You are on page 1of 262

‫حاشـ ـ ـ ـي ـ ــة األصـ ـ ـ ـ ـول‬

‫من علم األصول‬


‫بحليل محمد البوكانوني‬
‫حاشية األصول من‬
‫علم األصول‬

‫بحليل محمد البوكانوني‬


‫قاؿ الشيخ ابن عثيمين رحمو اهلل تعالى‪:‬‬

‫إف أصوؿ الفقو علم جليل القدر‬

‫بالغ األىمية غزير الفائدة‬


‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫إف الحمد هلل‪ ،‬نحمده كنستعينو كنستغفره‪ ،‬كنعوذ باهلل من شركر أنفسنا‪ ،‬من يهد‬
‫مضل لو‪ ،‬كمن يضلل فال ىادم لو‪ ،‬ىكا ٍش ىه ٍد أى ٍف ىَل إًلىوى إًاَل اللاوي ىك ٍح ىدهي ىَل‬ ‫اهلل فال ٌ‬
‫يك لىوي‪ ،‬ىكأى ٍش ىه يد أى اف يم ىح ام ندا ىع ٍب يدهي ىكىر يسوليوي‪.‬‬
‫ىش ًر ى‬
‫آمنيوا اتاػ يقوا اللاوى ىح اق تيقاتًًو ىكَل تى يموتي ان إًاَل ىكأىنٍػتي ٍم يم ٍسلً يمو ىف [آؿ‬ ‫ين ى‬
‫اً‬
‫يىا أىيُّػ ىها الذ ى‬
‫عمراف ّ‪.]َُِ :‬‬
‫ث‬‫اح ىدةو ىك ىخلى ىق ًم ٍنها ىزٍك ىجها ىكبى ا‬ ‫سكً‬ ‫ااس اتاػ يقوا ىربا يك يم الا ًذم ىخلى ىق يك ٍم ًم ٍن نىػ ٍف و‬ ‫يىا أىيُّػ ىها الن ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًم ٍنػ يهما ًر ن ً ً‬
‫حاـ إً اف اللاوى كا ىف‬‫ساء ىكاتاػ يقوا اللاوى الاذم تىسائىػليو ىف بًو ىك ٍاأل ٍىر ى‬ ‫جاَل ىكثيران ىكن ن‬
‫ىعلىٍي يك ٍم ىرقًيبان [النساء‪. ] ُ :‬‬
‫صلً ٍح لى يك ٍم أى ٍعمالى يك ٍم ىكيىػغٍ ًف ٍر‬
‫آمنيوا اتاػ يقوا اللاوى ىكقيوليوا قىػ ٍونَل ىس ًديدان()يي ٍ‬ ‫ين ى‬
‫اً‬
‫يىا أىيُّػ ىها الذ ى‬
‫فاز فىػ ٍوزان ىع ًظيمان[األحزاب‪.]َٕ /َٕ:‬‬ ‫لى يك ٍم ذينيوبى يك ٍم ىكىم ٍن يي ًط ًع اللاوى ىكىر يسولىوي فىػ ىق ٍد ى‬
‫أما بعد ‪ ،‬فهذه كلمات يسيرة على كتاب «األصوؿ من علم أصوؿ » لفضيلة‬
‫الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمو اهلل‪ ،‬كىي عبارة عن حاشية لهذا‬
‫الكتاب القيم ‪.‬‬
‫أسأؿ اهلل أف يجعل ىذا العمل خالصا لوجهو الكريم ك أف ينفع بو المسلمين ك‬
‫صلى اهلل ك سلم على رسولو الكريم ك على آلو كصحبو كمن تبعهم بإحساف إلى‬
‫يوـ الدين‪.‬‬
‫كتبو العبد الفقير إلى موَله بحليل محمد بن محمد بن عبد اهلل البوكانوني‬
‫التلمساني المالكي‪.‬‬
‫عملي في هذا الكتاب‬
‫‪ /‬توسعت في شرح التعاريف إلثراء الموضوع‪.‬‬
‫‪ /‬كضحت باألمثلة المواضع التي تحتاج إلى مزيد بياف‪.‬‬
‫‪ /‬زدت بعض المسائل مهمة ‪.‬‬
‫‪ /‬ضمنت الكتاب كثيرا من الفوائد‪.‬‬
‫‪ /‬أكثرت النقل من كالـ العلماء‪.‬‬
‫‪ /‬لم أتقيد بترجيحات الشيخ رحمو اهلل على سعة علمو ك رسوخو فيو فربما خالفتو إذا‬
‫اقتضى الدليل عندم ذلك في حدكد علمي الضئيل ك اهلل أعلم بالصواب‪.‬‬
‫مقدمة المؤلف‬
‫الحمد هلل نحمده‪ ،‬كنستعينو‪ ،‬كنستغفره‪ ،‬كنتوب إليو‪ ،‬كنعوذ باهلل من شركر‬
‫أنفسنا‪ ،‬كمن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده اهلل فال مضل لو كمن يضلل فال ىادم‬
‫لو‪ ،‬كأشهد أف َل إلو إَل اهلل كحده َل شريك لو‪ ،‬كأشهد أف محمدان عبده‬
‫كرسولو‪ ،‬صلى اهلل عليو‪ ،‬كعلى آلو كأصحابو‪ ،‬كمن تبعهم بإحساف إلى يوـ الدين‬
‫كسلم تسليمان‪.‬‬

‫صلىى اهللي ىعلى ًيو ىك ىسلام ييػ ىعلً يم ىها‬ ‫ف كًتىابوي بً يخطٍب ًة الح ً ً‬
‫اجة التي ىكا ىف النىبً ُّي ى‬ ‫ى ى ى‬ ‫الم ىؤلٍّ ي ى‬ ‫استىػ ىه ال ي‬ ‫ٍ‬
‫اؿ أىبيو ىداكد‪ :‬ىح ادثىػنىا يم ىح ام يد بٍ ين ىكثًي ور‪ ،‬أى ٍخبىػ ىرنىا يس ٍفيىا يف‪ ،‬ىع ٍن أىبًي إً ٍس ىحا ىؽ‪ ،‬ىع ٍن‬ ‫ص ىحابىوي‪ .‬قى ى‬ ‫أى ٍ‬
‫ً‬ ‫اج ًة فًي النٍّ ىك ً‬ ‫ً‬ ‫و ً‬ ‫ً ً‬
‫اح ىكغىٍي ًره‪ ،‬ح‪ ،‬ى‬
‫كح ادثىػنىا‬ ‫ٍح ى‬‫أىبًي عيبىػ ٍي ىد ىة‪ ،‬ىع ٍن ىع ٍبد اللاو بٍ ًن ىم ٍس يعود‪ ،‬في يخطٍبىة ال ى‬
‫يل‪ ،‬ىع ٍن أىبًي إً ٍس ىحا ىؽ‪ ،‬ىع ٍن‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫يم ىح ام يد بٍ ين يسلىٍي ىما ىف ٍاألىنٍػبىا ًر ُّ‬
‫يع‪ ،‬ىع ٍن إ ٍس ىرائ ى‬ ‫م‪ ،‬ال ىٍم ٍعنىى‪ ،‬ىح ادثىػنىا ىكك ه‬
‫صلاى اهللي ىعلىٍي ًو‬ ‫اؿ‪ " :‬ىعلامنىا رس ي ً‬
‫وؿ اللاو ى‬ ‫ى ىي‬ ‫ص‪ ،‬ىكأىبًي عيبىػ ٍي ىد ىة‪ ،‬ىع ٍن ىع ٍب ًد اللا ًو‪ ،‬قى ى‬ ‫أىبًي ٍاأل ٍ‬
‫ىح ىو ً‬
‫ٍح ٍم يد لًلا ًو نى ٍستى ًعينيوي ىكنى ٍستىػ ٍغ ًف يرهي ىكنىػعيوذي بً ًو ًم ٍن يش يركًر أىنٍػ يف ًسنىا‪ ،‬ىم ٍن‬ ‫كسلام يخطٍبةى الٍح ً ً‬
‫اجة أىف ال ى‬ ‫ىى ى ى ى ى‬
‫م لىوي‪ ،‬ىكأى ٍش ىه يد أى ٍف ىَل إًلىوى إًاَل اللاوي‪ ،‬ىكأى ٍش ىه يد أى اف‬ ‫ً‬ ‫ض ال لىو‪ ،‬كمن ي ٍ ً‬ ‫يػ ٍه ًد اللاوي فى ىال م ً‬
‫ضل ٍل فى ىال ىىاد ى‬ ‫ي ىى ٍ ي‬ ‫ي‬ ‫ى‬
‫ً‬ ‫ا اً‬ ‫اً‬
‫اـ إً اف اللاوى‬ ‫اءليو ىف بًو ىك ٍاأل ٍىر ىح ى‬
‫سى‬ ‫آمنيوا {اتاػ يقوا اللوى الذم تى ى‬ ‫ين ى‬ ‫يم ىح ام ندا ىع ٍب يدهي ىكىر يسوليوي‪ ،‬يىا أىيُّػ ىها الذ ى‬
‫آمنيوا اتاػ يقوا اللاوى ىح اق تيػ ىقاتًًو ىكىَل تى يموتي ان إًاَل‬ ‫ين ى‬
‫اً‬
‫ىكا ىف ىعلىٍي يك ٍم ىرقيبنا} [النساء‪{ ]ُ :‬يىا أىيُّػ ىها الذ ى‬
‫ً‬
‫آمنيوا اتاػ يقوا اللاوى ىكقيوليوا قىػ ٍونَل‬ ‫اً‬ ‫ً‬
‫ين ى‬ ‫ىكأىنٍػتي ٍم يم ٍسل يمو ىف} [آؿ عمراف‪{ ]َُِ :‬يىا أىيُّػ ىها الذ ى‬
‫از فىػ ٍونزا‬‫صلً ٍح لى يك ٍم أى ٍع ىمالى يك ٍم ىكيىػغٍ ًف ٍر لى يك ٍم ذينيوبى يك ٍم ىكىم ٍن يي ًط ًع اللاوى ىكىر يسولىوي فىػ ىق ٍد فى ى‬ ‫ىس ًدي ندا يي ٍ‬
‫يث أىبيو ىداكد فًي ىسنىنًو (ِ‪ )ُٓٗ/‬كًتىاب النً ىكاح‬ ‫الح ًد ى‬ ‫ً‬
‫ج ى‬ ‫يما} [األحزاب‪ ]ُٕ :‬ىكأ ٍخ ىر ى‬ ‫ىعظ ن‬
‫ب ًم ىن ال ىك ىالـ ًع ٍن ىد‬ ‫اب ىما يي ٍستى ىح ُّ‬‫اح بى ي‬ ‫اب النً ىك ً‬ ‫ً‬
‫سائي (ٔ‪ )ٖٗ/‬كتى ي‬
‫باب يخطٍبة النً ىكاح‪ ،‬كالنً ً‬
‫ى ى‬ ‫ى ي ى‬
‫اح‪ ،‬ىكالتً ٍرًمذم‬ ‫اب فًي يخطٍبىة النً ىك ً‬ ‫اب النً ىكاح بى ه‬
‫ً‬
‫اجو في يسنىنو (ُ‪ )َٔٗ/‬كتى ي‬
‫النً ىكاح‪ ،‬كابن م ً ً ً‬
‫ى يى ى‬
‫سنىو (ّ‪ )َْْ/‬كتاب النكاح باب ماجاء في خطبة النكاح‪ ،‬كقد توسع األلباني في‬
‫ىك ىح ى‬
‫تخريج الحديث في رسالتو خطبة الحاجة‪.‬كقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمو اهلل تعالى‬
‫‪ :‬ما رأم فضيلتكم في المناسبات التي تقاؿ فيها خطبة الحاجة غير النكاح؟‬
‫فأجاب ‪ «:‬تقاؿ ىذه الخطبة عند كل حاجة‪ ،‬تقاؿ مثالن في مجلس الصلح‪ ،‬إذا أردت‬
‫أف تصلح بين اثنين أك بين زكجين‪ ،‬فاقرأ ىذه الخطبة‪ ،‬كتقاؿ أيضان إذا أردت أف تتكلم‬
‫في الناس بأمر ىاـ‪ ،‬فاجعل ىذه الخطبة بين يدم كالمك‪ ،‬ككذلك تقاؿ في خطب‬
‫الجمعة كالعيدين‪ ،‬ألنها مشركعة عند كل أم ور ىاـ«‪.‬انتهى كالمو من مجموع الفتاكل ك‬
‫الرسائل‪.‬‬

‫أما بعد‪ :‬فهذه رسالة مختصرة في أصوؿ الفقو كتبناىا على كفق المنهج المقرر‬
‫للسنة الثالثة الثانوية في المعاىد العلمية‪ ،‬كسميناىا‪:‬‬
‫«األصوؿ من علم األصوؿ»‬
‫أسأؿ اهللى أف يجعل عملنا خالصان هلل نافعان لعباد اهلل‪ ،‬إنو قريب مجيب‪.‬‬

‫قولو‪ (( :‬أما بعد )) ‪ :‬أما حرؼ شرط ‪ ( .‬بع يد ) ‪ :‬قائم مقاـ الشرط مبني على الضم‬
‫لقطعو عن اإلضافة مع نية المضاؼ إليو ‪ .‬كبعد يؤتى بها لالنتقاؿ من أسلوب إلى آخر‬
‫استحبابان ‪ ،‬في الخطب كالمكاتبات ‪ ،‬لفعلو عليو السالـ ‪ .‬كاختلف في أكؿ من قاؿ ‪:‬‬
‫أما بعد ‪ ،‬على ثمانية أقواؿ يجمعها قوؿ الناظم ‪:‬‬
‫بها عد أقواَلن كداكد أقػ ػ ػ ػ ػ ػرب‬ ‫جرل الخلف أما بعد من كاف بادئان‬
‫كقس كسحباف ككعب كيعرب‬ ‫كيعقػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػوب أيػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػوب كآدـ‬
‫قولو (( رسالة مختصرة)) ‪ :‬المختصر ما قل لفظو ك كثر معناه‪ .‬قاؿ علي رضي اهلل عنو ‪:‬‬
‫خير الكالـ ما قل كدؿ كلم يطل فيمل ‪.‬‬

‫أصوؿ ً‬
‫الف ٍقو‬ ‫ي‬
‫تعريفو‪:‬‬
‫يعرؼ باعتبارين‪:‬‬‫أصوؿ الفقو ٌ‬
‫مفرد ًيو؛ أم‪ :‬باعتبار كلمة أصوؿ‪ ،‬ككلمة فقو‪.‬‬
‫األكؿ‪ :‬باعتبار ى‬
‫فاألصوؿ‪ :‬جمع أصل‪ ،‬كىو ما يبنى عليو غيره‪ ،‬كمن ذلك أصل الجدار كىو أساسو‪،‬‬
‫ب اللاوي ىمثىالن‬
‫ض ىر ى‬ ‫كأصل الشجرة الذم يتفرع منو أغصانها قاؿ اهلل تعالى‪{ :‬أىلى ٍم تىػ ىر ىك ٍي ى‬
‫ف ى‬
‫س ىم ًاء} [ابراىيم‪.]ِْ:‬‬
‫ت ىكفىػ ٍرعي ىها فًي ال ا‬ ‫ىكلًمةن طىيٍّبةن ىك ى و‬
‫ش ىج ىرة طىيٍّبى وة أ ٍ‬
‫ىصلي ىها ثىابً ه‬ ‫ى ى‬
‫سانًي} [طو‪]ِٕ:‬‬ ‫ً ً‬
‫احلي ٍل عي ٍق ىد نة م ٍن ل ى‬
‫{ك ٍ‬
‫كالفقو لغة‪ :‬الفهم‪ ،‬كمنو قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫كاصطالحان‪ :‬معرفة األحكاـ الشرعية العملية بأدلتها التفصيلية‪.‬‬

‫األصل في اللغة يطلق على إطالقات منها‪:‬‬


‫اإلطالؽ األكؿ‪ :‬أنو يطلق على ما يبتني عليو غيره كما ذكر المؤلف اإلطالؽ الثاني‪ :‬أف‬
‫األصل‪ :‬ما منو الشيء اإلطالؽ الثالث‪ :‬األصل‪ :‬ما يتفرع عنو غيره اإلطالؽ الرابع‪:‬‬
‫األصل ىو‪ :‬المحتاج إليو اإلطالؽ الخامس‪ :‬األصل ىو‪ :‬ما يستند ذلك الشيء إليو‪ .‬ك‬
‫كل ىذه اإلطالقات َل تعارض بينها بل ىي متقاربة تصب في معنى كاحد‪ .‬ك لم يذكر‬
‫المؤلف معنى كلمة األصل من حيث اَلصطالح إذ أف لو معاف عدة‪ :‬فقد يراد بو‬
‫القاعدة العامة‪ :‬كقولهم األصل أف األمر يقتضي الوجوب يعني القاعدة العامة‬
‫المستمرة ‪ ،‬يوضح ذلك قولو تعالى‪{ :‬كما آتاكم الرسوؿ فخذكه} فهذا أمر عاـ يقتضي‬
‫كجوب األخذ بكل ما آتانا الرسوؿ العظيم من غير تعرض في ىذه اآلية بالذات إلى‬
‫فرد من أفراد األكامر التي كجهها إلينا رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم‪ .‬ك قد يطلق ك‬
‫يراد بو الدليل كقولك‪ :‬أصل كجوب الصوـ قولو تعالى‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا كتب‬
‫عليكم الصياـ} أم دليلو‪.‬ك من معانيو كذلك الراجح ‪ :‬مثل قولهم ‪ :‬األصل في‬
‫الكالـ الحقيقة ‪ ،‬أم الراجح في الكالـ حملو على الحقيقة َل المجاز‪ .‬المستصحب ‪:‬‬
‫يقاؿ ‪ :‬األصل براءة الذمة ‪ ،‬أم يستصحب خلو الذمة من اَلنشغاؿ بشيء حتى يثبت‬
‫خالفو ‪.‬ما يقابل الفرع في باب القياس كإلحاؽ تحريم النبيذ بالخمر في باب القياس‬
‫فالخمر أصل ك النبيذ فرع ‪.‬‬
‫أما الفقو فهو الفهم لغة كما ذكر المؤلف ك من األمثلة على ذلك قولو تعالى على‬
‫لساف قوـ شعيب عليو السالـ ‪{ :‬ما نفقو كثيرا مما تقوؿ} أم ما نفهم كثيرا مما تقوؿ‬
‫‪ .‬ىذا الذم اختاره المؤلف أىم ما قيل في معنى كلمة الفقو من الناحية اللغوية ‪،‬‬
‫كاختار ىذا القوؿ كثير من العلماء كاآلمدم‪ ،‬كالباجي‪ ،‬كابن عقيل‪ ،‬كاإلسنوم‪ ،‬كصفي‬
‫الدين الهندم‪ ،‬كالشوكاني‪ .‬ك قاؿ آخركف منهم ابن فارس‪ :‬الفقو لغة ىو‪ :‬العلم ‪.‬ك‬
‫ذىب أبو إسحاؽ الشيرازم ك غيره إلى أف الفقو ىو إدراؾ األشياء الدقيقة‪ .‬كقيل‪:‬الفقو‬
‫ىو فهم غرض المتكلم من كالمو‪ ،‬اختار ىذا القوؿ أبو الحسين البصرم في "‬
‫المعتمد "‪ ،‬كفخر الدين الرازم في " المحصوؿ "‪ ،‬كما ذكره المؤلف ىو األقرب‪.‬‬

‫فالمراد بقولنا‪« :‬معرفة»؛ العلم كالظن؛ ألف إدراؾ األحكاـ الفقهية قد يكوف يقينيًّا‪،‬‬
‫كقد يكوف ظنيًّا‪ ،‬كما في كثير من مسائل الفقو‪.‬‬

‫ألف إدراؾ األحكاـ الشرعية ك العلم بها قد يكوف يقينيا كقد يكوف ظنيا ككثير من‬
‫مسائل الفقو فعلمنا بوجوب الصلوات الخمس ك صوـ شهر رمضاف ك إيتاء الزكاة‬
‫كالحج إلى بيت اهلل الحراـ مثال يقيني قطعي كأما علمنا بوجوب صالة الجماعة ك‬
‫إخراج الزكاة من حلي المرأة مثال فظني ‪ .‬ك علمنا بحرمة الزنا قطعي ك أما علمنا بحرمة‬
‫اإلسباؿ تحت الكعبين لغير خيالء ك األكل من الشماؿ فظني ‪.‬‬

‫كالمراد بقولنا‪« :‬األحكاـ الشرعية»؛ األحكاـ المتلقاة من الشرع؛ كالوجوب‬


‫كالتحريم‪ ،‬فخرج بو األحكاـ العقلية؛ كمعرفة أف الكل أكبر من الجزء كاألحكاـ‬
‫العادية؛ كمعرفة نزكؿ الطل في الليلة الشاتية إذا كاف الجو صحوان‪.‬‬

‫ينقسم الحكم بدليل اَلستقراء إلى ثالثة أقساـ‪:‬‬


‫حكم عقلي‪:‬كىو ما يعرؼ فيو (العقل) النسبة إيجابا أك سلبان نحو الكل أكبر من الجزء‬
‫إيجابا‪ .‬الجزء ليس أكبر من الكل سلبان‪.‬‬
‫حكم عادم‪ :‬كىو ما عرفت فيو النسبة بالعادة نحو السيقمونيا مسهل للصفراء‬
‫كالسكنجبين مسكن لها‪.‬‬
‫كح اده جماعة من أىل األصوؿ بأنو (خطاب اهلل المتعلق‬
‫حكم شرعي‪ :‬كىو المقصود ى‬
‫بفعل المكلف من حيث إنو مكلف بو) ‪.‬‬
‫ك سيأتي تعريف الحكم لغة ك اصطالحا‪.‬‬
‫كالمراد بقولنا‪« :‬العملية»؛ ما َل يتعلق باَلعتقاد؛ كالصالة كالزكاة‪ ،‬فخرج بو ما يتعلق‬
‫يسمى ذلك فقهان في اَلصطالح‪.‬‬
‫باَلعتقاد؛ كتوحيد اهلل كمعرفة أسمائو كصفاتو‪ ،‬فال ٌ‬

‫قولو‪ " :‬العملية "‪ :‬يبين أف األحكاـ الشرعية ينبغي أف يكوف فيها عمل جوارح‬
‫كالصالة‪ ،‬كالزكاة‪ ،‬كالحج‪ ،‬كالمعامالت‪ ،‬كالجنايات كنحو ذلك‪.‬كليس المراد بػ "‬
‫العملية " ىو‪ :‬أف جميع األفعاؿ ىي عملية كأفعاؿ‪ ،‬بل المراد‪ :‬أف أكثرىا فعلي‬
‫كعملي‪َ ،‬ل كلها‪ ،‬كذلك لوجود بعض األحكاـ الفقهية الكائنة بالقلب دكف عمل‬
‫الجوارح؛ فالفقيو كما يكوف فقيهان بالعلم بوجوب الصالة كالصياـ كالحج‪،‬كذلك يكوف‬
‫فقيهان بالعلم بوجوب النية‪ ،‬كاإلخالص‪ ،‬كتحريم الكبر كالغل ك الحقد ‪ ،..‬كأمور كثيرة‬
‫َل توجد إَل بالقلب‪ ،‬فيدخل عمل الجوارح‪ ،‬كعمل القلب‪ ،‬كما ىو كسيلة إلى العمل‬
‫كعلم أصوؿ الفقو‪.‬‬
‫كخرج بكلمة " العملية " األحكاـ الشرعية العقائدية‪ ،‬كىو علم التوحيد‪ ،‬كالعلم بأف‬
‫اللاو كاحد سميع بصير‪ ،‬فهذا ليس من الفقو في شيء‪.‬‬

‫كالمراد بقولنا‪« :‬بأدلتها التفصيلية»؛ أدلة الفقو المقركنة بمسائل الفقو التفصيلية؛‬
‫فخرج بو أصوؿ الفقو؛ ألف البحث فيو إنما يكوف في أدلة الفقو اإلجمالية‪.‬‬

‫ك قد زاد بعض العلماء كلمة "المكتسبة" من أدلتها التفصلية ك قصدكا بذلك أف ىذا‬
‫العلم باألحكاـ الشرعية العملية مأخوذ بسبب النظر باألدلة كاستنباط األحكاـ منها‪،‬‬
‫كعلى ىذا خرج بهذه الكلمة ‪ -‬أعني‪ " :‬المكتسب من األدلة " علم اللاو تعالى؛ ألنو‬
‫َل يوصف بأنو أخذ من أدلة‪ ،‬حيث إنو أزلي غير مكتسب كعلم األنبياء عليهم السالـ‬
‫باألحكاـ من غير اجتهاد‪ ،‬حيث يتلقى ذلك عن طريق الوحي‪.‬كعلم المالئكة؛ ألنو‬
‫مأخوذ من اللوح المحفوظ‪.‬ك علم المقلد الذم لم يجتهد في تحصيل كاستنباط أم‬
‫حكم من األحكاـ من أدلتها‪ ،‬بل أخذ الحكم عن المجتهد‪.‬‬
‫قولو‪ " :‬التفصيلية " أم‪ :‬آحاد األدلة‪ ،‬بحيث يدؿ كل دليل بعينو على حكم معين مثل‬
‫(كأتموا الحج كالعمرة هلل) ‪ ،‬كقولو‪( :‬كَل تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء)‬
‫قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫كقد جيء بلفظ " التفصيلية " إلخراج األدلة اإلجمالية الكلية كمطلق األمر النهي‪،‬‬
‫كاإلجماع‪ ،‬كالقياس‪ ،‬كقوؿ الصحابي ك اَلستصحاب كشرع من قبلنا كنحو ذلك‪،‬‬
‫فالبحث عن ىذه األدلة اإلجمالية من عمل كشأف األصولي ك ليس من عمل الفقيو‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬باعتبار كونو؛ لقبان لهذا الفن المعين‪ ،‬فيعرؼ بأنو‪ :‬علم يبحث عن أدلة الفقو‬
‫اإلجمالية ككيفية اَلستفادة منها كحاؿ المستفيد‪.‬‬

‫بعدما عرؼ المؤلف كلمة أصوؿ الفقو باعتبار مفرديو ‪ ،‬انتقل إلى تعريفو باَلعتبار‬
‫الثاني كىو كونو لقبا لهذا العلم فقاؿ ‪(( :‬علم يبحث عن أدلة الفقو اإلجمالية ككيفية‬
‫اَلستفادة منها كحاؿ المستفيد‪)) .‬‬
‫ك أخصر منو‪(( :‬معرفة أدلة الفقو إجماَلن‪ ،‬ككيفية اَلستفادة منها‪ ،‬كحاؿ المستفيد))‪.‬‬
‫قاؿ الجويني في كتابو البرىاف ‪ «:‬فإف قيل فما أصوؿ الفقو قلنا ىي أدلتو كأدلة الفقو‬
‫ىي األدلة السمعية كأقسامها نص الكتاب كنص السنة المتواترة كاإلجماع كمستنده‪».‬‬
‫انتهى كالمو‪.‬‬

‫فالمراد بقولنا‪« :‬اإلجمالية»؛ القواعد العامة مثل قولهم‪ :‬األمر للوجوب كالنهي‬
‫للتحريم كالصحة تقتضي النفوذ‪ ،‬فخرج بو األدلة التفصيلية فال تذكر في أصوؿ الفقو‬
‫إَل على سبيل التمثيل للقاعدة‪.‬‬

‫المقصود باألدلة ىنا‪ :‬األدلة المتفق عليها‪ ،‬كالمختلف فيها‪ ،‬كالقواعد الكلية‪ ،‬كلو لم‬
‫نحمل األدلة على ذلك لخرج كثير من مسائل أصوؿ الفقو عن الحد كقاعدة‪ " :‬العبرة‬
‫بعموـ اللفظ "‪ ،‬ك"األمر المطلق يقتضي الوجوب " ك الخاص مقدـ على العاـ كنحو‬
‫ذلك‪.‬‬
‫فمعرفة أف الكتاب يح اجة‪ ،‬كالسنة يح اجة‪ ،‬كالنهي يقتضي التحريم تعتبر أدلة إجمالية؛‬
‫ألنها َل تدؿ على حكم معين‪.‬أما األدلة الجزئية‪ :‬فهي التي تدؿ على حكم معين في‬
‫حالة معينة فقولو تعالى‪( :‬أقيموا الصالة) حكم جزئي؛ ألنو يستفاد منو حكم معين ك‬
‫ىو كجوب الصالة‪.‬‬

‫كالمراد بقولنا‪« :‬ككيفية اَلستفادة منها»؛ معرفة كيف يستفيد األحكاـ من أدلتها‬
‫بدراسة أحكاـ األلفاظ كدَلَلتها من عموـ كخصوص كإطالؽ كتقييد كناسخ كمنسوخ‬
‫كغير ذلك‪ ،‬فإناو بإدراكو يستفيد من أدلة الفقو أحكامها‪.‬‬

‫قولو‪ " :‬ككيفية اَلستفادة منها " معطوؼ على " دَلئل " أم‪ :‬معرفة الدَلئل‪ ،‬كمعرفة‬
‫كيفية اَلستفادة من تلك الدَلئل‪.‬أم‪ :‬أف البحث في األصوؿ يكوف عن األحواؿ التي‬
‫تعترض لألدلة‪ ،‬ككيف نستفيد الحكم منها ‪ ،‬فال بد في ذلك من معرفة التعارض‬
‫بين األدلة مثال‪ ،‬ككيفية فك ىذا التعارض‪ ،‬كالترجيح بينها ك ترتيب األدلة‪.‬‬

‫كالمراد بقولنا‪« :‬كحاؿ المستفيد»؛ معرفة حاؿ المستفيد كىو المجتهد‪ ،‬سمي‬
‫مستفيدان؛ ألنو يستفيد بنفسو األحكاـ من أدلتها لبلوغو مرتبة اَلجتهاد‪ ،‬فمعرفة‬
‫المجتهد كشركط اَلجتهاد كحكمو كنحو ذلك يبحث في أصوؿ الفقو‪.‬‬

‫المقصود أف من مسائل أصوؿ الفقو البحث عن حاؿ المجتهد كعن الشركط التي‬
‫يجب أف تتوفر فيو‪ .‬كإنما كاف البحث عن حاؿ المجتهد من أصوؿ الفقو‪ ،‬ألف فائدة‬
‫البحث عن أحواؿ األدلة إنما ىو ألجل أف يتوصل بها إلى استنباط األحكاـ من‬
‫األدلة‪ ،‬ك بما أف األدلة ظنية ك أنو َل يوجد بين الدليل الظني كمدلولو ارتباط عقلي‬
‫فكاف َل بد من رابط يربط بينهما كالرابط ىو‪ :‬اَلجتهاد‪ ،‬فلذلك بحث في األصوؿ عن‬
‫اَلجتهاد‪ ،‬كذكر فيو الشركط التي يجب توافرىا في المجتهد‪.‬‬
‫فائدة أصوؿ الفقو‪:‬‬
‫إف أصوؿ الفقو علم جليل القدر‪ ،‬بالغ األىمية‪ ،‬غزيرالفائدة‪،‬‬
‫ام ُّكن من حصوؿ قدرة يستطيع بها استخراج األحكاـ الشرعية من أدلتها‬ ‫فائدتو‪ :‬الت ى‬
‫على أسس سليمة‪.‬‬

‫قـال ابن خ لدون‪:‬‬


‫اعلم أف أصوؿ الفقو من أعظم العلوـ الشرعية‪ ،‬كأجلٍّها ن‬
‫قدرا‪ ،‬كأكث ًرىا فائدةن‪ ،‬كىو‬
‫النظر في األدلة الشرعية من حيث تؤخذ منها األحكاـ كالتآليف‪..‬ق‬
‫كلم يذكر المؤلف سول فائدة كاحدة ألصوؿ الفقو‪.‬‬
‫ك من فوائده ‪ :‬العلم بأحكاـ اهلل تعالى المتضمنة للفوز بسعادة الدارين‪.‬‬
‫ك ىذا العلم يمكننا من تعلم طرؽ استخراج األحكاـ الشرعية للحوادث ك النوازؿ‬
‫المتجددة‪ .‬ك كذا من تعلمو يكوف قادران على الدفاع عن كجهة نظر إمامو ‪ .‬ك من‬
‫فوائده أف العارؼ بالحكم كأدلتو أعظم أجران من الذم يعلم الحكم بدكف أدلتو ك‬
‫العارؼ بو يستطيع أف يدعو إلى اهلل كإلى دينو بأسلوب مقنع ‪ ،‬ك يستطيع أف يبين‬
‫ألعداء اإلسالـ أف اإلسالـ صالح ك مصلح لكل زماف كمكاف‪ .‬ك َل يمكن للجاىل بو‬
‫أف يفسر كتاب اهلل ك َل أف يشرح األحاديث فهذا العلم جليل القدر مهم جدا‪ .‬كمن‬
‫فوائده فهم كالـ العلماء ك كالـ الناس ك دعاكاىم ك أكقافهم ك غيرىا ‪ .‬ك يستفاد منو‬
‫كذلك معرفة أف ىذه الشريعة َل تتناقض ك َل تتعارض‪...‬‬

‫كأكؿ من جمعو كف ون مستقل اإلماـ الشافعي محمد بن إدريس رحمو اهلل‪ ،‬ثم تابعو‬
‫العلماء في ذلك‪ ،‬فألفوا فيو التآليف المتنوعة‪ ،‬ما بين منثور‪ ،‬كمنظوـ‪ ،‬كمختصر‪،‬‬
‫ًّ‬
‫مستقال‪ ،‬لو كيانو‪ ،‬كمميزاتو‪.‬‬ ‫كمبسوط حتى صار فنًّا‬

‫أكؿ من ألف في أصوؿ الفقو ىو اإلماـ محمد بن إدريس الشافعي رحمو اهلل‪.‬ك بعض‬
‫الحنفية يزعموف أف محمد بن الحسن الشيباني قد سبق الشافعي في ذلك لكن الذم‬
‫عليو الجمهور ىو األكؿ‪.‬‬
‫كبهذه المناسبة تجدر اإلشارة إلى طرؽ التأليف في ىذا الفن‪ ،‬حيث يمكن التمييز‬
‫بينها كاآلتي ‪ :‬أكَل طريقة الفقهاء ك ىم الحنفية كتتميز بأنها تقرر القواعد األصولية على‬
‫مقتضى ما نقل من الفركع الصادرة عن أئمة الحنفية المتقدمين كأبي حنيفة‪ ،‬ك أصحابو‬
‫ك سميت بطريقة الفقهاء ألنها أمس بالفقو كأليق بالفركع‪ ،‬كمن كتب ىذه الطريقة‪:‬‬
‫الفصوؿ في األصوؿ للجصاص‪ ،‬كتقويم األدلة للدبوسي‪...‬ثانيا ‪:‬طريقة الجمهور كىم‬
‫المالكية‪ ،‬كالشافعية‪ ،‬كالحنابلة ك تعرؼ بالميل الشديد إلى اَلستدَلؿ العقلي‪ ،‬كالبسط‬
‫في الجدؿ كتجريد المسائل األصولية عن الفركع الفقهية‪ ،‬كمن أىم كتب ىذه الطريقة‬
‫أحكاـ الفصوؿ للباجي ك البرىاف للجويني ك المستصفى للغزالي ك الواضح َلبن عقيل‬
‫ك غيرىا من الكتب‪.‬ك ىناؾ طريقة ثالثة أرادت الجمع بين طريقة الحنفية كطريقة‬
‫الجمهور؛ من خالؿ تحقيق القواعد األصولية‪ ،‬كإثباتها باألدلة النقلية كالعقلية‪ ،‬كتطبق‬
‫ذلك على الفركع‪ ،‬كمن كتب ىذه الطريقة‪ :‬بديع النظاـ َلبن الساعاتي‪.‬‬
‫كلم يتطرؽ المؤلف إلى حكم تعلم أصوؿ الفقو كيمكن تلخيصو فيما يلي‪ :‬ىو فرض‬
‫كفاية لطالب العلم ك العلماء عموما لكنو فرض عين لمن يريد أف يصل إلى مرتبة‬
‫اَلجتهاد ‪ .‬ك قد اختلف العلماء ‪ :‬أيقدـ تعلم الفقو على أصوؿ الفقو أـ العكس على‬
‫قولين‪.‬‬
‫ك لم يتناكؿ المؤلف األشياء التي يستمد منها أصوؿ الفقو ك ىي ثالثة‪:‬‬
‫ُ‪ /‬علم أصوؿ الدين‪:‬أم التوحيد ك العقيدة لتوقف األدلة الشرعية على معرفة البارم‬
‫جل كعال‪ ،‬كصدؽ المبلغ عنو صلى اهلل عليو كسلم كىما مبيناف فيو مقررة أدلتهما في‬
‫مباحثو‪ .‬ك استمد منو مسائل مثل‪ :‬مسألة الحاكم‪ ،‬كالتحسين كالتقبيح العقليين‪،‬‬
‫كالتكليف بما َل يطاؽ‪ ،‬كتكليف المعدكـ كنحوىا‪.‬‬
‫ِ‪/‬علم اللغة العربية‪ :‬ألف فهم الكتاب كالسنة كاَلستدَلؿ بهما متوقفاف على معرفتها‬
‫إذ ىما عربياف ‪ ،‬كاستمد منو كثيران من المسائل منها‪ :‬األكامر كالنواىي‪ ،‬كالعموـ‬
‫كالخصوص‪ ،‬كالمطلق كالمقيد‪ ،‬ك المشترؾ كمعاني الحركؼ‪ ،‬كالحقيقة كالمجاز‬
‫كاَلستثناء‪ ،‬كالمنطوؽ كالمفهوـ‪ ،‬كغيرىا من المباحث‪.‬‬
‫ّ‪ /‬األحكاـ الشرعية‪ :‬من حيث تصورىا؛ ألف المقصود إثباتها أك نفيها كغير المتصور‬
‫لها َل يتمكن من ذلك ألف الحكم على الشيء فرع عن تصوره‪.‬‬

‫األحكاـ‬

‫بعدما فرغ المؤلف من التعريف بأصوؿ الفقو باعتبار مفرديو ك كونو لقبا لهذا الفن ك‬
‫ذكر فوائده ك كاضعو شرع في مبحث األحكاـ‪ .‬قاؿ رحمو اهلل‪:‬‬

‫األحكاـ‪ :‬جمع يحكم كىو لغةن‪ :‬القضاء‪.‬‬


‫كاصطالحان‪ :‬ما اقٍتضاه خطاب الشرع المتعلق بأفعاؿ المكلفين من طلب‪ ،‬أك تخيير‪،‬‬
‫أك كضع‪.‬‬
‫فالمراد بقولنا‪« :‬خطاب الشرع»؛ الكتاب كالسنة‪.‬‬
‫كالمراد بقولنا‪« :‬المتعلق بأفعاؿ المكلفين»؛ ما تعلق بأعمالهم سواء كانت قوَلن أـ‬
‫فعالن‪ ،‬إيجادان أـ تركان‪.‬‬
‫فخرج بو ما تعلق باَلعتقاد فال يسمى حكمان بهذا اَلصطالح‪.‬‬
‫كالمراد بقولنا‪« :‬المكلفين»؛ ما من شأنهم التكليف فيشمل الصغير كالمجنوف‪.‬‬
‫كالمراد بقولنا‪« :‬من طلب»؛ األمر كالنهي سواء على سبيل اإللزاـ‪ ،‬أك األفضلية‪.‬‬
‫كالمراد بقولنا‪« :‬أك تخيير»؛ المباح‪.‬‬
‫كالمراد بقولنا‪« :‬أك كضع»؛ الصحيح كالفاسد كنحوىما مما كضعو الشارع من‬
‫عالمات كأكصاؼ للنفوذ كاإللغاء‪.‬‬

‫ٍح ًدي ىدةً الاتًي فًي اللٍّ ىج ًاـ‪ ،‬ىكبً ىم ٍعنىى ًٍ‬
‫اإل ٍح ىك ًاـ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫صر ي ً‬
‫ٍح ىك ىمةي لل ى‬
‫ؼ‪ ،‬ىكم ٍنوي ال ى‬ ‫ٍح ٍكم ليغىةن ال ىٍم ٍن يع ىكال ا ٍ‬
‫ال ي‬
‫ص ىفاتًًو يس ٍب ىحانىوي‪،‬ك اإلتقاف‪ ،‬فيقاؿ‪ :‬أحكم الشيء إحكامان كحكمان إذا‬ ‫كًم ٍنوي الٍح ًكيم فًي ً‬
‫ى ي‬ ‫ى‬
‫ت ًم ٍن لى يد ٍف ىح ًك و‬
‫يم ىخبًي ور}‬ ‫صلى ٍ‬
‫ت آيىاتيوي ثي ام في ٍّ‬‫يح ًك ىم ٍ‬‫اب أ ٍ‬
‫ً‬
‫أتقنو‪ ،‬كمنو قولو تعالى‪{ :‬الر كتى ه‬
‫[ىود‪. ]ُ:‬كيطلق كذلك على اإلمساؾ‪ ،‬فيقاؿ‪ :‬أحكم السفيو‪ ،‬إذا أمسكو عن سفهو‬
‫كرده عنو‪ ،‬كمنو قوؿ جرير‪:‬‬
‫إني أخاؼ عليكم أف أغضبا‬ ‫أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم‬
‫أدع اليمامة َل توارم أرنبا‬ ‫أبني حنيفة إنني إف أىجكم‬
‫كىو في اَلصطالح‪ :‬إثبات أمر ألمر أك نفيو عنو كليس كما ذكر المؤلف ألف تعريفو‬
‫إنما ينطبق على الحكم الشرعي َل الحكم بشكل عاـ‬
‫إثبات أمر ألمر‪ :‬كػ (جاء مصطفى كغادر علي) ‪ ،‬ك (ىذا كاجب كىذا مندكب) ‪.‬‬
‫أك نفيو عنو‪ :‬كػ (لم يعمل زيد كلم يقم عمرك) ‪ ،‬ك (ليس ىذا بواجب كليس ىذا بحراـ)‬
‫‪ ،‬فكل ذلك يسمى حكمان‪ ،‬كىو ينقسم باعتبار أصلو إلى ثالثة أقساـ‪ :‬إلى حكم‬
‫شرعي‪ ،‬كحكم عقلي‪ ،‬كحكم عادم ك قد مضى التمثيل عليها‪.‬‬
‫قولو‪(( :‬ما اقٍتضاه خطاب الشرع المتعلق بأفعاؿ المكلفين من طلب‪ ،‬أك تخيير‪ ،‬أك‬
‫كضع‪ : )) .‬بمعنى ما ثبت بالخطاب الشرعي‪ ،‬أم‪ :‬أثره المترتب عليو‪َ ،‬ل نفس النص‬
‫الشرعي‪.‬أما تعريف األصوليين فهو خطاب اهلل المتعلق بأفعاؿ المكلفين أم نفس‬
‫صالةى ك آتوا الزكاة) ىو نفس الحكم الشرعي عند‬
‫يموا ال ا‬ ‫النص شرعي فقولنا مثال ‪ً :‬‬
‫(كأىق ي‬
‫ى‬
‫األصوليين أما عند الفقهاء فهو كجوب الصالة كإيتاء الزكاة‪ .‬فخرج بقولو‪( :‬مقتضى‬
‫خطاب اهلل) خطاب غيره ‪ ،‬كخرج بقولو (المتعلق بفعل المكلف) ما تعلق بذات اهلل‬
‫تعالى نحو‪َ" :‬ل الو إَل اهلل" كما تعلق بفعلو نحو قولو تعالى‪" :‬اهلل خالق كل شيء " كما‬
‫يتعلق بذكات المكلفين نحو "كلقد خلقناكم ثم صورناكم " اآلية‪ .‬كما تعلق بالجمادات‬
‫نحو‪" :‬كيوـ نسير الجباؿ كترل األرض بارزة"‪.‬كخرج بقولو (المتعلق بفعل المكلف)‬
‫مقتضى خطاب اهلل تعالى المتعلق بفعل المكلف َل من حيث إنو مكلف بو كقولو‬
‫تعالى ‪":‬يعلموف ما تفعلوف" فإنو خطاب اهلل متعلق بفعل المكلف من حيث إف الحفظة‬
‫يعلمونو َل من حيث إنو مكلف بو ‪.‬‬

‫أقساـ األحكاـ الشرعية‪:‬‬


‫بعدما عرؼ المؤلف الحكم ‪ ،‬شرع في بياف أقسامو حيث قاؿ رحمو اهلل‪:‬‬

‫تنقسم األحكاـ الشرعية إلى قسمين‪ :‬تكليفية ككضعية‪.‬‬

‫سبق أف بين المؤلف معنى الحكم الشرعي‪:‬‬


‫فهو خطاب اهلل المتعلٍّق بفعل المكلاف اقتضاء‪ ،‬أك تخييران‪ ،‬أك كضعان‪.‬‬
‫فالحكم عند األصوليين ىو نفس خطاب الشارع كما قلنا سابقا‬
‫ك أما الحكم عند الفقهاء فهو‪ :‬ما ثبت بالخطاب الشرعي‪ ،‬أم‪ :‬أثره المترتب عليو‪َ ،‬ل‬
‫نفس النص الشرعي‪ ،‬ك قد أشرنا إلى ىذا‪.‬‬
‫(كأىتموا الحج ك العمرة هلل) ىو الحكم عند األصوليين‪.‬‬
‫ك لنمثل أكثر‪ :‬قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ككجوب إتماـ الحج ك العمرة ىو‪ :‬الحكم عند الفقهاء‪.‬‬
‫كىذا الخالؼ بين الطائفتين َل يترتب عليو شيء‪.‬‬
‫ك مثلما أشار المؤلف ‪ ،‬ينقسم الحكم الشرعي إلى قسمين ىما‪:‬الحكم التكليفي ك‬
‫الحكم الوضعي‬
‫فأما القسم األكؿ‪ :‬الحكم التكليفي فهو‪ :‬خطاب اهلل تعالى المتعلق بفعل المكلف‬
‫باَلقتضاء أك التخيير‪ .‬كأما القسم الثاني‪ :‬الحكم الوضعي فيعرؼ بأنو خطاب اهلل تعالى‬
‫المتعلق بجعل الشيء سببان لشيء آخر‪ ،‬أك شرطان لو‪ ،‬أك مانعان منو‪ ،‬أك رخصة‪ ،‬أك‬
‫عزيمة‪.‬ك ىذاف التعريفاف يجرياف على طريقة األصوليين‪.‬‬

‫فالتكليفية خمسة‪ :‬الواجب كالمندكب كالمح ارـ كالمكركه كالمباح‪.‬‬

‫األكلى أف يقاؿ ‪ :‬الوجوب ك الندب كالحرمة ك الكراىة كاإلباحة ألف قولنا‪:‬‬


‫(( الواجب كالمندكب كالمح ارـ كالمكركه كالمباح )) ىي متعلقات الحكم ك ليست‬
‫الحكم‪.‬‬
‫إذا قاؿ قائل ‪ :‬ما كجو انحصار األحكاـ التكليفية في خمسة أقساـ ؟ قلنا ‪ :‬الحكم‬
‫التكليفي إما أف يكوف بطلب فعل أك بطلب ترؾ‪ ،‬ككالىما إما جازـ أك غير جازـ كإما‬
‫أف يكوف فيو تخيير بين الفعل كالترؾ ‪:‬فالخطاب بطلب الفعل الجازـ‪ :‬إيجاب‪،‬‬
‫كمتعلقو‪ :‬كاجب‪.‬كالخطاب بطلب الفعل غير الجازـ‪ :‬ندب‪ ،‬ك متعلقو‪ :‬مندكب‪.‬‬
‫كالخطاب بطلب الترؾ الجازـ‪ :‬تحريم‪ ،‬ك متعلقو‪ :‬محرـ ‪.‬كالخطاب بطلب الترؾ غير‬
‫الجازـ‪ :‬كراىة‪ ،‬ك متعلقو‪ :‬مكركه‪.‬كالخطاب بالتخيير بين الفعل كالترؾ‪ :‬إباحة‪ ،‬كمتعلقو‪:‬‬
‫مباح‪..‬‬

‫ُ‪ -‬فالواجب لغة‪ :‬الساقط كالالزـ‪.‬‬


‫كاصطالحان‪ :‬ما أمر بو الشارع على كجو اإللزاـ؛ كالصلوات الخمس‪.‬‬
‫فخرج بقولنا‪« :‬ما أمر بو الشارع»؛ المحرـ كالمكركه كالمباح‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬على كجو اإللزاـ»؛ المندكب‪.‬‬
‫كالواجب يثاب فاعلو امتثاَلن‪ ،‬كيستحق العقاب تاريكو‪.‬‬
‫كييس امى‪ :‬فرضان كفريضة كحتمان كَلزمان‪.‬‬

‫الواجب لغة ىو‪ :‬الساقط‪ ،‬يقاؿ‪ " :‬كجب الحائط "‪ :‬إذا سقط كيقاؿ‪ " :‬كجب الميت "‬
‫إذا سقط كمات‪ ،‬كمنو قولو سبحانو‪(:‬فإذا كجبت جنوبها) أم‪ :‬سقطت على األرض‪.‬‬
‫ك معنى الوجوب لغة‪ :‬السقوط‪ ،‬حيث إنا نتخيل الحكم أك الشيء الواجب جزمان سقط‪،‬‬
‫أم‪ :‬كقع على المكلف من اللاو تعالى‪.‬كيطلق الواجب على الالزـ كالثابت‪ ،‬يقاؿ‪" :‬‬
‫كجب الشيء " أم‪ :‬لزـ‪.‬‬
‫أما الواجب اصطالحا كما عرفو المؤلف‪ :‬ىو ما أمر بو الشارع على كجو اإللزاـ؛‬
‫كالصلوات الخمس ك صوـ شهر رمضاف ك أداء األمانة ك غيرىا‪.‬‬
‫ك عرفو بعض األصوليين بقولو‪ :‬ما ذي ىـ تاركو شرعان مطلقان‪.‬‬
‫ك أما تعريف بعض األصوليين لو كصاحب الورقات بقولهم‪ «:‬ىو ما يثاب فاعلو امتثاَل‬
‫كيستحق تاركو العقاب‪».‬‬
‫فهذا التعريف بخاصة من خصائصو َل بالفصل‪ ،‬فهو رسم للواجب كثمرة لو كيتعلق‬
‫بأمر خفي؛ ألف الثواب كالعقاب كالىما أخركم ‪.‬‬
‫ك لم يذكر المؤلف صيغ الواجب ك ىي كاآلتي‪:‬‬
‫ُ ‪ -‬فعل األمر كقولو تعالى‪( :‬أتموا الحج ك العمرة هلل)‪.‬‬
‫ت ال ىٍعتً ً‬
‫يق)‪.‬‬ ‫ِ ‪ -‬الفعل المضارع المجزكـ بالـ األمر كقولو تعالى‪( :‬كلٍيطااوفيوا بًالٍبػ ٍي ً‬
‫ى‬ ‫ىى‬
‫سكم)‪.‬‬‫(عليكم أىن يف ى‬
‫ّ ‪ -‬اسم فعل األمر كقولو تعالى؛ ى‬
‫ً اً‬
‫ب‬
‫ض ٍر ى‬ ‫ْ ‪ -‬المصدر النائب عن فعل األمر‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬فىًإ ىذا لىقيتي يم الذ ى‬
‫ين ىك ىف يركا فى ى‬
‫الرقى ً‬
‫اب)‪.‬‬ ‫ٍّ‬
‫ٓ ‪ -‬التصريح من الشارع بلفظ األمر كقولو تعالى‪( :‬إً اف اللاوى يأٍمريكم أى ٍف تيػ ىؤ ُّدكا ٍاألىمانى ً‬
‫ات‬ ‫ى‬ ‫ى يي ٍ‬
‫إًلىى أ ٍىىلً ىها)‪.‬‬
‫يضةن ًم ىن اللا ًو)‪،‬‬
‫ٔ ‪ -‬التصريح بلفظ اإليجاب أك الفرض‪ ،‬أك الكتب كقولو تعالى‪( :‬فى ًر ى‬
‫ب ىعلىٍي يك يم القتاؿ)‪.‬‬ ‫ً‬
‫كقولو‪ ( :‬يكت ى‬
‫(كلًلا ًو ىعلىى الن ً‬
‫ااس ًح ُّج‬ ‫ٕ ‪ -‬كل أسلوب يفيد الوجوب في لغة العرب كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ت)‪.‬‬ ‫الٍبػ ٍي ً‬
‫ى‬
‫ٖ ‪ -‬ترتيب الذـ كالعقاب على الترؾ كقولو تعالى‪( :‬فىػلٍيح ىذ ًر الا ًذين ي ىخالًيفو ىف ىعن أىم ًرهً‬
‫ٍ ٍ‬ ‫ىي‬ ‫ىٍ‬
‫صيبىػ يه ٍم فً ٍتػنىةه‪.). . .‬‬
‫أى ٍف تي ً‬
‫تنبيو‪:‬‬
‫الواجب مرادؼ للفرض عند الجمهور خالفا للحنفية حيث فرقوا بينهما بأف " الفرض "‬
‫اسم لما ثبت حكمو (يعني كجوبو) عن دليل مقطوع بو‪ ،‬كاآلية كالحديث المتواتر‬
‫اللا ىذين قد قطع بدَللتهما على الحكم‪ ،‬كاإلجماع الصريح الذم نقل إلينا نقالن متواتران‪.‬‬
‫أما " الواجب " عندىم فهو اسم لما ثبت حكمو بدليل ظني كخبر الواحد‪ ،‬كاإلجماع‬
‫السكوتي‪ ،‬كالقياس‪ ،‬كجميع دَلَلت األلفاظ الظنية‪.‬‬
‫مسألة‪:‬‬
‫لم يتطرؽ المؤلف إلى أقساـ الواجب‪ ،‬كبيانها باختصار كاآلتي‪:‬‬
‫ُ‪/‬باعتبار فاعلو‪ :‬ينقسم بهذا اَلعتبار إلى فرض عين كفرض كفاية‪.‬‬
‫كس ٍّمي‬
‫فرض عين‪ :‬ما طلب حصولو من عين كل كاحد من المكلفين كالصالة كالصياـ‪ .‬ي‬
‫بذلك؛ ألف الفعل الذم تعلق بو اإليجاب منسوب إلى العين كالذات‪.‬‬
‫فرض كفاية‪ :‬ما يتحتام أداؤه على جماعة من المكلافين‪َ ،‬ل من كل فرد منهم‪ ،‬بحيث‬
‫إذا قاـ بو بعض المكلفين فقد أدٍّم الواجب‪ ،‬كسقط اإلثم كالحرج عن الباقين‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫الصالة على الميت‪.‬‬
‫ِ‪/‬باعتبار الوقت‪:‬ينقسم إلى مضيق ك موسع‪.‬‬
‫الواجب المضيق‪ :‬ىو الفعل الذم طلب الشارع إيقاعو من المكلف طلبان جازمان كح ادد‬
‫كقت أدائو بحيث يسعو كَل يسع غيره من جنسو‪ ،‬مثل‪ :‬صياـ يوـ من رمضاف‪.‬‬
‫الواجب الموسع‪:‬ىو الفعل الذم طلب الشارع من المكلف إيقاعو طلبان جازمان كح ادد‬
‫كقت أدائو بحيث يسعو كيسع غيره من جنسو‪ ،‬مثل الصلوات الخمس‪.‬‬
‫ّ‪/‬باعتبار الفعل ‪ :‬ينقسم إلى معين ك مبهم‪.‬‬
‫الواجب المعين‪ :‬ىو ما طلبو الشارع طلبان جازمان بعينو دكف تخيير بينو كبين غيره‬
‫كالصلوات الخمس‪ ،‬كالصياـ ك الحج‪.‬‬
‫الواجب المبهم‪:‬ىو ما طلبو الشارع طلبان جازمان َل بعينو‪ ،‬بل خير الشارع في فعلو بين‬
‫أفراده المعينة المحصورة‪ ،‬مثل‪ :‬تخيير المكلف بين خصاؿ كفارة اليمين‪.‬‬

‫المدعو‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫ِ‪ -‬كالمندكب لغة‪:‬‬
‫كاصطالحان‪ :‬ما أمر بو الشارع َل على كجو اإللزاـ؛ كالركاتب‪.‬‬
‫فخرج بقولنا‪« :‬ما أمر بو الشارع»؛ المحرـ كالمكركه كالمباح‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪َ« :‬ل على كجو اإللزاـ»؛ الواجب‪.‬‬
‫كالمندكب يثاب فاعلو امتثاَلن‪ ،‬كَل يعاقب تاركو‪.‬‬
‫كييس امى سنة كمسنونان كمستحبان كنفالن‪.‬‬
‫المندكب لغة مأخوذ من الندب كىو‪ :‬الدعاء إلى أمر مهم‪ ،‬ك ليس مطلق الدعاء كما‬
‫ذكر المؤلف ك اهلل أعلم‪ .‬يقاؿ‪ " :‬ندبتو " أم‪ :‬دعيتو إلى شيء مهم‪ ،‬كلم يرد عن‬
‫العرب إَل لذلك كما قاؿ قريط العنبرم‪:‬‬
‫للنائبات على ما قاؿ برىانا‬ ‫َل يسألوف أخاىم حين يندبهم‬
‫كالنائبة ىي‪ :‬المصيبة العظيمة‪ .‬فهذا الشاعر قد دعا قبيلتو بني مازف من تميم لنجدتو‬
‫كإعانتو على استرجاع إبلو ممن أخذىا‪ ،‬فقاموا بذلك‪ ،‬كاسترجاع اإلبل من األعداء ليس‬
‫باألمر الهين‪.‬‬
‫ك المندكب كما عرفو المؤلف ‪ (( :‬ما أمر بو الشارع َل على كجو اإللزاـ؛ كالركاتب‪)) .‬‬
‫ك عرفو بعضهم بقولو‪ (( :‬المطلوب فعلو شرعان من غير ذـ على تركو مطلقان‪)) .‬‬
‫ك أما تعريف بعض األصوليين لو بقولهم‪(( :‬ما يثاب فاعلو كَل يعاقب تاركو)) فهو مثل‬
‫سابقو فيو نظر ألنو تعريف بالرسم‪ ،‬كقد بينا كجو اَلعتراض عليو؛ ألنو يمكن أف يفعلو‬
‫رياء أك غير حاضر فال يثاب عليو‪ ،‬كيمكن أيضان أف يفعلو مكرىان عليو أك نحو‬
‫اإلنساف ن‬
‫ذلك فال يثاب عليو‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫قاؿ اإلماـ العز بن عبد السالـ رحمو اهلل ‪« :‬فكل فعل عظمو الشرع أك مدحو أك مدح‬
‫فاعلو‪ ،‬أك أحبو أك أحب فاعلو أك رضي بو أك رضي عن فاعلو‪ ،‬أك كصفو باَلستقامة أك‬
‫البركة أك الطيب أك أقسم بو أك بفاعلو كاإلقساـ بالشفع كالوتر كبخيل المجاىدين‪،‬‬
‫كبالنفس اللوامة‪ .‬أك نصبو سببان لذكره لعبده أك لمحبتو أك للثواب عاجالن أك آجالن‪ ،‬أك‬
‫لشكره لو أك لهدايتو إياه‪ ،‬أك إلرضاء فاعلو أك لمغفرة ذنبو كتكفير سيئاتو‪ ،‬أك لقبولو أك‬
‫لنصرة فاعلو أك بشارتو‪ ،‬أك كصف فاعلو بالطيب أك كصف الفعل بكونو معركفان‪ ،‬أك نفي‬
‫الحزف أك الخوؼ عن فاعلو‪ ،‬أك كعده باألمن أك نصبو سببان لوَليتو‪ ،‬أك أخبر عن دعاء‬
‫الرسوؿ بحصولو أك كصفو بكوف قربو‪ ،‬أك بصفة مدح كالحياة كالنور كالشفاء‪ ،‬فهو‬
‫دليل على مشركعيتو المشتركة بين الوجوب كالندب‪».‬‬
‫فائدة أخرل ‪:‬‬
‫للمندكب صيغ من أىمها‪:‬‬
‫ُ ‪ -‬كل أمر صريح إذا كجدت قرينة تصرفو من الوجوب إلى الندب‪ ،‬كقولو تعالى‪:‬‬
‫وى ٍم إً ٍف ىعلً ٍمتي ٍم فًي ًه ٍم ىخ ٍيػ نرا)‪ ،‬فإف ىذا األمر للندب‪ ،‬كالقرينة الصارفة ىي السنة‬
‫(فى ىكاتًبي ي‬
‫التقريرية‪.‬‬
‫ِ ‪ -‬التصريح بأف ذلك سنة كقولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬كسننت لكم قيامو "‬
‫‪ -‬يقصد قياـ شهر رمضاف ‪.-‬ك لكن ليتنبو القارئ أف الشارع قد يعبر عن الواجب‬
‫بالسنة‪.‬‬
‫ّ ‪ -‬التصريح باألفضلية الوارد من الشارع‪ ،‬كقولو صلى اهلل عليو كسلم في غسل‬
‫الجمعة‪ " :‬كمن اغتسل فالغسل أفضل " ك في الحديث ضعف‪.‬‬
‫ْ ‪ -‬كل عبارة تدؿ على الترغيب‪ ،‬كمنو قولو عليو الصالة ك السالـ لبريرة‪ " :‬لو‬
‫راجعتيو "‪.‬‬
‫فائدة ثالثة‪:‬‬
‫المندكب عند المالكية على مراتب نظمها صاحب المراقي بقولو‪:‬‬
‫ب***ترادفت ثم التطوع انٍػتي ًخب‬ ‫فضيلة كالندب كالذم ً‬
‫استيح ٌ‬ ‫ٍ‬
‫ب النىبًي***بً ًذ ٍك ًر ىما فً ًيو ًم ىن األى ٍم ًر يجبًي‬‫ىرغيبىةه ما فيو رغا ى‬
‫ً‬
‫ك ال يقي ً‬
‫ود أى ٍخ ًل‬ ‫ً ً‬ ‫أك ىد ىاـ فً ٍعليوه بًو ٍ ً‬
‫***كالنىػ ٍفل م ٍن ت ٍل ى ي‬ ‫صف النىػ ٍف ًل ى‬ ‫ى‬
‫الص ىو ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً ًً ً‬
‫اب‬ ‫الر ٍشد ىك ى‬ ‫ىكاألى ٍم ىر بىل أ ٍعلى ىم بالثىػ ىواب***فيو نىبي ي‬
‫ور فً ًيو ىك ىجبىا‬ ‫كسناةه ما أىحم هد قى ٍد كاظىب ى ً‬
‫ا***علىيو ىكالظي يه ي‬ ‫ى ى‬ ‫ىي ى ٍى‬
‫ب فى يخ ٍذ ىما قييً ىدا‬ ‫اج و‬ ‫الذم قى ٍد أيكً ىد ً‬
‫ا***م ٍنػ ىها بًو ً‬ ‫ضهم س امى ً‬
‫ى‬ ‫ىكبىػ ٍع ي ي ٍ ى‬

‫ّ ‪ -‬كالمحرـ لغة‪ :‬الممنوع‪.‬‬


‫كاصطالحان‪ :‬ما نهى عنو الشارع على كجو اإللزاـ بالترؾ؛ كعقوؽ الوالدين‪.‬‬
‫فخرج بقولنا‪« :‬ما نهى عنو الشارع»؛ الواجب كالمندكب كالمباح‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬على كجو اإللزاـ بالترؾ»؛ المكركه‪.‬‬
‫كالمحرـ يثاب تاركو امتثاَلن‪ ،‬كيستحق العقاب فاعلو‪.‬‬
‫كيسمى‪ :‬محظوران أك ممنوعان‪.‬‬

‫اض ىع ًم ٍن قىػ ٍبل‪}....‬‬ ‫الحراـ في اللغة‪ :‬ىو الممنوع‪ .‬قاؿ تعالى‪{ :‬كح ارٍمنىا ىعلىٍي ًو الٍمر ً‬
‫ىى‬ ‫ىى‬
‫وب ىك ىق ٍولً ًو‪:‬‬
‫[القصص‪ ]ُِ :‬مأخوذ من الحرمة‪ ،‬ىكييطٍلى يق بً ىم ٍعنىى ال يٍو يج ً‬
‫فىًإ اف ىح ىر ناما ىَل أ ىىرل ال اد ٍى ىر بىاكًينا ‪ ...‬ىعلىى ىش ٍج ًوهً اإَل بى ىك ٍيت ىعلىى ىع ٍم ورك‬
‫ب ىعلىى قىػ ٍريىوة‬ ‫ً‬
‫ىم ىكىكاج ه‬
‫و‬
‫{ك ىح ىر هاـ ىعلىى قىػ ٍريىة} [األنبياء‪ ]ٗٓ :‬أ ٍ‬ ‫ج قىػ ٍولو تىػ ىعالىى‪ :‬ى‬
‫ً‬
‫ىك ىعلىٍيو ىخ ىر ى‬
‫اس‬‫ك ىع ٍن ابٍ ًن ىعبا و‬‫اف‪ ،‬ىك يح ًك ىي ذىلً ى‬ ‫اإليم ً‬ ‫ً‬
‫أ ىىر ٍدنىا ٍإى ىال ىك ىها أىناػ يه ٍم ىَل يىػ ٍرجعيو ىف ىع ٍن الٍ يك ٍف ًر إلىى ًٍ ى‬
‫ض ىي اللاوي ىع ٍنوي ‪.‬‬ ‫رً‬
‫ى‬
‫شرعا"‬
‫أما شرعا‪" :‬ما توعد بالعقاب على فعلو"‪ ،‬أك "ما يعاقب فاعلو" أك "ما يذـ فاعلو ن‬
‫جازما‪.‬ك كلها تعريفات متقاربة‪.‬‬
‫كإف شئت قلت‪ :‬ما طلب الشارع تركو ن‬
‫ك للحراـ صيغ لم يتطرؽ إليها المؤلف من أىمها‪:‬‬
‫ت ىعلىٍي يك يم ال ىٍم ٍيتىةي)‪.‬‬ ‫(ح ٍّرىم ٍ‬
‫ُ ‪ -‬لفظ " التحريم " كمشتقاتها‪ ،‬كقولو تعالى‪ :‬ي‬
‫الزنىا)‪.‬‬
‫(كىَل تقربيوا ٍّ‬
‫ِ ‪ -‬صيغة النهي المطلق‪ ،‬كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ّ ‪ -‬التصريح بعدـ الحل‪ ،‬كقولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪َ " :-‬ل يحل دـ امرئ‬
‫مسلم‪." . . .‬‬
‫ْ ‪ -‬أف يرتب الشارع على فعل شيء عقوبة‪ ،‬فيدؿ ىذا على أف ىذا الفعل حراـ‪،‬‬
‫سا ًرقىةي فىاقٍطىعيوا أىيٍ ًديىػ يه ىما)‪.‬‬
‫سا ًر يؽ ىكال ا‬
‫(كال ا‬
‫كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫كجماع ىذه الصيغ ما ذكره اإلماـ العز بن عبد السالـ بكالـ نفيس بين فيو صيغ‬
‫الحراـ كالمكركه حيث يقوؿ ‪ « :‬ككل فعل طلب الشارع تركو‪ ،‬أك ذمو أك ذـ فاعلو أك‬
‫عتب عليو‪ ،‬أك مقت فاعلو أك لعنو أك نفى محبتو أك محبة فاعلو أك الرضا بو أك عن‬
‫فاعلو‪ ،‬أك شبو فاعلو بالبهائم أك بالشياطين‪ ،‬أك جعلو مانعان من الهدل أك القبوؿ أك‬
‫كصفو بسوء أك كراىة‪ ،‬أك استعاذ األنبياء منو أك أبغضوه‪ ،‬أك جعلو سببان لنفي الفالح‪،‬‬
‫أك لعذاب آجل أك عاجل‪ ،‬أك لذـ أك لوـ أك ضاللة أك معصية‪ ،‬أك كصف بخبث أك‬
‫رجس أك نجس‪ ،‬أك بكونو فسقان أك إثمان أك سببان إلثم أك رجس‪ ،‬أك لعن أك غضب أك‬
‫زكاؿ نعمة أك حلوؿ نقمة أك حد من الحدكد أك قسوة أك خزم أك امتهاف نفس‪ ،‬أك‬
‫لعداكة اهلل كمحاربتو أك َلستهزائو أك سخريتو‪ ،‬أك جعلو اهلل سببان لنسيانو فاعلو‪ ،‬أك‬
‫كصف نفسو بالصبر عليو أك بالحلم أك بالصفح عنو أك دعا إلى التوبة منو أك كصف‬
‫فاعلو بخبث أك احتقار أك نسبو إلى عمل الشيطاف أك تزيينو أك تولي الشيطاف لفاعلو‪،‬‬
‫أك كصف بصفة ذـ ككونو ظلمان أك بغيان‪ ،‬أك عدكنان‪ ،‬أك إثمان‪ ،‬أك مرضان‪ ،‬أك تبرأ األنبياء‬
‫منو أك من فاعلو أك شكوا إلى اهلل من فعلو أك جاىركا فاعلو بالعداكة أك نهوا عن‬
‫اآلسى كالحزف عليو‪ ،‬أك نصب سببان لخيبة فاعلو عاجالن أك آجالن‪ ،‬أك رتب عليو حرماف‬
‫الجنة كما فيها‪ ،‬أك كصف فاعلو بأنو عدك اهلل أك بأف اهلل عدكه‪ ،‬أك أعلم بحرب من اهلل‬
‫كرسولو‪ ،‬أك حمل فاعلو إثم غيره‪ ،‬أك قيل فيو َل ينبغي ىذا‪ .‬أك َل يكوف‪ ،‬أك أمر‬
‫بالتقول عن السؤاؿ عنو‪ ،‬أك أمر بفعل مضاده‪ ،‬أك بهجر فاعلو‪ ،‬أك تالعن فاعلوه في‬
‫اآلخرة‪ ،‬أك تبرأ بعضهم من بعض‪ ،‬أك دعا بعضهم على بعض‪ ،‬أك كصف فاعلو‬
‫بالضاللة‪ ،‬أك إنو ليس من اهلل في شيء‪ ،‬أك ليس من الرسوؿ كأصحابو‪ .‬أك جعل اجتنابو‬
‫سببان للفالح‪ ،‬أك جعلو سببان إليقاع العداكة كالبغضاء بين المسلمين‪ ،‬أك قيل ىل أنت‬
‫منتو‪ ،‬أك نهى األنبياء عن الدعاء لفاعلو أك رتب عليو إبعادان أك طردان أك لفظو‪ ،‬قتل من‬
‫فعلو‪ ،‬أك قاتلو اهلل‪ ،‬أك أخبر أف فاعلو َل يكلمو اهلل يوـ القيامة كَل ينظر إليو كَل يزكيو‬
‫كَل يصلح عملو كَل يهدم كيده أك َل يفلح‪ ،‬أك قيض لو الشيطاف أك جعل سببان إلزاغة‬
‫قلب فاعلو أك صرفو عن آيات اهلل كسؤالو عن علة الفعل‪ ،‬فهو دليل المنع كدَللتو‬
‫على التحريم أظهر من دَللتو على مجرد الكراىة‪ ».‬ق‪.‬‬

‫ْ ‪ -‬كالمكركه لغة‪ :‬المبغض‪.‬‬


‫كاصطالحان‪ :‬ما نهى عنو الشارع َل على كجو اإللزاـ بالترؾ؛ كاألخذ بالشماؿ كاإلعطاء‬
‫بها‪.‬‬
‫فخرج بقولنا‪« :‬ما نهى عنو الشارع»؛ الواجب كالمندكب كالمباح‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪َ« :‬ل على كجو اإللزاـ بالترؾ»؛ المحرـ‪.‬‬
‫كالمكركه‪ :‬يثاب تاركو امتثاَلن‪ ،‬كَل يعاقب فاعلو‪.‬‬
‫في اللغة تقوؿ‪ " :‬كرىت الشيء " إذا لم تحبو‪ ،‬كالكره‪ :‬المشقة‪ ،‬فالمكركه يكوف‪ :‬ما‬
‫نفر عنو الشرع كالطبع‪ ،‬ألف الطبع ك الشرع َل ينفراف إَل عن مشقة كشدة تلحق‬
‫بالمكلف‪.‬‬
‫عقاب في فعلو كمس الذكر باليمين‬
‫ى‬ ‫كالمكركه اصطالحان ىو‪ :‬ما تىريكو خير من فعلو‪ ،‬كَل‬
‫تنبيو‪:‬‬
‫عند الحنفية تنقسم الكراىة إلى قسمين ‪ :‬كراىة تحريمية ك كراىة تنزيهية‪:‬‬
‫فالمكركه تحريما ما كاف إلى الحراـ أقرب كيمكن توضيحو بأنو ترؾ كاجب من‬
‫الواجبات التي ىي أقل من الفرض كيقاؿ لها ‪ :‬سنة مؤكدة عندىم‪ .‬أما المكركه تنزيها‬
‫فهو ما َل يعاقب على فعلو كيثاب على تركو ثوابا يسيرا كيقابل المندكب أك المستحب‬
‫أك نحو ذلك من السنن غير المؤكدة‪.‬‬
‫مسألة‪:‬‬
‫لم يتناكؿ المؤلف صيغ المكركه ك يمكن التنبيو على بعضها‪:‬‬
‫ُ ‪ -‬لفظ " كره " كما يشتق منها‪ ،‬كمنو ما ثبت عن النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪-‬‬
‫أنو قاؿ‪ " :‬إف اهلل كره لكم قيل كقاؿ ككثرة السؤاؿ "‪ .‬ك ليتنبو القارئ إلى أف الشارع‬
‫الحكيم قد يستعمل المكركه ك يقصد بو الحراـ كما في قولو تعالى ‪( :‬كل ذلك كاف‬
‫سيئة عند ربك مكركىا) كسبق كالـ الزركشي في ذلك‪.‬‬
‫ِ ‪ -‬لفظ‪ " :‬بغض " كما يشتق منها‪ ،‬كمنو ما ركم عن النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم –‬
‫أنو قاؿ‪ " :‬أبغض الحالؿ إلى اهلل الطالؽ " ك الحديث َل يصح‪.‬‬
‫ّ ‪ -‬لفظ النهي‪َ " :‬ل تفعل "‪ ،‬إذا اقترنت بها قرينة تصرفها عن التحريم إلى الكراىة‪،‬‬
‫س ٍؤيك ٍم)‪ .‬فالنهي عن السؤاؿ للكراىة‪،‬‬ ‫(َل تى ٍسأىليوا ىع ٍن أى ٍشيى ى ً‬
‫اء إ ٍف تيػ ٍب ىد لى يك ٍم تى ي‬ ‫كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫(كإً ٍف تى ٍسأىليوا‬
‫كالقرينة الصارفة من التحريم إلى الكراىة ىي آخر اآلية‪ ،‬حيث قاؿ تعالى‪ :‬ى‬
‫يم)‬ ‫ىع ٍنػها ًحين يػنىػ از يؿ الٍ يقرآ يف تيػب ىد لى يكم ىع ىفا اللاو ىع ٍنػها كاللاو غى يف ً‬
‫ور ىحل ه‬
‫ي ى ى ي ه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫ى ىي‬

‫ٓ ‪ -‬كالمباح لغة‪ :‬المعلن كالمأذكف فيو‪.‬‬


‫كاصطالحان‪ :‬ما َل يتعلق بو أمر‪ ،‬كَل نهي لذاتو؛ كاألكل في رمضاف ليالن‪.‬‬
‫فخرج بقولنا‪« :‬ما َل يتعلق بو أمر»؛ الواجب كالمندكب‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬كَل نهي»؛ المحرـ كالمكركه‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬لذاتو»؛ ما لو تعلق بو أمر لكونو كسيلة لمأمور بو‪ ،‬أك نهي لكونو‬
‫كسيلة لمنهي عنو‪ ،‬فإف لو حكم ما كاف كسيلة لو من مأمور‪ ،‬أك منهي‪ ،‬كَل يخرجو ذلك‬
‫عن كونو مباحان في األصل‪.‬‬
‫كالمباح ما داـ على كصف اإلباحة‪ ،‬فإنو َل يترتب عليو ثواب كَل عقاب‪.‬‬
‫كيسمى‪ :‬حالَلن كجائزان‪.‬‬

‫ح فً ًيو‬ ‫ص ار ى‬‫اد يىنىا ىما ى‬ ‫اح ىعلىى ثىىالثىًة أ ييموور‪ٍ .‬األ اىك يؿ‪ :‬ىك يى ىو ال يٍم ىر ي‬ ‫قاؿ الزركشي ‪ « :‬ييطٍلى يق ال يٍمبى ي‬
‫ص ٍم‪ ،‬ىكإً ٍف ًش ٍئت‬ ‫ً‬ ‫شرعي بًالتاس ًوي ًة بػين ال ًٍف ٍع ًل كالتػار ًؾ‪ ،‬كًم ٍنوي قىػوليوي لًلٍم ً‬
‫ساف ًر‪ :‬إ ٍف ش ٍئت فى ي‬ ‫ى ٍ ى ٍ يى‬ ‫ٍ ى ىٍ ى‬ ‫ال ا ٍ‬
‫اح ًة‬
‫اإلبى ى‬‫ف بً ًٍ‬ ‫وص ي‬‫استى ىم ار ىعلىى ىما ىكا ىف‪ ،‬ىكيي ى‬ ‫اؿ ٍ‬ ‫ش ٍرعي‪ ،‬فىػييػ ىق ي‬ ‫ت ىع ٍنوي ال ا‬‫فىأىفٍ ًط ٍر‪ .‬الثاانًي‪ :‬ىما ىس ىك ى‬
‫ث‪ ،‬ك يىو ما ج ى ً‬ ‫ً‬ ‫ىعلىى أ ً‬
‫اح‬
‫استىػ ىول طىىرفىاهي أ ٍىك ىَل‪ .‬ىكقى ٍد ييطٍلى يق ال يٍمبى ي‬ ‫از ف ٍعليوي‪ٍ ،‬‬ ‫ىحد ٍاألىقػ ىٍو ًاؿ الث ىاال ى ى ى ى‬ ‫ى‬
‫ىح ًد الٍ ىق ٍولىٍي ًن‪،‬‬ ‫ٍق فًي الٍح ٍّج ٍ ً‬ ‫علىى الٍمطٍلي ً ً‬
‫احةي ىم ٍحظيوور ىعلىى أ ى‬ ‫استبى ى‬ ‫ى‬ ‫ٍحل ي‬‫وب‪ ،‬ىكم ٍنوي قىػ ٍولينىا‪ :‬ال ى‬ ‫ى ى‬
‫كب إلىٍي ًو‪.‬‬ ‫اد أىناوي غىٍيػر ىم ٍن يد و‬
‫ي‬ ‫س ال يٍم ىر ي‬‫يل‪ ،‬ىكلىٍي ى‬ ‫احلً ً‬ ‫اإلباح ًة فً ًيو أىناوي لىيس بً ى و ً‬
‫ش ٍرط في الت ٍ‬ ‫ٍ ى‬ ‫اد بً ًٍ ى ى‬‫فىال يٍم ىر ي‬
‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫از لىوي أ ٍىك لل ىٍول ٍّي أى ٍف يىػ ٍف ىع ىل ىك ىذا ىكيي ًري يدك ىف بًو ال يٍو يج ى‬
‫وب‪،‬‬ ‫ىكقى ٍد يى ٍج ًرم فًي ىك ىالًـ الٍ يف ىق ىهاء‪ :‬ىج ى‬
‫وب فىػيى ٍستى ًفي يد بًىق ٍولً ًه ٍم‪ :‬يى يج ي‬
‫وز‬ ‫ٍح ٍرىم ًة ىكال يٍو يج ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يما إذىا ىكا ىف الٍف ٍع يل ىدائ نرا بىػ ٍي ىن ال ي‬
‫كذىلً ى ً ً‬
‫ك ظىاى هر ف ى‬ ‫ى‬
‫ضا ىف‬‫وؿ ىرىم ى‬ ‫يم ٍن ىعلً ىم يد يخ ى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫نىػ ٍفي ال ً‬
‫س ين قىػ ٍولي يه ٍم ف ى‬‫وب‪ ،‬ىكل ىه ىذا ىَل يى ٍح ي‬ ‫ٍح ٍرىمة فىػيىٍبػ ىقى ال يٍو يج ي‬
‫ي ي‬
‫ًً‬ ‫ً‬ ‫وز لىو ال ا ً ً‬ ‫ٍحس ً‬ ‫ً ً‬
‫س ين قىػ ٍولي يه ٍم‬ ‫ص ٍو يـ؛ ألى اف مثٍ ىل ىى ىذا الٍف ٍع ًل ىَل ييػتىػنىػ اف يل بو‪ ،‬ىكىك ىذا ىَل يى ٍح ي‬ ‫اب‪ :‬إناوي يى يج ي ي‬ ‫بال ى‬
‫ً‬ ‫فًي ال ا‬
‫صبً ٍّي‪ :‬ىَل ي ً‬
‫ب‪ ».‬انتهى كالمو‬ ‫ص اح ىك ىج ى‬ ‫إس ىال يموي؛ ألىناوي لى ٍو ى‬‫ص ُّح ٍ‬ ‫ى‬
‫كفي اَلصطالح ىو‪ :‬ما كاف الخطاب فيو بالتخيير بين الفعل كالترؾ فلم يثب على فعلو‬
‫كلم يعاقب على تركو كاألكل كالنوـ كاَلغتساؿ للتبرد كمحل ذلك ما لم تدخلو النية‬
‫فإف نول بالمباح خيران كاف لو بو أجر‪.‬‬
‫ك المباح كغيره من األحكاـ التكليفية لو صيغ تدؿ عليو من أىمها ما يلي‪:‬‬
‫سائً يك ٍم)‪.‬‬ ‫الصي ًاـ ال ارفى ي ً ً‬ ‫ً‬
‫ث إلىى ن ى‬ ‫ُ ‪ -‬لفظ‪ " :‬أحل "‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬أيح ال لى يك ٍم لىٍيػلىةى ٍّ ى‬
‫ِ ‪ -‬لفظ‪َ " :‬ل جناح "‪ ،‬كقولو تعالى‪َ " :‬ل جناح عليكم إف طلقتم النساء "‪.‬‬
‫س ىعلىى ٍاألى ٍع ىمى ىح ىر ه‬
‫ج‪)..‬كقولو صلى اهلل عليو‬ ‫ّ ‪ -‬لفظ‪َ " :‬ل حرج "‪ ،‬كقولو تعالى‪(:‬لىٍي ى‬
‫كسلم ‪ " :-‬افعل كَل حرج "‪.‬‬
‫ْ ‪ -‬صيغة األمر التي صرفت من اقتضائها للوجوب كالندب إلى اإلباحة بسبب قرينة‬
‫ض)‪ ،‬فهذا األمر‬ ‫ص ىالةي فىانٍػتى ًش يركا فًي ٍاأل ٍىر ً‬
‫ت ال ا‬ ‫ً‬
‫ضي ً‬
‫اقترنت بها‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬فىًإذىا قي ى‬
‫اس ىع ٍوا إًلىى ًذ ٍك ًر‬
‫لإلباحة‪ ،‬كالقرينة الصارفة ىي‪ :‬منع الفعل قبل ذلك في قولو تعالى‪( :‬فى ٍ‬
‫اللا ًو ىكذى يركا الٍبىػ ٍي ىع)‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫جاء في كتاب اإللماـ بأدلة األحكاـ لإلماـ العز بن عبد السالـ رحمو اهلل ‪ « :‬تستفاد‬
‫اإلباحة من لفظ اإلحالؿ كنفي الجناح كالحراـ كاإلثم كالمؤاخذة‪ ،‬كمن اإلذف فيو‬
‫كالعفو عنو كمن اَلمتناف بما في األعياف من المنافع‪ .‬كمن السكوت عن التحريم‪ ،‬كمن‬
‫اإلنكار على من حرـ الشيء‪ ،‬كمن اإلخبار بأنو خلق أك جعل لنا‪ ،‬كاإلخبار عن فعل من‬
‫قبلنا غير ذاـ لهم عليو‪ ،‬فإف اقترف باإلخبار مدح دؿ على مشركعيتو كجوابان أك‬
‫استحبابان‪ ».‬ق‪.‬‬

‫األحكاـ الوضعية‪:‬‬

‫لما فرغ المؤلف من األحكاـ التكليفية ‪ ،‬انتقل إلى بياف األحكاـ الوضعية فقاؿ‪:‬‬

‫األحكاـ الوضعية‪ :‬ما كضعو الشارع من أمارات‪ ،‬لثبوت أك انتفاء‪ ،‬أك نفوذ‪ ،‬أك إلغاء‪.‬‬
‫كمنها‪ :‬الصحة كالفساد‪.‬‬

‫الوضع لغة يطلق على الوَلدة يقاؿ‪ " :‬كضعت المرأة حملها " إذا كلدتو‪ ،‬كيطلق على‬
‫اإلسقاط يقاؿ‪ " :‬كضعت عنك الدين " إذا أسقطتو‪ ،‬كيطلق على الترؾ يقاؿ‪ " :‬كضعت‬
‫الشيء بين يديو " إذا تركتو‪ .‬أما الحكم الوضعي في اَلصطالح فهو‪ :‬خطاب اللاو‬
‫تعالى المتعلٍّق بجعل الشيء سببان لشيء آخر‪ ،‬أك شرطان لو‪ ،‬أك مانعان منو‪ ،‬أك كوف الفعل‬
‫رخصة‪ ،‬أك عزيمة‪.‬‬
‫ك لم يذكر المؤلف من األحكاـ الوضعية سول الصحة ك الفساد ‪ ،‬ك يضاؼ إليها‬
‫على الصحيح " الشرط "‪ ،‬ك " المانع "‪ ،‬ك " العزيمة "‪ ،‬ك " الرخصة "‪.‬أما العلاة‪،‬‬
‫كالصحة‪ ،‬كالفساد‪ ،‬كالتقديرات الشرعية‪ ،‬كالحجاج‪ ،‬كاألداء‪ ،‬كاإلعادة‪ ،‬كالقضاء‪ ،‬فهي‬
‫داخلة ضمن السبب‪.‬‬
‫أمثلة على األحكاـ الوضعية‪:‬‬
‫ُ‪ /‬مثاؿ عن السبب ‪ :‬أكقات الصالة سبب لوجوبها على المكلف‪ ،‬كبلوغ النصاب‬
‫للماؿ‪ ،‬سبب في كجوب الزكاة‪.‬‬
‫ِ‪ /‬مثاؿ عن الشرط‪ :‬البلوغ شرط لوجوب الصالة ك الطهارة شرط في صحتها‪.‬‬
‫ّ‪ /‬مثاؿ عن المانع ‪ :‬النجاسة تمنع من صحة الصالة‪،‬‬
‫ْ‪ /‬مثاؿ عن العزيمة ‪:‬كالعبادات الخمس‪.‬‬
‫ٓ‪/‬مثاؿ عن الرخصة كأكل الميتة عند اَلضطرار‪.‬‬

‫ُ ‪ -‬فالصحيح لغة‪ :‬السليم من المرض‪.‬‬


‫كاصطالحان‪ :‬ما ترتبت آثار فعلو عليو عبادةن كاف أـ عقدان‪.‬‬
‫فالصحيح من العبادات‪ :‬ما برئت بو الذمة‪ ،‬كسقط بو الطلب‪.‬‬
‫كالصحيح من العقود‪ :‬ما ترتبت آثاره على كجوده؛ كترتب الملك على عقد البيع‬
‫مثالن‪.‬‬
‫كَل يكوف الشيء صحيحان إَل بتماـ شركطو كانتفاء موانعو‪.‬‬
‫مثاؿ ذلك في العبادات‪ :‬أف يأتي بالصالة في كقتها تامة شركطها كأركانها ككاجباتها‪.‬‬
‫كمثاؿ ذلك في العقود‪ :‬أف يعقد بيعان تامة شركطو المعركفة مع انتفاء موانعو‪.‬‬
‫ط من الشركط‪ ،‬أك يك ًجد مانع من الموانع امتنعت الصحة‪.‬‬ ‫فإف فيًقد شر ه‬
‫مثاؿ فىػ ٍقد الشرط في العبادة‪ :‬أف يصلي بال طهارة‪.‬‬
‫كمثاؿ فقد الشرط في العقد‪ :‬أف يبيع ما َل يملك‪.‬‬
‫كمثاؿ كجود المانع في العبادة‪ :‬أف يتطوع بنفل مطلق في كقت النهي‪.‬‬
‫كمثاؿ كجود المانع في العقد‪ :‬أف يبيع من تلزمو الجمعة شيئان‪ ،‬بعد ندائها الثاني على‬
‫كجو َل يباح‪.‬‬
‫ِ‪ -‬كالفاسد لغة‪ :‬الذاىب ضياعان كخسران‪.‬‬
‫كاصطالحان‪ :‬ما َل تترتب آثار فعلو عليو عبادةن كاف أـ عقدان‪.‬‬
‫فالفاسد من العبادات‪ :‬ما َل تبرأ بو الذمة‪ ،‬كَل يسقط بو الطلب؛ كالصالة قبل كقتها‪.‬‬
‫كالفاسد من العقود‪ :‬ما َل تترتب آثاره عليو؛ كبيع المجهوؿ‪.‬‬
‫محرـ؛ ألف ذلك ًم ٍن تعدٍّم حدكد اهلل‪،‬‬
‫ككل فاسد من العبادات كالعقود كالشركط فإنو ٌ‬
‫ً‬
‫كاتخاذ آياتو ىزؤان‪ ،‬كألف النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم أنكر على من اشترطوا شركطان‬
‫ليست في كتاب اهلل‪.‬‬
‫كالفاسد كالباطل بمعنى كاحد إَل في موضعين‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬في اإلحراـ؛ فرقوا بينهما بأف الفاسد ما كطئ فيو الم ً‬
‫حرـ قبل التحلل األكؿ‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ٌ‬
‫كالباطل ما ارتد فيو عن اإلسالـ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬في النكاح؛ فرقوا بينهما بأف الفاسد ما اختلف العلماء في فساده كالنكاح بال‬
‫كلي‪ ،‬كالباطل ما أجمعوا على بطالنو كنكاح المعتدة‪.‬‬

‫قبل الكالـ على الحكمين الوضعيين‪ :‬الصحة ك البطالف‪ ،‬يحسن التنبيو على مسائل‬
‫متعلقة باألحكاـ الوضعية األخرل‪ :‬السبب ك الشرط كالمانع ك العزيمة ك الرخصة‪.‬‬

‫ُ‪ /‬السبب‪:‬‬

‫ىو لغة ما توصل بو إلى غيره كاصطالحا‪ :‬ما يلزـ من كجوده الوجود كمن عدمو العدـ‬
‫لذاتو كزكاؿ الشمس فإنو سبب في كجوب صالة الظهر ككملك النصاب فإنو سبب في‬
‫كجوب الزكاة ككالوَلء كالنسب في الميراث‪.‬‬
‫ك ينقسم السبب باعتبارات شتى‪:‬‬
‫ُ‪/‬باعتبار قدرة المكلف ينقسم إلى قسمين ‪:‬‬
‫أ‪/‬سبب مقدكر عليو‪ :‬كىو ما كاف داخالن تحت كسب المكلف كطاقتو‪ ،‬بحيث يستطيع‬
‫فعلو كتركو‪ ،‬كالقتل المسبب للقصاص‪.‬‬
‫ب‪/‬سبب غير مقدكر عليو‪ :‬كىو ما لم يكن من كسب المكلف‪ ،‬كَل دخل لو في‬
‫تحصيلو أك عدـ ذلك كزكاؿ الشمس أك غركبها سبب لوجوب الصالة أك اإلفطار‪.‬‬
‫ِ‪/‬باعتبار المشركعية ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫أ‪/‬سبب مشركع‪ :‬كىو ما كاف سببان للمصلحة أصالة‪ ،‬كإف كاف مؤديان إلى بعض المفاسد‬
‫تبعان‪ ،‬كالجهاد في سبيل اهلل فإنو سبب إلقامة الدين كإعالء كلمة اهلل‪ ،‬كإف أدل في‬
‫الطريق إلى نوع من المفاسد كإتالؼ األنفس‪ ،‬كإضاعة األمواؿ‪.‬‬
‫ب‪/‬سبب غير مشركع‪ :‬كىو ما كاف سببان للمفسدة أصالة كإف ترتب عليو نوع من‬
‫المصلحة تبعان‪ ،‬كالقتل بغير حق فإنو سبب غير مشركع‪ ،‬كإف ترتب عليو ميراث كرثة‬
‫المقتوؿ‪.‬‬
‫ّ‪/‬باعتبار المناسبة ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫أ‪/‬سبب مناسب للحكم‪ :‬كىو الذم يترتب على شرع الحكم بو تحقق مصلحة‪ ،‬أك‬
‫دفع مفسدة يدركها العقل‪ ،‬كالسرقة بالنسبة لعقوبة القطع؛ حيث إنها تحقق مصلحة‬
‫حفظ األمواؿ‪ ،‬كتدفع مفسدة ضياعها‪.‬‬
‫ب‪/‬سبب غير مناسب للحكم‪ :‬كىو الذم َل يترتب على شرع الحكم بو تحقق‬
‫مصلحة أك دفع مفسدة كدلوؾ الشمس‪ ،‬حيث إنو سبب لوجوب الظهر‪ ،‬كمثل‪ :‬شهود‬
‫الشهر بالنسبة لوجوب الصياـ‪.‬‬
‫ْ‪ /‬باعتبار مصدره ينقسم إلى ثالثة أقساـ‪:‬‬
‫أ‪/‬سبب شرعي‪ :‬كىو‪ :‬ما كاف مستمدان من الشارع فقط‪ ،‬كالوقت بالنسبة لوجوب‬
‫الصالة‪.‬‬
‫ب‪/‬سبب عقلي‪ :‬كىو‪ :‬ما كاف مستمدان من العقل فقط‪ ،‬كوجود النقيض فإنو سبب في‬
‫انعداـ نقيضو عقالن مثل الموت فإنو سبب لعدـ الحياة‪.‬‬
‫ج‪/‬سبب عادم‪ :‬كىو‪ :‬ما كاف مستمدان من العادة المألوفة المتكرر كقوعها كالذبح‪ ،‬فإنو‬
‫يتسبب في إزىاؽ الركح في العادة‪.‬‬
‫ٓ‪ /‬باعتبار اقترانو بالحكم كعدـ ذلك ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫أ‪/‬سبب متقدـ على الحكم‪ :‬كىذا ىو األصل كاألسباب الموجبة للصلوات‪ ،‬كالزكاة‪،‬‬
‫كالبيع‪ ،‬كالنكاح‪ ،‬كىو األكثر‪.‬‬
‫ب‪/‬سبب مقارف للحكم‪ :‬كقتل المسلم للكافر في الحرب‪ ،‬فإنو سبب َلستحقاؽ سلبو‬
‫فوران‪ ،‬كإحياء الموات فإنو سبب فورم للملك‪.‬‬
‫ٔ‪ /‬باعتبار اللفظ كالفعل‪ :‬ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫أ‪/‬سبب قولي‪ :‬كىو‪ :‬ما كاف معتمدا على القوؿ ‪ ،‬كصيغ العقود مثل البيع كالشراء‪.‬‬
‫ب‪/‬سبب فعلي‪ :‬كىو‪ :‬ما كاف ناشئان عن الفعل‪ ،‬كالقتل سبب للقصاص‪.‬‬

‫ِ‪ /‬الشرط‬

‫الشرط لغة كاحد الشركط مأخوذ من الشرط‪ -‬بالتحريك‪ -‬ككاحد األشراط كالمراد بو‬
‫العالمة‪.‬‬
‫ك اصطالحا‪ :‬ما يلزـ من عدمو العدـ‪ ،‬كَل يلزـ من كجوده كجود كَل عدـ لذاتو‪.‬‬
‫كالطهارة مثال فإنها شرط في صحة الصالة فيلزـ من عدـ كجود الطهارة عدـ كجود‬
‫الصالة الشرعية‪ ،‬كَل يلزـ من كجود الطهارة كجود الصالة‪ ،‬إذ قد يكوف اإلنساف‬
‫متطهران كيمتنع من فعل الصالة‪.‬‬
‫كلم يتعرض المؤلف كذلك إلى أقساـ الشرط ك يمكن أف نذكر أىمها ‪:‬‬
‫ُ‪ /‬باعتبار كصفو ينقسم إلى أربعة أقساـ‪:‬‬
‫القسم األكؿ‪ :‬شرط عقلي كىو‪ :‬ما َل يوجد المشركط عقالن بدكنو‪ ،‬كاشتراط الحياة‬
‫للعلم‪.‬‬
‫السلام لصعود السطح‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬شرط عادم‪ ،‬كىو‪ :‬ما يكوف شرطان عادة‪ ،‬كنصب ُّ‬
‫القسم الثالث‪ :‬شرط لغوم‪ ،‬كىو‪ :‬ما يذكر بصيغة التعليق مثل‪ " :‬إف نجحت فلك‬
‫جائزة "‪.‬‬
‫القسم الرابع‪ :‬شرط شرعي‪ ،‬كىو‪ :‬ما جعلو الشارع شرطان لبعض األحكاـ‪ ،‬كاشتراط‬
‫الطهارة لصحة الصالة‪.‬‬
‫ِ‪ /‬باعتبار قصد المكلف لو كعدـ ذلك‪ :‬ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫القسم األكؿ‪ :‬ما قصده الشارع قصدان كاضحان‪ ،‬كىو‪ :‬الذم يرجع إلى خطاب التكليف‪،‬‬
‫كىو‪ :‬إما أف يكوف مأموران بتحصيلو كالطهارة للصالة‪ ،‬كإما أف يكوف منهيان عن تحصيلو‬
‫كنكاح المحلل في مراجعة الزكجة لزكجها األكؿ‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬ما لم يقصد الشارع تحصيلو‪ ،‬كىو‪ :‬الذم يرجع إلى خطاب الوضع‬
‫كالحوؿ في الزكاة‪ ،‬فإف بقاء النصاب حتى يكمل الحوؿ ألجل أف تجب الزكاة ليس‬
‫مطلوب الفعل‪ ،‬كَل ىو مطلوب الترؾ‪.‬‬
‫ّ‪/‬باعتبار مصدره ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫القسم األكؿ‪ :‬شرط شرعي‪ ،‬كىو‪ :‬ما كاف مصدر اشتراطو الشارع‪ ،‬كىو‪ :‬المراد من‬
‫الشرط عند اإلطالؽ‪ ،‬كىو المقابل للسبب كالمانع‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬شرط جعلي‪ ،‬كىو‪ :‬ما كاف مصدر اشتراطو المكلف‪ ،‬حيث يعتبره كيعلق‬
‫عليو تصرفاتو كمعامالتو كاَلشتراط في البيوع كالنكاح‪.‬‬

‫ّ‪ /‬المانع‬

‫المانع في اللغة‪ :‬الحاجز‪ ،‬الحائل بين الشيئين‪ ،‬يقاؿ‪ " :‬منعو األمر "‪ ،‬ك " منعتو منو "‪،‬‬
‫فهو ممنوع أم‪ :‬محركـ‪ ،‬كالمانع‪ :‬اسم فاعل من المنع ضد اإلعطاء‪.‬‬
‫كاصطالحان‪ :‬ىو ما يلزـ من كجوده العدـ كَل يلزـ من عدمو كجود كَل عدـ لذاتو‪،‬‬
‫كالقتل في الميراث‪ ،‬كالحيض في الصالة‪ ،‬فإف كجد القتل امتنع الميراث‪ ،‬كإف كجد‬
‫الحيض امتنعت الصالة كقد ينعدماف كَل يلزـ ميراث كَل صالة‪ ،‬فهو بعكس الشرط إذ‬
‫الشرط يتوقف كجود المشركط على كجوده‪ ،‬كالمانع ينفى كجوده‪.‬‬
‫ك من األمثلة كذلك على المانع الدين فيلزـ من كجود ال ادين ‪ -‬مثالن ‪ -‬عدـ كجود‬
‫الحكم كىو‪ :‬كجوب الزكاة‪ ،‬كَل يلزـ من عدـ الدين الزكاة أك عدمها‪ ،‬فقد يكوف‬
‫الشخص غنيان يملك النصاب كحاؿ على مالو الحوؿ‪ ،‬فهذا تجب عليو الزكاة‪ ،‬كقد‬
‫يكوف فقيران فهذا َل تجب عليو الزكاة‪.‬‬
‫ك ينقسم المانع باعتبار ما يمنعو من حكم أك سبب إلى قسمين‪:‬‬
‫القسم األكؿ‪ :‬مانع الحكم‪ ،‬كىو‪ :‬كل كصف كجودم ظاىر منضبط لحكمة تقتضي‬
‫نقيض حكم السبب مع تحقق السبب‪ ،‬كالحيض فإنو مانع من كجوب الصالة مع‬
‫تحقق السبب كىو‪ :‬دخوؿ الوقت‪ ،‬فقد ترتب ‪ -‬ىنا ‪ -‬على كجود المانع عدـ ترتب‬
‫المسبب على سببو‪.‬‬
‫كىذا القسم ‪ -‬كىو‪ :‬مانع الحكم ‪ -‬ثالثة أشياء‪:‬‬
‫الشيء األكؿ‪ :‬مانع يمنع ابتداء الحكم ‪ -‬فقط – دكف استمراره مثل‪ :‬اإلسالـ‪ ،‬فإنو‬
‫يمنع ابتداء السبي‪ ،‬كلكنو َل يمنع استمراره‪ ،‬فلو أسلم بعد أف صار مملوكان فإنو َل‬
‫ينقطع عنو الرؽ‪.‬‬
‫الشيء الثاني‪ :‬مانع يمنع دكاـ الحكم كاستمراره ‪ -‬فقط ‪ -‬دكف ابتداء الحكم‬
‫كالطالؽ‪ ،‬فإنو يمنع من الدكاـ على النكاح األكؿ‪ ،‬كلكنو َل يمنع من ابتداء نكاح‬
‫ثاني‪.‬‬
‫الشيء الثالث‪ :‬مانع يمنع ابتداء الحكم‪ ،‬كيمنع أيضان استمراره‪ ،‬كالرضاع فإنو يمنع‬
‫ابتداء النكاح على امرأة ىي أختو من الرضاع‪ ،‬كما يمنع استمراره‪ ،‬إذا طرأ عليو‪،‬‬
‫ككذلك " الحدث " يمنع انعقاد العبادة ابتداء كما يمنع صحتها إذا طرأ عليها‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬مانع السبب‪ ،‬كىو‪ :‬كل كصف يقتضي كجوده حكمة تخل بحكمة‬
‫السبب كال ادين في باب الزكاة؛ حيث إنو مانع من كجوب الزكاة؛ ألف السبب في‬
‫كجوب الزكاة ىو‪ :‬بلوغ النصاب حيث إنو يفيد غنى من يملك ىذا النصاب‪ ،‬فطلب‬
‫منو مواساة الفقراء من فضل ذلك الماؿ‪ ،‬كىذه ىي الحكمة‪ ،‬كلكن ال ادين في الماؿ لم‬
‫يدع فضالن يواسي بو الفقير‪ ،‬حيث إف النصاب قد صار مشغوَلن بحقوؽ الغرماء‪ ،‬فهنا‬
‫قد أخل ال ادين بحكمة السبب‪ ،‬فكانت رعاية براءة الذمة من الذين أكلى من رعاية‬
‫مواساة الفقراء‪.‬‬
‫ْكٓ‪/‬العزيمة ك الرخصة‬

‫كالعزيمة ىي‪ :‬ثبات الحكم كعدـ تغييره‪.‬‬


‫كالرخصة ىي‪ :‬تغيير الحكم إلى سهولة؛ بسبب عذر اقتضى ذلك مع بقاء سبب‬
‫الحكم األصلي‪ ،‬كأكل الميتة في حق من يخاؼ على نفسو الهالؾ من الجوع‪ ،‬فهذا‬
‫ت ىعلىٍي يك يم ال ىٍم ٍيتىةي}‬
‫{ح ٍّرىم ٍ‬
‫رخصة‪ ،‬فالحكم الشرعي األصلي ىو حرمة أكل الميتة‪ :‬ي‬
‫[المائدة‪ ، ]ّ:‬كسبب تحريمها قائم كىو خبثها كالضرر المترتب على أكلها‪ ،‬لكن‬
‫الحكم الشرعي ىنا تغير إلى سهولة؛ لعذر كىو جوع ىذا اإلنساف الذم أبيح لو أكل‬
‫الميتة‪ ،‬مع قياـ سبب الحكم األصلي الذم ىو الخبث في الميتة‪.‬‬
‫العزيمة كالرخصة قيل ‪ :‬أنهما من أقساـ الحكم التكليفي ‪.‬‬
‫ألف األكؿ ‪ :‬اسم لما طلبو الشارع أك أباحو على كجو العموـ ‪.‬‬
‫كالرخصػػة ‪ :‬اسػػم لمػػا أباحػػو الشػػارع عنػػد الضػػركرة تخفيفػػا عػػن المكلفػػين كدفعػػا للحػػرج‬
‫عنهم ‪ ،‬كالطلب كاإلباحة من أقساـ الحكم التكليفي ‪.‬‬
‫كذىب البعض إلي أف العزيمة كالرخصة من أقساـ الحكم الوضعي ‪ ،‬باعتبػار أف العزيمػة‬
‫ترجػػع إلػػي أف الشػػارع جعػػل األحػػواؿ العاديػػة للمكلفػػين سػػببا لبقػػاء األحكػػاـ األصػػلية‬
‫كاستمرارىا ‪ ،‬كأف الرخصة ترجع إلي جعل الشارع األحػواؿ الطارئػة غيػر اَلعتياديػة سػببا‬
‫للتخفيف عن المكلفين ‪ ،‬كالسبب من أقساـ الحكم الوضعي ‪.‬‬
‫ك تنقسم الرخصة إلى عدة أقساـ ىي كما يلي‪:‬‬
‫القسم األكؿ‪ :‬رخصة كاجبة‪ ،‬أم‪ :‬يجب األخذ بالرخصة‪ ،‬فإف امتنع عن ذلك‪ ،‬ثم‬
‫مات‪ ،‬أك لحقو ضرر‪ ،‬فإنو يأثم بذلك‪ ،‬كمن أمثلة ذلك‪ :‬شرب الخمر لمن غص بلقمة‪،‬‬
‫(كىَل‬
‫كخشي علي نفسو الهالؾ‪ ،‬كلم يجد ما يسيغها إَل بو‪ ،‬كقلنا ذلك لقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫تىػ ٍقتيػليوا أىنٍػ يف ى‬
‫س يك ٍم) ‪ .‬كجو الدَللة‪ :‬أنو لو لم يدفع ىذه الغصة بجرعة من الخمر‪ ،‬ثم‬
‫مات‪ ،‬لكاف قاتالن لنفسو‪ ،‬لذلك يجب عليو شرب الخمر إلساغة ىذه اللقمة؛ إبقاء‬
‫لحياتو‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬رخصة مندكبة‪ ،‬أم‪ :‬إف أخذ بتلك الرخصة فلو أجر‪.‬مثالو‪ :‬اإلبراد في‬
‫صالة الظهر في شدة الحر‪ ،‬فإنو رخصة مندكبة‪ ،‬كقلنا ذلك لوركد األمر بو مع ذكر‬
‫العلاة‪ ،‬كىي‪ :‬أف شدة الحر من فيح جهنم‪ ،‬حيث قاؿ ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪:-‬‬
‫"ابردكا فإف شدة الحر من فيح جهنم "‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬رخصة مباحة‪ ،‬كمن أمثلة ذلك‪:‬العرايا‪ ،‬كىي‪ :‬بيع الرطب على رؤكس‬
‫النخل بقدر كيلو من التمر خرصان فيما دكف خمسة أكسق‪ ،‬فالقياس‪ :‬عدـ جواز مثل‬
‫ىذا البيع؛ لما فيو من الجهالة كالغرر‪ ،‬كلكن رخص الشارع في العرايا للحاجة إليها‪.‬‬

‫الصحة ك الفساد‬

‫الصحيح في اللغة‪ :‬معناه السليم من المرض الذم ليس فيو عيب‪ ،‬كمنو قوؿ الشاعر‪:‬‬
‫كليل يقوؿ المرء سواء صحيحات العيوف كعورىا (صحيحات العيوف) ‪ ،‬أم‪ :‬السليمات‬
‫المبصرات‪( .‬كعورىا) ‪ ،‬أم‪ :‬اللواتي َل تبصر‪.‬‬
‫كفي اَلصطالح‪ :‬ما يتعلق بو اعتداد في العبادات‪ ،‬كنفوذ في المعامالت‪ ،‬كأف تقع‬
‫الصالة مثال مستوفاة شركطها تامة أركانها مع انتفاء الموانع كلو في اعتقاد الفاعل‬
‫ككذلك البيع يقع من جائز التصرؼ على مباح مقدكر على تسليمو مملوؾ في نفس‬
‫األمر‪ ،‬فلو باع ما يظن أنو ملك غيره فباف أنو ملكو صح البيع‪ ،‬إذ المعامالت مبناىا‬
‫على ما في نفس األمر كالعبادات على ما في اعتقاد الفاعل‪.‬‬
‫فالصحة إذا توصف بها العبادة كالعقد‪ ،‬فيقاؿ‪ :‬ىذه عبادة صحيحة‪.‬‬
‫أم‪ :‬رافعة للتكليف بها‪ ،‬كحينئذ يوافقها اإلجزاء‪ ،‬كاإلجزاء بمعنى‪ :‬أنو َل يطلب إعادة‬
‫تلك العبادة كَل قضاؤىا؛ ألنها صحيحة‪.‬‬
‫كيوصف بها العقد فيقاؿ‪ :‬ىذا بيع صحيح أك نكاح صحيح كمعنى ذلك‪ :‬أنو يترتب‬
‫عليو األثر‪ ،‬فالبيع الصحيح أثره‪ :‬ملك البائع للثمن كملك المشترم للسلعة‪ ،‬كالنكاح‬
‫الصحيح يترتب عليو‪ :‬جواز اَلستمتاع كملك الزكجة للصداؽ‪ ،‬كترتب الحقوؽ التي‬
‫تترتب على النكاح الصحيح من اإلرث ككجوب النفقة كالسكنى كغير ذلك‪ .‬فالٍعي يقود‬
‫ص ًحيحة‪.‬‬ ‫إًذا أفادت الٍم ٍقصود ال ا ً‬
‫ش ٍرع ٌي سميت ى‬ ‫ى ي‬
‫كالصحة في اصطالح الفقهاء تطلق في العبادات كفي المعامالت فالصحة عندىم في‬
‫العبادات ىي اإلجزاء كإسقاط القضاء‪ :‬فكل عبادة فعلت على كجو يجزئ كيسقط‬
‫القضاء فهي صحيحة‪.‬‬
‫كالصحة عندىم في المعامالت ىي ترتب األثر المقصود من العقد على العقد‪.‬‬
‫كأما عند المتكلمين فضابط الصحة مطلقان في العبادات كغيرىا ىي موافقة ذم‬
‫الوجهين الشرعي منهما‪ ،‬كإيضاحو أف كل فعل‪ ،‬عبادة كاف أك معاملة‪َ ،‬ل يخلو من أحد‬
‫أمرين‪ ،‬إما أف يكوف موافقان للوجو الشرعي أك مخالفان لو فإف كقع موافقان لو فهو‬
‫الصحيح كالقائلوف بهذا القوؿ منهم من قاؿ إف الموافقة للوجو الشرعي َلبد أف تكوف‬
‫كاقعة في نفس األمر كَل يكفي فيها ظن المكلف الموافقة‪ ،‬إف كانت غير حاصلة في‬
‫نفس األمر‪ ،‬كمنهم من قاؿ تكفي الموافقة في اعتقاد المكلف كإف لم تحصل في‬
‫نفس األمر كمن صلى يظن أنو متطهر كىو محدث‪،‬‬
‫فالموافقة للوجو الشرعي حاصلة في ظنو َل في نفس األمر فمن قاؿ يكفي في ذلك‬
‫اعتقاده قاؿ صالتو صحيحة كىو قوؿ بعض المتكلمين ‪ ،‬كبعضهم يقوؿ ىي صحيحة‬
‫كلكن يجب قضاؤىا كبعضهم يقوؿ ىي صحيحة َل يجب قضاؤىا كعامة الفقهاء على‬
‫أنها باطلة َلختالؿ شرط الصحة كىو الطهارة‪.‬‬
‫أما الفساد فهو في اللغة ضد الصالح كىو في اصطالح الفقهاء في العبادات ىو‬
‫عدـ اإلجزاء كعدـ إسقاط القضاء ككل عبادة فعلت على كجو لم يجزئ كلم يسقط‬
‫القضاء فهي فاسدة‪.‬‬
‫كفي المعامالت عدـ ترتب األثر المقصود من العقد على العقد فكل نكاح لم يفد‬
‫إباحة التلذذ بالمنكوحة فهو فاسد ككل شراء لم يفد إباحة التصرؼ في المشترل فهو‬
‫فاسد‪ ،‬كعند المتكلمين الفساد ىو مخالفة ذم الوجهين الشرعي منهما (كالفاسد‬
‫كالباطل مترادفاف) فمعناىما كاحد عند الجمهور كخالف في ذلك اإلماـ أبو حنيفة‬
‫النعماف بن ثابت فجعل الباطل ىو ما منع بوصفو كأصلو كبيع الخنزير بالدـ كجعل‬
‫الفاسد ىو ما شرع بأصلو كمنع بوصفو كبيع الدرىم بالدرىمين فهو مشركع بأصلو كىو‬
‫بيع درىم بدرىم ممنوع بوصفو الذم ىو الزيادة التي سببت الربا كلذا لو حذؼ الدرىم‬
‫الزائد عنده صح البيع في الدرىم الباقي بالدرىم على أصل بيع الدرىم بالدرىم يدان‬
‫بيد قاؿ في مراقي السعود‪:‬‬
‫كقابل الصحة بالبطالف ‪ ...‬كىو الفساد عند أىل الشاف‬
‫كخالف النعماف فالفساد ‪ ...‬ما نهيو بالوصف يستفػ ػ ػ ػ ػاد‬

‫ً‬
‫العلم‬

‫تعريفو‪:‬‬
‫العلم‪ :‬إدراؾ الشيء على ما ىو عليو إدراكان جازمان؛ كإدراؾ أف الكل أكبر من الجزء‪،‬‬
‫كأف النية شرط في العبادة‪.‬‬

‫ىذه بعض المصطلحات التي يقدـ بها األصوليوف بين يدم البحث في ىذا العلم‪،‬‬
‫فيذكركف تعريف العلم كالجهل كغير ذلك‪.‬‬
‫كلها ىَل تعرؼ إًاَل بًال ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ٍعلم‪،‬‬ ‫ك اختلف في حد الٍعلم فقيل ‪ :‬الٍعلم ىَل يحد؛ ألىف ٍاألى ٍشيىاء ى‬
‫ٍحد ي ٍكشف ىعن ىح ًقي ىقة ال ىٍم ٍح يدكد‪ :‬فىػلىو حد الٍعلم فى ىال يى ٍخليو أىف يحد بً ًو‪ ،‬أىك بًغىٍي ًرهً‪.‬فىًإف‬ ‫ىكال ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫محاؿ؛ ًألىناوي‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حد بًغىٍي ًره‪ :‬ىكا ىف محاَلن؛ ألىف الٍعلم ىَل ي ٍن ىكشف بًغىٍي ًره ىكإًف حد بًو‪ :‬فىػ يه ىو أىيٍضا ى‬
‫فس ًو‪.‬ك اختار ىذا الجويني في كتابو البرىاف‪.‬‬ ‫شيء بًنى ً‬
‫ىَل يعرؼ ال ا ٍ‬
‫ك قاؿ الجمهور بل يحد ‪ ،‬ك اختلفوا في حده ‪:‬‬
‫كرةو أ ٍىك‬ ‫ش ٍي ًء ىعلىى ىما يى ىو بً ًو ىع ٍن ى‬
‫ض ير ى‬ ‫اد ال ا‬ ‫اؿ‪ :‬يى ىو ا ٍعتً ىق ي‬ ‫قاؿ الشوكاني‪ « :‬فى ًم ٍنػ يه ٍم ىم ٍن قى ى‬
‫ىدلً و‬
‫يل‪.‬‬
‫يدهً بًال ً‬ ‫اد الٍم ٍذ يكور يػع ُّم الٍجا ًزـ كغىيػر الٍجا ًزًـ‪ ،‬ك ىعلىى تىػ ٍق ًدي ًر تىػ ٍقيً ً‬ ‫ً ً‬ ‫ًً‬
‫ج‬‫ٍجا ًزـ يى ٍخ ير ي‬‫ى‬ ‫ىكفيو‪ :‬أى اف اَل ٍعت ىق ى ى ى ى ي ى ى ى ٍ ى ى ى‬
‫ش ٍي وء اتٍّػ ىفاقنا‪.‬‬
‫س بً ى‬ ‫ىع ٍنوي ال ًٍعلٍم بًال يٍم ٍستى ًح ً ً‬
‫يل‪ ،‬فىإناوي لىٍي ى‬ ‫ي‬
‫وـ ىعلىى ىما يى ىو بً ًو‬ ‫اؿ‪ :‬ىو مع ًرفىة الٍمعلي ً‬ ‫ً‬
‫ىكم ٍنػ يه ٍم ىم ٍن قى ى ي ى ى ٍ ي ى ٍ‬
‫اؿ‪ :‬يى ىو‬ ‫ٍم اللا ًو ىع از ىك ىج ال؛ إذ َل يسمى معرفة‪ .‬ىكًم ٍنػ يه ٍم ىم ٍن قى ى‬ ‫ك عل ي‬
‫كفً ًيو‪ :‬أىناو ي ٍخرج عن ىذلً ى ً‬
‫يى ي ي ىٍ‬ ‫ى‬
‫ب لً ىم ٍن قاـ بو اسم العالم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وجب ىكو ىف من قى ً ً ً‬
‫اـ بو ىعال نما أ ٍىك ييوج ي‬ ‫الاذم يي ي ٍ ى ٍ ى‬
‫ً ً‬
‫يف ال ًٍعل ًٍم‪.‬‬‫كفيو‪ :‬أف يستىػلٍ ًزيـ ال اد ٍكر ًألى ٍخ ًذ ال ىٍعالً ًم فًي تىػ ٍع ًر ً‬
‫ى‬ ‫ىٍ‬
‫اـ بً ًو إًتٍػ ىقا يف ال ًٍف ٍع ًل‪.‬‬ ‫ً ً‬ ‫ىكًم ٍنػ يه ٍم ىم ٍن قى ى‬
‫اؿ‪ :‬يى ىو ىما يىص ُّح م ام ٍن قى ى‬
‫يل‪.‬‬‫ات ىما ىَل يىػ ٍق ًد ير ال ىٍعالً يم ىعلىى إًتٍػ ىقانًًو‪ ،‬ىكال يٍم ٍستى ًح ً‬ ‫كفً ًيو‪ :‬أى اف فًي الٍم ٍعليوم ً‬
‫ى ى‬ ‫ى‬
‫اؿ‪ :‬يى ىو ا ٍعتً ىقا هد ىجا ًزهـ يمطىابً هق‪.‬‬ ‫ىكًم ٍنػ يه ٍم ىم ٍن قى ى‬
‫ٍم‪.‬‬ ‫كفً ًيو‪ :‬أىناو ي ٍخرج ع ٍنو التاص ُّور ي ً ً‬
‫ات ىكى ىي عل ه‬ ‫يى يي ىي ى ى‬ ‫ى‬
‫اصلىةي ًع ٍن ىد ال ىٍع ٍق ًل‪.‬‬ ‫الصورةي الٍح ً‬ ‫وؿ صورةً ال ا ً ً‬ ‫ىكًم ٍنػ يه ٍم ىم ٍن قى ى‬
‫ش ٍيء في ال ىٍع ٍق ًل‪ ،‬أى ًك ُّ ى ى‬ ‫ص ي ي ى‬ ‫اؿ‪ :‬يى ىو يح ي‬
‫ب‪.‬‬ ‫ٍج ٍه ىل ال يٍم ىراك ى‬
‫ك ىكال ىٍو ٍى ىم‪ ،‬ىكال ى‬ ‫شا‬ ‫ىكفً ًيو‪ :‬أىناوي يىػتىػنى ىاك يؿ الظا ان‪ ،‬ىكال ا‬
‫ىع ٍّم‪ ،‬ال ا ً ً‬
‫ورةً‪.‬‬
‫شام ًل ل ٍأل ييموًر ال ىٍم ٍذ يك ى‬ ‫ض يه ٍم ىى ىذا ىح ًّدا لًل ًٍعل ًٍم بًال ىٍم ٍعنىى ٍاأل ى‬ ‫ىكقى ٍد ىج ىع ىل بىػ ٍع ي‬
‫وـ ال ًٍعل ًٍم‬
‫ف ىم ٍف يه ى‬ ‫ب‪ ،‬يي ىخالً ي‬ ‫ٍج ٍه ًل ال يٍمراك ً‬
‫ى‬ ‫ك‪ ،‬ىكال ىٍو ٍى ًم ىكال ى‬ ‫ش ٍّ‬‫اس ًم ال ًٍعل ًٍم ىعلىى ال ا‬ ‫ىكفيو‪ :‬أى اف إًط ىٍال ىؽ ٍ‬
‫ًً‬
‫اص ًط ىال نحا‪.‬‬
‫ليغىةن ىك ٍ‬
‫وـ ىعلىٍي ًو‪ ،‬ىكبً ًو‪ -‬نىًق ى‬
‫يضوي‪.‬‬ ‫ىم‪ :‬ال ىٍم ٍح يك ي‬ ‫اؿ‪ :‬يى ىو يح ٍك هم ىَل يى ٍحتى ًم يل طىىرفىاهي ‪-‬أ ً‬ ‫ىكًم ٍنػ يه ٍم ىم ٍن قى ى‬
‫ً‬ ‫ًً‬
‫ٍم‪.‬‬
‫اص ُّوير ىك يى ىو عل ه‬ ‫ج ىع ٍنوي الت ى‬ ‫ىكفيو‪ :‬أىناوي يى ٍخ ير ي‬
‫يض بًىو ٍج وو‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ب تى ٍميًي نزا ل ىم ىحلٍّ ىها ىَل يى ٍحتى ًم يل الناق ى‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اؿ‪ :‬يى ىو ص ىفةه تيوج ي‬ ‫ىكًم ٍنػ يه ٍم ىم ٍن قى ى‬
‫ادةً بًالٍ يق ٍدرةً‬ ‫اف ىخ ٍر ًؽ ال ىٍع ى‬‫ادةً تى ٍحتى ًمل الن ًاقيض‪ًً ،‬إل ٍم ىك ً‬ ‫وـ ال يٍم ٍستىنً ىدةى إًلىى ال ىٍع ى‬ ‫ًً‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ىكفيو‪ :‬أى اف الٍعيلي ى‬
‫اإللى ًهيا ًة‪.‬‬
‫ًٍ‬
‫ٍم ٍد ًر ًؾ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ًً‬ ‫ً‬
‫اؿ‪ :‬يى ىو ص ىفةه يىػتى ىجلاى بو ال يٍم ٍد ىر يؾ لل ي‬ ‫ىكًم ٍنػ يه ٍم ىم ٍن قى ى‬
‫ً‬ ‫يف ال ا ً ً ً ً‬ ‫اؾ ىم ىجا هز ىع ًن ال ًٍعل ًٍم فىػيىػل ىٍزيـ تىػ ٍع ًر ي‬ ‫ىكفً ًيو‪ :‬أى اف ًٍ‬
‫ش ٍيء بنىػ ٍفسو‪ ،‬ىم ىع ىك ٍوف ال ىٍم ىجا ًز ىم ٍه يج ن‬
‫ورا‬ ‫اإل ٍد ىر ى‬
‫ص غىٍيػ ير‬ ‫ىخ ٍّ‬ ‫س ٍاأل ى‬ ‫ً‬ ‫ات‪ ،‬ك ىد ٍعول ا ٍشتًها ًرهً فًي الٍم ٍعنىى ٍاأل ى ا ً‬ ‫فًي التػ ٍ‬
‫اع ًري ىف ً‬
‫ىع ٍّم الذم يى ىو ج ٍن ي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى ى‬
‫سلا ىم وة‪ »....‬ق إلى آخر كالمو‪.‬‬ ‫يم ى‬
‫ك ما اختاره المؤلف أقرب ‪ ،‬ك يمكن تعريفو كذلك بأنو معرفة الشيء على ما ىو عليو‪،‬‬
‫أك على ما ىو بو في الواقع‪.‬‬

‫يسمى «الجهل البسيط»‪ ،‬مثل‬


‫فخرج بقولنا‪« :‬إدراؾ الشيء»؛ عدـ اإلدراؾ بالكلية ك ٌ‬
‫أف ييسأؿ‪ :‬متى كانت غزكة بدر؟ فيقوؿ‪َ :‬ل أدرم‪.‬‬

‫من شركط العلم إدراؾ الشيء كمعرفتو على ما ىو عليو في الواقع فإف عدـ ىذا‬
‫اإلدراؾ بأف غاب عن الذىن بالكلية سمي جهال بسيطا مثالو‪ :‬عدـ العلم بما تحت‬
‫األراضي ك في أعماؽ البحار ك أقاصي أطراؼ السموات ‪ ،‬ك كأف يسأؿ أحد مثال‪ :‬من‬
‫أكؿ من بايع رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم تحت الشجرة؟ فيقوؿ ‪َ :‬ل أدرم أك َل‬
‫أعلم أك ليس عندم علم ‪...‬فهذا كلو يسمى جهال بسيطا‪.‬‬

‫كيسمى‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬على ما ىو عليو»؛ إدراكو على كجو يخالف ما ىو عليو‪ٌ ،‬‬
‫«الجهل المركب»‪ ،‬مثل أف ييسأؿ‪ :‬متى كانت غزكة بدر؟ فيقوؿ‪ :‬في السنة الثالثة من‬
‫الهجرة‪.‬‬

‫ينبغي التمييز بين نوعين من الجهل ‪ :‬الجهل البسيط ك الجهل المركب‪.‬‬


‫فأما الجهل البسيط فكما عرفو المؤلف ىو عدـ اإلدراؾ بالكلية ك غياب صورة العلم‬
‫عن الذىن تماما ‪ ،‬ك أما الجهل المركب فهو إدراؾ الشيء على كجو يخالف ما ىو‬
‫عليو في الواقع ك الحقيقة ‪:‬فهو أقبح أنواع الجهل ألنو يتكوف من جهلين ‪ :‬عدـ العلم‬
‫بالشيء ك عدـ العلم بجهل الشيء مثالو ‪ :‬لو سئل أحد ‪ :‬متى كلد رسوؿ اهلل صلى اهلل‬
‫عليو ك سلم ؟ فقاؿ‪ :‬كلد في القرف األكؿ للميالد ‪.‬‬
‫ك من الطريف بيتاف شعرياف عن حمار رجل معركؼ بالجهل المركب يدعى الحكيم‬
‫توما حيث قالوا على لساف حماره ‪:‬‬
‫قاؿ حمار الحكيم يومان ‪ ...‬لو أنصف الدىر كنت أركب‬
‫ألنني جاىل بسيط ‪ ...‬كصاح ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػبي جاىل مركب‬
‫يعني صاحبو الذم ركبو أجهل منو؛ ألنو َل يدرم أنو َل يدرم‪ ،‬فجهلو مركب من‬
‫جهلين‪.‬‬
‫كالشعراء يتجاكزكف في مثل ىذا فينسبوف بعض األفعاؿ إلى الدىر‪ ،‬كىنا يقوؿ‪ :‬لو‬
‫أنصف الدىر كنت أركب!‬

‫ك خرج بقولنا‪« :‬إدراكان جازمان»؛ إدراؾ الشيء إدراكان غير جازـ‪ ،‬بحيث يحتمل عنده‬
‫أف يكوف على غير الوجو الذم أدركو‪ ،‬فال يسمى ذلك علمان‪ .‬ثم إف ترجح عنده أحد‬
‫اَلحتمالين فالراجح ظن كالمرجوح ىكىم‪ ،‬كإف تساكل األمراف فهو شك‪.‬‬

‫إدراؾ الشيء إما أف يكوف جازما أك غير جازـ‪ .‬فإف كاف جازما فهو العلم ك قد سبق‬
‫الكالـ عليو كإف كاف غير جازـ فال يخلو من احتمالين‪ :‬إما أف يترجح عنده الشيء‬
‫فيكوف ظنا أك َل يترجح فيكوف كىما ك إما أف يستوم عنده الطرفاف فيكوف شكا‬
‫مثاؿ الظن ‪ :‬أف يرل أحد سحابا ثخينا فيغلب على ظنو أف السماء ستمطر ‪.‬‬
‫مثاؿ الوىم ‪:‬أف يسأؿ أحد ىل قدـ أبوؾ من السفر؟ فيجيب ‪َ :‬ل ‪.‬ظنا منو أنو لم يأت‬
‫بعد ك أبوه قد جاء بالفعل‪.‬‬
‫مثاؿ الشك ‪:‬أف يسأؿ أحد‪ :‬أقدـ علي أـ أحمد؟ فال يدرم أيهما قدـ َلستواء الطرفين‬
‫عنده ك َل مزية ألحدىما على اآلخر‪.‬‬

‫كبهذا تبيٌن أف تعلق اإلدراؾ باألشياء كاآلتي‪:‬‬


‫ُ ‪ -‬علم؛ كىو إدراؾ الشيء على ما ىو عليو إدراكان جازمان‪.‬‬
‫ِ ‪ -‬جهل بسيط؛ كىو عدـ اإلدراؾ بالكلية‪.‬‬
‫ّ‪ -‬جهل مركب؛ كىو إدراؾ الشيء على كجو يخالف ما ىو عليو‪.‬‬
‫ْ ‪ -‬ظن‪ ،‬كىو إدراؾ الشيء مع احتماؿ ضد مرجوح‪.‬‬
‫ٓ ‪ -‬كىم‪ ،‬كىو إدراؾ الشيء مع احتماؿ ٍّ‬
‫ضد راجح‪.‬‬
‫ٔ ‪ -‬شك‪ ،‬كىو إدراؾ الشيء مع احتماؿ ٍّ‬
‫ضد مساك‪.‬‬

‫ختاما لهذا المبحث أذكر كالما لإلماـ أبي إسحاؽ الشيرازم في اللمع حيث قاؿ‪:‬‬
‫« فأما العلم فهو معرفة المعلوـ على ما ىو عليو‪ .‬كقالت المعتزلة‪ :‬ىو اعتقاد الشيء‬
‫على ما ىو بو مع سكوف النفس إليو كىذا غير صحيح ألف ىذا يبطل باعتقاد العاصي‬
‫فيما يعتقده فإف ىذا المعنى موجود فيو كليس ذلك بعلم‪.‬‬
‫كحد الجهل تصور المعلوـ على خالؼ ما ىو بو‪ ،‬كالظن تجويز أمرين أحدىما أظهر‬
‫من اآلخر كاعتقاد اإلنساف فيما يخبر بو الثقة أنو على ما أخبر بو كإف جاز أف يكوف‬
‫جوز أف‬
‫كظن اإلنساف في الغيم المشف الثخين أنو يجيء منو المطر كإف ٍّ‬
‫بخالفو ٍّ‬
‫ينقشع عن غير مطر كاعتقاد المجتهدين فيما يفتوف بو في مسائل الخالؼ كإف جوزكا‬
‫أف يكوف األمر بخالؼ ذلك كغير ذلك مما َل يقطع بو‪.‬‬
‫كالشك تجويز أمرين َل مزية ألحدىما على اآلخر ٍّ‬
‫كشك اإلنساف في الغيم غير‬
‫المشف أنو يكوف منو مطر أـ َل ٍّ‬
‫كشك المجتهد فيما لم يقطع بو من األقواؿ كغير‬
‫ذلك من األمور التي َل يغلب فيها أحد التجوزين على اآلخر‪ ».‬انتهى ملخصا‬
‫قولو ‪« :‬حد الجهل تصور المعلوـ على خالؼ ما ىو بو» إنما عرؼ نوعا كاحدا من‬
‫الجهل أَل كىو الجهل المركب أما الجهل البسيط فهو عدـ العلم بالشيء‪.‬‬

‫أقساـ العلم‪:‬‬
‫ينقسم العلم إلى قسمين‪ :‬ضركرم كنظرم‪.‬‬
‫ُ ‪ -‬فالضركرم‪ :‬ما يكوف إدراؾ المعلوـ فيو ضركريًّا‪ ،‬بحيث يضطر إليو من غير نظر‬
‫كَل استدَلؿ؛ كالعلم بأف الكل أكبر من الجزء‪ ،‬كأف النار حارة‪ ،‬كأف محمدان رسوؿ‬
‫اهلل‪.‬‬
‫ِ ‪ -‬كالنظرم‪ :‬ما يحتاج إلى نظر كاستدَلؿ؛ كالعلم بوجوب النية في الصالة‪.‬‬

‫العلم ضرباف‪ :‬قديم كمحدث‪ .‬فالقديم علم اهلل عز كجل كىو متعلق بجميع المعلومات‬
‫كَل يوصف ذلك بأنو ضركرم كَل مكتسب‪ ،‬كالمحدث علم الخلق كقد يكوف ذلك‬
‫ضركريا كقد يكوف مكتسبا‪ ،‬فالضركرم كل علم لزـ المخلوؽ على كجو َل يمكنو دفعو‬
‫عن نفسو بشك كَل شبهة كذلك كالعلم الحاصل عن الحواس الخمس التي ىي السمع‬
‫كالبصر كالشم كالذكؽ كاللمس كالعلم بما تواترت بو األخبار من ذكر األمم السالفة‬
‫كالبالد النائية كما يحصل في النفس من العلم بحاؿ نفسو من الصحة كالسقم كالغم‬
‫كالفرح كما يعلمو من غيره من النشاط كالفرح كالغم كالترح كخجل الخجل ككجل‬
‫الوجل كما أشبهو مما يضطر إلى معرفتو‪ ،‬كالمكتسب كل علم يقع على نظر كاستدَلؿ‬
‫كالعلم بحدكث العالم كإثبات الصانع كصدؽ الرسل ككجوب الصالة كأعدادىا‬
‫صبًها كغير ذلك مما يعلم بالنظر كاَلستدَلؿ‪.‬‬
‫ككجوب الزكاة كني ى‬

‫الكالـ‬

‫لما فرغ المؤلف من مقدمة الكتاب ك مباحث األحكاـ كالعلم‪ ،‬شرع في باب الكالـ ك‬
‫ما يتفرع عنو‪.‬‬
‫ك الكالـ في اللغة‪ :‬يطلق على عدة أمور‪ ،‬منها الخط‪ ،‬كقوؿ عائشة رضي اهلل عنها‪( :‬ما‬
‫بين دفتي المصحف كالـ اهلل) كالذم بين الدفتين ىو الخطوط‪.‬‬
‫ككذلك يطلق الكالـ على اإلشارة‪ ،‬كقوؿ الشاعر‪ :‬إذا كلمتني بالعيوف الفواتر رددت‬
‫عليها بالدموع البوادر كلم يعلم الواشوف ما كاف بيننا كقد قضيت حاجتنا بالضمائر‬
‫كيطلق الكالـ ‪ ،‬كذلك على ما يفهم من حاؿ الشيء‪.‬‬
‫كعمي صباحان دار عبلة كاسلمي‬ ‫يا دار عبلة بالجواء تكلمي‬
‫ك الكالـ كذلك مأخوذ من الكلم‪ ،‬كىو‪ :‬الجرح الذم يؤثر في نفس المجركح‪ ،‬كمن‬
‫كلم غيره فقد أثر في قلبو بتفهيم غرضو كمقصده‪ ،‬فيسمى ذلك كالما‪.‬‬

‫تعريفو‪:‬‬
‫الكالـ لغة‪ :‬اللفظ الموضوع لمعنى‪.‬‬
‫كاصطالحان‪ :‬اللفظ المفيد مثل‪ :‬اهلل ربنا كمحمد نبينا‪.‬‬
‫كأقل ما يتألف منو الكالـ اسماف‪ ،‬أك فعل كاسم‪.‬‬
‫مثاؿ األكؿ‪ :‬محمد رسوؿ اهلل‪ ،‬كمثاؿ الثاني‪ :‬استقاـ محمد‪.‬‬
‫ككاحد الكالـ كلمة كىي‪ :‬اللفظ الموضوع لمعنى مفرد كىي إما اسم‪ ،‬أك فعل‪ ،‬أك‬
‫حرؼ‪.‬‬

‫الكالـ في اللغة اسم لكل ما يتكلم بو مفيدا كاف أك غير مفيد قالو ابن عقيل في‬
‫شرحو لأللفية ك قاؿ أيضا‪:‬‬
‫« كالكلم‪ :‬اسم جنس كاحده كلمة كىي إما اسم كإما فعل كإما حرؼ ألنها إف دلت‬
‫على معنى في نفسها غير مقترنة بزماف فهي اَلسم كإف اقترنت بزماف فهي الفعل كإف‬
‫لم تدؿ على معنى في نفسها بل في غيرىا فهي الحرؼ‪.‬‬
‫كالكلم‪ :‬ما تركب من ثالث كلمات فأكثر كقولك إف قاـ زيد‪.‬‬
‫كالكلمة‪ :‬ىي اللفظ الموضوع لمعنى مفرد فقولنا الموضوع لمعنى أخرج المهمل كديز‬
‫كقولنا مفرد أخرج الكالـ فإنو موضوع لمعنى غير مفرد ثم ذكر المصنف رحمو اهلل‬
‫تعالى أف القوؿ يعم الجميع كالمراد أنو يقع على الكالـ أنو قوؿ كيقع أيضا على الكلم‬
‫كالكلمة أنو قوؿ كزعم بعضهم أف األصل استعمالو في المفرد ثم ذكر المصنف أف‬
‫الكلمة قد يقصد بها الكالـ كقولهم في َل إلو إَل اهلل كلمة اإلخالص كقد يجتمع‬
‫الكالـ كالكلم في الصدؽ كقد ينفرد أحدىما فمثاؿ اجتماعهما قد قاـ زيد فإنو كالـ‬
‫إلفادتو معنى يحسن السكوت عليو ككلم ألنو مركب من ثالث كلمات كمثاؿ انفراد‬
‫الكلم إف قاـ زيد كمثاؿ انفراد الكالـ زيد قائم» ق‬
‫أما في اصطالح النحويين فمعنى الكالـ عبارة عن اللفظ المفيد فائدة يحسن‬
‫السكوت عليها ‪:‬فاللفظ جنس يشمل الكالـ كالكلمة كالكلم ‪ ،‬كيشمل المهمل‬
‫كقولنا «طوشيبا» كالمستعمل ؾ أحمد كمفيد أخرج المهمل كفائدة يحسن السكوت‬
‫عليها أخرج الكلمة كبعض الكلم كىو ما تركب من ثالث كلمات فأكثر كلم يحسن‬
‫السكوت عليو نحو إف جاءت ىند كَل يتركب الكالـ إَل من اسمين نحو أحمد سعيد‬
‫أك من فعل كاسم كػ" جاء فريد" ككقوؿ صاحب األلفية ابن مالك رحمو اهلل‬
‫كالمنا لفظ مفيد كاستقم‬
‫"استقم" فإنو كالـ مركب من فعل أمر كفاعل مستتر كالتقدير استقم أنت فاستغنى‬
‫بالمثاؿ عن أف يقوؿ‪" :‬فائدة يحسن السكوت عليها فكأنو قاؿ الكالـ‪:‬ىو اللفظ‬
‫المفيد فائدة كفائدة استقم"‪.‬‬

‫أ ‪ /‬فاَلسم‪ :‬ما دؿ على معنى في نفسو من غير إشعار بزمن‪.‬‬

‫فهو الكلمة التي تدؿ على معنى في نفسها كَل تقترف بزماف بل ىي مجردة عنو مثاؿ ‪:‬‬
‫«السماء» ك «األرض» ك«اإلسالـ » كل كلمة منها تدؿ على معنى في نفسها غير‬
‫مقترنة بزمن ما َل الماضي ك َل المضارع ك َل اَلستقباؿ‪...‬‬
‫قاؿ بعض األصوليين‪« :‬اَلسم‪ :‬ما دؿ على المسمى‪.‬كالفعل‪ :‬ما دؿ على حركة‬
‫المسمى‪.‬كالحرؼ‪ :‬ما دؿ على معنى في غيره من إثبات أك نفي أك تأكيد أك نحو‬
‫ذلك‪ » .‬ق‬

‫كىو ثالثة أنواع‪:‬‬


‫األكؿ‪ :‬ما يفيد العموـ كاألسماء الموصولة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬ما يفيد اإلطالؽ كالنكرة في سياؽ اإلثبات‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬ما يفيد الخصوص كاألعالـ‪.‬‬

‫ينقسم اَلسم باعتبارات شتى يمكن تلخيصها كاآلتي‪:‬‬


‫ُ‪/‬باعتبار اَلشتقاؽ ك عدمو ‪:‬ينقسم اَلسم لنوعين رئيسيين ىما‪ :‬الجامد كالمشتق‬
‫اَلسم الجامد ‪:‬ىو ما لم يؤخذ من غيره كىو مرتجل كضع للدَللة على معنى بعينو‬
‫(مثل‪ :‬شمس كزراعة)(جميع المصادر أسماء جامدة كاسم المرة كاسم الهيئة‪.‬‬
‫كىو على نوعين‪:‬‬
‫اسم ذات ‪:‬كيشمل كل ما يدرؾ بالحواس كلو حيز في الوجود (مثل‪:‬إنساف ك سماء‬
‫كأرض( ‪.‬‬
‫اسم معنى ‪:‬كيشمل ما دؿ على معنى يدرؾ بالذىن‪ ،‬كيشمل المصادر الدالة على‬
‫أحداث (مثل شجاعة ك رجولة ك سآمة كإرادة)‪.‬‬
‫اَلسم المشتق ‪:‬ىو الذم يؤخذ من غيره كيدؿ على ذات كيحمل معنى كصفيا‬
‫(مثل‪:‬دائم ككتوـ ك مكتوب ك المحيض ك غضباف ك المحراث) كىو يشمل اسم‬
‫الفاعل كاسم المفعوؿ كاسمي الزماف كالمكاف اسم التفضيل كصيغ المبالغة كاسم‬
‫اآللة‪.‬‬
‫ِ‪/‬باعتبار العدد‪:‬‬
‫المفرد ‪:‬كىو اَلسم الداؿ على كاحد أك ما في حكمو‪ .‬كرجل كقوـ كتمر ك جسر ك‬
‫لب‪.‬‬
‫المثنى ‪:‬ىو اَلسم الداؿ على اثنين بزيادة ألف كنوف أك ياء كنوف على آخره مثل كتاباف‬
‫ككتابين ك حماراف كحمارين كفتاتاف ك فتاتين‪...‬‬
‫الجمع ‪:‬ىو اَلسم الداؿ على ثالثة فأكثر بزيادة في آخره أك بتغيير في ىيئة مفرده‬
‫مثل مسلموف ك فالحوف جمع مذكر سالم ك عشركف ملحق بجمع مذكر سالم ك رجاؿ‬
‫جمع تكسير ك مسلمات ك قانتات جمع مؤنث سالم‪.‬‬
‫ّ‪/‬باعتبار الجنس كينقسم إلى‪:‬‬
‫اسم مذكر ‪:‬كىو اَلسم الداؿ على الذكور‪ .‬مثل‪ :‬رجل كسيد كصبي ككلد كمراىق كفتى‬
‫كشاب ك شيخ‪.‬‬
‫اسم مؤنث ‪:‬كىو اَلسم الداؿ على اإلناث‪ .‬مثل‪ :‬امرأة كست كسيدة كآنسة كصبية‬
‫كبنت كمراىقة كفتاة كشابة‪.‬‬
‫كينقسم كالىما إلى حقيقي كمجازم أيضا كينقسم المؤنث إلى قياسي كسماعي ‪.‬‬
‫ّ‪/‬من ناحية صرفية‪:‬‬
‫سم اَلسم من ناحية صرفية إلى‪:‬‬
‫كما ييػ ىق ا‬
‫اسم مقصور ‪:‬كىو اَلسم الذم ينتهي بألف لينة َلزمة كتقدر عليو حركات اإلعراب‬
‫الثالث‪ .‬مثل عصا ك الدنيا ك الزنا كعمى‪.‬‬
‫المعرب الذم في آخره ىمزة قبلها ألف زائدة‪ .‬مثل‪ :‬سماء‬
‫اسم ممدكد ‪:‬كىو اَلسم ى‬
‫كزىراء‬
‫معرب في آخره ياء َلزمة أصليٌة غير يمش اددة مكسور ما‬
‫اسم منقوص ‪:‬كىو كل اسم ى‬
‫قبلها‪ .‬مثل‪ :‬الوادم‪ ،‬كالماضي ك القاضي ك الساعي‪.‬‬
‫شمل في األنواع الثالثة السابقة‪ .‬مثل موسوعة كرجل‬
‫أم اسم لم يي ى‬
‫اسم صحيح ‪:‬كىو ٌ‬
‫أقساـ أخرل‪:‬‬
‫اسم الجمع ‪:‬كىو اَلسم الداؿ على ثالثة فأكثر بال زيادة أك تغيير كليس لو كاحد من‬
‫لفظو‪ .‬مثل‪ :‬قوـ كرىط‪.‬‬
‫اسم الجنس ‪:‬كىو على نوعين جمعي كإفرادم‪.‬‬
‫اسم الجنس الجمعي‪ :‬يدؿ على الجمع‪ ،‬كىذه ىي عادة أسماء أجناس الحيوانات‬
‫كالنباتات‪ ،‬مثل‪ :‬نخل‪ -‬تفاح‪ -‬عنب‪ -‬تمر‪ -‬شجر‪ -‬سمك‪ -‬فأر‪ ،‬كللدَللة على‬
‫الواحد أك الواحدة منو تلحق آخره تاء التأنيث (نخلة‪ -‬تفاحة ‪-‬عنبة‪ -‬تمرة‪ -‬شجرة‪-‬‬
‫سمكة‪ -‬فأرة)‪ .‬كما قد يدؿ على مفرده بإلحاؽ ياء النسب؛ كعرب كعربي‪ .‬كىذه ىي‬
‫القاعدة العامة‪ ،‬كلها شواذ‪.‬‬
‫دؿ على الكثير كالقليل من الجنس‪ ،‬نحو ‪:‬لبن‪ ،‬عسل‪،‬‬
‫اسم الجنس اإلفرادم ‪:‬ىو ما ٌ‬
‫ماء‪.‬‬
‫قولو‪« :‬ما يفيد العموـ كاألسماء الموصولة» مثالو‪ :‬ما الموصولة في قولو تعالى‪{:‬ما‬
‫عندكم ينفد كما عند اهلل باؽ}ك من الموصولة في قولو تعالى‪{ :‬كَل تؤمنوا إَل لمن تبع‬
‫دينكم} كالىما يفيداف العموـ ك غيرىما من األسماء الموصولة تفيد ذلك‪.‬‬
‫قولو‪« :‬ما يفيد اإلطالؽ كالنكرة في سياؽ اإلثبات‪ » .‬مثالو ‪ :‬جاءت امرأة فكلمة امرأة‬
‫نكرة في سياؽ اإلثبات تفيد اإلطالؽ ك َل تفيد العموـ ك الفرؽ بينهما أف عموـ العاـ‬
‫شمولي ك عموـ اإلطالؽ بدلي يشمل كاحد غير معين‪.‬‬
‫قولو‪« :‬ما يفيد الخصوص كاألعالـ‪ » .‬مثالو‪ :‬محمد رسوؿ اهلل ‪ ،‬فكلمة محمد اسم‬
‫علم يفيد الخصوص ‪.‬‬

‫ب ‪ /‬كالفعل‪ :‬ما دؿ على معنى في نفسو‪ ،‬كأشعر بهيئتو بأحد األزمنة الثالثة‪.‬‬
‫ماض كػ «فى ًه ىم»‪ ،‬أك مضارع كػ «يىػ ٍف ىه يم»‪ ،‬أك أمر ىكػ «اًفٍػ ىه ٍم»‪.‬‬
‫كىو إما و‬
‫كالفعل بأقسامو يفيد اإلطالؽ فال عموـ لو‪.‬‬

‫الفعل عند اللغويين ىو ما دؿ على الحدث ك أما عند النحويين فهو ما يدؿ بنفسو‬
‫على حدث مقترف كضعا بأحد األزمنة الثالثة الماضي كالحاؿ كالمستقبل‪ .‬كينقسم‬
‫الفعل باعتبار الزمن إلى ماض كمضارع كأمر‪:‬‬
‫مثاؿ الماضي‪ :‬قاـ ‪ ،‬أخذ ‪ ،‬بدأ‪ ،‬أعمل ‪ ،‬تفرؽ ‪ ،‬استخرج‪...‬‬
‫مثاؿ المضارع‪ :‬أقوـ ‪ ،‬تأخذ ‪ ،‬يبدأ‪ ،‬نعمل ‪ ،‬تفترقين ‪ ،‬تستخرجوف‪....‬‬
‫مثاؿ األمر‪ :‬قم ‪ ،‬خذ ‪ ،‬ابدأ‪ ،‬اعملوا ‪ ،‬تفرقي‪ ،‬استخرجا‪....‬‬

‫ج ‪ /‬كالحرؼ‪ :‬ما دؿ على معنى في غيره‪ ،‬كمنو‪:‬‬


‫ُ‪/‬الواك‪ :‬كتأتي عاطفة فتفيد اشتراؾ المتعاطفين في الحكم‪ ،‬كَل تقتضي الترتيب‪ ،‬كَل‬
‫تنافيو إَل بدليل‪.‬‬
‫ِ‪ /‬الفاء‪ :‬كتأتي عاطفة فتفيد اشتراؾ المتعاطفين في الحكم مع الترتيب كالتعقيب‪،‬‬
‫كتأتي سببية فتفيد التعليل‬
‫ّ‪ /‬الالـ الجارة‪ .‬كلها و‬
‫معاف منها‪ :‬التعليل كالتمليك كاإلباحة‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫ْ‪ /‬على الجارة‪ .‬كلها و‬
‫معاف منها‪ :‬الوجوب‪.‬‬ ‫ٌ‬

‫بعدما فرغ المؤلف من اَلسم كالفعل ‪ ،‬انتقل إلى القسم الثالث أَل كىو الحرؼ ‪ ،‬ك‬
‫أ ٌخره عن اَلسم ك الفعل لتأخر رتبتو عنهما‪.‬‬
‫ك الحرؼ َل يفيد معنى في نفسو ك إنما يفيد في غيره ك عالمتو عدمية فما َل يصدؽ‬
‫على اَلسم ك َل الفعل يسمى حرفا‪ .‬ك نختم ىذا البحث بكالـ لإلماـ أبي إسحاؽ‬
‫الشيرازم حيث يقوؿ ‪:‬‬
‫« باب القوؿ في حركؼ المعاني‬
‫كاعلم أف الكالـ في ىذا الباب كالـ في باب من أبواب النحو غير أنو لما كثر احتياج‬
‫الفقهاء إليو ذكرىا األصوليوف كأنا أشير إلى ما يكثر من ذلك إف شاء اهلل تعالى فمن‬
‫ذلك‪.‬‬
‫من‪ :‬كيدخل ذلك في اَلستفهاـ كالشرط كالجزاء كالخبر‪ .‬كتقوؿ في اَلستفهاـ من‬
‫عندؾ كمن جاءؾ كتقوؿ في الشرط كالجزاء من جاءني أكرمتو كمن عصاني عاقبتو‬
‫كتقوؿ في الخبر جاءني من أحبو كيختص بذلك من يعقل دكف من َل يعقل‪.‬‬
‫ك أم‪ :‬تدخل في اَلستفهاـ كالشرط كالجزاء كالخبر تقوؿ في اَلستفهاـ أم شيء تحبو‬
‫كأم شيء عندؾ‪ ،‬كفي الشرط كالجزاء تقوؿ أم رجل جاءني أكرمتو‪ ،‬كفي الخبر أيهم‬
‫قاـ ضربتو كيستعمل ذلك فيمن يعقل كفيما َل يعقل‪.‬‬
‫ك ما‪ :‬تدخل للنفي كالتعجب كاَلستفهاـ تقوؿ في النفي‪ :‬ما رأيت زيدا كفي التعجب‬
‫تقوؿ‪ :‬ما أحسن زيدا‪ .‬كفي اَلستفهاـ‪ :‬ما عندؾ كيدخل في اَلستفهاـ عما َل يعقل‬
‫اىا}‪.‬‬ ‫كقد قيل‪ :‬أنو يدخل أيضا لما يعقل كقولو تعالى‪{ :‬كال ا ً‬
‫س ىماء ىكىما بىػنى ى‬ ‫ى‬
‫ك من‪ :‬تدخل َلبتداء الغاية كالتبعيض كالصلة تقوؿ في ابتداء الغاية سرت من البصرة‬
‫ككرد الكتاب من فالف كفي التبعيض تقوؿ‪ :‬خذ من ىذه الدراىم كأخذت من علم‬
‫فالف كفي الصلة تقوؿ ما جاءني من أحد‪ ،‬كما بالربع من أحد‪.‬‬
‫ك إلى‪ :‬تدخل َلنتهاء الغاية كقولك ركبت إلى زيد كقد تستعمل بمعنى مع إَل أنو َل‬
‫{كأىيٍ ًديى يك ٍم إًلىى ال ىٍم ىرافً ًق} كالمراد بو مع‬
‫تحمل على ذلك إَل بدليل كقولو عز كجل‪ :‬ى‬
‫المرافق‪ .‬كزعم قوـ من أصحاب أبي حنيفة أنو يستعمل في معنى مع على سبيل‬
‫الحقيقة كىذا خطأ ألنو َل خالؼ أنو لو قاؿ لفالف عل اي من درىم إلى عشرة لم يلزمو‬
‫الدرىم العاشر ككذلك إذا قاؿ َلمرأتو أنت طالق من كاحد إلى ثالث لم تقع الطلقة‬
‫الثالثة فدؿ على أنو للغاية‪.‬‬
‫ك الواك‪ :‬للجمع كالتشريك في العطف‪ .‬كقاؿ بعض أصحابنا‪ :‬ىي للترتيب كىذا خطأ‬
‫ألنو لو كاف للترتيب لما جاز أف يستعمل فيو لفظ المقارنة كىو أف تقوؿ جاءني زيد‬
‫كعمرك معان كما َل يجوز أف يقاؿ‪ :‬جاءني زيد ثم عمرك معا‪ ،‬كتدخل بمعنى رب في‬
‫ابتداء الكالـ كقولو‪ :‬كمهمو مغبرة أرجاؤه أم‪ :‬كرب مهمو‪ ،‬كفي القسم تقوـ مقاـ الباء‬
‫تقوؿ كاهلل بمعنى باهلل‪.‬‬
‫ك الفاء‪ :‬للتعقيب كالترتيب تقوؿ‪ :‬جاءني زي هد فعمرك كمعناه جاءني عمرك عقيب زيد‪،‬‬
‫كإذا دخلت السوؽ فاشتر كذا يقتضي ذلك عقيب الدخوؿ‪.‬‬
‫ك ثم‪ :‬للترتيب مع المهلة كالتراخي كتقوؿ جاءني زيد ثم عمرك كيقتضي أف يكوف بعده‬
‫بفصل‪.‬‬
‫ك أـ‪ :‬لالستفهاـ تقوؿ‪ :‬أكلت أـ َل كتدخل بمعنى أك تقوؿ‪ :‬سواء أحسنت أـ لم‬
‫تحسن‪.‬‬
‫ك أك‪ :‬تدخل في الشك للخبر تقوؿ كلمني زيد أك عمرك‪ ،‬كتدخل في التخيير في األمر‬
‫كقولو تعالى‪:‬‬
‫ين ًم ٍن أ ٍىك ىس ًط ىما تيط ًٍع يمو ىف أ ٍىىلًي يك ٍم أ ٍىك كً ٍس ىوتيػ يه ٍم} كقاؿ بعضهم‪ :‬في‬‫شرةً م ً‬
‫ساك ى‬ ‫{إًط ىٍع ي‬
‫اـ ىع ى ى ى ى‬
‫النهي تدخل للجمع كاألكؿ ىو األصح ألف النهي أمر بالترؾ كاألمر أمر بالفعل فإذا لم‬
‫يقتض الجمع في األمر لم يقتض في النهي‪.‬‬
‫ك الباء‪ :‬تدخل لإللصاؽ كقولك‪ :‬مررت بزيد ككتبت بالقلم كتدخل للتبعيض كقولك‬
‫مسحت بالرأس‪ .‬كقاؿ أصحاب أبي حنيفة رحمو اهلل‪َ :‬ل تدخل للتبعيض كىذا غير‬
‫صحيح ألنهم أجمعوا على الفرؽ بين قولو أخذت قميصو كبين قولو أخذت بقميصو‬
‫فعقلوا من األكؿ أخذ جميعو كمن الثاني األخذ ببعضو فدؿ على ما قلناه‪.‬‬
‫ك الالـ‪ :‬تقتضي التمليك كقاؿ بعض أصحاب أبي حنيفة رحمو اهلل‪ :‬تقتضي‬
‫اَلختصاص دكف الملك كىذا غير صحيح ألنو َل خالؼ أنو لو قاؿ ىذه الدار لزيد‬
‫اقتضى أنها ملكو فدؿ على أف ذلك مقتضاه‪ ،‬كتدخل أيضا للتعليل كقولو عز كجل‪:‬‬
‫الر يس ًل} كتدخل للغاية فيو كالصيركرة كقولو عز‬ ‫ااس ىعلىى اللا ًو يح اجةه بىػ ٍع ىد ُّ‬ ‫{لًئى اال يى يكو ىف لًلن ً‬
‫آؿ فً ٍر ىع ٍو ىف لًيى يكو ىف لى يه ٍم ىع يد ٌكان ىك ىح ىزنان}‪.‬‬
‫كجل‪{ :‬فىالٍتىػ ىقطىوي ي‬
‫كاجب‪.‬‬
‫ه‬ ‫علي كذا كمعناه‬ ‫ك على‪ :‬لإليجاب كقولو لفالف ٌ‬
‫ك في‪ :‬للظرؼ تقوؿ على تم ور في جراب كمعناه أف ذلك فيو‪.‬‬
‫ك متى‪ :‬ظرؼ زماف تقوؿ متى رأيتو‪.‬‬
‫ك إذ‪ ،‬كإذا‪ :‬ظرؼ للزماف إَل أف إذ لما مضى تقوؿ‪ :‬أنت طالق إذ دخلت الدار معناه‬
‫في الماضي‪ ،‬كإذا للمستقبل تقوؿ‪ :‬أنت طالق إذا دخلت الدار كمعناه في المستقبل‪.‬‬
‫{حتاى ىمطٍلى ًع الٍ ىف ٍج ًر} كتدخل للعطف كالواك إَل أنو َل‬
‫كحتى‪ :‬للغاية كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫يعطف بو إَل على كجو التعظيم كالتحقير تقوؿ في التعظيم جاءني الناس حتى السلطاف‬
‫كتقوؿ في التحقير كلمني كل أحد حتى العبيد كتدخل ليبتدأ الكالـ بعده كقولك‪ :‬قاـ‬
‫الناس حتى زيد قائم‪.‬‬
‫ك إنما‪ :‬للحصر كىو جمع الشيء فيما أشير إليو كنفيو عما سواه تقوؿ إنما في الدار‬
‫زيد أم ليس فيها غيره‪ ،‬كإنما اهلل كاحد أم َل إلو إَل كاحد‪ ».‬ق ملخصا‬

‫أقساـ الكالـ‪:‬‬

‫بعدما عرؼ المؤلف الكالـ لغة كاصطالحا كبين أقساـ الكلمة انتقل إلى بياف أقساـ‬
‫الكالـ باعتبار إمكاف كصفو بالصدؽ ك الكذب ك عدمها حيث قاؿ رحمو اهلل‪:‬‬

‫ينقسم الكالـ باعتبار إمكاف كصفو بالصدؽ كعدمو إلى قسمين‪ :‬خبر كإنشاء‪.‬‬
‫ُ ‪ -‬فالخبر‪ :‬ما يمكن أف يوصف بالصدؽ أك الكذب لذاتو‪.‬‬
‫فخرج بقولنا‪« :‬ما يمكن أف يوصف بالصدؽ كالكذب»؛ اإلنشاء؛ ألنو َل يمكن فيو‬
‫ذلك‪ ،‬فإف مدلولو ليس مخبران عنو حتى يمكن أف يقاؿ‪ :‬إنو صدؽ أك كذب‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬لذاتو»؛ الخبر الذم َل يحتمل الصدؽ‪ ،‬أك َل يحتمل الكذب باعتبار‬
‫المخبر بو‪ ،‬كذلك أف الخبر من حيث المخبر بو ثالثة أقساـ‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬ما َل يمكن كصفو بالكذب؛ كخبر اهلل كرسولو الثابت عنو‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬ما َل يمكن كصفو بالصدؽ؛ كالخبر عن المستحيل شرعان أك عقالن‪ ،‬فاألكؿ‪:‬‬
‫كخبر مدعي الرسالة بعد النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪ ،‬كالثاني‪ :‬كالخبر عن اجتماع‬
‫النقيضين كالحركة كالسكوف في عين كاحدة في زمن كاحد‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬ما يمكن أف يوصف بالصدؽ كالكذب إما على السواء‪ ،‬أك مع رجحاف‬
‫أحدىما‪ ،‬كإخبار شخص عن قدكـ غائب كنحوه‪.‬‬

‫األخبار جمع خبر كىو لغة‪ :‬مأخوذة من الخبار كىي األرض الرخوة ألف الخبر يثير‬
‫الفائدة كما أف األرض الخبار تثير الغبار إذا قرعها الحافر كنحوه‪.‬‬
‫كىو قسم من أقساـ الكالـ‪ ،‬كقد يستعمل في غير القوؿ كما قيل‪.‬‬
‫تخبرؾ العيناف ما القلب كاتم‬
‫كتعريف الخبر من حيث ىو‪ :‬ما يحتمل الصدؽ كالكذب لذاتو‪ ،‬أم أف احتمالو لهما‬
‫من حيث كونو خبران كقد يقطع بصدؽ الخبر أك كذبو ألمر خارجي فاألكؿ كخبر اهلل‬
‫تعالى كالثاني كالخبر عن المحاَلت كقوؿ القائل "الضداف يجتمعاف " فال يخرج بذلك‬
‫عن كونو خبران‪.‬‬
‫نافع‬
‫العلم ه‬ ‫النطق بو» نحو‪ :‬ي‬ ‫الخارج بدكف ً‬ ‫ً‬ ‫ك قيل في تعريفو‪ «:‬ىو ما يتح ٌق يق مدلولوي في‬
‫ً‬
‫بالجملة السابقة ٍأـ‬ ‫تلفظت‬
‫ى‬ ‫كتلك الصفةي ثابتةه لو‪ ،‬سواءه‬
‫‪ .‬فقد أثبتنا صفةى النف ًع للعلم‪ ،‬ى‬
‫ظ‪.‬‬
‫لم تتلف ٍ‬
‫ً‬ ‫نفع ً‬
‫الناس‬
‫اتفق عليو ي‬ ‫ت تحكي ما ى‬ ‫الحقيقة كالواق ًع‪ ،‬كإنما أن ى‬ ‫حاصل في‬
‫ه‬ ‫أمر‬
‫العلم ه‬ ‫أل اف ى‬
‫إثبات و‬
‫جديد‪.‬‬ ‫بدكف نظرو إلى و‬ ‫العقوؿ‪ً ،‬‬
‫ي‬ ‫كىديت إليو‬
‫ٍ‬ ‫الشرائع‪،‬‬ ‫ت بو‬ ‫كقض ٍ‬
‫قاطبةن‪ ،‬ى‬
‫ي‬
‫ً‬
‫مطابقتو لو‪،‬‬ ‫عدـ‬ ‫ً‬ ‫بصدؽ الخبر يمطابقتيو للواق ًع ً‬ ‫ً‬
‫‪،‬كالمراد بكذبو ي‬
‫ي‬ ‫كنفس األمر‬ ‫اد‪:‬‬
‫كالمر ي‬
‫ً‬
‫المفهومة من تلك‬ ‫ثبوت النف ًع‬
‫كانت نسبتيو الكالمياةي (كىي ي‬ ‫نافع إف ٍ‬ ‫العلم ه‬‫فجملةي‪ :‬ي‬
‫الخارج كالواق ًع «فص ٍد هؽ» كإَل‬
‫ً‬ ‫للنسبة الخارجيٌ ًة أم موافقةن لما في‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الجملة) مطابقةن‬
‫ً‬
‫للنسبة‬ ‫ليست مطابقةن كموافقةن‬ ‫نافع» فنسبتوي الكالميةي‬ ‫ً‬
‫ٍ‬ ‫الجهل ه‬‫ي‬ ‫ب» ‪ ،‬نحو «‬ ‫«فكذ ه‬
‫ً‬
‫الخارجية‬
‫كالخبر يطلق عند المحدثين على ما أضيف إلى النبي صلى اهلل عليو كسلم من قوؿ أك‬
‫فعل أك تقرير أك كصف خلقي أك خلقي‪.‬‬
‫صا ًر الٍ ىك ىالًـ فًي الخبر ك اإلنشاء‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ك ا ٍعلىم أى اف جمهور الن ً‬
‫ُّحاة ىكأى ٍى ًل الٍبىػيىاف قىاطبىةن يركف انٍح ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬
‫س هم‬
‫ب ىكقى ى‬ ‫ش ىرةه ىي‪ :‬نً ىداءه ىكىم ٍسأىلىةه ىكأ ٍىم هر ىكتى ى‬
‫ش ُّف هع ىكتىػ ىع ُّج ه‬ ‫اـ الٍ ىك ىالًـ ىع ى‬ ‫اعى قىػ ٍوهـ أى اف أىق ى‬
‫ٍس ى‬ ‫ىكاد ى‬
‫استً ٍف ىه ه‬
‫اـ‪.‬‬ ‫ك ىك ٍ‬‫ض هع ىك ىش ٌّ‬‫ط ىكىك ٍ‬ ‫ىك ىش ٍر ه‬
‫اط ًاَل ٍستً ٍف ىه ًاـ لً يد يخولً ًو فًي ال ىٍم ٍسأىلى ًة‪.‬‬ ‫كقًيل‪ :‬تًسعةه بًًإس ىق ً‬
‫ى ى ٍى ٍ‬
‫ش ُّف ًع لً يد يخولً ًو فً ىيها‪.‬‬ ‫اط التا ى‬ ‫كقًيل‪ :‬ثىمانًيةه بًًإس ىق ً‬
‫ى ى ى ى ٍ‬
‫ك ًألىناوي ًم ٍن قً ٍس ًم ال ى‬
‫ٍخبى ًر‪.‬‬ ‫ش ٍّ‬‫اط ال ا‬ ‫كقًيل‪ :‬سبػعةه بًًإس ىق ً‬
‫ى ى ىٍ ى ٍ‬
‫ار ىكأ ٍىم هر ىكنىػ ٍه هي ىكنً ىداءه ىكتى ىم ٍّن‪.‬‬ ‫اؿ ٍاألى ٍخ ىفش‪ً :‬ىي ًستاةه ىخبػر ك ٍ ً‬
‫است ٍخبى ه‬ ‫ىه ى‬ ‫ي ى‬ ‫ىكقى ى‬
‫ب ىكنً ىداءه‪.‬‬ ‫يح ىكطىلى ه‬ ‫ص ًر ه‬‫سةه ىخبىػ هر ىكأ ٍىم هر ىكتى ٍ‬ ‫ض يه ٍم ىخ ٍم ى‬ ‫اؿ‪ :‬بىػ ٍع ي‬ ‫ىكقى ى‬
‫ب ىكنً ىداءه‪.‬‬ ‫ار ىكطىلى ه‬‫است ٍخبى ه‬
‫اؿ‪ :‬قىػوهـ أىربػعةه ىخبػر ك ٍ ً‬
‫ىكقى ى ٍ ٍى ى ى ه ى‬
‫ش ًاء ‪.‬‬ ‫ب فًي ًٍ‬
‫اإلنٍ ى‬ ‫وؿ الطالى ً‬ ‫شاءه كالٍم ىح ٍّق يقو ىف ىعلىى يد يخ ً‬
‫ب ىكإًنٍ ى ى ي‬ ‫اؿ ىكث ييرك ىف‪ :‬ثىىالثىةه ىخبىػ هر ىكطىلى ه‬
‫كقى ى ً‬
‫ى‬
‫ض يركًر ٌّ‬ ‫يل‪ً :‬ألىناوي ى‬ ‫ٍخب ًر فىًقيل‪ :‬ىَل يعر ي ً ً ً‬ ‫ف الن ً‬ ‫ىكقى ًد ا ٍختىػلى ى‬
‫م‬ ‫ؼ لعي ٍس ًره ىكق ى‬ ‫ٌ‬ ‫ى‬ ‫ااس في تعريف ال ى ى‬ ‫ي‬
‫ٍخبىػ ير الٍ ىك ىال يـ الا ًذم‬‫اضي أىبيو بى ٍك ور ىكال يٍم ٍعتى ًزلىةي‪ :‬ال ى‬ ‫اؿ الٍ ىق ً‬‫ىك ٍاألى ٍكثىػ ير ىعلىى ىحدٍّهً ك تعريفو ‪.‬قى ى‬
‫ب كما ذكر المؤلف‪ ...‬فىأيٍكًر ىد ىعلىٍي ًو ىخبىػ ير اللا ًو تىػ ىعالىى فىًإناوي ىَل يى يكو يف‬ ‫ً‬
‫الص ٍد يؽ ىكالٍ ىكذ ي‬ ‫يى ٍد يخليوي ٍّ‬
‫إًاَل ص ً‬
‫ادقنا‪.‬‬ ‫ى‬
‫اؿ أىبيو‬‫اإل ىير ًاد ال ىٍم ٍذ يكوًر ‪ .‬ىكقى ى‬‫يق كالتكذيب كىو ىسالً هم ًم ىن ًٍ‬ ‫اص ًد ي‬ ‫يل‪ :‬الا ًذم يى ٍد يخليوي الت ٍ‬ ‫ً‬
‫ىكق ى‬
‫م كالخبر ىو ىك ىال هـ ييًفي يد بنفسو نسبة فىأيكًر ىد ىعلىٍي ًو نى ٍح يو"قي ٍم" فىًإناوي يى ٍد يخ يل فًي‬ ‫ص ًر ُّ‬
‫س ًن الٍبى ٍ‬‫ٍح ى‬‫ال ى‬
‫ضافىةى أ ٍىم ور ًم ىن ٍاأل ييموًر إًلىى أ ٍىم ور ًم ىن ٍاأل ييموًر نىػ ٍفينا أ ٍىك إًثٍػبىاتنا‬ ‫يل‪ :‬الٍ ىك ىال يـ ال يٍم ًفي يد بًنىػ ٍف ًس ًو إً ى‬ ‫ً‬
‫ٍح ٍّد ىكق ى‬‫ال ى‬
‫يح ًو نًسبة معلي و‬
‫وـ إًلىى معلوـ بالنفي كاإلثبات كقاؿ‬ ‫ص ًر ً ٍ ى ى ى ٍ‬ ‫ً‬
‫يل‪ :‬الٍ ىق ٍو يؿ ال يٍم ٍقتىضي بً ى‬
‫ً‬
‫ىكق ى‬
‫ٍخبىػ ير ًخ ىالفيوي‪.‬‬
‫ًج بًالٍ ىك ىالًـ ىكال ى‬ ‫ٍخار ً‬‫ص يل ىم ٍدليوليوي فًي ال ى‬ ‫شاءي ىما يى ٍح ي‬ ‫ال يٍمتىأىخٍّركف‪ًٍ :‬‬
‫اإلنٍ ى‬
‫فائدة بالغية‬
‫ألحد غرضي ًن‪:‬‬ ‫األصل في الخبر أف يل ىقى ً‬
‫ي‬
‫الحكم الذم تضمن ٍتوي الجملةي‪ ،‬إذا كاف جاىالن لو‪ ،‬كيس امى ىذا‬ ‫ى‬ ‫ً‬
‫المخاطب‬ ‫أ‪ /‬إ اما إفادةي‬
‫قوؿ النابً ٍّى ‪-‬صلى اهلل عليو كسلم « إنما األعماؿ بالنيات‬ ‫النوعي « فائدةي الخب ًر» نحو ً‬
‫»‪ .‬الحديث‬
‫تقوؿ لرجل‬ ‫الخبر‪ ،‬كما ي‬
‫يعلم ى‬ ‫عالم أيضان بأنوي ي‬
‫المتكلم ه‬
‫ى‬ ‫ً‬
‫المخاطب أ اف‬ ‫ب‪/‬كإ اما إفادةي‬
‫أنت حفظت القرآف‪.‬‬ ‫آخر‪ :‬ى‬ ‫عليك حفظو للقرآف الكريم كعلمتىو من و‬
‫طريق ى‬ ‫أخ ىفى ى‬
‫َلزـ الفائدةً» ‪ ،‬ألنو يلزـي في ٍّ‬
‫كل خب ور أف يكو ىف المخبىػ ير بو عنده‬ ‫كيس امى ىذا النوعي « ى‬
‫علم أك ظىن ًبو‪.‬‬‫ه‬
‫ستفاد بالقرائن‪ ،‬كمن ً‬
‫سياؽ‬ ‫الخبر عن الغرضي ًن السابقي ًن إلى أغر و‬
‫اض أخرل تي ي‬
‫ى ٍ‬ ‫يخرج ي‬‫ي‬ ‫كقد‬
‫ً‬
‫الكالـ‪.‬‬
‫أىمها‪:‬‬
‫فقير إلى عف ًو ربٍّي‪.‬‬
‫كاَلستعطاؼ‪ ،‬نحو‪ :‬إني ه‬
‫ي‬ ‫اَلسترحاـ‬
‫ي‬ ‫ُ‪/‬‬
‫يلزـ تحصيليو‪ ،‬نحو قوؿ الشاعر‬ ‫ً‬
‫يك الهمة إلى ما ي‬ ‫ِ‪/‬تحر ي‬
‫وؿ‬
‫كجه ي‬
‫عالم ي‬ ‫ً‬
‫كليس سواءه ه‬ ‫كعنكم ‪ ...‬ى‬ ‫ي‬ ‫ااس عناا‬
‫ىسلي إ ٍف جهلت الن ى‬
‫السالـ ‪:‬‬ ‫قولو تعالى على لساف النبي زكريا عليو‬ ‫كالخشوع‪ ،‬نحو ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الضعف‬ ‫إظهار‬ ‫ّ‪/‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ٍم ًمنٍّي) [مريم‪]ْ/‬‬ ‫(ر ٍّ ً‬
‫ب إنٍّي ىك ىى ىن ال ىٍعظ ي‬ ‫ى‬
‫و‬ ‫و‬
‫السالـ‬
‫ي‬ ‫التحس ًر على شيء محبوب نحو قولو تعالى على لساف ٍّأـ ى‬
‫مريم عليها‬ ‫إظهار ُّ‬ ‫ْ‪ /‬ي‬
‫ض ٍعتيػ ىها أينٍػثىى) [آؿ عمراف‪]ّٔ/‬‬ ‫ب إًنٍّي ىك ى‬ ‫(ر ٍّ‬
‫‪ :‬ى‬
‫ً‬
‫ٍح ُّق ىكىزىى ىق‬
‫اء ال ى‬ ‫بمقبل ‪ ،‬كالشماتة بمدب ور‪ ،‬نحو قولو تعالى ‪ :‬ى‬
‫(كقي ٍل ىج ى‬ ‫الفرح و‬ ‫إظهار ً‬ ‫ٓ‪ /‬ي‬
‫اط ىل ىكا ىف ىزيىوقنا) [اإلسراء‪[ُٖ/‬‬ ‫اطل إً اف الٍب ً‬ ‫ً‬
‫ى‬ ‫الٍبى ي‬
‫الشمس طالعةه‪.‬‬ ‫كقولك‪ :‬للنائم‪:‬‬ ‫ً‬ ‫التوبيخ‬
‫ي‬ ‫ٔ‪/‬‬
‫ي‬
‫اب‬ ‫افاكت ‪ -‬نحو قولو تعالى ‪ {:‬ىَل يى ٍستى ًوم أ ٍ‬ ‫المراتب من الت ً‬
‫ً‬
‫ىص ىح ي‬ ‫اذكير بما بين‬ ‫ٕ‪ /‬الت ي‬
‫ٍجن ًاة يى يم الٍ ىفائًيزك ىف (َِ)} [الحشر‪ ،]ُِ ،َِ/‬كنحو‬ ‫اب ال ى‬
‫ىص ىح ي‬ ‫ٍجن ًاة أ ٍ‬
‫اب ال ى‬‫ىص ىح ي‬ ‫الناا ًر ىكأ ٍ‬
‫قولنا ‪َ( :‬ل يستوم المؤمن ك الكافر‪).‬‬
‫ٍحالى ًؿ إًلىى‬‫ض ال ى‬ ‫التحذير – نحو ركم عن النبي صلى اهلل عليو كسلام أنو قاؿ‪ « :‬أىبٍػغى ي‬ ‫ي‬ ‫ٖ‪/‬‬
‫اللا ًو الطاالى يؽ »‪.‬‬
‫آد ىـ يىػ ٍوىـ ال ًٍقيى ىام ًة »‪.‬‬
‫قوؿ النبي صلى اهلل عليو كسلم ‪ « :‬أىنىا ىسيٍّ يد ىكلى ًد ى‬ ‫ٗ‪/‬الفخر نحو ً‬
‫ي‬
‫ً‬
‫النابغة‪:‬‬ ‫المدح كقوؿ‬ ‫َُ‪/‬‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ب ‪ ...‬إًذا طىلى ىع ٍ‬ ‫ك ىشمس كالملي ي ً‬
‫ب‬‫ت لى ٍم يىػ ٍب يد م ٍنه ان ىك ٍوىك ي‬ ‫وؾ ىكواك ه‬ ‫فًإنا ى ٍ ه ي‬
‫ً‬
‫السليم‪.‬‬ ‫ً‬
‫كالعقل‬ ‫ألغراض أخرل ‪ -‬كالمرجع في معرفة ذلك إلى ً‬
‫الذكؽ‬ ‫و‬ ‫كقد يأتي‬
‫ي‬

‫ِ ‪ -‬كاإلنشاء‪ :‬ما َل يمكن أف يوصف بالصدؽ كالكذب‪ ،‬كمنو األمر كالنهي‪ .‬كقولو‬
‫{كا ٍعبي يدكا اللاوى ىكَل تي ٍش ًريكوا بً ًو ىش ٍيئان} [النساء‪ :‬من اآلية ّٔ] كقد يكوف الكالـ‬
‫تعالى‪ :‬ى‬
‫خبران إنشاء باعتبارين؛ كصيغ العقود اللفظية مثل‪ :‬بعت كقبلت‪ ،‬فإنها باعتبار دَللتها‬
‫على ما في نفس العاقد خبر‪ ،‬كباعتبار ترتب العقد عليها إنشاء‪.‬‬
‫كقد يأتي الكالـ بصورة الخبر كالمراد بو اإلنشاء كبالعكس لفائدة‪.‬‬
‫ات يػتػرباصن بًأىنٍػ يف ًس ًه ان ثىالثىةى قيػر و‬
‫كء} [البقرة‪ :‬من اآلية‬ ‫ي‬ ‫{كال يٍمطىلا ىق ي ى ى ى ٍ ى‬
‫مثاؿ األكؿ‪ :‬قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ِِٖ] فقولو‪ :‬يتربصن بصورة الخبر كالمراد بها األمر‪ ،‬كفائدة ذلك تأكيد فعل‬
‫المأمور بو‪ ،‬حتى كأنو أمر كاقع‪ ،‬يتحدث عنو كصفة من صفات المأمور‪.‬‬
‫ين آ ىمنيوا اتابًعيوا ىسبًيلىنىا ىكلٍنى ٍح ًم ٍل‬ ‫ًً‬ ‫كمثاؿ العكس‪ :‬قولو تعالى‪{ :‬كقى ى ا ً‬
‫ين ىك ىف يركا للاذ ى‬
‫اؿ الذ ى‬ ‫ى‬
‫ىخطىايىا يك ٍم} [العنكبوت‪ :‬من اآلية ُِ] فقولو‪« :‬كلنحمل» بصورة األمر كالمراد بها‬
‫الخبر‪ ،‬أم‪ :‬كنحن نحمل‪ .‬كفائدة ذلك تنزيل الشيء المخبر عنو منزلة المفركض‬
‫الملزـ بو‪.‬‬

‫اإليجاد‪.‬‬
‫ي‬ ‫لم يعرؼ المؤلف اإلنشاء لغةن ك ىو‬
‫ً‬
‫كاَلستفهاـ كالتمنٍّي‬ ‫يحتمل صدقان كَل كذبان‪ ،‬كاألم ًر كالنه ًي‬ ‫كفي اَلصطال ًح‪ :‬ما َل‬
‫ي‬
‫يقاؿ لك‪ :‬صاد هؽ أك‬ ‫يصح أف ى‬ ‫قلت‪( :‬اللٌ يه ام اغفر لي) َل ُّ‬ ‫ً‬
‫فإنك إذا ى‬ ‫كالنداء كغيرىا‪ ،‬ى‬
‫أنك‬
‫الكالـ‪ ،‬كىو ى‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫المستفاد من‬ ‫الضمني‬ ‫بالنسبة إلى الخب ًر‬ ‫ً‬ ‫يصح ذلك‬ ‫نعم ُّ‬
‫ٍّ‬ ‫كاذب‪ٍ ،‬‬ ‫ه‬
‫طالب للمغفرةً‪.‬‬ ‫ه‬
‫تلفظت ًبو‪.‬‬
‫ى‬ ‫يتحقق إَل إذا‬ ‫ي‬ ‫يحصل مضمونوي كَل‬ ‫ي‬ ‫تعريف آخر لإلنشاء‪ :‬ىو ما َل‬
‫تمنٍّي‪،‬‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫كطلب ٍّ‬ ‫فطلب ً‬
‫المحبوب في ‪:‬ال ى‬ ‫كطلب‬
‫ي‬ ‫الكف في َلى تىػ ٍف ىع ٍل‪،‬‬ ‫ي‬ ‫افع ٍل‪،‬‬
‫الفعل في‪ :‬ى‬ ‫ي‬
‫حصل إَل ً‬
‫بنفس‬ ‫ٍّداء‪،‬كل ذلك ما‬
‫ُّ‬ ‫اإلقباؿ في الن‬‫ً‬ ‫كطلب‬ ‫ً‬
‫اَلستفهاـ‪،‬‬ ‫كطلب الفهم في‪:‬‬
‫ى‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الصي ًغ المتلىف ًظ بها‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫قولو ‪ « :‬كقد يأتي الكالـ بصورة الخبر كالمراد بو اإلنشاء كبالعكس لفائدة‪» .‬‬
‫ث ىعلىٍي ًو ىحتاى ىكأىناوي‬ ‫ٍح ٍّ‬ ‫ً ً‬ ‫ٍخبى ًر ىعلىى الطالى ً‬
‫مثاؿ إًط ىٍال يؽ ال ى‬
‫اء يمبىالغىةن في ال ى‬ ‫ب أ ٍىم نرا أ ٍىك نىػ ٍهينا أ ٍىك يد ىع ن‬
‫سوي‪ ،‬نى ٍح يو‪:‬‬ ‫{كال يٍمطىلا ىق ي‬ ‫كقىع كأى ٍخبػر ىع ٍنوي نى ٍحو‪{ :‬كالٍوالً ىد ي ً‬
‫ص ىن} ىك ىع ٍك ي‬‫ات يىػتىػ ىربا ٍ‬ ‫ات ييػ ٍرض ٍع ىن} ى‬ ‫ي ى ى‬ ‫ى ى ى ىى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ب‬‫{كإًناػ يه ٍم لى ىكاذبيو ىف} ىكالٍ ىكذ ي‬
‫{اتابعيوا ىسبيلىنىا ىكلٍنى ٍحم ٍل ىخطىايىا يك ٍم} أم كنحن حاملوف بدليل ى‬
‫ٍخبى ًر‪.‬ك كقولنا ‪( :‬سر معنا ك لنتكفل بنفقتك) أم‪ :‬نحن نتكفل بنفقتك ‪.‬‬ ‫إًنا ىما يى ًر يد ىعلىى ال ى‬
‫كالبالغيوف يجعلوف ىذين األسلوبين من باب المجاز‪.‬‬

‫الحقيقة كالمجاز‪:‬‬

‫بعدما فرغ المؤلف من بياف أقساـ الكالـ من حيث إمكاف كصفو بالصدؽ كالكذب‬
‫شرع في بياف أقسامو من حيث اَلستعماؿ ‪ .‬قاؿ رحمو اهلل‪:‬‬

‫و‬
‫حقيقة كمجا وز‪.‬‬ ‫كينقسم الكالـ من حيث اَلستعماؿ إلى‬

‫ليعلم طالب العلم خصوصا ك القارئ عموما أف تقسيم الكالـ إلى حقيقة ك مجاز ليس‬
‫متفقا عليو بين العلماء‪:‬‬
‫حيث لهم في ىذا تقسيم ثالثة آراء‪:‬‬
‫ُ‪ -‬منع ىذا التقسيم أصال كأنو َل مجاز َل في القرآف كَل في اللغة العربية‪ ،‬ك قد جنح‬
‫إلى ذلك أبو إسحق ا ًإلسفرائيني ك اختار ىذا القوؿ شيخ ا ًإلسالـ ابن تيمية منتصرا لو‬
‫في كتابو ا ًإليماف حيث قاؿ‪ :‬إف تقسيم الكالـ إلى حقيقة كمجاز اصطالح حادث بعد‬
‫انقضاء القركف الثالثة لم يتكلم بو أحد من الصحابة كَل التابعين لهم بإحساف كَل أحد‬
‫من األئمة المشهورين في العلم كمالك كالثورم كاألكزاعي كأبي حنيفة كالشافعي بل كَل‬
‫تكلم بو أئمة اللغة كالنحو مثل‪ :‬الخليل كسيبويو كأبي عمرك بن العالء كنحوىم إلى أف‬
‫قاؿ‪ :‬كىذا الشافعي ىو أكؿ من جرد الكالـ في أصوؿ الفقو لم يقسم ىذا التقسيم كَل‬
‫تكلم بلفظ الحقيقة كالمجاز‪.‬ك قد فصل في كتابو اآلنف الذكر المسألة أيما تفصل‬
‫فليرجع إلى كتابو ك كذلك تلميذه ابن القيم الجوزية انتصر لهذا القوؿ ك أنكر المجاز‬
‫ك جعلو من الطواغيت ك أبطلو من ستين كجها‪.‬‬
‫ِ‪ -‬منع كجود المجاز في القرآف دكف اللغة كنسبو في كتاب اإليماف إلى أبي الحسن‬
‫الجزرم كابن حامد من الحنابلة كمحمد بن خويز منداد من المالكية كإلى داكد بن‬
‫علي الظاىرم كابنو أبي بكر‪ .‬ك كأف ىذا القوؿ كسط بين الرأيين اآلخرين كرغم ذلك‬
‫فيو ما فيو‪.‬‬
‫ّ‪ -‬كقوع المجاز في اللغة كفي القرآف كىو قوؿ القاضي أبي يعلى كابن عقيل كأبي‬
‫الخطاب كغيرىم من الحنابلة كرجحو ابن قدامة في ركضة الناظر كنسبو الزركشي في‬
‫كتابو البرىاف في علوـ القرآف إلى الجمهور بل كثير من أصحاب المذاىب األخرل من‬
‫الحنفية ك المالكية ك الشافعية قد اختاركا ىذا القوؿ كانتصركا لو مستدلين بأدلة كثيرة‬
‫سيأتي ذكر بعضها‪.‬‬
‫ك حتى نثرم الموضوع ‪ ،‬لنذكر طرفا مما استدؿ بو المانعوف للمجاز ك القائلوف بو ك‬
‫لنستهل البحث بأدلة المجيزين لو ‪ ،‬فمنها قولهم‪:‬‬
‫الدليل األكؿ‪ :‬أف القرآف عربي نزؿ بلغة العرب‪ ،‬قاؿ تعالى‪(:‬إًناا أىنٍػ ىزلٍنىاهي قيػ ٍرآنا ىع ىربًيًّا) ‪،‬‬
‫اف ىع ىربً ٍّي يمبًي ون) ‪ ،‬كلغة العرب يدخلها المجاز‪ ،‬فيكوف القرآف قد اشتمل‬ ‫كقاؿ‪( :‬بًلًس و‬
‫ى‬
‫على المجاز؛ ألنو نزؿ بلغتهم‪ .‬ك الدليل على أف لغة العرب يدخلها المجاز ىو‪ :‬كقوعو‬
‫فيها‪ ،‬فاستعمل العرب لفظ " األسد " للرجل الشجاع‪ ،‬ك " الحمار " للرجل البليد‪ ،‬ك "‬
‫البحر " للرجل العالم‪ ،‬كقولهم‪ " :‬قامت الحرب على ساؽ "‪ ،‬كقاؿ الشاعر‪:‬‬
‫أشاب الصغير كأفنى الكبير ‪ ...‬كر الغداة كمر العشي‬
‫فهنا نسب الشاعر فعل الشيب‪ ،‬كاإلفناء إلى تعاقب األياـ كالليالي‪ ،‬كىذا َل شك في‬
‫أنو مجاز‪ .‬كاألمثلة على كركد المجاز في لغة العرب كثيرة َل تكاد تحصى‪.‬‬
‫ك قد اعترض على ىذا الدليل باعتراضين‪ :‬اَلعتراض األكؿ‪ :‬أف العرب عبركا عن‬
‫الرجل الشجاع باألسد‪ ،‬كعن البليد بالحمار‪ ،‬كلكن ىذا التعبير حقيقي‪.‬‬
‫ك أجاب المثبتوف للمجاز بأف ىذا َل يصح؛ ألنو لو كاف حقيقة فيو‪ :‬لكاف إذا قاؿ‪" :‬‬
‫رأيت حماران " أنو َل يسبق إلى فهمو الحمار المعهود‪ ،‬بل الذم يسبق إلى الفهم‪:‬‬
‫الرجل البليد كالحمار المعهود معا‪ ،.‬فلما سبق فهمو إلى الحيواف البهيم ا‬
‫دؿ على أنو‬
‫مجاز في الرجل البليد‪ ،‬كأيضا‪ :‬أنو لما احتاج إلى قرينة ا‬
‫دؿ على أنو مجاز؛ ألف‬
‫الحقيقة تفهم بدكف قرينة‪.‬‬
‫اَلعتراض الثاني‪ :‬الحقيقة قد ع امت جميع األشياء‪ ،‬فال نحتاج إلى المجاز‪ ،‬فلم يعبر‬
‫بو القرآف؛ ألنو َل يفيد‪ ،‬كبالتالي يكوف عبثان‪.‬‬
‫سلٍّ يم بأف المجاز َل فائدة فيو‪ ،‬بل فيو فوائد‬
‫ك أجاب المثبتوف عنو بأنا َل ني ى‬
‫كثيرة ذكركا منها‪:‬‬
‫ُ ‪ /‬أف الكالـ بالمجاز أبلغ كأفصح من الكالـ بالحقيقة أحيانان‪ ،‬فمثالن لو قاؿ‪ " :‬ىذا‬
‫بحر " يريد مدح آخر‪ ،‬أبلغ كأفصح من قولو‪ ":‬ىذا رجل عالم بجميع العلوـ "‪.‬‬
‫ِ ‪ /‬أف الكالـ في المجاز يفيد اَلختصار في الكالـ‪ ،‬فمثالن لو قاؿ‪ " :‬ىذا الرجل أسد‬
‫" أخصر من قولو‪ " :‬ىذا الرجل يشبو األسد في الشجاعة "‪ .‬ككذلك إذا أراد أف يصف‬
‫نفسو يقوؿ‪ " :‬سل عني سيفي "‪ ،‬كَل يقوؿ‪" :‬سل عني عليان كيف فعلت كقتلت "‪،‬‬
‫اسأ ًىؿ الٍ ىق ٍريىةى) ‪ ،‬كلم يقل‪ " :‬كاسأؿ أىل القرية " مع أنو ىو‬
‫(ك ٍ‬
‫كلهذا قاؿ تعالى‪ :‬ى‬
‫المقصود‪ ،‬كذلك َلختصار الكالـ‪.‬‬
‫ّ ‪ /‬أف الكالـ في المجاز فيو تجنب ذكر ما يقبح ذكره كلفظ "الخراءة "‪ ،‬فإنو حقيقة‬
‫في الخارج المعتاد من اإلنساف‪ ،‬فعدؿ عنو الشارع إلى ذكر الغائط‪ ،‬أك قضاء الحاجة‬
‫كىي مجاز‪.‬‬
‫الدليل الثاني‪ :‬أف المجاز كقع ككرد في القرآف‪ ،‬بحيث يذكر الشيء بخالؼ ما كضع‬
‫لو‪ ،‬كىو إما زيادة‪ ،‬أك نقصاف‪ ،‬أك استعارة‪ ،‬أك تقديم‪ ،‬أك تأخير‪ ،‬من ذلك‪:‬‬
‫اسأ ًىؿ الٍ ىق ٍريىةى) ‪ ،‬فإف المراد‪ :‬كاسأؿ أىل القرية؛ َلمتناع توجيو السؤاؿ‬
‫(ك ٍ‬
‫ُ ‪ /‬قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫إلى نفس القرية‪.‬‬
‫اعترض أحدىم فقاؿ‪ :‬يجوز أف يأذف اللاو تعالى للقرية أف تجيبهم‪.‬‬
‫ك أجاب المثبتوف عن ذلك‪ :‬بأف اللاو لم يخرج ذلك مخرج المعجزة‪ ،‬كإنما أخرجو‬
‫مخرج الخبر‪ ،‬ككل موضع في القرآف ذكر قرية فالمراد بو أىل القرية‪ ،‬مما يدؿ على‬
‫سابنا ىش ًدي ندا‬ ‫ت عن أىم ًر ربٍّػها كرسلً ًو فىحاسبػن ً‬ ‫ً‬
‫(كىكأىيٍّ ٍن م ٍن قىػ ٍريىوة ىعتى ٍ ى ٍ ٍ ى ى ى ي ي ى ى ٍ ى ى‬
‫اىا ح ى‬ ‫ذلك قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫اىا ىع ىذابنا ني ٍك نرا (ٖ) ‪ ،‬كمعركؼ أف نفس القرية ما عتت عن أمر ربها‪ ،‬كأنها َل‬ ‫ىك ىع اذبٍػنى ى‬
‫تحاسب حسابان شديدان‪ ،‬كَل تعذب‪ ،‬كإنما المراد أىل القرية‪.‬‬
‫الذ ٍّؿ) ‪ ،‬كمعلوـ أف الذؿ ليس لو جناح‬ ‫اح ُّ‬ ‫(كا ٍخ ًف ٍ‬
‫ض لى يه ىما ىجنى ى‬ ‫ِ ‪ /‬من ذلك قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫حقيقة‪ ،‬فاستعاره لو‪.‬‬
‫ّ ‪ /‬كمن ذلك قولو تعالى‪ً :‬‬
‫(ج ىد نارا يي ًري يد أى ٍف يىػ ٍنػ ىق ا‬
‫ض) ‪ ،‬كمعركؼ أف الجدار َل إرادة لو؛‬
‫ألف اإلرادة يوصف بها من كاف لو شعور‪ ،‬فاستعار اإلرادة للجدار‪ ،‬كأريد بو الميل‬
‫القائم بالجدار‪.‬‬
‫ىح هد ًم ٍن يك ٍم ًم ىن الٍغىائً ًط) كالغائط ‪ -‬حقيقة ‪ -‬يطلق على‬
‫اء أ ى‬
‫ْ ‪ /‬كمن ذلك قولو‪( :‬أ ٍىك ىج ى‬
‫المنخفض من األرض‪ ،‬كسمي ما يخرج من اإلنساف من األذل بالمكاف استعارة‪.‬‬
‫س ىش ٍيبنا) كالرأس َل يشتعل‪.‬‬ ‫(كا ٍشتىػ ىع ىل ال ارأٍ ي‬
‫ٓ ‪ /‬كمن ذلك قولو‪ :‬ى‬
‫(كأي ٍش ًربيوا فًي قيػليوبً ًه يم ال ًٍع ٍج ىل) كالمقصود‪:‬حب العجل‪.‬‬ ‫ٔ ‪ /‬كمن ذلك قولو‪ :‬ى‬
‫ٍن ىكثً نيرا ًم ىن الن ً‬
‫ااس) كمعركؼ أف األصناـ نفسها َل‬ ‫ضلىل ى‬‫ب إًناػ يه ان أى ٍ‬‫(ر ٍّ‬
‫ٕ ‪ /‬كمن ذلك قولو‪ :‬ى‬
‫تضل أحدان‪.‬‬
‫اعترض بعضهم على ذلك بقولو‪ :‬إنا نسلم أف اهلل قد استعمل في تلك اآليات اللفظ‬
‫في غير ما كضع لو‪ ،‬كلكن َل نسميو مجازان‪ ،‬كإنما زيادة‪ ،‬كنقصاف‪ ،‬كاستعارة‪ ،‬كتقديم‪،‬‬
‫كتأخير‪.‬‬
‫أجاب المثبتوف عنو بأنا نسميو مجازان؛ لصدؽ تعريف المجاز عليو‪ ،‬كأنتم َل‬
‫تسمونو بذلك‪ ،‬كتسمونو باسم آخر‪ ،‬فيكوف الخالؼ في التسمية كاللفظ ‪ -‬فقط ‪-‬‬
‫فال خالؼ بيننا كبينكم إذف‪.‬‬
‫ىذا مجمل ما استدؿ بو أصحاب القوؿ األكؿ كىم المثبتوف للمجاز ك ىناؾ أدلة‬
‫أخرل أعرضنا عنها اختصارا ‪.‬‬
‫أما أصحاب القوؿ الثالث ك النافين للمجاز فقد أجابوا على األدلة السابقة ك غيرىا‬
‫كاستدلوا بدكرىم بأدلة كثيرة ك لنتقتصر على كالـ نفيس للشيخ محمد األمين‬
‫الشنقيطي رحمو اهلل فقد استفاض في دحض أدلة المخالف في كتابو المسمى «منع‬
‫جواز المجاز في المنزؿ للتعبد ك اإلعجاز» حيث قاؿ رحمو اهلل في كتاب المذكرة ‪:‬‬
‫« قد بينا أدلة منعو في القرآف في رسالتنا المسماة منع جواز المجاز في المنزؿ للتعبد‬
‫كاإلعجاز كمن أكضح األدلة في ذلك أف جميع القائلين بالمجاز متفقوف على أف من‬
‫الفوارؽ بينو كبين الحقيقة أف المجاز يجوز نفيو باعتبار الحقيقة‪ ،‬دكف الحقيقة فال‬
‫يجوز نفيها‪ ،‬فتقوؿ لمن قاؿ رأيت أسدان على فرسو‪ ،‬ىو ليس بأسد كإنما ىو رجل‬
‫شجاع‪ ،‬كالقوؿ في القرآف بالمجاز يلزـ منو أف في القرآف ما يجوز نفيو‪ ،‬كىو باطل‬
‫قطعان‪ ،‬كبهذا الباطل توصل المعطلوف إلى نفي صفات الكماؿ كالجالؿ الثابتة هلل تعالى‬
‫في كتابو كسنة نبيو صلى اهلل عليو كسلم ‪ ،‬بدعول أنها مجاز كقولهم في استول‬
‫استولى‪ .‬كقس على ذلك غيره‪ ،‬من نفيهم للصفات عن طريق المجاز‪ .‬أما اآليات التي‬
‫ذكرىا المؤلف فال يتعين في شيء منها أنو مجاز‪.‬‬
‫أما قولو‪ " :‬كاخفض لهما جناح الذؿ " فليس المراد بو أف للذؿ جناحان كإف كاف كالـ‬
‫العالمة ابن القيم رحمو اهلل يقتضيو‪ ،‬كظن أبو تماـ أنو معنى اآلية لما قيل لو صب في‬
‫ىذا اإلناء من ماء المالـ يعني قولو‪:‬‬
‫َل تسقني ماء المالـ فإنني ‪ ...‬صب قد استعذبت مات بكائي‬
‫فقاؿ‪ :‬ىات ريشة من جناح الذؿ‪ ،‬حتى أصب لك من ماء المالـ‪ ،‬بل المراد باآلية‬
‫الكريمة كما يدؿ عليو كالـ جماعة أىل التفسير أنها من إضافة الموصوؼ إلى صفتو‪،‬‬
‫أم ‪:‬كاخفض لهما جناحك الذليل لهما من الرحمة‪ ،‬كنظيره من كالـ العرب قولهم‪:‬‬
‫حاتم الجود‪ ،‬أم‪ :‬الموصوؼ بالجود‪ ،‬ككصف الجناح بالذؿ مع أنو صفة اإلنساف ألف‬
‫البطش يظهر برفع الجناح‪ ،‬كالتواضع كاللين يظهر بخفضو‪ ،‬فخفضو كناية عن لين‬
‫الجانب كما قاؿ‪:‬‬
‫كأنت الشهير بخفض الجناح ‪ ...‬فال تك برفعو أجدَل‬
‫كنظيره في القرآف " مطر السوء" كعذاب الهوف" أم المطر الموصوؼ بأنو يسوء من‬
‫كقع عليو‪ ،‬كالعذاب الموصوؼ بوقوع الهوف على من نزؿ بو‪ ،‬كإضافة صفة اإلنساف‬
‫لبعض أجزائو أسلوب من أساليب اللغة العربية كما قاؿ ىنا جناح الذؿ‪ ،‬مع أف الذليل‬
‫صاحب الجناح‪ ،‬كنظيره قولو تعالى‪ " :‬ناصية كاذبة خاطئة " كالمراد صاحب الناصية‬
‫التي ىي مقدـ شعر الرأس‪ ،‬كقولو تعالى " كجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة " مع أف‬
‫تلك الصفات ألصحاب الوجوه كقولو تعالى " كاسأؿ القرية" فيو حذؼ مضاؼ‪،‬‬
‫كحذؼ المضاؼ كإقامة المضاؼ إليو مقامو‪ ،‬أسلوب من أساليب اللغة معركؼ‪ ،‬عقده‬
‫في الخالصة بقولو‪:‬‬
‫كما يلي المضاؼ يأتي خلفا ‪ ...‬عنو في اإلعراب إذا ما حذفا‬
‫كالمضاؼ المحذكؼ مدلوؿ عليو بدَللة اَلقتضاء‪ ،‬كىي عند جماىير األصوليين‪،‬‬
‫دَللة اَللتزاـ كليست من المجاز عندىم‪ ،‬كما ىو معركؼ في محلو‪ ،‬كقولو "جداران يريد‬
‫أف ينقض " َل مجاز فيو‪ ،‬إذ َل مانع من حمل اإلرادة في اآلية على حقيقتها ألف‬
‫للجمادات إرادات حقيقية يعلمها اهلل جل كعال‪ ،‬كنحن َل نعلمها كيوضح ذلك حنين‬
‫الجذع الذم كاف يخطب عليو صلى اهلل عليو كسلم لما تحوؿ عنو إلى المنبر كذلك‬
‫الحنين ناشئ عن إرادة يعلمها اهلل كقد ثبت في صحيح مسلم أف النبي صلى اهلل عليو‬
‫كسلم قاؿ‪ :‬إني ألعرؼ حجران كاف يسلم علي في مكة كسالمو عليو‪ ،‬عن إرادة يعلمها‬
‫اهلل كنحن َل نعلمها كما صرح تعالى بذلك في قولو جل كعال " كإف من شيء إَل‬
‫يسبح بحمده كلكن َل تفقهوف تسبيحهم " فصرح بأننا َل نفقهو‪ ،‬كأمثاؿ ذلك كثيرة في‬
‫الكتاب كالسنة‪ ،‬ككذلك َل مانع من كوف اإلرادة تطلق في اللغة على معناىا المعركؼ‬
‫كالسنة‪ ،‬ككذلك َل مانع من كوف اإلرادة تطلق في اللغة على معناىا المعركؼ‪ ،‬كعلى‬
‫مقاربة الشيء كالميل إليو فيكوف معنى إرادة الجدار‪ ،‬ميلو إلى السقوط كقربو منو‪ ،‬كىذا‬
‫أسلوب عربي معركؼ‪ ،‬كمنو قوؿ الراعي‪:‬‬
‫فػػي ىم ٍه ىمػ وػة قىلً ىق ٍ‬
‫ػت بً ًػو ىاماتيػ ىهػا‬
‫صػػوَل‬ ‫قىػلىػ ىػق ال يفئيػ ً‬
‫ػوس إذىا ىأر ٍد ىف ني ي‬
‫كقوؿ اآلخر‪:‬‬
‫يريد الرمح صدر أبي براء ‪ ...‬كيعدؿ عن دماء بني عقيل‬
‫ككذلك قولو " أك جاء أحد منكم من الغائط" َل مجاز فيو‪ ،‬بل إطالؽ اسم المحل على‬
‫الحاؿ فيو كعكسو‪ ،‬كالىما أسلوب معركؼ من أساليب اللغة العربية‪ ،‬ككالىما حقيقة‬
‫في محلو‪ ،‬كما أقركا بنظيره في أف نسخ العرؼ للحقيقة اللغوية َل يمنع من إطالؽ اسم‬
‫الحقيقة عليو فيسمونو حقيقة عرفية‪ ،‬ككذلك قولو تعالى " كجزاء سيئة سيئة مثلها "‬
‫كقولو " فمن اعتدل عليكم فاعتدكا عليو " اآلية‪َ.‬ل مجاز فيو‪ ،‬كبذلك اعترؼ أكثر‬
‫علماء البالغة‪ ،‬حيث عدكا ىذا النوع من البديع كسموه باسم المشاكلة‪ ،‬كمعلوـ أف‬
‫المجاز من فن البياف‪َ ،‬ل من فن البديع‪ ،‬فأكثرىم قالوا إف المشاكلة من البديع كقولو‪:‬‬
‫قالوا اقترح شيئان ني ًجد لك طبخو ‪ ...‬قلت اطبخوا لي جبة كقميصان‬
‫كالحق أف ىذا أسلوب من أساليب اللغة‪ ،‬كمنو اآليتاف‪ ،‬نعم زعم قوـ من علماء البالغة‬
‫أف المشاكلة من عالقات المجاز المرسل‪ ،‬فسموا ما استعمل في غير معناه عندىم‬
‫للمشاكلة مجازان‪ ،‬كأما تفسيره " يؤذكف اهلل" بقولو يؤذكف أكلياءه فليس بصحيح‪ ،‬بل‬
‫معنى إيذاءىم اهلل كفرىم بو كجعلهم لو األكَلد كالشركاء‪ ،‬كتكذيبهم رسلو‪ .‬كيوضح‬
‫ذلك حديث (ليس أحد أصبر على أذل يسمعو " من اهلل إنهم يدعوف لو كلدان كأنو‬
‫ليعافيهم كيرزقهم) ‪ ،‬كأكثر المتأخرين على أف في اآليات التي ذكرىا المؤلف مجازان‪،‬‬
‫كما ىو معركؼ‪ ،‬كقد بينا منع القوؿ بالمجاز في القرآف في رسالتنا التي ألفناىا في‬
‫ذلك‪ ،‬كقوؿ المؤلف في تعريف المجاز‪ ،‬كىو اللفظ المستعمل في غير موضعو‬
‫األصلي على كجو يصح‪ ،‬يعني بقولو على كجو يصح أف تكوف ىناؾ عالقة بين المعنى‬
‫األصلي كالمعنى المجازم‪ ،‬كأف تكوف ثم أيضان قرينة صارفة عن قصد المعنى األصلي‪،‬‬
‫كتعريفو للمجاز َل يدخل فيو إَل اثناف من أنواع المجاز األربعة‪ ،‬كىما المجاز المفرد‬
‫كىو عندىم الكلمة المستعملة في غير ما كضعت لو لعالقة مع قرينة صارفة عن قصد‬
‫المعنى األصلي‪ ،‬كالعالقة إف كانت المشابهة كقولك رأيت أسدان يرمي سمي ىذا النوع‬
‫من المجاز استعارة‪ ،‬كحد اَلستعارة مجاز عالقتو المشابهة‪ ،‬كإف كانت عالقتو غير‬
‫المشابهة كالسببية كالمسببية كنحو ذلك سمي مجازان مفردان مرسالن كقوؿ الشاعر‪:‬‬
‫أكلت دمان إف لم أرعك بضرة ‪ ...‬بعيدة مهول القرط طيبة النشر‬
‫أطلق الدـ كأراد الدية مجازان مرسالن عالقتو السببية ألف الدية المعبر عنها بالدـ سببها‬
‫الدـ كىي مسبب لو‪.‬‬
‫الثاني من النوعين الذين دخال في كالمو‪ ،‬المجاز المركب كضابطو أف يستعمل كالـ‬
‫مفيد في معنى كالـ مفيد آخر‪ ،‬لعالقة بينهما كَل نظر فيو إلى المفردات‪ ،‬فقد تكوف‬
‫حقائق لغوية‪ ،‬كقد تكوف مجازات مفردة‪ ،‬كقد يكوف بعضها مجازان كبعضها حقيقة‪،‬‬
‫كعالقتو إف كانت المشابهة فهو استعارة تمثيلية‪ ،‬كمنها جميع األمثاؿ السائرة كالمثل‬
‫يحكي بلفظو األكؿ‪ ،‬كمثالو قولك لمن فرط في أمر كقت إمكاف فرصتو‪ ،‬ثم بعد أف‬
‫فات إمكاف فرصتو جاء يطلبو (الصيف ضيعت اللبن) كأصل المثل‪ :‬أف امرأة من تميم‬
‫خطبها رجالف أحدىما كبير في السن كلو مواشي كثيرة‪ ،‬كالثاني شاب كماشيتو قليلة‪،‬‬
‫فاختارت الشاب‪ ،‬ككانت الخطبة زمن الصيف‪ ،‬ثم طلبت بعد ذلك من الكبير الذم‬
‫ردت خطبتو لبنان فقاؿ لها‪( :‬الصيف ضيعت اللبن) كىذا اَلستعماؿ لعالقة المشابهة‪،‬‬
‫بين مجموع الصورتين ‪ ،‬كإف كانت عالقتو غير المشابهة‪ ،‬سمي مجازان مركبان مرسالن‬
‫كقولو‪ :‬ىوام مع الركب اليمانيين مصعد‪ ... ... ... ...‬جنيب كجثماني بمكة موثق‬
‫فالبيت كالـ خبرم أريد بو إنشاء التحسر كالتأسف ألف ما أخبر بو عن نفسو ىو سبب‬
‫التحسر كالتأسف‪ ،‬كىو مجاز مركب مرسل‪ ،‬عالقتو السببية ألنو لم يقصد بهذا الخبر‬
‫فائدة الخبر‪ ،‬كَل َلزـ فائدتو‪ ،‬كالنوعاف اللذاف لم يدخال في كالمو ىما المجاز العقلي‬
‫كمجاز النقص كالزيادة‪.‬‬
‫أما المجاز العقلي عندىم فالتجوز فيو في اإلسناد خاصة َل في لفظ المسند إليو كَل‬
‫المسند كسواء فيو كانا حقيقتين لغويتين أك مجازين مفردين أك أحدىما حقيقة كالثاني‬
‫مجازان ألف التجوز فيو في خصوص اإلسناد كقوؿ المؤمن (أنبت الربيع البقل) فالربيع‬
‫كإنبات البقل كالىما مستعمل في حقيقتو‪ ،‬كالتجوز إنما ىو في إسناد اإلنبات إلى‬
‫الربيع كىو اهلل جل كعال عند المتكلم ككذلك ىو في الواقع كأنكر المجاز العقلي‬
‫السكاكي كرده إلى اَلستعارة المكنية‪ ،‬كأما مجاز النقص عندىم (كاسأؿ القرية)‬
‫كىذا المثاؿ ذكره المؤلف مع أنو لم يدخل في تعريفو للمجاز‪ ،‬ألف جميع ألفاظو‬
‫مستعملة فيما كضعت لو‪ ،‬كالتجوز من جهة الحذؼ المغير لإلعراب‪ ،‬كمثاؿ مجاز‬
‫الزيادة عندىم ليس كمثلو شيء ‪ ،‬كقد بينا أنو َل ينبغي للمسلم أف يقوؿ إف في كتاب‬
‫اهلل مجازان كالتحقيق أف اللغة العربية َل مجاز فيها كإنما ىي أساليب عربية تكلمت‬
‫بجميعها العرب‪ ،‬كلو كلفنا من قاؿ بالوضع للمعنى الحقيقي أكَلن ثم للمعنى المجازم‬
‫ثانيان بالدليل على ذلك لعجز عن إثبات ذلك عجزان َلشك فيو‪ ».‬انتهى كالمو رحمو اهلل‬

‫ُ ‪ /‬فالحقيقة ىي‪ :‬اللفظ المستعمل فيما كضع لو‪ ،‬مثل‪ :‬أسد للحيواف المفترس‪.‬‬
‫فخرج بقولنا‪« :‬المستعمل»؛ المهمل‪ ،‬فال يسمى حقيقة كَل مجازان‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬فيما كضع لو»؛ المجاز‪.‬‬
‫لم يعرؼ المؤلف معنى كلمة الحقيقة لغة ك ىي على كزف فعيلة‪ ،‬مأخوذة من الحق‪،‬‬
‫كاشتقاقو من الشيء المحقق‪ ،‬كىو المحكم‪ ،‬تقوؿ‪ " :‬ثوب محقق النسج "أم‪:‬‬
‫محكم‪ .‬ك أيضا ىي مأخوذة من الحق بمعنى الثابت على أنو بمعنى فاعل أك المثبت‬
‫على أنو بمعنى مفعوؿ‪.‬‬
‫ش ٍر ًع اي‪،‬‬ ‫م‪ ،‬ىكال ا‬ ‫ض ىع اللُّغى ًو ا‬
‫ك قولو ‪« :‬اللفظ المستعمل فيما كضع لو» فيشمل ىى ىذا ال ىٍو ٍ‬
‫ص ًط ىال ًح اي‪.‬‬‫ىكالٍعي ٍرفً اي‪ ،‬ىك ًاَل ٍ‬
‫ب؛ ًألىناوي إً ىذا ىكا ىف‬ ‫اخاطي ً‬ ‫اص ًط ىال ًح الت ى‬‫اد جماعة في ىذا الحد قىػ ٍي ندا‪ ،‬ىك يى ىو قىػ ٍولي يه ٍم‪ :‬فًي ٍ‬ ‫ىكىز ى‬
‫اسبى وة بىػ ٍيػنىوي ىكبىػ ٍي ىن‬ ‫ضع لىو فًي اص ًط ىال وح ى ً‬ ‫اخاطيب بً ً‬
‫آخ ىر‪ ،‬ل يمنى ى‬ ‫ٍ‬ ‫استيػ ٍع ًم ىل فً ًيو ىما يك ً ى ي‬ ‫اصط ىال وح‪ ،‬ىك ٍ‬ ‫الت ى ي ٍ‬
‫ض ىع لىوي‪.‬‬ ‫ظ مستىػ ٍعمل فًيما ك ً‬
‫ازا ىم ىع أىناوي لىٍف ه ي ٍ ى ه ى ي‬ ‫ب‪ ،‬ىكا ىف ىم ىج ن‬ ‫اخاطي ً‬‫اص ًط ىال ًح الت ى‬ ‫ض ىع لىوي فًي ٍ‬ ‫ما ك ً‬
‫ى ي‬
‫ظ الٍمستىػ ٍعمل فًيما ك ً‬ ‫ً‬ ‫اد ى ً‬
‫ض ىع لىوي أ اىكنَل‬ ‫ٍح ٍّد قىػ ٍي ندا‪ ،‬فىػ ىقاليوا‪ :‬ى ىي اللا ٍف ي ي ٍ ى ي ى ي‬ ‫آخ يرك ىف في ىى ىذا ال ى‬ ‫ىكىز ى‬
‫اج ًمثٍ ًل ىما ذيكً ىر‪.‬‬‫ًًإل ٍخ ىر ً‬
‫ص ًط ىال ًح الا ًذم ىكقى ىع‬ ‫ىص ًل ًاَل ٍ‬‫ت لىوي فًي أ ٍ‬ ‫ض ىع ٍ‬‫كقًيل فًي ح ٍّد الٍح ًقي ىق ًة‪ :‬إًناػ ىها ما أيفًي ىد بً ىها ما ك ً‬
‫ى ي‬ ‫ى‬ ‫ى ى ى ى‬
‫ب بً ًو‪.‬‬
‫اخاطي ي‬ ‫الت ى‬
‫ضع ٍ ً‬ ‫ً و‬ ‫يل فًي ىحد ى‬
‫ض ًع ك ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ض نعا ىَل‬ ‫اض وع‪ ،‬ىك ٍ‬ ‫ت لىوي في ىك ٍ ى‬ ‫ٍّىا‪ :‬إًناػ ىها يك ُّل ىكل ىمة أي ًري ىد بً ىها ىع ٍي ين ىما يك ى‬ ‫ىكق ى‬
‫يى ٍستىنً يد فً ًيو إًلىى غىٍي ًرهً‪.‬‬
‫ك نرجع إلى قوؿ المؤلف «اللفظ المستعمل فيما كضع لو» فهذا القيد األكؿ يخرج بو‬
‫المهمل كقولنا ديز ك براكف ‪ ..‬فال تسمى حقيقة كَل مجازا‪.‬‬
‫ك أما قولو‪« :‬فيما كضع لو» فهو قيد ثاف يخرج بو المجاز فال يدخل في الح ٌد ألنو‬
‫اللفظ المستعمل في غير ما كضع لو أكَل لعالقة مع قرينة‪.‬‬

‫كتنقسم الحقيقة إلى ثالثة أقساـ‪ :‬لغوية كشرعية كعرفية‪.‬‬


‫فاللغوية ىي‪ :‬اللفظ المستعمل فيما كضع لو في اللغة‪.‬‬
‫فخرج بقولنا‪« :‬في اللغة»؛ الحقيقة الشرعية كالعرفية‪.‬‬
‫مثاؿ ذلك الصالة‪ ،‬فإف حقيقتها اللغوية الدعاء‪ ،‬فتحمل عليو في كالـ أىل اللغة‪.‬‬
‫كعرؼ بعض األصوليين الحقيقة اللغوية بتعريف قريب من ىذا فقالوا «ىي اللفظ‬
‫المستعمل فيما كضع لو أكَل في اللغة» مثاؿ على ذلك ‪ :‬كلفظ أسد في الحيواف‬
‫المفترس‪ :‬يفهم منو الحيواف المفترس‪ ،‬فال ينقدح في الذىن ‪ -‬عند إطالقو ‪ -‬إَل ىذا‬
‫المعنى‪ ،‬فيكوف حقيقة لغوية كىذا ىو المقصود بها‪ ،‬كىي األسبق إلى الذىن من‬
‫الحقيقة العرفية كالشرعية‪.‬‬
‫ك كما سبق ‪ ،‬تعريف المؤلف للحقيقة اللغوية لو قيداف‪:‬‬
‫األكؿ‪ «:‬اللفظ المستعمل» أخرج المهمل‪.‬‬
‫الثاني‪« :‬فيما كضع لو في اللغة» أخرج الحقيقة اللغوية ك العرفية كالمجاز‪.‬‬

‫كالحقيقة الشرعية ىي‪ :‬اللفظ المستعمل فيما كضع لو في الشرع‪.‬‬


‫فخرج بقولنا‪« :‬في الشرع»؛ الحقيقة اللغوية كالعرفية‪.‬‬
‫مثاؿ ذلك‪ :‬الصالة‪ ،‬فإف حقيقتها الشرعية األقواؿ كاألفعاؿ المعلومة المفتتحة‬
‫بالتكبير المختتمة بالتسليم‪ ،‬فتحمل في كالـ أىل الشرع على ذلك‪.‬‬

‫الحقيقة الشرعية ىي اللفظ المستعمل فيما كضع لو أكَل في الشرع ك قد مثل المؤلف‬
‫بكلمة الصالة فحقيقتها الشرعية تتمثل في العبادة المخصوصة المفتتحة بالتكبير‬
‫المختتمة بالتسليم‪ ،‬كمن األمثلة كذلك ‪ :‬كلمة اإليماف‪ ،‬لالعتقاد كالقوؿ كالعمل‪.‬‬
‫ك اختلف العلماء فيما استعملو الشارع من ألفاظ أىل اللغة مثل‪:‬‬
‫لفظ " الصالة "‪ ،‬ك " الصوـ "‪ ،‬ك " الزكاة "‪ ،‬ك " الحج "‪ ،‬ىل خرج بو عن كضعها‬
‫اللغوم أك َل؟ على مذاىب‪.‬‬

‫كالحقيقة العرفية ىي‪ :‬اللفظ المستعمل فيما كضع لو في العرؼ‪.‬‬


‫فخرج بقولنا‪« :‬في العرؼ»؛ الحقيقة اللغوية كالشرعية‪.‬‬
‫مثاؿ ذلك‪ :‬الدابة‪ ،‬فإف حقيقتها العرفية ذات األربع من الحيواف‪ ،‬فتحمل عليو في‬
‫كالـ أىل العرؼ‪.‬‬
‫كفائدة معرفة تقسيم الحقيقة إلى ثالثة أقساـ‪ :‬أف نحمل كل لفظ على معناه الحقيقي‬
‫في موضع استعمالو‪ ،‬فيحمل في استعماؿ أىل اللغة على الحقيقة اللغوية‪ ،‬كفي‬
‫استعماؿ الشرع على الحقيقة الشرعية‪ ،‬كفي استعماؿ أىل العرؼ على الحقيقة‬
‫العرفية‪.‬‬

‫لم يذكر المؤلف أقساـ الحقيقة العرفية‪ ،‬فهي تنقسم إلى قسمين‪ :‬عامة ك خاصة‬
‫فالعرفية العامة‪ :‬ما تعارؼ عليو عامة أىل اللغة بغلبة استعماؿ اللفظ في بعض مدلولو‬
‫أك بتغليب المجاز على الحقيقة‪.‬‬
‫فاألكؿ‪ :‬أف يكوف اللفظ قد كضع في أصل اللغة لمعنى عاـ ثم خصصو العرؼ ببعض‬
‫مسمياتو كلفظ "دابة" فإف أصلو لكل ما دب على كجو األرض غير أف العرؼ خصصو‬
‫بذكات األربع‪.‬‬
‫كالثاني‪ :‬أف يكوف اللفظ في أصل اللغة لمعنى ثم يشتهر في عرؼ اَلستعماؿ في‬
‫المعنى المجازم بحيث َل يفهم من اللفظ عند إطالقو غيره كلفظ " الغائط " فإنو في‬
‫أصل الوضع للمكاف المطمئن من األرض ثم نقل عنو إلى الفضلة الخارجة من‬
‫ا ًإلنساف‪ .‬ككلفظ " الراكية" فإنو في األصل للبعير الذم يستقى عليو ثم نقل عنو إًلى‬
‫المزادة‪.‬‬
‫كالعرفية الخاصة‪ :‬ما تعارؼ عليو بعض الطوائف من األلفاظ التي كضعها لمعنى عندىم‬
‫كتعارؼ أىل النحو على استعماؿ الرفع كالنصب كأدكات الجر في معاف اصطلحوا‬
‫عليها‪ :‬ككتعارؼ أىل البالغة على المسند كالمسند إليو كنحو ذلك‪.‬‬

‫ِ ‪ -‬كالمجاز ىو‪ :‬اللفظ المستعمل في غير ما كضع لو‪ ،‬مثل‪ :‬أسد للرجل الشجاع‪.‬‬
‫فخرج بقولنا‪« :‬المستعمل»؛ المهمل‪ ،‬فال يسمى حقيقة كَل مجازان‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬في غير ما كضع لو»؛ الحقيقة‪.‬‬
‫كَل يجوز حمل اللفظ على مجازه إَل بدليل صحيح يمنع من إرادة الحقيقة‪ ،‬كىو ما‬
‫يسمى في علم البياف بالقرينة‪.‬‬
‫كيشترط لصحة استعماؿ اللفظ في مجازه‪ :‬كجود ارتباط بين المعنى الحقيقي‬
‫كالمجازم‪ ،‬ليصح التعبير بو عنو‪ ،‬كىو ما يسمى في علم البياف بالعالقة‪ ،‬كالعالقة إما‬
‫أف تكوف المشابهة أك غيرىا‪.‬‬
‫فإف كانت المشابهة سمي التجوز «استعارة»؛ كالتجوز بلفظ أسد عن الرجل الشجاع‪.‬‬
‫كإف كانت غير المشابهة سمي التجوز «مجازان مرسالن» إف كاف التجوز في الكلمات‪،‬‬
‫ك «مجازان عقليًّا» إف كاف التجوز في اإلسناد‪.‬‬
‫مثاؿ ذلك في المجاز المرسل‪ :‬أف تقوؿ‪ :‬رعينا المطر‪ ،‬فكلمة «المطر» مجاز عن‬
‫العشب‪ ،‬فالتجوز بالكلمة‪.‬‬
‫كمثاؿ ذلك في المجاز العقلي‪ :‬أف تقوؿ‪ :‬أنبت المطر العشب فالكلمات كلها يراد‬
‫بها حقيقة معناىا‪ ،‬لكن إسناد اإلنبات إلى المطر مجاز؛ ألف المنبت حقيقة ىو اهلل‬
‫تعالى فالتجوز في اإلسناد‪.‬‬
‫كمن المجاز المرسل‪ :‬التجوز بالزيادة‪ ،‬كالتجوز بالحذؼ‪.‬‬
‫س ىك ًمثٍلً ًو ىش ٍيءه} [الشورل‪ ]ُُ :‬فقالوا‪ :‬إف‬
‫مثلوا للمجاز بالزيادة بقولو تعالى‪{ :‬لىٍي ى‬
‫الكاؼ زائدة لتأكيد نفي المثل عن اهلل تعالى‪.‬‬
‫كمثاؿ المجاز بالحذؼ‪ :‬قولو تعالى‪{ :‬كسئل القرية} [يوسف‪ ]ِٖ :‬أم‪ :‬كاسأؿ أىل‬
‫القرية؛ فحذفت «أىل» مجازان‪ ،‬كللمجاز أنواع كثيرة مذكورة في علم البياف‪.‬‬
‫كإنما ذكر طرؼ من الحقيقة كالمجاز في أصوؿ الفقو؛ ألف دَللة األلفاظ إما حقيقة‬
‫كإما مجاز‪ ،‬فاحتيج إلى معرفة كل منهما كحكمو‪ .‬كاهلل أعلم‪.‬‬

‫بعدما فرغ المؤلف من تعريف الحقيقة ك ذكر أقسامها ‪ ،‬انتقل إلى تعريف المجاز‬
‫كذكر بعض أنواعو ‪ ،‬كق ٌدـ مبحث الحقيقة عليو ألنها األصل كالراجح فال يحمل‬
‫الكالـ على المجاز عند القائلين بو إَل مع قرينة مانعة من إيراد المعنى الحقيقي‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ت‬‫اؿ‪ :‬يج ٍز ي‬ ‫ٍج ىوا ًز الاذم يى ىو التػ ى‬
‫اعدٍّم‪ ،‬ىك ىما ييػ ىق ي‬ ‫ك كلمة المجاز على كزف ىم ٍف ىع هل‪ ،‬م ىن ال ى‬
‫وب ىك ًاَل ٍمتًنى ًاع‪،‬‬
‫ٍج ىوا ًز الا ًذم يى ىو قى ًسيم ال يٍو يج ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ي‬ ‫ىم‪ :‬ىج ىاكٍزتيوي ىكتىػ ىع اديٍػتيوي‪ ،‬أ ٍىك م ىن ال ى‬
‫"م ٍوض ىع ىك ىذا" أ ٍ‬
‫ى‬
‫ٍّدا بىػ ٍي ىن ال يٍو يجوًد‬
‫اجبنا ىكىَل يم ٍمتىنً نعا‪ ،‬يى يكو يف يمتىػ ىرد ن‬ ‫اج هع إًلىى ٍاأل اىكًؿ؛ ًألى اف الا ًذم ىَل ي يكو يف ك ً‬
‫ى ى‬
‫ك يىو ر ً‬
‫ى ى ى‬
‫"كًم ٍن ىى ىذا إلى ىذا"‪.‬‬ ‫ً ً‬
‫ىكال ىٍع ىدًـ‪ ،‬فى ىكأىناوي يىػ ٍنتىق يل م ٍن ىى ىذا إًلىى ىى ىذا‪ ،‬ى‬
‫ض ىع لىوي لً ىع ىالقى وة ىم ىع قى ًرينى وة‪.‬‬‫ظ الٍمستىػ ٍعمل فًي غىٍي ًر ما ك ً‬
‫ى ي‬ ‫ا‬
‫از اصطالحا‪ :‬فىػ يه ىو الل ٍف ي ي ٍ ى ي‬ ‫كأى اما ال ىٍم ىج ي‬
‫ضع لىوي أى اكنَل‪ ،‬ىعلىى ك ٍج وو ي ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يل يى ىو اللا ٍف ي‬ ‫ً‬
‫ص ُّح‪.‬‬ ‫ى ى‬ ‫ظ ال يٍم ٍستىػ ٍع ىم يل في غىٍي ًر ىما يك ى‬ ‫ىكق ى‬
‫س ىم ًاء‪.‬‬
‫ض فًي ال ا‬ ‫اؿ لىٍف ًظ ٍاأل ٍىر ً‬‫استً ٍعم ً‬
‫اج مثٍ ًل ٍ ى‬
‫ص ُّح ًًإل ٍخر ً ً‬
‫ى‬
‫ادةي قىػ ٍي ًد‪ :‬ىعلىى ك ٍج وو ي ً‬
‫ى ى‬ ‫ىكًزيى ى‬
‫ٍح ًقي ىق ًة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يل فًي ىحدٍّهً أىيٍ ن‬
‫ضا‪ :‬إًناوي ىما ىكا ىف بًض ٍّد ىم ٍعنىى ال ى‬ ‫ىكق ى‬
‫ً‬
‫ك قد ذكر المؤلف بعض أنواع المجاز ك نلخصها في كالـ نفيس لإلماـ المحلي على‬
‫از‬
‫شرحو لجمع الجوامع لإلماـ تاج الدين السبكي حيث يقوؿ ‪ ..« :‬ىكقى ٍد يى يكو يف ال ىٍم ىج ي‬
‫ىس ًد لًل ار يج ًل‬ ‫ً و ًو‬ ‫ً‬ ‫س لًص ًً‬ ‫ث ال ىٍع ىالقىةي (بًال ا‬ ‫ًم ٍن ىح ٍي ي‬
‫ورتو ال ىٍم ٍنػ يقو ىشة (أ ٍىك ص ىفة ظىاى ىرة) ىك ٍاأل ى‬ ‫ش ٍك ًل) ىكالٍ ىف ىر ً ي ى‬
‫س (أ ٍىك بًا ٍعتًبىا ًر‬ ‫ىس ًد ال يٍم ٍفتى ًر ً‬ ‫ً‬ ‫شج ى ً‬ ‫ً‬
‫اعة يدك ىف الٍبى ىخ ًر في ٍاأل ى‬ ‫الش ىج ًاع يدك ىف ال ار يج ًل ٍاألىبٍ ىخ ًر لظي يهوًر ال ا ى‬ ‫ُّ‬
‫صي ًر ى‬
‫(َل‬ ‫ٍخم ًر لًلٍع ً‬ ‫ىما يى يكو يف) فًي ال يٍم ٍستىػ ٍقبى ًل (قىط نٍعا) نى ٍح يو {إناك ىميٍّ ه‬
‫ت} (أ ٍىك ظىنًّا) ىكال ى ٍ ى‬
‫وز أى اما بًا ٍعتًبىا ًر ىما ىكا ىف ىعلىٍي ًو قىػ ٍب يل ىكال ىٍع ٍب ًد لً ىم ٍن ىعتى ىق فىػتىػ ىق اد ىـ فًي‬ ‫ٍح ٍّر لًل ىٍع ٍب ًد فى ىال يى يج ي‬ ‫ًٍ‬
‫احت ىم ناَل) ىكال ي‬
‫ؼ ال ىٍم ًاء‬ ‫ازةً لًلٍب ًرياًة الٍم ٍهلً ىك ًة (كالٍمجاكرةً) ىكال ارا ًكي ًة لًظىر ً‬
‫ى ٍ‬ ‫ى ي ى ىى‬ ‫(كبالضٍّدٍّ) ىكال ىٍم ىف ى ى ي‬
‫اؽ ً‬ ‫ً ً ً ً‬
‫ىم ٍسأىلىة اَل ٍشت ىق ى‬
‫س‬ ‫ي‬
‫ٍ‬ ‫ل‬
‫ى‬ ‫{‬ ‫و‬
‫ي‬ ‫ح‬
‫ٍ‬ ‫ن‬
‫ى‬ ‫)‬ ‫ادةً‬
‫ى‬ ‫ي‬
‫ى‬‫الز‬
‫ٍّ‬ ‫(ك‬
‫ى‬ ‫اس ًم ىما يى ٍح ًمليوي ًم ٍن ىج ىم ول أ ٍىك بىػغٍ ول أ ٍىك ًح ىما و‬
‫ر‬ ‫ً‬
‫ال ىٍم ٍع يركؼ تى ٍس ًميىةن لىوي بً ٍ‬
‫ى‬
‫اؿ‪.‬‬‫اؼ ىزائً ىدةه ىكإًاَل فى ًه ىي بً ىم ٍعنىى ًمثٍ ًل فىػيى يكو يف لىوي تىػ ىعالىى ًمثٍ هل ىك يى ىو يم ىح ه‬ ‫ىك ًمثٍلً ًو ىش ٍيءه} فىالٍ ىك ي‬
‫ص يد بً ىه ىذا الٍ ىك ىالًـ نىػ ٍفيوي (كالنُّػ ٍق ً‬
‫ىم‬
‫ىم أ ٍىىلى ىها فىػ ىق ٍد تى ىج اوىز أ ٍ‬ ‫اسأ ٍىؿ الٍ ىق ٍريىةى} أ ٍ‬‫{ك ٍ‬‫صاف) نى ٍح يو ى‬ ‫ي ى ى‬ ‫ىكالٍ ىق ٍ‬
‫ص يد يؽ ىعلىٍي ًو ىح ٍي ي‬ ‫ك ح ُّد الٍمجا ًز ال ا ً ً‬ ‫ً‬
‫استىػ ٍع ىم ىل‬
‫ث ٍ‬ ‫يل يى ٍ‬‫ساب يق‪ .‬ىكق ى‬ ‫ص يد ٍؽ ىعلىى ىذل ى ى ى ى‬ ‫تىػ ىو اس ىع ىكإً ٍف لى ٍم يى ٍ‬
‫ك ًم ٍن ال ىٍم ىجا ًز‬ ‫س ىذلً ى‬ ‫ً ً‬ ‫ًً‬
‫اؿ الٍ ىق ٍريىة في يس ىؤاؿ أ ٍىىل ىها ىكلىٍي ى‬ ‫نىػ ٍف ىي ًمثٍ ًل ال ًٍمثٍ ًل فًي نىػ ٍف ًي ال ًٍمثٍ ًل ىك يس ىؤ ى‬
‫صولً ىها‬ ‫ً‬
‫سبابىةه ىع ٍن الٍيىد بً يح ي‬ ‫ىم قي ٍد ىرةه فى ًه ىي يم ى‬
‫ً ً‬
‫ب) نى ٍح يو ل ٍألىمي ًر يى هد أ ٍ‬ ‫سبٍّ ً‬
‫ٍم ى‬
‫سب ً ً‬
‫ب لل ي‬ ‫(كال ا ى‬
‫فًي ًٍ ً‬
‫اإل ٍسنىاد ى‬
‫(كال يٍمتىػ ىعلٍّ ًق) بً ىك ٍس ًر‬ ‫ض) نىحو يجعليو ىف أىصابًعهم فًي آذىانً ًهم أ ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ىم أىنىاملى يه ٍم ى‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫ى ىي ٍ‬ ‫(كالٍ يك ٍّل للٍبىػ ٍع ً ٍ ي ى ٍ ى‬ ‫ب ىها ى‬
‫ٍق اللا ًو} أىم م ٍخليوقيوي كرجل ىع ٍد هؿ أىم ىع ً‬ ‫ا ً‬
‫اد هؿ‬ ‫ٍ‬ ‫ىىي ه‬ ‫ٍى‬ ‫{ى ىذا ىخل ي‬ ‫ٍمتىػ ىعلا ًق) بًىف ٍت ًح ىها نى ٍح يو ى‬ ‫الالًـ (لل ي‬
‫ادةن‬
‫ب لىوي ىع ى‬ ‫سبا ه‬
‫ض ال ا ً ً ً‬
‫شديد ألىناوي يم ى‬ ‫ت لًل ىٍم ىر ً‬ ‫ب ىكالٍمو ً‬
‫سبى ً ى ٍ‬ ‫ب لًل ا‬ ‫سبا ً‬
‫ىم ال يٍم ى‬ ‫وس) أ ٍ‬ ‫(كبًالٍعي يك ً‬ ‫ى‬
‫س ًمن الٍغىنى ًم كالٍمتػعلا ًق بًىف ٍت ًح ا ً‬ ‫ض لً يك ٍّل نى ٍح يو فيىال هف يى ٍملً ي‬
‫الالًـ لل ي‬
‫ٍمتىػ ىعلٍّ ًق‬ ‫ى يى ى‬ ‫ٍف ىرأٍ و ٍ‬ ‫ك أىل ى‬ ‫ىكالٍبىػ ٍع ً‬
‫(كىما بًال ًٍف ٍع ًل ىعلىى ىما‬ ‫بً ىكس ًرىىا نىحو {بًأىيٍّ يكم الٍم ٍفتيو يف} أىم ال ًٍف ٍتػنىةي كقيم قىائًما أ ً‬
‫ىم قيى ناما ى‬ ‫ى ٍ ن ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ ى‬ ‫ٍي‬ ‫ٍ‬
‫ٍخ ٍم ًر فًي ال اد ٍّف‬‫بًالٍ يق اوةً) ىكال يٍم ٍس ًك ًر لًل ى‬
‫س وة‬ ‫ً‬ ‫اد) بًأى ٍف يسنى ىد ال ا ً‬ ‫اإلسنى ً‬ ‫(كقى ٍد ي يكو يف) الٍمج ي ً‬
‫ش ٍيءي لغىٍي ًر ىم ٍن يى ىو لىوي ل يم ىالبى ى‬ ‫يٍ‬ ‫از (في ًٍ ٍ‬ ‫ىى‬ ‫ى ى‬
‫ادةي ىك ًى ىي‬ ‫الزيى ى‬
‫ت ٍّ‬ ‫يسنً ىد ٍ‬
‫إيمانا} أ ٍ‬ ‫ادتٍػ يه ٍم ى‬ ‫ت ىعلىٍي ًه ٍم آيىاتيوي ىز ى‬ ‫{كإًذىا تيلًيى ٍ‬ ‫بىػ ٍيػنىػ يه ىما نى ٍح يو قىػ ٍولو تىػ ىعالىى ى‬
‫و‬ ‫ات الٍم ٍتػلياوةً سببا لىها عادةن ً‬
‫از فًي‬ ‫(خ ىالفنا لًىق ٍوـ) فًي نىػ ٍفيً ًه ٍم ال ىٍم ىج ى‬ ‫ى ىن ى ى ى‬ ‫ى‬
‫فً ٍعل اللا ًو تىػعالىى لً ٍْلي ً‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ي‬
‫يما يي ٍذ ىك ير ًم ٍنوي فًي ال يٍم ٍسنى ًد ىكًم ٍنػ يه ٍم ىم ٍن يى ٍج ىعليوي فًي‬ ‫اد فى ًم ٍنػهم من يجعل الٍمج ى ً‬
‫از ف ى‬ ‫ي ٍ ى ٍ ى ٍى ي ى ى‬
‫اإلسنى ً‬
‫ًٍ ٍ‬
‫اد يى ٍم اللاوي تىػ ىعالىى إط ىٍالقنا‬ ‫ادكا بً ىها ىك ىعلىى الثاانًي ىز ى‬ ‫ادتٍػ يه ٍم ىعلىى ٍاألى اكًؿ ا ٍز ىد ي‬ ‫ال يٍم ٍسنى ًد إلىٍي ًو فى ىم ٍعنىى ىز ى‬
‫اؿ كالٍحر ً‬ ‫ً‬ ‫اد فً ٍعلً ًو إلىيػها (ك) قى ٍد ي يكو يف الٍمج ي ً‬ ‫ات ىعلىي ًو تىػعالىى ًًإلسنى ً‬ ‫لً ٍْلي ً‬
‫كؼ‬ ‫از (في ا ٍألىفٍػ ىع ى ي ي‬ ‫ىى‬ ‫ى‬ ‫ٍى ى‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ ى‬ ‫ى‬
‫ىصحاب ال ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ًكفىاقنا ًَلبٍ ًن ىع ٍب ًد ال ا‬
‫ىم‬
‫ٍجناة} أ ٍ‬ ‫ادل أ ٍ ى ي ى‬ ‫{كنى ى‬‫س ىالًـ كالنقشواني) مثىاليوي في ٍاألىفٍػ ىعاؿ ى‬
‫كؼ {فىػ ىه ٍل تىػ ىرل لى يه ٍم ًم ٍن بىاقًيى وة}‬ ‫اطين} أىم تىػلىٍتو كفًي الٍحر ً‬
‫يي‬ ‫شيى ي ٍ ي ى‬
‫ادم {كاتاػبػعوا ما تىػ ٍتػليوا ال ا ً‬
‫ى ىي ى‬
‫يػنى ً‬
‫ي‬
‫از إفٍػ ىر واد ىَل‬ ‫اؿ ىَل يى يكو يف فً ًيو ىم ىج ي‬ ‫ىم قى ى‬ ‫ؼ يمطٍلى نقا) أ ٍ‬ ‫ٍح ٍر ى‬‫م (ال ى‬ ‫اـ ال ارا ًز ُّ‬ ‫(كىمنى ىع) ًٍ‬
‫اإل ىم ي‬ ‫أى ٍم ىما نىػ ىرل ى‬
‫ض ُّموي إلىٍي ًو فىػ يه ىو‬ ‫ض ام إلىى ىما يىػ ٍنبى ًغي ى‬ ‫ض ٍّم ًو إلىى غىٍي ًرهً فىًإ ٍف ي‬ ‫ات ىكىَل بًالتابى ًع ًألىناوي ىَل ييًفي يد اإَل بً ى‬ ‫بًال اذ ً‬
‫ش ىوانً ُّي ًم ٍن أىيٍ ىن أىناوي ىم ىج ي‬
‫از‬ ‫اؿ الناػ ٍق ى‬ ‫يب قى ى‬ ‫از تىػ ٍركً و‬‫ض ُّموي إلىٍي ًو فى ىم ىج ي‬ ‫ىح ًقي ىقةه أ ٍىك إلىى ىما ىَل يىػ ٍنبى ًغي ى‬
‫كع‬‫ىصليبىن يك ٍم فًي يج يذ ً‬ ‫{كًأل ٍ‬ ‫ام قى ًرينىةي مجا ًز ًٍ ً‬
‫اإلفٍػ ىراد نى ٍح يو قىػ ٍولو تىػ ىعالىى ى‬ ‫ىى‬ ‫ك الض ُّ‬ ‫يب بى ٍل ذىلً ى‬ ‫تىػ ٍركً و‬
‫اؿ ىَل يى يكو يف فًي ًه ىما‬ ‫اع ًل فىػ ىق ى‬‫ضا (ال ًٍفعل كالٍم ٍشتقا) ىكاس ًم الٍ ىف ً‬
‫ٍ‬ ‫ٍىى ي ى‬ ‫(ك) ىمنى ىع أىيٍ ن‬ ‫ىم ىعلىٍيػ ىها ى‬ ‫النا ٍخ ًل} أ ٍ‬
‫ىصليهما فىًإ ٍف ىكا ىف ح ًقي ىقةن فى ىال مج ى ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ض‬‫از في ًه ىما ىكا ٍعتي ًر ى‬ ‫ىى‬ ‫ى‬ ‫ص ىد ًر فىػ ىواض هح أ ٍ ي ى‬ ‫(إَل بًالتابى ًع) لل ىٍم ٍ‬ ‫ىم ىجا هز ا‬
‫س ىك ىما تىػ ىق اد ىـ ًم ٍن غىٍي ًر تى ىج ُّووز فًي‬ ‫ً‬ ‫ىعلىي ًو بًالت ً ً ً‬
‫اج ُّوز بالٍف ٍع ًل ال ىٍماضي ىع ٍن ال يٍم ٍستىػ ٍقبى ًل ىكال ىٍع ٍك ي‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬
‫ازا ىك ىما تىػ ىق اد ىـ ًم ٍن غىٍي ًر تى ىج ُّووز‬ ‫اضي ىكال يٍم ٍستىػ ٍقبى يل ىم ىج ن‬ ‫اد بً ًو الٍم ً‬ ‫ً ً‬
‫ىصل ًه ىما ىكبأى اف اَل ٍس ىم ال يٍم ٍشتى اق ييػ ىر ي ى‬
‫أ ً‬
‫ٍ‬
‫ً‬ ‫اإلماـ فًيما قىالىوي نىظىر إلىى ال ً ً‬ ‫فًي أ ٍ ً ً‬
‫از‬
‫(كىَل يى يكو يف) ال ىٍم ىج ي‬ ‫ٍحديث يم ىج ار ندا ىع ٍن ال ازىماف ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ىصلو ىكىكأى اف ًٍ ى ى ى‬
‫ًً‬ ‫ت مرتىجلىةن أىم لىم يسبً ٍق لىها استً ٍعم ه ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اد‬
‫س ىع ى‬ ‫اؿ في غىٍي ًر ال ىٍعلىمياة ىك ي‬ ‫(في ٍاألى ٍع ىالًـ) ألىناػ ىها إ ٍف ىكانى ٍ ي ٍ ى ٍ ٍ ى ٍ ى ٍ ى‬
‫ار وؾ لً ىما ظىناوي فً ًيو‬ ‫ً‬
‫اسبىة ىك ىم ٍن ىس امى ىكلى ىدهي ب يمبى ى‬
‫اضح أىك لًمنى و‬
‫ض ول فىػ ىو ه ٍ ي ى‬
‫ً‬ ‫اسبى وة ىك ىف ٍ‬ ‫ً‬
‫أ ٍىك ىم ٍنػ يقولىةن لغىٍي ًر يمنى ى‬
‫الص ىف ًة) بًىف ٍت ًح‬ ‫(خ ىالفنا لً ٍلغى ىزالً ٍّي فًي يمتىػلى ام ًح ٍّ‬ ‫اإلط ىٍال ًؽ ًع ٍن ىد ىزكالًها ً‬ ‫ص اح ًة ًٍ‬ ‫ك لً ً‬ ‫ًم ٍن الٍبىػ ىرىك ًة فى ىك ىذلً ى‬
‫ى ى‬
‫الص ىفةي ىكقى ٍد ىكا ىف قىػ ٍب ىل ال ىٍعلى ًميا ًة‬‫اد ًم ٍنوي ٍّ‬ ‫اؿ إناوي ىم ىجا هز ًألىناوي ىَل ييػ ىر ي‬ ‫ث فىػ ىق ى‬ ‫يم الثاانًي ًة ىكالٍحا ًر ً‬
‫الٍم ً ى ى‬
‫ً‬
‫ىم ال ىٍم ٍعنىى‬‫از) أ ٍ‬ ‫ؼ ال ىٍم ىج ي‬ ‫‪(.‬كييػ ٍع ىر ي‬
‫اسميىة ىك ىع ىد يم ىها أ ٍىكلىى ى‬
‫ؼ فًي الت ً ً‬
‫ٍ‬ ‫وعا لى ىها ىك ىى ىذا ًخ ىال ه‬ ‫ض ن‬ ‫ىم ٍو ي‬
‫ً‬ ‫ً ً‬
‫وب بً ىها ال ىٍم ىج ي‬
‫از‬ ‫ص يح ً‬ ‫اد ًر غىٍي ًره) م ٍنوي إلىى الٍ ىف ٍه ًم (لى ٍوىَل الٍ ىق ًرينىةي) ىكم ٍن ال ىٍم ٍ‬ ‫م لًلا ٍف ًظ (بًتىبى ي‬‫ال ىٍم ىجا ًز ُّ‬
‫ص احةي‬ ‫ؼ بً ًو الٍح ًقي ىقةي (ك ً‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫اد ىر ًم ٍن غىٍي ًر قى ًرينى وة تيػ ٍع ىر ي‬ ‫ً‬
‫اج يح ىك ىسيىأٍتًي ىكييػ ٍؤ ىخ يذ م اما ذيكً ىر أى اف التابى ي‬ ‫ال ار ً‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً ً ًً‬
‫وب‬‫(ك ىع ىد يـ يك يج ً‬ ‫ار فىًإناوي يىص ُّح نىػ ٍف يي الٍح ىما ًر ىع ٍنوي ى‬ ‫الناػ ٍف ًي) ىك ىما في قىػ ٍولك في الٍبىليد ىى ىذا ح ىم ه‬
‫ً‬ ‫ُّ ً ً‬ ‫ً ً ً‬
‫اسأ ٍىؿ‬‫اؿ ىك ٍ‬ ‫ىم أ ٍىىلى ىها فى ىال ييػ ىق ي‬‫اسأ ٍىؿ الٍ ىق ٍريىةى} أ ٍ‬‫{ك ٍ‬‫يما يى يدؿ ىعلىٍيو بأى ٍف ىَل يىطا ًر ىد ىك ىما في ى‬ ‫اَلطٍّىراد) ف ى‬
‫ص ُّح فًي ىج ًمي ًع‬ ‫الشج ًاع فىػي ً‬ ‫احبو أىك يطا ًر ىد ىَل كجوبا ىكما فًي ٍاأل ً ً‬ ‫ط أىم ً‬ ‫ً‬
‫ىسد لل ار يج ًل ُّ ى ى‬ ‫ى‬ ‫يي ن ى‬ ‫ص ىي ٍ ى‬ ‫سا ى ٍ ى‬ ‫الٍب ى‬
‫ٍح ًق ًيق ٍّي‬ ‫ضها بًال ً ً ً ً‬
‫ٍحقي ىقة بًخ ىالؼ ال ىٍم ٍعنىى ال ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ٍج ىوا ًز أى ٍف ييػ ىعبٍّػ ىر في بىػ ٍع ى ى‬ ‫وب ال ى‬ ‫يج ٍزئًيااتًًو ًم ٍن غىٍي ًر يك يج ً‬
‫ٍح ًق ًيق ٍّي بًغىٍي ًرىىا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًً‬
‫اعبًي ًر ال ى‬ ‫ٍح ًقي ىق ًة فًي ىج ًمي ًع يج ٍزئيااتًًو ًَلنٍتً ىفاء التػ ٍ‬ ‫اد ىما يى يد ُّؿ ىعلىٍيو م ٍن ال ى‬ ‫فىػيىػل ىٍزيـ اطٍّىر ي‬
‫ٍح ًقي ىق ًة) ىك ٍاأل ٍىم ًر بً ىم ٍعنىى ال ًٍف ٍع ًل‬ ‫اؿ ىعلىي ًو ى ً ً‬ ‫ً‬
‫(علىى خ ىالؼ ىج ٍم ًع ال ى‬ ‫ىم ىج ٍم يع اللا ٍفظ ال اد ٍّ ٍ‬ ‫(ك ىج ٍمعيوي) أ ٍ‬ ‫ى‬
‫ازا يي ٍج ىم يع ىعلىى أ ييموور بً ًخ ىالفً ًو بً ىم ٍعنىى الٍ ىق ٍوًؿ ىح ًقي ىقةن فىػيي ٍج ىم يع ىعلىى أ ىىك ًام ىر‪.‬‬ ‫ىم ىج ن‬
‫ٍح ٍر ً‬ ‫ٍجانً ً‬ ‫الذ ٍّؿ أ ً‬ ‫اؿ ىعلىٍي ًو ىك ىجنى ً‬ ‫يد اللا ٍف ًظ ال اد ٍّ‬ ‫يدهً) أىم تىػ ٍقيً ً‬ ‫(كبًالٍتًز ًاـ تىػ ٍقيً ً‬
‫ب‬ ‫ب ىكنىا ًر ال ى‬ ‫ىم لي ًن ال ى‬ ‫اح ُّ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ى ى‬
‫(كتىػ ىوقًُّف ًو)‬ ‫ؼ الٍم ٍشتىػر ًؾ ًمن الٍح ًقي ىق ًة فىًإناوي ي ًفي يد ًمن غىي ًر ليز وكـ ىكالٍعي ًن ال ً‬ ‫أ ً ًً ً ً‬
‫ٍجا ًريىة ى‬ ‫ىٍ ى‬ ‫ٍ ٍ ي‬ ‫ي‬ ‫ىم ش ادتو بًخ ىال ي ى ٍ ى‬ ‫ٍ‬
‫اى ٍم‬‫از ي‬‫ىم ىج ى‬ ‫{كىم ىك يركا ىكىم ىك ىر اللاوي} أ ٍ‬ ‫س امى ٍاآل ىخ ًر) نى ٍح يو ى‬ ‫(علىى ال يٍم ى‬ ‫فًي إط ىٍال ًؽ اللا ٍف ًظ ىعلىٍي ًو ى‬
‫س ىال يـ بًأى ٍف‬ ‫يسى ىعلىٍي ًو ال ا‬ ‫ً‬ ‫ىعلىى ىم ٍك ًرًى ٍم ىح ٍي ي‬
‫ص ىالةي ىكال ا‬ ‫ود ىعلىى أى ٍف يىػ ٍقتيػليوا ع ى‬ ‫ث تىػ ىواطىئيوا ىك يى ٍم الٍيىػ يه ي‬
‫شبىوي ظىنًّا أىناوي‬ ‫س ىم ًاء فىػ ىقتىػليوا ال يٍم ٍل ىقى ىعلىٍي ًو ال ا‬ ‫أىلٍ ىقى ىشبىػ ىهوي ىعلىى ىم ٍن ىكىكليوا بً ًو قىػ ٍتػلىوي ىكىرفىػ ىعوي إلىى ال ا‬
‫احبي يك ٍم ثي ام ىش ُّكوا فً ًيو لى اما لى ٍم يىػ ىرٍكا ٍاآل ىخ ىر فىًإط ىٍال يؽ‬ ‫ًعيسى كلىم يػرًجعوا إلىى قىػولً ًو أىنىا ص ً‬
‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى ى ٍ ىٍ ي‬
‫ؼ إط ىٍال ًؽ اللا ٍف ًظ ىعلىى ىم ٍعنىاهي‬ ‫ودهً بً ًخ ىال ً‬ ‫ف ىعلىى كج ً‬ ‫ازاةً ىعلىٍي ًو يمتىػ ىوقٍّ ه‬‫ال ىٍم ٍك ًر ىعلىى ال يٍم ىج ى‬
‫يي‬
‫اسأ ٍىؿ الٍ ىق ٍريىةى فىًإط ىٍال يؽ‬ ‫اإلط ىٍال يؽ ىعلىى ال يٍم ٍستى ًح ً‬ ‫(ك ًٍ‬ ‫ً‬ ‫ٍح ًق ًيق ٍّي فى ىال يىػتىػ ىوقا ي‬
‫يل) نى ٍح يو ىك ٍ‬ ‫ف ىعلىى غىٍي ًره ى‬ ‫ال ى‬
‫يل ًألىناػ ىها ٍاألىبٍنًيىةي ال يٍم ٍجتى ًم ىعةي ىكإًنا ىما ال ىٍم ٍسئي ي‬
‫وؿ‬ ‫ً‬
‫ك يم ٍستىح ه‬ ‫ٍخوذي ًم ٍن ذىلً ى‬ ‫وؿ ىعلىٍيػ ىها ال ىٍمأ ي‬ ‫الٍم ٍسئي ً‬
‫ى‬
‫ً‬
‫س لىنىا أى ٍف نىػتى ىج اوىز فًي نىػ ٍو وع م ٍنوي‬ ‫ً‬
‫س ٍم ًع في نىػ ٍو ًع ال ىٍم ىجاز) فىػلىٍي ى‬
‫ط ال ا ً‬ ‫ار ا ٍشتً ىرا ي‬‫(كال يٍم ٍختى ي‬‫أ ٍىىلي ىها ى‬
‫ط ذىلً ى‬ ‫ً‬ ‫بص ً‬ ‫ً ً‬ ‫سب ً ً‬
‫ك بى ٍل‬ ‫يل ىَل يي ٍشتىػ ىر ي‬‫ورةه م ٍنوي ىمثى نال ىكق ى‬ ‫ب اإَل إ ىذا يسم ىع م ٍن ال ىٍع ىر ً ي ى‬ ‫سبا ً‬‫ٍم ى‬ ‫ب لل ي‬ ‫ىكال ا ى‬
‫اج ُّوًز فًي ىع ٍك ًس ًو ىمثى نال‬ ‫ًً ً‬ ‫ي ٍكتىػ ىفى بًالٍع ىالقى ًة الاتًي نىظىركا إلىيػها فىػي ٍك ًفي ال ا ً‬
‫س ىماعي في نىػ ٍو وع لص احة الت ى‬ ‫ي ٍى ى‬ ‫ى‬ ‫ي‬
‫اعا‬
‫إج ىم ن‬ ‫ص ال ىٍم ىجا ًز ٍ‬ ‫س ىماعي فًي ىش ٍخ ً‬ ‫ط ال ا‬ ‫اط ىك ىع ىد ًم ًو ىكىَل يي ٍشتىػ ىر ي‬ ‫م) فًي ًاَل ٍشتًر ً‬
‫ى‬ ‫ف ٍاآل ًم ًد ُّ‬ ‫(كتىػ ىوقا ى‬‫ى‬
‫ب فً ىيها‪ »....‬انتهى ملخصا‬ ‫الص ً‬ ‫ً‬
‫ورة الاتًي ٍ‬
‫استىػ ٍع ىملىٍتوي ال ىٍع ىر ي‬ ‫بأى ٍف ىَل يي ٍستىػ ٍع ىم ىل اإَل في ُّ ى‬
‫ً‬

‫تنبيو‪:‬‬
‫تقسيم الكالـ الى حقيقة كمجاز ىو المشهور عند أكثر المتأخرين في القراف كغيره‪،‬‬
‫كقاؿ بعض أىل العلم‪َ :‬ل مجاز في القراف‪ ،‬كقاؿ اخركف‪َ :‬ل مجاز في القراف كَل في‬
‫غيره‪ ،‬كبو قاؿ أبو إسحاؽ اإلسفراييني كمن المتأخرين العالمة الشيخ محمد األمين‬
‫الشنقيطي‪ ،‬كقد بين شيخ اإلسالـ ابن تيمية كتلميذه ابن القيم أنو اصطالح حادث‬
‫بعد انقصاء القركف الثالثة المفضلة‪ ،‬كنصره بأدلة قوية كثيرة تبين لمن اطلع عليها أف‬
‫ىذا القوؿ ىو الصواب‪.‬‬

‫يحسن في ىذا المقاـ أف أذكر طرفا مما قالو شيخ اإلسالـ ابن تيمية في كتاب‬
‫اإليماف عن المجاز كقد سبق اإلشارة إلى بعضها ‪،‬حيث يقوؿ رحمو اهلل‪ «:‬تقسيم‬
‫األلفاظ الدالة على معانيها إلى [حقيقة كمجاز] كتقسيم دَللتها أك المعاني المدلوؿ‬
‫عليها إف استعمل لفظ الحقيقة كالمجاز في المدلوؿ أك في الدَللة‪ ،‬فإف ىذا كلو قد‬
‫يقع في كالـ المتأخرين‪ .‬كلكن المشهور أف الحقيقة كالمجاز من عوارض األلفاظ‬
‫كبكل حاؿ فهذا التقسيم ىو اصطالح حادث بعد انقضاء القركف الثالثة لم يتكلم بو‬
‫أحد من الصحابة كَل التابعين لهم بإحساف كَل أحد من األئمة المشهورين في العلم‬
‫كمالك كالثورم كاألكزاعي كأبي حنيفة كالشافعي بل كَل تكلم بو أئمة اللغة كالنحو‬
‫كالخليل كسيبويو كأبي عمرك بن العالء كنحوىم‪ .‬كأكؿ من عرؼ أنو تكلم بلفظ‬
‫المجاز أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتابو‪ .‬كلكن لم يعن بالمجاز ما ىو قسيم‬
‫الحقيقة‪ .‬كإنما عنى بمجاز اآلية ما يعبر بو عن اآلية‪ ،‬كلهذا قاؿ من قاؿ من األصوليين‬
‫‪ -‬كأبي الحسين البصرم كأمثالو ‪ -‬إنما تعرؼ الحقيقة من المجاز بطرؽ منها‪ :‬نص‬
‫أىل اللغة على ذلك بأف يقولوا‪ :‬ىذا حقيقة كىذا مجاز ‪ ،‬فقد تكلم بال علم ‪ ،‬فإنو ظن‬
‫أف أىل اللغة قالوا‪ :‬ىذا كلم يقل ذلك أحد من أىل اللغة كَل من سلف األمة‬
‫كعلمائها‪.‬‬
‫كإنما ىذا اصطالح حادث كالغالب أنو كاف من جهة المعتزلة كنحوىم من المتكلمين‬
‫فإنو لم يوجد ىذا في كالـ أحد من أىل الفقو كاألصوؿ كالتفسير كالحديث كنحوىم‬
‫من السلف‪ .‬كىذا الشافعي ىو أكؿ من جرد الكالـ في أصوؿ الفقو لم يقسم ىذا‬
‫التقسيم كَل تكلم بلفظ الحقيقة كالمجاز ‪.‬‬
‫ككذلك محمد بن الحسن لو في المسائل المبنية على العربية كالـ معركؼ في الجامع‬
‫الكبير كغيره‪ ،‬كلم يتكلم بلفظ الحقيقة كالمجاز‪ .‬ككذلك سائر األئمة لم يوجد لفظ‬
‫المجاز في كالـ أحد منهم إَل في كالـ أحمد بن حنبل‪ ،‬فإنو قاؿ في كتاب الرد على‬
‫الجهمية في قولو‪[ :‬إنا ‪ ،‬كنحن] كنحو ذلك في القرآف‪ :‬ىذا من مجاز اللغة يقوؿ‬
‫الرجل‪ :‬إنا سنعطيك‪ .‬إنا سنفعل‪ ،‬فذكر أف ىذا مجاز اللغة‪.‬‬
‫مجازا كالقاضي أبي يعلى‬
‫كبهذا احتج على مذىبو من أصحابو من قاؿ‪ :‬إف في القرآف ن‬
‫كابن عقيل كأبي الخطاب كغيرىم‪ .‬كآخركف من أصحابو منعوا أف يكوف في القرآف‬
‫مجاز كأبي الحسن الخرزم‪ .‬كأبي عبد اهلل بن حامد‪ .‬كأبي الفضل التميمي بن أبي‬
‫الحسن التميمي ككذلك منع أف يكوف في القرآف مجاز محمد بن خويز منداد كغيره‬
‫من المالكية كمنع منو داكد بن علي كابنو أبو بكر كمنذر بن سعيد البلوطي كصنف فيو‬
‫مصنفا‪ .‬ك حكى بعض الناس عن أحمد في ذلك ركايتين‪ .‬كأما سائر األئمة فلم يقل‬
‫مجازا َل مالك كَل الشافعي‪،‬‬
‫أحد منهم كَل من قدماء أصحاب أحمد‪ :‬إف في القرآف ن‬
‫كَل أبو حنيفة فإف تقسيم األلفاظ إلى حقيقة كمجاز إنما اشتهر في المائة الرابعة‬
‫كظهرت أكائلو في المائة الثالثة كما علمتو موجودا في المائة الثانية اللهم إَل أف يكوف‬
‫في أكاخرىا كالذين أنكركا أف يكوف أحمد كغيره نطقوا بهذا التقسيم‪ .‬قالوا‪ :‬إف معنى‬
‫قوؿ أحمد‪ :‬من مجاز اللغة‪ .‬أم‪ :‬مما يجوز في اللغة أف يقوؿ الواحد العظيم الذم لو‬
‫أعواف‪ :‬نحن فعلنا كذا كنفعل كذا كنحو ذلك‪ .‬قالوا‪ :‬كلم يرد أحمد بذلك أف اللفظ‬
‫استعمل في غير ما كضع لو‪ .‬كقد أنكر طائفة أف يكوف في اللغة مجاز َل في القرآف‬
‫كَل غيره كأبي إسحاؽ اإلسفراييني‪ .‬كقاؿ المنازعوف لو‪ :‬النزاع معو لفظي فإنو إذا سلم‬
‫أف في اللغة لفظنا مستعمالن في غير ما كضع لو َل يدؿ على معناه إَل بقرينة‪ ،‬فهذا ىو‬
‫كمجازا‬
‫ن‬ ‫مجازا‪ .‬فيقوؿ من ينصره‪ :‬إف الذين قسموا اللفظ‪ :‬حقيقة‬
‫المجاز كإف لم يسمو ن‬
‫قالوا‪[ :‬الحقيقة] ىو اللفظ المستعمل فيما كضع لو‪[ .‬كالمجاز] ىو اللفظ المستعمل‬
‫في غير ما كضع لو كلفظ األسد كالحمار إذا أريد بهما البهيمة أك أريد بهما الشجاع‬
‫كالبليد‪.‬‬
‫أكَل لمعنى ثم بعد ذلك قد‬
‫كىذا التقسيم كالتحديد يستلزـ أف يكوف اللفظ قد كضع ن‬
‫يستعمل في موضوعو كقد يستعمل في غير موضوعو‪ ،‬كلهذا كاف المشهور عند أىل‬
‫التقسيم أف كل مجاز فال بد لو من حقيقة كليس لكل حقيقة مجاز؟ فاعترض عليهم‬
‫بعض متأخريهم كقاؿ‪ :‬اللفظ الموضوع قبل اَلستعماؿ َل حقيقة كَل مجاز فإذا استعمل‬
‫في غير موضوعو فهو مجاز َل حقيقة لو‪.‬كىذا كلو إنما يصح لو علم أف األلفاظ العربية‬
‫أكَل لمعاف ثم بعد ذلك استعملت فيها‪ ،‬فيكوف لها كضع متقدـ على‬
‫كضعت ن‬
‫اَلستعماؿ‪ .‬كىذا إنما صح على قوؿ من يجعل اللغات اصطالحية فيدعي أف قوما من‬
‫العقالء اجتمعوا كاصطلحوا على أف يسموا ىذا بكذا كىذا بكذا كيجعل ىذا عاما في‬
‫جميع اللغات‪ .‬كىذا القوؿ َل نعرؼ أحدا من المسلمين قالو قبل أبي ىاشم بن‬
‫الجبائي‪ ،‬فإنو كأبا الحسن األشعرم كالىما قرأ على أبي علي الجبائي لكن األشعرم‬
‫رجع عن مذىب المعتزلة كخالفهم في القدر كالوعيد كفي األسماء كاألحكاـ كفي‬
‫صفات اهلل تعالى كبين من تناقضهم كفساد قولهم ما ىو معركؼ عنو‪ .‬فتنازع األشعرم‬
‫كأبو ىاشم في مبدأ اللغات‪ ،‬فقاؿ أبو ىاشم‪ :‬ىي اصطالحية كقاؿ األشعرم‪ :‬ىي‬
‫توقيفية‪ .‬ثم خاض الناس بعدىما في ىذه المسألة‪ ،‬فقاؿ آخركف‪ :‬بعضها توقيفي‬
‫كبعضها اصطالحي كقاؿ فريق رابع بالوقف‪ .‬المقصود ىنا أنو َل يمكن أحدا أف ينقل‬
‫عن العرب بل كَل عن أمة من األمم أنو اجتمع جماعة فوضعوا جميع ىذه األسماء‬
‫الموجودة في اللغة ثم استعملوىا بعد الوضع كإنما المعركؼ المنقوؿ بالتواتر استعماؿ‬
‫ىذه األلفاظ فيما عنوه بها من المعاني فإف ادعى مدع أنو يعلم كضعا يتقدـ ذلك فهو‬
‫مبطل فإف ىذا لم ينقلو أحد من الناس‪ »....‬إلى آخر كالمو‪.‬‬

‫األمر‬
‫تعريفو‪:‬‬
‫األمر‪ :‬قوؿ يتضمن طلب الفعل على كجو اَلستعالء‪ ،‬مثل‪ :‬أقيموا الصالة كآتوا الزكاة‪.‬‬
‫فخرج بقولنا‪« :‬قوؿ»؛ اإلشارة فال تسمى أمران‪ ،‬كإف أفادت معناه‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬طلب الفعل»؛ النهي ألنو طلب ترؾ‪ ،‬كالمراد بالفعل اإليجاد‪ ،‬فيشمل‬
‫القوؿ المأمور بو‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬على كجو اَلستعالء»؛ اَللتماس‪ ،‬كالدعاء كغيرىما مما يستفاد من‬
‫صيغة األمر بالقرائن‪.‬‬
‫يطلق لفظ األمر لغة على إطالقين‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬على طلب الفعل كقولو تعالى‪{ :‬كأمر أىلك بالصالة} كىذا األمر يجمع على‬
‫أكامر‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬على الفعل كالحاؿ كالشأف كقولو تعالى‪{ :‬كشاكرىم في األمر}‬
‫كىذا األمر يجمع على أمور كالمراد ىنا‪ :‬األكؿ لما فيو من الطلب‪.‬‬
‫ك لفظ األمر مصدر أمر بالشيء إذا طلب كقوعو‪ ،‬كىو يطلق بقيد شيء‪ ،‬أم‪ :‬بقيد‬
‫الجزـ‪ ،‬كبقيد َل شيء‪ ،‬أم‪ :‬بقيد عدـ الجزـ‪ ،‬كَل بقيد شيء‪ ،‬أم‪ :‬من غير تعرض لذكر‬
‫الجزـ أك نفيو‪ ،‬فاألكؿ‪ :‬كىو ما أطلق بقيد شيء‪ :‬ىو األمر الداؿ على الوجوب‪.‬‬
‫كالثاني‪ :‬كىو ما أطلق بقيد َل شيء‪ .‬أم‪ :‬بقيد عدـ الجزـ‪ :‬كىو األمر الداؿ على‬
‫الندب‪.‬كالثالث‪ :‬كىو ما أطلق َل بقيد شيء‪.‬أم‪َ :‬ل بقيد الجزـ كَل عدمو‪ :‬ىو األمر‬
‫المطلق‪ ،‬ككل ىذه يبحثها األصوليوف‪.‬‬
‫ك أما األمر في اَلصطالح ىو استدعاء فعل ما بالقوؿ الداؿ عليو على سبيل اَلستعالء‬
‫كأكثر األصوليين َل يشترط العلو كَل اَلستعالء في األمر كاستشهدكا بقوؿ عمرك بن‬
‫ً‬
‫العاص لمعاكية‪:‬‬
‫أمرتك أمران جازماى فعصيتني ككاف من التوفيق قتل ابن ىاشم‬
‫ككاف خارجان على معاكية فظفر بو ثم عفا عنو‪ ،‬فخرج عليو مرة أخرل‪ ،‬كمعلوـ أنو ليس‬
‫ىناؾ علو كَل استعالء من عمرك على معاكية‪ ،‬ككذلك قولو تعالى حكاية عن فرعوف‬
‫لقومو‪{ :‬فماذا تأمركف} ‪.‬‬
‫كيمكن أف يجاب عن ذلك بأنو حين منحهم سلطة إبداء الرأم كاف ذلك إعالء لهم‪.‬‬
‫فعلى ىذا يعتبر اَلستعالء‪ ،‬كىو قوؿ أبي الخطاب ‪ ،‬كالموفق ‪ ،‬كأبي محمد الجوزم ‪،‬ك‬
‫الطوفي ‪ ،‬كابن مفلح ‪ ،‬كابن قاضي الجبل ‪ ،‬كابن برىاف ‪ ،‬كالفخر الرازم ‪ ،‬ك اآلمدم ‪،‬‬
‫كغيرىم ‪ ،‬كأبي الحسين من المعتزلة ‪ ،‬كصححو ابن الحاجب كغيره ‪.‬‬
‫قاؿ في «شرح التحرير » ‪« :‬كاعتبر أكثر أصحابنا ‪ ،‬منهم القاضي ‪ ،‬كابن عقيل ‪ ،‬كابن‬
‫البناء ‪ ،‬كالفخر إسماعيل ‪ ،‬كالمجد بن تيمية ‪ ،‬كابن حمداف كغيرىم كنسبو ابن عقيل‬
‫في « الواضح» إلي المحققين ‪ ،‬كأبو الطيب الطبرم ‪ ،‬كأبو إسحاؽ الشيزارم‬
‫‪،‬كالمعتزلة ‪ :‬العلو ‪ ،‬فأمر المساكم لغيره يسمي عندىم التماسا ‪ ،‬ك األدكف سؤاَل ‪.‬‬
‫كاعتبر اَلستعالء كالعلو معا ابن القشيرم كالقاضي عبد الوىاب المالكي‪.‬‬
‫كاَلستعالء ‪ :‬طلب بغلظة ‪ ،‬كالعلو ‪ :‬كوف الطالب أعلى رتبة ‪.‬قاؿ القرافي في «التنقيح‬
‫» ‪ « :‬اَلستعالء ىيئة في األمر من الترفع أك إظهار األمر ‪ ،‬كالعلو يرجع إلي ىيئة اآلمر‬
‫من شرفو كعلو منزلتو بالنسبة إلي المأمور » اىػ ‪.‬‬

‫صيغ األمر‪:‬‬
‫صيغ األمر أربع‪:‬‬
‫ك ًم ىن الٍكًتى ً‬
‫اب} [العنكبوت‪ :‬من اآلية ْٓ]‬ ‫ُ ‪ -‬فعل األمر‪ ،‬مثل‪{ :‬اتٍل ما أي ً‬
‫كح ىي إًلىٍي ى‬ ‫يى‬
‫حي على الصالة‪.‬‬
‫ِ ‪ -‬اسم فعل األمر‪ ،‬مثل‪ٌ :‬‬
‫ً اً‬
‫الرقىاب}‬
‫ب ٍّ‬
‫ض ٍر ى‬ ‫ّ ‪ -‬المصدر النائب عن فعل األمر‪ ،‬مثل‪{ :‬فىًإذىا لىقيتي يم الذ ى‬
‫ين ىك ىف يركا فى ى‬
‫[محمد‪ :‬من اآلية ْ]‬
‫ْ ‪ -‬المضارع المقركف بالـ األمر‪ ،‬مثل‪{ :‬لًتيػ ٍؤًمنيوا بًاللا ًو ىكىر يسولً ًو} [المجادلة‪ :‬من اآلية‬
‫ْ]‬
‫كقد يستفاد طلب الفعل من غير صيغة األمر‪ ،‬مثل أف يوصف بأنو فرض‪ ،‬أك كاجب‪،‬‬
‫أك مندكب‪ ،‬أك طاعة‪ ،‬أك يمدح فاعلو‪ ،‬أك يذـ تاركو‪ ،‬أك يرتب على فعلو ثواب‪ ،‬أك‬
‫على تركو عقاب‪.‬‬

‫اختلف األصوليوف في األمر ألىوي صيغة موضوعة تدؿ عليو أـ َل صيغة لو ؟ ك الراجح‬
‫الذم عليو الدليل ما اختاره المؤلف ك ىو مذىب جمهور العلماء ألف العرب قد‬
‫كضعوا لما َل ييحتاج إليو كثيران أسماء كاألسد‪ ،‬كالهر‪ ،‬كالخمر‪ ،‬فمن باب أكلى أف‬
‫يضعوا صيغة لألمر تدؿ عليو‪ ،‬كذلك ألف الحاجة داعية إلى معرفة األمر‪ ،‬لكثرة‬
‫ى‬
‫مخاطبات الناس عن طريقو‪ ،‬حيث َل يمكن أف يتخاطبوا بغير صيغة‪ ،‬فدؿ ىذا على‬
‫أنهم كضعوا لو صيغة ىي‪ " :‬افعل "‪.‬‬
‫كألف السيد لو قاؿ لعبده‪ " :‬اسقني ماء " فلم يسقو‪ ،‬فإنو يستحق عند عقالء أىل اللغة‬
‫الذـ كالتوبيخ‪ ،‬فلو لم تكن ىذه الصيغة موضوعة لألمر لما استحق ذلك‪.‬‬
‫كبناء على ذلك‪ :‬فإنو إذا كرد لفظ‪ " :‬افعل " في الكتاب كالسنة فإنو ظاىر؛ حيث إنو‬
‫لو معنياف ىما‪ :‬إفادتو لألمر " ك " عدـ إفادتو لو " كيرجح األكؿ‪ ،‬كىو إفادتو لألمر‬
‫بدكف قرينة‪ ،‬كيعمل‪.‬‬
‫ك كما أسلف المؤلف ‪:‬لألمر صيغ تدؿ على طلب الفعل إذا تجردت عن القرائن‬
‫الصارفة عنو كىي أربع‪:‬‬
‫ُ‪ /‬فعل األمر‪ :‬مثل‪{ :‬أقم الصالة}‪{ ،‬استغفركا ربكم}‪{ ،‬يا أيها النبي جاىد الكفار‬
‫كالمنافقين}‪.‬‬
‫ِ‪ /‬المضارع المجزكـ بالـ األمر‪ :‬مثل قولو تعالى‪{ :‬ثم ليقضوا تفثهم كليوفوا نذكرىم‬
‫كليطوفوا بالبيت العتيق} ‪.‬‬
‫ّ‪ /‬اسم فعل األمر‪ :‬مثل قولو تعالى‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم}‪.‬‬
‫ْ‪ /‬المصدر النائب عن فعل األمر‪ :‬مثل قولو تعالى‪{ :‬فضرب الرقاب} ‪.‬‬
‫قولو‪« :‬كقد يستفاد طلب الفعل من غير صيغة األمر‪ ،‬مثل أف يوصف بأنو فرض‪ ،‬أك‬
‫كاجب‪ ،‬أك مندكب‪ ،‬أك طاعة‪ ،‬أك يمدح فاعلو‪ ،‬أك يذـ تاركو‪ ،‬أك يرتب على فعلو ثواب‪،‬‬
‫أك على تركو عقاب‪».‬‬
‫كمثاؿ ما كصف بأنو فرض‪ :‬قولو صلى اهلل عليو كسلم‪« :‬فأعلمهم أف اهلل قد فرض‬
‫عليهم خمس صلوات في كل يوـ كليلة ‪.»....‬‬
‫كمثاؿ ما كصف بأنو كاجب‪ :‬قولو صلى اهلل عليو كسلم‪« :‬غسل الجمعة كاجب على‬
‫كل محتلم»‪.‬‬
‫كمثاؿ ما كصف بأنو طاعة‪ :‬قولو صلى اهلل عليو كسلم‪« :‬من أطاع أميرم فقد أطاعني»‪.‬‬
‫كمثاؿ ما مدح فاعلو‪ :‬قولو صلى اهلل عليو كسلم‪« :‬نعم الرجل عبد اهلل بن عمر لو كاف‬
‫يقوـ من الليل»‪.‬‬
‫كمثاؿ ما ذـ تاركو‪ :‬قولو صلى اهلل عليو كسلم‪« :‬من ترؾ الرمي بعدما علمو رغبة عنو‪،‬‬
‫فإنها نعمة كفرىا» ‪..‬‬
‫كمثاؿ ما رتب على فعلو الثواب‪ :‬قولو صلى اهلل عليو كسلم‪« :‬من صلى علي صالة‬
‫صلى اهلل عليو بت عشرا»‪.‬‬
‫كمثاؿ ما رتب على تركو العقاب‪ :‬قولو صلى اهلل عليو كسلم‪« :‬من ترؾ ثالث جمع‬
‫تهاكنا طبع اهلل على قلبو»‪.‬‬
‫ذكر ىذه األمثلة المؤلف تعليقا‪.‬‬

‫ما تقتضيو صيغة األمر‪:‬‬


‫صيغة األمر عند اإلطالؽ تقتضي‪ :‬كجوب المأمور بو‪ ،‬كالمبادرة بفعلو فوران‪.‬‬
‫فمن األدلة على أنها تقتضي الوجوب قولو تعالى‪{ :‬فىػلٍيح ىذ ًر الا ًذين ي ىخالًيفو ىف ىعن أىم ًرهً‬
‫ٍ ٍ‬ ‫ىي‬ ‫ىٍ‬
‫صيبػهم ىع ىذ ً‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يم} [النور‪ :‬من اآلية ّٔ]‪ ،‬كجو الدَللة أف‬ ‫اب أىل ه‬
‫ه‬ ‫أى ٍف تيصيبىػ يه ٍم ف ٍتػنىةه أ ٍىك يي ى ي ٍ‬
‫اهلل حذر المخالفين عن أمر الرسوؿ صلٌى اهلل عليو كسلٌم أف تصيبهم فتنة‪ ،‬كىي‬
‫الزيغ‪ ،‬أك يصيبهم عذاب أليم‪ ،‬كالتحذير بمثل ذلك َل يكوف إَل على ترؾ كاجب؛‬
‫فدؿ على أف أمر الرسوؿ صلٌى اهلل عليو كسلٌم المطلق يقتضي كجوب فعل المأمور‪.‬‬
‫ٍخ ٍيػر ً‬
‫ات} [البقرة‪،)ُْٖ( :‬‬ ‫كمن األدلة على أنو للفور قولو تعالى‪{ :‬فى ٍ ً‬
‫استىب يقوا ال ى ى‬
‫كالمائدة‪ ]ْٖ :‬كالمأمورات الشرعية خير‪ ،‬كاألمر باَلستباؽ إليها دليل على كجوب‬
‫المبادرة‪.‬‬
‫كألف النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم كره تأخير الناس ما أمرىم بو من النحر كالحلق يوـ‬
‫الحديبية‪ ،‬حتى دخل على أـ سلمة رضي اهلل عنها فذكر لها ما لقي من الناس (ُ)‪.‬‬
‫كألف المبادرة بالفعل أحوط كأبرأ‪ ،‬كالتأخير لو آفات‪ ،‬كيقتضي تراكم الواجبات حتى‬
‫يعجز عنها‪.‬‬

‫بعدما عرؼ المؤلف األمر ك ذكر صيغو ‪ ،‬شرع في بياف ما تقتضيو صيغو عند اإلطالؽ‬
‫ك التجرد عن القرينة ك قد رجح كجوب فعل المأمور بو ك المبادرة بفعلو فورا ك ما‬
‫اختاره المؤلف ىو الراجح الذم قرره كثير من المحققين ‪.‬ك ليعلم طالب العلم أف في‬
‫ف فًي ٍاأل ٍىم ًر ىى ٍل‬ ‫المسألة خالؼ بين األصوليين ‪.‬يقوؿ اإلماـ الشوكاني‪ « :‬ا ٍختيلً ى‬
‫ضي الٍ ىف ٍوىر؛ ًألىناوي‬ ‫ضي التا ٍكرار يػ يقوليو ىف‪ :‬بًأىناوي يػ ٍقتى ً‬
‫ى‬ ‫ىىى‬
‫ضي الٍ ىفور أ ٍىـ َل؟ فالقائلوف "إنو" يػ ٍقتى ً‬
‫ى‬ ‫ٍى‬
‫يػ ٍقتى ً‬
‫ى‬
‫ات بًال ًٍف ٍع ًل ال ىٍمأ يٍموًر ىعلىى ىما ىم ار‪ ،‬ىكأى اما ىم ٍن‬ ‫اؽ ٍاألىكقى ً‬ ‫استً ٍغر ً‬ ‫ً‬ ‫يػلٍزـ الٍ ىقو يؿ بً ىذلً ى ً‬
‫ٍ‬ ‫ك م اما لى ًزىم يه ٍم م ًن ٍ ى‬ ‫ى ىي ٍ‬
‫وت ٍاأل ىىداءي بًىف ىواتًًو‪ ،‬أ ٍىك‬ ‫ٍت يىػ يف ي‬ ‫اىم فىػيػ يقوليو ىف الٍمأٍمور بًًو ىَل ي ٍخليو إً اما أى ٍف ي يكو ىف م ىقيا ندا بًوق و‬
‫ى‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ىي ي‬ ‫ىع ىد ي ٍ ى‬
‫ور بً ًو‪،‬‬
‫وت ال ىٍمأ يٍم ى‬ ‫وز التاأ ًٍخ يير ىعلىى ىك ٍج وو ىَل يىػ يف ي‬ ‫ب فىػيى يج ي‬ ‫ىَل ىك ىعلىى الثاانًي يى يكو يف لً يم ىج ارًد الطالى ً‬
‫ارهي ال ارا ًز ُّ‬ ‫شافً ًع ٍّي كأ ٍ ً ً‬ ‫م إًلىى ال ا‬ ‫ص ًحيح ًع ٍن ىد ال ً ً‬
‫م‬ ‫ىص ىحابو‪ ،‬ىكا ٍختى ى‬ ‫ى‬ ‫ٍحنىفياة‪ ،‬ىكعي ًز ى‬ ‫ى‬ ‫ىك ىى ىذا يى ىو ال ا ي‬
‫م‪.‬‬‫ضا ًك ُّ‬
‫ب ىكالٍبىػ ٍي ى‬‫ٍحا ًج ً‬
‫م ىكابٍ ين ال ى‬‫ىك ٍاآل ًم ًد ُّ‬
‫ص‪ ،‬ىكإًنا ىما فيػ يركعي يه ىما تى يد ُّؿ ىعلىى‬ ‫شافً ًع ٍّي نى ٌّ‬ ‫اؿ ابٍن بػرىى و‬
‫اف‪ :‬لى ٍم ييػ ٍنػ ىق ٍل ىع ٍن أىبًي ىحنًي ىفةى ىكال ا‬ ‫قى ى ي ي ٍ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ىذلً ى‬
‫ب ال ًٍف ٍع ًل‪ ،‬ىك يى ىو الٍ ىق ٍد ير ال يٍم ٍشتىػ ىر يؾ بىػ ٍي ىن‬‫ضوعه لًطىلى ً‬ ‫ٍح ُّق أىناوي ىم ٍو ي‬
‫وؿ"‪ :‬ىكال ى‬ ‫ص ً‬ ‫قى ى ً‬
‫اؿ في "ال ىٍم ٍح ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ب ال ًٍفع ًل علىى الٍ ىفوًر كطىلىبً ًو علىى التػ ً ً‬
‫اراخي م ٍن غىٍي ًر أى ٍف يى يكو ىف في اللا ٍفظ إً ٍش ىع ه‬
‫ار‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ ى‬ ‫طىلى ً ٍ ى‬
‫وص ىكونًًو فىػورا أىك تىػر ً‬
‫اخينا‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫ص ً ٍ ٍن ٍ ى‬ ‫بً يخ ي‬
‫اف لًل ًٍف ٍع ًل المأمور بو‪،‬‬ ‫اإل ٍم ىك ً‬‫ات ًٍ‬ ‫اإلتٍػيا يف بً ًو فًي أ اىكًؿ أىكقى ً‬
‫ٍ‬ ‫كقيل‪ :‬إنو يقتضي الفور‪ ،‬فيحب ًٍ ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫شافً ًعيا ًة‪ ،‬ىكقى ى‬ ‫ٍحنى ًفيا ًة ىكال ا‬ ‫ٍحنىابًلى ًة ىكبىػ ٍع ً‬ ‫ًًً‬
‫ب‬‫اؿ الٍ ىقاضي‪ٍ :‬األ ٍىم ير ييوج ي‬ ‫ض ال ى‬ ‫م إًلىى ال ىٍمالكياة ىكال ى‬‫ىكعي ًز ى‬
‫ٍح ً‬ ‫إً اما الٍ ىفور أى ًك الٍع ٍزـ ىعلىى ًٍ ً ً ً ً‬
‫اؿ‪.‬‬ ‫اإلتٍػيىاف بًو في ثىاني ال ى‬ ‫ىى‬ ‫ٍى‬
‫ور بً يك ٍّل ًم ىن‬ ‫ً‬ ‫ًً‬ ‫ً ً‬
‫ٍج ىويٍن ُّي في أىناوي با ٍعتبىا ًر اللُّغىة ل ٍل ىف ٍوًر أك التراخي قاؿ‪ :‬فىػيى ٍمتىث يل ال ىٍمأ يٍم ي‬
‫ف ال ً ً‬
‫ىكتىػ ىوقا ى ي‬
‫ف فًي إًثٍ ًم ًو بًالتػار ً‬ ‫اف أىح ًد ًىما ىعلىى ٍاآل ىخ ًر مع التػاوقُّ ً‬ ‫ً‬ ‫الٍ ىفوًر كالتػ ً ً‬
‫اخي ىَل‬ ‫ى‬ ‫ىى ى‬ ‫اراخي ل ىع ىدًـ ير ٍج ىح ى ى‬ ‫ٍ ى ى‬
‫ٍف فًي ًاَل ٍمتًثى ً‬ ‫اخي‪ ،‬كقًيل بًالٍوق ً‬ ‫وب التػار ً‬ ‫احتًم ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ىم ىَل نى ٍد ًرم ىى ٍل يىأٍثى يم‬ ‫اؿ‪ ،‬أ ٍ‬ ‫ى ى ى‬ ‫ى‬
‫اؿ يك يج ً‬ ‫بالٍ ىف ٍوًر ل ىع ىدًـ ٍ ى‬
‫وب التػار ً‬ ‫ادر أ ٍىك إً ٍف أىخار ًَل ٍحتًم ً‬
‫اخي‪.‬‬ ‫ى‬
‫اؿ يك يج ً‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫إً ٍف بى ى ى‬
‫است ىد اؿ الٍ ىقائًليو ىف بًالتا ٍكرا ًر الٍمستػ ٍل ًزًـ ًَلقٍتً ى ً‬
‫ص ًل الذم قبل ىذا‪،‬‬ ‫ضاء الٍ ىف ٍوًر بً ىما تىػ ىق اد ىـ فًي الٍ ىف ٍ‬ ‫ى ي ٍى‬ ‫ٍى‬
‫كقد تقدـ ىدفٍػعيوي‪.‬‬
‫ضا‪ً ،‬م ٍن أى اف‬ ‫ٍت لً يم ىج ارًد الطالى ً‬
‫ب بً ىما تىػ ىق اد ىـ أىيٍ ن‬ ‫اؿ‪ :‬بًأىناوي فًي غىٍي ًر الٍم ىقيا ًد بًوق و‬
‫ي ى‬ ‫احتى اج ىم ٍن قى ى‬ ‫ىك ٍ‬
‫سً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ب‬ ‫ىد ىَللىتىوي ىَل تى ًزي يد ىعلىى يم ىج ارد الطلب بفور أك تراخي َل بحسب المادة‪ ،‬كَل ب ىح ى‬
‫وص‬‫ص ً‬ ‫ب فًي يخص ً و‬ ‫الصيغى ًة ًألى اف ىى ٍيئىةى ٍاأل ٍىم ًر ىَل ىد ىَللىةى لى ىها إًاَل ىعلىى الطالى ً‬
‫وص ىزىماف‪ ،‬ىك يخ ي‬ ‫ي‬ ‫ٍّ‬
‫الصيغى ًة‬ ‫اـ ىم ٍدلي ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫الٍمطٍلي ً ً‬
‫وؿ ٍّ‬ ‫وب م ىن ال ىٍماداة‪ ،‬ىكىَل ىد ىَللىةى لى ىها إًاَل ىعلىى يم ىج ارد الٍف ٍع ًل فىػلى ًزىـ أى اف تى ىم ى‬ ‫ى‬
‫ًج ىع ٍن ىم ٍدليولً ًو‪ ،‬كإنما ييػ ٍف ىه يم‬ ‫اراخي ىخار ه‬
‫طىلىب ال ًٍفع ًل فىػ ىقطٍ‪ ،‬كىكونيػها دالاةن علىى الٍ ىفوًر‪ ،‬أى ًك التػ ً‬
‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ىٍ ى ى ى‬ ‫ي ٍ‬
‫ك بًالٍ ىقرائً ًن فى ىال ب اد ًمن ج ٍعلًها حقيقة للقدر المشترؾ بين القسمين ىدفٍػعا لًًال ٍشتًر ً‬
‫اؾ‬ ‫ً‬
‫ى‬ ‫ن‬ ‫ي ٍ ى ى‬ ‫ذىل ى ى‬
‫ًً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وع ًًإلفى ى ً‬
‫ادة الٍ ىق ٍد ًر ال يٍم ٍشتى ًرؾ بين الٍق ٍس ىم ٍي ًن ىَل يى يكو يف فيو إً ٍش ىع ه‬
‫ار‬ ‫ض ً‬ ‫ىكال ىٍم ىجا ًز ىكال ىٍم ٍو ي‬
‫ً ً‬ ‫اعيًي ًن؛ ًألى اف تًل ى‬ ‫وصيا ًة أ ً‬
‫س امى اللفظ كغير‬ ‫صوصياةى يمغىاي ىرةه ل يم ى‬
‫ٍخ ً‬
‫ٍك ال ي ي‬ ‫ىح ًدى ىما ىعلىى التػ ٍ‬ ‫ى‬
‫بً يخص ً‬
‫ي‬
‫وص ىكونًًو تىػر ً‬ ‫ظ ىَل إً ٍشعار لىوي بً يخص ً ًً‬
‫اخينا‪.‬‬ ‫ص ً ٍ ى‬ ‫وص ىك ٍونو فىػ ٍونرا ىكىَل بً يخ ي‬ ‫ي‬ ‫ىى‬ ‫ت أى اف اللا ٍف ى‬ ‫َلزمة "لو" فىػثىبى ى‬
‫اؿ‪،‬‬ ‫ٍح ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫وؿ ل ىع ٍبده‪ :‬افٍػ ىع ًل الٍف ٍع ىل الٍ يف ىالن اي في ال ى‬
‫سيٍّ ًد أى ٍف يػ يق ى ً ً ً‬
‫ى‬ ‫س ين ًم ىن ال ا‬ ‫أيضا بأنو يى ٍح ي‬ ‫احتى ُّجوا ن‬ ‫ىك ٍ‬
‫ضا‬‫اخ نال فًي لىٍف ًظ "افٍػ ىع ٍل" لى ىكا ىف ٍاأل اىك يؿ تى ٍك ىر نارا ىكالثاانًي نىػ ٍق ن‬ ‫أىك غى ندا‪ ،‬كلىو ىكا ىف ىكونيو فىػورا د ً‬
‫ٍ ي ٍن ى‬ ‫ىٍ‬ ‫ٍ‬
‫ىكأىناوي غىٍيػ ير ىجائً وز‪.‬‬
‫ضا بًأى اف أ ٍىى ىل اللُّغى ًة قىاليوا‪ :‬ىَل فىػ ٍر ىؽ بىػ ٍي ىن قىػ ٍولًنىا‪ :‬تىػ ٍف ىع يل ىكبىػ ٍي ىن قىػ ٍولًنىا افٍػ ىع ٍل إًاَل أى اف‬ ‫احتى ُّجوا أىيٍ ن‬ ‫ىك ٍ‬
‫ات فىًإناوي يى ٍك ًفي‬ ‫شي وء ًمن ٍاألىكقى ً‬ ‫ً‬ ‫ٍاأل اىك ىؿ ىخبىػ هر ىكالثاانًي إًنٍ ى‬
‫ار لىوي بً ى ٍ ى ٍ‬ ‫شاءه‪ ،‬لىك ان قىػ ٍولىنىا تىػ ٍف ىع يل ىَل إً ٍش ىع ى‬
‫ك ٍاأل ٍىم ير‪ ،‬ىكإًاَل لى ىكا ىف بىػ ٍيػنىػ يه ىما فىػ ٍر هؽ ًس ىول‬ ‫ٍت ىكا ىف فى ىك ىذلً ى‬ ‫ىم كق و‬ ‫ص ٍدقً ًو ًٍ ً ً ً‬
‫اإلتٍػيىا يف بو في أ ٍّ ى‬
‫فًي ً‬
‫اء‪.‬‬
‫شن‬ ‫ىح ًد ًى ىما ىخبىػ نرا ىكالثاانًي إًنٍ ى‬ ‫ً‬
‫ىك ٍوف أ ى‬
‫ت ىكطىالً هق‪،‬‬ ‫احتى اج الٍ ىقائًليو ىف بًالٍ ىف ٍوًر‪ :‬بًأى اف كل مخبر بكالـ خبرم كزيد قىائً هم‪ ،‬ىكيم ٍن ًش هئ ىكبً ٍع ي‬ ‫ىك ٍ‬
‫ودا لً ٍلبىػ ٍي ًع كالطالؽ بما ذكر‪،‬‬ ‫اإلط ىٍال ًؽ ىع ًن الٍ ىق ىرائً ًن ىحتاى يى يكو ىف ىم ٍو يج ن‬ ‫اض ىر ًع ٍن ىد ًٍ‬ ‫ص يد الٍح ً‬
‫ى‬
‫يػ ٍق ً‬
‫ى‬
‫ٍس ًاـ الٍ ىك ىالًـ‪ ،‬ىكبىػ ٍيػنىوي كبين‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فكذا األمر كالجامع بينو كبين الخبر ىك ٍو يف يك ٍّل م ٍنػ يه ىما م ٍن أىق ى‬
‫اء‪.‬‬‫شن‬ ‫سائر اإلنشاءات التي يقصد بها الحاضر ىك ٍو يف يك ٍّل ًم ٍنػ ىها إًنٍ ى‬
‫ادتًًو الٍ ىف ٍوىر ىعلىى ال ى‬ ‫ً‬
‫ٍخبى ًر‬ ‫اسوا ٍاأل ٍىم ىر فًي إًفى ى‬ ‫ً ً‬
‫اس في اللُّغىة؛ ألىناػ يه ٍم قى ي‬
‫ك قًي ً‬
‫يب‪ :‬بًأى اف ىذل ى ى ه‬ ‫ىكأيج ى‬
‫ً‬
‫ش ًاء لًل ً‬
‫ف ىم ىع ا ٍختً ىالفً ًو فىًإناوي‬ ‫ٍح ٍك ًم غىٍيػ ير ىجائً وز فى ىك ٍي ى‬ ‫ً‬
‫ٍجام ًع ال ىٍم ٍذ يكوًر‪ ،‬ىك يى ىو ىم ىع اتٍّ ىحاد ال ي‬ ‫ى‬ ‫ىك ًٍ‬
‫اإلنٍ ى‬
‫ك فًي ٍاأل ٍىم ًر ألف‬ ‫اض ير "لًلظاٍرفًيا ًة" ىكيى ٍمتىنً يع ىذلً ى‬ ‫ش ًاء تيػعيٍّن ال ازما يف الٍح ً‬ ‫فًي الٍ ىخبى ًر ىك ًٍ‬
‫ى‬ ‫اإلنٍ ى ى ي ى‬
‫ب‪.‬‬‫الحاصل َل ييطٍلى ي‬
‫ٍج ًام يع بىػ ٍيػنىػ يه ىما ىك ٍونيػ يه ىما طىلىبنا‪.‬‬ ‫كاحتى ُّجوا ثىانًيا‪ :‬بًأى اف النػ ٍ ً‬
‫اه ىي ييفي يد الٍ ىف ٍوىر فى ىك ىذا ٍاأل ٍىم ير‪ ،‬ىكال ى‬ ‫ن‬ ‫ى ٍ‬
‫اس فًي اللُّغى ًة ىكقى ٍد تىػ ىق اد ىـ بيط ىٍالنيوي‪.‬‬ ‫ً‬
‫يب‪ :‬بًأىناوي قيى ه‬ ‫ىكأيج ى‬
‫ً‬
‫ؼ‬‫م؛ ًألى اف الٍمطٍليوب التػار يؾ مست ًم ًّرا ىعلىى ما م ار‪ ،‬بً ًخ ىال ً‬ ‫ض يركًر ٌّ‬‫اه ًي ى‬ ‫ضا‪ :‬الٍ ىف ٍوير فًي النػ ٍ‬ ‫ىكأىيٍ ن‬
‫ى ى‬ ‫ى ى ٍ ي ٍى‬
‫ٍاأل ٍىم ًر‪.‬‬
‫اه ًي ك يىو ً‬
‫"اَل ٍمتًثى ي‬ ‫ضا‪ :‬الٍمطٍلي ي ً‬
‫ص يل بالفور‪ ،‬فالفور يثبت بضركرة"‬ ‫اؿ إًنا ىما يى ٍح ي‬ ‫وب بالنػ ٍ ى ى‬ ‫ىكأىيٍ ن ى‬
‫اؿ لًلنػ ٍ‬
‫اه ًي‪.‬‬ ‫م فًي ًاَل ٍمتًثى ً‬ ‫ض يركًر ٌّ‬‫اد أى اف الٍ ىف ٍوىر ى‬‫اَلمتثاؿ "َل أنو" ييًفي يد الٍ ىف ٍوىر‪ ،‬فىال يٍم ىر ي‬
‫اه يي لً ٍل ىف ٍوًر فىػيىػل ىٍزيـ أى ٍف يى يكو ىف ٍاأل ٍىم ير لً ٍل ىف ٍوًر‪.‬‬ ‫ض ىد ًاد‪ ،‬ىكالنػ ٍ‬‫احتى ُّجوا ثىالًثنا‪ :‬بًأى اف ٍاأل ٍىم ىر نىػ ٍه هي ىع ًن ٍاألى ٍ‬ ‫ىك ٍ‬
‫ص ًل الا ًذم قىػ ٍب ىل ىى ىذا‪.‬‬ ‫ً‬
‫يب بً ىما تىػ ىق اد ىـ م ىن ال ادفٍ ًع بً ًمثٍ ًل ىى ىذا فًي الٍ ىف ٍ‬ ‫ىكأيج ى‬
‫ً‬
‫ًً‬ ‫ً ً ا ا ًً‬
‫ك أ اىَل تى ٍس يج ىد إً ٍذ‬ ‫يس ىعلىى ىع ىدًـ الٍ ىف ٍوًر بًىق ٍولو‪ :‬ى‬
‫{ما ىمنىػ ىع ى‬ ‫احتى ُّجوا ىراب نعا‪ :‬بأىف اللوى ذى اـ إبٍل ى‬ ‫ىك ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫س ىج يدكا} فدؿ على أنو‬ ‫اس يج يدكا آل ىد ىـ فى ى‬ ‫{كإً ٍذ قيػلٍنىا لل ىٍمالئً ىكة ٍ‬ ‫اؿ‪ :‬ى‬ ‫ث قى ى‬ ‫ك} ‪ ،‬ىح ٍي ي‬ ‫أ ىىم ٍرتي ى‬
‫ضيا ٍق ىعلىٍي ًو‪.‬‬‫استى ىح اق ال اذ اـ ًألىناوي لى ٍم يىػتى ى‬
‫للفور‪ ،‬كإَل لى ىما ٍ‬
‫اؿ فىػلى ىعلاوي ىكا ىف ىم ٍق يركنا بً ىما يى يد ُّؿ ىعلىى الٍ ىف ٍوًر‪ ،‬ىكىَل‬ ‫ك ًح ىكايىةي ىح و‬ ‫يب ىع ٍن ىى ىذا‪ :‬بًأى اف ىذلً ى‬ ‫ً‬
‫ىكأيج ى‬
‫ف‪ ،‬فىًإناوي لى ٍو ىكا ىف يم ىج ار يد الت ٍ‬ ‫اب ًمن الض ٍاع ً‬ ‫ً‬
‫س ٍّوغنا لدفع األدلة‬ ‫اج ًوي ًز يم ى‬ ‫ٍج ىو ً ى‬ ‫يى ٍخ ىفى ىما في ىى ىذا ال ى‬
‫ك‪.‬‬ ‫يل فً ًيو ًمثٍ يل ىذلً ى‬ ‫لم يػب ىق ىدلً ً ً‬
‫يل إ اَل ىكق ى‬ ‫ه‬ ‫ىٍ‬
‫آد ىـ بً ىدلً ً‬
‫يل‬ ‫كح فًي ى‬ ‫الر ً‬‫ٍت نىػ ٍف ًخ ُّ‬ ‫ٍت‪ ،‬ىك يى ىو ىكق ي‬ ‫ضا‪ :‬بًأى اف ىى ىذا ٍاأل ٍىمر ًًإلبٍلًيس م ىقيا هد بًوق و‬
‫ى ي ى‬ ‫ى‬ ‫يب أىيٍ ن‬‫ىكأيج ى‬
‫ً‬
‫قىػ ٍولً ًو‪:‬‬
‫يس ىعلىى تىػ ٍركً ًو‬ ‫ًً‬ ‫ًً‬ ‫{فىًإذىا س اويػتو كنىػ ىف ٍخ ي ً ً ً ً‬
‫ت فيو م ٍن يركحي فىػ ىقعيوا لىوي ىساجدين} فى ىذ ُّـ إبٍل ى‬ ‫ى ٍيي ى‬
‫اؿ لً ٍأل ٍىم ًر فًي ذلك الوقت المعين‬ ‫ًاَل ٍمتًثى ى‬
‫{ك ىسا ًر يعوا إًلىى ىمغٍ ًف ىرةو ًم ٍن ىربٍّ يكم} كقولو تعالى‪:‬‬ ‫خامسا بقولو سبحانو‪ :‬ى‬ ‫ن‬ ‫كاحتجوا‬
‫ٍخ ٍيػ ىرات}‪.‬‬ ‫استىبً يقوا ال ى‬‫{فى ٍ‬
‫ار ىع ًة‬ ‫ً‬ ‫ً ً ً‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫يج ً‬ ‫ً‬
‫سى‬ ‫يب‪ :‬بأى اف ىىاتىػ ٍي ًن ٍاآليىػتىػ ٍي ًن لى ٍو ىدلتىا ىعلىى يك يجوب الٍ ىف ٍوًر ل ىما في ًه ىما م ىن ٍاأل ٍىم ًر بال يٍم ى‬ ‫ىكأ ى‬
‫اد نسا‪ :‬بًأىناوي لى ٍو ىج ى‬ ‫س ٍاألىم ًر ىعلىى الٍ ىفوًر‪ .‬كاحتى ُّجوا س ً‬ ‫ً‬ ‫ك ًاَل ٍستًب ً‬
‫از‬ ‫ى‬ ‫ٍ ى ٍ‬ ‫اؽ‪ ،‬لى ٍم يىػل ىٍزٍـ م ٍنوي ىد ىَللىةي نىػ ٍف ً ٍ‬ ‫ى ى‬
‫اط ىال ًف‪ ،‬فىالٍ ىق ٍو يؿ بً ىج ىوا ًز‬ ‫اف ب ً‬ ‫ً ً‬
‫از إً اما إًلىى بى ىد وؿ أ ٍىك "إًلىى" غىٍي ًر بى ىد وؿ‪ ،‬ىكالٍق ٍس ىم ى‬ ‫التاأ ًٍخ يير لى ىج ى‬
‫التاأ ًٍخي ًر ب ً‬
‫اط هل‪.‬‬ ‫ى‬
‫اـ ال يٍم ٍب ىد ًؿ ًم ٍن يك ٍّل ال يٍو يجوهً فىًإ ىذا‬ ‫وـ ىم ىق ى‬
‫ً‬
‫اد الٍق ٍس ًم ٍاأل اىكًؿ‪ :‬فىػ يه ىو أى اف الٍبى ىد ىؿ يى ىو الاذم يىػ يق ي‬
‫أى اما فىس ي ً‬
‫ى‬
‫ك‪.‬‬ ‫س ىك ىذلً ى‬ ‫ب أف يسقط عنو التكليف كباَلتفاؽ لىٍي ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أىتىى ب ىه ىذا الٍبى ىدؿ ىك ىج ى‬
‫اج و‬ ‫ك يمنع من كونو كاجبا؛ ألنو يػ ٍف ىهم ًمن قىػولًنىا لىٍيس بًو ً‬ ‫اد ال ًٍق ٍس ًم الثاانًي‪ :‬فى ىذلً ى‬
‫ب‬ ‫ى ى‬ ‫ي ي ٍ ٍ‬ ‫سي‬ ‫ىكأى اما فى ى‬
‫وز تىػ ٍريكوي إًلىى غىٍي ًر بى ىد وؿ‪.‬‬
‫إًاَل أىناوي يى يج ي‬
‫ٍت ىَل فًي يك ٍّل‬ ‫ك الٍوق ً‬ ‫ً ً ً‬ ‫يج ً ً‬ ‫ً‬
‫يب‪ :‬با ٍختيىا ًر الشق األكؿ‪ ،‬كيقوـ البدؿ مقاـ ال يٍم ٍب ىدؿ في ذىل ى ى‬ ‫ىكأ ى‬
‫ط ٍاأل ٍىم ًر بًال يٍم ٍب ىد ًؿ‪ .‬ىكير اد بًأىناوي إًذىا ىكا ىف يم ٍقتى ى‬ ‫اف بًالٍبى ىد ًؿ يس يقو ي‬ ‫اإلتٍػي ً‬ ‫ً‬
‫ضى‬ ‫األكقات فال يىػل ىٍزيـ م ىن ًٍ ى‬
‫ٍت ىكا ىف‪ ،‬فىػ ىه ىذا الٍبى ىد يؿ قىائً هم ىم ىق ىاموي فًي‬
‫ىم كق و‬ ‫ً ً‬ ‫اإلتٍػيا ىف بًتًل ى ً ً‬
‫ٍك ال ىٍماىياة ىم ارنة ىكاح ىد نة في أ ٍّ ى‬ ‫ٍاأل ٍىم ًر ًٍ ى‬
‫ط ٍاأل ٍىم ًر بًالٍ يكلٍّيا ًة‪،‬‬ ‫ً ًً‬ ‫ى ىذا الٍمعنى فىػ ىق ٍد حصل ما ىو الٍم ٍقص ً‬
‫ب يس يقو ي‬ ‫ود م ىن ٍاأل ٍىم ًر بتى ىمامو فىػ ىو ىج ى‬‫ى ى ى ى يى ى ي ي‬ ‫ى ى ٍى‬
‫ض ًاء ٍاألىم ًر لًلتا ٍكرا ًر‪ ،‬كىو ب ً‬ ‫اب بًتىػ ٍق ًدي ًر اقٍتً ى‬ ‫ً‬
‫اط هل ىك ىما تىػ ىق اد ىـ‪.‬‬‫ى ى يى ى‬ ‫ٍ‬ ‫ىكإًنا ىما يتم ما ذى ىك يركهي م ىن ال ى‬
‫ٍج ىو ً‬
‫آخ ًر أى ٍزًمنى ًة‬
‫از التاأ ًٍخير لىوجب أى ٍف ي يكو ىف إًلىى كقت معين أك إلى ً‬
‫ي ىى ى ى‬ ‫احتى ُّجوا ىسابً نعا‪ :‬بًأىناوي لى ٍو ىج ى‬
‫ىك ٍ‬
‫ف ًألى اف الٍ ىك ىال ىـ في غير المؤقت‪ ،‬كالثاني تكليف ما َل يطلق لً ىك ٍونًًو‬ ‫اف‪ ،‬ك ٍاأل اىك يؿ م ٍنتى و‬
‫ي‬
‫ًٍ ً‬
‫اإل ٍم ىك ى‬
‫يف بً ىما ىَل‬ ‫وؿ تى ٍكلً ه‬‫ٍت ىم ٍج يه و‬ ‫يف بًًإي ىق ًاع ال ًٍف ٍع ًل فًي كق و‬‫ف‪ ،‬ىكالتا ٍكلً ي‬ ‫غىٍيػر م ىعيا ون ًع ٍن ىد الٍم ىكلا ً‬
‫ى‬ ‫ي‬ ‫ى ي‬
‫ييطىا يؽ‪.‬‬
‫صيلًي‪ ،‬أى اما ًٍ ً ً‬ ‫اإل ٍج ىمالً ٍّي ىكالناػ ٍق ً‬
‫اص ًر ً‬
‫يح‬ ‫اإل ٍج ىمال ُّي فىل ىج ىوا ًز الت ٍ‬ ‫ض التاػ ٍف ً ٍّ‬ ‫ض ًٍ‬ ‫يب بًالناػ ٍق ً‬ ‫ً‬
‫ىكأيج ى‬
‫اعا‪ ،‬ىكىما ذى ىك ٍرتي ٍم ًم ىن‬ ‫شارًعي افعل كلك التأخير فىًإناوي ىجائًهز إً ٍج ىم ن‬ ‫وؿ ال ا‬ ‫اإلط ىٍال ًؽ‪ ،‬بًأى ٍف يىػ يق ى‬
‫بً ًٍ‬
‫يف ىما ىَل ييطىا يؽ بإيجاب التأخير إلى‬ ‫يل جار فيو‪ ،‬كأما التفصيل‪ ،‬فىبًأىناوي إًنا ىما ييػ ٍل ًزيـ تى ٍكلً ى‬ ‫ال ادلً ً‬
‫ف فى ىال يىػل ىٍزيـ ًم ٍنوي تى ٍكلً ي‬
‫يف ىما‬ ‫آخر أزمنة اإلمكاف‪ ،‬أما جواز التأخير إلى كقت يعينو ال يٍم ىكلا ي‬
‫اع الفعل فيو‪ ».....‬انتهى ملخصا‬ ‫اد إًي ىق ى‬
‫ٍت أ ىىر ى‬ ‫ىم كق و‬ ‫ً ً ً ً ً‬
‫ىَل يطاؽ لتمكنو م ىن اَل ٍمتثىاؿ في أ ٍّ ى‬
‫ك الذم يترجح عندم كاهلل أعلم أف األمر عند اإلطالؽ ك التجرد عن القرينة يفيد‬
‫كجوب فعل المأمور بو ك المبادرة بفعلو فورا ك ىذا لقوة األدلة الدالة على ذلك ك َل‬
‫يخفى ما في اعتراضات المخالفين من التكلف‪.‬‬

‫كقد يخرج األمر عن الوجوب كالفورية لدليل يقتضي ذلك‪ ،‬فيخرج عن الوجوب‬
‫إلى معاف منها‪:‬‬
‫{كأى ٍش ًه يدكا إً ىذا تىػبىايىػ ٍعتي ٍم} [البقرة‪ ]ِِٖ :‬فاألمر باإلشهاد‬
‫ُ‪/‬الندب؛ كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫على التبايع للندب بدليل أف النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم اشترل فرسان من أعرابي كلم‬
‫يشهد (ِ)‪.‬‬
‫ِ‪ /‬اإلباحة؛ كأكثر ما يقع ذلك إذا كرد بعد الحظر‪ ،‬أك جوابان لما يتوىم أنو‬
‫محظور‪.‬‬
‫ادكا} [المائدة‪ ]ِ :‬فاألمر‬ ‫{كإًذىا ىحلىلٍتي ٍم فى ٍ‬
‫اصطى ي‬ ‫مثالو بعد الحظر‪ :‬قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ص ٍي ًد‬
‫باَلصطياد لإلباحة لوقوعو بعد الحظر المستفاد من قولو تعالى‪{ :‬غىٍيػ ىر يم ًحلٍّي ال ا‬
‫ىكأىنٍػتي ٍم يح يرهـ} [المائدة‪]ُ :‬‬
‫كمثالو جوابان لما يتوىم أنو محظور؛ قولو صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪« :‬افعل كَل حرج»‬
‫في جواب من سألوه في حجة الوداع عن تقديم أفعاؿ الحج التي تفعل يوـ العيد‬
‫بعضها على بعض‪.‬‬
‫ص هير} [فصلت‪ :‬من‬ ‫ّ ‪ -‬التهديد كقولو تعالى‪{ :‬ا ٍعمليوا ما ًش ٍئتيم إًناوي بًما تىػ ٍعمليو ىف ب ً‬
‫ى ى ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى ى‬
‫ً ًً‬
‫ين نىارا} [الكهف‪ :‬من اآلية ِٗ] فذكر الوعيد بعد‬ ‫اآلية َْ]‪{ ،‬إًناا أى ٍعتى ٍدنىا للظاالم ى‬
‫األمر المذكور دليل على أنو للتهديد‪.‬‬
‫كيخرج األمر عن الفورية إلى التراخي‪.‬‬
‫مثالو‪ :‬قضاء رمضاف فإنو مأمور بو لكن ا‬
‫دؿ الدليل على أنو للتراخي‪ ،‬فعن عائشة‬
‫علي الصوـ من رمضاف فما أستطيع أف أقضيو إَل‬
‫رضي اهلل عنها قالت‪ :‬كاف يكوف ٌ‬
‫في شعباف‪ ،‬كذلك لمكاف رسوؿ اهلل صلٌى اهلل عليو كسلٌم ‪.‬‬

‫األصل في األمر أنو يفيد الوجوب ك الفورية كما بين المؤلف ‪ ،‬لكن قد يخرج عن ىذا‬
‫األصل لقرينة تدؿ على ذلك ‪ .‬ك قد نبو المؤلف على ثالث معاف يصرؼ إليها األمر ك‬
‫ىي‪ :‬الندب ك التهديد ك اإلباحة‪ .‬ك ىناؾ معاف أخرل لم يذكرىا المؤلف اختصارا من‬
‫أىمها‪:‬‬
‫ْ‪/‬كلالمتناف مثل قولو تعالى‪{ :‬كلوا من طيبات ما رزقناكم} ‪.‬‬
‫ٓ‪ /‬كلإلكراـ مثل قولو تعالى‪{ :‬أدخلوىا بسالـ آمنين} ‪.‬‬
‫ٔ‪ /‬كللتعجيز مثل قولو تعالى‪{ :‬فأتوا بسورة من مثلو} ‪.‬‬
‫ٕ‪ /‬كللتسوية مثل قولو تعالى‪{ :‬كاصبركا أك َل تصبركا} ‪.‬‬
‫ٖ‪ /‬كلالحتقار مثل قولو تعالى‪{ :‬القوا ما أنتم ملقوف} ‪.‬‬
‫ٗ‪ /‬كللمشورة مثل قولو تعالى‪{ :‬فانظر ماذا ترل} ‪.‬‬
‫َُ‪ /‬كلالعتبار مثل قولو تعالى‪{ :‬انظركا إلى ثمره إذا أثمر} ‪.‬‬
‫ُُ‪ /‬كللدعاء مثل قولك‪{ :‬رب اغفر لي} ‪.‬‬
‫ُِ‪ /‬كلاللتماس‪ :‬مثل قولك لزميلك‪{ :‬ناكلني القلم} ‪.‬‬
‫ُّ‪/‬التأديب كقولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬لعمر بن أبي سلمة‪ " :‬يا غالـ سم اهلل‪،‬‬
‫كيكل بيمينك‪ ،‬كيكل مما يليك "‪.‬‬
‫(كأى ٍش ًه يدكا إًذىا تىػبىايىػ ٍعتي ٍم)‪.‬‬
‫‪ /41‬اإلرشاد كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ت ال ىٍع ًز ييز الٍ ىك ًر ي‬
‫يم (ْٗ))‪.‬‬ ‫ك أىنٍ ى‬‫‪-41‬اإلىانة‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬ذي ٍؽ إًنا ى‬
‫‪-41‬السخرية‪ ،‬كقولو تعالى‪ ( :‬يكونيوا قً ىر ىدةن)‪.‬‬
‫‪ -41‬التمني‪ ،‬كقولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ " -‬كن أبا ذر "‪.‬‬
‫‪ -41‬التكوين‪ ،‬كقولو تعالى‪ ( :‬يك ٍن فىػيى يكو يف)‪.‬‬
‫‪ -41‬التحذير كاإلخبار عما يؤكؿ إليو أمرىم‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬تى ىمتػاعيوا فًي ىدا ًريك ٍم ثىىالثىةى‬
‫أىيا واـ)‪.‬‬
‫‪ -02‬الخبر‪ ،‬كقولو صلى اهلل عليو كسلم‪ " :‬إذا لم تستح فاصنع ما شئت "‬
‫اؿ)‪.‬‬‫ك ٍاأل ٍىمثى ى‬ ‫ض ىربيوا لى ى‬‫ف ى‬ ‫‪ -04‬التعجب‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬انٍظيٍر ىك ٍي ى‬
‫(َل تى ٍح ىز ٍف إً اف اللاوى ىم ىعنىا)‪.‬‬
‫‪ -00‬التصبر‪ ،‬كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫‪-02‬التكذيب‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬فىأٍتيوا بًسورةو ًمن ًمثٍلً ًو كا ٍدعيوا يش ىه ىداء يكم ًمن يد ً‬
‫كف اللا ًو إً ٍف‬ ‫ى ٍ ٍ‬ ‫ى‬ ‫ي ى ٍ‬
‫ين)‪.‬‬ ‫يك ٍنتيم ً ً‬
‫صادق ى‬
‫ٍ ى‬
‫اؿ ا ٍخسئيوا فً ىيها كىَل تي ىكلٍّم ً‬
‫وف)‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫‪-01‬التحسير‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬قى ى ى‬
‫ت قى و‬
‫اض)‪.‬‬ ‫ٍض ىما أىنٍ ى‬ ‫‪-01‬التفويض‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬فىاق ً‬
‫‪-01‬اَلحتياط‪ ،‬كقولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬إذا قاـ أحدكم من النوـ فال‬
‫يغمس يده في اإلناء حتى يغسلها ثالثان "‪ ،‬بدليل قولو بعده‪ " :‬فإنو َل يدرم أين باتت‬
‫يده "‪.‬‬

‫ما َل يتم المأمور إَل بو‪:‬‬


‫إذا توقف فعل المأمور بو على شيء كاف ذلك الشيء مأموران بو‪ ،‬فإف كاف المأمور بو‬
‫كاجبان كاف ذلك الشيء كاجبان‪ ،‬كإف كاف المأمور بو مندكبان كاف ذلك الشيء مندكبان‪.‬‬
‫مثاؿ الواجب‪ :‬ستر العورة فإذا توقف على شراء ثوب كاف ذلك الشراء كاجبان‪.‬‬
‫كمثاؿ المندكب‪ :‬التطيب للجمعة‪ ،‬فإذا توقف على شراء طيب كاف ذلك الشراء‬
‫مندكبان‪.‬‬
‫كىذه القاعدة في ضمن قاعدة أعم منها كىي‪ :‬الوسائل لها أحكاـ المقاصد‪ ،‬فوسائل‬
‫المأمورات مأمور بها‪ ،‬ككسائل المنهيات منهي عنها‪.‬‬

‫إذا كاف الواجب المطلق يتوقف كجوده على شيء فإف األمر يشملو أيضان ضركرة توقف‬
‫حصوؿ الواجب عليو كالطهارة فإف األمر بالصالة يشملها كىذا معنى قولهم " األمر‬
‫بالشيء أمر بو كبما َل يتم إَل بو " كليس معنى ذلك أف كجوبو جاء ضمنان بدكف دليل‬
‫مستقل‪ ،‬بل لو أدلة أخرل‪ ،‬غير أف األمر الخاص بذلك الواجب يقتضي كجوب ما‬
‫توقف الواجب عليو‪.‬‬
‫ىذا في الواجب المطلق فإف كجوب الصالة مثال غير مشركط بقيد فيكوف األمر بها‬
‫مقتضيان األمر بما َل يتم إَل بو كىو الطهارة‪.‬‬
‫أما في الواجب المقيد فليس كذلك كالزكاة فإف كجوبها مقيد بملك النصاب فليس‬
‫األمر بها أمران بتحصيل النصاب ليتم كجوب إخراجها بإمتالكو‪ ،‬ألف ذلك إتماـ‬
‫للوجوب َل للواجب‪ ،‬كلذا يقولوف‪ :‬ماَل يتم الواجب إَل بو فهو كاجب‪،‬‬
‫كماَل يتم الوجوب إَل بو فليس بواجب‪ ،‬كالصالة قد استقر كجوبها‪ ،‬أما الزكاة فال‬
‫تجب حتى يحصل النصاب‪.‬‬
‫يقوؿ اإلماـ محمد األمين الشنقيطي‪ «:‬ما َل يتم الواجب إَل بو قسماف‪:‬‬
‫قسم ليس تحت قدرة العبد كزكاؿ الشمس لوجوب الظهر كككوف من تعينت عليو‬
‫الكتابة مقطوع اليدين‪ ،‬ككحضور اإلماـ كالعدد الذم َل تصح الجمعة بدكنو‪ ،‬فال قدرة‬
‫للمكلف على قهر اإلماـ على الحضور إلى المساجد‪ ،‬فهذا النوع َل يوصف بوجوب‬
‫إَل على قوؿ من جوز التكليف بما َل يطاؽ كىو مذىب باطل مردكد‪.‬‬
‫كقسم تحت قدرة العبد‪ ،‬كالطهارة‪ ،‬ك السعي للجمعة‪ ،‬كغسل جزء من الرأس‪ ،‬إذ َل‬
‫يتحقق تعميم غسل الوجو إَل بغسل جزء يسير من الرأس‪ ،‬كإمساؾ جزء من الليل مع‬
‫النهار إذ َل يتحقق اإلمساؾ في جميع نهار رمضاف إَل بإمساؾ جزء يسير من الليل‪،‬‬
‫بناء على أف الغاية في قولو تعالى‪( :‬حتى يتبين لكم الخيط األبيض) ‪ .‬اآلية‪ .‬خارجة‬
‫كىو الصحيح‪ ،‬ألف من أخر اإلمساؾ عن جميع أجزاء الليل بتمامها فهو متناكؿ للفطر‬
‫قطعا فى نهار رمضاف‪ ،‬إذ َل كاسطة بين الليل كالنهار‪.‬‬
‫كما جاء من األحاديث موىما جواز تناكؿ المفطر بعد الصبح فهو محموؿ على أف‬
‫المراد بو أنو في آخر جزء من الليل لشدة قربو من النهار‪ .‬كىذا القسم األخير أعني ما‬
‫ىو تحت قدرة المكلف قاؿ المؤلف إنو كاجب ىذا حاصل معنى كالمو رحمو اهلل –‬
‫يقصد اإلماـ ابن قدامة المقدسي رحمو اهلل في كتابو ركضة الناظر كجنة المناظر ‪ -‬قاؿ‬
‫مقيده عفا اهلل عنو – يعني الشيخ الشنقيطي رحمو اهلل ك الكالـ لو ‪:‬كىذا التقسيم غير‬
‫جيد كحاصل تحرير المقاـ أف يقاؿ‪ :‬ما َل يتم الواجب إَل بو ثالثة أقساـ‪:‬‬
‫قسم ليس تحت قدرة العبد كما مثلنا لو آنفا‪.‬‬
‫ك قسم تحت قدرة العبد عادة إَل أنو لم يؤمر بتحصيلو كالنصاب لوجوب الزكاة‬
‫كاَلستطاعة لوجوب الحج كاإلقامة لوجوب الصوـ‪ ،‬كىذاف القسماف َل يجباف إجماعا‪.‬‬
‫القسم الثالث ما ىو تحت قدرة العبد مع أنو مأمور بو كالطهارة للصالة كالسعي‬
‫للجمعة‪ ..‬الخ‪ ..‬كىذا كاجب على التحقيق ك إف شئت قلت‪( :‬ما َل يتم الواجب‬
‫المطلق إَل بو فهو كاجب) كالطهارة للصالة ك (ما َل يتم الواجب المعلق ػ على شرط‬
‫كالزكاة معلقة على ملك النصاب‪ ،‬كالحج على اَلستطاعة ػ إَل بو فليس بواجب)‬
‫كالنصاب للزكاة كاَلستطاعة للحج‪ ،‬كأكضح من ىذا كلو أف نقوؿ‪( :‬ما َل يتم الواجب‬
‫إَل بو فهو كاجب كالطهارة للصالة) كما َل يتم الوجوب إَل بو فليس بواجب كالنصاب‬
‫للزكاة‪».‬انتهى كالمو‪.‬‬

‫اهي‬
‫النػ ٍ‬

‫ث النىػ ٍه ًي كقى اد ىـ الٍ ىك ىال ىـ فًي األمر ىعلىى‬ ‫األم ًر انٍػتىػ ىقل إًلىى م ٍبح ً‬ ‫غ الم ىؤلٍّ ي ً‬
‫ى ى ى‬ ‫ف من ٍ‬ ‫بىػ ٍع ىد ىما فىػ ىر ى ي‬
‫اد ال ًٍف ٍع ًل‪ ،‬ىكالنػ ٍ‬
‫ات ىعلىى الناػ ٍف ًي‪ ،‬أىك؛ ًألىناوي طىلىب إيج ً‬ ‫اإلثٍػب ً‬ ‫الٍ ىك ىالًـ فًي النػ ٍ ً‬
‫اه يي‬ ‫ي ى‬ ‫ٍ‬ ‫اه ًي‪ ،‬لتىػ ىق ُّدًـ ًٍ ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًً‬ ‫طىلى ً ً‬
‫يم‬
‫يم ال ىٍم ٍو يجود ىعلىى ال ىٍم ٍع يدكـ‪ ،‬ىك يى ىو التاػ ٍقد ي‬ ‫ب اَل ٍست ٍم ىرا ًر ىعلىى ىع ىدمو‪ ،‬فىػ يقد ى‬
‫ٍّـ ٍاأل ٍىم ير تىػ ٍقد ى‬ ‫ي‬
‫ود؛ ًألى اف ال ىٍع ىد ىـ‬
‫اهي تىػ ٍق ًديم الٍع ىدًـ ىعلىى الٍموج ً‬ ‫ً‬ ‫وح ى ً‬ ‫ؼ‪ ،‬كلىو لي ً‬
‫بًال ا ً‬
‫ىٍ ي‬ ‫ى ى‬ ‫ٍّـ النػ ٍ ي‬
‫يم ال ازىمان ُّي لى يقد ى‬
‫ظ التاػ ٍقد ي‬ ‫ش ىر ى ٍ‬
‫أىقٍ ىد يـ‪.‬‬

‫تعريفو‪:‬‬
‫النهي‪ :‬قوؿ يتضمن طلب الكف على كجو اَلستعالء بصيغة مخصوصة ىي المضارع‬
‫ً ً اً‬ ‫المقركف بال الناىية‪ ،‬مثل قولو تعالى‪{ :‬كَل تىػتابًع أ ٍىىو ا ً‬
‫ين ىك اذبيوا بآياتنىا ىكالذ ى‬
‫ين َل‬ ‫اء الذ ى‬
‫ٍ ىى‬ ‫ى‬
‫ييػ ٍؤًمنيو ىف بً ٍاآل ًخ ىرةً} [األنعاـ‪ :‬من اآلية َُٓ]‪.‬‬
‫فخرج بقولنا‪« :‬قوؿ»؛ اإلشارة‪ ،‬فال تسمى نهيان كإف أفادت معناه‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬طلب الكف»؛ األمر‪ ،‬ألنو طلب فعل‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬على كجو اَلستعالء»؛ اَللتماس كالدعاء كغيرىما مما يستفاد من‬
‫النهي بالقرائن‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬بصيغة مخصوصة ىي المضارع إلخ»؛ ما دؿ على طلب الكف بصيغة‬
‫األمر مثل‪ :‬دع‪ ،‬اترؾ‪ ،‬كف‪ ،‬كنحوىا؛ فإف ىذه كإف تضمنت طلب الكف لكنها بصيغة‬
‫األمر فتكوف أمران َل نهيان‪.‬‬
‫كقد يستفاد طلب الكف بغير صيغة النهي‪ ،‬مثل‪ :‬أف يوصف الفعل بالتحريم أك الحظر‬
‫أك القبح‪ ،‬أك يذـ فاعلو‪ ،‬أك يرتب على فعلو عقاب‪ ،‬أك نحو ذلك‪.‬‬

‫لم يعرؼ المؤلف النهي لغة ك ىو لفظ يطلق على المنع‪ ،‬كمنو سمي العقل نهية ألنو‬
‫ينهى صاحبو كيمنعو من الوقوع فيما َل يليق‪ .‬كاصطالحان‪ :‬طلب الكف عن فعل على‬
‫سبيل اَلستعالء‪ ،‬بغير كف كنحوىا‪.‬مثاؿ قولو تعالى‪َ{ :‬ل تأكلوا أموالكم بينكم‬
‫بالباطل} ‪ ،‬كقولو تعالى‪َ{ :‬ل تخونوا اهلل كالرسوؿ كتخونوا أماناتكم كأنتم تعلموف} ‪.‬‬
‫قولو‪ " :‬طلب " جنس يشمل‪ :‬طلب الفعل كىو األمر "‪ ،‬ك " طلب الترؾ كىو النهي "‪.‬‬
‫كقولو‪ " :‬الكف عن الفعل " أخرج األمر؛ ألنو طلب الفعل كما سبق‪.‬‬
‫كقولو‪ " :‬بالقوؿ " أخرج الترؾ بالفعل كأف ييقيٍّد عبده‪ ،‬كيمنعو عما يريد‪ ،‬كالمقصود‬
‫بهذا القوؿ‪ " :‬صيغة النهي كىي‪َ :‬ل تفعل " كليس المقصود أم شيء يدؿ على الكف‬
‫مثل‪ " :‬كف "‪ ،‬ك " ذر "‪ ،‬ك" دع "‪ ،‬ك " اترؾ "‪ ،‬فإف ىذه األلفاظ كإف كاف مدلولها‬
‫الترؾ إَل أنها ليست نواىي؛ ألف الترؾ قد ا‬
‫دؿ عليو بلفظ " الكف " كنحوه‪ ،‬كالنهي َل‬
‫بد فيو من أف يدؿ على الترؾ لفظ غير الكف مثل‪َ " :‬ل تفعل "‪.‬‬
‫كقولو‪ " :‬على كجو اَلستعالء " أخرج صيغة النهي إذا صدرت من المساكم مثل قوؿ‬
‫المساكم للمساكم‪َ " :‬ل تضرب فالنا "‪ ،‬كيسمى شفاعة كالتماسان‪ .‬كىذا اللفظ أخرج‬
‫أيضان صيغة النهي إذا صدرت من األدنى مثل قولو تعالى‪( :‬ربنا َل تؤاخذنا إف نسينا أك‬
‫أخطانا) كيسمى دعاء‪ .‬كقولو أيضا‪ :‬على كجو اَلستعالء؛ ألف األقل رتبة لو قاؿ لمن‬
‫ىو أعلى رتبة‪َ " :‬ل تفعل " على كجو اَلستعالء يقاؿ لو‪ :‬إنو " نهاه "‪ ،‬كلذلك يوصف‬
‫بالجهل كالحمق بسبب نهيو لمن ىو أعلى منو رتبة‪.‬‬
‫ك قولو‪« :‬كقد يستفاد طلب الكف بغير صيغة النهي‪ ،‬مثل‪ :‬أف يوصف الفعل بالتحريم‬
‫أك الحظر أك القبح‪ ،‬أك يذـ فاعلو‪ ،‬أك يرتب على فعلو عقاب‪ ،‬أك نحو ذلك‪».‬‬
‫ىح ال اللاوي الٍبىػ ٍي ىع ىك ىح ارىـ ٍّ‬
‫الربا}‪.‬‬ ‫{كأ ى‬
‫مثاؿ ما كصف الفعل بالتحريم‪ :‬قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫كمثاؿ كصفو بالقبح‪ :‬قولو صلى اهلل عليو كسلم‪« :‬ثمن الكلب خبيث»‪.‬‬
‫ٍّرىى ًم‪ ،‬ىك ىع ٍب يد‬ ‫ً‬
‫س ىع ٍب يد الدٍّينىا ًر‪ ،‬ىك ىع ٍب يد الد ٍ‬ ‫كمثاؿ ذـ فاعلو‪ :‬قولو صلى اهلل عليو كسلم‪« :‬تىع ى‬
‫س‪ ،‬ىكإًذىا ًش ى‬ ‫ط س ًخ ى ً‬ ‫ً ً‬ ‫الخ ًم ً‬
‫يك فىالى‬ ‫س ىكانٍػتى ىك ى‬ ‫ط‪ ،‬تىع ى‬ ‫يصة‪ ،‬إً ٍف أي ٍعط ىي ىرض ىي‪ ،‬ىكإً ٍف لى ٍم ييػ ٍع ى ى‬ ‫ى ى‬
‫ش‪.»....‬‬ ‫انٍػتىػ ىق ى‬
‫اً‬
‫كمثاؿ ما رتب على فعلو عقاب‪ :‬قولو تعالى‪{ :‬إً اف الذ ى‬
‫ين يىأٍ يكليو ىف أ ٍىم ىو ى‬
‫اؿ الٍيىتى ىامى ظيلٍمان‬
‫صلى ٍو ىف ىس ًعيران} [النساء‪ .]َُ :‬ذكر ىذه األمثلة‬ ‫إًنا ىما يىأٍ يكليو ىف فًي بيطيونً ًه ٍم نىاران ىك ىسيى ٍ‬
‫المؤلف تعليقا‪.‬‬

‫ما تقتضيو صيغة النهي‪:‬‬

‫ىل للنهي صيغة موضوعة في اللغة تدؿ عليو؟ فيو مذىباف لألصوليين ‪ ،‬ك الصواب‬
‫الذم عليو الدليل أنو كاألمر لو صيغة تدؿ عليو ك ىي« َل تفعل» ك ىذا مذىب كثير‬
‫من العلماء ك من األدلة على ذلك إجماع أىل اللغة على أف للنهي صيغة كىي‪َ " :‬ل‬
‫تفعل "‪ ،‬بيانو‪ :‬أف السيد لو قاؿ لعبده‪َ " :‬ل تدخل أحدا ىذه الدار "‪ ،‬فإنو يعقل منو‬
‫كف الناس عن الدخوؿ‪ ،‬كإذا دخلها أحد فإنو يستحق العقوبة‪ ،‬كلو رآه العقالء من‬
‫أىل اللغة كىو يعاقبو‪ ،‬كسألوه عن سبب معاقبتو كقاؿ‪ :‬إني أعاقبو؛ ألنو عصاني‪ :‬فقد‬
‫نهيتو عن إدخاؿ الناس الدار بقولي‪َ " :‬ل تدخل أحدا ىذه الدار " فأدخل بعضهم‪:‬‬
‫لوافقوه على أف العبد قد استحق تلك العقوبة‪ ،‬دكف منكر لذلك‪ ،‬فكاف ىذا إجماعا‬
‫منهم على أف ذلك اللفظ كضع للنهي‪.‬‬
‫ك من األدلة كذلك أف أىل اللغة قد قسموا الكالـ إلى‪ " :‬أمر "‪،‬ك"نهي "‪ ،‬ك " خبر "‪،‬‬
‫ك " استخبار "‪ ،‬كجعلوا لألمر‪ " :‬افعل "‪ ،‬كجعلوا للنهي‪َ " :‬ل تفعل "‪ ،‬كللخبر‪ " :‬قد‬
‫فعلت "‪ ،‬كلالستخبار " ىل فعلت؟ "‪.‬‬

‫صيغة النهي عند اإلطالؽ تقتضي تحريم المنهي عنو كفساده‪.‬‬


‫وؿ فى يخ يذكهي ىكىما‬
‫{كىما آتىا يك يم ال ار يس ي‬
‫فمن األدلة على أنها تقتضي التحريم قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫نىػ ىها يك ٍم ىع ٍنوي فىانٍػتىػ يهوا} [الحشر‪ :‬من اآلية ٕ] فاألمر باَلنتهاء عما نهى عنو‪ ،‬يقتضي‬
‫كم ٍن ىَل ًزًـ ذلك تحريم الفعل‪.‬‬
‫كجوب اَلنتهاء‪ً ،‬‬
‫كمن األدلة على أنو يقتضي الفساد قولو صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪« :‬من عمل عمالن ليس‬
‫عليو أمرنا فهو رد» ؛ أم‪ :‬مردكد‪ ،‬كما نهى عنو؛ فليس عليو أمر النبي صلٌى اهلل عليو‬
‫كسلٌم‪ ،‬فيكوف مردكدان‪.‬‬

‫اختلف األصوليوف القائلوف بأف للنهي صيغة موضوعة في اللغة لو أتقتضي التحريم أـ‬
‫م أىناوي‬‫ب لً ٍألى ٍش ىع ًر ٍّ‬ ‫ً‬
‫ىح يد ىىا‪ :‬ىكنيس ى‬ ‫الكراىة أـ غير ذلك على مذاىب‪ ،‬قاؿ الشوكاني‪ «:‬أ ى‬
‫ً‬ ‫ً ً ً‬ ‫يم‪ ،‬ىكغىٍيػ ىرهي اإَل بً ىدلً و‬
‫اح ًر ًيم؛‬‫يل‪ .‬ىكالثاانًي‪ :‬أىناوي للتاػ ٍن ًزيو ىحقي ىقةن ىَل للت ٍ‬ ‫اح ًر ى‬
‫ضي الت ٍ‬ ‫وؼ ىَل يػ ٍقتى ً‬
‫ىم ٍوقي ه ى‬
‫ىص ىحابًنىا‬‫ضأ ٍ‬ ‫يل‪ ،‬ىك ىح ىكاهي بىػ ٍع ي‬‫اح ًر ًيم اإَل بً ىدلً و‬ ‫ً‬
‫ين فى يح ًم ىل ىعلىٍيو ىكلى ٍم يي ٍح ىم ٍل ىعلىى الت ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ألىناػ ىها يىق ه‬
‫ً‬ ‫و‬
‫اح ًري ًم ىح ًقي ىقةن ىك ىما أى اف يمطٍلى ىق‬ ‫ث‪ :‬أىناوي للت ٍ‬ ‫ٍح ٍنبىلً ُّي لًىق ٍوـ‪ .‬ىكالثاالً ي‬‫اب ال ى‬‫ٍخطا ً‬‫ىك ٍج نها‪ ،‬ىك ىع ىزاهي أىبيو ال ى‬
‫صحابةى رجعوا فًي التاح ًر ًيم إلىى مج ارًد النػ ٍ ً ً ً‬ ‫ٍاألىم ًر لًلٍوج ً ً‬
‫{كىما‬
‫اه ًي‪ ،‬ىكل ىق ٍولو تىػ ىعالىى‪ :‬ى‬ ‫يى‬ ‫ٍ‬ ‫وب؛ ألى اف ال ا ى ى ى ى ي‬ ‫ٍ يي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وص‬
‫ص ي‬ ‫ت ني ي‬ ‫اى ىر ٍ‬
‫ور‪ ،‬ىكتىظى ى‬ ‫نىػ ىها يك ٍم ىع ٍنوي فىانٍػتىػ يهوا} [الحشر‪ ]ٕ :‬ىك ىى ىذا يى ىو الاذم ىعلىٍيو ال ي‬
‫ٍج ٍم يه ي‬
‫وؿ‬
‫يث‪ :‬ىكىما نىػ ىهى ىع ٍنوي ىر يس ي‬ ‫اد ً‬‫اب ال ًٍعلى ًل فًي ٍاألىح ً‬ ‫الر ىسالى ًة "‪ :‬فًي بى ً‬ ‫شافً ًع ٍّي ىعلىٍي ًو‪ ،‬فىػ ىقا ىؿ فًي ٍّ‬
‫ال ا‬
‫ى‬
‫اح ًر ًيم ىحتاى يىأٍتً ىي ىد ىَللىةه ىعلىى أىناػ ىها إنا ىما أ ىىر ى‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اد‬ ‫صلاى اللاوي ىعلىٍيو ىك ىسلا ىم ‪ -‬فىػ يه ىو ىعلىى الت ٍ‬ ‫اللاو ‪ -‬ى‬
‫وؿ اللا ًو ‪-‬‬ ‫اهي ًم ٍن ر يس ً‬ ‫ص ىف ًة ٍاأل ٍىم ًر ىكالنػ ٍ‬
‫اب ً‬ ‫اؿ فًي ٍاأل ٍّيـ " فًي كًتى ً‬‫اح ًر ًيم‪ ،‬ىكقى ى‬ ‫ً‬
‫بًو غىٍيػ ىر الت ٍ‬
‫اه ًي‪ :‬النػ ٍ ي ى‬
‫صلاى اللاوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم ‪ -‬إ ٍف ىكا ىف ىما نىػ ىهى ىع ٍنوي فىػ يه ىو يم ىح ارهـ ىحتاى تىأٍتً ىي ىد ىَللىةه أىناوي بً ىم ٍعنىى غىٍي ًر‬ ‫ى‬
‫شافً ًع ُّي‬ ‫ش ٍي يخ أىبيو ىح ًام ود‪ :‬قىطى ىع ال ا‬ ‫اؿ ال ا‬ ‫ضا‪ .‬قى ى‬ ‫ىح ىك ًاـ الٍ يقر ً‬
‫آف " أىيٍ ن‬ ‫ٍ‬
‫التاح ًر ًيم‪ ،‬كنى ا ً ً‬
‫ص ىعلىٍيو في أ ٍ‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬
‫اض ًع لىيا ىن الٍ ىق ٍو ىؿ فً ًيو‪ ،‬ىك ىى ىذا‬‫ض الٍمو ً‬ ‫ً‬ ‫ًً ً‬ ‫قىػولىو‪ :‬إ اف النػ ٍ ً‬
‫اح ًر ًيم بخ ىالؼ ٍاأل ٍىم ًر‪ ،‬فىًإناوي في بىػ ٍع ً ى ى‬ ‫اه ىي للت ٍ‬ ‫ٍي‬
‫وؿ‪ :‬إ اف‬ ‫شافً ًع ٍّي ىك ىما ىسبى ىق‪ .‬فىػنىػ يق ي‬‫ش ٍي يخ أىبيو ىح ًام ود يى ىو الا ًذم ىد اؿ ىعلىٍي ًو ىك ىال يـ ال ا‬
‫الا ًذم قىالىوي ال ا‬
‫ً‬ ‫النػ ٍ ً‬
‫ص ًرفيوي‪ »..‬انتهى ملخصا‪.‬ك قد استدؿ المؤلف‬ ‫اح ًر ًيم قىػ ٍونَل ىكاح ندا ىحتاى يى ًر ىد ىما يى ٍ‬
‫اه ىي للت ٍ‬
‫وؿ فى يخ يذكهي ىكىما نىػ ىها يك ٍم ىع ٍنوي‬
‫{كىما آتىا يك يم ال ار يس ي‬ ‫على دَللة النهي للتحريم بقولو تعالى ‪ :‬ى‬
‫فىانٍػتىػ يهوا} ك قولو صلى اهلل عليو ك سلم ‪« :‬من عمل عمالن ليس عليو أمرنا فهو رد» ك‬
‫ىناؾ أدلة أخرل منها‪:‬‬
‫ُ‪/‬إجماع الصحابة ‪ -‬رضي اللاو عنهم ‪ -‬كالتابعين؛حيث إنهم كانوا يستدلوف على‬
‫تحريم الشيء بصيغة النهي ‪ -‬كىي‪َ":‬ل تفعل " ‪ -‬فيقولوف‪ :‬الزنا محرـ؛ لقولو تعالى‪:‬‬
‫(كَل تقربوا الزنا) ‪ ،‬كالقتل محرـ لقولو تعالى‪( :‬كَل تقتلوا النفس التي حرـ اهلل إَل‬
‫بالحق) ‪ ،‬كالربا حراـ لقولو تعالى‪( :‬كَل تأكلوا الربا) ‪ ،‬كنحو ذلك‪ ،‬فهم كانوا ينتهوف‬
‫عن ذلك بمجرد سماعهم لتلك الصيغة‪ ،‬كيعاقبوف من يفعل المنهي عنو‪ ،‬كاستدَللهم‬
‫على التحريم‪ ،‬كانتهائهم عن المنهي عنو‪ ،‬كمعاقبتهم لمن يفعل المنهي عنو دليل كاضح‬
‫على أف الصيغة حقيقة في التحريم‪ ،‬فإذا استعملت في غيره كاف ذلك مجازان‪.‬‬
‫ِ‪ /‬إجماع أىل اللغة كاللساف‪ ،‬بياف ذلك‪ :‬أف السيد إذا قاؿ لعبده‪َ " :‬ل تعمل بدكف‬
‫إذني " فعمل‪ ،‬ثم عاقبو على عملو‪ ،‬فإف العقالء من أىل اللغة َل ينكركف على السيد‬
‫معاقبة عبده‪ ،‬فلو لم تكن صيغة " َل تفعل " تقتضي التحريم لما استحق العقوبة‬
‫بمخالفتها‪.‬‬

‫ىذا كقاعدة المذىب في المنهي عنو ىل يكوف باطالن أك صحيحان مع التحريم؟ كما‬
‫يلي‪:‬‬
‫ُ ‪ -‬أف يكوف النهي عائدان إلى ذات المنهي عنو‪ ،‬أك شرطو فيكوف باطالن‪.‬‬
‫ِ ‪ -‬أف يكوف النهي عائدان إلى أمر خارج َل يتعلق بذات المنهي عنو كَل شرطو‪ ،‬فال‬
‫يكوف باطالن‪.‬‬
‫مثاؿ العائد إلى ذات المنهي عنو في العبادة‪ :‬النهي عن صوـ يوـ العيدين‪.‬‬
‫كمثاؿ العائد إلى ذاتو في المعاملة‪ :‬النهي عن البيع بعد نداء الجمعة الثاني ممن تلزمو‬
‫الجمعة‪.‬‬
‫كمثاؿ العائد إلى شرطو في العبادة‪ :‬النهي عن لبس الرجل ثوب الحرير‪ ،‬فستر العورة‬
‫شرط لصحة الصالة‪ ،‬فإذا سترىا بثوب منهي عنو‪ ،‬لم تصح الصالة لعود النهي إلى‬
‫شرطها‪.‬‬
‫كمثاؿ العائد إلى شرطو في المعاملة‪ :‬النهي عن بيع الحمل‪ ،‬فالعلم بالمبيع شرط‬
‫لصحة البيع‪ ،‬فإذا باع الحمل لم يصح البيع لعود النهي إلى شرطو‪.‬‬
‫كمثاؿ النهي العائد إلى أمر خارج في العبادة‪ :‬النهي عن لبس الرجل عمامة الحرير‪،‬‬
‫فلو صلى كعليو عمامة حرير‪ ،‬لم تبطل صالتو؛ ألف النهي َل يعود إلى ذات الصالة‬
‫كَل شرطها‪.‬‬
‫كمثاؿ العائد إلى أمر خارج في المعاملة‪ :‬النهي عن الغش‪ ،‬فلو باع شيئان مع الغش لم‬
‫يبطل البيع؛ ألف النهي َل يعود إلى ذات البيع كَل شرطو‪.‬‬

‫من األدلة التي استدؿ بها الحنابلة على أف النهي العائد إلى ذات المنهي عنو يقتضي‬
‫الفساد‪:‬‬
‫ُ‪/‬قولو عليو السالـ في الحديث الصحيح‪" :‬من عمل عمال ليس عليو أمرنا فهو رد"‬
‫أم مردكد كما كاف مردكدا على فاعلو فكأنو لم يوجد‪ ،‬كالرد إذا أضيف إلى العبادات‬
‫اقتضى عدـ اَلعتداد بها كإذا أضيف إلى العقود اقتضى فسادىا كعدـ نفوذىا‪.‬‬
‫ِ‪/‬كمنها‪ :‬أمره صلى اهلل عليو كسلم بالَل حين اشترل صاعا من التمر الجيد بصاعين‬
‫من الردمء برده كإعالمو بأف ذلك عين الربا‪.‬‬
‫ّ‪/‬كمنها‪ :‬أف الصحابة كانوا يستدلوف على الفساد بالنهي كاستدَللهم على فساد عقود‬
‫الربا بقولو صلى اهلل عليو كسلم‪َ " :‬ل تبيعوا الذىب بالذىب إَل مثال بمثل " كعلى‬
‫فساد نكاح المحرـ بالنهي عنو‪.‬‬
‫ك الجدير بالذكر أف ىذه المسألة التي ذكرىا المؤلف ك اقتصر فيها على قوؿ المذىب‬
‫اه يي‬‫ور إًلىى أىناوي إًذىا تىػ ىعلا ىق النػ ٍ‬
‫ٍج ٍم يه ي‬‫ب ال ي‬ ‫الحنبلي ‪ ،‬كقع فيها النزاع بين األصوليين‪ :‬فى ىذ ىى ى‬
‫ً‬
‫ك بًأى ٍف‬ ‫ات ال ًٍف ٍع ًل أ ٍىك لً يج ٍزئ ًو‪ ،‬ىكذىلً ى‬
‫ف ىع ٍنوي فىًإ ٍف ىكا ىف لًع ٍينً ًو‪ ،‬أىم لً ىذ ً‬
‫ٍ‬ ‫ى‬ ‫ب الٍ ىك ٍّ‬ ‫ً ً ً‬
‫بالٍف ٍع ًل‪ ،‬بأى اف طىلى ى‬
‫اء ىكا ىف‬ ‫ً‬ ‫ًً ً‬ ‫اهي مقتضيا لً ٍل ىف ً‬ ‫ً‬
‫ساد ال يٍم ىرادؼ للٍبيط ىٍالف‪ ،‬ىس ىو ن‬ ‫ن ى‬ ‫اه ًي قيػ ٍب نحا ذىاتيًّا ىكا ىف النػ ٍ ي‬
‫شأي النػ ٍ‬‫يى يكو ىف ىم ٍن ى‬
‫ص ىالةً كالصوـ‪ ،‬كالمراد عندىم أنو‬ ‫ٍخ ٍم ًر‪ ،‬أ ٍىك ىش ٍر ًعيًّا ىكال ا‬
‫ب ال ى‬ ‫الزنىا ىك يش ٍر ً‬
‫سينا ىك ٍّ‬ ‫ك ال ًٍف ٍع يل ًح ٍّ‬ ‫ىذلً ى‬
‫يقتضيو ىش ٍر نعا ىَل ليغىةن‪.‬‬
‫ً‬ ‫ىكقً ً‬
‫اد لغة كما يقتضيو ىش ٍر نعا‪.‬‬ ‫سى‬ ‫يل‪ :‬إناوي يىػ ٍقتىضي الٍ ىف ى‬ ‫ى‬
‫ت‪ ،‬ىكبً ًو قاؿ أبو‬ ‫ات فىػ ىق ٍط يدك ىف الٍمعام ىال ً‬
‫يى ى‬
‫اد ً‬ ‫اد إًاَل فًي ال ًٍعبى ى‬ ‫سى‬ ‫ً‬
‫اه ىي ىَل يىػ ٍقتىضي الٍ ىف ى‬ ‫يل‪ :‬إً اف النػ ٍ‬ ‫ً‬
‫ىكق ى‬
‫اص‪.‬‬‫ص ي‬ ‫الحسين البصرم‪ ،‬كالغزالي‪ ،‬كالرازم‪ ،‬ىكالج ا‬
‫ادةن ىعلىى ىما ذى ىك ٍرنىا آنًنفا عن أدلة‬ ‫ضائًًو لً ٍل ىفس ً‬‫ور ىعلىى اقٍتً ى‬
‫اد شرعا ًزيى ى‬ ‫ى‬ ‫ٍج ٍم يه ي‬ ‫استى ىد اؿ ال ي‬ ‫ىك ٍ‬
‫اب‬ ‫اد فًي أىبٍػ ىو ً‬ ‫الحنىابًلى ًة‪ :‬بًأى اف الٍعلىماء فًي ج ًمي ًع ٍاألى ٍعصا ًر لىم يػزاليوا يستى ًدلُّو ىف بً ًو ىعلىى الٍ ىفس ً‬
‫ى ٍ ىى ى ٍ‬ ‫يىى ى‬ ‫ى‬
‫ى‬
‫وع‪ ،‬ىكغىٍي ًرىىا‪.‬‬ ‫ات‪ ،‬ىك ٍاألىنٍ ًك ىح ًة ىكالٍبيػيي ً‬ ‫الرب ًويا ً‬
‫ٍّ ى‬
‫اه يي‪ ،‬ىكًم ٍن ثيػبيوتًًو ًح ٍك ىمةه تى يد ُّؿ ىعلىٍيػ ىها‬ ‫ضا لى ٍو لى ٍم ييػ ٍف ًس ٍد لى ًزىـ ًم ٍن نىػ ٍفيً ًو ًح ٍك ىمةه يى يد ُّؿ ىعلىٍيػ ىها النػ ٍ‬ ‫ىكأىيٍ ن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫الص احةي‪ ،‬ىك ا‬
‫ضتىا كتساقطتا‪ ،‬فكاف‬ ‫ار ى‬ ‫الال ًزيـ بىاط هل؛ ألى اف الٍح ٍك ىمتىػ ٍي ًن إ ٍف ىكانىػتىا يمتى ى‬
‫سا ًكيىػتىػ ٍي ًن تىػ ىع ى‬ ‫ٍّ‬
‫ت ًح ٍك ىمةي النػ ٍ‬
‫اه ًي‬ ‫ٍح ٍك ىم ًة‪ .‬ىكإً ٍف ىكانى ٍ‬ ‫اهي ىع ٍنوي لً يخليٍّوهً ىع ًن ال ً‬ ‫ً‬
‫فعلو كال ف ٍع ول‪" ،‬فى ٍامتىػنى ىع" النػ ٍ ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مرجوحةن فىأىكلىى؛ لًىفو ً‬
‫ت‬ ‫صةه‪ ،‬ىكإً ٍف ىكانى ٍ‬ ‫صلى ىحةه ىخال ى‬ ‫الص اح ًة‪ ،‬ىكى ىي ىم ٍ‬ ‫صلى ىح ًة ٍّ‬ ‫ات ال ازائً ًد م ٍن ىم ٍ‬ ‫ى‬ ‫ىٍ ي ى ٍ‬
‫اف ًم ٍن‬ ‫الر ٍجح ً‬
‫ضا‪ ،‬بل لفوت قى ٍد ًر ُّ ى‬ ‫الص احةي‪ ،‬لً يخليٍّوهً ىع ًن المصلحة أي ن‬ ‫ت ٍّ‬ ‫اجحةن ٍامتىػنىػ ىع ً‬
‫ىر ى‬
‫ً‬
‫اه ًي‪.‬‬ ‫صلى ىح ًة النػ ٍ‬‫ىم ٍ‬
‫ىح ىك ًام ًو‪،‬‬ ‫ارةه ىع ٍن ىسل ً‬ ‫اد ليغىةن‪ ،‬بًأى اف فىساد ال ا ً ً‬ ‫ضائًًو لً ٍل ىفس ً‬ ‫استى ىدلُّوا ىعلىى ىع ىدًـ اقٍتً ى‬
‫ٍب أ ٍ‬ ‫ش ٍيء عبى ى‬ ‫ىى‬ ‫ى‬ ‫ىك ٍ‬
‫اه ًي ىما يى يد ُّؿ ىعلىٍي ًو ليغىةن قىط نٍعا‪.‬‬ ‫س فًي لىٍف ًظ النػ ٍ‬ ‫ىكلىٍي ى‬
‫اء لى ٍم يىػ ىزاليوا يى ٍستى ًدلُّو ىف بً ًو‬ ‫ً‬ ‫ًً‬ ‫ًً‬ ‫كٍ ا ً ً‬
‫استى ىدؿ الٍ ىقائليو ىف بأىناوي يىػ ٍقتىضيو ليغىةن ىك ىما يىػ ٍقتىضيو شرعا‪ ،‬بأى اف الٍعيلى ىم ى‬ ‫ى‬
‫اد‪.‬‬‫ىعلىى الٍ ىفس ً‬
‫ى‬
‫ش ٍر ًع ىعلىٍي ًو‪ ،‬ىَل لً ىد ىَللى ًة اللُّغى ًة‪.‬‬ ‫اد لً ىد ىَللى ًة ال ا‬
‫يجيب‪ :‬بًأىناػهم إًناما استى ىدلُّوا بً ًو ىعلىى الٍ ىفس ً‬
‫ى‬ ‫ىكأ ً ى ي ٍ ى ٍ‬
‫اف ىَل‬ ‫يض ً‬‫يضوي‪ ،‬ىكالن ًاق ى‬ ‫اه يي نىًق ي‬ ‫الص احةى لً ىما تىػ ىق اد ىـ‪ ،‬ىكالنػ ٍ‬‫ضي ٍّ‬ ‫كاستدلوا ثىانًيا‪ :‬بًأى اف ٍاأل ٍىمر يػ ٍقتى ً‬
‫ىى‬ ‫ن‬
‫اد‪.‬‬‫اهي مقتضيا لً ٍل ىفس ً‬ ‫ً ً‬
‫ن ى‬ ‫يى ٍجتىم ىعاف فىػيى يكو يف النػ ٍ ي‬
‫لص اح ًة ليغىةن ىم ٍمنيوعه‪ ،‬ىك ىما‬ ‫ضاءي ٍاأل ٍىم ًر لً ٍّ‬ ‫الص احةى شرعا‪ ،‬ىَل ليغىةن فىاقٍتً ى‬ ‫ضي ٍّ‬ ‫يجيب‪ :‬بًأى اف ٍاأل ٍىمر يػ ٍقتى ً‬
‫ىى‬ ‫ىكأ ى‬
‫ً‬
‫اد ليغىةن ىم ٍمنيوعه‪.‬‬ ‫اه ًي لً ٍل ىفس ً‬ ‫اء النػ ٍ‬ ‫أى اف اقٍتً ى‬
‫ى‬ ‫ضى‬
‫ت‪ :‬بًأى اف‬ ‫ات يدك ىف الٍمعام ىال ً‬
‫يى ى‬
‫اد ً‬ ‫اد إًاَل فًي الٍعًبى ى‬ ‫سى‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫كاستدؿ الٍ ىقائليو ىف‪ :‬بأىناوي ىَل يىػ ٍقتىضي الٍ ىف ى‬
‫وـ أ ًىدلاًة م ٍشر ً‬
‫كعيا ًة‬ ‫ات الٍمن ًهي عنػها لو ص احت لى ىكانت مأٍمورا بًها ندبا؛ لًعم ً‬
‫ى ي‬ ‫ى ٍ ى ٍ ى ي ن ى ىٍ ن ي ي‬ ‫اد ً ى ٍ ا ى ٍ ى‬ ‫ال ًٍعبى ى‬
‫اؿ‪.‬‬ ‫ب الفعل كالنهي لطلب التػ ٍار ًؾ ىك يى ىو يم ىح ه‬ ‫اف؛ ًألى اف ٍاأل ٍىم ىر لًطىلى ً‬ ‫يض ً‬‫ات فىػيى ٍجتى ًم يع الن ًاق ى‬ ‫اد ً‬‫ال ًٍعبى ى‬
‫ضاهي فًي غيرىا لكاف غي ٍس يل‬ ‫ات فىًألىناوي لى ًو اقػٍتى ى‬‫اد ً‬ ‫اد فًي غىٍي ًر ال ًٍعبى ى‬ ‫ضائًًو لً ٍل ىفس ً‬ ‫ىكأى اما ىع ىد يـ اقٍتً ى‬
‫ى‬
‫صوب وة‪ ،‬كطىىال يؽ الٍبً ٍد ىع ًة‪ ،‬كالٍبػ ٍيع فًي كق ً‬ ‫ًً‬ ‫الناج ً و‬
‫ٍت‬ ‫ى ى ي ى‬ ‫وب‪ ،‬ىكال اذبٍ يح بس ٍّكي ون ىم ٍغ ي ى ى‬ ‫ص و‬ ‫اسة بً ىماء ىم ٍغ ي‬ ‫ى ى‬
‫يح ًة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ض غىٍيػ ىر يم ٍستىٍتبىػ ىعة آلثىا ًرىىا م ٍن زكاؿ النجاسة‪ ،‬ىكح ٍّل ال اذبً ى‬ ‫ٍح ٍي ً‬ ‫النٍّ ىداء‪ ،‬ىكال ىٍوطٍءي في ىزىم ًن ال ى‬
‫كـ ًمثٍػليوي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ٍك‪ ،‬كأىح ىك ًاـ الٍوط ً‬
‫الال ًزيـ بىاط هل‪ ،‬فىال ىٍمل يٍز ي‬ ‫ٍء‪ ،‬ىك ا‬ ‫ى‬ ‫ىح ىك ًاـ الطاىال ًؽ‪ ،‬ىكال ًٍمل ً ى ٍ‬ ‫ىكأ ٍ‬
‫ش ٍي ًء أ ٍىك لجزئو‪ ،‬بل ألمر خارج‪،‬‬ ‫ات ال ا‬ ‫اه ًي فًي ٍاأليموًر الٍم ٍذ يكورةً لً ىذ ً‬
‫ي ى ى‬ ‫يب‪ :‬بً ىم ٍن ًع ىك ٍو ًف النػ ٍ‬ ‫ً‬
‫ىكأيج ى‬
‫يل ىخا ًرًج ٍّي‪ ،‬فال يرد النقض بً ىها‪.‬‬ ‫اد لً ىدلً و‬ ‫ضائًها لً ٍل ىفس ً‬
‫ى‬ ‫كلو يسلٍّ ىم لى ىكا ىف ىع ىد يـ اقٍتً ى ى‬
‫اد ىَل ليغىةن ىكىَل‬ ‫سى‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫ٍحنىفياة‪ ،‬ىكال يٍم ٍعتى ًزلىة‪ :‬إلىى أىناوي ىَل يىػ ٍقتىضي الٍ ىف ى‬
‫شافً ًعيا ًة‪ ،‬كال ً ً‬
‫ى ى‬ ‫اعةه ًم ىن ال ا‬ ‫ب ىج ىم ى‬ ‫ىكذى ىى ى‬
‫اد لغة أك ىش ٍر نعا‪،‬‬ ‫ت‪ ،‬قىاليوا‪ً :‬ألىناوي لىو ىد اؿ ىعلىى الٍ ىفس ً‬ ‫ات كىَل فًي الٍمعام ىال ً‬ ‫ىشر نعا‪ ،‬ىَل فًي ال ًٍعب ى ً‬
‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫يى ى‬ ‫اد ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬
‫اطل أى اما الٍم ىال ىزمةي فىظى ً‬ ‫ً‬ ‫الص اح ًة ليغىةن أ ٍىك شرعا ىك ا‬ ‫يح بً ٍّ‬
‫اى ىرةه‪ ،‬ىكأى اما بيط ىٍال يف‬ ‫ي ى‬ ‫الال ًزيـ بى ه‬ ‫اص ًر ى‬ ‫ض الت ٍ‬ ‫لىنىاقى ى‬
‫ٍت لى ىكا ىف الٍبىػ ٍي يع ال ىٍم ٍن ًه ُّي‬ ‫الربىا نىػ ٍه ىي تحريم كلو فىػ ىعل ى‬ ‫ك ىع ًن ٍّ‬ ‫اؿ نىػ ىه ٍيتي ى‬
‫ًع لى ٍو قى ى‬ ‫شار ى‬ ‫الالزـ‪ :‬فألف ال ا‬
‫ض‪ ،‬ىَل ليغىةن ىكىَل ىش ٍر نعا‪.‬‬ ‫ص اح ًم ٍن غىٍي ًر تىػنىاقي و‬ ‫ً ً ًً‬
‫ىع ٍنوي يموجبنا لل ىٍملك لى ى‬
‫اى ًر‪ ،‬ىكلى ٍم‬ ‫اه ًي قى ًرينىةه صا ًرفىةه لىو ىع ًن الظا ً‬ ‫ؼ النػ ٍ‬ ‫يجيب‪ :‬بًم ٍن ًع الٍم ىال ىزم ًة؛ ًألى اف التاص ًريح بً ًخ ىال ً‬ ‫ً‬
‫ي‬ ‫ى‬ ‫ٍ ى‬ ‫ىكأ ى ى ي ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اد فىػ ىقطٍ‪.‬‬ ‫سي‬ ‫نى اد ًع إ اَل أى اف ظىاى ىرهي الٍ ىف ى‬
‫ب الٍ ىخ ٍم ًر يى يكو يف‬ ‫الزنىا‪ ،‬ىك يش ٍر ً‬ ‫ش ٍر ًع ىك ٍّ‬ ‫ت الحنفية إلى‪ :‬أف ما َل تتوقف ىم ٍع ًرفًتيوي ىعلىى ال ا‬ ‫كذى ىىب ً‬
‫ى ى‬
‫ص ًف ًو‪ ،‬أى ًك‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ًً‬
‫يل ىعلىى أىناوي ىم ٍن ًه ٌّي ىع ٍنوي ل ىو ٍ‬ ‫وـ ال ادل ي‬ ‫اد إًاَل أى ٍف يىػ يق ى‬‫سى‬ ‫اه يي ىع ٍنوي ل ىع ٍينو‪ ،‬ىكيىػ ٍقتىضي الٍ ىف ى‬ ‫النػ ٍ‬
‫اه ًي ىعن قيػرب ً‬ ‫ً‬ ‫الٍمجا ًكًر لىو‪ ،‬فىػي يكو يف النػ ٍ ً ً و ً ً‬
‫اف‬ ‫اد ىكالنػ ٍ ٍ ٍ ى‬ ‫سى‬ ‫اه يي حينىئذ ىع ٍنوي لغىٍي ًره‪ ،‬فى ىال يىػ ٍقتىضي الٍ ىف ى‬ ‫يى ي ى‬
‫اه يي ىع ٍنوي لًغىٍي ًرهً فى ىال‬ ‫ش ٍر ًع فىالنػ ٍ‬ ‫ف ىم ٍع ًرفىػتيوي ىعلىى ال ا‬ ‫ش ٍر ًع ُّي ىك يى ىو ىما يىػتىػ ىوقا ي‬ ‫ض‪ ،‬ىكأى اما ال ًٍف ٍع يل ال ا‬ ‫ٍحائً ً‬
‫ال ى‬
‫وؿ‪.‬‬ ‫يل ىم ٍقبي و‬‫ك بً ىدلً و‬ ‫اد‪ ،‬ىكلى ٍم يى ٍستى ًدلُّوا ىعلىى ذىلً ى‬ ‫سى‬ ‫ً‬
‫يىػ ٍقتىضي الٍ ىف ى‬
‫يم ال ىٍم ٍن ًه ٍّي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كالٍحقُّ‪ :‬أى اف يك ال نىػ ٍه وي ًمن غىٍي ًر فىػر وؽ بػ ٍين ال ًٍعب ى ً‬
‫ادات ىكال يٍم ىع ىام ىالت يىػ ٍقتىضي تى ٍح ًر ى‬ ‫ٍ ى ى ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى ى‬
‫ً‬
‫اـ ال ادل ي‬
‫يل‬ ‫ك إًاَل ىما قى ى‬ ‫ج ًم ٍن ذىلً ى‬ ‫ً‬
‫اء ىش ٍرعيًّا‪ ،‬ىكىَل يى ٍخ ير ي‬ ‫ؼ لًلٍبيط ىٍال ًف‪ ،‬اقٍتً ى‬
‫ضن‬ ‫ادهي ال يٍم ىر ًاد ى‬
‫سى‬ ‫ىع ٍنوي‪ ،‬ىكفى ى‬
‫ٍح ًق ًيق ٍّي إًلىى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ضائًًو لً ىذلً ى‬‫ىعلىى ىع ىدًـ اقٍتً ى‬
‫صا ًرفىةن لىوي م ٍن ىم ٍعنىاهي ال ى‬
‫يل قى ًرينىةن ى‬
‫ك فىػيى يكو يف ىى ىذا ال ادل ي‬
‫م‪.‬‬ ‫ىم ٍعنىاهي ال ىٍم ىجا ًز ٍّ‬
‫صلاى اللاوي ىعلىٍي ًو‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ىكم اما يي ٍستى ىد ُّؿ بًو ىعلىى ىى ىذا ما كرد في الحديث ال يٍمتاػ ىف ًق ىعلىٍيو ىك يى ىو قىػ ٍوليوي ى‬
‫س ىعلىٍي ًو أ ٍىم يرنىا فىػ يه ىو ىردٌّ‪ ،‬ىكىما‬ ‫ً‬
‫ىك ىسل ىم‪" :‬كل أمر ليس عليو أ ٍىم يرنىا فىػ يه ىو ىردٌّ" ىكال ىٍم ٍنه ُّي ىع ٍنوي لىٍي ى‬
‫ا‬
‫صا ًرًى ٍم ىعلىى‬ ‫ً ً‬
‫ىج ىم ىع الٍعيلى ىماءي ىم ىع ا ٍخت ىالؼ أى ٍع ى‬
‫ً‬
‫كدا ىكا ىف بىاط نال‪ ،‬ىكقى ٍد أ ٍ‬ ‫ىم‪ :‬ىم ٍر يد ن‬ ‫ىكا ىف ىردًّا أ ٍ‬
‫ص ُّح‪ ،‬ىك ىى ىذا يى ىو‬ ‫اطل ىَل ي ً‬ ‫ً‬
‫ش ٍر ًع‪ ،‬ىكأىناوي بى ه ى‬ ‫س ًم ىن ال ا‬ ‫ا ً‬
‫اواىي ىعلىى أىف ال ىٍم ٍنه اي ىع ٍنوي لىٍي ى‬
‫ًاَلستً ٍد ىَل ًؿ بًالنػ ً‬
‫ى‬ ‫ٍ‬
‫اؿ‪" :‬إذا‬ ‫صلاى اللاوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم أىناوي قى ى‬ ‫اه ًي مقتضينا للفساد‪ ،‬كصح ىع ٍنوي ى‬ ‫اد بً ىك ٍو ًف النػ ٍ‬‫ال يٍم ىر ي‬
‫و‬ ‫ً‬
‫وب‬
‫اد يك يج ى‬ ‫اجتىنًبيوهي" فىأىفى ى‬ ‫استىطى ٍعتي ٍم ىكإً ٍف نىػ ىه ٍيتي يك ٍم ىع ٍن ىش ٍيء فى ٍ‬ ‫أمرتكم بأمر فىأٍتيوا م ٍنوي ىما ٍ‬
‫"ر ىاكغيوا"بو من الرأم‪.‬‬ ‫ك ىما ى‬ ‫ع ىع ٍن ى‬‫وب‪ ،‬ىك ىد ٍ‬‫ك يى ىو ال ىٍمطٍلي ي‬ ‫اب ال ىٍم ٍن ًه ٍّي ىع ٍنوي‪ ،‬ىكذىلً ى‬‫اجتًنى ً‬
‫ٍ‬
‫ك للتنبيو ‪ ،‬أحواؿ النهي أربع كىي‪:‬‬
‫ُ‪ /‬أف يكوف النهي عن شيء كاحد فقط كىو الكثير كالنهي عن الزنا مثال ك كالنهي‬
‫عن اإلشراؾ باهلل ك عقوؽ الوالدين كالسحر ك غيرىا‪.‬‬
‫ِ‪/‬أف يكوف النهي عن الجمع بين متعدد‪ ،‬كللمنهي أف يفعل أيها شاء على انفراده‬
‫كالجمع بين األختين‪ .‬كالجمع بين المرأة كعمتها‪ ،‬كبينها كبين خالتها‪.‬‬
‫ّ‪ /‬أف يكوف النهي عن التفريق بين شيئين أك أكثر دكف الجم ًع كالتفريق بين رجليو‬
‫بنعل إحداىما دكف األخرل‪ .‬بل على المنهي أف ينعلهما معا أك يحفيهما معان‪.‬‬
‫ْ‪ /‬أف يكوف النهي عن متعدد اجتماعا كافتراقان مثل قولو تعالى‪{ :‬كَل تطع منهم آثمان أك‬
‫كفورا} ‪ .‬فال تجوز طاعتهما مجتمعين كَل مفترقين‪..‬‬

‫كقد يخرج النهي عن التحريم إلى و‬


‫معاف أخرل لدليل يقتضي ذلك‪ ،‬فمنها‪:‬‬
‫ُ ‪ -‬الكراىة‪ :‬كمثلوا لذلك بقولو صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪َ« :‬ل يمس ان أحدكم ذكره‬
‫بيمينو كىو يبوؿ» ‪ ،‬فقد قاؿ الجمهور‪ :‬إف النهي ىنا‬
‫للكراىة‪ ،‬ألف الذكر بضعة من اإلنساف‪ ،‬كالحكمة من النهي تنزيو اليمين‪.‬‬
‫ِ ‪ -‬اإلرشاد‪ :‬مثل قولو صلٌى اهلل عليو كسلٌم لمعاذ‪َ« :‬ل تدعن أف تقوؿ دبر كل‬
‫صالة‪ :‬اللهم أعنٌي على ذكرؾ كشكرؾ كحسن عبادتك»‪.‬‬

‫صيغة النهي " َل تفعل " تستعمل لمعاف أىمها‪:‬‬


‫الزنىا) ك ىذا المعنى ىو األصل ‪.‬‬
‫(كىَل تىػ ٍق ىربيوا ٍّ‬
‫األكؿ‪ :‬التحريم‪ ،‬كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫س يوا الٍ ىف ٍ‬
‫ض ىل بىػ ٍيػنى يك ٍم) ك قد ذكر ىذا المعنى الشيخ‬ ‫(كىَل تىػ ٍن ى‬
‫الثاني‪ :‬الكراىة‪ ،‬كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫رحمو اهلل تعالى‪.‬‬
‫س ٍؤيك ٍم) ك قد ذكر‬ ‫(َل تى ٍسأىليوا ىع ٍن أى ٍشيى ى ً‬
‫اء إ ٍف تيػ ٍب ىد لى يك ٍم تى ي‬ ‫الثالث‪ :‬اإلرشاد‪ ،‬كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫المؤلف ىذا المعنى أيضا‪.‬‬
‫غ قيػليوبىػنىا بىػ ٍع ىد إً ٍذ ىى ىديٍػتىػنىا)‪.‬‬
‫(رباػنىا ىَل تي ًز ٍ‬
‫الرابع‪ :‬الدعاء‪ ،‬كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ك إًلىى ما متػ ٍ ً‬
‫اعنىا بًو أى ٍزىك ن‬
‫اجا‬ ‫ى ى‬ ‫(َل تى يم اد اف ىع ٍيػنىػ ٍي ى‬
‫الخامس‪ :‬التقليل كاَلحتقار‪ ،‬كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ًم ٍنػ يه ٍم)‪.‬‬
‫يل اللا ًو أ ٍىم ىواتنا بى ٍل‬
‫ين قيتًليوا فًي ىسبً ً‬ ‫اً‬
‫سبى ان الذ ى‬ ‫(كىَل تى ٍح ى‬‫السادس‪ :‬بياف العاقبة‪ ،‬كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ىحيىاءه ًع ٍن ىد ىربٍّ ًه ٍم ييػ ٍرىزقيو ىف (ُٗٔ))‪.‬‬‫أٍ‬
‫(َل تى ىخافىا إًنانًي ىم ىع يك ىما أ ٍ‬
‫ىس ىم يع ىكأ ىىرل)‪.‬‬ ‫السابع‪ :‬التسكين كالتصبر‪ ،‬كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ين ىك ىف يركا ىَل تىػ ٍعتى ًذ يركا الٍيىػ ٍوىـ)‪.‬‬ ‫اً‬
‫الثامن‪ :‬اليأس‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬يىا أىيُّػ ىها الذ ى‬
‫التاسع‪ :‬الشفقة‪ ،‬كقولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪َ " :-‬ل تتخذكا الدكاب كراسي "‪.‬‬
‫العاشر‪ :‬اَللتماس‪ ،‬كقولك لمن ىو في مرتبتك‪َ " :‬ل تضرب فالنا "‪.‬‬
‫الحادم عشر‪ :‬التهديد‪ ،‬كقوؿ السيد لعبده‪َ " :‬ل تفعل اليوـ شيئا "‪.‬‬

‫من يدخل في الخطاب باألمر كالنهي‪:‬‬

‫عقد المؤلف ىذا الباب لبياف من يدخل في خطاب األمر ك النهي ك من َل يدخل فيو‪.‬‬
‫قاؿ‪:‬‬

‫الذم يدخل في الخطاب باألمر كالنهي «ىو» المكلف‪ ،‬كىو البالغ العاقل‪.‬‬
‫فخرج بقولنا‪« :‬البالغ»؛ الصغير‪ ،‬فال يكلف باألمر كالنهي تكليفان مساكيان لتكليف‬
‫البالغ‪ ،‬كلكنو يؤمر بالعبادات بعد التمييز تمرينان لو على الطاعة‪ ،‬كيمنع من المعاصي؛‬
‫ليعتاد الكف عنها‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬العاقل»؛ المجنوف فال يكلف باألمر كالنهي‪ ،‬كلكنو يمنع مما يكوف‬
‫فيو تعد على غيره أك إفساد‪ ،‬كلو فعل المأمور بو لم يصح منو الفعل لعدـ قصد‬
‫اَلمتثاؿ منو‪.‬‬
‫كَل يرد على ىذا إيجاب الزكاة كالحقوؽ المالية في ماؿ الصغير كالمجنوف‪ ،‬ألف‬
‫إيجاب ىذه مربوط بأسباب معينة متى كجدت ثبت الحكم فهي منظور فيها إلى‬
‫السبب َل إلى الفاعل!‪.‬‬

‫قبل بياف من يدخل في خطاب األمر كالنهي كمن َل يدخل‪ ،‬يحسن اإلشارة إلى معنى‬
‫التكليف لغة ك اصطالحا فهو من الناحية اللغوية يطلق على المشقة‪ ،‬كيطلق على األمر‬
‫بما يشق عليك‪ ،‬فهو إذان‪ :‬األمر بما فيو يكلفة‪.‬ك أما اصطالحان ىو‪ :‬الخطاب بأمر أك‬
‫نهي‪.‬‬
‫ك قد ذكر المؤلف شركطا يجب أف تتوفر في المكلف حتى يدخل في التكليف ك‬
‫تتلخص فيما يلي‪:‬‬
‫يشترط في المكلف أف يكوف بالغان‪ ،‬عاقالن‪ ،‬فاىمان للخطاب‪.‬‬
‫فخرج بشرط البلوغ‪ :‬الصبي‪ ،‬كإف كاف عاقالن فاىمان للخطاب‪ ،‬فإنو َل يمكن تكليفو‪.‬‬
‫كخرج بشرط العقل‪ :‬المجنوف كإف كاف بالغان‪ ،‬فإنو َل يمكن تكليفو‪.‬‬
‫كخرج بشرط الفهم‪ :‬النائم كالغافل كالساىي‪ ،‬فإنو َل يمكن تكليف ىؤَلء لعدـ الفهم‬
‫كىم في حالتهم تلك‪.‬‬
‫ىذه خالصة ما ذكر المؤلف من الشركط ‪ ،‬كىنا مسائل ينبغي التنبو لها‪:‬‬
‫ُ‪/‬الصبي غير المميٍّز بين األشياء كىو ما دكف سبع سنوات غير مكلف‪ ،‬لعدـ فهمو‬
‫للخطاب الوارد من الشارع كإدراكو لمقتضاه كلعدـ صحة النية كالقصد منو‪.‬‬
‫ِ‪/‬الصبي المميز بين األشياء كىو من تجاكز سن السابعة من عمره غير مكلف‪ ،‬ألنو‬
‫كإف كاف مميزان بين حقائق األمور إَل أنو َل يمكن تكليفو؛ لعدـ معرفة متى مياز‪ ،‬كمتى‬
‫فهم الخطاب؛ ألف الفهم يتزايد تزايدان غير كاضح‪ ،‬فال يمكن لو كَل لغيره أف يقف على‬
‫أكؿ كقت فهم خطاب الشارع ك ألف إدراكو غير متكامل فال يمكن أف يقاس على‬
‫البالغ ك َل أف يلحق بو ‪...‬ىذا ما نختاره خالفا لعلمائنا المالكية فهم يركف تكليف‬
‫المميز بالمندكب كالكراىة‪.‬‬
‫ّ‪/‬المجنوف مطلقا سواء كاف جنونو أصليان أك طارئان‪ ،‬كسواء كاف مطبقان أك غير مطبق‬
‫غير مكلف؛ لعدـ فهمو للخطاب الوارد من الشارع‪ ،‬كعدـ إدراكو للفعل المكلف بو‬
‫كعدـ كجود القصد منو‪.‬‬
‫ْ‪/‬المعتوه ‪ -‬كىو مختلط الكالـ بسبب ما يعرض للعقل من خلل ‪ -‬غير مكلف؛‬
‫قياسان على المجنوف‪ ،‬كالصبي غير المميز‪.‬‬

‫كالتكليف باألمر كالنهي شامل للمسلمين كالكفار لكن الكافر َل يصح منو فعل‬
‫{كىما ىمنىػ ىع يه ٍم أى ٍف تيػ ٍقبى ىل ًم ٍنػ يه ٍم نىػ ىف ىقاتيػ يه ٍم إًاَل أىناػ يه ٍم ىك ىف يركا‬
‫المأمور بو حاؿ كفره؛ لقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫بًاللا ًو ىكبًىر يسولًو} [التوبة‪ :‬من اآلية ْٓ]‪ .‬كَل يؤمر بقضائو إذا أسلم؛ لقولو تعالى‪{ :‬قي ٍل‬
‫ين ىك ىف يركا إً ٍف يىػ ٍنتىػ يهوا ييػغٍ ىف ٍر لى يه ٍم ىما قى ٍد ىسلى ى‬ ‫ًً‬
‫ف} [ألنفاؿ‪ :‬من اآلية ّٖ] كقولو صلٌى‬ ‫للاذ ى‬
‫اهلل عليو كسلٌم لعمرك بن العاص‪« :‬أما علمت يا عمرك أف اإلسالـ يهدـ ما كاف قبلو»‬
‫‪ ،‬كإنما يعاقب على تركو إذا مات على الكفر؛ لقولو تعالى عن جواب المجرمين إذا‬
‫سئلوا‪{ :‬ما سلى ىك يكم فًي س ىقر} [المدثر‪{ ]ِْ:‬قىاليوا لىم نى ي ً‬
‫ين}‬‫صلٍّ ى‬
‫ك م ىن ال يٍم ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى ى‬ ‫ى ى ٍ‬
‫وض ىم ىع‬ ‫[المدثر‪{ ]ّْ:‬كلىم نى ي ً ً ً‬
‫{كيكناا نى يخ ي‬ ‫ين} [المدثر‪ ]ْْ:‬ى‬ ‫ك نيطٍع يم الٍم ٍسك ى‬ ‫ى ٍ‬
‫ً‬ ‫ال ى ً ً‬
‫{حتاى أىتىانىا‬‫ب بًيىػ ٍوـ الدٍّي ًن} [المدثر‪ ]ْٔ:‬ى‬ ‫{كيكناا ني ىك ٍّذ ي‬
‫ين} [المدثر‪ ]ْٓ:‬ى‬
‫ٍخائض ى‬
‫ين} [المدثر‪]ْٕ:‬‬ ‫ً‬
‫الٍيىق ي‬

‫خالصة ما ذكر المؤلف أف المكلف إما أف يكوف مسلما أك غير مسلم‪ ،‬كالخطاب إما‬
‫أف يكوف بأصل كالعقائد ك اإليماف كإما أف يكوف بفرع كالصالة كالصياـ كنحو ذلك‪.‬‬
‫أ‪ /‬فالخطاب بأصل يشملهما باتفاؽ جميع العلماء‪.‬‬
‫ب‪ /‬كالخطاب بفرع فيو ثمانية أقواؿ ىي ‪:‬‬
‫القوؿ األكؿ ‪ :‬ىم مكلفوف بفركع اإلسالـ مطلقا ك ىذا ىو الراجح الذم تدؿ عليو‬
‫األدلة ك ىو اختيار المؤلف ‪.‬‬
‫القوؿ الثاني‪ :‬ىم غير مكلفين بفركع اإلسالـ مطلقا‪.‬‬
‫القوؿ الثالث ‪:‬ىم مكلفوف بالنواىي دكف األكامر‪.‬‬
‫القوؿ الرابع ‪ :‬ىم مكلفوف باألكامر دكف النواىي‪.‬‬
‫القوؿ الخامس ‪:‬ىم مكلفوف بفركع اإلسالـ سول الجهاد في سبيل اهلل‪.‬‬
‫القوؿ السادس ‪:‬التفريق بين الكافر المرتد فيكلف بالفركع ك الكافر األصلي فال‬
‫يكلف بها‪.‬‬
‫القوؿ السابع ‪:‬التفريق بين الكافر الحربي فال يكلف ك الكافر غير الحربي فيكلف‪.‬‬
‫القوؿ الثامن ‪ :‬التوقف في المسألة‪.‬‬
‫كالصحيح دخوؿ الكفار فيو ك أنهم مخاطبوف بفركع الشريعة كالمسلمين‪ ،‬ك قد ساؽ‬
‫المؤلف أدلة على ذلك منها قولو تعالى عن الكفار‪{ :‬ما سلككم في سقر قالوا لم نك‬
‫من المصلين كلم نك نطعم المسكين ككنا نخوض مع الخائضين ككنا نكذب بيوـ‬
‫الدين} فذكركا من أسباب تعذيبهم تركهم لما أمركا بو من الفركع كتركهم الصالة كالزكاة‬
‫كارتكابهم لما نهوا عنو بخوضهم مع الخائضين‪ ،‬كلم يقتصركا على ذكر السبب األكابر‬
‫كىو تكذيبهم بيوـ الدين‪.‬‬
‫كمنها رجمو صلى اهلل عليو كسلم اليهوديين‪ ،‬ككذلك قولو تعالى‪{ :‬الذين كفركا كصدكا‬
‫عن سبيل اهلل زدنا ىم عذابان فوؽ العذاب} ‪ .‬ككما أف المؤمن يثاب على إيمانو كعلى‬
‫امتثالو األكامر كاجتناب النواىي فكذلك الكافر يعاقب على ترؾ التوحيد كعلى‬
‫ارتكاب النواىي كعدـ امتثاؿ األكامر‪.‬‬
‫ك من األدلة على ذلك أيضا‪:‬‬
‫اع إًلىٍي ًو ىسبً نيال) ‪ .‬كجو الدَللة‪ :‬أف‬ ‫ت ىم ًن ٍ‬
‫استىطى ى‬ ‫ى‬ ‫(كلًلا ًو ىعلىى الن ً‬
‫ااس ًح ُّج الٍبػ ٍي ً‬
‫ُ‪/‬قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫لفظ " الناس " اسم ‪ -‬جنس معرؼ بأؿ اَلستغراقية‪ ،‬فيشمل جميع الناس‪ ،‬كالكفار من‬
‫جملة الناس‪ ،‬فيدخلوف في ىذا الخطاب‪ ،‬كَل مانع من دخولهم تحت الخطاب‬
‫ألنو لو كجد مانع لكاف إما عقليان‪ ،‬كإما شرعيان‪.‬كَل يوجد مانع عقلي ك َل شرعي من‬
‫دخوؿ الكافر‪.‬‬
‫ص ىالةى ىكآتيوا ال ازىكاةى) ‪ .‬كجو الدَللة‪ :‬أف ىذا عاـ في حق‬
‫يموا ال ا‬ ‫ِ‪/‬قولو تعالى‪ً :‬‬
‫(كأىق ي‬
‫ى‬
‫المسلمين كالكفار‪ ،‬فال يخرج الكافر إَل بدليل‪ ،‬كَل يوجد دليل على ذلك‪ ،‬كالكفر‬
‫ليس برخصة مسقطة للخطاب عن الكافر‪.‬‬
‫س الاتًي ىح ارىـ اللاوي‬ ‫ين ىَل يى ٍدعيو ىف ىم ىع اللا ًو إًلى نها ى‬
‫آخ ىر ىكىَل يىػ ٍقتيػليو ىف الناػ ٍف ى‬
‫ّ‪ /‬قولو تعالى‪ :‬ا ً‬
‫(كالذ ى‬ ‫ى‬
‫اب يىػ ٍوىـ ال ًٍقيى ىام ًة‬
‫ف لىوي ال ىٍع ىذ ي‬‫اع ٍ‬‫ضى‬ ‫ٍق أىثى ناما (ٖٔ) يي ى‬ ‫ك يىػل ى‬‫ٍح ٍّق ىكىَل يىػ ٍزنيو ىف ىكىم ٍن يىػ ٍف ىع ٍل ىذلً ى‬
‫إًاَل بًال ى‬
‫ىكيى ٍخلي ٍد فً ًيو يم ىهانا) ‪ .‬كجو الدَللة‪ :‬أف ىذا نص في مضاعفة عذاب من جمع بين ىذه‬
‫المحظورات‪ ،‬كىي الكفر‪ ،‬كالقتل‪ ،‬كالزنا‪ ،‬كىذا يدؿ على أف الزنا كالقتل يدخالف فيو‪،‬‬
‫فثبت كوف ذلك محظوران عليو‪ ،‬مما يقتضي أف الكافر مخاطب كمكلاف بفركع الشريعة‪.‬‬
‫ب ىكتىػ ىولاى (ِّ) ‪.‬‬ ‫ً‬
‫صلاى (ُّ) ىكلىك ٍن ىك اذ ى‬ ‫ص اد ىؽ ىكىَل ى‬ ‫ْ‪/‬قولو تعالى‪( :‬فى ىال ى‬
‫كجو الدَللة‪ :‬أف اللاو تعالى ذـ ‪ -‬ىنا ‪ -‬الكفار لتركهم الصالة‪ ،‬كىي من فركع الشريعة‪،‬‬
‫مما يدؿ على أف الكفار مكلافوف بالفركع‪.‬‬
‫ين ىَل ييػ ٍؤتيو ىف ال ازىكاةى ىك يى ٍم بً ٍاآل ًخ ىرةً يى ٍم ىكافً يرك ىف‬ ‫اً‬
‫ين (ٔ) الذ ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫(كىكيٍ هل لل يٍم ٍش ًرك ى‬‫ٓ‪ /‬قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫(ٕ) ‪.‬كجو الدَللة‪ :‬أف اللاو تعالى توعاد المشركين على شركهم‪ ،‬كعلى ترؾ إيتاء الزكاة‪،‬‬
‫فدؿ ذلك على أنهم مخاطبوف باإليماف‪ ،‬كمخاطبوف بإيتاء الزكاة؛ ألنو َل يتوعد على‬
‫ترؾ ما َل يجب على اإلنساف‪ ،‬كَل يخاطب بو‪ ،‬فدؿ ذلك على أف الكفار مكلافوف‬
‫بالفركع‪.‬‬

‫موانع التكليف‪:‬‬

‫كما أف للتكليف شركطا تقتضيو لو موانع تنافيو‪:‬‬


‫للتكليف موانع منها‪ :‬الجهل كالنسياف كاإلكراه؛ لقوؿ النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪« :‬إف‬
‫اهلل تجاكز عن أمتي الخطأ كالنسياف كما استكرىوا عليو»‪ .‬ركاه ابن ماجو كالبيهقي‪ ،‬كلو‬
‫شواىد من الكتاب كالسنة تدؿ على صحتو‪.‬‬
‫فالجهل‪ :‬عدـ العلم‪ ،‬فمتى فعل المكلف محرمان جاىالن بتحريمو فال شيء عليو‪ ،‬كمن‬
‫تكلم في الصالة جاىالن بتحريم الكالـ‪ ،‬كمتى ترؾ كاجبان جاىالن بوجوبو لم يلزمو‬
‫قضاؤه إذا كاف قد فات كقتو‪ ،‬بدليل أف النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم لم يأمر المسيء‬
‫في صالتو ‪ -‬ككاف َل يطمئن فيها ‪ -‬لم يأمره بقضاء ما فات من الصلوات‪ ،‬كإنما أمره‬
‫بفعل الصالة الحاضرة على الوجو المشركع‪.‬‬
‫كالنسياف‪ :‬ذىوؿ القلب عن شيء معلوـ‪ ،‬فمتى فعل محرمان ناسيان فال شيء عليو؛ كمن‬
‫أكل في الصياـ ناسيان‪ .‬كمتى ترؾ كاجبان ناسيان فال شيء عليو حاؿ نسيانو؛ كلكن عليو‬
‫فعلو إذا ذكره؛ لقوؿ النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪« :‬من نسي صالة فليصلها إذا ذكرىا»‬
‫كاإلكراه‪ :‬إلزاـ الشخص بما َل يريد‪ ،‬فمن أكره على شيء محرـ فال شيء عليو؛ كمن‬
‫أكره على الكفر كقلبو مطمئن باإليماف‪ ،‬كمن أكره على ترؾ كاجب فال شيء عليو‬
‫حاؿ اإلكراه‪ ،‬كعليو قضاؤه إذا زاؿ؛ كمن أكره على ترؾ الصالة حتى خرج كقتها‪،‬‬
‫فإنو يلزمو قضاؤىا إذا زاؿ اإلكراه‪.‬‬
‫كتلك الموانع إنما ىي في حق اهلل؛ ألنو مبني على العفو كالرحمة‪ ،‬أما في حقوؽ‬
‫المخلوقين فال تمنع من ضماف ما يجب ضمانو‪ ،‬إذا لم يرض صاحب الحق بسقوطو‪،‬‬
‫كاهلل أعلم‪.‬‬

‫خالصة ىذا المبحث أف الناس على قسمين‪:‬‬


‫ُ‪ /‬قسم لم يكتمل إدراكو لعدة أسباب ىي‪:‬‬
‫السبب األكؿ عدـ البلوغ كالصغير مميزا كاف أك غير مميز‪.‬‬
‫السبب الثاني‪ :‬فقداف العقل كالمجنوف بأنواعو‪.‬‬
‫السبب الثالث ‪ :‬تغطية العقل كالسكراف ك النائم‬
‫السبب الرابع ‪ :‬ذىوؿ العقل كالساىي ك الناسي‪.‬‬
‫فهذا القسم َل يدخل في نطاؽ التكليف كَل يشملو الخطاب بدليل العقل كالنقل‪.‬‬
‫أ‪ -/‬أما من جهة العقل فألف األمر يقتضي اَلمتثاؿ كمن لم يدرؾ أمران َل يتأتي منو‬
‫امتثالو‪.‬‬
‫ب‪ -/‬كأما من جهة النقل فلحديث "رفع القلم عن ثالثة" الحديث‪.‬‬
‫كَل يعترض على ىذا بتضمين ما أتلفو ألف ضماف حق الغير يستوم فيو العاقل كغير‬
‫العاقل حتى لو أتلفتو بهيمة لزـ صاحبها ضمانو‪.‬‬
‫ِ‪ /‬قسم مكتمل اإلدراؾ‪ ،‬كىو البالغ العاقل السالم من العوارض المتقدمة ك ىذا الذم‬
‫يدخل في خطاب التكليف‪.‬‬
‫مسألة ‪:‬‬
‫قولو ‪«:‬كاإلكراه‪ :‬إلزاـ الشخص بما َل يريد‪ ،‬فمن أكره على شيء محرـ فال شيء‬
‫عليو؛ ‪ »....‬إلى آخر كالمو‪ .‬لم يبين المؤلف نوعي اإلكراه ك إنما اقتصر على ذكر‬
‫نوع كاحد ك األكلى التفصيل ‪:‬فالمكره ينقسم إلى نوعين ‪ :‬المكره الملجأ كالمكره غير‬
‫الملجأ ك بيانهما كاآلتي‪:‬‬
‫ٍجأ ‪ :‬كىو من حمل على أمر يكرىو كَل يرضاه‪ ،‬كَل تتعلق بو قدرتو‬
‫المل ى‬
‫المكره ي‬
‫كاختياره‪ ،‬كمن ألقي من شاىق على مسلم فقتلو غير مكلف باتفاؽ العلماء؛ ألنو‬
‫مسلوب القدرة غير مختار فهو كاآللة‪.‬‬
‫المكره غير الملجأ ‪ :‬كىو من يحمل على أمر يكرىو‪ ،‬كَل يرضاه‪ ،‬كلكن تتعلق بو قدرتو‬
‫كاختياره كإرادتو‪ ،‬كمن قيل لو‪ :‬اقتل أخاؾ المسلم كإَل قتلناؾ ىذا مكلف؛ ألف‬
‫شركط التكليف متوفرة فيو فهو بالغ ك عاقل كفاىم للخطاب فال يوجد مانع من‬
‫تكليفو‪ ،‬فهو بهذا كغير المكره ‪ ،‬كمجرد اإلكراه ليس سببان إلسقاط الخطاب عنو بأم‬
‫حاؿ‪.‬‬

‫العاـ‬
‫تعريفو‪:‬‬
‫العاـ لغة‪ :‬الشامل‪.‬‬
‫كاصطالحان‪ :‬اللفظ المستغرؽ لجميع أفراده بال حصر‪ ،‬مثل‪{ :‬إً اف ٍاألىبٍػ ىر ىار لىًفي نى ًع و‬
‫يم}‬
‫[اَلنفطار‪]ُّ:‬‬
‫كالعلىم كالنكرة في‬
‫فخرج بقولنا‪« :‬المستغرؽ لجميع أفراده»؛ ما َل يتناكؿ إَل كاحدان ى‬
‫سياؽ اإلثبات؛ كقولو تعالى‪{ :‬فىػتى ٍح ًر يير ىرقىػبى وة} [المجادلة‪ ]ّ :‬ألنها َل تتناكؿ جميع‬
‫األفراد على كجو الشموؿ‪ ،‬كإنما تتناكؿ كاحدان غير معيان‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬بال حصر»؛ ما يتناكؿ جميع أفراده مع الحصر كأسماء العدد‪ :‬مئة‬
‫كألف كنحوىما‪.‬‬

‫ٍّد ىس ىواءه ىكا ىف ٍاأل ٍىم ير لىٍفظنا أ ٍىك غىٍيػ ىرهي‪ ،‬ىكًم ٍنوي‪ :‬ىع ام يه ٍم‬
‫وؿ أىم ور لًمتىػعد و‬ ‫ً‬
‫العاـ يى ىو في اللُّغىة‪ :‬يش يم ي ٍ ي ى‬
‫ً‬
‫ش ًرىك ًة‬
‫ص ُّوىر ال ا‬ ‫وؿ ال ىٍم ٍن ًط ًقيُّو ىف‪ :‬ال ىٍع ُّ‬
‫اـ ىما ىَل يى ٍمنى يع تى ى‬ ‫ط بً ًه ٍم‪ ،‬ىكلً ىذلً ى‬
‫ك يىػ يق ي‬ ‫ىحا ى‬ ‫ً‬
‫ٍخبىػ ير إ ىذا ىشملى يه ٍم ىكأ ى‬
‫ال ى‬
‫اإلنٍس ً‬ ‫ًً‬
‫اف‪ .‬ىكيى ٍج ىعليو ىف ال يٍمطٍلى ىق ىع ًّاما‪.‬‬ ‫فيو ىك ًٍ ى‬
‫ك في اَلصطالح عرفو المؤلف بقولو‪« :‬اللفظ المستغرؽ لجميع أفراده بال حصر»‪.‬‬
‫كعرفو بعض األصوليين بتعريف قريب منو كىو ‪« :‬اللفظ المستغرؽ لما يصلح لو دفعة‬
‫بوضع كاحد من غير حصر‪».‬‬
‫قولو‪ " :‬اللفظ " جنس يشمل كل ما يتلفظ بو مما يتكوف من حركؼ ىجائية‪ ،‬سواء كاف‬
‫مهمالن‪ ،‬أك مستعمالن‪ ،‬عاما أك خاصا‪ ،‬مطلقا أك مقيدان‪ ،‬مجمالن أك مفصالن‪ ،‬حقيقة أك‬
‫مجازان‪.‬كالمقصود ىنا باللفظ ىو‪ :‬اللفظ الواحد‪ ،‬لكن لم يذكر لفظ"الواحد" للعلم بو‪.‬‬
‫كقد عبار ب " اللفظ " إلخراج أمرين ىما‪:‬‬
‫األمر األكؿ‪ :‬العموـ المعنوم‪ ،‬أك المجازم كقولنا‪ " :‬ىذا مطر عاـ "‪ ،‬فإف مثل ذلك َل‬
‫يدخل في التعريف "‪ ،‬كذلك ألف العموـ المعنوم َل يتحد الحكم فيو‪ ،‬بل يختلف ‪-‬‬
‫أما العموـ اللفظي كىو ما نحن بصدده فإف الحكم فيو متحد‪ ،‬أم‪ :‬قولنا‪ " :‬أكرـ‬
‫الطالب " عاـ كشامل جميع الطالب بدكف تخصيص‪.‬‬
‫األمر الثاني‪ :‬األلفاظ المركبة‪ ،‬أم‪ :‬أف قولو‪ " :‬اللفظ " أخرج الشيء الذم أفاد‬
‫العموـ‪ ،‬كلكن بأكثر من لفظ كقولهم‪ " :‬ضرب زيد عمران "‪ ،‬فإف العموـ قد استفدناه‬
‫من الفاعل كىو الضارب كىو زيد‪ ،‬كالمفعوؿ بو‪ ،‬كىو المضركب كىو عمرك‪ ،‬كالفعل‬
‫كىو‪ :‬الضرب‪ ،‬ككقولهم‪ " :‬كالـ منتشر "‪.‬‬
‫قولو‪ " :‬المستغرؽ " أم‪ :‬يشترط أف يكوف اللفظ متناكَلن لما كضع لو من األفراد دفعة‬
‫كاحدة‪ .‬كقد عبار بلفظ " المستغرؽ " إلخراج اللفظ المهمل ك اللفظ المطلق ك‬
‫النكرة في سياؽ اإلثبات ك بياف ذلك كاآلتي‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬اللفظ المهمل مثل‪ " :‬غراكف "‪ ،‬حيث إنو َل يدخل في التعريف؛ ألف اَلستغراؽ‬
‫فرع اَلستعماؿ كالوضع‪ ،‬كالمهمل غير موضوع لمعنى كغير مستعمل‪ ،‬فمن باب ٍأكلى‬
‫أنو َل يستغرؽ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬اللفظ المطلق مثل قولو تعالى‪( :‬فتحرير رقبة) ‪ ،‬فإنو َل يدخل في التعريف‪ ،‬ألف‬
‫اللفظ المطلق يتناكؿ كاحدان َل بعينو أما اللفظ العاـ فإنو يتناكؿ أفرادان بأعيانهم‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬النكرة في سياؽ اإلثبات‪ ،‬حيث َل تدخل في التعريف‪ ،‬ألف النكرة كإف‬
‫كضعت للفرد الشائع في جنسو إَل أنها َل تستغرؽ جميع ما كضعت لو‪ ،‬أم‪ :‬أنها لم‬
‫تتناكلو دفعة كاحدة‪ ،‬كإنما تتناكلو على سبيل البدؿ‪ ،‬فمثالن‪ " :‬أطعم فقراء " معناه‪ :‬حقق‬
‫اإلطعاـ في أقل الجمع كىو‪ :‬ثالثة‪ ،‬فإذا أطعمت ثالثة رجاؿ مثال فإنك تخرج عن‬
‫العهدة‪.‬‬
‫قولو‪ " :‬لجميع أفراده بال حصر " اَلحتراز عن اللفظ الذم استعمل في بعض ما‬
‫ااس) ‪ ،‬فإف لفظ" الناس " صيغة من صيغ‬ ‫اً‬
‫اؿ لى يه يم الن ي‬
‫ين قى ى‬
‫يصلح لو مثل قولو تعالى‪( :‬الذ ى‬
‫العموـ‪ ،‬كلكن لم يقصد بها ىنا العموـ‪ ،‬بل قصد بها فرد كاحد‪ ،‬كىو‪ :‬نعيم بن‬
‫مسعود‪ ،‬كقيل‪ :‬طائفة من األعراب استأجرتهم قريش‪ ،‬كقيل غير ذلك‪.‬‬
‫ك لو زاد المؤلف في التعريف ‪« :‬لما يصلح لو دفعة بوضع كاحد» كاف عندم أدؽ‬
‫كاهلل أعلم ألف قولنا «لما يصلح لو» معناه‪ :‬ما كضع لو اللفظ‪ ،‬فالمعنى الذم لم‬
‫يوضع لو اللفظ َل يكوف اللفظ صالحان لو‪ .‬فمثالن لفظ " ىم ٍن " كضع للعاقل‪ ،‬كلفظ " ما‬
‫" كضع لغير العاقل‪ ،‬كىما من صيغ العموـ فال يمكن أف تستعمل " من " لغير العاقل‪،‬‬
‫فنقوؿ‪ " :‬اشتر من رأيتو من البهائم "‪ ،‬كَل يمكن أف تستعمل " ما " للعاقل فتقوؿ‪" :‬‬
‫أكرـ ما رأيتو من العلماء "‪.‬‬
‫ك قولنا‪« :‬بوضع كاحد معناه»‪ :‬أف يكوف اللفظ يدؿ على معناه بحسب كضع كاحد‪.‬‬
‫كىذه العبارة أتينا بها إلخراج أمرين ىما‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬اللفظ المشترؾ؛ ألف المشترؾ ىو اللفظ الداؿ على معنيين‪ ،‬فأكثر َل مزية‬
‫ألحدىا على اآلخر مثل‪ " :‬العين "‪ ،‬ك "القرء"‪ ،‬أما اللفظ العاـ فهو اللفظ الواحد‬
‫الموضوع لمعنى كاحد‪ ،‬ىذا المعنى عاـ‪.‬‬
‫كلهذا‪ :‬نعمل باللفظ العاـ؛ ألف معناه كاحد قد فهمناه‪ .‬أما اللفظ المشترؾ‪ ،‬فال نعمل‬
‫بو إَل بعد أف تأتي قرينة ترجح أحد المعاني‬
‫الثاني‪ :‬اللفظ الصالح للحقيقة كالمجاز مثل‪ " :‬األسد "‪.‬‬
‫ك ليعلم طالب العلم أف العموـ من عوارض األلفاظ حقيقة‪ ،‬كالعوارض‪ :‬جمع عارض‪،‬‬
‫كالعارض ىو الذم يذىب كيجيء‪ ،‬كلذلك سمي الماؿ عرضان في قولو تعالى‪( :‬تي ًري يدك ىف‬
‫ض ُّ‬
‫الدنٍػيىا) ألنو يذىب كيجيء‪ ،‬فالعموـ عارض للفظ قد يجيء إليو‪ ،‬كقد يزكؿ عنو‪.‬‬ ‫ىع ىر ى‬

‫صيغ العموـ‪:‬‬

‫ذىب جمهور العلماء إلى أف العموـ لو صيغة في اللغة خاصة بو موضوعة لو تدؿ عليو‬
‫حقيقة‪ ،‬كَل تحمل على غيره إَل بقرينة ‪ -‬كىي‪ :‬صيغ العموـ التي سيأتي ذكرىا كأدكات‬
‫الشرط كاَلستفهاـ‪ ،‬ككل اسم دخلت عليو " أؿ " اَلستغراقية‪ ،‬ك " كل " ك " جميع "‬
‫كغيرىا ألف الصحابة أجمعوا على أف تلك الصيغ للعموـ؛ حيث كانوا يجركف تلك‬
‫األلفاظ على العموـ إذا كردت في الكتاب كالسنة‪ ،‬كَل يطلبوف دليالن على ذلك؛ نظران‬
‫ألف إفادتها للعموـ أمر مسلم بو عندىم من غير خالؼ نقل عنهم‪ ،‬فإف كجدكا‬
‫المخصص أخذكا بو ك خصصوا دليل العموـ‪ ،‬كإف لم يجدكا أجركا تلك الصيغ على‬
‫عمومها ‪ ،‬ككانوا يفعلوف ذلك دكف نكير من أحد‪ ،‬فكاف إجماعان منهم‪.‬‬
‫كمن أمثلة ذلك‪ :‬أنهم عاقبوا جميع السارقين كالسارقات‪ ،‬كعاقبوا جميع الزناة‬
‫سا ًرقىةي) كقولو‪( :‬ال ازانًيىةي‬
‫سا ًر يؽ ىكال ا‬
‫(كال ا‬
‫كالزانيات كذلك لوركد صيغة العموـ في قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ىكال ازانًي)‬
‫كألف ىذه األلفاظ لو لم تكن للعموـ ‪ ،‬لخال التعبير بها عن الفائدة ‪.‬‬
‫كألف عدـ اعتبار عمومها يؤدم إلي اختالؿ أكامر الشرع العامػة ‪ ،‬ألف كػل كاحػد يمكنػو‬
‫أف يقوؿ ‪ :‬لم أعلم أنني مراد بهذا اللفظ ‪.‬‬
‫كألف السيد لو قاؿ لعبده ‪ :‬من دخل دارم فأكرمو‪ ،‬فأكرـ العبد كل داخل لم يكن‬
‫للسيد أف يعترض عليو ‪ ،‬فلو اعترض عليو السيد كقاؿ ‪ :‬لم أكرمت ىذا كىو قصير‬
‫كإنما أردت الطويل ؟ فقاؿ العبد ‪ « :‬ما أمرتني بهذا ‪ ،‬كإنما أمرتني بإكراـ كل داخل »‬
‫فجميع العقالء يركف العبد مصيبا ‪ ،‬كيركف اعتراض السيد ساقطا ‪.‬‬
‫كما أف ىذا العبد لو امتنع عن إكراـ الداخلين فقاؿ لو السيد ‪ :‬لماذا لم تكرمو ؟‬
‫فقاؿ ‪ :‬ألنو غني كلفظك َل يقتضي العموـ فيحتمل أنك أردت الفقراء خاصة ‪ ،‬كاف‬
‫ىذا العبد مستحقا للتأديب في نظر عامة العقالء ‪.‬‬
‫كذىب جماعة يقاؿ لهم ‪ :‬أرباب الخصوص ‪ ،‬إلي إنكار كضع صيغ للعموـ ‪ ،‬فهذه‬
‫الصيغ عندىم حقيقة في الخصوص ‪ ،‬كتستعمل في العموـ بقرينة ‪.‬‬
‫أما عند عدـ القرينة فتحتمل على أقل الجمع بدعول أنو القدر المستيقن دخولو تحت‬
‫اللفظ ‪ ،‬كالباقي مشكوؾ فيو ‪ ،‬كَل ثبوت مع الشك ‪.‬‬
‫كذىب األشعرم كجماعة إلي التوقف في صيغ العموـ بدعول أف كوف ىذه الصيغ‬
‫للعموـ َل دليل عليو من عقل أك نقل ‪ ،‬إذ العقل َل مدخل لو في اللغات ‪ ،‬كالنقل إما‬
‫تواترا أك آحاد ‪ ،‬كاآلحاد َل حجة فيو ‪ ،‬كالمتواتر َل يمكن دعواه ألنو لو كجد ألفاد‬
‫العلم الضركرم ‪.‬‬
‫كألف ىذه الصيغ من باب المشترؾ فال يستعمل في أحد معانيو إَل بدليل ‪ .‬كيسمي‬
‫أصحاب ىذا المذىب ‪ :‬الواقفية ‪.‬‬
‫كالمختار مذىب الجمهور ‪ ،‬ألف أدلة مخالفيهم تحكم ظاىر الفساد كما لم يقل أحد‬
‫من الفقهاء ‪ :‬إف الواجب بقولو ‪( :‬فاقتلوا المشركين) قتل ثالثة ألنو المتيقن‪.‬‬

‫صيغ العموـ سبع‪:‬‬


‫ُ ‪ -‬ما دؿ على العموـ بمادتو مثل‪ :‬كل‪ ،‬كجميع‪ ،‬ككافة‪ ،‬كقاطبة‪ ،‬كعامة؛ كقولو‬
‫تعالى‪{ :‬إًناا يك ال ىش ٍي وء ىخلى ٍقنىاهي بًىق ىد ور} [القمر‪]ْٗ:‬‬
‫ك‪ :‬قولو تعالى‪{ :‬كل نفس ذائقة الموت} كقولو‪{ :‬كل آمن باهلل كمالئكتو} ك نحو ‪:‬‬
‫جاء الطالب جميعهم ‪.‬‬

‫صالًحان فىلًنىػ ٍف ًسو} [الجاثية‪ :‬من اآلية ُٓ]‬ ‫ً‬


‫{م ٍن ىعم ىل ى‬
‫ِ ‪ /‬أسماء الشرط؛ كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫{فىأىيٍػنى ىما تيػ ىولُّوا فىػثى ام ىك ٍجوي اللا ًو} [البقرة‪ :‬من اآلية ُُٓ]‬

‫كمن األمثلة كذلك قولو تعالى‪{ :‬كما تفعلوا من خير يعلمو اهلل} ك قولو‪{ :‬فمن يعمل‬
‫مثقاؿ ذرة خيران يره} ك قولو‪{ :‬أينما تكونوا يدرككم الموت} ك نحو‪ :‬متى زرتني‬
‫أكرمتك‪.‬‬

‫ّ‪/‬أسماء اَلستفهاـ؛ كقولو تعالى‪{ :‬فى ىم ٍن يىأٍتًي يك ٍم بً ىم واء ىم ًعي ون} [الملك‪ :‬من اآلية َّ]‬
‫ين} [القصص‪ :‬من اآلية ٓٔ] {فأين تذىبوف} [التكوير‪.]ِٔ :‬‬ ‫ً‬
‫ىج ٍبتي يم ال يٍم ٍر ىسل ى‬
‫{ماذىا أ ى‬
‫ى‬

‫ك من األمثلة على ذلك ‪ :‬من يعلمكم القرآف؟‪ ..‬ك متى تغادركف؟ ‪..‬ك أين تعملوف؟‬

‫ص اد ىؽ بً ًو أيكلىئً ى‬
‫ك يى يم‬ ‫ْ‪/‬األسماء الموصولة؛ كقولو تعالى‪{ :‬كالا ًذم جاء بً ٍّ ً‬
‫الص ٍدؽ ىك ى‬ ‫ىى‬ ‫ى‬
‫ال يٍمتاػ يقو ىف} [الزمر‪.]ّّ:‬‬
‫اه ٍم يسبيػلىنىا} [العنكبوت‪ :‬من اآلية ٗٔ]‪{ .‬إً اف فًي ىذلً ى‬
‫ك‬ ‫ً‬ ‫{كالا ًذين ج ى ً‬
‫اى يدكا فينىا لىنىػ ٍهديىػنػ ي‬ ‫ى ى ى‬
‫ات ىكىما فًي ٍاأل ٍىرض} [آؿ‬ ‫سماك ً‬ ‫شى} [النازعات‪ً ً ً .]ِٔ:‬‬ ‫لى ًع ٍبػ ىرنة لً ىم ٍن يى ٍخ ى‬
‫{كللاو ىما في ال ا ى ى‬
‫ى‬
‫عمراف‪ :‬من اآلية ُِٗ]‪.‬‬

‫ك من األمثلة كذلك قولو تعالى‪{ :‬ما عندكم ينفد كما عند اهلل باؽ} ك قولو ‪{ :‬كَل‬
‫تؤمنوا إَل لمن تبع دينكم}‪.‬‬

‫ٓ ‪ /‬النكرة في سياؽ النفي أك النهي أك الشرط أك اَلستفهاـ اإلنكارم؛ كقولو تعالى‪:‬‬


‫{كا ٍعبي يدكا اللاوى ىكَل تي ٍش ًريكوا بً ًو ىش ٍيئان} [النساء‪:‬‬
‫{كما من الو إَل اهلل} [آؿ عمراف‪ ]ِٔ :‬ى‬
‫من اآلية ّٔ]‪{ .‬إً ٍف تيػ ٍب يدكا ىش ٍيئان أ ٍىك تي ٍخ يفوهي فىًإ اف اللاوى ىكا ىف بً يك ٍّل ىش ٍي وء ىعلًيمان}‬
‫ضيى واء أىفىال تى ٍس ىمعيو ىف}[القصص‪:‬من اآلية‬
‫[األحزاب‪{]ْٓ:‬من إًلىوه غىٍيػر اللا ًو يأٍتًي يكم بً ً‬
‫ى ٍ‬ ‫ي‬ ‫ىٍ‬
‫ُٕ]‬

‫مثاؿ النكرة في سياؽ النفي‪َ:‬ل رجل في الدار‪.‬‬


‫مثاؿ النكرة في سياؽ النهي‪َ :‬ل تظلم أحدا‬
‫مثاؿ النكرة في سياؽ الشرط‪ :‬إف تركت كاجبا عاقبتك‪.‬‬
‫مثاؿ اَلستفهاـ اإلنكارم‪:‬ما دين غير اإلسالـ ينفعك يوـ القيامة‪.‬‬
‫مالحظة‪:‬‬
‫تكوف النكرة في سياؽ النفي نصا صريحان في العموـ في الحاَلت اآلتية‪:‬‬
‫ُ‪ /‬إذا بنيت مع َل نحو‪َ ،‬ل إلو إَل اهلل‪.‬‬
‫ِ‪ /‬إذا زيدت قبلها من كتزاد من قبلها في ثالثة مواضع‪:‬‬
‫أ‪ /‬قبل الفاعل مثل {لتنذر قومان ما أتاىم من نذير} اآلية‪.‬‬
‫ب‪ /‬قبل المفعوؿ مثل {كما أرسلنا من قبلك من رسوؿ} اآلية‪.‬‬
‫جػ‪ /‬قبل المبتدأ مثل {كما من إلو إَل إلو كاحد} ‪.‬‬
‫ّ‪ /‬النكرة المالزمة للنفي مثل‪ :‬ديار كما في قولو تعالى عن نوح‪َ{ :‬ل تذر على األرض‬
‫من الكافرين ديارا} ‪.‬‬
‫كتكوف ظاىرة َل نصان فيما عدا ذلك كالنكرة العاملة فيها " َل " عمل ليس مثل قولك‬
‫َل رجل في الدار‪.‬‬

‫المعرؼ باإلضافة مفردان كاف أـ مجموعان؛ كقولو تعالى‪{ :‬ك أذكركا نعمة اهلل‬
‫ٔ‪ٌ /‬‬
‫عليكم} [أعراؼ‪]ْٕ :‬‬

‫ك من األمثلة كذلك قولو تعالى ‪{:‬كإف تعدكا نعمة اهلل َل تحصوىا}‪ .‬دؿ على أنو يفيد‬
‫العموـ صحة اَلستثناء منو تقوؿ‪ " :‬أكرـ عالم ىذه المدينة إَل زيدان "‪ ،‬كاَلستثناء يدؿ‬
‫على أف المستثنى منو عاـ‪ .‬كبناء على ذلك‪ :‬فإنو لو قاؿ‪ " :‬زكجتي طالق كعبدم حر "‬
‫كلم ينو معينان‪ ،‬فإف جميع زكجاتو طوالق أك جميع عبيده أحرار استدَلَلن بهذه القاعدة‪.‬‬
‫مالحظة ‪:‬‬
‫مما يدؿ على أف ىذه الصيغ تفيد العموـ كالـ إمامنا األعظم سيد الخلق نبينا محمد‬
‫صلاٍيػنىا ىم ىع‬ ‫اؿ‪ :‬يكناا إًذىا ى‬ ‫صلى اهلل عليو كسلم ففي الصحيح ىع ٍن ىع ٍب ًد اللا ًو بن مسعود قى ى‬
‫ً‬ ‫ادهً‪ ،‬ال ا‬‫سالىـ ىعلىى اللا ًو قىػبل ًعب ً‬ ‫ً‬
‫يل‪،‬‬ ‫سالى يـ ىعلىى ج ٍب ًر ى‬ ‫ٍى ى‬ ‫صلاى اهللي ىعلىٍيو ىك ىسلا ىم قيػلٍنىا‪ :‬ال ا ي‬ ‫النابً ٍّي ى‬
‫صلاى اهللي ىعلىٍي ًو‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫ً ً‬
‫ؼ النابً ُّي ى‬ ‫ص ىر ى‬
‫سالى يـ ىعلىى فيالىف ىكفيالىف‪ ،‬فىػلى اما انٍ ى‬ ‫يل‪ ،‬ال ا‬ ‫سالى يـ ىعلىى مي ىكائ ى‬ ‫ال ا‬
‫ىح يد يك ٍم‬‫سأى‬ ‫ً‬
‫سالى يـ‪ ،‬فىإذىا ىجلى ى‬ ‫اؿ [ص‪ " :]ِٓ:‬إً اف اللاوى يى ىو ال ا‬ ‫ىك ىسلا ىم‪ ،‬أىقػٍبى ىل ىعلىٍيػنىا بًىو ٍج ًه ًو‪ ،‬فىػ ىق ى‬
‫ك أىيُّػ ىها النابً ُّي‬‫سالى يـ ىعلىٍي ى‬‫ات‪ ،‬ال ا‬ ‫ات‪ ،‬ىكالطايٍّبى ي‬
‫صلى ىو ي‬‫ات لًلا ًو‪ ،‬ىكال ا‬‫احيا ي‬ ‫صالىةً فىػ ٍليػ يقل‪ :‬الت ً‬
‫ى ٍ‬ ‫فًي ال ا‬
‫اؿ ىذلً ى‬ ‫ين‪ ،‬فىًإناوي إً ىذا قى ى‬ ‫سالىـ ىعلىيػنىا ك ىعلىى ًعب ً‬
‫اد اللا ًو ال ا ً ً‬ ‫ً‬
‫اب‬
‫ىص ى‬ ‫كأ ى‬ ‫صالح ى‬ ‫ى‬ ‫ىكىر ٍح ىمةي اللاو ىكبىػ ىرىكاتيوي‪ ،‬ال ا ي ٍ ى‬
‫س ىم ًاء ىكاأل ٍىر ً‬
‫ض‪ ،‬أى ٍش ىه يد أى ٍف َلى إًلىوى إًاَل اللاوي‪ ،‬ىكأى ٍش ىه يد أى اف يم ىح ام ندا ىع ٍب يدهي‬ ‫صالً وح فًي ال ا‬ ‫و‬
‫يك ال ىع ٍبد ى‬
‫ً‬
‫اء "‬‫ىكىر يسوليوي‪ ،‬ثي ام يىػتى ىخياػ ٍر بىػ ٍع يد م ىن ال ىكالىًـ ىما ىش ى‬

‫سا يف‬ ‫{ك يخلً ىق ًٍ‬


‫اإلنٍ ى‬ ‫ٕ ‪ /‬المعرؼ بأؿ اَلستغراقية مفردان كاف أـ مجموعان؛ كقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ٍحلي ىم فىػلٍيى ٍستىأ ًٍذنيوا ىك ىما‬ ‫ض ًعيفان} [النساء‪ :‬من اآلية ِٖ]‪{ .‬كإًذىا بػلى ىغ ٍاألىطٍ ىف ي ً‬
‫اؿ م ٍن يك يم ال ي‬ ‫ى ى‬ ‫ى‬
‫ين ًم ٍن قىػ ٍبلً ًهم} [النور‪ :‬من اآلية ٗٓ]‪.‬‬ ‫اً‬
‫استىأٍذى ىف الذ ى‬ ‫ٍ‬
‫عاما فالمع ارؼ عاـ‪ ،‬كإف كاف‬ ‫كأما المعرؼ بأؿ العهدية‪ ،‬فإنو بحسب المعهود فإف كاف ًّ‬
‫ك لًل ىٍمالئً ىك ًة إًنٍّي ىخالً هق بى ى‬
‫شران‬ ‫اؿ ىربُّ ى‬‫خاصا فالمع ارؼ خاص‪ ،‬مثاؿ العاـ قولو تعالى‪{ :‬إً ٍذ قى ى‬ ‫ًّ‬
‫ين}‬ ‫ًً‬ ‫ًمن ًطي ون} [ص‪{ ]ُٕ:‬فىًإذىا س اويػتو كنىػ ىف ٍخ ي ً ً ً ً‬
‫ت فيو م ٍن يركحي فىػ ىقعيوا لىوي ىساجد ى‬ ‫ى ٍيي ى‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫[ص‪]ّٕ:‬‬ ‫ىج ىمعيو ىف} ٌ‬ ‫س ىج ىد ال ىٍمالئً ىكةي يكلُّ يه ٍم أ ٍ‬
‫[ص‪{ ]ِٕ:‬فى ى‬ ‫ٌ‬
‫كمثاؿ الخاص قولو تعالى‪ { :‬ىك ىما أ ٍىر ىسلٍنىا إًلىى فً ٍر ىع ٍو ىف ىر يسوَلن} [المزمل‪ :‬من اآلية ُٓ]‬
‫ىخ ٍذنىاهي أى ٍخذان ىكبًيالن} [المزمل‪]ُٔ:‬‬ ‫صى فً ٍر ىع ٍو يف ال ار يس ى‬
‫وؿ فىأ ى‬ ‫{فىػ ىع ى‬
‫كأما المعرؼ «بأؿ» التي لبياف الجنس؛ فال يعم األفراد‪ ،‬فإذا قلت‪ :‬الرجل خير من‬
‫المرأة‪ ،‬أك الرجاؿ خير من النساء‪ ،‬فليس المراد أف كل فرد من الرجاؿ خير من كل‬
‫فرد من النساء‪ ،‬كإنما المراد أف ىذا الجنس خير من ىذا الجنس‪ ،‬كإف كاف قد يوجد‬
‫من أفراد النساء من ىو خير من بعض الرجاؿ‪.‬‬
‫من األمثلة على ذلك قولو تعالى‪{ :‬قد أفلح المؤمنوف} ك قولو‪{ :‬كالعصر إف ًاإلنساف‬
‫لفي خسر إَل الذين آمنوا ‪ } ...‬ك قولو صلى اهلل عليو كسلم‪ " ،‬إذا التقى المسلماف‬
‫بسيفيهما‪"..‬الحديث فإنو يعم كل مسلمين‪ .‬بشرط‪ :‬أف َل تكوف " أؿ " ىذه عهدية‬
‫تعود على خاص كما نبو على ذلك المصنف‪.‬‬
‫كدؿ على عموـ ىذه الصيغ‪ :‬صحة اَلستثناء من المع ارؼ بأؿ مفردا كاف أك مثنى أك‬
‫جمعا فتقوؿ‪ " :‬أكرـ الرجاؿ إَل زيدان "‪ ،‬فلو لم يفد العموـ لما صح اَلستثناء منو‪.‬‬
‫س ىج ىد ال ىٍم ىالئً ىكةي يكلُّ يه ٍم أ ٍ‬
‫ىج ىمعيو ىف)‪.‬‬ ‫كأيضان‪ :‬أنو يؤكد بما يقتضي العموـ‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬فى ى‬

‫العمل بالعاـ‪:‬‬
‫يجب العمل بعموـ اللفظ العاـ حتى يثبت تخصيصو؛ ألف العمل بنصوص الكتاب‬
‫كالسنة كاجب على ما تقتضيو دَللتها‪ ،‬حتى يقوـ دليل على خالؼ ذلك‪.‬‬

‫إذا كرد لفظ من ألفاظ العموـ السابقة فهل يجب على السامع اعتقاد عمومو ك العمل‬
‫بو قبل أف يبحث عن الدليل المخصص‪ ،‬أك َل يجب اعتقاد عمومو إَل بعد البحث عن‬
‫المخصص فال يجد؟‬
‫اختلف األصوليوف في ذلك على مذىبين‪:‬‬
‫المذىب األكؿ‪ :‬أنو يجب اعتقاد عموـ اللفظ في حاؿ علمنا بو‪ ،‬ك كجب العمل‬
‫مخصصا تركنا العاـ‬
‫بذلك‪ ،‬قبل البحث عن المخصص‪ ،‬كفي حين عملنا بو فإف كجدنا ٍّ‬
‫المخصص‬
‫ٍّ‬ ‫كاعتقدنا المخصص ‪ -‬كما بقي بعد التخصيص إف بقي شيء كإف لم نجد‬
‫لو نستمر في العمل بالعاـ‪.‬‬
‫صص تغير ذلك‬
‫المخصص‪ ،‬فإذا ظهر المخ ا‬
‫ٍّ‬ ‫أم‪ :‬يجب اعتقاد عموـ اللفظ قبل ظهور‬
‫اَلعتقاد ك ىذا اختيار المحققين من أىل العلم ك الذم يدؿ عليو الدليل ك النظر‬
‫الصحيح ‪ .‬ك قد استدلوا بأدلة كثيرة منها‪:‬‬
‫الدليل األكؿ‪ :‬أف ترؾ التمسك بالعاـ َلحتماؿ كجود المخصص‪:‬يلزـ منو‪ :‬ترجيح‬
‫المرجوح على الراجح‪ ،‬كىو ممتنع‪ ،‬بياف ذلك‪ :‬أف اللفظ العاـ راجح؛ حيث إنو قد‬
‫كجد كأثبت الحكم بال شك فهو معلوـ قطعان‪ ،‬كاحتماؿ كجود المخصص مرجوح؛‬
‫حيث إنو مجرد احتماؿ َل دليل عليو قد يثبت كقد َل يثبت‪ ،‬فكوننا نترؾ دليالن‬
‫مخصص ىذا ترجيح المرجوح على‬ ‫قد ثبت كىو اللفظ العاـ من أجل احتماؿ كجود ٌ‬
‫الراجح‪ ،‬كىذا ممتنع عقالن‪.‬‬
‫الدليل الثاني‪ :‬أف األصل عدـ المخصص‪ ،‬كذلك يوجب ظن عدـ المخصص‪ ،‬كىو‬
‫يكفي في ظن إثبات الحكم باللفظ العاـ‪.‬‬
‫الدليل الثالث‪ :‬أف احتماؿ كجود الشيء َل يترؾ بو الشيء الثابت بدليل عمل الصحابة‬
‫رضي اللاو عنهم في النسخ‪ :‬فقد كاف الصحابة ‪ -‬رضواف اللاو عليهم ‪ -‬يعتقدكف‬
‫بسبب كثرة ما نزؿ عليهم من الناسخ كالمنسوخ ‪ -‬أف كل حكم ينزؿ عليهم سينسخ‬
‫فيما بعد‪ ،‬كلكن ىذا اَلعتقاد لم يمنعهم من العمل بالحكم حاؿ نزكلو‪ ،‬فإذا‬
‫نزؿ ما ينسخو تركوا المنسوخ‪ ،‬كعملوا بالناسخ‪.‬فكذلك ىنا‪ :‬يجب اعتقاد عموـ اللفظ‬
‫حاؿ علمنا بو‪ ،‬كالعمل على ذلك كإف كنا نحتمل كجود مخصص لو‪ ،‬فإف ثبت ىذا‬
‫مخصص نستمر في العمل‬
‫المخصص تركنا العاـ كعملنا بالمخصص‪ ،‬كإف لم يثبت ٍّ‬
‫ٍّ‬
‫على العموـ‪ ،‬كىذا فيو من اَلحتياط ما يعلمو كل فطن‪.‬‬
‫المذىب الثاني‪ :‬أنو َل يجب اعتقاد عموـ اللفظ كالعمل بو حتى يبحث عن‬
‫المخصص‪ ،‬فال يجد ما يخصو ‪ .‬ك ىذا اختيار بعض األصوليين ك استدلوا بأدلة منها‬
‫م صيغة من صيغ العموـ السابقة الذكر َل تفيد العموـ إَل بشرط كىو‪ :‬عدـ‬
‫أف أ ا‬
‫المخصص‪ ،‬كقبل طلب المخصص يكوف كجوده كعدمو مشكوكا فيو‪ ،‬كالشك في‬
‫الشرط يوجب الشك في المشركط‪ ،‬أم‪ :‬إذا شككنا في كجود المخصص كعدـ‬
‫كجوده‪ :‬فإف ىذا يلزـ منو أف نشك في ىذا اللفظ ىل أفاد العموـ أك َل؟‬
‫إذف‪ :‬حجتو بالنسبة إلى كل فرد مشكوؾ فيها‪ ،‬كالمشكوؾ فيو َل يعمل بو‪.‬‬
‫سلٍّ يم أف كجود المخصص كعدمو مشكوؾ فيو‪ ،‬بل عدمو‬‫ك قد أجاب العلماء أنا َل ني ى‬
‫عندنا أغلب على الظن‪ ،‬فيكوف ظن حجية اللفظ العاـ أغلب‪ ،‬فعلى ىذا يعتقد عمومو‪،‬‬
‫كيجب العمل بذلك‪.‬‬
‫كإذا كرد العاـ على سبب خاص كجب العمل بعمومو؛ ألف العبرة بعموـ اللفظ َل‬
‫بخصوص السبب‪ ،‬إَل أف يدؿ دليل على تخصيص العاـ بما يشبو حاؿ السبب الذم‬
‫كرد من أجلو فيختص بما يشبهها‪.‬‬
‫مثاؿ ما َل دليل على تخصيصو‪ :‬آيات الظهار؛ فإف سبب نزكلها ظهار أكس بن‬
‫الصامت‪ ،‬كالحكم عاـ فيو كفي غيره‪.‬‬
‫كمثاؿ ما دؿ الدليل على تخصيصو قولو صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪« :‬ليس من البر الصياـ‬
‫في السفر» ‪ ،‬فإف سببو أف النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم كاف في سفر فرأل‬
‫زحامان كرجالن قد ظيلٍّل عليو فقاؿ‪« :‬ما ىذا»؟ قالوا‪ :‬صائم‪ .‬فقاؿ‪« :‬ليس من البر‬
‫الصياـ في السفر»‪ ،‬فهذا العموـ خاص بمن يشبو حاؿ ىذا الرجل؛ كىو من يشق‬
‫عليو الصياـ في السفر‪ ،‬كالدليل على تخصيصو بذلك أف النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم‬
‫كاف يصوـ في السفر حيث كاف َل يشق عليو‪ ،‬كَل يفعل صلٌى اهلل عليو كسلٌم ما ليس‬
‫ببر‪.‬‬

‫خالصة ىذا المبحث أنو إذا كرد لفظ العموـ على سبب خاص لم يسقط عمومو سواء‬
‫كاف السبب سؤاَل أك غيره كما ثبت أنو صلى اهلل عليو كسلم مر على شاة ميتة لميمونة‬
‫فقاؿ‪" :‬أيما أىاب دبغ فقد طهر" كيدؿ لذلك أف الصحابة كانوا يستدلوف بالعمومات‬
‫الواردة في أسباب خاصة من غير خالؼ‪ ،‬كأصرح األدلة في ذلك أف األنصارم الذم‬
‫قبل األجنبية كنزلت فيو {كإف الحسنات يذىبن السيئات} سأؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل‬
‫عليو كسلم عن حكم ىذه اآلية ىل يختص بو بقولو‪" :‬ألي ىذا كحدم " فأجابو النبي‬
‫صلى اهلل عليو كسلم بما يدؿ على التعميم حيث قاؿ‪" :‬بل ألمتي كلهم " كيوضحو من‬
‫جهة اللغة‪ :‬أف الرجل لو قالت لو زكجتو‪ :‬طلقني فطلق جميع نسائو كقع الطالؽ عليهن‬
‫كلم يختص بالطالبة كحدىا‪ .‬ك يستثنى من ىذه القاعدة ما إذا كرد دليل يخصص ذلك‬
‫كما قاؿ المؤلف‪.‬‬
‫يبقى أف ننبو على القوؿ الثاني في المسألة كىو أف العبرة بخصوص السبب‪َ ،‬ل بعموـ‬
‫اللفظ‪ .‬أم‪ :‬أف اللفظ العاـ الوارد على سبب خاص يختص بو‪.‬فال يعمل بالعاـ على‬
‫عمومو‪ .‬كىو مذىب اإلماـ مالك في ركاية عنو‪ ،‬كاختاره بعض الشافعية كالمزني‪،‬‬
‫كالدقاؽ‪ ،‬كالقفاؿ‪ ،‬كحكي عن اإلماـ الشافعي‪ ،‬كحكي عن أبي ثور‪.‬‬
‫ك استدؿ أصحاب ىذا القوؿ على أنو لو كاف الخطاب الوارد على سبب عاما‪ :‬لجاز‬
‫إخراج السبب عن العموـ باَلجتهاد‪ ،‬كما في غيره من الصور الداخلة تحت العموـ‬
‫ضركرة تساكم نسبة العموـ إلى الكل‪ ،‬كىو خالؼ اإلجماع‪.‬‬
‫فمثالن‪ :‬نزلت آية اللعاف بسبب قصة عويمر العجالني ك ىالؿ بن أمية‪ ،‬كىي بلفظ عاـ‪،‬‬
‫فإف حكم اللعاف يختص بعويمر ك ىالؿ؛ ألنو لو لم يختص حكم اللعاف بهما ‪ -‬كىما‬
‫سببا نزكلو ‪ -‬لجاز إخراج السبب ‪ -‬أم‪ :‬إخراج عويمر ك ىالؿ ‪ -‬بالتخصيص كأم‬
‫فرد من أفراد العموـ‪ ،‬كلكنو َل يجوز إخراجهما؛ ألف اآليات نزلت بشأنهما أصالن‪ ،‬كما‬
‫داـ أنو َل يخرجاف بأم حاؿ‪ ،‬بينما غيرىما من األفراد يجوز إخراجو‪ ،‬فثبت أف اللفظ‬
‫مختص بسببو كىو عويمر ك ىالؿ‪ .‬ك قد أجاب الجمهور على ىذا اَلستدَلؿ بأف‬
‫الحكم الوارد بلفظ عاـ على سبب خاص يجب تعميمو لما كرد بشأنو كلغيره‪ ،‬فإف ىذا‬
‫َل يلزـ منو‪ :‬جواز إخراج السبب ‪ -‬كىو ما كرد الحكم بشأنو كعويمر في آيات اللعاف‬
‫‪ -‬كذلك ألنو َل خالؼ في أف كالـ الشارع في آيات اللعاف ‪ -‬مثالن ‪ -‬ىو بياف لحكم‬
‫ما كقع لعويمر ك ىالؿ‪ ،‬كلكن ىل ىذه اآليات الواردة في اللعاف بياف لعويمر ك ىالؿ‬
‫خاصة‪ ،‬أك بياف لهما كلغيرىما مما شابو ذلك؛ ىذا ىو محل النزاع‪ .‬فعندنا‪ :‬أف اللفظ‬
‫الوارد في حكم اللعاف يعم عويمر ك ىالؿ كيعم غيرىما‪ ،‬لكن الفرؽ بينهما كبين‬
‫غيرىما‪ :‬أف اللفظ تناكلهما تناكَلن قطعيا‪ ،‬كتناكؿ غيرىما تناكَلن ظنيا‪ ،‬لذلك قلنا ‪ -‬ىناؾ‬
‫‪ :-‬إف دَللة العاـ ظنية‪ ،‬كما داـ أف الخطاب في حق عويمر ك ىالؿ قطعي‪ ،‬فال يمكن‬
‫أف يخصص أك يخرج بحاؿ‪ ،‬أما غيرىما فيجوز تخصيصو بدليل معتبر‪.‬‬

‫الخاص‬

‫بعدما فرغ المؤلف من بياف العاـ شرع في بياف الخاص َلرتباطهما ‪ .‬قاؿ رحمو اهلل‪:‬‬
‫الخاص لغة‪ :‬ضد العاـ‪.‬‬
‫كاصطالحان‪ :‬اللفظ الداؿ على محصور بشخص أك عدد‪ ،‬كأسماء األعالـ كاإلشارة‬
‫كالعدد‪.‬‬
‫فخرج بقولنا‪« :‬على محصور» العاـ‪.‬‬
‫كالتخصيص لغة‪ :‬ضد التعميم‪.‬‬
‫كاصطالحان‪ :‬إخراج بعض أفراد العاـ‪.‬‬
‫كالمخصص ‪ -‬بكسر الصاد ‪ :-‬فاعل التخصيص كىو الشارع‪ ،‬كيطلق على الدليل‬
‫ٍّ‬
‫الذم حصل بو التخصيص‪.‬‬

‫اح ود كما ىد اؿ ىعلىى ىكثٍػرةو‬ ‫ً‬ ‫ظ ال اد ي‬ ‫اص‪ :‬اللا ٍف ي‬


‫ى‬ ‫س ًّمى ىك ى ى‬ ‫اؿ ىعلىى يم ى‬ ‫ٍخ ُّ‬ ‫قاؿ الزركشي ‪ « :‬ال ى‬
‫ٍم ٍف ىرًد ىعلىى‬ ‫اـ تىػ ٍق ًد ً‬ ‫ث فًي ال ىٍع ٍّ‬ ‫ض الٍحنى ًفيا ًة ىعلىى الٍب ٍح ً‬ ‫م ٍخص و ً‬
‫يما لل ي‬ ‫ن‬ ‫ى‬ ‫وصة‪ ،‬ىكل ىه ىذا قى اد ىموي بىػ ٍع ي ى‬ ‫ى ي ى‬
‫ب‪.‬‬ ‫ال يٍمراك ً‬
‫ى‬
‫وص‬
‫ص ه‬ ‫اؿ‪ :‬يخ ي‬ ‫صلي يح لىوي ىَل لً ىج ًم ًيع ًو‪ ،‬ىكقى ٍد ييػ ىق ي‬ ‫ض ىما يى ٍ‬‫وص‪ :‬ىك ٍو يف اللا ٍف ًظ يمتىػنىا ًكنَل لًبىػ ٍع ً‬ ‫ص ي‬ ‫ٍخ ي‬ ‫ىكال ي‬
‫ىس ىم ًاء‬ ‫ً‬
‫اس وم م ٍن أ ٍ‬ ‫صلي يح اإَل لىوي‪ ،‬ىكتىػنى ياكًؿ يك ٍّل ٍ‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫فًي ىك ٍو ًف اللا ٍفظ يمتىػنىا ًكنَل لل ىٍواح ًد ال يٍم ىعيا ًن الا ًذم ىَل يى ٍ‬
‫اب لىوي فًي‬ ‫اج فًي كًتى و‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ار ىؾ ىكتىػ ىعالىى‪ .‬ىكذى ىك ىر الٍق ٍس ىم الثاان ىي ال از اج ي‬
‫اللا ًو تىػعالىى الٍم ٍختى ا ً ً ً‬
‫صة بو لىوي تىػبى ى‬ ‫ي‬ ‫ى‬
‫ض ىي اللاوي ىع ٍنوي ىعباػ ىر‬ ‫شافً ًع اي ر ً‬ ‫ص ىال ًح فًي فىػ ىوائً ًد ًر ٍحلىتً ًو‪ ،‬أى اف ال ا‬ ‫وؿ ال ًٍف ٍق ًو‪ ،‬نىػ ىقلىوي ىع ٍنوي ابٍ ين ال ا‬ ‫يص ً‬
‫ى‬ ‫أي‬
‫ض ٍاألىلٍ ىف ً‬
‫اظ‬ ‫وص ًم ٍن ىع ىوا ًر ً‬ ‫ص ي‬ ‫ٍخ ي‬ ‫اص‪ ،‬ىكال ي‬ ‫ٍخ ٍّ‬ ‫اص‪ ،‬ىك ىع ٍن ال يٍم ٍبػ ىقى ىم ارةن بًال ى‬ ‫ٍخ ٍّ‬ ‫ىع ٍن ال يٍم ٍخ ىر ًج ىم ارةن بًال ى‬
‫ً‬
‫ك‪ .‬ىكفىػ ار ىؽ ال ىٍع ٍس ىك ًر ُّ‬
‫م‬ ‫ضوا لً ىذلً ى‬ ‫سابً يق فًي الٍعي يموـ‪ ،‬ىكلى ٍم يىػتىػ ىع ار ي‬ ‫ؼ ال ا‬ ‫ٍخ ىال ي‬ ‫ح ًقي ىقةن‪ ،‬كفًي الٍمعانًي ال ً‬
‫ىى‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫ض ىما يىػ ٍنطى ًوم ىعلىٍي ًو لىٍفظيوي‬ ‫اص ي يكو يف فًيما يػر ي ً‬
‫اد بًو بىػ ٍع ي‬ ‫ى يى‬ ‫ٍخ ُّ ى‬ ‫اؿ‪ :‬ال ى‬ ‫وص‪ ،‬فىػ ىق ى‬ ‫ص ً‬ ‫ٍخ ي‬‫اص ىكال ي‬ ‫ٍخ ٍّ‬ ‫بىػ ٍي ىن ال ى‬
‫اص ما يػتػناك يؿ أىمرا ك ً‬ ‫ادةو ً‬ ‫ص بًالٍو ٍ ً‬ ‫بًال ىٍو ٍ‬
‫اح ندا‬ ‫ٍخ ُّ ى ى ى ى ى ٍ ن ى‬ ‫يل‪ :‬ال ى‬ ‫‪.‬كق ى‬ ‫ض ًع ىَل بًإ ىر ى ى‬ ‫وص ىما ا ٍختى ا ى‬ ‫ص ي‬ ‫ٍخ ي‬ ‫ض ًع‪ ،‬ىكال ي‬
‫ص ُّح أى ٍف يىػتىػنى ىاكلىوي ىذلً ى‬
‫ك‬ ‫ٍخصوص أى ٍف يػتىػنىاك ىؿ ىش ٍيئنا يدك ىف غىٍي ًرهً‪ ،‬كىكا ىف ي ً‬
‫ى ى‬ ‫ض ًع‪ ،‬ىكال ي ي ي ى ى‬ ‫س ال ىٍو ٍ‬ ‫بًنىػ ٍف ً‬
‫الٍغىٍيػ ير‪ »...‬انتهى‬
‫ك خالصة كالـ المؤلف ‪ :‬الخاص مقابل للعاـ فإذا كاف العاـ يتناكؿ أكثر من كاحد بال‬
‫حصر فإف الخاص َل يتناكؿ سول كاحد ك لهذا قاؿ المؤلف (فخرج بقولنا‪« :‬على‬
‫محصور» العاـ‪ ).‬كزيد مثال أك يتناكؿ أكثر منو كلكنو على سبيل الحصر‪ ،‬كاثنين أك‬
‫خمسة أك مائة ألنو خاص بهذا العدد‪ ،‬كمنو النكرة في سياؽ اإلثبات كقولك رأيت‬
‫رجال في البيت أك اعتق عبدان‪ ،‬فإنو كإف كاف صالحان لكل رجل‪ ،‬كصادقان بأم عبد إَل‬
‫أنو عمليان َل يصدؽ إَل بفرد كاحد يختص بو ألنو بمعنى رأيت رجال كاحدان كاعتق عبدان‬
‫كاحدان‪.‬‬
‫ك قولو ‪«:‬التخصيص إخراج بعض أفراد العاـ‪» .‬المراد من " إخراج بعض افراد العاـ "‪:‬‬
‫قصر حكمو‪ ،‬كإف كاف لفظ العاـ باقيان على عمومو‪ ،‬لكن لفظان َل حكما‪.‬كالمراد من‬
‫قولو‪ " :‬على بعض أفراده " أم‪ :‬أف ىذا العاـ يخصص كيكوف المراد بو بعض أفراده‬
‫ات يػتػرباصن بًأىنٍػ يف ًس ًه ان ثىىالثىةى قيػر و‬
‫كء) ‪،‬‬ ‫ي‬ ‫(كال يٍمطىلا ىق ي ى ى ى ٍ ى‬
‫بسبب قرينة مخصصة‪ .‬مثل قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫فقد أكرد اللاو تخصيص ذلك بقولو‪( :‬كأكَلت األحماؿ أجلهن أف يضعن حملهن) ‪،‬‬
‫فهنا قد خصص الشارع المطلقة الحامل‪ ،‬كجعل عدتها كضع الحمل‪ ،‬فلم يبق لفظ‬
‫العموـ ‪ -‬كىو المطلقات – على عمومو‪ ،‬بل قصره على بعض أفراده‪.‬‬
‫كالمخصص ‪ -‬بكسر الصاد ‪ :-‬فاعل التخصيص كىو الشارع‪ ،‬كيطلق على‬
‫ٍّ‬ ‫ك قولو‪« :‬‬
‫الدليل الذم حصل بو التخصيص‪ ».‬يقصد بالشارع كتاب ربنا ك سنة نبينا صلى اهلل‬
‫عليو ك سلم كأما اإلجماع ك القياس فتبع لهما ‪.‬ك أما الدليل فكآية أك حديث نبوم‬
‫شريف ‪....‬الخ‬

‫كدليل التخصيص نوعاف‪ :‬متصل كمنفصل‪.‬‬


‫فالمتصل‪ :‬ما َل يستقل بنفسو‪.‬‬
‫كالمنفصل‪ :‬ما يستقل بنفسو‪.‬‬

‫أشار المؤلف إلى نوعي المخصص كىما قسماف‪ :‬متصل كمنفصل‪.‬‬


‫األكؿ‪ :‬المخصص المتصل ‪.‬قاؿ‪« :‬ىو ما َل يستقل بنفسو» أم يتعلق معناه باللفظ‬
‫فهو مقارف لو دائمان ك مرتبط بو ‪.‬‬
‫كالثاني‪ :‬المخصص المنفصل ‪.‬قاؿ ‪«:‬ىو ما استقل بنفسو» أم عكس األكؿ َل ارتباط‬
‫لو في الذكر مع العاـ من لفظ أك غيره‪.‬‬
‫ط‬ ‫اص ىل‪ ،‬ىكال ا‬
‫ش ٍر ى‬ ‫صل أىربػعةى أىقٍس واـ‪ً :‬اَل ٍستًثٍػنىاء الٍمت ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ى ي‬ ‫المتى ٍ ٍى ى ى‬ ‫ص ي‬ ‫الم ىخص ى‬ ‫ور ي‬‫ٍج ٍم يه ي‬‫ك قد ىج ىع ىل ال ي‬
‫ب‪ :‬ب ىد ىؿ الٍبػع ً ً‬ ‫اد الٍ ىقرافً ُّي‪ ،‬كابٍن الٍح ً‬
‫ع"‬ ‫از ى‬ ‫ض م ىن الٍ يك ٍّل‪ ،‬ى‬
‫"كنى ى‬ ‫اج ً ى ى ٍ‬ ‫ى ي ى‬ ‫الص ىفةى‪ ،‬ىكالٍغىايىةى‪ .‬ىكىز ى ى‬ ‫ىك ٍّ‬
‫اؿ الٍ ىق ىرافً ُّي‪ « :‬ىكقى ٍد ىك ىج ٍدتيػ ىها‬
‫ك قىائًنال‪ :‬إًناوي فًي نًيا ًة طىٍر ًح ىما قىػ ٍبػلىوي‪ .‬قى ى‬ ‫ىص ىف ىهانً اي فًي ذىلً ى‬ ‫ٍاأل ٍ‬
‫ؼ ال ازم ً‬
‫اف‪،‬‬ ‫اؿ‪ ،‬ىكظىٍر ي ى‬ ‫ٍح ي‬ ‫ً‬
‫سةى ىك ىس ٍبػ ىعةن أي ٍخ ىرل‪ ،‬ىكى ىي‪ :‬ال ى‬ ‫ش ىر‪ ،‬ىى ًذهً ال ى‬
‫ٍخ ٍم ى‬ ‫بً ًاَل ٍستً ٍق ىر ًاء اثٍػنى ٍي ىع ى‬
‫وؿ ًألىجلً ًو‪ ،‬فىػه ًذهً‬ ‫ار‪ ،‬ىكالت ٍاميً ييز‪ ،‬ىكال ىٍم ٍف يع ي‬ ‫ً‬
‫ى‬ ‫وؿ ىم ىعوي‪ ،‬ىكال ىٍم ٍفعي ي ٍ‬ ‫ٍج ٍّ‬
‫كر ىم ىع ال ى‬‫ؼ ال ىٍم ىكاف‪ ،‬ىكال ىٍم ٍج ير ي‬ ‫ىكظىٍر ي‬
‫شر لىيس فًيها ك ً‬
‫اح هد يى ٍستى ًق ُّل بًنىػ ٍف ًس ًو‪ ».‬ق‬ ‫اثٍػنىا ىع ى ى ٍ ى ى ى‬

‫المخصصات المتصلة‬
‫فمن المخصص المتصل‪:‬‬
‫أكَلن‪ :‬اَلستثناء كىو لغة‪ :‬من الثني‪ ،‬كىو رد بعض الشيء إلى بعضو؛ كثني الحبل‪.‬‬
‫كاصطالحان‪ :‬إخراج بعض أفراد العاـ بإَل أك إحدل أخواتها‪ ،‬كقولو تعالى‪{ :‬إً اف اإلنساف‬
‫لىًفي يخس ور} [العصر‪{ ]ِ:‬إًاَل الا ًذين آمنيوا ك ىع ًمليوا ال ا ً ً‬
‫اص ٍوا‬ ‫اص ٍوا بًال ى‬
‫ٍح ٍّق ىكتىػ ىو ى‬ ‫صال ىحات ىكتىػ ىو ى‬ ‫ى ى ى‬ ‫ٍ‬
‫بًال ا‬
‫ص ٍب ًر} [العصر‪]ّ:‬‬
‫فخرج بقولنا‪« :‬بإَل أك إحدل أخواتها»؛ التخصيص بالشرط كغيره‪.‬‬

‫قولو ‪« :‬إخراج بعض أفراد العاـ بإَل أك إحدل أخواتها» األكلى أف يزيد في التعريف‬
‫قيودا حتى يكوف أدؽ كأصح‪ ...‬منها كلمة «قوؿ» حتى تخرج المخصصات العقلية‬
‫كالحسية من التعريف ‪ .‬ككلمة «يدؿ » حتى تخرج الصيغ كاأللفاظ المهملة التي َل‬
‫تدؿ على شيء‪.‬كلذلك عرفو بعض األصوليين بقولهم‪« :‬قوؿ متصل يدؿ بحرؼ إَل أك‬
‫إحدل أخواتها على أف المذكور معو غير مراد بالقوؿ األكؿ‪».‬‬
‫قولهم‪ " :‬قوؿ " أخرج المخصصات العقلية كالحسية‪.‬ك قد ذكرنا ىذا‪.‬‬
‫كقولهم‪ " :‬متصل " أخرج بقية المخصصات المنفصلة السابقة الذكر‪.‬‬
‫كالمراد‪ :‬أف يكوف اَلستثناء متصالن بالجملة غير منفصل عنها‪.‬‬
‫كقولهم‪ " :‬يدؿ " أخرج الصيغ كاأللفاظ المهملة التي َل تدؿ على‬
‫شيء‪.‬ك قد نبهنا على ىذا أيضا‪.‬‬
‫كقولهم‪ " :‬بحرؼ إَل أك إحدل أخواتها " أخرج أمرين‪:‬‬
‫أكلهما‪ :‬المخصصات المتصلة األخرل كالتخصيص بالشرط‪،‬كالصفة‪ ،‬كالغاية السابقة‬
‫الذكر‪ ،‬فإف لهذه المخصصات أدكات كصيغ تختلف عن أدكات اَلستثناء‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬أخرج مثل قولهم‪ " :‬أكرـ القوـ دكف زيد " فإف ىذا ليس باستثناء لغة‪.‬‬
‫كقولهم‪ " :‬على أف المذكور معو غير مراد بالقوؿ األكؿ " معناه‪ :‬أف‬
‫المذكور بعد أداة اَلستثناء مخرج من القوؿ األكؿ كَل يدخل تحتو‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫لم يذكر المؤلف نوعي اَلستثناء ك ىما‪ :‬متصل كمنقطع‪.‬‬
‫ا‪ -‬فاَلستثناء المتصل‪ :‬ما كاف فيو المستثنى بعضا من المستثنى منو كقولو تعالى في‬
‫شأف نوح عليو السالـ‪{ :‬فلبث فيهم ألف سنة إَل خمسين عاما} كىذا القسم ىو‬
‫المقصود باتفاؽ‪.‬‬
‫ِ‪ -‬ك اَلستثناء المنقطع‪ :‬ما لم يكن فيو المستثنى بعضا من المستثنى منو نحو‪ :‬لو‬
‫على عشرة دنانير إَل كتابا ك جاء القوـ إَل حمارا‪ .‬كفي التخصيص بهذا النوع خالؼ‬
‫كعلى القوؿ بو كما عند المالكية يحتاج إلى التأكيل أم إَل قيمة الكتاب‪ ،‬فيكوف‬
‫المخرج من العشرة دنانير قيمة الكتاب ‪.‬‬

‫شركط اَلستثناء‪:‬‬
‫يشترط لصحة اَلستثناء شركط منها‪:‬‬
‫ُ ‪ /‬اتصالو بالمستثنى منو حقيقة أك حكمان‪.‬‬
‫فالمتصل حقيقة‪ :‬المباشر للمستثنى منو بحيث َل يفصل بينهما فاصل‪ .‬كالمتصل‬
‫حكمان‪ :‬ما فصل بينو كبين المستثنى منو فاصل َل يمكن دفعو كالسعاؿ كالعطاس‪.‬‬
‫فإف فصل بينهما فاصل يمكن دفعو‪ ،‬يمكن دفعو أك سكوت لم يصح اَلستثناء مثل‬
‫أف يقوؿ‪:‬‬
‫عبيدم أحرار‪ ،‬ثم يسكت‪ ،‬أك يتكلم بكالـ آخر ثم يقوؿ‪ :‬إَل سعيدان؛ فال يصح‬
‫اَلستثناء كيعتق الجميع‪.‬‬
‫كقيل‪ :‬يصح اَلستثناء مع السكوت‪ ،‬أك الفاصل إذا كاف الكالـ كاحدان لحديث ابن‬
‫عباس رضي اهلل عنهما أف النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم قاؿ يوـ فتح مكة‪« :‬إف ىذا‬
‫البلد حرموي اهلل يوـ خلق السموات كاألرض‪َ ،‬ل يعضد شوكو كَل يختلى خاله»‪ ،‬فقاؿ‬
‫العباس‪ :‬يا رسوؿ اهلل إَل اإلذٌخر فإنو لقينهم كبيوتهم‪ ،‬فقاؿ‪« :‬إَل اإلذخر»‪ .‬كىذا‬
‫القوؿ أرجح لدَللة ىذا الحديث عليو‪.‬‬
‫علي عشرة‬
‫ِ‪ /‬أف َل يكوف المستثنى أكثر من نصف المستثنى منو‪ ،‬فلو قاؿ‪ :‬لو ٌ‬
‫دراىم إَل ستة لم يصح اَلستثناء كلزمتو العشرة كلها‪.‬‬
‫كقيل‪َ :‬ل يشترط ذلك‪ ،‬فيصح اَلستثناء‪ ،‬كإف كاف المستثنى أكثر من النصف فال‬
‫يلزمو في المثاؿ المذكور إَل أربعة‪.‬‬
‫أما إف استثنى الكل‪ ،‬فال يصح على القولين‪ ،‬فلو قاؿ‪ :‬لو علي عشرة إَل عشرة لزمتو‬
‫العشرة كلها‪.‬‬
‫كىذا الشرط فيما إذا كاف اَلستثناء من عدد‪ ،‬أما إف كاف من صفة فيصح‪ ،‬كإف خرج‬
‫ك ىعلىٍي ًه ٍم يسلٍطىا هف إًاَل‬
‫س لى ى‬ ‫ًا ً ً‬
‫الكل أك األكثر‪ ،‬مثالو‪ :‬قولو تعالى إلبليس‪{ :‬إف عبىادم لىٍي ى‬
‫م ًن اتاػبػع ى ً‬
‫ين} [الحجر‪ ]ِْ:‬كأتباع إبليس من بني آدـ أكثر من النصف‪،‬‬ ‫ك م ىن الٍغىا ًك ى‬ ‫ى ىى‬
‫كلو قلت‪ :‬أعط من في البيت إَل األغنياء‪ ،‬فتبين أف جميع من في البيت أغنياء صح‬
‫اَلستثناء‪ ،‬كلم يعطوا شيئان‪.‬‬

‫خالصة كالـ المؤلف أف اَلستثناء لو شركط ينبغي توفرىا حتى يصح ‪:‬‬
‫ُ‪ /‬أف يكوف متصال بما قبلو لفظا في العرؼ‪ ،‬فال يضر فصلو بتنفس أك عطاس خالفان‬
‫َلبن عباس إذ أجاز فصلو مطلقان في ركاية عنو ‪.‬‬
‫ك رجح المؤلف صحة اَلستثناء مع السكوت‪ ،‬أك الفاصل إذا كاف الكالـ كاحدان‬
‫لحديث ابن عباس رضي اهلل عنهما أف النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم قاؿ يوـ فتح مكة‪:‬‬
‫«إف ىذا البلد حرموي اهلل يوـ خلق السموات كاألرض‪َ ،‬ل يعضد شوكو كَل يختلى‬
‫خاله»‪ ،‬فقاؿ العباس‪ :‬يا رسوؿ اهلل إَل اإلذخر فإنو لقينهم كبيوتهم‪ ،‬فقاؿ‪« :‬إَل‬
‫اإلذخر» ك استدؿ آخركف بأدلة أخرل منها ما ثبت في الصحيحين‪ ،‬أف سليماف عليو‬
‫السالـ قاؿ‪ " :‬ألطوفن الليلة على سبعين تحمل كل امرأة فارسان يجاىد في سبيل اهلل "‬
‫فقاؿ لو الملك‪ " :‬إف شاء اهلل " فلم يقل‪ ،‬قاؿ النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪( :-‬فلم‬
‫تحمل شيئان ‪ -‬أم من نسائو ‪ -‬إَل كاحدان قد بقي أحد شقيو‪ ،‬كلو قاؿ إف شاء اهلل‬
‫لجاىدكا في سبيل اهلل)‪.‬‬
‫ِ‪ /‬أف يكوف ملفوظان يسمع‪َ ،‬ل بمجرد النية‪ ،‬إَل في يمين ظلمان عند المالكية ك لم‬
‫يذكر المؤلف ىذا الشرط ك لكن يستفاد من كالمو إيماء ‪.‬‬
‫ّ‪/‬أف َل يستغرؽ المستثنى منو كخمسة إَل خمسة ألنو يعد لغوان‪ ،‬أك أكثر من النصف‬
‫عند الحنابلة كخمسة إَل ثالثة ألف اَلستثناء إلخراج القليل‪ .‬كحاصل الخالؼ في‬
‫الشرط األخير كاآلتي‪:‬‬
‫ُ‪ /‬أف يكوف المستثنى أقل مما بقى كخمسة إَل اثنين فهذا صحيح باإلجماع‪.‬‬
‫ِ‪ /‬أف يكوف المستثنى مستغرقان لجميع المستثنى منو كخمسة إَل خمسة كىذا باطل‬
‫عند األكثر خالفان َلبن طلحة األندلسي‪.‬‬
‫ّ‪ /‬أف يكوف المستثنى أكثر مما بقى كخمسة إَل أربعة كىو جائز عند الجمهور ممنوع‬
‫عند الحنابلة‪ .‬ك رجح الشيخ ىذا الشرط فيما إذا كاف اَلستثناء من عدد‪ ،‬أما إف كاف‬
‫من صفة فيصح‪ ،‬كإف خرج الكل أك األكثر‪ ،‬ك مثل بقولو تعالى إلبليس‪{ :‬إً اف ًعب ً‬
‫ادم‬ ‫ى‬
‫ك علىي ًهم س ٍلطىا هف إًاَل م ًن اتاػبػع ى ً‬
‫ين} [الحجر‪ ]ِْ:‬ك معلوـ أف أتباع‬ ‫ك م ىن الٍغىا ًك ى‬ ‫ى ىى‬ ‫س لى ى ى ٍ ٍ ي‬
‫لىٍي ى‬
‫إبليس من بني آدـ أكثر من النصف‪.‬قلت ‪ :‬ىذا ىو الراجح ك يدؿ على ىذا الكالـ‬
‫حديث أبي سعيد الخدرم ‪ -‬رضي اهلل عنو ‪ -‬قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليو‬
‫كسلم‪" :-‬يقوؿ اهلل يا آدـ فيقوؿ لبيك كسعديك كالخير في يديك قاؿ‪ :‬يقوؿ‪ :‬أخرج‬
‫بعث النار‪ ،‬قاؿ‪ :‬كما بعث النار؟ قاؿ‪ :‬من كل ألف تسعمائة كتسعة كتسعوف فذاؾ حين‬
‫يشيب الصغير كتضع كل ذات حمل حملها كترل الناس سكارل كما ىم بسكارل‬
‫كلكن عذاب اهلل شديد‪ ،‬فاشتد ذلك عليهم فقالوا‪ :‬يا رسوؿ اهلل أينا ذلك الرجل قاؿ‪:‬‬
‫أبشركا فإف من يأجوج كمأجوج ألف كمنكم رجل‪ ،‬ثم قاؿ‪ :‬كالذم نفسي في يده إني‬
‫ألطمع أف تكونوا شطرا أىل الجنة‪ ،‬قاؿ‪ :‬فحمدنا اهلل ككبرنا ثم قاؿ‪ :‬كالذم نفسي في‬
‫يده إني ألطمع أف تكونوا شطر أىل الجنة إف مثلكم في األمم كمثل الشعرة البيضاء‬
‫في جلد الثور األسود أك الرقمة في ذراع الحمار"‪ .‬أخرجو اإلماـ البخارم في صحيحو‬
‫يم} ٖ‪ ،ْٗ/‬ك اإلماـ مسلم‬ ‫ً‬ ‫س ىً‬‫كتاب الرقاؽ باب‪ .‬قولو تعالى‪{ :‬إً اف ىزل ىٍزلىةى ال ا‬
‫اعة ىش ٍيءه ىعظ ه‬
‫في صحيحو‪ :‬كتاب اإليماف باب قولو يقوؿ آلدـ أخرج بعث النار) ُ‪.َُِ/‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫لم يفصل المؤلف أدكات اَلستثناء كصيغو ك ىي إحدل عشرة صيغة‪ " :‬إَل "‪ ،‬كىي‬
‫أـ الباب‪ ،‬ك " غير "‪ ،‬ك " سول "‪ ،‬ك " ما عدا "‪ ،‬ك " ليس "‪،‬ك"َل يكوف "‪ ،‬ك " حاشا‬
‫"‪ ،‬ك " خال "‪ ،‬ك " سيما "‪ ،‬ك " ما خال "‪ ،‬ك "عدا"‪.‬‬
‫أما صيغة‪ " :‬إَل " فهي حرؼ باَلتفاؽ‪.‬‬
‫كأما صيغة‪ " :‬حاشا " فهي حرؼ عند سيبويو‪ ،‬كىو الصحيح‪،‬‬
‫كأما صيغة‪َ " :‬ل يكوف " فهي فعل باَلتفاؽ‪.‬‬
‫كأما صيغة‪ " :‬ليس "‪ ،‬ك " ما عدا "‪ ،‬ك " ما خال " فهي أفعاؿ على األصح‪.‬‬
‫كأما صيغة‪ " :‬خال "‪ ،‬ك " عدا " فهما متردداف بين الفعلية كالحرفية بحسب‬
‫اَلستعماؿ‪ ،‬فإف نصب ما بعدىما كانتا فعلين‪ ،‬كإف جر ما بعدىما كانتا حرفين‪.‬‬
‫كأما صيغة‪َ " :‬ل غير "‪ ،‬ك " سول " فهما اسماف‪.‬‬

‫ثانيان‪ :‬من المخصص المتصل‪ :‬الشرط‪ ،‬كىو لغة‪ :‬العالمة‪.‬‬


‫كالمراد بو ىنا‪ :‬تعليق شيء بشيء كجودان‪ ،‬أك عدمان بإف الشرطية أك إحدل أخواتها‪.‬‬
‫كالشرط مخصص سواء تقدـ أـ تأخر‪.‬‬
‫صالةى ىكآتىػ يوا ال ازىكاةى فى ىخلُّوا‬‫مثاؿ المتقدـ قولو تعالى في المشركين‪{ :‬فىًإ ٍف تىابيوا ىكأىقى ياموا ال ا‬
‫ىسبًيلى يهم} [التوبة‪ :‬من اآلية ٓ]‬
‫وى ٍم إً ٍف‬ ‫اب ًم اما ىملى ىك ٍ‬
‫ت أىيٍ ىماني يك ٍم فى ىكاتًبي ي‬ ‫ً‬
‫ين يىػ ٍبتىػغيو ىف الٍكتى ى‬
‫كمثاؿ المتأخر قولو تعالى‪ :‬ا ً‬
‫{كالذ ى‬‫ى‬
‫ىعلً ٍمتي ٍم فًي ًه ٍم ىخ ٍيرا} [النور‪ :‬من اآلية ّّ]‪.‬‬

‫بعدما فرغ المؤلف من المخصص المتصل األكؿ الذم يتمثل في اَلستثناء انتقل إلى‬
‫المخصص الثاني المتصل المتمثل في الشرط ك ىو يطلق في اللغة على العالمة ‪.‬‬
‫كالمراد بو ىنا ‪ :‬الشرط اللغوم كىو المعركؼ بتعليق أمر بأمر‪ .‬كأدكاتو كثيرة منها‪ :‬إف‬
‫كإذا مثل "إف نجح زيد فأعطو ىدية"‪.‬قاؿ الشيخ عبد الكريم بن عبد اهلل النملة رحمو‬
‫اهلل‪« :‬كىو‪ :‬أف يؤتى بعد اللفظ العاـ بحرؼ من حركؼ الشرط مثل‪ " :‬إف " أك " إذا "‬
‫أك أخواتهما ‪ -‬من مخصصات العموـ المتصلة‪ ،‬مثل قولك‪ " :‬أكرـ الطالب إف نجحوا‬
‫"‪ ،‬فإنو لو اقتصر على قولو‪ " :‬أكرـ الطالب " لوجب أف يكوف جميع الطالب يجب‬
‫إكرامهم‪ ،‬أم‪ :‬سواء كانوا ناجحين أك راسبين‪ ،‬كلما أتى بالشرط كىو‪ :‬إف نجحوا "‬
‫خصص المكرمين كبينهم كىم الناجحوف فقط‪ ».‬انتهى‪.‬‬
‫فإذا قلت مثال ‪ « :‬إف لم تنجح في اَلمتحاف فلن أعطيك ىدية » ىذا عدـ بعدـ ‪.‬‬
‫كلو قلت ‪ « :‬إف نجحت في اَلمتحاف أعطيتك ىدية » ىذا كجود بوجود‪.‬‬
‫كإف قلت ‪ « :‬إف لم تخسر في اَلمتحاف أعطيتك ىدية » عدـ بوجود ‪ ،‬فاألكؿ عدـ‬
‫كالثاني كجودم ‪.‬‬
‫كالشرط مخصص متصل سواء تقدـ أك تأخر ‪ .‬ك قد ذكر المؤلف أمثلة على‬
‫التخصيص بو ‪ ،‬ك تأمل قولو تعالى‪{ :‬كإذا ضربتم في األرض فليس عليكم جناح أف‬
‫تقصركا من الصالة} فاهلل عز كجل علق قصر الصالة على حصوؿ الشرط كىو الضرب‬
‫في األرض‪ ،‬كلوَل الشرط لجاز القصر مطلقان حضران كسفران‪ ،‬لكنو خصص بحالة السفر‪.‬‬
‫كيشترط للتخصيص بالشرط أف يتصل بالمشركط لفظان كما في اَلستثناء‪.‬‬

‫ثالثان‪ :‬الصفة كىي‪ :‬ما أشعر بمعنى يختص بو بعض أفراد العاـ من نعت أك بدؿ أك‬
‫حاؿ‪.‬‬
‫ت أىيٍماني يكم ًمن فىػتىػياتً يكم الٍم ٍؤًمنى ً‬
‫ات} [النساء‪:‬‬ ‫ً‬
‫مثاؿ النعت‪ :‬قولو تعالى‪{ :‬فىم ٍن ىما ىملى ىك ٍ ى ٍ ٍ ى ي ي‬
‫من اآلية ِٓ]‬
‫اع إًلىٍي ًو ىسبًيالن} [آؿ‬ ‫ت ىم ًن ٍ‬
‫استىطى ى‬ ‫ى‬ ‫{كلًلا ًو ىعلىى الن ً‬
‫ااس ًح ُّج الٍبػ ٍي ً‬
‫كمثاؿ البدؿ‪ :‬قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫عمراف‪ :‬من اآلية ٕٗ]‬
‫ام ىخالًدان فً ىيها}‬ ‫ً‬
‫{كىم ٍن يىػ ٍقتي ٍل يم ٍؤمنان يمتىػ ىع ٍّمدان فى ىج ىزا يؤهي ىج ىهن ي‬
‫كمثاؿ الحاؿ‪ :‬قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫[النساء‪ :‬من اآلية ّٗ]‬
‫ىذا النوع الثالث من المخصصات المتصلة ك ىو التخصيص بالصفة‪.‬‬
‫ك قد عرفت الصفة بأنها‪ :‬التابع المشتق الذم يقع نعتا للموصوؼ مثل‪":‬طالب ناجح‬
‫"‪ ،‬فلفظ " ناجح " قيد بو اللفظ المطلق كىو‪":‬طالب "‪.‬‬
‫كقاؿ بعض األصوليين‪ :‬ىو ما أشعر بمعنى يتصف بو بعض أفراد العاـ كقولك‪:‬‬
‫"أك ًرـ الطالب الناجحين "‪ ،‬فلفظ " الطالب " عاـ يشمل الناجحين‬
‫كالراسبين‪.‬كلما كصف الطالب بالناجحين أخرج الطالب الراسبين‪ ،‬فيكوف‬
‫اإلكراـ مقتصران على الناجحين فقط‪ .‬ك ىذا التعريف الثاني أصح ك أدؽ ك قد اختاره‬
‫المؤلف لشمولو ألنواع الصفات المعنوية من النعت ك الحاؿ ك البدؿ كالظرؼ كالتمييز‬
‫كغيرىا‪َ.‬ل النعت المعركؼ في علم النحو فليس ىو المقصود ىنا‪.‬‬
‫كمن األمثلة على التخصيص بالصفة‪:‬‬
‫مثاؿ النعت ‪ :‬أكرـ الطلبة الفقراء ‪.‬‬
‫مثاؿ البدؿ ‪ :‬أكرـ الطلبة من اجتهد منهم ‪.‬‬
‫كمثاؿ الحاؿ ‪ :‬إذا قلت مثال ‪ :‬أكرـ الطلبة داخلين في المسجد‪.‬‬
‫كليعلم طالب العلم أف الغالب في الصفة أف تجيء مخصصة للموصوؼ قبلها كربما‬
‫تتقدـ عليو كما في إضافة الصفة إلى الموصوؼ‪.‬‬
‫ككجو التخصيص بالصفة‪ :‬أنها تقصر الحكم على ما تصدؽ عليو كتخرج مفهومها عن‬
‫نطاؽ الحكم إذا كاف لها مفهوـ معتبر‪.‬‬
‫أ‪ /‬فمثال‪ :‬طالع الكتب النافعة في البيت‪ ،‬فإف قولك ألحد ما اقرأ الكتب‪ ،‬عاـ في كل‬
‫كتاب كلكن كصفك للكتب بالنفع قصر حكم المطالعة على النافع منها فقط كأخرج‬
‫ماعدا ذلك‪.‬‬
‫ب‪ /‬ككذلك قولك "طالع الكتب " عاـ في كل مكاف كلكن قولك "في البيت " قصر‬
‫حكم المطالعة في مكاف كاحد الذم ىو البيت دكف غيره‪.‬‬
‫ج‪ /‬كقولك "إذا حضرت مبكران أدركت الدرس األكؿ " فحضرت عاـ في جميع‬
‫األحواؿ ك األزماف‪ ،‬لكن قولك مبكران تخصيص لو‪ ،‬كمن أمثلة التخصيص بالصفة قولو‬
‫تعالى‪{ :‬كمن لم يستطع منكم طوَل أف ينكح المحصنات المؤمنات فما ملكت‬
‫أيمانكم من فتياتكم المؤمنات} ‪ .‬فلفظة {فتياتكم} عامة خصصتها الصفة بالمؤمنات‬
‫ك ىذا ما قصده المؤلف بتمثيلو لهذه اآلية‪.‬‬
‫كيشترط لذلك أف تكوف الصفة متصلة بالموصوؼ لفظان كما في الشرط كاَلستثناء‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫لم يتطرؽ المؤلف إلى تخصيص الغاية ك ىو أف يؤتى بعد اللفظ العاـ بحرؼ من‬
‫أحرؼ الغاية كىي‪ :‬الالـ‪ ،‬كحتى‪ ،‬كإلى‪ ،‬من المخصصات المتصلة مثل‪ " :‬أكرـ العلماء‬
‫إلى أف يدخلوا الدار "‪ ،‬فهنا بين أف إكراـ العلماء ليس عامان لجميع األزمنة‪ ،‬بل‬
‫مخصص إلى غاية دخولهم الدار فقط‪.‬‬
‫مثالو كذلك‪ :‬قولو تعالى‪{ :‬قاتلوا الذين َل يؤمنوف باهلل كَل باليوـ اآلخر كَل يحرموف ما‬
‫حرـ اهلل كرسولو‪ ،‬كَل يدينوف دين الحق من الذين أكتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن‬
‫يد كىم صاغركف} ‪.‬‬
‫فإف ما قبل الغاية كىو األمر بقتالهم عاـ يشمل كل أحوالهم‪ ،‬فلوَل التخصيص بالغاية‬
‫لكنا مأمورين بقتالهم سواء أعطوا الجزية أـ لم يعطوىا‪.‬‬

‫المخصص المنفصل‪:‬‬

‫بعدما فرغ المؤلف من المخصصات المتصلة انتقل إلى بياف المخصصات المنفصلة‬
‫المتمثلة في الحس كالعقل ك الشرع ‪.‬قاؿ رحمو اهلل‪:‬‬

‫المخصص المنفصل‪:‬‬
‫ما يستقل بنفسو كىو ثالثة أشياء‪ :‬الحس كالعقل كالشرع‪.‬‬
‫مثاؿ التخصيص بالحس‪ :‬قولو تعالى عن ريح عاد‪{ :‬تي ىد ٍّم ير يك ال ىش ٍي وء بًأ ٍىم ًر ىربٍّػ ىها}‬
‫[َلحقاؼ‪ :‬من اآلية ِٓ] فإف الحس دؿ على أنها لم تدمر السماء كاألرض‪.‬‬
‫لم يعرؼ المؤلف التخصيص بالحس كإنما اكتفى بمثاؿ يدؿ عليو ك يسهل فهمو‬
‫لطالب العلم‪ .‬ك المقصود بو الدليل المأخوذ من أحد الحواس الخمس التي ىي‪:‬‬
‫الرؤية البصرية‪ ،‬أك السمع‪ ،‬أك اللمس‪ ،‬أك الذكؽ‪ ،‬أك الشم‪ .‬ك قد أجمع العلماء على‬
‫دؿ على ذلك الوقوع‪ :‬حيث كقع أف الحس قد خصص‬ ‫جواز التخصيص بالحس‪ ،‬ا‬
‫اللفظ العاـ ك قد ذكر المؤلف مثاَل على ذلك ك نزيده مثاَل آخر‪ :‬قولو تعالى‪:‬‬
‫ت ًم ٍن يك ٍّل ىش ٍي وء) نحن نعلم أف ىناؾ أشياء كثيرة لم تؤت منها بلقيس‬
‫(كأيكتًيى ٍ‬
‫ى‬
‫كالسموات‪ ،‬كاألرض‪ ،‬كأف ما كاف في يد سليماف عليو السالـ لم يكن في يدىا كىو‬
‫شيء‪.‬‬

‫كمثاؿ التخصيص بالعقل‪ :‬قولو تعالى‪{ :‬إًناوي ىعلىى يك ٍّل ىش ٍي وء قى ًدير} [احقاؼ‪ :‬من اآلية‬
‫ّّ] فإف العقل دؿ على أف ذاتو تعالى غير مخلوقة‪.‬‬
‫كمن العلماء من يرل أف ما خص بالحس كالعقل ليس من العاـ المخصوص‪ ،‬كإنما ىو‬
‫من العاـ الذم أريد بو الخصوص‪ ،‬إذ المخصوص لم يكن مرادان عند المتكلم‪ ،‬كَل‬
‫المخاطب من أكؿ األمر‪ ،‬كىذه حقيقة العاـ الذم أريد بو الخصوص‪.‬‬

‫ذىب جمهور العلماء إلى أف العقل يجوز تخصيص العموـ بو‪ .‬كىو الحق؛ لدليل‬
‫صص كأخرج بعض أفراد العاـ‪ ،‬كبين أنهم غير‬
‫الوقوع؛ حيث إنو قد كقع أف "العقل خ ا‬
‫داخلين في عموـ اللفظ ‪ ،‬كمن أمثلتو قولو تعالى‪{ :‬اهلل خالق كل شيء} فإف العقل دؿ‬
‫على أف ذات الرب جل جاللو مع صفاتو غير مخلوقة كإف كاف لفظ الشيء يتناكلو كما‬
‫في قولو تعالى‪{ :‬كل شيء ىالك إَل كجهو} ‪.‬‬

‫كأما التخصيص بالشرع‪ ،‬فإف الكتاب كالسنة يخصص كل منهما بمثلهما‪ ،‬كباإلجماع‬
‫كالقياس‪.‬‬
‫ص ىن بًأىنٍػ يف ًس ًه ان ثىالثىةى‬ ‫{كال يٍمطىلا ىق ي‬
‫ات يىػتىػ ىربا ٍ‬ ‫مثاؿ تخصيص الكتاب بالكتاب‪ :‬قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫قيػر و‬
‫كء} [لبقرة‪ :‬من اآلية ِِٖ]‪.‬‬ ‫ي‬
‫وى ان ًم ٍن قىػ ٍب ًل‬ ‫خص بقولو تعالى‪{ :‬يا أىيُّػ ىها الا ًذين آمنيوا إً ىذا نى ىك ٍحتيم الٍم ٍؤًمنى ً‬
‫ات ث ام طىلا ٍقتي يم ي‬ ‫ي ي‬ ‫ى ى‬ ‫ى‬
‫وى ان فى ىما لى يك ٍم ىعلىٍي ًه ان ًم ٍن ًع ادةو تىػ ٍعتى ُّدكنىػ ىها} [األحزاب‪ :‬من اآلية ْٗ]‪.‬‬ ‫أى ٍف تى ىم ُّ‬
‫س ي‬

‫خص منو أيضا أكَلت األحماؿ بقولو تعالى‪{ :‬كأكَلت األحماؿ أجلهن أف يضعن‬
‫حملهن}‪.‬‬

‫وصي يك يم اللاوي فًي‬


‫كمثاؿ تخصيص الكتاب بالسنة‪ :‬آيات المواريث؛ كقولو تعالى‪{ :‬ي ً‬
‫ي‬
‫َلد يك ٍم لًل اذ ىك ًر ًمثٍل ىح ٍّ‬
‫ظ ٍاألينٍػثىػيىػ ٍين} [النساء‪ :‬من اآلية ُُ] كنحوىا خص بقولو صلٌى‬ ‫أىك ً‬
‫ٍ‬
‫ي‬
‫اهلل عليو كسلٌم‪َ« :‬ل يرث المسلم الكافر كَل الكافر المسلم» ‪.‬‬

‫كذلك قولو تعالى‪{ :‬حرمت عليكم الميتة " كخص منو السمك كالجراد بقولو صلى اهلل‬
‫عليو كسلم‪ " :‬أحلت لنا ميتتاف كدماف أما الميتتاف فالجراد كالحوت "‪ .‬كمثل قولو‬
‫تعالى‪{ :‬كيسألونك عن المحيض قل ىو أذل فاعتزلوا النساء في المحيض كَل تقربوىن‬
‫حتى يطهرف} خص بما جاء عن عائشة كأـ سلمة أنو صلى اهلل عليو كسلم كاف يأمر‬
‫بعض أزكاجو أف تشد إزارىا فيباشرىا كىي حائض‪.‬‬

‫كمثاؿ تخصيص الكتاب باإلجماع‪ :‬قولو تعالى‪{ :‬كالا ًذين يػرمو ىف الٍم ٍحصنى ً‬
‫ات ثي ام لى ٍم يىأٍتيوا‬ ‫ي ى‬ ‫ى ى ىٍي‬
‫ين ىج ٍل ىدةن} [النور‪ :‬من اآلية ْ] خص باإلجماع على أف‬ ‫ً‬ ‫بًأىربػع ًة يشه ىداء فى ً‬
‫كى ٍم ثى ىمان ى‬
‫اجل يد ي‬
‫ٍى ى ى ى ٍ‬
‫الرقيق القاذؼ يجلد أربعين‪ ،‬ىكذا مثل كثير من األصوليين‪ ،‬كفيو نظر لثبوت الخالؼ‬
‫في ذلك‪ ،‬كلم أجد لو مثاَلن سليمان‪.‬‬

‫مثل بعض األصوليين بقولو تعالى‪{ :‬يوصيكم اهلل في أكَلدكم للذكر مثل حظ األنثيين}‬
‫خص منو الولد الرقيق با ًإلجماع كمنو تخصيص العمومات المانعة من الغرر باإلجماع‬
‫على جواز المضاربة‪.‬‬
‫كمثاؿ تخصيص الكتاب بالقياس‪ :‬قولو تعالى‪{ :‬ال ازانًيةي كال ازانًي فىاجلً يدكا يك ال ك ً‬
‫اح ود‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى ى‬
‫ًم ٍنػ يه ىما ًمائىةى ىج ٍل ىدة} [النور‪ :‬من اآلية ِ]‬
‫خص بقياس العبد الزاني على األمة في تنصيف العذاب؛ كاَلقتصار على خمسين‬
‫جلدة‪ ،‬على المشهور‪.‬‬

‫عموـ الزانية خص بالنص كىو قولو تعالى في اإلماء‪{ :‬فإف أتين بفاحشة فعليهن نصف‬
‫ما على المحصنات من العذاب} كأما عموـ الزاني فهو مخصص بقياس العبد على‬
‫األمة لعدـ الفارؽ‪.‬‬

‫كمثاؿ تخصيص السنة بالكتاب‪ :‬قولو صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪« :‬أمرت أف أقاتل الناس‬
‫حتى يشهدكا أف َل إلو إَل اهلل كأف محمدان رسوؿ اهلل ‪ ،»...‬الحديث‪ .‬خص بقولو‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫ين َل ييػ ٍؤمنيو ىف بًاللا ًو ىكَل بًالٍيىػ ٍوـ ٍاآلخ ًر ىكَل يي ىح ٍّريمو ىف ىما ىح ارىـ اللاوي ىكىر يسوليوي‬ ‫ً اً‬
‫تعالى‪{ :‬قىاتليوا الذ ى‬
‫ٍج ٍزيىةى ىع ٍن يى ود ىك يى ٍم‬
‫ٍكتىاب حتاى يػ ٍعطيوا ال ً‬ ‫ً‬ ‫كَل ي ًدينيو ىف ًدين ال ً ا ً‬
‫ين أيكتيوا ال ى ى ي‬ ‫ٍح ٍّق م ىن الذ ى‬ ‫ى ى‬ ‫ى ى‬
‫صً‬
‫اغ يرك ىف} [التوبة‪]ِٗ:‬‬ ‫ى‬

‫كذلك قولو صلى اهلل عليو كسلم‪ " :‬ما أبين من ح ًي فهو ميت " خص بقولو تعالى‪" :‬‬
‫كمن أصوافها ك أكبارىا كأشعارىا أثاثان كمتاعاى إلى حين "‪ .‬كمثل قولو صلى اهلل عليو‬
‫كسلم‪ " :‬إذا التقى المسلماف بسيفيهما فالقاتل كالمقتوؿ في النار" خص بقولو تعالى‪:‬‬
‫{فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر اهلل} ‪.‬‬

‫كمثاؿ تخصيص السنة بالسنة‪ :‬قولو صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪« :‬فيما سقت السماء‬
‫العشر» خص بقولو صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪« :‬ليس فيما دكف خمسة أكسق صدقة»‪.‬‬
‫كلم أجد مثاَلن لتخصيص السنة باإلجماع‪.‬‬
‫كمثاؿ تخصيص السنة بالقياس‪ :‬قولو صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪« :‬البكر بالبكر جلد مئة‬
‫كتغريب عاـ» (ّ)‪ ،‬خص بقياس العبد على األمة في تنصيف العذاب‪ ،‬كاَلقتصار على‬
‫خمسين جلدة‪ ،‬على المشهور‪.‬‬

‫بقيت مسائل كثيرة لم يتطرؽ إليها المؤلف في مبحث العاـ ك الخاص منها‪:‬‬
‫ُ‪/‬مفهوـ الموافقة كالمخالفة يخصصاف العاـ من الكتاب كالسنة؛ ألف الخاص من‬
‫مفهوـ الموافقة كالمخالفة‪ ،‬كالعاـ من الكتاب كالسنة‪ ،‬دليالف قد ثبتا كتعارضا ظاىران‪،‬‬
‫فيجب أف نعمل بالخاص كما بقي بعد التخصيص؛ جمعان بين الدليلين‪ ،‬كىذا أكلى من‬
‫إبطاؿ أحدىما بالكلية‪.‬‬
‫ِ‪ /‬العيرؼ َل يخصص العاـ؛ ألف أفعاؿ الناس كعاداتهم كأعرافهم َل تكوف حجة على‬
‫الشرع‪ ،‬فيبقى اللفظ على عمومو كَل يوجد لو معارض‪ ،‬كالعادات كاألعراؼ َل تصلح‬
‫أف تكوف معارضة‪ ،‬فوجب العمل بعموـ اللفظ‪.‬‬

‫المطلىق كالم ىقيىد‬


‫ي‬
‫تعريف المطلق‪:‬‬
‫المطلق لغة‪ :‬ضد المقيد‪.‬‬
‫كاصطالحان‪ :‬ما دؿ على الحقيقة بال قيد؛ كقولو تعالى‪{ :‬تحرير رقبة من قبل أف‬
‫يتماسا} [المجادلة ّ]‬
‫فخرج بقولنا‪« :‬ما دؿ على الحقيقة»؛ العاـ ألنو يدؿ على العموـ َل على مطلق‬
‫الحقيقة فقط‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬بال قيد»؛ المقيد‪.‬‬

‫عرؼ المؤلف المطلق لغة بأنو ضد المقيد ك أحسن منو أف يقاؿ ىو لغة‪ :‬اَلنفكاؾ من‬
‫أم قيد‪ :‬حسيا كاف أك معنويان‪ ،‬فمثاؿ الحسي‪ :‬قولهم‪ " :‬ىذا الجواد مطلق "‪ ،‬كمثاؿ‬
‫المعنوم‪:‬اإلطالؽ في األدلة‪ .‬فهو في اللغة‪ :‬كصف للمفعوؿ‪ ،‬من أطلقو يطلقو فهو‬
‫مطلق‪ ،‬أم‪ :‬أرسلو‪.‬‬
‫ك أما اصطالحا فقد عرفو بقولو‪ :‬ما دؿ على الحقيقة بال قيد؛ ك مثال بقولو تعالى‪:‬‬
‫{تحرير رقبة من قبل أف يتماسا} [المجادلة ّ] فكلمة «رقبة» مطلقة تصدؽ على أم‬
‫رقبة حررىا المظاىر لزكجتو ك ليست كلمة عامة أم َل يجب عليو إعتاؽ كل الرقاب‬
‫حتى يكفر عن ظهاره‪.‬‬
‫ك عرؼ بعض األصوليين المطلق بقولهم‪ «:‬ىو اللفظ الذم يتناكؿ ما صلح لو على‬
‫سبيل البدلية َل دفعة كاحدة»‪ .‬فرجل مثالن نكرة في سياؽ اإلثبات‪ ،‬يتناكؿ كل ذكر‬
‫آدمي‪ ،‬لكنو َل يمكن أف يتناكلهم دفعة كاحدة‪ ،‬فال يصدؽ في الرجاؿ جميعان في كقت‬
‫كاحد‪ ،‬بل يصدؽ بواحد ككاحد ك كاحد حتى يأتي على كلهم‪.‬‬
‫ك أحسن تعريف للمطلق قولنا ‪« :‬ىو اللفظ المتناكؿ لواحد َل بعينو باعتبار حقيقة‬
‫شاملة لجنسو»‪ .‬ك نزيد مثاَل آخر لتوضيح المطلق‪ :‬قوؿ السيد لعبده‪ " :‬أطعم فقيران "‬
‫أك " أطعم فقراء "‪ ،‬فإف ىذا األمر قد تناكؿ كاحدان غير معين‪ ،‬كتناكؿ جماعة غير‬
‫معينين‪ ،‬كمدلوؿ ىذا األمر شائع في جنسو‪ ،‬فال يوجد فقير معركؼ‪ ،‬أك جماعة من‬
‫الفقراء معركفين بصفة معينة‪ ،‬بل الواجب على العبد اختيار أم فقير كيطعمو‪ ،‬أك أم‬
‫فقراء فيطعمهم كتبرأ ذمتو‪.‬‬

‫تعريف المقيد‪:‬‬
‫المقيد لغة‪ :‬ما جعل فيو قيد من بعير كنحوه‪.‬‬
‫كاصطالحان‪ :‬ما دؿ على الحقيقة بقيد؛ كقولو تعالى‪{ :‬فىػتى ٍح ًر يير ىرقىػبى وة يم ٍؤًمنى وة} [النساء‪:‬‬
‫من اآلية ِٗ]‬
‫فخرج بقولنا‪« :‬قيد»؛ المطلق‪.‬‬

‫المقيد أيضان‪ :‬كصف للمفعوؿ من قيده يقيده فهو مقيد‪ ،‬أم‪ :‬جعل فيو قيدان‪ ،‬كالقيد‪ :‬ما‬
‫يحد الحركة‪ ،‬كالمقصود بو ىنا‪ :‬ما يحد من اإلطالؽ‪ ،‬فيعطل اللفظ عن بعض ما‬
‫يصدؽ عليو‪ ،‬كالتقييد بالوصف في قوؿ اهلل تعالى {فىػتى ٍح ًر يير ىرقىػبى وة يم ٍؤًمنى وة} [النساء‪]ِٗ:‬‬
‫‪ ،‬فالرقبة مطلقة؛ ألنها نكرة في سياؽ اإلثبات‪ ،‬كقيدت بعد ذلك بالصفة حين قاؿ‪:‬‬
‫(مؤمنة) فخرج ما سواىا من الرقاب فال يمتثل بو األمر‪.‬‬

‫العمل بالمطلق‪:‬‬
‫يجب العمل بالمطلق على إطالقو إَل بدليل يدؿ على تقييده؛ ألف العمل بنصوص‬
‫الكتاب كالسنة كاجب على ما تقتضيو دَللتها حتى يقوـ دليل على خالؼ ذلك‪.‬‬
‫كإذا كرد نص مطلق‪ ،‬كنص مقيد كجب تقييد المطلق بو إف كاف الحكم كاحدان‪ ،‬كإَل‬
‫عمل بكل كاحد على ما كرد عليو من إطالؽ أك تقييد‪.‬‬
‫مثاؿ ما كاف الحكم فيهما كاحدان‪ :‬قولو تعالى في كفارة الظهار‪{ :‬فىػتى ٍح ًر يير ىرقىػبى وة ًم ٍن قىػ ٍب ًل‬
‫أى ٍف يىػتى ىما اسا} [المجادلة ّ] كقولو في كفارة القتل‪{ :‬فىػتى ٍح ًر يير ىرقىػبى وة يم ٍؤًمنى وة} [النساء‪ :‬من‬
‫اآلية ِٗ] الحكم كاحد ىو تحرير الرقبة‪ ،‬فيجب تقييد المطلق في كفارة الظهار‬
‫بالمقيد في كفارة القتل‪ ،‬كيشترط اإليماف في الرقبة في كل منهما‪.‬‬
‫سا ًرقىةي فىاقٍطىعيوا أىيٍ ًديىػ يه ىما}‬‫سا ًر يؽ ىكال ا‬
‫{كال ا‬
‫كمثاؿ ما ليس الحكم فيهما كاحدان‪ :‬قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫وى يك ٍم ىكأىيٍ ًديى يك ٍم إًلىى‬
‫[المائدة‪ :‬من اآلية ّٖ] كقولو في آية الوضوء‪{ :‬فىا ٍغ ًسليوا يك يج ى‬
‫ال ىٍم ىرافًق} [المائدة‪ :‬من اآلية ٔ] فالحكم مختلف‪ ،‬ففي األكلى قطع كفي الثانية‬
‫ً‬
‫مفصل‬ ‫الكوع‬
‫ً‬ ‫غسل؛ فال تقيد األكلى بالثانية‪ ،‬بل تبقى على إطالقها كيكوف القطٍع من‬
‫الكف‪ ،‬كالغسل إلى المرافق‪.‬‬

‫خالصة ما ذكره المؤلف أف المطلق إما أف يرد دليل يقيده أك َل يرد ‪ ،‬فإف لم يرد دليل‬
‫يقيده كجب العمل بو على إطالقو ك إف كرد دليل يقيده فال يخلو من أربع حاَلت‪:‬‬
‫ُ ‪/‬أف يتحد حكمها كسببها‪.‬‬
‫ِ‪/‬أف يتحد الحكم كيختلف السبب‪.‬‬
‫ّ ‪/‬أف يختلف الحكم كيتحد السبب‪.‬‬
‫ْ‪/‬أف يختلف الحكم كالسبب‪ .‬ك بيانها بالتفصيل كاآلتي‪:‬‬
‫ُ‪/‬أف يتحد حكمها كسببها ‪ ،‬كالصوـ في كفارة اليمين ‪ ،‬فقد كرد فيو نص مطلق كىو‬
‫قولو ‪ ( :‬فصياـ ثالثة أياـ ( ككرد فيو نص مقيد كىو قراءة ابن مسعود ‪«:‬فصياـ ثالثة‬
‫أياـ متتابعة » فالجمهور على أنو يجب في ىذا القسم حمل المطلق على المقيد‬
‫كتقييده بقيده ‪ ،‬كنسب الشيخ الموفق ابن قدامة إلي أبي حنيفة أنو َل يحمل المطلق‬
‫على المقيد ىنا بدعول أف القيد زيادة على النص ‪ ،‬كالزيادة على النص نسخ عنده‬
‫لكن قوؿ الجمهور أصح كأرجح ك اهلل أعلم‪.‬‬
‫ِ‪/‬أف يتحد الحكم كيختلف السبب ‪ ،‬كالعتق في كفارة الظهار كالقتل ‪ ،‬فقد قيدت‬
‫الرقبة في كفارة القتل باإليماف ‪ ،‬كأطلقت في الظهار ‪ ،‬كالحكم متحد كىو عتق الرقبة‬
‫كالسبب مختلف كىو الظهار كالقتل ‪.‬‬
‫كقد ركم عن أحمد – رحمو اهلل – كأكثر الحنفية كبعض الشافعية ‪ :‬أنو َل يحمل‬
‫المطلق على المقيد ىنا إلمكاف العمل بكل كاحد مهما ‪.‬كقاؿ قوـ ‪ :‬يحمل عليو ‪.‬‬
‫ّ‪/‬أف يختلف الحكم كيتحد السبب ‪ ،‬كالصوـ كالعتق كاإلطعاـ في كفارة الظهار‬
‫فالصوـ كالعتق قيد بقولو ‪ ( :‬من قبل أف يتماسا ( كأطلق اإلطعاـ فلم يقيد بهذا القيد‬
‫كالسبب كاحد ‪.‬‬
‫كمذىب عامة أىل العلم على أنو َل يحمل المطلق على المقيد ىنا ألف فائدة حمل‬
‫المطلق على المقيد اتحاد الحكم كالتخلص من تعدده كتعارضو اللذين ىما على‬
‫خالؼ األصل ‪ ،‬فإذا كاف حكمهما مختلفا امتنعت الفائدة من حمل المطلق على‬
‫المقيد ‪.‬‬
‫كذىب بعض أىل العلم إلي أنو يحمل المطلق على المقيد ىنا ‪ ،‬فقيدكا اإلطعاـ في‬
‫الظهار بكونو قبل المسيس نظرا َلتحاد السبب ‪.‬‬
‫ْ‪/‬أف يختلف الحكم كالسبب كاليد في الوضوء ‪ ،‬كردت مقيدة بالمرافق ‪ ،‬كاليد في‬
‫السرقة كردت مطلقة ‪ ،‬كالحكم مختلف كىو الغسل كالقطع ‪ ،‬كالسبب مختلف كىو‬
‫الوضوء كالسرقة ‪.‬‬
‫كىذا القسم انعقد إجماع أىل العلم على أنو َل يحمل فيو المطلق على المقيد ‪.‬‬

‫الم ٍج ىم يل كالمبىػيان‬
‫ي‬
‫تعريف المجمل‪:‬‬
‫المجمل لغة‪ :‬المبهم كالمجموع‪.‬‬
‫كاصطالحان‪ :‬ما يتوقف فهم المراد منو على غيره‪ ،‬إما في تعيينو أك بياف صفتو أك‬
‫مقداره‪.‬‬
‫ص ىن بًأىنٍػ يف ًس ًه ان ثىالثىةى‬ ‫{كال يٍمطىلا ىق ي‬
‫ات يىػتىػ ىربا ٍ‬ ‫مثاؿ ما يحتاج إلى غيره في تعيينو‪ :‬قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫كء} [البقرة‪ :‬من اآلية ِِٖ]‪ .‬فإف القرء لفظ مشترؾ بين الحيض كالطهر‪ ،‬فيحتاج‬ ‫قيػر و‬
‫ي‬
‫في تعيين أحدىما إلى دليل‪.‬‬
‫صالة} [البقرة‪ :‬من‬
‫يموا ال ا‬ ‫كمثاؿ ما يحتاج إلى غيره في بياف صفتو‪ :‬قولو تعالى‪ً :‬‬
‫{كأىق ي‬
‫ى‬
‫اآلية ّْ]‪ ،‬فإف كيفية إقامة الصالة مجهولة تحتاج إلى بياف‪.‬‬
‫كمثاؿ ما يحتاج إلى غيره في بياف مقداره‪ :‬قولو تعالى‪{ :‬ك آتوا الزكاة} [البقرة‪ :‬من‬
‫اآلية ّْ]‪ ،‬فإف مقدار الزكاة الواجبة مجهوؿ يحتاج إلى بياف‪.‬‬

‫اللفظ إما أف يحتمل معنى كاحدان فقط أك أكثر فاألكؿ النص‪ ،‬كالثاني إما أف يكوف في‬
‫أحد المعنيين أك المعاني أظهر منو في غيره أكَل بأف يكوف على السواء فاألكؿ الظاىر‬
‫كمقابلو المؤكؿ كالثاني المجمل‪.‬‬
‫ك المجمل لغة المجموع‪ ،‬كمنو يقاؿ‪ " :‬أجملت الشيء إجماَلن "‪ :‬جمعتو من غير‬
‫تفصيل‪.‬ك يطلق لغة أيضان على الخلط‪ ،‬كيطلق على المبهم‪ ،‬كيطلق على المحصل‪،‬‬
‫كمنو قولهم‪ " :‬جملت الشيء " إذا حصلتو‪.‬‬
‫ك في اَلصطالح ‪:‬ما احتمل معنيين أك أكثر من غير ترجح ألحدىما أك أحدىا على‬
‫غيره‪.‬من األمثلة على ذلك‪ :‬لفظ القرء فهو متردد بين معنيين على السواء‪ :‬الطهر‬
‫كالحيض بدكف ترجح ألحدىما على اآلخر كلهذا التردد كقع الخالؼ في المراد بالقرء‬
‫في قولو تعالى‪{ :‬كالمطلقات يتربصن بأنفسهن ثالثة قركء} فحملو الشافعي كمالك‬
‫على الطهر‪ ،‬كأبو حنيفة كأحمد حماله على "الحيض "‪.‬‬
‫قولو ‪« :‬ما يتوقف فهم المراد منو على غيره‪ ،‬إما في تعيينو أك بياف صفتو أك‬
‫مقداره»‪.‬يستفاد من كالمو أف المجمل يفتقر إلى غيره في بياف دَللتو كقد حصرىا في‬
‫ثالثة أمور‪:‬‬
‫ُ‪/‬ما يفتقر في دَللتو إلى تعيينو‪:‬مثل قولو تعالى‪{ :‬إَل أف يعفوف أك يعفو الذم بيده‬
‫عقدة النكاح} ‪ .‬يحتمل أف يكوف الزكج كأف يكوف الولي‪ .‬كلذا حملو أحمد كالشافعي‬
‫على الزكج؛ كحملو مالك على الولي‪.‬‬
‫ِ‪/‬ما يفتقر في دَللتو إلى بياف صفتو‪:‬مثالو قولو تعالى {ك أتموا الحج كالعمرة هلل} فإف‬
‫كيفية أداء مناسك الحج مجهولة تحتاج إلى بياف من الشارع‪.‬‬
‫ّ‪/‬ما يفتقر في دَللتو إلى مقداره‪ :‬مثل المؤلف بقولو تعالى‪{ :‬كآتوا الزكاة} فإف مقدار‬
‫الزكاة الواجبة مجهوؿ يحتاج إلى بياف ك كذلك األصناؼ التي يخرج منها الزكاة‬
‫مجهولة تحتاج إلى تعيين فاآلية فيها أكثر من إجماؿ‪.‬‬
‫ك للمجمل أنواع لم يتناكلها المؤلف يمكن أف نلخصها كاآلتي‪:‬‬
‫ُ‪ /‬اإلجماؿ في المركب كقولو تعالى‪{ :‬إَل أف يعفوف أك يعفو الذم بيده عقدة‬
‫النكاح} ‪َ .‬لحتماؿ أف يكوف الزكج كأف يكوف الولي ك قد سبق كالمنا على ىذا‪.‬‬
‫ِ‪ /‬ا ًإلجماؿ في المفرد‪:‬‬
‫أ‪/‬اإلجماؿ في اَلسم‪ :‬كمثلو لفظ "العين " للجارحة الباصرة كالجارية كالنقد ك‬
‫الجاسوس‪.‬‬
‫ب‪ /‬ا ًإلجماؿ في الفعل‪ :‬كقولو تعالى‪{ :‬كالليل إذا عسعس} فالفعل عسعس لفظ‬
‫مجمل لتردد معناه بين أقبل كأدبر‪.‬‬
‫جػ‪ /‬ا ًإلجماؿ في الحرؼ‪ :‬كقولو تعالى‪{ :‬فامسحوا بوجوىكم كأيديكم منو} َلحتماؿ‬
‫من للتبعيض كَلبتداء الغاية كلذا حملو الشافعي على األكؿ‪ ،‬كحملو مالك على الثاني‪.‬‬
‫ّ‪ /‬ا ًإلجماؿ بسبب الخالؼ في تقدير الحرؼ المحذكؼ كقولو تعالى‪{ :‬كترغبوف أف‬
‫تنكحوىن} ‪ .‬ألف الحرؼ المقدر بعد ترغبوف يحتمل أف يكوف " في " أم ترغبوف في‬
‫نكاحهن لجمالهن‪ ،‬كيحتمل أف يكوف "عن " أم ترغبوف عن نكاحهن لفقرىن‬
‫كدمامتهن‪.‬‬
‫ْ‪ /‬التصريف في اللفظ‪ ،‬كلفظ‪ " :‬المختار " في عبارة‪ " :‬زيد المختار "‪ ،‬فال يعرؼ‬
‫ىل زيد ىو الذم اختار فيكوف فاعالن أك زيد ىو الذم اختير فيكوف مفعوَلن بو‪.‬‬
‫ٓ‪ /‬التردد في مرجع الضمير كقولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪َ " :-‬ل يمنعن جار جاره‬
‫أف يغرز خشبة في جداره "‪ ،‬فالضمير فى لفظ‬
‫" جداره " يحتمل أف يعود إلى الغارز‪ ،‬أك إلى جاره‪.‬‬
‫ٔ‪ /‬التخصيص بالمجهوؿ كقولهم‪ " :‬اقتلوا المشركين إَل بعضهم "‪ ،‬ألف العاـ إذا خص‬
‫بمجهوؿ يصير الباقي محتمالن‪ ،‬فكاف مجمالن‪.‬‬

‫تعريف المبيان‪:‬‬
‫المبيان لغة‪ :‬المظهر كالموضح‪.‬‬
‫كاصطالحان‪ :‬ما يفهم المراد منو‪ ،‬إما بأصل الوضع أك بعد التبيين‪.‬‬
‫مثاؿ ما يفهم المراد منو بأصل الوضع‪ :‬لفظ سماء‪ ،‬أرض‪،‬جبل‪ ،‬عدؿ‪ ،‬ظلم‪ ،‬صدؽ‪،‬‬
‫فهذه الكلمات كنحوىا مفهومة بأصل الوضع‪ ،‬كَل تحتاج إلى غيرىا في بياف معناىا‪.‬‬
‫كمثاؿ ما يفهم المراد منو بعد التبيين قولو تعالى‪{ :‬ك أقيموا الصالة ىكآتيوا ال ازىكا ىة}‬
‫[البقرة‪ :‬من اآلية ّْ]‪ ،‬فإف اإلقامة كاإليتاء كل منهما مجمل‪ ،‬كلكن الشارع بيانهما‪،‬‬
‫فصار لفظهما بيٍّنان بعد التبيين‪.‬‬

‫سر‪ ،‬كىو‪:‬‬
‫المبيان ‪ -‬بفتح الياء ‪ :-‬اسم مفعوؿ من التبيين كىو‪ :‬الموضاح كالمف ا‬
‫اصطالحان يطلق كيراد بو الخطاب المبتدأ المستغني عن البياف‪ ،‬كىو الواضح بنفسو‪.‬‬
‫كيطلق كيراد بو‪ :‬ما كقع عليو البياف مما احتاج إليو‪ ،‬كىو‪ :‬الواضح بغيره‪ ،‬يكيس امى ذلك‬
‫الغير مبيٍّنان‪.‬‬
‫كالمبيٍّن ‪ -‬بكسر الياء ‪ :-‬اسم فاعل من بيان‪ ،‬يبيٍّن فهو مبيٍّن‪ ،‬أم‪ :‬موضٍّح لغيره‪ ،‬كىو‪:‬‬
‫الدليل المبيٍّن‪ .‬كىو اصطالحان‪ :‬الكاشف عن المراد من الخطاب‪ ،‬كعلى ىذا درج أكثر‬
‫األصوليين فخصوا البياف بإيضاح ما فيو من خفاء‪ .‬كمنهم من يطلقو على كل إيضاح‬
‫سواء تقدمو خفاء أـ َل‪.‬‬
‫كالبياف‪ :‬اسم مصدر بيان‪.‬كىو اصطالحان‪ :‬الدليل‪ ،‬كالدليل ىو‪ :‬ما يتوصل بصحيح النظر‬
‫فيو إلى مطلوب خبرم‪.‬‬
‫قاؿ ابن قدامة المقدسي ‪«:‬كاختلف في البياف فقيل‪ :‬ىو الدليل كىو ما يتوصل‬
‫بصحيح النظر فيو إلى علم أك ظن‪.‬كقيل‪ :‬ىو إخراج الشيء من اإلشكاؿ إلى الوضوح‬
‫كقيل‪:‬ىو ما دؿ على المراد بما يستقل بنفسو في الدَللة على المراد‪ .‬كقد قيل‪ :‬ىذاف‬
‫الحداف يختصاف بالمجمل كقد يقاؿ لمن دؿ على شيء بينو كىذا بياف حسن كإف لم‬
‫يكن مجمال كالنصوص المعربة عن األحكاـ ابتداء بياف كليس ثم إشكاؿ كَل يشترط‬
‫أيضا حصوؿ العلم للمخاطب فإنو يقاؿ بين لو غير أنو لم يتبين‪ »..‬ق‬

‫العمل بالمجمل‪:‬‬
‫يجب على المكلف عقد العزـ على العمل بالمجمل متى حصل بيانو‪.‬‬
‫كالنبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم قد بيان ألمتو جميع شريعتو أصولها كفركعها‪ ،‬حتى ترؾ‬
‫األمة على شريعة بيضاء نقية ليلها كنهارىا‪ ،‬كلم يترؾ البياف عند الحاجة إليو أبدان‪.‬‬

‫يستفاد من كالـ المؤلف أف المجمل يجب أف نتوقف فيو عازمين على العمل بو متى‬
‫حصل بيانو‪ ،‬فال يجوز العمل بو حتى يأتي دليل خارجي يدؿ على أف المراد ىو أحد‬
‫المعنيين‪ ،‬ألف اللفظ المتردد بين معنيين إما أف يراد كل كاحد منهما معان كىذا باطل‬
‫َلستحالة العمل بمعنيين كل كاحد منهما ضد اآلخر‪ ،‬كإما أف َل يراد كل كاحد منهما‪،‬‬
‫كىذا باطل ‪ -‬أيضان ‪ -‬ألنو يؤدم إلى خلو اللفظ عن المعنى‪ ،‬كىذا َل يتكلم بو‬
‫العقالء‪.‬كإما أف يراد أحد المعنيين دكف اآلخر‪ ،‬كىو الصحيح لكننا َل نعرؼ المعنى‬
‫المراد إَل بدليل خارجي‪ .‬ك ينبغي للمستدؿ أف ينظر أكَلن ىل ىناؾ قرائن أك مرجحات‬
‫ألحد المعاني أكَل فإف كجدت عمل بها‪ ،‬كإَل ترؾ اَلستدَلؿ بو كلذا قيل‪ :‬إذا كجد‬
‫اَلحتماؿ بطل اَلستدَلؿ‪.‬‬

‫كبيانو صلٌى اهلل عليو كسلٌم إما بالقوؿ‪ ،‬أك بالفعل‪ ،‬أك بالقوؿ كالفعل جميعان‪.‬‬
‫مثاؿ بيانو بالقوؿ‪ :‬إخباره عن أنصبة الزكاة كمقاديرىا كما في قولو صلٌى اهلل عليو‬
‫{كآتيوا ال ازىكاةى} [البقرة‪:‬‬
‫كسلٌم‪« :‬فيما سقت السماء العشر»؛ بيانان لمجمل قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫من اآلية ّْ]‪.‬‬
‫{كلًلا ًو‬
‫كمثاؿ بيانو بالفعل‪ :‬قيامو بأفعاؿ المناسك أماـ األمة بيانان لمجمل قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ااس ًح ُّج الٍبىػ ٍيت} [آؿ عمراف‪ :‬من اآلية ٕٗ]‪.‬‬
‫ىعلىى الن ً‬
‫ككذلك صالتو الكسوؼ على صفتها‪ ،‬ىي في الواقع بياف لمجمل قولو صلٌى اهلل عليو‬
‫كسلٌم‪« :‬فإذا رأيتم منها شيئان فصلوا»‪.‬‬
‫كمثاؿ بيانو بالقوؿ كالفعل‪ :‬بيانو كيفية الصالة‪ ،‬فإنو كاف بالقوؿ كما في حديث‬
‫المسيء في صالتو حيث قاؿ صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪« :‬إذا قمت إلى الصالة‪ ،‬فأسبغ‬
‫الوضوء‪ ،‬ثم استقبل القبلة فكبر ‪ ،»...‬الحديث‪.‬‬
‫ككاف بالفعل أيضان‪ ،‬كما في حديث سهل بن سعد الساعدم رضي اهلل عنو أف النبي‬
‫صلٌى اهلل عليو كسلٌم قاـ على المنبر فكبر‪ ،‬ككبر الناس كراءه كىو على المنبر ‪، ...‬‬
‫الحديث‪ ،‬كفيو‪ :‬ثم أقبل على الناس كقاؿ‪« :‬إنما فعلت ىذا؛ لتأتموا بي‪ ،‬كلتعلموا‬
‫صالتي»‪.‬‬

‫خالصة ما ذكره المؤلف أف بياف الشارع للمجمل يكوف بالقوؿ‪ ،‬أك بالفعل‪ ،‬أك بالقوؿ‬
‫كالفعل جميعان‪ .‬كذلك البياف قد يكوف بترؾ الفعل كبالكتابة كباإلشارة ك ىذه األمور‬
‫الثالثة لم يذكرىا المؤلف‪..‬‬
‫كقد مثل المؤلف ألنواع البياف ك نزيد أمثلة على ذلك‪:‬‬
‫ُ‪ /‬كتاب بكتاب قاؿ تعالى‪{ :‬إَل ما يتلى عليكم} فهذا مجمل بينو اهلل بقولو‪:‬‬
‫{حرمت عليكم الميتة كالدـ} اآلية‪.‬‬
‫ِ‪ /‬كتاب بسنة قاؿ تعالى‪{ :‬كآتوا حقو يوـ حصاده} فحقو مجمل بينو صلى اهلل عليو‬
‫كسلم بقولو‪" :‬فيما سقت السماء العشرة كفيما سقى بالنضح نصف العشر"‪.‬‬
‫البياف بالفعل‪:‬‬
‫أ‪ /‬يكوف بصورة العمل كحجو صلى اهلل عليو كسلم ك قولو ألصحابو ‪" :‬لتأخذكا عني‬
‫مناسككم" ككقطعو يد السارؽ من الكوع‪.‬‬
‫ب‪ /‬كيكوف بالكتابة ككتابتو صلى اهلل عليو كسلم أسناف الزكاة لعمالو عليها‪.‬‬
‫جػ‪ /‬كيكوف باإلشارة كقولو‪" :‬الشهر ىكذا كىكذا ك ىكذا"‪ .‬كأشار بأصابع يديو كقبض‬
‫اإلبهاـ في الثالثة يعنى تسعة كعشرين يومان‪.‬‬
‫ك يكوف البياف بترؾ الفعل‪ :‬كتركو صلى اهلل عليو كسلم التراكيح في رمضاف بعد أف‬
‫فعلها ككتركو الوضوء مما مست النار‪ ،‬مما دؿ على عدـ الوجوب فيهما‪.‬‬

‫كالمؤاكؿ‬
‫اىر ى‬ ‫الظا ً‬
‫تعريف الظاىر‪:‬‬
‫الظاىر لغة‪ :‬الواضح كالبين‪.‬‬
‫كاصطالحان‪ :‬ما دؿ بنفسو على معنى راجح مع احتماؿ غيره‪ .‬مثالو قولو صلٌى اهلل عليو‬
‫كسلٌم‪« :‬توضؤكا من لحوـ اإلبل» ‪ ،‬فإف الظاىر من المراد بالوضوء غسل األعضاء‬
‫األربعة على الصفة الشرعية دكف الوضوء الذم ىو النظافة‪.‬‬
‫فخرج بقولنا‪« :‬ما دؿ بنفسو على معنى»؛ المجمل ألنو َل يدؿ على المعنى بنفسو‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬راجح»؛ المؤكؿ ألنو يدؿ على معنى مرجوح لوَل القرينة‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬مع احتماؿ غيره»؛ النص الصريح؛ ألنو َل يحتمل إَل معننى كاحدان‪.‬‬

‫ىذا المبحث من المباحث المتعلقة باأللفاظ كالمجمل ك المبين ك غيرىا‪ .‬استهلو‬


‫المؤلف بتعريف الظاىر لغة ك اصطالحا‪ .‬قاؿ ‪« :‬الظاىر لغة‪ :‬الواضح كالبين» يقاؿ ‪:‬‬
‫ظهر الشيء إذا كضح كباف‪ .‬ك يطلق الظاىر كذلك على الشاخص المرتفع كالواضح‬
‫المنكشف‪ ،‬كيطلق على خالؼ الباطن‪ ،‬قاؿ تعالى‪( :‬ىو ٍاألى اك يؿ ك ٍاآل ًخر كالظا ً‬
‫اى ير‬ ‫ى ي ى‬ ‫يى‬
‫اط ين) ك قد شرحو سيد المرسلين صلى اهلل عليو كسلم بأف اهلل عز كجل ظاىر ليس‬ ‫كالٍب ً‬
‫ى ى‬
‫فوقو شيء‪.‬‬
‫ك أما اصطالحا‪ :‬قاؿ‪« :‬ما دؿ بنفسو على معنى راجح مع احتماؿ غيره»‪ .‬فهذا الحد‬
‫لو ثالثة قيود‪:‬‬
‫القيد األكؿ‪« :‬ما دؿ بنفسو على معنى» يخرج بو اللفظ المجمل ألنو مفتقر في معناه‬
‫إلى غيره ك َل دَللة فيو‪.‬فقولنا مثال (آتوا الزكاة) مجمل يحتاج إلى بياف لمقدارىا فال‬
‫يدخل في الحد‪.‬‬
‫القيد الثاني‪« :‬راجح» يخرج اللفظ المؤكؿ‪.‬فقولنا مثال ‪ :‬رأيت أسدا راجح في الحيواف‬
‫المعركؼ مرجوح في الرجل الشجاع فال نحمل لفظ األسد على المعنى المرجوح إَل‬
‫لقرينة تصرفو إلى ذلك المعنى كأف نقوؿ مثال‪ :‬رأيت أسدا يخطب على المنبر‪...‬‬
‫القيد الثالث‪« :‬مع احتماؿ غيره» يخرج النص ألنو َل يحتمل إلى معنى كاحدا َل‬
‫يتعدل إلى غيره‪.‬فقولو تعالى ‪:‬إطعاـ عشرة مساكين نص َل يحتمل إلى معنى كاحدا ‪.‬‬
‫ىذا ما ذكره المؤلف ك بعض األصوليين عرؼ الظاىر بأنو اللفظ الذم يحتمل معنيين‬
‫ىو في أحدىما أظهر‪.‬أم أنو اللفظ الذم فهم منو السامع معنيين‪ ،‬كلكن رجح أحد‬
‫ىذين المعنيين‪ ،‬دكف اآلخر‪.‬‬
‫فقولهم‪ " :‬الذم يحتمل معنيين " أخرج النص؛ حيث إف النص ىو اللفظ الذم َل‬
‫يحتمل إَل معنى كاحدا فقط ‪ -‬كما سبق ‪.-‬‬
‫كقولهم‪ " :‬ىو في أحدىما أظهر " أخرج المجمل؛ ألف المجمل ىو‪ :‬اللفظ الذم‪.‬‬
‫احتمل معنيين َل مزية ألحدىما على اآلخر‪ ،‬أم‪:‬اللفظ المتردد بين معنيين على السواء‬
‫كالقرء‪.‬‬
‫ك الظاىر قسماف‪ :‬ظاىر من جهة اللفظ ‪-‬أم‪ :‬لفظو ظاىر‪ -‬كظاىر من جهة الدليل‪،‬‬
‫أم‪ :‬دؿ الدليل على تأكيلو فأصبح ظاىران في المعنى اآلخر الذم كاف خفيان فيو‪.‬‬

‫العمل بالظاىر‪:‬‬
‫العمل بالظاىر كاجب إَل بدليل يصرفو عن ظاىره؛ ألف ىذه طريقة السلف‪ ،‬كألنو‬
‫أحوط كأبرأ للذمة‪ ،‬كأقول في التعبد كاَلنقياد‪.‬‬

‫أفادنا المؤلف بوجوب العمل باللفظ الظاىر إَل إذا كجد دليل صحيح يصرفو عن‬
‫ظاىره إلى المعنى المرجوح ك ىنا مسائل ينبغي لطالب العلم التنبو لها ‪ ،‬نلخصها‬
‫كاآلتي‪:‬‬
‫ُ‪َ/‬ل يعدؿ عن النص إَل بنسخ‪.‬‬
‫ِ‪َ /‬ل يعمل بالمجمل إَل بعد البياف‪.‬‬
‫ّ‪َ /‬ل يترؾ الظاىر كينتقل إلى المؤكؿ إَل لقرينة قوية تجعل الجانب المرجوح راجحان‪.‬‬
‫مثالو‪ :‬لفظ " الجار" في حديث " الجار أحق بصقبو " فإنو راجح في المجاكر مرجوح‬
‫في الشريك فحملو الحنابلة على الشريك مع أنو مرجوح لقرينة قوية كىي قولو صلى‬
‫اهلل عليو كسلم‪" :‬فإذا ضربت الحدكد كصرفت الطرؽ فال شفعة " فقالوا‪َ :‬ل ضرب‬
‫لحدكد كَل صرؼ لطرؽ إَل في الشركة أما الجيراف فكل على حدكده كطرقو‪ ،‬كلهذا‬
‫قالوا‪َ :‬ل شفعة لجار‪.‬‬
‫فبالنسبة لحكم النص الذم َل يحتمل إَل معنى كاحدا كما قلنا ينبغي للمكلاف أف‬
‫يصير إلى معناه‪ ،‬كأف يعمل بالحكم الذم ا‬
‫دؿ عليو كَل يتركو إَل إذا ثبت ناسخ لو‪ ،‬فهنا‬
‫يهمنا في ىذا المبحث فحكمو‬
‫يترؾ المنسوخ كيعمل بالناسخ‪ .‬كأما الظاىر ك ىو الذم ٌ‬
‫كذلك كما قاؿ المؤلف رحمو اهلل أف يصير المكلف إلى معناه الظاىر لو فيجب‬
‫دؿ عليو من األحكاـ‪ ،‬كَل يجوز ترؾ ذلك المعنى الراجح إَل إذا قاـ دليل‬
‫العمل بما ٌ‬
‫صحيح على تأكيلو‪ ،‬أك تخصيصو‪ ،‬أك نسخو ك ىذه طريقة السلف كما قاؿ الشيخ‪ .‬ك‬
‫أما التأكيل فمقبوؿ ك معموؿ بو إذا تحقق مع شركطو‪ ،‬كلم يزؿ العلماء في كل عصر‬
‫من عهد الصحابة رضي اللاو عنهم إلى زماننا ىذا عاملين بو من غير أف ينكر عليهم‬
‫أحد‪.‬‬
‫ك بالنسبة للفظ المجمل فكما سبق‪ :‬يجب أف نتوقف فيو‪ ،‬فال يجوز العمل بو حتى‬
‫يأتي دليل خارجي يدؿ على أف المراد ىو أحد المعنيين‪ ،‬كذلك ألف اللفظ المتردد بين‬
‫معنيين َل يخلو‪ :‬إما أف يراد كل كاحد منهما معا‪ ،‬كىذا باطل؛ ألنو يستحيل أف نعمل‬
‫بمعنيين كل كاحد منهما ضد اآلخر‪ .‬كإما أف َل يراد كل كاحد منهما‪ ،‬كىذا باطل؛ ألنو‬
‫يؤدم إلى خلو اللفظ عن المعنى‪ ،‬ك ىذا َل يتكلم بو العقالء‪ .‬كإما أف يراد أحد‬
‫المعنيين دكف اآلخر كىو الصحيح‪ ،‬لكننا َل نعرؼ المعنى المراد من ىذين المعنيين‬
‫إَل بدليل خارجي‪.‬‬

‫تعريف المؤكؿ‪:‬‬
‫المؤكؿ لغة‪ :‬من األ ىىكؿ كىو الرجوع‪.‬‬
‫كاصطالحان‪ :‬ما حمل لفظو على المعنى المرجوح‪.‬‬
‫فخرج بقولنا‪« :‬على المعنى المرجوح»؛ النص كالظاىر‪.‬‬
‫أما النص‪ ،‬فألنو َل يحتمل إَل معنى كاحدان‪ ،‬كأما الظاىر فألنو محموؿ على المعنى‬
‫الراجح‪.‬‬

‫التأكيل لغة مأخوذ من آؿ‪ ،‬يؤكؿ‪ ،‬أم‪ :‬رجع‪ ،‬كالتأكيل آخر األمر‪ ،‬كعاقبتو‪ ،‬يقاؿ‪ :‬إلى‬
‫أم شيء مآؿ ىذا األمر‪،‬أم‪ :‬مصيره كعقباه‪ ،‬كيقاؿ‪ :‬تأكؿ فالف اآلية أم‪ :‬نظر ما يؤكؿ‬
‫إليو معناىا‪ .‬ك من الناحية اَلصطالحية ىو‪ :‬حمل اللفظ على غير مدلولو الظاىر منو‬
‫مع احتمالو لو بدليل يعضده أم أف يكوف اللفظ يحتمل معنيين‪ :‬معنى راجح‪ ،‬كمعنى‬
‫مرجوح‪ ،‬فثبت لدل المجتهد دليل يقوم المعنى المرجوح‪ ،‬فيحمل المجتهد اللفظ‬
‫على المعنى المرجوح كيعمل بذلك‪ ،‬كَل يعمل بالمعنى الذم ا‬
‫دؿ عليو الظاىر؛ ألنو‬
‫صار مرجوحا‪ ،‬كىذا ىو التأكيل الصحيح‪.‬‬
‫ك للتأكيل شركط نبو عليها األصوليوف منها‪:‬‬
‫ُ‪/‬أف يكوف المتأكؿ من أىل اَلجتهاد كالنظر كاَلستدَلؿ‪.‬‬
‫ِ‪ /‬أف يكوف بدليل فال يمكن أف يؤكؿ بغير دليل‪.‬‬
‫ّ‪ /‬أف يكوف اللفظ قابالن للتأكيل‪ ،‬فإف كاف اللفظ صريحان َل يقبل التأكيل فال يمكن‬
‫تأكيلو‪.‬‬
‫ْ‪ /‬أف يقع فيو موجب للتأكيل‪.‬‬
‫ٓ‪ /‬أف يكوف اللفظ الذم أكؿ إليو محتمالن‪ .‬مقبوَلن في العربية‪ ،‬فال يمكن أف يحمل‬
‫اللفظ على ما َل تقتضيو اللغة بوجو من الوجوه‪ ،‬فذلك تأكيل فاسد‪.‬‬
‫كالتأكيل قسماف‪ :‬صحيح مقبوؿ‪ ،‬كفاسد مردكد‪.‬‬
‫اسأ ًىؿ الٍ ىق ٍريىةى} إلى‬
‫{ك ٍ‬
‫ُ ‪ -‬فالصحيح‪ :‬ما دؿ عليو دليل صحيح؛ كتأكيل قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫معنى‪ :‬كاسأؿ أىل القرية‪ ،‬ألف القرية نفسها َل يمكن توجيو السؤاؿ إليها‪.‬‬
‫ِ ‪ -‬كالفاسد‪ :‬ما ليس عليو دليل صحيح؛ كتأكيل المعطلة قولو تعالى‪{ :‬ال ار ٍح ىم ين ىعلىى‬
‫استىػ ىول} [طو‪ ]ٓ:‬إلى معنى استولى‪ ،‬كالصواب أف معناه العلو كاَلستقرار من‬ ‫ش ٍ‬ ‫ال ىٍع ٍر ً‬
‫غير تكييف كَل تمثيل‪.‬‬

‫أفادنا المؤلف أف التأكيل منو ما ىو صحيح مقبوؿ ك منو ما ىو فاسد مردكد‪ ،‬ك قد‬
‫ذكرنا شركط التأكيل الصحيح ‪.‬ك ننبو إلى أف بعض األصوليين قسموه إلى ثالثة أقساـ‬
‫مشاحة في اَلصطالح ‪.‬ىذه األقساـ ىي‪ :‬التأكيل القريب ‪،‬ك التأكيل المتوسط ك‬
‫ٌ‬ ‫كَل‬
‫التأكيل البعيد ‪.‬‬
‫التأكيل القريب‪ :‬كىو ما إذا كاف المعنى المؤكؿ إليو اللفظ قريبان جدان‪ ،‬فهذا يكفيو أدنى‬
‫دليل‪.‬مثالو‪ :‬قولو تعالى‪( :‬يا أىيُّػها الا ًذين آمنيوا إًذىا قيمتم إًلىى ال ا ً‬
‫ص ىالة فىا ٍغ ًسليوا يك يج ى‬
‫وى يك ٍم‬ ‫ٍيٍ‬ ‫ى ى‬ ‫ى ى‬
‫ىكأىيٍ ًديى يك ٍم)‪ ،‬فإف القياـ إلى الصالة قد صرؼ عن معناه الظاىر إلى معنى قريب محتمل‪،‬‬
‫كىو‪ :‬العزـ على أداء الصالة‪ ،‬كالذم رجح ىذا اَلحتماؿ دليل أف الشارع َل يطلب من‬
‫المكلفين الوضوء بعد الشركع في الصالة‪.‬‬
‫التأكيل البعيد‪ :‬كىو ما إذا كاف المعنى المؤكؿ إليو اللفظ بعيدان جدان‪ ،‬فهذا يحتاج إلى‬
‫دليل في غاية القوة‪.‬مثل قولو تعالى‪( :‬كامسحوا بًرء ً‬
‫كس يك ٍم ىكأ ٍىر يجلى يك ٍم إًلىى الٍ ىك ٍعبىػ ٍي ًن)‪ ،‬فقد‬‫ى ٍ ى ي يي‬
‫أ اكؿ ذلك بعضهم بأف المراد‪ :‬مسح الرجلين بدَلن من غسلهما‪ ،‬كقد استدؿ على ىذا‬
‫التأكيل بقراءة الجر في قولو‪( :‬كأىرجلً يكم) كأف ذلك كاف عطفان على قولو‪( :‬بًرء ً‬
‫كس يك ٍم)‬‫يي‬ ‫ى ٍي ٍ‬
‫فقالوا ذلك نظران إلى تلك القراءة‪ ،‬كلكن ما ثبت من األحاديث الصحيحة التي أمرت‬
‫بغسل الرجلين جعل ىذا التأكيل بعيدان جدان‪.‬‬
‫التأكيل المتوسط‪ :‬كىو ما كاف المعنى المؤكؿ إليو متوسطان‪ ،‬فإف ىذا يحتاج إلى دليل‬
‫متوسط في القوة‪.‬‬

‫اسخ‬
‫الن ٍ‬
‫تعريفو‪:‬‬
‫النسخ لغة‪ :‬اإلزالة كالنقل‪.‬‬
‫كاصطالحان‪ :‬رفع حكم دليل شرعي أك لفظو بدليل من الكتاب كالسنة‪.‬‬
‫فالمراد بقولنا‪« :‬رفع حكم»؛ أم‪ :‬تغييره من إيجاب إلى إباحة‪ ،‬أك من إباحة إلى‬
‫تحريم مثالن‪.‬‬
‫فخرج بذلك تخلف الحكم لفوات شرط أك كجود مانع‪ ،‬مثل أف يرتفع كجوب الزكاة‬
‫لنقص النصاب‪ ،‬أك كجوب الصالة لوجود الحيض؛ فال يسمى ذلك نسخان‪.‬‬
‫كالمراد بقولنا‪« :‬أك لفظو»‪ ،‬لفظ الدليل الشرعي؛ ألف النسخ إما أف يكوف للحكم‬
‫دكف اللفظ أك بالعكس أك لهما جميعان؛ كما سيأتي‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬بدليل من الكتاب كالسنة»؛ ما عداىما من األدلة كاإلجماع كالقياس‬
‫فال ينسخ بهما‪.‬‬

‫النسخ لغة يطلق على إطالقين ىما‪:‬‬


‫اإلطالؽ األكؿ‪ :‬يراد بو اإلزالة كالرفع‪ ،‬كمنو قولهم‪":‬نسخت الشمس الظل "‪ ،‬أم‪:‬‬
‫أزالتو كرفعتو‪ ،‬كىذا مثاؿ النسخ إلى بدؿ‪.‬كمنو أيضان قولهم‪ " :‬نسخت الريح األثر "‬
‫أم‪ :‬رفع الريح آثار القوـ كأزالتها‪ ،‬كىذا مثاؿ النسخ إلى غير بدؿ‪.‬‬
‫اإلطالؽ الثاني‪ :‬يراد بو النقل مع بقاء األكؿ‪ ،‬كمنو قولهم‪ " :‬نسخت الكتاب " أم‪:‬‬
‫نقلت ما فيو‪ ،‬مع بقاء األصل‪.‬‬
‫قاؿ المؤلف ‪ :‬كاصطالحا‪« :‬رفع حكم دليل شرعي أك لفظو بدليل من الكتاب‬
‫كالسنة‪».‬‬
‫ك عرفو بعضهم بقولو‪« :‬رفع الحكم الثابت بخطاب متقدـ بخطاب آخر متراخ عنو»‪.‬‬
‫فقولنا «رفع الحكم» جنس يعم النسخ كغيره مما يخرج بالقيود التالية لذلك‪.‬‬
‫القيد األكؿ ‪" :‬الثابت بخطاب متقدـ "يخرج منو البراءة األصلية فإيجاب الصالة‬
‫كالزكاة كالصوـ كالحج كغير ذلك رفع للبراءة األصلية كليس بنسخ‬
‫القيد الثاني‪" :‬بخطاب آخر "رفع الحكم بالجنوف كالموت‪.‬‬
‫القيد الثالث‪ " :‬متراخ عنو " ما كاف متصال بالخطاب كالتخصيص فإف ذلك َل يسمى‬
‫نسخان ك إف كاف بعض السلف يدخل التخصيص ك تقييد المطلق في النسخ‪.‬‬
‫كاليك مثال نزيد بو التعريف كضوحان كىو أف الواجب في أكؿ ا ًإلسالـ مصابرة الواحد‬
‫من المسلمين للعشرة من الكفار في الحرب ثم نسخ ذلك بوجوب مصابرة الواحد من‬
‫المسلمين لالثنين من الكفار فوجوب مصابرة الواحد للعشرة حكم ثبت بخطاب متقدـ‬
‫ىو قولو تعالى‪{ :‬إف يكن منكم عشركف صابركف يغلبوا مائتين} فرفع ىذا الحكم‬
‫بخطاب آخر متأخر عنو كىو قولو تعالى‪{ :‬اآلف خفف اهلل عنكم كعلم أف فيكم ضعفان‬
‫فإف يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين} اآلية‪.‬‬

‫كالنسخ جائز عقالن ككاقع شرعان‪.‬‬


‫أما جوازه عقالن‪ :‬فألف اهلل بيده األمر‪ ،‬كلو الحكم؛ ألنو الرب المالك‪ ،‬فلو أف يشرع‬
‫لعباده ما تقتضيو حكمتو كرحمتو‪ ،‬كىل يمنع العقل أف يأمر المالك مملوكو بما أراد؟‬
‫ثم إف مقتضى حكمة اهلل كرحمتو بعباده أف يشرع لهم ما يعلم تعالى أف فيو قياـ‬
‫مصالح دينهم كدنياىم‪ ،‬كالمصالح تختلف بحسب األحواؿ كاألزماف‪ ،‬فقد يكوف‬
‫الحكم في كقت أك حاؿ أصلح للعباد‪ ،‬كيكوف غيره في كقت أك حاؿ أخرل أصلح‪،‬‬
‫كاهلل عليم حكيم‪.‬‬

‫كإذا جاز أف يخلق اهلل تعالى خلقان على صفة ثم ينقلو إلى صفة أخرل‪ ،‬فخلقو اهلل‬
‫تعالى طفالن ثم نقلو إلى الشباب‪ ،‬ثم إلى الكهولة ثم إلى الشيخوخة ثم إلى الموت‬
‫بدكف اختيار للعبد‪ ،‬كلم يكن ذلك قبيحان في شرع كَل عقل‪ ،‬فإنو يجوز أف يكلف اهلل‬
‫خلقو بعبادة ثم ينقلهم عنها‪.‬‬

‫كأما كقوعو شرعان فألدلة منها‪:‬‬


‫ٍت بً ىخ ٍي ور ًم ٍنػ ىها أ ٍىك ًمثٍلً ىها} [البقرة‪ :‬من‬
‫ُ ‪ -‬قولو تعالى‪{ :‬ما نىػ ٍنس ٍخ ًمن آي وة أىك نيػ ٍن ًس ىها نىأ ً‬
‫ى ى ٍ ى ٍ‬
‫اآلية َُٔ]‬
‫كى ٌن}‬ ‫ف اللاوي ىع ٍن يكم} [ألنفاؿ‪ :‬من اآلية ٔٔ] {فى ٍاآل ىف ب ً‬ ‫{اآل ىف ىخ اف ى‬
‫اش ير ي‬‫ى‬ ‫ِ ‪ -‬قولو تعالى‪ٍ :‬‬
‫[البقرة‪ :‬من اآلية ُٕٖ] فإف ىذا نص في تغيير الحكم السابق‪.‬‬
‫ّ ‪ -‬قولو صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪« :‬كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزكركىا» (ُ) فهذا‬
‫نص في نسخ النهي عن زيارة القبور‪.‬‬

‫مقصود المؤلف أف النسخ كاقع في الشريعة ك قد مثل بآية المصابرة ك الحديث الذم‬
‫يتضمن نسخ تحريم زيارة القبور ك غيرىا كما نسخ أيضا كجوب التربص حوَلن كامالن‬
‫عن المتوفى عنها زكجها بالتربص أربعة أشهر كعشران عند كثير من العلماء كنسخ صوـ‬
‫يوـ عاشوراء بصوـ رمضاف‪ ،‬كنسخ كجوب التوجو إلى بيت المقدس إلى التوجو إلى‬
‫الكعبة‪ ،‬كالوقوع دليل الجواز‪.‬‬
‫ك من حجية كقوع النسخ شرعا أيضا إجماع الصحابة على ذلك ‪ ،‬حيث اتفقوا على أف‬
‫شريعة محمد صلى اهلل عليو كسلم ناسخة لجميع الشرائع السابقة‪ ،‬إما بالكلية‪ ،‬كإما‬
‫فيما يخالفها فيو ‪.‬‬

‫ما يمتنع نسخو‪:‬‬


‫يمتنع النسخ فيما يأتي‪:‬‬
‫ُ ‪ -‬األخبار‪ ،‬ألف النسخ محلو الحكم‪ ،‬كألف نسخ أحد الخبرين يستلزـ أف يكوف‬
‫أحدىما كذبان‪ ،‬كالكذب مستحيل في أخبار اهلل كرسولو‪ ،‬اللهم إَل أف يكوف الحكم أتى‬
‫صابً يرك ىف يىػغٍلًبيوا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بصورة الخبر‪ ،‬فال يمتنع نسخو كقولو تعالى‪{ :‬إً ٍف يى يك ٍن م ٍن يك ٍم ع ٍش يرك ىف ى‬
‫ًمائىػتىػ ٍي ًن} [ألنفاؿ‪ :‬من اآلية ٓٔ] اآلية‪ ،‬فإف ىذا خبر معناه األمر‪ ،‬كلذا جاء نسخو في‬
‫ض ٍعفان فىًإ ٍف‬‫ف اللاوي ىع ٍن يك ٍم ىك ىعلً ىم أى اف فًي يك ٍم ى‬
‫{اآل ىف ىخ اف ى‬
‫اآلية التي بعدىا‪ ،‬كىي قولو تعالى‪ٍ :‬‬
‫صابًىرةه يىػ ٍغلًبيوا ًمائىػتىػ ٍي ًن}‪[ .‬ألنفاؿ‪ :‬من اآلية ٔٔ]‪.‬‬ ‫ً ً‬
‫يى يك ٍن م ٍن يك ٍم مائىةه ى‬
‫ِ ‪ -‬األحكاـ التي تكوف مصلحة في كل زماف كمكاف‪ :‬كالتوحيد‪ ،‬كأصوؿ اإليماف‬
‫كأصوؿ العبادات كمكارـ األخالؽ من الصدؽ كالعفاؼ‪ ،‬كالكرـ كالشجاعة‪ ،‬كنحو‬
‫ذلك؛ فال يمكن نسخ األمر بها‪ ،‬ككذلك َل يمكن نسخ النهي عما ىو قبيح في كل‬
‫زماف كمكاف كالشرؾ كالكفر كمساكمء األخالؽ من الكذب كالفجور كالبخل كالجبن‬
‫كنحو ذلك‪ ،‬إذ الشرائع كلها لمصالح العباد كدفع المفاسد عنهم‪.‬‬

‫خالصة ما ذكر المؤلف أف ىناؾ أمورا َل يتناكلها النسخ يمكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬
‫ُ‪ /‬النسخ َل يتناكؿ األخبار إَل إذا كرد حكم في صورة خبر فال يمتنع حينئذ نسخو‪.‬‬
‫ِ‪ /‬األحكاـ المتعلقة بأصوؿ الدين كاإليماف باهلل‪ ،‬كمالئكتو‪ ،‬ككتبو‪ ،‬كرسلو‪ ،‬ك اليوـ‬
‫اآلخر‪....‬‬
‫ّ‪/‬األحكاـ الكلية كاألمر بالمعركؼ كالنهي عن المنكر ‪.‬‬
‫ْ ‪/‬أمهات األخالؽ كالفضائل‪ ،‬كالعدؿ‪ ،‬كاألمانة‪ ،‬كالصدؽ‪ ،‬كالوفاء ك يعبر عنها بعض‬
‫العلماء بقولهم ‪ :‬األحكاـ التي َل تحتمل عدـ المشركعية‪.‬‬
‫ٓ‪ /‬أمهات الرذائل‪ ،‬مثل الكذب‪ ،‬كالظلم‪ ،‬كالخيانة‪ ،‬كالغدر ك يعبر عنها باألحكاـ التي‬
‫َل تحتمل المشركعية‪.‬‬
‫ٔ‪/‬األحكاـ التي ارتبط بها ما ينافي النسخ كالتأبيد مثل‪ :‬الجهاد ماض إلى يوـ القيامة‪.‬‬

‫يشترط للنسخ فيما يمكن نسخو شركط منها‪:‬‬


‫ُ ‪ -‬تعذر الجمع بين الدليلين‪ ،‬فإف أمكن الجمع فال نسخ إلمكاف العمل بكل‬
‫منهما‪.‬‬
‫ِ ‪ -‬العلم بتأخر الناسخ كيعلم ذلك إما بالنص أك بخبر الصحابي أك بالتاريخ‪.‬‬
‫مثاؿ ما علم تأخره بالنص‪ :‬قولو صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪« :‬كنت أذنت لكم في‬
‫اَلستمتاع من النساء‪ ،‬كإف اهلل قد حرـ ذلك إلى يوـ القيامة»‪.‬‬
‫كمثاؿ ما علم بخبر الصحابي‪ :‬قوؿ عائشة رضي اهلل عنها‪ :‬كاف فيما أنزؿ من القرآف‬
‫عشر رضعات معلومات يحرمن‪ ،‬ثم نسخن بخمس معلومات‪.‬‬
‫ف اللاوي ىع ٍن يك ٍم} اآلية؛ فقولو‪« :‬اآلف»‬
‫{اآل ىف ىخ اف ى‬
‫كمثاؿ ما علم بالتاريخ‪ :‬قولو تعالى‪ٍ :‬‬
‫يدؿ على تأخر ىذا الحكم‪ .‬ككذا لو ذكر أف النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم حكم بشيء‬
‫قبل الهجرة‪ ،‬ثم حكم بعدىا بما يخالفو‪ ،‬فالثاني ناسخ‪.‬‬
‫ّ ‪ -‬ثبوت الناسخ‪ ،‬كاشترط الجمهور أف يكوف أقول من المنسوخ أك مماثالن لو؛ فال‬
‫ينسخ المتواتر عندىم باآلحاد‪ ،‬كإف كاف ثابتان‪ ،‬كاألرجح أنو َل يشترط أف يكوف الناسخ‬
‫أقول أك مماثالن؛ ألف محل النسخ الحكم‪ ،‬كَل يشترط في ثبوتو التواتر‪.‬‬

‫أفادنا المؤلف أف للنسخ شركطا ينبغي توفرىا حتى يصح ك يثبت دعواه ك العمل بو ‪،‬‬
‫ك اقتصر على ثالثة منها ىي‪ :‬تعذر الجمع بين الدليلين ك العلم بتأخر الناسخ ك ثبوتو‪.‬‬
‫ك قد ذكر غيره من األصوليين شركطا أخرل‪ ،‬أنقلها على لساف اإلماـ الشوكاني رحمو‬
‫اهلل حيث يقوؿ ‪:‬‬
‫اس ًخ يش يركطه‪:‬‬ ‫ً‬
‫« ل لن ٍ‬
‫وخ ىش ٍر ًعيًّا ىَل ىع ٍقلًيًّا‪.‬‬ ‫س ي‬ ‫ٍاأل اىك يؿ‪ :‬أى ٍف يى يكو ىف ال ىٍم ٍن ي‬
‫ش ٍر ًط‪،‬‬ ‫ٍّرا ىع ٍنوي‪ ،‬فىًإ اف ال يٍم ٍقتى ًر ىف ىكال ا‬ ‫وخ‪ ،‬يمتىأىخ ن‬ ‫س ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الثااني‪ :‬أى ٍف يى يكو ىف النااس يخ يم ٍنػ ىفص نال ىع ًن ال ىٍم ٍن ي‬
‫ً‬
‫يصا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ك ٍّ ً ً ً ً‬
‫س امى نى ٍس نخا بى ٍل تى ٍخص ن‬ ‫الص ىفة‪ ،‬ىكاَل ٍستثٍػنىاء ىَل يي ى‬ ‫ى‬
‫شر وع‪ ،‬فى ىال ي يكو يف ارتًىفاعي الٍح ٍك ًم بًالٍمو ً‬ ‫الثاالً ي‬
‫ط‬‫ت نى ٍس نخا‪ ،‬بى ٍل يى ىو يس يقو ي‬ ‫ىٍ‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬ ‫اس يخ بً ى ٍ‬‫ث‪ :‬أى ٍف يى يكو ىف الن ٍ‬
‫يف‪.‬‬ ‫تى ٍكلً و‬
‫ضاءي ىكقٍتً ًو‬ ‫ك فى ىال يى يكو يف انٍ ًق ى‬ ‫ٍت‪ ،‬أى اما لى ٍو ىكا ىف ىك ىذلً ى‬ ‫وخ م ىقيا ندا بًوق و‬
‫ى‬ ‫س يي‬ ‫ً‬
‫ال اراب يع‪ :‬أى ٍف ىَل يى يكو ىف ال ىٍم ٍن ي‬
‫الا ًذم قيػيٍّ ىد بً ًو نى ٍس نخا لىوي‪.‬‬
‫وخ فًي الٍ يق اوةً‪ ،‬أ ٍىك أىقػ ىٍول ًم ٍنوي‪ ،‬ىَل إًذىا ىكا ىف يدكنىوي فًي‬ ‫س ً‬ ‫ً ً‬
‫س‪ :‬أى ٍف يى يكو ىف النااس يخ مثٍ ىل ال ىٍم ٍن ي‬ ‫ٍخام ي‬
‫ال ى ً‬
‫ضى بً ًو ال ىٍع ٍق يل‪ ،‬بى ٍل ىد اؿ‬ ‫اؿ إًلٍكًيىا‪ :‬ىك ىى ىذا ًم اما قى ى‬ ‫م‪.‬قى ى‬ ‫يل الٍ ىق ًو ا‬‫يف ىَل يي ًز ي‬ ‫اع ى‬ ‫الٍ يق اوةً؛ ًألى اف الض ً‬
‫آف بً ىخبى ًر كاحد‪.‬‬ ‫ص الٍ يقر ً‬
‫س يخوا نى ا ٍ‬ ‫ص ىحابىةى لى ٍم يىػ ٍن ى‬‫اإل ٍج ىماعي ىعلىٍي ًو‪ ،‬فىًإ اف ال ا‬ ‫ًٍ‬
‫ااس ًخ‪ ،‬ىحتاى ىَل يىػل ىٍزىـ الٍبى ىداءي‪ ،‬ىك ىذا‬ ‫ضى لًلن ً‬ ‫وخ غىٍيػ ىر ال يٍم ٍقتى ى‬ ‫س ً‬ ‫ادس‪ :‬أى ٍف ي يكو ىف الٍم ٍقت ى ً‬ ‫ال ا ً‬
‫ضى لل ىٍم ٍن ي‬ ‫يى‬ ‫ى‬ ‫س ي‬
‫ً‬ ‫ظ الن ً‬ ‫اؽ أى ٍف يى يكو ىف اللا ٍف ي‬ ‫ٍكيا‪َ :‬ل كيشترط بً ًاَلتٍّػ ىف ً‬ ‫قًيل‪.‬قى ى ً‬
‫ااس يخ يمتىػنىا ًكنَل ل ىما تىػنى ىاكلىوي‬ ‫اؿ إًل ى‬ ‫ى‬
‫آخ ىر ًس ىول اللا ٍف ًظ‪.‬‬ ‫يل ى‬ ‫وخ‪ ،‬أى ٍعنًي‪ :‬بًالتا ٍك ىرا ًر ىكالٍبىػ ىق ًاء؛ "إً ٍذ ىَل يى ٍمتىنً يع" فىػ ٍه يم الٍبىػ ىق ًاء بً ىدلً و‬ ‫س ي‬ ‫ال ىٍم ٍن ي‬
‫يد؛ ًألى اف اللاوى يس ٍب ىحانىوي‬ ‫ىصل التػاو ًح ً‬ ‫سابً يع‪ :‬أى ٍف يى يكو ىف ًم اما يى يج ي‬
‫اس يخ أ ٍ ى ٍ‬ ‫وز نى ٍس يخوي‪ ،‬فى ىال يى ٍد يخ يل الن ٍ‬ ‫ال ا‬
‫ت‪.‬‬ ‫اص أىناوي يىػتىأىبا يد ىكىَل يىػتىأىقا ي‬‫ك ىما عيلً ىم بًالن ٍّ‬ ‫اؿ‪ ،‬ىكًمثٍ يل ذىلً ى‬ ‫ص ىفاتًًو لى ٍم يىػ ىز ٍؿ ىكىَل يىػ ىز ي‬
‫ىسمائًًو ك ً‬
‫بأ ٍ ى ى‬
‫ً‬
‫اح ىدةو‪ ،‬ىك ىم ٍع ًرفى ًة اللا ًو‪ ،‬ككحدانيتو‪،‬‬ ‫ص ىف وة ك ً‬ ‫م‪ :‬كيك ُّل ما ىَل ي يكو يف إًاَل ىعلىى ً‬ ‫قى ى ً‬
‫ى‬ ‫يم ال ارا ًز ُّ ى ى ى‬ ‫اؿ ىسل ه‬
‫ً‬
‫ص اوير‬‫كنحوه‪ ،‬فال يدخلو النسخ‪ ،‬كمن ىهنا ييػ ٍعلى يم أىناوي ىَل نى ٍس ىخ في ٍاألى ٍخبىا ًر؛ إً ٍذ ىَل ييػتى ى‬
‫يما‬ ‫اؿ‪ :‬الضاابً ي ً‬ ‫اؿ إًل ً‬
‫ٍكيىا الطابى ًر ُّ‬ ‫صً‬ ‫ؼ ىما أى ٍخبىػ ىر بً ًو ال ا‬ ‫كقيوعيها ىعلىى ًخ ىال ً‬
‫طف ى‬ ‫م‪ ،‬ىكقى ى‬ ‫اد يؽ‪ ،‬ىكىك ىذا قى ى‬ ‫ي ى‬
‫س يخ ىما يىػتىػغىياػ ير ىحاليوي ًم ٍن يح ٍس ون إًلىى قيػ ٍب وح‪.‬‬‫ييػ ٍن ى‬
‫يد ىك ٍج ىه ٍي ًن‪ ،‬حكاىما‬ ‫اؿ ال ازرىك ًش ُّي‪ :‬كا ٍعلىم أى اف فًي جوا ًز نىس ًخ الٍح ٍك ًم الٍمعلا ًق بًالتاأٍبً ً‬
‫يى‬ ‫ي‬ ‫ىى ٍ‬ ‫ى ٍ‬ ‫قى ى ٍ‬
‫احتًم ً‬ ‫ً ً‬
‫اؿ‬ ‫الماكردم‪ ،‬كالركياني‪ ،‬كغيرىما‪ .‬أحدىما‪ :‬المنع؛ ألف صريح التأبيد ىمان هع م ًن ٍ ى‬
‫سبىوي ابٍ ين بىػ ٍرىىا ىف إًلىى يم ٍعظى ًم‬ ‫الناس ًخ ً‬
‫اؿ‪ :‬ىكنى ى‬ ‫ٍج ىو ياز‪ .‬قى ى‬
‫سبيػ يه ىما ال ى‬‫ٍج ىو ياز‪ ،‬قى ىاَل‪ :‬ىكأىنٍ ي‬
‫‪.‬كالثااني‪ :‬ال ى‬ ‫ٍ ى‬
‫ادةى فًي لىٍف ًظ‬ ‫ً‬
‫اؿ" ًألى اف ال ىٍع ى‬ ‫ين‪" ،‬قى ى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫س ٍي ًن في "ال يٍم ٍعتى ىمد" إًلىى ال يٍم ىح ٍّقق ى‬ ‫ٍح ى‬
‫سبىوي أىبيو ال ي‬
‫الٍعيلى ىماء‪ ،‬ىكنى ى‬
‫يد ال يٍم ٍستىػ ٍع ىم ًل فًي لىٍف ًظ ٍاأل ٍىم ًر ال يٍمبىالىغىةي ىَل الدكاـ‪»....‬انتهى ملخصا‬ ‫التاأٍبً ً‬

‫أقساـ النسخ‪:‬‬
‫ينقسم النسخ باعتبار النص المنسوخ إلى ثالثة أقساـ‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬ما نسخ حكمو كبقي لفظو‪ ،‬كىذا ىو الكثير في القرآف‪.‬‬
‫صابً يرك ىف يىػ ٍغلًبيوا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مثالو‪ :‬آيتا المصابرة‪ ،‬كىما قولو تعالى‪{ :‬إً ٍف يى يك ٍن م ٍن يك ٍم ع ٍش يرك ىف ى‬
‫ف اللاوي ىع ٍن يك ٍم‬ ‫ًمائىػتىػ ٍي ًن} [ألنفاؿ‪ :‬من اآلية ٓٔ]‪ ،‬نسخ حكمها بقولو تعالى‪ٍ :‬‬
‫{اآل ىف ىخ اف ى‬
‫صابًىرةه يىػ ٍغلًبيوا ًمائىػتىػ ٍي ًن ىكإً ٍف يى يك ٍن ًم ٍن يك ٍم أىل ه‬
‫ٍف‬ ‫ً ً‬ ‫ىك ىعلً ىم أى اف فًي يك ٍم ى‬
‫ض ٍعفان فىًإ ٍف يى يك ٍن م ٍن يك ٍم مائىةه ى‬
‫يىػغٍلًبيوا أىلٍ ىف ٍي ًن بًًإ ٍذ ًف اللا ًو كاللاوي ىم ىع ال ا ً‬
‫ين} [ألنفاؿ‪]ٔٔ:‬‬ ‫صاب ًر ى‬ ‫ى‬

‫ٍح ٍوًؿ غىٍيػ ىر‬ ‫اعا إًلىى ال ى‬ ‫(متى ن‬


‫كذلك نسخ حكم آية اَلعتداد بالحوؿ الثابت بقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ص ىن بًأىنٍػ يف ًس ًه ان أ ٍىربىػ ىعةى‬
‫اج) باَلعتداد بأربعة أشهر كعشران الثابت بقولو تعالى‪( :‬يىػتىػ ىربا ٍ‬ ‫إً ٍخ ىر و‬
‫أى ٍش يه ور ىك ىع ٍش نرا)‪.‬‬

‫ك حكمة نسخ الحكم دكف اللفظ‪ ،‬بقاء ثواب التالكة‪ ،‬كتذكير األمة بحكمة النسخ‪.‬‬

‫قاؿ الشيخ محمد األمين الشنقيطي في المذكرة في أصوؿ الفقو‪:‬‬


‫« يتوجو على ىذا الذم ذكر في ىذا البحث ثالثة أسئلة‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬أف يقاؿ كيف ساغ نسخ الحكم دكف التالكة مع أف التالكة دليل الحكم‪،‬‬
‫فكيف يرفع المدلوؿ مع بقاء دليلو‪ ،‬ألف ىذا يلزمو الدليل بال مدلوؿ‪ ،‬كىو محاؿ‪ ،‬إذ‬
‫َل تعقل الدَللة بدكف مدلوؿ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أف يقاؿ تقدـ في حد النسخ أنو رفع الحكم إلى آخره فكيف يدخل نسخ‬
‫التالكة مع بقاء الحكم ألف الحكم فيو لم يرفع‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أف يقاؿ ما حكمة نسخ اللفظ مع أنو إنما نزؿ ليتلى كيثاب عليو فكيف يرفع‪،‬‬
‫إذ رفعو يقتضي انتقاء حكمتو‪.‬‬
‫الجواب عن السؤاؿ األكؿ ىو أنا َل نسلم كوف اللفظ دليالن على الحكم بعد نسخ‬
‫الحكم‪ ،‬بل ىو إنما يكوف دليالن عليو عند انفكاكو عما يرفع حكمو‪ ،‬فإذا جاء الخطاب‬
‫الناسخ لحكمو زالت دَللتو على الحكم بالكلية‪ ،‬كما قدمنا في الفوارؽ بين النسخ‬
‫كالتخصيص‪.‬‬
‫ك إيضاحو أف الحكم الشرعي المنسوخ مع بقاء اللفظ الداؿ عليو سابقان‪ ،‬كتالكة ذلك‬
‫اللفظ ككتابتو في القرآف كانعقاد الصالة بو كلها أحكاـ شرعية من أحكاـ ذلك اللفظ‪،‬‬
‫ككل حكم شرعي فهو قابل للنسخ‪.‬‬
‫قاؿ في المراقي‪:‬‬
‫ككل حكم قابل لو كفى ‪ ...‬نفي الوقوع َلتفاؽ قد قفى‬
‫كإذا عرفت ذلك عرفت أنو َل مانع من نسخ بعض أحكاـ اللفظ كالتحريم‪ ،‬كالوجوب‬
‫المفهوـ منو‪ ،‬مع بقاء أحكاـ أخر من أحكامو لم تنسخ‪ ،‬كالتعبد بو ك إجزائو في الصالة‬
‫كنحو ذلك‪.‬فآية اَلعتداد بحوؿ مثالن‪ ،‬نسخ ما دلت عليو من إيجاب تربص الحوؿ‬
‫على المتوفى عنها‪ ،‬كبقيت أحكاـ أخر من أحكامها لم تنسخ‪ ،‬كىي قراءتها في‬
‫الصالة‪ ،‬ككتابتها مع القرآف في المصحف‪ ،‬كىو كاضح كما ترل‪.‬‬
‫كالجواب عن السؤاؿ الثاني‪ :‬ىو أف نسخ التالكة فقط معناه نسخ التعبد بلفظو‬
‫كالصالة بو ككتبو مع القرآف في المصحف كىذه أحكاـ من أحكامو‪ ،‬فال مانع من‬
‫نسخها مع بقاء حكم آخر لم ينسخ‪ ،‬كىو ما دؿ عليو اللفظ‪ ،‬فآية الرجم مثالن َل مانع‬
‫من نسخ التعبد بها كالصالة بها‪ ،‬ككتبها في المصحف مع بقاء حكم آخر من أحكامها‬
‫لم ينسخ‪ ،‬كىو رجم الزانيين المحصنين كما تقدـ مثلو فإف قيل‪ :‬كيف الجمع بين ىذا‬
‫كبين قولهم ىذا منسوخ تالكة َل حكمان ألنو يفهم منو أف نسخ التالكة مناؼ لنسخ‬
‫الحكم‪.‬‬
‫فالجواب أف الحكم المنفى عنو النسخ في قولهم َل حكمان غير الحكم المثبت لو‬
‫النسخ بنسخ التالكة ألنها أحكاـ قد نسخ بعضها دكف بعض كما تقدـ قريبان‪.‬‬
‫الجواب عن السؤاؿ الثالث‪ :‬ىو إنو َل مانع من أف يكوف أصل المقصود من المنسوخ‬
‫تالكة َل حكمان إنما ىو الحكم دكف التالكة‪ ،‬لكنو أنزؿ على رسوؿ اهلل ‪ -‬صلى اهلل‬
‫عليو كسلم ‪ -‬بلفظ معين ليثبت بو الحكم كيستقر الحاؿ‪ ،‬كالحاؿ أنو ىػوالمقصود فال‬
‫مانع من نسخ اللفظ‪ ،‬ألف المقصود ىو مجرد الحكم فإنو قيل‪ :‬فإف جاز نسخ التالكة‬
‫فلينسخ الحكم معها ألف الحكم تبع للتالكة فكيف يبقى الفرع مع نسخ األصل‪.‬‬
‫فالجواب‪ :‬أف التالكة حكم‪ ،‬كانعقاد الصالة بها حكم آخر كدَللتها على ما دلت عليو‬
‫حكم آخر‪ ،‬فال يلزـ من نسخ التعبد بها كعدـ الصالة بها نسخ حكمها الذم دلت‬
‫عليو‪ ،‬فكم من دليل َل يتلى كَل تنعقد بو صالة‪ ،‬كاآلية المنسوخة تالكتها مع بقاء‬
‫حكمها دليل لنزكلها ككركدىا‪َ ،‬ل لكونها متلوة في القرآف كالنسخ َل يرفع كركدىا‬
‫كنزكلها‪ ،‬كَل يجعلها كأنها غير كاردة بل يلحقها بالوارد الذم َل يتلى‪ »...‬انتهى‬

‫الثاني‪ :‬ما نسخ لفظو كبقي حكمو كآية الرجم‪ ،‬فقد ثبت في«الصحيحين» من حديث‬
‫ابن عباس رضي اهلل عنهما أف عمر بن الخطاب رضي اهلل عنو قاؿ‪ :‬كاف فيما أنزؿ اهلل‬
‫آية الرجم‪ ،‬فقرأناىا كعقلناىا ككعيناىا كرجم رسوؿ اهلل صلٌى اهلل عليو كسلٌم كرجمنا‬
‫بعده‪ ،‬فأخشى إف طاؿ بالناس زماف أف يقوؿ قائل‪ :‬كاهلل ما نجد الرجم في كتاب اهلل‪،‬‬
‫فيضلوا بترؾ فريضة أنزلها اهلل‪ ،‬كإف الرجم في كتاب اهلل حق على من زنى‪ ،‬إذا أحصن‬
‫من الرجاؿ كالنساء‪ ،‬كقامت البينة‪ ،‬أك كاف الحبل‪ ،‬أك اَلعتراؼ‪.‬‬

‫في ىذا القسم ‪ ،‬نسخت التالكة كبقي الحكم؛ حيث نسخت تالكة‪ " :‬الشيخ‬
‫كالشيخة إذا زنيا فارجموىما البتة نكاَلن من اهلل كاهلل عزيز حكيم " قيل كانت ىذه اآلية‬
‫من سورة براءة‪ ،‬كقيل من سورة األحزاب ‪ ،‬كبقي حكمها كىو‪ :‬الرجم للمحصن‪.‬ك َل‬
‫عبرة بقوؿ من منع ذلك‪.‬‬

‫كحكمة نسخ اللفظ دكف الحكم اختبار األمة في العمل بما َل يجدكف لفظو في‬
‫القرآف‪ ،‬كتحقيق إيمانهم بما أنزؿ اهلل تعالى‪ ،‬عكس حاؿ اليهود الذين حاكلوا كتم‬
‫نص الرجم في التوراة‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬ما نسخ حكمو كلفظو‪ :‬كنسخ عشر الرضعات السابق في حديث عائشة‬
‫رضي اهلل عنها‪.‬‬

‫ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي اهلل عنها« كاف فيما أنزؿ من القرآف‬
‫عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفى رسوؿ اهلل صلى اهلل‬
‫عليو كسلم كىن فيما يقرأ من القرآف» فآية التحريم بعشر الرضعات منسوخ رسمها‬
‫كحكمها‪ ،‬كآية التحريم بخمس الرضعات منسوخ رسمها دكف حكمها‪ ،‬فقد اجتمع في‬
‫ىذا الحديث مثاَلف‪:‬‬
‫أ‪ /‬لمنسوخ التالكة كالحكم‪.‬‬
‫ب‪ /‬لمنسوخ التالكة دكف الحكم كما ترل‪.‬‬

‫كينقسم النسخ باعتبار الناسخ إلى أربعة أقساـ‪:‬‬


‫األكؿ‪ :‬نسخ القرآف بالقرآف؛ كمثالو آيتا المصابرة‪.‬‬

‫يجوز نسخ القرآف بالقرآف؛ لصريح قولو تعالى‪( :‬ما نىػ ٍنس ٍخ ًمن آي وة أىك نيػ ٍن ًس ىها نىأ ً‬
‫ٍت بً ىخ ٍي ور‬ ‫ى ى ٍ ى ٍ‬
‫ًم ٍنػ ىها أ ٍىك ًمثٍلً ىها) ك كذلك لوقوعو؛ حيث كقع نسخ القرآف بالقرآف‪ .‬فقد نسخ الفداء‬
‫اـ ًم ٍس ًكي ون)‪ ،‬فنسخ ذلك‬ ‫ً‬ ‫بالماؿ عن الصياـ‪ ،‬قاؿ تعالى‪( :‬ك ىعلىى الا ًذ ً‬
‫ين ييطي يقونىوي ف ٍديىةه طى ىع ي‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫ص ٍموي) كالوقوع دليل الجواز‪.‬‬ ‫بقولو‪( :‬فى ىم ٍن ىش ًه ىد ًم ٍن يك يم ال ا‬
‫ش ٍه ىر فىػلٍيى ي‬
‫الثاني‪ :‬نسخ القرآف بالسنٌة؛ كلم أجد لو مثاَلن سليمان‪.‬‬

‫يجوز نسخ القرآف بالسنة المتواترة لالتحاد في السند حيث إف كالن منهما متواتر‪،‬‬
‫كاَلتحاد في المصدر؛ حيث إف كالن منهما من اهلل تعالى‪ ،‬فإذا كاف كل كاحد منهما‬
‫قطعي الثبوت‪ ،‬كمصدره من اهلل تعالى‪ ،‬فإف كل كاحد منهما يقول على نسخ اآلخر‪.‬‬
‫ك أما نسخ القرآف ك السنة المتواترة بأخبار اآلحاد فجائز عقال ك من الناحية الشرعية‬
‫فيو ثالث أقواؿ ك الراجح ىو الجواز‪ .‬يقوؿ الشيخ محمد األمين الشنقيطي‪ « :‬فأما‬
‫نسخ القرآف كالمتواتر من السنة بأخبار اآلحاد فهو جائز عقالن إذ َل يمتنع أف يقوؿ‬
‫الشارع تعبدناكم بالنسخ بخبر الواحد كغير جائز شرعان إلى آخره حاصل ما ذكره –‬
‫يقصد الشيخ ابن قدامة المقدسي رحمو اهلل صاحب ركضة الناظر‪ -‬في ىذا المبحث‬
‫أف نسخ المتواتر باآلحاد جائز عقالن كأما شرعان ففيو ثالثة أقواؿ‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬إف المتواتر من كتاب أك سنة َل ينسخ بخبر اآلحاد مطلقان كىذا ىو الذم نصره‬
‫المؤلف‪ ،‬كعلى ىذا القوؿ جمهور أىل األصوؿ كعليو درج في المراقي بقولو‪:‬‬
‫كالنسخ باآلحاد للكتاب ‪ ... ...‬ليس بواقع على الصواب‬
‫كحجة ىذا القوؿ أف المتواتر قطعي المتن كخبر اآلحاد دكنو رتبة كاألقول َل يرفع بما‬
‫ىو دكنو في الرتبة كاستدؿ لو المؤلف بقوؿ عمر رضي اهلل عنو َل ندع كتاب ربنا كسنة‬
‫نبينا لقوؿ امرأة َل ندرم أحفظت أـ نسيت‪.‬‬
‫قاؿ مقيده عفا اهلل عنو‪:‬التحقيق الذم َل شك فيو ىو جواز كقوع نسخ المتواتر باآلحاد‬
‫الصحيحة الثابت تأخرىا عنو كالدليل الوقوع‪.‬‬
‫أما قولهم أف المتواتر أقول من اآلحاد كاألقول َل يرفع بما ىو دكنو فإنهم قد غلطوا‬
‫فيو غلطان عظيمان مع كثرتهم كعلمهم كإيضاح ذلك أنو َل تعارض البتة بين خبرين‬
‫مختلفي التاريخ إلمكاف صدؽ كل منهما في كقتو كقد أجمع جميع النظار أنو َل يلزـ‬
‫التناقض بين القضيتين إَل إذا اتحد زمنهما أما إف اختلفا فيجوز صدؽ كل منهما في‬
‫كقتها‪ ،‬فلو قلت النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬إلى بيت المقدس كقلت أيضان لم‬
‫يصلي إلى بيت المقدس كعنيت باألكلى ما قبل النسخ كبالثانية ما بعده لكانت كل‬
‫منهما صادقة في كقتها كمثاؿ نسخ القرآف بأخبار اآلحاد الصحيحة الثابت تأخرىا عنو‬
‫نسخ إباحة الحمر األىلية مثالن المنصوص عليها بالحصر الصريح في آية " قل َل أجد‬
‫فيما أكحي إلي محرمان على طاعم يطعمو إَل أف يكوف ميتة " اآلية‪ .‬بالسنة الصحيحة‬
‫الثابت تأخرىا عنو ألف اآلية من سورة األنعاـ كىي مكية أم نازلة قبل الهجرة بال‬
‫خالؼ كتحريم الحمر األىلية بالسنة كاقع بعد ذلك في خيبر كَل منافاة البتة بين آية‬
‫األنعاـ المذكورة كأحاديث تحريم الحمر األىلية َلختالؼ زمنهما‪ ،‬فاآلية كقت نزكلها‬
‫لم يكن محرمان إَل األربعة المنصوصة فيها كتحريم الحمر األىلية طارئ‬
‫بعد ذلك ك الطركء ليس منافاة لما قبلو كإنما تحصل المنافاة بينهما لو كاف في اآلية ما‬
‫يدؿ على نفي تحريم شيء في المستقبل غير األربعة المذكورة في اآلية كىذا لم‬
‫تتعرض لو اآلية بل الصيغة فيها مختصة بالماضي لقولو‪ " :‬قل َل أجد فيما أكحي إلي"‬
‫بصيغة الماضي كلم يقل فيما سيوحى إلي في المستقبل كىو كاضح كما ترل كاهلل‬
‫أعلم‪.‬‬
‫كأما آية الوصية للوالدين كاألقربين فالتحقيق أنها منسوخة بآية المواريث كالحديث بياف‬
‫للناسخ كبياف المتواتر َل يشترط فيو التواتر كما تقدـ كالحديث يشير إلى أف الناسخ‬
‫لها آيات المواريث ألف ترتيبو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬نفى الوصية للوارث بالفاء‬
‫على إعطاء كل ذم حق حقو يعني الميراث في قولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪( -‬إف اهلل‬
‫قد أعطى كل ذم حق حقو فال كصية لوارث) يدؿ على ذلك‪.‬‬
‫كأما قوؿ عمر رضي اهلل عنو َل ندع كتاب ربنا الخ‪ ،‬فالحق في ذلك ليس معو رضي اهلل‬
‫عنو بل مع المرأة المذكورة كىي فاطمة بنت قيس رضي اهلل عنها قالت إف زكجها‬
‫طلقها آخر ثالث تطليقات فلم يجعل لها رسوؿ اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬نفقة‬
‫كَل سكنا كعندما سمعت قوؿ عمر َل ندع كتاب ربنا لقوؿ امرأة الخ‪..‬‬
‫قالت بيني كبينكم كتاب اهلل قاؿ اهلل تعالى‪ " :‬فطلقوىن لعدتهن" حتى قاؿ‪َ " :‬ل تدرم‬
‫لعل اهلل يحدث بعد ذلك أمران " فأم أمر يحدث بعد الثالث كصرح أئمة الحديث بأنو‬
‫لم يثبت من السنة ما يخالف حديثها‪ ،‬فالسنة معها ككتاب اهلل معها فال كجو‬
‫لالستدَلؿ بمخالفة عمر لما سمعتو من النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬ألف من حفظ‬
‫حجة على من لم يحفظ (كالذم يظهر كاهلل تعالى أعلم أف عمر لم يخالفها كلكنو لم‬
‫يثق في ركايتها كعلى ىذا فال منافاة إذا) ‪ »...‬انتهى‬

‫الثالث‪ :‬نسخ السنة بالقرآف‪ :‬كمثالو نسخ استقباؿ بيت المقدس الثابت بالسنة‪،‬‬
‫ٍح ىر ًاـ ىك ىح ٍي ي‬
‫ث ىما‬ ‫ًً‬ ‫باستقباؿ الكعبة الثابت بقولو تعالى‪{ :‬فىػ ىو ٍّؿ ىك ٍج ىه ى‬
‫ك ىشط ىٍر ال ىٍم ٍسجد ال ى‬
‫وى يك ٍم ىشط ىٍره} [البقرة‪.]َُٓ ،)ُْٗ( ،ُْْ،)ُْْ( :‬‬ ‫يك ٍنتي ٍم فىػ ىولُّوا يك يج ى‬

‫يجوز نسخ السنة بالقرآف ألف كالن من القرآف كالسنة كحي‪ ،‬كنسخ حكم أحد الوحيين‬
‫باآلخر غير ممتنع عقالن‪ .‬كلوقوعو بالفعل ‪ ،‬حيث نسخ تأخير الصالة حالة الخوؼ‬
‫ت فًي ًه ٍم فىأىقى ٍم ى‬
‫ت لى يه يم‬ ‫(كإً ىذا يك ٍن ى‬
‫الثابت بالسنة بالصالة حالة الخوؼ كىو قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ك‬‫ص ىال ىة)‪ ،‬كنسخ التوجو إلى بيت المقدس الثابت بالسنة بقولو تعالى‪( :‬فىػ ىو ٍّؿ ىك ٍج ىه ى‬ ‫ال ا‬
‫ٍح ىر ًاـ) كما مثل المؤلف بذلك ك ىذا الوقوع دليل الجواز‪.‬‬ ‫ًً‬
‫ىشط ىٍر ال ىٍم ٍسجد ال ى‬

‫الرابع‪ :‬نسخ السنة بالسنة‪ ،‬كمثالو قولو صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪« :‬كنت نهيتكم عن النبيذ‬
‫في األكعية‪ ،‬فاشربوا فيما شئتم‪ ،‬كَل تشربوا مسكران»‪.‬‬

‫لم يفصل المؤلف نوع السنة المنسوخة بالسنة حيث اتفق العلماء على جواز نسخ‬
‫آحادىا ك متواترىا بالمتواتر منها‪ ،‬كنسخ آحادىا بآحادىا‪ ،‬كاختلفوا في جواز نسخ‬
‫المتواتر منها باآلحاد ك الراجح جواز ذلك كقد ذكرنا آنفا كالـ الشيخ الشنقيطي في‬
‫بياف ذلك ك الرد على من منع النسخ ‪ ،‬كمن أمثلة نسخ السنة بالسنة قوؿ النبي صلى‬
‫اهلل عليو كسلم‪ " :‬كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزكركىا " ك استدؿ المؤلف بقولو‬
‫صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪« :‬كنت نهيتكم عن النبيذ في األكعية‪ ،‬فاشربوا فيما شئتم‪ ،‬كَل‬
‫تشربوا مسكران»‪.‬‬
‫حكمة النسخ‪:‬‬
‫للنسخ ًح ىك هم متعددة منها‪:‬‬
‫ُ ‪ /‬مراعاة مصالح العباد بتشريع ما ىو أنفع لهم في دينهم كدنياىم‪.‬‬
‫ِ ‪ /‬التطور في التشريع حتى يبلغ الكماؿ‪.‬‬
‫ّ ‪ /‬اختبار المكلفين باستعدادىم لقبوؿ التحوؿ من حكم إلى آخر كرضاىم بذلك‪.‬‬
‫ْ ‪ /‬اختبار المكلفين بقيامهم بوظيفة الشكر إذا كاف النسخ إلى أخف‪ ،‬ككظيفة الصبر‬
‫إذا كاف النسخ إلى أثقل‬

‫ك من الحكم أيضا تهيئة نفوس الناس إلى تقبل الحكم األخير فالصالة مثال شرعت‬
‫أكَلن ركعتين في الغداة‪ ،‬كركعتين في العشي‪ ،‬ثم شرعت خمسا ركعتين‬
‫ركعتين عدا المغرب فقد كانت ثالثا‪ ،‬ثم أقرت تلك الصالة في السفر‪ ،‬كزيد في‬
‫الحضر‪ ،‬فجعلت أربعان في الظهر كالعصر كالعشاء‪.‬‬
‫ك من حكم النسخ استمالة القلوب إلى اعتناؽ اإلسالـ كما في مسألة القبلة‪.‬‬
‫فالشارع الحكيم لم يشأ أف يفاجئ اليهود الذين كانوا في المدينة بخالؼ ما عهدكه‬
‫من أنبيائهم من الصالة إلى بيت المقدس‪ ،‬فجاء األمر بالصالة نحو بيت المقدس؛‬
‫الر يسل كاحدة ك دعوة ألىل الكتاب إلى اعتناؽ اإلسالـ‪.‬‬
‫لبياف أف كجهة ُّ‬
‫كذلك نسخ شريعة اإلسالـ للشرائع األخرل لو حكم متعددة ‪ .‬يقوؿ الشيخ عبد‬
‫الكريم النملة رحمو اهلل‪ « :‬نسخ اإلسالـ لجميع الشرائع السابقة لو ًح ىك هم كمنها‪:‬‬
‫الحكمة األكلى‪ :‬أف األعماؿ البدنية إذا كاظب عليها الخلف عن السلف صارت‬
‫كالعادة عند الخلق‪ ،‬كظنوا أف أعيانها مطلوبة لذاتها‪ ،‬كمنعهم ذلك الظن من الوصوؿ‬
‫إلى المقصود‪ ،‬كىو معرفة اهلل كتمجيده‪ ،‬فإذا غيرت تلك األعماؿ إلى أعماؿ أخرل‪،‬‬
‫كتبين أف المقصود من تلك األعماؿ رعاية أحواؿ القلب‪ ،‬كاألركاح في المعرفة‬
‫كالمحبة‪ :‬انقطعت تلك الظنوف كاألكىاـ عن اَلشتغاؿ بالصور كالظواىر إلى عالـ‬
‫السرائر‪.‬‬
‫الحكمة الثانية‪ :‬أف الخلق طبعوا على الماللة من اَلستمرار على نوع من أنواع العبادة‪،‬‬
‫فوضع في كل عصر شريعة جديدة لينشطوا في أدائها‪.‬‬
‫الحكمة الثالثة‪ :‬أف النوع اإلنساني يتقلب كما يتقلب الطفل في مراحل مختلفة‪ ،‬كلكل‬
‫مرحلة حاؿ تناسبها‪ ،‬فالبشر أكؿ عهدىم في الوجود كانوا كالوليد في السذاجة‬
‫ت عليهم‬
‫كالجهالة كالبساطة‪ ،‬ثم بدأ التطور شيئان فشيئان‪ ،‬كفي أثناء ىذا التطور م ار ٍ‬
‫أعراض متباينة كمتفاكتة‪ ،‬فاقتضى ذلك كجود شرائع مختلفة لهم‪ ،‬فلما نضج ىذا‬
‫كمتمما للشرائع‪ ،‬كجامعان‬
‫ن‬ ‫العالم ك استول جاء ىذا الدين الحنيف خاتما لألدياف كلها‪،‬‬
‫لمصالح العباد كالبالد‪ ،‬فهو بحق دين عاـ كخالد إلى قياـ الساعة‪ »...‬انتهى‬

‫األخبار‬
‫تعريف الخبر‪:‬‬
‫الخبر لغة‪ :‬النبأ‪.‬‬
‫كالمراد بو ىنا‪ :‬ما أضيف إلى النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم من قوؿ أك فعل أك تقرير أك‬
‫كصف‪.‬‬
‫كقد سبق الكالـ على أحكاـ كثي ور من القوؿ‪.‬‬

‫ً‬
‫للحديث‪.‬‬ ‫ؼ‬ ‫ً‬
‫علماء المصطلح مر ًاد ه‬ ‫الخبر‪ :‬عند‬
‫الحديث‪ :‬ما جاء عن النبي صلى اهلل عليو كسلم ‪ ،‬كالخبر‪ :‬ما جاء عن غيره‪،‬‬ ‫ي‬ ‫كقيل‪:‬‬
‫ً‬
‫كمن ثى امةى قيل لمن يشتغل بالتواريخ كما ىشا ىكلى ىها‪" :‬ا ًإل ٍخبىا ًرم" ‪ ،‬كلمن يشتغل بالسناة‬
‫خبر‪ً ،‬من غير‬ ‫و‬
‫فكل حديث ه‬‫كخصوص يمطٍلىق‪ُّ :‬‬ ‫ه‬ ‫عموـ‬
‫النبوية‪" :‬المحدٍّث"‪.‬كقيل‪ :‬بينهما ه‬
‫عكس‪.‬‬‫و‬
‫قولو‪ « :‬ما أضيف إلى النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم من قوؿ أك فعل أك تقرير أك كصف»‬
‫ما أسند إلى النبي صلى اهلل عليو كسلم‪ ،‬كسواء كاف ىذا المضاؼ قوَل للنبي صلى اهلل‬
‫عليو كسلم‪ ،‬أك فعال‪ ،‬أك تقريرا‪ ،‬أك صفة‪ ،‬كسواء كاف المضيف ىو الصحابي‪ ،‬أك من‬
‫منقطعا‪ ،‬فيدخل في المرفوع الموصوؿ‪ ،‬كالمرسل‪،‬‬
‫ن‬ ‫متصال كاف اإلسناد‪ ،‬أك‬
‫دكنو‪ ،‬ن‬
‫كالمتصل‪ ،‬كالمنقطع‪ ،‬ىذا ىو المشهور في حقيقتو‪ ،‬كىناؾ أقواؿ أخرل في حقيقتو‬
‫كتعريفو‪ .‬كمن خالؿ تعريف المؤلف يتبين لنا أف ما يضاؼ إلى النبي صلى اهلل عليو ك‬
‫سلم أربعة أنواع‪:‬‬
‫أ‪ /‬المرفوع القولي‪ .‬ب‪ /‬المرفوع الفعلي‪ .‬جػ‪ /‬المرفوع التقريرم‪.‬د‪ /‬المرفوع الوصفي‪.‬‬
‫أ‪/‬مثاؿ المرفوع القولي‪ :‬أف يقوؿ الصحابي أك غيره‪" :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬
‫كسلم كذا ‪." ...‬‬
‫ب‪ /‬مثاؿ المرفوع الفعلي‪ :‬أف يقوؿ الصحابي أك غيره‪" :‬فعل رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬
‫كسلم كذا ‪." ...‬‬
‫جػ‪ /‬مثاؿ المرفوع التقريرم‪ :‬أف يقوؿ الصحابي أك غيره‪" :‬في ًع ىل بحضرة النبي صلى اهلل‬
‫عليو كسلم كذا" كَل يركم إنكاره لذلك الفعل‪.‬‬
‫د‪ /‬مثاؿ المرفوع الوصفي‪ :‬أف يقوؿ الصحابي أك غيره‪" :‬كاف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬
‫كسلم أحسن الناس يخليقا"‪.‬‬

‫كأما الفعل فإف فعلو صلٌى اهلل عليو كسلٌم أنواع‪:‬‬

‫اد المؤلف بً ىه ىذا الٍبىاب بىػيىاف أ ٍ‬


‫ىح ىكاـ أىفعالو صلى اهلل عليو‬ ‫ك ىذا باتفاؽ العلماء‪ .‬ىكأ ىىر ى‬
‫كسلم كأقسامها‬

‫األكؿ‪ :‬ما فعلو بمقتضى الجبلٌة؛ كاألكل كالشرب كالنوـ‪ ،‬فال حكم لو في ذاتو‪ ،‬كلكن‬
‫قد يكوف مأموران بو أك منهيًّا عنو لسبب‪ ،‬كقد يكوف لو صفة مطلوبة كاألكل باليمين‪،‬‬
‫أك منهي عنها كاألكل بالشماؿ‪.‬‬

‫قولو‪« :‬ما فعلو بمقتضى الجبلٌة؛ كاألكل كالشرب كالنوـ‪ ،‬فال حكم لو في ذاتو» َل‬
‫يخلو من نظر بل ىو على اإلباحة في حقو صلى اهلل عليو ك سلم كحقنا‪ .‬قاؿ الزركشي‬
‫ىح يد ىىا‪ :‬ىما ىكا ىف ًم ٍن‬
‫ٍس واـ‪ .‬أ ى‬
‫ً‬ ‫رحمو اهلل‪ « :‬فً ٍعليوي ‪ -‬ى ا ا ً ا‬
‫صلى اللوي ىعلىٍيو ىك ىسل ىم ‪ -‬يىػ ٍنػ ىقس يم إلىى أىق ى‬
‫س ًد‪ .‬قى ى‬ ‫ً‬ ‫ؼ ٍاألى ٍع ى ً‬ ‫ش ًرياًة‪ ،‬ىكتص ُّر ً‬ ‫س كالٍحرىك ً‬ ‫ىىو ً‬
‫اؿ ابٍ ين‬ ‫ٍج ى‬‫ضاء ىك ىح ىرىكات ال ى‬ ‫ىى‬ ‫ات الٍبى ى‬ ‫س الناػ ٍف ً ى ى ى‬ ‫اج ً‬ ‫ى‬
‫ىم ىكإًنا ىما يى يد ُّؿ ىعلىى‬ ‫و‬ ‫ً‬
‫ك أ ٍىم هر بً ٍامتنى واع ىكىَل نىػ ٍه هي ىع ٍن يم ىخالىىفة‪ ،‬أ ٍ‬‫س ٍم ىعانً ٍّي‪ :‬فى ىال يىػتىػ ىعلا يق بً ىذلً ى‬
‫ال ا‬
‫اى ىرةً‪....‬‬ ‫ت نىاقىةي النابًي ‪ -‬صلاى اللاو ىعلىي ًو كسلام ‪ -‬تىػبػ ُّرنكا بًآثىا ًرهً الظا ً‬ ‫ث بىػ ىرىك ٍ‬ ‫اح ًة‪ .‬ىح ٍي ي‬ ‫ًٍ‬
‫ي ٍ ىى ى ى‬ ‫ٍّ ى‬ ‫اإلبى ى‬
‫ٍجبًلا ًة ‪ :‬ىكأىحوالً ًو فًي قًي ًام ًو كقيػع ً‬
‫ودهً‪،‬‬ ‫ضح فً ًيو أى ٍمر ال ً‬ ‫الثاانًي ما ىَل يػتىػعلا يق بًال ًٍعب ى ً‬
‫ى ى ي‬ ‫ٍى‬ ‫ي‬ ‫ادات ىكىك ى ى‬ ‫ى‬ ‫ى ىى‬
‫و‬ ‫اإلباح ًة‪ ،‬كنىػ ىقل الٍ ىق ً‬ ‫ُّ‬ ‫ب ٍاأل ي ً‬ ‫ور فًي يكتي ً‬
‫اضي ىع ٍن قىػ ٍوـ أىناوي ىم ٍن يد ه‬
‫كب‬ ‫يصوؿ أىناوي يى يدؿ ىعلىى ًٍ ى ى ى ى‬ ‫ىكال ىٍم ٍش يه ي‬
‫وؿ "‪ .‬ىكقى ٍد ىكا ىف ابٍ ين عي ىم ىر لى اما ىح اج ىج ار‬ ‫ك ىح ىكاهي الٍغى ىزالً ُّي فًي " الٍم ٍن يخ ً‬ ‫وص ًو‪ ،‬ىكىك ىذلً ى‬ ‫بً يخص ً‬
‫ي‬
‫ى‬
‫اـ نىاقىتً ًو ىحتاى بىػ ارىك ىها‪».....‬إلى آخر كالمو ‪.‬‬ ‫ً‬
‫خطى ى‬

‫الثاني‪ :‬ما فعلو بحسب العادة؛ كصفة اللباس فمباح في ٍّ‬


‫حد ذاتو‪ ،‬كقد يكوف مأموران بو‬
‫أك منهيًّا عنو لسبب‪.‬‬

‫صلاى‬ ‫اؿ رس ي ً‬
‫وؿ اللاو ى‬ ‫اؿ‪ :‬قى ى ى ي‬ ‫اس‪ ،‬قى ى‬ ‫كقد يكوف مأموران بو ‪:‬مثالو الثوب األبيض ف ىع ًن ابٍ ًن ىعبا و‬
‫اض فىًإناػ ىها ًم ٍن ىخ ٍي ًر ثًيىابً يك ٍم‪ ،‬ىكىك ٍّفنيوا فً ىيها ىم ٍوتىا يك ٍم‪،‬‬ ‫اهلل علىي ًو كسلام‪ " :‬الٍب ً‬
‫سوا م ٍن ثًيىابً يك يم الٍبىػيى ى‬ ‫ي ىٍ ىى ى ىي‬
‫ش ٍع ىر " ركاه أبو داكد ك غيره‬ ‫ت ال ا‬ ‫ص ىر‪ ،‬ىكييػ ٍنبً ي‬ ‫ىكإً اف ىخ ٍيػ ىر أى ٍك ىحالً يك يم ًٍ‬
‫اإلثٍ ًم يد‪ :‬يى ٍجليو الٍبى ى‬
‫ض ىي اللاوي ىع ٍنوي‪،‬‬ ‫أك منهيًّا عنو لسبب كإسباؿ اإلزار أسفل من الكعبين فعن أىبًي يىريٍػرةى ر ً‬
‫ىى ى‬ ‫ىٍ‬
‫ىس ىف ىل ًم ىن ال ىك ٍعبىػ ٍي ًن ًم ىن ا ًإل ىزا ًر فىًفي الناا ًر» متفق‬ ‫اؿ‪ « :‬ىما أ ٍ‬ ‫صلاى اهللي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم قى ى‬‫ىع ًن النابً ٍّي ى‬
‫عليو‬

‫مختصا بو‪ ،‬كالوصاؿ في الصوـ‬


‫ًّ‬ ‫الثالث‪ :‬ما فعلو على كجو الخصوصية؛ فيكوف‬
‫كالنكاح بالهبة‪.‬‬

‫مراد المؤلف أف ما ثبتت خصوصيتو بو مثل جواز جمعو بين أكثر من أربع نسوة‬
‫بالنكاح لقولو تعالى‪{ :‬يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزكاجك} ككن أكثر من أربع كنكاح‬
‫الواىبة نفسها لقولو تعالى‪{ :‬خالصة لك من دكف المؤمنين} ك الوصاؿ في الصياـ فهذا‬
‫َل شركة ألحد معو فيو بإجماع العلماء‪.‬‬

‫كَل يحكم بالخصوصية إَل بدليل؛ ألف األصل التأسي بو‪.‬‬

‫سنىةه لً ىم ٍن ىكا ىف يىػ ٍر يجو اللاوى ىكالٍيىػ ٍوىـ‬ ‫يس ىوةه ىح ى‬


‫قاؿ اهلل تعالى‪ { :‬لىىق ٍد ىكا ىف لى يكم فًي رس ً ً‬
‫وؿ اللاو أ ٍ‬ ‫ٍ ىي‬
‫ٍاآل ًخ ىر ىكذى ىك ىر اللاوى ىكثً نيرا } [األحزاب‪].ُِ :‬‬
‫ىص هل ىكبً هير فًي التاأ ٍّ‬ ‫ًً‬
‫ىسي‬ ‫يمةي أ ٍ‬ ‫قاؿ اإلماـ ابن كثير رحمو اهلل في تفسيره ‪ « :‬ىىذه ٍاآليىةي الٍ ىك ًر ى‬
‫ااس بًالتاأ ٍّ‬
‫ىسي‬ ‫وؿ اللا ًو صلاى اللاو علىي ًو كسلام فًي أىقػٍوالً ًو كأىفٍػعالً ًو كأ ً ً ً ً‬ ‫بًر يس ً‬
‫ىح ىوالو؛ ىكل ىه ىذا أيم ىر الن ي‬ ‫ى ى ى ى ٍ‬ ‫ي ىٍ ىى ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫اى ىدتًًو‬ ‫اب‪ ،‬فًي صب ًرهً كم ً‬
‫صابىػ ىرت ًو ىكيم ىرابىطىتً ًو ىكيم ىج ى‬ ‫ً‬
‫ىٍ ى ي ى‬ ‫صلاى اللاوي ىعلىٍيو ىك ىسلا ىم يىػ ٍوىـ ٍاأل ٍ‬
‫ىح ىز ً‬ ‫بًالنابً ٍّي ى‬
‫ات اللا ًو ىك ىس ىال يموي ىعلىٍي ًو ىدائً نما إًلىى يىػ ٍوًـ الدٍّي ًن؛‬ ‫صلى ىو ي‬ ‫كانٍتًظىا ًرهً الٍ ىفر ً ً‬
‫ج م ٍن ىربٍّو‪ ،‬ىع از ىك ىج ال‪ ،‬ى‬ ‫ىى‬ ‫ى‬
‫اب‪:‬‬ ‫ىح ىز ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ضطىىربيوا في أ ٍىم ًرى ٍم يىػ ٍوىـ ٍاأل ٍ‬ ‫ض اج يركا ىكتىػ ىزل ىٍزليوا ىكا ٍ‬ ‫ىكلً ىه ىذا قى ى‬
‫اؿ تىػ ىعالىى لًلا ًذي ًن تىػ ىقلا يقوا ىكتى ٍ‬
‫ش ىمائًلً ًو؟‬
‫ىم‪ :‬ىى اال اقػٍتى ىديٍػتي ٍم بً ًو ىكتىأى اس ٍيتي ٍم بً ى‬
‫سنىةه} أ ٍ‬ ‫يس ىوةه ىح ى‬
‫{لىىق ٍد ىكا ىف لى يكم فًي رس ً ً‬
‫وؿ اللاو أ ٍ‬ ‫ٍ ىي‬
‫اآلخ ىر ىكذىىك ىر اللاوى ىكثً نيرا} »‪.‬انتهى‬ ‫اؿ‪{ :‬لًمن ىكا ىف يػرجو اللاو كالٍيػوـ ً‬ ‫ً‬
‫ىٍ ي ى ى ى ٍ ى‬ ‫ىكل ىه ىذا قى ى ى ٍ‬
‫وؿ فى يخ يذكهي ىكىما نىػ ىها يك ٍم ىع ٍنوي فىانٍػتىػ يهوا} [الحشر‪ ]ٕ :‬ك‬ ‫{كىما آتىا يك يم ال ار يس ي‬ ‫ك قاؿ سبحانو‪ :‬ى‬
‫غيرىا من اآليات ك ثبتت أحاديث كثيرة في ىذا المعنى منها حديث ال ًٍم ٍق ىد ًاـ بٍ ًن ىم ٍع ًدم‬
‫ً‬ ‫اؿ‪« :‬أ ىىَل إًنٍّي أيكتً ي ً‬ ‫صلاى اهللي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم أىناوي قى ى‬ ‫ىك ًرب ىعن رس ً ً‬
‫اب‪ ،‬ىكمثٍػلىوي ىم ىعوي‬ ‫يت الٍكتى ى‬ ‫وؿ اللاو ى‬ ‫ى ٍ ىي‬
‫آف فى ىما ىك ىج ٍدتي ٍم فً ًيو ًم ٍن ىح ىال وؿ‬ ‫وؿ ىعلىٍي يكم بً ىه ىذا الٍ يقر ً‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ك ىر يج هل ىش ٍبػ ىعا يف ىعلىى أى ًري ىكتً ًو يىػ يق ي‬ ‫وش ي‬ ‫أ ىىَل ي ً‬
‫ي‬
‫ٍح ىما ًر ٍاألى ٍىلً ٍّي‪ ،‬ىكىَل‬‫ىحلُّوهي‪ ،‬كما كج ٍدتيم فً ًيو ًمن حر واـ فىح ٍّرموهي‪ ،‬أ ىىَل ىَل ي ًح ُّل لى يكم لىحم ال ً‬ ‫فىأ ً‬
‫ٍ ٍي‬ ‫ى‬ ‫ٍ ىى ى ي‬ ‫ىى ى ى ٍ‬
‫اى ود‪ ،‬إًاَل أى ٍف يستػغٍنًي ع ٍنػها ص ً‬
‫احبيػ ىها‪ ،‬ىكىم ٍن نىػ ىز ىؿ‬ ‫سب ًع‪ ،‬كىَل ليىقطىةي مع ً‬ ‫يك ُّل ًذم نى و ً‬
‫ى ٍى ى ى ى ى‬ ‫يى‬ ‫اب م ىن ال ا ي ى‬
‫بًىق ٍووـ فىػ ىعلىٍي ًه ٍم أى ٍف يىػ ٍق يركهي فىًإ ٍف لى ٍم يىػ ٍق يركهي فىػلىوي أى ٍف ييػ ٍع ًقبىػ يه ٍم بً ًمثٍ ًل قً ىراهي»‪.‬‬
‫اب‪ ،‬أىتىى النابً اي‬ ‫ٍخطا ً‬‫اهلل‪ «،‬أى اف عي ىم ىر بٍ ىن ال ى‬‫ركل اإلماـ أحمد في المسند ىعن جابً ًر بٍ ًن ىع ٍب ًد ً‬
‫ٍ ى‬
‫صلاى‬ ‫ب ‪ ،‬فىػ ىق ىرأىهي ىعلىى النابً ُّي ى‬ ‫ض أى ٍى ًل الٍ يكتي ً‬ ‫ىصابىوي ًم ٍن بىػ ٍع ً‬ ‫اب أ ى‬ ‫صلاى اهللي ىعلىٍي ًو ىك ىسلام بًكًتى و‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫اب‪ ،‬ىكالا ًذم نىػ ٍف ًسي بًيى ًدهً لىىق ٍد‬ ‫ٍخطا ً‬ ‫اؿ‪ " :‬أ يىمتىػ ىه ٍّويكو ىف فً ىيها يىا ابٍ ىن ال ى‬ ‫ب ىكقى ى‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اهللي ىعلىٍيو ىك ىسلا ىم فىػغىض ى‬
‫ضاء نىًقياةن‪ ،‬ىَل تىسأىليوىم ىعن ىشي وء فىػي ٍخبًركيكم بًح ٍّق فىػت ىك ٍّذبوا بً ًو‪ ،‬أىك بًب ً‬
‫اط ول‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ٍ ى‬ ‫ٍ يٍ ٍ ٍ ي ي ٍ ى ي ي‬ ‫ج ٍئتي يك ٍم ب ىها بىػ ٍي ى ى‬
‫وسى ىكا ىف ىحيًّا‪ ،‬ىما ىك ًس ىعوي إًاَل أى ٍف يىػتابً ىعنًي »‪.‬‬ ‫ً ًً‬ ‫ً ً‬
‫ص ٍّدقيوا بًو‪ ،‬ىكالاذم نىػ ٍفسي بًيىده لى ٍو أى اف يم ى‬
‫فىػتي ى‬
‫ك غيرىا من األحاديث كثير‪.‬‬

‫الرابع‪ :‬ما فعلو تعبدان فواجب عليو حتى يحصل البالغ لوجوب التبليغ عليو‪ ،‬ثم يكوف‬
‫مندكبان في حقو كحقنا على أصح األقواؿ‪ ،‬كذلك ألف فعلو تعبدان يدؿ على مشركعيتو‪،‬‬
‫كاألصل عدـ العقاب على الترؾ فيكوف مشركعان َل عقاب في تركو‪ ،‬كىذا حقيقة‬
‫المندكب‪.‬‬
‫مثاؿ ذلك‪ :‬حديث عائشة أنها سئلت بأم شيء كاف النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم يبدأ‬
‫إذا دخل بيتو؟ قالت‪ :‬بالسواؾ ‪ ،‬فليس في السواؾ عند دخوؿ البيت إَل مجرد الفعل‪،‬‬
‫فيكوف مندكبان‪.‬‬
‫كمثاؿ آخر‪ :‬كاف النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم يخلل لحيتو في الوضوء‪ .‬فتخليل اللحية‬
‫ليس داخالن في غسل الوجو‪ ،‬حتى يكوف بيانان لمجمل‪ ،‬كإنما ىو فعل مجرد فيكوف‬
‫مندكبان‪.‬‬

‫ما فعلو صلى اهلل عليو كسلم َل لجبلة كَل لبياف كلم تثبت خصوصيتو لو إما أف يعلم‬
‫حكمو بالنسبة إلى الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم من كجوب أك ندب أك إباحة ك إما أف‬
‫َل يعلم حكمو بالنسبة إليو صلى اهلل عليو كسلم ك بياف القسمين كاآلتي‪:‬‬
‫ُ‪ -‬أف يعلم حكمو بالنسبة إلى الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم من كجوب أك ندب أك‬
‫إباحة‪ ،‬فيكوف حكمو لألمة كذلك كصالتو صلى اهلل عليو كسلم في الكعبة‪ ،‬كقد علمنا‬
‫أنها في حقو صلى اهلل عليو كسلم جائزة‪ ،‬فهي لألمة على الجواز أيضا ك َل فرؽ‪.‬‬
‫ِ‪ -‬أف َل يعلم حكمو بالنسبة إليو صلى اهلل عليو كسلم ‪:‬كفي ىذا القسم أربعة أقواؿ‪:‬‬
‫ُ‪ -‬الوجوب كىو قوؿ أبي حنيفة كبعض الشافعية كركاية عن أحمد‪.‬‬
‫ِ‪ -‬الندب‪ ،‬لرجحاف الفعل على الترؾ كىو قوؿ بعض الشافعية كركاية عن أحمد‬
‫أيضان‪.‬‬
‫ّ‪ -‬ا ًإلباحة‪ ،‬ألنها المتيقن‪ .‬كلكن ىذا فيما َل قربة فيو إذ القرب َل توصف با ًإلباحة‪.‬‬
‫ْ‪ -‬التوقف؛ لعدـ معرفة المراد‪ ،‬كىو مذىب ابن فورؾ ك قوؿ المعتزلة؛ كىذا أضعف‬
‫األقواؿ ألف التوقف ليس فيو تأس بالنبي صلى اهلل عليو كسلم؛ فتحصل لنا من ىذه‬
‫األقواؿ األربعة أف الصحيح الفعل تأسيان برسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم كجوبان أك ندبان‬
‫ك إف كاف القلب يميل إلى الندب‪.‬‬
‫كمثل العلماء لهذا الفعل بخلعو صلى اهلل عليو كسلم نعلو في الصالة فخلع الصحابة‬
‫كلهم نعالهم ‪ ،‬فلما انتهى صلى اهلل عليو كسلم سألهم عن خلعهم نعالهم‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫رأيناؾ فعلت ففعلنا‪ .‬فقاؿ لهم‪ :‬أتاني جبريل كأخبرني أف في نعلي أذل فخلعتهما؛ فإنو‬
‫أقرىم على خلعهم تأسيان بو كلم يعب عليهم مع أنهم لم يعلموا الحكم قبل إخباره‬
‫إياىم‪.‬‬

‫الخامس‪ :‬ما فعلو بيانان لمجمل من نصوص الكتاب أك السنة فواجب عليو حتى‬
‫يحصل البياف لوجوب التبليغ عليو‪ ،‬ثم يكوف لو حكم ذلك النص المبين في حقو‬
‫كحقنا‪ ،‬فإف كاف كاجبان كاف ذلك الفعل كاجبان‪ ،‬كإف كاف مندكبان كاف ذلك الفعل مندكبان‪.‬‬
‫مثاؿ الواجب‪ :‬أفعاؿ الصالة الواجبة التي فعلها النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم بيانان‬
‫صال ىة} [البقرة‪ :‬من اآلية ّْ]‪.‬‬ ‫يموا ال ا‬ ‫لمجمل قولو تعالى‪ً :‬‬
‫{كأىق ي‬
‫ى‬
‫كمثاؿ المندكب‪ :‬صالتو صلٌى اهلل عليو كسلٌم ركعتين خلف المقاـ بعد أف فرغ من‬
‫ًً ً‬ ‫ً ً‬
‫صلٌ نى} [البقرة‪ :‬من اآلية‬ ‫{كاتاخ يذكا م ٍن ىم ىقاـ إبٍػ ىراى ى‬
‫يم يم ى‬ ‫الطواؼ بيانان لقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ُِٓ] حيث تقدـ صلٌى اهلل عليو كسلٌم إلى مقاـ إبراىيم كىو يتلو ىذه اآلية‪،‬‬
‫كالركعتاف خلف المقاـ سنة‪.‬‬

‫خالصة ما ذكره المؤلف في القسم الخامس أف أفعاؿ النبي صلى اهلل عليو كسلم التي‬
‫فعلها لبياف مجمل‪ ،‬أك لتقييد مطلق فإف حكمها حكم المبين‪ :‬فإف كاف المبين كاجبان‬
‫فهي كاجبة‪،‬كإف كاف المبيان مندكبان‪ :‬فهي مندكبة‪ ،‬كإنما كاف كذلك؛ ألف البياف َل‬
‫يتعدل رتبة المبين‪ ،‬كمتى تعداه َل يكوف بيانان لو‪ ،‬كألف البياف ىو ما انطبق على المبين‬
‫كالتفسير ينطبق على المفسر‪.‬‬
‫كأما تقريره صلٌى اهلل عليو كسلٌم على الشيء فهو دليل على جوازه على الوجو الذم‬
‫أقره قوَلن كاف أـ فعالن‪.‬‬
‫مثاؿ إقراراه على القوؿ‪ :‬إقراره الجارية التي سألها‪« :‬أين اهلل؟» قالت‪ :‬في السماء‪.‬‬
‫سرية الذم كاف يقرأ ألصحابو‪ ،‬فيختم بػ‬
‫كمثاؿ إقراراه على الفعل‪ :‬إقراره صاحب ال ا‬
‫{قي ٍل يى ىو اللاوي أ ى‬
‫ىح هد} اَلخالص‪ ، :‬فقاؿ النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪« :‬سلوه ألم شيء‬
‫كاف يصنع ذلك»‪ ،‬فسألوه فقاؿ‪ :‬ألنها صفة الرحمن كأنا أحب أف أقرأىا فقاؿ النبي‬
‫صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪« :‬أخبركه أف اهلل يحبو»‪.‬‬
‫كمثاؿ آخر‪ :‬إقراره الحبشة يلعبوف في المسجد ؛ من أجل التأليف على اإلسالـ‪.‬‬
‫فأما ما كقع في عهده كلم يعلم بو فإنو َل ينسب إليو‪ ،‬كلكنو حجة إلقرار اهلل لو‪،‬‬
‫كلذلك استدؿ الصحابة رضي اهلل عنهم على جواز العزؿ بإقرار اهلل لهم عليو‪ ،‬قاؿ‬
‫جابر رضي اهلل عنو‪ :‬كنا نعزؿ كالقرآف ينزؿ‪ ،‬متفق عليو ‪ ،‬زاد مسلم‪ :‬قاؿ سفياف‪ :‬كلو‬
‫كاف شيئان ينهى عنو لنهانا عنو القرآف‪.‬‬
‫كيدؿ على أف إقرار اهلل حجة‪ ،‬أف األفعاؿ المنكرة التي كاف المنافقوف يخفونها يبينها‬
‫اهلل تعالى كينكرىا عليهم‪ ،‬فدؿ على أف ما سكت اهلل عنو فهو جائز‪.‬‬

‫قاؿ اإلماـ الجويني في الورقات ‪« :‬كإقرار صاحب الشريعة على القوؿ ىو قوؿ‬
‫صاحب الشريعة كإقراره على الفعل كفعلو » ق ‪.‬كقاؿ الشيخ محمد الحسن ك لد ددك‬
‫في شرحو للورقات‪ « :‬أم‪ :‬إقرار النبي صلى اهلل عليو كسلم للقائل في قولو ‪-‬إذا كاف‬
‫ذلك تحت حكمو كبمجلسو كبعلمو‪ -‬فإنو يحمل على رضاه بو‪.‬‬
‫كاإلقرار ينقسم إلى قسمين‪ :‬تقرير باَلستحساف‪ ،‬كتقرير بالسكوت‪.‬‬
‫فالتقرير باَلستحساف‪ :‬كتقريره لقوؿ مجزز المدلجي حين رأل أقداـ زيد بن حارثة كابنو‬
‫أسامة قد خرجت من كساء لبساه‪ ،‬فقاؿ‪ :‬إف ىذه األقداـ بعضها من بعض‪.‬‬
‫علي رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم تبرؽ أسارير جبهتو مسركران‪،‬‬
‫قالت عائشة‪( :‬فدخل ٌ‬
‫فقاؿ‪ :‬أما علمت أف مجززان المدلجي رأل أقداـ زيد كأسامة قد خرجت من كساء‬
‫يلبسانو‪ ،‬فقاؿ‪ :‬إف ىذه األقداـ بعضها من بعض) ‪ ،‬فأقر القيافة‪ ،‬كفي ذلك رد على‬
‫المنافقين‪ ،‬فإف زيدان شديد البياض‪ ،‬كابنو أسامة شديد السواد‪ ،‬ككاف المنافقوف يطعنوف‬
‫في نسب أسامة‪ ،‬فجاء ىذا األعرابي الذم يعرؼ األثر كالتشبيو‪ ،‬فشبو أقداـ أسامة‬
‫بأقداـ زيد ففرح رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم بذلك‪ ،‬فدؿ ىذا على تقريره للقيافة‪.‬‬
‫كمثل ذلك‪ :‬إقراره بالسكوت‪ :‬كإقراره لبعض ما جرل بحضرتو‪ ،‬كقولو لألنصارم حين‬
‫رآه يصلي بعد الفجر‪( :‬ألم تشهد معنا الصالة؟ قاؿ‪ :‬بلى‪.‬قاؿ‪ :‬فماذا كنت تصلي؟‬
‫قاؿ‪ :‬ركعتا الفجر استعجلت عنها بالصالة) فسكت‪ ،‬فهذا السكوت دليل على‬
‫اإلباحة‪ ،‬كمثلو إقرار الفعل كما قاؿ المصنف‪[ :‬كإقراره على الفعل كفعلو] ‪ ،‬فقد ثبت‬
‫أنو أ يكل الضب على مائدتو‪ ،‬كأنو أىدم إليو ضب مشوم فقاؿ‪( :‬لم يكن في بالد‬
‫قومي فأجدني أعافو) ‪ ،‬فاجتره خالد بن الوليد فأكلو‪ ،‬ككل ذلك في بيت النبي صلى‬
‫اهلل عليو كسلم كبإقراره‪ ،‬فدؿ ىذا على جواز أكل الضب‪ »...‬انتهى‬
‫كفي المسألة قيد لم يذكره المؤلف كىو أف اإلقرار إنما يكوف حجة إذا كاف تحت‬
‫إمرتو صلى اهلل عليو كسلم ك تحت سلطتو ‪ ،‬بخالؼ ما لم يكن تحت إمرتو‪ ،‬كما كاف‬
‫في العهد المكي من أفعاؿ أىل الجاىلية ك ما كانوا يصنعوف من أنواع الشرؾ ك‬
‫الفواحش ك غيرىا من األمور الفاسدة التي تخالف الشريعة‪ ،‬ك حتى لو لم يصرح‬
‫بإنكاره صلى اهلل عليو ك سلم؛ فإف سكوتو عنو ليس إقراران لو‪ ،‬أما ما كاف بالمدينة‬
‫تحت إمرتو فحصل كعلم بو كلم ينكره فيعتبر ذلك إقراران منو لو‪ ،‬فحكمو حكم ما فعل‬
‫في مجلسو‪ ،‬كيضاؼ على ىذا كما ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمو اهلل ك نعيده لمزيد‬
‫توضيح أف ما فعل في عهد النبي صلى اهلل عليو كسلم من بعض المؤمنين كلو لم يعلم‬
‫بو النبي صلى اهلل عليو كسلم‪ ،‬لكن لم ينزؿ الوحي بإنكاره‪ ،‬كقد كاف ظاىرة منتشرة‬
‫بينهم‪ ،‬فيعتبر ذلك إقراران من اهلل سبحانو كتعالى لهم‪ ،‬إذ لو كاف منكران لنزؿ الوحي‬
‫بإنكاره‪ ،‬كدليل ىذا قوؿ جابر رضي اهلل عنو الذم استدؿ بو المؤلف حيث قاؿ ‪:‬‬
‫(كنا نعزؿ كالقرآف ينزؿ) كقد بين أف ىذه الظاىرة كانت منتشرة في كقت نزكؿ الوحي‪،‬‬
‫فلم ينزؿ القرآف بإنكارىا كتحريمها‪ ،‬فدؿ ذلك على جوازىا‪ ،‬كىذا من إقرار اهلل‬
‫سبحانو كتعالى‪ ،‬كىو أبلغ من إقرار النبي صلى اهلل عليو كسلم‪.‬‬
‫ك من عجيب اَلستدَلؿ بإقرار اهلل عز كجل ك رسولو صلى اهلل عليو كسلم ما ذكره‬
‫الشيخ األلباني رحمو اهلل في رده على الشيخ سابق رحمو اهلل قولو أف الدـ الكثير‬
‫ناقض للوضوء حيث يقوؿ ‪ ...«:‬كمخالف أيضا لحديث األنصارم الذم قاـ يصلي‬
‫في الليل فرماه المشرؾ بسهم فوضعو فيو فنزعو حتى رماه بثالثة أسهم ثم ركع كسجد‬
‫كمضى في صالتو كىو يموج دما‪ .‬كما علقو البخارم ككصلو أحمد كغيره كىو مخرج‬
‫في "صحيح أبي داكد" ُّٗ كىو في حكم المرفوع ألنو يستبعد عادة أف َل يطلع‬
‫النبي صلى اهلل عليو كسلم على ذلك فلو كاف الدـ الكثير ناقضا لبينو صلى اهلل عليو‬
‫كسلم ألف تأخير البياف عن كقت الحاجة َل يجوز كما ىو معلوـ من علم األصوؿ‪.‬‬
‫كعلى فرض أف النبي صلى اهلل عليو كسلم خفي ذلك عليو فما ىو بخاؼ على اهلل‬
‫الذم َل تخفى عليو خافية في األرض كَل في السماء فلو كاف ناقضا أك نجسا ألكحى‬
‫بذلك إلى نبيو صلى اهلل عليو كسلم كما ىو ظاىر َل يخفى على أحد‬
‫كإلى ىذا ذىب البخارم كما دؿ عليو تعليقو بعض اآلثار المتقدمة كاستظهره في‬
‫"الفتح" كىو مذىب ابن حزـ ُ ‪ »....- ِٓٓ /‬إلى آخر كالمو‪.‬‬

‫أقساـ الخبر باعتبار من يضاؼ إليو‪:‬‬

‫بعدما فرغ المؤلف من بياف أقساـ األفعاؿ الصادرة من جناب المصطفى صلى اهلل‬
‫عليو ك سلم ‪ ،‬شرع في بياف أقساـ الخبر باعتبار من يضاؼ إليو‪.‬قاؿ رحمو اهلل‪:‬‬

‫ينقسم الخبر باعتبار من يضاؼ إليو إلى ثالثة أقساـ‪ :‬مرفوع‪ ،‬كموقوؼ‪ ،‬كمقطوع‪.‬‬
‫ُ ‪ -‬فالمرفوع‪ :‬ما أضيف إلى النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم حقيقة أك حكمان‪.‬‬
‫فالمرفوع حقيقة‪ :‬قوؿ النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم كفعلو كإقراره‪.‬‬
‫كالمرفوع حكمان‪ :‬ما أضيف إلى سنتو‪ ،‬أك عهده‪ ،‬أك نحو ذلك‪ ،‬مما َل يدؿ على‬
‫مباشرتو إياه‪.‬‬
‫كمنو قوؿ الصحابي‪ً :‬أمرنا أك نهينا‪ ،‬أك نحوىما؛ كقوؿ ابن عباس رضي اهلل عنهما‪ :‬أ ًيم ىر‬
‫الناس أف يكوف آخر عهدىم بالبيت‪ ،‬إَل أنو خفف عن الحائض‪.‬‬
‫كقوؿ أـ عطية‪ :‬نهينا عن اتباع الجنائز‪ ،‬كلم يعزـ علينا‪.‬‬

‫لم يعرؼ المؤلف المرفوع لغةن ك ىو اسم مفعوؿ من فعل "رفع" ضد "كضع" كأنو سمي‬
‫بذلك؛ لنسبتو إلى صاحب المقاـ الرفيع‪ ،‬كىو النبي صلى اهلل عليو كسلم‪.‬‬
‫قولو ‪«:‬فالمرفوع حقيقة‪ :‬قوؿ النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم كفعلو كإقراره‪».‬‬
‫اؿ رس ي ً‬ ‫مثاؿ المرفوع القولي‪ :‬ىع ًن ابٍ ًن عيمر‪ ،‬ر ً‬
‫صلاى اهللي‬ ‫وؿ اللاو ى‬ ‫اؿ‪ :‬قى ى ى ي‬ ‫ض ىي اللاوي ىع ٍنػ يه ىما قى ى‬ ‫ىى ى‬
‫ادةً أى ٍف َلى إًلىوى إًاَل اللاوي ىكأى اف يم ىح ام ندا ىر يس ي‬
‫وؿ‬ ‫س‪ :‬ىش ىه ى‬ ‫ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم " بينً ىي ا ًإل ٍسالى يـ ىعلىى ىخ ٍم و‬
‫صالةً‪ ،‬كإًيت ًاء ال ازىكاةً‪ ،‬كالح ٍّج‪ ،‬ك ً‬
‫ضا ىف " متفق عليو‪.‬‬ ‫ص ٍوـ ىرىم ى‬ ‫ى ى ى ى‬ ‫اللا ًو‪ ،‬ىكإًقى ًاـ ال ا ى ى ى‬
‫ً‬ ‫مثاؿ المرفوع الفعلي‪ :‬ىع ٍن ىعائً ى‬
‫صلاى اهللي ىعلىٍيو ىك ىسلا ىم يى ٍذ يك ير اهللى‬ ‫ت‪ « :‬ىكا ىف النابً ُّي ى‬ ‫شةى‪ ،‬قىالى ٍ‬
‫صلاى اهللي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم‪ « :‬ىكا ىف إً ىذا‬ ‫ىحيىانو»‪ .‬ك عنها رضي اهلل عنها أى اف النابً اي ى‬
‫ىعلىى يك ٍّل أ ًً‬
‫ٍ‬
‫السو ً‬ ‫ً‬
‫اؾ» ركاىما مسلم كغيره‪.‬‬ ‫ىد ىخ ىل بىػ ٍيتىوي بى ىدأى ب ٍّ ى‬
‫اؿ‪« :‬لى اما بػعثىوي رس ي ً‬
‫صلاى اهللي‬ ‫وؿ اهلل ى‬ ‫ىى ى ي‬ ‫اص أىناوي قى ى‬‫مثاؿ المرفوع اإلقرارم‪ :‬ىع ٍن ىع ٍم ًرك بٍ ًن ال ىٍع ً‬
‫ت فًي لىٍيػلى وة بىا ًر ىدةو ىش ًدي ىدةً الٍبىػ ٍرًد‪ ،‬فىأى ٍش ىف ٍق ي‬
‫ت‬ ‫احتىػلى ٍم ي‬
‫اؿ‪ :‬فى ٍ‬ ‫س ىال ًس ًل‪ ،‬قى ى‬ ‫ىعلىٍي ًو كسلام ىعاـ ذى ً‬
‫ات ال ا‬ ‫ىى ى ى‬
‫اؿ‪ :‬فىػلى اما قى ًد ٍمنىا‬ ‫الص ٍب ًح‪ ،‬قى ى‬
‫ص ىالةى ُّ‬ ‫ىص ىحابًي ى‬ ‫ت بًأ ٍ‬ ‫صلاٍي ي‬ ‫ت ثي ام ى‬ ‫ك‪ ،‬فىػتىػيى ام ٍم ي‬ ‫ٍت أى ٍف أ ٍىىلى ى‬
‫سل ي‬ ‫إ ٍف ا ٍغتى ى‬
‫ً‬
‫ت‬‫صلاٍي ى‬‫اؿ‪ " :‬يىا ىع ٍم يرك‪ ،‬ى‬ ‫ك لىوي‪ ،‬فىػ ىق ى‬ ‫ت ذىلً ى‬ ‫صلاى اهللي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم ذى ىك ٍر ي‬ ‫ىعلىى رس ً ً‬
‫وؿ اهلل ى‬ ‫ىي‬
‫ت فًي لىيػلى وة با ًر ىدةو‬ ‫وؿ ً‬ ‫ىص ىحابً ى‬
‫ٍ ى‬ ‫احتىػلى ٍم ي‬‫اهلل‪ ،‬إًنٍّي ٍ‬ ‫ٍت‪ :‬نىػ ىع ٍم يىا ىر يس ى‬ ‫اؿ‪ :‬قيػل ي‬‫ب؟ " قى ى‬ ‫ت يجني ه‬ ‫ك ىكأىنٍ ى‬ ‫بًأ ٍ‬
‫{كىَل تىػ ٍقتيػليوا‬ ‫ً‬
‫ت قىػ ٍو ىؿ اهلل ىع از ىك ىج ال ى‬ ‫ك‪ ،‬ىكذىىك ٍر ي‬ ‫ٍت أى ٍف أ ٍىىلى ى‬
‫سل ي‬ ‫ىش ًدي ىدةً الٍبىػ ٍرًد‪ ،‬فىأى ٍش ىف ٍق ي ً‬
‫ت إ ٍف ا ٍغتى ى‬
‫ض ًح ى‬ ‫صلاٍي ي‬ ‫ً ً‬
‫وؿ‬
‫ك ىر يس ي‬ ‫ت‪ .‬فى ى‬ ‫ت‪ ،‬ثي ام ى‬ ‫يما} [النساء‪ ]ِٗ :‬فىػتىػيى ام ٍم ي‬ ‫س يك ٍم إً اف اهللى ىكا ىف ب يك ٍم ىرح ن‬ ‫أىنٍػ يف ى‬
‫صلاى اهللي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم ىكلى ٍم يىػ يق ٍل ىش ٍيئنا‪ ».‬أخرجو اإلماـ أحمد ك غيره ‪.‬‬ ‫ً‬
‫اهلل ى‬
‫تنبيو‪:‬‬
‫فات المؤلف أف يذكر القسم الرابع من المرفوع حقيقة كىو المرفوع الوصفي كىو‬
‫كخل ًٍقي‬
‫قسماف ‪ :‬يخليًقي ى‬
‫اؿ‪ « :‬ىكا ىف النابً ُّي‬ ‫س‪ ،‬قى ى‬ ‫أ‪ /‬المرفوع الوصفي ال يخليًقي ‪:‬ك يمكن أف نمثل لو بحديث أىنى و‬
‫اؿ لىوي أىبيو عي ىم ٍي ور ‪ -‬قى ى‬
‫اؿ‪:‬‬ ‫ااس يخلينقا‪ ،‬ىكىكا ىف لًي أى ه‬
‫خ ييػ ىق ي‬ ‫س ىن الن ً‬
‫ىح ى‬
‫ً‬
‫صلاى اهللي ىعلىٍيو ىك ىسلا ىم أ ٍ‬
‫ى‬
‫ب بً ًو‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أ ً‬
‫اؿ‪« :‬يىا أىبىا عي ىم ٍي ور‪ ،‬ىما فىػ ىع ىل النُّػغىٍيػ ير» نيػغىهر ىكا ىف يىػل ىٍع ي‬
‫اء قى ى‬‫يما‪ ،‬ىكىكا ىف إًذىا ىج ى‬ ‫ىحسبيوي ‪ -‬فىط ن‬ ‫ٍ‬
‫ض يح‪ ،‬ثي ام‬‫س ىكييػ ٍن ى‬ ‫صالىةى ك يىو فًي بػيتًنىا‪ ،‬فىػيأٍمر بًالٍبً ً ا ً‬
‫ساط الذم تى ٍحتىوي فىػيي ٍكنى ي‬ ‫ى يي ى‬ ‫ض ىر ال ا ى ى ى ٍ‬ ‫فىػ يربا ىما ىح ى‬
‫صلٍّي بًنىا»‪.‬‬ ‫وـ ىخ ٍل ىفوي فىػيي ى‬
‫وـ ىكنىػ يق ي‬
‫يىػ يق ي‬
‫ض ىي اللاوي ىع ٍنػ يه ىما‪ ،‬قى ى‬ ‫برً‬ ‫ً‬ ‫ب‪/‬المرفوع الوصفي ى ً‬
‫اؿ‪ :‬ىكا ىف‬ ‫الخلٍقي‪:‬مثالو ىع ًن البىػ ىراء بٍ ًن ىعا ًز و ى‬
‫الم ٍن ًكبىػ ٍي ًن‪ ،‬لىوي ىش ىع هر يىػ ٍبػلي يغ ىش ٍح ىمةى أيذينًًو‪،‬‬
‫وعا‪ ،‬بعي ىد ىما بىػ ٍي ىن ى‬ ‫صلاى اهللي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم « ىم ٍربي ن‬ ‫النابً ُّي ى‬
‫ف بٍ ين أىبًي إً ٍس ىحا ىؽ‪ ،‬ىع ٍن‬ ‫وس ي‬‫اؿ يي ي‬ ‫س ىن ًم ٍنوي» قى ى‬ ‫ىح ى‬
‫طأٍ‬‫اء‪ ،‬لى ٍم أ ىىر ىش ٍيئنا قى ُّ‬ ‫و‬ ‫ً‬
‫ىرأىيٍػتيوي في يحلاة ىح ٍم ىر ى‬
‫أىبً ًيو‪« :‬إًلىى ىم ٍن ًكبىػ ٍي ًو» أخرجو البخارم‪.‬‬
‫فائدة‬
‫قاؿ الشيخ ابن عثيمين رحمو اهلل في كتابو مصطلح الحديث‪:‬‬
‫«ما أضيف إلى النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم ينقسم إلى قسمين‪ :‬مرفوع صريحان‪ ،‬كمرفوع‬
‫حكمان‪.‬‬
‫فالمرفوع صريحان‪ :‬ما أضيف إلى النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم نفسو من قوؿ‪ ،‬أك فعل‪ ،‬أك‬
‫تقرير‪ ،‬أك كصف في يخليقو‪ ،‬أك ًخ ٍل ىقتًو‪.‬‬
‫مثالو من القوؿ‪ :‬قوؿ النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪" :‬من عمل عمالن ليس عليو أمرنا فهو‬
‫رد"‪.‬‬
‫كمثالو من الفعل‪ :‬كاف صلٌى اهلل عليو كسلٌم إذا دخل بيتو بدأ بالسواؾ ‪.‬‬
‫كمثالو من التقرير‪ :‬تقريره الجارية حين سألها‪" :‬أين اهلل؟ " قالت‪ :‬في السماء‪ ،‬فأقرىا‬
‫على ذلك صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪.‬‬
‫كىكذا كل قوؿ‪ ،‬أك فعل علم بو النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم كلم ينكره‪ ،‬فهو مرفوع‬
‫صريحان من التقرير‪.‬‬
‫كمثالو من الوصف في يخليقو‪ :‬كاف النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم أجود الناس كأشجع‬
‫الناس‪ ،‬ما سئل شيئان قط فقاؿ‪َ :‬ل‪ .‬ككاف دائم البشر سهل الخلق‪ ،‬لين الجانب‪ ،‬ما خير‬
‫بين أمرين إَل اختار أيسرىما إَل أف يكوف إثمان فيكوف أبعد الناس عنو‪.‬‬
‫كمثالو من الوصف في ًخ ٍل ىقتًو‪ :‬كاف النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم ربعة من الرجاؿ‪ :‬ليس‬
‫بالطويل‪ ،‬كَل بالقصير‪ ،‬بعيد ما بين المنكبين‪ ،‬لو شعر يبلغ شحمة أذنيو‪ ،‬كربما يبلغ‬
‫منكبيو‪ ،‬حسن اللحية‪ ،‬فيو شعرات من شيب‪ »....‬انتهى‬

‫قولو‪ :‬كالمرفوع حكمان‪ :‬ما أضيف إلى سنتو‪ ،‬أك عهده‪ ،‬أك نحو ذلك‪ ،‬مما َل يدؿ على‬
‫مباشرتو إياه‪.‬‬

‫اؿ‪ً « :‬م ىن‬ ‫س‪ ،‬قى ى‬ ‫مثاؿ ما أضيف إلى سنتو صلى اهلل عليو كسلم‪ :‬ىع ٍن أىبًي قًالىبىةى‪ ،‬ىع ٍن أىنى و‬
‫ب أىقى ً‬ ‫ُّ ً‬
‫ج الثاػيٍّ ى‬
‫ب‬ ‫س ىم‪ ،‬ىكإًذىا تىػ ىزاك ى‬ ‫ج ال ار يج يل البً ٍك ىر ىعلىى الثاػيٍّ ً ى‬
‫اـ ع ٍن ىد ىىا ىس ٍبػ نعا ىكقى ى‬ ‫السناة إًذىا تىػ ىزاك ى‬
‫ت لى يقل ي ً‬ ‫اؿ أىبيو قًالىبىةى‪ :‬ىكلى ٍو ًش ٍئ ي‬ ‫علىى البً ٍك ًر أىقى ً‬
‫سا ىرفىػ ىعوي‬ ‫ٍت‪ :‬إ اف أىنى ن‬ ‫س ىم» قى ى‬
‫اـ ع ٍن ىد ىىا ثىالىثنا ثي ام قى ى‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫صلاى اهللي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم‪.‬ركاه البخارم كغيره‪.‬‬ ‫إًلىى النابً ٍّي ى‬
‫ت‪ " :‬أى ىكلٍنىا فىػ ىر نسا لىنىا‬ ‫اء‪ ،‬قىالى ٍ‬
‫ىس ىم ى‬
‫مثاؿ ما أضيف إلى عهده صلى اهلل عليو كسلم‪ :‬ىع ٍن أ ٍ‬
‫صلاى اهللي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم " أخرج اإلماـ أحمد ك غيره‪.‬‬ ‫ىعلىى ىع ٍه ًد رس ً ً‬
‫وؿ اهلل ى‬ ‫ىي‬
‫مالحظة‪:‬‬
‫من المرفوع حكما‪ :‬قوؿ الصحابي‪ :‬أمرنا أك نهينا أك أمر الناس كنحوه‪ ،‬كقوؿ أـ عطية‬
‫رضي اهلل عنها‪ :‬أمرنا أف نخرج في العيدين العواتق ‪ ،‬كقولها‪ :‬نهينا عن إتباع الجنائز‬
‫كلم يعزـ علينا كقوؿ ابن عباس رضي اهلل عنهما‪ :‬أمر الناس أف يكوف آخر عهدىم‬
‫بالبيت ‪ ،‬كقوؿ أنس رضي اهلل عنو‪ :‬كقت لنا في قص الشارب كتقليم األظافر كنتف‬
‫اإلبط كحلق العانة أف َل نترؾ فوؽ أربعين ليلة‪.‬‬
‫ك كذلك أف يحكم الصحابي على شيء بأنو معصية؛ كقوؿ أبي ىريرة رضي اهلل عنو‬
‫فيمن خرج من المسجد بعد األذاف‪ :‬أما ىذا فقد عصى أبا القاسم صلٌى اهلل عليو‬
‫كسلٌم‪ .‬قاؿ المؤلف في كتابو مصطلح الحديث‪« :‬ككذا لو حكم الصحابي على شيء‬
‫بأنو طاعة‪ .‬إذ َل يكوف الشيء معصية أك طاعة إَل بنص من الشارع‪ ،‬كَل يجزـ‬
‫الصحابي بذلك إَل كعنده علم منو» ق‪.‬‬
‫ك من المرفوع حكما أيضا‪ :‬قوؿ التابعي عن الصحابي‪ :‬رفع الحديث أك ركاية؛ كقوؿ‬
‫سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي اهلل عنهما قاؿ‪" :‬الشفاء في ثالث‪ :‬شربة عسل‪،‬‬
‫كشرطة محجم‪ ،‬ككياة نار‪ ،‬كأنهى أمتي عن الكي" رفع الحديث‪ ،‬كقوؿ سعيد بن‬
‫المسيب عن أبي ىريرة رضي اهلل عنو ركاية‪" :‬الفطرة خمس‪ ،‬أك خمس من الفطرة‪:‬‬
‫الختاف‪،‬ك اَلستحداد‪ ،‬كنتف اإلبط‪ ،‬كتقليم األظفار‪ ،‬كقص الشارب" كعنو كذلك ًرىكايىةن‪:‬‬
‫ار األى ٍعيي ًن‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اعةي ىحتاى تيػ ىقاتًليوا قىػ ٍونما نً ىعالي يه يم ال ا‬
‫ش ىع ير‪ ،‬ىك ىحتاى تيػ ىقاتليوا التػ ٍُّر ىؾ صغى ى‬ ‫سى‬ ‫وـ ال ا‬
‫« َلى تىػ يق ي‬
‫الم ىج ُّ‬ ‫ً‬
‫المط ىٍرقىةي» ركاه البخارم‪.‬‬ ‫اف ي‬ ‫وى يه ٍم‪ ،‬ى‬ ‫ٍف األينيوؼ‪ ،‬ىكأى اف يك يج ى‬ ‫ذيل ى‬
‫قاؿ الشيخ رحمو اهلل في كتابو السابق ‪« :‬ككذلك لو قالوا عن الصحابي‪ :‬يأثر‬
‫الحديث‪ ،‬أك ينميو‪ ،‬أك يبلغ بو كنحوه‪ ،‬فإف مثل ىذه العبارات لها حكم المرفوع‬
‫صريحان‪ ،‬كإف لم تكن صريحة في إضافتها إلى النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم لكنها مشعرة‬
‫بذلك» ق‪.‬‬
‫ضع‬
‫ؤمركف أ ٍف يى ى‬ ‫قاؿ‪ :‬كا ىف الناس يي ى‬ ‫من األمثلة على كالـ الشيخ‪ :‬عن سهل بن سعد ى‬
‫‪.‬قاؿ أبو حازـ‪َ :‬ل أىعلى يموي إَل يىػ ٍنمي‬ ‫اعو الييسرل في الصالةً ى‬ ‫ال ارجل ي ىدهي اليمنى على ذر ً‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ذلك‪ ،‬كلم يقل‪:‬‬ ‫إسماعيل‪ :‬ييػ ٍنمى ى‬ ‫ي‬ ‫‪.‬قاؿ‬
‫النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬ى‬ ‫ذلك إلى ٍّ‬ ‫ى‬
‫يىػ ٍنمي‪.‬ركاه البخارم‪.‬‬
‫الجن ًاة‬ ‫ً‬
‫اؿ‪ " :‬إً اف في ى‬ ‫صلاى اهللي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم قى ى‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ىع ٍن أىبًي يى ىريٍػ ىرةى ىرض ىي اللاوي ىع ٍنوي‪ ،‬يىػ ٍبػلي يغ بًو النابً اي ى‬
‫كد}‬ ‫ىشجرةن‪ ،‬ي ًسير ال اراكًب فًي ًظلٍّها ًمائىةى ىع واـ‪َ ،‬لى يػ ٍقطىعها‪ ،‬كاقػٍرءكا إً ٍف ًش ٍئتيم‪{ :‬ك ًظ ٍّل مم يد و‬
‫ٍ ى ىٍ‬ ‫ى يى ى ى ي‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ىى ى ي‬
‫[الواقعة‪]َّ :‬‬
‫فائدة‬
‫قاؿ الحافظ العراقي في ألفيتو‪:‬‬
‫كما ركاهي ىعن (أبًي ىريػرةً) ‪( ...‬مح ام هد) ك ىع ٍنو أ ٍىل البصرةً‬
‫ي ى ى ي ي ى ٍى‬ ‫ي ىٍ ى‬ ‫ى ى ىى ٍ‬
‫ب‬ ‫ً‬ ‫ًً‬ ‫اؿ بػع يد‪ ،‬فى ى ً‬
‫ب ‪ ...‬ىرىكل بو ال ارفٍ ىع ىك ىذا ىعج ٍي ي‬ ‫الخط ٍي ي‬ ‫ىك ارىر قى ى ى ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ين‪ ،‬عن أبي‬ ‫محمد ب ًن سير ى‬ ‫أىل البصرة عن ٌ‬ ‫قاؿ في شرح التبصرة ‪ « :‬أم كما ركاهي ي‬
‫ً‬ ‫يذكر فً ٍي ًو ا‬
‫ظ‬ ‫صلاى اهللي ىعلىٍيو ىك ىسلا ىم ‪ ،‬كإنٌما ٌ‬
‫كرىر لف ى‬ ‫النبي ى‬ ‫فذكر حديثان‪ ،‬ىكلى ٍم ٍ‬ ‫اؿ‪ ،‬ى‬ ‫اؿ قى ى‬‫ىريرةى قى ى‬
‫طريق موسى ب ًن ىارك ىف‬ ‫الخطيب ىرىكل في الكفاية من ً‬ ‫ى‬ ‫اؿ بع ىد ذك ًر أبي ىريرةى فإ اف‬ ‫قى ى‬
‫و‬ ‫و‬ ‫بسندهً‪ ،‬إًلىى ً‬ ‫اؿ ً‬ ‫الحم ً‬
‫اؿ‬
‫اؿ قى ى‬
‫محمد‪ ،‬عن أبي ىريرةى‪ ،‬قى ى‬ ‫أيوب‪ ،‬عن‬ ‫حماد ب ًن زيد‪ ،‬عن ى‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫بن‬ ‫صالاهي قى ى‬ ‫ً‬
‫اد ي‬
‫حم ي‬‫اؿ ٌ‬ ‫بن ىارك ىف إذا قى ى‬ ‫اؿ موسى ي‬ ‫داـ في يم ى‬ ‫المالئكةي تصلٌي ىعلىى أحدكم ما ى‬
‫أحسب أ اف موسى‬ ‫قاني‬
‫قلت للبىػ ٍر ٍّ‬
‫الخطيب ي‬ ‫اؿ‬
‫قاؿ‪ ،‬فىػ يه ىو مرفوعه قى ى‬
‫قاؿ ى‬ ‫يد كالبصريوف ى‬ ‫زو‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫قوؿ‬
‫الخطيب كيح ٌق يق ى‬ ‫يجب قاؿ‬ ‫أحاديث اب ًن‬ ‫ىعني بهذا ً‬
‫ي‬ ‫اؿ ىك ىذا ي‬ ‫خاصةن‪ ،‬فىػ ىق ى‬
‫سيرين ٌ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫القوؿ‬ ‫ى‬
‫و‬
‫ككقع‬
‫قلت ى‬ ‫ثت عن أبي ىريرةى‪ ،‬فهو مرفوعه ي‬ ‫بن سيرين ك ال شيء ح اد ي‬ ‫موسى ما قاؿ محم يد ي‬
‫حرب‪ ،‬ح ادثنا‬ ‫بن و‬ ‫ً‬
‫المناقب‪ ،‬ح ٌدثنا سليما يف ي‬ ‫البخارم في‬
‫ُّ‬ ‫ذلك ما ركاهي‬ ‫الصحيح من ى‬
‫ً‬ ‫في‬
‫ار ك ىشيءه ًم ٍن يم ىزيٍنةى‪،‬‬ ‫ً‬
‫أسلم كغ ىف ي‬
‫أيوب‪ ،‬عن محمد‪ ،‬عن أبي ىريرةى‪ ،‬قاؿ قاؿ‪ :‬ي‬
‫و‬
‫حما هد‪ ،‬عن ى‬‫ٌ‬
‫ً‬ ‫حديث عند و‬
‫مصرح فيو بالرف ًع كأما‬ ‫ه‬ ‫مسلم من ركاية اب ًن عيلىياةى‪ ،‬عن ى‬
‫أيوب‬ ‫ي‬ ‫‪ ...‬الحديث كال‬
‫ركاية ابن عيلىياةى‪،‬‬‫النسائي في سننًو الكبرل من ً‬ ‫ٍّ‬ ‫الخطيب فهو عند‬ ‫الحديث الذم ركاهي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫و‬ ‫ً‬
‫ين أيضان كذلك» انتهى‪.‬‬ ‫ين كمن ركاية اب ًن عوف‪ ،‬عن اب ًن سير ى‬ ‫أيوب‪ ،‬عن اب ًن سير ى‬
‫عن ى‬
‫ك قد ذكر العلماء أف قوؿ الصحابي قد يكوف مرفوعا حكما إذا لم يمكن أف يكوف‬
‫من قبيل الرأم كلم يكن تفسيران‪ ،‬كَل معركفان قائلو باألخذ عن اإلسرائيليات‪ ،‬مثل أف‬
‫يكوف خبران عن أشراط الساعة‪ ،‬أك أحواؿ القيامة‪ ،‬أك الجزاء أك صريحا في سبب نزكؿ‬
‫اآلية‪.‬فإف كاف من قبيل الرأم فهو موقوؼ‪.‬‬

‫ِ ‪/‬كالموقوؼ‪ :‬ما أضيف إلى الصحابي كلم يثبت لو حكم الرفع‪ ،‬كىو حجة على‬
‫نصا أخذ بالنص‪،‬‬
‫نصا أك قوؿ صحابي آخر‪ ،‬فإف خالف ًّ‬
‫القوؿ الراجح‪ ،‬إَل أف يخالف ًّ‬
‫كإف خالف قوؿ صحابي آخر أخذ بالراجح منهما‪.‬‬

‫في كالـ المؤلف عدة مسائل‪:‬‬


‫المسألة األكلى‪:‬‬
‫لم يعرؼ المؤلف الموقوؼ لغة كىو اسم مفعوؿ‪ ،‬من "الوقف"‪ .‬كأف الراكم كقف‬
‫بالحديث عند الصحابي‪ ،‬كلم يتابع سرد باقي سلسلة اإلسناد‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪:‬‬
‫قولو‪« :‬ما أضيف إلى الصحابي كلم يثبت لو حكم الرفع» ما الموصولة تفيد العموـ ك‬
‫قصد المؤلف كل ما أضيف إلى الصحابي من قوؿ‪ ،‬أك فعل‪ ،‬أك تقرير ك لم يثبت لو‬
‫حكم الرفع فهو الحديث الموقوؼ اصطالحا‪.‬‬
‫قاؿ الشيخ أبو حفص طحاف النعيمي في شرح معنى الحديث الموقوؼ‪« :‬أم ىو ما‬
‫نسب أك أسند إلى صحابي‪ ،‬أك جمع من الصحابة؛ سواء كاف ىذا المنسوب إليهم‬
‫قوَل‪ ،‬أك فعال‪ ،‬أك تقريرا‪ ،‬كسواء كاف السند إليهم متصال‪ ،‬أك منقطعا»ق‪.‬‬
‫مثالو‪ :‬قوؿ عمر بن الخطاب رضي اهلل عنو‪ « :‬يهدـ اإلسالـ زلة العالم كجداؿ المنافق‬
‫بالكتاب‪ ،‬كحكم األئمة المضلين»‪.‬‬
‫أ‪/‬مثاؿ الموقوؼ القولي‪ :‬قوؿ الراكم‪ ،‬قاؿ علي بن أبي طالب رضي اهلل عنو‪" :‬حدٍّثوا‬
‫الناس بما يعرفوف‪ ،‬أتريدكف أف يكذب اهلل كرسولو"‪.‬‬
‫ب‪/‬مثاؿ الموقوؼ الفعلي‪ :‬قوؿ البخارم‪" :‬كأى اـ ي‬
‫ابن عباس كىو متيمم"‬
‫ج‪/‬مثاؿ الموقوؼ التقريرم‪ :‬قوؿ بعض التابعين‪" :‬فعلت كذا أماـ أحد الصحابة كلم‬
‫ينكر علي"‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪:‬‬
‫نصا أك قوؿ صحابي‬
‫قوؿ المؤلف ‪« :‬كىو حجة على القوؿ الراجح‪ ،‬إَل أف يخالف ًّ‬
‫نصا أخذ بالنص‪ ،‬كإف خالف قوؿ صحابي آخر أخذ بالراجح‬
‫آخر‪ ،‬فإف خالف ًّ‬
‫منهما»‪.‬‬
‫يحسن أف نبين أقواؿ العلماء في مسألة قوؿ الصحابي أىو حجة أـ ليس بحجة؟‬
‫لتحديد اختالؼ العلماء في مذىب الصحابي ‪َ ،‬ل بد من تحرير محل النزاع ‪ ،‬فنقوؿ ‪:‬‬
‫قسم األصوليوف قوؿ الصحابي إلي أربعة أقساـ ‪:‬‬
‫القسم األكؿ ‪:‬‬
‫قوؿ الصحابي الذم يضاؼ إلي زمن الرسوؿ – صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬كأف يقوؿ ‪« :‬‬
‫كنا نفعل كذا ‪،‬أك نقوؿ كذا على عهد رسوؿ اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ ،-‬أك ىو‬
‫بيننا كذا ‪ ،‬أك فينا كذا ‪ » ...‬كنحو ذلك ‪ ،‬فهذا القوؿ حجة بإجماع العلماء ‪ ،‬ألنو‬
‫يعتبر سنة عن رسوؿ اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬ركاىا الصحابي ك كما ذكرنا يعتبر‬
‫في حكم المرفوع عن النبي صلى اهلل عليو كسلم حكما ‪ ،‬ك قد نبهنا عن كثير من‬
‫الصيغ الملحقة بذلك أيضا‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪:‬‬
‫قوؿ الصحابي الذم انتشر بين علماء الصحابة ‪ ،‬كلم يعرؼ لو مخالف منهم ‪ ،‬فهذا‬
‫القسم من قبيل اإلجماع السكوتي ‪.‬‬
‫كقد اختلف العلماء في اَلستدَلؿ بو ‪ ،‬فذىب أبو حنيفة كأكثر أتباعو إلي اعتباره‬
‫حجة يجب العمل بو ‪ ،‬كىو مذىب اإلماـ أحمد كابن القيم كمختار الشيرازم في‬
‫التبصرة ‪ ،‬كاشترط الغزالي شركطا لصحة اَلحتجاج بو‪.‬‬
‫كخالف في ىذا الشافعي ‪ ،‬فلم يعتبر اإلجماع السكوتي حجة ‪ ،‬ألنو َل ينسب لساكت‬
‫قوؿ ‪ ،‬كقد اختار ىذا المذىب اإلماـ داكد كالقاضي أبو بكر األشعرم كصاحب نشر‬
‫البنود ك غيرىما من األصوليين‪.‬‬
‫القسم الثالث ‪:‬‬
‫قوؿ الصحابي الصادر عن رأيو كاجتهاده كالذم لم ينتشر بين الصحابة ‪ ،‬كىذا القسم‬
‫محل خالؼ بين العلماء على مذاىب ثالثة كىي ‪:‬‬
‫المذىب األكؿ ‪:‬‬
‫إف قوؿ الصحابي ليس بحجة مطلقا سواء خالف القياس أـ لم يخالفو ‪ ،‬كذىب إلى‬
‫ىذا القوؿ األشاعرة ‪ ،‬كالمعتزلة ‪ ،‬كما ينسب ىذا المذىب إلى الشافعي في الجديد ‪،‬‬
‫كإلى أحمد بن حنبل في إحدل الركايتين ‪ ،‬كىو ما اختاره اآلمدم‪.‬‬
‫المذىب الثاني ‪:‬‬
‫أنو حجة مطلقا بل ك حتى يقدـ على القياس ‪ ،‬كذىب إلي ىذا كثير من الحنفية ك‬
‫اإلماـ مالك كأبو على الجبائي ‪ ،‬كنسبو صاحب التبصرة إلي الشافعي في القديم ‪.‬‬
‫ك رأل بعض العلماء أف قوؿ الصحابي حجة إذا خالف القياس ‪ ،‬أم في المسائل التي‬
‫َل يدركها العقل ‪ ،‬كمثالو ما ركم من إف على بن أبي طالب صلي في ليلة ست ركعات‬
‫في كل ركعة ست سجدات ‪ ،‬ككالمقادير التي َل تعرؼ بالرأم كأقل الحيض كأكثره ‪،‬‬
‫فقد ركم عن بعض الصحابة أف أقلو ثالثة أياـ ك أكثرة عشرة أك خمسة عشر كأف أكثر‬
‫النفاس أربعوف يوما فمثل ىذه األقواؿ تكوف حجة ‪ ،‬كقد نسب إماـ الحرمين ىذا‬
‫القوؿ للشافعي في القديم كارتضاه ‪ ،‬كىو ما اختاره الغزالي في المنخوؿ‪.‬‬
‫المذىب الثالث ‪:‬‬
‫أف الحجة في قوؿ الخلفاء الراشدين فقط ‪.‬‬
‫القسم الرابع ‪ :‬في قوؿ الصحابي الذم علم لو مخالف ‪:‬‬
‫اختلف العلماء فيما إذا اختلف الصحابة في مسألة من المسائل ‪ ،‬ىل ترجح بين‬
‫آرائهم ؟ على معني أنو َل يجوز للتابعين أك من بعدىم إحداث رأم جديد ‪ ،‬أـ يجب‬
‫العمل بأم رأم من آرائهم بعد الترجيح بينها أك يجوز لهم ذلك ‪.‬‬
‫اختلف العلماء في ذلك على ثالثة مذاىب ‪:‬‬
‫األكؿ ‪ :‬أنو َل يجوز للتابعين إحداث رأم جديد ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬أنو يجوز إحداث رأم جديد ك بو قاؿ الظاىرية ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أنو يجوز إحداث رأم جديد إذا لم يلزـ منو خرؽ اإلجماع ‪ ،‬كَل يجوز إذا‬
‫كاف الرأم الجديد يرفع اإلجماع ‪.‬‬

‫كالصحابي‪ :‬من اجتمع بالنبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم مؤمنان بو كمات على ذلك‪.‬‬

‫الصحابي ىو ىمن لىًق ىي النبي صلى اهلل عليو كسلم مؤمنان بو‪ ،‬كمات على اإلسالـ‪ ،‬كلو‬
‫لت ًر ادةه في األصح‪.‬‬ ‫تى ىخلا ٍ‬
‫أعم‪ً :‬من المجالى ً‬ ‫كالمراد باللٍّ ً‬
‫ىحد ًىما إًلى ى‬
‫اآلخ ًر‪،‬‬ ‫ككصوؿ أ ً‬
‫ً‬ ‫كالمماشاةً‪،‬‬
‫سة‪ ،‬ي‬ ‫ي ى‬ ‫قاء‪ :‬ما يىو ُّ‬ ‫ي‬
‫اآلخ ىر‪ ،‬سواءه كا ىف ذلك بن ٍف ًس ًو أـ بغي ًرهً‪.‬‬
‫أحدىما ى‬ ‫كإً ٍف لم يكالًموي‪ ،‬كي ٍد يخل ً‬
‫فيو رؤيةي ً‬
‫ٍ ى‬
‫الصحابي ىم ٍن رأىل النبي صلى اهلل عليو كسلم؛‬ ‫ُّ‬ ‫قوؿ ً‬
‫بعضهم‪:‬‬ ‫قي أىكلى ًمن ً‬ ‫كالتعبير باللُّ ٍّ‬
‫ُّد قالو ابن حجر‪.‬‬ ‫كىم صحابةه بال ترد و‬ ‫ً‬ ‫و‬
‫كنحوه من العي ٍمياف‪ ،‬ي ٍ‬
‫ى‬ ‫ك‬ ‫مكتوـ‬ ‫ابن أ ٍّيـ‬
‫ألنو يي ٍخ ًرج ى‬

‫كالمقطوع‪ :‬ما أضيف إلى التابعي فمن بعده‪.‬‬

‫اكتفى المؤلف بالتعريف اَلصطالحي للمقطوع ك لم يعرفو لغة كىو اسم مفعوؿ‪ ،‬من‬
‫"قطع" ضد "كصل"‪.‬‬
‫كفي اَلصطالح‪:‬ىو ما أضيف إلى التابعي أك من دكنو فكل ما نسب أك أسند إلى‬
‫التابعي‪ ،‬أك تابع التابعي‪ ،‬فمن دكنو‪ ،‬من قوؿ‪ ،‬أك فعل فهو المقطوع‪ .‬ك ليتنبو طالب‬
‫العلم إلى أف المقطوع غير المنقطع؛ ألف المقطوع من صفات المتن‪ ،‬كالمنقطع من‬
‫صفات اإلسناد‪ ،‬بمعنى أف الحديث المقطوع من كالـ التابعي فمن دكنو‪ ،‬كقد يكوف‬
‫السند متصال إلى ذلك التابعي‪ .‬في حين أف المنقطع يعني أف إسناد ذلك الحديث غير‬
‫متصل‪ ،‬كَل تعلق لو بالمتن‪.‬‬
‫"صل كعليو‬
‫أ‪/‬مثاؿ المقطوع القولي‪ :‬قوؿ الحسن البصرم في الصالة خلف المبتدع‪ٍّ :‬‬
‫بدعتو"‪.‬‬
‫ب‪ -‬مثاؿ المقطوع الفعلي‪ :‬قوؿ إبراىيم بن محمد بن المنتشر‪" :‬كاف مسركؽ يرخي‬
‫الستر بينو كبين أىلو‪ ،‬كيقبل على صالتو‪ ،‬كيخليهم كدنياىم"‪.‬‬
‫تنبيو‪:‬‬
‫أطلق بعض المحدثين كالشافعي كالطبراني لفظ "المقطوع" كأرادكا بو "المنقطع" أم‬
‫الذم لم يتصل إسناده‪ ،‬كىو اصطالح غير مشهور‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ أبو حفص طحاف النعيمي في كتابو تيسير مصطلح الحديث‪:‬‬
‫«من مظنات الموقوؼ كالمقطوع‪:‬‬
‫أ‪ /‬مصنف ابن أبي شيبة‪.‬‬
‫ب‪ /‬مصنف عبد الرزاؽ‪.‬‬
‫ج‪ /‬تفاسير ابن جرير‪ ،‬كابن أبي حاتم‪ ،‬كابن المنذر‪ ».‬انتهى‪.‬‬
‫مسألة‪:‬‬
‫ىل يحتج بالحديث المقطوع؟‬
‫المقطوع َل يحتج بو في شيء من األحكاـ الشرعية حتى لو صحت نسبتو لقائلو؛ ألنو‬
‫كالـ أحد المسلمين أك فعلهم‪ ،‬لكن إف كانت ىناؾ قرينة تدؿ على رفعو‪ ،‬كقوؿ بعض‬
‫الركاة ‪-‬عند ذكر التابعي‪" :‬يرفعو" مثال‪ ،‬فيصير حينئذ لو حكم المرفوع المرسل‪.‬‬

‫كالتابعي‪ :‬من اجتمع بالصحابي مؤمنان بالرسوؿ صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪ ،‬كمات على ذلك‪.‬‬
‫ىذا التعريف فيو ثالثة قيود‪:‬‬
‫القيد األكؿ‪« :‬من اجتمع بالصحابي» يخرج بو من لم يجتمع بو من الركاة فال يدخل‬
‫في الحد‪.‬‬
‫القيد الثاني ‪« :‬مؤمنا بالرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم» يخرج بذلك الكافر بو‪.‬‬
‫القيد الثالث‪« :‬ك مات على ذلك» يخرج بو من مات على الردة ك العياذ باهلل‪.‬‬

‫أقساـ الخبر باعتبار طرقو‪:‬‬

‫بعدما فرغ المؤلف من بياف أقساـ الخبر باعتبار من يضاؼ إليو ‪ ،‬انتقل إلى بياف‬
‫أقسامو باعتبار طرقو‪.‬قاؿ رحمو اهلل‪:‬‬

‫ينقسم الخبر باعتبار طرقو إلى متواتر كآحاد‪:‬‬


‫ُ ‪ -‬فالمتواتر‪ :‬ما ركاه جماعة كثيركف‪ ،‬يستحيل في العادة أف يتواطؤكا على الكذب‪،‬‬
‫كأسندكه إلى شيء محسوس‪.‬‬
‫علي متعمدان فليتبوأ مقعده من النار»‪.‬‬
‫مثالو‪ :‬قولو صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪« :‬من كذب ا‬

‫أفادنا المؤلف أف الخبر ينقسم بهذا اَلعتبار إلى متواتر ك آحاد ألف الخبر إما أف‬
‫يكوف لو طرؽ غير محصورة بعدد معين‪ ،‬فهو المتواتر‪.‬كإما عكس ذلك بأف تكوف طرقو‬
‫محصورة بعدد معين‪ ،‬فهو اآلحاد‪.‬‬
‫ك لنبدأ الكالـ على الخبر المتواتر فنقوؿ‪:‬‬
‫المتواتر في لغة‪ :‬ىو اسم فاعل‪ ،‬مشتق من التواتر‪ ،‬أم التتابع‪ ،‬تقوؿ‪ :‬تواتر المطر‪ ،‬أم‬
‫تتابع نزكلو‪.‬‬
‫ك في اَلصطالح ‪ :‬عرفو المؤلف بقولو‪ «:‬ما ركاه جماعة كثيركف‪ ،‬يستحيل في العادة‬
‫أف يتواطؤكا على الكذب‪ ،‬كأسندكه إلى شيء محسوس» ك معنى كالمو أف المتواتر ىو‬
‫الخبر الذم يركيو في كل طبقة من طبقات سنده ركاة كثيركف‪ ،‬يحكم العقل عادة‬
‫بامتناع أف يكوف أكلئك الركاة قد اتفقوا على اختالؽ ىذا الخبر‪.‬‬
‫ك من خالؿ تعريف المؤلف للمتواتر ‪ ،‬يتبين لنا أف لو شركطا َلبد من توفرىا‪:‬‬
‫أ‪ /‬أف يركيو عدد كثير‪ ،‬كقد اختلف في أقل الكثرة على و‬
‫أقواؿ‪ ،‬المختار أنو ليس لو‬
‫عدد ينحصر فيو‪.‬‬
‫ب‪ /‬أف توجد ىذه الكثرة في جميع طبقات السند‪.‬‬
‫ج‪ /‬أف تحيل العادة تواطؤىم على الكذب‪.‬‬
‫د‪ /‬أف يكوف مستند خبرىم الحس؛ كقولهم‪ :‬سمعنا‪ ،‬أك رأينا‪ ،‬أك لمسنا‪ ،‬أك ‪ ...‬أما إف‬
‫كاف مستند خبرىم العقل‪ ،‬كالقوؿ بحدكث العالم مثال‪ ،‬فال يسمى الخبر حينئذ‬
‫متواترا‪.‬‬
‫ك ليعلم طالب العلم أف المتواتر يفيد أكَلن العلم‪ :‬كىو القطع بصحة نسبتو إلى من نقل‬
‫عنو ك ثانيا ‪:‬العمل بما دؿ عليو بتصديقو إف كاف خبران‪ ،‬كتطبيقو إف كاف طلبان‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫قاؿ المؤلف في كتابو مصطلح الحديث‪:‬‬
‫«ينقسم المتواتر إلى قسمين‪:‬‬
‫معنى فقط‪.‬‬
‫كمعنى‪ ،‬كمتواتر ن‬
‫ن‬ ‫متواتر لفظان‬
‫فالمتواتر لفظان كمعنى‪ :‬ما اتفق الركاة فيو على لفظو كمعناه‪.‬‬
‫فليتبوأ مقع ىده من النار" ‪.‬‬
‫علي يمتعمدان ا‬
‫مثالو‪ :‬قولو صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪" :‬من كذب ا‬
‫فقد ركاه عن النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم أكثر من ستين صحابيًّا‪ ،‬منهم العشرة‬
‫المبشركف بالجنة‪ ،‬كركاه عن ىؤَلء خلق كثير‪.‬‬
‫معنى كلي‪ ،‬كانفرد كل حديث بلفظو الخاص‪.‬‬
‫كالمتواتر معنى‪ :‬ما اتفق فيو الركاة على ن‬
‫مثالو‪ :‬أحاديث الشفاعة‪ ،‬كالمسح على الخفين‪ ،‬كلبعضهم‪:‬‬
‫ب‬
‫حديث ىم ٍن ىك ىذ ٍ‬
‫ي‬ ‫تواتر‬
‫مما ى‬
‫ب‬ ‫كمن بػنىى ً‬
‫سٍ‬ ‫كاحتى ى‬
‫هلل بيتان ٍ‬ ‫ىى ٍ ى‬
‫وض‬
‫ٍح ي‬
‫اعةه كال ى‬
‫كرؤيةه ىش ىف ى‬
‫س يح يخ اف ٍي ًن ىكىذل بىػ ٍع ي‬
‫ض» انتهى‪.‬‬ ‫ىكىم ي‬

‫ِ ‪ /‬كاآلحاد‪ :‬ما سول المتواتر‪.‬‬

‫بعدما فرغ المؤلف من أكؿ أقساـ الخبر من حيث الطرؽ ‪ ،‬شرع في بياف القسم الثاني‬
‫المتمثل في اآلحاد ك أخره عن المتواتر لنزكؿ رتبتو عنو‪ .‬قاؿ رحمو اهلل‪:‬‬

‫كىو من حيث الرتبة ثالثة أقساـ‪ :‬صحيح‪ ،‬كحسن‪ ،‬كضعيف‪.‬‬

‫ك يمكن أف نقسم خبر اآلحاد إلى قسمين‪:‬مقبوؿ كمردكد‬


‫فالمقبوؿ ‪ :‬الصحيح ك الحسن بنوعيهما‪.‬‬
‫كالمردكد‪ :‬الضعيف بأنواعو الكثيرة جدا كالموضوع ك الشاذ ك المنكر كالمضطرب ‪...‬‬

‫فالصحيح‪ :‬ما نقلو عدؿ تاـ الضبط بسند متصل‪ ،‬كخال من الشذكذ كالعلة القادحة‪.‬‬

‫يث ال ا ً‬‫ٍح ًد ي‬
‫يح‪ :‬فىػ يه ىو‬‫صح ي‬ ‫قاؿ اإلماـ ابن الصالح في مقدمتو في علوـ الحديث‪« :‬أى اما ال ى‬
‫ادهي بًنىػ ٍق ًل ال ىٍع ٍد ًؿ الضاابً ًط ىع ًن ال ىٍع ٍد ًؿ الضاابً ًط إًلىى‬ ‫اص يل إً ٍسنى ي‬‫يث الٍمسنى يد الا ًذم يػت ً‬
‫ى‬ ‫ٍحد ي ي ٍ‬
‫ال ً‬
‫ى‬
‫يم ٍنتىػ ىهاهي‪ ،‬ىكىَل يى يكو يف ىشاذًّا‪ ،‬ىكىَل يم ىعلا نال‪.‬‬
‫شاذٍّ‪ ،‬ىكىما فً ًيو ًعلاةه‬
‫ض ًل‪ ،‬ىكال ا‬ ‫احتً ىرا هز ىع ًن ال يٍم ٍر ىس ًل‪ ،‬ىكال يٍم ٍنػ ىق ًط ًع‪ ،‬ىكال يٍم ٍع ى‬ ‫كفًي ى ًذهً ٍاألىك ً‬
‫صاؼ ٍ‬ ‫ٍ ى‬ ‫ى ى‬
‫اد ىحةه‪ ،‬ىكىما فًي ىرا ًك ًيو نىػ ٍوعي ىج ٍر وح»‪.‬انتهى‬ ‫قى ً‬
‫مراده بالصحيح ‪:‬النوع األكؿ منو الذم ىو الصحيح لذاتو ك ليس مقصوده الصحيح‬
‫لغيره ك سنعرفو فيما بعد استطرادا ‪.‬‬
‫شرح تعريف المؤلف للحديث الصحيح‪:‬‬
‫قولو ‪« :‬ما نقلو عدؿ» العدالة ىي استقامة الدين كالمركءة‪.‬‬
‫فاستقامة الدين‪ :‬أداء الواجبات‪ ،‬كاجتناب ما يوجب الفسق من المحرمات‪.‬‬
‫يذمو‬
‫كاستقامة المركءة‪ :‬أف يفعل ما يحمده الناس عليو من اآلداب كاألخالؽ‪ ،‬كيترؾ ما ٌ‬
‫الناس عليو من ذلك‪.‬كتعرؼ عدالة الراكم باَلستفاضة كاألئمة المشهورين‪ :‬مالك ك‬
‫الشافعي كالثورم كنحوىم‪ ،‬كبالنص عليها ممن يعتبر قولو في ذلك‪.‬‬
‫تحملو من مسموع‪ ،‬أك مرئي على الوجو‬
‫قولو‪« :‬تاـ الضبط» معناه أف يؤدم الراكم ما ٌ‬
‫الذم تحملو من غير زيادة كَل نقص‪ ،‬لكن َل يضر خطأ يسير؛ ألنو َل يسلم منو أحد‪.‬‬
‫كيعرؼ ضبط الراكم بموافقتو الثقات كالحفاظ كلو غالبان‪ ،‬كبالنص عليو ممن يعتبر قولو‬
‫في ذلك‪.‬‬
‫قولو‪« :‬بسند متصل» معناه أف يتلقى كل راك ممن ركل عنو مباشرة أك حكمان‪.‬‬
‫فالمباشرة‪ :‬أف يالقي من ركل عنو فيسمع منو‪ ،‬أك يرل‪ ،‬كيقوؿ‪ :‬حدثني‪ ،‬أك سمعت‪ ،‬أك‬
‫رأيت فالنان كنحوه‪.‬‬
‫كالحكم‪ :‬أف يركم عمن عاصره بلفظ يحتمل السماع كالرؤية‪ ،‬مثل‪ :‬قاؿ فالف‪ ،‬أك‪ :‬عن‬
‫فالف‪ ،‬أك‪ :‬فعل فالف‪ ،‬كنحوه‪ .‬كمحل ىذا في غير المدلٍّس‪ ،‬أما المدلٍّس فال يحكم‬
‫لحديثو باَلتصاؿ إَل ما صرح فيو بالسماع أك الرؤية‪.‬‬
‫قولو‪« :‬كخال من الشذكذ كالعلة القادحة‪ » .‬معنى الشذكذ عن أىل الفن‪ :‬أف يخالف‬
‫الراكم الثقة من ىو أرجح منو إما بكماؿ العدالة‪ ،‬أك تماـ الضبط‪ ،‬ككثرة العدد‪ ،‬أك‬
‫مالزمة المركم عنو‪ ،‬أك نحو ذلك من الصفات المرجحة‪.‬‬
‫مثالو‪ :‬حديث عبد اهلل بن زيد في صفة كضوء النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪ :‬أنو مسح‬
‫برأسو بماء غير فضل يده‪ ،‬فقد ركاه مسلم بهذا اللفظ من طريق ابن كىب‪ ،‬كركاه‬
‫البيهقي من طريقو أيضان بلفظ‪ :‬أنو أخذ ألذنيو ماء خالؼ الماء الذم أخذه لرأسو‪.‬‬
‫كركاية البيهقي شاذة؛ ألف راكيو عن ابن كىب ثقة‪ ،‬لكنو مخالف لمن ىو أكثر منو‪.‬‬
‫حيث ركاه جماعة عن ابن كىب بلفظ ركاية مسلم‪ ،‬كعليو فركاية البيهقي غير صحيحة‪،‬‬
‫كإف كاف ركاتها ثقات؛ لعدـ سالمتها من الشذكذ‪.‬ذكر ىذا المثاؿ الشيخ في كتابو‬
‫مصطلح الحديث‪.‬‬
‫أما العلة القادحة‪ :‬أف يتبين بعد البحث في الحديث سبب يقدح في قبولو‪ .‬بأف يتبين‬
‫أنو منقطع‪ ،‬أك موقوؼ‪ ،‬أك أف الراكم فاسق‪ ،‬أك سيٍّئ الحفظ‪ ،‬أك مبتدع كالحديث‬
‫و‬
‫حينئذ؛ لعدـ سالمتو من العلة‬ ‫يقوم بدعتو‪ ،‬كنحو ذلك؛ فال يحكم للحديث بالصحة‬
‫القادحة‪.‬‬
‫مثالو‪ :‬حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما أف النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم قاؿ‪َ" :‬ل تقرأ‬
‫الحائض كَل الجنب شيئان من القرآف" ‪ .‬فقد ركاه الترمذم كقاؿ‪َ :‬ل نعرفو إَل من‬
‫حديث إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة ‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫يعل بأف ركاية إسماعيل عن الحجازيين ضعيفة‪ ،‬كىذا‬
‫فظاىر اإلسناد الصحة‪ ،‬لكن أ ٌ‬
‫منها‪ ،‬كعليو فهو غير صحيح لعدـ سالمتو من العلة القادحة‪.‬‬
‫فإف كانت العلة غير قادحة لم تمنع من صحة الحديث أك حسنو‪.‬‬
‫مثالو‪ :‬حديث أبي أيوب األنصارم رضي اهلل عنو أف النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم قاؿ‪:‬‬
‫"من صاـ رمضاف ثم أتبعو ستًّا من شواؿ كاف كصياـ الدىر" ‪ .‬فقد ركاه مسلم من‬
‫طريق سعد بن سعيد‪ ،‬كأيع ال الحديث بو‪ ،‬ألف اإلماـ أحمد ضعفو‪ .‬كىذه العلة غير‬
‫قادحة؛ ألف بعض األئمة كثٌقو‪ ،‬كألف لو متابعان‪ ،‬كإيراد مسلم لو في "صحيحو" يدؿ على‬
‫صحتو عنده‪ ،‬كأف العلة غير قادحة‪.‬قالو المؤلف في كتابو السابق‪.‬‬
‫خالصة شركط الحديث الصحيح لذاتو‪:‬‬
‫يكوف الحديث صحيحا بخمسة شركط ىي‪" :‬اتصاؿ السند‪ ،‬عدالة الركاة‪ ،‬ضبط‬
‫الركاة‪ ،‬عدـ العلة‪ ،‬عدـ الشذكذ"‪.‬‬

‫أ‪ /‬اتصاؿ السند‪ :‬كمعناه أف كل را وك من ركاتو قد أخذه مباشرة عمن فوقو‪ ،‬من أكؿ‬
‫السند إلى منتهاه‪.‬‬
‫ب‪ /‬عدالة الركاة‪ :‬أم أف كل را وك من ركاتو اتصف بكونو مسلما‪ ،‬بالغا‪ ،‬عاقال‪ ،‬غير‬
‫فاسق‪ ،‬كغير محركـ المركءة‪.‬‬
‫ج‪ /‬ضبط الركاة‪ :‬أم أف كل را وك من ركاتو كاف تاـ الضبط؛ إما ضبط صدر‪ ،‬كإما ضبط‬
‫كتاب‪.‬‬
‫د‪ /‬عدـ الشذكذ‪ :‬أم أَل يكوف الحديث شاذا‪ .‬كالشذكذ‪ :‬ىو مخالفة الثقة لمن ىو‬
‫أكثق منو‪.‬‬
‫ىػ‪ /‬عدـ العلة‪ :‬أم أَل يكوف الحديث معلوَل‪ ،‬كالعلة‪ :‬سبب غامض خفي‪ ،‬يقدح في‬
‫صحة الحديث‪ ،‬مع أف الظاىر السالمة منو‪.‬‬

‫فائدة‪:‬‬
‫الحسن لذاتو إذا ركم من طريق آخر مثلو أك أقول منو ارتقى كسمي صحيحا لغيره؛‬
‫ألف الصحة لم تأت من ذات السند األكؿ كإنما جاءت من انضماـ غيره لو‬
‫ك سيذكر المؤلف ىذا عند تعريفو للحديث الحسن كما سيأتي ‪.‬‬
‫مثاؿ عن الصحيح لغيره ‪:‬حديث محمد بن عمرك‪ ،‬عن أبي سلمة‪ ،‬عن أبي ىريرة‪ ،‬أف‬
‫رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم قاؿ‪" :‬لوَل أف أشق على أمتي ألمرتهم بالسواؾ عند كل‬
‫صالة" ‪.‬‬
‫قاؿ ابن الصالح‪" :‬فمحمد بن عمرك بن علقمة من المشهورين بالصدؽ كالصيانة‪،‬‬
‫لكنو لم يكن من أىل اإلتقاف‪ ،‬حتى ضعفو بعضهم من جهة سوء حفظو‪ ،‬ككثقو بعضهم‬
‫لصدقو كجاللتو‪،‬فحديثو من ىذه الجهة حسن‪ ،‬فلما انضم إلى ذلك كونو ركم من‬
‫يخ ىر زاؿ بذلك ما كنا نخشاه عليو من جهة سوء حفظو‪ ،‬كانجبر بو ذلك النقص‬
‫أكجو أ ى‬
‫اليسير‪ ،‬فصح ىذا اإلسناد‪ ،‬كالتحق بدرجة الصحيح" انتهى كالمو‬
‫فائدة ثانية‪:‬‬
‫مراتب الصحيح ىي‪:‬‬
‫ُ‪ /‬ما اتفق عليو البخارم كمسلم "كىو أعلى المراتب"‪.‬‬
‫ِ‪ /‬ثم ما انفرد بو البخارم‪.‬‬
‫ّ‪ /‬ثم ما انفرد بو مسلم‪.‬‬
‫ْ‪ /‬ثم ما كاف على شرطهما كلم يخرجاه‪.‬‬
‫ٓ‪ /‬ثم ما كاف على شرط البخارم‪ ،‬كلم يي ىخ ٍّر ٍجو‪.‬‬
‫ٔ‪ /‬ثم ما كاف على شرط مسلم‪ ،‬كلم يي ىخ ٍّر ٍجو‪.‬‬
‫ٕ‪ /‬ثم ما صح عند غيرىما من األئمة‪ ،‬كابن خزيمة‪ ،‬كابن حباف مما لم يكن على‬
‫شرطهما‪ ،‬أك على شرط كاحد منهما‪.‬‬
‫كالحسن‪ :‬ما نقلو عدؿ خفيف الضبط بسند متصل‪ ،‬كخال من الشذكذ كالعلة القادحة‪،‬‬
‫كيصل إلى درجة الصحيح إذا تعددت طرقو كيسمى‪ :‬صحيحان لغيره‪.‬‬

‫الحسن في اللغة صفة مشبهة من الحسن بمعنى الجماؿ‬


‫ك في اصطالح ‪ :‬قاؿ المؤلف ‪« :‬ما نقلو عدؿ خفيف الضبط بسند متصل‪ ،‬كخال من‬
‫الشذكذ كالعلة القادحة‪ ،‬كيصل إلى درجة الصحيح إذا تعددت طرقو كيسمى‪ :‬صحيحان‬
‫لغيره»‪ .‬كىنا مسائل ‪:‬‬
‫المسألة األكلى‪:‬‬
‫اختار المؤلف تعريف الحافظ ابن حجر للحديث الحسن ك ىو أقرب التعاريف‬
‫كأصحها‪.‬ك قد اختلفت أقواؿ العلماء في تعريف الحسن ك سبب ذلك راجع إلى كونو‬
‫مرتبة متوسطة بين الصحيح كالضعيف ك ألف بعضهم عرفو بأحد قسميو‪.‬ك سنذكر بعض‬
‫ىذه التعاريف‪:‬‬
‫ُ‪ -‬تعريف الخطابي‪" :‬ىو ما عرؼ مخرجو‪ ،‬كاشتهر رجالو‪ ،‬كعليو مدار أكثر الحديث‪،‬‬
‫كىو الذم يقبلو أكثر العلماء‪ ،‬كيستعملو عامة الفقهاء"‪.‬‬
‫ِ‪ -‬تعريف الترمذم‪" :‬كل حديث يركل‪َ ،‬ل يكوف في إسناده من يتهم بالكذب‪ ،‬كَل‬
‫يكوف الحديث شاذا‪ ،‬كيركل من غير كجو نحو ذلك‪ ،‬فهو عندنا حديث حسن"‪.‬‬
‫صلي يح‬ ‫س ين‪ ،‬ىكيى ٍ‬ ‫ٍح ى‬ ‫يث ال ى‬ ‫ٍح ًد ي‬‫يب يم ٍحتى ىم هل فىػ يه ىو ال ى‬‫ف قى ًر ه‬ ‫ض ٍع ه‬‫"ما فً ًيو ى‬ ‫ّ‪ -‬تعريف ابن الجوزم‪ :‬ى‬
‫الٍبًنىاءي ىعلىٍي ًو ىكال ىٍع ىم يل بً ًو"‪.‬‬
‫ث‪ ،‬ج ًامعا بػين أىطٍر ً‬
‫اؼ‬ ‫ت الناظىىر فًي ىذلً ى‬
‫ك ىكالٍبى ٍح ى ى ن ى ٍ ى ى‬ ‫ْ‪ -‬تعريف ابن الصالح ‪ «:‬ىكقى ٍد أ ٍىم ىع ٍن ي‬
‫يث الٍحسن قًسم ً‬ ‫ضح أى اف ال ً‬ ‫ً‬ ‫ىك ىال ًم ًهم‪ ،‬م ىال ًحظنا مواقًع ً ً‬
‫اف‪:‬‬ ‫ٍحد ى ى ى ى ٍ ى‬ ‫ى‬ ‫است ٍع ىمال ًه ٍم‪ ،‬فىػتىػنىػ اق ىح لي ىكاتا ى ى‬ ‫ىى ى ٍ‬ ‫ٍ ي‬
‫ً‬ ‫اؿ إًسن ً ً ً‬
‫اده م ٍن ىم ٍستيوور لى ٍم تىػتى ىح اق ٍق أ ٍىىلياتيوي‪ ،‬غىٍيػ ىر أىناوي‬ ‫يث الا ًذم ىَل يى ٍخليو ًر ىج ي ٍ ى‬ ‫ٍح ًد ي‬ ‫ىح يد يى ىما‪ :‬ال ى‬ ‫أى‬
‫ب فًي ال ً ً‬ ‫اه هم بًالٍ ىك ًذ ً‬ ‫ً‬ ‫لىيس مغىاف نال ىكثًير ال ى ً ً‬
‫ىم لى ٍم يىظ ىٍه ٍر‬
‫ٍحديث‪ ،‬أ ٍ‬ ‫ى‬ ‫يما يىػ ٍر ًكيو‪ ،‬ىكىَل يى ىو يمتػ ى‬ ‫ٍخطىأ ف ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ ى ي‬
‫ك‬ ‫يث ىم ىع ذىلً ى‬ ‫س هق‪ ،‬كي يكو يف م ٍتن الٍح ًد ً‬
‫ب آ ىخ ير يم ىف ٍّ ى ى ى ي ى‬ ‫ٍحديث ىكىَل ىسبى ه‬
‫ب فًي ال ً ً‬
‫ى‬ ‫ًم ٍنوي تىػ ىع ُّم يد الٍ ىك ًذ ً‬
‫ض ىد بً يمتىابىػ ىع ًة ىم ٍن تىابى ىع‬ ‫م ًمثٍػليوي أ ٍىك نى ٍح يوهي ًم ٍن ىك ٍج وو ى‬
‫آخ ىر أ ٍىك أى ٍكثىػ ىر ىحتاى ا ٍعتى ى‬ ‫قى ٍد عي ًر ى ً‬
‫ؼ بأى ٍف ير ًك ى‬
‫ج بً ىذلً ى‬ ‫يث ى ً ً‬ ‫كد ح ًد و‬ ‫ًو‬ ‫ً‬ ‫ً ًً‬
‫ك ىع ٍن‬ ‫آخ ىر بنى ٍح ًوه‪ ،‬فىػيى ٍخ ير ي‬ ‫ىرا ًكيىوي ىعلىى مثٍلو‪ ،‬أ ٍىك بً ىما لىوي م ٍن ىشاىد‪ ،‬ىك يى ىو يكير ي ى‬
‫م ىعلىى ىى ىذا ال ًٍق ٍس ًم يىػتىػنىػ از يؿ‪.‬‬ ‫أى ٍف يى يكو ىف ىشاذًّا ىكيم ٍن ىك نرا‪ ،‬ىكىك ىال يـ التػ ٍٍّرًم ًذ ٍّ‬
‫الص ٍد ًؽ ىك ٍاأل ىىمانىًة‪ ،‬غىٍيػ ىر أىناوي لى ٍم يىػ ٍبػلي ٍغ ىد ىر ىجةى‬ ‫ين بً ٍّ‬ ‫ًً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الٍق ٍس يم الثااني‪ :‬أى ٍف يى يكو ىف ىرا ًكيو م ىن ال ىٍم ٍش يهوًر ى‬
‫اؿ‬‫ك يىػ ٍرتىًف يع ىع ٍن ىح ً‬ ‫اف‪ ،‬ىك يى ىو ىم ىع ذىلً ى‬ ‫ٍح ٍف ًظ ىك ًٍ‬
‫اإلتٍػ ىق ً‬ ‫يح‪ ،‬لً ىكونًًو يػ ٍقصر ىع ٍنػهم فًي ال ً‬
‫صح ً ٍ ى ي ي ي ٍ‬
‫اؿ ال ا ً‬ ‫ًر ىج ً‬
‫يث ًم ٍن أى ٍف‬ ‫من يػ ىع ُّد ما يػ ٍنػ ىف ًر يد بً ًو ًمن ح ًديثً ًو م ٍن ىكرا‪ ،‬كيػ ٍعتىبػر فًي يك ٍّل ىى ىذا ‪ -‬مع س ىالم ًة الٍح ًد ً‬
‫ىى ى ى ى‬ ‫ٍ ى ي ن ىي ى ي‬ ‫ىٍ ي ى ى‬
‫‪.‬ك ىعلىى ال ًٍق ٍس ًم الثاانًي يىػتىػنىػ از يؿ ىك ىال يـ‬ ‫ً‬
‫يى يكو ىف ىشاذًّا ىكيم ٍن ىك نرا ‪ -‬ىس ىال ىمتيوي م ٍن أى ٍف يى يكو ىف يم ىعلا نال ى‬
‫ك‪ »...‬ق‬ ‫ٍخطاابً ٍّي‪.‬فىػ ىه ىذا الا ًذم ذى ىك ٍرنىاهي ىج ًام هع لً ىما تىػ ىف ار ىؽ فًي ىك ىالًـ ىم ٍن بىػلىغىنىا ىك ىال يموي فًي ىذلً ى‬ ‫ال ى‬
‫ٓ‪ -‬تعريف الحافظ ابن حجر‪" :‬كخبر اآلحاد بنقل عدؿ تاـ الضبط‪ ،‬متصل السند‪،‬‬
‫غير معلل‪ ،‬كَل شاذ‪ ،‬ىو الصحيح لذاتو‪ ،‬فإف خف الضبط‪ ،‬فالحسن لذاتو"‪.‬‬
‫فالحسن عند ابن حجر ىو الصحيح إذا قل ضبط راكيو‪ ،‬كىو خير ما عرؼ بو الحسن‬
‫ؼ أح ىد‬
‫كما نبهت آنفا أما تعريف الخطابي فعليو انتقادات كثيرة كأما الترمذم فقد ع ار ى‬
‫قسمي الحسن‪ ،‬كىو الحسن لغيره‪ ،‬كاألصل في تعريفو أف يعرؼ الحسن لذاتو؛ ألف‬
‫الحسن لغيره ضعيف في األصل‪ ،‬ارتقى إلى مرتبة الحسن؛ َلنجباره بتعدد طرقو ك أما‬
‫س مضبوطا بضابط يتى ىمياز بً ًو‬ ‫ًً‬
‫تعريف ابن الجوزم ف ىق ٍولو «فيو ضعف قريب يم ٍحتىمل» لىٍي ى‬
‫اع ًريف ال يٍم ىميز‬
‫صف لم يحصل التػ ٍ‬ ‫طرب ىى ىذا ال ىٍو ٍ‬
‫ض ى‬ ‫الٍقدر ال يٍم ٍحتىمل من غىيره ىكإًذا ا ٍ‬
‫ٍح ًقي ىقة‪.‬‬
‫لل ى‬
‫المسألة الثانية‪:‬‬
‫شركط الحديث الحسن لذاتو ىي باختصار خمسة ‪" :‬اتصاؿ السند ك عدالة الركاة‪،‬‬
‫خفة الضبط ك عدـ العلة ك عدـ الشذكذ"‪.‬‬

‫أ‪ /‬اتصاؿ السند‪ :‬كمعناه أف كل را وك من ركاتو قد أخذه مباشرة عمن فوقو‪ ،‬من أكؿ‬
‫السند إلى منتهاه ك قد سبق أف ذكرنا ىذا الشرط في الحديث الصحيح لذاتو‪.‬‬
‫ب‪ /‬عدالة الركاة‪ :‬أم أف كل را وك من ركاتو اتصف بكونو مسلما‪ ،‬بالغا‪ ،‬عاقال‪ ،‬غير‬
‫فاسق‪ ،‬كغير محركـ المركءة ك سبق التنبيو على ىذا أيضا‪.‬‬
‫ج‪ /‬خفة الضبط‪ :‬أم أف يكوف على األقل را وك من ركاتو خفيف الضبط؛ إما ضبط‬
‫صدر‪ ،‬كإما ضبط كتاب مع تماـ ضبط غيره من الركاة ك ليس شرطا فيو أف يكوف كل‬
‫ركاتو خفاؼ الضبط‪..‬‬
‫د‪ /‬عدـ الشذكذ‪ :‬أم أَل يكوف الحديث شاذا‪ .‬ك الشذكذ‪ :‬ىو مخالفة الثقة لمن ىو‬
‫أكثق منو‪.‬ك قد ذكرنا ىذا سابقا‪.‬‬
‫ىػ‪ /‬عدـ العلة‪ :‬أم أَل يكوف الحديث معلوَل‪ ،‬كالعلة‪ :‬سبب غامض خفي‪ ،‬يقدح في‬
‫صحة الحديث‪ ،‬مع أف الظاىر السالمة منو‪.‬ك قد نبهنا على ىذا‪.‬‬

‫كالضعيف‪ :‬ما خال من شرط الصحيح كالحسن‪.‬‬

‫بعدما فرغ المؤلف من تعريف الحديث الصحيح ك الحسن‪ ،‬انتقل إلى القسم الثاني‬
‫من أقساـ اآلحاد ك ىو المردكد‪.‬كقد عرؼ الضعيف بأنو الحديث الذم يخلو من‬
‫شركط الصحة كالحسن‪.‬‬
‫ك ليعلم طالب العلم أف المردكد ىو الخبر الذم لم يترجح صدؽ المخبر بو‪.‬‬
‫كذلك بفقد شرط أك أكثر من شركط القبوؿ التي مرت بنا في بحث الصحيح‪.‬‬
‫ك ننقل في ىذا المقاـ كالما نفيسا للحافظ ابن حجر ك ىو يلخص أنواعو ك أسبابو‬
‫س ٍق وط من إسناد أ ٍىك طى ٍع ون في راك ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫« ثي ام ال ىٍم ٍر يد ي ً‬
‫كد‪ :‬إ اما أى ٍف يى يكو ىف ل ى‬
‫سن ًد ًمن تصرؼ أىك ًمن ً‬
‫آخ ًرهً بىػ ٍع ىد التاابً ًع ٍّي‪ ،‬أ ٍىك غىٍي ًر‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ٍ ٍ‬ ‫ط‪ :‬إً اما أى ٍف يى يكو ىف م ٍن ىمبىاد ًئ ال ا ى ٍ‬‫س ٍق ي‬ ‫فىال ا‬
‫ك‪.‬‬ ‫ىذلً ى‬
‫فى ٍاأل اىك يؿ‪ :‬ال يٍم ىعلا يق‪ .‬قاؿ ابن الصالح إف كقع الحذؼ في كتاب التزمت صحتو كالبخارم‬
‫فما أتى فيو بالجزـ دؿ على أنو ثبت إسناده عنده كإنما حذؼ لغرض من األغراض‬
‫كما أتى فيو بغير الجزـ ففيو مقاؿ ‪.‬‬
‫ىكالثاانًي‪ :‬يى ىو ال يٍم ٍر ىس يل‪.‬‬
‫ض يل‪ ،‬ىكإًاَل فىال يٍم ٍنػ ىق ًط يع‪ .‬ثي ام إف‬
‫اوالًي فىػ يه ىو ال يٍم ٍع ى‬ ‫ث‪ :‬إً ٍف ىكا ىف بًاثٍػنػي ًن فى ً‬ ‫ىكالثاالً ي‬
‫صاع ندا ىم ىع التػ ى‬
‫ىٍ ى‬
‫اض نحا أ ٍىك ىخ ًفيًّا‪.‬‬‫السقط من اإلسناد قى ٍد ي يكو يف ك ً‬
‫ى ى‬
‫يج إًلىى التاأٍ ًر ً‬
‫يخ‪..‬‬ ‫فى ٍاألى اك يؿ‪ :‬ي ٍدر يؾ بًع ىدًـ الت ىاالقًي‪ ،‬كًمن ثى ام ٍ ً‬
‫احت ى‬ ‫ى ٍ‬ ‫ي ى ى‬
‫كالثاني‪ :‬المدلس سمى بذلك لكوف الراكم لم يسم من حدثو كأكىم سماعو للحديث‬
‫ممن لم يحدثو بو كيرد بصيغة تحتمل كقوع اللقي‪ :‬كعن‪ ،‬كقاؿ فإف كقع بصيغة صريحة‬
‫َل تجوز فيها كاف كذبا ‪ ،‬ككذا المرسل الخفي‪ ،‬من معاصر لم يلق من حدث عنو‬
‫فالفرؽ بين المدلس كالمرسل الخفي أف التدليس يختص بمن ركل عمن لقاؤه إياه فأما‬
‫إف عاصره كلم يعرؼ أنو لقيو فهو المرسل الخفي ‪.‬‬
‫ش غىلى ًط ًو‪ ،‬أ ٍىك غى ٍفلىتً ًو عن‬ ‫ك‪ ،‬أ ٍىك في ٍح ً‬ ‫ب ال ارا ًكم‪ ،‬أ ٍىك تيػ ٍه ىمتً ًو بً ىذلً ى‬ ‫ثي ام الطا ٍع ين‪ :‬إً اما أى ٍف يى يكو ىف لً ىك ًذ ً‬
‫اإلتقاف ‪ ،‬أ ٍىك فً ٍس ًق ًو‪ ،‬أ ٍىك ىك ٍى ًم ًو بأف يركل على سبيل التوىم ‪ ،‬أ ٍىك يم ىخالىىفتً ًو للثقات ‪ ،‬أ ٍىك‬
‫وء ًح ٍف ًظ ًو بأف يكوف ليس غلطو أقل من إصابتو ‪.‬‬ ‫جهالىتً ًو‪ ،‬أىك بً ٍدعتً ًو‪ ،‬أىك س ً‬
‫ٍ ى ٍ ي‬ ‫ىى‬
‫ضوعي‬‫فى ٍاأل اىك يؿ‪ :‬ال ىٍم ٍو ي‬
‫ىكالثاانًي‪ :‬ال ىٍم ٍتػ ير ي‬
‫كؾ‪.‬‬
‫ث‪ :‬ال يٍم ٍن ىك ير ىعلىى ىرأٍ وم من َل يشترط في المنكر قيد المخالفة ‪.‬‬ ‫ىكالثاالً ي‬
‫س‪.‬‬ ‫كىك ىذا ال ارابًع كال ى ً‬
‫ٍخام ي‬ ‫يى‬ ‫ى‬
‫ثي ام ال ىٍو ٍى يم‪ :‬إً ًف اطُّلً ىع ىعلىٍي ًو بًالٍ ىق ىرائً ًن‪ ،‬ىك ىج ٍم ًع الطُّير ًؽ‪ :‬فىهو ال يٍم ىعلا يل‪.‬‬
‫اإلسنى ً‬ ‫ت بًتىػغٍيًي ًر ٍّ ً‬ ‫ثي ام ال يٍم ىخالىىفةي‪ :‬إً ٍف ىكانى ٍ‬
‫اد‪.‬‬ ‫ج ًٍ ٍ‬ ‫السيىاؽ سياؽ اإلسناد ‪ :‬فى يم ٍد ىر ي‬
‫ج ال ىٍم ٍت ًن‪.‬‬ ‫وؼ بً ىم ٍرفي و‬‫أىك بً ىدم ًج موقي و‬
‫وع‪ :‬فى يم ٍد ىر ي‬ ‫ٍ ٍ ىٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أ ٍىك بًتىػ ٍقد ويم أ ٍىك تىأٍخي ور في األسماء كمرة بن كعب ككعب بن مرة ‪ :‬فىال ىٍم ٍقلي ي‬
‫وب‪.‬‬
‫اص ًل ٍاألىسانً ً‬ ‫ادةً را وك‪ :‬فىالٍم ًزي يد فًي مت ً‬ ‫ً‬
‫يد‪.‬‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫أ ٍىك ب ًزيى ى ى‬
‫اؿ ىع ٍم ندا ٍامتً ىحانا ‪-‬‬ ‫ب ‪ -‬ىكقى ٍد يىػ ىق يع ًٍ‬
‫اإلبٍ ىد ي‬ ‫ضطا ًر ي‬ ‫أ ٍىك بًًإبٍ ىدالً ًو ىكىَل يم ىر ٍّج ىح‪ :‬فىال يٍم ٍ‬
‫لسي ً‬ ‫ً‬
‫ؼ في‬‫ف في النقط ىكال يٍم ىح ار ي‬ ‫ص اح ي‬ ‫اؽ‪ :‬فىال يٍم ى‬ ‫أ ٍىك بًتىػ ٍغيًي ور حركؼ ىم ىع بىػ ىقاء صورة الخط في ٍّ ى‬
‫الشكل ‪.‬‬
‫يل ال ىٍم ىعانًي كمن ثم فىًإ ٍف‬ ‫ًً ً ً ً ً ً‬ ‫وز تىػ ىع ُّم يد تىػ ٍغيًي ًر ال ىٍم ٍت ًن بًالناػ ٍق ً‬
‫ص ىكال يٍم ىرادؼ إ اَل ل ىعال وم ب ىما ييح ي‬ ‫ىكىَل يى يج ي‬
‫اف ال يٍم ٍش ًك ًل‪.‬‬
‫يب كبػي ً‬
‫يج إًلىى ىش ٍر ًح الٍغى ًر ً ى ى ى‬ ‫احت ى‬
‫ىخ ًفي الٍم ٍعنىى ٍ ً‬
‫ى ى‬
‫م قى ٍد تى ٍكثيػ ير نيػعيوتيوي من اسم اك كنية أك لقب أك حرفة الخ‬ ‫ٍج ىهالىةي‪ :‬ىك ىسبىبيػ ىها أى اف ال ارا ًك ى‬ ‫ثي ام ال ى‬
‫ٍّح‪.‬‬ ‫ًً‬
‫صناػ يفوا فيو ال يٍم ىوض ى‬‫ض‪ ،‬ىك ى‬ ‫فىػيي ٍذ ىك ير بًغىٍي ًر ىما ا ٍشتي ًه ىر بً ًو لًغى ىر و‬
‫صناػ يفوا فً ًيو ال ًو ٍح ىدا ىف كىو من لم يرك عنو إَل‬ ‫ً‬
‫ىكقى ٍد يى يكو يف يمق ًّال فى ىال يى ٍكثيػ ير األى ٍخ يذ ىع ٍنوي‪ ،‬ىك ى‬
‫الم ٍبػ ىه يم ىكلى ٍو أيبٍ ًه ىم بًلى ٍف ًظ‬
‫ات‪ ،‬ىكىَل ييػ ٍقبى يل ي‬‫الم ٍبػ ىه ىم ي‬ ‫ًً‬
‫صارا‪ ،‬ىكفيو ي‬
‫ً‬
‫س امى ا ٍخت ن‬ ‫كاحد ‪،‬ى ٍك ىَل يي ى‬
‫ص ًح‪.‬‬ ‫يل ىعلىى ٍاألى ا‬ ‫اع ًد ً‬ ‫التػ ٍ‬
‫اف فىص ً‬ ‫وؿ الٍع ٍي ًن‪ ،‬أى ًك اثٍػنى ً‬ ‫ً‬
‫اع ندا‪ ،‬ىكلى ٍم ييػ ىوثا ٍق‪ :‬فى ىم ٍج يه ي‬
‫وؿ‬ ‫ى‬ ‫فم ٍج يه ي ى‬ ‫فىًإ ٍف يس ٍّم ىي ىكانٍػ ىف ىر ىد ىكاح هد ىع ٍنوي ى‬
‫ور‪.‬‬ ‫ىً‬
‫الحاؿ‪ ،‬ىك يى ىو ال ىٍم ٍستي ي‬
‫ثي ام الٍبً ٍد ىعةي‪ :‬إً اما بً يم ىك ٍّف ور‪ ،‬أ ٍىك بً يم ىف ٍّ‬
‫س وق‪.‬‬
‫ور كالتحقيق أنو َل يرد كل مكفر ببدعتو ألف كل طائفة‬ ‫فى ٍاأل اىك يؿ‪ :‬ىَل يػ ٍقبل ً‬
‫ٍج ٍم يه ي‬
‫صاحبىػ ىها ال ي‬ ‫ى ىي ى‬
‫تدعى أف مخالفيها مبتدعة كقد تبالغ فتكفر مخالفها فالمعتمد أف الذم ترد ركايتو من‬
‫أنكر أثرا متواترا من الشرع معلوما من الدين بالضركرة ككذا من اعتقد عكسو ‪.‬‬
‫كالثاني‪ :‬يقبل من لم يكن داعية إلى بدعتو في األصح‪ ،‬إَل إف ركل ما يقوم بدعتو فيرد‬
‫على المختار‪ ،‬كبو صرح الجوزقاني شيخ النسائي‪.‬‬
‫ٍح ٍف ًظ‪ :‬إً ٍف ىكا ىف ىَل ًزنما للراكل في جميع حاَلتو فىػ يه ىو ال ا‬
‫شاذُّ ىعلىى ىرأٍ وم‪ ،‬أ ٍىك طىا ًرئنا‬ ‫ثي ام سوء ال ً‬
‫ي ي‬
‫ٍح ٍف ًظ بً يم ٍعتىبى ور كأف يكوف فوقو أك مثلو َل دكنو ‪ ،‬ىكىك ىذا‬ ‫ط‪ ،‬كمتىى تيوبًع سي ُّئ ال ً‬
‫ى ىٍ‬
‫ً‬
‫فىال يٍم ٍختىل ي ى ى‬
‫وع»‬‫سننا ىَل لً ىذاتًًو‪ ،‬بى ٍل بًاعتبار ال ىٍم ٍج يم ً‬ ‫الٍمستيور كالٍمرسل‪ ،‬كالٍمدلاس‪ :‬ص ً‬
‫ار ىحديثيػ يه ٍم ىح ى‬
‫ى ٍ ي ى يٍ ى ي ى ي ي ى ى‬
‫ك نعود إلى تعريف الحديث الضعيف فنقوؿ ىو لغة‪ :‬ضد القوم‪ ،‬كالضعف حسي‬
‫كمعنوم‪ ،‬كالمراد بو ىنا الضعف المعنوم‪.‬‬
‫ك أما اصطالحا‪ :‬فهو ما لم يجمع صفة الحسن‪ ،‬بفقد شرط من شركطو‪.‬‬
‫قاؿ البيقوني في منظومتو‪:‬‬
‫الح ٍس ًن قى ي‬
‫ص ٍر ‪ ...‬فهو الضعيف كىو أقساـ يكثيػ ٍر‬ ‫ككل ما عن رتبة ي‬
‫ك أما قوؿ المؤلف ‪« :‬ما خال من شرط الصحيح كالحسن»لو اكتفى بقولو ما خال من‬
‫شرط الحسن كاف أكلى ألف الخالي من شركط الحسن ىو من باب أكلى خاؿ من‬
‫شركط الصحة‪.‬‬
‫مثاؿ عن الحديث الضعيف‪ :‬ما أخرجو الترمذم من طريق "حكيم األثرـ" عن أبي تميمة‬
‫الهجيمي‪ ،‬عن أبي ىريرة عن النبي صلى اهلل عليو كسلم قاؿ‪" :‬من أتى حائضا أك امرأة‬
‫في دبرىا أك كاىنا فقد كفر بما أنزؿ على محمد"‪ ،‬ثم قاؿ الترمذم بعد إخراجو‪َ" :‬ل‬
‫نعرؼ ىذا الحديث إَل من حديث حكيم األثرـ عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي‬
‫ف محمد ىذا الحديث من قبل إسناده" قلت‪ :‬ألف في إسناده‬
‫ىريرة" ثم قاؿ‪" :‬كضعا ى‬
‫حكيما األثرـ‪ ،‬كقد ضعفو العلماء‪ ،‬فقد قاؿ عنو الحافظ ابن حجر في تقريب‬
‫التهذيب‪" :‬فيو لين" انتهى‪.‬‬

‫كيصل إلى درجة الحسن إذا تعدت طرقة‪ ،‬على كجو يجبر بعضها بعضان‪ ،‬كيسمى‪:‬‬
‫حسنان لغيره‪.‬‬

‫قاؿ الشيخ أبو حفص طحاف النعيمي معرفا للحديث الحسن لغيره ‪ «:‬ىو الضعيف‬
‫إذا تعددت طرقو‪ ،‬كلم يكن سبب ضعفو فسق الراكم أك كذبو‪ .‬يستفاد من ىذا‬
‫التعريف أف الضعيف يرتقي إلى درجة الحسن لغيره بأمرين‪ ،‬ىما‪:‬‬
‫أ‪ /‬أف يركل من طريق آخر فأكثر‪ ،‬على أف يكوف الطريق اآلخر مثلو أك أقول منو‪.‬‬
‫ب‪ /‬أف يكوف سبب ضعف الحديث إما سوء حفظ راكيو‪ ،‬كإما انقطاعا في سنده‪ ،‬أك‬
‫جهالة في رجالو‪ .‬كسبب تسميتو بذلك أف الحسن لم يأت من ذات السند األكؿ‪،‬‬
‫كإنما أتى من انضماـ غيره لو‪.‬الحسن لغيره أدنى مرتبة من الحسن لذاتو» انتهى‬
‫ملخصا‪.‬‬

‫ككل ىذه األقساـ حجة سول الضعيف‪ ،‬فليس بحجة‪ ،‬لكن َل بأس بذكره في الشواىد‬
‫كنحوىا‪.‬‬

‫بالنسبة لحكم الحديث الصحيح يجب العمل بو بإجماع أىل الحديث‪ ،‬كمن ُّ‬
‫يعتد بو‬
‫من األصوليين كالفقهاء‪ .‬فهو حجة من حجج الشرع َل يسع المسلم ترؾ العمل بو كَل‬
‫اعتقاده ‪.‬ك أما الحديث الحسن فهو كذلك كالصحيح في اَلحتجاج بو‪ ،‬كإف كاف دكنو‬
‫في القوة‪ ،‬كلذلك احتج بو جميع الفقهاء‪ ،‬كعملوا بو‪ ،‬كعلى اَلحتجاج بو معظم‬
‫المحدثين كاألصوليين‪ .‬كقد أدرجو بعض المحدثين في نوع الصحيح‪ ،‬كالحاكم‪ ،‬كابن‬
‫حباف‪ ،‬كابن خزيمة‪ ،‬مع قولهم بأنو دكف الصحيح المبين أكَل‪.‬‬
‫ك فيما يتعلق بالحديث الضعيف فكما قاؿ المؤلف َل يحتج بو ‪،‬قاؿ الشيخ طحاف‬
‫النعيمي ‪« :‬اختلف العلماء في العمل بالحديث الضعيف‪ ،‬الذم عليو جمهور العلماء‬
‫أنو يستحب العمل بو في فضائل األعماؿ‪ ،‬لكن بشركط ثالثة‪ ،‬أكضحها الحافظ ابن‬
‫حجر كىي‪:‬‬
‫أ‪ /‬أف يكوف الضعف غير شديد‪.‬‬
‫ب‪ /‬أف يندرج الحديث تحت أصل معموؿ بو‪.‬‬
‫ج‪ /‬أَل يعتقد عند العمل بو ثبوتو‪ ،‬بل يعتقد اَلحتياط‪ »...‬انتهى‬

‫ً‬
‫صيىغ األداء‪:‬‬
‫تحمل كأداء‪.‬‬
‫للحديث ٌ‬
‫فالتحمل‪ :‬أخذ الحديث عن الغير‪.‬‬
‫كاألداء‪ :‬إبالغ الحديث إلى الغير‪.‬‬
‫كلألداء صيغ منها‪:‬‬
‫ُ ‪ /‬حدثني‪ :‬لمن قرأ عليو الشيخ‪.‬‬
‫ِ ‪ /‬أخبرني‪ :‬لمن قرأ عليو الشيخ‪ ،‬أك قرأ ىو على الشيخ‪.‬‬
‫ّ ‪ /‬أخبرني إجازة‪ ،‬أك أجاز لي‪ :‬لمن ركل باإلجازة دكف القراءة‪.‬‬
‫كاإلجازة‪ :‬إذنو للتلميذ أف يركم عنو ما ركاه‪ ،‬كإف لم يكن بطريق القراءة‪.‬‬
‫ْ ‪ /‬العنعنة كىي‪ :‬ركاية الحديث بلفظ «عن»‪.‬‬
‫كحكمها اَلتصاؿ إَل من معركؼ بالتدليس‪ ،‬فال يحكم فيها باَلتصاؿ إَل أف يصرح‬
‫بالتحديث‪.‬‬
‫ىذا كللبحث في الحديث كركاتو أنواع كثيرة في علم المصطلح‪ ،‬كفيما أشرنا إليو كفاية‬
‫إف شاء اهلل تعالى‪.‬‬

‫لما فرغ المؤلف من أقساـ الخبر من حيث الرتبة ‪ ،‬انتقل إلى بياف مبحث آخر من‬
‫مباحث المصطلح يختص بصيغ األداء ك ىي ثمانية اقتصر المؤلف على ذكر بعضها ك‬
‫نحن نجمل الكالـ عليها‪/ُ :‬السماع من ً‬
‫لفظ الشيخ‪:‬‬
‫أف يقرأ الشيخ‪ ،‬كيسمع الطالب؛ سواء قرأ الشيخ من حفظو‪ ،‬أك كتابو‪ ،‬كسواء سمع‬
‫الطالب‪ ،‬ككتب ما سمعو‪ ،‬أك سمع فقط كلم يكتب‪.‬كالسماع أعلى أقساـ طرؽ التحمل‬
‫عند الجماىير‪.‬ك قبل أف يشيع تخصيص بعض األلفاظ لكل قسم من طرؽ التحمل‪،‬‬
‫كاف يجوز للسامع من لفظ الشيخ أف يقوؿ في األداء‪" :‬سمعت‪ ،‬أك حدثني‪ ،‬أك‬
‫أخبرني‪ ،‬أك أنبأني‪ ،‬أك قاؿ لي‪ ،‬أك ذكر لي"‪.‬كبعد أف شاع تخصيص بعض األلفاظ لكل‬
‫قسم من طرؽ التحمل‪ ،‬صارت ألفاظ األداء على النحو التالي‪:‬للسماع من لفظ الشيخ‬
‫‪ :‬سمعت‪ ،‬أك حدثني‪.‬كللقراءة على الشيخ‪ :‬أخبرني‪.‬كلإلجازة‪ :‬أنبأني‪.‬كلسماع المذاكرة‪:‬‬
‫قاؿ لي‪ ،‬أك ذكر لي‪.‬‬
‫ِ‪ /‬القراءة على الشيخ‪:‬‬
‫كيسميها أكثر المحدثين "عرضا"‪.‬صورتها أف يقرأ الطالب‪ ،‬كالشيخ يسمع؛ سواء قرأ‬
‫الطالب‪ ،‬أك قرأ غيره كىو يسمع‪ ،‬كسواء كانت القراءة من حفظ‪ ،‬أك من كتاب‪ ،‬كسواء‬
‫غيرهي‪.‬كالركاية بطريق‬
‫كاف الشيخ يتبع للقارئ من حفظو‪ ،‬أك أمسك كتابو ىو‪ ،‬أك ثقةه ي‬
‫القراءة على الشيخ ركاية صحيحة بال خالؼ في جميع الصور المذكورة‪ ،‬إَل ما حكي‬
‫عن بعض من َل ُّ‬
‫يعتد بو من المتشددين‪.‬كاختلف في رتبتها على ثالثة أقواؿ ‪:‬أدنى من‬
‫السماع ك قيل‪ :‬مساكية للسماع ك قيل‪ :‬أعلى من السماع‪.‬كعند الركاية بها األحوط‪ :‬أف‬
‫يقوؿ الطالب‪" :‬قرأت على فالف" أك "قرئ عليو كأنا أسمع فأق ار بو"‪ .‬كيجوز‪ :‬بعبارات‬
‫السماع مقيدة بلفظ القراءة كػ "حدثنا قراءة عليو"‪.‬ك الشائع الذم عليو كثير من‬
‫المحدثين‪ :‬إطالؽ لفظ "أخبرنا" فقط‪ ،‬دكف غيرىا‪.‬‬
‫ّ‪ /‬اإلجازة‪:‬‬
‫ىي اإلذف بالركاية‪ ،‬لفظا أك كتابة‪ .‬ك صورتها أف يقوؿ الشيخ ألحد طالبو‪" :‬أجزت لك‬
‫أف تركم عني صحيح البخارم"‪.‬كلها أنواع ‪ :‬منها أف يجيز الشيخ معينا لمعين‪:‬‬
‫كأجزتك صحيح البخارم‪ ،‬كىذا النوع أعلى أنواع اإلجازة المجردة على المناكلة‪.‬ك‬
‫منها أف يجيز معينا بغير معين‪ :‬كأجزتك ركاية مسموعاتي‪.‬ك منها أف يجيز غير معين‬
‫بغير معين‪ :‬كأجزت أىل زماني ركاية مسموعاتي‪.‬ك منها كذلك أف يجيز بمجهوؿ‪ ،‬أك‬
‫لمجهوؿ‪ :‬كأجزتك كتاب السنن‪ ،‬كىو يركم عددا من السنن‪ ،‬أك أجزت لمحمد بن‬
‫خالد الدمشقي‪ ،‬كىناؾ جماعة مشتركوف في ىذا اَلسم‪ .‬كمن أنواعها كذلك اإلجازة‬
‫للمعدكـ‪ :‬فإما أف تكوف تبعا لموجود‪ ،‬كأجزت لفالف كلمن يولد لو‪ ،‬كإما أف يكوف‬
‫لمعدكـ استقالَل‪ ،‬كأجزت لمن يولد لفالف‪.‬ك بالنسبة لحكم اإلجازة فهو يختلف‬
‫بحسب أنواعها فالنوع األكؿ منها‪ ،‬فالصحيح الذم عليو الجمهور‪ ،‬كاستقر عليو‬
‫العمل‪ ،‬جواز الركاية كالعمل بها‪ ،‬كأبطلها جماعات من العلماء‪ .،‬كأما بقية األنواع‬
‫فالخالؼ في جوازىا أشد كأكثر‪ ،‬كعلى كل حاؿ فالتحمل كالركاية بهذا الطريق "أم‬
‫اإلجازة" تحمل ىزيل‪ ،‬ما ينبغي التساىل فيو‪.‬كأما ألفاظ األداء الذم تجوز بو فاألكلى‪:‬‬
‫أف يقوؿ‪" :‬أجاز لي فالف"‪.‬كيجوز‪ :‬بعبارات السماع كالقراءة مقيدة‪ ،‬مثل‪" :‬حدثنا‬
‫إجازة"‪ ،‬أك "أخبرنا إجازة"‪ .‬كاصطلح المتأخركف عبارة "أنبأنا" كاختاره صاحب كتاب‬
‫"الوجازة"‪.‬‬
‫ْ‪ /‬المناكلة‪:‬‬
‫ىي نوعاف‪:‬األكلى منها مقركنة باإلجازة‪ :‬كىي أعلى أنواع اإلجازة مطلقا‪ ،‬كمن صورىا‪:‬‬
‫فار ًكهً عني‪ ،‬ثم‬
‫أف يدفع الشيخ إلى الطالب كتابو‪ ،‬كيقوؿ لو‪ :‬ىذا ركايتي عن فالف‪ٍ ،‬‬
‫يبقيو معو تمليكا‪ ،‬أك إعارة؛ لينسخو‪.‬ك الثانية مجردة عن اإلجازة‪ :‬كصورتها‪ :‬أف يدفع‬
‫الشيخ إلى الطالب كتابو مقتصرا على قولو‪ :‬ىذا سماعي‪.‬ك أما حكمها فتختلف‬
‫بحسب نوعها فالمقركنة باإلجازة‪ :‬تجوز الركاية بها‪ ،‬كىي أدنى مرتبة من السماع‪،‬‬
‫كالقراءة على الشيخ‪ .‬كأما المجردة عن اإلجازة‪ :‬فال تجوز الركاية بها على الصحيح‪.‬ك‬
‫بالنسبة أللفاظ أدائها فاألحسن‪ :‬أف يقوؿ‪" :‬ناكلني" أك "ناكلني‪ ،‬ك أجاز لي" إف كانت‬
‫المناكلة مقركنة باإلجازة‪.‬كيجوز بعبارات السماع كالقراءة مقيدة‪ ،‬مثل‪" :‬حدثنا مناكلة"‬
‫أك "أخبرنا مناكلة كإجازة"‪.‬‬
‫ٓ‪/‬الكتابة‪:‬‬
‫صورتها‪ :‬أف يكتب الشيخ مسموعو لحاضر‪ ،‬أك غائب‪ ،‬بخطو‪ ،‬أك أمره‪.‬كىي‬
‫نوعاف‪:‬النوع األكؿ‪ :‬مقركنة باإلجازة‪ :‬كأجزتك ما كتبت لك أك إليك‪ ،‬كنحو ذلك‪.‬النوع‬
‫الثاني‪ :‬مجردة عن اإلجازة‪ :‬كأف يكتب لو بعض األحاديث‪ ،‬كيرسلها لو‪ ،‬كَل يجيزه‬
‫بركايتها‪.‬كأما حكم الركاية بها‪ :‬فالمقركنة باإلجازة‪ :‬تصح الركاية بها ‪ ،‬كىي في الصحة‬
‫كالقوة كالمناكلة المقركنة‪.‬كأما المجردة عن اإلجازة‪ :‬فمنع الركاية بها قوـ‪ ،‬كأجازىا‬
‫آخركف‪ .‬كالصحيح الجواز عند أىل الحديث؛ إلشعارىا بمعنى اإلجازة‪.‬‬
‫ك بالنسبة أللفاظ أدائها‪:‬فمنها التصريح بلفظ الكتابة‪ :‬كقولو‪" :‬كتب إلي فالف"‪.‬ك منها‬
‫اإلتياف بألفاظ السماع كالقراءة مقيدة‪ :‬كقولو‪" :‬حدثني فالف كتابة‪" ،‬أك أخبرني فالف‬
‫كتابة"‪.‬‬
‫ٔ‪ /‬اإلعالـ‪:‬‬
‫صورتو‪ :‬أف يخبر الشيخ الطالب أف ىذا الحديث أك ىذا الكتاب سماعو‪.‬كاختلف‬
‫العلماء في حكم الركاية باإلعالـ على قولين‪ :‬األكؿ الجواز‪ :‬كىو قوؿ كثير من‬
‫أصحاب الحديث كالفقو كاألصوؿ‪.‬‬
‫ك الثاني عدـ الجواز‪ :‬كىو قوؿ غير كاحد من المحدثين كغيرىم‪ ،‬كىو الصحيح؛ ألنو‬
‫قد يعلم الشيخ أف ىذا الحديث ركايتو‪ ،‬لكن َل تجوز لخلل فيو‪ ،‬نعم لو أجاز بركايتو‬
‫جازت ركايتو‪.‬ك أما ألفاظ أدائها فيقوؿ الراكم بها في األداء‪" :‬أعلمني شيخي بكذا"‪.‬‬
‫ٕ‪ /‬الوصية ‪:‬‬
‫صورتها‪ :‬أف يوصي الشيخ عند موتو‪ ،‬أك سفره لشخص بكتاب من كتبو التي يركيها‪.‬ك‬
‫أما حكم الركاية بها ففيها قوَلف ‪ :‬األكؿ الجواز‪ :‬كىو قوؿ لبعض السلف‪ ،‬كىو غلط؛‬
‫ألنو أكصى لو بالكتاب‪ ،‬كلم ً‬
‫يوص لو بركايتو‪.‬ك الثاني‪ :‬عدـ الجواز‪ :‬كىو الصواب‪.‬ك‬
‫إلي فالف بكذا"‪ ،‬أك "حدثني فالف‬
‫بالنسبة أللفاظ أدائها فيقوؿ الراكم بها‪" :‬أكصى ا‬
‫كصية"‪.‬‬
‫ٖ‪ /‬ال ًو ىج ى‬
‫ادةي‪:‬‬
‫صورتها‪ :‬أف يجد الطالب أحاديث بخط شيخ يركيها‪ ،‬يعرؼ الطالب خطو‪ ،‬كليس لو‬
‫سماع منو‪ ،‬كَل إجازة‪.‬ك الركاية بها‪ :‬من باب المنقطع‪ ،‬لكن فيها نوع اتصاؿ‪.‬ك بالنسبة‬
‫أللفاظ األداء بها‪ :‬يقوؿ الواجد‪" :‬كجدت بخط فالف‪ ،‬أك قرأت بخط فالف كذا" ثم‬
‫يسوؽ اإلسناد كالمتن‪.‬‬
‫اإلجماع‬
‫تعريفو‪:‬‬
‫اإلجماع لغة‪ :‬العزـ كاَلتفاؽ‪.‬‬
‫كاصطالحان‪ :‬اتفاؽ مجتهدم ىذه األمة بعد النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم على حكم‬
‫شرعي‪.‬‬
‫فخرج بقولنا‪« :‬اتفاؽ»؛ كجود خالؼ كلو من كاحد‪ ،‬فال ينعقد معو اإلجماع‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬مجتهدم»؛ العواـ كالمقلدكف‪ ،‬فال يعتبر كفاقهم كَل خالفهم‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬ىذه األمة»؛ إجماع غيرىا فال يعتبر‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬بعد النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم»؛ اتفاقهم في عهد النبي صلٌى اهلل‬
‫عليو كسلٌم فال يعتبر إجماعان من حيث كونو دليالن‪ ،‬ألف الدليل حصل بسنة النبي‬
‫صلٌى اهلل عليو كسلٌم من قوؿ أك فعل أك تقرير‪ ،‬كلذلك إذا قاؿ الصحابي‪ :‬كنا‬
‫نفعل‪ ،‬أك كانوا يفعلوف كذا على عهد النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم؛ كاف مرفوعان‬
‫حكمان‪َ ،‬ل نقالن لإلجماع‪.‬‬
‫كخرج بقولنا‪« :‬على حكم شرعي»؛ اتفاقهم على حكم عقلي‪ ،‬أك عادم فال مدخل‬
‫لو ىنا‪ ،‬إذ البحث في اإلجماع كدليل من أدلة الشرع‪.‬‬

‫أفادنا المؤلف أف اإلجماع في اللغة يطلق على شيئين‪:‬‬


‫ُ‪ -‬اَلتفاؽ‪ ،‬يقاؿ‪ :‬أجمع القوـ على كذا إذا اتفقوا عليو‪ ،‬كىذا َل يتأتى إَل من‬
‫الجماعة‪.‬‬
‫ِ‪ -‬العزـ المصمم يقاؿ أجمع فالف رأيو على كذا‪ ،‬إذا صمم عزمو عليو كىذا يتأتى من‬
‫الواحد كمن الجماعة‪.‬‬
‫ك في اَلصطالح عرفو المؤلف قائال‪« :‬اتفاؽ مجتهدم ىذه األمة بعد النبي صلٌى اهلل‬
‫عليو كسلٌم على حكم شرعي» األكلى أف يضيف في التعريف عبارة « في عصر من‬
‫العصور » حتى يكوف أدؽ ك أصح ك يستقيم المعنى‪ .‬كالمراد بقولنا "في عصر من‬
‫العصور" ا ًإلشارة إلى اعتبار ا ًإلجماع في أم عصر كجد بعد زمن النبوة سواء في ذلك‬
‫عصر الصحابة كمن بعدىم‪.‬‬
‫قولو‪ " :‬اتفاؽ " المراد بو‪ :‬اَلتحاد كاَلشتراؾ في األقواؿ كاألفعاؿ‪ ،‬كالسكوت‪،‬‬
‫كالتقرير‪.‬‬
‫قولو‪« :‬مجتهدم» المجتهد ىو‪ :‬كل من توفرت فيو شركط اَلجتهاد ك سيأتي التنبيو‬
‫عليها في بابها‪.‬كخرج بذلك العواـ‪ ،‬كطالب العلم الذين لم يبلغوا درجة اَلجتهاد‪.‬‬
‫كعبار بذلك ليشمل جميع المجتهدين في عصر كاحد‪ ،‬فلو تخلف كاحد من‬
‫المجتهدين فال يسمى ذلك إجماعان‪.‬أم‪ :‬أف يتفق علماء العصر الذم حدثت فيو‬
‫الحادثة التي تحتاج إلى النظر فيها‪ ،‬أما من بلغ درجة اَلجتهاد بعد حدكث الحادثة‪،‬‬
‫كالحكم عليها‪ ،‬فال يعتبر من أىل ذلك العصر‪.‬‬
‫قولو‪« :‬ىذه األيىمة» أخرج اتفاؽ المجتهدين من أتباع الشرائع السابقة كاليهود‬
‫كالنصارل كغيرىم‪ ،‬فال يعتد بإجماعهم كَل خالفهم‪.‬‬
‫قولو‪ « :‬بعد النبي صلى اهلل عليو كسلم » أخرج اتفاؽ المجتهدين في حياة النبي ‪-‬‬
‫صلى اهلل عليو كسلم ‪ ،-‬فإف ىذا َل يسمى إجماعان؛ ألنو َل إجماع إَل بعد اجتهاد‪ ،‬كَل‬
‫اجتهاد في حياة النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪.-‬‬
‫قولنا‪« :‬على حكم شرعي»؛ لبياف أف اإلجماع الشرعي يشترط أف يكوف متعلقان بحكم‬
‫شرعي يهم المكلاف‪.‬كخرج بذلك اتفاؽ المجتهدين على أمر ليس من أمور الدين‬
‫كاَلتفاؽ على بعض مسائل اللغة‪ ،‬أك الحساب‪ ،‬أك األمور الدنيوية‪ ،‬كنحو ذلك‪.‬‬

‫كاإلجماع حجة ألدلة منها‪:‬‬


‫ً‬ ‫{كىك ىذلً ى‬
‫ك ىج ىعلٍنىا يك ٍم أيامةن ىك ىسطان لتى يكونيوا يش ىه ىد ى‬
‫اء ىعلىى النااس} [البقرة‪ :‬من‬ ‫ُ‪ /‬قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫اآلية ُّْ] فقولو‪ :‬شهداء على الناس‪ ،‬يشمل الشهادة على أعمالهم كعلى أحكاـ‬
‫أعمالهم‪ ،‬كالشهيد قولو مقبوؿ‪.‬‬
‫از ٍعتي ٍم فًي ىشي وء فىػردُّكهي إًلىى اللا ًو كال ار يس ً‬
‫وؿ} [النساء‪ :‬من اآلية‬ ‫ِ ‪ /‬قولو تعالى‪{ :‬فىًإ ٍف تىػنى ى‬
‫ى‬ ‫ٍ ي‬
‫ٗٓ] دؿ على أف ما اتفقوا عليو حق‪.‬‬
‫ّ ‪ /‬قولو صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪َ« :‬ل تجتمع أمتي على ضاللة»‪.‬‬
‫ْ ‪ /‬أف نقوؿ‪ :‬إجماع األمة على شيء‪ ،‬إما أف يكوف ًّ‬
‫حقا‪ ،‬كإما أف يكوف باطالن‪ ،‬فإف‬
‫حقا فهو حجة‪ ،‬كإف كاف باطالن فكيف يجوز أف تجمع ىذه األمة التي ىي أكرـ‬ ‫كاف ًّ‬
‫األمم على اهلل منذ عهد نبيها إلى قياـ الساعة على أمر باطل َل يرضى بو اهلل؟ ىذا من‬
‫أكبر المحاؿ‪.‬‬

‫بعدما فرغ المؤلف من تعريف اإلجماع ‪ ،‬انتقل إلى بياف حجيتو مستدَل عليها ‪ ،‬كمن‬
‫وؿ ًم ٍن بىػ ٍع ًد ىما تىػبىػيا ىن لىوي ال يٍه ىدل‬
‫شاقً ًق ال ار يس ى‬ ‫(كىم ٍن يي ى‬
‫األدلة على ذلك أيضا‪ :‬قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫تم ً‬ ‫يل الٍم ٍؤًمنًين نيػولٍّ ًو ما تىػولاى كني ٍ ً ً‬‫ً‬ ‫ً‬
‫ص نيرا) ‪.‬‬ ‫اء ٍ ى‬ ‫ام ىك ىس ى‬
‫صلو ىج ىهن ى‬ ‫ىكيىػتاب ٍع غىٍيػ ىر ىسب ً ي ى ى ى ى ى‬
‫كجو الدَللة‪ :‬أف معنى مشاقة الرسوؿ ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ :-‬منازعتو‪ ،‬كمخالفة ما‬
‫جاء بو عن ربو‪ ،‬كمعنى سبيل المؤمنين‪ :‬ما اختاركه ألنفسهم من قوؿ أك فعل أك‬
‫اعتقاد‪ ،‬كقد توعد اللاو بالعقاب على متابعة غير سبيل المؤمنين‪ ،‬كىذا يدؿ على كجوب‬
‫متابعة سبيل المؤمنين‪ ،‬كتحريم مخالفتهم‪ ،‬كلو لم تكن مخالفتهم حرامان لما توعد عليو‬
‫كلما حسن الجمع بينو كبين المحرـ كىو‪ :‬مشاقة الرسوؿ ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪-‬‬
‫في الوعيد كما َل يحسن التوعد على الجمع بين الكفر كأكل الخبز المباح‪.‬كبذلك‬
‫يكوف سبيل المؤمنين يح اجة يجب إتباعو كالعمل بمقتضاه‪.‬‬
‫ااس تىأٍمرك ىف بًالٍمعر ً‬ ‫ك من األدلة كذلك قولو تعالى‪ ( :‬يك ٍنتم ىخيػر أيام وة أي ٍخ ًرج ٍ ً‬
‫كؼ‬ ‫ى ٍي‬ ‫ت ل لن ً ي ي‬ ‫ى‬ ‫يٍ ٍى‬
‫ىكتىػ ٍنػ ىه ٍو ىف ىع ًن ال يٍم ٍن ىك ًر) كجو اَلستدَلؿ‪ :‬أف اللاو تعالى قد أخبر عن خيرية ىذه األيامة بأنهم‬
‫يأمركف بكل معركؼ‪ ،‬كينهوف عن كل منكر‪ ،‬كىذا يقتضي كوف قولهم حقان كصوابا في‬
‫جميع األحواؿ‪ ،‬كالخيرية توجب حقيقة ما اجتمعوا عليو؛ ألنو لو لم يكن حقان لكاف‬
‫ضالَلن‪ ،‬فإذا اجتمعوا على مشركعية شيء يكوف ذلك الشيء معركفان‪ ،‬كإذا اجتمعوا‬
‫على عدـ مشركعية شيء يكوف ذلك الشيء منكران‪ ،‬فيكوف إجماعهم يحجة‪.‬‬
‫ك ىناؾ أدلة أخرل‪.....‬‬
‫ىذا القوؿ األكؿ في المسألة ك ىو اختيار جماىير العلماء كىو الصواب‪.‬‬
‫أما القوؿ الثاني في المسألة فيرل أف إجماع الصحابة يح اجة فقط‪ ،‬أما إجماع غيرىم‬
‫من التابعين فمن بعدىم فليس بحجة‪.‬كىذا مذىب كثير من الظاىرية‪.‬‬
‫صا ًر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ك قد استدلوا بأدلة منها‪:‬قولو تعالى‪( :‬كال ا ً‬
‫ساب يقو ىف ٍاأل اىكليو ىف م ىن ال يٍم ىهاج ًر ى‬
‫ين ىك ٍاألىنٍ ى‬ ‫ى‬
‫وىم بًًإ ٍح و‬
‫اف ر ً‬
‫ض ىي اللاوي ىع ٍنػ يه ٍم ىكىر ي‬ ‫اً‬
‫ضوا ىع ٍنوي) ‪.‬كجو الدَللة‪ :‬أف اهلل قد أثنى‬ ‫س ى‬ ‫ين اتاػبىػعي ي ٍ ى‬
‫ىكالذ ى‬
‫على الصحابة في القرآف الكريم‪ ،‬كالثناء يدؿ على أف أقوالهم معتبرة‪ ،‬لصدقها يقينا‪،‬‬
‫فدؿ على أف اجتماعهم يح اجة‪.‬‬
‫ك قد أجاب العلماء على استدَللهم ىذا بأف اآلية ليست خاصة بالصحابة‪ ،‬بل ىي‬
‫شاملة لهم كلغيرىم بدليل قولو‪( :‬كالذين اتبعوىم) ‪ ،‬فهذا شامل لجميع المتبعين‬
‫بإحساف من بعد الصحابة إلى آخر المسلمين‪ ،‬فيلزمهم أف تكوف دالة أيضان على حجية‬
‫إجماع غيرىم َلشتراكهم جميعا في المدح‪.‬‬
‫بح اجة مطلقا‪،‬كىو مذىب بعض‬
‫ك ىناؾ قوؿ ثالث في المسألة يرل أف اإلجماع ليس ي‬
‫الخوارج‪ ،‬كبعض النظامية‪ ،‬كبعض الشيعة ك ىذا القوؿ مردكد كىو أضعف األقواؿ‪.‬ك‬
‫اب تًٍبػيىانا لً يك ٍّل ىش ٍي وء) ‪،‬‬ ‫قد استدؿ أصحابو بأدلة منها قولو تعالى‪( :‬كنىػ ازلٍنىا ىعلىي ى ً‬
‫ك الٍكتى ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬
‫اب ًم ٍن ىش ٍي وء) ‪.‬كجو الدَللة‪ :‬أف اآليتين تفيداف أف الكتاب قد‬ ‫كقولو‪( :‬ما فىػ ارطٍنىا فًي ال ً‬
‫ٍكتى ً‬ ‫ى‬
‫كالسناة‪ ،‬أما‬
‫كرد فيو حكم كل شيء‪ ،‬فال حاجة إلى اإلجماع‪ ،‬فالمرجع ىو الكتاب ُّ‬
‫اإلجماع فنظران لعدـ الحاجة إليو فال يصلح أف يكوف مرجعا‪.‬ك قد أجاب العلماء على‬
‫استدَللهم بأف الكتاب قد بين كل شيء كمما بيانو أف اإلجماع يحجة‪ ،‬كذلك باآليات‬
‫التي ذكرناىا كدلات على حجية اإلجماع‪ ،‬ككذلك بيان أف ُّ‬
‫السناة يح اجة بقولو‪( :‬كما أتاكم‬
‫كالسناة بيانت أف اإلجماع يح اجة في كثير من األحاديث‪.‬‬
‫الرسوؿ فخذكه‪)..‬كغيرىا‪ُّ ،‬‬

‫أنواع اإلجماع‪:‬‬
‫اإلجماع نوعاف‪ :‬قطعي كظني‪.‬‬

‫بعدما عرؼ المؤلف اإلجماع شرع في بياف أنواعو ك قد قسمو من حيث الدَللة إلى‬
‫قسمين ‪:‬قطعي ك ظني‪ ..‬كاإلجماع من حيث ىو ينقسم إلى قسمين ىما‪ /ُ :‬إجماع‬
‫قولي أك فعلي‪ /ِ .‬كإجماع سكوتي‬
‫فاألكؿ‪ :‬أف يصرح كل فرد بقولو في الحكم المجمع عليو أك يفعلو فيدؿ فعلو إياه على‬
‫جواز عنده‪.‬كىذا القسم من ا ًإلجماع َل خالؼ في حجيتو عند القائلين بثبوت‬
‫ا ًإلجماع‪.‬‬
‫كالثاني‪ :‬أف يحصل القوؿ أك الفعل من البعض كينتشر ذلك عنهم كيسكت الباقوف عن‬
‫القوؿ بو أك فعلو أك َل ينكركا على من حصل منو‪ ،‬كمن أمثلتو‪ :‬العوؿ‪ ،‬حكم بو عمر‬
‫في خالفتو بمشورة بعض الصحابة كسكت باقيهم‪.‬‬
‫كىذا القسم اختلف فيو فقاؿ قوـ إنو إجماع َل يسوغ العدكؿ عنو كقاؿ قوـ إنو ليس‬
‫بإجماع كَل حجة كقاؿ آخركف إنو حجة كليس بإجماع‪.‬‬
‫قاؿ شيخ اإلسالـ ابن تيمية‪ «:‬اإلجماع نوعاف ‪:‬قطعي‪ :‬فهذا َل سبيل إلى أف ييعلم‬
‫إجماع قطعي على خالؼ النص‪.‬كأما الظني‪ :‬فهو اإلجماع اإلقرارم كاَلستقرائي‪ ،‬بأف‬
‫يستقرئ أقواؿ العلماء فال يجد في ذلك خالفان‪ ،‬أك يشتهر القوؿ كَل يعلم أحدان‬
‫النصوص بو؛ ألف ىذا حجة ظنية َل يجزـ اإلنساف بصحتها‪ ،‬فإنو َل يجزـ بانتفاء‬
‫ي‬
‫عدمو كَل‬
‫المخالف‪ ،‬كحيث قطع بانتفاء المخالف فاإلجماع قطعي‪ ،‬كأما إذا كاف يظن ى‬
‫يقطع بو‪ ،‬فهو حجة ظنية‪ ،‬كالظني َل ييدفع بو النص المعلوـ‪ ،‬لكن ييحتج بو‪ ،‬كييقدـ‬
‫على ما ىو دكنو بالظن‪ ،‬كييقدـ عليو الظن الذم ىو أقول منو‪ ،‬فمتى كاف ظنو لدَللة‬
‫النص أقول من ظنو بثبوت اإلجماع ق ٌدـ دَللة النص‪ ،‬كمتى كاف ظنو لإلجماع أقول‬
‫قدـ ىذا‪ .‬كالمصيب في نفس األمر كاحد» انتهى‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫طريق معرفة اإلجماع ‪:‬‬
‫أ‪/‬بالمشافهة إف كاف المجمعوف عددا يمكن لقاؤىم كإجماع الصحابة على قتاؿ مانعي‬
‫الزكاة ‪.‬‬
‫ب‪/‬بالنقل المتواتر إف كانوا عددا َل يمكن لقاؤىم كإجماع العلماء على نجاسة الماء‬
‫إف تغير لونو أك طعمو أك ريحو بنجاسة تحدث فيو ‪.‬‬

‫ُ ‪ /‬فالقطعي‪ :‬ما يعلم كقوعو من األمة بالضركرة كاإلجماع‬


‫على كجوب الصلوات الخمس كتحريم الزنى‪ ،‬كىذا النوع َل أحد ينكر ثبوتو كَل كونو‬
‫حجة‪ ،‬كيكفر مخالفو إذا كاف ممن َل يجهلو‪.‬‬

‫اشترط العلماء أمورا ينبغي أف يتوفر في ىذا اإلجماع منها أف يصرح كل كاحد من‬
‫المجتهدين بحكم المسألة‪ ،‬أك أف يصرح بعضهم‪ ،‬كيعمل البعض اآلخر على كفق ىذا‬
‫القوؿ المصرح‪.‬ك منها أف ينقل ىذا القوؿ كىذا التصريح إلينا نقالن متواتران‪.‬‬
‫ك من أمثلة ىذا اإلجماع إجماع األمة على الصلوات الخمس ك صوـ شهر رمضاف ك‬
‫على كجوب الحج إلى بيت اهلل الحراـ مرة في العمر على المستطيع ك حرمة الميسر ك‬
‫شرب الخمر ك أكل الميتة لغير المضطر ك أكل لحم الخنزير‪....‬ك ليعلم طالب العلم‬
‫ص ً‬ ‫يحا إًاَل إًذىا ىكا ىف ىم ىع ًٍ‬ ‫صا ً‬ ‫ً ً‬
‫يح‬
‫صح ه‬ ‫اإل ٍج ىم ًاع نى ٌّ ى‬ ‫صح ن‬ ‫ض نى ًّ ى‬ ‫وج يد إً ٍج ىماعه قىطٍع ٌّي ييػنىاق ي‬
‫أنو ىَل يي ى‬
‫صا‬ ‫اإل ٍج ىماعي الظان ُّ‬
‫ٍّي نى ًّ‬ ‫ف ًٍ‬ ‫ف لً ًٍإل ٍج ىم ًاع‪ ،‬ىكإً ىذا ىخالى ى‬
‫اص الٍم ىخالً ً‬ ‫ىم ٍعلي ه ً ً ُّ‬
‫وـ ل ٍأليامة يى يدؿ ىعلىى نى ٍس ًخ الن ٍّ ي‬
‫اص ىعلىٍي ًو‪.‬‬ ‫اب ك ُّ ً‬ ‫ً ً‬
‫ٍّـ الن ُّ‬ ‫السناة قيد ى‬ ‫م ىن الٍكتى ً ى‬

‫ِ ‪ /‬كالظني‪ :‬ما َل يعلم إَل بالتتبع كاَلستقراء‪ .‬كقد اختلف العلماء في إمكاف ثبوتو‪،‬‬
‫كأرجح األقواؿ في ذلك رأم شيخ اإلسالـ ابن تيمية حيث قاؿ في «العقيدة‬
‫الواسطية»‪« :‬كاإلجماع الذم ينضبط ما كاف عليو السلف الصالح‪ ،‬إذ بعدىم كثر‬
‫اَلختالؼ كانتشرت األمة»‪ .‬اىػ‪.‬‬

‫الس يكوتً ُّي‪،‬‬‫ٍّي ىك يى ىو ُّ‬ ‫اإل ٍج ىم ًاع الظان ٍّ‬ ‫ار ًٍ‬ ‫من المسائل التي لم يشر إليها المؤلف ما يح ٍك ًم إًنٍ ىك ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫كالٍم ٍنػ يق ي ً‬
‫ب الٍ يك ٍف ىر‪.‬‬‫وؿ بطى ًر ًيق ٍاآل ىحاد ؟ حكمو أنو ىَل ييوج ي‬ ‫ى ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ب الٍ يك ٍف ىر أ ٍىـ ىَل؟ اختار المؤلف كفر منكره ك‬ ‫اإل ٍج ىم ًاع الٍ ىقطٍع ٍّي ىى ٍل ييوج ي‬ ‫أما إًنٍ ىك ي‬
‫ار يح ٍك ًم ًٍ‬
‫ض امن إًنٍ ىكار سنى ود قى ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًً‬
‫اط وع‪،‬‬ ‫ارهي يىػتى ى ي ى ى‬ ‫ب الٍ يك ٍف ىر يمطٍلى نقا ؛ ألى اف إًنٍ ىك ى‬ ‫ب‪ٍ :‬األ اىك يؿ‪ :‬ييوج ي‬ ‫فيو ثىىالثىةي ىم ىذاى ى‬
‫ب لً ٍل يك ٍف ًر‪.‬‬ ‫ً‬
‫س ىال يـ ‪ -‬ال يٍموج ى‬ ‫وؿ ‪ -‬ىعلىٍي ًو ال ا‬ ‫ص ٍد ًؽ ال ار يس ً‬ ‫ض امن إًنٍ ىكار ً‬ ‫كإًنٍ ىكار ال ا ً ً‬
‫سنىد الٍ ىقاط ًع يىػتى ى ي ى‬ ‫ى ي‬
‫ت يم ًفي ىد نة لًل ًٍعل ًٍم‪.‬‬ ‫سٍ‬ ‫ىص ًل ًٍ‬
‫اإل ٍج ىم ًاع لىٍي ى‬ ‫ب الٍ يك ٍف ىر يمطٍلى نقا ؛ ًألى اف أ ًىدلاةى أ ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ىكالثااني‪ :‬ىَل ييوج ي‬
‫وجبنا لً ٍل يك ٍف ًر‪.‬‬
‫اإل ٍجماعي الٍمتىػ ىف ٍّرعي ىعلىٍيػ ىها ىَل ي ًفي يد الٍ ىقطٍع‪ .‬فى ىال ي يكو يف إًنٍ ىكارهي م ً‬
‫ي ي‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫فى ًٍ ى ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ىكثىالًثيػ ىها‪ :‬إً ٍف ىكا ىف ًٍ‬
‫ٍخ ٍم ً‬
‫س‪ ،‬ىكا ىف‬ ‫ات ال ى‬ ‫اإل ٍج ىماعي فًي أ ٍىم ًر عل وٍم قىط نٍعا ىك ٍونيوي م ىن الدٍّي ًن‪ ،‬ىكال ًٍعبى ى‬
‫اد ً‬
‫ب الٍ يك ٍف ىر ىكإًاَل فى ىال‪.‬‬ ‫ًً ً‬
‫ار يح ٍكمو ييوج ي‬ ‫إًنٍ ىك ي‬
‫قولو‪( :‬كقد اختلف العلماء في إمكاف ثبوتو كأرجح األقواؿ في ذلك رأم شيخ اإلسالـ‬
‫ابن تيمية حيث قاؿ في العقيدة الواسطية‪ " :‬كاإلجماع الذم ينضبط ما كاف عليو‬
‫السلف الصالح إذ بعدىم كثر اَلختالؼ كانتشرت األمة ")‪.‬‬
‫الراجح أف انعقاد اإلجماع َل يختص بالصحابة لشموؿ األدلة لهم ك لغيرىم من علماء‬
‫األمة في سائر العصور فقولو ‪« :‬أرجح األقواؿ» ليس بصحيح ك اهلل أعلم بل قوؿ‬
‫مرجوح‪.‬‬

‫كاعلم أف األمة َل يمكن أف تجمع على خالؼ دليل صحيح صريح غير منسوخ‪ ،‬فإنها‬
‫َل تجمع إَل على حق‪ ،‬كإذا رأيت إجماعان تظنو مخالفان لذلك‪ ،‬فانظر فإما أف يكوف‬
‫الدليل غير صحيح‪ ،‬أك غير صريح‪ ،‬أك منسوخان‪ ،‬أك في المسألة خالؼ لم تعلمو‪.‬‬

‫يشترط في اإلجماع كحجيتو أف يكوف لو مستند كدليل يوجب ذلك اإلجماع ألف عدـ‬
‫المستند من دليل أك أمارة يحتمل عدـ الوصوؿ إلى الحق مما يؤدم إلى جواز الخطأ‪،‬‬
‫فقلنا‪ :‬إنو َل بد من مستند لإلجماع؛ سدان لهذا اَلحتماؿ‪.‬‬
‫ك ليعلم طالب العلم أنو يجوز أف يكوف مستند اإلجماع دليالن قطعيان من الكتاب كالسنة‬
‫كذلك يجوز استناد اإلجماع على دليل ظني كَل فرؽ‪.‬‬
‫ك خالصة ما ذكره المؤلف في ىذا المبحث أف الدليل إما أف يكوف صحيحا ك إما أف‬
‫يكوف ضعيفا ك الدليل الصحيح إما أف يكوف صريحا في دَللتو أك غير صريح أك‬
‫ناسخا أك منسوخا ‪،‬فاألمة َل تجمع إَل على دليل صحيح فال يمكن لها أف تجمع على‬
‫دليل ضعيف يخالف في دَللتو دليال آخر صحيحا ك كذلك َل تجمع األمة على‬
‫مخالفة دليل صحيح صريح في دَللتو ك إذا كجدنا إجماعا يخالف دليال صحيحا فال‬
‫بد أف دَللتو على الحكم الشرعي غير صريحة بل ظنية تحتمل عدة أكجو للتعليل ك‬
‫اَلستنباط‪ .‬ك أيضا َل تجمع األمة على العمل بحديث منسوخ في دَللتو ك تترؾ العمل‬
‫بحديث ناسخ لألكؿ‪.‬‬

‫شركط اإلجماع‪:‬‬
‫لإلجماع شركط منها‪:‬‬
‫ُ ‪ -‬أف يثبت بطريق صحيح‪ ،‬بأف يكوف إما مشهوران بين العلماء أك ناقلو ثقة كاسع‬
‫اَلطالع‪.‬‬
‫ِ ‪ -‬أف َل يسبقو خالؼ مستقر‪ ،‬فإف سبقو ذلك فال إجماع‪ ،‬ألف األقواؿ َل تبطل‬
‫بموت قائليها‪.‬‬
‫فاإلجماع َل يرفع الخالؼ السابق‪ ،‬كإنما يمنع من حدكث خالؼ‪ ،‬ىذا ىو القوؿ‬
‫الراجح لقوة مأخذه‪ ،‬كقيل‪َ :‬ل يشترط ذلك فيصح أف ينعقد في العصر الثاني على‬
‫أحد األقواؿ السابقة‪،‬كيكوف حجة على من بعده‪ ،‬كَل يشترط على رأم الجمهور‬
‫انقراض عصر المجمعين فينعقد اإلجماع من أىلو بمجرد اتفاقهم‪ ،‬كَل يجوز لهم كَل‬
‫لغيرىم مخالفتو بعد‪ ،‬ألف األدلة على أف اإلجماع حجة ليس فيها اشتراط انقراض‬
‫العصر‪ ،‬كألف اإلجماع حصل ساعة اتفاقهم فما الذم يرفعو؟‬

‫عقد المؤلف ىذا الباب لبياف الشركط التي كضعها العلماء لصحة اإلجماع ‪ ،‬ك ىذه‬
‫الشركط منها المتفق عليها فيما بينهم ك منها المختلف فيها‪.‬‬
‫ك قولو في الشرط األكؿ ‪ :‬أف يثبت بطريق صحيح‪ ،‬بأف يكوف إما مشهوران بين العلماء‬
‫أك ناقلو ثقة كاسع اَلطالع‪.‬لم يشترط المؤلف في حجية اإلجماع أف يبلغ عدد‬
‫المجمعين حد التواتر ك ىذا القوؿ ىو الراجح خالفا لمن اشترط ذلك من األصوليين‬
‫ألف أدلة حجية اإلجماع من الكتاب كالسنة كردت مطلقة‪ ،‬كبناء عليو‪ :‬فإنو مهما كاف‬
‫عدد المجمعين أنقص من عدد التواتر صدؽ عليهم لفظ " المؤمنين " كلفظ " األمة "‪،‬‬
‫فإذا قالوا قوَلن كانت الحجة في قولهم‪ ،‬ألنهم على الحق قطعان‪ ،‬فيجب إتباعهم؛ صيانة‬
‫لهم عن اَلتفاؽ على الخطأ‪.‬‬
‫كقوؿ المؤلف ‪« :‬ناقلو ثقة » أم عدَل ‪،‬ك قد عرفنا العدالة فيما سبق فهي شرط في‬
‫المجتهدين في اإلجماع ك شرط في ناقليو‪ ،‬فكما َل يقبل قوؿ المجتهد الفاسق في‬
‫اإلجماع مطلقان‪ ،‬سواء كاف فسقو من جهة اَلعتقاد‪ ،‬أك من جهة الفعل؛فكذلك َل يقبل‬
‫(كىك ىذلً ى‬
‫ك ىج ىعلٍنىا يك ٍم أيامةن ىك ىسطنا)‪ ،‬حيث إف اهلل‬ ‫قوؿ الناقل الفاسق لإلجماع لقولو تعالى‪ :‬ى‬
‫تعالى جعل ىذه األمة شهداء على الناس كحجة عليهم فيما يشهدكف بو؛ لكونهم‬
‫عدكَلن‪ ،‬كالوسط ىو العدؿ‪ ،‬فلما لم يكن الفاسق متصفان بالعدالة؛ لم يجز أف يكوف من‬
‫الشهداء على الناس‪ ،‬فال ييعتد بقولو في اإلجماع ك َل في نقلو ‪ .‬ك يفهم من قوؿ‬
‫المؤلف في الناقل «ثقة» أف َل يكوف كذلك متساىال في نقل اإلجماع ك ىذا قيد َلبد‬
‫منو ك اهلل أعلم‪.‬‬
‫قولو‪« :‬أف َل يسبقو خالؼ مستقر‪ ،‬فإف سبقو ذلك فال إجماع‪ ،‬ألف األقواؿ َل تبطل‬
‫بموت قائليها»‪ .‬ىذا الذم اختاره المؤلف قوؿ مرجوح ك اهلل أعلم ‪ ،‬بل الصواب أف‬
‫اإلجماع ينعقد سواء سبقو خالؼ مستقر أـ لم يسبقو ‪،‬ك رجحنا ىذا القوؿ ألف أدلة‬
‫حجية اإلجماع قد دلت على حجية أم إجماع من مجتهدم العصر سواء سبقو‬
‫اختالؼ في العصر الذم سبقو أك لم يسبقو شيء‪ ،‬فاتفاؽ علماء العصر المتأخر على‬
‫أحد قولي علماء العصر المتقدـ يعتبر سبيل المؤمنين فيجب إتباعو‪.‬كألنو اتفاؽ بعد‬
‫اختالؼ‪ ،‬كما لو اختلفوا أنفسهم في عصرىم في حكم معين‪ ،‬ثم اتفقوا عليو بعد‬
‫ذلك‪ ،‬فيقطع اَلتفاؽ اَلختالؼ‪ ،‬فيكوف إجماعان‪.‬‬
‫ك من األدلة التي استدؿ بها أصحاب القوؿ األكؿ الذم اختاره الشيخ قولو تعالى‪:‬‬
‫از ٍعتي ٍم فًي ىش ٍي وء فىػ يردُّكهي إًلىى اللا ًو)‪.‬كجو الدَللة‪ :‬أف اللاو أكجب الرد إلى اللاو تعالى‬
‫(فىًإ ٍف تىػنى ى‬
‫عند التنازع‪.‬فلو جوزنا انعقاد اإلجماع الثاني‪ :‬للزـ الرد إلى اإلجماع‪ ،‬كىو خالؼ‬
‫مقتضى اآلية‪.‬‬
‫ك الجواب على ىذا اَلستدَلؿ أف الرد إلى اللاو تعالى مشركط بوجود التنازع‪ ،‬فإذا‬
‫حصل اإلجماع زاؿ كجوب الرد إلى اللاو لزكاؿ شرطو كىو‪ :‬التنازع‪ ،‬ثم إف الرد إلى‬
‫اإلجماع ىو رد إلى اللاو تعالى؛ ألف المجمعين اتفقوا على ىذا الحكم أك ذاؾ استنادان‬
‫إلى كتاب اللاو أك يسناة رسولو‪ ،‬أك المفهوـ منهما‪.‬‬
‫ك من أدلتهم كذلك أف اَلختالؼ المستقر لأليامة في حكم شرعي ىو إجماع منهم على‬
‫جواز األخذ بأم قوؿ كاف إذا أدال إليو اجتهاد مجتهد‪ ،‬فلو جاز اإلجماع بعده امتنع‬
‫األخذ بغير ما أجمعوا عليو فيلزـ منو‪ :‬رفع ما أجمعوا عليو أكَلن‪،‬كىو باطل‪.‬‬
‫ك الجواب على ىذا الدليل أف اإلجماع األكؿ كاف مشركطا بعدـ اَلتفاؽ على كاحد‪،‬‬
‫فلما اتفقوا زاؿ شرط اإلجماع األكؿ‪ ،‬فزاؿ اإلجماع األكؿ بزكاؿ شرطو‪.‬‬
‫قولو‪« :‬كَل يشترط على رأم الجمهور انقراض عصر المجمعين فينعقد اإلجماع من‬
‫أىلو بمجرد اتفاقهم‪ ،‬كَل يجوز لهم كَل لغيرىم مخالفتو بعد‪ ».....‬ىذا القوؿ ىو‬
‫المختار في المسألة ك ىو مذىب جمهور العلماء منهم األئمة الثالثة‪ " :‬أبو حنيفة‪،‬‬
‫كمالك‪ ،‬كالشافعي " كأكثر أتباعهم‪ ،‬كىو كركاية عن اإلماـ أحمد كبعض الحنابلة كأبي‬
‫الخطاب كغيره‪ ،‬كىو اختيار بعض المعتزلة‪ .‬كبناء على ذلك فإنو لو اتفق جميع‬
‫مجتهدم األيامة على حكم شرعي لمسألة معينة‪ :‬كلو في لحظة كاحدة مهما قصرت‬
‫انعقد اإلجماع كأصبح يح اجة تحرـ مخالفتو على المجمعين كعلى غيرىم‪.‬‬
‫كالسناة في حجية اإلجماع توجب أف اإلجماع يح اجة بمجرد‬
‫ألف األدلة من الكتاب ُّ‬
‫اتفاؽ مجتهدم العصر الواحد كلو في لحظة كما ذكرنا ىذا ؛ حيث إف الحجية تترتب‬
‫على نفس اَلتفاؽ؛ ألف اَلتفاؽ مناط العصمة‪ ،‬فاشتراط انقراض العصر َل دليل عليو‪،‬‬
‫كما َل دليل عليو فال يعتد بو‪.‬‬
‫ك من األدلة كذلك أف التابعين كانوا يحتجوف بإجماع الصحابة في أكاخر عصر‬
‫الصحابة كاَلحتجاج بإجماعهم مع كجودىم قد كقع‪ ،‬كلم ينكره أحد‪ ،‬فعلم أف شرط‬
‫اَلنقراض غير معتبر‪ ،‬فلو كاف اَلنقراض شرطا لما احتج التابعوف‬
‫بإجماع الصحابة؛ ألنو لم يكن قد زـ لفقد شرطو‪.‬‬
‫ك من األدلة أيضا أف اشتراط انقراض العصر يؤدم إلى تعذر اإلجماع كعدـ تحققو‪،‬‬
‫كامتناع انعقاده مطلقا مع كونو يح اجة متبعة‪ ،‬ككل شرط أدل إلى إبطاؿ المشركط المتفق‬
‫على تحققو كاف باطالن‪...‬إلى غير ذلك من األدلة‪.‬‬
‫أما المذىب الثاني في المسألة فيرل اشتراط انقراض أىل العصر لصحة اإلجماع سواء‬
‫كاف ىذا اإلجماع صريحا أك سكوتيا في عصر الصحابة أك غيرىم‪ ،‬أم‪َ :‬ل يسمى‬
‫اَلتفاؽ إجماعا إَل بعد موت المجمعين‪.‬ك ىو ركاية ظاىرة لإلماـ أحمد‪ ،‬كىو اختيار‬
‫بعض الشافعية كابن فورؾ‪ ،‬كسليم الرازم‪ ،‬كبعض الحنابلة كأبي يعلى‪ ،‬كتلميذه ابن‬
‫عقيل‪ ،‬كالحلواني‪ ،‬كبعض المعتزلة‪.‬‬
‫ك قد استدلوا ىم كذلك بأدلة منها أنو لو كاف اتفاؽ المجتهدين يح اجة قبل انقراض‬
‫العصر َلمتنع رجوع المجتهد عن اجتهاده؛ إذا ظهر لو أنو أخطأ فيو‪ ،‬كىذا مخالف‬
‫إلجماع العلماء؛ حيث أجمعوا على كجوب رجوع المجتهد عند ظهور الدليل الموجب‬
‫لذلك‪ ،‬فبطل كوف اَلتفاؽ قبل اَلنقراض يح اجة‪.‬‬
‫أجاب الجمهور عليهم أف العلماء قد أجمعوا على كجوب رجوع المجتهد عند ظهور‬
‫موجبو إذا كاف اَلجتهاد انفراديان‪ ،‬أما إذا كاف اَلجتهاد جماعيان‪ ،‬فال يجوز ألم مجتهد‬
‫أف يرجع عن اجتهاده‪ ،‬كلو ظهر لو موجب‪ ،‬فيكوف ىذا الموجب مؤكؿ‪ ،‬أك منسوخ‪،‬‬
‫فلم يكن موجبا للرجوع؛ألف اإلجماع قاطع‪ ،‬فيدؿ على بطالف مقابلو‪ ،‬أك تأكيلو‪.‬‬

‫كإذا قاؿ بعض المجتهدين قوَلن أك فعل فعالن‪ ،‬كاشتهر ذلك بين أىل اَلجتهاد‪ ،‬كلم‬
‫ينكركه مع قدرتهم على اإلنكار‪ ،‬فقيل‪ :‬يكوف إجماعان‪ ،‬كقيل‪ :‬يكوف حجة َل إجماعان‪،‬‬
‫كقيل‪ :‬ليس بإجماع كَل حجة‪ ،‬كقيل‪ :‬إف انقرضوا قبل اإلنكار فهو إجماع؛ ألف‬
‫استمرار سكوتهم إلى اَلنقراض مع قدرتهم على اإلنكار دليل على موافقتهم‪ ،‬كىذا‬
‫أقرب األقواؿ‪.‬‬

‫فيتحصل من كالـ المؤلف أف في ىذه المسألة أربعة أقواؿ‪:‬‬


‫القوؿ األكؿ‪ :‬إف انقرضوا قبل اإلنكار فهو إجماع ك ىذا ما رآه الشيخ أقرب األقواؿ‪.‬‬
‫القوؿ الثاني ‪:‬يكوف إجماعا‪.‬‬
‫القوؿ الثالث‪ :‬يكوف حجة َل إجماعا‪.‬‬
‫القوؿ الرابع‪:‬ليس بإجماع ك َل حجة‪.‬‬

‫القياس‬
‫تعريفو‪:‬‬
‫القياس لغة‪ :‬التقدير كالمساكاة‪.‬‬
‫كاصطالحان‪ :‬تسوية فرع بأصل في حكم لعلاة جامعة بينهما‪.‬‬

‫عقد المؤلف ىذا الباب للنوع الرابع من أنواع األدلة اإلجمالية‪ ،‬فأكؿ األدلة اإلجمالية‪:‬‬
‫الكتاب‪ ،‬ثم السنة‪ ،‬ثم اإلجماع‪ ،‬ثم القياس‪.‬‬
‫كالقياس مصدر قاس الجرح إذا سبره ليعرؼ غوره‪ ،‬كمنو قوؿ الشاعر‪ :‬إذا قاسها‬
‫كمها يصف الشاعر طعنةن‪( ،‬إذا قاسها‬
‫اسي أدبرت غثيثتها كازداد ىك ٍىينا يى يز ي‬
‫اآلسي النٍّطى ُّ‬
‫ليعرؼ غى ٍوىرىىا‪.‬‬
‫ى‬ ‫اآلسي) أم‪ :‬أدخل فيها المسبار‬
‫ك يس ٍّم ىي‬ ‫اؿ ىش ٍي وء ى‬
‫آخ ىر‪ ،‬ىكتى ٍس ًويىػتيوي بً ًو‪ ،‬ىكلً ىذلً ى‬ ‫كالقياس فًي اللُّغى ًة كذلك‪ :‬تىػ ٍق ًدير ىشي وء ىعلىى ًمثى ً‬
‫ي ٍ‬
‫و‬ ‫اؿ ًم ٍقياسا‪ ،‬كما يػ ىق ادر بً ًو النػٍّع ي ً‬ ‫ً‬
‫اس بًيف ىالف‪ ،‬أ ٍ‬
‫ىم‪ :‬ىَل‬ ‫اؿ‪ :‬فيىال هف ىَل ييػ ىق ي‬ ‫اسا‪ ،‬ىكييػ ىق ي‬‫اؿ م ٍقيى ن‬ ‫ى‬ ‫الٍم ٍكيى ي ى ن ى ى ي ي‬
‫سا ًك ًيو‪.‬‬
‫يي ى‬
‫شيء‪ ،‬إً ىذا ا ٍعتىبػرتيوي‪ ،‬أىقًيسوي قىػي ً‬ ‫ص ىد ير قً ٍس ي‬ ‫ً‬
‫اسا‪ ،‬كمنو قيس الرأم‪،‬‬ ‫سا ىكقيى ن‬ ‫ي ٍن‬ ‫ىٍ‬ ‫ت ال ا ٍ ى‬ ‫يل‪ :‬يى ىو ىم ٍ‬ ‫ىكق ى‬
‫س ًَل ٍعتًبىا ًر ٍاأل ييموًر بًىرأٍ ًيو‪.‬‬ ‫كسمي امرؤ الٍ ىق ٍي ً‬
‫اؿ‪ :‬قي ٍستيو أىقي ي‬
‫وسوي‬ ‫اؼ‪ ،‬ييػ ىق ي‬ ‫اح"‪ ،‬ىكابٍ ين أىبًي الٍبىػ ىق ًاء فً ًيو ليغىةن بً ى‬
‫ض ٍّم الٍ ىق ً‬ ‫"الص ىح ً‬
‫ب ٍّ‬ ‫كذى ىكر ً‬
‫صاح ي‬ ‫ى ى ى‬
‫ات الٍي ًاء‪ ،‬ك ىعلىى اللُّغى ًة الثاانًي ًة ًمن ذىك ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ات ال ىٍوا ًك‪.‬‬ ‫ى ٍ ى‬ ‫وسا؛ يى ىو ىعلىى اللُّغىة ٍاأليكلىى م ٍن ذى ىك ى ى‬ ‫قى ن‬
‫ك في اَلصطالح اختلفت تعاريف األصوليين لو‬
‫وص فًي عم و‬ ‫ً‬
‫وـ‪.‬‬ ‫يي‬ ‫ص و‬ ‫اج يخ ي‬‫يل‪ :‬إً ٍد ىر ي‬
‫فق ى‬
‫وؽ بً ًو‪.‬‬ ‫وت ىع ٍنوي بًالٍم ٍنطي ً‬
‫ى‬
‫كقًيل‪ :‬إًلٍحا يؽ الٍمس يك ً‬
‫ىٍ‬ ‫ى ى ى‬
‫ف فً ًيو بًال يٍمتاػ ىف ًق ىعلىٍي ًو‪.‬‬ ‫ٍحا يؽ الٍم ٍختىػلى ً‬
‫ي‬ ‫يل‪ :‬إًل ى‬
‫ً‬
‫ىكق ى‬
‫ٍجلً ٍّي‪.‬‬ ‫ط ال ى ً ً‬ ‫استًٍنبىا ي‬ ‫ً‬
‫ٍخف ٍّي م ىن ال ى‬ ‫يل‪ٍ :‬‬ ‫ىكق ى‬
‫ض أىك ً‬ ‫ً‬
‫ىص ًل‪.‬‬
‫صاؼ ٍاأل ٍ‬ ‫ىص ًل بًبىػ ٍع ً ٍ ى‬ ‫يل‪ :‬ىح ٍم يل الٍ ىف ٍر ًع ىعلىى ٍاأل ٍ‬ ‫ىكق ى‬
‫ىح ًد ًى ىما ىعلىى ٍاآل ىخ ًر‪.‬‬ ‫ً‬
‫ٍج ٍم يع بىػ ٍي ىن الناظ ىيريٍ ًن"‪ ،‬ىكإً ٍج ىراءي يح ٍك ًم أ ى‬ ‫يل‪" :‬ال ى‬
‫ً‬
‫ىكق ى‬
‫ٍحقٍّ‪.‬‬ ‫ب ال ى‬ ‫ٍج ٍه ًد فًي طىلى ً‬ ‫يل‪ :‬بى ٍذ يؿ ال ي‬
‫ً‬
‫ىكق ى‬
‫ش ٍي ًء ىعلىى غىٍي ًرهً‪ ،‬ىكإً ٍج ىراءي يح ٍك ًم ًو ىعلىٍي ًو‪.‬‬ ‫يل‪ :‬ىح ٍم يل ال ا‬ ‫ً‬
‫ىكق ى‬
‫ب ًم ىن ال ا‬
‫شبى ًو‪.‬‬ ‫ىح ىك ًام ًو‪ ،‬بً ى‬
‫ض ٍر و‬ ‫ضأٍ‬ ‫ش ٍي ًء فًي بىػ ٍع ً‬ ‫ش ٍي ًء ىعلىى ال ا‬ ‫يل‪ :‬ىح ٍم يل ال ا‬ ‫ً‬
‫ىكق ى‬
‫ات‪.‬‬
‫اض ه‬ ‫ك ىعلىى يك ٍّل ح ٍّد ًمن ىى ًذهً الٍح يد ً‬
‫كد ا ٍعتً ىر ى‬ ‫ي‬ ‫ى ٍ‬ ‫ى‬
‫ك من أحسن التعاريف للقياس قولنا‪« :‬إلحاؽ فرع بأصل في حكم لجامع بينهما‬
‫كإلحاؽ األرز بالبر في تحريم الربا لجامع ىو الكيل عند الحنابلة كاَلقتيات كاَلدخار‬
‫عند المالكية كالطعم عند الشافعية»‪.‬‬
‫قاؿ الشيخ محمد كلد ددك الشنقيطي‪« :‬ىو حمل معلوـ على معلوـ‪ ،‬لمساكاتو لو في‬
‫علة حكمو عند الحامل‪.‬‬
‫كج ًهل‬
‫فقولنا‪[ :‬حمل معلوـ] أم‪ :‬إلحاقو‪ ،‬كالمعلوـ‪ :‬ىو ما عيرؼ عينيو‪ ،‬كالمقصود ىنا‪ :‬ي‬
‫حكمو‪ ،‬ألف ما جاء النص بحكمو َل ييحتاج إلى حملو على غيره‪.‬‬
‫[على معلوـ] أم‪ :‬معلوـ العين‪ ،‬معلوـ الحكم‪ ،‬كىو األصل‪.‬‬
‫[لمساكاتو لو] أم‪ :‬لموافقتو لو‪.‬‬
‫قياس إَل في المعلالت‪،‬‬
‫[في علة حكمو] أم‪ :‬في تحقق العلة فيهما معان‪ ،‬فال ى‬
‫فالتعبديات المحضة َل قياس فيها‪.‬‬
‫[في علة حكمو] سواء كانت تلك العلةي نصياةن أك استنباطياةن‪.‬‬
‫الفرع َل‬
‫[عند الحامل] أم‪ :‬عند الذم قاس‪ ،‬ليدخل في ذلك‪ :‬القياس الفاسد‪ ،‬فإف ى‬
‫األصل فيو في علة حكمو عند جمهور الناس‪ ،‬كإنما يساكيو عند الحامل‬
‫ى‬ ‫يساكم‬
‫كحده‪ ،‬كمع ذلك ييسمى قياسان‪ ،‬كإف كاف فاسدان»انتهى‪.‬‬
‫قولو‪ :‬تسوية فرع بأصل في حكم لعلاة جامعة بينهما‪.‬‬
‫قاؿ‪( :‬تسوية فرع) أم‪ :‬إلحاؽ مجهوؿ الحكم‪ ،‬معركؼ العين‪.‬‬
‫( بأصل) أم‪ :‬معركؼ الحكم كالعين معان‪.‬‬
‫كالمقيس‪ ،‬يسمى عرفنا ب(الفرع) ‪ ،‬كالمقيس عليو ييسمى عرفنا بػ(األصل) ‪.‬‬
‫(في الحكم) كىذا ىو كجو الرد‪ ،‬أم‪ :‬إلحاقو بو إنما ىو في الحكم‪.‬‬
‫(بعلة جامعة بينهما) أم‪ :‬بسبب جمع العلة لهما‪ ،‬فالعلة تجمعهما معان‪.‬‬
‫كىذا التعريف جامع لألركاف األربعة‪ ،‬التي ىي أركاف القياس‪ ،‬كىي‪ :‬الفرع‪ ،‬كاألصل‪،‬‬
‫كحكم األصل‪ ،‬كالعلة الجامعة‪.‬‬
‫كىذه العلة تسمى بػ (الوصف الجامع) ‪-‬أيضان‪ -‬في اَلصطالح‪.‬‬

‫فالفرع‪ :‬المقيس‪.‬‬

‫ىو المحل المطلوب إلحاقو باألصل كالنبيذ‬

‫كاألصل‪ :‬المقيس عليو‪.‬‬

‫ىو المحل الذم ثبت حكمو كالمطلوب إلحاؽ الفرع بو في الحكم‪.‬‬


‫ك إف شئت فقل‪ :‬ىو المحل المطلوب تسوية الفرع بو في الحكم‪.‬‬
‫ك إف شئت فقل‪ :‬ىو المحل المطلوب تعدية حكمو إلى الفرع ‪.‬‬
‫مثالو‪:‬الخمر ألحق بو النبيذ في الحرمة لعلة اإلسكار‪.‬فالخمر ىنا ىو األصل المقيس‬
‫عليو ك النبيذ كما أسلفنا ىو الفرع ‪.‬‬

‫كالحكم‪ :‬ما اقتضاه الدليل الشرعي من كجوب‪ ،‬أك تحريم‪ ،‬أك صحة‪ ،‬أك فساد‪ ،‬أك‬
‫غيرىا‪.‬‬

‫فالحكم في المثاؿ السابق ىو تحريم شرب النبيذ‪.‬‬

‫كالعلة‪ :‬المعنى الذم ثبت بسببو حكم األصل‪ ،‬كىذه األربعة أركاف القياس‪،‬‬

‫أفادنا المؤلف أف العلة ىي المعنى أم الوصف الذم بني عليو حكم األصل كبناء على‬
‫كجوده في الفرع يسول باألصل في حكمو فاإلسكار في النبيذ ىو العلة التي بني‬
‫عليها حكم األصل الذم ىو تحريم شرب الخمر ك بناء على كجوده في الفرع الذم‬
‫ىو النبيذ يسول باألصل في حكمو فينتج تحريم شرب النبيذ ‪.‬‬
‫كالعلة أعظم أركاف القياس ‪.‬كالفرؽ بين الحكمة كالعلة أف ‪ :‬الحكمة ىي ‪ :‬المصلحة‬
‫التي قصد الشارع تحقيقها بتشريعو الحكم ‪.‬كالعلة ىي ‪ :‬الوصف الظاىر المنضبط‬
‫الذم بني عليو الحكم ‪ ،‬كربط بو كجودا كعدما ‪.‬كالعلة مظنة لتحقيق الحكمة ‪ .‬تسمي‬
‫الحكمة ‪ :‬المثنة ‪ ،‬كما تسمي العلة ‪ :‬المناط ‪ ،‬كالسبب ‪ ،‬كاألمارة ‪.‬‬
‫قاؿ ‪«:‬كىذه األربعة أركاف القياس»‪.‬‬
‫أفادنا المؤلف أف القياس َلبد فيو من أربعة أركاف نعيدىا باختصار‪:‬‬
‫ُ‪ -‬أصل مقيس عليو‪ ،‬كىو المحل الذم ثبت حكمو كألحق بو غيره ‪.‬‬
‫ِ‪ -‬فرع ملحق باألصل‪ ،‬كىو‪ :‬المحل المطلوب إلحاقو بغيره في الحكم‪.‬‬
‫ّ‪ -‬علة تجمع بين األصل كالفرع‪ ،‬كىي المعنى المشترؾ بين األصل كالفرع المقتضي‬
‫إثبات الحكم ‪.‬‬
‫ْ‪ -‬الحكم الثابت لألصل المقيس عليو؛ كىو األمر المقصود إلحاؽ الفرع باألصل‬
‫فيو كالقصاص أثبت في القتل بالمثقل إلحاقان لو بالقتل بالمحدد‪.‬‬

‫كالقياس أحد األدلة التي تثبت بها األحكاـ الشرعية‪.‬كقد دؿ على اعتباره دليالن شرعيًّا‬
‫الكتاب كالسنة كأقواؿ الصحابة‪ ،‬فمن أدلة الكتاب‪:‬‬
‫ٍح ٍّق ىكال ًٍم ىيزاف} [الشورل‪ :‬من اآلية ُٕ]‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اب بًال ى‬
‫ُ ‪ -‬قولو تعالى‪{ :‬اللاوي الاذم أىنٍػ ىز ىؿ الٍكتى ى‬
‫كالميزاف ما توزف بو األمور كيقايس بو بينها‪.‬‬
‫{كاللاوي‬ ‫ً‬
‫ِ ‪ -‬قولو تعالى‪ { :‬ىك ىما بى ىدأٍنىا أ اىك ىؿ ىخل وٍق نيعي يده} [اَلنبياء‪ :‬من اآلية َُْ] ى‬
‫ض بىػ ٍع ىد ىم ٍوتً ىها‬ ‫ً‬ ‫الرياح فىػتيثًير سحابان فىس ٍقنىاهي إًلىى بػلى ود ميٍّ و‬ ‫اً‬
‫ىحيىػ ٍيػنىا بًو ٍاأل ٍىر ى‬
‫ت فىأ ٍ‬ ‫ى ى‬ ‫الذم أ ٍىر ىس ىل ٍّ ى ى ي ى ى ي‬
‫ور} [فاطر‪ ]ٗ:‬فشبٌو اهلل تعالى إعادة الخلق بابتدائو‪ ،‬كشبو إحياء األموات‬ ‫ش ي‬ ‫ىك ىذلً ى‬
‫ك النُّ ي‬
‫بإحياء األرض‪ ،‬كىذا ىو القياس‪.‬‬
‫كمن أدلة السنة‪:‬‬
‫أيت لو‬‫ُ ‪ -‬قولو صلٌى اهلل عليو كسلٌم لمن سألتو عن الصياـ عن أمها بعد موتها‪« :‬أر ً‬
‫كاف على أمك دين فقضيتو؛ أكاف يؤدم ذلك عنها»؟ قالت‪ :‬نعم‪ .‬قاؿ‪« :‬فصومي‬
‫عن أمك»‪.‬‬
‫ِ ‪ -‬أف رجالن أتى النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم فقاؿ‪ :‬يا رسوؿ اهلل! كلد لي غالـ أسود!‬
‫فقاؿ‪« :‬ىل لك من إبل»؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬قاؿ‪« :‬ما ألوانها»؟ قاؿ‪ :‬حمر‪ ،‬قاؿ‪« :‬ىل فيها‬
‫من أكرؽ»؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬قاؿ‪« :‬فأنى ذلك»؟ قاؿ‪ :‬لعلو نزعو عرؽ‪ ،‬قاؿ‪« :‬فلعل ابنك‬
‫ىذا نزعو عرؽ»‪.‬‬
‫كىكذا جميع األمثاؿ الواردة في الكتاب كالسنة دليل على القياس لما فيها من اعتبار‬
‫الشيء بنظيره‪.‬‬
‫كمن أقواؿ الصحابة‪ :‬ما جاء عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في كتابو إلى أبي‬
‫موسى األشعرم في القضاء قاؿ‪ :‬ثم الفهم الفهم فيما أدلى عليك‪ ،‬مما كرد عليك مما‬
‫ليس في قرآف كَل سنة‪ ،‬ثم قايس األمور عندؾ‪ ،‬كاعرؼ األمثاؿ‪ ،‬ثم اعمد فيما ترل‬
‫إلى أحبها إلى اهلل‪ ،‬كأشبهها بالحق‪.‬‬
‫قاؿ ابن القيم‪ :‬كىذا كتاب جليل تلقاه العلماء بالقبوؿ‪.‬‬
‫كحكى المزني أف الفقهاء من عصر الصحابة إلى يومو أجمعوا على أف نظير الحق حق‬
‫كنظير الباطل باطل‪ ،‬كاستعملوا المقاييس في الفقو في جميع األحكاـ‪.‬‬

‫بعدما عرؼ المؤلف القياس ك ذكر أركانو ‪ ،‬انتقل إلى بياف حجيتو مستدَل بالكتاب‬
‫كالسنة كأقواؿ الصحابة‪.‬‬
‫ك األدلة على اعتباره دليالن شرعيًّا كثيرة جدا يصعب حصرىا ك سنذكر طرفا منها‪:‬‬
‫ُ‪/‬قولو تعالى‪{ :‬فاعتبركا يا أكلى األبصار} كاَلعتبار من العبور كىو اَلنتقاؿ من شيء‬
‫إلى آخر كالقياس فيو انتقاؿ بالحكم من األصل إلى الفرع فيكوف مأموران بو‪.‬‬
‫ِ‪ /‬تصويب النبي صلى اهلل عليو كسلم لمعاذ رضي اهلل عنو حين قاؿ‪ :‬إنو يجتهد حيث‬
‫َل كتاب كَل سنة فإف اَلجتهاد حيث َل نص يكوف باإللحاؽ بالمنصوص إف ثبت‬
‫الحديث‪.‬‬
‫ّ‪ /‬قولو صلى اهلل عليو كسلم للخثعميو حين سألتو عن الحج عن الوالدين "أرأيت لو‬
‫كاف على أبيك دين فقضيتو أكاف ينفعو " قالت‪ :‬نعم‪ .‬قاؿ‪" :‬فدين اهلل أحق أف يقضى"‬
‫فهو تنبيو منو صلى اهلل عليو كسلم على قياس دين الخلق‪.‬‬
‫ْ‪ /‬قولو صلى اهلل عليو كسلم لعمر حين سألو عن القبلة " للصائم " أرأيت لو‬
‫تمضمضت فهو قياس للقبلة على المضمضة‪.‬‬
‫شركط القياس‪:‬‬
‫للقياس شركط منها‪:‬‬
‫ُ ‪ -‬أف َل يصادـ دليالن أقول منو‪ ،‬فال اعتبار بقياس يصادـ النص أك اإلجماع أك‬
‫أقواؿ الصحابة إذا قلنا‪ :‬قوؿ الصحابي حجة‪ ،‬كيسمى القياس المصادـ لما ذكر‪:‬‬
‫«فاسد اَلعتبار»‪.‬‬
‫مثالو‪ :‬أف يقاؿ‪ :‬يصح أف تزكج المرأة الرشيدة نفسها بغير كلي قياسان على صحة بيعها‬
‫مالها بغير كلي‪.‬‬
‫فهذا قياس فاسد اَلعتبار لمصادمتو النص‪ ،‬كىو قولو صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪َ« :‬ل نكاح‬
‫إَل بولي»‪.‬‬

‫مقصود المؤلف من الشرط األكؿ عدـ مخالفة القياس لدليل أقول منو كآية من كتاب‬
‫اهلل أك حديث نبوم صحيح أك إجماع أك غير ذلك‪.‬‬
‫كلإلماـ الشوكاني كالـ مفيد يجمل فيو شركط األصل فيقوؿ ‪:‬‬
‫ىص ًل‪:‬‬‫« الشركط ال يٍم ٍعتىبىػ ىرةي فًي ٍاأل ٍ‬
‫ً‬ ‫شر و‬
‫ش ىر‪ ،‬ىَل بي اد م ًن ا ٍعتًبىا ًرىىا فًي ٍاأل ٍ‬ ‫ص ًح ن ً ً‬ ‫ً‬
‫ىص ًل‪.‬‬ ‫كط اثٍػنى ٍي ىع ى‬ ‫يحا إ اَل ب ي ي‬ ‫اس ى‬ ‫ىكىَل يى يكو يف الٍقيى ي‬
‫ٍاأل اىك يؿ‪:‬‬
‫ٍح ٍك يم الا ًذم أي ًري ىد تىػ ٍع ًديىػتيوي إًلىى الٍ ىف ٍر ًع‪ ،‬ثىابًتنا فًي ٍاأل ٍ‬
‫ىص ًل‪ ،‬فىًإناوي لى ٍو لى ٍم يى يك ٍن ثىابًتنا‪.‬‬ ‫أى ٍف يى يكو ىف ال ي‬
‫اء‪ ،‬أك شرع كنسخ كلم يمكن بناء الفرع عليو‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فً ًيو بًأى ٍف لىم ي ٍشر ٍ ً ً‬
‫ع فيو يح ٍك هم ابٍت ىد ن‬ ‫ٍي ى‬
‫الثاني‪:‬‬
‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ىص ًل ىش ٍرعيًّا‪ ،‬فىػلى ٍو ىكا ىف ىع ٍقليًّا أ ٍىك ليغى ًويًّا لى ٍم يىص اح الٍقيى ي‬
‫اس‬ ‫ت فًي ٍاأل ٍ‬ ‫ٍح ٍك يم الثاابً ي‬‫أف يكن ال ي‬
‫ش ٍر ًع ٍّي‪.‬‬ ‫ىعلىٍي ًو؛ ًألى اف بى ٍحثىػنىا إًنا ىما يى ىو فًي ال ًٍقيى ً‬
‫اس ال ا‬
‫ش ٍر ًع؟‬‫ىصلً ٍّي‪ ،‬ىك يى ىو ىما ىكا ىف قىػ ٍب ىل ال ا‬
‫اس ىعلىى الناػ ٍف ًي ٍاأل ٍ‬ ‫كا ٍختىػلى يفوا‪ :‬ىىل يػثٍب ي ً‬
‫ت الٍقيى ي‬ ‫ٍىي‬ ‫ى‬
‫ش ٍر ًع ٍّي يح ٍك هم ىش ٍر ًع ٌّي‪ ،‬ىج اوىز ال ًٍقيىاس ىعلىٍي ًو‪ ،‬ىكىم ٍن قى ى ً‬ ‫ٍح ٍك ًم ال ا‬ ‫اؿ‪ :‬إً اف نىػ ٍف ىي ال ي‬
‫اؿ‪ :‬إناوي لىٍي ى‬
‫س‬ ‫ى‬ ‫فى ىم ٍن قى ى‬
‫اس ىعلىٍي ًو‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ب يح ٍك وم ىش ٍرع ٍّي لى ٍم يي ىج ٍّوًز الٍقيى ى‬
‫ث‪:‬‬‫الثاالً ي‬
‫يق إًلىى ىم ٍع ًرفىتً ًو ىس ٍم ًعياةن؛ ًألى اف ىما لى ٍم تى يك ٍن طى ًري يقوي ىس ٍم ًعياةن ىَل يى يكو يف يح ٍك نما‬ ‫أى ٍف يى يكو ىف الطا ًر ي‬
‫يح العقلين‪َ ،‬ل عند من يثبتها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ىشر ًعيًّا‪ ،‬ك ىى ىذا ًع ٍن ىد من يػ ٍن ًفي الت ً‬
‫ين ىكالتاػ ٍقب ى‬ ‫احس ى‬ ‫ٍ‬ ‫ىٍ ى‬ ‫ٍ ى‬
‫ال ارابً يع‪:‬‬
‫ٍح ٍك ًم‬ ‫السناةي‪ .‬ك ىىل يج ي ً‬ ‫ً‬ ‫أى ٍف يى يكو ىف الٍ يح ٍك يم ثىابًتنا بًالن ٍّ‬
‫اس ىعلىى ال ي‬ ‫وز الٍقيى ي‬ ‫اب أى ًك ُّ ى ٍ ى ي‬ ‫اص‪ ،‬ىك يى ىو الٍكتى ي‬
‫ت بًم ٍفه ً‬
‫وـ ال يٍم ىوافىػ ىق ًة أى ًك ال يٍم ىخالىىف ًة‪.‬‬ ‫الثاابً ً ى ي‬
‫"ح ٍك يم"* النُّط ًٍق‬ ‫اؿ‪ :‬إً ٍف قيػلٍنىا إً اف يح ٍك ىم يه ىما ي‬ ‫اجوي أى ٍف ييػ ىق ى‬ ‫ضوا لىوي‪ ،‬كيػت ً‬
‫ىى‬ ‫اؿ ال ازٍرىك ًش ُّي‪ :‬لى ٍم يىػتىػ ىع ار ي‬‫قى ى‬
‫ٍح يق" بً ًو‪ .‬انٍػتىػ ىهى‪.‬‬ ‫س "فىػيىػل ى‬ ‫اض هح‪ ،‬ىكإً ٍف قيػلٍنىا‪ :‬ىكال ًٍقيىا ً‬ ‫فىػو ً‬
‫ى‬
‫ش ٍر ًعياةى‪،‬‬‫اـ ال ا‬ ‫ت بً ًه ىما ٍاأل ٍ‬
‫ىح ىك ى‬ ‫اس ىعلىٍي ًه ىما ًع ٍن ىد ىم ٍن أىثٍػبىتىػ يه ىما؛ ًألىناوي ييػثٍبً ي‬ ‫اىر‪ :‬أىناوي يج ي ً‬
‫وز الٍقيى ي‬ ‫ىي‬
‫اً‬
‫ىكالظ ي‬
‫وؽ‪.‬‬ ‫ىكما يػثٍبًتيػ يهما بًالٍم ٍنطي ً‬
‫ى ي ى ى‬
‫س ٍم ىعانً ٍّي‬ ‫ش ٍي يخ أىبيو إً ٍس ىحا ىؽ ٍّ‬ ‫اإل ٍجم ًاع‪ ،‬فىًف ًيو ك ٍج ىه ً‬ ‫كأى اما ىما ثىػبى ى ً‬
‫م‪ ،‬ىكابٍ ين ال ا‬ ‫الش ىيرا ًز ُّ‬ ‫اؿ ال ا‬ ‫اف‪ :‬قى ى‬ ‫ى‬ ‫ت ب ًٍ ى‬ ‫ى‬
‫ٍج ىوا ًز‬ ‫ً‬ ‫اب ال ا ً ً‬ ‫ىص ىح ً‬ ‫ٍج ىو ياز ىك ىح ىكاهي ابٍ ين بىػ ٍرىىا ىف ىع ٍن يج ٍم يهوًر أ ٍ‬
‫شافع ٍّي ىكالثااني ىع ىد يـ ال ى‬ ‫ىص ُّح يه ىما ال ى‬
‫أى‬
‫يح؛ ًألى اف‬ ‫ص ًح و‬ ‫اؿ ابٍن ال ا ً‬ ‫اص الا ًذم أىجمعوا ًأل ً ً‬ ‫ما لىم يػعر ً‬
‫س بً ى‬ ‫س ٍم ىعان ٍّي‪ :‬ىك ىى ىذا لىٍي ى‬ ‫ىجلو قى ى ي‬ ‫ٍ ىي ٍ‬ ‫ؼ الن ُّ‬ ‫ى ٍ يٍى‬
‫از‬
‫اص‪ ،‬ىج ى‬ ‫ت بًالن ٍّ‬ ‫از ال ًٍقياس ىعلىى الثاابً ً‬ ‫ىح ىك ًاـ‪ ،‬ىكالن ٍّ ً‬ ‫ىصل فًي إًثٍػب ً‬ ‫ًٍ‬
‫اص‪ ،‬فىإذىا ىج ى ى ي‬ ‫ات ٍاأل ٍ‬ ‫ى‬ ‫اع أ ٍ ه‬ ‫اإل ٍج ىم ى‬
‫اإل ٍج ىم ًاع‪.‬‬‫ت بً ًٍ‬‫ىعلىى الثاابً ً‬
‫الخامس‪:‬‬
‫ً‬
‫ور‪.‬‬
‫ٍج ٍم يه ي‬‫ب ال ي‬ ‫آخ ىر‪ ،‬ىكإًلىٍيو ذى ىى ى‬ ‫ىص ول ى‬ ‫يس ىعلىٍي ًو فىػ ٍر نعا ًأل ٍ‬ ‫أف َل يكوف األصل ال ىٍم ًق ً‬
‫ً‬ ‫ك بػ ٍعض ال ً‬ ‫ك ىخالى ى ً ً‬
‫ازكهي‪.‬‬
‫ىج ي‬‫ٍحنىابًلىة‪ ،‬ىكال يٍم ٍعتى ًزلىة فىأ ى‬
‫ف في ذىل ى ى ي ى‬ ‫ى‬
‫ت ىكا ىف ًذ ٍك ير‬ ‫اس ٍي ًن إً ًف اتا ىح ىد ٍ‬ ‫ً‬ ‫كاحت اج الٍجمهور علىى الٍم ٍن ًع؛ بًأى اف ال ًٍعلاةى ال ً‬
‫ٍجام ىعةى بىػ ٍي ىن الٍقيى ى‬
‫ى‬ ‫ى ٍى ي ٍ ي ي ى ى‬
‫ىص ًل ٍاأل اىكًؿ‪،‬‬ ‫اس الٍ ىف ٍر ًع الثاانًي ىعلىى ٍاأل ٍ‬ ‫ىص ًل الثاانًي تىطٍ ًو نيال بً ىال فىائً ىدةو‪ ،‬فىػيي ٍستىػ ٍغنىى ىع ٍنوي بًًقيى ً‬
‫ٍاأل ٍ‬
‫ً ًً‬ ‫ً‬
‫ٍح ٍك ًم‪.‬‬ ‫ىص ًل ىكالٍ ىف ٍر ًع في علاة ال ي‬ ‫ىكإً ًف اختلفت لم ينعقد القياس الثاني‪ ،‬لعدـ ا ٍشتً ىراؾ ٍاأل ٍ‬
‫م ىى ًذهً ال ىٍم ٍسأىلىةى إًلىى قً ٍس ىم ٍي ًن‪:‬‬ ‫ش ٍي يخ أىبيو إً ٍس ىحا ىؽ ٍّ‬
‫الش ىيرا ًز ُّ‬ ‫س ىم ال ا‬ ‫ىكقى ا‬
‫اس ىعلىٍي ًو‬ ‫اس نىػ ٍفس الٍم ٍعنىى‪ ،‬الا ًذم ثىػب ى ً ً‬ ‫ًً ً ً‬ ‫أىح يدىما‪ :‬أى ٍف يستػ ٍنب ى ً‬
‫ت بو‪ ،‬ىكييػ ىق ي‬ ‫ى‬ ‫ط م ىن الثاابت بالٍقيى ً ي ى‬ ‫ي ٍى ى‬ ‫ى يى‬
‫ؼ فًي ىج ىوا ًزهً‪.‬‬ ‫اؿ‪ :‬ىك ىى ىذا ىَل ًخ ىال ى‬‫غىٍيػ يرهي‪ ،‬قى ى‬
‫اس غىٍيػ يرهي ىعلىٍي ًو‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ط ًم ٍنوي م ٍعننى غىيػر الٍم ٍعنىى الا ًذم قً ً ً‬ ‫ً‬
‫يس بو ىعلىى غىٍي ًره‪ ،‬ىكييػ ىق ي‬ ‫ى‬ ‫ٍي ى‬ ‫ىكالثااني‪ :‬أى ٍف يي ٍستىػ ٍنبى ى ى‬
‫اؿ‪ :‬ك ىى ىذا فً ًيو ك ٍج ىه ً‬
‫اف‪:‬‬ ‫ى‬ ‫قى ى ى‬
‫ٍج ىو ياز‪.‬‬
‫م‪ :‬ال ى‬ ‫اؿ أىبيو ىع ٍب ًد اللا ًو الٍبى ٍ‬
‫ص ًر ُّ‬ ‫ىح يد يى ىما‪ :‬ىكبً ًو قى ى‬ ‫أى‬
‫"ع ٍن ًدم" ٍاآل ىف؛ ًألىناوي ييػ ىؤدٍّم إًلىى‬ ‫ص ُّح ً‬ ‫اؿ الٍ ىكرًخ ُّي‪ :‬الٍم ٍنع‪ ،‬ك يىو الا ًذم ي ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ى‬ ‫ى ي ى ى‬ ‫ىكالثااني‪ :‬ىكبًو قى ى ٍ‬
‫وز‪ ،‬كىك ىذا ص اححو فًي "الٍ ىقو ً‬ ‫ىص ًل‪ ،‬ىكذىلً ى‬ ‫ً‬
‫اط ًع"‪،‬‬ ‫ى‬ ‫ى ىي‬ ‫ك ىَل يى يج ي ى‬ ‫ات يح ٍك وم فًي الٍ ىف ٍر ًع بًغىٍي ًر علا ًة ٍاأل ٍ‬ ‫إًثٍػب ً‬
‫ى‬
‫ىكلى ٍم يى ٍذ يك ًر الٍغى ىزالً ُّي غىٍيػ ىرهي‪.‬‬
‫س‪:‬‬ ‫ال ا ً‬
‫ساد ي‬
‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫ج ىع ٍن‬ ‫ىص ًل ىشام نال ل يح ٍك ًم الٍ ىف ٍر ًع‪ ،‬أى اما لى ٍو ىكا ىف ىشام نال لىوي‪ ،‬ىخ ىر ى‬ ‫يل يح ٍك ًم ٍاأل ٍ‬ ‫أى ٍف ىَل يى يكو ىف ىدل ي‬
‫ىص ًل‪ ،‬ىكًألىناوي‬ ‫يل ٍاأل ٍ‬ ‫ضائً نعا‪ ،‬لً يخليٍّوهً ىع ًن الٍ ىفائً ىدةً بً ًاَل ٍستً ٍغنى ًاء ىع ٍنوي بً ىدلً ً‬ ‫اس ى‬ ‫ً‬
‫ىك ٍونو فىػ ٍر نعا‪ ،‬ىكىكا ىف الٍقيى ي‬
‫ًً‬
‫س‪.‬‬ ‫ىص نال ىك ٍاآل ىخ ًر فىػ ٍر نعا أ ٍىكلىى ًم ىن ال ىٍع ٍك ً‬ ‫ىح ًدى ىما أ ٍ‬
‫ىَل ي يكو يف جعل أ ً‬
‫ىٍ ي ى‬ ‫ى‬
‫سابً يع‪:‬‬‫ال ا‬
‫يج إًلىى إًثٍػبىاتًًو أى اكنَل‪،‬‬ ‫ىص ًل متاػ ىف نقا ىعلىٍي ًو؛ ًألىناوي لىو ىكا ىف م ٍختىػلى نفا فً ًيو ٍ ً‬
‫احت ى‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍح ٍك يم في ٍاأل ٍ ي‬
‫ً‬
‫أى ٍف يى يكو ىف ال ي‬
‫ط‬‫اس فًي نىػ ٍف ًس ًو ىَل يي ٍشتىػ ىر ي‬ ‫ً ًً ً ً‬
‫ىص ًل ال يٍم ٍختىػلىف فيو؛ ألى اف الٍقيى ى‬ ‫اس ىعلىى ٍاأل ٍ‬ ‫كج اوىز جم ى ً‬
‫اعةه الٍقيى ى‬ ‫ىى ىى‬
‫ك فًي يرٍك ون ًم ٍن أ ٍىرىكانًًو أ ٍىكلىى‪.‬‬ ‫ط ذىلً ى‬ ‫س يقو ي‬ ‫ًاَلتٍّػ ىفا يؽ ىعلىي ًو فًي جوا ًز التام ُّ ً ً ً‬
‫سك بو‪ ،‬فى ي‬ ‫ى‬ ‫ىى‬ ‫ٍ‬
‫اف فىػ ىقطٍ‪،‬‬ ‫صم ً‬
‫ٍخ ٍ ى‬ ‫ض يه ٍم أى ٍف يىػت ًاف ىق ىعلىٍي ًو ال ى‬ ‫ط بىػ ٍع ي‬‫ش ىر ى‬ ‫ىص ًل‪ ،‬فى ى‬ ‫اؽ ىعلىى ٍاأل ٍ‬ ‫كا ٍختىػلى يفوا فًي ىك ٍي ًفيا ًة ًاَلتٍّػ ىف ً‬
‫ى‬
‫ط فىائً ىدةي ال يٍمنىاظىىرةً‪.‬‬ ‫ضبً ى‬‫لًيىػ ٍن ى‬
‫آخ يرك ىف أى ٍف يىػت ًاف ىق ىعلىٍي ًو ٍاأليامةي‪.‬‬ ‫ط ى‬ ‫ىك ىش ىر ى‬
‫ض إً ٍف ىكا ىف يم ىقلٍّ ندا لى ٍم‬ ‫ص ًحيح ٍاأل اىك يؿ‪ .‬كا ٍختى ً‬ ‫ً‬
‫ار في "ال يٍم ٍنتىػ ىهى" أى اف ال يٍم ٍعتى ًر ى‬ ‫ى ى‬ ‫اؿ ال ازٍرىكش ُّي‪ :‬ىكال ا ي‬ ‫قى ى‬
‫اع؛‬
‫اإل ٍج ىم ى‬ ‫ط ًٍ‬ ‫ت ىم ٍذ ىىبنا لىوي‪ ،‬ىكإً ٍف ىكا ىف يم ٍجتى ًه ندا ا ٍشتىػ ىر ى‬ ‫س لىوي ىم ٍن يع ىما ثىػبى ى‬ ‫اإل ٍج ىم ى ً‬ ‫يى ٍشتى ًر ًط ًٍ‬
‫اع؛ إ ٍذ لىٍي ى‬
‫وصا ىعلىٍي ًو ىج ى‬
‫از أى ٍف‬ ‫ص ن‬
‫ً‬
‫ٍح ٍك يم يم ٍج ىم نعا ىعلىٍيو‪ ،‬ىكىَل ىم ٍن ي‬
‫ً‬
‫س يم ٍقتىدينا بًًإ ىم واـ‪ ،‬فىًإ ىذا لى ٍم يى يك ًن ال ي‬ ‫ألىناوي لىٍي ى‬
‫ً‬
‫يى ٍمنىػ ىعوي‪.‬‬
‫الث ً‬
‫اام ين‪:‬‬
‫ٍح ٍك ًم فًي‬ ‫ً‬
‫ك إًذىا اتاػ ىف ىقا ىعلىى إًثٍػبىات ال ي‬ ‫ب‪ ،‬ىكذىلً ى‬ ‫اس يمراك و‬ ‫ً‬
‫ىص ًل ذىا قيى و ى‬ ‫أى ٍف ىَل يى يكو ىف يح ٍك يم ٍاأل ٍ‬
‫صلي يح يكلٌّ ًم ٍنػ يه ىما أى ٍف‬ ‫"كع ٍن ىد ٍاآل ىخ ًر بً ًعلا وة" أي ٍخ ىرل يى ٍ‬
‫ٍاألىص ًل‪ ،‬كلى ًكناو معلال ًع ٍن ىد أىح ًد ًىما بً ًعلا وة ً‬
‫ى‬ ‫ى ى‬ ‫ٍ ى ي يى ه‬
‫ىص ًل ًَل ٍختً ىالفً ًه ٍم فًي‬ ‫ً‬ ‫يى يكو ىف ًعلاةن‪ ،‬ىك ىى ىذا ييػ ىق ي‬
‫"كإً ًف اتاػ ىف ىقا ىعلىى علا ًة ٍاأل ٍ‬ ‫ىص ًل‪ ،‬ى‬ ‫ب ٍاأل ٍ‬ ‫اؿ لىوي‪ :‬يم ىراك ي‬
‫ف‪،‬‬ ‫صً‬ ‫ب ال ىٍو ٍ‬ ‫اؿ لىوي يم ىراك ي‬ ‫ود ىىا فًي الٍ ىف ٍر ًع‪ ،‬ىك ىى ىذا ييػ ىق ي‬ ‫ىح يد يى ىما ىك يج ى‬ ‫س الٍو ٍ ً ً‬
‫صف‪ ،‬ىكلىك ٍن ىمنى ىع أ ى‬ ‫نىػ ٍف ً ى‬
‫ىص ًل أ ٍىـ ىَل؟‬ ‫ف‪ ،‬ىى ٍل لىوي يك يجو هد فًي ٍاأل ٍ‬ ‫صً‬ ‫س ال ىٍو ٍ‬ ‫ًَل ٍختً ىالفً ًه ٍم فًي نىػ ٍف ً‬
‫م‪ ،‬ىكابٍ ين‬ ‫ب بً ٍاأل اىكًؿ‪ ،‬ىك ىخالىىفوي ٍاآل ًم ًد ُّ‬ ‫اس ال يٍمراك ً‬
‫يص الٍقيى ً ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫م يىػ ٍقتىضي تى ٍخص ى‬
‫ص ًف ٍّي الٍ ًه ٍن ًد ٍّ ً‬ ‫ىكىك ىال يـ ال ا‬
‫ش ٍر ًط‪،‬‬ ‫ف فًي ا ٍعتًبىا ًر ىى ىذا ال ا‬ ‫ب‪ ،‬كغيرىما‪ ،‬فجعلوه متناكَل لقسمين‪ ،‬ىكقى ًد ا ٍختيلً ى‬ ‫اج ً‬ ‫الٍح ً‬
‫ى‬
‫يصولًيُّو ىف‪،‬‬
‫اعةه‪ ،‬فىػلى ٍم يىػ ٍعتىبً يركهي‪ ،‬ىكقى ٍد طىاو ىؿ ٍاأل ي‬ ‫ور على اعتباره‪ ،‬ىك ىخالىىف يه ٍم ىج ىم ى‬ ‫ٍج ٍم يه ي‬‫ىكال ي‬
‫ش ٍر ًط بً ىما ىَل طىائً ىل تى ٍحتىوي‪.‬‬ ‫ٍج ىدلًيُّو ىف الٍ ىك ىال ىـ ىعلىى ىى ىذا ال ا‬ ‫ىكال ى‬
‫ااس يع‪:‬‬‫الت ً‬
‫ٍح ٍك ًم بًالٍ ىقطٍ ًع‪ ،‬فىا ٍف تىػ ىعبا ٍدنىا فً ًيو بًالٍ ىقطٍ ًع‪ ،‬لى ٍم يى يج ٍز فً ًيو‬ ‫ك ال ي‬ ‫ين فًي ذىلً ى‬ ‫ً‬
‫أى ٍف ىَل نى يكو ىف يمتىػ ىعبٍّد ى‬
‫اؿ‪ :‬بى ٍل ىما تىػ ىعبا ٍدنىا‬ ‫م الٍ ىق ٍو ىؿ بًال ىٍم ٍن ًع‪ ،‬ىكقى ى‬ ‫ف ًٍ‬
‫اإلبٍػيىا ًر ُّ‬ ‫ض اع ى‬‫اس؛ ًألىناوي ىَل ييًفي يد إًاَل الظا ان‪ ،‬ىكقى ٍد ى‬ ‫الٍقيى ي‬
‫ً‬
‫اس‪ ،‬الا ًذم ييًفي يدهي‪ .‬ىكقى ٍد قسم المحققوف القياس إلى ما َل‬ ‫ت بًال ًٍقيى ً‬ ‫از أى ٍف يىػثٍبي ى‬‫فً ًيو بًال ًٍعل ًٍم ىج ى‬
‫ط‬
‫ش ٍر ى‬ ‫اف"‪ :‬لى ىع ال ىى ىذا ال ا‬ ‫يد فًي " ىشر ًح الٍع ٍنػو ً‬ ‫يق ال ًٍع ً‬‫اؿ ابٍ ين ىدقً ً‬ ‫يفيد العلم‪ ،‬كإلى ما ييًفي يدهي‪ .‬ىكقى ى‬
‫ٍ يى‬
‫ٍّي‪ ،‬فىػلى ٍو ىكا ىف قىط ًٍعيًّا‪ ،‬ىك ىعلً ٍمنىا ال ًٍعلاةى قىط نٍعا‪ ،‬ىكيك يج ى‬
‫ود ىىا فًي‬ ‫يل "ال ًٍقيى ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اس ظىن ٌّ‬ ‫ىم ٍبن ٌّي ىعلىى أى اف ىدل ى‬
‫ىص ًل ىكإً ٍف ىكا ىف قىط ًٍعيًّا‪،‬‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫يل" ٍاأل ٍ‬ ‫ٍح ٍك ىم قىط نٍعا‪ ،‬ىكىم ٍن نىظىىر ألى اف ىدل ى‬ ‫الٍ ىف ٍر ًع قىط نٍعا‪ ،‬فىػ ىق ٍد ىعل ٍمنىا ال ي‬
‫اؽ‪ ،‬كإًثٍػب ي ً‬ ‫اإلل ً‬ ‫ك ىعلًمنىا ال ًٍعلاةى ككج ى ً‬
‫ات مثٍ ًل يح ٍك ًم ٍاأل ٍ‬
‫ىص ًل‬ ‫ٍح ى ى‬ ‫س ًٍ ى‬ ‫ود ىىا في الٍ ىف ٍر ًع قىط نٍعا فىػنىػ ٍف ي‬ ‫ىي ي‬ ‫ى ٍ‬
‫س بًىقط ًٍع ٍّي‪.‬‬ ‫ً‬
‫ل ٍل ىف ٍر ًع لىٍي ى‬
‫م‪.‬‬ ‫يد إًلىى ًمثٍ ًل ىى ىذا الٍ ىف ٍخ ير ال ارا ًز ُّ‬ ‫يق ال ًٍع ً‬ ‫ىكقى ٍد تىػ ىق اد ىـ ابٍ ىن ىدقً ً‬
‫اش ير‪:‬‬‫الٍع ً‬
‫ى‬
‫ادي ًر‬‫ات‪ ،‬كم ىق ً‬ ‫ادةً يخزيٍمةى‪ ،‬ك ىع ىد ًد ال ارىكع ً‬ ‫اع ىدةً ال ًٍقيى ً‬ ‫كَل بً ًو عن قى ً‬
‫ىى‬ ‫ى‬ ‫ش ىه ى ى ى ى‬ ‫اس‪ ،‬ىك ى‬ ‫أى ٍف ىَل يى يكو ىف ىم ٍع يد ن ى ٍ‬
‫ٍح ٍك ًم ىم ىع يمنىافً ًيو‪ ،‬ىك ىى ىذا يى ىو‬ ‫اس ىعلىي ًو إًثٍػب ه ً‬ ‫ك؛ ًألى اف إًثٍػب ى ً‬ ‫شابًوي ىذلً ى‬ ‫الٍح يد ً‬
‫ات لل ي‬ ‫ات الٍقيى ً ٍ ى‬ ‫ى‬ ‫كد‪ ،‬ىكىما يي ى‬ ‫ي‬
‫اس ىعلىٍي ًو‪.‬‬ ‫اس ىَل ييػ ىق ي‬ ‫ًج ىع ًن ال ًٍقيى ً‬ ‫ٍخار ي‬‫ىم ٍعنىى قىػ ٍوًؿ الٍ يف ىق ىه ًاء‪ :‬ال ى‬
‫ط الفخر الرازم‪ ،‬كاآلمدم‪ ،‬كابن الحاجب كغيره‪ .‬ىكأىطٍلى ىق ابٍ ين‬ ‫ش ٍر ى‬ ‫ىكًم ام ٍن ذى ىك ىر ىى ىذا ال ا‬
‫اس‪.‬‬ ‫اس ىعلىى ىما عي ًد ىؿ بً ًو ىع ٍن يسنى ًن ال ًٍقيى ً‬ ‫شافً ًع ٍّي‪ ،‬ىج ىو ياز ال ًٍقيى ً‬ ‫اب ال ا‬ ‫ىص ىح ً‬ ‫بأ ٍ‬ ‫بىػ ٍرىىا ىف أى اف ىم ٍذ ىى ى‬
‫ك منع منو الكرخي إَل بإحدل خالؿ‪ :‬إً ٍح ىد ىاىا‪ :‬أى ٍف‬ ‫ٍحنى ًفياةي ىكغىٍيػ يريى ٍم فى ىمنىػعيوهي‪ ،‬ىكىك ىذلً ى‬
‫ىكأى اما ال ى‬
‫ص ىعلىى ًعلاتً ًو‪.‬‬ ‫وؿ قى ٍد نى ا‬ ‫يص ً‬ ‫ً ً‬
‫يى يكو ىف ىما ىكىر ىد ىعلىى خ ىالؼ ٍاأل ي‬
‫ٍخبىػ ير‪ ،‬ىكإً ًف ا ٍختىػلى يفوا فًي ًعلاتً ًو‪.‬‬ ‫يل ىما ىكىر ىد بً ًو ال ى‬ ‫ثىانًيىتيػ ىها‪ :‬أى ٍف تى يكو ىف ٍاأليامةي يم ٍج ًم ىعةن ىعلىى تىػ ٍعلً ً‬
‫وؿ‪ ،‬ىكإً ٍف‬ ‫يص ً‬‫ض ٍاأل ي‬ ‫اس ىعلىى بىػ ٍع ً‬ ‫ٍخبىػ ير يم ىوافً نقا لًل ًٍقيى ً‬ ‫ٍح ٍك يم الا ًذم ىكىر ىد بً ًو ال ى‬ ‫ثىالثىتيػ ىها‪ :‬أى ٍف يى يكو ىف ال ي‬
‫ً‬

‫ىص ول ى‬
‫آخ ىر‪.‬‬ ‫اس ىعلىى أ ٍ‬ ‫ىكا ىف يم ىخالًنفا لًل ًٍقيى ً‬
‫ش ىر‪:‬‬
‫م ىع ى‬ ‫ال ً‬
‫ٍحاد ى‬
‫ى‬
‫ك‪.‬‬ ‫ؼ فًي ذىلً ى‬ ‫أى ٍف ىَل ي يكو ىف ح ٍكم ٍاألىص ًل مغىلاظنا‪ ،‬ىعلىى ًخ ىال و‬
‫ي ي ٍ ي‬ ‫ى‬
‫الثاانً ىي ىع ى‬
‫ش ىر‪:‬‬
‫أى ٍف ىَل ي يكو ىف الٍح ٍكم فًي الٍ ىفر ًع ثىابًتنا قىػبل ٍاأل ٍ ً‬
‫ٍّر ىع ًن‬
‫اد يمتىأىخ ه‬ ‫ىص ًل؛ ألى اف ال ي‬
‫ٍح ٍك ىم ال يٍم ٍستىػ ىف ى‬ ‫ٍى‬ ‫ٍ‬ ‫ي ي‬ ‫ى‬
‫اجتً ىماعي الن ًاق ى‬ ‫اد ًم ٍنو بًالضار ً‬
‫الض اديٍ ًن‪ ،‬ىك يى ىو يم ىح ه‬
‫اؿ‪.‬‬ ‫يض ٍي ًن‪ ،‬أى ًك ٍّ‬ ‫كرة‪ ،‬فىػلى ٍو تىػ ىق اد ىـ لى ًزىـ ٍ‬
‫يى‬ ‫ال يٍم ٍستىػ ىف ً ي‬
‫ً‬ ‫اصل ما ذى ىكركهي ًمن ُّ ً‬
‫ىص ًل‪.‬‬ ‫الش يركط ال يٍم ٍعتىبىػ ىرة فًي ٍاأل ٍ‬ ‫ىى ىذا ىح ي ى ي ى‬
‫ً‬
‫ٍح ُّق ىع ىد يـ ا ٍعتًبىا ًرىىا‪.‬‬
‫وؿ يش يركطنا‪ ،‬ىكال ى‬ ‫يص ً‬ ‫ض أ ٍىى ًل ٍاأل ي‬ ‫ىكقى ٍد ذى ىك ىر بىػ ٍع ي‬
‫ك بً ٍش هر‬‫اإل ٍج ىماعي ىعلىى أى اف يح ٍك ىموي يم ىعلا هل‪ ،‬ذى ىك ىر ذىلً ى‬ ‫ىص يل قى ًد انٍػ ىع ىق ىد ًٍ‬ ‫فى ًم ٍنػ ىها‪ :‬أى ٍف يى يكو ىف ٍاأل ٍ‬
‫ضى‪.‬‬ ‫ش ًر ي‬
‫يف ال يٍم ٍرتى ى‬ ‫يس ُّي ىكال ا‬ ‫ال ًٍم ٍّر ً‬
‫اعةه‪،‬‬‫ك ىج ىم ى‬ ‫اؿ ىذلً ى‬ ‫صوور بًال ىٍع ىد ًد‪ .‬قى ى‬ ‫ىص ًل أى ٍف ىَل يى يكو ىف غىٍيػ ىر ىم ٍح ي‬ ‫ط فًي ٍاأل ٍ‬ ‫ىكًم ٍنػ ىها‪ :‬أى ٍف يي ٍشتىػ ىر ى‬
‫ىك ىخالىىف يه يم الٍ يج ٍم يه ي‬
‫ور‪.‬‬
‫كًم ٍنػها‪ً :‬اَلتٍّػ ىفا يؽ ىعلىى كج ً‬
‫ور‪.‬‬
‫ٍج ٍم يه ي‬
‫ض‪ ،‬ىك ىخالىىف يه يم ال ي‬ ‫ود ال ًٍعلا ًة فًي ٍاأل ٍ‬
‫ىص ًل‪ ،‬قىالىوي الٍبىػ ٍع ي‬ ‫يي‬ ‫ى ى‬
‫ىص ًل فًي يك ٍّل بوضوح‪ ،‬ذكره البعض كخالفهم الجمهور» انتهى‬ ‫ً‬
‫ىكم ٍنػ ىها‪ :‬تىأٍثً يير ٍاأل ٍ‬

‫ِ ‪ -‬أف يكوف حكم األصل ثابتان بنص أك إجماع‪ ،‬فإف كاف ثابتان بقياس لم يصح‬
‫القياس عليو‪ ،‬كإنما يقاس على األصل األكؿ؛ ألف الرجوع إليو أكلى‪ ،‬كألف قياس‬
‫الفرع عليو الذم جعل أصالن قد يكوف غير صحيح‪ ،‬كألف القياس على الفرع ثم‬
‫الفرع على األصل تطويل بال فائدة‪.‬‬
‫مثاؿ ذلك‪ :‬أف يقاؿ‪ :‬يجرم الربا في الذرة قياسان على الرز‪ ،‬كيجرم في الرز قياسان‬
‫على البر‪ ،‬فالقياس ىكذا غير صحيح‪ ،‬كلكن يقاؿ‪ :‬يجرم الربا في الذرة قياسان على‬
‫البر؛ ليقاس على أصل ثابت بنص‪.‬‬
‫ّ ‪ -‬أف يكوف لحكم األصل علة معلومة؛ ليمكن الجمع بين األصل كالفرع فيها‪ ،‬فإف‬
‫كاف حكم األصل تعبديًّا محضان لم يصح القياس عليو‪.‬‬
‫مثاؿ ذلك‪ :‬أف يقاؿ‪ :‬لحم النعامة ينقض الوضوء قياسان على لحم البعير لمشابهتها لو‪،‬‬
‫فيقاؿ‪ :‬ىذا القياس غير صحيح ألف حكم األصل ليس لو علة معلومة‪ ،‬كإنما ىو‬
‫تعبدم محض على المشهور‪.‬‬
‫ْ ‪ -‬أف تكوف العلة مشتملة على معنى مناسب للحكم يعلم من قواعد الشرع‬
‫اعتباره؛ كاإلسكار في الخمر‪.‬‬
‫فإف كاف المعنى كصفان طرديًّا َل مناسبة فيو لم يصح التعليل بو؛ كالسواد كالبياض مثالن‪.‬‬
‫مثاؿ ذلك‪ :‬حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما أف بريرة خيرت على زكجها حين عتقت‬
‫قاؿ‪ :‬ككاف زكجها عبدان أسود ‪ ،‬فقولو‪« :‬أسود»؛ كصف طردم َل مناسبة فيو للحكم‪،‬‬
‫كلذلك يثبت الخيار لألمة إذا عتقت تحت عبد كإف كاف أبيض‪ ،‬كَل يثبت لها إذا‬
‫عتقت تحت حر‪ ،‬كإف كاف أسود‪.‬‬
‫ٓ ‪ -‬أف تكوف العلة موجودة في الفرع كوجودىا في األصل؛كاإليذاء في ضرب‬
‫الوالدين المقيس على التأفيف‪ ،‬فإف لم تكن العلة موجودة في الفرع لم يصح القياس‪.‬‬
‫مثاؿ ذلك‪ :‬أف يقاؿ العلة في تحريم الربا في البر كونو مكيالن‪ ،‬ثم يقاؿ‪ :‬يجرم الربا‬
‫في التفاح قياسان على البر‪ ،‬فهذا القياس غير صحيح‪ ،‬ألف العلة غير موجودة في‬
‫الفرع‪ ،‬إذ التفاح غير مكيل‪.‬‬

‫ذكر المؤلف شركط حكم األصل ك العلة كلم ينبو على شركط الفرع كيمكن إجماؿ ما‬
‫لم يذكره كاآلتي‪:‬‬
‫أ‪/‬شركط الفرع ‪:‬يشترط في الفرع شرطاف‪:‬‬
‫ُ‪ /‬كجود علة األصل فيو ألنها مناط تعدية الحكم إليو‪.‬‬
‫ِ‪ /‬أف َل يكوف منصوصان على حكمو‪ ،‬فإف كاف لم يحتج إلى قياسو على غيره‪.‬‬
‫األصل‪ :‬كيشترط في حكم األصل زيادة على ما لم يذكره المؤلف‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ب‪ /‬شركط حكم‬
‫ُ‪/‬أف يكوف الفرع مساكياى لو في األصل كقياس األرز على البر في تحريم الربا فإف كاف‬
‫الحكم في الفرع أزيد منو في األصل أك أنقص لم يصح القياس؛ كأف يكوف حكم‬
‫األصل الوجوب كحكم الفرع الندب أك العكس‪.‬‬
‫ِ‪ /‬أف يكوف شرعيان؛ َل عقليان فال يثبت ذلك بالقياس ألنو يطلب فيو اليقين كالقياس‬
‫يفيد الظن‪.‬‬
‫ج‪ /‬شركط العلة‪ :‬يشترط في العلة شرطاف‪:‬‬
‫ُ‪ /‬أف تكوف العلة متعدية فإف كانت قاصرة على محلها امتنع القياس بها لعدـ تعديها‬
‫إلى الفرع مثاؿ ذلك‪ :‬جعل شهادة خزيمة كشهادة رجلين لعلة سبقو إلى تصديق النبي‬
‫صلى اهلل عليو كسلم بنوع من التصديق لم يسبقو إليو غيره‪.‬‬
‫ِ‪ /‬أف تكوف كا ًإلسكار فكلما كجد ا ًإلسكار في شيء كجد التحريم فيو‪ ،‬ككالطعم‬
‫كالكيل فكلما كجد الكيل أك الطعم في شيء حرـ الربا فيو‪ ،‬فإذا تخلفت فإف كاف‬
‫تخلفها لمانع فال تبطل كما ل ًو قيل القتل العمد العدكاف علة للقصاص كقد تخلفت في‬
‫قتل الوالد لولده عمداى عدكانان إذ أنو َل يقتل بو فيقاؿ إنها تخلفت لمانع ىو األبوة فال‬
‫تبطل في غير األب؛ فكلما كجد القتل العمد العدكاف من غير األب كنحوه كجب‬
‫القصاص‪.‬‬
‫كإف كاف تخلفها من غير مانع فال يصح التعليل بها كما لو قيل‪ :‬تجب الزكاة في‬
‫المواشي قياسان على األمواؿ بجامع دفع حاجة الفقير فيقاؿ إف التعليل بدفع حاجة‬
‫الفقير قد تخلف عنها الحكم في الجواىر مثال‪.‬‬

‫أقساـ القياس‪:‬‬
‫كخفي‪.‬‬
‫جلي ٍّ‬ ‫ينقسم القياس إلى ٌ‬
‫ُ ‪ -‬فالجلي‪ :‬ما ثبتت علتو بنص‪ ،‬أك إجماع‪ ،‬أك كاف مقطوعان فيو بنفي الفارؽ بين‬
‫األصل كالفرع‪.‬‬
‫مثاؿ ما ثبتت علتو بالنص‪ :‬قياس المنع من اَلستجمار بالدـ النجس الجاؼ على‬
‫المنع من اَلستجمار بالركثة‪ ،‬فإف علة حكم األصل ثابتة بالنص حيث أتى ابن مسعود‬
‫رضي اهلل عنو إلى النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم بحجرين كركثة؛ ليستنجي بهن‪ ،‬فأخذ‬
‫الحجرين‪ ،‬كألقى الركثة‪ ،‬كقاؿ‪« :‬ىذا ركس» كالركس النجس‪.‬‬
‫كمثاؿ ما ثبتت علتو باإلجماع‪ :‬نهي النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم أف يقضي القاضي كىو‬
‫غضباف ‪ ،‬فقياس منع الحاقن من القضاء على منع الغضباف منو من القياس الجلي‪،‬‬
‫لثبوت علة األصل باإلجماع كىي تشويش الفكر كانشغاؿ القلب‪.‬‬
‫كمثاؿ ما كاف مقطوعان فيو بنفي الفارؽ بين األصل كالفرع‪ :‬قياس تحريم إتالؼ ماؿ‬
‫اليتيم باللبس على تحريم إتالفو باألكل للقطع بنفي الفارؽ بينهما‪.‬‬
‫ىو ما َل يحتاج معو إلى التعرض للعلة الجامعة بل يكتفي فيو بنفي الفارؽ المؤثر في‬
‫الحكم كإلغاء الفارؽ بين البوؿ في الماء الراكد كالبوؿ في إناء كصبو فيو‪ ،‬كىو أنواع‬
‫منها‪.‬‬
‫ُ‪ /‬ما كاف المسكوت عنو أكلى بالحكم من المنطوؽ مع القطع بنفي الفارؽ كإلحاؽ‬
‫مثقاؿ الجبل بمثقاؿ الذرة في المؤاخذة‪ ،‬كإلحاؽ ضرب الوالدين بالتأفيف في‬
‫التحريم‪ ،‬كإلحاؽ مادكف القنطار كفوؽ الدينار بهما في التأدية من بعض أىل الكتاب‬
‫إذا أؤتمن عليو في األكؿ كالمطل من بعضهم في الثاني‪.‬‬
‫ِ‪ /‬ما كاف المسكوت عنو مساكيان للمنطوؽ في الحكم مع القطع بنفي الفارؽ‪ .‬كإلحاؽ‬
‫إغراؽ ماؿ اليتيم كإحراقو بأكلو في التحريم‪.‬‬
‫ك القياس الجلي كذلك ما َل يحتمل إَل معنى كاحدا كىو ما ثبتت علٌيتو بدليل قاطع َل‬
‫يحتمل التأكيل كىو أنواع بعضها أجلى من بعض فأجالىا ما صرح فيو بلفظ التعليل‬
‫كقولو تعالى‪ { :‬ىك ٍي َل يى يكو ىف يدكلىةن بىػ ٍي ىن ٍاألى ٍغنًيى ًاء ًم ٍن يك ٍم}‪ .‬ككقولو صلى اهلل عليو كسلم‪:‬‬
‫"إنما نهيتكم ألجل الدافة" فصرح بلفظ التعليل كيليو ما دؿ عليو التنبيو من جهة‬
‫يؼ} فنبو على أف الضرب أكلى بالمنع ككنهيو عن‬ ‫األكلى كقولو تعالى‪{ :‬فىال تىػ يق ٍل لى يه ىما أ ٍّ‬
‫التضحية بالعوراء فإنو يدؿ على أف العمياء أكلى بالمنع كيليو ما فهم من اللفظ من غير‬
‫جهة األكلى كنهيو عن البوؿ في الماء الراكد الدائم كاألمر بإراقة السمن الذائب إذا‬
‫كقعت فيو الفأرة فإنو يعرؼ من لفظو أف الدـ مثل البوؿ كالشيرج مثل السمن ككذلك‬
‫كل ما استنبط من العلل كأجمع المسلموف عليها فهو جلي كإجماعهم على أف الحد‬
‫للردع كالزجر عن ارتكاب المعاصي كنقصاف حد العبد عن حد الحر لرقو فهذا الضرب‬
‫من القياس َل يحتمل إَل معنى كاحدا كينقض بو حكم الحاكم إذا خالفو كما ينقض إذا‬
‫خالف‪ .‬النص كاإلجماع‪.‬‬

‫ِ ‪ /‬كالخفي‪ :‬ما ثبتت علتو باستنباط‪ ،‬كلم يقطع فيو بنفي الفارؽ بين األصل كالفرع‪.‬‬
‫مثالو‪ :‬قياس األشناف على البر في تحريم الربا بجامع الكيل‪ ،‬فإف التعليل بالكيل لم‬
‫يثبت بنص كَل إجماع‪ ،‬كلم يقطع فيو بنفي الفارؽ بين األصل كالفرع‪ ،‬إذ من الجائز‬
‫أف يفرؽ بينهما بأف البر مطعوـ بخالؼ األشناف‪.‬‬

‫القياس الخفي أك الظني ىو بإختصار‪ :‬ما احتيج فيو إلى البحث عن العلة الجامعة‬
‫كإلحاؽ األرز بالبر في تحريم الربا بجامع الكيل‪.‬‬
‫فهو ما كاف محتمل كىو ما ثبت بطريق محتمل كىو أنواع بعضها أظهر من بعض‬
‫فأظهرىا ما دؿ عليو ظاىر مثل الطعم في الربا فإنو علم من نهيو صلى اهلل عليو كسلم‬
‫عن بيع المطعوـ في قولو‪َ" :‬ل تبيعوا الطعاـ بالطعاـ إَل مثل بمثل" فإنو علق النهي على‬
‫الطعم فالظاىر أنو علة ككما ثبت أف بريرة أعتقت ك كاف زكجها عبدا فخيرىا رسوؿ اهلل‬
‫صلى اهلل عليو كسلم فالظاىر أنو خيرىا لعبودية الزكج كيليو ما عرؼ باَلستنباط كدؿ‬
‫عليو التأثير كالشدة المطربة في الخمر فإنو لما كجد التحريم بوجودىا كزاؿ بزكالها دؿ‬
‫على أنها ىي العلة‪ ،‬كىذا الضرب من القياس ألنو محتمل أف يكوف الطعاـ أراد بو ما‬
‫يطعم كلكن حرـ فيو التفاضل لمعنى غير الطعم ككذلك حديث بريرة يحتمل أنو أثبت‬
‫الخيار لرقو كيحتمل أف يكوف لمعنى آخر كيكوف ذكر رؽ الزكج تعريفا ككذلك التحريم‬
‫في الخمر يجوز أف يكوف للشدة المطربة كيجوز أف يكوف َلسم الخمر فإف اَلسم‬
‫يوجد بوجود الشدة كيزكؿ بزكالها فهذا َل ينقض بو حكم الحاكم‪.‬‬

‫قياس الشبو‪:‬‬
‫كمن القياس ما يسمى‪ :‬ب‪« -‬قياس الشبو» كىو أف يتردد فرع بين أصلين مختلفي‬
‫الحكم‪ ،‬كفيو شبو بكل منهما‪ ،‬فيلحق بأكثرىما شبهان بو‪ ،‬مثاؿ ذلك‪ :‬العبد ىل يملك‬
‫بالتمليك قياسان على الحر أك َل يملك قياسان على البهيمة؟‬
‫إذا نظرنا إلى ىذين األصلين الحر كالبهيمة كجدنا أف العبد متردد بينهما‪ ،‬فمن حيث‬
‫أنو إنساف عاقل يثاب كيعاقب كينكح كيطلق؛ يشبو الحر‪ ،‬كمن حيث أنو يباع كيرىن‬
‫كيوقف كيوىب كيورث كَل يودع كيضمن بالقيمة كيتصرؼ فيو؛ يشبو البهيمة‪ ،‬كقد‬
‫كجدنا أنو من حيث التصرؼ المالي أكثر شبهان بالبهيمة فيلحق بها‬
‫كىذا القسم من القياس ضعيف إذ ليس بينو كبين األصل علة مناسبة سول أنو يشبهو‬
‫في أكثر األحكاـ مع أنو ينازعو أصل آخر‪.‬‬

‫قاؿ أبو إسحاؽ الشيرزم ‪ «:‬قياس الشبو كىو أف تحمل فرعان على األصل بضرب من‬
‫الشبو كذلك مثل أف يتردد الفرع بين أصلين يشبو أحدىما في ثالثة أكصاؼ كيشبو‬
‫اآلخر في كصفين فيرد إلى أشبو األصلين بو كذلك كالعبد يشبو الحر في أنو آدمي‬
‫مخاطب مثاب معاقب كيشبو البهيمة في أنو مملوؾ مقوـ فيلحق بما ىو أشبو بو‬
‫ككالوضوء يشبو التيمم في إيجاب النية من جهة أنو طهارة عن حدث كيشبو إزالة‬
‫النجاسة في أنو طهارة بمائع فيلحق بما ىو أشبو بو فهذا اختلف أصحابنا فيو فمنهم‬
‫من قاؿ إف ذلك يصح كللشافعي ما يدؿ عليو ‪ ،‬كمنهم من قاؿ‪َ :‬ل يصح كتأكؿ ما قاؿ‬
‫الشافعي على أنو أراد بو أنو يرجح بو قياس العلة بكثرة الشبو‪ .‬كاختلف القائلوف بقياس‬
‫الشبو فمنهم من قاؿ الشبو الذم يرد الفرع إلى األصل يجب أف يكوف حكما كمنهم‬
‫من قاؿ‪ :‬يجوز أف يكوف حكما كيجوز أف يكوف صفة قاؿ الشيخ اإلماـ رحمو اهلل‪:‬‬
‫كاألشبو عندم قياس الشبو َل يصح ألنو ليس بعلة الحكم عند اهلل تعالى كَل دليل على‬
‫العلة‪ ،‬فال يجوز تعليق الحكم عليو»انتهى‪.‬‬
‫مقصود المؤلف من ىذا القياس أنو إذا شابو الفرع أصلين مختلفين كحصل تردد بأيهما‬
‫يلحق فهذا ما يسميو األصوليوف قياس الشبو‪.‬‬
‫كقد مثل األصوليوف بالعبد فقالوا‪ :‬إذا قيتً ىل العبد مثال فهل يلحق بالحر فتكوف فيو‬
‫الدية‪ ،‬أك بالمتاع فتكوف فيو القيمة‪ ،‬فمن جهة أنو إنساف مكلف شابو الحر‪ ،‬كفي الحر‬
‫الدية‪ ،‬كمن جهة أنو يباع كيوىب كيورث شابو المتاع كفي المتاع القيمة فقد جمع بين‬
‫شبهين مختلفين‪ ،‬شبو الحر فيوجب الدية كشبو المتاع فيوجب القيمة‪ ،‬كلهذا سمى‬
‫قياس الشبو‪ .‬ثم كجدناه الصق بأحدىما في الحكم الشرعي حيث إنو يباع كيوىب‬
‫كيورث بل كتضمن أجزاؤه بالقيمة فهذه كلها رجحت شبهو بالماؿ فلحق بو في‬
‫الضماف‪.‬‬

‫قياس العكس‪:‬‬
‫كمن القياس ما يسمى ب‪« -‬قياس العكس» كىو‪ :‬إثبات نقيض حكم األصل للفرع‬
‫لوجود نقيض علة حكم األصل فيو‪.‬‬
‫كمثلوا لذلك بقولو صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪« :‬كفي بضع أحدكم صدقة»‪ .‬قالوا‪ :‬يا رسوؿ‬
‫اهلل! أيأتي أحدنا شهوتو كيكوف لو فيها أجر؟ قاؿ‪« :‬أرأيتم لو كضعها في حراـ أكاف‬
‫عليو كزر؟ فكذلك إذا كضعها في الحالؿ كاف لو أجر»‪.‬‬
‫فأثبت النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم للفرع كىو الوطء الحالؿ نقيض حكم األصل كىو‬
‫الوطء الحراـ لوجود نقيض علة حكم األصل فيو‪ ،‬أثبت للفرع أجران ألنو كطء حالؿ‪،‬‬
‫كما أف في األصل كزران ألنو كطء حراـ‪.‬‬

‫خالصة ما ذكره المؤلف أف قياس العكس ىو‪ :‬معرفة حكم فرع بحملو على عكس‬
‫حكم األصل؛ َلختالفهما في العلة‪ ،‬كذلك مثل قوؿ النبي صلى اهلل عليو كسلم‪( :‬كفي‬
‫بضع أحدكم صدقة‪ ،‬قالوا يا رسوؿ اهلل! أيأتي أحدنا شهوتو كيكوف لو فيها أجر؟! قاؿ‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬أرأيتم إذا كضعها في حراـ أكاف عليو كزر؟ فكذلك إذا كضعها في حالؿ كاف لو‬
‫أجر) ‪ ،‬فاستباحة الحالؿ الذم يثاب عليو اإلنساف قياس‪ ،‬لكنو ليس كقياس الطرد؛‬
‫ألف األصل كالفرع َل تجمعهما علة‪ ،‬فال يجتمعاف في الحكم‪ ،‬فحكمهما مختلف‬
‫َلختالؼ علتهما‪ ،‬فعلة اإلثم في الزنا أنو كضعها في حراـ‪ ،‬كيقابلها علة الثواب في‬
‫المباح أنو كضعها في حالؿ‪.‬‬

‫التعارض‬
‫تعريفو‪:‬‬
‫التعارض لغة‪ :‬التقابل كالتمانع‪.‬‬

‫التعارض لغة‪ :‬ىو التقابل‪ ،‬كىذا قد يكوف على سبيل المماثلة كالمساكاة‪ ،‬كمن ذلك‬
‫قولهم‪ " :‬عارضت فالنا في السير "إذا سرت حيالو‪.‬كقد يكوف على سبيل الممانعة‬
‫كالمدافعة‪ ،‬كمن ذلك قولهم‪":‬عرض الشيء يعرض "‪ :‬إذا انتصب كصار مانعا كالحجر‬
‫في الطريق يمنع السالكين‪ ،‬كمنو قولهم‪ " :‬اعترض الشيء دكف الشيء " أم حاؿ‬
‫دكنو‪.‬‬

‫كاصطالحان‪« :‬تقابل الدليلين بحيث يخالف أحدىما اآلخر»‪.‬‬

‫ك عرفو بعض األصوليين بقولهم‪ :‬تقابل الدليلين على سبيل الممانعة‪.‬ك المعنى كاحد‬
‫شرح تعريف المؤلف‪:‬‬
‫قولو‪« :‬تقابل الدليلين» لفظ " تقابل " عاـ يشمل كل تقابل‪ ،‬فيدخل التقابل الواقع بين‬
‫حكمين مختلفين كالوجوب كالتحريم‪ ،‬كيدخل التقابل الواقع بين أقواؿ المجتهدين‪،‬‬
‫كيدخل التقابل بين الدليلين‪.‬لكن عبارة المؤلف‪ " :‬تقابل الدليلين " أخرجت ما سبق‬
‫إَل تقابل الدليلين‪.‬‬
‫« بحيث يخالف أحدىما اآلخر» أتي بها لبياف أنو يشترط في الدليلين المتعارضين‪:‬‬
‫أف يدؿ أحد الدليلين على غير ما يدؿ عليو اآلخر كأف يدؿ أحدىما على الجواز‪،‬‬
‫كاآلخر يدؿ على التحريم‪،‬فدليل الجواز يمنع التحريم‪ ،‬كدليل التحريم يمنع الجواز‪،‬‬
‫فكل منهما مقابل اآلخر‪ ،‬كمعارض لو‪ ،‬كمانع منو‪.‬‬
‫ك لم يتناكؿ المؤلف شركط التعارض ك ىي باختصار أربعة‪:‬‬
‫يحرـ‬
‫الشرط األكؿ‪ :‬أف يكوف الدليالف متضادين تماـ التضاد‪ ،‬بأف يكوف أحدىما ٍّ‬
‫كاآلخر يبيح مثال‪.‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬أف يتساكل الدليالف في القوة‪ ،‬فال تعارض بين متواتر كآحاد‪ ،‬كَل بين ما‬
‫دَللتو قطعية كما دَللتو ظنية‪.‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬أف يكوف تقابل الدليلين في كقت كاحد؛ ألف اختالؼ الزمن ينفي‬
‫التعارض‪.‬‬
‫الشرط الرابع‪ :‬أف يكوف تقابل الدليلين في محل كاحد‪ ،‬ألف التضاد كالتنافي َل يتحقق‬
‫بين الشيئين في محلين‪.‬‬
‫كأقساـ التعارض أربعة‪:‬‬

‫بعدما فرغ المؤلف من تعريف مبحث التعارض شرع في بياف أقسامو‪.‬قاؿ رحمو اهلل‬
‫األكؿ‪ :‬أف يكوف بين دليلين عامين كلو أربع حاَلت‪:‬‬

‫ُ ‪ /‬أف يمكن الجمع بينهما بحيث يحمل كل منهما على حاؿ َل يناقض اآلخر فيها‬
‫فيجب الجمع‪.‬‬
‫يم}‬ ‫صر و‬
‫اط يم ٍستى ًق و‬ ‫مثاؿ ذلك‪ :‬قولو تعالى لنبيو صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪{ :‬كإًنا ى ً ً ً‬
‫ك لىتىػ ٍهدم إلىى ى‬ ‫ى‬
‫ت} [القصص‪ :‬من اآلية‬ ‫ىحبىٍب ى‬ ‫ً‬ ‫[الشورل‪ :‬من اآلية ِٓ] كقولو‪{ :‬إًنا ى‬
‫ك َل تىػ ٍهدم ىم ٍن أ ٍ‬
‫ٔٓ] كالجمع بينهما أف اآلية األكلى يراد بها ىداية الدَللة إلى الحق كىذه ثابتة‬
‫للرسوؿ صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪.‬‬
‫كاآلية الثانية يراد بها ىداية التوفيق للعمل‪ ،‬كىذه بيد اهلل تعالى َل يملكها الرسوؿ‬
‫صلٌى اهلل عليو كسلٌم كَل غيره‪.‬‬

‫أفادنا المؤلف أف ىناؾ طرقا للخركج من التعارض‪ :‬أكَلن‪ :‬أف يمكن الجمع بين الدليلين‬
‫المتعارضين فيجمع بينهما حينئذ كىذا مذىب جمهور األصوليين من المالكية‬
‫كالشافعية كالحنابلة كالمعتزلة‪ ،‬فإف لم يمكن الجمع قالوا بترجيح أحدىما على اآلخر‬
‫بأحد المرجحات‪ ،‬كقاؿ الحنفية ‪:‬بترجيح أحدىما على اآلخر أكَلن‪ ،‬ثم النظر في تاريخ‬
‫النصين ثم في الجمع بينهما ثم التساقط‪ ،‬كفي المسألة أقواؿ أخرل ‪.‬‬
‫قاؿ المحلي ‪«:‬فإف كانا عامين فإف أمكن الجمع بينهما جمع بحمل كل منهما على‬
‫حاؿ ‪ ،‬مثالو حديث (شر الشهود الذم يشهد قبل أف يستشهد) ‪ ،‬كحديث (خير‬
‫الشهود الذم يشهد قبل أف يستشهد) فحمل األكؿ على ما إذا كاف من لو الشهادة‬
‫عالمان بها‪.‬كالثاني على ما إذا لم يكن عالمان بها كالثاني ركاه مسلم بلفظ (أَل أخبركم‬
‫بخير الشهود الذم يأتي بشهادتو قبل أف يسألها)‪.‬‬
‫كاألكؿ متفق على معناه في حديث (خيركم قرني ثم الذم يلونهم) إلى قولو (ثم يكوف‬
‫بعدىم قوـ يشهدكف قبل أف يستشهدكا)‪ »..‬انتهى‬

‫ِ ‪ /‬فإف لم يمكن الجمع‪ ،‬فالمتأخر ناسخ إف علم التاريخ فيعمل بو دكف األكؿ‪.‬‬
‫وموا ىخ ٍيػ هر‬
‫صي‬ ‫ع ىخ ٍيران فىػ يه ىو ىخ ٍيػ هر لىوي ىكأى ٍف تى ي‬
‫مثاؿ ذلك‪ :‬قولو تعالى في الصياـ‪{ :‬فى ىم ٍن تىطىاو ى‬
‫لى يك ٍم} [البقرة‪ :‬من اآلية ُْٖ] فهذه اآلية تفيد التخيير بين اإلطعاـ كالصياـ مع‬
‫ص ٍموي ىكىم ٍن ىكا ىف ىم ًريضان أ ٍىك‬ ‫ترجيح الصياـ‪ ،‬كقولو تعالى‪{ :‬فى ىم ٍن ىش ًه ىد ًم ٍن يك يم ال ا‬
‫ش ٍه ىر فىػلٍيى ي‬
‫يخر} [البقرة‪ :‬من اآلية ُٖٓ] تفيد تعيين الصياـ أداء في‬ ‫ىعلىى ىس ىف ور فى ًع ادةه ًم ٍن أىيا واـ أ ى‬
‫كقضاء في حقهما‪ ،‬لكنها متأخرة عن األكلى‪ ،‬فتكوف‬
‫ن‬ ‫حق غير المريض كالمسافر‪،‬‬
‫ناسخة لها كما يدؿ على ذلك حديث سلمة بن األكوع الثابت في «الصحيحين»‬
‫كغيرىما‪.‬‬

‫مقصود المؤلف من الحالة الثانية أف يجعل أحدىما ناسخان لْلخر إذا علم التاريخ ك‬
‫ع ىخ ٍيػ نرا فىػ يه ىو ىخ ٍيػ هر لىوي}‬
‫تعذر الجمع كقد مثل رحمو اهلل بقولو تعالى‪{ :‬فى ىم ٍن تىطىاو ى‬
‫[البقرة‪ ، ]ُْٖ:‬فقولو‪( :‬فمن تطوع خيران فهو خير لو) ‪ ،‬يدؿ على التخيير بين الصوـ‬
‫يضا أ ٍىك ىعلىى ىس ىف ور‬ ‫ات فى ىم ٍن ىكا ىف ًم ٍن يك ٍم ىم ًر ن‬
‫كد و‬
‫كالفطر في السفر‪ ،‬فإنو قاؿ‪{ :‬أىيا ناما ىم ٍع يد ى‬
‫يخر كعلىى الا ًذين ي ًطي يقونىو فً ٍديةه طىع ً‬ ‫ً‬
‫ع ىخ ٍيػ نرا فىػ يه ىو ىخ ٍيػ هر‬‫اـ م ٍس ًكي ون فى ىم ٍن تىطىاو ى‬ ‫ىي ي ى ىي‬ ‫فى ًع ادةه م ٍن أىيا واـ أ ى ى ى ى‬
‫وموا ىخ ٍيػ هر لى يك ٍم} [البقرة‪ ]ُْٖ:‬كىذا يقتضي ترجيح الصياـ على اإلفطار‪،‬‬
‫صي‬ ‫لىوي ىكأى ٍف تى ي‬
‫فحينئذ ييجعل الثاني ناسخان‪ ،‬أم‪ :‬أف الصياـ أفضل لمن َل يشق عليو‪.‬‬

‫ّ ‪ /‬فإف لم يعلم التاريخ عمل بالراجح إف كاف ىناؾ مرجح‪.‬‬


‫مثاؿ ذلك‪ :‬قولو صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪« :‬من مس ذكره فليتوضأ» كسئل صلٌى اهلل‬
‫عليو كسلٌم عن الرجل يمس ذكره؛ أعليو الوضوء؟ قاؿ‪َ« :‬ل إنما ىو بضعة منك» ‪،‬‬
‫فيرجح األكؿ؛ ألنو أحوط‪ ،‬كألنو أكثر طرقان‪ ،‬كمصححوه أكثر‪ ،‬كألنو ناقل عن األصل‪،‬‬
‫ففيو زيادة علم‪.‬‬
‫الترجيح ىو‪ :‬تقديم المجتهد ألحد الدليلين المتعارضين؛ لما فيو من مزية معتبرة تجعل‬
‫العمل بو أكلى من اآلخر ك َل يوجد إَل بين الدليلين المتعارضين؛ ألنو لوَل التعارض لما‬
‫كجدت حاجة إلى الترجيح كالبحث عنو بعد تعذر الجمع‪ ،‬فلم يلجأ المجتهد إلى‬
‫الترجيح إَل من أجل التخلص من ذلك التعارض‪.‬‬
‫ك بالنسبة للمثاؿ الذم ذكره المؤلف عند الحنفية يرجح حديث طلق بن علي عن‬
‫حديث بسرة بنت صفواف؛ ألف ىذا من أحكاـ الرجاؿ‪ ،‬كلم يركه أحد من الرجاؿ‪ ،‬فال‬
‫يؤخذ بركاية المرأة لو‪ ،‬كعند الجمهور يرجح باعتبار قوة اإلسناد‪ ،‬كحديث بسرة َل شك‬
‫أقول إسنادان من حديث طلق بن علي‪ ،‬كأيضان فإف العمل باَلحتياط؛ للخركج من‬
‫الخالؼ كبإعماؿ الدليل‪ ،‬مرجح لحديث بسرة على حديث طلق‪ ،‬ىذا إذا كاف‬
‫الدليالف عامين‪.‬‬

‫ْ‪ /‬فإف لم يوجد مرجح كجب التوقف‪ ،‬كَل يوجد لو مثاؿ صحيح‪.‬‬

‫قاؿ المحلي في شرحو للورقات «كإف لم يمكن الجمع بينهما‪ ،‬يتوقف فيهما إف لم‬
‫ت‬
‫يعلم التاريخ ‪ ،‬أم إلى أف يظهر مرجح أحدىما‪ ،‬مثالو قولو تعالى {أ ٍىك ىما ىملى ىك ٍ‬
‫تج ىمعيوا بىػ ٍي ىن ٍاألي ٍختىػ ٍي ًن} فاألكؿ يجوز ‪ ...‬جمع األختين‬
‫{كأى ٍف ٍ‬
‫هم} كقولو تعالى ى‬
‫أىيٍ ىماني ٍ‬
‫بملك اليمين‪ .‬كالثاني يحرـ ذلك ‪ ،‬فرجح التحريم ألنو أحوط » انتهى أم ألف‬
‫التحريم أحوط من الحل الذم ىو مقتضى األكؿ‪ ،‬إذ العمل بو مخلص عن المحذكر‬
‫بالحل َلحتماؿ المحذكر فيقع فيو‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫يقينان بخالؼ العمل‬

‫القسم الثاني‪ :‬أف يكوف التعارض بين خاصين‪ ،‬فلو أربع حاَلت أيضان‪.‬‬

‫بعدما بين المؤلف الحاَلت األربع لتعارض الدليلين العامين ‪ ،‬انتقل إلى بياف الحاَلت‬
‫األخرل للدليلين الخاصين ك ىي كذلك أربع‪:‬‬
‫ُ‪ /‬أف يمكن الجمع بينهما فيجب الجمع‪.‬‬
‫مثالو حديث جابر رضي اهلل عنو في صفة حج النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم أف النبي‬
‫صلٌى اهلل عليو كسلٌم صلى الظهر يوـ النحر بمكة كحديث ابن عمر رضي اهلل عنهما‬
‫أف النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم صالىا بمنى ‪ ،‬فيجمع بينهما بأنو صالىا بمكة‪ ،‬كلما‬
‫خرج إلى منى أعادىا بً ىم ٍن فيها من أصحابو‪.‬‬

‫ىذاف الحديثاف اللذاف مثل بهما المؤلف تعارضا كىما خاصاف‪ ،‬فجمع بينهما النوكم‬
‫بقولو‪ :‬ككجو الجمع بينهما أنو صلى اهلل عليو كسلم طاؼ لإلفاضة قبل الزكاؿ‪ ،‬ثم‬
‫صلى الظهر بمكة في أكؿ كقتها‪ ،‬ثم رجع إلى منى فصلى بها الظهر مرة أخرل‬
‫بأصحابو حين سألوه ذلك‪ ،‬كلكن قد يحمل ىذا على أف أحدىما نسي كأف اآلخر‬
‫ذكر‪ ،‬كأف األمر جائز‪ ،‬إذ لو كاف األمر مما يطلب فيو الحسم لجاء فيو نص حاسم‪.‬‬
‫مثاؿ الجمع بين الدليلين الخاصين قوؿ النبي صلى اهلل عليو كسلم‪( :‬أيما إىاب دبغ‬
‫فقد طهر) ‪ ،‬كما ركم عنو صلى اهلل عليو كسلم من حديث عبد اهلل بن عكيم (أنو كتب‬
‫إليهم قبل موتو بشهر‪ :‬أف َل تنتفعوا من الميتة بإىاب كَل عصب) ‪ ،‬فجمع بينهما أف‬
‫اإلىاب اسم لما لم يدبغ‪ ،‬فيحمل حديث ابن عكيم على ما لم يدبغ‪ ،‬كحديث ابن‬
‫عباس على ما دبغ‪ ،‬فيكوف ما دبغ قد طهر‪ ،‬كما لم يدبغ باؽ على النهي‪ ،‬كمحل ىذا‬
‫عند صحة حديث ابن عكيم كالراجح فيو عدـ الصحة‪.‬‬
‫صلاى‬
‫ك من األمثلة كذلك على الجمع بين الدليلين الخاصين كما في حديث (أنو ‪ -‬ى‬
‫اهللي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم ‪ -‬توضأ كغسل رجليو) كىذا مشهور في الصحيحين كغيرىما‪.‬‬
‫صلاى اهللي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم ‪ -‬توضأ كرش الماء على قدميو كىما في النعلين)‬
‫كحديث (أنو ‪ -‬ى‬
‫ركاه النسائي كالبيهقي كغيرىما فجمع بينهما بأف الرش في حاؿ التجديد لما في‬
‫بعض الطرؽ (أف ىذا كضوء من لم يحدث)‬

‫ِ ‪ /‬فإف لم يمكن الجمع‪ ،‬فالثاني ناسخ إف علم التاريخ‪.‬‬


‫وريى ان ىكىما‬
‫يج ى‬ ‫تأي‬ ‫الالتًي آتىػ ٍي ى‬ ‫ك ا‬ ‫اج ى‬ ‫ك أى ٍزىك ى‬ ‫ىحلىلٍنىا لى ى‬‫مثالو‪ :‬قولو تعالى‪{ :‬يىا أىيُّػ ىها النابً ُّي إًناا أ ٍ‬
‫ات ىع اماتً ى‬ ‫ك كبػنى ً‬ ‫ً‬ ‫اء اللاوي ىعلىٍي ى‬ ‫ت ي ًمين ى ً‬
‫ك} [األحزاب‪ :‬من اآلية‬ ‫ك ىكبىػنىات ىع ٍّم ى ى ى‬ ‫ك م اما أىفى ى‬ ‫ىملى ىك ٍ ى ي‬
‫ك‬ ‫ٍّساءي ًم ٍن بىػ ٍع يد ىكَل أى ٍف تىػبى اد ىؿ بً ًه ان ًم ٍن أى ٍزىك و‬
‫اج ىكلى ٍو أى ٍع ىجبى ى‬ ‫ك الن ى‬ ‫َٓ]‪ ،‬كقولو‪َ{ :‬ل يى ًح ُّل لى ى‬
‫يح ٍسنيػ يهن} [األحزاب‪ :‬من اآلية ِٓ]‪ ،‬فالثانية ناسخة لألكلى على أحد األقواؿ‪.‬‬

‫ت‬‫وريى ان ىكىما ىملى ىك ٍ‬


‫يج ى‬ ‫الالتًي آتىػ ٍي ى‬
‫تأي‬ ‫ك ا‬ ‫ك أى ٍزىك ى‬
‫اج ى‬ ‫ىحلىلٍنىا لى ى‬‫قولو تعالى‪{ :‬يىا أىيُّػ ىها النابً ُّي إًناا أ ٍ‬
‫ات ىخاَلتً ى‬ ‫ك كبػنى ً‬ ‫ً ً‬ ‫ات ىع اماتً ى‬‫ك كبػنى ً‬ ‫ً‬ ‫اء اللاوي ىعلىٍي ى‬ ‫ي ًمين ى ً‬
‫ك‬ ‫ك ىكبىػنىات ىخال ى ى ى‬ ‫ك ىكبىػنىات ىع ٍّم ى ى ى‬ ‫ك م اما أىفى ى‬ ‫ى ي‬
‫س ىها لًلنابً ٍّي} [األحزاب‪ ، ]َٓ:‬ظاىر‬ ‫ت نىػ ٍف ى‬‫ك ىك ٍام ىرأىةن يم ٍؤًمنىةن إً ٍف ىك ىىبى ٍ‬
‫اج ٍر ىف ىم ىع ى‬ ‫اً‬
‫الالتي ىى ى‬
‫ىذه اآلية إباحة الزكاج للنبي صلى اهلل عليو كسلم مطلقان دكف انحصار في عدد محدد‪،‬‬
‫ٍّساءي ًم ٍن بىػ ٍع يد ىكَل أى ٍف تىػبى اد ىؿ بً ًه ان ًم ٍن أى ٍزىك و‬
‫اج ىكلى ٍو‬ ‫ك الن ى‬‫ثم أنزؿ قوؿ اهلل تعالى‪َ{ :‬ل يى ًح ُّل لى ى‬
‫ك ىكىكا ىف اللاوي ىعلىى يك ٍّل ىش ٍي وء ىرقًيبنا} [األحزاب‪]ِٓ:‬‬ ‫ت يى ًميني ى‬‫ك يح ٍسنيػ يه ان إًاَل ىما ىملى ىك ٍ‬
‫أى ٍع ىجبى ى‬
‫‪ ،‬كقد علم أف ىذه اآلية نزؿ بها جبريل بعد أف دخل النبي صلى اهلل عليو كسلم‬
‫بميمونة بنت الحارث‪ ،‬كىي آخر امرأة تزكجها‪ ،‬فعلم أف ىذه اآلية ناسخة لسابقتها‪،‬‬
‫كمع ذلك ففي حديث عائشة أنو ما توفي حتى أحل اهلل لو كل شيء كاف حرمو عليو‬
‫في النكاح‪ ،‬فيدؿ ذلك أيضان على أف ىذه اآلية نسخت‪.‬‬

‫ّ ‪ /‬فإف لم يمكن النسخ عمل بالراجح إف كاف ىناؾ مرجح‪.‬‬


‫مثالو‪ :‬حديث ميمونة أف النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم تزكجها كىو حالؿ كحديث ابن‬
‫عباس أف النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم تزكجها كىو محرـ ‪ ،‬فالراجح األكؿ ألف ميمونة‬
‫صاحبة القصة فهي أدرل بها‪ ،‬كألف حديثها مؤيد بحديث أبي رافع رضي اهلل عنو أف‬
‫وؿ بىػ ٍيػنىػ يهما‪.‬‬
‫ت ال ار يس ى‬
‫النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم تزكجها كىو حالؿ قاؿ‪ :‬كيك ٍن ي‬

‫الحالة الثالثة من طرؽ الترجيح إذا لم يمكن النسخ فالترجيح إف كاف ىناؾ مرجح‪ ،‬كما‬
‫مثل المؤلف بحديث ميمونة بنت الحارث أف النبي صلى اهلل عليو كسلم تزكجها كىو‬
‫حالؿ‪ ،‬كفي حديث ابن أختها عبد اهلل بن عباس أف النبي صلى اهلل عليو كسلم تزكجها‬
‫كىو محرـ‪ ،‬فػميمونة صاحبة القصة مقدمة في الركاية على ابن عباس‪ ،‬كأيضان يشهد‬
‫لحديث ميمونة حديث أبي رافع‪ ،‬فإنو أخبر أف النبي صلى اهلل عليو كسلم تزكج ميمونة‬
‫كىو حالؿ‪ ،‬قاؿ ككنت السفير بينهما‪ ،‬فهو صاحب القصة أيضان؛ ألنو السفير بينهما‪،‬‬
‫فهو مقدـ في الركاية على ابن عباس‪ ،‬كيرجح أيضان بكثرة العدد في الركاية‪ ،‬فكونو‬
‫تزكجها كىو حالؿ ركتو ميمونة كأبو رافع‪ ،‬ككونو تزكجها كىو محرـ انفرد بو ابن عباس‪.‬‬

‫ْ ‪ /‬فإف لم يوجد مرجح كجب التوقف‪ ،‬كَل يوجد لو مثاؿ صحيح‪.‬‬

‫صلاى اهللي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم ‪ -‬سئل‬


‫كقد مثل بعض األصوليين لهذه الحالة بما جاء (أنو ‪ -‬ى‬
‫عما يحل للرجل من امرأتو كىي حائض فقاؿ‪ :‬ما فوؽ اإلزار) ركاه أبو داكد‪.‬‬
‫صلاى اهللي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم ‪ -‬قاؿ (اصنعوا كل شيء إَل النكاح) أم الوطء‬
‫كجاء أنو ‪ -‬ى‬
‫ركاه مسلم‪.‬‬
‫كمن جملتو الوطء فيما فوؽ اإلزار‪ .‬فتعارضا فيو فرجح بعضهم التحريم احتياطان ‪،‬‬
‫كبعضهم الحل ألنو األصل في المنكوحة‬

‫القسم الثالث‪ :‬أف يكوف التعارض بين عاـ كخاص فيخصص العاـ بالخاص‪.‬‬
‫مثالو‪ :‬قولو صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪« :‬فيما سقت السماء العشر» كقولو‪« :‬ليس فيما دكف‬
‫خمسة أكسق صدقة» فيخصص األكؿ بالثاني‪ ،‬كَل تجب الزكاة إَل فيما بلغ خمسة‬
‫أكسق‪.‬‬

‫وصي يك يم اللاوي فًي أ ٍىكىَل ًد يك ٍم) نص عاـ يدؿ على أف جميع األكَلد يرثوف من‬
‫قولو تعالى‪( :‬ي ً‬
‫ي‬
‫آبائهم‪ ،‬كلكن الصحابة خصصوه‪ :‬أكَلن بما ركم أف النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪-‬‬
‫قاؿ‪َ " :‬ل يرث الكافر المسلم كَل المسلم الكافر " فخرج الولد الكافر‪ ،‬كخصصوه‬
‫ثانيان بما ركم أف النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬قاؿ‪َ " :‬ل يرث القاتل " فخرج الولد‬
‫القاتل‪ ،‬كخصصوه ثالثان بما ركاه أبو بكر أف النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬قاؿ‪" :‬‬
‫نحن األنبياء َل نورث ما تركناه صدقة " فخرج أكَلد األنبياء‪ ،‬كلم ينقل إلينا أنهم بحثوا‬
‫ىل العاـ نزؿ قبل الخاص‪ ،‬أك الخاص قبلو؛ فدؿ على أف الخاص يخصص العاـ‬
‫مطلقان‪.‬‬
‫سا ًرقىةي فىاقٍطىعيوا أىيٍ ًديىػ يه ىما} [المائدة‪ ]ّٖ:‬فعمم ك ال‬
‫سا ًر يؽ ىكال ا‬
‫{كال ا‬
‫كذلك قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫سارؽ ككل سارقة‪ ،‬كخصص ذلك النبي صلى اهلل عليو كسلم بقولو‪َ( :‬ل تقطع يد سارؽ‬
‫إَل في ربع دينار فصاعدان) ‪ ،‬كبقولو‪َ( :‬ل قطع في ثى ىمر كَل ىكثىر) ‪ ،‬ككذلك قولو‪( :‬حتى‬
‫يؤكيو الجرين) ‪ ،‬ككذلك قولو‪( :‬كَل في حريسة الجبل) ‪.‬‬
‫ككل ىذا يدؿ على تخصيص السرقة بالنصاب كأف يكوف مما َل شبهة للسارؽ فيو‪،‬‬
‫كأف يكوف محرزان بحرز جنسو‪ ،‬فتعتبر ىذه األحاديث مخصصة لعموـ اآلية‪.‬‬

‫القسم الرابع‪ :‬أف يكوف التعارض بين نصين أحدىما أعم من اآلخر من كجو كأخص‬
‫من كجو‪ .‬فلو ثالث حاَلت‪:‬‬
‫ُ ‪ /‬أف يقوـ دليل على تخصيص عموـ أحدىما باآلخر فيخصص بو‪.‬‬
‫ص ىن بًأىنٍػ يف ًس ًه ان أ ٍىربىػ ىعةى أى ٍش يه ور‬ ‫ً‬ ‫مثالو‪ :‬قولو تعالى‪ :‬ا ً‬
‫ين ييػتىػ ىوفاػ ٍو ىف م ٍن يك ٍم ىكيى ىذ يرك ىف أى ٍزىكاجان يىػتىػ ىربا ٍ‬
‫{كالذ ى‬
‫ى‬
‫ض ٍع ىن‬ ‫ىجلي يه ان أى ٍف يى ى‬ ‫اؿ أ ى‬‫ىحم ً‬
‫يكَلت ٍاأل ٍ ى‬
‫{كأ ي‬ ‫ىك ىع ٍشران} [البقرة‪ :‬من اآلية ِّْ]‪ ،‬كقولو‪ :‬ى‬
‫ىح ٍملى يه ان} [الطالؽ‪ :‬من اآلية ْ] فاألكلى خاصة في المتوفى عنها عامة في الحامل‬
‫كغيرىا‪ .‬كالثانية خاصة في الحامل عامة في المتوفى عنها‪ ،‬كغيرىا لكن دؿ الدليل‬
‫على تخصيص عموـ األكلى بالثانية‪ ،‬كذلك أف سبيعة األسلمية كضعت بعد كفاة زكجها‬
‫بلياؿ فأذف لها النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم أف تتزكج ‪ ،‬كعلى ىذا فتكوف عدة الحامل‬
‫إلى كضع الحمل سواء كانت متوفى عنها أـ غيرىا‪.‬‬

‫ىذه المسألة فيها خالؼ على ثالثة أقواؿ‪ ،‬فقيل‪ :‬تعتد بأربعة أشهر كعشران أم‪ :‬بعدة‬
‫المتوفى عنها مطلقان‪ ،‬كقيل‪ :‬تعتد بوضع الحمل‪ ،‬كقيل‪ :‬بأقصى األجلين ك الراجح ما‬
‫اختاره المؤلف ‪.‬ك حديث سبيعة في الصحيح عن عيبىػ ٍي يد اللا ًو بٍ ين ىع ٍب ًد اللا ًو بٍ ًن عي ٍتبىةى‪ ،‬أى اف‬
‫ت‬ ‫م‪ :‬يأٍمرهي أى ٍف ي ٍد يخل ىعلىى سبػ ٍيػ ىعةى بًٍن ً‬
‫يى‬ ‫الزٍى ًر ٍّ ى ي ي ى ى‬ ‫ب إًلىى عي ىم ىر بٍ ًن ىع ٍب ًد اللا ًو بٍ ًن األ ٍىرقى ًم ُّ‬ ‫أىبىاهي ىكتى ى‬
‫صلاى اهللي ىعلىٍي ًو‬ ‫اؿ لىها رس ي ً‬
‫وؿ اللاو ى‬
‫ًً‬
‫ىسلىمياة‪ ،‬فىػيى ٍسأىلى ىها ىع ٍن ىحديث ىها‪ ،‬ىك ىع ٍن ىما قى ى ى ى ي‬
‫ث األ ً ً‬
‫الحا ًر ً ٍ‬ ‫ى‬
‫ً‬
‫ب عي ىم ير بٍ ين ىع ٍب ًد اللا ًو بٍ ًن األ ٍىرقى ًم‪ ،‬إًلىى ىع ٍب ًد اللا ًو بٍ ًن عيٍتبىةى‪ ،‬يي ٍخبً يرهي‬ ‫استىػ ٍفتىٍتوي‪ .‬فى ىكتى ى‬
‫ين ٍ‬ ‫ىك ىسلا ىم ح ى‬
‫ت ىس ٍع ًد ابٍ ًن ىخ ٍولىةى‪ ،‬ىك يى ىو ًم ٍن بىنًي ىع ًام ًر‬ ‫ت تى ٍح ى‬ ‫ث أى ٍخبىػ ىرتٍوي‪ :‬أىناػ ىها ىكانى ٍ‬‫ت الحا ًر ً‬
‫أى اف يسبىػ ٍيػ ىعةى بًٍن ى ى‬
‫ب‬‫ش ٍ‬ ‫الو ىد ًاع ىك ًى ىي ىح ًام هل‪ ،‬فىػلى ٍم تىػ ٍن ى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫م‪ ،‬ىكىكا ىف م ام ٍن ىش ًه ىد بى ٍد نرا‪ ،‬فىػتيػ يوفٍّ ىي ىع ٍنػ ىها في ىح اجة ى‬ ‫بٍ ًن ليىؤ ٍّ‬
‫ٍخطا ً‬ ‫ت لًل ي‬ ‫ت ًمن نًىف ً‬ ‫ًً‬
‫اب‪ ،‬فى ىد ىخ ىل ىعلىٍيػ ىها‬ ‫اس ىها‪ ،‬تى ىج املى ٍ‬ ‫ت ىح ٍملى ىها بىػ ٍع ىد ىكفىاتو‪ ،‬فىػلى اما تىػ ىعلا ٍ ٍ‬ ‫أى ٍف ىك ى‬
‫ض ىع ٍ‬
‫ٍت‬‫اؾ تىج امل ً‬ ‫ً ً‬
‫اؿ لى ىها‪ :‬ىما لي أ ىىر ى‬ ‫ك‪ ،‬ىر يج هل ًم ٍن بىنًي ىع ٍب ًد ال ادا ًر‪ ،‬فىػ ىق ى‬ ‫سنىابً ًل بٍن بػ ٍع ىك و‬
‫يى‬ ‫أىبيو ال ا‬
‫ك أ ٍىربىػ ىعةي أى ٍش يه ور‬‫ت بًنىاكً وح حتاى تىم ار ىعلىٍي ً‬
‫ى ي‬
‫ك كاللا ًو ما أىنٍ ً‬
‫اح؟ فىًإنا ى ى‬
‫ً‬
‫ين النٍّ ىك ى‬ ‫ٍخطا ً‬
‫اب‪ ،‬تيػ ىر ٍّج ى‬ ‫لًل ي‬
‫ت‬ ‫ت‪ ،‬ىكأىتىػ ٍي ي‬ ‫س ٍي ي‬ ‫ًً ً‬ ‫اؿ لًي ذىلً ى‬
‫ين أ ٍىم ى‬
‫ت ىعلى اي ثيىابي ح ى‬ ‫ك ىج ىم ٍع ي‬ ‫ت يسبىػ ٍيػ ىعةي‪ :‬فىػلى اما قى ى‬ ‫ىك ىع ٍش هر‪ ،‬قىالى ٍ‬
‫ين‬ ‫ك «فىأىفٍػتانًي بًأىنٍّي قى ٍد حلىل ي ً‬ ‫سأىلٍتيوي ىع ٍن ىذلً ى‬ ‫ً ا‬ ‫وؿ اللا ًو ى ا‬
‫ٍت ح ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫صلى اهللي ىعلىٍيو ىك ىسل ىم فى ى‬ ‫ىر يس ى‬
‫ازُّك ًج إً ٍف بى ىدا لًي» متفق عليو‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ضع ي ً‬
‫ت ىح ٍملي‪ ،‬ىكأ ىىم ىرني بًالتػ ى‬ ‫ىك ى ٍ‬

‫ِ ‪/‬كإف لم يقم دليل على تخصيص عموـ أحدىما باآلخر عمل بالراجح‪.‬‬
‫مثاؿ ذلك‪ :‬قولو صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪« :‬إذا دخل أحدكم المسجد فال يجلس حتى‬
‫يصلي ركعتين» كقولو‪َ« :‬ل صالة بعد الصبح حتى تطلع الشمس‪ ،‬كَل صالة بعد‬
‫العصر حتى تغرب الشمس»‪.‬‬
‫فاألكؿ خاص في تحية المسجد عاـ في الوقت‪ ،‬كالثاني خاص في الوقت عاـ في‬
‫الصالة‪ ،‬يشمل تحية المسجد كغيرىا لكن الراجح تخصيص عموـ الثاني باألكؿ‪،‬‬
‫فتجوز تحية المسجد في األكقات المنهي عن عموـ الصالة فيها‪ ،‬كإنما رجحنا ذلك‬
‫ألف تخصيص عموـ الثاني قد ثبت بغير تحية المسجد؛ كقضاء المفركضة كإعادة‬
‫الجماعة؛ فضعف عمومو‪.‬‬

‫يحسن في ىذا المقاـ أف أذكر كالما نفيسا للشيخ محمد األمين الشنقيطي حيث قاؿ‪:‬‬
‫«القاعدة المقررة في األصوؿ‪ :‬أف النصين إذا كاف بينهما عموـ‪ ،‬كخصوص من كجو‪،‬‬
‫فإنهما يظهر تعارضهما في الصورة التي يجتمعاف فيها‪ ،‬فيجب الترجيح بينهما‪ .‬كما‬
‫أشار لو صاحب مراقي السعود بقولو‪:‬‬
‫كإف يك العموـ من كجو ظهر ‪ ...‬فالحكم بالترجيح حتما معتبر‬
‫كإيضاح كوف حديث جبير بن مطعم رضي اهلل عنو أف النبي صلى اهلل عليو كسلم قاؿ‪:‬‬
‫«يا بني عبد مناؼ َل تمنعوا أحدا طاؼ بهذا البيت كصلى أية ساعة شاء من ليل أك‬
‫نهار»‪ ،‬بينو كبين أحاديث النهي ‪ -‬كحديث أبي ذر مرفوعا‪َ« :‬ل صالة بعد العصر حتى‬
‫تغرب الشمس كَل صالة بعد الصبح حتى تطلع الشمس» ‪ -‬عموـ كخصوص من كجو‪،‬‬
‫كما ذكره الشوكاني رحمو اهلل‪ :‬ىو أف أحاديث النهي عامة في مكة كغيرىا‪ ،‬خاصة في‬
‫أكقات النهي‪ .‬كحديث جبير بن مطعم عاـ في أكقات النهي كغيرىا‪ ،‬خاص بمكة‬
‫حرسها اهلل‪ ،‬فتختص أحاديث النهي بأكقات النهي في غير مكة‪ ،‬كيختص حديث جبير‬
‫باألكقات التي َل ينهى عن الصالة فيها بمكة‪ ،‬كيجتمعاف في أكقات النهي في مكة‪،‬‬
‫فعموـ أحاديث النهي يشمل مكة كغيرىا‪ ،‬كعموـ إباحة الصالة في جميع الزمن في‬
‫حديث جبير‪ ،‬يشمل أكقات النهي كغيرىا في مكة فيظهر التعارض في أكقات النهي‬
‫في مكة‪ ،‬فيجب الترجيح‪ .‬كأحاديث النهي أرجح من حديث جبير من كجهين‪:‬‬
‫أحدىما‪ :‬أنها أصح منو لثبوتها في الصحيح‪.‬‬
‫كالثاني‪ :‬ىو ما تقرر في األصوؿ‪ ،‬أف النص الداؿ على النهي يقدـ على النص الداؿ‬
‫على اإلباحة ؛ ألف درأ المفاسد مقدـ على جلب المصالح‪ ،‬كما قدمناه مرارا‪ .‬كالعلم‬
‫عند اهلل تعالى» انتهى‪.‬‬

‫ّ‪ /‬كإف لم يقم دليل كَل مرجح لتخصيص عموـ أحدىما بالثاني‪ ،‬كجب العمل بكل‬
‫منهما فيما َل يتعارضاف فيو‪ ،‬كالتوقف في الصورة التي يتعارضاف فيها‪.‬‬
‫لكن َل يمكن التعارض بين النصوص في نفس األمر على كجو َل يمكن فيو الجمع‪،‬‬
‫كَل النسخ‪ ،‬كَل الترجيح؛ ألف النصوص َل تتناقض‪ ،‬كالرسوؿ صلٌى اهلل عليو كسلٌم قد‬
‫بيٌن كبلٌغ‪ ،‬كلكن قد يقع ذلك بحسب نظر المجتهد لقصوره‪ .‬كاهلل أعلم‪.‬‬
‫ؼ أىناوي ير ًك ى‬
‫م ىع ًن‬ ‫اؿ‪ " :‬ىَل أى ٍع ًر ي‬ ‫ىكلهذا جاء ىع ٍن يم ىح ام ًد بٍ ًن إً ٍس ىحا ىؽ بٍ ًن يخ ىزيٍ ىمةى ًٍ‬
‫اإل ىم ًاـ أىناوي قى ى‬
‫ً‬ ‫ادي ًن ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫ضادايٍ ًن‪ ،‬فى ىم ٍن ىكا ىف ع ٍن ىدهي‬‫يح ٍي ًن يمتى ى‬
‫صح ى‬ ‫صلاى اللاوي ىعلىٍيو ىك ىسلا ىم ‪ -‬ىحديثىاف بًًإ ٍسنى ى ٍ ى‬ ‫النابً ٍّي ‪ -‬ى‬
‫فىػلٍيىأٍتًنًي بً ًو ًأل ىيؤلٍّ ى‬
‫ف بىػ ٍيػنىػ يه ىما "‪.‬‬

‫الترتيب بين األدلة‪:‬‬

‫عقد ىذا الباب لترتيب األدلة‪ ،‬فيما ييبدأ بو ك يقدـ منها‪ ،‬كما ىو قطعي منها‪ ،‬كما ىو‬
‫ضها على بعض ككجوه الترجيح‪.‬فال يقدـ المجتهد مثال قياسا على نص‬ ‫‪.‬كبًنىاء بىػ ٍع ى‬ ‫ظني ى‬
‫ك َل المجاز على الحقيقة إلى غير ذلك من مسائل ىذا الباب‪ .‬يقوؿ اإلماـ الطوفي‬
‫كراتًًو‪ً ،‬ألى اف‬ ‫ض ير ى‬ ‫وع نىظى ًر ال يٍم ٍجتى ًه ًد ىك ى‬ ‫ض ً‬ ‫في شرح مختصر الركضة‪« :‬ا ٍعلى ٍم أى اف ىى ىذا ًم ٍن ىم ٍو ي‬
‫اج ال يٍم ٍجتى ًه يد إًلىى ىم ٍع ًرفى ًة ىما ييػ ىق اد يـ ًم ٍنػ ىها ىكىما‬ ‫ً‬
‫ب الٍ يق اوة‪ ،‬فىػيى ٍحتى ي‬ ‫ش ٍر ًعياةى يمتىػ ىفا ًكتىةه فًي ىم ىراتً ً‬‫ٍاأل ًىدلاةى ال ا‬
‫ود ٍاألىقػٍول‪ ،‬فىػي يكو ىف ىكالٍمتىػي ٍّم ًم مع كج ً‬
‫ود‬ ‫ف ًم ٍنػها مع كج ً‬ ‫ض ىع ً‬ ‫ار‪ ،‬لًئى اال يىأ ي‬
‫ٍخ ىذ بً ٍاألى ٍ‬
‫ي ى ىى يي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى ىى يي‬ ‫ييػ ىؤخ ي‬
‫ك ىكالٍم ٍع يد ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الٍم ًاء‪.‬كقى ٍد يػ ٍع ًر ً ً ً‬
‫اج إًلىى‬ ‫كمة‪ ،‬فىػيى ٍحتى ي‬ ‫ض ىكالتا ىكافيػ يؤ‪ ،‬فىػتىص يير بً ىذل ى ى ى‬ ‫ار ي‬ ‫اع ي‬‫ض ل ٍألىدلاة التػ ى‬ ‫ى ى ى ي‬
‫اب ًم اما‬ ‫اـ‪.‬فىػ ىه ىذا الٍبى ي‬
‫يح لًيػ ٍعمل بً ًو‪ ،‬كإًاَل تىػعطالى ً ً‬
‫ت ٍاألىدلاةي ىك ٍاأل ٍ‬
‫ىح ىك ي‬
‫ً‬
‫إًظ ىٍها ًر بىػ ٍعض ىها بًالتػ ٍارج ً ى ى ى ى ى‬
‫ً‬
‫ش ٍي ًء ىعلىى يج ٍزئًًو‪ ،‬أ ٍىك ىش ٍر ًط ًو»انتهى‪.‬‬ ‫ف ال ا‬ ‫ف ىعلىٍي ًو ًاَل ٍجتً ىه ي‬
‫اد تىػ ىوقُّ ى‬ ‫يىػتىػ ىوقا ي‬

‫إذا اتفقت األدلة السابقة «الكتاب كالسنة كاإلجماع كالقياس» على حكم أك انفرد‬
‫أحدىا من غير معارض كجب إثباتو‪ ،‬كإف تعارضت‪ ،‬كأمكن الجمع كجب الجمع‪ ،‬كإف‬
‫لم يمكن الجمع عمل بالنسخ إف تمت شركطو‪.‬‬
‫كإف لم يمكن النسخ كجب الترجيح‪.‬‬
‫فيرجح من الكتاب كالسنة‪:‬‬
‫النص على الظاىر‪.‬‬
‫ألف النص أدؿ‪ ،‬لعدـ احتمالو غير المراد‪ ،‬كالظاىر محتمل غيره كإف كاف احتماَل‬
‫مرجوحا‪ ،‬لكنو يصلح أف يكوف مرادا بدليل ‪،‬فدَللة النص أقول من دَللة الظاىر على‬
‫المعنى المراد فيقدـ عليو‪.‬‬
‫فسي يىقع الطاىالؽ‬ ‫اؿ رجل َلمرأتو ‪:‬طىلٍّ ًقي نىفسك ‪،‬فىػ ىقالىت‪ :‬أبنت نى ً‬
‫أمثلة على ذلك ‪ :‬لىو قى ى ى ي ه‬
‫اص‪.‬‬ ‫ىر ٍج ًعينا ًألىف ىى ىذا نىص فًي الطاىالؽ ىكظىاىر فًي الٍبىػ ٍيػنيونىة فيترجح ال ىٍع ىمل بًالن ٍّ‬
‫س ىالـ ألىل عرينة (إشربوا من أبوالها كألبانها) نىص فًي بىػيىاف ىسبىب‬ ‫ىكىك ىذلً ى‬
‫ك قىػ ٍولو ىعلىٍي ًو ال ا‬
‫س ىالـ (استنزىوا من الٍبىػ ٍوؿ فىًإف ىعا امة‬ ‫ازة شرب الٍبىػ ٍوؿ ىكقىولو ىعلىٍي ًو ال ا‬ ‫إج ى‬ ‫ً‬
‫الش ىفاء ىكظىاىر في ى‬ ‫ٍّ‬
‫ىع ىذاب الٍ ىقبر ًم ٍنو)نىص فًي كجوب ًاَلحتًراز ىعن الٍبػوؿ فيترجح الناص على الظا ً‬
‫اىر فى ىال‬ ‫ىٍ‬ ‫ٍى‬ ‫ٍ ي‬
‫يحل شرب الٍبىػ ٍوؿ أصال ‪،‬ىذا عند الشافعية‪.‬‬
‫اى هر فًي ًح ٍّل‬
‫يح ال لى يكم ما كراء ذىلً يكم} [النساء‪ ]ِْ :‬فىًإناو ظى ً‬
‫ي‬ ‫ٍ ى ىى ى ٍ‬
‫كذلك ‪:‬قىػولو تىػعالىى {كأ ً‬
‫ى‬ ‫ٍ ى‬
‫ٍّس ًاء ىمثٍػنىى ىكثي ى‬
‫الث‬ ‫ً‬
‫اب لى يك ٍم م ىن الن ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ٍاألى ٍكثى ًر م ٍن ٍاأل ٍىربى ًع ىك في قىػ ٍولو تىػ ىعالىى {فىانٍك يحوا ىما طى ى‬
‫اص ىعلىى الظا ً‬
‫اى ًر‪.‬‬ ‫ص ًر ال ً‬
‫ٍح ٍّل ىعلىى ٍاأل ٍىربى ًع فىػييػ ىر اج يح الن ُّ‬ ‫اع} [النساء‪ ]ّ :‬فىًإناوي نى ا‬
‫ص ىعلىى قى ٍ‬ ‫ىكيربى ى‬

‫كالظاىر على المؤكؿ‪.‬‬

‫يقدـ الظاىر على المؤكؿ؛ ألف الظاىر دَللتو على المعنى جلية بخالؼ المؤكؿ فدَللتو‬
‫على المعنى خفية إَل أف يكوف دليل التأكيل أرجح من األصل المقتضي للظاىر‪.‬‬

‫كالمنطوؽ على المفهوـ‪.‬‬

‫"المنطوؽ " ما ا‬
‫دؿ عليو اللفظ في محل النطق‪.‬‬
‫"المفهوـ "‪ :‬ما ا‬
‫دؿ عليو اللفظ َل في محل النطق‪ .‬فإذا كقع تعارض بينهما قدـ‬
‫المنطوؽ على المفهوـ في الترجيح‪.‬‬
‫نج ٍسو شيءه» (الخمسة إَل ابن ماجو)‬
‫طهور َل يي ٍّ‬
‫مثالو‪ :‬ترجيح منطوؽ حديث‪« :‬الماءي ه‬
‫على مفهوـ حديث ال يقلاتين؛ فإنو ييؤخ يذ منو ‪ -‬بطريق مفهوـ المخالىفة ‪ -‬أف ما نقص عن‬
‫تنج ًسو‬ ‫نجس بمالقاة النجاسة‪ ،‬كإ ٍف لم يتغيٌػر‪ ،‬كمنطو يؽ األكؿ ُّ‬
‫يدؿ على عدـ ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫ا‬
‫ال يقلتين يت ٌ ي‬
‫ريحو‪.‬‬
‫طعمو أك ي‬
‫إذا لم يتغيٌر لونيو أك ي‬

‫كالمثبت على النافي‪.‬‬

‫ٍخبى ًر ال اد ٍّ‬
‫اؿ‬ ‫ٍح ٍك ًم ىعلىى ال ى‬ ‫ً‬
‫اؿ ىعلىى ثيػبيوت ال ي‬ ‫ت " ىعلىى الناافًي "‪ ،‬يىػ ٍعنًي ال اد ا‬ ‫ٍخبىػ ير ال يٍمثٍبً ي‬
‫ىكييػ ىق اد يـ ال ى‬
‫صلاى اللاوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلا ىم فًي الٍ ىك ٍعبى ًة‬ ‫ص ىالةى النابً ٍّي ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ىعلىى نىػ ٍفيًو‪ ،‬ىكًإثٍػبىات بً ىال وؿ ىرض ىي اللاوي ىع ٍنوي ى‬
‫ً‬
‫ادةي ًعل وٍم يم ٍم ًكنى وة ىك يى ىو ىع ٍد هؿ ىجا ًزهـ بً ىها‪.‬‬ ‫ت ًزيى ى‬ ‫اس فًي نىػ ٍفيً ىها‪ً ،‬ألى اف ًع ٍن ىد الٍمثٍبً ً‬
‫ي‬ ‫ىعلىى ًرىكايىًة ابٍ ًن ىعبا و‬
‫اف‬‫ك َل يستثنى من ذلك سول أى ٍف يستىنً ىد الناػ ٍفي إًلىى ًعل وٍم بًالٍع ىدًـ‪ ،‬ىَل ىع ىدًـ ال ًٍعل ًٍم‪ ،‬فىػيستى ًوي ً‬
‫ىٍ ى‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ىٍ‬
‫وؿ اللا ًو‬ ‫الرا ًكم‪ :‬لى ٍم أى ٍعلى ٍم أى اف ىر يس ى‬ ‫حينئذ ك يطلب الترجيح من دليل آخر ‪.‬مثاؿ ذلك قىػ ٍو يؿ ى‬
‫ت إًلىٍي ًو‪،‬‬
‫ت‪ ،‬ىكلى ٍم أى ٍعلى ٍم أى اف فيىالنا قىػتى ىل فيىالنا‪ ،‬لى ٍم ييػ ٍلتىػ ىف ٍ‬ ‫صلاى اللاوي ىعلىٍي ًو كسلام صلاى بًالٍبػ ٍي ً‬
‫ى‬ ‫ىى ى ى‬ ‫ى‬
‫استىػنى ىد نىػ ٍف يي الناافًي إًلىى‬ ‫ً‬ ‫ت لًل ا ً‬
‫ص ىالة‪ ،‬ىكقىػ ٍت يل فيىال وف يم ىق اد نما ل ىما ىسبى ىق‪ .‬ىكإً ًف ٍ‬ ‫ات الٍمثٍبً ً‬
‫ىكىكا ىف إًثٍػبى ي ي‬
‫ً‬ ‫ًعل وٍم بًالٍع ىدًـ‪ ،‬ىك ىقوًؿ ال ارا ًكم‪ :‬ا ٍعلىم أى اف رس ى ً‬
‫ص ٍّل‬‫صلاى اللاوي ىعلىٍيو ىك ىسلا ىم ‪ -‬لى ٍم يي ى‬ ‫وؿ اللاو ‪ -‬ى‬ ‫ٍ ىي‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬
‫صلاى فً ًيو‪ ،‬أ ٍىك‬ ‫ًً‬
‫ب ىع ٍن نىظى ًرم طىٍرفىةى ىع ٍي ون فيو‪ ،‬ىكلى ٍم أ ىىرهي ى‬
‫ً‬ ‫ًً‬
‫ت ىم ىعوي فيو‪ ،‬ىكلى ٍم يىغ ٍ‬ ‫ت‪ً ،‬ألىنٍّي يك ٍن ي‬ ‫بًالٍبػ ٍي ً‬
‫ى‬
‫اؿ‪ :‬ا ٍعلى ٍم أى ٍف‬ ‫ص ٍّل فً ًيو‪ ،‬أ ٍىك قى ى‬ ‫ً‬
‫صلاى اللاوي ىعلىٍيو ىك ىسلا ىم ‪ -‬أىناوي لى ٍم يي ى‬
‫اؿ أى ٍخبػرنًي رس ي ً‬
‫وؿ اللاو ‪ -‬ى‬ ‫قى ى ى ى ى ي‬
‫ت فيىال وف‪ ،‬أ ٍىك بىػ ٍع ىد ال ازىم ًن الا ًذم أى ٍخبىػ ىر‬ ‫ت ىزيٍ ندا حيًّا بػ ٍع ىد مو ً‬
‫ى ى ىٍ‬ ‫فيىالنا لى ٍم يىػ ٍقتي ٍل ىزيٍ ندا‪ً ،‬ألىنٍّي ىرأىيٍ ي‬
‫ادهً إًلىى يم ٍد ىر وؾ ًعل ًٍم ٍّي‪ ،‬ىكيى ٍستى ًوم يى ىو ىكإًثٍػبى ي‬
‫ات‬ ‫الٍجارًح أىناوي قىػتىػلىوي فً ًيو‪ .‬فىػه ىذا يػ ٍقبل‪ًَ ،‬لستًنى ً‬
‫ى ي ىي ٍ‬ ‫ى ي‬
‫ًج‪.‬‬‫ب ال يٍم ىر ٍّج يح ًم ٍن ىخار و‬ ‫ضاف‪ ،‬ىكييطٍلى ي‬
‫ت‪ ،‬فىػيتىػعار ى ً‬
‫ىىى‬
‫الٍمثٍبً ً‬
‫ي‬

‫كالناقل عن األصل على المبقي عليو‪ ،‬ألف مع الناقل زيادة علم‪.‬‬

‫ىذا ما ذىب إليو جمهور العلماء ك ىو الراجح ألف الناقل عن األصل فيو زيادة على‬
‫المبقي على البراءة األصلية بإثباتو حكما شرعيا ليس موجودا في األصل‪.‬‬
‫قاؿ المرداكم‪( :‬إذا تعارض حكماف أحدىما مقرر للحكم األصلي‪ ،‬كاآلخر ناقل عن‬
‫حكم األصل‪ .‬فالناقل مقدـ عند الجمهور؛ ألنو يفيد حكما شرعيا ليس موجودا في‬
‫اآلخر)‪.‬‬
‫مثل ترجيح أحا ً‬
‫ديث نقض الوضوء من مس الذكر على التي فيها عدـ النقض؛ ألف‬ ‫ي‬
‫ناقل عن حكم األصل‪.‬‬
‫النقض ه‬

‫كالعاـ المحفوظ «كىو الذم لم يخصص» على غير المحفوظ‪.‬‬

‫في شرح مختصر الركضة ‪ «:‬إذا تعارض عاماف أحدىما باؽ على عمومو‪ ،‬كاآلخر قد‬
‫خص بصورة فأكثر ؛ رجح الباقي على عمومو على المخصوص‪ ،‬ألنو مختلف في بقائو‬
‫حقيقة أك مجازا‪ ،‬كحجة‪ ،‬أك غير حجة‪ ،‬كالباقي على عمومو َل خالؼ في بقائو حقيقة‬
‫كحجة‪ ،‬فكاف راجحا‪.‬قلت‪ :‬ككذلك يقدـ ما كاف أقل تخصيصا على األكثر تخصيصا‪،‬‬
‫مثل أف يخص أحدىما بصورة‪ ،‬كاآلخر بصورتين‪ ،‬فاألكؿ أرجح‪ ،‬ألنو أقرب إلى األصل‪،‬‬
‫كىو البقاء على العموـ كمخالفة األصل فيو أقل» انتهى‪.‬‬

‫كما كانت صفات ال ىقبوؿ فيو أكثر على ما دكنو‪.‬‬

‫ىذا المرجح مرتبط بالسند ‪ ،‬ك قد درج العلماء على تنويع كجوه الترجيحات من ىذه‬
‫الناحية ك غيرىا‪ ،‬ك استوعب الحافظ العراقي في شرحو لأللفية كثيرا منها ‪.‬يقوؿ رحمو‬
‫اهلل ‪:‬‬
‫« كجوه الترجيحات تزيد على المائة كقد رأيت عدىا مختصرا فأبدأ بالخمسين التي‬
‫عدىا الحازمي ثم أسرد بقيتها على الوَلء األكؿ كثرة الركاة الثاني كوف أحد الراكيين‬
‫أتقن كأحفظ الثالث كونو متفقا على عدالتو الرابع كونو بالغا حالة التحمل الخامس كوف‬
‫سماعو تحديثا كاآلخر عرضا السادس كوف أحدىما سماعا أك عرضا كاآلخر كتابة أك‬
‫كجادة أك مناكلة السابع كونو مباشرا لما ركاه الثامن كونو صاحب القصة التاسع كونو‬
‫أحسن سياقا كاستقصاء العاشر كونو أقرب مكانا من النبي صلى اهلل عليو كسلم حالة‬
‫تحملو الحادم عشر كونو أكثر مالزمة لشيخو الثاني عشر كونو سمعو من مشايخ بلده‬
‫الثالث عشر كوف أحد الحديثين لو مخارج الرابع عشر كوف إسناده حجازيا الخامس‬
‫عشر كوف ركاتو من بلد َل يرضوف بالتدليس السادس عشر دَللة ألفاظو على اَلتصاؿ‬
‫كسمعت كحدثنا السابع عشر كونو مشاىدا لشيخو عند األخذ الثامن عشر كوف‬
‫الحديث لم يختلف فيو التاسع عشر كوف راكيو لم يضطرب لفظو العشركف كوف‬
‫الحديث متفقا على رفعو الحادم كالعشركف كونو متفقا على اتصالو الثاني كالعشركف‬
‫كوف راكيو َل يجيز الركاية بالمعنى الثالث كالعشركف كونو فقيها الرابع كالعشركف كونو‬
‫صاحب كتاب يرجع إليو الخامس كالعشركف كوف أحد الحديثين نصا كقوَل كاآلخر‬
‫ينسب إليو استدَلَل كاجتهادا كالسادس كالعشركف كوف القوؿ يقارنو الفعل السابع‬
‫كالعشركف كونو موافقا لظاىر القرآف الثامن كالعشركف كونو موافقا لسنو أخرل التاسع‬
‫كالعشركف كونو موافقا للقياس الثالثوف كونو معو حديث آخر مرسل أك منقطع الحادم‬
‫كالثالثوف كونو عمل بو الخلفاء الراشدكف الثاني كالثالثوف كونو معو عمل األمة الثالث‬
‫كالثالثوف كوف ما تضمنو من الحكم منطوقا الرابع كالثالثوف كونو مستقال َل يحتاج إلى‬
‫إضمار الخامس كالثالثوف كوف حكمو مقركنا بصفة كاآلخر باَلسم السادس كالثالثوف‬
‫كونو مقركنا بتفسير الراكم السابع كالثالثوف كوف أحدىما قوَل كاآلخر فعال فيرجح‬
‫الثامن كالثالثوف كونو لم يدخلو التخصيص التاسع كالثالثوف كونو غير مشعر بنوع قدح‬
‫في الصحابة األربعوف كونو مطلقا كاآلخر كرد على سبب الحادم كاألربعوف كوف‬
‫اَلشتقاؽ يدؿ عليو دكف اآلخر الثاني كاألربعوف كوف أحد الخصمين قائال بالخبرين‬
‫الثالث كاألربعوف كوف أحد الحديثين فيو زيادة الرابع كاألربعوف كونو فيو احتياط للفرض‬
‫كبراءة الذمة الخامس كاألربعوف كوف أحد الحديثين لو نظير متفق على حكمو السادس‬
‫كاألربعوف كونو يدؿ على التحريم كاآلخر على اإلباحة السابع كاألربعوف كونو يثبت‬
‫حكما موافقا لما قبل الشرع فقيل ىو أكلى كقيل ىما سواء الثامن كاألربعوف كوف أحد‬
‫الخبرين مسقطا للحد فقيل ىو أكلى كقيل َل يرجح التاسع كاألربعوف كونو إثباتا يتضمن‬
‫النقل عن حكم العقل كاآلخر نفيا يتضمن اإلقرار على حكم العقل‬
‫الخمسوف كوف الحديثين في األقضية كراكم أحدىما على أك في الفرائض كراكم‬
‫أحدىما زيد أك في الحالؿ كالحراـ كراكم أحدىما معاذ كىلم جرا فالصحيح الذم‬
‫عليو األكثركف الترجيح بذلك الحادم كالخمسوف كونو أعال إسنادا الثاني كالخمسوف‬
‫كوف راكيو عالما بالعربية الثالث كالخمسوف كونو عالما باللغة الرابع كالخمسوف كونو‬
‫أفضل في الفقو أك العربية أك اللغة الخامس كالخمسوف كونو حسن اَلعتقاد السادس‬
‫كالخمسوف كونو كرعا السابع كالخمسوف كونو جليسا للمحدثين أك غيرىم من العلماء‬
‫الثامن كالخمسوف كونو أكثر مجالسة لهم التاسع كالخمسوف كونو عرفت عدالتو‬
‫باَلختبار كالممارسة كعرفت عدالة اآلخر بالتزكية أك العمل على ركايتو الستوف كوف‬
‫المزكي زكاه كعمل بخبره كزكى اآلخر كركل خبره الحادم كالستوف‪ .‬كونو ذكر سبب‬
‫تعديلو الثاني كالستوف كونو ذكرا الثالث كالستوف كونو حرا‬
‫الرابع كالستوف شهرة الراكم الخامس كالستوف شهرة نسبو السادس كالستوف عدـ‬
‫التباس اسمو السابع كالستوف كونو لو اسم كاحد على من لو اسماف فأكثر الثامن‬
‫كالستوف كثرة المزكين التاسع كالستوف كثرة علم المزكين السبعوف كونو داـ عقلو فلم‬
‫يختلط‪.‬‬
‫ىكذا أطلقو جماعة كشرط في المحصوؿ مع ذلك أنو َل يعلم ىل ركاه في حاؿ‬
‫سالمتو أك اختالطو الحادم كالسبعوف تأخر إسالـ الراكم كقيل عكسو كبو جزـ‬
‫اآلمدم الثاني كالسبعوف كونو من أكابر الصحابة الثالث كالسبعوف كوف الخبر حكي‬
‫سبب كركده إف كانا خاصين فإف كانا عامين فبالعكس الرابع كالسبعوف كونو حكي فيو‬
‫لفظ الرسوؿ الخامس كالسبعوف كونو لم ينكره راكم األصل أك لم يتردد فيو‪.‬‬
‫السادس كالسبعوف كونو مشعرا بعلو شأف الرسوؿ كتمكنو السابع كالسبعوف كونو مدنيا‬
‫كاآلخر مكي الثامن كالسبعوف كونو متضمنا للتخفيف كقيل بالعكس التاسع كالسبعوف‬
‫كونو مطلق التاريخ على المؤرخ بتاريخ مؤخر الثمانوف كونو مؤرخا بتاريخ مؤخر على‬
‫مطلق التاريخ الحادم كالثمانوف كوف الراكم تحملو في اإلسالـ على ما تحملو راكيو‬
‫في الكفر أك شك فيو الثاني كالثمانوف كوف الحديث لفظو فصيحا كاآلخر ركيكا الثالث‬
‫كالثمانوف كونو بلغة قريش الرابع كالثمانوف كوف لفظو حقيقة الخامس كالثمانوف كونو‬
‫أشبو بالحقيقة السادس كالثمانوف كوف أحدىما حقيقة شرعية كاآلخر حقيقة عرفية أك‬
‫لغوية السابع كالثمانوف كوف أحدىما حقيقة عرفية كاآلخر حقيقة لغوية الثامن كالثمانوف‬
‫كونو يدؿ على المراد من كجهين‪.‬‬
‫التاسع كالثمانوف كونو يدؿ على المراد بغير كاسطة التسعوف كونو يومىء إلى علة‬
‫الحكم الحادم كالتسعوف كونو ذكر معو معارضة الثاني كالتسعوف كونو مقركنا بالتهديد‬
‫الثالث كالتسعوف كونو أشد تهديدا الرابع كالتسعوف كوف أحد الخبرين يقل فيو اللبس‬
‫الخامس كالتسعوف كوف اللفظ متفقا على كضعو لمسماه السادس كالتسعوف كونو‬
‫منصوصا على حكمو مع تشبيهو لمحل آخر السابع كالتسعوف كونو مؤكدا بالتكرار‬
‫الثامن كالتسعوف كوف أحد الخبرين دَللتو بمفهوـ الموافقة‪.‬‬
‫كاآلخر بمفهوـ المخالفة كقيل بالعكس التاسع كالتسعوف كونو قصد بو الحكم‬
‫المختلف فيو كلم يقصد باآلخر ذلك المائة كوف أحد الخبرين مركيا باإلسناد كاآلخر‬
‫معزكا إلى كتاب معركؼ‪.‬‬
‫الحادم بعد المائة كوف أحدىما معزكا إلى كتاب معركؼ كاآلخر مشهور‪.‬‬
‫الثاني بعد المائة كوف أحدىما اتفق عليو الشيخاف الثالث بعد المائة كوف العموـ في‬
‫أحد الخبرين مستفادا من الشرط كالجزاء كاآلخر من النكرة المنفية الرابع بعد المائة‬
‫كوف الخطاب في أحدىما تكليفيا كفي اآلخر كضعيا الخامس بعد المائة كوف الحكم‬
‫في أحد الخبرين معقوؿ المعنى السادس بعد المائة كوف الخطاب في أحدىما شفاىيا‬
‫فيقدـ على خطاب الغيبة في حق من كرد الخطاب عليو السابع بعد المائة كوف‬
‫الخطاب على الغيبة فيقدـ على الشفاىي في حق الغائبين الثامن بعد المائة كوف أحد‬
‫الخبرين قدـ فيو ذكر العلة كقيل بالعكس التاسع بعد المائة كوف العموـ في أحدىما‬
‫مستفادا من الجمع المعرؼ فيقدـ على المستفاد من ما كمن العاشر بعد المائة كونو‬
‫مستفادا من الكل فيقدـ على المستفاد من الجنس المعرؼ َلحتماؿ العهد كثم كجوه‬
‫أخر للترجيح في بعضها نظر كفي بعض ما ذكر أيضا نظر كإنما ذكرت ىذا أيضا منها‬
‫لقوؿ المصنف أف كجوه الترجيح خمسوف فأكثر كاهلل أعلم‪ ».‬انتهى كالمو‬
‫كصاحب القصة على غيره‪.‬‬

‫مثالو ما سبق من حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما في زكاج رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬
‫كسلم بميمونة كىو محرـ مع حديث أبي رافع أنو تزكجها كىو حالؿ قاؿ ككنت السفير‬
‫بينهما فرجح حديث أبي راف ًع على حديث ابن عباس ألمور منها‪:‬‬
‫ُ‪ -‬كونو سفيراى بين رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم كميمونة‪.‬‬
‫ِ‪ -‬جاء عن ميمونة نفسها كىي صاحبة القصة أف الزكاج كاف كرسوؿ اهلل صلى اهلل‬
‫عليو كسلم حالؿ غير محرـ كىذا ىو المقصود من استشاىدنا بهذا األثر ك قد ذكرناه‬
‫سابقا‪.‬‬

‫كيقدـ من اإلجماع‪ :‬القطعي على الظني‪.‬‬

‫اإلجماع القطعي ىو باختصار النطقي المنقوؿ بالتواتر أك المشاىد بخالؼ غيره فيقدـ‬
‫القطعي على الظني كاإلجماع السكوتي‪.‬‬

‫كيقدـ من القياس‪ :‬الجلي على الخفي‪.‬‬

‫القياس الجلي‪ :‬ىو قياس األكلى‪ ،‬كقياس الضرب على التأفيف‪ ،‬فهذا مقدـ على‬
‫القياس الخفي‪.‬‬
‫أردت أف تستدؿ ألمر كاحد‪،‬‬
‫كىذا محلو عند كجود الجميع‪ ،‬أك عند التعارض‪ ،‬فإذا ى‬
‫فترتب األدلة ىكذا‪ :‬تبدأ بالدليل من الكتاب‪ ،‬ثم بالدليل من السنة‪ ،‬ثم بالدليل من‬
‫اإلجماع‪.‬‬
‫كبعض األصوليين يبدأ باإلجماع أكَلن‪ ،‬ألنو َل يينسخ‪ ،‬كألنو كاضح الدَللة دائمان‪ ،‬ثم‬
‫بالدليل من الكتاب‪ ،‬ثم بالدليل من السنة‪ ،‬ثم بعد ىذا بً ىجلً ٍّي القياس‪ ،‬ثم بخفيو‪،‬‬
‫كىكذا‪.‬‬
‫ككذلك إذا تعارض دليالف فأقواىما الذم ييؤخذ بو ىو القطعي كما سبق‪ ،‬ثم النصي‬
‫مقدـ على القياس‪ ،‬ثم القياس الجلي مقدـ على القياس الخفي‪.‬‬
‫فائدة نفسية ‪:‬‬
‫ذكر الشيخ عبد الكريم النملة في كتابو الجامع لمسائل أصوؿ الفقو طرؽ للترجيح بين‬
‫منقولين ك بين األقيسة كغيرىا‪ ...‬أنقلها بتمامها لنفاستها ك إف كاف في بعض الطرؽ‬
‫نظر ك َل يسلم لترجيحو ك ىذا ملخصها‪:‬‬
‫طرؽ الترجيح بين منقولين‪.‬‬
‫الطريق األكؿ‪ :‬يرجح الخبر الذم كاف راكيو قريبان من الرسوؿ ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪-‬‬
‫‪ ،‬ألف الراكم القريب أكعى للحديث من البعيد‪ ،‬كأكثر سماعان لو منو‪ ،‬فيكوف القريب‬
‫أبعد عن احتماؿ الخطأ‪.‬‬
‫الطريق الثاني‪ :‬يرجح الخبر الذم كاف راكيو كبير السن؛ ألف الغالب أف كبير السن‬
‫يكوف أقرب الناس مجلسان إلى النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬حيث قاؿ‪ " :‬ليليني‬
‫أكلوا األحالـ كالنهي‪ ،‬ثم الذين يلونهم "‪.‬‬
‫كألف الغالب في الكبار أنهم يحترزكف عن الكذب‪.‬‬
‫الطريق الثالث‪ :‬يرجح الخبر الذم كاف راكيو متأخران عن اإلسالـ؛ ألف تأخره في‬
‫اإلسالـ يدؿ على تأخره في ركايتو‪ ،‬فهو يحفظ آخر األمرين من رسوؿ اهلل ‪ -‬صلى اهلل‬
‫عليو كسلم ‪.-‬‬
‫الطريق الرابع‪ :‬يرجح الخبر الذم كاف راكيو كثير الصحبة‪ ،‬ألف كثير المصاحبة للنبي ‪-‬‬
‫صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬أعلم بركاية الحديث كأحفظ لها‪ ،‬كأكثر استيعابان ألقواؿ النبي‬
‫‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬كأفعالو‪ ،‬كأعلم بمقاصده‪.‬‬
‫الطريق الخامس‪ :‬يرجح الخبر الذم كاف راكيو قد سمع الحديث من غير حجاب‪ ،‬ألف‬
‫رؤية المحدث تعين المسموع منو‪ ،‬بخالؼ راكم الحديث مع كجود حجاب‪ ،‬حيث إف‬
‫األكؿ يكوف آمنان من تطرؽ الخلل الموجود في الركاية األخرل‪.‬‬
‫الطريق السادس‪ :‬يرجح الخبر الذم كاف راكيو قد اتفق على عدالتو؛ ألف المتفق عليو‬
‫مق ادـ على المختلف في عدالتو في كل شيء‪.‬‬
‫الطريق السابع‪ :‬يرجح الخبر الذم كاف راكيو تتعلق القصة بو أك كاف سفيران فيها‪ ،‬ألنو‬
‫أعرؼ بتفاصيل الموضوع‪ ،‬كأعلم بالقضية من غيره‪ ،‬فتكوف ركايتو أقرب إلى الصحة‪.‬‬
‫الطريق الثامن‪ :‬يرجح الخبر الذم كاف راكيو فقيهان؛ ألنو أعلم بدَلَلت األلفاظ‪ ،‬كأعلم‬
‫باستنباط األحكاـ الشرعية منها‪ ،‬فهو يميز بين ما يجوز كما َل يجوز‪ ،‬كما يدؿ على‬
‫الحكم بظاىره كما يدؿ على الحكم بغير ذلك‪ ،‬كيعلم اللفظة من الخبر الدالة على‬
‫الحكم فيعتني بها‪.‬‬
‫بخالؼ الراكم غير الفقيو فإنو يركم ما يسمعو دكف اَلعتناء باللفظة المهمة في‬
‫الحديث‪ ،‬فيكوف احتماؿ الخطأ في كالـ الفقيو أقل‪.‬‬
‫الطريق التاسع‪ :‬يرجح الخبر الذم كاف راكيو حسن اَلعتقاد؛ ألف الثقة بكالـ الراكم‬
‫حسن اَلعتقاد أكثر من غيره‪.‬‬
‫الطريق العاشر‪ :‬الترجيح بكوف الراكم كرعان‪ ،‬ألف كرعو يمنعو من التساىل بنقل الخبر‬
‫بخالؼ غير الورع‪.‬‬
‫الطريق الحادم عشر‪ :‬يرجح الخبر الذم كاف راكيو أعلم باللغة العربية؛ ألنو إذا سمع‬
‫خبران كعرؼ أف ما فيو َل يحمل على ظاىره بحث عنو‪ ،‬كعن سبب كركده‪ ،‬كعن‬
‫اشتقاقات كلماتو حتى يزكؿ اإلشكاؿ‪ ،‬فيكوف الوثوؽ بركايتو أكثر من غير العارؼ‬
‫باللغة العربية‪.‬‬
‫الطريق الثاني عشر‪ :‬يرجح الخبر الذم كاف راكيو راجح العقل؛ ألف عقلو يمنعو من‬
‫التساىل بالركاية‪ ،‬بخالؼ خفيف العقل‪ ،‬أك الذم يعتريو خلل عقلي في بعض‬
‫األكقات‪.‬‬
‫الطريق الثالث عشر‪ :‬يرجح الخبر الذم كاف راكيو قد زكي بعدد أكثر؛ ألنو يغلب على‬
‫الظن صدؽ ركايتو أكثر من الراكم الذم زاكاه عدد أقل‪.‬‬
‫الطريق الرابع عشر‪ :‬يرجح الخبر الذم كاف راكيو مشهوران بالحفظ كاإلتقاف كالضبط؛‬
‫ألف شهرتو في ىذه األمور تؤدم إلى كثرة الثقة بو‪ ،‬كقوة اَلعتماد عليو‪ ،‬كقلة احتماؿ‬
‫الخطأ كالغلط منو‪ ،‬بخالؼ الراكم غير المشهور بهذه األمور‪.‬‬
‫الطريق الخامس عشر‪ :‬يرجح الخبر الذم كاف راكيو مشهور النسب؛ ألف علو النسب‬
‫كاَلشتهار بو يسبب كثرة احترازه عما يوجب نقص منزلتو المشهورة‪ ،‬بخالؼ الراكم‬
‫غير مشهور النسب‪.‬‬
‫الطريق السادس عشر‪ :‬يرجح الخبر الذم كاف راكيو مشهوران بدقة اإلسناد‪ ،‬ألف دقة‬
‫اإلسناد توجب علم الطمأنينة‪ ،‬فيكوف قريبان من اليقين‪ ،‬بخالؼ الراكم غير المشهور‬
‫بذلك‪.‬‬
‫الطريق السابع عشر‪ :‬يرجح الخبر الذم كاف راكيو لم يلتبس اسمو بغيره ألنو أبعد من‬
‫اَلضطراب كالشك‪ ،‬بخالؼ الراكم الذم التبس اسمو بأسماء الضعفاء‪.‬‬
‫الطريق الثامن عشر‪ :‬يرجح الخبر الذم كاف راكيو أكثر مالزمة للشيخ المحدٍّث؛ ألنو‬
‫يكوف أعرؼ بطرؽ األحاديث‪ ،‬كطرؽ ركايتها‪ ،‬كشركطها‪ ،‬بخالؼ قليل المالزمة للشيخ‬
‫المحدٍّث‪.‬‬
‫الطريق التاسع عشر‪ :‬يرجح الخبر الذم قد كثر ركاتو؛ ألف قوؿ الجماعة أقول في‬
‫الظن كأبعد عن السهو كالغلط كالكذب؛ لذلك تجد الناس في أمورىم العادية يميلوف‬
‫كيأخذكف باألقول‪ ،‬كَل شك أف الخبر الذم ركاتو أكثر أقول من الخبر الذم ركاتو‬
‫أقل‪.‬‬
‫الطريق العشركف‪ :‬يرجح خبر المتواتر على اآلحاد كالمشهور؛ ألف المتواتر يفيد القطع‪،‬‬
‫بخالؼ خبر اآلحاد كالمشهور فإنو َل يفيد إَل الظن‪ ،‬كالقطع مق ادـ على الظن‪.‬‬
‫الطريق الواحد كالعشركف‪ :‬ييرجح المسند على المرسل‪ ،‬ألف المرسل يكوف بينو كبين‬
‫الرسوؿ ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬مجهوؿ‪ ،‬كىذا اَلحتماؿ منتف في المسند‪ ،‬فيرجح‬
‫ما َل يحتمل على ما يحتمل‪.‬‬
‫كألف اَلعتماد في حجية الحديث على السند كصحتو‪ ،‬كىذا يكوف بالعلم بحاؿ الركاة‪،‬‬
‫كالعلم بذلك متحقق في المسند بخالؼ المرسل‪ ،‬كلهذا تقبل شهادة الفرع إذا عرؼ‬
‫شاىد األصل‪ ،‬كَل تقبل إذا شهد مرسالن‪.‬‬
‫الطريق الثاني كالعشركف‪ :‬يرجح الخبر قليل الوسائط؛ ألف قليل الوسائط بين الراكم‬
‫كبين النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬أبعد عن احتماؿ الخطأ كالكذب‪ ،‬كأقول في‬
‫الظن اتصالو برسوؿ اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪.-‬‬
‫الطريق الثالث كالعشركف‪ :‬يرجح الخبر قوم الدَللة على الحكم‪ :‬فيرجح الخاص على‬
‫العاـ‪ ،‬كيرجح المقيد على المطلق‪ ،‬يكيرجح الداؿ على الحكم بمفهوـ الموافقة على‬
‫الداؿ على الحكم بمفهوـ المخالفة‪ ،‬كيرجح الخبر الداؿ على الحكم بمفهوـ الشرط‬
‫على الخبر الداؿ على الحكم بمفهوـ العدد‪ ،‬كيرجح الخبر الداؿ على الحكم مع ذكر‬
‫العلة‪ ،‬على الخبر الداؿ على الحكم بدكف ذكر العلة‪ ،‬كنحو ذلك‪ ،‬كقلنا ذلك؛ لقوة‬
‫دَللتو على الحكم‪ ،‬كالقوم يرجح على الضعيف‪.‬‬
‫الطريق الرابع كالعشركف‪ :‬يرجح الخبر المركم باللفظ‪ ،‬ألنو يكوف أغلب على الظن‬
‫بكونو من كالـ النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪.-‬‬
‫كألنو المركم باللفظ متفق على جواز ركايتو كعلى كونو حجة‪ ،‬بخالؼ الخبر المركم‬
‫بالمعنى فقد اختلف فيو‪ ،‬كالمتفق عليو مقدـ على المختلف فيو‪.‬‬
‫الطريق الخامس كالعشركف‪ :‬يرجح الخبر الذم قد أكد لفظو‪ ،‬ألنو يكوف أبعد عن‬
‫تطرؽ الخطأ إليو‪ ،‬بخالؼ الذم لم يؤكد لفظو‪.‬‬
‫الطريق السادس كالعشركف‪ :‬يرجح الخبر الذم يكوف لفظو مستقالن على الخبر الذم لم‬
‫يستقل بإفادة الحكم بل احتاج إلى إضمار؛ ألف المستقل بنفسو قد علمنا المراد منو‪،‬‬
‫أما المحذكؼ منو ربما يلتبس عليو ما ىو المضمر منو‪.‬‬
‫الطريق السابع كالعشركف‪ :‬يرجح الخبر الذم سلم متنو من اَلضطراب على غير‬
‫السالم؛ ألف ما َل اضطراب فيو أشبو بقوؿ الرسوؿ ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪.-‬‬
‫الطريق الثامن كالعشركف‪ :‬يرجح الخبر المركم في ثنايا قصة مشهورة؛ ألنو أقول في‬
‫النفوس‪ ،‬كأقرب إلى السالمة من الغلط مما يركيو المنفرد بدكف قصة‪.‬‬
‫الطريق التاسع كالعشركف‪ :‬يرجح الخبر القولي على الخبر الفعلي‪ ،‬ألف القوؿ أصرح‬
‫بالحكم من الفعل‪.‬‬
‫الطريق الثالثوف‪ :‬يرجح الخبر الفعلي على التقريرم‪ ،‬ألف الفعل أقول من التقرير‪.‬‬
‫الطريق الواحد كالثالثوف‪ :‬يرجح الخبر الذم متنو قد تضمن نهيان على الخبر الذم‬
‫تضمن أمران؛ ألف الغالب في النهي دفع المفسدة الموجودة في المنهي عنو‪ ،‬كالغالب‬
‫في األمر بالشيء جلب المصلحة الموجودة في المأمور بو‪ ،‬كاىتماـ الشارع بدفع‬
‫المفاسد أكثر كأشد من اىتمامو بجلب المصالح‪.‬‬
‫الطريق الثاني كالثالثوف‪ :‬ترجيح الخبر الذم يدرأ الحد على الموجب لو؛ ألف الحد‬
‫ضرر كالضرر يزاؿ‪ ،‬كلقولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬ادرأكا الحدكد بالشبهات "‪.‬‬
‫الطريق الثالث كالثالثوف‪ :‬ترجيح الخبر الناقل عن البراءة األصلية كاآلتي بحكم جديد‬
‫على الخبر المبقي عليها؛ ألف الناقل يفيد التأسيس كالمبقي يفيد التأكيد‪ ،‬كالتأسيس‬
‫أكلى من التأكيد‪.‬‬
‫كألنو يوجد في الخبر الناقل زيادة علم‪ ،‬كما أفاد الزيادة يقدـ على غيره‪.‬‬
‫الطريق الرابع كالثالثوف‪ :‬يرجح الخبر المفيد للوجوب على الخبر المفيد لإلباحة أك‬
‫الكراىة‪ ،‬أك الندب‪ ،‬ألف تارؾ الواجب مستحق للعقاب بخالؼ تارؾ المباح كالمندكب‬
‫كالمكركه‪ ،‬فيكوف ذلك أحوط للدٍّين‪.‬‬
‫المحرـ على الموجب؛ ألف الغالب أف التحريم‬
‫ٍّ‬ ‫الطريق الخامس كالثالثوف‪ :‬ييرجح الخبر‬
‫يكوف لدفع مفسدة‪ ،‬كالموجب إنما يكوف لجلب مصلحة‪ ،‬كاىتماـ الشارع بدرء‬
‫المفاسد أكثر من اىتمامو بجلب المصالح‪ ،‬كقد سبق‪.‬‬
‫الطريق السادس كالثالثوف‪ :‬يرجح الخبر المفيد للتحريم على ما يفيد اإلباحة‪ ،‬لقولو ‪-‬‬
‫صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬ما اجتمع الحالؿ كالحراـ إَل كغلب الحراـ الحالؿ "‪.‬‬
‫كألف العمل بمقتضى الحراـ أحوط؛ ألف مالبسة الحراـ توقع في اإلثم‪ ،‬بخالؼ‬
‫مالبسة المباح فال توجب ذلك‪.‬‬
‫الطريق السابع كالثالثوف‪ :‬يرجح الخبر المثبت للطالؽ كالعتاؽ على نافيهما‪ ،‬ألف‬
‫األصل عدـ القيد‪ ،‬كألف المثبت عنده زيادة علم َل توجد عند النافي‪.‬‬
‫الطريق الثامن كالثالثوف‪ :‬ييرجح الخبر المفيد لحكم أثقل كأشد على الخبر المفيد‬
‫لحكم أخف؛ ألف زيادة شدتو كمشقتو كثقلو تدؿ على تأكد المقصود‪ ،‬كفضلو على‬
‫األخف األيسر‪ ،‬فالمحافظة عليو أكلى‪.‬‬
‫الطريق التاسع كالثالثوف‪ :‬يرجح الخبر المحرـ‪ ،‬على الخبر المفيد لكراىة؛ احتياطان؛‬
‫ألف فعل الحراـ يستوجب العقوبة بخالؼ فعل المكركه‪.‬‬
‫الطريق األربعوف‪ :‬يرجح الخبر الموافق آلية من القرآف؛ ألنها أفادت زيادة قوة في الظن‬
‫في الخبر‪ ،‬بخالؼ غير الموافق آلية‪.‬‬
‫الطريق الواحد كاألربعوف‪ :‬يرجح الخبر الموافق لخبر آخر؛ ألف الخبر الذم كافقو قد‬
‫أفاد زيادة قوة في الظن في الخبر الموافق لو‪.‬‬
‫الطريق الثاني كاألربعوف‪ :‬يرجح الخبر الموافق للقياس؛ لما قلناه في موافقتو آلية أك‬
‫لحديث‪.‬‬
‫الطريق الثالث كاألربعوف‪ :‬ييرجح الخبر المعموؿ بو؛ ألف‬
‫عملهم بو يدؿ على أنو كاف آخر األمرين من رسوؿ اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪،-‬‬
‫بخالؼ الخبر غير المعموؿ بو‪.‬‬
‫الطريق الرابع كاألربعوف‪ :‬يرجح الخبر الذم اقترنت بو قرائن تدؿ على تأخر كقتو‪ ،‬على‬
‫الخبر الذم لم يقترف بو ذلك؛ ألف المتأخر يكوف ىو آخر األمرين من النبي ‪ -‬صلى‬
‫اهلل عليو كسلم ‪ ،-‬فيجب العمل بو‪ ،‬فيكوف ناسخان للخبر الذم لم يقترف بو ذلك‪.‬‬
‫الطريق الخامس كاألربعوف‪ :‬ييرجح الخبر الذم اشتمل على زيادة على الخبر الذم لم‬
‫يشتمل على تلك الزيادة؛ ألف دَللة الخبر الذم فيو زيادة دَللة ناطق‪ ،‬كدَللة الخبر‬
‫الذم لم يشتمل على الزيادة‪ ،‬دَللة ساكت‪ ،‬كدَللة الناطق مقدمة‪.‬‬
‫طرؽ الترجيح بين معقولين‪ :‬كىو الترجيح بين األقيسة‪:‬‬
‫الطريق األكؿ‪ :‬يرجح القياس الذم حكم أصلو قطعي على القياس الذم حكم أصلو‬
‫ظني‪ ،‬ألف ما كاف حكم أصلو ظنيان يتطرؽ إليو الخلل بخالؼ اآلخر‪.‬‬
‫الطريق الثاني‪ :‬يرجح القياس الذم حكمو جرل على كفق القواعد الكلية؛ لكونو أبعد‬
‫عن التعبد كأقرب إلى العقوؿ كموافقة الدليل على القياس الذم جرل حكمو على‬
‫مخالفة القواعد كىو المعدكؿ بو عن سنن القياس‪.‬‬
‫الطريق الثالث‪ :‬يرجح القياس المقتضي للتحريم على القياس المقتضي لإلباحة؛ ألنو إذا‬
‫اشتبو المباح بالحراـ فإنو يغلب جانب التحريم‪.‬‬
‫الطريق الرابع‪ :‬يرجح القياس المفيد إسقاط الحد‪ ،‬على القياس المفيد إثبات الحد؛‬
‫لقولو ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ " :-‬ادرأكا الحدكد بالشبهات "‪.‬‬
‫كألف الحدكد ضرر‪ ،‬كالضرر يزاؿ‪.‬‬
‫يتشوؼ إليو‬
‫الطريق الخامس‪ :‬يرجح القياس المثبت للعتق على النافي لو؛ ألف العتق ا‬
‫الشارع‪ ،‬دكف الرؽ‪ ،‬فيقدـ ما يتشوؼ إليو الشارع‪ ،‬كما يتفق مع أىداؼ اإلسالـ‪،‬‬
‫كمقاصد الشريعة‪.‬‬
‫الطريق السادس‪ :‬يرجح القياس المتفق على تعليل حكم أصلو على القياس المختلف‬
‫على تعليل حكم أصلو‪ ،‬ألف المتفق على تعليلو مقدـ على المختلف فيو‪.‬‬
‫الطريق السابع‪ :‬يرجح القياس المتفق على عدـ نسخ حكم أصلو على القياس‬
‫المختلف في نسخ حكم أصلو؛ ألف النسخ يؤدم إلى الخلل في فهم المقصود‪.‬‬
‫الطريق الثامن‪ :‬يرجح القياس الذم علة أصلو كجدت بصورة قطعية على القياس الذم‬
‫كجدت علة أصلو بصورة ظنية؛ ألف القاطع َل يحتمل غير العلية‪ ،‬بخالؼ الظن‪.‬‬
‫الطريق التاسع‪ :‬ييرجح القياس الذم علتو منعكسة ‪ -‬أم‪ :‬كلما عدـ الوصف عدـ‬
‫الحكم ‪ -‬على القياس الذم ليس كذلك؛ ألف اَلنعكاس دليل اختصاص الحكم‬
‫بالعلة‪.‬‬
‫الطريق العاشر‪ :‬يرجح القياس الجلي على القياس الخفي؛ نظران لقوة الجلي‪ ،‬كعدـ‬
‫اَلختالؼ فيو‪ ،‬بخالؼ الخفي‪.‬‬
‫الطريق الحادم عشر‪ :‬يرجح القياس الذم علتو ثبتت عن طريق اإلجماع على القياس‬
‫الذم ثبتت علتو عن طريق النص‪ ،‬ألف اإلجماع َل يحتمل النسخ‪ ،‬كَل التأكيل‪ ،‬بخالؼ‬
‫النص‪.‬‬
‫الطريق الثاني عشر‪ :‬يرجح القياس الذم ثبتت علتو عن طريق النص الصريح على‬
‫القياس الذم ثبتت علتو عن طريق النص الظاىر‪ ،‬نظران لقوتو في المراد‪.‬‬
‫الطريق الثالث عشر‪ :‬يرجح القياس الذم ثبتت علتو عن طريق اإليماء بجميع أنواعو‪،‬‬
‫على القياس الذم ثبتت علتو عن طريق غيره من الطرؽ اَلجتهادية‪ ،‬كالمناسبة‪،‬‬
‫كالوصف الشبهي‪ ،‬كالسبر كالتقسيم كالدكراف‪ ،‬ألف اإليماء طريق متفق عليو‪ ،‬كالمتفق‬
‫عليو أكلى باإلتباع‪.‬‬
‫الطريق الرابع عشر‪ :‬يرجح القياس الذم علتو عامة توجد في جميع األفراد على القياس‬
‫الذم علتو خاصة كىي التي خرج منها بعض األفراد‪ ،‬ألف العامة أكثر فائدة‪.‬‬
‫الطريق الخامس عشر‪ :‬يرجح القياس الذم علتو شهد لها أصالف على القياس الذم‬
‫علتو شهد لها أصل كاحد؛ ألف ما شهد لو اثناف أقول مما شهد لو كاحد‪.‬‬
‫الطريق السادس عشر‪ :‬يرجح القياس الذم علتو ناقلة ‪ -‬أم‪ :‬مفيدة حكمان شرعيان‬
‫جديدان ‪ -‬على القياس الذم علتو مبقية على األصل ألف الناقلة فيها زيادة علم‪ ،‬فيق ادـ‬
‫ألجل ذلك‪.‬‬
‫الطريق السابع عشر‪ :‬يرجح القياس الذم علتو مفردة على القياس الذم علتو مركبة من‬
‫أكصاؼ؛ ألنو كلما كانت العلة أقل أكصافان كلما كاف ذلك أقرب إلى القبوؿ‪ ،‬كأقول‬
‫في الظن‪.‬‬
‫الطريق الثامن عشر‪ :‬يرجح القياس الذم قطع بوجود العلة في الفرع على القياس الذم‬
‫ظن بوجود العلة في الفرع؛ ألف المقطوع بوجود العلة فيو أغلب على الظن‪ ،‬كأبعد عن‬
‫اَلحتماؿ‪.‬‬
‫الطريق التاسع عشر‪ :‬يرجح القياس الذم كافقو أم دليل شرعي كالكتاب كالسنة‪ ،‬أك‬
‫أم‬
‫عمل الخلفاء األربعة‪ ،‬أك اإلجماع‪ ،‬أك قياس آخر‪ ،‬على القياس الذم لم يوافقو ُّ‬
‫كاحد مما سبق‪.‬‬
‫الترجيح بين المنقوؿ كالقياس‪.‬‬
‫المنقوؿ قسماف‪ " :‬منقوؿ خاص "‪ ،‬ك " منقوؿ عاـ "‪.‬‬
‫أما القسم األكؿ ‪ -‬كىو المنقوؿ الخاص ‪ -‬فهو نوعاف‪.:‬‬
‫النوع األكؿ‪ :‬أف يكوف ىذا النقل الخاص داَلن على حكمو بالمنطوؽ‪.‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬أف يكوف ىذا النقل الخاص داَلن على حكمو بالمفهوـ‪.‬‬
‫فإذا تعارض القياس مع النقل الخاص الداؿ على حكمو بالمنطوؽ‪ ،‬فإف المنقوؿ‬
‫الخاص ييرجح؛ لقلة تطرؽ الخطأ إليو‪.‬‬
‫أما إذا تعارض القياس مع النقل الخاص الداؿ على حكمو بالمفهوـ‪:‬‬
‫فإف كاف مفهوـ موافقة‪ :‬فإف النقل الخاص مقدـ؛ ألف مفهوـ الموافقة يفيد دَللة أقول‬
‫من دَللة القياس؛ حيث قلنا‪ :‬إف دَللتو لفظية‪.‬‬
‫دؿ النقل الخاص على حكمو بمفهوـ المخالفة كخالف القياس‪ ،‬فإف ىذا يختلف‬ ‫كإف ا‬
‫باختالؼ قوة أنواع المفاىيم‪ ،‬كيختلف بحسب اختالؼ المجتهدين‪ ،‬كما يقع في‬
‫نفوسهم من قوة الدَللة كضعفها‪ ،‬كىذا َل يمكن ضبطو بقاعدة‪ ،‬فيكوف ىذا موكوَلن إلى‬
‫نظر الناظرين كالمجتهدين في آحاد الصور‪.‬‬
‫أما القسم الثاني‪ :‬كىو المنقوؿ العاـ‪ ،‬فإنو إذا عارضو القياس الخاص‪ ،‬فإف القياس‬
‫يخصص العاـ؛ ألنو يلزـ من العمل بعموـ العاـ إبطاؿ دَللة القياس بالكلية‪ ،‬كَل يلزـ‬
‫من العمل بالقياس إبطاؿ العاـ بالكلية‪ ،‬بل إنو يلزـ العمل بالقياس كما بقي من العاـ‬
‫بعد تخصيصو‪ ،‬كىذا فيو جمع بين الدليلين كىو أكلى من العمل بأحدىما كإبطاؿ‬
‫اآلخر‪ ،‬كقد سبق بياف ذلك‪.‬‬

‫كالم ٍستىػ ٍفتي‬


‫الم ٍفتي ي‬
‫ي‬
‫المفتي‪ :‬ىو المخبر عن حكم شرعي‪.‬‬
‫كالمستفتي‪ :‬ىو السائل عن حكم شرعي‪.‬‬

‫المفتى‪ :‬اسم فاعل من اإلفتاء قاؿ في القاموس‪ :‬أفتاه في األمر أبانو لو ك الفتيا‬
‫كالفتول كتفتح ما أفتى بو الفقيو انتهى كالمفتى يطلق على المخبر بالحق على غير‬
‫جهة اإللزاـ بو‪ ،‬كيطلق عند األصوليين على المجتهد كىو‪:‬‬
‫الباذؿ كسعو في النظر في األدلة ليحصل على العلم أك الظن بحكم شرعي‪.‬‬
‫كالمستفتي‪ :‬اسم فاعل من اَلستفتاء كىو لغة‪ :‬طالب الفتول كفي اَلصطالح ىو‪ :‬من‬
‫طلب الحكم الشرعي من المجتهد‪ ،‬فيدخل فيو العامي كالمتعلم الذم لم يبلغ درجة‬
‫اَلجتهاد‪.‬‬

‫شركط الفتول‪:‬‬
‫يشترط لجواز الفتول شركط‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ُ ‪ -‬أف يكوف المفتي عارفان بالحكم يقينان‪ ،‬أك ظنًّا راجحان‪ ،‬كإَل كجب عليو التوقف‪.‬‬
‫تاما؛ ليتمكن من الحكم عليو‪ ،‬فإف الحكم على الشيء‬
‫ِ ‪ -‬أف يتصور السؤاؿ تصوران ًّ‬
‫فرع عن تصوره‪.‬‬
‫فإذا أشكل عليو معنى كالـ المستفتي سألو عنو‪ ،‬كإف كاف يحتاج إلى تفصيل‬
‫استفصلو‪ ،‬أك ذكر التفصيل في الجواب‪ ،‬فإذا سئل عن امرئ ىلك عن بنت كأخ كعم‬
‫ص يل في الجواب‪ ،‬فإف كاف ألـ فال‬
‫شقيق‪ ،‬فليسأؿ عن األخ ىل ىو ألـ أك َل؟ أك ييػ ىف ٍّ‬
‫شيء لو‪ ،‬كالباقي بعد فرض البنت للعم‪ ،‬كإف كاف لغير أـ فالباقي بعد فرض البنت لو‪،‬‬
‫كَل شيء للعم‪.‬‬
‫ّ ‪ -‬أف يكوف ىادئ الباؿ‪ ،‬ليتمكن من تصور المسألة كتطبيقها على األدلة الشرعية‪،‬‬
‫فال يفتي حاؿ انشغاؿ فكره بغضب‪ ،‬أك ىم‪ ،‬أك ملل‪ ،‬أك غيرىا‪.‬‬
‫كيشترط لوجوب الفتول شركط منها‪:‬‬
‫ُ‪ -‬كقوع الحادثة المسؤكؿ عنها‪ ،‬فإف لم تكن كاقعة لم تجب الفتول لعدـ الضركرة‬
‫إَل أف يكوف قصد السائل التعلم‪ ،‬فإنو َل يجوز كتم العلم‪ ،‬بل يجيب عنو متى سئل‬
‫بكل حاؿ‪.‬‬
‫ِ ‪ -‬أف َل يعلم من حاؿ السائل أف قصده التعنت‪ ،‬أك تتبع الرخص‪ ،‬أك ضرب آراء‬
‫العلماء بعضها ببعض‪ ،‬أك غير ذلك من المقاصد السيئة‪ ،‬فإف علم ذلك من حاؿ‬
‫السائل لم تجب الفتول‪.‬‬
‫ّ ‪ -‬أف َل يترتب على الفتول ما ىو أكثر منها ضرران‪ ،‬فإف ترتب عليها ذلك كجب‬
‫اإلمساؾ عنها؛ دفعان ألشد المفسدتين بأخفهما‪.‬‬
‫ما يلزـ المستفتي‪:‬‬
‫يلزـ المستفتي أمراف‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬أف يريد باستفتائو الحق كالعمل بو َل تتبع الرخص كإفحاـ المفتي‪ ،‬كغير ذلك‬
‫من المقاصد السيئة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أف َل يستفتي إَل من يعلم‪ ،‬أك يغلب على ظنو أنو أىل للفتول‪.‬‬
‫كينبغي أف يختار أكثق المفتين علمان ككرعان‪ ،‬كقيل‪ :‬يجب ذلك‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أف يصف حالتو كصفا صادقا دقيقا‪ ،‬كقوؿ السائل‪:‬‬
‫إنا نركب البحر كنحمل معنا القليل من الماء فإذا توضأنا بت عطشنا‪ ،‬أقنتوضأ بما‬
‫البحر؟‬
‫الرابع‪ :‬أف ينتبو لما يقولو المفتي بحيث َل ينصرؼ منو إَل كقد فهم الجواب تماما‪.‬‬

‫للمفتي شركط ينبغي أف تتوفر فيو كما ذكر المؤلف ‪ .‬قاؿ الشيخ عبد الباسط بن‬
‫الشافعي «اعلم أف شرط المفتي كونو مسلما‬
‫ٌ‬ ‫موسى العلموم ثم الموقت الدمشقي‬
‫مكلفا عدَل ثقة مأمونا متنزىا عن أسباب الفسق كخوارـ المركءة‪ ،‬فقيو النفس‪ ،‬سليم‬
‫الذىن‪ ،‬رصين الفكر‪ ،‬صحيح التصرؼ كاَلستنباط‪ ،‬قوم الضبط متيقظا‪ ،‬سواء فيو‬
‫الحر كالعبد‪ ،‬كالمرأة كاألعمى كاألخرس إذا كتب أك فهمت إشارتو‪ ،‬قاؿ أبو عمرك‪:‬‬
‫كينبغي أف يكوف كالراكم في أنو َل يؤثر فيو قرابة كعداكة‪ ،‬كجر نفع كدفع ضر؛ ألف‬
‫المفتي في حكم مخبر عن الشرع بما َل اختصاص لو بشخص فكاف كالراكم َل‬
‫كالشاىد‪ ،‬كفتواه َل يرتبط بها إلزاـ بخالؼ القاضي‪.‬كذكر صاحب الحاكم أف المفتي‬
‫إذا نابذ في فتواه شخصا معينا صار خصما معاندا‪ ،‬فترد فتواه على من عاداه كما ترد‬
‫شهادتو‪ ،‬كاتفقوا على أف الفاسق َل تصح فتواه‪ ،‬كنقل الخطيب فيو اإلجماع‪ ،‬نعم يجب‬
‫عليو أف يعمل لنفسو باجتهاده‪ ،‬كأما المستور الظاىر العدالة كلم تختبر عدالتو باطنا‪،‬‬
‫ففيو كجهاف كالوجهين في صحة النكاح بحضور المستورين كاألصح الجواز‪ ،‬قاؿ‬
‫الصيمرم كالخطيب‪ :‬كتصح فتاكل أىل األىواء كالخوارج كمن َل نكفره ببدعتو كَل‬
‫نفسقو‪ ،‬كاستثنى الخطيب الشراة كالرافضة الذين يسبوف السلف‪ ،‬كالقاضي كغيره في‬
‫جواز الفتيا بال كراىة على الصحيح‪ ،‬كقيل‪ :‬تكره في مسائل األحكاـ‪ ،‬كنقل عن شريح‬
‫أنو قاؿ‪ :‬أنا أقضي كَل أفتي‪ ،‬قالوا‪ :‬كينبغي أف يكوف المفتي ظاىر الورع مشهورا بالديانة‬
‫الظاىرة‪ ،‬كالصيانة الباىرة‪ »....‬انتهى‬
‫كلكل من المفتي كالمستفتي آداب ذكر المؤلف بعضها ‪.‬فمن آداب المفتي‪:‬‬
‫ُ‪ /‬أف يكوف ذا نية حسنة ‪،‬ك ذا إخالص في القوؿ ك العمل ‪،‬فمن فقد النية الحسنة‬
‫لم يكن عليو نور كَل على كالمو نور‪.‬‬
‫ِ‪ /‬أف يكوف متصفا باألخالؽ الفاضلة ذا حلم ككقار كسكينة فإف ذلك ىو كسوة‬
‫العلم كجمالو‪ ،‬فإذا افتقدىا المفتى كاف علمو كالبدف العارم من اللباس‪.‬‬
‫ّ‪ /‬أف يكوف قنوعا ك زاىدا ك يستعف عما في أيدم الناس‪ ،‬فإنو إف أكل منهم شيئان‬
‫أكلوا من لحمو كدمو أضعافو‪.‬‬
‫ْ‪ /‬أف يكوف على جانب كبير من معرفة الناس مخالطا لهم فإنو إذا عدـ ذلك تصور‬
‫لو الظالم بصورة المظلوـ كعكسو كراج عليو المكر كالخداع كاَلحتياؿ فكاف ما يفسده‬
‫أكثر مما يصلحو‪.‬‬
‫ٓ‪ /‬أف يكوف دائم التوجو إلى اهلل تعالى كيتضرع إليو كيكثر من الدعاء كاَلستغفار‬
‫ليلهمو الصواب كيفتح لو طريق السداد‪.‬‬
‫ٔ‪ /‬أف يتحرز دائما بقدر المستطاع من نسبة الحكم إلى اهلل تعالى كإلى رسوؿ اهلل‬
‫صلى اهلل عليو كسلم إَل بنص يستند عليو في ذلك‪.‬‬
‫ٕ‪ /‬أف يستشير في فتواه من يثق بعلمو كدينو كما كاف سادتنا الصحابة رضواف اهلل‬
‫عليهم فإف عمر رضي اهلل عنو مثال كاف إذا نزلت بو النازلة استشار من حضره من‬
‫الصحابة‪ ،‬كربما جمعهم فشاكرىم‪.‬‬
‫ٖ‪ /‬أف يعمل بعلمو فإف العمل ىو ثمرة العلم كبدكف العمل يكوف علم اإلنساف حجة‬
‫عليو‪.‬‬
‫كمن آداب المستفتي‪:‬‬
‫ُ‪/‬عليو أف يجتهد في البحث عن المفتي األعلم كاألدين؛ ألنو المستطاع من تقول اهلل‬
‫المأمور بو كل أحد‬
‫ِ‪ /‬أف يلزـ األدب مع المفتي كأف يوقره كييجلاو‪.‬‬
‫ّ‪ /‬أف َل يسألو عما َل يعنى‪.‬‬
‫ْ‪/‬أَل يكثر من األسئلة إلى حد يسأـ فيو المفتى كيمل‪.‬‬
‫سن الجيزاني ‪َ«:‬ل يجوز للمستفتي العمل بمجرد‬
‫حس ٍين بن ىح ٍ‬
‫بن ى‬
‫قاؿ الشيخ مح امد ٍ‬
‫فتول المفتي إذا لم تطمئن نفسو إليها‪ ،‬ككاف يعلم أف األمر في الباطن بخالؼ ما أفتاه‬
‫بو‪ ،‬كلم تخلصو فتول المفتي من اهلل كما َل ينفعو قضاء القاضي لو بذلك‪ ،‬كما قاؿ ‪-‬‬
‫صلى اهلل عليو كسلم ‪« :-‬فمن قضيت لو بحق مسلم فإنما ىي قطعة من النار‬
‫فليأخذىا أك ليتركها» ‪ .‬كعلى المستفتي أف يسأؿ ثانينا كثالثنا حتى تحصل لو الطمأنينة‬
‫إذا كاف عدـ الثقة كالطمأنينة ألجل المفتي؛ كأف يعلم المستفتي جهل المفتي كمحاباتو‬
‫في فتواه‪ ،‬أك عدـ تقيده بالكتاب كالسنة‪ ،‬أك ألنو معركؼ بالفتول بالحيل كالرخص‬
‫المخالفة للسنة‪ ،‬كغير ذلك من األسباب المانعة من الثقة بفتواه كسكوف النفس إليها‪،‬‬
‫نفسا إَل كسعها‪ ،‬كالواجب تقول اهلل قدر‬
‫فإف لم يجد من يسألو فال يكلف اهلل ن‬
‫اَلستطاعة» انتهى‪.‬‬

‫اإلجتهاد‬
‫تعريفو‪:‬‬
‫اَلجتهاد لغة‪ :‬بذؿ الجهد إلدراؾ أمر شاؽ‪.‬‬
‫كاصطالحان‪ :‬بذؿ الجهد إلدراؾ حكم شرعي‪.‬‬
‫كالمجتهد‪ :‬من بذؿ جهده لذلك‪.‬‬

‫اَلجتهاد لغة ىو‪ :‬افتعاؿ من الجهد بالضم كالفتح كىو‪ :‬الطاقة كالوسع‪.‬كقاؿ ابن‬
‫األثير‪ :‬ىو‪ :‬بفتح الجيم‪ :‬المشقة‪ ،‬كقيل‪ :‬المبالغة كالغاية‪ ،‬كبالضم‪ :‬الوسع‬
‫كالطاقة‪.‬كيقاؿ‪ " :‬اجتهد في األمر " أم‪ :‬بذؿ ما في كسعو كطاقتو في‬
‫طلبو ليبلغ مجهوده‪ ،‬كيصل إلى نهايتو‪.‬فاَلجتهاد لغة‪ :‬استفراغ الوسع‪ ،‬أم‪ :‬غاية ما‬
‫يقدر على استفراغو لتحصيل أمر شاؽ‪.‬‬
‫ك أما اَلجتهاد في اَلصطالح‪ :‬قاؿ المؤلف بذؿ الجهد إلدراؾ حكم شرعي‪.‬‬
‫ك أحسن منو قولنا‪ " :‬بذؿ الفقيو ما في كسعو لتحصيل ظن بحكم شرعي عملي من‬
‫دليل تفصيلي "‪.‬‬
‫قولنا‪ " :‬بذؿ " جنس في التعريف‪ ،‬يشمل كل بذؿ مطلقا‪ ،‬سواء كاف من فقيو‪ ،‬أك غيره‪،‬‬
‫كسواء كاف في األحكاـ‪ ،‬أك في غيرىا‪ ،‬كسواء كانت شرعية‪ ،‬أك لغوية‪ ،‬أك نحوية أك‬
‫نحو ذلك‪.‬‬
‫فلما أضفنا لفظ " بذؿ " إلى لفظ " الفقيو " أخرج غير الفقيو مماسبق ذكره‪.‬‬
‫كالمراد بالفقيو‪ :‬المتهي ًئ للفقو‪ ،‬كمن عنده ملكة استنباط‪ ،‬كقدرة على استخراج أحكاـ‬
‫شرعية لحوادث متجددة‪.‬‬
‫قولنا‪ " :‬ما في كسعو " الوسع ىو‪ :‬الجهد كالطاقة‪ ،‬كيعرؼ ذلك باإلحساس بالعجز عن‬
‫زيادة البحث كالنظر‪.‬‬
‫قولنا‪ " :‬لتحصيل ظن " لبياف أف اَلجتهاد َل يفيد إَل حكما ظنيان‪.‬‬
‫كأتي بعبارة‪ " :‬بحكم شرعي " إلخراج الحكم اللغوم‪ ،‬أك العقلي‪ ،‬أك الحسي‪ ،‬أك‬
‫العرفي‪ ،‬أك التجريبي‪.‬‬
‫كقولنا‪ " :‬من دليل تفصيلي " لبياف أف الفقيو يبذؿ جهده َلستنباط حكم شرعي فرعي‬
‫أم دليل من األدلة المختلف فيها‪.‬‬
‫من آية أك حديث‪ ،‬أك قياس‪ ،‬أك ٌ‬

‫شركط اَلجتهاد‪:‬‬
‫لالجتهاد شركط منها‪:‬‬
‫ُ ‪ -‬أف يعلم من األدلة الشرعية ما يحتاج إليو في اجتهاده كآيات األحكاـ‬
‫كأحاديثها‪.‬‬
‫ِ ‪ -‬أف يعرؼ ما يتعلق بصحة الحديث كضعفو؛ كمعرفة اإلسناد كرجالو‪ ،‬كغير ذلك‪.‬‬
‫ّ ‪ -‬أف يعرؼ الناسخ كالمنسوخ كمواقع اإلجماع حتى َل يحكم بمنسوخ أك مخالف‬
‫لإلجماع!‪،‬‬
‫ْ ‪ -‬أف يعرؼ من األدلة ما يختلف بو الحكم من تخصيص‪ ،‬أك تقييد‪ ،‬أك نحوه حتى‬
‫َل يحكم بما يخالف ذلك‪.‬‬
‫ٓ ‪ -‬أف يعرؼ من اللغة كأصوؿ الفقو ما يتعلق بدَلَلت األلفاظ؛ كالعاـ كالخاص‬
‫كالمطلق كالمقيد كالمجمل كالمبين‪ ،‬كنحو ذلك؛ ليحكم بما تقتضيو تلك الدَلَلت‪.‬‬
‫ٔ‪ -‬أف يكوف عنده قدرة يتمكن بها من استنباط األحكاـ من أدلتها‪.‬‬
‫كاَلجتهاد قد يتجزأ فيكوف في باب كاحد من أبواب العلم‪ ،‬أك في مسألة من مسائلو‪.‬‬
‫لم يبين المؤلف حكم اَلجتهاد ك ىو يكوف فرض عين‪ ،‬كيكوف فرض كفاية‪ ،‬كيكوف‬
‫مندكبان‪ ،‬كيكوف محرمان‪ ،‬كإليك بياف ذلك‪:‬‬
‫أكَلن‪ :‬يكوف اَلجتهاد فرض عين في حالتين‪:‬‬
‫الحالة األكلى‪ :‬اجتهاد المجتهد في حق نفسو فيما نزؿ بو؛ ألف المجتهد َل يجوز لو‬
‫أف يقلٍّد غيره في حق نفسو‪.‬الحالة الثانية‪ :‬اجتهاد المجتهد في حق غيره إذا تعين عليو‬
‫الحكم فيو بأف َل يوجد في العصر إَل ىو‪ ،‬أك ضاؽ الوقت فإنو يجب عليو اَلجتهاد‬
‫على الفور‪ ،‬ألف عدـ اَلجتهاد يقتضي تأخير البياف عن كقت الحاجة‪ ،‬كىذا َل يجوز‪.‬‬
‫ثانيان‪ :‬يكوف اَلجتهاد فرض كفاية عندما تنزؿ حادثة بأحد‪ ،‬فاستفتى العلماء‪ ،‬أك عين‬
‫كاحدان أك طائفة‪ ،‬فإف الوجوب ىنا يكوف فرضان عليهم جميعان‪ ،‬فإف أجاب كاحد منهم‬
‫عنها سقط الفرض عن الجميع‪ ،‬كإف أمسكوا مع ظهور الصواب أثموا‪ ،‬كإف أمسكوا مع‬
‫التباسو عليهم عيذركا‪.‬‬
‫ثالثان‪ :‬يكوف اَلجتهاد مندكبان إليو في حالتين ىما‪:‬‬
‫الحالة األكلى‪ :‬أف يجتهد العالم قبل نزكؿ الحادثة ليسبق إلى معرفة حكمها قبل‬
‫كقوعها‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬أف يستفتيو سائل عن حكم حادثة قبل كقوعها‪.‬‬
‫رابعان‪ :‬يكوف اَلجتهاد محرمان في حالتين ىي‪:‬‬
‫الحالة األكلى‪ :‬أف يقع اَلجتهاد في مقابلة دليل قاطع من نص أك إجماع‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬أف يقع اَلجتهاد ممن لم تتوفر فيو شركط المجتهد فيما يجتهد فيو‪.‬‬
‫قولو‪« :‬أف يعلم من األدلة الشرعية‪...‬الخ» ىذه الشركط َلبد من توفرىا كتتلخص في‬
‫معرفة األدلة الشرعية كتابا كسنة كالناسخ كالمنسوخ ك إجماع العلماء كاختالفهم كعلوـ‬
‫اللغة ك أصوؿ الفقو ك ملكة اَلستنباط لألحكاـ الشرعية‪...‬‬
‫قاؿ الشيخ عبد الكريم بن عبد اهلل النملة ‪ «:‬الشرط األكؿ‪ :‬أف يكوف عارفا بكتاب‬
‫اللاو تعالى كما يتعلاق بو‪ :‬فإذا أراد المجتهد اَلستدَلؿ بآية على حكم حادثة‪ ،‬فإنو َل‬
‫بد أف يعرؼ عنها ما يلي‪:‬‬
‫أكَلن‪ :‬ىل ىي ناسخة أك منسوخة حتى َل يستدؿ بآية منسوخة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬سبب نزكلها؛ ألنو يساعده على معرفة معنى اآلية‪.‬‬
‫ثالثان‪ :‬أقواؿ الصحابة فيها؛ ألنهم أعرؼ بمعناىا من غيرىم‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬أقواؿ كبار التابعين فيها؛ ألنهم يقربوف من الصحابة في ذلك‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬تفاسير علماء الشريعة كعلماء اللغة لها‪.‬‬
‫سادسان‪ :‬معرفة ما يعارضها من ظواىر اآليات األخرل‪ ،‬كاألحاديث‪.‬‬
‫سابعان‪ :‬معرفة نوع دَللتها ىل دلات على الحكم بمنطوقها‪ ،‬أك‬
‫مفهومها‪ ،‬كنوع ىذا المنطوؽ‪ ،‬كنوع ىذا المفهوـ‪ .‬كَل يشترط حفظ القرآف كلو‪ ،‬كَل‬
‫يشترط حفظ آيات األحكاـ كما قاؿ بعضهم بل يكفيو أف يعرؼ مواقع آيات‬
‫األطعمة من القرآف‪ ،‬كآيات الحدكد منو‪ ،‬كآيات النكاح كالطالؽ كالرضاع‪ ،‬كالنفقات‪،‬‬
‫كنحو ذلك‪ ،‬حتى إذا نزلت حادثة في األطعمة مثالن يذىب إلى المواضع التي توجد‬
‫فيها آيات األطعمة‪ ،‬كيستدؿ على حكم حادثتو بآية منها‪ ،‬بعد أف يطبق عليها ما ينبغي‬
‫معرفتو عنها‪.‬‬
‫بسناة رسولو صلى اهلل عليو كسلم ‪،‬فإذا أراد المجتهد‬
‫الشرط الثاني‪ :‬أف يكوف عارفا ي‬
‫اَلستدَلؿ بحديث على حكم حادثة‪ ،‬فإنو َل بد أف يعرؼ عنو مثل معرفتو عن اآلية‬
‫تمامان‪ ،‬كقد سبق ذلك‪ .‬كيزاد في الحديث‪ :‬أف يعرؼ سند الحديث‪ ،‬كطريق كصولو‬
‫إلينا‪،‬كحاؿ ركاتو من العدالة كالضبط‪ ،‬كمعرفة الصحيح من األحاديث‬
‫كالضعيف‪.‬كَل يشترط حفظ األحاديث كلها‪ ،‬كَل حفظ أحاديث األحكاـ‬
‫كما قاؿ بعضهم بل يكفي معرفة ما تتعلق بو األحكاـ إجماَلن كما قاؿ جمهور‬
‫العلماء؛ ذلك ألف المجتهد الذم توفرت فيو جميع شركط المجتهد إذا لم يطلع على‬
‫حديث مما يمكن أف يغيب عن ذىنو بعد البحث الجاد عن كل ما يتصل بموضوع‬
‫اجتهاده من النصوص َل يمنعو ذلك من تحصيل الظن بالحكم الشرعي بدليل آخر‪،‬‬
‫يؤيد ذلك الصحابة ‪ -‬رضي اللاو عنهم ‪ -‬فقد كانوا يجتهدكف بالنوازؿ كيستدلوف‬
‫على ذلك بأدلة‪ ،‬ثم يظهر لهم بعد ذلك حديث يخالف اجتهادىم أك يوافقو فمثاؿ‬
‫المخالفة‪ :‬قوؿ ابن عمر ‪ -‬رضي اللاو عنهما ‪ :-‬كنا نخابر أربعين سنة حتى أخبرنا رافع‬
‫بن خديج بأف ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬قد نهى عن المخابرة‪.‬‬
‫كمثاؿ الموافقة‪ :‬أف ابن مسعود ‪ -‬رضي اللاو عنو ‪ -‬قد قضى في المفوضة بأف لها مهر‬
‫مثيالتها‪ ،‬كلها الميراث؛ كعليها العدة‪ ،‬فاخبره معقل بن سناف األشجعي أف ىذا القضاء‬
‫لك يا ابن مسعود ىو قضاء النبي ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬في بركع بنت كاشق من‬
‫جماعتنا‪ ،‬ففرح ابن مسعود على أف قضاءه قد كافق قضاء الرسوؿ ‪ -‬صلى اهلل عليو‬
‫كسلم ‪.-‬‬
‫كاألمثلة على خفاء بعض األحاديث عن بعض الصحابة كثيرة‪.‬كيقع ىذا منهم‪ ،‬كلم‬
‫يسلب ذلك منهم ملكة اَلجتهاد‪ ،‬أك كصف اَلجتهاد‪.‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬أف يكوف عالًما بالمجمع عليو‪ ،‬كالمختلف فيو‪.‬كاشترط ذلك؛ لئال‬
‫يجتهد في مسألة قد أجمع العلماء على حكمها‪.‬كَل يلزـ أف يحفظ جميع مواقع‬
‫اإلجماع‪ ،‬بل في كل مسألة يفتي فيها ينبغي أف يعلم أف فتواه غير مخالفة لإلجماع‪.‬‬
‫كأما المختلف فيها من المسائل‪ ،‬فال بد للمجتهد أف يعرؼ المسألة‪،‬كأدلة كل فريق‪.‬‬
‫كلقد كاف األئمة األربعة كمن تبعهم يعرفوف اَلختالفات كالمناظرات كالمحاكرات التي‬
‫جرت بين الصحابة‪ ،‬كمن جاء بعدىم ممن ييعتد بقولهم؛ لذا اىتم كثير من العلماء بهذا‬
‫كىو علم الخالؼ كألفوا فيو كالمحلى َلبن حزـ‪ ،‬كالذخيرة للقرافي‪ ،‬كالحاكم‬
‫للماكردم‪ ،‬كالمغني َلبن قدامة‪ ،‬كالمجموع شرح المهذب للنوكم‪،‬كبداية المجتهد‬
‫َلبن رشد‪ ،‬كالمبسوط للسرخسي‪ ،‬كغيرىا‪.‬‬
‫الشرط الرابع‪ :‬أف يكوف عالما بعلم أصوؿ الفقو؛ حيث إنو يجعلو عالًما بأف ىناؾ أدلة‬
‫كالسناة‪ ،‬كاإلجماع‪،‬كالقياس‪ ،‬كأف ىناؾ أدلة مختلف فيها‬
‫متفقا عليها كالكتاب‪ُّ ،‬‬
‫كاَلستصحاب‪ ،‬كاَلستحساف‪ ،‬كقوؿ الصحابي‪ ،‬كالمصالح المرسلة‪ ،‬كسد الذرائع‪،‬‬
‫ك العرؼ‪ ،‬كشرع من قبلنا‪ ،‬كأف ىناؾ قواعد أصولية‪ .‬كيعرؼ أقسامها‪ ،‬ك شركط كل‬
‫دليل‪ ،‬كترتيبها‪ ،‬كفك التعارض بينها‪.‬‬
‫الشرط الخامس‪ :‬أف يكوف عالما بالقياس‪ ،‬حيث إف أكثر من نصف الفقو مبني عليو‪،‬‬
‫فيعرؼ أركانو‪ ،‬كشركط كل ركن‪ ،‬ك قوادحو‪ ،‬كنحو ذلك مما قلناه في باب القياس‪ ،‬قاؿ‬
‫اإلماـ الشافعي‪ ":‬من لم يعرؼ القياس فليس بفقيو "‪ ،‬كقاؿ اإلماـ أحمد‪َ " :‬ل‬
‫يستغني أحد عن القياس "‪ ،‬كعرؼ بعضهم اَلجتهاد بأنو القياس‪،‬كىذا كلو يدؿ على‬
‫أىمية القياس‪.‬‬
‫الشرط السادس‪ :‬أف يكوف عالما باللغة العربية كقواعدىا من لغة كنحو‪ ،‬كبالغة‪ ،‬كبديع‪،‬‬
‫كالسناة كردا بلغة العرب‪ ،‬كَل يمكن‬
‫كمعرفة كل ما يتوقف عليو فهم األلفاظ؛ألف القرآف ُّ‬
‫ألم شخص أف يعرؼ ما تدؿ عليو ألفاظهما إَل بمعرفتو باللغة العربية‪.‬كَل يشترط أف‬
‫يتعمق في علم النحو كاللغة‪ ،‬كمعرفة دقائق ذلك كسيبويو‪ ،‬أك الكسائي‪ ،‬أك الخليل بن‬
‫أحمد‪ ،‬أك المبرد‪.‬كإنما ينبغي معرفة القدر الذم يفهم بو خطاب العرب‪ ،‬كعاداتهم‬
‫في اَلستعماؿ إلى حد يفرؽ بين صريح الكالـ‪ ،‬كظاىره‪،‬كمجملو‪ ،‬كحقيقتو‪ ،‬كمجازه‪،‬‬
‫كعامو‪ ،‬كخاصو‪ ،‬كمحكمو‪،‬كمتشابهو‪ ،‬كمطلقو‪ ،‬كمقيده‪ ،‬كنصو‪ ،‬كفحواه‪ ،‬كلحنو‪ ،‬كمعرفة‬
‫أم شيء يساعد على فهم األحكاـ الشرعية من األلفاظ‪.‬كيتفطن للمراد ىل أريد‬
‫باللفظ المعنى اللغوم لو‪ ،‬أك العرفي‪ ،‬أك الشرعي بقرائن السياؽ‪ ،‬كالقرائن العقلية‪،‬‬
‫كحاؿ المتكلم‪،‬كالموضوع الذم قيل فيو‪ ،‬كالغرض الذم سيق ألجلو‪.‬‬
‫الشرط السابع‪ :‬معرفة مقاصد الشريعة بأف يفهم المجتهد مقاصد الشارع العامة من‬
‫تشريع األحكاـ‪ ،‬كأف يكوف خبيران بمصالح الناس‪ ،‬كأحوالهم‪ ،‬كأعرافهم‪ ،‬كعاداتهم‪.‬‬
‫الشرط الثامن‪ :‬أف يكوف عدَلن مجتنبا للمعاصي القادحة في العدالة‪ ،‬كىذا الشرط‬
‫يشترط لجواز اَلعتماد على فتواه‪ :‬فمن ليس بعدؿ فإنو َل تقبل فتواه‪ ،‬كَل يعمل بها‬
‫اآلخركف‪.‬أما ىو في نفسو‪ ،‬فيجب عليو أف يعمل باجتهاده إذا توفرت فيو الشركط‬
‫السابقة‪ ».‬انتهى‪.‬‬
‫قولو ‪«:‬كاَلجتهاد قد يتجزأ‪»....‬‬
‫اَلجتهاد ً‬
‫يقبل التجزؤ على الصحيح الذم اختاره المؤلف فيكوف الرجل مجتهدان في‬
‫نوع من العلم مقلداى في غيره كمن استفرغ كسعو في علم الفرائض كأدلتها كاستنباطها‬
‫من الكتاب كالسنة دكف غيره من العلوـ فيجوز لو أف يفتى في النوع الذم اجتهد فيو‬
‫ألنو قد عرؼ الحق بدليلو كقد بذؿ جهده في معرفة الصواب‪ ،‬فحكمو في ذلك حكم‬
‫المجتهد المطلق في سائر األنواع‪ ،‬كَل يجوز لو ا ًإلفتاء فيما لم يجتهد فيو فإف القاصر‬
‫في فن كالعامي فيو‪.‬‬

‫ما يلزـ المجتهد‪:‬‬


‫يلزـ المجتهد أف يبذؿ جهده في معرفة الحق‪ ،‬ثم يحكم بما ظهر لو فإف أصاب فلو‬
‫أجراف‪:‬‬
‫أجر على اجتهاده‪ ،‬كأجر على إصابة الحق؛ ألف في إصابة الحق إظهاران لو كعمالن بو‪،‬‬
‫كإف أخطأ فلو أجر كاحد‪ ،‬كالخطأ مغفور لو؛ لقولو صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪« :‬إذا حكم‬
‫الحاكم فاجتهد‪ ،‬ثم أصاب فلو أجراف‪ ،‬كإذا حكم فاجتهد‪ ،‬ثم أخطأ فلو أجر»‪.‬‬
‫كإف لم يظهر لو الحكم كجب عليو التوقف‪ ،‬كجاز التقليد و‬
‫حينئذ للضركرة‪.‬‬

‫ينبغي التنبيو على مسائل منها‪ :‬أنو َل يجوز للمجتهد أف يقوؿ في الحادثة الواحدة‬
‫قولين متضادين كالتحريم كالتحليل في كقت كاحد؛ ألنو بعد استقراء كتتبع ما ركم عن‬
‫الصحابة من الفركع الفقهية الكثيرة‪ :‬لم يرك عن كاحد منهم أنو قاؿ في مسألة كاحدة‬
‫قولين متضادين في كقت كاحد‪ ،‬كىذا يدؿ على عدـ الجواز‪.‬‬
‫ك منها أف المصيب كاحد من المجتهدين في الفركع‪ ،‬أم‪ :‬إذا حدثت حادثة في‬
‫الفركع‪ ،‬كلم يوجد دليل قاطع في حكمها من نص أك إجماع‪ ،‬فإنا نعلم أف هلل تعالى‬
‫فيها حكمان شرعيان معينان‪ ،‬فيطلب المجتهدكف ذلك الحكم بشتى أنواع اَلجتهاد‪ ،‬فمن‬
‫أدركو كاف مصيبان‪ ،‬كمن لم يدركو كاف مخطئان َل إثم عليو‪ ،‬كَل يقطع بخطأ كاحد من‬
‫المجتهدين‪ ،‬كَل يقطع بإصابة كاحد بعينو ك قد استدؿ المؤلف لذلك بالحديث‬
‫الصحيح خالفا لمن رأل غير ذلك من األصوليين كالمصوبة كقولهم مرجوح‪.‬‬
‫ك منها إذا تعارض عند المجتهد دليالف كعجز عن الترجيح‪ :‬فإف عليو أف يتوقف إلى‬
‫أف يعلم أف أحدىما أرجح من اآلخر بأم أمارة ك قد أشار المؤلف إلى ىذا بقولو‪:‬‬
‫«كإف لم يظهر لو الحكم كجب عليو التوقف‪»..‬‬

‫التاقليد‬
‫عقد المؤلف ىذا الباب للتقليد ك ىو مبحث تابع لباب اَلجتهاد‪.‬‬
‫الشيء‪ ،‬إذا جعل في عنقو قالدة‪.‬‬
‫ى‬ ‫كالتقليد‪ :‬مصدر قلاد‬
‫كالمقصود بو ىنا‪ :‬مالزمة قوؿ الغير‪ ،‬كأنو جعل في عنقو ما تح املو‪ ،‬لما كرد عن النبي‬
‫صلى اهلل عليو كسلم في سنن أبي داكد أنو قاؿ‪( :‬من أيفتي على غير ثىػب و‬
‫ت‪ ،‬فإنما إثمو‬ ‫ى‬
‫على مفتيو) ‪.‬‬
‫كالتقليد ىو‪ :‬األخذ بقوؿ غير المعصوـ من غير معرفة دليلو‪.‬‬
‫فاألخذ بقوؿ المعصوـ مطلقان‪َ ،‬ل يكوف تقليدان‪ ،‬كاألخذ بقوؿ غير المعصوـ مع معرفة‬
‫دليلو َل يكوف تقليدان لو‪ ،‬كإنما ىو إتباع للدليل‪.‬قاؿ ابن القيم في إعالـ الموقعين‪:‬‬
‫«قاؿ أبو عمر كغيره من العلماء‪ :‬أجمع الناس على أف المقلد ليس معدكدا من أىل‬
‫العلم كأف العلم معرفة الحق بدليلو‪ .‬كىذا كما قاؿ أبو عمر رحمو اهلل تعالى فإف الناس‬
‫َل يختلفوف أف العلم ىو المعرفة الحاصلة عن الدليل كأما بدكف الدليل فإنما ىو تقليد‬
‫فقد تضمن ىذاف اإلجماعاف إخراج المتعصب بالهول كالمقلد األعمى عن زمرة‬
‫العلماء كسقوطهما باستكماؿ من فوقهما الفركض من كراثة األنبياء فإف العلماء ىم‬
‫كرثة األنبياء فإف األنبياء لم يورثوا دينارا كَل درىما كإنما كرثوا العلم فمن أخذه أخذ‬
‫بحظ كافر‪ »....‬انتهى‬
‫أخذت بما بلغك‪.‬‬
‫ى‬ ‫فغير المعصوـ ‪ -‬حينئذ ‪ -‬مبلغ لذلك الدليل‪ ،‬كأنت‬
‫ؼ العالً يموف فضلىك‬
‫كالتقليد َل يكوف إَل عن جهل‪ ،‬كلهذا قاؿ أبو عبادة البحترم‪ :‬ىع ىر ى‬
‫بالتقليد فالعالموف ىمن كاف ًمن أىل العلم عرفوا فضلك بالعلم‪،‬‬
‫ً‬ ‫الج اهاؿ‬
‫بالعلػػم كقاؿ ي‬
‫كقاؿ الجهاؿ بالتقليد فقلدكىم في ذلك‪ ،‬فالتقليد َل يكوف إَل عن جهل‪.‬‬

‫تعريفو‪:‬‬
‫التقليد لغة‪ :‬كضع الشيء في العنق محيطان بو كالقالدة‪.‬‬
‫كاصطالحان‪ :‬اتباع من ليس قولو حجة‪.‬‬
‫فخرج بقولنا‪« :‬من ليس قولو حجة»؛ إتباع النبي صلٌى اهلل عليو كسلٌم‪ ،‬كإتباع أىل‬
‫اإلجماع‪ ،‬كإتباع الصحابي‪ ،‬إذا قلنا أف قولو حجة‪ ،‬فال يسمى إتباع شيء من ذلك‬
‫تقليدان؛ ألنو إتباع للحجة‪ ،‬لكن قد يسمى تقليدان على كجو المجاز كالتوسع‪.‬‬

‫لفظ " قلد " ‪ -‬كما قاؿ ابن فارس ‪ :-‬يدؿ على تعليق شيء على شيء‪.‬كَل بد من‬
‫كونو محيطا بالعنق؛ ألف الشيء إذا لم يكن محيطا بالعنق َل يسمى قالدة في عرؼ‬
‫اللغة‪.‬ثم بعد ذلك استعمل ‪ -‬استعارة ‪ -‬في تفويض األمر إلى الشخص كإتباعو في كل‬
‫ما يقوؿ‪.‬‬
‫قولو ‪:‬اصطالحا «اتباع من ليس قولو حجة»‪.‬‬
‫شرح التعريف كبياف محترزاتو‪:‬‬
‫لفظ " إتباع " جنس يشمل إتباعو مع العمل بو‪ ،‬كعدـ العمل بو‪،‬‬
‫فالمراد بو‪ :‬اعتقاد ذلك‪ ،‬كلو لم يعمل بو لفسق‪.‬‬
‫كلفظ " قولو " عاـ ما كاف قوَلن للمجتهد أك فعالن لو فليس قاصرا على معنى القوؿ‬
‫النطقي فقط ‪.‬‬
‫كنسب القوؿ إلى الغير حتى يخرج بو ما كاف معلوما بالضركرة‪،‬كَل يختص بو ذلك‬
‫الغير إذا كاف من أقوالو كأفعالو التي ليس لو فيها اجتهاد‪ ،‬فإنها َل تسمى مذىبو‬
‫كفرضية الصلوات الخمس ك صوـ رمضاف ك حرمة الزنا ك الربا‪....‬‬
‫كأتي بلفظ " من غير يح اجة " لبياف أنو يشترط في المقلد‪ :‬أف َل يعرؼ الدليل الذم‬
‫اعتمد عليو ذلك الغير فخرج بهذا‪ :‬المجتهد الذم كافق اجتهاده اجتهاد مجتهد آخر‬
‫كعرؼ دليل ذلك المجتهد اآلخر على حكمو‪ ،‬فإنو َل يسمى تقليدان كما يقاؿ‪ :‬أخذ‬
‫أحمد بمذىب أبي حنيفة في ىذه المسألة‪ ،‬أك أخذ الشافعي بمذىب مالك‪...‬‬
‫كسبب قولنا ىذا‪ :‬أف المجتهد كإف كاف آخذان بقوؿ الغير‪ ،‬لكنو بسبب معرفتو لدليل‬
‫المجتهد اآلخر حق المعرفة‪ ،‬كأخذه ‪ -‬حقيقة ‪ -‬بالدليل‪َ ،‬ل يسمى مقلدان‪ ،‬فيكوف‬
‫إطالؽ األخذ بمذىبو فيو تجوز‪.‬كبناء على ىذا‪ :‬فإف الرجوع إلى قوؿ النبي ‪ -‬صلى اهلل‬
‫اإلجماع كإلى قوؿ الصحابي َل يسمى تقليدان كما ذكر المؤلف‬
‫ً‬ ‫عليو كسلم ‪ ،-‬ك إلى‬
‫كنبو عليو ؛ ألف ًّ‬
‫كال من قوؿ الرسوؿ ‪ -‬صلى اهلل عليو كسلم ‪ -‬كاإلجماع يعتبر يح ٌجة‬
‫بح اجة في نفسو‪ ،‬كَل يعتبر دليالن على‬
‫في نفسو‪.‬بخالؼ فتول المجتهد فإف قولو ليس ي‬
‫الحكم؛ ألنو فتواه تحتاج إلى دليل يعتمد عليو‪.‬‬

‫مواضع التقليد‪:‬‬
‫يكوف التقليد في موضعين‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬أف يكوف المقلٍّد عاميًّا َل يستطيع معرفة الحكم بنفسو ففرضو التقليد؛ لقولو‬
‫الذ ٍك ًر إً ٍف يكنٍتي ٍم َل تىػ ٍعلى يمو ىف} [النحل‪ :‬من اآلية ّْ]‪ ،‬كيقلد‬
‫اسأىلوا أ ٍىىل ٍّ‬
‫ى‬ ‫تعالى‪{ :‬فى ٍ‬
‫أفضل من يجده علمان ككرعان‪ ،‬فإف تساكل عنده اثناف خير بينهما‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أف يقع للمجتهد حادثة تقتضي الفورية‪ ،‬كَل يتمكن من النظر فيها فيجوز لو‬
‫التقليد حينئذ‪ ،‬كاشترط بعضهم لجواز التقليد أف َل تكوف المسألة من أصوؿ الدين‬
‫التي يجب اعتقادىا؛ ألف العقائد يجب الجزـ فيها‪ ،‬كالتقليد إنما يفيد الظن‬
‫الذ ٍك ًر إً ٍف يك ٍنتي ٍم َل‬
‫اسأىلوا أ ٍىىل ٍّ‬
‫ى‬ ‫فقط‪.‬كالراجح أف ذلك ليس بشرط؛ لعموـ قولو تعالى‪{ :‬فى ٍ‬
‫تىػ ٍعلى يمو ىف} [النحل‪ :‬من اآلية ّْ] كاآلية في سياؽ إثبات الرسالة‪ ،‬كىو من أصوؿ‬
‫الدين‪ ،‬كألف العامي َل يتمكن من معرفة الحق بأدلتو‪ ،‬فإذا تعذر عليو معرفة الحق‬
‫بنفسو لم يبق إَل التقليد؛ لقولو تعالى‪{ :‬فىاتاػ يقوا اللاوى ىما ٍ‬
‫استىطى ٍعتي ٍم} [التغابن‪ :‬من اآلية‬
‫ُٔ]‪.‬‬

‫حصر المؤلف التقليد في موضعين‪ :‬األكؿ كوف المقلٍّد عاميًّا َل يمكنو معرفة الحكم‬
‫بنفسو ففرضو التقليد ك الثاني عند كجود حادثة فورية َل يتمكن المجتهد من النظر‬
‫فيها فيجوز لو التقليد‪.‬‬
‫ك قد رجح المؤلف أنو ليس شرطا أف تكوف المسألة المقلد فيها من فركع الدين بل‬
‫حتى في األصوؿ يجوز عنده التقليد ك كثير من العلماء يخالف ذلك ك يركف عدـ‬
‫جواز التقليد في أصوؿ الدين كمعرفة اللاو تعالى‪ ،‬ككحدانيتو‪،‬كصحة الرسالة‪ ،‬ككجود‬
‫اللاو تعالى‪ ،‬كما يجوز عليو‪ ،‬كما يجب لو‪ ،‬كما يستحيل عليو‪.‬‬
‫ك استدلوا بأدلة منها‪:‬‬
‫ُ‪/‬إجماع العلماء على كجوب معرفة اللاو تعالى‪،‬ك عدـ حصوؿ ذلك بالتقليد؛ لجواز‬
‫كذب المخبر‪ ،‬كاستحالة حصولو‪.‬‬
‫آمنيوا اتابًعيوا ىسبًيلىنىا ىكلٍنى ٍح ًم ٍل ىخطىايىا يك ٍم ىكىما يى ٍم‬ ‫ًً‬ ‫ِ‪ /‬قولو تعالى‪( :‬كقى ى ا ً‬
‫ين ى‬‫ين ىك ىف يركا للاذ ى‬
‫اؿ الذ ى‬ ‫ى‬
‫اذبيو ىف) ‪.‬كجو الدَللة‪ :‬أف ىؤَلء الكفار قد بينوا‬ ‫اىم ًمن ىشي وء إًناػهم لى ىك ً‬ ‫بًح ًاملً ً‬
‫ين م ٍن ىخطىايى ي ٍ ٍ ٍ ي ٍ‬ ‫ى ى‬
‫لهم أنهم سيحملوف خطاياىم‪ ،‬فرد اللاو سبحانو عليهم قولهم‪ ،‬ككذبهم في ذلك‪ ،‬ا‬
‫فدؿ‬
‫على أنو َل يصح التقليد في أصوؿ الدين‪.‬‬
‫ّ‪ /‬قياس أصوؿ الدين على أركاف اإلسالـ‪ ،‬فكما أنو َل يجوز التقليد في أركاف‬
‫اإلسالـ كىو كجوب الصالة‪ ،‬كالزكاة‪ ،‬كالحج‪ ،‬كالصوـ‪ ،‬؛ ألنو ثبت بالتواتر كنقلتو األيامة‬
‫خلفا عن سلف‪ ،‬فمعرفة العامي فيها توافق معرفة العالم فيها‪ ،‬كما تتفق معرفة الجميع‬
‫فيما يحصل بأخبار التواتر من البلداف كالهند‪ ،‬كالصين‪.‬فأصوؿ الدين من الوحدانية‪،‬‬
‫كالنبوة ٍأكلى بعدـ جواز التقليد‪.‬‬
‫ك أما أصحاب القوؿ الثاني المجيزين فقد ذكر الشيخ رحمو اهلل دليلين على ذلك‪.‬‬
‫قاؿ الشيخ زكريا األنصارم في كتابو غاية الوصوؿ في شرح لب األصوؿ ‪(« :‬مسألة)‬
‫تتعلق بأصوؿ الدين (المختار) قوؿ الكثير (إنو يمتنع التقليد في أصوؿ الدين) أم‬
‫مسائل اَلعتقاد كحدكث العالم ككجود البارم‪ ،‬كما يجب لو كيمتنع عليو كغير ذلك‬
‫مما سيأتي‪ ،‬فيجب النظر فيو ألف المطلوب فيو اليقين‪ .‬قاؿ تعالى لنبيو {فاعلم أنو َل‬
‫إلو إَل اهلل} كقد علم ذلك‪ .‬كقاؿ للناس {كاتبعوه لعلكم تهتدكف} كيقاس بالوحدانية‬
‫غيرىا‪،‬كقيل يجوز كَل يجب النظر اكتفاء بالعقد الجازـ ألنو صلى اهلل عليو كسلٌم كاف‬
‫يكتفي في اإليماف من األعراب كليسوا أىالن للنظر بالتلفظ بكلمتي الشهادة المنبىء‬
‫عن العقد الجازـ كيقاس باإليماف غيره‪ ،‬كقيل َل يجوز فيحرـ النظر فيو‪ ،‬ألنو مظنة‬
‫الوقوع في الشبو كالضالؿ َلختالؼ األذىاف كاألنظار‪ ،‬كدليال الثاني كالثالث مدفوعاف‬
‫بأنا َل نسلم أف األعراب ليسوا أىالن للنظر‪ ،‬كَل أف النظر مظنة للوقوع في الشبو‬
‫كالضالؿ‪ ،‬إذ المعتبر النظر على طريق العامة كما أجاب األعرابي األصمعي عن سؤالو‬
‫بم عرفت ربك؟ فقاؿ البعرة تدؿ على البعير‪ ،‬كأثر األقداـ على المسير‪ ،‬فسماء ذات‬
‫أبراج كأرض ذات فجاج كبحر ذك أمواج أَل تدؿ على اللطيف الخبير؟ كَل يذعن أحد‬
‫منهم أك من غيرىم لإليماف إَل بعد أف ينظر فيهتدل لو‪ .‬أما النظر على طريق‬
‫المتكلمين من تحرير األدلة كتدقيقها كدفع الشكوؾ كالشبو عنها‪ ،‬ففرض كفاية في حق‬
‫المتأىلين لو يكفي قياـ بعضهم بها أما غيرىم ممن يخشى عليو من الخوض فيو الوقوع‬
‫في الشبو كالضالؿ فليس لو الخوض فيو‪ ،‬كىذا محمل نهي الشافعي كغيره من السلف‬
‫عن اَلشتغاؿ بعلم الكالـ‪ ،‬كىو العلم بالعقائد الدينية عن األدلة اليقينية‪ ،‬كالترجيح من‬
‫زيادتي‪ ،‬بل قضية كالمو في مسألة التقليد ترجيح لزكمو ىنا‪ ،‬ثم محل الخالؼ في‬
‫كجوب النظر في غير معرفة اهلل تعالى أما النظر فيها فواجب إجماعا»انتهى كالمو ك ما‬
‫ذكره عن علم الكالـ َل يسلم لو ك المسلم َل يحتاج إلى ىذا العلم بل يكفيو األدلة‬
‫الشرعية من الكتاب ك السنة كتوابعها فليت شعرم ىل أصحاب القركف المفضلة سلفنا‬
‫من الصحابة كالتابعين ك أتباعهم ىل غاب عنهم ىذا العلم أـ كيف كاف علمهم‬
‫بالعقائد الدينية‪....‬‬
‫ك المقصود أف ىذه المسألة خالفية بين العلماء منهم من يمنعها كىم األكثر كمنهم من‬
‫يجيزىا ‪.‬‬

‫أنواع التقليد‪:‬‬
‫التقليد نوعاف‪ :‬عاـ كخاص‪.‬‬
‫ُ ‪ -‬فالعاـ‪ :‬أف يلتزـ مذىبان معينان يأخذ برخصو‪ ،‬كعزائمو في جميع أمور دينو‪.‬‬
‫كقد اختلف العلماء فيو‪ ،‬فمنهم من حكى كجوبو؛ لتعذر اَلجتهاد في المتأخرين‪،‬‬
‫كمنهم من حكى تحريمو؛ لما فيو من اَللتزاـ المطلق َلتباع غير النبي صلٌى اهلل‬
‫عليو كسلٌم‪.‬‬
‫كقاؿ شيخ اإلسالـ ابن تيمية‪ :‬إف في القوؿ بوجوب طاعة غير النبي صلٌى اهلل عليو‬
‫كسلٌم في كل أمره كنهيو‪ ،‬كىو خالؼ اإلجماع كجوازه فيو ما فيو‪.‬‬
‫كقاؿ‪ :‬من التزـ مذىبان معينان‪ ،‬ثم فعل خالفو من غير تقليد لعالم آخر أفتاه‪ ،‬كَل‬
‫استدَلؿ بدليل يقتضي خالؼ ذلك‪ ،‬كَل عذر شرعي يقتضي حل ما فعلو‪ ،‬فهو متبع‬
‫لهواه فاعل للمحرـ بغير عذر شرعي‪ ،‬كىذا منكر‪ ،‬كأما إذا تبين لو ما يوجب‬
‫رجحاف قوؿ على قوؿ إما باألدلة المفصلة إف كاف يعرفها كيفهمها‪ ،‬كإما بأف يرل‬
‫أحد الرجلين أعلم بتلك المسألة من اآلخر‪ ،‬كىو أتقى هلل فيما يقولو‪ ،‬فيرجع عن‬
‫قوؿ إلى قوؿ لمثل ىذا‪ ،‬فهذا يجوز بل يجب‪ ،‬كقد نص اإلماـ أحمد على ذلك‪.‬‬
‫ِ‪/‬كالخاص‪ :‬أف يأخذ بقوؿ معين في قضية معينة فهذا جائز إذا عجز عن معرفة‬
‫الحق باَلجتهاد سواء عجز عجزان حقيقيًّا‪ ،‬أك استطاع ذلك مع المشقة العظيمة‪.‬‬
‫فتول المقلٍّد‪:‬‬
‫الذ ٍك ًر إً ٍف يك ٍنتي ٍم َل تىػ ٍعلى يمو ىف} [النحل‪ :‬من اآلية ّْ]‬
‫اسأىلوا أ ٍىىل ٍّ‬
‫ى‬ ‫قاؿ اهلل تعالى‪{ :‬فى ٍ‬
‫كأىل الذكر ىم أىل العلم‪ ،‬كالمقلد ليس من أىل العلم المتبوعين‪ ،‬كإنما ىو تابع‬
‫لغيره‪.‬‬
‫قاؿ أبو عمر بن عبد البر كغيره‪ :‬أجمع الناس على أف المقلٍّد ليس معدكدان من أىل‬
‫العلم‪ ،‬كأف العلم معرفة الحق بدليلو‪ .‬قاؿ ابن القيم‪ :‬كىذا كما قاؿ أبو عمر فإف‬
‫الناس َل يختلفوف في أف العلم ىو المعرفة الحاصلة عن الدليل‪ ،‬كأما بدكف الدليل‬
‫فإنما ىو تقليد‪ ،‬ثم حكى ابن القيم بعد ذلك في جواز الفتول بالتقليد ثالثة أقواؿ‪:‬‬
‫أحدىا‪َ :‬ل تجوز الفتول بالتقليد ألنو ليس بعلم‪ ،‬كالفتول بغير علم حراـ‪ ،‬كىذا قوؿ‬
‫أكثر األصحاب كجمهور الشافعية‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أف ذلك جائز فيما يتعلق بنفسو‪ ،‬كَل يجوز أف يقلد فيما يفتي بو غيره‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أف ذلك جائز عند الحاجة‪ ،‬كعدـ العالم المجتهد‪ ،‬كىو أصح األقواؿ‬
‫كعليو العمل‪ .‬انتهى كالمو‪.‬‬
‫كبو يتم ما أردنا كتابتو في ىذه المذكرة الوجيزة‪ ،‬نسأؿ اهلل أف يلهمنا الرشد في‬
‫القوؿ كالعمل‪ ،‬كأف يكلل أعمالنا بالنجاح‪ ،‬إنو جواد كريم‪ ،‬كصلى اهلل كسلم على‬
‫نبينا محمد كآلو‪.‬‬

‫خالصة ما ذكره المؤلف أف التقليد نوعاف عاـ كخاص‪:‬‬


‫فأما العاـ فهو التزاـ مذىب معين كالمذىب الحنفي ك المالكي كالشافعي ك‬
‫الحنبلي‪..‬ك ذكر المؤلف اختالؼ العلماء فيو بين موجب لو ك محرـ‪..‬‬
‫ك أما الخاص فهو األخذ بقوؿ معين في قضية معينة ك جوزه المؤلف بقيود‪..‬‬
‫ك ختم المؤلف كتابو بفتول المقلد ك بين من ىم أىل العلم ك فيما يفترقوف عن‬
‫المقلد ثم أتم البحث بالكالـ على فتول المقلد ك حكى عن ابن القيم في جوازىا‬
‫ثالثة أقواؿ للعلماء‪.‬‬
‫ىذا آخر ما تيسر من ىذه الكلمات اليسيرة ‪ ،‬أسأؿ اهلل أف يجعلها خالصة لوجهو‬
‫الكريم ك أف ينفع بها المسلمين ك صلى اهلل ك سلم ك بارؾ على سيدنا محمد ك على‬
‫آلو كصحبو أجمعين ك من تبعهم بإحساف إلى يوـ الدين‪.‬كتبو العبد الفقير إلى ربو‬
‫بحليل محمد بن محمد بن عبد اهلل البوكانوني التلمساني المالكي‪.‬‬
‫مراجع البحث‬

‫إلعداد ىذه الحاشية اعتمدت على كتب كثيرة أىمها‪:‬‬


‫ُ‪ /‬كتاب‪ :‬الجامع لمسائل أصوؿ الفقو كتطبيقاتها على المذىب الراجح المؤلف‪ :‬عبد‬
‫الكريم بن علي بن محمد النملة الناشر‪ :‬مكتبة الرشد ‪ -‬الرياض ‪ -‬المملكة العربية‬
‫السعودية الطبعة‪ :‬األكلى‪ َُِْ ،‬ىػ ‪ َََِ -‬ـ عدد األجزاء‪ُ :‬‬
‫(تحرير لمسائًلًو كدراستها دراسةن‬ ‫الف ٍق ًو الٍم ىق ً‬
‫وؿ ً‬‫يص ً‬ ‫ً‬
‫ارف ه‬ ‫ي ى‬ ‫ِ‪ /‬كتاب‪ :‬ال يٍم ىه اذ ي‬
‫ب في عل ًٍم أ ي‬
‫نظرياةن تطبيقياةن) المؤلف‪ :‬عبد الكريم بن علي بن محمد النملة دار النشر‪ :‬مكتبة الرشد‬
‫‪ -‬الرياض الطبعة األكلى‪ َُِْ :‬ىػ ‪ ُٗٗٗ -‬ـ عدد األجزاء‪.ٓ :‬‬
‫ّ‪/‬كتاب‪ :‬إرشاد الفحوؿ إلي تحقيق الحق من علم األصوؿ المؤلف‪ :‬محمد بن علي‬
‫بن محمد بن عبد اهلل الشوكاني اليمني (المتوفى‪َُِٓ :‬ىػ) المحقق‪ :‬الشيخ أحمد‬
‫عزك عناية‪ ،‬دمشق ‪ -‬كفر بطنا قدـ لو‪ :‬الشيخ خليل الميس كالدكتور كلي الدين صالح‬
‫فرفور الناشر‪ :‬دار الكتاب العربي الطبعة‪ :‬الطبعة األكلى ُُْٗىػ ‪ُٗٗٗ -‬ـ عدد‬
‫األجزاء‪ِ :‬‬
‫ْ‪/‬كتاب‪ :‬البحر المحيط في أصوؿ الفقو المؤلف‪ :‬أبو عبد اهلل بدر الدين محمد بن‬
‫عبد اهلل بن بهادر الزركشي (المتوفى‪ْٕٗ :‬ىػ) الناشر‪ :‬دار الكتبي الطبعة‪ :‬األكلى‪،‬‬
‫ُُْْىػ ‪ُْٗٗ -‬ـ عدد األجزاء‪ٖ :‬‬
‫ٓ‪/‬كتاب‪ :‬البرىاف في أصوؿ الفقو المؤلف‪ :‬عبد الملك بن عبد اهلل بن يوسف بن‬
‫محمد الجويني‪ ،‬أبو المعالي‪ ،‬ركن الدين‪ ،‬الملقب بإماـ الحرمين (المتوفى‪ْٕٖ :‬ىػ)‬
‫المحقق‪ :‬صالح بن محمد بن عويضة الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية بيركت ‪ -‬لبناف‬
‫الطبعة‪ :‬الطبعة األكلى ُُْٖ ىػ ‪ ُٕٗٗ -‬ـ عدد األجزاء‪ِ :‬‬
‫ٔ‪/‬كتاب‪ :‬الورقات المؤلف‪ :‬عبد الملك بن عبد اهلل بن يوسف بن محمد الجويني‪ ،‬أبو‬
‫المعالي‪ ،‬ركن الدين‪ ،‬الملقب بإماـ الحرمين (المتوفى‪ْٕٖ :‬ىػ) المحقق‪ :‬د‪ .‬عبد‬
‫اللطيف محمد العبد‬
‫عدد األجزاء‪ُ :‬‬
‫ٕ‪/‬كتاب‪ :‬المستصفى المؤلف‪ :‬أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى‪:‬‬
‫َٓٓىػ)‬
‫تحقيق‪ :‬محمد عبد السالـ عبد الشافي الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية الطبعة‪ :‬األكلى‪،‬‬
‫ُُّْىػ ‪ُّٗٗ -‬ـ عدد األجزاء‪ُ:‬‬
‫ٖ‪/‬كتاب‪ :‬ركضة الناظر كجنة المناظر في أصوؿ الفقو على مذىب اإلماـ أحمد بن‬
‫حنبل المؤلف‪ :‬أبو محمد موفق الدين عبد اهلل بن أحمد بن محمد بن قدامة‬
‫الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي‪ ،‬الشهير بابن قدامة المقدسي (المتوفى‪:‬‬
‫َِٔىػ) الناشر‪ :‬مؤسسة الريٌاف للطباعة كالنشر كالتوزيع الطبعة‪ :‬الطبعة الثانية‬
‫ُِّْىػ‪ََِِ-‬ـ عدد األجزاء‪ِ :‬‬
‫ٗ‪/‬كتاب‪ :‬مذكرة في أصوؿ الفقو المؤلف‪ :‬محمد األمين بن محمد المختار بن عبد‬
‫القادر الجكني الشنقيطي (المتوفى‪ُّّٗ :‬ىػ) الناشر‪ :‬مكتبة العلوـ كالحكم‪ ،‬المدينة‬
‫المنورة‬
‫الطبعة‪ :‬الخامسة‪ ََُِ ،‬ـ عدد األجزاء‪ُ :‬‬
‫َُ‪/‬كتاب‪ :‬األصوؿ من علم األصوؿ المؤلف‪ :‬محمد بن صالح بن محمد العثيمين‬
‫(المتوفى‪ ُُِْ :‬ىػ) الناشر‪ :‬دار ابن الجوزم الطبعة‪ :‬الرابعة‪ َُّْ ،‬ىػ ‪ََِٗ -‬‬
‫ـ عدد األجزاء‪ُ :‬‬
‫ُُ‪/‬كتاب‪ :‬اللمع في أصوؿ الفقو المؤلف‪ :‬أبو اسحاؽ إبراىيم بن علي بن يوسف‬
‫الشيرازم (المتوفى‪ْٕٔ :‬ىػ) الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية الطبعة‪ :‬الطبعة الثانية ََِّ‬
‫ـ ‪ ُِْْ -‬ىػ‪.‬‬
‫عدد األجزاء‪ُ :‬‬
‫ُِ‪/‬كتاب ‪ :‬شرح الورقات في أصوؿ الفقو المؤلف ‪ :‬محمد الحسن كلد محمد‬
‫الملقب بػ"الددك" الشنقيطي مصدر الكتاب ‪ :‬دركس صوتية قاـ بتفريغها موقع الشبكة‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫ُّ‪/‬كتاب‪ :‬شرح الورقات في أصوؿ الفقو مؤلف األصل‪ :‬أبو المعالي الجويني‬
‫الملقب بإماـ الحرمين (المتوفى‪ْٕٖ :‬ىػ) الشارح‪ :‬عبد الكريم بن عبد اهلل بن عبد‬
‫الرحمن بن حمد الخضير‬
‫دركس مفرغة من موقع الشيخ الخضير‪.‬‬
‫ُْ‪ /‬كتاب ‪ :‬الخالصة في أصوؿ الفقو المؤلف ‪ :‬كاملة الكوارم‪.‬الناشر‪:‬دار ابن حزـ‬
‫يح ني ٍخبى ًة ال ًٍف ىك ًر فًي يم ٍ‬
‫صطىلى ًح أ ٍىى ًل األىثى ًر المؤلف‪ :‬أحمد‬ ‫ُٓ‪ /‬كتاب‪ :‬نيػ ٍزىىةي الناظى ًر فًي تى ً‬
‫وض ً‬
‫بن علي بن محمد بن حجر العسقالني (ّٕٕ ‪ ِٖٓ -‬ىػ) المحقق‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬عبد اهلل‬
‫بن ضيف اهلل الرحيلي (جامعة طيبة بالمدينة المنورة)الناشر‪( :‬بدكف) الطبعة‪ :‬الثانية‪،‬‬
‫ُِْٗ ىػ ‪ ََِٖ -‬ـ عدد األجزاء‪ُ :‬‬
‫ُٔ‪ /‬كتاب‪ :‬التقييد كاإليضاح شرح مقدمة ابن الصالح المؤلف‪ :‬أبو الفضل زين الدين‬
‫عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراىيم العراقي (المتوفى‪:‬‬
‫َٖٔىػ) المحقق‪ :‬عبد الرحمن محمد عثماف الناشر‪ :‬محمد عبد المحسن الكتبي‬
‫صاحب المكتبة السلفية بالمدينة المنورة الطبعة‪ :‬األكلى‪ُّٖٗ ،‬ىػ‪ُٗٔٗ/‬ـ عدد‬
‫األجزاء‪.ُ :‬‬
‫ُٕ‪ /‬كتاب‪ :‬شرح (التبصرة كالتذكرة = ألفية العراقي) المؤلف‪ :‬أبو الفضل زين الدين‬
‫عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراىيم العراقي (المتوفى‪:‬‬
‫َٖٔىػ) المحقق‪ :‬عبد اللطيف الهميم ‪ -‬ماىر ياسين فحل الناشر‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيركت ‪ -‬لبناف‬
‫الطبعة‪ :‬األكلى‪ ُِّْ ،‬ىػ ‪ ََِِ -‬ـ عدد األجزاء‪.ِ :‬‬
‫ُٖ‪ /‬كتاب‪ :‬مصطلح الحديث المؤلف‪ :‬محمد بن صالح بن محمد العثيمين‬
‫(المتوفى‪ُُِْ :‬ىػ) الناشر‪ :‬مكتبة العلم‪ ،‬القاىرة الطبعة‪ :‬األكلى‪ ُُْٓ ،‬ىػ ‪-‬‬
‫ُْٗٗ ـ عدد األجزاء‪ُ :‬‬
‫ُٗ‪ /‬كتاب‪ :‬الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬
‫كسلم كسننو كأيامو = صحيح البخارم المؤلف‪ :‬محمد بن إسماعيل أبو عبداهلل‬
‫البخارم الجعفي المحقق‪ :‬محمد زىير بن ناصر الناصر الناشر‪ :‬دار طوؽ النجاة‬
‫(مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة‪ :‬األكلى‪،‬‬
‫ُِِْىػ عدد األجزاء‪ٗ. :‬‬
‫َِ‪ /‬كتاب‪ :‬المسند الصحيح المختصر بنقل العدؿ عن العدؿ إلى رسوؿ اهلل صلى‬
‫اهلل عليو كسلم المؤلف‪ :‬مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيرم النيسابورم (المتوفى‪:‬‬
‫ُِٔىػ) المحقق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي الناشر‪ :‬دار إحياء التراث العربي – بيركت‬
‫عدد األجزاء‪ٓ :‬‬
‫ُِ‪ /‬كتاب‪ :‬اإلماـ في بياف أدلة األحكاـ المؤلف‪ :‬أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن‬
‫عبد السالـ بن أبي القاسم بن الحسن السلمي الدمشقي‪ ،‬الملقب بسلطاف العلماء‬
‫(المتوفى‪َٔٔ :‬ىػ) المحقق‪ :‬رضواف مختار بن غربية الناشر‪ :‬دار البشائر اإلسالمية –‬
‫بيركت الطبعة‪ :‬األكلى‪َُْٕ ،‬ىػ ‪ُٖٕٗ -‬ـ‬
‫ِِ‪/‬كتابي‪ :‬ركائع البياف في تلخيص اإلتقاف في علوـ القرآف ‪ ،‬يقع في جزء كاحد‪.‬‬
‫ِّ‪/‬كتاب‪ :‬شرح الورقات المؤلف‪ :‬سعد بن ناصر بن عبد العزيز الشثرم الناشر‪:‬‬
‫كنوز إشبيليا للنشر ك التوزيع الطبعة‪ :‬األكلى ََِْـ عدد األجزاء‪ُ:‬‬
‫ِْ‪/‬كتاب‪ :‬تحقيق الرغبة في توضيح النخبة المؤلف‪ :‬عبد الكريم الخضير عدد‬
‫األجزاء‪.ُ:‬‬
‫ِٓ‪/‬كتاب‪ :‬البدر الالمع في حل جمع الجوامع المؤلف‪ :‬جالؿ الدين المحلي الناشر‪:‬‬
‫دار الرسالة‪ :‬عدد األجزاء‪ِ:‬‬
‫ِٔ‪/‬كتاب‪ :‬المحصوؿ المؤلف‪ :‬أبو عبد اهلل محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين‬
‫التيمي الرازم الملقب بفخر الدين الرازم خطيب الرم (المتوفى‪َٔٔ :‬ىػ) دراسة‬
‫كتحقيق‪ :‬الدكتور طو جابر فياض العلواني الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة الطبعة‪ :‬الثالثة‪،‬‬
‫ُُْٖ ىػ ‪ ُٕٗٗ -‬ـ‪.‬‬
‫ِٕ‪/‬كتاب‪ :‬تفسير القرآف العظيم المؤلف‪ :‬أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير‬
‫القرشي البصرم ثم الدمشقي (المتوفى‪ْٕٕ :‬ىػ) المحقق‪ :‬سامي بن محمد سالمة‬
‫الناشر‪ :‬دار طيبة للنشر كالتوزيع الطبعة‪ :‬الثانية َُِْىػ ‪ ُٗٗٗ -‬ـ عدد األجزاء‪:‬‬
‫ٖ‪.‬‬
‫ِٖ‪/‬كتاب‪ :‬تيسير مصطلح الحديث المؤلف‪ :‬أبو حفص محمود بن أحمد بن محمود‬
‫طحاف النعيمي الناشر‪ :‬مكتبة المعارؼ للنشر كالتوزيع الطبعة‪ :‬الطبعة العاشرة‬
‫ُِْٓىػ‪ََِْ-‬ـ عدد األجزاء‪.ُ :‬‬
‫ِٗ‪/‬كتاب‪ :‬اإليماف المؤلف‪ :‬تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد‬
‫السالـ بن عبد اهلل بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي‬
‫(المتوفى‪ِٕٖ :‬ىػ)‬
‫المحقق‪ :‬محمد ناصر الدين األلباني الناشر‪ :‬المكتب اإلسالمي‪ ،‬عماف‪ ،‬األردف‬
‫الطبعة‪ :‬الخامسة‪ُُْٔ ،‬ىػ‪ُٗٗٔ/‬ـ عدد األجزاء‪.ُ :‬‬
‫َّ‪/‬كتاب‪ :‬شرح الورقات في أصوؿ الفقو المؤلف‪ :‬جالؿ الدين محمد بن أحمد بن‬
‫محمد بن إبراىيم المحلي الشافعي (المتوفى‪ْٖٔ :‬ىػ) ق ادـ لو كحققو كعلاق عليو‪:‬‬
‫الدكتور حساـ الدين بن موسى عفانة كصف كتنسيق‪ :‬حذيفة بن حساـ الدين عفانة‬
‫الناشر‪ :‬جامعة القدس‪ ،‬فلسطين‬
‫الطبعة‪ :‬األكلى‪ َُِْ ،‬ىػ ‪ ُٗٗٗ -‬ـ عدد األجزاء‪.ُ :‬‬
‫ُّ‪/‬كتاب‪ :‬مسند اإلماـ أحمد بن حنبل المؤلف‪ :‬أبو عبد اهلل أحمد بن محمد بن‬
‫حنبل بن ىالؿ بن أسد الشيباني (المتوفى‪ُِْ :‬ىػ) المحقق‪ :‬شعيب األرنؤكط ‪-‬‬
‫عادؿ مرشد‪ ،‬كآخركف‬
‫إشراؼ‪ :‬د عبد اهلل بن عبد المحسن التركي الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة الطبعة‪ :‬األكلى‪،‬‬
‫ُُِْ ىػ ‪ ََُِ -‬ـ‪.‬‬
‫ِّ‪/‬كتاب ‪ :‬شرح مختصر الركضة المؤلف ‪ :‬سليماف بن عبد القوم بن الكريم‬
‫الطوفي الصرصرم‪ ،‬أبو الربيع‪ ،‬نجم الدين (المتوفى ‪ُٕٔ :‬ىػ) المحقق ‪ :‬عبد اهلل بن‬
‫عبد المحسن التركي الناشر ‪ :‬مؤسسة الرسالة الطبعة ‪ :‬األكلى ‪ َُْٕ ،‬ىػ ‪ُٖٕٗ /‬‬
‫ـ عدد األجزاء ‪.ّ :‬‬
‫ّّ‪/‬كتاب‪ :‬غاية الوصوؿ في شرح لب األصوؿ المؤلف‪ :‬زكريا بن محمد بن أحمد بن‬
‫زكريا األنصارم‪ ،‬زين الدين أبو يحيى السنيكي (المتوفى‪ِٗٔ :‬ىػ) الناشر‪ :‬دار الكتب‬
‫العربية الكبرل‪ ،‬مصر (أصحابها‪ :‬مصطفى البابي الحلبي كأخويو) عدد األجزاء‪.ُ :‬‬
‫ّْ‪/‬كتاب‪ :‬العقد التليد في اختصار الدر النضيد = المعيد في أدب المفيد‬
‫كالمستفيد المؤلف‪ :‬عبد الباسط بن موسى بن محمد بن إسماعيل العلموم ثم‬
‫الشافعي (المتوفى‪ُٖٗ :‬ىػ) المحقق‪ :‬الدكتور‪ /‬مركاف العطية‬
‫ٌ‬ ‫الموقت الدمشقي‬
‫الناشر‪ :‬مكتبة الثقافة الدينية الطبعة‪ :‬األكلى ُِْْىػ‪ََِْ-‬ـ عدد األجزاء‪.ُ :‬‬
‫ّٓ‪/‬كتاب‪ :‬منع جواز المجاز في المنزؿ للتعبد كاإلعجاز (مطبوع ضمن «آثار‬
‫الشنقيطي») المؤلف‪ :‬محمد األمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي (ُِّٓ ‪-‬‬
‫ُّّٗ) الناشر‪ :‬دار عالم الفوائد للنشر كالتوزيع‪ ،‬مكة المكرمة ‪ -‬المملكة العربية‬
‫السعودية مطبوعات مجمع الفقو اإلسالمي – جدة مشركع آثار الشيخ العالمة محمد‬
‫األمين الشنقيطي عدد األجزاء‪ُ. :‬‬

You might also like