترام الدستور أكثر من مجلس األمة‪ ،‬وال يمكن أن يسن‬
‫المجلس قوانين مخالفة لمفهوم الدستور ولمنطوقه »‪.1‬‬

‫وكان من الواضح أن هذا التعديل ال يتم ألن مجلس األمة صادق على عدة قوانين‬
‫مخالفة للدستور‪ ،‬وذلك باعتراف من الحكومة ذاتها‪ ،‬وقد صرح وزير الداخلية آنذاك أمام‬
‫لجنة السياسات لمجلس األمة التونسي‪ ،‬بمناسبة إلغاء الفصل ‪ 109‬من القانون االنتخابي‬
‫بما يلي‪« :‬إن الفصل ‪ 109‬يتعارض مع بعض أحكام الدستور ولو كان هناك مجلس‬
‫دستوري قائم لوقع رفضه من الغرفة بسبب ذلك»‪.2‬‬

‫كما أن النص في الدستور من خالل الفصل ‪ 41‬بأن رئيس الجمهورية هو الضامن‬


‫الحترام الدستور ال يتعارض مع إحداث مجلس دستوري ألنه ال يمكن لرئيس الجمهورية أن‬
‫يعوض المهام الموكلة للمجلس الدستوري وخير مثال على ذلك فرنسا حيث نص دستورها‬
‫‪ 04‬أكتوبر ‪ 1958‬في مادته الخامسة على ما يلي‪ «:‬يسهر رئيس الجمهورية على احترام‬
‫الدستور‪.3»...‬‬

‫‪ - 1‬مداوالت مجلس األمة التونسي‪ ،1976 ،‬ص ‪ ،78‬ج ر عدد ‪.1976/8‬‬


‫‪ -‬رفضت محكمة أمن الدولة التونسية في قرارها الصادر بتاريخ ‪ 10‬سبتمبر ‪ 1968‬النظر في رقابة دستورية القوانين‬
‫بقولها أن مسألة الرقابة ال تدخل في نطاق اختصاصها‪ ،‬للمزيد أنظر‪ :‬جودية قيقة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 9‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ - 2‬مداوالت مجلس األمة التونسي‪ ،1971 ،‬عدد ‪ ،71/3‬ص ‪.25‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 05‬دستور فرنسا‪ 04 ،‬أكتوبر ‪.1958‬‬

‫‪40‬‬
‫ورغم ذلك نص نفس الدستور في مادته ‪ 151‬على إنشاء مجلس دستوري يسهر على‬
‫حماية الدستور‪.1‬‬

‫وبهذا فشلت أول محاولة لتعديل الدستور نتيجة لخيارات سياسية فرضت نفسها حينذاك‬
‫وفشلت معها أول مبادرة إلحداث مجلس دستوري في الجمهورية التونسية‪ ،‬وجاء تعديل‬
‫الدستور في ‪ 08‬أفريل ‪ 1976‬مخيبا لآلمال إذ لم يتضمن أية إشارة للرقابة على دستورية‬
‫القوانين رغم أنه أحدث مجاال مخصصا للقانون في المواد ‪ 34‬و‪ 35‬منه الشيء الذي كان‬
‫يقتضي إيجاد هيئة تفرض احترام هذا المجال (القانون)‪.‬‬

‫وبقيت المطالبة بإحداث مجلس دستوري من أهم مطالب النخبة السياسية ورجاالت‬
‫القانون في الدولة وهو ما تم تكريسه فعال بعد تحول‪ 07 ،‬نوفمبر سنة ‪ ،1987‬أو ما يسمى‬
‫بالعهد الجديد في تونس والتحوالت األساسية‪.‬‬

‫أوال‪ -‬إحداث المجلس الدستوري للجمهورية التونسية‬

‫أصدر الرئيس السابق زين العابدين بن على بعد توليه السلطة في ‪ 07‬نوفمبر ‪1987‬‬
‫أم ار رئاسيا (مرسوما رئاسيا) عدد ‪ 1414‬لسنة ‪ 1987‬مؤرخ في ‪ 16‬ديسمبر ‪ 1987‬الذي‬
‫ينص باألخص على تكليف المجلس بالنظر في مشاريع القوانين التي يعرضها عليه رئيس‬
‫الجمهورية بغرض إبداء رأيه في مدى مطابقتها للدستور وهكذا اعتبر هذا المجلس أول هيئة‬
‫يتم إنشاؤها بتونس لتتولى مهمة الرقابة الدستورية على مشاريع القوانين‪.2‬‬

‫وقد جاء في نص المادة األولى من األمر ‪ 1987/1414‬المؤرخ في ‪ 16‬ديسمبر‬


‫‪ 1987‬والمتعلق بإحداث المجلس الدستوري للجمهورية ما يلي‪ «:‬أحدثت هيئة استشارية‬
‫تسمى "المجلس الدستوري للجمهورية"»‪.3‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 151‬من دستور فرنسا ‪ 04‬أكتوبر ‪.1958‬‬


‫‪ - 2‬المواد ‪ 03 ،02 ،01‬من األمر الترتيبي رقم ‪ 87/1414‬المؤرخ في ‪ 16‬ديسمبر ‪ ،1987‬والمتعلق بإحداث المجلس‬
‫الدستوري للجمهورية التونسية‪ ،‬الرائد الرسمي‪ ،‬عدد ‪ 88‬مؤرخة في ‪ 18‬ديسمبر ‪.1987‬‬
‫‪ - 3‬المواد ‪ 03 ،02 ،01‬من األمر الترتيبي رقم ‪ 87/1414‬المؤرخ في ‪ 16‬ديسمبر ‪ ،1987‬والمتعلق بإحداث المجلس‬
‫الدستوري للجمهورية التونسية‪ ،‬الرائد الرسمي‪ ،‬عدد ‪.88‬‬

‫‪41‬‬
‫أما المادة الثانية فجاء فيها ما يلي‪ « :‬يكلف المجلس الدستوري بالنظر في مشاريع‬
‫القوانين التي يعرضها عليه رئيس الجمهورية الضامن الحترام الدستور‪ ،‬وذلك لغرض إبداء‬
‫رأيه في مطابقتها للدستور »‪.1‬‬

‫أما المادة ‪ 03‬فجاء فيها‪ «:‬ويمكن لرئيس الجمهورية أن يعرض للدرس على المجلس‬
‫الدستوري كل المسائل التي تتعلق بسير المؤسسات »‪.2‬‬

‫وما يعاب على المجلس الدستوري حينذاك هو إنشاؤه بأمر ترتيبي الشيء الذي يجعل‬
‫إلغاؤه بكل سهولة احتراما لقاعدة توازي األشكال وكان من األجدر إنشاؤه بنص دستوري حتى‬
‫ال تبقى هذه الهيئة خاضعة وعرضة لألهواء السياسية حيث يقول في هذا الشأن األستاذ‬
‫الهادي بن مراد‪ « :‬إن إحداث المجلس الدستوري للجمهورية بمقتضى مقرر إداري (األمر‬
‫الترتيبي) ال يوفر الضمانات الفعلية الستق ارره‪ ،‬وال يمكن أال ينعكس ذلك على هياكله وان‬
‫توازي التكتالت يقتضي أن ما أحدث بأمر يمكن أن يحذف بنفس اإلجراء وذلك فإن المجلس‬
‫الدستوري للجمهورية ال يتمتع مطلقا بالضمانات التي يوفرها إحداثه بمقتضى الدستور وبذلك‬
‫يبقى خاضعا لتقلبات الحياة السياسية »‪.3‬‬

‫كما عبر عن ذلك األستاذ رافع بن عاشور عن رأيه بما يلي‪ « :‬إن إحداث المجلس‬
‫الدستوري بأمر رئاسي يجعل من هذا الهيكل الجديد هيكال تابعا ال هيكال دستوريا منفصال‬
‫عن السلطة التنفيذية وعن السلطة التشريعية ففي حين تستمد السلطة التنفيذية والسلطة‬
‫التشريعية وجودهما من السلطة التأسيسية فإن المجلس الدستوري يستمد وجوده من سلطة‬
‫مؤسسة استم ارريتها بيدها واستقالليتها مهددة »‪.4‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 02‬من األمر الترتيبي رقم ‪ 87/1414‬المؤرخ في ‪ 16‬ديسمبر ‪ ،1987‬والمتعلق بإحداث المجلس الدستوري‬
‫للجمهورية التونسية‪ ،‬الرائد الرسمي‪ ،‬عدد ‪.88‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 3‬من األمر الترتيبي رقم ‪ 87/1414‬المؤرخ في ‪ 16‬ديسمبر ‪ ،1987‬والمتعلق بإحداث المجلس الدستوري‬
‫للجمهورية التونسية‪ ،‬الرائد الرسمي‪ ،‬عدد ‪.88‬‬
‫‪3 - H. BEN MRED, Commentaire sur le décret instituant le conseil Constitutionnel de la‬‬
‫‪République , Actualité juridique tunisienne n° 1 et 2, Faculté de droit et des sciences‬‬
‫‪Politiques de Tunis. 1989 p. 92.‬‬
‫المجلة القانونية التونسية ‪،1988‬‬ ‫مسألة مراقبة دستورية القوانين وتطوراتها في آخر سنة ‪، 1987‬‬ ‫‪ - 4‬رافع بن عاشور‪،‬‬
‫جامعة تونس‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪42‬‬
‫لكن األستاذ زهير المظفر يرى‪« :‬أن النص على إحداث المجلس الدستوري التونسي‬
‫بواسطة مرسوم رئاسي له ما يبرره في تلك المرحلة التي كان يبحث فيها الرئيس عن وسيلة‬
‫لمراقبة القوانين الصادرة عن البرلمان والتي كانت تمس أمو ار جوهرية مثل حقوق المواطن‬
‫وحرياته وقانون األحزاب حيث بلغ عدد القوانين الصادرة في الجريدة الرسمية سنة ‪1989‬‬
‫(‪ 145‬قانونا) وهي أعلى نسبة سجلت منذ إنشاء الدستور التونسي سنة ‪ 1954‬وأهم هذه‬
‫القوانين قانون األحزاب وقانون اإلعالم (مجلة الصحافة)»‪.1‬‬

‫وقد جاء في كلمة للرئيس زين العادين بن علي في بيان صادر في ‪ 29‬جويلية ‪1989‬‬
‫ما يلي‪ «:‬ولذلك بادرنا أول ما بادرنا إلى معالجة األوضاع السياسية في البالد باتخاذ جملة‬
‫من الق اررات الرامية إلى إعادة الحياة السياسية إلى مسارها الطبيعي‪...‬وأحدثنا المجلس‬
‫الدستوري ليساعدنا على تبيين مطابقة القوانين للدستور»‪.2‬‬

‫وال بد من مالحظة أن الدستور التونسي لم ينص على المجلس الدستوري في إحدى‬


‫مواده كما رأينا لكنه نص على رئيس المجلس الدستوري من خالل المادة ‪ 40‬وجعله عضوا‬
‫في اللجنة الدستورية لمراقبة االنتخابات الرئاسية وعمليات االستفتاء‪.‬‬

‫كما أوكلت المادة ‪ 60‬من قانون االنتخابات إلى رئيس المجلس الدستوري مهمة رئاسة‬
‫لجنة الطعون المتعلقة بالمنازعات في االنتخابات التشريعية‪.3‬‬

‫ثانيا‪ -‬إعادة تنظيم المجلس الدستوري التونسي‬

‫وقد صدر القانون عدد ‪ 39‬لسنة ‪ 1990‬المؤرخ في ‪ 18‬أفريل ‪ 1990‬المتعلق بالمجلس‬


‫الدستوري والذي يبين تنظيم المجلس وصالحياته حيث جاء في الفصل األول‪« :‬المجلس‬
‫الدستوري هيئة استشارية لها الشخصية القانونية واالستقالل المالي»‪.4‬‬

‫‪ - 1‬زهير المظفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.32 – 30‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 4‬جويدة قيقة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪43‬‬
‫أما الفصل الثالث‪ :‬فجاء بما يلي‪«:‬يتركب المجلس الدستوري من تسعة أعضاء بما فيهم‬
‫الرئيس يختارهم رئيس الجمهورية خاصة من بين ذوي الخبرة القانونية المتميزة وذلك بقطع‬
‫النظر عن السن»‪.‬‬

‫الفصل الرابع‪«:‬يعين رئيس الجمهورية رئيس وأعضاء المجلس الدستوري بمقتضى أمر»‪.‬‬

‫الفصل الخامس‪« :‬يسهر رئيس المجلس الدستوري على سير أعمال المجلس وادارة شؤونه‬
‫ويمثله لدى الغير»‪.‬‬

‫الفصل السادس‪« :‬ينظر المجلس الدستوري في مشاريع القوانين التي يعرضها عليه رئيس‬
‫الجمهورية قبل إحالتها على مجلس النواب وذلك لغرض إبداء رأيه في مطابقتها للدستور أو‬
‫الءمتها له»‪.1‬‬

‫وبالعودة إلى تحليل هذه النصوص السيما الفصل األول من القانون عدد ‪ 39‬لسنة‬
‫‪ 1990‬المؤرخ في ‪ 18‬أفريل ‪ 1990‬والمتعلق بتنظيم المجلس الدستوري التونسي‬
‫وصالحياته نجدها تعتبر المجلس الدستوري هيئة استشارية ال تمارس أي دور رقابي وغير‬
‫متمتعة باالستقالل الم الي والشخصية القانونية الشيء الذي يرجح الطابع السياسي للهيئة‪،‬‬
‫ونركز على كلمة هيئة‪.‬‬

‫أما المادة الثانية من القانون نفسه فمن خالل نصها على تركيبة المجلس والتي تشير‬
‫إلى أنه يتم اختيار أعضائه التسعة من طرف رئيس الجمهورية من ذوي الكفاءة والخبرة‬
‫القانونية المتميزة بقطع النظر عن سنهم يوحي بالرغبة في تجنب أصحاب الخبرة السياسية‬
‫وهي إشارة إلى إبقاء المجلس الدستوري في إطار العمل التقني المحض وابعاده عن‬
‫االتجاهات السياسية والحزبية باألخص‪ .‬فيظهر من حيث الواجهة هيئة قضائية وبهذا ال‬
‫يمكن تمييز طبيعة المجلس الدستوري التونسي من حيث الطبيعة القضائية أو الطبيعة‬
‫السياسية فمن حيث التشكيلة يظهر أنه هيئة قضائية أما من حيث الدور االستشاري الذي‬
‫يقدمه لرئيس الجمهورية والدور الذي يلعبه في المجال االنتخابي وكذا إبداء رأيه في مشاريع‬

‫‪ - 1‬القانون عدد ‪ 39‬لسنة ‪ 1990‬مؤرخ في ‪ 18‬أفريل ‪ 1990‬المتعلق بالمجلس الدستوري التونسي‪ ،‬الرائد الرسمي‪ ،‬عدد‬
‫‪ 27‬مؤرخة في ‪ 20‬أفريل ‪.1990‬‬

‫‪44‬‬
‫القوانين (الرقابة السابقة) يجعله هيئة ذات طابع سياسي خاصة أنه لم يتم النص عليه في‬
‫الدستور ولكن تم إنشاؤه بواسطة نص تنظيمي صادر عن السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مرحلة دسترة المجلس الدستوري‬

‫لقد ارتقى المجلس الدستوري إلى مؤسسة دستورية تم النص عليها من خالل الباب‬
‫التاسع بعد التعديل الذي مس الدستور التونسي بتاريخ ‪ 06‬نوفمبر ‪.11995‬‬

‫ولقد تبعه تعديل آخر في سنة ‪ 1997‬جعل من أراء المجلس الدستوري آراء ذات حجية‬
‫كاملة وذلك ما نص عليه القانون المتعلق بالتعديل الدستوري المؤرخ في ‪ 27‬أكتوبر ‪.1997‬‬

‫ودعم هذا التحول في مسار المجلس الدستوري التونسي من خالل قانون التعديل‬
‫الدستوري المؤرخ في ‪ 01‬جوان ‪ 2002‬والذي وسع من دائرة الحقوق األساسية في الدستور‬
‫هذه األخيرة أدت إلى دعم استقاللية المجلس الدستوري وتقوية صالحياته‪.‬‬

‫وتتحدد معالم هذا التحول في النقاط الثالثة اآلتية‪:‬‬

‫أوال‪ -‬تجسيد استقاللية المجلس الدستوري‬

‫يتكون المجلس الدستوري التونسي من تسعة أعضاء (‪ 06 ،)09‬أعضاء من (‪ )09‬بما‬


‫فيهم رئيس المجلس الدستوري يتم تعيينهم لمدة (‪ )03‬ثالثة سنوات قابلة للتجديد مرتين‪ ،‬أما‬
‫الثالثة الباقون فهم أعضاء بحكم وظائفهم ويشغلون الوظائف اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬الرئيس األول لمحكمة النقض‬

‫‪ -‬الرئيس األول للمحكمة اإلدارية‬

‫‪ -‬الرئيس األول لمجلس المحاسبة(‪.)2‬‬

‫‪ - 1‬قانون دستوري عدد ‪ 90‬لسنة ‪ 1995‬مؤرخ في ‪ 06‬نوفمبر ‪ 1995‬يتعلق بالمجلس الدستوري‪ ،‬الرائد الرسمي‪ ،‬عدد‬
‫‪.99‬‬
‫‪2 - M. CHAREF EDDINE, Le Control de constitutionnalité des lois et des droits‬‬
‫‪fondamentaux in , VI journée Maghrébines de droit constitutionnel, 06/07 mars 2008, Faculté‬‬
‫‪de droit et des sciences Politiques de Tunis, Association tunisienne de droit constitutionnel , la‬‬
‫‪justice constitutionnelle aux Maghreb, p. 1-2.‬‬

‫‪45‬‬
‫ولدعم هذا التحول ودعم استقاللية المجلس الدستوري – نصت المادة ‪ 75‬منه على عدم‬
‫قابلية الجمع بين الوظائف بالنسبة لألعضاء الستة (‪ )06‬المعينون من طرف رئيس‬
‫الجمهورية دون األعضاء الثالثة المعينون بحكم وظائفهم‪ ،‬حيث جعلت عضوية المجلس‬
‫الدستوري تتنافى مع المهام الحكومية والبرلمانية‪ ،‬كما تتعارض مع مهمة رئاسة هيئة نقابية‬
‫أو حزبية أو ممارسة أية نشاطات من شأنها أن تمس بحياد أعضاء المجلس الدستوري أو‬
‫تمس بنزاهتهم كما جاء القانون العضوي المؤرخ في ‪ 12‬جويلية ‪ 2004‬مضيفا عدة نشاطات‬
‫ومهام تتنافى مع العضوية بالمجلس الدستوري‪.1‬‬

‫ثانيا‪ -‬توسيع صالحيات المجلس الدستوري في الرقابة السابقة على مشاريع القوانين‬

‫قبل إصدار القانون من طرف رئيس الجمهورية عليه إخطار المجلس الدستوري بمراقبة‬
‫مدى دستوريته سواء كان مشروع قانون عضوي (أساسي) أو مشروع قانون عادي‪ ،‬وكذا‬
‫مراقبة التعديالت المتعلقة بمشروع القانون من قبل السلطة التشريعية‪ ،‬وبمناسبة ممارسة‬
‫المجلس الدستوري لمشاريع القوانين قبل إصدارها يصدر رأيا مسببا وملزما هذا الرأي يصدر‬
‫في الجريدة الرسمية للجمهورية التونسية‪.2‬‬

‫ال بد أن نشير إلى أن اإلخطار يكون إجباريا من طرف رئيس الجمهورية في‬
‫مجاالت حددتها المادة ‪ 72‬من دستور تونس على سبيل الحصر فباإلضافة إلى مشاريع‬
‫القوانين العضوية يكون اإلخطار وجوبيا في مشاريع القوانين العقوبات المقابلة لها‪،‬‬
‫اإلجراءات أمام مختلف الجهات القضائية العفو‪ ،‬وكذا المبادئ العامة لنظام الملكية والحقوق‬
‫العينية والتعليم والصحة العمومية والحق في العمل والضمان االجتماعي‪.3‬‬

‫كما يكون اإلخطار إلزاميا في كل مشاريع القوانين المتعلقة بالحقوق األساسية لألفراد‪.‬‬

‫‪1 Ibid.‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 72‬من الدستور التونسي المعدل في ‪ 06‬نوفمبر ‪( 1997‬نص مترجمة من الفرنسية)‪.‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 72‬من الدستور التونسي المعدل في ‪ 06‬نوفمبر ‪( 1997‬مادة مترجمة من الفرنسية)‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫ثالثا‪ -‬طبيعة اآلراء الصادرة عن المجلس الدستوري التونسي‬

‫جاء في المادة ‪ 75‬من الدستور التونسي بعد التعديل الذي أدخل عليه سنة ‪ 1997‬بأن‬
‫آراء المجلس الدستوري يجب أن تكون مبررة وتلزم كل السلطات العمومية‪ ،‬وهذا النص‬
‫الدستوري يقدم لنا عدة استنتاجات‪:‬‬

‫‪ - 1‬إن تبرير أراء المجلس الدستوري التي تنشر في الجريدة الرسمية ابتداء من سنة‬
‫‪ 2004‬سواء كانت إيجابية بالحكم بدستورية مشروع القانون أو كانت سلبية بالحكم بعدم‬
‫دستورية مشروع القانون فإن هذا العمل يثبت القانون ويزيد في الثقافة الدستورية سواء بالنسبة‬
‫للنوا ب في البرلمان باعتبارهم أصحاب سن القانون أو بالنسبة للمواطن الذي يقوي ثقافته‬
‫القانونية من خالل اطالعه على محتوى الرأي‪.1‬‬

‫‪ - 2‬إن إلزامية الرأي المقدم من طرف المجلس الدستوري حول مشاريع القوانين بالنسبة‬
‫للسلطات (التشريعية‪ ،‬التنفيذية والقضائية) ال يتنافى مع المهمة االستشارية للمجلس‬
‫الدستوري‪.2‬‬

‫‪ - 3‬إن المادة ‪ 75‬من الدستور التونسي تجعل المجلس الدستوري التونسي يراقب مرة‬
‫ثانية مشروع القانون بعد تقديم وادخال تعديالت وتؤكد ذلك المادة ‪ 52‬التي تسمح لرئيس‬
‫الجمهورية بتأجيل إصدار القانون إال بعد مراقبة مدى مطابقة التعديالت مع رأي المجلس‬
‫الدستوري الذي أصدره بمناسبة ممارسته للمراقبة األولية على مشروع القانون‪.3‬‬

‫أما بالنسبة للسلطة التنفيذية فإن المادة ‪ 23‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس‬
‫الدستوري التونسي تفرض على الحكومة رفع المواد المشوبة بعدم الدستورية قبل عرض‬
‫القانون على البرلمان(‪.)4‬‬

‫‪1 - M. CHAREF EDDINE, op. cit, p. 3.‬‬


‫‪ - 2‬المواد ‪ 72‬و‪ 75‬من الدستور التونسي المعدل في ‪.1997‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 52‬من الدستور التونسي لعام ‪.1959‬‬
‫‪ - 4‬المادة ‪ 23‬من القانون العضوي عدد ‪ 1993/118‬المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري التونسي‪.‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 118‬من دستور تونس لعام ‪2014‬‬
‫‪ -4‬المواد‪ 124 – 123 – 121 – 120 -119 :‬من دستور تونس لعام ‪2014‬‬

‫‪47‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬المحكمة الدستورية‬
‫جاء النص على محكمة دستورية من خالل القسم الثاني من دستور تونس ‪ 2014‬حيث‬
‫نصت المادة ‪ 118‬منه على محكمة دستورية واعتبرتها هيئة قضائية صرفة تتكون من‬
‫‪12‬عضوا من ذوي الكفاءة وأشترطت ان يكون ¾ من المختصين في القانون وذوي خبرة ال‬
‫تقل عن ‪ 20‬سنة ‪ .‬وأعطت حق التعيين لكل من رئيس الجمهورية ومجلس النواب و‬
‫المجلس األعلى للقضاء ‪ 04‬أعضاء لكل منهم ‪.‬وحددت مدة العضوية بـ ‪ 09‬سنوات مع‬
‫تجديد الثلث كل ‪ 03‬سنوات وينتخب األعضاء رئيس المحكمة الدستورية ونائبه على أن‬
‫يكونا من ¾ المختصين في القانون‪ .‬كما منعت المادة ‪ 119‬من نفس الدستور الجمع بين‬
‫عضوية المحكمة الدستورية ومباشرة أية مهام أو وظائف أخرى في حين حددت المادة‬
‫‪120‬اختصاصات المحكمة الدستورية وجعلت المادة ‪ 121‬أحكامها نهائية حائزة على حجية‬
‫الشيء المقضي فيه‪ ،‬أما المادة ‪ 123‬فأعطت للمواطن التونسي حق الدفع بعدم دستورية‬
‫قانون وفق إجراءات ومواعيد وحاالت يحددها قانون عادي أحالت عليه المادة ‪.124‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬نشأة هيئات القضاء الدستوري الموريتاني وتطورها‬

‫قبل أن يعرف النظام الدستوري الموريتاني نظام المجلس الدستوري الحالي عرف‬
‫ثالثة مراحل في تنظيم القضاء الدستوري ونبينها من خالل الفروع اآلتية‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اللجنة الدستورية‬

‫جاء أول دستور للجمهورية اإلسالمية الموريتانية بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪ ،1959‬وخصص‬


‫هذا الدستور بابا كامال نص من خالله على لجنة أسندت إليها مهمة رقابة دستورية القوانين‬
‫وحل النزاع والفصل بين مجال التشريع والتنظيم‪.1‬‬

‫وكانت تتشكل اللجنة الدستورية من خمسة أعضاء يرأسها قاض باإلضافة إلى أحد قضاة‬
‫القضاء اإلداري عضوا وأستاذ قانون يتم تعينهما بمرسوم يتخذ على مستوى مجلس الوزراء‬
‫أما العضوان الباقيان فأحدهما يعينه الوزير األول يتم تعيينه بقرار من رئيس الجمعية الوطنية‬
‫وهذا حسب المادة ‪ 41‬من دستور موريتانيا المؤرخ في ‪ 22‬مارس ‪ 1959‬والمادة األولى من‬

‫‪ - 1‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.7‬‬

‫‪48‬‬
‫قانون ‪ 1959/58‬المنظم للجنة الدستورية‪.1‬‬

‫وأسندت لهات ه اللجنة مهمة مراقبة مدى دستورية القوانين بعد تلقيها طلبا من الوزير األول‬
‫كما لها أن تفصل مجال القانون عن التنظيم وتبطل مداوالت البرلمان التي تكون خارج إطار‬
‫الدورات ولها دور في المنازعة االنتخابية المتعلقة بانتخاب النواب‪.2‬‬

‫لكن ما يالحظ من الناحية العملية أن هاته اللجنة كان عمرها قصير ولم تمنح الوقت‬
‫الكافي لممارسة أي نشاط وذلك بسبب قصر عمر دستور ‪ 22‬مارس ‪ 1959‬وطابعه‬
‫االنتقالي والذي انعكس على جميع المؤسسات التي أحدثها حيث ألغى واستبدل هذا الدستور‬
‫بدستور ‪ 20‬ماي ‪.1961‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬وضعية القضاء الدستوري الموريتاني في ظل دستور ‪ 20‬ماس ‪1961‬‬

‫بعد إعالن استقالل موريتانيا بتاريخ ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1960‬صار دستور ‪ 22‬مارس‬


‫‪ 1959‬يعبر عن مرحلة االستقالل الداخلي وكان ال بد من تعديله وتم تعديله بتاريخ ‪20‬‬
‫ماي ‪.31991‬‬

‫وقد نص هذا الدستور على تحويل اختصاص اللجنة الدستورية التي أنشئت في ظل‬
‫دستور ‪ 22‬مارس ‪ 1959‬إلى المحكمة العليا والتي تمارسها من خالل غرفة دستورية تعتبر‬
‫إحدى غرف المحكمة العليا ويتم تشكيلها داخلها‪.‬‬

‫ورغم أن المحكمة العليا الموريتانية التي أقرها ونص عليها دستور ‪ 20‬ماي ‪ 1961‬تمثل‬
‫هرم النظام القضائي إال أن اختصاصاتها الدستورية التي تمارسها من خالل غرفتها‬
‫الدستورية كانت أقرب إلى المجلس الدستوري الفرنسي منها إلى المحاكم الدستورية‬
‫األوروبية‪.4‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 2‬المواد ‪ 42 ،33 ،31 ،27 ،22‬من دستور موريتانيا ‪ 22‬مارس ‪.1959‬‬
‫‪3 M.,OULD DABI, Quelques réflections sur l'évolution et la nature du régime politique‬‬
‫‪Mauritanien de 1960 – 1978 , R. M. D. E, n° 1- 87, p. 31 et s.‬‬
‫‪ - 4‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.09 ،08‬‬

‫‪49‬‬
‫وما يالحظ أن دستور موريتانيا بعد االستقالل أحدث غرفة دستورية بالمحكمة العليا‬
‫شبيها بتلك الغرفة التي أحدثتها دساتير المملكة المغربية ‪ 1972 ،1970 ،1960‬بالمجلس‬
‫األعلى المغربي‪ ،‬ولكن الممارسة العملية لهذه الغرفة كانت ضعيفة ومحدودة وفي هذا الشأن‬
‫يرى األستاذات بدر خان ومحمد ولد خباز أنه‪« :‬إذا كانت هذه الغرفة الدستورية قد أصدرت‬
‫بعض األحكام في بعض المسائل ذات الطابع الدستوري كبيان مجال كل من السلطتين‬
‫التشريعية والتنظيمية وصحة االنتخابات الرئاسية والتشريعية إال أن هذه المحكمة ‪...‬لم‬
‫تصدر حكما واحدا يتعلق بدستورية القوانين في ظل الجمهورية األولى»‪.1‬‬

‫وخالل فترة الحكم المدني التي امتدت من االستقالل إلى سنة ‪ 1978‬صدر عن الغرفة‬
‫الدستورية بالمحكمة العليا ‪ 20‬ق اررا‪ ،‬منها ‪ 11‬عشرة قرار في مجال المنازعات االنتخابية‬
‫و‪ 06‬ق اررات متعلقة بمراقبة مدى مطابقة النظام الداخلي للجمعية الوطنية مع الدستور‪،‬‬
‫وق اررين اثنين تعلقا بالفصل بين مجالي القانون والتنظيم‪ ،‬وقرار واحد جاء متعلق ببعض‬
‫إجراءات مشروع قانون اإلجراءات المدنية والتجارية واإلدارية‪.2‬‬

‫ويمكن تحديد أسباب فشل تجربة الغرفة الدستورية فيما يلي‪:‬‬

‫*عدم فعالية طرية إخطار الغرفة الدستورية والذي يتنافى مع حرية التقاضي‪.‬‬

‫* ضعف االختصاصات التي تمتعت بها المحكمة العليا في مجال االختصاصات‪.‬‬

‫* سيطرة الحزب الواحد على النظام السياسي وطريقة الحكم في موريتانيا واستمرت‬
‫الغرفة الدستورية في عملها في مرحلتها إلى سنة ‪ 1978‬تاريخ االنقالب العسكري على حزب‬
‫الشعبي الموريتاني‪.‬‬

‫‪ - 1‬بدر خان ومحمد ولد خباز ‪ ،‬عالقة السلطة القضائية بالسلطتين التنفيذية والتشريعية في ظل التنظيم الدستوري‬
‫الموريتاني‪ ،‬نقال عن عبد الرزاق مصلح‪ ،‬المجالس الدستورية في دول المغرب العربي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدراسات المعمقة‬
‫في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس‪ ،1992 /1991 ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪ - 2‬عبد الرزاق مصلح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.9‬‬

‫‪50‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬القضاء الدستوري في مرحلة الحكم العسكري‬
‫نصت جميع المواثيق التي أصدرها العسكر على إلغاء ترتيبات دستور ‪ 1961‬خاصة ما‬
‫تعلق بالسلطتين التنفيذية والتشريعية‪ ،‬وأن السلطة تمارسها القوات المسلحة‪ ،1‬ومن خالل ذلك‬
‫أصبحت اللجنة العسكرية تمارس السلطة التشريعية بواسطة أوامر‪.‬‬
‫وفي مرحلة صدور القانون ‪ 83/144‬المتعلق بإعادة تنظيم القضاء أعطى هذا‬
‫األخير للمحكمة العليا حق البت في مدى مطابقة النصوص التشريعية والتنظيمية للميثاق‬
‫الدستوري‪ ،‬وجاءت المادة ‪ 23‬من القانون ‪ 83/144‬ليفضي حق لكل من أعضاء الحكومة‬
‫ورئيس الدولة بالطعن في دستورية النصوص القانونية والتشريعية‪.‬‬
‫لكن رغم ما جاء به هذا القانون إال أن الرقابة الدستورية كانت غائبة والمحكمة العليا‬
‫كانت مشلولة بسبب طبيعة الحكم العسكري الذي ال يعترف بأي نوع من أنواع الرقابة‪.‬‬
‫كما أن المحاكم العادية واإلدارية لم تقبل االختصاص بالنظر في مدى دستورية القانون‪،‬‬
‫بحيث رفضت طلبا فرعيا تقدم به شخص مدعي يطلب من خالله إلغاء األمر القانوني الذي‬
‫استند عليه رئيس الدولة في توقيع العقوبة المطعون فيها مبررة موقفها بأن األمر القانوني‬
‫محل الطعن يرقى إلى درجة العمل التشريعي وأن الوضع الحالي للمؤسسات ال يسمح بمراقبة‬
‫دستورية القوانين‪.2‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬نشأة المجلس الدستوري وتطوره‬
‫قد برز المجلس الدستوري الموريتاني في إطار مرحلة جديدة من تطور القضاء‬
‫الدستوري والحياة الدستورية في موريتانيا وكان متمي از من حيث السلطات الواسعة التي منحه‬

‫‪ - 1‬للمزيد أنظر على الخصوص‪:‬‬


‫‪- M.OULD SIDI KHABAZ, L'évolution constitutionnelle et politique de la Mauritanie de‬‬
‫‪1960 à 1988, Thèse de doctorat en sciences politiques, Université Paris I, Panthéon Sorbonne,‬‬
‫‪1990., pp. 171 et suite.‬‬
‫‪ - 2‬قرار مؤرخ في ‪ 08‬يناير ‪ 1981‬صادر عن الغرفة اإلدارية بالمحكمة العليا ‪:‬‬
‫‪" IL n'existe pas en l'état actuel dans notre institution un contrôle de constitutionnalité des‬‬
‫‪lois".‬‬

‫‪51‬‬
‫إياه الدستور باإلضافة إلى طريقة تعيين أعضاءه والضمانات التي يتمتعون بها‪ .‬وظهر‬
‫مستقال من الجانب المؤسساتي والجانب القانوني‪.1‬‬
‫كما أن الدستور الموريتاني لم يتطرق إلى تحديد طبيعة المجلس الدستوري الموريتاني‬
‫مثلما هو الحال ب النسبة للمجلس الدستوري الجزائري والفرنسي لكن من خالل البحث‬
‫والتمحيص في بعض أحكامه يظهر أنه هيئة ذات طبيعة قضائية‪.2‬‬
‫أوال – نشأته ‪:‬‬
‫حسب نص المادة ‪ 86‬من دستور موريتانيا ‪ 12‬يوليو ‪ 1991‬فإن المجلس الدستوري‬
‫الموريتاني يتكون من ستة أعضاء فالعدد (‪ )06‬ال يوجد له مبرر واقعي حيث يخالف عدد‬
‫أعضاء المجلس الدستوري الفرنسي (‪ )09‬أعضاء والمجلس الدستوري الجزائري (‪)09‬‬
‫أعضاء‪ ،‬والمجلس الدستوري المغربي (‪ )12‬عضوا‪ ،‬والمجلس التونسي (‪ )09‬أعضاء إال أنه‬
‫يزيد عن المجلس الدستوري السنغالي الذي يبلغ عدد أعضائه (‪ )05‬خمسة أعضاء‪.3‬‬
‫ويتم اختيار أعضاء المجلس الدستوري الموريتاني من قبل السلطات السياسية على‬
‫خال ف بعض الدول التي تعتمد كلية على االنتخاب من قبل البرلمان مثل المحكمة الدستورية‬
‫األلمانية والبرتغالية والمجرية والسويسرية والبولونية مع مراعاة االختالف في األغلبية‬
‫المطلوبة في التصويت كما تختلف طريقة تعيين أعضاء المجلس الدستوري الموريتاني عن‬
‫تلك الدول التي تعتمد كلية على التعيين من قبل السلطات السياسية مثلما هو الحال في‬
‫فرنسا وبعض الدول التي تأخذ بتجربتها كما ال تتفق مع بعض الدول التي تأخذ بنظام المزج‬
‫بين التعيين من طرف البرلمان والتعيين من طرف السلطة التنفيذية مثل إيطاليا النمسا بلجيكا‬
‫ورومانيا‪.4‬‬
‫ثانيا‪ -‬تطوره وطبيعته ‪:‬‬
‫إن الدستور الموريتاني لم يتطرق إلى تحديد طبيعة المجلس لكن بالعودة إلى األحكام‬
‫التي تنظم المجلس الدستوري نستطيع أن نتبين أن السلطات التي يمارسها هي اختصاصات‬

‫‪ - 1‬جعفر ولد مرابط ولد جعفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.18 -17‬‬
‫‪ - 4‬زهير المظفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.46 -44‬‬

‫‪52‬‬
‫ذات طابع قضائي وأهم ميزة هي ما نصت عليه المادة ‪ 02/87‬من دستور موريتانيا ‪1991‬‬
‫والتي اعتبرت أن ق اررات المجلس الدستوري الموريتاني تتمتع بحجية الشيء المقضي فيه(‪.)1‬‬

‫كما أن المجلس الموريتاني أكد الطابع القضائي لبعض أحكامه حيث ميز بينها وبين‬
‫المهام االستشارية التي يقوم بها(‪ ،)2‬ومن هنا يتبين لنا أن المجلس الدستوري الموريتاني لم‬
‫يخرج عن القاعدة المكرسة من خالل المجلس الدستوري الفرنسي ونظرائه في الجزائر‬
‫والمغرب وتونس فهو هيئة سياسية من حيث تشكيلته وهو هيئة قضائية من حيث‬
‫اختصاصاته وبعض إجراءات عمله ومن حيث القيمة القانونية لألعمال التي تصدر عنه من‬
‫حيث أنها تملك حجية الشيء المقضي فيه وملزمة بالنسبة لكافة السلطات‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬مدى تأثر المجلس الدستوري الموريتاني بالتجارب المقارنة ‪:‬‬

‫جاء المجلس الدستوري الموريتاني متأث ار إلى حد بعيد بالمجلس الدستوري الفرنسي‬
‫المنصوص عليه في دستور ‪ 04‬أكتوبر ‪ 1958‬وذلك من خالل طريقة تشكيلته التي تعتمد‬
‫على التعيين وكذلك الضمانات التي منحت للقضاة الدستوريين وكذا نظام تحريكه واجراءات‬
‫عمله ونوعية المهام واالختصاصات التي منحت له شأنه في ذلك شأن باقي المجالس‬
‫الدستورية في دول المغرب العربي سواء من ناحية التنظيم أو االختصاصات وهذا ما يتم‬
‫التطرق إليه في العناصر القادمة من البحث‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تركيبة هيئات القضاء الدستوري‬


‫يطرح تعيين أعضاء المجلس الدستوري أو الهيئات المكلفة بممارسة القضاء الدستوري‬
‫عبر العالم مسألة السلطات التي تقوم بالتعيين وهي السلطات الدستورية المعروفة (التنفيذية‪،‬‬
‫التشريعية‪ ،‬القضائية) وما لها من تأثير على الهيئة المشكلة‪ ،‬وكذا الدور الذي تلعبه كل من‬
‫األغلبية الحاكمة واألقلية المعارضة في تكوين هذه الهيئة وباألخص في األنظمة التي تعتمد‬
‫على األغلبية الرئاسية داخل برلماناتها‪ ،‬وكذا مسألة المفاضلة بين الكفاءات التي تشكل هذه‬
‫الهيئات بين القانوني والسياسي ومن هو األكثر مالئمة لتولي المهمة باعتبارها مهمة قضائية‬
‫حقلها سياسي‪.‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 02/87‬دستور موريتانيا ‪.1991‬‬


‫‪ - 2‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪53‬‬
‫وكذلك ت طرح مسألة تعيين أعضاء المجلس الدستوري أو أية هيئة يعهد لها بممارسة‬
‫القضاء الدستوري العالقة بين رئيس الهيئة وأعضائها وكيف تكون متوازنة‪.‬‬
‫إن األمر الذي يجيبنا على هذا الطرح هو تحديد دور كل السلطات (تنفيذية‪ ،‬تشريعية‪،‬‬
‫قضائية) في تعيين أو تشكيل المجالس الدستورية في كل من الجزائر‪ ،‬تونس والمعرب‬
‫وموريتانيا‪.‬‬
‫نعالج من خالل هذا المبحث ثالثة مطالب‪:‬‬
‫‪ -‬نبين في المطلب األول‪ :‬السلطة التنفيذية في تشكيلة هيئات القضاء‬
‫الدستوري‪.‬‬
‫‪ -‬وفي مطلب ثان‪ :‬أطر تأثير السلطة التشريعية على هيئات القضاء الدستوري‬
‫من خالل التعيين واالنتخاب‪.‬‬
‫‪ -‬وفي مطلب ثالث‪ :‬دور السلطة القضائية على تشكيل هيئات القضاء‬
‫الدستوري‪.‬‬
‫المطلب األول‪:‬دور السلطة التنفيذية في تشكيلة هيئات القضاء الدستوري‬
‫نعالج من خالل الفرع األول مجال السلطة التنفيذية بين التعيين واالنتخاب‪ .‬وفي فرع‬
‫ثان‪ :‬نوضح دور السلطة التنفيذية في تشكيل هيئات القضاء الدستوري في المغرب‪ .‬وفي فرع‬
‫ثالث‪ :‬نبين دور وتأثير السلطة التنفيذية في تشكيل المجلس الدستوري التونسي‪ .‬وفي فرع‬
‫رابع دور وتأثير السلطة التنفيذية على تشكيل المجلس الدستوري الموريتاني‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬دور السلطة التنفيذية من خالل التعيين و االنتخاب‬

‫اختلف دور السلطة التنفيذية في تشكيل المجلس الدستوري الجزائري مع اختالف‬


‫الدساتير الجزائرية ونظرتها إلى هذه الهيئة‪ ،‬لذلك ندرس ونبين هذا الدور حسب كل مرحلة‬
‫دستورية مرت بها الجزائر وذلك من خالل النقاط التالية‪:‬‬

‫أوال ‪ -‬مرحلة دستور ‪ 10‬سبتمبر ‪: 1963‬‬

‫بالعودة إلى تشكيلة المجلس الدستوري الجزائري من خالل دستور ‪ 1963‬وحسب‬


‫نص المادة (‪ )63‬فإن السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية الذي له الحق في تعيين‬

‫‪54‬‬
‫عضوا واحدا فقط‪ ،‬ويعتبر هذا العدد ضئيل مقارنة بالسلطة التشريعية التي تعين (‪)03‬‬
‫أعضاء‪ .‬وكذا السلطة القضائية التي تعين (‪ )03‬أعضاء كذلك وهذا من بين ‪ 07‬أعضاء‬
‫المشكلون ألعضاء المجلس الدستوري‪ ،‬أضف إلى ذلك كون رئيس المجلس الدستوري يتم‬
‫انتخابه من طرف زمالئه وال يتم تعيينه من طرف السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية)‪.1‬‬

‫والدور الضعيف الذي لعبته السلطة التنفيذية في تلك المرحلة يرجع إلى النهج المتبع بعد‬
‫االستقالل واالعتماد على القيادة الجماعية للدولة واجتناب الحكم الفردي كما كان الشأن في‬
‫قيادة الثورة ضد االحتالل الفرنسي فكان للجنة التأسيسية التي أعدت مشروع دستور ‪10‬‬
‫سبتمبر ‪ 1963‬والتي كان كل أعضائها من حزب جبهة التحرير الوطني قد جعلت القيادة‬
‫الفعلية للحزب وليست للدولة‪ ،‬وذلك انعكس على الدستور‪ ،‬وعلى تشكيل باقي السلطات‬
‫ووظائفها‪.‬‬

‫وقد جمد العمل بدستور ‪ 10‬سبتمبر ‪ 1963‬بعد أيام فقط من صدوره حيث استعمل‬
‫رئيس الجمهورية المادة ‪ 59‬من الدستور والتي تنص على إعالن حالة الطوارئ وتجميد‬
‫العمل بالدستور‪ ،‬وهذه المادة تنص على ما يلي‪ «:‬في حالة الخطر الوشيك الوقوع يمكن‬
‫لرئس الجمهورية اتخاذ تدابير استثنائية لحماية استقالل األمة‪ ،‬ومؤسسات الجمهورية ويجتمع‬
‫المجلس الوطني وجوبا»‪.2‬‬

‫وقد بينت المادة ‪ 64‬من دستور ‪ 10‬سبتمبر ‪ 1963‬اختصاصات هذا المجلس الدستوري‬
‫بحيث جعلته يفصل في دستورية القوانين واألوامر التشريعية بطلب من رئيس المجلس‬
‫الوطني‪ ،‬والمالحظ أن مهمة المجلس الدستوري كانت تنحصر بمراقبة القوانين الصادرة عن‬
‫المجلس الوطني واألوامر التشريعية الصادرة عن رئيس الجمهورية فقط‪.‬‬

‫كما أعطى حق اإلخطار لرئيس المجلس الوطني دون رئيس الجمهورية والنتيجة أن‬
‫دستور ‪ 10‬سبتمبر ‪ 1963‬قلص من دور السلطة التنفيذية في تشكيلة المجلس الدستوري‬

‫‪ - 1‬سعيد بوشعير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13 -12‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 59‬من دستور الجزائر ‪ 10‬سبتمبر ‪.1963‬‬

‫‪55‬‬
‫ولكن عدم صدور النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري وتجميد الدستور يجعلنا غير‬
‫قادرين على الحكم على مدى تأثر المجلس الدستوري في دستور ‪ 1963‬بالسلطة التنفيذية‪.1‬‬

‫ثانيا‪ -‬دستور ‪ 18‬نوفمبر ‪: 1976‬‬

‫جاء دستور ‪ 18‬نوفمبر ‪ 1976‬بعد فترة فراغ دستوري دامت مدة ‪ 13‬سنة كان يحكم‬
‫الجزائر فيها إما قانون الطوارئ واما أوامر مجلس الثورة التي سادت بعد تغيير النظام في‬
‫حركة ‪ 19‬جوان ‪ 1965‬والتي اعتبرها البعض من رجال القانون الدستوري في الجزائر‬
‫دستور صغير (بيان حركة ‪ 19‬جوان ‪.2)1965‬‬

‫إن دستور ‪ 18‬نوفمبر ‪ 1976‬جاء خاليا من النص على المجلس الدستوري ولم يتطرق‬
‫للرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬لكنه نص على الرقابة بصفة عامة‪ ،‬وبين أهدافها وهي ضمان‬
‫حسن سير أجهزة الدولة في نطاق احترام كل من الميثاق الوطني والدستور‪.‬‬

‫واعتبر الميثاق الوطني هو المرجع األساسي بالنسبة للدستور وحدد الهيئات المكلفة‬
‫بالرقابة حسب االختصاصات المختلفة ألجهزة الدولة من رقابة سياسية تمارس من طرف‬
‫األجهزة القيادية للحزب‪ ،‬والدولة‪ ،‬ورقابة شعبية تمارس عن طريق المجالس الشعبية المنتخبة‬
‫والمجالس العمالية حسب المادة ‪ 187‬من دستور ‪.1976‬‬

‫أما الرقابة في جانبها المالي فتمارس بواسطة مجلس المحاسبة حسب المادة ‪ 190‬من‬
‫دستور ‪.31976‬‬

‫واعتبرت المواد ‪ 114‬و‪ 115‬من دستور ‪ 1976‬حق الرقابة وحماية الدستور لرئيس‬
‫الجمهورية باعتباره حامي الدستور‪ ،‬وكذا حقه في االعتراض على القوانين‪.‬‬

‫والمالحظ أن هذه الرقابة رقابة بعدية تنسجم وشكل النظام السياسي السائد حينذاك والذي‬

‫‪ - 1‬المواد‪ 64 ،63 ،59 :‬من دستور ‪ 10‬سبتمبر ‪.1963‬‬


‫‪ - 2‬أمر ‪ 10‬جويلية ‪ 1965‬القاضي بإسناد جميع صالحيات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في دستور ‪ 1963‬إلى‬
‫مجلس الثورة‪.‬‬
‫‪ - 3‬محمد بجاوي‪ ،‬المجلس الدستوري صالحيات‪ ،‬إنجازات‪ ،‬وآفاق‪ ،‬مجلة الفكر البرلماني‪ ،‬العدد ‪ ،5‬أفريل ‪ ،2004‬ص‬
‫ص ‪.53 - 35‬‬

‫‪56‬‬
‫كان يجعل الدولة تذوب في الحزب وأولوية الميثاق الوطني عن الدستور(‪.)1‬‬

‫ثالثا‪ -‬دستور ‪ 23‬فبراير ‪: 1989‬‬

‫جاء دستور ‪ 23‬فبراير ‪ 1989‬بعد أحداث ‪ 05‬أكتوبر ‪ 1988‬الرافضة لقيادة الحزب‬


‫الواحد وفلسفته ومناهجه في تسيير البالد وكان الغيا ألغلب المبادئ التي جاء بها دستور‬
‫‪ ،1976‬وأهم ما جاء فيه التعددية الحزبية واالزدواجية في السلطة التنفيذية وانشاء مجلس‬
‫دستوري‪.2‬‬

‫حيث جاء في المادة ‪ 154‬منه النص على تشكيله المجلس الدستوري بحيث جعله يتكون‬
‫من ‪ 07‬أعضاء ‪03‬أعضاء يعينهم رئيس الجمهورية بما فيهم رئيس المجلس الدستوري و‪02‬‬
‫عضوان ينتخبهما المجلس الشعبي الوطني و‪ 02‬عضوان ينتخبهما المجلس األعلى (جهة‬
‫طعن بالنقض في المواد المدنية واإلدارية)‪.3‬‬

‫وجعل رئيس الجمهورية باعتباره رئيس السلطة التنفيذية يعين ثالثة أعضاء من بين‬
‫السبعة بمن فيهم رئيس المجلس الدستوري الذي يملك صوتا مرجحا وله عدة مهام داخل‬
‫المجلس الدستوري وله دور استشاري بالنسبة لرئيس الجمهورية دون أن يقيد رئيس الجمهورية‬
‫(السلطة التنفيذية) بأي قيد أو شرط عند تعيين األعضاء الثالثة ويتم تعيين رئيس المجلس‬
‫الدستوري لعهدة كاملة مدتها ‪ 06‬سنوات وال يخضع للتجديد النصفي مثل باقي األعضاء‪.‬‬

‫وما يالحظ على دستور ‪ 23‬فبراير ‪ 1989‬أنه جاء في فترة قصيرة بعد أحداث ‪05‬‬
‫أكتوبر ‪ ،1988‬وجاء كردة فعل لتهدئة األوضاع الشيء الذي جعل السلطة التنفيذية تحاول‬
‫المسك باألمور وهذا ما جعل الدستور يعطي لها عدة صالحيات وجاء الدستور مشوبا‬
‫بمجموعة من الثغرات التي أدت إلى فراغ دستوري والذي أدى بدوره إلى أزمة مؤسساتية‬
‫تبعتها أزمة أمنية‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد اهلل بوقفة‪ ،‬القانون الدستوري (تاريخ ودساتير الجمهورية الجزائرية) مراجعات تاريخية سياسية قانونية‪ ،‬عين مليلة‪،‬‬
‫دار الهدى‪ ،2008 ، ،‬ص ‪.147‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 154‬من دستور الجزائر ‪ 23‬فبراير ‪.1989‬‬

‫‪57‬‬
‫رابعا‪ -‬دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪: 1996‬‬

‫أما في دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬والذي جاء ألول مرة بتبني نظام االزدواجية في‬
‫البرلمان بإنشاء مجلس األمة كغرفة ثانية للبرلمان إلى جانب المجلس الشعبي الوطني حسب‬
‫المادة ‪ 98‬والتي جاء فيها ما يلي‪ «:‬يمارس السلطة التشريعية برلمانا يتكون من غرفتين‪،‬‬
‫وهما المجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة‪ ،‬وله السيادة في إعداد القانون والتصويت‬
‫عليه» وازدواجية القضاء بإنشاء المحاكم اإلدارية ومجلس الدولة باعتباره قضاء إداري إلى‬
‫جانب القضاء العادي وتبني ازدواجية القضاء والقانون على عكس ما كان سائدا من خالل‬
‫تبني وحدة القضاء وازدواج القانون من خالل إنشاء الغرفة اإلدارية بالمجلس القضائي (جهة‬
‫استئناف عادية) والغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى للقضاء (جهة نقض إدارية) وهذا حسب‬
‫المادة ‪ 152‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪.11996‬‬

‫وقد تغيرت تشكيلة المجلس الدستوري الجزائري بارتفاع عدد أعضائها من ‪ 07‬أعضاء‬
‫في دستور ‪ 23‬فبراير ‪ 1989‬إلى تسعة أعضاء في دستور ‪ 1996‬حيث جاء في المادة‬
‫‪ 164‬منه مايلي‪«:‬يتكون المجلس الدستوري من تسعة أعضاء‪ ،‬ثالثة أعضاء من بينهم‬
‫رئيس المجلس يعينهم رئيس الجمهورية‪ ،‬واثنان ينتخبهما المجلس الشعبي الوطني واثنان‬
‫ينتخبهما مجلس األمة‪ ،‬وعضو تنتخبه المحكمة العليا وعضوا واحدا ينتخبه مجلس الدولة»‪.2‬‬

‫ما يالحظ بعد القراءة األولى أن السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية تقوم‬
‫بتعيين‪ 1/3‬ثلث أعضاء المجلس دون تقيدها بأي شرط أو قيد في هذا االختيار الشيء الذي‬
‫يجعل السلطة التنفيذية توظف هذا االختيار غير المقيد كما تشاء باإلضافة إلى اعتبار‬
‫رئيس المجلس الدستوري من بين الثالثة أعضاء الذين تعينهم السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫وبالعودة إلى الصالحيات التي يتمتع بها رئيس المجلس الدستوري الجزائري والمتمثلة في‬
‫كونه صاحب الصوت المرجح داخل المجلس في حالة تساوي األصوات وكذلك الدور‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 152‬من دستور الجزائر لعام ‪ ....« : 1996‬يؤسس مجلس الدولة كهيئة مقومة ألعمال الجهات القضائية‬
‫واإلدارية‪.»...‬‬
‫‪ - 2‬عبد القادر شربال ‪ ،‬ق اررات وآراء المجلس الدستوري في تأويل أحكام الدستور الجزائري‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دار هومة للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،2012 ،‬ص ‪.27‬‬

‫‪58‬‬
‫االستشاري الذي يلعبه في حالة استشارته من طرف رئيس الجمهورية قبل إعالن حالة‬
‫الطوارئ حسب المادة ‪ 91‬من الدستور ‪.11996‬‬

‫وهو الذي يتلقى رسالة اإلخطار المقدمة من طرف الهيئات صاحبة اإلخطار المبينة في‬
‫الدستور والتي يكون غير ملزم بعرضها على باقي األعضاء مع العلم ما لهذه الرسالة من‬
‫أهمية في التأثير على سير عمل المجلس الدستوري‪.‬‬

‫كما يتمتع رئيس المجلس الدستوري بحق تعيين المقرر هذا األخير الذي يتلقى رسالة‬
‫إخطار مرفقة بالنص المشوب بعدم الدستورية باإلضافة إلى االقتراحات المقدمة من طرف‬
‫الجهة صاحب ة اإلخطار‪ ،‬هذا المقرر الذي يعطيه القانون حق االستعانة بأي خبير إلتمام‬
‫مهمته والتي يعرضها على المجلس للتداول حولها‪.‬‬

‫إنه بتحليل بسيط يتضح لنا أن المقرر يكون مواليا سياسيا لرئيس المجلس الدستوري‬
‫الذي عينه ورئيس المجلس الدستوري يكون مواليا لرئيس السلطة التنفيذية الذي عينه‪،‬‬
‫وبالنتيجة هذا يعني إلزامية توافق النظرة السياسية في الطرح إن لم نقل النظرة الحزبية‪.‬‬

‫وبهذا يكون عمل المجلس الدستوري في اتجاه واحد وهو تحقيق األهداف السياسية‬
‫للسلطة التنفيذية ويتحول المجلس الدستوري إلى وسيلة تأييد عوض أن يكون وسيلة لضبط‬
‫السلطات ويتغلب فيه الجانب السياسي عن الجانب القانوني‪.‬‬

‫وكذلك رئيس المجلس الدستوري هو الشخصية الثالثة المؤهلة لقيادة الدولة حيث في حالة‬
‫تزامن شغور منصب رئيس الجمهورية مع شغور منصب رئيس مجلس األمة فإن رئيس‬
‫المجلس الدستوري يتولى قيادة الدولة لمدة ‪ 45‬يوما تنظم فيه انتخابات رئاسية وهذا حسب ما‬
‫جاء في المادة ‪ 96‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪.21996‬‬

‫لكن ما نالحظه في هذه النقطة أن منصب رئيس الدولة هو أعلى منصب في الدولة‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 91‬من دستور ‪ ... « :1996‬واستشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس األمة ورئيس الحكومة‬
‫ورئيس المجلس الدستوري‪.»...‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 96‬من الدستور المؤرخ في ‪ 28‬نوفمبر ‪... «:1996‬يتولى رئيس المجلس الدستوري وظائف رئيس الدولة‬
‫حسب الشروط المبينة سابقا‪.»...‬‬

‫‪59‬‬
‫ال يكفي لمن يعتليه ولو مؤقتا أن يكون مؤهال في مجال معين بل ال بد أن يكون صاحب‬
‫تكوين شامل في الجوانب السياسية والقانونية واالقتصادية ألن تسيير شؤون الدولة وتنظيم‬
‫انتخابات رئاسية ليس باألمر الهين حتى ولو كان هذا الرئيس المؤقت يتمتع بمجموعة من‬
‫المستشارين فلهذا أجد أن المشرع الدستوري الجزائري عندما أعطى حق تعيين رئيس المجلس‬
‫الدستوري لرئيس الجمهورية كان قد أصاب بعضا من الصواب‪ .‬ألنه في حالة ما ترك هذا‬
‫األمر أي تعيين رئيس المجلس الدستوري لالنتخاب من طرف أعضاء المجلس الدستوري‬
‫فإن االحتمال مفتوحا ألن يكون رئيسا المجلس الدستوري قاضيا من السلطة القضائية‬
‫(مجلس الدولة أو المحكمة العليا) والقاضي بحكم تكوينه بعيد عن السياسة وبهذا دوره‬
‫االستشاري بالنسبة لرئيس الجمهورية يكون محدودا وقيادته للدولة في فترة انتقالية يكون‬
‫صعبا‪.‬‬

‫وكذلك الحال إذا أسفر االنتخاب على رئيس مجلس دستوري ممثال للبرلمان فيكون‬
‫شخصيته حزبية تتمتع باألغلبية داخل البرلمان ملتزمة بأدبيات وبرنامج حزب سياسي أكثر‬
‫من التزامها بسياسة الدولة في كل جوانبها الشيء الذي يجر المجلس الدستوري إلى حقل‬
‫السياسة ويبعده عن مهمته األساسية‪.‬‬

‫وبالعودة إلى تدخل السلطة التنفيذية في تشكيل السلطة التشريعية السيما الثلث‬
‫الرئاسي‪ 1/3‬الذي يعينه رئيس الجمهورية بصفته رئيس السلطة التنفيذية حسبما جاء في‬
‫المادة ‪ 101‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬فإن هذا الثلث الرئاسي والذي يبلغ عدده ‪48‬‬
‫عضوا من مجموع ‪ 144‬عضوا يشكلون مجلس األمة (الغرفة الثانية في البرلمان الجزائر)‪،‬‬
‫وهذا الثلث يلعب دو ار كبي ار في انتخاب العضوين الممثلين لمجلس األمة على مستوى‬
‫المجلس الدستوري الشيء الذي يجعل منهم دعما إضافيا للسلطة التنفيذية داخل المجلس‬
‫الدستوري‪.1‬‬

‫أما السلطة القضائية الممثلة بقاض عن المحكمة العليا باعتبارها أعلى جهة نقض في‬
‫القضاء العادي وقاض عن مجلس الدولة باعتباره أعلى جهة نقض في القضاء اإلداري نعلم‬

‫‪ - 1‬رشيدة العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪51‬‬

‫‪60‬‬
‫أن الدستور الجزائري لـ ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬أعطى حق تعيين القضاة لرئيس السلطة التنفيذية‬
‫بناء على نص المادة ‪ 07/78‬من الدستور‪ ،‬وكذا تعيين رئيس مجلس الدولة المادة ‪04/78‬‬
‫باعتبارها جهة نقض عليا في القضاء اإلداري ممثلة بعضو في المجلس الدستوري‪.1‬‬
‫واعتبار أن السلطة القضائية مستقلة حسب الدستور الجزائري‪ 1996‬والذي ينص في‬
‫المادة ‪ 147‬منه‪ «:‬ال يخضع القاضي إال للقانون‪ »...‬إال أن االعتقاد الذي يسود دائما أن‬
‫صاحب التعيين له تأثي ر ولو غير مباشر على الشخص المعين خاصة إذا علمنا أن المادة‬
‫‪ 164‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬تجعل التعيين لمدة ‪ 06‬سنوات غير قابلة للتجديد وال‬
‫تجعله مدى الحياة الشيء الذي يجعل القاضي بعد إنهاء المهمة في المجلس الدستوري يعود‬
‫لممارسة مهامه على مستوى الجهات القضائية بتعين جديد من طرف السلطة التنفيذية‪ ،‬على‬
‫عكس المحكمة الفيدرالية العليا بالواليات المتحدة األمريكية التي تجعل القاضي معينا لمدى‬
‫الحياة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مجال السلطة التنفيذية في تشكيل هيئات القضاء الدستوري في المغرب‬

‫نعالج في نقطة أولى دور السلطة التنفيذية وتأثيرها على الغرفة الدستورية‪ ،‬وفي نقطة‬
‫ثانية‪ :‬دورها وتأثيرها على المجلس الدستوري وفي نقطة ثالثة تأثيرها على المحكمة‬
‫الدستورية‪.‬‬

‫أوال ‪ -‬دور السلطة التنفيذية في تشكيلة الغرفة الدستورية في المجلس األعلى ‪:‬‬

‫إن أول ما نالحظه هو زيادة عدد أعضاء الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى وكذا تزايد‬
‫األعضاء في المجلس الدستوري المغربي تزايدا مستم ار فهل لهذا التزايد من داللة ؟‬

‫لقد انتقلت الغرفة الدستورية من ‪ 04‬أعضاء في ظل دستور ‪ 1962‬حسب الفصل ‪100‬‬


‫والفصل ‪ 101‬إلى أربعة أعضاء في دستور ‪ 1970‬الفصل ‪ 93‬و‪ 94‬وارتفع العدد إلى ‪07‬‬
‫أعضاء في دستور ‪ 1972‬الفصل ‪ 94‬و‪ 95‬فباستثناء التناقص الذي حدث في دستور‬
‫‪ 1970‬من ‪ 05‬أعضاء إلى ‪ 04‬أعضاء التزايد هو القاعدة السائدة‪ ،‬ورغم هذا التزايد فإن‬
‫المغرب لم تخرج عن القاعدة الموجودة في أوروبا حيث نجد في فرنسا ‪ 09‬أعضاء‪ ،‬إسبانيا‬
‫‪ 12‬عضوا‪ ،‬البرتغال ‪ 13‬عضوا‪ 14 ،‬عضوا في النمسا‪ 15 ،‬عضوا في إيطاليا و‪ 16‬عضوا‬

‫‪ - 1‬المواد ‪ 148 ،147 ،78‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪1996.‬‬

‫‪61‬‬
‫في ألمانيا و‪ 09‬تسعة أعضاء في الجزائر دستور ‪ 06 ، 1996‬أعضاء في موريتانيا دستور‬
‫‪ 1991‬في تونس لم يتم تحديد العدد‪.1‬‬
‫أما في اليابان تتكون المحكمة العليا من ‪ 15‬قاضيا و‪ 22‬قاضيا في السويد و‪ 18‬قاضيا في‬
‫النرويج و‪ 35‬قاضيا في سويس ار إن لهذا التزايد المستمر داللة واضحة وهي اتساع مهام‬
‫الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى من دستور إلى دستور ومن مرحلة سياسية إلى مرحلة‬
‫سياسية أخرى في المغرب‪.2‬‬

‫إن رئيس المجلس األعلى هو في نفس الوقت رئيس الغرفة الدستورية وهذا الرئيس يعينه‬
‫الملك باإلضافة إلى عضوين في دستور ‪ .1962‬حسب الفقرة األولى من الفصل ‪ 101‬من‬
‫دستور ‪ 1962‬ونفس العدد بالنسبة لدستور ‪ 1970‬حسب الفقرة األولى من الفصل ‪ 94‬من‬
‫دستور ‪.1970‬‬

‫لكن االنتقال ظهر في دستور ‪ 1972‬من خالل انتقال العدد إلى ثالثة أعضاء أما رئيس‬
‫مجلس النواب فكان يعين عضوا واحدا خالل دستور ‪ 1962‬ودستور ‪ 1970‬حسب الفقرة‬
‫الثانية من الفصل ‪ 101‬دستور ‪ 1962‬والفقرة الثانية من الفصل ‪ 94‬من دستور ‪.1970‬‬

‫أما في دستور ‪ 1972‬من خالل الفصل ‪ 79‬فقرة ‪ 01‬صار رئيس مجلس النواب يعين ثالثة‬
‫أعضاء من الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى‪.3‬‬
‫ما نالحظه أن الملك في المغرب يمارس سلطة التعيين في الغرفة الدستورية بصفة فعلية‬
‫دون أن يتلقى اقتراح من أية جهة على عكس ملك إسبانيا الذي ال يعين في المحكمة‬
‫الدستورية إال بناء على اقتراح حسب المادة ‪ 05‬من الدستور اإلسباني ‪.1978‬‬

‫لكن دستور ‪ 1962‬و‪ 1970‬يلزم الملك بأن يختار ويعين أعضاء الغرفة الدستورية‬
‫بالمحكمة العليا من بين قضاة الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى وأساتذة كليات الحقوق بعضو‬
‫واحد من كل فئة وهذا حسب الفصل ‪ 93‬من دستور ‪ 1962‬والفصل ‪ 74‬من دستور‬

‫‪ - 1‬نور الدين أشحشاح ‪ ،‬الرقابة على دستورية القوانين في المغرب‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة دكتوراه في‬
‫القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية الحقوق أكدال‪ ،2001-2000 ،‬ص ‪.193-192‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.197‬‬

‫‪62‬‬
‫‪.11970‬‬

‫ولم يكن اختيار الملك ألحد قضاة الغرفة اإلدارية مشروطا باقتراح مسبق من طرف‬
‫المجلس األعلى للقضاء كما هو الشأن بالنسبة لتعيين قضاة المحاكم العادية باإلضافة إلى‬
‫أن ظهائر التعيين (مراسيم التعيين) ال تخضع للتوقيع المزدوج مع الوزير األول‪.‬‬

‫أما منذ صدور دستور ‪ 1972‬فصارت حرية الملك المغربي مطلقة في تعيين أعضاء‬
‫الغرفة الدستورية لكن إذا قورنت هذه السلطة المطلقة بسلطة الملك بإسبانيا فإننا نجد هذا‬
‫األخير مقيد باقتراح المادة ‪ 159‬من دستور إسبانيا ‪ 1978‬كما نجد سلطة رئيس الواليات‬
‫المتحدة األمريكية في تعيين قضاة المحكمة الفيدرالية العليا مقيدة بموافقة ومصادقة مجلس‬
‫الشيوخ أما في ألمانيا فإن رئيس الدولة مغيب تماما على لعب هذا الدور أي التعيين في‬
‫المحكمة الفيدرالية العليا‪.2‬‬

‫إن تركيبة الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى بالمملكة المغربية يظهر الدور الكبير التي‬
‫تلعبه السلطة التنفيذية مجسدة في المؤسسة الملكية خاصة بعد إعطاء حرية كاملة للملك في‬
‫التعيينات‪ ،‬الشيء الذي جعل هذه الغرفة أداة من جهة لمراقبة البرلمان (العمل التشريعي)‬
‫ومن جهة أخرى وسيلة لضبط العالقة بين األحزاب من خالل التعيينات التي تخضع لتحقيق‬
‫التوازنات السياسية و الجهوية في المغرب األمر الذي يحرص عليه الملك دائما في تعييناته‬
‫من أجل ضمان الوالء‪.3‬‬

‫ثانيا‪ -‬السلطة التنفيذية وتشكيل المجلس الدستوري المغربي ‪:‬‬

‫جاء النص على المجلس الدستوري في المغرب ألول مرة من خالل دستور ‪04‬‬
‫سبتمبر ‪ 1992‬وخصص له مكانة هامة من الناحية الشكلية‪ ،‬حيث جاء في الباب السادس‬
‫بعد المؤسسة الملكية ومؤسستي الحكومة والبرلمان‪ ،‬وصار المجلس الدستوري المغربي‬
‫يتشكل من رئيس المجلس الدستوري الذي يعينه الملك بظهير شريف ويعين الملك أيضا‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬


‫‪ - 2‬نور الدين أشحشاح‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص ‪.198‬‬
‫‪ - 3‬عبد السالم محمد الغنامي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.313‬‬

‫‪63‬‬
‫أربعة أعضاء وأربعة يعينهم رئيس مجلس النواب بعد استشارة الفرق النيابية‪.1‬‬

‫وبالنظر إلى السلطات التي يتمتع بها رئيس المجلس الدستوري داخل المجلس الدستوري‬
‫ذاته وكذلك باعتباره يستشار من طرف الملك بصفة فردية في بعض المسائل وعلى رأسها‬
‫إعالن حالة الطوارئ يجعل السلطة التنفيذية مجسدة في المؤسسة الملكية توجه وتسيطر على‬
‫المجلس الدستوري خاصة إذا أضفنا أن الملك يعين أربعة أعضاء في المجلس دون أن يتقيد‬
‫بأي قيد على عكس رئيس مجلس النواب الذي يعين أربعة أعضاء بعد استشارة الفرق‬
‫البرلمانية بمعنى أن هذا األخير يخضع للحسابات السياسية والحزبية داخل البرلمان ألنه إذا‬
‫لم يخضع آلراء الكتل البرلمانية في التعيينات سيخسر مواقفهم في المسائل الباقية على‬
‫عكس السلطة التنفيذية المجسدة في المؤسسة الملكية التي تكون صاحبة فضل على من‬
‫عينتهم في المجلس الدستوري وتنتظر منهم رد الجميل عن طريق الوالء‪.‬‬

‫أما في دستور ‪ 1996‬فتغيرت األمور بحيث صار الملك يعين ‪ 06‬أعضاء ويعين رئيسا‬
‫غرفتي البرلمان ‪ 06‬أعضاء ثالثة يعينهم رئيس مجلس النواب وثالثة يعينهم رئيس مجلس‬
‫المستشارين بعد عودة الغرفة العليا بالبرلمان المغربي والتي اختفت في دستور ‪.1972‬‬

‫وقد جاء في الفصل ‪ 79‬من دستور ‪ 1996‬المغربي ما يلي‪ «:‬يتألف المجلس الدستوري‬
‫من ستة أعضاء يعينهم الملك لمدة تسع سنوات‪ ،‬وستة أعضاء يعين ثالثة منهم رئيس‬
‫مجلس النواب‪ ،‬وثالثة رئيس مجلس المستشارين لنفس المدة بعد استشارة الفرق ويتم كل‬
‫ثالثة سنوات تجديد كل فئة من أعضاء المجلس الدستوري يختار الملك رئيس المجلس‬
‫الدستوري‪.‬‬

‫‪ -‬يختار الملك رئيس المجلس الدستوري من بين األعضاء الذين يعينهم‪.‬‬


‫مهمة رئيس وأعضاء المجلس الدستوري غير قابلة للتجديد»‪.2‬‬

‫أول ما نالحظه هو التوازن الموجود في التعيينات بين السلطة التنفيذية والسلطة‬


‫التشريعية ب ‪ 06‬أعضاء لكل منهما على عكس دستور ‪ 1992‬أين كانت السلطة التنفيذية‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.41-40‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 79‬من دستور المغرب ‪.1996‬‬

‫‪64‬‬
‫تعين خمسة أعضاء وأربعة للسلطة التشريعية حيث كان عدد أعضاء المجلس الدستور ي‬
‫في دستور ‪ 1992‬تسعة أعضاء كذلك هذا التوازن في دستور ‪ 1996‬لم يكن موجودا في‬
‫دستور ‪ 1972‬حيث كانت السلطة التنفيذية تعين أربعة أعضاء في الغرفة الدستورية مقابل‬
‫ثالثة أعضاء تعينهم السلطة التشريعية‪.‬‬

‫ويمتاز الملك (رئيس السلطة التنفيذية) بحرية مطلقة وال يتقيد بأي قيد أو شرط في تعيين‬
‫‪ 06‬أعضاء في المجلس الدستوري ومنهم رئيس المجلس الدستوري الذي له مكانة خاصة‬
‫ومؤثرة‪ ،‬ومن بين امتيازات رئيس المجلس الدستوري أنه يعين ألول وهلة لمدة ‪ 09‬سنوات‬
‫أي مدة كاملة وهو الذي يعين المقررين في مختلف القضايا التي تحال على المجلس‬
‫الدستوري لدراستها ويستشار من قبل الملك قبل إعالن حالة االستثناء في البالد وقبل حل‬
‫البرلمان أو أح د مجلسيه وهذا الرئيس هو الذي يحيل على المجلس ملف طلب أحد أعضاء‬
‫المجلس الدستوري بإعفائه من المهمة بمبادرة منه‪.1‬‬

‫إما بإحالة من أحد رئيسي غرفتي البرلمان أو من وزير العدل ورئيس المجلس الدستوري‬
‫هو الذي يدعو المجلس لالجتماع‪ ،‬ويطلعونه باقي األعضاء على كل تغيير يط أر على‬
‫أنشطتهم الخارجية إذا ما كان من شأنها مخالفة القانون التنظيمي للمجلس الدستوري ويقدم‬
‫األعضاء استقاالتهم إلى الرئيس ويتقاضى رئيس المجلس الدستوري تعويضا يساوي‬
‫آمر‬
‫التعويض الذي يتلقاه رئيس مجلس البرلمان‪ ،‬ويمارس التسيير اإلداري والمالي بصفته ا‬
‫بالصرف وهذا االختصاص يجعله يتمتع بسلطة مالية ففي الجانب اإلداري يمارس سلطة‬
‫سلمية على كل موظفي المجلس الدستوري بمختلف المصالح‪ ،‬هذه األخيرة التي تلعب دو ار‬
‫مهما في إنتاج عمل المجلس الدستوري من حيث التحضير واالستشارة‪.2‬‬

‫آمر بالصرف فإن للمجلس‬


‫أما االختصاص المالي لرئيس المجلس الدستوري باعتباره ا‬
‫الدستوري ميزانية خاصة ترصد لها اعتمادات من ميزانية الدولة العامة ويقوم األمين العام‬
‫للمجلس الدستوري بتحضير مشروع الميزانية ويعرضها على الرئيس للموافقة عليها ويعد‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.69‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫رئيس المجلس الدستوري هو اآلمر بالصرف في ميزانية المجلس كما يمكنه أن يعين آم ار‬
‫مساعدا بالصرف‪.‬‬

‫ويتولى محاسب ملحق بالمجلس الدستوري بقرار من وزير المالية القيام لدى رئيسه‬
‫بجميع الصالحيات المسندة إلى المحاسبين العموميين بمقتضى األنظمة المعمول بها‪.1‬‬

‫كما يرجع حق األخذ بالمبادرة في تعيين أعضاء المجلس الدستوري للملك وهكذا فإن‬
‫أعضاء المجلس الدستوري الذي تم النص عليه في دستور ‪ 1992‬لم يتم تعيينهم إلى غاية‬
‫مارس ‪ 1994‬أما أعضاء المجلس الدستوري الذي نص عليه دستور ‪ 1996‬لم يتم تعيينهم‬
‫إلى غاية ‪ 8‬يونيو ‪ 1999‬وبقي رئيسا مجلس النواب ينتظران مبادرة الملك بالتعيين حتى‬
‫يتمكنا من تعيين ‪ 06‬أعضاء الخاصين بالبرلمان‪.2‬‬

‫أهم ما يالحظ عن الدور الذي تلعبه السلطة التنفيذية بالمغرب مجسدة في المؤسسة‬
‫الملكية في تعيين أعضاء المجلس الدستوري هو أن العدد المخصص لها في تزايد وارتفاع‬
‫مستمر حسب ك ل الدساتير المغربية التي نصت على تشكيلة الغرفة الدستورية بالمجلس‬
‫األعلى أو تلك الدساتير التي نصت على تشكيلة المجلس الدستوري المغربي‪ ،‬وهذا ما‬
‫يختلف مع النظام الدستوري الجزائري من حيث تدبدب العدد من األعضاء المخصص‬
‫للسلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية حيث من حقه تعيين عضوا واحد في دستور‬
‫‪ 1963‬إلى ‪ 03‬أعضاء في دستور ‪ 1989‬إلى ثالثة أعضاء في دستور ‪ 1996‬لكنها تتفق‬
‫في جعل تعيين رئيس المجلس الدستوري من صالحيات السلطة التنفيذية باستثناء دستور‬
‫الجزائر ‪ 1963‬الذي جعل رئاسة المجلس الدستوري باالنتخاب من طرف األعضاء ‪.‬‬

‫أما من حيث عدم تقييد السلطة التنفيذية في المغرب ا(الملك) بأية قيود ابتداء من دستور‬
‫‪ 1972‬في تعيين أعضاء المجلس الدستوري المغربي يتفق مع عدم تقييد سلطة رئيس‬
‫الجمهورية في تعيين أعضاء المجلس الدستوري في الجزائر‪.‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.70‬‬

‫‪66‬‬
‫ثالثا‪ -‬دور السلطة التنفيذية في تشكيل المحكمة الدستورية المغربية ‪:‬‬

‫حسب ما جاء في الفصل ‪ 130‬من دستور المملكة المغربية المؤرخ في ‪ 1‬يوليو ‪2011‬‬
‫فإن المحكمة الدستورية تتألف من اثني عشرة عضوا وهو نفس العدد الذي كان يتألف منه‬
‫المجلس الدستوري المغربي في ظل دستور ‪ .1996‬يتم تعيين ستة منهم أي النصف من قبل‬
‫الملك أي السلطة التنفيذية ومن بين هؤالء الستة عضوا واحدا يقترحه األمين العام للمجلس‬
‫العلمي األعلى وستة أعضاء الباقون ويمثلون نصف أعضاء المحكمة الدستورية ‪ 03‬منهم‬
‫ينتخبهم مجلس النواب والثالثة اآلخرون ينتخبهم مجلس المستشارين من بين المترشحين‬
‫الذين يقدهم مكتب كل مجلس وذلك بأغلبية أصوات ‪ 2/3‬من المجلس‪.‬‬

‫كما يعين الملك رئيس المحكمة الدستورية من بين األعضاء الذين تتألف منهم‪.‬‬

‫ما يالحظ أن دور السلطة التنفيذية مجسدة في شخص الملك يلعب دو ار جوهريا‬
‫ومؤث ار في تشكيل المحكمة الدستورية بالمغرب خاصة عند تعيين رئيس المحكمة الدستورية‬
‫من طرف الملك وما لهذا الرئيس من اختصاصات في الظروف العادية والظروف الغير‬
‫عادية‪.1‬‬

‫الفرع الثالث‪:‬دور السلطة التنفيذية في تشكيل المجلس الدستوري التونسي‬

‫سبق وأن أشرت في هذه الدراسة إلى أن إنشاء المجلس الدستوري التونسي جاء‬
‫بمقتضى األمر الترتيبي عدد ‪ 1414‬لسنة ‪ 1987‬المؤرخ في ‪ 16‬ديسمبر ‪ 1987‬حسب ما‬
‫جاء في الفصل أألول من هذا األمر‪ «:‬أحدثت هيئة استشارية تسمى المجلس الدستوري‬
‫للجمهورية»‪.2‬وبعد المراجعة الدستورية بتاريخ ‪ 06‬نوفمبر ‪ 1995‬ارتقت هذه الهيئة إلى هيئة‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 130‬من دستور المملكة المغربية ‪ 01‬يوليو ‪.2011‬‬


‫‪ - 2‬الفصل ‪ 04‬من األمر الترتيبي ‪ 1414‬لسنة ‪ 1987‬مؤرخ في ‪ 16‬ديسمبر ‪.1987‬‬

‫‪67‬‬
‫منصوص عليها دستوريا وخصص لها الباب التاسع كله وبعد هذا التعديل األخير صار‬
‫المجلس الدستور التونسي يتشكل من ‪ 09‬أعضاء‪.1‬‬

‫ولهذا سنتطرق في فقرة أولى إلى المجلس الدستوري قبل تعديل ‪ ،1995‬وفي فقرة ثانية‬
‫للمجلس الدستوري بعد تعديل ‪ ،1995‬وفي فقرة ثالثة إلى مرحلة ما بعد تعديل ‪ 01‬جوان‬
‫‪.2002‬‬

‫أوال‪ -‬المجلس الدستوري التونسي قبل التعديل الدستوري لسنة ‪: 1995‬‬

‫كان المجلس الدستوري يتشكل من أحد عشرة عضوا كما جاء في نص الفصل ‪ 04‬من‬
‫أمر ‪ 16‬ديسمبر ‪ 1987‬الذي أحدث المجلس الدستوري‪.‬‬

‫وبعد صدور قانون ‪ 18‬أفريل ‪ 1990‬والمتعلق بالمجلس الدستوري تقلص عدد أعضاء‬
‫هذه الهيئة إلى ‪ 09‬أعضاء وهذا العدد يتساوى مع أعضاء المجلس الدستوري الفرنسي في‬
‫دستور ‪ 1958/10/ 04‬المادة ‪ .56‬كما يساوي عدد أعضاء المجلس الدستوري الجزائري في‬
‫دستور ‪ 1996/11/28‬المادة ‪ 164‬ويتم تعيين رئيس المجلس الدستوري من طرف رئيس‬
‫الجمهورية بمقتضى أمر رئاسي‪.2‬‬

‫بناء على الفصل ‪ 04‬من قانون ‪ 18‬أفريل ‪:1990‬‬

‫« يعين رئيس الجمهورية رئيس وأعضاء المجلس الدستوري بمقتضى أمر »‪.‬‬

‫يظهر من خ الل معالجة هذا الفصل أن كل أعضاء المجلس الدستوري يتم تعيينهم من‬
‫طرف السلطة التنفيذية مجسدة في مؤسسة رئيس الجمهورية وهنا يختلف تماما على دور‬
‫السلطة التنفيذية في تعيين أعضاء المجلس الدستوري فنجد في فرنسا السلطة التنفيذية تعين‬
‫‪ 03‬أعضاء (دستور ‪ )1958‬أما في الجزائر فالسلطة التنفيذية تعين ‪ 1/3‬ثلث األعضاء‬

‫‪1 -M. CHAKER, La justice Constitutionnelle au Maghreb, VI journées Maghrébines de droit‬‬


‫‪constitutionnel, 06/07 mars 2008, Faculté de droit et des scèances Politique de Tunis, 2008,‬‬
‫‪p. 8-9.‬‬
‫‪ - 2‬سميرة مرزوق الزغالمي ‪ ،‬المجلس الدستوري التونسي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في العلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة تونس المنار‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،2005 ،‬ص ‪.10-09‬‬

‫‪68‬‬
‫(دستور ‪ )1996‬أما دستور المملكة المغربية فالسلطة التنفيذية تعين‪ 1/3‬نصف العدد الكلي‬
‫للمجلس الدستوري أي ‪ 09‬أعضاء‪.1‬‬

‫أما رئيس المجلس الدستوري التونسي فيتم تعيينه من طرف السلطة التنفيذية (رئيس‬
‫الجمهورية) ويتفق هنا النظام الدستوري التونسي مع الدستور الفرنسي المادة ‪ 56‬والدستور‬
‫الجزائري المادة ‪ 164‬والدستور المغربي المادة ‪ ،51‬وحتى الدول التي أخذت بنظام الرقابة‬
‫القضائية على دستورية القوانين فإنها منحت حق تعيين رئيس الهيئة المكلفة بالقضاء‬
‫الدستوري إلى السلطة التنفيذية (رئيس جمهورية أو الملك) على غرار الواليات المتحدة‬
‫األمريكية‪ ،‬النمسا‪ ،‬تشيكوسلوفاكيا سابقا‪.‬‬

‫وحسب اعتقاد األستاذ زهير المظفر‪ « :‬فإن االنتخاب كما له إيجابياته له سلبياته‬
‫والمتمثلة في القضاء على اللحم ة الموجودة داخل المجلس في حال طغيان المصلحة‬
‫الشخصية والحزبية حين الترشح لرئاسة المجلس الدستوري وانقسام أعضائه حسب ميول‬
‫الناخبين ويرى أن التعيين يفصل في المسألة وال يتركه للنزاع »‪.2‬‬

‫كما يرى األستاذ )‪ (D. ROUSSEAU‬أنه‪ « :‬مهما يكن من أمر فإن الدراسات‬
‫المقارنة بينت أن الرؤساء معينين كانوا أو منتخبين ال تتأثر استقالليتهم في ممارستهم‬
‫لوظائفهم بطريقة تعيينهم»‪.3‬‬

‫وبالعودة ودراسة الصالحيات التي يتمتع بها رئيس المجلس الدستوري التونسي نجدها‬
‫عديدة حسب ما بينته فصول القانون ‪ 18‬أفريل ‪ 1990‬ومنها صالحيات أخرى مستمدة من‬
‫الدستور والمجلة االنتخابية أي (قانون االنتخابات)‪.‬‬

‫‪ -1‬رئاسة المجلس ‪:‬‬

‫جاء في الفصل األول من النظام الداخلي للمجلس الدستوري الصادر باألمر ‪2241‬‬
‫لسنة ‪ 1990‬والمؤرخ في ‪ 21‬ديسمبر ‪ 1990‬ما يلي‪« :‬ينعقد المجلس الدستوري بمبادرة من‬
‫رئيسه أو بطلب كتابي من خمسة أعضائه يوجه إلى رئيس المجلس»‪.‬‬

‫‪ - 1‬دساتير‪ ،‬الجزائر ‪ ،1996‬فرنسا‪ ،1958 ،‬المغرب‪.1996 ،‬‬


‫‪ - 2‬زهير المظفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪3 – D. ROUSSEAU, La justice Constitutionnelle en Europe , Paris, Montchrestien, 1992, p.‬‬
‫‪30.‬‬

‫‪69‬‬
‫كما يضبط المجلس الدستوري جدول أعمال المجلس حسب الفصل الثاني من النظام‬
‫الداخلي والذي جاء فيه‪«:‬توجه الدعوى النعقاد المجلس الدستوري من قبل رئيسه أو عند‬
‫التعذر من قبل أكبر األعضاء سنا وذلك قبل أسبوع على األقل من انعقاد المجلس‪،‬‬
‫ويختصر الرئيس هذا األجل عند االستعجال»‪.‬‬

‫ويعين رئيس المجلس الدستوري المقرر في صورة استعجال النظر ويرأس الجلسات‬
‫ويحفظ نظامها ويرفعها ويسهر على التصويت عند االقتضاء ويعلن على نتيجته حسبما جاء‬
‫في الفصل ‪ 03‬من النظام الداخلي للمجلس الدستوري التونسي‪.‬‬

‫كما يتولى الرئيس صياغة التقرير السنوي بمساعدة ثالثة أعضاء يضمنه عرضا على‬
‫نشاط المجلس واستنتاجاته ومقترحاته فيما يتعلق بتطوير التشريع‪.‬‬
‫كما أن رئيس المجلس الدستوري هو اآلمر بالصرف لميزانية المجلس الدستوري حسب‬
‫الفصل ‪ 17‬من قانون ‪ 18‬أفريل ‪ 1990‬ويمثل المجلس الدستوري لدى الغير ويتولى عرض‬
‫التقرير السنوي على رئيس الجمهورية‪.1‬‬

‫واالستنتاج هو أن المجلس الدستوري التونسي ال يتكون من ‪ 09‬أعضاء وانما يتكون من‬


‫‪ 08‬أعضاء يرأسهم رئيس المجلس الدستوري الموالي للسلطة التنفيذية التي عينته والتي‬
‫أعطته صالحيات كثيرة ومهمة عن طريق النص التنظيمي الذي صدر به المجلس الدستوري‬
‫وكذا النص التنظيمي الذي يحدد قواعد عمل المجلس الدستوري التونسي‪.‬‬

‫‪ - 2‬عضوية اللجنة الدستورية لالنتخابات الرئاسية و عمليات االستفتاء ‪:‬‬

‫ابتداء من التعديل الدستوري التونسي المؤرخ في ‪ 05‬جويلية ‪ 1988‬انشئت لجنة سميت‬


‫باللجنة الدستورية لالنتخابات الرئاسية و عمليات االستفتاء و جعلت المادة ‪ 40‬منه‪ ،‬رئيس‬
‫المجلس الدستوري عضوا في لجنة تقبل الترشحات لالنتخابات الرئاسية وبهذه المناسبة تم‬
‫النص على المجلس الدستوري ألول مرة في الدستور التونسي وذلك من خالل منح هذه‬
‫العضوية لرئيسه‪.‬‬

‫‪ - 1‬زهير المظفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.42 – 41‬‬

‫‪70‬‬
‫أما فيما يخص مراقبة االستفتاء المذكورة في الفصل ‪ 36‬من المجلة االنتخابية التونسية‪،‬‬
‫أوكل إلى نفس اللجنة حق مراقبتها واعتبار رئيس المجلس الدستوري عضوا فيها إال أنها لم‬
‫تقم بهذه المهمة بسب عدم إجراء أي استفتاء في تونس‪.1‬‬

‫‪ - 3‬رئاسة لجنة النظر في الطعون االنتخابية ‪:‬‬

‫أنشئت لجنة النظر في الطعون االنتخابية بعد تعديل المجلة االنتخابية في ‪ 29‬ديسمبر‬
‫‪ 1988‬وتتكون حسب الفصل ‪ 106‬من‪:‬‬

‫«الرئيس األول للمحكمة اإلدارية‪ ،‬والرئيس األول لمحكمة التعقيب النقض ويرأسها رئيس‬
‫المجلس الدستوري»‪.2‬‬

‫إن الطبيعة االستشارية للمجلس الدستوري للجمهورية تجعل رئيس الجمهورية ينفرد‬
‫بتعيين كل أعضائه‪.‬‬

‫تختلف هذه الطريقة عن الطريقة المقررة في فرنسا والتي تعتمد على إشراك السلطتين‬
‫التنفيذية والتشريعية في التعيين بحسب دستور ‪ ،1958‬كما تختلف عن الجزائر التي تشرك‬
‫كل من السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية في التعيين سواء بالتعيين المباشر أو‬
‫باالنتخاب دستور ‪ 1996‬وكما تختلف عن المغرب الذي يجمع في التعيين بين السلطة‬
‫التنفيذية مجسدة في المؤسسة الملكية والسلطة التشريعية مناصفة في دستور ‪.1996‬‬

‫وال بد من اإلشارة إلى أنه توجد عدة أنظمة لتشكيلة المجالس الدستورية فمنها من تعتمد‬
‫بصفة كاملة على التعيين مثل فرنسا ومنها من تعتمد كلية على االنتخاب مثل ألمانيا‬
‫والبرتغال والمجر (انتخاب أعضاء المحاكم الدستورية)‪ ،‬وهناك من تزاوج بين التعيين‬
‫واالنتخاب مثل (إيطاليا المحكمة الدستورية العليا) واسبانيا والنمسا وبلجيكا ورومانيا‪.‬‬

‫إن السلطة التنفيذية في تونس في تلك المرحلة كانت تحاول السيطرة على األمور بعد‬
‫اعتالء الرئيس بن علي الحكم وكانت مجبرة على استعمال عدة آليات من أجل تحقيق ذلك‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.46 ،‬‬

‫‪71‬‬
‫ومن بين هذه اآلليات نجد إنشاء المجلس الدستوري للجمهورية عن طريق أمر ترتيبي‬
‫(مرسوم رئاسي) وفي نفس اليوم أي ‪ 16‬ديسمبر ‪ 1987‬صدر أمر ترتيبي آخر يقضي‬
‫بتعيين أعضاء المجلس الدستوري‪.‬‬

‫فهو يدل على أن السلطة التنفيذية كانت تبحث على دور محدد للمجلس الدستوري وهو‬
‫آلية لمراقبة العمل البرلماني وهيئة استشارية بالنسبة لرئيس الجمهورية وبالتالي فإن هذا‬
‫المجلس تابعا كلية للسلطة التنفيذية‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬مرحلة ما بعد التعديل الدستوري ‪: 1995‬‬

‫بعد النص على المجلس الدستوري في الباب التاسع من التعديل الدستوري المؤرخ في‬
‫‪ 06‬نوفمبر ‪ 1995‬صار المجلس الدستوري التونسي يتكون من ‪ 09‬أعضاء ‪ 06‬أعضاء بما‬
‫فيهم رئيس المجلس الدستوري يتم تعيينهم من طرف السلطة التنفيذية ممثلة في مؤسسة‬
‫رئيس الجمهورية أما األعضاء الثالثة الباقون فهم أعضاء بحكم وظيفتهم وهم الرئيس األول‬
‫لمجلس النقض والرئيس األول للمحكمة اإلدارية والرئيس األول لمجلس المحاسبة وهذه‬
‫الوظائف من الوظائف السامية في الدولة والتي يتم تعيين أصحابها من طرف رئيس السلطة‬
‫التنفيذية‪.1‬‬

‫يبدو أن السلطة التنفيذية في تونس وبعد إجراءها لتعديل الدستوري في ‪ 06‬نوفمبر‬


‫‪ 1995‬لم تكن تهدف تماما إلى رفع سيطرتها على المجلس الدستوري بل كانت ترغب في‬
‫إبقاء هذه السيطرة وعدم إشراك أية سلطة أخرى (تشريعية أو قضائية) في تشكيلة المجلس‬
‫الدستوري وانما كانت تهدف إلى جعل المجلس الدستوري في واجهة الدستور تلميعا لصورتها‬
‫لدى الغرب‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬تغير تشكيلة المجلس الدستوري من خالل تعديل ‪ 01‬جوان ‪: 2002‬‬


‫حاول تعديل ‪ 01‬جوان ‪ 2002‬المتعلق بدستور تونس ‪ 1959‬تجاوز والقضاء على كل‬
‫النقائص المتعلقة بتشكيلة المجلس الدستوري التونسي واالنتقادات التي وجهت إليه‪ ،‬فلقد أعاد‬

‫‪ - 1‬هدى بن خليفة‪ ،‬المجلس الدستوري في ظل تنقيح ‪ 01‬جوان ‪ ،2002‬رسالة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في القانون‬
‫العام والمالي‪ ،‬جامعة ‪ 07‬نوفمبر بقرطاج‪ ،‬كلية العلوم القانونية والسياسية واالجتماعية ‪ ،2004 ،3‬ص ‪.8‬‬

‫‪72‬‬
‫تركيبة المجلس الدستوري من خالل الفصل ‪( 75‬جديد) في الفقرة السادسة منه فصار يتكون‬
‫المجلس الدستوري التونسي من ‪ 09‬أعضاء ‪ 04‬أعضاء بمن فيهم رئيس المجلس يعينهم‬
‫رئيس الجمهورية وعضوان يعينهم رئيس مجلس النواب وثالثة أعضاء بصفتهم تلك وهم‬
‫الرئيس األول لمحكمة التعقيب والرئيس األول للمحكمة اإلدارية والرئيس األول لدائرة‬
‫المحاسبات وبهذا تعددت السلطات التي لها حق التعيين في المجلس الدستوري التونسي‬
‫بعدما كان هذا الحق مقتص ار على رئيس الجمهورية(‪.)1‬‬
‫مع المالحظة أن الطابع االستشاري للمجلس الدستوري التونسي هو الذي جعل حق‬
‫التعيين مقتص ار على رئيس الجمهورية دون السلطات األخرى وفي هذا الشأن يقول األستاذ‬
‫لزهر بعوني‪ « :‬فإن‪...‬التفكير في تعدد السلط المكلفة بتعيين أعضاء المجلس يمكن أن يطرح‬
‫لو تعلق األمر بهيكل غير استشاري‪.2»...‬‬
‫رابعا ‪ -‬المحكمة الدستورية ‪:‬‬
‫حسب المادة ‪ 118‬من دستور تونس ‪ 2014‬فانه لكل من رئيس الجمهورية ومجلس‬
‫النواب والمجلس االعلى للقضاء تعيين ‪ 12‬عضوا بالتساوي و ما يالحظ في هذا المجال‬
‫اشراك السلطة القضائية الول مرة في تشكيل المحكمة الدستورية التونسية وبالتساوي مع‬
‫السلطتين التنفيذية والتشريعية‪.3‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬مدى تأثير السلطة التنفيذية على المجلس الدستوري الموريتاني‬
‫عرفت موريتانيا نظام الغرفة الدستورية بالمحكمة العليا في دستور ‪ 20‬ماي ‪ 1960‬قبل‬
‫أن تنتقل إلى نظام المجلس الدستوري في دستور ‪ 20‬ماي ‪ 1991‬فهل كان هذا االنتقال‬
‫ألسباب ومبررات عملية لمواكبة التطور الذي جاء به دستور ‪ 1991‬أم أن ضعف نظام‬
‫الغرفة الدستورية هو الذي أدى إلى تبني نظام المجلس الدستوري وهذا ما نعالجه في‬
‫نقطتين‪.‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.16‬‬


‫‪ - 2‬األزهر بعوني‪ ،‬تأمالت في رقابة الدستورية‪ ،‬نقال عن هدى بن خليفة‪ ،‬المذكورة أعاله‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 118‬من دستور تونس المؤرخ في ‪ 26‬جانفي ‪.2014‬‬

‫‪73‬‬
‫أوال‪ -‬دور السلطة التنفيذية في تشكيل الغرفة الدستورية الموريتانية ‪:‬‬

‫لم يتطرق دستور موريتانيا المؤرخ في ‪ 20‬مايو ‪ 1961‬إلى تشكيل المحكمة العليا أو إلى‬
‫تشكيل الغرفة الدستورية وانما أحال على القانون لتحديد تشكيل المحكمة العليا الموريتانية‬
‫واختصاصاتها واإلجراءات المتبعة أمامها‪ ،‬وهذا حسب المادة ‪ 03/51‬من دستور ‪،)1(1961‬‬
‫وصدر قانون ينظم المحكمة العليا لموريتانيا مؤرخ في ‪ 20‬يوليو ‪ ،1965‬وكانت حسب هذا‬
‫القانون تتشكل المحكمة العليا الموريتانية من ‪( 06‬ستة) أعضاء دائمين وهم‪ :‬الرئيس ونائبان‬
‫للرئيس ومستشارين قانونيين ومستشار مالي ويعين رئيس الجمهورية اثنين منهما وهما‬
‫الرئيس وأحد المستشارين القانونيين ويعين رئيس الجمعية الوطنية المستشار القانوني الثاني‬
‫وكان البرلمان في ظل دستور ‪ 1961‬يتكون من غرفة واحدة فقط هي (الجمعية الوطنية) أما‬
‫المستشار المالي فيتم تعيينه بقرار وزاري مشترك بين وزيري العدل والمالية أما نائبا الرئيس‬
‫فلم يحدد القانون طريقة تعينهما وربما يتم تعينهما بمرسوم رئاسي يؤخذ على مستوى مجلس‬
‫الوزراء وبذلك يكون تعينهما من طرف رئيس الجمهورية بطريقة غير مباشرة‪.2‬‬

‫فهذا التشكيل بالنسبة للمحكمة العليا الموريتانية بصفة عامة لكن تشكيلة المحكمة عندما‬
‫تمارس اختصاص الرقابة الدستورية يتغير ويصبح يضم كل األعضاء السابقين باستثناء‬
‫المستشار المالي‪.‬‬

‫ويالحظ هيمنة السلطة التنفيذية بتعيينها ل ‪ 05‬أعضاء من بين الستة المكونون للمحكمة‬
‫العليا وهم رئيس الجمهورية ‪ 04‬أعضاء ووزير العدل ووزير المالية (المستشار المالي) مقابل‬
‫عضو واحد تعينه السلطة التشريعية (المستشار القانوني الثاني)‪.‬‬

‫إن هذا التدخل الواضح للسلطة التنفيذية في تشكيل المحكمة العليا الموريتانية ومن خالل‬
‫الغرفة الدستورية يمس باستقاللية قضاة المحكمة ونزاهتهم ويتعارض مع المادة ‪ 47‬من‬
‫دستور موريتانيا ‪ 20‬مايو ‪ 1961‬التي أقرت استقالل السلطة القضائية عن باقي السلطات‪.3‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 03/51‬من دستور موريتانيا المؤرخ في ‪ 20‬مايو ‪.1961‬‬


‫‪ - 2‬جعفر ولد المرابط ولد جعفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.54‬‬

‫‪74‬‬
‫كما نشير إلى أن الغرفة الدستورية بالمحكمة العليا الموريتانية ال تعتمد أسلوب الرقابة‬
‫الالحقة على دستورية القوانين التي تعتمد على أسلوب الدفع والتي يلغي القانون الساري‬
‫المفعول والمحكوم بعدم دستوريته أو على األقل تمتنع المحاكم عن تطبيقه وانما تعتمد على‬
‫الرقابة السابقة شأنها شأن المجلس الدستوري الفرنسي المنصوص عليه في دستور ‪04‬‬
‫أكتوبر ‪.11958‬‬

‫ثانيا ‪ -‬دور السلطة التنفيذية في تشكيل المجلس الدستوري الموريتاني ‪:‬‬

‫يتم تعيين أعضاء المجلس الدستوري من طرف كل من رئيس الجمهورية ورئيس الجمعية‬
‫الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ ويعين رئيس الجمهورية ثالثة أعضاء بمن فيهم رئيس‬
‫المجلس الدستوري ويعين رئيس الجمعية الوطنية عضوين بينما يعين رئيس مجلس الشيوخ‬
‫عضو واحد‪.2‬‬

‫هذا التقسيم المتوازن في حق السلطات الدستورية في تعيين أعضاء المجلس الدستوري‬


‫الموريتاني يجعل المجلس أكثر تالؤما مع المهمة التي أنشئ من أجلها على عكس المجلس‬
‫الدستوري التونسي أين كان رئيس الجمهورية ينفرد بحق تعيين كل أعضاء المجلس‬
‫الدستوري التونسي‪.‬‬

‫لكن هذا المنحى المستقى من النموذج الفرنسي ال يسلم من عدة نقائص كونه معرضا‬
‫النتقادات مرتبطة بالطابع السياسي للطريقة الفرنسية الختيار أعضاء المجلس الدستوري‪،3‬‬
‫وما يالحظ أن السلطة التنفيذية في النظام الموريتاني من خالل رئيس الجمهورية تسيطر‬
‫على المجلس ال دستوري خاصة عندما يقوم الرئيس أي رئيس الجمهورية الموريتانية بتعيين‬
‫رئيس المجلس الدستوري هذا الرئيس صاحب الصوت المرجح واالختصاصات الواسعة‬

‫‪ - 1‬محمد فال ولد المجتيبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.09‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 81‬من دستور موريتانيا ‪ 20‬مايو ‪.1991‬‬
‫‪3 -D.ROUSSEAU, Le droit du contentieux constitutionnel, Paris, Montchrestien, 1990, p. 47.‬‬
‫‪Le Mode Français de désignation des membres du conseil à suscité de nombreuses critiques‬‬
‫‪qui peuvent se résumer en une : ‘’ La Politisation’’.‬‬

‫‪75‬‬
‫والمهيمن على إدارة المجلس الدستوري كهيئة إدارية على سيره واجراءات عمله‪ .‬واألمر نفسه‬
‫نجده في النظام الدستوري الجزائري باستثناء دستور الجزائر ‪ 10‬سبتمبر ‪ 1963‬أين كان‬
‫رئيس المجلس الدستوري ينتخب من طرف زمالئه أعضاء المجلس الدستوري فإن دساتير‬
‫‪ 1989‬و‪ 1996‬جعلت تعيين رئيس المجلس الدستوري من اختصاص السلطة التنفيذية‬
‫ممثلة في رئيس الجمهورية ونفس الحال والوضع بالنسبة للمغرب وتونس‪.‬‬

‫وال بد من اإلشارة أن هناك من يطرح في فرنسا فكرة إعادة النظر في تعيين أعضاء‬
‫المجلس الدستوري الفرنسي بعد تعديل ‪ 23‬جويلية ‪ 2008‬وتبني المادة ‪ 61‬مكرر والتي‬
‫زادت ووسعت من اختصاصات المجلس الدستوري الفرنسي ومن الجهات التي تملك حق‬
‫تحريك المجلس الدستوري الفرنسي ولهذا داللة كبيرة تفيد بأن المؤسس الدستوري الفرنسي لم‬
‫يجد الصيغة المثلى التي تسمح بإنشاء مجلس دستوري يستطيع االستجابة للصالحيات‬
‫والمهام الجديدة التي أنيطت به‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬دور السلطة التشريعية من خالل التعيين واالنتخاب‬

‫تلعب السلطة التشريعية ممثلة في البرلمان دو ار مهما في تشكيل الهيئات الممارسة‬


‫للقضاء الدستوري‪ ،‬وقد اختلفت التشريعات في دول المغرب العربي بين اختيار الطريقة‬
‫األفضل في انتقاء القضاة أو األعضاء الذين يمثلون البرلمان في الهيئات الممارسة للقضاء‬
‫الدستوري فمنهم من جعل ذلك عن طريق االنتخاب باعتبار االنتخاب هو الوسيلة الوحيدة‬
‫إلضفاء الشرعية عن من يمثل الهيئة وهناك من اعتبر إعالن حق التعيين لرئيس البرلمان‬
‫أكثر نجاعة باعتبار الرئيس في تعييناته يراعي الكفاءة أكثر من مرعاته لجوانب أخرى عند‬
‫االنتقاء‪ ،‬لكن كيف يمكن المفاضلة بين األمرين خاصة أن من يمثل البرلمان في هيئات‬
‫القضاء الدستوري سيمارس مهام واختصاصات مباشرة على ما يصدر عن البرلمان من‬
‫أعمال‪ ،‬فلهذا فإن مجال السلطة التشريعية بين التعيين واالنتخاب ألعضاء المحاكم‬
‫الدستورية أو المجالس الدستورية ال بد من معالجته من خالل الفروع اآلتية‪:‬‬

‫‪76‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تدخل السلطة التشريعية في تشكيل المجلس الدستوري الجزائري‬

‫مرت الجزائر بأربعة دساتير منذ استقاللها إلى غاية إتمام هذه الدراسة فدستور ما بعد‬
‫االستقالل ‪ 10‬سبتمبر ‪ 1963‬نص على إنشاء مجلسا دستوريا أوكل له مهمة ممارسة دور‬
‫القاضي الدستوري‪ ،‬ثم جاء دستور ‪ 18‬نوفمبر ‪ 1976‬والذي أغفل النص نهائيا على أي‬
‫هيئة لممارسة القضاء الدستوري بل ترك مهمة ممارسة الرقابة إلى الهيئات المركزية للحزب‬
‫والمجالس المحلية المنتخبة والمجالس العمالية وكذا هيئات الرقابة المالية وبعد أحداث ‪05‬‬
‫أكتوبر ‪ 1988‬جاء دستور ‪ 1989/02/23‬والذي نص على هيئة توكل لها مهمة ممارسة‬
‫القضاء الدستوري وهي‪«:‬المجلس الدستوري» ونفس األمر بالنسبة لدستور ‪ 28‬نوفمبر‬
‫‪ 1996‬مع بعض التعديالت‪ ،‬وفي كل هذه الدساتير كان يتغير ويتفاوت دور السلطة‬
‫التشريعية في تشكيل المجلس الدستوري قوة وضعفا وهذا ما سأبينه في ‪ 04‬مراحل‪.‬‬

‫أوال ‪ -‬مرحلة دستور ‪ 10‬سبتمبر ‪: 1963‬‬

‫جاء النص في المادة ‪ 27‬من دستور ‪ 1963‬على المجلس الوطني باعتباره ممثال‬
‫للشعب ينتخب لمدة ‪ 05‬أعوام باالقتراع العام المباشر والسري وتتولى جبهة التحرير الوطني‬
‫اقتراح المرشحين إليه‪.‬‬

‫كما جاء في المادة ‪ 63‬من دستور ‪ 1963‬بأن المجلس الدستوري يتألف من رئيس‬
‫المحكمة العليا‪ ،‬ورئيسي الحجرتين المدنية واإلدارية في المحكمة العليا‪ ،‬وثالثة نواب يعينهم‬
‫المجلس الوطني وعضو يعينه رئيس الجمهورية‪.‬‬

‫أعضاء المجلس الدستوري ينتخبون رئيسهم الذي ال يملك صوتا زائدا‪.1‬‬

‫في أول قراءة لنص المادة ‪ 63‬من دستور ‪ 10‬سبتمبر ‪ 1963‬نجد أن السلطة التشريعية‬
‫ممثل ة في المجلس الوطني تعين ثالثة نواب من بين السبعة الذين يشكلون المجلس الدستوري‬

‫‪ - 1‬إدريس بوك ار ‪ ،‬تطور المؤسسات الدستورية في الجزائر منذ االستقالل من خالل الوثائق والنصوص الرسمية‪ ،‬الجزء‬
‫األول‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،2005 ،‬ص ‪.55-50‬‬
‫حزب جبهة التحرير الوطني‪ :‬هو الحزب الذي كان يحكم البالد منفردا قبل إقرار التعددية الحزبية في دستور ‪ 23‬نوفمبر‬
‫‪.1989‬‬

‫‪77‬‬
‫لكن ما يؤخذ على المادة أنها تكلمت عن التعيين ولم تحدد من يملك صالحية تعيين ثالثة‬
‫أعضاء هل هو رئيس المجلس الوطني أو كل أعضاء المجلس الوطني وهنا تتحول إلى‬
‫ترشح وانتخاب أو ترشيح وتزكية‪ ،‬إذا علمنا أن كل أعضاء المجلس الوطني بما فيهم رئيس‬
‫المجلس يرشحون من قبل جبهة التحرير الوطني الحزب الوحيد آنذاك فنجد أن الهيئات‬
‫القيادية للحزب تلعب دور في تحديد الثالثة نواب الذين يمثلون السلطة التشريعية في‬
‫المجلس الدستوري واعتقد أن المؤسس الدستوري كان يريد ترك هذه المسألة إلى القانون‬
‫المنظم للمجلس الدستوري والنظام الداخلي للمجلس الوطني‪.‬‬

‫ويبدو أنه لو تم النص صراحة في الدستور عن كيفية قيام السلطة التشريعية بتعيين‬
‫ممثليها في المجلس الدستوري لكان األمر أفضل خاصة أن الدستور في مادته ‪ 63‬حدد كل‬
‫من رئيس المحكمة العليا ورئيسي الحجرتين المدنية واإلدارية بالمحكمة العليا كممثلين‬
‫للسلطة القضائية ولم يترك أي غموض وحتى بالنسبة للعضو الممثل للسلطة التنفيذية فإن‬
‫النص الدستوري من خالل المادة ‪ 63‬أعطى حق تعينه لرئيس الجمهورية بكل وضوح ولم‬
‫يقيده بشرط أو قيد فكان على النص الدستوري فيما يتعلق بممثلي السلطة التشريعية‬
‫(المجلس الوطني) أن يكون أكثر وضوحا وتدقيقا‪.‬‬

‫أما عن رئيس المجلس الدستوري فيتم انتخابه من طرف أعضاء المجلس الدستوري على‬
‫عكس ما جاء في الدساتير الجزائرية الالحقة وهذا مكسب تم التخلي عنه بعد هيمنة السلطة‬
‫التنفيذية في الدساتير الجزائرية الالحقة‪.‬‬

‫وهذا الرئيس أي رئيس المجلس الدستوري المنتخب من طرف أعضاء المجلس الدستوري‬
‫في دستور ‪ 1963‬ليس له صوتا زائدا عند تساوي األصوات‪ .‬يظهر أن رئيس المجلس‬
‫الدستوري يكون من نواب المجلس الوطني لماذا؟ باعتبار أن كل النواب الثالثة الممثلون‬
‫للمجلس الوطني هم مرشحو حزب جبهة التحرير الوطني وبالتالي ال يمكن أن نتصور أن‬
‫يترك الحزب هيئة مثل المجلس الدستوري تدار من طرف شخصية مستقلة تعينه السلطة‬
‫التنفيذية أو حتى تحت رئاسة قاضي الذي بحكم تكوينه يعتبر بعيدا عن السياسة والتحزب‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫إن المجلس الدستوري في دستور ‪ 10‬سبتمبر ‪ 1963‬رغم أنه لم يرى النور ولم ينصب‬
‫بسبب تجميد الرئيس (رئيس الجمهورية) في تلك المرحلة العمل بهذا الدستور واستعمال‬
‫المادة ‪ 59‬من دستور ‪ 1963‬والتي تسمح له باعالن حالة اإلجراءات االستثنائية إال أن‬
‫المجلس الدستوري تغلب عليه الطبيعة السياسية والتحكم الحزبي رغم وجود ثالثة رؤساء‬
‫لهيئات قضائية متعددة ولكن ال يمكن الحكم على مدى تأثير السلطة التشريعية على أداء‬
‫المجلس الدستوري في دستور ‪ 1963‬بما أنه لم يصدر أي رأي أو قرار وبما أنه لم يجتمع‬
‫ولم ينصب أعضاؤه أصال‪.‬‬

‫ثانيا ‪ -‬مرحلة دستور ‪ 22‬نوفمبر ‪: 1976‬‬

‫لم تعرف الجمهورية الجزائرية المستقلة دستو ار منذ تجميد العمل بدستور ‪ 10‬سبتمبر‬
‫‪ 1963‬حيث في ‪ 19‬جوان ‪ 1965‬جاء البيان رقم ‪ 01‬لمجلس الثورة الذي أزاح الرئيس عن‬
‫الحكم وتولى مجلس الثورة قيادة البالد(‪ .)1‬وفي ‪ 22‬نوفمبر ‪ 1976‬بعد استفتاء نظم للشعب‬
‫بتاريخ ‪ 19‬نوفمبر ‪ )2(1976‬تم تبني دستور جديد‪.‬‬

‫وجاء هذا الدستور خاليا من النص على أية هيئة يوكل لها ممارسة القضاء الدستوري‬
‫وجعل الرقابة تمارس بعدة وسائل وعدة هيئات حيث نص الفصل الخامس منه على الرقابة‬
‫تحت عنوان "وظيفة المراقبة"‪.‬‬

‫فبعدما حدد أهداف الرقابة في المادة ‪ 184‬منه في آخر فقرة من هذه المادة جاء‬
‫مايلي‪...«:‬تستهدف المراقبة أخي ار التحقق من التطابق بين أعمال اإلدارة والتشريع وأوامر‬
‫الدولة»‪.‬‬

‫أما المادة ‪ 85‬فحددت وبينت الهيئات المكلفة بالرقابة بحيث جعلت المراقبة بمدلولها‬
‫الشعبي تمارس من قبل المجالس المنتخبة محليا ووطنيا‪ ،‬والمجالس العمالية المنتخبة‪ ،‬أما‬
‫المراقبة السياسية فتمارسها األجهزة القيادية في الحزب والدولة طبقا للميثاق الوطني وألحكام‬
‫الدستور وهذا يطرح مشكل أن رقابة المطابقة تكون مع مصدرين وهما الميثاق الوطني‬

‫‪ - 1‬بيان ‪ 19‬جوان ‪ 1965‬منشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 56‬المؤرخة في ‪ 06‬جويلية ‪.1965‬‬


‫‪ - 2‬دستور‪ 18‬نوفمبر ‪.1976‬‬

‫‪79‬‬
‫والدستور وهنا اإلشكال المطروح هل يعتبر كل من الميثاق الوطني والدستور في نفس‬
‫الد رجة من حيث الكتلة الدستورية أو هناك تدرج بينهما بحيث يعلو الميثاق الوطني على‬
‫الدستور؟‬
‫أما أشكال الرقابة األخرى على جميع المستويات (المالية اإلدارية الخ) فإنها تمارس‬
‫حسب مواد أخرى في الدستور وفي التشريع‪.‬‬

‫إن المالحظ في هذا الدستور غياب تام لمبدأ الفصل بين السلطات حيث نجد الدستور‬
‫ينص على وظائف وال ينص على سلطات عكس دستور ‪ 10‬سبتمبر ‪ 1963‬فالسلطة‬
‫الفعلية كانت بيد الحزب الواحد وليست بيد الدولة وبالتالي أولوية الحزب عن الدولة ضف‬
‫إلى ذلك أن مبدأ سمو الدستور وعلو مواده ال يظهر باعتبار الدستور خاضعا للميثاق‬
‫الوطني ويبقى الغموض سائدا في تحديد الوثيقة األسمى في الدولة ولهذا ال يمكن أن نتصور‬
‫أن توجد هيئة تعمل على ممارسة قضاء دستوري‪ ،‬رغم أن المادة ‪ 111‬من التعديل الدستوري‬
‫الصادر بموجب القانون (‪ 07 )06/79‬جويلية ‪ 1979‬يجعل رئيس الجمهورية يحمي‬
‫الدستور في فقرته الثالثة‪.1‬‬

‫أما الفقرة الثالثة من المادة ‪ 104‬من التعديل الدستوري المؤرخ في ‪ 3‬نوفمبر ‪ 1988‬قد‬
‫جعل رئيس الجمهورية حاميا للدستور دون التطرق إلى الميثاق الوطني ولها داللة كبيرة من‬
‫ناحية التحول السياسي بعد أحداث ‪ 05‬أكتوبر ‪.21988‬‬

‫وتتمثل هذه الداللة في رغبة رئيس الجمهورية في التخلي عن مهمته كأمين عام لحزب‬
‫جبهة التحرير الوطني وبعد ذلك العمل على فصل الدولة على الحزب والتقيد بالدستور‬
‫باعتباره أدى يمينا دستورية باحترام الدستور‪ ،‬واعتبار أن الدستور قانون الدولة والميثاق‬
‫الوطني قانون الحزب وفصل الحزب عن الدولة يقتضي فصل الميثاق عن الدستور األمر‬
‫الذي يجعل الرئيس الشاذلي في وضعية تسمح له بمواجهة أحداث ‪ 05‬أكتوبر ‪ 1988‬والقيام‬
‫بإصالحات عميقة التزم بها في خطابه المؤرخ في ‪ 10‬أكتوبر ‪ 1988‬دون العودة إلى هياكل‬

‫‪ - 1‬التعديل الدستوري صدر بموجب القانون ‪ 06 - 79‬مؤرخ في ‪ 7‬جويلية ‪ ،1979‬جريدة رسمية عدد ‪ 28‬مؤرخة في‬
‫‪ 10‬أكتوبر ‪.1979‬‬
‫‪ - 2‬تعديل ‪ 3‬نوفمبر ‪ 1988‬منشور في الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ ، 45‬مؤرخة في ‪ 05‬نوفمبر ‪.1988‬‬

‫‪80‬‬
‫الحزب الذي كان مصابا بالشيخوخة والصراعات والحسابات الضيقة التي أدت إلى انفجار‬
‫الوضع‪.‬‬

‫وكدليل على ما استنتجه هو أن رئيس الجمهورية آنذاك عند قيامه بتعديل دستور ‪18‬‬
‫نوفمبر ‪ 1976‬لم يتبع اإلجراءات المنصوص عليها في الدستور ذاته والتي تلزمه بالعودة‬
‫إلى البرلمان المشكل من مناضلي الحزب وانما لجأ إلى االستفتاء الشعبي مباشرة الممنوح له‬
‫وفق المادة ‪ 14/111‬من دستور ‪ 1976‬تجنبا للعراقيل التي كان يتوقعها من الحزب‬
‫والبرلمان‪.‬‬

‫ثالثا ‪ -‬مرحلة دستور ‪ 23‬فبراير ‪: 1989‬‬

‫جاء دستور ‪ 23‬فبراير ‪ 1989‬بعد أحداث ‪ 05‬أكتوبر ‪ 1988‬وهي أحداث عبر فيها‬
‫الشعب عن رفضه لسياسة نظام الحزب الواحد بأشكال مختلفة أسرعت القيادة آنذاك إلى‬
‫إحداث تعديل دستوري بتاريخ ‪ 03‬نوفمبر ‪ 1988‬ونظم استفتاء للشعب حول المواد المعدلة‪،‬‬
‫لكن هذه المواد المعدلة لم تتطرق إطالقا إلى النص على مجلس دستوري أو هيئة تمارس‬
‫الرقابة على دستورية القوانين‪.‬‬

‫لقد نص دستور الجمهورية الجزائري ‪ 23‬فبراير ‪ 1989‬على إنشاء هيئة دستورية‬


‫تتولى مهمة ممارسة القضاء الدستوري وجعلها تتكون من ‪ 07‬أعضاء محافظا على نفس‬
‫العدد الذي تكون منه المجلس الدستوري في دستور ‪ 10‬سبتمبر ‪ 1963‬ومحافظا كذلك على‬
‫نفس السلطات المشاركة في تكوينه وهي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة‬
‫القضائية لكن االختالف بين الدستور (‪ )1989- 1963‬جاء من ثالث زوايا‪:‬‬

‫الزاوية األولى‪ :‬تكمن في عدد األعضاء المخصص لكل سلطة‪ ،‬زاوية ثانية طريقة تعيين‬
‫كل سلطة ألعضائها‪ ،‬وزاوية ثالثة كيفية اختيار رئيس المجلس الدستوري‪.‬‬

‫وما يهمنا في هذا المطلب هو كيف نظم دستور ‪ 23‬فبراير ‪ 1989‬دور السلطة‬
‫التشريعية في ت شكيلة المجلس الدستوري وما مدى تأثير ذلك الدور على أداء المجلس؟‬
‫واجراء مقارنة مع ما تم في دستور ‪ 1963‬الذي رأيناه سابقا‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫إن السلطة التشريعية لها حق تعيين عضوين من المجلس الشعبي الوطني ممثلين عنها‬
‫في المجلس الدستوري فمقارنة بدستور ‪ 1963‬خسرت مقعدا داخل المجلس باعتبارها كانت‬
‫تعين ‪ 03‬أعضاء باإلضافة إلى أن السلطة التشريعية في دستور ‪ 1963‬كان ممثلوها في‬
‫المجلس الدستوري يعينون من طرف زمالئهم في حزب جبهة التحرير الوطني‪.‬‬

‫أما في دستور ‪ 1989‬فصار العضوين الممثلين ينتخبون من طرف مجلس شعبي‬


‫تعددي حزبيا ال يخضع لسياسة الحزب ا لواحد‪ ،‬الشيء الذي يجعل الحسابات السياسية تدخل‬
‫في تحديد من هو العضو المؤهل لتمثيل السلطة التشريعية على مستوى المجلس الدستوري‪.‬‬

‫أما رئيس المجلس الدستوري الذي كان ينتخب من طرف أعضاء المجلس الدستوري في‬
‫دستور ‪ 1963‬صار يعين من طرف السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية في دستور‬
‫‪ 1989‬وحتى الصوت المرجح الذي كان ال يتمتع به رئيس المجلس الدستوري والدور‬
‫االستشاري بالنسبة لرئيس الجمهورية صار يتمتع به في دستور ‪.1989‬‬

‫ما يستنتج أن دستور ‪ 1989‬أعطى أولوية وتفوق للسلطة التنفيذية على السلطة‬
‫التشريعية في الجانب الشكلي وفي جوانب كثيرة ليست هذه الدراسة مجاال للتطرق إليها‬
‫بالتفصيل‪ ،‬ومن المجاالت التي تظهر تفوق السلطة التنفيذية على باقي السلطات وباألخص‬
‫على السلطة التشريعية باعتبار السلطة القضائية مستقلة نجدها تتمثل في المساهمة في‬
‫تشكيلة وتركيبة المجلس الدستوري‪ .‬بحيث تدهور دور السلطة التشريعية في مجال المساهمة‬
‫في تشكيلة المجلس الدستوري الجزائري من خالل دستور ‪ 23‬فبراير ‪ 1989‬من جانب عدد‬
‫األعضاء الذي كان في دستور ‪ 1963‬ثالثة أعضاء انخفض إلى عضوين ومن حيث‬
‫التعيين من طرف المجلس تحول إلى انتخاب عضوين على مستوى مجلس شعبي تعددي‬
‫يصعب فيه التوافق السياسي‪ ،‬وكذا ظهور صالحيات جديدة ومهمة وصوت مرجح بالنسبة‬
‫لرئيس المجلس الدستوري وجعله يعين من طرف رئيس السلطة التنفيذية عكس ما كان عليه‬
‫األمر في دستور ‪ 1963‬أين كان رئيس المجلس الدستوري ينتخب من طرف أعضاء‬
‫المجلس الدستوري ذاته وال يملك صوتا مرجحا وال صالحيات مهمة‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫رابعا ‪ -‬مرحلة دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪: 1996‬‬

‫بعد صدور البيان الثاني للمجلس الدستوري الجزائري بعد تنصيبه في ظل دستور ‪1989‬‬
‫وفحواه هو تثبيت الشعور النهائي لرئاسة الجمهورية مع اقترانها بشغور المجلس الوطني‬
‫نتيجة حله من طرف رئيس الجمهورية ودعوته النتخابات تشريعية مسبقة تم توقف المسار‬
‫االنتخابي قبل إتمامه وتشكيل مجلس شعبي وطني جديد‪.1‬‬

‫وانشاء هيئات ومؤسسات لتسيير المرحلة االنتقالية التي دامت إلى غاية صدور دستور‬
‫جديد وهو دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ .1996‬حسب المادة ‪ 98‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪1996‬‬
‫فالسلطة التشريعية يمارسها برلمان يتكون من غرفتين وهما المجلس الشعبي الوطني ومجلس‬
‫األمة وينتخب أعضاء المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلي في البرلمان الجزائري) عن‬
‫طريق االقتراع العام المباشر والسري المادة ‪ 101‬من الدستور لمدة ‪ 5‬سنوات حسب المادة‬
‫‪ 102‬من الدستور‪ ،‬أما أعضاء مجلس األمة (الغرفة العليا في البرلمان الجزائري) فيتم‬
‫من أعضائها ينتخبون عن طريق االقتراع‬ ‫تشكيلها عن طريق االنتخاب والتعيين بحيث‬
‫غير المباشر والسري من بين ومن طرف أعضاء المجالس الشعبية البلدية والمجالس الشعبية‬
‫الثلث الباقي فيعينه رئيس الجمهورية من بين الشخصيات والكفاءات الوطنية‬ ‫الوالئية أما‬
‫في المجاالت العلمية والثقافية والمهنية واالقتصادية واالجتماعية المادة ‪.2101‬‬

‫وبالعودة إلى نص المادة‪ 164‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬نجد المجلس الدستوري‬


‫يتكون من تسعة أعضاء نصيب السلطة التشريعية منها ‪ 04‬أعضاء إثنان ‪ 02‬ينتخبهما‬
‫المجلس الشعبي الوطني واثنان ‪ 02‬ينتخبهما مجلس األمة‪ ،‬ومقارنة بدستور الجزائر ‪1963‬‬
‫و‪ 1989‬نالحظ تطور من حيث حصة السلطة التشريعية بحيث كانت تعين ثالثة أعضاء‬
‫في دستور ‪ 1963‬تقلصت إلى عضوين في دستور ‪ 1989‬ومع تبني دستور ‪ 1996‬للثنائية‬
‫المجلسية بإضافة مجلس األمة كغرفة ثانية صار نصيب السلطة التشريعية ‪ 04‬أعضاء‬

‫‪1- M. BOUSSOUMAH La parenthèse des pouvoirs publics constitutionnels de 1992 à 1998,‬‬


‫‪pp. 47-48.‬‬
‫‪ - 2‬عبد القادر شربال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.17‬‬

‫‪83‬‬
‫والسؤال المطروح هل الزيادة في عدد أعضاء السلطة التشريعية داخل المجلس الدستوري يعد‬
‫فعال تحقيقا لدور فعال تلعبه هذه األخيرة على أداء المجلس الدستوري ؟‬

‫نحاول إيجاد اإلجابة من خالل عدة زاويا‪:‬‬

‫الزاوية األولى‪ :‬بالعودة إلى تركيبة وتكوين مجلس األمة والذي يلعب فيه رئيس السلطة‬
‫ثلث أعضائه المادة (‪ )101‬من دستور ‪،)1(1996‬‬ ‫التنفيذية دو ار مهما بقيامه بتعين‬
‫واعتبا ار أن مجلس األمة له حق انتخاب عضوين في المجلس الدستوري فإنه من المسلم به‬
‫أن يكون على األقل أحد العضوين المنتخبين على مجلس األمة مواليا للسلطة التنفيذية التي‬
‫عينته‪ ،‬وغالبا ما يلعب دور المقرر داخل المجلس الدستوري بما أن رئيس المجلس الدستوري‬
‫ذاته معين من طرف السلطة التنفيذية‪ ،‬وبالنظر إلى الصالحيات الممنوحة للمقرر من طرف‬
‫النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري فهنا كفة السلطة التنفيذية تترجح خاصة إذا‬
‫علمنا أن رئيس المجلس الدستوري غير ملزم بتعين مقر ار محددا وانما هي سلطة مطلقة‬
‫يتمتع بها‪ ،‬أضف إلى أن المقرر له حسب المادة (‪ )12‬من النظام المحدد لقواعد عمل‬
‫المجلس الدستوري بأن يستعين بأي خبير من خارج المجلس الدستوري الستشارته‪ ،‬وهذا ما‬
‫يجعل دور المقرر فعاال ومهما مقارنة بباقي أعضاء المجلس الدستوري(‪.)2‬‬

‫الزاوية الثانية ‪ :‬باعتبار أحزاب التحالف الرئاسي في البرلمان الجزائري صاحبة أغلبية‬
‫كبيرة في المجلس فهذا يجعل الوالء السياسي يكون لرئيس الجمهورية باعتباره الرئيس الشرفي‬
‫للتحالف الرئاسي وهذا يؤدي إلى سيطرة السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية في‬
‫داخل المجلس الدستوري‪.‬‬

‫الزاوية الثالثة‪ :‬وبالمقارنة بدستور ‪ 1963‬فإن السلطة التشريعية كانت متفوقة على‬
‫السلطة التنفيذية باعتبار أن ثالثة أعضاء من بين السبعة الذين يشكلون المجلس الدستوري‬
‫يعينهم المجلس الوطني عضو واحد تعينه السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية‪.‬‬

‫‪ - 1‬المواد ‪ 164 ،101‬من الدستور الجزائري لعام ‪.1996‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 13‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬مداولة مؤرخة في ‪ 3‬ماي ‪ ،2012‬ج ر عدد‬
‫‪ ،26‬سنة ‪.2012‬‬

‫‪84‬‬
‫أما مقارنة بين الوضعية في دستور ‪ 1989‬ودستور ‪ 1996‬فإن دور السلطة‬
‫التشريعية تقهقر في مواجهة السلطة التنفيذية حيث كان نصيب السلطة التشريعية ‪ 2‬عضوين‬
‫يمثالن المجلس الشعبي الوطني وهذا المجلس منتخب من طرف الشعب ال دخل للسلطة‬
‫التنفيذية في تشكيلته على عكس دستور ‪ 1996‬الذي أعطى للسلطة التنفيذية حق تعيين‬
‫‪ 1/3‬من مجلس األمة كما رأينا سابقا‪.‬‬
‫الزاوية الرابعة ‪ :‬أما من حيث رئيس المجلس الدستوري والدور المحوري الذي يلعبه على‬
‫مستوى أعمال المجلس باإلضافة إلى الدور االستشاري الذي يقدمه لرئيس السلطة التنفيذية‬
‫فبعدما كان ينتخب من طرف أعضاء المجلس الدستوري في دستور ‪ 1963‬وهذا في صالح‬
‫السلطة التشريعية التي كان لها حق تعيين ‪ 03‬أعضاء من بين ‪ 07‬أعضاء يشكلون المجلس‬
‫الدستوري أين كان نصيب السلطة التنفيذية عضوا واحدا‪.‬‬
‫في دستور ‪ 1989‬صار الرئيس أي رئيس المجلس الدستوري يعين من طرف رئيس‬
‫السلطة التنفيذية وله صوت مرجح وصالحيات واسعة وتكرس نفس الحال في دستور ‪1996‬‬
‫وجعل رئيس المجلس الدستوري صاحب الصوت المرجح واالختصاصات الواسعة يعين من‬
‫طرف رئيس السلطة التنفيذية‪.‬‬
‫إن كل من دستور ‪ 1989‬ودستور ‪ 1996‬عندما أعطى حق تعيين رئيس المجلس‬
‫الدستوري لرئيس السلطة التنفيذية أي رئيس الجمهورية قد أصاب بعضا من الصواب من‬
‫زاوية أن رئيس المجلس الدستوري له مهام وأدوار مهمة جدا في إدارة شؤون الدولة كالدور‬
‫الذي يلعبه في حالة تزامن شغور منصب رئيس الجمهورية ورئاسة مجلس األمة فهذا الرئيس‬
‫يتولى رئاسة الدولة ويقود األمة وينظم انتخابات رئاسية‪.‬‬
‫وله دور أيضا في إعالن حالة الطوارئ‪ ،‬وان هذه المهام من األهمية التي تكتسيها لو‬
‫ترك منصب رئاسة المجلس الدستوري لالنتخاب كما كان الشأن في دستور ‪ 1963‬أين كان‬
‫الحزب الواحد يسطر على السياسات وما على األعضاء إال التنفيذ وااللتزام‪.‬‬
‫فالوضع في دستور ‪ 1989‬و‪ 1996‬مختلف تماما لوجود برلمان تعددي ووصول ممثل‬
‫عن لبرلمان (األحزاب) إلى رئاسة المجلس الدستوري يكون غير مؤهل لقيادة البالد باعتباره‬
‫يغلب عليه الفكر وااللتزام الحزبي‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫كما لو أفرز االنتخاب ممثال عن السلطة القضائية رئيسا للمجلس الدستوري فالقاضي‬
‫بحكم تكوينه البعيد عن السياسة ومنصب رئيس المجلس الدستوري يتطلب تكوينا سياسيا واذا‬
‫احتاج رأيا تقنيا يستعين بالخبراء‪.‬‬
‫ومن أجل هذا أعتقد أن دستور ‪ 1989‬و‪ 1996‬عندما أعطى حق تعيين رئيس المجلس‬
‫الدستوري لرئيس الجمهورية صاحب الشرعية االنتخابية أعطاها له ليس بصفته ممثل السلطة‬
‫التنفيذية وانما بصفته منتخبا من طرف الشعب وممثال له (لألمة)‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مجال السلطة التشريعية في تشكيلة هيئات القضاء الدستوري المغربي‬

‫كما سبق وأن رأينا في هذه الدراسة فإن المغرب مر بمرحلتين هامتين المرحلة األولى‬
‫اعتمد فيها على الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى كهيئة قضائية صرفة لممارسة القضاء‬
‫الدستوري‪ ،‬ثم تحول في دستور ‪ 1992‬إلى إنشاء مجلس دستوري توكل له مهمة ممارسة‬
‫القضاء الدستوري‪ ،‬وقد لعبت السلطة التشريعية في المغرب أدوا ار متفاوتة في تشكيل كل من‬
‫الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى والمجلس الدستوري‪ ،‬هذا ما نتطرق له في نقطتين‪:‬‬

‫أوال ‪ -‬مرحلة الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى ‪:‬‬

‫لقد نصت دساتير ‪ 1972 ،1970 ،1962‬على إنشاء غرفة دستورية بالمجلس‬
‫األعلى (أعلى درجة في القضاء العادي) في الباب العاشر‪ ،‬وبهذا فإن المغرب لم يسلك‬
‫طريق إنشاء محكمة دستورية خاصة مثلما هو الشأن في جمهورية مصر العربية كما أنه لم‬
‫يمكن كل المحاكم من ممارسة القضاء الدستوري مثلما هو الحال في الواليات المتحدة‬
‫األمريكية وكان المؤسس الدستوري المغربي يجعل القضاء الدستوري جزءا من القضاء‬
‫العاد ي والقضاء اإلداري بحيث جعل رئيس المجلس األعلى في نفس الوقت هو رئيس الغرفة‬
‫الدستورية وفي دستور ‪ 1962‬كانت تتشكل الغرفة الدستورية من ‪ 5‬أعضاء قاضي واحد عن‬
‫الغرفة اإلدارية للمجلس األعلى‪ ،‬وأستاذان من كليات الحقوق يعينان بمرسوم ملكي لمدة ‪06‬‬
‫سنوات باإلضافة إلى عضوين‪ 1‬أحدهما يعينه رئيس مجلس النواب والثاني يعينه رئيس‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬

‫‪86‬‬
‫مجلس المستشارين (الغرفة العليا في البرلمان المغربي) ويتم ذلك في بداية كل عهدة نيابية‬
‫أو بعد كل تجديد جزئي للمجلسين‪.1‬‬
‫والمالحظ أن نصيب السلطة التشريعية في تشكيلة الغرفة الدستورية في ضل دستور‬
‫المغرب ‪ 1962‬كانت عضوين من بين ‪ 05‬أعضاء وهنا بالنظر إلى الدور المحدد للغرفة‬
‫الدستورية وطريقة إجراءات عملها وحجية أحكامها باعتبارها غرفة ضمن هيئة قضائية‬
‫منصوص عليها دستوريا‪ .‬وهي المجلس األعلى للقضاء كان دور السلطة التشريعية ضعيفا‬
‫جدا‪.‬‬
‫كما أن دستور ‪ 1970‬جعل السلطة التشريعية تخسر عضوا على مستوى الغرفة‬
‫الدستورية باعتبار دستور ‪ 1970‬ألغى الغرفة العليا للبرلمان المغربي وهي (مجلس‬
‫المستشارين) فصارت السلطة التشريعية ممثلة بعضو واحد من مجلس النواب‪.2‬‬
‫أما في دستور المغرب ‪ 1970‬ارتفع عدد أعضاء الغرفة الدستورية إلى ‪ 07‬أعضاء‬
‫فباإلضافة إلى رئيسها الذي هو في نفس الوقت رئيس المجلس األعلى تتكون الغرفة‬
‫الدستورية كاآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬ثالثة أعضاء يعينهم الملك لمدة أربع سنوات‪ ،‬صارت المدة ‪ 06‬سنوات بعد‬
‫تعديل الدستور ‪.1980‬‬
‫‪ -‬ثالثة أعضاء يعينهم رئيس مجلس النواب بعد استشارة فرق المجلس‪.‬‬
‫من خالل دستور ‪ 1972‬صار نصيب السلطة التشريعية مساويا لنصيب السلطة‬
‫التنفيذية في تعيين نصف أعضاء الغرفة الدستورية‪ ،‬لكن هذا الدور لم يكن ليؤثر في سير‬
‫الغرفة الدستورية باعتبارها مؤسسة ضعيفة من حيث البناء الدستوري والمؤسساتي وغياب‬
‫استقالل أعضائها كما رأينا في الدراسة سابقا‪.3‬‬

‫ال يمكن إجراء مقارنة بين الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى المغربي مع النماذج المتبعة‬
‫في كل من الجزائر وتونس وحتى فرنسا ألن هذه الدول تأخذ مباشرة بالرقابة التي تعتمد على‬

‫‪ - 1‬نور الدين أشحشاح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.143‬‬


‫‪ - 2‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.37 – 36‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.37‬‬

‫‪87‬‬
‫مجلس دستوري‪ ،‬لكن هذا ال يمنعنا من إجراء مقارنة ولو بسيطة مع بعض الدول الرائدة في‬
‫إسناد القضاء الدستوري إلى محكمة دستورية أو إلى القضاء الدستوري وهذه المقارنة من‬
‫أجل توضيح نقطة محددة وهي دور السلطة التشريعية في تعيين أعضاء المحكمة الدستورية‬
‫فنجد مثال المحكمة العليا في الواليات المتحدة األمريكية تتشكل من ‪ 09‬أعضاء يعينون‬
‫لمدى الحي اة من طرف رئيس الدولة (السلطة التنفيذية) لكن هذا التعيين يتوقف على موافقة‬
‫مجلس الشيوخ ( الغرفة العليا في البرلمان)‪.‬‬

‫‪ -‬أما المحكمة الدستورية للنمسا التي نشأت وفق دستور ‪ 1920‬والتي أعيد النص عليها‬
‫في دستور ‪ 1945‬تحت تسمية (المحكمة الدستورية الفيدرالية) فكانت تتكون من ‪ 14‬قاضيا‪.‬‬

‫‪ -‬أما المحكمة الفيدرالية األلمانية فتتكون من ‪ 16‬قاضيا بعضهم ينتخبهم مجلس النواب‬
‫والنصف اآلخر ينتخبهم مجلس الشيوخ أي غرفتي البرلمان واأللماني‪.‬‬

‫‪ -‬أما إسبانيا فحسب دستور ‪ 1978‬تتكون المحكمة من ‪ 12‬عضوا من رجال القانون‬


‫يعينون من طرف الملك باقتراح من البرلمان والحكومة والسلطة القضائية يقترح ‪ 08‬أعضاء‬
‫من طرف السلطة التشريعية ‪ 04‬يقترحهم مجلس النواب‪ ،‬و‪ 04‬يقترحهم مجلس الشيوخ‬
‫ويختار رئيس المحكمة من طرف زمالئه لمدة ‪ 03‬سنوات قابلة للتجديد‪.1‬‬

‫والمالحظ من هذه المقارنة أن السلطة التشريعية في هذه الدول تلعب دو ار كبي ار جدا في‬
‫تشكيلة الهيئة القضائية الممارسة لمهمة القضاء الدستوري سواء بالطريق المباشر وهو‬
‫التعيين واالنتخاب أو بالطريق الغير مباشر وهو االقتراح والموافقة القبلية على التعيينات التي‬
‫ال نجده متوف ار في الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى المغربي من خالل دساتير المملكة‬
‫المغربية ‪ 1972 ،1970 ،1962‬بحيث الغرفة الدستورية تبقى ضعيفة وال تأثير للسلطة‬
‫التشريعية عليها بتاتا‪«:‬ألن هذه الغرفة ما أنشئت لضبط العالقة بين السلطتين التشريعية‬
‫والتنفيذية وانما جاءت لتقوية السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية باعتبارها غرفة‬
‫دستورية مهمتها فقط مراقبة القانون الصادر عن البرلمان وجاءت متأثرة بخلفية إنشاء‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.29 -27‬‬

‫‪88‬‬
‫المجلس الدستوري الفرنسي لتقوية سلطات الرئيس ديغول في مواجهة البرلمان وهذا حسب»‬
‫رأي األستاذ نور الدين أشحشاح‪.1‬‬

‫ثانيا‪ -‬مرحلة المجلس الدستوري ‪:‬‬

‫حسب الفقرة الثانية من المادة ‪ 77‬من دستور المغرب ‪ 1992‬فإن المجلس الدستوري‬
‫المغربي يتكون من‪:‬‬

‫‪ -‬أربعة أعضاء يعينهم الملك‪،‬‬

‫‪ -‬أربعة أعضاء يعينهم رئيس المجلس النواب بعد استشارة الفرق النيابية‬
‫باإلضافة إلى رئيس المجلس الدستوري الذي يعينه الملك‪.‬‬

‫عند قراءة هذه المادة يظهر دور الملك واضحا في تعيين ‪ 04‬أعضاء في المجلس‬
‫الدستوري باإلضافة إلى رئيس المجلس الدستوري لكن الغموض يتعلق بدور رئيس مجلس‬
‫النواب الذي يعين أربعة أعضاء بعد استشارة الفرق النيابية‪.2‬‬

‫حيث جاء في نص المادة ‪ 306‬من النظام الداخلي لمجلس النواب‪ «:‬لرؤساء الفرق‬
‫البرلمانية أن يقدموا أسماء المقترحين لعضوية المجلس الدستوري»‪.‬‬

‫اعتبر المجلس الدستوري هذه المادة غير مطابقة للدستور باعتبار النص الدستوري جاء‬
‫فيه مايلي‪ «:‬رئيس مجلس النواب يعين نصف أعضاء المجلس الدستوري بعد استشارة الفرق‬
‫البرلمانية ال باقتراح من رؤسائها» وبهذا رفض المجلس الدستوري إعطاء الحق لرؤساء‬
‫الفرق البرلمانية باقتراح أسماء على رئيس مجلس النواب خاصة أن هذا الحق يعتبر تقييدا‬
‫لرئيس المجلس الدستوري رأيه وحمايته لرئيس مجلس النواب بتصريحه بعدم دستورية المادة‬
‫‪ 307‬من النظام الداخلي لمجلس النواب واعتبر أن الذي يعين أعضاء المجلس الدستوري‬
‫هو رئيس مجلس النواب وليس مجلس النواب‪.3‬‬

‫‪ - 1‬نور الدين أشحشاح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.158‬‬


‫‪ - 2‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪ - 3‬نور الدين أشحشاح ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.195 -194‬‬

‫‪89‬‬
‫أما نص المادة ‪ 79‬من دستور ‪ 1996‬فجاء فيها ما يلي‪ «:‬يتألف المجلس الدستوري من‬
‫‪ 06‬أعضاء يعينهم الملك لمدة تسع سنوات‪ ،‬و‪ 06‬أعضاء يعين ثالثة منهم رئيس مجلس‬
‫النواب وثالثة رئيس مجلس المستشارين لنفس المدة بعد استشارة الفرق‪ ،‬ويتم كل ثالثة‬
‫سنوا ت تجديد ثلث أعضاء كل فئة من أعضاء المجلس الدستوري‪ ،‬يختار الملك رئيس‬
‫المجلس الدستوري من بين األعضاء الذين يعينهم‪ ،‬مهمة رئيس وأعضاء المجلس غير قابلة‬
‫للتجديد»‪.1‬‬

‫أول ما يالحظ في دستور المغرب ‪ 1996‬أنه من الناحية الشكلية جعل المجلس‬


‫الدستوري يتقدم إلى الباب السادس بعد السلطة القضائية‪ ،‬حيث كان دستور ‪ 1972‬ينص‬
‫على الغرفة الدستورية في الباب العاشر بعد السلطة القضائية وقراءتي لوجود المجلس‬
‫الدستوري مباشرة بعد الباب الثالث المعنون بالبرلمان والباب الرابع المعنون بالحكومة والباب‬
‫الخامس المعنون بعالقة السلطات ببعض يوحي بالدور المحدد للمجلس الدستوري في أداء‬
‫مهمته الضبط بين السلطتين التشريعية والتنفيذية باعتبار أن السلطة القضائية مستقلة ولهذا‬
‫تأخرها إلى الباب العاشر ال يهم‪ .‬على عكس دستور ‪ 1972‬أين تم النص على الغرفة‬
‫الدستورية في الباب العاشر‪ .‬بعد التطرق إلى الباب السادس المعنون (القضاء) ثم الباب‬
‫السابع المحكمة العليا للعدل فالباب الثامن المعنون بالجماعات المحلية فالباب التاسع‬
‫المعنون بالمجلس األعلى لإلنعاش الوطني والتخطيط‪.2‬‬

‫إن دور السلطة التشريعية قد يظهر من ناحية العدد بحيث صارت تعين ‪ 06‬أعضاء‬
‫حسب المادة ‪ 79‬من دستور ‪ ،1996‬ثالثة منهم يعينهم رئيس مجلس النواب (الغرفة السفلى‬
‫في البرلمان المغربي) وثالثة آخرون يعينهم رئيس مجلس المستشارين (الغرفة العليا في‬
‫البرلمان المغربي)‪ ،‬وصار العدد متساويا للعدد الذي تعينه السلطة التنفيذية مجسدة في‬
‫مؤسسة الملك وهو ‪ 06‬أعضاء بما فيهم رئيس المجلس الدستوري صاحب الصوت المرجح‬
‫والعهدة الكاملة والصالحيات الواسعة مقارنة بباقي األعضاء ومقارنة بالغرفة الدستورية التي‬
‫كانت السلطة التشريعية تعين فيها عضوين في دستور ‪ 1962‬وخسرت عضوا في دستور‬

‫‪ - 1‬دستور المغرب لعام ‪.1996‬‬


‫‪ - 2‬عبد السالم محمد الغنامي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.313‬‬

‫‪90‬‬
‫‪ 1970‬بحيث صارت تعين عضوا واحدا بعد إلغاء مجلس المستشارين في دستور ‪1970‬‬
‫عاد العدد وارتفع إلى ‪ 03‬أعضاء في دستور ‪ 1972‬يعينهم رئيس مجلس النواب بعد‬
‫استشارة الفرق النيابية‪.‬‬
‫أما دستور ‪ 1992‬من خالل مادته ‪ 77‬صارت السلطة التشريعية تعين أربعة أعضاء في‬
‫المجلس الدستوري أما في الدستور الحالي ‪ 1996‬فصارت السلطة التشريعية تعين ‪06‬‬
‫أعضاء من بين ‪ 12‬عضوا يشكلون المجلس الدستوري‪.‬‬

‫نسجل عدة مالحظات على هذا التغيير من حيث المكاسب التي حصلت عليها السلطة‬
‫التشريعية‪:‬‬

‫‪ -‬التزايد في عدد األعضاء المعينين من طرف السلطة التشريعية كان بصفة مستمرة‬
‫باستثناء النزول في دستور ‪ 1970‬بعد إلغاء مجلس المستشارين (الغرفة العليا في البرلمان‬
‫المغربي)‪.‬‬

‫‪ -‬في دستور ‪ 1962‬للسلطة التشريعية ‪ 02‬عضوين من ‪ 05‬أعضاء والرئيس (رئيس‬


‫الغرفة الدستورية هو نفسه رئيس المجلس األعلى للقضاء)‪.‬‬

‫‪ -‬في دستور ‪ 1970‬صار نصيب السلطة التشريعية عضو واحد من أصل ‪ 05‬أعضاء‬
‫بعد تقليص مقعد واحد في الغرفة الدستورية بسبب إلغاء (مجلس المستشارين)‪.‬‬

‫‪ -‬أما في دستور ‪ 1972‬فزاد األعضاء الذين يمثلون السلطة التشريعية إلى ‪ 03‬أعضاء‬
‫من بين ‪ 07‬أعضاء بما فيهم رئيس الغرفة الدستورية الذي هو في نفس الوقت رئيس‬
‫المجلس األعلى للقضاء‪.‬‬

‫‪ -‬أما في دستور ‪ 1992‬فكان نصيب السلطة التشريعية ‪ 04‬أعضاء من بين تسعة‬


‫أعضاء لكن رئيس المجلس الدستوري صار يعين من طرف الملك فصار العدد ‪09/04‬‬
‫أعضاء‪.‬‬

‫وقد تطور عدد أعضاء السلطة التشريعية بالمجلس الدستوري في ظل دستور ‪1996‬‬
‫وصار مساويا لعدد األعضاء الذين يعينهم الملك ‪ 06‬أعضاء لكل من السلطة التشريعية‬
‫و‪ 06‬أعضاء للسلطة التنفيذية مجسدة في مؤسسة الملك لكن رئيس المجلس الدستوري يكون‬

‫‪91‬‬
‫من بين الستة (‪ )06‬أعضاء الذين يعينهم الملك وله صوت مرجح وصالحيات استشارية‬
‫واسعة دون باقي أعضاء المجلس الدستوري‪.‬‬

‫ومقارنة مع دور السلطة التشريعية في الجزائر منذ دستور ‪ 1963‬نجد نفس المسار مع‬
‫بعض االختالفات وهي‪:‬‬

‫‪ - 1‬أن المغرب عرف الغرفة الدستورية ضمن الجهاز القضائي األمر الذي لم تعرفه‬
‫الجزائر منذ استقاللها‪.‬‬

‫‪ - 2‬اختفاء كل نوع من أنواع الرقابة الدستورية في الجزائر من خالل دستور ‪1976‬‬


‫لكن المغرب اعتمد على القضاء الدستوري في كل دساتيره منذ االستقالل‪ ،‬سواء باالعتماد‬
‫على غرفة دستورية أو مجلس دستوري‪.‬‬

‫‪ - 3‬من حيث عدد األعضاء الممثلون للسلطة التشريعية في المجلس الدستوري نجد‬
‫الجزائر انتقلت من ثالثة (‪ )03‬أعضاء من بين السبعة (‪ )07‬المشكلون للمجلس الدستوري‬
‫لكنه تميز على نضيره المغربي في كون رئيس المجلس الدستوري ينتخب من طرف زمالئه‬
‫أي أعضاء المجلس الدستوري الشيء الذي لم يعرفه المغرب سواء في عهد الغرفة الدستورية‬
‫أو المجلس الدستوري أما في دستور ‪ 1989‬فصارت السلطة التشريعية من حقها تعيين‬
‫عضوين (‪ )02‬في المجلس الدستوري من بين ‪ 07‬أعضاء وخسرت بالتالي عضوا لصالح‬
‫السلطة التنفيذية نفس الحال بالنسبة للعضو الذي خسرته السلطة التشريعية في حصتها في‬
‫تعيين أعضاء الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى للقضاء وذلك بعد إلغاء (مجلس‬
‫المستشارين) (الغرفة العليا في البرلمان المغربي) دستور المغرب ‪.1970‬‬

‫أما دستور ‪ 1996‬فارتفع عدد حصة السلطة التشريعية إلى ‪ 04‬أعضاء من بين ‪09‬‬
‫أعضاء يشكلون المجلس الدستوري وهذا بعد تبني دستور ‪ 1996‬الجزائري لالزدواجية‬
‫البرلمانية بإنشائه للغرفة العليا تحت تسمية (مجلس األمة) هذه الغرفة التي صارت تنتخب‬
‫عضوين يمثالنها في المجلس الدستوري المادة ‪.1164‬‬

‫باإلضافة إلى محافظة الغرفة السفلى (المجلس الشعبي الوطني) على حصته وهي‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 164‬من دستور الجزائر المؤرخ في ‪ 28‬نوفمبر ‪.1996‬‬

‫‪92‬‬
‫عضوين ينتخبهما المجلس الشعبي الوطني المادة ‪.164‬‬

‫لكن االختالف بين األمرين في كل من الجزائر والمغرب يكمن في كون الغرفة العليا‬
‫في البرلمان الجزائري (مجلس األمة) تتدخل السلطة التنفيذية في تشكيلتها من خالل حق‬
‫رئيس الجمهورية في تعيين ثلث أعضائها المادة ‪.1101‬‬

‫أما مجلس المستشارين (الغرفة العليا بالبرلمان المغربي) فال دخل للسلطة التنفيذية في‬
‫تشكيلها المادة ‪ 02/38‬دستور المغرب ‪ 21996‬والفصل ‪ 45‬من دستور ‪.31992‬‬

‫فالملك في المغرب ال يتدخل في تشكيلة البرلمان المغربي أما رئيس الجمهورية في‬
‫أعضاء مجلس األمة الشيء الذي يجعل للسلطة التنفيذية تأثير‬ ‫الجزائر فيشارك في تعيين‬
‫على تشكيلة المجلس الدستوري بواسطة أعضاء يمثلون السلطة التشريعية الغرفة العليا‪،‬‬
‫وطبيعة النظام السياسي الجزائري المبني على األغلبية الرئاسية داخل البرلمان الجزائري‬
‫بغرفتيه تجعل والء األعضاء المعينين من قبل رئيس الجمهورية لسياسة الرئيس التي تتوافق‬
‫مع سياسة أحزاب التحالف التي ينتمي إليها األغلبية في غرفتي البرلمان الجزائري وهذا‬
‫األمر يسهل التوافق في اختيار ممثلين عن مجلس األمة يوالون السلطة التنفيذية بدعمهم‬
‫لسياسة رئيس الجمهورية‪.‬‬

‫أما مجلس المستشارين الغرفة العليا في البرلمان المغربي وفق دستور ‪ 1996‬المادة ‪38‬‬
‫ودستور ‪ 1992‬الفصل ‪ 45‬فإنه يتكون من ممثلين عن فئات عمالية ومهنية وجهوية قطاعية‬
‫بعيدة إلى حد ما عن التكوين السياسي وال تخضع في أغلبها إلى التيارات السياسية وال‬
‫تتدخل السلطة التنفيذية في تشكيلتها‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬انتخاب البرلمان لنصف أعضاء المحكمة الدستورية ‪:‬‬

‫تتألف المحكمة الدستورية بالمملكة المغربية من ‪ 12‬عضوا نصفهم يتم انتخابهم من‬
‫طرف البرلمان المغربي ‪ 03‬أعضاء عن كل غرفة بعد اقتراح يقدمه كل مجلس على حدة‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 101‬من الدستور نفسه‪.‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 02/38‬دستور المغرب لعام ‪.1996‬‬
‫‪ - 3‬الفصل ‪ 45‬من دستور المغرب لعام ‪.1992‬‬

‫‪93‬‬
‫أي مجلس النواب ومجلس المستشارين من بين المترشحين الذين يقدمهم مكتب كل مجلس‬
‫وذلك باالقتراع العام المباشر والسري وبأغلبية ثلثي أعضاء كل مجلس‪ ،‬ويجدد ثلث أعضاء‬
‫هؤالء األعضاء كل ثالث سنوات‪.1‬‬

‫وهنا تقريبا حافظ المؤسس الدستوري المغربي على نفس العدد الذي كان يتشكل منه‬
‫المجلس الدستوري في ظل دستور ‪ 1996‬وعلى نفس الطريقة أي االنتخاب وبهذا يكون قد‬
‫خلق توازنا بين دور السلطة التنفيذية مجسدة في شخص الملك والسلطة التشريعية بمجلسيها‬
‫مجلس النواب ومجلس المستشارين‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬السلطة التشريعية وتأثيرها في تشكيل المجلس الدستوري التونسي‬

‫أوال ‪ -‬دورها في مرحلة ما قبل دسترة المجلس الدستوري ‪:‬‬

‫رأينا في الدراسة سابقا أن إنشاء المجلس الدستوري التونسي تم ألول مرة بواسطة أمر‬
‫ترتيبي رقم ‪ 1414‬مؤرخ في ‪ 16‬ديسمبر ‪ 1987‬ولم يرقى إلى النص عليه دستوريا إال‬
‫الحقا وكان المجلس الدستوري التونسي يتكون من إحدى عشرة عضوا حسب ما نص عليه‬
‫الفصل ‪ 04‬من األمر المؤرخ في ‪ 16‬ديسمبر ‪ 1987‬المنشئ للمجلس الدستوري وكان كل‬
‫أعضائه يتم اختيارهم من طرف رئيس الجمهورية من بين الشخصيات المباشرة لمهامها أو‬
‫المحالة على التقاعد باعتبار كفاءاتها في الميدان القانوني والسياسي‪.2‬‬

‫وهنا لم يكن للسلطة التشريعية أي دور يذكر في تشكيلة المجلس الدستوري التونسي‬
‫وكان الحق كله للسلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية التونسية لكن بتقييده بضرورة أن‬
‫يكون هذا االختيار من فئتين هما رجال القانون ورجال السياسة ذوي الكفاءات سواء كانوا‬
‫مباشرين لمهامهم أو متقاعدين وهذا ما يوضح فيه المشرع التونسي في إضفاء الطابع‬
‫القضائي والسياسي للمجلس الدستوري متأث ار بالنموذج الفرنسي دستور ‪ 04‬أكتوبر ‪ 1958‬مع‬
‫التشدد في خصوصية النظام التونسي بعد ‪ 07‬نوفمبر ‪.1987‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 130‬من دستور المملكة المغربية لعام ‪.2011‬‬


‫‪2- M. SAYARI, Le conseil constitutionnel en Tunisie, Mémoire pour l'obtention, de D. E. A.‬‬
‫‪en sciences juridiques fondamentales, Tunis, 1998/1999, p. 10.‬‬

‫‪94‬‬
‫وما يثير االنتباه أن الرئيس التونسي السابق أصدر أم ار بتعيين أعضاء المجلس‬
‫الدستوري بتاريخ ‪ 1987/12/16‬وهو نفس التاريخ الذي أصدر فيه األمر الترتيبي إلنشاء‬
‫المجلس الدستوري ذاته‪.1‬‬

‫وبتاريخ ‪ 12‬جوان ‪ 1989‬تم إدخال تحويالت على تركيبة المجلس الدستوري بحيث‬
‫أضيف كل من رئيس محكمة التعقيب ورئيس المحكمة اإلدارية ورئيس دائرة الحسابات‬
‫كأعضاء بالمجلس الدستوري للجمهورية‪.2‬‬

‫وبعد صدور القانون عدد ‪ 39‬لسنة ‪ 1990‬المؤرخ في ‪ 18‬أفريل ‪ 1990‬والمتعلق‬


‫بالمجلس الدستوري غير تسمية المجلس من (المجلس الدستوري للجمهورية) إلى (المجلس‬
‫الدستوري) حسب الفصل ‪ 02‬من قانون المذكور سالفا‪.3‬‬

‫وخفض عدد أعضاء المجلس الدستوري من ‪ 11‬أحد عشر عضوا إلى تسعة أعضاء‬
‫لكن أعطى الحق لرئيس السلطة التنفيذية في تعيينهم‪ ،‬حيث يقوم رئيس الجمهورية باختيارهم‬
‫خاصة من أصحاب الخبرة القانونية المتميزة بغض النظر عن سنهم ‪ ،‬وما نالحظه في هذا‬
‫التغيير إضافة إلى خفض العدد من ‪ 11‬عضوا في األمر الترتيبي ‪ 1414‬المؤرخ في ‪16‬‬
‫ديسمبر ‪ 1987‬جعل رئيس الجمهورية ملزما بأن يختار غالبية أعضاء المجلس الدستوري‬
‫من أصحاب الخبرة القانونية وهذا ما نفهمه عندما ينص الفصل ‪ 03‬منه‪...«:‬خاصة من بين‬
‫(‪)4‬‬
‫بعد هذا التعديل فإن دور السلطة التشريعية غائبا تماما‪ .‬وقد صدر‬ ‫ذوي الخبرة القانونية»‬
‫أمر تعيين األعضاء التسعة في المجلس الدستوري بمقتضى أمر مؤرخ في ‪ 08‬ماي ‪1990‬‬
‫أي بعد ‪ 20‬يوما من صدور قانون ‪ 18‬أفريل ‪ 1990‬والمتعلق بالمجلس الدستوري عكس ما‬
‫كان عليه أألمر في التعيين األول بتاريخ ‪ 16‬دسيمبر ‪.1987‬‬

‫المالحظ كذلك أن تعيين رئيس كل من محكمة التعقيب والمحكمة اإلدارية ورئيس دائرة‬
‫الحسابات الذين أصبحوا أعضاء في المجلس الدستوري بمقتضى أمر ‪ 12‬جوان ‪ 1989‬قد‬

‫‪ - 1‬زهير المظفر‪ ،‬المجلس الدستوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.47‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.49 – 48‬‬
‫‪ - 3‬هدى بن خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.8‬‬
‫‪ - 4‬الفصل ‪ 03‬من األمر الصادر في ‪ 18‬أبريل ‪ 1990‬والمتعلق بالمجلس الدستوري‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫تخلى عنهم وصار أعضاء المجلس الدستوري ‪ 09‬تسعة أعضاء يمكن أن يكون من بينهم‬
‫رؤساء الهيئات الثالثة السابقة الذكر لكن باعتبارهم من أصحاب الخبرة القانونية المتميزة‬
‫وليس بصفاتهم الوظيفية‪.1‬‬

‫ثانيا‪ -‬مرحلة دسترة المجلس الدستوري التونسي ‪:‬‬

‫ومن خالل التعديل الدستوري المؤرخ في ‪ 06‬نوفمبر ‪ 1995‬ارتقى المجلس الدستوري‬


‫التونسي إلى هيئة منشئة بواسطة نص دستوري خصص له الباب التاسع المعنون بالمجلس‬
‫الدستوري حيث جاء في الفقرة الخامسة من المادة ‪ 75‬مايلي‪«:‬يتركب المجلس الدستوري من‬
‫تسعة أعضاء من ذوي الخبرة المتميزة ب قطع النظر عن السن‪ ،‬أربعة أعضاء بمن فيهم رئيس‬
‫المجلس يعينهم رئيس الجمهورية وعضوان يعينهما رئيس مجلس النواب وذلك لمدة ثالثة‬
‫سنوات قابلة للتجديد‪ ،‬مرتين وثالثة أعضاء بصفتهم تلك وهم الرئيس األول لمحكمة التعقيب‬
‫والرئيس األول للمحكمة اإلدارية والرئيس األول لدائرة الحسابات»‪.2‬‬

‫أنه ابتداء من التعديل الدستوري المؤرخ في ‪ 06‬نوفمبر ‪ 1996‬صار من حق السلطة‬


‫التشريعية المساهمة في تشكيلة المجلس الدستوري بحيث صار يقوم رئيس مجلس النواب‬
‫بتعيين عضوين من بين ‪ 09‬تسعة أعضاء التي تشكل المجلس الدستوري الذي تنفرد السلطة‬
‫التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية بتعيين ‪ 04‬أعضاء بما فيهم رئيس المجلس‬
‫الدستوري(‪.)3‬‬

‫باإلضافة إلى أعضاء آخرين حسب وظائفهم وهم رئيس األول لمحكمة التعقيب والرئيس‬
‫األول للمحكمة اإلدارية والرئيس األول لدائرة الحسبات وكل هذه الهيئات تمثل السلطة‬
‫القضائية‪.‬‬

‫كما جاء تعديل ‪ 27‬أكتوبر ‪ 1997‬الذي أضفى الصيغة إللزامية على آراء المجلس‬

‫‪ - 1‬زهير المظفر‪ ،‬المجلس الدستوري‪ ،‬المرجع سابق‪ ،‬ص ‪.51 – 50‬‬


‫‪ - 2‬الفصل ‪ 75‬من دستور الجمهورية التونسية (أحدث الفصل بعد تعديل ‪ 06‬نوفمبر ‪.)1995‬‬
‫‪3 - M. CHAREF EDDINE, op. cit, p. 1.‬‬

‫‪96‬‬
‫الدستوري لجميع السلطات ( تنفيذية‪ ،‬تشريعية‪ ،‬وقضائية) ضمانا لسمو الدستور‪ ،‬ثم جاء‬
‫تعديل ‪ 01‬جوان ‪ 2002‬الذي وسع مجال الحقوق األساسية في الدستور األمر الذي عزز‬
‫من استقاللية المجلس الدستوري‪.1‬‬
‫إن التطور الزمني للمجلس الدستوري التونسي منذ إنشائه بمرسوم رئاسي سنة ‪1987‬‬
‫وارتقائه إلى مؤسسة منصوص عليها دستوريا في تعديل دستور تونس في ‪ 06‬نوفمبر‬
‫‪ 1995‬نالحظ أنه من الناحية الشكلية ارتقى بحيث انتقل من إنشاء المجلس الدستوري عن‬
‫طريق مرسوم رئاسي يسمح ألي رئيس جديد في تونس إلغاءه بنفس النص أي مرسوم رئاسي‬
‫وهذا في حد ذاته يعتبر تهديدا لمصداقية المجلس وأعضاؤه‪ ،‬وما أنجر عن ذلك من حماية‬
‫الحقوق وحريات المواطنين‪.‬‬
‫أما النص على المجلس الدستوري بواسطة نص دستوري تصبح السلطة التأسيسية وحدها‬
‫القادرة على تعديل هذه الهيئة أو إلغائها وهذا يشكل ضمانة مهمة لتحقيق نزاهة ومصداقية‬
‫أعلى هيئة ضامنة لحقوق وحريات األفراد‪.‬‬
‫أما دور السلطة التشريعية في تعيين أو انتخاب المجلس الدستوري التونسي فكانت غائبة‬
‫تماما عن ذلك من خالل نص إنشائه في ‪ 1987‬بحيث كان رئيس الدولة يعين كل‬
‫أعضائه‪.2‬‬
‫حتى وبعد التعديل الذي جاء في ‪ 12‬جوان ‪ 1989‬والذي أنقص عدد أعضاء المجلس‬
‫الدستوري إلى ‪ 09‬أعضاء عوضا عن ‪ 11‬عضوا‪ ،‬لكنه حافظ على قاعدة إبعاد السلطة‬
‫التشريعية من لعب أي دور في تشكيلة المجلس الدستوري وأبقى هذا االختصاص من حق‬
‫رئيس السلطة التنفيذية مجسدا في رئس الجمهورية التونسية‪.‬‬

‫أما بعد تعديل الدستور التونسي بتاريخ ‪ 06‬نوفمبر ‪ 1995‬وارتقاء المجلس الدستوري إلى‬
‫هيئة دستورية من خالل النص عليه في الباب التاسع فقد حافظ على نفس العدد وهو ‪09‬‬
‫أعضاء محترما القاعدة الرقمية للمجالس والمحاكم الدستورية في غالبيته‪ ،‬بحيث نجد المجلس‬

‫‪1 -R. BENACHOUR et. A. LACHAAL, Le Contrôle de la constitutionnalité des lois état de‬‬
‫‪la question, Annuaire international de justice constitutionnelle, 1993, p. 641.‬‬
‫‪2 - Ibid.‬‬

‫‪97‬‬
‫الدستوري الفرنسي يتكون من ‪ 09‬أعضاء والمجلس الدستوري الجزائري يتكون من ‪09‬‬
‫أعضاء المادة ‪ 163‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬والمجلس الدستوري المغربي بتكون من‬
‫‪ 09‬أعضاء في دستور ‪ 1992‬والمحكمة الدستورية المغربية تتكون من ‪ 12‬عضوا حسب‬
‫دستور ‪.2011‬‬

‫لكنه ألول مرة يعطي الحق للسلطة التشريعية ممثلة في رئيس مجلس النواب في تعيين‬
‫عضوين من بين التسعة المشكلون للمجلس الدستوري التونسي‪.1‬‬

‫وال بد أن نشير بأن التشكيلة األولى للمجلس الدستوري التونسي في ظل األمر الترتيبي‬
‫‪ 1414‬المؤرخ في ‪ 1987/12/16‬وكذا األمر الرئاسي المتعلق بتعيين وتسمية أعضاء‬
‫المجلس الدستوري التونسي والصادر في نفس اليوم أي تاريخ ‪ 1987/12/16‬ضم ‪ 09‬رجال‬
‫قانون من بين ‪ 11‬عضوا ومن بين هؤالء التسعة نجد ‪ 04‬أساتذة حقوق و‪ 03‬أعضاء من‬
‫بين ‪ 11‬عضوا مارسوا مهام و ازرية وبعض األعضاء رغم تعيينهم في المجلس الدستوري‬
‫حافظوا على مهامهم ومناصبهم السياسية أما رئيس المجلس الدستوري فحافظ على منصبه‬
‫كعضو في اللجنة السياسية للحزب الحاكم (التجمع الوطني الدستوري)‪.2‬‬

‫وعضو آخر إضافة إلى رئيس المجلس الدستوري حافظ على منصبه كأمين عام للحزب‬
‫الحاكم (التجمع الدستوري الديمقراطي ‪ RCD‬وسابقا الحزب االجتماعي الدستور ‪.)PSP‬‬

‫ونظ ار لعدم وجود الئحة عدم الجمع بين أية مهام وعضوية المجلس الدستوري التونسي‬
‫في مرسوم ‪ 1987‬بعض األعضاء حافظوا على صفاتهم كنواب لمجلس النواب التونسي لكن‬
‫بعد ذلك نص قانون االنتخاب في تونس على عدم قابلية أعضاء المجلس الدستوري للترشح‬
‫لالنتخابات التشريعية‪.3‬‬

‫وقد جاء التعديل األول لتشكيلة المجلس الدستوري التونسي نتيجة لشغور ثالثة (‪)03‬‬
‫مناصب بسبب ترشح ‪ 03‬من أعضائه لالنتخابات التشريعية المسبقة التي نظمت بتاريخ ‪02‬‬

‫‪1 - Ibid, p. 642.‬‬


‫‪2 - Ibid.‬‬
‫‪3 - Ibid.‬‬

‫‪98‬‬
‫أفريل ‪ ،1989‬وتم تعويضهم بكل من الرئيس األول لمحكمة التعقيب‪ ،‬والرئيس األول‬
‫للمحكمة اإلدارية‪ ،‬والرئيس األول لمجلس المحاسبة‪.1‬‬

‫وما يالحظ بين التشكيلة األولى والتشكيلة الثانية أن التعيين أو االستخالف باألحرى لم‬
‫يخضع للقاعدة التي تجعل رئيس السلطة التنفيذية يعين أعضاء المجلس الدستوري من بين‬
‫الكفاءات السياسية والقانونية الفصل ‪ 04‬من األمر ‪ 1414‬المؤرخ في ‪ 16‬ديسمبر ‪،1987‬‬
‫بحيث لم تنص المادة على الصفة الوظيفية لألعضاء المعينين وانما ركزت على الصفة‬
‫والمؤهل الشخصي والسؤال المطروح لماذا تم استبدال أو استخالف أعضاء تم تعيينهم‬
‫اعتبا ار لصافاتهم ومؤهالتهم الشخصية بأعضاء نظ ار لصفاتهم الوظيفية‪.‬‬

‫أما التعديل الموالي لتشكيلة المجلس الدستوري التونسي فكانت بمناسبة تقليص عدد‬
‫أعضائه إلى ‪ 09‬أعضاء بواسطة القانون ‪ 39‬المؤرخ في ‪ 18‬أفريل ‪ 1990‬من خالل‬
‫الفصل ‪ 03‬منه والذي ألغى عضوية كل من رؤساء محكمة التعقيب والمحكمة اإلدارية‬
‫ومجلس المحاسبة وجعل األعضاء التسعة يختارهم رئيس الجمهورية من بين ذوي الخبرة‬
‫القانونية‪.2‬‬

‫والمالحظ هو التراجع في تعيين كل من رؤساء محكمة التعقيب والمحكمة اإلدارية‬


‫ومجلس المحاسبة دون تبرير ذلك ألن في المرسوم المتعلق بتنصيب أعضاء المجلس‬
‫الدستوري الجديد ذكر رؤساء هذه الهيئات الثالثة المذكورة أعاله بأسمائهم الشخصية إضافة‬
‫إلى وظائفهم على عكس باقي األعضاء الستة (‪ )06‬الذين ذكروا بأسمائهم فقط‪.3‬‬

‫أما تعديل ‪ 16‬سبتمبر ‪ 1992‬فقد تم تسمية رئيس جديد للمجلس وهو أستاذ قانون‬
‫دستوري (السيد زهير المظفر) وذلك بمقتضى األمر ‪ 1650‬المؤرخ في ‪ 16‬سبتمبر ‪1992‬‬
‫وأهم ما لوحظ على هذا األمر هو اإلبقاء على رئيسي محكمة التعقيب ورئيس المحكمة‬
‫اإلدارية وذكرهم بصفاتهم الشخصية دون وظائفهم وعدم إبقاء رئيس مجلس المحاسبة ضمن‬

‫‪1 - Ibid.‬‬
‫‪ - 2‬زهير المظفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.149‬‬
‫‪3 - R.. BENACHOUR et. A. LACHAAL, Ibid, p. 643.‬‬

‫‪99‬‬
‫األعضاء وفي هذا الشأن يرى األستاذ زهير المظفر «بأن هذا التعيين يعتبر دليل على أن‬
‫رئيس السلطة التنفيذية يأخذ بعين االعتبار الكفاءة عند التعيين وال يهتم بالوظيفة»‪.1‬‬

‫إنه والى غاية تعديالت ‪ 16‬سبتمبر ‪ 1992‬لم تكن السلطة التشريعية في تونس تلعب‬
‫دو ار في تشكيلة المجلس الدستوري التونسي على عكس ما كان للسلطة التشريعية من دور‬
‫في الجزائر حيث كانت تعين ‪ 03‬أعضاء في المجلس الدستوري الذي يتكون من ‪07‬‬
‫أعضاء في دستور ‪ 1963‬و‪ 02‬عضوان في دستور ‪ 23‬فبراير ‪ 1989‬من بين ‪ 07‬أعضاء‬
‫يشكلون المجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬أما في المغرب ففي مرحلة الغرفة الدستورية بالمجلس‬
‫األعلى من خالل دستور ‪ 1962‬كانت السلطة التشريعية تختار عضوين أحدهما يعينه‬
‫رئيس مجلس النواب واآلخر يعينه رئيس مجلس المستشارين‪.‬‬

‫أما في دستور ‪ 1970‬خسرت السلطة التشريعية عضوا بسب إلغاء مجلس المستشارين‬
‫الغرفة العليا بالبرلمان المغربي‪ ،‬أما في دستور ‪ 1972‬وبارتفاع أعضاء الغرفة الدستورية إلى‬
‫‪ 07‬أعضاء صار نصيب السلطة التشريعية ‪ 03‬أعضاء من بين السبعة أعضاء يعينهم‬
‫رئيس مجلس النواب بعد استشارة الغرفة البرلمانية‪.‬‬

‫وبمقارنة بالدور الذي لعبته السلطة التشريعية في الجزائر في مرحلة دساتير ‪ 1963‬إلى‬
‫‪ 1989‬وكذا الدور الذي لعبته السلطة التشريعية في المغرب في تشكيلة الغرفة الدستورية‬
‫بالمجلس األعلى للقضاء ن جدها تتطور‪ ،‬لكن في تونس السلطة التشريعية لم تلعب أي دور‬
‫في تشكيلة المجلس الدستوري التونسي منذ إنشائه في ‪ 16‬سبتمبر ‪ 1987‬إلى غاية تعديالت‬
‫‪ 06‬نوفمبر ‪.1995‬‬

‫من خالل التعديل الدستوري المؤرخ في ‪ 06‬نوفمبر ‪ 1995‬والذي نص في الباب التاسع‬


‫منه على هيئة دستورية تسمى المجلس الدستوري وفي فقرته الخامسة من المادة ‪ 75‬منه‬
‫صار المجلس الدستوري التونسي يتشكل من ‪ 09‬أعضاء اثنان منهما يعينهما رئيس مجلس‬
‫النواب‪.‬‬

‫‪ - 1‬زهير المظفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ، ،‬ص ‪.50‬‬

‫‪100‬‬
‫أول ما يالحظ هو النص على المجلس الدستوري في الباب التاسع بعد عدة مجالس‬
‫أقل أهمية منه كالمجلس االقتصادي واالجتماعي على عكس الدستور الجزائري الذي نص‬
‫عليه في الباب الثالث (الرقابة والمؤسسات االستشارية) وأعطى له مهمتين رئيسيتين من‬
‫الجانب الشكلي وهي الدور الرقابي والدور استشاري (دستور ‪ )1996‬والدستور المغربي الذي‬
‫نص على المجلس الدستوري في الباب السادس ودستور موريتانيا الذي نص عليه في الباب‬
‫السادس‪.1‬‬

‫نالحظ من خالل المقارنة من الناحية الشكلية أن هذه الدساتير جاءت في نفس المرحلة‬
‫الزمنية أي بداية إلى منتصف تسعينات القرن الماضي وما ميز تلك المرحلة من تغيرات‬
‫سياسية في العالم األمر الذي يمكن أن يفسر الدوافع التي جعلت النظام السياسي التونسي‬
‫ينص في دستوره على المجلس الدستوري دون إعطائه األهمية الالئقة من الجانب الشكلي‪.‬‬

‫أما من ناحية تركيبة المجلس الدستوري التونسي من خالل الفقرة الخامسة من المادة ‪75‬‬
‫فتعطي الحق لرئيس مجلس النواب (السلطة التشريعية) في تعيين عضوين من بين تسعة‬
‫أعضاء يشكلون المجلس الدستوري يعني أقل من ‪ 1/3‬ثلث أعضائه‪ ،‬أما في الجزائر‬
‫فالسلطة التشريعية لها حق تعيين ‪ 04‬أربعة أعضاء من بين ‪ 09‬أعضاء الذين يشكلون‬
‫المجلس الدستوري الجزائري أي أكثر من ‪ 1/3‬حسب المادة ‪ 164‬دستور ‪ 28‬نوفمبر‬
‫‪ ،1996‬وفي المغرب نجد دستور ‪ 1996‬يعطي الحق للسلطة التشريعية في تعيين ‪06‬‬
‫أعضاء من بين ‪ 12‬عضو يشكلون المجلس الدستوري المغربي حسب الفصل ‪ 78‬منه‬
‫نصف عدد أعضاء المجلس الدستوري مناصفة مع السلطة التنفيذية أما موريتانيا فبناء على‬
‫دستور ‪ 1991/07/12‬في مادته ‪ 81‬فإن حصة السلطة التشريعية ‪ 03‬أعضاء ‪ 02‬اثنان‬
‫يعينهم رئيس الجمعية الوطنية و‪ 01‬عضو يعينه رئيس مجلس الشيوخ وبهذا لها نصيب‬
‫النصف من العدد الكلي مناصفة مع السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫‪ - 1‬دستور الجزائر المؤرخ في ‪ 28‬نوفمبر ‪1996‬؛ دستور المغرب المؤرخ في ‪ 15‬سبتمبر ‪1996‬؛ دستور مورتانيا‬
‫المؤرخ في ‪ 12‬يوليو ‪.1991‬‬

‫‪101‬‬
‫رغم أن السلطة التنفيذية مجسدة في شخص رئيس الجمهورية تعين ثالثة أعضاء من‬
‫بينهم رئيس المجلس الدستوري صاحب الصوت المرجح وكذا أداء أعضاء المجلس‬
‫الدستوري اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية‪.1‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬مدى تدخل السلطة التشريعية في تشكيل المجلس الدستوري الموريتاني‬

‫لقد مر نظام القضاء الدستوري الموريتاني بمرحلتين وهما‪ :‬مرحلة الغرفة الدستورية‬
‫بالمحكمة العليا والمجلس الدستوري وسنعالج الدور الذي لعبته السلطة التشريعية في تشكيل‬
‫الجهازين وما مدى تأثير ذلك‪.‬‬
‫أوال‪ -‬مرحلة الغرفة الدستورية ‪:‬‬
‫بمقتضى القانون المؤرخ في ‪ 20‬يوليو ‪ 1965‬والمتعلق بقانون إعادة تنظيم القضاء‬
‫والذي جاء تطبيقا للمادة ‪ 03/51‬من دستور موريتانيا ‪ 20‬مايو ‪ 1961‬تتكون المحكمة‬
‫العليا وفقا للمادة ‪ 06‬من ق انون تنظيم القضاء من‪ :‬الرئيس‪ ،‬نائبان للرئيس‪ ،‬مستشارين‬
‫قانونيين‪ ،‬مستشار مالي من هؤالء الستة (‪ )06‬يقوم رئيس الجمعية الوطنية (الغرفة السفلى‬
‫في البرلمان الموريتاني) بتعيين المستشار القانوني الثاني‪ 2‬وبهذا يكون نصيب السلطة‬
‫التشريعية ‪ 01‬من ‪ 06‬وهذا عدد قليل جدا إذا قورن بالجزائر ‪ 04‬أعضاء من ‪ 09‬وتونس‬
‫‪ 1/3‬الثلث والمغرب ‪ 1/2‬النصف‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬مرحلة المجلس الدستوري ‪:‬‬
‫حسب المادة ‪ 86‬من الدستور الموريتاني يتكون المجلس الدستوري الموريتاني من ‪06‬‬
‫أعضاء يعين رئيس الجمهورية ‪ 03‬ثالثة أعضاء ويعين رئيس الجمعية الوطنية ‪ 02‬اثنين‬
‫ويعين رئيس مجلس الشيوخ ‪ 01‬واحد‪ ،‬ومنه يظهر أن دور السلطة التشريعية قد تطور‬
‫فبعدما كان نصيبها ‪ 01‬من ‪ 06‬أعضاء تتشكل منهما المحكمة العليا صار ‪ 03‬أعضاء من‬
‫‪ 06‬ستة أي النصف وبهذا يتساوى مع دور السلطة التشريعية في المغرب من خالل دستور‬
‫‪ 1996‬والتي تعين األعضاء مناصفة مع الملك الممثل للسلطة التنفيذية فأول ما يالحظ أن‬

‫‪ - 1‬سيدي محمد ولد سيدي أب‪ ،‬النظام القانوني للرقابة على دستورية القوانين في موريتانيا‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة‬
‫المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،22‬يناير‪ -‬مارس ‪ ،1998‬ص ‪.38 – 37‬‬
‫‪ - 2‬جعفر ولد المرابط ولد جعفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.53 – 52‬‬

‫‪102‬‬
‫هذا العدد الذي يتشكل منه المجلس الدستوري الموريتاني هو ضئيل مقارنة بالمجالس‬
‫الدستورية في المغرب العربي‪.1‬‬
‫لم يشترط المؤسس الدستوري الموريتاني على رئيس الجمعية الوطنية أو على رئيس‬
‫مجلس الشيوخ طريقة معينة لتعيين األعضاء‪ ،‬وهذا من شأنه جعل التعيين سلطة وامتياز‬
‫لشخص وليس لهيئة منتخبة ممثلة لإلرادة العامة وكان من األجدر إشراك البرلمان في اقتراح‬
‫أسماء على رئيسي غرفتيه حتى يكون التعيين جماعي تراعى فيه عدة مسائل على غرار ما‬
‫تنص عليه تشكيل المحكمة الدستورية اإلسبانية‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مدى مساهمة السلطة القضائية في تشكيل هيئات القضاء الدستوري‬
‫نظ ار للطبيعة المتميزة للمجالس الدستورية في كل من الجزائر والمغرب وتونس وموريتانيا‬
‫وترنحها بين الطبيعة القضائية والطبيعة السياسية لعبت السلطات الدستورية الثالث (تنفيذية‪،‬‬
‫تشريعية‪ ،‬وقضائية) دو ار متفاوتا في تشكيل هذه المجالس‪ ،‬وهذا الدور انعكس بصور متفاوتة‬
‫على أداء هذه المجالس لمهامها‪ ،‬وبعدما عالجت في المطلبين األولين من هذا المبحث دور‬
‫كل من السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية في تشكيل المجالس الدستورية ومدى تأثير هذا‬
‫الدور على أداء هذه المجالس نخصص هذا المطلب الثالث من نفس المبحث لدراسة دور‬
‫السلطة القضائية في تشكيل المجالس الدستورية في كل من (الجزائر‪ ،‬المغرب‪ ،‬تونس‬
‫وموريتانيا) معتمدين على نفس المنهج وهو المنهج التحليلي والمقارن في الدولة الواحدة ذاتها‬
‫من مرحلة إلى مرحلة ثم مقارنة بين الدول األربعة محل الدراسة (الجزائر‪ ،‬المغرب‪ ،‬تونس‪،‬‬
‫موريتانيا ) وعندما يتطلب الدراسة وتكون المقارنة مثرية نتطرق إلى المقارنة بأنظمة دستورية‬
‫أخرى دون التقيد بمرحلة زمنية معينة أو بجغرافيا محددة‪ ،‬وذلك من خالل أربعة فروع‪:‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 86‬من دستور موريتانيا‪ ،‬المؤرخ في ‪ 20‬مايو ‪.1991‬‬


‫‪ -‬تتكون المجالس الدستورية في فرنسا‪ ،‬الجزائر‪ ،‬تونس من ‪ 09‬أعضاء والمغرب ‪ 12‬عضوا والمحكمة الدستورية المغربية‬
‫‪ 12‬عضوا حسب دستور ‪ 01‬يوليو ‪.2011‬‬

‫‪103‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الدور البارز في النظام الدستوري الجزائري‬

‫أوال‪ -‬مرحلة دستور ‪: 1963‬‬

‫لقد وضحت في بداية هذه الدراسة أن الجزائر منذ أول دستور في ‪ 10‬سبتمبر ‪1963‬‬
‫نص على إنشاء مجلس دستوري وأعطى وبين تشكيلته من خالل المادة ‪ 63‬فكان المجلس‬
‫الدستوري يتألف من الرئيس األول للمحكمة العليا‪ ،‬ورئيسا الحجرة المدنية واإلدارية بالمحكمة‬
‫العليا‪ ،‬باإلضافة إلى ثالثة أعضاء عن السلطة التشريعية وعضو يعينه رئيس الجمهورية‬
‫باإلضافة إلى النص على المجلس الدستوري جاء في الباب المتعلق بالسلطة القضائية تحت‬
‫عنوان "العدالة"‪.‬‬

‫لكن دستور ‪ 10‬سبتمبر ‪ 1963‬علق العمل به بعد ‪ 20‬يوما من إصداره بسبب‬


‫إعالن رئيس الجمهورية في تلك المرحلة الحالة االستثنائية وتجميد العمل بالدستور بناء على‬
‫نص المادة "‪ "59‬من نفس الدستور‪ 1‬ولم يتم تنصيب المجلس الدستوري وال تعيين أعضائه‬
‫ولم يصدر النظام الداخلي لتحديد قواعد عمله‪ ،‬ولهذا ال يمكن تحديد أي دور أو تأثير‬
‫للسلطة القضائية في هاته المرحلة باعتبار أن المجلس الدستوري لم ينشأ أصال‪.2‬‬

‫لكن هذا ال يمنعني من تسجيل بعض المالحظات وهي‪:‬‬

‫‪ - 1‬هناك تساوي بين األعضاء الممثلين للسلطة القضائية واألعضاء الممثلين للسلطة‬
‫التشريعية (‪ )03‬لكل سلطة وضعف تمثيل السلطة التنفيذية بعضو واحد (‪.)01‬‬

‫‪ - 2‬األعضاء الممثلون للسلطة القضائية تم تعيينهم بحكم وظائفهم وليس باعتبارات‬


‫كفاءاتهم العلمية والشخصية‪.‬‬

‫‪ - 3‬رئيس المجلس الدستوري يتم انتخابه من طرف زمالئه في المجلس وهذا يسمح‬
‫لثالثة أعضاء الممثلين عن السلطة القضائية أن يكون أحدهم رئيسا للمجلس الدستوري‪ ،‬وفي‬
‫هذه ا لحالة يجمع بين رئاسة المحكمة العليا ورئاسة المجلس الدستوري أو رئاسة الحجرة‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 59‬من دستور ‪ 10‬سبتمبر ‪.1963‬‬


‫‪ - 2‬مولود منصور ‪ ،‬بحوث في القانون الدستوري‪ ،‬الجزائر‪ ،‬موفم للنشر‪ ،2010 ،‬ص ‪.211 – 210‬‬

‫‪104‬‬
‫المدنية أو اإلدارية ورئاسة المجلس الدستوري وهذا األمر غير مستساغ باعتبار المجلس‬
‫الدستور هيئة دستورية مستقلة والقضاء مستقل‪.‬‬

‫‪ - 4‬إن رئيس المجلس الدستوري حسب المادة ‪ 63‬من دستور ‪ 10‬سبتمبر ‪ 1963‬ال‬
‫يملك صوتا مرجحا وهنا في حالة غياب عضو وتساوي األصوات بين ‪ 06‬أعضاء الباقون‬
‫ما هو الحل ؟‬

‫‪ - 5‬بالعودة إلى نص المادة ‪ 54‬من دستور ‪ 10‬سبتمبر ‪ 1963‬والتي تنص على أن‬
‫رئيس الجمهورية يعين الموظفين في جميع المناصب المدنية والعسكرية وباعتبار رئاسة‬
‫المحكمة العليا ورئاسة الحجرة المدنية ورئاسة الحجرة اإلدارية من المناصب المدنية فإن‬
‫رئيس الجمهورية يعين من يشغلهم وهو حق دستوري بالنسبة له‪ ،‬وهؤالء الرؤساء هم أعضاء‬
‫في المجلس الدستوري بصفاتهم الوظيفية وبالتالي فإنهم يمثلون السلطة التنفيذية وال يمثلون‬
‫السلطة القضائية‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬مرحلة دستور ‪ 22‬نوفمبر ‪: 1976‬‬

‫جاءت هذه المرحلة بعد فراغ دستوري عاشته الجزائر لمدة ‪ 13‬سنة وسيرت عن طريق‬
‫قوانين استثنائية ومؤسسات دولة استثنائية اعتمدت في حكمها على الشرعية الثورية كبديل‬
‫للشرعية االنتخابية والمشروعية الدستورية بدءا بتعليق العمل بدستور عام ‪ 1963‬إلى التغيير‬
‫في الحكم ابتداء بتاريخ ‪ 19‬جوان ‪ 1965‬إلى غاية صدور دستور ‪ 22‬نوفمبر ‪ 1976‬وقبله‬
‫الميثاق الوطني لسنة ‪.1975‬‬

‫في هذه المرحلة من تاريخ الجزائر المستقلة ال يمكن تصور وجود قضاء دستوري النعدام‬
‫كل المسائل التي نشأ من أجلها القضاء الدستوري وهي وجود مبدأ الفصل بين السلطات‬
‫وكذا دستور جامد‪.‬‬

‫إنه بعد تبني دستور ‪ 22‬نوفمبر ‪ 1976‬وكأنه جسد النظام السياسي والدستوري الذي‬
‫كان سائدا بحيث كل الممارسات السياسية للحزب الواحد تم إفراغها في نص تنظيري سياسي‬
‫وهو الميثاق الوطني سنة ‪ 1975‬ثم كل ما جاء في ميثاق ‪ 1975‬تم تحويله إلى نصوص‬

‫‪105‬‬
‫دستور (تقنية) من خالل دستور ‪ 1976/11/22‬ولم يظهر أثر للرقابة على دستورية القوانين‬
‫كآلية لتحقيق دولة الحق والقانون واحترام مبدأ الفصل بين السلطات وتبعا لذلك لم يتم النص‬
‫على آلية معينة (مجلس دستوري) (محكمة دستورية) لتحقيق هذا المبدأ وظهرت الرقابة في‬
‫أشكال مختلفة من رقابة حزبية (هياكل الحزب)‪ ،‬رقابة شعبية (مجالس منتخبة)‪( ،‬مجالس‬
‫عمالية) رقابة مالية (جهات إدارية مختصة) وهذا حسب المادة ‪ 186‬من الدستور‪.1‬‬

‫وال بد أن نسجل أنه بمناسبة المؤتمر الخامس لحزب جبهة التحرير الوطني في شهر‬
‫ديسمبر ‪ 1983‬أوصى بإنشاء هيئة عليا تحت سلطة رئيس الجمهورية األمين العام للحزب‬
‫مكلفة بالبت في مدى دستورية القوانين‪...‬وبقيت مجرد رأي غير محقق إلى غاية تبني دستور‬
‫‪ 23‬فبراير ‪.21989‬‬

‫ثالثا ‪ -‬مرحلة دستور ‪ 23‬فبراير ‪: 1989‬‬

‫لقد جاء دستور ‪ 23‬فبراير ‪ 1989‬بعد األحداث الداخلية والخارجية وانهيار المعسكر‬
‫االشتراكي وأحداث ‪ 05‬أكتوبر ‪ ،1988‬وجاء هذا الدستور ثريا ومغاي ار تماما لدستور ‪22‬‬
‫نوفمبر ‪ 1976‬كما رأينا في هذه الدراسة سابقا وقد نص على إنشاء مجلس دستوري تم‬
‫تنصيبه فعال يوم ‪ 08‬مارس ‪.1989‬‬

‫ففي دستور ‪ 1989‬يتشكل المجلس الدستوري من ‪ 07‬أعضاء بما فيهم رئيس المجلس‬
‫من بين هؤالء السبعة للسلطة القضائية تعين عضوين ممثلين عن المجلس األعلى للقضاء‬
‫باعتباره جهة نقض للقضاء العادي والقضاء اإلداري ألن الجزائر من خالل دستور ‪1989‬‬
‫أخذت بازدواجية القانون ووحدة القضاء‪ ،‬مع اإلشارة إلى أنه لم توضع أية شروط سواء‬
‫بواسطة الدستور أو بواسطة القانون الختيار عضو المجلس الدستوري‪.‬‬

‫باستثناء النص من خالل المادة ‪ 154‬من دستور ‪ 23‬فبراير ‪ 1989‬بأن يكون العضوين‬
‫الممثلين للمجلس األعلى لقضاء من بين أعضائها وهذا ما ينتج عنه إلزامية اختيار ممثلين‬

‫‪ - 1‬المواد‪ ،190 ،189 ،188 ،187 ،186 ،185 ،184 ،183 ،‬من دستور الجزائر لعام ‪.1976‬‬
‫‪2 -R. BENACHOUR etA . LACHAAL, op.cit, pp. 639- 640.‬‬

‫‪106‬‬
‫في المجلس الدستوري هم قضاة متمرسين هذا األمر ال ينطبق على السلطة التشريعية‬
‫(المجلس الشعبي الوطني) بحيث يمكنه تعيين عضوين من خارج المجلس لعدم دقة النص‬
‫الدستوري‪.‬‬

‫أما رئيس المجلس الدستوري فيتم تعيينه من طرف رئيس السلطة التنفيذية (رئيس‬
‫الجمهورية) لمدة عهدة كاملة (‪ 06‬سنوات)‪.1‬‬

‫وعند مقارنة المجلس الدستوري الذي تم النص عليه في دستور ‪ 10‬سبتمبر ‪1963‬‬
‫والمجلس الدستوري الذي تم النص عليه في دستور ‪ 1989/02/23‬وتنظيمه من خالل‬
‫نظامه الداخلي المصادق عليه بتاريخ ‪ 07‬أوت ‪ 1989‬نجد أن عدد أعضاء المجلس لم‬
‫يتغير بقي (‪ ) 07‬أعضاء بما فيهم رئيس المجلس الدستوري أما من الناحية الشكلية فإن‬
‫دستور ‪ 1963‬نص على المجلس الدستوري في الباب المتعلق بالسلطة القضائية تحت‬
‫عنوان "العدالة" أما دستور ‪ 1989‬فنص على المجلس الدستور في الباب المعنون "الرقابة‬
‫والهيئات االستشارية"‪ ،‬ولهذا التغيير داللته من حيث أن دستور ‪ 1963‬اعتبره ضمن الجهاز‬
‫القضائي‪ ،‬أما دستور ‪ 1989‬فأبعده تماما عن السلطات الدستورية وجعله ضمن الهيئات‬
‫التابعة لرئيس الجمهورية تقوم بمهام استشارية ومهام رقابية رفقة مجموعة من الهيئات‬
‫األخرى كالمجلس األعلى اإلسالمي والمجلس األعلى للمحاسبة‪.‬‬

‫أما بالنسبة للسلطة القضائية كانت تملك ‪ 03‬أعضاء في دستور ‪ 1963‬يمثلونها على‬
‫مستوى المجلس الدستوري صارت تملك عضوين فقط يمثلونها في المجلس الدستوري قي‬
‫دستور ‪ 1989‬رغم أن عدد أعضاء المجلس الدستوري بقي ‪ 07‬أعضاء‪.‬‬

‫كان يعين أعضاء كل من المحكمة العليا ورئيسا الحجرة المدنية واإلدارية اعتبا ار‬
‫لوظائفهم في دستور ‪ 1963‬أما في دستور ‪ 1989‬صار ينتخب عضوان من المجلس‬
‫األعلى للقضاء من بين أعضائها يعني لكفاءاتهم العلمية والمهنية ‪.‬‬

‫‪1- Ibid, pp. 643- 644‬‬

‫‪107‬‬
‫كان رئيس المجلس الدستوري ينتخب من طرف زمالئه وال يملك صوتا مرجحا في‬
‫دستور ‪ 1963‬صار في دستور ‪ 1989‬يعين من طرف السلطة التنفيذية وله صوتا مرجحا‪.‬‬

‫ورغم أننا لم نتطرق لدور السلطة القضائية وتأثيرها على أداء المجلس الدستوري في ظل‬
‫دستور ‪ 1963‬وهذا كما رأينا بسبب عدم إنشاء المجلس الدستوري أصال وتعليق العمل‬
‫بدستور ‪ 1963‬إال أنه وبمقارنة بسيطة نجد أن السلطة القضائية تقلص دورها في تشكيلة‬
‫المجلس الدستوري من خالل دستور ‪ 1989‬وذلك لصالح السلطة التنفيذية بحيث من ‪03‬‬
‫أعضاء انخفض حق السلطة القضائية إلى عضوين وكذا في نفس الوقت ارتفع حق السلطة‬
‫التنفيذية من عضو واحد في دستور ‪ 1963‬إلى ‪ 03‬أعضاء في دستور ‪.1989‬‬

‫صار رئيس المجلس الدستوري يعين من طرف رئيس السلطة التنفيذية ( رئيس‬
‫الجمهورية) وله صوت مرجح واختصاصات مهمة جدا ينفرد بها على باقي أعضاء المجلس‬
‫الدستوري في حين دستور ‪ 1963‬جعله ينتخب من طرف زمالئه أعضاء المجلس الدستوري‬
‫وال يملك صوتا مرجحا ومنه اعتقد أن المؤسس الدستوري الجزائري من خالل دستور ‪23‬‬
‫فبراير ‪ 1989‬جعل نصيبا للسلطة القضائية في تشكيلة المجلس الدستوري (‪ )02‬عضوين‬
‫ليس بهدف إعطائها دور في توجيه المجلس الدستوري وانما إليجاد أهل االختصاص داخل‬
‫المجلس للقيام بعمل تقني أما التأثير الحقيقي فكان للسلطة التنفيذية‪.‬‬

‫رابعا‪ -‬مرحلة دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪: 1996‬‬

‫تتكون السلطة القضائية من خالل دستور ‪ 1996‬من القضاء العادي والقضاء اإلداري‬
‫حيث قبل هذا الدستور كانت الجزائر تعتمد على وحدة القضاء وازدواجية القانون أي وجود‬
‫غرفة إدارية على مستوى مجالس االستئناف وغرفة إدارية على مستوى جهات النقض العادية‬
‫أي المجلس األعلى‪.1‬‬

‫إنه وبناء على نص المادة ‪ 164‬من الدستور صار من حق السلطة القضائية أن تنتخب‬
‫عضوين واحد تنتخبه المحكمة العليا وعضو آخر ينتخبه مجلس الدولة وما يعاب على هذه‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 152‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪.1996‬‬

‫‪108‬‬
‫المادة أنها لم تجعل انتخاب العضوين يكون من بين أعضاء المحكمة العليا وأعضاء مجلس‬
‫الدولة وحتى النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري المؤرخ في ‪ 28‬يوليو ‪ 2000‬لم‬
‫يتفطن لهذه النقطة‪.‬‬

‫أول ما يالحظ في دستور ‪ 1996‬أنه من الناحية الشكلية تم النص على المجلس‬


‫الدستوري في الباب الثالث المعنون "الرقابة والمؤسسات االستشارية" بعيدا تماما عن الباب‬
‫الثاني المعنون "تنظيم السلطات" والفصل الثالث المعنون "السلطة القضائية" وهنا خالف‬
‫دستور ‪ 1963‬الذي نص على المجلس الدستوري في الباب المتعلق بالسلطة القضائية تحت‬
‫عنوان "العدالة"‪ 1‬ووافق دستور ‪ 23‬فبراير ‪ 1989‬وأكد ما جاء فيه من حيث اعتبار المجلس‬
‫الدستوري من الهيئات الرقابية واالستشارية‪.2‬‬

‫أما من ناحية عدد أعضاء المجلس الدستوري فارتفع إلى ‪ 09‬أعضاء بمن فيهم رئيس‬
‫المجلس الدستوري وبقي نصيب السلطة القضائية ‪ 02‬من ‪ 09‬بعدما كان ‪ 02‬من ‪07‬‬
‫أعضاء في دستور ‪.1989‬‬

‫وبهذا تقهقر دور السلطة القضائية وتأثيرها على المجلس الدستوري أمام هيمنة السلطة‬
‫التنفيذية في دستور ‪ 1989‬بوجود ‪ 03‬أعضاء للسلطة التنفيذية مقابل عضوين للسلطة‬
‫القضائية والسلطة التنفيذية تعين رئيس المجلس الدستوري صاحب الصوت المرجح‬
‫والصالحيات الواسعة وزاد هذا التقهقر في دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬أمام السلطة التشريعية‬
‫التي صارت تملك حق انتخاب ‪ 04‬أعضاء‪ ،‬اثنان عن المجلس الشعبي الوطني وعضوان‬
‫عن مجلس األمة (الغرفة العليا للبرلمان المستحدثة في دستور ‪.3)1996‬‬

‫صار دور السلطة القضائية ضعيفا جدا في التأثير على عمل المجلس الدستوري خاصة‬
‫في ظل نظام سياسي جزائري يعتمد على تحالف بين البرلمان والحكومة في إطار تحالف‬
‫رئاسي حيث تبقى السلطة القضائية من خالل ممثليها في المجلس الدستوري صامتة أمام‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 63‬دستور ‪ 10‬سبتمبر ‪.1963‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 154‬دستور ‪ 23‬فبراير ‪.1989‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 98‬دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪.1996‬‬

‫‪109‬‬
‫األغلبية الرئاسية وكذا عدم امتالكها لحق إخطار المجلس الدستوري بجعلها مشلولة وفي هذه‬
‫النقطة أقترح إعطاء حق إخطار المجلس الدستوري لكل من رئيس المحكمة العليا ورئيس‬
‫مجلس الدولة في مجال الحقوق والحريات األساسية للمواطن حتى ال يتم السكوت على‬
‫اختراق الدستور في هذا المجال سواء بنص تشريعي أو بنص تنظيمي علما أن النص‬
‫التشريعي أو النص التنظيمي ال يمكن مراقبته من طرف المجلس الدستوري إال بعد إخطاره‬
‫من طرف رئيس الجمهورية رئيسي غرفتي البرلمان وبما أن مجاالت الحقوق األساسية‬
‫والحريات للمواطن من المجاالت التي وقعت الجزائر على االتفاقيات والصكوك الدولية التي‬
‫تنظمها وضمنتها الجزائر في دساتيرها لكنها لم تعطي اآللية الكافية لحمايتها من تعدي‬
‫المشرع‪ .‬برلمان كان أم سلطة تنفيذية خاصة إذا علمنا بأن طبيعة النظام السياسي الجزائري‬
‫تقوم على تحالف رئاسي يجعل السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية تتبع نفس الخط ولهذا‬
‫أرى أن السلطة القضائية باعتبارها مستقلة بنص الدستور‪ .‬وأعضاؤها في المجلس الدستوري‬
‫بعيدين عن السياسة بحكم تكوينهم ومهامهم يمكن أن تلعب دو ار أكثر أهمية في إعطاء‬
‫المجلس الدستوري دو ار أكبر في حماية حقوق األفراد وحرياتهم وحتى ال يصبح هذا الحق‬
‫معرقل للعمل التشريعي المعبر عن اإلرادة الشعبية نحدده في مجاالت معينة وهي حقوق‬
‫األفراد وحرياتهم األساسية باعتبارها حقوق طبيعة أساسية معترف بها دستوريا‪.‬‬

‫وبالمقارنة مع المجلس الدستوري اللبناني فقد جعل تكوين المجلس الدستوري مناصفة بين‬
‫السلطتين التنفيذية والتشريعية ولم يعطي أي دور للسلطة القضائية في هذا المجال‪.1‬‬

‫أما المجلس الدستوري الفرنسي فيتألف من ‪ 09‬أعضاء معينون كلهم‪ ،‬وهو نفس العدد‬
‫الذي يتشكل منه المجلس الدستوري الجزائري دستور ‪.1996/11/28‬‬

‫كما أن المجلس الدستوري الفرنسي يتكون بقوة القانون من كل رؤساء الجمهورية الفرنسية‬
‫القدماء لكنه لم يسبق ألحد منهم وأن حضر اجتماع المجلس الدستوري باستثناء (ريني كوبي‬
‫وف أورويل) األول بشكل متقطع والثاني بشكل منضبط جدا‪.‬‬

‫‪ - 1‬الياس جوادي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.236 – 235‬‬

‫‪110‬‬
‫أما فيما يتعلق بتسمية األعضاء في المجلس الدستوري الفرنسي فإن المادة ‪ 157‬منه‬
‫أعطت صالحية تعيين ‪ 03‬من ‪ 09‬إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الشيوخ يعين ‪06‬‬
‫الباقون‪.‬‬

‫وما أعيب على هذا النظام أنه مسيس كثير كونه يخضع لالعتبارات الحزبية ويشابه‬
‫التعيينات في النظام األمريكي والتي تكون من طرف رئيس الجمهورية بعد مصادقة مجلس‬
‫الشيوخ‪.1‬‬

‫والمالحظ أن المؤسس الدستوري الفرنسي لم يعطي أي حق للسلطة القضائية في تشكيل‬


‫المجلس الدستوري وال في إخطاره وهذا راجع للدور الذي لعبه القضاء في مرحلة ما قبل‬
‫الثورة الفرنسية ومساندته للنظام اإلقطاعي والملكي على حساب الشعب فصار من غير‬
‫المقبول لدى الفكر الفرنسي أن القاضي الذي ناصر الطغاة على الشعب والمبادئ يكون‬
‫اليوم له دور في حماية حقوق الشعب ومبادئ الثورة الفرنسية ولهذا نجد المؤسس الدستوري‬
‫الفرنسي يتعمد تغييب أي دور للقاضي فيما يخص الرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬لكن فرنسا‬
‫في اآلونة األخيرة من خالل المراجعة الدستورية المؤرخة في ‪ 2008 /07/23‬بدأت تميل‬
‫نحو إعطاء القاضي هذا الدور بطريقة غير مباشرة بواسطة إعطاء الفرد الفرنسي حق‬
‫الطعن أمام المجلس الدستوري في نص قانون يعتقد بعدم دستوريته لكن يتم ذلك بإحالة من‬
‫الجهات القضائية على المجلس الدستوري‪ 2‬وهذا ما نبينه في الباب الثاني من هذه الدراسة‪..‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الوجود في مرحلة الغرفة الدستورية والغياب في مرحلة المجلس الدستوري‬
‫المغربي‬

‫أشرت من خالل هاته الدراسة إلى أن المغرب عرف نظام الغرفة الدستورية بالمجلس‬
‫األعلى للقضاء كهيئة ممارسة للقضاء الدستوري‪ ،‬وذلك من خالل دساتير ‪،1970 ،1962‬‬
‫‪ 1972‬ثم انتقل إلى نظام المجلس الدستوري من خالل دساتير ‪ 1992‬و‪ ،1996‬وبعدها‬

‫‪ - 1‬هنري روسيون ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.15 -14‬‬


‫‪2 - Loi Constitutionnelle n° 2008-74 du 23/07/2008 modernisation des institutions de la Vème‬‬
‫‪République.‬‬

‫‪111‬‬
‫إلى نظام المحكمة الدستورية في دستور ‪ 2011‬ولهذا تتطلب من الدراسة تبيان دور وتأثير‬
‫السلطة القضائية في مرحلة الغرفة الدستورية ثم دور وتأثير السلطة القضائية في مرحلة‬
‫المجلس الدستوري ثم مرحلة المحكمة الدستورية‪.‬‬

‫أوال ‪ -‬مرحلة الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى للقضاء ‪:‬‬

‫لقد تم النص على الغرفة الدستورية في الباب العاشر باعتبارها جزءا من السلطة‬
‫القضائية يرأسها رئيس المجلس األعلى للقضاء وتتشكل من قاض من الغرفة اإلدارية‬
‫بالمجلس األعلى للقضاء وبقي عضو واحد وهو قاض عن المحكمة اإلدارية رغم انخفاض‬
‫العدد في دستور ‪ 1970‬من ‪ 5‬أعضاء إلى ‪ 4‬أعضاء وذلك بسبب إلغاء مجلس المستشارين‬
‫(الغرفة العليا في البرلمان المغربي)‪.‬‬

‫أما في دستور ‪ 1972‬فغاب ممثل السلطة القضائية وهو قاض عن المحكمة اإلدارية‬
‫بحيث أصبح عدد أعضاء الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى للقضاء ‪ 6‬أعضاء ثالثة منهم‬
‫يعينهم الملك (سلطة تنفيذية وثالثة يعينهم رئيس مجلس النواب (سلطة تشريعية) باإلضافة‬
‫‪1‬‬
‫إلى رئيس الغرفة الدستورية الذي هو في نفس الوقت رئيس المجلس األعلى للقضاء‬

‫نالحظ أن دستور المغرب ‪ 1962‬أشترط أن يتم تعيين عضوان قاض وأستاذ من كليات‬
‫الحقوق من طرف الملك باإلضافة إلى عضوية رئيس المجلس األعلى بصفته رئيس الغرفة‬
‫الدستورية وهو بطبيعة تكوينه قاض واختصاصه بنفس المنصب وبنفس الغرفة في دستوري‬
‫‪ 1972 ،1970‬لها دالله على محاولة إعطاء دور للطابع القضائي على تشكيلة هذه‬
‫الغرفة‪.2‬‬

‫وقد كان حق اإلحالة في الغرفة الدستورية يتمتع به كل من الوزير األول ورئيس مجلس‬
‫النواب‪ ،‬وفي حالة النزاع االنتخابي يتوسع هذا الحق إلى الناخبين في الدائرة االنتخابية‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.36 – 35‬‬


‫تنظيم الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى للقضاء في دستور ‪ 1962‬صدر لتنظيمها ظهير شريف رقم ‪ 170194‬بتاريخ‬
‫‪.1970/03/ 31‬‬
‫‪ - 2‬نور الدين أشحشاح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.205 – 203‬‬

‫‪112‬‬
‫المعنية بالنزاع وللمترشحين والعامل وأمين اللجنة الوطنية لإلحصاء ولم يكن هذا الحق‬
‫ممنوحا ألعضاء السلطة القضائية وغلب على دور الغرفة الدستورية في تلك المرحلة قلة‬
‫التدخالت‪ ،‬واالجتهاد وكان طابع ق ارراتها في حل النزاع االنتخابي يتسم بقلة التعليل‬
‫والتسبيب‪ ،‬ولهذه األسباب لم تكن باستطاعة الغرفة الدستورية تصحيح أي مسار انتخابي ال‬
‫يتعاون مع إرادة اإلدارة اإلقليمية في إنجاح تشكيلة سياسية معينة باإلضافة إلى أن ق اررات‬
‫الغرفة الدستورية في المجال االنتخابي لم تكن تنشر في الجريدة الرسمية كما أنها لم تكن‬
‫تحوز حجية الشيء المقضي فيه‪.1‬‬

‫وأول ما نالحظه على دستور ‪ 1972‬أنه قلص من الطابع القضائي للغرفة الدستورية‬
‫لصالح الطابع السياسي ملغيا كل دور للسلطة القضائية وذلك بالعودة إلى تشكيلة الغرفة‬
‫الدستورية التي خلت من ممثلي السلطة القضائية على عكس دستوري ‪.1970 ،1962‬‬

‫كما أضاف دستور ‪ 1972‬بموجب الفصل ‪ 96‬منه المهام والوظائف التي تتنافى‬
‫وعضوية الغرفة الدستورية وأضيفت اختصاصات أخرى للغرفة الدستورية لم ينص عليها‬
‫الدستوري المغربي لسنة ‪ 1972‬صراحة لكن من خالل الفصل ‪ 97‬منه أشار إلى أن هناك‬
‫اختصاصات للغرفة الدستورية تطرقت إليها القوانين التنظيمية‪.2‬‬

‫يرى األستاذ رافع بن عاشور‪« :‬بأن الغرفة الدستورية بالمغرب حافظت من خالل دساتير‬
‫‪ 1972 ،1970 ،1962‬على نفس القاعدة وهي تمثيل السلطتين التنفيذية والتشريعية مع‬
‫اختالف تقسيم حصصها وأبعاد السلطة القضائية باستثناء رئيس الغرفة الدستورية الذي يملك‬
‫صفة القاضي باعتباره رئيس المجلس األعلى للقضاء»‪.3‬‬

‫أما المحكمة العليا في موريتانيا والتي أوكلت إليها مهمة ممارسة الرقابة على دستورية‬
‫القوانين فإنها تتشكل من الرئيس ويعين لمدة ‪ 5‬سنوات من طرف رئيس الجمهورية باقتراح‬
‫من رئيس الجمعية الوطنية ويتم اختياره من بين الشخصيات المعروفة بالكفاءة في ميادين‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬


‫‪ - 2‬مليكة الصروخ‪ ،‬القانون الدستوري‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة ‪ ،1998 ،‬ص ‪.268 – 266‬‬
‫‪3- R.BENACHOUR etA. LACHAAL, op.cit, p. 644.‬‬

‫‪113‬‬
‫القانون واإلدارة مع اشتراط أن يكون دينه اإلسالم‪ ،‬ويتمتع بحصانة كبيرة تتمثل في عدم‬
‫قابليته للتوقيف أو العزل وال يمكن إقالته قبل نهاية مدة عضويته وال يمكن متابعته قضائيا إال‬
‫بترخيص من المجلس األعلى للقضاء الذي يرأسه رئيس الجمهورية إال في حالة ارتكاب‬
‫الخيانة أو التلبس بالجريمة‪.‬‬
‫كما تتكون المحكمة العليا من ‪ 02‬نائبين للرئيس معينين أحدهما من قضاة القانون‬
‫الوضعي واآلخر من قضاة القانون (الشرعي) ومستشارين معينين بنفس الطريقة باإلضافة‬
‫إلى مستشار مالي يعين لمدة سنتين بقرار مشترك بين وزير المالية ووزير العدل ويكون من‬
‫بين موظفي و ازرة المالية وأهم ميزة تفرقها عن الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى المغربي هو‬
‫أن تشكيلة المحكمة ال تبقى قارة في كل االختصاصات ذلك أنه بالنسبة للمادة الدستورية‬
‫تصبح المحكمة العليا تتكون من ‪ 05‬خمسة أعضاء على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -‬رئيس المحكمة العليا رئيسا‬
‫‪ -‬نائبا رئيس المحكمة العليا عضوان‬
‫‪ -‬مستشاران معينان لمدة سنتين أحدهما من طرف رئيس الجمهورية والثاني من‬
‫طرف مجلس األمة (الجمعية الوطنية)‪.‬‬
‫والمالحظ أن المؤسس الدستوري الموريتاني أدرك أن المحكمة العليا في المادة‬
‫الدستورية تتطلب العنصر القضائي والتخصص القانوني فلهذا يحاول إدماج العنصر‬
‫السياسي بإعطاء حق التعيين لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الجمعية الوطنية‪.1‬‬
‫ثانيا ‪ -‬مرحلة المجلس الدستوري ‪:‬‬
‫إن دستور المغرب لسنة ‪ 1992‬أخرج الجهاز القضائي من رقابة دستورية القوانين‬
‫بعد إلغاءه للغرفة الدستورية على مستوى المجلس األعلى للقضاء ونص على هيئة وجعلها‬
‫مؤسسة دستورية مستقلة تسمى المجلس الدستوري‪.‬‬

‫وقد تم النص على المجلس الدستوري في الباب السادس من الدستور قبل النص على‬
‫السلطة القضائية وخصص للمجلس الدستوري الفصول من ‪ 76‬إلى ‪ 79‬وبين تشكيلته‬
‫وصار يتشكل من ‪ 4‬أعضاء يعينهم الملك لمدة ‪ 6‬سنوات و‪ 4‬أعضاء يعينهم رئيس مجلس‬

‫‪ -1‬سيدي أمحمد ولد سيدي أب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.33 – 32‬‬

‫‪114‬‬
‫النواب لنفس المدة بعد استشارة الفرق النيابية أما رئيس المجلس الدستوري فيعينه الملك لنفس‬
‫المدة من خارج األعضاء الثمانية السابق ذكرهم‪ ،‬ويجدد كل ثالث سنوات نصف كل فئة من‬
‫أعضاء المجلس الدستوري وصدر ظهير شريف رقم ‪ 1.94.124‬بتاريخ ‪ 25‬فبراير ‪1994‬‬
‫يقضي بتنفيذ القانون التنظيمي (العضوي) رقم ‪ 29.93‬المؤرخ في ‪ 2‬مارس ‪ 1994‬والمتعلق‬
‫بالمجلس الدستوري‪.1‬‬

‫ي طرح تعيين األعضاء على مستوى المجلس الدستوري إشكالية السلطات التي لها حق‬
‫التعيين (السلطة التنفيذية‪ ،‬البرلمان‪ ،‬الجهاز القضائي) وما لهذا الحق في التعيين من تأثير‬
‫على سير وأداء المجلس الدستوري‪ ،‬كما يطرح مشكلة الكفاءة في عضوية المجلس الدستوري‬
‫بين السياسي والقانوني إضافة إلى إيجاد توازن داخل المجلس نفسه بين الرئاسة واألعضاء‪.2‬‬

‫وما يالحظ على المجلس الدستوري المغربي وفق دستور ‪ 1992‬فإنه يخلو من أي ممثل‬
‫عن السلطة القضائية على غير ما كان عليه الحال في مرحلة الغرفة الدستورية واعتقد أن‬
‫األمر يعود إلى إتباع المغرب للنموذج الفرنسي من خالل دستور ‪ 4‬أكتوبر ‪ 1958‬والذي‬
‫أبعد القضاء عن أي دور في مجال القضاء الدستوري نظي ار للماضي والدور الذي لعبه‬
‫القضاة في فرنسا قبل قيام الثورة الفرنسية‪.‬‬

‫أما في دستور ‪ 1996‬المغربي فصار المجلس الدستوري يتشكل من ‪ 6‬ستة أعضاء‬


‫يعينهم الملك و‪ 6‬ستة أعضاء يعين ثالثة منهم رئيس مجلس النواب وثالثة يعينهم رئيس‬
‫مجلس المستشارين بعد استشارة الفرق النيابية بالمجلس ويتم كل ثالثة سنوات تجديد ثلث كل‬
‫فئة من أعضاء المجلس الدستوري أما رئيس المجلس الدستوري فيعينه الملك من بين ‪6‬‬
‫أعضاء الذين يعينهم على خالف ما كان سائدا في دستور ‪ 1992‬أين كان الملك يعين‬
‫رئيس المجلس الدستوري من خارج األعضاء الذين يعينهم وكذا على خالف ما كان سائدا‬

‫‪ - 1‬مليكة الصروخ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.269‬‬


‫‪ -2‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.40 – 39‬‬

‫‪115‬‬
‫في مرحلة الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى أين كان رئيس المجلس األعلى للقضاء هو‬
‫نفسه رئيس الغرفة الدستورية‪.1‬‬

‫وبالعودة إلى المجلس الدستوري الفرنسي نجد كل أعضائه معينين حسب المادة ‪ 56‬من‬
‫دستور ‪ 4‬أكتوبر ‪ 1958‬باإلضافة إلى أعضاء بحكم القانون وهم رؤساء الجمهورية الفرنسية‬
‫السابقون‪.‬‬

‫يتم تعين األعضاء التسعة المشكلون للمجلس الدستوري الفرنسي بين رئيس الجمهورية‬
‫ورئيس مجلس الشيوخ وهنا تشابه مع الدستور المغربي لسنة ‪ 1992‬وسنة ‪ 1996‬أين‬
‫يشترك الملك والبرلمان في تعيين أعضاء المجلس الدستوري‪ .‬كما يشتركان في إقصاء‬
‫السلطة القضائية من حق تعيين أعضاء المجلس الدستوري على خالف المؤسس الدستوري‬
‫الجزائري الذي أعطى وأبقى على حق السلطة القضائية في تعيين أعضاء المجلس الدستوري‬
‫ففي دستور ‪ 1963‬كان لها حق تعيين ‪ 3‬أعضاءهم رئيس المحكمة العليا ورئيسي الحجرتين‬
‫المدنية واإلدارية وفي دستور ‪ 23‬فبراير ‪ 1989‬أعطى للسلطة القضائية جهة طعن في‬
‫القضاء العادي والقضاء اإلداري‪ .‬أما دستور ‪ 1996‬فقد أعطى للسلطة القضائية حق‬
‫انتخاب عضوين في المجلس الدستوري أحدهما يمثل المحكمة العليا (جهة نقض للقضاء‬
‫العادي) واآلخر يمثل مجلس الدولة باعتباره (جهة نقض في القضاء اإلداري)‪.‬‬

‫أما المغرب فيتفق مع الجزائر وفرنسا من حيث عدد أعضاء المجلس الدستوري وهو ‪9‬‬
‫أعضاء في دستور المغرب ‪ 1992‬ودستور الجزائر ‪ 1996‬أما دستور المغرب ‪ 1996‬فقد‬
‫رفع العدد إلى ‪12‬عضوا متجاو از أعضاء المجلس الدستوري الجزائري والفرنسي‪.‬‬

‫كما ينفرد دستور الجزائر ‪ 1963‬بجعل رئاسة المجلس الدستوري تكون باالنتخاب من‬
‫بين أعضاء المجلس الدستوري على عكس فرنسا والمغرب‪ ،‬أين يكون رئيس المجلس‬
‫الدستوري معينا‪.‬‬

‫‪ - 1‬مليكة الصروخ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.271 – 270‬‬

‫‪116‬‬
‫ثالثا – مرحلة المحكمة الدستورية بالمغرب ‪:‬‬

‫نص دستور المغرب المؤرخ في ‪ 01‬يوليو ‪ 2011‬على محكمة دستورية خلفا للمجلس‬
‫الدستوري‪.‬‬

‫ذهب دستور المغرب ‪ 01‬يوليو ‪ 2011‬إلى تبني المراقبة القضائية على دستورية‬
‫القوانين والتي تهدف إلى التأكد من أن القوانين واألعمال الصادرة عن السلطات العامة‬
‫مطابقة للدستور وتم النص على إنشاء محكمة دستورية لتعويض المجلس الدستوري الذي‬
‫حل محل الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى للقضاء كما رأينا في الدراسة سابقا والمحكمة‬
‫جاءت متأثرة بالنظام المتبع في الدول األنجلوسكسونية‪.1‬‬

‫نصت المادة ‪ 129‬من دستور المغرب ‪ 2011‬على إحداث محكمة دستورية وخصص‬
‫لها الباب العاشر من الدستور مباشرة بعد النص على السلطة القضائية وتتكون من‬
‫شخصيات ذات تكوين عالي في القانون وكفاءات قضائية وفقهية وادارية والذين مارسوا‬
‫مهامهم لفترة تتجاوز ‪ 15‬سنة والمشهود لهم بالتجربة والنزاهة وركز المشرع على توفر شرط‬
‫الحياد والكفاءة على عكس أعضاء المجلس الدستوري‪ ،‬وهكذا أعطى المشرع حق تعيين ‪06‬‬
‫أعضاء للملك يقترح واحد منهم األمين العام للمجلس العلمي األعلى وينتخب الستة اآلخرون‬
‫من طرف مجلسي البرلمان مناصفة من المترشحين الذين يقدمهم مكتب كل مجلس ويتم‬
‫تعيين أعضاء المحكمة الدستورية لمدة ‪ 09‬سنوات غير قابلة للتجديد ويتم تغيير ثلث‬
‫األعضاء كل ثالثة سنوات‪.2‬‬

‫الفرع الثالث‪:‬تأثير السلطة القضائية على المجلس الدستوري التونسي‬

‫رأينا في هذه الدراسة أن المجلس الدستوري التونسي تم إنشاؤه بواسطة نص تنظيمي‬


‫صادر عن السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية) وكل أعضاء المجلس الدستوري التونسي يتم‬
‫تعيينهم من طرف رئيس الجمهورية وفقا لما جاء في الفصل الرابع من قانون ‪ 18‬أفريل‬

‫‪ - 1‬أمغار محمد‪ ،‬المحكمة الدستورية في مشروع الدستور ومراقبة القوانين‪ ،‬منشور بالموقع التالي ‪:‬‬
‫‪http:// www. Ohew ar. Org/ debat/ show. Art. asp. Aid = 265 798 (consulté le : 25 janvier‬‬
‫‪2015).‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪،‬‬

‫‪117‬‬
‫‪ . 1990‬وقد حرمت كل من السلطة التشريعية والسلطة القضائية‪ ،‬من تعيين أعضائه وهذا‬
‫بسبب اعتبار المجلس الدستوري التونسي هيئة استشارية بالنسبة لرئيس الجمهورية التونسية‪،‬‬
‫ويتم التعيين بمقتضى أمر صادر عن رئيس الجمهورية ينشر في الجريدة الرسمية (الرائد‬
‫الرسمي)‪.‬‬

‫أما في أول تعديل لتشكيلة المجلس الدستوري التونسي بتاريخ ‪ 12‬جوان ‪ 1989‬أصبح‬
‫كل من الرئيس األول لمحكمة التعقيب ورئيس المحكمة اإلدارية ورئيس دائرة الحسابات‬
‫أعضاء بالمجلس الدستوري للجمهورية‪.1‬‬

‫وبالعودة إلى األمر ‪ 712‬لسنة ‪ 1989‬والمتضمن تسمية أعضاء المجلس الدستوري‪.‬‬


‫بتركيبته الجديدة فإن تعيين وتسمية كل من الرئيس األول لمحكمة التعقيب ورئيس المحكمة‬
‫اإلدارية ورئيسا دائرة الحسابات جاءت متبوعة بصفتهم الوظيفية وهو ما يؤكد صفة‬
‫االختصاص القضائي لهذا التعيين‪.‬‬

‫أما التعيين الجديد الذي جاء بتاريخ ‪ 16‬سبتمبر ‪ 1992‬بمقتضى األمر عدد ‪1650‬‬
‫لسنة ‪ 1992‬فلم تتضمن اإلشارة إلى الصفة الوظيفية للرئيس األول لمحكمة التعقيب والرئيس‬
‫األول للمحكمة اإلدارية‪ ،‬كما لم تشمل تعيين الرئيس األول لدائرة الحسابات مما يوحي بأن‬
‫هذا التعيين تراجع عن الصفة الوظيفية للعضو المعين واعتماده الصفة الشخصية للعضو‬
‫المعين المتمثلة في الخبرة والكفاءة في المجال القانوني‪.2‬‬

‫والسؤال المطروح هو هل االعتماد على رؤساء هيئات قضائية في عضوية المجلس‬


‫الدستوري التونسي جعل السلطة القضائية تعلب دو ار معينا في توجيهه‪ .‬الشيء الذي جعل‬
‫رئيس السلطة التنفيذية يتراجع على هذا المسار ويعيد تعيين أشخاص لكن لكفاءاتهم‬
‫وخبراتهم من أجل إبقاء المجلس الدستوري هيئة استشارية تحت قبضته‪.‬‬

‫اعتقد أن السلطة التنفيذية في تونس ممثلة في شخص رئيس الجمهورية في تلك المرحلة‬
‫لم تكن ترغب في ترك المجال ألية سلطة أخرى ال تشريعية وال قضائية في مشاركتها في‬

‫‪ - 1‬زهير المظفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.49 – 47‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه ص‪.51‬‬

‫‪118‬‬
‫الحكم ولهذا لم تكن تقصد من وراء تعيين رؤساء هيئات قضائية متمرسون في مجال القانون‬
‫العام إال بحثا عن التكامل بين السياسي والقانوني لعرقلة العمل التشريعي ومراقبته في صالح‬
‫توسيع مجال العمل التنظيمي الذي يمارسه رئيس الجمهورية‪.‬‬

‫ومقارنة بالمجلس الدستوري الموريتاني الذي يتكون حسب المادة ‪ 81‬من دستور ‪20‬‬
‫جويلية ‪ 1991‬والمادة األولى من القانون العضوي رقم ‪ 92 /004‬المؤرخ في ‪ 18‬فبراير‬
‫‪ 1992‬والمتضمن تنظيم المجلس الدستوري فإن هذا األخير يتكون من ‪ 6‬أعضاء ثالثة‬
‫أعضاء يعينهم رئيس الجمهورية وعضوين يعينهم رئيس المجلس الوطني وعضو واحد يعينه‬
‫رئيس مجلس الشيوخ ويتم تعيين رئيس المجلس الدستوري من قبل رئيس الجمهورية‪ ،‬وهذا‬
‫الرئيس يملك صوتا مرجحا في حالة تساوي األصوات داخل المجلس وال تخضع الهيئات‬
‫صاحبة التعيين ألي شرط إال الشروط العامة لممارسة الوظائف العامة في الدولة على تمكن‬
‫بعض األنظمة المغاربية التي تشترط الكفاءة في مجال القانون مثل المغرب في دستور‬
‫‪ 1992‬وتونس‪.1‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬دور السلطة القضائية في المجلس الدستوري الموريتاني والغرفة الدستورية‬

‫يعين أعضاء المجلس الدستوري الموريتاني من طرف كل من السلطة التنفيذية ممثلة في‬
‫رئيس الجمهورية ورئيسا مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية ممثالن عن السلطة التشريعية وال‬
‫يعطي أي دور للسلطة القضائية في هذا التعيين‪.2‬‬

‫إنه حتى وان كان إشراك السلطتين التنفيذية والتشريعية في تعيين أعضاء المجلس‬
‫الدستوري له ما يبرره وهو طبيعة المهام الموكلة لهذا المجلس فإن غياب السلطة القضائية‬
‫يجعل هذا المجلس ناقصا من حيث عنصر التخصص القانوني والقضائي‪.3‬‬

‫ويبدو هنا النقل واضحا عن المجلس الدستوري الفرنسي الدي تم النص عليه في دستور‬
‫‪ 04‬أكتوبر ‪ 1958‬ال من حيث إشراك السلطتين التشريعية والتنفيذية في تعيين أعضاءه‬

‫‪ - 1‬سيدي أمحمد ولد سيدي آب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.33 – 32‬‬
‫‪ - 2‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه ‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫وابعاد السلطة القضائية عن ذلك وانما حتى في اعتماده على التعيين عوض االعتماد على‬
‫التعيين واالنتخاب‪.‬‬

‫وما يميز نظام تعيين أعضاء المجلس الدستوري الموريتاني الدور القوي الذي تلعبه‬
‫السلطة التنفيذية مجسدة في رئيس الجمهورية الذي يعين نصف أعضاء المجلس بمن فيهم‬
‫رئيسه صاحب االختصاصات والمهام المتميزة على باقي األعضاء‪ 1‬هذا خالف المجلس‬
‫الدستوري الفرنسي الذي يعين من خالله الرئيس ‪ 03‬أعضاء من بين ‪ 09‬أعضاء يشكلون‬
‫المجلس الدستوري الفرنسي وعلى خالف كذلك المجلس الدستوري الجزائري الذي يعين‬
‫الرئيس فيه ‪ 03‬أعضاء من بين األعضاء ‪ 09‬الذين يشكلون المجلس الدستوري الجزائري‬
‫في ظل دستور ‪ ،1996‬ويتفق مع النظام الدستوري المغربي الذي يعين فيه الملك نصف‬
‫األعضاء مناصفة مع البرلمان‪.‬‬

‫ويبدو أنه من المستحسن إعطاء دور للسلطة القضائية بأي شكل ممكن في المساهمة‬
‫في تشكيل المجلس الدستوري الموريتاني كأن يتم إعطاء حق تعيين بعض أعضاء المجلس‬
‫الدستوري من طرف رؤساء هيئات القضاء العدلي أو القضاء اإلداري والمالي‪.2‬‬

‫كما يمكن استشارة الهيئات القضائية العليا في موريتانيا من طرف رئيس الجمهورية عند‬
‫قيامه بتعيين أعضاء المجلس الدستوري الموريتاني‪ ،‬إن إشراك السلطة القضائية في عملية‬
‫اختيار أعضاء المجلس الدستوري ال يمس البتة باستقالل القضاء وانما يضخ فيه العنصر‬
‫المتخصص الذي يجعل خبرته وممارسته على مستوى القضاء العادي والقضاء اإلداري في‬
‫صالح القضاء الدستوري ولقد أخذت الجزائر بهذا المنطق بحيث هي الدولة الوحيدة في‬
‫المغرب العربي التي أعطت حق لمجلس الدولة كأعلى هيئة في القضاء اإلداري والمحكمة‬
‫العليا كأعلى هيئة في القضاء العادي حق تعيين قاضي لكل منهما‪.‬‬

‫إن الشيء المشترك في األنظمة المغاربة هو عدم إعطاء أي دور للسلطة القضائية سواء‬
‫في تشكيلة مجالسها أو غرفها الدستورية وهذا لتأثرها بالنموذج الفرنسي الذي يملك رصيدا‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.21‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.23‬‬

‫‪120‬‬
‫سلبيا حول دور المحاكم البرلمانية والقضاة قبل الثورة الفرنسية باستثناء النظام الدستوري‬
‫الجزائري الذي ورغم تأثره بالنموذج الفرنسي دستور ‪ 1958/10/4‬إال أنه أعطى السلطة‬
‫القضائية دو ار متفاوتا من دستور ‪ 1976 ، 1963‬أين كان القضاء وظيفة فقط والسلطة‬
‫للحزب (حزب جبهة التحرير الوطني) حيث كان ال تأثير في أية هيئة إال تأثير الحزب‬
‫الحاكم إلى دساتير (‪ )1996 ،1989‬أين لعبت السلطة القضائية دو ار ضعيفا مقارنة‬

‫بالسلطتين التنفيذية والتشريعية التي تمتلك شرعية انتخابية تمثيلية مقارنة مع القاضي‬
‫المعين ألداء وظيفة عمومية‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫هيئات القضاء الدستوري‬

‫‪122‬‬
‫يعتبر المجلس الدستوري من أهم الهيئات الدستورية في الدولة نظ ار للدور الذي يلعبه في‬
‫تحقيق دولة القانون والزام السلطات الحاكمة في الدولة باحترام سمو الدستور ولهذا فإن‬
‫ضرورة تنظيمية كجهاز أمر بالغ األهمية قبل تزويده بصالحيات تمكنه من أداء مهامه‬
‫ت مكن صعوبة تنظيمه نظ ار لطبيعته المختلفة من دولة إلى دولة وكذا يرتبط التنظيم بالمهمة‬
‫دور مهما في‬
‫المنتظرة من المجلس الدستوري حسب رؤية السلطة السياسية التي تلعب ا‬
‫تشكيلته البشرية كما رأينا في الفصل السابق من هذه الدراسة‪ ،‬الشيء الذي يجعل االختالف‬
‫في تنظيمه الهيكلي أمر مقبول بين كل من الجزائر‪ ،‬المغرب وتونس وموريتانيا لكن هناك‬
‫نقاط تقاطع بين هاته الدول والسبب يعود أنها كلها نهلت من نفس المنهل وهو المجلس‬
‫الدستوري الفرنسي‪.‬‬

‫كما توجد آليات تس اهم من خاللها األجهزة اإلدارية للمجالس الدستورية أو المحاكم‬
‫الدستورية في إثراء وتسهيل عمل القاضي الدستوري وهي مصالح موجودة على مستوى‬
‫المجالس الدستورية تؤثر إيجابا وسلبا على عضو المجلس الدستوري ومساره المهني وظروف‬
‫عمله‪ ،‬كما نجد أن النظام القانوني للقاضي الدستوري ال بد أن ينص ويحقق مجموعة من‬
‫الضمانات التي تسمح بأن يكون هذا األخير في راحة وقدرة على أداء مهام بدء بوضع‬
‫مجموعة من الشروط والضوابط المتعلقة بالعضوية مثل تجديد العهدة وعدم القابلية للعزل‬
‫وأحوال التنافي لمهامه كقاضي دستوري مع وظائف ومهام أخرى كما تمنحه القوانين‬
‫مجموعة من االمتيازات كالحصانة والتعويضات باإلضافة إلى فرض مجموعة من االلتزامات‬
‫كااللتزام بسرية األعمال والتحفظ‪ ،‬كل هاته المسائل يبقى تقديرها وتأثيرها نسبي على أداء‬
‫القاضي الدستوري‪.‬‬

‫ولهذا نقسم هذا الفصل إلى مبحثين يتطرق األول منهما إلى تنظيم األجهزة اإلدارية‬
‫لهيئات القضاء الدستوري وثانيهما إلى مكانة عضو المجلس الدستوري‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تنظيم هيئات القضاء الدستوري‬
‫يتكون المجلس الدستوري الفرنسي من أمانة عامة والمصلحة القانونية والمصلحة اإلدارية‬
‫والمالية ومصلحة النشر والعالقات الخارجية باإلضافة إلى مصلحة التوثيق كل هذه المصالح‬
‫تقوم بمهام مختلفة ومتكاملة من أجل إنجاح عمل المجلس الدستوري الفرنسي باإلضافة إلى‬
‫مصالح تنشئ ألرغراض معينة وللقيام بمهام محددة في مناسبات محددة‪ ،‬وال يختلف كثي ار‬
‫تنظيم األجهزة اإلدارية في كل من الجزائر وتونس والمغرب و موريتانيا سواء من حيث‬
‫الهياكل أو االختصاصات رغير أن نظام الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى المغربي قبل‬
‫دستور ‪ 1992‬اختلف باعتبارها رغرفة قضائية ضمن هيكل قضائي صرف لكن االختالفات‬
‫التي تبدوا بسيطة في بعض األحيان لها تأثير مهم على قيام المجلس الدستوري بمهامه‬
‫خاصة بعض الهياكل على رغرار منصب األمين العام للمجلس الدستوري الذي نجده في‬
‫النظام الفرنسي وفي كل األنظمة المغاربية (الجزائر المغرب تونس وموريتانيا) لكن بهامش‬
‫من االختصاصات‪.‬‬
‫نبين كل هذه المصالح ثم نعالج التنظيم الداخلي للمجالس الدستورية في كل من الجزائر‬
‫وتونس والمغرب وموريتانيا في أربعة مطالب‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬األجهزة اإلداريةلهيئات القضاء الدستوري‬
‫نبين الهياكل واألجهزة اإلدارية المشكلة للمجالس الدستورية المغاربية في أربعة فروع كل‬
‫من المجلس الدستوري الجزائري والمجلس الدستوري التونسي ثم الغرفة الدستورية والمجلس‬
‫الدستوري المغربي والمجلس الدستوري الموريتاني‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬أجهزة المجلس الدستوري الجزائري واختصاصاتها‬
‫أوال ‪ -‬تحديد الجهة المخولة بسن النص الذي ينظم المجلس الدستوري ‪:‬‬
‫ررغم أن الدستور الجزائري ‪ 1996‬نص في فقرته الثانية من المادة ‪ 167‬بأن يحدد‬
‫المجلس الدستوري قواعد عمله إال أنه لم يحدد ال صراحة وال ضمنيا الجهة التي لها‬
‫صالحية كيفيات تنظيم المجلس الدستوري كجهاز إداري األمر الذي أدى إلى رغموض حول‬
‫إلى من يعود االختصاص بتنظيم هذا الجهاز على النص التشريعي الذي يصدر عن‬

‫‪124‬‬
‫البرلمان أم النص التنظيمي الذي يصدر عن رئيس الجمهورية ؟ ‪.1‬‬

‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 115‬من دستور ‪ 1989‬والمادة ‪ 122‬من دستور ‪ 1996‬اللتان‬


‫تحددان اختصاص البرلمان على سبيل الحصر فإنها ال تشير تماما إلى تنظيم المجلس‬
‫الدستوري‪ ،‬وذلك على خالف الهيئات القضائية ومجلس المحاسبة التي أسند المؤسس‬
‫الدستوري تنظيمها لللبرلمان من خالل الفقرة السادسة من المادة ‪ 22‬من دستور ‪،1996‬‬
‫ونفس الفقرة من المادة ‪ 115‬من دستور ‪.21989‬‬

‫بالعودة إلى االختصاصات المهمة التي يتمتع بها المجلس الدستوري في مجاالت الرقابة‬
‫الدستورية والمنازعة االنتخابية وكذا المهام الخاصة التي أسندها له الدستور كان ال بدا من‬
‫دعمه بجهاز إداري قوي بشريا وماديا وذلك من خالل نص قانوني قوي من حيث الدرجة‪.‬‬

‫ويرى في هذا الشأن األستاذ بوشعير أن القراءة الصحيحة للدستور تؤدي إلى اعتبار‬
‫تنظيم المجلس الدستوري يدخل ضمن السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية المبينة في المادة‬
‫‪ 01/116‬دستور ‪ 1989‬والمادة ‪ 1/125‬دستور ‪ 1996‬واللتان تقضيان بأن يمارس رئيس‬
‫الجمهورية السلطة التنظيمية في المسائل رغير المخصصة للقانون‪.3‬‬

‫أما فرنسا ومن خالل المادة ‪ 63‬من دستور ‪ 1958/10/04‬فإن تنظيم المجلس‬
‫الدستوري الفرنسي تم عن طريق قانون عضوي‪ ،4‬أما تونس فإن تنظيم المجلس الدستوري‬
‫التونسي في بداية ن شأته تم تنظيمه عن طريق نص ترتيبي أي عن طريق التنظيم‪ ،5‬وفي‬
‫موريتانيا تم تنظيم المجلس الدستوري عن طريق قانون عضوي‪ ،6‬أما المجلس الدستوري‬
‫المغربي والمحكمة الدستورية المغربية فقد أحال النص الدستوري على قانون عضوي‬
‫لتنظيمها‪.‬‬

‫‪ - 1‬سعيد بوشعير ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 06/122‬من دستور الجزائر ‪ 1996‬تقابلها المادة ‪ 06/115‬دستور ‪.1989‬‬
‫‪ - 3‬سعيد بوشعير ‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪ - 4‬المادة ‪ 63‬من دستور فرنسا ‪.1958‬‬
‫‪ - 5‬زهير المظفر‪ ،‬مرجع سابق ‪.85‬‬
‫‪ - 6‬المادة ‪ 88‬من تعديل الدستور الموريتاني ‪.2006‬‬

‫‪125‬‬
‫ويبدو أن المؤسس الدستوري الجزائري قصد عدم إعطاء اختصاص تنظيم المجلس‬
‫الدستوري للبرلمان وذلك حفاظا على استقاللية هذه الهيئة التي من مهامها األساسية مراقبة‬
‫العمل التشريعي الصادر عن البرلمان وخوفا من أن يعمد البرلمان إلى تضمين أحكام في‬
‫النص القانوني المتعلق بتنظيم المجلس الدستوري تجعل هذا األخير رغير قادر على أداء‬
‫مهامه وفي األخير عاد االختصاص إلى رئيس الجمهورية يمارسها في إطار السلطة‬
‫التنظيمية من خالل المادة ‪ 116‬من دستور ‪ 1989‬والتي تقابلها المادة ‪ 125‬من دستور‬
‫‪.1996‬‬

‫ثانيا ‪ -‬تنظيم المجلس الدستوري بواسطة مرسوم رئاسي ‪:‬‬

‫صدر مرسوم رئاسي رقم ‪ 143 - 89‬مؤرخ في ‪ 7‬أوت ‪ 1989‬تعلق بالقواعد الخاصة‬
‫بتنظيم المجلس الدستوري والقانون األساسي لبعض موظفيه لكنه مجرد نص تنظيمي لم‬
‫يتطرق إلى كيفيات سير المجلس واجراءات عمله باعتبار أن النص الدستوري هو الذي حدد‬
‫هذه المسائل‪ ،‬وأحال من خالل المادة ‪ 02/157‬والمادة ‪ 02/167‬على المجلس الدستوري‬
‫إلعداد نظام عمله وبهذا ابتعد المرسوم الرئاسي ‪ 143/89‬على التدخل في شؤون المجلس‬
‫الدستوري كهيئة تداولية أي القضاة الدستوريون ونظم الجوانب اإلدارية للمجلس الدستوري‬
‫كجهاز إداري‪ ،‬ومن المسائل التي تطرق إليها المرسوم الرئاسي مسألة إعالن قائمة أعضاء‬
‫المجلس الدستوري وانتهاء العضوية وشغور منصب رئيس المجلس الدستوري وكيفيات‬
‫استخالفه وأجهزته كاألمانة العامة ومختلف مصالحه ومركز الدراسات والبحث وطرق تعيين‬
‫الموظفين والتسيير المالي والمحاسبة للمجلس الدستوري كمرفق عمومي يخضع لقواعد‬
‫المحاسبة العمومية‪.‬‬

‫وتتكون إدارة المجلس الدستوري من مجموعة من المصالح يسهر على تسييرها أمينا‬
‫عاما يعينه رئيس الجمهورية بناء على مقترح من رئيس المجلس الدستوري‪ 1‬وتتوزع مختلف‬

‫‪ - 1‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 240-99‬مؤرخ في ‪ 17‬رجب عام ‪ 1420‬الموافق ‪ 27‬أكتوبر سنة ‪ ،1999‬يتعلق بالتعيين في‬
‫الوظائف المدنية والعسكرية للدولة‪،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 76‬المؤرخة في ‪ 31‬أكتوبر سنة‪.1999‬‬

‫‪126‬‬
‫المصالح على قطبين هما قطب الدراسات والبحوث ومديرية التوثيق وقطب يمثل المصالح‬
‫اإلدارية التابعة لمديرية اإلدارة العامة‪.1‬‬

‫ثالثا‪ -‬األمانة العامة‪:‬‬

‫إن األمين العام بالنسبة للمجلس الدستوري الجزائري يتم تعينه بمقرر صادر من رئيس‬
‫المجلس الدستوري المفوض في هذا الشأن من رئيس الجمهورية وفقا للمرسوم ‪89/214‬‬
‫المؤرخ في ‪ 1989/8/20‬والمقرر المؤرخ في ‪ 1993/1/11‬والذي يحدد التنظيم الداخلي‬
‫للم صلحة اإلدارية للمجلس الدستوري وال يشترط في منصب األمين العام للمجلس الدستوري‬
‫الجزائري إال الشروط العامة لتولي الوظيفة العمومية باإلضافة إلى اشتراط أن يكون لهذا‬
‫الموظف تكوينا يال ئم مهامه وخبرة ‪ 5‬سنوات على األقل لدى أجهزة الدولة‪ ،2‬وهذه الخبرة‬
‫زائد التكوين ف ي االختصاص مهمة جدا باعتبار المهام التي يقوم بها األمين العام هي تسيير‬
‫مرفقا عموميا بجوانبه البشرية واإلدارية (التنسيق بين المصالح) باإلضافة إلى المهام ذات‬
‫االختصاص والمتعلقة بأعمال المجلس الدستوري ونجد طريقة تعيين أمين عام المجلس‬
‫الدستوري الجزائري تختلف عن طريقة تعيين أمين عام المجلس الدستوري الفرنسي من حيث‬
‫أن األول يعين بمقرر من رئيس المجلس الدستوري المفوض له من رئيس الجمهورية‬
‫الفرنسية ولهذا األمر انعكاس كبير على العالقة بين األمين العام للمجلس الدستوري وأعضاء‬
‫المجلس الدستوري‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد القادر شربال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 7‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 143-89‬مؤرخ في ‪ 5‬محرم عام ‪ 1410‬الموافق ‪ 7‬رغشت ‪ 1989‬يتعلق بالقواعد‬
‫الخاصة بتنظيم المجلس الدستوري والقانون األساسي لبعض موظفيه‪،‬الجريدة الرسمية العدد ‪ 15‬المؤرخة في ‪7‬‬
‫رغشت‪.1989‬‬
‫حيث عدل بالمرسوم رئاسي رقم ‪ 157 – 02‬مؤرخ في ‪ 3‬ربيع األول عام ‪ 1423‬الموافق ل ‪ 16‬ماي سنة ‪ ،2002‬يعدل‬
‫ويتمم المرسوم رئاسي رقم ‪ 143 – 89‬المؤرخ في ‪ 5‬محرم عام ‪ 1410‬الموافق لـ‪ 7‬رغشت سنة ‪ 1989‬والمتعلق بالقواعد‬
‫الخاصة بتنظيم المجلس الدستوري والقانون األساسي لبعض موظفيه‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪36‬ة المؤرخة في ‪ 19‬مايو‬
‫‪2002‬‬
‫‪ -‬كان يعين األمين العام للمجلس الدستوري الجزائري بمقرر من رئيس المجلس الدستوري بناء على تفويض من رئيس‬
‫الجمهورية (المادة ‪ 08‬من المرسوم ‪ )143/89‬وبموجب المرسوم ‪ 102/01‬المؤرخ في ‪ 21‬أفريل ‪ ،2001‬ج ر عدد‬
‫‪ 2001/58‬صار يعين األمين العام للمجلس الدستوري بمرسوم رئاسي بناء على اقتراح من رئيس المجلس الدستوري‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫إن تعيين األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي بواسطة مرسوم رئاسي يجعله في‬
‫إطار عالقة مباشرة مع رئيس الجمهورية ألنه عين بنفس الشكليات التي يعين بها رئيس‬
‫المجلس الدستوري وأعضاء المجلس الدستوري األمر الذي يجعله ينصب من طرف رئيس‬
‫الجمهورية ذاته بمرسوم رئاسي احتراما لقاعدة توازي األشكال‪.‬‬

‫ف ي حين أن أمين عام المجلس الدستوري الجزائري يعين بمقرر (عمل إداري) من طرف‬
‫رئيس المجلس الدستوري الجزائري الشيء الذي يجعله في عالقة تبعية المرؤوس لرئيسه‬
‫ويمكن عزله واستخالفه بنفس اإلجراء اإلداري (مقرر)‪.‬‬

‫أما نقطة االختالف الثانية تتمثل في كون النظام القانوني الجزائري يشترط في من يتولى‬
‫منصب األمين العام للمجلس الدستوري خبرة ‪ 5‬سنوات لدى أجهزة الدولة على األقل زائد‬
‫مالئمة التكوين الذي قام به للمهمة المسندة له الشيء الذي ال نجده عند المشرع الفرنسي‪.‬‬

‫والمهمة األساسية الملقاة على عاتق أمين عام المجلس الدستوري الجزائري هي القيام‬
‫باألعمال التحضيرية الالزمة التي تسبق الق اررات التي يتخذها المجلس الدستوري ومتابعة‬
‫ذلك بالعمل على تطبيقها وتطبيق كل القوانين والمبادرة بالتوضيح واالقتراح كلما دعت‬
‫ضرورة تطبيق القوانين أو الق اررات‪.‬‬

‫كما يعمل األمين العام للمجلس الدستوري الجزائري على التنسيق بين مختلف المصالح‬
‫واألجهزة الموجودة على مستوى المجلس الدستوري وحسن سيرها وبكل وضوح فإن مهمة‬
‫األمين العام على مستوى المجلس الدستوري تتمثل في تحضير وتنظيم أعماله‪ ،‬وهذا حسب‬
‫ما جاء في المادة ‪ 7‬من المرسوم الرئاسي ‪ 143/89‬المؤرخ في‪ 07‬أوت ‪.11989‬‬

‫أما أثناء انعقاد جلسة المجلس الدستوري للتداول فإنه يقوم بتسجيل اآلراء والق اررات‬
‫وحفظها حسب المادة ‪ 02/19‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‪.2‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 7‬من مرسوم رئاسي رقم ‪ 143-89‬مؤرخ في ‪ 5‬محرم عام ‪ 1410‬الموافق ‪ 7‬رغشت ‪ 1989‬يتعلق بالقواعد‬
‫الخاصة بتنظيم المجلس الدستوري والقانون األساسي لبعض موظفيه‪،‬الجريدة الرسمية العدد ‪ 15‬المؤرخة في ‪ 7‬رغشت سنة‬
‫‪.1989‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 02/19‬من النظام المؤرخ في ‪ 03‬ماي ‪ 2012‬المتعلق بالنظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‪ ،‬ج ر‬
‫عدد ‪.26‬‬

‫‪128‬‬
‫كما يقوم أمين عام المجلس الدستوري بالتنسيق والربط بين مختلف مصالح المجلس‬
‫الدستوري ويساعد رئيس المجلس الدستوري في كل مهامه وألجل ذلك يوجد على مستوى‬
‫األمانة العامة مكتب البريد واالتصال لتسجيل الصادر والوارد إلى ومن المجلس الدستوري‬
‫ويساعده أيضا في مهامه مدير الدراسات ومدي ار للبحث‪.‬‬

‫ومن أجل قيام المجلس الدستوري بمهامه في مجالي البحث والدراسات يعتمد تنظيما‬
‫يتكون من مدير عام يساعده مديرو دراسات وبحث ورؤساء مصالح تحت السلطة المباشرة‬
‫لألمين العام للمجلس الدستوري وهذا المركز يكون تابعا إداريا وماليا للمجلس الدستوري‬
‫وحتى يستطيع مركز البحث من النشاط في ظروف مالئمة كان من المفترض أن يصدر‬
‫النص التنظيمي الذي يحكمه سنة ‪ 2000‬لكنه تأخر إلى رغاية سنة ‪ .2002‬ويرى في هذا‬
‫الشأن األستاذ سيعد بوشعير‪ «:‬كان األمين العام للمجلس ومديري الدراسات والبحث‬
‫يخضعون في مرتباتهم للمرسوم الذي يحكم إطارات القطاعات الو ازرية دون رئاسة الجمهورية‬
‫وقد تمكن رئيس المجلس ررغم معارضة األمانة العامة من إقناع الرئيس سنة ‪ 1995‬بإدراج‬
‫الوظائف المذكورة أعاله ضمن المرسوم المحدد لمرتبات إطارات الرئاسية‪ ،‬ذلك أن المرتبات‬
‫األصلية كانت من الضعف بحيث ال تشجع ذوي الكفاءات العلمية على تولي تلك‬
‫المناصب»‪.1‬‬

‫رابعا – مديرية الوثائق ‪:‬‬

‫يرأسها مدير يعين بواسطة مقرر رسمي من طرف رئيس المجلس الدستوري يتكفل بحفظ‬
‫وتنظيم وتسيير كل الوثائق التي لها عالقة بالمجلس الدستوري وتتشكل من عدة مصالح‬
‫هي‪:‬‬

‫‪ - 1‬مصلحة الدراسات‪ :‬يرأسها رئيس مصلحة يعمل تحت السلطة السلمية لمدير‬
‫الوثائق وتتمثل مهمة المصلحة القيام بالبحث وتحديد كل ما يتعلق بنشاطات وأعمال‬

‫‪ - 1‬سعيد بوشعير ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬

‫‪129‬‬
‫المجلس الدستوري ويتم ذلك بعد مراجعة الكتب والمجالت والدوريات المتوفرة على مستوى‬
‫المجلس الدستوري مثل الكتب‪.‬‬

‫‪ - 2‬مصلحة تحليل الوثائق واستغاللها‪ :‬ينظم ويرتب الوثائق المتعلقة بأعمال المجلس‬
‫الدستوري وحفظها وكذا تسيير األرشيف باعتماد الطرق الحديثة احتسابا لتلف هذه الوثائق‬
‫ومت ابعه ما ينشر في الصحافة وتحليلها بنية إعانة المجلس الدستوري في مجال ما يكتب‪.‬‬

‫‪ - 3‬مصلحة كتابة ضبط المجلس الدستوري‪ :‬رغالبا ما نجد هذه المصلحة على مستوى‬
‫الجهات القضائية (المحاكم) وهي تقوم بتسجيل وصول ملفات اإلخطار وتبليغ اآلراء‬
‫والق اررات الصادرة عن المجلس للهيئات المعنية بالتبليغ أما في حالة النزاع االنتخابي فتحول‬
‫إلى كتابة ضبط فعلية حيث تستقبل الطعون الخاصة باالنتخابات بكل أنواعها‪.‬‬

‫‪ - 4‬مديرية الموظفين والوسائل‪ :‬تعنى هذه المديرية بتسيير الجانب اإلداري والمالي‬
‫لموظفي المجلس الدستوري وعلى رأسها مدي ار معينا بمقرر من رئيس المجلس الدستوري‪،‬‬
‫وتتشكل من عدة مصالح حسب ما جاء في المادة ‪ 6‬من المقرر ‪ 1993/1/11‬وهذه‬
‫المصالح هي‪:1‬‬

‫أ ‪ -‬مصلحة الموظفين‪ :‬ومهمة هذه المصلحة تكوين الموظفين وتسيير كل ما يتعلق‬


‫بشؤونهم اإلدارية‪.‬‬

‫ب ‪ -‬مصلحة الميزانية والمحاسبة‪ :‬باعتبار المجلس الدستوري هيئة مستقلة ماليا فإنها‬
‫تقوم بإعداد ميزانيتها السنوية وتصادق عليها تم تشرع في عمليات اإلنفاق وتنفيذ الميزانية‪،‬‬
‫ومصلحة الميزانية هي المصلحة المؤهلة إلعداد مشروع الميزانية وعرضه على رئيس‬
‫المجلس الدستوري باعتباره آم ار بالصرف ثم الشروع في تنفيذها وتسيير الميزانية‪.‬‬

‫مصلحة الوسائل العامة‪ :‬تقوم هذه المصلحة بتسيير وصيانة كل ممتلكات‬ ‫ج ‪-‬‬
‫المجلس الدستوري من معدات وأجهزة والقيام بصيانتها دوريا والحرص على سالمتها‪.‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 6‬من المقرر المؤرخ في ‪ 11‬يناير ‪ 1993‬المحدد للتنظيم الداخلي للمصلحة اإلدارية للمجلس الدستوري‪ ،‬رغير‬
‫منشور‪.‬‬

‫‪130‬‬
‫‪ - 5‬مراكز الدراسات والبحوث الدستورية‪ :‬هذه الهيئة من خالل تسميتها (مركز) وليس‬
‫(مديرية) يوحي بأن مهامها ال تكتسب أي طابع إداري وانما تكتسي طابعا علميا حيث نظم‬
‫هذا المركز بموجب مرسوم رئاسي رقم ‪ 157/2‬مؤرخ في ‪ 2002/5/16‬وكان الهدف من‬
‫إنشاء هذا المركز تتمثل في إثراء القانون الدستوري وتمحورت أعمال هذا المركز حول النقاط‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪ -‬تطوير البحث في مجال القانون الدستوري المقارن‬


‫‪ -‬العمل على ترقية ثقافة الرقابة الدستورية ونشرها‪.‬‬
‫‪ -‬تطوير التعاون مع الجامعات ومراكز الدراسات والبحوث الوطنية واألجنبية‬
‫‪ -‬القيام بكل الدراسات والبحوث التي تهم أعمال المجلس الدستوري‪.‬‬

‫وفي سبيل تحقيق ذلك يمكن هذا المركز االتصال بأي شخص أو جهة تمتلك كفأة في‬
‫مجال القانون الدستوري ويمكن أن تثري هذه األهداف المذكورة‪.1‬‬

‫ويرأس هذا المركز مدي ار عاما يعمل تحت السلطة السلمية لألمين العام للمجلس‬
‫الدستوري ومنذ إنشاء هذا المركز وهو يتفتح داخليا وخارجيا على جميع الهيئات التي لها‬
‫صلة بموضوعات اختصاصه‪.‬‬

‫كما نشير إلى أن هذه المصالح والمديريات والمراكز ليست حصرية إذ يمكن للمجلس‬
‫الدستوري أن يطلب ويوظف مستخدمين الزمين لسير جهازه بواسطة مقرر مشترك بين رئيس‬
‫المجلس الدستوري ووزير المالية وكذا الوزير المكلف بالوظيفة العمومية‪.2‬‬

‫أما بالنسبة للمجلس الدستوري الفرنسي فإن األمانة العامة يرأسها أمين عام جرى التقليد‬
‫في فرنسا أن يكون عضوا من مجلس الدولة الفرنسي‪ 3‬لكن رئيس المجلس الدستوري لسنة‬
‫‪( 1983‬دانيال مايير) قام بتكسير هذا التقليد وعين القاضي "برنار بوالن" من الهيئة‬

‫‪ -1‬مرسوم رئاسي مؤرخ في ‪ 16‬ماي ‪ 2002‬تحت رقم ‪ 157 - 02‬معدل ومتمم للمرسوم الرئاسي ‪ 143 - 89‬الخاص‬
‫بتنظيم المجلس الدستوري والقانون األساسي لبعض موظفيه‪.‬‬
‫‪ - 2‬رشيدة العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.143 – 142‬‬
‫‪ème‬‬
‫‪3 - Y., GUCHE, La V‬‬ ‫‪République, Paris, Economica, 3eme éd, 1994, p. 327.‬‬

‫‪131‬‬
‫القضائية ويعين األمين العام بمرسوم رئاسي بعد أن يقترحه رئيس المجلس الدستوري ويمكن‬
‫لألمين العام تحديد شخص يساعده في مهامه يسمى (المكلف بمهمة)‪.‬‬

‫إن أول مهمة تقع على األمين العام هي السهر على حسن سير المجلس وأعماله ويقوم‬
‫رئيس المجلس الدستوري بمنحه تفويضا باإلمضاء حتى يسهل مهامه في الجوانب‬
‫واإلجراءات ذات الطابع اإلداري فقط متعلقة بتسيير األجهزة والموظفين‪«:‬كما أن له دو ار‬
‫أساسيا ومؤث ار على رئيس المجلس والمستشارين من خالل مرحلة تحضير القرار إلى رغاية‬
‫وجوده الصامت أثناء المداوالت»‪.1‬‬

‫الوجود الصامت يعني عدم التدخل أثناء الجلسات واالكتفاء بالصمت واالستماع لكن من‬
‫خالل الوثائق واألعمال التمهيدية التي يحضرها يظهر وجوده جليا خالل االجتماع‪ ،‬فهو‬
‫بمجرد تلقي المجلس إلخطار ما من الجهات المخولة بذلك دستوريا يشرع في أعماله‬
‫التحضيرية‪.‬‬

‫ولإلشارة فإن األمين العام بالمجلس الدستوري الفرنسي رغالبا ما اعتبر العضو العاشر‬
‫في المجلس الدستوري الفرنسي من قبل الكثير نظ ار للدور الذي يلعبه ولهذا تناوب على هذا‬
‫المنصب منذ سنة ‪ 1993‬كل من (‪ )Oscharameck‬وكان عضو في مجلس شورى الدولة‬
‫ومدي ار سابقا في مكاتب العديد من الوزراء وكذا المحامي (شوارترنبرع وجوسان) وهو أستاذ‬
‫مشارك في جامعة باريس األولى وصاحب العديد من المؤلفات القيمة كما يقوم األمين العام‬
‫للمجلس الدستوري الفرنسي باالتصال بالهيئات التي تمارس القضاء الدستوري في العالم‬
‫محاوال تصدير النموذج الفرنسي وافادة أكبر عدد خارج فرنسا من أعضاء المجالس‬
‫الدستورية أو الباحثين في مجال القضاء الدستوري ‪.‬‬

‫كما تظم البنية اإلدارية للمجلس الدستوري الفرنسي مرفقا قانونيا ومرفقا إداريا‪ ،‬ومرفقا‬
‫للمكتبة والتوثيق والمعلوماتية ومرفقا للصحافة باإلضافة إلى مكلف بالمهام يعنى بتكوين‬
‫متدربين يختارون من بين الطالب المتفوقين في كليات الحقوق كما استحدث‬

‫‪1 - F. FOILLIARD, Droit constitutionnel et institutions politiques, Paris, Centre de‬‬


‫‪Publications Universitaire, 1990, p. 90.‬‬

‫‪132‬‬
‫(‪ )Oscharameck‬كتابة للضبط الشيء الذي يدعم الصفة القضائية للمجلس الدستوري‬
‫الفرنسي‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أجهزة المجلس الدستوري التونسي واختصاصاتها‬


‫أما المجلس الدستوري التونسي وبناء على األمر عدد ‪ 1414‬لسنة ‪ 1987‬المحدث‬
‫للمجلس الدستوري التونسي لم يتضمن نصوصا متعلقة بالتنظيم اإلداري والمالي للمجلس عاد‬
‫ما نص عليه الفصل الثاني والذي جعل مصاريف المجلس الدستوري تحمل على عاتق‬
‫الو ازرة األولى ولم تتم اإلشارة في هذا الصدد إلى رئيس المجلس الدستوري كما هو الحال في‬
‫فرنسا والجزائر بل أسند جانب التسيير للوزير األول باعتبار المجلس الدستوري هيئة تابعة‬
‫إداريا للو ازرة األولى وكل موظفيها هم موظفون في الو ازرة األولى ويخضعون بذلك للنظام‬
‫األساسي للوظيفة العمومية‪.‬‬

‫إنه وبقراءة مضمون األمر ‪ 1414‬لسنة ‪ 1987‬يتبين أن المجلس الدستوري التونسي‬


‫هيئة استشارية تابعة لرئيس الجمهورية من حيث السلطة الوظيفية واداريا تابعة للوزير األول‬
‫من حيث التنظيم‪.‬‬

‫أما بعد صدور قانون ‪ 18‬أفريل ‪ 1990‬المتعلق بالمجلس الدستوري أصبح هذا األخير‬
‫يتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة وما يترتب على ذلك من استقالل إداري واستقالل مالي‬
‫وتميز بتنظيم إداري بسيط‪.‬‬

‫لقد جاء في الفصل الخامس من قانون ‪ 18‬أبريل ‪ 1990‬المتعلق بالمجلس الدستوري أن‬
‫رئيس المجلس الدستوري هو الذي يسهر على سير أعمال المجلس وادارة شؤونه ويمثله لدى‬
‫الغير‪ ،‬ولم يكن بإمكان المجلس الدستوري التونسي تعيين اإلطار اإلداري والموظفين وذلك‬
‫لسببين‪:‬‬

‫أما السبب األول‪ ،‬كونه لم يتم المصادقة على أول ميزانية للمجلس إال بمقتضى قانون‬
‫المالية الصادر في ‪ 31‬ديسمبر ‪ 1990‬وثانيهما عدم صدور األمر المتعلق بالمجلس‬
‫الدستوري‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫وبسبب ذلك واصلت الو ازرة األولى اإلشراف على شؤون المجلس الدستوري اإلدارية‬
‫والمالية والتنظيمية‪.1‬‬

‫وبصدور األمر عدد ‪ 324‬لسنة ‪ 1991‬الذي أحدث مصالح بالمجلس الدستوري كل‬
‫الهياكل األساسية اإلدارية للمجلس الدستوري وأصبح المجلس الدستوري التونسي يتكون من‬
‫إدارتين فرعيتين اإلدارة الفرعية للدراسات والمتابعة (أوال) اإلدارة الفرعية للشؤون اإلدارية‬
‫والمالية (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال – اإلدارة الفرعية للدراسة والمتابعة ‪:‬‬

‫يشرف على هذه المصلحة موظف سامي من سلك مستشاري المصالح العمومية تهتم‬
‫هذه اإلدارة بإعداد الوثائق والوسائل الضرورية ألعمال المجلس والمساهمة في إنجاز‬
‫الدراسات والبحوث‪ ،‬وكل ما يتعلق باألعمال التحضيرية للجلسات وتقوم أيضا بتدوين‬
‫المداوالت ومسكها وحفظها وتتولى متابعة إنجاز التقرير السنوي للمجلس الذي يقدم لرئيس‬
‫الجمهورية‪.2‬‬

‫ثانيا – اإلدارة الفرعية للشؤون اإلدارية والمالية‬

‫تقوم هذه اإلدارة بإدارة شؤون الموظفين البالغ عددهم ‪ 25‬عضوا من النواحي اإلدارية‬
‫والمالية كصرف األجور والمنح والقيام بجميع النفقات والقيام بأعمال التموين والصيانة‬
‫واعداد ميزانية التسيير والتجهيز‪.3‬‬

‫الفرع الثالث‪:‬أجهزة المجلس الدستوري المغربي واختصاصاتها‬

‫يتوفر المجلس الدستوري المغربي على جهاز إداري مشكل من عدة مصالح إدارية‬
‫تابعة للمجلس يعود لرئيس المجلس الدستوري تحديد مهامها واختصاصاتها وتسند اإلدارة إلى‬
‫األمين العام للمجلس الدستوري تحت سلطة رئيس المجلس الدستوري حيث نصت في هذا‬
‫الشأن المادة ‪ 38‬من الظهير الشريف رقم ‪ 1 – 94 – 124‬الصادر في ‪ 26‬فبراير ‪1994‬‬

‫‪ - 1‬زهير المظفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.68 – 67‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.68‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫والقاضي بتنفيذ القانون التنظيمي العضوي رقم ‪ 92/23‬المتعلق بالمجلس الدستوري المغربي‬
‫على ما يلي‪ «:‬يتولى تسيير المصالح اإلدارية للمجلس الدستوري تحت سلطة رئيسه‪ ،‬أمين‬
‫عام يعين بظهير شريف»‪.‬‬

‫تحدد المصالح اإلدارية واختصاصاتها بقرار من رئيس المجلس الدستوري ويقوم األمين‬
‫العام للمجلس الدستوري بتبليغ ق اررات المجلس وتسجيل اإلحاالت الواردة عليه من السلطات‬
‫المختصة وتبليغ العرائض المتعلقة بالنزاعات االنتخابية ويتخذ جميع التدابير الالزمة‬
‫لتح ضير وتنظيم أعمال المجلس الدستوري ويكون مسؤوال عن مسك وحفظ ملفاته‬
‫ومستنداته»‪.‬‬

‫ولألمين العام للمجلس الدستوري دور بالغ األهمية بحيث يقوم بمساعدة رئيس المجلس‬
‫الدستوري في المجاالت والمهام اآلتية‪:‬‬

‫تبليغ كل ق اررات المجلس الدستوري وتسجيل اإلحاالت الواردة عليه من السلطات‬


‫المختصة وتبليغ العرائض المتعلقة بالنزاعات االنتخابية ومن حقه أن يتخذ جميع التدابير‬
‫الالزمة لتحضير عمل المجلس ويكون مسئوال عن مسك وحفظ ملفاته ومستنداته حسب ما‬
‫جاء في المادة ‪ 38‬أعاله‪.1‬‬

‫كما يتولى األمين العام تسيير مصالح المجلس الدستوري والتنسيق بينها وله التفويض‬
‫بالتوقيع من طرف رئيس المجلس الدستوري في المسائل ذات الصبغة اإلدارية فقط ويقترح‬
‫مشروع ميزانية المجلس على الرئيس للمصادقة عليها حسب المادة ‪ 39‬من القانون ‪23/92‬‬
‫المتعلق بتنظيم المجلس الدستوري‪.2‬‬

‫إن رئيس المجلس الدستوري المغربي وباعتباره أم ار بالصرف لميزانية المجلس هذا ال‬
‫يمنعه من تعيين األمين العام للمجلس الدستوري المغربي كآمر بالصرف مساعدا في إطار‬

‫‪ - 1‬ملكية الصروخ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.278‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫القوانين والتنظيمات المعمول بها ويساعد اآلمر بالصرف محاسبا عموميا يعينه وزير‬
‫المالية‪.1‬‬

‫كما يتوفر الجهاز اإلداري للمجلس الدستوري المغربي على عدة موظفين إداريين وقضاة‬
‫منتدبين على مستوى المجلس الدستوري لمساعدة رئيسه وأعضائه في القيام بمهامه‪.‬‬

‫ويتم تعيين هؤالء األطر اإلدارية من موظفين وقضاة بقرار مشترك تتخذه الدائرة الو ازرية‬
‫التي ينتمي إليها المعنيون ورئيس المجلس الدستوري‪ .2‬واعتمادا على الصالحيات التي‬
‫منحت لرئي س المجلس الدستوري في مجال تنظيم المصالح اإلدارية للمجلس الدستوري فقد‬
‫اتخذ هذا األخير قرار بتاريخ ‪ 23‬جويلية ‪ 1999‬حدد بمقتضاه مصالح المجلس الدستوري‬
‫وكانت كاآلتي‪:‬‬

‫أوال‪ -‬ديوان الرئيس‪ :‬هيئة تقوم على تنظيم مصالح رئيس المجلس الدستوري تحت‬
‫رئاسة األمين العام‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬مصلحة كتابة الضبط‪ :‬وهي مصلحة من خالل تسميتها تقوم بتحضير الجوانب‬
‫القضائية للملفات فتقوم بتسجيل الرسائل الواردة على المجلس الدستوري وتحضير الملفات‬
‫لدراستها على مستوى المجلس الدستوري وتقوم باألعمال التحضيرية التي يطلبها أعضاء‬
‫المجلس الدستوري بمناسبة الفظ في النزاع االنتخابي كما تقوم هذه المصلحة بتبليغ ق اررات‬
‫المجلس الدستوري إلى السلطات المعنية وتحتفظ بالملفات في األرشيف‪.3‬‬

‫ثالثا‪ -‬مصلحة الدراسات والعالقات الخارجية‪ :‬تتشكل هذه المصلحة من خبراء يقومون‬
‫بمهمة مساعدة المجلس الدستوري ويمكن للمجلس أن يوظفهم للقيام بأعمال محددة‪.4‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 40‬من الظهير الشريف ‪ 194 .124‬الصادر في ‪ 25‬فبراير ‪ 1994‬والقاضي بتنفيذ القانون ‪ 23/92‬المتعلق‬
‫بالمجلس الدستوري المغربي‪.‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 41‬الظهير الشريف‪ ،‬رقم ‪ 1 .92 .122‬الصادر في ‪ 25‬فبراير ‪ 1994‬والقاضي بتنفيذ القانون ‪23/29‬‬
‫المتعلق بالمجلس الدستوري المغربي‪.‬‬
‫‪ - 3‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.83 – 82‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسه ص ‪.84‬‬

‫‪136‬‬
‫رابعا ‪ -‬مصلحة التوثيق‪ :‬فهي مصلحة تضع تحت تصرف الموظفين والباحثين كل ما‬
‫يوجد في المكتبة من كتب وم ارجع متعلقة بالقانون الدستوري وعلم السياسة وكل المراجع‬
‫المرتبطة بها‪.1‬‬

‫خامسا ‪ -‬مصلحة إدارة الموارد واإلدارة العامة‪ :‬تختص هذه المصلحة بتسيير شؤون‬
‫الموظفين واعداد وتنفيذ ميزانية المجلس الدستوري في جانبي التسيير أما التحضير فيعهد‬
‫إلى مصلحة التجهيز التي تقوم بتجهيز المجلس الدستوري‪.2‬‬

‫سادسا ‪ -‬مصلحة المحاسبة‪ :‬تقوم هذه المصلحة بأداء نفقات المجلس الدستوري‬
‫سجالت حساباته ويقدم المجلس العمومي المشرف على المصلحة الحساب المالي للتسيير‬
‫سنويا إلى رئيس المجلس الدستوري‪.3‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مساهمة األجهزة اإلدارية في بناء المجالس الدستورية المغاربية‬

‫من المعلوم أن المجلس الدستوري يجتمع في مواعيد محددة للتداول حول مسألة معينة‬
‫يتم إخطاره بها ويصدر بشأنه رأيا أو ق ار ار نهائيا رغير قابل للطعن أمام أي جهة أخرى وحتما‬
‫أنه يسبق صدور هذا الرأي أو القرار مجموعة من اإلجراءات والتحضيرات ويلحق به كذلك‬
‫مجموعة من اإلجراءات سواء يتعلق هذا الرأي أو القرار بمناسبة رقابة دستورية قانون ما أو‬
‫تعلق بالفض في نزاع انتخابي‪ ،‬والمعلوم أيضا أن أعضاء المجلس الدستوري المنتخبون أو‬
‫المعينون ال يمارسون أي عمل إداري ألن اختصاصهم محدد بنص الدستور أو قوانين‬
‫عضوية تنظم عملهم‪ ،‬وباعتبار المجلس الدستوري هيئة إدارية تتكون من عدة مصالح‬
‫ويعمل بها أشخاص يملكون صفة الموظف العمومي فهي الجهة المؤهلة والمكلفة بتحضير‬
‫كل أعمال ا لمجلس الدستوري اإلدارية منها والفنية واعتمادا على االستنتاج المنطقي فكلما‬
‫كانت األجهزة اإلدارية للمجلس الدستوري قوية ومنسجمة من حيث الموظفين القائمين عليها‬
‫(كفاءة مهنية واختصاص) ومن حيث المصالح المكونة للمجلس الدستوري (مديريات‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.45 – 44‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫ومصالح ومراكز بحث) أدى هذا إلى تقوية المجلس الدستوري والعكس صحيح‪ ،‬ولهذا نبين‬
‫من خالل هذا المطلب مدى تأثير الجانب البشري والجانب الهيكلي على عمل المجلس‬
‫الدستوري من خالل فرعين‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تأثير الجانب البشري في عمل المجلس الدستوري‬

‫أوال ‪ -‬من حيث مهام األمين العام‪ :‬توجد بالمجلس الدستوري الفرنسي الذي نص عليه‬
‫دستور ‪ 4‬أكتوبر ‪ 1958‬أمانة عامة يوجد على رأسها أمينا عاما استقر العرف على أن‬
‫يكون هذا الشخص من مجلس الدولة وهذا لكون مجلس الدولة الفرنسي أعلى هيئة قضائية‬
‫في القضاء اإلداري‪ ،‬هذا األخير الذي نشأ في فرنسا وجاء كمنتوج للفقه الفرنسي ومن يشتغل‬
‫في مجلس الدولة يمتلك خبرة كبيرة جدا في مجال النزاع الذي يكون أطرافه أشخاص عمومية‬
‫ذات طابع إداري (المنازعة اإلدارية) فيكون هذا الشخص أكثر قدرة على تنظيم شؤون‬
‫المجلس الدستوري (األمانة العامة) من موظف إطار مارس مهام إدارية بحثة ال عالقة لها‬
‫بالجانب القضائي على عكس األمين العام بالمجلس الدستوري الجزائري الذي لم يشترط‬
‫القانون ولم يجري العرف على تعيينه من جهة معينة بل اشترط فقط الشروط العامة لممارسة‬
‫وظيفة عامة وأن يكون لهذا الموظف تكوينا يالئم منصبه وخبرة عمل فعليه ال تقل عن ‪5‬‬
‫سنوات على األقل لدى أجهزة الدولة‪.1‬‬

‫في حين نجد األمين العام للمجلس الدستوري المغربي ال يشترط فيه أي شرط بحيث‬
‫تشير المادة ‪ 38‬من الظهير الشريف ‪ 194 .124‬إلى طريقة تعيين أمين عام المجلس‬
‫الدستوري وتحديد مهامه دون ذكر أية شروط أخرى‪.2‬‬

‫أما المجلس الدستوري التونسي وررغم تمتعه بالشخصية القانونية من خالل قانون ‪18‬‬
‫أفريل ‪ 1990‬إال أنه لم ينتدب اإلطار اإلداري لتنظيمه وأعطى صالحيات إدارة هياكله‬
‫لرئيس المجلس الدستوري ذاته‪ ،‬وهذا حسب ما جاء في الفصل الخامس من قانون ‪ 18‬أفريل‬

‫‪ - 1‬رشيدة العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.140‬‬


‫‪ - 2‬مليكه الصروخ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.278‬‬

‫‪138‬‬
‫‪ 1990‬والذي نص على ما يلي‪ «:‬يسهر رئيس المجلس الدستوري على سير أعمال المجلس‬
‫وادارة شؤونه ويمثله لدى الغير»‪.1‬‬

‫والمالحظ أن المشرع الجزائري استعمل معيا ار مبهما في اشتراط أن يكون األمين العام‬
‫للمجلس الدستوري يملك تكوينا يالئم منصبه وهذا باعتبار أن منصب األمين العام يجمع بين‬
‫عدة مهام تنصهر بعضها مع بعض من تسيير الموارد البشرية والجوانب المالية والجوانب‬
‫اإلدارية إلى ممارسته لعمل فني تقني قانوني دقيق ومحدد واشرافه على مراكز بحث‬
‫ودراسات تتطلب معرفة بالجانب األكاديمي‪.‬‬

‫ويبدو أنه كان من األحسن أن يترك هذا األمر إلى شخص موظف سامي اشتغل على‬
‫مستوى الهيئات القضائية وخاصة الغرف اإلدارية بالمجلس القضائي أو الغرفة اإلدارية‬
‫بالمحكمة العليا لمدة معينة لتقارب األعمال بين األجهزة اإلدارية لهذه الغرف وأعمال الجهاز‬
‫اإلداري للمجلس الدستوري والتمسك بما جرى به العرف في فرنسا بأن يكون األمين العام‬
‫للمجلس الدستوري الفرنسي من الموظفين على مستوى مجلس الدولة الفرنسي‪.‬‬

‫في حين نجد أمين عام المجلس الدستوري المغربي يعين بظهير شريف دون تحديد أي‬
‫شرط إال الشروط العامة لممارسة الوظيفة العامة إنه وبالنظر إلى االختصاصات التي يتمتع‬
‫بها األمين العام للمجلس الدستوري المغربي ال يمكن أن يكون إال موظفا صاحب‬
‫اختصاص‪ .‬ألنه يمارس في نفس الوقت عمل إداري وعمل تسيير للمال وعمل إجرائي في‬
‫تحضير أعمال المجلس الدستوري وعمل قانوني وترك هذا األمر دون تحديد ربما قصد منه‬
‫المشرع المغربي عدم تقييد صاحب الحق في التعيين (الملك) حتى ال يغلب اختصاص على‬
‫اختصاص ويترك سلطة تقدير وتقييم وتحديد من هو مؤهال لهذا المنصب لصالح (الملك)‪.‬‬

‫ثانيا ‪ -‬من حيث طريقة تعيينه ‪:‬‬

‫يعين األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي بواسطة مرسوم رئاسي بعد أن يقترحه‬
‫رئيس المجلس الدستوري ولألمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي تفويضا باإلمضاء‬
‫وبمساعدة شخص مكلف بمهامه في حين أن األمين العام للمجلس الدستوري الجزائري يعين‬

‫‪ - 1‬زهير المظفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.67‬‬

‫‪139‬‬
‫عن طريق مقرر يوقعه رئيس المجلس الدستوري بتفويض من رئيس الجمهورية وال يملك‬
‫تفويضا بالتوقيع وتنهى مهامه بمقرر إداري من رئيس المجلس الدستوري احتراما لقاعدة‬
‫توازي األشكال وهنا يظهر الفرق واضحا بحيث من يعين بمرسوم رئاسي ويملك تفويض‬
‫باإلمضاء يكون في وضع يقدم فيه أحسن ممن يعين بمقرر إداري وال يملك أي تفويض‬
‫بالتوقيع‪.1‬‬

‫كما نسجل أن أمين عام المجلس الدستوري الفرنسي يتطلب حضوره اإللزامي بمناسبة‬
‫المنازعة االنتخابية‪ ،2‬وال بد من التوضيح أن األمين العام دائم الحضور في كل جلسات‬
‫المجلس الدستوري كما جاء في الدراسة سابقا لكن بمناسبة دراسة منازعة انتخابية فهو عضو‬
‫(قانون) وليس عضوا (صامتا)‪.3‬‬

‫أما األمين العام للمجلس الدستوري الجزائري فمهمته األساسية وهي السهر على إعداد‬
‫وتحضير الق اررات وكلمة "يسهر" نفهمها بمعنى يشرف ويتابع ويراقب كل مراحل إعداد‬
‫وتحضير الق اررات المتعلقة بالمجلس الدستوري ثم بعدها يعمل على تطبيقها فمهمته حسب‬
‫المادة ‪ 7‬من المرسوم ‪ 143/98‬هي تحضير وتنظيم أعمال المجلس‪.4‬‬

‫وما يالحظ أنه لم يتم التطرق إلى دور إضافي يلعبه األمين العام للمجلس الدستوري‬
‫الجزائري بمناسبة المنازعة االنتخابية حيث يتحول دور المجلس الدستوري إلى مهام محكمة‬
‫تنازع انتخابات تتطلب أكثر دقة وتحكم فني وهذا يبدوا حسب اعتقادي لألمرين‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬أن المؤسس الدستوري الجزائري اكتفى بالمهمة الرئيسية لألمين العام وهي تنظيم‬
‫وتحضير أعمال المجلس الدستوري ويكون ضمنها كل األعمال المتعلقة بالنزاع االنتخابي‬

‫يعين بمقرر من رئيس المجلس الدستوري بناء على تفويض من رئيس‬


‫‪ - 1‬كان األمين العام للمجلس الدستوري الجزائري ّ‬
‫الجمهورية (المادة ‪ 08‬من المرسوم ‪ )143/89‬وبموجب المرسوم رقم ‪ 102/01‬المؤرخ في ‪ 21‬أفريل ‪ ،2001‬ج‪ .‬ر ع‬
‫‪ .2001 /58‬صار يعين األمين العام للمجلس الدستوري بمرسوم من طرف رئيس الجمهورية بناء على اقتراح من رئيس‬
‫المجلس الدستوري‪.‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 17‬المرسوم ‪ 1959/11/13‬الخاصة بتنظيم األمانة العامة للمجلس الدستور الفرنسي‪.‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 03‬المرسوم ‪ 1959/11/13‬الخاصة بتنظيم األمانة العامة للمجلس الدستور الفرنسي‪.‬‬
‫‪ - 4‬المادة ‪ 07‬المرسوم ‪.143/98‬‬

‫‪140‬‬
‫با عتبارها جزءا من مهام المجلس الدستوري الجزائري ولهذا لم يخصص النزاع االنتخابي‬
‫بنص‪.‬‬

‫ثانيهما‪ :‬أن المؤسس الدستوري الجزائري ترك حرية للمجلس الدستوري الجزائري في‬
‫معالجة النزاع االنتخابي ولم يرد أن يضيق عليه بنص محدد‪.‬‬

‫إن دور األمين العام للمجلس الدستوري المغربي يظهر في إحداث هذا المنصب الذي‬
‫جاء بناء على القانون التنظيمي رقم ‪ 29/93‬كما رأينا سابقا‪ .‬ويتم تعيين هذا األمين العام‬
‫من طرف الملك بواسطة ظهير شريف دون أن يعطي حق االقتراح إلى رئيس المجلس‬
‫الدستوري كما هو الحال بالنسبة لفرنسا لكن من الناحية الواقعية يتم االقت ارح من طرف رئيس‬
‫المجلس الدستوري‪.1‬‬

‫يتولى األمين العام للمجلس الدستوري المغربي حسب القانون التنظيمي ‪ 92/193‬مهام‬
‫ذات طبيعة إدارية وتنحصر في تسيير المصالح اإلدارية للمجلس الدستوري تحت سلطة‬
‫رئيسه أي رئيس المجلس الدستوري الذي يمكن أن يفوضه صالحياته اإلدارية والمالية‪.‬‬

‫كما يتولى األمين العام للمجلس الدستوري المغربي مهام ذات طبيعة إجرائية قضائية‬
‫وتتمثل في تبليغ الق اررات المجلس الدستوري لألطراف المعنية وتسجيل رسائل اإلخطار‬
‫الواردة من الجهات صاحبة حق اإلخطار وتبليغ العرائض المتعلقة بالنزاع االنتخابي‪.2‬‬

‫ويرى األستاذ عبد الرحيم المنار السليمي من خالل دراسته لواقع المجلس الدستوري‬
‫المغربي بأن‪« :‬النص وان جعل األمين العام للمجلس الدستوري المغربي أداة ربط بين‬
‫الجهازين اإلداري والقضائي للمجلس الدستوري المغربي فإن الممارسة الفعلية تبين قطيعة‬
‫كبيرة حيث أن دور األمين العام بقي إداريا صرفا ويرجع ذلك لسببين‪:‬‬

‫السبب األول ‪ :‬يتمثل في طبيعة تكوين من يمارس مهمة األمين العام للمجلس الدستوري‬
‫الذي له تكوين إداري وخبرة في العمل اإلداري الذي يعتمد على عالقة رئيس بمرؤوسه‬
‫ورؤساءه التي تجعله يبتعد تماما عن الجانب القضائي لجهله به‪.‬‬

‫‪ - 1‬تم تعيين السيد عبد العزيز الشرقاوي أمينا عاما للمجلس الدستوري المغربي بعدما اقترحه السيد عباس القيسي رئيس‬
‫المجلس الدستوري المغربي والذي سبق أن عمال سويا في األمانة العامة للحكومة‪.‬‬
‫‪ - 2‬عبد الرحيم منار السليمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.108 – 107‬‬

‫‪141‬‬
‫السبب الثاني‪ :‬إن واضعي القانون التنظيمي المغربي الذي ينظم المجلس الدستوري‬
‫المغربي استعاروا الفكرة جاهزة من فرنسا لكن إرغفال محتوى األمين العام بالمجلس الدستوري‬
‫الفرنسي باإلضافة إلى العمل اإلداري الذي يقوم به فهو فاعل أساسي في المعالجة‬
‫القضائية‪ ،‬فهو يقوم بالتنسيق بين مختلف أطراف المنازعة الدستورية باإلضافة إلى أنه‬
‫يساعد القاضي الدستوري المقرر في مده بالوثائق الضرورية للعمل ويلعب دو ار فعاال في‬
‫تنظيم جلسات بين القاضي الدستوري المقرر وأي شخص يمكنه أن يقدم خبرة مفيدة لهذا‬
‫المقرر‪ ،‬ويمكن لألمين العام بالمجلس الدستوري الفرنسي أن يقدم للقاضي الدستوري المقرر‬
‫الحلول المناسبة في بعض المسائل‪ ،‬ويقوم بمساعدته في تحرير مشروع القرار الدستوري»‪.1‬‬

‫وما يالحظ أن األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي على عكس واقع الحال في كل‬
‫من المغرب والجزائر يتجاوز في بعض األحيان ما تمنحه النصوص التنظيمية حيث نجده‬
‫حاض ار في كل المداوالت ررغم أن ذلك ال تبيحه النصوص القانونية باستثناء المنازعة‬
‫االنتخابية‪ ،‬ويستمد مبرر حضوره في كل المداوالت من المرسوم المنظم لألمانة العامة‬
‫للمجلس الدستوري الفرنسي والتي تلزمه بإعداد مختصر عن أعمال المجلس الدستوري‪.2‬‬

‫باإلضافة إلى أن األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي هو الناطق الرسمي باسم‬
‫المجلس الدستوري أمام وسائل اإلعالم كلما تطلب األمر ذلك بمناسبة صدور ق اررات من‬
‫المجلس الدستوري على األخص‪ ،‬كما أنه منذ سنة ‪ 1986‬يقوم بإعداد كرونولوجيا لالجتهاد‬
‫القضائي يجمع فيها مجموعة من المعطيات المرتبطة بأعمال المجلس الدستوري الفرنسي‬
‫وذلك بمبادرة منه تحت مسؤوليته وبعيدا عن مسؤولية المجلس الدستوري‪.3‬‬

‫إن المقارنة بين الدور الذي يلعبه األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي ونظرائه في‬
‫كل من الجزائر والمغرب تبدو بعيدة جدا نظ ار الختالف الثقافة والمكاسب القانونية داخل‬
‫المجالس الدستورية من جهة ومن جهة أخرى الختالف المحيط الذي يعمل فيه األمين العام‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.109 – 108‬‬


‫‪ -2‬عبد الرحيم منار السليمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.109‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪110.‬‬

‫‪142‬‬
‫للمجلس الدستوري الفرنسي مع المحيط العام الذي يعمل فيه نظرائه في المغرب والجزائر‬
‫وتونس وموريتانيا‪.‬‬

‫لكن يبدوا أن إعطاء أهمية وصالحيات أكثر لألمين العام للمجالس الدستورية لكل من‬
‫الجزائر والمغرب وتونس وموريتانيا أمر ضروري باعتبار األمين العام يستوجب أهلية وكفاءة‬
‫في مجال التنظيم اإلداري ومعرفة قانونية متينة في مجال العمل القضائي فهو المستشار‬
‫األول لرئيس المجلس الدستوري خاصة في حالة ما إذا كان هذا األخير ال يملك معارف‬
‫في المجال القانوني والقضائي‪.1‬‬

‫كما يبدو أنه ال بد من إعادة النظر في شروط تعيين األمين العام للمجلس الدستوري‬
‫(الكفاءة اإلدارية –القضائية‪ -‬الخبرة) وكذا توسيع صالحياته في مجال معالجة المنازعة‬
‫المعروضة على القاضي الدستوري وكذا التنسيق والعمل مع اللجان بالبرلمانات لتطوير‬
‫العمل التشريعي‪.‬‬

‫إن تأثير األجهزة اإلدارية على عمل المجلس الدستوري ذات أهمية بالغة بالنظر إلى‬
‫الدور الذي تلعبه هذه األجهزة في تقوية أو إضعاف قيام المجلس الدستوري بمهامه كما جاء‬
‫في الدراسة سابقا والسيما منصب األمين العام الذي يعتبر المحرك األساسي لعمل المجلس‬
‫الدستوري والمركز الذي تمر عليه كل أعمال المجلس الدستوري سواء اإلدارية منها أو‬
‫القضائية فلهذا نجد دور األمين العام للمجلس الدستوري مؤث ار جدا في كل أعمال المجلس‬
‫الدستوري فهو يضمن سير األجهزة اإلدارية للمجلس الدستوري تحت سلطة رئيس المجلس‬
‫الدستوري فطريقة تعيي ن األمين العام ومن يقترحه مهمة جدا في مستقبل عمله وعالقاته‬
‫بباقي أعضاء المجلس الدستوري والسيما رئيس المجلس الدستوري فكلما تم اقتراحه من‬
‫طرف رئيس المجلس كلما كانت ثقة بين رئيس المجلس الدستوري وأمينه العام األمر الذي‬
‫يضفي ليونة على العالقة بينهما كما يرى األستاذ )‪ 2ROUSSEAU (D‬و في تعليقه‬

‫‪1 -N.A BERNOUSSI, le contrôle de constitutionnalité au Maghreb, Thèse pour l'obtention du‬‬
‫‪doctorat d'Etat en droit, Université Med V, Maroc , 1998, p. 357.‬‬
‫‪2 - D.ROUSSEAU, La justice Constitutionnelle en Europe, op. cit, p. 31.‬‬

‫‪143‬‬
‫على المرسوم المؤرخ في ‪ 13‬نوفمبر ‪« :1999‬يتخذ اإلجراءات الالزمة لتحضير وتنظيم‬
‫أعمال المجلس»‪.‬‬

‫« فإن دراسة هذا النص تبين أن دور األمين العام للمجلس الدستوري ال تقتصر على‬
‫تسجيل العرائض وتحرير محاضر الجلسات وتجميع الق اررات أو على التحضير المادي‬
‫للجلسات فهو أي األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي حسب األستاذ (‪...‬روسو) هو‬
‫بمثابة إحدى المراكز األساسية في الجانب الفكري والقانوني والسياسي بالنسبة للمجلس‬
‫الدستوري‪.‬‬

‫حيث كل الق اررات تمر على مكتبه في مرحلة معينة وليس من أجل قراءتها أو التوقيع‬
‫عليها بل هو الذي يزود العضو المقرر بالمجلس الدستوري بكل العناصر والمعلومات‬
‫المتعلقة بالقضية موضوع الدراسة كما أن األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي هو الذي‬
‫ينشط اللقاءات مع ممثلي الو ازرات أو األمناء العامون للحكومة الفرنسية وبناءا على‬
‫المحادثات التي ي قوم بها ممثل الو ازرة أو المستشار الحكومي التي يحررها مع األمين العام‬
‫للمجلس الدستوري يقوم بإعداد مشروع القرار»‪.1‬‬

‫إن هذا الدور القوي الذي يسمح لألمين العام للمجلس الدستوري من التحكم في كل هذه‬
‫العمليات من الجانب الفكري والسياسي والقانوني والتقني يتطلب أمينا عاما صاحب شخصية‬
‫قوية خاصة إذا كان يعمل مع أعضاء مجلس دستوري ال يقبلون التدخل في أعمالهم‬
‫ويحبذون القيام بأعمالهم بمفردهم وهنا تظهر قوة شخصية األمين العام للمجلس الدستوري‬
‫الذي يحاول إقناع أعضاء المجلس الدستوري بالمبررات القانونية التي يصعب عدم‬
‫االنصياع لها‪.‬‬

‫ويذكر روسو أن األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي صار منذ ‪ 1986‬يناقش‬
‫باستمرار ق اررات المجلس الدستوري األمر الذي بدأ يفقد أعمال المجلس الدستوري سريتها‪.2‬‬

‫‪1 - Ibid .‬‬


‫‪2 - Ibid, p. 30 et s.‬‬

‫‪144‬‬
‫يبدو من خالل الدور الذي يلعبه األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي أنه محرك‬
‫وأحد ضوابط القضاء الدستوري ولهذا ال بد على الجزائر‪ ،‬المغرب‪ ،‬وتونس وموريتانيا خلق‬
‫يتم اقتراحه من طرف رئيس المجلس‬ ‫تقليد بأن يكون األمين العام للمجلس الدستوري‬
‫الدستوري من بين فئة معينة من الشخصيات التي تجمع بين عدة مهارات (الخبرة‪،‬‬
‫التخصص‪ ،‬الكفاءة) الشيء الذي يجعل المجالس الدستورية المؤسسة األكثر فعالية واال بقي‬
‫دور األمانة العامة واألمين بالمجلس الدستوري دور إداري جامد‪.‬‬

‫كما يستحسن أن يكون أحد قضاة أو مستشاري مجلس الدولة في الجزائر للتقارب‬
‫والتشابه الموجود بين المهام التي يؤديها قضاة و مستشارو مجلس الدولة وتلك المهام التي‬
‫يقوم بها األمين العام للمجلس الدستوري ونفس األمر بالنسبة لتونس والمغرب خاصة بالنسبة‬
‫للمجلس األعلى للقضاء قبل دستور ‪ 1992‬كما جاء في الدراسة سابقا فقضاة هذه الغرفة‬
‫على دراية وخبرة بالنزاعات والمسائل المتعلقة بالقضاء الدستوري األمر الذي يجعل من‬
‫قضاتها أحد أهم الشخصيات المؤهلة لمنصب أمين عام المجلس الدستوري المغربي‪.‬‬

‫كما أشير إال أن أرغلب أعضاء المجلس الدستوري في الدول المغاربية هم أصحاب‬
‫تكوين سياسي وذلك باعتبارهم ممثلين لغرفتي البرلمان وبعضهم معين من طرف السلطة‬
‫التنفيذية العتبارات سياسية أيضا األمر الذي يجعل وجود أمين عام قوي على رأس أمانة‬
‫عامة قوية وفعالة أكثر من ضرورة‪.‬‬

‫ثالثا – من حيث القاضي الدستوري المقرر ‪:‬‬

‫يعتبر اختيار القاضي الدستوري المقرر مسألة مهمة ومن الق اررات المهمة التي يتخذها‬
‫رئيس المجلس الدستوري فتعيين القاضي الدستوري المقرر تبدأ عملية النظر والمعالجة‬
‫للمنازعة الدستورية وهذا الحق في التعيين تمنحه القوانين العضوية المنظمة للمجلس‬
‫الدستوري لصالح رئيس المجلس الدستوري فهو حق فردي يتمتع به دون تدخل من باقي‬
‫أعضاء المجلس الدستوري اآلخرين وهذه المسألة تطرح عدة إشكاالت ولها عدة انعكاسات‬
‫خاصة مع رغياب معايير واضحة لتعيين القاضي الدستوري المقرر‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة‬
‫للقاضي المقرر على مستوى الجهات القضائية أين يعوض العرف والقضاء النص المكتوب‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫فمثال نجد رئيس المحكمة الدستورية البلغارية يعين القاضي المقرر بعد أن يعد ملفا لكل‬
‫قاضي مسبق يتضمن تكوينه وتخصصه وعدد الملفات التي اشتغل عليها بصفته قاضيا‬
‫مقرر‪ .‬أما رئيس المحكمة الدستورية اإلسبانية فيعتمد على القرعة في تحديد القاضي‬
‫ا‬
‫الدستوري المقرر تجري في بداية كل سنة قضائية بحيث يعطي لكل قاض رقم تسلسلي‬
‫يجعله تلقائيا معين في قضية تتناسب مع رقمه التسلسلي‪.1‬‬

‫إن تعيين القاضي الدستوري المقرر على مستوى المجلس الدستوري الفرنسي فيعتمد‬
‫رئيس المجلس على التناوب بين القضاة‪ ،‬مع األخذ بمعيارين‪:‬‬

‫‪ - 1‬المعيار األول‪ :‬الكفاءة والتخصص في الطعون محل النظر والمعالجة‪.‬‬

‫‪ - 2‬المعيار الثاني‪ :‬أسبقية العضو أو القاضي الدستوري في النظر في طعن مشابه‬


‫سبق وأن فصل فيه المجلس الدستوري فمثال النظر في مدى دستورية قانون متعلق بالمالية‬
‫والميزانية يتطلب قاضي دستوري مختص في الجانب المالي إلى جانب كونه سبق له وعين‬
‫قاض مقرر في طعن سابق متعلق بقانون المالية والميزانية‪.‬‬

‫واعتمادا على هذين المعيارين صار القاضي الدستوري المقرر يميل إلى التخصص‬
‫حيث كان يعين األستاذ "جورج فيديل" الذي كان عضو بالمجلس الدستوري الفرنسي سنة‬
‫‪ 1980‬في القضايا المتعلقة بالقانون الدستوري االقتصادي (الخوصصة‪ ،‬دستورية حق‬
‫الملكية)‪.2‬‬

‫أما بالعودة إلى التجربة المغربية نجد أن منح سلطة تعيين القاضي الدستوري المقرر‬
‫لرئيس المجلس الدستوري المغربي تطرح مسألتين‪:‬‬

‫‪ -1‬عبد الرحيم المنار السليمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.167 – 166‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.168‬‬
‫‪ -‬أمثلة عن تخصص القاضي الدستوري الفرنسي المقرر‪:‬‬
‫‪ – M. Chetnet -‬تخصص داخل المجلس الدستوري الفرنسي في القضايا األوروبية‪.‬‬
‫‪ - M. Le court -‬تخصص داخل المجلس الدستوري الفرنسي في القضايا المالية‪.‬‬
‫‪ -M. Gros -‬تخصص داخل المجلس الدستوري الفرنسي في القضايا السمعية البصرية‪)L'information( .‬‬

‫‪146‬‬
‫المسألة األولى ‪ :‬تتمثل في عالقة هذا القاضي الدستوري المقرر بكل من الحكومة‬
‫والبرلمان في هذه الحالة إما أن يعين رئيس المجلس الدستوري المغربي القاضي الدستوري‬
‫المقرر الذي يتأمل في أن يحرر مشروع قرار مرن ال يختلف عليه أعضاء المجلس‬
‫الد ستوري وتسهل مهمة رئيس المجلس الدستوري وال يقع في حرج ال مع الحكومة وال مع‬
‫البرلمان‪.‬‬

‫إما أن يعين قاضي دستوري مقرر صاحب مهنية وتخصص فيحرر مشروع قرار يطرح‬
‫كثير من اإلشكاالت الشيء الذي يجعل رئيس المجلس الدستوري المغربي يجد صعوبة عند‬
‫التصويت بين األعضاء الممثلين للسلطتين التنفيذية والتشريعية ويوقعه في حرج مع الحكومة‬
‫أو البرلمان في حالة إصدار قرار بعدم دستورية قانون ضروري للحكومة أو البرلمان‪.‬‬

‫المسألة الثانية ‪ :‬تتمثل في مدى انعكاس تعيين القاضي الدستوري المقرر على أداء‬
‫المجلس ذاته واجتهاداته‪ ،‬بحيث تعيين قاضي دستوري مقرر صاحب كفاءة مهنية وتخصص‬
‫يجر باقي أعضاء المجلس الدستوري لالجتهاد وخلق سوابق إيجابية على عكس ذلك فإن‬
‫تعيين قاضي دستوري رغير متخصص يجمد االجتهاد بإبقائه على السوابق السلبية السابقة‪.1‬‬

‫إنه في تحديد معايير تعيين القاضي الدستوري المقرر على مستوى المجلس الدستوري‬
‫المغربي‪ ،‬يرى رئيسه أن ذلك يتم «طبقا للتوزيع المتوازن للمهام»‪ ،‬وهو تشخيص عام وكالم‬
‫رغير دقيق إذ ما تمت مقارنة برأي أحد قضاة المجلس الدستوري المغربي‪«:‬الذي اعتبر أن‬
‫التخصص وتكوين األعضاء هو المعيار المتبع حاليا في تعيين القضاة المقررين وأن كل‬
‫القضاة الدستوريون يمكنهم القيام بمهام قاضي دستوري مقرر بمناسبة المنازعة االنتخابية‬
‫ألنها منازعة ال تتطلب التخصص»‪.2‬‬

‫إن هذا التسيير هو الذي جعل أرغلب اجتهادات وق اررات المجلس الدستوري المغربي في‬
‫ما يتعلق بالمنازعة االنتخابية ضعيفة التعليل رغامضة المواقف عديمة االجتهاد القضائي‬

‫‪ -1‬عبد الرحيم المنار السليمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.169 – 168‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.170‬‬

‫‪147‬‬
‫وكثر رفض طلبات الطاعنين لمبررات شكلية واجرائية وتشابهت الق اررات مع ق اررات سابقة أو‬
‫ما يسمى بالق اررات النماذج في مضمونها (‪.1)Décisions types‬‬

‫والبد أن نشير أن ثمة فرق بين القاضي الدستوري المقرر والقاضي المحقق بحيث أن‬
‫القاضي الدستوري المقرر يمكنه االستعانة بقاضي محقق في مسألة التزوير االنتخابي‪ .‬هذا‬
‫األخير يقدم له تقري ار مفصال يعتمد عليه القاضي الدستوري المقرر‪ ،‬كما يمكن أن يكون‬
‫القاضي الدستوري المقرر هو نفسه القاضي الدستوري المحقق إذا طلب منه رئيس المجلس‬
‫الدستوري القيام بإجراء تحقيق في الموضوع وبذلك يستمع للشهود ويقوم باإلجراءات التحقيقية‬
‫الالزمة في عين المكان كم ا يمكن لرئيس المجلس الدستوري تعيين قاضي دستوري آخر‬
‫للقيام بمهام التحقيق بدال من القاضي الدستوري المقرر‪.2‬‬

‫لقد جاء في المادة ‪ 12‬من القانون عدد ‪ 48‬المؤرخ في ‪ 6‬أوت ‪ 2000‬والمتعلق تنظيم‬
‫المجلس الدستوري الجزائري ما يفيد بأن رئيس المجلس الدستوري بمجرد تسجيل رسالة‬
‫اإلخطار يعين مقر ار ‪ .‬من بين أعضائه يتكفل بالتحقيق في الملف ويتولى تحضير مشروع‬
‫الرأي أو القرار‪ ،3‬أما المادة ‪ 12‬من نفس القانون فقد خولت القاضي الدستوري المقرر حق‬
‫جمع كل الوثائق الضرورية والمعلومات المتعلقة بالموضوع واالستعانة بأي خبير من أجل‬
‫أداء مهامه يختاره هو‪ ،4‬ثم في المادة ‪ 13‬من نفس القانون بينت أن القاضي الدستوري‬
‫المقرر ملزم بعد انتهاء أشغاله أن يسلم إلى رئيس المجلس الدستوري والى كل عضو فيه‬
‫نسخة من الملف موضوع اإلخطار مرفقا بالتقرير أو مشروع الرأي أو القرار‪.5‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه ‪.‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬المواد ‪ 14 ،13 ،12‬من النظام المحدد لقواعد المجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬رقم ‪ 48‬المؤرخ في ‪ 6‬أوت ‪.2000‬‬
‫والتي ألغيت من خالل المواد ‪ 14 ،13 ،12 ،11‬من المداولة المؤرخة في ‪ 03‬ماي ‪ 2012‬والمتعلقة بالنظام المحدد‬
‫لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائر‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 26‬مؤرخة ‪ 03‬ماي ‪.2012‬‬
‫‪ - 4‬المادة ‪ 12‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري مداولة مؤرخة في ‪ 03‬ماي ‪ ،2012‬ج ر عدد ‪.26‬‬
‫‪ - 5‬المادة ‪ 13‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري مداولة مؤرخة في ‪ 03‬ماي ‪ ،2012‬ج ر عدد ‪.26‬‬

‫‪148‬‬
‫أول ما يالحظ أن النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري لم يتطرق إلى‬
‫االختالف لتحديد بعض المعايير التي يعتمدها رئيس المجلس الدستوري في تعيين القاضي‬
‫الدستوري المقرر‪.‬‬

‫أنه ونظ ار للسرية التي يلتزم بها أعضاء المجلس الدستوري الجزائري خاصة في مسألة‬
‫تعيين القاضي الدستوري المقرر وأعماله لم أستطع الحصول على اسم القضاة الدستورين‬
‫المقررين وال على وظائفهم السابقة قبل التحاقهم بالمجلس حتى أقوم بدراسة استخلص من‬
‫خاللها على األقل المعايير المتكررة في تعيين القاضي الدستوري المقرر في الجزائر‪.‬‬

‫فدائما كانت تعرقلني المادة ‪ 18‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‬
‫الجزائري والتي جاء في فقرتها الثانية‪...«:‬ال يجوز أن يضطلع عليها إال أعضاء المجلس‬
‫الدستوري» ويقصد بكلمة عليها محاضر جلسات المجلس الدستوري كما جاء في الفقرة‬
‫األولى من المادة ‪.)1(19‬‬

‫رابعا – من حيث مهام المديريات ‪:‬‬

‫من حيث المديريات المتواجدة على مستوى المجالس الدستورية بكل من الجزائر وتونس‬
‫والمغرب نجدها ال تتعدى نوعين من المديريات‪ ،‬النوع األول يهتم بالجوانب اإلدارية والمالية‬
‫للمجلس كهيئة مستقلة ماليا واداريا وكذا الجانب اإلداري لموظفيه وكل ما يتعلق بدفع رواتبهم‬
‫وتسيير ملفاتهم المالية‪.‬‬

‫والنوع الثاني يهتم بالجوانب القضائية المتعلقة بالمجلس الدستوري كهيئة تداولية‪.‬‬

‫والمالحظ أنه كلما كان المجلس الدستوري كمرفق إداري أو كمؤسسة عمومية ذات طابع‬
‫إداري مستقال عن الو ازرة ألولى (السلطة التنفيذية) كلما زاد في تحسين أدائه‪ ،‬فالمجلس‬
‫الدستوري الجزائري مستقل إداريا وماليا (صاحب ميزانية خاصة) رئيسه يملك صفة األمر‬
‫بالصرف ويدير حساباته محاسب عمومي معتمد على عكس المجلس الدستوري التونسي‬
‫الذي نجده تابعا من حيث السلطة اإلدارية إلى الوزير األول وبالتالي بميزانية تابعة لميزانية‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 18‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري مداولة مؤرخة في ‪ 03‬ماي ‪ ،2012‬ج ر عدد ‪.26‬‬

‫‪149‬‬
‫ا لو ازرة األولى وال يعدو أن يكون مجرد دائرة إدارية على مستوى الو ازرة األولى وهذا حسب‬
‫الفصل ‪ 9‬من األمر ‪.11414‬‬

‫أما بعد صدور قانون ‪ 18‬أفريل ‪ 1990‬أصبح المجلس الدستوري التونسي يتمتع‬
‫باالستقالل المالي واإلداري‪ ،‬وكانت تركيبته اإلدارية بسيطة حيث ال يتجاوز عدد أعضائه‬
‫‪ 25‬إداريا‪ ،‬وكان المجلس الدستوري التونسي يتكون من إدارة فرعية للدراسات والمتابعة‬
‫مهمتها إعداد الوثائق والوسائل الضرورية ألعمال المجلس والمساهمة في إنجاز الدراسات‬
‫والبحوث وكل ما يتعلق باألعمال التحضيرية للجلسات كما تقوم بتدوين المداوالت ومسكها‬
‫وحفظها وتتولى متابعة إنجاز التقرير السنوي للمجلس المقدم إلى رئيس الجمهورية وما يقابله‬
‫في المجلس الدستوري المغربي نجد أن رئيس المجلس الدستوري المغربي الذي يعين بظهير‬
‫شريف كما رأينا سابقا منحه القانون حق إنشاء مصالح المجلس الدستوري وفي هذا الشأن‬
‫أصدر رئيس المجلس الدستوري المغربي قرار مؤرخا في ‪ 23‬جويلية ‪ 1999‬حدد بمقتضاه‬
‫مصالح المجلس بمصلحة كتابة الضبط مهمتها تسجيل الرسائل الواردة إلى المجلس وتهيئ‬
‫الملفات ألعضاء المجلس للتداول حولها‪.‬‬

‫أما مصلحة الدراسات والعالقات الخارجية فتتشكل من خبراء مهمتهم مساعدة المجلس‬
‫في أعماله الفنية‪.‬‬

‫أما األمين العام للمجلس الدستوري المغربي فباإلضافة إلى التسيير اليومي لشؤون‬
‫المجلس يقوم بتبليغ ق ارراته إلى الجهات المعنية بها ويسجل الحاالت الواردة من السلطة‬
‫المعنية كما يبلغ العرائض المتعلقة بالنزاعات االنتخابية األمر الذي لم يتطرق له المؤسس‬
‫الدستوري التونسي‪.2‬‬

‫وعلى عكس النظام الدستوري التونسي الذي اعتمد على مديرتين فرعيتين واحدة‬
‫للدراسات والمتابعة ( فنية) والثانية لإلدارة والمالية (إدارية) نجد المؤسس الدستوري الجزائري‬
‫يعتمد على مجموعة من المديريات مثل مديرية الوثائق مديرية الموظفين والوسائل ونجد‬

‫‪ - 1‬زهير المظفر‪ ،‬مرجع سابق‪.65 ،‬‬


‫‪ - 2‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.81‬‬

‫‪150‬‬
‫المؤسس ا لدستوري الجزائري يتميز عن نظريه في المغرب وتونس بنصه على مركز‬
‫الدراسات والبحوث الدستورية هذا المركز الذي تم النص عليه بواسطة مرسوم رئاسي‪.1‬‬

‫إن النظام الدستوري المغربي أنشأ مصلحة للدراسات والعالقات الخارجية تتشكل من‬
‫خبراء يقومون لدى المجلس بمهمة المساعدة كما يسمح للمجلس أن يوظف بعض‬
‫المستشارين ألعمال محددة وبقيت مجرد مصلحة تدير أعمال البحث بطريقة إدارية ولم‬
‫ترتقي إلى مستوى مركز يدل عليه اسمه كما فعل المؤسس الدستوري الجزائري‪.‬‬
‫كما نشير إلى أن المجلس الدستوري الفرنسي باإلضافة إلى المصالح التي يعتمد عليها‬
‫في أداء مهامه يمكنه بمناسبة النظر في النزاع االنتخابي أو االستفتاء أن يستعين بعدد من‬
‫األشخاص لمساعدته في هذه المهمة فمثال نجد رئيس المجلس الدستوري الفرنسي بمناسبة‬
‫االنتخابات البرلمانية يعين عشرة نواب مقررين سنة قبل االنتخاب مهمتهم دراسة المنازعة‬
‫الخاصة باالنتخابات البرلمانية ويتم اختيارهم من بين مجلس الدولة ومجلس المحاسبة‪.2‬‬
‫أما بمناسبة االنتخابات الرئاسية واالستفتاء فيستعين رئيس المجلس الدستوري بمندوبين‬
‫وهم من قضاة مجلس الدولة ومجلس المحاسبة ويتم تعيينهم ألداء مهام ميدانية ويقدمون‬
‫تقارير حول هذه العمليات كما يمكن رئيس المجلس الدستوري االستعانة بمستشارين للقيام‬
‫بهذه المهمة‪.3‬‬
‫هذا الشيء رغير موجود في النظام الدستوري لكل من المغرب والجزائر وتونس وموريتانيا‬
‫ررغم أهميته ونجاعته من الناحية العلمية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬انعكاس الجانب المؤسساتي على أداء المجلس الدستوري‬
‫إن استقالل المجلس الدستوري كمؤسسة يأخذ ثالثة صور هي االستقالل اإلداري‬
‫واالستقالل المؤسساتي واالستقالل المالي ولهذا االستقالل أهمية في القضاء على تأثير‬
‫السلطة التنفيذية على أعماله وهذا ما نحاول دراسة كيف تمت معالجته في كل من الجزائر‬
‫والمغرب وتونس وموريتانيا‪.‬‬

‫‪ - 1‬المرسوم الرئاسي ‪ 157 - 02‬مؤرخ في ‪ 16‬ماي ‪ 2002‬معدل ومتمم للمرسوم الرئاسي ‪.143 - 89‬‬
‫‪ - 2‬رشيدة العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪ ،3‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫أوال ‪ -‬االستقالل المؤسساتي ‪:‬‬
‫إن المجلس الدستوري المغربي ابتداء من دستوري ‪ 1992‬تم تقديمه في الترتيب‬
‫الدستوري من الباب العاشر إلى الباب السادس على عكس الغرفة الدستورية بالمجلس‬
‫األعلى التي كانت تابعة لجهاز قضائي هو المجلس األعلى للقضاء (السلطة القضائية)‪.‬‬

‫أما في الجزائر ومنذ أول دستور بعد االستقالل (‪ 10‬سبتمبر ‪ )1963‬فتم النص عليه‬
‫ضمن الباب المتعلق بالسلطة القضائية لكن دستوري كل من ‪ 23‬فبراير ‪ 1989‬و‪ 28‬فبراير‬
‫‪ 1996‬فنص عليه في باب مستقل تحت عنوان (الرقابة والهيئات االستشارية)‪.‬‬

‫أما في تونس فقد أنشأ المجلس الدستوري التونسي بواسطة مرسوم رئاسي كان تابعا‬
‫للسلطة التنفيذية الو ازرة األول ثم ارتقى بعد تعديالت الدستور التونسي سنة ‪ 1995‬إلى‬
‫مؤسسة مستقلة منصوص عليه دستوريا أما في موريتانيا فقد تم النص عليه دستوريا في‬
‫دستور ‪.1991‬‬

‫ثانيا ‪ -‬االستقالل اإلداري ‪:‬‬

‫يتوفر المجلس الدستوري المغربي على عدة مصالح ذات طابع إداري وعلى مجموعة من‬
‫الموظفين يعملون تحت السلطة السلمية لألمين العام للمجلس الدستوري وهو كمجلس يستقل‬
‫عن كل الو ازرات وحتى عن الو ازرة األولى بحيث يقوم رئيسه بتحديد هياكل المصالح اإلدارية‬
‫واختصاصات كل مصلحة كما أن له الحق في تفويض توقيعه إلى األمين العام للمجلس‬
‫الدستوري وفق نظرية التفويض التي يحكمها القانون اإلداري‪.1‬‬

‫وبناء على القانون التنظيمي المؤرخ في ‪ 23‬جويلية ‪ 1999‬اتخذ رئيس المجلس‬


‫الدستوري المغربي ق ار ار بمقتضاه حدد مصالح المجلس الدستوري في كل من ديوان الرئيس‪،‬‬
‫مصلحة كتابة الضبط مصلحة الدراسات والعالقات الخارجية ومصلحة التوثيق ومصلحة‬
‫إدارة الموارد ومصلحة التجهيز ومصلحة المحاسبة‪.2‬‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.83 – 82‬‬


‫‪ - 2‬رشيدة العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.141 – 140‬‬

‫‪152‬‬
‫في حين نجد التنظيم اإلداري للمجلس الدستوري الجزائري تم بواسطة المرسوم الرئاسي‬
‫‪ 214 - 89‬وكذا المقرر المؤرخ في ‪ 11‬يناير ‪ 1993‬الذي يحدد التنظيم الداخلي للمصلحة‬
‫اإلدا رية بالمجلس الدستوري وكلفه بأهم مهمة وهي تنظيم وتحضير أعمال المجلس الدستوري‬
‫حسب ما جاء في المادة ‪ 7‬من المرسوم ‪.1143 - 98‬‬

‫والمالحظ هنا أن جميع رؤساء المصالح والمديريات وحتى األمين عام للمجلس‬
‫الدستوري يتم تعيينهم من طرف رئيس المجلس الدستوري بتفويض من رئيس الجمهورية وهذا‬
‫قبل تعديل ‪ 21‬أبريل ‪ 2001‬على عكس ما هو الحال في تعيين رؤساء المصالح بالنسبة‬
‫للمجلس الدستوري المغربي‪.‬‬

‫ويبدو أن السلطة التنفيذية في النظام الجزائري ممثله في رئيس الجمهورية لها دور حتى‬
‫في تعيين رؤساء المصالح والمديريات وهذا األمر كان من األحسن ترك أمر تعيين األمين‬
‫العام للمجلس الدستوري وكذا رؤساء المديريات ورؤساء المصالح من االختصاصات‬
‫الصرفة لرئيس المجلس الدستوري بصفته معين بواسطة مرسوم رئاسي ومنصب من طرف‬
‫رئيس الجمهورية ويتم هذا التعيين أي تعيين األمين العام للمجلس الدستوري ورؤساء‬
‫المديريات والمصالح وفق التعيينات التي تتم في ممارسة الوظيفة العامة باعتبار أن مهامهم‬
‫إدارية بحثه وال تكتسي أي طابع سياسي أو دبلوماسي خاصة إذا علمنا أن قاعدة توازي‬
‫األشكال تفترض أن يكون عزلهم بنفس طريقة تعيينهم بحيث يتم بواسطة مقرر صادر عن‬
‫رئيس المجلس الدستوري وبتفويض من رئيس الجمهورية والسؤال الذي يبقى رغامض هو هل‬
‫يعود رئيس المجلس الدستوري إلى رئيس الجمهورية في كل مرة يعين فيها رئيس مصلحة‬
‫بالمجلس أو يعزله ؟‬

‫فإذا كنا نتفهم أن المجلس الدستوري هيئة استشارية لرئيس الجمهورية لكن تشكيلته ال‬
‫يستقل بها رئيس الجمهورية وحده بل تشاركه في ذلك السلطتان التشريعية والتنفيذية فيحق‬
‫لرئيس الجمهورية تعيين رئيس المجلس حتى يتجنب تغليب مصلحة الحزب على مصلحة‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.141‬‬

‫‪153‬‬
‫الدولة لكن تعيين رؤساء المصالح والمديريات كان يكفي تعيينهم بواسطة عمل إداري بعيد‬
‫تماما عن صالحيات رئيس الجمهورية‪.‬‬

‫أما المجلس الدستوري التونسي الذي أصبحت له شخصية معنوية مستقلة منذ قانون ‪18‬‬
‫أفريل ‪ 1990‬فإنه ررغم ذلك لم يقم بانتداب اإلطار اإلداري الذي يسيره وبقي تابعا للو ازرة‬
‫األولى إلى أن صدر األمر ‪ 324‬لسنة ‪ 1991‬في ‪ 4‬مارس ‪ 1991‬والذي تضمن إحداث‬
‫مصالح بالمجلس الدستوري وأصبح للمجلس الدستوري التونسي إدارتين فرعيتين األولى‬
‫تختص بالدراسات والمتابعة والثانية تختص بالشؤون اإلدارية والمالية‪ .‬ويشرف على اإلدارة‬
‫األولى إطار سامي ينتمي إلى سلك مستشاري المصالح العمومية أما اإلدارة الثانية فيرأسها‬
‫موظف سامي تعينه الو ازرة األولى‪.1‬‬

‫ونجد األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي يتم تعيينه بواسطة مرسوم رئاسي بعد أن‬
‫يتم اقتراحه من طرف رئيس المجلس الدستوري ويبدو أن هذه الطريقة أكثر فعالية بحيث أن‬
‫رئيس المجلس الدستوري يقترح على رئيس الجمهورية اسم يحبذ ويسهل التعامل معه وهذا‬
‫الشيء الذي ينعكس إيجابا على أداء المجلس الدستوري‪.‬‬

‫كما أن النصوص القانونية المنظمة للمجلس الدستوري الفرنسي تسمح له بمناسبة‬


‫ممارسة البت في المنازعة االنتخابية أن يستعين بعدد من األشخاص للقيام بمهمة أو مهام‬
‫معينة وتنشئ لجان خاصة فمثال بمناسبة االنتخابات البرلمانية يسمح لرئيس المجلس‬
‫الدستوري بإجراء مداولة سنة قبل االنتخابات يعين من خاللها عشر (‪ )10‬نواب مقررين‬
‫حتى يقوموا بدارسة المنازعة االنتخابية البرلمانية ويختارون من بين أعضاء مجلس الدولة‬
‫ومجلس المحاسبة‪.2‬‬

‫كما يستطيع رئيس المجلس الدستوري بمناسبة االنتخابات الرئاسية واالستفتاء االستعانة‬
‫بمندوبين وهم من قضاة مجلس الدولة ومجلس المحاسبة وينتقلون إلى الميدان لمتابعة عملية‬

‫‪ - 1‬زهير المظفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.68 – 67‬‬


‫‪ - 2‬هنري روسيون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬

‫‪154‬‬
‫االنتخاب أو االستفتاء وذلك بتقديم تقرير عن سير العمليات كما يمكن لرئيس المجلس‬
‫الدستوري االستعانة في مهامه بمستشارين‪.1‬‬

‫ما يالحظ في الهيكلة البشرية للمجلس الدستوري الفرنسي أنها مرنة تسمح في كل مناسبة‬
‫باالستعانة بأشخاص أو هيئات معينة من أجل تسهيل مهمة المجلس الدستوري بحثا دائما‬
‫عن التخصص والخبرة الموجودة عند قضاة مجلس الدولة (جهة قضاة إداري)أو قضاة‬
‫مجلس المحاسبة (جهة قضاء مالي ومحاسبي) وحتى مستشاري األمر الذي نكاد نفتقده في‬
‫المجالس الدستوري المغاربية ررغم بعض المحاوالت الناتجة عن قوانين اإلصالح السياسي في‬
‫الجزائر والمغرب لكنها تبقى رغير كافية‪.‬‬

‫كما أشير إلى أنه في بعض المهام الملقاة على عاتق المجلس الدستوري ال يمكن‬
‫لمصلحة ومديرياته العادية أن تقدم فيها شيء مقبول فلذلك ال بد من خلق ألية للتعاون بين‬
‫الهيئات والمصالح الموجودة على مستوى المجلس الدستوري وتلك الموجودة على مستوى‬
‫مجلس الدولة (الجزائر) ومجلس المحاسبة (الجزائر) من أجل تقديم عمل مقبول من جميع‬
‫النواحي خاصة وأن ق اررات المجلس الدستوري حائزة على األمر المقضي فيه الشيء الذي‬
‫يجعلها رغير قابلة للمراجعة‪.‬‬

‫ثالثا – االستقالل المالي ‪:‬‬

‫للمجلس الدستوري المغربي اعتمادات من الميزانية العامة للدولة ويتم تحضير مشروع‬
‫ميزانية المجلس الدستوري سويا من طرف أمينه العام ثم تعرض على رئيس المجلس‬
‫الدستوري للموافقة عليها باعتباره آمر بالصرف الذي يمكنه أن يعين آم ار مساعدا بالصرف‬
‫أما إجراء العمليات أو المرحلة المالية لإلنفاق أو النفقة فيقوم به محاسب ملحق بالمجلس‬
‫الدستوري يعينه وزير المالية ويقوم بجميع العمليات المسندة إلى المحاسبين العموميين‬
‫بمقتضى القوانين المعمول بها‪.2‬‬

‫‪ - 1‬رشيدة العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬


‫‪ - 2‬ملكية الصروخ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.279 – 278‬‬

‫‪155‬‬
‫أما في الجزائر فإن المجلس الدستوري يتمتع باالستقالل المالي حيث يتمتع بميزانية‬
‫خاصة ويقوم مكتب الميزانية والمحاسبة على مستوى مديرية الموظفين والوسائل بالمجلس‬
‫الدستوري الجزائري بإعداد مشروع ميزانية المجلس الدستوري ثم تعرض من طرف األمين‬
‫العام على رئيس المجلس الدستوري بصفته آمر بالصرف الذي يصادق عليها ويبدأ في‬
‫العمليات المح اسبية بمعية محاسب عمومي معتمد ومنتدب من طرف و ازرة المالية لتنفيذ‬
‫الشق المحاسبي للميزانية وهذا حسب المقرر المؤرخ في ‪ 11‬يناير ‪.11993‬‬

‫وحسب التجربة العملية فيما يتعلق بإعداد وتنفيذ ميزانية المجلس الدستوري الجزائري فإن‬
‫دوره يتوقف فقط في دفع رواتب الموظفين بواسطة مصلحة الداخلية أما مرتبات الرئيس‬
‫وأعضاء المجلس الدستوري الجزائري فتصرف من رئاسة الجمهورية وقد سعى بعض رؤساء‬
‫المجلس الدستوري الجزائري للطلب من رئاسة الجمهورية إسناد هذا االختصاص إلى المجلس‬
‫الدستوري لكن دون نتيجة وذلك بغية تحقيق استقاللية األعضاء أو القضاة الدستوريون ونفس‬
‫الحال بالنسبة للتعويض عن السفريات التي تصرف من رئاسة الجمهورية وبقي دور رئيس‬
‫المجلس الدستوري الجزائري مقتص ار على طلب االعتمادات من رئاسة الجمهورية‪ ،‬دون أن‬
‫يلعب دو ار في إعداد ميزانية المجلس الدستوري ررغم أنه يملك صفة اآلمر بالصرف ودون أن‬
‫يدا فع على ميزانية مجلسه أمام البرلمان ررغم أن المرسوم الرئاسي ‪ 143/89‬نص على‬
‫إلزامية تسجيل االعتمادات الالزمة لعمل المجلس الدستوري في باب التكاليف المشتركة‬
‫بالميزانية العامة للدولة ورئيس المجلس الدستوري هو اآلمر بالصرف الذي يخضع لقواعد‬
‫المحاسبة العمومية وله حق تفويض إمضاءه لألمين العام للمجلس الدستوري أو أي موظف‬
‫مكلف بالتسيير المالي والمحاسبي حسب المادة ‪ 11‬من المرسوم ‪.2143/89‬‬

‫هل هذه الممارسة في الواقع جاءت متعمدة من رئاسة الجمهورية إلبقاء السيطرة على‬
‫المجلس الدستوري من خالل القناة المالية أم أن األمر يعود مجرد عمل تقني واداري ال‬
‫يستطيع المجلس الدستوري القيام به ولهذا أبقي على مستوى رئاسة الجمهورية‪.‬‬

‫‪ - 1‬رشيدة العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.142‬‬


‫‪ - 2‬سعيد بوشعير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬

‫‪156‬‬
‫أما في تونس فنجد المجلس الدستوري التونسي رغير متمتع باالستقالل المالي بحيث يتبع‬
‫للو ازرة األولى التي تسهر على القيام بكل عملياته المحاسبة ويعتبر إحدى دوائرها اإلدارية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬النظام القانوني للقضاة الدستوريين‬


‫يعتبر عضو المجلس الدستوري معينا كان أو منتخبا أو بقوة القانون العنصر المهم في‬
‫المجلس الدستوري وذلك من خالل صناعته ألراء وق اررات المجلس الدستوري بعد التحقيق‬
‫والمداولة والتصويت وباعتبار أن ق اررات المجلس الدستوري حائزة على حجية الشيء‬
‫المقضي فيه وال تقبل أي طعن أمام أية جهة وهي ملزمة لكل الجهات والمؤسسات داخل‬
‫الدولة فإنه ال بد على عضو المجلس الدستوري أن يخضع لنظام قانوني خاص به وكذا‬
‫ضمانات استقاللية األمر الذي يسمح لهذا العضو بأداء دوره كامال بحياد وموضوعية ون ازهة‬
‫واحترافية‪ ،‬ونعالجه من خالل المطالب اآلتية‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أحكام العضوية‬

‫يرى بعض الفقه أن استقالل القضاء الذي يعتبر شرطا أساسيا لتحقيق حيادية القاضي‬
‫ونزاهته ال يرتبط فقط بطريقة تعيين القاضي وتأثير السلطة التي عينته على أدائه وانما‬
‫يرتبط أساسا بالوضعية القانونية للقاضي "‪ "Le statut‬وما هو مهم في النظام القانوني‬
‫لعضو المجلس الدستوري ليس كيف تم تعيينه وما هي السلطة التي عينته بقدر ما هو‬
‫متعلق بحصوله على نظام قانوني "‪ "institus‬يسمح له باإلفالت والتنصل من تأثير السلطة‬

‫‪157‬‬
‫صاحبة التعيين ألن أصحاب هذا الرأي يرون أنه ال يمكن عزل السلطات الدستورية‬
‫الثالث (تنفيذية‪ ،‬تشريعية‪ ،‬قضائية) من التدخل في تعيين القضاة الدستوريون"‪.1‬‬

‫ويرى األستاذ عبد العزيز النويضي أن الشروط النظامية لعضو المجلس الدستوري تعد‬
‫أساسية وتتضاعف درجة أهميتها عندما تعجز طرق التعيين عن توفير الضمانات الكافية‬
‫الستقاللية القاضي الدستوري‪ .‬وتتعلق الشروط النظامية لعضو المجلس الدستوري بكل من‬
‫مدة العهدة التي يقضيها عضو المجلس الدستوري وما مدى قابليتها للتجديد وعدم قابلية‬
‫العضو للعزل وبأحوال التنافي مع مهمة قاضي دستوري واالستقالل المادي للقاضي‬
‫الدستوري‪.2‬‬

‫إن استقال ل أعضاء المجلس الدستوري وحيادهم أمران مهمان لكل من السلطة التنفيذية‬
‫والسلطة التشريعية باعتبار السلطة القضائية مستقلة بنص الدستور وال شأن لها بأعضاء‬
‫المجلس الدستوري وان هذا الحياد وهذه النزاهة هي التي تسمح للمجلس الدستوري بالتأكد من‬
‫مدى مطابقة نص تشريعي أو تنظيمي للدستور وبهذا تكون القاعدة القانونية في الدولة سليمة‬
‫من قاعدة الهرم إلى قمته‪ ،‬دون التأثر بميوالت وخيارات السلطتين التنفيذية والتشريعية وحتى‬
‫ال ينحرف عضو المجلس الدستوري من رقابة فنية قانونية إلى رقابة مالئمة على التشريع‬
‫وعلى الغرض من التشريع ويدخل في باب السياسة وتعالج هذه المسائل من خالل الفروع‬
‫اآلتية‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬شروط العضوية‬

‫تتمثل شروط العضوية في السن والكفاءة ‪:‬‬

‫أوال ‪ -‬السن ‪:‬‬

‫لم يشترط الدستور الجزائري في من ينتخب أو يعين في المجلس الدستوري سنا معينا‬
‫على رغرار المجلس الدستوري الفرنسي المنصوص عيه في دستور ‪ 04‬أكتوبر ‪ ،1958‬مع‬

‫‪ - 1‬النويضي عبد العزيز‪ ،‬العدالة والسياسية االنتخابات والقضاء الدستوري في المغرب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ .1997 ،‬ص ‪.144‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.145 – 144‬‬

‫‪158‬‬
‫اإلشارة إلى أن ممثلي البرلمان بغرفتيه وهما المجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة‬
‫يخضعون لشروط الترشح للبرلمان حسب قانون االنتخابات فالمترشح للمجلس الشعبي‬
‫الوطني يشترط فيه ‪ 25‬سنة والمترشح لمجلس األمة يشترط فيه ‪ 35‬سنة أما الثلث الرئاسي‬
‫ا لذي يعينه رئيس الجمهورية فال يشترط فيه سن معين‪ .1‬ونجد كل دول المغرب العربي لم‬
‫تشترط سنا معينا لمن يتولى منصب القاضي الدستوري تأسيا بالمجلس الدستوري الفرنسي‬
‫الذي لم يشترط سنا معينا في من يشغل منصب قاضي دستوري ال من خالل النص‬
‫الدستوري وال من خالل القانون العضوي المنظم للمجلس الدستوري ونستثني ليبيا التي‬
‫اشترطت من خالل قانون المحكمة العليا الصادر بتاريخ ‪ 10‬أكتوبر ‪ 1953‬في كل من‬
‫يعين مستشار بالمحكمة العليا أن ال تقل سنه عن خمسة وثالثين سنة‪.2‬‬

‫فنجد المشرع التونسي لم ينص على شرط السن ولم يعطيه أية أهمية سواء من خالل‬
‫األمر ‪ 1414‬لسنة ‪ 1987‬أو من خالل تنقيح ‪ 1‬جوان ‪ 2002‬والذي أبقى على حرية كبيرة‬
‫ل سلطة التعيين ولم يقيدها بتحديد السن و كان الهدف من عدم تحديد سن معينة هو السماح‬
‫بجمع أجيال مختلفة واالستفادة منها في مجلس واحد‪.3‬‬

‫وعندما نقول عدم تحديد السن نقصد عدم تحديد الحد األدنى والحد األقصى لكن ما‬
‫يجب مالحظته أنه ررغم أن النص الدستوري والتشريعي لم يأخذ بقاعدة تحديد سن عضو‬
‫المجلس الدستوري لكن الممارسة الفعلية للسلطات صاحبة حق التعيين ركزت ضمنيا على‬
‫سن معين بحيث سن األعضاء لم ينزل عن ‪ 40‬سنة‪.‬‬

‫أما المشرع المغربي لم يحدد سنا معينة لعضوية المجلس الدستوري ولم يشر لذلك من‬
‫خالل النصوص الدستورية والقانون المنظم للمجلس الدستوري المغربي شأنه شأن النص‬
‫الدستوري الجزائري على خالف تونس الذي جاءت فيها عبارة "بقطع النظر عن السن"‪.4‬‬

‫‪ - 1‬المواد ‪ 90‬و‪ 108‬من القانون العضوي ‪ 01 - 12‬المؤرخ ‪ 12‬يناير ‪ 2012‬المتضمن قانون االنتخابات الجزائري‪ ،‬ج‬
‫ر عدد‪ 01‬مؤرحة في ‪ 14‬يناير ‪.2012‬‬
‫‪ - 2‬جعفر ولد مرابط ولد جعفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.67‬‬
‫‪ - 3‬فريد غربال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.50 – 49‬‬
‫‪ - 4‬جعفر ولد مرابط ولد جعفر‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.68‬‬

‫‪159‬‬
‫وقد ذهب المؤسس الدستوري الموريتاني إلى اشتراط حد أدنى للسن لمن يريد عضوية‬
‫المجلس الدستوري الموريتاني‪ ،‬حيث اشترطت المادة ‪ 81‬على أن ال يقل عمر العضو في‬
‫المجلس الدستوري عن خمس وثالثين "‪ 35‬سنة" ولم يقم المؤسس الدستوري الموريتاني‬
‫بتحديد سن أقصى لعمر عضو المجلس الدستوري مع المالحظة أن ما أخذ به الدستور‬
‫الموريتاني مخالفا لما أخذت به كل الدول المغاربية وكذا فرنسا ‪.‬‬

‫أما أعضاء المحكمة الدستورية التي نصت عليها دستور المملكة المغربية لسنة ‪2011‬‬
‫في بابه الثامن فلم تتطرق إلى تحديد سن معينة ألعضاء المحكمة الدستورية ررغم اشتراطها‬
‫عدة شروط أخرى منها ما تم النص عليه في الدستور ومنها ما تم اإلحالة بشأنه على قانون‬
‫عضوي‪.1‬‬

‫أما في لبنان فلم يتم تحديد حد أدنى أو حد أقصى لسن العضو المعين أو المنتخب في‬
‫المجلس الدستوري إال أنه تم األخذ بهذا الشرط في حالة تساوي األصوات عند تعيين مجلس‬
‫النواب لنصف أعضاء المجلس الدستوري فالفوز يكون للنائب األكبر سنا وقد تم اقتراح في‬
‫مشروع تعديل القانون المنظم للمجلس الدستوري بأن ال يتجاوز سن العضو المعين أو‬
‫المنتخب في المجلس الدستوري اللبناني ‪ 72‬سنة وكان اقتراح من النائبان طبارة وبطرس‬
‫حرب وبعدما تمت دراسة المقترح من طرف اللجنة المختصة على تسوي مجلس النواب‬
‫اقترحت ‪ 74‬سنة عوضا عن ‪ 72‬سنة‪ ،‬وقد جاء في القانون الجديد المنظم للمجلس‬
‫الدستوري اللبناني بأن ال يقل سن العضو المرشح لعضوية المجلس الدستوري اللبناني عن‬
‫‪ 50‬سنة وال يزيد عن ‪ 74‬عاما‪.2‬‬

‫يبدو أن تحدي د سن معينة بحدها األدنى أو حدها األقصى لم يعتبر معيار مؤث ار في أداء‬
‫عضو المجلس ا لدستوري ألنه نجد من هو صغير في السن ويملك خبرة ألنه اشتغل بعدة‬
‫مجاالت ويجمع بين التكوين النظري والخبرة العلمية وفي المقابل نجد من هو كبير في السن‬
‫لكنه ال يملك الخبرة وانما يملك األقدمية كما أننا يمكن أن نجد من تجاوز ‪ 70‬سنة وال يزال‬

‫‪ - 1‬كريم لحرش‪ ،‬مرجع سابق ص‪.129‬‬


‫‪ - 2‬فريد غربال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.51‬‬

‫‪160‬‬
‫يملك الحيوية والررغبة في العمل واالجتهاد وفي المقابل نجد من هو في سن الثالثين لكنه ال‬
‫يملك الررغبة والحيوية فإذا السن ليست معيا ار للحكم على أداء عضو المجلس الدستوري‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬الكفاءة ‪:‬‬

‫عادة ما تشترط الدساتير شرط الكفاءة في من يترشح لعضوية المجلس الدستوري أو‬
‫المحكمة الدستورية وهذا لخصوصية هذه المؤسسة وللدور الذي تلعبه على المستوى السياسي‬
‫في الظروف العادية والظروف رغير العادية‪ ،‬لكن ما نالحظه هو أن الدستور الجزائري على‬
‫رغرار الدستوري الفرنسي المؤرخ في ‪ 04‬أكتوبر ‪ 11958‬لم ينص على توفر أية شروط في‬
‫من يترشح لعضوية المجلس الدستوري ال من حيث السن وال من حيث التكوين الجامعي أو‬
‫الخبرة المهنية‪.2‬‬

‫وحسب المادة ‪ 164‬من دستور الجزائر ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬فإنها تركز كثي ار على‬
‫ضرورة تخلي المرشح لعضوية المجلس الدستوري عن ممارسة وظيفته أو المهام التي كان‬
‫مكلف بها بمجرد تعيينه عضوا في المجلس الدستوري‪.‬‬

‫لكن عدم تقييد السلطات صاحبة حق تعيين أو انتخاب أعضاء المجلس الدستوري يعني‬
‫أنها ستختار بدون ضوابط فالواقع يؤكد أن السلطات صاحبة حق التعيين تراعي عدة‬
‫معطيات في اختيار من يمثلها في المجلس الدستوري وتعتبر هذه الشروط شروط ضمنية‬
‫يحترمها صاحب حق التعيين ‪ .‬وهناك من يرى في هذا المجال‪ «:‬أنه إذا كان من الصعوبة‬
‫بما كان الفصل في الكفاءة التقنية ألعضاء المجلس الدستوري بصفة قطعية رغير أن فحص‬
‫المهن الممارسة من طرف األعضاء قبل دخولهم المجلس تبين لنا أن األرغلبية منهم تنتمي‬
‫إلى المجال القانوني كما أن األرغلبية منهم كانت تابعة إلى مكاتب وزارية أو إلى المجلس‬
‫حزب مما يبين لنا نوع من االندماج بين‬
‫الشعبي الوطني وجميعهم ناضلوا في صفوف األ ا‬
‫السلطة السياسية وأعضاء المجلس الدستوري»‪.3‬‬

‫‪1 -D. ROUSSEAU, Droit du contentieux constitutionnel, op. cit, p. 39.‬‬


‫‪ - 2‬بوسالم رابح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ -3‬محمد كحولة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.661‬‬

‫‪161‬‬
‫يبدو أن ما وصل اليه األستاذ من نتيجة متمثلة في االندماج بين السلطة السياسية‬
‫والمجلس الدستوري كالم تنقصه الدقة ألن ما نالحظه هو تعيين على أرس المجلس‬
‫الدستوري شخصيات ال تملك تكوينا قانونيا‪ .‬وعدم االعتماد على أساتذة قانون ومحامين‬
‫وقضاة جمعوا بين التكوين النظري في الجامعة والممارسة في الميدان أما عن أعضاء‬
‫المجلس الدستوري المتعاقبين فنالحظ أنهم يمثلون برلمانات ومجالس نيابية ال تملك الشرعية‬
‫وال الصفة التمثيلية وهذا لطبيعة االنتخابات في الجزائر وللمعايير التي يصل بها المترشح‬
‫إلى المجالس النيابية وهذا ينعكس بطبيعة الحال على المجلس الدستوري كمؤسسة من حيث‬
‫ضعف االجتهاد القضائي ورغياب المبادرة والتبريرات القانونية لآلراء والق اررات‪.‬‬

‫ونجد في تونس القانون العضوي لسنة ‪ 1996‬أعاد تكرار أحكام قانون ‪ 18‬أفريل ‪1990‬‬
‫المتعلقة بالمجلس الدستوري التونسي فقد استعمل أسلوب يوحي بامتالك رئيس جمهورية‬
‫تونس امتياز في اختيار تعيين أعضاء المجلس الدستوري التونسي‪ ،‬وبهذا فهو يتمتع بالحرية‬
‫المطلقة في اختيار أعضاء المجلس الدستوري‪ .1‬لكن ما جاء به المرسوم رقم ‪764/90‬‬
‫المؤرخ في ‪ 08‬ماي ‪ 21990‬المتعلق بتسمية المجلس الدستوري طرح مشكال بنصه على‬
‫تعيين ثالثة أعلى قضاة في الدولة بأسمائهم متبوعة بوظائفهم‪.3‬‬

‫إن الممارسة العملية من طرف السلطة صاحبة التعيين في المجلس الدستوري التونسي‬
‫تبين عدم إعطاء أهمية للطبيعة السياسية لألعضاء والميول إلى أصحاب الكفاءة في المجال‬
‫القانوني‪.‬‬

‫إن التدقيق في مؤهالت ‪ 23‬عضوا الذين شغلوا عضوية المجلس الدستوري منذ ‪1987‬‬
‫إلى ‪ 1995‬تبين أن ‪ 21‬منهم يملكون تكوينا في مجال القانون واشتغلوا أو مارسوا مهاما‬
‫ذات طبيعة قضائية منهم ‪ 09‬أساتذة قانون و‪ 07‬قضاة و‪ 05‬محامون وما يالحظ هو نقص‬
‫أو رغياب العضو صاحب التكوين السياسي األمر الذي يجعل أعمال المجلس الدستوري‬
‫قضائية بحتة تفتق د للمسة السياسية ويحبذ اإلكثار من العنصر المتخصص في القانون‬

‫‪1 - N.A BERNOUSSI op cit, p. 337.‬‬


‫‪2 - J. O. R. T, 1990, N° 32 du 15 Mai 1990, p. 604.‬‬
‫‪3 -M. SAYARI op cit, P 14.‬‬

‫‪162‬‬
‫الدستوري حتى يكون هناك ثراء فكري واختالف في وجهات النظر األمر الذي يرقى بعمل‬
‫المجس الدستوري‪.1‬‬

‫ويرى األستاذ سعيد بوشعير أن هناك نقطتين ال بد من االهتمام بهما إلعطاء نجاعة‬
‫للمجلس الدستوري وهما مدة العهدة و تخصص األعضاء ‪ ،‬ففي هذه النقطة بالذات يرى‬
‫ضرورة أن يكون عضو المجلس الدستوري متخصص ملم بمختلف جوانب القانون العام‬
‫والخاص سواء تعلق بالجوانب اإلدارية أو المالية أو االقتصادية وحتى الدولية وأن يكون‬
‫متمكنا نظريا وعمليا من التحليل والتأصيل واالستدالل في القانون الدستوري وهذه المؤهالت‬
‫ال تتحقق بين عشية وضحاها وانما تتطلب ممارسة طويلة في المؤسسة حتى تؤهل العضو‬
‫للمشاركة الفعلية في تطوير فقه المجلس الدستوري‪.2‬‬

‫وفي المغرب ررغم أن المؤسس الدستوري المغربي لم ينص على شرط الكفاءة صراحة في‬
‫الدستور بالنسبة للمجلس الدستوري فقد نص على كفاءة أعضاء الغرفة الدستورية والذين ال‬
‫بد أن يتم اختيارهم من بين فقهاء القانون العام والخاص والقضاة ومن المتخصصين في‬
‫الفقه اإلسالمي‪.3‬‬

‫أما عن كفاءة قضاة المحكمة الدستورية المغربية التي تم النص عليها من خالل دستور‬
‫‪ 01‬جويلية ‪ 2011‬فتم النص على مجموعة من المعايير يتوجب توفرها في أعضاء‬
‫المحكمة الدستورية وتتركز هذه المعايير في الطابع القضائي والتكوين القانوني ويجب‬
‫اختيارهم من بين الشخصيات المتوفرة على تكوين في مجال القانون وعلى كفاءة قضائية أو‬
‫فقهية أو إدارية والذين مارسوا مهنتهم لمدة تتجاوز ‪ 15‬سنة والمشهود لهم بالتجربة والنزاهة‬
‫والحياد‪.4‬‬

‫‪1 -, Ibid, p. 17.‬‬


‫‪ - 2‬سعيد بوشعير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪ - 3‬عبد الرزاق مصلح ‪ ،‬المجالس الدستورية في دول المغرب العربي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدراسات المعمقة‬
‫في القانون العام‪ ،1992-1991 ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪ - 4‬كريم لحرش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.157‬‬

‫‪163‬‬
‫إن مسألة كفاءة أعضاء المجلس الدستوري الموريتاني لم يتطرق لها الدستور وال رغيره‬
‫من النصوص القانونية المنظمة للمجلس الدستوري ويبدو أن المؤسس الدستوري الموريتاني‬
‫ترك حرية كاملة للسلطات صاحبة حق التعيين في المجلس الدستوري من أجل اختيار من‬
‫تراه مناسبا لهذه المهمة لكن من الناحية العملية فإن تعيينات أعضاء المجلس الدستوري‬
‫الموريتاني يغلب عليه عنصر الكفاءة القانونية وررغم رغياب شروط معينة تلزم السلطات‬
‫صاحبة حق التعيين من مراعاتها إال أن هاته األخيرة تحرص على إخضاع هؤالء األعضاء‬
‫العتبارات محددة ينبغي مراعاتها‪.1‬‬

‫ما يالحظ على مدى احترام الكفاءة في تعيين أعضاء المجلس الدستوري الموريتاني فإنه‬
‫منذ تنصيبه في شهر ماي ‪ 1992‬إلى رغاية ‪ 1996‬فقد تم اختيار جميع األعضاء من بين‬
‫أصحاب الكفاءة القانونية منهم ‪ 04‬قضاة ومحاميان اثنان و وزير سابق للعدل ورئيس أسبق‬
‫للمحكمة العليا‪.2‬‬

‫ومن حيث المستوى العلمي وطبيعة المؤهالت الدراسية فقد انتمى الى المجلس الدستوري‬
‫متحصالن على شهادة الدكتوراه في القانون العام وخمسة من حملة اإلجازة في الحقوق‬
‫وشخص إداري واحد باإلضافة إلى اثنين من خريجي المدرسة العليا لما وراء البحار (فرنسا)‬
‫وبهذا فإن اعتبار الكفاءة في المجال القانوني شرط قائم لكنه رغير معلن عنه‪ .‬أما الخبرة‬
‫السياسية فظهرت بوجود ثالثة وزراء سابقين أحدهم دبلوماسي ‪.3‬‬

‫أما في فرنسا فإن السلطتين التنفيذية والتشريعية تراعي شرط الكفاءة ضمنيا حتى وان لم‬
‫يتم النص عليه قانونا حيث لوحظ أنه من بين الخمسة واألربعين عضو الذين اشتغلوا‬
‫المجلس الدستوري الفرنسي للفترة من سنة ‪ 1959‬إلى ‪ 1989‬نجد ‪ 33‬منهم قانونيون‬
‫(أساتذة‪ -‬قضاة ومحامون) والباقي ‪ 12‬من خارج التخصص القانوني وهذا يدل على أنه‬
‫على األقل القانونيون يحملون ليسانس في الحقوق‪ .4‬أما من جانب الخبرة فإن قرابة نصف‬

‫‪ - 1‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31 – 30‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪ ، ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪ - 4‬جعفر ولد مرابط ولد جعفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.67‬‬

‫‪164‬‬
‫من شغل عضوية المجلس الدستوري في هاته الفترة خالل انتداباتهم هم أعضاء سابقون في‬
‫الحكومة أو في البرلمان‪.1‬‬

‫وبمقارنة بسيطة نجد ما ذهبت إليه موريتانيا وتونس ررغم نقصه أفضل مما ذهبت إليه‬
‫الجزائر والمغرب اللتان أرغفلتا تماما الحديث أو اإلشارة إلى شرط الكفا ءة‪.‬‬

‫يبدو لو اتبع المؤسس الدستوري في دول المغرب العربي ما أخذت به بعض الدول‬
‫الغرب ية التي اشترطت الكفاءة صراحة بنص دستوري في أعضاء المحاكم الدستورية بحيث‬
‫نجد في ألمانيا يشترط في ‪ 08‬الثمانية قضاة المنتخبين على مستوى المحكمة الدستورية‬
‫األلمانية أن يكون على األقل ‪ 03‬ثالثة قضاة منهم ينتمون إلى المحكمة الفيدرالية العليا منذ‬
‫‪ 03‬ثالثة سنوات وخ مسة أعضاء من رغير القضاة لهم تكوين قانوني أو حائزين على‬
‫شهادات قانونية عليا‪ ،‬أما في إيطاليا فال يمكن تعيين قضاة بالمحكمة الدستورية إال من بين‬
‫القضاة والمحامين وأساتذة القانون‪.2‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تجديد العهدة‬

‫نص دستور الجزائر ‪ 1996/11/28‬في مادته ‪ 164‬فقرة ‪ 4‬على أن مدة عضوية رئيس‬
‫المجلس الدستوري هي ‪ 6‬سنوات رغير قابلة للتجديد أما باقي األعضاء الثمانية فنصت المادة‬
‫‪ 164‬في فقرتها الخامسة على أن مدة عضوية األعضاء ‪ 6‬سنوات رغير قابلة للتجديد مع‬
‫تجديد نصف عدد أعضاء المجلس الدستوري كل ثالثة سنوات‪.3‬‬

‫وتبرز أهمية وقيمة تحديد العهدة ألنه في حالة عدم تحديدها كان يمكن للسلطات‬
‫صاحبة التعيين أن تررغب أعضاء المجلس الدستوري بتنصيبهم في وظائف عليا بعد انتهاء‬
‫عهدتهم في المجلس الدستوري السيما السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية الذي‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه ‪.‬‬


‫‪ - 2‬زهير المظفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.53 – 52‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 164‬من دستور الجزائر المؤرخ في ‪ 28‬نوفمبر ‪.1996‬‬

‫‪165‬‬
‫يملك حق التعيين في المناصب العليا المدنية والعسكرية حسب المادة ‪ 78‬فقرة ‪ 2‬من دستور‬
‫‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬والمرسوم الرئاسي ‪.144/89‬‬

‫أما في فرنسا فمدة عضوية أعضاء المجلس الدستوري ‪ 9‬سنوات رغير قابلة للتجديد‬
‫بحيث يجدد ثلث األعضاء كل ‪ 3‬سنوات باستثناء رئيس المجلس الدستوري الذي يؤدي عهدة‬
‫كاملة مدتها ‪ 9‬سنوات ويظهر الفرق بين المجلس الدستوري الجزائري والمجلس الدستوري‬
‫الفرنسي في طريقه التجديد النصفي حيث يتم في الجزائر عن طريق القرعة أما في فرنسا‬
‫فيتم عن طريق القرعة أو يتم النص عليه في قرار التعيين األول‪.‬‬

‫ويبدأ حساب مدة العضوية من يوم تبليغ محضر المداولة إلى رئيس الجمهورية أو رئيس‬
‫المجلس الشعبي الوطني أو رئيس مجلس األمة أو رئيس المحكمة العليا أو رئيس مجلس‬
‫الدولة وهذا حسب المواد ‪ 58 ،57‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‬
‫الجزائري‪.2‬‬

‫أما المغرب فقد أحدث تطو ار في دستور ‪ 1996‬فبعدما كانت عضوية المجلس الدستوري‬
‫في دستور ‪ 1992‬ستة (‪ )6‬سنوات قابلة للتجديد‪ ،‬أصبح أعضاء المجلس الدستوري المغربي‬
‫في دستور ‪ 1996‬يعينون لمدة ‪ 9‬سنوات رغير قابلة للتجديد وهنا نالحظ مسايرة للمجلس‬
‫الدستوري الفرنسي من حيث المدة بين دستوري ‪ 1996 – 1989‬وهي ستة (‪ )6‬سنوات‬
‫رغير قابلة للتجديد فالمغرب زادت من مدة العضوية (‪ )9‬سنوات عوض (‪ )6‬سنوات وألغت‬
‫إمكانية التجديد بحثا عن تحقيق استقاللية أكبر للقاضي الدستوري‪.3‬‬

‫وفي دستور ‪ 2011‬صارت مدة عضوية أعضاء المحكمة الدستورية المغربية ‪09‬‬
‫سنوات رغير قابلة للتجديد‪.‬‬

‫‪ - 1‬المرسوم الرئاسي ‪ 44 - 89‬مؤرخ في ‪ 10‬أفريل ‪ 1989‬متعلق بالتعيين في الوظائف المدنية والعسكرية ج ر رقم ‪15‬‬
‫مؤرخة في ‪ 12‬أفريل ‪.1989‬‬
‫‪ - 2‬المواد ‪ 58 ،57‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري رقم ‪ 48‬المؤرخ في ‪ 8‬أوت ‪.2000‬‬
‫‪ - 3‬مليكة الصروخ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.268 ،267‬‬

‫‪166‬‬
‫أما في تونس ومع بروز أول مجلس دستوري سنة ‪ 1987‬باعتباره هيئة استشارية لم يكن‬
‫محدد المدة ررغم أن رئيس الجمهورية التونسية راع في تعييناته مدة طويلة نسبيا مع عدم‬
‫قابليتها للتجديد‪.1‬‬

‫أما في موريتانيا فمدة عضوية أعضاء المجلس الدستوري هي تسع سنوات رغير قابلة‬
‫للتجديد المادة ‪ 81‬من الدستور الموريتاني ‪ 1991‬ويتجدد ثلث أعضائه كل ثالث سنوات‪.‬‬

‫ومن حيث انتداب هؤالء األعضاء فإنها تكون ثالثة أعوام بالنسبة لعضوين وستة أعوام‬
‫بالنسبة لعضوين وتسعة أعوام بالنسبة لعضوين الباقيين ويعين رئيس الجمهورية عضوا من‬
‫كل مجموعة ويعين رئيس الجمعية الوطنية عضوا لمدة تسعة أعوام وعضوا لمدة ثالثة أعوام‬
‫ويعين رئيس مجلس الشيوخ عضوا لمدة ستة أعوام وهذا حسب المادة ‪ 3‬من القانون النظامي‬
‫للمجلس الدستوري الموريتاني‪.2‬‬

‫وما يالحظ في مدة عضوية أعضاء المجلس الدستوري أنه كلما طالت المدة أعطت‬
‫ضمانة أكثر للعضو ألن قصر مدة العضوية يجعل القاضي الدستوري ينتظر جزاءا من‬
‫السلطة التي عينته سواء بالتجديد له في المجلس إذا كانت العضوية قابلة للتجديد أو بتعيينه‬
‫بعد انتهاء مهامه في وظيفة يتطلع إليها وهذا يجعله يبتعد عن النزاهة والحياد إلرضاء‬
‫السلطة صاحبة التعيين أما إطالة المدة بالنسبة لعضوية المجالس والمحاكم الدستورية وعدم‬
‫قابليتها للتجديد أعتقد أنها تجعل القاضي الدستوري في حل عن السلطة التي عينته بحيث ال‬
‫ينتظر منها جزاء وال يخشى من عقابها ولهذا يكون أكثر استق ار ار باعتباره حام للشرعية‬
‫ومدافعا وحاميا للحقوق والحريات الفردية والجماعية وفاصال للمنازعات بين السلطات‬
‫الدستورية والسياسية في البالد‪.‬‬

‫نجد أن كل من المغرب وموريتانيا يتفقان مع فرنسا في تحديد مدة العضوية ‪ 9‬سنوات‬


‫رغير قابلة للتجديد ويختلفان مع الجزائر التي جعلت مدة عضوية المجلس الدستوري ‪6‬‬

‫‪ - 1‬زهير المظفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.58‬‬


‫‪ - 2‬سيدي محمد ولد سيدي أب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.39 – 38‬‬

‫‪167‬‬
‫سنوات رغير قابلة للتجديد‪ .‬كما تختلف هذه األنظمة في طريقة التجديد حيث تجعله الجزائر‬
‫خاضعا للقرعة أما فرنسا فتجعله خاضعا ألول تعيين وتتفق معها المغرب وموريتانيا‪.‬‬

‫وببدو أن العضو الذي يتم تعيينه من طرف رئيس الجمهورية أو رئيسا رغرفتي البرلمان‬
‫ويتم تحديد مدته بـ ‪ 3‬سنوات في قرار تعيينه األول يكون أقل استقاللية ونزاهة ألنه يعلم‬
‫مسبقا أنه سيتم استخالفه بعد ثالثة سنوات كما أنه يحس بأنه في مركز أقل قوة من العضو‬
‫المعين لمدة ‪ 6‬أو ‪ 9‬سنوات في نفس قرار التعيين ولهذا أعتقد أن طريقة القرعة المعتمدة في‬
‫التجديد النصفي ألعضاء المجالس الدستورية والذي تبنته الجزائر أكثر نجاحا‪.‬‬

‫يبدو من خالل الدراسة أنه ال بد أن نسلم بأن طول مدة العضوية في الهيئات الدستورية‬
‫(مجلس دستوري أو محكمة دستورية) يعتبر عامال أساسيا في استقاللية هذه الهيئة‬
‫ومصداقيتها وأكبر دليل على ذلك ما اشتهر على أعضاء المحكمة العليا األمريكية حيث‬
‫رأى فيهم األمريكيون بأنهم ال يستقلون وال يموتون إال نادرا‪ ،‬وهذا تعبي ار من األمريكيين على‬
‫طول المدة التي يقضيها أعضاء المحكمة العليا الفيدرالية وتفسي ار لهذا المعني قال األستاذ‪:‬‬
‫"إيزمان" بأنهم أي قضاة المحكمة العليا الفيدرالية «ال يخشون السلطات السياسية وال‬
‫ينتظرون منها شيئا»‪.1‬‬

‫ونظ ار لنجاح التجربة األمريكية قلدتها عدة دول أوروبية منها ألمانيا قبل ‪ 2‬ديسمبر‬
‫‪ 1970‬أين كان ثلث أعضاؤها ينتخبون لمدى الحياة‪.‬‬

‫لكن لطول المدة عيوب منها تقاعس األعضاء الدستورين عن االجتهاد وافتقاد الررغبة في‬
‫االجتهاد خاصة مع التقدم في السن األمر الذي دفع بألمانيا بعد ‪ 2‬ديسمبر ‪ 1970‬إلى‬
‫تحديد مدة عضوية المحكمة الدستورية الفيدرالية والتي تتكون من ‪ 16‬قاضيا يتوزعون على‬
‫رغرفتين كل رغرفة تضم ‪ 8‬قضاة ينتخبون لمدة ‪ 12‬سنة رغير قابلة للتجديد‪ .2‬أما إسبانيا‬

‫‪ - 1‬نور الدين أشحشاح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.209‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫فاختارت مدة ‪ 9‬سنوات رغير قابلة للتجديد‪ 1‬إيطاليا ‪ 9‬سنوات رغير قابلة للتجديد‪ .2‬والمغرب‬
‫في دستوره الجديد ‪ 09‬ألعضاء المحكمة الدستورية‪.3‬‬

‫إن مدة التسع سنوات رغير قابلة للتجديد إال في حالة العضو الذي استخلف عضو آخر‬
‫يمكن أن يج دد له شرط أن يكون العضو المستخلف الذي عوض الشخص المتوفي أو‬
‫المستقيل لم تتجاوز مدة خالفته ‪ 3‬ثالثة سنوات بالمجلس الدستوري بصفته عضوا مستخلفا‬
‫وتضاف إليها ‪ 9‬سنوات في المجلس الدستوري الجديد وبهذا يؤدي عهدة مدتها ‪ 12‬سنة في‬
‫المجلس الدستوري‪.4‬‬

‫إن طول مدة العهدة يعتبر ضمانة في وجه السلطة السياسية‪ ،‬ولضمان توازن بين تجديد‬
‫المجلس الدستوري الفرنسي واستم ارريته هناك التجديد الجزئي كل ثالثة سنوات‪ ،‬وال يسمح‬
‫بوضع أية طريقة لوضع حد لمهمة عضو المجلس الدستوري إال بالوفاة أو االستقالة أو‬
‫اإلقالة‪.5‬‬

‫أخذت الجزائر من خالل دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬بأن تكون عضوية المجلس‬


‫الدستوري ‪ 6‬سنوات رغير قابلة للتجديد وهذا حسب نص المادة ‪ 3 /164‬وتعتبر مدة قصيرة‬
‫مقارنة مع مدة عهدة المجلس الدستوري الفرنسي ‪ 9‬سنوات والمحكمة الدستورية اإلسبانية ‪9‬‬
‫سنوات والمحكمة الدستورية اإليطالية ‪ 9‬سنوات والمحكمة الفيدرالية األلمانية ‪ 12‬سنة‬
‫والمجلس الدستوري اللبناني الذي جعل عضوية المجلس الدستوري تكون لمدة ‪ 6‬سنوات‬
‫كاملة رغير قابلة للتجديد حسب المادة ‪ 4‬من قانون إنشاء المجلس الدستوري اللبناني المعدل‬
‫بالقانون رقم ‪ 150‬لسنة ‪.61994‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 159‬الفقرة الثالثة من دستور إسبانيا لعام ‪.1978‬‬


‫‪ - 2‬نور الدين أشحشاح‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.209‬‬
‫‪ - 3‬محمد أمغار ‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.1‬‬
‫‪ -4‬هنري روسيون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪ - 5‬نور الدين أشحشاح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.209‬‬
‫‪ - 6‬إلياس جوادي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.42‬‬

‫‪169‬‬
‫و ينص الدستور الجزائري ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬على أن يجدد نصف أعضاء المجلس‬
‫الدستوري كل ثالثة سنوات باستثناء رئيس المجلس الدستوري الذي يمارس والية كاملة مدتها‬
‫‪ 6‬سنوات لكن التجربة الجزائرية بالوقائع والتواريخ أثبتت أن أول رئيس مجلس دستوري‬
‫جزائري عين بمرسوم رئاسي بتاريخ ‪ 8‬مارس ‪ 1989‬وانتهت عهدته بعد مرور ستة (‪)6‬‬
‫سنوات عين رئيسا آخر بمرسوم رئاسي مؤرخ في ‪ 27‬مارس ‪ 1995‬وبعملية حسابية فكانت‬
‫مدته تنتهي يوم ‪ 27‬مارس ‪ ،2001‬إال أنه عمليا لم يستخلف برئيس ثالث إلى رغاية أفريل‬
‫‪ 2002‬وبهذا يكون الرئيس الثاني للمجلس الدستوري الجزائري قضى مدة ‪ 7‬سنوات في‬
‫رئاسة المجلس الدستوري وهنا خرق واضح للدستور حسب مفهومنا القانوني (النصي)‬
‫للدستور‪.1‬‬
‫لكن رئيس المجلس الدستوري في العهدة الثانية صرح بعد استخالفه بما يلي‪ «:‬أنا لم‬
‫أتجاوز العهدة التي كلفت طيلتها برئاسة المجلس فتعيني جاء بتاريخ ‪ 1995/3/27‬ثم جاء‬
‫تنصيب آخر بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ 1998‬عقب تعديل الدستور والذي نتج عنه تعديل تركيبة‬
‫المجلس‪...‬ومن ثم فإن عهدتي تنتهي رسميا في ‪ 2001/4/21‬بعد إتمام ست سنوات ‪...‬‬
‫فقد انسحبت قبل ‪ 19‬أبريل ‪ 2001‬حتى ال أكمل ستة سنوات كاملة وأكون بذلك مخترقا‬
‫للقوانين»‪.2‬‬
‫والمالحظ أن رئيس المجلس الدستوري قد تجاوز العهدة المبينة في الدستور إذ العبرة‬
‫بالتنصيب األول الذي كان قبل تعديل الدستور ‪ 1996‬أما التنصيب الثاني الذي جاء بعد‬
‫تعديل الدستور ‪ 1996‬ال تأثير له وأوضح ذلك على الشكل اآلتي‪:‬‬
‫إن التنصيب األول قي ‪ 27‬مارس ‪ 1995‬جاء بعد تعيين بمرسوم رئاسي وجاء التنصيب‬
‫تنفيذا له أما التنصيب الثاني فلم يكن بعد تعيين ثاني بمرسوم رئاسي ألنه رغير منطقي أن‬
‫يعين رئيس المجلس الدستوري في نفس المنصب ولنفس العهدة بمرسومين رئاسيين إال إذا‬
‫سبق المرسوم الثاني استقالة أو إقالة ثم تم قبولها ثم تم التعيين بمرسوم جديد‪.‬‬

‫‪ -1‬رشيدة العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.183‬‬


‫‪ - 2‬جريدة الشروق اليومي ليوم ‪ 15‬ماي ‪ ،2002‬العدد ‪ ،464‬ص ‪.5‬‬

‫‪170‬‬
‫وما يدعم هذا التحليل هو أن مسألة تعيين رئيس المجلس الدستوري نظمها النص‬
‫الدستوري وهذا ألهمية المنصب وال يمكن تجاوز ما نص عليه الدستور في إجراءات التعيين‬
‫ولهذا أعتبر أن التنصيب الثاني عمل إداري ال يعتد به في حساب مدة العهدة برئاسة‬
‫المجلس الدستوري‪.‬‬
‫وحتى رئيس المجلس الدستوري في إحدى تصريحاته جاء فيها ما يلي‪...«:‬وبالفعل فأنا‬
‫أبلغت الرئيس بانتهاء مهامي في التاريخ المحدد وحصل هناك تفاهم بيننا بطلب من رئيس‬
‫الجمهورية لتمديد مهامي بشكل مؤقت»‪.1‬‬

‫وربما اعتمد رئيس الجمهورية على المادة ‪ 180‬فقرة ‪ 2‬من الدستور التي تنص على‬
‫أن يمدد العمل بتشكيلة المجلس الدستوري التي نصبت قبل صدور دستور ‪ 1996‬وجعله‬
‫مفتوحا إلى رغاية تنصيب المؤسسات الممثلة فيه وهي مجلس األمة (الغرفة العليا في‬
‫البرلمان) ومجلس الدولة جهة القضاء اإلداري بعد تبني دستور الجزائر ‪ 1996‬الزدواجية‬
‫القوانين والقضاء وازدواجية البرلمان‪.2‬‬

‫واعتمادا على هذا الطرح فإن المجلس الدستوري الجزائري الذي نصب بتاريخ ‪ 27‬مارس‬
‫‪ 1995‬أعيد تنصيبه من جديد بعد دستور ‪ 1996‬وبهذا تكون المدة القانونية قد احترمت‪.‬‬

‫أما عن باقي أعضاء المجلس الدستوري فيجدد نصفهم كل ثالثة سنوات عن طريق‬
‫القرعة حسب المادة ‪ 3/164‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬وبالرجوع إلى النظام في المغرب‬
‫والذي عرف نظام الغرفة الدستورية قبل أن يعرف نظام المجلس الدستوري كما رأينا في هذه‬
‫الدراسة سابقا‪ .‬فإن مدة عضوية أعضاء الغرفة الدستورية كانت لمدة قصيرة قابلة للتجديد‬
‫وكان عدد أعضاء هذه الغرفة الدستورية قليال‪ .‬مقارنة بالمحاكم الدستورية في إسبانيا وايطاليا‬
‫وألمانيا والنمسا‪ ،‬ومصر والواليات المتحدة األمريكية‪ .‬حيث كان عدد ‪ 5‬أعضاء في دستور‬
‫‪ 1962‬وأربعة في دستور ‪ 1970‬وفي دستور ‪.31972‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 180‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪.1996‬‬
‫‪ - 3‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.38 – 37‬‬

‫‪171‬‬
‫وقد بين األمر المؤرخ في ‪ 9‬ماي ‪ 1977‬المتعلق بتنظيم الغرفة الدستورية في الفصل‬
‫رقم ‪ 11‬منه بأن مهام األعضاء المعينين تكون قابلة للتجديد فلقد اتبع النظام المغربي نظام‬
‫الفترة القصيرة المتجددة الشيء الذي يبدو أنه يتنافى مع استقاللية قاضي الغرفة الدستورية‬
‫بحيث يجعله يعمل تحت ضغط التجديد وعدم التجديد‪.1‬‬

‫ويبدو أنه كلما كانت مدة العهدة طويلة تحقق للعضو االستقاللية ررغم عدم قابليتها‬
‫للتجديد بحيث يجتهد القاضي الدستوري في مواقفه دون الخضوع لعاملي التجديد وعدم‬
‫التجديد‪.‬‬

‫إال أن األستاذ عبد العزيز النويضي يرى‪ «:‬بأن بعض األشخاص تكون شخصيتهم أميل‬
‫إما للخضوع أو االستقاللية كما يكشف عن ذلك مسار حياتهم ومواقفهم‪ ،‬بغض النظر عن‬
‫الضمانات رغير أن وجود الضمانات في مؤسسة دستورية هو خير من عدم وجودها»‪.2‬‬

‫وفي مرحلة ثانية بالمغرب وهو تبني دستوري ‪ 1992‬و‪ 1996‬لنظام المجلس الدستوري‬
‫والغاء نظام ا لغرفة الدستورية كما جاء في الدراسة سابقا‪ .‬فقد كان أعضاء المجلس الدستوري‬
‫المغربي يعينون لمدة ‪ 6‬سنوات قابلة للتجديد نفس األمر مع المجلس الدستوري الجزائري زاد‬
‫ورفع الدستور المغربي المدة إلى ‪ 9‬سنوات وذلك بعد ما نص عليه القانون التنظيمي رقم‬
‫‪ 29/93‬أصبح أعضاء المجلس الدستوري يعينون لمدة ‪ 9‬سنوات رغير قابلة للتجديد متفقة‬
‫مع العهدة التي يقضيها أعضاء المجلس الدستوري الفرنسي‪ 3‬والمالحظ أنه زادت مدة العهدة‬
‫وانعدمت إمكانية التجديد األمر الذي يؤدي حسب رأي إلى مزيد من استقاللية القاضي‬
‫الدستوري المغربي بحيث يتخلص من عملي التجديد وعدم التجديد وطول المدة كافية لتقديم‬
‫عمل مقبول‪.‬‬

‫لكن ما يجب أن نشير إليه هو أنه ال يقضي كل األعضاء مدة ‪ 9‬سنوات كاملة‬
‫فالثلث‪ 3/1‬يجدد كل ثالثة سنوات بمعنى أن ثلث األعضاء يقضي ‪ 3‬سنوات وثلث آخر‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 2‬من الظهير الشريف ‪" :194 ،124‬يعين أعضاء المجلس الدستوري لمدة ست سنوات قابلة للتجديد مرة‬
‫واحدة"؛ مليكة الصروخ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.271 – 269‬‬

‫‪172‬‬
‫يقضي ‪ 6‬سنوات وثلث أخير يقضي ‪ 9‬سنوات وهذا حسب نظام القرعة وهذا يطرح أشكال‬
‫تفاوت الدرجات داخل المجلس الدستوري ذاته فأصحاب المدة الكاملة هم فقط من يتمتع‬
‫باستقاللية‪.‬‬

‫ويتفق كذلك المجلس الدستوري المغربي مع نظيره في موريتانيا الذي تكون مدة عضويته‬
‫‪ 9‬سنوات رغير قابلة للتجديد‪ .‬ويتجدد ثلث أعضاؤه كل ‪ 3‬سنوات وهذا حسب المادة الثانية‬
‫من القانون النظامي للمجلس الدستوري الموريتاني‪.1‬‬

‫وبالعودة إلى النظام الدستوري التونسي فإنه قد أثير نقاش على مستوى مجلس النواب‬
‫التونسي حول مدة عهدة أعضاء المجلس الدستوري التونسي وذلك من طرف لجنة الشؤون‬
‫السياسية والعالقات الخارجية وفي رد لمدير الديوان الرئاسي جاء ما يلي‪ «:‬إن هذه المدة‬
‫ليست مرتبطة بمبدأ االنتخابات وال بصفة اتخاذ القرار‪ ،‬وبما أنها ليست كذلك فإن الصفة‬
‫االستشارية ال تقتضي تحديد مدة زمنية محددة لمهام أعضاء هذا المجلس»‪.2‬‬

‫وقام عمليا الرئيس التونسي في تلك المرحلة بمراعاة جانبي التجديد واالستم اررية بحيث‬
‫في التشكيلة الثانية للمجلس الدستوري التونسي حافظ ‪ 6‬أعضاء على عضويتهم كما حافظ‬
‫في التركيبة األخيرة ‪ 4‬أعضاء على عضويتهم‪.3‬‬

‫وحسب رأي األستاذ زهير المظفر فإنه‪«:‬استحسن اعتماد طريقة التعيين لمدة ‪ 9‬سنوات‬
‫رغير قابلة للتجديد مع تجديد ثلث األعضاء كل ثالثة سنوات هذا الرأي الذي يعتبر متماشيا‬
‫مع النظام الفرنسي والنظام المغربي ومخالفا للنظام الجزائري للمجالس الدستورية»‪.‬‬

‫أما بعد دسترة المجلس الدستوري التونسي من خالل المراجعة الدستورية المؤرخة في ‪6‬‬
‫نوفمبر ‪ 1995‬وتخصيص الباب التاسع من الدستور للنص على المجلس الدستوري وفي‬
‫تعديل جاء في ‪ 1997‬من خالل القانون الدستوري المؤرخ في ‪ 1997/10/27‬والذي جعل‬

‫‪ - 1‬سيدي محمد ولد سيد آب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.38‬‬


‫‪ - 2‬مداوالت مجلس النواب التونسي‪ ،‬العدد ‪ ،28‬جلسة ‪ 26‬مارس ‪ ،1990‬ص ‪.1902‬‬
‫‪ - 3‬زهير المظفر‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.58‬‬

‫‪173‬‬
‫من أراءه إلزامية كما وسعت المراجعة الدستورية المؤرخة في ‪ 1‬جوان ‪ 2002‬من دائرة‬
‫الحقوق األساسية في الدستور األمر الذي وسع من صالحيات المجلس الدستوري التونسي‪.1‬‬

‫فنجد أعضاء المجلس الدستوري التسعة يتم تعيين ‪ 6‬منهم بمن فيهم رئيس المجلس‬
‫الدستوري لمدة ‪ 3‬سنوات قابلة للتجديد مرتين أما ثالثة أعضاء الباقون فهم معينون بوظائفهم‬
‫على التوالي‪:‬‬

‫الرئيس األول لمحكمة النقض‪ ،‬الرئيس األول للمحكمة اإلدارية‪ ،‬والرئيس األول لمجلس‬
‫المحاسبة‪.2‬‬

‫فما يالحظ على المدة التي يقضيها أعضاء المجلس الدستوري التونسي خاصة ‪6‬‬
‫أعضاء المعينين فهي قصيرة جدا لم تأخذ بها باقي األنظمة على رغرار الجزائر والمغرب‬
‫وفرنسا وموريتانيا لكنها قابلة للتجديد مرتين بحيث يمكن للعضو أن يجدد له رئيس الجمهورية‬
‫مرتين فيؤدي عهدة مدتها ‪ 9‬سنوات وهي نفس المدة التي يقضيها أعضاء المجلس الدستوري‬
‫الفرنسي والمجلس الدستوري المغربي في دستور ‪.1996‬‬

‫إن قصر المدة مع قابليتها للتجديد تجعل رئيس الجمهورية يتحكم إلى حد بعيد في توجيه‬
‫هذا المجلس وهذا حسب رأي ما تعود عليه النظام السياسي التونسي في طريقة تسييره‬
‫وتحكمه في المؤسسات‪.‬‬

‫أما بعد تعديل الدستور التونسي في ‪ 01‬جوان ‪ 2002‬فقد تطرق إلى تجديد عهدة عضو‬
‫المجلس الدستوري من خالل الفصل ‪( 75‬جديد) من الدستور فنص في فقرته السادسة على‬
‫أن مدة عضوية أعضاء المجلس الدستوري المعينين من طرف رئيس الجمهورية ورئيس‬
‫المجلس النواب هي‪ «:‬ثالثة سنوات قابلة للتجديد مرتين‪ 3»...‬وأكدت ذلك المواد السادسة‬

‫‪1 M.- CHAREF EDDINE, op. cit, pp. 1 – 2.‬‬


‫‪2 - Ibid.‬‬
‫‪ - 3‬هدى بن خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬

‫‪174‬‬
‫والسابعة من القانون األساسي المتعلق بالمجلس الدستوري التونسي المؤرخ في ‪ 12‬جويلية‬
‫‪.12004‬‬

‫وال بد من اإلشارة إلى أن النظام التونسي يعتمد نوعين من مدة العضوية بالنسبة‬
‫لألعضاء المعينين من طرف رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب هي ‪ 03‬سنوات قابلة‬
‫للتجديد مرتين‪ ،‬وهناك أعضاء معينين بصفتهم الوظيفية أي الرئيس األول لمحكمة التعقيب‬
‫والرئيس األول للمحكمة اإلدارية والرئيس األول لدائرة الحسابات فمدة عضويتهم مرتبطة بمدة‬
‫بقائهم في الوظيفة فتوقف ممارسة الوظيفة أو تغييرها يؤدي إلى توقف العضوية في المجلس‬
‫الدستوري‪.2‬‬

‫مع اإلشارة إلى أن قانون المحكمة العليا في ليبيا نص في مادته (‪ )07‬على المدة‬
‫التي يقضيها رئيس المحكمة العليا وهي سنة واحدة بعدما يعينه الملك في ظل دستور ليبيا‬
‫‪ 1951‬ولم يحدد القانون مدة عضوية باقي قضاة المحكمة العليا الليبية‪.3‬‬

‫أما بالنسبة للمحكمة العليا في موريتانيا فقد أحال بشأنه الدستور الموريتاني لسنة ‪1961‬‬
‫إلى القانون والذي لم ينص ال على مدة العضوية وال على عدد األعضاء المشكلون للمحكمة‬
‫العليا شأنه شأن المحكمة العليا الليبية على خالف المحكمة العليا األمريكية التي حددت‬
‫أعضائها بـ ‪ 09‬أعضاء معينين لمدى الحياة‪.4‬‬

‫أما القانون المؤرخ في ‪ 20‬يوليو ‪ 1965‬والمتعلق بإعادة تنظيم العدالة والمتعلق أيضا‬
‫بالمحكمة العليا الموريتانية فقد نصت على العهدة التي يقضيها رئيس المحكمة العليا الذي‬
‫يعينه رئيس الجمهورية لمدة ‪ 05‬سنوات وال يمكن عزله قبل انتهاء هذه المدة أو حتى إقالته‬
‫كما حدد المدة بسنتين بالنسبة للمستشارين الثالثة القانونيين والمستشار المالي‪.5‬‬

‫‪ - 1‬الفصالن السابع والثامن من القانون األساسي عدد ‪ ،52‬لسنة ‪ 2004‬ج ر في ‪ 12‬جويلية ‪ ،2004‬يتعلق بالمجلس‬
‫الدستوري التونسي‪.‬‬
‫‪ - 2‬هدى بن خليفة‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪ - 3‬جعفر ولد المرابط ولد جعفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.72‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.73 – 72‬‬
‫‪ - 5‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.73‬‬

‫‪175‬‬
‫يبدو أن تحديد عهدة عضو المجلس الدستوري ال بد أن تتماشى مع المهام التي أوكلها‬
‫له المؤسس الدستوري ولهذا ال بد من النص عليها في متن الدستور وأن تكون ‪ 09‬سنوات‬
‫رغير قابلة للتجديد حتى ال تستطيع السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية تعديلها ومن خالل‬
‫ذلك المساس بنزاهة واستقاللية عضو المجلس الدستوري‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬عدم القابلية للعزل‬

‫ال يمكن عزل عضو المجلس الدستوري الفرنسي وانما يتوقف عن ممارسة مهامه إما‬
‫بإرادته (االستقالة) أو الوفاة أو إقالة يقررها المجلس الدستوري ذاته وفقا إجراءات محددة‪.‬‬

‫ونص النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري عن كيفيات إقالة عضو‬
‫المجلس الدستوري من خالل المواد ‪.64 ،63 ،62‬‬

‫حيث بين أنه حينما تصبح الشروط المطلوبة لممارسة مهمة أحد أعضائه رغير متوفرة‬
‫يعقد المجلس الدستوري اجتماعا بحضور كل أعضائه أو عندما يخل العضو بواجباته إخالال‬
‫خطي ار ويفصل المجلس الدستوري إثر مداولة باإلجماع في قضية العضو المعني دون‬
‫حضوره واذا سجل عليه أم ار خطي ار يطلب منه المجلس تقديم استقالته ويشعر السلطة التي‬
‫عينته في المجلس الدستوري الستخالفه حسب المادة ‪ 64‬من نفس القانون التي تبين كيفيات‬
‫استخالف العضو المتوفي أو المستقيل أو المقال من طرف المجلس الدستوري ومنه فإن‬
‫المؤسس الدستوري الجزائري لم يتكلم عن عزل عضو المجلس الدستوري وانما بين حاالت‬
‫استخالفه وحالة إ قالته من طرف أعضاء المجلس الدستوري وهذه ضمانة كبيرة تجعل عضو‬
‫المجلس الدستوري ال يخضع ألية سلطة سياسية في عزله ررغم أنه يتم تعيينه من طرف‬
‫السلطات السياسية كما رأينا سابقا‪.1‬‬

‫أما فيما يتعلق بعزل عضو المجلس الدستوري المغربي فإنه‪ ،‬حسب األستاذ عبد العزيز‬
‫النويضي‪ «:‬إن عضو المجلس الدستوري ال يمكن عزله أو إقالته من مهمته قبل نهاية واليته‬
‫ما دام متوف ار على الشروط ال يوجد في حالة تنافي مع عضويته بالمجلس الدستوري ويلتزم‬

‫‪ - 1‬المواد ‪ 64 ،63 ،62‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‪ ،‬المؤرخ في مداولة ‪ 03‬ماي ‪ ،2012‬جريدة‬
‫رسمية رقم ‪.26‬‬

‫‪176‬‬
‫باالمتناع عن كل ما ينال من استقالليته ومن كرامة المنصب الذي يستغله‪ ،‬وما دام ممتنعا‬
‫نهائيا من مزاولة مهامه وما لم يقدم عضو المجلس الدستوري استقالته بصفة اختيارية»‪.1‬‬

‫كما أن القانون التنظيمي رقم ‪ 8/98‬لعام ‪ 1998‬في فقرته الرابعة من المادة ‪ 10‬العاشرة‬
‫حدد أربع حاالت إلقالة عضو المجلس الدستوري المغربي وهي‪:‬‬

‫‪ -‬م ازولة نشاط أو قبول منصب أو نيابة انتخابية تتنافى مع عضوية المجلس‬
‫الدستوري‪.‬‬
‫‪ -‬فقدان التمتع بالحقوق السياسية والمدنية‬
‫‪ -‬حدوث عجز بدني مستديم يمنع العضو من مزاولة مهامه بصورة نهائية‪.‬‬
‫‪ -‬اإلخالل بااللتزامات العامة والخاصة المشار إليها بالمادة ‪ 07‬من القانون‬
‫التنظيمي للمجلس الدستوري‪.2‬‬

‫وعند توفر حالة من هذه الحاالت فيتم إخطار المجلس الدستوري من طرف رئيس مجلس‬
‫النواب‪ ،‬رئيس مجلس المستشارين‪ ،‬وزير العدل‪ ،‬رئيس المجلس الدستوري ويعود االختصاص‬
‫للمجلس الدستوري ليبت في هذا اإلعفاء بالعودة إلى نص المادة ‪ 16‬من القانون التنظيمي‬
‫للمجلس الدستوري فإن المجلس يستمع إلى العضو المقرر الذي يعينه رئيس المجلس‬
‫الدستوري للبت في الموضوع‪.3‬‬

‫وال تكون المداولة صحيحة إال إذا حضرها ‪ 9‬من أصل ‪ 12‬عضوا على خالف القانون‬
‫الجزائري الذي يشترط اإلجماع المادة ‪ 63‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‬
‫ويتم اتخاذ القرار النهائي بأرغلبية ثلثي أعضاء المجلس الدستوري المغربي أي ‪ 8‬أعضاء من‬
‫‪12‬عضوا األمر الذي يختلف مع النظام الجزائري الذي يشترط اإلجماع بين أعضاء المجلس‬
‫الدستوري الجزائري ويبدو أن القانون الجزائري كان أكثر ضمانة لعضو المجلس الدستوري‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬المجلس الدستوري بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫‪ - 2‬المختار هنوني‪ ،‬الرقابة على دستورية القوانين العادية بالمغرب بين النص والممارسة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬
‫العليا المعمقة‪ ،‬جامعة عين الشق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2004-2004 ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪ -3‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.77‬‬

‫‪177‬‬
‫حين اشترط اإلجماع ألن توفر حاالت اإلقالة هي مسائل ثابتة وليست مسائل خالفية حتى‬
‫تخضع لنظام التصويت باألرغلبية‪.‬‬

‫كما يشترط القانون المغربي بأن تتضمن ديباجة النص الصادر عن المجلس الدستوري‬
‫المغربي في هذا الصدد النصوص التي تستند عليها وأن تكون مسببة وموقعة من قبل‬
‫األعضاء الحاضرين في الجلسة وتصدر الق اررات باسم الملك وتنشر بالجريدة الرسمية خالل‬
‫أجل ال يزيد عن ‪ 30‬ثالثين يوما من تاريخ صدورها‪.1‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أحكام التنافي‬

‫إن السؤال الذي يطرح هو هل يكفي عدم تجديد عهدة القاضي الدستوري لضمان‬
‫استقالليته‪ ،‬أم يمكن للجمع بين منصبه ووظيفة أخرى أو مهمة انتخابية تأثير على‬
‫استقالليته‪ .‬يمكن للتأثير السياسي أن يجد طريقه بين منصب قاضي دستوري ووظيفة أخرى‬
‫أو نشاط يمارسه في نفس الوقت وبهذا ال يمكن للشخص الواحد أن يكون قاضيا وطرفا في‬
‫النزاع الشيء الذي يبرر وجود قاعدة التنافي بين عضوية المجلس الدستوري وممارسة أية‬
‫مهمة أو وظيفة أو نشاط آخر لكن تطبيقات التنافي مع بعض الوظائف والمهام والنشاطات‬
‫وتروحت بين الصرامة في المفاهيم والتطبيقات وبعض‬
‫اختلف تطبيقاتها من دولة إلى أخرى ا‬
‫المرونة‪ ،‬ونجد أكثر الدول صرامة في هذا المجال ألمانيا التي منعت قاضي المحكمة‬
‫الدستورية من ممارسة أية مهمة أو نشاط باستثناء األستاذية بالجامعة وتدريس مادة القانون‬
‫في جامعة ألمانية‪ .‬وال تسمح له بتدريس مادة أخرى وال تسمح له بالتدريس خارج ألمانيا‪ ،2‬أما‬
‫التشريع اإليطالي فجعل قاضي المحكمة الدستورية ال يمارس أية مهمة سواء كانت خاصة‬
‫أو عامة على اإلطالق‪.3‬‬

‫أما بعض الدول فتتعامل مع مبدأ التنافي ببعض من المرونة مثل فرنسا فررغم أن‬
‫دستورها ‪ 04‬أكتوبر ‪ 1958‬في مادته ‪ 57‬لم يجيز الجمع بين عضوية المجلس الدستوري‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.78 – 77‬‬


‫‪ - 2‬نورالدين أشحشاح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 7‬من القانون رقم ‪ 11/53‬المؤرخ في ‪ 11‬مارس ‪ 1953‬المتعلق بتأسيس وسير المحكمة الدستورية اإليطالية‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫وتولي الو ازرة أو عضوية البرلمان‪ 1‬بعد إحالته على القانون العضوي المنظم للمجلس‬
‫الدستوري الفرنسي أضاف هذا النظام حالة أخرى للتنافي وهي عضوية المجلس االقتصادي‬
‫واالجتماعي‪ 2‬وهو ما جعل األعضاء المنتمون إلى هذه الهيئات مستقلين إذا قبلوا بعضويتهم‬
‫في المجلس الدستوري وذلك ما لم يبدو ررغبتهم المخالفة للتعيين في المجلس الدستوري خالل‬
‫ثمانية (‪ )8‬أيام من تاريخ نشر تعيينهم‪ ،3‬أما إذا اختاروا بقائهم ضمن هيئاتهم التي يتبعونها‬
‫قبل تعيينهم في المجلس الدستوري فيعوضون ويعتبرون في حكم المستقلين‪.4‬‬

‫إن اإلشكال الذي يطرح في النظام الدستوري الفرنسي هو فيما يتعلق باألعضاء المعينين‬
‫بحكم القانون وهم رؤساء الجمهورية السابقون الذين يمارسون وظيفة أو نشاط معين وهم بقوة‬
‫القانون أعضاء في المجلس الدستوري الفرنسي فهل يلزمهم القانون باالستقالة من وظائفهم؟‬
‫بالطبع النص القانوني لم يجب على ذلك سواء بطلبهم تقديم استقاالتهم أو بتعويضهم‪.‬‬

‫وفي هذا الشأن يرى األستاذ" ‪« :"Schwartznberg‬أنه ال يمكن انتخاب رئيس‬


‫جمهورية فرنسا ألكثر من عهدتين ألنه بمجرد إنهائه للعهدة الرئاسية األولى يعتبر عضوا‬
‫بالمجلس الدستوري الفرنسي بقوة القانون األمر الذي يتنافى وانتخابه رئيس الجمهورية»‪.‬‬

‫أما األستاذ "فرنسوا لوشير" فيرى‪«:‬بأنه ال بد من حرمان العضو بحكم القانون من التواجد‬
‫بالمجلس الدستوري إذا ترشح إلى رئاسة الجمهورية»‪.‬‬

‫مع اإلشارة إلى أنه خارج هذا اإلطار فأثناء ممارسة عضو المجلس الدستوري لمهامه ال‬
‫يمكن تعيين العضو في وظيفة عمومية وال يرقى باالختيار من وظيفة كان يمارسها قبل‬
‫االلتحاق بالمجلس الدستوري إلى وظيفة أعلى منها‪ 5‬فالمفهوم من النص القانوني فإن التنافي‬
‫يكون في الترقية ويسمح بممارسة العضو في المجلس الدستوري لوظيفة عمومية‪.‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 57‬من دستور فرنسا ‪ 4‬أكتوبر ‪.1958‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 4‬من األمر ‪ 7‬نوفمبر ‪ 1958‬المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الفرنسي رقم ‪.1067 – 58‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 4‬من األمر نفسه‪.‬‬
‫‪ -4‬نورالدين أشحشاح‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫‪1 - L'ordonnance n° 58. 1067 du 7 novembre 1958 modifiée portant loi organique sur le‬‬
‫‪conseil constitutionnel (Français).‬‬

‫‪179‬‬
‫إن التنافي يكون إذا عين عضو المجلس الدستوري في وظيفة وهو يمارس عضويته‬
‫بالمجلس الدستوري أما إذا كان يمارس الوظيفة قبل تعيينه في المجلس الدستوري فيمكنه أن‬
‫يستمر فيها‪.‬‬
‫وبعد ما رأينا نظامين أحدهما متشدد في تطبيق مبدأ التنافي مع عضوية المجلس‬
‫الدستوري أو المحكمة الدستورية وأي مهمة أو نشاط عام أو خاص (ألمانيا) ونظام آخر‬
‫أبدى نوع من الليونة في تطبيق مبدأ التنافي لضمان استقاللية القاضي الدستوري (فرنسا)‬
‫فسنبين في الفروع اآلتية كيف نظم كل من المشرع وتعامل مع مبدأ التنافي في كل من‬
‫الجزائر المغرب وتونس وموريتانيا من خالل الفروع األربعة اآلتية‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬حاالت التنافي وتطبيقاتها على أعضاء المجلس الدستوري الجزائري‬
‫نقصد بالتنافي عدم إمكانية الجمع بين عضوية المجلس الدستوري وممارسة أية عهدة‬
‫انتخابية أخرى أو مهمة في القطاع العام أو الخاص أو أية وظيفة عامة وعلى العضو‬
‫المعين في المجلس الدستوري التوقف عن ممارسة أي عضوية في هيئة أخرى أو وظيفة أو‬
‫تكليف بمهمة والهدف من هذا المنع هو النأي بهذه المهمة (مهمة القضاء الدستوري) من كل‬
‫ما قد يتسرب إليها من تأثير بسبب االنتماء إلى المهام والوظائف األخرى‪.‬‬

‫إن عضو المجلس الدستوري الذي يراقب مدى تطابق مشروع القانون مع الدستور ال‬
‫يعقل أن يكون في نفس الوقت نائبا في البرلمان وسبق له وأن ساهم في سن هذا القانون‪.‬‬

‫حسب المادة ‪ 164‬من دستور الجزائر ‪ 1996‬فإن صفة عضو المجلس الدستوري‬
‫تتنافى مع ممارسة أي نشاط آخر‪.1‬‬

‫ويظهر من أهم أوجه مبدأ عدم الجمع بين عضوية المجلس الدستوري الجزائري ومهام‬
‫ووظائف أخرى تلك التي تهدف إلى التفرغ التام للمهمة على مستوى المجلس الدستوري فإن‬
‫الجمع بين عضوية المجلس الدستوري والوظيفة التشريعية أو التنفيذية أو القضائية فيها‬
‫مساس بمبدأ الفصل بين السلطات‪.2‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 164‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪... ":1996‬بمجرد انتخاب أعضاء المجلس الدستوري أو تعيينهم يتوقفون عن‬
‫ممارسة أي عضوية أو أي وظيفة أو تكليف أو مهمة أخرى‪."...‬‬
‫‪2 - D.ROUSSEAU, La justice constitutionnelle, en Europe, op.cit, p. 63.‬‬

‫‪180‬‬
‫وفي احترام هذا المبدأ تحرر من تأثير البرلمان وتأثير الحزب وتأثير الحكومة وحسب‬
‫األستاذ‪ [ " D. ROUSSEAU" :‬كل المحاكم الدستورية تسن قوانين وقواعد أساسية تهدف‬
‫إلى استقالل ونزاهة وظائف القاضي الدستوري]‪.1‬‬

‫كما أنه من أوجه حماية استقالل القاضي هو عدم انخراطه في حزب سياسي فإن‬
‫‪2‬‬
‫قانون األحزاب السياسية يمنع عضو المجلس الدستوري من االنضمام إلى حزب سياسي‬
‫واذا كان العضو مناضال في حزب سياسي قبل انتخابه أو تعيينه في المجلس الدستوري‬
‫فعليه تجميد هذه العضوية إلى رغاية نهاية عهدته على مستوى المجلس الدستوري الجزائري‬
‫وفي هذا الصدد نصت المادة ‪ 60‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‬
‫الجزائري على أنه يتعين على أعضاء المجلس الدستوري‪ ،‬فور انتخابهم أو تعيينهم قطع أية‬
‫صلة مع أي حزب سياسي طيلة عهدتهم طبقا للمادة ‪ 10‬من القانون العضوي المتعلق‬
‫باألحزاب السياسية‪.3‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تطبيق التنافي على أعضاء المجلس الدستوري المغربي‬

‫رأينا في الدراسة سابقا أن المغرب قبل أن يعرف نظام المجلس الدستوري قد عرف‬
‫نظام الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى للقضاء وذلك من خالل دساتير ‪،1970 ،1962‬‬
‫‪ 1972‬ولهذا نبين مبدأ التنافي وتطبيقاته على أعضاء الغرفة الدستورية في نقطة أولى ثم‬
‫تطبيق مبدأ التنافي على أعضاء المجلس الدستوري المغربي الذي ظهر في دستور ‪1992‬‬
‫ودعم في الدستور المغربي ‪.1996‬‬

‫أوال ‪ -‬أعضاء الغرفة الدستورية ‪:‬‬

‫حسب الظهير الشريف المؤرخ في ‪ 9‬مايو ‪ 1991‬فإن صفة قاضي بالغرفة الدستورية‬
‫بالمجلس األعلى المغربي تتنافى وتتعارض مع كل نشاط من شأنه أن يمس بمصداقيتها‬
‫وبكرامة قاضي الغرفة الدستورية كما تتعارض مهمة قاضي بالغرفة الدستورية مع الو ازرة أو‬

‫‪1 - Ibid, p. 59 .‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 10‬من القانون العضوي رقم ‪ 04 – 12‬المتعلق باألحزاب السياسية‪.‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 60‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‪ ،‬مداولة مؤرخة في ‪ 03‬مايو ‪ ،2012‬ج ر عدد ‪.26‬‬

‫‪181‬‬
‫النيابة في البرلمان حسب المادة ‪ 4‬من الظهير الملكي المؤرخ في ‪ 9‬مايو ‪ ،1977‬وتتنافى‬
‫مهمة قاضي بالغرفة الدستورية مع قيادة حزب سياسيا (الفصل ‪ )3‬ورئاسة إدارة عمومية‬
‫الفصل‪ 3‬من الظهير الملكي‪.1‬‬

‫لقد تأثر المشرع المغربي إلى حد كبير بالنموذج الفرنسي في إق ارراه لمبدأ التنافي بين‬
‫مهام قاضي دستوري ونشاطات أخرى فقد أحال الدستور المغربي من خالل الفقرة الثانية من‬
‫المادة ‪ 80‬على القانون التنظيمي لتحدي د الوظائف التي ال يمكن الجمع بينها وبين عضوية‬
‫المج لس الدستوري والمهام الحكومية والمهام النيابية وهذا المنع كان ساريا على الغرفة‬
‫الدستورية في دساتير (‪ )1972 ،1970 ،1962‬وبقي مستم ار في عهد المجلس الدستوري‬
‫دستوري (‪.2)1996 ،1992‬‬

‫أما فيما يتعلق بالعضوية في المجلس األعلى لإلنعاش والتخطيط فصارت ال تنافي‬
‫والغرفة الدستورية ابتداء من القانونين التنظيمي الصادر على التوالي سنة ‪ 1970‬و‪1977‬‬
‫أما بعد اعتماد دستور ‪ 1992‬للمجلس الدستوري فصارت عضوية المجلس الدستوري تتنافى‬
‫مع مؤسسة المجلس االقتصادي واالجتماعي‪.3‬‬

‫ثانيا – المجلس الدستوري المغربي ‪:‬‬

‫كما ال يجيز المشرع المغربي الجمع بين عضوية المجلس الدستوري وبين ممارسة وظيفة‬
‫أو أي مهمة انتخابية أو الحصول على منصب مهما كان في شركة يكون أكثر من نصف‬
‫رأس مالها مملوكا لشخص اعتباري أو أكثر من أشخاص القانون العام ويسري هذا المنع‬
‫حتى على موظفي المجلس الدستوري حسب المادة الرابعة من القانون التنظيمي ‪ 29/93‬في‬
‫فقرتها ‪ 2‬و ‪ 3‬وكذا المادة الخامسة في فقرتها الثانية‪.4‬‬

‫‪1 - R.BEN ACHOUR et A .LACHAAL, op cit, p. 644 – 645.‬‬


‫‪ - 2‬نور الدين أشحشاح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.212‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 8/4‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 29/97‬المتعلقة بتنظيم المجلس الدستوري المغربي‪ ":‬ال يجمع بين عضوية‬
‫المجلس الدستوري وعضوية الحكومة أو مجلس النواب أو المجلس االقتصادي واالجتماعي‪."...‬‬
‫‪ - 4‬المادة ‪ 4‬الفقرتين ‪ 2‬و‪ 3‬من القانون التنظيمي ‪.... " 29/93‬وال يجوز كذلك الجمع بينها وبين ممارسة أي وظيفة‬
‫عامة أخرى أو مهمة عامة انتخابية أو شغل أي منصب مهما كان مقابل آخر في شركات يكون أكثر من نصف رأس‬
‫مالها مملوكا لشخص اعتباري أو أكثر من أشخاص القانون العام"‪.‬‬

‫‪182‬‬
‫لقد ذكر المشرع المغربي الوظائف التي تتنافى مع عضوية المجلس الدستوري على‬
‫سبيل الحصر حيث جعل لها معايير وبمفهوم المخالفة تبين أن ممارسة أية وظيفة في‬
‫القطاع الخاص والقطاعات التي ال يملك األشخاص العامة االعتبارية فيها أكثر من نصف‬
‫رأس مالها مسموح به‪.1‬‬

‫كما نشير إلى أن المشرع المغربي جعل عضوية المجلس الدستوري تتنافى مع قيادة‬
‫حزب سياسي أو نقابة أو شغل منصب قيادي فيها أو أية هيئة ذات طابع سياسي مهما‬
‫كانت طبيعتها أو شكلها وهذا حسب المادة ‪ 07‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 29/93‬المحدد‬
‫لقواعد عمل المجلس الدستوري المغربي‪ 2‬ونفس المنع نجدها في فرنسا واسبانيا‪.‬‬

‫في أول مقارنة بين المشرع المغربي والمشرع الجزائري في نقطة تناول مبدأ التنافي مع‬
‫عضوية المجلس الدستوري نجد المشرع الجزائري نظمها عن طريق النص الدستوري (المادة‬
‫‪ )2/164‬أما المشرع المغربي فقد أحال مسألة تنظيم التنافي التنظيمي رقم (‪ )29/93‬ولهذه‬
‫المسألة داللة حيث أن تنظيم المسالة بنص دستوري هو أكثر ضمانة واستقرار من تنظيمها‬
‫بنص قانوني‪.‬‬

‫وفي مقارنة ثانية يظهر التشابه بينهما في أن كل من مبدأ التنافي في النظام الجزائري‬
‫والنظام المغربي جاء عن طريق النظام الداخلي المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري وأبعد‬
‫السلطتين التشريعية والتنفيذية من التدخل في تنظيم مبدأ التنافي ال عن طريق قانون وال عن‬
‫طريق التنظيم وهذه في ذاتها تعتبر ضمانة ألعضاء المجلس الدستوري في الجزائر والمغرب‬
‫بحيث منحه حق سن نظامه الداخلي والتصويت عليه يبعد عنه تدخل السلطتين التنفيذية‬
‫والتشريعية التي يمكنها التأثير على القاضي الدستوري من خالل السماح له بممارسة بعض‬
‫الوظائف العامة سواء كانت تابعة للجهاز التنفيذي أو الجهاز التشريعي‪.‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 2/5‬من القانون التنظيمي ‪ 29/93‬جاء فيها‪ ...":‬ويلحق بالمجلس الدستوري الموظفون والمستخدمون‬
‫العموميون المعنيون أعضاء فيه لمدة عضويتهم به أركان نظامه األساسي يسمح بذلك‪ ،‬وينادون بحكم القانون إلى فاده‬
‫األصلي المدة المذكورة‪.‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ ....": 7‬شغل منصب مسؤول أو قيادي في حزب سياسي أو نقابة أو أية هيئة ذات طابع سياسي أو نقابي‬
‫كيفما كانت طبيعتها أو شكلها أو ممارسة نشاط فهما يتنافى مع أحكام الفقرة األولى أعاله بصورة عامة‪."..‬‬

‫‪183‬‬
‫ثالثا ‪ -‬التنافي وعضوية المحكمة الدستورية ‪:‬‬

‫لقد بينت المادة ‪ 131‬من دستور المملكة المغربية ‪ 01‬جويلية ‪ 2011‬بأن مسألة تنافي‬
‫عضوية المحكمة الدستورية مع مجموعة من الوظائف والمهام يتم تبيانها عن طريق قانون‬
‫عضوي وباألخص ما يتعلق منها بالمهن الحرة‪. 1‬‬

‫وبما أن القانون التنظيمي لم يصدر إلى حد كتابة هذه الرسالة فإنه تبقى تنافي عضوية‬
‫المحكمة الدستورية المغربية وبعض المهن رغير محددة‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬تطبيقات مبدأ التنافي على أعضاء المجلس الدستوري التونسي‬

‫نميز في تونس دائما بين مرحلتين‪ ،‬المرحلة األولى تمتد من إنشاء المجلس الدستوري‬
‫بتاريخ ‪ 16‬ديسمبر ‪ 1987‬إلى رغاية التعديل الدستوري المؤرخ في ‪ 6‬نوفمبر ‪ 1995‬أين تم‬
‫النص على المجلس الدستوري في باب خاص به في الدستور‪ ،‬أما المرحلة الثانية فتمتد منذ‬
‫النص على المجلس الدستوري في تعديل ‪ 6‬نوفمبر ‪ 1995‬إلى تاريخ إتمام هذه الدراسة‬
‫ولهذا نتطرق إلى كيفية معالجة المشرع التونسي لمبدأ التنافي مع عضوية المجلس الدستوري‬
‫في مرحلتين‪:‬‬

‫أوال ‪ -‬مرحلة ما قبل التعديل الدستوري ‪ 6‬ديسمبر ‪: 1995‬‬

‫لم ينص ولم يبين األمر ‪ 16‬ديسمبر ‪ 1987‬المنشئ للمجلس الدستوري التونسي حاالت‬
‫التنافي بين عضوية مجلس النواب وعضوية المجلس الدستوري لكنه عمليا قدم السيد عبد‬
‫العزيز بن ضياء الذي كان عضو المجلس النواب في تاريخ تعيينه على رأس المجلس‬
‫الدستوري استقالة إلى رئيس مجلس النواب في جلسة علنية عقدت بتاريخ ‪ 17‬ديسمبر‬
‫‪ 1987‬أي بعد مرور يوم كامل على تعيينه على رأس المجلس الدستوري للجمهورية‬
‫التونسية وكان تبرير استقالته من مجلس النواب معتمدا على أن مسؤولياته الجديدة تتنافى‬
‫مع صفته السياسية‪.2‬‬

‫‪ - 1‬كريم لحرش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.158‬‬


‫‪ - 2‬زهير المظفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.60 – 59‬‬

‫‪184‬‬
‫وقد أثارت هذه االستقالة جدال قانونيا بين النواب داخل مجلس النواب التونسي حيث‬
‫اعتبر البعض أن مجلة االنتخابات (قانون االنتخابات) في تونس ال يمنع الجمع بين النيابة‬
‫وعضوية المجلس الدستوري إال أن األستاذ بن ضياء رأى في هذا الجمع مساس بروح‬
‫الدستور الذي ينص على مبدأ الفصل بين السلطات وفي األخير قبل رئيس مجلس النواب‬
‫استقالة السيد بن ضياء‪.‬‬

‫وهذا الموقف دفع المشرع التونسي إلى تعديل المجلة االنتخابية (قانون االنتخابات) في‬
‫‪ 29‬ديسمبر ‪ 1988‬والذي نص على عدم إمكانية الترشح لعضوية مجلس النواب بالنسبة‬
‫لرئيس وأعضاء المجلس الدستوري حسب الفصل ‪ 77‬منه عمال بأحكام الفصلين ‪ 17‬و‪78‬‬
‫من المجلة االنتخابية التونسية وقدم كل من السادة الباجي قايد السبسي – وعبد الرؤوف‬
‫بكر استقالتهما م ن المجلس الدستوري حتى يتمكنا من الترشح لالنتخابات التشريعية المسبقة‬
‫والتي جرت بتاريخ ‪ 2‬أفريل ‪ 1989‬وقد قبلت االستقالة بمقتضى األمر رقم ‪1989/359‬‬
‫المؤرخ في ‪ 8‬مارس ‪.11989‬‬

‫وما أكد هذا االتجاه هو إعالن رئيس مجلس النواب التونسي في جلسة ‪ 30‬أكتوبر‬
‫‪ 1990‬عن حصول شغور بمجلس النواب تبعا لتعيين صالح الدين بالي رئيسا للمجلس‬
‫الدستوري‪ ،‬ولهذا اإلعالن داللة على أن من عين في منصب عضوية المجلس الدستوري‬
‫يعد مستقيال تلقائيا من مجلس النواب‪.2‬‬

‫مع اإلشارة إلى أن تعديل قانون االنتخابات التونسي في ‪ 29‬ديسمبر ‪ 1988‬نصت على‬
‫عدم إمكانية أعضاء المجلس الدستوري للترشح لالنتخابات التشريعية‪.3‬‬

‫ويظهر هذا التنافي بين عضوية المجلس الدستوري التونسي وصفة نائب في البرلمان‬
‫من حيث عدم استصارغة أن يكون النائب في البرلمان الذي صوت واقترح القانون وساهم في‬
‫صناعته هو نفس الشخص الذي يراقب مدى مطابقة هذا القانون (مشروع القانون) مع‬
‫الدستور هذا من جهة‪.‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.61 – 60‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.61‬‬
‫‪ - 3‬الفصل ‪ 17‬من قانون ‪ 24‬ديسمبر ‪" :1988‬ال يمكن لألشخاص اآلتية ذكرهم الترشح لعضوية مجلس النواب إال بعد‬
‫تقديم استقالتهم من المهام المكلفين بها وهم‪ :‬رئيس وأعضاء المجلس الدستوري"‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫ومن جهة أخرى نجد رئيس المجلس الدستوري التونسي في نفس الوقت هو رئيس لجنة‬
‫الطعون في االنتخابات التشريعية واإلعالن النهائي على النتائج حسب الفصل ‪ 106‬مكرر‬
‫من المجلة االنتخابية التونسية األمر الذي يتطلب الحيادية في شخص رئيس المجلس‬
‫الدستوري‪.1‬‬

‫ثانيا ‪ -‬مرحلة ما بعد التعديل الدستوري ‪ 6‬ديسمبر ‪: 1995‬‬

‫تم النص على المجلس الدستوري التونسي من خالل تعديل ‪ 6‬ديسمبر ‪ 1995‬وارتقى‬
‫إلى مؤسسة دستورية خصص لها الباب التاسع من الدستور وقد نصت الفقرة السادسة من‬
‫المادة ‪ 75‬منه بما يفيد أن أعضاء المجلس الدستوري الستة (‪ )6‬ال يمكنهم ممارسة وظائف‬
‫حكومية أو برلمانية وال مهام قيادات سياسية أو نقابية أو ممارسة أي نشاطات من شأنها‬
‫المساس بحيادهم أو استقالليتهم‪ ،‬كما أضاف القانون العضوي المنظم للمجلس الدستوري‬
‫التونسي الصادر بتاريخ ‪ 12‬جويلية ‪ 2004‬حاالت أخرى للتنافي مع عضوية المجلس‬
‫الدستوري‪.2‬‬

‫وبعد تعديل الدستور التونسي ‪ 01‬جوان ‪ 2002‬لم يستدرك هذا النص المتعلق بتحديد‬
‫حاالت التنافي مع عضوية المجلس الدستوري وانما جاء في المادة ‪ 75‬من هذا الدستور بعد‬
‫التعديل مايلي‪« :‬ال يمكن ألعضاء المجلس الدستوري ممارسة مهام حكومية أو نيابية‪ ،‬كما‬
‫ال يمكن لهم االضطالع بمهام قيادية حزبية أو نقابية أو بأنشطة من شأنها المساس بحيادهم‬
‫أو باستقالليتهم ويضبط القانون عند االقتضاء حاالت عدم الجمع األخرى»‪.3‬‬

‫ثالثا ‪ -‬المهام المنافية لعضوية المحكمة الدستورية التونسية ‪:‬‬

‫حسب الفصل ‪ 119‬من الدستور التونسي الجديد ‪ 2013‬فإنه يمنع الجمع بين عضوية‬
‫المحكمة الدستورية ومباشرة أي وظائف أو مهام أخرى‪ ،‬وهذه المادة جاءت مطلقة في منع‬
‫كل الوظائف والمهام على عضو المحكمة الدستورية التونسية في الوقت الذي نجد الفصل‬
‫‪ 124‬من نفس الدستور يحيل على القانون لضبط المسائل المتعلقة بتنظيم المحكمة‬

‫‪ - 1‬زهير المظفر‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.62 – 61‬‬


‫‪ - 2‬هدى بن خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪ - 3‬الفصل ‪ 75‬من الدستور التونسي المعدل في ‪ 01‬جوان ‪.2002‬‬

‫‪186‬‬
‫واإلجراءات المتبعة أمامها والضمانات التي يتمتع بها أعضاؤها‪ ،‬في حين مسألة التنافي‬
‫عالجها بمادة دستورية منفصلة‪.1‬‬

‫وهنا يختلف المؤسس الدستوري التونسي عن المؤسس الدستوري الجزائري فاألول منع‬
‫الجمع بين عضوية المجلس الدستوري التونسي وممارسة مهام قيادية في الحزب أما الثاني‬
‫يمنع أي اتصال مع األحزاب وألزم عضو المجلس الدستوري الجزائري بتجميد عالقته بحزبه‬
‫بمجرد انتخابه أو تعيينه في المجلس الدستوري‪.‬‬

‫كما أحالت المادة ‪ 75‬من الدستور التونسي المعدل في ‪ 01‬جوان ‪ 2002‬على القانون‬
‫األساسي المنظم للمجلس الدستوري لتحديد حاالت أخرى تتنافى مع العضوية في المجلس‬
‫الدستوري وبالفعل بينت المادة ‪ 10‬من قانون ‪ 12‬جويلية ‪ ،2004‬فنصت على عدم إمكانية‬
‫ممارسة عضو المجلس الدستوري التونسي مهام حكومية أو العضوية بالمجلس النواب أو‬
‫مجلس المستشارين أو المجلس االقتصادي واالجتماعي وعدم تحمل نيابة انتخابية عامة‬
‫جهوية أو محلية وعدم االضطالع بمهام قيادية حزبية أو نقابية أو مهنية مهما كانت‬
‫درجتها‪.‬‬

‫كما أنه ال يمكن لألعضاء المعينين مباشرة وظيفة عمومية أو أن يشغلوا وظيفة مقابل‬
‫أجر في مؤسسة عامة أو منشأة عمومية‪.2‬‬

‫أما الفقرة الثانية من المادة العاشرة فإنها سمحت لعضو المجلس الدستوري التونسي‬
‫بممارسة مهام مثل الموظفين واألعوان العموميون التي ال تمس بالعضوية بالمجلس‬
‫الدستوري كما أن المادة ‪ 11‬من نفس القانون سمحت لعضو المجلس الدستوري التدريس في‬
‫الجامعة والمشاركة في النشاطات ذات الطابع العلمي بشرط إعالم رئيس المجلس الدستوري‬
‫التونسي بذلك‪.3‬‬

‫‪ - 1‬المواد ‪ 119‬و‪ 124‬من دستور تونس لعام ‪.2014‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 10‬من قانون ‪ 12‬جويلية ‪ 2004‬متعلق بقواعد عمل المجلس الدستوري التونسي‪.‬‬
‫‪ - 3‬هدى بن خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬

‫‪187‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬تطبيقات مبدأ تنافي على أعضاء المجلس الدستوري الموريتاني‬

‫تتعارض عضوية المجلس الدستوري الموريتاني مع العضوية في الحكومة والعضوية في‬


‫البرلمان حسب المادة ‪ 82‬من دستور موريتانيا‪ ،1‬كما تتعارض عضوية المجلس الدستوري‬
‫مع العضوية في المجلس االقتصادي واالجتماعي‪ ،2‬وهذا التعارض ال يمنع عضو المجلس‬
‫الدستوري من قبول العضوية في الحكومة أو الترشح لالنتخابات البرلمانية أو القبول‬
‫بالعضوية في المجلس االقتصادي واالجتماعي وانما القانون يلزمه بأن يختار بين عضوية‬
‫المجلس الدستوري ومهمة أخرى تتعارض معه وقد جاء في نص المادة ‪ 03‬من النظام‬
‫المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الموريتاني ما يفيد أن أعضاء الحكومة أو البرلمان أو‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي المعينون في المجلس الدستوري يعتبرون قد اختاروا هذه‬
‫الوظائف األخيرة إذ لم يعبروا عن ررغبة مخالفة خالل األيام الثمانية التي تلي تعيينهم‪.3‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 04‬من المرسوم المتعلق بالتزامات أعضاء المجلس الدستوري ما يفيد‬
‫أن على كل عضو في المجلس الدستوري الموريتاني يريد الترشح النتداب انتخابي أن يطلب‬
‫إجازة ألرغراض الحملة االنتخابية‪ 4‬وقد استمد المشرع الموريتاني هذا األمر من القرار الشهير‬
‫الصادر عن المجلس الدستوري الفرنسي المؤرخ في ‪ 07‬نوفمبر ‪ 1983‬والحامل لرقم‬
‫‪ 83/993‬والذي أكد من خالله أن النصوص ال تقتضي عدم قابلية القاضي الدستوري ألن‬
‫ينتخب النتداب برلمان أو أي منصب انتخابي آخر‪.5‬‬

‫باإلضافة إلى هذه التعارضات مع العضوية في المجلس الدستوري الموريتاني فإن عضو‬
‫المجلس الدستوري أثناء تأدية مهمته ال يمكن تعيينه في وظيفة عمومية أو أن تتم ترقيته‬
‫باألفضلية‪.6‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 82‬من دستور موريتانيا‪.‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 04‬من القانون النظامي المتعلق بالمجلس الدستوري الموريتاني‪.‬‬
‫‪ - 3‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪ - 4‬المادة ‪ 04‬من المرسوم ‪ 92/43‬المؤرخ في ‪ 22‬أوت ‪.1992‬‬
‫‪5 -D.ROUSSEAU, La justice constitutionnelle, op.cit., p. 63.‬‬
‫‪ - 6‬المادة ‪ 05‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الموريتاني‪.‬‬

‫‪188‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬امتيازات والتزامات القاضي الدستوري‬

‫تتمثل امتيازات القاضي الدستوري في مدى تمتعه بالحصانة والنظام التعويضي الذي‬
‫يتقاضاه والتزامه بالسرية واستقاللية نظامه التأديبي وهذا ما نبينه في الفروع اآلتية‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬االمتيازات‬

‫أوال ‪ -‬الحصانة ‪:‬‬

‫يتمتع القاضي الدستوري في المحكمة الدستورية اإلسبانية بحصانة وذلك بنص صريح‬
‫جاءت به المادة الثانية والعشرين من القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية اإلسبانية بحيث‬
‫جعلت قضاة المحكمة ال يمكن متابعتهم نظ ار ألرائهم التي يعبرون عليها بمناسبة وأثناء‬
‫مزاولة وظائفهم‪ 1‬ونفس األمر بالنسبة لقضاة المحكمة الدستورية اإليطالية أما بالنسبة لقضاة‬
‫المحكمة الدستورية األلمانية فجعلت رئيس الدولة قبل إحالة القاضي الدستوري على التقاعد‬
‫المسبق أو طرده في حال ما إذا قام بتقصير خطير في أعماله إلى أمر من الجمعية العامة‬
‫للمحكمة ذاتها‪.2‬‬

‫وهذا يعتبر في حد ذاته ضمانة لحماية القاضي الدستوري في ألمانيا أين ال يمكن طرده‬
‫أو إحالته على التقاعد حتى ولو ارتكب تقصي ار خطي ار إال بعد أمر بالموافقة الصريحة من‬
‫الجمعية العامة للمحكمة الدستورية التي يعتبر هذا القاضي عضوا فيها‪.‬‬

‫أما النظام الفرنسي فلم يتطرق بصراحة إلى مدى تمتع عضو المجلس الدستوري‬
‫بالحصانة أثناء التعبير عن آراءه بمناسبة ممارسة وظائفه الشيء الذي يوحي بأن حرية‬
‫عضو المجلس الدستوري الفرنسي أثناء ممارسة وظيفة مطلقة لكن تمارس في إطار الدستور‬
‫وهذا المفهوم يستنتج بمفهوم المخالفة لدراسة المادة السابعة من القانون العضوي المنظم‬
‫للمجلس الدستوري الفرنسي والتي جاء في فقرتها الثانية ما يوحي بأن على عضو المجلس‬
‫الدستوري الفرنسي أن ال يتخذ أي موقف علني أو اإلدالء بأي فتوى في القضايا‪ ،‬التي سبق‬
‫للمجلس الدستوري أن قضى فيها أو يحتمل أن يصدر منه قرار بشأنها‪.3‬‬

‫‪ - 1‬نور الدين أشحشاح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.214‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫وما يالحظ على هذه الموانع المتعددة تقييد لعضو المجلس الدستوري الفرنسي وعدم‬
‫تمكينه من حصانة تجعله أكثر حرية وما يدعم هذا التقييد ما جاء في المادة الثانية من‬
‫األمر الصادر في ‪ 13‬نوفمبر ‪ 1959‬والمتعلق بأعضاء المجلس الدستوري الفرنسي والذي‬
‫سار في نفس المنوال السابق‪.1‬‬

‫أما المادة الثالثة في فقرتها الثانية من أمر ‪ 7‬نوفمبر ‪ 1958‬جعلت عضو المجلس‬
‫الدستوري ملزم بكتم سر المداوالت والتصويت‪.‬‬

‫أما بالنسبة لعضو المجلس الدستوري الجزائري فهو ملزم قانونا لعدم إبداء رأيا علنيا أو‬
‫استشارة أو حوار صحفي في المواضيع التي تعد من اختصاصه أو تلك المطروحة عليه‬
‫(المجلس الدستوري للدراسة)‪.2‬‬

‫وقد جاء في نص المادة ‪ 59‬من المداولة رقم ‪ 4598‬المؤرخ في ‪ 3‬ماي ‪2012‬‬


‫والمتعلق بتنظيم المجلس الدستوري الجزائري ما يفيد بأن عضو المجلس الدستوري يجب أن‬
‫يتقيد بإلزامية التحفظ وأن ال يتخذ أي موقف علني في المسائل المتعلقة بمداوالت المجلس‬
‫لكن السؤال المطروح وهو في حالة إخالل عضو المجلس الدستوري بااللتزامات المبينة في‬
‫المادة ‪ .54‬ماهي اإلجراءات المتخذة في مواجهته على أن المادة ‪ 62‬بينت حالتين يبت‬
‫وهما حالة عدم توفر شروط ممارسة وظيفة عضو المجلس‬ ‫فيهما المجلس الدستوري‬
‫الجزء المبهم في‬
‫الدستوري وحالة إخالل عضو المجلس الدستوري بواجباته إخالال خطي ار و ا‬
‫هذه المادة هل يعتبر اإلخالل بواجبات عضو المجلس الدستوري المبينة في المادة ‪ ،59‬هي‬
‫المقصود باإلخالل الخطير أم أن هذا اإلخالل الخطير يعتبر أوسع مما جاءت به المادة ‪59‬‬
‫وماهي المعايير التي يعتمدها المجلس الدستوري في تحديد ما إذا كان إخالل عضو المجلس‬
‫الدستوري خطي ار أم رغير خطير ؟‬

‫جاءت المادة ‪ 62‬بينت نتيجة اإلخالل الخطير بواجبات عضو المجلس الدستوري‪،‬‬
‫وجعلت المجلس الدستوري يفصل فيها باإلجماع بعد مداولة في قضية العضو المعني دون‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 59‬من المداولة المؤرخة في ‪ 03‬مايو ‪ 2012‬المتعلق بالمجلس الدستوري الجزائري ج ر عدد ‪.26‬‬

‫‪190‬‬
‫حضوره واذا ثبت عليه هذا اإلخالل الخطير يطلب المجلس الدستوري من العضو المعني‬
‫‪1‬‬
‫تقديم استقالته ويشعر السلطة المعنية بذلك قصد استخالفه وفق المادة ‪.63‬‬

‫ويب دو الغموض في حالة ارتكاب عضو المجلس الدستوري جناية متلبس بها فكيف تتم‬
‫محاكمته علما أن المشرع اللبناني من خالل مادته التاسعة (‪ )9‬من قانون النظام الداخلي‬
‫ألعضاء المجلس الدستوري وضعت استثناءا وحيدا على حصانة القاضي الدستوري (عضو‬
‫المجلس الدستوري) وهي الجناية المشهودة (المتلبس بها) عدا ذلك ال يجوز رفع دعوى‬
‫جنائية على عضو المجلس الدستوري أو اتخاذ أي إجراء جزائي بحقه أو إلقاء القبض عليه‬
‫طوال مدة واليته‪ ،2‬إال بإذن الهيئة العامة للمجلس الدستوري في حالة إدانته بجناية متلبس‬
‫بها‪ ،‬وبعد ذلك يقوم وزير العدل اللبناني بطلب اإلذن بالمالحقة والمتابعة الجزائية إلى رئيس‬
‫المجلس الدستوري هذا األخير يدعو المجلس لدراسة الطلب وتقديم تقري ار بشأنه إلى الهيئة‬
‫العامة خالل أسبوع وتفصل الهيئة العامة في الطعن بعد االستماع إلى العضو المشتكى منه‬
‫دون أن يشترك هو في التصويت وتصدر قرارها في مدة أسبوع آخر‪ ،‬حسب المواد ‪،10‬‬
‫‪ 12 ،11‬من القانون الداخلي للمجلس الدستوري اللبناني‪ ،‬وتعتبر هذه المداوالت ضمانة‬
‫لحصانة القاضي الدستوري ضد الدعاوى الكيدية‪.3‬‬

‫أما المشرع الجزائري لم يتطرق إلى هذه النقطة وجعل المجلس الدستوري هو من يمارس‬
‫السلطة التأديبية والعقابية على أعضائه دون اللجوء إلى أية جهة قضائية أخرى وان كان هذا‬
‫يعتبر ضمانة قوية الستقاللية عضو المجلس الدستوري الجزائري وحمايته إال أن بعض‬
‫األخطاء التي ترقى إلى مستوى الجنايات المتلبس بها والتي تتطلب التحقيق الجنائي ال أعتقد‬
‫أنه بإمكان المجلس الدستوري الجزائري البت فيها خاصة إذا علمنا أنه ال يملك قانون‬
‫إجراءات جنائية لتحديد المسؤولية من عدمها ويبدو أنه من األفضل جعل المسؤولية الجنائية‬
‫لعضو المجلس الدستوري تخضع لطرق ووسائل أخرى مثل ما أخذ به المشرع اللبناني مع‬
‫الحرص على عدم المساس باستقاللية وحصانة عضو المجلس الدستوري نظ ار للمهمة‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 62‬من المداولة المؤرخة في ‪ 03‬مايو ‪ 2012‬المتعلق بالمجلس الدستوري الجزائري ج ر عدد ‪.26‬‬
‫‪ - 2‬إلياس جوادي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫الحساسة التي يكلف بها وباعتباره حاصال على حصانة برلمانية سواء كان ممثال عن‬
‫مجلسي البرلمان وكذا حصانة القاضي باعتباره ممثال عن المحكمة العليا أو مجلس الدولة‪.‬‬

‫أما المشرع المغربي فقد تأثر كثي ار بالنظام الفرنسي في مسألة منح الحصانة لعضو‬
‫المجلس الدستوري إذ نجد المادة ‪ 14‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 93/92‬في بابه الثاني‬
‫المعنون بسير المجلس الدستوري ما يفيد أن أعضاء المجلس الدستوري المغربي يمارسون‬
‫مهامهم بعد أداء القسم أمام الملك بنزاهة في ظل احترام الدستور وأن يكتموا سر المداوالت‬
‫والتصويت وأال يتخذوا أي موقف علني أو يفتوا في أية مسألة من المسائل التي تدخل في‬
‫نطاق اختصاصات المجلس الدستوري‪.‬‬

‫كما أشارت المادة ‪ 17‬من نفس القانون بأن مداوالت المجلس الدستوري المغربي رغير‬
‫علنية وال يجوز للمعنين باألمر أن يطلبوا االستماع إليهم خاللها ويقصد بالمعنيين باألمر‬
‫العضو محل المداولة‪.1‬‬

‫ويوجد تطابق كبير بين محتوى المادة ‪ 14‬من قانون ‪ 93/92‬المتعلق بتنظيم المجلس‬
‫الدستوري المغربي والفقرة الثانية من المادة الثالثة من أمر ‪ 7‬نوفمبر ‪ 1958‬المتعلق بتنظيم‬
‫المجلس الدستوري الفرنسي‪.‬‬

‫لم يتعرض قانون ‪ 18‬أبريل ‪ 1990‬المحدث للمجلس الدستوري التونسي إلى الحصانة‬
‫القضائية ألعضائه إذ أن طبيعته االستشارية كما رأينا في الدراسة سابقا تجعل من أعضائه‬
‫ال يتمتعون بالحصانة التي يتمتع بها القضاة بصفة عامة وقضاة المحاكم الدستورية بصفة‬
‫خاصة ويرى في هذه النقطة األستاذ زهير المظفر ما يلي‪ ... « :‬وفي إطار تطوير هذه‬
‫المؤسسات نعتقد أن سحب الحصانة القضائية على أعضاء المجلس الدستوري من شأنه أن‬
‫يزيد في دعم عمله باعتبار أن هذه الحصانة تتماشى مع طبيعة الدور الذي قد يضطلع به‬
‫المجلس خاصة أن التطبيق العملي أبرز بوضوح أن أعضاء المجلس يتمتعون بحرية كاملة‬
‫في إبداء آرائهم»‪.2‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 14‬من القانون ‪ 93/92‬المنظم للمجلس الدستوري المغربي‪.‬‬


‫‪ - 2‬زهير المظفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.59‬‬

‫‪192‬‬
‫ونالحظ أنه جاء في المادة ‪ 06‬من األمر عدد ‪ 1414‬المؤرخ في ‪ 16‬ديسمبر ‪1987‬‬
‫المتعلق بإحداث المجلس الدستوري للجمهورية بتونس ما يفيد بأن تكون أراء المجلس‬
‫الدستوري سرية ويقتصر تبليغها على رئيس الجمهورية‪.‬‬

‫كما دعمت نفس الفكرة من خالل المادة ‪ 10‬من قانون ‪ 39‬لسنة ‪ 90‬المؤرخ في ‪18‬‬
‫أفريل ‪ 1990‬والمتعلق بالمجلس الدستوري حيث جاء فيها ما يفيد بأن يكون رأي المجلس‬
‫الدستوري معلال ويبلغ إلى رئيس الجمهورية دون سواه هذا األخير الذي يمكن له أن يحيل‬
‫رأي المجلس الدستوري على مجلس النواب حسب الفصل ‪ 11‬من القانون رقم ‪ 39‬لسنة‬
‫‪.1990‬‬

‫كما أن الفصل ‪ 12‬من القانون رقم ‪ 39‬لسنة ‪ 1990‬تؤكد سرية أراء المجلس وتبليغه‬
‫إلى رئيس الجمهورية دون سواه‪.‬‬

‫كما يقدم رئيس المجلس الدستوري تقري ار سنويا مفصال كل سنة إلى رئيس الجمهورية‬
‫حول نشاط المجلس يتضمن أراء المجلس واقتراحاته حسب الفصل ‪ 13‬من نفس القانون رقم‬
‫‪ 39‬لسنة ‪.1990‬‬

‫إن مداوالت المجلس الدستوري التونسي سرية وعلى أعضائه التقيد بهذه السرية أثناء‬
‫مباشرتهم لمهامهم وبعد انتهائها وهذا ما أكدته المادة ‪ 14‬من قانون ‪ 39‬لسنة ‪.11990‬‬

‫ما يالحظ أنه ال تتوفر حصانة كافية للقاضي الدستوري على مستوى المجالس الدستورية‬
‫بالنسبة للدول التي تأ خذ بالرقابة السياسية على عكس ذلك نجد القاضي الدستوري على‬
‫مستوى المحاكم الدستورية يتمتع بكل الحصانة المفروض أن تكون في القاضي حتى تحقق‬
‫له النزاهة والمصداقية والحياد‪.‬‬

‫وحسب نص المادة ‪ 81‬من دستور موريتانيا ‪ 1981‬فإن عضو المجلس الدستوري يتمتع‬
‫بحصانة برلمانية وقد تم تحديد هذه الحصانة في إطار الباب الثالث من الدستور المتعلق‬
‫بالسلطة التشريعية‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 50‬على عدم متابعة عضو البرلمان وال البحث عنه‬

‫‪ -1‬المواد ‪ 14 ،13 ،12 ،11‬من قانون ‪ 39‬لسنة ‪ 1990‬المتعلق بتنظيم المجلس الدستوري التونسي‪.‬‬

‫‪193‬‬
‫وال توقيفه وال اعتقاله وال محاكمته بسبب ما يدلي به من أراء أو تصويت أثناء ممارسته‬
‫لمهامه وأيضا ال يرخص بمتابعة أو توقيف عضو من أعضاء البرلمان أثناء دوراته ألسباب‬
‫جنائية أو جنحيه ماعدا التلبس بالجريمة إال بإذن من الغرفة التي ينتمي إليها‪.‬‬

‫كما أن المادة أكدت على أنه ال يرخص توقيف عضو من أعضاء البرلمان خارج دوراته‬
‫إال بإذن من مكتب الغرفة التي ينتمي إليها باستثناء في حالة التلبس بالجريمة والمتابعات‬
‫المرخص بها أو صدور حكم نهائي بشأنه‪.‬‬

‫كما تشير المادة إلى أنه يعلق اعتقال عضو البرلمان أو متابعته إذا طلبت ذلك الغرفة‬
‫التي ينتمي إليها‪.1‬‬

‫وقد اختلفت اآلراء في موريتانيا من طرف المختصين على تقدير سحب الحصانة‬
‫البرلمانية على أعضاء المجلس الدستوري فرأى البعض أن طبيعة المجلس الدستوري وأعماله‬
‫ال تتالءم مع طبيعة عضو البرلمان وأعماله ولهذا كان يستحسن سحب الحصانة القضائية‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 90‬من الدستور على عضو المجلس الدستوري أحسن لكن‬
‫هناك رأي آخر يرى بأن المادة ‪ 50‬من دستور موريتانيا ‪ 1991‬حددت محتويات الحصانة‬
‫بالدقة والتفصيل على عكس المادة ‪ 90‬من نفس الدستور التي جاءت عامة وتحتمل عدة‬
‫تأويالت‪.‬‬

‫إن الحل الذي ذهب إليه المؤسس الدستوري الموريتاني في شأن سحب الحصانة‬
‫البرلمانية على أعضاء المجلس الدستوري جاء مخالفا تماما لباقي المجالس الدستورية‬
‫المغاربية التي ال تقر ألعضائها بحصانة عضو البرلمان‪ 2‬على عكس بعض المحاكم‬
‫الدستورية مثل المحكمة الدستورية اإليطالية واإلسبانية التي يتمتع قضاتها بالحصانة‬
‫البرلمانية‪.3‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 50‬من دستور موريتانيا ‪.1991‬‬


‫‪ - 2‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪3 -D. ROUSSEAU, La justice constitutionnelle en Europe, op.cit, p. 164.‬‬
‫‪Certains Etats comme L'Italie, L'Espagne la Tchécoslovaquie La Bulgarie Font bénéficier les‬‬
‫‪juges constitutionnels de la même immunité que les parlementaires.‬‬

‫‪194‬‬
‫ويعتبر أداء اليمين الذي يؤديه أعضاء المجلس الدستوري الموريتاني أمام رئيس‬
‫الجمهورية من أهم اال لتزامات نظ ار ألنه يبدأ بالقسم باهلل وهو التزام ديني قبل أن يكون التزام‬
‫قانوني ومن ضمن ما يحتويه اليمين االلتزام بسر المداوالت والتصويت‪.1‬‬

‫ثانيا ‪ -‬النظام التعويض يعتبر االستقالل المادي والنظام التعويضي الذي يتمتع به‬
‫القاضي الدستوري عامال أساسيا من عوامل استقالليته ونزاهته وحياده‪.‬‬

‫في حين نجد عضو المجلس الدستوري الفرنسي يتقاضى راتبا شهريا يساوي التعويض‬
‫الذي يتقاضاه موظفو الدولة الفرنسية المصنفين خارج السلم‪ ،‬أي ما مقداره ‪ 50.000‬فرنك‬
‫فرنسي سنة ‪ 1996‬ويقتطع منه الضريبة على الدخل وينخفض هذا التعويض إلى النصف‬
‫‪2‬‬
‫في حالة ممارسة عضو المجلس الدستوري الفرنسي نشاطا مهنيا ح ار كالمحماة أو الطب‬
‫‪3‬‬
‫وبالمقارنة نجد رئيس المحكمة العليا األمريكية يتقاضى راتبا ال يفوته إلى راتب رئيس الدولة‬
‫أما مرتبات أعضاء المحكمة الدستورية اإلسبانية فهي تعادل مرتبات الوزراء‪.‬‬

‫يتقاضى عضو المجلس الدستوري المغربي تعويضا ماليا يساوي التعويض المالي الذي‬
‫يتقاضاه النائب في البرلمان ويستفيد رئيس المجلس الدستوري من تعويض إضافي عن‬
‫التمثيل ومجموعة من االمتيازات العينية المستحقة لرئيس مجلس النواب وهذا حسب ما بينته‬
‫المادة ‪ 13‬من القانون التنظيمي للمجلس الدستوري المغربي رقم ‪.429/93‬‬

‫ونجد األمر نفسه بالنسبة لعضو المجلس الدستوري الموريتاني بناء على المرسوم رقم‬
‫‪ 92/007‬المؤرخ في ‪ 1992/4/5‬المحدد للعالوات واالمتيازات التي يتمتع بها أعضاء‬
‫المجلس الدستوري الموريتاني‪.5‬‬

‫‪ - 1‬نص أداء اليمين جاء في المادة ‪ 03‬من القانون النظامي المتعلق بالمجلس الدستوري الموريتاني رقم ‪.92/043‬‬
‫‪ - 2‬زهير المظفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪ - 3‬هنري روسيون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪ - 4‬مليكة الصروخ‪ ،‬القانون الدستوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.273‬‬
‫‪ - 5‬المختار هنوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.27‬‬

‫‪195‬‬
‫كما أن النظام المغربي يسمح لعضو المجلس الدستوري المغربي االستمرار في ممارسة‬
‫نشاط خاص ال يتنافى مع مهنته كعضو مجلس دستوري‪.‬‬

‫ويرى األستاذ عبد العزيز النويضي في هذا الشأن مالحظتين‪:‬‬

‫تتمثل االولى في إلزام العضو الذي يمارس مهنة حرة بعدم التفرغ لمهنته أو تجارته على‬
‫حساب مهنته بالمجلس الدستوري ألن هذه األخيرة جاء إليها باختيار وهو يتلقى راتبا‬
‫وتعويضا عليها وال يقبل إهمالها لصالح النشاط الثاني‪.‬‬

‫أما الثانية فان العضو الذي يمارس مهام خاصة إلى جانب عضويته بالمجلس الدستوري‬
‫يكون أكثر راحة من الجانب المالي مقارنة بعضو المجلس الدستوري الذي يتفرغ فقط‬
‫لممارسة مهنته بالمجلس الدستوري وينصح بإتباع ما جاء به المشرع الفرنسي في مادته‬
‫الثانية من القانون العضوي المنظم للمجلس الدستوري الفرنسي والتي تجعل راتب عضو‬
‫المجلس الدستوري الذي يمارس نشاطا خاصا ينخفض إلى النصف‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬االلتزامات‬

‫لقد ألزم النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري المغربي أعضاء المجلس بحفظ‬
‫سر المداوالت وعدم اتخاذ أي موقف علني أو اإلدالء برأي في القضايا التي سبق للمجلس‬
‫الدستوري أن فصل فيها أو تلك التي تحتمل أن يصدر ق ار ار في شأنها وهذا حسب المادة ‪7‬‬
‫من القانون التنظيمي رقم ‪ 29/93‬المنظم للمجلس الدستوري المغربي‪ 2‬وتقابلها المادة ‪59‬‬
‫من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري والذي يلزم أعضاء المجلس‬
‫الدستوري الجزائري بإلزامية التحفظ‪.3‬‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.81‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 7‬من القانون ‪.29 – 93‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 59‬من مداولة مؤرخة في ‪ 03‬ماي ‪ 2012‬ج ر عدد ‪.26‬‬
‫" يجب على أعضاء المجلس الدستوري أن يتقيدوا بإلزامية التحفظ وأن ال يتخذوا أي موقف علني في المسائل المتعلقة‬
‫بمداوالت المجلس الدستوري‪ ".‬تقابلها المادة ‪ 54‬من قانون عدد ‪ 48‬المؤرخ في ‪ 06‬أوت ‪.2000‬‬

‫‪196‬‬
‫أما في فرنسا فإن أعضاء المجلس الدستوري الفرنسي بمناسبة القسم الذي يؤدونه أمام‬
‫رئيس الجمهورية يلتزمون بأن يحافظوا على سرية المداوالت والتصويت وبأن ال يتبنوا أي‬
‫موقف عام وبأن ال يقدموا أية استشارة في حقل المسائل التي تدخل في صالحيات المجلس‬
‫وفي هذا الصدد يرى األستاذان ‪ VEDEL‬و ‪« DELVOLVE‬أن المقصود بهذه العبارة‬
‫هو أال يظهر أعضاء المجلس الدستوري الفرنسي في أية وثيقة محتملة النشر وذات صلة‬
‫بنشاط عام أو خاص صفاتهم كأعضاء مجلس دستوري»‪.1‬‬
‫وقد جاء في الفصل ‪ 14‬من قانون ‪ 18‬أبريل ‪ 1990‬المتعلق بالمجلس الدستوري‬
‫التونسي إلزام أعضائه بسرية المداوالت والتقيد بهذه السرية أثناء مباشرتهم لمهامهم وبعد‬
‫انتهائها وبهذا فإن القانون يمنع أعضاء المجلس الدستوري التونسي إفشاء أسرار المداوالت‬
‫وكذا آراء المجلس فيما يطرح عليه سواء كان ذلك أثناء أدائهم لعهدهم أو حتى بعد انتهائها‬
‫وهذه السرية مبررة كونها تحقق حماية لحرية المداولة وحرية إبداء الرأي خاصة باعتبار‬
‫المجلس الدستوري التونسي هيئة استشارية‪.2‬‬

‫ويبدو أن المجلس الدستوري في كل من الجزائر والمغرب وتونس وحتى فرنسا كلها‬


‫اتفقت على إلزامية التقيد بالسرية بالنسبة للمداولة أو اتخاذ الرأي باعتبارها ضمانة لتحقيق‬
‫الحماية واالستقاللية ألعضاء المجلس الدستوري في هذه الدول‪.‬‬

‫إن مسألة االلتزام بسرية المداوالت والتصويت تثير التساؤل من زاويتين‬

‫وهما هل هذا االلتزام يشمل القاضي الدستوري أثناء تأدية وظيفته أو يتبعه مدى الحياة ؟‬

‫و إلى أي مدى يلتزم القاضي الدستوري بهذه السرية ؟‬

‫بالنسبة لإلجابة عن التساؤل األول ونقال عن األستاذ عبد الرحيم المنار السليمي في‬
‫كتاب مناهج عمل القاضي الدستوري بالمغرب يقول أن هذا التساؤل طرح في فرنسا بعد‬
‫إصدار (‪ )Noelion‬الرئيس السابق للمجلس الدستوري الفرنسي كتاب تحت عنوان‪:‬‬

‫‪De Gaulle et Les débuts de la Vème République (1958 – 1965).‬‬

‫‪ - 1‬هنري روسيون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21 – 20‬‬


‫‪ - 2‬زهير المظفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.64 – 63‬‬

‫‪197‬‬
‫حيث أورد في هذا الكتاب بصفة صريحة أنه لن يظل إلى أجل رغير محدد مرتبطا بسرية‬
‫العمل التي تسود في المداوالت والتصويت في المجلس الدستوري الفرنسي بعد انتهاء‬
‫عضويته وكشف عن الطريقة التي اتخذ بها بعض الق اررات بل أسماء المقررين والمصوتين‬
‫والممتنعين والمعارضين فيها‪.1‬‬

‫إن الخلط والجمع بين سرية المداوالت والتصويت وبين عدم اتخاذ أي موقف علني أو‬
‫تقديم رأي في مس ألة معروضة عل المجلس الدستوري أو يحتمل عرضها يصبح مفهوم‬
‫االلتزام بالسر واسعا يشمل وثائق الملف واسم المقرر ومضمون التقرير وعدد القضاة‬
‫المؤيدون والمعارضون للقرار المصوت عليه وهذه المعلومات ضرورية لسير باقي هياكل‬
‫المجلس الدستوري بحيث هذه السرية تفرض على القاضي الدستوري المقرر أن يعمل منفردا‬
‫ألن استعانته بخبراء تجعل المعلومة تنتقل إليهم وحتى تخلق حاجز بين القاضي المقرر‬
‫واألمين العام للمجلس الدستوري الذي يزوده بالوثائق واألحكام والق اررات السابقة ليسهل عليه‬
‫أداء مهمته وهذه الوثائق رغالبا ما تكون نصوص واجتهادات وأراء القضاة الدستوريون‬
‫السابقون‪.‬‬

‫كذلك فإن امتداد هذه السرية إلى إدارة المجلس الدستوري بكافة مكوناته تخلق أزمة في‬
‫محيطها المؤسساتي فاألمين العام للمجلس الدستوري يبقى بعيدا على العمل القضائي منغلقا‬
‫في مكتبه على العمل اإلداري‪.‬‬

‫وبالنسبة لألعضاء الذين يمارسون التدريس في الجامعة وخاصة أساتذة القانون الدستوري‬
‫فهم عادة يتجنبون المداخالت في الملتقيات واأليام الدراسية ومناقشات أطروحات الماجستير‬
‫والدكتوراه مكتفون بحضور شرفي حتى ال يسقطون في إفشاء سر المداوالت‪.2‬‬

‫فنجد في المغرب مثال حالة األستاذ عبد اللطيف المنوني (عضو المجلس الدستوري‬
‫المغربي الذي يرأس الجمعية المغربية للقانون الدستوري ولم يسبق له أن ساهم بأية مداخلة‬
‫ضمن أعمالها إذ أنه يكتفي عادة بتناول كلمة افتتاح أشغال ملتقيات الجمعية التي عادة ما‬

‫‪ - 1‬عبد الرحيم المنار السليمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.426‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه ص‪.427‬‬

‫‪198‬‬
‫يخضرها أعضاء المجلس الدستوري المغربي وينسحبون بمجرد بداية مناقشة المداخالت‬
‫تفاديا الوقوع في إفشاء سر المداوالت‪.‬‬

‫كما يالحظ تراجع نشاط األساتذة الجامعيين داخل مختلف نشاطات الجامعة بمجرد‬
‫دخولهم المجلس الدستوري‪.‬‬

‫والواقع أن عضو المجلس الدستوري كأستاذ جامعي ال يتعارض االستمرار في إعطائه‬


‫دروس بالجامعة مع سرية المداوالت خاصة أنه يجمع بين النظري والتجربة الميدانية وفي‬
‫هذا فائدة كبيرة تعود على الطلبة والباحثين‪.‬‬

‫وقد أصدر الرئيس السابق للمجلس الدستوري الجزائري وهو أستاذ جامعي كتابا قيما في‬
‫‪ 2012‬جمع فيه ما بين المعارف النظرية والتجربة الميدانية وقد استفدنا منه كثي ار في‬
‫تحضير هذه الرسالة‪.‬‬

‫وما يالحظ باستثناء هذا الكتاب فإن أراء وق اررات المجلس الدستوري الجزائري والتي‬
‫تصدر في الجريدة الرسمية أو في مجالت الفقه الدستوري تكاد تخلو من التحليل والدراسة‬
‫من طرف أساتذة القانون الدستوري الذين مارسوا مهاما على مستوى المجلس الدستوري‬
‫واستطاعوا الجمع بين العمل الميداني والمعلومات النظرية فررغم طبيعة النزاعات المرفوعة‬
‫أمامهم ما تعلق منها بالمنازعة االنتخابية أو المنازعة في مدى دستورية القوانين أو حاالت‬
‫شغور منصب رئاسة الجمهورية ال نجد كتابة علمية ومعالجة تخلق رصيد من الفقه‬
‫واالجتهاد والسؤال المطروح هل يعود هذا األمر إلى االلتزام الصارم بالسرية واجتناب التحليل‬
‫الذي يؤدي إلى تسريب معلومات أم أن األمر ال يعدوا مجرد رغياب تقاليد التحليل والمعالجة‬
‫العلمية كلما صدرت أعمال عن المجلس الدستوري الجزائري خاصة إذا علمنا وأن أعلى‬
‫سلطة في البالد ممثلة في رئيس الجمهورية الذي شجع أعمال البحث في مجال الرقابة‬
‫الدستورية في خطابه بمناسبة الذكرى العشرين إلنشاء المجلس الدستوري الجزائري‪.‬‬

‫مع اإلشارة أن المادة ‪ 09‬من قانون ‪ 12‬جويلية ‪ 2004‬والمتعلق بتنظيم المجلس‬


‫الدستوري التونسي ألزمت أعضاء المجلس الدستوري قبل الشروع في تأدية مهامهم من أداء‬

‫‪199‬‬
‫ال يمين أمام رئيس الجمهورية ومما جاء في هذا اليمين االلتزام بعدم إفشاء أسرار المفاوضات‬
‫والتصويت وعدم اتخاذ أي موقف علني أو تقديم مشورة في أية مسألة تدخل ضمن‬
‫اختصاصات المجلس الدستوري‪.1‬‬

‫وما يالحظ هو أنه لم يتم النص على العقوبة الواجب تطبيقها على العضو الذي يخالف‬
‫محتوى اليمين التي أداها على خالف بعض المحاكم الدستورية التي حددت العقوبة وجعلتها‬
‫تتراوح بين اإلنذار والتوقيف واإلقالة‪.2‬‬

‫أما الموقف الموريتاني فقد جاء في المادة ‪ 07‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس‬
‫الدستوري الموريتاني بأن يخضع أعضاء المجلس الدستوري طيلة مزاولتهم لمهامهم اللتزام‬
‫تام بالتحفظ وهذا المفهوم جاء واسعا مبهما محتويا على عدة موانع وانجرت عليه عدة‬
‫التزامات مثل عدم تقديم استشارة حول القضايا التي طرحت أو كانت ستطرح على المجلس‬
‫لدراستها وكذا تجنب اتخاذ موقف علني بشأن قضية عرضت أو ستعرض على المجلس‬
‫للنظر فيها‪ .‬وبمعنى دقيق هو التزام عضو المجلس الدستوري الموريتاني بعدم الخوض في‬
‫أية مسألة تقع خارج دائرة المهام التي كلف بها في إطار التحقيق والمداولة‪ 3‬وامتداد الواجب‬
‫التحفظ يمنع ظهور صفة عضو المجلس الدستوري في أي منشور والغاية هي عدم السماح‬
‫لهم باستغالل صفتهم كأعضاء بالمجلس الدستوري ألرغراض شخصية‪.‬‬

‫كما يدخل تحت االلتزام بالتحفظ عدم القيام بأي سلوك متعارض مع الوالء للنظام‬
‫الجمهوري وكذا إلطالع المجلس الدستوري بأي تغيير الذي يط أر على نشاطاتهم أثناء مدة‬
‫عضويتهم في المجلس الدستوري‪.‬‬

‫وبعد ما تطرقنا في هذا الباب إلى كل ما يتعلق بهيئات المكلفة بممارسة القضاء‬
‫الدستوري في دول المغرب العربي من حيث نشأتها وتطورها ودور السلطات العمومية‬

‫‪ - 1‬نص أداء اليمين في تونس‪ ﴿:‬أقسم باهلل العظيم أن أقوم بوظائفي بكل إخالص وأمانة وأن أمارسها بكل حياد في‬
‫نطاق احترام الدستور وأن ألتزم بعدم إفشاء سر المفاوضات والتصويت وأن ال أتخذ أي موقف علني أو أقدم المشورة في أية‬
‫مسألة تدخل في اختصاصات المجلس الدستوري﴾‪.‬‬
‫‪ - 2‬سميرة الزغالمي مرزوق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.45‬‬

‫‪200‬‬
‫الدستورية في تشكيلها والنظام القانوني ألعضائها نعالج في الباب الثاني اختصاصات‬
‫القاضي الدستوري المزدوجة والمتمثلة في الرقابة على دستورية القوانين والفصل في المنازعة‬
‫االنتخابية وكذا نتطرق إلى مهام أخرى استشارية منحها المؤسس الدستوري للقاضي‬
‫الدستوري‪ ،‬وكذلك مناهج واجراءات عمله ومدى حجيتها‪.‬‬

‫‪201‬‬
‫الباب الثاني‬
‫اختصاصات القاضي الدستوري‬
‫و احكام الدعوى الدستورية‬

‫‪202‬‬
‫لقد منحت الدساتير المغاربية السابقة‪ ،‬أوالنافذة‪ ،‬ومختلف النصوص القانونية ذات الصلة‪،‬‬
‫والمتعلقة بتنظيم الهيئات الممارسة للقضاء الدستوري ‪،‬سواء كانت محكمة دستورية أو غرفة‬
‫دستورية على مستوى هيئة قضائية‪ ،‬أو مجلسا دستوريا مجموعة من االختصاصات والمهام‬
‫للقاضي الدستوري‪ ،‬اختلفت هذه االختصاصات من دولة إلى دولة كما اختلفت في الدولة‬
‫نفسها من مرحلة إلى مرحلة ‪،‬حتى أنها غابت تماما في بعض األحيان مثلما هو الحال في‬
‫الجزائر منذ دستور ‪ 1976‬إلى غاية ‪ ،1989‬وفي تونس منذ االستقالل إلى تاريخ ‪16‬‬
‫نوفمبر ‪ 1987‬تاريخ إنشاء المجلس الدستوري‪.‬‬

‫ما يالحظ أن هذه االختصاصات جاءت حول محاور محددة ‪،‬تمثلت في الرقابة على‬
‫دستورية القوانين في شقيها اإللزامي واالختياري ‪،‬فجعلت رقابة القوانين العضوية واألنظمة‬
‫الداخلية للمجالس النيابية‪ ،‬رقابة وجوبية‪ ،‬وجعلت رقابة القوانين العادية والتنظيمات‬
‫والمعاهدات اختيارية‪ ،‬باإلضافة إلى دورها في تحديد اختصاصات كل من السلطتين‬
‫التشريعية والتنفيذية بفصل مجال القانون‪ ،‬عن التنظيم حسبما جاء مبينا في الدساتير‪.‬‬

‫أيضا منح المؤسس الدستوري للقاضي الدستوري حق السهر على إنجاح العملية‬
‫االنتخابية ومكنه من لعب دور المحكمة االنتخابية لحل النزاع االنتخابي ‪،‬باإلضافة إلى‬
‫ذلك فإن للقاضي الدستوري دور استشاري‪ ،‬منحه إياه المؤسس الدستوري في حاالت محددة‬
‫مثل شغور منصب رئيس الجمهورية و إعالن حالة الطوارئ ‪،‬وتمديد عهدة البرلمان وتعديل‬
‫الدستور‪ ،‬وحالة الظروف االستثنائية‪.‬‬

‫حتى يتمكن القاضي الدستوري من القيام بهذه االختصاصات والمهام مكنه المؤسس‬
‫الدستوري والنظام الداخلي من آليات عمل‪ ،‬ومناهج متمثلة في التحقيق ‪،‬والمداولة وجعل‬
‫ق ارراته نهائية حائزة على حجية الشيء المقضي فيه‪ ،‬ونعالج هذا الباب من خالل الفصلين‬
‫اآلتيين‪:‬‬

‫‪ -‬الفصل األول‪ :‬االختصاص النوعي المزدوج للقاضي الدستوري‬


‫‪ -‬الفصل الثاني‪ :‬احكام الدعوى الدستورية‬

‫‪203‬‬
‫الفصل األول‬

‫االختصاص النوعي المزدوج للقاضي الدستوري‬

‫تعددت اختصاصات القاضي الدستوري في المغرب العربي‪ ،‬لكنها لم تخرج على‬


‫اختصاصات في مجال الرقابة الدستورية‪ ،‬حيث جعلتها من اهم االختصاصات نصا‬
‫وممارسة‪ ،‬باعتبار مطابقة النص االدنى درجة للدستور يحقق مبدأ المشروعية‪ ،‬لكن اختالف‬
‫اليات ممارسته من حيث درجة القانون‪ ،‬و الذي ادى الى بروز نوعين من الرقابة وهما‬
‫الرقابة الوجوبية أو ما تسمى عند البعض برقابة المطابقة مع الدستور‪ ،‬وهي تمارس على‬
‫انواع معينة من القوانين ونوع اخر يسمى بالرقابة غير الوجوبية وهي تمارس على فئة اخرى‬
‫من القوانين وهل اختالف نوعي الرقابة من حيث مجاالتها والياتها يسمح بممارسة قضاء‬
‫دستوري فعال على مجمل المنظومة القانونية في الدولة او انه يسمح بمرور نصوص قانونية‬
‫رغم مخالفتها للدستور ؟ هذا ما نعالجه في (مبحث أول) كما ان للقاضي الدستوري دور مهم‬
‫في حل النزاع االنتخابي باعتبار المنازعة االنتخابية عمل قضائي في حقل سياسي وبالتالي‬
‫يتحول المجلس الدستوري أو المحكمة الدستورية الى محكمة انتخابات سواء تعلق االمر‬
‫بمناهج او اليات عمله ‪.‬‬

‫اعتبا ار لوجود عالقة قوية بين العملية االنتخابية والممارسة الديمقراطية فاالنتخاب‪ ،‬هو‬
‫االلية الوحيدة التي من خاللها تقوم حكومات ديمقراطية تمثيلية‪ ،‬وتجعل سلطة الحكومة تعبير‬
‫عن ارادة الشعب الحرة المعبر عنها بواسطة انتخابات نزيهة‪ ،‬و دور القاضي الدستوري في‬
‫هذا المسار‪ ،‬هو المساهمة في بروز مؤسسات دستورية‪ ،‬منتخبة ذات شرعية وصدقيه‪،‬‬
‫وبالتالي كيف يوظف القاضي الدستوري في دول المغرب العربي هذه اآلليات وهل يلعب‬
‫الدور الذي منحه له الدستور في ذلك ?هذا ما نعالجه في(مبحث ثاني)‪.‬‬

‫‪204‬‬
‫المبحث األول‪:‬اختصاصات في مجال الرقابة الدستورية‬
‫يمارس القاضي الدستوري نوعين من الرقابة على دستورية القوانين من حيث إلزامية‬
‫الرقابة‪ ،‬وهما الرقابة الوجوبية‪ ،‬والتي تخص نوعين من القوانين وهي القوانين العضوية‬
‫واألنظمة الداخلية للمجالس النيابية ويكون اإلخطار‪ ،‬بها الزاميا تقوم به جهات يحددها‬
‫الدستور او القوانين ذات الصلة كما انه ال يمكن العمل بها و اصدارها قبل الموافقة القبلية‬
‫والصريحة من المجلس او المحكمة الدستورية والسؤال المطروح هو لماذا اقتصرت الرقابة‬
‫الوجوبية على هدين النوعين من القوانين ? و ماهي الخصوصية التي تميزها? وما عالقتها‬
‫بالنص الدستوري والمبادئ ذات القيمة الدستورية ?هذا ما نعالجه في مطلب اول ثم نبين نوع‬
‫ثان من الرقابة والتي ال يكون االخطار فيها الزاميا وتتعلق بالقونين والمعاهدات و التنظيمات‬
‫والتي يمكن اصدارها دون خضوعها لمراقبة القاضي الدستوري وهنا نجد خصوصية المجلس‬
‫الدستوري الجزائري الذي يحق له ممارسة الرقابة على القوانين بعد صدورها في الجريدة‬
‫الرسمية و باخطار من رئيس الجمهورية باالضافة الى دور القاضي الدستوري في ممارسة‬
‫الرقابة بنوعيها القبلية والبعدية على القوانين االستفتائية هذا ما نعالجه في مطلب ثان‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الرقابة الوجوبية (اال لزامية)‬
‫هناك طائفة من القوانين تخضع وجوبيا لرقابة القاضي الدستوري بناء على نص دستوري‬
‫وال يحتاج القاضي الدستوري إلى إخطار من طرف هيئة معينة أو رفع دعوى قضائية‬
‫لمهاجمة قانون مشوب بعدم الدستورية أو إلى تقديم دفع بمناسبة النظر في دعوى منشورة‬
‫أمام القاضي كما هو الشأن في الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وهذه الطائفة من القوانين هي‬
‫القوانين العضوية واألنظمة الداخلية للمجالس النيابية‪.‬‬

‫كما أن هناك طائفة أخرى من القوانين‪ ،‬ال تخضع إلزاميا لرقابة القاضي الدستوري بل ال‬
‫بد أن يتلقى إخطا ار‪ ،‬من طرف هيئة يحددها الدستور وهي القوانين العادية‪ ،‬والتنظيمات‬
‫والمعاهدات‪ ،‬ولهذا نعالج من خالل هذا المطلب النوع األول وهي الرقابة الوجوبية (فرع‬
‫أول) والنوع الثاني الرقابة االختيارية (فرع ثاني)‪.‬‬

‫‪205‬‬
‫الفرع األول‪:‬الرقابة على القوانين العضوية (األساسية)‬

‫إن إخضاع القوانين العضوية لرقابة أصلية من القاضي الدستوري و وجوبية شأنها شأن‬
‫النظام الداخلي للمجالس النيابية ينطلق من خصوصية هذه الفئة من القوانين المستمدة من‬
‫نظامها القانوني الخاص وألهميتها العملية وقدرتها على التأثير في النظام السياسي‬
‫والدستوري لكل بلد‪.‬‬

‫فبالنسبة للقوانين العضوية فهي تختلف على القوانين العادية من حيث تعريفها وتحديد‬
‫إجراءات سنها وتبيين مرتبتها في الهرم الدستوري‪ ،‬ومدى الحماية التي خصت بها من طرف‬
‫المشرع‪ ،‬حتى ال يتم االعتداء عليها من طرف صاحب التشريع العادي أو صاحب السلطة‬
‫التنظيمية‪.‬‬

‫أوال – ظهور مفهوم القوانين العضوية ‪:‬‬

‫تعود نشأة هذه الطائفة من القوانين إلى فرنسا تماشيا مع التاريخ السياسي الفرنسي‪ 1‬و‬
‫أول ما ظهرت صراحة كانت في دستور فرنسا ‪ ،1958‬الذي ميز بين القوانين التنظيمية‬
‫والقوانين العادية ‪،‬واعتبرت جنسا أو طائفة جديدة من القواعد القانونية ‪.‬‬

‫بالعودة إلى التاريخ السياسي‪ ،‬والدستوري الفرنسي‪ ،‬نجد دستور الجمهورية الفرنسية الثالثة‬
‫عند تطبيقه صدرت عدة قوانين تنظيميه وكانت تأخذ تسمية ‪" Senatus consulte‬‬
‫‪.2 "organique‬‬

‫أما دستور فرنسا ‪ 1948‬فميزته أنه أول دستور نص صراحة على مصطلح القانون‬
‫األساسي ‪،‬حيث ورد في المادة ‪ 115‬منه على أن تسن القوانين األساسية بواسطة الجمعية‬
‫الوطنية التأسيسية وعلى أن هذه القوانين سيتم تحديدها بواسطة قانون خاص‪.3‬‬

‫‪ -1‬نور الدين اشحشاح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.312‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.313‬‬
‫‪ -3‬قد صدر هذا القانون الخاص بتاريخ ‪ 11‬ديسمبر ‪ 1948‬محددا عدد القوانين األساسية بـ ‪ 10‬عشرة قوانين‪.‬‬

‫‪206‬‬
‫وقد عرفت هذه الطائفة من القوانين انتشا ار بعد ما تبناها دستور الجمهورية الفرنسية‬
‫الخامسة ‪ 1958‬مثل إسبانيا دستور ‪ ...1978‬المغرب في دساتيره الخمسة‪ ،...‬الجزائر‬
‫دستور ‪، ... 1996‬تونس ‪ ،1959‬موريتانيا‪ ،1991‬وهناك دول أوروبية لم تأخذ تماما بفكرة‬
‫القانون التنظيمي مثل ألمانيا دستور ‪ 1949‬وايطاليا دستور‪.11947‬‬

‫ويقول األستاذ برمضان في شأن القوانين التنظيمية المختلفة عن القوانين العادية بأن‪«:‬‬
‫القانون التنظيمي المختلف على القانون العادي ‪،‬هو مفهوم أجنبي على روح القانون الثوري‬
‫القائم على وحدة القانون‪ ،‬ويضيف بأن مفهوم القانون الدستوري المتميز دوره عن القانون‬
‫العادي لم يفرض نفسه إال بصعوبة‪ ،‬نظ ار لهيمنة البرلمانية المطلقة عليه وهو ما يفسر أن‬
‫ظهور القوانين التنظيمية كفئة قانونية خاصة ومستقلة يندرج في سياق تفتيت القانون‬
‫""‪.2»"L'atomisation de la loi‬‬

‫للعقلنة‬ ‫كما يرى األستاذ ‪ CAMBY‬بأن طائفة القوانين التنظيمية ‪…« :‬هي آلية‬
‫البرلمانية »‪ ،‬أما األستاذ ‪..«: Ch.SIRAT‬ال يرى من طائفة القوانين العضوية سوى‬
‫وصفة من بين عدة وصفات هدفها احتواء اختصاص المجالس البرلمانية» ‪.3‬‬

‫أما من حيث تعريف القوانين األساسية فإن الدساتير أحجمت عن إعطائها تعريفا محددا‬
‫بل اكتفت بذكر المجاالت المخصصة لها فقط واختلفت الدساتير في تسميتها فبينما نجدها‬
‫في الدستور الفرنسي والمغربي تسمى بالقوانين التنظيمية‪ ،‬نجدها في تونس تسمى القوانين‬
‫األساسية‪ ،4‬والقوانين النظامية في موريتانيا‪ ،5‬أما في الجزائر فتسمى القوانين العضوية‪.6‬‬

‫وتظهر المشكلة في عدم إعطاء تعريف للقوانين العضوية واالكتفاء بذكر مجاالتها على‬
‫سبيل الحصر وتعدادها‪ ،‬هو إقصاء لعدة مجاالت من التنظيم بقانون عضوي رغم أنها تعتبر‬
‫امتدادا ماديا للدستور لها نفس الخصائص التي تجعلها تحتاج إلى التنظيم بقوانين عضوية‪.‬‬

‫‪ -1‬نور الدين اشحشاح‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.314 -313‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.314‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 4‬الفصل ‪ 06/28‬دستور تونس‪.2014‬‬
‫‪ - 5‬المادة ‪ 67‬من دستور موريتانيا ‪.1991‬‬
‫‪ - 6‬المادة ‪ 123‬دستور الجزائر ‪ 28‬نوفمبر ‪.1996‬‬

‫‪207‬‬
‫في غياب تعريف من قبل الدستور‪ ،‬جاء الفقه بعدة تعريفات من بينها ما جاء به الفقه‬
‫الفرنسي والذي يعتبر القوانين العضوية تلك القوانين التي يعطيها الدستور تلك الصفة ويتم‬
‫سنها وفق إجراءات خاصة منصوص عليها في الدستور‪.‬‬

‫كما يرى األستاذ مصطفى قلوش بأنها‪ «:‬مجموعة من القوانين التي يضفي عليها الدستور‬
‫صفة القوانين التنظيمية والتي يصوت عليها البرلمان وفق إجراءات خاصة مغايرة لتلك‬
‫المتبعة في وضع وتعديل القوانين العادية‪.1»...‬‬

‫من خالل هذه التعاريف يبدو التخلي عن المعيار المادي في تعريف القوانين التنظيمية‬
‫وهو تنظيم السلطات لفائدة المعيار الشكلي أي الجهة المحددة لها وفي هذا توسيع لمجال‬
‫القوانين التنظيمية خارج إطار تنظيم السلطات ولهذا اتفق الفقه تقريبا على تحديد ثالثة‬
‫شروط شكلية ال بد من توفرها في القوانين التنظيمية ويصفها األستاذ ‪«: F. LUCHAIR‬‬
‫بأنه ال بد أن تتوافر فيها الشروط اآلتية‪:‬‬

‫* أن يتم اعتبارها قوانين تنظيمية بواسطة نص دستوري‪.‬‬

‫* أن يتم التصويت عليها وتعديلها وفق اإلجراءات المحددة في الدستور‪.‬‬

‫* أن يصرح المجلس الدستوري بمطابقتها للدستور قبل إصدارها‪.2».‬‬

‫وبهذه المفاهيم فإن كل نص حدده الدستور وأعطاه صفة القانون العضوي يعتبر كذلك‬
‫حتى ولو لم يتطرق ذلك النص إلى مجاالت تدخل في مجال التخصص الدستوري(المعيار‬
‫المادي) وبمفهوم المخالفة فإن كل نص أو قانون لم يعطيه الدستور صفة القانون التنظيمي‬
‫ال يعتبر كذلك حتى ولو كان مجاله هي معالجة مجال يدخل في صميم القانون الدستوري‪.‬‬

‫أما في فرنسا فقد بينت المادة ‪ 1/61‬من الدستور الفرنسي ‪ 1958/10/04‬حاالت‬


‫تعرض على رقابة المجلس الدستوري وجوبا وهي القوانين األساسية ولوائح المجالس النيابية‬

‫‪ - 5‬مصطفى قلوش‪ ،‬رقابة دستورية القوانين على ضوء الفصل ‪ 26‬من الدستور المغربي ‪ ،‬المجلة المغربية للمنازعات‬
‫القانونية‪ ،‬العددان ‪.6-5‬‬
‫‪1-F. LUCHAIRE, Les Lois Organiques devant le conseil constitutionnel , R. D. P., 1991. p.‬‬
‫‪382.‬‬

‫‪208‬‬
‫وتمارس عليها رقابة قبلية أي قبل إصدارها حتى يقرر المجلس الدستوري مدى مطابقتها‬
‫للدستور وفي حالة توصل المجلس الدستوري الفرنسي إلى نتيجة مفادها أن هذه القوانين‬
‫مخالفة للدستور فإنه يمنع إصدارها والعمل بها‪.1‬‬

‫ظهر في الجزائر مفهوم القوانين العضوية (األساسية) مع دستور ‪28‬نوفمبر‪1996‬‬


‫وحسب المادة ‪ 165‬من الدستور الجزائري يبدي رأيه وجوبا في مدى مطابقة القوانين‬
‫العضوية للدستور وذلك بعد المصادقة عليها من طرف البرلمان وقبل إصدارها من طرف‬
‫رئيس الجمهورية‪.2‬‬

‫المقصود بالقوانين العضوية هي طائفة من القوانين تصدر من الناحية الشكلية من نفس‬


‫الجهة التي تصدر القانون العادي ومن الجانب الموضوعي‪ ،‬فهي تعالج مواضيع تدخل في‬
‫مجاالت الدستور‪ ،‬وقد حددها المشرع الجزائري على سبيل الحصر في المادة ‪ 123‬منه‬
‫وجعلها خاضعة لرقابة وجوبية من طرف المجلس الدستوري‪ ،‬ذاته وتتعلق القوانين العضوية‬
‫بمعالجة المجاال ت المتعلقة بتنظيم السلطات ونظام االنتخابات والقانون المتعلق باألحزاب‬
‫السياسية وقانون السلطات واإلعالم والقانون األساسي للقضاء وتنظيم القضائي والقانون‬
‫المتعلق باألمن الوطني والقانون المتعلق بقوانين المالية‪.3‬‬

‫إضافة إلى طائفة أخرى من القوانين العضوية تم النص عليها في الدستور ولم تشملها‬
‫المادة ‪ 123‬من دستور ‪.41996‬‬

‫ولإلشارة فإن هذا النوع من القوانين ال يمكن إصداره من قبل رئيس الجمهورية حتى يتلقى‬
‫الرأي من طرف المجلس الدستوري وتؤكد ذلك المادة ‪ 165‬من دستور الجزائر ‪1996‬‬
‫بنصها على أن المجلس الدستوري يبدي رأيه وجوبا في دستورية القوانين العضوية بعد‬
‫مصادقة البرلمان عليها وفي حالة ما جاء رأي المجلس الدستوري قاضيا‪ ،‬بأن القانون‬

‫‪ -1‬محمد سلمان عبد العزيز‪ ،‬رقابة دستورية القوانين‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،1995 ،‬ص ‪.200‬‬
‫‪ -2‬إلياس جوادي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 123‬من دستور الجزائر لعام ‪.1996‬‬
‫‪ -4‬مسعود شيهوب‪ ،‬الرقابة على دستورية القوانين النموذج الجزائري ‪ ،‬مجلة النائب‪ ،‬العددان ‪ 2005 ،6-5‬ص ‪– 36‬‬
‫‪.37‬‬

‫‪209‬‬
‫العضوي محل الرقابة غير مطابق للدستور فإن لرئيس الجمهورية أحد خيارين بينتهما المادة‬
‫‪ 02‬من النظام الداخلي للمجلس الدستوري‪.1‬‬

‫‪ -1‬الحالة األولى‪ :‬إذا صرح المجلس الدستوري بأن القانون المعروض عليه لفحص‬
‫مدى مطابقته للدستور يتضمن حكما‪ ،‬غير مطابق للدستور مع عدم مالحظته بأن الحكم‬
‫المعني ال يمكن فصله عن باقي أحكام القانون يمكن لرئيس الجمهورية أن يصدر القانون‬
‫بدون الحكم المخالف للدستور أي المواد المخالفة للدستور‪.2‬‬

‫‪ -2‬الحالة الثانية‪ :‬بمفهوم المخالفة لنص المادة ‪ 02‬من النظام المحدد لقواعد عمل‬
‫المجلس الدستوري فإنه إذا صرح المجلس الدستوري أن القانون المعروض عليه يتضمن‬
‫حكما غير مطابق للدستور ‪،‬والحظ في ذات الوقت أن الحكم المعني ال يمكن فصله عن‬
‫باقي أحكام القانون‪ ،‬في هذه الحالة على رئيس الجمهورية أن يطلب من البرلمان قراءة‬
‫جديدة للنص وفي هذه الحالة يعرض الحكم المعدل على المجلس الدستوري لمراقبة مطابقته‬
‫للدستور‪.3‬‬

‫ما يالحظ على نص المادة ‪ 02‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري أنها‬
‫تنقصها الدقة خاصة عندما تقول‪...«:‬أن يطلب من البرلمان قراءة جديدة للنص‪»...‬هل‬
‫المقصود بكلمة نص كل النص القانوني ؟ أم تقصد النص الذي قضى المجلس الدستوري‬
‫بعدم دستوريته خاصة وأنه مرتبط بباقي القانون في كليته ؟ وتعديله يمكن أن يؤدي بالمساس‬
‫بباقي النص‪.‬‬

‫وتطلق على هذه الطائفة من القوانين عدة تسميات فقد تسمى القوانين التنظيمية في فرنسا‬
‫والمغرب أو األساسية في تونس أو العضوية في الجزائر أو النظامية في موريتانيا‪.‬‬

‫‪ -1‬رشيدة العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.146‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 02‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري المعدل والمتمم بالمداولة المؤرخة في ‪ 03‬مايو ‪.2012‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 02‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري ‪ ،‬عدد ‪ 48‬مؤرخ في ‪ 06‬أوت ‪ .2000‬المعدل بالمداولة‬
‫‪ 03‬ماي ‪.2012‬‬

‫‪210‬‬
‫يبدو أن هذه التسميات مرتبطة بالوظيفة التي تؤديها هذه الطائفة من القوانين ولهذا‬
‫تختلف من دستور إلى دستور فمن يعتبرها قوانين مهمتها تنظيم السلطات فيجعلها تنظيمات‬
‫ومن يعتبرها مكملة للدستور يعتبرها قوانين أساسية‪.‬‬

‫يبدو ان الترجمة والتسمية األصح هو ما أخذ به المشرع الجزائري في دستور ‪1996‬‬


‫وهي القوانين العضوية المستمدة من كلمة "‪ "Loi organique‬فهي تعادل بين كلمتي‬
‫‪ organe‬عضو وتبعد كل تداخل أو تشابه مع طوائف أخرى من القوانين كالقوانين التنظيمية‬
‫المتداخلة مع التنظيم "‪ "Le règlement‬والقوانين األساسية التي تعني الدستور‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ما نالحظه أن كال من دساتير الفرنسي المغربي الجزائري‪ 1‬والدستور الموريتاني‬
‫والدستور التونسي‪ 3‬لم يعرف القوانين العضوية وانما ذكر المجاالت التي يتم التشريع فيها‬
‫بواسطة قانون عضوي‪.‬‬
‫لكن الدستور اإلسباني في المادة ‪ 1/81‬أعطى لها تعريفا بسيطا وجعلها مجموعة‬
‫القوانين المتعلقة بالحقوق األساسية والحريات العامة وتلك التي تصادق على أنظمة المناطق‬
‫المستقلة والنظام االنتخابي العام وباقي القوانين التنظيمية المنصوص عليها في الدستور‪.4‬‬
‫يبدو أن الدستور اإلسباني لم يذكر مجاالت القانون العضوي على سبيل الحصر على‬
‫عكس ما فعل نظرائه في فرنسا والجزائر والمغرب وموريتانيا وانما أعطاها أكثر مرونة ولم‬
‫يقصي مجاالت أخرى من اختصاص القانون العضوي‪.‬‬
‫أما التعريف الفقهي فيعرفها األستاذ ‪ « :P.TURPIN‬بأنها تلك القوانين التي يعتبرها‬
‫الدستور كذلك ويتم وضعها وفق إجراءات خاصة منصوص عليها في الدستور »‪.5‬‬
‫ثانيا– مراقبة القاضي الدستوري إلجراءات إعداد القانون العضوي ‪:‬‬
‫اعتبا ار أن القوانين العضوية هي طائفة من القوانين التي تدخل وتهتم بتنظيم سلطات‬
‫وهيئات ومجاالت من المفروض أن تنظم بنص دستوري واعتبار أن النص الدستوري هو‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 123‬من دستور الجزائر لعام ‪ 1996‬المعدل و المتمم‪.‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 67‬من دستور موريتانيا لسنة ‪.1991‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 3/28‬من دستور تونس المعدل ‪1995‬‬
‫‪ -4‬نور الدين أشحشاح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.315‬‬
‫‪ -5‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫الذي يحيل في هذا المجال على القوانين العضوية فإن المشرع ألزم الهيئة صاحبة التشريع‬
‫بقوانين عضوية بااللتزام بمجموعة من اإلجراءات تعتبر أكثر صعوبة وتعقيدا من إنتاج‬
‫القانون العادي‪.‬‬
‫‪ -1‬تحديد مجاالت القوانين العضوية ‪:‬‬
‫إن نص المادة ‪ 123‬من دستور الجزائر ‪ 1996‬اشترط بأن تتم المصادقة على القانون‬
‫العضوي بنسبة األغلبية المطلقة للنواب أي ‪ %50‬فاكثر في المجلس الشعبي الوطني‬
‫أعضاء مجلس األمة كما جعل رئيس الجمهورية ملزما بإخطار‬ ‫باإلضافة إلى مصادقة‬
‫المجلس الدستوري لمراقبة مدى مطابقة القانون العضوي للدستور قبل إصداره‪.1‬‬
‫وأنه بناء على رأي المجلس الدستوري الجزائري رقم ‪ 99/08‬المؤرخ في ‪ 99/2/21‬جاء‬
‫مايلي‪ …«:‬اعتبا ار أن المجلس الدستوري يتأكد عند إخطاره بالقوانين العضوية‪ ،‬وقبل الفصل‬
‫في مطابقتها شكال وموضوعا للدستور‪ ،‬من أن المصادقة على هذه القوانين العضوية قد‬
‫تمت من حيث الشكل وفق اإلجراءات المنصوص عليها في المادة ‪ 123‬من الدستور»‪.2‬‬
‫وتتم مراقبة مدى مطابقة القوانين العضوية مع الدستور من ناحيتين تختص الناحية‬
‫اللثانيةأولى الجانب الشكلي اإلجرائي‪ ،‬بمعنى هل احترمت اإلجراءات والشكليات المنصوص‬
‫عليها في الدستور عند إنتاج القانون العضوي بمختلف مراحله من مرحلة االقتراح إلى مرحلة‬
‫المصادقة ؟‬

‫أما الناحية الثانية فالدراسة تتم من الجانب الموضوعي فتتم مقارنة مواد القانون العضوي‬
‫مع ما جاء في الدستور ويستعمل المجلس الدستوري في هذا المجال عدة مناهج وأساليب‪.3‬‬

‫مع اإلشارة إلى أن هناك مجاالت أخرى يتم تنظيمها بواسطة قوانين عضوية جاء النص‬
‫عليها في دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ ،1996‬ومنها تنظيم المحكمة العليا‪ ،‬ومجلس الدولة ومحكمة‬
‫التنازع وعملهم واختصاصاتهم األخرى (المادة ‪ ،)153‬تشكيل المجلس األعلى للقضاء‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 123‬من دستور الجزائر ‪ 28‬نوفمبر ‪1996‬المعدل والمتمم‪.‬‬


‫‪ -2‬رأي المجلس الدستوري رقم ‪ /08‬ر‪ .‬ق‪ .‬ع‪ /‬م د‪ 99 /‬مؤرخ في ‪ 21‬فبراير ‪ 1999‬ج ر ‪،99/15‬‬
‫البرلمان الجزائري وفق دستور ‪ 1996‬في مادته ‪ 98‬مشكل من غرفتين الغرفة السفلى تسمى المجلس الشعبي الوطني الغرفة‬
‫العلياتسمى مجلس األمة‪.‬‬
‫‪ -3‬رشيدة العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.149‬‬

‫‪212‬‬
‫وعمله‪ ،‬وصالحياته األخرى (المادة ‪ ،)157‬المحكمة العليا للدولة المختصة بمحاكمة رئيس‬
‫الجمهورية والوزير األول يتم تنظيمها وسيرها واجراءات بواسطة قانون عضوي (المادة‬
‫‪.)158‬‬

‫تنظيم حالة الطوارئ وحالة الحصار بموجب قانون عضوي (المادة ‪ ،1)92‬تنظيم حالة‬
‫وفاة أحد المرشحين لرئاسة الجمهورية (المادة ‪ ،)89‬انتخاب النواب وأعضاء مجلس األمة‪،‬أو‬
‫تعيينهم وشروط انتخابهم وحاالت التنافي (المادة ‪ ،)103‬الحاالت التي يقبل فيها البرلمان‬
‫استقالة أحد أعضائه (المادة ‪ ،)108‬حاالت استخالف النائب أو عضو مجلس األمة‬
‫صاحب المنصب الشاغر (المادة ‪.)112‬‬

‫تنظيم المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬ومجلس األمة وعملها والعالقات الوظيفية بينهما وبين‬
‫الحكومة (المادة ‪.)115‬‬

‫‪ -‬تحديد شروط نشر مداوالت جلسات البرلمان (المادة ‪.)116‬‬

‫‪ -‬تحديد إجراءات أخرى لسن التشريع‪ ،‬الفقرة األخيرة من المادة ‪ 120‬التي تحيل على‬
‫إتباع اإلجراءات المتبعة وفق المادة ‪.115‬‬

‫إنه وبعملية حسابية بسيطة نجد هناك ثمانية عشرة مادة في الدستور مخصصة لمعالجة‬
‫ثمانية عشر مجال بواسطة قانون عضوي ‪،‬وفي المقابل نجد ‪ 30‬حالة على سبيل الحصر‬
‫ذكرتها المادة ‪ 122‬من دستور ‪ ،1996‬لصالح القانون العادي فالنسبة المئوية تتجاوز ‪50‬‬
‫‪ 18( %‬مجال من ‪ 30‬مجال)‪ ،‬ولهذه النسبة المئوية داللتها‪.‬‬

‫يبدو أن النظام الجزائري لم يصدر كل القوانين العضوية التي تم النص عليها في‬
‫الدستور رغم أهمية المجاالت التي تعالجها على عكس المؤسس التشريعي الفرنسي الذي‬
‫أصدر كل القوانين العضوية التي نص عليها الدستور باستثناء القانون العضوي المتعلق‬
‫بتطبيق المادة ‪ 34‬من الدستور الفرنسي لعام ‪.21958‬‬

‫‪ -1‬المواد ‪ 92 ،158 ،157 ،153 ،123‬من دستور الجزائر لعام ‪ 1996‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ -2‬فطة نبالي ‪ ،‬دور المجلس الدستوري في رقابة مطابقة القوانين العضوية للدستور‪ ،‬المجلة النقدية للقانون والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬العدد ‪ ،2‬ص ‪.135‬‬

‫‪213‬‬
‫كما نشير إلى أنه استمر العمل بالقوانين العادية في الجزائر بعد تبني دستور ‪ 1996‬في‬
‫مجاالت مخصصة للقانون العضوي وهذا اعتمادا على الفقرتين األولى والثانية من المادة‬
‫‪ 180‬والتي سمحت باستمرار مفعول القوانين التي تتعلق بمواضيع تدخل ضمن مجال‬
‫القوانين العضوية إلى أن تعدل أو تستبدل وفق اإلجراءات المنصوص عليها في‬
‫الدستور‪ ،‬وهذا اإلجراء جاء تفاديا للوقوع في فراغ تشريعي‪ ،‬وخاصة أن تلك المرحلة أي‬
‫مرحلة صدور دستور ‪ ،1996/12/28‬جاءت بعد مرحلة فراغ مؤسساتي كانت الدولة‬
‫الجزائرية تعمل على إعادة انتخاب المؤسسات الدستورية‪ ،‬التي بدورها تصنع وتنتج القوانين‬
‫العضوية‪.1‬‬

‫كما نالحظ أن رئيس الجمهورية ملزم بإخطار المجلس الدستوري بمراقبة مدى مطابقة‬
‫القانون العضوي للدستور حسب المادة ‪ 165‬من الدستور‪ ،‬ويبدي المجلس الدستوري رأيه‬
‫خالل العشرين (‪ 20‬يوما) الموالية لإلخطار‪ ،‬حسب المادة ‪ 167‬من الدستور ‪.1996‬‬

‫لكن الدستور الجزائري لسنة ‪ 1996‬ترك بابا لرئيس الجمهورية يمكنه أن يستغني من‬
‫خالله على القوانين العضوية باللجوء إلى االستفتاء حول المجاالت المخصصة للقانون‬
‫العضوي بهدف إلغاء ضمني لقانون عضوي نافذ أو تعديل قانون عضوي آخر باعتماده‬
‫على المادة ‪ 08/77‬من الدستور ذاته‪.2‬‬

‫وهذا األمر موجود في النظام الفرنسي حيث تخول المادة ‪ 11‬من دستور فرنسا ‪1958‬‬
‫لرئيس الجمهورية بين دورتي البرلمان وبناء على اقتراح من الحكومة أو بناء على اقتراح من‬
‫غرفتي البرلمان أن يعرض لالستفتاء أي مشروع قانون يتضمن تنظيم السلطات مع العلم أن‬
‫تنظيم السلطات يدخل في مجال القوانين األساسية (العضوية) في الدستور الفرنسي‪.3‬‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.136 ،135‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 8/77‬من دستور‪ 1996‬المعدل والمتم‪:‬‬
‫"يضطلع رئيس الجمهورية‪ ،‬باإلضافة إلى السلطات التي تخولها إياه صراحة أحكام أخرى في الدستور‪ ،‬بالسلطات‬
‫والصالحيات اآلتية‪ - :‬يمكنه أن يستشير الشعب في كل قضية ذات أهمية وطنية عن طريق االستفتاء"‪.‬‬
‫‪ -3‬فطة نبالي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.137‬‬

‫‪214‬‬
‫كما يمكن لرئيس الجمهورية في الجزائر تفادي عرض القوانين العضوية على المجلس‬
‫الدستوري وذلك بتضمين القوانين العادية مواد تدخل في مجاالت القانون العضوي‪ ،‬وبما أن‬
‫القانون العادي غير خاضع وجوبا لرقابة المجلس الدستوري فإنه يمكن أن يخالف الدستور‬
‫باإلضافة إلى أن الرقابة الالحقة للمجلس الدستوري على القوانين الصادرة في الجريدة‬
‫الرسمية والنافذة ال يمكنه مراقبتها إال بعد إخطاره من رئيس الجمهورية أو أحد رئيسي غرفتي‬
‫البرلمان حسب المادة ‪ 166‬من دستور ‪ ،1996‬وبهذا لن يتم اإلخطار بسبب وجود أغلبية‬
‫رئاسية بالبرلمان الجزائري‪.1‬‬

‫أما فيما يتعلق بمصادقة رئيس الجمهورية على معاهدة تتضمن تعديل قانون عضوي فإذا‬
‫كان بإمكانه المصادقة على معاهدة تعدل قانون عادي باعتبار الدستور جعل المعاهدة تسمو‬
‫على القانون العادي (المادة ‪ ،)132‬وبناء عليه واعتبار أن القانون العضوي هو قانون‬
‫بالمفهوم الواسع لكلمة قانون وليس بمفهوم التشريع فإن المعاهدة التي يصادق عليها رئيس‬
‫الجمهورية تسمو على القانون العضوي وبهذا يمكن أن تعدله‪.2‬‬

‫‪ -2‬تحديد مرتبة القوانين العضوية في الهرم الدستوري ‪:‬‬

‫ال بد من أن نوضح بأن مرتبة القوانين العضوية ليست محل اتفاق فقهي ولم يفصل فيها‬
‫المجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬فإذا كانت قوانين مطبقة ومكملة للدستور وتخضع لرقابة مدى‬
‫مطابقتها له في الشكل وفي المضمون فهذا يدل على أنها أدنى درجة من الدستور‪ ،‬أما‬
‫بالنسبة للمعاهدات الدولية فقد فصلت المادة ‪ 132‬من الدستور في ذلك باعتبار القانون جاء‬
‫بصفته العامة فهي أدنى درجة من المعاهدات التي تشكل مرجعية بالنسبة للقانون العضوي‬
‫أي أحكام القانون الدولي‪.3‬‬

‫أما اإلشكال في درجة القوانين العضوية مقارنة باألنظمة الداخلية لغرفتي البرلمان فهل‬
‫إلزام األنظمة الداخلية لغرفتي البرلمان بأن تطابق القانون العضوي المكمل للدستور يجعلها‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه ‪.‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 166‬من الدستور ‪ ":1996‬يخطر رئيس الجمهورية أو رئيس المجلس الشعبي الوطني أو رئيس مجلس األمة‪،‬‬
‫المجلس الدستوري"‪.‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 132‬من دستور الجزائر ‪.1996‬‬

‫‪215‬‬
‫في مرتبة أقل منه فقد رأى بعض الفقه أن للقوانين العضوية نفس درجة القانون العادي ورأى‬
‫بعض آخر بأن للقوانين العضوية درجة أسمى من القانون العادي‪.‬‬
‫القاضي الدستوري هو الذي يفصل في مدى التدرج بين القانون العضوي والقانون العادي‬
‫باعتبار األول امتداد ماديا للدستور لكنه يعتبر كالهما تشريع‪.1‬‬
‫يرى بعض الكتاب أن القوانين العضوية ال يحكمها معيار التدرج الهرمي ‪،‬وانما يحكمها‬
‫معيار التخصص‪ ،‬وبذلك فهي قوانين عادية من حيث الدرجة‪ ،‬وقوانين متخصصة من حيث‬
‫المجال‪،‬فقط لكنها ال تملك مرتبة دستورية‪.‬‬
‫إال أن البعض يرى أن القوانين العضوية تملك مرتبة أعلى من التنظيم ‪،‬واألنظمة‬
‫الداخلية للبرلمان‪ ،‬لكنها تساوي القانون العادي‪.‬‬
‫بالنتيجة فإن رقابة القاضي الدستوري لمدى مطابقة القانون العضوي للدستور ينطلق من‬
‫أن القانون العضوي يدخل ضمن الكتلة الدستورية‪ ،‬وبهذا ال بد أن يخضع القانون العادي‬
‫للقانون العضوي‪.‬‬
‫يرى األستاذ ‪-‬مصطفى قلوش‪ ...«:-‬يفرق بين نوعين من الرقابة على القوانين‬
‫التنظيمية (العضوية) ‪،‬فيجعل من أحدها رقابة أصلية‪ ،‬والثانية‪ ،‬رقابة عرضية ويقصد‬
‫بالرقابة األصلية التي يمارسها المجلس الدستوري بناء على إحالة وجوبية من أجل التقرير‬
‫بصفة أصلية بأن القانون ال يتضمن ما يتعارض مع الدستور‪ ،‬وفي إطار هذا النمط من‬
‫الرقابة يملك المجلس الدستوري الحق في النظر في القوانين المعروضة عليه من ناحية‬
‫الشكل والجوهر من أجل تبيين مدى اتفاقها أو مخالفتها مع مقتضيات الدستور وأحكامه‪،‬‬
‫والتي تقابلها الرقابة العرضية ويقصد بها تلك الرقابة التي يمارسها المجلس الدستوري من‬
‫غير أن يكون مطلوبا منه النظر في دستورية القوانين»‪.2‬‬
‫ثالثا – رقابة القاضي الدستوري للجانب الموضوعي للقوانين العضوية ‪:‬‬
‫حدد المشرع سواء‪ ،‬في فرنسا‪ ،‬أو في الجزائر‪ ،‬أو المغرب وتونس مجال القانون العضوي‬
‫على سبيل الحصر وكذا مجال القانون العادي‪ ،‬وجعلها من اختصاص البرلمانات لكن‬
‫بإجراءات إعداد وتصويت وتعديل مختلفة وترك باب التنظيم مفتوحا لصالح رئيس الدولة أو‬

‫‪ -1‬فطة نبالي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.140‬‬


‫‪ -2‬نور الدين أشحشاح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.812‬‬

‫‪216‬‬
‫لصالح الوزير األول‪ ،‬وأول ما يواجهه القاضي الدستوري عند بسط رقابته على مشروع‬
‫القانون العضوي هو تحديد ما إذا كان المجال الذي يعالجه مشروع القانون العضوي يدخل‬
‫في االختصاصات التابعة له أم أنه اخترق مجاالت تدخل في اختصاص القانون العادي‪،‬‬
‫وفي مرحلة الحقة يجد القاضي الدستوري نفسه ملزما برقابة مدى احترام مشروع القانون‬
‫العضوي ذاته الختصاصه النوعي وعدم تعديه على مجاالت اختصاص قانون عضوي آخر‪،‬‬
‫ولهذا نعالج هذا النوع من الرقابة في نقطتين‪:‬‬
‫‪ - 1‬رقابة القاضي الدستوري لالختصاص المحدد دستوريا للقانون العضوي ‪:‬‬

‫لقد اعتمد المجلس الدستوري الفرنسي بشأن احتواء القانون العضوي على مواد تدخل في‬
‫‪Reclassement ou‬‬ ‫مجال اختصاص القانون العادي تقنية إعادة التصنيف‪":‬‬
‫‪.1"déclassement‬‬

‫يفسر هذا المعنى عمليا بأن المجلس الدستوري الفرنسي ‪،‬وبمناسبة رقابته على مشروع‬
‫القوانين العضوية‪ ،‬إذا وجده يتضمن مواد تدخل في مجال اختصاص القانون العادي فإنه ال‬
‫يقضي بعدم دستوريته وانما يراقب مدى مطابقتها للدستور‪ ،‬بصفتها قانون عادي وليس‬
‫بصفتها قانون عضوي‪ ،‬ويعيد تصنيفها في مجال القانون العادي وال يحكم بعدم دستوريتها‬
‫وهذا ما جاء في قرار ‪ 26‬جوان ‪ 1987‬وقرار ‪ 10‬مارس ‪.21988‬‬

‫كما اعتمد المجلس الدستوري نفس الحل‪ ،‬إذا تعلق األمر باحتواء مشروع قانون عضوي‬
‫محل رقابة أمام المجلس الدستوري‪ ،‬على مواد تدخل في مجال اختصاص النظام الداخلي‬
‫ألحدى غرفتي البرلمان‪.3‬‬

‫أما في حالة ما إذا تضمن قانون عادي أحكاما تدخل ضمن مجال اختصاص قانون‬
‫عضوي ف إن القاضي الدستوري الفرنسي يصرح بعدم دستورية تلك األحكام التشريعية التي‬
‫تدخلت في مجال اختصاص القانون العضوي‪.4‬‬

‫‪1-F.LUCHAIRE, Le Conseil constitutionnel, t. 1, organisation et attributions, op.cit., P. 136.‬‬


‫‪ - 2‬فطة نبالي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.164‬‬
‫‪3- F.LUCHAIRE, Ibid.‬‬
‫‪4- D.ROUSSEAU, Droit du contentieux constitutionnel, op.cit., P 164.‬‬

‫‪217‬‬
‫‪ -2‬دور القاضي الدستوري في رقابة االختصاص النوعي للقوانين العضوية‪:‬‬

‫تتم رقابة القاضي الدستوري الجزائري على مشروع القانون العضوي في إطار مدى‬
‫مطابقت ه للدستور من حيث إتباع المشرع إجراءات حددها الدستور في إنتاج القانون العضوي‬
‫وأنه احترم المجال الذي حدده له الدستور ولم يعتدى على مجال القانون العادي كما يراقب‬
‫مدى مطابقة مشروع القانون العضوي مع أحكام الدستور من الجانب الموضوعي‪.1‬‬

‫ومن خالل رأي المجلس الدستوري الجزائري المؤرخ في ‪ 16‬نوفمبر ‪ 2002‬رقم ‪ 13‬أكد‬
‫على خصوصية المجال المحدد للقوانين العضوية‪ ،‬ومن بين ما جاء في قرار المجلس‬
‫الدستوري الجزائري ما يفيد أن إدراج الدستور الجزائري تنظيم القانون األساسي للقضاء ضمن‬
‫مجال القانون العضوي حسب المادة ‪ 05/ 123‬من دستور ‪ 1996‬فقد حدد للقانون العضوي‬
‫اختصاصا حصريا وبهذا يكون المجلس الدستوري الجزائري قد أكد اختصاصه بمراقبة مدى‬
‫احترام القانون العضوي للمجال المحدد دستوريا‪.2‬‬

‫بالنتيجة فإن القاضي الدستوري الجزائري ال يكتفي برقابة مدى احترام القانون العضوي‬
‫لمجاله مقارنة بمجال القانون العادي وانما يهدف إلى إبقاء كل قانون عضوي في مجاله‬
‫الخاص به دستوريا‪.3‬‬

‫أما في مسألة رقابة القاضي الدستوري الجزائري على توزيع االختصاص بين القانون‬
‫العادي والقانون العضوي باعتبارهما تشريعا صادر من نفس الجهة ومختلفا من حيث‬
‫مجاالته ومن حيث إجراءات سنه ومن حيث إلزامية خضوعه للرقابة من طرف المجلس‬
‫الدستوري بعد صدوره فقد توجه المجلس الدستوري الجزائري إلى المجلس الشعبي الوطني‬
‫(الغرفة السفلى في البرلمان الجزائري) داعيا إياه إلى احترام توزيع االختصاصات بين‬

‫‪ -1‬رأي رقم ‪/13‬ر‪ .‬ق‪ .‬ع‪ /‬م د‪ 02 /‬مؤرخ في ‪ 16‬نوفمبر ‪ 2006‬يتعلق بمطابقة القانون العضوي المتضمن القانون‬
‫األساسي للقضاء مع الدستور‪ ،‬ج ر رقم ‪ 76‬مؤرخة في ‪ 24‬نوفمبر ‪ ،2006‬أحكام الفقه الدستوري الجزائري رقم ‪،7‬‬
‫‪ ،2007‬ص ‪.11‬‬
‫‪ - 2‬فطة نبالي ‪ ،‬دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات العامة‪ ،‬مجال ممدود وحول محدود‪ ،‬أطروحة دكتوراه‬
‫علوم‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،2010 ،‬ص ‪.155 – 154‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪218‬‬
‫التشريع العادي والتشريع العضوي وعدم إخضاع أحكام ذات طبيعة تشريعية عادية إلجراءات‬
‫إعداد القوانين العضوية‪.1‬‬

‫وحسب رأي المجلس الدستوري رقم ‪ 10‬ما يفيد أنه باعتبار المادة ‪ 59‬من النظام الداخلي‬
‫للمجلس الشعبي الوطني موضوع اإلخطار تخضع كل مشروع أو مقترح قانون تضمن حكما‬
‫أو أحكاما تدخل في مجال اختصاص القانون العضوي خاضعا لإلجراءات المطلوبة عند‬
‫إعداد قانون عضوي والمصادقة عليه مما يستنتج أن األحكام التي تدخل ضمن القانون‬
‫العادي تخضع إلجراءات اإلعداد والمصادقة نفسها‪.2‬‬

‫إن إجراءات القانون العضوي التي نص عليها الدستور و مجال تدخل كل من القانون‬
‫العضوي والقانون العادي جاء محددا في المواد ‪ 122‬و‪ 123‬من دستور ‪ 1996‬باإلضافة‬
‫إلى أحكام أخرى في الدستور وأن الدستور أقر لكل صنف منهما إجراءات مصادقة مختلفة‬
‫فالقانون العضوي يخضع ألحكام الفقرتين ‪ 01‬و‪ 02‬من المادة ‪ 123‬من الدستور ويخضع‬
‫قبل صدوره وجوبا لرقابة مطابقة للدستور المادة ‪ 165‬من دستور ‪ 1996‬على عكس القانون‬
‫العادي‪.‬‬

‫بالنتيجة توصل المجلس الدستوري الجزائري إلى أن المجلس الشعبي الوطني قد أخل‬
‫بتوزيع االختصاص المحدد في الدستور بين التشريع بقوانين عضوية والتشريع بقوانين‬
‫عادية‪.3‬‬

‫كما جاء في رأي المجلس الدستوري الجزائري رقم ‪ 01‬المؤرخ في ‪ 17‬يونيو ‪2005‬‬
‫بمناسبة مراقبة مدى مطابقة القانون العضوي المتعلق بالتنظيم القضائي للدستور ما يفيد أن‬
‫المشرع عندما أقر بإمكانية إنشاء هيئات قضائية تسمى "أقطاب قضائية متخصصة من‬
‫خالل المادة ‪ 24‬من مشروع القانون العضوي المتعلق بالتقسيم القضائي يكون قد أخل بتوزيع‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه ص ‪.155‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪-3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.156 – 155‬‬

‫‪219‬‬
‫االختصاص بين القانون العضوي والقانون العادي المبين في المواد ‪ 122‬و‪ 123‬من‬
‫الدستور"‪.1‬‬

‫‪ - 3‬دور القاضي الدستوري التونسي في رقابة اختصاص القوانين العضوية ‪:‬‬

‫أما في تونس فقد جاء في الفصل ‪ 28‬من الدستور أن القوانين المنصوص عليها‬
‫بالفصول ‪ 71-70-69-68-67-66-10-09-08-04‬تعتبر قوانين أساسية (عضوية)‬
‫كما أضاف بأن القانون االنتخابي وقانون الميزانية يأخذ شكل قانون أساسي وبالرجوع إلى‬
‫تفحص هذه النصوص نجدها تتعلق بالمجاالت اآلتية‪:‬‬

‫علم الجمهورية التونسية وشعارها (الفصل ‪، )04‬حرية الفكر والتعبير والصحافة والنشر‬
‫واالجتماع وتأسيس الجمعيات والحق النقابي ( فصل ‪، )08‬حرمة المسكن وسرية المراسالت‬
‫( فصل ‪، )09‬حرية التنقل داخل البالد والى خارجها واختيار مقر اإلقامة (فصل ‪)10‬‬
‫‪،‬إجراءات انتخاب القضاة ( فصل ‪ ،)66‬المجلس األعلى للقضاء (فصل ‪ )67‬صالحيات‬
‫وتركيبة المحكمة العليا واجراءاتها (فصل ‪، )68‬مجلس الدولة ومشموالته واج ارءاته (فصل‬
‫‪ ،)69‬تركيب المجلس االقتصادي واالجتماعي وعالقاته بمجلس النواب ( فصل ‪،)70‬‬
‫ممارسة المجالس البلدية والمجالس الجهوية المصالح المحلية (فصل ‪.2)71‬‬

‫تتمحور هذه الفصول حول الحريات وحقوق المواطن وتنظيم السلطات الدستورية‬
‫واجراءات عملها وهكذا تكون هذه المحاور امتداد للدستور بالمفهوم المادي‪.3‬‬

‫كما حدد الدستور إجراءات لصياغة القوانين األساسية تختلف عن تلك المحددة لصياغة‬
‫القانون العادي ‪،‬فال يعرض مشروع قانون أساسي على مداولة النواب إال بعد مضي ‪15‬‬
‫يوما على إيداعه ‪ ،‬لتمكين النواب من فحصه بطريقة جدية وتعميق النظر فيه وتتم المصادقة‬

‫‪ - 1‬رأي رقم ‪/ 01‬ر‪ .‬ق‪ .‬ع‪ /‬م د‪ 05 /‬مؤرخ في ‪ 17‬يونيو ‪ 2005‬يتعلق بمدى مراقبة القانون العضوي المتعلق بالتنظيم‬
‫القضائي للدستور‪ ،‬ج ر رقم ‪ 05‬مؤرخة في ‪ 20‬جويلية ‪.2005‬‬
‫‪ - 2‬زهير المضفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.93 – 92‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪220‬‬
‫على القانون األساسي بأغلبية ‪ 2/3‬من مجلس النواب‪ ،‬وتعرض مشاريع القوانين األساسية‬
‫وجوبا على المجلس الدستوري ليبت مدى مطابقتها للدستور‪.1‬‬

‫إن رقابة القاضي الدستوري التونسي لمشاريع القوانين المعروضة عليه تتم من حيث‬
‫الشكل ومن حيث الموضوع‪.‬‬

‫أ‪ -‬من حيث الشكل ‪:‬‬

‫فمن حيث الشكل تكتسي الشكليات واإلجراءات أهمية كبيرة في مجال رقابة دستورية‬
‫القوانين ‪ ،‬وقبل الفصل في الناحية الشكلية يجد القاضي الدستوري التونسي نفسه ملزما‬
‫بتصنيف النصوص إلى قوانين أساسية‪ ،‬وقوانين عادية‪ ،‬من جهة وتحديد المجال المخصص‬
‫لكل منهما من جهة أخرى‪ ،‬بمعنى أنه ال يمكن تقديم مشروع قانون عادي في المجاالت‬
‫المنصوص عليها في الفصول ‪71- 70- 69- 68- 67- 66- 10 -9 – 8- 4‬‬
‫المذكور سابقا ألنها مجاالت يتم التشريع فيها بواسطة قانون عضوي‪ ،‬وذلك بإحالة عليها‬
‫بناء على الفصل ‪ 28‬من الدستور‪.2‬‬

‫واإلشكال يطرح أمام القاضي الدستوري التونسي ألن الدستور لم يحدد اختصاصات‬
‫التشريع العادي على سبيل الحصر بل ذكرها فقط في الفصلين ‪ 34‬و‪ 35‬من التعديل‬
‫الدستوري المؤرخ في ‪ 08‬أفريل ‪ ،1976‬خالفا لما جاء في دساتير فرنسا‪ ،‬المغرب‪ ،‬الجزائر‬
‫وموريتانيا‪ ،‬التي حددت دساتيرها على سبيل الحصر مجال التشريع بقوانين عادية‪ ،‬ومنعت‬
‫عليها الخروج على هذه المجاالت‪.‬‬

‫ب‪ -‬من حيث الموضوع ‪:‬‬

‫أما من حيث الموضوع فإن القاضي الدستوري التونسي يتأكد من مطابقة القانون‬
‫األساسي للدستور‪ ،‬من حيث أحكامه وعندما تتسم صياغة نص من أحكام القانون العضوي‬
‫بالغموض‪ ،‬مما يجعل له إمكانية عدة تأويالت بحيث تكون إحدى التأويالت مخالفة صراحة‬
‫لنص دستوري فالقاضي الدستوري يجد نفسه أمام خيارين‪.3‬‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪. 94‬‬


‫‪ -2‬زهير المظفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.108‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.110 – 109‬‬

‫‪221‬‬
‫*الخيار األول‪ :‬هو طلب من المشرع توضيح الفصل المعني بإعادة صياغته‪ ،‬قبل إبداء‬
‫الرأي فيه‬

‫*الخيار الثاني‪:‬إما أن يقر مطابقته للدستور مع إعادة صياغته ضمن مذكرة مستقلة ‪.1‬‬

‫جاء حسب مفهوم الفصل ‪ 72‬من الدستور التونسي على أن وجوب عرض مشاريع‬
‫القوانين المتعلقة بالقوانين األساسية‪ ،‬ومشاريع القوانين المتعلقة بالجنسية‪ ،‬وبالحالة الشخصية‬
‫وبااللتزامات‪ ،‬وبضبط الجرائم والعقوبات المطبقة عليها‪ ،‬لنظام الملكية وللحقوق العينية‬
‫وللتعليم وللصحة العمومية‪ ،‬وللشغل وللضمان االجتماعي‪.2‬‬

‫نذكر أن الرقابة الوجوبية للمجلس الدستوري التونسي ‪،‬تنبسط على كل القوانين األساسية‬
‫‪،‬وهي رقابة مدى مطابقة القانون األساسي مع الدستور‪ ،‬دون سواه وكذلك ال بد أن نشير إلى‬
‫أن المعاهدات الدولية المستوفية الشروط وفق الفصل ‪ 52‬من الدستور التونسي تعتبر أقوى‬
‫من القوانين نفس األمر مع المادة ‪ 132‬من الدستور الجزائري ‪ ...«:1996‬تسمو على‬
‫القانون‪.»...‬‬

‫تعتبر المادة ‪ 32‬من الدستور التونسي قاعدة آمرة تدخل ضمن تنظيم هرم النصوص‬
‫ولهذا البد للتشريع األساسي أن يحترمها ‪.‬‬

‫تمارس رقابة على التشريع األساسي في هذا المجال وفي ذلك احتراما للقاعدة الدستورية‬
‫المبينة في الفصل ‪ 32‬من الدستور التونسي‪ ،‬قبل أن تكون احترما للمعاهدة الدولية ذاتها‬
‫‪،‬ونفس المنطق يسري على احترام القانون العادي للقانون األساسي‪.3‬‬

‫يعرض رئيس الجمهورية على المجلس الدستوري مشاريع القوانين‪ ،‬التي تقدم بها النواب‬
‫بعد المصادقة عليها‪ ،‬وخالل أجل الختم والنشر المنصوص عليه في الفصل ‪ 52‬من‬
‫الدستور‪ ،‬وهذا في حالة العرض الوجوبي على المجلس الدستوري طبقا للفقرة األولى من‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -2‬الفصل ‪ 72‬من الدستور التونسي ‪.1959‬‬
‫‪3- M.CHAREF EDDINE, op.cit., p. 1 – 2.‬‬

‫‪222‬‬
‫الفصل ‪ 72‬من الدستور‪ ،‬ويعلم بذلك رئيس مجلس النواب‪ ،‬وتطبق في هذه الحالة أحكام‬
‫المادة ‪ 03‬من الفصل ‪ 73‬من الدستور‪.1‬‬

‫يبدو هنا تشابه كبير بين األسلوب المعتمد في دستور الجزائر ‪ 1996‬من خالل المادة‬
‫‪ 123‬والمادة ‪ 165‬وكذا الدستور التونسي من خالل الفصل ‪ 72‬و‪ 74‬من دستور ‪1959‬‬
‫وهذه المواد تلزم رئيسي الجمهوريتين بعرض مشاريع القوانين األساسية على المجلس‬
‫الدستوري بعد المصادقة عليها وقبل إصدارها وهنا يتضح لنا التأثر الواضح والكبير بما جاء‬
‫في الدستور الفرنسي ‪.1958‬‬

‫نشير من الناحية الواقعية في مسار المجلس الدستوري التونسي أنه حسب المادة ‪ 07‬من‬
‫قانون ‪ 18‬أفريل ‪1990‬المنشئ المنظم للمجلس الدستوري التونسي فإن كل القوانين العضوية‬
‫وبعض القوانين العادية المتعلقة بمجاالت محددة والتي أوجب هذا القانون العرض الوجوبي‬
‫لها على المجلس الدستوري التونسي إال أن الرئيس التونسي لم يعرض وال قانون متعلق‬
‫بالمصادقة على معاهدة دولية على المجلس الدستوري ألخذ رأيه قبل إصداره ومنها القانون‬
‫رقم ‪ 51/90‬المؤرخ في ‪ 07‬مارس ‪ 1990‬والمتعلق بالمصادقة على اتفاقية بين تونس‬
‫والنمسا حول الحماية االجتماعية‪.2‬‬

‫وكذلك هناك بعض القوانين التي تم إصدارها من طرف رئيس الجمهورية دون عرضها‬
‫على المجلس الدستوري التونسي حسب ما ينص عليها القانون مثل القانون رقم ‪15/91‬‬
‫المؤرخ في ‪ 25‬فبراير ‪ 1991‬المتعلق بتعديل قانون العمل‪.3‬‬

‫‪ -1‬فدوى مرابط ‪ ،‬المجلس الدستوري والرقابة على دستورية القوانين في المغرب العربي ‪ ،‬المجلة المغربية للمنازعات‬
‫القانونية‪ ،‬العددان ‪ ،2007 ،6-5‬ص ‪.84‬‬
‫‪2- R.BENACHOUR et A. LACHAAL, op.cit., p. 650.‬‬
‫‪3- Ibid. p. 651.‬‬
‫المادة ‪ 07‬من قانون ‪ 18‬أفريل ‪ 90‬يتعلق بالمجلس الدستوري التونسي‪ ":‬يعرض رئيس الجمهورية على المجلس الدستوري‬
‫مشاريع القوانين األساسية كما يعرض عليه مشاريع القوانين المتعلقة‪:‬‬
‫األساليب العامة لتطبيق الدستور‬ ‫‪-‬‬
‫بالجنسية‬ ‫‪-‬‬
‫بااللتزامات‬ ‫‪-‬‬

‫‪223‬‬
‫رابعا‪ -‬مدى تداخل وتباعد الرقابة على القوانين العضوية في األنظمة المغاربية ‪:‬‬

‫من حيث المهلة المخصصة بين إيداع مقترح القانون العضوي أو مشروع القانون‬
‫العضوي للمداولة من طرف البرلمان نجد كما يلي‪:‬‬

‫فرنسا ‪ 15‬يوما ‪،‬الجزائر ‪ 20‬يوما‪ ،‬المغرب ‪ 10‬أيام‪ ،‬تونس ‪ 30‬يوما‪.‬‬

‫‪ - 1‬من حيث طريقة التداول ‪:‬‬

‫يتم إقرار القانون العضوي أو تعديله في المغرب بداية من طرف المجلس المعروض عليه‬
‫النص أوال‪ ،‬ثم يحال النص على المجلس الثاني للتداول عليه وهذا في أجل ‪ 10‬أيام‪ ،‬واذا لم‬
‫تتم الموافقة على مشروع القانون العضوي أو مقترح القانون العضوي بعد تالوتين في كل‬
‫مجلس‪ ،‬أو بعد تالوة واحدة في كل مجلس ‪ ،‬و إذا طلبت الحكومة االستعجال‪ ،‬تقوم الحكومة‬
‫بتشكيل لجنة ثنائية من المجلسين لحل الخالف واقت ارح بدائل على المواد محل االختالف‪،‬‬
‫وبعده تقوم الحكومة بعرض النص بعد إدخال التعديالت عليه على المجلسين للمصادقة‬
‫عليه واق ارراه‪.‬‬

‫ال يجوز في هذه الحالة ألي مجلس إدخال أي تعديل على النص إال بموافقة الحكومة‬
‫واذا فشلت اللجنة المختلطة في اقتراح نص مشترك‪ ،‬أو إذا لم يقر أحد المجلسين النص‬
‫المقترح من الحكومة‪ ،‬يمكن للحكومة أن تقترح على مجلس النواب بمفرده‪ ،‬النص محل‬
‫الخالف بعد إجراء تعديالت عليه‪ ،‬على ضوء المناقشة البرلمانية وفي هذه الحالة األخيرة ال‬
‫يمكن لمجلس النواب المصادقة على النص المقترح من الحكومة إال باألغلبية المطلقة‬
‫لألعضاء الذين يتألف منهم‪.‬‬

‫يمر مشروع القانون العضوي في الجزائر على المجلس الشعبي الوطني بعد مضي ‪20‬‬
‫يوما‪ ،‬من إيداعه لدى أمانة المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬وبعد أن يحصل على األغلبية المطلقة‬
‫أعضائه‪ ،‬ثم‬ ‫ألعضاء المجلس الشعبي يحول إلى مجل األمة الذي يصوت عليه ب‬

‫بضبط الجرائم والعقوبات المنطبقة عليها واإلجراءات أمام مختلف أصناف المحاكم‬ ‫‪-‬‬
‫بالعفو التشريعي‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬بالمبادئ العامة لنظام الملكية وللحقوق العينية وللتعليم وللصحة وللشغل وللضمان االجتماعي‬

‫‪224‬‬
‫يحول إلى رئيس الجمهورية الذي ال يمكنه إصداره إال بعد أخذ رأي المجلس الدستوري وجوبا‬
‫حسب المادة ‪ 165‬من الدستور‪ ،‬ونجد المادة ‪ 73‬من الدستور التونسي تلزم رئيس الجمهورية‬
‫بأن يعرض القوانين األساسية على المجلس الدستوري‪ ،‬ألخذ رأيه قبل عرضها على مجلس‬
‫النواب أو عرضها على االستفتاء‪ ،‬ويعرض رئيس الجمهورية التونسية المشاريع المتعلقة‬
‫بتعديل القوانين األساسية على المجلس الدستوري قبل عرضها على مجلس النواب حسب‬
‫المادة ‪.52‬‬

‫في حين نجد الفصل ‪ 74‬من الدستور التونسي في مسألة القوانين األساسية والتي تلزمه‬
‫بعرضها قبل إصدارها على المجلس الدستوري وهنا يقصد مشاريع القوانين التي تقدم بها‬
‫النواب وليست مشاريع القوانين التي تقدمت بها الحكومة‪ ،‬على مجلس النواب وبعد المصادقة‬
‫عليها يعرضها على المجلس الدستوري ويعلم بذلك رئيس مجلس النواب‪.‬‬

‫يبدو أن المؤسس الدستوري يفرق بين مسار يتبعه بشأن القوانين األساسية التي تكون في‬
‫شكل مشروع قانون من قبل الحكومة ‪،‬ومسار تلك المشاريع التي تأتي في شكل مقترح قانون‬
‫من طرف مجلس النواب‪.‬‬

‫‪ -2‬من حيث اآلثار المترتبة على رأي المجلس الدستوري ‪:‬‬

‫اذا صرح المجلس الدستوري الجزائري بأن مشروع القانون العضوي فيه أحكام مخالفة‬
‫للدستور يالحظ بأنه ال يمكن فصل تلك األحكام على باقي نص مشروع القانون ‪،‬فال يتم‬
‫إصدار هذا القانون من رئيس الجمهورية وهذا ما أكده المجلس الدستوري في رأي صدر له‬
‫يتعلق بمراقبة مطابقة القانون العضوي المتعلق بالتنظيم القضائي مع الدستور‪.1‬‬

‫أما إذا قضى المجلس الدستوري الجزائري بأن حكما أو مادة أو فقرة في نص مشروع‬
‫القانون العضوي المعروض عليه غير مطابقة للدستور‪ ،‬دون أن يالحظ في نفس الراي بأن‬
‫هاته المواد ال يمكن فصلها على باقي النص ‪،‬يمكن لرئيس الجمهورية أن يصدر هذا النص‬
‫من دون األحكام المخالفة للدستور‪ ،‬كما يمكنه أن يطلب من البرلمان قراءة جديدة للنص‬

‫‪ -1‬قرار مؤرخ في ‪ 23‬مارس ‪ 2003‬وكذا المواد ‪ 03/02/01‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري‬
‫رقم ‪ 2000‬المؤرخ في ‪ 28‬جويلية ‪ 2000‬ج ر ‪ 06‬أوت ‪ .2000‬العدل والمتمم بمداولة ‪ 3‬مايو ‪.2012‬‬

‫‪225‬‬
‫وفي هذه الحالة يشترط ‪ 2/3‬أعضاء المجلس الشعبي الوطني‪ ،1‬يعرض النص المعدل على‬
‫رقابة المجلس الدستوري من جديد ليبدي رأيه فيه‪.2‬‬

‫يبدو في هذه الحالة أن رئيس الجمهورية في الجزائر وفق أحكام دستور ‪ 28‬نوفمبر‬
‫‪ ، 1996‬يمارس حقه في طلب قراءة ثانية من المجلس الشعبي الوطني وفق المادة ‪ 127‬من‬
‫الدستور والتي تنص في فقرتها األخيرة‪...«:‬وفي هذه الحالة ال يتم إقرار القانون إال بأغلبية‬
‫المجلس الشعبي الوطني باعتبار القانون سبق وأن حصل على أغلبية‬ ‫ثلثي‬
‫مجلس األمة في المداولة األولى فهذا األمر مقبول عندما يتعلق بقانون عادي»‪.‬‬

‫تأتي المادة ‪ 02‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري في آخرها وتنص‬
‫على‪ ... « :‬أو أن يطلب من البرلمان قراءة جديدة للنص وفي هذه الحالة يعرض الحكم‬
‫المعدل على المجلس الدستوري لمراقبة مطابقة للدستور»‪.‬‬

‫وهنا أسجل مالحظتين‪:‬‬

‫أ‪ -‬أن النص الدستوري في المادة ‪ 127‬منه أدخل المجلس الشعبي الوطني في المداولة‬
‫الثانية دون مجلس األمة‪ ،‬أما في النظام الداخلي للمجلس الدستوري المادة ‪ 03‬أدخلت‬
‫البرلمان بغرفتيه في المداولة الثانية ‪،‬لمراقبة مشروع القانون العضوي واإلشكالية هل نأخذ‬
‫بالنص الدستوري الذي يعتبر القاعدة العامة في إصدار القوانين أو نعتمد على النص‬
‫الخاص واإلمكانية الثانية هل المقصود في المادة ‪ 02‬من النظام المحدد لقواعد عمل‬
‫المجلس الدستوري بكلمة برلمان أن تتم المداولة الثانية لكل غرفة على حدا أم تتم القراءة‬
‫تحت قبة البرلمان أي الغرفتين مجتمعتين؟‪.‬‬

‫ب‪-‬في حالة تم المصادقة على األحكام المعدلة من طرف البرلمان في المداولة الثانية‬
‫وفق المادة ‪ 02‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‪ ،‬ثم أصدر المجلس‬
‫الدستوري رأيا بعدم مطابقتها للدستور فماذا يكون مصيرها؟ أو أن رئيس الجمهورية يعود‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 02 / 127‬من دستور ‪ 1996‬المعدل والمتمم‪.‬‬


‫‪ -2‬المواد ‪ 03 ،02 ،01‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري ‪.2000‬المعدل والمتمم بمداولة ‪ 3‬مايو‬
‫‪.2012‬‬

‫‪226‬‬
‫لإلمكانية األولى وهو إصدار نص القانون دون المواد أو األحكام أو الفقرات التي نص‬
‫المجلس الدستوري بعدم مطابقتها للدستور ؟‬

‫صدر قرار في هذا الشأن من المجلس الدستوري الجزائري في ‪ 23‬مارس ‪ 2003‬متعلق‬


‫بالقانون العضوي المتعلق بالتنظيم القضائي للدستور والذي قضى من خالله بعدم دستورية‬
‫هذا القانون بسبب رئيسي‪ ،‬وهو أن رئيس الحكومة أودع هذا القانون بالمجلس الشعبي‬
‫الوطني قبل عرضه على مجلس الدولة‪ ،1‬هذا المجلس الذي نص عليه دستور‬
‫‪ ،1996/11/28‬ولم يتم تنصيبه في ذلك التاريخ وهذا يخالف اإلجراءات المنصوص عليها‬
‫في المواد ‪ 180‬و‪ 119‬من دستور ‪.1996‬‬

‫وهناك تشابه مع مقتضيات الدستور المغربي أين يحيل الوزير األول المغربي مشروع‬
‫القانون العضوي على المجلس الدستوري ‪،‬ليبت في مدى مطابقته للدستور خالل شهر واحد‬
‫أو ثمانية أيام في حالة االستعجال‪ ،‬وفي حالة ما جاء قرار المجلس الدستوري المغربي‬
‫يقضي بأن هناك بعض المواد غير مطابقة للدستور والحظ بإمكانية فصلها على باقي النص‬
‫المعروض عليه فإنه يسمح بإصدار النص‪ ،2‬دون المواد الذي قرر المجلس الدستوري عدم‬
‫دستوريتها‪.‬‬

‫صدر قرار عن المجلس الدستوري المغربي حول المحكمة العليا وبإحالة من الوزير األول‬
‫‪،‬قضى المجلس الدستوري بدستوريته باستثناء المادة ‪ 11‬منه والتي وردت مخالفة للدستور‬
‫ألنها تخالف مبدأ دستوريا وهو استقاللية القضاء‪.3‬‬

‫كما أحال الوزير األول الموريتاني القانون النظامي الذي يعدل المادة الثانية من األمر‬
‫القانوني رقم ‪ 91/029‬المؤرخ في ‪ 07‬أكتوبر ‪ 1991‬المتضمن القانون النظامي (العضوي)‬
‫المتعلق بسير مجلس الشيوخ (الغرفة العليا في البرلمان الموريتاني) ‪،‬وذلك في ‪ 20‬جوان‬
‫‪ ،1993‬والذي أعلن فيه مطابقة هذا القانون للدستور وتم إصداره‪.4‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 119‬من دستور الجزائر ‪1996‬المعدل والمتمم‪.‬‬


‫‪ -2‬المواد ‪ 24- 21‬من القانون التنظيمي للمجلس الدستوري المغربي‪.‬‬
‫‪ -3‬قرار رقم ‪ 583 – 2004‬صادر في ‪ 11‬أوت ‪ 2004‬ج ر عدد ‪ 5246‬مؤرخة في ‪ 09‬سبتمبر ‪.2004‬‬
‫‪ -4‬قرار رقم ‪ 005‬أ‪ .‬م بتاريخ ‪ 04‬يوليو ‪1993‬ج ‪.‬ر عدد ‪ 30‬يونيو ‪ ،1994‬ص ‪.352‬‬

‫‪227‬‬
‫كما أحال الوزير األول الموريتاني على المجلس الدستوري القانون النظامي (العضوي)‪،‬‬
‫الخاص بأعضاء مجلس الشيوخ الذين يمثلون الموريتانيين بالخارج‪ ،‬وأعلن فيه عدم مطابقة‬
‫هذا القانون للدستور‪.1‬‬

‫أحال الوزير األول الموريتاني في ‪ 12‬يوليو ‪ 1993‬على المجلس الدستوري القانون‬


‫النظامي (العضوي) المتعلق بالنظام األساسي للقضاء‪ ،‬وجاء قرار المجلس الدستوري يقضي‬
‫بمطابقة هذا القانون النظامي للدستور ‪،‬باستثناء المواد ‪،47 ،45 ،36 ،34 ،12 ،8 ،5 ،4‬‬
‫‪.261 ،51‬‬

‫وأحال الوزير األول الموريتاني القانون النظامي العضوي المتعلق بانتخاب الشيوخ‬
‫الممثلين الموريتانيين المقيمين في الخارج‪ ،‬وأعلن المجلس الدستوري مطابقة هذا القانون‬
‫النظامي للدستور‪.3‬‬

‫باإلضافة إلى إحالة من الوزير األول على المجلس الدستوري بتاريخ ‪ 16‬جانفي ‪1995‬‬
‫للقانون النظامي (العضوي) ‪ ،‬الذي يعدل أحكام المادة ‪ 66‬من القانون النظامي (العضوي)‬
‫رقم ‪ 94/ 012‬المتضمن النظام األساسي للقضاء وأعلن مطابقته للدستور‪.4‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الرقابة على األنظمة الداخلية للمجالس النيابية‬

‫أوال‪ -‬مفهوم األنظمة الداخلية للمجالس النيابية ‪:‬‬

‫تعتبر المجالس النيابية مستقلة تماما في وضع أنظمتها الداخلية من الناحية اإلجرائية‬
‫وتظهر بمظهر البرلمان السيد‪ ،‬إال أن المرتبة القانونية التي تتخذها هذه الطائفة من القوانين‬
‫في الهرم الدستوري ال تؤكد ذلك‪ ،‬بحيث نجد مجال تدخلها غير محدد سلفا وعدم التحديد هذا‬
‫ال يجعل النواب يضمنون قانونهم الداخلي ما يشاءون‪.‬‬

‫‪ -1‬قرار رقم ‪ 006‬أ‪ .‬م بتاريخ ‪ 20‬يوليو ‪ 1993‬ج ‪.‬ر عدد ‪ 30‬يونيو ‪ ،94‬ص ‪.352‬‬
‫‪ -2‬قرار قم ‪ ،007‬أ‪ .‬م بتاريخ ‪ 21‬يوليو ‪ 1993‬ج‪.‬ر عدد ‪ 30‬يونيو ‪ ،94‬ص ‪.354‬‬
‫‪ -3‬قرار رقم ‪ 009‬أ م بتاريخ ‪ 14‬فبراير ‪ 1994‬ج‪.‬ر عدد ‪ 30‬يونيو ‪ ،94‬ص ‪.355‬‬
‫‪ -4‬قرار ‪ 010‬أ م بتاريخ ‪ 24‬يناير ‪ ،1995‬ج‪.‬ر عدد ‪ 15‬مارس ‪ ،1995‬ص ‪.56‬‬

‫‪228‬‬
‫هناك عدة مسائل تميز األنظمة الداخلية للمجالس النيابية ‪،‬فهي قواعد تخاطب فئة معينة‬
‫وهم أعضاء البرلمان أو الموظفون به أو كل من يحظر إليه في إطار محدد كالزوار‬
‫وأعضاء الحكومة أو نوابهم‪ ،‬و رغم أن قواعده ال تخاطب عامة الناس إال أنها تبقى محافظة‬
‫عل خصائص القاعدة القانونية‪.‬‬

‫كما أن قواعد النظام الداخلي للمجالس النيابية يسهر المجلس على تنفيذها‪ ،‬عكس‬
‫القواعد القانونية األخرى‪ ،‬التي توكل مهمة تنفيذها للحكومة ومنه فإن قواعد النظام الداخلي‬
‫للمجالس النيابية صنيعة صرفه لهاته المجالس‪ ،‬فال يمكن أن تتدخل فيها الحكومة وال‬
‫المجلس النيابي الثاني سواء في وضعها‪ ،‬أو مناقشتها‪ ،‬أو التصويت عليها‪ 1،‬بل أنه أكثر‬
‫من ذلك ال يخضع مشروع قانون‪ ،‬أو مقترح قانون‪ ،‬وانما الجهة المختصة بوضعها يحددها‬
‫الدستور‪ ،‬ويمنع أية جهة من المبادرة بنصه في مختلف الدساتير كما سيأتي الحقا بأن يضع‬
‫كل مجلس نيابي نظامه الداخلي احتراما لروح الدستور القائم على مبدأ الفصل بين‬
‫السلطات‪.2‬‬

‫تتميز قواعد النظام الداخلي للمجالس النيابية بأنها ال تخضع لإلصدار في بعض‬
‫األنظمة وال تحتاج إلى النشر كغيرها من القوانين‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬مبررات خضوع األنظمة الداخلية للمجالس النيابية للمطابقة الدستورية ‪:‬‬

‫تجعل الدساتير هذه الطائفة من القوانين تخضع لرقابة وجوبية ملزمة من طرف القاضي‬
‫الدستوري حتى ال تمنح نفسها ما لم تمنحه السلطة التأسيسية األصلية أي الدستور وفي نفس‬
‫الوقت تجعل اإلحالة على القاضي الدستوري من طرف رئيس المجلس النيابي ذاته الذي أعد‬
‫هذا القانون حفاظا على هذه االستقاللية الممنوحة للمجالس النيابية في هذا المجال‪.‬‬

‫لكن هذه المميزات ليست قاعدة عامة في كل الدول فمثال نجد في إسبانيا وآيسالندا هناك‬
‫تعاون بين الحكومة والمجلس النيابي في إعداد النظام الداخلي للمجلس النيابي‪.3‬‬

‫‪ -1‬مصطفى قلوش‪ ،‬مرجع سابق‪.26 ،‬‬


‫‪ -2‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪ -3‬نور الدين أشحشاح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.263‬‬

‫‪229‬‬
‫ويرى األستاذ ‪ M. AMELLER‬أنه‪....«:‬لو تركت المبادرة باقتراح قواعد النظام‬
‫الداخلي للمجالس النيابية إلى الحكومة ال فقدت المجالس حريتها في التداول‪.1»...‬‬

‫لكن رغم هذه المبررات التي تحمل مؤشرات استقالل المجالس النيابية بإعداد أنظمتها‬
‫الداخلية احتراما لمبدأ الفصل بين السلطات ‪ ،‬الذي ينتقى من روح الدستور إال أن الواقع‬
‫يثبت تدخل الدستور والقوانين العضوية األساسية في اإلنقاص من هذه الحرية بأشكال‬
‫متفاوتة‪ ،‬منها إلزامية خضوع هذه األنظمة للدستور وان كان في هذا الخضوع منطق باعتبار‬
‫الدستور معبر عن السلطة التأسيسية األصلية فإن خضوع قواعد النظام الداخلي للمجالس‬
‫النيابية للقانون العضوي‪ ،‬الذي هو صنيعة الحكومة إلى حد بعيد فيه انتقاص من حرية‬
‫المجالس النيابية‪.‬‬

‫ثالثا ‪ -‬األصول الفكرية لرقابة القاضي الدستوري على األنظمة الداخلية للمجالس‬
‫النيابية ‪:‬‬

‫بناء على الفقرة األولى من المادة ‪ 61‬من دستور فرنسا ‪ 1958‬يخضع النظام الداخلي‬
‫لكل من الجمعية الوطنية‪ ،‬ومجلس الشيوخ‪ ،‬لرقابة المجلس الدستوري قبل العمل بهما‪،‬‬
‫ووضع المجلس الدستوري منذ البداية مجموعة ضوابط يلتزم بها قبل الشروع في ممارسة هذه‬
‫الرقابة مثل عدم قبوله بفحص بعض المواد من النظام الداخلي دون غيره وانما فحص النظام‬
‫الداخلي كله‪ ،‬وكذا امتداد رقابته على التعديالت المتعلقة بهذا النظام الداخلي‪ .‬وكأن يكون‬
‫هذا النظام دائم التطبيق‪ ،‬بحيث ال يراقب المجلس الدستوري الفرنسي قواعد ذات طبيعة‬
‫مؤقتة‪.2‬‬

‫حاول الفقه في فرنسا أن يضبط العالقة بين النظام الداخلي لمجلس البرلمان والدستور‬
‫وقسمها إلى ثالث طوائف تتكون الطائفة األولى من مواد النظام الداخلي تأتي تطبيقا‬
‫لنصوص الدستور‪.‬‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 61‬من دستور فرنسا لعام ‪.1958‬‬

‫‪230‬‬
‫اما الطائفة الثانية تكمل أو تحد من النصوص الدستورية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫والطائفة الثالثة تتضمن مواد غير واردة في الدستور‪.‬‬

‫يرى الفقه أنه إذا كان من السهل مراقبة مدى مطابقة الطائفة األولى من قواعد النظام‬
‫الداخلي لغرفتي البرلمان مع الدستور‪ ،‬فإنه يصعب في الطائفة الثانية‪ ،‬والثالثة‪ ،‬وتتحول رقابة‬
‫المجلس الدستوري من مراقبة مطابقة في الشكل والمضمون‪ ،‬إلى رقابة مالءمة ومن هنا‬
‫يصبح ضروريا خضوع الطوائف الثالثة من قواعد النظام المحدد لمجلس البرلمان لرقابة‬
‫القاضي الدستوري‪.‬‬

‫والسؤال الذي يطرح هو هل إذا كانت المادة ‪ 61‬من الدستور نصت صراحة على خضوع‬
‫النظام الداخلي لمجلس البرلمان لرقابة المجلس الدستوري ؟ فهل تمتد هذه المادة لتشمل رقابة‬
‫النظام الداخلي للبرلمان عندما يجتمع بغرفتيه على هيئة مؤتمر؟‬

‫ويرى األستاذ ‪... « : F. LUCHAIRE‬أنه اعتمادا على المادة ‪ 02/17‬من مرسوم‬


‫‪ 07‬نوفمبر ‪ 1958‬المنظم للمجلس الدستوري الفرنسي والتي لم تتكلم إال على األنظمة‬
‫الداخلية لمجلس البرلمان ولم تتطرق إلى البرلمان في حالة اجتماع غرفتيه‪ ،‬بأنه ال يمكن‬
‫ذلك‪.2»....‬‬

‫كما يرى أيضا‪.. «:‬أن الجمعية الوطنية لها مهام متعددة في الدستورمن التمثيل والتشريع‬
‫والرقابة وهذه المهام ال يمارسها البرلمان المجتمع في شكل مؤتمر وبناء عليه فهو يجتمع إال‬
‫في حالة تعديل الدستور وفق المادة ‪ 89‬من الدستور‪.3»...‬‬

‫ذهب المجلس الدستوري الفرنسي في اتجاه معاكس حيث على عكس رفضه الصريح‬
‫لممارسة رقابة على القوانين االستفتائية‪ ،‬فقد أعلن منذ ‪ 1962‬رفضه ممارسة رقابة القانون‬

‫عبد الحفيظ الشيحي ‪ ،‬القضاء الدستوري وحماية الحريات األساسية في القانون المصري والفرنسي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،2001 ،‬ص ‪.492‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.493‬‬
‫‪3 -F. HAMON et C. WEINER La justice constitutionnelle Documentations‬‬
‫‪francaise in Document d’Etudes, n° 1, 15e éd, 2006, pp. 6 – 12.‬‬

‫‪231‬‬
‫الستفتائي الناتج عن إرادة الشعب مباشرة‪ ،‬في الوقت الذي قبل برقابة النظام الداخلي‬
‫الخاص باجتماع مجلس البرلمان الفرنسي في شكل مؤتمر‪ ،‬وبرر ذلك كون المادة ‪ 17‬من‬
‫المرسوم المتعلق بالمجلس الدستوري الفرنسي وان لم تنص صراحة على حقه في رقابة‬
‫النظام الداخلي للبرلمان المجتمع بغرفتيه في شكل مؤتمر‪ ،‬إال أن روح الدستور ال تمنع ذلك‬
‫وربما يتوسع ذلك الحقا إلى ممارسة رقابة على القانون أالستفتائي‪.1‬‬

‫وطرح جدال في فرنسا في تحديد نوع القواعد القانونية التي تخضع لها قواعد األنظمة‬
‫الداخلية للبرلمان‪ ،‬وما طرح هذا الجدل هو الممارسة العملية للمجلس الدستوري الفرنسي‬
‫بمناسبة رقابته على األنظمة الداخلية للبرلمان حيث أخضعها للدستور كما أخضعها للقوانين‬
‫األساسية (العضوية) ‪،‬وحتى إلى نصوص القانون العادي‪.2‬‬

‫فباإلضافة إلى إخضاع قواعد األنظمة الداخلية للبرلمان إلى الدستور‪ ،‬ومقدمات الدستور‬
‫وكذا القوانين األساسية‪ ،‬فقد تم إخضاعها من طرف المجلس الدستوري للمراسيم التي تحمل‬
‫قانون أساسي الصادرة بمقتضى المادة ‪ 92‬من الدستور الفرنسي‪ ،‬والتي جاءت نتيجة‬
‫ضرورية في بداية الجمهورية الخامسة لوضع السلطات العامة‪ ،‬ومنها مرسوم ‪ 24‬أكتوبر‬
‫‪ ،1958‬الخاص بعدم الجمع بين النيابة‪ ،‬وأي وظيفة أخرى‪ ،‬ومرسوم ‪ 07‬نوفمبر ‪1958‬‬
‫المتعلق بالتعويض بالحق في التصويت‪ ،‬ومرسوم ‪ 06‬يناير ‪ 1959‬الخاص بقوانين الميزانية‬
‫العامة‪.‬‬

‫صدرت في هذا الشأن عدة ق اررات عن المجلس الدستوري الفرنسي مثل قرار ‪ 08‬جويلية‬
‫‪ 1966‬صدرت ‪،‬و‪ 20‬قرار نوفمبر ‪ 1969‬أعلن من خاللهما أن األنظمة الداخلية لمجلس‬
‫البرلمان يتم فحص مدى مطابقتها للدستور والقوانين األساسية‪.3‬‬

‫‪1- Ibid. , p. 13.‬‬


‫‪2- Ibid.‬‬
‫‪3- D. C. C. N° 66/28 DU 08/07/1966. Et. V. C. N° 69-37 DC. Du 20 nov. 1969.‬‬
‫‪‘’La conformité à la constitution des règlements des assemblées parlementaires s’apprécié‬‬
‫‪tout au regard de la constitution elle-même que des lois organiques prévues par elle ‘’.‬‬

‫‪232‬‬
‫تخضع قواعد النظام الداخلي للبرلمان الفرنسي للمراسيم الحاملة لقانون أساسي التي تأتي‬
‫في إطار تطبيق المادة ‪ 92‬من دستور ‪ 1958‬وباألخص مرسوم ‪ 7‬نوفمبر ‪ 1958‬والذي‬
‫رغم أنه ال يحمل قانون أساسي‪ ،‬لكنه يتعلق بتحديد وظائف كال مجلسي البرلمان الفرنسي‬
‫والسيما المواد ‪ 04‬و‪ ، 05‬منه المتعلقتان بتقديم الطلبات وتكوين اللجان والمادة ‪ 06‬منه‬
‫المتعلقة بلجان التحقيق والرقابة‪.‬‬

‫تعود األصول الفكرية لممارسة رقابة دستورية على األنظمة الداخلية للبرلمان إلى ظهور‬
‫فكرة "البرلمانية المعقلنة"‪ ،‬التي جاءت بها الجمهورية الخامسة الفرنسية‪ ،‬من خالل دستور‬
‫‪، 1958/10/04‬بهدف الحد من سيطرة البرلمان بعد تجارب الجمهوريات الفرنسية السابقة‬
‫مع البرلمانات السيما الجمهورية الثالثة والرابعة‪.1‬‬

‫ومن نتائج هذا المنطق تم إنشاء المجلس الدستوري الفرنسي‪ ،‬كأداة للحد من سيطرة‬
‫البرلمان وكبح األغلبية الحاكمة في البرلمان ومنعها من إجراء تعديالت جذرية تمس‬
‫بالتوازنات السياسية داخل البلد‪ ،‬وقد يصل هذا الخروج عن التوازنات إلى حد االنحراف عن‬
‫القواعد والمبادئ الدستورية للجمهورية‪ ،‬والتي جاءت نتيجة نضال ومسار سياسي ودستوري‬
‫طويل‪ ،‬ومن ثم أعطى المشرع الفرنسي حق للمجلس الدستوري لبسط رقابته على مدى‬
‫مطابقة النظام الداخلي لمجلس الشيوخ والنواب مع الدستور حفاظا على مبدأ المشروعية‬
‫وضمانا لسمو الدستور شكال وموضوعا‪.2‬‬

‫ينظم النظام الداخلي للمجالس النيابية سير مؤسسة دستورية كبرى مؤثرة بقوة في النظام‬
‫السياسي للدولة حتى أن بعض الفقه الكالسيكي اعتبر قواعد النظام الداخلي للمجالس‬
‫النيابية دستو ار موازيا للدستور وامتدادا له وتفسي ار له في نفس الوقت‪.3‬‬

‫يقول األستاذ ‪ Michel DEBRE‬في هذا الشأن ‪... «:‬كل ما يهم اإلجراءات التشريعية‬
‫كون ق اررات‬
‫كل ما يهم العالقات بين المجالس‪ ،‬كل ما يهم عالقات المجلس الحكومة ُي ُ‬

‫‪1- N.A. BERNOUSSI, op.cit, p. 64.‬‬


‫‪-2‬عبد الحفيظ الشيحي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31 - 30‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.35‬‬

‫‪233‬‬
‫تجاوز الطبيعة التنظيمية بالمعنى المحدد‪ ،‬إنها ذات نفس دستوري‪ ،‬وتمس وظائف‬
‫المؤسسات‪ ،‬وان الخاصية الدستورية للنظام الداخلي جد واضحة‪1»....‬ومن ثم يعتبر النظام‬
‫الداخلي للمجالس النيابية والتأويالت التي تعطي له نوعا من القانون الموازي لقانون‬
‫الدستور‪.‬‬

‫تكون رقابة القاضي الدستوري على األنظمة الداخلية للمجالس النيابية مركزة على‬
‫المسائل التي يفصل فيها الدستور‪ ،‬أو القانون العضوي‪ ،‬أو القانون العادي‪ ،‬والتي تشكل‬
‫هامشا من الحرية لهذه المجالس‪ ،‬والتي يمكن أن تسيء استغاللها مثل عدد اللجان وعدد‬
‫نواب الرئيس‪ ،‬وحق البرلماني في العضوية في أكثر من لجنة‪ ،‬ولجوء البرلمان لخدمات‬
‫خارجية تساهم الحكومة في توفيرها‪ ،‬وتحديد وقت التدخالت وأجال تقديم بعض التقارير‪.2‬‬

‫تهدف هذه الرقابة على النظام الداخلي للمجالس النيابية من طرف القاضي الدستوري إلى‬
‫الحرص على عدم تعدي البرلمان اختصاصاته‪ ،‬إلى المساس باختصاصات مسندة للحكومة‬
‫دستوريا‪ ،‬أو باقي المؤسسات الدستورية األخرى‪ ،‬كما أن موافقة القاضي الدستوري على‬
‫النظام الداخلي للمجالس النيابية‪ ،‬يعطيها قوة وثبات وحجية وحماية تدعم حقوق البرلمان‬
‫والمركز القانوني ألعضائه‪ ،‬باعتبار النظام الداخلي يفصل في اختصاصات النواب وكيفيات‬
‫ممارستها‪ ،‬وحقوق أعضاء البرلمان وواجباتهم‪ ،‬وبإعطائها المطابقة الدستورية تصبح ذات‬
‫حجية في مواجهة باقي السلطات الدستورية‪.3‬‬

‫كما يمكن تعريف األنظمة الداخلية للبرلمان بأنها مجموعة القواعد التنظيمية التي تحكم‬
‫الحياة البرلمانية ‪،‬حيث تعمل على تنظيم السير الداخلي للبرلمان‪ ،‬واإلجراءات المتبعة أثناء‬
‫المناقشات والمداوالت وانضباط أعضائه‪ ،‬كما تحدد هياكله وأجهزته وطريقة تشكيلها وطريقة‬
‫عملها واختصاصاتها‪ ،‬وكذا عالقاتها فيما بينها‪ ،‬ومع المؤسسات األخرى‪ ،‬سواء داخل الدولة‬
‫أو خارجها كاالتحاد الدولي للبرلمانات‪ ،‬واالتحاد اإلقليمي للبرلمانات‪.4‬‬

‫‪ - 1‬رشيدة المدور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.356‬‬


‫‪ - 2‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬المجلس الدستوري بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 4‬فدوى مرابط ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.79‬‬

‫‪234‬‬
‫رابعا ‪ -‬خصائص وتطبيقات الرقابة على دستورية األنظمة الداخلية للبرلمانات‬
‫المغاربية ‪:‬‬
‫تضع في كل من الجزائر‪ ،‬المغرب ‪،‬تونس وموريتانيا البرلمانات أنظمتها الداخلية‬
‫وتصادق عليها لكن هذه األنظمة ال تصبح نافذة حتى تتم المصادقة عليها من طرف‬
‫القاضي الدستوري والقضاء بمطابقتها للدستور‪.1‬‬
‫‪ - 1‬من حيث إعداد األنظمة الداخلية للبرلمان وخضوعها لرقابة القاضي الدستوري ‪:‬‬
‫نجد الدستور المغربي في مادته ‪ 44‬يعطي حق وضع النظام الداخلي واق ارراه والتصويت‬
‫عليه لمجلسي البرلمان المغربي‪ ،‬وهما مجلس النواب‪ ،‬ومجلس الشيوخ ‪،‬لكن هذا النظام‬
‫الداخلي رغم موافقة المجلس المعني به عليه‪ ،‬فال يصير نافذا إال بعد أن يصرح المجلس‬
‫الدستوري بمطابقته ألحكام الدستور ونفس االحكام حافظ علية دستور ‪ 2011‬بحيث تخضع‬
‫االنظمة الداحلية للبرلمان لرقابة المحكمة الدستورية المغربية التي عوضت المجلس‬
‫الدستوري‪.2‬‬
‫كما أحال الدستور المغربي ‪ 1996‬من خالل الفصل ‪ 80‬منه على قانون تنظيمي‬
‫(عضوي) يتعلق بالمجلس الدستوري يحدد من خالله الكيفيات واإلجراءات التي يتوجب‬
‫إتباعها لممارسة المجلس الدستوري مهمة الرقابة على األنظمة الداخلية لبرلمان‪.‬‬
‫جعلت المادة ‪ 165‬في فقرتها األخيرة من دستور الجزائر ‪ 1996‬النظام الداخلي لغرفتي‬
‫البرلمان وهما المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬ومجلس األمة‪ ،‬خاضعة لرقابة المطابقة من طرف‬
‫المجلس الدستوري‪ ،3‬وتقابل ما جاء في هذه المادة ‪ 155‬من دستور ‪ 1989‬التي تجعل‬
‫المجلس الدستوري يفصل في مدى مطابقة النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني‬
‫للدستور‪.4‬‬

‫‪.1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 44‬من دستور المغرب ‪ ":1996‬يضع كل المجلسين نظامه الداخلي ويقره بالتصويت يبقى مجرد مشروع غير‬
‫قابل للتطبيق ما لم يصرح المجلس الدستوري بمطابقته ألحكام الدستور" و الماد‪ 45‬من دستور المغرب ‪.2011‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪" 1/165‬كما يفصل المجلس الدستوري في مطابقة النظام الداخلي لكل من غرفتي البرلمان للدستور حسب‬
‫اإلجراءات المذكورة في الفقرة السابقة"‪.‬‬
‫‪4 -B. YELLES CHAOUCHE, le Conseil constitutionnel en Algérie, du contrôl de la‬‬
‫‪constitutionnalité à la créativité normative, Alger, O. P. U, 1999, p. 93.‬‬

‫‪235‬‬
‫يقوم كل من المجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة بإعداد نظاميهما الداخليان‬
‫ويصادقان عليهما‪ ،‬هذا حسب الفقرة األخيرة من المادة ‪ 115‬من دستور الجزائر ‪.1996‬‬

‫ونشير إلى أن التعديالت التي يدخلهما أحد المجلسين على نظامه الداخلي تخضع لرقابة‬
‫مطابقة من طرف المجلس الدستوري الجزائري وفق المادة ‪ 165‬من الدستور‪.1996‬‬

‫بالنسبة للنظام الداخلي للبرلمان التونسي قبل تعديالت الدستور ‪ 2002‬كانت تخضع‬
‫لرقابة ذاتية من طرف المجلس النيابي ذاته وال يمكن تنفيذها إال بعد التصويت عليها‬
‫وحصولها على نسبة األغلبية المطلقة للنواب‪ ،‬لكن بعد هذه التعديالت صار من اختصاص‬
‫‪1‬‬
‫بعد‬ ‫المجلس الدستوري الرقابة على مدى مطابقة النظام الداخلي للبرلمان مع الدستور‪،‬‬
‫إعداده والمصادقة عليه من طرف البرلمان التونسي‪.2‬‬

‫تقدم للمجلس الدستوري القوانين النظامية (العضوية) قبل إصدارها والنظم الداخلية‬
‫للغرفتين البرلمانية قبل تنفيذها في موريتانيا وذلك للبت في مدى مطابقتها للدستور ويتم‬
‫إحالة هذا ا لنوع من القوانين على المجلس الدستوري من طرف الغرفة التي قامت بإعدادها‬
‫وهذا حسب ما جاء في األمر ‪ 92/04‬المتعلق بقواعد عمل المجلس الدستوري الموريتاني‬
‫المؤرخ في ‪ 18‬فبراير ‪.31992‬‬

‫وبالنتيجة فإن كل من الجزائر‪ ،‬المغرب وموريتانيا اتبعت نفس النهج الذي اتبعته فرنسا‬
‫ا لتي جعلت عرض النظام الداخلي لغرفتي البرلمان الفرنسي الزامية على المجلس الدستوري‬
‫ليقر مطابقتها للدستور قبل بداية العمل بها‪ ،‬كما التحقت تونس بنفس النهج بعدما كان نظام‬
‫برلمانها الداخلي غير معني برقابة المطابقة من قبل المجلس الدستوري حيث كان البرلمان‬
‫التونسي يتمتع باستقاللية كاملة في وضع نظامه الداخلي والمصادقة عليه‪ ،‬يصير النظام‬
‫الداخلي للبرلمان التونسي نافذا بمجرد المصادقة عليه باألغلبية المطلقة للنواب في جلسة‬
‫علنية حسب الفصل ‪ 61‬من النظام الداخلي لمجلس النواب بالجمهورية التونسية قبل‬
‫التعديل‪.‬‬

‫‪1 -N.A.. BERNOUSSI, op.cit., p. 65.‬‬


‫‪2 - Ibid.‬‬
‫‪ -3‬األمر رقم ‪ 92/04‬الصادر بتاريخ ‪ 18‬فبراير ‪ 1992‬المتعلق بالقانون النظامي المتعلق بالقانون الدستوري الموريتاني‪.‬‬

‫‪236‬‬
‫أضاف التعديل الدستوري لسنة ‪ 2002‬إلى مهام المجلس الدستوري التونسي النظر في‬
‫دستورية النظام الداخلي لمجلس النواب ومجلس المستشارين حيث جاء في الفصل ‪ 74‬منه‬
‫ما يجعل رأي المجلس الدستوري التونسي ملزما قبل نفاذ النظام الداخلي للبرلمان‪.1‬‬

‫أما لبنان رغم انتهاجه أسلوب المجلس الدستوري على الطريقة الفرنسية إال أنه في مسألة‬
‫األنظمة الداخلية للبرلمان خالفها في ذلك بحيث أنه أجاز لمجلس النواب إعداد نظامه‬
‫الداخلي ولم يلزمه بذلك وبأن يصدره بشكل قانوني كما فعل في شأن النظام المحدد لقواعد‬
‫عمل المجلس الدستوري اللبناني‪.2‬‬

‫ويعتبر النظام الداخلي لمجلس النواب اللبناني نافذا بمجرد المصادقة عليه من طرف‬
‫البرلمان وال يحتاج إلى رقابة المجلس الدستوري حسب المادة ‪ 146‬من النظام الداخلي‬
‫لمجلس النواب بالجمهورية اللبنانية‪.‬‬

‫هذا األمر أدى إلى اختالف في تحديد طبيعة النظام الداخلي لمجلس النواب اللبناني بين‬
‫من يعتبره غير حاصل على صفة قانون وبين البعض اآلخر الذي يعتبره قانون عادي وفق‬
‫اإلجراءات الشكلية التي أتبعها مجلس النواب في إعدادها ومن ذلك فهو يخضع لرقابة‬
‫المجلس الدستوري بصفته قانون عادي‪.3‬‬

‫كما جاء في المادة ‪ 65‬من الدستور السوري بأن يضع مجلس الشعب نظامه الداخلي‬
‫لتنظيم أ سلوب الفصل فيه وكيفية ممارسة مهامه‪ ،‬ولم يشر إلى وجوب إخضاعه لرقابة‬
‫الدستورية ‪،‬وحتى المادة ‪ 204‬من النظام الداخلي لمجلس الشعب السوري ذاتها ‪ ،‬تنص على‬
‫أن يعمل به فور إق ارره ومن هذا فإن مجلس الشعب السوري يتمتع بالحرية المطلقة في وضع‬
‫نظامه الداخلي‪ ،‬وفي المقابل يشترط المشرع حصول النظام الداخلي لمجلس الشعب السوري‬

‫‪ -1‬رشيدة المدور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.323‬‬


‫‪ -‬الفصل ‪ 74‬من دستور تونس المعدل سنة ‪" 2002‬يعرض النظام الداخلي للمجلس النواب والنظام الداخلي لمجلس‬
‫المستشارين على المجلس الدستوري قبل العمل بهما وذلك للنظر في مطابقتهما للدستور أو مالئمتهما له"‪.‬‬
‫‪ -2‬نصت المادة ‪ 17‬من قانون إنشاء المجلس الدستوري اللبناني الصادر سنة ‪ 1993‬على مايلي‪ «:‬يعد المجلس الدستوري‬
‫نظامه الداخلي الذي يتضمن ‪...‬القواعد واألصول التي يخضع لها سير العمل لديه تنفيذ األحكام هذا القانون يجب أن‬
‫يقترن النظام الداخلي بموافقة مجلس الوزراء وأن تصدر عن مجلس النواب بموجب قانون»‪.‬‬
‫‪ -3‬رشيدة المدور ‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.364‬‬

‫‪237‬‬
‫على أغلبية مطلقة لعدد أعضائه حسب المادة ‪ 192‬من الدستور الشيء الذي اعتبر كافيا‬
‫ويغني عن إخضاعه للرقابة من طرف المحكمة الدستورية‪.1‬‬

‫انتهجت الكويت أسلوب الرقابة الالحقة على دستورية القوانين واللوائح حيث جاء في‬
‫المادة ‪ 173‬من دستورها على مايلي‪ «:‬يعين القانون الجهة القضائية التي تختص بالفصل‬
‫في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح يبين صالحياتها واإلجراءات التي تتبعها‬
‫ويكفل القانون حق كل من الحكومة وذوي الشأن في الطعن لدى تلك الجهة في دستورية‬
‫القوانين والل وائح وفي حالة تقرير الجهة المذكورة عدم دستورية قانون أو الئحة يعتبر كأن لم‬
‫يكن»‪.2‬‬

‫بعدها جاء تطبيقا لهذه المادة قانون إنشاء محكمة دستورية تختص دون غيرها بتفسير‬
‫نصوص الدستور‪ ،‬وتفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين والمراسيم بقوانين‬
‫واللوائح وفي الطعون الخ‪.3…..‬‬

‫وباعتبار أن الالئحة الداخلية للمجلس التشريعي ال تنفذ إال بعد صدورها ونشرها في‬
‫الجريدة الرسمية فإن هذه الالئحة تعتبر قانونا بالمفهوم الشكلي للقانون‪ ،‬وتخضع لرقابة‬
‫الدستورية وفق األحكام التي ذكرناها سابقا‪.4‬‬

‫وما يميز النهج الكويتي في إخضاع النظام الداخلي لغرفتي البرلمان هو تميزه بين أحكام‬
‫النظام الداخلي لمجلس األمة‪ ،‬حيث جاء في المادة ‪ 117‬منه ما يعطي الحق لمجلس األمة‬
‫في وضع نظامه الداخلي‪ ،‬الذي يحدد فيه نظام سير المجلس ولجانه وأصول المناقشة‬
‫والتصويت ‪،‬والسؤال‪ ،‬واالستجواب‪،‬وسائر الصالحيات المنصوص عليها في الدستور‪ ،‬كما‬
‫بين هذا النظام الداخلي لمجلس األمة الكويتي الجزاءات التي تترتب على مخالفة العضو‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.367 – 366‬‬


‫‪ -2‬ابراهيم الحمادي حميد‪ ،‬الرقابة على دستورية القوانين في دولة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬المركز القومي‬
‫لإلصدارات القانونية‪ ،2011 ،‬ص ‪.238‬‬
‫‪ -‬الرقابة السابقة السياسة بتحديد مجال النظام الداخلي واعطاء المجلس التشريعي استقاللية في إعداد نظامه الداخلي‪.‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 173‬دستور الكويت‪.‬‬
‫‪ -4‬رشيدة المدور‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.368‬‬

‫‪238‬‬
‫للنظام أو غيابه عن جلسات المجلس أو اللجان بدون عذر مشروع ‪،‬بالرغم من اعتماد‬
‫الكويت على الرقابة الالحقة على القوانين (رقابة قضائية) ‪ ،‬إال أنه وظف بعض آليات‬
‫الرقابة السابقة السياسية بتحديدها لمجال النظام الداخلي واعطاء المجلس التشريعي‬
‫استقالليته في إعداد نظامه الداخلي‪.‬‬

‫‪ - 2‬من حيث خصائص الرقابة على دستورية األنظمة الداخلية للبرلمانات المغاربية ‪:‬‬

‫من خالل النص الدستوري على مبدأ إلزامية خضوع األنظمة الداخلة للبرلمانات إلى‬
‫رقابة مطابقة للدستور ‪،‬من طرف القاضي الدستوري في كل من الجزائر‪ ،‬المغرب‪ ،‬تونس‬
‫وموريتانيا ولدارسة اآلراء والق اررات الصادرة عن القاضي الدستوري بمناسبة ممارسته لرقابة‬
‫المطابقة الدستورية على األنظمة الداخلية للبرلمان في هاذه الدول‪ ،‬وبالرجوع للقوانين‬
‫العضوية (النظامية) ‪ ،‬التي تحدد شروط عمل المجالس الدستورية نصل إلى أن الرقابة على‬
‫دستورية األنظمة الداخلية للبرلمان تتميز بمجموعة من الخصائص يعالج من خاللها النقاط‬
‫اآلتية‪:‬‬

‫أ ‪ -‬رقابة إلزامية مركزية وسابقة ‪:‬‬

‫أوكل الدستور الجزائري ‪ 1996‬مهمة هذه الرقابة إلى جهة واحدة وهي المجلس الدستوري‬
‫بنص صريح جاء في المادة ‪ ،103/165‬التي جعلت من مهمة المجلس الدستوري الفصل‬
‫في مطابقة النظام الداخلي لكل من غرفتي البرلمان للدستور‪ ،‬وكذا المادة ‪ 03‬و‪ 4‬من النظام‬
‫المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬التي جاءت تطبيقا لنص المادة ‪ 165‬من‬
‫‪2‬‬
‫الدستور‪.‬‬

‫كما جعل المؤسس الدستوري الجزائري هذه الرقابة إلزامية يمارسها القاضي الدستوري‬
‫الجزائري وجوبيا‪ ،‬بعد إخطاره من طرف رئيس الجمهورية‪ ،‬وهذا ما جاء في نص المادة‬

‫‪ -1‬سعيد بوشعير ‪ ،‬دليل اتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المطبعة الرسمية‪ ،1996 ،‬ص ‪.102‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 03‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري رقم ‪ ،2000‬مؤرخ في ‪ 06‬أوت ‪ ،2000‬ج ر‬
‫عدد ‪ .2000/48‬والمعدل والمتمم بالمداولة المؤرخة في ‪ 03‬مايو ‪ ،2012‬ج ر رقم ‪.26‬‬

‫‪239‬‬
‫‪ 166‬من الدستور‪ ،1‬والمادة ‪ 3‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري‬
‫التي تلزم عرض النظام الداخلي بطريقة مسبقة على المجلس الدستوري‪ ،‬قبل الشروع في‬
‫العمل به والمادة ‪ 166‬من الدستور‪ ،1996‬التي تلزم رئيس المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬ورئيس‬
‫مجلس األمة بعرض نظامها الداخلي على المجلس الدستوري قبل الشروع في العمل به‬
‫ونفس األمر بالنسبة للتعديالت التي تمس بالنظام الداخلي لغرفتي البرلمان الجزائري‪ ،‬وهذا ما‬
‫بينته المادة ‪ 4‬فقرة أخيرة من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري‪.2‬‬

‫صدر رأي للمجلس الدستوري الجزائري بمناسبة ممارسة رقابته على النظام الداخلي‬
‫للمجلس الشعبي الوطني سنة ‪ 2000‬رقم ‪ 10‬الصادر في ‪ ،2000/05/13‬أكد أن اإلخطار‬
‫جاء من طرف رئيس الجمهورية وفق نفس اإلجراءات المتبعة بمناسبة بسط الرقابة على‬
‫القوانين العضوية‪ ،3‬ويستشف ذلك من المادة ‪ 165‬من دستور ‪ ،1996‬التي تنص على‬
‫إتباع نفس اإلجراءات في عرض النظام الداخلي لكل من غرفتي البرلمان على المجلس‬
‫الدستوري وتحيل على اإلجراءات المذكورة سابقا وفي أعلى المادة نفسها أي المادة ‪ 165‬من‬
‫دستور ‪ 1996‬تنص على‪" :‬يخطر رئيس الجمهورية المجلس الدستوري وجوبا إلبداء رأيه"‪.4‬‬

‫ال بد أن نشير إلى أن دستور ‪ 1989‬لم يكن واضحا في جعل النظام الداخلي للمجلس‬
‫الشعبي الوطني خاضعا إلزاميا لرقابة المجلس الدستوري السابقة وهذا ما يستنتج من المادة‬
‫‪ 155‬من دستور ‪ 1989‬والتي جاء فيها‪ «:‬كما يفصل في مطابقة النظام الداخلي للمجلس‬
‫الشعبي الوطني للدستور»‪.5‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 166‬من دستور الجزائر لعام ‪.1996‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 02/04‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ -3‬رشيدة العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.150‬‬
‫‪ -‬رأي المجلس الدستوري رقم ‪ 10‬مؤرخ في ‪... ":2000/05/13‬واعتبا ار أن المؤسس الدستوري قد أخضع النظامين‬
‫الداخلين لغرفتي البرلمان إجباريا لرقابة مطابقة أحكامها من قبل المجلس الدستوري وأوكل صالحية اإلخطار في هذه الحالة‬
‫إلى رئيس الجمهورية باعتباره حامي الدستوري وذلك قبل أن يصبح النظام الداخلي قابال للتطبيق ومن ثم واجب التنفيذ"‪.‬‬
‫‪ -4‬جوادي إلياس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.103‬‬
‫‪ -5‬سعيد بوشعير ‪ ،‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.61‬‬

‫‪240‬‬
‫كما نشير إلى أن البرلمان الجزائري عندما يجتمع بغرفتيه في شكل مؤتمر حسب‬
‫الحاالت التي حددها له الدستور الج ازئري لسنة ‪ ،1996‬فإنه يخضع لقواعد سير تدخل في‬
‫طائفة األنظمة الداخلية للمجالس النيابية وهذا ما بينته المادة ‪ 100‬من القانون العضوي رقم‬
‫‪ 02/99‬المؤرخ في ‪ 08‬مارس ‪ 1999‬والذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس‬
‫األمة وعملهما‪ ،‬وكذا العالقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة والتي أعطت للبرلمان حق‬
‫وضع نظامه الداخلي عندما يجتمع في شكل مؤتمر‪.1‬‬

‫مع اإلشارة إلى أنه ال يوجد نص دستوري يبيح للبرلمان هذا العمل كما ال يوجد نص‬
‫دستوري يمنعه من القيام بذلك‪،‬لكن المجلس الدستوري الجزائري باجتهاده وقبوله بمراقبة مدى‬
‫مطابقة النظام الداخلي للبرلمان المجتمع بغرفتيه وتقديم له توجيهات بأن ال يدرج ضمن هذا‬
‫النظام الداخلي مواضيع تعود إلى القوانين العضوية‪ ،‬قد أكد على حقه في ممارسة هذا النوع‬
‫من الرقابة‪.2‬‬

‫اجتمع البرلمان الجزائري بغرفتيه في شكل مؤتمر مرتين بمناسبة تعديل الدستور سنة‬
‫‪، 2002‬وتعديل الدستور سنة ‪ ،2008‬وفق المادة ‪ 176‬من دستور ‪ ،1996‬لكن النظام‬
‫الداخلي لغرفتي البرلمان‪ ،‬لم يعرض على المجلس الدستوري لرقابة مدى مطابقته للدستور‬
‫وهنا السؤال الذي يبقى غامضا‪ ،‬ما هو النظام الداخلي الذي يخضع له نواب البرلمان‬
‫المجتمع بغرفتيه بمناسبة التعديالت الدستورية المذكورة ؟‬

‫في حين نجد المجلس الدستوري الفرنسي قبل ومارس رقابة قبلية على النظام الداخلي‬
‫للبرلمان الفرنسي في شكل مؤتمر‪ ،‬وذلك للمصادقة على تعديل الدستور‪ ،‬بقرار مؤرخ في ‪20‬‬
‫سبتمبر ‪.31963‬‬

‫‪ -1‬فطة نبالي ‪ ،‬دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.170‬‬
‫‪ -2‬رأي المجلس الدستوري رقم ‪ /08‬ر‪ .‬ق‪ .‬ع‪ /‬م‪ .‬د‪ 99 /‬أحكام الفقه الدستوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫" ‪ ...‬واعتبا ار أنه إذا كان من صالحية البرلمان أن يوضع قواعد سيره عندما يكون مجتمعا بغرفتيه في نص غير النصين‬
‫المذكورين في الفقرة الثالثة من المادة ‪ 115‬من الدستور‪ ،‬فإنه يتعين أال تدرج في هذا النص‪ ،‬عند إعداده مواضيع من‬
‫اختصاص القانون العضوي"‪.‬‬
‫‪3 -D. ROUSSEAU, Droit du contentieux constitutionnel, op.cit., P 165- 166.‬‬

‫‪241‬‬
‫اتفق المشرع المغربي مع المشرع الجزائري في مركزية الجهة المكلفة برقابة مدى مطابقة‬
‫النظام الداخلي لغرفتي البرلمان مع الدستور ‪،‬وجعلها من اختصاص المجلس الدستوري‬
‫‪،‬وذلك بموجب الفصل ‪ 81‬من دستور المغرب ‪ ،1996‬وال يجوز العمل بهذا النظام إلى بعد‬
‫أن يصرح المجلس الدستوري المغربي بمطابقته للدستور‪ ،‬وفق المادة ‪ 44‬من الدستور‬
‫المغربي وهذا النهج المتمثل في إسناد الرقابة على دستورية األنظمة الداخلية للمجالس‬
‫النيابية‪ ،‬اتبعته المغرب سواء في عهد الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى من خالل دساتير‬
‫‪ ،1972 ،1970 ،1962‬أو في عهد المجلس الدستوري دساتير ‪ ،11996 ،1992‬أما‬
‫دستور ‪ 2011‬فقد نص على إنشاء محكمة دستورية ولم يصدر القانون الذي ينظمها‪.‬‬

‫يمارس القاضي الدستوري المغربي على األنظمة الداخلية للمجالس النيابية رقابة إلزامية‪،‬‬
‫واجبارية ‪،‬ألن الدستور منع صراحة العمل بها قبل صدور رأي المجلس الدستوري ليقضي‬
‫بمطابقتها للدستور‪ ،‬أو الشروع في تطبيقها قبل إحالتها على المجلس الدستوري أصال‪ ،‬وهذا‬
‫ما جاء في الفصل ‪ 44‬من الدستور‪ ،2‬وأكد هذه المسألة الفصل ‪ 81‬من دستور ‪1996‬‬
‫المغربي ‪،‬وهذا التأكيد يوحي لنا تساوي القيمة القانونية بين القوانين التنظيمية واألنظمة‬
‫الداخلية للبرلمان في المغرب‪ ،‬ويجعل القوانين العادية أقل درجة منهما‪.‬‬

‫وطبيعة هذه الرقابة باإلضافة إلى أنها مركزة في جهة واحدة حددها الدستور والزامية فإنها‬
‫تكون سابقة على صدور القانون فهي تمر في المرحلة بين التصويت والمصادقة عليها من‬
‫طرف مجلس البرلمان المعني‪ ،‬الذي وضعها وقبل الشروع في تطبيقها‪ ،‬والعمل بها فهي من‬
‫ثم رقابة سابقة ووقائية‪.3‬‬

‫لكن ف ي الواقع العملي المغربي كما هو الحال في الواقع العملي الجزائري سبق أن تم‬
‫تعديل في أحكام النظام الداخلي لمجلس النواب المغربي وتعلقت التعديالت بتغيير عدد‬
‫أعضاء مكتب المجلس ومهامهم‪ ،‬وعدد اللجان الدائمة واختصاصاتها‪ ،‬والعدد الذي تتألف‬

‫‪ - 1‬رشيدة المدور ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.370‬‬


‫‪ - 2‬الفصل ‪ 44‬من دستور المغرب ‪ ... " 1996‬ولكن ال يجوز العمل به إال بعد أن يصرح المجلس الدستوري بمطابقتها‬
‫ألحكام هذا الدستور"‪.‬‬
‫‪ 3‬رشيدة المدور ‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.381‬‬

‫‪242‬‬
‫منه الغرف النيابية وشرع في تطبيقه قبل عرضه على المجلس الدستوري‪ ،1‬دون أن يترتب‬
‫جزاء على عدم العرض لهذه التعديالت على المجلس الدستوري‪ ،‬ثم السؤال الذي يطرح ما‬
‫هو نوع الجزاءات المترتبة على عدم عرض تعديالت النظام الداخلي لغرفتي البرلمان على‬
‫القاضي الدستوري و الشروع في العمل بها؟ هل يمكن أن تلغى التشريعات التي صادق‬
‫عليها البرلمان؟ ال نجد جواب في النص القانوني وال في االجتهاد القضائي رغم أن هذا‬
‫األمر حدث في المغرب ولم يتعامل معه المجلس الدستوري المغربي‪.‬‬

‫ب‪ -‬رقابة مجردة بإحالة فورية من جهات محددة ‪:‬‬

‫نص المشرع المغربي على وجوب إحالة النظام الداخلي ألحدى غرفتي البرلمان فور‬
‫التصويت والمصادقة عليها إلى المجلس الدستوري‪ ،‬ويستوي في ذلك النظام الداخلي األصلي‬
‫أوالتعديالت المدخلة عليه وهذا ما أكدته المادة ‪ 21‬من القانون التنظيمي المحدد لقواعد عمل‬
‫المجلس الدستوري المغربي التي تلزم رئيسا مجلس النواب ومجلس المستشارين بإحالة‬
‫نظامهما الداخلي على المجلس الدستوري على الفور‪ ،‬وكذا التعديالت المدخلة عليهما بعد‬
‫أن يتم المصادقة عليهما من طرف المجلس‪.2‬‬

‫اتفق المشرع الجزائري مع نظيره المغربي في جعل إحالة النظام الداخلي لمجلس البرلمان‬
‫على القاضي الدستوري فورية بمجرد التصويت والمصادقة عليها من طرف مجلس البرلمان‬
‫المعني‪ ،‬وهذا ما بينته المادة ‪ 115‬من دستور ‪ ،1996‬وكذا المواد ‪ 03‬و‪ 04‬من النظام‬
‫المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري‪.3‬‬

‫ونفس الحكم ينسحب على التعديالت المتعلقة بالنظام الداخلي لمجلس البرلمان الجزائري‪.‬‬

‫في حين نجد المشرع الفرنسي من خالل المادة ‪ 01/61‬من دستور ‪ 1958‬جعل المجلس‬
‫الدستوري يمارس رقابة على مدى مطابقة النظام الداخلي لغرفتي البرلمان الفرنسي قبل العمل‬

‫‪ 1-‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.382‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.383‬‬
‫‪ -3‬رشيدة المدور ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.150‬‬

‫‪243‬‬
‫بهما‪ ،‬حيث ألزم الجمعية الوطنية‪ ،‬ومجلس الشيوخ‪ ،‬بعد المصادقة على أنظمتهما الداخلية‬
‫عرضها على المجلس الدستوري‪.1‬‬

‫وا تخذ المشرع الفرنسي هذه الخطوة لسبب ما حدث في الجمهورية الثالثة ‪،‬والرابعة ‪،‬أين‬
‫كانت المجالس البرلمانية تمنح لنفسها ما لم يمنحه لها الدستور‪ ،‬من خالل األنظمة الداخلية‬
‫لمجالسها النيابية‪ ،‬األمر الذي دفع بأصوات عديدة وفاعلة تنادي لجعل رقابة المجلس‬
‫الدستوري على النظام الداخلي للجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ إجبارية‪ ،‬وقبلية بعدما كانت‬
‫اختيارية‪ ،‬وتكون اإلحالة فورية بعملية اإلخطار من طرف رئيسا غرفتي البرلمان على عكس‬
‫الجزائر‪ ،‬التي أعطت حق اإلخطار إلى رئيس الجمهورية‪ ،‬ويخرج عن الرقابة الوجوبية كل ما‬
‫يتعلق باإلجراءات الخاصة سير المجلس النيابي‪ ،‬واألشخاص المساعدين للنواب‬
‫والبرلمانين‪.2‬‬

‫كما أوجب الدستور الموريتاني عرض النظم الداخلية لغرفتي البرلمان قبل تنفيذها وذلك‬
‫بغرض التأكد من مطابقتها للدستور حسب المادة ‪ 86‬منه‪ ،‬وتحال هذه األنظمة الداخلية‬
‫والتعديالت التي أدخلت عليها من طرف رئيس الجمهورية‪،‬التي أقرت هذا النظام على‬
‫المجلس الدستوري حسب المادة ‪ 17‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‬
‫الموريتاني‪.3‬‬

‫وتعتبر اإلحالة الفورية لألنظمة الداخلية للمجالس النيابية على القاضي الدستوري للحكم‬
‫على مدى مطابقتها للدستور ضرورية جدا‪ ،‬باعتبار أن البرلمان ال يستطيع القيام بمهامه إال‬
‫وفق نظامه الداخلي واذا تعطل هذا النظام الداخلي تعطلت مؤسسة دستورية هامة بحجم‬
‫البرلمان‪.‬‬

‫غير أن هذه اإلحالة الفورية لم يتم تحديدها بميعاد معين فمثال في الجزائر ال توجد مدة‬
‫تلزم رئيسا المجلس الشعبي الوطني ‪،‬ورئيس مجلس األمة‪ ،‬بعرض النظام الداخلي لمجلس‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫‪2-D. ROUSSEAU, Droit du contentieux constitutionnel, op.cit., p. 165.‬‬
‫‪ -3‬سيدي محمد ولد سيدي آب ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.42‬‬

‫‪244‬‬
‫البرلمان الجزائري على رئيس الجمهورية‪ ،‬ليتمكن من إخطار المجلس الدستوري لشأنه‪ ،‬فال‬
‫المادة ‪ 04‬وال المادة ‪ 03‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري حددت أجال بعد‬
‫التصويت‪ ،‬والمصادقة‪ ،‬على النظام الداخلي إلحدى غرفتي البرلمان يلزم خاللهما رئيسا‬
‫البرلمان بعرض نظامهما الداخلي على رئيس الجمهورية‪ ،‬في حين المادة ‪ 167‬ألزمت‬
‫المجلس الدستوري‪ ،‬بأن يعطي رأيه أو ق ارراه بعد مضي ‪ 20‬يوما من تاريخ إخطاره من‬
‫طرف الجهة صاحبة اإلخطار‪ ،‬وكذلك المادة ‪ 126‬من دستور ‪ 1996‬قيدت رئيس‬
‫الجمهورية بأن يصدر القانون في أجل ‪ 30‬يوما ابتداء من تاريخ تسلمه إياه‪ ،‬وبينت على‬
‫توقيف حساب هذا األجل في حالة إخطار المجلس الدستوري من إحدى الجهات صاحبة‬
‫حق اإلخطار‪.‬‬

‫وحتى في حالة طلب رئيس الجمهورية من المجلس الشعبي الوطني قراءة ثانية حول‬
‫قانون تم التصويت عليه فهو مقيد بأن يتم ذلك في خالل أجل الثالثين (‪ )30‬يوما حسب ما‬
‫جاء في المادة ‪ 127‬من دستور‪ 1996‬واإلشكال المطروح هو لماذا هناك مجموعة من‬
‫المواعيد يلتزم بها المجلس الدستوري من تاريخ إخطاره وهي ‪ 20‬يوما ومواعيد يلتزم بها‬
‫رئيس الجمهورية من تاريخ استالمه القانون المصادق عليه وهي ‪ 30‬يوما‪ ،‬وال يوجد ميعاد‬
‫محدد لرئيسي غرفتي البرلمان بين تاريخ المصادقة وتاريخ العرض على رئيس الجمهورية‬
‫فنفترض لو تقاعسا رئيسا غرفتي البرلمان عن عرض القانون فما هو جزاء ذلك ؟‬

‫نجد مثال في المغرب أنه بين المصادقة على النظام الداخلي أو التعديالت الخاصة به‬
‫واحالتها على المجلس الدستوري‪ ،‬تتراوح المدة بين ‪ 07‬إلى ‪ 15‬يوما‪ ،‬فمثال النظام الداخلي‬
‫لمجلس النواب صوت عليه بتاريخ ‪ 22‬نوفمبر ‪ 1994‬وتمت إحالته في ‪ 7‬ديسمبر ‪1994‬‬
‫يعني بعد مضي ‪ 15‬يوما‪.1‬‬

‫يبدو من الضرورة تحديد أجل يلزم رئيسا البرلمان بعرض نظامهما الداخلي بعد المصادقة‬
‫عليه على المجلس الدستوري ‪،‬مباشرة وجعل هذه المدة قصيرة تتراوح بين ‪ 03‬أيام و‪ 05‬أيام‬
‫أقصى حد‪.‬‬

‫‪ -1‬رشيدة المدور ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.373‬‬

‫‪245‬‬
‫مع اإلشارة إلى أن الرقابة التي يمارسها القاضي الدستوري على األنظمة الداخلية لغرفتي‬
‫البرلمان هي رقابة مجردة على القانون‪ ،‬وليست رقابة لحل نزاع وتهدف إلى التحقق من مدى‬
‫مطابقة أحكام النظام الداخلي لغرفتي البرلمان مع أحكام الدستور‪ ،‬احتراما لروح الدستور‬
‫المبني على مبدأ الفصل بين السلطات‪ ،‬كما يراقب المجلس الدستوري الجزائري مدى مطابقة‬
‫النظام الداخلي لغرفتي البرلمان مع القانون العضوي المنظم للعالقات الوظيفية مع الحكومة‪،‬‬
‫حيث نجد المجلس الدستوري في إحدى آراءه يؤكد على وجوب مطابقة أحكام النظام الداخلي‬
‫للمجلس الشعبي الوطني ‪،‬مع القانون العضوي المحدد للعالقات الوظيفية بين الحكومة‬
‫ومجلس البرلمان في مسألة التشاور مع الحكومة في تحديد جدول األعمال‪.1‬‬

‫أما رقابة المجلس الدستوري الجزائري على مدى مطابقة النظام الداخلي إلحدى غرفتي‬
‫البرلمان مع القانون العادي ففي رأي المجلس الدستوري الجزائري صادر في ‪ 13‬ماي ‪2000‬‬
‫نص على مايلي‪... «:‬واعتبا ار أن المشرع حرصا منه على عدم اإلخالل بمبدأ الفصل بين‬
‫السلطات‪ ،‬قد خول المجلس الشعبي الوطني بمقتضى الفقرة الثانية من المادة ‪ 61‬من الفصل‬
‫الثاني من القانون ‪ 21/90‬المؤرخ في ‪ 24‬محرم عام ‪ 1413‬الموافق ل ‪ 15‬أوت ‪1990‬‬
‫والمتعلق بالمحاسبة العمومية صالحية تضمين نظامه الداخلي قواعد تنفيذ الميزانية‪ ،‬واعتبا ار‬
‫والحال هاته‪ ،‬أن تحديد القواعد الخاصة المطبقة على محاسبة المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬ال‬
‫ي عد في حد ذاته صالحية تمكن مكتب المجلس الشعبي الوطني من وضع قواعد أخرى غير‬
‫تلك المنصوص عليها في قانون المحاسبة العمومية المذكورة أعاله وانما يقصد منه القواعد‬
‫المتعلقة برقابة تنفيذ الميزانية المجلس الشعبي الوطني»‪.2‬‬

‫يتضح من هذا الرأي وجوب مطابقة النظام الداخلي إلحدى مجلسي البرلمان مع القانون‬
‫العادي وعدم تجاوزه من حيث مجال االختصاص ومن حيث مضمون النص‪ ،‬أما الحالة‬
‫العكسية‪ ،‬وهي إمكانية المصادقة على قانون عادي يخالف النظام الداخلي ألحد مجلسي‬
‫البرلمان‪ ،‬يرى الفقه الفرنسي عدم إمكانية ذلك وبرر ذلك كون الخضوع اإلجباري لرقابة‬

‫‪ -1‬رأي رقم ‪ /09‬ر‪ .‬ن‪ .‬د ‪ /‬م‪ .‬د‪ 99 /‬أحكام الفقه الدستوري الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ -2‬رأي رقم ‪ / 10‬ر‪ .‬ن‪ .‬د‪ /‬م د ‪ /2000‬أحكام الفقه الدستوري الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪246‬‬
‫األنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان من طرف القاضي الدستوري يعطيها أهمية كبرى فهي‬
‫تتعلق بتنظيم مؤسسة دستورية مهمة ولهذا ال يجوز المصادقة على قانون عادي يخالفاها‪.‬‬

‫وذهب الفقه الفرنسي إلى التمييز بين نوعين من المواد الداخلة في النظام الداخلي لمجلس‬
‫البرلمان فالنوع األول يتعلق بتلك المواد التي جاءت تطبيقا لمادة دستورية وهذه ال بد من‬
‫عدم مخالفتها من طرف القانون أما النوع الثاني فيتعلق بطائفة من المواد‪ ،‬لم تأتي لتطبيق‬
‫مواد دستورية وانما هي مواد إجرائية بحته وتلك يمكن أن يخالفها قانون عادي‪.1‬‬

‫يبدو أن رقابة مدى تطابق النظام الداخلي إلحدى غرفتي البرلمان مع القانون العادي‬
‫والعكس ال يدخل في باب رقابة خضوع القانون األدنى درجة للقانون األعلى درجة وانما من‬
‫باب منع التداخل في تنظيم مسألة معينة وايجاد التكامل بين النصوص التي تحكم مؤسسة‬
‫دستورية هامة مثل البرلمان‪.‬‬

‫كما يبدو من خالل ما تم مناقشته في هذا الفرع أن كل من الجزائر ‪،‬المغرب ‪،‬تونس و‬


‫موريتانيا اتبعت ما أخذ به الفقه الدستوري الفرنسي من ضرورة عرض النظام الداخلي‬
‫لمجلس البرلمان على المجلس الدستوري ‪،‬ليقر بمدى مطابقته للدستور قبل الشروع في العمل‬
‫به مع اإلشارة إلى أن تونس التحقت بالجزائر والمغرب بعد تعديالت الدستور سنة ‪2002‬‬
‫حيث قبل ذلك التعديل كان النظام الداخلي لغرفتي البرلمان التونسي يعدهما المجلس‬
‫ويصادق عليهما‪ ،‬ويبدأ العمل بهما فورا‪ ،‬فكان البرلمان مستقال تماما في هذا الشأن لكن‬
‫اختلفت هذه الدول في تحديد الجهة صاحبة اإلخطار كما اختلفت في تحديد ما إذا كان‬
‫النظام المحدد لقواعد عمل البرلمان عندما يجتمع بغرفتيه في شكل مؤتمر يخضع لرقابة‬
‫القاضي الدستوري رقابة فورية و وجوبية ومسبقة أم ال‪.‬‬

‫يبدو أن االختالف بين هذه الدول ظهر أيضا في تحديد أنواع القوانين التي ال بد أن‬
‫يطبقها النظام الداخلي لمجلس البرلمان فمنها من جعله خاضعا للدستور وللقانون العضوي‬
‫وحتى للقانون العادي‪ ،‬وهناك من فرق بين طبيعة قواعد النظام الداخلي ذاته وصنفها إلى‬
‫قواعد ذات طبيعة دستورية وأخرى ذات طبيعة إجرائية‪.‬‬

‫‪ -1‬فطة نبالي ‪ ،‬دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.174‬‬

‫‪247‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الرقابة غير اإللزامية‬

‫نجد بموازاة الرقابة اإللزامية للقوانين العضوية (األساسية) ‪ ،‬واألنظمة الداخلية للمجالس‬
‫النيابية‪ ،‬هناك رقابة غير إلزامية ‪،‬أو اختيارية‪ ،‬يمارسها القاضي الدستوري عل أنواع أخرى‬
‫من النصوص القانونية سواء كانت صادرة عن البرلمان كالقوانين العادية ‪،‬أو صادرة على‬
‫السلطة التنفيذية (التنظيم) ‪ ،‬أو صادرة على اإلرادة الشعبية مباشرة (القوانين االستثنائية)‬
‫وتلك النصوص القانونية التي يتفق عليها الهيئات الدولية في شكل معاهدات وتنظم إليها‬
‫الدولة (المعاهدة) ‪ ،‬وتعالج كل هذه النصوص باختالف أنواعها ومدى خضوعها لرقابة‬
‫القاضي الدستوري‪ ،‬في كل من الجزائر‪ ،‬والمغرب‪ ،‬تونس وموريتانيا من خالل فرعين يبين‬
‫الفرع األول وضعية كل من القانون العادي والتنظيم من رقابة القاضي الدستوري‪ ،‬وكذا‬
‫وضعية كل من المعاهدات والقوانين االستفتائية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬رقابة القاضي الدستوري على القوانين العادية والتنظيم‬

‫أوال – رقابة القاضي الدستوري على القانون العادي ‪:‬‬

‫ارتبط تحديد مجال القانون ارتباط وثيقا في تطور الفقه الدستوري ‪،‬والقانون الفرنسي‬
‫ورغبته في الحد من تأثير البرلمانية التقليدية بحيث يكون مجال القانون "التشريع"محدد على‬
‫سبيل الحصر ومجال التنظيم "الالئحة" مطلق حسب ما جاء في دستور ‪ 1958‬للجمهورية‬
‫الفرنسية الخامسة‪ ،‬وقد سار في هذا االتجاه كل من الجزائر والمغرب وتونس التي حددت‬
‫دساتيرها مجال القانون على سبيل الحصر وأطلقت مجال التنظيم تأسيا بالنظام الفرنسي‪.1‬‬

‫ومن هذا المنطلق نجد المشرع المغربي قد وزع الوظيفة التشريعية‪ ،‬بين الحكومة والبرلمان‬
‫‪ ،‬كأصل عام وحدد على سبيل الحصر المجاالت التي يشرع فيها البرلمان وبينها في الفصل‬
‫‪ 46‬من دستور ‪ ،1996‬وهذه الحاالت المنصوص عليها في المادة ‪ 46‬بعد مرورها بكل‬
‫اإلجراءات الشكلية والموضوعية تصدر في شكل قانون‪ ،‬أما المواضيع األخرى التي تخرج‬

‫‪ -1‬نور الدين أشحشاح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.355‬‬

‫‪248‬‬
‫عن مجال القانون والتي نصت عليها المادة ‪ 47‬فبعد استيفائها إلجراءاتها الشكلية تصدر في‬
‫شكل مراسيم‪.1‬‬

‫نصت المادة ‪ 120‬من دستور ‪ 1996‬الجزائري على أن يكون كل مشروع قانون أو‬
‫مقترح قانون موضوع للمناقشة من طرف المجلس الشعبي الوطني ‪،‬ومجلس األمة‪ ،‬حتى تتم‬
‫المصادقة عليه‪ ،2‬وبناء على هذه المادة يعتبر قانونا كل مقترح قانون تقدم به النواب أو‬
‫مشروع قانون تقدمت به الحكومة وتمت المصادقة عليه من طرف مجلسي البرلمان الجزائري‬
‫وفق اإلجراءات والشكليات التي يحددها الدستور ذاته والقوانين التي يحيل عليها‪.‬‬

‫حدد الدستور الجزائري مجاالت التشريع بقوانين على سبيل الحصر من خالل المادة‬
‫‪ 122‬من دستور ‪ ،1996‬وفي مجاالت أخرى حددها الدستور على سبيل الحصر‪ 3‬وترك‬
‫مجال التنظيم مفتوحا خارج مجاالت التشريع بقوانين من خالل المادة ‪ 125‬منه‪.‬‬

‫أما المادة ‪ 61‬في الفقرة الثانية من دستور فرنسا ‪ 1958‬فقد حددت الرقابة على دستورية‬
‫القوانين العادية وجعلتها سابقة عن المصادقة عليها من طرف رئيس الجمهورية‪.‬‬

‫تنصب الرقابة على دستورية القوانين العادية وفقا إلجراءات التشريع العادي وتهدف هذه‬
‫الرقابة إلى الحيلولة دون إصدار قوانين تخالف النص الدستوري في الشكل أو في الموضوع‬
‫وتكون رقابة سابقة قبل المصادقة على مشروع القانون من طرف رئيس الدولة وتكون الحقة‬
‫بإلغاء القانون المخالف للدستور حتى ولو صار نافذا وتم نشره في الجريدة الرسمية‪.4‬‬

‫ونشير إلى أن الجزائر جعلت الرقابة على دستورية القوانين سابقة عن المصادقة عليها‬
‫من طرف رئيس الجمهورية وفي هذا المقام يصدر المجلس الدستوري رأياكما قد تكون الحقة‬
‫بعد صدور القانون في الجريدة الرسمية وهنا يصدر المجلس الدستوري الجزائري ق ار ار‪.5‬‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.388‬‬


‫‪ -2‬إلياس جوادي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.90‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 122‬دستور الجزائر ‪ 28‬نوفمبر المعدل و المتمم‪.1996‬‬
‫‪ -4‬فدوى مرابط ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫‪ -5‬المادة ‪ 165‬دستور ‪ " 1996‬يفصل المجلس الدستوري باإلضافة إلى االختصاصات األخرى التي خولتها إياه صراحة‬
‫أحكام أخرى في الدستور في دستورية المعاهدات والقوانين والتنظيمات‪ ،‬إما برأي قبل أن تصبح واجبة التنفيذ أو بقرار في‬
‫الحالة العكسية‪."...‬‬

‫‪249‬‬
‫تكون الرقابة في المغرب وموريتانيا على دستورية القوانين رقابة سابقة فقط وهذا حسب‬
‫المادة ‪ 86‬من دستور موريتانيا‪ ،1‬مع مالحظته أن المغرب لم يعرف نظام الرقابة على‬
‫دستورية القوانين العادية في عهد الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى في ظل دساتير ‪،1962‬‬
‫‪ ،1972 ،1970‬وقد صارت هذه الرقابة من اختصاص المجلس الدستوري المغربي الذي‬
‫أنشئ سنة ‪ 1992‬ودعم في دستور ‪ ،21996‬أما دستور ‪ 1‬جويلية ‪ 2011‬فقد أخذ بالرقابة‬
‫القضائية عن طريق محكمة دستورية‪.‬‬

‫أما الرقابة على دستورية القوانين العادية في تونس فهي مختلفة عنها في باقي دول‬
‫المغرب العربي‪ ،‬بحيث تنصب فقط على مشاريع القوانين وال تنصب على القوانين وهي ذات‬
‫طبيعة استشارية بالنسبة لرئيس الجمهورية لكنها تصبح إجبارية إذا أخذ بها‪.3‬‬

‫أما من حيث اإلحالة فتحال القوانين العادية في المغرب برسالة من طرف الجهة صاحبة‬
‫اإلخطار أو برسالة أو عدة رسائل تتضمن إمضاء ربع أعضاء مجلس النواب أو ربع‬
‫أعضاء مجلس المستشارين‪ ،‬ويقوم المجلس الدستوري في هذه الحالة بتبليغ الملك أو الوزير‬
‫األول ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين بمشروع القانون الذي أحيل عليه‬
‫ويحق للوزير األول كما يحق لرئيس كل مجلس وأعضائه إبداء مالحظات في شأن المسألة‬
‫المعروضة على المجلس الدستوري للدراسة وهذا وقف المادة ‪ 22‬من القانون التنظيمي‬
‫المتعلق بالمجلس الدستوري المغربي‪.4‬‬

‫‪ -1‬سيدي محمد ولد سيدي آب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.43‬‬


‫‪ -2‬فدوى فدوى ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 22‬من القانون التنظيمي المحدد لقواعد العمل المجلس الدستوري المغربي‪:‬‬
‫"تكون إحالة القوانين إلى المجلس الدستوري في الحاالت المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 79‬من الدستور‬
‫برسالة من الجهة التي تتخذ المبادرة لذلك أو برسالة أو عدة رسائل يتضمن في مجموعها إمضاءات عدد من أعضاء‬
‫مجلس النواب ال يقل عن ربع األعضاء الذين يتألف منهم هذا المجلس‪.‬‬
‫ويقوم المجلس الدستوري فور إحالة القوانين إليه في الحاالت المنصوص عليها في الفقرة السابقة بإبالغ ذلك إلى الملك‬
‫والوزير األول ورئيس مجلس النواب الذي يتولى بدوره إعالم النواب باألمر وللوزير األول ورئيس مجلس النواب وأعضائه‬
‫أن يدلوا إلى المجلس الدستوري بما يبدوا لهم من مالحظات في شأن القضية المطروحة عليه‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫وينهي قرار المجلس الدستوري القاضي بمطابقة مشروع القانون المعروض عليه للفحص‬
‫على الدستور وفق سريان أجل إصدار هذا القانون‪.1‬‬

‫تتم إحالة القوانين العادية في النظام الدستوري الجزائري قبل المصادقة عليها من طرف‬
‫رئيس الجمهورية ومن طرف الجهة التي تدفع بعدم دستورية هذا المشروع القانوني‪ ،‬ويكون‬
‫ذلك بواس طة رسالة موجهة إلى المجلس الدستوري أو عدة رسائل إذا تطلب األمر ذلك ويقوم‬
‫المجلس الدستوري بإصدار رأي في خالل مدة ‪ 20‬يوما من تاريخ استالمه رسالة اإلخطار‬
‫وق اررات المجلس الدستوري الجزائري ال تقبل أي طريقة من طرق الطعن وهي ذات حجية في‬
‫مواجهة كل المؤسسات العمومية وفق المادة ‪ 54‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس‬
‫الدستوري الجزائري‪.2‬‬

‫وحسب المادة ‪ 86‬من الدستور الموريتاني فلرئيس الجمهورية ورئيس الجمعية الوطنية‬
‫ورئيس مجلس الشيوخ الحق في تقديم القانون قبل إصداره لرقابة المجلس الدستوري ويتم ذلك‬
‫من طرف الجهة التي أثارت عدم الدستورية بواسطة رسالة موجهة إلى المجلس الدستوري‪،‬‬
‫كما أن حق اإلخطار مقرر لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجلس‬
‫نواب الجمعية الوطنية وثلث أعضاء مجلس الشيوخ‪ ،3‬ويكون المجلس‬ ‫الشيوخ وثلث‬
‫الدستوري الموريتاني مقيد بأجل شهر واحد للرد على اإلحالة وتخفض المدة إلى ‪ 08‬أيام في‬
‫حالة االستعجال بطلب من رئيس الجمهورية وتوقف اإلحالة على المجلس الدستوري إصدار‬
‫القانون محل اإلحالة أمام المجلس الدستوري وفق المادة ‪ 86‬من دستور موريتانيا‪.4‬‬

‫ينفرد المجلس الدستوري الموريتاني بحل الخالف بين الحكومة والبرلمان حول القانون‬
‫المالي حيث أنه ال تقبل مقترحات وتعديالت عمومية أو تضخيمها إال إذا كانت مصحوبة‬
‫بمقترح يتضمن ما يعادلها من زيادة في الواردات أو المدخرات‪ ،‬كما يمكن أن ترفض حينما‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 23‬من القانون التنظيمي المحدد لعمل المجلس الدستوري المغربي‪.‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 54‬من قانون رقم ‪ 2000/48‬مؤرخ في ‪ 06‬أوت ‪ ،2000‬المتضمن النظام المحدد لقواعد عمل المجلس‬
‫الدستوري بالجزائر‪ .‬المعدل والمتمم بالمداولة ‪ 2009/01/14‬والمداولة ‪ 03‬مايو ‪.2012‬‬
‫‪ - 3‬سيدي محمد ولد سيدي آب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪251‬‬
‫يتعلق بموضوع من اختصاص السلطة التنظيمية عمال بالمادة ‪ 59‬أو تنافى تفويضا‬
‫بمقتضى المادة ‪ 60‬من الدستور الموريتاني‪.1‬‬

‫ونشير أن حق إحالة مشاريع القوانين وفق المادة ‪ 40‬من الدستور التونسي هي حق‬
‫لرئيس الجمهورية التونسية وحده باعتبار المجلس الدستوري هيئة استشارية لصالح رئيس‬
‫الجمهورية وتتم الرقابة على دستورية القوانين بصورتين رقابة مطابقة وهي البحث في‬
‫المطابقة الحرفية بين النص القانوني والنص الدستوري ورقابة مالءمة فهي مدى مالءمة‬
‫النص القانوني مع األهداف األساسية للدستور‪.2‬‬

‫‪ -1‬شروط تتعلق بطبيعة النص القانوني المعروض على رقابة القاضي الدستوري ‪:‬‬

‫أ‪ -‬مراقبة قبلية ‪:‬‬

‫نص كل من الدستور المغربي في مادة ‪ 81‬والقانون التنظيمي للمجلس الدستوري‬


‫المغربي في مادته ‪ 22‬على أنه ال يمكن إحالة إال القوانين التي تمت المصادقة عليها من‬
‫طرف مجلسي البرلمان ويستفاد من هذه المواد أنه ال يمكن أن يحال على المجلس الدستوري‬
‫مشاريع القوانين التي لم يتم المصادقة عليها من طرف مجلسي البرلمان‪ ،‬وقد رفض المجلس‬
‫الدستوري الفرنسي في سابقة النظر في عريضة موجهة له بخصوص مشروع قانون محل‬
‫المناقشة وذلك في ق ارره رقم ‪ 76/69‬المؤرخ في ‪ 8‬جانفي ‪.31976‬‬

‫ب‪ -‬رقابة مجردة ‪:‬‬

‫بمعنى أن المجلس الدستوري غير مطالب بالفصل بخالف بين طرفين بل يكمن دور‬
‫المجلس الدستوري في النظر إلى مدى مطابقة النص المحال عليه مع الدستور فالطعن‬
‫يكون موجه إلى العمل القانوني ذاته وال يأخذ بعين االعتبار الطرف أو الجهة التي صدر‬
‫عنها النص القانوني محل الرقابة‪.4‬‬

‫‪ -1‬فدوى م اربط ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.83‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪ -3‬المختار هنوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪252‬‬
‫‪ - 2‬شروط تتعلق بصفة الطاعنين ‪:‬‬

‫حددت دساتير الدول المغاربية (الجزائر ‪ ،‬تونس ‪،‬المغرب وموريتانيا) جهات محددة تملك‬
‫حق إخطار المجلس الدستوري ليمارس رقابته على القوانين العادية وحددتها في رئيس الدولة‬
‫الوزير األول األقلية من النواب في كل مجلس مع بعض االختالفات وهذا تأسيا بالنموذج‬
‫الفرنسي الذي منح حق إخطار المجلس الدستوري الفرنسي في أول مرة لكل من رئيس‬
‫الجمهورية‪ ،1‬الوزير األول رئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ ثم معه في تعديل‬
‫الدستور ‪ 29‬أكتوبر ‪ 1974‬إلى ستين (‪ )60‬عضوا من الجمعية الوطنية أو ‪ 60‬شيخا من‬
‫مجلس الشيوخ‪ ،‬تم توسع هذا الحق إلى المواطنين في تعديل ‪ 23‬جويلية ‪.22008‬‬

‫يبدو أن الجزائر لم تعطي حق اإلخطار في الرقابة االختيارية للوزير األول وال إلى األقلية‬
‫البرلمانية وال إلى المواطنين‪ ،‬الشيء الذي ساهم في ضعف المجلس الدستوري الجزائري منذ‬
‫نشأته سنة ‪، 1989‬والذي بقي ينتظر فقط في القوانين العضوية واألنظمة الداخلية للبرلمان‬
‫كونه ذات إخطار إلزامي أما مجال نظره في رقابة القوانين العادية بقي ضعيفا مقارنة بحجم‬
‫القوانين التي تصدر عن البرلمان والسيما في بعض المجاالت التي تمس بحقوق المواطن‬
‫والحريات األساسية‪ ،‬على عكس المغرب الذي منح هذا الحق لكل من الوزير األول والملك‬
‫كجهاز تنفيذي والى رئيس مجلس النواب أعضاء ‪ 1/4‬أحد المجلسين الجهاز التشريعي‬
‫لكنه لم يمنح هذا الحق للمواطنين في ظل دستور ‪ 1996‬اال ان دستور يوليو ‪ ،2011‬الذي‬
‫أنشأ محكمة دستورية وألغى تماما المجلس الدستوري لجأ إلى طريقة الدعوى القضائية‪.3‬‬

‫في حين فصلت تونس مسألة العرض الوجوبي بالنسبة لجميع القوانين العادية المتصلة‬
‫بالحقوق والحريات وأعطت حق إخطار المجلس الدستوري إلى رئيس الجمهورية وحده‬
‫باعتبار أن المجلس الدستوري التونسي هيئة استشارية بالنسبة لرئيس الجمهورية‪ 4‬الى غاية‬
‫دستور ‪ 2014‬الذي منح المواطن التونسي هذا الحق‪.‬‬

‫‪ -1‬يحي الجمل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.75 – 74‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪ -3‬هنوني المختار‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.14 -13‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 74‬من دستور تونس‪ " : 1959‬يعرض رئيس الجمهورية على المجلس الدستوري مشاريع القوانين التي تقدم بها‬
‫النواب بعد المصادقة عليها‪ ،‬وخالل أجل الختم والنشر المنصوص عليه بالفصل ‪ 52‬من الدستور‪."...‬‬

‫‪253‬‬
‫ثانيا ‪ -‬رقابة القاضي الدستوري على التنظيم ‪:‬‬

‫يقوم المجلس الدستوري بحماية مجال الالئحة من تعدي البرلمان‪ ،‬فعندما جاء دستور‬
‫الجمهورية الفرنسية الخامسة ‪ ،1958‬بالفصل بين مجالي القانون والتنظيم وحيث حصر‬
‫مجال القانون في المادة ‪ 34‬وما عادا ذلك أصبح من مجال الالئحة المادة ‪ 137‬وأخذ بهذا‬
‫المفهوم كل من الدستوري الجزائري ‪ 1996‬الذي حدد مجال القانون في المادة ‪ 122‬وأطلق‬
‫مجال الالئحة (التنظيم) في المادة ‪، 125‬وكذلك النظام المغربي الذي حدد مجال القانون في‬
‫الفصل ‪ 46‬من دستور ‪ 1996‬ومجال الالئحة أطلقه في المادة ‪ 41‬منه واإلشكال الذي‬
‫يطرح على القاضي الدستوري هو تعدى البرلمان (القانون) على السلطة التنفيذية (الالئحة)‪.1‬‬
‫أو العكس وتأخذ هذه الرقابة وجهتين‪:‬‬

‫‪ - 1‬الحماية الوقائية لمجال التنظيم ‪:‬‬

‫في هذه الحالة عندما يقوم المجلس الدستوري بدراسته ألي نص قانوني فهو يبين ويقرر‬
‫إن كان للنص طابع قانوني أو طابعا تنظيميا فإذا تلقى النص على أساس أنه نص ذو طابع‬
‫تشريعي واكتشف بعد تفحصه أنه يعود لمجال التنظيم (الالئحة)‪ ،‬فإنه يقوم بتجريده من‬
‫طابعة التشريعي ويعطيه طابعة الحقيقي أي التنظيمي‪ ،‬ولكن هذا ال يمنع من وجود إجراءات‬
‫ذات طابع تنظيمي تقريبا في كل النصوص التشريعية‪.2‬‬

‫كما يمكن للحكومة أن تدفع أمام المجلس الدستوري لتدافع عن مجالها في مواجهة تعدي‬
‫البرلمان وفق المادة ‪ 41‬من دستور فرنسا ‪، 1958‬وذلك عندما يتبين للحكومة أن مشروع‬
‫قانون أو مقترح قانون‪ ،‬أو تعديل قانون‪ ،‬يقوم به البرلمان هو من المجال التنظيمي‪.‬‬

‫وفي حالة عدم االتفاق بين الحكومة وأحد رئيسي غرفتي البرلمان حول موضوع المقترح‬
‫يمكن إخطار المجلس الدستوري من طرف إحدى الجهات المتخاصمة‪.3‬‬

‫‪ -1‬عبد الحفيظ الشيحي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬


‫‪ -2‬رشيدة العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪254‬‬
‫وعلى المجلس الدستوري الفرنسي أن يجتمع في ظرف ثمانية أيام ويعطي لكل نص‬
‫طابعه الخاص به‪ ،‬وقد صدر قرار عن المجلس الدستوري الفرنسي رقم ‪ 143‬مؤرخ في ‪30‬‬
‫يوليو ‪ ،1988‬لم يقرر فيه عد م دستورية نص تشريعي احتوى على نصوص ذات طابع‬
‫تنظيمي وانما أعطى لكل نص طابعه الخاص‪ ،‬ومن خالله يحدد للمشرع اإلجراءات الواجب‬
‫إتباعها بالنسبة للبرلمان ونفس األمر بالنسبة للحكومة‪.‬‬

‫فهنا دور المجلس الدستوري يكون وقائيا بحيث يتمثل دوره في منع المصادقة على نص‬
‫قانوني يحمل في صلبه نصوص ذات طابع تنظيمي‪ ،‬بحيث من حق الحكومة عدم قبول‬
‫النص ألن فيه اعتداء على اختصاصاتها‪.1‬‬

‫‪ - 2‬الحماية المصححة لمجال التنظيم ‪:‬‬

‫نظمت هذا النوع من الحماية المادة ‪ 02/37‬من دستور فرنسا ‪ 1958‬وتسمح هذه المادة‬
‫للحكومة و بطلب منها الحصول على ترخيص من المجلس الدستوري بتعديل من خالل‬
‫مرسوم وذلك بعد أخذ رأي مجلس الدولة‪ ،‬أي قانون ال يدخل منذ ‪ 1958‬في المجال المحدد‬
‫للقانون‪.‬‬

‫وقد خلص الفقه الفرنسي بأن بمناسبة هذا النوع من الرقابة ال يكون أمام رقابة دستورية‬
‫القوانين وانما يكون بصدد حماية مجال التنظيم سواء قبل إصداره "المادة ‪ 531‬أو بعد‬
‫إصدار القانون المادة ‪ ،02/37‬ومن خالل ذلك تحقق مبدأ دستوري متمثل في الفصل بين‬
‫مجال القانون والالئحة ويتضح أن دور المجلس الدستوري هو مراقبة مدى مطابقة القانون‬
‫للدستور ‪،‬وانما مدى التزام كل من القانون والالئحة بالمجال المخصص لها‪ ،‬وهنا يلعب‬
‫القاضي الدستوري دور الحكم الدستوري‪.2‬‬

‫‪ -3‬واقع رقابة القاضي الدستوري على التنظيم في دول المغرب العربي ‪:‬‬

‫يبدو أن المؤسس الدستوري الجزائري أخضع كل من التشريع‪ ،‬والتنظيم‪ ،‬إلى رقابة‬


‫المجلس الدستوري بمقتضى الفقرة األولى من المادة ‪ 165‬والمادة ‪ 169‬من دستور ‪1996‬‬

‫‪ -1‬عبد الحفيظ الشيحي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.33‬‬

‫‪255‬‬
‫والتي تقابلها المادة ‪ 159‬من دستور ‪ ،1989‬فرغم أن مشاريع القوانين تعرض وجوبا على‬
‫مجلس الدولة وفق المادة ‪ 119‬من دستور‪ 1996 ،‬والذي بدوره ينقحها من كل ما فيها‬
‫اعتداء على النص الدستوري‪ ،‬إال أن هذه النصوص بعد المناقشة والتعديالت في مجلس‬
‫البرلمان قبل المصادقة عليها يمكن أن تتضمن نصوص فيها اعتداء على الدستور‪ ،‬ولهذا‬
‫لم يكتفي المؤسس الدستوري الجزائري على رقابة مجلس الدولة باعتباره أعلى جهة في‬
‫القضاء اإلداري وانما يخضع كل من القانون والتنظيم لرقابة المجلس الدستوري‪.1‬‬

‫وفي هذا الشأن يقوم المجلس الدستوري الجزائري ببسط رقابته على توزيع االختصاص‬
‫بين التنظيم والتشريع‪.‬‬

‫كما رأينا في هذه الدراسة سابقا فإن المؤسس الدستوري الجزائري من خالل دستور ‪28‬‬
‫نوفمبر ‪ ،1996‬حدد مجال السلطة التنفيذية في التشريع عن طريق المراسيم وحدد مجال‬
‫السلطة التشريعية في التشريع عن طريق القوانين فأطلق مجال التنظيم في المادة ‪ 125‬وحدد‬
‫مجال التشريع في المادة ‪ 122‬وفي مجاالت أخرى محددة حص ار في الدستور‪.2‬‬

‫فحدد بذلك ‪ 30‬حالة يشرع فيها البرلمان وفق المادة ‪ 122‬من دستور ‪ ،1996‬والتي‬
‫تقابلها المادة ‪ 115‬من دستور ‪، 1989‬أما المادة ‪ 125‬فنصت على ممارسة رئيس‬
‫الجمهورية السلطة التنظ يمية في المسائل الغير المخصصة للقانون‪ ،‬فجاءت على اطالقتها‬
‫فبالنتيجة نجد المجال التشريعي محدد والمجال التنظيمي مطلق‪.‬‬

‫يالحظ أن الدستور الجزائري ‪ ،1996‬يجعل السلطة التنظيمية في مادته ‪ 25‬مقسمة بين‬


‫رئيس الجمهورية والوزير األول فأطلق على أعمال رئيس الجمهورية في هذا اإلطار اسم‬
‫السلطة التنظيمية وأطلق على أعمال الوزير األول في هذا المجال كلمة المجال التنظيمي‬
‫ومنه نستنتج بأن الوزير األول ال يمارس أية سلطة تنظيمية خارج مجال القانون وانما يمارس‬
‫مجال تنظيمي مهمته تنفيذ القوانين بمفهومها الواسع‪.‬‬

‫‪ -1‬إلياس جوادي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.112 -111‬‬


‫‪ -2‬فطة نبالي ‪ ،‬دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.186‬‬

‫‪256‬‬
‫تُمارس رقابة القاضي الدستوري الجزائري على السلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية‬
‫باعتبارها عمل مستقل يمارسه رئيس الجمهورية باعتباره رئيس السلطة التنفيذية‪ ،1‬وفي هذا‬
‫الصدد طرح تساؤل حول مدى خضوع التنظيم المستقل لرئيس الجمهورية إلى رقابة المجلس‬
‫الدستوري والذي من صالحيته أو مدى خضوع التنظيم التكميلي والذي هو من صالحية‬
‫الوزير األول لرقابة المجلس الدستوري‪.2‬‬

‫وقد أكد في هذه المسألة أمين عام سابق بالمجلس الدستوري األستاذ بن هني أحمد‪... «:‬‬
‫أنه من األحرى أن يمارس المجلس الدستوري ‪،‬رقابته على النصوص الكاشفة أو المبينة‬
‫للتنظيم المستقل‪ ،‬على أن يمارسها على النصوص التي تطبق القوانين الموافق عليها من‬
‫طرف البرلمان ألن هذه األخيرة تكشف عن رقابة الشرعية أكثر منها عن رقابة‬
‫الدستورية‪ ،»...‬وبالتالي فتكون رقابة الشرعية أمام القاضي اإلداري وليس أمام المجلس‬
‫الدستوري‪ ،‬ألن المرسوم التنفيذي الذي يعود للمجال التنظيمي للوزير األول حسب المادة‬
‫فاألولى أن تكون رقابة‬
‫‪ 02/125‬من دستور ‪ ،1996‬جاء تنفيذا لقانون صادق عليه البرلمان ْ‬
‫المجلس الدستوري على القانون ذاته وليس على المرسوم التنفيذي الذي جاء تطبيقا له‪.3‬‬

‫وما يالحظ أنه منذ إنشاء المجلس الدستوري واعطائه صالحية بسط رقابة على التنظيم‬
‫المستقل لرئيس الجمهورية (المراسيم الرئاسية) ‪،‬المادة ‪ 165‬من دستور ‪ 1996‬لم يمارس‬
‫المجلس الدستوري هذا االختصاص بسبب عزوف الجهات صاحبة اإلخطار وهي رئيس‬
‫الجمهورية‪ ،‬رئيس المجلس الشعبي الوطني ‪،‬ورئيس مجلس األمة عن إخطار المجلس‬
‫الدستوري في هذا المجال‪.4‬‬

‫‪-3‬وافي أحمد و بوك ار إدريس‪ ،‬النظرية العامة للدولة والنظام السياسي الجزائري في ظل دستور ‪ ،1989‬الجزائر‪ ،‬المؤسسة‬
‫الجزائرية للطباعة‪ ،1992 ،‬ص ‪.330‬‬
‫‪2 -O. BENDOUROU, Le Conseil constitutionnel Algerien, , in R.D.P n 6 NOV-DEC 1991 P‬‬
‫‪11.‬‬
‫‪ -3‬سليمة مسراتي ‪ ،‬مدى تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات في النظام الدستوري الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.229‬‬
‫‪ -4‬إدريس بوك ار ‪ ،‬الوجيز في القانون الدستوري والنظم السياسية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،2003،‬ص ‪.230‬‬

‫‪257‬‬
‫نشير إلى أن رئيس الجمهورية في الدستور الجزائري ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬باإلضافة إلى‬
‫السلطة التنظيمية التي يستمدها من الدستور مباشرة حسب المادة ‪ ،01/125‬ومارسها عن‬
‫طريق المراسيم الرئاسية فهو يساهم في عملية التشريع بصفة استثنائية في حاالت بينتها‬
‫المادة ‪ 124‬من دستور ‪ ،1996‬على سبيل الحصر وهي حاالت شغور المجلس الشعبي‬
‫الوطني‪ ،‬وبين دورتي البرلمان‪ ،‬والحالة االستثنائية المادة ‪ 93،‬ويشترط أن تعرض هذه‬
‫القوانين في أول دورة يعقدها البرلمان على كل غرفة من البرلمان الجزائري للموافقة عليها مع‬
‫اإلشارة إال أن التشريع بأوامر الممنوح لرئيس الجمهورية وفق المادة ‪ 124‬يكون في كل‬
‫المجاالت التي حددها الدستور لصالح البرلمان سواء تلك التي حددتها المادة ‪ ،122‬أو‬
‫المادة ‪( 123‬القوانين العضوية)‪ ،‬أو كل مادة أعطت صالحية التشريع للبرلمان ورغم أنه ال‬
‫يوجد نص صريح يلزم عرضها على المجلس الدستوري بعد المصادقة عليها من طرف‬
‫غرفتي البرلمان وقبل إصدارها من طرف رئيس الجمهورية إال أن روح الفقرة الثانية من المادة‬
‫‪ 124‬توحي بإمكانية خضوعها لرقابة المجلس الدستوري‪.1‬‬

‫وبعد مصادقة البرلمان بغرفتيه على األوامر التشريعية‪ ،‬تصبح قانون عادي يمكن أن‬
‫يخضع للرقابة السابقة أو الرقابة الالحقة للمجلس الدستوري بعد إخطاره من طرف جهة من‬
‫الجهات صاحبة اإلخطار‪ ،‬أما إذا لم يوافق عليه البرلمان بغرفتيه فتصبح الغية وهنا ال‬
‫مجال لطرح مشكلة مدى خضوعها لرقابة المجلس الدستوري‪.‬‬

‫أما األوامر التشريعية التي لم يتم عرضها على غرفتي البرلمان في أول جلسة له للموافقة‬
‫عليها بسبب عدم جدولتها أو ألي سبب فما هو مصيرها خاصة إذا علمنا أن األوامر التي‬
‫ال يوافق عليها البرلمان بعد عرضها عليه تعد الغية ؟‬

‫اعتقد أن هذه األوامر التي تتخذ في مجلس الوزراء ويتم نشرها في الجريدة الرسمية والتي‬
‫ال تعرض على البرلمان في جلسته األولى للمصادقة عليها ألي سبب تعد الغية ألن قواعد‬
‫الدستور كلها آمرة وملزمة وما دامت المادة ‪ 124‬جعلت هذا النوع من النصوص القانونية‬
‫واجبة العرض على البرلمان بغرفتيه للمصادقة عليها وجعلت عدم المصادقة عليها جزاؤه‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪258‬‬
‫اإللغاء فإن إغفال عرضها على البرلمان في أول جلسة له ال يعطيها مبر ار لتبقى نافذة وانما‬
‫تعد الغية بعد أن يصدر البرلمان قانون ينظم نفس الموضوع الذي نظم بأمر من رئيس‬
‫الجمهورية في إطار المادة ‪ 124‬من الدستور‪.‬‬

‫ويعتبر هذا اإللغاء إلغاء ضمنيا حتى ولو أعاد البرلمان انتاج نفس المواد القانونية في‬
‫شكل نص قانوني حتى ال تتأثر المراكز القانونية‪.‬‬

‫أما إذا رأى البرلمان أن النص كله غير موافق عليه فيصدر قانون يلغيه ضمنيا هذا إذا‬
‫تعلق األمر بالنسبة إلغفال عرض أمر رئاسي اتخذ في إطار المادة ‪ 124‬من الدستور وكان‬
‫منظما لمجال من مجاالت القانون العادي‪ ،‬أما إذا كان مجال اإلغفال يتعلق بقانون عضوي‬
‫فإن المسألة تصبح أكثر تعقيدا ألن القانون العضوي امتداد مادي للدستور كما وضحنا في‬
‫هذه الدراسة سابقا وال يمكن التعامل معه خارج إطار اإلجراءات والضوابط التي حددها له‬
‫الدستور ذاته‪ ،‬حتى وان أخذ شكل أم ار رئاسيا‪ ،‬خاصة من حيث إلزامية خضوعه لرقابة‬
‫المجلس الدستوري‪.‬‬

‫في هذه الحالة التي أناقشها فإن األمر الرئاسي المتخذ في إطار المادة ‪ 124‬من‬
‫الدستور‪ ،‬إذا نظم مجاال ال يدخل في إطار التشريع بقوانين عضوية وتم إغفال عرضه على‬
‫غرفتي البرلمان للمصادقة عليه‪ ،‬وبقي ساري المفعول فإنه يفلت من الرقابة القضائية‬
‫(القضاء اإلداري)‪ ،‬ألنه ال يعتبر حتى عمل إداري بالمعيار العضوي ويفلت من رقابة‬
‫القاضي الدستوري‪ ،‬ألنه ليس تنظيم حسب المادة‪ 2/125‬وليس قانون عادي ألنه ال يخضع‬
‫إلجراءات سن القانون العادي‪ ،‬الذي يتوجب المصادقة عليه من طرف البرلمان المادة ‪98‬‬
‫من الدستور‪.‬‬

‫كما أنه ال يخضع للرقابة الوجوبية والقبلية من طرف المجلس الدستوري باعتباره قانون‬
‫عضوي وفق المادة ‪ 123‬والمادة ‪ 165‬من دستور ‪.1996‬‬

‫وبالنتيجة فهو ال يخضع ألي نوع من أنواع الرقابة باستثناء رأي مجلس الدولة قبل أن‬
‫يتخذ هذا األمر في مجلس الوزراء (المادة ‪ ،)119‬ورقابة مجلس الدولة غير كافية خاصة‬
‫إذا تعلق موضوعه بمجال من مجاالت القانون العضوي‪.‬‬

‫‪259‬‬
‫يبدو هناك إشكال بالنسبة لألوامر التي تدخل في مجال القوانين العضوية (المادة ‪123‬‬
‫دستور ‪ ) 1996‬والتي بدورها تخضع لرقابة سابقة و وجوبية من طرف المجلس الدستوري‬
‫لألسباب والمبررات التي رأيناها في الفرع األول سابقا‪ ،‬فإن عرض هذا النوع من األوامر بعد‬
‫مصادقة البرلمان عليها هو عرض وجوبي من طرف رئيس الجمهورية واال ال يمكنه إصدارها‬
‫استجابة لنص المادة ‪ 123‬من دستور ‪ ،1996‬خاصة إذا علمنا أن النصوص القانونية التي‬
‫تأتي في شكل أوامر تصدر في الجريدة الرسمية وتنفذ مباشرة ألن علة وجودها االستعجال‬
‫وبهذا تخلق مراكز قانونية أو تعدل منها أو تلغيها وربما هذه المراكز القانونية تتمتع بحماية‬
‫دستورية‪.1‬‬

‫وهناك رأي يرى بأن هذه األوامر ال تتحول إلى قوانين إال بعد موافقة البرلمان عليها ومن‬
‫ثم تخضع لرقابة قبلية من طرف المجلس الدستوري وقبل ذلك تبقى هذه األوامر محافظة‬
‫على طبيعتها اإلدارية وخاضعة لرقابة القاضي اإلداري‪.‬‬

‫وهناك رأي آخر ويهدف إلى استقرار البناء القانوني في الدولة واعتماد أن القوانين‬
‫العضوية تمس مسائل مهمة في الدولة ال بد من التحقق من مطابقتها للدستور قبل أن‬
‫تصبح سارية المفعول بمجرد اتخاذها من طرف رئيس الجمهورية وقبل نشرها في الجريدة‬
‫الرسمية‪.2‬‬

‫يبدو لي أنه من اإلثراء في النص الدستوري إضافة فقرة في المادة ‪ 124‬تفيد بأنه إذا كان‬
‫التشريع بأوامر المبين في المادة ‪ 124‬يمس إحدى المجاالت المخصصة للقوانين العضوية‪،‬‬
‫فالبد أن تخضع وجوبيا قبل إصدارها من طرف رئيس الجمهورية لرقابة المجلس الدستوري‬
‫مع مراعاة صفة االستعجال فيها فيما يتعلق بإجراءات اإلخطار واصدار رأي المجلس‬
‫الدستوري‪.‬‬

‫وبمناسبة حماية المجلس الدستوري الجزائري للمجال التنظيمي أصدر قرار مؤرخ في ‪30‬‬
‫أوت ‪ 1989‬جاء فيه مايلي‪ ...«:‬ونظ ار لكون هذا اإلجراء يشكل أم ار موجها للسلطة التنفيذية‬

‫‪ -1‬سليمة مسراتي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.230‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.231‬‬

‫‪260‬‬
‫وال يندرج بتاتا ضمن صالحيات النائب الدستورية ونص المادة ‪ 21‬على هذا النحو يستبعد‬
‫مبدأ الفصل بين السلطات‪ ،1»...‬وهنا المجلس الدستوري يحمي المجال التنظيمي المستقل‬
‫الذي يمارسه رئيس الجمهورية والمجال التنظيمي التنفيذي الذي يمارسه الوزير األول تطبيقا‬
‫لمبدأ الفصل بين السلطات‪.‬‬

‫كما صدر قرار عن المجلس الدستوري في إطار حماية التنظيم المستقل لرئيس‬
‫الجمهورية جاء فيه مايلي‪...«:‬نظ ار لكون الجواز الدبلوماسي‪ ،‬يسلم حسب األعراف الدولية‬
‫لكل سلطة تابعة للدولة‪ ،‬ملزمة بمهمة دائمة أو مؤقتة تمثليه أو في إطار نشاط دولي يهم‬
‫الدولة‪ ،‬وبهذه الصفة فهو يسلم حسب إرادة السلطة التنفيذية وحدها طبقا للمواد ‪،74 ،67‬‬
‫‪ 166‬من الدستور‪ ،‬ونظ ار لكونه ال يعود حينئذ للقانون المحدد مجاله خاصة في المادة ‪115‬‬
‫من الدستور‪ 1989‬أن ينص على كيفيات تسليم وثائق السفر أو وضعها حيز التداول أو‬
‫استعمالها ألن ذلك من اختصاص السلطة التنفيذية وحدها وكما هي محددة في المادة ‪116‬‬
‫من الدستور»‪.2‬‬

‫كما جاء في رأي للمجلس الدستوري الجزائري رقم ‪ 12‬مايلي‪ « :‬واعتبا ار أنه يستنتج من‬
‫الدستور السيما من المادتين ‪ 122‬و‪ 123‬أن المرتبة التشريعية الالئقة والمرتبطة بالمهمة‬
‫الوطنية لعضو البرلمان واستفادته من سفره في الداخل والخارج من المساعدات والتشريعات‬
‫المرتبطة بصفة البرلمانية‪ ،‬مواضيع ال تندرج ضمن مجال القانون‪.‬‬

‫واعتبا ار أن المؤسس الدستوري ينص صراحة بموجب الفقرة األولى من المادة ‪ 125‬من‬
‫الدستور أن المسائل غير المخصصة للقانون يعود لالختصاص فيها للسلطة التنظيمية‬
‫لرئيس الجمهورية واعتبا ار بالنتيجة أن المشرع حيث أدرج المواضيع المذكورة أعاله ضمن‬
‫القانون قد خالف مبدأ الفصل بين السلطات»‪.3‬‬

‫‪ -1‬قرار رقم ‪ 02‬ق‪ ،‬ق‪ ،‬م د ‪ 89‬أحكام الفقه الدستوري الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ -2‬قرار رقم ‪ ،02‬ق ‪ .‬ق‪ ،‬م د ‪ 89‬أحكام الفقه الدستوري الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪ -‬المواد ‪ 116 -74 -67‬من دستور ‪ 1989‬تقابلها المواد ‪ 125 ،77 ،70‬على الترتيب من دستور ‪.1996‬‬
‫‪ -3‬رأي رقم ‪ / 12‬ر‪ .‬ق‪ /‬م د‪ /01 /‬أحكام الفقه الدستوري الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11 ،10‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 115‬من دستور ‪ 1989‬تقابلها المادة ‪ 122‬من دستور ‪.1996‬‬

‫‪261‬‬
‫البد أن نشير أن هيئات الرقابة الدستورية في المغرب العربي ال تعطي حق مراقبة‬
‫القاضي الدستوري للتنظيم وانما تجعله من اختصاص القاضي اإلداري رغم أن هذه الهيئات‬
‫تجد نفسها مرغمة في الفصل بين مجال التنظيم والقانون لتحدد مجال كل واحد منهما لكنها‬
‫ال تباشر رقابة مباشرة على التنظيم‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى النظام القضائي الفرنسي نجد كل من مجلس الدولة والمحاكم اإلدارية هي‬
‫الجهة المراقبة لدستورية التنظيمات أو ما يسمى باألعمال اإلدارية‪ ،1‬أما دساتير ألمانيا‬
‫والنمسا ‪،‬إسبانيا ‪،‬البرتغال واليونان‪ ،‬فإنها تجعل محاكمها الدستورية مختصة في مراقبة مدى‬
‫دستورية األعمال والق اررات اإلدارية‪.‬‬

‫أما المحكمة الدستورية في الواليات المتحدة األمريكية فهي صاحبة االختصاص في كل‬
‫دعوى متعلقة بالرقابة الدستورية سواء كان موضوعها قانون أو تنظيم‪.‬‬

‫وبالنتيجة فإن مراقبة األعمال اإلدارية (التنظيم) يعود إما للقاضي الدستوري على مستوى‬
‫المحاكم الدستورية حسب النموذج األوروبي‪ ،‬والذي يعتبر أكثر انتشا ار أو يعود إلى مجلس‬
‫الدولة حسب النموذج الفرنسي‪ ،‬أو يكون من اختصاص المحاكم العادية حسب النموذج‬
‫األمريكي‪.2‬‬

‫وفي هذا الشأن يقول األستاذ‪... « : L. FAVOREU :‬على األقل هناك ثمانية أسباب‬
‫تميز النموذج األوروبي عن النموذج األمريكي وهي وجود نزاع دستوري مستقل عن النزاعات‬
‫األخرى واحتكار ال قرار المتعلق بهذا النزاع من طرف جهة قضائية واحدة المحكمة الدستورية‬
‫وخصوصية هذه المحكمة وطريقة إخطارها وطبيعة المنازعة الدستورية ذاتها والنتائج المترتبة‬
‫عل الق اررات الصادرة عن هذه الجهات القضائية‪ ،‬واختالف الثقافة القانونية باعتبار المحكمة‬
‫الدستورية األمريكي ة تعتبر مشرع في ظل هذا المجال أما في أوروبا المجلس الدستوري يعتبر‬
‫مشرع مشارك (‪.3 »)Co législateur‬‬

‫‪1- N.A.BERNOUSSI, op.cit. p. 161.‬‬


‫‪2- Ibid., p. 162.‬‬
‫‪3- Ibid.‬‬

‫‪262‬‬
‫يبدو أن المؤسس الدستوري الجزائري بإخضاعه التنظيم إلى رقابة المجلس الدستوري‬
‫القبلية و البعدية واعطاء حق اإلخطار إلى جهات محددة ال تتصور أن تقوم بإخطار‬
‫المجلس ا لدستوري بمراقبة مدى مطابقة نص تنظيمي مرسوم رئاسي كان أو مرسوم تنفيذي‬
‫ألسباب متعددة‪ ،‬يعتبر شاذا عن القاعدة بدون مبرر فهذا النوع من األعمال ال بد أن يخضع‬
‫لرقابة مجلس الدولة باعتباره أعلى جهة في القضاء اإلداري بعد مهاجمته بدعوى قضائية‬
‫لقررات السلطات المركزية وعلى مجلس الدولة مراقبة مدى مطابقة‬
‫كما هو الشأن بالنسبة ا‬
‫العمل التنظيمي مع الدستور‪ ،‬واذا التبس عليه األمر يطلب رأيا تفسيريا من المجلس‬
‫الدستوري ويأخذ به على سبيل االستئناس حتى ال يكون المجلس الدستوري له أي تأثير على‬
‫ق اررات مجلس الدولة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬رقابة القاضي الدستوري على المعاهدات‬

‫أوال ‪ -‬القاضي الدستوري الجزائري والرقابة على دستورية المعاهدات ‪:‬‬

‫جعل الدستور الجزائري ‪ ،1996‬كل المعاهدات التي تحتاج إلى التصديق سواء تلك التي‬
‫تتطلب موافقة البرلمان ‪ ،‬أو تلك التي ال تتطلب موافقة إلى الرقابة االختيارية للمجلس‬
‫الدستوري‪.1‬‬

‫كما استثنى المؤسس الدستوري الجزائري اتفاقيات الهدنة ومعاهدات السلم التي جعلها‬
‫خاضعة لرقابة وجوبية من طرف المجلس الدستوري‪ ،‬حيث نص في المادة ‪ 97‬من دستور‬
‫‪ ،1996‬والتي تقابلها المادة ‪ 91‬من دستور ‪ ،1989‬ما يفيد قيام رئيس الجمهورية بتوقيع‬
‫اتفاقيات الهدنة ومعاهدات السلم‪ ،‬ويتلقى رأي المجلس الدستوري في االتفاقيات المتعلقة‬
‫بهما‪ ،‬ويعرضهما فو ار على كل غرفة من البرلمان لتوافق عليها صراحة‪ ،‬ونجد الدستور‬
‫الجزائري قد سكت على المعاهدات ذات الشكل المبسط‪.‬‬

‫يبدو هناك استنساخ كبير عن المادتين ‪ 53‬و‪ 54‬من دستور فرنسا ‪، 1958‬الذي حدد‬
‫المجاالت الخاضعة وجوبا للمصادقة من البرلمان في المادة ‪ 53‬منه وأطلق باقي المعاهدات‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 131‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪1996‬المعدل والمتمم‪.‬‬

‫‪263‬‬
‫للرقابة االختيارية في المادة ‪ ،54‬وبالرغم من سمو المعاهدات على القوانين إال أن المجلس‬
‫الدستوري الفرنسي أصدر ق ار ار في ‪ 15‬يناير ‪ ،1975‬اعتبر أنه ال يملك مراقبة عدم مطابقة‬
‫نص قانوني مع معاهدة دولية وأضاف‪... «:‬أن القانون المتعارض مع معاهدة ليس‬
‫بالضرورة معارضا للدستور‪.1»...‬‬

‫أما المادة ‪ 131‬من الدستور الجزائري ‪ 1996‬والتي تقابلها المادة ‪ 122‬من دستور‬
‫‪ ،1989‬فتبين أنواع المعاهدات التي ال يصادق عليها رئيس الجمهورية إال بعد أن توافق‬
‫عليها صراحة كل غرفة من البرلمان‪ ،‬وهذه المجاالت تتمثل في اتفاقيات الهدنة ومعاهدات‬
‫السلم والتحالف واالتحاد والمعاهدات المتعلقة بحدود الدولة والمعاهدات المتعلقة بقانون‬
‫األشخاص والمعاهدات التي تترتب عليها نفقات غير واردة في ميزانية الدولة‪ ،‬إذا فهذا النوع‬
‫من المعا هدات ال بد أن يعرض على البرلمان ليوافق عليها كل غرفة على حدى ثم تتم‬
‫المصادقة عليها من طرف رئيس الجمهورية‪.2‬‬

‫يالحظ أن هناك معاهدات اكتفى المؤسس الدستوري بتصديق رئيس الجمهورية عليها‬
‫دون عرضها على البرلمان للحصول على موافقته الصريحة‪ ،‬ونتيجة لذلك يمكن أن يصادق‬
‫رئيس الجمهورية على معاهدة تخالف النص القانوني (التشريع الصادر عن البرلمان)‪.‬‬

‫وهذا ما تنبه له المؤسس الدستوري الجزائري في دستور ‪ 1976‬حيث نص في المادة‬


‫‪ 158‬منه بإلزامية عرض المعاهدات التي تعدل محتوى القانون على المجلس الشعبي‬
‫الوطني للموافقة عليها‪ ،3‬وفي هذا الصدد نالحظ النقل الواضح على المادة ‪ 53‬من الدستور‬
‫الفرنسي ‪ 1958‬مع المالحظة أن الدستور الفرنسي ميز بين المعاهدات "‪"Traités‬‬
‫واالتفاقيات "‪ " Accords‬وحدد التمييز في اإلجراءات المتبعة إلبرام كل من المعاهدة‬
‫واالتفاقية فالمعاهدة هي تلك التي يتفاوض عليها رئيس الجمهورية ويصادق عليها باسمه‪،‬‬
‫أما االتفاق فهي تلك التي تتفاوض حولها الحكومة وتخضع لموافقتها بشرط أن يعلم بها‬

‫‪ - 1‬محمد طاهر أورحمون ‪ ،‬االتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان التي انضمت إليها الجمهورية الجزائرية ‪،‬‬
‫المجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية‪ ،‬الجزء ‪ ،36‬العدد رقم ‪.1998‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 131‬من دستور ‪ 1996‬تقابلها المادة ‪ 122‬من دستور ‪ 1989‬الجزائر‪.‬‬
‫‪3 -A. DJEBAR, La politique conventionnelle en Algérie, Alger, OPU , 2000.‬‬

‫‪264‬‬
‫رئيس الجمهورية في كل مراحل التفاوض الذي ال يخضع إلجراء التصديق‪ .1‬فمحتوى المادة‬
‫‪ 52‬من دستور فرنسا ‪ 1958‬يبين لنا أن اإلجراءات المتبعة في إبرام المعاهدة والمصادقة‬
‫عليها هي التي تفرق بين المعاهدة واالتفاق الشيء الذي ال نجد له مقابال في الدستور‬
‫الجزائري‪.‬‬

‫كما أن المؤسس الدستوري الفرنسي أخضع نوع من المعاهدات لموافقة الشعب عن طريق‬
‫االستفتاء بناء على اقتراح من الحكومة أو بناء على اقتراح الغرفتين البرلمانيتين معا‪ ،‬أو‬
‫بمبادرة من ( ) أعضاء البرلمان مدعمة بعشر ( ) الناخبين المسجلين في القوائم‬
‫االنتخابية ‪،‬حسب ما جاء في المادة ‪ 11‬من دستور ‪ ، 1958‬وتتمثل هذه المعاهدات في‬
‫تلك المتعلقة والمؤثرة في سير المؤسسات‪.2‬‬

‫ومقارنة مع المادة ‪ 11/77‬من دستور الجزائر‪ ،‬فإن رئيس الجمهورية يضطلع بإبرام‬
‫المعاهدات الدولية ويصادق عليها وال يجوز له تفويض هذا الحق في إبرام المعاهدات‬
‫والمصادقة عليها ‪،‬حسب نص المادة ‪ 87‬من دستور ‪، 1996‬في حين نجد الدستور الفرنسي‬
‫‪ 1958‬يعطي هذا الحق لكل من رئيس الجهورية‪ ،‬ورئيس الحكومة ‪،‬والشعب إال أن رئيس‬
‫الجمهورية الجزائري يمكنه العودة إلى إرادة الشعب مباشرة في كل قضية ذات أهمية وطنية‬
‫حسب المادة ‪ 10/77‬من دستور ‪ ،31996‬ويمكن أن يدرج المصادقة على المعاهدات في‬
‫هذا اإلطار إال أن الجزائر المستقلة‪ ،‬لم يتم المصادقة على معاهدة بواسطة االستفتاء الشعبي‬
‫إلى غاية تاريخ كتابة هذه األطروحة‪.‬‬

‫أما بالنسبة للمعاهدات ذات الشكل المبسط فهي تصبح نافذة بمجرد التوقيع عليها فكيف‬
‫تخضع لرقابة القاضي الدستوري الجزائري‪ ،‬وبهذا يصبح تأويل المادة ‪ 168‬من دستور‬
‫‪ 1996‬يصب في أن المعاهدات المعنية بالعرض على المجلس الدستوري‪ ،‬هي تلك‬

‫‪1- Art 52 Constitution Française 1958 : " Le président de la République négocie et ratifie les‬‬
‫‪traités IL est informe de toute négociation tendant à la conclusion d'un accord non soumis à‬‬
‫‪la ratification " .‬‬
‫‪ -2‬فطة نبالي ‪ ،‬دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.180‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ ": 10/77‬يمكنه أن يستشير الشعب في كل قضية ذات أهمية وطنية عن طريق االستفتاء"‪.‬‬

‫‪265‬‬
‫المعاهد ات المستوجبة للتصديق‪ ،‬لكن ال يوجد مانع قانوني يكبح الحكومة من أن تطلب من‬
‫رئيس الجمهورية عرض هذا النوع من المعاهدات على المجلس الدستوري قبل التوقيع‬
‫عليها‪.1‬‬

‫ال يعتبر الدستور الفرنسي المعاهدة قانون وانما مشروع قانون حتى تتم المصادقة عليها‬
‫وسار في نفس النهج المشرع الجزائري‪ ،‬لكن السؤال الذي يبقى مطروح هو ما مصير‬
‫المعاهدات التي لم يتم عرضها على المجلس الدستوري ؟ وبعد العمل بها ظهر أنها مخالفة‬
‫للدستور إن المعاهدات التي تمت المصادقة عليها ال تخضع لرقابة الحقة من المجلس‬
‫الدستوري الجزائري‪.‬‬

‫ما يجب مالحظته في هذا الشأن أن المؤسس الدستوري الفرنسي استعمل مصطلح‬
‫االلتزام الدولي في المادة ‪ 54‬من دستور ‪ ،1958‬وهو أوسع من مفهومي المعاهدة واالتفاق‬
‫وأعطى حق للمجلس الدستوري بمراقبة مدى دستورية ق اررات المنظمات الدولية وتطابقها مع‬
‫دستور فرنسا‪.2‬‬

‫يمكن المجلس الدستوري أن يخطر لمراقبة مشروع أي التزام دولي ليقرر مدى مطابقته‬
‫للدستور‪ ،‬وفي حالة ما إذا ثبت مخالفة االلتزام الدولي للدستور‪ ،‬فإن الدستور هو الذي يعدل‬
‫وهنا نصبح أمام مراقبة مدى مطابقة الدستور لاللتزام الدولي وهذا يعاكس مفهوم الرقابة‬
‫الدستورية تماما‪.3‬‬

‫على خالف المؤسس الدستوري الجزائري الذي لم يطرح خصوصية االلتزام الدولي وانما‬
‫ركز على رقابة مدى دستورية المعاهدات واالتفاقيات الدولية وجعلها رقابة محدودة باعتبارها‬

‫‪ -1‬فطة نبالي ‪ ،‬دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات العامة‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.181‬‬
‫‪2 –F. LUCHAIRE, Le conseil constitutionnel, p. 230.‬‬
‫بمناسبة الموافقة على معاهدة المجموعة األوروبية استعمل تعديل دستوري وجه في ذلك الشأن المجلس الدستوري الفرنسي‬
‫مايلي‪ ":‬المصادقة على معاهدة المجموعة األوروبية ال يمكن أن يحصل إال بعد التعديل الدستوري"‪ ،‬وقد تم فعال التعديل‬
‫الدستوري في ‪ 25‬جويلية‪ 1992‬وكان االستفتاء حول المعاهدة في ‪ 20‬سبتمبر ‪.1992‬‬
‫‪ - 3‬هنري روسيون ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.155‬‬

‫‪266‬‬
‫تمارس بعد إخطار اختياري من طرف الجهات صاحبة اإلخطار باستثناء اتفاقيات الهدنة‬
‫ومعاهدات السلم التي تخضع لرقابة سابقة ووجوبية كما جاء سابقا‪.‬‬

‫لم يتطرق الدستور الجزائري إلى االتفاقيات التي تصادق عليها الحكومة ومدى خضوعها‬
‫لرقابة قبلية من طرف المجلس الدستوري‪.1‬‬

‫لم يعزل المجلس الدستوري نفسه عن الطبيعة السياسية للمعاهدات واالتفاقيات الدولية‬
‫التي تبرمها الدولة الفرنسية والتي تحقق لها مصلحة هامة واستراتيجيه ومنها معاهدة‬
‫االنضمام لالتحاد األوروبي ومعاهدة توحيد العملة األوروبية وظهر ذلك واضحا في أحكامه‬
‫وق ارراته المتعلقة بهذا الشأن فبدى المجلس الدستوري غير محايدا في مراقبة مدى مطابقة‬
‫المعاهدات والدستور بعيدا عن االعتبارات السياسية ومدى ارتباطها بالمصالح العليا للدولة‬
‫الفرنسية‪.2‬‬

‫أما من حيث مكانة المعاهدات الدولية في الكتلة الدستورية فقد قررت المادة ‪ 55‬من‬
‫دستور فرنسا ‪ 1958‬بأن المعاهدات أو االتفاقيات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية‬
‫والموافقة عليها ونشرها وفق لإلجراءات القانونية المبينة في الدستور تسمو وتعلو على كل‬
‫القوانين‪.‬‬

‫كما جاء في المادة ‪ 54‬من دستور فرنسا ‪ 1958‬ما يفيد أنه إذا أعلن المجلس الدستوري‬
‫بعد طلب من رئيس الجمهورية أو الوزير األول أو رئيس أحد المجلسين أو ستين عضوا من‬
‫الجمعية الوطنية أو مجلس الشيوخ‪ ،‬أن أحد التعهدات الدولية يحتوي على حكم مخالف‬
‫للدستور ‪،‬فإن الترخيص بالتصديق عليه‪ ،‬أو إق ارراه ‪ ،‬ال يمكن أن يتم إال بعد القيام بتعديل‬
‫الدستور‪.3‬‬

‫‪ -1‬فطة نبالي ‪ ،‬دور المجلس الدستوري الجزائري في حماية الحقوق والحريات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.183‬‬
‫‪ -2‬عوض عبد الجليل عوض الترساوي ‪ ،‬المعاهدات الدولية أمام القضاء الدستوري‪ ،‬دراسة مقارنة في القضاء الدستوري‬
‫المصري‪ ،‬والمجلس الدستوري الفرنسي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،2008 ،‬ص ‪26.‬‬
‫‪1 - F. LUCHAIRE, Le conseil constitutionnel, op.cit., p. 230.‬‬

‫‪267‬‬
‫وما يفهم من هذه المواد أن المعاهدة ترتب في نفس درجة النص الدستوري ويكون الخيار‬
‫إما رفض المعاهدة أو تعديل النص الدستوري‪ ،‬حتى يتماشى مع المعاهدة‪ ،‬على عكس‬
‫ال حالة التي يتعارض فيها النص القانوني مع الدستور ‪،‬فإن النص الدستوري هو المرجع‬
‫والنص القانوني هو الذي يختفي‪.‬‬

‫يالحظ أن الدستور الفرنسي يعتبر ديباجة الدستور واعالنات الحقوق األساسية للمواطن‬
‫كلها نصوص ذات طبيعة دستورية‪ ،‬فإذا تعارضت معاهدة دولية مع مبادئ تم اإلعالن عليها‬
‫في اإلعالنات الفرنسية لحقوق السياسية والمدنية فهل تعدل هذه اإلعالنات التي تمثل مرجع‬
‫بالنسبة للدستور الفرنسي؟‬

‫ثانيا‪ -‬رقابة القاضي الدستوري التونسي على المعاهدات‪:‬‬

‫تهدف الرقابة على مدى دستورية المعاهدات إلى تحقيق ضمانة مفادها أنه ال يمكن ألي‬
‫نص من معاهدة دولية أن يدخل حيز النفاذ في إطار المنظومة القانونية للدولة إذا كان ال‬
‫يتطابق مع المبادئ الدستورية السائدة في الدولة‪.‬‬

‫جاء في الفصل ‪ 72‬من الدستور التونسي ما يفيد أن المجلس الدستوري التونسي يراقب‬
‫مدى دستورية مشاريع القوانين التي يحولها عليه رئيس الجمهورية من حيث مطابقتها‬
‫وموافقتها للدستور‪.‬‬

‫كما أن المادة ‪ 47‬من الدستور ذاته حددت بعض المجاالت وجعلتها تخضع للرقابة‬
‫الوجوبية من طرف المجلس الدستوري بعد إخطاره من طرف رئيس الجمهورية‪.1‬‬

‫ألزمت الفقرة الثانية من المادة ‪ 72‬رئيس الجمهورية التونسية بأن يخطر المجلس‬
‫الدستوري ليبسط رقابته على المعاهدات التي حددتها المادة ‪ 62‬من الدستور‪.2‬‬

‫‪1 - P. GAïA, Le conseil constitutionnel et l'insertion des engagements internationaux dans‬‬


‫‪l'ordre juridique interne, Paris P.U D’Aix-Marseille - Economica,, Aix en Provence ,1991 p.‬‬
‫‪260.‬‬

‫‪ -2‬الفصل ‪ 47‬من دستور تونس ‪ 1959‬المعدل والمتمم‪.‬‬

‫‪268‬‬
‫أما المادة ‪ 19‬من القانون العضوي رقم ‪ 2004 -52‬المؤرخ في ‪ 2004/07/12‬والمنظم‬
‫للمجلس الدستوري التونسي من خالل فقرتها األولى جعلته ملزم بأن يعرض على المجلس‬
‫الدستوري المسائل المنصوص عليها بالفصول ‪ 74 ،73 ،72 ،35‬من الدستور‪.1‬‬
‫بناء على هذه النصوص المذكورة فإن رئيس الجمهورية التونسية ملزم بأن يعرض على‬
‫المجلس الدستوري المعاهدات المبينة في المادة ‪ 02‬من الدستور وهي المعاهدات المتعلقة‬
‫باتحاد المغرب العربي والتي يكون محتواها يؤدي إلى تعديل الدستور والمعاهدات‬
‫المنصوص عليها في الفقرة األولى من المادة ‪.272‬‬

‫اعتبر المجلس الدستوري التونسي في مختلف أرائه أن مشاريع القوانين واالتفاقيات‬


‫المحددة في المادة ‪ 72‬من الدستور تدخل في إطار اإلخطار اإللزامي لرئيس الجمهورية كما‬
‫رأى أن رقابة المجلس الدستوري التونسي تتعدى رقابة القانون المصادق بواسطته على‬
‫المعاهدة إلى رقابة بنود المعاهدة ذاتها‪.‬‬

‫ونشير إلى أن المجلس الدستوري التونسي لم يقضي بعدم مطابقة معاهدة دولية مع‬
‫الدستور ‪،‬إال في حالة واحدة تعلقت بمشروع قانون تضمن المصادقة على االتفاقية المتعلقة‬
‫بإنشاء الشركة الدولية اإلسالمية للتمويل والتجارة من خالل رأيه رقم ‪ ،2006/67‬حتى‬
‫ال صياغة الجديدة لمشروع هذا القانون أي قانون المصادقة على االتفاقية المنشئة للشركة‬
‫الدولية اإلسالمية للتجارة والتمويل‪ ،‬تم رفضه بواسطة المجلس الدستوري المؤرخ في ‪2007‬‬
‫تحت الرقم ‪.32007/04‬‬

‫باستثناء هذين الرأيين قضى المجلس الدستوري التونسي بمطابقة ما عرض عليه من‬
‫معاهدات دولية مع الدستور‪.‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 72‬فقرة ‪ 01‬و‪ 02‬من دستور تونس المعدل بالقانون الدستوري رقم ‪ 90‬المؤرخ في ‪ 06‬نوفمبر ‪ ،1990‬والقانون‬
‫العضوي رقم ‪ 2004/52‬المؤرخ في ‪ 2004/07/12‬المنظم للمجلس الدستوري التونسي‪.‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 72‬فقرة ‪ 01‬من دستور تونس المعدل بالنص الدستوري رقم ‪ 90‬المؤرخ في ‪ 06‬نوفمبر ‪.1990‬‬
‫‪3 - KH. MEJRI, Les avis du conseil constitutionnel Tunisien en Matière de traités‬‬
‫‪internationaux ,in , VI journée Maghrébines de droit constitutionnel, 06/07 mars 2008,‬‬
‫‪Association tunisienne de droit constitutionnel - la justice constitutionelle au maghreb-‬‬
‫‪Faculté de droit et des séances Politique de Tunis, 2008, p. 7.‬‬

‫‪269‬‬
‫‪ -1‬طبيعة الرقابة ‪:‬‬

‫ال تخرج طبيعة العالقة بين القاعدة الدستورية التي تعتبر مرجعا والقاعدة الدولية التي‬
‫تحاول الدخول في المنظومة القانونية للدولة على ثالثة أطر ففي حدها األدنى ال بد أن ال‬
‫تشكل عالقة عدم تضاد‪ Rapport de non Contrariété ،‬أو عدم مالءمة ‪، non‬‬
‫‪ compatibilité‬أو تكون هذه العالقة أكثر إيجابية فتشكل عالقة مالءمة ‪compatibilité‬‬
‫واذا اتسعت أكثر فتشكل عالقة مطابقة ‪.1Conformité‬‬

‫نص الفصل ‪ 72‬من القانون المتضمن التعديل الدستوري التونسي الحامل للرقم ‪76‬‬
‫المؤرخ في ‪ 2‬نوفمبر ‪ ،1998‬على ما يفيد بأن المجلس الدستوري التونسي ينظر في‬
‫المالء مة والمطابقة مع الدستور وهذا التوجيه من المادة يجعل أعضاء المجلس الدستوري‬
‫يتجهون إلى مراقبة مدى مالءمة ومطابقة القانون المتضمن المصادقة على المعاهدة مع‬
‫الدستور وهذا التوسع في طبيعة المراقبة هو الذي يسمح بإدماج عدة نصوص من المعاهدات‬
‫الدولية في المنظومة القانونية الداخلية لتونس‪.2‬‬

‫ولقد دأب المجلس الدستوري التونسي على اعتبار المطابقة هي عدم التضاد‬
‫(‪ )Conformité = non contrariété‬وقرر في عدة أراء أن كل ماال يتضاد مع الدستور‬
‫يعتبر مطابقا له‪.‬‬

‫عندما يراقب القاضي الدستوري التونسي مدى مطابقة نص من معاهدة دولية مع الدستور‬
‫فإن القاعدة الدستورية المرخصة تتوسع إلى محتوى النص الدستوري وروحه وديباجته‪.‬‬

‫وبالنتيجة فإن طبيعة الرقابة التي يمارسها القاضي الدستوري التونسي على المعاهدات‬
‫الدولية هي طبيعة واسعة تعتمد على روح النص وال تقف عند حرفيته فهو يقوم بالمراقبة‬
‫أخذا بعين االعتبار الظرف السياسي وظروف أخرى العتماد االتفاق أو المعاهدة الدولية‪.‬‬

‫‪1 - N.A. BERNOUSSI , op.cit. p. 181.‬‬


‫‪2 - Ibid. p. 182.‬‬

‫‪270‬‬
‫‪ -2‬أثار الرقابة ‪:‬‬

‫اشترط المجلس الدستوري بمناسبة مشروع القانون المتضمن المصادقة على االتفاقية‬
‫المنشئة للمنظمة االقتصادية اإلفريقية المبرمة بين منظمة االتحاد اإلفريقي وتونس ‪ ،‬قبل‬
‫المصادقة عليها اعتماد تصريح تفسيري الذي بمقتضاه تصرح الجمهورية التونسية بأن‬
‫تطبيق وتفسير بنود هذا االتفاق والسيما المواد ‪ 19 ،18 ،14 ،13 ،10 ،05‬و‪ 87‬ال يمكن‬
‫في أي حال أن تعارض دستور ‪ 01‬جوان ‪ 1959‬والسيما المواد ‪ 49 ،18 ،03 ،01‬و‪.58‬‬

‫التزمت الحكومة التونسية برأي المجلس الدستوري التونسي بتنظيمها لمشروع القانون‬
‫المتضمن المصادقة على االتفاقية ‪،‬واعتبر رأي المجلس الدستور التونسي رأيا تفسيريا‪.1‬‬

‫ثالثا‪ -‬القاضي الدستوري المغربي والمعاهدات ‪:‬‬

‫إذا كان كل من المجلس الدستوري الفرنسي ‪،‬الجزائري والتونسي يختص برقابة مدى‬
‫دستورية المعاهدات بناء على نصوص دستورية واضحة‪ ،2‬األمر الذي لم تنص عليه‬
‫الدساتير المغربية ‪.1996 ،1992 ،1972 ،1970 ،1962‬‬

‫وأكد هذه المسألة قرار الغرفة الدستورية المغربية رقم ‪ 01‬المؤرخ في ‪ 31‬ديسمبر ‪1963‬‬
‫والذي جاء فيه مايلي‪ ... «:‬تمارس االختصاصات المسندة إليها بفصول الدستور و‪...‬أن‬
‫فصول الدستور عدد ‪ 43‬وعدده ‪ 50‬وعدد ‪ 56‬وعدد ‪ 63‬والفصل ‪ 13‬في فقرته الثامنة وهي‬
‫الفصول التي حددت اختصاصات الغرفة الدستورية لم تسند للغرفة الدستورية أي اختصاص‬
‫في موضوع المعاهدات واالتفاقيات الدولية»‪.3‬‬

‫استحدث مجلسا دستوريا ابتداء من دستور ‪ 04‬سبتمبر ‪ 1992‬خلفا للغرفة الدستورية‬


‫ومنح اختصاصات ممارسة رقابة على دستورية القوانين بعد ما يتم إخطاره من طرف جهات‬
‫معينة حددها الدستور ويستطيع المجلس الدستوري المغربي بسط رقابته على المعاهدات‬

‫‪1- - N.A. BERNOUSSI, op.cit. p. 183.‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 54‬دستور فرنسا ‪ ،1958‬والمادة ‪ 01/72‬من دستور تونس المعدل في ‪ 06‬نوفمبر ‪ 1995‬والمواد ‪131- 91‬‬
‫من دستور الجزائر ‪ 28‬نوفمبر ‪.1996‬‬
‫‪ -3‬رأي الغرفة الدستورية المغربية‪ ،‬رقم ‪ 01‬مؤرخ في ‪ 1963/12/31‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 2672‬المؤرخة في ‪ 10‬يناير‬
‫‪.1964‬‬

‫‪271‬‬
‫بطريقة غير مباشرة وذلك ببسط رقابة على القانون المتضمن المصادقة على المعاهدة أو‬
‫االتفاق الدولي والتي تتطلب موافقة البرلمان‪.1‬‬

‫ونشير إلى أن التصديق على االتفاقيات المتعلقة باألموال العمومية من طرف البرلمان ال‬
‫يتم المصادقة عليها إال بعد موافقة البرلمان عليها في المغرب والجزائر‪ 2‬على عكس الدستور‬
‫التونسي الذي بقي متحفظا في هذه المسألة رغم أن المادة ‪ 36‬من الدستور التونسي تنص‬
‫على أن الضرائب والقروض العمومية وااللتزامات المالية لم يمكن إقرارها إال بواسطة قانون‬
‫والقانون من اختصاص البرلمان‪.3‬‬

‫كما نجد في المغرب كل المعاهدات المتعلقة بااللتزامات المالية للدولة وتلك التي تنشئ‬
‫دين واالتفاقيات التي تنقص من مصادر واتفاق االنضمام إلى المنظمات الدولية التي تعمل‬
‫على إنقاص الموارد العمومية واتفاق االشتراكات التي تؤدي إلى إنقاص في الموارد تخضع‬
‫وجوبا إلى مصادقة البرلمان عليها‪.4‬‬

‫ونشير إلى أن الدستور المغربي لسنة ‪ 1996‬طرح إشكاال فيما يتعلق بالرقابة على‬
‫المعاهدات حيث نص في مادته ‪ 31‬على مايلي‪ «:‬تقع المصادقة على المعاهدات التي‬
‫يمكن أن تكون غير متفقة مع نصوص الدستور بإتباع المسطرة المنصوص عليها فيما يرجع‬
‫لتعديله»‪.5‬‬

‫وهذه المادة حسب األستاذ عبد العزيز النويضي‪... «:‬تطرح عدة تساؤالت تتمثل في‬
‫تحديد الجهة المؤهلة لتقرر ما إذا كانت المعاهدة غير متفقة مع نصوص الدستور واذا‬
‫كانت الفقرة الثالثة من المادة ‪ 31‬من دستور المغرب ‪ 1996‬تقصد بالجهة المجلس‬
‫الدستوري المغربي فمن يملك حق إحالة المعاهدة على المجلس الدستوري ليفحصها»‪.6‬‬

‫‪1 - - N.A. BERNOUSSI, op.cit., p. 178.‬‬


‫‪2 - Ibid., P 179.‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 36‬من دستور الجمهورية التونسية‪.‬‬
‫‪4 - - N.A. BERNOUSSI, Ibid, p. 180.‬‬
‫‪ -5‬المادة ‪/02/ 31‬من دستور المغرب ‪.1996‬‬
‫‪ -6‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬المجلس الدستوري بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.51‬‬

‫‪272‬‬
‫لم تتم اإلجابة على هذين التساؤلين ال من خالل النص الدستوري وال من خالل القانون‬
‫التنظيمي للمجلس الدستوري وفي هذا يقول األستاذ عبد العزيز النويضي‪ «:‬يمكن أن نفهم‬
‫بأن المجلس الدستوري يتدخل لمراقبة اتفاق أو معاهدة مع الدستور إذا تم اإلحالة عليه‬
‫للقانون الذي تم الموافقة على المعاهدة بواسطته وذلك طبقا للفقرة الثانية من المادة ‪ 31‬من‬
‫الدستور والفقرة الثالثة من الفصل ‪ 81‬حيث نجد الفقرة الثانية من الفصل ‪ 31‬تنص على أن‬
‫الملك ال يصادق على المعاهدات التي تترتب عليها تكاليف تلزم مالية الدولة إال بعد الموافقة‬
‫عليها بقانون»‪ ،‬أما الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 81‬فهي تسمح بإحالة القوانين قبل إصدار‬
‫األمر بتنفيذها على المجلس الدستوري‪ ،‬ليبت في مدى مطابقتها للدستور والهيئات التي لها‬
‫حق اإلحالة هي الملك الوزير األول أو رئيسا مجلس البرلمان أو ربع أعضاء أي مجلس من‬
‫مجلسي البرلمان‪.1‬‬

‫على عكس فرنسا والجزائر نجد المغرب التي تحيل المعاهدة مباشرة على رقابة المجلس‬
‫الدستوري بوضوح شأنها شأن القوانين العادية فإن المغرب يجعل الرقابة على القانون‬
‫المصادق بواسطته على االتفاق وليس على االتفاق ذاته وهنا عدم وضوح في ما تبناه‬
‫المؤسس الدستوري المغربي في تحديد العالقة بين الدستور والقاعدة الدولية وتحديد العالقة‬
‫بين القانون الداخلي والقانون الدولي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬القاضي الدستوري قاضي انتخابات‬

‫يلعب القاضي الدستوري دو ار مهما في إنجاح العمليات االنتخابية‪ ،‬في إطار‬


‫االختصاصات التي يمنحها له الدستور‪ ،‬ويساهم في إنشاء مؤسسات دستورية صاحبة‬
‫شرعية انتخابية‪ ،‬ويتم ذلك في مختلف مراحل العملية االنتخابية ‪،‬سواء تعلق األمر‬
‫باالنتخابات الرئاسية (مطلب أول)‪ ،‬أو االنتخابات البرلمانية (مطلب ثاني)‪ ،‬أما دوره في‬
‫مجال االنتخابات المحلية يبقى ضئيال ويختصر في إعالن النتائج تاركا المجال لجهات‬
‫أخرى كالجان االنتخابية‪ ،‬التي تؤدي دو ار في هذا المجال؛ ولهذا سنعالج كيف يسهر القاضي‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.58‬‬

‫‪273‬‬
‫الدستوري على إنجاح العملية االنتخابية الرئاسية والتشريعية في دول المغرب العربي‬
‫مستدلين بالتجربة الفرنسية من خالل المطالب اآلتية‪:‬‬

‫المطلب األ ول‪ :‬السهر على االنتخابات الرئاسية‬

‫تمر عملية انتخاب رئيس الجمهورية بعدة مراحل بدء بمرحلة الترشح إلى مرحلة البت‬
‫في الطعون االنتخابية ‪،‬واعالن النتائج النهائية وهذا ما نتطرق له من خالل الفروع اآلتية‪،‬‬
‫مع اإلشارة أنه سيتم استبعاد النظام المغربي من هذا المطلب باعتبار نظام الحكم فيه ملكيا‬
‫وال يخضع لالنتخاب‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مرحلة قبول الترشيحات‬

‫أوال – مرحلة تلقي الترشيحات ‪:‬‬

‫حسب المادة ‪ 163‬من دستور الجزائر ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬المعدل والمتمم يختص‬


‫المجلس الدستوري الجزائري بالسهر على عمليات االنتخابات الرئاسية‪ ،1‬وسبق وأن تم‬
‫توضيح مدلول كلمة يسهر وتمييزها على كلمة يفصل في هذه الدراسة فالمؤسس الدستوري‬
‫الجزائري جعل القاضي الدستوري عنص ار فاعال ومتابعا للعملية االنتخابية الرئاسية من‬
‫بدايتها إلى نهايتها واحتراما لسمو القاعدة الدستورية على باقي القوانين فإن قانون االنتخابات‬
‫كرس هذا االختصاص من خالل مواده القانونية وكذا كل النصوص القانونية والتنظيمية ذات‬
‫الصلة‪.‬‬

‫أما الفصل ‪ 40‬من دستور الجمهورية التونسية المعدل في ‪ 01‬جوان ‪ 2002‬فقد نصت‬
‫على مايلي‪ «:‬ويبت المجلس الدستوري في صحة الترشح ويعلن عن نتيجة االنتخابات‬
‫وينظر في الطعون المقدمة إليه في هذا الصدد وفقا لما يضبطه القانون االنتخابي»‪.2‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 163‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬المعدل والمتمم‪.‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 46‬من دستور تونس المعدل في ‪ 01‬جوان ‪.2002‬‬

‫‪274‬‬
‫إن المؤسس الدستوري التونسي يستعمل مصطلح "يبت" بمعنى يفصل والفصل يتطلب‬
‫التدخل بعد إثارة نزاع على عكس المؤسس الدستوري الجزائري الذي يستعمل مصطلح‬
‫"يسهر" والذي يفيد حق التدخل التلقائي‪.‬‬

‫أماالمادة‪ 83‬من الدستور الموريتاني فتنص على أن المجلس الدستوري‪«:‬يسهر‪...‬على‬


‫صحة انتخاب رئيس الجمهورية وينظر في الدعاوى ويعلن نتائج االقتراع»‪.1‬‬

‫نجد المادة ‪ 19‬من الدستوري اللبناني تقضي بأن يبت المجلس الدستوري في النزاعات‬
‫والطعون الناشئة على االنتخابات الرئاسية‪ 2‬وفي نفس السياق جاءت المادة ‪ 23‬من القانون‬
‫‪ 93/250‬المتعلق بتنظيم المجلس الدستوري اللبناني لتؤكد هذا الحق‪.‬‬

‫استعملت فرنسا عبارة "يسهر" من خالل المادة ‪ 58‬من دستور ‪ 1958‬حيث جاء فيها ما‬
‫يفيد أن المجلس الدستوري يسهر على تنظيم انتخاب رئيس الجمهورية ويفحص الشكاوى‬
‫المتعلقة بانتخابات رئاسة الجمهورية كما يعلن عن نتائج االقتراع‪.3‬‬

‫وهنا يلتقي دور المج لس الدستوري الفرنسي مع نظيره في الجزائر وموريتانيا من حيث‬
‫استعمال مصطلح "يسهر" ويختلف عن دور نظيره في تونس ولبنان اللذان يستعمالن‬
‫مصطلح "يبت" أو يفصل وقد سبق وأن تم التطرق للفرق بين هذين المصطلحين‪.‬‬

‫ويلعب القاضي الدستوري دو ار مهما في مرحلة قبول الترشح لمنصب رئيس الجمهورية‬
‫نعالجه في نقطة أولى ثم في البث في النزاع المتعلق بالعملية االنتخابية نقطة ثانية‪.‬‬

‫‪ -1‬البت في صحة الترشح ‪:‬‬

‫يختص المجلس الدستوري الجزائري حسب القانون العضوي المتعلق بنظام االنتخابات‬
‫رقم ‪ 01/12‬باستقبال ملفات الترشح لرئاسة الجمهورية حسب المادة ‪ 136‬من قانون‬
‫االنتخابات والمادة نفسها تبين طلب الترشح والوثائق المرفقة به‪ ،‬وهذه المادة طويلة من‬

‫‪ -1‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪.‬ص ‪137‬‬


‫‪ -2‬فريد غربال ‪ ،‬المجالس الدستورية في العالم العربي‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام‪ ،‬جامعة تونس‬
‫المنار‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،2008-2007 ،‬ص ‪.172‬‬
‫‪ -3‬هنري رويسون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.124‬‬

‫‪275‬‬
‫الناحية الشكلية حيث تتضمن ‪ 14‬فقرة وهي تدل على كثرة الشروط ودقتها باعتبار أهمية‬
‫المنصب‪ ،‬ويتم تقديم ملف الترشح في أجال ‪ 45‬يوما من تاريخ نشر مرسوم استدعاء الهيئة‬
‫الناخبة على مستوى كتابة ضبط المجلس الدستوري مقابل وصل استالم حسب المادة ‪ 23‬ن‬
‫م ق ع م دج‪.1‬‬

‫إن المادة ‪ 138‬من القانون العضوي لالنتخابات تفيد بأن المجلس الدستوري يفصل في‬
‫صحة الترشيحات لمنصب رئيس الجمهورية بقرار في أجل أقصاه ‪ 10‬أيام كاملة من تاريخ‬
‫إيداع التصريح بالترشح ويبلغ قرار المجلس الدستوري إلى المعني تلقائيا وفور صدوره‪.2‬‬

‫وما يالحظ على هذه المادة أنها ال تعطي الحق للمترشح الذي رفض طلب ترشحه الحق‬
‫في الطعن أمام المجلس الدستوري وال الطعن أمام أية جهة أخرى قضائية مما يمس بحق‬
‫دستوري وهو حق الترشح خاصة إذا كان الخطأ مادي في إحدى الوثائق يتطلب تفسير من‬
‫جهة أخرى يستأنس به المجلس الدستوري على خالف المجلس الدستوري الفرنسي الذي فتح‬
‫باب المراجعة للمترشح أمامه‪.‬‬

‫يرفق طلب الترشح بكل الوثائق التي بينتها المادة ‪ 137‬من قانون االنتخابات إضافة إلى‬
‫ما نصت عليه المادة ‪ 73‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬وينبغي أن يودع ملف الترشح من‬
‫قبل المترشح نفسه لدى كتابة ضبط المجلس الدستوري وال يمكن للمواطن الذي قدم ترشحه‬
‫لرئاسة الجمهورية االنسحاب إال في حالة الوفاة أو حدوث مانع قانوني‪.3‬‬

‫أما الفقرة ‪ 04‬من الفصل ‪ 40‬من دستور الجمهورية التونسية بعد تعديل ‪ 01‬جوان‬
‫‪ 2002‬فإنها تعطي للمجلس الدستوري حق تلقي الترشيحات لرئاسة الجمهورية التونسية ويتم‬
‫تسجيل الترشح بدفتر خاص لدى المجلس الدستوري وبذلك عوض المجلس الدستوري‬
‫التونسي اللجنة الخاصة التي كان منصوص عليها في المادة ‪ 40‬قبل التعديل والتي عدلت‬
‫مهامها في ‪ 25‬جويلية ‪ 1988‬وأصبح المجلس الدستوري التونسي هو صاحب االختصاص‪،‬‬

‫‪ -1‬المواد ‪ 137 ،136‬من قانون االنتخابات رقم ‪ 01/12‬المؤرخ في ‪ 12‬جانفي ‪ 2012‬ج ر رقم ‪.01‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 138‬من قانون االنتخابات ‪.01/12‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 141‬من القانون العضوي لالنتخابات رقم ‪ 01/12‬المؤرخ في ‪ 12‬يناير ‪ ،2012‬ج ر رقم ‪.1‬‬

‫‪276‬‬
‫وبناء على المادة ‪ 40‬فقرة ‪ 4‬أن الترشح يسجل بدفتر خاص لدى المجلس الدستوري‪ .1‬وهكذا‬
‫عوض المجلس الدستوري اللجنة الخاصة المنصوص عليها في المادة ‪ 40‬قبل تعديل ‪01‬‬
‫جوان ‪ 2002‬والتي كانت تستقبل الترشيحات على مستوى مقر اللجنة‪.2‬‬

‫أما الفقرة األخيرة من المادة ‪ 26‬من الدستور الموريتاني فتعطي الحق للمجلس الدستوري‬
‫بأن يستقبل الترشحات لرئاسة الجمهورية ويبت في صحتها ويتأكد من توفر الشروط‬
‫المطلوبة ويعلن أسماء وصفات وأصول المنتخبين الذين تبنوا الترشحات لرئاسة الجمهورية ثم‬
‫يعلن عن أسماء المترشحين المقبولين للتنافس على منصب الرئاسة وتحيلها على الحكومة‬
‫لنشرها‪.3‬‬

‫ينتخب رئيس الجمهورية في لبنان عن طريق نواب البرلمان وليس عن طريق الشعب‬
‫حسب المادة ‪ 49‬من دستور لبنان‪ ،4‬وفي هذه الحالة فإن مجلس النواب اللبناني يتحول إلى‬
‫هيئة انتخابية وليس هي ئة تشريعية وبالتالي فإن المجلس النيابي هو المكلف باستقبال ملف‬
‫الترشح والبت في صحته ويلقي دور المجلس الدستوري اللبناني حسب المادة ‪ 23‬من القانون‬
‫رقم ‪ 93/250‬المنظم للمجلس الدستوري البت فقط في صحة االنتخاب والنزاعات الناتجة‬
‫عنه وذلك تطبيقا لنص المادة ‪ 19‬من دستور لبنان التي تقتضي بأن يبت المجلس الدستوري‬
‫في النزاعات والطعون الناشئة عن االنتخابات الرئاسية‪.5‬‬

‫ال يلعب المجلس الدستوري الفرنسي أي دور في تحديد تاريخ االنتخابات الرئاسية وانما‬
‫يثبت ويعلن عن شغور منصب رئاسة الجمهورية فقط‪ ،‬أما دوره في تلقي ملفات الترشح فتقيد‬
‫ملفات طلب الترشح للرئاسة الفرنسية على مستوى قلم ضبط المجلس الدستوري ويفحص‬

‫‪ -1‬فريد غربال ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.173‬‬


‫‪ -2‬كانت اللجنة الخاصة المنصوص عليها وفق المادة ‪ 40‬من دستور تونس قبل تعديل ‪ 01‬جوان ‪ 2002‬تتكون من رئيس‬
‫مجلس النواب وهو رئيسها ومن أربعة أعضاء هم رئيس المجلس الدستوري ومفتي الجمهورية والرئيس األول لمحكمة‬
‫التعقيب والرئيس األول للمحكمة اإلدارية‪.‬اما في دستور ‪ 2014-01-26‬فصارت لحنة وطنية مستقلة تنظم كامل العملية‬
‫االنتخابية‪.‬‬
‫‪ -3‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.138‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 49‬من دستور لبنان‪.‬‬
‫‪ -5‬فريد غربال ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.186‬‬

‫‪277‬‬
‫مدى تحقق شروط الترشح لرئاسة الجمهورية ويعلن عن الئحة تظم أسماء المترشحين‬
‫المقبولين للتنافس على رئاسة الجمهورية‪.1‬‬

‫فنجد المجلس الدستوري الفرنسي يراقب هل احترم المترشحون شروط الترشح المبينة في‬
‫النصوص القانونية كما يتأكد المجلس الدستوري من قيام كل مترشح بدفع الكفالة المالية التي‬
‫يشترطها القانون‪ ،‬وكل هذه الفحوصات لملفات المترشحين تتم بسرعة ألن القانون يشترط‬
‫الفصل فيها ‪ 19‬عشرة يوما قبل الدور األول من االنتخابات كما عليه أن ينشر الئحة‬
‫المترشحين المقبولين ‪ 16‬عشرة يوم قبل اليوم األول لالقتراع‪.2‬‬

‫إن قرار المجلس الدستوري بعد قيامه بالتحقيق في ملفات طلب الترشح النتخابات الرئاسة‬
‫في فرنسا يمكن أن يكون محل اعتراض من طرف الشخص الذي قدم أكثر من تزكية واحدة‬
‫فقط‪ ،‬وقبل مضي يوم كامل من تاريخ نشر قائمة المترشحين المقبولين للرئاسة في فرنسا‪.‬‬

‫ثانيا ‪ -‬الطعون المتعلقة بملف الترشح ‪:‬‬

‫كما جاء تعديل ‪ 18‬جوان‪ 1976‬ليعدل المادة ‪ 07‬من دستور ‪ 1958‬الفرنسي وحدد‬
‫تدخل المجلس الدستوري في حالة وفاة أو حدوث مانع ألحد المترشحين النتخابات الرئاسة‬
‫وهذه الحالة تم التعامل معها حسب ظروف الحالة فإذا كانت الوفاة أو قام المانع خالل ‪7‬‬
‫أيام السابقة لغلق استقبال الملفات يستطيع المجلس الدستوري تقرير تأجيل االنتخابات‪ ،‬أما‬
‫إذا كانت الوفاة أو قام المانع قبل بداية الدور األول وتم تعليق قائمة المرشحين للرئاسة‬
‫الفرنسية فإن المجلس الدستوري يؤجل االنتخابات‪ ،‬أما إذا كانت وفاة المترشح أو حدوث‬
‫المانع له كان بين دورتي االنتخابات ومس أحد المترشحين اإلثنين للدور الثاني فإن المجلس‬
‫الدستوري يقرر إعادة العملية االنتخابية برمتها بما فيها الدور األول‪ ،‬مع المالحظ أن هذه‬
‫الحالة لم تقع في فرنسا حتى نعرف كيف يتصرف المجلس الدستوري الفرنسي‪.3‬‬

‫أما قانون االنتخابات الجزائري فبين حالة وفاة أو حدوث مانع لمترشح رئاسي بعدا إيداع‬
‫الترشيحات وليس بعد اإلعالن عن قائمة المترشحين المقبولين وجعل نتيجة ذلك تمديد أجل‬

‫‪1 -D. ROUSSEAU Droit du contentieux constitutionnel, op.cit, p. 386.‬‬


‫‪2 - Ibid.‬‬
‫‪3- Ibid. P 394.‬‬

‫‪278‬‬
‫إيداع الترشيحات حيث ال يتجاوز هذا التمديد مدة شهر الباقية عن تاريخ االقتراع للدورة‬
‫األولى لتقديم ترشيح جديد حسب المادة ‪ 141‬من قانون االنتخابات‪.1‬‬

‫أما حالة وفاة مترشح أو حدوث مانع قانوني له بعد نشر قائمة المترشحين في الجريدة‬
‫الرسمية فإنه يتم تأجيل تاريخ االقتراع لمدة أقصاها خمسة عشر (‪ )15‬يوما‪ ،‬حسب الفقرة‬
‫الثالثة من المادة ‪ 142‬واإلشكال المطروح‪ ،‬هل تأجيل االقتراع هدفه إعطاء فرصة الستقبال‬
‫ملف جديد لمترشح جديد يستخلف المترشح المنسحب بسبب الوفاة أو المانع القانوني فقط أم‬
‫أن هذه اآلجال الجديدة مفتوحة لباقي المترشحين الذين رفضت ملفاتهم بسبب تجاوز اآلجال‬
‫القانونية وبذلك يمكنهم إتمام الوثائق الناقصة واالستفادة من هذه اآلجال؟‬

‫أما الفقرة الثالثة من المادة ‪ 149‬من قانون االنتخابات الجزائري رقم ‪ 01/12‬فإنها تنص‬
‫على حالة انسحاب أحد المترشحين االثنين إلى الدور الثاني وتجعل جزاء ذلك إتمام العملية‬
‫االنتخابية إلى نهايتها دون االعتداد بانسحاب المترشح اآلخر‪ ،2‬وفي هذه الحالة نشعر أن‬
‫هذه الفقرة جاءت توجسا من االنسحابات من السباق للرئاسيات على خلفية االنسحابات‬
‫الجماعية في انتخابات الرئاسية سنة ‪ 1999‬في الجزائر‪ ،‬وجاءت لتغلق الباب أمام المس‬
‫بنزاهة العملية االنتخابية‪.3‬‬

‫في حين نجد الفقرة التي تليها تبين حالة وفاة أو حدوث مانع قانوني ألي من المترشحين‬
‫االثنين للدور الثاني فنتيجة ذلك هي قيام المجلس الدستوري ضرورة من جديد بمجموعة‬
‫العمليات االنتخابية وفي هذه الحالة يمدد المجلس الدستوري آجال تنظيم االنتخابات الجديدة‬
‫لمدة أقصاها ستون يوما (‪.4)60‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 141‬من القانون ‪ 01/12‬المؤرخ في ‪ 2‬يناير ‪ 2012‬والمتعلق باالنتخابات " ال يقبل وال يعتد بانسحاب المترشح‬
‫بعد إيداع الترشيحات ‪.‬‬
‫في حالة وفاة أو حدوث مانع قانوني‪ ،‬يمنح أجل آخر لتقديم ترشيح جديد وال يمكن أن يتجاوز هذا األجل الشهر السابق‬
‫لتاريخ االقتراع أو الخمسة "‪ "15‬يوما في الحالة المذكورة في المادة ‪ 88‬من الدستور‪."...‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 141‬من القانون ‪ 01/12‬المتعلق باالنتخابات‪.‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 143‬من القانون ‪ 01/12‬المتعلق باالنتخابات‪.‬‬
‫‪ -4‬رشيدة العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.168‬‬

‫‪279‬‬
‫وهنا يلتقي المجلس الدستوري الجزائري مع المجلس الدستوري الفرنسي في ضرورة إعادة‬
‫العملية االنتخابية برمتها‪.‬‬

‫أما في تونس وبعد تعديل الدستور سنة ‪ 2002‬فصار للمجلس الدستوري التونسي دور‬
‫في مراقبة صحة ملفات الترشح لرئاسة تونس‪.‬‬

‫كما يقوم المجلس الدستوري الموريتاني وفقا للمادة ‪ 26‬فقرة أخيرة والمادة ‪ 83‬من الدستور‬
‫بإعالن نتائج االنتخابات الرئاسية ‪،‬وبعد إعالن النتائج يستقبل الطعون المتعلقة بصحة‬
‫االنتخابات الرئاسية ويسمح ألي مترشح أن يتقدم بواسطة عريضة كتابية بدعوى تتعلق‬
‫بصحة االقتراع أو فرز األصوات‪ ،‬ويبت المجلس الدستوري في الدعوى في أجل ثمانية أيام‬
‫من تاريخ الطعن وبناء على جدية الطعن يتم تقرير إلغاء االنتخابات كليا‪ ،‬أو جزئيا حسب‬
‫جسامة وطبيعة تلك المخالفات‪.1‬‬

‫أوكل المشرع الفرنسي مهمة إعالن نتائج االنتخابات الرئاسية بقرار من المجلس‬
‫الدستوري بوصفه قاضي انتخابات وهذه السلطة نفسها هي التي تفصل في كافة المنازعات‬
‫المتعلقة باالنتخابات الرئاسية وهو نفس االتجاه الذي سار فيه المؤسس الدستوري الجزائري‬
‫بحيث أعطى للمجلس الدستوري حق إعالن النتائج والفصل في المنازعات المتعلقة‬
‫بانتخابات الرئاسة وهو نفس الشأن بالنسبة لتونس وموريتانيا وهذا األمر من شأنه دعم‬
‫اختصاصات القاضي الدستوري في مجال المنازعة االنتخابية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬البت في الطعون واإلعالن عن النتيجة النهائية النتخاب رئيس‬


‫الجمهورية‬

‫أوال – البت في الطعون المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية ‪:‬‬

‫يقتصر دور المجلس الدستوري الجزائري في المنازعة االنتخابية المتعلقة باالنتخابات‬


‫الرئاسية بتلقي الطعون من طرف الجهة الطاعنة المؤهلة قانونا وال يمتد هذا الدور إلى إرسال‬

‫‪ -1‬محمد فال ولدي المجتبي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.139‬‬

‫‪280‬‬
‫مندوبين للتحقيق ميدانيا في صحة الطعون بل يراقب الوثائق التي تصله من الجهات‬
‫صاحبة اإلخطار‪.1‬‬

‫كما أن المجلس الدستوري ال يمارس أية رقابة وال يفصل في أية منازعة متعلقة بالعمليات‬
‫التي تسبق عملية االقتراع كالمنازعات المتعلقة بالتسجيل على قوائم االنتخاب أو الشطب أو‬
‫اإلغفال‪ ،‬وتلك المتعلقة بالحملة االنتخابية كذلك نجد قرار المجلس الدستوري المتعلق بتحديد‬
‫قائمة المترشحين المقبولين للرئاسة غير قابل للمنازعة‪.2‬‬

‫وجاء في المادة ‪ 138‬من قانون االنتخابات رقم ‪ 01/12‬مايلي‪ «:‬يفصل المجلس‬


‫الدستوري في صحة الترشيحات لمنصب رئيس الجمهورية بقرار في أجل أقصاه عشرة (‪)10‬‬
‫أيام كاملة من تاريخ إيداع التصريح بالترشح‪،‬يبلغ قرار المجلس الدستوري إلى المعني تلقائيا‬
‫وفور صدوره»‪.3‬‬

‫كما نشير إلى أن المجلس الدستوري الجزائري ال يملك حق النظر في مدى مشروعية‬
‫النصوص القانونية المنظمة للعملية االنتخابية بل يراقب مدى مطابقتها للدستور فقط حسب‬
‫‪4‬‬
‫المادة ‪ 163‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪.1996‬‬

‫يعهد بمراقبة الجانب التنظيمي لالنتخابات الرئاسية إلى لجنة منشئة لهذا الغرض تسمى‬
‫اللجنة الوطنية المستقلة لمراقبة االنتخابات الرئاسية‪.5‬‬

‫أحدثت بمناسبة أربع انتخابات رئاسية في الجزائر أربع لجان وطنية سياسية لمراقبة كل‬
‫عملية انتخابية وهي لجان تنشئ بمناسبة كل انتخابات رئاسية وفق مراسيم رئاسية تبين‬

‫‪ -1‬فطة نبالي ‪ ،‬دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.457‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 138‬من القانون العضوي ‪ 01/12‬المؤرخ في ‪ 12‬يناير ‪.2012‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 163‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ ،1996‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ -5‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 269-95‬مؤرخ في ‪ 22‬ربيع الثاني عام ‪ 1416‬هـ الموافق ل ‪ 17‬سبتمبر ‪ ،1995‬يتعلق باللجنة‬
‫الوطنية المستقلة لمراقبة االنتخابات الرئاسية‪ ،‬الجريدة الرسمية مؤرخ في ‪ 17‬سبتمبر ‪ ،1995‬العدد ‪.52‬‬

‫‪281‬‬
‫تشكيالتها واختصاصاتها‪ ،1‬وهذه اللجان بدورها تسن نظامها الداخلي وتصادق عليه وتقوم‬
‫بتنصيب لجانها المحلية على مستوى الواليات والبلديات وممثليات الجزائر بالخارج‪.‬‬

‫وما يعاب على هذه اللجنة رغم اختصاصاتها الواسعة في مجال رقابة العملية االنتخابية‬
‫أنها ال تملك حق إخطار المجلس الدستوري لحل أي نزاع ويستشف ذلك من حيثيات ق اررات‬
‫المجلس الدستوري المتعلقة بالمنازعة االنتخابية حيث ال يشير إلى هذه اللجنة وحتى المرسوم‬
‫الذي أنشأها فال يشير له‪.‬‬

‫لقد منح حق الطعن أمام المجلس الدستوري بمناسبة االنتخابات الرئاسية لجهات وأطراف‬
‫محددة وهي المترشح لرئاسة الجمهورية أو من يمثله قانونا‪ ،‬ويتم الطعن داخل مكتب‬
‫التصويت في المحضر الموجود لدى رئيس مكتب التصويت‪ ،‬ويخطر المجلس الدستوري فو ار‬
‫بذلك عن طريق البرق‪ ،‬ويكون الطعن وفق إجراءات شكلية معينة وعرض للوقائع واسنادات‬
‫الطعن ويسجل هذا الطعن لدى كتابة ضبط المجلس الدستوري‪.‬‬

‫يتم الفصل فو ار في النزاع من طرف المجلس الدستوري قبل إعالن النتائج على خالف‬
‫االنتخابات التشريعية التي تعطي أجل ‪ 72‬ساعة للمجلس الدستوري واعتقد أن الفرق الزمني‬
‫يعود لكثرة المترشحين وكثرة الجهات واألطراف التي تملك حق الطعن أمام المجلس‬
‫الدستوري مقارنة باالنتخابات الرئاسية وقد سبق للمجلس الدستوري الجزائري وأن رفض‬
‫الطعن من طرف ناخبين بمناسبة االنتخابات الرئاسية لسنة ‪ 1995‬النعدام الصفة‪.2‬‬

‫في حين نجد في فرنسا القانون يسمح لكل ناخب أن يطعن في صحة العمليات المتعلقة‬
‫باالنتخابات الرئاسية الفرنسية‪ ،‬حيث يمكن ألي ناخب تقديم احتجاجه في محضر االقتراع‬

‫‪ -1‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 01 - 99‬مؤرخ في ‪ 17‬رمضان عام ‪ 1419‬الموافق ل ‪ 04‬جانفي ‪ ،1999‬يتعلق باللجنة‬
‫الوطنية المستقلة لمراقبة االنتخابات الرئاسية ج ر عدد ‪ 01‬في ‪ 06‬جانفي ‪.1999‬‬
‫المرسوم الرئاسي ‪ 20 - 04‬مؤرخ في ‪ 16‬ذو الحجة عام ‪ 1424‬الموافق ‪ 7‬فبراير ‪ 2004‬يحدث لجنة سياسية وطنية‬
‫لمراقبة االنتخابات الرئاسية المقررة ‪ 08‬أفريل ‪ 2004‬ج ر ‪ 08‬مؤرخة في ‪ 8‬فبراير ‪.2004‬‬
‫المرسوم الرئاسي ‪ 61 - 09‬مؤرخ في ‪ 11‬صفر ‪ 1430‬الموافق ل ‪ 7‬فبراير سنة ‪ 2009‬يحدث لجنة سياسية وطنية لمراقبة‬
‫االنتخابات الرئاسية ‪ 09‬أفريل ‪ ،2009‬ج ر رقم ‪ 09‬مؤرخة في ‪ 08‬فبراير ‪.2009‬‬
‫‪ -2‬إعالن المجلس الدستوري مؤرخ في ‪ 23‬نوفمبر ‪ 1995‬يتعلق بنتائج انتخاب رئيس الجمهورية ج ر ‪ 72‬مؤرخ في ‪26‬‬
‫نوفمبر ‪ ،1995‬أحكام الفقه الدستوري الجزائري‪.‬‬

‫‪282‬‬
‫لكنه ال يمكن أن يطعن مباشرة أمام المجلس الدستوري وكذا يحق لممثل الدولة على مستوى‬
‫المحافظة الذي يمكنه أن يحيل بصفة مباشرة نتائج عمليات االقتراع في دائرته االنتخابية‬
‫على المجلس الدستوري كما أن هذا الحق يتمتع به المترشح الرئاسي خالل ‪ 48‬ساعة من‬
‫انتهاء عملية االقتراع‪.1‬‬

‫أما في تونس فإن المادة ‪ 40‬من الدستور التونسي المعدل في ‪ 01‬جوان ‪ 2002‬أوكلت‬
‫مهمة الفصل في النزاع االنتخابي بمناسبة االنتخابات الرئاسية إلى المجلس الدستوري بعدما‬
‫كانت هذه المهمة تسند إلى لجنة خاصة تنشئ بواسطة أمر ترتيبي (مرسوم رئاسي) وجاء‬
‫في المادة ‪ 40‬بعد التعديل مايلي‪ ...«:‬ويعلن عن نتيجة االنتخابات وينظر في الطعون‬
‫المقدمة إليه في هذا الصدد وفقا لما يضبطه القانون االنتخابي» فهذه الفقرة جعلت المجلس‬
‫الدستوري التونسي هيئة قضائية تفصل في نزاع‪.2‬‬

‫ال يتعدى دور المجلس الدستوري التونسي إلى رقابة التسجيل على القوائم االنتخابية‬
‫وتوزيع البطاقات فإن هذه االختصاصات تبقى من صالحيات القضاء العادي والمحكمة‬
‫اإلدارية وفق ما نصت عليه أحكام قانون االنتخابات التونسي وانما ينظر في النزاع المتعلق‬
‫في صحة الترشح واعالن النتائج‪.3‬‬

‫ويحق لكل مترشح لالنتخابات الرئاسية في تونس الطعن في صحة العملية االنتخابية‬
‫ونتائجها بالنسبة للدورة األولى من االنتخابات الرئاسية ويتم ذلك بتقديم طعن أمام كتابة‬
‫ضبط المجلس الدستوري في أجل ثمانية وأربعين (‪ )48‬ساعة من غلق مكاتب االقتراع‪.4‬‬

‫‪1-D. ROUSSEAU, Droit du contentieux constitutionnel, op.cit. p. 391 ;G. DRAGO), La‬‬
‫‪Défense de la constitution à regret, Contrôle de constitutionnalité par voie préjudicielle ,la‬‬
‫‪saisine par les citoyens, in. Colloque organisé avec le Soutien de Ministère de la justice ,‬‬
‫‪Paris, Le 16 Février 2009, p. 201.‬‬
‫‪ -2‬هدى بن خليفة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.98‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -4‬الفصل ‪ 69‬من المجلة االنتخابية التونسية المعدلة سنة ‪.2003‬‬

‫‪283‬‬
‫أما من حيث كيفية تقديم الطعون واالعتراضات إلى المجلس الدستوري فإنها تخضع‬
‫للفصلين ‪ 32‬و‪ 33‬من قانون ‪ 12‬جويلية ‪ 2004‬المتعلق بتنظيم المجلس الدستوري‬
‫التونسي‪.1‬‬

‫فحسب المادة ‪ « 32‬ال تقبل االعتراضات والطعون إال في صيغة مكتوبة وممن له‬
‫الصفة وحسب اإلجراءات واآلجال المنصوص عليها بالمجلة االنتخابية وتوجه هذه‬
‫االعتراضات والطعون إلى كتابة المجلس الذي يحيلها فو ار إلى رئيس المجلس »‪.‬‬

‫أما المادة ‪ 33‬من القانون رقم ‪ 12‬المؤرخة في ‪ 12‬جويلية ‪ 2004‬والمتعلق بتنظيم‬


‫المجلس الدستوري التونسي فجاء فيها مايلي‪ «:‬يعين رئيس المجلس الدستوري مقر ار أو عدة‬
‫مقررين من بين أعضاء المجلس لدراسة االعتراضات والطعون ويمكن للمقرر عن طريق‬
‫رئيس المجلس أن يستمع ألي شخص وأن يطلب إحضار أية وثيقة ترتبط بعمليات‬
‫االنتخابات إلى المجلس الدستوري»‪.2‬‬

‫وبمناسبة االنتخابات الرئاسية التونسية لسنة ‪ 2004‬والتي جرت في دورة واحدة فاز بها‬
‫الرئيس السابق زين العابدين بن علي بأغلبية األصوات في الدور األول‪ ،‬تلقى المجلس‬
‫الدستوري التونسي طعنا يرمي إلى الحكم بعدم سالمة كل العملية االنتخابية الرئاسية والغاء‬
‫نتائجها برمتها‪ ،‬ولقد قضى المجلس الدستوري بقبول هذا الطعن شكال ورفضه في‬
‫المضمون‪.3‬‬

‫كما قضى المجلس الدستوري التونسي في نفس االنتخابات الرئاسية بقبول أحد الطعون‬
‫شكال ومضمونا بعدما تبين له أن عملية فرز األصوات بالمكتب رقم ‪ 17‬بخزامة من دائرة‬
‫سوسة لم تراع فيها أحكام قانون االنتخابات السيما المادتين ‪ 50‬و‪ 51‬وقضى بذلك بإلغاء‬
‫أصوات ذلك المكتب وعددها (‪ )400‬أربعة مائة صوت حسب التوزيع بين المرشحين‪.4‬‬

‫‪ -1‬المواد ‪ 33- 32‬من قانون ‪ 12‬جويلية ‪ 2004‬المنظم للمجلس الدستوري التونسي‪.‬‬


‫‪ -2‬هيفاء يونس ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.45 – 44‬‬
‫‪ -3‬قرار المجلس الدستوري التونسي عدد ‪ 2004- 8‬بتاريخ ‪ 28‬أكتوبر ‪ ،2004‬بخصوص الطعن الرامي إلى الحكم بعدم‬
‫سالمة العملية االنتخابية الرئاسية والغاء نتائجها برمتها‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 87‬بتاريخ ‪ 29‬أكتوبر ‪ ،2004‬ص ‪.3115‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪284‬‬
‫تقضي المادة ‪ 70‬من قانون االنتخابات أنه في حالة المرور إلى الدور الثاني فإن حق‬
‫الطعن أمام المجلس الدستوري يبقى للمترشحين االثنين المشاركين في الدورة الثانية وال يبقى‬
‫الحق يتمتع به باقي المترشحين الذين شاركوا في الدورة األولى‪ ،‬كما تطبق نفس‬ ‫هذا‬
‫إجراءات تقديم الطعن التي تم النص عليها في الدورة األولى وفي مختلف الحاالت يبت‬
‫المجلس الدستوري في النزاعات ويعلن عن النتائج في ظرف يومين من أجل تقديم الطعون‪.1‬‬

‫يتلقى المجلس الدستوري الموريتاني وفق المادة ‪ 83‬من الدستور الطعون المتعلقة بصحة‬
‫االنتخابات الرئاسية وفي هذا اإلطار يمكن ألي مترشح لالنتخابات الرئاسية أن يقدم طعنا‬
‫بواسطة عريضة كتابية يتعلق بصحة االقتراع أو فرز األصوات وتتم دراسة القضية والفصل‬
‫فيها خالل ثمانية (‪ )08‬أيام من تاريخ الطعن واذا ثبت لدى المجلس صحة هذه اإلدعاءات‬
‫ينبغي على المجلس تقدير جسامتها وبعد ذلك القضاء بإلغائها جزئيا أو كاملة‪.2‬‬

‫وقد نص القانون النظامي المتعلق بالمجلس الدستوري الموريتاني في مادته ‪ 80‬على‬


‫مايلي‪ «:‬يحدد القانون النظام المتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية صالحيات المجلس الدستوري‬
‫في هذا المجال» وتبعا لذلك صدر األمر القانوني رقم ‪ 91/027‬المؤرخ في ‪ 07‬أكتوبر‬
‫‪ 1991‬متضمنا القانون النظامي المتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية وعدل باألمر رقم ‪- 91‬‬
‫‪ 40‬بتاريخ ‪ 08‬ديسمبر ‪.1991‬‬

‫نشير إلى أن ق اررات المجلس الدستوري التونسي في مجال النزاع االنتخابي بمناسبة‬
‫االنتخابات الرئاسية تلتقي مع الق اررات الصادرة عن المجلس الدستوري الفرنسي والمجلس‬
‫في كونها كلها نهائية تتمتع بحجية‬ ‫الدس توري الجزائري والمجلس الدستوري الموريتاني‬
‫الشيء المقضي فيه وبأنها ملزمة للجميع وهذا ما يجعل هذه المجالس تميل إلى سلطة‬
‫قضائية وتقترب في مجال المنازعة االنتخابية من المحاكم الدستورية‪.‬‬

‫جاء في ق ار ار المجلس الدستوري التونسي عدد ‪ 2004/08‬المؤرخ في ‪ 28‬أكتوبر ‪ 2007‬مايلي‪" :‬وحيث تبين مما سبق ذكره‬
‫أن جميع المطاعن المثارة والرامية إلى إلغاء نتائج االنتخابات الرئاسية برمتها فاقدة السند واقعا وقانونا مما يتجه معه‬
‫القضاء برفضها ولهذه األسباب قرر المجلس قبول الطعن شكال ورفضه أصال"‪.‬‬
‫‪ -1‬هيفاء يونس ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪ -2‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.139‬‬

‫‪285‬‬
‫ثانيا ‪ :‬إعالن عن النتيجة النهائية النتخابات الرئاسية ‪:‬‬

‫بناء‬ ‫يعود اختصاص إعالن نتائج االنتخابات الرئاسية إلى المجلس الدستوري الفرنسي‬
‫على المواد ‪ 58‬و‪ 59‬من دستور ‪ 1958/10/04‬الفرنسي حيث يراقب عدد األصوات‬
‫المحصل عليها بالنسبة لكل مترشح ويحدد المترشح الفائز باألغلبية المطلقة في الدور األول‬
‫وفي حالة عدم حصول أي مترشح على األغلبية المطلقة في الدور األول يعلن عن‬
‫المترشحين الفائزين للمنافسة في الدور الثاني‪.1‬‬

‫و يمكن لكل مترشح أو ناخب على مستوى دائرته االنتخابية أن يقدم طعنا يسجله على‬
‫مستوى مكتب التصويت كما يحق الطعن لرئيس البلدية في أجال ‪ 48‬ساعة من ساعة غلق‬
‫مكاتب التصويت وبناء على جدية هذه الطعون يمكن للمجلس الدستوري أن يلغي االنتخابات‬
‫جزئيا أو كليا‪.2‬‬

‫يمتد اختصاص المجلس الدستوري الفرنسي إلى االطالع على الحساب المالي للحملة‬
‫االنتخابية للمترشح وفي أجال شهرين من تاريخ إعالن النتائج النهائية النتخابات الرئاسية‬
‫ف ي فرنسا على كل مترشح أن يقدم الحساب المالي من إرادات ونفقات زائد الوثائق الثبوتية‬
‫مؤش ار ومصادق عليها من طرف خبير مالي وفي هذه الحالة إما يوافق المجلس الدستوري‬
‫على الحساب المالي أو يدخل عليه تعديالت أو يلغيه ويتم نشر ذلك بواسطة قرار‪.3‬‬

‫أما المادة ‪ 167‬من القانون العضوي رقم ‪ 01/12‬المتعلق باالنتخابات في الجزائر‬


‫فتعطي الحق لكل مترشح لالنتخابات الرئاسية أو ممثلة القانوني أن يطعن في صحة عملية‬
‫التصويت وذلك بتقديم احتجاجه في المحضر الموجود على مستوى مكتب التصويت ويخطر‬
‫المجلس الدستوري فو ار بواسطة البرق بهذا االحتجاج ثم تحيل المادة ‪ 167‬على التنظيم‬
‫لتبيان كيفية القيام بالطعن وشروطه الشكلية والموضوعية وآجالها‪.‬‬

‫تقوم اللجان االنتخابية الوالئية بعد إتمام عملية االقتراع بإيداع محاضرها فو ار لدى أمانة‬
‫ضبط المجلس الدستوري في ظرف مختوم وذلك بعد مرور ‪ 72‬ساعة الموالية لغلق مكاتب‬

‫; ‪1-J.P.CAMBY, le Conseil constitutionnel, juge électoral, éd. Sirey, Paris, 1996, p. 199‬‬
‫‪D.ROUSSEAU; Droit du contentieux constitutionnel, op.cit., p. 397.‬‬
‫‪2- Ibid., p. 398.‬‬
‫‪3- La loi organique n° 90-38 du 10 mai 1990 modifie par la loi organique du 5 avril 2006.‬‬

‫‪286‬‬
‫االقتراع ‪1‬وتمنح مدة الطعن يوم واحد وهي مدة قصيرة جدا يقوم من خاللها رئيس المجلس‬
‫الدستوري بتعيين مقرر أو أكثر ليقوم بفحص الطعون في الشكل والمضمون ويقرر مدى‬
‫صدقيتها وله الحرية في طلب أي وثيقة تساعده في عمله ويختم عمله بتحرير تقرير مع‬
‫مشروع قرار للمجلس ويجتمع المجلس الدستوري في جلسة مغلقة ويتخذ ق ار ار نهائيا يبلغ‬
‫للمعنيين في أجال عشرة أيام من تاريخ تسلم المحاضر‪.2‬‬

‫يقوم بعد ذلك المجلس الدستوري بإعالن نتائج الفحص واإلعالن عن الفائز بالرئاسة وفي‬
‫حالة عدم حصول أي مرشح على األغلبية المطلقة يعلن عن اسمي المترشحين المنتقلين‬
‫للدور الثاني‪.3‬‬

‫صدر عن المجلس الدستوري الجزائري إعالن قدم فيه نتائج انتخابات أبريل ‪ 1999‬قدم‬
‫فيها نتائج المترشحين ورفض الطعون المقدمة شكال ومضمونا‪.4‬‬

‫على المترشحين لالنتخابات الرئاسية أن يقدموا حساباتهم المالية المتعلقة بحمالتهم‬


‫االنتخابية في أجل ثالثة أشهر من تاريخ إعالن النتائج على عكس المؤسس الدستوري‬
‫الفرنسي الذي اشترط شهرين فقط‪ ،‬ويبين المترشح في حسابه المالي اإليرادات والنفقات‬
‫ووثائقها الثبوتية‪ ،‬ويقوم المجلس الدستوري بتحويل الحساب المالي إلى خبير مالي معتمد‬
‫لدراسة مدى تطابق األرقام في تقرير خاص مختوم وموقع عليه‪.5‬‬
‫‪6‬‬
‫ينشر حساب رئيس الجمهورية المنتخب في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الشعبية‬
‫والجزاء المترتب على رفض الحساب المالي ألحد المترشحين هو عدم تعويض المرشح عن‬
‫النفقات المبينة في المواد ‪ 206‬و‪ 208‬من القانون العضوي لالنتخابات‪.7‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 157‬فقرة ‪ 02‬من قانون االنتخابات ‪ 01/12‬المؤرخ في ‪ 12‬جانفي ‪ .2012‬وتقابلها المادة ‪ 162‬من قانون‬
‫االنتخابات ‪.07-97‬‬
‫‪ -2‬رشيدة العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.170‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 142‬من القانون العضوي لالنتخابات رقم ‪.01-12‬‬
‫‪ -4‬اإلعالن رقم ‪ 01‬مؤرخ في ‪ 20‬أفريل ‪.1999‬‬
‫‪ -5‬المادة ‪ 209‬من القانون االنتخابي ‪.01-12‬‬
‫‪ -6‬المادة ‪ 02-209‬من القانون االنتخابي ‪.01-12‬‬
‫‪ -7‬المادة ‪ 04-209‬من القانون االنتخابي ‪.01-12‬‬

‫‪287‬‬
‫لقد قام المجلس الدستوري بتعويض رئيس الجمهورية المنتخب سنة ‪ 1999‬نسبة ‪% 30‬‬
‫من نفقات حملته االنتخابية تناسبا مع عدد األصوات التي حصل عليها وبعدما وجد تطابقا‬
‫تقنيا في حساب حملته االنتخابية‪.1‬‬

‫ال بد من اإلشارة إلى أنه بعد انتهاء الدور األول من انتخابات الرئاسة الفرنسية يعلن‬
‫المجلس الدستوري الفرنسي عدد المصوتين وعدد األصوات التي تحصل عليها كل مترشح‬
‫في أجل أقصاه يوم األربعاء الموالي ليوم االقتراع على الساعة الثامنة مساءا‪ ،‬كما يمكن‬
‫تعديل النتائج الخاصة بالدور األول على ضوء الطعون المقدمة له من طرف الجهات‬
‫صاحبة حق الطعن في نتائج انتخابات الرئاسة الفرنسية‪.2‬‬

‫‪ -1‬أحكام الدور الثاني لالنتخابات الرئاسية ‪:‬‬


‫في حالة عدم فوز أي مرشح باألغلبية المطلقة في الدور األول أي ‪1 +% 50‬صوت‬
‫يصدر المجلس الدستوري الفرنسي ق ار ار يحدد من خالله أسمي المترشحين االثنين‬
‫المؤهلين للتنافس على منصب رئاسة الجمهورية الفرنسية في الدور الثاني‪.3‬‬
‫وبعد نهاية الدور الثاني للمجلس الدستوري الفرنسي أن يعلن في أجل (‪ )10‬عشرة أيام‬
‫من ساعة غلق مكاتب التصويت عن المترشح الفائز بالرئاسة مع اإلشارة إلى أن المجلس‬
‫الدستوري الفرنسي غير ملزم بانتظار عشرة أيام كاملة فهو ملزم بعدم تجاوزها فإذا استطاع‬
‫معالجة الطعون قبل ذلك التاريخ فيمكن إعالن النتيجة قبل مضي عشر (‪ )10‬أيام‪ ،‬وقد تم‬
‫ذلك بمناسبة انتخابات ‪1965‬أين تم اإلعالن عن النتيجة في اليوم التاسع من تاريخ غلق‬
‫مكاتب التصويت وسنة ‪ 1969‬في اليوم الرابع وكذا سنة ‪ 1995‬وتم اإلعالن في اليوم‬
‫الخامس سنة ‪ 1974‬وسنة ‪.41981‬‬

‫وفي تحديد تاريخ إعالن نتائج االنتخابات الرئاسية يتم تحديد بداية العهدة الرئاسية‬
‫وانتهائها‪.‬‬

‫‪ -1‬قرار المجلس الدستوري رقم ‪ 06‬المؤرخ في ‪ 27‬أكتوبر ‪.1999‬‬


‫‪2 -D. ROUSSEAU; Droit du contentieux constitutionnel, op.cit., p. 397.‬‬
‫‪3 - Ibid.‬‬
‫‪4 - Ibid.‬‬

‫‪288‬‬
‫كما نشير إلى أن المجلس الدستوري الفرنسي بمناسبة إعالن فوز الرئيس ‪François‬‬
‫‪ MITTERRAND‬في رئاسيات ‪ 1988‬ضمن قرار المجلس الدستوري التصريح بالذمة‬
‫المالية للرئيس تطبيقا للقانون العضوي المؤرخ في ‪ 11‬مارس ‪ 1988‬إنه استناد لكلمة "يسهر"‬
‫التي جاءت في المادة ‪ 58‬من دستور فرنسا ‪ 04‬أكتوبر ‪ 1958‬سمح المجلس الدستوري‬
‫لنفسه في إحدى اجتهاداته القضائية ألن يقدم بيانا يوضح فيه كل ما تم مالحظته من بداية‬
‫العملية االنتخابية إلى نهايتها‪.1‬‬

‫يعلن المجلس الدستوري الجزائري حسب المادة ‪ 145‬من القانون العضوي رقم ‪01-12‬‬
‫المتعلق باالنتخابات النتائج النهائية لالنتخابات الرئاسية في مدة أقصاه (‪ )10‬عشرة أيام من‬
‫تاريخ تسلمه محاضر اللجان الوالئية وهنا يتفق المشرع الجزائري مع المشرع الفرنسي في‬
‫تحديد اآلج ال لكنهما يختلفان في تاريخ بداية حساب اآلجال ففي فرنسا يبدأ حساب اآلجال‬
‫من ساعة غلق مكاتب التصويت‪ ،‬أما في الجزائر فيبدأ حساب آجال العشر (‪ )10‬أيام من‬
‫تاريخ استالم المجلس الدستوري محاضر اللجان المنصوص عليها في المواد ‪159 ،151‬‬
‫من القانون ‪ 01-12‬المتعلق باالنتخابات ‪.‬‬

‫واذا علمنا أن اللجان االنتخابية لها ‪ 72‬ساعة لتسليم المحاضر ابتداء من ساعة غلق‬
‫مكاتب التصويت‪.2‬‬

‫أي تاريخ إعالن نتائج االنتخابات الرئاسية في الجزائر يمتد إلى ‪ 13‬يوما ابتداء من‬
‫ساعة غلق مكاتب التصويت وهي مدة طويلة مقارنة مع فرنسا (‪ )10‬عشرة أيام‪ ،‬خاصة إذا‬
‫كنا بصدد انتخابات رئاسية تنافسية فيها دور ثاني ومنافسة إلى غاية إعالن النتيجة النهائية‬
‫على غرار ما حدث في انتخابات فرنسا ‪ 06‬ماي ‪ 2012‬وانتخابات مصر ‪ 16‬و‪ 17‬جوان‬
‫‪ 2012‬وانتخابات تونس ‪ .2014‬مع اإلشارة إلى أن المادة ‪ 89‬من دستور الجزائر ‪1996‬‬
‫تعالج حالة مهمة جدا وهي حالة وفاة أحد المترشحين للدور الثاني لالنتخابات الرئاسية أو‬
‫انسحابه أو حدوث أي مانع آخر له فتعطي الحق لرئيس الجمهورية الممارس للعهدة ولو‬

‫‪1- Ibid.‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ ،4-159‬والمادة ‪ 2-157‬من القانون العضوي لالنتخابات المؤرخ في ‪ 12‬يناير ‪.2012‬‬

‫‪289‬‬
‫كان ضمن المترشحين اإلثنين للدور الثاني االستمرار في أداء مهامه إلى غاية اإلعالن عن‬
‫إنتخاب رئيس الجمهورية وفي هذه الحالة يتدخل المجلس الدستوري الجزائري ويمدد مهلة‬
‫إجراء هذه االنتخابات مدة أقصاها ‪ 60‬يوما‪ ،‬ويحيل في ذلك على قانون عضوي يبين‬
‫كيفيات وشروط تطبيق هذه األحكام‪ ،‬وبما أن هذه الحالة لم تحدث في الجزائري بمناسبة ‪05‬‬
‫انتخبات فال يمكن توقع جميع الحاالت التي يمكن أن تقع ولهذا نعالج المسألة على ضوء‬
‫االحتماالت والنصوص القانونية‪:‬‬

‫االحتمال األول ‪ :‬يكون حول إنسحاب أحد المترشحين للدور الثاني فقانون االنتخابات‬
‫‪ 01/12‬في مادته ‪ 143‬فقرة ‪ 03‬تنص أنه في حالة إنسحاب أي من المترشحين اإلثنين‬
‫للدور الثاني‪ ،‬تستمر العملية االنتخابية إلى غاية نهايتها دون االعتداد بانسحاب المترشح‬
‫وهنا مخالفة صريحة لنص المادة ‪ 89‬من دستور ‪. 1996‬‬

‫االحتمال الثاني ‪ :‬تأتي نفس المادة في فقرتها الموالية لتنص على حالتي الوفاة أو حدوث‬
‫مانع قاوني ألحد المترشحين للدور الثاني‪ ،‬فهنا يتدخل المجلس الدستوري ويعلن ظرورة القيام‬
‫من جديد بمجموع العمليات االنتخابية وفي هذه الحالة يمدد المجلس الدستوري أجال تنظيم‬
‫االنتخابات الجديدة لمدة أقصاها ‪ 60‬يوما‪.‬‬

‫وهنا نجد توافق بين ما جاء في هذه الفقرة من المادة ‪ 143‬من قانون ‪01/12‬‬
‫المتعلق باالنتخابات وما جاء في المادة ‪ 89‬فقرة ‪ 02‬لكن السؤال هو إعادة تنظيم مجموع‬
‫العمليات االنتخابية هل يتم بناء على قانون االنتخابات ‪ 01/12‬وبهذا مدة ‪ 60‬يوما تصبح‬
‫غير كافية إلعادة مجموع العمليات االنتخابية أم أن إعادة مجموع العمليات االنتخابية يكون‬
‫وفق قانون عضوي أحالت عليه المادة ‪ 89‬من دستور ‪ 1996‬ويراعي هذا القانون اآلجال‬
‫والمواعيد ؟‬

‫باإلضافة إلى ذلك لو كان أحد المترشحين للدور الثاني لالنتخابات الرئاسية هو الرئيس‬
‫الممارس مثلما هو الحال في انتخابات ‪ 17‬أفريل ‪ 2014‬وحدث له مانع قانوني أو وفاة فهل‬
‫تطبق عليه أحكام المادة ‪ 88‬من الدستور المتعلقة بشغور منصب رئيس الجمهورية أم نطبق‬

‫‪290‬‬
‫عليه أحكام المادة ‪ 89‬من دستور الجزائري ‪ 1996‬المتعلق فقط بالدور الثاني لالنتخابات‬
‫الرئاسية بصفته مترشح كباقي المترشحين ومتأهل للدور الثاني ؟ !‬

‫أما من حيث أجال إعالن نتائج االنتخابات الرئاسية في تونس والتي كانت مهمة إعالن‬
‫انتخاب نتائج الرئاسية في تونس تعود إلى اللجنة الدستورية التي تقبل وتبت في ملفات‬
‫الترشح للرئاسة‪ .1‬وتتشكل هذه اللجنة من رئيس مجلس النواب بصفته رئيس اللجنة ورئيس‬
‫المجلس الدستوري كعضو ومفتي الجمهورية والرئيس األول للمحكمة اإلدارية والرئيس األول‬
‫لمحكمة التعقيب وتعلن هذه اللجنة النتائج النهائية لالنتخابات الرئاسية في تونس بعد‬
‫استفائها ودراستها لكل الطعون التي قدمت لها‪.2‬‬

‫أما بعد تعديل الدستور في ‪ 1‬جوان ‪ 2002‬من خالل الفصل ‪ 40‬منه مهمة إعالن‬
‫النتائج االنتخابات الرئاسية للمجلس الدستوري التونسي وهنا يلتقي دور المجلس الدستوري‬
‫التونسي مع نظرائه في الجزائر وفرنسا وموريتانيا‪.‬‬

‫وبناء على نص الفصل ‪ 70‬فقرة ثانية من قانون االنتخابات التونسي أنه إذا لم يسجل أي‬
‫طعن في اآلجال القانونية يعلن المجلس الدستوري في اليوم الموالي النتهاء آجال تقديم‬
‫الطعون عن انتخاب المترشح الذي أحرز األغلبية المطلقة لألصوات المصرح بها في الدورة‬
‫األولى‪.3‬‬

‫وفي حالة عدم حصول أي مرشح على األغلبية المطلقة فإنه يعلن عن إسمي المترشحين‬
‫االثنين المتنافسين في الدور الثاني‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬السهر على االنتخابات التشريعية‬

‫لم تكن مراقبة صحة االنتخابات التشريعية من صميم اختصاص هيئات القضاء الدستور‬
‫فمثال في فرنسا والى غاية دستور ‪ 1946‬كان البرلمان نفسه مختص بممارسة رقابة على‬

‫‪ -1‬الفصل ‪ 40‬من دستور تونس فقرة أخيرة الذي عدل بالقانون الدستوري عدد ‪ 88‬لسنة ‪ 1998‬المؤرخ في ‪ 25‬جويلية‬
‫‪ " :1998‬وتبث اللجنة في صحة الترشح وتعلن عن نتيجة االنتخابات وتنظر في الطعون المقدمة إليها في هذا الصدد"‪.‬‬
‫‪ -2‬هيفاء يونس ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.56‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.57‬‬

‫‪291‬‬
‫االنتخابات التشريعية‪ ،1‬وهذا الفكر موروث عن مرحلة ما قبل الثورة الفرنسية أين كان فحص‬
‫سلطات أعضاء البرلمان يعود للبرلمان نفسه ولم يكن بإمكان هيئة أخرى ممارسة هذا‬
‫االختصاص غير المجالس البرلمانية‪ ،2‬وهذه الممارسة ما تزال منتشرة في عدة دول مثل‬
‫ألمانيا ‪ ،‬حيث ال يتعدى اختصاص المحكمة الدستورية فيها كونها جهة استئناف في الق اررات‬
‫الصادرة عن مجلس النواب‪ ،3‬وهذا على عكس المحكمة الدستورية النمساوية التي تتدخل في‬
‫النظر في المنازعات االنتخابية السياسية ‪ ،‬واإلدارية‪ ،‬والمهنية‪ ،‬باعتبارها محكمة عليا‬
‫لالنتخابات‪.4‬‬

‫اتجه النظام الفرنسي بعد دستور ‪ 1946‬إلى إعطاء حق مراقبة االنتخابات التشريعية‬
‫للمجلس الدستوري‪ ،‬وجعله ال يتدخل إال بعد إعالن نتائج االنتخابات التشريعية فالنص‬
‫الدستوري الفرنسي لم يستعمل كلمة "يسهر " التي استعملها بمناسبة االنتخابات الرئاسية وتبعه‬
‫فيها المؤسس الدستوري الجزائري والموريتاني‪ ،‬وانما استعمل مصطلح "يفصل" كما أن‬
‫مختلف القوانين المنظمة للعملية االنتخابية تكون بعد إعالن النتائج أما مرحلة الترشح‬
‫والتسجيل والشطب من القوائم االنتخابية فيعود االختصاص فيها إلى لجان منشئة لهذا‬
‫الغرض والى المحاكم العادية واإلدارية‪.‬‬

‫باستثناء قانون تقسيم الدوائر االنتخابية الذي يتم مراقبته من طرف المجلس الدستوري‬
‫الفرنسي‪ ،‬أما المجلس الدستوري التونسي فمن خالل الفصل ‪ 72‬من تعديل ‪ 01‬جوان‬
‫‪ 2002‬والذي جاء فيه مايلي‪ «:‬يبت المجلس الدستوري في الطعون المتعلقة بانتخاب‬
‫أعضاء المجلس النواب وأعضاء مجلس المستشارين»‪ 5‬في حين يفصل المجلس الدستوري‬

‫‪1- Art 8 de la constitution française de 1946: " Chacune des deux chambres est juges de‬‬
‫‪l'éligibilité des membres et de la régularité de leur élection il peut seule recevoir leur‬‬
‫‪démission".‬‬
‫‪ -2‬نور الدين أشحشاح ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.231‬‬
‫‪3- Art 41 de la loi fédérale Allemand: "… Contre les décisions de Bendeshtash , le recour‬‬
‫‪devant le tribunal constitutionnel est ouvert".‬‬
‫‪ -4‬نور الدين أشحشاح ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.231‬‬
‫‪ -5‬هدى بن خليفة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.104‬‬

‫‪292‬‬
‫الجزائري بناء على الفقرة الثانية من المادة ‪ 163‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬في‬
‫المنازعات المتعلقة باالنتخابات التشريعية‪.1‬‬

‫جاء في المادة ‪ 84‬من الدستور الموريتاني على أن المجلس الدستوري «يبت ‪...‬في حالة‬
‫نزاع متعلق بصحة انتخاب النواب والشيوخ»‪ ،‬كما جاء في المادة ‪ 44‬من القانون المنظم‬
‫للمجلس الدستوري الموريتاني‪ «:‬يتمتع المجلس الدستوري بالنظر في القضايا المقدمة إليه‬
‫بصالحية الحكم في كل قضية أو استثناء يبرز عند دراسة الطلب»‪.2‬‬

‫أما المؤسس الدستوري المغربي فقد نص من خالل مادته ‪ 81‬على أن المجلس الدستوري‬
‫يفصل في صحة انتخاب أعضاء البرلمان المقسم لمجلس نواب ومجلس مستشارين كما تم‬
‫تنظيم المنازعة االنتخابية من خالل المواد ‪ 29‬و‪ 35‬من القانون التنظيمي للمجلس الدستوري‬
‫المغربي‪.3‬‬

‫وتتم معالجة الموضوع من خالل فرعين‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬البت في الطعون قبل إعالن النتائج‬

‫الفرع الثاني‪ :‬البت في الطعون بعد إعالن النتائج‬

‫الفرع األول‪ :‬الفصل في الطعون قبل إعالن النتائج‬

‫كما سبقت اإلشارة إليه فإن المجلس الدستوري الجزائري غير مختص بمراقبة عملية‬
‫ان تخاب نواب المجلس الشعبي الوطني أو أعضاء مجلس األمة إال في مرحلة الطعون بعد‬
‫إعالن النتائج أما العمليات السابقة للتصويت وكل ما ينجر عنها من منازعات فيعود‬
‫االختصاص فيها إلى اللجان الوطنية سواء السياسية أو القضائية التي ينص عليها قانون‬
‫االنتخابات‪ 4‬وتسمى اللجنة الوطنية لإلشراف على االنتخابات و تسمى الثانية اللجنة الوطنية‬

‫‪ -1‬فطة نبالي ‪ ،‬دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.416‬‬
‫‪ -2‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.129‬‬
‫‪ -3‬نور الدين أشحشاح ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.233‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 168‬من القانون العضوي ‪.01 – 12‬‬

‫‪293‬‬
‫لمراقبة االنتخابات‪ ،‬كما يعود االختصاص في المنازعة المتعلقة بالعملية االنتخابية قبل‬
‫التصويت إلى المحاكم العادية‪ 1‬والمحاكم اإلدارية‪.2‬‬

‫أما المجلس الدستوري يعود إلى مرحلة ما قبل التصويت إذا كان في عمليات التسجيل‬
‫والشطب من القوائم االنتخابية تأثير على نتيجة التصويت‪ ،3‬كما أن المجلس الدستوري ال‬
‫يتدخل في رقابة صحة الترشح لعضوية المجلس الشعبي الوطني أو مجلس األمة على‬
‫خالف االنتخابات الرئاسية التي تم دراسة ملفات المترشحين وكذا صدقية التوقيعات أمامه‪.‬‬

‫فبال نسبة لالنتخابات البرلمانية تدرس الملفات وكل ما يتعلق بها من شروط أمام لجنة‬
‫والئية وتصدر هذه األخيرة قرار بقبول أو رفض الطعن يبلغ إلى المعني الذي يحق له الطعن‬
‫أمام المحكمة االدارية‪.4‬‬

‫تتأكد اللجنة الوالئية من صحة الترشح وكذا من صحة التوقيعات وصدقيتها بالنسبة‬
‫للقوائم الحرة حيث تنص المادة ‪ 92‬بإلزامية حصول القائمة الحرة على توقيع دعم من طرف‬
‫‪ 400‬موقع في الدائرة االنتخابية المعنية بها القائمة الحرة‪.5‬‬

‫يرى األستاذ منصور مولود‪ ...«:‬تبقى هذه اللجان الوطنية لمراقبة االنتخابات تحرص‬
‫على مدى احترام اإلدارة للقوانين والتنظ يمات الخاصة لالنتخابات وعلى مدى حيادها وبالتالي‬
‫فهي عبارة حكم يهدف إلى القضاء على األخطار التي قد تقع بمناسبة العملية‬
‫االنتخابية‪.6»...‬‬

‫أما المجلس الدستوري الفرنسي فيشكل محكمة استئناف بالنسبة للطعون المتعلقة برفض‬
‫الترشح لالنتخابات التشريعية فطلب الترشح يودع لدى المحافظة " ‪La Préfecture de‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 171‬من القانون العضوي ‪.01-12‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 36‬والمادة ‪ 4 ،3-77‬من القانون العضوي ‪.01-12‬‬
‫‪ -3‬نبالي فطة‪ ،‬دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.413‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 96‬من القانون العضوي ‪.01-12‬‬
‫‪ -5‬المادة ‪ 1،2-92‬من القانون العضوي ‪.01-12‬‬
‫‪6 - M.MANSOUR, Le pouvoir du Suffrage et son impact sur les élections législatives du‬‬
‫‪17/05/2007, Revue Algérienne des sciences juridiques Economiques et Politique n° 4,2007,‬‬
‫‪p. 163.‬‬

‫‪294‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ " département‬التي تفصل في طلب الترشح بق اررات قابلة للطعن أمام المجلس الدستوري‬
‫على خالف المشرع الجزائري الذي جعل الطعن في ق اررات اللجنة الوالئية قابل للطعن أمام‬
‫المحكمة اإلدارية وق اررات هذه األخيرة نهائية غير قابلة للطعن‪.2‬‬

‫والمالحظ أن المؤسس الدستوري الجزائري قد غيب أي دور لمجلس الدولة في المنازعة‬


‫االنتخابية وهذا أمر غير واضح باعتبار مجلس الدولة أعلى جهة في القضاء اإلداري في‬
‫الجزائر واذا كان هناك مبرر لعدم إعطاءه دور في قانون االنتخابات ‪ 07/97‬باعتبار مجلس‬
‫الدولة لم يكن قد أسس بعد في الميدان فبعد مرور ‪ 16‬سنة عن دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪1996‬‬
‫الذي نص على إنشاء مجلس الدولة ال يعطي أي دور في قانون االنتخابات ‪01/12‬‬
‫والصادر في ‪ 12‬جانفي ‪ 2012‬فهذا أمر غير مستساغ‪.‬‬

‫أما بالنسبة النتخابات أعضاء المجلس األمة فإن المجلس الدستوري الجزائري أعطى‬
‫نفسه حق النظر في ملفات الترشح وذلك بمناسبة التجديد النصفي لنصف أعضاء مجلس‬
‫األمة المنتخبين فقضى ببطالن ترشح عضو في والية معينة دون أن ينازع في ذلك من لهم‬
‫الصفة وهم المترشحون فقط‪ ،‬حيث من تلقاء نفسه وبعد اطالعه على محاضر الفرز وجد أن‬
‫المترشح ال يتوفر فيه السن القانونية للترشح ولعضوية مجلس األمة‪ ،3‬وقد تم تكريس هذا‬
‫االجتهاد في نص قانوني تضمنته المادة ‪ 48‬مكرر ‪ 01‬المستحدثة بالمداولة المؤرخة في ‪14‬‬
‫جانفي ‪ ،2009‬والتي جاء فيها مايلي‪ «:‬يمكن المجلس الدستوري أن يطلب من الجهات‬
‫المختصة موافاته بملفات المترشحين القانونين باالنتخابات بغرض التأكد من استيفاءها‬
‫الشروط القانونية واتخاذ قرار بشأنها»‪.4‬‬

‫‪1 -D. ROUSSEAU ( D.), Droit du contentieux constitutionnel, op.cit. p. 306.‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 92‬فقرة ‪ 01‬و‪ 02‬من قانون ‪ ، 01/12‬المتعلق باالنتخابات‪.‬‬
‫‪ -3‬قرار رقم ‪ /01‬ق‪ .‬م‪ .‬د‪ 04 /‬مؤرخ في ‪ 11‬ذي القعدة ‪ 1424‬هـ الموافق ل ‪ 04‬جانفي ‪ ،2004‬ج ر عدد ‪ 5‬مؤرخة في‬
‫‪ 18‬أبريل ‪.2004‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 48‬مكرر ‪ 01‬من المداولة المؤرخة في ‪ 14‬جانفي ‪ 2009‬والمتعلق بالنظام المحدد لقواعد عمل المجلس‬
‫الدستوري الجزائري‪ .‬المعدل والمتمم‬

‫‪295‬‬
‫وما يالحظ على هذا االجتهاد أنه لو كان طلب المجلس الدستوري االطالع على ملفات‬
‫المترشحين قبل عملية التصويت ال كان أحسن ألن عدد الملفات قليل باعتبار التجديد‬
‫النصفي ألعضاء مجلس األمة المنتخبين يشمل ‪ 48‬مقعدا فقط‪ ،‬ويسمح للمترشح إتمام ملفه‬
‫قبل التصويت أو االنسحاب تاركا الفرصة لغيره ومن الحزب الذي ينتمي إليه‪ ،‬أما الحال أن‬
‫تلغى نتيجة االنتخاب من المترشح الفائز بعد تزكيته من زمالئه أعضاء المجالس الشعبية‬
‫البلدية و الوالئية بسبب خطأ في الملف أو نقص لم تنتبه له لجنة تلقي ملفات الترشح فهذا‬
‫غير مستساغ فعوضا من معاقبة اللجنة على عدم حرصها يعاقب المترشح‪.‬‬

‫كما يمتد اختصاص المجلس الدستوري الجزائري إلى رقابة المرسوم الرئاسي المتضمن‬
‫استدعاء الهيئة االنتخابية ومدى مطابقته للقانون العضوي لالنتخابات دون أن يمتد ذلك إلى‬
‫مراقبة النصوص التنظيمية التي تحكم العملية االنتخابية على عكس المجلس الدستوري‬
‫الفرنسي الذي يراقب النصوص التنظيمية للعملية االنتخابية‪.1‬‬

‫لو أعطى المشرع الجزائري دو ار أكبر لمجلس الدولة باعتباره أعلى جهة في القضاء‬
‫اإلداري ال كان هناك مجموعة من االجتهادات القضائية في مادة المنازعة االنتخابية‬
‫باعتبارها متشابهة في عدة جوانب مع المنازعة اإلدارية وال سهل األمر على المجلس‬
‫الدستوري الستنباط أحكامه بناء على اجتهادات مجلس الدولة‪.‬‬

‫أما في فرنسا فإن المجلس الدستوري الفرنسي له حق النظر في كل المسائل المثارة حول‬
‫صحة عمليات االقتراع‪ 2‬إن هذا النص جعل بعض الفقهاء يعتقد أن المجلس الدستوري‬
‫يستطيع أن يستقبل دعاوى عن طريق الدفع في المنازعة االنتخابية لكن المجلس الدستوري‬
‫الفرنسي فند هذا التفسير واعتبر اختصاصه مقيد فقط في مجال محدد (قاضي انتخابات)‬
‫مرتك از على أن اختصاصاته في مجال رقابة دستورية القوانين مبينة على سبيل الحصر في‬
‫المادة ‪ 61‬من دستور ‪ 04‬أكتوبر ‪ 1958‬وال يمكنه إضافة اختصاصات أخرى غير تلك‬
‫المنصوص عليها دستوريا‪.‬‬

‫‪ -1‬فطة نبالي ‪ ،‬دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.419‬‬
‫‪2- Art 44 de L'ordonnance du 7 novembre 1958.‬‬

‫‪296‬‬
‫وبالنتيجة فإن دور المجلس الدستوري الجزائري ال يمتد إلى رقابة مرحلة ما قبل التصويت‬
‫في االنتخابات التشريعية كما ال يمكنه مراقبة مشروعية النصوص المنظمة للعملية‬
‫االنتخابية‪.‬‬

‫أما في تونس حسب الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 72‬بعد تعديل ‪ 01‬جوان ‪ 2002‬فأصبح‬
‫المجلس الدستوري التونسي يبت في الطعون المنصبة على انتخاب مجلس النواب وأعضاء‬
‫مجلس المستشارين كما نصت المواد ‪ 37 ،36 ،35‬من قانون ‪ 12‬جويلية ‪ 2004‬رقابة‬
‫االنتخابات التشريعية وهذا االختصاص كان من قبل تعديل قانون االنتخابات وحسب الفصل‬
‫‪ 106‬من قانون االنتخابات القديم يعود لمجلس النواب ذاته‪.1‬‬

‫وبناء على المادة ‪ 72‬بعد تعديل الدستور في ‪ 01‬جوان ‪ 2002‬فإن المجلس الدستوري‬
‫التونسي يختص بالنظر في الطعون المتعلقة بالترشح وسالمة العملية االنتخابية أما ما دون‬
‫ذلك من المنازعات المتعلقة بالتسجيل والشطب من القوائم االنتخابية وتوزيع البطاقات فهي‬
‫باقية من اختصاص القضاء العدلي والمحكمة اإلدارية مثلما هو الشأن في الجزائر‪.‬‬

‫وخالفا لالنتخابات الرئاسية فإن المجلس الدستوري التونسي يراقب العملية االنتخابية‬
‫التشريعية من خالل طعن مقدم إليه وال ينظر في صحة طلبات الترشح التي تقدم إلى الوالي‬
‫أومن ينوبه‪.2‬‬

‫أما الدستور المغربي فإنه جعل المجلس الدستوري المغربي يبت في نتائج االقتراع‬
‫والطعون المقدمة أمامه وال يبث في صحة الترشح الموكول لجهات أخرى‪.3‬‬

‫وفي موريتانيا وحسب المادة ‪ 84‬من الدستور فإن المجلس الدستوري الموريتاني يبت في‬
‫حالة نزاع متعلق بصحة انتخاب النواب أو الشيوخ‪.4‬‬

‫‪ -1‬هيفاء يونس ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.32-31‬‬


‫‪ -2‬فريد غربال ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.189‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.195‬‬
‫‪ -4‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.129‬‬

‫‪297‬‬
‫كما أن المادة ‪ 44‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الموريتاني تعطيه‬
‫الحق البت في كل المنازعات المتعلقة بانتخاب النواب والشيوخ لكن المجلس ال يبدو متجها‬
‫في هذا التوسع في اختصاصاته في مجال المنازعة االنتخابية حيث يحصر المجلس اهتمامه‬
‫في مسائل مرتبطة بموضوع الطعن دون توسع‪.1‬‬

‫ال ينظر المجلس الدستوري الموريتاني في مدى دستورية النصوص المنظمة للعملية‬
‫االنتخابية فيعتبر نفسه قاضيا يطبق أحكام القانون على النزاع المرفوع أمامه غير أن هذا ال‬
‫يقلل من دوره في عملية االنتخابات التشريعية‪.2‬‬

‫ال يتعرض المجلس الدستوري الموريتاني للعمليات التي تسبق التصويت والتي تثور حول‬
‫التسجيل والشطب من القوائم االنتخابية أو إيداع الترشيحات أو بمناسبة الحملة االنتخابية‪،‬‬
‫شأنه في ذلك شأن نظرائه في الجزائر وتونس والمغرب لكن المجلس الدستوري يمكنه العودة‬
‫إلى رقابة هذه المسائل بعد إعالن نتائج الفرز وتحديد المترشح الفائز وبعد أن يصله طعنا‬
‫من أحد المترشحين ويتضح من خالل النصوص المتعلقة بتنظيم المجلس الدستوري‬
‫الموريتاني و نظام اإلجراءات المتبع بشأن النزاعات االنتخابية الصادر عن المجلس‬
‫الدستوري ذاته وكذا مضمون وحيثيات ق اررات المجلس الدستوري الموريتاني ذات الصلة أن‬
‫المجلس يمكنه أن يتعرض لكل المسائل المتنازع فيها قبل عملية التصويت إذا ما أثارتها‬
‫الطعون ويبت فيها بق اررات نهائية وملزمة‪.3‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬البت في الطعون بعد إعالن النتائج‬

‫منذ أول دستور للجزائر المستقلة ‪ 1963‬وبموجب مادته ‪ 19‬كان يعود االختصاص إلى‬
‫لجنة تحقيق السلطات التي تبت في صحة االنتخابات‪ 4‬وتعتبر هذه اللجنة لجنة سياسية‬
‫وليست قضائية مهمتها محددة بالنظر في صحة االنتخابات التشريعية‪ ،‬أما دستور ‪1976‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه ‪.‬‬


‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.130‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.131‬‬
‫‪ - 4‬المادة ‪ 01‬فقرة ‪ 2‬من دستور الجزائر لعام ‪.1963‬‬

‫‪298‬‬
‫الذي جاء بعد فراغ دستوري منذ تعطيل العمل بدستور ‪ 1963‬إلى غاية ‪ 1976‬فقد أوكل‬
‫مهمة رقابة االنتخابات التشريعية وحل المنازعات المتعلقة بها إلى المجلس األعلى للقضاء‬
‫باعتباره أعلى درجة نقض بالنسبة للقضاء اإلداري والقضاء العادي‪ ،‬ألن الجزائر في تلك‬
‫المرحلة كانت تأخذ بنظام وحدة القضاء وازدواجية القانون‪.1‬‬

‫فرق المؤسس الدستوري الجزائري من خالل دستور ‪ 1976‬بين االنتخابات التشريعية‬


‫الذي جعل منازعاتها تعود لرقابة المجلس األعلى للقضاء واالنتخابات الرئاسية واالستفتاء‬
‫جعلت أمر مراقبتها غير محدد‪ ،‬ويقول في هذا الشأن األستاذ محيو مايلي‪ «:‬إن المادة ‪131‬‬
‫فقرة ‪ 2‬من دستور ‪ 1976‬جاءت واضحة بأن الفصل في النزاع الناشئ عن االنتخابات‬
‫التشريعية من اختصاص المجلس األعلى بينما المادة ‪ 105‬من نفس الدستور وفي فقرتها‬
‫األخيرة جاءت غامضة لنصها بأن يحدد القانون اإلجراءات األخرى لالنتخابات الرئاسية»‪.2‬‬

‫وبعد صدور دستور ‪ 1989‬والمعدل بدستور ‪ 1996‬فإن المنازعات المتعلقة باالنتخابات‬


‫التشريعية صارت من اختصاص المجلس الدستوري حيث نص قانون االنتخابات رقم‬
‫‪ 13/89‬المؤرخ في ‪ 07‬أوت ‪ 1989‬في مادته ‪3100‬بأن حق االعتراض على العملية‬
‫االنتخابية حق لكل ناخب بدون قيد ثم تراجع على هذا الحق من خالل قانون االنتخابات رقم‬
‫‪ 07/97‬في مادته رقم ‪ 18‬والتي جعل حق االعتراض على العملية االنتخابية المتعلقة‬
‫باالنتخابات التشريعية لكل من المترشح أو الحزب السياسي المشارك في االنتخابات‪.4‬‬

‫أما المادة ‪ 98‬من قانون االنتخابات الحالي رقم ‪ 01/12‬فتعطي الصالحية للمجلس‬
‫الدستوري لضبط نتائج االنتخابات التشريعية واعالنها في أجل أقصاه ‪ 72‬ساعة من تاريخ‬

‫‪ - 1‬فاطمة بن سنوسي ‪ ،‬المنازعات االنتخابية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة دكتوراه‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،1‬كلية الحقوق‪،2011 ،‬‬
‫ص ‪.264‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 100‬من القانون ‪ 13-89‬الصادر في ‪ 04‬أوت ‪ 1989‬والمتعلق باالنتخابات ج ر عدد ‪.32‬‬
‫‪ - 4‬المادة ‪ 18‬من قانون ‪ 07-97‬الصادر في‪ 06‬مارس ‪ 1997‬المتعلق باالنتخابات‪.‬‬

‫‪299‬‬
‫استالم نتائج لجان الدوائر االنتخابية واللجان االنتخابية الوالئية ولجان المقيمين في الخارج‬
‫ويبلغها إلى الوزير المكلف بالداخلية وعند االقتضاء إلى رئيس المجلس الشعبي الوطني‪.1‬‬

‫ال بد أن نشير أن الطعون المتعلقة باالنتخابات التشريعية تخص غرفتي البرلمان الغرفة‬
‫السفلى وهي المجلس الشعبي الوطني والغرفة العليا وهي مجلس األم التي تختلف طريقة‬
‫انتخاب كلتي الغرفتين األمر الذي يجعل دراسة كل هيئة وطريقة انتخابها على حدى‬
‫ضروريا‪.‬‬

‫أوال – الطعون في نتائج انتخاب الغرفة السفلى ‪:‬‬

‫‪ - 1‬الجانب الشكلي للطعن ‪:‬‬

‫يقدم المترشح أو ممثله القانوني أو الحزب السياسي عريضة طعن عادية لدى كتابة‬
‫ضبط المجلس الدستوري في أجال ‪ 48‬ساعة الموالية إلعالن نتائج اقتراع نواب المجلس‬
‫الشعبي الوطني‪.2‬‬

‫أما في تونس وبعد تعديل الدستور في ‪ 01‬جوان ‪ 2002‬وكذا المجلة االنتخابية في ‪04‬‬
‫أوت ‪ 2003‬صار النظر في الطعون المتعلقة بنتائج انتخاب أعضاء مجلس النواب من‬
‫اختصاص المجلس الدستوري التونسي وهذه الصالحية جعلت منه بمثابة الهيئة القضائية‬
‫الفاصلة في المنازعات المتعلقة باالنتخابات التشريعية‪.3‬‬

‫أعطى الفصل ‪ 106‬من المجلة االنتخابية التونسية حق الطعن في نتائج االنتخابات لكل‬
‫مترشح خالل ‪ 03‬أيام العمل الموالية إلعالن النتائج من قبل وزير الداخلية ويبت المجلس‬
‫فيها خالل ‪ 05‬أيام من تاريخ انتهاء أجل الطعن‪.4‬‬

‫إن الفرق في اآلجال واضح ففي تونس األجل ‪ 72‬ساعة أما في الجزائر ‪ 48‬ساعة أما‬
‫في الجهات المالكة لحق اإلخطار نجدها في الجزائر ‪ 03‬جهات أما في تونس جهة واحدة‬
‫وهي المترشح‪.‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 98‬القانون العضوي رقم ‪.01-12‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 166‬من القانون العضوي ‪.01-12‬‬
‫‪ - 3‬هيفاء يونس ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪ - 4‬الفصل ‪ 106‬فقرة ‪ 3‬من المجلة االنتخابية التونسية المؤرخة في ‪ 4‬أوت ‪.2003‬‬

‫‪300‬‬
‫أما فيما يخص الطعن في نتائج انتخاب مجلس النواب المغربي فإن العريضة توجه في‬
‫أجل خمسة عشر يوما من تاريخ اإلعالن عن نتيجة االقتراع إلى األمانة العامة للمجلس‬
‫الدستوري أو إلى عامل مقر الجهة أو عامل العمالة أو اإلقليم الذي جرت فيه العمليات‬
‫االنتخابية أو إلى كاتب ضبط المحكمة االبتدائية التي يجري االنتخاب في دائرتها‪.‬‬

‫ويتم إيداع الطعن مقابل وصل هذا الوصل يتضمن الوثائق والمستندات المقدمة من‬
‫طرف الطاعن إلثبات ادعاءاته وتقرير طلبه‪.1‬‬

‫أما إذا تم الطعن أمام عامل الجهة أو المحكمة االبتدائية فعلى هذه األخيرة إشعار أمانة‬
‫المجلس الدستوري بهذا الطعن عن طريق البرق أو الفاكس ويتم تسجيل العرائض بأمانة‬
‫المجلس الدستوري بحسب ترتيب وصولها أما تلك التي تصل من عمال العمالت وكتاب‬
‫الضبط بالمحاكم االبتدائية يشار إلى تاريخ استالمها‪.2‬‬

‫لم يلعب المجلس الدستوري الموريتاني ا ي دور في المنازعة االنتخابية البرلمانية قبل سنة‬
‫‪ 1994‬وهذا بسبب تنظيم انتخابات ‪ 1994‬قبل تنصيب المجلس الدستوري الذي تم النص‬
‫عليه في دستور موريتانية ‪ 1991‬حيث كانت اختصاصات حل المنازعة االنتخابية تعود‬
‫للمحكمة العليا بموريتانيا‪.3‬‬

‫تلقى المجلس الدستوري الموريتاني في أفريل ‪ 1994‬تاريخ أول تجديد جزئي لمجلس‬
‫الشيوخ‪ ،‬عريضتي طعن في نتائج تلك االنتخابات وارتفع عدد الطعون إلى ‪ 09‬طعون عند‬
‫التجديد النصفي لمجلس الشيوخ في أفريل ‪ 1996‬ليصل إلى ‪ 51‬طعنا فيما يخص انتخاب‬
‫مجلس النواب (الجمعية الوطنية) في أكتوبر ‪.41996‬‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز النويضي ‪ ،‬المجلس الدستوري ورقابته على االنتخابات التشريعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬منشورات المجلة المغربية‬
‫لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،2001 ،‬ص ‪.98‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ - 3‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.133‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.134‬‬

‫‪301‬‬
‫يسمح المشرع الفرنسي لصنفين من األشخاص من منازعة انتخاب نائب بالجمعية‬
‫الوطنية وهم الناخبون المسجلون في الدائرة االنتخابية والمترشح‪.1‬‬

‫ولم يمنح هذا الحق إلى الحزب السياسي أو أية جمعية مشاركة في االنتخابات وحتى ولو‬
‫كان المترشح الطاعن أمام المجلس الدستوري جاء ترشحه ضمن قائمة الحزب أو الجمعية‬
‫أما من حيث اآلجال فللطعن أجل ‪ 10‬أيام من تاريخ إعالن النتائج االقتراع‪ .2‬وبمقارنة‬
‫بسيطة نجد الناخب الجزائري ال يملك حق الطعن في نتائج انتخاب أعضاء المجلس الشعبي‬
‫الوطني على عكس نضيره الفرنسي‪.‬‬
‫‪ - 2‬الطعن في الجانب الموضوعي ‪:‬‬

‫بعد رفع عريضة الطعن في انتخاب عضو المجلس الشعبي الوطني من طرف صاحب‬
‫الصفة في ذلك حسب ما يحدده قانون االنتخابات يقوم المجلس الدستوري الجزائري بإشعار‬
‫النائب الذي اعترض على انتخابه حتى يقوم هذا األخير بتقديم دفوعه الكتابية خالل ‪ 4‬أربعة‬
‫أيام من تاريخ تسليمه طبقا للمادة ‪ 02/166‬من قانون ‪ 01-12‬والتي تقابلها المادة ‪ 118‬من‬
‫األمر ‪ 07-97‬المتعلق باالنتخابات سابقا‪.‬‬

‫كما يمكن للمجلس الدستوري أن يطلب من السلطات المعنية بالعملية االنتخابية أن تضع‬
‫تحت تصرفه جميع الوثائق المتعلقة بعملية االقتراع التي لها تأثير على موضوع النزاع‬
‫ويفصل المجلس الدستوري خالل ‪ 03‬أيام في الطعن المرفوع أمامه بعد التحري الذي يقوم به‬
‫المقرر أو المقررون‪.3‬‬

‫يمكن للمجلس الدستوري الجزائري أن يستعين بقضاة أو خبراء حسب المادة ‪ 48‬من‬
‫النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري لدقة ومصداقية التحقيق ‪.‬‬

‫وطبقا للمادة ‪ 48‬مكرر ‪ 02‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري المعدل‬
‫والمتمم فإنه خالل عملية التحقيق يمكن للمجلس الدستوري أن يستعين بمحاضر اإلحصاء‬

‫‪1 -G. DRAGO, op.cit., P 320.‬‬


‫‪2 -D. ROUSSEAU, droit du contentieux constitutionnel, op.cit., p. 429.‬‬
‫‪Art 33 de l'ordonnance du 7 novembre 1958, Portant la loi organisant le conseil‬‬
‫‪constitutionnel français.‬‬
‫‪ -3‬فاطمة بن سنوسي ‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص ‪.248‬‬

‫‪302‬‬
‫البلدي للتصويت ومحاضر األصوات لمكاتب التصويت وقوائم توقيع الناخبين واألوراق‬
‫الملغاة واألوراق المتنازع فيها وهذه الوثائق كلها تعكس واقع عملية االقتراع يوم االقتراع وهذا‬
‫‪1‬‬
‫ما تضمنه قرار المجلس الدستوري الصادر في ‪ 17‬جوان ‪.1997‬‬
‫يتخذ المجلس الدستوري ق ارره بشأن الطعون المرفوعة إليه في مادة المنازعة في‬
‫انتخاب أعضاء المجلس الشعبي الوطني خالل ثالثة أيام ويتضمن القرار التأشيرات‬
‫والحيثيات والمنطوق وتعتبر ق ارراته نهائية‪.‬‬

‫يمكن أن يتضمن قرار المجلس الدستوري إلغاء نتيجة انتخابات دائرة معينة كما يمكن‬
‫أن يتضمن القرار فوز مرشح آخر أو قائمة أخرى بعد إعادة فرز النتائج‪.‬‬

‫يمتد اختصاص المجلس الدستوري الجزائري إلى فحص شروط عضوية مترشح فائز في‬
‫المجلس الشعبي الوطني واذا اتضح للمجلس الدستوري عدم توفر شرط من شروط عضوية‬
‫المجلس الشعبي الوطني في مترشح فائز يتم تبليغ القرار إلى الوزير المكلف بالداخلية وكذا‬
‫إلى رئيس المجلس الشعبي الوطني واألطراف المعنية‪.2‬‬

‫ميز ا لمشرع التونسي بين الطعن المنصب على سالمة العملية االنتخابية وذلك المنصب‬
‫على حق الترشح وكذا الطعن المتعلق بنتائج العملية االنتخابية بالنسبة للطعن في عملية‬
‫قبول الترشح ورفضها فتشترط المادة ‪ 106‬من قانون االنتخابات التونسي أن يكون الطعن‬
‫من المترشح ضمن قائمة تحصلت على الوصل النهائي‪.3‬‬

‫أما بالنسبة للحالة الثانية وهي حالة الطعن في سالمة العملية االنتخابية ونتائجها فوفقا‬
‫للفقرة الثالثة من المادة ‪ 106‬من قانون االنتخابات التونسي فإن حق الطعن يتمتع به كل‬
‫مترشح لالنتخابات التشريعية ونفس األحكام تطبق على انتخاب أعضاء الغرفة العليا ما‬
‫تسمى في تونس مجلس المستشارين‪ ،‬وذلك اعتبا ار أن قانون ‪ 2004‬المنظم للمجلس‬
‫الدستوري التونسي جمع في باب واحد أحكام انتخاب غرفتي البرلمان التونسي ولم يفرق‬

‫‪ - 1‬قرار المجلس الدستوري مؤرخ في ‪ 16‬صفر عام ‪ 1418‬هـ الموافق لـ ‪.1997/06/17‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 2-41‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري مداولة ‪ 03‬مايو ‪.2012‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 2-106‬من قانون االنتخابات التونسي جاء فيهايلي‪" :‬يمكن لكل مترشح من قائمة تحصلت على الوصل‬
‫النهائي أن يطعن في صحة الترشيحات لبقية القائمات خالل اليوم الموالي ليوم التعليق‪."...‬‬

‫‪303‬‬
‫بينهما بل جاء هذ ا الباب تحت عنوان االنتخابات التشريعية األمر الذي يجعل األحكام‬
‫تنسحب على المجلسين‪.1‬‬

‫يشترط قانون االنتخابات التونسي من خالل الفصل ‪ 106‬أن تقدم الطعون إلى كتابة‬
‫المجلس الدستوري وأضاف قانون ‪ 2004‬المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري التونسي‬
‫شرط أن تكون الطعون مكتوبة حيث جاء في المادة ‪ 32‬منه ما يفيد بعدم قبول االعتراضات‬
‫والطعون إال في صيغة مكتوبة‪.2‬‬

‫كما يشترط المشرع التونسي على كتابة المجلس الدستوري بأن تحيل الطعون‬
‫باالعتراضات فور استالمها على رئيس المجلس الدستوري وفق للمادة ‪ 25‬من قانون ‪2004‬‬
‫المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري التونسي‪ ،3‬أما المادة ‪ 106‬في فقرتها السادسة من‬
‫قانون االنتخابات التونسي فتشير إلى ضرورة تضمين الشكايات بالوقائع والمستندات القانونية‬
‫مرفوقة بكل وثائق اإلثبات وترفض الشكايات بدون ذلك‪.4‬‬

‫يبدو أن المشرع الجزائري أكثر دقة من المشرع التونسي حيث نجده من خالل المادة ‪38‬‬
‫من قانون ‪ 2000‬المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري يحدد بدقة العناصر‬
‫الواجب أن تحتويها عريضة الطعن تحت طائلة الرفض‪.5‬‬

‫‪ - 1‬هيفاء يونس ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 32‬من القانون األساسي عدد ‪ 52‬لسنة ‪ 2004‬مؤرخ في ‪ 12‬جويلية ‪ 2004‬المتعلق بالمجلس الدستوري‬
‫التونسي الصادر في الجريدة الرسمية عدد ‪ 56‬المؤرخة في ‪ 13‬جويلية ‪ ":2004‬ال تقبل االعتراضات والطعون إال في‬
‫صيغة مكتوبة وممن له الصفة وحسب اإلجراءات واآلجال المنصوص عليا بالمجلة االنتخابية وتوجه هذه االعتراضات‬
‫والطعون إلى كتابة المجلس التي تحيلها فو ار إلى رئيس المجلس"‪.‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 25‬من قانون ‪ 52‬لسنة ‪ 2004‬المؤرخ في ‪ 12‬جويلية ‪ " :2004‬تقدم الشكايات والطعون في صيغة مكتوبة‬
‫ممن له الصفة وحسب اإلجراءات واآلجال المنصوص عليها بالمجلة االنتخابية وذلك إلى كتابة المجلس الدستوري التي‬
‫تحيلها فو ار إلى رئيس المجلس الدستوري"‪.‬‬
‫‪ - 4‬هيفاء يونس ‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.94‬‬
‫‪ - 5‬المادة ‪ 38‬من قانون ‪ 2000‬المتعلق بالنظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬المعدل والمتمم بمداولة‬
‫‪ 03‬ماي ‪" : 2012‬يجب أن تتضمن عريضة الطعن البيانات اآلتية‪:‬االسم واللقب المهنة العنوان التوقيع وكذلك المجلس‬
‫البلدي أو الوالئي الذي ينتمي إليه الطاعن بالنسبة النتخابات مجلس األمة إذا تعلق األمر بحزب سياسي‪ ،‬تسمية الحزب‪،‬‬
‫مقره‪ ،‬وصفة مودع الطعن الذي يجب أن يثبت التفويض الممنوح إياه عرض الموضوع والوسائل المدعمة للطعن والوثائق‬
‫المؤيدة له‪ ،‬ويجب تقديم عريضة وبعدد األطراف المطعون ضدهم"‪.‬‬

‫‪304‬‬
‫صدر قرار عن المجلس الدستوري الجزائري بتاريخ ‪ 24‬ماي ‪ 2012‬متعلق باالنتخابات‬
‫التشريعية التي جرت في ‪ 10‬ماي ‪ 2012‬وبمناسبة عريضة طعن تقدمت بها المترشحة بيازة‬
‫نبيلة بتاريخ ‪ 16‬ماي ‪ 2012‬والتي تعترض من خاللها على صحة عملية التصويت بالدائرة‬
‫االنتخابية عنابة‪.‬‬

‫وبعد إطالع المجلس الدستوري على مجموع أوراق ملف الطعن وبعد إشعار المطعون‬
‫ضدهم وبعد االطالع على المالحظات الكتابية للمطعون ضدهم وبعد التحقيق وبعد‬
‫االستماع إلى العضو المقرر في تالوة تقريره وبعد المداولة قرر مايلي‪:‬‬

‫في الشكل‪ :‬اعتبار أن الطعن استوفى األشكال القانونية ‪.‬‬

‫في الموضوع‪ :‬تصحيح نتائج االنتخابات التشريعية للدائرة االنتخابية عنابة الواردة في‬
‫إعالن المجلس الدستوري رقم ‪ /01‬إ‪ .‬م‪ .‬د‪ 12 /‬المؤرخ في ‪ 15‬مايو ‪ 2012‬والمتضمن‬
‫نتائج انتخاب المجلس الشعبي الوطني على النحو اآلتي‪:‬‬

‫‪....‬الحركة الشعبية الجزائرية مقعد واحد‪.‬‬

‫‪ -‬القرار رقك ‪/ 06‬ق‪ .‬م‪ .‬د‪ 12/‬المؤرخ في ‪ 03‬رجب عام ‪ 1433‬الموافق لـ ‪ 24‬ماي‬
‫‪ 2012‬والذي تقدمت به األستاذة محيوت نورة (محامية) عن قائمة حزب جبهة القوى‬
‫االشتراكية‪.‬‬

‫‪ -‬القرار رقم ‪ / 07‬ق‪.‬م‪ .‬د‪ 12/‬مؤرخ في ‪ 03‬رجب عام ‪ 1433‬الموافق لـ ‪ 24‬ماي‬


‫‪ 2012‬حيث تقدم بعريضة الطعن من طرف األستاذة محيوت نورة باسم حزب القوى‬
‫االشتراكية‪.‬‬

‫وما يالحظ على هذه الطعون أنها جاءت تطعن في نتائج فرز األصوات في دوائر‬
‫انتخاب ية معينة وبعدما استلم المجلس الدستوري رسالة الطعن من طرف أصحاب الصفة وفي‬
‫اآلجال القانونية قام بإحضار صناديق التصويت ومحاضر الفرز واألوراق المرفقة وأعاد فرز‬
‫األصوات وأعاد تحرير محاضر الفرز ومحاضر تركيز األصوات وأعطى المقعد المتنازع‬
‫حوله إلى القائمة المترشحة التي تستحقه تطبيقا للمادة ‪ 166‬من قانون االنتخابات‪.‬‬

‫‪305‬‬
‫أما المشرع اللبناني فقد جعل الطعن في انتخاب أعضاء المجلس النيابي يقدم بموجب‬
‫استدعاء يسجل لدى أمانة المجلس الدستوري اللبناني يذكر فيه معلومات تخص الطاعن‬
‫والدائرة االنتخابية التي ترشح فيها واسم النائب المعترض على صحة انتخابه واألسباب التي‬
‫بني عليها الطعن وترفق بالطعن كل الوثائق والمستندات التي تؤيد صحة الطعن‪.1‬‬

‫ويتم تبليغ الطعن باألساليب اإلدارية إلى رئيس المجلس النيابي ووزير الداخلية كما يبلغ‬
‫االعتراض إلى النائب المعترض على صحة انتخابه مرفقا بكل المستندات ولهذا األخير أجل‬
‫‪ 15‬يوما من تاريخ تبليغه ليقدم دفوعه ولكل من الطاعن والمطعون ضده أن يستعين بمحام‬
‫أمام المجلس الدستوري‪.‬‬

‫ما يالحظ أن المشرع اللبناني لم يحدد ما هو دور المجلس حيث أن المحام في أي نزاع‬
‫بين طريفين حول خصومه محددة يحددها قانون اإلجراءات المتعلقة بتلك الخصومة سواء‬
‫كانت مدنيه أو إدارية أو جزائية أما في هذا النوع من النزاع االنتخابي ما هو قانون‬
‫اإلجراءات الذي يتبعه المحامي؟‬

‫ألزم القانون اللبناني و ازرة الداخلية بأن تقدم جميع المحاضر والمستندات والوثائق المتوفرة‬
‫لديها إلى المجلس الدستوري من أجل التحقيقات الالزمة‪.2‬‬

‫يفصل المجلس الدستوري المغربي في نتائج االقتراع والطعون المتعلقة بها والمقدمة أمامه‬
‫حيث يقوم رئيس المجلس الدستوري المغربي بتعيين مقر ار يعلم النائب المطعون في عدم‬
‫أحقية انتخابه بعريضة ويعطيه أجال للرد عليها كتابيا ويمكن للمقرر أو أي عضو عينه‬
‫المجلس الدستوري المغربي لمتابعة النزاع والتحقيق فيه أن يجري التحقيق الضروري والالزم‬
‫في عين المكان‪.3‬‬

‫‪ -1‬هيفاء يونس ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.95‬‬


‫‪ -2‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬بيروت‪ ،‬الدار الجامعية‪ 200 ،‬ص ‪.713-712‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 39‬من القانون التنظيمي للمجلس الدستوري المغربي ‪ 93/29‬المتعلق " يوجه المقرر المعين لعضو مجلس‬
‫النواب المطعون في انتخابه نسخة من العريضة المتعلقة بذلك ويضرب له أجال ليطلع على المستندات المرفقة بها في‬
‫األمانة العامة للمجلس الدستوري ويأخذ صورة منها ليدلي كتابيا بمالحظاته في شأنها‪.‬وللمجلس الدستوري أن يبلغ المذكرات‬
‫الجوابية لألطراف المعنية ويضرب لهم أجال للرد عليها"‪.‬‬

‫‪306‬‬
‫كما يلزم القانون التنظيمي للمجلس الدستوري المغربي كل جهة تملك محاضر العملية‬
‫االنتخابية وكل الوثائق الالزمة لها أن تسلمها إلى المجلس الدستوري إذا طلب منها ذلك‪،‬‬
‫كما يمكن للمقرر أن يتلقى يمين الشهود وتصريحاتهم واثر ذلك يحرر المقرر محض ار يطلع‬
‫عليه المعنيون في المجلس الدستوري الذين بإمكانهم وضع مالحظات كتابية خالل ثمانية‬
‫أيام‪.1‬‬
‫تنص المادة ‪ 34‬من القانون التنظيمي للمجلس الدستوري المغربي في فقرتها األولى على‬
‫مايلي‪ «:‬عندما تكون القضية جاهزة يبت فيها المجلس الدستوري بعد االستماع إلى تقرير‬
‫المقرر داخل ‪ 60‬يوما‪.»...‬‬
‫قيد المشرع المغربي المجلس الدستوري بآجال البت وجعلها مغلقة في ‪ 60‬يوما ولم يقيد‬
‫المقرر بآجال محددة حتى يجعل القضية جاهزة للبت مع علمنا أن التحقيق كإجراء قانوني‬
‫مقيد بآجال األمر الذي يجعل المجلس الدستوري المغربي ال يبت في نزاعات متعلقة‬
‫بانتخاب أعضاء مجلس النواب بعد مرور سنتين األمر الذي ال نجده في الجزائر حيث يلزم‬
‫المجلس الدستوري في البت في الطعون المرفوعة أمامه خالل ‪ 03‬أيام‪.2‬‬
‫وحسب األستاذ عبد العزيز النويضي‪ ...«:‬فإن هذا التأخر الفادح في البت في الطعون‬
‫االنتخابية يعد قصو ار خطي ار للعدالة كما ينتج عنه عدم استقرار في المراكز القانونية‬
‫لألشخاص ولما يشكله من إحساس بالغبن بعد تجاوز فترة معقولة دون بت– كفترة سنة مثال‬
‫كما أن التأخر يشكل هاجسا مستم ار للمطعون في انتخابه فإذا تجاوز التعطل أكثر من سنة‬
‫ووصل إلى سنتين أو ثالثة بالنسبة لوالية تشريعية تستمر ‪ 05‬سنوات فإنه يقترب من العبث‬
‫والسيما عندما يكون القرار هو إلغاء االقتراع‪.3»...‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 33‬من قانون ‪ 93-29‬المتعلق بتنظيم المجلس الدستوري المغربي‪ " :‬يجب على كل جهة تودع لديها محاضر‬
‫العمليات االنتخابية ومالحقها أن توجهها إلى المجلس الدستوري إذا طلب منها ذلك‪ .‬وللمجلس الدستوري أن يطلب بإجراء‬
‫تحقيق في الموضوع ويكلف المقرر المعين بتلقي تصريحات الشهود بعد أدائهم اليمين بين يديه ويدلي الشهود بشهادتهم‬
‫للمقرر في غيبة الطاعن والمنتخب المنازع في انتخابه ويؤدون القسم المنصوص عليه في الفصل ‪ 85‬من قانون المسطرة‬
‫المدنية‪.‬‬
‫ويحرر المقرر محض ار بذلك ويدعو المعنيين باألمر لالطالع عليه في األمانة العامة للمجلس الدستوري وايداع مالحظاتهم‬
‫في شأنه كتابة في غضون ثمانية أيام وللمجلس الدستوري كذلك أن يكلف عضوا من أعضائه أو المقرر المعين للقيام في‬
‫عين المكان بإجراء التحقيق التي يرى ضرورة القيام به"‪.‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 1-34‬من قانون ‪ 29 - 93‬المنظم للمجلس الدستوري المغربي‪.‬‬
‫‪ -3‬عبد العزيز النويضي‪ ،‬المجلس الدستوري في المغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.102-101‬‬

‫‪307‬‬
‫كما يقترح األستاذ النويضي تعديل القانون التنظيمي للمجلس الدستوري ليتم تحديد آجال‬
‫قصيرة للبت في النزاع االنتخابي‪.‬‬

‫وحسب المادة ‪ 35‬من قانون المجلس الدستوري المغربي فإن المجلس الدستوري إذا قضى‬
‫لفائدة الطاعن إما أن يلغي االنتخاب المطعون فيه واما أن يصحح النتائج الحسابية التي‬
‫أعلنتها لجنة اإلحصاء ويعلن المرشح الفائز بصورة قانونية‪.1‬‬

‫وقد صدر عن المجلس الدستوري المغربي في مادة االنتخابات البرلمانية عدة ق اررات منها‬
‫القرار رقم ‪ 680/08‬المتعلق باالنتخابات التشريعية التي جرت في ‪ 07‬سبتمبر ‪2007‬‬
‫النتخاب أعضاء مجلس النواب والذي قضى من خالله برفض طلب إلغاء نتيجة االقتراع‬
‫الذي أجري بدائرة "ابن امسك" وكذا ق اررات ‪ 681/08‬الذي يخص نفس االنتخابات ورفض‬
‫من خالله المجلس الدستوري المغربي إلغاء نتيجة اقتراع دائرة "مديونة" وكذا قرار ‪683/08‬‬
‫الذي رفض من خالله المجلس إلغاء نتيجة االقتراع الذي جرى بدائرة "وجدة أنكاد"‪.2‬‬

‫ثانيا – الطعن في نتائج انتخاب الغرفة العليا ‪:‬‬

‫‪ -1‬الجوانب الشكلية للطعن ‪:‬‬

‫ج اء مجلس األمة كغرفة ثانية في البرلمان الجزائري بعد تعديل الدستور في ‪ 28‬نوفمبر‬
‫منه عن طريق االقتراع العام غير المباشر‬ ‫‪ 1996‬من خالل المادة ‪ 101‬منه وينتخب‬
‫والسري من بين ومن طرف أعضاء المجالس الشعبية المحلية لعهدة ‪ 06‬سنوات حسب‬
‫المادة ‪ 102‬من الدستور‪ ،‬وتشمل عملية التصويت ‪ 96‬عضوا يمثلون ‪ 48‬والية تتكون منها‬
‫الجمهورية الجزائرية أما ‪ 48‬عضوا الباقون فيتم تعيينهم من طرف رئيس الجمهورية في إطار‬
‫اختصاصاته الدستورية‪.3‬‬

‫يتم الترشح لعضوية مجلس األمة عن طريق مأل استمارة وفقا لما يبينه قانون االنتخابات‬
‫‪ 01/12‬والسيما المادة ‪ 109‬منه حيث يقدم المترشح نسختين على مستوى الوالية ويوقع‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 35‬من قانون ‪ 29 - 93‬المنظم للمجلس الدستوري المغربي‪.‬‬


‫‪ - 2‬فريد غربال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.197‬‬
‫‪ - 3‬عبد القادر شربال ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.46‬‬

‫‪308‬‬
‫عليهما أما المترشح ضمن حزب سياسي ال بد له من شهادة تزكية من الحزب يقدمها ويوقع‬
‫عليها رئيس الحزب‪.1‬‬

‫ويحق لكل مترشح لعضوية مجلس األمة أن يحتج على نتائج االقتراع بتقديم طعن لدى‬
‫كتابة ضبط المجلس الدستوري في األربعة والعشرين ‪ 24‬ساعة التي تلي إعالن النتائج‪.2‬‬

‫ويأخذ الطعن شكل طلب يشبه عريضة يودعها لدى كتابة ضبط المجلس الدستوري مرفقة‬
‫بالمستندات التي تؤكد ادعاءاته‪.‬‬

‫وحسب المادة ‪ 127‬من القانون رقم ‪ 01/12‬فإن المجلس الدستوري الجزائري يبت في‬
‫انتحاب اعضاء مجلس االمة وتعتبر هذه الشروط نفسها التي يتطلبها القانون الفرنسي ويلزم‬
‫توفرها في عريضة الطعن إال أن المشرع الفرنسي يمكنه استثناء أن يرخص أجال لصاحب‬
‫الطعن لكي يتمكن من تكملة الوثائق‪.3‬‬

‫استحدثت غرفة ثانية في البرلمان التونسي سميت مجلس المستشارين بعد تعديل‬
‫‪ 2002/06/01‬ونجد قانون االنتخابات المعدل في ‪ 04‬أوت ‪2003‬جعل الطعون المتعلقة‬
‫بانتخاب أعضاء مجلس المستشارين هي نفسها األحكام المتعلقة بانتخاب أعضاء مجلس‬
‫النواب فيما يخص أجال تقديم الطعون وآجال البت فيها ونظ ار لخصوصية انتخاب مجلس‬
‫المستشارين نص قانون االنتخابات التونسي بأن حق الطعن يكون للمترشح المعني بالدائرة‬
‫االنتخابية التي ترشح فيها والمترشح عن قطاع معين ال يمكنه الطعن إال في االنتخابات‬
‫المتعلقة بقطاعه‪.‬‬

‫كما أن طبيعة القوائم الموسعة التي تظم عدة مترشحين لقطاع واحد يمكن لكل مترشح أن‬
‫يطعن في عملية االنتخاب التي يخص قطاعه‪.4‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.47‬‬


‫‪ - 2‬المادة ‪ 109‬من القانون ‪ 01/12‬المتعلق باالنتخابات والتي تقابلها المادة ‪ 148‬من األمر ‪ 07-97‬والمتعلق‬
‫باالنتخابات سابقا‪.‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 35‬من قانون ‪ 16‬جويلية ‪.2004‬‬
‫‪ - 4‬هيفاء يونس ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪53 -52‬؛ هدى بن خليفة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬

‫‪309‬‬
‫أما الدستور المغربي لسنة ‪ 1996‬ومن خالل مادته ‪ 81‬جعل المجلس الدستوري يفصل‬
‫في صحة انتخاب أعضاء البرلمان بغرفتيه مجلس النواب ومجلس المستشارين كما تطرق‬
‫القانون التنظيمي للمجلس الدستوري المغربي من خالل المواد من ‪ 29‬إلى ‪ 35‬إلى هذه‬
‫المسألة‪.1‬‬

‫جاءت المادة ‪ 29‬شاملة بحيث حددت أجل ‪ 15‬يوما من تاريخ إعالن نتائج انتخاب‬
‫البرلمان بغرفيته‪.2‬‬

‫تنص المادة ‪ 41‬من األمر القانوني المتعلق بالمجلس الدستوري الموريتاني على مايلي‪«:‬‬
‫يمكن للمجلس عندما يحكم لصالح طلب ما وحسب الحاالت إلغاء االنتخاب المعترض عليه‬
‫أو تعديل إعالن لجنة اإلحصاء واعالن نجاح المترشح المنتخب بصفة رسمية» وهذه المادة‬
‫مستمدة من األمر ‪ 07‬نوفمبر ‪ 1958‬المنظم للمجلس الدستوري الفرنسي ومن خالل ذلك‬
‫فإن المجلس الدستوري الموريتاني يمارس قضاء كامال وليس قضاء إلغاء فحسب‪.‬‬

‫كما أن المادة ‪ 84‬من دستور موريتانية جعلت البت في حالة ن ازع متعلق بصحة انتخاب‬
‫النواب والشيوخ يعود للمجلس الدستوري وأخذت كال المجلسين لنفس األحكام‪ ،‬كما بينت‬
‫المواد من ‪ 32‬إلى ‪ 45‬من القانون النظامي للمجلس الدستوري الموريتاني دور هذا األخير‬
‫في البت في النزاعات المتعلقة بصحة انتخاب أعضاء البرلمان أو قابلية انتخابهم‪.3‬‬

‫ويعود حق الطعن في صحة انتخاب عضو في البرلمان الموريتاني إلى كل شخص‬


‫مسجل بالقوائم االنتخابية أو كل مترشح خالل العشرة ‪ 10‬أيام الموالية إلعالن نتائج االقتراع‬
‫األمر الذي ال نجده في الجزائر وتونس والمغرب‪.4‬‬

‫ويتم الطعن عن طريق طلب مكتوب يوجه إلى األمانة العامة للمجلس الدستوري أو إلى‬
‫حاكم المقاطعة التي جرى فيها االقتراع وفي هذه النقطة كان من األجدر بالمشرع الجزائري‬

‫‪ - 1‬فريد غربال ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.195‬‬


‫‪ - 2‬جاء في المادة ‪ 29‬من القانون المنظم للمجلس الدستوري المغربي ما يلي‪" :‬يحدد في ‪ 15‬خمسة عشر يوما من تاريخ‬
‫اإلعالن عن نتيجة االقتراع األجل الذي يتم في داخله الطعن‪ ،‬طبقا للقانون في انتخاب أعضاء مجلس النواب"‪.‬‬
‫‪ - 3‬فريد غربال‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.197‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.198‬‬

‫‪310‬‬
‫أن يفتح حق الطعن للمترشحين والناخبين ويسمح بأن يكون ذلك على مستوى المحكمة‬
‫اإلدارية المختصة محليا نظ ار لكبر مساحة الجزائر وصعوبة التوجه إلى مقر المجلس‬
‫الدستوري بالجزائر العاصمة خاصة مع قصر اآلجال‪.‬‬

‫‪ - 2‬الجوانب الموضوعية للطعن ‪:‬‬

‫بعد أن تنتهي اللجان االنتخابية الوالئية واللجنة االنتخابية للمقيمين بالخارج من أعمالها‬
‫في أجل أقصاه اليوم الموالي ليوم االقتراع على الساعة ‪ 12‬زوال‪ ،‬يقوم رئيس المجلس‬
‫الدستوري الجزائري بتعيين أعضاء كمقررين الذين يقومون بمراقبة صحة عمليات االنتخاب‬
‫في عدة دوائر ويمكن للمقرر أن يستعين بقضاة من المحكمة العليا ومن مجلس الدولة وبعد‬
‫أن يقوم المقرر بالتحقيق يعد ق ار ار معلال إما بإلغاء االنتخاب أو بتعديل المحضر بإعالن‬
‫الفائز وفي حالة إلغاء االقتراع تنظم انتخابات أخرى في أجل أقصاه ثمانية أيام من تبليغ‬
‫قرار المجلس الدستوري‪.1‬‬

‫وقد سبق أن نظر المجلس الدستوري الجزائري في ‪( 16‬ستة عشرة) طعنا بمناسبة‬
‫المنتخبين وقضى بأن‬ ‫انتخاب أعضاء مجلس األمة في ‪ 25‬ديسمبر ‪ 1997‬يعني‬
‫كل الطعون مرفوضة لتجاوزها لآلجال القانونية المبينة في المادة ‪ 166‬من قانون االنتخابات‬
‫‪.207/97‬‬

‫ويمكن أن تكون األخطاء كثيرة ومتنوعة ال تسمح اآلجال المحددة في قانون االنتخابات‬
‫وهي ‪ 48‬ساعة من جمعها وارفاقها بالوثائق الثبوتية وارسالها إلى المجلس الدستوري ولهذا‬
‫من األحسن تمديد اآلجال المبينة في المادة ‪ 166‬إلى ‪ 08‬أيام من تاريخ اإلعالن عن نتائج‬
‫انتخاب أعضاء مجلس األمة المنتخبين وقد تكون األخطاء مادية موجودة على مستوى‬
‫محاضر فرز األصوات أو فيما يتعلق بشروط قابلية العضو للترشح أو عدم توقيع أعضاء‬
‫مكتب التصويت على القوائم االنتخابية وبمناسبة انتخاب اعضاء مجلس األمة المنتخبين‬

‫‪ -1‬فاطمة بن سنونسي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.276‬‬


‫‪ -2‬إعالن رقم ‪ 02-97‬الصادر في ‪ 27‬ديسمبر ‪ ،1997‬مجلة الفقه الدستوري‪ ،‬يتعلق بنتائج انتخاب أعضاء مجلس األمة‬
‫المنتخبين‪.‬‬

‫‪311‬‬
‫في ديسمبر ‪ 1997‬صحح المجلس الدستوري الجزائري نتائج بعد دراسته لطعن مقدم يحتج‬
‫الطاعن من خالله أنه أثناء الفرز تم إلغاء أوراق صحيحة بسبب كونها مطوية عدة مرات‬
‫وأقر المجلس الدستوري بأنها نظامية ال يشوبها عيب إال أنها كانت مطوية أكثر من مرة‬
‫وأدى هذا التصحيح إلى إعادة حساب األصوات أخذا بعين االعتبار األوراق المطوية وأعلن‬
‫بذلك عن الفائز بالتصويت‪.1‬‬

‫نصف أعضاء‬ ‫كما قام المجلس الدستوري الجزائري بإلغاء االنتخاب المتعلق بتجديد‬
‫مجلس األمة المنتخبين في والية من تلقاء نفسه دون أن يتلقى طعنا بذلك وهذا بعد أن وجد‬
‫من خالل إطالعه على المحاضر والمرفقات وملفات المترشحين أن أحد المترشحين لم يتوفر‬
‫فيه شرط السن المطلوبة لعضوية مجلس األمة‪.2‬‬

‫كما أن المجلس الدستوري الجزائري ألغى نتائج اقتراع في عدة واليات بعد تلقيه عدة‬
‫طعون من طرف مترشحين لتجديد نصف أعضاء مجلس األمة المنتخبين ألسباب عدم‬
‫توقيع أعضاء مكتب التصويت على القائمة‪ 3‬تصويت ثالثة ناخبين بالواليات‪ 4‬أو عدم‬
‫شرعية أوراق تصويت لحملها عالمات لم ينص عليها القانون‪ ،5‬كما ألغى نتائج االنتخاب‬
‫بسبب تسرب أوراق التصويت قبل البدء في عملية االقتراع وتبين بعد التحقيق أن عدد أوراق‬
‫التصويت يفوق عدد الناخبين المصوتين‪ ،6‬هذه الق اررات أدت إلى إلغاء االنتخابات في‬
‫الواليات المعنية بها وتمت إعادتها بعد ‪ 08‬أيام‪.‬‬

‫‪ - 1‬القرار المؤرخ في ‪ 12‬صفر عام ‪ 1418‬هـ الموافق ل ‪ 17‬يونيو سنة ‪ ،1997‬أحكام الفقه الدستوري الجزائري‪ ،‬ص‬
‫‪.58 -57‬‬
‫‪ - 2‬القرار رقم ‪ /01‬ق‪ .‬م‪ .‬د‪ 04 /‬مؤرخ في ‪ 11‬ذي القعدة عام ‪ 1424‬هـ الموافق ل ‪ 04‬يناير سنة ‪ ،2004‬أحكام الفقه‬
‫الدستوري الجزائري‪ ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪ - 3‬القرار رقم ‪ / 02‬ق‪ .‬م‪ .‬د‪ 04 /‬مؤرخ في ‪ 15‬ذي القعدة عام ‪ 1424‬هـ الموافق ل ‪ 08‬يناير سنة ‪ ،2004‬أحكام الفقه‬
‫الدستوري الجزائري‪ ،‬ص ‪.74‬‬
‫‪ - 4‬القرار رقم ‪ /03‬ق‪ .‬م‪ .‬د‪ 04 /‬مؤرخ في ‪ 15‬ذي القعدة عام ‪ 1424‬هـ الموافق ل ‪ 08‬يناير سنة ‪ ،2004‬أحكام الفقه‬
‫الدستوري الجزائري‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫‪ - 5‬القرار رقم ‪ /04‬ق‪ .‬م‪ .‬د‪ 04 /‬مؤرخ في ‪ 15‬ذي القعدة عام ‪ 1424‬هـ الموافق ل ‪ 08‬يناير سنة ‪ ،2004‬ج ر‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،05‬أحكام الفقه الدستوري الجزائري‪ ،2004 ،‬ص ‪.82‬‬
‫‪ - 6‬القرار رقم ‪ /05‬ق‪ .‬م‪ .‬د‪ 04 /‬مؤرخ في ‪ 27‬ذي القعدة عام ‪ 1424‬هـ الموافق ل ‪ 20‬يناير سنة ‪ ،2004‬ج ر‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،07‬أحكام الفقه الدستوري الجزائري‪ ،2004 ،‬ص ‪.88‬‬

‫‪312‬‬
‫أما في تونس فإن الطعون المتعلقة بصحة انتخاب مجلس المستشارين فبمجرد ورودها‬
‫إلى المجلس الدستوري التونسي يعين هذا األخير مقر ار أو عدة مقررين للتحقيق في الطعن‬
‫تطبيقا ألحكام المادة ‪ 33‬من قانون جويلية ‪ 2004‬المنظم للمجلس الدستوري التونسي ويمكن‬
‫للمقرر أن يستمع ألي شخص وأن يطلب إحضار أية وثيقة ترتبط باالنتخابات‪.1‬‬

‫يظهر المجلس الدستوري في هذا الصدد بصفته كمحكمة قضائية تعتمد على األدلة‬
‫والقرائن وشهادة الشهود إلصدار قرارها حول النزاع المطروح وهذا االتجاه نجد المجلس‬
‫الدستوري اللبناني يأخذ به حيث يمكن للمقرر المعين من طرف المجلس الدستوري أن يستمع‬
‫للشهود ويطلب الوثائق وهو يلعب دور قاضي التحقيق‪.2‬‬

‫وما يالحظ أن المقرر في النظام اللبناني يتمتع بعدة صالحيات وفقا للمادة ‪ 39‬من‬
‫النظام الداخلي للمجلس الدستوري اللبناني حيث يمكنه تعيين خبير‪ ،‬وسماع الشهود بعد‬
‫اليمين والطلب من اإلدارات المعنية التقارير والسجالت واستدعاء الموظفين المختصين‬
‫الستجوابهم‪.3‬‬

‫كما سبق وأن رأينا من خالل هذه الدراسة فإن الغرفة الثانية للبرلمان المغربي تسمى‬
‫‪4‬‬
‫مجلس المستشارين ويتم انتخاب أعضاءها عن طريق االقتراع غير المباشر على القائمة‬
‫واعتبا ار أن القانون الذي يحكم مجلس المستشارين لم يبين طرق الطعن في القائمة التي‬
‫تشمل مجموعة مرشحين يختلف عددهم حسب كل هيئة ممثلة في مجلس المستشارين‪.5‬‬

‫تطرح عدة تساؤالت بالنسبة للطعن في صحة انتخاب أعضاء مجلس المستشارين في‬
‫المغرب من حيث هدف الطعن هل يكون ضد مرشح بعينه أو ضد القائمة كلها ؟ وماهي‬
‫طبيعة قرار المجلس الدستوري هل يلغي نتيجة العضو المنتخب المطعون في انتخابه ؟ أم‬
‫يلغي كل العملية االنتخابية ويعيدها ؟‬

‫‪ -1‬هيفاء يونس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.102‬‬


‫‪ -2‬إبراهيم عبد العزيز شيحا ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪ -3‬هيفاء يونس‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.103‬‬
‫‪ -4‬خالد الشرقاوي السموني ‪ ،‬المجلس الدستوري ورقابته على االنتخابات التشريعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬دار أبي رقراق للطباعة‬
‫والنشر‪ ،2005 ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪ -5‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪313‬‬
‫إذا تفحصنا المواد ‪ 53 ،52 ،51 ،50‬من قانون ‪ 32/97‬المتعلق بمجلس المستشارين‬
‫فإن هذه المواد ال تجيب على اإلشكال المطروح إال أن المجلس الدستوري المغربي سمح‬
‫بتقديم طعن ضد منتخب متنازع في انتخابه فرديا بمعزل على القائمة وهذا من خالل ق ارره‬
‫‪1‬‬
‫رقم ‪ 2001 - 432‬الصادر في ‪ 6‬فبراير ‪2001‬‬
‫وبما أن المجلس الدستوري قد أجاز الطعن ضد منتخب في الالئحة بشكل انفرادي فإن‬
‫األصل العام هو الطعن ضد الالئحة بأكملها وينتج هنا حالتين‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الحالة األولى ‪:‬‬
‫عندما يشوب االنتخاب خروقات قانونية أو تدليس تؤدي إلى فوز قائمة معينة فإن‬
‫الطاعن يطلب إلغاء القائمة االنتخابية لذلك فإن المجلس الدستوري يقضي في قرارها بإلغاء‬
‫الالئحة برمتها‪.2‬‬
‫ب ‪ -‬الحالة الثانية ‪:‬‬
‫في هذه الحالة يكون العيب يمس مرشح بذاته ضمن القائمة كعدم حصوله على األهلية‬
‫القانونية وعدم تفطن اإلدارة لذلك في هذا الصدد يالحظ أن أغلب الطعون التي وجهت‬
‫للمجلس الدستوري المغربي كانت حول أفراد بذواتهم ولم تكن موجهة ضد القائمة كلها‪.3‬‬
‫أما عن تلقي الطعن فإن المجلس الدستوري بمجرد تلقيه الطعن في عملية انتخاب‬
‫أعضاء مجلس المستشارين يتم تعيين مقر ار هذا األخير يؤدي وظيفة أساسية تتمثل في‬
‫اعداد ملف الدعوى االنتخابية من تاريخ تكليفه بالمهمة إلى حين إعداد مشروع القرار وقد‬
‫وصفه أحد الباحثين "بالشخص المفتاح"‪ 4‬الذي يستعين به قاضي االنتخاب في حل المنازعة‬
‫المعروضة عليه وأي تقصير في مهمته يؤدي إلى التأثير على نوعية قرار القاضي‪.‬‬

‫‪ -1‬قرار رقم ‪ 2001 . 432‬صادر في ‪ 06‬فبراير ‪ 2001‬ج ر عدد ‪ 05 /4879‬مارس ‪ ،2001‬ص ‪.726‬‬
‫" لكن حيث أنه بخصوص الجهة األولى من الدفع فالمادة ‪ 51‬من نفس القانون المستدل بها أجازت للناخبين والمرشحين‬
‫الم عنيين باألمر إمكانية الطعن ضد الق اررات التي تتخذها مكاتب التصويت والمكاتب المركزية واللجان الجهوية لالحصاء‬
‫أمام المجلس الدستوري‪ ،‬كما يستفاد من مبنى ومعنى أحكام المادة ‪ 31‬من القانون التنظيمي للمجلس الدستوري أن المشرع‬
‫أجاز صراحة تقديم الطعن ضد منتخب متنازع في انتخابه انفراديا حين عبر بلفظ المنتخب المنازع في انتخابه"‪.‬‬
‫‪ -2‬خالد الشرقاوي السموني ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.75‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.77‬‬

‫‪314‬‬
‫تتلخص مهام المقرر في إشعار العضو البرلماني المطعون في انتخابه على نسخة من‬
‫عريضة الطعن وجمع عناصر الدعوى من مالحظات كتابية ووثائق وتقارير التي تم إنجازها‬
‫في مرحلة التحقيق وفي هذا اإلطار يمكن تكليف المقرر بتلقي تصريحات الشهود بعد‬
‫أداءهم اليمين بين يديه كما يمكنه االنتقال إلى عين المكان إلجراء تحقيق يرى ضرورة القيام‬
‫به‪ ،‬وهذا المقرر هو الذي يجهز القضية حتى يصدر فيها المجلس الدستوري ق ار ار‪.1‬‬

‫لكن المالحظ في الميدان أن المقرر ال يقوم بالتحقيقات الميدانية نظ ار لكثرة الطعون‬


‫ويكتفي بالوثائق المرفقة بالطعن‪.2‬‬

‫ال يطرح مشكل الوقت في فرنسا ألن الملفات تسند دراستها باإلضافة إلى المقررين‬
‫المساعدين والذين يختارون من مجلس الدولة ومحكمة الحسابات‪ ،3‬الشيء الذي يفسر أن‬
‫المجلس الدستوري الفرنسي يقوم بتصفية جميع ملفات الطعون االنتخابية المحالة عليه في‬
‫ظرف ال يتجاوز سنة واحدة‪.4‬‬

‫أما من حيث إصدار قرار المجلس الدستوري فإن هذا األخير يبت في القضية عندما‬
‫تكون جاهزة في أجل ستين يوما إال أن المجلس الدستوري قد يتذرع بعدم جاهزية القضية‬
‫ويؤجل البت فيها خصوصا وأن القانون ال يلزمه بأجل معين لجعل القضية جاهزة الشيء‬
‫الذي يفتح الباب للتأثير السياسي على القاضي الدستوري فكلما كانت رغبة الفاعل السياسي‬
‫تسير في اتجاه الفصل يتم تجهيز القضية للفصل بأقصى سرعة وعندما تكون رغبة الفاعل‬
‫السياسي في عدم تجهيز القضية للفصل يتم التذرع بعدم جاهزية القضية للفصل ألجل غير‬
‫محدد‪.‬‬

‫ويكون قرار المجلس الدستوري المغربي إما برفض طلب الطاعن وابقاء النتائج على‬
‫حالها أو إلغاء االنتخاب برمته واعادته واما إعادة فرز األصوات وحساب النتائج وتعيين‬
‫المترشح الفائز في االنتخاب‪.‬‬

‫‪ -1‬المواد ‪ 34 ،33 ،32‬من القانون التنظيمي للمجلس الدستوري المغربي‪.‬‬


‫‪ -2‬عبد العزيز النويضي ‪ ،‬االنتخابات والقضاء الدستوري في المغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.169‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 36‬من األمر رقم ‪ 1067/58‬الصادر في ‪ 07‬نوفمبر ‪ 1958‬والمتعلق بالمجلس الدستوري الفرنسي‪.‬‬
‫‪ -4‬خالد الشرقاوي السموني‪ .‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.77‬‬

‫‪315‬‬
‫وبعد معالجة دور القاضي الدستوري في دول المغرب العربي في الفصل في النزاع‬
‫االنتخابي سجلت مجموعة من النقائص وجب على المؤسس الدستوري والمؤسس التشريعي‬
‫المغربي تداركها تمثلت هذه النقائص في اآلتي‪:‬‬

‫* توسيع اختصاصات المجلس الدستوري المغربي في مجال مراقبة االنتخابات من حيث‬


‫إعطائه دور أكبر في مراقبة قانون تقسيم الدوائر االنتخابية‪ ،‬وكذا دور آخر في الفصل في‬
‫النزاعات المتعلقة بالترشح للبرلمان‪ ،‬وتدعيمه بنصوص تشريعية تمكنه من مراقبة اختالط‬
‫المال باالنتخابات على غرار ما يحدث في قانون اإلصالحات بالجزائر "قانون مكافحة‬
‫الفساد" وزيادة أسباب اإللغاء االنتخابات بسبب خرق القانون وكذا اشتراط التعليل المفصل‬
‫لق اررات المجلس الدستوري حين الفصل في النزاع االنتخابي وتوزيع عبئ اإلثبات بين‬
‫الطاعن واإلدارة‪.‬‬

‫* تحسين مناهج عمل القاضي الدستوري في مجال الفصل في النزاع االنتخابي والذي‬
‫يتمثل في تحديد آجال للفصل في المنازعات االنتخابية ‪ ،‬تحسين طرق التحقيق وتوسيع دور‬
‫المقرر إلى مقررين مساعدين يختارون من المحاكم اإلدارية على غرار ما هو معمول به في‬
‫فرنسا ‪.‬‬

‫* توسيع حق الطعن إلى أكبر فئة في المجتمع لها دور فاعل في العملية االنتخابية مع‬
‫ضمان حقوق األطراف المتنازع وكذا نشر وتبليغ األحكام الصادرة بمناسبة الفصل في النزاع‬
‫االنتخابي واعطاء مساحة أكبر للقاضي الدستوري من أجل اكتسابه جرأة أكبر في حل النزاع‬
‫االنتخابي الشيء الذي يحقق العدالة والمشروعية بين المترشحين‪.1‬‬

‫أما في المغرب فإن جهاز الرقابة لم يخول الحق ولم يعطي أية إمكانية للتدخل أثناء‬
‫سير عملية االقتراع‪ ،2‬ونفس الحال بالنسبة للمجلس الدستوري في الجزائر وتونس اللذان ال‬
‫يتدخالن في يوم االقتراع‪ ،‬وانما يبدأ دور المجلس الدستوري الجزائري بعد تلقي محاضر‬
‫النتائج التي تم إعدادها وارسالها من طرف اللجان الوالئية لالنتخابات في أظرفة مغلقة‬
‫ومختومة وبعد فحصها يعلن عن النتائج النهائية‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز النويضي ‪ ،‬االنتخابات والقضاء الدستوري في المغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫‪-2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.54‬‬

‫‪316‬‬
‫كما للمجلس الدستوري الجزائري حق النظر في الطعون المتعلقة بعملية االستفتاء ويتخذ‬
‫في شأنها ق ار ار وفقا للمادة ‪ 167‬من القانون العضوي لالنتخابات رقم ‪.101 - 12‬‬

‫ويحق لكل ناخب أو مستفتي في العملية االستفتائية أن يطعن في صحة االستفتاء من‬
‫خالل محضر متواجد في مكتب التصويت ويحيل قانون االنتخابات على التنظيم ليبين‬
‫شروط الطعن الشكلية والموضوعية وميعاده القانوني وبناء على الطعن يدرس المجلس‬
‫الدستوري الطعن ويصدر في شأنه ق ار ار إما بإلغاء األصوات أو إعادة توزيعها أو إلغاء‬
‫أصوات المكتب أو إلغاء أصوات المركز‪ ،‬ويعلن النتيجة النهائية‪.2‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 167‬من القانون العضوي لالنتخابات ‪.01/12‬‬


‫‪ - 2‬سعيد بوشعير ‪ ،‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.47-46‬‬

‫‪317‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المهام الخاصة بالقاضي الدستوري‬
‫وأحكام الدعوى الدستورية‬

‫‪318‬‬
‫يمارس القاضي الدستوري في دول المغرب العربي على غرار النظام الفرنسي‪ ،‬مهام‬
‫خاصة استشارية في الظروف العادية والظروف االستثنائية‪ ،‬باإلضافة إلى االختصاصات‬
‫األصلية المنصوص عليها في الدستور‪ ،‬وتحدد هذه المهام الخاصة وفق للدستور وللقوانين‬
‫التي يحيل عليها الدستور ذاته‪ ،‬كما يتمتع القاضي الدستوري بإج ارءات عمل مختلفة عن‬
‫القاضي العادي‪ ،‬والقاضي اإلداري على حسب طبيعة نشاطه سواء تعلق بممارسة رقابة‬
‫الدستورية‪ ،‬أو الفصل في منازعة انتخابية ‪،‬وتقديم رأي استشاري لكنه يخضع في أغلب‬
‫الحاالت إلى تحريكه من طرف جهات محددة بواسطة المؤسس الدستوري‪ ،‬أو النص‬
‫التشريعي‪ ،‬وبعد تحريكه بواسطة اإلخطار‪ ،‬أواإلحالة‪ ،‬يتبع إجراءات عمل ممثلة في التحقيق‬
‫والمداولة وفي األخير يصدر القاضي الدستوري آراء أو ق اررات حسب الحالة نهائية وملزمة‪.‬‬
‫منح المؤسس الدستوري للقاضي الدستوري باإلضافة إلى االختصاصات المحددة دستوريا‬
‫في مجالي الرقابة الدستورية والمنازعة االنتخابية عدة مهام أخرى استشارية في حالة متعددة‬
‫كحالة شغور منصب رئاسة الدولة‪ ،‬وحالة تزامن شغور منصب رئاسة الدولة ورئاسة المجلس‬
‫النيابي‪ ،‬وحالة تمديد عهدة البرلمان ‪،‬وتعديل الدستور‪ ،‬هذا في حالة الظروف العادية التي‬
‫يتوقعها المؤسس الدستوري عند سن الدستور‪ ،‬كما يلعب القاضي الدستوري دو ار مهما في‬
‫إعالن حالة الطوارئ‪ ،‬ورفعها‪ ،‬باعتبارها حالة خاصة ينظمها الدستور ويوازن من خاللها بين‬
‫ضرورة الحفاظ على استمرار الدولة ومؤسساتها ‪،‬وضرورة عدم المساس بالحقوق والحريات‬
‫األساسية للمواطن ‪،‬وفي هذه الحاالت يملك القاضي الدستوري عدة آليات حتى يتمكن من‬
‫التدخل وهو ما اتفق دستوريا على تسميته باإلخطار وتحديد الجهة التي تملك حق إخطار‬
‫المجلس الدستوري وضوابط هذا اإلخطار واجراءاته‪ ،‬سواء في مجال الرقابة الدستورية أو‬
‫مجال النزاع االنتخابي‪ ،‬أو في حالة الدور االستشاري‪ ،‬كما فتحت التعديالت الدستورية‬
‫الجديدة في تونس والمغرب الحق لمواطنيها الخطار المحكمة الدستورية بطريقة غير مباشرة‬
‫في مجال الحقوق والحريات المعترف بها دستوريا وفق اجراءات خاصة احال بشانها على‬
‫القانون‪ ،‬ولهذا نعالج في هذا الفصل مايلي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬المهام الخاصة بالقاضي الدستوري ووسائل تحريك‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أحكام الدعوى الدستورية‬

‫‪319‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المهام الخاصة بالقاضي الدستوري ووسائل تحريكه‬

‫للقاضي الدستوري مهام خاصة نص عليها الدستور والقوانين ذات الصلة سواء بالنسبة‬
‫لرئيس المجلس الدستوري أو للمجلس الدستوري كهيئة‪ ،‬وتتم هذه األدوار في الظروف‬
‫العاديةمثل حلة شغور منصب رئيس الجمهورية و حالة تمديد عهدة البرلمان وحالة‬
‫االنسحاب او حدوث مانع الحد المترشخين للدور الثاني لالنتخابات الرئاسية و حالة تعديل‬
‫الدستور و ما ينجر عن هذه الحاالت من مساس بالمشروعية ودولة القانون والظروف غير‬
‫العادية‪،‬مثل حاالت الطوارئ والحصار و الحالة االستثنائية كما أن القاضي الدستوري الذي‬
‫يمارس مهام على مستوى المجلس الدستوري يحتاج إلى تحريكه من طرف جهات معينة عن‬
‫طريق اإلخطارو لالخطار ظوابط و احكام ومواعيد واجال تختلف من دولة الى دولة فهل‬
‫تعتبر هده الضوابط عرقلة ام الية تنظيم؟ على عكس القاضي المتواجد على مستوى المحاكم‬
‫العادية‪ ،‬أو القاضي الدستوري المتواجد على مستوى محكمة دستورية خاصة‪ ،‬والذي ينظر‬
‫في الدعوى المرفوعة إليه من طرف ذوي الصفة والمصلحة‪ ،‬والتساؤل المطروح كيف تعامل‬
‫المؤسس الدستوري في دول المغرب العربي مع هذه الحاالت ؟ولهذا نقسم هذا المبحث إلى‬
‫مطلبين‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المهام الخاصة للقاضي الدستوري‬


‫المطلب الثاني‪ :‬وسائل تحريك القاضي الدستوري‬

‫المطلب األول‪ :‬المهام الخاصة بالقاضي الدستوري‬

‫للقاضي الدستوري مهام خاصة نصت عليها الدساتير غير تلك المتعلقة بالرقابة على‬
‫دستورية القوانين والسهر على العمليات االنتخابية واالستفتاء يمارسها إما بصفة إنفرادية عن‬
‫طريق رئيسه واما يمارسها كهيئة في الظروف العادية والظروف غير العادية وهذا ما نعالجه‬
‫في فرعين‪.‬‬

‫‪320‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬المهام الخاصة بالقاضي الدستوري في الظروف العادية‬

‫لقد توقع المؤسس الدستوري حين سنه لبنود الدستور حاالت يمكن وقوعها أثناء السير‬
‫العادي لمؤسسات الدولة ووضع لها حلوال في متن الدستور ومن هذه الحاالت‪ ،‬شغور‬
‫منصب رئيس الدولة وما يترتب عنه من إجراءات‪ ،‬حل البرلمان‪ ،‬إجراء تعديل الدستور وهذا‬
‫ما سيتم معالجته من خالل النقاط اآلتية‪:‬‬

‫أوال ‪ -‬حالة شغور منصب رئيس الجمهورية ‪:‬‬

‫سبق وأن رأينا أن المجلس الدستوري ال يتحرك إال بعد إخطاره من طرف إحدى الجهات‬
‫المبينة في الدستور‪ ،‬لكن بناء على المادة ‪ 55‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس‬
‫الدستوري الجزائري أن هذا األخير يجتمع بقوة القانون إذا توافرت الحالة المنصوص عليها‬
‫في المادة ‪ 88‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪.11996‬‬

‫تبين المادة ‪ 88‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬والتي تقابلها المادة ‪ 84‬من دستور ‪23‬‬
‫فبراير ‪ 1989‬حالة إصابة رئيس الجمهورية بمرض خطيرو مزمن فيجتمع المجلس الدستوري‬
‫بقوة القانون ليتأكد ويتثبت من حقيقة هذا المانع وله في ذلك أن يعتمد على جميع الوسائل‬
‫المالئمة وبعد تأكده من ثبوت المانع لرئيس الجمهورية يقترح بموافقة جميع أعضائه يعني‬
‫باإلجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع‪.2‬‬

‫وحسب رأي األستاذ سعيد بوشعير وهو يفسر عبارة‪ «:‬بكل الوسائل المالئمة» إمكانية‬
‫اتصال المجلس الدستوري باألطباء المشرفون على عالج الرئيس ليتأكد من المانع لكنه يرى‬
‫أن النص الدستوري لم يحدد من هي الجهة المبادرة بإثارة موضوع حدوث المانع للرئيس هل‬
‫هي المالحظة فقط لتغيب الرئيس‪.‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 55‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري مداولة ‪ 03‬ماي ‪ ، 2012‬ج‪ .‬ر عدد ‪.26‬‬
‫« يجتمع المجلس الدستوري بقوة القانون في الحاالت المنصوص عليها في المادة ‪ 88‬من الدستور يمكنه في هذا اإلطار‬
‫أن يقوم بجميع التحقيقات ويستمع ألي شخص مؤهل والى أي سلطة معنية»‪.‬‬
‫‪ - 2‬عبد القادر شربال ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.48‬‬

‫‪321‬‬
‫كما يطرح تساؤل حول كيفية االتصال باألطباء فهل يعتمد المجلس الدستوري على‬
‫الشهادات الطبية أو يتعامل مباشرة مع األطباء كما يطرح تساؤل آخر هو هل من صالحية‬
‫األطباء االستنتاج بأن رئيس الجمهورية لم يعد قاد ار على ممارسة مهامه؟»‪ ،‬ولهذا يقترح‬
‫األستاذ بوشعير‪...«:‬تحديد طريقة المالحظة أي مالحظة حدوث المانع ويلزم المالحظين‬
‫الصحيين بإعالم المجلس الدستوري بالحالة الصحية للرئيس حتى يمكن لهذا األخير أن‬
‫يتدخل من أجل إثبات المانع والتقدم بعد ذلك باإلجماع بمقترح الى البرلمان المجتمع بغرفتيه‬
‫من أعضائه ويكلف رئيس مجلس األمة بتولي رئاسة‬ ‫ليصرح بثبوت المانع بأغلبية‬
‫الدولة بالنيابة لمدة ‪ 45‬يوما مع مراعاة أحكام المادة ‪ 90‬من دستور ‪.1»1996‬‬

‫ويثور تساؤل حول استمرار المانع لرئيس الجمهورية بعد مضي ‪ 45‬يوما األولى حول‬
‫تحديد الجهة التي تقوم بإخطار المج لس الدستوري حتى يجتمع ويقترح شغور المنصب نهائيا‬
‫باالستقالة هل هو رئيس الدولة بالنيابة أم الهيئة الطبية المشرفة على عالج الرئيس ومتابعة‬
‫حالته الصحية‪ ،‬فالدستور لم يتطرق إلى هذه التفاصيل و في هذا الشان يرى األستاذ‬
‫بوشعير‪... «:‬أنه من حيث الحفاظ على تطبيق الدستور ينبغي توضيح مثل هذه الحاالت‬
‫التي قد تشغل إلبعاد الرئيس بإيهام المجلس الدستوري أثناء ‪ 45‬يوما بأنه غير قادر على‬
‫العودة إلى منصبه ومن ثمة التصريح بالشغور النهائي‪.2»...‬‬

‫يبدو أنه من األحسن جعل الهيئة الطبية المشرفة على معالجة رئيس الجمهورية ومتابعة‬
‫حالته الصحية تعمل تحت اإلشراف المباشر لمن يمارس رئاسة الدولة بالنيابة سواء رئيس‬
‫مجلس األمة أو رئيس المجلس الدستوري حسب الحالة وعلى هذا األخير أن يطلع باقي‬
‫أعضاء المجلس الدستوري بالحالة الصحية لرئيس الجمهورية يوميا بتفاصيلها مع إلزامهم‬
‫بعامل السرية‪.‬‬

‫كما يطرح إشكال حول اقتراح حدوث المانع هل يقصد به إجماع ‪ 07‬أعضاء الذين‬
‫يحققون النصاب أو حضور ‪ 09‬أعضاء من ‪ 09‬ولو كان االحتمال الثاني هو المقصود‬

‫‪ -1‬سعيد بوشعير ‪ ،‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.43-42‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.43‬‬

‫‪322‬‬
‫وافتراضا حدث مانع ألحد أعضائه أو انتهت عهدة بعض أعضائه ولم يتم التجديد لهم فكيف‬
‫يكون العمل؟‬

‫وبعدما يتلقى البرلمان المنعقد بغرفتيه اقتراح إعالن ثبوت حدوث المانع لرئيس‬
‫ثلثيه ثبوت المانع لرئيس الجمهورية ويكلف حينئذ‬ ‫الجمهورية يعلن هذا األخير بأغلبية‬
‫رئيس مجلس األمة بتولي رئاسة الدولة بالنيابة لمدة أقصاها ‪ 45‬خمسة وأربعون يوما‪.1‬‬

‫وفي حالة استمرار المانع لرئيس الجمهورية بعد مضي مدة ‪ 45‬يوما المنصوص عليه‬
‫في الفقرة الثانية من المادة ‪ 88‬من دستور ‪ 1996‬يجتمع المجلس الدستوري بقوة القانون‬
‫وبنفس الشروط المطبقة سابقا ويعلن الشغور النهائي باالستقالة وجوبا‪ ،‬وتطبق في تلك‬
‫الحالة أحكام الفقرة الثالثة من المادة ‪ 88‬من دستور ‪ 1996‬والمتعلقة باالستقالة‪.2‬‬
‫كما يجتمع المجلس الدستوري بقوة القانون في حالة استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته‬
‫ويثبت شغور رئاسة الجمهورية نهائيا يبلغ البرلمان الذي يجتمع وجوبا ويكلف رئيس مجلس‬
‫األمة بتولي رئاسة الدولة لمدة أقصاها ستون (‪ )60‬يوما تنظم خاللها انتخابات رئاسية دون‬
‫أن يترشح لها‪.3‬‬
‫أما الحالة التي يقترن فيها شغور رئاسة الجمهورية بسبب االستقالة أو الوفاة بشغور‬
‫رئاسة مجلس األمة ألي مانع كان‪ ،‬فإن المجلس الدستوري يجتمع بقوة القانون ويؤكد‬
‫باإلجماع الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية باالستقالة أو بالوفاة وحصول المانع لرئيس‬
‫مجلس األمة ويعهد برئاسة الدولة إلى رئيس المجلس الدستوري‪ ،4‬هذه الحالة لم تتطرق لها‬
‫الفقرة األخيرة من المادة ‪ 84‬من دستور ‪ 1989‬واكتفت باقتران وفاة رئيس الجمهورية مع‬
‫شغور رئاسة المجلس الشعبي الوطني بالحل ولم تنص على شغور رئاسة الجمهورية‬
‫باالستقالة‪ ،‬لكنه كان بإمكان المجلس الدستوري أن يجتهد ويسحب حكم الوفاة على االستقالة‬
‫ويتفادى الفراغ المؤسساتي الذي حدث في جانفي ‪.1991‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 88‬فقرة ‪ 03 ،02 ،01‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬تقابلها المادة ‪ 84‬من دستور ‪ 23‬فبراير ‪.1989‬‬

‫‪ -2‬المادة ‪ 03 - 88‬من دستور ‪ 1996‬تقابلها المادة ‪ 03 - 84‬من دستور ‪.1989‬‬


‫‪ -3‬سعيد بوشعير ‪ ،‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪ -4‬الفقرة األخيرة من المادة ‪ 88‬من دستور ‪.1996‬‬

‫‪323‬‬
‫هذه الحالة لم يتم النص عليها من خالل دستور ‪ 1989‬حيث اقترنت استقالة رئيس‬
‫الجمهورية في ‪ 11‬يناير ‪ 1992‬مع حل المجلس الشعبي الوطني بمرسوم رئاسي مؤرخ في‬
‫‪ 04‬جانفي ‪ 11992‬األمر الذي خلق فراغا في منصب رئاسة الدولة تم تغطيته باجتهادات‬
‫خارج إطار الدستور إلى غاية إعادة انتخاب رئيس جمهورية في أفريل ‪.21995‬‬

‫في هذه الحاالت يظهر الدور القوي الذي يلعبه المجلس الدستوري باعتبار المسألة‬
‫تخص أعلى سلطة دستورية في البالد وضرورة عدم بقائها شاغرة فقد اجتمع المجلس‬
‫الدستوري الجزائري وأصدر بيانا في ‪ 11‬جانفي ‪ 1992‬بعد اطالعه على رسالة استقالة‬
‫الرئيس في تلك المرحلة وجاء في البيان مايلي‪ «:‬بعد االطالع على رسالة استقالة الرئيس‬
‫الشاذلي بن جديد من رئاسة الجمهورية بتاريخ ‪ 11‬جانفي ‪ 1992‬فإن المجلس الدستوري في‬
‫اجتماعه المنعقد يوم ‪ 11‬جانفي‪ 1992‬يثبت الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية‪.‬‬

‫اعتبا ار من جهة أخرى أن الدستور لم ينص في أحكامه على حالة اقتران شغور المجلس‬
‫الشعبي الوطني عن طريق الحل بشغور رئاسة الجمهورية باالستقالة‪ ،‬اعتبا ار بأن الظروف‬
‫التي تمت خاللها استقالة رئيس الجمهورية كانت مرتبطة باألوضاع السائدة في البالد‪،‬يصرح‬
‫بأنه يتعين على المؤسسات المخولة بالسلطات الدستورية‪...‬أن تسهر على استم اررية الدولة‬
‫وتوفير الشروط الضرورية للسير العادي للمؤسسات وللنظام الدستوري»‪ ،3‬لكنه كان بإمكان‬
‫المجلس الدستوري أن يجتهد ويسحب حكم الوفاة على االستقالة ويتفادى الفراغ المؤسساتي‬
‫الذي حدث في جانفي ‪.1991‬‬

‫وبناء على البيان صرح المجلس األعلى لألمن بإنشاء هيئات مؤقتة لسد الشغور في‬
‫رئاسة الدولة وتم اإلعالن عن عدة مؤسسات انتقالية لتسيير مرحلة انتقالية دامت إلى غاية‬
‫انتخاب رئيس جمهورية في أفريل ‪ 1995‬وتعديل الدستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ ،1996‬واكمال‬

‫‪ -1‬بيان ‪ 11‬جانفي ‪ ،1992‬أحكام الفقه الدستوري الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ -2‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 01 -92‬المؤرخ في ‪ 28‬جمادي الثانية عام ‪ 1412‬الموافق لـ ‪ 04‬يناير ‪ ،1992‬يتضمن حل‬
‫المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬ج ر عدد ‪ 2‬مؤرخة في ‪ 08‬يناير ‪.1992‬‬
‫‪ -3‬بيان ‪ 11‬جانفي ‪ 1992‬أحكام الفقه الدستوري الجزائري مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬

‫‪324‬‬
‫انتخاب البرلمان بغرفتيه‪،1‬مع المالحظة بأن دور المجلس الدستوري انكمش كثي ار في هذه‬
‫المرحلة االنتقالية حيث أصحاب القرار استبدلوا دستور ‪ 1989‬في بعض أحكامه بأرضية‬
‫الوفاق الوطني ‪.1994‬‬

‫أما في تونس فإننا نفرق بين مرحلتين تمت فيها معالجة مسألة شغور منصب رئيس‬
‫الجمهورية بصفة مختلفة وهما مرحلة ما قبل تعديل ‪ 01‬جوان ‪ 2002‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪ - 1‬مرحلة قبل تعديل أول جوان ‪: 2002‬‬

‫كان لوفاة الرئيس بورقيبة أثر كبير عند المهتمين بالشأن الدستوري السيما أن الفصل‬
‫‪ 57‬من دستور تونس ‪ 1959‬في نصه األصلي قد سكت عن تنظيم حالة شغور منصب‬
‫رئيس الجمهورية والسلطة التي لها صالحية إعالن الشغور مما فتح الباب لعدة اجتهادات‪.2‬‬

‫حتى تعديل الدستور في ‪ 1988‬والسيما المادة ‪ 57‬منه لم تعالج مسألة شغور منصب‬
‫رئيس الجمهورية بعمق بل اكتفت بتحديد السلطة التي تتولى منصب الرئاسة مؤقتا إلى حين‬
‫انتخاب رئيس جديد وجاء فيها مايلي‪«:‬عند شغور منصب رئيس الجمهورية لوفاة أو‬
‫االستقالة أو لعجز دائم‪ ،‬يتولى فو ار رئيس مجلس النواب مهام رئاسة الدولة بصفة مؤقتة‬
‫ألجل أدناه ‪ 45‬يوما وأقصاه ‪ 60‬يوما» وهنا اآلجال ممتدة بين مدتين على عكس المؤسس‬
‫الدستوري الجزائري الذي يجعلها محدد ب ‪ 45‬يوما وفق المادة ‪ 88‬من دستور ‪1996‬‬
‫الجزائري او ‪60‬يوما‪.3‬‬

‫‪ - 2‬مرحلة ما بعد تعيل أول جوان ‪: 2002‬‬

‫أوكل الدستور بعد تعديل الفاتح من جوان ‪ 2002‬من خالل الفصل ‪ 57‬مهمة معاينة‬
‫شغور منصب رئيس الجمهورية لوفاة أو استقالة أو لعجز دائم إلى المجلس الدستوري حيث‬
‫جاء في المادة ‪ 57‬بعد تعديلها مايلي‪ «:‬عند شغور منصب رئيس الجمهورية لوفاة أو‬

‫‪ -1‬إعالن مؤرخ في ‪ 09‬رجب عام ‪ 1412‬الموافق ل ‪ 14‬يناير ‪ 1992‬يتضمن إقامة مجلس أعلى للدولة يمارس كل‬
‫اختصاصات رئيس الجمهورية‪ ،‬ج ر رقم ‪ 03‬مؤرخة في ‪ 15‬يناير ‪.1992‬‬
‫‪ -2‬هدى بن خليفة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫‪ -3‬فريد غربال ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.213‬‬

‫‪325‬‬
‫الستقالة أو لعجز تام‪ ،‬يجتمع المجلس الدستوري فورا‪ ،‬ويقر الشغور النهائي باألغلبية‬
‫المطلقة ألعضائه‪ ،‬ويبلغ تصريحا في ذلك إلى رئيس مجلس االستشاريين ورئيس مجلس‬
‫النواب الذي يتولى فو ار مهام رئاسة الدولة بصفة مؤقتة ألجل أدناه ‪ 45‬خمسة وأربعون يوما‬
‫وأقصاه ‪ 60‬يوما»‪.1‬‬

‫يلتقي المجلس الدستوري مع ما نص عليه الدستور الجزائري ‪ 1996‬من حيث االجتماع‬


‫بقوة القانون لكن يختلف من حيث طريقة التصويت على ثبوت المانع في حين نجد المؤسس‬
‫الدستوري الجزائري يشترط اإلجماع فإن المؤسس الدستوري التونسي يشترط األغلبية‪ ،‬ويبدو‬
‫أن الدستور الجزائري أقرب إلى الصواب ألن مسألة شغور منصب رئيس الجمهورية ليست‬
‫مسألة اختالف فإما أن يتثبت الجميع من حدوث المانع واما ال يوجد مانع فإن ترك المسألة‬
‫للتصويت تبدوا غير مست ساغة‪ ،‬كما أن المجلس الدستوري يقدم تصريحا للبرلمان على عكس‬
‫المجلس الدستوري الجزائري الذي يقدم اقتراحا‪.‬‬

‫كما فسر األستاذ زهير المضفر‪ «:‬منح المجلس الدستوري مهمة معاينة إقرار الشغور‬
‫النهائي في منصب رئاسة الجمهورية إلى تركيبة المجلس المتنوعة ولما يتمتع به من خبرة‬
‫وحياد واستقاللية»‪.2‬‬

‫نشير إلى أن الرئيس السابق زين العابدين بن علي عندما تولى السلطة في ‪ 07‬نوفمبر‬
‫‪ 1987‬خلفا للرئيس لحبيب بورقيبة كان المجلس الدستوري لم يؤسس بعد واعتمد بن علي‬
‫على الفصل ‪ 57‬من الدستور في نصه األصلي حيث جاء في بيان الرئاسة المؤرخة في ‪07‬‬
‫نوفمبر ‪ 1987‬مايلي‪ «:‬عمال بالفصل ‪ 57‬من الدستور نتولى بعون اهلل وتوفيقه رئاسة‬
‫الجمهورية »‪.3‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 57‬من الدستور التونسي المعدل في ‪ 1‬جوان ‪.2002‬‬


‫‪ -2‬هدى بن خليفة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫‪ -3‬فريد غربال ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.243‬‬

‫‪326‬‬
‫إن إعطاء مهمة إعالن حالة شغور منصب رئاسة الجمهورية والتأكد منها للمجلس‬
‫الدستوري التونسي تؤكد أهمية ودور هذه الهيئة في الحفاظ على استم اررية مؤسسات الدولة‬
‫وابعاد البالد عن حالة الفراغ وما تفرزه من نتائج وعواقب سيئة على البالد واستقرارها‪.‬‬

‫يبدو أن دور المجلس الدستوري التونسي من خالل المادة ‪ 57‬جديدة يختلف عن دور‬
‫المجلس الدستوري الجزائري في إعالن حالة شغور منصب رئيس الجمهورية فإذا جئنا إلى‬
‫النصاب القانوني حتى يكون اجتماع المجلسين صحيح لم يتطرق له المؤسس الدستوري‬
‫الجزائري وال المؤسس الدستوري التونسي بمعنى هل حضور ‪ 07‬أعضاء من ‪ 09‬أعضاء‬
‫يكفي أم يشترط حضور األعضاء التسعة كلهم‪ ،‬أما من حيث طريقة التصويت في الوقت‬
‫الذي يشترط المشرع الجزائري تصويت باإلجماع يشترط المشرع التونسي األغلبية بمعنى ‪05‬‬
‫أصوات من ‪ 09‬أصوات‪.‬‬

‫أما من حيث نوع العمل الذي يصدر عن المجلس الدستوري الجزائري فإنه يقدم اقتراح‬
‫من أعضاء البرلمان المجتمع‬ ‫"‪ "Proposition‬ثم يتم اإلعالن عن الشغور بأغلبية‬
‫بغرفتيه أما المجلس الدستوري التونسي فإنه يعلن تصريح بشغور منصب رئاسة الجمهورية‬
‫باألغلبية وال يحتاج إلى تصويت من البرلمان وانما هذا التصريح بمثابة تكليف لرئيس مجلس‬
‫النواب بتولى الرئاسة مؤقتا ‪.‬‬

‫واذا عدنا إلى نوع االقتراح الذي يقدمه المجلس الدستوري الجزائري للبرلمان المجتمع‬
‫بغرفتيه وفق المادة ‪ 88‬فقرة ‪ 01‬من دستور ‪ 1996‬والمادة ‪ 55‬من النظام المحدد لقواعد‬
‫عمل المجلس الدستوري الجزائري فإن في هذا الطرح أن المادة ‪ 55‬من النظام المحدد لقواعد‬
‫عمل المجلس الدستوري الجزائري سمحت للمجلس الدستوري أن يقوم بجميع التحقيقات‬
‫ويستمع إلى أي شخص مؤهل والى أية سلطة معنية من أجل التأكد من حدوث المانع لرئيس‬
‫الجمهورية كما اشترطت المادة ‪ 88‬من دستور ‪1996‬في فقرتها األولى أن يكون اقتراح‬
‫الشغور على البرلمان باإلجماع ثم بعد ذلك يجعل اإلعالن عن الشغور من منصب رئيس‬
‫مع العلم ا ن تركيبة‬ ‫الجمهورية بتصويت من البرلمان المجتمع بغرفتيه وبأغلبية‬
‫ثلث الغرفة العليا أي مجلس األمة معين من طرف رئيس‬ ‫البرلمان الجزائري فيه‬

‫‪327‬‬
‫أعضائه في التصريح بشغور‬ ‫الجمهورية ثم لو افترضنا أن البرلمان لم يحصل أغلبية‬
‫منصب رئيس الجمهورية فهل نتيجة ذلك هو عدم جدوى كل العمل والتحقيقات التي قام بها‬
‫المجلس الدستوري ؟‬

‫أما في موريتانيا فإن المجلس الدستوري يتحقق من الشغور أو حدوث المانع لرئيس‬
‫الجمهورية ويتولى رئيس مجلس الشيوخ رئاسة الدولة بالنيابة ويتم انتخاب رئيس جديد خالل‬
‫مدة ‪ 03‬أشهر ابتداء من تاريخ قرار شغور منصب الرئاسة أو حصول المانع النهائي‪ ،‬وفي‬
‫هذه اآلجال يختلف الوضع في موريتانيا عن الجزائر التي تشترط ‪ 45‬يوما أو ‪ 60‬يوما‬
‫وتونس التي تجعل المدة بين ‪ 45‬يوما و ‪ 60‬يوما‪.‬‬

‫ويشترط الدستور الموريتاني في عدم حدوث قوة قاهرة تؤدي إلى توقف حساب اآلجال‬
‫وجعل هذه القوة القاهرة خاضعة لتقدير المجلس الدستوري الموريتاني األمر الذي ال نجده في‬
‫الجزائر وتونس‪ ،1‬مع اإلشارة إلى أن المجلس الدستوري الموريتاني ال يجتمع من تلقاء نفسه‬
‫مثلما هو الحال بالنسبة للمجلس الدستوري الجزائري والمجلس الدستوري التونسي وانما يتم‬
‫التحقق من حدوث مانع لرئيس الجمهورية بناء على المادة ‪ 40‬من الدستور ويبت في األمر‬
‫باألغلبية المطلقة ألعضائه على عكس ما يشترطه المؤسس الدستوري الجزائري وهو‬
‫اإلجماع وما يشترطه المؤسس الدستوري التونسي وهو األغلبية البسيطة‪.2‬‬
‫تخطر الحكومة الفرنسية المجلس الدستوري في حالة حدوث مانع لرئيس الجمهورية‬
‫‪3‬‬
‫يحول دون قدرته على ممارسة وظائفه‪ ،‬ويجتمع بناء على ذلك المجلس الدستوري الفرنسي‬
‫ويثبت الحالة ثم يعلن حالة الشغور ويعلن في نفس الوقت تكليف رئيس مجلس الشيوخ‬
‫الغرفة العليا في البرلمان للقيام بهذه المهمة مؤقتا وفي حالة شغور منصب رئيس مجلس‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.219‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 40‬من دستور موريتانيا ‪.1991‬‬
‫‪ -3‬رشيدة العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬

‫‪328‬‬
‫الشيوخ أيضا فإن الحكومة تقوم بهذه المهمة إلى حين إجراء انتخابات رئاسية مسبقة أو‬
‫تعافي الرئيس المنتخب‪.1‬‬

‫ثانيا ‪ -‬حاالت استشارية مختلفة ‪:‬‬

‫لقد تم تحديد عهدة البرلمان بغرفتيه بنص دستوري ولهذا ال يمكن تمديد عهدة إحدى‬
‫غرفتي البرلمان أو كليهما إال ألسباب قوية ووفقا إلجراءات محددة ودقيقة كما أنه من‬
‫صالحيات رئيس الدولة القي ام بحل البرلمان أو إحدى غرفتيه قبل نهاية العهدة الدستورية‬
‫وهذا في حاالت محددة يبينها الدستور ووفقا إجراءات معينة وكما يستشار المجلس الدستوري‬
‫في حالة تعديل الدستور فهذا ما نبينه من خالل النقطتين اآلتيتين‪:‬‬

‫‪ - 1‬حالة تمديد عهدة البرلمان ‪:‬‬

‫جاء في الفقرة األخيرة من المادة ‪ 102‬من دستور الجزائر ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬ما يفيد أن‬
‫تمديد مهمة البرلمان ال تكون إال في ظروف خطيرة جدا ال تسمح بإجراء انتخابات عادية‬
‫وأن البرلمان المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا يثبت هذه الحالة بقرار‪ ،‬بناء على مقترح من‬
‫رئيس الجمهورية واستشارة المجلس الدستوري‪.2‬‬

‫كما أن رئيس الدولة بالنيابة أو رئيس الدولة حسب الحالة يمكنه استشارة المجلس‬
‫الدستوري لتمديدعهدة البرلمان لنفس األسباب كون المادة ‪ 90‬لم تحضر عليه تمديد عهدة‬
‫البرلمان وانما حضرت عليه إقالة الحكومة أو تعديلها حيث نجد المادة ‪ 129‬التي أشارت‬
‫إليها المادة ‪ 90‬في فقرتها الثالثة ال تسمح لرئيس الدولة بالنيابة حل البرلمان لكنها سكتت‬
‫عن إمكانية تمديد عهدة البرلمان كما منعته من تعديل الدستور وفقا المواد ‪،176 ،174‬‬
‫‪ 177‬ولو كانت نية المؤسس الدستوري تنصرف إلى منعه من تمديد عهدة البرلمان ال تمت‬
‫اإلشارة إلى ذلك صراحة‪.‬‬

‫مع اإلشارة إلى أن النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري نص في‬
‫المادة ‪ 56‬منه على وجوب الفصل في الموضوع دون تعطيل عندما يستشار المجلس‬

‫‪ -1‬عبد العزيز النويضي ‪ ،‬المجلس الدستوري بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪ -‬عبد القادر شربال ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.51‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪329‬‬
‫الدستوري في إطار المادة ‪ 90‬من الدستور‪ ،‬وكذا المادة ‪ 58‬منه‪ 1‬التي تنص على أن‬
‫فور عندما يستشار في إطار المادة ‪ 102‬من دستور‬
‫المجلس الدستوري يجتمع ويبدي رأيه ا‬
‫‪.21996‬‬

‫‪ - 2‬حالة تعديل الدستور ‪:‬‬

‫جاء في المادة ‪ 176‬من دستور الجزائر ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬في الباب الرابع المعنون‬
‫(التعديل الدستوري) من الفصل الثاني المعنون (المؤسسات االستشارية) ما يعطي دو ار‬
‫جوهريا للمجلس الدستوري وللقاضي الدستوري كهيئة استشارية تساعد رئيس الجمهورية في‬
‫القيام بمهامه بحيث إذا أراد رئيس الجمهورية إجراء تعديل دستوري دون الخضوع ألحكام‬
‫المادة ‪ 174‬من نفس الدستور والتي تلزمه بإجراء استفتاء شعبي فعليه أخذ رأي المجلس‬
‫الدستوري حول مشروع التعديل الدستوري ولهذا فهو ملزم أي رئيس الجمهورية بأن يرسل‬
‫مشروع تعديل الدستور إلى المجلس الدستوري ويسأله هل يمس هذا المشروع بالمبادئ العامة‬
‫التي تحكم المجتمع الجزائري وحقوق اإلنسان والمواطنين وحرياتهما؟ هل يمس بأي كيفية‬
‫التوازنات األساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية؟ وعلل رأيه بأن مشروع التعديل‬
‫الدستوري ال يمس بهذه المسائل هنا يمكن لرئيس الجمهورية إصدار القانون المتضمن‬
‫التعديل الدستوري مباشرة دون عرضه على االستفتاء الشعبي لكن بعد الموافقة عليه من‬
‫ثالثة أرباع البرلمان بغرفتيه‪.3‬‬ ‫طرف‬

‫فهنا نالحظ أن المجلس الدستوري يلعب دو ار تقريريا وليس استشاريا ألن الدور‬
‫االستشاري ال يكون ملزم لرئيس الجمهورية وانما يأخذ به على سبيل االستئناس أما في‬
‫الحالة التي نصت عليها المادة ‪ 176‬يكون رأي المجلس الدستوري بعد التعليل ملزما لرئيس‬
‫الجمهورية‪.‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 56‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬مداولة ‪ 3‬مايو ‪ ،2012‬ج‪ .‬ر‪ ،‬عدد ‪:.26‬‬
‫"عندما يستشار المجلس الدستوري في إطار المادة ‪ 90‬من الدستور يفصل في الموضوع دونما تعطيل"‪.‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 58‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري ‪" :‬عندما يستشار المجلس الدستوري في إطار‬
‫أحكام المادة ‪ 102‬من الدستور يجتمع ويبدي رأيه فورا"‪.‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 176‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪.1996‬‬

‫‪330‬‬
‫ونشير إلى أن المجلس الدستوري قدم رأيين معللين بالنسبة لتعديلين قام بهما رئيس‬
‫الجمهورية في ظل دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ ،1996‬حيث كان التعديل األول بواسطة القانون‬
‫‪ 03/02‬المؤرخ في ‪ 10‬أفريل ‪ 2002‬والتعديل الثاني كان بواسطة القانون ‪ 19 - 08‬المؤرخ‬
‫في ‪ 15‬نوفمبر ‪.2008‬‬

‫وال بد من المالحظة هنا بأن تعديل الدستور بواسطة القانون ‪ 19/08‬المؤرخ في ‪15‬‬
‫نوفمبر ‪ 2008‬وباألخص المادة ‪ 74‬منه التي جعلت العهدات الرئاسية مفتوحة بعد ما كانت‬
‫محددة بعهدتين قبل التعديل اعتبرها المجلس الدستوري ال تمس بالتوازن بين السلطات رغم‬
‫أن هذا المنصب ال يتعلق بإعادة تنظيم داخلي للسلطة التنفيذية ألن رئيس الجمهورية هو‬
‫رئيس السلطة التنفيذية وفي نفس الوقت هو رئيس الدولة وله عدة مهام ووظائف‬
‫واختصاصات ينص عليها الدستور ويكرسها العرف الدستوري تتجاوز اختصاصات السلطة‬
‫التنفيذية وفتح العهدة الرئاسية ال يؤثر فقط على السلطة التنفيذية وانما له إمتداد في التأثير‬
‫على باقي الس لطات األخرى وحتى على مبدأ الفصل بين السلطات الذي يستنتج من روح‬
‫الدستور الجزائري ‪.1996‬‬

‫ان اعتبار المجلس الدستوري بأن تعديل المادة ‪ 74‬من دستور ‪ 1996‬ال يمس باتوازن‬
‫بين السلطات غير واضح‪ ،‬خاصة إذا أخدنا في االعتبار أن المادة ‪ 74‬قبل التعديل تمتلك‬
‫شرعية شعبية ألن دستور ‪ 1996‬تم عن طريق استفتاء شعبي أما تعديلها في الصميم لم‬
‫يمر على االستفتاء الشعبي ولو كان األمر كذلك واستعمل رئيس الجمهورية في تعديل المادة‬
‫‪ 74‬من دستور ‪ 1996‬صالحياته في العودة إلى اإلرادة الشعبية وفق المادة ‪ 174‬من‬
‫الدستور أو المادة ‪ 77‬فقرة ‪ 10‬ال كان االمر اكثر و ضوحا‪ ،‬كما استعمل الرئيس شادلي بن‬
‫جديد المادة ‪ 111‬فقرة ‪ 14‬من دستور ‪ 1976‬في تعديل الدستور في ‪ 03‬نوفمبر ‪1988‬‬
‫والتي استحدث من خالله منصب رئيس الحكومة‪ ، ،‬أما تعديل المادة ‪ 74‬دون استفتاء‬
‫شعبي فهو ينقص من مشروعية اإلجراء‪.‬‬

‫‪331‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مهامه في الظروف غير العادية‬

‫توقع المؤسس الدستوري عند صياغة نصوص الدستور إمكانية وقوع ظروف استثنائية‬
‫تعرقل السير الحسن للدولة ومؤسساتها ومنحت لرئيس الجمهورية حق اتخاذ تدابير واجراءات‬
‫نظمها الدستور ذاته وهذه التدابير قد تمس بحريات وحقوق األفراد وكذا تخل بالتوازن بين‬
‫السلطات‪.‬‬

‫ولهذا نظم المؤسس الدستوري في كل من الجزائر ‪،‬تونس ‪،‬المغرب وموريتانيا الحالة‬


‫االستثنائية مع اختالف تسمياتها وضبط الشروط الشكلية‪ ،‬والشروط الموضوعية‪ ،‬إلعالنها‬
‫واعتبا ار أن المجلس الدستوري مهمته أو من بين مهامه السهر على احترام الدستور ورئيس‬
‫الجمهورية هو حامي الدستور‪ ،1‬فإنه يتوجب على رئيس الدولة قبل اتخاذه إحدى التدابير‬
‫االستثنائية أن يستشير المجلس الدستوري ‪،‬ونجد الدستور ذاته ينص على أن رئيس‬
‫الجمهورية ال يمكنه اإلقدام على اتخاذ حاالت استثنائية إال بعد استشارة المجلس الدستوري‬
‫أو رئيسه‪.2‬‬
‫ولهذا نعالج اختصاصات المجلس الدستوري أثناء الحالة االستثنائية من خالل النقاط‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬دور المجلس الدستوري الجزائري في إعالن الحالة االستثنائية ورفعها ‪:‬‬
‫تجيز الحالة االستثنائية لرئيس الجمهورية اتخاذ تدابير واجراءات استثنائية بهدف‬
‫المحافظة على استقالل البالد واستم اررية الدولة‪ ،‬ومؤسساتها الدستورية‪ ،‬ويتم إعالن الحالة‬
‫االستثنائية إذا توافرت شروط موضوعية تتمثل في وجود خطر داهم يوشك أن يصيب‬
‫مؤسساتها الدستورية أو استقاللها أو سالمة ترابها‪ ،3‬باإلضافة إلى شروط شكلية أو إجرائية‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 70‬من دستور الجزائر ‪.1996‬‬


‫" يجسد رئيس الجمهورية‪ ،‬رئيس الدولة‪ ،‬وحدة األمة وهو حامي الدستور‪."...‬‬
‫‪ -2‬سعيد بوشعير ‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬عين مليلة‪ ،‬دار الهدى‪ ،1993 ،‬ص ‪.412‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 93‬من دستور الجزائر ‪ 28‬نوفمبر ‪ " :1996‬يقرر رئيس الجمهورية الحالة االستثنائية إذا كانت البالد مهددة‬
‫بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو استقاللها أو سالمة ترابها‪."...‬‬

‫‪332‬‬
‫تتمثل في استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس األمة والمجلس الدستوري‬
‫واالستماع إلى المجلس األعلى لألمن ومجلس الوزراء‪.1‬‬
‫تترتب على إعالن الحالة االستثنائية إنفراد رئيس الجمهورية بصالحية اتخاذ مجموعة‬
‫من اإلجراءات والتي يراها مناسبة للحفاظ على استقالل الوطن‪ ،‬وسالمة وحدته الترابية‬
‫واستمرار مؤسساته الدستورية ‪،‬وفي هذا المجال يصبح رئيس الجمهورية يمارس عمال من‬
‫أعمال السيادة الغير خاضعة ألي شكل من أشكال الرقابة‪ ،‬سواء كانت هذه اإلجراءات‬
‫صادرة عنه أو كانت صادرة عن جهة حددها قانون إعالن الحالة االستثنائية‪ ،2‬ونظ ار‬
‫لخطورة هذه النتائج وامكانية أن تمس بالحقوق والحريات األساسية التي ضمنها الدستور‬
‫أوجب الدستور ذاته استشارة المجلس الدستوري‪.‬‬

‫وتنتهي الحالة االستثنائية حسب األشكال واإلجراءات التي بينتها المادة ‪ 93‬والتي أوجبت‬
‫إعالنها وبهذا فإن استشارة المجلس الدستوري عند رفع الحالة االستثنائية يعد إلزاميا‪.3‬‬

‫بينت المادة ‪ 91‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬الشروط الموضوعية إلعالن حالة‬


‫الطوارئ والحصار وهي حالة الضرورة الملحة‪ ،‬لكن ماهي المعايير التي تميز بين الضرورة‬
‫الملحة والضرورة غير الملحة ؟األمر يبقي سلطة تقديرية لرئيس الجمهورية أما الشروط‬
‫الشكلية لتطبيق المادة ‪ 91‬فتتمثل في اجتماع المجلس األعلى لألمن واستشارة رئيس‬
‫المجلس الشعبي الوطني ‪،‬ورئيس مجلس األمة‪ ،‬والوزير األول‪ ،‬ورئيس المجلس الدستوري‪،‬‬
‫وينتج عن إعالن حالة الطوارئ أو الحصار أن يتخذ رئيس الجمهورية التدابير الالزمة‬
‫الستتباب األمن‪.‬‬

‫وما يالحظ أنه عند إعالن حالة الطوارئ أو الحصار يستشار رئيس المجلس الدستوري‬
‫بمفرده لكن عند إعالن الحالة االستثنائية يستشار المجلس الدستوري كهيئة هل يعود السبب‬

‫‪ -1‬الفقرة ‪ 02‬من المادة ‪ 93‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪... ":1996‬وال يتخذ مثل هذا اإلجراء إال بعد استشارة رئيس المجلس‬
‫الشعبي الوطني‪ ،‬ورئيس مجلس األمة والمجلس الدستوري واالستماع إلى المجلس األعلى لألمن ومجلس الوزراء‪."...‬‬
‫‪ -2‬رابح بوسالم ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 93‬فقرة أخيرة من دستور الجزائر ‪ ":1996‬تنتهي الحالة االستثنائية‪ ،‬حسب األشكال واإلجراءات السالفة الذكر‬
‫والتي أوجبت إعالنها"‪.‬‬

‫‪333‬‬
‫كون الحالة االستثنائية أكثر شدة من حالة الطوارئ أو الحصار؟ وما يدعم هذا الطرح هو‬
‫أن رئيس الجمهورية قبل إعالن الحالة االستثنائية يتوجب عليه االستماع للمجلس األعلى‬
‫لألمن ومجلس الوزراء لكن عندما يأتي إلى إقرار حالة الطوارئ والحصار يكتفي برأي الوزير‬
‫األول‪.‬‬

‫يتبين لنا من خالل المواد ‪ 93 ،92 ،91‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬دور المجلس‬
‫الدستوري وهو تقديم رأيا غير ملزم لرئيس الجمهورية لكن باعتبار المجلس الدستوري هيئة‬
‫استش ارية لرئيس الجمهورية والذي يساهم معه في الحفاظ على سمو الدستور وحمايته فإن‬
‫رئيس الجمهورية ال يمكنه أن يتجاهل رأي المجلس الدستوري كلية‪ ،‬وباعتباره أيضا يسهر‬
‫على حماية الدستور‪.1‬‬

‫تقيد المادة ‪ 90‬في فقرتها الرابعة رئيس الجمهورية قبل إعالن وتقرير الحالة االستثنائية‬
‫استشارة المجلس الدستوري‪ ،‬حتى ال ينفرد رئيس الجمهورية بممارسة سلطات محددة من‬
‫شأنها المساس بالحقوق والحريات األساسية للمواطنين‪.2‬‬

‫وتتم إجراءات إعالن حالة الطوارئ بمراسالت رسمية حفاظا على استقاللية المؤسسات‬
‫بحيث يجتمع المجلس الدستوري بمقره الرسمي ويبعث رأيه بمراسلة رسمية موجهة إلى رئيس‬
‫الدولة لكن ما حدث بعد استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد في ‪ 11‬جانفي ‪ 1992‬فقد اجتمع‬
‫هذا األخير مع أعضاء المجلس الدستوري في مقر سكناه وليس في مقر رئاسة الجمهورية‬
‫الطالعهم على رسالة االستقالة وحسب رأي األستاذ سعيد بوشعير‪ ...« :‬وهو إجراء أقل ما‬
‫يقال عنه أنه احتقار للمجلس الدستوري رغم ما يمكن قوله أن ذلك كان بسبب ظروف‬
‫خاصة‪ ،‬إال أننا ال نقر بهذا التبرير الواهي‪.3»...‬‬

‫كما أن رئيس الدولة ملزم باستشارة رئيس المجلس الدستوري بصفة انفرادية قبل تقرير‬
‫حالة الطوارئ أو الحصار لما إلعالن هذه الحالة من تأثير على الحقوق والحريات‪ ،‬ولقد‬
‫عرفت الجزائر تقرير حالة استثنائية في ‪ 1963‬وألغيت بعد تبني دستور ‪ 1976‬إلغاء ضمنيا‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 163‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪1996‬المعدل و المتمم‪.‬‬


‫‪ -2‬رابح بوسالم ‪ ،‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.41‬‬

‫‪334‬‬
‫وليس وفق إجراءات قانونية ثم تم تمديد حالة الطوارئ من جانفي ‪ 1992‬إلى فبراير ‪2010‬‬
‫خارج إطار الدستور ودون استشارة البرلمان في حالة التمديد كما ينص عليه الدستور ثم تم‬
‫رفع حالة الطوارئ بواسطة مرسوم رئاسي في ‪.12011‬‬

‫ويرى األستاذ بوشعير أنه‪... «:‬أن تتم إجراءات االستشارة بين المستشير والمشير وفق‬
‫إجراءات كتابية رسمية ويمكن أن تتطور إلى عقد لقاءات بين الطرفين لتوضيح بعض‬
‫المسائل والنقاط وفي حالة عقد لقاء بين مؤسسة ورئاسة الدولة والمجلس الدستوري كهيئة أو‬
‫رئيسه يجب تجنب أي نوع من الضغوط المعنوية‪ ،‬والمادية ‪،‬واالقتصار فقط على طرح‬
‫الموضوع وعناصره المختلفة وأثاره فقط»‪.2‬‬

‫و تعود أصول الرقابة على ممارسة سلطات الحالة االستثنائية إلى فرنسا وبالضبط إلى‬
‫دستور ‪ 04‬أكتوبر ‪ ،1958‬من خالل مادته ‪ 16‬ولكن نشأة نظرية الظروف االستثنائية في‬
‫حد ذاتها وتحويل كل السلطات في يد السلطة التنفيذية الممثلة في رئيس الدولة ‪ ،‬تعود إلى‬
‫ما قام به رئيس "‪ "REICH‬تنفيذا ألحكام دستور فيمار " ‪ "Weimar‬الذي يسمح في حالة‬
‫المساس بالنظام العام في البلدان أن يتخذ التدابير الالزمة من أجل تسوية الوضعية بما في‬
‫ذلك استدعاء القوات المسلحة وكذا تعطيل ممارسة عدد من الحقوق األساسية‪.3‬‬

‫إن هدف المادة ‪ 16‬من دستور فرنسا ‪ 04‬أكتوبر ‪ 1958‬هو التأطير القانوني لسلطات‬
‫األزمة أو السلطات االستثنائية التي يتم االعتراف بها لرئيس الدولة وقد استعملها أول مرة‬
‫الجنرال ديغول رئيس فرنسا في ‪ 23‬أفريل ‪1961‬على إثر انقالب الجنراالت في الجزائر‪.4‬‬

‫ال بد أن نالحظ بأن المجلس الدستوري الفرنسي على عكس نضيره الجزائري يستشار في‬
‫مرحلتين المرحلة األولى عند إعالن الحالة االستثنائية والحالة الثانية عند تطبيق إجراءات‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.42‬‬

‫‪3-G. DRAGO , Contentieux constitutionnel, op. cit., p. 90.‬‬


‫‪ -4‬هنري روسيون مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.158‬‬

‫‪335‬‬
‫المادة ‪ 16‬األمر الذي ال نجده متوفر لدى المجلس الدستوري الجزائر‪ ،‬كما أن المؤسس‬
‫الدستوري الفرنسي ينص على حالة واحدة هي الحالة االستثنائية‪.‬‬

‫يبدو أن غياب رقابة مجلس الدولة الفرنسي على إجراءات المادة ‪ 16‬من دستور ‪04‬‬
‫أكتوبر ‪، 1958‬فتحت الباب للبحث عن جهة أخرى تقوم بهذه المهمة فلم يبقى إلى المجلس‬
‫الدستوري أو البرلمان‪.1‬‬

‫إن دور المجلس الدستوري الفرنسي يتم في مرحلتين من تطبيق المادة ‪ 16‬من الدستور‬
‫وهما‪:‬‬

‫‪ - 1‬المرحلة األولى ‪ :‬تتعلق بأخذ رأي المجلس الدستوري قبل إعالن العمل بالمادة ‪16‬‬
‫من الدستور حيث أن المادة ‪ 16‬تتطلب نوعين من الشروط لتطبيقها فالنوع األول يتمثل في‬
‫الشروط الموضوعية كوجود خطر جسيم وحال وأن يؤدي هذا الخطر إلى إعاقة المؤسسات‬
‫الدستورية للدولة‪ ،‬والنوع الثاني شروطا شكلية تتمثل في أخذ رأي المجلس الدستوري وكذا رأيا‬
‫كل من رئيسي غرفتي البرلمان ورئيس الوزراء وتوجيه رسالة لألمة‪.2‬‬

‫وقد تم فعال استشارة المجلس الدستوري الفرنسي في ‪ 23‬أفريل ‪ 1961‬وقد تحقق من‬
‫توفر الشروط الموضوعية إلعالن الحالة االستثنائية وتأكد من استحالة قيام المؤسسات‬
‫الدستورية بمهامها مع االنقالب الذي حدث في الجزائر والذي قام مجموعة من الجنراالت‬

‫‪ -1‬عبد الحفيظ الشيحي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.592‬‬


‫‪ -‬تنص المادة ‪ 16‬من دستور فرنسا ‪ 04‬أكتوبر ‪ 1958‬على مايلي‪ «:‬عندما تهدد مؤسسات الجمهورية أو استقالل األمة‬
‫أو سالمة أراضيها أو تنفيذ تعهداتها الدولية على نحو جسيم وحال‪ ،‬وينشأ عنه انقطاع السير المنظم للسلطات الدستورية‬
‫العامة‪ ،‬يتخذ رئيس الجمهورية اإلجراءات التي تقتضيها الظروف بعد استشارة الوزير األول‪ ،‬ورئيس البرلمان أيضا والمجلس‬
‫الدستوري وتخبر األمة برسالة ويجب أن تكون هذه اإلجراءات بهدف قيام العمل على قيام السلطات العامة بأداء مهامها‬
‫الدستورية في أقصر فترة ممكنة‪ ،‬ويؤخذ رأي المجلس الدستوري بصدد هذه اإلجراءات ويجتمع البرلمان بقوة القانون وال‬
‫يجوز حل الجمعية الوطنية أثناء العمل بالمادة ‪ 16‬من الدستور»‪.‬‬
‫‪ -2‬عبد الحفيظ الشيحي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.597‬‬
‫=‪- Avis/ c.c/ du 23/ MAR/ 1961.‬‬

‫‪336‬‬
‫الذين كانوا يحكمون الجزائر وال يتفقون مع سياسة ديغول وأردوا فصل الجزائر عن السلطة‬
‫المركزية في فرنسا‪.1‬‬

‫وحسب األستاذ ‪ ...«:". LUCHAIRE‬فإن الظروف االستثنائية إذا حالت دون‬


‫اجتماع المجلس الدستوري فإن ذلك ال يعرقل العمل بالمادة ‪ 16‬من الدستور وتطبيق الحالة‬
‫االستثنائية‪.2»...‬‬

‫نجد في هذا الصدد النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري ال يشير إلى‬
‫حالة عدم قدرة المجلس الدستوري على االجتماع وما مدى تأثير ذلك على قرار رئيس‬
‫الجمهورية في إعالن الحالة االستثنائية فالمادة ‪ 57‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس‬
‫الدستوري الجزائري تكتفي بالنص أنه عندما يستشار المجلس الدستوري في إطار أحكام‬
‫المادتين ‪ 97 ،93‬من الدستور‪ 1996‬يجتمع ويبدي رأيه فو ار ولم تتطرق إلى استحالة‬
‫اجتماعه ألي سبب وما مدى تأثير ذلك على تطبيق المادة ‪ 93‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر‬
‫‪.1996‬‬

‫على عكس المادة ‪ 54‬من القانون األساسي الخاص بالمجلس الدستوري الفرنسي الذي‬
‫تتطلب أن يكون رأي المجلس الدستوري مكتوبا ومنشو ار ويشير الفقه الفرنسي أنه إذا كانت‬
‫الظروف تحول دون اجتماع المجلس الدستوري إلبداء الرأي فإن عدم تمكن المجلس‬
‫الدستوري من إبداء هذا الرأي ال يحول دون العمل بالمادة ‪ 16‬من الدستور‪.3‬‬

‫‪ - 2‬المرحلة الثانية‪ :‬يلعب المجلس الدستوري الفرنسي دو ار استشاريا فيما يتعلق برقابة‬
‫اإلجراءات المتخذة بناء على المادة ‪ 16‬من دستور ‪ 04‬أكتوبر ‪ ،1958‬و حددت كل من‬
‫المادة ‪ 16‬من الدستور والمادة ‪ 54‬من القانون الخاص بالمجلس الدستوري الفرنسي الهدف‬
‫من أخذ رأي المجلس الدستوري‪،‬وهو الحرص على عودة السير المنتظم للسلطات العامة في‬

‫‪1 - = «Considérant qu'en raison de ces actes de subversion d'une part les institutions de la‬‬
‫‪République Se trouve menacées d'une manière grave et immédiate, d'autre part, les pouvoirs‬‬
‫‪publics constitutionnels ne peuvent Fonctionner d'une Façon régulière».‬‬
‫‪2-F. LUCHAIRE, le conseil constitutionnel, op.cit., p. 407.‬‬
‫‪3- Ibid.‬‬

‫‪337‬‬
‫أسرع وقت ممكن ومن هنا فإن للمجلس الدستوري دور ضعيف‪ ،‬حيث يقدم رأيا غير ملزم‬
‫لرئيس الجمهورية وتبعا لذلك ال يمكن للمجلس الدستوري منع رئيس الدولة من االعتداء على‬
‫الحقوق والحريات عند تطبيقه للمادة ‪ 16‬من دستور فرنسا ‪.11958‬‬

‫وبعد تعديل الدستور الفرنسي المؤرخ في ‪ 23‬جويلية ‪ ،2008‬توسع دور المجلس‬


‫الدستوري في بسط رقابته على اإلجراءات المتخذة في إطار المادة ‪ 16‬من دستور ‪1958‬‬
‫بحيث بعد مرور ثالثون يوما عن ممارسة رئيس الجمهورية للحالة االستثنائية‪ ،‬يمكن أن‬
‫يخط ر من قبل رئيس الجمعية الوطنية ‪،‬أو رئيس مجلس الشيوخ‪ ،‬أو ستين نائبا‪ ،‬أو ستين‬
‫شيخا‪ ،‬من أجل التأكد من استم اررية الظروف التي تم على إثرها اللجوء إلى تطبيق أحكام‬
‫المادة ‪ 16‬من دستور ‪ ،1958‬وبعد تلقيه اإلخطار يصدر المجلس الدستوري رأيا علنيا في‬
‫أقرب وقت‪.‬‬

‫وصار المجلس الدستوري يتدخل بقوة القانون للتحقق من استم اررية هذه الظروف‬
‫ويصدر رأيه بنفس الكيفية بعد مرور شهرين من تطبيق السلطات االستثنائية‪.2‬‬
‫وما يالحظ أن المؤسس الدستوري الفرنسي يجتهد للتضييق‪ ،‬والتقليل‪ ،‬من لجوء رئيس‬
‫الجمهورية إلى تطبيق المادة ‪ 16‬من الدستور واللجوء إلى تقييد الحقوق والحريات األساسية‬
‫للمواطن الفرنسي ويحاول أن يغلق الباب أمام السلطة التنفيذية حتى ال تعتدي على التشريع‬
‫بحجة تطبيق أحكام المادة ‪ 16‬من دستور فرنسا ‪ 04‬أكتوبر ‪.1958‬‬

‫‪1- Ibid. ,p. 410.‬‬


‫‪ -2‬فطة نبالي ‪ ،‬دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.280‬‬
‫‪ -‬أحكام مستحدثة على المادة ‪ 16‬من دستور عام ‪ 1958‬بواسطة القانون الدستوري المؤرخ في ‪ 23‬جويلية ‪.2008‬‬
‫‪" Après Trente jours d'exercice des pouvoirs exceptionnels le conseil constitutionnel, peut‬‬
‫‪être saisi par le président de l'assemblée nationale le président du sénat, soixante députés ou‬‬
‫‪soixante sénateurs, aux fins d'examiner, si les conditions Enoncées au premier alinéa‬‬
‫‪demeurent réunies , Il se prononce dans les délais les plus brefs par un avis public; Il procède‬‬
‫‪de plein droit a cet examen et se prononce dans les même conditions au trente a soixante‬‬
‫‪jours d'exercice des pouvoirs exceptionnels et a tout moment au de la de cette durée".‬‬

‫‪338‬‬
‫ثانيا– دور القاضي الدستوري التونسي في إعالن الحالة االستثنائية ‪:‬‬

‫جاء في الفصل ‪ 46‬من دستور تونس المعدل في ‪ 01‬جوان ‪ 2002‬النص على التدابير‬
‫االستثنائية‪ ،‬التي يتخذها رئيس الجمهورية التونسية في حالة وجود خطر داهم مهدد لألمن‬
‫الوطني واستقالل البالد ‪،‬وهذه الشروط الموضوعية إلعالن التدابير االستثنائية أضافت لها‬
‫المادة ‪ 46‬من دستور تونس شروط شكلية متمثلة في استشارة الوزير األول ورئيس مجلس‬
‫النواب ومجلس المستشارين‪.1‬‬

‫وما يالحظ هو غياب أي دور للمجلس الدستوري أو لرئيسه في إعالن التدابير‬


‫االستثنائية على عكس ما هو معمول به في الجزائر وفرنسا‪.‬‬

‫يبدو أن الرئيس التونسي قبل اإلطاحة به كان يسعى إلى االنفراد بتسيير الحالة‬
‫االستثنائية ألسباب متعلقة بسياسته في الحكم‪.‬‬

‫ثالثا ‪ -‬دور القاضي الدستوري المغربي في إعالن الحالة االستثنائية ‪:‬‬


‫‪2‬‬
‫على حالة وقوع تهديد للبالد يمس بسير‬ ‫نصت المادة ‪ 35‬من الدستور المغربي‪1996‬‬
‫المؤسسات الدستورية يقوم على إثره الملك بواسطة ظهير شريف بإعالن الحالة االستثنائية‬
‫وهنا نالحظ استعمال نفس المصطلح الحالة االستثنائية الذي استعملته المادة ‪ 16‬من دستور‬
‫فرنسا لعام ‪ .31958‬وعلى خالف المصطلحات التي استعملها المؤسس الدستوري الجزائري‬
‫من خالل المادة ‪ 91‬والمادة ‪.493‬‬

‫كما جاء في نص المادة ‪ 59‬من دستور المغرب ‪ 01‬جويلية ‪، 2011‬أنه إذا كانت حوزة‬
‫التراب الوطني مهددة أو وقع من األحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستوري‪،‬‬
‫يمكن للملك أن يعلن حالة االستثناء بظهير بعد استشارة كل من رئيس الحكومة‪ ،‬رئيس‬
‫مجلس النواب‪ ،‬رئيس المستشارين ورئيس المحكمة الدستورية وتوجيه خطاب لألمة ويركز‬

‫‪ -1‬الفصل ‪ 46‬من دستور تونس المعدل في ‪ 1‬جوان ‪.2002‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 35‬من دستور المغرب لعام ‪.1996‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 16‬من دستور فرنسا لعام ‪.1958‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 91‬والمادة ‪ 93‬من دستور الجزائر ‪ 28‬نوفمبر ‪.1996‬‬

‫‪339‬‬
‫الدستور المغربي الجديد ‪،‬على بقاء الحريات والحقوق األساسية المنصوص عليها في‬
‫الدستور‪ ،‬مضمونه كما ينص على أن حالة االستثناء ترفع بمجرد انتفاء األسباب التي دعت‬
‫إليها وباتخاذ نفس اإلجراءات الشكلية المقررة إلعالنها‪ ،‬لكنه لم يحدد المعايير واإلجراءات‬
‫المتبعة للتأكد من انتفاء أسباب إعالن حالة االستثناء‪ ،‬أو بقاء أسباب استمرارها‪ ،‬وبين‬
‫األستاذ كريم لحرش الشروط الموضوعية والشكلية إلعالن حالة االستثناء حسب قراءته‬
‫للدستور المغربي ‪ 2011‬بالشكل األتي‪:1‬‬

‫‪ -‬تهديد حوزة التراب الوطني‬

‫‪ -‬يقع من األحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات‬ ‫الشروط الموضوعية‬


‫الدستورية‬

‫‪ -‬استشار الملك لكل من‬

‫‪ -‬رئيس الحكومة‬

‫‪ -‬رئيس مجلس النواب‬ ‫الشروط الشكلية‬

‫‪ -‬رئيس مجلس المستشارين‬

‫‪ -‬رئيس المحكمة الدستورية‬

‫‪ -‬توجيه خطاب لألمة‬

‫أما الشروط الشكلية فإن الملك يستشير كل من رئيسي غرفتي البرلمان ورئيس‬
‫المجلس الدستوري وهنا تشابه مع ما نص عليه المشرع الفرنسي والجزائري واختالف مع‬
‫المؤسس الدستوري التونسي تماما الذي غيب فيه دور المجلس الدستوري أو دور رئيسه مع‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬كريم لحرش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.78 – 77‬‬

‫‪340‬‬
‫اختالف آخر في إلزامية استشارة الوزير األول في الجزائر وفرنسا وغياب دوره االستشاري‬
‫في المغرب‪.1‬‬

‫وتخول التدابير االستثنائية لملك المغرب صالحية اتخاذ كل التدابير واإلجراءات‬


‫للدفاع عن الوطن وتقتضيها ضرورة العودة إلى السير العادي للمؤسسات‪.2‬‬

‫رابعا‪ -‬دور القاضي الدستوري الموريتاني في إعالن الحالة االستثنائية ‪:‬‬

‫كما نشير إلى أن المجلس الدستوري الموريتاني وفقا للمادة ‪ 39‬من دستور موريتانيا‬
‫المؤرخ في ‪ 20‬يوليو ‪ 1991‬يقوم بدور استشاري بالنسبة لرئيس الجمهورية قبل إعالن حالة‬
‫الظروف االستثنائية وتطبيق أحكام المادة ‪ 39‬منه والتي تستوجب حدوث تهديد خطير‬
‫لمؤسسات الدولة واألمن واالستقالل وحوزة البالد وكذلك عندما تعرقل السير المنتظم للسلطة‬
‫العمومية الدستورية‪.3‬‬

‫فيقوم رئيس الدولة باستشارة المجلس الدستوري‪ ،‬والوزير األول‪ ،‬ورئيسي غرفتي البرلمان‪،‬‬
‫وهنا تشابه كبير مع ما جاء في المادة ‪ 16‬من دستور فرنسا ‪ 1958‬ويطلب من المجلس‬
‫الدستوري تقديم رأيه حول مدى توافر شروط تطبيق المادة ‪ 39‬ويكون هذا الرأي معلال‬
‫ومنشور في الجريدة الرسمية حسب المادة ‪ 53‬من األمر ‪ 04/92‬المؤرخ في ‪ 18‬فبراير‬
‫‪ 1992‬المتضمن القانون العضوي للمجلس الدستوري‪ ،‬التي تتوافق تماما مع المادة ‪ 54‬من‬
‫القانون المنظم للمجلس الدستوري الفرنسي‪.4‬‬

‫‪ -1‬فريد غربال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.218‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 39‬من دستور موريتانيا ‪ 20‬يوليو ‪.1991‬‬
‫‪Art 52 du loi n° 92-4 du 18 février 1992 portant loi organique sur le Conseil. Constitutionnel‬‬
‫‪mauritanien : " lorsqu' il est consulté par le président de la république dans le cas prévus au‬‬
‫‪premier Alinéa de l'article 39 de la constitution le conseil constitutionnel. se réunit‬‬
‫‪immédiatement".‬‬
‫‪4 -‬‬ ‫‪Art 52-2. De la loi n° 92-04 du 18 février 1992 portant loi organique sur le c.‬‬
‫‪constitutionnel: "Il émet un avis a la réunions des conditions exigées par le texte visé à‬‬
‫‪l'article précédent cet avis et motivé et publie.‬‬

‫‪341‬‬
‫تبين المادة ‪ 54‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الموريتاني أن رئيس‬
‫الجمهورية يعلم المجلس الدستوري ويأخذ رأيه حول التدابير الذي يريد اتخاذها في إطار‬
‫الحالة االستثنائية‪.1‬‬

‫يبدو أن المجلس الدستوري الموريتاني يلعب دو ار محدودا في مراقبة اإلجراءات التي‬


‫يتخذها رئيس الجمهورية في ظل الحالة االستثنائية ولو أن رأيه استشاريا على عكس‬
‫المجلس الدستوري الجزائري الذي ال يلعب أي دور في مراقبة اتخاذ التدابير التي تخول‬
‫لرئيس الجمهورية الجزائرية سواء في إطار المادة ‪ 91‬من الدستور ‪( 1996‬حالة الطوارئ أو‬
‫الحصار) ‪،‬والذي ينص على أن يتم تنظيم حالة الطوارئ وحالة الحصار بواسطة قانون‬
‫عضوي‪ ،‬ونحن سبق وأن رأينا أن القانون العضوي يخضع لرقابة مسبقة من طرف المجلس‬
‫الدستوري فيبدو أن المؤسس الدستوري الجزائري أعطى حق الرقابة للمجلس الدستوري على‬
‫القانون العضوي ‪،‬الذي ينظم حالة الطوارئ ‪،‬وحالة الحصار ‪،‬األمر الذي جعل النظام المحدد‬
‫لقواعد عمل المج لس الدستوري في الباب الرابع المتعلق باستشارة المجلس الدستوري في‬
‫حاالت خاصة ال يتطرق من خالل المواد ‪ ،58 ،57 ،56 ،55‬إلى دور المجلس الدستوري‬
‫في رقابة التدابير المتخذة في حالة الطوارئ وحالة الحصار‪.2‬‬

‫أما المادة ‪ 93‬من دستور الجزائر ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬فهي تعالج الحالة االستثنائية وال‬
‫تعالج حالة الحصار ولهذا فإن الحالة االستثنائية المنصوص عليها في المادة ‪ 93‬لم يتم‬
‫تحديدها بقانون عضوي وبهذا فإن المجلس الدستوري الجزائري ال يلعب أي دور في ممارسة‬
‫رقابة على اإلجراءات المتخذة في الحاالت االستثنائية ‪.‬‬

‫يبدو أنه على المؤسس الدستوري الجزائري أن يستعمل مصطلحا دقيقا ألن الدقة في‬
‫المصطلح مهمة جدا ألننا بصدد نص دستوري يحتمل التأويل وكلما قلت نصوص الدستور‬
‫ومواده وتوحدت مصطلحاته كلما كان أكثر إيجابية لتفادي كثرة التأويالت ولهذا كان على‬

‫‪1 - Art‬‬‫‪54 de la loi organique n° 92-04 du 18 février 1992 : " Le président de la république‬‬
‫‪avise le conseil constitutionnel des mesures qu'il se propose de prendre le conseil‬‬
‫‪constitutionnel, lui donne Sons délai son avis".‬‬
‫‪ -2‬جاء في المادة ‪ 92‬من دستور الجزائر ‪ 1996‬ما يلي‪ ":‬يحدد تنظيم حالة الطوارئ أو حالة الحصار بموجب قانون‬
‫عضوي"‪.‬‬

‫‪342‬‬
‫المؤسس الدستوري الجزائري أن ال يذكر ثالث مصطلحات وهي حالة الطوارئ وحالة‬
‫الحصار والحالة االستثنائية وكان عليه استعمال مصطلح واحد يشمل الحاالت الثالثة‪.‬‬

‫احتراما لقاعدة توازي األشكال ترفع الحالة االستثنائية بنفس اإلجراءات الموضوعية‬
‫والشكلية التي أعلنت بناء عليها فيستشار المجلس الدستوري الجزائري في مدى استمرار‬
‫الظروف التي أدت إلى إعالن الحالة االستثنائية إ احتراما لقاعدة توازي األشكال‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬وسائل تحريك القاضي الدستوري‬

‫يتم االتصال بالقاضي الدستوري على مستوى المجالس الدستورية بواسطة اإلخطار أو‬
‫اإلحالة على عكس القاضي الدستوري المتواجد على مستوى المحاكم العادية الذي يتم‬
‫االتصال به عن طريق الدعوى القضائية أو القاضي الدستوري المتواجد على مستوى محكمة‬
‫دستورية خاصة أين يتم االتصال به عن طريق الدعوى القضائية فاإلخطار ليس بالمصطلح‬
‫المعروف في اإلجراءات القضائية والمنازعات أمام الجهات القضائية ولهذا نبين اإلخطار في‬
‫فرع أول ثم نوضح ميعاد ممارسته وضوابطه في فرع ثان‪.‬‬

‫الفرع األول‪:‬اإلخطار والجهات المخول لها ممارسته‬

‫نعالج من خالل هذا الفرع مفهوم اإلخطار ثم الجهات التي لها حق إخطار القاضي‬
‫الدستوري‪.‬‬

‫أوال ‪ -‬مفهوم اإلخطار ‪:‬‬

‫‪ -1‬اإلخطار لغة‪:‬‬

‫تعني كلمة إخطار "‪ "Saisine‬أخطره أي ذكره إياه‪.‬‬

‫‪ -2‬اإلخطار اصطالحا‪:‬‬

‫هو تلك اآللية التي يتم بواسطتها االتصال بالمجلس الدستوري والتي من خاللها يستطيع‬
‫المجلس الدستوري الشروع في ممارسة رقابته على موضوع معين‪.‬‬

‫‪343‬‬
‫يعتبر اإلخطار من أهم اإلجراءات التي تحرك رقابة دستورية القوانين واتباعا لتحديد‬
‫الجهة التي تتمتع بحق اإلخطار يتحقق سمو الدستور واحترامه‪ 1‬ويثير مسألة اإلخطار‬
‫تحديد الجهة التي لها حق ممارسة هذا اإلجراء وقد ظهر اتجاهان في هذا الصدد‪.‬‬

‫االتجاه األول ‪ :‬يقر هذا االتجاه بحق كل مواطن في إخطار هيئة الرقابة الدستورية كلما‬
‫رأى أن القانون غير دستوري أو يضر بحقوقه‪.‬‬

‫االتجاه الثاني‪ :‬يرفض هذا االتجاه االعتراض على كل القوانين وال يقبل بتوسيع حق‬
‫اإلخطار إلى جهات أخرى غير السلطات الدستورية‪.‬‬

‫وبين هاتين االتجاهين ظهر اتجاه ثالث توفيقي يرى ضرورة حماية حقوق األفراد‬
‫وحرياتهم وضرورة قيام هيئات الرقابة بعملها بعيدا عن االنشغاالت باإلخطارات الهامشية‬
‫وهو حل وصفه األستاذ رافع بن عاشور بأنه الوجه الثاني للديمقراطية والتسييس‬
‫‪.2Démocratisation et politisation‬‬

‫ثانيا‪ -‬الجهات صاحبة حق اإلخطار ‪:‬‬

‫أوال – السلطات الدستورية‪:‬‬

‫‪ – 1‬الجزائر ‪:‬‬

‫حدد الدستور الجزائري ‪ 1963‬الجهات التي يحق لها إخطار المجلس الدستوري فجاء‬
‫في مادته ‪ 64‬بأن يتم إخطار المجلس الدستوري من طرف رئيس الجمهورية ورئيس المجلس‬
‫الوطني‪ ،3‬ونالحظ أن المادة ‪ 64‬استعملت مصطلح "طلب" بدل من مصطلح "إخطار" أما‬
‫دستور ‪، 1989‬في مادته ‪ 56‬فأبقى على رئيس الهيئتين وأعطاهما حق إخطار المجلس‬

‫‪ -1‬يقول الفقيه هانس كلسن فيما يخص اإلخطار‪:‬‬


‫‪" c'est de sa solution (La saisine) que dépend principalement la mesure dont laquelle le‬‬
‫‪tribunal constitutionnel pourra remplir sa mission de garent de la constitution".‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬هدى بن خليفة‪ ،‬المرجع السابق ‪،‬ص ‪.35‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 164‬من دستور ‪ 10‬سبتمبر ‪ 1963‬جاء فيها مايلي‪ " :‬يفصل المجلس الدستوري في دستورية القوانين واألوامر‬
‫التشريعية‪ ،‬بطلب من رئيس الجمهورية أو رئيس المجلس الوطني"‪.‬‬

‫‪344‬‬
‫الدستوري وهما رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الشعبي الوطني‪ ،1‬وهنا المؤسس الدستوري‬
‫يستعمل مصطلح "اإلخطار" على خالف الطلب الذي استعمله في دستور ‪.1963‬‬
‫أما في ظل دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬ومن خالل المادة ‪ 166‬منه فإن حق اإلخطار‬
‫باإلضافة إلى رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الشعبي الوطني فقد أسند إلى رئيس مجلس‬
‫األمة‪ ،2‬باعتبار مجلس األمة الغرفة الثانية في البرلمان الجزائري بعد ما تبناه الدستور من‬
‫خالل المادة ‪ 98‬منه‪ ،3‬وأول ما يالحظ هو إقصاء السلطة القضائية من حق إخطار‬
‫المجلس الدستوري رغم أنها ممثلة بعضوين واحد عن المحكمة العليا والثاني عن مجلس‬
‫الدولة‪.‬‬
‫ويرى األستاذ منصور مولود ‪...« :‬أن المؤسس الدستوري الجزائري من خالل الدساتير‬
‫السابقة ‪ 1989 ،1963‬وحتى دستور ‪ ،1996‬أقصر حق إخطار المجلس الدستوري على‬
‫هيئات سياسية عامة‪ ،‬دون منح هذا الحق ألعضاء البرلمان‪ ،‬حيث أصبح من الضروري‬
‫تبني نظام ال رقابة الدستورية من النمط "كلسن" إلعطاء األقلية البرلمانية الحق في تحريك‬
‫الرقابة مما يسمح بالحماية ضد دكتاتورية األغلبية‪.4»...‬‬
‫أما في فرنسا والى غاية إصالح ‪ 29‬أكتوبر ‪ 1974‬فإن السلطات التي كان لها حق‬
‫إخطار المجلس الدستوري تتمثل في كل من رئيس الجمهورية والوزير األول ورئيس الجمعية‬
‫الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ‪.5‬‬

‫يبدو أن الوزير األول في الجزائر ال يملك حق إخطار المجلس الدستوري رغم أنه يساهم‬
‫بدور كبير في إعداد مشاريع القوانين التي تدرس على مستوى مجلس الوزراء وبناء عليه فإن‬

‫‪ - 1‬جاء في المادة ‪ 56‬من دستور ‪ 23‬فبراير ‪ 1989‬مايلي‪ " :‬يخطر رئيس الجمهورية أو رئيس المجلس الشعبي الوطني‬
‫المجلس الدستوري"‪.‬‬
‫‪ - 2‬جاء في المادة ‪ 166‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬مايلي‪ " :‬يخطر رئيس الجمهورية أو رئس المجلس الشعبي‬
‫الوطني أو رئيس مجلس األمة‪ ،‬المجلس الدستوري‪."...‬‬
‫‪ -3‬جــاء فــي المــادة ‪ 98‬مــن دســتور ‪ 28‬نــوفمبر ‪ 1996‬مــايلي‪ ":‬يمــارس الســلطة التش ـريعية برلمــان يتكـون مــن غ ـرفتين وهمــا‬
‫المجلس الشعبي الوطني ومجلس األمة‪."...‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- M.MANSOUR, La fonction gouvernementale en Algérie, Thèse de doctorat d'Etat,‬‬
‫‪Faculté de droit, Université d'Alger, 2001, p. 166.‬‬
‫‪ -5‬علي يوسف الشكري ‪ ،‬مبادئ القانون الدستوري والنظم السياسية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار ايتراك للطباعة والنشر والتوزيع‪،2004 ،‬‬
‫ص‪459‬‬

‫‪345‬‬
‫علم السياسة يثبت أن السلطات الدستورية إذا كانت تسير في اتجاه سياسي واحد وتحقق‬
‫تعايش فيما بينها فإنها ال تستخدم اإلخطار وهذا في حد ذاته خطر على المشروعية وهذا ما‬
‫حدث فعال في فرنسا بين مرحلة ‪ 1974‬و‪ 1981‬عندما حجمت األكثرية في مجلس الشيوخ‬
‫الفرنسي والمنتمية إلى الوسط على معاداة الديغوليين وهذا السبب الذي جعل جيسكار ديستان‬
‫عام ‪ 1974‬يدفع باتجاه تعديل الدستور وتوسيع حق اإلخطار إلى المعارضة لتجاوز خطر‬
‫االنسداد‪.1‬‬

‫وما يالحظ في الجزائر هو انتماء الهيئات الثالث رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس‬
‫الشعبي الوطني ورئاسة مجلس األمة إلى نفس االتجاه السياسي (التحالف الرئاسي) هذا‬
‫التحالف صاحب األغلبية الرئاسية في البرلمان الجزائري األمر الذي يؤدي بطبيعته إلى‬
‫انسداد أو عزوف عن القيام باإلخطار وهذا ما لوحظ بالنسبة لعدد القوانين التي صدرت وتم‬
‫إخطار المجلس الدستوري بعدد محدود منها‪.‬‬

‫لكن أال توجد مبررات لحصر حق إخطار المجلس الدستوري في هذه الهيئات الثالث ؟‬
‫هناك من يرى أن إعطاء حق اإلخطار لرئيس الجمهورية مبرره أنه حائز على وكالة شعبية‬
‫باعتباره منتخب عن طريق االقتراع العام المباشر والسري وهو يمارس هذا الحق بصفته‬
‫حاميا للدستور وفق المادة ‪ 70‬من الدستور ذاته‪.‬أما عن حق رئيس غرفتي البرلمان في‬
‫اإلخطار فهذا باعتبارهما ممثالن لهيئتين منتخبتين من طرف الشعب‪.2‬‬

‫كما أن الغاية من إنشاء مجلس دستوري هي فظ النزاع وخلق التوازن بين السلطتين‬
‫التنفيذية والتشريعية بمعنى أدق فصل مجال التشريع على التنظيم ولهذا اإلخطار يكون‬
‫للسلطتين التنفيذية والتشريعية أما السلطة القضائية فمهمتها هي تطبيق القانون فقط وليست‬
‫طرفا في الصراع أما كونها ممثلة بأعضاء في المجلس الدستوري فذلك حتى يعطي المجلس‬
‫الدستوري طابع التخصص فقط‪.3‬‬

‫‪ -1‬هنري روسيون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31 -30‬‬


‫‪ -2‬رابح بوسالم ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.29-28‬‬

‫‪346‬‬
‫أما عن الوزير األول والذي ال يعتبر صاحب دور مهم في النظام الدستوري الجزائري‬
‫والسيما بعد تعديل الدستور في ‪ 2008‬وما نتج عنه من تقليص صالحياته وتقزيم دوره في‬
‫تنسيق العمل الحكومي وتطبيق برنامج رئيس الجمهورية فإن السلطة التنفيذية حقها في‬
‫اإلخطار مضمون لصالح رئيس الجمهورية وال حاجة ألن يمارسه الوزير األول على عكس‬
‫الدور الذي يلعبه الوزير األول في النظام الفرنسي والذي يؤهله إلى اكتساب حق اإلخطار‪.1‬‬

‫‪ - 2‬في تونس‪:‬‬

‫أ ‪ -‬قبل تعديل ‪ 1‬جوان ‪: 2002‬‬

‫أما في تونس فإن حق إخطار المجلس الدستوري يعود لرئيس الجمهورية وحده ويعود‬
‫ربما مبرر ذلك إلى كون المجلس الدستوري هيئة استشارية تابعة لرئيس الجمهورية وليست‬
‫هيئة ذات طابع قضائي فرئيس الجمهورية في تونس يستشير المجلس الدستوري من أجل‬
‫تطوير مشاريع القوانين وجعلها منسجمة مع النظام القانوني فقط كما أن الرئيس يمكن أن‬
‫يوظف رئيس المجلس الدستوري سياسيا حتى يظهر بصفة الحاكم غير المستبد الذي يحترم‬
‫اختصاصاته الدستورية‪.2‬‬

‫ويرى األستاذ رافع بن عاشور‪ ...«:‬إن فاعلية أي جهاز رقابة يقوى ويضعف تبعا‬
‫إلجراءات اإلخطار وكلما كان حق اإلخطار مفتوح كلما توسعت الرقابة وصارت أكثر‬
‫فعالية‪.3»...‬‬

‫وترى األستاذة نادية البرنوسي ‪...«:‬أن رئيس الجمهورية ال يستطيع تفويض حقه في‬
‫اإلخطار إلى هيئات أخرى ألن التفويض يكون بنص دستوري ال يسمح لصاحب‬
‫االختصاص األصيل وهو رئيس الجمهورية أن يفوض هيئة تابعة له‪ ،‬والدستور التونسي ال‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.29‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- M.SAYARI.,op.cit , P 82.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-R. BEN ACHOUR Lisait que: "L'efficacité d'un système de contrôle est plus au moins‬‬
‫‪grand en fonction des modalités de saisine de l'organe de contrôle plus la saisine est ouverte‬‬
‫‪plus le control est étendu et par conséquent plus efficace".‬‬

‫‪347‬‬
‫يعطي رئيس الجمهورية هذا التفويض وبناء عليه فإن كل تفويض يقوم به الرئيس التونسي‬
‫فهو غير دستوري باستثناء الحالة المنصوص عليها في المادة ‪ 56‬والمتعلقة بحالة حدوث‬
‫مانع مؤقت لرئيس الجمهورية يستطيع هذا األخير تفويض بواسطة مرسوم اختصاصاته إلى‬
‫الوزير األول‪.1»...‬‬

‫وهذا ما حاول القيام به الوزير األول التونسي (الغنوشي) عندما فر الرئيس زين العابدين‬
‫بن علي إلى السعودية بعد الثورة الشعبية في تونس في ‪ 14‬يناير ‪2011‬واعتبر ما حدث‬
‫مانع مؤقت لرئيس الجمهورية وعليه فإن الوزير األول يتمتع باختصاصات الرئيس إلى حين‬
‫عودته لكن بعدما تم التراجع عن ذلك واجتمع المجلس الدستوري التونسي على أساس المادة‬
‫‪ 57‬واعتبر الشغور نهائي لرئيس الجمهورية وكلف رئيس المجلس النيابي برئاسة الدولة‬
‫مؤقتا‪.‬‬

‫إن مختلف التعديالت الدستورية المتعاقبة على الدستور التونسي بما فيها تعديل ‪01‬‬
‫جوان ‪ 2002‬أبقت على حق إخطار المجلس الدستوري لرئيس الجمهورية مبعدة بذلك‬
‫السلطة التشريعية واألفراد عن ممارسة هذا الحق‪.‬‬

‫إضافة إلى حرمان السلطات العامة من حق إخطار المجلس الدستوري التونسي فإن‬
‫المؤسس ا لدستوري حرم المجلس الدستوري من اإلخطار التلقائي وحرم المواطن التونسي من‬
‫الطعن أمام المجلس الدستوري وهذا الحرمان يؤدي إلى ضعف الرقابة ويقلل من االعتماد‬
‫عليها كآلية لحماية الدستور وحقوق وحريات المواطن ويقارن األستاذ "أندري هوريو"‪...«:‬‬
‫بين حق األفراد في الطعن بعدم دستورية قانون ما في الواليات المتحدة األمريكية وفرنسا قبل‬
‫تعديل ‪ 2008‬فعدم االعتراف بحق األفراد برفع طعن أمام المجلس الدستوري الفرنسي يقابله‬
‫إقرار هذا الحق في أمريكا في حين أنه في فرنسا مقرر لصالح السلطات‪.2»...‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- N.A BERNOUSSI, op.cit., p. 362 et 536.‬‬
‫‪ -2‬سميرة مرزوق الزغالمي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬

‫‪348‬‬
‫وفي تونس نجد هذا الحق مقرر لرئيس الجمهورية فقط دون السلطات العامة وال‬
‫المواطنين‪ ،‬ذلك فإذا كان الهدف من الرقابة الدستورية هو حماية حقوق األفراد وحرياتهم‬
‫فكان من الواجب عدم حرمانهم من ممارسة هذا الحق واللجوء مباشرة للمجلس الدستوري‪.1‬‬
‫ب ‪ -‬السلطات صاحبة حق اإلخطار بعد تعديل ‪ 01‬جوان ‪: 2002‬‬
‫أعيد طرح مش كلة تحديد السلطة التي لها حق إحالة مشاريع القوانين على المجلس‬
‫الدستوري التونسي باعتبار المجلس الدستوري ال يتحرك من تلقاء نفسه وذلك بمناسبة تعديل‬
‫الدستور ‪ 1‬جوان ‪ ،2002‬حيث بالعودة إلى كل النصوص المتعلقة بالمجلس الدستوري قبل‬
‫تاريخ هذا التعديل ومنذ إحداث المجلس الدستوري في ‪ ،1987‬احتكر حق اإلحالة على‬
‫المجلس الدستوري من طرف جهة واحدة وهي رئاسة الجمهورية‪.2‬‬
‫أبقى تنقيح ‪ 1‬جوان ‪ 2002‬على نظام مركزية حق اإلخطار‪ ،‬في مسألة رقابة الدستورية‬
‫‪ ،‬لكن كون هذا التعديل وسع من صالحيات المجلس الدستوري وكان لهذا التعديل تأثير‬
‫على تح ديد الجهة صاحبة اإلخطار‪ ،‬فقد توسع حق اإلخطار إلى كل من رئيس مجلس‬
‫النواب ‪ ،‬ورئيس مجلس المستشارين‪ ،‬بمناسبة بسط رقابة المجلس الدستوري على األنظمة‬
‫الداخلية لكل مجلس وحق اإلخطار صار حقا لكل رئيس حسب الحالة وهذا حسب ما نصت‬
‫عليه المادة ‪ 2-19‬من قانون ‪ 12‬جويلية ‪ ، 2004‬المتعلق بالمجلس الدستوري التونسي‪.3‬‬
‫أزالت هذه المادة الغموض الذي جاءت بها المادة ‪ 75‬بعد التعديل حيث نصت‪«:‬يعرض‬
‫النظام الداخلي لمجلس النواب ولمجلس المستشارين على المجلس الدستوري قبل العمل بهما‬
‫وذلك للنظر في مطابقتهما للدستور أو مالءمتهما له» فجاء األمر مبني للمجهول ولم يذكر‬
‫رئيسي غرفتي البرلمان‪.4‬‬

‫كما صار المجلس الدستوري التونسي يمارس اإلخطار الذاتي " ‪ "L'autosaisine‬وهذا‬
‫في الحالة المنصوص عليها في المادة ‪ 57‬بعد التعديل والمتعلقة بشغور منصب رئاسة‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.25‬‬


‫‪ -2‬هدى بن خليفة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 2-19‬من قانون ‪ 12‬جويلية ‪. 2004‬‬
‫‪ -4‬هدى بن خليفة‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.39‬‬

‫‪349‬‬
‫الجمهورية‪،1‬وبمناسبة االنتخابات الرئاسية واالنتخابات التشريعية وصحة االستفتاء أصبح‬
‫عديد من الجهات التي تملك الصفة أن تخطر المجلس الدستوري حول منازعة انتخابية‪.2‬‬

‫لقد انتقلت تونس من نظام احتكار حق إخطار المجلس الدستوري من طرف رئيس‬
‫الجمهورية إلى تعدد الجهات التي يمكن أن تقوم بإخطار المجلس الدستوري وذلك تماشيا مع‬
‫توسع دور المجلس الدستوري التونسي من خالل تعديل ‪ 1‬جوان ‪.2002‬‬

‫‪ - 3‬السلطات صاحبة حق اإلخطار في المغرب ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬مرحلة الغرفة الدستورية ‪:‬‬

‫إن إحالة النصوص القانونية على الغرفة الدستورية يمارسها كل من الوزير األول ورئيس‬
‫مجلس النواب‪ ،‬حيث يقوم الوزير األول المغربي بتبليغ القوانين التنظيمية التي تصدر عن‬
‫مجلس النواب‪ ،‬وهذا حسب ما بينته المادة ‪ 16‬من القانون التنظيمي للغرفة الدستورية‪،‬‬
‫وكذلك يحق للوزير األول عرض القوانين المبينة في إطار المادة ‪ 47‬من دستور ‪1972‬‬
‫على الغرفة الدستورية‪.3‬‬

‫كما يخطر رئيس مجلس النواب الغرفة الدستورية حتى ت ارقب النظام الداخلي لمجلس‬
‫النواب وكل التعديالت التي تدخل عليه وسبق للغرفة الدستورية في قرارها عدد ‪ 1‬أن رفضت‬
‫الفصل في مدى دستورية الفصلين ‪ 12‬و‪ 24‬من النظام الداخلي لمجلس النواب ألن اإلحالة‬
‫تمت من طرف ‪ 06‬ستة نواب وليس من طرف رئيس مجلس النواب وورد في ذلك قرار‪.4‬‬

‫أجبر المؤسس الدستوري المغربي أمام ضغط المعارضة المغربية على توسيع حق‬
‫اإلخطار إلى سلطات عامة أخرى ولهذا صار من حق كل من الوزير األول ورئيس مجلس‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -3‬عبد الرزاق مصلح ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪..35‬‬
‫‪... " -4‬أن هذه الغرفة لكي تنظر في دستورية النظام الداخلي لمجلس النواب يجب إحالته عليها من طرف رئيس المجلس‬
‫دون سواه وأنه ليست لباقي النواب صالحية لعرضه كال أو جزءا على نظرها للغاية المذكورة مما يجعل الطلب المرفوع من‬
‫طرف السادة النواب المذكورين أعاله الرامي إلى البت في دستورية فصلين من القانون الداخلي ورفض المصادقة عليهما‬
‫غير مقبول (الفصالن ‪ 12‬و‪ 24‬من القانون ‪ 11‬الداخلي) لهذه األسباب تصرح بأن المطلب غير مقبول"‪.‬‬

‫‪350‬‬
‫النواب والملك و ربع أعضاء مجلس النواب إخطار المجلس الدستوري الذي نص عليه‬
‫دستور ‪ 1992‬كبديل عن الغرفة الدستورية ‪.‬‬

‫ب‪ -‬مرحلة المجلس الدستوري ‪:‬‬

‫حسب المادة ‪ 81‬من الدستور المغربي ‪ 1992‬فإن حق اإلخطار يتمتع به كل من الوزير‬


‫األول ‪،‬ورئيس مجلس النواب‪ ،‬الملك‪ ،‬ورئيس مجلس المستشارين‪ ،‬كما أصبح حق اإلخطار‬
‫من حق ربع أعضاء مجلس النواب ‪،‬وكذا ربع أعضاء مجلس المستشارين‪ ،‬وتتم إحالة‬
‫القوانين قبل تنفيذها‪ ،‬واعتبر إعطاء حق اإلخطار إلى عدد معين من النواب نقلة نوعية‬
‫إلشراك األقلية البرلمانية في مجال الرقابة وبذلك يصير المجلس الدستوري المغربي حكما‬
‫بين األكثرية الحاكمة في البرلمان واألقلية المعارضة فيه‪.1‬‬

‫* الملك‪ :‬وفق المادة ‪ 79‬من دستور المملكة المغربية ‪1996‬فإن لملك البالد الحق في‬
‫إخطار المجلس الدستوري وهذا الحق لم يكن يملكه الملك في ظل الغرفة الدستورية‪.2‬‬

‫* الوزير األول‪ :‬نظ ار للمسؤولية التي يتحملها الوزير األول المغربي في ظل النظام‬
‫السياسي المغربي فإنه يتمتع بحق إخطار المجلس الدستوري‪.3‬‬

‫* رئيس مجلس النواب ‪ :‬يتمتع رئيس مجلس النواب المغربي بحق إخطار المجلس‬
‫الدستوري نظ ار ألهمية دوره في صناعة التشريع‪.‬‬

‫* رئيس مجلس المستشارين‪ :‬يحق لرئيس مجلس المستشارين إخطار المجلس‬


‫الدستوري المغربي وفق دستور ‪ 1996‬نظ ار للدور الذي يعلبه هذا المجلس باعتباره الغرفة‬
‫الثانية في البرلمان المغربي وهذا حسب المادة ‪ 81‬من دستور المغرب ‪.41996‬‬

‫‪ -‬فريد غربال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬عبد السالم محمد الغنامي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.328‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.329‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ - 4‬الفصل الحادي والثمانون ‪ 81‬من دستور المغرب ‪ " :1996‬تحال القوانين التنظيمية قبل إصدار األمر بتنفيذها والنظام‬
‫الداخلي لكل من غرفتي البرلمان قبل الشروع في تطبيقها إلى المجلس الدستوري ليبت في مطابقتها للدستور‪.‬‬
‫وللملك أو الوزير األول أو رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين أو ربع أعضاء مجلس النواب أو أعضاء‬
‫مجلس المستشارين أن يحيلوا القوانين قبل إصدار األمر بتنفيذها إلى المجلس الدستوري ليبت في مطابقتها للدستور"‪.‬‬

‫‪351‬‬
‫‪ - 4‬السلطات صاحبة حق اإلخطار في موريتانيا ‪:‬‬

‫يملك المؤسس الدستوري الموريتاني فرصا أكبر لممارسة رقابته وهذا لتعدد الجهات التي‬
‫تملك حق إخطاره مقارنة بباقي دول المغرب العربي وتتمثل الجهات صاحبة حق إخطار‬
‫المجلس الدستوري الموريتاني في كل من‪:‬‬

‫أ ‪ -‬رئيس الجمهورية ‪ :‬يحق لرئيس الجمهورية إحالة القوانين العادية على المجلس‬
‫الدستوري وفق المادة ‪ 86‬فقرة ‪ 03‬من الدستور وكذا االلتزامات الدولية وفق المادة ‪ 79‬من‬
‫الدستور‪.‬‬

‫كما أن لرئيس الجمهورية أن يطلب من المجلس الدستوري وفق المادة ‪ 62‬من الدستور‬
‫البت في خالف قد يقع بين الحكومة والبرلمان بعد دفع الحكومة بعدم قبول مقترحات أو‬
‫تعديالت على مشروع قانون الحكومة من طرف أعضاء البرلمان وفي هذا الصدد يرى‬
‫األستاذ أحمد سالم ولد ببوط‪...«:‬أن إسناد هذا الحق لرئيس الجمهورية ال ينسجم مع غيره‬
‫من اختيارات دستور ‪ 20‬يوليو ‪ ،1991‬حيث يرى أن الوزير األول هو الذي يشترك باسم‬
‫السلطة التنفيذية في اإلجراءات التشريعية مما يجعله األنسب لتولي إخطار المجلس‬
‫الدستوري بهذا الشأن عند االقتضاء‪.1»...‬‬

‫الوزير األول‪ :‬حسب المادة ‪ 17‬من النظام األساسي للمجلس الدستوري‬ ‫ب ‪-‬‬
‫الموريتاني فإن الوزير األول يحيل القوانين النظامية (العضوية) بعد المصادقة عليها من‬
‫طرف البرلمان على المجلس الدستوري فهنا دور الوزير األول ال يتعدى استالم القوانين‬
‫ووضعها لدى المجلس الدستوري وفقا للمادة ‪ 86‬من دستور موريتانيا‪.2‬‬

‫ال يملك الوزير األول الموريتاني حق إحالة القوانين األساسية على المجلس الدستوري‬
‫من تلقاء نفسه وانما الدستور يلزمه بالقيام بهذه العملية اإلدارية وهذا الموقف يشكل تراجعا‬

‫‪ -1‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.60‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.61‬‬

‫‪352‬‬
‫على الدور الذي كان يلعبه الوزير األول في ظل الغرفة الدستورية حيث كان من حق‬
‫أعضاء الحكومة إحالة األوامر القانونية على المحكمة العليا‪.1‬‬

‫إال أن الوزير األول الموريتاني من حقه طلب من المجلس الدستوري نزع الطابع‬
‫التشريعي (‪ )Délégalisation‬من النصوص التي تعود إلى اختصاص الطابع التنظيمي‬
‫والهدف من ذلك هو تمكين السلطة التنفيذية من تعديلها بواسطة مراسيم حسب ما نصت‬
‫عليه المادة ‪ 54‬من الدستور‪.2‬‬

‫أ ‪ -‬رئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ‪ :‬يحيل كل من رئيس الجمعية‬


‫الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ النظام الداخلي لمجلسه حسب المادة ‪ 86‬من الدستور‬
‫الموريتاني على المجلس الدستوري وهذه اإلحالة إلزامية بحيث ال تطبق هذه األنظمة عند‬
‫صدورها أو بعد تعديلها حتى يعلن المجلس الدستوري مطابقتها للدستور ووفقا لنفس المادة‬
‫(‪ 86‬من الدستور) يحق لرئيس غرفتي البرلمان إحالة القوانين العادية على المجلس‬
‫الدستوري‪ ،‬أما المادة ‪ 79‬من دستور موريتانيا ‪،‬فتعطي حق لرئيس مجلس النواب‬
‫والمستشارين بإح الة االلتزامات الدولية على المجلس الدستوري لينظر في مدى مطابقتها‬
‫للدستور‪.3‬‬

‫‪ - 2‬األقلية البرلمانية‪:‬‬

‫لقد أعطى التعديل الدستوري الفرنسي المؤرخ في ‪ 01‬أكتوبر ‪ ،1974‬والذي انصب على‬
‫إمكانية إخطار المجلس الدستوري بناء على المادة ‪ 61‬من دستور ‪ 04‬أكتوبر ‪ 1958‬وتم‬
‫تكملة هذا التعديل بتعديل ‪ 25‬جوان ‪ 1992‬الذي غير المادة ‪ 54‬المتعلقة بمراقبة مدى‬
‫مطابقة االلتزامات الدولية مع الدستور أعطى الحق لستين نائبا (‪ )60‬أو (‪ )60‬شيخا مراجعة‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 24‬من القانون النظامي المتعلق بالمجلس الدستوري الموريتاني‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫" ‪- Art 24 de la loi n° 92-04 du 18 février 1992, Portant loi organique sur le c. constitutionnel‬‬
‫‪Dans le cas prévus à l'article 59 (Alinéa 2) de la constitution, le conseil constitutionnel est‬‬
‫‪saisi par le premier ministre".‬‬
‫‪ -3‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.62‬‬

‫‪353‬‬
‫المجلس الدستوري الفرنسي والمطالبة بمراقبة مدى دستورية نص قانوني أو التزام دولي‪ 1‬مع‬
‫اإلشارة إلى أن العميد فافورو‪ ...«:‬يرى أن هذا العدد ‪ 60‬ستون كبير وتمنى لو كان العدد‬
‫(‪ )50‬خمسون مثلما هو الحال في إسبانيا ‪ 50‬خمسون نائبا أو ‪ 50‬شيخا‪.2»...‬‬

‫يبدو أنه ليس شرطا أن يكون ‪ 60‬نائبا أو ‪ 60‬شيخا من المعارضة بل يمكن أن يكون‬
‫هؤالء الستون من األغلبية الحاكمة إذا فقد التجانس السياسي داخل البرلمان وهذا ما حدث‬
‫فعال سنة ‪ 1975‬عندما طرح جزء من الديغوليين األغلبية الحاكمة في تلك المرحلة قانون‬
‫"في" "‪ " VEIL‬القانون الذي يسمح باإلجهاض لرقابة المجلس الدستوري ونفس الحال بالنسبة‬
‫لقانون ذو الصلة بـ (‪ )Bioéthique‬الذي يعني قانون أخالقيات البيولوجي العـام ‪.31974‬‬

‫ويالحظ أن اإلخطارات التي قدمت للمجلس الدستوري من طرف األقلية البرلمانية هي‬
‫الغالبة مقارنة بتلك المقدمة من طرف رئيس الجمهورية أو الوزير األول أو من طرف رئيس‬
‫مجلس البرلمان وحتى سنة ‪ 1994‬تقدم النواب (‪ )284‬مائتان وأربع وثمانون طلبا" بعدم‬
‫دستورية قانون أو نص في قانون وصدر من المجلس الدستوري ‪ 199‬حكم حول هذه‬
‫الطلبات وقضى ‪ 92‬منها بعدم الدستورية‪.4‬‬

‫كان يقصد التعديل الدستوري الصادر بواسطة القانون الدستوري رقم ‪ 904‬المؤرخ في‬
‫ستون برلمانيا ‪،‬وكان هذا‬ ‫‪ 29‬أكتوبر ‪ ،1979‬ستون نائبا أو ستون شيخا وال يقصد‬
‫الغموض محل تعديل برلماني عند مناقشة مشروع هذا القانون حيث تمت اإلشارة إلى‬
‫ضرورة احترام الثنائية البرلمانية في اإلخطار ورغم أن العدد ‪ 60‬ستون كبير وال يسمح للكتل‬
‫البرلمانية بإخطار المجلس الدستوري وهناك بعض رجال الفقه الدستوري الفرنسي من ينصح‬
‫بضرورة تخفيض عدد النواب إلى ‪ 20‬نائبا ‪،‬وعدد الشيوخ إلى ‪ 15‬شيخا‪ ،‬يمكنهم إخطار‬
‫المجلس الدستوري وهو العدد األدنى لتشكيل كتلة على مستوى مجلس النواب (‪ 60‬نائب)‬
‫‪،‬أو كتلة على مستوى مجلس الشيوخ (‪ 15‬شيخ)‪.5‬‬

‫‪ -1‬هنري روسيون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬


‫‪ -2‬يحي الجمل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.72‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- Le conseil constitutionnel, 40 Ans. L. G. D. J, op.cit., P 358.‬‬

‫‪354‬‬
‫كما أن اشتراط عدد ‪ 60‬نائبا‪ ،‬أو ‪ 60‬شيخا‪ ،‬له ما يبرره مثل عدم السماح لكثرة‬
‫اإلخطارات المشابهة األمر الذي يرهق المشرع والمجلس الدستوري‪.‬‬

‫يبدو أن المؤسس الدستوري الجزائري والتونسي‪ ،‬لم يعطي األقلية في البرلمان حق‬
‫إخطار المجلس الدستوري ألسباب ومبررات مختلفة‪ ،‬رغم أن النقل واضح على ما جاء في‬
‫دستور عام ‪ 1958‬الفرنسي‪ ،‬أما المغرب فقد أعطى حق اإلخطار إلى األقلية في البرلمان‬
‫منذ دستور ‪ ،1992‬وكذا الحال في دستور ‪ 1996‬أما موريتانيا ‪،‬فقد أعطت حق األقلية‬
‫البرلمانية حق إخطار المجلس الدستوري‪.‬‬

‫ب‪ -‬المغرب وموريتانيا‪ :‬أعطى الدستور المغربي ‪ 1992‬والمعدل سنة ‪، 1996‬كل من‬
‫عدد النواب و من عدد أعضاء مجلس المستشارين إخطار المجلس الدستوري المغربي‬
‫وهذا من أجل توسيع مجال الرقابة واعطاء وسيلة للمعارضة‪.‬‬

‫ثلث عدد مجلس الشيوخ‪ ،‬بحق إخطار المجلس‬ ‫ثلث عدد مجلس النواب‪،‬‬ ‫يتمتع‬
‫الدستوري الموريتاني‪ ،‬وذلك وفق المادة ‪ 86‬والمادة ‪ 79‬من الدستور‪.1‬‬

‫هذا الحق الذي تتمتع به األقلية في البرلمان الموريتاني يمكنها من مواجهة األغلبية‬
‫داخل البرلمان فإذا استطاعت األغلبية حشد أصوات نوابها لصالح قانون معين تعتقد األقلية‬
‫أنه ال يعبر عن إرادة األمة‪ ،‬أمكن لهذه األقلية تعطيل هذا القانون من خالل الدفع أمام‬
‫المجلس الدستوري بعدم دستوريته‪.‬‬

‫أما من حيث عدد النواب أو عدد المستشارين الثلث فيرى البعض من المختصين‬
‫بالحياة الدستورية في موريتانيا أنه كبير ويصعب تحصيله ويقترحون تخفيضه إلى نفس العدد‬
‫المشترط في تكوين الكتل البرلمانية‪.2‬‬

‫يالحظ من الناحية العملية أنه رغم تمتع األقلية البرلمانية في موريتانيا والمغرب من حق‬
‫إخطار المجلس الدستوري حول القوانين العادية‪ ،‬وااللتزامات الدولية‪ ،‬إال أن هذه المجالس لم‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 86‬من دستور موريتانيا المؤرخ في ‪ 20‬جوان ‪ ..." : 1991‬وكذلك لرئيس الجمهورية ولرئيس الجمعية الوطنية‬
‫ولرئيس مجلس الشيوخ ولثلث ( ) نواب الجمعية الوطنية ولثلث ( ) أعضاء مجلس الشيوخ تقديم القانون قبل إصداره إلى‬
‫المجلس الدستوري‪."...‬‬
‫‪ -‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.63‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪355‬‬
‫تقم بهذه اإلخطارات ولم تحرك هذه اآللية في صالح الديمقراطية ودولة القانون وعلى عكس‬
‫ما حدث بعد تعديل الدستور الفرنسي سنة ‪، 1974‬واعطاء هذا الحق لألقلية البرلمانية‪.‬‬
‫يبدو أن هذا السلوك السلبي يرجع حسب اعتقادي إلى عاملين أولهما نقص أو ضعف‬
‫الثقافة الدستورية لدى النواب وصعوبة إجماعهم وتحقيق الحد أو العدد المطلوب دستوريا‬
‫لتقديم اإلخطار‪ ،‬وثانيهما هو سيطرة السلطة التنفيذية على الحياة الدستورية والسياسية‬
‫وتدهور وتقهقر دور البرلمانات‪.‬‬
‫يؤدي التجاهل المستمر في إحالة القوانين على المجلس الدستوري من الناحية العملية‬
‫إلى تعطيل الرقابة الدستورية على القوانين العادية‪ ،‬وااللتزامات الدولية‪ ،‬وتبقى الرقابة‬
‫الدستورية مجرد تصور قانوني بعيد عن الواقع ولقد تم استنتاج هذه المالحظات من الواقع‬
‫بحيث معدالت النشاط التشريعي ال تتناسب تماما مع عدد اإلحاالت فيما وصل نشاط‬
‫البرلمان الموريتاني خالل دوراته الثمانية األولى إلى إنتاج (‪ )14‬أربعة عشرة قانونا للدورة‬
‫الواحدة فإن عدد اإلحاالت لم يتجاوز الحالتين في كل ثالثة دورات‪.1‬‬
‫‪ - 3‬حق األفراد في االتصال بالقاضي الدستوري ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬المسألة األولية الدستورية ‪:‬‬
‫تبنى الدستور الفرنسي من خالل تعديل ‪ 23‬جويلية ‪ 2008‬المسألة األوليةالدستورية‬
‫والتي سمح من خاللها ألول مرة بمراقبة نص تشريعي بعد صدوره ونفاذه وذلك بهدف حماية‬
‫الحقوق والحريات األساسية للمواطن الفرنسي‪ ،‬التي تعتبر من المبادئ الدستورية العامة‪،‬‬
‫وبهذه الخطوة يكون القضاء الدستوري الفرنسي اقترب كثي ار من نظرائه في أوروبا‪.‬‬

‫سمح هذا التعديل للفرد الفرنسي بمنازعة نص تشريعي في مجال الحقوق والحريات وفق‬
‫إجراءات محددة أشرك فيها القاضي العادي‪،‬والقاضي اإلداري‪ ،‬إلى جانب القاضي الدستوري‬

‫‪ -1‬خارج إطار رقابة دستورية القوانين‪ ،‬طلب رئيس مجلس الشيوخ رأي المجلس الدستوري مرتين وكانت االستشارة األولى‬
‫حول انطباق مقتضيات التعارض مع عضوية البرلمان على الحالة الخاصة بموظف في البنك المركزي‪ ،‬أما االستشارة‬
‫الثانية فكانت حول قيمة قانون خضع لتغيير طفيف بمناسبة إصداره من طرف الجهات المختصة وفي الحالتين أعلن‬
‫المجلس الدستوري أنه ال يستطيع اإلجابة على طلب الرئيس مجلس الشيوخ لعدم االختصاص وقد صاغ المجلس هذا‬
‫االمتناع في الق اررين‪ 2/001 :‬د بتاريخ ‪ 2‬ديسمبر ‪1992‬؛ ‪ /001‬م د بتاريخ ‪ 30‬يناير ‪.19963‬‬
‫‪ -2‬محمد فال ولد المجتبي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.66‬‬

‫‪356‬‬
‫‪ ،‬ويعد هذا التعديل اتساع دور المجلس الدستوري الفرنسي فباإلضافة إلى الرقابة القبلية على‬
‫صدور القانون والتي تمارس بواسطة اإلخطار من جهات دستورية محددة تم السماح للفرد‬
‫الفرنسي بتحريك دعوى ضد القانون الدستوري‪ ،1‬هذا األمر نجده في المحكمة الدستورية‬
‫األلمانية‪،‬والمحكمة اإلسبانية‪ ،‬التي باإلضافة إلى تحريكها من طرف جهات دستورية معنية‬
‫للنظر في مدى دستورية قانون ساري المفعول فإنها تنظر في النزاعات والطعون المرفوعة‬
‫إليها من المواطنين وبإحالة من المحاكم العادية واإلدارية‪ ،2‬وفي هذه اآللية ضمانة أكبر‬
‫لحماية الحقوق والحريات األساسية للمواطن عن طريق إشراك القضاء بطرق مختلفة‪،‬‬
‫باإلضافة إلى أن المحاكم الدستورية في ألمانيا‪ ،‬واسبانيا‪ ،‬تقبل الطعن المباشر من مواطنيها‬
‫في حالة تعرضهم لتجاوز النص القانون من السلطات العمومية‪.3‬‬

‫تسمح المسألة األولية الدستورية بمراقبة مدى مطابقة التشريع للدستور وتتعدى ذلك إلى‬
‫مراقبة مدى مطابقة التشريع للمبادئ الدستورية العليا ‪،‬واإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‬
‫واعالن الحقوق السياسية و المدنية ‪،‬فعلى المجلس الدستوري أن يراقب مدى احترام التشريع‬
‫الفرنسي لحقوق وحريات المواطن الفرنسي مهما كان مصدر هذه الحريات والحقوق وله أن‬
‫يتوسع في ذلك إلى خارج إطار الوثيقة الدستورية ونجد المجلس الدستوري الفرنسي يركز‬
‫على احترام المادة ‪ 16‬من إعالن ‪ ،1789‬والمتعلق بمبدأ فصل السلطات وضمان الحقوق‬
‫وحماية المراكز القانونية المكتسبة وحق الطعن والمساواة أمام القانون واجراءات وضمانات‬
‫المحكمة الجنائية وبالتالي فإن إعالن ‪ 1789‬شكل إلى يومنا هذا المصدر األساسي للحقوق‬
‫والحريات التي تثيرها المسألة األولية الدستورية أمام القاضي الدستوري‪ ،4‬كما أن ديباجة‬
‫دستور فرنسا ‪، 1946‬يشكل أيضا حقال واسعا لممارسة هذا النوع من الرقابة على التشريع‬

‫‪-M. JOELLE, R. FICHOT, Le conseil constitutionnel, la question Prioritaire de‬‬


‫‪constitutionnalité et les droits et les libertés que la constitution garantit, Revue C. R. D. F n°‬‬
‫‪9, p. 41.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Ibid, p. 42.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Voir Les Articles 161- 162 et 163 de la constitution espagnole du 29 novembre 1978, et les‬‬
‫‪Articles 93 et 100 de la loi Fondamentale allemande du 23 Mai 1949.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- M. JOELLE, R. FICHOT , op. cit, p. 43.‬‬

‫‪357‬‬
‫حيث جاء في ديباجة ‪ 1946‬النص على مجموعة من الحقوق والحريات من بينها حق‬
‫إنشاء الجمعيات ‪،‬واستقاللية األستاذ الباحث‪ ،‬مبدأ الكرامة اإلنسانية‪ ،‬وعدم انتهاك الحرمة‬
‫الجسدية لإلنسان‪ ،‬والحرية النقابية‪ ،‬حق مساهمة العمال في تسيير مؤسساتهم ‪،‬الحق في‬
‫العمل‪ ،‬الحق في حياة أسرية عادية الحق في الحماية الصحية‪.1‬‬

‫لم يكن يسمح لألفراد بإخطار المجلس الدستوري الفرنسي إلى غاية تعديالت الدستور‬
‫التي أقرت سنة ‪ 2008‬والتي نصت في المادة ‪ 61‬مكرر معدلة بأنه يحق لألفراد وبمناسبة‬
‫دعوى منشورة أمام القاضي العادي أو القاضي اإلداري الدفع بعدم دستورية قانونا ما‪ ،‬وهذه‬
‫تعتبر رقابة الحقة على القانون بعد صدوره ودخوله حيز النفاذ‪ ،‬وتتم هذه اإلجراءات بعد أن‬
‫يتأكد القاضي الذي رفعت أمامه الدعوى من جدية الدفع بعدم الدستورية يقوم بإحالته على‬
‫مجلس الدولة (قضاء إداري)‪ ،‬أو على محكمة النقض (قضاء عادي)‪ ،‬هذه األخيرة تقوم‬
‫بإحالة الدفع بعد قيامها بالتصفية على المجلس الدستوري حتى يقرر مدى دستورية القانون‬
‫محل الطعن بعدم الدستورية‪ ،‬واذا قرر المجلس الدستوري ذلك يلغى األحكام التشريعية‬
‫المشوبة بعدم الدستورية‪.2‬‬

‫لقد استطاع هذا التعديل إشراك المواطن الفرنسي في عملية الرقابة على دستورية القوانين‬
‫بطريقة غير مباشرة وبهذا اكتمل النقص الذي كانت تعاني منه آلية الرقابة السابقة التي‬
‫سمحت بصدور عدة قوانين رغم عدم دستوريتها وبهذا صار باإلمكان مراقبة مدى دستورية‬
‫القانون حتى بعد صدوره ودخوله حيز النفاذ‪.3‬‬

‫جاء في نص المادة ‪ 61‬فقرة ‪ 1‬من القانون الدستوري رقم ‪ 2008/724‬المؤرخ في ‪23‬‬


‫جويلية ‪ 2008‬مايلي‪ «:‬إنه بمناسبة دعوى منشورة أمام جهة قضائية والتي يالحظ أن تشريعا‬
‫ما يحمل خرقا للحقوق والحريات التي يضمنها الدستور يمكن أن يتم إخطار المجلس‬

‫‪1‬‬
‫‪- Ibid,.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- G.DRAGO, la défense de la constitution, op. cit. p. 26.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Ibid,.‬‬

‫‪358‬‬
‫الدستوري بهذه المسألة بواسطة إحالة من طرف مجلس الدولة أو محكمة النقض ويتم‬
‫إصدار قرار في آجال محددة‪،‬يحدد قانون عضوي شروط تطبيق هذه المادة»‪.1‬‬

‫يضاف إلى ذلك ما جاء في المادة ‪ 62‬من التعديل الدستوري والتي ترتبط بالمادة ‪1-61‬‬
‫التي تبدي أن األحكام التي يثبت عدم دستوريتها بناء على المادة ‪ 61‬معدلة ال يمكن‬
‫إصدارها‪.‬‬

‫وبناء عليه فإن األحكام التي أقر المجلس الدستوري الفرنسي عدم دستوريتها بناء على‬
‫نص المادة ‪ 61‬من التعديل الدستوري ‪ 2008‬تلغى ابتداء من تاريخ نشر قرار المجلس‬
‫الدستوري أو ابتداء من تاريخ الحق يحدده قرار المجلس الدستوري ذاته‪ ،‬ويحدد المجلس‬
‫الدستوري الشروط والحدود التي تترتب على النتائج التي ترتبت على هذه األحكام‪.2‬‬

‫ال يمكن الطعن في ق اررات المجلس الدستوري فهي ملزمة للسلطات العمومية وكل سلطة‬
‫إدارية وقضائية‪.3‬‬

‫ال بد من اإلشارة إلى أن المجلس الدستوري الفرنسي قام بمراقبة قانون ساري المفعول‬
‫قبل صدور تعديالت ‪ ، 2008‬وذلك بمناسبة ق ارره المؤرخ في ‪ 25‬جانفي ‪ 1985‬المسمى‬
‫بحالة الطوارئ في كاليدونيا الجديدة واعتبر في هذا القرار أنه بإمكانه بسط الرقابة على‬
‫قانون ساري المفعول بمناسبة فحصه ألحكام تشريعية معدلة له أو مكملة له محالة عليه‪.4‬‬

‫ب ‪ -‬اإلجراءات المتبعة أمام المجلس الدستوري‪:‬‬

‫لقد أحالت المادة ‪ 01/61‬من التعديل الدستوري المؤرخ في ‪ 23‬جويلية ‪ 2008‬على‬


‫قانون عضوي يحدد شروط ممارسة المواطن لحق إخطار المجلس الدستوري ورغم أن الكثير‬
‫كان يعتقد أن هذا القانون العضوي سيستلهم الكثير من أحكامه من مشروع القانون العضوي‬

‫‪1‬‬
‫‪- Art 61 alénia 01 de la loi constitutionnel n° 2008, 724 du 23 juillet 2008, modernisation des‬‬
‫‪institutions de la V République, p. 11890.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Art 62 la Lois du 23 Juillet 2008.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-G. DRAGO., la défense de la constitution, op.cit, p., 26.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Ibid., p. 38.‬‬

‫‪359‬‬
‫لسنة ‪ 1990‬لكن سارت المسائل على خالف ذلك تماما بحيث أن مشروع القانون العضوي‬
‫الذي أحالت عليه المادة ‪ 1-61‬من التعديل الدستوري في ‪ 23‬يوليو ‪ 2008‬جاء مخالفا‬
‫تماما لمشروع القانون العضوي لسنة ‪ 1990‬وذلك الختالف أحكام المادة ‪ 1-61‬من قانون‬
‫‪ 23‬يوليو ‪ 2008‬ذاته‪.‬‬

‫أضاف القانون العضوي المؤرخ في ‪ 08‬أفريل ‪ 2009‬رقم ‪ 1599‬عدة مواد من المادة‬


‫‪ 23/1‬إلى المادة ‪ 23/7‬إلى األمر رقم ‪ 1067/58‬المؤرخ في ‪ 07‬نوفمبر ‪ 1958‬والمتضمن‬
‫القانون العضوي الخاص بالمجلس الدستوري‪،‬وحتى يتم إحالة الدفع بعدم الدستورية على‬
‫المجلس الدستوري من طرف قضاة مجلس الدولة‪ ،‬أو قضاة محكمة النقض‪ ،‬حسب الحالة ال‬
‫بد من توافر ثالثة شروط حسب المادة ‪ 02/23‬من مشروع القانون العضوي‪.‬‬

‫‪ -‬الشرط األول أن تكون أحكام المادة القانونية موضوع النزاع تشكل نزاعا جديا حول‬
‫مدى دستوريتها‪.‬‬

‫‪ -‬الشرط الثاني لم يتم الحكم بدستوريتها سابقا من طرف المجلس الدستوري‪.‬‬

‫‪ -‬الشرط الثالث أن يكون الدفع بعدم الدستورية مؤسسا‪.1‬‬

‫يمر الدفع بعدم الدستورية الذي أقرته المادة ‪ 61‬من قانون ‪ 23‬جويلية ‪ 2008‬لصالح‬
‫األفراد إلى معالجة مزدوجة تتم من طرف قاضي الموضوع الذي قام الدفع أمامه بمناسبة‬
‫نظره في منازعة عادية‪ ،‬أو إدارية ‪،‬فإذا تأكد من جدية الدفع وصحة تأسيسه وعدم صدور‬
‫قرار من المجلس الدستوري بشأن مدى دستوريته يحيل القضية مع الدفع على مجلس الدولة‬
‫أو محكمة النقض‪ ،‬حسب الحالة ويقوم في المرحلة الالحقة رئيس مجلس الدولة أو رئيس‬
‫محكمة النقض بإحالة القانون محل الدفع بعدم الدستورية على المجلس الدستوري بعد قيامه‬
‫بالتصفية‪ ،2‬يقوم المجلس الدستوري بالفصل في الموضوع ويصدر ق ارره في أجل ‪ 03‬أشهر‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Ibid.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- D.ROUSSEAU; Droit du contentieux constitutionnel, op.cit., p. 68.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-H. ROUSSILLION, op.cit., p. 109.‬‬

‫‪360‬‬
‫ت‪ -‬اآلثار المترتبة عن الدفع بعدم الدستورية ‪:‬‬

‫إذا صرح المجلس الدستوري بمطابقة القانون محل الدفع بعدم الدستورية للدستور استمر‬
‫القاضي في النظر في الدعوى المنشورة أمامه وتطبيق القانون على النزاع‪ ،‬أما إذا صرح‬
‫المجلس الدستوري بعدم مطابقة القانون محل الدفع بعدم الدستورية للدستور فإن القانون يلغي‬
‫وتتوقف الدعوى الموضوعة أمام القاضي العادي‪ ،‬أو القاضي اإلداري‪.1‬‬

‫يكون إلغاء القانون المشوب بعيب عدم الدستورية بأثر فوري وال يتمتع بالرجعية ضمانا‬
‫الستقرار المعامالت‪ ،‬وذلك من تاريخ نشر قرار المجلس الدستوري‪ ،‬ويكون قرار المجلس‬
‫الدستوري ملزما لجميع السلطات وغير قابل للطعن وال يمكن تطبيق القانون المحكوم بعدم‬
‫دستوريته في الدعاوى المنشورة أمام القضاء والمستقبلية‪.2‬‬

‫أما دول المغرب العربي فلم تعترف بحق أفرادها بإخطار المجلس الدستوري سواء بطريقة‬
‫مباشرة‪ ،‬أو بطريقة غير مباشرة‪ ،‬ورغم أن الجزائر اعترفت بحق المجلس الدستوري بممارسة‬
‫رقابة على القوانين بعد صدورها في الجريدة الرسمية ودخولها حيز النفاذ إال أن حق‬
‫اإلخطار بقي تتمتع به السلطات العمومية فقط ممثلة في رئيس الجمهورية‪ ،‬أما المغرب‬
‫وتونس وموريتانيا فلم تعترف بحق ممارسة األفراد لحق اإلخطار‪ ،‬الى غاية دستور ‪2011‬‬
‫المغربي ودستور ‪ 2014‬التونسي حيث تبنى المغرب نظام المحكمة الدستورية في دستوره‬
‫الجديد المؤرخ في ‪ 1‬جويلية ‪ 2011‬األمر الذي سيفتح الباب للمواطنين عن طريق الدعوى‬
‫القضائية‪.،‬حيث جاء في المادة ‪ 133‬منه ما يعطي الحق للمواطن المغربي إذا كان طرفا في‬
‫نزاع بالدفع بعدم دستورية قانون سيطبق على النزاع وهذا القانون يمس بالحقوق والحريات‬
‫التي يضمنها الدستور وعلى المحكمة الدستورية أن تنظر في هذا الدفع وتصدر في شأنه‬
‫قرار‪ ،‬وأحالت المادة ‪ 133‬على قانون تنظيمي يحدد شروط واجراءات تطبيق هذه المادة‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- D.ROUSSEAU, Ibid,. p. 68.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- D.ROUSSEAU, Ibid., p.110.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 1-33‬دستور المملكة المغربية لعام ‪.2011‬‬

‫‪361‬‬
‫وبهذا يمارس الدفع بعدم دستورية القوانين من طرف المتقاضين بمناسبة نظر محاكم‬
‫الموضوع في دعوى منشورة أمامهم‪ ،‬سواء كانت متعلقة بالقانون المدني أو التجاري أو‬
‫الجنائي أو اإلداري‪ ،‬ويتم ذلك بأن يتقدم المتهم أو المدعي بدفع يطلب من خالله الحكم بعدم‬
‫دستورية القانون المراد تطبيقه عليه وهذه الطريقة تشبه دعوى الدفع في الواليات المتحدة‬
‫وعندما يقوم القاضي المدني أو القاضي اإلداري بإحالة الدفع على المحكمة الدستورية فلها‬
‫أن تحكم إما رفض الطعن إذا تحققت أن الحكم المطعون فيه مطابق للدستور ويتم االستمرار‬
‫في النظر في الدعوى األصلية وفي الحالة العكسية يستبعد القانون محل الطعن بعدم‬
‫الدستورية ويستمر في النظر في الدعوى األصلية دون إلغاء القانون وانما استبعاده فقط‪.‬‬

‫كما يمكن للمحكمة الدستورية المغربية بمناسبة النظر في الدفع األمر بإيقاف البت في‬
‫الدعوى األصلية وصرف األطراف إلى رفع دعوى أصلية أمامها للنظر في مدى دستورية‬
‫القانون محل الطعن‪،1‬كما منح الدستور التونسي ‪ 2014‬الحق للمواطن التونسي بالدفع بعدم‬
‫دستورية قانون وفق اجراءات احال بشانها الى قانون عضوي لم يصدر بعد‪.‬‬

‫لكن عدم صدور القانون التنظيمي المبين لشروط واجراءات تطبيق هذا النوع من النزاع‬
‫جعل الممارسة منعدمة وبذلك ال نجد المادة األولية لنعتمد عليها في الدراسة والتحليل‪.‬‬

‫يبدو أن المبررات التي جاء على أثرها تعديل ‪ 23‬جويلية ‪، 2008‬والذي من خاللها‬
‫أعطي الفرد في فرنسا حق إخطار المجلس الدستوري بطريقة غير مباشرة جاءت مقنعة إلى‬
‫حد بعيد ولهذا كان على المؤسس الدستوري في دول المغرب العربي االستفادة من هذه‬
‫التجربة وتوظيفها إيجابيا خاصة أن معظم أحكام دساتير دول المغرب العربي مستلهمة من‬
‫دستور فرنسا لعام ‪.1958‬‬

‫أما عن ا لجزائر فإن حصر سلطة اإلخطار في الهيئات الثالثة وهم رئيس الجمهورية‬
‫ورئيسي غرفتي البرلمان من شأنها تجميد عمل المجلس الدستوري خاصة إذا علمنا أن‬
‫الجهات الثالثة من نفس االتجاه السياسي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬كريم لحرش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.161-160‬‬

‫‪362‬‬
‫ولهذا يحبذ توسيع هذا الحق إلى األقلية في البرلمان‪ ،‬كما هو الحال في فرنسا على‬
‫شرط أن تكون أقلية مسئولة حتى ال تعرقل العمل التشريعي واضافة مادة في الدستور‬
‫من عدد أعضاء‬ ‫تعطي الحق ل الخمس من عدد النواب إخطار المجلس الدستوري وكذا‬
‫مجلس األمة كما يحبذ إعطاء رئيس المجلس الدستوري أكثر حرية للتحرك التلقائي فيما‬
‫يخص القوانين التي تمس بالحقوق والحريات‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬آجال ممارسة حق اإلخطار وضوابطه‬

‫باعتبار اإلخطار وسيلة االتصال بالمجلس الدستوري حتى يمكن لهذا األخير أن يتحرك‬
‫فإن المؤسس الدستوري والمؤسس التشريعي جعال له ميعاد وآجال كما قيده بشروط حتى‬
‫يكون صحيحا وهذا ما نبينه في نقطتين‪:‬‬

‫أوال ‪ -‬ميعاد اإلخطار‪:‬‬

‫لم يكن المؤسس الدستوري الجزائري دقيقا في تحديد مواعيد إخطار المجلس الدستوري‬
‫بالنسبة للرقابة االختيارية‪ ،‬فالنصوص المتعلقة بالرقابة االختيارية‪ ،‬يمكن أن تحال على‬
‫المجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬عندما تكون مشاريع قوانين‪ ،‬أو بعدما تصبح قوانين سارية‬
‫المفعول والمجاالت الخاضعة للرقابة االختيارية في الدستور الجزائري‪ ،‬كما رأينا في هذه‬
‫الدراسة هي القوانين والتنظيمات والمعاهدات‪.1‬‬

‫لكن بناء على نص المادة ‪ 165‬من دستور ‪، 1996‬فإن إخطار المجلس الدستوري‬
‫بالنسبة للرقابة السابقة تكون بين فترة المصادقة على مشروع القانون من طرف البرلمان وبين‬
‫إصداره من طرف رئيس الجمهورية‪ ،‬وجاء في المادة ‪ 5‬من النظام المحدد لقواعد عمل‬
‫المجلس الدستوري‪ ،‬بأن المجلس الدستوري يفصل في دستورية المعاهدات‪ ،‬والقوانين‬
‫والتنظيمات‪ ،‬إما برأي أو بقرار دون تحديد ميعاد لذلك‪.2‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 165‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪.1996‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 6‬من القانون عدد ‪ 26‬المؤرخ في ‪ 03‬ماي ‪ 2012‬المتضمن النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‬
‫الجزائري‪ " :‬يفصل المجلس الدستوري في دستورية المعاهدات والقوانين والتنظيمات إما برأي قبل أن تصبح واجبة التنفيذ أو‬
‫بقرار في الحالة العكسية طبقا للفقرة األولى من المادة ‪ 165‬من الدستور"‪.‬‬

‫‪363‬‬
‫مع العل م أن رئيس الجمهورية وفق المادة ‪ 126‬من الدستور ملزم بإصدار القانون بعد‬
‫‪ 30‬يوما من تاريخ تسلمه‪،1‬فإن اآلجال تكون محصورة في ‪ 30‬يوما أما رقابة المجلس‬
‫الدستوري في الجزائر على القوانين التي صدرت في الجريدة الرسمية فإن المؤسس الدستوري‬
‫لم يقيد السلطات صاحبة اإلخطار بميعاد معين فيمكن لهذه األخيرة إخطار المجلس‬
‫الدستوري بمراقبة قانون ساري المفعول في أي وقت وهذا ما قام به رئيس الجمهورية حيث‬
‫أخطر المجلس الدستوري لمراقبة مدى دستورية قانون محافظة الجزائر الكبرى الذي صدر‬
‫في ‪ 31‬ماي ‪ 2007‬وتم اإلخطار سنة ‪ 2000‬أي بعد ‪ 3‬سنوات من سريانه وصدر قرار‬
‫عن المجلس الدستوري في هذا الشأن‪.2‬‬

‫ال يتم إخطار المجلس الدستوري الفرنسي إال حول مشاريع القوانين فهو ال يمارس رقابة‬
‫الحقة على القوانين السارية المفعول لكن بعد تعديالت ‪ ،2008‬أعطى األفراد حق إخطار‬
‫المجلس الدستوري لمراقبة قانون ساري المفعول كما رأينا في الفرع السابق‪ ،‬وحسب المادة‬
‫‪ 61‬من دستور فرنسا ‪ ،1958‬فإن ميعاد إخطار المجلس الدستوري هو‪ 15‬يوما وهي اآلجال‬
‫التي تلزم الرئيس الفرنسي بإصدار القانون بعد استالمه حسب المادة ‪ 10‬من دستور فرنسا‬
‫‪.31958‬‬
‫وفي الحالة االستعجالية وبطلب من الجهة صاحبة االختصاص فإن اآلجال تخفض إلى‬
‫‪ 8‬أيام‪.‬‬
‫يعطي القانون األساسي المتعلق بالمجلس الدستوري التونسي من خالل فصله ‪ 21‬مدة‬
‫شهر كأقصى حد للمجلس الدستوري تبدأ من تاريخ استالمه مشروع القانون إلبداء رأيه‬
‫و‪ 10‬عشرة أيام في الحالة االستعجالية وعند االقتضاء وفي حاالت استثنائية يتم التمديد لمدة‬
‫الشهر‪ ،‬بأسبوعين وذلك بقرار من المجلس‪.4‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 126‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ " :1996‬يصدر رئيس الجمهورية القانون في أجل ثالثين (‪ )30‬يوما ابتداء من‬
‫تاريخ تسلمه إياه‪."...‬‬
‫‪ -2‬أنظر قرار إلغاء محافظة الجزائر الكبرىرقم ‪ / 02‬ق ا ‪ /‬م د ‪ 2000‬مؤرخ في ‪ 27‬فبراير‪ 2000‬آراء وق اررات المجلس‬
‫الدستوري الجزائري ‪ ،2012-1989‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.134‬‬
‫‪ -3‬عبد العزيز محمد سلمان‪ ،‬رقابة دستورية القوانين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.200‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 21‬من القانون األساسي عدد ‪ 2004/52‬المؤرخ في ‪ 12‬جويلية ‪ 2004‬المتعلق بالمجلس الدستوري التونسي‪.‬‬

‫‪364‬‬
‫لم يحدد المشرع التونسي الحاالت االستثنائية التي تسمح بتمديد مدة الشهر األمر الذي‬
‫يسمح للمجلس الدستوري التمديد في كل مرة وبهذا تصبح اآلجال (‪ )45‬خمسة وأربعين‬
‫يوما‪.1‬‬
‫ان قراءة الفصل ‪ 21‬من القانون ‪ 2004/52‬نجده أخرج الحاالت المنصوص عليها في‬
‫الفصل ‪ 35‬من الدستور وهذه الحاالت متعلقة بالدفع بعدم قبول أي مشروع قانون أو أي‬
‫تعديل يتضمن تدخال في مجال السلطة التنظيمية العامة والذي يحيله رئيس الجمهورية على‬
‫المجلس الدستوري وجعل أجاله ‪ 10‬أيام وليس ‪ 30‬يوما قابل للتمديد بأسبوعين وبذلك أخرج‬
‫المشرع التونسي حالة اإلخطار الواردة في المادة ‪ 35‬من الدستور المعدل في ‪ 1‬جوان‬
‫‪ 2002‬من قواعد األجل العادي واألجل االستثنائي المنصوص عليهما في المادة ‪ 21‬من‬
‫القانون األساسي عدد ‪.252‬‬

‫وهناك حاالت استعجاليه نص عليها المشرع التونسي من خالل قانون عدد ‪2004 /52‬‬
‫في فصله ‪ 21‬وحددها بـ(عشرة أيام) وهذا األجل يختلف عن كل من فرنسا‪ ،‬وموريتانيا التي‬
‫حددته ب (‪ )08‬ثمانية أيام‪.3‬‬

‫لم يخرج المؤسس الدستوري المغربي عن القاعدة بحيث جعل آجال إخطار المجلس‬
‫الدستوري المغربي شه ار كامال ‪،‬وفق المادة ‪ 81‬من دستور المغرب ‪ ،1996‬سواء تعلق‬
‫األمر بفحص دستورية القوانين العادية‪ ،‬أو التنظيمية (العضوية) ‪ ،‬أو األنظمة الداخلية‬
‫لمجلس البرلمان‪ ،‬وتخفض المدة إلى ‪ 08‬أيام في حالة االستعجال ‪،‬على عكس تونس التي‬
‫جعلتها ‪10‬أيام‪.4‬‬

‫" مع مراعاة أحكام الفقرة الثانية من الفصل ‪ 35‬من الدستور‪ ،‬يبدي المجلس رأيه في أجل أقصاه شهر من تاريخ بلوغ‬
‫اإلحالة إليه وعشرة أيام في حالة استعجال النظر ويمكن عند االقتضاء في حاالت استثنائية وبقرار من المجلس التمديد في‬
‫أجل الشهر بأسبوعين"‪.‬‬
‫‪ -1‬سميرة مرزوق الزغالمي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.37‬‬
‫‪ -2‬هدى بن خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ -4‬عبد العزيز النويضي ‪ ،‬المجلس الدستوري بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.94‬‬

‫‪365‬‬
‫يعود للحكومة وحدها طلب االستعجال دون غيرها من جهات اإلخطار األخرى ومن‬
‫أسباب التعجيل‪ ،‬هو توقف نشاط الحكومة في قطاع معين على صدور ذلك القانون محل‬
‫النظر من طرف المجلس الدستوري مثل قانون المالية‪ ،‬أو قد يكون موضوع اإلخطار هو‬
‫تعديل بعض المواد ضمن قانون عضوي سبق وأن أصدر المجلس الدستوري رأيا بمطابقته‬
‫للدستور‪ ،‬فما هو المبرر لبقائه شه ار كامال‪ ،‬والمطلوب من المجلس مراقبة بعض المواد‬
‫المعدلة فقط كما قد ترى الحكومة المغربية بأن األقلية في البرلمان تخطر المجلس الدستوري‬
‫لمراقبة قانون ما من أجل تعطيل النشاط الحكومي وبهذا تكون مدة شهر طويلة ومعرقلة قد‬
‫تطلب الحكومة من المجلس الدستوري التعجيل في البت‪.1‬‬

‫لكن المجلس الدستوري غير ملزم باالستجابة إلى طلب الحكومة بالتعجيل في كل‬
‫الحاالت بل له أن يرفض ذلك إذا كانت ظروف عمله ال تسمح كأن يكون بصدد النظر في‬
‫قانون عضوي طويل أو إصابة المقرر بمرض ويرى األستاذ عبد العزيز النويضي‪... « :‬أن‬
‫المجلس الدستوري يجب أن يكون معز از بالوسائل البشرية بما فيها الخبرة القانونية التي‬
‫تسمح له بمواجهة ضغوط العمل وأن يكون عمله عقالنيا ومنظما لمواجهة مختلف‬
‫االحتماالت بما في ذلك متابعة بعض القوانين التنظيمية أو العادية أثناء نقاشها في البرلمان‬
‫وفحص دستورية بعض مقتضياتها التي من المحتمل أن تثير إشكالية وذلك حتى يسهل البت‬
‫فيها عند إحالتها عليه غير أن اعتبارات المنطق والواقع يجب أخذها باالعتبار‪ ،‬ونرى أن‬
‫الحكومة ال يجب أن تلجأ إلى طلب البت المستعجل عندما ال تكون هناك مبررات تدعو‬
‫إليه‪ ،‬وأن يقع تشاور أحيانا قبل طلب المسطرة االستعجالية حتى ال يطالب المجلس بما يفوق‬
‫طاقته فيؤثر ذلك إما عن اجتهاده واما على احترامه لآلجال المحددة دستوريا‪.2»...‬‬

‫ينظر المجلس الدستوري الموريتاني في النصوص المعروضة عليه في أجل شهر وفقا‬
‫للفقرتين األولى‪ ،‬والثانية ‪،‬من المادة ‪ 86‬من الدستور الموريتاني ويتعلق األمر بالقوانين‬
‫النظامية (العضوية) ‪ ،‬واألنظمة البرلمانية ‪،‬وكذا القوانين العادية ونفس األجل يطبق في حالة‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.95‬‬

‫‪366‬‬
‫قيام الوزير األول بإخطار المجلس الدستوري بناء على المادة ‪ 59‬من الدستور والمتعلقة‬
‫بطلب إعالن الطابع التنظيمي للترتيبات ذات الصفة التشريعية‪.1‬‬

‫تنص المادة ‪ 70‬من دستور موريتانيا على أن رئيس الجمهورية يصدر القانون بعد ثمانية‬
‫أيام من استالمه كأدنى حد وثالثين يوما على األكثر من يوم إحالته من طرف البرلمان على‬
‫عكس المادة ‪ 126‬من الدستور الجزائري التي ال تشترط حدا أدنى وانما تكتفي بالحد‬
‫األقصى ‪ 30‬يوما ‪،‬لكن ربما يوجد مبرر للمؤسس الدستوري الموريتاني باشتراطه حدا أدنى‬
‫حتى تتمكن الجهات األخرى صاحبة اإلخطار من إعداد ملف إخطار المجلس الدستوري‬
‫ومدة ‪ 08‬أيام كافية وهذا األمر ال يأخذ به المؤسس الدستوري الجزائري في اعتقادي لحصر‬
‫جهات اإلخطارفي ثالثة جهات منسجمة سياسيا ال يمكن أن تتصرف أية جهة دون توافق‬
‫مع الجهات األخرى في هذا المجال‪.‬‬

‫تتطلب الحاالت االستعجالية تخفيض آجال اإلخطار إلى (‪ )08‬ثمانية أيام في حالة‬
‫حسب المادة ‪ 03/86‬من دستور موريتانيا ‪ 1991‬وهو نفس األجل الذي تبنتها المغرب‬
‫وفرنسا باستثناء تونس الذي جعلته ‪ 10‬أيام‪.2‬‬

‫أما المجاالت التي يمكن تطبيق حالة االستعجال عليها فتتمثل رقابة دستورية القوانين‬
‫النظامية‪ ،‬األنظمة البرلمانية العادية‪ ،‬والنصوص ذات الصفة التشريعية التي تطلب السلطة‬
‫التنفيذية إعالن طابعها التنظيمي‪ ،‬وكذا طلبات تقدمها الحكومة لرفض مقترحات يتقدم بها‬
‫النواب عند مناقشة مشاريع القوانين فينظر المجلس في هذه الطلبات في أجل (‪ )08‬ثمانية‬
‫أيام‪.3‬‬

‫‪ -1‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪73‬‬


‫‪ -‬المادة ‪ 86‬من دستور موريتانيا ‪ 20‬يوليو ‪ ..." : 1991‬على المجلس الدستوري أن يبت في مدة شهر واحد‪ ،‬إال أنه بناء‬
‫على طلب من رئيس الجمهورية وفي حالة االستعجال يخفض هذه المدة إلى (‪ )08‬ثمانية أيام وفي الحاالت نفسها يؤدي‬
‫رفع النزاع للمجلس الدستوري إلى تعليق مدة اإلصدار"‪.‬‬
‫‪ - 2‬فرنسا المادة ‪ 61‬من دستور ‪ 4‬أكتوبر ‪ 1958‬؛ المغرب الفصل ‪ 79‬من دستور ‪ 1996‬؛ تونس المادة ‪ 21‬من القانون‬
‫عدد ‪.2004/52‬‬
‫‪ -‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.76‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪367‬‬
‫حدد المؤسس الدستوري الموريتاني الجهة التي لها حق طلب االستعجال في رئيس‬
‫الجمهورية بالنسبة الستعجال النظر في القوانين األساسية‪ ،‬وذلك بمقتضى المادة ‪ 86‬من‬
‫الدستور على خالف كل من المؤسس الدستوري في فرنسا‪ ،‬والمغرب‪1،‬الذي أسند هذا األمر‬
‫إلى الوزير األول‪ ،‬واتفاقا مع المؤسس الدستوري التونسي‪ ،‬الذي أسند حق طلب االستعجال‬
‫إلى رئيس الجمهورية‪.2‬‬

‫أما إذا تعلق األمر بنظر المجلس الدستوري الموريتاني بطلب تغيير نصوص تشريعية‬
‫إلى طابع تنظيمي فإن من يطلب االستعجال هو رئيس الحكومة‪ ،3‬مع اإلشارة إلى أن أجل‬
‫‪ 8‬أيام ال يعتبر أجال استثنائيا‪ ،‬وانما هو أجل عادي بالنسبة لطلب الوزير األول حسب‬
‫المادة ‪ 28‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الموريتاني‪.‬‬

‫يوجد تناقض بين المادتين ‪ 24‬و‪ 28‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‬
‫الموريتاني‪ ،‬فاألول تعتبر طلب الوزير األول من المجلس الدستوري تحويل الطابع التشريعي‬
‫للنصوص إلى طابع تنظيمي حالة استعجالية تقلص فيها اآلجال إلى ‪ 08‬أيام والمادة ‪28‬‬
‫تعتبر أن هذه الحالة آجالها العادية هي ‪ 08‬أيام‪.4‬‬

‫ثانيا ‪ -‬ضوابط اإلخطار‪:‬‬

‫‪ -1‬إخطار المجلس الدستوري الجزائري‪:‬‬

‫تنص المادة ‪ 08‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري بأن يتم‬
‫إخطار المجلس الدستوري برسالة توجه إلى رئيسه وذلك في إطار أحكام المادتين ‪165‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 3-61‬من دستور فرنسا لعام ‪ 1958‬؛ المادة ‪ 28‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري المغربي‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 21‬من القانون عدد ‪ 2004/52‬المتعلق بالمجلس الدستوري التونسي‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 25‬من القانون النظامي المتعلق بالمجلس الدستوري الموريتاني‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪4‬‬
‫‪- Art 24 l’'ordonnance n° 92-24 du 18 Février 1992, Portant loi organique sur CC. " Dans le‬‬
‫‪cas Prévue a l'article 59 de la constitution le C. Constitutionnel est saisi par le premier‬‬
‫‪ministre".‬‬
‫‪Art 28: " Le C. constitutionnel, se prononce dans le délai de huit jours par une déclaration‬‬
‫‪motivée".‬‬

‫‪368‬‬
‫و‪ 166‬من الدستور‪ ،‬وتكون هذه الرسالة مرفقة بالنص الذي يعرض على المجلس الدستوري‬
‫إلبداء رأيه فيه أو اتخاذ قرار بشأنه‪.1‬‬

‫لم يحدد المؤسس التشريعي الجزائري صيغة معينة أو شكل معين لرسالة اإلخطار ولم‬
‫يلزم السلطات صاحبة اإلخطار بدفع رسم معين واعتبر أن هذه الرسائل ال تنشر في الجريدة‬
‫الرسمية على عكس رسائل اإلخطار في النظام الفرنسي التي يتم نشرها في الجريدة الرسمية‬
‫بقوة القانون‪ ،2‬وعليه فإن رسالة اإلخطار تأخذ الشكل الذي حررته الجهة صاحبة اإلخطار‪.3‬‬

‫وحتى في النظام الفرنسي فإن اإلخطار يتم دون تحديد شكل معين أو شرط‪ ،‬توجه إلى‬
‫رئيس المجلس الدستوري‪ ،4‬أما إذا كان اإلخطار من طرف البرلمانيين في الجمعية الوطنية‬
‫أو في مجلس الشيوخ فإنه يتم برسالة واحدة موقعة من طرف ستون برلمانيا‪ ،‬أو بواسطة ‪60‬‬
‫رسالة‪ ،‬لكل برلماني رسالة خاصة به‪.5‬‬

‫تسجل حسب المادة ‪ 09‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري‬
‫رسالة اإلخطار لدى األمانة العامة للمجلس الدستوري في سجل اإلخطار مقابل وصل‬
‫استالم تسلمه األمانة لصاحب اإلخطار‪ ،‬هذا اإلشعار باالستالم يشكل بداية حساب مهلة‬
‫(‪ )20‬عشرين يوما الممنوحة للمجلس الدستوري للبت في اإلخطار‪.‬‬

‫يوحي لنا مفهوم المادة ‪ 10‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري ما يفيد أن‬
‫السلطات صاحبة اإلخطار إذ استعملته‪ ،‬ال يمكن سحبه ألن المادة تنص على أن يشرع‬
‫المجلس الدستوري في فحص النصوص المعروضة عليه بمجرد استالم رسالة اإلخطار‪.6‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 8‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري مداولة المؤرخ في ‪ 03‬ماي ‪ ،2012‬ج ر عدد ‪.26‬‬
‫‪ -2‬إلياس جوادي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.129‬‬
‫‪ -3‬سليمة مسراتي‪ ،‬إخطار المجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬في ظل دستور ‪ ،1996‬مذكرة ماجستير جامعة الجزائر‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،2002 ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-D. ROUSSEAU, Droit du contentieux constitutionnel, op.cit., p. 118.‬‬
‫‪ - 5‬عمار عباس‪ ،‬نفيسة بختي‪ ،‬تأثير النظام اإلجرائي على رقابة المجلس الدستوري وسبل إصالحه ‪ ،‬مجلة دراسات‬
‫قانونية‪ ،‬العدد ‪ ،2008 ،2‬ص ‪.30-29‬‬
‫‪ -‬المادتان ‪ 10 ،9‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬بتاريخ ‪ 03‬ماي ‪ ،2012‬ج‪ .‬ر عدد ‪.26‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪369‬‬
‫تكون رسالة اإلخطار مرفقة بالنص المطلوب مدى مطابقته للدستور سواء قبل صدوره‬
‫في الجريدة الرسمية‪ ،‬أو بعد ذلك إلبداء رأيا أو اتخاذ قرار في شأنه‪ ،‬وال يشير الدستور‬
‫الجزائري وال النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري على إرفاق رسالة اإلخطار‬
‫بأسباب اإلخطار‪ ،‬أو أن ترفق رسالة اإلخطار بوثيقة توضيحية لكن سكوت المؤسس‬
‫الدستوري والمؤسس التشريعي عن ذلك‪ ،‬ال يفهم منه أنه يمنعها فلو قامت الجهة صاحبة‬
‫اإلخطار بإرفاق رسالة اإلخطار لبيان أسباب اإلخطار وتقديم تفسيرات وتوضيحات عن‬
‫طريق ملحق ثم تنظر مدى يكون رد المجلس الدستوري‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بعملية الرقابة فإن المادة ‪ 10‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس‬
‫الدستوري تعطي الحق لرئيس المجلس الدستوري بتعيين مقر ار من بين أعضاء المجلس يكلفه‬
‫بالتحقيق في الملف وتحضير مشروع الرأي أو القرار وذلك بمجرد استالم رسالة اإلخطار‪.1‬‬

‫ال تخضع رسالة اإلخطار في فرنسا ألي شكل محدد في ما يتعلق بالجهات األربعة‬
‫صاحبة اإلخطار وهما رئيس الجمهورية‪ ،‬الوزير األول‪ ،‬ورئيس الجمعية الوطنية‪ ،‬ورئيس‬
‫مجلس الشيوخ‪ ،‬ويتم ذلك بواسطة رسالة عادية ترسل إلى رئيس المجلس الدستوري وأعضائه‬
‫أو إلى أمينه العام‪.2‬‬

‫أما المادة ‪ 18‬من أمر ‪ 07‬نوفمبر ‪ 1958‬والمتعلق بالمجلس الدستوري الفرنسي والذي‬
‫تم تعديله بواسطة قانون عضوي رقم ‪ 52 -74‬مؤرخ في ‪ 23‬ديسمبر ‪ 1974‬تشترط في‬
‫اإلخطارات التي يقوم بها ‪ 60‬نائبا من الجمعية الوطنية‪ ،‬أو ‪ 60‬شيخا من مجلس الشيوخ‬
‫بان تتم برسالة واحدة ‪،‬أو بعدة رسائل ‪،‬تحمل في مجموعها توقيعات ‪ 60‬نائبا‪ ،‬أو ‪ 60‬شيخا‬
‫على األقل‪ ،3‬إن المعمول به في فرنسا وهو أن يتضمن اإلخطار ثالثة وثائق‪:‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 10‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬ج‪ .‬ر رقم ‪ 26‬مؤرخة في ‪ 03‬ماي ‪.2012‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪-D. ROUSSEAU, Droit du contentieux constitutionnel, op.cit., p. 363.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Art 18, de la Loi organique n° 74-52 du 23 Décembre 1974 modifiant l'ordonnance du 7‬‬
‫‪Novembre 1958 concernant le C.C français : " Lorsqu' une loi est déférée au conseil‬‬
‫‪constitutionnel à l'initiative de parlementaires, le conseil est saisi par une ou plusieurs lettres‬‬
‫‪comportant au total les signatures du main soixante députés au soixante sénateurs ".‬‬

‫‪370‬‬
‫أ‪ -‬رسالة إخطار موجهة إلى رئيس المجلس الدستوري وأعضائه أو األمين العام للمجلس‬
‫الدستوري موقعة من طرف رئيس الفوج البرلماني الموقع أو من طرف كل برلماني صاحب‬
‫المبادرة‪.‬‬

‫ب‪ -‬رسالة توضيحية ( ‪ )Un mémoire ampliatif‬بدون أن يشترط فيها شكل معين‬
‫لكن غالبا ما تكون مشابهة لتلك المعمول بها في القضاء اإلداري‪.‬‬

‫ت‪ -‬قائمة اسمية للنواب الموقعين تحمل اسم النائب أو الشيخ‪ ،‬الدائرة التي يمثلها‬
‫والتوقيع الكتابي‪.1‬‬

‫ال بدا من اإلشارة أنه يتم مراقبة شرعية التوقيعات على مستوى أمانة المجلس الدستوري‬
‫فيقوم األمين العام للمجلس الدستوري بمطابقة توقيع النائب‪ ،‬أو الشيخ‪ ،‬مع سجل توقيعات‬
‫النواب والشيوخ في بداية العهدة التشريعية والموجودة على مستوى سجل لدى أمانة المجلس‬
‫الدستوري‪.2‬‬

‫جاء في المادة ‪ 18‬من األمر المؤرخ في ‪ 7‬نوفمبر ‪ 1958‬والمتعلق بالمجلس الدستوري‬


‫الفرنسي‪ ،‬ما يلزم أصحاب اإلخطار السماح بمراقبة مدى مطابقة التوقيع الكتابي مع‬
‫التوقيعات المرفقة برسائل اإلخطار‪ ،3‬كما أنه ال يشترط تقديم مبرر لإلخطار فلم ينص‬
‫الدستور أو القانون المنظم للمجلس على ضرورة تبرير رسالة اإلخطار‪.‬‬

‫أما من حيث نشر رسالة اإلخطار فإنه يتم نشر رسالة اإلخطار رفقة قرار المجلس‬
‫الدستوري الفرنسي في الجريدة الرسمية ‪،‬ويتم ذلك من خالل محور خاص تحت عنوان‬
‫"المجلس الدستوري" ‪.‬‬

‫يجعل نشر رسائل اإلخطار الرأي العام الفرنسي والبرلمانيين خاصة أصحاب المبادرة‬
‫باإلخطار يعرفون األسس والمبررات التي اعتمد عليها المجلس الدستوري في اتخاذ ق ارره‬

‫‪1‬‬
‫‪- le conseil constitutionnel à 40 ans op.cit., p. 363.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Ibid., p. 363.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- " Il incombe aux auteurs de saisines de permettre, par une signature manuscrite‬‬
‫‪l'authentification des requêtes qu’ils entendent adresser au conseil constitutionnel".‬‬

‫‪371‬‬
‫وكيف تعامل هذا األخير مع الحجج ‪،‬والدفوع ‪،‬واألسانيد‪ ،‬التي اعتمدتها الجهات صاحبة‬
‫اإلخطار في دفعها بعدم دستورية مشروع قانون وكل هذا في صالح تطوير العمل التشريعي‪.‬‬

‫يبدو من األفضل لو اتبع المؤسس الدستوري والتشريعي الجزائري ‪،‬نفس المنهج وجعل‬
‫أراء وق اررات المجلس الدستوري ترفق برسائل اإلخطار‪ ،‬تعميما للفائدة وازالة ألي غموض‪.‬‬

‫‪ -2‬إخطار المجلس الدستوري في موريتانيا ‪:‬‬

‫تتسم إجراءات اإلحالة على المجلس الدستوري الموريتاني بالبساطة والوضوح الستنادها‬
‫باألساس على ما استقر عليه العرف وعدم النص عليها ال في الدستور ‪،‬وال في القانون‬
‫العضوي المتعلق بالمجلس الدستوري الموريتاني‪ ،‬فحسب المادة ‪ 17‬و‪ 18‬من النظام‬
‫األساسي للمجلس الدستوري الموريتاني‪ ،‬تتم اإلحالة على المجلس الدستوري عن طريق‬
‫خطاب‪ ،‬أو عدة خطابات‪ ،‬حسب الحالة يعني الجهة صاحبة اإلخطار سلطة واحدة أو‬
‫مجلس الشيوخ‪ ،‬يتم‬ ‫ثلث مجلس النواب‪ ،‬أو ثلث‬ ‫مجموعة نواب فإن الخطاب القادم من‬
‫برسائل متعددة ‪،‬ومختلفة‪ ،‬وال تكون في تاريخ واحد وانما في عدة تواريخ بشرط عدم تجاوزها‬
‫لآلجال القانونية‪.1‬‬

‫ال يوجد أي نص قانوني يشترط تبيان أسباب اإلخطار‪ ،‬وهذا ربما يعود لفكرة أساسها‬
‫انتفاء فكرة المصلحة في المنازع أمام المجلس الدستوري ويأخذ هذا المعنى إلى أن‪...«:‬‬
‫رقابة الدستورية تتبع القضاء الموضوعي وليس القضاء الشخصي‪ ...‬فإن من له الحق في‬
‫تحريك رقابة الدستورية‪ ،‬يمارس في حقيقة األمر وظيفة ميكانيكية‪ ،‬تعفيه من إثبات وجود‬
‫حق معتدي عليه‪ ،‬أو على األقل مصلحة في الطعن بعدم الدستورية وهذا ما يميز القضاء‬

‫‪1‬‬
‫‪- Art 18 de la loi n° 92- 04 du 18 Février 1992 Portant loi organique sur le C. constitutionnel:‬‬
‫‪Lorsque une loi est déféré au conseil constitutionnel a l'initiative du parlementaire, le conseil‬‬
‫‪est saisi par une ou plusieurs lettres comportant au total les signatures d'au moins le tiers des‬‬
‫‪députés ou le tiers des sénateurs…".‬‬

‫‪372‬‬
‫الدستوري‪ ...‬على سائر جهات القضاء األخرى ‪ ...‬ويمكن القول أن الهيئات المختصة بحق‬
‫اإلخطار يقوم بالطعن دفاعا على الدستور‪.1»...‬‬

‫جرت العادة أن يرفق الوزير األول الموريتاني خطاب اإلحالة على المجلس الدستوري‬
‫بمذكرة شرح‪.‬‬

‫يالحظ أن المجلس الدستوري الموريتاني بالنسبة لإلخطار الوجوبي ملزم في النظر في‬
‫كل بنود ومواد القانون ‪،‬أما بالنسبة لإلحالة‪ ،‬أو اإلخطار الغير وجوبي‪ ،‬فالسؤال المطروح هو‬
‫هل يتقيد المجلس الدستوري بالنظر فقط في المواد التي تثيرها الجهة صاحبة اإلخطار؟ فمن‬
‫الناحية العملية لم يواجه المجلس الدستوري الموريتاني هذه اإلشكالية‪.‬‬

‫لكن المجلس الدستوري الموريتاني قد سبق وأن أقر لنفسه من حيث المبدأ حق النظر في‬
‫مواد لم يثرها الطاعن ‪،‬أو صاحب اإلخطار ‪،‬وعدم التقيد بالمطالب التي أثارتها رسالة‬
‫اإلخطار‪ ،‬واتبع في ذلك تقنيتين استعمالها التجربة الفرنسية وهما تقنية "‪"L'inséparation‬‬
‫عدم القابلية لالنفصال‪ ،‬وكذا أعمال سلطة التصدي " ‪Le pouvoir de soulèves‬‬
‫‪.2"d'office‬‬

‫جاء وفي هذا الصدد قرار المجلس الدستوري الموريتاني رقم ‪ /006‬مايلي‪ ...«:‬نظ ار إلى‬
‫أن الفقرة ‪ 1‬من المادة ‪ 2‬من القانون النظامي المعروض على المجلس الدستوري ال يمكن‬
‫فصلها عن هذا القانون ككل‪ ،‬وبالتالي فإنه يجب إعالن هذا القانون غير مطابق‬
‫للدستور‪ ، 3»...‬وقد اعتمد المجلس الدستوري الموريتاني على المادة ‪ 22‬من القانون‬
‫النظامي للمجلس الدستوري التي تبيح له اتخاذ هذا القرار‪.4‬‬

‫‪-2‬محمد عبد اللطيف محمد‪ ،‬القضاء الدستوري في فرنسا في خمس سنوات (‪ )2004 – 1999‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،2005 ،‬ص ‪.119‬‬
‫‪ -2‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.56‬‬
‫‪ -3‬قرار رقم ‪ 006/‬أ‪ .‬م المتعلق بإحالة من الوزير الموريتاني األول بتاريخ ‪ 10‬يوليو ‪ 1993‬والمطلوب من خاللها مراقبة‬
‫مدى مطابقة القانون النظامي المتعلق بانتخاب الشيوخ الذين يمثلون الموريتانيين المقيمين في الخارج‪.‬‬
‫‪ -4‬نص المادة ‪ 22‬من القانون ‪ 01-92‬المتعلق بالمجلس الدستوري الموريتاني‪ " :‬في حالة إعالن المجلس أن القانون‬
‫المعروض عليه يتضمن ترتيبا مخالفا للدستور وال يمكن فصله عن مجموع القانون‪ ،‬فإن هذا القانون ال يمكن إصداره"‪.‬‬

‫‪373‬‬
‫استعمل سلطة التصدي المجلس الدستوري الموريتاني بصورة غير مباشرة في قرار‪/‬‬
‫‪ 007‬م‪ .‬أ المتعلق بالنظام األساسي للقضاء‪ ،‬حيث ورد فيه‪... «:‬نظ ار في هذه الحالة إلى‬
‫أنه لن يتسن للمجلس الدستوري أن يكشف على الفور أي تعارض بين الدستور واألحكام‬
‫األخرى في القانون النظامي المعروض عليه‪.1»...‬‬

‫من حيث أثر اإلحالة فإن القوانين التي يتم إحالتها على المجلس الدستوري الموريتاني‬
‫وفقا للمادة ‪ 4-67‬من الدستور ال يمكن إصدارها إال بعد صدور رأي المجلس الدستوري‬
‫واعالنه بمطابقتها للدستور‪.‬‬

‫تؤدي اإلحالة إلى توقيف آجال إصدارها حسب المادة ‪ 86‬من الدستور الموريتاني وكذا‬
‫القوانين المتعلقة بالموافقة على االلتزامات الدولية وتطبيقها حسب المادة ‪ 79‬من الدستور وال‬
‫يمكن رفع أجل تعليق اإلصدار إال بعد إعالن المجلس الدستوري الموريتاني مطابقتها‬
‫للدستور‪.2‬‬

‫ويجب اإلشارة إلى أن رئيس الجمهورية الموريتاني عندما يقوم بإصدار القانون ال يشير‬
‫في صيغة اإلصدار إلى تصريح المجلس الدستوري‪.3‬‬

‫‪ -3‬إخطار المجلس الدستوري التونسي ‪:‬‬

‫لم يشر الدستور التونسي إلى رسالة اإلخطار وانما أحال على القانون المنظم للمجلس‬
‫الدستوري التونسي‪ ،‬وحتى هذا القانون الذي صدر سنة ‪ 2004‬تحت العدد ‪، 52‬لم يحدد أية‬
‫شكليات‪ ،‬أو شروط لرسالة اإلخطار‪ ،‬وبهذا يبدو أن المؤسس التشريعي التونسي ترك مسألة‬
‫شكل اإلحالة إلى الجهة صاحبة اإلخطار باعتبار المجلس الدستوري هيئة استشارية بالنسبة‬
‫لرئيس الجمهورية‪.‬‬

‫‪ -1‬قرار رقم ‪ 007/‬أ‪ .‬م‪ " :‬تمت اإلحالة عن طريق الوزير األول الموريتاني في ‪ 12‬يوليو ‪ 1993‬وفقا للمادة ‪ 1-86‬من‬
‫الدستور يطلب من خاللها مراقبة مدى دستورية القانون النظامي المتعلق بالنظام األساسي للقضاء‪.‬‬
‫‪ -2‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫‪ -3‬المرسوم عدد ‪ 52‬لسنة ‪ 1992‬مؤرخ في ‪ 18‬يونيو ‪ ،1992‬المتعلق بصيغ إصدار القوانين من طرف رئيس الجمهورية‪.‬‬

‫‪374‬‬
‫يغيب داخل العالقة بين المجلس الدستوري التونسي وباقي المؤسسات ما يسمى بالطعون‬
‫الدستورية‪ ،‬ولذلك يرجع إلى الفكرة التي تم االستناد عليها في تأسيس المجلس الدستوري‬
‫التونسي‪ ،‬ومفاد هذه الف كرة العمل وفق منطق االستشارة وليس منطق التقاضي بين مختلف‬
‫أطراف المؤسسات الدستورية‪.1‬‬

‫‪ - 4‬إخطار المجلس الدستوري المغربي ‪:‬‬

‫تشير المادة ‪ 22‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 29-93‬المتعلق بالمجلس الدستوري المغربي‬
‫فقط إلى أن إجراءات إحالة القوانين العادية على المجلس الدستوري‪ ،‬تتم تحريكها برسالة أو‬
‫عدة رسائل تتضمن في مجموعها إمضاءات عدد من أعضاء مجلس النواب ومجلس‬
‫المستشارين ال يقل عن ربع األعضاء الذين تتألف منهم كل من المجلسين المذكورين‪.2‬‬

‫وهذه الرسالة باإلخطار ال تشترط الصفة فيرفعها صاحب اإلخطار للتصدي لقانون‬
‫مخالف للدستور دون مصلحة خاصة ‪،‬أو شخصية‪ ،‬يدفع عنها فالمشكل غير مطروح عندما‬
‫تكون رسالة إخطار واحدة من جهة إخطار واحدة لكن اإلشكال عندما يكون اإلخطار من‬
‫عدد من مجلس النواب ‪ ،‬أو عدد من مجلس المستشارين‪ ،‬ويجد المجلس الدستوري نفسه‬
‫أمام عدد من الدفوع مختلفة وفي بعض األحيان متناقضة حول نص قانوني واحد خاصة أن‬
‫القانون التنظيمي للمجلس الدستوري لم يعالج مثل هذه اإلشكاليات الشيء الذي يجعل عمله‬
‫أكثر صعوبة وتعقيدا‪.3‬‬

‫كما يطرح إشكال عندما يقوم البرلمانيون بانتداب محام أو خبير مالي لتحرير مذكرة‬
‫الطعن وليس رسالة اإلحالة وامضائها من طرف المحامي أو الخبير المالي فهل يعتد بذلك‬

‫‪1‬‬
‫‪- N.A BERNOUSSI, op.cit., p. 362.‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 22‬من الظهير الشريف رقم ‪ 01 .94 .124‬الصادر في ‪ 14‬رمضان ‪ 1414‬الموافق لـ ‪ 25‬فبراير ‪ 1994‬المنفذ‬
‫للقانون التنظيمي رقم ‪ 29-93‬المتعلق بالمجلس الدستوري المغربي‪ " :‬تكون إحالة القوانين إلى المجلس الدستوري في‬
‫الحاالت المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 79‬من الدستور برسالة من الجهة التي تتخذ المبادرة بذلك أو‬
‫برسالة أو عدة رسائل تتضمن في مجموعها إمضاءات عدد من أعضاء مجلس النواب ال يقل عن ربع األعضاء الذين‬
‫يتألف منهم هذا المجلس‪.‬‬
‫‪ -3‬عبد الرحيم المنار السليمي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.122‬‬

‫‪375‬‬
‫اإلمضاء أمام المجلس الدستوري المغربي ؟ ألن المادة ‪ 22‬من القانون ‪ 93 – 29‬المتعلقة‬
‫بالمجلس الدستوري المغربي تشترط توقيع أعضاء مجلس النواب أو أعضاء مجلس‬
‫المستشارين وال تشترط توقيع الخبراء والمحامون‪.1‬‬

‫يشترط القانون التنظيمي على النواب أ‪،‬و أعضاء مجلس المستشارين‪ ،‬التوقيع باليد لكن‬
‫في حالة االستعجال ترسل الرسائل بواسطة الفاكس والمشكل المطروح أمام القاضي‬
‫الدستوري المغربي هل يعتد بالفاكس‪ ،‬ففي قرار للمجلس الدستوري الفرنسي صادر في ‪30‬‬
‫ديسمبر ‪ 1996‬يحمل رقم ‪ 386 – 96‬قرر من خالله القبول بتوقيعات عن طريق الفاكس‬
‫بسبب االستعجال مع إلزام النواب إحضار رسائل اإلخطار األصلية الحقا‪.2‬‬

‫أما اإلشكال الرابع فإن المجلس الدستوري المغربي ال يفحص أسماء النواب‪ ،‬أو أعضاء‬
‫مجلس المستشارين ‪ ،‬الذين صوتوا على القانون ثم وقعوا رسالة إخطار ضد نفس القانون‬
‫والسؤال هل يحتمل أن يصوت النواب مع القانون ثم يطعن في مدى دستوريته ؟!‪.‬‬

‫وحسب األستاذ عبد الرحيم المنار السليمي‪...« :‬هذا ليس بغريب عن الثقافة البرلمانية‬
‫في المغرب وبالتالي فالسؤال المطروح أمام القاضي الدستوري في هذه الحالة‪ ،‬هو هل‬
‫البرلماني الذي صوت على قانون عادي معين يمكنه اللجوء إلى المجلس الدستوري ضمن‬
‫فريق الطعن إللغائه!؟»‪.3‬‬

‫لكن يمكن للبرلماني المغربي أن يرد على هذا االستفهام بأنه صوت على القانون برمته‬
‫ويطعن في بعض مواده وهذا مقبول منطقيا‪.‬‬

‫كما تطرح إشكالية أمام القاضي الدستوري المغربي في مدى صالحيته في النظر في كل‬
‫مواد القانون المطعون في عدم دستوريتها أما يكتفي بما طلبه أصحاب اإلخطار؟‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.123‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- le conseil constitutionnel à 40 ans op.cit., p. 364.‬‬
‫‪ -‬عبد الرحيم المنار السليمي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.126‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪376‬‬
‫تؤدي كثرة الطعون في نفس القانون إلى تعطيل نشره ألن الطعن أمام المجلس الدستوري‬
‫المغربي يوقف النشر واإلصدار خاصة إذا كنا أمام قانون ذا أهمية استراتيجيه كقانون‬
‫المالية‪.‬‬

‫كما أن هناك إشكال ية ممكن أن يصادفها القاضي الدستوري وهي قيام الجهات صاحبة‬
‫حق اإلخطار بسحب رسائل اإلخطار فما هو الموقف في هذه الحالة لو افترضنا أن الوزير‬
‫األول أو أحد رئيسي غرفتي البرلمان قام باإلخطار تم سحبه فلو قبل القاضي الدستوري بهذا‬
‫السحب فإن القانون يتم إصداره ونشره‪ ،‬فإن كان هذا مع السلطات الثالثة المذكورة (الوزير‬
‫األول ‪ ،‬رئيس مجلس النواب‪ ،‬رئيس مجلس المستشارين) فكيف الحال مع المبادرة للنواب أو‬
‫ألعضاء مجلس المستشارين‪.1‬‬

‫حدث نفس األمر أمام المجلس الدستوري الفرنسي حيث صوت البرلمان على قانون‬
‫ولكنه لم ينشر وكان موضوع رسالة إخطار (إحالة أو طعن) أمام المجلس الدستوري من‬
‫طرف ستين نائبا‪ ،‬ويومين بعد اإلحالة سحب بعض النواب توقيعاتهم من الرسالة مما جعل‬
‫اإلخطار ال يتوفر على النصاب القانوني‪ ،‬وكان يعتقد هؤالء النواب المنسحبون بأن‬
‫انسحابهم سوف يجعل اإلخطار كأن لم يكن لكن القاضي الدستوري الفرنسي قرر بأن العبرة‬
‫بتوفر النصاب يوم تقديم رسالة اإلخطار وال تأثير لالنسحاب على ذلك‪.2‬‬

‫أثير تساؤل حول موقف القاضي الدستوري الفرنسي لماذا لم يأخذ بقاعدة تجعل سحب‬
‫الطاعن لطعنه توقف الدعوى‪ ،‬فاجاب ان القضاء العادي يقوم على مبدأ انتفاء المصلحة‬
‫يؤدي إلى انتفاء الدعوى‪ ،‬لكن القاضي الدستوري الفرنسي رأى أن المصلحة في الطعن‬
‫برقابة دستورية القوانين هي مصلحة للنظام العام الدستوري وليس مصلحة ألصحاب حق‬
‫اإلخطار‪.3‬‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.127‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه ‪.‬‬

‫‪377‬‬
‫ال بد من اإلشارة إلى أن المغرب من خالل تبينه لدستور ‪ 2‬جويلية ‪ 2011‬اتبع نظام‬
‫الرقابة القضائية على دستورية القوانين ‪،‬وأنشأ لذلك محكمة دستورية يتم الطعن أمامها‬
‫بواسطة الدعوى القضائية لكن القانون العضوي الذي يحكم هذه المحكمة لم يصدر إلى غاية‬
‫إنهاء هذه الدراسة‪.‬‬

‫‪378‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬إجراءات عمل القاضي الدستوري ومدى حجية أعماله‬

‫يعتمد القاضي الدستوري في سير أعماله على التحقيق ‪،‬والمداولة ‪،‬والتي تختلف تماما‬
‫على سير أعمال القاضي العادي‪ ،‬والقاضي اإلداري ‪،‬وحتى القاضي الدستوري الذي يمارس‬
‫على مستوى الهيئات القضائية‪ ،‬كما أن لألعمال الصادرة عن القاضي الدستوري حجية‬
‫مطلقة فهي نهائية غير قابلة للطعن وملزمة للسلطات العمومية ‪،‬والسلطات القضائية‪ ،‬وهذا‬
‫ما يتم معالجته في مطلبين‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التحقيق والمداولة‬


‫المطلب الثاني‪ :‬مدى حجية أعمال القاضي الدستوري‬

‫المطلب األول‪ :‬التحقيق والمداولة‬

‫رأينا في المبحث السابق كيفية وضع المجلس الدستوري يده على القانون المطعون فيه‬
‫بعدم الدستورية‪ ،‬ون رى في هذا المطلب كيف يقوم القاضي الدستوري بمعالجة النزاع وما هي‬
‫اإلجراءات التي يتبعها للفصل في دستورية القانون المعروض عليه فتجيبنا النصوص‬
‫الدستورية والقوانين المتعلقة بالمجالس الدستورية المغاربية والمجلس الدستوري الفرنسي كون‬
‫هذه اإلجراءات تتمثل في التحقيق والمداولة وهذا ما سيتم معالجته من خالل فرعين‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التحقيق‬

‫يعتمد التحقيق على قيام قاضي دستوري بعدة مهام إلعداد ملف حول القانون المطعون‬
‫فيه بعدم الدستورية‪ ،‬ويسمى هذا القاضي بالقاضي المقرر‪ ،‬فكيف يتم تعيينه وماهي مهامه‬
‫نعالجها في نقطتين‪.‬‬

‫أوال ‪ -‬المقرر ‪:‬‬

‫‪ - 1‬المقرر في النظام الجزائري ‪:‬‬

‫بناء على نص المادة ‪ 11‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري‬
‫فإن رئيس المجلس الدستوري يعين بمجرد تسجيل رسالة اإلخطار مقر ار من بين أعضائه‬

‫‪379‬‬
‫يتكفل بالتحقيق في الملف ويتولى تحضير مشروع الرأي أو القرار‪ ،1‬ويدوم عمل القاضي‬
‫الدستوري المقرر أقل من ‪ 20‬يوما‪ ،‬وهي المهلة الممنوحة للمجلس الدستوري الجزائري‬
‫للفصل في الطعون المرفوعة إليه‪.2‬‬

‫ال يحتاج المقرر بالنسبة لإلخطارات المشوبة بعيب عدم االختصاص إلى التحقيق وانما‬
‫يحضر رأيا أو ق ار ار بالرفض مع ذكر أسباب ذلك وفقا للدستور والقوانين المسيرة لمؤسسات‬
‫الدولة أما إذا كان الطعن مستوفيا لجوانبه الشكلية فإن المقرر يستطيع االطالع على ما شاء‬
‫من المراجع واالستعانة بأي خبير ليساعده في مهمته‪.3‬‬

‫يقوم رئيس المجلس الدستوري الفرنسي بمجرد استالمه رسالة اإلخطار بتعيين مقر ار من‬
‫بين أعضاء المجلس ذاته حسب المادة ‪ 19‬من األمر المؤرخ في ‪ 07‬نوفمبر ‪ 4،1958‬إن‬
‫صالحية تعيين المقرر من اختصاصات رئيس المجلس الدستوري األمر الذي ال يسمح بأن‬
‫يكون هو مقر ار أي يقوم بتعيين نفسه‪ ،‬ويمكن أن يتم تعيين مقررين اثنين لنفس الموضوع‬
‫نظ ار لحجمه أو ألهميته‪ ،‬ويجب الحفاظ على السرية في اسم المقرر حتى ال يكون تحت أي‬
‫نوع من الضغوط ويقوم بمهمته في هدوء ‪،‬وعلى الرغم من أن تعيين القاضي الدستوري‬
‫المقرر هو من اختصاص رئيس المجلس الدستوري إال أن هذا التعيين يخضع لعدة معايير‬
‫منها االختصاص ‪،‬وطبيعة القانون موضوع التحقيق‪ 5‬بصفة عامة نجد القضاة الدستوريون‬
‫بفرنسا غير متخصصين لكن في بعض المجاالت كالجوانب المتعلقة بقوانين المالية نجد‬
‫عامل التخصص‪.‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 11‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري مداولة بتاريخ ‪ 3‬مايو ‪ 2012‬ج ر رقم ‪.26‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 167‬من الدستور الجزائري ‪ 28‬نوفمبر ‪1996‬المعدل والمتمم‪.‬‬
‫‪ -3‬جاء في المادة ‪ 12‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري ما يلي‪" :‬يخول المقرر أن يجمع‬
‫المعلومات والوثائق المتعلقة بالملف الموكل إليه‪ ،‬ويمكنه أن يستشير أي خبير يختاره"‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Art 19 de l’ordonnance du 7 novembre 1958: " L'appréciation de la conformité à la‬‬
‫‪constitution est faite sur le rapport d'un membre du conseil dans les délais fixés par le‬‬
‫‪troisième Alinéa de L'Article 61 de la constitution".‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- le conseil constitutionnel à 40 ans op.cit., p. 372.‬‬

‫‪380‬‬
‫وأنتجت الممارسة داخل المجلس الدستوري الفرنسي بعض القضاة المتخصصين في‬
‫قضايا واحاالت معينة‪ ،‬ومنهم األستاذ "جورج فيديل" المختص في القانون الدستوري فأثناء‬
‫عضويته بالمجلس الدستوري سنة ‪ 1980‬كلف بإعداد مشاريع أراء حول مواضيع ذات‬
‫طبيعة دستورية مثل الخوصصة‪ ،‬مبدأ دستورية حق الملكية‪ ،...‬ومن هذه الق اررات التي‬
‫اعتبرت ذات أهمية قصوى في تأثير المجلس الدستوري الفرنسي في النظام السياسي‬
‫الفرنسي ذلك القرار المتعلق بقانون التأميم رقم ‪ 132/81‬المؤرخ في ‪ 16‬جانفي ‪،11982‬‬
‫وهناك قضاة دستوريون مختصون في المجال المتعلق بقوانين االتحاد األوروبي‪ ،2‬والقضايا‬
‫المالية‪ ،3‬والقضايا المتعلقة باإلعالم‪.4‬‬
‫‪ -2‬تعيين القاضي الدستوري المقرر في المغرب‪:‬‬
‫يعتبر تعيين القاضي الدستوري المقرر خطوة مهمة يقوم بها رئيس المجلس الدستوري‬
‫المغربي لبدء إجراءات النظر في الطعن الدستوري وهذا الحق يمنح شخصيا لرئيس المجلس‬
‫الدستوري بناء على نص القانون ‪ 29/93‬المتعلق بالمجلس الدستوري المغربي‪ .5‬وال يمكن‬
‫أن يتدخل أي عضو من أعضاء المجلس الدستوري في تعيين المقرر‪ ،‬حتى ولو في حالة‬
‫غيابه وتثير مسألة حق رئيس المجلس الدستوري المطلق تعيين المقرر دون تقييده بمعايير‬
‫معينة مشكلة فال بد من األخذ بعين االعتبار عوامل التخصص والمهنية والخبرة السابقة‪،6‬‬
‫إنه بالرجوع إلى بعض التجارب األوروبية نجد رئيس المحكمة الدستورية البلغارية يعد قائمة‬
‫مسبقة بأسماء القضاة وتخصصاتهم والملفات المتحكمين فيها ثم يتم التعيين من الجدول وفقا‬
‫لهذه المعايير‪ ،‬أما في فرنسا فإن رئيس المجلس الدستوري يعتمد أسلوب التناوب بين القضاة‬

‫‪1‬‬
‫‪- Décision N° 081 – 132 D. C de 16 Janvier 1982 et N° 82 – 139 C. c du 11 Février 1982‬‬
‫‪(loi de nationalisation) décision N° 86/207 DC du 25 – 26 Janvier.‬‬
‫‪( M.CHATNET -2‬مستشار دولة وزير سابق عين في المجلس الدستوري الفرنسي سنة ‪ )1968‬مختص في القضايا‬
‫األوروبية‪.‬‬
‫‪( M. LECOUZT -3‬عين في المجلس الدستوري الفرنسي سنة ‪ 1979‬محامي مختص في القضايا المالية)‪.‬‬
‫‪( MGROSs -4‬عين بالمجلس الدستوري سنة ‪ ،1977‬محامي تخصص في القضايا السمعي بصري)‪,.‬‬
‫‪ -5‬جاء في المادة ‪ 16‬من القانون ‪ 29- 93‬المتعلق بالمجلس الدستوري المغربي ما يلي‪" :‬يبت المجلس الدستوري في‬
‫القضايا المعروضة عليه بعد االستماع إلى تقرير عضو من أعضائه يعينه الرئيس‪."...‬‬
‫‪ -6‬عبد الرحيم المنار السليمي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.166‬‬

‫‪381‬‬
‫مع األخذ بعين االعتبار الكفاءات والخبرة في ملفات معينة كالقوانين ذات الطابع المالي التي‬
‫تتطلب مقر ار متحكما في تقنيات المالية‪.1‬‬
‫أما بالعودة إلى التجربة المغربية فإن رئيس المجلس الدستوري عندما يأتي إلى تعيين‬
‫القاضي الدستوري المقرر يكون أمامه احتمالين‪:‬‬
‫أ ‪ -‬االحتمال األول‪ :‬هو تعيين مقرر يعد مشروع رأي يتماشى مع األغلبية البرلمانية‬
‫وبالتالي ال يجد رئيس المجلس الدستوري صعوبة عند التصويت على المشروع‪.‬‬
‫ب ‪ -‬االحتمال الثاني ‪ :‬فهو يعين مقرر ذا كفاءة مهنية وتخصص يقنع من خالله باقي‬
‫األعضاء باتخاذ اتجاه معين من القانون المعروض عليهم األمر الذي يضع رئيس المجلس‬
‫الدستوري في مأزق‪.2‬‬

‫كما أن اسم القاضي الدستوري المقرر في المغرب يكون سريا على عكس ما كان معموال‬
‫به في مرحلة الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى قبل دستور ‪ ،1992‬أين كان يتم اإلعالن‬
‫على أسماء المقررين‪.3‬‬

‫أما في المرحلة الحالية فإن رئيس المجلس الدستوري المغربي يعتمد على معيار "التوزيع‬
‫المتوازن للمهام"‪ ،‬والذي يعني التخصص والتكوين في المجال هو المحدد للقاضي الدستوري‬
‫المقرر‪ ،‬فنجد في المنازعة االنتخابية كل أعضاء المجلس الدستوريين يمكن أن يقوموا بدور‬
‫المقرر ألن هذا المجال ال يتطلب التخصص وهذا حسب رأي األستاذ عبد اللطيف‬
‫المنوني‪.4‬‬

‫‪ - 3‬تعيين القاضي الدستوري المقرر في تونس‪:‬‬

‫في أول جلسة يعقدها المجلس الدستوري التونسي يعرض من خاللها رئيس الجلسة‬
‫جدول األعمال ويقوم بتعيين المقرر‪.‬‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.167‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.168‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.170‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪382‬‬
‫وجاء في الفصل ‪ 6‬من قانون ‪ 1‬أبريل ‪ 1996‬مايلي‪ «:‬المجلس يعين من بين أعضائه‬
‫مقررين اثنين إلعداد تقرير كتابي حول مشاريع القوانين المعروضة عليه وكذلك بالنسبة‬
‫للمعاهدات المنصوص عليها بالفصل ‪ 2‬من الدستور والمسائل المتعلقة بتنظيم المؤسسات‬
‫الدستورية وسيرها»‪.1‬‬

‫جعل المؤسس التشريعي التونسي تعيين المقرر من اختصاص كل األعضاء بالتوافق‬


‫وجعله مقررين إثنين عوضا من مقر ار واحد وفقا لقانون ‪ 1‬أفريل ‪21996‬على خالف المجلس‬
‫الدستوري الجزائري والفرنسي والمغربي الذي أعطى حق تعيين مقر ار إلى رئيس المجلس من‬
‫اختصاص كل األعضاء بالتوافق وجعله مقررين إثنين عوضا من مقر ار واحد وفقا لقانون‬
‫‪ 01‬أفريل ‪.31996‬‬

‫يتم تعيين القاضي المقرر عادة باالعتماد على التخصص‪ ،‬فإذا كان مشروع القانون‬
‫متعلق بالمادة الجزائية فإن المقرر يكون عضوا مختصا في القانون الجنائي واذا كان القانون‬
‫متعلق بالمادة التجارية فإن المقرر يكون مختصا في القانون التجاري ومن محاسن هذه‬
‫الطريقة ضمان التعمق في دراسة المسألة واعداد مشروع وأرضية عمل دقيقة‪.4‬‬

‫مع المالحظة أنه في حالة االستعجال فإن رئيس المجلس الدستوري هو من يعين‬
‫المقررين ربما للوقت وفقا ألحكام المادة ‪ 10‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس‬
‫الدستوري التونسي‪.5‬كما يمكن للمقرر عند القيام بمهامه االستعانة بكل من يرى فائدة في‬
‫االستماع إليه وجاء في المادة ‪ 11‬من النظام الداخلي للمجلس الدستوري مايلي‪ «:‬يمكن‬
‫للمجلس دعوة من يرى فائدة في االستماع إلى رأيه في موضوع معروض عليه»‪ .6‬ودور‬
‫هؤالء يقتصر على توضيح بعض النقاط الفنية‪.‬‬

‫‪ -1‬هدى بن خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.44‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -4‬سميرة الزغالمي مرزوق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪ -5‬المادة ‪ 10‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري التونسي‪.‬‬
‫‪ -6‬المادة ‪ 11‬من النظام الداخلي ألعضاء المجلس الدستوري التونسي‪.‬‬

‫‪383‬‬
‫‪ - 4‬تعيين القاضي الدستوري المقرر في موريتانيا ‪:‬‬

‫بناء على المادة ‪ 19‬من القانون النظامي المتعلق بالمجلس الدستوري الموريتاني فإن‬
‫تقييم المطابقة للدستور يتم بناء على تقرير عضو من المجلس الدستوري‪ ،1‬كما أن المشرع‬
‫الموريتاني لم يحدد طريقة تعيين المقرر وال الجهة صاحبة التعيين لكن العرف جرى في‬
‫موريتانيا أن يتم تعيين المقريين من طرف رئيس المجلس الدستوري تأث ار بالنموذج الفرنسي‪،‬‬
‫ويأتي تعيين المقرر في موريتانيا بناء على مالئمة تخصصه مع نوع القضية المطروحة مع‬
‫مراعاة نوعا من التوازن في شخص المقررين‪ ،2‬وهي نفس الطريقة المعتمدة في تعيين‬
‫المقررين في النظام التونسي ويختلف عن تونس في كون رئيس المجلس الدستوري التونسي‬
‫يعين مقررين أما في موريتانيا فيتم تعيين مقرر واحد‪.‬‬

‫يبدو أنه من األحسن تحديد معايير محددة الختيار القاضي الدستوري المقرر بموريتانيا‪،‬‬
‫خاصة إذا علمنا أن اإلخطار قد يأتي من عدد نواب من البرلمان الشيء الذي يجعل تعيين‬
‫العضو المقرر بعيدا على التأثير السياسي ما أمكن ذلك‪.‬‬

‫ويبقى اسم القاضي الدستوري المقرر سريا غير معلوم وكذا كل وثائق الملف المعهود به‬
‫إليه‪ ،‬كما سهل عملية السرية في التحقيق عمل المجلس من خالل إبعاد المقرر الذي يباشر‬
‫التحقيق من التعرض للضغوط والتدخالت لتوجيه التحقيق‪.3‬‬

‫يشكك بعض الفقهاء في ضرورة تلك السرية التي تعتمدها المجالس الدستورية وتطرح في‬
‫المقابل قضية الشفافية‪ ،‬التي ينبغي أن تقوم عليها الرقابة الدستورية ‪،‬األمر الذي يجعلها أكثر‬
‫انسجاما مع الديمقراطية واضفاء مصداقية أكبر على ق اررات المجلس الدستوري ذلك أن‬

‫‪1‬‬ ‫‪- Art 19 de L'ordonnance n° 92- 04 du 18 Février 1992, Portant loi organique sur le c.‬‬
‫‪constitutionnel: " L'appréciation de la conformité à la constitution est faite sur le rapport d'un‬‬
‫‪membre du conseil dans les délais fixés par le troisième alinéa de l'article 86 de la‬‬
‫‪constitution".‬‬
‫‪ -2‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.78‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-H. ROUSSILLON, op.cit., p. 30.‬‬

‫‪384‬‬
‫وضوح التسبيب يجعلها مفهومة أكثر لدى المهتمين‪ ،‬كما تسهم هذه الشفافية في اإلجراءات‬
‫إلى تكريس وبلورة فقه قضاء دستوري وابراز اتجاهاته‪.1‬‬

‫يبدو أن المجالس الدستورية المغاربية وتماشيا مع هذا عليها‪ ،‬أن تضفي مزيدا من‬
‫الشفافية والوضوح في قيامها باإلجراءات‪ ،‬ومختلف مراحل التحقيق الذي أوصلها إلى تبني‬
‫قرار معين الذي يوجه المنتوج التشريعي‪ ،‬أو العمل الحكومي ‪،‬في اتجاه معين ويعطي أكثر‬
‫حيوية لعمل المجلس الدستوري‪ ،‬ودور أكثر نجاعة في ضبط الحياة السياسية‪.‬‬

‫ثانيا ‪ -‬دور القاضي الدستوري المقرر‪:‬‬

‫ماهي الخطوات التي يتبعها القاضي الدستوري المقرر بعد تعيينه ؟ هل يعمل بصفة‬
‫منفردة أم له مساعدين ؟ ما هو نوع الوثيقة التي يعدها للمداولة ؟ هل هي تقرير أو مشروع‬
‫رأي أو قرار دستوري ؟ هذا ما نعالجه في كل من الجزائر‪ ،‬تونس‪ ،‬المغرب وموريتانيا في‬
‫النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ - 1‬دور القاضي الدستوري المقرر في الجزائر‪:‬‬

‫يقوم رئيس المجلس بمجرد تسجيل رسالة اإلخطار لدى أمانة المجلس الدستوري‬
‫الجزائري‪ ،‬بتعيين مقر ار من بين أعضاء المجلس يكلف بالتحقيق في الملف الذي عهد به‬
‫‪2‬‬
‫ويخول هذا المقرر بجمع المعلومات ومختلف الوثائق‪ ،‬المتعلقة بالملف وبإمكانه‬ ‫إليه‬
‫االستعانة بالخبراء‪.3‬‬

‫ويستخلص من هذا أن المجلس ككل ال يتدخل إال بعد إتمام المقرر بمهمته واعداد‪،‬‬
‫ملفا كامال وشامال حول الموضوع بعد قيامه ببحث وتحقيق واستشارات متعددة وبعد ذلك‬
‫يجتمع المجلس بدعوى من رئيسه لمناقشة مشروع الرأي‪ ،‬أو القرار‪ .4‬تظهر اإلجراءات التي‬
‫يتبعها المجلس الدستوري الجزائري في عمل المقرر بسيطة وغير معقدة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-D. ROUSSEAU, Le droit du contentieux constitutionnel, op.cit., pp. 34 – 35.‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 11‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري‪.‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 12‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -4‬عمار عباس ونفسية بختي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬

‫‪385‬‬
‫يقوم المقرر بالمهمة التي كلف بها في خالل ‪ 20‬يوما من تاريخ تسجيل رسالة اإلخطار‬
‫وهي المدة التي حددتها المادة ‪ 167‬من الدستور كي يرد فيها المجلس الدستوري على‬
‫اإلخطارات الواردة إليه‪.1‬‬

‫في حين نجد مهمة المقرر في النظام الفرنسي هي إدارة التحقيق واعداد مشروع قرار‬
‫مرفق بتقرير والذي يخضع للمداولة والتصويت من طرف المجلس الدستوري الفرنسي ويمكنه‬
‫االستفادة من األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي صاحب الخبرة القضائية واإلدارية في‬
‫المجال والذي يلعب دور المستشار القانوني للعضو المقرر في فرنسا‪ 2‬الشيء الذي يغيب‬
‫عن األمين العام للمجلس الدستوري الجزائري والذي ال بد أن يراعى في تعيينه عامل الخبرة‬
‫القضائية والتكوين القانوني وصفة الباحث األكاديمي حتى يتمكن من تقديم المساعدة الكاملة‬
‫لعضو المجلس الدستوري المقرر وتتم هذه المساعدة من خالل جمعه ألكبر عدد من الوثائق‬
‫المتعلقة بالموضوع بالتنسيق مع مصلحة الشؤون القانونية بالمجلس الدستوري ويقوم األمين‬
‫العام بالتنسيق بين مختلف األطراف داخل المجلس الدستوري ويمكن للقاضي الدستوري‬
‫المقرر القيام بكل االتصاالت التي يرغب فيها من أجل وضوح الرؤية حول الملف المطروح‬
‫بين يديه‪.3‬‬
‫كما أن العضو المقرر يتصل بعد تعينه باألمين العام للحكومة لعقد اجتماع غير رسمي‬
‫ويتم من خالله وبحضور أيضا األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي وأعضاء مصلحة‬
‫الشؤون القانونية بالمجلس الدستوري هذا من جهة وعن الطرف اآلخر يحضر األمين العام‬
‫للحكومة‪ ،‬وكذا األشخاص الذين تابعوا صياغة مشروع القانون محل النظر على مستوى‬
‫الحكومة‪ ،‬وهم أعضاء ديوان الو ازرات أو أعضاء المصالح المعنية‪.4‬‬

‫‪ -1‬رشيدة العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.199‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- le conseil constitutionnel à 40 ans, op.cit., p. 372.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Ibid.‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪- J.P . CAMBY et S. COTIA, la procèdure devant le Conseil constitutionnel ,Paris, éd‬‬
‫‪,1999 ,p. 7.‬‬

‫‪386‬‬
‫يعتبر هذا االجتماع غير رسمي وال يختم بتقرير‪ ،‬أو محضر اجتماع ‪،‬وبعد هذا االجتماع‬
‫يقوم األمين العام للحكومة بإرسال مالحظاته إلى القاضي الدستوري المقرر حول المواد محل‬
‫اإلخطار ويقوم المجلس الدستوري عن طريق أمانته العامة بإرسالها إلى الجهات أصحاب‬
‫اإلخطار ويمكن ألصحاب اإلخطار بداية من ‪ ،1986‬إثارة نقاط لم يتم التطرق إليها في‬
‫رسالة اإلخطار األولى‪ ،‬وتدفع المقرر بطرحها على ممثل األمانة العامة للحكومة التي يجيب‬
‫عليها‪.1‬‬
‫ولم ينص النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الفرنسي على إجراءات غلق‬
‫التحقيق‪ ،‬ولهذا يمكن ألصحاب اإلخطار في مرحلة التحقيق الدفع واثارة نقاط أخرى تعتبر‬
‫أوجه طعن ويتميز هذا الطابع من النقاش بالسرية‪ ،‬وال يأخذ أي شكل علني وفي هذه المرحلة‬
‫من التحقيق يمكن أن يتلقى المقرر إرساليات من أفراد أو من جماعات معينة تتضمن‬
‫مالحظات معينة‪ ،‬والتي ال يقوم بتحويلها ال إلى الحكومة والى الجهات صاحبة اإلخطار‪،‬‬
‫وانما يأخذ بها على سبيل االستئناس وتسمى هذه المالحظات "‪.2"Portes étroites‬‬
‫ال بد أن نالحظ أن البرلمان غير حاضر في هذه المرحلة من النقاش فالجهة الوحيدة‬
‫التي تدافع على مشروع القانون هي الحكومة حتى ولو تعلق األمر بمبادرة برلمانية بالقانون‬
‫وليس مشروع حكومة‪ ،‬وحتى لو أن إحدى نقاط الخالف لم تجد حال يتم الموافقة عليها من‬
‫طرف البرلمان خالل مناقشته للقانون محل الطعن‪.3‬‬

‫‪ - 2‬دور القاضي الدستوري المقرر في تونس ‪:‬‬

‫يختلف النظام التونسي عن نظيره الفرنسي والجزائري في كون المجلس الدستوري يعين‬
‫عضوين مقررين اثنين يكلفان بنفس المهمة ونفرق في تونس بين مرحلة ما قبل تعديل‬
‫الدستور في ‪ 1‬جوان ‪، 2002‬أين كان كل أعضاء المجلس الدستوري يشتركون في تعيين‬
‫المقررين وبين مرحلة ما بعد تعديل الدستور في ‪ 1‬جوان ‪ ،2002‬حيث أصبح تعيين المقرر‬
‫من اختصاص رئيس المجلس الدستوري ويكون مقر ار واحدا يكلف بمهمة التحقيق واعداد‬

‫‪1‬‬ ‫‪- Ibid. p. 8.‬‬


‫‪2‬‬ ‫‪- Ibid.‬‬
‫‪3 -Ibid.‬‬

‫‪387‬‬
‫مشروع رأي حول القانون المطعون فيه بعدم الدستورية‪ ،‬والمحال عليه من طرف رئيس‬
‫المجلس الدستوري‪.‬‬

‫جاء قانون ‪ 12‬جويلية ‪ ،2004‬وهو القانون المتعلق بتنظيم المجلس الدستوري وفصل‬
‫في المسألة من خالل نص المادة األولى منه التي تنص على مايلي‪ « :‬يسهر رئيس‬
‫المجلس الدستوري على سير أعمال المجلس»‪.1‬‬

‫يالحظ أن قانون ‪ 12‬جويلية ‪ 2004‬تعامل مع تحديد عدد المقررين بنوع من عدم الدقة‬
‫حيث فبعد أن نص على تعيين مقرر واحد فقط فيما يخص الرقابة الدستورية نجده في‬
‫الفصل ‪ 33‬و‪ ،36‬ينص على أن رئيس المجلس الدستوري يعين من بين أعضائه مقر ار‬
‫وعدة مقررين لدراسات الشكايات‪ ،‬والطعون فهو يختلف في المادة االنتخابية عن العدد‬
‫المحدد في مادة الرقابة الدستورية‪.2‬‬

‫يعتبر العضو المقرر في النظام التونسي محو ار أساسيا في سير التحقيق ومن خالله‬
‫سير أعمال المجلس الدستوري‪ ،‬حيث نجده يكلف بإعداد التقرير الكتابي الذي يعتمد كوثيقة‬
‫عمل أساسية وله في سبيل ذلك حرية في إتمام مهمته‪.‬‬

‫مع المالحظة أنه في حالة تعيين مقررين يمكنهم تقديم تقرير مشترك كأرضية عمل‬
‫ويتضمن هذا التقرير في العادة تقديم للمشروع‪ ،‬وعرضا لألحكام التي تثير إشكاال حول مدى‬
‫مطابقتها للدستور ‪،‬ولفت أنظار أعضاء المجلس إلى مختلف االختالالت الشكلية‬
‫والموضوعية ‪،‬التي احتواها مشروع القانون محل النظر‪ ،3‬وفي العادة يستغرق التقرير أسبوع‬
‫أو أسبوعين حسب أهمية وحجم مشروع القانون ولم يحدد النظام المتعلق بالمجلس الدستوري‬

‫‪ -1‬هدى بن خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.45‬‬


‫‪ -2‬الفصل ‪ 33‬من القانون الدستوريالتونيسي ‪" :‬يعين مقر ار أو عدة مقررين من بين أعضاء المجلس لدراسة االعتراضات‬
‫والطعون‪ ،‬ويمكن للمقرر عن طريق رئيس المجلس أن يستمع ألي شخص وأن يطلب إحضار أية وثيقة ترتبط بعملية‬
‫االنتخابات إلى المجلس الدستوري"‪.‬‬
‫الفصل ‪ " 36‬يعين رئيس المجلس الدستوري من بين أعضاء المجلس مقر ار أو عدة مقررين لدراسة الشكايات والطعون‬
‫ويمكن للمقرر عن طريق رئيس المجلس أن يستمع إلى أي شخص وأن يطلب إحضار أية وثيقة ترتبط بعملية االنتخابات‬
‫إلى المجلس الدستوري"‪.‬‬
‫‪ -‬سميرة مرزوق الزغالمي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪388‬‬
‫التونسي طبيعة التقرير هل يعرض على المجلس الدستوري شفاهة‪ ،‬أو كتابيا ولهذا المجلس‬
‫يعمل بالصيغتين‪.1‬‬

‫يبدو أن المجلس الدستوري والعضو المقرر يجد نفسه في بعض األحيان يتعامل مع‬
‫مشروع قانون ذا طبيعة تقنية ولهذا سمحت المادة ‪ 22‬في فقرتها ‪ 2‬للمجلس بأن يستدعي‬
‫من يرى فائدة في سماعه ويقتصر دور هؤالء في توضيح الرؤية فقط من الجانب الفني‪.2‬‬

‫كما يمكن للمجلس الدستوري التونسي أن ينتدب خبي ار أو خبراء ويدفع لهم تعويضات‬
‫مقابل قيامهم بمهام لصالح المجلس في حدود ما تسمح به ميزانية المجلس الدستوري‬
‫التونسي‪.3‬‬

‫ويعتبر الرجوع إلى الخبراء والمختصين قبل البحث في مدى مطابقة مشروع القانون‬
‫خطوة تعبر عن وعي أعضاء المجلس الدستوري بأن المشاريع المعروضة عليهم متخصصة‬
‫جدا مثل قوانين المالية ‪،‬وقانون زرع األعضاء‪.‬‬

‫‪ - 3‬دور القاضي الدستوري المقرر في المغرب ‪:‬‬

‫تحمل كل الق اررات الصادرة عن المجلس الدستوري المغربي عبارة ‪ ...« :‬وبعد االستماع‬
‫إلى العضو المقرر والمداولة طبقا للقانون‪ »...‬وأول ما يالحظ غياب قانون إجراءات يحكم‬
‫عمل القاضي الدستوري المقرر في المغرب ‪،‬شأنه شأن نظرائه في الجزائر وفرنسا وتونس‬
‫وربما عدم الكتابية في إجراءات عمل القاضي الدستوري المقرر تمنحه مزيدا من الحرية في‬
‫جمع المعلومات‪.4‬‬

‫وعدم وجود المقرر المساعد كما هو الشأن بفرنسا يجعل القاضي الدستوري المغربي يقف‬
‫على كل اإلجراءات بنفسه ‪،‬وله الصالحية في الحصول على أية وثيقة تساعده في مهمته‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ - 2‬المادة ‪ 22‬من القانون عدد ‪ 52‬المؤرخ في ‪ 12‬جويلية ‪ ..." :2004‬وللمجلس دعوة من يرى فائدة في االستماع إلى‬
‫رأيه في الموضوع المعروض عليه"‪.‬‬
‫‪ -3‬سميرة مرزوق الزغالمي ‪ ،‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫جاء في الفصل ‪ 13‬من النظام الداخلي للمجلس الدستوري التونيسي مايلي‪ ":‬لرئيس المجلس باقتراح من المجلس وفي‬
‫حدود االعتمادات المضبوطة بالميزانية للغرض تكليف خبير أو خبراء للقيام بأعمال معينة تندرج ضمن أهداف المجلس"‪.‬‬
‫‪ -‬عبد الرحيم المنار السليمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.183‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪389‬‬
‫بنفسه ويستعمل في ذلك النصوص القانونية ‪،‬السوابق القضائية‪ ،‬االجتهاد القضائي تقرير‬
‫اللجان البرلمانية‪ ،‬وكذا االعتماد على مكتبة المجلس الدستوري‪.‬‬

‫إن الطعن في المادة االنتخابية يجد فيه القاضي الدستوري المقرر مجموعة من‬
‫النصوص اإلجرائية موزعة بين قوانين االنتخابات وقوانين أخرى‪ ،‬حيث يستطيع استقبال‬
‫عريضة طعن وتقديمها إلى الطرف المطعون ضده ليرد على ادعاءات الطاعن وفي الطعن‬
‫االنتخابي تكون إجراءات عمل القاضي الدستوري المقرر أشبه بالمنازعة القضائية اإلدارية‬
‫كما يتلقى تصريحات الشهود واجراء التحقيقات الضرورية في عين المكان بالنسبة للطعن‬
‫االنتخابي‪.1‬‬

‫إنه وبعد انتهاء القاضي الدستوري المقرر من مهامه يقوم بإعداد التقرير أو مشروع‬
‫القرار الدستوري وال يوجد نص يلزمه بتسليم هذا التقرير‪ ،‬أو مشروع القرار لباقي أعضاء‬
‫المجلس الدستوري المغربي على عكس المشرع الجزائري من خالل المادة ‪ 13‬من النظام‬
‫المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري التي تنص على أن يسلم المقرر بعد انتهاء أشغاله‬
‫إلى رئيس المجلس الدستوري والى كل عضو في المجلس نسخة من الملف موضوع‬
‫اإلخطار مرفقا بالتقرير ومشروع الرأي أو القرار‪.2‬‬

‫والمستغرب في النظام المغربي هو على أي أساس تتم مناقشة التقرير أو مشروع القرار‬
‫إذا قام أعضاء المجلس الدستوري باستالمه يوم المداولة فالقريب للعقل والمنطق أن يسلم‬
‫مشروع القرار أو التقرير إلى أعضاء المجلس الدستوري عن طريق رئيس المجلس الدستوري‬
‫على األقل ‪ 48‬ساعة قبل اجتماع المجلس للتداول‪.‬‬

‫وما يالحظ على عمل القاضي الدستوري المغربي المقرر مقارنة بنظرائه في بعض‬
‫األنظمة المقارنة نسجل النقاط اآلتية ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬غياب مساعدين للقاضي الدستوري المقرر سواء من داخل المجلس الدستوري أو من‬
‫خارجه على خالف البرتغال اين يقوم القاضي الدستوري بتعيين مساعدا له يختاره بنفسه‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.184‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 14‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري المؤرخ في ‪ 3‬ماي ‪.2012‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪390‬‬
‫ويكون عادة أستاذ جامعي مختص فيحبذ تعميم هذه التجربة في المغرب ‪،‬الجزائر ‪،‬تونس‬
‫وموريتانيا‪.‬‬
‫وكذلك في التجربة الفرنسية يتم في السنة التي تجرى فيها االنتخابات اختيار المجلس‬
‫الدستوري قائمة من عشرة (‪ )10‬أعضاء كمقررين مساعدين يختارون عادة من مجلس الدولة‬
‫‪،‬ومجلس المحاسبة بالتساوي‪ ،‬وتسند إليهم من طرف رئيس المجلس الدستوري إعداد ملف‬
‫معين وتحليل معطياته والقيام بالتحقيقات الالزمة والتدقيق في بعض اإلجراءات الشكلية‬
‫المرافقة للعملية االنتخابية‪.1‬‬
‫ب ‪ -‬العمل باالعتماد على قاضي دستوري مقرر واحد يجعل المجلس الدستوري يتداول‬
‫على تقرير أو مشروع دستوري واحد وفي حالة كون موضوع المداولة مشروع قانون كبير‬
‫ومن نوع القوانين الفنية الدقيقة مثل قانون ‪ 34/98‬و‪ 35/98‬بالمغرب ‪،‬المتعلق بتحويل‬
‫المنشآت العامة إلى القطاع الخاص‪ ،‬وقوانين المالية‪.‬‬

‫إن االعتماد على مقررين أو أكثر يكون أكثر نجاعة كما أخذ به المشرع التونسي قبل‬
‫تنقيح الدستور في ‪ 1‬جوان ‪.2002‬‬
‫‪ - 4‬دور القاضي الدستوري المقرر في موريتانيا ‪:‬‬

‫إن جميع المهام التي يقوم بها القاضي الدستوري الموريتاني تتميز بالسرية فيما يخص‬
‫اسم المقرر أو وثائق الملف في عهدته وحتى محتوى التقرير الذي يعده المقرر نهاية تحقيقه‬
‫وهذه السرية فيها حماية ألعضاء المجلس الدستوري الموريتاني وللمقرر ذاته من جهات‬
‫مختلفة خاصة إذا كانت القضية محل النظر ذات حساسية‪ ،‬وهذا االتجاه من السرية نجده‬
‫في أغلب دول العالم‪ ،‬سواء تلك التي تأخذ بنظام المجلس الدستوري أو األخرى التي تأخذ‬
‫بنظام الجهات القضائية كالمحاكم والغرف الدستورية‪.2‬‬

‫‪1 - J.P. CAMBY, op. cit., p. 19.‬‬


‫‪ - 2‬هنري روسيون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬

‫‪391‬‬
‫لم تبين التجربة التي يمتلكها المجلس الدستوري الموريتاني بصفة كافية الدور الذي يلعبه‬
‫المقرر بحيث أغلب اإلخطارات كانت تلك اإلخطارات الوجوبية حول القوانين العضوية‬
‫واألنظمة الداخلية للبرلمان وتكاد تنعدم اإلخطارات المتعلقة بالقوانين العادية‪.‬‬

‫أما عن النشر فيحبذ لو يقوم المجلس الدستوري الموريتاني بنشر ما توصل إليه التحقيق‬
‫بالموازاة مع نشر قرار المجلس الدستوري معه ألن علة السرية تنتفي بعد نشر القرار‪ ،‬وهي‬
‫الضغط على أعضاء المجلس وحتى يتسنى للجميع معرفة الحيثيات واالعتبارات التي بني‬
‫عليها قرار المجلس الدستوري الموريتاني‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬المداولة‬

‫تختلف المداولة في عمل المجلس الدستوري عنها في عمل المحاكم العادية لسببين‬
‫اثنين‪:‬‬

‫السبب األول كون المداولة أمام المحاكم العادية تتم بين موظفين عموميين (قضاة‬
‫المحاكم) أما مداوالت المجلس الدستوري فيتم بين أشخاص تتم تعيينهم من طرف سلطات‬
‫عمومية وبعضهم متحزب السبب الثاني ألن القاضي الدستوري من خالل المداولة يجد مجال‬
‫تكوين مستمر تلتقي من خالل هذه المداوالت عدة تجارب مختلفة (قضاة عاديون‪ ،‬محامون‪،‬‬
‫أساتذة جامعيون‪ ،‬إطارات حزبية الخ‪ .2)...‬وبالتالي فإن مداوالت المجلس الدستوري تقود إلى‬
‫عدة تساؤالت‪:‬‬

‫من يدير المناقشة ؟ ومن يستدعي المجلس الدستوري لالنعقاد؟ كيف يتم تحديد جدول‬
‫األعمال؟ هل تكون المداوالت شفوية أم كتابية؟ هل هناك محاضر للجلسات ومن يحررها ؟‬
‫هل يتم اتخاذ الق ارر داخل المجلس الدستور بالتراضي أم يترك التصويت للنهاية ؟ هل يمكن‬
‫ألعضاء المجلس الدستوري االستعانة بالخبراء والفنيين في مرحلة المداولة ؟‬

‫‪ - 1‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪82‬‬


‫‪ -2‬عبد الرحيم المنار السليمي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.189‬‬

‫‪392‬‬
‫ولهذا نعالج من خالل هذا الفرع نقطتين تخصص األولى منهما إلجراءات انعقاد‬
‫المجلس الدستوري للمداولة والثاني لكيفية إنتاج الرأي أو القرار داخل المجلس الدستوري‪.‬‬

‫أوال ‪ -‬سير مداوالت المجلس الدستوري‪:‬‬

‫بعدما يقوم القاضي الدستوري المقرر بتسليم نسخة من ملف موضوع اإلخطار والتقرير‬
‫ومشروع الرأي أو مشروع القرار بحسب‬

‫الحالة يجتمع المجلس الدستوري الجزائري للتداول بناء على استدعاء من رئيسه‪.1‬‬

‫أما القاضي الدستوري المقرر في فرنسا ‪ ،‬فإنه وبمساعدة األمين العام للمجلس الدستوري‬
‫الفرنسي يقوم بتحرير مشروع القرار مسبوقا بتقرير يوضح القضية المعروضة على المجلس‬
‫للمداولة كما يمكن للقاضي الدستوري المقرر بفرنسا أن يرفق التقرير بعدة مالحظات أساسية‬
‫وكذلك مشروع قرار ثاني‪ .‬ويتم توزيع هذا الملف على أعضاء المجلس الدستوري بأيام قبل‬
‫المداولة من طرف األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي ويتضمن هذا الملف مشروع‬
‫القرار‪ ،‬ونص القانون موضوع اإلخطار‪ ،‬وكل الوثائق الضرورية للتداول‪ ،‬وتنعقد جلسة اتخاذ‬
‫القرار باستدعاء من رئيس المجلس الدستوري واذا حدث له مانع من طرف العضو األكبر‬
‫سنا‪.2‬‬

‫أما في تونس فإن المداولة تتم باالستماع إلى القاضي الدستوري المقرر حسب الفصل‬
‫‪ 22‬من قانون جويلية ‪ 2004‬والمتعلق بالمجلس الدستوري التونسي‪ ،3‬ويتضمن عرض‬
‫القاضي الدستوري المقرر تقديم المشروع وعرض األحكام المعيبة بعدم الدستورية وبمجرد‬
‫االستماع إلى هذا التقرير يشرع األعضاء في مناقشة األحكام المعيبة بعدم الدستورية‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 13‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري‪ .‬مداولة مؤرخة في ‪ 03‬ماي ‪.2012‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Le Conseil Constitutionnel a 40 Ans, op.cit., p. 381.‬‬
‫‪ - 3‬فصل ‪ 22‬من قانون ‪ 12‬جويلية ‪ 2004‬المتعلق بالمجلس الدستوري التونسي‪" :‬تبدأ مداوالت المجلس باالستماع إلى‬
‫المقرر‪ ،‬ثم يكلف رئيس المجلس المقرر بصياغة مشروع رأي على ضوء التوجهات األساسية التي يقرها المجلس‪ ،‬وتبقى‬
‫الجلسة مفتوحة إلى أن يلتئم المجلس للبت في مشروع الرأي بأغلبية أعضائه‪."..‬‬

‫‪393‬‬
‫فيستبعد بعضها ويثبت بعضها مبدئيا‪ ،‬ويمكن للمجلس الدستوري التونسي أن يستعين بخبراء‬
‫ليستأنس بآرائهم في مسائل ذات طبيعة تقنية وفنية دون مشاركتهم في المداولة‪.1‬‬

‫وللمجلس الدستوري التونسي أيضا أن ينتدب خبراء بواسطة التعاقد لالستفادة من‬
‫‪2‬‬
‫والمتعلق بالمجلس الدستوري‬ ‫معارفهم هذا حسب الفصل ‪ 1‬من قانون ‪ 12‬جويلية ‪2004‬‬
‫التونسي كما ال يمكن لهؤالء الخبراء المشاركة في مداوالت المجلس ألنها سرية‪ 3‬وباالستعانة‬
‫بالفنيين والخب ارء فإن تقرير القاضي الدستوري المقرر في تونس ال يشكل وحده أرضية العمل‬
‫بالنسبة لقضاة المجلس الدستوري ‪ ،‬وانما حتى األعمال واالستشارات التي يقدمها الفنيون‬
‫والخبراء تعتمد كأرضية لعمل قضاة المجلس الدستوري التونسي حتى ولو كانت مقدمة‬
‫شفاهيا‪.‬‬

‫يلتقي المؤسس الدستوري التونسي مع نظيره الجزائري في كون المقرر بعد إنهاء عمله‬
‫يسلم نسخة من ملف موضوع األخطار مرفقا بالتقرير ومشروع الرأي أو القرار إلى كل عضو‬
‫من أعضاء المجلس الدستوري بما فيهم الرئيس وهذا حسب المادة ‪ 13‬من النظام المحدد‬
‫لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬والشأن نفسه بالنسبة لنظيره الفرنسي مع بعض‬
‫االختالفات الجزئية أما من حيث االستدعاء لالجتماع فإن المجلس الدستوري الجزائري‬
‫يستدعى من رئيسه‪ ،‬أو من يستخلفه هو في حالة حدوث مانع للرئيس دون أن تحدد المادة‬
‫‪ 14‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري تعريفا للمانع هل هو المرض‬
‫أو السفر أو القيام بمهمة أو وجوده على رأس الدولة في حالة تطبيق أحكام المادة ‪ 88‬من‬
‫دستور ‪ 1996‬المتعلقة بالشغور المؤقت لرئاسة الجمهورية‪.‬‬

‫فبالنسبة لفرنسا يكون من يستخلف رئيس المجلس الدستوري العضو األكبر سنا أما في‬
‫الجزائر فيكون المستخلف يعينه أو يحدده مسبقا رئيس المجلس ذاته وهذا يوحي حسب‬

‫‪ - 1‬هدى بن خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.47 ،46‬‬


‫‪ - 2‬الفصل ‪ 1‬من قانون ‪ 12‬جويلية ‪ 2004‬المتعلق بالمجلس الدستوري التونسي‪..." :‬ويمكن انتداب خبراء عن طريق‬
‫التعاقد للقيام بأعمال تندرج ضمن اختصاص المجلس ويخضع الخبراء المتعاقدون ألحكام النظام األساسي العام ألعوان‬
‫الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية ويضبط تأجيرهم بأمر"‪.‬‬
‫‪ - 3‬الفصل ‪ 4‬من قانون ‪ 12‬جويلية ‪ 2004‬المتعلق بالمجلس الدستوري التونسي " أعمال المجلس ومداوالته سرية وعلى‬
‫أعضائه التقيد بهذه السرية أثناء مباشرتهم لمهامهم وبعد انتهائهم منها"‪.‬‬

‫‪394‬‬
‫اعتقادي إلى االعتماد على عامل الثقة أكثر من االعتماد على عامل السن وربما يعتمد‬
‫دائما رئيس المجلس الدستوري على العنصر الذي يرى فيه أكثر حيادية وأكثر تخصصا‬
‫حيث أنه يمكن لو اعتمد على قاعدة السن فيكون أكبر األعضاء سنا رجل سياسي ممثل‬
‫للبرلمان ال يملك تكوينا قانونيا يساعده على إدارة الجلسات‪ ،‬كما أنه يحتمل أن يريد رئيس‬
‫المجلس الدستوري اإلبقاء على رئاسة الجلسات في األعضاء الثالثة الذين يعينهم رئيس‬
‫الجمهورية أي السلطة التنفيذية وربما هناك أسباب أخرى ومبررات ال تخطر على بالي من‬
‫خالل هذه الدراسة‪.‬‬

‫وال ينعقد المجلس الدستوري الجزائري إال بحضور ‪ 7‬أعضاء من ‪ 9‬كما هو الحال‬
‫بالنسبة للمجلس الدستوري الفرنسي‪ ،‬و أحدث المجلس الدستوري الفرنسي استثناء حيث يمكنه‬
‫االجتماع بأقل من ‪ 7‬أعضاء في حالة القوة القاهرة ويثبت ذلك في محضر‪.1‬‬

‫أما من يتولى قلم جلسات المجلس الدستوري الجزائري فإنه األمين العام‪ 2‬إن جلسات‬
‫المجلس الدستوري الجزائري مغلقة وسرية‪ 3‬وال ينشر محتواها وال يمكن ألي شخص اإلفصاح‬
‫عنها‪ 4‬وال كيف تم التصويت وال كيف وزعت األصوات‪.‬‬

‫يكون النصاب بحضور كل األعضاء في حالة توفر ظرف المادة ‪ 88‬من الدستور‬
‫‪5‬‬
‫والمتعلقة بشغور منصب رئاسة الجمهورية‪ ،‬أي حضور ‪ 9‬على‪ 9‬والتصويت باإلجماع‬
‫حسب األستاذ علي بوبترة ‪ ...« :‬إن المعمول به في الجزائر فإن المداولة تكون على شكل‬
‫نقاش بين أعضاء المجلس وكل طرف يقدم الحجج واألدلة إلقناع زمالئه وال يكون التصويت‬
‫على اتخاذ قرار أو رأي إال في حاالت قليلة جدا عند استحالة التوفيق بين وجهات النظر‬

‫‪1‬‬
‫‪- Art 14 : de L'ordonnance du 7 novembre 1958, Précité : " Les décisions et les avis du‬‬
‫‪conseil constitutionnel sont rendus par sept conseillers au moins, sauf cas de force majeure‬‬
‫‪dument constatée au procès verbal".‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 17‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري‪.‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 1/18‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري‪.‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 54‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 88‬من دستور الجزائر ‪28‬نوفمبر ‪1996‬المعدل والمتمم‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪395‬‬
‫وبالتالي الحصول على أغلبية األصوات‪ ،‬ففي هذه الحالة يلجأ إلى عملية التصويت كحل‬
‫نهائي‪.1»...‬‬

‫كما نجد المجلس الدستوري المغربي يعقد جلساته بدعوة من رئيسه واذا حدث له عائق‬
‫يوجه أكبر األعضاء سنا الدعوى الجتماع المجلس ويتولى رئاسته األكبر سنا حسب المادة‬
‫‪ 15‬من قانون المتعلق بالمجلس الدستوري المغربي‪2‬على خالف المجلس الدستوري الجزائري‬
‫الذي يستخلف رئيس المجلس الدستوري في حالة حدوث مانع له بعضو هو من يختاره‬
‫ويتوفر النصاب بحضور ‪ 9‬أعضاء من أعضاء المجلس الدستوري المغربي من بين ‪12‬‬
‫عضوا ويصدر ق ارراته باسم الملك‪ 3‬ويتم التصويت بأغلبية الثلث على عكس النظام الجزائري‬
‫والفرنسي الذي يشترط األغلبية ولم يفصل المشرع المغربي في حساب الثلث هل هو ثلث‬
‫أألعضاء الذين يتكون منهم المجلس الدستوري المغربي حيث‬ ‫األعضاء المتداولون أم ثلث‬
‫جاء في المادة ‪ 16‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري المغربي مايلي‪... « :‬‬
‫وتصدر ق اررات باسم الملك وتتخذ أغلبية ثلثي األعضاء الذين يتألف منهم‪.»...‬‬

‫كما تكون جلسات المجلس سرية وال يسمح للمعنيين باألمر طلب سماعهم أمام أعضاء‬
‫المجلس الدستوري‪.‬‬

‫وجرت العادة أن يجتمع المجلس الدستوري المغربي يومين متتاليين في األسبوع وهما‬
‫الثالثاء واألربعاء وتتم البت في عدة قضايا في جلسة واحدة‪ .4‬يقود رئيس المجلس الدستوري‬

‫‪ -‬رشيدة العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.200‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ - 2‬المادة ‪ 15‬من القانون رقم ‪ 29 – 93‬المتعلق بالمجلس الدستوري المغربي المعدل والمتمم بالقانون التنظيمي رقم ‪98‬‬
‫‪ 08 -‬المؤرخ في ‪ 5‬أكتوبر ‪ ،1998‬ج‪ .‬ر عدد ‪.4627‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 16‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 29 - 93‬المتمم والمعدل‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -4‬عبد الرحيم المنار السليمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.190‬‬


‫‪ -‬مثال عن اجتماع المجلس الدستوري المغربي بتاريخ ‪ 13‬مارس ‪ 1998‬وبت في ‪ 7‬سبعة طعون أصدر خاللها الق اررات‬
‫اآلتية (‪ ،98-185 98-184/98-183/98-192-98/181/98 -180/98/179‬ج‪ .‬ر عدد ‪ 4575‬مؤرخة في ‪ 6‬أبريل‬
‫‪.)1998‬‬

‫‪396‬‬
‫المغربي المداولة ويدير النقاش في الجلسة‪ ،1‬وال يحضر جلسات المجلس الدستوري المغربي‬
‫إال القضاة الدستوريون على عكس فرنسا والجزائر أن يحظر الجلسات األمين العام للمجلس‬
‫الدستوري حيث نجد األمين العام للمجلس الدستوري الفرنسي يحضر الجلسات ويعهد له‬
‫‪2‬‬
‫مهمة إعداد محضر لجلسات‪ ،‬باإلضافة إلى أعضاء المصلحة القانونية بالمجلس الدستوري‬
‫كما يالحظ عدم اإلشارة إلى سبب غياب قاضي دستوري عن المداولة في المغرب على‬
‫عكس فرنسا أين يمكن أن يغيب القاضي الدستوري عن المداولة بطلب منه ويتم العمل بهذه‬
‫التقنية في فرنسا حيث تتم اإلشارة إلى القاضي الذي طلب عدم الحضور للمداولة في متن‬
‫القرار ومثال على ذلك قرار مجلس الدستوري الفرنسي رقم ‪ 399-98‬ق م المؤرخ في ‪05‬‬
‫ماي ‪ ،1998‬حيث قدم القاضي‪ P. MAZEAUD‬طلب بعدم المشاركة في هذا القرار‪.3‬‬

‫وتنطلق المناقشات بين أعضاء المجلس الدستوري المغربي بعد تالوة القاضي المقرر‬
‫للتقرير أو مشروع القرار‪ ،‬ويمكن أن تتجاوز الجلسة يوما واحد لكن قليال ما يحدث هذا‬
‫وحسب األستاذ عبد اللطيف المنوني ‪...« :‬فإن جلسات المجلس الدستوري المغربي تأخذ‬
‫وقت حسب أهمية الملف وان كانت في غالب األحيان تتم في جلسة واحدة أما في ما يعرفه‬
‫المجلس الدستوري الفرنسي ومن خالل بعض الق اررات يتبين تعدد الجلسات أيام متعددة‬
‫‪.4»...‬‬

‫وما يالحظ أن المجلس الدستوري المغربي يجتمع شكليا لينتج ق اررات نماذج خاصة في‬
‫المادة االنتخابية‪.‬‬

‫تحكم سير مداوالت المجلس الدستوري الموريتاني قواعد ثابتة ودقيقة تحدد كيفية انعقاده‬
‫والنصاب القانوني لصحة انعقاده فيجتمع المجلس الدستوري الموريتاني بدعوة من رئيسه أو‬

‫‪ -1‬في استمارة قدمت ألعضاء المجلس الدستوري المغربي طرح عليهم سؤال‪ :‬هل توجد إجراءات خاصة بالمداولة‪ ،‬فكان‬
‫الجواب بنعم ومن أهم اإلجراءات قيادة الرئيس لجلسات المجلس الدستوري دون غيره‪ ،‬استمارة وزعت من طرف األستاذ عبد‬
‫الرحيم المنار السليمي في كتابه المذكور في الهامش رقم‪.01‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Art 3 du décret n° 59 -1293 du 13 novembre 1959, relatif à l'organisation du secrétariat du‬‬
‫‪conseil constitutionnel français.‬‬
‫‪ -3‬عبد الرحيم المنار السليمي‪ ،‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.192‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪397‬‬
‫من أكبر األعضاء سنا إذا تعذر ذلك على الرئيس‪ 1‬وهو نفس اإلجراء المتبع في فرنسا‬
‫وتونس والمغرب باستثناء الجزائر الذي تكون الرئاسة إذا تعذر على رئيس المجلس الدستوري‬
‫الحضور لصالح عضوا يعينه رئيس المجلس الدستوري سلفا ولم يتم تحديد مكان معين‬
‫النعقاد المجلس الدستوري الموريتاني على عكس المجلس الدستوري التونسي الذي ينعقد‬
‫بتونس العاصمة واستثناء باقتراح من رئيسه وموافقة رئيس الجمهورية التونسية ينعقد في‬
‫مكان آخر في الجمهورية التونسية‪.2‬‬

‫أما فيما يتعلق باستمرار عمل المجلس الدستوري الموريتاني فإنه يعمل وفق النطالق‬
‫السنة القضائية‪.3‬‬

‫ل كن المالحظ أن نشاط المجلس الدستوري يتماشى مع النشاط البرلماني ارتفاعا‬


‫وانخفاضا أي كلما زاد نشاط البرلمان وكان موعدا انتخابيا وكلما قل نشاط البرلمان وغابت‬
‫االنتخابات قل نشاط المجلس الدستوري الموريتاني العتماده على اإلخطار شأنه شأن باقي‬
‫المجالس الدستورية في الجزائر والمغرب وتونس باستثناء فرنسا التي فتحت الباب لألفراد‬
‫بالطعن غير المباشر أمام المجلس الدستوري في مدى دستورية القوانين بعد التعديل‬
‫الدستوري الفرنسي المؤرخ في ‪ 23‬جويلية ‪.2008‬‬

‫وتتخذ الق اررات داخل المجلس الدستوري الموريتاني واآلراء من طرف أربعة أعضاء على‬
‫األقل ما عدا حالة القوة القاهرة المالحظة شرعا في المحضر وهذا النصاب يمثل األغلبية‬
‫المطلقة ‪ 4‬من ‪ 6‬أعضاء يتكون منهم المجلس الدستوري الموريتاني حسب المادة ‪ 86‬من‬
‫‪4‬‬
‫وهذه األغلبية مقبولة تتماشى مع ما أخذت به كل من فرنسا‬ ‫دستور موريتانيا ‪1991‬‬
‫والجزائر‪.‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 13‬من النظام المتعلق بالمجلس الدستوري الموريتاني‪.‬‬


‫‪ -2‬زهير المظفر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.72‬‬
‫‪ -3‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.84‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 86‬من دستور موريتانيا ‪ " :1991‬يتكون المجلس الدستوري الموريتاني من ستة أعضاء ‪."...‬‬

‫‪398‬‬
‫ويتم تحدي د جدول األعمال حسب تواريخ وصول اإلحاالت إليه من طرف الجهات‬
‫صاحبة حق اإلخطار وينتهي جدول األعمال بإنهاء المهمة ولم يسبق أن وجد المجلس‬
‫الدستوري الموريتاني مشاكل في ازدحام العمل لقلة اإلخطارات ولسرعة البت فيها‪.1‬‬
‫وتدور مداوالت المجلس الدستوري الموريتاني في سرية وتتخذ ق ارراته على أساس األغلبية‬
‫فال ينضح شيء على طبيعة المواقف التي يبديها األعضاء أثناء المناقشات وال عن توزيع‬
‫األصوات عند التصويت وذلك بهدف حماية القضاة الدستوريون من الضغوط المختلفة وهذه‬
‫الحماية تعمق النقاش وتجعله أكثر فعالية‪ 2‬ونفس الشيء نجده في الجزائر وتونس والمغرب‬
‫وفرنسا‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬إنتاج الرأي والقرار ‪:‬‬


‫يصدر المجلس الدستوري الجزائري نوعين من األعمال إما رأيا‪ ،‬واما ق اررا‪ ،‬وفق‬
‫المادة ‪ 165‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪.31996‬‬

‫بناء على نص المادة ‪ 2/165‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬فإن المجلس الدستوري‬


‫يصدر رأيا بعد المداولة عندما يكون بصدد مراقبة مدى دستورية القوانين العضوية أو‬
‫النظامين الداخليين لغرفتي البرلمان وكذا عندما يبسط رقابته حول مدى دستورية المعاهدات‬
‫والقوانين العادية والتنظيمات قبل أن تصبح واجبة التنفيذ وهذا إذا تم إخطاره بها من طرف‬
‫السلطات صاحبة اإلخطار التي حددتها المادة ‪ 1/165‬من دستور ‪.41996‬‬

‫يكون الرأي الصادر عن المجلس الدستوري في هذا المجال إلزاميا حيث ال تصدر‬
‫القوانين حتى يقدم المجلس الدستوري رأيه بمطابقتها للدستور واال تأخذ مسار آخر‪ ،‬وهذا ما‬
‫جاء في نص المادة ‪ 126‬من دستور ‪، 1996‬بأن رئيس الجمهورية يصدر القانون في أجل‬
‫‪ 30‬يوما من تاريخ استالمه‪ ،‬غير أنه إذا حدث إخطار من طرف جهة صاحبة حق‬
‫اإلخطار حول هذا القانون وهذه الجهات تحددها المادة ‪ 166‬من دستور ‪ ،1996‬فإن هذا‬

‫‪ -1‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.85‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.86‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 165‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪.1996‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 165‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪.1996‬‬

‫‪399‬‬
‫األجل يوقف حتى يفصل المجلس الدستوري في مدى مطابقة القانون محل اإلخطار‬
‫للدستور‪.1‬‬

‫تبين هذه المادة إلزامية رأي المجلس الدستوري بحيث توقف آجال اإلصدار حتى يصدر‬
‫هذا الرأي‪.‬‬

‫‪ - 1‬تأشيرات الرأي أو القرار ‪:‬‬

‫تصدر أراء المجلس الدستوري في نفس األشكال التي تصدر بها األحكام القضائية‬
‫فهي تحتوي على التأشيرات‪ ،‬والمبررات‪ ،‬واألحكام‪ ،‬وتتضمن التأشيرات اسم الجهة صاحبة‬
‫اإلخطار‪ ،‬وتاريخ اإلخطار‪ ،‬وتاريخ تسجيله‪ ،‬وكذا القانون موضوع اإلخطار ومجموع‬
‫النصوص المتعلقة بإجراءات ممارسة الرقابة الدستورية‪.2‬‬

‫أما فيما يخص المبررات فإن المجلس الدستوري يحدد مبدئيا األحكام التي تثير عدم‬
‫الدستورية من طرف صاحب اإلخطار ‪،‬وتلك التي يثيرها من تلقاء نفسه ويحدد محتواها‪،‬‬
‫ويحدد الحيثية المتعلقة بكل حكم من أحكام القانون محل الطعن على حدة ويستعمل عبارة‬
‫"اعتبا ار أن"‪ ،‬هذه العبارة تستعمل في األصل من طرف القضاء العادي‪ ،‬والقضاء اإلداري‬
‫والسيما مجلس الدولة الفرنسي‪.3‬‬

‫يقترح المجلس من خالل الرأي أحكام بديلة لكل مادة مخالفة للدستور أو يجمع مجموعة‬
‫من األحكام تهدف لنفس اإلجراء ويعطيها الصياغة الصحيحة‪ ،‬والمطلوب من القضاة‬
‫الدستوريين على مستوى المجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬اإلجابة بوضوح هل القانون المطعون‬
‫فيه بعدم الدستورية مطابق أو غير مطابق للدستور في بعض أحكامه أو النص ككل‪.‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 126‬من دستور ‪ 1996‬وكذا ‪ 166‬من دستور ‪ 1996‬المعدل والمتمم‪.‬‬


‫‪2‬‬ ‫‪-B. YELLES CHAOUCHE, Le conseil constitutionnel en Algérie, op.cit., p. 33 - 34.‬‬
‫تتضمن التأشيرات ما يلي‪ :‬لقد تم إخطار المجلس الدستوري من طرف رئيس الجمهورية (الجهة صاحبة اإلخطار) بناء على‬
‫نص المادة ‪ 166‬من الدستور برسالة إخطار رقم ‪ ...‬مؤرخة في‪ ...‬مسجل لدى المجلس الدستوري تحت رقم ‪ ...‬بتاريخ‬
‫‪ ،.../.../...‬حول مدى دستورية القانون رقم ‪ ....‬مدى مطابقة النظام الداخلي لغرفة‪...‬أو مجلس األمة‪...‬للدستور‪.‬‬
‫نظ ار ألحكام المواد ‪ 167 ،166 ،165‬من دستور ‪ 1996‬وبناء على النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري المؤرخ‬
‫في ‪ 3‬ماي‪ 2012‬المتعلق بسير المجلس الدستوري‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪- Ibid, P 34.‬‬

‫‪400‬‬
‫‪ - 2‬اعتبارات الرأي أو القرار ‪:‬‬

‫ابتداء من ‪ 06‬مارس ‪ 1997‬صار المجلس الدستوري الجزائري يقسم اعتباراته إلى‬


‫اعتبارات شكلية ‪،‬واعتبارات موضوعية‪ ،‬فاالعتبارات الشكلية تخصص لمدى احترام القانون‬
‫موضوع اإلخطار للجوانب اإلجرائية في سنه والتي يحددها الدستور‪ ،‬وأضاف لالعتبارات‬
‫الشكلية منذ ق ارره المؤرخ في ‪ 31‬يوليو ‪ 1997‬مدى مطابقة رسالة اإلخطار للدستور بمعنى‬
‫مدى مطابقة الرسالة وتقديمها من طرف الجهة التي أعطاها الدستور الحق في اإلخطار‪.1‬‬

‫‪ - 3‬منطوق الرأي أو القرار ‪:‬‬

‫يأخذ منطوق الرأي أو القرار عبارة "يقرر" أو "لهذه األسباب يصدر الرأي أو القرار‬
‫اآلتي‪...‬وكان على المجلس الدستوري حسب األستاذ شاوش يلس‪ ...« :‬أن يكون أكثر دقة‬
‫بحيث إذا كان بصدد تقديم رأي يستعمل كلمة "يقول" " ‪ "Dire‬واذا كان بصدد تقديم قرار‬
‫يستعمل كلمة "يقرر – ‪.2»..."Déclarer‬‬

‫تتم صياغة المنطوق على شكل بنود مرقمة خالفا للمجلس الدستوري الفرنسي الذي‬
‫يصبغها على شكل مواد‪.3‬‬

‫‪ - 4‬صيغة نشر الرأي أو القرار ‪:‬‬

‫تكون صيغة نشر الرأي أو القرار في الجريدة الرسمية على الشكل اآلتي‪ « :‬ينشر هذا‬
‫الرأي في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية »‪.‬‬

‫‪ - 5‬تاريخ إجراء المداولة وتوقيع األعضاء ‪:‬‬

‫يتضمن رأي أو قرار المجلس الدستوري تاريخ الجلسة أو الجلسات التي استقرت بها‬
‫المداولة وكذا توقيع رئيس المجلس الدستوري وتوقيع األعضاء الذين حضروا الجلسة أو‬
‫الجلسات‪.4‬‬

‫‪ -1‬فطة نبالي ‪ ،‬دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.355‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- B.YELLES CHAOUCHE , Le conseil constitutionnel, op. cit., p. 35.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- G.DRAGO, Contentieux constitutionnel Français, op.cit., p. 528.‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 1/19‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري‪.‬‬

‫‪401‬‬
‫ال يمكن للمجلس الدستوري الفرنسي اتخاذ القرار إال بعد توفر النصاب القانوني أي‬
‫بحضور ‪ 7‬أعض اء من مجموع أعضاءه التسعة دون احتساب األعضاء الحكميين وهم‬
‫رؤساء الجمهورية السابقين في فرنسا‪ ،‬وصار يتم اإلعالن على أسماء األعضاء المتداولون‬
‫منذ عام ‪ ،11995‬ويعتمد التصويت داخل المجلس الدستوري الفرنسي على األغلبية البسيطة‬
‫ويكون صوت الرئيس مرجحا عند تساوي األصوات وتحاط طريقة التصويت بالسرية حفاظا‬
‫على استقاللية القضاة الدستوريون فال ينشر اسم من صوت بالموافقة وال من صوت بالرفض‬
‫وحتى من امتنع عن التصويت‪ ،‬ويمكن للمداولة أن تستغرق ساعات قليلة كما يمكنها أن‬
‫تدوم لعدة أيام‪ ،‬فبالنسبة للقرار الصادر بتاريخ ‪ 25‬فبراير ‪ 1982‬والمتعلق بقانون الالمركزية‬
‫استغرق ‪ 4‬أربعة أيام‪.2‬‬

‫نشير أنه يستطيع المجلس الدستوري الفرنسي أن يجتمع بأقل نصاب ‪ 07‬أعضاء من‬
‫‪ ،9‬وهذا في حالة القوة القاهرة المبررة كما أن نظام التصويت يمكن أن يشترط األغلبية‬
‫المطلقة وال يكون صوت الرئيس مرجحا‪ ،‬وهذا في حالة اإلعالن عن شغور منصب رئاسة‬
‫الجمهورية حسب المادة ‪ 31‬من األمر المؤرخ في ‪ 07‬نوفمبر ‪ 1958‬والمتعلق بالمجلس‬
‫الدستوري الفرنسي‪.3‬والحالةالمتعلقة باجتماع المجلس الدستوري الفرنسي للتداول حول النظر‬
‫في إخالل بعض أعضاء المجلس الدستوري بالتزامه‪ ،‬حسب المادة ‪ 06‬من النظام المحدد‬
‫ل قواعد عمل المجلس الدستوري الفرنسي‪ ،‬ويتم التصويت داخل المجلس إما برفع األيدي أو‬
‫بواسطة األوراق سريا‪.‬‬

‫مع المالحظة أن المجلس الدستوري حسب األستاذ ‪ ...« : LUCHAIRE‬إذا يعتبر‬


‫أن نشاطاته قضائية عليه أن يتبع مجموعة من القواعد تتبعها الهيئات القضائية سواء في‬
‫المواد اإلدارية أو الجنائية ومختلف مراحل التقاضي كالطعن باالستئناف والطعن بالنقض‬
‫وتتلخص هذه القواعد في النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬الجريدة الرسمية الفرنسية لعام ‪ ،1995‬عدد ‪.2008‬‬


‫‪ -2‬هنري روسيون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- F.LUCHAIRE, Le conseil constitutionnel, Tome 1, organisation et attributions, op.cit., p.‬‬
‫‪102.‬‬

‫‪402‬‬
‫أ ‪ -‬ال يمكن أن يشارك في اتخاذ القرار إال القضاة الدستوريون الذين شاركوا في كل‬
‫مراحل إعداد القرار‪ ،‬وهذا اإلجراء لم ينص عليه القانون إال في ما يتعلق بمحاكم االستئناف‬
‫حسب المادة ‪ 07‬من قانون ‪ 20‬أفريل ‪ 1810‬والذي تم توسيعه إلى كل المحاكم والهيئات‬
‫القضائية بتاريخ ‪ 04‬ديسمبر ‪.1857‬‬

‫ب ‪ -‬أن يتم جمع أراء مجموعة األعضاء من طرف رئيس الهيئة القضائية وعلى هؤالء‬
‫األعضاء واجب التعبير وهذا يتعارض حسب رأي األستاذ ‪ LUCHAIRE‬مع سرية‬
‫التصويت بالورقة واالمتناع‪ ،‬واالمتناع يترتب عليه جنحة إنكار العدالة من طرف القاضي‬
‫حسب المادة ‪ 4‬من القانون المدني الفرنسي واعتبار أن المجلس الدستوري هيئة قضائية‬
‫وليس هيئة سياسية يمكن للعضو السياسي اتخاذ موقف سياسي باالمتناع‪.‬‬

‫ت ‪ -‬كل قرار قضائي ال بد من تبريره حتى ولو لم ينص القانون على ذلك وهذا الشرط‬
‫موجود بالنسبة لق اررات المجلس الدستوري حسب المادة ‪ 19‬من آمر ‪ 07‬نوفمبر ‪1958‬‬
‫وحتى بالنسبة لق اررات المجلس الدستوري الفرنسي فيما يتعلق برفضه ترشح مواطن‬
‫لالنتخابات الرئاسية الفرنسية ال بد أن يكون مبررا‪.‬‬

‫ث ‪ -‬وكل الق اررات القضائية ال بدا أن يتضمن قرار المجلس الدستوري النقاط التالية‪:‬‬

‫تأشيرات النصوص المطبقة على رسالة اإلخطار والمذكرات اإليضاحية‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫الدفوع التي تم تسجيلها من طرف الطاعن وتلك التي سيرها المجلس تلقائيا‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫األحكام وهذه األحكام في بعض األحيان تحيل على المبررات التي أدمجت‬ ‫‪‬‬
‫في القرار النهائي‪.1»...‬‬

‫من حيث التوقيع يوقع قرار المجلس الدستوري الفرنسي من طرف رئيسه والمقرر واألمين‬
‫العام للمجلس الدستوري بناء على المادة ‪ 18‬من قانون ‪ 7‬نوفمبر ‪ 1958‬ويتم نشر ق اررات‬
‫المجلس الدستوري الفرنسي في الجريدة الرسمية أما اآلراء فإن نشرها ليس إلزامي باستثناء‬

‫‪1‬‬
‫‪-F. LUCHAIRE (F.), Le conseil constitutionnel, op.cit., p. 103.‬‬

‫‪403‬‬
‫الرأي الذي يقدمه المجلس الدستوري لرئيس الجمهورية الفرنسية بمناسبة تطبيق المادة ‪16‬‬
‫من دستور ‪ 4‬أكتوبر ‪ 1958‬والمتعلقة بحالة الحصار‪.‬‬

‫تلزم بعض األحكام المجلس الدستوري بإعالم بعض الجهات بآرائه فنجده في مادة‬
‫المنازعة االنتخابية ملزم بإعالم المجلس المعني حسب المادة ‪ 40‬من النظام المحدد لقواعد‬
‫عمل المجلس الدستوري الفرنسي‪ ،‬وكل اآلراء والق اررات تبلغ بها الجهات صاحبة اإلخطار‬
‫وكل الق اررات واآلراء التي تم نشرها في الجريدة الرسمية يتم نشرها الحقا في مجلة ق اررات‬
‫المجلس الدستوري ويتم طبعها ونشرها من مجلة ‪ DALLOZ‬ابتداء من سنة ‪1993‬‬
‫بمساهمة المجلس الدستوري‪.1‬‬

‫أما في تونس فإن إنتاج رأي المجلس الدستوري وفقا للفصل ‪ 22‬من القانون المؤرخ في‬
‫‪ 12‬جويلية ‪ 2004‬والمتعلق بالنظام المحددلقواعد عمل المجلس الدستوري التونسي يجعله‬
‫يمر بمرحلتين‪:‬‬

‫* صياغة مشروع الرأي ‪:‬‬

‫على ضوء التوجهات األساسية التي يقرها المجلس يقوم المقرر بصياغة مشروع الرأي‬
‫وهي بمثابة حوصلة وجمع وترتيب مختلف اآلراء والتوجهات التي دارت في جلسة المداولة‬
‫ويتضمن مشروع الرأي التركيز على المواد المعيبة بعدم الدستورية وتحديد المواد الدستورية‬
‫التي تخالفها هذه األ حكام المعيبة بعدم الدستورية وتنتهي بنتيجة مفادها أن الحكم أو األحكام‬
‫غير مطابقة للدستور أو مطابقة له‪.2‬‬

‫يكون رأي المجلس الدستوري معلال وذلك صار ملزما منذ تعديل ‪ 02‬نوفمبر ‪1998‬‬
‫الذي اشترط بأن تكون أراء المجلس الدستوري التونسي معللة وملزمة لجميع السلطات‬
‫ويقصد بالتعليل االستدالل القانوني في بناء الحكم‪ 3‬وفي هذا الصدد يرى األستاذ فتحي عبد‬
‫الناظر‪...«:‬أن التعليل ال يطالب به إال عندما يثار إشكال دستوري‪ »...‬كما يرى األستاذ‬
‫‪1‬‬
‫‪- Ibid., p. 104.‬‬
‫‪ -2‬هدى بن خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪ -3‬سميرة مرزوق الزغالمي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.42‬‬

‫‪404‬‬
‫األزهر بوعوني‪... «:‬بتنصيصه على األهمية الخاصة لتعليل وعلى فوائده الجمة عندما‬
‫يكون المشروع حامال في طياته إلشكال دستوري أو ألكثر من إشكال‪.1»...‬‬

‫إن التعليل يجعل مشروع الرأي قائما على الحجة والبرهان واالستنتاج ومراعاة الدستور‬
‫من ناحية أخرى‪.‬‬

‫كذلك للتعليل أهمية في العالقة بين رئيس الجمهورية والمجلس الدستوري حيث من‬
‫خالله يفهم رئيس الجمهورية األسباب التي استند عليها القضاة الدستوريون في حماية‬
‫الدستور وتظهر فائدة التعليل أيضا في كونه يدفع القضاة الدستوريون إلى البحث في الفقه‬
‫الدستوري وبالضبط في فقه القضاء الدستوري المقارن الشيء الذي ينعكس على أعمالهم‪،‬‬
‫وبعد االنتهاء من صياغة مشروع الرأي ينتقل المجلس إلى المرحلة الموالية وهي مرحلة‬
‫المصادقة على مشروع الرأي‪.‬‬

‫‪ - 6‬المصادقة على مشروع الرأي ‪:‬‬

‫جاء في الفصل ‪ 22‬من قانون ‪ 12‬جويلية ‪ 2004‬المتعلق بقواعد عمل المجلس‬


‫الدستوري التونسي‪ ،‬بأن الجلسة تبقى مفتوحة إلى أن يلتئم المجلس للبت في مشروع الرأي‬
‫بأغلبية أعضائه‪ ،‬فيقوم المقرر بتالوة مشروع الرأي على األعضاء ثم تدور مناقشة بينهم‬
‫حول جميع الحيثيات التي جاءت فيه‪ ،‬وكل عضو له أن يتدخل مبديا رأيه حتى يتم إثراء‬
‫مشروع الرأي بالزيادة‪ ،‬أو االنتقاص منه‪.2‬‬
‫‪3‬‬
‫تتم في األخير المصادقة على مشروع الرأي باألغلبية ‪ 05‬أعضاء من ‪ 09‬أعضاء‬
‫الذين يتكون منهم المجلس الدستوري التونسي‪ ،‬على خالف األغلبية التي تشترطها كل من‬

‫‪ -1‬هدى بن خليفة‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.49‬‬


‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.50‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ - 3‬المادة ‪ 25‬من النظام الداخلي للمجلس الدستوري التونسي المؤرخ في ‪ 12‬جويلية ‪ ... ":2004‬ويبت المجلس الدستوري‬
‫بمقتضى تصريح معلل بأغلبية أعضائه"‪.‬‬

‫‪405‬‬
‫المجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬والفرنسي ‪،‬وهي ‪ 07‬أعضاء من ‪ 09‬وكذلك المجلس الدستوري‬
‫المغربي الذي يتشرط الثلثين‪.1‬‬
‫وما يالحظ أن قانون ‪ 12‬جويلية ‪ 2004‬التونسي لم يتطرق إلى مسألة حق القاضي‬
‫الدستوري في االمتناع عن التصويت كما هو الحال على مستوى المجلس الدستوري‬
‫الفرنسي‪ ،2‬لكن غالبا ما يتم إصدار الرأي باإلجماع داخل المجلس الدستوري التونسي وال يتم‬
‫اللجوء إلى التصويت‪.‬‬
‫تسجل بعد المصادقة مالحظات المجلس المتعلقة بالجوانب الشكلية والموضوعية في‬
‫مذكرة مستقلة تتم تالوتها والموافقة عليها حسب نفس اإلجراءات المتبعة في المصادقة على‬
‫مشروع الرأي‪ ،‬ثم يقوم رئيس المجلس الدستوري بإرسال الرأي إلى رئيس الجمهورية في نفس‬
‫يوم المصادقة أو اليوم الذي يليه كأقصى تقدير مرفوقا بمشروع القانون موضوع اإلخطار‬
‫والمذكرة المرفقة مؤش ار على كل صفحة منه من طرف رئيس المجلس الدستوري واحالة الرأي‬
‫إلى رئيس مجلس النواب‪ ،‬أو رئيس مجلس المستشارين‪ ،‬إذا كان األمر يتعلق برأي حول‬
‫النظام الداخلي ألحد المجلسين‪.3‬‬
‫إذا كان مشروع القانون ال يثير أي إشكال قانوني يحيله رئيس الجمهورية على مجلس‬
‫النواب ومجلس المستشارين مرفوقا برأي المجلس الدستوري‪ ،‬أما إذا وجد في مشروع القانون‬
‫مشكال دستوريا فيأمر رئيس الجمهورية بمراجعته واألخذ بعين االعتبار مالحظات المجلس‬
‫الدستوري وبعدها يعيده رئيس الجمهورية إلى المجلس الدستوري ليراقب المواد التي أعلنها‬
‫مخالفة للدستور فقط ويعين لذلك نفس المقرر ويتبع نفس اإلجراءات في المرة الثانية‪.4‬‬
‫تدون أعمال المجالس في النهاية في محضر جلسات من طرف إطارات المجلس في‬
‫سرية وفي بعض األحيان يعهد بهذه المهمة إلى أحد أعضاء المجلس الدستوري‪.5‬‬

‫‪ -‬سميرة مرزوق الزغالمي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.43‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬هدى بن خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.51‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -4‬فريد غربال ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬


‫‪ -5‬المادة ‪ 29‬من القانون عدد ‪ 52‬لسنة ‪ 2004‬المؤرخ في ‪ 12‬جويلية ‪ 2004‬يتعلق بالمجلس الدستوريالتونيسي‪ ":‬تدون‬
‫أعمال المجلس الدستوري في محضر جلسات ويكلف بذلك أحد إطارات المجلس وهو مقيد بسرية المداوالت أثناء مباشرته‬
‫لمهامه وبعد انتهائه منها ويتعهد عند الحاجة أحد أعضاء المجلس بمحضر الجلسات"‪.‬‬

‫‪406‬‬
‫إن جل اإلجراءات المتبعة من قبل المجلس الدستوري المغربي أو أمامه تتم النص عليها‬
‫من خالل القانون التنظيمي المحدد لقواعد عمله‪ ،‬وهي تميل كثي ار إلى الطابع القضائي‬
‫اإلجرائي‪ ،‬ذلك ألن المجلس يتوج عمله بإصدار قرار نهائي معلل مستندا على الدستور‬
‫واضعا حدا لنزاع وهذه خصائص األحكام القضائية‪.‬‬

‫وتبدأ إجراءات إنتاج الرأي أو القرار داخل المجلس الدستوري المغربي بعد توفر النصاب‬
‫األعضاء أي ‪ 8‬أعضاء من ‪ 12‬عضوا‪ ،‬يشكلون المجلس الدستوري المغربي ويستمع‬ ‫وهو‬
‫المجلس إلى تقرير العضو المقرر في جلسة سرية ودون حضور أطراف النزاع لكل منهم‬
‫إرفاق طلباتهم بمذكرات مكتوبة ووثائق ومستندات ويصدر القرار باسم الملك ويتشكل من ‪4‬‬
‫أجزاء‪.1‬‬

‫‪ -‬األساس القانوني الذي يسمى المقدمة الكبرى في مصطلح المجلس الدستوري الجزائري‬
‫ويتمثل في الدستور أو القانون العضوي‪.‬‬

‫‪ -‬رسالة اإلخطار تحديد الجهة صاحبة اإلخطار بتاريخ رسالة اإلخطار والمذكرات‬
‫الكتابية إن وجدت وأجوبتها عند الضرورة‪ ،‬ومحاضر فيما يخص المنازعة االنتخابية أو‬
‫عمليات االستفتاء‪.‬‬

‫‪ -‬تعليل المجلس حيث يبرز هذا األخير األسباب التي استند عليها لتبرير مواقفه‬
‫وأحكامه‪.‬‬

‫يبرز هذا التعليل الجوانب المطابقة والجوانب الغير مطابقة للدستور في النصوص‬
‫المحالة عليه‪ ،‬ويكون التعليل طويال في حالة القوانين التنظيمية واألنظمة الداخلية لغرفتي‬
‫البرلمان‪ ،‬أما إذا تعلق األمر بتحديد طبيعة نص قانوني أو التصريح بشغور مقعد في‬
‫‪2‬‬
‫البرلمان فيكون التعليل قصيرا‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد العزيز النويضي ‪ ،‬المجلس الدستوري بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.88‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪407‬‬
‫‪ -‬يكون منطوق القرار مسبوقا بعبارة "لهذه األسباب" وهذه عبارة مستعملة في األحكام‬
‫القضائية وغالبا ما يتضمن فقرتين األولى تحمل عبارة "يصرح بق ارره" والثانية تحمل عبارة‬
‫"يأمر بنشر" ق ارره في الجريدة الرسمية وتبليغ نسخة منه إلى جهة اإلحالة أو كل طرف معني‬
‫بالقرار‪ ،‬ويتميز قرار المجلس الدستوري المغربي باإليجاز إال إذا تعلق القرار بمراقبة النظام‬
‫الداخلي للبرلمان‪.‬‬

‫وبعد المنطوق تتم اإلشارة إلى مكان وتاريخ صدور القرار ويتم توقيعه من كل أعضاء‬
‫المجلس المشاركين في المجلس التي صدر خاللها‪.1‬‬

‫وتنشر ق اررات المجلس الدستوري المغربي في أجل ال يتجاوز ‪ 30‬يوما من تاريخ‬


‫صدورها‪.2‬‬

‫كما تخضع ق اررات المجلس الدستوري الموريتاني لضوابط شكلية تختلف حسب طبيعة‬
‫كل قرار لكنها تجتمع في كونها كلها معللة‪ 3‬الضوابط الشكلية تتمثل فيمايلي‪:‬‬

‫‪ -‬تأخذ الق اررات المتعلقة برقابة الدستورية القوانين واألنظمة البرلمانية بالحرفين إ‪ .‬م‬
‫(إعالن مطابقة) أو ‪ )Déclaration de conformité( D. C‬وقبل ذلك نجد رقم القرار‪.‬‬
‫‪ -‬تتم اإلشارة في بد اية كل قرار إلى تحديد مصدر رسالة اإلخطار تاريخها وموضوعها‬
‫وفيما عدا المنازعة االنتخابية‪ ،‬فإن المجلس ال يتطرق كثي ار إلى الجانب الشكلي وانما يتطرق‬
‫للبحث في الجوانب الموضوعية‪.‬‬
‫‪ -‬يسرد التأشيرات أي النصوص الدستورية والقانونية التي يعتمدها للنظر في الموضوع‪.‬‬
‫‪ -‬الحيثيات التي يبنى عليها قرار المجلس الدستوري الموريتاني‪.‬‬
‫‪ -‬إعالن الحكم الذي توصل إليه حيث يتم إدراجه من خالل عدة مواد حسب مضمون‬
‫القرار‪.‬‬

‫المنارلسليمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.201‬‬


‫ا‬ ‫‪ -1‬عبد الرحيم‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 16‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري المغربي‪.‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 20‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الموريتاني رقم ‪ 04 - 92‬المؤرخ في ‪ 18‬فيفري ‪.1992‬‬
‫‪" La déclaration du conseil constitutionnel, est motivée, elle est Publiée au journal officiel".‬‬

‫‪408‬‬
‫– يشار في النسخة األصلية للقرار إلى أسماء األعضاء الذين شاركوا في المداوالت والى‬
‫تاريخها ويتم التوقيع من طرف رئيس المجلس الدستوري وكل من المقرر واألمين العام‪.1‬‬
‫ولتعليل ق اررات المجلس الدستوري عدة مزايا لخصها األستاذ زهير المظفر فيما يلي‪:‬‬
‫«‪ ...‬أن التعليل من شأنه أن يدفع المجلس الدستوري إلى إيجاد الحجج القانونية المدعمة‬
‫لرأيه وجعله يعمق النظر والبحث والرجوع إلى فقه القضاء المقارن عند االقتضاء‪.‬‬

‫‪ -‬إن التعليل يطور عمل المجلس الدستوري ويدفعه إلى االضطالع بدور إنشائي بما‬
‫يمكنه من تكريس واستنباط مجموعة من المبادئ‪...‬‬

‫‪ -‬إن التعليل يجعل المجلس يتبع منطقا قانونيا معينا في التحليل والتأويل‪ ،‬وبالتالي التقيد‬
‫بالمبادئ التي أقرها في فقه قضائه وااللتزام بها‪.»...‬‬
‫‪ - 7‬من حيث محتوى القرار ‪:‬‬

‫يتضمن محتوى القرار الصادر عن المجلس الدستوري الموريتاني ثالثة أنواع من األحكام‬
‫نتناولها في مايلي‪:‬‬

‫أ ‪ -‬المطابقة للدستور ‪:‬‬

‫ويكون ذلك عندما يصل المجلس الدستوري إلى قناعة مفادها أن النص المعروض‬
‫عليه للفحص ليس فيها ما يخالف الدستور‪.‬‬

‫ب ‪ -‬عدم المطابقة للدستور ‪:‬‬


‫‪2‬‬
‫كما يعلق المجلس الدستوري الموريتاني عدم المطابقة للدستور مع بعض التحفظ‪.‬‬

‫سبق و ان لجأ المجلس الدستوري الموريتاني إلى استعمال هذه التقنية كثي ار أي تقنية‬
‫المطابقة مع التحفظ "‪ "Déclaration de conformité sous rèserve‬منها القرار رقم‬
‫‪/001‬إ‪ .‬م المؤرخ في ‪ 20‬جوان ‪ 1992‬حيث وردت ‪ 14‬إشارة إلى هذه التقنية وكذا القرار‬
‫رقم ‪ /02‬م‪ .‬إ المتعلق بنظام الجمعية الوطنية الذي أشار إلى التقنية في ‪ 6‬حاالت‪.3‬‬

‫‪ -1‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.89‬‬


‫‪ -2‬زهير المظفر ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪86-85‬؛ محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-A.S. OUELDE BOUBOUTE, op.cit., p. 40.‬‬

‫‪409‬‬
‫ولتوضيح هذه التقنية بمثال تطبيقي نجد أن المجلس يصرح بمطابقة مادة من القانون‬
‫المعروض عليه بشرط تفسيرها وفق منطق معين ومنها‪ ... « :‬يمكن أن تكون أشغال لجنة‬
‫بقرار من رئيسها موضوع بيان للصحافة ‪.» ...‬‬

‫ال يمكن النظر إلى هذه المقتضيات على أنها مطابقة للدستور إال إذا كانت تأخذ تأويال‬
‫مفاده أنها ال تطبق على لجان التحقيق أو لجان الرقابة الذي يتم إنشاؤها وفق المادة ‪ 12‬من‬
‫النظام الخاص بمجلس الشيوخ‪.1»...‬‬

‫كما يمكن أن تأخذ قاعدة المطابقة بالتحفظ شكل تقديم توجيهات حول الطريقة التي‬
‫ينبغي أن تطبق بها بعض المواد من النص المعروض للفحص من قبل المجلس الدستوري‬
‫فقد جاء في نفس القرار المذكور أعاله مايلي‪ ...«:‬نظ ار إلى أن ترتيبات المواد ‪ 16‬فقرة ‪4‬‬
‫و‪ 54‬فقرة ‪ 1‬و‪ 4‬و‪ 47‬الفقرة ‪ 2‬و‪ 74‬الفقرة ‪ 4‬المحددة لفترة الكالم وعند الخطباء ال يمكن‬
‫اعتبارها مطابقة للدستور إال بالنظر إلى ترتيبات المادة ‪ 54‬من الدستور التي تنص على أنه‬
‫للوزراء الحق في حضور الجلسات وتستغرق المداوالت في المجلس الدستوري الموريتاني فترة‬
‫قصيرة ال تتجاوز اليوم الواحد لكن بعض الق اررات تم اتخاذها بعد مداولة مفتوحة لعدة أيام‬
‫نظ ار ألهمية القانون أو لكثرة مواده واحاالته مثل القرار رقم ‪/001‬إ‪ .‬م المتعلق بنظام مجلس‬
‫الشيوخ الذي تم التداول حوله في ثالثة أيام وكذا القرار رقم ‪ /002‬إ‪ .‬م المتعلق بنظام‬
‫الجمعية الوطنية الذي تم التداول حوله في يومين»‪.‬‬

‫يعتمد المجلس الدستوري الجزائري في مداولته القياس بين القانون أو المعاهدة التي‬
‫أخطر بها وبين أحكام الدستور ويرتب على هذا القياس جزاء ينطلق به ويعتبر هذا الجزاء‬
‫بمثابة نتيجة فالدستور بالنسبة له المقدمة الكبرى في مواجهة المقدمة الصغرى والتي هي‬
‫القانون أو المعاهدة وقد انتهج المجلس الدستوري الجزائري هذه المنهجية منذ ق ارراته وآرائه‬
‫األولى‪.2‬‬

‫‪ -1‬القرار رقم ‪ /001‬إ‪ .‬م نظام مجلس الشيوخ الموريتاني‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- B.YELLES CHAOUCHE, Le conseil constitutionnel, op. cit, p. 35-36.‬‬

‫‪410‬‬
‫ويظهر هنا جليا في ق ارره رقم ‪ /02‬ق‪ .‬أ المتعلق بقانون محافظة الجزائر الكبرى حيث‬
‫جاء في متنه مايلي‪... «:‬واعتبار أن المؤسس الدستوري حيث أقر في المادة ‪( 15‬فقرة‬
‫أولى) من الدستور أن "الجماعات اإلقليمية للدولة هي البلدية والوالية" فإنه يقصد حصر‬
‫التقسيم اإلقليمي للبالد في هاتين الجماعتين اإلقليميتين دون سواهما»‪.‬‬

‫واعتبار أنه إذا كان المؤسس الدستوري قد خول المشرع بمقتضى المادة ‪ 122‬فقرة ‪10‬‬
‫من الدستور صالحية التشريع في مجال التقسيم اإلقليمي للبالد‪ ،‬فإنه يتعين عليه حين‬
‫ممارسة هذه الصالحية‪.»......‬‬

‫وسبق أن حدث مثل هذا التصرف من خالل قرار المجلس الدستوري الموريتاني رقم‬
‫‪/007‬إ م حول النظام األساسي للقضاء حيث قضى المجلس الدستوري الموريتاني بعدم‬
‫مطابقة بعض أحكامه مع الدستور األمر الذي دفع الرئيس الموريتاني إلى طلب قراءة ثانية‬
‫حول القانون من طرف البرلمان‪.1‬‬

‫في حالة إعالن المجلس الدستوري أن القانون المعروض عليه يتضمن حكما مخالفا‬
‫للدستور‪ ،‬وال يمكن فصله عن القانون ككل فإن هذا القانون ال يمكن إصداره حسب المادة‬
‫‪ 22‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الموريتاني والتي تتوافق مع نص‬
‫المادة ‪ 02‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري‪.2‬‬

‫وذلك من خالل ق ارره رقم ‪ /001‬إ‪ .‬م المتعلق بنظام مجلس الشيوخ والذي جاء‬
‫فيها‪...«:‬ويترتب على ما سبق أن التصويت برفع اليد وأيضا التصويت بالجلوس والقيام ال‬
‫يمكن العمل بهما فيما يخص التعيينات الشخصية إال في الحاالت التي تنص عليها ترتيبات‬
‫قانونية معمول بها والتي بالطبع يمكن للبرلمان أن يغيرها في كل وقت»‪.3‬‬

‫‪ -1‬قرار المجلس الدستوري رقم ‪ /007‬إ‪ .‬م تم إبالغ المجلس الدستوري به في ‪ 12‬يوليو ‪ 1993‬من طرف الوزير األول‬
‫الموريتاني‪ ،‬وفق المادة ‪ 01/86‬من الدستور حول نص القانون النظامي المتعلق بالنظام األساسي للقضاء‪.‬‬
‫‪ -2‬المواد ‪ 22‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الموريتاني والمادة ‪ 02‬من النظام المحدد لقواعد عمل‬
‫المجلس الدستوري الجزائري‪.‬‬
‫‪ -3‬قرار رقم ‪ /001‬إ‪ .‬م متعلق بنظام مجلس الشيوخ‪.‬‬

‫‪411‬‬
‫لم يكن في مقدور المجلس الدستوري الموريتاني التصدي لمدى دستورية أحكام نافذة‬
‫ولكنه يستغل الفرصة ليطلب من البرلمان بطريقة لبقة استبدال هذه األحكام‪.1‬‬

‫ج ‪ -‬عدم المطابقة للدستور ‪:‬‬

‫إذا كانت األحكام المعروضة على المجلس الدستوري الموريتاني غير مطابقة للدستور‬
‫فإنه يعلن عدم المطابقة‪ ،‬فإذا كان النص بمجمله غير مطابق للدستور فاإلشكال غير‬
‫مطروح أما إذا كان جزء فقط منه غير مطابق للدستور فإنه يكون أمام عدة نتائج‪:‬‬

‫في حالة إمكانية فصل األحكام المشوبة بعدم الدستورية على باقي النص يمكن لرئيس‬
‫الجمهورية الموريتانية إصداره أو طلب قراءة ثانية من البرلمان وهنا تشابه مع المجلس‬
‫الدستوري الجزائري‪.2‬‬

‫كما أكد المجلس في ق ارره رقم ‪ /002‬إ‪ .‬م المتعلق بنظام الجمعية الوطنية على أنه‪«:‬‬
‫‪ ...‬نظ ار إلى أن المادة ‪ 32‬من النظام المعروض على المجلس تنص على أن رئيس‬
‫الجمعية يقدر الترتيب الذي يمنح فيه الكالم للنواب الذين أبدوا الرغبة في التدخل‪ ،‬نظ ار إلى‬
‫أن هذه الترتيبات التي تنبثق عن السلطات الضرورية لرئيس الجمعية في مجال تنظيم وادارة‬
‫المناقشات البرلمانية‪ ،‬ال يمكن اعتبارها مطابقة للدستور إال إذا كان مفهومها أن النواب‬
‫المسجلين يجب أن يسمح لهم بالتعبير عن وجهة نظرهم أمام الجمعية‪.3»...‬‬

‫تنم هذه التقنيات المس تعملة من طرف المحاكم الدستورية وكذا المجالس الدستورية على‬
‫صرامة القاضي الدستوري ومرونته في نفس الوقت وتدخل في ما يسمى حسب األستاذ ‪D.‬‬
‫‪ « : ROUSSEAU‬بالق اررات الوسيطة " ‪ "Les Décisions intermédiaires‬والتي‬
‫يعتبرها اعتمادا على عاملين األول يتمثل في الحرص على عدم االصطدام مع البرلمان‬
‫والعامل الثاني يتفادى إلغاء القانون نظ ار للنتائج التي قد تترتب على ذلك‪.4»...‬‬

‫‪ -1‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.94‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 23‬من األمر القانوني للمجلس الدستوري الموريتاني تتوافق مع المادة ‪ 02‬من النظام المحدد لقواعد عمل‬
‫المجلس الدستوري الجزائري‪.‬‬
‫‪ -3‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.94‬‬

‫‪412‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مدى حجية أراء وق اررات القاضي الدستوري‬

‫تتمتع أراء وق اررات المجلس الدستوري بحجية الشيء المقضي فيه كما أن لها قوة‬
‫إلزامية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تمتع آراء وق اررات المجلس الدستوري بالصفة النهائية‬

‫يقصد في األحكام القضائية بكونها نهائية أنها ال تقبل الطعن سواء بطرق الطعن العادية‬
‫أو طرق الطعن الغير عادية وبهذا فمآلها النفاذ وفق ما صدرت واذا أردنا سحب هذه الصفة‬
‫النهائية على آراء وق اررات المجالس الدستورية في المغرب العربي و محاكمها الدستورية‬
‫نجدها تصدر إما آراء واما ق اررات ولهذا نبين الصفة النهائية آلراء المجالس الدستورية والتي‬
‫تصدر قبل صدور القانون في الجريدة الرسمية وبين ق اررات المجلس الدستوري من خالل‬
‫نقطتين وأحكام المحاكم الدستورية‪.‬‬

‫أوال ‪ -‬تمتع آراء المجلس الدستوري بالصفة النهائية ‪:‬‬

‫جاء في نص المادة ‪ 54‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري أن‬
‫آراء وق اررات المجلس الدستوري ملزمة لكافة السلطات العمومية والقضائية واإلدارية وغير‬
‫قابلة ألي طعن‪ ،1‬كما جاء في نص المادة ‪ 62‬من دستور فرنسا لعام ‪ 1958‬ما يفيد أن‬
‫ق اررات المجلس الدستوري الفرنسي لها حجية في مواجهة السلطات العمومية وكذا السلطات‬
‫اإلدارية والقضائية‪.2‬‬

‫وما يالحظ من الناحية الشكلية نقل واضح ألحكام المادة ‪ 62‬من دستور ‪ ،1958‬ولكن‬
‫لماذا لم يتم النص على هذه الحجية في الدستور وتركت للنظام المحدد لقواعد عمل المجلس‬
‫الدستوري ؟ كمانجد ق اررات المجلس الدستوري اللبناني نهائية غير قابلة للطعن وملزمة لكل‬
‫السلطات اإلدارية والقضائية‪.‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 54‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري‪,‬مداولة مؤرخة في ‪ 03‬ماي ‪ ،2012‬ج‪ .‬ر عدد‬
‫‪.26‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 62‬من دستور فرنسا ‪ 04‬أكتوبر ‪.1958‬‬

‫‪413‬‬
‫أما في تونس فبعد ما كانت أراء المجلس الدستوري التونسي استشارية بالنسبة لرئيس‬
‫الجمهورية أصبحت ملزمة بعد التعديل الدستوري في ‪ 1‬جوان ‪، 2002‬فعند إنشاء المجلس‬
‫الدستوري التونسي في ‪ 16‬ديسمبر ‪ 1987‬بواسطة األمر ‪ ،1414‬كان هذا المجلس يصدر‬
‫آراء استشارية ولم تكن تلزم صاحب االستشارة وهو رئيس الجمهورية وال السلطات العمومية‬
‫حيث كان يمكن للرئيس األخذ بها كلية أو األخذ بجزء منها أو عدم األخذ بها تماما على‬
‫عكس اآلراء التي يقدمها المجلس الدستوري الجزائري وفق المادة ‪ 167‬من دستور ‪1996‬‬
‫والتي تعتبر ملزمة حيث توقف آجال إصدار القانون ‪.‬‬

‫ألزم قانون ‪ 1990‬المجلس الدستوري التونسي بتعليل آ ارئه وبالتالي أصبحت هذه اآلراء‬
‫مستندة على منطق قانوني وفي السياق نفسه جاء التعديل الدستوري بالقانون رقم ‪ 76‬المؤرخ‬
‫في ‪ 2‬نوفمبر ‪ 1998‬من خالل الفصل ‪ 75‬منه والذي نص على إلزامية أراء المجلس‬
‫الدستوري إال ما تعلق بالمسائل الخاصة بتنظيم وسير المؤسسات كما حافظ تعديل ‪ 1‬جوان‬
‫‪ 2002‬على الصيغة اإللزامية آلراء المجلس الدستوري التونسي‪.1‬‬

‫وال بدا من اإلش ارة إلى أن اآلراء الصادرة عن المجلس الدستوري التونسي ال تكون ملزمة‬
‫إال بالنسبة للقوانين ذات العرض أي اإلخطار الوجوبي وأما تلك التي يخضع لإلخطار‬
‫االختياري فإن ق ارراته غير ملزمة بشأنها وهذا ما جاء في نص المادة ‪ 75‬من تعديل الدستور‬
‫‪ 1‬جوان ‪ 2002‬والتي تنص‪...«:‬إال في حالة صدور الرأي في المسائل المنصوص عليها‬
‫بالفقرة األخيرة من الفصل ‪ 72‬من الدستور‪ ،»...‬وهذه تخص المسائل المتعلقة بتنظيم‬
‫المؤسسات الدستورية وسيرها‪ ،‬فال تكتسي إلزامية فهي استشارية بالنسبة لرئيس الجمهورية‬
‫فهناك تناسب بين إلزامية الرأي وطريقة الطعن فكلما كان الطعن وجوبي كان الرأي ملزما‬
‫والعكس صحيح‪.2‬‬

‫‪ -1‬هدى بن خليفة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .77‬تنص المادة ‪ 75‬بعد تنقيح الدستور التونيسي في ‪ 1‬جوان ‪ 2002‬على ما‬
‫يلي‪ " :‬يكون رأي المجلس الدستوري معلال‪ ،‬وهو ملزم لجميع السلطات العمومية‪."..‬‬
‫والمقصود بالسلطات العمومية في مداولة مجلس النواب التونسي إثر مناقشة تعديل ‪ 2‬نوفمبر ‪ 1998‬هي السلطات التنفيذية‬
‫والتشريعية والقضائية واإلدارية"‪.‬‬
‫‪ -2‬هدى بن خليفة‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪78‬‬

‫‪414‬‬
‫ونجد أراء المجلس الدستوري الجزائري متمتعة باإللزامية الكاملة شأنها شأن الق اررات التي‬
‫تصدر عنه وفق المادة ‪ 165‬من الدستور حيث أن المجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬أصدر قرار‬
‫في قضية ترشح السيد محفوظ نحناح‪ ،‬والذي طعن في قرار المجلس الدستوري القاضي‬
‫برفض ملف ترشحه لالنتخابات الرئاسية ‪ 2009‬حيث جاء في القرار مايلي‪... « :‬عدم‬
‫اختصاص المجلس في النظر في الدعاوى المرفوعة ضد المجلس الدستوري والمتعلقة‬
‫بق ارراته وآ ارئه»‪.‬‬

‫وبسحب هذا القرار نجده ينطبق على األفراد في المنازعة االنتخابية حيث أن الق اررات‬
‫الصادرة بشأن طعونهم االنتخابية غير قابلة للطعن أمام أية جهة وهي ملزمة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ -‬تمتع ق اررات المجلس الدستوري بالصفة النهائية ‪:‬‬

‫يمنع على الجهات صاحبة اإلخطار إعادة نص قانوني صدر فيه رأيا أو ق ار ار من‬
‫المجلس الدستوري الجزائري وهذا ما أكده من خالل ق ارره رقم ‪ 96 - 01‬المؤرخ في ‪ 6‬أوت‬
‫‪ 1996‬والمتعلق بالمادة ‪ 06 - 108‬من قانون االنتخابات حيث جاء فيه مايلي‪ ...« :‬يثبت‬
‫قرار المجلس الدستوري رقم ‪ 01‬ق‪ .‬ق‪ .‬م‪ .‬د ‪ 89‬في نقطته الرابعة ويصرح بالتالي‪...‬غير‬
‫مطابق للدستور‪.» ...‬‬

‫كما جاء في المادة ‪ 22‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري ما‬
‫يفيد ويؤكد على أن آراء المجلس الدستوري نهائية‪ ،1‬ونشرها مباشرة في الجريدة الرسمية‬
‫يغلق الباب تماما أمام أي طريقة للطعن فيها‪ ،‬وجاء في بيان للمجلس الدستوري الجزائري‬
‫يؤكد تمسكه بق ارراته وآراءه حيث من خالل بيان ‪ 25‬يوليو ‪ 1995‬حول شرط إرفاق الجنسية‬
‫األصلية للزوج بمناسبة الترشح لالنتخابات الرئاسية وقال في البيان‪ ... «:‬يذكر ويتمسك ‪...‬‬
‫بق ارره رقم ‪ 01‬الذي قرر فيه أن شرط إرفاق شهادة الجنسية الجزائرية األصلية لزوج المترشح‬
‫غير مطابق للدستور»‪.2‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 22‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري‪ ":‬ترسل آراء وق اررات المجلس الدستوري إلى‬
‫األمين العام للحكومة لنشرها في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية"‪.‬‬
‫‪ -‬نبالي فطة‪ ،‬دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.362‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪415‬‬
‫وقد حدث في الجزائر سنة ‪ 1995‬حسب األستاذ سعيد بوشعير‪ ... «:‬لدى ترشح السيد‬
‫اليامين زروال لرئاسة الجمهورية بعد ما كان يشغل منصب رئيس الدولة أراد محيطه وربما‬
‫بموافقته أي موافقة ليامين زروال بمنع شخصين من الترشح ومنافسة اليامين زروال وهما‬
‫عبد الحميد مهري وطالب اإلبراهيمي على اعتبار زوجة كل واحد منهما ال تحمل الجنسية‬
‫الجزائرية األصلية وانما تحمالن الجنسية الجزائرية المكتسبة‪.‬‬

‫وبعدما وصل إلى علم رئيس المجلس الدستوري بمشروع قانون االنتخابات تضمينه لمادة‬
‫في هذا السياق اتصل برئيس الحكومة وذكره بقرار المجلس الدستوري سنة ‪ 1989‬والذي‬
‫قضى بعدم دستورية هذا الشرط‪ ،‬والذي أجابه بخضوعه لضغوط تمنعه من االستجابة لذلك‪،‬‬
‫األمر الذي دفع برئيس المجلس الدستوري طلب مقابلة مع رئيس الدولة عشية عرض‬
‫المشروع على مجلس الوزراء وتم ذلك بأن حذفت شرط الجنسية الجزائرية األصلية وتم‬
‫االكتفاء بشرط الجنسية الجزائرية فقط‪ ،‬لكن الشرط بقي من الشروط المحددة حص ار في‬
‫الدستور‪ ،‬ولو تقدم مترشح بملفه كان على المجلس الدستوري قبول ملفه تغليبا للنص‬
‫الدستوري على النص القانوني‪.‬‬

‫وبوصول مشروع النص إلى المجلس الوطني االنتقالي‪ ،1‬أعيد نفس الشرط فتم االتصال‬
‫بين رئيس المجلس الدستوري ورئيس المجلس الوطني االنتقالي‪ ،‬فأجاب هذا األخير بأنه ال‬
‫يقدر على فعل شيء أمام الضغوط‪.2‬‬

‫وبالفعل صدر النص متضمنا شرط الجنسية األصلية لزوج المترشح‪ ،‬وكان رئيس‬
‫المجلس الدستوري أعلم أعضاء المجلس الدستوري فرادى بالوضعية وأبدوا تمسكهم إما احترام‬
‫دستور ‪ 1989‬أو االستقالة الجماعية‪ ،‬وكان رئيس المجلس الدستوري يتمنى أن يقوم رئيس‬
‫الدولة بإخطاره حول مدى دستورية المادة ‪ 108‬من قانون االنتخابات للبت في مدى‬

‫‪ - 1‬المجلس الوطني االنتقالي هو هيئة انتقالية غير منتخبة نصبت في مكان المجلس الشعبي الوطني الذي حل في ‪4‬‬
‫يناير ‪ 1991‬في مرحلة الفراغ الدستوري والمؤسساتي الذي عاشته الجزائر بعد مرحلة الغاء انتخابات المجلس الشعبي‬
‫الوطني في ديسمبر ‪.1991‬‬
‫‪ - 2‬سعيد بوشعير ‪ ،‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 150‬وما يليها‪.‬‬

‫‪416‬‬
‫دستوريتها غير أن ذلك لم يحدث وقام على إثر ذلك رئيس المجلس الدستوري بدعوة المجلس‬
‫لالنعقاد رسميا ومناقشة الموضوع‪.‬‬

‫وأصدر المجلس الدستوري بعد المناقشة بيان ‪ 25‬يوليو ‪ ،1995‬يتمسك فيه بقرار ‪1989‬‬
‫المتعلق بعدم دستورية شرط الجنسية األصلية لزوج المترشح وأرسلت نسخة منه للتلفزة وأخرى‬
‫لوكالة األنباء لكن لم يتم نشر البيان‪.‬‬

‫وبعدها تم ترتيب لقاء بين رئيس المجلس الدستوري ورئيس الدولة وكذا الوزير المستشار‬
‫لغرض إيجاد حل فتمسك رئيس المجلس الدستوري بموقف المجلس‪.‬‬

‫وتم لقاء ثان بين رئيس الدولة ورئيس المجلس الدستوري طرح من خال له رئيس الدولة‬
‫على رئيس المجلس الدستوري إمكانية سحب البيان‪ ،‬فأكد له عدم إمكانية ذلك وعندها طرح‬
‫رئيس الدولة سؤال عن الحل للموضوع فأجابه رئيس المجلس الدستوري‪ ،‬وكان الجواب هو‬
‫قيام رئيس الدولة بإخطار المجلس الدستوري حول مدى دستورية المادة ‪ 108‬من قانون‬
‫االنتخابات ونشر البيان في وسائل اإلعالم وكان ذلك وصدر قرار يثبت قرار ‪ 1989‬ولم يتم‬
‫التراجع عنه ألن التراجع يعني إمكانية تجاوز أراء وق اررات المجلس الدستوري‪.1»...‬‬

‫جاء في نص المادة ‪ 81‬من الدستور المغربي ما يبين أن ق اررات المجلس الدستوري‬


‫المغربي ال تقبل أي طريقة من طرق الطعن باعتبارها ملزمة لكل السلطات العمومية وجميع‬
‫الجهات القضائية واإلدارية ونجد في نفس الصياغة واستعمال المصطلحات التي استعملها‬
‫المشرع الجزائري وتنشر هذه الق اررات بالجريدة الرسمية للمملكة المغربية خالل ‪ 30‬يوما من‬
‫تاريخ اإلخطار‪.2‬‬
‫تعطي إحالة القانون بعد الموافقة عليه من طرف البرلمان المغربي مدة شهر للملك حيث‬
‫يقوم بإصداره في الجريدة الرسمية وان آجال الشهر إذا تم إخطار المجلس الدستوري المغربي‬
‫من طرف الجهات صاحبة حق اإلخطار فإن حساب آجال الشهر تتوقف وال تبدأ في‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪..151-150‬‬


‫‪ -2‬فريد غربال ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.169‬‬

‫‪417‬‬
‫السريان إال من تاريخ صدور قرار المجلس الدستوري المغربي بمطابقة هذا النص سواء كان‬
‫قانونا عاديا أو تنظيميا أي عضويا‪.1‬‬
‫صرح المؤسس الدستوري الموريتاني بأن ق اررات المجلس الدستوري تتمتع بسلطة الشيء‬
‫المقضي فيه أي أنها نهائية وأنها ملزمة لجميع السلطات العمومية وال يمكن تنفيذ حكم سبق‬
‫وأن أقر المجلس الدستوري الموريتاني عدم دستوريته‪ 2‬وذلك وفقا للمادة ‪ 87‬من دستور‬
‫موريتانيا‪ ،3‬ونجد المادة ‪ 87‬من دستور موريتانيا وكذا المادة ‪ 54‬من النظام المحدد لقواعد‬
‫عمل المجلس الدستوري الجزائري والمادة ‪ 81‬من دستور المغرب ‪ 1996‬والمادة ‪ 75‬من‬
‫التعديل الدستوري التونسي ‪ 01‬جوان ‪ 2002‬كلها تستلهم أحكامها من المادة ‪ 62‬من دستور‬
‫فرنسا ‪ 04‬أكتوبر ‪ 1958‬مع االختالف في الصياغة فقط‪ ،‬ولقد جاء في قرار للمجلس‬
‫الدستوري الموريتاني حول النظام الداخلي للجمعية الوطنية الموريتانية مايلي‪ ...« :‬إذا كان‬
‫الدستور يخول في مواقع مختلفة للمجلس الدستوري صالحيات استشارية فيجب اإلشارة إلى‬
‫أنه في مجال نظم الجمعيات يمارس المجلس الدستوري صالحيات قضائية طبقا لترتيبات‬
‫المادتين ‪ 86‬و‪ 87‬والتين تشيران في هذه الحالة إلى سلطة الشيء المقضي فيه‪ .»...‬وبناء‬
‫على هذا القرار فإن ق اررات المجلس الدستوري الموريتاني نهائية وال يمكن الطعن فيها أمام‬
‫أية جهة قضائية‪.4‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬القوة اإللزامية لق اررات المجلس الدستوري‬

‫يصدر المجلس الدستوري الجزائري آراء إذا عرض عليه النص القانوني قبل صدوره‬
‫في الجريدة الرسمية أي بين مرحلة المصادقة عليه من طرف غرفتي البرلمان وبين إصداره‬
‫من طرف رئيس الجمهورية وسواء تعلق هذا النص بمجال القوانين العضوية واألنظمة‬
‫الداخلية لغرفتي البرلمان أو تعلق بقانون عادي أو معاهدة أو نص تنظيمي وهذه اآلراء‬

‫‪ -1‬عبد العزيز النويضي ‪ ،‬المجلس الدستوري بالمغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.104‬‬
‫‪ -2‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫‪ -3‬جاء في المادة ‪ 87‬من دستور موريتانيا ‪ ":1991‬ال يصدر أو ينفذ حكم أقر المجلس الدستوري عدم دستوريته‪.‬‬
‫تتمتع ق اررات المجلس الدستوري بسلطة الشيء المقضي فيه‪ ،‬ال يقبل الطعن في ق اررات المجلس الدستوري وهي ملزمة‬
‫للسلطات العمومية وجميع السلطات اإلدارية والقضائية"‪.‬‬
‫‪ -4‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.115‬‬

‫‪418‬‬
‫إلزامية ونهائية كما رأينا في الفرع األول من هذا المطلب لكن المجلس الدستوري الجزائري‬
‫وفقا للمادة ‪ 165‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬يصدر ق ار ار في حالة ما تم إخطاره من‬
‫طرف الجهات صاحبة اإلخطار حول مراقبة مدى دستورية نص قانوني صدر في الجريدة‬
‫الرسمية وهو ساري المفعول وهنا يكون دور المجلس الدستوري مختلف عن دوره في المرة‬
‫األولى فرقابته في المرة األولى هي وقائية ولكن في هذه المرة تكون تقريرية وهناك من اعتبر‬
‫أنه ال فرق من حيث الحجية بين آراء وق اررات المجلس الدستوري الجزائري وانما الفرق فقط‬
‫في توقيتها فاآلراء تصدر قبل صدور القانون والق اررات تصدر بعد صدوره في الجريدة‬
‫الرسمية ويصدر قرار المجلس الدستوري إما بالنص على دستورية القانون المعروض عليه‬
‫أو بعدم دستوريته وهذا ما تعالجه في نقطتين‪:‬‬

‫أوال ‪ -‬القرار القاضي بدستورية القانون ‪:‬‬

‫إذا جاء قرار المجلس الدستوري قاضيا بمطابقة القانون الذي عرض عليه مع الدستور‬
‫فإن هذا القانون يكتسب حجية لكل نصوصه بدستوريته‪ ،‬وال يمكن إعادة الطعن فيه بعدم‬
‫الدستورية‪ ،‬ولو أخذنا مثاال واقعيا فإننا نجد المعاهدات بعدما يقضي المجلس الدستوري‬
‫الجزائري بمطابقته للدستور وفق المادة ‪ 165‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ 11996‬وبعد أن‬
‫يصادق عليها رئيس الجمهورية وفق المادة ‪ 2132‬من نفس الدستور فإنها تأخذ مكانة أسمى‬
‫من القانون العادي وتأتي في المرتبة الثانية بعد الدستور‪.3‬‬

‫وال بد من اإلشارة إلى أنه للمجلس الدستوري مهلة ‪ 20‬يوما من تاريخ استالمه رسالة‬
‫اإلخطار ليفصل في دستورية القانون المعروض عليه لكن السؤال المطروح هو لو‬
‫تجاوز المجلس الدستوري هذه المدة فما الجزاء المترتب عن ذلك ؟ فمثال في لبنان نجد أن‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 165‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬المعدل والمتمم‪.‬‬


‫‪ -‬المادة ‪ 132‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر المعدل والمتمم‪.1996‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ - 3‬فوزي أو صديق‪ ،‬الوافي في شرح القانون الدستوري والنظم السياسية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،1996 ،‬ص‬
‫‪.280‬‬

‫‪419‬‬
‫تجاوز المجلس الدستوري للمهلة المخصصة له تكسب القانون موضوع الطعن قرينة‬
‫الدستورية‪.1‬‬

‫لكن إذا تجاوز المجلس الدستوري مهلة ‪ 20‬يوما ولم يصدر ق ارره في القانون الذي‬
‫عرض عليه فإن هذا القانون ال يكتسب قرينة الدستورية ألنه لم يتم النص على هذه القرينة‬
‫ال صراحة وال ضمنيا من خالل الدستور وال من خالل النظام المحدد لقواعد عمل المجلس‬
‫الدستوري الجزائري‪ ،‬كما أن قرينة الدستورية ال يمكن إعمالها في الرقابة الوجوبية المنصوص‬
‫عليها في المادة ‪ 165‬من الدستور‪.‬‬

‫حدت مهلة ‪ 30‬يوما للمجلس الدستوري الفرنسي وتجاوزها دون النظر في القانون يجعل‬
‫القانون محل الطعن سليما ويتوجب إصداره‪ ،2‬كما أن هناك اجتهاد يستعمله المجلس‬
‫الدستوري الجزائري وهي تقنية المطابقة مع التحفظات حيث يقضي بمطابقة النص‬
‫المعروض عليه مع الدستور مع إدخال بعض المصطلحات وتغيير بعض المصطلحات جاء‬
‫بها المشرع حتى يتجنب الحكم بعدم الدستورية‪ 3‬وهذا االجتهاد لم ينص عليه الدستور وال‬
‫القانون المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري وانما هو اجتهاد فقط وما يعاب عليه‬
‫هو تدخل المجلس الدستوري في تعديل التشريع وتهدف هذه التقنية إلى اجتناب إلغاء النص‬
‫القانوني المعروض عليه واعطاءه تفسي ار يتناسب مع الدستور ويلتزم المشرع بتفسير المجلس‬
‫الدستوري للنص حتى يبقى منسجما مع الدستور‪ ،‬وقد جاء في رأي المجلس الدستوري‬
‫الجزائري رقم ‪ 01‬المؤرخ في ‪ 23‬يوليو ‪ 2007‬والمتعلق بمراقبة القانون العضوي المتضمن‬
‫تأجيل االنتخابات لتجديد المجالس الشعبية البلدية والوالئية المنبثقة عن انتخابات ‪ 10‬أكتوبر‬
‫‪ 2002‬واالنتخابات الجزئية ليوم ‪ 24‬نوفمبر ‪ 2002‬مع الدستور حيث جاء فيه مايلي‪...« :‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 21‬من قانون إنشاء المجلس الدستوري اللبناني‪" :‬إذا لم يصدر القرار من المجلس الدستوري اللبناني ضمن‬
‫المهلة المذكورة وهي خمسة عشرة يوما من تاريخ تحديد موعد الجلسة عقب تقديم المقرر لتقريره يعتبر النص موضوع‬
‫المراجعة مقبوال"‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 61‬من دستور فرنسا لعام ‪.1958‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪- B.YELLES CHAOUCHE, la technique des rèserves dans la jurisprudence du conseil‬‬
‫‪constitutionnel Algérien, Revue du conseil constitutionnel, n° 1 ,2013, p. 8.‬‬

‫‪420‬‬
‫وبما أن المادة ‪ 10‬تنص على أن الشعب ح ار في اختيار ممثليه وفقا للدستور‪ ،‬فهي تشكل‬
‫مرجعا أساسيا في هذا القانون وبالتالي فإن عدم إدراج المشرع هذه المادة ضمن تأشيرات‬
‫القانون العضوي موضوع اإلخطار يعد سهوا يتعين تداركه ‪.1»...‬‬

‫كما يمكن أن تأخذ تقنية التحفظات نوع العيب الذي يشوب القانون موضوع الرقابة وبهذا‬
‫يمكن أن يصير المجلس الدستوري الجزائري شريكا في التشريع ففي هذه الحالة يشير‬
‫المجلس الدستوري فقط للمادة المعيبة بعدم الدستورية وليس لكل القانون ويعيد صياغتها حتى‬
‫تصير مطابقة للدستور حيث جاء في رأي المجلس الدستوري الجزائري رقم ‪/006‬ر‪ .‬ق‪ .‬ع‪/‬‬
‫م‪ .‬د‪ /‬الصادر في ‪ 19‬ماي ‪ 1998‬والمتعلق بمطابقة القانون العضوي لمجلس الدولة على‬
‫الدستور والذي جاء فيه مايلي‪ ... « :‬واعتبا ار أن المؤسس الدستوري استعمل في المادة‬
‫‪ 180‬من الدستور مصطلح "تنصيب"»‪ ،‬وأن المشرع حين استعمل في المادة ‪ 44‬من القانون‬
‫العضوي موضوع اإلخطار مصطلح "تأسيس" يكون قد أضفى غموضا على المعنى الذي‬
‫يقصده م ما يستوجب إزالته‪ ،‬فهنا قام المجلس الدستوري بإعادة صياغة النص وتغيير‬
‫مصطلح جاء في النص األصلي حتى ال يرفض النص بسبب عدم دستوريته والسؤال‬
‫المطروح هل يمكن للمجلس الدستوري أن يعدل عمل من اختصاص البرلمان ؟ ويستعمل‬
‫المجلس الدستوري الجزائري عبارة "تحت طائلة التحفظات المعبر عنها أعاله يصرح المجلس‬
‫الدستوري أن المواد ‪...‬مطابقة للدستور"‪.2»...‬‬

‫وفي الرأي ذاته المذكور أعاله عبر المجلس الدستوري الجزائري صراحة على المعني‬
‫حيث قال‪ ...« :‬واعتبا ار أن المشرع حين اعتمد صياغة "الواليات"» يكون قد أحدث لبسا قد‬
‫يفهم منه إقصاء نواب البرلمان الممثلين للجالية الوطنية المقيمة بالخارج من تزكية قوائم‬
‫التشريحات المنصوص عليها في المادتين ‪ 82‬و‪ 109‬من قانون االنتخابات‪ ،‬وبالتالي‬
‫فالمشرع لم يكن يقصد إقصاءهم‪ ،‬ألن خالف ذلك قد يعد إخالال بمبدأ المساواة المنصوص‬

‫‪ -1‬قرار قم ‪/1‬ر‪ .‬م‪ .‬د‪ /‬الصادر في ‪ 23‬يونيو ‪.2007‬يتعلق بمراقبة مطابقة القانون العضوي المتضمن تأجيل االنتخابات‬
‫‪ 10‬أكتوبر ‪.2002‬‬
‫‪ -2‬إلياس جوادي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.169‬‬

‫‪421‬‬
‫عليه في المادة ‪ 29‬من الدستور‪ .»...‬وبالتالي يكون المصطلح مطابقا للدستور شريطة‬
‫مراعاة هذا التحفظ‪ 1‬ونالحظ أن لهذه التحفظات طابعا إجباريا وعدم األخذ بها من طرف‬
‫المشرع يؤدي إلى عدم دستورية القانون‪.‬‬

‫ثانيا ‪ -‬مدى حجية الحكم القاضي بعدم الدستورية ‪:‬‬

‫حسب المادة ‪ 169‬من دستور الجزائري ‪ 28‬نوفمبر ‪ 1996‬فإن أري المجلس الدستوري‬
‫القاضي بعدم دستورية نصا تشريعيا أو تنظيميا فإن هذا النص يفقد أثره ابتداء من يوم قرار‬
‫المجلس‪ ،2‬كما أن المادة ‪ 168‬من نفس الدستور تنص على أنه إذا كان رأي المجلس‬
‫الدستوري قاضيا بعدم دستورية معاهدة أو اتفاق فال يتم المصادقة عليها‪ 3‬فنتيجة رأي أو قرار‬
‫المجلس الدستوري بعدم دستورية النص المعروض عليه يؤدي إلى فقدان هذا النص ألثره من‬
‫تاريخ قرار المجلس الدستوري‪.‬‬

‫ونجد أن المشرع الجزائري من خالل المادة ‪ 54‬من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس‬
‫الدستوري سوى بين القيمة اإللزامية لآلراء والق اررات في مواجهة كل السلطات حيث ال يمكن‬
‫الطعن فيها بأي طريق‪.4‬‬

‫كما نشير إلى أن رأي المجلس الدستوري الذي يقدمه لرئيس الجمهورية في إطار المادة‬
‫‪ 176‬من الدستور المتعلقة بتعديل الدستور ال يعد إلزاميا ألن هذه النصوص المعروضة‬
‫عليه يمكن أن ترفض من طرف الشعب من خالل االستفتاء فرأي المجلس الدستوري في هذا‬
‫اإلطار يعد وقائيا فقط إذا تم االستفتاء على مشروع التعديل وقبل به الشعب‪.‬‬

‫‪ - 1‬رأي المجلس الدستوري الجزائري رقم ‪ /1‬ر‪ .‬م‪ /‬الصادر في ‪ 23‬يوليو ‪.2007‬‬
‫‪ - 2‬المادة ‪ 169‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪.1996‬‬
‫‪ - 3‬المادة ‪ 168‬من دستور ‪ 28‬نوفمبر ‪.1996‬‬
‫‪ - 4‬محمد بوسلطان ‪ ،‬الرقابة على دستورية المعاهدات في الجزائر»‪ ،‬مجلة المجلس الدستوري‪ ،‬العدد‪ ،2013/ 1‬ص‬
‫‪.43‬‬

‫‪422‬‬
‫خــــاتــــمــــــــــــة ‪:‬‬
‫اختلفت الهيئات الممارسة للقضاء الدستوري في دول المغرب العربي‪ ،‬من حيث نشأتها‬
‫ودور المؤسسات الدستورية الثالث في تشكيلها لكنها تشابهت في نقاط أخرى‪.‬‬

‫ونجد النظام المغربي انتقل من نظام الغرفة الدستورية إلى نظام المجلس الدستوري وأخي ار‬
‫نظام المحكمة الدستورية في دستور ‪ 2011‬في حين نجد النظام الجزائري بعدما تبنى بعد‬
‫االستقالل مباشرة نظام المجلس الدستوري غاب أي تنظيم للقضاء الدستوري في دستور‬
‫‪ 1976‬ثم أعاد نظام المجلس الدستوري في دستوري ‪ 1989‬و‪ 1996‬أما النظام التونسي فلم‬
‫يعرف نظام القضاء الدستوري منذ االستقالل إلى غاية ‪ 16‬نوفمبر ‪ 1987‬أين أنشئ‬
‫المجلس الدستوري ثم ارتقى إلى مؤسسة دستورية بعد التعديل الدستوري ‪ 1995‬ودعم بعد‬
‫التعديل الدستوري ‪ 1‬جوان ‪ 2002‬ثم جاء دستور ‪ 26‬جانفي‪ 2014‬بالنص على المحكمة‬
‫الدستورية‪.‬‬

‫وفي موريتانيا عرفت نظام الغرفة الدستورية ثم بعدها نظام المجلس الدستوري في دستور‬
‫‪ 1991‬وقد اختلف دور السلطات الثالث (تنفيذية‪ ،‬تشريعية‪ ،‬قضائية) من بلد إلى بلد وفي‬
‫البلد نفسه من مرحلة دستورية إلى أخرى في تشكيل هيئة القضاء الدستوري والتأثير عليها‪.‬‬
‫وما لوحظ أن بعد كل تعديل دستوري ووصول رئيس جديد لهرم السلطة يكون تعديل على‬
‫تشكيلة المجلس الدستوري في صالح السلطة التنفيذية على حساب السلطتين التشريعية‬
‫والقضائية لكن بتفاوت‪.‬‬

‫وكان لهذا الدور تأثي ار كبي ار على توجيه عمل المجلس الدستوري وق ارراته وحاول كل نظام‬
‫االستلهام من التجربة الفرنسية مع إضافة لمسة خاصة به‪.‬‬

‫و ارتبط دور السلطات الدستورية بتطوير األنظمة الدستورية بشكل عام حيث أن االنتقال‬
‫من األحادية الحزبية إلى التعددية وتطور الدساتير ومحاوالتها تكريس مبدأ الفصل بين‬
‫السلطات وعناصر دولة القانون واالتساع في تكريس الحريات والحقوق األساسية للمواطن‬
‫والسيما األساسيةمنها جعل القضاء الدستوري في دول المغرب العربي يتطور بصفة محتشمة‬

‫‪423‬‬
‫فالحظت وجود تطور في النصوص القانونية يقابلها جمود في الذهنيات والممارسات حيث‬
‫السلطة التنفيذية مهيمنة من جميع جوانب القضاء الدستوري‪.‬‬

‫وهناك تغييب تام للسلطة القضائية باستثناء الجزائر التي أعطاها حق انتخاب ممثلين‬
‫عنها في المجلس الدستوري‪.‬‬

‫فمن حيث المقاييس المعيارية التي يقدمها القاضي الدستوري في تفعيل عملية مراقبة‬
‫مدى مطابقة النصوص القانونية للدستور لم يتوسع القاضي الدستوري المغربي من خالل‬
‫اجتهاداته إلى العهود الدولية والمواثيق المتعلقة بإعالنات حقوق اإلنسان والمواطن رغم أن‬
‫دول المغرب العربي صادقت عليها وانضمت إليها‪.‬‬

‫كما أني لم أجد دور مهم للقاضي الدستوري في دول المغرب العربي في وضع معايير‬
‫للتعامل مع العرف الدست وري وكيفية استغالله ليدمج في المصادر الدستورية رغم أن رئيس‬
‫الجمهورية في الجزائر مارس عدة مهام غير موجودة في الدستور ومنها االستماع إلى‬
‫الوزراء في الجلسات الرمضانية‪ ،‬كما أن قانوني الوئام المدني والمصالحة الوطنية في‬
‫الجزائر باعتبارهما عمل سياسي أخذ قالبا قانونيا لم نجد دو ار يذكر للمجلس الدستوري‬
‫الجزائري من حيث االعتماد في حيثياته وآرائه وق ارراته على قانون استفتائي أما مشاركة‬
‫القاضي الدستوري المغاربي في عملية التشريع من خالل إدخاله بعض المصطلحات‬
‫القانونية وتعديل البعض اآلخر بمناسبة مراقبة مدى دستورية قانون تم التصويت عليه من‬
‫طرف البرلمان يجعله يساهم في عملية التشريع وحتى عندما يلزم المشرع باالعتماد على‬
‫التفسير الذي يعطيه المجلس الدستوري للنص القانوني فهنا يظهر القاضي الدستوري وكأنه‬
‫مشرع مشارك للبرلمان في مهمته‪.‬‬

‫ويبقى النظام القانوني لعضو المجلس الدستوري أو قاضي المحكمة الدستورية ال يوفر‬
‫الضمانات الالزمة الستقالليته‪.‬‬

‫أما من حيث االختصاصات والمهام فإن تمتع القاضي الدستوري على مستوى المجالس‬
‫الدستورية بالدول المغاربية محل الدراسة بصالحيات متفاوتة في مجال الرقابة الدستورية‬

‫‪424‬‬
‫مستنبطة في جلها من النظام الفرنسي فهو يمارس نوعين من الرقابة فالرقابة اإللزامية جاءت‬
‫على سبيل الحصر وتنصب على أنواع معينة من القوانين وهي القوانين العضوية واألنظمة‬
‫الداخلية للبرلمان وتستمد هذا االختصاص قوته من الدستور‪ ،‬إال أن الغموض يبقى مالزما‬
‫لفئة القوانين العضوية من حيث عدم وجود تعريف تشريعي يضبطها وكذا عدم تحديد‬
‫مكانتها في الكتلة الدستورية رغم قيمة المجاالت التي تعالجها واعطاء القاضي الدستوري‬
‫حق الرقابة على الجوانب اإلجرائية والجوانب الموضوعية للقوانين العضوية من شأنه‬
‫المساهمة في إنشاء وتنظيم مؤسسات دستورية شرعية في إطار دولة القانون واحترام مبد أ‬
‫الفصل بين السلطات‪ ،‬لكن يبدو أن عدم وضوح هذه القوانين واعتبارها مكملة ومطبقة‬
‫للدستور تكسبها صفة السمو لكن المشرع الدستوري الجزائري أعطى رئيس الجمهورية حق‬
‫استفتاء الشعب في كل مسألة ذات أهمية ولهذا فإن القوانين العضوية تصبح مهددة باإللغاء‬
‫أو التعديل عن طريق القوانين االستفتائية النابعة عن اإلرادة الشعبية والتي ال يمكن للقاضي‬
‫الدستوري مراقبتها‪.‬‬

‫كما أن للقاضي الدستوري واجب الرقابة على األنظمة الداخلية لغرفتي البرلمان وهنا نجد‬
‫إجماع على مستوى دول المغرب العربي في ضرورة ممارسة القاضي الدستوري لرقابة قبلية‬
‫وملزم ة على األنظمة الداخلية لغرفتي البرلمان والتي تقوم هذه الغرف بإعداد أنظمتها‬
‫الداخلية دون إشراك السلطة التنفيذية احتراما لمبدأ الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية‪.‬‬

‫كما أن قواعد األنظمة الداخلية لغرفتي البرلمان يسهر البرلمان ذاته على تنفيذها على‬
‫خالف القواعد القانونية األخرى التي يعهد بتنفيذها إلى السلطة التنفيذية وتتميز رقابة‬
‫األنظمة الداخلية للمجالس النيابية المغاربية بأنها رقابة إلزامية وسابقة ومركزية وتتم إحالتها‬
‫من جهات يحددها الدستور وتكون اإلحالة فورية على المجلس الدستوري كل هذه المميزات‬
‫تبين أهمية األنظمة الداخلية للبرلمان باعتباره اآللية التي تنشط بواسطتها مؤسسة دستورية‬
‫في حجم البرلمان‪.‬‬

‫باإلضافة إلى واجب القاضي الدستوري مراقبة القوانين العضوية واألنظمة الداخلية‬
‫للبرلمان بعد إخطار إلزامي من طرف جهات محددة يبينها الدستور‪ ،‬فإن القاضي الدستوري‬

‫‪425‬‬
‫يمكن إخطاره بصفة غير ملزمة لمراقبة مدى مطابقة القوانين العادية والتنظيم والمعاهدات مع‬
‫الدستور فبالنسبة للقوانين العادية والتنظيم الذي تسيطر عليه السلطة التنفيذية ألسباب عديدة‬
‫أهمها تراجع دور البرلمان وكذا ظهور عدة قوانين ذات طابع تقني وفني يسهل على‬
‫الحكومة معالجته مقارنة مع البرلمان‪.‬‬

‫فإنه يبدو أن تضاف مجموعة من القوانين العادية ومجموعة من النصوص التنظيمية‬


‫إلى طائفة اإلخطار اإللزامي إذا ما تعلقت بمجاالت إستراتيجية وحيوية والسيما تلك المتعلقة‬
‫بالحقوق والحريات األساسية للمواطن وذكر هذه المجاالت على سبيل الحصر خاصة إذا‬
‫علمنا أن دول المغرب العربي ال تعطي للمواطن الحق في الطعن أمام المجلس الدستوري‬
‫مثلما هو الشأن بفرنسا بعد تعديالت ‪ 23‬جويلية ‪ 2008‬باستثناء المغرب في دستور ‪01‬‬
‫يوليو ‪ 2011‬وتونس في دستور ‪.2014‬‬

‫إن توفير الحماية لحقوق اإلنسان وحرياته األساسية هو مجال عمل القاضي الدستوري‬
‫وتعتبر المسألة الدستورية ذات األولية وكل ما جاءت به من أحكام نتيجة طبيعية لتطور‬
‫الفقه الدستوري في فرنسا وايجاد آليات تواكب تطور حماية حقوق وحريات اإلنسان التي‬
‫تنص عليها مختلف العهود والصكوك الدولية التي انضمت إليها دول المغرب العربي لكن‬
‫في الواقع عدم تمكين المواطن في هذه الدول بحق الدفع بعدم دستورية نص تشريعي أو‬
‫تنظيمي يمس بحقوقه وحرياته األساسية يجعل من هذا االنضمام إلى العهود الدولية مجرد‬
‫إجراء شكلي وبالتالي يكون من األحسن إعطاء هذا الحق للمواطن في دول المغرب العربي‬
‫مع إعطاء حرية أكثر للقاضي الدستوري في العودة إلى اعتماد كل المصادر التي تؤصل‬
‫لحقوق اإلنسان وحرياته والخروج عن إطار الوثيقة الدستورية بمراقبة مدى مطابقة التشريع‬
‫مع اإلعالنات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق اإلنسان والمواطن وكذا المبادئ الدستورية‬
‫العامة وديباجة الدساتير باعتبارها نصوص توجيهية عامة وبذلك يفتح الباب أمام القاضي‬
‫الدستوري لالجتهاد أكثر من خالل الممارسة والمعالجة كما يمكنه حتى مراقبة مدى مطابقة‬
‫العرف الدستوري مع المبادئ الدستورية العامة بحيث يستطيع من خالل آراءه وق ارراته إما‬
‫مواجهة عرف دستوري يخالف المبادئ الدستورية العامة واما إعادة توجيهه مع مراعاة عدم‬

‫‪426‬‬
‫مساسه باختصاص المشرع وذلك باتخاذ مجموعة من اإلجراءات واآلليات التي سبقتنا إليها‬
‫الدول المتطورة في هذا المجال مثل ألمانيا وفرنسا والواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق باألوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية الجزائرية والتي تعتبر استثناء عن‬
‫حق البرلمان في التشريع فمن األحسن إلغاؤها لعدم وضوحها وعدم استساغتها ال من الجانب‬
‫الشكلي وال من الجانب الموضوعي‪.‬‬

‫كما أن القاضي الدستوري يلعب دو ار مهما وبار از في المنازعة االنتخابية سواء تعلقت‬
‫باالنتخابات الرئاسية أو االنتخابات التشريعية أو االستفتاء‪ ،‬لكن يبدو أنه من األحسن لو‬
‫يتسع ويمتد دور المجلس الدستوري في الدول المغاربية إلى مراقبة مرحلة المرسوم الذي يتم‬
‫من خالله استدعاء الهيئة الناخبة وكذا القانون المتعلق بتقسيم الدوائر االنتخابية وتحديدها‬
‫على غرار ما هو معمول به في فرنسا ألن قانون تقسيم الدوائر االنتخابية له انعكاس على‬
‫نتيجة االنتخاب النهائية‪.‬‬

‫أما المراسيم التي يحيل عليها قانون االنتخابات فهي تنظم العملية االنتخابية بتفاصيلها‬
‫ولهذا كان من األحسن إخضاعها إلى الرقابة القبلية من طرف القاضي الدستوري وان‬
‫استعصى ذلك فتح الطريق أمام المواطنين للطعن فيها بعدم الدستورية أمام المحاكم اإلدارية‬
‫واعطاء الحق لهذه األخيرة لإلحالة على المجلس الدستوري‪ ،‬وما يشجع على هذا االقتراح هو‬
‫استعمال المؤسس الدستوري الجزائري كلمة "يسهر على صحة‪ "...‬فكلمة "يسهر" تعني‬
‫االضطالع والفصل في كل صغيرة وكبيرة لها عالقة بسير العملية االنتخابية التي من شأنها‬
‫إنشاء مؤسسات دستورية شرعية كما يبدو أن إعطاء حق الطعن في االنتخابات الرئاسية أو‬
‫التشريعية إلى فئات وأطراف محددة وقصر المواعيد وتعقيدها بالنسبة لمترشحين ال يملكون‬
‫الخبرة الكافية في رفع النزاع أمام القاضي االنتخابي من شأنه أن يضيع حقوق كثيرة على‬
‫المواطنين والمترشحين ولهذا يبدو من األفضل التوسيع في المواعيد والتبسيط في اإلجراءات‪.‬‬

‫ويساهم القاضي الدستوري في ضمان استم اررية الدولة في الظروف غير العادية حيث‬
‫يتدخل ويجتمع تلقائيا في حالة حدوث مانع مؤقت لرئيس الجمهورية ويقترح إعالن شغور‬
‫منصب رئيس الجمهورية ويتخذ كل اإلجراءات النابعة عن هذا القرار حتى أن رئيس المجلس‬

‫‪427‬‬
‫الدستوري في الجزائر يمكن أن يتولى رئاسة الدولة في حالة تزامن شغور منصب رئاسة‬
‫الجمهورية ومنصب رئاسة مجلس األمة وما حدث في تونس يوم ‪ 14‬يناير ‪ 2011‬بعد‬
‫مغادرة الرئيس بن علي الحكم إثر الثورة الشعبية في تونس حيث اجتمع المجلس الدستوري‬
‫وفق المادة ‪ 57‬من دستور تونس ‪1959‬وأعلن الشغور النهائي لمنصب رئاسة الجمهورية‬
‫وعين رئيس مجلس الشعب رئيس لتونس بالنيابة وأفشل محاولة دائرة الرئيس المخلوع من‬
‫استعمال التفويض لصالح الوزير األول فدور القاضي الدستوري جد مهم في األوقات‬
‫العصيبة في حياة الدول‪ ،‬كما يستشار في حالة تمديد عهدة البرلمان وحاالت تعديل الدستور‬
‫وينوب في بعض األحيان عن السلطة التأسيسية في ذلك لكن يبدو أن القاضي الدستوري في‬
‫دول المغرب العربي ال يزال تنقصه الجرأة في مثل هذه المواقف ويبدو أنه ينتظر دائما‬
‫إيحاءات من السلطة التنفيذية صاحبة تعيين أهم أعضائه ويتصرف كأنه هيئة استشارية ال‬
‫أكثر رغم أنه مؤسسة دستورية مستقلة لها دو ار استشاري فعال لكن لها دور تقريري في بعض‬
‫الحاالت‪.‬‬

‫وأثناء الظروف غير العادية يشارك القاضي الدستوري في إعالن الحالة االستثنائية‬
‫ورفعها لكن يبقى دوره ضعيفا بحيث ال يراقب مدى توفر شروط رفع الحالة االستثنائية كما‬
‫هو الحال بالنسبة للنظام الفرنسي وبما أن الحالة االستثنائية هي خروج عن الشرعية‬
‫الدستورية لحماية الشرعية الدستورية فإن القاضي الدستوري باعتباره مشاركا مع رئيس‬
‫الجمهورية في حماية الدستور فال بد أن يبقى في اجتماع مفتوح مالزما لرئيس الجمهورية‬
‫معينا له ومراقبا لكل الق اررات التي يتخذها في مجال الحقوق والحريات وتقييدها بواسطة‬
‫آليات قانونية وتنظيمية من شأنها أال تعرقل رئيس الجمهورية على تسيير الحالة االستثنائية‬
‫وكذلك ال تمس بالحقوق والحريات األساسية التي يعترف بها الدستور ويضمنها‪.‬‬

‫أما عن وسائل االتصال بالقاضي الدستوري والتي حصرت حق اإلخطار في السلطات‬


‫الدستورية واألقلية البرلمانية مانعة السلطة القضائية والمواطن من حق إخطار المجلس‬
‫الدستوري بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ان هذا النظام المحدد لإلخطار فرغم ضرورته حتى‬
‫ال يتم عرقلة التشريع إال أنه ال يسمح بتطوير عمل القاضي الدستوري بحيث كثرة النصوص‬

‫‪428‬‬
‫القانونية والتنظيمية وحتى المعاهدات مع تحديد الجهات صاحبة حق اإلخطار يجعل‬
‫المجلس الدستوري في عطلة سنوية وال يعمل إال عند نهاية الدورة الخريفية أو الدورة الربيعية‬
‫للبرلمان وبمناسبة الرقابة ذات األخطار الوجوبي رغم أن مجموعة من النصوص التشريعية‬
‫والتنظيمية تمرر وتصدر في الجرائد الرسمية رغم عدم مطابقتها للدستور فلهذا يبدوا إعادة‬
‫النظر في النظام اإلجرائي لتحريك رقابة المجلس الدستوري في الدول المغاربية‪.‬‬

‫بدءا بإعطاء وتوسيع حق اإلخطار إلى الكتل البرلمانية وكذا إلى المواطنين عن طريق‬
‫دعوى الدفع واشتراط محامي بمناسبة التنازع أمام المحاكم اإلدارية ومجلس الدولة في‬
‫الجزائر‪ ،‬يساعد على ذلك والتبسيط في ممارسة حق اإلخطار سواء من جانب األقلية‬
‫البرلمانية أو المواطنين خاصة من حيث المواعيد في النزاع االنتخابي‪.‬‬

‫تعتمد كل المجالس الدستورية في المغرب العربي مقتدية بالمجلس الدستوري الفرنسي في‬
‫سير عملها على التحقيق والمداولة فالدور الذي يلعبه القاضي الدستوري المقرر بعد استالمه‬
‫رسالة اإلخطار واعداد مشروع الرأي أو القرار مهم جدا لكن يبدو أنه ال يستطيع القيام‬
‫بالعمل على أكمل وجه إذا لم يكن من أهل االختصاص في الجوانب الفنية للقوانين خاصة‬
‫أن النصوص القانونية صارت تعالج مسائل ذات طبيعة فنية فلهذا ال بد من مراعاة‬
‫االختصاص عند تعينه وتزويده باآلليات القانونية التي تسمح له باستشارة أصحاب‬
‫االختصا ص وحتى السماح له باالتصال بلجنة الشؤون القانونية على مستوى البرلمان‬
‫لتدارس مشروع القانون واالضطالع على وجهة النظر الغائبة عنه‪.‬‬

‫وفيما يخص المداولة فهي أسلوب تمارسه الجهات القضائية في إصدار احكامها فهي‬
‫تطرح عدة تساؤالت من حيث سير المناقشة وتحديد جدول األعمال ثم كيفية اتخاذ القرار‬
‫داخل المداولة كما أن السرية التي تميز أعمال المداولة وان كان لها ما يبررها إال أن نشرها‬
‫واعالنها كذلك له ما يبرره‪ ،‬ولهذا يبدو من األحسن نشر المداوالت رفقة القرار الصادر عن‬
‫المجلس الدستوري في الجريدة الرسمية حتى يضطلع عليه الجميع‪.‬‬

‫وتع تبر الق اررات واآلراء الصادرة عن المجالس الدستورية في الدول المغاربية نهائية غير‬
‫قابلة للطعن أمام أية جهة أخرى‪ ،‬كما أنها ملزمة لجميع السلطات العمومية الدستورية‬

‫‪429‬‬
‫القضائية واإلدارية وهي بذلك تتفق مع األحكام القضائية الصادرة من الجهات القضائية‬
‫والمستنفذة لجميع طرق الطعن العادية وغير العادية وهذا وان كان من شأنه أن يعطي قوة‬
‫واستقرار آلراء وق اررات المجلس الدستوري فإن هذا األخير مكون من بشر يجتهدون فيصيبون‬
‫ويخطئون واعطاء ق ارراتهم هذه الصفة يمكن أن تمس بحقوق وحريات دستورية فلهذا يبدو‬
‫فتح الباب لمراجعة ق ارراته وآراءه بصفة تلقائية من طرف المجلس الدستوري ذاته دون إخطار‬
‫في حاالت معينة يكون أحسن ويفتح الباب حتى لقضاة المجلس الدستوري أنفسهم لتطوير‬
‫أعمالهم خاصة لو تم إنشاء آلية تكوين قضاة متخصصين في المنازعة اإلدارية الدستورية‬
‫على مستوى المحكمة العليا وخلق آلية للتعاون بينهم وبين قضاة المجالس الدستورية‪.‬‬

‫و يبدو ان االعتماد على نظام المحكمة الدستورية الخاصة واالبتعاد على نظام المجلس‬
‫الدستوري له اهمية كبيرة لثبوت فشله في مسائل كثيرة واتباع توجه المؤسس الدستوري‬
‫المغربي والتونسي اللذاني نصا على محكمة دستورية خاصة رغم عدم صدور القوانين التي‬
‫تحكم سير هذه المحاكم الى غاية اتمام هذه الدراسة‪.‬و إشراك السلطتين التنفيذية والتشريعية‬
‫في عضوية المحكمة الدستورية نظ ار الطبيعة مهامها‪.‬‬

‫و كذا إعطاء المواطن في دول المغرب العربي حق الطعن أمام المحكمة الدستورية مع‬
‫اشتراط بعض الشروط الشكلية اإلضافية لرفع الدعوى كوجود محامي‪.‬‬

‫بالظافة الى توسيع دائرة النصوص القانونية الخاضعة وجوبيا لرقابة المحكمة الدستورية‬
‫واالعتماد على المجال الذي يعالجه النص القانوني أكثر من االعتماد على درجة القانون‪.‬‬

‫و إعطاء قضاة المحكمة الدستورية ضمانات استقاللية أكبر وذلك بتحقيق استقالل‬
‫القضاء بصفة عامة وابعاد السلطة التنفيذية عليه‪.‬‬

‫و تمكين قضاة المحكمة الدستورية من االشراف على العمليات االنتخابية واالستفتاء‪.‬‬

‫و إيجاد آلية لرقابة قضاة المحكمة الدستورية على ممارسات رئيس الدولة بعد إعالن‬
‫حالة الطوارئ واثنائها‪.‬‬

‫‪430‬‬
‫كما يبدو إعطاء حق للقاضي الدستوري المقرر باالستعانة بخبير في القانون الدستوري‬
‫عند تكليفه بمهمة إعداد مشروع الرأي أو القرار عامال مهما في تطوير اعماله‪.‬اظافة الى‬
‫السماح بانتداب قضاة من مجلس الدولة وأساتذة القانون العام لمساعدة القضاة الدستوريون‬
‫في السهر على العمليات االنتخابية سنة قبل االنتخابات الرئاسية أو البرلمانية‪.‬‬

‫و توسيع حق اإلخطار ألحزاب المعارضة التي حصلت على أكثر من ‪ % 10‬في آخر‬
‫انتخابات المجلس الشعبي الوطني وفق آليات وضوابط يحددها القانون‪.‬‬

‫كما ان صدور القوانين العضوية المنظمة للمحاكم الدستورية في المغرب و تونس وكذا‬
‫التعمق في تطبيق المسالة االولية الدستورية في فرنسا ستبين لنا هل تغيير هيئات ممارسة‬
‫القضاء الدستوري افضل ام تفعيل االليات الموجودة و دعمها افضل ولكن في اطار تغيير‬
‫دستوري شامل في انماط سير مؤسسات الدولة هذا ما تبينه دراسات في المستقبل اتمنى ان‬
‫تتناول الموضوع‪.‬‬

‫‪431‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫أوال ‪ -‬باللغة العربية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬النصوص القانونية والتنظيمية‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الجزائر ‪:‬‬
‫) ‪ – ( 1‬الدساتير ‪:‬‬
‫– دستور ‪ ،1963‬ج ر عدد ‪ 64‬مؤرخة في ‪ 10‬سبتمبر ‪.1963‬‬

‫– دستور ‪ ،1976‬ج ر عدد ‪ 94‬مؤرخة في ‪ 24‬نوفمبر ‪.1976‬‬


‫‪ -‬تعديل دستور ‪ ، 1976‬ج ر عدد ‪ 28‬مؤرخة في ‪ 10‬أكتوبر ‪.1979‬‬

‫– تعديل دستور ‪ ،1976‬ج ر عدد ‪ 45‬مؤرخة في ‪ 5‬نوفمبر ‪.1988‬‬


‫– دستور ‪ ،1989‬ج ر عدد ‪ 9‬مؤرخة في أول مارس ‪.1989‬‬
‫– تعديل دستور ‪ ،1996‬ج ر عدد ‪ 76‬مؤرخة في ‪ 8‬ديسمبر ‪.1996‬‬
‫– تعديل دستور ‪ ،1996‬ج ر عدد ‪ 25‬مؤرخة في ‪ 14‬أبريل ‪.2000‬‬
‫– تعديل دستور ‪ ،1996‬ج ر عدد ‪ 63‬مؤرخة في ‪ 15‬نوفمبر ‪.2008‬‬

‫) ‪ – ( 2‬القوانين ‪:‬‬
‫‪ -‬قانون عضوي رقم ‪ 07 -97‬مؤرخ في ‪ 06‬مارس ‪ ،1997‬المتعلق بنظام االنتخابات‪ ،‬ج ر عدد ‪12‬‬
‫مؤرخة في ‪ 6‬مارس ‪.1997‬‬

‫‪ -‬قانون عضوي رقم ‪ 01 – 04‬مؤرخ في ‪ 7‬فبراير سنة ‪ ، 2004‬يعدل و يتمم األمر رقم ‪07 – 97‬‬
‫المؤرخ في ‪ 6‬مارس سنة ‪ ،1997‬المتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام االنتخابات‪ ،‬ج ر عدد ‪9‬‬
‫مؤرخة في ‪ 11‬فبراير ‪.2004‬‬

‫‪ -‬قانون عضوي رقم ‪ 08 – 07‬مؤرخ في ‪ 28‬يوليو ‪ ،2007‬يعدل ويتمم األمر رقم ‪07 – 97‬‬
‫المتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام االنتخابات‪ ،‬ج ر عدد ‪ 48‬مؤرخة في ‪ 29‬يوليو ‪.2007‬‬

‫‪ -‬قانون عضوي رقم ‪ 01 - 12‬مؤرخ في ‪ 12‬يناير ‪ ،2012‬المتضمن قانون االنتخابات‪ ،‬ج ر عدد‬
‫‪ ،1‬مؤرخة في ‪ 14‬يناير ‪.2012‬‬

‫‪432‬‬
‫‪ -‬قانون عضوي رقم ‪ 04 - 12‬مؤرخ في ‪ 12‬يناير ‪ ،2012‬يتعلق باالحزاب السياسية‪ ،‬ج ر عدد ‪2‬‬
‫مؤرخة في ‪ 15‬يناير ‪.2012‬‬

‫– أمر ‪ 10‬جويلية ‪ 1965‬القاضي بإسناد جميع صالحيات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في‬
‫دستور ‪ 1963‬إلى مجلس الثورة‪ ،‬ج ر عدد ‪ 00‬مؤرخة في ‪ 00‬يوليو ‪.1965‬‬

‫‪ -‬أمر رقم ‪ 09 -97‬مؤرخ في ‪ 6‬مارس ‪ 1997‬المتضمن القانون العضوي المتعلق باألحزاب السياسية‪،‬‬
‫ج ر عدد ‪ 12‬مؤرخة في ‪ 6‬مارس ‪.1997‬‬

‫‪ -‬قانون رقم ‪ 11- 89‬مؤرخ في ‪ 5‬يوليو سنة ‪ 1989‬يتعلق بالجمعيات ذات الطابع السياسي‪ ،‬ج ر عدد‬
‫‪ 27‬مؤرخة في ‪ 5‬يوليو ‪.1989‬‬

‫‪ -‬قانون رقم ‪ 13 – 89‬مؤرخ في ‪ 7‬غشت سنة ‪ 1989‬يتضمن قانون االنتخابات‪ ،‬ج ر عدد ‪ 32‬مؤرخة‬
‫في ‪ 7‬غشت ‪.1989‬‬

‫‪ -‬قانون رقم ‪ 06 – 91‬مؤرخ في ‪ 17‬رمضان عام ‪ 1411‬الموافق ‪ 2‬ابريل سنة ‪ 1991‬يعدل ويتمم‬
‫القانون رقم ‪ 13-89‬المؤرخ في ‪ 7‬غشت ‪ 1989‬والمتضمن قانون االنتخابات‪ ،‬الجريدة الرسمية العدد‪14‬‬

‫المؤرخة في ‪ 3‬ابريل ‪.1991‬‬


‫‪-‬األمر رقم ‪ 21-95‬مؤرخ ‪ 19‬يوليو سنة ‪ ،1995‬يعدل ويتمم القانون رقم ‪ 13-89‬المؤرخ في ‪7‬‬
‫غشت سنة ‪1989‬نالمعدل و المتمم و المتضمن قانون االنتخابات‪،‬ج‪.‬ر عدد ا ‪ 39‬في ‪ 23‬يوليو ‪.1995‬‬

‫‪-‬مرسوم التشريعي رقم ‪ 02 -93‬المؤرخ في ‪ 6‬يناير سنة ‪ ،1993‬يتضمن تمديد مدة حالة الطوارئ‪،‬‬
‫ج‪.‬ر عدد ‪ 08‬المؤرخة في ‪ 7‬فبراير سنة ‪.1993‬‬

‫) ‪ – ( 3‬التنظيمات ‪:‬‬
‫‪ -‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 43 -89‬المؤرخ في ‪ 4‬ابريل سنة ‪ ،1989‬يتعلق بنشر التشكيلة االسمية للمجلس‬
‫الدستوري‪،‬ج‪.‬ر‪،‬عدد ‪ 15‬المؤرخة في ‪ 12‬ابريل ‪.1989‬‬

‫المرسوم الرئاسي ‪ 44-89‬مؤرخ في ‪ 10‬أفريل ‪ 1989‬متعلق بالتعيين في الوظائف المدنية والعسكرية ج‬


‫ر عدد ‪ 15‬مؤرخة في ‪ 12‬أفريل‪.‬‬

‫‪ -‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 143-89‬مؤرخ في الموافق ‪ 7‬غشت ‪ 1989‬يتعلق بالقواعد الخاصة بتنظيم‬
‫المجلس الدستوري والقانون األساسي لبعض موظفيه‪،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 15‬المؤرخة في ‪ 7‬غشت سنة ‪.1989‬‬

‫‪433‬‬
‫مرسوم رئاسي رقم ‪ 196 -91‬مؤرخ في ‪ 4‬يونيو سنة ‪ ،1991‬يتضمن تقرير حالة الحصار‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد‬
‫‪ 29‬المؤرخة في ‪ 12‬يونيو سنة ‪.1991‬‬

‫‪-23‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 336 -91‬مؤرخ في ‪ 22‬سبتمبر سنة ‪ 1991‬يتضمن رفع حالة الحصار‪،‬‬
‫ج‪.‬ر عدد‪ 44‬المؤرخة في ‪ 25‬سبتمبر ‪.1991‬‬
‫‪ -‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 01- 92‬المؤرخ في ‪ 4‬يناير سنة ‪ ،1992‬يتضمن حل المجلس الشعبي الوطني‪،‬‬
‫ج‪.‬ر عدد‪02‬المؤرخة في ‪ 8‬يناير ‪.1992‬‬
‫‪-‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 44 -92‬مؤرخ في ‪ 9‬فبراير سنة ‪ 1992‬يتضمن إعالن حالة الطوارئ‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد‬
‫‪ 10‬المؤرخة في ‪ 9‬فبراير ‪.1992‬‬

‫‪ -‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 320 -92‬مؤرخ في ‪ 11‬غشت سنة ‪ ،1992‬يتمم المرسوم رئاسي رقم ‪44 -92‬‬
‫المؤرخ في ‪ 9‬فبراير سنة ‪ 1992‬والمتضمن إعالن حالة الطوارئ‪ ،‬ج‪.‬ر ‪ ،‬عدد‪61‬المؤرخة في ‪12‬‬
‫غشت سنة ‪.1992‬‬

‫‪ -‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 40 -94‬مؤرخ في ‪ 29‬يناير سنة ‪ ،1994‬يتعلق بنشر األرضية المتضمنة‬
‫الوفاق الوطني حول المرحلة االنتقالية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 06‬المؤرخة في ‪ 31‬يناير سنة ‪.1994‬‬

‫‪ -‬مرسوم رئاسي المؤرخ في ‪ 20‬مارس سنة ‪ ،1995‬يتضمن تعيين رئيس المجلس الدستوري وأحد‬
‫أعضائه‪ ،‬ج‪.‬ر ‪ ،‬عدد ‪18‬المؤرخة في ‪ 5‬ابريل سنة ‪.1995‬‬

‫‪ -‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 269 -95‬مؤرخ في ‪ 17‬سبتمبر سنة ‪ ،1995‬يتعلق باللجنة الوطنية المستقلة‬
‫لمراقبة االنتخابات رئاسية‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪ 52‬المؤرخة في ‪ 17‬سبتمبر سنة ‪.1995‬‬

‫‪ -‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 348 -96‬مؤرخ في ‪ 14‬أكتوبر سنة ‪ ،1996‬يتضمن استدعاء مجموع الناخبين‬
‫والناخبات لالستفتاء المتعلق بمشروع تعديل الدستور‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪ 61‬المؤرخة في ‪ 16‬أكتوبر ‪.1996‬‬

‫‪ -‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 58- 97‬مؤرخ في ‪ 6‬مارس سنة ‪ ،1997‬يتعلق باللجنة الوطنية المستقلة لمراقبة‬
‫االنتخابات التشريعية‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪ 12‬المؤرخة في ‪ 6‬مارس ‪.1997‬‬

‫‪ -‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 126 – 98‬المؤرخ في ‪ 21‬ابريل سنة ‪ ،1998‬يتعلق بنشر التشكيلة االسمية‬
‫للمجلس الدستوري‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 25‬المؤرخة في ‪ 26‬ابريل سنة ‪.1998‬‬

‫‪434‬‬
‫المرسوم الرئاسي رقم ‪ 01-99‬مؤرخ في ل‪ 04‬جانفي ‪ ،1999‬يتعلق باللجنة الوطنية المستقلة لمراقبة‬
‫االنتخابات الرئاسية ج ر عدد ‪ 01‬في ‪ 06‬جانفي ‪.1999‬‬

‫‪-‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 240-99‬مؤرخ في افق ‪ 27‬أكتوبر سنة ‪،1999‬يتعلق بالتعيين في الوظائف‬
‫المدنية و العسكرية للدولة‪،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪ 76‬المؤرخة في ‪ 31‬أكتوبر سنة ‪.1999‬‬

‫‪ -‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 157 – 02‬مؤرخ في ‪ 16‬ماي سنة ‪ ،2002‬يعدل ويتمم المرسوم رئاسي رقم ‪89‬‬
‫– ‪ 143‬المؤرخ في ‪ 7‬غشت سنة ‪ 1989‬والمتعلق بالقواعد الخاصة بتنظيم المجلس الدستوري والقانون‬

‫األساسي لبعض موظفيه‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪36‬المؤرخة في ‪ 19‬مايو ‪.2002‬‬

‫‪-‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 20 – 04‬المؤرخ في ‪ 7‬فبراير سنة ‪ ،2004‬يحدث لجنة سياسية وطنية لمراقبة‬
‫االنتخابات ا لرئاسية ل ‪ 8‬ابريل سنة ‪ ،2004‬ج‪.‬ر ‪ ،‬عدد ‪8‬المؤرخة في ‪ 8‬فبراير سنة ‪.2004‬‬

‫‪ -‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 105 – 04‬المؤرخ في ‪ 5‬ابريل سنة ‪ ،2004‬يتمم المرسوم رئاسي رقم ‪– 89‬‬
‫‪ 143‬المؤرخ في ‪ 7‬غشت سنة ‪ 1989‬والمتعلق بالقواعد الخاصة بتنظيم المجلس الدستوري والقانون‬
‫األساسي لبعض موظفيه‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 21‬المؤرخة في ‪ 7‬ابريل سنة ‪.2004‬‬

‫‪ -‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 115 – 07‬المؤرخ في ‪ 17‬ابريل سنة ‪ ،2007‬يحدث لجنة سياسية وطنية لمراقبة‬
‫االنتخابات التشريعية ل‪ 17‬مايو سنة ‪ 2007‬ج‪.‬ر العدد ‪ 25‬المؤرخة في ‪-17‬ماي ‪.2007‬‬

‫‪ -‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 61 – 09‬المؤرخ في‪ 7‬فبراير سنة ‪ ،2009‬يحدث لجنة سياسية وطنية لمراقبة‬
‫االنتخابات رئاسية ليوم ‪ 9‬ابريل سنة ‪ ،2009‬ج‪.‬ر ‪ ،‬عدد ‪ 09‬المؤرخة في ‪ 8‬فبراير سنة ‪.2009‬‬

‫‪-‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 08-14‬المؤرخ في ‪ 17‬جانفي‪ 2014‬المتضمن استدعاء الهيئة الناخبة ‪ ،‬ج ر‬
‫عدد ‪ ،02‬مؤرخة في ‪ 18‬يناير ‪.2014‬‬

‫‪ -‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 09-14‬المؤرخ في ‪ 17‬جانفي ‪ 2014‬يتضمن تعيين أعضاء اللجنة الوطنية‬
‫لإلشراف على االنتخابات الرئاسية‪ ،‬ج ر عدد ‪،02‬مؤرخة‪ 18‬جانفي ‪.2014‬‬

‫‪ -‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 303 – 95‬المؤرخ في ‪ 7‬أكتوبر سنة ‪ ،1995‬يضبط كيفيات تطبيق أحكام‬
‫المادة ‪ 117‬من القانون ‪ 13 – 89‬المؤرخ في ‪ 07‬غشت سنة ‪ ،1989‬المعدل و المتمم‪ ،‬و المتضمن‬

‫قانون االنتخابات‪،‬التي تطبق في االنتخابات الرئاسية‪ ،‬ج‪.‬ر ‪ ،‬عدد ‪58‬المؤرخة في ‪ 08‬أكتوبر سنة‬
‫‪.1995‬‬

‫‪435‬‬
‫‪-‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 56 – 99‬المؤرخ في‪ 02‬مارس سنة ‪ 1999‬يحدد كيفيات تطبيق المادة ‪ 166‬من‬

‫األمر ‪ 07 – 97‬المؤرخ في لـ ‪ 06‬مارس سنة ‪ 1997‬و المتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام‬
‫االنتخابات‪ ،‬ج‪.‬ر ‪ ،‬العدد ‪14‬المؤرخة في ‪ 07‬مارس ‪.1999‬‬
‫‪ -‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 178 – 99‬المؤرخ في ل‪ 3‬غشت سنة ‪ ،1999‬يحدد كيفيات تطبيق المادة ‪166‬‬
‫من األمر ‪ 07 – 97‬المؤرخ في ‪ 06‬مارس سنة ‪ 1997‬والمتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام‬
‫االنتخابات‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪ 53‬المؤرخة في ‪ 08‬مارس ‪.1999‬‬
‫‪-‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 01-14‬مؤرخ في ‪ 15‬جانفي ‪ ،2014‬يتضمن إجراء إكتتاب التوقيعات الفردية‬

‫لصالح المترشحين لالنتخابات الرئاسية والتصديق عليها‪ ،‬ج ر عدد ‪.2014 -02‬‬

‫‪-‬مرسوم التنفيذي رقم ‪ 24 -14‬مؤرخ في ‪ 1‬فبراير ‪ 2014‬يحدد شروط تصويت المواطنين الجزائريين‬
‫المقيمين في الخارج لالنتخابات الرئاسية ج‪ .‬ر عدد ‪ 05‬مؤرخة في ‪ 02‬فبراير ‪.2014‬‬
‫‪ -‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 25 -14‬مؤرخ في ‪ 1‬فبراير ‪ 2014‬يحدد كيفيات إشهار الترشيحات في االنتخاب‬
‫لرئاسة الجمهورية ج‪ .‬ر عدد ‪5‬مؤرخةفي ‪ 02‬فبراير ‪.2014‬‬

‫) ‪ – ( 4‬األنظمة والمداوالت ‪:‬‬


‫‪ -‬نظام مؤرخ في ‪ 7‬غشت ‪ 1989‬الذي يحدد إجراءات عمل المجلس الدستوري‪ ،‬ج ر عدد ‪ 32‬مؤرخة‬
‫في ‪ 7‬غشت ‪.1989‬‬
‫‪ -‬مداولة مؤرخة في ‪ 20‬نوفمبر سنة ‪ 1991‬تتضمن تعديل النظام المؤرخ في ‪ 27‬غشت سنة ‪1989‬‬

‫الذي يحدد إجراءات عمل المجلس الدستوري‪ ،‬ج ر عدد ‪ 60‬مؤرخة في ‪ 24‬نوفمبر ‪.1991‬‬
‫‪ -‬مداولة مؤرخة في ‪ 29‬ديسمبر سنة‪ ،1996‬تعدل وتتمم النظام المؤرخ في ‪ 7‬غشت سنة ‪ ،1989‬الذي‬
‫يحدد إجراءات عمل المجلس الدستوري ‪ ،‬الجريدة الرسمية ‪،‬عدد ‪3‬مؤرخة في ‪ 12‬يناير سنة ‪.1997‬‬

‫‪ -‬مداولة مؤرخة في ‪ 13‬أبريل سنة ‪ ،1997‬تعدل وتتمم النظام المؤرخ في ‪ 7‬غشت سنة ‪ ،1989‬الذي‬
‫يحدد إجراءات عمل المجلس الدستوري ‪ ،‬الجريدة الرسمية ‪،‬عدد ‪ 25‬المؤرخة في ‪ 27‬أبريل ‪.1997‬‬
‫‪ -‬مداولة مؤرخة في ‪ 28‬يونيو سنة ‪ ،2000‬المحددة لقواعد عمل المجلس الدستوري‪ ،‬الجريدة الرسمية‬

‫عدد ‪48‬المؤرخة في ‪ 6‬غشت سنة ‪.2000‬‬

‫‪436‬‬
‫‪-6‬مداولة مؤرخة في ‪ 14‬يناير ‪ ،2009‬تعدل وتتمم النظام المؤرخ في ‪ 28‬يونيو سنة ‪ .2000‬المحدد‬

‫لقواعد عمل المجلس الدستوري‪ ،‬الجريدة الرسمية‪،‬عدد ‪ 4‬المؤرخة في ‪ 18‬يناير سنة ‪.2009‬‬

‫‪-7‬مداولة مؤرخة في ‪ 03‬مايو ‪ 2012‬المتعلقة بالنظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري الجزائري‬
‫جريدة رسمية عدد ‪ 26‬مؤرخة في ‪ 3‬ماي ‪.2012‬‬
‫‪-8‬النظام الداخلي المؤرخ في ‪ 23‬يناير ‪ 2014‬ج ‪.‬ر عدد‪ 5‬مؤرخة في ‪ 2‬فبراير ‪ 2014‬م‪.‬‬
‫‪ -9‬خطاب رئيس الجمهورية الجزائرية مؤرخ في ‪ 2009/10/31‬بمناسبة الذكرى العشرون لتأسيس‬
‫المجلس الدستوري ‪ ،‬خطب ورسائل مديرية الصحافة واالتصال رئاسة الجمهورية‪.2009،‬‬
‫‪ - 10‬بيان‪ 19‬جوان ‪ 1965‬صدر في الجريدة الرسمية عدد ‪ 56‬المؤرخة في ‪ 06‬جويلية ‪.1965‬‬

‫ب‪ -‬تونس‬
‫) ‪ – ( 1‬الدساتير ‪:‬‬
‫‪57‬لسنة ‪ 1959‬مؤرخ في ا ألول جوان ‪ 1959‬في ختم دستور الجمهورية التونسية‬ ‫قانون عدد‬
‫واصداره‪ ،‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 30‬بتاريخ ‪ 1‬جوان ‪.1959‬‬
‫قانون دستوريعدد ‪ 13‬لسنة ‪ 1975‬يتعلق بتنقيح الفصلين ‪ 51/40‬من الدستور‪ ،‬الرائد رسمي للجمهورية‬
‫التونسية عدد ‪ 19‬بتاريخ ‪ 18‬مارس ‪.1975‬‬
‫قانون دستوريعدد ‪ 88‬لسنة ‪ 1988‬ينقح الدستور‪ ،‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسيةعدد ‪ ،50‬بتاريخ ‪26‬‬
‫جويلية ‪.1988‬‬

‫قانون دستور عدد ‪90‬لسنة ‪ 1995‬مؤرخ في ‪ 06‬نوفمبر ‪ 1995‬يتعلق بالمجلس الدستوري‪ ،‬الرائد الرسمي‬
‫للجمهورية التونسيةعدد ‪90‬بتاريخ ‪ 10‬نوفمبر ‪.1995‬‬
‫قانون دستوري عدد ‪76‬لسنة ‪ 1998‬مؤرخ في ‪ 02‬نوفمبر ‪ 1998‬يتعلق بتنقيح الفقرة األولى من الفصل‬

‫‪ 75‬من الدستور‪ ،‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية‪ ،‬عدد ‪89‬بتاريخ ‪ 06‬نوفمبر ‪.1998‬‬
‫قانون دستوري) عدد ‪ 51‬لسنة ‪ 2002‬مؤرخ في ‪ 01‬جوان ‪ 2002‬يتعلق بتنقيح بعض أحكام الدستور‪،‬‬
‫الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 45‬بتاريخ ‪ 03‬جوان ‪.2002‬‬

‫‪ -‬دستور تونس ‪-26‬جانقي ‪2014‬‬

‫‪437‬‬
‫‪ -‬قانون دستوريعدد ‪ 51‬لسنة ‪ 2002‬مؤرخ في ‪ 01‬جوان ‪ 2002‬يتعلق بتنقيح بعض أحكام الدستور‪،‬‬

‫الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 45‬بتاريخ ‪ 03‬جوان ‪.2002‬‬

‫) ‪ – ( 2‬القوانين ‪:‬‬

‫‪-‬قانون أساسي عدد ‪ 118‬لسنة ‪ 1993‬مؤرخ في ‪ 27‬ديسمبر ‪ 1993‬يتعلق بتنقيح واتمام المجلة‬
‫االنتخابية‪ ،‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 29‬بتاريخ ‪ 28‬ديسمبر ‪.1993‬‬

‫‪ -‬قانون أساسيعدد ‪ 26‬لسنة ‪ 1996‬مؤرخ في ‪1‬أفريل ‪ 1996‬يتعلق بالمجلس الدستوري‪ ،‬الرائد الرسمي‬
‫للجمهورية التونسية عدد ‪ 27‬بتاريخ ‪ 02‬أفريل ‪.1996‬‬

‫لسنة ‪ 2003‬مؤرخ في ‪ 04‬أوت ‪ 2009‬يتعلق بتنقيح واتمام المجلة‬ ‫‪-‬قانون أساسي عدد ‪58‬‬
‫االنتخابية‪ ،‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 62‬بتاريخ ‪ 5‬أوت ‪.2003‬‬

‫‪ -‬قانون أساسيغدد ‪ 52‬لسنة ‪ 2004‬مؤرخ في ‪ 12‬جويلية ‪ 2004‬يتعلق بالمجلس الدستوري‪ ،‬الرائد الرسمي‬
‫للجمهورية التونسية عدد ‪ 56‬بتاريخ ‪ 13‬جويلية ‪.2004‬‬

‫‪ -‬قانون أساسيعدد ‪ 19‬لسنة ‪ 2009‬مؤرخ في ‪ 13‬أفريل ‪ 2009‬يتعلق بتنقيح واتمام المجلة االنتخابية‪،‬‬
‫الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 30‬بتاريخ ‪ 14‬أفريل ‪.2009‬‬
‫‪-‬قانون غدد ‪ 25‬لسنة ‪ 1969‬مؤرخ في ‪ 8‬أفريل ‪ 1969‬يتعلق بالمجلة االنتخابية‪ ،‬الرائد الرسمي‬
‫للجمهورية التونسية عدد ‪ 14‬بتاريخ ‪ 15‬أفريل ‪.1969‬‬

‫‪ -‬قانون عدد ‪ 39‬لسنة ‪ 1990‬مؤرخ في ‪ 18‬أفريل ‪ 1990‬يتعلق بالمجلس الدستوري‪ ،‬الرائد الرسمي‬
‫للجمهورية التونسية عدد ‪ 27‬بتاريخ ‪ 20‬أفريل ‪.1990‬‬

‫‪-‬األمر الترتيبي رقم ‪ 87-1414‬المؤرخ في ‪ 16‬ديسمبر ‪ ، 1987‬والمتعلق بإحداث المجلس الدستوري‬


‫للجمهورية التونسية‪ ،‬ج ر عدد ‪ 88‬في ‪ 18‬ديسمبر ‪. 1987‬‬

‫) ‪ – ( 3‬األنظمة والمداوالت ‪:‬‬


‫‪ -‬مداوالت مجلس األمة التونسي‪ ،‬جلسة ‪ 09‬فبراير ‪ ،1971‬ص ‪ ،533‬ج ر عدد ‪.1971- 24‬‬

‫‪ -‬مداوالت مجلس األمة التونسي‪ ،1976 ،‬ص ‪ ،78‬ج‪.‬ر عدد ‪.1976 -08‬‬

‫‪3-‬مدوالت مجلس األمة التونسي‪ ،‬عدد ‪.1971 ، 3‬‬

‫‪438‬‬
‫‪-‬مداوالت مجلس النواب التونسي العدد ‪ 28‬جلسة ‪ 26‬مارس ‪ ،1990‬ص ‪1902‬‬

‫ج– موريتانيا‬
‫) ‪ – ( 1‬الدساتير ‪:‬‬
‫‪-‬دستور ‪ 22‬مارس ‪.1959‬‬
‫دستور ‪ 20‬مايو‪.1961‬‬
‫‪-‬الميثاق الدستوري ‪ ،‬للجنة العسكرية لالنقاذ الوطني في ‪ 10‬يوليو ‪.1978‬‬

‫‪ -‬الميثاق الدستوري للجنة العسكرية للخالص الوطني في ‪ 09‬فبراير ‪.1985‬‬


‫امر قانوني رقم ‪ 022- 91‬المؤرخ في ‪ 20‬يوليو ‪ ،1991‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 763‬بتاريخ ‪ 30‬يوليو‬
‫‪..1991‬‬
‫‪-‬قانون دستوري رقم ‪ 014 – 2006‬الصادر بتاريخ ‪ 12‬يوليو ‪ 2006‬المعدل لدستور الجمهورية‬
‫اإلسالمية الموريتانية لسنة ‪ 1991‬الصادر باألمر القانوني ‪ 022-91‬المؤرخ في ‪ 20‬يوليو ‪.1991‬‬

‫) ‪ – ( 2‬القوانين ‪:‬‬

‫القانوني النظامي رقم ‪ 21-2009‬صادر بتاريخ ‪ 2‬أبريل ‪ 2009‬يعدل ويكمل بعض أحكام األمر القانوني‬
‫رقم ‪ 027- 91‬الصادر بتاريخ ‪ 07‬أكتوبر ‪ 1991‬المتضمن القانون النظامي المتعلق بانتخاب رئيس‬
‫الجمهورية‪.‬‬
‫‪ -‬أمر قانوني عدد ‪ 12‬لسنة ‪ 1991‬المتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية ‪.‬‬
‫أمر قانونيعدد ‪ 4‬لسنة ‪ 1992‬المتعلق بالمجلس الدستوري‪.‬‬

‫‪ -‬أمر قانوني رقم ‪ 04-92‬الصادر بتاريخ ‪ 18‬فبراير ‪ 1992‬المتضمن النظام المتعلق بالمجلس‬
‫الدستوري‪ ،‬مجموعة النصوص القانونية الدستورية والتنظيمية والق اررات واألعمال المتعلقة بالمجلس‬
‫الدستوري في الجمهورية اإلسالمية الموريتانية‪ ،‬المطبعة الوطنية الموريتانية ‪.1999‬‬

‫‪ -‬أمر قانونيرقم ‪ 033-2006‬الصادر بتاريخ ‪ 28‬أغسطس‪ 2006‬المتضمن النظام المعدل والمكمل‬


‫لألمر القانوني رقم ‪ 028-91‬الصادر بتاريخ ‪ 07‬أكتوبر ‪ 1991‬والمتضمن القانون النظامي المتعلق‬

‫‪439‬‬
‫بانتخاب النواب في الجمعية الوطنية‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية اإلسالمية الموريتانية عدد ‪ 1129‬بتاريخ‬

‫‪ 30‬أكتوبر ‪.2006‬‬
‫‪ -‬أمر قانوني رقم ‪ 001-2007‬صادر بتاريخ ‪ 3‬يناير ‪ 2007‬يعدل ويكمل بعض أحكام األمر القانوني‬
‫رقم ‪ 027-91‬الصادر بتاريخ ‪ 07‬أكتوبر ‪ 1991‬المتضمن القانون النظامي المتعلق بانتخاب رئيس‬
‫الجمهورية‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية أإلسالمية الموريتانيةعدد ‪ 1136‬بتاريخ ‪ 31‬يناير ‪.2007‬‬
‫‪ -‬أمر قانوني رقم ‪ 002-2007‬صادر بتاريخ ‪ 03‬يناير ‪ 2007‬يعدل ويكمل بعض ترتيبات األمر‬
‫القانوني رقم ‪ 029-91‬الصادر بتاريخ ‪ 07‬أكتوبر ‪ 1991‬المتضمن القانون النظامي المتعلق بانتخاب‬

‫الشيوخ‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية اإلسالمية الموريتانية‪،‬عدد ‪ 36‬بتاريخ ‪ 31‬يناير ‪.2007‬‬

‫‪ -‬مرسومعدد ‪ 041‬اسنة ‪ 1992‬المتعلق بتنظيم األمانة العامة والنظام المالي للمجلس الدستوري‪.‬‬
‫‪ -‬مرسوم عدد ‪ 42‬لسنة ‪ 1992‬المحدد لعالوات و امتيازات أعضاء للمجلس الدستوري‪.‬‬
‫‪ -‬مرسومعدد ‪ 43‬لسنة ‪ 1992‬المتعلق بالتزامات أعضاء المجلس الدستوري ‪.‬‬
‫‪ -03‬االنظمة و المداوالت ‪:‬‬

‫نظام رقم ‪ /001‬ا‪ .‬ا‪ /1994 /‬م‪ .‬د بتاريخ ‪ 10‬مارس ‪ 1994‬يتضمن اإلجراءات المتبعة أمام المجلس‬
‫الدستوري بالنسبة للنزاع حول انتخاب النواب والشيوخ‪ ،‬مجموعة النصوص القانونية الدستورية والتنظيمية‬
‫والق اررات واألعمال المتعلقة بالمجلس الدستوري في الجمهورية اإلسالمية الموريتانية المطبعة الوطنية‬
‫الموريتانية ‪.1999‬‬

‫نظام رقم ‪ /002‬ا‪ .‬ا‪ /1997 /‬م‪ .‬د بتاريخ ‪ 5‬غشت ‪ 1997‬يكمل قواعد اإلجراءات المتبعة أمام المجلس‬
‫الدستوري بالنسبة النتخاب رئيس الجمهورية‪ ،‬مجموعة النصوص القانونية الدستورية والتنظيمية والق اررات‬
‫واألعمال المتعلقة بالمجلس الدستوري في الجمهورية اإلسالمية الموريتانية المطبعة الوطنية الموريتانية‬

‫‪.1999‬‬

‫‪440‬‬
‫د‪ -‬المغرب‬
‫) ‪ – ( 1‬الدساتير ‪:‬‬
‫‪ -‬دستوري المملكة لـ ‪ 07‬ديسمبر ‪ 1962‬صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف صادر في ديسمبر‬
‫‪ ،1992‬الجريدة الرسمية للمملكة المغربية )عدد ‪ 2616‬مكرر( بتاريخ ‪ 19‬دجنبر ‪.1962‬‬
‫‪ -‬دستوري المملكة لـ ‪ 1970‬صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف) رقم ‪( 1 .70.177‬صادر في‪31‬‬
‫يوليوز ‪ ،1970‬الجريدة الرسمية للمملكة المغربية )عدد ‪( 3013‬بتاريخ فاتح غشت ‪.1970‬‬
‫‪ -‬دستوري المملكة لـ ‪ 01‬مارس ‪ 1972‬صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف )رقم ‪(1 .062.72‬صادر‬
‫في‪ 1‬مارس ‪ ،1972‬الجريدة الرسمية للمملكة المغربية )عدد ‪ (3098‬بتاريخ ‪ 15‬مارس ‪.1972‬‬

‫‪ -‬دستوري المملكة المراجع لـ ‪ 09‬سبتمبر ‪ 1992‬صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف )رقم ‪1 .92.155‬‬
‫(صادر في ‪ 09‬أكتوبر ‪ ،1992‬الجريدة الرسمية للمملكة المغربية )عدد ‪( 4172‬بتاريخ ‪ 14‬أكتوبر‬
‫‪.1992‬‬
‫‪ -‬دستوري المملكة المراجع لـ ‪ 13‬سبتمبر ‪ 1996‬صادر األمر بتنفيذه الظهير الشريف )رقم ‪1 .96.157‬‬
‫أكتوبر ‪ ،1996‬الجريدة الرسمية للمملكة المغربية عدد ‪ 4420‬بتاريخ ‪ 10‬أكتوبر‬ ‫(صادر في ‪07‬‬
‫‪.1996‬‬

‫‪ -‬دستور ‪ 01‬يوليو ‪ .2011‬الصادر بالظهير الشريف )رقم ‪( 1 – 11 – 91‬مؤرخ في ‪ 29‬يوليو‬


‫‪.2011‬‬

‫) ‪ – ( 2‬القوانين ‪:‬‬

‫‪ -‬ظهير شريف) رقم ‪ (1-77-176‬بتاريخ‪ 9‬مايو‪ 1977‬بمثابة القانون التنظيمي للغرفة الدستورية‬
‫بالمجلس األعلى‪ .‬الجريدة الرسمية )عدد ‪ 3366‬مكرر( بتاريخ ‪ 10‬مايو‪.1977.‬‬

‫‪ -‬ظهير شريف )رقم ‪( 1.94.124‬صادر في ‪ 14‬من رمضان ‪1414‬الموافق‪ 25‬فبراير ‪ 1994‬بتنفيذ‬


‫القانون التنظيمي) رقم ‪ (29.93‬المتعلق بالمجلس الدستوري‪ .‬الجريدة الرسمية )عدد ‪ (4 1244‬بتاريخ ‪2‬‬
‫مارس ‪.1994‬‬

‫‪441‬‬
‫‪ -‬قانون تنظمي )رقم ‪ (29 /93‬المتعلق بالمجلس الدستوري الصادر بتنفيذه الظهير الشريف) رقم ‪/124‬‬

‫‪( 1 -94‬صادر في ‪ 25‬فبراير ‪ ،1994‬الجريدة الرسمية للمملكة المغربية )عدد ‪ ( 4244‬بتاريخ ‪02‬‬
‫مارس ‪.1994‬‬
‫‪ -‬قانون تنظمي )رقم ‪ (31 /97‬المتعلق بالمجلس الدستوري الصادر بتنفيذه الظهير الشريف) رقم ‪/185‬‬
‫‪ (1 -97‬صادر في ‪ 4‬سبتمبر ‪ ،1997‬الجريدة الرسمية للمملكة المغربية )عدد ‪ (4516‬بتاريخ ‪11‬‬
‫سبتمبر ‪.1997‬‬
‫المتعلق بمجلس المستشارين الصادر بتنفيذه الظهير الشريف )رقم‬ ‫‪ -‬قانون تنظمي )رقم ‪(32 /97‬‬

‫‪ (1 -97 /186‬صادر في ‪ 4‬سبتمبر ‪ ،1997‬الجريدة الرسمية للمملكة المغربية) عدد ‪ (4516‬بتاريخ‬


‫‪ 11‬سبتمبر ‪.1997‬‬
‫‪ -‬قانون تنظمي) رقم ‪ ( 8 /98‬يقضي بتغير وتتميم القانون التنظيمي )رقم ‪ (29/ 93‬المتعلق بالمجلس‬
‫الدستوري الصادر بتنفيذه الظهير الشريف )رقم ‪ ( 1 -98 /126‬صادر في ‪ 28‬سبتمبر ‪ ،1998‬الجريدة‬
‫الرسمية للمملكة المغربية )عدد ‪ ( 4627‬بتاريخ ‪ 5‬أكتوبر ‪.1998‬‬
‫‪ -‬قانون تنظمي )رقم ‪ (6 /02‬يتعلق بتغير وتتميم القانون التنظيمي) رقم ‪ (31 / 97‬المتعلق بالمجلس‬
‫صادر في ‪ 3‬يوليو ‪ ،2002‬الجريدة‬ ‫النواب الصادر بتنفيذه الظهير الشريف) رقم ‪(1 -02 /187‬‬

‫الرسمية للمملكة المغربية )عدد ‪ (5018‬بتاريخ ‪ 3‬يوليو ‪.2002‬‬


‫‪ -‬قانون تنظمي) رقم ‪ (29 /02‬يقضي بتغير وتتميم القانون التنظيمي) رقم ‪( 31/ 97‬المتعلق بالمجلس‬

‫النواب كما وقع تغيره وتتميمه بالقانون التنظيمي )رقم ‪( 06/ 02‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف) رقم‬
‫‪ ( 1 -02 /213‬صادر في فاتح أغسطس ‪ ،2002‬الجريدة الرسمية للمملكة المغربية )عدد ‪5026‬‬
‫(بتاريخ فاتح أغسطس ‪...2002‬‬

‫ويتمم بموجبه القانون التنظيمي )رقم‪ ( 29/ 93‬المتعلق بالمجلس‬ ‫‪ -‬قانون تنظمي) رقم ‪(49/07‬‬

‫الدستوري الصادر بتنفيذه الظهير الشريف) رقم ‪ ( 1 -08 /69‬صادر في ‪ 23‬مارس ‪ ،2007‬الجريدة‬
‫الرسمية للمملكة المغربية )عدد ‪ ( 5679‬بتاريخ ‪ 3‬نوفمبر ‪2008‬‬

‫( يتعلق بمدونة االنتخابات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف )رقم ‪(1- 97 /83‬‬ ‫قانون) رقم ‪9 /97‬‬
‫صادر في ‪ 02‬أبريل ‪ ،1997‬الجريدة الرسمية للمملكة المغربية ) عدد ‪ (4470‬بتاريخ ‪ 3‬أبريل ‪.1997‬‬

‫‪442‬‬
‫ فرنسا‬-‫و‬
: ‫ ( – الدساتير‬1 )

-. Constitution du 1946

-- la constitution de la République française 04/10/ 1958.

-. Loi constitutionnelle n° 2008/724 du 23 juillet 2008 De modernisation des


institutions de la Vème république

: ‫ ( – القوانين‬2 )

- La loi organique n° 74/52 du 23 décembre 1974 modifiant l’ordonnance du


07 novembre 1958
- La loi organique n° 90/38 du 10 mai 1990 modifiant par la loi organique
du 05 avril 2006
- La loi organique n°92/04 du 18 février 1992 portant loi organique sur le
conseil constitutionnel.
- . Loi organique n° 2009. 1523 du 10 décembre 2009 relative à l'application de
l'article 61 .1 de la constitution (de la république française) (ww

- w. Legi France, gouv. Fr/ affiche teste. do? cid texte…..id).

: ‫ ( – التنظيمات‬3 )

- Ordonnance n° 58 du 07 novembre 1958 portant loi organique sur le conseil


constitutionnelle modifie par L’ordonnance n° 59.23 du 04 février 1959

443
- .L'ordonnance n° 58. 1067 du 7 novembre 1958 modifiée portant loi organique
sur le conseil constitutionnel (Français).

- .D’écrit n° 59/1293 du 13 novembre 1959 relatif a L’organisation du


secrétariat du conseil constitutionnelle.
: ‫ االنظمة و المدوات‬-04
- La décision portant règlement intérieur sur la procédure suivie devant le
conseil constitutionnel (Français) pour les questions prioritaires de
constitutionnalité, JORF du 18 février 2010, P 2986.

444
‫‪ -‬الق اررات واآلراء واإلعالنات والبيانات‬
‫‪ -‬ق اررات وأراء واعالنات وبيانات المجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬نشرية أحكام الفقه الدستوري الجزائري‪،‬‬
‫المجلس الدستوري‪ ،‬للسنوات ‪.2007 – 1997‬‬
‫‪ -‬قرار في اإلعالن عن القائمة النهائية للمترشحين النتخابات رئيس الجمهورية المعنية ليوم األحد ‪24‬‬
‫أكتوبر ‪ ،2004‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية )عدد ‪ (79‬بتاريخ أول أكتوبر ‪.2004‬‬
‫‪ -‬الرأي عدد أ ‪ 2005 – 2‬للمجلس الدستوري بخصوص انتخاب أعضاء مجلس المستشارين‪ ،‬الرائد‬
‫الرسمي للجمهورية التونسية )عدد ‪ (49‬بتاريخ ‪ 2‬جوان ‪.2005‬‬

‫للمجلس الدستوري بخصوص مشروع قانون يتعلق بالموافقة على‬ ‫‪ -‬الرأي )عدد ‪(2008 – 10‬‬

‫بروتوكول إضافي لالتفاقية األوروبية المتوسطية التي تقيم شراكة بين الجمهورية التونسية من جهة‬
‫والمجموعة األوروبية والدول األعضاء ضمنها‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية‪) ،‬عدد‬
‫‪ ( 30‬بتاريخ ‪ 11‬أفريل ‪.2008‬‬
‫‪ -‬ق اررات واعالنات المجلس الدستوري الموريتاني ما بين سنتي ‪ ،1999 – 1992‬نشرية المجلس‬
‫الدستوري الموريتاني‪ ،‬مجموعة النصوص القانونية الدستورية والتنظيمية والق اررات واألعمال المتعلقة‬
‫بالمجلس الدستوري في الجمهورية اإلسالمية الموريتانية‪ ،‬المطبعة الوطنية الموريتانية‪.1999 ،‬‬
‫‪ -‬قرار رقم ‪ / 05‬م‪ .‬د‪ /‬نيابات ‪ /‬أركيز (مقاطعة)‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية أإلسالمية الموريتانية )عدد‬
‫‪ ( 1136‬بتاريخ ‪ 31‬يناير ‪.2007‬‬

‫‪ . -‬قرار المجلس الدستوري رقم ‪ 01‬ق‪ .‬م د‪ 14 /‬مؤرخ في ‪ 05‬ربيع األول عام ‪ 1435‬الموافق لـ ‪07‬‬
‫يناير سنة ‪ 2014‬يتعلق باستخالف نائب في المجلس الشعبي الوطني ج ر) عدد ‪ 22 ، (03‬يناير‬
‫‪.2014‬‬
‫‪ -.‬قرار وزاري مشترك مؤرخ في ‪ 04‬ربيع الثاني ‪ 1435‬الموافق ‪ 04‬فبراير ‪ 2014‬يتعلق بتعيين أعضاء‬

‫األمانة الدائمة للجنة الوطنية لمراقبة االنتخابات الرئاسية ليوم ‪ 17‬أبريل لسنة ‪ ،2014‬ج ر) عدد ‪، (08‬‬
‫‪ 18‬فبراير ‪.2014‬‬

‫‪445‬‬
‫الكتب ‪:‬‬
‫‪ -‬أتركان محمد‪ ،‬دعوى الدفع بعدم الدستورية في التجربة الفرنسية‪ ،‬اإلطار القانوني والممارسة القضائية‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪.2013 ،‬‬
‫‪ -‬أوصديق فوزي‪ ،‬الوافي في شرح القانون الدستوري والنظم السياسية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪،‬‬
‫‪.1996‬‬
‫‪ -‬أوزيان محمد‪ ،‬المحكمة الدستورية بالمغرب نحو رؤية استشرافية‪ ،‬سلسلة المعارف القانونية والقضائية‪،‬‬
‫الرباط‪ ،‬منشورات مجلة الحقوق‪.2014 ،‬‬

‫‪ -‬ابراهيم درويش‪ ،‬القانون الدستوري النظرية العامةو الرقابة الدستورية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫‪1990‬ط‪2004.‬‬
‫‪ -‬ابراهيم الحمادي حميد‪ ،‬الرقابة على دستورية القوانين في دولة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫المركز القومي لإلصدارات القانونية‪.2011 ،‬‬
‫‪ -‬بغلول عباس‪ ،‬المجلس الدستوري ودوره في الرقابة على االنتخابات الرئاسية والتشريعية وعمليات‬
‫االستفتاء‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪.2014 ،‬‬
‫‪ -‬بوشعير السعيد‪ ،‬المجلس الدستوري في الجزائر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪.2012 ،‬‬
‫‪ -‬بوشعير السعيد ‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬ط‪ ،2 .‬عين مليلة‪ ،‬دار الهدى‪.1993 ،‬‬
‫‪ -‬بوشعير السعيد ‪ ،‬دليل اتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المطبعة الرسمية‪.1996 ،‬‬
‫‪ -‬بوقفة عبد اهلل‪ ،‬القانون الدستوري (تاريخ ودساتير الجمهورية الجزائرية) مراجعات تاريخية سياسية‬

‫قانونية‪ ،‬عين مليلة‪ ،‬دار الهدى‪.2008 ،‬‬


‫‪ -‬بوك ار إدريس‪ ،‬تطور المؤسسات الدستورية في الجزائر منذ االستقالل من خالل الوثائق والنصوص‬
‫الرسمية‪ ،‬ج‪ ،1‬ط ‪ ، 2‬الجزائر‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪.2005 ،‬‬

‫‪ -‬الترساوي عوض عبد الجليل عوض‪ ،‬المعاهدات الدولية أمام القضاء الدستوري‪ ،‬دراسة مقارنة في‬
‫القضاء الدستوري المصري‪ ،‬والمجلس الدستوري الفرنسي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪.2008 ،‬‬
‫‪ -‬الجمل يحي‪ ،‬القضاء الدستوري في مصر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية ‪.2001‬‬

‫‪ -‬جوادي إلياس‪ ،‬رقابة دستورية القوانين‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬بيروت‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪.2009 ،‬‬

‫‪446‬‬
‫‪ -‬روسيون هنري‪ ،‬المجلس الدستوري‪ ،‬ترجمة وطفة محمد‪ ،‬بيروت‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر‬

‫والتوزيع‪[ ،‬د‪.‬س‪.].‬‬
‫‪ -‬السليمي عبد الرحيم المنار‪ ،‬مناهج عمل القاضي الدستوري‪ ،‬دراسة سوسيو قضائية‪ ،‬الرباط‪ ،‬منشورات‬
‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية‪.2006 ،‬‬
‫‪ -‬السموني الشرقاوي خالد‪ ،‬المجلس الدستوري ورقابته على االنتخابات التشريعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬دار أبي‬
‫رقراق للطباعة والنشر‪.2005 ،‬‬
‫‪ -‬شربال عبد القادر‪ ،‬ق اررات وآراء المجلس الدستوري في تأويل أحكام الدستور الجزائري‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دار‬

‫هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪.2012 ،‬‬


‫‪ -‬الشكري علي يوسف‪ ،‬مبادئ القانون الدستوري والنظم السياسية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار ايتراك للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪.2004 ،‬‬
‫‪ -‬شيحا إبراهيم عبد العزيز‪ ،‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪ ،‬بيروت‪ ،‬الدار الجامعية‪.2001 ،‬‬
‫‪ -‬الشيحي عبد الحفيظ‪ ،‬القضاء الدستوري وحماية الحريات األساسية في القانون المصري والفرنسي‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪.2001 ،‬‬
‫‪ -‬الصروخ مليكة‪ ،‬القانون الدستوري‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪.1998 ،‬‬
‫‪ -‬العام رشيدة‪ ،‬المجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬دار الفجر للنشر والتوزيع‪.2006،‬‬
‫‪ -‬عبد الوهاب محمد رفعت‪ ،‬األنظمة السياسية‪ ،‬بيروت‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪.2005 ،‬‬

‫‪ -‬محمد سلمان عبد العزيز‪ ،‬رقابة دستورية القوانين‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الفكر العربي‪.1995 ،‬‬
‫‪ -‬محمد سلمان عبد العزيز ‪ ،‬رقابة دستورية القوانين المحكمة الدستورية العليا طبيعتها مهامها وأهم‬
‫مبادئها‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الفكر العربي‪.1995 ،‬‬
‫‪ -‬محمد عبد اللطيف محمد‪ ،‬القضاء الدستوري في فرنسا في خمس سنوات (‪ )2004 – 1999‬القاهرة‪،‬‬

‫دار النهضة العربية‪.2005 ،‬‬


‫‪ -‬قيقة جويدة‪ ،‬قراءة في فقه القضاء الدستوري‪ ،‬تونس‪ ،‬مجمع األطرش للكتاب المختص‪.2011 ،‬‬
‫‪ -‬لحرش كريم‪ ،‬الدستور الجديد للمملكة المغربية‪ ،‬شرح وتحليل‪ ،‬سلسلة العمل التشريعي واالجتهاد‬

‫القضائي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬مطبعة النجاح ‪.2012‬‬

‫‪447‬‬
‫‪ -‬مسراتي سليمة‪ ،‬نظام الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر على ضوء دستور ‪ 1996‬واجتهادات‬

‫المجلس الدستوري الجزائري (‪ ،)2010- 1989‬الجزائر‪ ،‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪.2012 ،‬‬
‫‪ -‬المصدق رقية‪ ،‬القانون الدستوري والمؤسسات السياسية‪ ،‬ج‪ ،1 .‬الدار البيضاء‪ ،‬دار توبقال للنشر‪،‬‬
‫‪.1990‬‬
‫‪ -‬المظفر زهير‪ ،‬المجلس الدستوري‪ ،‬تونس‪ ،‬المطبعة الرسمية‪.1993 ،‬‬
‫‪ -‬منصور مولود‪ ،‬بحوث في القانون الدستوري‪ ،‬الجزائر‪ ،‬موفم للنشر‪.2010 ،‬‬
‫‪ -‬النويضي عبد العزيز‪ ،‬العدالة والسياسية االنتخابات والقضاء الدستوري في المغرب الدار البيضاء‪،‬‬

‫مطبعة النجاح الجديدة‪.1997 ،‬‬

‫‪ -‬النويضي عبد العزيز ‪ ،‬العدالة والسياسة‪ ،‬االنتخابات والقضاء الدستوري في المغرب‪ .‬الرباط‪ ،‬منشورات‬
‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية‪.2001 ،‬‬

‫‪ -‬النويضي عبد العزيز ‪ ،‬المجلس الدستوري بالمغرب‪ ،‬الرباط‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال الجامعية‪.2005 ،‬‬

‫‪ -‬النويضي عبد العزيز‪ ،‬المجلس الدستوري ورقابته على االنتخابات التشريعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬منشورات المجلة‬
‫المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية‪.2001 ،‬‬
‫‪ -‬وافي أحمد وبوك ار إدريس‪ ،‬النظرية العامة للدولة والنظام السياسي الجزائري في ظل دستور ‪،1989‬‬
‫الجزائر‪ ،‬المؤسسة الجزائرية للطباعة‪.1992 ،‬‬

‫‪ - 3‬أطاريح ومذكرات جامعية ‪:‬‬

‫أ – األطاريح ‪:‬‬

‫‪ -‬أشحشاح نور الدين‪ ،‬الرقابة على دستورية القوانين في المغرب‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة‬
‫دكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية الحقوق أكدال‪.2001-2000 ،‬‬

‫‪ -‬بن سنوسي فاطمة‪ ،‬المنازعات االنتخابية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة دكتوراه‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،1‬كلية‬
‫الحقوق‪.2012-2011 ،‬‬

‫‪ -‬الداعلي يحي‪ ،‬القضاء الدستوري ودوره في بناء دولة القانون بالمغرب‪ ،‬بحث لنيل الدكتوراه في القانون‬
‫العام‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬كلية الحقوق‪.2007-2006 ،‬‬

‫‪448‬‬
‫‪ -‬الفقي محمد فرج محمد‪ ،‬الرقابة على دستورية القوانين في ليبيا‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة عين شمس‪،‬‬
‫كلية الحقوق‪.1998 ،‬‬

‫‪ -‬مسراتي سليمة‪ ،‬مدى تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات في النظام الدستوري الجزائري‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫شهادة الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كلية الحقوق‪.2010-2009 ،‬‬

‫‪ -‬نبالي فطة‪ ،‬دور المجلس الدستوري في حماية الحقوق والحريات العامة‪ ،‬مجال ممدود وحول محدود‪،‬‬
‫أطروحة دكتوراه علوم‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬كلية الحقوق‪.2010 ،‬‬

‫ب – المذكرات ‪:‬‬

‫‪ -‬بن خليفة هدى‪ ،‬المجلس الدستوري التونسي في ظل تنقيح ‪ 01‬جوان ‪ ،2002‬رسالة لنيل شهادة‬
‫الدراسات المعمقة في القانون العام والمالي‪ ، ،‬جامعة ‪ 07‬نوفمبر بقرطاج‪ ،‬كلية العلوم القانونية والسياسية‬
‫واالجتماعية‪.2005-2004 ،‬‬

‫‪ -‬بوسالم رابح‪ ،‬المجلس الدستوري الجزائري‪ ،‬تنظيمه وطبيعته‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في‬
‫الحقوق‪ ،‬فرع القانون العام‪ ،‬جامعة اإلخوة منتوري‪.2005-2004 ،‬‬

‫‪ -‬جعفر ولد المرابط ولد جعفر‪ ،‬الرقابة على دستورية القوانين في دول المغرب العربي‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل‬
‫درجة الماجستير في القانون‪ ،‬معهد البحوث والدراسات العربية‪ ،‬القاهرة ‪.2001‬‬

‫‪ -‬الزغالمي سميرة مرزوق‪ ،‬المجلس الدستوري التونسي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في العلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة تونس المنار‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪.2005 ،‬‬

‫‪ -‬غربال فريد‪ ،‬المجالس الدستورية في العالم العربي‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام‪،‬‬
‫جامعة تونس المنار‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪.2008-2007 ،‬‬

‫‪ -‬الغنامي عبد السالم محمد‪ ،‬مراقبة دستورية القوانين في المغرب والقانون المقارن‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس‪ ،‬كلية الحقوق‪.2000-1999 ،‬‬

‫‪ -‬محمد فال ولد المجتبي‪ ،‬المجلس الدستوري في موريتانيا‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في‬
‫العلوم السياسية‪ ،‬جامعة تونس‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪.1996-1995 ،‬‬

‫‪ -‬مسراتي سليمة‪ ،‬إخطار المجلس الدستوري‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬معهد الحقوق‪.2002 ،‬‬

‫‪449‬‬
‫‪ -‬مصلح عبد الرزاق‪ ،‬المجالس الدستورية في دول المغرب العربي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة لنيل شهادة‬
‫الدراسات المعمقة في القانون العام‪ ،‬الجامعة‪ ،‬الكلية‪.1992-1991 ،‬‬

‫‪ -‬مملوك ليلى‪ ،‬المجلس الدستوري التونسي واالتفاقيات الدولية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة ماجستير في الحقوق‪،‬‬
‫اختصاص قانون عام داخلي‪ ،‬جامعة تونس المنار‪ ،‬كلية الحقوق‪.2008-2007 ،‬‬

‫‪ -‬هنوني المختار‪ ،‬الرقابة على دستورية القوانين العادية بالمغرب بين النص والممارسة‪ ،‬جامعة الحسن‬
‫الثاني‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬عين الشق‪.2005-2004 ،‬‬

‫‪ -‬يونس هيفاء‪ ،‬رقابة المجلس الدستوري التونسي على االنتخابات‪ ،‬مذكرة اإلحراز على شهادة‬
‫الماجستير في القانون العام‪ ،‬جامعة سوسة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم االقتصادية والسياسية‪.2007-2006 ،‬‬

‫جـ ‪ -‬المقاالت ‪:‬‬

‫‪ -‬أورحمون محمد طاهر‪ ،‬االتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان التي انضمت إليها الجمهورية‬
‫الجزائرية ‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية‪ ،‬الجزء ‪ ،36‬العدد ‪ 1‬سنة ‪.1998‬‬

‫‪ -‬بجاوي محمدالمجلس الدستوري‪...‬صالحيات‪...‬إنجازات‪ ..‬وأفاق ‪ ،‬مجلة الفكر البرلماني‪ ،‬العدد ‪،5‬‬


‫‪.2004‬‬

‫‪ -‬بنبا محمد بن أحمد‪ ،‬الرقابة على دستورية القوانين في موريتانيا ‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم القانونية‬
‫واالقتصادية والسياسية‪ ،‬الجزء ‪ 41‬عدد ‪.2003 ،4‬‬

‫‪ -‬بن عاشور رافع ‪ ،‬مسألة مراقبة دستورية القوانين وتطوراتها في آخر سنة ‪ 1987‬المجلة القانونية‬
‫التونسية ‪ ،1988‬جامعة تونس ‪.1988‬‬

‫‪ -‬بوسلطان محمد‪ ،‬الرقابة على دستورية المعاهدات في الجزائر ‪ ،‬مجلة المجلس الدستوري‪ ،‬العدد ‪،1‬‬
‫‪.2013‬‬

‫‪ -‬الجماعي الحسن‪ » ،‬نظام المنازعات االنتخابية المتعلقة بانتخاب أعضاء البرلمان أية خصوصية «‪،‬‬
‫المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪.2009 ،88-87‬‬

‫‪ -‬سيدى محمد ولد سيدي آب‪ ،‬التطور الدستوري والسياسي في موريتانيا ‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم‬
‫القانونية واالقتصادية والسياسية‪ ،‬الجزء ‪ ،41‬العدد ‪.2000 ،4‬‬

‫‪450‬‬
‫سيدى محمد ولد سيدي آب‪ ،‬النظام القانوني للرقابة على دستورية القوانين في موريتانيا «‪ ،‬المجلة‬
‫المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪.1998 ،22‬‬

‫‪ -‬شيهوب مسعود‪ ،‬المجلس الدستوري قاضي انتخابات تقنية التحفظات في اجتهاد المجلس الدستوري ‪،‬‬
‫مجلة المجلس الدستوري‪ ،‬العدد ‪.2013 ،1‬‬

‫شيهوب مسعود الرقابة على دستورية القوانين النموذج الجزائري «‪ ،‬مجلة النائب‪ ،‬العددان ‪.2005 ،6-5‬‬

‫‪ -‬عمار عباس ونفيسة بختي‪ » ،‬تأثير النظام اإلجرائي على رقابة المجلس الدستوري وسبل إصالحه ‪،‬‬
‫مجلة دراسات قانونية‪ ،‬العدد ‪.2008 ،2‬‬

‫‪ -‬المدور رشيدة‪ ،‬خصائص الرقابة على دستورية األنظمة الداخلية للبرلمان ومنهجهما في التطبيق‬
‫المغربي‪ ،‬دراسة مقارنة ‪ ،‬مجلة الحقوق – الكويت‪ ،‬العدد ‪.2008 ،1‬‬

‫‪ -‬مرابط فدوى‪ ،‬المجلس الدستوري والرقابة على دستورية القوانين في المغرب العربي ‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫للمنازعات القانونية‪ ،‬العددان ‪.2007 ،6-5‬‬

‫‪ -‬مصطفى قلوش‪ ،‬رقابة دستورية القوانين على ضوء الفصل ‪ 26‬من الدستور المغربي ‪ ،‬المجلة‬
‫المغربية للمنازعات القانونية‪ ،‬العددان ‪.2007 ،6-5‬‬

‫‪ -‬نبالي فطة‪ ،‬دور المجلس الدستوري في رقابة مطابقة القوانين العضوية للدستور‪ ،‬المجلة النقدية‬
‫للقانون والعلوم السياسية‪ ،‬العدد ‪.2011 ،2‬‬

‫‪.‬‬

‫‪451‬‬
OUVRAGES:
- R. BENACHOUR et A. LACHAAL, Le Contrôle de la constitutionnalité des
lois état de la question annuaire international de justice constitutionnelle, Paris
,presse universitaire,Economica, 1993.

-M. BOUSSOUMAH, L'opération Constituante de 1996, O. P. U , Alger 2012.

-M. BOUSSOUMAH La parenthèse des pouvoirs publics constitutionnels de


1992 A 1998,Alger , O. P. U, 2005.

-J.P CAMBY, Le Conseil constitutionnel, juge électoral, Sirey, Paris, 1996.

-J.P. CAMBY) et S. COTIA, la procédure devant le Conseil


constitutionnel,Paris, éd ,1999.

-G.DRAGO, Contentieux Constitutionnel Français 2eme éd, Paris, Presses


Universitaires de France1999...

-L. FAVOREU, Question Prioritaire de constitutionnalité, Institut Louis,


FAVOREU, la direction de. Xavier Philippe et Marthe Stefani in acte du
colloque du 26.Nov 2010, la communauté du pays d'Aix, Presses universitaire
d'Aix Marseille.

– F.FOILLIARD, Droit constitutionnel et institutions politiques, Paris, centre


de publications, Universitaire, 1990.

. – P.GaïA, Le conseil constitutionnel et l'insertion des engagements


internationaux dans l'ordre juridique interne, Paris P.U DAix-Marseil-
Economica,,Aix Provence ,1991.

- F. LUCHAIRE ,Le conseil constitutionnel, Tome I- organisations et


attributions, Paris, Economica 2eme ed refondu ,]Année[,

452
-D. ROUSSEAU, La justice Constitutionnelle en Europe , Paris Montchrestien,
1992.

-D. ROUSSEAU, Droit du contentieux constitutionnel, 7eme édition, ,


Beyrouth, février , 2006.

-D. ROUSSEAU, Le droit du contentieux constitutionnel, Paris, Montchrestien,


1990.

-B. YELLES CHAOUCHE, Le Conseil constitutionnel en Algérie du controle


de la constitutionnalité à la ceativité normative, Alger .O. P. U, 1999.

- Yve Guchet, La Vème République, Paris economica, 3eme éd, 1994

II.THESES
-N.A. BERNOUSSI, le contrôle de constitutionnalité au Maghreb Thèse pour
l'obtention du doctorat d'Etat en droit université Med V, Maroc , 1998.

-M.MANSOUR, La fonction gouvernementale en Algérie, Thèse de doctorat


d'Etat, Faculté de droit, Université d'Alger, 2001.

- M.OULD SIDI KHABAZ, L'évolution constitutionnelle et politique de la


Mauritanie de 1960 à 1988, Thèse de doctorat en sciences politiques, Université
Paris I, Panthéon Sorbonne, 1990.

-M. SAYARI, Le conseil constitutionnel en Tunisie, Mémoire pour l'obtention,


de D. E. A en science juridiques fondamentales, Tunis 1998-1999.

III-ARTICLE
-P. AVRIL et J.P GICQUEL Le conseil constitutionnel, Paris, 06eme, éd 2011.

453
- H.BENMRAD, commentaire sur le décret instituant le conseil
constitutionnel de la république ,Actualité juridique Tunisienne n°1 et 2
Tunis Publications, Faculté de droit et sciences politiques , 1989.

. – O. BENDOUROU,Le Conseil constitutionnel organisations et compétences


le Conseil constitutionnel, Fascié Alger 1990.

-M. CHAREF EDDINE, Le Controle de constitutionnalité des lois et des


droits fondamentaux, in , VI journées Maghrébines de droit constitutionnel,
06/07 mars 2008, Association tunisienne de droit constitutionnel - la justice
constitutionelle au maghreb - faculté de droit et des séances Politique de Tunis,

2008.

-M.CHAKER, La justice Constitutionnelle au Maghreb ,VI journées


Maghrébines de droit constitutionnel, 06/07 mars 2008, Association tunisienne
de droit constitutionnel -la justice constitutionelle au maghreb - - faculté de droit
et des séances Politique de Tunis, 2008..

-G. DRAGO, La Défense de la constitution à regret Contrôle de


constitutionnalité par voie préjudicielle ,la saisine par les citoyens, in Colloque
organisé avec le Soutien de Ministére de la justice , Paris, Le 16 Février 2009.

- M.FATIN et S. ROUGE Le conseil constitutionnel du 23 juillet 2008sur la


modernisation des institutions, Revue française de droit constitutionnel ,PUF,n°
77-JANVIER 2009..

-F. LUCHAIRE, Les Lois Organique devant le conseil constitutionnel , Paris


,R. D. P, 1991.

454
-M. JOELLE, R. FICHOT, Le conseil constitutionnel, la question Prioritaire
de constitutionnalité et les droits et les libertés que la constitution garantit,
Revue C. R. D. F n° 9,2011.

- KH.MEJRI, Les Avis du conseil constitutionnel Tunisien en Matière de


traités internationaux ,in , VI journée Maghrébines de droit constitutionnel,
06/07 mars 2008, -Association tunisienne de droit constitutionnel - la justice
constitutionelle au maghreb-Faculté de droit et des séances Politique de Tunis,
2008.

-M. MANSOUR, Le pouvoir du Suffrage et son impact sur les élections


législatives du 17/MAI/2007, Revue Algérienne des sciences juridiques
Economiques et Politique n° 4,2007.

- A.S. OULD DABI, quelques réfections sur l'évolution et la nature du régime


politique Mauritanien de 1960 – 1978, R. M. D. E, n° 1,1987.

-A.S. OULD BOUBOUTE( A.S.), Le Développement de la justice


constitutionnelle en Mauritanie

-M. JOELLE, R. FICHOT, Le conseil constitutionnel, la question Prioritaire


de constitutionnalité et les droits et les libertés que la constitution garantit »,
Revue C. R. D. F n° 9,2011p41-53.

- B.YELLES CHAOUCHE, la technique des reserves dans la jurisprudence du


conseil constitutionnel Algérien,Revue du conseil constitutionnel, n° 1 ,2013.

Site internet
- (www. Legi France. Gouv. Fr/ ../ PPF AF. Htm).

455
‫الفهـــرس‬

‫‪01‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪11‬‬ ‫الباب األول‪ :‬الهيئات الممارسة للقضاء الدستوري‬
‫‪14‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬نشأة هيئات القضاء الدستوري و تطورها‬
‫‪16‬‬ ‫المبحث األول ‪ :‬نشأة هيئات القضاء الدستوري‬
‫‪17‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬نشأة المجلس الدستوري الجزائري وتطوره‬
‫‪17‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬مرحلة األحادية الحزبية‬
‫‪18‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬مرحلة التعددية الحزبية‬
‫‪26‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬نشأة هيئات القضاء الدستوري المغربي وتطورها‬
‫‪26‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الغرفة الدستورية‬
‫‪31‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬المجلس الدستوري‬
‫‪33‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬المحكمة الدستورية‬
‫‪38‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬نشأة المجلس الدستوري التونسي وتطوره‬
‫‪39‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬مرحلة ما قبل دسترة المجلس الدستوري‬
‫‪45‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬مرحلة دسترة المجلس الدستوري‬
‫‪48‬‬ ‫الفرع الثالث ‪ :‬المحكمة الدستورية‬
‫‪48‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬نشأة هيئات القضاء الدستوري الموريتاني وتطورها‬
‫‪48‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬اللجنة الدستورية‬
‫‪49‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬وضعية القضاء الدستوري الموريتاني في ظل دستور ‪ 20‬ماس ‪1961‬‬
‫‪51‬‬ ‫الفرع الثالث ‪:‬القضاء الدستوري في مرحلة الحكم العسكري‬
‫‪51‬‬ ‫الفرع الرابع ‪:‬نشأة المجلس الدستوري وتطوره‬
‫‪53‬‬ ‫المبحث الثاني ‪:‬تركيبة هيئات القضاء الدستوري‬
‫‪54‬‬ ‫المطلب األول ‪:‬دور السلطة التنفيذية في تشكيلة هيئات القضاء الدستوري‬
‫‪54‬‬ ‫الفرع األول‪:‬دور السلطة التنفيذية من خالل التعيين واالنتخاب‬
‫‪61‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬مجال السلطة التنفيذية في تشكيل هيئات القضاء الدستوري في المغرب‬

‫‪456‬‬
‫‪67‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬دور السلطة التنفيذية في تشكيل المجلس الدستوري التونسي‬
‫‪73‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬مدى تاثير السلطة التنفيذية على تشكيلة المجلس الدستوري الموريتاني‬
‫‪76‬‬ ‫المطلب الثاني‪:‬دور السلطة التشريعية من خالل التعيين واالنتخاب‬
‫‪77‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬تدخل السلطة التشريعية في تشكيل المجلس الدستوري الجزائري‬
‫‪86‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬مجال السلطة التشريعية في تشكيلة هيئات القضاء الدستوري المغربي‬
‫‪94‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬السلطة التشريعية وتأثيرها في تشكيل المجلس الدستوري التونسي‬
‫‪102‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬مدى تدخل السلطة التشريعية في تشكيل المجلس الدستوري الموريتاني‬
‫‪103‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬مدى مساهمة السلطة القضائية في تشكيل هيئات القضاء الدستوري‬
‫‪104‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الدور البارز في النظام الدستوري الجزائري‬
‫‪111‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الوجود في مرحلة الغرفة الدستورية والغياب في مرحلة المجلس الدستوري‬
‫‪117‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬تأثير السلطة القضائية على المجلس الدستوري التونسي‬
‫‪119‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬دور السلطة القضائية على المجلس الدستوري الموريتاني والغرفة الدستورية‬
‫‪122‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬هيئات القضاء الدستوري‬
‫‪124‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬تنظيم هيئات القضاء الدستوري‬
‫‪124‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬األجهزة اإلدارية لهيئات واختصاصاتها‬
‫‪124‬‬ ‫الفرع األول‪:‬أجهزة المجلس الدستوري الجزائري و اجتصاصاتها‬
‫‪133‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬أجهزة المجلس الدستوري التونسي و اجتصاصاتها‬
‫‪134‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬أجهزة المجلس الدستوري المغربي و احتصاصاتها‬
‫‪137‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مساهمة األجهزة اإلدارية في بناء المجالس الدستورية المغاربية‬
‫‪138‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬تأثير الجانب البشري في عمل المجلس الدستوري‬
‫‪151‬‬ ‫الفرع الثاني‪:‬انعكاس الجانب المؤسساتي على عمل المجلس الدستوري‬
‫‪157‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬النظام القانوني للقضاة الدستوريين‬
‫‪157‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬أحكام العضوية‬
‫‪158‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬شروط العضوية‬
‫‪165‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬تجديد العهدة‬

‫‪457‬‬
‫‪176‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬عدم القابلية للعزل‬
‫‪178‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أحكام التنافي‬
‫‪180‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬حاالت التنافي و تطبيقاتهاعلى أعضاء المجلس الدستوري الجزائري‬
‫‪181‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬تطبيقات التنافي على أعضاء المجلس الدستوري المغربي‬
‫‪184‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬تطبيقات التنافي على أعضاء المجلس الدستوري التونسي‬
‫‪188‬‬ ‫الفرع الرابع‪ -‬تطبيقات التنافي على أعضاء المجلس الدستوري الموريتاني‬
‫‪189‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬امتيازات و التزامات القاضي الدستوري‬
‫‪189‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬االمتيازات‬
‫‪196‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬االلتزامات‬
‫‪202‬‬ ‫الباب الثاني‪ :‬اختصاصات القاضي الدستوري و أحكام الدعوى الدستورية‬

‫‪204‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬االختصاص النوعي المزدوج للقاضي الدستوري‬


‫‪205‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬اختصاصات في مجال الرقابة الدستورية‬
‫‪205‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الرقابة الوجوبية (اإللزامية)‬
‫‪206‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الرقابة على القوانين العضوية (األساسية)‬
‫‪228‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الرقابة على األنظمة الداخلية للمجالس النيابية‬
‫‪248‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الرقابة غير اإللزامية‬
‫‪248‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬رقابة القاضي الدستوري على القوانين العادية والتنظيم‬
‫‪263‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬رقابة القاضي الدستوري على المعاهدات‬
‫‪273‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬القاضي الدستوري قاضي انتخابات‬
‫‪274‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬السهر على االنتخابات الرئاسية‬
‫‪274‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬مرحلة قبول الترشيحات‬
‫‪280‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬البت في الطعون واإلعالن عن النتيجة النهائية النتخاب رئيس الجمهورية‬
‫‪291‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬السهر على االنتخابات التشريعية‬
‫‪293‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الفصل في الطعون قبل إعالن النتائج‬
‫‪298‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬البت في الطعون بعد إعالن النتائج‬

‫‪458‬‬
‫‪318‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المهام الخاصة بالقاضي الدستوري و احكام الدعوى الدستورية‬
‫‪320‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬المهام الخاصة بالقاضي الدستوري ووسائل تحريكه‬
‫‪320‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬المهام الخاصة بالقاضي الدستوري‬
‫‪321‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬المهام الخاصة بالقاضي الدستوري في الظروف العادية‬
‫‪332‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬مهامه في الظروف غير العادية‬
‫‪343‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬وسائل تحريك القاضي الدستوري‬
‫‪343‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬اإلخطار والجهات المخول لها ممارسته‬
‫‪363‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬آجال ممارسة حق اإلخطار وضوابطه‬
‫‪379‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬إجراءات عمل القاضي الدستوري ومدى حجية أعماله‬
‫‪379‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬التحقيق والمداولة‬
‫‪379‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬التحقيق‬
‫‪392‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬المداولة‬
‫‪413‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مدى حجية أراء وق اررات القاضي الدستوري‬
‫‪413‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬تمتع آراء و ق اررات المجلس الدستوري بالصفة النهائية‬
‫‪418‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬القوة اإللزامية لق اررات المجلس الدستوري‬
‫‪423‬‬ ‫خاتمة‬
‫‪432‬‬ ‫قائمة المراجع‬
‫‪456‬‬ ‫الفهرس‬

‫‪459‬‬

You might also like